تصحيح السيوطي: حسن …..الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-7984
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ ما من رجل يعود مريضا ممسيا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، ومن أتاه مصبحا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي]
التخريج (مفصلا): أبو داود والحاكم في المستدرك عن علي- تصحيح السيوطي: صحيح….8038
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض]
التخريج (مفصلا): ابن عساكر عن علي
تصحيح السيوطي: حسن….الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-8491
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يوما وأربعين ليلة بعث إليه ملك فيقول يا رب أذكر أم أنثى فيعلم فيقول يا رب أشقي أم سعيد فيعلم.]
(حم) عن جابر…..زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي-242
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح وريحان ورب غير غضبان فيخرج كأطيب ريح المسك حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا حتى يأتوا به باب السماء فيقولون: ما أطيب هذا الريح التي جاءتكم من الأرض فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه فيسألونه ماذا فعل فلان ماذا فعل فلان فيقولون: دعوه فإنه كان في غم الدنيا فإذا قال: أما أتاكم قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية وإن الكافر إذا حضر أتته ملائكة العذاب بمسح فيقولون: اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله فيخرج كأنتن ريح جيفة حتى يأتوا بها باب الأرض فيقولون: ما أنتن هذه الريح حتى يأتوا بها أرواح الكفار.]
(ن ك) عن أبي هريرة. زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي….375
(2/184)
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان عشيا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح.]
(حم ع هق) عن علي. زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي-502
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[إذا كان يوم الخميس بعث الله ملائكة معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون يوم الخميس وليلة الجمعة أكثر الناس علي صلاة.]
(ابن عساكر) عن أبي هريرة…..زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي-596
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[إن الله ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة الله الذين لا يفارقونكم إلا عند ثلاث حالات الغائط والجنابة والغسل فإذا اغتسل أحدكم بالعراء فليستتر بثوبه أو بجذمة حائط أو ببعيره.]
(البزار) عن ابن عباس. 1392-زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول له: ما كنت تعبد فإن الله هداه قال: كنت أعبد الله فيقول له: ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول: هو عبد الله ورسوله فما يسأل عن شيء غيرها فينطلق به إلى بيت كان له في النار فيقال له: هذا بيتك كان في النار ولكن الله عصمك ورحمك فأبدلك به بيتا في الجنة فيقول: دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له: اسكن وإن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له: ما كنت تعبد فيقول: لا أدري فيقال له: لا دريت ولا تليت فيقال: فما كنت تقول في هذا الرجل فيقول: كنت أقول ما تقول الناس فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين.]
(د) عن أنس….زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي-1400
(2/185)
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة.]
(حم ن ك هب) عن أنس….
- زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي-2001
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق، جاءني به جبريل عليه قطيفة من سندس]
التخريج (مفصلا): أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والضياء عن جابر
تصحيح السيوطي: صحيح -الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-158
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل ومحمد نعوذ بك من النار]
التخريج (مفصلا): الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك عن والد أبي المليح
تصحيح السيوطي: صحيح…الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-1452
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[أقرأني جبريل القرآن على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف]
التخريج (مفصلا): أحمد في مسنده ومتفق عليه [البخاري ومسلم] عن ابن عباس
تصحيح السيوطي: صحيح-الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-1346
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله تعالى يبغض فلانا فأبغضوه، فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض]
التخريج (مفصلا): صحيح مسلم عن أبي هريرة- تصحيح السيوطي: صحيح-الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-1673
(2/186)
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[إن لي وزيرين من أهل السماء، ووزيرين من أهل الأرض: فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر]
التخريج (مفصلا): الحاكم في المستدرك عن أبي سعيد، الحكيم عن ابن عباس
تصحيح السيوطي: صحيح - الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-2438
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ رأيت جبريل له ستمائة جناح]
التخريج (مفصلا): الطبراني في الكبير عن ابن مسعود
تصحيح السيوطي: صحيح….الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-4381
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[ علمني جبريل الوضوء، وأمرني أن أنضح تحت ثوبي مما يخرج من البول بعد الوضوء]
التخريج (مفصلا): ابن ماجة عن زيد بن حارثة
تصحيح السيوطي: حسن…الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-5475-
-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[كان إذا اشتكى ورقاه جبريل قال: باسم الله يبريك، من كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، ومن شر كل ذي عين]
التخريج (مفصلا): صحيح مسلم عن عائشة
تصحيح السيوطي: صحيح…الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي-6574
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 8 2004, 05:57 PM
وقد ذكر ابن القيم وجود اسم النبي صلى الله عليه وسلم في التوارة من نسخة اطلع عليها وعلى شرحها: فيقول في كتابه جلاء الأفهام ص194وما بعدها:
(2/187)
"وقد ظن طائفة منهم أبو القاسم السهيلي وغيره أن تسميته ب أحمد كانت قبل تسميته بمحمد فقالوا ولهذا بشر به المسيح باسمه أحمد وفي حديث طويل في حديث موسى لما قال لربه جل وعلا إني أجد أمة من شأنها كذا وكذا فاجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد يا موسى فقال اللهم اجعلني من أمة أحمد قالوا وإنما جاء تسميته بمحمد في القرآن خاصة لقوله تعالى ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ) محمد 8 وقوله ( محمد رسول الله ) الفتح 29 وبنوا على ذلك أن اسمه أحمد تفضيل من فعل الفاعل أي أحمد الحامدين لربه ومحمد هو المحمود الذي تحمده الخلائق وإنما يترتب على هذا الاسم بعد وجوده وظهوره فإنه حينئذ حمده أهل السماء والأرض ويوم القيامة يحمده أهل الموقف فلما ظهر إلى الوجود وترتب على ظهوره من الخيرات ما ترتب حمده الخلائق حمدا مكررا فتأخرت تسميته بمحمد على تسميته بأحمد
وفي هذا الكلام مناقشة من وجوه أحدها أنه قد سمي بمحمد قبل الإنجيل كذلك اسمه في التوراة وهذا يقر به كل عالم من مؤمني أهل الكتاب ونحن نذكر النص الذي عندهم في التوراة
وما هو الصحيح في تفسيره
قال في التوراة في إسماعيل قولا هذه حكايته وعن إسماعيل سمعتك ها أنا باركته وأيمنته مما باد وذكر هذا بعد أن ذكر إسماعيل وأنه سيلد اثني عشر عظيما منهم عظيم يكون اسمه مماد باد وهذا عند العلماء المؤمنين من أهل الكتاب صريح في اسم النبي محمد
ورأيت في بعض شروح التوراة ما حكايته بعد هذا المتن قال الشارح هذان الحرفان في موضعين يتضمنان اسم السيد الرسول محمد لأنك إذا اعتبرت حروف اسم محمد وجدتها في الحرفين المذكورين لأن ميمي محمد وداله بإزاء الميمين من الحرفين وإحدى الدالين وبقية اسم محمد وهي الحاء فبإزاء بقية الحرفين وهي الباء والألفان والدال الثانية
(2/188)
قلت يريد بالحرفين الكلمتين قال لأن للحاء من الحساب ثمانية من العدد والباء لها اثنان وكل ألف لها واحد والدال بأربعة فيصير المجموع ثمانية وهي قسط الحاء من العدد الجملي فيكون الحرفان معنى الكلمتين وهما مماد باد قد تضمنا بالتصريح ثلاثة أرباع اسم محمد وربعه الآخر قد دل عليه بقية الحرفين بالكتابة بالطريق التي أشرت إليها
قال الشارح فإن قيل فما مستندكم في هذا التأويل قلنا مستندنا فيه مستند علماء اليهود في تأويل أمثاله من الحروف المشكلة التي جاءت في التوراة كقوله تعالى يا موسى قل لبني إسرائيل أن يجعل كل واحد منهم في طرف ثوبه خيطا أزرق له ثمانية أرؤس ويعقد فيه خمس عقد ويسميه صيصيت قال علماء اليهود تأويل هذا وحكمته أن كل من رأى ذلك الخيط الأزرق وعدد أطرافه الثمانية وعقده الخمس وذكر اسمه ذكر ما يجب عليه من فرائض الله سبحانه وتعالى لأن الله تعالى افترض على بني إسرائيل ستمائة وثلاث عشرة شريعة لأن الصادين والياءين بمائتين والتاء بأربعمائة فيصير مجموع الاسم ستمائة والأطراف والعقد ثلاثة عشر كأنه يقول بصورته واسمه اذكر فرائض الله عز وجل
(2/189)
قال هذا الشارح وأما قول كثير من المفسرين إن المراد بهذين الحرفين جدا جدا لكون لفظ ماد قد جاءت مفردة في التوراة بمعنى جدا قال فهذا لا يصح لأجل الباء المتصلة بهذا الحرف فإنه ليس من الكلام المستقيم قول القائل أنا أكرمك بجدا فلما نقل هذا الحرف من التوراة الأزلية التي نزلت في ألواح الجوهر على الكليم بالخط الكينوني وهذا الحرف فيها موصولا بالباء علم أن المراد غير ما ذهب إليه من قال هي بمعنى جدا إذ لا تأويل يليق بها غير هذا التفسير بدليل قوله تعالى في غير هذا الموضع لإبراهيم عن ولده إسماعيل إنه يلد اثني عشر شريفا ومن شريف منهم يكون شخص اسمه مما باد فقد صرحت التوراة أن هذين الحرفين اسم علم لشخص شريف معين من ولد إسماعيل فبطل قول من قال إنه بمعنى المصدر للتوكيد فإن التصريح بكونه اسم عين يناقض من يدعي أنه اسم معنى والله أعلم تم كلامه
(2/190)
وقال غيره لا حاجة إلى هذا التعسف في بيان اسمه في التوراة بل اسمه فيها أظهر من هذا كله وذلك أن التوراة هي باللغة العبرية وهي قريبة من العربية بل هي أقرب لغات الأمم إلى اللغة العربية وكثيرا ما يكون الاختلاف بينهما في كيفية أداء الحروف والنطق بها من التفخيم والترقيق والضم والفتح وغير ذلك واعتبر هذا بتقارب ما بين مفردات اللغتين فإن العرب يقولون لا والعبرانيين تقول لو فيضمون اللام ويأتون بالألف بين الواو والألف وتقول العرب قدس ويقول العبرانيون قدش وتقول العرب أنت ويقول العبرانيون أنا وتقول العرب يأتي كذا ويقول العبرانيون يوتى فيضمون الياء ويأتون بالألف بعدها بين الواو والألف وتقول العرب قدسك ويقول العبرانيون قد شحا وتقول العرب منه ويقول العبرانيون ممنو وتقول العرب من يهوذا ويقول العبرانيون مهوذا وتقول العرب سمعتك ويقول العبرانيون شمعيخا وتقول العرب من ويقول العبرانيون مي وتقول العرب يمينه ويقول العبرانيون مينو وتقول العرب له ويقول العبرانيون لو بين الواو والألف وكذلك تقول العرب أمة ويقول العبرانيون أموا وتقول العرب أرض ويقول العبرانيون إيرص وتقول العرب واحد ويقول العبرانيون إيحاد وتقول العرب عالم ويقول العبرانيون عولام وتقول العرب كيس ويقول العبرانيون كييس وتقول العرب يأكل ويقول العبرانيون يوخل وتقول العرب تين ويقول العبرانيون تيين وتقول العرب إله ويقول العبرانيون أولوه وتقول العرب إلهنا ويقول العبرانيون ألوهينو وتقول العرب أبانا ويقول العبرانيون أبوتينا ويقولون باصباع إلوهيم يعنون إصبع الإله ويقولون مابنم يعنون الابن ويقولون حاليب بمعنى حلوب فإذا أرادوا يقولون لا تأكل الجدي في حليب أمه قالوا لو تدخل لذي ما حالوب أمو ويقولون لو توخلوا أي لا تأكلوا ويقولون للكتب المشنا ومعناها بلغة العرب المثناة التي تثنى أي تقرأ مرة بعد مرة ولا نطيل بأكثر من هذا في تقارب اللغتين وتحت هذا سر(2/191)
يفهمه من فهم تقارب ما بين الأمتين والشريعتين
واقتران التوراة بالقرآن في غير موضع من الكتاب كقوله تعالى ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا ساحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ) القصص 48 49
وقوله في سورة الأنعام ردا على من قال ( ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس ) الأنعام 91
ثم قال تعالى ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ) الأنعام 92
وقال في آخر السورة ( ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ) الأنعام 154 155
وقال تعالى في أول سورة آل عمران ( ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ) آل عمران 1 4
وقال تعالى ( ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ) الأنبياء 48 50
ولهذا يذكر سبحانه وتعالى قصة موسى ويعيدها ويبديها ويسلي رسوله ويقول رسول الله عندما يناله من أذى الناس لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر
(2/192)
ولهذا قال النبي إنه كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل حتى لو كان فيهم من أتى أمه علانية لكان في هذه الأمة من يفعله… فتأمل هذا التناسب بين الرسولين والكتابين والشريعتين أعني الشريعة الصحيحة التي لم تبدل والأمتين واللغتين فإذا نظرت في حروف محمد وحروف مماد باد وجدت الكلمتين كلمة واحدة فإن الميمين فيهما والهمزة والحاء من مخرج واحد والدال كثيرا ما تجد موضعها ذالا في لغتهم يقولون إيحاذ للواحد ويقولون قوذش في القدس والدال والذال متقاربتان فمن تأمل اللغتين وتأمل هذين الاسمين لم يشك أنهما واحد ولهذا نظائر في اللغتين مثل موسى فإنه في اللغة العبرانية موشى بالشين وأصله الماء والشجر فإنهم يقولون للماء مو وشا هو الشجر وموسى التقطه آل فرعون من بين الماء والشجر فالتفاوت الذي بين موسى وموشى كالتفاوت بين محمد ومماد باد
وكذا إسماعيل هو في لغتهم يشماعيل بياء بدل الألف وبشين بدل السين فالتفاوت بينهما كالتفاوت بين محمد ومماد باد وكذلك العيص وهو أخو يعقوب يقولون له عيسى وهو عيص ونظير هذا في غير الأعلام مما تقدم قوله يشماعون يعنون يسمعون ويقولون آقيم بمد الهمزة مع ضمها أي أقيم ويقولون مي قارب أي من قارب ووسط أخيهيم أي إخوتهم وهذا مما يعترف به كل مؤمن عالم من علماء أهل الكتاب
(2/193)
والمقصود أن اسم النبي في التوراة محمد كما هو في القرآن وأما المسيح فإنما سماه أحمد كما حكاه الله عنه في القرآن فإذن تسميته بأحمد وقعت متأخرة عن تسميته محمدا في التوراة ومتقدمة على تسميته محمدا في القرآن فوقعت بين التسميتين محفوفة بهما وقد تقدم أن هذين الاسمين صفتان في الحقيقة والوصفية فيهما لا تنافي العلمية وإن معناهما مقصود فعرف عند كل أمة بأعرف الوصفين عندها فمحمد مفعل من الحمد وهو الكثير الخصال التي يحمد عليها حمدا متكررا حمدا بعد حمد وهذا إنما يعرف بعد العلم بخصال الخير وأنواع العلوم والمعارف والأخلاق والأوصاف والأفعال التي يستحق تكرار الحمد عليها ولا ريب أن بني إسرائيل هم أولو العلم الأول والكتاب الذي قال الله تعالى فيه ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا بكل شيء ) الأعراف 45
ولهذا كانت أمة موسى أوسع علوما ومعرفة من أمة المسيح ولهذا لا تتم شريعة المسيح إلا بالتوراة وأحكامها فإن المسيح عليه السلام وأمته محالون في الأحكام عليها والإنجيل كأنه مكمل لها متمم لمحاسنها والقرآن جامع لمحاسن الكتابين
(2/194)
فعرف النبي عند هذه الأمة باسم محمد الذي قد جمع خصال الخير التي يستحق أن يحمد عليها حمدا بعد حمد وعرف عند أمة المسيح ب أحمد الذي يستحق أن يحمد أفضل مما يحمد غيره وحمده أفضل من حمد غيره فإن أمة المسيح أمة لهم من الرياضات والأخلاق والعبادات ما ليس لأمة موسى ولهذا كان غالب كتابهم مواعظ وزهد وأخلاق وحض على الإحسان والاحتمال والصفح حتى قيل إن الشرائع ثلاثة شريعة عدل وهي شريعة التوراة فيها الحكم والقصاص وشريعة فضل وهي شريعة الإنجيل مشتملة على العفو ومكارم الأخلاق والصفح والإحسان كقوله من أخذ رداءك فأعطه ثوبك ومن لطمك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر ومن سخرك ميلا فامش معه ميلين وشريعة نبينا جمعت هذا وهذا وهي شريعة القرآن فإنه يذكر العدل ويوجبه والفضل ويندب إليه كقوله تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ) الشورى 40 فجاء اسمه عند هذه الأمة بأفعل التفضيل الدال على الفضل والكمال كما جاءت شريعتهم بالفضل المكمل لشريعة التوراة وجاء في الكتاب الجامع لمحاسن الكتب قبله بالاسمين معا فتدبر هذا الفصل وتبين ارتباط المعاني بأسمائها ومناسبتها لها والحمد لله المان بفضله وتوفيقه
وقول أبي القاسم إن اسم محمد إنما ترتب بعد ظهوره إلى الوجود لأنه حينئذ حمد حمدا مكررا فكذلك أن يقال محمد أيضا سواء وقوله في اسمه أحمد إنه تقدم لكونه أحمد الحامدين لربه وهذا يقدم على حمد الخلائق له فبناء منه على أنه تفضيل من فعل الفاعل وأما على القول الآخر الصحيح فلا يجيء هذا وقد تقدم تقرير ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم"انتهى كلام ابن القيم..
http://arabic.islamicweb.com/Books/
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 8 2004, 05:58 PM
وهذا عرض لأحد الكتب التي جمعت كثيرا من دلائل النبوة وهي متعددة، وفيها أكثر من ألف دليل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم…
(2/195)
وهو كتاب حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم..تأليف الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني، رئيس محكمة الحقوق العليا ببيروت سابقا المتوفى سنة 1350هـ...تحقيق: الشيخ عبد الوارث محمد علي..وهو كتاب ضخم، أكثر من ستمائة صفحة في كل صفحة أكثر من خمسة وثلاثين سطرا، أي يعادل حوالي ألف وثلاثمائة صفحة من الكتب العادية، وكلها عن معجزات وأدلة ثبوت نبوة النبي صلى الله عليه وسلم… والنبهاني رحمه الله كان من القضاة في آخر العصر العثماني…
دار الكتب العلمية بيروت لبنان...
يقول المؤلف رحمه الله في المقدمة:
(2/196)
أما بعد فإنه لا يخفى على من له أدنى إطلاع على أخبار الرسل عليهم الصلاة والسلام أن سيدهم وسيد جميع خلق الله محمدا صلى الله عليه وسلم هو أكثرهم معجزات ودلائل. وأظهرهم فضائل وفواضل. وأبهرهم محاسن وشمائل. وأشهرهم في الكتب السماوية علاقات وبشائر. وأصدقهم شواهد وردت عن الأوائل والأواخر. وأقواهم براهين وأوضحهم آيات بينات، وأرفعهم مقامات وأشرفهم حالات، وأفضلهم في جميع الصفات من كل الجهات... وإنما كان صلى الله عليه وسلم كذلك لأنه أكثرهم أمة وأشملهم دعوة وأكملهم شريعة وخاتمهم نبوة وآخرهم رسالة ولهذا كان العالم أجمع محتاجا إلى رسالته وثبوتها أكثر من احتياجه إلى رسالات سائر النبيين لأن كل رسول كان يأتي بعده رسول يقرر ما أتى به الأول أو يتممه أو يأتي بشرع جديد حتى بعث الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وختم به نبوة الأنبياء ورسالة الرسل عليه وعليهم الصلاة والسلام فنسخ شرعه تلك الشرائع وأغرق بحره هاتيك الجداول وأخفت شمسه تلك الكواكب فكان هو صلى الله عليه وسلم نبي الأنبياء والمرسلين، ورسول الخلائق أجمعين.. وشرعه البحر المحيط الذي لم يخرج عنه شئ من الشرائع السابقة إلا ما نسخه بسواه.. وقد زاد عنها بأضعاف لا تحصى من أحكام وأنوار وأسرار لا يعلمها إلا الله ومن علمه الله.. وذلك كانت معجزاته ودلائل نبوته صلى الله عليه وسلم أكثر وأعظم، وأظهر وأدوم، من سائر النبيين ودلائل نبواتهم بل لو اجتمع جميع ما ظهر على أيديهم من ذلك مضاعفا أضعافا كثيرة لما عاد معجزة واحدة له صلى الله عليه وسلم وهي القرآن كما أن جميع فضائلهم صلوات الله عليه وعليهم لو اجتمعت لما عادلت فضيلة واحدة له صلى الله عليه وسلم وهي المعراج وما حصل له فيه من الأنوار والأسرار والحب والقرب في تلك الليلة المباركة فما بالك ومعجزاته وفضائله صلى الله عليه وسلم لا تحصى عددا، ولا تنقطع في حياته وبعد وفاته مددا. ولم يرد لأحد منهم صلوات الله عليهم(2/197)
معجزة إلا ورد له صلى الله عليه وسلم ما هو أعظم منها أو مثلها وقد انقضت معجزاتهم بانقضائهم وله صلى الله عليه وسلم من المعجزات الباقية ما لا يحصى ولا يعد من ذلك بل أعظم ما هنالك كلام الله القديم، وقرآنه الكريم، فإنه يشتمل على آلاف كثيرة من المعجزات والدلائل، والكمالات والفضائل، والبراهين القاطع، والآيات الساطعة، وشمس آياته مستمرة الطلوع على جميع الآفاق، سافرة الأنوار، وباهرة الأبصار، دائمة الإشراق..ومن ذلك ما أخبر صلى الله عليه وسلم في حياته بأنه سيقع بعد وفاته من أشياء كثيرة لا تدخل تحت الحصر ومن جملتها أشراط الساعة الكبرى، فإنه لو أخبر إنسان بألف خبر مثلا وتبين صدقه بتسعمائة وتسعة وتسعين منها فلا يشك أحد بأن الخبر الباقي سيتبين صدقه فيه أيضا وهذا مثال تقريبي وإلا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من ذلك وصدقه تحقق أكثر من هذا المخبر المفروض بما لا يقبل النسبة لأن هذا المخبر يحتمل خبره الكذب احتمالا ضعيفا بنسبة الواحد إلى الألف. وأما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه بالنظر إلى كثرة البشائر به قبل وجوده من الكتب السماوية والأحبار والرهبان والجن والكهان وكثرة معجزاته المتنوعة وتحقق صدقه في جميع ما ظهر في حياته وبعد مماته مما أخبر به من الغيوب المتنوعة أنواعا كثيرة مع كمال شمائله وغزارة فضائله واشتهاره قبل النبوة وبعدها عند قومه بالصدق والأمانة حتى كانوا يدعونه الأمين ولم تؤثر عنه كذبة قط قبل النبوة وبعدها فحينئذ لا يحتمل خبره الكذب قطعا ولا يشك في صدقه إلا من عميت منهم البصائر...أو لم تبلغهم المعجزات والبشائر.........................
(2/198)
وقد تناقل معجزاته صلى الله عليه وسلم أئمة أمته في جميع الأزمنة والأمكنة جيل عن جيل وخلف عن سلف رواها التابعون عن الصحابة وعنهم من بعدهم من علماء الأمة وجهابذة الملة وحفاظ الحديث، في القديم والحديث، ودونوا فيها الكتب والأسفار، ونشروها في جميع البلاد في جميع الأعصار، فمنها الكتب المسمى كل منها "دلائل النبوة" للحفاظ أبي بكر البيهقي وأبي نعيم الأصبهاني وأبي الشيخ الأصبهاني وأبي القاسم الطبراني وأبي زرعة الرازي وأبي بكر بن أبي الدنيا وأبي إسحاق الحربي وأبي جعفر الفريابي وأبي عبد الله المقدسي وكتاب الوفا في فضائل المصطفى للحافظ أبي الفرج بن الجوزي وغيرهم وهؤلاء يذكرون ما يذكرون بالأسانيد المعروفة والطرق المتعددة وكتبهم كلها كبيرة يشتمل الواحد منها على مجلدات كثيرة وكتاب شرف المصطفى للحافظ أبي سعد النيسابوري في ثمان مجلدات.. ومن الكتب المدونة في هذا الشأن بخصوصه أعلام النبوة للإمام أبي الحسن الماوردي والخصائص الكبرى لخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي...ومن المؤلفة في عموم أحواله الشريفة صلى الله عليه وسلم الشفاء بتعريف حقوق المصطفى الإمام البارع القاضي عياض والمواهب اللدنية للإمام شهاب الدين القسطلاني والسيرة النبوية للعلامة السيد أحمد دحلان الجامعة لأكثر الكتب المؤلفة في سيرته صلى الله عليه وسلم وهؤلاء يذكرون ما يذكرون من معجزاته صلى الله عليه وسلم بدون سند وربما أسند الشفاء. أما الصنف الأول من هذه الكتب فإنها ندر وجودها وقل تداولها في الأعصر الأخيرة لطولها بكثرة الأسانيد وتعدد الروايات، وقصور الهمم عن بلوغ تلك المراتب العاليات. وأقبل الناس على الصنف الثاني منها لتلخيصه المقاصد، وجمعه الفوائد... ولما كان قد يوجد في بعض الكتب الخمسة المذكورة ما لا يوجد في الآخر اتخذتها أصولا لهذا الكتاب وجمعت فيه معظم ما اشتملت عليه من المعجزات، ودلائل النبوة والآيات، ونقلت من غيرها من كتب الأئمة(2/199)
المعتمدة كثيرا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم وآياته البينات، وما يناسب ذلك من النقول الصحيحات والفوائد المهمات، وعزوت جميع الأقوال إلى قائلها، ولم أتصرف إلا في النادر بشيء من ألفاظها ومعانيها... أما الكتب الخمسة المذكورة فقد أعزو إليها وقد لا أعزو لكونها الأصول، ومنها معظم المنقول، فإذا لم أعز شيئا إلى كتاب فهي منها أو من بعضها البتة وهناك كتب ألفت في صنف مخصوص من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ككتاب البشر لابن ظفر ومصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام لأبي عبد الله بن النعمان والإشاعة لأشراط الساعة للسيد محمد البرزنجي فهذه لخصت جميع المقصود منها وأدخلته في الأبواب التي تناسبه فجاء هذا الكتاب بحمد الله مجموعا جامعا، ومؤلفا إن شاء الله نافعا، لا أعلم كتابا في هذا الشأن في حجمه، جامعا لفوائده وعلمه، وإن كان نسبة ما فيه إلى جميع معجزاته، ودلائل نبوته وآياته صلى الله عليه وسلم نسبة الزهرة إلى الروض المعطار، بل نسبة القطرة إلى البحر الزخار...فأسأل الله العظيم رب العرش الكريم بجاه هذا النبي الكريم، الرؤوف الرحيم، أن يجعله عملا مقبولا، وبسعادة الدارين موصولا، وأن ينفع به نفعا عظيما، ويهدي به صراطا مستقيما.. وسميته:"حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم" ورتبته على مقدمة وأربعة أقسام وخاتمة.....
المقدمة: تشتمل على أربعة مباحث:
الأول: في بيان معنى المعجزة والفرق بينها وبين سائر خوراق العادات وما يناسب ذلك..
الثاني: في بيان أنه لم يعط أحد من الأنبياء والمرسلين معجزة ولا فضيلة إلا وقد أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلها وأبلغ منها وأنه نبي الأنبياء وأولهم خلقا وآخرهم...
الثالث: في بيان كون معجزاته صلى الله عليه وسلم أكثر وأظهر من معجزات سائر الأنبياء مع انقراض معجزاتهم واستمرار بعض معجزات صلى الله عليه وسلم...
(2/200)
الرابع: في بيان عدة طرق يعلم منها أن إخبار معجزاته يفيد العلم بها العلم بصحة نبوته صلى الله عليه وسلم..
وذكر في القسم الأول أبواب: منها بعض ما ورد في الكتب السماوية من البشائر به صلى الله عليه وسلم.
والثاني: في بعض ما ورد على ألسنة الأحبار من البشائر به صلى الله عليه وسلم.
والثالث: في بعض ما ورد على ألسنة الرهبان من البشائر به صلى الله عليه وسلم.
أما القسم الثالث: فيقول عنه: "فيما وقع له من المعجزات الباهرة الدالة على نبوته من حين بعثته إلى حين وفاته صلى الله عليه وسلم، وهذا القسم هو الأحق بإطلاق لفظ المعجزات عليه من باقي أقسام الكتاب إن كانت كلها دلائل ظاهرة وبراهين باهرة على نبوته صلى الله عليه وسلم وهو يشتمل على اثني عشر بابا..الباب الأول: في معجزة القرآن الكريم وهو يتضمن معجزات كثيرة لا تحصى بعدد ولا توقت بأمد إلى الأبد وفيه أربعة فصول: الفصل الأول في كون القرآن معجزة، بل هو أفضل المعجزات وأعظمها وأكملها وأدومها. الفصل الثاني: في بيان بعض وجود إعجاز القرآن...الفصل الثالث: في بعض ما في القرآن من الأخبار بالمغيبات السابقة واللاحقة مما لا يعلم علمه إلا الله، فجاء كما أخبر على الوجه الذي به أخبر وهو نوعان: إخبار عما مضى، وإخبار عما يأتي...
الفصل الرابع: في ذكر شيء من فضل القرآن العظيم وفضل تلاوته وآدابها وقد لخصت هذا بهذا الفصل كتاب البيان في آداب حملة القرآن للإمام الجليل محيي الدين النووي لم أتصرف فيه بشيء سوى التقديم والتأخير فإني لم أتقيد بترتيبه...
(2/201)
الباب الثاني: في معجزاته صلى الله عليه وسلم المتعلقة بالعالم العلوي وفيه قصة الإسراء والمعراج ورؤية الملائكة وانشقاق القمر، ورد الشمس والرمي بالشهب، وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول في الإسراء والمعراج.الفصل الثاني في معجزاته صلى الله عليه وسلم المتعلقة برؤية الملائكة....الفصل الثالث: في معجزات انشقاق القمر ورد الشمس والرمي بالشهب..
الباب الثالث: في معجزاته المتعلقة بإحياء الموتى صلى الله عليه وسلم وفيه فصلان: الفصل الأول في إحياء أبويه وإيمانهما به صلى الله عليه وسلم ، الفصل الثاني: في بعض من أحياهم الله لأجله صلى الله عليه وسلم ..
الباب الرابع: في معجزاته صلى الله عليه وسلم المتعلقة بشفاء الأسقام والعاهات.. وتبديل الأخلاق والأعيان والصفات...وفيه فصلان: الفصل الأول: في معجزاته صلى الله عليه وسلم المتعلقة بشفاء الأسقام والعاهات ببركته صلى الله عليه وسلم ...الفصل الثاني: في معجزاته المتعلقة بتبديل الأخلاق والأعيان والصفات ببركته صلى الله عليه وسلم...
الباب الخامس: في معجزاته المتعلقة بتكليم الجمادات له وشهاداتها برسالته وإجابتها دعوته وطاعتها له صلى الله عليه وسلم...
الباب السادس: في معجزاته المتعلقة بتكليم البهائم له وشهادتها برسالته وإجابتها دعوته وطاتها له صلى الله عليه وسلم.
الباب السابع: في معجزاته المتعلقة بإخباره بالمغيبات وفيه فصلان: الفصل الأول في إخباره بالمغيبات الواقعة قبل الأخبار أو بعده ما عدا أشراط الساعة فقد ذكرتها في آخر الكتاب في المعجزات الواقعة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم... الفصل الثاني، في ذكر بعض مرائيه وما عبره من المرائي لغيره صلى الله عليه وسلم..
الباب الثامن: في المعجزات المتعلقة باستجابة دعائه صلى الله عليه وسلم.
الباب التاسع: في المعجزات المتعلقة بالطعام والشراب وتبريكه فيهما صلى الله عليه وسلم وفي فصلان...
(2/202)
الفصل الأول في المعجزات المتعلقة بتكثير الطعام القليل ببركته صلى الله عليه وسلم.. الفصل الثاني في المعجزات المتعلقة بتبريكه صلى الله عليه وسلم بالشراب والمراد به اللبن..
الباب العاشر: في المعجزات المتعلقة بتبع الماء من بين أصابعه وتكثيره وببركته ونزول الغيث باستقائه صلى الله عليه وسلم، وفيه ثلاثة فصول..الفصل الأول في المعجزات المتعلقة بنبع الماء من بين أصابعه الشريفة صلى الله عليه وسلم ..الفصل الثاني في المعجزات المتعلقة بتكثير الماء ببركته ومسه صلى الله عليه وسلم ...الفصل الثالث: في المعجزات المتعلقة بنزول الغيث باستقائه ودعائه صلى الله عليه وسلم ...
الباب الحادي عشر: في معجزات شتى لم تذكر في الأبواب السالفة...
الباب الثاني عشر: في الدلائل المعنوية من كمال فضائله وشمائله صلى الله عليه وسلم ...
والقسم الرابع: فيما وقع بعد وفاته من خوارق العادات الدالة على صحة نبوته وصدق رسالته صلى الله عليه وسلم...
ثم ختم المؤلف المقدمة بقوله: مرادي بالمعجزات في هذا الكتاب جميع الدلائل والآيات التي دلت على صحة نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم لا خصوص ما اصطلح عليه المتكلمون...
وينقل النبهاني عن أحد علماء الهند"رحمه الله الهندي" بشارات من كتب اليهود والنصارى والعهد القديم والجديد... وينقل البشارات من سفر الاستثناء والتكوين وإشعيا والزبور ودانيال وإنجيل متى ويوحنا وعويديا وحنقوق وحزقيال وكتاب زكريا بن يوحنا وصعيا والتوراة والمزامير والزبور...بألفاظ نسخ كانت موجودة في عصر الهندي... ولم يرجع إلى إنجيل برنابا في نقل واحد، فالظاهر أن النبهاني قد ألف كتابه قبل أن يتم ترجمة برنابا للعربية...يقول النبهاني رحمه الله:
الفصل الأول:
(2/203)
في بعض البشائر الواردة في الكتب السماوية وبقيت على ما هي عيله في كتب أهل الكتابين بعد التحريف والتبديل إلى أن نقلها عنهم العلماء عازين كل بشارة إلى الكتاب الذي نقلوها عنه وهو يشتمل على أربع وأربعين بشارة...ذكر منها العلامة المحقق الشيخ رحمه الله الهندي في كتابه إظهار الحق ثماني عشرة بشارة بين مآخذها من كتب أهل الكتاب الموجودة في أيديهم الآن وبسط الكلام عليها وأقام الحجج الواضحة والبراهين القاطعة على أن المراد بتلك البشائر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. وها أنا أذكرها وألخص بعض ما تكلم به عليها ثم اتبعها بما نقلته من الكتب المعتمدة مما لم يذكره قال رحمه الله إن الأخبار الواقعة في حق محمد صلى الله عليه وسلم توجد كثيرة إلى الآن مع وقوع التحريفات في هذه الكتب ومن عرف أولا طريق أخبار النبي المتقدم عن النبي المتأخر ثم نظر ثانيا بنظر الإنصاف إلى هذه الإخبارات وقابلها بالإخبارات التي نقلها الإنجيليون في حق عيسى عليه السلام جزم بأن الإخبارات المحمدية في غاية القوة قال وأنقل في هذا المسلك عن الكتب المعتبرة عند علمائهم ثماني عشرة بشارة...
في الباب الثالث والثلاثين من سفر الاستثناء هكذا:"وقال جاء الرب من سيناء وأشرق لنا من ساعير واستعلن من جبل فاران ومعه ألوف الأطهار في يمينه سنة من نار" فمجيئه من سيناء إعطاؤه التوارة لموسى وإشراقه من ساعير إعطاؤه الإنجيل لعيسى عيله السلام واستعلانه من جبل فاران إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لأن فاران جبل من جبال مكة بدليل قوله في الباب الحادي والعشرين من سفر التكوين في حال إسماعيل عليه السلام هكذا" وسكن برية فاران" ولا شك أن إسماعيل عليه السلام كانت سكناه بمكة...
ويذكر النبهاني مواضع من يوحنا منها قوله: في الباب الرابع عشر -من النسخة التي رجع إليها الهندي-:
و انا اطلب من الاب فيعطيكم فارقليط اخر ليثبت معكم الى الابد ..
(2/204)
وفي النسخة التي في موقع أسرة النادي العربي…
61 و انا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد ..
وينقل عن الهندي مواضع أخر : مثل النص التالي، واللفظ أنقله من موقع أسرة النادي العربي على الإنترنت:
16: 7 لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي و لكن ان ذهبت ارسله اليكم
16: 8 و متى جاء ذاك يبكت العالم على خطية و على بر و على دينونة
16: 9 اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي
16: 10 و اما على بر فلاني ذاهب الى ابي و لا ترونني ايضا
16: 11 و اما على دينونة فلان رئيس هذا العالم قد دين
16: 12 ان لي امورا كثيرة ايضا لاقول لكم و لكن لا تستطيعون ان تحتملوا الان
16: 13 و اما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به و يخبركم بامور اتية
16: 14 ذاك يمجدني لانه ياخذ مما لي و يخبركم
16: 15 كل ما للاب هو لي لهذا قلت انه ياخذ مما لي و يخبركم
16: 16 بعد قليل لا تبصرونني ثم بعد قليل ايضا ترونني لاني ذاهب الى الاب
وهذه الألفاظ قريبة من نقل الهندي إلا في القليل مثل: "فارقليط" بدلا من "معزي"
(2/205)
ثم يقول النبهاني: ولفظ فارقليط هو يوناني ترجمة عن اللفظ العبراني الذي قاله عيسى عليه السلام وهو مفقود..قال الشيخ رحمه الله: أترك البحث عن الأصل وأتكلم على هذا اللفظ اليوناني فأقول إن كان اللفظ اليوناني أصله بيرقلوطوس فالأمر ظاهر وتكون بشارة المسيح في حق محمد صلى الله عليه وسلم بلفظ هو قريب من محمد وأحمد وإن كان اللفظ اليوناني أصله باراكليطوس كما يدعون فهذا لا ينافي الاستدلال أيضا لأن معناه المعزي والمعين والوكيل أو الشافع على ما بينوه وهذه المعاني كلها تصدق على محمد صلى الله عليه وسلم..ثم بين رحمه الله أن جميع الأوصاف التي وصف بها عيسى عليه السلام هذا الفارقليط المبشر به منطبقة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كمال المطابقة ولا ينطبق شيء منها على الروح النازل على تلاميذ عيسى في زمنه يوم الدار الذي يزعم علماؤهم أنه هو المراد بلفظ فارقليط وفصل ذلك تفصيلا حسنا وأوضح الرد عليه من وجوه عديدة بينها مفصلة فمن أرادها فليرجع إليه…قلت: أي النبهاني: وهذه البشائر نقلها غير صاحب إظهار الحق من العلماء الثقات عن كتب أهل الكتاب بعبارات متقاربة وإنما وقع بعض الاختلاف في بعض ألفاظها للاختلاف في التراجم من اللغة العبرانية واليونانية إلى العربية، وقد اخترت نقلها من إظهار الحق لأنه نقلها عن كتبهم الموجودة الآن [في عصر النبهاني] في أيديهم حتى أنه بين اسم البلدة التي طبع بها الكتاب المنقول عنه وتاريخ طبعه لتسهل مراجعته لمن أراد ذلك منهم أو من غيرهم وفي هذه من قوة إقامة الحجة ما لا يخفى على بصير وهذا هو السبب الذي حمله رحمه الله على المحافظة على عباراتهم الركيكة…”.انتهى كلام النبهاني..
ثم يذكر النبهاني بشائر أخرى لم يذكرها صاحب إظهار الحق، نقلا عن إعلام النبوة للماوردي ، من كتب اليهود والنصارى: منها:
(2/206)
البشارة الثامنة والعشرون: من بشائر حنقوق من أنبياء بني إسرائيل، قال عليه السلام في كتابه: جاء الله من طور سيناء واستعلن القدوس من جبال فاران وانكسفت إلى بهاء محمد وانخسفت من شعاع المحمود وامتلأت الأرض من محامده لأن شعاع منظره مثل النور يحفظ بلده بعده تسير المنايا أمامه وتصحب سباع الطير أجناده قام فمسح الأرض وتأمل الأمم بحثا عنها فتضعضعت الجبال القديمة واتضعت الروابي الدهرية وتزعزع صور أرض مدين ولقد حاز المساعي القديمة قطع الرأس من بيت الأثيم ودمعت رؤوس سلاطينه بغضبه" ومعلوم أن محمدا ومحمودا صريح في اسمه صلى الله عليه وسلم وهما يتوجهان إلى من انطلق عليه اسم الحمد بالسريانية مشيخا أي محمد ومحمود…
ثم ينقل النبهاني ص87، من كتابه سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب القديمة المكتوبة بالسريانية والعبرية والرومية: منها "بؤماذ" في صحف إبراهيم.. و"ميذميذ" في التوارة، و"طاب طاب" في التوارة.. و"حاط حاط" في الزبور.. والبارقليط كالفارقليط في الإنجيل بمعنى روح الحق، أو الحماد، أو المخلص…والبرقليطس في الرومية[الظاهر أنها اليونانية أو اللاتينية]، و"السرخليطس" بالسريانية في الإنجيل، و"المشفح"، و"حمياطا" و"حبيطي"…و"قدمايا" في التوراة….انتهى كلام النبهاني نقلا عن ابن القيم..
وذكر النبهاني كذلك عن ابن دحية أن "روح القدس" في الإنجيل و"روح الحق" تعني محمدا صلى الله عليه وسلم…
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 8 2004, 06:05 PM
ومن أراد شهادة المتخصصين في اللغات القديمة من المسلمين والغربيين في العصور الحديثة، على أن اسم النبي صلى الله عليه وسلم مذكور في الكتاب الذي بين يدي النصارى الآن ويسمونه ب"الكتاب المقدس" فعليه أن يطلع على صفحات هذا الموقع: http://ebnmaryam.com/monqith/monqith5/mokaddema.htm
http://ebnmaryam.com/monqith/monqith5/monqith5.htm
(2/207)
http://ebnmaryam.com/monqith/monqith5/17.htm
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 8 2004, 06:06 PM
وهذا كتاب دلائل النبوة من البداية والنهاية لابن كثير وهو على الانترنت موقع الإسلام..فمن أراد أن يطالعه فليدخل على العنوان التالي..
كتاب دلائل النبوة لابن كثير
http://history.al-islam.com/display.asp?f=bdy01162&id=613
وأنقل جزءا من مقدمة ابن كثير لكتاب دلائل النبوة:
(2/208)
وهي معنوية وحسية؛ فمن المعنوية إنزال القرآن العظيم عليه، وهو أعظم المعجزات، وأبهر الآيات، وأبين الحجج الواضحات؛ لما اشتمل عليه من التركيب المعجز الذي تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله فعجزوا عن ذلك، مع توافر دواعي أعدائه على معارضته وفصاحتهم وبلاغتهم. ثم تحداهم بعشر سور مثه فعجزوا، ثم تنازل إلى التحدي بسورة من مثله‘ فعجزوا عنه، وهم يعلمون عجزهم وتقصيرهم عن ذلك، وأن هذ ما لا سبيل لأحد إليه أبدا، قال الله تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا وهذه الآية مكية، وقال في سورة "الطور" وهي مكية: أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ أي؛ إن كنتم صادقين في أنه قاله من عنده فهو بشر مثلكم، فأتوا بمثل ما جاء به فإنكم مثله. وقال تعالى في سورة "البقرة"، وهي مدنية معيدا للتحدي: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ وقال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَوقال تعالى: وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ(2/209)
لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ فبين تعالى أن الخلق عاجزون عن معارضة هذا القرآن، بل عن عشر سور مثله، بل عن سورة منه، وأنهم لا يستطيعون ذلك أبدا، كما قال تعالى:فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا أي؛ فإن لم تفعلوا في الماضي ولن تستطيعوا ذلك في المستقبل، وهذا تحد ثان، وهو أنه لا يمكن معارضته لهم لا في الحال ولا في المآل، ومثل هذا التحدي إنما يصدر عن واثق بأن ما جاء به لا يمكن البشر معارضته ولا الاتيان بمثله، ولو كان من متقول من عند نفسه لخاف أن يعارض، فيفتضح ويعود عليه نقيض ما قصده من متابعة الناس له، ومعلوم لكل ذي لب أن محمدا صلى الله عليه وسلم من أعقل خلق الله، بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاق في نفس الأمر، فما كان ليقدم على هذا إلا وهو عالم بأنه لا يمكن معارضته، وهكذا وقع فإن من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى زماننا هذا لم يستطع أحد أن يأتي بنظيره ولا نظير سورة منه، وهذا لا سبيل إليه أبدا، فإنه كلام رب العالمين الذي لا يشبهه شيء من خلقه؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فأنى يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق؟! وقول كفار قريش الذي حكاه تعالى عنهم في قوله تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ كذب منهم ودعوى باطلة بلا دليل ولا برهان ولا حجة ولا بيان، ولو كانوا صادقين لأتوا بما يعارضه، بل هم يعلمون كذب أنفسهم، كما يعلمون كذب أنفسهم في قولهم:(2/210)
أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قال الله تعالى: قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا أي؛ أنزله عالم الخفيات، ورب الأرض والسماوات، الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فإنه تعالى أوحى إلى عبده ورسوله النبي الأمي الذي كان لا يحسن الكتابة ولا يدريها بالكلية، ولا يعلم شيئا من علم الأوائل، وأخبار الماضين، فقص الله عليه خبر ما كان وما هو كائن على الوجه الواقع سواء بسواء، وهو في ذلك يفصل بين الحق والباطل الذي اختلفت في إيراده جملة الكتب المتقدمة، كما قال تعالى: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ وقال تعالى: كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا وقال تعالى:وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ الآية. وقال تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً(2/211)
وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ فبين تعالى أن نفس إنزال هذا الكتاب المشتمل على علم ما كان وما يكون، وحكم ما هو كائن بين الناس على مثل هذا النبي الأمي وحده كاف في الدلالة على صدقه، وقال تعالى وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ يقول لهم: إني لا أطيق تبديل هذا من تلقاء نفسي، وإنما الله عز وجل، هو الذي يمحو ما يشاء ويثبت، وأنا مبلغ عنه، وأنتم تعلمون صدقي فيما جئتكم به؛ لأني نشأت بين أظهركم، وأنتم تعلمون نسبي وصدقي، وأمانتي، وأني لم أكذب على أحد منكم يوما من الدهر، فكيف يسعني أن أكذب على الله عز وجل، مالك الضر والنفع، الذي هو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم؟! وأي ذنب عنده أعظم من الكذب عليه، ونسبة ما ليس منه إليه؟ كما قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ أي لو كذب علينا لانتقمنا منه أشد الانتقام، وما استطاع أحد من أهل الأرض أن يحجزنا عنه ولا يمنعنا منه.
(2/212)
وقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَوقال تعالى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ وهذا الكلام فيه الإخبار بأن الله شهيد على كل شيء، وأنه تعالى أعظم الشهداء، وهو مطلع علي وعليكم فيما جئتكم به عنه، وتتضمن قوة الكلام قسما به أنه قد أرسلني إلى الخلق لأنذرهم بهذا القرآن، فمن بلغه منهم فهو نذير له، كما قال تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ففي هذا القرآن من الأخبار الصادقة عن الله وملائكته وعرشه ومخلوقاته العلوية والسفلية، كالسماوات، والأرضين، وما بينهما وما فيهن، أمور عظيمة كثيرة مبرهنة بالأدلة القطعية المرشدة إلى العلم بذلك من جهة العقل الصحيح، كما قال تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا وقال تعالى: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ وقال تعالى: وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وفي القرآن العظيم(2/213)
الإخبار عما مضى على الوجه الحق، وبرهانه ما في كتب أهل الكتاب من ذلك شاهدا له، مع كونه نزل على رجل أمي لا يعرف الكتابة ولم يعان يوما من الدهر شيئا من علوم الأوائل، ولا أخبار الماضين، فلم يفجأ الناس إلا بوحي إليه عما كان من الأخبار النافعة، التي ينبغي أن تذكر للاعتبار بها من أخبار الأمم مع الأنبياء، وما كان من أمورهم معهم، وكيف نجى الله المؤمنين، وأهلك الكافرين، بعبارة لا يستطيع بشر أن يأتي بمثلها أبد الآبدين، ودهر الداهرين ففي مكان تقص القصة موجزة في غاية البيان والفصاحة، وتارة تبسط، فلا أحلى ولا أجلى ولا أعلى من ذلك السياق، حتى كأن التالي والسامع مشاهد لما كان، حاضر له، معاين للخبر بنفسه، كما قال تعالىوَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وقال تعالى: وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ وقال تعالى في سورة يوسف: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ إلى أن قال في آخرها لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وقال تعالى: وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى وقال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ(2/214)
كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ وعد تعالى أنه سيظهر الآيات القرآن وصدقه وصدق من جاء به بما يخلقه في الآفاق من الآيات الدالة على صدق هذا الكتاب، وفي نفس المنكرين له المكذبين ما فيه حجة عليهم وبرهان قاطع لشبههم، حتى يستيقنوا أنه منزل من عند الله على لسان الصادق، ثم أرشد إلى دليل مستقل بقوله: أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أي؛ في العلم بأن الله مطلع على هذا الأمر كفاية في صدق هذا المخبر عنه، إذ لو كان مفتريا عليه لعاجله بالعقوبة البليغة، كما تقدم بيان ذلك.
وفي هذا القرآن إخبار عما وقع في المستقبل طبق ما وقع سواء بسواء، وكذلك في الأحاديث حسب ما قررناه في كتابنا "التفسير"، وما سنذكره من الملاحم والفتن، كقوله تعالى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهذه السورة من أوائل ما نزل بمكة. وكذلك قوله تعالى في سورة "اقتربت" وهي مكية بلا خلاف: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ وقع مصداق هذه الهزيمة يوم بدر بعد ذلك، إلى أمثال هذا من الأمور البينة الواضحة، وسيأتي فصل فيما أخبر به من الأمور التي وقعت بعده، عليه الصلاة والسلام، طبق ما أخبر به.
(2/215)
وفي القرآن الأحكام العادلة امرا ونهيا، المشتملة على الحكم البالغة التي إذا تأملها ذو الفهم والعقل الصحيح قطع بأن هذه الأحكام إنما أنزلها العالم بالخفيات، الرحيم بعباده، الذي يعاملهم بلطفه ورحمته وإحسانه، قال تعالى وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا أي؛ صدقا في الأخبار وعدلا في الأوامر والنواهي. وقال تعالى الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أي؛ أحكمت ألفاظه وفصلت معانيه. وقال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ أي العلم النافع والعمل الصالح. وهكذا روي عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال لكميل بن زياد: هو كتاب الله، فيه خير ما قبلكم، وحكم ما بينكم، ونبأ ما بعدكم. وقد بسطنا هذا كله في كتابنا "التفسير" بما فيه كفاية، ولله الحمد والمنة
(2/216)
فالقرآن العظيم معجز من وجوه كثيرة؛ من فصاحته، وبلاغته، ونظمه، وتراكيبه، وأساليبه، وما تضمنه من الإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة، وما اشتمل عليه من الأحكام المحكمة الجلية، فالتحدي ببلاغة ألفاظه يخص فصحاء العرب، والتحدي بما اشتمل عليه من المعاني الصحيحة الكاملة - وهي أعظم في التحدي عند كثير من العلماء - يعم جميع أهل الأرض من الملتين؛ أهل الكتابين وغيرهم من عقلاء اليونان والهند والفرس والقبط وغيرهم من أصناف بني آدم في سائر الأقطار والأعصار، وأما من زعم من المتكلمين أن الإعجاز إنما هو من صرف دواعي الكفرة عن معارضته مع إمكان ذلك، أو هو سلب قدرهم على ذلك، فقول باطل وهو مفرع على اعتقادهم أن القرآن مخلوق، خلقه الله في بعض الأجرام، ولا فرق عندهم بين مخلوق ومخلوق، وقولهم هذا كفر وباطل، وليس بمطابق لما في نفس الأمر، بل القرآن كلام الله غير مخلوق، تكلم به كما شاء تعالى وتقدس وتنزه عما يقولون علوا كبيرا فالخلق كلهم عاجزون حقيقة في نفس الأمر عن الإتيان بمثله ولو تعاضدوا وتظاهروا على ذلك، بل لا تقدر الرسل الذين هم أفصح الخلق وأعظم الخلق وأكملهم أن يتكلموا بمثل كلام الله، وهذا القرآن الذي يبلغه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله كلام له أسلوب لا يشبه أساليب كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأساليب كلامه، عليه الصلاة والسلام، المحفوظة عنه بالسند الصحيح إليه لا يقدر أحد من الصحابة ولا من بعدهم أن يتكلم بمثل أساليبه في فصاحته وبلاغته فيما يرومه من المعاني بألفاظه الشريفة، بل وكلام الصحابة أسلوب أعلى من أساليب كلام التابعين، وهلم جرا إلى زماننا، وعلماء السلف أفصح وأعلم وأقل تكلفا في أداء ما يرونه من المعاني بألفاظهم، من علماء الخلف، وهذا يشهده من له ذوق بكلام الناس، كما يدرك تفاوت ما بين أشعار العرب في زمن الجاهلية وبين أشعار المولدين الذين كانوا بعد ذلك.
(2/217)
ولهذا جاء الحديث الثابت في هذا المعنى، وهو فيما رواه الإمام أحمد قائلا: حدثنا حجاج، ثنا ليث، حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة وقد أخرجه البخاري ومسلم من حديث الليث بن سعد به. ومعنى هذا أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كل منهم قد أوتي من الحجج والدلائل على صدقه وصحة ما جاء به عن ربه ما فيه كفاية وحجة لقومه الذين بعث إليهم، سواء آمنوا به ففازوا بثواب إيمانهم، أو جحدوا فاستحقوا العقوبة، وقوله، وإنما كان الذي أوتيت أي جله وأعظمه الوحي الذي أوحاه إليه، وهو القرآن الحجة المستمرة الدائمة القائمة في زمانه وبعده، فإن البراهين التي كانت للأنبياء انقرض زمانها في حياتهم، ولم يبق منها إلا الخبر عنها، وأما القرأن فهو حجة قائمة، كأنما يسمعه السامع من في رسول الله صلى الله عليه وسلم فحجة الله قائمة به في حياته، عليه الصلاة والسلام، وبعد وفاته، ولهذا قال فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة أي لاستمرار ما آتاني الله من الحجة البالغة والبراهين الدامغة، فلهذا يكون يوم القيامة أكثر الأنبياء تبعا.
مكتوب بواسطة: د. هشام عزمي Mar 12 2004, 07:44 AM
إقتباس (ahmednou @ Mar 8 2004, 02:03 PM)
بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على أشرف رسل الله…
أما بعد:
فدلائل وأدلة ثبوت نبوة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ومتعددة منها:
- معجزة القرآن: انظر صفحة "فليأتوا بسورة من مثله"
http://www.aljame3.com/vb/showthread.php?s=&postid=1391#post1391
- شهادة رب العالمين: "محمد رسول الله"سورة الفتح..وانظر صفحة: هذا كلام الرب عندنا فأين كلام الرب عندهم
(2/218)
http://www.aljame3.com/vb/showthread.php?s=&threadid=493، تحت عنوان: جهة الخطاب
- شهادة العرب من أصحابه وغيرهم الذين أسلموا…
- شهادة كفار قريش بأنه الصادق الأمين، وأنه لا يكذب…
- شهادة أهل الكتاب في عصره: ورقة بن نوفل وعبد الله بن سلام وغيره من اليهود الذين أسلموا.."الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم"
- شهادة عيسى عليه السلام وتبشيره به صلى الله عليه وسلم، وشهادة أهل الكتاب قبل عصره: كتاب الحواري برنابا المسمى بإنجيل برنابا…المكتبة التوفيقية بمصر..
- معجزاته صلى الله عليه وسلم:
- إخباره بالغيب صلى الله عليه وسلم: في أحداث حصلت في حياته، وأحداث بعد وفاته…
- إخباره بالغيب صلى الله عليه وسلم: في مشاهد يوم القيامة، وعلامات الساعة وفتن آخر الزمان، والملائكة، والجنة والنار..
- الإشارات العلمية والطبية الحديثة من كلامه صلى الله عليه وسلم..
الرجاء من الإخوة المشرفين تعديل الروابط في المشاركة الأولى لتناسب الموقع الجديد
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 15 2004, 06:30 PM
ومن الكتب المفضل قراءتها في دلائل النبوة: كتاب الصحيح المسند من دلائل النبوة للشيخ مقبل بن هادي-ط مكتبة ابن تيمية – القاهرة…
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 15 2004, 06:32 PM
(2/219)
ليس هناك أمة من الأمم ولا حضارة من الحضارات ولا علم من العلوم ولا فن من الفنون ولا ديانة من الديانات وفيها علم مثل علم نقل الحديث، وهو علم الرجال… وعلم الرجال في حد ذاته معجزة من المعجزات، لما فيها من الدقة في نقل الحديث بطريقة لم يعرفها ولم يعهدها البشر من قبل ولا من بعد… وعلم الرجال يعني نقل كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وكل فعل، بسند متصل بالنبي صلى الله عليه وسلم بسلسلة من الرواة، وكل راوي من الرواة معروف دينه وتقواه وورعه وصالح أم فاسد وصدوق أم كاذب وقوى الحفظ أم ضعيف الحفظ وروى بالشفاهة أم من كتاب…وبذلك يستطيع أي محدث أن يعرف صحة الحديث…فالحديث الصحيح هو ما نقله الثقات بسند متصل لا يحتمل فيه كذب على النبي صلى الله عليه وسلم…أما غيره فبين الضعيف والموضوع على حسب تقسيم المحدثين له… وليس معنى الضعيف أنه قد ثبت عدم وروده كالحديث الموضوع…وإنما ضعفوه من دقة المحدثين في نقل الحديث الشريف، فإذا لم يكن أحد الرواة معروفا عندهم، عدوا حديثه ضعيفا…ونحن لو طبقنا هذا العلم على بقية العلوم والقصص والتاريخ في جميع الأمم، لوجدنا أن درجة الحديث الضعيف عندنا تسمو على ما بين أيدي الأمم الأخر من النقولات والروايات والتاريخ… وكذلك لو طبقناه على الكتاب المقدس الذي بين النصارى، فلن يخرج نص واحد من أن يكون ضعيفا أو موضوعا..وذلك لجهالة رواة الكتاب المقدس الذين نقلوه عن أصحاب الأناجيل الأربعة… متى ومرقس ولوقا ويوحنا..
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 15 2004, 06:33 PM
(2/220)
إن النصارى يقولون أن دينهم صحيح وديننا مزيف، ولكن إلهنا وإلههم واحد وهو الله عز وجل خالق السماوات والأرض وخالق البشر، مع اختلاف عندهم في طبيعة الرب سبحانه هل هو واحد أو اثنان أو ثلاثة…. فإذا كان دينهم صحيح وديننا مزيف، فهل يمكن أن تكون عبادتنا لله الذي يعبدونه أصح وأدق وأكثر من عبادتهم لنا…أقصد أن عبادات المسلمين كلها مسطورة في القرآن والسنة، ومواقيت الصلاة وأفعالها وأركانها بل والذكر في ركن فيها، وختامها، وهل تصلى في جماعة أم لا وفي المسجد أم لا، وكذلك الحج والصوم والزكاة، كل ذلك موجود في القرآن والحديث الشريف…وأيضا أذكار الصباح والمساء وأذكار جميع الأحوال كالمرض والخلاء والخروج من المنزل والدخول وغير ذلك من العبادات المعروفة عندنا نحن المسلمين…فأين عبادات النصارى من كتابهم المقدس، وأين صلاتهم وأين أذكارهم وأين تسبيحهم…؟؟؟ فهل يعقل أن يكون دين المسلمين فاسد ودين النصارى صحيح مع وجود نظام للعبادات في الإسلام بأدلته من القرآن والسنة، وعدم وجود مثله أو قريبا منه أو عشر معشاره في دين النصارى؟؟؟ سؤال يحتاج إلى جواب ليس من أعقل العقلاء فقط وأكبر المفكرين فقط ولكن أيضا من كل من أنعم الله عز وجل عليه بأدني القليل من العقل والفكر...
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 15 2004, 06:34 PM
يقول تعالى في سورة الصف:{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ {6}
(2/221)
وفي سورة الأعراف:{} الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {157}
فهل يمكن أن يخبر النبي صلى الله عليه بهذا الكلام من عند نفسه، وهو يعلم تمام العلم بأن في الجزيرة العربية يهودا ونصارى، بل وهو يدعو ملوك اليهود والنصارى إلى الإسلام، إلا وهو يعلم تمام العلم بأن اسمه مذكور في التوراة والإنجيل؟؟؟ فهو إن كان قد ألفه من عند نفسه فإنه لن يجعل محل دعوته اليهود والنصارى بل وسيخفي هذا الكلام الذي يعلم كذبه عنهم… لأنه لو لم يكن مذكورا في التوراة والإنجيل عندهم وعلم بهذا الكلام اليهود والنصارى، لفضح نفسه وافتضح عندهم وعند جميع العرب وجميع أصحابه بأنه يكذب…
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 15 2004, 06:37 PM
عرض قيم للبشارات بالنبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس...
البشارات بالنبي صلى الله عليه وسلم
http://www.islam-for-everyone.com/Arabic%20Site/Shahadatan/Shahadatan5.htm.htm
منقول بنصه:
محمد بشارة موسى وعيسى
(2/222)
توالت في العهد القديم والعهد الجديد عبارات وإشارات وعلامات تتحدث عن النبي الخاتم الذي سيأتي بعد موسى وبعد عيسى عليهما السلام؛ لا تنطبق إلا على خاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ تشير إلى نسبه ومكان بعثته وانتشار دعوته، وتصف أمته التي ستمتد إلى كل مكان تشرق عليه الشمس، وتجتمع على مدار التاريخ من كل الأنحاء للحج والعمرة في مكة المكرمة وحرمها الآمن، في نصوص واضحة لا تحتاج إلى كثير من إعمال فكر أو تأويل:
1 – أنه من أبناء إسماعيل :
"أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به" (تثنية 18/18) .
فيدل تعبير "إخوتهم" على أنه من أبناء إسماعيل أخي إسحاق، ولو كان من أبناء بني إسرائيل لقال: "منهم" .
ومثل ذلك ما جاء في إنجيل متى: "قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية، من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا، لذلك أقول لكم بان ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره" (متى 21/ 42-43).
بإشارة إلى نزول الرسالة في قوم غير بني إسرائيل، وأنها ستنزل في بلاد نبذها الناس في الماضي وأبعد إليها – بأمر الله - سيدنا إسماعيل، وهي مكة المكرمة بأرضها القاحلة ورمصائها وفقر مواردها (الحجر الذي رفضه البناءون)، والذي سيصير بعد مجيء الإسلام كعبة الملايين "رأس الزاوية" .
2 – أنه سيظهر في بلاد العرب :
"وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين" (أشعياء 21/ 13) .
و: "وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته فقال: جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران" (تثنية 33/ 1-2) .
(2/223)
فيذكر النص الأول بلاد العرب صراحة كمنزل للوحي القادم، ويحدد مقر تلألؤه واكتماله في "فاران" وهي المنطقة التي تقع بين جبال: أبو قبيس وقيعان ود بمكة المكرمة، ويؤكد ذلك ما جاء بسفر التكوين عن ذهاب سيدنا إبراهيم بولده إسماعيل إلى فاران: "فبكَّر إبراهيم صباحا وأخذ خبزا وقربة ماء وأعطى لها جَر واضعا إياهما على كتفها والولد وصرفها... وكان الله مع الغلام فكبر، وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس، وسكن في برية فاران" (تكوين 21/ 14، 20-21).
وانظر أيضا ما سيأتي من تحديد لهذه المنطقة من بلاد العرب في موضوع "الحج" (رقم 17) وجاء أيضا ذكر "مكة" بالاسم (بكة) في مزامير داود :
"عابرين في وادي البكاء (بكة) يصيرونه ينبوعا" (مزمور 84/6) .
والمعروف أن "مكة" و"بكة" مترادفان في لغة العرب وقد جاء ذكر كل منهما في القرآن الكريم:
)وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا( [الفتح: 24] .
)أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ( [آل عمران : 96] .
ومن المدهش أيضا أن كلمة "ينبوعا" (في مزمور 84/6) تشير إلى نبع "زمزم" الذي تفجر في هذا الوادي القاحل في تلك البقعة المباركة ليظل يروي الحجيج بلا انقطاع حتى قيام الساعة .
3 – أنه مثل موسى :
فعبارة سفر التثنية : "أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك" (تثنية 18/18) تحدد أن النبي المشار إليه مثل موسى عليه السلام، والتماثل هنا لا ينطبق على نبي إلا على محمد e فلا ينطبق على عيسى عليه السلام .
* فموسى ومحمد ولدا من أبوين بلا معجزة خلافا لعيسى .
* وكلاهما مات ودفن بعد إتمام الرسالة - خلافا لعيسى الذي رفعه الله إليه .
* وكلاهما تزوج وأنجب – خلاف عيسى .
(2/224)
* وكلاهما كوّن في زمانه أمة من الأتباع المؤمنين – خلافا لعيسى الذي انفض عنه أقرب تلاميذه .
* وكلاهما أتى بتشريع جديد – خلافا لعيسى الذي جاء ليؤكد شريعة موسى .
* وكلاهما مارس الحكم والتشريع والقضاء – وما كان هذا شأن عيسى .
أما كون موسى وعيسى كلاهما من بني إسرائيل فكذلك كان العديد من أنبياء بني إسرائيل غير عيسى كسليمان وداود وأشعياء وإيليا وهوشع ويحيى وزكريا وغيرهم .
4 – أنه سيأتي بعد المسيح :
جاء على لسان المسيح في الأناجيل :
"لكني أقول لكم الحق وأنه خير لكم أن أنطلق؛ لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكن إن ذهبت أرسله إليكم" (يوحنا 16/7) .
و: "أنتم أنفسكم تشهدون لي أني قلت لست أنا المسيح بل إني مرسل أمامه" (يوحنا 3/28) .
و: "هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه" (يوحنا 1/27) .
و: "فأما المعزي (الروح القدس) الذي سيرله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يوحنا 14/26).
وكلها عبارات تؤكد أن ذلك النبي سيد المرسلين إنما سيأتي بعد رحيل المسيح عليه السلام .
5 – أنه خاتم النبيين :
كما جاء في إنجيل يوحنا : "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزِّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (يوحنا 14/16) ، أي لتبقى رسالته إلى آخر الزمان، كما أشار إنجيل متى إلى كونه "الأصغر في ملكوت السموات" لأنه الأخير زمنيا في رهط الأنبياء: "الحق أقول لكم: إنه لم يظهر بين من ولدتهم النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه" (متى 11/1) .
6 – أنه سيصحح صورة المسيح :
"ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب؛ روح الحق الذي هو من عند الآب، ينبثق فهو يشهد لي" (يوحنا 15/26) .
وقد صحح القرآن الكريم صورة المسيح، ونزهه عما نسب إليه من صفات وحرفت به دعوته، كما وصفها أعظم الأوصاف .
7 – أنه سيتمم رسالات السماء :
(2/225)
كما جاء في عبارة: "يعلمكم كل شيء" (يوحنا 14/26 – انظر رقم 4- أعلاه)، وكذلك:
"وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه..." (يوحنا 16/ 13) .
8 – أنه سيجيء حين تغمر العالم ظلمة الجاهلية :
جاء في نبوءة أشعياء: "ها إن الظلمة تغمر الأرض، والظلام الدامس يكتنف الشعوب، ولكن الرب يشرق عليك ويتجلى مجده حولك" (أشعياء 60/2) .
ومثلها : "لتفتح عيون العُمي وتطلق سراح المأسورين في السجن وتحرر الجالسين في ظلمة الحبس" (أشعياء 42/7).
وقد كانت بعثة محمد (صلى الله عليه وسلم) وقد ساد الظلم والطغيان وظلام الجهل كل الأمم، فأنار العقول والقلوب بدعوة التوحيد، وحرر شعوب الأرض من ربقة الطغاة .
9 – عالمية رسالته :
"فتقبل الأمم إلى نورك، وتتوافد الملوك إلى إشراق ضيائك" (أشعياء 60/3)، وقد فتح الله بالإسلام كل ربوع الأرض ودخل الناس فيه أفواجا، بما فيهم أعظم ممالك الأرض في ذلك الزمان الفرس والرومان.
10 – سمو مكانته بين الأنبياء :
"الحق أقول لكم: إنه لم يظهر بين من ولدتهم النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه" (متى 11/11)، ولم تسجل البشرية سيرة أعظم من سيرته (صلى الله عليه وسلم) ولا مكانة أعظم من مكانته ومكانة رسالته وأمته.
11 – أن اسمه "المستوجب للحمد" أحمد ومحمد ومحمود :
(2/226)
جاءت تسمية النبي القادم في الأناجيل المترجمة عن اليونانية عن العبرية عن الآرامية بلفظ "المعزى" كما ذكرنا أعلاه في عبارات : (يوحنا 16/7) و(يوحنا 14/26) و(يوحنا 14/16). و"المعزى" ترجمة للفظ اليوناني Paracletos أي المحامي أو المؤيد أو الشفيع وأصله اللفظ العبري "بيرقليط" ويتشابه في الإملاء مع الكلمة العبرية "بارقليط" التي تعني المستوجب للحمد أي المحمود أو محمد أو أحمد. وقد تبين أن الكتابة العبرية؛ والتي اشتقت منها العديد من الألفاظ والمصطلحات في الترجمة اليونانية؛ لم يدخل عليها الضبط بالشكل (التشكيل) إلا في القرن الخامس الميلادي، وبالتالي فإن النص العبري قرئ وترجم على أنه بيرقليط بدلا من بارقليط، والأخير هو الأصح خاصة في ضوء كل الشواهد الأخرى .
وفي بحث لغوي لتحقيق نص عبارة: "الحمد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لوقا 2/14) بأصلها باللغة السيريانية كانت الترجمة الدقيقة هي : "الحمد لله في الأعالي، أوشك أن يجيء الإسلام للأرض يقدمه للناس أحمد" .
12 – أمِّيَّته:
(2/227)
جاء في نبوءة أشعياء : "أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له أقرأ هذا فيقول: لا أعرف الكتابة" (أشعياء 29/12)، وهو وصف لا ينطبق إلا على النبي الأمي محمد (صلى الله عليه وسلم) وليس موسى أو عيسى؛ فكلاهما تلقيا قدرا وافرا من التعليم قبل بعثتهما، كما يتطابق سرد النبوءة بصورة مدهشة مع حديث بدء الوحي. "حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. فقال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: ) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ( فرجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرجف فؤاده.." (رواه البخاري).
13 – ترديده الوحي كما نزل :
استمر نزول القرآن على النبي (صلى الله عليه وسلم) في شتى المناسبات طوال بعثته، فكان يتلقى الوحي من الملك جبريل فيردد ما يسمع بلا تردد تماما كما جاء في نبوءة أشعياء السابقة، وكما جاء في عبارة سفر التثنية: "أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به" (تثنية 18/18)، فتأمل عبارة "وأجعل كلامي في فمه"، وكذلك عبارة إنجيل يوحنا: "وأما متى ما جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية" (يوحنا 16/ 13) .
وتأمل أيضا كيف تتطابق هذه المعاني مع ما جاء في القرآن:
)وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ( [العنكبوت : 48] .
(2/228)
)وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إلاَّ وَحْيًا أَوْمِن وَرَآي حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَليٌّ حَكِيمٌ * وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا مِن أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلاَ الإيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ( [الشورى: 51 – 52] .
)إن هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى * ذوُ مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَو أَدْنَى * فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى( [النجم : 4 – 10] .
)لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ * فَإَذَا قَرَأنَاهُ فَاتَّبِع قُرْءَانَهُ * ثُمَّ إنَّ عَلَينَا ببَيَانَهُ( [القيامة: 16- 19].
14 – هجرته إلى المدينة :
"فاحملوا يا أهل تيماء الماء للعطشان واستقبلوا الهاربين بالخبز" (أشعياء 21/14) .
وهي إشارة لأهل المدينة المنورة الذين آووا النبي وصحبه من المهاجرين ، وآخى كل واحد منهم وافدا من المهاجرين يشاركه الطعام والشراب، و"المدينة" اسمها قبل الهجرة "يثرب" أو "طَيْبَة"، ولاحظ الشبه بين الاسم الأخير و"تَيْماء". وقد كانت الهجرة بإذن الله؛ عندما أعلم رسوله بما أجمع عليه الكفار أن يضربوه بسيوفهم ضربة رجل واحد ليتفرق دمه بين القبائل، فتأمل ما جاء في نفس النبوءة : "لأنهم قد فروا من السيف المسلول، والقوس المتوتر ومن وطيس المعركة" (أشعياء 21/15) .
15 – جهاده المشركين وانتصار الدعوة :
كانت حياته (صلى الله عليه وسلم) جهادا في معارك متصلة ضد المشركين والمتآمرين عليه من اليهود والمنافقين، طبقا لما جاء في نبوءة أشعياء :
(2/229)
"لا يكل ولا تثبط له همة حتى يرسخ العدل في الأرض وتنتظر الجزائر شريعته" (أشعياء 42/4)
كما أشارت نبوءة أشعياء إلى هزيمة المشركين في موقعة بدر الفاصلة التي كانت فاتحة نصر المسلمين واندحار كفار قريش: "لأنه هذا ما قاله لي الرب: في غضون سنة مماثلة لسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار" (أشعياء 21/16)، وقيدار هو جد قريش من أبناء إسماعيل:
"وهذه أسماء أبناء إسماعيل: نبايوت بكر إسمايل، وقيدار و..." (تكوين 25/13).
16 – الفتح وانتشار دولة الإسلام :
بشرت نبوءة أشعياء بانتشار نور الإسلام في الأرض ودخول الناس فيه أفواجًا:
"فتقبل الأمم إلى نورك، وتتوافد الملوك إلى إشراق ضيائك" (أشعياء 60/3).
كما أشارت إلى توحد قبائل العرب ثم العجم في دولة واحدة تحت لواء الإسلام:
"تأملي حولك وانظري، فهاهم جميعا قد اجتمعوا، وأتوا إليك. يجيء أبناؤك من بعيد وتحمل بناتك على الأذرع" (أشعياء 60/4).
وتصل أمة الإسلام إلى أوجها: "عندئذ تنظرين وتتهللين وتطغى الإثارة على قلبك وتمتلئين فرحا لأن ثروات البحر تتحول إليك وغنى الأمم يتدفق عليك" (أشعياء 60/5) .
17 – الحج إلى بيت الله الحرام :
تشير نبوءة أشعياء إشارات دقيقة إلى وفود الحجيج من كل بلاد العالم لأداء شعائر الحج ملبين لله تعالى:
"أيها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها، لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار، لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا، ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر" (أشعياء 42/ 10-12).
فالتسبيح والتلبية هنا على رؤوس الجبال ينطبق على تجمع الحجاج على جبال عرفة والمزدلفة ومنى، في أكبر تجمع بشري يشهده العالم عاما بعد عام:
"تكتظ أرضك بكثرة الإبل، من أرض مِديان وعيفة تغشاك بُكْرانٌ، تتقاطر إليك من شَبَا محملة بالذهب واللبان وتذيع تسبيح الرب" (أشعياء 60/6).
(2/230)
وينحر الحجاج الهدي من الغنم التي أتوا بها شكرا لله تعالى: "جميع قطعان قيدار تجتمع إليك، وكباش نبايوت تخدمك، تقدم قرابين مقبولة على مذبحي، وأمجد بيتي البهي" (أشعياء 60/7) .
وبيت الله الحرام الذي يؤمه الحجاج والمعتمرون ليلا ونهارا على مدار العام هو البيت الوحيد الذي لا يوصد أبدا ليلا ولا نهارا منذ طهره محمد (صلى الله عليه وسلم) من الأوثان يوم فتح مكة، فتأمل النبوءة:
"تفتح أبوابك دائما ولا توصد ليل نهار، ليحمل إليك الناس ثروة الأمم، وفي موكب يساق إليك ملوكهم" (أشعياء 60/11).
18 – بشارة إنجيل برنابا :
في هذا الإنجيل بَشَّر عيسى عليه السلام بمقدم محمد e بعبارات جلية واضحة، لا مجال فيها لتفصيل وتحليل ولا لشرح وتعليق.
1 – "ولكن بعدي سيأتي رسول وولي من أولياء الله الطاهرين، يغطي سناه جميع من سبقه من الرسل، ويشتت نوره جميع المعميات التي قالها الرسل من قبله، لأنه هو رسول الله" (برنابا 17) .
2 – وقفز آدم على قدميه ورأى في الفضاء كتابة في سطوع الشمس تقول: "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ثم فتح آدم فمه وقال: شكرًا لك يا رب لأنك خلقتني، ولكن قل لي سبحانك ما معنى عبارة الرسالة التي تحمل هذه الكلمات "محمد رسول الله" هل كان من قبلي رجال؟" (برنابا 39) .
3 – "فقال عيسى: ما أنا إلا صوت أصبح فوق بطاح يهودا، وممهدًا الطريق لرسول الله كما هو مكتوب في أشعياء، فقالوا إذا لم تكن المسيح أو إيليا أو أي رسول فلماذا تبشر بدين جديد، ولماذا تجعل لنفسك أهمية أكثر من المسيح؟ فأجاب عيسى: إن المعجزات التي يأتيها الله على يدي تدل على أنني أتكلم ما أتكلمه بمشيئة الله، والواقع أنني لا أجعل من نفسي على قدر ذلك الذي تتكلمون عنه، فأنا لا أستحق أن أحل أربطة جواربه، أو أربطة حذاء رسول الله الذي تنادونه بالمسيح والذي صنعه الله قبلي، والذي سيأتي بعدي، ولسوف يأتي بكلمات الحق ولن تكون لدينه نهاية" (برنابا 42) .
(2/231)
4 – "والحق أقول لكم إن كل نبي يأتي، إنما يأتي لأمة من الأمم رحمة من الله ولا تنصرف كلماته إلا للشعب الذي أرسل إليه، ولكن عندما يأتي رسول الله فإنه يأتي، وقد تلقى منه سبحانه وتعالى خاتم يده يأتي رسولاً ومخلصًا ورحمة لشعوب العالم أجمع التي تتلقى رسالته ولسوف يكون له سلطة وسلطان على كل من يكفر ويضل، ولسوف يدمر الأوثان والأصنام حتى يجعل إبليس يلزم حدوده، كما وعد الله سبحانه وتعالى إبراهيم عندما قال: ولتعلم إنني من ذريتك أبارك جميع قبائل الأرض وكما تحطم الأوثان إلى قطع صغيرة ستفعل ذريتك نفس الشيء يا إبراهيم" (برنابا 43) .
5 – "وعلى ذلك أقول لكم أن رسول الله هو النور الذي يضفي سناه على كل ما خلق الله فقد أنعم الله عليه بالفهم والمشورة الحسنة وبالحكمة والقوة، بالخوف والحب، وبالفطنة والعفة، وبالاعتدال وضبط النفس، أنعم عليه الله بالرغبة في الإحسان والرحمة، وبالعدل والشفقة والرأفة، والصبر والاحتمال، لقد أنعم الله عليه بكل ذلك ثلاثة أضعاف ما أنعم به على كل مخلوقاته، وبارك الله ذلك الزمن الذي يأتي فيه إلى هذا العالم، وصدقوني عندما أقول لكم إني رأيته وقدمت له كل احترام وإجلال، كما رآه كل نبي، وقد أنعم الله عليه بالنبوة لمكارم أخلاقه، وعندما رأيته امتلأت روحي بالرضا والارتياح، وقلت يامحمد الله معك، وياليت الله يجعلني أستأهل فك رباط نعلك، وهو شرف إذا حصلت عليه أكون نبيًّا عظيمًا، وأكون وليا من أولياء الله، ولما قال ذلك أخذ عيسى يشكر ربه" (برنابا 44) .
(2/232)
6 – "وأخذ كاتب هذا الإنجيل يذرف الدمع على عيسى ويقول له: يا معلم قل لي من الذي سيخونك؟ فأجاب عيسى قائلاً: يا برنابا لم تحن الساعة التي تعرف فيها الخائن، ولكن سوف يكشف عن نفسه قريبا جدا، فقد حان موعد رحيلي من هذا العالم، فبكى التلاميذ قائلين: يا معلم هل ستهجرنا؟ الأفضل لنا أن نموت على أن تهجرنا، فأجاب عيسى: لا داعي لأن تضطرب قلوبكم أو تخافوا لأني لم أخلقكم، ولكن الله خالقنا هو الذي خلقكم ولسوف يحميكم، أما أنا فقد أتيت إلى هذا العالم لأعد الطريق لرسول الله، فهو الذي يحمل خلاص العالم، واحترسوا من أن تخدعوا فلسوف يأتيكم رسل عديدون كلهم كاذبون ويستعيرون كلماتي ويبشرون بإنجيلي فقال أندراوس: يا معلم هل ذكرت لنا بعض العلامات حتى نعرفه إذا ما جاء؟ فأجاب عيسى: لن يأتي في وقتكم، بل سيأتي بعدكم بسنوات عديدة عندما يصبح إنجيلي وكأنه لا شيء، وفي ذلك الوقت لن يكون هناك في العالم إلا عدد قليل من المؤمنين قد لا يتجاوز الثلاثين، ولسوف تنزل رحمة الله عندئذ على العالم فيرسل رسوله الذي إذا ما سار أظلته غمامة بيضاء، ولسوف يعرف بأنه المصطفى، ولسوف يكون الله بجانبه، عندما يظهر للعالم سيأتي بسلطان عظيم ضد الكفرة، ولسوف يدمر الأوثان والوثنية من على سطح الأرض، وإني لأفرح كل الفرح لأن الناس جميعًا سيعرفون الله سبحانه وتعالى عن طريقه، وسوف يمجدونه ولسوف يدرك الناس أن الله حقيقة، وسوف ينتقم من هؤلاء الذين يصفونني بأنني أعظم من الله، والحق أقول لكم إن القمر سوف يسهر عليه في طفولته ويرعاه حتى ينام، ولسوف يمسك به من يديه عندما يكبر، وأحرى بالعالم أن يستقبله لا أن يطرده لأنه سوف يقضي على عبدة الأوثان، وفي أعداد تربو على تلك التي قضى عليها موسى خادم الله ويوشع الذي لم يبق على المدن التي حرقوها وأطفالها، إن الجرح القديم يحتاج إلى الكي بالنار، سيأتي الرسول بحقائق أوضح مما أتى بها الرسل جميعًا ، ولسوف يؤنب(2/233)
هؤلاء الناس الذين يستفيدون من العالم بطريق الخطأ، ولسوف تحيي أبراج مدينة آبائنا الواحد منها الآخرين فرحة، وعندما تسقط الأصنام على الأرض معترفة بأني إنسان كغيري من البشر، الحق أقول لكم، إن رسول الله سيأتي حتماً" (برنابا 72) .
7 – "ولكن صدقيني أن قلت إن الوقت قد حان لأن تنزل رحمة الله بمدينة أخرى، وإن الإنسان يستطيع أن يعبد الله في أي مكان شاء، فالله في كل مكان يتقبل العبادة الصادقة. فأجابت المرأة: نحن ننتظر نزول المسيح، فهو عندما يأتي سيعلمنا، فأجاب عيسى: هل تعرفين يا امرأة أن المسيح سيأتي؟ فأجابت المرأة: نعم يا سيدي. ابتهج عيسى وقال: بقدر ما أعلم يا امرأة إنك مؤمنة صالحة، واعلمي أن كل فرد في شريعة المسيح سيخلصه الله ما دام قد اختاره، وعلى ذلك كان من الضروري أن تعلمي متى يأتي المسيح، قالت المرأة: يا سيد ألست أنت المسيح؟ أجاب عيسى: لقد أرسلني الله إلى بني إسرائيل كرسول مخلص، ولكن سيأتي بعدي المسيح الذي يرسله الله إلى جميع أنحاء العالم..." (برنابا 82).
8 – "أجاب عيسى: بالله الحي القيوم الذي تقف روحي في حضرته، لست أنا المسيح الذي تنتظره جميع قبائل الأرض وكما وعد الله أبانا إبراهيم إذ قال: وفي ذريتك سأبارك الأرض، ولكن عندما يأخذني الله بعيدًا عن العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة، ويجعل الملحدين الكفرة يعتقدون أني الله أو ابن الله، وبالتالي سوف تدنس كلماتي وتعاليمي حتى لا يبقى على وجه الأرض أكثر من ثلاثين شخصًا مؤمناً، وعندئذ سينزل الله رحمته على العالم، ويرسل رسوله الذي صنع الأشياء من أجله وسيأتي الرسول من الجنوب مستندًا إلى القوة، وسوف يدمر الأوثان والوثنيين، ولسوف ينزع من أياديهم السلطة التي فرضوها على بني البشر، وسوف يأتي الرسول معه برحمة من الله لإنقاذ بني البشر وخلاصهم، بارك الله هؤلاء الذين سيعتقدون فيه ويؤمنون به وبكلماته" (برنابا 96) .
(2/234)
9 – "فأجاب أندراوس: وكيف نتبين الحقيقة، أجاب عيسى: الحقيقة هي التي تتفق مع صحف موسى، والتي نتلقاها باعتبارها حقيقة مدركين أن الله واحد، وأن الحق واحد، ومن هذا نرى أن المذهب واحد، ومعنى المذهب واحد أن الإيمان واحد، والحق أقول لكم إن الحقيقة إذا ما محيت من كتاب موسى، لما أعطاها الله لداود أبينا الثاني، وإذا ما كان كتاب داود قد شابه الشك لما أعطاني الله الإنجيل ، واعلموا أن الله عز وجل لا يتغير، وأن رسالته واحدة للجميع، وعندما يأتي رسول الله يفضح جميع ما نسبه الكفار لكتابي..." (برنابا 124) .
10 – "وعندئذ يقول رسول الله : ياربي من بين المؤمنين من بقي في النار سبعين ألف سنة، رحمتك يا إلهي أتوسل إليك يا ربي أن تعفو عنهم، وعندئذ يأمر الله سبحانه وتعالى ملائكته المقربين الأربعة أن يذهبوا إلى جهنم ويحرروا كل من اعتنق دين الإسلام وينقلوه إلى نعيم الخلد، وهذا ما سوف يعملون" (برنابا 137) .
11 – "فأجاب تلاميذ المسيح: ومن سيكون هذا الرجل الذي تتحدث عنه، والذي سيأتي إلى هذا العالم وكأنه المطر الذي يجعل الأرض تثمر برغم أنها لم تتلق الماء مدة طويلة، والذي سيقوم بعمل الخير بفضل رحمته الواسعة وكأنه غمامة بيضاء بها رحمة الله تنزل منها الرحمة كالمطر يصيب المؤمنين؟ أجاب يسوع بابتهاج إنه محمد رسول الله ومتى جاء إلى هذا العالم فسيكون ذريعة للأعمال الصالحة بين البشر عن طريق ما يأتي به من رحمة..." (برنابا 163).
12 – "... وبرغم أن الناس أطلقوا عليَّ اسم الله أحيانا وابن الله أحيانًا أخرى، وحتى لا يستهزئ بي الشياطين في يوم الحساب، فقد أمر الله سبحانه وتعالى أن أكون محط سخرية الناس في هذا العالم عن طريق موت يهوذا وجعل الجميع يعتقدون بأني مت على الصليب ولسوف يستمر الناس في سخريتهم حتى يأتي محمد رسول الله الذي سوف يزيل هذا الخطأ عندما يأتي لهؤلاء الذين يعتقدون في الله وشرعه..." . (برنابا 220) .
(2/235)
13 – "وإني لا أستأهل أن أحل رباط نعليه، فقد أولاني الله نعمته ورحمته، وجعلني أراه" وأجاب الكاهن ومعه الوالي والملك : لا تحزن يا عيسى يا ولي الله، فهذه الفتنة لن تستمر طويلاً، ولسوف نكتب إلى مجلس الشيوخ في روما ليصدر فرمانًا إمبراطوريًّا، يحرم أن يناديك أحد بإلهنا أو ابن إلهنا.
ثم قال عيسى: "لقد أرحتموني بكلماتكم، فنحن عندما نأمل في النور ينسدل ستار الظلام، وكل ما يرضيني، ويعزيني هو مجيء الرسول، فهو الذي سيقوم بتقويم كل فكر خاطيء عني، ولسوف ينتشر دينه حتى يعم أنحاء العالم، وهذا هو ما وعد الله إبراهيم أبانا به، وهذا ما يعزيني وهو أن دينه لن يحده زمن أو حدود وسوف يجعله الله دائمًا مصونًا طاهرًا" .
وسأل الكاهن: وهل بعد أن يأتي رسول الله سيأتي رسل آخرون؟.
فأجاب عيسى: "لن يأتي بعده رسل حقيقيون يبعثهم الله تعالى، ولكن سيأتي عدد كبير من الرسل الكاذبين، وإني حزين لذلك ولسوف يخادنهم إبليس، ولسوف يخفون أنفسهم في ظل إنجيلي مدعين عدالة الله".
وسأل هيرودس: وكيف تسمح عدالة الله بإرسال مثل هؤلاء الكذبة الأشرار؟.
أجاب عيسى: "إن كل من لا يعتقد في الإله الحق وفي خلاصه، يعتقد في كذبة تودي به وعلى ذلك أقول لكم إن العالم دائمًا يحتقر الرسل الحقيقيين، ويقدر الكاذبين، كما حدث في أيام أليشع وأرميا، فالشبيه ينجذب إليه شبيهه".
ثم عاد الكاهن يسأل: وماذا سيطلق على المسيح؟ وما هي علامة قدومه ؟.
أجاب عيسى: "إن اسم المسيح هو محمد، فقد أسماه الله كذلك عندما خلق روحه ووضعها في عليين، لقد قال الله تعالى انتظر يامحمد، فمن أجلك سأخلق الجنة والعالم وحشودًا كبيرة من المخلوقات، ولسوف أهديها إليك، وكل من يثني عليك ويصلي سأباركه، وكل من يلعنك ألعنه، وعندما أرسلك إلى العالم إنما أرسلك كرسول لي، يعمل على خلاص العالم، ولسوف تكون كلمتك صدقًا وحقًّا، فإذا وهنت الأرض ووهنت السماء فلن يهن إيمانك بي اسمك المبارك محمدًا" .
(2/236)
عندئذ رفعت الجموع أصواتها قائلة: "يا رب أرسل إلينا رسولك، يا محمد أسرع إلينا لإنقاذ العالم وخلاصه" (برنابا 97).
وختاما قال تعالى في كتابه العزيز:
)وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ( [آل عمران: 81- 83].
)وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(
[آل عمران: 199] .
(2/237)
)وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( [الأعراف: 156- 157] .
)وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ * أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ ءَايَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ( [الشعراء : 196- 197] .
)وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ( [العنكبوت 47 – 48] .
)قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ( [الأحقاف: 10] .
(2/238)
)وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ( [الصف: 6-9] .
خاتمة
رغم اختلاف مصادر النصوص التي أوردناها كشواهد لهذه الدراسة، سواء في حجيتها وتوثيقها، أو في زمانها وظروف تدوينها وحفظها، أو المناسبات والسياق الذي نزلت أو قيلت فيه، فقد رأينا كيف أنها تأخذ بأطراف بعض، وتعضد بعضها البعض لتؤكد:
1 – وحدانية الخالق جل وعلا، وتنزُّهه عن اتخاذ الشريك والولد، أي: "لا إله إلا الله".
2 – بشرية الرسل والأنبياء، وتبشير الرسالات السابقة بنبوة محمد e خاتم المرسلين ؛ أي : "محمد رسول الله" .
وصدق الله العظيم، وبلغ رسله الرهط الكريم عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم .
مراجع للاستزادة
1 – إبراهيم خليل أحمد – محمد في التوراة والإنجيل والقرآن- دار المنار .
2 – أحمد حجازي السقا – البشارة بنبي الإسلام – دار الجيل.
3 – أحمد ديدات – أساقفة إنجلترا وألوهية المسيح- المختار الإسلامي .
4 – أحمد ديدات – الله في العقيدة المسيحية- المختار الإسلامي.
5 – أحمد ديدات – الله في اليهودية والمسيحية والإسلام- المختار الإسلامي.
6 – أحمد ديدات – محمد e المثال الأسمى (ترجمة محمد مختار) – المختار الإسلامي .
(2/239)
7 – أحمد ديدات – المسيح في الإسلام (ترجمة محمد مختار)- المختار الإسلامي.
8 – أحمد ديدات – محمد e الخليفة الطبيعي للمسيح (ترجمة رمضان الصفناوي)- المختار الإسلامي .
9 – أحمد شلبي- مقارنة الأديان (1) اليهودية (2) المسيحية- النهضة المصرية.
10 – حسن باعقيل- وجادلهم بالتي هي أحسن: حوار بين مسلم ومسيحي (ترجمة نبيل عبد السلام هارون) – دار البشير .
11 – رؤوف شلبي- بشائر النبوة الخاتمة- دار القلم .
12 – سيف الله أحمد فاضل- إنجيل برنابا، ودراسات حول وحدة الدين عند موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام- دار القلم .
13 – عبد الرؤوف شلبي- يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء: دراسة مقارنة للمسيحية- دار ثابت.
14 – عبد الغني عبود – اليهود واليهودية والإسلام- دار الفكر العربي .
15 – عبد الغني عبود – المسيح والمسيحية والإسلام – دار الفكر العربي.
16 – علي الجوهري- المسيح في الإسلام- دار الفضيلة .
17 – علي الجوهري- حقيقة النصرانية من الكتب المقدسة- دار الفضيلة.
18 – محمد عبد الله الشرقاوي- في مقارنة الأديان – مكتبة الزهراء .
19 – محمد عزت الطهطاوي- محمد نبي الإسلام في التوراة والإنجيل والقرآن- مكتبة النور.
20 – محمد وصفي- كل الرسل جاءت بالتوحيد والإسلام، ومحمد e خاتمهم- مطبعة إسكندرية بالقاهرة .
21 – محمد وصفي- المسيح عليه السلام بين الحقائق والأوهام- دار الفضيلة .
22 – ممدوح جاد – القرآن وتصديق التوراة والإنجيل- المطبعة الفنية .
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 15 2004, 06:38 PM
بشارة اليهود بالنبي صلى الله عليه وسلم في يثرب وانتظاره له.
جميع التخريجات من موقع المحدث...
كان اليهود يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم سوف تكون هجرته إلى يثرب، ولذلك استوطنوها مع الأوس والخزج واستوطنوا الأراضي التي حولها…وكانوا يذكرون للأوس والخزرج انتظارهم لذلك النبي الذي اقترب موعد ظهوره…
(2/240)
الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1.55 - للإمام القرطبي
قوله تعالى: "وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا" أي يستنصرون. والاستفتاح الاستنصار. استفتحت: استنصرت…….قال ابن عباس: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلما التقوا هزمت يهود، فعادت يهود بهذا الدعاء وقالوا: إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا تنصرنا عليهم. قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا، فأنزل الله تعالى: "وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا" أي بك يا محمد، إلى قوله: "فلعنة الله على الكافرين
جامع البيان عن تأويل آي القرآن. الإصدار 1.12 - للإمام الطبري
1254 - حدثني ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن أشياخ منهم قالوا: فينا والله وفيهم - يعني في الأنصار وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم - نزلت هذه القصة، يعني: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} قالوا: كنا قد علوناهم دهرا في الجاهلية، ونحن أهل الشرك، وهم أهل الكتاب، فكانوا يقولون: إن نبيا الآن مبعثه قد أظل زمانه، يقتلكم قتل عاد وإرم! فلما بعث الله تعالى ذكره رسوله من قريش واتبعناه كفروا به. يقول الله: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن. الإصدار 1.12 - للإمام الطبري
(2/241)
1255 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير أو عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه. فلما بعثه الله من العرب، كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور أخو بني سلمة: يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا! فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحن أهل شرك، وتخبروننا أنه مبعوث، وتصفونه لنا بصفته. فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم! فأنزل الله جل ثناؤه في ذلك من قوله: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثنا ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت، قال: حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، مثله.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن. الإصدار 1.12 - للإمام الطبري
1258 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} كانت اليهود تستفتح بمحمد صلى الله عليه وسلم على كفار العرب من قبل، وقالوا: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده في التوراة يعذبهم ويقتلهم! فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فرأوا أنه بعث من غيرهم كفروا به حسدا للعرب، وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة؛ {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن. الإصدار 1.12 - للإمام الطبري
(2/242)
1260 - حدثني موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال: كانت العرب تمر باليهود فيؤذونهم، وكانوا يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم في التوراة، ويسألون الله أن يبعثه فيقاتلوا معه العرب؛ فلما جاءهم محمد كفروا به حين لم يكن من بني إسرائيل.
البداية والنهاية، الإصدار 2.06 - للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي.
قال ابن إسحاق: فلما أراد الله إظهار دينه وإعزاز نبيه، وإنجاز موعده له، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار، فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم، فبينا هو عند العقبة لقي رهطاً من الخزرج أراد الله بهم خيراً.
فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن أشياخ من قومه قالوا: لما لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: ((من أنتم؟))
قالوا: نفر من الخزرج.
قال: ((أمن موالي يهود؟))
قالوا: نعم !
قال: ((أفلا تجلسون أكلمكم؟))
قالوا: بلى.
فجلسوا معه فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن.
قال: وكان مما صنع الله بهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم، وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا قد غزوهم ببلادهم، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا: إن نبياً مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه نقتلكم معه قتل عاد وإرم. (ج/ص: 3/182)
فلما كلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله.
(2/243)
قال بعضهم لبعض: يا قوم تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به يهود، فلا يسبقنكم إليه، فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك.
ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم قد آمنوا وصدقوا.
البداية والنهاية، الإصدار 2.06 - للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن رجال من قومه قالوا: إن مما دعانا إلى الإسلام - مع رحمة الله تعالى وهداه لنا - أن كنا نسمع من رجل من يهود - وكنا أهل شرك أصحاب أوثان - وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا يزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن، نقتلكم معه قتل عاد وإرم، فكنا كثيراً ما نسمع ذلك منهم.
فلما بعث الله رسول الله صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به، فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به، ففينا وفيهم نزلت هذه الآية: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89].
وقال ورقاء عن ابن أبي نجيح عن علي الأزدي: كانت اليهود تقول: اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس يستفتحون به - أي يستنصرون به على الناس - رواه البيهقي. (ج/ص: 2/ 378)
(2/244)
ثم روي من طريق عبد الملك بن هارون بن عنبرة، عن أبيه، عن جده، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت اليهود بخيبر تقاتل غطفان، فكلما التقوا هزمت يهود خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدعاء فقالوا: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم.
قال: فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به، فأنزل الله عز وجل: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا...} الآية.
وروى عطية، عن ابن عباس نحوه.
وروي عن عكرمة من قوله نحو ذلك أيضاً.
وقال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لبيد، عن سلمة بن سلام بن وقش - وكان من أهل بدر - قال: كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال: فخرج علينا يوماً من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل، قال سلمة: وأنا يومئذ أحدث من فيه سناً، علي فروة لي مضطجع فيها بفناء أهلي، فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار.
قال: فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثاً كائن بعد الموت، فقالوا له: ويحك يا فلان، أو ترى هذا كائنا؟ أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم؟
قال: نعم، والذي يحلف به ويود أن له تحطة من تلك النار أعظم تنور في الدار، يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبقونه عليه، وأن ينجو من تلك النار غداً.
قالوا له: ويحك يا فلان، فما آية ذلك؟
قال: نبي مبعوث من نحو هذه البلاد، وأشار بيده إلى نحو مكة واليمن.
قالوا: ومتى نراه؟
قال: - فنظر إلي وأنا من أحدثهم سناً - فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه.
قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله محمداً رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو حي بين أظهرنا، فآمنا به وكفر به بغياً وحسداً.
قال: فقلنا له: ويحك يا فلان ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟
(2/245)
قال: بلى، ولكن ليس به. رواه أحمد، عن يعقوب، عن أبيه، عن ابن عباس.
ورواه البيهقي، عن الحاكم بإسناده من طريق يونس بن بكير.
وروى أبو نعيم في (الدلائل) عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن محمد بن سلمة قال: (ج/ص: 2/ 379)
لم يكن في بني عبد الأشهل إلا يهودي واحد يقال له يوشع، فسمعته يقول - وإني لغلام في إزار - قد أظلكم خروج نبي يبعث من نحو هذا البيت، ثم أشار بيده إلى بيت الله، فمن أدركه فليصدقه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا وهو بين أظهرنا لم يسلم حسداً وبغياً.
وقد قدمنا حديث أبي سعيد، عن أبيه في أخبار يوشع هذا عن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفته، ونعته وإخبار الزبير بن باطا عن ظهور كوكب مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه الحاكم عن البيهقي بإسناده من طريق يونس بن بكير عنه.
قال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن شيخ من بني قريظة قال: قال لي هل تدري عم كان إسلام ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد - نفر من بني هدل إخوة بني قريظة كانوا معهم في جاهليتهم، ثم كانوا سادتهم في الإسلام -
قال: قلت: لا.
قال: فإن رجلاً من اليهود من أرض الشام يقال له ابن الهيبان قدم علينا قبل الإسلام بسنين، فحل بين أظهرنا، لا والله ما رأينا رجلاً قط لا يصلي الخمس أفضل منه، فأقام عندنا، فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا، فيقول: لا والله حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة. فنقول له: كم؟
فيقول: صاعاً من تمر، أو مدين من شعير.
قال: فنخرجها، ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرثنا، فيستسقي لنا، فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب، ويسقي، قد فعل ذلك غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثاً.
قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميت قال: يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع.
قال: قلنا: أنت أعلم.
(2/246)
قال: فإني إنما قدمت هذه البلدة أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه، هذه البلدة مهاجره، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه، وقد أظلكم زمانه فلا تسبقن إليه يا معشر يهود، فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء فيمن خالفه، فلا يمنعنكم ذلك منه.
فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصر بني قريظة قال هؤلاء الفتية - وكانوا شباباً أحداثاً - يا بني قريظة والله إنه للنبي الذي عهد إليكم فيه ابن الهيبان، قالوا: ليس به. قالوا: بلى والله إنه لهو بصفته، فنزلوا فأسلموا فأحرزوا دماءهم، وأموالهم، وأهليهم.
قال ابن إسحاق: فهذا ما بلغنا عن أحبار يهود.
قلت: وقد قدمنا في قدوم تبع اليماني - وهو أبو كرب تبان أسعد - إلى المدينة ومحاصرته إياها، وإنه خرج إليه ذانك الحبران من اليهود فقالا له: إنه لا سبيل لك عليها، إنها مهاجر نبي يكون في آخر الزمان، فثناه ذلك عنها.
وقد روى أبو نعيم في (الدلائل) من طريق الوليد بن مسلم: حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، عن جده قال: قال عبد الله بن سلام: (ج/ص: 2/ 380)
إن الله لما أراد هدي زيد بن سعية قال زيد: لم يبق شيء من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه، يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً.
قال: فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله، فذكر قصة إسلافه للنبي صلى الله عليه وسلم مالاً في ثمرة. قال: فلما حل الأجل أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه - وهو في جنازة مع أصحابه - ونظرت إليه بوجه غليظ، وقلت: يا محمد ألا تقضيني حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل.
(2/247)
قال: فنظر إلى عمر وعيناه يدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم قال: يا عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع، وتفعل ما أرى؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم.
ثم قال: أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزد عشرين صاعاً من تمر. فأسلم زيد بن سعية رضي الله عنه، وشهد بقية المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي عام تبوك رحمه الله.
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 29 2004, 01:05 PM
في مقالة سابقة منقولة بالنص: من موقع: http://www.islam-for-everyone.com… ….ذكر "وادي بكة" في الكتاب المقدس وهو يتفق مع الاسم الذي ذكره القرآن في سورة آل عمران:"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم…"
ولفظ "وادي بكة" موجود بحمد الله تعالى في كثير من الترجمات بدون تحريف أو تعديل إلى الآن…
Psalm84
Passing through the valley of Baca they make it a spring; The early rain also covers it with blessings
وهذا النص السابق موجود في الترجمات الإنجليزية التالية:
Amplified Bible
The New American Standard Bible
The New King James Version)
The New Revised Standard Version
The Revised Standard Version
The Good News Translation
The Darby Translation
Third Millennium Bible
New Century Version
انظر الترجمات في موقع: http://www.biblegateway.com/languages/index.php?language=english&version=MSG
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 29 2004, 01:06 PM
اسم النبي صلى الله عليه وسلم "المختار" موجود في الكتاب المقدس...
صفات النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والعهد القديم:
(2/248)
ومن نص سابق مخرج من موقع المحدث من كتاب الدر المنثور: "وأخرج الدارمي عن كعب (وكان يهوديا فأسلم)…قال: في السطر الأول: محمد رسول الله عبدي المختار، لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر…"
وحديث آخر فيه صفة النبي صلى الله عليه وسلم الله في التوراة وقد ذكر من قبل، عن عبد الله بن سلام اليهودي الذي أسلم:
35414- " وإني لأجد صفتك في كتاب الله (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا."
(كر). كنز العمال الإصدار 1.43 - للمتقي الهندي
وقصة عمرو بن العاص رضي الله عنه في البخاري، في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
2018 - حدثنا محمد بن سنان: حدثنا فليح: حدثنا هلال، عن عطاء بن يسار قال:
لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: "أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا." صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
وقصة جريجرة ا لمذكورة من قبل:
35443- "نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وملكه بالشام، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا متزي بالفحش، ولا قول الخنا…]
(2/249)
وفي سورة الأعراف:{} الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ….}
فنجد من ألفاظ الروايات السابقة: عبدي، المختار، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق…ولا متزي بالفحش، ولا قول الخنا…ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء..وكل الصفات المذكورة سابقا مذكورة في نص في سفر إشعياء: في الباب الثاني والأربعين من 42-1، إلى 42-7…
وهي تتفق مع الألفاظ التالية الموجودة في الكتاب المقدس من الترجمة العربية وترجمة: The New Living Translation….
- my servant…، خادمي، وهي قريبة من:"عبدي"..لأن العبد خادم سيده.. وفي الترجمة العربية صريحة:"عبدي"..
- "He is my chosen one ." في ترجمة: The New Living Translation…...وفي ترجمة The Douay-Rheims Bible "”mine elect,: وفي الترجمة العربية صريحة:"مختاري"…أو :"والذي اَختَرتُهُ ": وهي تتفق مع "المختار"…
- He will be gentle:..وفي ترجمة The Message " he won't disregard the small and insignificant" : وهي تتفق مع "ليس بفظ ولا غليظ"..وكذلك يمكن أن تكون ترجمة ل:"لا متزي بالفحش، ولا قول الخنا…”، "ولا يجزي بالسيئة السيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح"…فلفظ " be gentle" من معانيها:الشهامة، المروءة، السلوك الحسن،لطيف،وديع،كريم،رقيق..كما في قاموس المورد…
- في ترجمة: The New Living Translatio he will not shout or raise his voice in public”……" ……. وفي ترجمة The Douay-Rheims Bible : " “nor troublesom:وهي تتفق مع: "ولا صخاب "..
(2/250)
- He will not stop until truth and righteousness prevail throughout the earth.: وهي تتفق مع:"ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء".
42: 7- لتفتح عيون العمي:" ويفتح بها أعينا عميا"
- لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة:" وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ…"
و"مختاري"من موقع النادي العربي.. أو "والذي اَختَرتُهُ " من موقع الكلمة: هو اسم النبي صلى الله عليه وسلم "المختار"…وهو صريح لم يحصل له تعديل ولا تحريف ولا تبديل في النسخ السابقة الذكر من الكتاب المقدس إلى الآن.. لأن من أسمائه صلى الله عليه وسلم المشهورة"المختار."..(انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري، في شرح حديث "لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ"..موقع المحدث..)
والنص العربي كاملا من موقع النادي العربي:
42: 1 هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم
42: 2 لا يصيح و لا يرفع و لا يسمع في الشارع صوته
42: 3 قصبة مرضوضة لا يقصف و فتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق
42: 4 لا يكل و لا ينكسر حتى يضع الحق في الارض و تنتظر الجزائر شريعته
42: 5 هكذا يقول الله الرب خالق السماوات و ناشرها باسط الارض و نتائجها معطي الشعب عليها نسمة و الساكنين فيها روحا
42: 6 انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك و احفظك و اجعلك عهدا للشعب و نورا للامم
42: 7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة
http://www.arabic-club.de/bible.htm
ومن موقع الكلمة:
(2/251)
ها عبدي الذي أُسانِدُهُ، والذي اَختَرتُهُ ورَضيتُ بهِ! جعَلْتُ روحي علَيهِ، فيأتي للأُمَمِ بالعَدلِ. 2لا يَصيحُ ولا يَرفَعُ صوتَهُ، ولا يُسمَعُ في الشَّارِعِ صُراخُهُ. 3قصَبةً مَرضوضَةً لا يكسِرُ وشُعلَةً خامِدةً لا يُطفئْ. بأمانةٍ يَقضي بالعَدلِ. 4لا يَلوي ولا ينكسِرُ حتى يُقيمَ العَدلَ في الأرضِ، فشَريعتُهُ رجاءُ الشُّعوبِ. 5هذا ما قالَ الرّبُّ خالِقُ السَّماواتِ وناشِرُها. باسِطُ الأرضِ معَ خيراتِها وواهِبُ شعبِها نَسمةَ الحياةِ رُوحًا لِلسَّائرينَ فيها. 6«أنا الرّبُّ دَعَوتُكَ في صِدْقٍ وأخذتُ بيَدِكَ وحَفِظتُكَ. جعَلتُكَ عَهدًا للشُّعوبِ ونُورًا لهِدايةِ الأُمَمِ، 7فتَفتَحُ العُيونَ العمياءَ، وتُخرِج الأسرَى مِنَ السُّجونِ والجالِسينَ في الظُّلمةِ مِنَ الحُبوسِ 8أنا الرّبُّ، وهذا اَسمي، لا أُعطي لآخرَ مَجدي، ولا لِلأصنامِ تسبيحي،
http://www.elkalima.com/gna/ot/isaiah/search.htm
مكتوب بواسطة: ahmednou Apr 17 2004, 06:09 PM
ملحوظة مهمة:
النص السابق من سفر إشعياء:المذكور فيه اسم النبي صلى الله عليه وسلم "المختار" في الباب الثاني والأربعين من 42-1، إلى 42-7…
وقد نقلت نصا من قبل من موقع ابن مريم، وهو ترجمة لرقم 10-11 من الباب الثاني والأربعين أيضا، أي بعد النص السابق بثلاثة سطور: وهو:
" إن القسيس أوسكان الأرمني ترجم كتاب إشعياء باللسان الأرمني في سنة ألف وستمائة وست وستين، وطبعت هذه الترجمة في سنة ألف وسبعمائة وثلاث وثلاثين في مطبعة أنتوني بورتولي، ويوجد في هذه الترجمة في الباب الثاني والأربعين هذه الفقرة: " سبحوا الله تسبيحاً جديداً، وأثر سلطنته على ظهره، واسمه أحمد " (إشعيا 42/10 – 11).منقول من موقع ابن مريم: http://ebnmaryam.com/monqith/monqith5/mokaddema.htm
أي إن هذه الملحوظة تؤكد أن السياق في الباب الثاني والأربعين فيه وصف وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم..
(2/252)
مكتوب بواسطة: ahmednou Apr 24 2004, 03:23 PM
اسم "المختار" من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم:
يقول ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث"لي خمسة أسماء" : ومن أسمائه المشهورة (صلى الله عليه وسلم ) المختار والمصطفى والشفيع المشفع والصادق المصدوق "…انظر موقع المحدث…
مكتوب بواسطة: ahmednou Apr 24 2004, 03:25 PM
ملحوظة أخرى مهمة:
النص نفسه الذي هو في رقم 10-11 في الباب الثاني والأربعين من إشعيا، فيه أن التسابيح والهتاف سوف تكون في أولاد قيدار…أي العرب الذين يسكنون الحجاز لأن قيدار هو ابن إسماعيل عليه السلام، وكان إسماعيل عليه السلام يسكن مكة….. وقد فسر هذين السطرين وما بعدهما رحمة الله الهندي بكونها إشارات إلى مناسك الحج، والآذان الذي سوف يهتف به المسلمون في جميع الأرض…
نص إشعيا من موقع النادي العربي…
42: 10 غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض ايها المنحدرون في البحر و ملؤه و الجزائر و سكانها
42: 11 لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا
: 12 ليعطوا الرب مجدا و يخبروا بتسبيحه في الجزائر
نص كلام الهندي في كتاب إظهار الحق، من موقع المحدث:
(2/253)
"البشارة الثامنة في الباب الثاني والأربعين من كتاب أشعيا هكذا: 9 (التي قد كانت أولاها قد أتت وأنا مخبر أيضاً بأحداث قبل أن تحدث وأسمعكم إياها) 10 (سبحوا للرب تسبيحة جديدة حمده من أقاصي الأرض راكبين في البحر وملؤه الجزائر وسكانهن) 11 (يرتفع البرية ومدتها في البيوت نحل قيدار سبحوا يا سكان الكهف من رؤوس الجبال يصيحون) 12 (يجعلون للرب كرامة وحمده يخبرون به في الجزائر) 13 (الرب كجبار، يخرج مثل رجل مقاتل يهوش الغير يصوت ويصيح، على أعدائه يتقوى) 14 (سكت دائماً صمت صبرت صبراً فأتكلم مثل الطائفة ما بدد وابتلع معاً) 15 (أخرب الجبال والآكام وكل نباتهن أجفف واجعل الأنهار جزائر والبحيرات أجففهن) 16 (وأقيد العمى في طريف لم يعرفوها والسبل لم يعلموا أسيرهم فيها أصير أمامهم الظلمة نوراً [ص 262] والعقب سهلاً هذا الكلام صنعته لهم ولا أخذلهم) 17 (اندبروا إلى ورائهم والمتكلمون على المنحوتة القائلون للمسبوكة أنكم آلهتنا ليخزون خزياً). والآية السابعة عشر في الترجمة الفارسية هكذا: (كسانيكة برشكل تراشيده توكل دارند هزيمت وبشيماني تمام خواهند يافت).
(2/254)
وظهر من الآية التاسعة أن أشعيا عليه السلام أخبر أولاً عن بعض الأشياء، ثم يخبر عن الأخبار الجديدة الآتية في المستقبل، فالحال الذي يخبر عنه من هذه الآية إلى آخر الباب غير الحال الذي أخبر عنه قبلها، ولذلك قال في الآية الثالثة والعشرين هكذا: (من هو بينكم أن يسمع هذا يصغي ويسمع الآية). والتسبيحة الجديدة عبارة عن العبادة على النهج الجديد التي هي في الشريعة المحمدية، وتعميمها على سكان أقاصي الأرض وأهل الجزائر وأهل المدن والبراري، إشارة إلى عموم نبوته صلى اللّه عليه وسلم، ولفظ قيدار أقوى إشارة إليه لأن محمداً صلى اللّه عليه وسلم في أولاد قيدار بن إسماعيل، وقوله من رؤوس الجبال يصيحون إشارة إلى العبادة المخصوصة التي تؤدى في أيام الحج، يصيح ألوف ألوف من الناس بلبيك اللهم لبيك، وقوله حمده يخبرون به في الجزائر إشارة إلى الآذان يخبر به ألوف ألوف في أقطار العالم في الأوقات الخمسة بالجهر، وقوله الرب كجبار يخرج مثل رجل مقاتل يهوش الغيرة يشير إلى مضمون الجهاد إشارة حسنة، بأن جهاده وجهاد تابعيه يكون للّه وبأمره، خالياً عن حظوظ الهوى النفسانية، ولذلك عبر اللّه عن خروج هذا النبي وخروج تابعيه بخروجه، وبين في الآية الرابعة عشر سبب مشروعية الجهاد وأشار في الآية السادسة عشر إلى حال العرب لأنهم كانوا غير واقفين على أحكام اللّه وكانوا يعبدون الأصنام وكانوا مبتلين بأنواع الرسوم القبيحة الجاهلية" انتهى كلام رحمة الله الهندي…
http://www.muhaddith.org/cgi-bin/a_Optns.exe?
مكتوب بواسطة: ahmednou Apr 24 2004, 03:28 PM
وقيدار، أو القيداريون في كتب تفاسير الكتاب المقدس هم: العرب الذين سكنوا شمال غرب الجزيرة العربية، أي ما يسمى الآن بالحجاز…. كما في تفسير كلمة "قيدار" في نصوص كتب تفاسير الكتاب المقدس:
Nave's Topical Bible
Kedar
Son of Ishmael·
(2/255)
http://bible.crosswalk.com/Concordances/NavesTopicalBible/ntb.cgi?number=T2932
Home > Dictionaries > Easton's Bible Dictionary > Kedar
Easton's Bible Dictionary
Kedar
dark-skinned, the second son of Ishmael (Genesis 25:13).
It is the name for the nomadic tribes of Arabs, the Bedouins generally (Isaiah 21:16; 42:11; 60:7; Jeremiah 2:10; Ezekiel 27:21), who dwelt in the north-west of Arabia. They lived in black hair-tents (Cant 1:5). To "dwell in the tents of Kedar" was to be cut off from the worship of the true God (Psalms 120:5). The Kedarites suffered at the hands of Nebuchadnezzar (Jeremiah 49:28,29).
http://bible.crosswalk.com/Dictionaries/EastonBibleDictionary/ebd.cgi?number=T2162
Smith's Bible Dictionary
Ke’dar
(dark-skinned ), the second in order of the sons of Ishmael, (Genesis 25:13; 1 Chronicles 1:29) and the name of a great tribe of Arabs settled on the northwest of the peninsula and on the confines of Palestine. The "glory of Kedar" is recorded by the prophet Isaiah, (Isaiah 21:13-17) in the burden upon Arabia; and its importance may also be inferred from the "princes of Kedar" mentioned by Ezekiel, (Ezekiel 27:21) as well as the pastoral character of the tribe. They appear also to have been, like the wandering tribes of the present day, "archers" and "mighty men." (Isaiah 21:17) comp. Psal 120:5 That they also settled in villages or towns we find from Isaiah. (Isaiah 42:11) The tribe seems to have been one of the most conspicuous of all the Ishmaelite tribes, and hence the rabbins call the Arabians universally by this name.
(2/256)
http://bible.crosswalk.com/Dictionaries/SmithsBibleDictionary/smt.cgi?number=T2547
Kedar
1. a son of Ishmael n pr people
2. the descendants of Kedar
http://bible.crosswalk.com/Lexicons/Hebrew/heb.cgi?number=06938&version=kjv
وفيه تصريح على انتقال الرسالة من بني إسرائيل، أي بني يعقوب عليه السلام، إلى بني إسماعيل عليه السلام…
مكتوب بواسطة: ahmednou May 1 2004, 05:26 PM
إن من يريد أن ينكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فلسوف يضطر إلى أن ينكر نسبة عدة كتب إلى من تنسب إليه، وكذلك سوف يضطر أن ينكر صحة نصوص كثيرة جدا....من المحال رفضها وتكذيبها كلها...
أولا: ينكر نسبة القرآن لمن ينسب إليه وهو الرب عز وجل:"وإنه لتنزيل رب العالمين"…وليس هناك كتاب واحد على وجه الأرض يحتوي على أسماء الله عز وجل وصفاته وأفعاله أكثر من القرآن…ففي القرآن الكريم أكثر من ستة آلاف آية، والأحكام الفقهية التي فيه لا تزيد على أربعمائة آية، والباقي في قصص إثبات قوة الله عز وجل وقهره للعاصين ونصرته لأنبيائه، أو في أسمائه وصفاته وأفعاله عز وجل… وأيضا خواتيم آيات الأحكام تحتوي على صفات الله عز وجل، كقوله: وكان الله عليما حكيما، وكان الله بكل شئ عليما …
ثانيا: ينكر نسبة الحديث النبوي الشريف لمن هو منسوب إليه وهو الوحي، أي تعليم جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم…فسوف يضطر أن يقول بأن نبينا صلى الله عليه وسلم ألفه من علمه الخاص أو من بعض أصحابه، كما يقول المشككون في نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم…
ثالثا: ينكر صحة عشرات الروايات التي تروي معجزاته صلى الله عليه وسلم الموجودة في كتب دلائل النبوة والتي رواها أصحابه صلى الله عليه وسلم..
(2/257)
رابعا: ينكر روايات شهادات أهل الكتاب في عصره صلى الله عليه وسلم وهي أيضا بالعشرات…كقصة النجاشي وهرقل وعبد الله بن سلام وغيره من اليهود والنصارى الذين يروى عنهم صحة نبوته صلى الله عليه وسلم…
خامسا: سوف ينكر إنجيل برنابا أيضا، ويقول بتزويره هو الآخر…ومن المحال أن يكتب أحد يعيش في بعد القرن الرابع عشر الميلادي وينسبه إلى رجل يعيش في القرن الأول الميلادي…
ولم يبق إلا النصوص التي تبشر بالنبي صلى الله عليه وسلم في العهد القديم والعهد الجديد وتذكر "وادي بكة" وصفاته صلى الله عليه وسلم وقيدار وغيرها، فسوف يضطر إلى أن يقول عنها هي الأخرى أنها مزورة وألفت بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم …كما قال أحد العلمانيين من الأساتذة المتخصصين في اللغات القديمة عندما وجد أن كلمة بيرقليط معناها محمد وليس المعزي، فقال إنها مزورة وتم تزويرها بعد ظهور الإسلام . من مقالات الدكتور منقذ السقار….
(من موقع ابن مريم) http://ebnmaryam.com/monqith/monqith5).
فلم يبق إلا القول بتزوير الكتاب المقدس هو الآخر من أجل إنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم…
وإنكار كل هذه النصوص بهذه الكيفية لم يفعله أحد من الأولين أو الآخرين في أي حضارة من الحضارات أو ثقافة من الثقافات أو أمة من الأمم، إلا المشككون في نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ….وهذا محال عقلا…
مكتوب بواسطة: ahmednou Jun 11 2004, 07:51 PM
سماع اسم النبي صلى الله عليه وسلم الموجود في التوراة:
منقول من موقع ابن مريم، من مقالات الدكتور منقذ السقار: هل بشر الكتاب المقدس بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
http://ebnmaryam.com/monqith/monqith5/14.htm
البشارة بـ(محماد) مشتهى الأمم :
(2/258)
وبعد عودة بني إسرائيل من السبي وتخفيفاً لأحزانهم ساق لهم النبي حجي بشارة من الله فيها: "لا تخافوا، لأنه هكذا قال رب الجنود، هي مرة بعد قليل فأزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة، وأنزل كل الأمم، ويأتي مشتهى كل الأمم، فأملأ هذا البيت مجداً قال رب الجنود.... وفي هذا المكان أعطي السلام يقول رب الجنود. (حجي 2/6 - 9).
وهذه النبوءة لا ريب تتحدث عن القادم الذي وعد به إبراهيم ، وبشر به يعقوب وموسى ثم داود عليهم الصلاة والسلام.
وقبل أن نلج في تحديد شخصية هذا المشتهى من كل الأمم نتوقف مع القس السابق عبد الأحد داود فهو يعود للترجمة العبرانية فيجد النص: " لسوف أزلزل كل الأرض، وسوف يأتي (محماد) لكل الأمم... وفي هذا المكان أعطي السلام " فقد جاء في العبرية لفظة " محماد " أو حمدوت كما في قراءة أخرى، ولفظة " محِمْادْ " في العبرانية تستعمل عادة لتعني: " الأمنية الكبيرة " أو " المشتهى"، والنص حسب الترجمة العبرانية المتداولة : (فيافو حمدوت كولو هاجيم).
لكن لو أبقينا الاسم على حاله دون ترجمة، كما ينبغي أن يكون في الأسماء ، فإنا واجدون لفظة " محماد " هي الصيغة العبرية لاسم أحمد، والذي أضاعها المترجمون عندما ترجموا الأسماء أيضاً.
انتهى كلام الدكتور منقذ…
واسم النبي صلى الله عليه وسلم في النص السابق واضح باللغة العبرية القديمة وهي القريبة جدا من اللغة العربية…
khem-daw'
ونطق هذه الكلمة باللاتينية، قريب من النطق العربي: حمدا
ويمكن سماعها جيدا من موقع
http://bible.crosswalk.com/
ضع هذه الجملة:
Haggai 2:7
في خانة :
Search for
واختيار:
old testament
في خانة:
in
وفي خانة:
using
اختر:
The NAS with Strong's numbers
يظهر لك النص التالي:
'I will shake all the nations; and they will come with the wealth of all nations, and I will fill this house with glory ,' says the LORD of hosts.
ثم اضغط عل كلمة
(2/259)
wealth
يظهر لك الكلمة العبرية القريبة من: حمدا….
وهي:
hdmx………..
أو: khem-daw
فإذا ضغطت على أيقونة الصوت، تستطيع أن تسمع اسم النبى صلى الله عليه وسلم…وهو قريب جدا من أحمد، أو محمد: حمدا….على الرغم من أن هذا الكلام مكتوب من حوالي أربعة آلاف سنة منذ عهد نزول التوراة….
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/bible.cgi?word=Haggai+2ion=1&version=str&new=1&oq=sea
hdmx from (02531) Transliterated Word TDNT Entry Chemdah TWOT - 673b Phonetic Spelling Parts of Speech khem-daw' /cgi-bin/lexicon.pl?id=2532h/cgi-bin/lexicon.pl?id=2532h
مكتوب بواسطة: ahmednou Jun 21 2004, 06:21 PM
بشارة يعقوب عليه السلام في وصيته بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم:
منقول من كتاب: إظهار الحق، الإصدار 2.01 - لرحمة اللّه بن خليل الرحمن الهندي
- وفي الآية العاشرة من الباب التاسع والأربعين من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1625 وسنة 1844: (فلا يزول القضيب من يهودا والمدير من فخذه حتى يجيء الذي له الكل وإياه تنتظر الأمم). فقوله (الذي له الكل) ترجمة لفظ شيلوه وهذه الترجمة موافقة الترجمة اليونانية. وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (فلا يزول القضيب من يهودا والرسم من تحت أمره إلى أن يجيء الذي هو له وإليه يجتمع الشعوب). وهذا المترجم ترجم لفظ شيلوه (بالذي هو له) وهذه الترجمة موافقة للترجمة السريانية وترجم هذا اللفظ محققهم [ص 230] المشهور ليكلرك بعاقبته، وفي ترجمة أردو المطبوعة سنة 1825 وقع لفظ شيلا، وفي الترجمة اللاتينية ولتكيت (الذي سيرسل). فالمترجمون ترجموا لفظ شيلوه بما ظهر وترجح عندهم وهذا اللفظ كان بمنزلة الاسم للشخص المبشر به.انتهى كلام الهندي……منقول من موقع المحدث….
أقول وهذه في باب وصية يعقوب عليه السلام…..
(2/260)
فلن يزول القضيب من يهوذا…..فلم تنتقل الرسالة(القضيب أو الصولجان) من أنبياء بني إسرائيل إلا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم…فهو النبي الوحيد الذي لم يكن من بني إسرائيل وأتى بعد يعقوب عليه السلام….
"وإياه تنتظر الأمم" لكثرة المبشرات التي بشر بها الأنبياء، فما وصلنا إلى الآن حوالي خمسين بشارة في الكتاب المقدس : العهد الجديد والقديم…غير ما لم يصلنا من الكتب وما لم نفهمه من الكتاب المقدس…….
"ويجتمع إليه الشعوب": فهذا لم يحدث إلا للنبي صلى الله عليه وسلم الذي أرسل إلى الناس كافة…أما من قبله فكانوا يرسلون إلى بني إسرائيل فقط، كما ذكر عيسى عليه السلام أنه لم يرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة]
والنص العربي من موقع الكلمة:
10لا يزولُ الصَّولجانُ مِنْ يَهوذا ولا عصا السُّلطانِ مِنْ صُلْبِهِ، إلى أنْ يتَبوَّأَ في شيلُوه مَنْ لَه طاعةُ الشُّعوبِ.
http://www.elkalima.com/gna/ot/genesis/chapter49.htm
ومن موقع النادي العربي:
: 10 لا يزول قضيب من يهوذا و مشترع من بين رجليه حتى ياتي شيلون و له يكون خضوع شعوب
49: 11
http://www.arabic-club.de/oldtest/01_gen.html
مكتوب بواسطة: ahmednou Jun 28 2004, 07:02 PM
في نص سابق من سفر إشعياء في الباب الثاني والأربعين من رقم 1 وحتى رقم 12……ذكرت أن هذا النص يتفق مع نصوص أهل الكتاب القديمة في وصف النبي صلى الله عليه وسلم….وهذا دليل آخر…ففي سفر إشعياء نفس النص:
42: 11 لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا
نص إشعيا من موقع النادي العربي…
وسلع(سالع) من الجبال التي تطل عليها المدينة المنورة:يثرب……
- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه:[يا أبا ذر! إذا بلغ البناء سلعا فاخرج منها نحو الشام]
(2/261)
(ك، هق في الدلائل وابن عساكر - عن أبي ذر). كنز العمال الإصدار 1.43 - للمتقي الهندي-35040-من موقع المحدث..
وفي ترجمة:
The New Living Translation
Join in the chorus, you desert towns; let the villages of Kedar rejoice! Let the people of Sela sing for joy; shout praises from the mountaintops!
والنطق اللاتيني للكلمة العبرية تتفق أيضا مع النطق العربي لكلمة"سلع":
Cela`
من موقع:
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBib/+
فإذا صح هذا يكون نص إشعياء السابق، أي الباب الثاني والأربعين من رقم 1 إلى رقم 12، جميعه في النبي صلى الله عليه وسلم….ويكون هذا النص يتضمن:
بعض صفات النبي صلى الله عليه وسلم[ كما ذكرت من قبل]……….. واسم النبي صلى الله عليه وسلم "المختار"……. واسم النبي صلى الله عليه وسلم "أحمد [كما ذكر القسيس أوسكان في نص سابق منقول من موقع ابن مريم]…... وخاتم النبوة على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم……. وبعض مناسك حجه صلى الله عليه وسلم أو حج المسلمين في كل زمان….. ونسبه صلى الله عليه وسلم[قيدار]… ودار هجرة النبي صلى الله عليه وسلم:تقع على جبال سلع…..
وكذلك ربما يكون هذا النص أو مثله هو السبب في هجرة بعض اليهود إلى الجزيرة العربية ليسكنوا حول يثرب حيث رأوا بعض العلامات التي في كتبهم عن هذه المدينة التي سوف يخرج منها النبي الذي يجدونه في كتبهم، مثل بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير ويهود خيبر وغيرهم….[color=blue][/color]
مكتوب بواسطة: ahmednou Jun 28 2004, 07:04 PM
أدلة أخرى على كون الباب الثاني والأربعين من رقم :1، إلى رقم:12،من سفر إشعياء خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم:
(2/262)
- ففي سورة المائدة يقول تعالى لأهل الكتاب:{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ {15} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {16}
فهذه بعض الصفات التي أخبر بها الله عز وجل عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهي أيضا تشبه الصفات التي ذكرها سفر إشعياء في الرسول الذي سوف يبعثه الله للأمم وتنظر الأمم شريعته:
ونص سفر إشعياء من موقع النادي العربي كما ذكرت من قبل:
يخرج الحق: {يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب}
واجعلك عهدا للشعب و نورا للامم: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين}
لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة:{ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه}و{ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}
وبعض هذه النصوص موجود في كتاب إظهار الحق للهندي،انظر موقع المحدث…ونقله النبهاني في كتابه حجة الله على العالمين….
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 5 2004, 03:13 PM
خاتم النبوة:
يقول الهندي في كتابه "إظهار الحق":
وقال الفاضل حيدر علي القرشي في كتابه المسمى بخلاصة سيف المسلمين الذي هو بلسان أردو في الصفحة 63 و 64: (أن القسيس أو سكان الأرمني ترجم كتاب أشعيا باللسان الأرمني في سنة ألف وستمائة وست وستين سنة، وطبعت هذه الترجمة في سنة ألف وسبعمائة وثلاث وثلاثين في مطبع انتوني بورتولي ويوجد في هذه الترجمة في الباب الثاني والأربعين هذه الفقرة: (سبحوا اللّه تسبيحاً جديداً وأثر سلطنة على ظهره واسمه أحمد) انتهت. وهذه الترجمة موجودة عند الأرامن فانظروا فيها) انتهى كلامه.
موقع المحدث…
(2/263)
يقول النبهاني في كتابه "حجة الله على العالمين"ص78: البشارة الحادية والعشرون:
قال إشعيا عليه السلام في الفصل السادس عشر من كتابه:"لتفرح البادية العطشى ولتبتهج البراري الفلوات ولتسر ولتزه فإنها ستعطي بأحمد محاسن النبات وتحمل حسن الدساكر والرياض وسيرون جلال الله بها لأنبياء. قال إشعيا: وسلطانه على كتفه" يريد علامة نبوته على كتفه، وهذه صفة محمد صلى الله عليه وسلم وبادية الحجاز مع التصريح باسمه "أحمد" صلى الله عليه وسلم….انتهى كلام النبهاني وهذا نص النسخة التي اطلع هو عليها…ولكني لم أجد في الفصل السادس عشر هذا النص في النسخ الموجودة على النت...
يقول الشيخ أبو بكر الجزائري رحمه الله تعالى في كتابه "هذا الحبيب" ص54:قال إشعياء النبي عليه السلام: "ولد لنا غلام يكون عجبا وبشرا، والشامة على كتفيه أركون السلام إله جبار وسلطانه سلطان السلم يجلس على كرسي داود"….انتهى كلام الشيخ أبو بكر، ولم يذكر المرجع…
وقد أعثرني الله عز وجل على هذا النص الذي هو قريب من نص الهندي والنبهاني والشيخ أبي بكر رحمهم الله تعالى…ولكن في الفصل التاسع…وهذا هو النص من ترجماته:
من موقع النادي العربي:
9: 6 لانه يولد لنا ولد و نعطى ابنا و تكون الرياسة على كتفه و يدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام
9: 7 لنمو رياسته و للسلام لا نهاية على كرسي داود و على مملكته ليثبتها و يعضدها بالحق و البر من الان الى الابد غيرة رب الجنود تصنع هذا
http://www.arabic-club.de/oldtest/23_jesa.html
من موقع الكلمة:
(2/264)
5لأنَّهُ يولَدُ لَنا ولَدٌ ويُعطَى لَنا اَبنٌ وتكونُ الرِّئاسةُ على كَتِفِهِ. يُسمَّى باَسمِ عجيبٍ، ويكونُ مُشيرًا وإلهًا قديرًا وأبًا أبديُا ورئيسَ السَّلامِ. 6سُلطانُهُ يزدادُ قوَّةً، ومملكَتُهُ في سلامِ دائمِ. يُوَطِّدُ عرشَ داوُدَ ويُثبِّتُ أركانَ مملكَتِهِ على الحقِّ والعَدلِ مِنَ الآنَ إلى الأبدِ. غيرَةُ الرّبِّ القديرِ تعمَلُ ذلِكَ
http://www.elkalima.com/gna/ot/isaiah/chapter9.htm
من موقع:
http://bible.crosswalk.com/
The Darby Translation
Isa 9:6 -
For unto us a child is born, unto us a son is given; and the government shall be upon his shoulder; and his name is called Wonderful, Counsellor, Mighty God, Father of Eternity, Prince of Peace.
The Message
9:6 For a child has been born - for us! the gift of a son - for us! He'll take over the running of the world. His names will be: Amazing Counselor, Strong God, Eternal Father, Prince of Wholeness
ويولد لنا ولد: أي نحن معشر الأنبياء….على لسان إشعيا النبي أو على لسان النبي الذي قال هذه البشارة…
ولفظ "السلام" قريبة من " الإسلام" وهي بالعبرية تتفق مع العربية: فيكون المعنى:نبي الإسلام…
واللفظ بالنطق العبري:
Peace :Shalowm
http://bible.crosswalk.com/
و"أبا أبديا": أي خاتم الأنبياء لا نبي بعده…
وكرسي داود: النبوة، أي نبوة مثل نبوة داود…
وخاتم النبوة صريح في النصوص السابقة:
government shall be upon his shoulder
وهو علامة النبوة: الهيئة…أو الشارة أو الإشارة…
authority rests upon his shoulders;
The New Revised Standard Version
والكلمة بالعبرية:
Misrah
mis-raw'
وأصلها في العبرية بالنطق اللاتيني قريب من الكلمة العربية: الشارة أو الإشارة….أي شارة نبوته بمعنى علامة نبوته…
Sarah
saw-raw'
(2/265)
http://bible.crosswalk.com/Lexicons/Hebrew/heb.cgi?number=04951&version=kjv
وأما الاسم:
Wonderful……... Amazing…عجيب، مدهش….
ففي الأصل اللاتيني من نسخة:
The Latin Vulgate :
Admirabilis
وترجمتها للإنجليزية:
admirable
راجع المترجم الإلكتروني من موقع:
http://lysy2.archives.nd.edu/cgi-bin/words.exe?
وهذه الكلمة
admirable
من معانيها: محمود…
ففي ترجمة هذه الكلمة من المترجم الإلكتروني "الوافي"…. وكذلك في المترجم الإلكتروني: "المترجم العربي": نجد أن الكملة معناها:"محمود"…. ويمكن أن تكون "محمد" لأن كلمة محمد معناها المبالغ في حمده، وهي قريبة في المعنى من محمود…ومحمود ومحمد كلاهما من أسمائه صلى الله عليه وسلم …
وأما الاسم الثاني:
Counselor
وأصل هذه الكلمة بالإنجليزية:
Counsel
وهي تحمل معنى الوكالة، كما في قاموس المورد أن من معانيها:"محام، يشير، يستشير"
ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم في التوراة: "المتوكل…”كما في صحيح البخاري:
صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
2018 - حدثنا محمد بن سنان: حدثنا فليح: حدثنا هلال، عن عطاء بن يسار قال:
لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}. وحزرا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل…، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا].
موقع المحدث..
(2/266)
وكلمة"إلها قديرا": لا يلزم أن يكون ترجمتها من العبرية صحيحة… والظاهر أن الكلمة العبرية في هذا النص لا تعني الإله بالمعنى المعروف….. لأن الأصل العبري لهذه الكلمة له معان متعددة في الكتاب المقدس وترجمات أخرى غير "الإله" وهي مذكورة في الموقع الذي نقلت منه النصوص الإنجليزية والعبرية وهو:
http://bible.crosswalk.com/Lexicons/Hebrew/heb.cgi?number=0410&version=kjv
ومعانيها المتعددة الأخرى في هذا الموقع:
mighty one
mighty men,
men of rank,
mighty heroes
angels
god,
mighty things in nature
strength, power
وبترجمة هذه الكلمات من مترجم الوافي الإلكتروني بالترتيب:
هائل واحد
رجال هائلون،
رجال رتبةِ،
أبطال هائلون
الملائكة
الله،
أشياء هائلة في الطّبيعةِ
القوة، قوة……………….
فمن الممكن أن تكون ترجمتها بدلا من "إلها قديرا": معجزة قوية" أو"معه ملائكة قوية" أو هو نفسه" قوي هائل" أي في الدعوة….أو أي ترجمة أخرى على وفق المعاني المذكورة سابقا والتي هي عبارة لمعان أخرى للكلمة العبرية…
فإذا صح هذا كله-والظاهر أنه يصح- يصبح النص السابق المذكور في سفر إشعياء الفصل التاسع،6:
سيولد لنا-نحن معشر الأنبياء- ولد ونعطى ابنا من أبناء الأنبياء، وعلامة نبوته بين كتفيه، ويسمى محمد ويسمى المتوكل، خاتم الأنبياء، رئيس الإسلام، دينه يزداد قوة، ودولته تكون على الإسلام أبدا[أو لنمو دولته و للإسلام لا نهاية] يعطى كرسي النبوة مثل داود [لأنه يؤمر بالجهاد] ليثبت دولة الإسلام و يعضدها بالحق و البر حتى قيام الساعة الابد غيرة رب الجنود تصنع هذا…
(2/267)
وهناك دليل آخر على أن كلمة:"عجيب" تعني محمدا أو أحمد أو محمود…وهو في إنجيل برنابا، في نص واحد ص142، نقل برنابا عن عيسى عليه السلام لما سأله الكاهن عن اسم مسيا(الرسول)الذي سيأتي بعده، فرد عيسى عليه السلام:"إن اسم مسيا [وفي نسخة:رسول] عجيب…ثم ذكر عيسى عليه السلام في النص نفسه أن اسمه محمد مرتين، "اصبر يا محمد"،"إن اسمه المبارك محمد"…..والشاهد ههنا أن اسم النبي صلى الله عليه وسلم:محمد أو أحمد قد تم ترجمته على أنه"عجيب" كما حصل في سفر إشعياء النص الذي في الفصل التاسع…فإن صحت نسبة إنجيل برنابا لبرنابا[والراجح عندي أنها تصح]، فتكون ترجمة:محمد أو أحمد قد تمت في العبرية أو اليونانية أو اللاتينية، وإن لم تصح نسبته تكون ترجمة هذا الاسم إلى "عجيب" قد تمت في الإيطالية أو الأسبانية أو الإنجليزية…
مكتوب بواسطة: عمرو إبن العاص Jul 5 2004, 10:51 PM
جزاك الله خيرا يا اخ احمد بجد مجهود كبير جعله الله فى ميزان حسناتك وأكرر إعجابى بإسلوبك وبالموضع كله على بعضه من أول حرف فيه
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 8 2004, 06:13 PM
جزاك الله خيرا أخي عمرو بن العاص، وجعلك الله فاتحا، ونصر الإسلام بك، ونفعنا الله بك ونفع هذا المنتدى بأبحاثك...
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 11 2004, 05:48 PM
ليس بمجهودي، إنما بتوفيق الله عز وجل وحوله وقوته…[color=blue][/color]
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 11 2004, 05:53 PM
وفي إنجيل برنابا في بشارات عيسى عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم ألفاظ تكاد تتطابق مع بعض الأوصاف الموجودة في النص السابق من سفر إشعيا:
ففي النص السابق من موقع النادي العربي وموقع الكلمة:
- "وأبًا أبديُا"، "لنمو رياسته و للسلام لا نهاية"…وفي إنجيل برنابا ص141: "وسيمتد دينه …أن لا نهاية لدينه"
-"سُلطانُهُ يزدادُ قوَّةً"….وفي برنابا: ص141:"سيأتي من الجنود بقوة"..ص113:"بقوة عظيمة على الفجار"
(2/268)
ومن المعلوم أن إنجيل برنابا يصرح باسم النبي صلى الله عليه وسلم:"محمد"
انظر إنجيل برنابا طبعة المكتبة التوفيقية، أمام الباب الأخضر-الحسين- القاهرة…
- وفي البشارة التي في إنجيل يوحنا لفظ يتطابق مع"أبا أبديا" وهو:"ليمكث معكم الى الابد"
وذلك في النص التالي:
و انا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد…
واللفظ لموقع أسرة النادي العربي..
وهذا المعزي -لدى كثير من الباحثين- أصله اسم النبي صلى الله عليه وسلم "محمد" أو "أحمد" لأن أصل الكلمة كما ذكر الباحثون:بيريكلتس، أو فارقليط، وهي تعني "الحمد" ليكون معناها "محمد" أو "أحمد"..
وبذلك يتطابق هذا النص الذي نقله يوحنا عن عيسى عليه السلام، مع النص الذي نقله برنابا عن عيسى عليه السلام، وفيهما اسم النبي صلى الله عليه وسلم ووصف"إلى الأبد"، مع زيادة بعض أوصاف لدى برنابا…
وكلا النقلين يتطابقا مع نص إشعيا في الاسم والأوصاف، مع زيادة بعض أوصاف للنبي صلى الله عليه وسلم في نص إشعيا…
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 11 2004, 05:58 PM
فاران وملكوت الله
يقول النبهاني في كتابه:حجة الله على العالمين في فصل البشارات بالنبي صلى الله عليه وسلم:
البشارة الثامنة والعشرون:
من بشائر حنقوق من أنبياء بني إسرائيل، قال عليه السلام في كتابه:"جاء الله من طور سيناء واستعلن القدوس من جبال فاران وانكسفت إلى بهاء محمد وانخسفت من شعاع المحمود وامتلأت الأرض من محامده لأن شعاع منظره مثل النور…." ثم يقول النبهاني: ومعلوم أن محمدا ومحمودا صريح في اسمه صلى الله عليه وسلم، وهما يتوجهان إلى من انطلق عليه اسم الحمد بالسريانية "مشيخا" أي محمد ومحمود….
انتهى كلام النبهاني نقلا عن النسخة التي اطلع عليها وكانت موجودة في عصره أي منذ حوالي مائة عام تقريبا…
(2/269)
والنص كله موجود في الفصل الثالث:3-3….في النسخ التي اطلعت عليها الموجودة على النت… ولكني لم أجد اسم محمد ولا محمود كما ذكر النبهاني، في جميع النسخ التي بحثت فيها، ولكن وجدت في بعض النسخ كلمة"سيلاه" بدلا من جملة"وانكسفت إلى بهاء محمد وانخسفت من شعاع المحمود" وبقية النص كله موجود كما ذكر النبهاني…
ونص الكلمة في بعض النسخ الإنجليزية:
Selah
وبالرجوع إلى النسخة اللاتينية،
The Latin Vulgate
Habakkuk 3
3:3 Deus ab austro veniet et Sanctus de monte Pharan semper operuit caelos gloria eius et laudis eius plena est terra
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/bible.cgi?
وجدت أن أصل الكلمة:
caelos
وترجمتها إلى الإنجليزية، فوجدت أن ترجمة أصلها في أحد معاني كلماته:
caeliorm => kingdom of heaven
وذلك باستخدام المترجم الإلكتروني:
http://lysy2.archives.nd.edu/cgi-bin/words.exe?caelos
ومعناها بالعربية يتفق مع: مملكة السماء، أو ملكوت السماء…ارجع إلى ترجمة الوافي الإلكتروني…
وعند بعض الباحثين من المسلمين أن ملكوت السماء تعني :محمد رسول الله….
وبذلك يحصل الاتفاق بين النسخة التي اطلع عليها النبهاني، وبين النسخ التي اطلعت عليها، على اسم النبي الذي يبعث "محمد"أو"محمود"
مع ملاحظة أن هذا النص يستدل به النبهاني ورحمة الله الهندي وغيرهما، على نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم، من نص كلمة "فاران" لأنه جبل من جبال مكة… كما ذكر النبهاني في البشارة الثالثة ص69 نقلا عن الهندي في "إظهار الحق":
(2/270)
"في الباب الثالث والثلاثين من سفر الاستثناء هكذا:"وقال جاء الرب من سيناء وأشرق لنا من ساعير واستعلن من جبل فاران ومعه ألوف الأطهار في يمينه سنة من نار" فمجيئه من سيناء إعطاؤه التوارة لموسى وإشراقه من ساعير إعطاؤه الإنجيل لعيسى عيله السلام واستعلانه من جبل فاران إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لأن فاران جبل من جبال مكة بدليل قوله في الباب الحادي والعشرين من سفر التكوين في حال إسماعيل عليه السلام هكذا" وسكن برية فاران" ولا شك أن إسماعيل عليه السلام كانت سكناه بمكة...انتهى كلام النبهاني…
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 20 2004, 03:29 PM
تنبيه: كنت أذكر أن النبهاني قد اطلع على نسخ الكتاب المقدس التي ينقل منها… ولكن الظاهر أنه لم يطلع عليها، لأنه ذكر في أول كتابه"حجة الله على العالمين" أنه إن لم يعز على كتاب فهو ينقله من كتب دلائل النبوة التي ذكرها في أول الكتاب…
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 20 2004, 03:31 PM
من يجلس على كرسي داود؟
في النص السابق في سفر إشعيا في الفصل التاسع، تحت عنوان"خاتم النبوة"، الذي فيه خاتم النبوة واسم "محمد" و"المتوكل"، فيه أن النبي المبشر به إشعيا، سوف يكون على كرسي داود ويثبته ويعضده، وهذا لا ينطبق على عيسى عليه السلام، وإنما ينطبق على نبينا صلى الله عليه وسلم..
لأن عشيرة عيسى عليه السلام من نسل "يواقيم" كما في نسب إنجيل متى…وقد أوحى الله عز وجل إلى أرميا النبي أنه لن يكون أحد من نسل يواقيم يجلس على كرسي داود، لما أحرق يواقيم صحيفة أرميا…
ففي الفصل السادس والثلاثين من كتاب أرميا في العهد القديم:
36: 30 لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا لا يكون له جالس على كرسي داود"
انظر كتاب"إظهار الحق" للهندي، موقع المحدث…
(2/271)
وأيضا فإن عيسى عليه السلام لم يفرض عليه الجهاد، بل لم يخرج عن حكم قيصر، كما في إنجيل متى لما أراد البعض أن يثير الفتنة بينه وبين قيصر:
22: 21 قالوا له لقيصر فقال لهم اعطوا اذا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله
فيمتنع وصفه أنه يرث كرسي داود…
بينما يتطابق هذا الوصف مع نبينا صلى الله عليه وسلم، لفرض الجهاد عليه في المدينة بعد أن خرج من مكة، وفرض الجهاد على أمته، ولانتقال الرسالة من بيت داود إليه صلى الله عليه وسلم وإلى العرب…
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 20 2004, 03:32 PM
إيليا ومسيا المنتظر
في إنجيل يوحنا نص ما معناه أن يوحنا النبي"يحيى عليه السلام" بشر برسول يأتي بعده، ويوحنا المعمدان" الحواري" يبشر بمسيا أو مسيح أو نبي أو إيلياء يأتي: وهذه هي نصوص إنجيل يوحنا:
البشارة التي زعم كاتب إنجيل يوحنا أنها عن يحيى عليه السلام لعيسى عليه السلام:
1: 6 كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا
1: 7 هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته
1: 8 لم يكن هو النور بل ليشهد للنور
1: 9 كان النور الحقيقي الذي ينير كل انسان اتيا الى العالم
1: 10 كان في العالم و كون العالم به و لم يعرفه العالم
1: 11 الى خاصته جاء و خاصته لم تقبله
1: 12 و اما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه
1: 13 الذين ولدوا ليس من دم و لا من مشيئة جسد و لا من مشيئة رجل بل من الله
1: 14 و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا
1: 15 يوحنا شهد له و نادى قائلا هذا هو الذي قلت عنه ان الذي ياتي بعدي صار قدامي لانه كان قبلي
1: 16 و من ملئه نحن جميعا اخذنا و نعمة فوق نعمة
1: 17 لان الناموس بموسى اعطي اما النعمة و الحق فبيسوع المسيح صارا
وأما النص الذي زعم كاتب إنجيل برنابا أنه إخبار يوحنا المعمدان بأن إيليا أو النبي أو الرسول سوف يأتي فهذا هو نصه:
(2/272)
1: 19 و هذه هي شهادة يوحنا حين ارسل اليهود من اورشليم كهنة و لاويين ليسالوه من انت
1: 20 فاعترف و لم ينكر و اقر اني لست انا المسيح
1: 21 فسالوه اذا ماذا ايليا انت فقال لست انا النبي انت فاجاب لا
1: 22 فقالوا له من انت لنعطي جوابا للذين ارسلونا ماذا تقول عن نفسك
1: 23 قال انا صوت صارخ في البرية قوموا طريق الرب كما قال اشعياء النبي
1: 24 و كان المرسلون من الفريسيين
1: 25 فسالوه و قالوا له فما بالك تعمد ان كنت لست المسيح و لا ايليا و لا النبي
1: 26 اجابهم يوحنا قائلا انا اعمد بماء و لكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه
1: 27 هو الذي ياتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق ان احل سيور حذائه
1: 28 هذا كان في بيت عبرة في عبر الاردن حيث كان يوحنا يعمد
1: 29 و في الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم
1: 30 هذا هو الذي قلت عنه ياتي بعدي رجل صار قدامي لانه كان قبلي
1: 31 و انا لم اكن اعرفه لكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت اعمد بالماء
1: 33 و انا لم اكن اعرفه لكن الذي ارسلني لاعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا و مستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس
ففي إنجيل يوحنا أن هذا الحوار بين الكاهن وبين يوحنا المعمدان..ولم يذكر أساس القصة ولا تفاصيل أكثر من ذلك..
(2/273)
فإذا نظرنا إلى إنجيل برنابا وجدنا هذا اللقاء مع الكاهن في الأردن، ووجدنا نفس النص بألفاظ متقاربة مع نص إنجيل يوحنا السابق في اجتماع الأردن المذكور مع الكاهن والجموع المحتشدة… ووجدنا قصة كاملة لم يذكرها كاتب إنجيل يوحنا، وهي قصة الفتنة التي حصلت، لما انتشر بين الناس أن عيسى هو الله أو ابن الله، فجمع هيرودوس الناس أمام عيسى عليه السلام فتبرأ عيسى من الذي يقول بأنه إله ولعن من قال ذلك…… وهذا الحوار الذي ذكره كاتب يوحنا، ذكر برنابا أنه كان بين الكاهن وعيسى عليه السلام، وليس بين الكاهن ويوحنا المعمدان… فالبشارات بإيليا ومسيا والرسول في إنجيل برنابا، من كلام عيسى عليه السلام وليست من كلام يوحنا المعمدان ولا من كلام يوحنا النبي..أي إن عيسى عليه السلام هو الذي بشر بإيليا أو المسيا أو النبي أو الرسول…ثم ذكر عيسى اسمه كما في إنجيل برنابا وهو :"محمد"…ص142.. وقصة برنابا في النص التالي من ص135إلى ص142، وبعض ألفاظها قريب جدا من نص إنجيل يوحنا السابق…مع الفارق الذي في إنجيل يوحنا ذكر أن عيسى عليه السلام ابن الله، بينما في إنجيل برنابا ينفي عيسى عليه السلام هذا الأمر، بل إن القصة كلها ومحور الكلام في برنابا هو نفي عيسى عليه السلام كونه إلها أو ابن الله….
بعض نص برنابا:من ص 135…
يقول برنابا:
" وحدث في هذا الزمان اضطراب عظيم في اليهودية كلها لأجل يسوع، لأن الجنود الرومانية آثارت بعمل الشيطان العبرانيين قائلين:"أن يسوع هو الله قد جاء ليفتقدهم" فحدثت بسبب ذلك فتنة كبرى حتى أن اليهودية كلها تدججت بالسلاح مدة الأربعين يوما فقام الابن على الأب والأخ على الأخ"
لأن فريقا قال:"إن يسوع هو الله قد جاء إلى العالم" وقال فريق آخر:"كلا بل هو ابن الله، وقال آخرون:"كلا لأنه ليس لله شبه بشري ولذلك لا يلد بل أن يسوع الناصري نبي الله"...
ثم يقول برنابا:
(2/274)
فلما علم بهذا الحاكم رئيس الكهنة خرجا راكبين وأرسلا رسولا إلى هيرودس فخرج هو أيضا راكبا ليرى يسوع تسكينا لفتنة الشعب...
حينئذ رفع يسوع يده إيماء للصمت وقال:" إنكم لقد ضللتم ضلالا عظيما أيها الإسرائيليون لأنكم دعوتموني إلهكم وأنا إنسان وإني أخشى لهذا أن ينزل الله بالمدينة المقدسة وباء شديدا مسلما إياها لاستبعاد الغرباء لعن الشيطان الذي أغراكم بهذا ألف لعنة"
ثم أخذ عيسى عليه السلام يثبت لهم أنه إنسان وليس بإله...
ثم يقول برنابا:
وعليه فإن الوالي والكاهن والملك توسلوا إلى يسوع أن يرتقي مكانا مرتفعا ويكلم الشعب تسكينا لهم.. حينئذ ارتقى يسوع أحد الحجارة الاثنى عشر التي أمر يسوع الاثنى عشر سبطا أن يأخذوها من وسط الأردن عندما عبر إسرائيل من هناك دون أن تبتل أحذيتهم، وقال بصوت عال:"ليصعد كاهننا إلى محل مرتفع حيث يتمكن من تحقيق كلامي"..فصعد من ثم الكاهن إلى هناك فقال له يسوع بوضوح يتمكن كل واحد من سماعه:"قد كتب في عهد الله الحي وميثاقه أن ليس لإلهنا بداية ولا يكون له نهاية"
أجاب الكاهن:"لقد كتب هكذا هناك"
فقال يسوع:"إنه كتب هناك إن إلهنا قد برأ كل شيء بكلمته فقط"
فأجاب الكاهن:" إنه لكذلك"
فقال يسوع:"إنه مكتوب هناك أن الله لا يرى وأنه محجوب عن عقل الإنسان لأنه غير متجسد وغير مركب وغير متغير"
فقال الكاهن:" إنه لكذلك حقا"...
فقال يسوع:"إنه مكتوب هناك كيف أن سماء السموات لا تسعه لأن إلهنا غير محدود"
فقال الكاهن:" هكذا قال سليمان النبي يا يسوع"
قال يسوع:"أنه مكتوب هناك أن ليس لله حاجة لأنه لا يأكل ولا ينام ولا يعتريه نقص"
فقال الكاهن:"إنه لكذلك"...
قال يسوع:"إنه مكتوب هناك أن إلهنا في كل مكان وأن لا إله سواه الذي يضرب ويشفي ويفعل كل ما يريد"
قال الكاهن:"هكذا كتب"
حينئذ رفع يسوع يديه وقال:" أيها الرب إلهنا هذا هو إيماني الذي أتى به إلى دينونتك شاهدا على كل من يؤمن بخلاف ذلك"
(2/275)
ثم التفت إلى الشعب وقال:" توبوا لأنكم تعرفون خطيئتكم من كل ما قال الكاهن إنه مكتوب في سفر موسى عهد الله إلى الأبد فإني بشر منظور وكتلة من طين تمشي على الأرض وفان كسائر البشر، أنه كان لي بداية وسيكون لي نهاية وإني لا أقدر أن أبتدع خلق ذبابة"..
ولما انتهت الصلاة قال الكاهن بصوت عال:"قف يا يسوع لأنه يجب علينا أن نعرف من أنت تسكينا لأمتنا"
أجاب يسوع:"أنا يسوع ابن مريم من نسل داود، بشر مائت ويخاف الله وأطلب أن لا يعطى الإكرام والمجد إلا لله"..
أجاب الكاهن:"أنه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا سيرسل لنا مسيا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله وسيأتي للعالم رحمة الله، لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق..هل أنت مسيا الله(وفي نسخة:رسول الله) الذي ننتظره؟"
أجاب يسوع:" حقا أن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي"..
أجاب الكاهن:" إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال إنك نبي وقدوس الله، لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل أن تفيدنا حبا في الله بأية كيفية سيأتي مسيا"…
أجاب يسوع:" لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي أني لست مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلا:" بنسلك أبارك كل قبائل الأرض…ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله، فيتجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمنا، حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله، الذي سيأتي من الجنود بقوة، وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام، وسنتزع من الشيطان سلطته على البشر، وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به، وسيكون من يؤمن بكلامه مباركا….
ومع إني لست مستحقا أن أحل سير حذائه، قد نلت نعمة ورحمة من الله لأراه"….
(2/276)
وبعد عدة فقرات يقول برنابا: فقال حينئذ الكاهن:" ماذا يسمى مسيا وما هي العلامة التي تعلن مجيئه؟"
أجاب يسوع:"إن اسم مسيا عجيب لأن الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووضعها في بهاء سماوي …..اصبر يا محمد لأني أجلك أريد أن أخلق الجنة والعالم وجما غفيرا من الخلائق التي أهبها لك حتى أن من يباركك يكون مباركا ومن يلعنك يكون ملعونا، ومتى أرسلتك إلى العالم أجعلك رسولي للخلاص وتكون كلمتك صادقة متى أن السماء والأرض تهنان ولكن إيمانك لا يهن أبدا..أن اسم المبارك محمد"
حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين:"يا الله أرسل لنا رسولك، يا محمد تعالى سريعا لخلاص العالم"…انتهى كلام برنابا…
وتناسق النصوص لدى برنابا واضح جدا، بينما في يوحنا النصوص مضطربة وغير متناسقة وغير معروف سبب قولها…وكلام إنجيل يوحنا مبتور من قصة لم يذكرها كاتب إنجيل يوحنا…
فبين إنجيل برنابا وإنجيل يوحنا خلاف، هل عيسى هو نفسه إيليا ويوحنا المعمدان بشر به، أم أن عيسى عليه السلام ليس بإيليا وليس بالنبي الذي في كتب اليهود، وإنما هو مبشر بإيليا وبهذا النبي؟؟
فإذا رجعنا إلى الكتب المنسوبة إلى متى ولوقا ومرقس، أي بقية أناجيل العهد الجديد، وجدنا أن عيسى عليه السلام ليس هو إيليا كما هو واضح ومفهوم من كلام عيسى عليه السلام، وكما ذكر عيسى نفسه أن إيليا المنتظر شخص آخر غيره…في النصوص التالية:
متى:
: 10 فان هذا هو الذي كتب عنه ها انا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك
11: 11 الحق اقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء اعظم من يوحنا المعمدان و لكن الاصغر في ملكوت السماوات اعظم منه
11: 12 و من ايام يوحنا المعمدان الى الان ملكوت السماوات يغصب و الغاصبون يختطفونه
11: 13 لان جميع الانبياء و الناموس الى يوحنا تنباوا
11: 14 و ان اردتم ان تقبلوا فهذا هو ايليا المزمع ان ياتي
متى:
(2/277)
17: 10 و ساله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة ان ايليا ينبغي ان ياتي اولا
17: 11 فاجاب يسوع و قال لهم ان ايليا ياتي اولا و يرد كل شيء
17: 12 و لكني اقول لكم ان ايليا قد جاء و لم يعرفوه بل عملوا به كل ما ارادوا كذلك ابن الانسان ايضا سوف يتالم منهم
17: 13 حينئذ فهم التلاميذ انه قال لهم عن يوحنا المعمدان
مرقس:
15: 35 فقال قوم من الحاضرين لما سمعوا هوذا ينادي ايليا
15: 36 فركض واحد و ملا اسفنجة خلا و جعلها على قصبة و سقاه قائلا اتركوا لنر هل ياتي ايليا لينزله
15: 37 فصرخ يسوع بصوت عظيم
لوقا:
: 9: 18 و فيما هو يصلي على انفراد كان التلاميذ معه فسالهم قائلا من تقول الجموع اني انا
9: 19 فاجابوا و قالوا يوحنا المعمدان و اخرون ايليا و اخرون ان نبيا من القدماء قام
9: 20 فقال لهم و انتم من تقولون اني انا فاجاب بطرس و قال مسيح الله
9: 21 فانتهرهم و اوصى ان لا يقولوا ذلك لاحد
9: 22 قائلا انه ينبغي ان ابن الانسان يتالم كثيرا و يرفض من الشيوخ و رؤساء الكهنة و الكتبة و يقتل و في اليوم الثالث يقوم
فإذا كان عيسى عليه السلام ليس بإيليا في أناجيل متى ومرقس ولوقا، كما ذكر هو أن إيليا شخص آخر، حصل التناقض بين إنجيل يوحنا الذي يقول بأن عيسى عليه السلام هو إيليا المنتظر أو النبي المنتظر…فليس أمامنا إلا إيليا منتظر واحد ونبي منتظر أو مسيا(رسول) منتظر واحد، وهو المذكور في كتب اليهود، وهو المذكور في إنجيل برنابا "محمد" صلى الله عليه وسلم…انظر كتاب إظهار الحق للهندي، موقع المحدث…
(2/278)
ودليل آخر على أن البشارة بإيليا كانت من كلام عيسى عليه السلام وليست من كلام يوحنا المعمدان، هو أن المبشر بإيليا: قال إنه لا يعرف إيليا، وهذا يناسبه أن يكون عيسى عليه السلام هو المتكلم، وأن إيليا هو الرسول الذي يأتي بعده، فهو لم يره من قبل… ولا يتناسب مطلقا مع كون المتكلم يوحنا المعمدان، وإيليا هو عيسى عليه السلام، ولا العكس، لاستحالة كون يوحنا لا يعرف عيسى… وهذا في النص التالي:
ففي نص موقع النادي العربي:
1: 31 و انا لم اكن اعرفه لكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت اعمد بالماء
1: 33 و انا لم اكن اعرفه لكن الذي ارسلني لاعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا و مستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس
وفي إحدى الترجمات الإنجليزية أنه ما زال لا يعرفه:
31 I did not know who he would be
33 I still did not know that he was the one
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/bible.cgi?passage=joh+1:11&version=gnt&context=1&showtools=1
The Good News Translation
ودليل آخر على أن مسيا المنتظر أو إيليا المنتظر هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم النص الذي زعم كاتب إنجيل يوحنا أنه بشارة يحيى عليه السلام بعيسى عليه السلام يقول:
1: 11 الى خاصته جاء و خاصته لم تقبله
وفي النص الإنجليزي:
The Good News Translation
11 He came to his own country, but his own people did not receive him. 12 Some, however, did receive him and believed in him;
وهذا قد تحقق لنبينا صلى الله عليه وسلم فإنه قومه قريش اضطهدوه وأخرجوه وأرادوا أن يقتلوه فآواه أهل يثرب وسموا بالأنصار…
ولم يحصل أي شيء من هذا لعيسى عليه السلام…
(2/279)
وأيضا فإنه لا معنى لتبشير يحيى بعيسى عليهما السلام، لأن يحيى كان معاصرا لعيسى عليه السلام، وولد قبله بعدة أشهر، ومن أول يوم كان الكثير يعرفون أن عيسى عليه السلام نبي…فكيف يبشر نبي بنبي يعيش معه، والأجدر أن يأتي هذا النبي فيقول أنا نبي وهذه معجزاتي، فلا حاجة لتبشير يحيى بعيسى عليه السلام…ولو فعل، لقيل له: فأين هو؟ نراه ويرينا معجزاته أفضل من تبشيرك به….
ويزعم كاتب إنجيل يوحنا أن يوحنا المعمدان أيض يبشر بعيسى عليه السلام:
1: 27 هو الذي ياتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق ان احل سيور حذائه…
وفي إنجيل برناباص140-141، نفس اللفظ، ولكنه من كلام عيسى عليه السلام ويبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم...
أجاب الكاهن:"أنه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا سيرسل لنا مسيا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله وسيأتي للعالم رحمة الله، لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق..هل أنت مسيا الله(وفي نسخة:رسول الله) الذي ننتظره؟"
أجاب يسوع:" حقا أن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي"..
ولو اعترفنا بأن هذا من كلام يوحنا المعمدان، لم يكن قد ذكر أي معنى مهم أو معتبر يمكن كتابته في كتاب أنبياء، ولم تكن فيها أي بشارة لأن عيسى كان سيأتي ويخبرهم…ولكننا لو اعتبرناها أنها من كلام عيسى عليه السلام لكانت جملة مهمة تستحق أن تنقل عن نبي، أي إنه يبشر بنبي بعده…
وفي برنابا: قال عيسى عليه السلام ص141:"ومع أني لست مستحقا أن أحل سير حذائه…"وهو يتفق مع لفظ إنجيل يوحنا..
وهذا ليس بالمعتاد من كلام أحد من أتباع الأنبياء في نبي، فهذا أقل شيء يفعله أحد مع نبي…ولكن يكون له معنى جديد ومهم لو كان بين الأقران، أي نبي مع نبي، أو رئيس مع رئيس….
وانظر المزيد من الأدلة من مقالات الدكتور منقذ السقار، موقع ابن مريم:
http://www.ebnmaryam.com/monqith/monqith5/15.htm
وكتاب إظهار الحق للهندي، موقع المحدث…
(2/280)
وانظر أيضا مقالة الأخ أبي عمران في منتدى نصرانيات:لا يوحنا بيعرف المسيح، ولا المسيح بيعرف يوحنا…
مكتوب بواسطة: LOOOOY Jul 20 2004, 03:46 PM
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أخي العزيز مع أني لم أقرأ موضوعك كاملا الا اني أحب أن اقول لك تسلم ايديك على هذا المجهود و جزاك الله ألف خير و رزقك الجنة
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 26 2004, 03:30 PM
ملكوت الله
بعض نص كتاب: إظهار الحق وتعليقه على كلمة "ملكوت السماء" في الأناجيل… لرحمة اللّه بن خليل الرحمن الهندي. من موقع المحدث
(2/281)
(البشارة الثالثة عشر) في الباب الثالث من إنجيل متى هكذا: (وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية) 2 (قائلاً توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات). وفي الباب الرابع من إنجيل متى هكذا: 12 (ولما سمع يسوع أن يوحنا أسلم انصرف إلى الجليل) 17 (من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات) 23 (وكان يسوع يطوف كل الجليل ويعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت الخ). وفي الباب السادس من إنجيل متى في بيان الصلاة التي علمها عيسى عليه السلام تلاميذه هكذا: (ليأت ملكوتك) ولما أرسل الحواريين إلى البلاد الإسرائيلية للدعوة والوعظ، وصاهم بوصايا منها هذه الوصية أيضاً: (وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين أنه قد اقترب ملكوت السماوات) كما هو مصرح به في الباب العاشر من إنجيل متى ووقع في الباب التاسع من إنجيل لوقا هكذا: 1 (ودعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم قوة وسلطاناً على جميع الشياطين وشفاء أمراض) 2 (وأرسلهم ليكرزوا بملكوت اللّه يشفوا المرضى). وفي الباب العاشر من إنجيل لوقا هكذا: (وبعد ذلك عين الرب سبعين آخرين أيضاً وأرسلهم) الخ (فقال لهم) الخ 8 (وأية مدينة دخلتموها وقبلوكم فكلوا مما يقدم لكم) 9 (واشفوا المرضى الذين فيها وقولوا لهم قد اقترب منكم [ص 272] ملكوت اللّه) 10 (وأية مدينة دخلتموها ولم يقبلوكم فاخرجوا إلى شوارعها وقولوا) 11 (حتى الغبار الذي لصق بنا من مدينتكم ننفضه لكم ولكن اعلموا هذا أنه قد اقترب منكم ملكوت اللّه). فظهر أن كلاً من يحيى وعيسى والحواريين والتلاميذ السبعين بشر بملكوت السماوات، وبشر عيسى عليه السلام بالألفاظ التي بشر بها يحيى عليه السلام، فعلم أن هذا الملكوت كما لم يظهر في عهد يحيى عليه السلام فكذلك لم يظهر في عهد عيسى عليه السلام ولا في عهد الحواريين والسبعين بل كل منهم مبشر به ومخبر عن فضله ومترجّ لمجيئه، فلا يكون المراد بملكوت السماوات(2/282)
طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة عيسى عليه السلام، وإلا لما قاله عيسى عليه السلام والحواريون والسبعون أن ملكوت السماوات قد اقترب، ولما علم التلاميذ أن يقولوا في الصلاة وليأت ملكوتك لأن هذه طريقة قد ظهرت بعد ادعاء عيسى عليه السلام النبوة بشريعته، فهو عبارة عن طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم، فهؤلاء كانوا يبشرون بهذه الطريقة الجليلة، ولفظ ملكوت السماوات بحسب الظاهر يدل على أن هذا الملكوت يكون في صورة السلطنة لا في صورة المسكنة، وأن المحاربة والجدال فيه مع المخالفين يكونان لأجله، وأن مبنى قوانينه لا بد أن يكون كتاباً سماوياً، وكل من هذه الأمور يصدق على الشريعة المحمدية، وما قال العلماء المسيحية أن المراد بهذا الملكوت، شيوع الملة المسيحية في جميع العالم وإحاطتها كل الدنيا بعد نزول عيسى عليه السلام، فتأويل ضعيف خلاف الظاهر، ويرده التمثيلات المنقولة عن عيسى عليه السلام في الباب الثالث عشر من إنجيل متى، مثلاً قال: (يشبه ملكوت السماوات إنساناً زرع زرعاً جيداً في حقله)، ثم قال: (يشبه ملكوت السماوات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله)، ثم قال: (يشبه ملكوت السماوات خميرة أخذتها امرأة وخبأتها في ثلاثة أكيال دقيق حتى اختمر الجميع). فشبه ملكوت السماوات بإنسان زارع لا بنمو الزراعة وحصادها، [ص 273] وكذلك شبه بحبة خردل لا بصيرورتها شجرة عظيمة، وشبه بخميرة لا باختمار جميع الدقيق. وكذا يرد هذا التأويل قول عيسى عليه السلام بعد بيان التمثيل المنقول في الباب الحادي والعشرين من إنجيل متى هكذا: (لذلك أقول أن ملكوت اللّه ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره) فإن هذا القول يدل على أن المراد بملكوت السماوات طريقة النجاة نفسها لا شيوعها في جميع العالم وإحاطتها كل العالم، وإلا لا معنى لنزع الشيوع والإحاطة من قوم وإعطائهما لقوم آخرين، فالحق أن المراد بهذا الملكوت هي المملكة التي أخبر(2/283)
عنها دانيال عليه السلام في الباب الثاني من كتابه، فمصداق هذا الملكوت، وتلك المملكة نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم واللّه أعلم وعلمه أتم.
(يتبع...)
(البشارة الرابعة عشر) في الباب الثالث عشر من إنجيل متى هكذا: 31 (قدم لهم مثلاً آخر قائلاً يشبه ملكوت السماوات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله) 32 (وهي أصغر جميع البذور ولكن متى نمت فهي أكبر البقول وتصير شجرة حتى أن طيور السماء تأتي وتأوي في أغصانها)، فملكوت السماء طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم، لأنه نشأ في قوم كانوا حقراء عند العالم لكونهم أهل البوادي غالباً، وغير واقفين على العلوم والصناعات، محرومين عن اللذات الجسمانية والتكلفات الدنيوية سيما عند اليهود لكونهم من أولاد هاجر، فبعث اللّه منهم محمداً صلى اللّه عليه وسلم فكانت شريعته في ابتداء الأمر بمنزلة حبة خردل أصغر الشرائع بحسب الظاهر، لكنها لعمومها نمت في مدة قليلة وصارت أكبرها وأحاطت شرقاً وغرباً، حتى أن الذين لم يكونوا مطيعين لشريعة من الشرائع تشبثوا بذيل شريعته…. انتهى كلام رحمة الله الهندي.
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 26 2004, 06:17 PM
تابع ملكوت الله
ملكوت الله
بعض ما ورد عن ملكوت الله في الكتاب المقدس في العهد الجديد، يدل على أنه يوم القيامة.. وبعضه أيضا يدل على أنه خاص بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم نفسه.. أي ما فسره بعض الباحثين من المسلمين أن معناه: "أمة آخر الزمان"، أو "أمة الملكوت"
فأذكر بعض هذه النصوص وما يتفق مع معناها من نصوص الأحاديث النبوية المشرفة، أو ما يذكره بعض العلماء المسلمين عن كونها تدل على أمة النبي صلى الله عليه وسلم..
النص الأول:
في متى:
19: 30 و لكن كثيرون اولون يكونون اخرين و اخرون اولين
20: 1 فان ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت خرج مع الصبح ليستاجر فعلة لكرمه
(2/284)
20: 2 فاتفق مع الفعلة على دينار في اليوم و ارسلهم الى كرمه
20: 3 ثم خرج نحو الساعة الثالثة و راى اخرين قياما في السوق بطالين
20: 4 فقال لهم اذهبوا انتم ايضا الى الكرم فاعطيكم ما يحق لكم فمضوا
20: 5 و خرج ايضا نحو الساعة السادسة و التاسعة و فعل كذلك
20: 6 ثم نحو الساعة الحادية عشرة خرج و وجد اخرين قياما بطالين فقال لهم لماذا وقفتم هنا كل النهار بطالين
20: 7 قالوا له لانه لم يستاجرنا احد قال لهم اذهبوا انتم ايضا الى الكرم فتاخذوا ما يحق لكم
20: 8 فلما كان المساء قال صاحب الكرم لوكيله ادع الفعلة و اعطهم الاجرة مبتدئا من الاخرين الى الاولين
20: 9 فجاء اصحاب الساعة الحادية عشرة و اخذوا دينارا دينارا
20: 10 فلما جاء الاولون ظنوا انهم ياخذون اكثر فاخذوا هم ايضا دينارا دينارا
20: 11 و فيما هم ياخذون تذمروا على رب البيت
20: 12 قائلين هؤلاء الاخرون عملوا ساعة واحدة و قد ساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار و الحر
20: 13 فاجاب و قال لواحد منهم يا صاحب ما ظلمتك اما اتفقت معي على دينار
20: 14 فخذ الذي لك و اذهب فاني اريد ان اعطي هذا الاخير مثلك
20: 15 او ما يحل لي ان افعل ما اريد بما لي ام عينك شريرة لاني انا صالح
20: 16 هكذا يكون الاخرون اولين و الاولون اخرين لان كثيرين يدعون و قليلين ينتخبون
وهذا النص يتفق مع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التالية:
3326- نحن آخر الأمم، وأول من يحاسب يقال: أين الأمة الأمية ونبيها فنحن الآخرون الأولون.
(ه) عن ابن عباس. زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي
34475- نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد.
(2/285)
(حم، ق، ن - عن أبي هريرة). (أخرجه البخاري كتاب الجمعة باب فرض الجمعة (2/2). ص). كنز العمال الإصدار 1.43 - للمتقي الهندي
2568- إنما أجلكم فيما خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغارب الشمس، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استأجر أجراء فقال: من يعمل من غدوة إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء؟ قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا لا. قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء
التخريج (مفصلا): مالك أحمد في مسنده وصحيح البخاري والترمذي عن ابن عمر
تصحيح السيوطي: صحيح..الجامع الصغير. الإصدار 3,21 - لجلال الدين السيوطي
النص الثاني:
متى:
13: 3 فكلمهم كثيرا بامثال قائلا هوذا الزارع قد خرج ليزرع
13: 4 و فيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فجائت الطيور و اكلته
13: 5 و سقط اخر على الاماكن المحجرة حيث لم تكن له تربة كثيرة فنبت حالا اذ لم يكن له عمق ارض
13: 6 و لكن لما اشرقت الشمس احترق و اذ لم يكن له اصل جف
13: 7 و سقط اخر على الشوك فطلع الشوك و خنقه
13: 8 و سقط اخر على الارض الجيدة فاعطى ثمرا بعض مئة و اخر ستين و اخر ثلاثين
13: 9 من له اذنان للسمع فليسمع
13: 10 فتقدم التلاميذ و قالوا له لماذا تكلمهم بامثال
13: 11 فاجاب و قال لهم لانه قد اعطي لكم ان تعرفوا اسرار ملكوت السماوات و اما لاولئك فلم يعط
13: 12 فان من له سيعطى و يزاد و اما من ليس له فالذي عنده سيؤخذ منه
وهذا يتفق مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم التالي:
(2/286)
2830- مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس شربوا منها وسقوا ورعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعانا لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به.
(ق) عن أبي موسى…. زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي
النص الثالث:
إنجيل متى:
13: 31 قدم لهم مثلا اخر قائلا يشبه ملكوت السماوات حبة خردل اخذها انسان و زرعها في حقله
13: 32 و هي اصغر جميع البزور لكن متى نمت فهي اكبر البقول و تصير شجرة حتى ان طيور السماء تاتي و تتاوى في اغصانها
وهذا النص يتفق مع الآية التي في سورة الفتح:{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً {29}
وقد ذكر أن هذا النص هو المقصود في الآية الكريمة السابقة، فضيلة الشيخ أبو بكر الجزائري رحمه الله تعالى في كتابه: "هذا الحبيب" ص53
النص الرابع:
متى:
21: 42 قال لهم يسوع اما قراتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار راس الزاوية من قبل الرب كان هذا و هو عجيب في اعيننا
21: 43 لذلك اقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم و يعطى لامة تعمل اثماره
(2/287)
21: 44 و من سقط على هذا الحجر يترضض و من سقط هو عليه يسحقه
وهذا يتفق مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
2832- مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها وأكملها وأجملها وترك فيها موضع لبنة لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنة، فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة.
(حم ت) عن أبي،(حم ق ت) عن جابر،(حم ق) عن أبي هريرة،(حم م) عن أبي سعيد. زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي
وفيه تصريح بانتقال الرسالة من بني إسرائيل إلى غيرهم، ولم تنسب أمة الرسالة السماوية بعد بني إسرائيل إلا أمة الإسلام، ونبينا صلى الله عليه وسلم..
ولفظ "وهو عجيب في أعيننا" تحتمل أن تكون أصلها: "وهو أحمد" أو "وهو محمد"
وفي ترجمة:
The KJV Strong's Version
Matthew 21
21:42
Jesus saith unto them, Did ye never read in the scriptures, The stone which the builders rejected, the same is become * the head of the corner: this is the Lord's doing, and it is marvellous in our eyes?
وهذه الكلمة باليونانية كالآتي:
qaumastovك
Transliterated Word
Thaumastos
Phonetic Spelling
thow-mas-tos'
http://bible.crosswalk.com/Lexicons/Greek/grk.cgi?number=2298&version=kjv Original Word
ومن تعريفاتها من نفس الصفحة:
Definition
1. wonderful, marvellous
i. worthy of pious admiration
ii. admirable,
iii. excellent
وبترجمة هذه الألفاظ من المترجم الإلكتروني "الوافي" نجد أن لفظ:
admirable
معناها: محمود..
وأن لفظ
worthy of admiration
معناها: المستحقّ الإعجاب.. ويمكن أن تكون: المستحق الحمد، أي محمد..
وفي ترجمة كلمة
pious
من قاموس "المورد" لمنير البعلبكي، نجد أن الكلمة من معانيها: "جدير بالثناء".
والثناء هو الحمد، فيمكن أن تكون: "أحمد" أو "محمد"
وبذلك يمكن أن تكون ترجمة النص:
(2/288)
قال لهم يسوع اما قراتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار راس الزاوية من قبل الرب كان هذا وهو أحمد(أو محمد أو محمود) وسيكون في أعيننا..
يعني أن الله عز وجل هو الذي يقول: وسيكون في أعيننا.. كما نص القرآن الكريم وقال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم في سورة الطور آية 48:{واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}.. والله تعالى أعلم بالصواب.
التخريجات من موقع المحدث، ونص عيسى عليه السلام من موقع النادي العربي..وانظر كتاب حجة الله على العالمين للنبهاني، وكتاب إظهار الحق للهندي، موقع المحدث..ومقالات الدكتور منقذ السقار في موقع ابن مريم: هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم، مقالة: البشارة بالملكوت...
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 5 2004, 03:04 PM
من هو المسيح بالضبط؟
عيسى عليه السلام في النص التالي في إنجيل مرقس وإنجيل لوقا، ينفي أن يكون المسيح من أولاد داود.. فهذا يدل على عيسى عليه السلام ليس هو المسيح الذي ذكر في هذا الموضع من وجهين:
الأول أن عيسى عليه السلام ذكره بضمير الغائب، فالمسيح المذكور هنا شخص آخر غير عيسى عليه السلام، ولم يقل: أنا لست من أولاد داود…
وثانيا: أن عيسى عليه السلام بالطبع من بني إسرائيل ومن أولاد داود.. فكيف يكون هو من أولاد داود ثم يقول عن نفسه أنه ليس من أولاد داود..؟؟ وهو كثيرا ما يقول لتلاميذه أنه "ابن الإنسان" فكيف يكون ابن الإنسان ليس من أولاد داود؟؟..
نص مرقس:
12: 35 ثم اجاب يسوع و قال و هو يعلم في الهيكل كيف يقول الكتبة ان المسيح ابن داود
12: 36 لان داود نفسه قال بالروح القدس قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك
12: 37 فداود نفسه يدعوه ربا فمن اين هو ابنه و كان الجمع الكثير يسمعه بسرور
لوقا:
20: 41 و قال لهم كيف يقولون ان المسيح ابن داود
20: 42 و داود نفسه يقول في كتاب المزامير قال الرب لربي اجلس عن يميني
(2/289)
20: 43 حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك
20: 44 فاذا داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه
فعلمنا من النص السابق أن المسيح المذكور هنا ليس هو عيسى عليه السلام… فمن هو إذن؟؟
وهذا النص لم يذكر كاتبو الكتاب المقدس سبب قوله، ولا الحادثة التي بسببها ذكر هذا الكلام…
وبالرجوع إلى أصل كلمة المسيح، يذكر مفسرو الكتاب المقدس أنه هو "مسيا".. وفي تعريفات المسيا عندهم أنه هو "النبي المنتظر"… كما سيأتي في تعريف كلمة"لربي" في جملة"قال الرب لربي".. فأحد تعريفاتها أنه ليس الرب بمعنى الكلمة ولكنه: "السيد" أو "مسيا المنتظر".. وكما كان القدماء يذكرون السيد بمعنى الرب، كما قال يوسف عليه السلام في سورة يوسف:"إنه ربي أحسن مثواي" أي سيدي..
فعيسى عليه السلام يقصد أنه لما ذكر داود عليه السلام مسيا المنتظر بلفظ "السيد" امتنع التصديق بأنه مسيا المنتظر سوف يأتي من أولاده، لأنه لو كان من أولاده لما قال عنه"سيدي، أو ربي"، وإنما كان سيقول "ابني".. فعلم من النص على ما فهم عيسى عليه السلام وفهمه لأصحابه بأن مسيا المنتظر لن يكون من أولاد داود..
وكتاب الكتاب المقدس يخلطون بين مسيا المنتظر والمسيح عليه السلام.. وربما كانت كلمة المسيح مقتبسة من كلمة مسيا أو العكس، وكلاهما يعني "نبي"… فاعتقد ناسخو الكتاب المقدس أن كل كلمة "المسيح" وكل كلمة"مسيا" معناها المسيح..
كما سمى عيسى عليه السلام الأنبياء الكذبة: المسحاء الكذبة.. ففي متى:
24: 24 لانه سيقوم مسحاء كذبة و انبياء كذبة و يعطون ايات عظيمة و عجائب حتى يضلوا لو امكن المختارين ايضا
فالمسيح في الكتاب المقدس معناه "نبي"، هذا أيضا في التعريف لهذه الكلمة، كما في الصفحة التالية:
Definition
1. a false Christ (or Messiah)
2. one who falsely lays claim to the name and office of the Messiah
بالضغط على كلمة
Christs,
في الترجمة التالية:
The KJV Strong's Version
24:24
(2/290)
For there shall arise false Christs, and false prophets, and shall shew great signs and wonders; insomuch that, if it were possible, they shall deceive the very elect.
وهذه الكلمة هي نفسها تطلق على المسيح عيسى عليه السلام..
فالظاهر أن كلمة "المسيح" و"مسيا" كلاهما يعني "النبي" أي نبي وليس عيسى عليه السلام فقط.. و"مسيا" إلى الآن في اللغات اللاتينية الأصل مثل الإنجليزية تعني "إرسالية" أو "بعثة" أو "المبشر" وهي كلمة:
MISSIONARY
فجعل ناسخو الكتاب المقدس كل كلمة "مسيا" يعني المسيح عيسى عليه السلام وحده… ولكننا إذا فعلنا هذا اصطدمنا بنصوص من كلام عيسى ينفي عن نفسه كونه "مسيا" وعن كونه هو وحده المسيح… ففهمنا أن كلمة مسيا يعني النبي المنتظر وهو غير عيسى عليه السلام..
كما نهاهم عيسى عليه السلام أن يسموه المسيح: في متى:
16: 20 حينئذ اوصى تلاميذه ان لا يقولوا لاحد انه يسوع المسيح
يعني المسيح هنا: مسيا أو النبي المنتظر.. فظنوا أنه يقصد نفسه "يسوع المسيح".
وهو إيليا المزمع أن يأتي بعد المسيح كما ذكر المسيح نفسه:
ففي متى يقول عيسى إن إيليا سوف يأتي:
11: 14 و ان اردتم ان تقبلوا فهذا هو ايليا المزمع ان ياتي
فعلمنا أنه ليس هو "إيليا" أي النبي المنتظر.
ونص عيسى عليه السلام السابق في إثبات أن مسيا لن يكون من أولاد داود عليه السلام، أي لن يكون من بني إسرائيل، في الترجمة الإنجليزية:
The KJV Strong's Version
Mark 12
12:35
And Jesus answered and said, while he taught in the temple, How say the scribes that Christ is the Son of David?
12:36
For David himself said by the Holy Ghost, The LORD said to my Lord, Sit thou on my right hand, till I make thine enemies thy footstool *.
12:37
David therefore himself calleth him Lord; and whence is he then his son? And the common people heard him gladly.
(2/291)
i.
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/bible.cgi?word=Mark+12%3A35-37ion=2&version=str&new=1&oq=&NavBook=mr&NavGo=12&NavCurrentChapter=12
وبالرجوع إلى أصل كلمة الرب في الترجمة السابقة: نجد أنها لا تعني بالضرورة الإله، وإنما تعني:"السيد" وبعضهم فسرها بأنه "مسيا المنتظر".. فمن نفس الموقع نجد أن أصل كلمة:
"Lord”
Original Word
kuvrioك
Transliterated Word
Kurios
Phonetic Spelling
koo'-ree-os
Definition
1. he to whom a person or thing belongs, about which he has power of deciding; master, lord
i. the possessor and disposer of a thing
1. the owner; one who has control of the person, the master
2. in the state: the sovereign, prince, chief, the Roman emperor
ii. is a title of honour expressive of respect and reverence, with which servants greet their master
this title is given to: God, the Messiah
ترجمة التّعريف من المترجم الإلكتروني:"الوافي"..
1. هو الذي اليه شخص أو شيئ يَعُودُ، حول الذي هو عِنْدَهُ قوةُ تَقْريرِ؛ يُتقنُ، لورد
i. المالك واللغز المحيّر لشيئِ
1. المالك؛ واحد الذي عِنْدَهُ سيطرةُ الشّخصِ، السّيد
2. في الدّولةِ: الملك، أمير، أساسي، الإمبراطور الرّوماني
ii. عنوانُ شرفِ المعبّر عن الإحترامِ والوقارِ، الذي به خدمِ يُحيّي سيدهم
iii. هذا العنوانِ يَعطي إِلى: الله، المسيح المنتظر
انتهت ترجمة الوافي:
والظاهر أن بعض ناسخي الكتاب المقدس، وجدوا نسخة فيها أن هذا السيد هو نفسه "المسيح أو مسيا المنتظر" أي النبي المنتظر.. ففسرها بعضهم بأنه "السيد" وبعضهم بأنه "النبي المنتظر".
(2/292)
وفي إنجيل برنابا نجد أن هذا النص إنما هو قطعة في نص كبير يقول فيه عيسى عليه السلام أن الوعد الذي أخذه إبراهيم عليه السلام من الله عز وجل أن يبعث نبي آخر الزمان من ذريته، لن يكون في بني إسحاق إنما يكون في بني إسماعيل… ويستدل عيسى عليه السلام بالنص السابق في العهد الجديد -في أن نبي آخر الزمان لن يكون من بني إسرائيل- بأن داود عليه السلام كان يسميه "السيد" ولو لم يكن كذلك لما قال "السيد" ولكن قال:"ابني":
يقول برنابا ص82:
الحق أقول لكم إن كل نبي متى جاء فإنه يحمل لأمة واحدة فقط علامة رحمة الله، ولذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي أرسلوا إليه، ولكن رسول الله متى جاء يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم يده، فيحمل خلاصا ورحمة لأمم الأرض الذين يقبلون تعليمه، وسيأتي بقوة على الظالمين ويبيد عبادة الأصنام بحيث يخزي الشيطان.. لأنه هكذا وعد الله إبراهيم قائلا:" انظر فإني بنسلك أبارك كل قبائل الأرض، وكما حطمت يا إبراهيم الأصنام تحطيما هكذا سيفعل نسلك"
أجاب يعقوب:"يا معلم، قل لنا من صنع هذا العهد؟ فإن اليهود يقولون"بإسحق" والإسماعيليون يقولون "بإسماعيل"
أجاب يسوع:" ابن من كان داود ومن أي ذرية"؟
أجاب يعقوب:" من إسحق لأن إسحق كان أبا يعقوب ويعقوب كان أبا يهوذا الذي من ذريته داود"
ص 83: أجاب التلاميذ:" من داود؟!"
فأجاب يسوع:" لا تغشوا أنفسكم، لأن داود يدعوه في الروح ربا قائلا هكذا:" قال الله لربي اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك، يرسل الرب قضيبك الذي سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك".. فإذا كان رسول الله الذي تسمونه مسيا ابن داود فكيف يسميه داود ربا.. صدقوني لأني أقول لكم الحق، إن العهد صنع بإسماعيل لا بإسحاق..
حينئذ قال التلاميذ يا معلم هكذا كتب في كتاب موسى أن العهد صنع بإسحق..
(2/293)
أجاب يسوع متأوها:" هذا هو المكتوب ولكن موسى لم يكتبه ولا يسوع بل أحبارنا الذين لا يخافون الله.. الحق أقول لكم إنكم إذا أعملتم النظر في كلام الملاك جبريل تعلمون حيث كتبتنا وفقهائنا لأن الملاك قال:" يا إبراهيم سيعلم العالم كله كيف يحبك الله، ولكن كيف يعلم العالم محبتك لله حقا يجب عليك أن تفعل شيئا لأجل محبة الله".. أجاب إبراهيم" ها هو ذا عبد الله مستعد أن يفعل كلم ما يريد الله"
فكلم الله حينئذ إبراهيم قائلا:" خذ ابنك بكرك إسماعيل واصعد الجبل لتقدمه ذبيحة" فكيف يكون إسحق البكر وهو لما ولد وكان إسماعيل ابن سبع سنين؟ انتهى كلام برنابا..
وانظر المزيد من الأدلة على كون المسيح عيسى عليه السلام ليس هو مسيا المنتظر في صفحة الدكتور منقذ السقار في موقع ابن مريم:
http://www.ebnmaryam.com/monqith/monqith5/3.htm
هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟؟
مكتوب بواسطة: algin Aug 6 2004, 02:48 AM
الاخ الفاضل احمد
من عيسى عليه السلام هذا ؟؟
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 12 2004, 05:54 PM
نص رحمة الله الهندي في الاستدلال بأن ليس كل كلمة "مسيح" في الكتاب المقدس، تعني بالضرور نبي الله عيسى "يسوع" عليه السلام..
(2/294)
يقول الهندي:" والسادس: أنه لا يلزم أن يكون المراد من المسيح أحد هذين المسيحيين، لأن هذا اللفظ كان يطلق على كل سلطان من اليهود صالحاً كان أو فاجراً، الآية الخمسون من الزبور السابع عشر هكذا: "يا معظم خلاص الملك وصانع الرحمة بمسيحه داود وزرعه إلى الأبد" وهكذا جاء في الزبور المائة والحادي والثلاثين إطلاق المسيح على داود عليه السلام، الذي هو من الأنبياء والسلاطين الصالحين، وفي الباب الرابع والعشرين من سفر صموئيل الأول قول داود عليه السلام في حق شاول الذي كان من أشرار السلاطين اليهود هكذا: 71 "وقال للرجال الذين معه حاشا لي من اللّه أن أصنع هذا الأمر بسيدي مسيح الرب، أو أمد يدي إلى قتله لأنه مسيح الرب" 11 "لا أمد يدي على سيدي لأنه [ص 138] مسيح الرب" وهكذا في الباب السادس والعشرين من السفر المذكور، والباب الأول من سفر صموئيل الثاني، بل لا يختص هذا اللفظ بسلاطين اليهود أيضاً، وجاء إطلاقه على غيرهم، الآية الأولى من الباب الخامس والأربعين من كتاب أشعيا: "هذه يقولها الرب لقورش مسيحي الذي مسكت بيمينه" الخ فجاء إطلاقه على سلطان إيران الذي أطلق اليهود وأجازهم لبناء الهيكل." انتهى كلام الهندي، انظر كتاب "إظهار الحق" موقع المحدث..
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 12 2004, 06:04 PM
نص المزامير
نص داود عليه السلام
من موقع النادي العربي:
المزامير:
110: 1 قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك
110: 2 يرسل الرب قضيب عزك من صهيون تسلط في وسط اعدائك
110: 3 شعبك منتدب في يوم قوتك في زينة مقدسة من رحم الفجر لك طل حداثتك
110: 4 اقسم الرب و لن يندم انت كاهن الى الابد على رتبة ملكي صادق
110: 5 الرب عن يمينك يحطم في يوم رجزه ملوكا
110: 6 يدين بين الامم ملا جثثا ارضا واسعة سحق رؤوسها
110: 7 من النهر يشرب في الطريق لذلك يرفع الراس
(2/295)
111: 1 هللويا احمد الرب بكل قلبي في مجلس المستقيمين و جماعتهم
من موقع الكلمة:
الفصل العاشر بعد المائة:
قالَ الرّبُّ لسيِّدي الملِكِ: «إجلسْ عَنْ يَميني حتى أجعَلَ أعداءَكَ مَوطِئًا لِقدَمَيكَ». 2صَولجانُ عِزِّكَ يُرسِلُهُ الرّبُّ مِنْ صِهيَونَ، ويقولُ: «تسَلَّطْ في وسَطِ أعدائِكَ». 3شعبُكَ يَلتَفُّ حَولَكَ طَوعًا يومَ تقودُ جنودَكَ على الجبالِ المُقدَّسةِ، فَمِنْ رَحِمِ الفَجرِ حَلَ كالنَّدى شبابُكَ. 4أقسَمَ الرّبُّ ولن يندَمَ: «أنتَ كاهنٌ إلى الأبدِ على رُتبَةِ مَلكيصادَقَ». 5الرّبُّ يقِفُ عَنْ يَمينِكَ ويُهَشِّمُ المُلوكَ يومَ غضَبِهِ. 6يَدينُ في الأمَمِ، وبالجثَثِ يملأُ الأوديةَ. تحْمَرُّ تِلالُ الأرضِ الشَّاهِقَةُ 7وتُسقَى الأوديةُ دِماءً، فيرتَفِعُ رَأسُكَ أيُّها المَلِكُ.
في موقع الكلمة:
قالَ الرّبُّ لسيِّدي الملِكِ: هنا كلمة "رب" صريحة بأنها لا تعني الإله، ولكن تعني "السيد"..
وفي النسخة الإنجليزية:
The NAS Strong's Version
بالرجوع إلى أصل لفظي "رب" في :"قال الرب لربي".. وبالإنجليزية:
LORD says to my Lord
110:1 The LORD says to my Lord: "Sit at My right hand Until I make Your enemies a footstool * for Your feet."
نجد أن أصل اللفظ الأول يختلف تماما عن أصل اللفظ الثاني في الكلمة العبرية، وفي تعريفاتها كذلك:
فالأول:
Original Word
hwhy
Transliterated Word
Y@hovah
Phonetic Spelling
yeh-ho-vaw'
Definition Jehovah = "the existing One"
1. the proper name of the one true God
i. unpronounced except with the vowel pointings of 0136
وأما الثاني:
Original Word
ynda
Transliterated Word
'Adonay
Phonetic Spelling
ad-o-noy'
Definition
1. my lord, lord
i. of men
ii. of God
2. Lord - title, spoken in place of Yahweh in Jewish display of reverence
(2/296)
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/bible.cgi?word=Psalms+110ion=1&version=nsn&new=1&oq=&NavBook=ps&NavGo=109&NavCurrentChapter=109
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 12 2004, 06:09 PM
ملاحظات حول نص المزامير
وفي موقع الكلمة: صَولجانُ عِزِّكَ يُرسِلُهُ الرّبُّ مِنْ صِهيَونَ: الظاهر معناه انتقال الرسالة(الصولجان) من بني إسرائيل "صهيون" إلى نبينا صلى الله عليه وسلم…
وربما يكون هذا المعنى أكثر وضوحا في النص الإنجليزي:
The KJV Strong's Version
Psalms 110
110:2
The LORD shall send the rod of thy strength out of Zion:
وفي ترجمة المترجم الإلكتروني "الوافي" لهذا النص: اللورد سَيُرسلُ عصاthy قوة خارج الصّهيونِ:
وهذا صريح بأن الرسالة سوف تخرج من بني إسرائيل(صهيون) إلى من ذكره الله عز وجل…
The New American Standard Bible
2 The LORD will stretch forth Your strong scepter R3602 from Zion
. The American Standard Version
2 Jehovah will send forth the rod of thy strength out of Zion: Rule thou in the midst of thine enemies
. The Holman Christian Standard Bible
"; 2 The Lord will extend Your mighty scepter from Zion
Third Millennium Bible
2 The LORD shall send the rod of Thy strength out of Zion
ويحتمل أن تكون هذه المعركة هي معركة بدر..
ففي ترجمة: Webster's Bible Translation
He will judge among the heathen
وترجمتها بترجمة المترجم الإلكتروني "الوافي": [هو سَيَحْكمُ بين الوثنيين]: وقد كانت موقعة بدر بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الوثنيين من قريش.
وجملة: 3شعبُكَ يَلتَفُّ حَولَكَ طَوعًا يومَ تقودُ جنودَكَ: من نسخة موقع الكلمة: وهو ما حصل من الأنصار، لأنهم لم يبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على القتال خارج المدينة المنورة، فلما خيرهم اختاروا القتال معه.. انظر السيرة النبوية..
(2/297)
وجملة:
, after the order of Melchizedek
ومعناها من المترجم الوافي: بعد طلبية الملائكة.. فيحتمل أن يكون معناه: نزول الملائكة في موقعة بدر وإمداد الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم بها..
وقد ذكرت هذه الكلمة نسخة موقع "الكلمة" هكذا: "ملكيصادق"..
ونسخة موقع "النادي العربي" هكذا: "ملكي صادق"..
فيحتمل أن تكون بنفس اللفظ العبري، ونفس المعنى القريب من "الملائكة".. لتقارب العبرية القديمة مع لهجات العربية الفصحى..
وقد فسرتها قواميس الكتاب المقدس على أنه اسم ملك، أو "كاهن إلى الأبد" وغير ذلك من التفسيرات، وحاولوا الربط بينها وبين المسيح عيسى(يسوع) عليه السلام.. انظر التفسيرات في:
http://bible.crosswalk.com/Concordances/NavesTopicalBible/ntb.cgi?number=T3305
Original Word
qdcyklm
Malkiy-Tsedeq
Phonetic Spelling
mal-kee-tseh'-dek
Definition
Melchizedek = "my king is Sedek"
1. king of Salem and priest of the Most High God to whom Abram paid tithe after the battle he fought to free Lot; 'the order of Melchizedek' the order of the priesthood to which Christ belongs
وبترجمة النص من المترجم الوافي:
Melchizedek =" ملكي Sedek "
ملك سالم وخوري الأكثر اللهِ العاليِ الذي اليهAbram دَفعَ عشرَ بعد المعركةِ قَاتلَ أَنْ يُحرّرَ قرعة؛ ' طلبية Melchizedek ' طلبية الكهانةِ التي السيد المسيح يَعُودُ
ومن التعريف السابق، نجد أنهم قد فسروا الكلمة العبرية، التي تحتمل أن تكون "ملك" بكسر اللام،
لتصير في التعريف، كما هي في اللغة العربية تماما:
my king
وتحتمل أن تكون "ملك" بفتح اللام، أي الملائكة.. فتصبح الكلمة: ملائكة صدق..
وجملة:
3 Thy people shall be willing in the day of Thy power
وهذا ما تحقق من فرح المؤمنون بنصر بدر..
وجملة:
Therefore will he lift up his head
(2/298)
أي: ومن يومها وأنت مرفوع الرأس.. وهذا ما تحقق بعد موقعة بدر..
وفي ترجمة:
Young's Literal Translation
5 The Lord on thy right hand smote kings In the day of His anger. 6 He doth judge among the nations, He hath completed the carcases, Hath smitten the head over the mighty earth. 7 From a brook in the way he drinketh, Therefore he doth lift up the head!
وترجمة الوافي لهذا النص: 5 اللورد علىthy يدّ صحيحة ضَربتْ ملوك من اليومِ من غضبه. 6 هوdoth قاضي بين الأممِ، هوhath اكملَ الجثثَ،Hath ضَربَ الرّأسَ على الأرضِ الهائلةِ. 7 عن ساقيةِ في الطّريقِ هو ,drinketh إذن هوdoth يَرْفعُ الرّأسَ!
ولا يزال هذا النص يحتاج إلى مزيد من التحقيق والتوضيح، والله المستعان وهو وحده أعلم بالصواب..
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 19 2004, 03:08 PM
تابع الملاحظات:
في نسخة:
The Complete Jewish Bible
7 He will drink from a stream as he goes on his way; therefore he will hold his head high.
وترجمة كلمة:
stream
كما في ترجمة المترجم الإلكتروني "الوافي": ينبوع ..
فيكون المعنى: هو سيشرب من ينبوع في طريقه..
فيمكن أن يكون ذلك إشارة إلى بئر بدر..
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 19 2004, 03:09 PM
الخلاصة
بعد مقارنة نص :"قال الرب لربي" من كلام عيسى(يسوع) عليه السلام في إنجيلي مرقس ولوقا، بما في إنجيل برنابا، وبالنص الأصلي في مزامير داود عليه السلام..
يكون النص بتوفيق الله تعالى هكذا:
يقول داود عليه السلام : قال الرب لسيدي (أي مسيا آخر الزمان، أو مسيا المبشر به جميع الأنبياء) اجلس عن يميني حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك…
(2/299)
وعيسى (يسوع) عليه السلام لما ذكر للحواريين أن مسيا المنتظر، والموجود في كتب اليهود، لن يكون من بني إسرائيل وإنما من بني إسماعيل، حزن الحواريون وجادلوا عيسى (يسوع) في ذلك.. فرد عليهم عيسى (يسوع) عليه السلام بهذا النص فقال لهم: كيف يكون مسيا المنتظر من بني إسرائيل (أي من أولاد داود) ونبي الله داود عليه السلام لما ذكره بقوله:" قال الرب لسيدي" قال عنه "سيدي" ولم يقل عنه "ابني"؟.. ولو كان من ذريته داود عليه السلام (أي من بني إسرائيل) كان سيقول عنه "ابني" لا "سيدي".
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 19 2004, 03:11 PM
تفسير "اجلس عن يميني"
والظاهر والله أعلم أن جملة "اجلس عن يميني" معناها مجازي لا حقيقي، أي ستكون في حفظي وحمايتي وقوتي ونصرتي لك، ولفظ "اليمين" ليدل على القوة والقدرة … كما في قوله تعالى:{ ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين}(47) سورة الحاقة، لنفي وهم من قال أن محمدا صلى الله عليه وسلم يؤلف كلاما من عنده وينسبه لله تعالى..
وقوله تعالى في إبراهيم عليه السلام في تحطيم الأصنام:{فراغ عليهم ضربا باليمين}(الصافات93)
انظر جامع أحكام القرآن موقع المحدث..
وكما قال تعالى في سورة الطور لنبينا صلى الله عليه وسلم: "واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا"…فهذا أسلوب مجازي، معناه: فإنك في حفظي ورعايتي حتى تتم إبلاغ الدين… وكما قال تعالى لموسى عليه السلام في سورة طه:"ولتصنع على عيني"..
وكذلك نجد كلمة "اليمين" في الكتاب المقدس تدل على النصرة على الأعداء، وذلك في النص الإنجليزي في السطر الخامس نفس الفصل الذي فيه"قال الرب لربي"، أي الفصل العشر بعد المائة:
في نسخة:
The KJV Strong's Version
110:5 The Lord at thy right hand shall strike through kings in the day of his wrath
(2/300)
فنجد كلمة اليمين، باللغة العبرية القديمة التي تتفق مع العربية قديما، بالضغط على كلمة:
hand
The KJV Old Testament Hebrew Lexicon
Original Word
!ymy
Transliterated Word
Yamiyn
Phonetic Spelling
yaw-meen'
Definition
right, right hand, right side
i. right hand
ii. right (of direction)
iii. south (the direction of the right hand when facing East)
وبذلك لو لوضعنا كلمة "يمينك" بدلا من "يدك اليمنى" يمكن أن يكون معنى النص:
والله يكون في يمينك، أي قوتك وقدرتك ونصرتك..
وفي النسخة العربية من موقع النادي العربي:
110: 5 الرب عن يمينك يحطم في يوم رجزه ملوكا
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 19 2004, 03:13 PM
وهذا النص –قال الرب لسيدي- يتفق مع كلام الله تعالى في القرآن الكريم ومع أحداث السيرة النبوية.. ويتفق مع ما وعد به تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالنصر على الأعداء…
ففي سورة التوبة(33) وسورة الصف(9):{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}.. وكما قال تعالى في سورة الفتح(28): {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا}.. وكما قال تعالى في سورة الفتح:{وينصرك الله نصرا عزيزا}(3)… وكما قال تعالى في سورة الحج:{ من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ}(15)..
وكما أخبر صلى الله عليه وسلم في الأحاديث النبوية المشرفة بأن الله عز وجل سوف ينصره حتى يتم إبلاغ الدين.. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"نصرت بالرعب مسيرة شهر"
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 19 2004, 03:17 PM
تابع ملاحظات حول النص
(2/301)
ذكر النبهاني بشارة قديمة للنبي صلى الله عليه وسلم على لسان داود عليه السلام في مزاميره، في الفصل التالي للفصل الذي ذكره فيه داود عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم في جملة:"قال الرب لربي" وهي:
من كتاب حجة الله على العالمين يقول النبهاني رحمه الله:" البشارة الخامسة والثلاثون: ومن بشائره عليه السلام في مزمور آخر منه:" أنه يجوز من البحر إلى البحر ومن لدن الأنهار إلى الأنهار إلى منقط الأرض وإنه يخر أهل الجزائر بين يديه على ركبهم وتلحس أعداؤه التراب وتأتيه الملوك بالقرابين وتسجد له وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد لأنه يخلص المضطهد البائس ممن هو أقوى منه وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له ويرأف بالضعفاء والمساكين وأنه يعطي من ذهب بلاد سبأ ويصلى عليه في كل وقت ويبارك عليه في كل يوم ويدوم ذكره إلى الأبد".. يقول النبهاني: ومعلوم أنه لم يكن هذا إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم، فإنه مع صحة جميع الأوصاف المذكورة فيه يصلى عليه من أمته في كل وقت ويبارك عليه منهم في كل يوم في جميع أقطار الأرض من لا يحصي عددهم إلا الله تعالى في الصلاة وخارجها هذا فضلا عن صلاة الله وملائكته ومؤمني الجن… صلى الله عليه وسلم عدد من صلى عليه وعدد من لم يصل عليه وعدد من يصلي عليه إلى غير نهاية…” انتهى كلام النبهاني ص81.
وهي قريبة من النص التالي في الفصل الثاني عشر بعد المائة في مزامير داود عليه السلام:
من موقع النادي العربي: المزامير:
112: 1 هللويا طوبى للرجل المتقي الرب المسرور جدا بوصاياه
112: 2 نسله يكون قويا في الارض جيل المستقيمين يبارك
112: 3 رغد و غنى في بيته و بره قائم الى الابد
112: 4 نور اشرق في الظلمة للمستقيمين هو حنان و رحيم و صديق
112: 5 سعيد هو الرجل الذي يتراف و يقرض يدبر اموره بالحق
112: 6 لانه لا يتزعزع الى الدهر الصديق يكون لذكر ابدي
112: 7 لا يخشى من خبر سوء قلبه ثابت متكلا على الرب
(2/302)
112: 8 قلبه ممكن فلا يخاف حتى يرى بمضايقيه
112: 9 فرق اعطى المساكين بره قائم الى الابد قرنه ينتصب بالمجد
112: 10 الشرير يرى فيغضب يحرق اسنانه و يذوب شهوة الشرير تبيد
113: 1 هللويا سبحوا يا عبيد الرب سبحوا اسم الرب
113: 2 ليكن اسم الرب مباركا من الان و الى الابد
113: 3 من مشرق الشمس الى مغربها اسم الرب مسبح
113: 4 الرب عال فوق كل الامم فوق السماوات مجده
113: 5 من مثل الرب الهنا الساكن في الاعالي
113: 6 الناظر الاسافل في السماوات و في الارض
113: 7 المقيم المسكين من التراب الرافع البائس من المزبلة
113: 8 ليجلسه مع اشراف مع اشراف شعبه
113: 9 المسكن العاقر في بيت ام اولاد فرحانة هللويا
من موقع الكلمة:
هَنيئًا لِمَنْ يَخافُ الرّبَّ ويُسَرُّ بِوصاياهُ جدُا. 2يكونُ نَسلُهُ قويُا في الأرضِ، فالمُستَقيمونَ يُبارِكُهُمُ الرّبُّ، 3ويكونُ المالُ والغِنى في بيتِهِ، وحقُّهُ يدومُ إلى الأبدِ. 4النُّورُ يُضيءُ في الظَّلامِ لِلمُستَقيمينَ، لأنَّ الرّبَّ حَنونٌ ورحيمٌ وعادِلٌ. 5الرَّجلُ الصَّالِحُ يتَحَنَّنُ ويُقرِضُ ويُدبِّرُ أمُورَهُ بالإنصافِ. 6الصِّدِّيقُ لن يَتزَعزَعَ إلى الأَبدِ، وذِكْرُهُ يبقَى مدَى الدَّهرِ. 7لا يخافُ مِنْ خبَرِ السُّوءِ، وبِقلبٍ ثابِتٍ يَتَّكِلُ على الرّبِّ، 8قلبُهُ راسخ فلا يخافُ حينما يرى خصومَهُ. 9يُوزِّعُ ويُعطي البائِسينَ، ففَضْلُهُ يدومُ إلى الأبدِ ورأسُه يرتَفِعُ بالمَجدِ، 10يراهُ الشِّرِّيرُ فيَغتَمُّ ويَصُرُّ بأسنانِهِ ويذُوبُ. فرَغَباتُ الشِّرِّيرِ تَبيدُ
هلِّلوا يا عبيدَ الرّبِّ. هلِّلوا لاَسمِ الرّبِّ. 2لِيكُنِ اَسمُ الرّبِّ مُبارَكًا مِنَ الآنَ وإلى الأبدِ. 3مِنْ مشرِقِ الشَّمسِ إلى مغرِبِها يُهَلِّلُ البشَرُ لاَسمِ الرّبِّ
(2/303)
4الرّبُّ مُتَعالٍ على الأمَمِ، وفوقَ السَّماواتِ مَجدُهُ. 5مَنْ مِثْلُ الرّبِّ إلهِنا، ذاكَ المُقيمُ في الأعالي؟ 6لكِنَّهُ ينحَني مِنْ أعاليهِ لِيرَى السَّماواتِ والأرضَ. 7يُقيمُ المِسكينَ عَنِ التُّرابِ ويَرفَعُ البائِسَ مِنَ المَزبَلَةِ 8لِيُجلِسَهُ معَ العُظَماءِ، معَ عُظماءِ شعبِهِ يُجلِسُهُ. 9يجعَلُ العاقِرَ في بَيتِها أُمَ بَنينَ فرحانَةً. هلِّلويا.
ولفظ "أحمد" اسم النبي صلى الله عليه وسلم هنا في الفصل الحادي عشر بعد المائة، بين الفصلين العشر بعد المائة الذي فيه"قال الرب لربي"، والفصل الثاني عشر بعد المائة الذي فيه البشارة التي ذكرها النبهاني.. من موقع النادي العربي:
111: 1 هللويا احمد الرب بكل قلبي في مجلس المستقيمين و جماعتهم
فهنا اسم النبي صلى الله عليه وسلم "أحمد" وأمته: "مجلس المستقيمين وجماعتهم".. فلا مانع أن تكون "أحمد" اسما لا فعلا، فتكون بمعنى "أحمد الرب" أي "أحمد المنتسب إلى الرب"، أي "أحمد نبي الرب"، أو "أحمد رسول الرب"، أو "أحمد خادم الرب"..
وقد وردت بشارة قديمة لبعض أهل الكتاب الذي أسلموا [وهو وهب بن منبه]، أن الله عز وجل أوحى لداود عليه السلام أنه سيأتي نبي بعده اسمه "أحمد"… مع وصف لأمته..
نقلا عن كتاب الدر المنثور من موقع المحدث:
(2/304)
وأخرج البيهقي في الدلائل عن وهب بن منبه قال: إن الله أوحى في الزبور " يا داود إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمد ومحمد صادقا نبيا لا أغضب عليه أبدا ولا يعصيني أبدا، وقد غفرت له أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأمته مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء، وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل، حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا لي لكل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم. يا داود إني فضلت محمدا وأمته على الأمم، أعطيتهم ست خصال لم أعطيها غيرهم من الأمم. لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان، وكل ذنب ركبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته، وما قدموا لآخرتهم من شيء طيبة به أنفسهم عجلته لهم أضعافا مضاعفة، ولهم عندي أضعاف مضاعفة وأفضل من ذلك، وأعطيتهم على المصائب في البلايا إذا صبروا وقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات النعيم، فإن دعوني استجبت لهم، فإما أن يروه عاجلا وإما أن أصرف عنهم سوءا وإما أن أؤخره لهم في الآخرة، يا داود من لقيني من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي صادقا بها فهو معي في جنتي وكرامتي، ومن لقيني وقد كذب محمدا وكذب بما جاء به واستهزأ بكتابي صببت عليه في قبره العذاب صبا، وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره من قبره، ثم أدخله في الدرك الأسفل من النار".
الدر المنثور في التفسير بالمأثور. الإصدار 1,38 - للإمام جلال الدين السيوطي
مكتوب بواسطة: ahmednou Aug 26 2004, 03:32 PM
أول الأنبياء وآخرهم
(2/305)
في مقالة سابقة تحت عنوان: إيليا ومسيا المنتظر… نقلت هذا النص من إنجيل برنابا في كلام عيسى (يسوع) عليه السلام مع الكاهن اليهودي عن مسيا المنتظر الذي اسمه "محمد" كما ذكر برنابا.. ص137:
أجاب يسوع:" حقا أن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي"..
ونقلت نص إنجيل يوحنا وأثبت أن هذا من كلام عيسى (يسوع) عليه السلام وليس من كلام يوحنا:
1: 27 هو الذي ياتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست بمستحق ان احل سيور حذائه
فنجد أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور في هذين النصين أنه قد خلق قبل عيسى(يسوع) عليه السلام ولكنه سيأتي بعده… وهذا يتفق مع حديث للنبي صلى الله عليه وسلم، ففي: الجامع لأحكام القرآن موقع المحدث: يقول القرطبي رحمه الله تعالى:
[ونظير هذا قوله تعالى: "وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري" [آل عمران: 81] الآية. أي أخذ عليهم أن يعلنوا أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلن محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نبّي بعده. وقّدم محمدا في الذكر لما روى قتادة عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح" قال: (كنت أولهم في الخلق وآخرهم في البعث). وقال مجاهد: هذا في ظهر آدم عليه الصلاة والسلام] انتهى كلام القرطبي..
مكتوب بواسطة: ahmednou Sep 3 2004, 08:20 PM
بشارة بعيسى "يسوع" عليه السلام
من البشارات القديمة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتي ذكرها النبهاني في كتابه"حجة الله على العالمين":
(2/306)
البشارة العشرون: قال إشعيا عليه السلام في كتابه:"قال لي الرب امض فقم على المنظرة نخبرك بما ترى فرأى راكبين أحدهما راكب حمار والآخر راكب جمل فبينا هو كذلك إذ أقبل أحد الركبين وهو يقول هوت بابل وتكسرت آلهتها المنجورة على الأرض فهذا الذي سمعت الرب آله نبي إسرائيل قد أنبأتكم" يقول النبهاني: يعني براكب الحمار عيسى (يسوع) وبراكب الجمل محمدا صلى الله عليه وسلم.. انتهى كلام النبهاني…
وهي موجودة في سفر إشعيا في الفصل الواحد والعشرين في الترجمات الإنجليزية التالية:
Young's Literal Translation
Isaiah 21 6 For thus said the Lord unto me: `Go, station the watchman, That which he seeth let him declare.' 7 And he hath seen a chariot -- a couple of horsemen, The rider of an ass, the rider of a camel, And he hath given attention -- He hath increased attention!
8 And he crieth -- a lion, `On a watch-tower my lord, I am standing continually by day, And on my ward I am stationed whole nights. 9 And lo, this, the chariot of a man is coming, A couple of horsemen.' And he answereth and saith: `Fallen, fallen hath Babylon, And all the graven images of her gods He hath broken to the earth.
The Douay-Rheims Bible
21:7 And he saw a chariot with two horsemen, a rider upon an ass, and a rider upon a camel: and he beheld them diligently with much heed.
Young's Literal Translation
21:7 And he hath seen a chariot -- a couple of horsemen, The rider of an ass, the rider of a camel, And he hath given attention -- He hath increased attention
وفي إنجيل يوحنا:
12: 12 و في الغد سمع الجمع الكثير الذي جاء الى العيد ان يسوع ات الى اورشليم
(2/307)
12: 13 فاخذوا سعوف النخل و خرجوا للقائه و كانوا يصرخون اوصنا مبارك الاتي باسم الرب ملك اسرائيل
12: 14 و وجد يسوع جحشا فجلس عليه كما هو مكتوب
12: 15 لا تخافي يا ابنة صهيون هوذا ملكك ياتي جالسا على جحش اتان
وفي إنجيل برنابا: ص247..
وكان فصح اليهود قريبا لذلك قال يسوع لتلاميذه:" لنذهب إلى أورشليم لنأكل حمل الفصح".. وأرسل بطرس ويوحنا إلى المدينة قائلا:"تجدان أتانا بجانب" باب المدينة مع جحش فحلاها واأتيا بها إلى هنا لأنه يجب أن أركبها إلى أورشليم فإذا سألكما أحد قائلا"لماذا تحلانها؟ فقولا لهم: المعلم محتاج إليها، فيسمحان لكما بإحضارها".. فذهب التلميذان فوجدا كل ما قال لهما يسوع عنه فأحضرا الأتان والجحش فوضع التلميذان ردائيهما على الجحش وركب يسوع" انتهى كلام برنابا..
والعجيب أن أكثر كتاب الكتاب المقدس لم يفهموا هذه البشارة في عيسى يسوع عليه السلام التي في إشعيا، فهي موجودة بمعان أخر في أكثر الترجمات الموجودة على النت.. فقد دخلت على حوالي ثلاثة وعشرين ترجمة على النت، ولم أجد: راكب الحمار وراكب الجمل، إلا في ثلاثة فقط المذكورة سابقا..
أما بقية الترجمات فقد ترجموها: قطيع من الحمير وقطيع من الجمال.. وبعضهم ترجمها راكبين على الحمير وراكبين على الجمال.. والبعض الآخر:عربة الحمير وعربة الجمال… على الرغم من أن عيسى يسوع عليه السلام ذكر لهم أن ركوبه على الحمار مكتوب في العهد القديم كما سبق من نص يوحنا..
وأما راكب الجمل فيعني نبينا صلى الله عليه وسلم، لأن الجمل كان راحلة العرب كما هو مشهور قديما وحديثا.. فيعني أن النبي الذي سوف يأتي بعد راكب الحمار سيكون من العرب…
(2/308)
ومشهد الاحتفال بعيسى يسوع عليه السلام وهو يدخل أورشليم المدينة المقدسة على حمار وفرحة المؤمنين به، يشبهه مشهد دخول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة في الهجرة المشرفة على جمل وفرحة أهل المدينة به صلى الله عليه وسلم وتحيتهم له.. فقد دخلها النبي صلى الله عليه وسلم وهو يركب ناقته، كما أخبر النبي إشعيا عليه السلام…
ففي رواية ابن عمر رضي الله عنهما في صفة دخول نبينا صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة في الهجرة:
- عن ابن عمر قال قال أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخل المدينة راشدا مهديا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فخرج الناس فجعلوا ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما مر على قوم قالوا: يا رسول الله! ههنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها مأمورة - يعني ناقته - حتى بركت على باب أبي أيوب الأنصاري.
(عد، كر). كنز العمال الإصدار 1.43 - للمتقي الهندي- 46319- موقع المحدث..
مكتوب بواسطة: ahmednou Sep 12 2004, 03:15 PM
تابع "راكب الجمل"
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا وهو يركب الجمل "ناقته" كما روى البخاري وغيره:
- حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته، وهو يقرأ سورة الفتح يرجع، وقال: لولا أن يجتمع الناس حولي لرجعت كما رجع.
[4555، 4747، 4760، 7102]
[ش أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: ذكر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم سورة الفتح، رقم: 794…
- صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري.. 4031- موقع المحدث..
وكذلك في الحديبية:
- حدثني عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر قال: أخبرني الزهري قال: أخبري عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان، يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه، قالا:
(2/309)
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، حتى كانوا ببعض الطريق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن خالد بن الوليد بالغميم، في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين). فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها، بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت، فقالوا خلأت القصواء، هلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل). ثم قال: (والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها).
صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري- 2581/2582… موقع المحدث..
أما النجاشي فقد شهد بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو راكب الجمل الذي بشر به الأنبياء، كما في قصة إسلامه:
فقد نقل النبهاني في كتابه "حجة الله على العالمين" ص117، في قصة الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم للنجاشي..
(2/310)
يقول النبهاني:"وكتب له صلى الله عليه وسلم كتابابسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة… أما بعد، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته، ألقاها إلى مريم الطاهرة البتول، الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه، ونفخه كما خلق آدم بيده، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني، فإني رسول الله، وإني أدعوك وجنودك إلى الله تعالى قد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، وقد بعثت إليكم ابن عمي جعفرا ومعه نفر من المسلمين والسلام على من اتبع الهدى). وبعث الكتاب مع عمرو بن أمية الضمري.. فقال النجاشي له عندما قرأ الكتاب: أشهد بالله أنه النبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب وأن بشارة موسى براكب الحمار [يعني عيسى يسوع عليه السلام] كبشارة عيسى براكب الجمل.. وإن العيان ليس بأشفى من الخبر عنه ولكن أعراني من الحبش قليل فأنظرني حتى أكثر الأعوان وألين القلوب…..
ثم كتب النجاشي جواب الكتاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: " بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمّد رسول الله[صلى الله عليه وسلم] من النّجاشي أصحمة، سلامٌ عليكَ يا رسول الله ورحمة الله وبركات الله الذي لا إله إلاّ هو، أمّا بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فما ذكرت من أمر عيسى، فوربِّ السَّماء والأرض إنّ عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا إنه كما ذكرت وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدّقاً، وقد بايعتك وبايعت ابن عمّك، وأسلمت على يديه لله ربِّ العالمين. وقد بعثت إليك بابني وإن شئت آتيك بنفسي فعلت يا رسول الله فإني أشهد أن ما تقوله حق والسلام عليك ورحمة الله وبركاته"…
انتهى كلام النبهاني ص117..
(2/311)
وكذلك أسلم كبير من كبار الروم، وذكر أن عيسى عليه السلام قد بشر بني يأتي من بعده، وهو "راكب الجمل" كما ذكر:
(2/312)
أبو بشر محمد بن عبيد الله الأردني قال لما نزل أبو عبيدة اليرموك وضم إليه قواصيه وجاءتنا جموع الروم بعث باهان صاحب جيش الروم رجلا من كبارهم وعظمائهم يقال له جرجير إلى أبي عبيدة بن الجراح فأتى أبا عبيدة فقال له: إني رسول باهان إليك ، وهو عامل ملك الروم على الشام وعلى هذه الحصون ، وهو يقول لك أرسل إلي الرجل الذي كان قبلك أمير ، فإنه قد ذكر لي أن ذلك الرجل له عقل وله فيكم حسب فنخبره بما نريد ، ونسأله عما تريدون ، فإن وقع بيننا وبينكم أمر لنا فيه ولكم صلاح أخذنا الحظ من ذلك وحمدنا الله عليه ، وإن لم يتفق ذلك بيننا وبينكم ، فإن القتال من وراء ما هناك ، فدعا أبو عبيدة خالدا فأخبره بالذي جاء فيه الرومي ، وقال لخالد: القهم فادعهم إلى الإسلام فإن قبلوا وإلا فاعرض عليهم الجزية فإن أبوا فأعلمهم أنا سنناجزهم حتى يحكم الله عز وجل بيننا وبينهم ، قال وجاءهم رسولهم الرومي عند غروب الشمس فلم يمكث ولكن إذا أصبحت غدوت إلى صاحبك إن شاء الله فارجع فأعلمه فجعل المسلمون ينتظرون الرومي أن يقوم إلى صاحبه ويخبره بما ردوا عليه فأخذ الرومي لا يبرح وينظر إلى رجال من المسلمين وهم يصلون ويدعون الله عز وجل ويتضرعون إليه ، فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: إن رسولكم هذا الذي أرسل إليكم لمجنون ، فقال أبو عبيدة: كلا أما تنظر إلى نظره إلى المسلمين ، وجعل الرومي ما يصرف بصره عنهم فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: إني لأرجو أن يكون الله عز وجل قد قذف في قلبه الإيمان ، وحببه إليه ، وعرفه فضله ، فمكث الرومي بذلك قليلا ثم أقبل على أبي عبيدة رضي الله عنه فقال: أيها الرجل متى دخلتم في هذا الدين؟ ومتى دعوتم إليه الناس؟ فقال أبو عبيدة: منذ بضع وعشرين سنة فمنا من أسلم حين أتاه الرسول ، ومنا من أسلم بعد ذلك ، فقال: هل كان رسولكم أخبركم أنه يأتي من بعده رسول عيسى بن مريم عليه السلام ذلك من الشاهدين؟ ، فإن عيسى صلوات الله عليه(2/313)
قد بشرنا براكب الجمل ، وما أظنه إلا صاحبكم ، فأخبرني: هل قال صاحبكم في عيسى شيئا؟ وما قولكم أنتم فيه؟ قال أبو عبيدة: قول صاحبنا هو قول الله تبارك وتعالى وهو أصدق القول وأبره (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) وقال عز وجل (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه إلى قوله لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون)
ففسر له الترجمان هذا بالرومية ، فقال: أشهد أن هذه صفة عيسى بن مريم ، وأشهد أن نبيكم صلى الله عليه وسلم صادق ، وأنه الذي بشرنا به عيسى عليه السلام ، وأنكم قوم صدق ، وقال لأبي عبيدة رضي الله عنه: ادع لي رجلين من أوائل أصحابك إسلاما ، وهما فيما ترى أفضل ، فدعا له أبو عبيدة: معاذ بن جبل ، وسعيد بن زيد بن هذان من أفضل المسلمين إسلاما ، فقال لهم الرومي: أتضمنون لي الجنة إن أنا أسلمت وجاهدت معكم؟ قالوا: نعم إن أنت أسلمت ، واستقمت ولم تغير حتى تموت وأنت على ذلك ، فأسلم وفرح المسلمون بإسلامه وصافحوه ودعوا له بخير.]
منقولة من صفحة الأستاذ:أبو بكر:"من ينصر الله ورسوله معنا في منتدى الرد على الشبهات، وقد عزاها إلى "دلائل النبوة للبيهقي" ولم أراجعها بعد في كتاب دلائل النبوة..
فارجع إلى صفحة الأستاذ أبي بكر الرائعة القيمة، واستفد مما فيها من دلائل النبوة:
http://www.aljame3.com/forums/index.php?showtopic=2498&st=10
مكتوب بواسطة: ahmednou Sep 12 2004, 03:16 PM
بشارة أخرى بعيسى "يسوع" عليه السلام
يقول النبهاني ص 81: نقلا عن دلائل النبوة للماوردي في بشارات داود عليه السلام بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في نسخة قديمة للكتاب المقدس: " ومن بشائره عليه السلام في مزمور آخر قال:" اللهم ابعث جاعل السنة حتى يُعلِم الناس أنه بشر"..
(2/314)
يقول النبهاني: أي ابعث نبيا يعلم الناس أن المسيح بشر لعلم داود أن قوما سيدعون للمسيح ما ادعوه وهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم…
وأقرب نص في الكتاب المقدس للنص السابق وجدته في الترجمتين الإنجليزتين التاليتين، ولكنه بلفظ الجمع، أي: "ليعلم الناس أنهم بشر"…
Young's Literal Translation
Psalms 9
9:20 Appoint, O Jehovah, a director to them, Let nations know they [are] men! Selah.
The Douay-Rheims Bible
9:20 (9-21) Appoint, O Lord, a lawgiver over them: that the Gentiles may know themselves to be but men.
و ترجمة كلمة:
lawgiver
"صاحب الشريعة".. من قاموس "المورد".. وهي تنطبق على نبينا صلى الله عليه وسلم لأنه جاء بشريعة كاملة تنسخ جميع الشرائع السابقة..
ولا نزال نحتاج إلى الرجوع إلى النسخة القديمة التي نقل منها الماوردي رحمه الله تعالى، والله تعالى أعلم…
الترجمات الإنجليزية من موقع:
http://www.crosswalk.com/
مكتوب بواسطة: ahmednou Sep 12 2004, 03:19 PM
آدم ومحمد عليهما الصلاة والسلام
ورد في إنجيل برنابا ص76: يقول برنابا: "فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصها:"لا إله إلا الله ومحمد رسول الله" ففتح حينئذ فاه وقال:"أشكرك أيها الرب إلهي لأنك تفضلت فخلقتني، ولكن أضرع إليك أن تنبئني ما معنى هذه الكلمات"محمد رسول الله"
(2/315)
فأجاب الله" مرحبا بك يا عبدي آدم وإني أقول لك إنك أول إنسان خلقت وهذا الذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة، وسيكون رسولي الذي لأجله خلقت كل الأشياء الذي متى جاء سيعطي نورا للعالم الذي كانت نفسه موضوعة في بهاء سماوي ستين ألف سنة قبل أن أخلق شيئا"فضرع آدم إلى الله قائلا:" يا رب هبني هذه الكتابة على أظفار أصابع يدي".. فمنح الله الإنسان الأول تلك الكتابة على إبهامية على ظفر إبهام اليد اليمنى ما نصه"لا إله إلا الله" وعلى ظفر إبهام اليد اليسرى ما نصه:"محمد رسول الله" فقبل الإنسان الأول بحنو أبوي هذه الكلمات ومسح عينيه وقال:"بورك ذلك اليوم الذي ستأتي فيه إلى العالم" انتهى كلام برنابا..
وفي برنابا ص79: يقول برنابا:" فاحتجب الله وطردهما الملاك ميخائيل من الفردوس، فلما التفت آدم رأى مكتوبا فوق الباب:"لا إله إلا الله محمد رسول الله" فبكى عند ذلك وقال:"أيها الابن عسى الله أن يريد أن تأتي سريعا وتخلصنا من هذا الشقاء"…انتهى كلام برنابا..
وفي المستدرك على الصحيحين،الإصدار 2.02 – للإمام محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري…4228 / 238
- حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل، حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري، حدثنا إسماعيل بن مسلمة، أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي.
فقال الله: يا آدم، وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟
قال: يا رب، لأنك لما خلقتني بيدك، ونفخت في من روحك، رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك.
(2/316)
فقال الله: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، ادعني بحقه، فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك).
وقال الحاكم:هذا حديث صحيح الإسناد … موقع المحدث
- أقول: وسؤال الله عز وجل لآدم هنا، وهو أعلم بما في نفس آدم، للإقرار وتعظيم المتكلم عنه والتذكير به صلى الله عليه وسلم، وليس للعلم والاستفسار.. ولأن الله عز وجل هو الذي أخبر آدم من قبل عندما خلقه، بمحمد صلى الله عليه وسلم..
وذكره النبهاني في كتابه:حجة الله على العالمين" ص157: نقلا عن دلائل النبوة للبيهقي..
- ويقول النبهاني في كتابه"حجة الله على العالمين" ص162: قال الحافظ أبو علي الحسن بن علي بن عبد الملك الرهوني المعروف بابن القطان في كتابه البشائر والإعلام لسياق ما لسيدنا ومولانا محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام من الآيات البينات والمعجزات الباهرات والأعلام: كان من أول ما ظهر من آياته صلى الله عليه وسلم قبل البدء ما رواه علي بن الحسين عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت نورا بين يدي ربي عز وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام… -
مكتوب بواسطة: عمرو إبن العاص Sep 12 2004, 10:46 PM
جزاك الله خيرا اخى العزيز احمد على مجهودك الكبير ومواضيعك المميزه منذ بدايات المنتدى
بارك الله فيك وحفظك للإسلام والمسلمين
مكتوب بواسطة: ahmednou Sep 20 2004, 03:16 PM
ليلة القدر واليوبيل
في إنجيل برنابا ص 123 إلى 126 في قصة عيسى "يسوع عليه السلام في مدينة السامرة: يقول الحواري برنابا رحمه الله:
ص 123: وبلغ يسوع باكرا صباح يوم بئرا كان قد صنعها يعقوب ووهبها ليوسف ابنه، ولما أعيا يسوع من السفر أرسل تلاميذه إلى المدينة ليشتروا طعاما، فجلس بجانب البئر على حجر البئر، وإذا بامرأة من السامرة قد جاءت إلى البئر لتستقي ماء..
(2/317)
فقال يسوع للمرأة:" أعطني لأشرب"، فأجابت المرأة:"ألا تخجل وأنت عبراني أن تطلب مني شربة ماء وأنا امرأة سامرية؟"
أجاب يسوع:"أيتها المرأة لو كنت تعلمين من يطلب منك شربة لطلبت أنت منه شربة"
أجابت المرأة:" وكيف تعطيني لأشرب ولا إناء ولا حبل معك لتجذب به الماء والبئر عميقة؟"
أجاب يسوع:"أيتها المرأة من يشرب من ماء هذه البئر يعاوده العطش أما من يشرب من الماء الذي أعطيه فلا يعطش أبدا بل يعطي العطاش ليشربوا بحيث يصلون إلى الحياة الأبدية"
فقالت المرأة:" يا سيد أعطني من مائك هذا"
أجاب يسوع:" اذهبي وادعي زوجة وإياكما أعطي لتشربا"
قالت المرأة:"ليس لي زوج"
أجاب يسوع:" حسنا قلت الحق لأنه كان لك خمسة أزواج والذي معك الآن ليس هو زوجك"
فلما سمعت المرأة هذا اضطربت وقالت يا سيد أرى بهذا أنك نبي.. لذلك أضرع إليك أن تخبرني عما يأتي: أن العبرانيين يصلون على جبل صهيون في الهيكل الذي بناه سليمان في أرشليم ويقولون إن نعمة الله ورحمته توجد هناك لا في موضع آخر.. أما قومنا فإنهم يسجدون على هذه الجبال ويقولون إن السجود إنما يجب أن يكون على جبال السامرة فقط فمن هم الساجدون الحقيقيون؟
ص 124 تابع الحديث مع المرأة السامرية:
حينئذ تنهد يسوع وبكى قائلا:" ويل لك يا بلاد اليهودية لأنك تفخرين قائلة:"هيكل الرب هيكل الرب" وتعيشين كأنه لا إله منغمسا في الملذات ومكاسب العالم، فإن هذه المرأة تحكم عليك بالجحيم في يوم الدين، لأن هذه المرأة تطلب أن تعرف كيف تجد نعمة ورحمة عند الله"
(2/318)
ثم التفت إلى المرأة وقال:"أيتها المرأة إنكم أنتم السامرون تسجدون لما لا تعرفون، أما نحن العبرانيين فنسجد لمن نعرف الحق أقول لك إن الله روح وحق ويجب أن يسجد له بالروح والحق لأن عهد الله إنما أخذ في أورشليم في هيكل سليمان لا في موضع آخر ولكن صدقيني أنه يأتي وقت يعطي الله فيه رحمته في مدينة أخرى ويمكن السجود له في كل مكان بالحق ويقبل الله الصلاة الحقيقية في كل مكان رحمته"
أجابت المرأة:"إننا ننتظر مسيا فمتى جاء يعلمنا"
أجاب يسوع:"أتعلمين أيتها المرأة أن مسيا لا بد أن يأتي؟"
أجابت:" نعم يا سيدي".
حينئذ تهلل يسوع وقال:" يلوح لي أيتها المرأة أنك مؤمنة فاعلمي إذا أنه بالإيمان بمسيا سيخلص كل مختار الله إذا وجب أن تعرفي مجيء مسيا"
قالت المرأة:" لعلك أنت مسيا أيها السيد"
أجاب يسوع:" إني حقا أرسلت إلى بيت إسرائيل نبي خلاص ولكن سيأتي بعدي مسيا المرسل من الله لكل العالم الذي لأجله خلق الله العالم.. وحينئذ يسجد لله في كل العالم وتنال الرحمة حتى أن سنة اليوبيل التي تجيء الآن كل مئة سنة سيجعلها مسيا كل سنة في كل مكان"
حينئذ تركت المرأة جرتها وأسرعت إلى المدينة لتخبر بكل ما سمعت من يسوع..
ص125:
وبينما كانت المرأة تكلم يسوع، جاء تلاميذه وتعجبوا أنه كان يتكلم هكذا مع امرأة ولم ذلك لم يقل له أحد:"لماذا تتكلم هكذا مع امرأة سامرية"
فلما انصرفت المرأة قالوا:" يا معلم تعالى وكل"
أجاب يسوع:"يجب أن آكل طعاما آخر"
فقال التلاميذ بعضهم لبعض:" لعل مسافر كلم يسوع وذهب ليفتش له على طعام فسألوه الذي يكتب هذا قائلين:" هل كان هنا أحد يمكنه أن يحضر طعاما للمعلم يا برنابا؟"
فأجاب الذي يكتب:" لم يكن هنا من أحد خلا المرأة التي رأيتموها التي أحضرت هذا الإناء الفارغ لتملأه ماء"
(2/319)
فوقف التلاميذ مندهشين منتظرين نتيجة كلام يسوع.. عندئذ قال يسوع:" إنكم لا تعلمون الطعام الحقيقي هو عمل مشيئة الله، لأنه ليس الخبز الذي يقيت الإنسان ويعطيه حياة بل بالحري كلمة الله بإرادته، فلهذا السبب لا تأكل الملائكة الأطهار بل يعيشون ويتغذون بإرادة الله وهكذا نحن وموسى وإيليا وواحد آخر لبثنا أربعين يوما وأربعين ليلة بدون شيء من الطعام"
ثم رفع يسوع عينيه وقال:" متى يكون الحصاد؟"
ص126..
قال يسوع: انظروا الآن كيف أن الجبال بيضاء بالحبوب، الحق أقول لكم إنه يوجد اليوم حصاد عظيم يجنى وحينئذ أشار إلى الجم الغفير الذي أتى ليراه لأن المرأة لما دخلت المدينة أثارت المدينة بأسرها قائلة:" أيها القوم تعالوا وانظروا نبيا جديدا مرسلا من الله إلى بيت إسرائيل وقصت عليهم كلم ما سمعت من يسوع، فلما أتوا إلى هناك توسلوا إلى يسوع أن يمكث عندهم، فدخل المدينة ومكث هناك يومين شافيا كل المرضى ومعلما ما يختص بملكوت الله..
حينئذ قال أهل المدينة للمرأة:" إنك أكثر إيمانا بكلامه وآياته منا بما قلت لأنه قدوس الله حقا ونبي مرسل لخلاص الذين يؤمنون به"..
وبعد صلاة نصف الليل اقترب التلاميذ من يسوع فقال لهم "ستكون هذه الليلة في زمن مسيا رسول الله اليوبيل السنوي الذي يجيء الآن كل مائة سنة.. لذلك لا أريد أن ننام بل نصلي محنين رأسنا مائة مرة ساجدين لإلهنا القدير الرحيم المبارك إلى الأبد، فلنقل مرة:" أعترف بك إلهنا الأحد الذي ليس لك من بداية ولا يكون لك من نهاية، لأنك برحمتك أعطيت كل الأشياء بدايتها وستعطي بعدك الكل نهاية، لا شبه لك بين البشر، لأنك بجودك غير المتناهي لست عرضة للحركة ولا كعارض.. ارحمنا لأنك خلقتنا ونحن عمل يدك..
لما صلى يسوع قال:" لنشكر الله أنه وهبنا هذه رحمة عظيمة لأنه أعاد الذي يلزم أن يمر في هذه الليلة إذ قد صلينا بالاتحاد مع رسول، وقد سمعت صوته"..
(2/320)
ونص الكتاب المنسوب إلى يوحنا الحواري رحمه الله تعالى في قصة مدينة السامرة:
4: 5 فاتى الى مدينة من السامرة يقال لها سوخار بقرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه
4: 6 و كانت هناك بئر يعقوب فاذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر و كان نحو الساعة السادسة
4: 7 فجاءت امراة من السامرة لتستقي ماء فقال لها يسوع اعطيني لاشرب
4: 8 لان تلاميذه كانوا قد مضوا الى المدينة ليبتاعوا طعاما
4: 9 فقالت له المراة السامرية كيف تطلب مني لتشرب و انت يهودي و انا امراة سامرية لان اليهود لا يعاملون السامريين
4: 10 اجاب يسوع و قال لها لو كنت تعلمين عطية الله و من هو الذي يقول لك اعطيني لاشرب لطلبت انت منه فاعطاك ماء حيا
4: 11 قالت له المراة يا سيد لا دلو لك و البئر عميقة فمن اين لك الماء الحي
4: 12 العلك اعظم من ابينا يعقوب الذي اعطانا البئر و شرب منها هو و بنوه و مواشيه
4: 13 اجاب يسوع و قال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا
4: 14 و لكن من يشرب من الماء الذي اعطيه انا فلن يعطش الى الابد بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة ابدية
4: 15 قالت له المراة يا سيد اعطني هذا الماء لكي لا اعطش و لا اتي الى هنا لاستقي
4: 16 قال لها يسوع اذهبي و ادعي زوجك و تعالي الى ههنا
4: 17 اجابت المراة و قالت ليس لي زوج قال لها يسوع حسنا قلت ليس لي زوج
4: 18 لانه كان لك خمسة ازواج و الذي لك الان ليس هو زوجك هذا قلت بالصدق
4: 19 قالت له المراة يا سيد ارى انك نبي
4: 20 اباؤنا سجدوا في هذا الجبل و انتم تقولون ان في اورشليم الموضع الذي ينبغي ان يسجد فيه
4: 21 قال لها يسوع يا امراة صدقيني انه تاتي ساعة لا في هذا الجبل و لا في اورشليم تسجدون للاب
4: 22 انتم تسجدون لما لستم تعلمون اما نحن فنسجد لما نعلم لان الخلاص هو من اليهود
(2/321)
4: 23 و لكن تاتي ساعة و هي الان حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للاب بالروح و الحق لان الاب طالب مثل هؤلاء الساجدين له
4: 24 الله روح و الذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي ان يسجدوا
4: 25 قالت له المراة انا اعلم ان مسيا الذي يقال له المسيح ياتي فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء
4: 26 قال لها يسوع انا الذي اكلمك هو
4: 27 و عند ذلك جاء تلاميذه و كانوا يتعجبون انه يتكلم مع امراة و لكن لم يقل احد ماذا تطلب او لماذا تتكلم معها
4: 28 فتركت المراة جرتها و مضت الى المدينة و قالت للناس
4: 29 هلموا انظروا انسانا قال لي كل ما فعلت العل هذا هو المسيح
4: 30 فخرجوا من المدينة و اتوا اليه
4: 31 و في اثناء ذلك ساله تلاميذه قائلين يا معلم كل
4: 32 فقال لهم انا لي طعام لاكل لستم تعرفونه انتم
4: 33 فقال التلاميذ بعضهم لبعض العل احدا اتاه بشيء لياكل
4: 34 قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني و اتمم عمله
4: 35 اما تقولون انه يكون اربعة اشهر ثم ياتي الحصاد ها انا اقول لكم ارفعوا اعينكم و انظروا الحقول انها قد ابيضت للحصاد
4: 36 و الحاصد ياخذ اجرة و يجمع ثمرا للحياة الابدية لكي يفرح الزارع و الحاصد معا
4: 37 لانه في هذا يصدق القول ان واحدا يزرع و اخر يحصد
4: 38 انا ارسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه اخرون تعبوا و انتم قد دخلتم على تعبهم
4: 39 فامن به من تلك المدينة كثيرون من السامريين بسبب كلام المراة التي كانت تشهد انه قال لي كل ما فعلت
4: 40 فلما جاء اليه السامريون سالوه ان يمكث عندهم فمكث هناك يومين
4: 41 فامن به اكثر جدا بسبب كلامه
4: 42 و قالوا للمراة اننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لاننا نحن قد سمعنا و نعلم ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم
4: 43 و بعد اليومين خرج من هناك و مضى الى الجليل
ملاحظات حول النصين:
(2/322)
يلاحظ تشابه نص برنابا مع نص يوحنا في كثير من الألفاظ، إلا في عدة مواضع كذكر اليوبيل… ونص برنابا أوضح وأسهل فهما من نص يوحنا، وفيه بعض الزيادات التي جعلت النص أكثر سهولة في الفهم.. مثل قصة ترك يسوع للأكل، وسؤال السامرية عن موضع الصلاة واختلاف السامريين مع اليهود في هذه المسألة…
- وصلاة عيسى "يسوع" عليه السلام في تلك الليلة: ليلة اليوبيل أو ليلة القدر، وإخباره بأن هذه صلاة مسيا في تلك الليلة كما في إنجيل برنابا، تتشابه مع ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان أي في الليالي التي تأتي فيها ليلة القدر.. كما في الأحاديث النبوية المشرفة:
7 - (1174) حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وابن أبي عمر. جميعا عن ابن عيينة. قال إسحاق: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي يعفور، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها. قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دخل العشر، أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر.
صحيح مسلم. الإصدار 2.06 - للإمام مسلم
وفي شرح مسند أبي حنيفة، الإصدار 1.05 - للإِمام القاري
إذا دخل العشر الأواخر شد صلى اللّه عليه وسلم الميزر
وبه: (عن الهيثم، عن رجل، عن عائشة، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا دخل شهر رمضان نام) أي أحياناً، في أول الليل (وقام) أي للصلاة أحياناً، أو نام أول الليل وقام آخره، وهذه عادته المستمرة (وإذا دخل العشر الأواخر) وهو وقت الاعتكاف (شد الميزر) بكسر الميم، أي ربط الإزار ربطاً شديداً، أو كناية عن ترك الجماع، أو عن كثرة العبادة كما يعبر عنها بالتشمير أيضاً، ويشير إليه قوله (وأحيا الليل) أي غالبه، أو كله، والظاهر هو الأول، إذ لم يرو صريحاً أنه عليه الصلاة والسلام ترك المنام في الليل جميعه.
(2/323)
والحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، عنها، بلفظ: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد، وشد الميزر.
وروى في حديث مسلم عنها، قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره.
- ونص الحواري برنابا رحمه الله تعالى في موضع الصلاة، يتفق مع ما حصل من جواز الصلاة في أي موضع لأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كما في الأحاديث النبوية المشرفة..
ونص الحواري برنابا رحمه الله في ذلك:
ولكن صدقيني أنه يأتي وقت يعطي الله فيه رجمته في مدينة أخرى ويمكن السجود له في كل مكان بالحق ويقبل الله الصلاة الحقيقية في كل مكان رحمته..
ونص كتاب يوحنا في الرد على كلام المرأة السامرية في اختلاف موضع الصلاة بين السامريين واليهود:
اباؤنا سجدوا في هذا الجبل و انتم تقولون ان في اورشليم الموضع الذي ينبغي ان يسجد فيه..
فرد عيسى "يسوع" عليه السلام:
4: 21 قال لها يسوع يا امراة صدقيني انه تاتي ساعة لا في هذا الجبل و لا في اورشليم تسجدون للاب..
و لكن تاتي ساعة و هي الان حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للاب بالروح و الحق لان الاب طالب مثل هؤلاء الساجدين له
4: 24 الله روح والذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي ان يسجدوا
أقول: نص يوحنا هنا فيه اضطراب، لأن سؤال المرأة على مكان السجود، لا يتناسب معه إجابة نبي الله عيسى يسوع عليه السلام، إلا إذا أولنا جملة:" لأن الأب طالب مثل هؤلاء الساجدين له" إلى معنى أنه سيطلبهم في أي مكان، أي يقبل صلاتهم في أي مكان..
بينما نجد نص برنابا واضحا متسق السياق وإجابة عيسى يسوع عليه السلام تناسب سؤال المرأة…
ولم أجدها صريحة في جميع النسخ التي بحثت فيها إلا في نسخة:
The Message
4:23
(2/324)
But the time is coming - it has, in fact, come - when what you're called will not matter and where you go to worship will not matter.
فهي هنا صريحة مثل ما في برنابا: في أي مكان يصلى لله فيه.. وهي الإجابة المناسبة لسؤال المرأة السامرية…
وأما الحديث الذي يتفق مع هذا:
328 - حدثنا محمد بن سنان قال: حدثنا هشيم (ح). قال: وحدثني سعيد بن النضر قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا سيار قال: حدثنا يزيد، هو ابن صهيب الفقير، قال: أخبرنا جابر بن عبد الله:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمسا، لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة).
[427، 2954].
[ش أخرجه مسلم في أول كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم: 521.
(نصرت بالرعب) هو الخوف، يقذف في قلوب أعدائي. (مسيرة شهر) أي بيني وبينه مسيرة شهر. (المغانم) جمع مغنم، وهو الغنيمة، وهو كل ما يحصل عليه المسلمون من الكفار قهرا]. صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
وإذا نظرنا إلى التاريخ والواقع المعاصر، لم نجد من يسجد لله عز وجل كما ذكر نبي الله عيسى"يسوع" عليه السلام إلا المسلمون.. فقد فرض عليهم أن يسجدوا لله في أي مكان يحضرهم فيه وقت الصلاة في خمس فرائض سبعة عشر ركعة في كل ركعة سجدتان غير النوافل.. وليس هناك غير المسلمين في جميع أنحاء العالم الآن من يفعل ذلك…
- وقول كاتب يوحنا:" 4: 26 قال لها يسوع انا الذي اكلمك هو "
لعل أصله اعتراف عيسى يسوع عليه السلام أنه نبي. كما ذكر برنابا:
"إني حقا أرسلت إلى بيت إسرائيل نبي خلاص"
فيكون نص يوحنا جزءا من نص أكبر منه..
(2/325)
- وامتناع عيسى يسوع عليه السلام عن الطعام، وذكر أنه يأكل طعاما آخر، شبيه بما ورد عندنا من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان أنه يأكل طعاما آخر عند ربه…
نص الحواري برنابا رحمه الله تعالى: إنكم لا تعلمون الطعام الحقيقي هو عمل مشيئة الله، لأنه ليس الخبز الذي يقيت الإنسان ويعطيه حياة بل بالحري كلمة الله بإرادته، فلهذا السبب لا تأكل الملائكة الأطهار بل يعيشون ويتغذون بإرادة الله وهكذا نحن وموسى وإيليا وواحد آخر لبثنا أربعين يوما وأربعين ليلة بدون شيء من الطعام"
ونص الكتاب المنسوب إلى يوحنا الحواري رحمه الله:
4: 32 فقال لهم انا لي طعام لاكل لستم تعرفونه انتم
4: 33 فقال التلاميذ بعضهم لبعض العل احدا اتاه بشيء لياكل
4: 34 قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني و اتمم عمله
وأما الأحاديث النبوية المشرفة في وصال النبي صلى الله عليه وسلم:
/1865 - حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: حدثني أبو سلمة ابن عبد الرحمن: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله، قال: (وأيكم مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقين). فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يوما، ثم يوما، ثم رأوا الهلال، فقال: (لو تأخر لزدتكم). كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا.
[ش أخرجه مسلم في الصيام، باب: النهي عن الوصال في الصوم، رقم: 1103.
(أبوا) لأنهم فهموا من النهي التنزيه لا التحريم. (رأوا الهلال) الظاهر أنه هلال شوال. (لزدتكم) أي في الوصال إلى أن تعجزوا عنه فتطلبوا التخفيف بتركه. (كالتنكيل لهم) أي خاطبهم بهذا على وجه الزجر لهم والتحذير من التشديد على أنفسهم في دين الله تعالى].
(1865) - حدثنا يحيى: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام: أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه،
(2/326)
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والوصال). مرتين، قيل: إنك تواصل، قال: (إني أبيت يطعمني ربي ويسقين، فاكلفوا من العمل ما تطيقون).
[6459، 6815، 6869]
[ش (إياكم) أحذركم. (فاكلفوا) تكلفوا. (ما تطيقون) ما تقدرون عليه دون مشقة]. صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
فقوله صلى الله عليه وسلم: ، إني أبيت يطعمني ربي ويسقين.. يشبه قول عيسى "يسوع" عليه السلام في قوله:
4: 32 انا لي طعام لاكل لستم تعرفونه انتم..
- ولفظ :" الذي يسمى المسيح" الظاهر أنها ليست من كلام المرأة السامرية ولكن من تفسير بعض الكتاب الذين كتبوا الكتاب المقدس، لأنها في بعض النسخ غير موجودة، وفي بعضها بين قوسين..
ففي نسخة:
The New Living Translation
The New Revised Standard Version
4:25 The woman said to him, "I know that Messiah is coming" (who is called Christ). "When he comes, he will proclaim all things to us."
وفي عدة نسخ أخرى مثل:
New Century Version
GOD'S WORD
وفي نسخ:
The Good News Translation
4:25 The woman said to him, "I know that the Messiah will come, and when he comes, he will tell us everything."
وفي عدة نسخ أخرى مثل:
The Message
وفي نسخة:
The Complete Jewish Bible
4:25 The woman replied, "I know that Mashiach is coming" (that is, "the one who has been anointed"). "When he comes, he will tell us everything."
- وقول برنابا رحمه الله:
أجاب يسوع:" إني حقا أرسلت إلى بيت إسرائيل نبي خلاص ولكن سيأتي بعدي مسيا المرسل من الله لكل العالم"
يتفق مع ما في إنجيل متى بأن عيسى يسوع عليه السلام لم يرسل إلا إلى بني إسرائيل..
نص متى:
22 و اذا امراة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت اليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود ابنتي مجنونة جدا
(2/327)
15: 23 فلم يجبها بكلمة فتقدم تلاميذه و طلبوا اليه قائلين اصرفها لانها تصيح وراءنا
15: 24 فاجاب و قال لم ارسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة
15: 25 فاتت و سجدت له
ويتفق مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم السابق أنه أرسل للناس كافة:[ وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة].
وصدق الله العظيم:{ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ {6}} الصف..
التخريجات من موقع المحدث..
والترجمات الإنجليزية من موقع
http://bible.crosswalk.com
والنسخة العربية من موقع النادي العربي..
مكتوب بواسطة: ahmednou Sep 20 2004, 03:18 PM
تعديل في مقالة: إيليا ومسيا المنتظر
قلت سابقا في تلك المقالة ما نصه:
وأما النص الذي زعم كاتب إنجيل [برنابا] أنه إخبار يوحنا المعمدان بأن إيليا أو النبي أو الرسول سوف يأتي فهذا هو نصه..
وتصحيحه هو "النص الذي زعم كاتب إنجيل [يوحنا] أنه إخبار"
وملحوظة أخرى جديدة:
كنت أظن أن يوحنا المعمدان هو يوحنا الحواري، ولكن بعد مراجعة قصة يوحنا من كتب العهد الجديد وجدت أن يوحنا المعمدان هو يوحنا النبي "يحيى" ابن زكريا عليه السلام، وهو الذي سجن قبل أن يتعرف عيسى يسوع عليه السلام على الحواريين، وقتل يحيى عليه السلام في أول فترة دعوة عيسى عليه السلام..
وقد رجحت أن بشارة يوحنا عليه السلام بعيسى هي من ألفاظ عيسى يسوع عليه السلام، كما في برنابا..
وقد أصبحت الآن متأكدا من ذلك..
لأنه في نص إنجيل يوحنا في البشارة التي زعم كاتب يوحنا أنها من يوحنا عليه السلام في عيسى يسوع عليه السلام، يقول يوحنا كما زعم كاتب إنجيل يوحنا:
1: 31 و انا لم اكن اعرفه لكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت اعمد بالماء
(2/328)
1: 33 و انا لم اكن اعرفه لكن الذي ارسلني لاعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا و مستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس
وفي إحدى الترجمات الإنجليزية أنه ما زال لا يعرفه:
31 I did not know who he would be
33 I still did not know that he was the one
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/bible.cgi?passage=joh+1:11&version=gnt&context=1&showtools=1
The Good News Translation
فهذا أكبر دليل على أن هذه البشارة ليست من كلام يحيى (يوحنا) عليه السلام في عيسى يسوع عليه السلام، لأن عيسى عليه السلام ابن خالة يوحنا عليه السلام، فكيف لا يعرفه يوحنا وهو ابن خالته..
في لوقا: في كلام جبريل عليه السلام لمريم رضي الله عنها:
1: 36 و هوذا اليصابات نسيبتك هي ايضا حبلى بابن في شيخوختها و هذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا
والنص الدال على أن يوحنا المعمدان هو نفسه يوحنا النبي عليه السلام:
Transliterated Word
Ioannes
Definition
John = "Jehovah is a gracious giver"
1. John the Baptist was the son of Zacharias and Elisabeth, the forerunner of Christ. By order of Herod Antipas he was cast into prison and afterwards beheaded.
من موقع:
http://bible.crosswalk.com/Lexicons/Greek
مكتوب بواسطة: ahmednou Sep 20 2004, 05:10 PM
وجزاك الله خيرا أخي عمرو بن العاص، وجعلك الله من الفاتحين للبلدان والمواقع..
وليس هذا بمجهودي ولكنه فيض المنان وفتح الكريم ورحمة رب العالمين وتوفيق العليم الحكيم، ونصرته لكل من ينصر نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم..
وجزى الله خيرا جميع المشرفين الذين هيئوا لنا الكتابة في هذا الموقع وسهلوه لنا، وجعلوه نصرة للإسلام وذبا عن النبي الأمين خاتم المرسلين وحبيب رب العالمين…
مكتوب بواسطة: ahmednou Dec 31 2004, 05:18 PM
تنبيه على مقالة "خاتم النبوة"
(2/329)
كنت قد ذكرت أن الشيخ أبا بكر الجزائري رحمه الله تعالى قد كتب البشارات بالنبي صلى الله عليه وسلم في كتابه هذا الحبيب دون أن يذكر المرجع، ولكني وجدت في هامش إحدى هذه البشارات أنه قد نقلها من كتاب ابن تيمية الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.. وعلى هذا نقلت البشارة المذكور فيها خاتم النبوة من كتاب ابن تيمية..
يقول ابن تيمية في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح أن من البشارات القديمة التي كان يذكرها أهل الكتاب الذين أسلموا في النبي صلى الله عليه وسلم:
[قالوا وقال أشعياء النبي ونص على خاتم النبوة: ولد لنا غلام يكون عجبا وبشرا والشامة على كتفيه أركون السلام إله جبار وسلطانه سلطان السلام وهو ابن عالمه يجلس على كرسي داود] كتاب الجواب الصحيح، الجزء 5، صفحة 260.. موقع http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=330
مكتوب بواسطة: ahmednou Feb 21 2005, 03:17 PM
الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة:
منقول من موقع الإيمان:
http://www.aliman.org/MOGZAT/F21.HTM
البينة العلمية في القرآن والسنة:
مقدمة : لقد أرسل الله محمداً إلى الناس كافة على اختلاف عصورهم وثقافاتهم ومداركهم ، وأيده ببينات متنوعةr تتناسب مع جميع من أرسل إليهم إلى يوم القيامة ، فمعجزة الفصاحة في كتاب الله أخضعت ،rفصحاء العرب ، ومعجزة البشارات أقامت الدليل لأهل الكتاب على صدق رسول الله الساطعة ، ومعجزةrومعجزات الخوارق أرغمت الكافرين المعاندين وأوضحت لهم حجة النبي الإخبار بالغيب تجلت ولاتزال تتجلى وتتحقق على مر القرون والعصور .
(2/330)
فهيا لنرى بعض الأبحاث من معجزة وعد بها القرآن وتجلت في عصرنا وشاهد حقائقها أهل الاختصاصات الكونية العلمية الدقيقة في عصرنا ، كعلم الفلك وعلوم الأرض والأرصاد والنبات والحيوان وعلوم الطب المختلفة وعلوم البحار وغيرها من العلوم الكونية ، ليكون ذلك دليلاً لكل عاقل في عصرنا أن هذا القرآن من عند الله ، وأن العلامة الإلهية الشاهدة بأنه من الله هي العلم الذي تحمله الآيات وتجليه الاكتشافات العلمية الدقيقة بعد رحلة طويلة من البحث والدراسة ، وباستخدام أدق الآلات التي لم تصنع إلا في عصر الثورة الصناعية الحاضرة ، ولقد أشار القرآن إلى هذا النوع من الإعجاز ووعد بإظهاره في قوله تعالى : ? سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)? (فصلت:53) .إن البينة (المعجزة) القرآنية الموجودة بين أيدينا والباقية بعدنا إلى ماشاء الله تحمل الرسالة الإلهية إلى البشر ، كما تحمل الدليل على صدق هذه الرسالة فهي الشاهد والمشهود عليه كما قال تعالى: ? أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ...? (هود:17).(1)والقرآن معجز بلفظه ومعناه ، لأنه من عند الله ، فألفاظه إلهية ومعانية وعلومه إلهية، وكل منها يدل على المصدر الذي جاء منه هذا القرآن . وهو بذلك أكبر دليل وشهادة بين أيدينا قال تعالى : ? قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ...? (الأنعام:19) فهو رسالة ومعجزة لمن نزل عليهم ولمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة .
وقد جعل الله العلم الإلهي الذي تحمله آيات القرآن هو البينة الشاهدة على كون هذا القرآن من عند الله كما قال تعالى :
(2/331)
? لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(166)? (النساء:166) أي أنزله وفيه علمه(2). ففي هذه الآية بيان لطبيعة المعجزة العلمية ، التي نزلت رداً التي تبقى بين يدي الناس ، وتتجدد مع كل فتحrعلى إنكار الكافرين ، لنبوة محمد بشري في آفاق العلوم والمعارف ذات الصلة بمعاني الوحي الإلهي .
قال الخازن عند تفسير هذه الآية : "لكن الله يشهد لك يا محمد بالنبوة ، بواسطة هذا القرآن الذي أنزله عليك "(3).
وقال ابن كثير : " فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أنزل عليه الكتاب ، وهو القرآن العظيم .. ولهذا قال: أنزله بعلمه : أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه ،من البينات والهدى ، والفرقان، وما يحبه الله ويرضاه، وما يكرهه ويأباه ، وما فيه من العلم بالغيوب ، من الماضي والمستقبل "(4).
(2/332)
وقال أبو العباس ابن تيمية(5) : فإن شهادته بما أنزل إليه هي شهادته بأن الله أنزله منه، وأنه أنزله بعلمه(6) ، فما فيه من الخبر ، هو خبر عن علم الله ، ليس خبراً عمن دونه، وهذا كقوله : ? فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(14)? (هود:14).وكل آية من كتاب الله تحمل علماً إلهياً يعرفه البشر عند ارتقائهم بأسباب العلوم والمعارف في ذلك الميدان الذي تتحدث عنه الآية القرآنية .والقرآن ملئ بالآيات التي تتحدث عن مظاهر الكون ، وحديثه عن الكون هو حديث من يعلم أسراره لم تكن تعلم معظم تلك الأسرار، وكانrودقائقه ، مع أن البشرية كلها في وقت النبي يغلب على تفكيرها الأسطورة والخرافة. لذلك رأينا الجراح الفرنسي العالمي الشهير الدكتور: موريس بوكاي يتقدم إلى البشرية بأطروحة قال فيها : لقد قامت الأدلة على أن على الصحابة ، وماrالقرآن الذي نقرأه اليوم ، هو نفس القرآن الذي قرأه النبي محمد دام أن القرآن قد أفاض في الحديث عن الكون وأسراره ، فإننا نستطيع بهذه الحقيقة أن نعرف منها إذا كان القرآن من عند الله باختبار يعرفه كل عاقل في عصرنا .
(2/333)
فإذا كان القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو مملوء بالوصف لمظاهر الكون : الأرض ، السماء ، الجبال ، البحار ، الأنهار ، الشمس ، القمر ، النبات، الحيوان ، الإنسان ، الرياح، الأمطار .. وغير ذلك ،فإن حديثه عن هذه المظاهر الكونية سيعكس وثقافته عن المخلوقات وأسرارها ، كما يعكس لنا علم مجتمعه وبيئته،rلنا علم محمد وعلوم عصره في ذلك المجال ، وهي علوم غلبت عليها السذاجة والخرافة والأسطورة، وسنجد القرآن عندئذ مملوءاً بالخرافة والأسطورة والخبر الساذج عند حديثه عن الكون وأسراره ، كما هو شأن كل الكتب التي دونت في تلك الأزمنة بما فيها الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى (التوراة والإنجيل) التي طرأ عليها التحريف، هذا إذا كان القرآن من عند .rمحمد
أما إذا كان القرآن من عند الله فسنراه في حديثه عن المخلوقات وأسرارها يسبق مقررات العلوم الحديثة, وسنرى الاكتشافات العلمية تلهث وراءه فتقرر ما فيه من حقائق وتؤكد ما فيه من مقررات في شتى المجالات .
ولقد قضى الدكتور موريس بوكاي لتحقيق هذا الاختبار عشر سنوات يتعلم فيها القرآن واللغة العربية ، ويقارن بين القرآن وبين الكشوف العلمية الحديثة , ثم ألف كتاباً سماه :" دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة " .
وقد أثبت فيه سلامة القرآن من التحريف, ودخول التحريف على التوراة والإنجيل وأثبت تعارض التوراة والإنجيل مع العلوم الحديثة؛ كما أثبت سبق القرآن لهذه العلوم وبين أن هذا مما اشتمل عليه وعد الله القائل : ? سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)? (فصلت:53).
(2/334)
يقول د. بوكاي : "إن القرآن لا يخلو فقط من متناقضات الرواية وهي السمة البارزة في مختلف صياغات الأناجيل بل هو يظهر أيضاً – لكل من يشرع في دراسته بموضوعية وعلى ضوء العلوم – طابعه الخاص وهو التوافق مع المعطيات العلمية الحديثة . بل أكثر من ذلك ، وكما أثبتنا ، يكتشف القارئ فيه مقولات ذات قد استطاع أن يؤلفها، وعلىrطابع علمي من المستحيل تصور أن إنساناً في عصر محمد هذا فالمعارف الحديثة تسمح بفهم بعض الآيات القرآنية التي كانت بلا تفسير صحيح حتى الآن(7) .
فهاهو ذا الحق يتبين كما وعد الله ، وهاهي ذي المعاني التفصيلية التي تضمنتها الآيات القرآنية عن الحقائق الكونية تُرى وتتجلى فتُعلم، كما قال تعالى : ? إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ(88)? (ص:87-88).
قال الفراء(8) في تفسير الحين الذي ذكرته الآية أنه : " بعد الموت وقبله ، أي لتظهر لكم حقيقة ما أقول (بعد حين) أي في المستأنف "(9). وذهب السدي(10) الكبير إلى هذا المعنى(11).
وقال ابن جرير الطبري، بعد ذكر الأقوال المتعددة، في تفسير الحين الذي ذكرته الآية :
(و أولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : أن الله أعلم المشركين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين ، من غير حد منه لذلك الحين بحد ، ولا حد عند العرب للحين لا يجاوز ولا يقصر عنه، فإذا كان ذلك كذلك، فلا قول فيه أصح من أن يطلق، كما أطلقه الله، من غير حصر ذلك على وقت دون وقت(12).
لقد أظهر الله لعباده الكثير من آياته عبر القرون ، وفي عصر الاكتشافات العلمية الهائلة ، أظهر الله لعباده نوعاً جديداً من البينات المعجزة تعارف العلماء على تسميته بالإعجاز العلمي في القرآن. يعرف به أهل عصرنا أن القرآن نزل بعلم الله الذي يعلم السر في السموات والأرض .
ويسرنا أن نقدم للقارئ الكريم طرفاً من هذه المعجزات والبينات العلمية .
1- وصف الحاجز بين البحرين
(2/335)
التحقيق العلمي :
لقد توصل علماء البحار بعد تقدم العلوم في هذا العصر، إلى اكتشاف الحاجز بين البحرين، فوجدوا أن هناك برزخاً يفصل بين كل بحرين ، ويتحرك بينهما ويسميه علماء البحار (الجبهة) تشبيهاً له بالجبهة التي تفصل بين جيشين. وبوجود هذا البرزخ يحافظ كل بحر على خصائصه التي قدرها الله له، ويكون مناسباً لما فيه من كائنات حية تعيش في تلك البيئة .
ومع وجود هذا البرزخ فإن البحرين المتجاورين يختلطان اختلاطاً بطيئاً ، يجعل القدر الذي يعبر من بحر إلى بحر آخر يكتسب خصائص البحر الذي ينتقل إليه عن طريق البرزخ الذي يقوم بعملية التقليب للمياة العابرة من بحرٍ إلى بحر ؛ ليبقى كل بحرٍ محافظاً على خصائصه .
تدرج العلم البشري لمعرفة حقائق اختلاف مياه البحار وما بينها من حواجز :
* اكتشف علماء البحار أن هناك اختلافاً بين عينات مائية أخذت من البحار المختلفة في عام (1284هـ- 1873م) على يد البعثة العلمية البحرية الإنجليزية في رحلة (تشالنجر)، فعرف الإنسان أن المياه في البحار تختلف في تركيبها عن بعضها البعض من حيث درجة الملوحة، ودرجة الحرارة ، ومقادير الكثافة ، وأنواع الأحياء المائية، ولقد كان اكتشاف هذه المعلومة بعد رحلة علمية استمرت ثلاثة أعوام، جابت جميع بحار العالم. وقد جمعت الرحلة معلومات من 362 محطة مخصصة لدراسة خصائص المحيطات. وملئت تقارير الرحلة 29.500 صفحة في خمسين مجلداً استغرق إكمالها 23 عاماً. وإضافة إلى كون الرحلة أحد أعظم منجزات الاستكشاف العلمي فإنها أظهرت كذلك ضآلة ما كان يعرفه الإنسان عن البحر .(13)
(2/336)
* بعد عام (1933م) قامت رحلة علمية أخرى أمريكية في خليج المكسيك، ونشرت مئات المحطات البحرية، لدراسة خصائص البحار، فوجدت أن عدداً كبيراً من هذه المحطات تعطي معلومات موحدة عن خصائص الماء في تلك المنطقة ، من حيث الملوحة والكثافة والحرارة والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأكسجين في الماء، بينما أعطت بقية المحطات معلومات موحدة أخرى عن مناطق أخرى، مما جعل علماء البحار يستنبطون وجود بحرين متمايزين في الصفات لا مجرد عينات محدودة كما علم من رحلة (تشالنجر).
* وأقام الإنسان مئات المحطات البحرية لدراسة خصائص البحار المختلفة، فقرر العلماء أن الاختلاف في هذه الخصائص يميز مياه البحار المختلفة بعضها عن بعض ، لكن لماذا لا تمتزج البحار وتتجانس رغم تأثير قوتي المد والجزر التي تحرك مياه البحار مرتين كل يوم، وتجعل البحار في حالة ذهاب وإياب ، واختلاط واضطراب، إلى جانب العوامل الأخرى التي تجعل مياه البحر متحركة مضطربة على الدوام مثل الموجات السطحية والداخلية والتيارات المائية والبحرية ؟
ولأول مرة يظهر الجواب على صفحات الكتب العلمية في عام (1361هـ-1942م). فقد أسفرت الدراسات الواسعة لخصائص البحار عن اكتشاف حواجز مائية تفصل بين البحار الملتقية ، وتحافظ على الخصائص المميزة لكل بحر من حيث الكثافة والملوحة ، والأحياء المائية ، والحرارة، وقابلية ذوبان الأوكسجين في الماء.
وبعد عام (1962م) عرف دور الحواجز البحرية في تهذيب خصائص الكتل العابرة من بحر إلى بحر لمنع طغيان أحد البحرين على الآخر فيحدث الاختلاط بين البحار الملحة ، مع محافظة كل بحر على خصائصه وحدوده المحدودة بوجود تلك الحواجز.
ويبين الشكل التالي حدود مياه البحر الأبيض المتوسط الساخنة والملحة، عند دخولها في المحيط الأطلسي ذي المياه الباردة والأقل ملوحة منها.
(2/337)
* وأخيراً تمكن الإنسان من تصوير هذه الحواجز المتحركة المتعرجة بين البحار الملحة عن طريق تقنية خاصة بالتصوير الحراري بواسطة الأقمار الصناعية ، والتي تبين أن مياه البحار وإن بدت جسماً واحداً ، إلا أن هناك فروقاً كبيرة بين الكتل المائية للبحار المختلفة ، تظهر بألوان مختلفة تبعاً لاختلافها في درجة الحرارة .
وفي دراسة ميدانية(14) للمقارنة بين مياه خليج عمان والخليج العربي بالأرقام والحسابات والتحليل الكيمائي، تبين اختلاف كل منهما عن الآخر من الناحية الكيميائية والنباتات السائدة في كل منهما ووجود البرزخ الحاجز بينهما .
وقد تطلب الوصول إلى حقيقة وجود الحواجز بين الكتل البحرية ، وعملها في حفظ خصائص كل بحر قرابة مائة عام من البحث والدراسة ، اشترك فيها المئات من الباحثين، واستخدم فيها الكثير من الأجهزة ووسائل البحث العلمي الدقيقة .
بينما جلى القرآن الكريم هذه الحقيقة قبل أربعة عشر قرناً ، قال تعالى : ?مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ(19)بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ(20)فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ(21)يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ(22)فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ(23)? (الرحمن:19-22).
وقال تعالى : ?... وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ....? (النمل:61).
المعاني اللغوية وأقوال المفسرين :
مرج :
قال ابن فارس : مرج : الميم والراء والجيم أصل صحيح يدل على مجيء وذهابٍ واضطراب، ومرج الخاتم في الإصبع : قلق ، وقياس الباب كله منه ومرجت أمانات القوم وعهودهم : اضطربت واختلطت، والمَرْج : أصله أرض ذات نبات تمرج فيها الدواب(15).
البحرين :
قال ابن فارس: الباء والحاء والراء، قال الخليل: سمي البحر بحراً لاستبحاره وهو انبساطه وسعته... ويقال للماء إذا غلظ بعد عذوبته استبحر، وماء بحري أي مالح (16).
(2/338)
وقال الأصفهاني(17) : وقال بعضهم : البحر يقال في الأصل للماء المالح دون العذب(18).
وقال ابن منظور(19) : وقد غلب على المالح حتى قلّ في العذب (20).
فإذا أطلق البحر دل على البحر المالح ، وإذا قيد دل على ما قيد به.
والقرآن يستعمل لفظ الأنهار للدلالة على المياه العذبة الكثيرة الجارية.
ويستعمل لفظ البحر ليدل على البحر المالح قال تعالى : ? ...وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْأَنهَارَ(32)? (إبراهيم:32).
وكذلك يستعمل لفظ البحر في الحديث للدلالة على َ فَقَالَ: يا رسول الله إِنَّاrالماء الملح، فقد سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ ؟
فقال رسول : (هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ)(21)rالله
البرزخ : هو الحاجز : وقد ذهب أكثر المفسرين(22) إلى أنه لا يرى .
البغي : قال ابن منظور: وأصل البغي مجاوزة الحد(23)، وبمثله قال الجوهري(24) والأصفهاني(25).
المرجان : قال ابن الجوزي(26) : وحكى القاضي أبو يعلي أن المرجان ضرب من اللؤلؤ كالقضبان وروي عن الزجاج(27) قوله : المرجان أبيض شديد البياض(28) .
وقال ابن مسعود : المرجان الخرز الأحمر .
ونقل أبو حيان(29) عن بعضهم أن المرجان هو الحجر الأحمر(30).
وقال القرطبي: وقيل المرجان عظام اللؤلؤ وكباره ، قاله علي وابن عباس رضي الله عنهما، واللؤلؤ صغاره، وعنهما أيضاً بالعكس أن اللؤلؤ كبار اللؤلؤ والمرجان صغاره وقاله الضحاك وقتادة(31) .
وقال الألوسي(32): وأظن أنه إن اعتبر في اللؤلؤ معنى التلألؤ واللمعان ، وفي المرجان معنى المرج والاختلاط فالأوفق لذلك ما قيل ثانياً فيهما(33). أي أن اللؤلؤ ما عظم منه والمرجان اللؤلؤ الصغار .
(2/339)
والحاصل أن المرجان نوع من الزينة يكون بألوان مختلفة بيضاء وحمراء، ويكون كبيراً وصغيراً، وهو حجر يكون كالقضبان، وقد يكون صغيراً كاللؤلؤ أو الخرز ، وهو في الآية غير اللؤلؤ، وحرف العطف بينها يقتضي المغايرة .
هذا والمرجان لا يوجد إلا في البحار الملحة.
والآيات ترينا دقائق الأسرار التي كشف عنها اليوم علم البحار ، فهي تصف اللقاء بين البحار الملحة ودليل ذلك مايلي:
أولاً : لقد أطلقت الآية لفظ البحرين بدون قيد ، فدل ذلك على أن البحرين ملحان .
ثانياً : بينت الآيات في سورة الرحمن أن البحرين يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، وقد تبين أن المرجان لا يكون إلا في البحار الملحة، فدل ذلك على أن الآية تتحدث عن بحرين ملحين، قال تعالى : (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) أي يخرج من كل منهما.
فمن الذي كان يعلم أن البحار الملحة تتمايز فيما بينها رغم اتحادها في الأوصاف الظاهرة التي تدركها الأبصار والحواس، فكلها (ملحة ، زرقاء ، ذات أمواج ، وفيها الأسماك وغيرها) وكيف تتمايز وهي تلتقي مع بعضها؟ والمعروف أن المياه إذا اختلطت في إناء واحد تجانست، فكيف وعوامل المزج في البحار كثيرة من مد وجزر وأمواج وتيارات وأعاصير ؟
والآية تذكر اللقاء بين بحرين ملحين يختلف كل منهما عن الآخر، إذ لو كان البحران لا يختلف أحدهما عن الآخر لكانا بحراً واحداً ، ولكن التفريق بينهما في اللفظ القرآني دال على اختلافٍ بينهما مع كونهما ملحين .
و(مرج البحرين يلتقيان) أي أن البحرين مختلطان، وهما في حالة ذهاب وإياب واختلاط واضطراب في منطقة الالتقاء، كما تدل اللغة على ذلك بلفظ مرج، وهذا ما كشفه العلم من وصف لحال البرزخ الذي يكون متعرجاً ومتنقلاً في الفصول المختلفة بسبب المد والجزر والرياح .
(2/340)
ومن يسمع هذه الآية فقط ، يتصور أن امتزاجاً واختلاطاً كبيراً يحدث بين هذه البحار يفقدها خصائصها المميزة لها، ولكن العليم الخبير يقرر في الآية بعدها ( بينهما برزخ لا يبغيان) أي ومع حالة الاختلاط والاضطراب هذه التي توجد في البحار، فإن حاجزاً يحجز بينهما يمنع كلاً منهما أن يطغى ويتجاوز حده .
وهذا ما شاهده الإنسان بعدما تقدم في علومه وأجهزته ، فقد وجد ماء ثالثاً حاجزاً بين البحرين يختلف في خصائصه عن خصائص كل منهما .
ومع وجود البرزخ فإن ماء البحرين المتجاورين يختلط ببطء شديد، ولكن دون أن يبغي أحد البحرين على الآخر بخصائصه؛ لأن البرزخ منطقة تقلب فيها المياه العابرة من بحر إلى آخر لتكتسب المياه المنتقلة بالتدريج صفات البحر الذي ستدخل إليه، وتفقد صفات البحر الذي جاءت منه وبهذا لا يبغي بحر على بحر آخر بخصائصه، مع أنهما يختلطان أثناء اللقاء، وصدق الله القائل: ? مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ(19)بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ(20)? (الرحمن:19-20).
ولقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن الحاجز الذي يفصل بين البحرين المذكورين هو حاجز من قدرة الله لا يرى(34).
وقد أشكل على بعض المفسرين الجمع بين اختلاط مياه البحار مع وجود البرزخ، إذ أن وجود البرزخ (الحاجز) يقتضي منع الاختلاط، وذكر الاختلاط (مرج) يقتضي عدم وجود البرزخ ، وقد زال الإشكال اليوم باكتشاف أسرار البحر على حقائقها .أوجه الإعجاز في الآيات السابقة :
مما سبق يتبين :
1) أن القرآن الكريم الذي أنزل قبل أكثر من 1400سنة قد تضمن معلومات دقيقة عن ظواهر بحرية لم تكتشف إلا حديثاً بواسطة الأجهزة المتطورة، ومن هذه المعلومات وجود حواجز مائية بين البحار، قال تعالى: ? مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ(19)بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ(20)? (الرحمن:19-20).
(2/341)
2) يشهد التطور التاريخي في سير علوم البحار بعدم وجود معلومات دقيقة عن البحار وبخاصة قبل رحلة تشالنجر عام (1873م) فضلاً عن وقت نزول القرآن قبل ألف وأربعمائة سنة الذي نزل على نبيٍ أمي عاش في بيئة صحراوية ولم يركب البحر.
3) كما أن علوم البحار لم تتقدم إلا في القرنين الأخيرين وخاصة في النصف الأخير من القرن العشرين. وقبل ذلك كان البحر مجهولاً مخيفاً تكثر عنه الأساطير والخرافات ، وكل ما يهتم به راكبوه هو السلامة والاهتداء إلى الطريق الصحيح أثناء رحلاتهم الطويلة ، وما عرف الإنسان أن البحار الملحة بحار مختلفة إلا في الثلاثينات من هذا القرن، بعد أن أقام الدارسون آلاف المحطات البحرية لتحليل عينات من مياه البحار ، وقاسوا في كل منها الفروق في درجات الحرارة ، ونسبة الملوحة ، ومقدار الكثافة، ومقدار ذوبان الأوكسجين في مياه البحار في كل المحطات فأدركوا بعدئذٍ أن البحار الملحة متنوعة.
4) وما عرف الإنسان البرزخ الذي يفصل بين البحار الملحة، إلا بعد أن أقام محطات الدراسة البحرية المشار إليها ، وبعد أن قضى وقتاً طويلاً في تتبع وجود هذه البرازخ المتعرجة المتحركة، التي تتغير في موقعها الجغرافي بتغير فصول العام.
5) وما عرف الإنسان أن مائي البحرين منفصلان عن بعضهما بالحاجز المائي، ومختلطان في نفس الوقت إلا بعد أن عكف يدرس بأجهزته وسفنه حركة المياه في مناطق الالتقاء بين البحار، وقام بتحليل تلك الكتل المائية في تلك المناطق.
6) وما قرر الإنسان هذه القاعدة على كل البحار التي تلتقي إلا بعد استقصاء ومسح علمي واسع لهذه الظاهرة التي تحدث بين كل بحرين في كل بحار الأرض .
* فهل كان يملك تلك المحطات البحرية ، وأجهزة تحليل كتل المياه ، والقدرة على تتبعrرسول الله حركة الكتل المائية المتنوعة ؟ .
(2/342)
* وهل قام بعملية مسح شاملة ، وهو الذي لم يركب البحر قط ، وعاش في زمن كانت الأساطير هي الغالبة على تفكير الإنسان وخاصة في ميدان البحار ؟
في زمنه من أبحاث وآلات ودراسات ما تيسرr* وهل تيسر لرسول الله لعلماء البحار في عصرنا الذين اكتشفوا تلك الأسرار بالبحث والدراسة ؟
* إن هذا العلم الذي نزل به القرآن يتضمن وصفاً لأدق الأسرار في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها ليدلُ على مصدره الإلهي، كما قال تعالى: ? قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا(6)? (الفرقان:6) .
* كما يدل على أن الذي أنزل عليه الكتاب رسول يوحى إليه وصدق الله القائل : ? سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)? (فصلت:53).
مكتوب بواسطة: ahmednou Feb 21 2005, 05:58 PM
الإعجاز العلمي في القرآن والحديث الشريف
منقول من موقع الإيمان، للشيخ الزنداني:
http://www.aliman.org/MOGZAT/F21.HTM
البينة العلمية في القرآن والسنة
إلى الناس كافة على اختلاف عصورهمrمقدمة : لقد أرسل الله محمداً وثقافاتهم ومداركهم ، وأيده ببينات متنوعة تتناسب مع جميع من أرسل إليهم إلى يوم القيامة ، فمعجزة الفصاحة في كتاب الله أخضعت فصحاء العرب ، ومعجزة البشارات أقامت ، ومعجزات الخوارق أرغمت الكافرينrالدليل لأهل الكتاب على صدق رسول الله الساطعة ، ومعجزة الإخبار بالغيب تجلت ولاتزالrالمعاندين وأوضحت لهم حجة النبي تتجلى وتتحقق على مر القرون والعصور .
(2/343)
فهيا لنرى بعض الأبحاث من معجزة وعد بها القرآن وتجلت في عصرنا وشاهد حقائقها أهل الاختصاصات الكونية العلمية الدقيقة في عصرنا ، كعلم الفلك وعلوم الأرض والأرصاد والنبات والحيوان وعلوم الطب المختلفة وعلوم البحار وغيرها من العلوم الكونية ، ليكون ذلك دليلاً لكل عاقل في عصرنا أن هذا القرآن من عند الله ، وأن العلامة الإلهية الشاهدة بأنه من الله هي العلم الذي تحمله الآيات وتجليه الاكتشافات العلمية الدقيقة بعد رحلة طويلة من البحث والدراسة ، وباستخدام أدق الآلات التي لم تصنع إلا في عصر الثورة الصناعية الحاضرة ، ولقد أشار القرآن إلى هذا النوع من الإعجاز ووعد بإظهاره في قوله تعالى : ? سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)? (فصلت:53) .إن البينة (المعجزة) القرآنية الموجودة بين أيدينا والباقية بعدنا إلى ماشاء الله تحمل الرسالة الإلهية إلى البشر ، كما تحمل الدليل على صدق هذه الرسالة فهي الشاهد والمشهود عليه كما قال تعالى: ? أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ...? (هود:17).(1)والقرآن معجز بلفظه ومعناه ، لأنه من عند الله ، فألفاظه إلهية ومعانية وعلومه إلهية، وكل منها يدل على المصدر الذي جاء منه هذا القرآن . وهو بذلك أكبر دليل وشهادة بين أيدينا قال تعالى : ? قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ...? (الأنعام:19) فهو رسالة ومعجزة لمن نزل عليهم ولمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة .
وقد جعل الله العلم الإلهي الذي تحمله آيات القرآن هو البينة الشاهدة على كون هذا القرآن من عند الله كما قال تعالى :
(2/344)
? لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(166)? (النساء:166) أي أنزله وفيه علمه(2). ففي هذه الآية بيان التيrلطبيعة المعجزة العلمية ، التي نزلت رداً على إنكار الكافرين ، لنبوة محمد تبقى بين يدي الناس ، وتتجدد مع كل فتح بشري في آفاق العلوم والمعارف ذات الصلة بمعاني الوحي الإلهي .
قال الخازن عند تفسير هذه الآية : "لكن الله يشهد لك يا محمد بالنبوة ، بواسطة هذا القرآن الذي أنزله عليك "(3).
وقال ابن كثير : " فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أنزل عليه الكتاب ، وهو القرآن العظيم .. ولهذا قال: أنزله بعلمه : أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه ،من البينات والهدى ، والفرقان، وما يحبه الله ويرضاه، وما يكرهه ويأباه ، وما فيه من العلم بالغيوب ، من الماضي والمستقبل "(4).
(2/345)
وقال أبو العباس ابن تيمية(5) : فإن شهادته بما أنزل إليه هي شهادته بأن الله أنزله منه، وأنه أنزله بعلمه(6) ، فما فيه من الخبر ، هو خبر عن علم الله ، ليس خبراً عمن دونه، وهذا كقوله : ? فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(14)? (هود:14).وكل آية من كتاب الله تحمل علماً إلهياً يعرفه البشر عند ارتقائهم بأسباب العلوم والمعارف في ذلك الميدان الذي تتحدث عنه الآية القرآنية .والقرآن ملئ بالآيات التي تتحدث عن مظاهر الكون ، وحديثه عن لم تكنrالكون هو حديث من يعلم أسراره ودقائقه ، مع أن البشرية كلها في وقت النبي تعلم معظم تلك الأسرار، وكان يغلب على تفكيرها الأسطورة والخرافة. لذلك رأينا الجراح الفرنسي العالمي الشهير الدكتور: موريس بوكاي يتقدم إلى البشرية بأطروحة قال فيها : لقد قامت الأدلة على أن القرآن الذي نقرأه اليوم ، هو نفس القرآن الذي قرأه على الصحابة ، وما دام أن القرآن قد أفاض في الحديث عن الكون وأسرارهrالنبي محمد ، فإننا نستطيع بهذه الحقيقة أن نعرف منها إذا كان القرآن من عند الله باختبار يعرفه كل عاقل في عصرنا .
(2/346)
فإذا كان القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو مملوء بالوصف لمظاهر الكون : الأرض ، السماء ، الجبال ، البحار ، الأنهار ، الشمس ، القمر ، النبات، الحيوان ، الإنسان ، الرياح، الأمطار .. وغير ذلك ،فإن وثقافته عن المخلوقات وأسرارهاrحديثه عن هذه المظاهر الكونية سيعكس لنا علم محمد ، كما يعكس لنا علم مجتمعه وبيئته، وعلوم عصره في ذلك المجال ، وهي علوم غلبت عليها السذاجة والخرافة والأسطورة، وسنجد القرآن عندئذ مملوءاً بالخرافة والأسطورة والخبر الساذج عند حديثه عن الكون وأسراره ، كما هو شأن كل الكتب التي دونت في تلك الأزمنة بما فيها الكتب المقدسة عند اليهود والنصارى (التوراة والإنجيل) التي طرأ عليها .rالتحريف، هذا إذا كان القرآن من عند محمد
أما إذا كان القرآن من عند الله فسنراه في حديثه عن المخلوقات وأسرارها يسبق مقررات العلوم الحديثة, وسنرى الاكتشافات العلمية تلهث وراءه فتقرر ما فيه من حقائق وتؤكد ما فيه من مقررات في شتى المجالات .
ولقد قضى الدكتور موريس بوكاي لتحقيق هذا الاختبار عشر سنوات يتعلم فيها القرآن واللغة العربية ، ويقارن بين القرآن وبين الكشوف العلمية الحديثة , ثم ألف كتاباً سماه :" دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة " .
وقد أثبت فيه سلامة القرآن من التحريف, ودخول التحريف على التوراة والإنجيل وأثبت تعارض التوراة والإنجيل مع العلوم الحديثة؛ كما أثبت سبق القرآن لهذه العلوم وبين أن هذا مما اشتمل عليه وعد الله القائل : ? سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)? (فصلت:53).
(2/347)
يقول د. بوكاي : "إن القرآن لا يخلو فقط من متناقضات الرواية وهي السمة البارزة في مختلف صياغات الأناجيل بل هو يظهر أيضاً – لكل من يشرع في دراسته بموضوعية وعلى ضوء العلوم – طابعه الخاص وهو التوافق مع المعطيات العلمية الحديثة . بل أكثر من ذلك ، وكما أثبتنا ، يكتشف القارئ فيه مقولات ذات طابع علمي من المستحيل تصور أن إنساناً في قد استطاع أن يؤلفها، وعلى هذا فالمعارف الحديثة تسمح بفهم بعض الآياتrعصر محمد القرآنية التي كانت بلا تفسير صحيح حتى الآن(7) .
فهاهو ذا الحق يتبين كما وعد الله ، وهاهي ذي المعاني التفصيلية التي تضمنتها الآيات القرآنية عن الحقائق الكونية تُرى وتتجلى فتُعلم، كما قال تعالى : ? إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ(88)? (ص:87-88).
قال الفراء(8) في تفسير الحين الذي ذكرته الآية أنه : " بعد الموت وقبله ، أي لتظهر لكم حقيقة ما أقول (بعد حين) أي في المستأنف "(9). وذهب السدي(10) الكبير إلى هذا المعنى(11).
وقال ابن جرير الطبري، بعد ذكر الأقوال المتعددة، في تفسير الحين الذي ذكرته الآية :
(و أولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : أن الله أعلم المشركين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين ، من غير حد منه لذلك الحين بحد ، ولا حد عند العرب للحين لا يجاوز ولا يقصر عنه، فإذا كان ذلك كذلك، فلا قول فيه أصح من أن يطلق، كما أطلقه الله، من غير حصر ذلك على وقت دون وقت(12).
لقد أظهر الله لعباده الكثير من آياته عبر القرون ، وفي عصر الاكتشافات العلمية الهائلة ، أظهر الله لعباده نوعاً جديداً من البينات المعجزة تعارف العلماء على تسميته بالإعجاز العلمي في القرآن. يعرف به أهل عصرنا أن القرآن نزل بعلم الله الذي يعلم السر في السموات والأرض .
ويسرنا أن نقدم للقارئ الكريم طرفاً من هذه المعجزات والبينات العلمية .
1- وصف الحاجز بين البحرين
(2/348)
التحقيق العلمي :
لقد توصل علماء البحار بعد تقدم العلوم في هذا العصر، إلى اكتشاف الحاجز بين البحرين، فوجدوا أن هناك برزخاً يفصل بين كل بحرين ، ويتحرك بينهما ويسميه علماء البحار (الجبهة) تشبيهاً له بالجبهة التي تفصل بين جيشين. وبوجود هذا البرزخ يحافظ كل بحر على خصائصه التي قدرها الله له، ويكون مناسباً لما فيه من كائنات حية تعيش في تلك البيئة .
ومع وجود هذا البرزخ فإن البحرين المتجاورين يختلطان اختلاطاً بطيئاً ، يجعل القدر الذي يعبر من بحر إلى بحر آخر يكتسب خصائص البحر الذي ينتقل إليه عن طريق البرزخ الذي يقوم بعملية التقليب للمياة العابرة من بحرٍ إلى بحر ؛ ليبقى كل بحرٍ محافظاً على خصائصه .
تدرج العلم البشري لمعرفة حقائق اختلاف مياه البحار وما بينها من حواجز :
* اكتشف علماء البحار أن هناك اختلافاً بين عينات مائية أخذت من البحار المختلفة في عام (1284هـ- 1873م) على يد البعثة العلمية البحرية الإنجليزية في رحلة (تشالنجر)، فعرف الإنسان أن المياه في البحار تختلف في تركيبها عن بعضها البعض من حيث درجة الملوحة، ودرجة الحرارة ، ومقادير الكثافة ، وأنواع الأحياء المائية، ولقد كان اكتشاف هذه المعلومة بعد رحلة علمية استمرت ثلاثة أعوام، جابت جميع بحار العالم. وقد جمعت الرحلة معلومات من 362 محطة مخصصة لدراسة خصائص المحيطات. وملئت تقارير الرحلة 29.500 صفحة في خمسين مجلداً استغرق إكمالها 23 عاماً. وإضافة إلى كون الرحلة أحد أعظم منجزات الاستكشاف العلمي فإنها أظهرت كذلك ضآلة ما كان يعرفه الإنسان عن البحر .(13)
(2/349)
* بعد عام (1933م) قامت رحلة علمية أخرى أمريكية في خليج المكسيك، ونشرت مئات المحطات البحرية، لدراسة خصائص البحار، فوجدت أن عدداً كبيراً من هذه المحطات تعطي معلومات موحدة عن خصائص الماء في تلك المنطقة ، من حيث الملوحة والكثافة والحرارة والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأكسجين في الماء، بينما أعطت بقية المحطات معلومات موحدة أخرى عن مناطق أخرى، مما جعل علماء البحار يستنبطون وجود بحرين متمايزين في الصفات لا مجرد عينات محدودة كما علم من رحلة (تشالنجر).
* وأقام الإنسان مئات المحطات البحرية لدراسة خصائص البحار المختلفة، فقرر العلماء أن الاختلاف في هذه الخصائص يميز مياه البحار المختلفة بعضها عن بعض ، لكن لماذا لا تمتزج البحار وتتجانس رغم تأثير قوتي المد والجزر التي تحرك مياه البحار مرتين كل يوم، وتجعل البحار في حالة ذهاب وإياب ، واختلاط واضطراب، إلى جانب العوامل الأخرى التي تجعل مياه البحر متحركة مضطربة على الدوام مثل الموجات السطحية والداخلية والتيارات المائية والبحرية ؟
ولأول مرة يظهر الجواب على صفحات الكتب العلمية في عام (1361هـ-1942م). فقد أسفرت الدراسات الواسعة لخصائص البحار عن اكتشاف حواجز مائية تفصل بين البحار الملتقية ، وتحافظ على الخصائص المميزة لكل بحر من حيث الكثافة والملوحة ، والأحياء المائية ، والحرارة، وقابلية ذوبان الأوكسجين في الماء.
وبعد عام (1962م) عرف دور الحواجز البحرية في تهذيب خصائص الكتل العابرة من بحر إلى بحر لمنع طغيان أحد البحرين على الآخر فيحدث الاختلاط بين البحار الملحة ، مع محافظة كل بحر على خصائصه وحدوده المحدودة بوجود تلك الحواجز.
ويبين الشكل التالي حدود مياه البحر الأبيض المتوسط الساخنة والملحة، عند دخولها في المحيط الأطلسي ذي المياه الباردة والأقل ملوحة منها.
(2/350)
* وأخيراً تمكن الإنسان من تصوير هذه الحواجز المتحركة المتعرجة بين البحار الملحة عن طريق تقنية خاصة بالتصوير الحراري بواسطة الأقمار الصناعية ، والتي تبين أن مياه البحار وإن بدت جسماً واحداً ، إلا أن هناك فروقاً كبيرة بين الكتل المائية للبحار المختلفة ، تظهر بألوان مختلفة تبعاً لاختلافها في درجة الحرارة .
وفي دراسة ميدانية(14) للمقارنة بين مياه خليج عمان والخليج العربي بالأرقام والحسابات والتحليل الكيمائي، تبين اختلاف كل منهما عن الآخر من الناحية الكيميائية والنباتات السائدة في كل منهما ووجود البرزخ الحاجز بينهما .
وقد تطلب الوصول إلى حقيقة وجود الحواجز بين الكتل البحرية ، وعملها في حفظ خصائص كل بحر قرابة مائة عام من البحث والدراسة ، اشترك فيها المئات من الباحثين، واستخدم فيها الكثير من الأجهزة ووسائل البحث العلمي الدقيقة .
بينما جلى القرآن الكريم هذه الحقيقة قبل أربعة عشر قرناً ، قال تعالى : ?مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ(19)بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ(20)فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ(21)يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ(22)فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ(23)? (الرحمن:19-22).
وقال تعالى : ?... وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ....? (النمل:61).
المعاني اللغوية وأقوال المفسرين :
مرج :
قال ابن فارس : مرج : الميم والراء والجيم أصل صحيح يدل على مجيء وذهابٍ واضطراب، ومرج الخاتم في الإصبع : قلق ، وقياس الباب كله منه ومرجت أمانات القوم وعهودهم : اضطربت واختلطت، والمَرْج : أصله أرض ذات نبات تمرج فيها الدواب(15).
البحرين :
قال ابن فارس: الباء والحاء والراء، قال الخليل: سمي البحر بحراً لاستبحاره وهو انبساطه وسعته... ويقال للماء إذا غلظ بعد عذوبته استبحر، وماء بحري أي مالح (16).
(2/351)
وقال الأصفهاني(17) : وقال بعضهم : البحر يقال في الأصل للماء المالح دون العذب(18).
وقال ابن منظور(19) : وقد غلب على المالح حتى قلّ في العذب (20).
فإذا أطلق البحر دل على البحر المالح ، وإذا قيد دل على ما قيد به.
والقرآن يستعمل لفظ الأنهار للدلالة على المياه العذبة الكثيرة الجارية.
ويستعمل لفظ البحر ليدل على البحر المالح قال تعالى : ? ...وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْأَنهَارَ(32)? (إبراهيم:32).
وكذلك يستعمل لفظ البحر في الحديث للدلالة على َ فَقَالَ: يا رسول الله إِنَّاrالماء الملح، فقد سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ ؟
فقال رسول : (هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ)(21)rالله
البرزخ : هو الحاجز : وقد ذهب أكثر المفسرين(22) إلى أنه لا يرى .
البغي : قال ابن منظور: وأصل البغي مجاوزة الحد(23)، وبمثله قال الجوهري(24) والأصفهاني(25).
المرجان : قال ابن الجوزي(26) : وحكى القاضي أبو يعلي أن المرجان ضرب من اللؤلؤ كالقضبان وروي عن الزجاج(27) قوله : المرجان أبيض شديد البياض(28) .
وقال ابن مسعود : المرجان الخرز الأحمر .
ونقل أبو حيان(29) عن بعضهم أن المرجان هو الحجر الأحمر(30).
وقال القرطبي: وقيل المرجان عظام اللؤلؤ وكباره ، قاله علي وابن عباس رضي الله عنهما، واللؤلؤ صغاره، وعنهما أيضاً بالعكس أن اللؤلؤ كبار اللؤلؤ والمرجان صغاره وقاله الضحاك وقتادة(31) .
وقال الألوسي(32): وأظن أنه إن اعتبر في اللؤلؤ معنى التلألؤ واللمعان ، وفي المرجان معنى المرج والاختلاط فالأوفق لذلك ما قيل ثانياً فيهما(33). أي أن اللؤلؤ ما عظم منه والمرجان اللؤلؤ الصغار .
(2/352)
والحاصل أن المرجان نوع من الزينة يكون بألوان مختلفة بيضاء وحمراء، ويكون كبيراً وصغيراً، وهو حجر يكون كالقضبان، وقد يكون صغيراً كاللؤلؤ أو الخرز ، وهو في الآية غير اللؤلؤ، وحرف العطف بينها يقتضي المغايرة .
هذا والمرجان لا يوجد إلا في البحار الملحة.
والآيات ترينا دقائق الأسرار التي كشف عنها اليوم علم البحار ، فهي تصف اللقاء بين البحار الملحة ودليل ذلك مايلي:
أولاً : لقد أطلقت الآية لفظ البحرين بدون قيد ، فدل ذلك على أن البحرين ملحان .
ثانياً : بينت الآيات في سورة الرحمن أن البحرين يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، وقد تبين أن المرجان لا يكون إلا في البحار الملحة، فدل ذلك على أن الآية تتحدث عن بحرين ملحين، قال تعالى : (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) أي يخرج من كل منهما.
فمن الذي كان يعلم أن البحار الملحة تتمايز فيما بينها رغم اتحادها في الأوصاف الظاهرة التي تدركها الأبصار والحواس، فكلها (ملحة ، زرقاء ، ذات أمواج ، وفيها الأسماك وغيرها) وكيف تتمايز وهي تلتقي مع بعضها؟ والمعروف أن المياه إذا اختلطت في إناء واحد تجانست، فكيف وعوامل المزج في البحار كثيرة من مد وجزر وأمواج وتيارات وأعاصير ؟
والآية تذكر اللقاء بين بحرين ملحين يختلف كل منهما عن الآخر، إذ لو كان البحران لا يختلف أحدهما عن الآخر لكانا بحراً واحداً ، ولكن التفريق بينهما في اللفظ القرآني دال على اختلافٍ بينهما مع كونهما ملحين .
و(مرج البحرين يلتقيان) أي أن البحرين مختلطان، وهما في حالة ذهاب وإياب واختلاط واضطراب في منطقة الالتقاء، كما تدل اللغة على ذلك بلفظ مرج، وهذا ما كشفه العلم من وصف لحال البرزخ الذي يكون متعرجاً ومتنقلاً في الفصول المختلفة بسبب المد والجزر والرياح .
(2/353)
ومن يسمع هذه الآية فقط ، يتصور أن امتزاجاً واختلاطاً كبيراً يحدث بين هذه البحار يفقدها خصائصها المميزة لها، ولكن العليم الخبير يقرر في الآية بعدها ( بينهما برزخ لا يبغيان) أي ومع حالة الاختلاط والاضطراب هذه التي توجد في البحار، فإن حاجزاً يحجز بينهما يمنع كلاً منهما أن يطغى ويتجاوز حده .
وهذا ما شاهده الإنسان بعدما تقدم في علومه وأجهزته ، فقد وجد ماء ثالثاً حاجزاً بين البحرين يختلف في خصائصه عن خصائص كل منهما .
ومع وجود البرزخ فإن ماء البحرين المتجاورين يختلط ببطء شديد، ولكن دون أن يبغي أحد البحرين على الآخر بخصائصه؛ لأن البرزخ منطقة تقلب فيها المياه العابرة من بحر إلى آخر لتكتسب المياه المنتقلة بالتدريج صفات البحر الذي ستدخل إليه، وتفقد صفات البحر الذي جاءت منه وبهذا لا يبغي بحر على بحر آخر بخصائصه، مع أنهما يختلطان أثناء اللقاء، وصدق الله القائل: ? مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ(19)بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ(20)? (الرحمن:19-20).
ولقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن الحاجز الذي يفصل بين البحرين المذكورين هو حاجز من قدرة الله لا يرى(34).
وقد أشكل على بعض المفسرين الجمع بين اختلاط مياه البحار مع وجود البرزخ، إذ أن وجود البرزخ (الحاجز) يقتضي منع الاختلاط، وذكر الاختلاط (مرج) يقتضي عدم وجود البرزخ ، وقد زال الإشكال اليوم باكتشاف أسرار البحر على حقائقها .أوجه الإعجاز في الآيات السابقة :
مما سبق يتبين :
1) أن القرآن الكريم الذي أنزل قبل أكثر من 1400سنة قد تضمن معلومات دقيقة عن ظواهر بحرية لم تكتشف إلا حديثاً بواسطة الأجهزة المتطورة، ومن هذه المعلومات وجود حواجز مائية بين البحار، قال تعالى: ? مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ(19)بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ(20)? (الرحمن:19-20).
(2/354)
2) يشهد التطور التاريخي في سير علوم البحار بعدم وجود معلومات دقيقة عن البحار وبخاصة قبل رحلة تشالنجر عام (1873م) فضلاً عن وقت نزول القرآن قبل ألف وأربعمائة سنة الذي نزل على نبيٍ أمي عاش في بيئة صحراوية ولم يركب البحر.
3) كما أن علوم البحار لم تتقدم إلا في القرنين الأخيرين وخاصة في النصف الأخير من القرن العشرين. وقبل ذلك كان البحر مجهولاً مخيفاً تكثر عنه الأساطير والخرافات ، وكل ما يهتم به راكبوه هو السلامة والاهتداء إلى الطريق الصحيح أثناء رحلاتهم الطويلة ، وما عرف الإنسان أن البحار الملحة بحار مختلفة إلا في الثلاثينات من هذا القرن، بعد أن أقام الدارسون آلاف المحطات البحرية لتحليل عينات من مياه البحار ، وقاسوا في كل منها الفروق في درجات الحرارة ، ونسبة الملوحة ، ومقدار الكثافة، ومقدار ذوبان الأوكسجين في مياه البحار في كل المحطات فأدركوا بعدئذٍ أن البحار الملحة متنوعة.
4) وما عرف الإنسان البرزخ الذي يفصل بين البحار الملحة، إلا بعد أن أقام محطات الدراسة البحرية المشار إليها ، وبعد أن قضى وقتاً طويلاً في تتبع وجود هذه البرازخ المتعرجة المتحركة، التي تتغير في موقعها الجغرافي بتغير فصول العام.
5) وما عرف الإنسان أن مائي البحرين منفصلان عن بعضهما بالحاجز المائي، ومختلطان في نفس الوقت إلا بعد أن عكف يدرس بأجهزته وسفنه حركة المياه في مناطق الالتقاء بين البحار، وقام بتحليل تلك الكتل المائية في تلك المناطق.
6) وما قرر الإنسان هذه القاعدة على كل البحار التي تلتقي إلا بعد استقصاء ومسح علمي واسع لهذه الظاهرة التي تحدث بين كل بحرين في كل بحار الأرض .
* فهل كان يملك تلك المحطات البحرية ، وأجهزة تحليل كتل المياه ، والقدرة على تتبعrرسول الله حركة الكتل المائية المتنوعة ؟ .
(2/355)
* وهل قام بعملية مسح شاملة ، وهو الذي لم يركب البحر قط ، وعاش في زمن كانت الأساطير هي الغالبة على تفكير الإنسان وخاصة في ميدان البحار ؟
في زمنه من أبحاث وآلات ودراسات ما تيسرr* وهل تيسر لرسول الله لعلماء البحار في عصرنا الذين اكتشفوا تلك الأسرار بالبحث والدراسة ؟
* إن هذا العلم الذي نزل به القرآن يتضمن وصفاً لأدق الأسرار في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها ليدلُ على مصدره الإلهي، كما قال تعالى: ? قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا(6)? (الفرقان:6) .
* كما يدل على أن الذي أنزل عليه الكتاب رسول يوحى إليه وصدق الله القائل : ? سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)? (فصلت:53).
مكتوب بواسطة: عمرو إبن العاص Feb 23 2005, 11:01 AM
بارك الله فيك أخى العزيز أحمد تغيب وترجع لتنير المنتدى بمواضيعك
مكتوب بواسطة: ahmednou Feb 24 2005, 03:05 PM
جزاك الله خيرا أخي عمرو بن العاص، وجعلك الله من الفاتحين في الإسلام، وأنا على الحقيقة تغيبت لبعض الظروف الخاصة التي كان يشق معها الدخول على النت كثيرا... وإن شاء الله عازم على العودة مثل العام الماضي... ولكن أسألك وأسأل بقية الإخوة في الشبكة الدعاء لي بالتوفيق وفتح الله عز وجل علي في عدة أبحاث جديدة في البشارات من الكتاب المقدس...
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 5 2005, 03:02 PM
بشارة النبي سليمان بمحمد عليهما الصلاة والسلام
بشارة منقولة من موقع الإيمان وكتاب الشيخ الزنداني حفظه الله تعالى:
يقول الزنداني في كتابه:بينات الرسالة:
المبحث الثاني اسم النبي
(2/356)
أ ) لا تزال نسخ التوراة باللغة العبرية تحمل اسم محمد جلياً واضحاً إلى يومنا هذا. ففي نشيد الأنشاد من التوراة في الاصحاح الخامس الفقرة السادسة عشر وردت هذه الكلمات: حِكو مَمْتَكيم فِكلّو محمديم زيه دُودي فَزيه ريعي.(ث) ومعنى هذا : "كلامه أحلى الكلام إنه محمد العظيم هذا حبيبي وهذا خليلي". فالفظ العبري يذكر اسم محمد جلياً واضحاً ويلحقه بـ(يم) التي تستعمل في العبرية للتعظيم.
نقلا عن كتاب بينات الرسالة للشيخ الزنداني ص10: 12
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm
وبالرجوع إلى نص النبي سليمان عليه السلام في نشيد الأنشاد من موقع:
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/
في نسخة:
The KJV Strong's Version
Song of Solomon
5:16
His mouth is most sweet: yea, he is altogether lovely. This is my beloved, and this is my friend, O daughters of Jerusalem
وبالرجوع إلى أصل الكلمة العبرية بالضغط على كلمة
lovely.
نجد أن الكلمة العبرية ليست: "محمديم".. وإنما هي "محمد" فقط..
The KJV Old Testament Hebrew Lexicon
Original Word
من اليمين إلى الشمال:
dmxm
وبالنطق اللاتيني تطباق مع "محمد"
Transliterated Word
Machmad
Phonetic Spelling
makh-mawd'
http://bible.crosswalk.com/Lexicons/Hebrew/heb.cgi?number=04261&version=kjv
ويمكن سماع كلمة "محمد" بالضغط على أيقونة الصوت بعد الدخول على الكلمة العبرية.. ولكن لا تنس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما سمعت الكلمة…
وصدق الله العظيم إذ يقول:{الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل}سورة الأعراف..
ويقول تعالى في سورة البقرة:{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} أي يعرفون محمدا صلى الله عليه وسلم..
وفي سورة الرعد:{ويقول الذين كفروا لست مرسلا، قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}
(2/357)
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 12 2005, 03:59 PM
تابع بشارة النبي سليمان
وأقرب ترجمة إنجليزية لجملة :"كلامه أحلى الكلام" في ترجمة:
The New Revised Standard Version
5:16
His speech is most sweet, and he is altogether desirable. This is my beloved and this is my friend…
مكتوب بواسطة: ahmednou Mar 19 2005, 03:46 PM
محمد يا قدوس
نص منقول من كتاب ابن تيمية رحمه الله تعالى المسمى بالجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ، الجزء 5، صفحة 257
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى:[قالوا وقال أشعياء النبي معلنا باسم رسول الله إني جعلت أمرك يا محمد يا قدوس الرب اسمك موجود من الأبد.. قالوا فهل بقي بعد ذلك لزائغ فقال أو لطاعن مجال وقول أشعياء إن اسم محمد موجود من الأبد موافق لقول داود الذي حكيناه أن اسمه موجود قبل الشمس
وقوله يا قدوس الرب يعني يا من طهره الرب وخلصه من بشريته واصطفاه لنفسه]
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=330&id=2086
وذكرها الشيخ الزنداني حفظه الله تعالى من كتب أخرى…يقول الشيخ:
• جاء في سفر أشعيا :" إني جعلت اسمك محمداً ، يا محمد يا قدوس الرب ، اسمك موجود من الأبد " ذكر هذه الفقرة علي بن ربّن الطبري الذي كان نصرانياً فهداه الله للإسلام في كتابه : الدين والدولة ، وقد توفي عام 247هـ(14) .
يقول الزنداني في الهامش: وذكرها صالح بن حسين الهاشمي المتوفى عام 668هـ في كتابه : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل، وذكرها القرافي المتوفى عام 682هـ في كتابه : الأجوبة الفاخرة ، وذكرها ابن تيمية المتوفى عام 728هـ في كتابه : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح؛ وذكرها ابن قيم الجوزية المتوفي عام 751هـ في كتابه : هداية الحيارى من اليهود والنصارى
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm
وأقرب نص للنص السابق في النص التالي من سفر إشعيا رقم 57-15:
من موقع النادي العربي:
(2/358)
57: 13 اذ تصرخين فلينقذك جموعك و لكن الريح تحملهم كلهم تاخذهم نفخة اما المتوكل علي فيملك الارض و يرث جبل قدسي
57: 14 و يقول اعدوا اعدوا هيئوا الطريق ارفعوا المعثرة من طريق شعبي
57: 15 لانه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الابد القدوس اسمه في الموضع المرتفع المقدس اسكن و مع المنسحق و المتواضع الروح لاحيي روح المتواضعين و لاحيي قلب المنسحقين
وفي رقم13 لفظ:[المتوكل علي]..
والمتوكل من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم الصريحة والمذكورة في التوراة..
كما في صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
2018 - حدثنا محمد بن سنان: حدثنا فليح: حدثنا هلال، عن عطاء بن يسار قال:
لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}. وحزرا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل…، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا].
موقع المحدث..
مكتوب بواسطة: ahmednou Apr 2 2005, 02:47 PM
مسيا المنتظر
في سورة آل عمران:{وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ {81}
فال بعض المفسرين أن هذا الرسول الذي أمر جميع الأنبياء أن يؤمنوا به ويبشروا به هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كما جاء في كتب التفسير:
(2/359)
الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1.55 - للإمام القرطبي
قال أبو إسحاق الزجاج: عهده جل وعز ما أخذه على النبيين ومن اتبعهم ألا يكفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم
وفي الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1.55 - للإمام القرطبي
"وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري" [آل عمران: 81] الآية. أي أخذ عليهم أن يعلنوا أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلن محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نبّي بعده. وقّدم محمدا في الذكر لما روى قتادة عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح" قال: (كنت أولهم في الخلق وآخرهم في البعث). وقال مجاهد: هذا في ظهر آدم عليه الصلاة والسلام.
من موقع المحدث..
وهذا يتفق مع كثرة البشارات بالنبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس، لأن كل نبي كان مأمورا أن يذكره لقومه..
ويتفق أيضا مع كثرة الروايات والشهادات التي نقلت عن أهل الكتاب الذين كانوا ينتظرون مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عرفوه من أسمائه وصفاته ومولده ومكان هجرته وخاتم النبوة..
وبذلك يثبت أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو مسيا المنتظر الذي كان يخبر به اليهود قديما النصارى، وهو الذي بشر به جميع الأنبياء، وكان ينتظره أهل الكتاب السابقين..
… وفي برنابا تصريح المسيح عليه السلام بأن مسيا هو نبينا صلى الله عليه وسلم الذي اسمه "محمد" ص124،126..
واللفظ بالإنجليزية في الكتاب المقدس:
Messiah
مكتوب بواسطة: ahmednou Apr 16 2005, 03:23 PM
من يرث الأرض؟؟
في المقالة قبل السابقة: محمد يا قدوس.. نص في إشعيا يقول إن المتوكل سوف يرث الأرض.. وذكرت أن المتوكل من أسماء نبينا صلى الله عليه وسلم.. والنص هو:
من موقع النادي العربي:
(2/360)
57: 13 اذ تصرخين فلينقذك جموعك و لكن الريح تحملهم كلهم تاخذهم نفخة اما المتوكل علي فيملك الارض و يرث جبل قدسي..
وهذا المعنى لنبينا صلى الله عليه وسلم يتفق مع كلام علماء المسلمين القدماء:
يقول النبهاني في كتابه حجة الله على العالمين ص100:
وقد ورد في الكتب السابقة ذكر أصحابه صلى الله عليه وسلم ووعد أمته بوراثة الأرض، قال الله تعالى:{ولقدكتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}الأنبياء 105…
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية، قال أخبر الله سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السماوات والأرض أن يورث أمة محمد صلى الله عليه وسلم الأرض.. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء أنه قرأ قوله تعالى:{ أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} فقال نحن الصالحون.. قال الحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى قلت وقد وقفت على نسخة من الزبور وهو مائة وخمسون سورة ورأيت في السورة الرابعة ما نصه: يا داود اسمع ما أقول ومر سليمان فليقله للناس من بعدك أن الأرض لي أورثها محمد صلى الله عليه وسلم وأمته.. انتهى كلام النبهاني رحمه الله..
مكتوب بواسطة: ahmednou May 1 2005, 03:23 PM
تابع بشارة "صفات النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة"
(2/361)
يقول ابن تيمية في كتابه "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح": لكن هذا عندهم في نبوة أشعيا قال فيها:" عبدي الذي سرت به نفسي أنزل عليه وحيي فيظهر في الأمم عدلي ويوصيهم بالوصايا لا يضحك ولا يسمع صوته في الأسواق يفتح العيون العور والآذان الصم ويحيي القلوب الغلف وما أعطيه لا أعطي أحدا يحمد الله حمدا جديدا يأتي من أقصى الأرض وتفرح البرية وسكانها يهللون الله على كل شرف ويكبرونه على كل رابية لا يضعف ولا يغلب ولا يميل إلى الهوى مشقح ولا يذل الصالحين الذين هم كالقصبة الضعيفة بل يقوى الصديقين وهو ركن المتواضعين وهو نور الله الذي لا يطفى أثر سلطانه على كتفيه"…. يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: وهذه صفات منطبقة على محمد وأمته وهي من أجل بشارات الأنبياء المتقدمين به"
انتهى كلام ابن تيمية…
كتاب الجواب الصحيح، الجزء 5، صفحة 158.
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=330&id=1987
ويذكر بعضها الشيخ الزنداني حفظه الله تعالى في كتابه، يقول الشيخ: "وجاء في سفر أشعيا أيضاً : "وما أعطيه لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمداً حديثاً ، يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البَرّية وسكانها ، ويوحدون الله على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية"(17) . وذكره عبدالله الترجمان الذي كان اسمه : انسلم تورميدا ، وكان قساً من أسبانيا فأسلم وتوفي عام 832هـ … انتهى كلام الزنداني…
يقول الزنداني في الهامش: ذكره الأئمة : الخزرجي والهاشمي والقرطبي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم التي سبق ذكرها. "
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm
http://www.aliman.org/besara.htm
نقلا عن كتاب بينات الرسالة للشيخ الزنداني
وفي الترجمة العربية في موقع النادي العربي:
42: 8 انا الرب هذا اسمي و مجدي لا اعطيه لاخر و لا تسبيحي للمنحوتات
42: 9 هوذا الاوليات قد اتت و الحديثات انا مخبر بها قبل ان تنبت اعلمكم بها
(2/362)
42: 10 غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض ايها المنحدرون في البحر و ملؤه و الجزائر و سكانها
42: 11 لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا
42: 12 ليعطوا الرب مجدا و يخبروا بتسبيحه في الجزائر
42: 13 الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف و يصرخ و يقوى على
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm#_ftn9
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm#_ftnref8
وكلمة "مجدي" في رقم"8" يمكن أن تكون "محمد" أو "أحمد" لأن المجد بمعنى "الحمد"..
وهذا النص في الفصل الاثنين والأربعين هو نفسه النص المذكور سابقا تحت عنوان "صفات النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة".. الذي بدايته "عبدي مختاري".. وقد ذكرت فيه الأدلة على أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم من النصوص الإسلامية القديمة ومن شرح الألفاظ، ومن ذكر بعض القساوسة لوجود اسم النبي صلى الله عليه وسلم فيه مع خاتم النبوة، وكذلك من وجود "قيدار" وهم العرب وغير ذلك من الأدلة المذكورة سابقا في المقال فارجع إليها…
مكتوب بواسطة: ahmad_yehya1 May 1 2005, 03:47 PM
جميل جداً اخي ahmednou ,نقاط مهمة وواضحة
جزاك الله كل خير
مكتوب بواسطة: ahmednou May 7 2005, 03:38 PM
وجزاك الله خيرا أخي أحمد يحيى.. وفتح الله عليك لنصرة دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم..
مكتوب بواسطة: ahmednou May 28 2005, 07:18 PM
معجزات النبي صلى الله عليه وسلم من موقع الإيمان، من كتاب للشيخ الزنداني حفظه الله تعالى…
http://www.aliman.org/MOGZAT/MAIN.HTM
بينات الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزاته
فهرس الموضوعات
الفصل الثاني : المعجزة العلمية في القرآن والسنة
مقدمة
وصف الحاجز بين البحرين
الناصية
والجبال أوتاداً
فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً
وأنزلنا الحديد
وجه الإعجاز
أو كظلمات في بحر لجي
التسلسل الزمني لاكتشاف أعماق البحار
(2/363)
معلومات حديثة في علم البحار
ظلمات بعضها فوق بعض
F22.HTM - لهذهوصف القرآن لهذه الأسرار والحقائق البحرية
وجه الإعجاز
فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت
مكونات الأرض
الاهتزاز
الربو
انبات النبات
المعاني اللغوية
أقوال المفسرين
وجه الإعجاز
آية اللبن (من بين فرث ودم)
التدرج التاريخي للاكتشافات
مراحل تكوين اللبن الخالص السائغ
تفسير الآية
وجه الإعجاز
الحاجز بين النهر والبحر (منطقة المصب)
المعاني اللغوية وأقوال المفسرين في الآية
البحرين هذا عذاب فرات وهذا ملح أجاج
المعجزة العلمية في السنة
معجزة وصف الجنين بعد الليلة الثانية والأربعين
بطلان فكرة الخلق التام
الخطأ في تقدير أعمار الأجنة
الجهل بالتطورات التي تظهر على الجنين في كل مرحلة زمنية
تحديد زمن تكون أعضاء الجنين
المعجزة النبوية في وصف تخلق الجنين
شهادة العلم الحديث بصدق ما أخبر به الرسول
الفصل الثالث : التحدي بالقرآن
البينة القرآنية
فصاحة القرآن وبلاغته
سر فصاحة القرآن وبلاغته ، ووجوه فصاحته
اعتراف العرب الفصحاء ببلاغة القرآن وفصاحته
تحدي الكافرين أن يأتوا بمثله
علامات إلهية في القرآن
الجدة الدائمة
كونه روحاً من أمر الله
أنه كلام فريد
تجربة في تأثير القرآن على التوتر العصبي
خلوة من التناقض والاضطراب
علومه الواسعة
إخباره بغيب الماضي
قصة هامان
غيب في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
غيب المستقبل
الشريعة العظيمة التي احتوى عليها
محاورة مع سفير فرنسا
الإعجاز العلمي الذي احتوى عليه القرآن
علامات أخرى [تدل على أن القرآن من عند الله]
الفصل الرابع : المعجزة الخارقة
تمهيد
دقة توثيق أخبار المعجزات (في القرآن)
محضر الخارقة
التوثيق التاريخي لانشقاق القمر
مثال في العهد المدني
حفظ القرآن (السجل الصادق)
توثيق المعجزات في السنة النبوية
الصحابة حملة الدين الثقات
دقة توثيق الصحابة
دقة توثيق التابعين
منهج نقد الرواية
(2/364)
من دلائل النبوة الخارقة للعادة في العهد المكي
حادثة الفيل
انشقاق القمر
حماية الله لنبيه
حادثة الإسراء والمعراج
تأييد الله لرسوله أثناء هجرته
من دلائل النبوة الخارقة للعادة في العهد المدني
معجزات في غزوة بدر
قتال الملائكة مع رسول الله في معركة أحد
نصرة الله لرسوله بالريح والملائكة في غزوة الأحزاب
خوارق ازدياد الماء والطعام
قصة وليمة جابر
تكثير الطعام في غزوة تبوك
قصة تكثير تمر جابر
إطعام النبي مائة وثلاثين رجلاً من شاة
البركة في حيسة أم سليم
إطعامه سبعين أو ثمانين رجلاً من أقراص أم سليم
تكثير شطر وسق شعير ببركته
ظهور بركته في شطر شعير لأم المؤمنين عائشة
قصة تمرات أبي هريرة
قصعة الثريد التي كانت تمد
معجزات الرسول في تكثر الماء القليل
تكثير الماء في غزوة الحديبية
نبع الماء من بين أصابعه
تكثير ماء المزادتين
ميضأة أبي قتادة
تكثير الماء في تبوك
معجزات شفاء المرضى وخوارقها
معجزات خوارق العادة في غزوة حنين
شهادة الشجر برسالة النبي
معجزات خارقة في شهادة الحيوان وانقياده
معجزات خارقة متفرقة
استجابة الله عزوجل لدعائه
استجابة دعائه في الاستسقاء
استجابة دعائه فيما دعا فيه
استجابة دعائه على من دعا عليهم
الفصل الخامس : الوعد الحق
تمهيد
الموت
الحياة البرزخية
فناء شامل
البعث والنشور
الحشر إلى الموقف
طول الموقف والشفاعة لقيام الحساب
الحساب والجزاء
اقتصاص المظالم بين الخلق
الميزان
الحوض
سوق الكفار إلى النار
الصراط
الجنة
خلق الجنة
الجنة دار النعيم
إنها جنان
التهيئة لدخول الجنة
دخول الجنة
أول من يدخل الجنة
استقبال الملائكة
ما يضيفون به عند دخولهم
اهتداؤهم إلى منازلهم
أوصاف الجنة
سير المؤمن إلى ملكه
استقبال الخدم له
سعة مملكة المؤمن ونعيمها
صفة أهل الجنة وحليهم ولباسهم
نساء أهل الجنة
خدم أهل الجنة
طعام أهل الجنة
آنية أهل الجنة
قوة أهل الجنة في الأكل والشرب
فرش الجنة
أهل المؤمن في الجنة وذريته
(2/365)
التزاور في الجنة
أماني أهل الجنة
ورضوان من الله أكبر
أمان ونعيم لا ينقطع
أخر دعوى أهل الجنة
ثمن الجنة
النار
خلق النار
اتباع كل أناس لإمامهم
تغيض النار عند رؤيتها للكفار
أبواب النار
دركات النار
سعة النار وبعد قعرها
خزنة النار
وقود النار
شدة حرها وعظيم دخانها وشرارها
عظم خلق أهل النار
شدة ما يكابده أهل النار من عذاب
صور من عذاب أهل النار
طعام أهل النار وشرابهم ولباسهم
أصناف المعذبين
حسرة أهل النار
شدة بكاء النار
تخاصم أهل النار
تبرؤ الشيطان من اتباعه في النار
محاولة أهل النار الخروج منها
الخلود في النار
مكتوب بواسطة: نورة May 30 2005, 07:22 AM
جزاك الله خيرأخوي على الموضوع الرائع واجعله الله في ميزان حسناتك
مكتوب بواسطة: ahmednou Jun 18 2005, 05:29 PM
صوت أحمد
في كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"وقال أشعياء إنما سمعنا من أطراف الأرض صوت محمد وهذا إفصاح من أشعياء باسم رسول الله فليرنا أهل الكتاب نبيا نصت الأنبياء على اسمه صريحا سوى رسول الله "
كتاب الجواب الصحيح، الجزء 5، صفحة 266
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=330&id=2095
وقد ذكرها الشيخ الزنداني في كتابه الموجود في موقع الإيمان:
وجاء في سفر أشعيا أيضاً :" سمعنا من أطراف الأرض صوت محمد "(15)
يقول في الهامش: ذكره الأئمة : صالح الهاشمي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم السابق ذكرها
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm
http://www.aliman.org/besara.htm
وفي الترجمة العربي الموجودة في موقع النادي العربي:
24: 16 من اطراف الارض سمعنا ترنيمة مجدا للبار
أقول:كلمة "الحمد" في الكتاب المقدس أحيانا تترجم إلى "مجد"… كما في لوقا: "المجد لله في الأعالي" والأعالي هي السماوات… وعندنا في القرآن "وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون" الروم 18
(2/366)
وفي الترجمة الإنجليزية الموجودة في:
GOD'S WORD
24:16
From the ends of the earth we hear songs of praise that honor the Righteous One
فيمكن أن تكون كلمة
praise
هي أحمد، أو محمد.
لأن كلمة "أحمد" في المزامير في بعض المواضع ترجمت إلى:
praise
ففي المزامير العربية نسخة النادي العربي:
7: 17 احمد الرب حسب بره و ارنم لاسم الرب العلي
8: 2 من افواه الاطفال و الرضع اسست حمدا بسبب اضدادك لتسكيت عدو و منتقم
نفس الكلمة العبرية التي ترجمت إلى "أحمد" ترجمت إلى
praise
ففي الترجمة الإنجليزية لنفس النص:
7:17
I will praise the LORD according to his righteousness: and will sing praise to the name of the LORD most high.
The KJV Strong's Version
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 3 2005, 08:56 PM
الباركليتوس
منقول من كتاب السيرة النبوية:
صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإنجيل:
"يحنس" الحواري يثبت بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم من الإنجيل قال ابن اسحاق وقد كان فيما بلغني عما كان وضع عيسى ابن مريم فيما جاءه من الله في الإنجيل لأهل الإنجيل من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أثبتت يحنس الحواري لهم حين نسخ لهم الإنجيل عن عهد عيسى ابن مريم عليه السلام في رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أنه قال:[من أبغضني فقد أبغض الرب ولولا أني صنعت بحضرتهم صنائع لم يصنعها أحد قبلي ما كانت لهم خطيئة ولكن من الآن بطروا وظنوا أنهم يعزونني وأيضا للرب ولكن لا بد من أن تتم الكلمة التي في الناموس أنهم أبغضوني مجانا أي باطلا فلو قد جاء المنحمنا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب وروح القدس هذا الذي من عند الرب خرج فهو شهيد علي وأنتم أيضا لأنكم قديما كنتم معي في هذا قلت لكم لكيما لا تشكوا]…
(2/367)
والمنحمنا بالسريانية محمد وهو بالرومية البرقليطس صلى الله عليه وسلم..انتهى كلام ابن هشام..كتاب السيرة النبوية، الجزء 2، صفحة 64. عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري أبو محمد ولادة المؤلف وفاة المؤلف 213
http://arabic.islamicweb.com/
أقول: "يحنس" هذا هو يوحنا أي الإنجيل المنسوب خطأ إلى يوحنا الحواري…
فهذا النص قريب من النص الموجود في إنجيل يوحنا في الفصل الرابع عشر:
من موقع النادي العربي:
14: 12 الحق الحق اقول لكم من يؤمن بي فالاعمال التي انا اعملها يعملها هو ايضا و يعمل اعظم منها لاني ماض الى ابي
14: 13 و مهما سالتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الاب بالابن
14: 14 ان سالتم شيئا باسمي فاني افعله
14: 15 ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي
14: 16 و انا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد
14: 17 روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يقبله لانه لا يراه و لا يعرفه و اما انتم فتعرفونه لانه ماكث معكم و يكون فيكم
14: 18 لا اترككم يتامى اني اتي اليكم
14: 19 بعد قليل لا يراني العالم ايضا و اما انتم فترونني اني انا حي فانتم ستحيون
14: 20 في ذلك اليوم تعلمون اني انا في ابي و انتم في و انا فيكم
14: 21 الذي عنده وصاياي و يحفظها فهو الذي يحبني و الذي يحبني يحبه ابي و انا احبه و اظهر له ذاتي
14: 22 قال له يهوذا ليس الاسخريوطي يا سيد ماذا حدث حتى انك مزمع ان تظهر ذاتك لنا و ليس للعالم
14: 23 اجاب يسوع و قال له ان احبني احد يحفظ كلامي و يحبه ابي و اليه ناتي و عنده نصنع منزلا
14: 24 الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي و الكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للاب الذي ارسلني
14: 25 بهذا كلمتكم و انا عندكم
14: 26 و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم
14: 27 سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب
(2/368)
من موقع الكلمة:
12الحقَ الحقَ أقولُ لكُم: مَنْ آمَنَ بي يَعمَلُ الأعمالَ التي أعمَلُها، بل أعظَمَ مِنها، لأنِّي ذاهِبٌ إلى الآبِ، 13فكُلُّ ما تَطلُبونَهُ باَسمي أعمَلُهُ، حتى يَتَمَجَّدَ الآبُ في الابنِ. 14إذا طَلبتُم مِنِّي شيئًا باَسمي أعمَلُهُ
15»إذا كُنتُم تُحبّوني عَمِلْتُم بوصايايَ. 16وسأطلُبُ مِنَ الآبِ أنْ يُعطيَكُم مُعَزِّيًا آخَرَ يَبقى مَعكُم إلى الأبَدِ.
17هوَ رُوحُ الحقِّ الذي لا يَقدِرُ العالَمُ أنْ يَقبَلَهُ،
لأنَّهُ لا يَراهُ ولا يَعرِفُهُ. أمّا أنتُم فتَعرِفونَهُ، لأنَّهُ يُقيمُ مَعكُم ويكونُ فيكُم.
18لن أترُكَكُم يتامى، بل أرجِعُ إلَيكُم. 19بَعدَ قليلٍ لن يَراني العالَمُ، أمّا أنتُم فتَرَونَني. ولأنِّي أحيا، فأنتُم سَتَحيونَ. 20وفي ذلِكَ اليومِ تَعرِفونَ أنِّي في أبي، وأنَّكُم أنتُم فيَّ مِثلَما أنا فيكُم.
21مَنْ قَبِلَ وصاياي وعَمِلَ بِها أحَبَّني. ومَنْ أحَبَّني أحَبَّهُ أبي، وأنا أُحِبُّهُ وأُظهِرُ لَه ذاتي«.
22فقالَ لَه يَهوذا، وهوَ غَيرُ يَهوذا الأسخَريوطيِّ: «يا سيِّدُ، كيفَ تُظهِرُ ذاتَكَ لنا ولا تُظهِرُها لِلعالَمِ؟« 23أجابَهُ يَسوعُ: «مَنْ أحبَّني سَمِعَ كلامي فأحَبَّهُ أبي، ونَجِيءُ إلَيهِ ونُقيمُ عِندَهُ. 24ومَنْ لا يُحبُّني لا يَسمَعُ كلامي. وما كلامي مِن عِندي، بل مِنْ عِندِ الآبِ الذي أرسَلَني.
25قُلتُ لكُم هذا كُلَّهُ وأنا مَعكُم. 26ولكِنَ المُعزِّي، وهوَ الرُّوحُ القُدُسُ الذي يُرسِلُهُ الآبُ باَسْمي، سيُعلِّمُكُم كُلَ شيءٍ ويَجعَلُكُم تتَذَكَّرونَ كُلَ ما قُلتُهُ لكُم.
27سلامًا أترُكُ لكُم، وسَلامي أُعطيكُم، لا كما يُعطيهِ العالَمُ أُعطيكُم أنا. فلا تَضطَرِبْ قُلوبُكُم ولا تَفزَعْ.
(2/369)
بالرجوع إلى أصل كلمة"المعزي" اليوناني نجد أنها قريبة من اللفظ الذي ذكره أهل الكتاب قديما لاسم النبي صلى الله عليه وسلم بالرومية، في القرن الأول أو الثاني الهجري..
من موقع:
http://www.biblestudytools.net/OnlineStudyBible/
The KJV Strong's Version
14:16
And I will pray the Father, and he shall give you another Comforter, that he may abide with you for ever
The KJV New Testament Greek Lexicon
Original Word
paravklhtoك
Transliterated Word
Parakletos
Phonetic Spelling
par-ak'-lay-tos
مكتوب بواسطة: ahmednou Jul 31 2005, 06:49 PM
تابع الفارقليط:
تعليق ابن تيمية رحمه الله تعالى على لفظ الفارقليط، وشرحه للنصوص التي ذكر فيها اللفظ في إنجيل يوحنا:
من كتاب الجواب الصحيح، الجزء 5، صفحة 287 وما بعدها…
يقول ابن تيمية:
(2/370)
قلت وهذا اللفظ لفظ الفارقليط في لغتهم ذكروا فيه أقوالا قيل إنه الحماد وقيل إنه الحامد وقيل إنه المعز وقيل إنه الحمد ورجح هذا طائفة وقالوا الذي يقوم عليه البرهان في لغتهم إنه الحمد والدليل عليه قول يوشع من عمل حسنة تكون له فارقليط جيد أي حمد جيد وقولهم المشهور في تخاطبهم فارقليط وفارقليطان وما زاد على الجميع أي حمد ومنه كما نقول نحن يد ومنة ومن قال معناه المخلص فيحتجون بأنها كلمة سريانية ومعناها المخلص وقالوا هو مشتق من قولنا راوف ويقال بالسريانية فاروق فجعل فارق قالوا ومعنى ليط كلمة تزاد والتقدير كما يقال في العربية رجل هو وحجر هو وبدر هو وذكر هو قالوا وكذلك يزاد في السريانية ليط والذين قالوا هو المعز قالوا هو في لسان اليونان المعز ويعترض على هذين القولين بأن المسيح لم تكن لغته سريانية ولا يونانية بل عبرانية ويجاب عنه بأنه تكلم بالعبرانية وترجم عنه بلغة أخرى كما أملوا أحد الأناجيل باليونانية والآخر بالرومية وواحدا بقي عبرانيا وأكثر النصارى على أنه المخلص والمسيح نفسه يسمونه المخلص وفي الإنجيل الذي بأيديهم أنه قال إني لم آتي لأزين العالم بل لأخلص العالم والنصارى يقولون في صلاتهم لقد ولدت لنا مخلصا وقد اختلف فيه فمن النصارى من قال هو روح نزلت على الحواريين وقد يقولون إنه ألسن نارية نزلت من السماء على التلاميذ ففعلت الآيات والعجائب ولهذا يقول من خبر أحوال النصارى إنه لم يرو أحدا منهم يحسن تحقيق مجيء هذا الفارقليط الموعود به منهم من يزعم أنه المسيح نفسه لكونه جاء بعد الصلب بأربعين يوما وكونه قام من قبره وتفسيره بالروح باطل وأبطل منه تفسيره بالمسيح لوجوه منها أن روح القدس ما زالت تنزل على الأنبياء والصالحين قبل المسيح وبعده وهذا مما اتفق عليه أهل الكتاب أن روح القدس نزلت على الأنبياء والصالحين قبل المسيح وبعده وليست موصوفة بهذه الصفات وقد قال تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله(2/371)
واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه وقال النبي لحسان بن ثابت لما كان يهجو المشركين قال اللهم أيده بروح القدس وقال إن روح القدس معك ما زلت تنافح عن نبيه وإذا كان كذلك ولم يسم أحد هذه الروح فارقليطا دل على أن الفارقليط أمر غير هذا وأيضا فمثل هذه ما زالت يؤيد بها الأنبياء والصالحون وما بشر به المسيح أمر عظيم يأتي بعده أعظم من هذا وأيضا فإنه وصف الفارقليط بصفات لا تناسب هذا وإنما تناسب رجلا يأتي بعده نظيرا له فإنه قال إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد فقوله فارقليطا آخر دل على أنه ثان لأول كان قبله ولم يكن معهم في حياة المسيح إلا هو لم تنزل عليهم روح فعلم أن الذي يأتي بعده نظيرا له ليس أمرا معتادا يأتي للناس وأيضا فإنه قال يثبت معكم إلى الأبد وهذا إنما يكون لما يدوم ويبقى معهم إلى آخر الدهر ومعلوم أنه لم يرد بقاء ذاته فعلم أنه بقاء شرعه وأمره فعلم أن الفارقليط الأول لم يثبت معهم شرعه ودينه إلى الأبد وهذا يبين أن الثاني صاحب شرع لا ينسخ بخلاف الأول وهذا إنما ينطبق على محمد وأيضا فإنه أخبر أن هذا الفارقليط الذي أخبر به يشهد له ويعلمهم كل شيء وأنه يذكركم كل ما قال المسيح وأنه يوبخ العالم على خطيئته فقال والفارقليط الذي يرسله أبي هو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كل ما قلت لكم وقال إذا جاء الفارقليط الذي أبي أرسله هو يشهد لي قلت لكم هذا حتى إذا كان تؤمنوا به ولا تشكوا فيه وقال إن خيرا لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم فهو يوبخ العالم على الخطيئة وإن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عند نفسه بل يتكلم بما يسمع(2/372)
ويخبر بكل ما يأتي ويعرفكم جميع ما للأب فهذه الصفات والنعوت التي تلقوها عن المسيح لا تنطبق على شيء في قلب بعض الناس لا يراه أحد ولا يسمع كلامه وإنما تنطبق على من يراه الناس ويسمعون كلامه فيشهد للمسيح ويعلمهم كل شيء ويذكرهم كل ما قال لهم المسيح ويوبخ العالم على الخطيئة ويرشد الناس إلى جميع الحق وهو لا ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبرهم بكل ما يأتي ويعرفهم جميع ما لرب العالمين وهذا لا يكون ملكا لا يراه أحد ولا يكون هدى ولا علما في قلب بعض الناس بل لا يكون إلا إنسانا عظيم القدر يخاطب الناس بما أخبر به المسيح وهذا لا يكون إلا بشرا رسولا بل يكون أعظم من المسيح بين أنه يقدر على ما لا يقدر عليه المسيح ويعلم ما لا يعلمه المسيح ويخبر بكل ما يأتي وبما يستحقه الرب حيث قال إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله ولكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بما يأتي ويعرفكم جميع ما للأب وهذه الصفات لا تنطبق إلا على محمد وذلك أن الإخبار عن الله بما هو متصف به من الصفات وعن ملائكته وعن ملكوته وعن ما أعده الله في الجنة لأوليائه وفي النار لأعدائه أمر لا يحتمل عقول كثير من الناس معرفته على التفصيل ولهذا قال علي رضي الله عنه حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتريدون أن يكذب الله ورسوله وقال ابن مسعود ما من رجل يحدث قوما بحديث لا يبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم وسأل رجل ابن عباس عن قوله تعالى خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن قال ما يؤمنك أن لو أخبرتك بتفسيرها لكفرت وكفرك بها تكذيبك بها فقال لهم المسيح عليه السلام إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله وهو الصادق المصدوق في هذا لهذا ليس في الإنجيل من صفات الله وصفات ملكوته ومن صفات اليوم الآخر إلا أمور مجملة وكذلك التوراة ليس فيها(2/373)
من ذكر اليوم الآخر إلا أمور مجملة مع أن موسى كان قد مهد الأمر للمسيح ومع هذا فقد قال لهم المسيح إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله ولكنكم لا تستطيعون حمله ثم قال ولكن إذا جاء روح الحق ذلك الذي يرشدكم إلى جميع الحق وقال إنه يخبركم بكل ما يأتي ويعرفكم بجميع ما للرب فدل هذا على أن هذا الفارقليط هو الذي يفعل هذا دون المسيح وكذلك كان محمد أرشد الناس إلى جميع الحق حتى أكمل الله له الدين وأتم به النعمة ولهذا كان خاتم الأنبياء فإنه لم يبق شيء يأتي به غيره وأخبر محمد بكل ما يأتي من أشراط الساعة والقيامة والحساب والصراط ووزن الأعمال والجنة وأنواع نعيمها والنار وأنواع عذابها ولهذا كان في القرآن من تفصيل أمر الآخرة وذكر الجنة والنار وما يأتي من ذلك أمور كثيرة توجد لا في التوراة ولا في الإنجيل وذلك تصديق قول المسيح إنه يخبر بكل ما يأتي ومحمد بعثه الله بين يدي الساعة كما قال بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصابعه السبابة والوسطى وكان إذا ذكر الساعة علا صوته واحمر وجهه واشتد غضبه كأنه منذر جيش وقال إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد وقال أنا النذير العريان فأخبر من الأمور التي تأتي في المستقبل بما لم يأت به نبي من الأنبياء كما نعته به المسيح حيث قال إنه يخبركم بكل ما يأتي ولا يوجد مثل هذا قط عن أحد من الأنبياء قبل محمد فضلا عن أن يوجد شيء نزل على قلب بعض لحواريين
(2/374)
وأيضا فقال ويعرفكم جميع ما للرب فبين أنه يعرف الناس جميع ما لله وذلك يتناول ما لله من الأسماء والصفات وما له من الحقوق وما يجب من الإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله بحيث يكون ما يأتي به جامعا لكل ما يستحقه الرب وهذا لم يأت به أحد غير محمد حيث يتضمن ما جاء به من الكتاب والحكمة هذا كله ومعلوم أن ما نزل على الحواريين لم يكن فيه هذا كله ولا نصفه ولا ثلثه بل ما جاء به المسيح أعظم مما جاء به الحواريون وهذا الفارقليط الثاني جاء بأعظم مما جاء به المسيح وأيضا فالمسيح قال إذا جاء الفارقليط الذي أرسله أبي هو يشهد لي قلت لكم هذا حتى إذا كان تؤمنوا به ولا تشكوا فيه فبين أنه أخبرهم به ليؤمنوا به إذا جاء ولا يشكوا فيه وأنه يشهد له وهذه صفة من بشر به المسيح ويشهد للمسيح كما قال تعالى وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد وأخبر أنه يوبخ العالم على الخطيئة ولم يوجد أحد وبخ جميع العالم على الخطيئة إلا محمد فإنه أنذر جميع العالم من أصناف الناس ووبخهم على الخطيئة من الكفر والفسوق والعصيان وبخ جميع المشركين من العرب والهند والترك وغيرهم ووبخ المجوس وكانت مملكتهم أعظم الممالك ووبخ أهل الكتابين اليهود والنصارى وقال في الحديث الصحيح عنه إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب لم يقتصر على مجرد الأمر والنهي بل وبخهم وقرعهم وتهددهم وأيضا فإنه أخبر أنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع وهذا إخبار بأن كل ما يتكلم به فهو وحي يسمعه ليس هو شيئا تعلمه من الناس أو عرفه باستنباطه وهذه خاصة محمد فإن المسيح ومن قبله من الأنبياء كانوا يتعلمون من غيرهم مع ما كان يوحى إليهم فعندهم علم غير ما يسمعونه من الوحي ومحمد لم ينطق إلا بما يسمعه من الوحي فهو مبلغ لما أرسل به وقد قيل له بلغ ما أنزل إليك من(2/375)
ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس فضمن الله له العصمة إذا بلغ رسالاته فلهذا أرشد الناس إلى جميع الحق وألقى إلى الناس ما لم يمكن غيره من الأنبياء إلقاءه خوفا أن يقتلوه كما يذكرون عن المسيح وغيره وقد أخبر المسيح بأنه لم يذكر لهم جميع ما عنده وأنهم لا يطيقون حمله وهم معترفون بأنه كان يخاف منهم إذا أخبرهم بحقائق الأمور ومحمد أيده الله تأييدا لم يؤيده لغيره فعصمه من الناس حتى لم يخف من شيء يقوله وأعطاه من البيان والعلم ما لم يؤته غيره فالكتاب الذي بعث به فيه من بيان حقائق الغيب ما ليس في كتاب غيره وأيد أمته تأييدا أطاقت به حمل ما ألقاه إليهم فلم يكونوا كأهل التوراة الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ولا كأهل الإنجيل الذين قال لهم المسيح إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ولكن لا تستطيعون حمله ولا ريب أن أمة محمد أكمل عقولا وأعظم إيمانا وأتم تصديقا وجهادا ولهذا كانت علومهم وأعمالهم القلبية وإيمانهم أعظم وكانت العبادات البدنية لغيرهم أعظم قال تعالى سورة البقرة الآيتان 285 286 وقد ثبت في الصحيح عن النبي أن الله
(2/376)
قال قد فعلت وأيضا فإنه أخبر عن الفارقليط أنه يشهد له وأنه يعلمهم كل شيء وأنه يذكرهم كل ما قاله المسيح ومعلوم أن هذا لا يكون إلا إذا شهد له شهادة يسمعها الناس لا يكون هذا شيئا في قلب طائفة قليلة ولم يشهد أحد للمسيح شهادة سمعها عامة الناس إلا محمد فإنه أظهر أمر المسيح وشهد له بالحق حتى سمع شهادته له عامة أهل الأرض وعلموا أنه صدق المسيح ونزهه عما افترته عليه اليهود وعما غلت فيه النصارى فهو الذي شهد له بالحق ولهذا لما سمع النجاشي من الصحابة ما شهد به محمد للمسيح قال لهم ما زاد عيسى على ما قلتم هذا العود وجعل الله أمة محمد شهداء على الناس يشهدون عليهم بما علموه من الحق إذ كانوا وسطا عدلا لا يشهدون بباطل فإن الشاهد لا يكون إلا عدلا بخلاف من جار في شهادته فزاد على الحق أو نقص منه كشهادة اليهود والنصارى في المسيح وأيضا فإن معنى الفارقليط إن كان هو الحامد أو الحماد أو الحمد أو المعز فهذا الوصف ظاهر في محمد فإنه وأمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل حال وهو صاحب لواء الحمد والحمد مفتاح خطبته ومفتاح صلاته ولما كان حمادا جوزي بوصفه فإن الجزاء من جنس العمل فكان اسمه محمد وأحمد وأما محمد فهو على وزن مكرم ومعظم ومقدس وهو الذي يحمد حمدا كثيرا مبالغا فيه ويستحق ذلك فلما كان حمادا لله كان محمدا وفي شعر حسان بن ثابت % وشق له من اسمه ليجله % فذو العرش محمود وهذا محمد % وأما أحمد فهو أفعل التفضيل أي أحق بأن يكون محمودا أكثر من غيره يقال هذا أحمد من هذا أي هذا أحق بأن يحمد من هذا فيكون فيه تفضيل له على غيره في كونه محمودا فلفظ محمد يقتضي فضله في الكمية ولفظ أحمد يقتضي فضله في الكيفية ومن الناس من يقول أحمد أي أكثر حمدا من غيره فعلى هذا يكون بمعنى الحامد والحماد وقال من رجح أن معنى الفارقليط في لغتهم هو الحمد كما تقدم فإذا كان كذلك فهو ما جاء في القرآن ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد قالوا(2/377)
ولا شك عندهم أنه اسم مشتق من الحمد مثل ما نقول في لغتنا ضارب ومضروب وأما من فسره بالمعز فلم يعرف قط نبي أعز أهل التوحيد لله والإيمان كما أعزهم محمد فهو أحق باسم المعز من كل إنسان وأما معنى المخلص فهو أيضا ظاهر فيه فإن المسيح هو المخلص الأول كما ذكر في الإنجيل وهو معروف عند النصارى أن المسيح صلوات الله عليه سمي مخلصا فيكون المسيح هو الفارقليط الأول وقد بشر بفارقليط آخر فإنه قال وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد فهذه بشارة بمخلص ثان يثبت معهم إلى الأبد والمسيح هو المخلص الأول وأما ما ينزل في القلوب فلم يسمه أحد مخلصا ولا فارقليطا فلا يجوز أن يفسر كلام المسيح إلا بلغته ومعانيه المعروفة التي خاطب بها وكذلك سائر الأنبياء بل وسائر الناطقين وقد وصف هذا المخلص الثاني بأنه يثبت معهم إلى الأبد ومحمد هو المخلص الذي جاء بشرع باق إلى الأبد لا ينسخ وأيضا فإن في الإنجيل إنجيل يوحنا أن المسيح قال أركون العالم سيأتي وليس لي شيء
(2/378)
وقد ذكروا أن الأركون بلغتهم العظيم القدر والأراكنة العظماء وقد كانوا يقولون عن المسيح إن أركون الشياطين يعينه أي عظيم الشياطين وهو من افتراء اليهود على المسيح فقول المسيح عليه السلام أركون العالم إنما ينطبق على عظيم العالم وسيد العالم وكبير العالم وقد أخبر أنه سيأتي فامتنع أن يكون هذا الأركون المسيح أو أحدا مثله ولم يأت بعد المسيح من ساد العالم وأطاعه العالم غير محمد وهذا من بشارة المسيح به وقد سئل ما كان أول أمرك قال دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورؤيا أمي رأت حين ولدتني أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام وبالجملة فمعلوم باتفاق أهل الأرض أنه لم يأت بعد المسيح من ساد العالم باطنا وظاهرا وانقادت له القلوب والأجساد وأطيع في السر والعلانية في محياه وبعد مماته في جميع الأعصار وأفضل الأقاليم شرقا وغربا غير محمد فإن الملوك يطاعون ظاهرا لا باطنا ولا يطاعون بعد موتهم ولا يطيعهم أهل الدين طاعة يرجون بها ثواب الله في الدار الآخرة ويخافون عقاب الله في الدار الآخرة بخلاف الأنبياء ومحمد أظهر دين الرسل قبله وصدقهم ونوه بذكرهم وتعظيمهم فبه آمن بالأنبياء والرسل قبل موسى والمسيح وغيرهما أمم عظيمة لولا محمد لم يؤمنوا بهم ومن كان يعرف هؤلاء من أهل الكتاب كانوا مختلفين فيهم اختلاف أهل الكتاب في المسيح وكانوا يقدحون في داود وسليمان وغيرهما بما هو معروف عندهم وأيضا فإنه ذكر لهم من الرسل ما لم يكونوا يعرفونه مثل هود وصالح وشعيب وغيرهم ومحمد صدق المسيح في أخباره بأنه أركون العالم فقال أنا سيد ولد آدم ولا فخر آدم فمن دونه تحت لوائي أنا خطيب الأنبياء إذا وفدوا وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا وهو صاحب لواء الحمد وهو صاحب المقام المحمود الذي غبطه به الأولون والآخرون يوم القيامة فهو سيد العالمين حقا وهذا مطابق لقول المسيح إنه أركون العالم فهو أركون الآخرين في الدنيا والآخرة وهو أركون الأولين والآخرين في(2/379)
الآخرة وقول المسيح إن أركون العالم سيأتي وليس لي شيء تضمن الأصلين إثبات الرسول وإثبات التوحيد وأن الأمر كله لله وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقول المسيح ليس لي شيء تنزيه له مما نسب إليه من الربوبية وهذا النفي يشترك فيه جميع الخلق قال الله تعالى لمحمد ليس لك من الأمر شيء وقال تعالى قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي وقال قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا أي ملجأ وملاذا إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا وقال تعالى قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله وأيضا ففي نبوة أشعياء أنه وصف محمدا بأنه أركون السلم والسلم والسلام الإسلام فهو يبين أنه سيد دين الإسلام ولا ريب أن الأنبياء كلهم بعثوا بدين الإسلام لكن لم يظهر هذا الدين واسمه وانتشر ذكر دين الإسلام في الأرض كما ظهر لمحمد فمحمد أركون الإسلام الذي يجمع كل خير وبر كما أن إبليس أركون الشر قال تعالى عن نوح سورة يونس الآيتان 71 و 72 فهذا نوح أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض يذكر أنه أمر أن يكون من المسلمين وقالت السحرة لما أسلموا وأراد فرعون قتلهم ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين وقال إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا وقال وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون
فإن قيل فقد سمى المسيح الفارقليط روح الحق وسماه روح القدس وقال تعالى عن إبراهيم سورة البقرة الآيات 130 132 وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين وقالت بلقيس رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين
(2/380)
قيل قد قال يوحنا في كتاب أخبار الحواريين المسمى افراكسيس يا أحبابي إياكم أن تؤمنوا بكل روح لكن ميزوا الأرواح التي من عند الله من غيرها واعلموا أن كل روح تؤمن بأن يسوع المسيح قد جاء فكان جسدانيا فهي من عند الله وكل روح لا تؤمن بأن المسيح جاء وكان جسدانيا فليست من عند الله بل من المسيح الكذاب الذي هو الآن في العالم وإذا كان كذلك علم أن الروح عندهم يتناول النبي المرسل من البشر وجبريل الذي نزل بالوحي على محمد هو روح القدس وهو روح الحق كما قال تعالى قل نزله روح القدس من ربك بالحق وقال نزل به الروح الأمين على قلبك وقال من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله وهذا الروح إنما جعله بمجيء محمد والكلام الذي نزل به هو الذي بلغه محمد ولهذا قال الله تعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس فاصطفى الله جبريل من الملائكة واصطفى محمدا من البشر ولهذا يضاف القول الذي هو القرآن إلى قول هذا تارة وإلى قول هذا تارة كما قال تعالى :
إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين فهذا الرسول هنا جبريل وقال تعالى في الآية الأخرى إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين فهذا الرسول هنا محمد وأضافه إلى كل منهما بلفظ الرسول لتضمنه أنه بلغه عن مرسله لم يقل إنه لقول ملك ولا نبي بل كفر من قال إنه قول البشر كما ذكر ذلك عن التوحيد وقد قال تعالى في القرآن قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومعلوم أن الرسول نفسه لم ينزل بل أبدل الرسول من الذكر لأن الرسول جاء بالذكر
(2/381)
ولما كان الرسول الملكي والرسول البشري والذكر المنزل أمورا متلازمة يلزم من ثبوت واحد ثبوت الآخرين ومن الإيمان بواحد الإيمان بالآخرين فيلزم من كون القرآن حقا كون جبريل ومحمد حقا وكذلك يلزم من كون محمد حقا كون جبريل والقرآن حقا ويلزم من كون جبريل حقا كون القرآن ومحمد حقا ولهذا جمع الله بين الإيمان بالملائكة والكتب والرسل في مثل قوله آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله فتعليم محمد وتذكيره وشهادته هو تعليم روح القدس وروحه والأخبار بأن الملك ينطق على لسان البشر أو الجني ينطق على لسان البشر كثير كما في حديث ابن عمر كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر ويقال ما ألقى هذا على لسانك إلا الشيطان ويكون مع هذا البشر ينطق بقدرته واختياره ليس هو كالمصروع الذي يتكلم الجني على لسانه وهو لايدري ما يقول فلهذا يقال هذا قول الرسول البشري وهو قول الرسول الملكي
(2/382)
ويقال الفارقليط روح الحق وروح القدس يشهد لي وهو يعلمكم وهو يذكركم ونحو ذلك فإن الفارقليط يتضمن ذكر جبريل ومحمد جميعا وقول أحدهما هو قول الآخر ومعروف في اللغة بدل الاشتمال كقوله يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه والشهر ليس هو نفس القتال لكن لما اشتمل على القتال أبدل أحدهما من الآخر وقوله قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ومن هذا النمط أبدل الرسول من الذكر لاشتماله عليه وهذا الثاني اشتمل على الأول والرسول البشري كان الرسول الملكي يتصل به في الباطن فيثقل عليه الوحي حين ينزله وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام قال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي قال أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا والفصم الفك والفصل من الأمور اللينة كما قال فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم وبالقاف هو الكسر الذي يكون في الأمور الصلبة فبين أن الملك حين ينزل الوحي عليه يتصل به ويلتبس به ثم بعد ذلك ينفصل عنه وينفك عنه وهذا الاشتمال والانفصال أبلغ من غيره فيحسن معه أن يكون إبدال أحدهما من الآخر أحسن من غيره فيقال هذا القرآن بلغه الرسول النبي وبلغه جبريل عن الله ونظائر هذا متعددة في جميع بشارات المسيح يذكر أن الأب وهو في لغتهم الله الذي يرسل الفارقليط وفي بعضها قال أنا أطلب من الأب يعطيكم فارقليطا آخر يثبت معكم إلى الأبد وفي بعضها والفارقليط روح الحق الذي يرسله أبي هو يعلمكم كل شيء فقد بين أن الله يرسله وأنه يطلب من الله أن يرسله
(2/383)
وأما قوله في بعض الألفاظ فإذا انطلقت أرسلته إليكم فيكون معناه إني أرسله بدعاء أبي وطلبي منه أن يرسله كما يطلب الطالب من ولي الأمر أن يرسل رسولا أو يولي نائبا أو يعطي أحدا ويقول أنا أرسلت هذا ووليت هذا وأعطيت هذا أي كنت سببا في ذلك ومما ينبغي أن يعلم أن الله إذا قضى ما يكون الشيء فإنه يقدر له أسبابا يكون بها ومن تلك الأسباب دعاء طائفة من عباده به فيكون في ذلك من النعمة في إجابته دعاء هذا وهذا وهذا ومحمد دعا به الخليل عليه السلام فقال ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم مع أن الله قضى بإرساله وأعلن باسمه قبل ذلك كما قيل له يا رسول الله متى كنت نبيا قال وآدم بين الروح والجسد وقال إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وهذا كما أن الله قضى بنصره يوم بدر ومن أسباب ذلك استغاثته بالله وكذلك بما يقضيه من إنزال الغيث يكون من أسبابه دعاء عباده له ونظائره كثيرة فلا يمتنع أن يكون المسيح سأل ربه بعد صعوده أن يرسل محمدا ويكون هذا من أسباب إرساله لكن إبراهيم سأل في الدنيا فذكر الله ذالك بخلاف سؤال المسيح فإنه كان بعد صعوده إلى السماء..انتهى كلام ابن تيمية. http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=330
مكتوب بواسطة: ahmednou Sep 3 2005, 03:42 PM
تابع "الفارقليط": تعليق الشيخ رحمة الله الهندي على لفظ "الباركليتوس" في كتابه "إظهار الحق"..
يقول الشيخ: [وأنا أقدم قبل بيان وجه الاستدلال بهذه العبارات أمرين:
(2/384)
الأمر الأول: أنك قد عرفت في الأمر السابع، أن أهل الكتاب سلفاً وخلفاً عادتهم أن يترجموا غالباً الأسماء، وأن عيسى عليه السلام كان يتكلم باللسان العبراني لا باليوناني، فإذاً لا يبقى شك في أن الإنجيلي الرابع ترجم اسم المبشر به باليوناني بحسب عادتهم، ثم مترجمو العربية عربوا اللفظ اليوناني بفارقليط، وقد وصلت إلى رسالة صغيرة في لسان أردو من رسائل القسيسين في سنة ألف ومائتين وثمان وستين من الهجرة، وكانت هذه الرسالة طبعت في كلكته وكانت في تحقيق لفظ فارقليط، وادعى مؤلفها أن مقصوده أن ينبه المسلمين على سبب [ص 280] وقوعهم في الغلط من لفظ فارقليط، وكان ملخص كلامه: (أن هذا اللفظ معرب من اللفظ اليوناني فإن قلنا أن هذا اللفظ اليوناني الأصل باراكلي طوس فيكون بمعنى المعزي والمعين والوكيل، وإن قلنا أن اللفظ الأصل بيركلو طوس يكون قريباً من معنى محمد وأحمد، فمن استدل من علماء الإسلام بهذه البشارة فهم أن اللفظ الأصل بيركلو طوس ومعناه قريب من معنى محمد وأحمد، فادعى أن عيسى عليه السلام أخبر بمحمد أو أحمد لكن الصحيح أنه باراكلي طوس) انتهى ملخصاً من كلامه.
فأقول أن التفاوت بين اللفظين يسير جداً وأن الحروف اليونانية كانت متشابهة، فتبدل بيركلو طوس بياراكلي طوس في بعض النسخ من الكاتب قريب القياس، ثم رجح أهل التثليث المنكرين هذه النسخة على النسخ الأخر، ومن تأمل في الباب الثاني من هذا الكتاب والأمر السابع من هذا المسلك السادس بنظر الإنصاف، اعتقد يقيناً بأن مثل هذا الأمر من أهل الديانة من أهل التثليث ليس ببعيد، بل لا يبعد أن يكون من المستحسنات.
(2/385)
والأمر الثاني: أن البعض ادعوا قبل ظهور محمد صلى اللّه عليه وسلم، أنهم مصاديق لفظ، فارقليط مثلاً منتنس المسيحي الذي كان في القرن الثاني من الميلاد، وكان مرتاضاً شديداً وأتقى عهده، ادعى في قرب سنة 177 من الميلاد في آسيا الصغير الرسالة وقال إني هو الفارقليط الموعود به الذي وعد بمجيئه عيسى عليه السلام وتبعه أناس كثيرون في ذلك كما هو مذكور في بعض التواريخ.
وذكر وليم ميور حاله وحال متبعيه في القسم الثاني من الباب الثالث من تاريخه بلسان أردو المطبوع سنة 1848 من الميلاد هكذا: (أن البعض قالوا أنه ادعى أني فارقليط يعني المعزي روح القدس وهو كان أتقى ومرتاضاً شديداً ولأجل ذلك قبله الناس قبولاً زائداً) انتهى كلامه.
[ص 281] فعلم أن انتظار فارقليط كان في القرون الأولى المسيحية أيضاً ولذلك كان الناس يدعون مصاديقه وكان المسيحيون يقبلون دعاويهم.
وقال صاحب لب التواريخ: (أن اليهود والمسيحيين من معاصري محمد صلى اللّه عليه وسلم كانوا منتظرين لنبي فحصل لمحمد من هذا الأمر نفع عظيم لأنه ادعى أني هو ذاك المنتظر) انتهى ملخص كلامه.
(2/386)
فيعلم من كلامه أيضاً أن أهل الكتاب كانوا منتظرين لخروج نبي في زمان النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهو الحق لأن النجاشي ملك الحبشة لما وصل إليه كتاب محمد صلى اللّه عليه وسلم (فقال أشهد باللّه أنه للنبي الذي ينتظره أهل الكتاب) وكتب الجواب وكتب في الجواب (أشهد أنك رسول اللّه صادقاً ومصدقاً، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك أي جعفر بن أبي طالب، وأسلمت على يديه للّه رب العالمين) وهذا النجاشي قبل الإسلام كان نصرانياً، وكتب المقوقس ملك القبط في جواب كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم هكذا: (لمحمد بن عبد اللّه من المقوقس عظيم القبط سلام عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعوا إليه، وقد علمت أن نبياً قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك) والمقوقس هذا وإن لم يسلم لكنه أقر في كتابه أني قد علمت أن نبياً قد بقي وكان نصرانياً، فهذان الملكان ما كانا يخافان في ذلك الوقت من محمد صلى اللّه عليه وسلم لأجل شوكته الدنيوية، وجاء الجارود بن العلاء في قومه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: واللّه لقد جئت بالحق ونطقت بالصدق، والذي بعثك بالحق نبياً لقد وجدت وصفك في الإنجيل وبشر بك ابن البتول فطول، التحية لك والشكر لمن أكرمك، لا أثر بعد عين ولا شك بعد يقين، مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك محمد رسول اللّه)، ثم آمن قومه وهذا الجارود كان من علماء النصارى وقد أقر بأنه قد بشر بك [ص 282] ابن البتول أي عيسى عليه السلام، فظهر أن المسيحيين أيضاً كانوا منتظرين لخروج نبي بشر به عيسى عليه السلام، فإذا علمت ذلك فأقول أن اللفظ العبراني الذي قاله عيسى عليه السلام مفقود، واللفظ اليوناني الموجود ترجمة، لكني أترك البحث عن الأصل، وأتكلم على هذا اللفظ اليوناني الأصل بيركلو طوس فالأمر ظاهر، وتكون بشارة المسيح في حق محمد صلى اللّه عليه وسلم بلفظ هو قريب من محمد، وأحمد، وهذا وإن كان قريب(2/387)
القياس بلحاظ عاداتهم لكني أترك هذا الاحتمال، لأنه لا يتم عليهم إلزاماً وأقول إن كان اللفظ اليوناني الأصل بارا كلي طوس كما يدعون فهذا لا ينافي الاستدلال أيضاً، لأن معناه المعزي، والمعين، والوكيل، على ما بين صاحب الرسالة، أو الشافع، كما يوجد في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816، وهذه المعاني كلها تصدق على محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأنا أبين الآن أولاً أن المراد بفارقليط النبي المبشر به أعني محمداً صلى اللّه عليه وسلم لا الروح النازل على تلاميذ عيسى عليه السلام يوم الدار… انتهى كلام رحمة الله الهندي في كتابه "إظهار الحق" ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتابه في موقع المحدث.
Powered by Invision Power Board (http://www.invisionboard.com)
© Invision Power Services (http://www.invisionpower.com)
هذه الحلقات من موقع الجامع القديم
ويكمل الأخ في موقع بن مريم
http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=6329
بيت الله في مكة المكرمة
ذكر القرآن اسم مكة المكرمة شرفها الله تعالى باسم: "بكة"، كما في سورة آل عمران
{إن أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران96] .
…وأشار إليها بلفظ "واد"…كما في سورة إبراهيم على لسان إبراهيم عليه السلام:{ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون}
أما بطن مكة الذي ذكر في سورة الفتح، ففيه خلاف بين المفسرين هل هي مكة، أم اسم موضع بالحديبية…راجع تفسير الآية…
ولفظ "وادي بكة" موجود بحمد الله تعالى في الكتاب المقدس في مزامير داوود،في كثير من الترجمات …..بدون تحريف أو تعديل إلى الآن:
"valley of Baca”"
ومذكور على أنه مكان للحجاج:
وفيه بيت الله:
in thy house
…وسوف يكون فيه ينبوعا:
(2/388)
spring إشارة إلى بئر زمزم،كما ذكر البعض…
ونص الكتاب المقدس:
The Darby Translation
Psalm84
84:4
Blessed are they that dwell in thy house: they will be constantly praising thee. Selah
84:5
Blessed is the man whose strength is in thee, -- they, in whose heart are the highways
84:6
Passing through the valley of Baca, F521 they make it a well-spring; yea, the early rain F522 covereth it with blessings
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/bible.cgi?word=Psalms+84§ion=1&version=dby&new=1&showtools=1&oq=&NavBook=ps&NavGo=84&NavCurrentChapter=84
Psalm84
Passing through the valley of Baca they make it a spring; The early rain also covers it with blessings
ولفظ valley of Baca “"
موجود في الترجمات الإنجليزية التالية كلها:
Amplified Bible
The New American Standard Bible
The New King James Version)
The New Revised Standard Version
The Revised Standard Version
The Good News Translation
The Darby Translation
Third Millennium Bible
New Century Version
انظر الترجمات في موقع: http://www.biblegateway.com/languages/index.php?language=english&version=MSG
ويمكن من الموقع التالي سماع لفظ "بكة" كما هو بالعبرية القديمة، ولم يحصل لنطق لفظ "بكة" أي تعديل أو تحريف إلى الآن والحمد لله فهو كنطق العربية تماما، وكذلك كتابة لفظ"بكة" بالعبرية بالحروف اللاتينية…
http://bible.crosswalk.com/Lexicons/Hebrew/heb.cgi?number=01056&version=kj
بالعبرية القديمة من اليمين إلى الشمال بالحروف اللاتينية: akb
النطق باللاتينية: Baka
Psalm84
Home > Lexicons > Hebrew > Baka'
The KJV Old Testament Hebrew Lexicon
صفات النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة
(2/389)
في سورة الأعراف:{} الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}157
سيرة ابن إسحاق: مكتبة السيرة النبوية، مركز التراث للبرمجيات
182 نا أحمد نا يونس عن ابن اسحاق قال حدثني محمد بن ثابت بن شرحبيل عن أم الدرداء قالت قلت لكعب الحبر كيف تجدون صفة رسول الله في التوراة قال نجده محمد رسول الله اسمه المتوكل ليس بفظ ولا غليظ القلب ولا سخاب في الأسواق وأعطي المفاتيح فيبصر الله به أعينا عورا ويسمع به آذانا وقرا ويقيم به ألسنا معوجة حتى تشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له يعين المظلوم ويمنعه 183 نا يونس عن عبد الرحمن بن عبد الله عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى قال سمى لنا رسول الله نفسه أسماء منها ما حفظنا قال أنا محمد وأحمد والمقضي والحاشر ونبي التوبة الملحمة 184 نا يونس عن يونس بن عمرو عن العيزار بن الحريث عن عائشة رضي الله عنها قالت ان رسول الله مكتوب في الانجيل لا فظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق ولا يجزئ بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح
من الدر المنثور …التخريجات من موقع المحدث:
أخرج ابن سعد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل} قال: يجدون نعته وأمره ونبوته مكتوبا عندهم.
وأخرج ابن سعد عن قتادة قال: بلغنا أن نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الكتب محمد رسول الله ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون على كل حال.
(2/390)
من موقع المحدث..
سنن الدارمي:
باب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُتُبِ قَبْلَ مَبْعَثِهِ
5 اَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا اَبُو الْاَحْوَصِ، عَنِ الْاَعْمَشِ، عَنِ ابِي، صَالِحٍ قَالَ قَالَ كَعْبٌ نَجِدُهُ مَكْتُوبًا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فَظٌّ وَلَا غَلِيظٌ وَلَا صَخَّابٌ بِالْاَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَاُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ يُكَبِّرُونَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى كُلِّ نَجْدٍ وَيَحْمَدُونَهُ فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ وَيَتَاَزَّرُونَ عَلَى اَنْصَافِهِمْ وَيَتَوَضَّئُونَ عَلَى اَطْرَافِهِمْ مُنَادِيهِمْ يُنَادِي فِي جَوِّ السَّمَاءِ صَفُّهُمْ فِي الْقِتَالِ وَصَفُّهُمْ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ لَهُمْ بِاللَّيْلِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ وَمَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ وَمُهَاجِرُهُ بِطَابَةَ وَمُلْكُهُ بِالشَّامِ
(2/391)
6 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدٌ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدٍ، هُوَ ابْنُ اَبِي هِلَالٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ اُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ سَلَامٍ، اَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اِنَّا لَنَجِدُ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنَّا اَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْاُمِّيِّينَ اَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُهُ الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخَّابٍ بِالْاَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلَهَا وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَتَجَاوَزُ وَلَنْ اَقْبِضَهُ حَتَّى نُقِيمَ الْمِلَّةَ الْمُتَعَوِّجَةَ بِاَنْ تَشْهَدَ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللَّهُ يَفْتَحُ بِهِ اَعْيُنًا عُمْيًا وَاذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَاَخْبَرَنِي اَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ اَنَّهُ سَمِعَ كَعْبًا يَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ ابْنُ سَلَامٍ
(2/392)
7 اَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ وَحَدَّثَنَا اَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ ذَكْوَانَ اَبِي صَالِحٍ، عَنْ كَعْبٍ، فِي السَّطْرِ الْاَوَّلِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَبْدِي الْمُخْتَارُ لَا فَظٌّ وَلَا غَلِيظٌ وَلَا صَخَّابٌ فِي الْاَسْوَاقِ وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ وَهِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ وَمُلْكُهُ بِالشَّامِ وَفِي السَّطْرِ الثَّانِي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ اُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ وَيُكَبِّرُونَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ رُعَاةُ الشَّمْسِ يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ اِذَا جَاءَ وَقْتُهَا وَلَوْ كَانُوا عَلَى رَاْسِ كُنَاسَةٍ وَيَاْتَزِرُونَ عَلَى اَوْسَاطِهِمْ وَيُوَضِّئُونَ اَطْرَافَهُمْ وَاَصْوَاتُهُمْ بِاللَّيْلِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ كَاَصْوَاتِ النَّحْلِ
(2/393)
8 اَخْبَرَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابِي، فَرْوَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، اَنَّهُ سَاَلَ كَعْبَ الْاَحْبَارِ كَيْفَ تَجِدُ نَعْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ كَعْبٌ نَجِدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُولَدُ بِمَكَّةَ وَيُهَاجِرُ اِلَى طَابَةَ وَيَكُونُ مُلْكُهُ بِالشَّامِ وَلَيْسَ بِفَحَّاشٍ وَلَا صَخَّابٍ فِي الْاَسْوَاقِ وَلَا يُكَافِئُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ اُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي كُلِّ سَرَّاءَ وَضَرَّاءَ وَيُكَبِّرُونَ اللَّهَ عَلَى كُلِّ نَجْدٍ يُوَضِّئُونَ اَطْرَافَهُمْ وَيَاْتَزِرُونَ فِي اَوْسَاطِهِمْ يُصَفُّونَ فِي صَلَوَاتِهِمْ كَمَا يُصَفُّونَ فِي قِتَالِهِمْ دَوِيُّهُمْ فِي مَسَاجِدِهِمْ كَدَوِيِّ النَّحْلِ يُسْمَعُ مُنَادِيهِمْ فِي جَوِّ السَّمَاءِ
9 اَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمِيثَمِيُّ، حَدَّثَنَا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ اِلَيْكُمْ لَيْسَ بِوَهِنٍ وَلَا كَسِلٍ لِيَخْتِنَ قُلُوبًا غُلْفًا وَيَفْتَحَ اَعْيُنًا عُمْيًا وَيُسْمِعَ اذَانًا صُمًّا وَيُقِيمَ اَلْسِنَةً عُوجًا حَتَّى يُقَالَ لَا اِلَهَ اِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ
من موقع الإيمان: http://www.al-eman.com/hadeeth
وفي كنز العمال الإصدار 1.43 - للمتقي الهندي
(2/394)
35414- عن محمد بن حمزة بن عبد الله بن سلام عن جده عبد الله بن سلام أنه لما سمع بمخرج النبي صلى الله عليه وسلم بمكة خرج فلقيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ابن عالم أهل يثرب؟ قال: نعم، قال: فناشدتك بالله الذي أنزل التوراة على طور سيناء هل تجد صفتي في الكتاب الذي أنزله الله على موسى؟ قال عبد الله بن سلام: انسب لنا ربك يا محمد! فارتج النبي صلى الله عليه وسلم فقال له جبريل (قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد) فقال ابن سلام: أشهد أنك رسول الله، وأن الله مطهرك ومظهر دينك على الأديان، وإني لأجد صفتك في كتاب الله (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء حتى يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.
(كر).
وقصة عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في البخاري، في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
2018 - حدثنا محمد بن سنان: حدثنا فليح: حدثنا هلال، عن عطاء بن يسار قال:
لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: "أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا." من صحيح البخاري، الإصدار 2.03 - للإمام البخاري
وفي المستدرك على الصحيحين،الإصدار 2.02 - للإمام محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري.
(2/395)
4242 / 252 - حدثني أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد، حدثنا أبو علي محمد بن محمد الأشعث الكوفي بمصر، حدثني أبو الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه -:
أن يهوديا كان يقال له: جريجرة.
كان له على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دنانير.
فتقاضى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: (يا يهودي ما عندي ما أعطيك).
قال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تعطيني.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أجلس معك).
فجلس معه، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة.
وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتهددونه ويتوعدونه.
ففطن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (ما الذي تصنعون به).
فقالوا: يا رسول الله، يهودي يحبسك.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (منعني ربي أن أظلم معاهدا ولا غيره).
فلما ترحل النهار، قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وقال: شطر مالي في سبيل الله.
أما والله ما فعلت الذي فعلت بك إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وملكه بالشام، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا متزي بالفحش، ولا قول الخنا.
أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله.
هذا مالي، فاحكم فيه بما أراك الله.
وكان اليهودي كثير المال.
فنجد من ألفاظ الروايات السابقة: عبدي، المختار، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق…ولا متزي بالفحش، ولا قول الخنا…ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء..وكل الصفات المذكورة سابقا مذكورة في نص في سفر إشعياء: في الباب الثاني والأربعين من 42-1، إلى 42-7…
(2/396)
وهي تتفق مع الألفاظ التالية الموجودة في الكتاب المقدس من الترجمة العربية وترجمة:
The New Living Translation….
my servant… :
خادمي، وهي قريبة من:"عبدي"..لأن العبد خادم سيده.. وفي الترجمة العربية صريحة:"عبدي"..
"He is my chosen one ."
في ترجمة: The New Living Translation…...
وفي ترجمة The Douay-Rheims Bible :
"”mine elect,:
وفي الترجمة العربية صريحة:"مختاري"…أو :"والذي اَختَرتُهُ ": وهي تتفق مع "المختار"…
He will be gentle:..
وفي ترجمة :The Message
" he won't disregard the small and insignificant" :
وهي تتفق مع "ليس بفظ ولا غليظ"..وكذلك يمكن أن تكون ترجمة ل:"لا متزي بالفحش، ولا قول الخنا…”، "ولا يجزي بالسيئة السيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح"…فلفظ " be gentle" من معانيها:الشهامة، المروءة، السلوك الحسن،لطيف،وديع،كريم،رقيق..كما في قاموس المورد…
في ترجمة:
The New Living Translatio he will not shout or raise his voice in public”……" …….
وفي ترجمة
The Douay-Rheims Bible : " “nor troublesom:
وهي تتفق مع: "ولا صخاب "..
He will not stop until truth and righteousness prevail throughout the earth.:
وهي تتفق مع:"ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء".
42: 7- لتفتح عيون العمي:" ويفتح بها أعينا عميا"
- لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة:" وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ…"
و"مختاري"من موقع النادي العربي.. أو "والذي اَختَرتُهُ " من موقع الكلمة: هو اسم النبي صلى الله عليه وسلم "المختار"…وهو صريح لم يحصل له تعديل ولا تحريف ولا تبديل في النسخ السابقة الذكر من الكتاب المقدس إلى الآن.. لأن من أسمائه صلى الله عليه وسلم المشهورة"المختار…..
(2/397)
يقول ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث"لي خمسة أسماء" : ومن أسمائه المشهورة (صلى الله عليه وسلم ) المختار والمصطفى والشفيع المشفع والصادق المصدوق "…انظر موقع المحدث…
والنص العربي كاملا من موقع النادي العربي:
42: 1 هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم
42: 2 لا يصيح و لا يرفع و لا يسمع في الشارع صوته
42: 3 قصبة مرضوضة لا يقصف و فتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق
42: 4 لا يكل و لا ينكسر حتى يضع الحق في الارض و تنتظر الجزائر شريعته
42: 5 هكذا يقول الله الرب خالق السماوات و ناشرها باسط الارض و نتائجها معطي الشعب عليها نسمة و الساكنين فيها روحا
42: 6 انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك و احفظك و اجعلك عهدا للشعب و نورا للامم
42: 7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة
http://www.arabic-club.de/bible.htm
-
ومن موقع الكلمة:
ها عبدي الذي أُسانِدُهُ، والذي اَختَرتُهُ ورَضيتُ بهِ! جعَلْتُ روحي علَيهِ، فيأتي للأُمَمِ بالعَدلِ. 2لا يَصيحُ ولا يَرفَعُ صوتَهُ، ولا يُسمَعُ في الشَّارِعِ صُراخُهُ. 3قصَبةً مَرضوضَةً لا يكسِرُ وشُعلَةً خامِدةً لا يُطفئْ. بأمانةٍ يَقضي بالعَدلِ. 4لا يَلوي ولا ينكسِرُ حتى يُقيمَ العَدلَ في الأرضِ، فشَريعتُهُ رجاءُ الشُّعوبِ. 5هذا ما قالَ الرّبُّ خالِقُ السَّماواتِ وناشِرُها. باسِطُ الأرضِ معَ خيراتِها وواهِبُ شعبِها نَسمةَ الحياةِ رُوحًا لِلسَّائرينَ فيها. 6«أنا الرّبُّ دَعَوتُكَ في صِدْقٍ وأخذتُ بيَدِكَ وحَفِظتُكَ. جعَلتُكَ عَهدًا للشُّعوبِ ونُورًا لهِدايةِ الأُمَمِ، 7فتَفتَحُ العُيونَ العمياءَ، وتُخرِج الأسرَى مِنَ السُّجونِ والجالِسينَ في الظُّلمةِ مِنَ الحُبوسِ 8أنا الرّبُّ، وهذا اَسمي، لا أُعطي لآخرَ مَجدي، ولا لِلأصنامِ تسبيحي،
(2/398)
http://www.elkalima.com/gna/ot/isaiah/search.htm
ويؤيد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المراد في النصوص السابقة:
أن النص الذي هو ترجمة لرقم 10-11 من الباب الثاني والأربعين أيضا، أي بعد النص السابق بثلاثة سطور، في إحدى ترجماته ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم، وخاتم النبوة الذي في ظهره الشريف…
كما في النص التالي المنقول من موقع ابن مريم:
" إن القسيس أوسكان الأرمني ترجم كتاب إشعياء باللسان الأرمني في سنة ألف وستمائة وست وستين، وطبعت هذه الترجمة في سنة ألف وسبعمائة وثلاث وثلاثين في مطبعة أنتوني بورتولي، ويوجد في هذه الترجمة في الباب الثاني والأربعين هذه الفقرة: " سبحوا الله تسبيحاً جديداً، وأثر سلطنته على ظهره، واسمه أحمد " (إشعيا 42/10 – 11).منقول من موقع ابن مريم: http://ebnmaryam.com/monqith/monqith5/mokaddema.htm
والنص نفسه الذي هو في رقم 10-11 في الباب الثاني والأربعين من إشعيا، فيه أن التسابيح والهتاف سوف تكون في أولاد قيدار…أي العرب الذين يسكنون الحجاز لأن قيدار هو ابن إسماعيل عليه السلام، وكان إسماعيل عليه السلام يسكن مكة….. وقد فسر هذين السطرين وما بعدهما رحمة الله الهندي بكونها إشارات إلى مناسك الحج، والآذان الذي سوف يهتف به المسلمون في جميع الأرض…
نص إشعيا من موقع النادي العربي…
42: 10 غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض ايها المنحدرون في البحر و ملؤه و الجزائر و سكانها
42: 11 لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا
: 12 ليعطوا الرب مجدا و يخبروا بتسبيحه في الجزائر
نص كلام الهندي في كتاب إظهار الحق، من موقع المحدث:
(2/399)
"البشارة الثامنة في الباب الثاني والأربعين من كتاب أشعيا هكذا: 9 (التي قد كانت أولاها قد أتت وأنا مخبر أيضاً بأحداث قبل أن تحدث وأسمعكم إياها) 10 (سبحوا للرب تسبيحة جديدة حمده من أقاصي الأرض راكبين في البحر وملؤه الجزائر وسكانهن) 11 (يرتفع البرية ومدتها في البيوت نحل قيدار سبحوا يا سكان الكهف من رؤوس الجبال يصيحون) 12 (يجعلون للرب كرامة وحمده يخبرون به في الجزائر) 13 (الرب كجبار، يخرج مثل رجل مقاتل يهوش الغير يصوت ويصيح، على أعدائه يتقوى) 14 (سكت دائماً صمت صبرت صبراً فأتكلم مثل الطائفة ما بدد وابتلع معاً) 15 (أخرب الجبال والآكام وكل نباتهن أجفف واجعل الأنهار جزائر والبحيرات أجففهن) 16 (وأقيد العمى في طريف لم يعرفوها والسبل لم يعلموا أسيرهم فيها أصير أمامهم الظلمة نوراً [ص 262] والعقب سهلاً هذا الكلام صنعته لهم ولا أخذلهم) 17 (اندبروا إلى ورائهم والمتكلمون على المنحوتة القائلون للمسبوكة أنكم آلهتنا ليخزون خزياً). والآية السابعة عشر في الترجمة الفارسية هكذا: (كسانيكة برشكل تراشيده توكل دارند هزيمت وبشيماني تمام خواهند يافت).
(2/400)
وظهر من الآية التاسعة أن أشعيا عليه السلام أخبر أولاً عن بعض الأشياء، ثم يخبر عن الأخبار الجديدة الآتية في المستقبل، فالحال الذي يخبر عنه من هذه الآية إلى آخر الباب غير الحال الذي أخبر عنه قبلها، ولذلك قال في الآية الثالثة والعشرين هكذا: (من هو بينكم أن يسمع هذا يصغي ويسمع الآية). والتسبيحة الجديدة عبارة عن العبادة على النهج الجديد التي هي في الشريعة المحمدية، وتعميمها على سكان أقاصي الأرض وأهل الجزائر وأهل المدن والبراري، إشارة إلى عموم نبوته صلى اللّه عليه وسلم، ولفظ قيدار أقوى إشارة إليه لأن محمداً صلى اللّه عليه وسلم في أولاد قيدار بن إسماعيل، وقوله من رؤوس الجبال يصيحون إشارة إلى العبادة المخصوصة التي تؤدى في أيام الحج، يصيح ألوف ألوف من الناس بلبيك اللهم لبيك، وقوله حمده يخبرون به في الجزائر إشارة إلى الآذان يخبر به ألوف ألوف في أقطار العالم في الأوقات الخمسة بالجهر، وقوله الرب كجبار يخرج مثل رجل مقاتل يهوش الغيرة يشير إلى مضمون الجهاد إشارة حسنة، بأن جهاده وجهاد تابعيه يكون للّه وبأمره، خالياً عن حظوظ الهوى النفسانية، ولذلك عبر اللّه عن خروج هذا النبي وخروج تابعيه بخروجه، وبين في الآية الرابعة عشر سبب مشروعية الجهاد وأشار في الآية السادسة عشر إلى حال العرب لأنهم كانوا غير واقفين على أحكام اللّه وكانوا يعبدون الأصنام وكانوا مبتلين بأنواع الرسوم القبيحة الجاهلية" انتهى كلام رحمة الله الهندي…
http://www.muhaddith.org/cgi-bin/a_Optns.exe?
وقيدار، أو القيداريون في كتب تفاسير الكتاب المقدس هم: العرب الذين سكنوا شمال غرب الجزيرة العربية، أي ما يسمى الآن بالحجاز…. كما في تفسير كلمة "قيدار" في نصوص كتب تفاسير الكتاب المقدس:
Nave's Topical Bible
Kedar
Son of Ishmael
http://bible.crosswalk.com/Concordances/NavesTopicalBible/ntb.cgi?number=T2932
(2/401)
Home > Dictionaries > Easton's Bible Dictionary > Kedar
Easton's Bible Dictionary
Kedar
dark-skinned, the second son of Ishmael (Genesis 25:13).
It is the name for the nomadic tribes of Arabs, the Bedouins generally (Isaiah 21:16; 42:11; 60:7; Jeremiah 2:10; Ezekiel 27:21), who dwelt in the north-west of Arabia. They lived in black hair-tents (Cant 1:5). To "dwell in the tents of Kedar" was to be cut off from the worship of the true God (Psalms 120:5). The Kedarites suffered at the hands of Nebuchadnezzar (Jeremiah 49:28,29).
http://bible.crosswalk.com/Dictionaries/EastonBibleDictionary/ebd.cgi?number=T2162
Smith's Bible Dictionary
Ke’dar
(dark-skinned ), the second in order of the sons of Ishmael, (Genesis 25:13; 1 Chronicles 1:29) and the name of a great tribe of Arabs settled on the northwest of the peninsula and on the confines of Palestine. The "glory of Kedar" is recorded by the prophet Isaiah, (Isaiah 21:13-17) in the burden upon Arabia; and its importance may also be inferred from the "princes of Kedar" mentioned by Ezekiel, (Ezekiel 27:21) as well as the pastoral character of the tribe. They appear also to have been, like the wandering tribes of the present day, "archers" and "mighty men." (Isaiah 21:17) comp. Psal 120:5 That they also settled in villages or towns we find from Isaiah. (Isaiah 42:11) The tribe seems to have been one of the most conspicuous of all the Ishmaelite tribes, and hence the rabbins call the Arabians universally by this name.
http://bible.crosswalk.com/Dictionaries/SmithsBibleDictionary/smt.cgi?number=T2547
Kedar
(2/402)
a son of Ishmael n pr people
the descendants of Kedar
http://bible.crosswalk.com/Lexicons/Hebrew/heb.cgi?number=06938&version=kjv
وفيه تصريح على انتقال الرسالة من بني إسرائيل، أي بني يعقوب عليه السلام، إلى بني إسماعيل عليه السلام…
وهذا دليل آخر أن النص السابق الذي في سفر إشعياء يتفق مع نصوص أهل الكتاب القديمة في وصف النبي صلى الله عليه وسلم….:
42: 11 لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا
نص إشعيا من موقع النادي العربي…
وسلع(سالع) من الجبال التي تطل عليها المدينة المنورة:يثرب……
- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه:[يا أبا ذر! إذا بلغ البناء سلعا فاخرج منها نحو الشام]
(ك، هق في الدلائل وابن عساكر - عن أبي ذر). كنز العمال الإصدار 1.43 - للمتقي الهندي-35040-من موقع المحدث..
المستدرك على الصحيحين،الإصدار 2.02 - للإمام محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري.
المجلد الثالث >> -31- كتاب معرفة الصحابة رضي الله تعالى عنهم >> محنة: أبي ذر -رضي الله تعالى عنه-
5468/1066- حدثنا أبو ذر أحمد بن كامل بن خلف القاضي، حدثنا أبو قلابة بن الرقاشي، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا أبو عامر وهو صالح بن رستم الخزاز، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت قال: قالت أم ذر: والله ما سير عثمان أبا ذر، ولكن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (إذا بلغ البنيان سلعا، فأخرج منها). قال أبو ذر: فلما بلغ البنيان سلعا، وجاوز، خرج أبو ذر إلى الشام. . . وذكر باقي الحديث بطوله. هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وفي ترجمة:
The New Living Translation
Join in the chorus, you desert towns; let the villages of Kedar rejoice! Let the people of Sela sing for joy; shout praises from the mountaintops!
(2/403)
والنطق اللاتيني للكلمة العبرية تتفق أيضا مع النطق العربي لكلمة"سلع":
Cela`
من موقع:
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBib/+
فإذا صح هذا يكون نص إشعياء السابق، أي الباب الثاني والأربعين من رقم 1 إلى رقم 12، جميعه في النبي صلى الله عليه وسلم….ويكون هذا النص يتضمن:
بعض صفات النبي صلى الله عليه وسلم[ كما ذكرت من قبل]……….. واسم النبي صلى الله عليه وسلم "المختار"……. واسم النبي صلى الله عليه وسلم "أحمد [كما ذكر القسيس أوسكان في نص سابق منقول من موقع ابن مريم]…... وخاتم النبوة على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم……. وبعض مناسك حجه صلى الله عليه وسلم أو حج المسلمين في كل زمان…..
ونسبه صلى الله عليه وسلم[قيدار]… ودار هجرة النبي صلى الله عليه وسلم:تقع على جبال سلع…..
وكذلك ربما يكون هذا النص أو مثله هو السبب في هجرة بعض اليهود إلى الجزيرة العربية ليسكنوا حول يثرب حيث رأوا بعض العلامات التي في كتبهم عن هذه المدينة التي سوف يخرج منها النبي الذي يجدونه في كتبهم، مثل بني قريظة وبني قينقاع وبني النضير ويهود خيبر وغيرهم….
أدلة أخرى على كون الباب الثاني والأربعين من رقم :1، إلى رقم:12،من سفر إشعياء خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم:
ففي سورة المائدة يقول تعالى لأهل الكتاب:{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ {15} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {16}
(2/404)
فهذه بعض الصفات التي أخبر بها الله عز وجل عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهي أيضا تشبه الصفات التي ذكرها سفر إشعياء في الرسول الذي سوف يبعثه الله للأمم وتنظر الأمم شريعته:
ونص سفر إشعياء من موقع النادي العربي كما ذكرت من قبل:
يخرج الحق: {يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب}
واجعلك عهدا للشعب و نورا للامم: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين}
لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة:{ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه}و{ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}
وبعض هذه النصوص موجود في كتاب إظهار الحق للهندي،انظر موقع المحدث…ونقله النبهاني في كتابه حجة الله على العالمين….
والنص كله ذكره الدكتور منقذ السقار، في مقالته:صفات ملكوت الله، في مقالاته: هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم؟….وهي منشورة في موقع ابن مريم..
دليل آخر:
يقول ابن تيمية في كتابه "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح": لكن هذا عندهم في نبوة أشعيا قال فيها:" عبدي الذي سرت به نفسي أنزل عليه وحيي فيظهر في الأمم عدلي ويوصيهم بالوصايا لا يضحك ولا يسمع صوته في الأسواق يفتح العيون العور والآذان الصم ويحيي القلوب الغلف وما أعطيه لا أعطي أحدا يحمد الله حمدا جديدا يأتي من أقصى الأرض وتفرح البرية وسكانها يهللون الله على كل شرف ويكبرونه على كل رابية لا يضعف ولا يغلب ولا يميل إلى الهوى مشقح ولا يذل الصالحين الذين هم كالقصبة الضعيفة بل يقوى الصديقين وهو ركن المتواضعين وهو نور الله الذي لا يطفى أثر سلطانه على كتفيه"…. يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: وهذه صفات منطبقة على محمد وأمته وهي من أجل بشارات الأنبياء المتقدمين به"
انتهى كلام ابن تيمية…
كتاب الجواب الصحيح، الجزء 5، صفحة 158.
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=330&id=1987
(2/405)
ويذكر بعضها الشيخ الزنداني حفظه الله تعالى في كتابه، يقول الشيخ: "وجاء في سفر أشعيا أيضاً : "وما أعطيه لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمداً حديثاً ، يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البَرّية وسكانها ، ويوحدون الله على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية"(17) . وذكره عبدالله الترجمان الذي كان اسمه : انسلم تورميدا ، وكان قساً من أسبانيا فأسلم وتوفي عام 832هـ … انتهى كلام الزنداني…
يقول الزنداني في الهامش: ذكره الأئمة : الخزرجي والهاشمي والقرطبي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم التي سبق ذكرها. "
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm
http://www.aliman.org/besara.htm
نقلا عن كتاب بينات الرسالة للشيخ الزنداني
وفي الترجمة العربية في موقع النادي العربي هذا النص في نفس الفصل الاثنين والأربعين المذكور سابقا…
42: 8 انا الرب هذا اسمي و مجدي لا اعطيه لاخر و لا تسبيحي للمنحوتات
42: 9 هوذا الاوليات قد اتت و الحديثات انا مخبر بها قبل ان تنبت اعلمكم بها
42: 10 غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض ايها المنحدرون في البحر و ملؤه و الجزائر و سكانها
42: 11 لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا
42: 12 ليعطوا الرب مجدا و يخبروا بتسبيحه في الجزائر
42: 13 الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف و يصرخ و يقوى على
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm#_ftn9
http://www.aliman.org/PBOSHRA.htm#_ftnref8
وكلمة "مجدي" في رقم"8" يمكن أن تكون "محمد" أو "أحمد" لأن المجد بمعنى "الحمد"..
محماد صلى الله عليه وسلم
منقول من موقع ابن مريم، من مقالات الدكتور منقذ السقار: هل بشر الكتاب المقدس بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
http://ebnmaryam.com/monqith/monqith5/14.htm
البشارة بـ(محماد) مشتهى الأمم :
(2/406)
وبعد عودة بني إسرائيل من السبي وتخفيفاً لأحزانهم ساق لهم النبي حجي بشارة من الله فيها: "لا تخافوا، لأنه هكذا قال رب الجنود، هي مرة بعد قليل فأزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة، وأنزل كل الأمم، ويأتي مشتهى كل الأمم، فأملأ هذا البيت مجداً قال رب الجنود.... وفي هذا المكان أعطي السلام يقول رب الجنود. (حجي 2/6 - 9).
وهذه النبوءة لا ريب تتحدث عن القادم الذي وعد به إبراهيم ، وبشر به يعقوب وموسى ثم داود عليهم الصلاة والسلام.
وقبل أن نلج في تحديد شخصية هذا المشتهى من كل الأمم نتوقف مع القس السابق عبد الأحد داود فهو يعود للترجمة العبرانية فيجد النص: " لسوف أزلزل كل الأرض، وسوف يأتي (محماد) لكل الأمم... وفي هذا المكان أعطي السلام " فقد جاء في العبرية لفظة " محماد " أو حمدوت كما في قراءة أخرى، ولفظة " محِمْادْ " في العبرانية تستعمل عادة لتعني: " الأمنية الكبيرة " أو " المشتهى"، والنص حسب الترجمة العبرانية المتداولة : (فيافو حمدوت كولو هاجيم).
لكن لو أبقينا الاسم على حاله دون ترجمة، كما ينبغي أن يكون في الأسماء ، فإنا واجدون لفظة " محماد " هي الصيغة العبرية لاسم أحمد، والذي أضاعها المترجمون عندما ترجموا الأسماء أيضاً.
انتهى كلام الدكتور منقذ…
واسم النبي صلى الله عليه وسلم، واضح باللغة العبرية القديمة وهي القريبة جدا من اللغة العربية…
khem-daw'
ونطق هذه الكلمة باللاتينية، قريب من النطق العربي: حمدا
ويمكن سماعها جيدا من موقع
http://bible.crosswalk.com/
ضع هذه الجملة:
Haggai 2:7
في خانة :
Search for
واختيار:
old testament
في خانة:
in
وفي خانة:
using
اختر:
The NAS with Strong's numbers
يظهر لك النص التالي:
'I will shake all the nations; and they will come with the wealth of all nations, and I will fill this house with glory ,' says the LORD of hosts.
ثم اضغط عل كلمة
wealth
(2/407)
يظهر لك الكلمة العبرية القريبة من: حمدا….
وهي:
hdmx………..
أو: khem-daw
فإذا ضغطت على أيقونة الصوت، تستطيع أن تسمع اسم النبى صلى الله عليه وسلم…وهو قريب جدا من أحمد، أو محمد: حمدا….على الرغم من أن هذا الكلام مكتوب من حوالي أربعة آلاف سنة منذ عهد نزول التوراة….
http://bible.crosswalk.com/OnlineStudyBible/bible.cgi?word=Haggai+2§ion=1&version=str&new=1&oq=sea
hdmx from (02531) Transliterated Word TDNT Entry Chemdah TWOT - 673b Phonetic Spelling Parts of Speech khem-daw' /cgi-bin/lexicon.pl?id=2532h/cgi-bin/lexicon.pl?id=2532h
والعمل مازال مستمر وفق الله الأستاذ ahmednou وتقبل الله منا ومنه
والحمد لله لم يضيع الله هذا المجهود الرائع بضياع منتدى الجامع القديم والحمد لله كنت أحتفظ بنسخه
جزا الله الأخ ahmednou خيرا كثيرا(2/408)
رسالة إلى العقل والقلب
كتبها :
طارق أبو عبد الله
حقوق الطبع لكل باحث عن الحق
بشرط عدم التغيير فيه
هذه رسالة كتبها أخ لك في الإنسانية يعيش في نفس المجتمع
الذي تعيش فيه ويتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه
كتبها ليخاطب بها عقلك وقلبك
فافتح لها قلبك واحكم عليها بعقلك
تمهيد
النبي الأمي
النبأ العظيم
البشارة
الإسلام
المسيح عليه السلام
في البدء كانت ال...!
يكتبون الكتاب بأيديهم
خاتمة
تمهيد
أما فكرت في نفسك قط من عساه يكون ذلك الرجل الذي شغل البشرية بما جاء به إلى يومنا هذا و بُعثت به من العدم أمة كانت تعيش في جاهلية عمياء فأصبحت في غضون سنوات قليلة دولة راسخة الأركان وحضارة مزدهرة امتدت في جميع أنحاء المعمورة لا يقف في وجهها شيء ؟ أما تأملت كيف استطاع رجل بمفرده – لو كان بمفرده – أن يحدث أكبر تغيير شهده التاريخ و هو على يقين بما جاء به و ما سيصل إليه من أول يوم بدأ فيه دعوته ؟ ألم تسأل ما الذي جناه هذا الرجل لنفسه من متاع الدنيا مقابل تحمله مشاق هذه الدعوة و الصبر على أذى قومه و تكذيبهم ثم جهادهم عليها جهادا كبيرا ؟ إذا أردنا الإجابة عن هذه الأسئلة فلابد أن نبدأ من البداية التاريخية التي يتفق عليها المصدقون به و المكذبون من قومه و من أهل الكتاب من وقت عاش إبراهيم عليه السلام.
(2/409)
هناك في تلك البقعة المباركة حيث ترك النبي إبراهيم عليه السلام ولده الرضيع إسماعيل و زوجته هاجر وحدهما في الصحراء بأمر من ربه و سافر إلى الشام تولى الله أمر الصبي و أمه و فجر لهما بئر زمزم ينبوعا صافيا و ماء معينا بمعجزة إلهية باقية إلى يومنا هذا يرتوي منها الحجاج و المعتمرون من جميع أنحاء الأرض ثم ألف الله حولهم قلوب مجموعة من البدو فعاشت معهما حول الماء و نما بينهم الفتى إسماعيل و تعلم لغتهم حتى أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يعيد بناء البيت الحرام بعد أن هدمه طوفان نوح عليه السلام لكي يعبد الناس عنده ربهم .
(2/410)
فرفع إبراهيم و إسماعيل قواعد البيت و أذن إبراهيم في الناس بحج البيت فلبى الناس النداء - و ما زالوا يلبون إلى يومنا هذا – و ظل هذا البيت آية و قبلة للناس تحج إليه العرب و تعظمه أشد التعظيم و لا ينكر حقه و فضله يهودي و لا نصراني حتي أن الملك النصراني الذي أراد هدمه – و هو إبرهة – كي ينصرف الناس عنه إلى كنيسة بناها بالحبشة رد الله كيده في نحره و أرسل عليه طيرا من السماء ترميه بحجارة ملتهبة أهلكته و جنوده في حادثة خلدها القرآن في سورة كاملة[1] لم ينكرها أي من مشركي العرب و هم الذين كانوا يتلهفون لكي يجدوا خطأ واحدا في القرآن. و في نفس هذا العام وُلد من بني إسماعيل بجوار البيت ذلك الفتي اليتيم الأمي الذي عرف بين عشيرته بالصادق الأمين و عاش بينهم أربعين سنة كان فيها مثال الصدق و الشهامة و الأخلاق الفاضلة فنشأ حنيفا على ملة أبيه إبراهيم لا يشارك قومه في عبادتهم للأوثان و لا في لهوهم و لعبهم وحُبِّب إليه الخلوة فكان يخلو بنفسه في أحد جبال مكة يعبد ربه و يتأمل في ملكوت السماوات و الأرض حتى نزل عليه روح القدس و أمين الوحي جبريل عليه السلام فأقرأه أولى آيات القرآن الكريم ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ .) فعاد محمد يرجف بها فؤاده فدخل على خديجة زوجته قائلا زملوني زملوني[2] و أخبرها بما حدث فقالت " كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
(2/411)
ثم ذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان امرءا تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا[3]، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك.
و هذه كانت البداية .. بداية الرسالة.
و الآن نعود لنسأل أنفسنا نفس الأسئلة السابقة
هل كان هذا الرجل بمفرده أم أنه كان مؤيدا من عند الله عز و جل؟
و هل يجب عليّ أن أتخذ موقفا واضحا و منصفا منه أم يكفي أن أسير هكذا كما سار أبائي و أجدادي و لا أشغل نفسي بأمره؟
إن العقل الراجح و البحث المحايد إذا نظر في دعوى محمد –صلى الله عليه و سلم - للنبوة ذلك الأمر العظيم فعليه أن يبحث في ثلاثة أمور على الأقل هي
1. حياة محمد و سيرته و أخلاقه و تعامله مع أعدائه فضلا عن أصحابه
2. ما جاء به محمد و ما دعا إليه من عقائد و شرائع و معاملات
3. موقفه من الأنبياء السابقين الذين يتفق الناس على نبوتهم وأصحاب الديانات الأخري من أهل الكتاب و موقف أهل الكتاب منه
وقبل أن نستطرد في هذا البحث أود أن نتفق معا على قاعدة في غاية الوضوح والبداهة وهي أن العقيدة الصحيحة المنزلة من عند الله في السماء لهداية البشر إلى ربهم يجب أن تكون هي أوضح الأمور و أبسط المسائل لا يكتنفها الغموض والتعقيد ولا يختلجها التكلف أو التناقض ويجب أيضا أن تكون مبنية على أدلة قوية واضحة وضوح الشمس لا على الظنون والأوهام ويجب ألا تحتاج الحقيقة إلى السب والشتم واختلاق الأكاذيب للإقناع بها ويجب أن يفهمها الناس على اختلاف عقولهم وأفهامهم بدون الحاجة إلى الخوض في متاهات الفلسفة و السفسطة.
(2/412)
فإذا اطمئن قلبك لسلامة هذا المنهج ونمت في نفسك روح البحث عن الحق في هذا الأمر الخطير فالجزء الأول من هذه الرسالة الصغيرة يضع أمامك خطوطا رئيسية و علامات في طريق بحثك لك أن تقرأها و تعرضها على قلبك و عقلك ثم تتبع ما تطمئن إليه نفسك و ينشرح له صدرك
و أما الجزء الثاني فيناقش جانبا آخر من قضية الدين – أهم قضية في حياة الإنسان الدنيوية والأخروية - و هي مناقشة عقلانية لبعض العقائد التي تربي بعضنا عليها بدون أن يعطي نفسه فرصة للتفكر فيها بهدوء إيمانا بأن الإنسان السوي هو الذي يحترم عقله و فطرته و لا يسير كالقطيع مغمض العينين في أمر قد يترتب عليه سعادته الأبدية أو شقاؤه الأبدي و لكنه الذي يعمل عقله و فكره و لا يعطلهما و يسأل ربه في كل وقت أن يهديه الصراط المستقيم الذي يوصله إليه
النبي الأمي
أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ ؟
كل من قرأ سيرة محمد و أخباره و أيامه من الباحثين المنصفين غير المسلمين أجمعوا على أن هذا الرجل قد اجتمعت فيه كل صفات الكمال البشري من حسن الخلق و رجاحة العقل و سلامة الفطرة و رقة الطبع و الشجاعة و بلاغة اللسان. هذا الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل الحائز على جائزة نوبل يقول في كتابه الأبطال : " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر .
وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة ؟ !
(2/413)
إلى أن قال : " وعلى ذلك ، فلسنا نَعُدُّ محمداً هذا قط رجلاً كاذباً متصنعاً ، يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيته ، ويطمح إلى درجة ملك أو سلطان ، أو إلى غير ذلك من الحقائر . وما الرسالة التي أدَّاها إلا حق صراح ، وما كلمته إلا قول صادق .
كلا ، ما محمد بالكاذب ، ولا المُلفِّق ، وهذه حقيقة تدفع كل باطل ، وتدحض حُجة القوم الكافرين .
ثم لا ننسى شيئاً آخر ، وهو أنه لم يتلق دروساً على أستاذ أبداً ، وكانت صناعة الخط حديثه العهد إذ ذاك في بلاد العرب ـ وعجيب وأيم الله أُمِّيَةَ العرب ـ ولم يقتبس محمد من نور أي إنسان آخر ، ولم يغترف من مناهل غيره ، ولم يكن إلا كجميع أشباهه من الأنبياء والعظماء ، أولئك الذين أشبِّههم بالمصابيح الهادية في ظلمات الدهور .
وقد رأيناه طول حياته راسخ المبدأ ، صادق العزم بعيداً ، كريماً بَرًّا ، رؤوفاً ، تقياً ، فاضلاً ، حراً ، رجلاً ، شديد الجد ، مخلصاً ، وهو مع ذلك سهل الجانب ، ليِّن العريكة ، جم البشر والطلاقة ، حميد العشرة ، حلو الإيناس ، بل ربما مازح وداعب ، وكان ـ على العموم ـ تضيء وجهه ابتسامةٌ مشرقة من فؤاد صادق ؛ لأن من الناس من تكون ابتسامته كاذبة ككذب أعماله وأقواله " . ويقول:
: " كان عادلاً ، صادق النية ، كان ذكي اللب ، شهم الفؤاد ، لوذعياً ، كأنما بين جنبيه مصابيح كل ليل بهيم ، ممتلئاً نوراً ، رجلاً عظيماً بفطرته ، لم تثقفه مدرسة ، ولا هذبه معلم ، وهو غني عن ذلك"
و بعد أن أفاض كارليل في إنصاف النبي محمد ختم حديثه بهذه الكلمات : "هكذا تكون العظمة· هكذا تكون البطولة·هكذا تكون العبقرية"
أما <لا مارتين> الفيلسوف الفرنسي فيدافع بحرارة النبي صلى الله عليه وسلم وينفي بصرامة وقوة أن يكون كاذباً أو مفترياً على الله فيقول:
(2/414)
<إن حياة محمد، وقوة كقوة تأمله وتفكيره وجهاده، ورباطة جأشه لتثبيت أركان العقيدة الإسلامية··· إنه فيلسوف وخطيب ومشرع وهاد للإنسانية إلى العقل وناشر للعقائد المعقولة الموافقة للذهن وهو مؤسس دين لا فرية فيه ومنشئ عشرين دولة في الأرض وفاتح دولة في السماء من ناحية الروح والفؤاد، فأي رجل أدرك من العظمة الإنسانية ما أدرك محمد وأي آفاق بلغ إنسان من مراتب الكمال ما بلغ محمد· و يقول في موضع آخر : "أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة واعية ، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود، ومن ذا الذي يجرؤ على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد ؟! ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه ، عند النظر إلى جميع المقاييس التي تُقاس بها عظمة الإنسان؟! إن سلوكه عند النصر وطموحه الذي كان مكرساً لتبليغ الرسالة وصلواته الطويلة وحواره السماوي هذه كلها تدل على إيمان كامل مكّنه من إرساء أركان العقيدة . إن الرسول والخطيب والمشرع والفاتح ومصلح العقائد الأخرى الذي أسس عبادة غير قائمة على تقديس الصور هو محمد ، لقد هدم الرسول المعتقدات التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق[4]"
و هذا جوتة الأديب الألماني : " "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد"[5]
ويقول الأديب الروسي (ليو تولستوي) والذي حرمته الكنيسة بسبب آرائه الحرة الجريئة :
"أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه ، وليكون هو أيضاً آخر الأنبياء … ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح للسكينة والسلام ، وفتح لها طريق الرقي والمدينة"[6]
(2/415)
ويقول العلامة شيريل ، عميد كلية الحقوق بفيينا :"إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها"
فهل ترى أن كل هؤلاء الأدباء و المفكرين – و لولا قصر الرسالة لذكرت أكثر من ذلك- من مختلف الجنسيات قد اخطأوا في مدح محمد؟ أو أنهم أجمعوا علي الثناء عليه بمحض الصدفة؟ أم أنهم كانوا غير مشهورين فأرادوا أن ينالوا الشهرة من خلال مدحهم له – صلى الله عليه و سلم- ؟ أم أن هذه الشخصية العظيمة تستحق فعلا الثناء والمدح؟ ترى هذا الرجل الذي لبث بين ظهراني قوم جاهليين و ظل فيهم أربعين سنة لا يشاركهم في عبادتهم للأوثان و لا يقارف منكرا مدة شبابه كله حتى إذا بلغ من العمر أربعين سنة و أصبح إلى الشيخوخة أقرب منه إلى الشباب أتى بهذا الأمر العظيم بعزيمة أمضى من السيف و أمل أسطع من البرق لا يكل و لا يمل حتى أدى رسالته و نجح في مهمته هل يمكن أن يكون مزوِّرا؟
هؤلاء أهل مكة قالوا له بألسنتهم قبل أن يبلغهم الدعوة " ما جربنا عليك كذبا قط" و كانوا يودعون عنده أماناتهم حتي بعد أن جهر بالدعوة لإنه عندهم ما زال الصادق الأمين و لو كذب مرة واحدة لما آمن به أحد منهم فهل تراه يذر الكذب على الناس ثم يكذب على الله ؟ و قد بلغ من حسن أخلاقه أن الرجل كان يأتيه قبل أن يسلم و هو أشد الناس كراهية له – ص – فما يمكث معه إلا قليل حتى يقوم من عنده داعيا قومه قائلا لهم جئتكم من عند خير الناس و قد أصبح أحبهم إليه –صلى الله عليه وسلم.
(2/416)
هب أن أخلاقه هذه كانت تكلفا مع الناس فهل يتحمل أن يتكلف أيضا داخل بيته مع زوجاته و بناته – على كثرتهن – أم أنه كان يحسن معاشرتهن[7] و يقول [خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي ] حتى أن أول من آمن به و صدقه زوجته خديجة؟ و حينما سئلت زوجاته عن حاله في بيته قالت كان في مهنة أهله - تعني في خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج فصلى وفي حديث آخر كان يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته ولم يضرب بكفه امرأة قط و كان يستئذن زوجاته إذا أراد أن يُمَرّض في بيت إحداهن و كان يداعبهن و سابق عائشة زوجته مرتين فسبقته و سبقها وكان يمزح ولا يقول إلا حقا و كان يدعو أصحابه إلى إحسان عشرة النساء و يقول اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله و كان يقول أن خير الدراهم هو الدرهم الذي ينفقه الرجل على أهل بيته
بل إن خادمه أنس بن مالك يقول : [خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا: لم صنعت؟ ولا: ألا صنعت[. و كانت آخر وصيته قبل موته الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم يوصي بالمحافظة على الصلاة وإحسان معاملة الخدم والعبيد
(2/417)
و كان –ص- أكرم الناس فما سُئل شيئا يملكه و قال لا و كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وكان مثالا في الحلم والصفح فقد روي أنه كان نائما تحت ظل شجرة و سيفه معلق عليها فجاء أعرابي فأخذ السيف و قال يا محمد من يمنعك مني فقال : الله . فسقط السيف من يد الرجل فاخذه النبي و قال له من يمنعك أنت الآن مني فقال لا أحد فعفا عنه وانصرف الرجل و قسم مرة مالا بين ناس فجاءه أعرابي فجذبه من طرف ردائه و قال هذه قسمة ما أريد بها وجه الله فغضب رسول الله و ما زاد على أن قال و من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى فقد أوذي بأكثر من هذا و صبر و كان أرحم الناس و أرضاهم بقضاء الله انظر إليه و قد فاضت روح ابنه ابراهيم بين يديه فقال و هو تدمع عيناه : " تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون ". و كان أشجع الناس حتى أن الصحابة كانوا يحتمون به في المعركة إذا اشتد وطيسها و حمي أوارها. أفما آن للعاقل أن يفكر : هل يمكن ان تجتمع كل هذه الشمائل-التي لم تتغير طوال حياة صاحبها- إلا في نبي كريم متبع لملة أبيه إبراهيم؟ هل جنى محمد – ص – لنفسه من دعوته تلك شيئا من متاع الدنيا الزائل أم أنه كان يربط الحجر والحجرين على بطنه من الجوع و يقول اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة [8]؟ ألم يكن يظل بالشهر و الشهرين و لا توقد في بيته نار و يقول اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا في حين أنك ترى في كل دين آخر ما يكفل للكهنة و رجال الدين فيه مصادر الثروة و الغنى[9] فما الذي صبره على ذلك إن لم يكن من الصادقين ؟ و ما الذي حمله على ألا يقبل غلو أصحابه في حبه و مدحه فتراه لا يرفع نفسه عن قدره و يقول لأصحابه لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله و رسوله و في إحدى المواقف جلست جويريات يضربن بالدف صبيحة عرس إحدى نساء الأنصار و جعلن يضربن بالدف ويندبن من قتل من(2/418)
أبائها يوم بدر، إذ قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال: دعي هذا، و قولي بالذي كنت تقولين و مصداق ذلك في كتاب الله :" قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"
و لما توفي أحد المهاجرين قالت عنه امرأة من الأنصار : رحمة الله عليك يا أبا السائب، فشهادتي عليك: لقد أكرمك الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أن الله أكرمه). فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال: (أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي). قالت: فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا
أترى لو كان محمد يتحامى الكذب دهاء و سياسة خشيةً أن يكشف الغيب قريبا أو بعيدا عن خلاف ما يقول ما الذي كان يمنعه أن يتقول ما يشاء في شأن ما بعد الموت و هو لا يخشى من يراجعه فيه و لا يهاب حكم التاريخ عليه؟ لقد منعه الخلق العظيم و تقدير المسئولية الكبرى أمام حاكم آخر أعلى من التاريخ و أهله[10]
(2/419)
هب أنه كان يكذب على الناس أفكان يكذب على نفسه أيضا؟ فقد كان مجموعة من الصحابة يحرسون النبي حتي نزلت هذه الآية : " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " فقال لهم (أيها الناس، انصرفوا فقد عصمني الله) [11] ولم يتخذ حرسا بعدها و قد وقف وحده في ميدان المعركة وسط المشركين و قد تفرق أصحابه من حوله و هو يهتف : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب فمن ذا الذي حماه و عصمه حتى بلغ الرسالة كاملة و أدى الأمانة أوفى أداء؟ و ما الذي جعله واثقا تمام الثقة من النصر و التمكين لدينه حتى في أحلك المواقف و أقسى الأزمات[12] فيبشر أصحابه بعروش كسري و قيصر في حين أن اليهود و العرب يحاصرونهم من أسفل منهم و من فوقهم وقد زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر إلا إن كان موعودا من الله الذي لا يخلف الميعاد بالنصر والتمكين؟ هبه امتلأ رجاء ببقاء هذه الدعوة و ظهورها ما دام يتعهدها بنفسه فمن الذي تكفل له بعد موته ببقائها و حمايتها وسط أمواج المستقبل العاتية؟ و كيف يجيئه اليقين في ذلك و هو يعلم من عِبَر الزمان ما يفت في عضد هذا اليقين فكم من نبي قُتل و كم من كتاب فقد أو حُرِّف ؟[13] هل رأيت كاهنا أو ساحرا أو عرافا جاءه مثل هذا اليقين الذي لا يتزعزع و الثبات الذي لا يتردد؟؟
(2/420)
ومن الذي ألف حوله قلوب أصحابه و جمعهم على دعوته بعد أن كانوا قبائل متناحرة لا يجمعهم نظام ولا ينقادون تحت لواء[14] ؟ أرأيت كيف استجابوا له في النهاية إذ دعاهم إلى ترك دين أبائهم وأجدادهم إلى عبادة الله وحده و ترك الأنفة والفخر إلى ضرب الظهور بالسياط إن شربوا الخمر أو قذفوا إنسانا و قطع الأيدي إن سرقوا أو أفسدوا في الأرض؟ فمن الذي حول طباعهم من الغلظة والبداوة وبعد أن كان أحدهم يأنف أن تسبق ناقته ناقة أخرى إلى رفق الإسلام و رحمته وتواضعه فأصبح السيد والعبد يقفان متجاورين في الصلاة؟ ومن الذي كان يجيب دعائه إذا دعا لأحد من أصحابه ؟ ألم يدعُ للمدينة المنورة بأكملها ألا يدخلها طاعون فما دخلها وباء إلى اليوم ؟ ألم يدع لقبيلة بأكملها أمام أصحابه أن تسلم وتأتيه فأسلمت عن بكرة أبيها؟ أتراه يغامر لو كان كاذبا بأمر كهذا؟ أيمكن لرجل أمي أن يغامر و يزعم أنه نبي يؤمن بجميع الأنبياء من قبله من أول آدم مرورا بموسى و عيسى عليهما السلام و يجعل الكفر بواحد منهم كالكفر بالجميع ثم يتحدى أهل الكتاب من اليهود و النصارى الموجودين في عهده – بل إلى قيام الساعة – و يناقشهم في أخص أمور دينهم بل و يفضحهم و يواجههم بتحريفهم لكتب أنبيائهم؟ لقد بلغ من تحديه إياهم أنه لما هاجر توجه إلى أحد معاقل اليهود في الجزيرة العربية و هي يثرب -و كان يمكنه أن يهاجر إلى أرض ليس بها أهل كتاب فما الذي دعاه إلى ذلك لو كان من الكاذبين؟ قل لي بربك لو كان هذا الدين من عند نفسه و ليس من عند الله فما حاجته للإيمان بالأنبياء السابقين و يدخل في هذه المواجهات[15] مع اليهود و النصارى و يعلن أن إلهه و إلههم واحد و لكنهم هم الذين غيروا شريعته و بدلوا و حرفوا. ثم إنك تجد أن علماء اليهود و النصارى المنصفين يدخلون في دينه أفرادا وجماعات و يتبعون شريعته منذ أن بعثه الله و إلى اليوم.[16] إن الكثيرين منهم عندما يتجردون من الأهواء و(2/421)
النزعات الشخصية و العصبية فإنهم سرعان ما يبصرون الحق و يعتنقونه بل إن عدداً من المستشرقين والمبشرين النصارى الذين بدئوا حملتهم مصممين على القضاء على الإسلام وإظهار عيوبه المزعومة ، أصبحوا هم أنفسهم مسلمين ، وما ذلك إلا لأن للحق حجته الدامغة التي لا سبيل إلى إنكارها. قال الله عز وجل " أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ "
ثم كيف يمكن لرجل عادي – لو كان عاديا – أن يؤلف وحده شريعة محكمة لا تدع أمرا من أمور الإنسان إلا ونظمته على الوجه الأمثل بدءا من طريقة الأكل و الشرب حتى نظام الحكم فما تركت خيرا من أمور الدنيا إلا و أمرت به و لا شرا إلا و نهت عنه و يشهد بذلك مفكرو الغرب أنفسهم و الدراسات الحديثة و الفضل ما شهدت به الأعداء. و ما زالت إلى اليوم هذه الشريعة معينا لا ينضب للباحثين و العلماء يستخرجون منها من الحكم الباهرة و الأحكام الدقيقة ما يدعو الناس للإيمان و التصديق.[17] كيف أمكن لرجل بمفرده- لو كان بمفرده- أن يحدث أكبر تغيير ديني و حضاري و سياسي و اجتماعي في العالم استمر إلى الآن حتى إن مفكري الغرب عندما اجتمعوا لكي يحددوا المائة الأوائل الذين كان لهم أكبر تأثير في تاريخ البشرية جعلوا محمدا على رأسهم و ظهر ذلك في كتاب المائة الأوائل لمايكل هارت[18] ألم تمر على أمة الإسلام مائتا عام إلا وكان المسلمون يعيشون نهضة علمية في شتى المجالات في حين كانت أوروبا ترزح تحت جبال من الجهل و التخلف و الخرافات؟!
(2/422)
ثم ألم يكن أولى به لو كان يدعي النبوة أن يخفف من تكاليف الشريعة لأقصى درجة ممكنة لكي يستكثر من الأتباع و لا ينفر الناس من الدخول في الدين الجديد [19]لكنك ترى أنه أخبرنا أن الله فرض علينا خمس صلوات في اليوم و الليلة منها ما يوافق ساعات نوم الإنسان و أمرنا بزكاة تؤخذ من أغنيائنا لترد على فقرائنا و أمرنا بصيام شهر كامل كل عام و بحج بيت الله الحرام مع ما في ذلك من مشقة للبعض ثم حض بعد ذلك على أداء الزيادة من هذه الطاعات و قيام الليل تقربا إلى الله ثم الأمر بالإحسان إلى الخلق بمختلف أنواع البر و صلة الأرحام والأقارب وإن قطعوا و العفو عن الأنام إن ظلموا و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الجهاد في سبيل الله ثم النهي عن لذائذ النفوس و شهواتها المحرمة كالزنا و كل ما يدعو إليه من نظر أو لمس أو تبرج و شرب الخمر و أكل الربا ثم يكون بعد ذلك أول الناس التزاما بما يدعو إليه حتى في خلوته حين يظن أن لا يراه بشر بل و يزيد على أصحابه في الطاعة ما لا يطيقونه هم[20]. فما الذي حمله على ذلك إن لم يكن من الصادقين في عبادته لربه و في نبوته؟ هل الذي يأمر بهذه الأوامر يمكن أن يكون كاذبا على الله؟ ( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ) ألا تعجب أنه مع كل تكليفات الإسلام هذه فإنه أوسع الأديان انتشارا و ذلك باعتراف غير المسلمين و يقبل عليه الناس من جميع الفئات و الأعمار حتى الأطفال.[21] لو كان محمد كاذبا فلماذا تركه الله ينشر دعوته طوال23 سنة بدون أن يعاقبه أو على الأقل بكشف كذبه للناس ولو بزلة لسان؟!
(2/423)
أو كان صدفة أن يولد هذا النبي و يحيا أكثر عمره بجوار بيت الله الحرام الذي بناه إبراهيم عليه السلام و ما زالت آثار إبراهيم موجودة فيه إلى اليوم ثم يتخذه قبلة في صلاته؟ ومن الذي حفظ الكعبة من التدمير على يد إبرهة والمشركين و حفظ مكانتها و مهابتها في قلوب المؤمنين ؟ تُرى لو أن هذا الدين كان من تأليفه فهل تكون الكعبة المشرفة من بنائه أم تكون بئر زمزم من حفره؟! ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً )
النبأ العظيم
قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
(2/424)
كل المؤرخين مجمعون على أن النبي نشأ أميا لا يعرف القراءة و الكتابة و أنه لم يكن يقرض الشعر في حياته بينما كانت العرب تفتخر ببراعتها البلاغية و يقيمون الأسواق يتباهون فيها بالقصائد الطوال و المعلقات الجياد و لم يكن لمحمد أى شأن يذكر في هذا المضمار من قريب أو بعيد. ثم ماذا؟ ثم خرج علهم محمد بين عشية وضحاها بآيات بينات غاية في البلاغة و جمال النظم تحدى بها قومه بل تحدى بها العالم كله -وهكذا الرسل تأتي بمعجزات من جنس ما برع فيه أقوامهم ليكون أبلغ في الإعجاز- وقال للناس( لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ). فانظر إلى هذا النفي المؤكد بل الحكم المؤبد هل يستطيع عربي يدري ما يقول أن يصدر هذا الحكم و هو يعلم أن مجال المساجلات مفتوح بين العرب على مصراعيه؟ ألم يكن يخشى أن يثير هذا التحدي حميتهم الأدبية فيهبوا لمنافسته و هم جميع حذرون؟ سل نفسك لو طوعت لمحمد نفسه أن يصدر هذا الحكم على أهل عصره فكيف يصدره على الأجيال القادمة إلى يوم القيامة بل على الإنس و الجن؟ ثم سلها ألم يفز القرآن في هذا التحدي فلم يهم بمعارضته أحد إلا باء بالعجز الواضح و الفشل الفاضح على مر العصور و الدهور. [22] لقد نزل هذا التحدي إلى أن يأتوا بعشر سور مثله فما استطاعوا ثم نزل أكثر إلى سورة واحدة تضارع أقصر سور القرآن و أعلن أنهم لن يستطيعوا فهل سمعت أن رجلا ألف سورة مثل سور القرآن تلقاها العالم بمثل ما تلقى به القرآن؟ سل نفسك كيف ظل القرآن محفوظا إلى اليوم كما وعد الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) يتناقله المسلمون جيلا بعد جيل متواترا[23] بينهم بنفس اللغة لا تتغير فيه كلمة و لا حرف و لا حركة تشكيل بطريقة هي أعلى طرق الرواية تثبتا و حفظا في حين أن غيره من الكتب(2/425)
فُقِدت أو غُيِّرت أو اندثرت لغاتها الأصلية. سل التاريخ كم مرة تسلط الكفار على المسلمين فأثخنوا فيهم القتل و أكرهوا أمما منهم على الكفر و أحرقوا الكتب و هدموا المساجد و صنعوا ما كان يكفي القليل منه لضياع هذا القرآن كُلا أو بعضا كما فُعل بالكتب من قبله لولا أن يد العناية تحرسه فبقي وسط هذه المعامع رافعا راياته و أعلامه حافظا آياته و أحكامه...[24]
ألم تعجب كيف يسره الله القرآن للحفظ ما لم ييسر لأى كتاب آخر فتجد أن الطفل يبلغ السادسة من عمره و قد حفظ القرآن كله و قد يكون مع ذلك أعمى ! كيف يحدث ذلك الانسجام العجيب بين الفطرة البشرية و بين القرآن إلا أن يكون خالق النفس البشرية هو نفسه مصدر هذا القرآن؟
ثم إنك إذا تأملت طريقة نزول القرآن رأيت عجبا...فإنه لم ينزل جملة واحدة من السماء لكن كان ينزل مفرقا حسب الوقائع و الأحوال فربما نزلت بدايات سورة و لا تنزل خواتيمها أو أواسطها إلا بعد عشر سنين تكون خلالها نزلت سور أخرى و ختمت أو لم تختم فإذا هبط جبريل على النبي بآيات جمع النبي أصحابه ليكتبوا وراءه ثم يقول ضعوا آية كذا في سورة كذا في موضع كذا و آية كذا في سورة كذا و هكذا فتوضع الآية في مكانها الذي نزلت من أجله في أول السورة أو وسطها أو آخرها بين آيتين قد تكونا نزلتا قبلها بعشر سنين فتقرأ السورة فلا تحس بأي تنافر بين أجزائها. ثم إن الآية توضع مكانها الذي نزلت من أجله ولا يتغير هذا المكان بعد ذلك أبدا لا تقديما و لا تأخيرا حتى اكتمل هذا الكتاب المعجز في أجمل صورة و أعظم تركيب فأى تدبير محكم و أى تقدير مبرم و أى علم محيط لا يضل و لا ينسى ولا يتردد كان قد أعد لهذه المواد المبعثرة نظامها و هداها إلى ما قدره لها حتى صيغ منها ذلك العقد النظيم و سرى بينها هذا المزاج العجيب؟ [25] (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيرا )
(2/426)
و الآن سل نفسك هل رأيت كتابا ألف بهذه الطريقة أبد الدهر؟ وهل يستطيع كاتب أن يؤلف كتابا في مدة ثلاث و عشرين سنة لا يؤلفه مرتبا و لكن مفرقا قطعا قطعا على غير ترتيب لا يقدم فيه و لا يؤخر و لكن يملي من وحي ضميره العبارات و الجمل مفرقة بين الحوادث و السنين فتجد كل جملة لها مكانا ينتظرها بين جاراتها لا يجور ولا يجار عليه و كأنه أحصى ما سوف تلده الأيام من مفاجآت الحوادث المستقبلية صغيرة و كبيرة في مدى دهره ثم قدّر ما سوف تتطلبه تلك النوازل من كلام فقدر لكل حادثة قدرها؟! فكيف لو كان أميا لا يقرأ ما يكتب له؟!!
(2/427)
هذا من جهة مبناه فإذا نظرت إلى محتواه وجدت من الإعجاز في المعاني ما لا يقل عن الإعجاز في النظم و المباني.[26] ذلك أن القرآن حوى بين طياته كل ما يحتاج الإنسان إليه في حياته لكي يحيا حياة طيبة صالحة. تحدث القرآن عن وحدانية الله عز وجل و أقام عليها البراهين العقلية القاطعة وذكر من صفات الرب الحسنى وأفعاله الكريمة و سننه في خلقه و مظاهر نعمه عليهم ما يزيد إيمان المؤمنين ويرقق قلوب الكافرين وذكر من آيات الله المبثوثة في كونه ودعا الإنسان للنظر والتأمل فيها وتحدث عن نشأة الإنسان و الغرض من خلقه و مصيره بعد موته ثم أخبره كيف يعبده و يتقرب إليه بأنواع العبادات البدنية والمالية والقلبية و تضمن الإخبار عن عالم الغيب من الملائكة و الجن و الشياطين و كذا الإخبار عن قصص الأمم السابقة و أحوالهم مع أنبيائهم وعقاب الله للأقوام الظالمين بما جعله الله عبرة لكل معتبر و رد القرآن على شبهات المشركين و حذر المعاندين و أنذرهم و بشر المؤمنين و ثبّتهم وحاور أهل الكتاب فأسكتهم و ضرب للناس من كل شيء مثلا و تحدث عن أهوال يوم القيامة و علاماته و ذكر ما أعده الله لعباده المؤمنين في جنات النعيم و ما ينتظر الكافرين من عذاب أليم ثم رسم للإنسان منهجا يسير عليه في حياته و حد له حدودا ووضع له ضوابط تضمن له و لمجتمعه السعادة الكاملة و الأمن التام فذكر أحكام المعاملات المالية و أحكام النكاح و الطلاق و البيع و الشراء والدَيْن والميراث وأحكام الإمارة والقضاء و الحدود و القصاص حتى آداب الاستئئذان و النظر و الثياب ذكر القرآن منها ما يكفل للمجتمع طهارته و للإنسان عفافه و كرامته حتى مأكل الإنسان ومشربه أباح له كل طيب و حرم عليه كل خبيث على التفصيل و الإجمال وذكر أيضا آداب التعامل مع الوالدين و إن كانوا غير مسلمين ومع الزوجة و ذوي الأرحام وإن كانوا غير بارين حتى الخدم و العبيد و الأرامل والمطلقات والأيتام لم ينسهم(2/428)
القرآن حتى الطفل الرضيع والرجل الأعمى والأعرج ذكرهم الله (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً )
وهكذا لم تخل آية في القرآن من حكمة وموعظة أو بشارة أو إنذار أو أمر أو نهي لما فيه مصلحة العباد الدينية والدنيوية فلله درها من آيات كم ألانت قلبا قاسيا و كم فتحت عقلا مغلقا و كم شفت وساوس صدر مريض.
فهو معجزة كبيرة وشاملة وغنية تتجاوز كل الأزمنة والأمكنة، وتلبي جميع المطالب الإنسانية بدءً من العقائد وانتهاءً بأصغر الآداب الاجتماعية . [27]( فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ )
فإذا نظرنا إلى القصص القرآني سنجد أنه حوى أحسن القصص وقعا في النفوس وأصدقها أحداثا و أكثرها عبرة في الوقت الذي كانت كتب اليهود والنصارى حافلة بالمغالطات التاريخية وقصص العاهرات و نسبة النقائص والفواحش للأنبياء بينما القرآن قصصه في أرفع درجات السمو الأخلاقي و الكمال الإنساني. وإن تعجب فعجب قول من يدعي زورا وبهتانا أن القرآن استقى أخباره التاريخية من الكتب الموجودة بأيدي أهل الكتاب في عهده!! و كأن القرآن لم يفضح تزويرهم صراحة و يواجههم بتحريفهم و يكشف مغالطاتهم[28] ثم إنك تجد أن القرآن يحوي تفاصيل دقيقة لم تذكرها هذه الكتب وكفاك بقصتي يوسف وموسى عليهما السلام دليلا. [29]
فهل كان صدفة أن توافق أخبار القرآن عن الأمم السابقة و أنبيائهم الصحيح المحرر[30] من علوم أهل الكتاب و تزيد عليها و أما ما داخلها من التحريف و التغيير فلا يأبه له القرآن بل يصححه و يفضحه أحيانا كثيرة ؟ و ممن ؟ من رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب !!
كفاك بالعلم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم
(2/429)
؟ هب أن محمدا اطلع على أخبار الأولين فهل تراه اتخذ عند الله عهدا أن تصدق الأيام ما أخبر به من أمور المستقبل ولو بعد مئات السنين؟ فقد أخبر القرآن عن حوادث ستقع في المستقبل و حدثت كما أخبر تماما. فمثلا ذكر القرآن عن أناس معينين أنهم لن يسلموا و سيموتون على الكفر مثل أبي لهب وامرأته حمالة الحطب والوليد بن المغيرة فمن أين علم محمد أن هؤلاء لن يسلموا ؟! و كيف لم يخش أن تطوع لأحدهم نفسه فيعلن إسلامه نفاقا لكي يحرج محمدا؟ فيا عجبا لهذه الآيات هل كانت مؤلفة من حروف و كلمات أم كانت أغلالا وضعت في أعناقهم إلى الأبد؟ و مثل آخر في أول سورة الروم حيث دار بين الفرس الوثنيين و الروم النصارى أهل الكتاب معركة هزم فيها الفرس الروم ففرح المشركون بذلك لأنهم وثنيون مثلهم و حزن المسلمون فنزلت (الم . غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
و لقد صدق الله وعده فتمت للروم الغلبة على الفرس بإجماع المؤرخين في أقل من تسع سنين و كان يومها هو اليوم الذي انتصر فيه المسلمون على المشركين في غزوة بدر. فكيف حدث ذلك بهذه الدقة إلا إذا كان الذي صدرت هذه الآيات عن علمه هو الذي صدرت هذه الحوادث عن مشيئته و حكمه؟
(2/430)
أما عن الآيات التي تتحدث عن خلق الكون و خلق الإنسان و الليل و النهار و الجبال و البحار والرياح و السحب والمطر والحيوان والنبات و النجوم والكواكب و الشمس و القمر والأرض و السماء فقد ذكر القرآن من أسرارها في كلمات وجيزة ما كانت تعجز علوم الدنيا حين نزل القرآن أن تتوقعه و لم يكتشفها العلم إلا في العصر الحديث و ما وقف أمامها فطاحل العلماء مبهورا أن يكون رجل أمي قد أتى بكلام مثل هذا منذ ألف و أربعمائة سنة!! ألم يخبر القرآن بأن للجبال أوتاد و أن البحر مسجور و الرياح لواقح و السحب ثقال و الكائنات أزواج و السماء ذات رجع و الأرض ذات صدع والليل و النهار مكوران على بعض و الشمس و القمر بحسبان و مواقع النجوم أمرها عظيم[31] !! هل كان أحد في ذلك الوقت يعرف المراحل الدقيقة لخلق الأجنة في بطون أمهاتها أو يعرف أن الذي يرتفع في الجو يضيق صدره من صعوبة التنفس أو أن كل شيء خلق من ماء أو أن الحديد نزل من السماء ليستقر في الأرض و لم يتكون داخلها كما يتكون البترول مثلا أو أن السماء تتسع باستمرار أو أن هناك أنواعا من النجوم مختفية عن الأنظار تسير في السماء تكنس ما حوله وصفها بأنها جوار كنس أو أن السماوات والأرض كانتا في بداية الخلق قطعة واحدة فتقها الله ؟ ( وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُون ) ؟ كل هذه الحقائق التي أثبتتها العلوم الحديثة وغيرها يذكرها القرآن في غاية الوضوح و أمثالها في السنة النبوية كثير و أسلم بسببها كثير من العلماء[32] فما الذي حمل محمدا على ذكر هذه الحقائق لقوم أميين ومن الذي ضمن له أن العلم سوف يثبت صحتها يوما من الأيام؟ [33] هذا غير الآيات التي تسبر أغوار النفس البشرية وتخبر بما يجول في خاطرها سواء كانت هذه النفس نفس مؤمن مصدق أو كافر معاند أو كتابي مرتاب . ألم تنزل الآيات تفضح المنافقين الموجودين في المدينة و تخبر بخطرات نفوسهم؟ ألم يدع الأعراب الإيمان(2/431)
فنزلت (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) ألم يكن الأولى لو كانت هذه دعوة شخصية ألا ينفر محمد الأتباع من حوله بل يستكثر منهم و يحتفظ بهم في صفه؟[34] ناهيك عن التأثير الكبير الذي أحدثه القرآن في نفوس أصحاب النبي يقول الأستاذ فتح الله كولن : " لقد أحدث القرآن في أول عهده بالنزول وأول عهده بتشريفه الدنيا تأثيرا لا يمكن تصوره في الأرواح وفي العقول والقلوب أيضا، بحيث أن درجة الكمال التي وصلت إليها الأجيال التي نشأت في جوه النوراني كانت معجزة قائمة بذاتها لا نحتاج معها إلى ذكر أي نوع آخر من معجزاته. ولا يمكن العثور على أي أمثال لهم في مستواهم من ناحية التدين والتفكير وأفق الفكر والخلُق ومعرفة أسرار العبودية.
فالحقيقة أن القرآن قد أنشأ جيلا من الصحابة آنذاك لا نبالغ إن قلنا إنهم كانوا في مستوى الملائكة. وحتى اليوم فهو يقوم بتنوير قلوب المتوجهين إليه الناهلين من نبعه، ويهمس في أرواحهم أسرار الوجود. والذين يَدَعون أنفسهم بكل أحاسيسهم ومشاعرهم وقلوبهم وقابلية إدراكهم تسبح في جوه الذي لا مثيل له سرعان ما تتغير عواطفهم وأفكارهم، ويحس كل واحد منهم بأنه قد تغير بمقياس معين وأنه أصبح يعيش في عالم آخر" (هَذَا بَصَائِرُ للنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَومٍ يُوقِنُونَ ) ويمكنك أن تقرأ في القرآن لكي تشعر بهذا بنفسك فهو متاح على الإنترنت.
(2/432)
والآن آن لنا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال : من أين أتى محمد بالقرآن؟ هناك ثلاثة احتمالات لا رابع لها. إما أن يكون من كلام محمد نفسه وإما أن يكون من كلام شخص آخر كان يتصل به محمد بصورة غير معروفة في جميع الأماكن والأزمنة ليتلقى منه الآيات و إما أن يكون وحيا من عند الله أوحاه إليه عن طريق الملك الذي أنزل على جميع الأنبياء من قبل و هو روح القدس جبريل عليه السلام كما أخبر بذلك القرآن نفسه.
فإذا نظرنا إلى الاحتمال الأول سنجد أن القرآن صريح في لأنه لا صنعة فيه لمحمد ولا لأحد من الخلق لكنه منزل من عند الله بلفظه ومعناه. فأى مصلحة لمحمد لو كان القرآن من كلامه أن ينسب بضاعته لغيره وينسلخ منها انسلاخا ولو انتحلها لما وجد أحدا من البشر يعارضه ويزعمها لنفسه؟ إن قومه أنفسهم قد استبعدوا هذا الاحتمال- أن يكون القرآن من تأليف محمد- لإنه عاش بينهم أربعين سنة يحضر مشاهدهم و يتعامل معهم ولم تبد عليه أثارة من تلك العلوم التي لا عهد لهم بها قبل ذلك. (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ) ثم إنك تقرأ كلام النبي وأحاديثه في كتب السنة و تقرأ القرآن فلا تحس بأنهما خرجا من ذات المنبع بل تجد الفرق في الأسلوب بينهما واضحا هذا خطاب إلهي و ذاك كلام بشري.. ثم لماذا لم يحو القرآن لو كان من عند محمد خطرات نفسه و آلامه و أحزانه المختلفة التي مرت به و هو الذي مرت به الأحداث الجسام مثل وفاة زوجته خديجة و عمه أبي طالب في عام واحد و محاصرة المشركين له و لأصحابه في أحد شعاب مكة ثلاث أعوام و مقتل عمه حمزة ووفاة جميع أبنائه في حياته إلا فاطمة ولكنك لا ترى إشارة لذلك في القرآن.
(2/433)
وهل تكون الآيات التي تعاتب النبي في القرآن و توجهه و تأمره و تنهاه من وضعه؟ أيكون من عنده ثم يجعل فيه حين دعا على بعض المشركين (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) أم يكون من عنده ثم يقول فيه لنفسه (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاه ) أو يقول فيه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) و ذلك حين أقسم ألا يتناول نوعا معينا من الطعام ؟ بل إنه عبس مرة في وجه رجل مسلم أعمى جاء يسأله عن شيء لإنه كان مشغولا بدعوة أشراف قريش إلى الإسلام فنزلت سورة عرفت بسورة عبس , بدايتها : (عَبَسَ وَتَوَلَّى {1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى {2} وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى {3} أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى )
ألم يكن أولى به – لو كان كما يدعي المبطلون كاذبا – أن يكتم هذه الآيات؟
بل كانت تنزل به النوازل من شأنها أنها تحفزه إلى القول و كانت حاجته القصوى تلح عليه أن يتكلم بحيث لو كان الأمر إليه لوجد له مقالا و مجالا و لكنه كانت تمضى به الليالى و الأيام تتبعها الليالى و الأيام و لا يجد فى شأنها قرآنا يقرؤه على الناس.
(2/434)
ألم يرجف المنافقون بحديث الإفك عن زوجه عائشة رضى الله عنها و أبطأ الوحى و طال الأمر و الناس يخوضون حتى بلغت القلوب الحناجر و هو لا يستطيع إلا أن يقول بكل تحفظ و احتراس " إنى لا أعلم عنها إلا خيرا" ثم إنه بعد أن بذل جهده فى التحرى و السؤال و استشارة الأصحاب و مضى شهر بأكمله و الكل يقولون ما علمنا عليها من سوء لم يزد على أن قال لها آخر الأمر " يا عائشة أما إنه بلغنى كذا و كذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله و إن كنت ألممت بذنب فاستغفرى الله " هذا كلامه بوحى ضميره و هو كما ترى كلام البشر الذى لا يعلم الغيب و كلام الصدّيق المتثبت الذى لا يتبع الظن و لا يقول ما ليس له به علم على أنه لم يغادر مكانه بعد أن قال هذه الكلمات حتى نزل صدر سورة النور معلنا براءتها و مصدرا الحكم المبرم بشرفها و طهارتها . فماذا كان يمنعه- لو أن أمر القرآن إليه- أن يتقول هذه الكلمة الحاسمة من قبل ليحمى بها عرضه و بذب بها عن عرينه و ينسبها إلى الوحى السماوى لتنقطع ألسنة المتخرصين ؟ و لكنه ما كان ليذر الكذب على الناس و يكذب على الله [ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ] [35]
(2/435)
والآن إذا انتقلنا إلى الاحتمال الثاني – وهو أن يكون أحدا من الإنس أو الجن قد أوحى بهذا القرآن العظيم والشريعة الكاملة إلى محمد – فبرغم من تهاوي كثير من أركان هذا الاحتمال بما سبق ذكره إلا أنه لا مانع من مناقشة بعض ما قد يحيك في صدر المتشكك أو يقذف به الشيطان في فؤاد المرتاب. أولا الذي يردد هذه الشبهة يلزمه أن يخبرنا من هو هذا الشخص – سواء كان إنسا أم جنا - الذي آتاه الله علوم الأولين والآخرين وأطلعه على الغيب و ما هو كائن إلى يوم القيامة و زوده بالعلوم والمعارف الحديثة التي لم تكن لتخطر على بال أوسع الناس خيالا حينئذ فأخرج لنا هذا الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتب السماوية و مهيمنا عليها لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه!! لا شك أن هذا الشخص - لو كان موجودا لكان عربيا لإن القرآن بلسان عربي مبين – فهل تظن أن بين العرب الذين كانوا يعيشون في جاهلية عمياء في ذلك الوقت من كان يمكنه أن يفيض قلبه عن بعض علوم هذا الكتاب؟ هب أن هذا كان صحيحا في الكتاب فمن أين أتى النبي بالسنة - وهي جميع أقواله وأفعاله- وبها من الإعجاز ما يداني إعجاز القرآن؟ وهل كان محمد ذو الذكاء الثاقب والفطنة الحادة مخدوعا طوال 23 سنة [36]يظن أنه يوحي إليه من عند الله و ما هو من عند الله؟!! إن أى قارئ في سيرة النبي محمد ليلحظ بكل وضوح أنه كان صادقا في دعوته وفي جهاده – أو على الأقل كان يظن ذلك – فهل تظن أن رحمة الله وعدله وكرمه كانت تترك رجلا بهذه الأخلاق النبيلة و السجايا الكريمة والنوايا الصادقة التي شهد عليها أعداؤه يُغرر به طوال هذه المدة؟؟ و لماذا لم يعلن هذا الشخص عن ذاته –لو كان موجودا –ويعرفنا بنفسه أو ينسب هذا القرآن لشخصه فينال بذلك عز الدنيا وشرف الدهر؟! ما الذي جناه هذا الشخص لنفسه من دعوة الناس للإيمان بالله و اليوم الآخر والالتزام بالأخلاق الفاضلة؟ ثم كيف يمكنه أن يضع شريعة فذة ونظاما كاملا(2/436)
للحياة شهد بروعته الفلاسفة والمفكرون غير المسلمين؟ هب أن هذا حدث أيمكنه أيضا أن ينصر هذه الدعوة من محاولات وأدها المستمرة ويُمكِّن لهذا الدين في الأرض إلى يومنا هذا ويحفظ مصادره الأساسية من الضياع على مدار التاريخ؟ إن هذا مما تأباه العقول السليمة والفطر السوية وصدق الله إذ يقول: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ . إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ .فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ )
والآن لم يبق إلا أن يكون وحيا من عند الله أوحاه إلى محمد ليخرج الناس من الظلمات إلى النور عن طريق رسول كريم هو جبريل عليه السلام (مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) ولم يبق إلا أن تقرأ آيات القرآن وكلام النبي بنفسك و تتدبرهما بعقلك وقلبك وانظر هل يكون هذا إلا تنزيل من لدن حكيم عليم؟
البشارة
وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَد
بالرغم مما نال الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل من تحريف و تبديل إلا أن الله شاء أن تبقى البشارة بالنبي محمد إلى يومنا هذا واضحة وضوح الشمس يراها كل من له عينان نذكرها إن شاء الله لكي تطمئن بها قلوب و تبتهج بها أرواح. أما في العهد القديم فإننا نجد موسى عليه السلام يبشر بظهور نبي ورسول مثله فعندما ينزل موسى عن جبل الطور بعد ما كلمه ربه يقول مخاطباً بني إسرائيل: " قال لي الرب: قد أحسنوا في ما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه، وأما النبي الذي يطغى فيتكلم باسمي كلاماً لم أوصه أن يتكلم به، أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى، فيموت ذلك النبي.
(2/437)
وإن قلت في قلبك: كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب؟ فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصِر، فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب، بل بطغيان تكلم به النبي، فلا تخف منه " (التثنية 18 / 17 – 22 )
والنص كما هو واضح يتحدث عن نبي عظيم يأتي بعد موسى عليه السلام، ويذكر صفات هذا النبي، والتي نستطيع من خلالها معرفة من يكون. ويزعم النصارى أن هذا النبي قد جاء، وهو عيسى عليه السلام،
لكن النص دال على نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ لا دليل عند النصارى على تخصيصه بالمسيح، إذ يذكر النص التوراتي أوصاف هذا المبعوث المبشر به:
1) ) أنه نبي " أقيم لهم نبياً "، والنصارى يدعون للمسيح الإلهية، بل يدعي الأرثوذكس أنه الله نفسه، فكيف يقول لهم: أقيم نبياً، ولا يقول: أقيم نفسي.
2) ) أنه من غير بني إسرائيل، بل هو من بين إخوتهم أي أبناء عمومتهم "من وسط إخوتهم"، وعمومة بني إسرائيل هم بنو عيسو بن إسحاق، وبنو إسماعيل بن إبراهيم.
ومن المعهود في التوراة إطلاق لفظ " الأخ " على ابن العم، وعليه فهذا النبي يحتمل أن يكون من العرب تحقيقاً للبركة الموعودة في نسل إسماعيل، وقد يكون من بني عيسو بكر إسحاق. لكن أحداً من بني عيسو لم يدع أنه النبي المنتظر.
(3) هذا النبي من خصائصه أنه مثل موسى الذي لم يقم في بني إسرائيل نبي مثله، وفي التوراة السامرية ما يمنع صراحة قيام مثل هذا النبي فقد جاء فيها: " ولا يقوم أيضاً نبي في بني إسرائيل كموسى الذي ناجاه الله" (التثنية 4/10(
(2/438)
وهذه الخصلة، أي المثلية لموسى متحققة في نبينا صلى الله عليه وسلم، ممتنعة في المسيح، حيث نرى الكثير من أمثلة التشابه بين موسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، والتي لا نجدها في المسيح، من ذلك ميلادهما الطبيعي، وزواجهما، وكونهما صاحبا شريعة، وكل منهما بعث بالسيف على عدوه، وكلاهما قاد أمته، وملك عليها، وكلاهما بشر، بينما تزعم النصارى بأن المسيح إله، وهذا ينقض كل مثل لو كان.
(4) من صفات هذا النبي أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، والوحي الذي يأتيه وحي شفاهي، يغاير ما جاء الأنبياء قبله من صحف مكتوبة " وأجعل كلامي في فمه "، وقد كان المسيح عليه السلام قارئاً (انظر لوقا 4/16-18.(
5) ) أنه يتمكن من بلاغ كامل دينه، فهو " يكلمهم بكل ما أوصيه به ". وهو وصف منطبق على محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان من أواخر ما نزل من القرآن عليه صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً )
وقبيل وفاة موسى عليه السلام ساق خبراً مباركاً لقومه بني إسرائيل، فقد جاء في سفر التثنية: "هذه البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته، فقال: جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة...."( التثنية 33/1-3.(
وجبل فاران هو جبل بمكة و يؤيد ذلك ما تقوله التوراة عن إسماعيل: " كان الله مع الغلام فكبر.وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس، وسكن في برية فاران، وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر " (التكوين 21/20-21).) فالمقصود إذن بتلألأ الرب من جبل فاران هو بعثة النبي محمد من مكة ليكون إماما للمؤمنين ورحمة للعالمين
(2/439)
أما في العهد الجديد فإننا نجد البشارة أيضا واضحة ففي متى 43:21 قال المسيح لليهود : ( أقول لكم: إن ملكوت الله سينزع من أيديكم ويسلم إلى شعب يؤدي ثمره. ) فمن يا ترى هذا الشعب ؟ إن تلاميذ المسيح كانوا من بني إسرائيل حتى بولس كان من بني إسرائيل أيضا ولهذا لا يمكن تفسير كلام المسيح أن المقصود به هم تلاميذه. ولا يمكن أن يكون مقصود المسيح هم الوثنيون الذين اعتنقوا مبادىء بولس وإلا أي ثمرة هذه التي أداها الوثنيون لمبادىء المسيح وأي ملكوت لله هذا الذي سلم للوثنيين؟ لم يبق إذن إلا أن يكون مقصود المسيح هم المسلمون الذين عظموا المسيح وأمه ورفعوا راية التوحيد في الأرض وحملوا لواء العبودية لله رب العالمين. وفي إنجيل يوحنا (1/19-21) أرسل اليهود من أورشليم بعض الكهنة واللاويين يسألون يوحنا : «من أنت؟» فاعترف ولم ينكر، بل أكد قائلا: «لست أنا المسيح». فسألوه: «ماذا إذن؟ هل أنت إيليا؟» قال: «لست إياه!»؛ «أو أنت النبي؟» فأجاب: «لا» نجد ذكرا لثلاثة أشخاص هم إيليا والمسيح والنبي. فمن يا ترى يكون هذا النبي الذي كان اليهود ينتظرونه غير النبي محمد ؟ وفي موضع آخر من إنجيل يوحنا حيث يبشر بمجيء النبي المنتظر يقول المسيح موصياً تلاميذه: " إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر، ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم، ويكون فيكم... إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً. الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي، والكلام الذي تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني، بهذا كلمتكم وأنا عندكم، وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم …. قلت لكم الآن قبل أن يكون، حتى متى كان تؤمنون " (يوحنا 14/15 – 30)
(2/440)
وفي الإصحاح الذي يليه يعظ المسيح تلاميذه طالباً منهم حفظ وصاياه، ثم يقول:"إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية، ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يوحنا 15/26 ( 16/14-
ونبينا محمد هو روح الحق الذي مكثت تعاليمه إلى الأبد وعلمنا كل شيء و هو الذي مجد المسيح فنزهه مما نسبه إليه اليهود وهو الذي لا يتكلم من قبل نفسه ولكن ( مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى )
وليس المقصود بقوله: " لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم" الرؤية البصرية والمعرفة الحسية، بل المعرفة الإيمانية. ومثله ما جاء في يوحنا "أجاب يسوع: لستم تعرفونني أنا، ولا أبي، لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً" (يوحنا 8/19( ومثله في الأناجيل كثير.
و كلمة المعزي التي في الترجمة الحالية للإنجيل هي ترجمة خاطئة للكلمة اليونانية البارقليط الموجودة كما هي في تراجم عالمية أخري والتي كانت موجودة حتي القرن التاسع عشر كما هي في الترجمة العربية للإنجيل مما يدل على أنها اسم علم.
وفي تفسير كلمة " بارقليط " اليوناني نقول: إن هذا اللفظ اليوناني الأصل، لا يخلو من أحد حالين، الأول أنه "باراكلي توس". فيكون بمعنى: المعزي والمعين والوكيل.
والثاني أنه " بيروكلوتوس "، فيكون قريباً من معنى: محمد وأحمد.
ويقول أسقف بني سويف الأنبا أثناسيوس في تفسيره لإنجيل يوحنا " إن لفظ بارقليط إذا حرف نطقه قليلاً يصير "بيركليت"، ومعناه: الحمد أو الشكر، وهو قريب من لفظ أحمد ".
(2/441)
ويسأل عبد الوهاب النجار الدكتور كارلو نيلنو – الحاصل على الدكتوراه في آداب اليهود اليونانية القديمة- عن معنى كلمة " بيركلوتس " فيقول: " الذي له حمد كثير ".
ويرى عبد الأحد داود أن تفسير الكنيسة للبارقليط بأنه " شخص يدعى للمساعدة أو شفيع أو محام أو وسيط " غير صحيح، فإن كلمة بارقليط اليونانية لا تفيد أياً من هذه المعاني، فالمعزي في اليونانية يدعى (باركالوف أو باريجوريس)، والمحامي تعريب للفظة (سانجرس)، وأما الوسيط أو الشفيع فتستعمل له لفظة " ميديتيا "، وعليه فعزوف الكنيسة عن معنى الحمد إلى أي من هذه المعاني إنما هو نوع من التحريف. يقول الدكتور سميسون في كتاب "الروح القدس أو قوة في الأعالي": "الاسم المعزي ليس ترجمة دقيقة جداً". بل إن أدوين جونس في كتابه " نشأة الديانة المسيحية " يعترف بأن معنى البارقليط: محمد، لكنه يطمس اعترافه بكذبة لا تنطلي على أهل العلم والتحقيق، فيقول بأن المسيحيين أدخلوا هذا الاسم في إنجيل يوحنا جهلاً منهم بعد ظهور الإسلام وتأثرهم بالثقافة الدينية للمسلمين.
ومما يؤكد أن لفظة روح الله دالة على الأنبياء أيضاً، ما جاء في رسالة يوحنا الأولى: "فلا تؤمنوا أيها الأحباء بكل روح من الأرواح، بل امتحنوا الأرواح حتى تعلموا هل هي من عند الله أم لا ؟ لأن كثيرين من الأنبياء الكذبة برزوا إلى هذا العالم " ( يوحنا(1) 4/1-2 )، فالأنبياء الصادقون هم روح الله، والأنبياء الكذبة هم روح الشيطان.
وبين يوحنا كيفية معرفة روح الحق من روح الضلال، فقال: " بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله، وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم أنه يأتي، والآن هو في العالم" (يوحنا (1) 4/2 - 6.(
(2/442)
ورسولنا هو روح الحق بدليل قول يوحنا، لأنه يعترف بالمسيح أنه رسول من عند الله، وأنه جسد، وأنه من الله كما سائر الناس هم من الله أي الله خلقهم. أما تفسير الكنيسة للبارقليط بأنه روح القدس بالمعنى الذي وضعته للأقنوم فهو تفسير خاطيء عقليا لعدة أمور:
أولا أن نصوص العهد القديم صريحة في أن الروح القدس كان موجودا أثناء حياة المسيح والأنبياء قبله يؤيدهم ويؤيد أتباعهم[37] في حين أن النبوءة فيها " إذا لم أذهب فإنه لا يأتيكم "
ثانيا أن النصارى يعتقدون باتحاد أقنومي المسيح وروح القدس فكيف يكونا متحدين ويرسل أحدهما الآخر؟؟
ثالثا قال المسيح عن البارقليط
ثالثا يلزم من يقول هذا أن يخبرنا ما الذي قدمه هذا الأقنوم للعالم خلال الألفي عام الماضية فمكث فيه للأبد وذكرهم بكل ما قاله المسيح ولم يستطع العالم أن يقبله وما هي النبوءات التي أخبر بها مؤلفو العهد الجديد وحدثت بالفعل. [38]
رابعا قول المسيح عن البارقليط كل ما يسمع يتكلم به يدل على أنه يتكلم في حين أن اعتقاد النصارى في الروح القدس أنه يلهم و يدل أيضا على أن كلامه ليس من عند نفسه و لكنه يبلغ ما يسمعه في حين يعتقد النصارى أن الروح القدس إله مساو لله فكيف يكون إلها ولا يتكلم من عند نفسه؟
خامسا قوله قلت لكم قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون يوحي بأن الذي يتحدث عنه المسيح لم يكن موجودا أصلا أثناء الكلام في حين أن الروح القدس كان موجودا و يوحي أيضا بأن هذا الشخص الذي يتحدث عنه المسيح سوف تدعو الناس للإيمان بنفسه و لكن أكثر الناس لن يقبلوه لذا دعا المسيح تلاميذه للإيمان به في حين أن تأثير الروح القدس الذي يدعيه النصارى في إلهام كتبة الأناجيل تأثير خفي لا يستلزم من أحد الإيمان بشيء محدد يترتب عليه ثواب وعقاب ويجعل المسيح يركز عليه بهذه الطريقة .
(2/443)
وبذلك فإننا نرى في البارقليط النبوءة التي ذكرها القرآن الكريم ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )
الجزء الثاني
إلى الذين تهفو أرواحهم شوقا إلى نور الله .. إلى الذين تساءلت عقولهم كثيرا فلم يجدوا لهم آذانا صاغية ولم يجدوا جوابا شافيا .. إلى كل من اشتاق لأن يعرف الحقيقة ناصعة البياض لا لبس فيها ولا غموض .. ها قد آن الأوان لذلك
الإسلام
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما الإسلام كان أول ما قال: ( أن تعبد الله ولا تشرك به) وإذا نظرت في القاموس عن معنى كلمة إسلام ستجد أن معناها الحرفي لها هو الإذعان والانقياد و الاستسلام. ولما كان كل موصوف له من اسمه نصيب فالإسلام إذن يعني أن تُسلم الوجه والقلب والجوارح وجميع أمورك لله رب العالمين فلا تكون عبادتك وقصدك وتوجهك في جميع تصرفاتك إلا إلى إله واحد هو الله عز وجل وأن تنقاد بجسدك وقلبك وروحك لأمر الله ونهيه وأن تستسلم لحكمه وتقف عند حدوده هذا باختصار هو الإسلام. (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )
(2/444)
والإيمان بالله على النحو السابق يستلزم عدة أمور منها أن تؤمن أن الله واحد في ذاته لا قسيم له ولا ند له ولا معبود بحق سواه وأن تؤمن بربوبيته سبحانه فلا شريك له أى أنه وحده هو خالق السماوات والأرض من العدم وأنه هو وحده الذي يملك أمور جميع الخلائق من خلق ورزق وإماتة وإحياء قال تعالى (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ . فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ )
(2/445)
و أن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلى فلا شبيه له ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )[39] وأنه منزه عن النقص والقصور و عن الزوجة والولد ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) وأنه لا يشبه أحدا من خلقه فهو فوق خلقه أجمعين محيط بهم بعلمه وسمعه وبصره وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد له السلطان والقهر، والخلق والأمر السماوات مطويات بيمينه، والخلائق مقهورون في قبضته ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ) وهو أول ليس قبله شيء وآخِر ليس بعده شيء فلا يفني ولا يموت ولا تأخذه سِنة ولا نوم و لا يحدث أمر في هذا الكون إلا بقضائه وقدره، وحكمته ومشيئته. فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن لا يخرج عن مشيئته لفتة ناظر، ولا فلتة خاطر بل هو المبدئ المعيد، الفعال لما يريد (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه ولا مهرب لعبد عن معصيته، إلا بتوفيقه ورحمته ولا قوة له على طاعته، إلا بمشيئته وإرادته فلو اجتمع الإنس والجن، والملائكة والشياطين على أن يحركوا في العالم ذرة أو يسكنوها دون إرادته ومشيئته، لعجزوا عن ذلك . ( ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ . لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )
(2/446)
لذا فهو وحده المستحق للعبادة –والعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله من أعمال القلوب والجوارح –فلا يستعان إلا به ولا يُتوكل إلا عليه ولا يُخاف إلا منه ولا يرجى إلا إياه هذا هو التوحيد الذي دعا إليه جميع الأنبياء فكان كل منهم يقول لقومه ( اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) و الإيمان بالله يستلزم من العبد أن يؤمن بجميع رسله من لدن آدم حتى محمد – صلى الله عليه وسلم –وهو خاتمهم وأفضلهم وبالكتب المنزلة على هذه الرسل مثل التوراة والإنجيل والقرآن وأن تؤمن بملائكة الله و اليوم الآخر ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) حين يجمع الله الناس ثم يحاسبهم و يدخل المؤمنين الجنة -دار كرامته ويعذَب الكافرون في النار. وللإسلام أركان لا يتم إلا بها هي شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
(2/447)
هذا هو الإسلام عقيدة صافية نقية لا تعقيد فيها ولا ألغاز ولا أسرار يستأثر بها البعض دون البعض. دين لا يتعارض مع الفطرة البشرية. دين يجعل مسئولية الإنسان أمام الله وحده ويجعل كل إنسان مسئول عن عمله وحده فلا تزر وازرة وزر أخرى. دين لا يجعل بين الله والإنسان وساطة ولا تباع فيه صكوك غفران ولا يملك أحد - حتى النبي نفسه - أن يغفر لأحد أو يدخله الجنة بل يجعل علاقة الإنسان بربه علاقة مباشرة. دين جعل قلب الإنسان معلقا بربه لا بصورة ولا تمثال ولا قطعة خشب أو حديد على أى شكل كانت. دين لا طبقية فيه ولا أفضلية لأحد دون أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح قال رسول الله لابنته فاطمة : (يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا ) . دين لا يفرق في حدوده بين وزير و غفير قال رسول الله ( وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ). دين يحترم عقل الإنسان ولا يحجر على تفكيره بل دعا إلى التفكير والنظر والتدبر في آيات الله المتلوة والمبثوثة في كونه[40]. دين لا يتعارض مع مستجدات العلم و مطالب الحياة مهما تقدمت بالإنسان العهود. دين وضع أفضل منهج للتعامل مع غرائز الإنسان فلا رهبانية معقدة [41] و لا إباحية منحلة ولكن منهج وسط يعترف بحاجات الإنسان و يوفر له أطهر السبل لإشباعها. دين لم تقم فيه سلطة مقدسة تحكم باسم الإله زاعمة أن حقها في الحكم والتشريع مستمد من قرابتها أو تفويضها من الله ولم تظهر فيه كنيسة تستذل رقاب الناس بوصفها الممثلة لابن الله; المستمدة لسلطانها من سلطان الابن أو سلطان الأقنوم .[42] دين عرّف الإنسان بنفسه ومكانه في هذا الكون وحرره من عبوديته لذاته أو لبشر مثله و أخبره بالغاية من وجوده في هذه الحياة وهي ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون ). جعل الإسلام حياة الإنسان كلها تصب في هذه الغاية فصار لها معنى وصارت كل حركة من حركات الإنسان يبتغي بها(2/448)
وجه الله حتى اللقمة يضعها الرجل في فم زوجته يثاب عليها من الله. الإسلام ليس مجرد شعائر منفصلة عن الحياة تؤدي في دور العبادة ولكنه منهج متكامل للحياة جاء ليتولى قيادة الحياة البشرية وتنظيمها وتوجيهها وصيانتها فما ترك جانبا من جوانب الحياة إلا تناوله بالرعاية والإصلاح. الإسلام لم يغفل غرائز الإنسان أو يتجاهلها ولكنه يعترف بها ويرشّدها [43]. الإسلام هو الدين الذي أنشأ من ظلمات الجاهلية في غضون مائتي عاما حضارة أذهلت العالم و صارت مؤلفاتها هي المورد العلمي الأول لجامعات أوروبا في حين أن النصرانية احتاجت إلى نحو من ألف وخمسمائة سنة لكي تنشئ ما يمكن أن يدعى حضارة مسيحية!![44] والإسلام هو الدين الذي يقف اليوم في مواجهة جميع أديان العالم التي توحدت ضده مما يدل على أنه هو الحق إذ أن الباطل يتعدد والحق لا يتعدد. و هو الدين الوحيد الذي يضع أنبياء الله في أسمى مكانة و أرفع منزلة و يجعلهم معصومين من الزلل و المعاصي. وهو الدين الذي صلاته هي أجمل الصلوات وأخشعها يقف فيها الغني بجوار الفقير في صفوف منتظمة .. الكل سواسية يناجون ربهم ويسألونه وحده المغفرة بلا غناء ولا موسيقى ولا تصفيق.[45] دين متميز حتى في ندائه للصلاة بالأذان. فالأذان له معنى ويحوى ركائز العقيدة وليس مجرد صلصة أجراس أو ضجيج أبواق. دين جعل نظافة البدن وطهارة الإنسان شعيرة من شعائره التي لا تجد لها مثيلا في غيره. دين لا يحتاج أتباعه لإجراء تغييرات وتعديلات فيه كلما جد عليهم جديد لإن شريعته منزلة من عند الله العليم الحكيم الذي يعلم كل شيء وأثبت التاريخ و التجارب البشرية أنها الوحيدة الصالحة لقيادة ركب الحياة في كل زمان ومكان. وهو الدين الذي نقلت إلينا تصرفات نبيه وأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته كاملة ووجدناها مثالا للخلق الفاضل المستقيم وهو الذي ظل كتابه محفوظا بحفظ الله منذ نزل إلى اليوم فتجد الآية التي تطبع اليوم في أحدث(2/449)
المصاحف هي نفسها التي كانت مكتوبة على الجريد أيام الرسول والآية التي يتلوها المسلم الأمريكي هي نفسها التي يتلوها المسلم الصيني. ( فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ. أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ )[46]
المسيح عليه السلام
وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار
يتبوأ المسيح عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام مكانة سامية في الإسلام فالمسيح هو كلمة الله و روح منه ألقاها إلى مريم عليهما السلام وهو بشر كما أن الرسل جميعا من البشر وهو رسول من أولي العزم من الرسل [47] و هم أفضل الرسل جميعا وذًكر في القرآن أكثر من 25 مرة وأمه مريم بنت عمران من أفضل نساء العالمين لم تُذكر امرأة باسمها في القرآن غيرها. قال تعالى في سورة آل عمران :
(2/450)
( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ {42} يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ {43} ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ {44} إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {45} وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ {46} قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {47} وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {48} )
و قد كانت حياة المسيح مليئة بالمعجزات من لحظة ولادته حتى رفعه إلى السماء فقد كانت ولادته معجزة إلهية جعلها الله آية للعالمين حيث ولد من غير أب و قد وصف الله أحداث ولادته في سورة مريم [48]فقال تعالى :
(2/451)
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً {16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً {17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً {18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً {19} قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً {20} قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21} فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ(2/452)
يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً {33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ
الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ {34} مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {35} وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ {36} فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيم )
ثم أمده الله بالمعجزات الدالة على نبوته كما أمد الرسل من قبله بالمعجزات. قال تعالى حاكيا عن عيسى بن مريم: ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {49} وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ {50} إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ )
(2/453)
ثم يذكر الله ختام قصة عيسى مع بني إسرائيل عندما كذبوه و كفروا به : ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {52} رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ {53} وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {54} إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {55} فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ {56} وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {57} ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ {58} إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ {59} الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ)
(2/454)
وذلك أن اليهود حاولوا قتل عيسى عليه السلام فنجاه الله منهم وتوفاه بالنوم ثم رفعه إلى السماء الثالثة فهو يحيا فيها حتى ينزل قبل يوم القيامة و أُلقى شبهه على شخص غيره فأخذه اليهود وقتلوه. قال تعالى عنهم:( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً . بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيما ) و عندما ينزل عيسى بن مريم في آخر الزمان فإنه سوف يكسر الصليب ولا يقبل إلا الإسلام وتندحر الملل الكافرة و يعم السلام وتكثر البركة وتُرفع الشحناء والضغينة قال صلى الله عليه وسلم " الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض سبط كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويعطل الملل حتى يُهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعا والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان والغلمان بالحيات لا يضر بعضهم بعضا فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يُتوفى فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه. ." [49] وقد وردت على لسان نبينا عدة نصوص في فضل المسيح ومريم الصديقة عليهما السلام فقد قال
(2/455)
النبي صلى الله عليه وسلم :(ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها ) وقال (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء: إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون ) وقال :(رأى عيسى بن مريم رجلاً يسرق فقال له: أسرقت؟ قال: كلا، والذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني ) وقال عن الرجل الذي يؤمن بعيسى قبل أن يسمع عن محمد (ص) (إذا آمن بعيسى، ثم آمن بي فله أجران ) وقال-وهذا الحديث بشرى لكل نصراني- :(من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) [50] وقد كانت رسالة المسيح عليه السلام متممة لرسالة موسى و مبشرة برسالة محمد باسمه الصريح كما مر بنا – "حتى متى كان تؤمنون" – وكانت لبني إسرائيل فقط و لم تكن هي الرسالة الأخيرة للبشرية لذلك لم يشأ الله أن يظل الإنجيل ولا كلام المسيح محفوظا بكامله للناس.
والآن بعد أن عرفت نظرة الإسلام للمسيح عليه السلام فإني سائلك: ترى لو كان هذا الدين من عند محمد ولم يكن محمد رسولا من عند الله ما الذي دعاه لأن ينظر للمسيح هذه النظرة المعتدلة بعيدا عن غلو النصاري إلى تقديسه وانحراف اليهود إلى عدائه؟ ألم يكن أحرى به لو كان كاذبا أن ينحاز إلى إحدى الطائفتين لكي ينال تأييدها بدلا من أن يواجههما جميعا؟ ما الذي كان يمنعه لو كان كاذبا أن يدعى أن إلهه الذي يعبده هو المسيح –ولم يكن لينكر عليه أحد– فينال بذلك تأييد الدولة الرومانية القوية بالإضافة لنصارى الجزيرة العربية؟ (فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
(2/456)
والآن لنحاول مناقشة بعض ما يعتقده الناس في المسيح عليه السلام بهدوء بعيدا عن التعصب الأعمى .
لعلك إذا سألت أفراد الأسرة النصرانية الواحدة عن طبيعة المسيح عليه السلام تسمع إجابات شتى فمن قائل هو الله – تعالى الله عما يصفون – و من قائل هو ابن الله والمثقف منهم سيقول لك إن به جزء بشري يسمى ناسوتا و جزء إلهي يسمي لاهوتا !! و هذا انعكاس للغموض الذي يكتنف شخصية المسيح لدى النصارى و للتعقيد الذي أقحمته الكنيسة في مسألة الإله وهي التي من المفترض أن تكون من أبسط أمور العقيدة لدى الإنسان. ويتفق عموم النصارى على أن هذا الإله أو نصف الإله لم يكن بالقوة الكافية حتى نالت منه يد البشر بالتعذيب والإهانة والصلب في حادثة هي أشبه بالتمثيليات الدرامية أو الأساطير البدائية منها إلى الحقيقة الإلهية! ومن العجيب أن يُعتقد أن هذه الجريمة الكبرى من البشر في حق الإله إنما كانت سببا لخلاص البشر و مغفرة خطاياهم وذنوبهم التي هي أقل خطرا بكثير من محاولة قتل الإله نفسه !! و لأن كل من هذه العقائد أصبحت مسلمات راسخة في عقول كثير من الناس غير خاضعة للنقاش ولا التفكير فهذه دعوة لكل باحث عن الحقيقة بصدق لكي يعيد النظر فيما يعتقده و تربى عليه ولم تتح له فرصة للنقاش فيه من قبل.
(2/457)
هب أنك أخطأت في حق والدك خطأ يسيرا و أغضبته وبينما أنت نادم وتحاول أن ترضي أباك إذا بأخيك الأصغر تأخذه عاطفة الأخوة و التضحية فتفتق ذهنه عن فكرة غبية وهي أن يضحي بنفسه من أجلك فيسلم لك نفسه لكي تقتله أمام أبيك و بذلك يتحمل هو الإثم عنك وتنجو أنت من تبعة الذنب ووخز الضمير فهل تقبل أنت أو يقبل أبوك هذا الكلام؟؟ فكيف لو اقترح عليك أخوك أن تقتل والدك نفسه تكفيرا عن خطيئتك؟! بالطبع هذا كلام لا يقبله عقل. ولكن لماذا تقبله في حادثة الصلب المزعومة وترضاه للمسيح عليه السلام ولا ترضاه لأخيك الصغير؟ لعلك تجيب بأن المسيح ما نزل إلى الأرض أصلا إلا لهذه المهمة وهي التضحية بنفسه لكي يغفر الله خطايا البشر! وإني أسألك: الذي يريد أن يضحي بنفسه من أجل إنسان يتحمل عنه الآلام أم يتحمل منه الآلام؟؟! هل خطيئة آدم بأكله من الشجرة تكفرها خطيئة اليهود بمحاولة قتل المسيح؟ و هل ضاقت رحمة الله عز وجل الذي يقبل التوبة عن عباده ووسعت رحمته كل شيء أن يغفر لآدم خطيئته - وهو الذي تاب بعدها واستغفر وأناب[51] -فظل ناقما على البشر كل هذه المدة حتى ينزل بنفسه سبحانه متجسدا في هيئة مخلوق ضعيف كي ترتكب البشرية هذه الجريمة النكراء في حقه ثم تسقط عنها أوزارها مكافأة لها؟ هل من العدل أن يذنب آدم فيُصلب المسيح ؟ ألم يذكر العهد القديم أن النفس التي تخطيء هي تموت وأن كل إنسان مسئول عن عمله وأن الله يقبل توبة التائبين؟[52] هل من العقل أن تزعم أن الله تاب على بولس الذي كان العدو الأول لتلاميذ المسيح وللمؤمنين ولم يتب على آدم الذي خلقه الله بيديه وأسجد له ملائكته إلا بعد أن يعلق المسيح عاريا تماما على رؤوس الأشهاد؟ وإذا كان المسيح قد نزل من أجل ذلك فلماذا جاء في إنجيل متى صراخ المسيح قبل أن يقتل كما يزعمون لما وضع على الصليب « إيلي إيلي، لم شبقتني، أي: إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ » متى 27/46 وجاء في يوحنا 11/53 أن المسيح(2/458)
هرب من طالبيه مراراً!! أينزل من أجل ذلك ثم يهرب ويصرخ ويستغيث بالله كي يخلصه بينما ترى كثيرا من المجرمين والقتلة يتقدمون للقتل بقدم ثابتة وجأش رابط أم أنه كان يجهل مهمته على الأرض؟ ولم نذهب بعيدا ونقارن المسيح بالقتلة والمجرمين ألم يأمر الله إبراهيم بذبح ولده فما كان من الولد إلا أن استجاب لأمر الله صابرا محتسبا بدون أن يسأل حتى عن العلة؟ هل من منطقي لو كان المسيح هو الله أن يكون أقل شجاعة من بعض خلقه؟!
وإذا كانت هذه هي مهمة المسيح فلماذا عندما بشر الأنبياء بالمسيح لم يبشروا به على أنه المخلص الذي سوف يخلص البشرية من ذنبها الموروث ولكن بشروا به على أنه نبي صاحب رسالة وفقط بدون ذكر أي شيء عن حادثة الصلب المزعومة- التي كانت ستُعد أهم حادثة في حياة المسيح لو كانت مهمته حقا أن يعلق على الصليب؟ ؟ وكيف نفسر النصوص التي تخبر عن رضا الله عن الشعب أو عن أمة من الأمم إذا كانت البشرية كلها كانت ما زالت موصومة بهذا الذنب القديم ولم يخلصها منه أحد بعد؟ وهل من الرحمة أن تكون مهمة المسيح هي تحمل الآلام والتعذيب عن البشر بقتله على الصليب ثم يكون جزاء من لم يؤمن أن المسيح مات على الصليب وظل يعبد الله كما كان يعبده إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى من قبل المسيح هو العذاب في النار؟ لو كان ذلك كذلك لكانت حادثة الصلب نقمة على البشر وليست رحمة لهم إلا إذا كانت حادثة الصلب هذه قد افتدت جميع الناس من النار و سيدخل المؤمن والكافر الجنة في النهاية !!
(2/459)
؟ وإذا كان الصلب قد حط عن البشر خطاياهم فما فائدة تعاليم المسيح والرسل من قبله إذا كان تكفير خطايا البشر مضمون و أكيد لهذه الدرجة ؟ ولماذا قال المسيح إن كل كلمة باطلة يتكلم بها الناس، سوف يؤدون عنها الحساب في يوم الدينونة. فإنك بكلامك تبرر، وبكلامك تدان؟[53] وما الذي سيمنع الإنسان أن يرتكب أكبر الفواحش وأعظم المنكرات إذا علم أن الخلاص مضمون؟ ولماذا الحاجة إلى التعميد الذي تفعله الكنيسة بكل مولود إذا كانت حادثة الصلب المزعومة هذه قد غفرت للإنسان خطيئته [54]؟ وإذا كان كل مولود يرث نصيبا من هذه خطيئة أبيه آدم فهل ورثت مريم وابنها عليهما السلام أيضا هذه الخطيئة من أبيهما آدم عليه السلام ؟ وماذا عن ظلم البشر بعضهم لبعض هل يتحملها الصليب أيضا فلا قصاص بينهم ولا عدل أم أن هذه خارج الموضوع؟ وماذا عن الذنوب التي ارتكبتها البشرية بعد المسيح إلى اليوم من يكفرها؟ أم تراها تحتاج لمسيح جديد لكي يقتله أحد الأشقياء فتسقط عن البشر بقية خطاياهم؟ إننا نفهم أن الذي يضحي بشيء فإنه يضحي به من أجل شخص آخر أو لاسترضاء من هو أعلى منه وأقدر كما ذبح إبراهيم الكبش فداءً لإسماعيل وتقربا إلى الله بذلك فإذا كان الله نفسه هو الذي ضحى بولده –تعالى الله عما يصفون- فمن أجل من يا ترى فعل ذلك وليس في الكون من هو أعظم منه؟ ( قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ؟ إن من يقرأ الروايات المختلفة لحادثة الصلب في الأناجيل سيجد بينها تناقضات لا يمكن الجمع بينها فمثلا من يقارن تفاصيل المحاكمة والصلب والقيامة واكتشاف قبره ومن رآه عند قيامته وماذا قال على الصليب ومن حمل الصليب وغير ذلك في الروايات المختلفة سيجد(2/460)
اختلافات واضحة تدل على أن القصة واهية من أساسها أو أن كتابها اعتمدوا على الإشاعات والأساطير وليست وحيا من الله [55]! إنه لا يكاد أحد يتصور أن المسيح الذي كان يصوم ويتحمل الصبر عن المأكل والمشرب ويقضي الأسابيع لا ينال فتات العيش هو الذي كان على خشبة الصليب يستغيث بأعدائه و يطلب منهم أن يسقوه إذ تملكه الظمأ وهو الذي طالما كان يقول (أن لي خبزا لستم تعرفونه)[56] حتى بطرس رئيس الحواريين كان يقسم على أنه لا يعرف الرجل الذي على الصليب( متى 72:26).
لقد جعلت حادثة الصلب المزعومة هذه من المسيح عليه السلام شخصية أسطورية مخلصة بدلا من شخصية النبي المعلم الذي يرشد الناس إلى الهدى والنور. شخصية يلجأ إليها الناس في السراء والضراء بعد أن كانوا يلجئون إلى الله. حادثة الصلب جعلت عبادة الإنسان مركزة حول المسيح عليه السلام بعد أن كانت لله وحده. ولكي لا يصير المسيح ندا لله في هذا الدين الجديد تم اختلاق الكذبة الثانية التي هي أكبر من أختها بادعاء أن المسيح هو الله نفسه –سبحانه وتعالى عما يصفون. ولخطورة هذه المسألة فسنناقشها أيضا بشيء من التفصيل.
(2/461)
أولا هل يليق برب السماوات والأرض ومن فيهن أن يتجسد في صورة طفل رضيع يخرج من فرج امرأة ضعيفة ثم يمر بمراحل نمو الإنسان المختلفة يأكل الطعام ويخرج الفضلات حتى إذا اكتمل نموه وصار رجلا ناضجا لقي من البشر صنوف الإهانة والتعذيب ألوانا؟ هل كان هذا المخلوق الضعيف الذي يلتقم ثدي أمه هو كان يدبر أمور جميع الكائنات في الوقت الذي لا يستطيع هو أن يدبر أمر طعامه وشرابه؟ [57] أم أنه كان يمسك السماوات والأرض أن تزولا وهو في بطن أمه؟ ألا ترى أنه من المخجل أن نساوي الله بالبشر؟ هل يمكن للإله العظيم أن يحل في جسد ضعيف له بداية ونهاية؟ وأين هو هذا الجسد- جسد المسيح - الآن؟ هل فني الجسد وهلك بمجرد صعود المسيح للسماء أم أن هذا الجسد الذي يحتاج للطعام خالد وليست له نهاية؟ وإذا كان الجسد تعرض للفناء فهل يفنى الإله أو تفنى صفة من صفات الإله؟؟ وهل كلام السيد المسيح الذي في الإنجيل يوحي بأنه كلام إله قادر قهار يخاطب عبيده أم كلام معلم رفيق يخاطب تلاميذه؟ ولماذا لم يأمر المسيح تلاميذه بالسجود له صراحة إن كان هو الإله فهذا على الأقل أفضل من السجود لصوره وتماثيله داخل الكنيسة؟! [58] لماذا لم يخبر صراحة أنه هو الإله - إن كان كذلك – فيحسم القضية ويقطع الشك؟ هل من العدل لو كان المسيح هو الله أن يترك أهم قضية في هذا الكون يكتنفها الغموض وتحيط بها الشبهات ويتركها عرضة لآراء الرجال و أهواء الملوك في المجامع؟ لماذا لم يخلف لنا في العهد الجديد نصا واضحا صريحا على لسانه يخبر فيه أنه هو الإله فيريح الملايين من ظلمات الشك؟
(2/462)
وماذا عن الحواريين : هل كانوا يعاملون المسيح على أنه إله يمشي على الأرض أم نبي إنسان ومعلم متواضع ولذا سموا تلاميذ؟[59] هل يمكن أن يكون للإله تلاميذ؟؟ ولو كانوا يعبدون المسيح فكيف أمكنهم أن يبقوا داخل هيكل اليهود بعد رفعه حوالي ثلاثة عقود يعبدونه يوميا وسط اليهود الذين يعبدون الله ؟[60] انظر إلى بطرس في (أعمال 22:2) يقول : " أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون" . فهل عرفت أنت عن المسيح ما لم يعرفه الحواريون ؟ ايكون المسيح إلها ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه أذى حفنة من اليهود؟ أتقبل أن تعبد إلها ضعيفا؟ أيكون المسيح هو الله ثم يأتي إلى عبد من عبيده لكي يعتمد منه ويكمل نفسه؟ ألم يذكر العهد الجديد أن المسيح جاء إلى يحيى-يوحنا المعمدان- لكي يعتمد منه؟ إن المسيح لو كان هو الله لسجد له يحيى حالا فهل كان يحيى يجهل ربه؟ [61] وإذا كان المسيح هو الله فهل يمكن أن يموت الإله؟ إن نصوص العهد القديم تنفي ذلك يكل صراحة انظر مثلا في إرمياء 10:10 : (أما الرب فهو الإله الحق، الإله الحي) وفي حزقيال (3:18) : حي أنا يقول الرب. وفي دانيال 26:6 "هو الإله الحي القيوم إلى الأبد"
(2/463)
ومن الذي كان يخاطبه المسيح في الأناجيل بلفظ أبي وإلهي إن كان هو الأب والإله أم أنه كان يخاطب نفسه؟ انظر قول المسيح عليه السلام : (وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع الذي أرسلته) يوحنا 17 : 3 . وقوله : « إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم » يوحنا 20:18وقوله عن نفسه: "أنا لا اقدر أن أفعل من نفسي شيئاً " (يوحنا 5/30) لذا عجز أن يعد ابني زبدي بالملكوت (متى 20/23)، ولما سماه أحدهم صالحاً قال: "لم تدعوني صالحاً؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله" (لوقا 18/18-20). وأخبر في مرقص32:13 أنه لا يعلم وقت يوم القيامة ولكن الله هو الذي يعلمها فهل يكون المسيح هو الله ويجهل ما يعلمه الله؟ أم أن العلم والإرادة والصلاح صفات للجسد وليست صفات للروح؟ ومن الذي كان يصلي له المسيح إن كان هو الإله ؟! ألم يذكر العهد الجديد أن المسيح كان يعبد الله؟ أكان المسيح يعبد نفسه؟ و هل استعمال المسيح لمصطلح ابن الإنسان عن نفسه تكرارا ومرارا في الإنجيل (ذكرت 81 مرة ) إلا تأكيدا لبشريته وبراءته مما سينسبه الناس إليه؟ بل إن المسيح قال عن نفسه صراحة أنه نبي إنسان ففي يوحنا (8/40) قال ( أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله ) وفي لوقا 4/25 قال «الحق أقول لكم: ما من نبي يقبل في بلدته. » فهل بعد شهادة المسيح لنفسه شهادة أخرى؟ وفي لوقا 7/17 قال الناس أمامه بعد أن أحيا ميتا[62] بإذن الله «قد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه !» وفي متى (8:9 ) بعد أن رأى الجموع معجزاته "تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا" فهل يا ترى كان الجموع يمجدون المسيح أم رب المسيح؟ وإذا كان المسيح إلها فماذا عن أم المسيح عليه السلام هل هي الأخرى إلهة أم ماذا؟ وهل يمكن للمخلوق أن يلد الخالق[63]
(2/464)
وأما إن كنت تعتقد أن الله تعالي عن أن يشابه خلقه أو أن يقتل على أيديهم وأنه كان وما زال في السماء فوق جميع خلقه و لا يخرج أحد منهم عن قبضته لكن له ولد هو المسيح أرسله إلي الأرض لهذه الغاية وهو أن يتعذب بأيدي البشر من أجل البشر فقل لي بربك من أين علمت أن لله ولد؟؟ أمن الكتاب المقدس؟ فإن الكتاب المقدس يعتبر البشر جميعا أبناء الله بمعنى أن الله هو الذي يطعمهم ويرزقهم لا أبنائه على الحقيقة[64] كما أطلق على أنبياء آخرين هذا الوصف[65]. ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ . سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) ثم ما حاجة الله لكي يتخذ ولدا و هو الغني عن خلقه أجمعين؟ (َقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) وهل هذا الولد كانت حياته سرمدية مثل حياة الله عز وجل أم أنه حادث على هذا الكون؟ فإن كان حادثا فهو مخلوق مثله كبقية مخلوقات الله عز وجل وإلا فكيف يكون مولودا وسرمديا في نفس الوقت؟ ( لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) وهل مشيئة هذا الولد تابعة لمشيئة الرب أم أن له إرادة مستقلة؟ وهل الإنسان مأمور بعبادة الرب وحده أم الرب وما تنسب له من ولد؟ هل تستقيم الحياة إذا عبد الإنسان أكثر من إله؟ ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) ثم هل ضاقت السبل على رب الأرض والسماوات فلم يجد وسيلة لتكفير خطيئة آدم إلا التضحية بولده-بفرض وجود الولد؟ و كيف تنزه الرهبان والقساوسة عن اتخاذ الولد وتنسب ذلك لله رب العالمين؟ ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ(2/465)
تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
(2/466)
أما قضية التثليث وهي اعتقاد أن الله إله واحد مكون من ثلاثة أقانيم مختلفة فهي ثالثة الأثافي و اللغز المحير والمعضلة الكبرى التي ورثها رجال الكنيسة عن أسلافهم على علاتها وذلك أن آباء الكنيسة الأُوَل لم يكتفوا بنسبة الولد لرب العالمين لكنهم أضافوا لله شريكا ثالثا هو روح القدس وجعلوا الثلاثة واحدا والواحد ثلاثة. ويبدو أن الوقت لم يسعف النصارى الأوائل لكي يضعوا تفسيرا مقنعا لهذا فقد شغلتهم الاختلافات الكثيرة وعقد المجامع الكنسية و تكفير بعضهم بعضا واختيار الأناجيل لذا فإن علماء النصارى المعاصرين أنفسهم يعترفون بصعوبة فهم حقيقة التثليث فيقول أحدهم : إن الثالوث سر يصعب إدراكه وإن من يحاول إدراك سر الثالوث كمن يحاول وضع مياه المحيط كله في كفه[66] ويقول القمص باسيليوس إسحق: " أجل إن هذا التعليم عن التثليث يفوق إدراكنا " [67] فهل يعقل أن تكون الحقيقة الكبرى في هذا الكون بهذا القدر من التعقيد؟ وأين ذكر التثليث في العهد القديم [68] الذي تنضح نصوصه بالتوحيد؟ هل يمكن أن يكون التثليث حقيقة ولا يأتي له ذكر على لسان أى نبي من الأنبياء في الكتاب المقدس بل ولم يعلمها المسيح لتلاميذه و لم يسمع بها أحد منهم في حين لا تكاد تخلو سورة في القرآن من التوحيد؟ (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ َيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ) فالجملة اليتيمة التي تثبت التثليث في يوحنا (1) ستعرف في آخر الرسالة أنها مدرجة ولم تكن في النسخ القديمة. ولكن على العكس هناك نصوص تفند هذا الإدعاء انظر مثلا قول المسيح عليه السلام : ( اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد ) مرقص 12 : 29 ألا ترى أن هذه الجملة تعني لا إله إلا الله؟ ولو كان ما يدعيه النصارى صحيحا لقال المسيح "اسمع يا إسرائيل أنا إلهك رب واحد وثلاثة أقانيم" وإلا لكان المسيح غير(2/467)
أمينا. [69]وأيضا هناك قول المسيح أيضا : (وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع الذي أرسلته) يوحنا 17 : 3 .دليل آخر على التوحيد فهل هذه الجملة الصريحة يفهم منها عاقل أن الله مكون من ثلاثة أقانيم؟ ولا عجب ألا نجد في الكتاب المقدس ذكرا لثالوث ولا سادوس فإن أمر الروح القدس نفسه ظل مشكلا على القوم ثمانية قرون إلى عام 879 م حتى عقدوا المجمع الكنسي الثامن ليبحثوا أمره. وما روح القدس إلا ملك من الملائكة- وهو جبريل عليه السلام - أرسله الله بالوحي للأنبياء والرسل ويؤيد الله به المؤمنين، ونصوص العهد القديم والجديد شاهدة في أن روح القدس حل في كثير من الأنبياء ، وفي الحواريين وفي غيرهم ، و يأتي روح القدس بمعنى القوة والنصر والتأييد ولم يرد على لسان أى نبي أن الروح القدس إله مع الله (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً . لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً . فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ) وأما المسيح فقد خلقه الله من(2/468)
أم بدون أب كما خلق حواء من أب بدون أم ونفخ فيه من روحه كما نفخ في آدم من روحه وأحيا له الموتى كما أحيا الموتى لأنبياء عديدين من قبل فهل نقول على آدم وحواء وهؤلاء الأنبياء أنهم أقانيم أيضا؟ ألا ترى أنه لو كان المسيح وروح القدس إلهين من دون الله لكان ممكنا أن يريد كل واحد منهم شيء غير الآخر؟ فمن الذي تنفذ إرادته في هذه الحالة؟ أم أن كلا منهما إله ناقص الألوهية؟ ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) وإذا كان الثلاثة هم واحد فكيف يموت أحدهم على الصليب ويبقى اثنان لم يموتا؟! المفروض إن كان الثلاثة واحد والواحد ثلاثة أن يموتوا جميعا أو يحيوا جميعا. ولكن لما كان الله لا يموت كان يستلزم ذلك أنه لو كان هناك 3 أقانيم أن يموت أحدهم فقط دون الآخرين وهذا يعني أن الثلاثة أقانيم منفصلة وغير متحدة وهذا ينافي عقيدة التوحيد التي جاء بها الأنبياء جميعا. فكما ترى إن عقيدة الثالثوث والصلب لا تنسجمان معا بصورة منطقية ولا يمكن أن تكون هي الحق.
(2/469)
إن عقلاء الغرب بدأوا يدركون هذه الخدعة الكبرى فقد ظهر عام 1977 كتاب اسمه "أسطورة تجسيد الإله" The Myth of God Incarnate كتبه سبعة من كبار رجال اللاهوت البريطانيين بما فيهم رئيس لجنة مذهب كنيسة إنجلترا يعلنون فيه إنكار ألوهية المسيح ويقرون ببشريته فقط.[70] وقد أدلت مجلة تايم (27 فبراير 1978) بحثا هاما اشتغلت به دوائر جامعات وكنائس العالم الغربي وهو ظاهرة الدعوة إلى بشرية المسيح والمعارضة لألوهيته جاء فيه: إن موجة الرفض لفكرة ألوهية المسيح أو ازدواج طبيعته تزداد قوة وانتشارا في أوساط المفكرين اللاهوتيين سواء في الجامعات أو في الكنائس الغربية وهؤلاء الرافضون يعلقون أنه لا يوجد في الإنجيل ولم يثبت عن المسيح القول بألوهيته ويؤكدون أنه عليه السلام بشر عادي. [71] وفي سنة 1993 ألقي البابا يوحنا بولس الثاني خطابه الرسولي وأشار فيه إلى الانفصال المتزايد بين الكنيسة والرأي العام النصراني وذلك لعدم تصديق النصارى للعقيدة النصرانية الحالية كما طالب النصارى بعدم مناقشة العقيدة النصرانية والتسليم الأعمى بها. فهل يمكن أن يكلف الله البشر بالإيمان بعقيدة هذا شأنها؟؟
في البدء كانت الكَذِبة
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ
(2/470)
إذا نظرنا في تاريخ النصرانية لنعرف كيف تسربت هذه الوثنية إليها سنرى أن أتباع المسيح عليه السلام بعد رفعه إلى السماء ظلوا يعبدون الله الواحد الأحد في الهيكل تنفيذا لتعاليم المسيح عليه السلام : [ إلى طريق أمم لاتمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بني إسرائيل الضالة ] متى 10 / 5، 6 ولكنهم مع اضطهاد اليهود لهم حتى لا ينازعوهم السلطة الدينية داخل الهيكل تحولوا إلى عبادة الله في البيوت الواسعة وكان الذي يقود عمليات الاضطهاد ضد أتباع المسيح رجل يهودي اسمه شاؤول من طائفة الفريسيين أشد الطوائف اليهودية بغضا للمسيح ولكن ظل للحواريين كيانا منظما و ظلوا متمسكين بتعاليم المسيح بألا يمضوا إلى طريق الأمم وظلت دعوتهم مستمرة ثم حدث أمر غريب فقد تحول شاول فجأة من عدو لدود ظالم إلى رسول قديس يوحى إليه !! بدون مقدمات دخل شاؤول النصرانية ذاكرا أنه رأى نورا غامرا سمع منه صوتا إلهيا أعطاه إنجيلا إلهيا بدون أن يذكر أى شهود على هذه الحادثة !! وانتقل شاؤول فجأة من كرسي الجلاد إلى كرسي المحامي ثم أطلق على نفسه اسم بولس ثم أصبح بعدها أهم شخصية في تاريخ المسيحية باعتراف المؤرخين للآثار والتغييرات الكبيرة التي حدثت بسببه حتى إن المسيحية تسمى باسمه أحيانا فيقال مسيحية بولس. [72] ثم أخذ بولس يدعو الناس إلى ما كان غائبا عن تلاميذ المسيح وما كان غائبا عن المسيح نفسه طوال حياته على الأرض من أمور مثل تجسيد الإله وألوهية المسيح ونظرية المخلص وعقيدة الفداء والصلب والخطيئة الأصلية والتي كانت عند الأمم الوثنية التي أراد بولس أن تنتشر فيها دعوته مع اختلاف الأسماء.[73]
(2/471)
وهنا يحق لنا أن نسأل عدة أسئلة إذا كان بولس رسولا له كل هذه الأهمية فلماذا لم يبشر المسيح تلاميذه بنبوته؟؟ إن ذلك لم يحدث بدليل ما جاء في أعمال الرسل : و لما جاء شاؤول بولس إلى أورشاليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ[74] !! ولماذا لم يختره المسيح ليكون من تلاميذه و يتلقى عنه مباشرة قبل أن يرفع إلى السماء؟ولنا أن نسأل أيضا كيف ينتقل رجل فجأة من الكفر المحض إلى النبوة والرسالة بدون أن يمر بأى مرحلة وسيطة ولم يكن أى من الأنبياء السابقين كافرا قط فضلا عن أن يكون عدوا لدودا للدعوة؟ ولماذا لا نجد أى نص في كتاب سماوي يدل أو يشير إليه أو يصفه، فرسائله تعد شهادة منه لنفسه فهي غير مقبولة، وكذلك ما كتب بتأثير منه؟ ولماذا لم يؤيده الله بمعجزة كما أيد موسى عليه السلام حين كلمه وكما أيد جميع الأنبياء ؟ وما فائدة رسالته بعد رفع المسيح مباشرة إلا إن كان المسيح لم يبلغ رسالة ربه على الوجه الأكمل حاشاه من ذلك؟ وكيف عرف بولس فجأة بعد أن سمع الصوت أن الذي يخاطبه هو صوت الرب وليس شيطانا؟ و لماذا لم يذهب بولس بعد تنصره مباشرة إلى التلاميذ ليتلقى عنهم دين المسيح بل ذهب إلى الجزيرة العربية [75] ومكث بعيداً عن التلاميذ ثلاث سنين، ثم لقي اثنين منهم فقط لمدة خمسة عشر يوماً (انظر غلاطية 1/18- 19)
(2/472)
و لو كانت هذه التغييرات التي أحدثها بولس وحيا من عند الله ألم يكن أولى أن ينال هذا الشرف أحد تلاميذ المسيح الذين آمنوا به في حياته وصحبوه و نالهم الاضطهاد في سبيل دينه من هذا الذي كان يحارب دعوة المسيح؟ بل ألم يكن أولى أن يخبر بها المسيح صراحة ولا يدعها لشخصية يكتنفها الريبة والغموض؟ و لماذا لم يذكر بولس اسم شاهد واحد على الأقل على قصة الرؤية هذه؟ ألم يقر المسيح بأن شهادته هو لنفسه وحدها لا تكفي وإنما يلزم شهادة أخرى معه كما نصت على ذلك التوراة؟ [76] فهل بولس أفضل أم المسيح؟؟ ؟ و ماذا عن الاختلافات في قصة رؤية بولس المزعومة بين الروايات المختلفة التي تضحض هذه الواقعة؟ [77]
(2/473)
إن للرسل علامات من أظهرها أن يكونوا في الدرجة القصوى من حسن الخلق و السجايا الكريمة فهل تحقق هذا في بولس؟ إذا نظرت في نصوص العهد الجديد ستجد له مواقف تطفح غرورا ونفاقا وكذبا في سبيل تحقيق أهدافه فتجده يقول:"صرت لليهود كيهودي…وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس…و للذين بلا ناموس كأني بلا ناموس…صرت للكل كل شيء" (كورنثوس(1)9/20-21. فهو يريد أن ينشر دين الله بالكذب والطرق الملتوية وانظر إليه عندما خاف من الجند قال لهم: "أيجوز لكم أن تجلدوا إنساناً رومانياً" فذهب القائد بنفسه إلى بولس وسأله: "أأنت حقا روماني؟" فأجاب: "نعم!" فقال القائد: "أنا دفعت مبلغا كبيرا من المال لأحصل على الجنسية الرومانية". فقال بولس: "وأنا حاصل عليها بالولادة!»أعمال22/25-28فانظر إلى هذا الكذب البواح مع أنه يهودي فريسي ابن فريسي كما في ( أعمال 6:23 ) وهو يسيء الأدب مع الله قائلا بلا ذوق " لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" (كورنثوس(1)1/25) ويقول عن التوراة (لو كان العهد السابق بلا عيب، لما ظهرت الحاجة إلى عهد آخر يحل محله) عبرانيين (8/7) ويقول مستحلاً المحرمات: " كل الأشياء تحل لي" (كورنثوس(1)6/12) [78] بالإضافة لإنه جعل نفسه حواريا بل قديسا معصوما فوق الأنبياء جميعا يدين العالم كله بما فيهم الملائكة الذين جعل المسيح دونهم بقليل [79] انظر عبرانيين 9/2 و كورنثوس(1)6/2-3
(2/474)
ولم يكتف بولس بذلك ولكنه ملأ العهد الجديد بأرائه المحضة ثم جعلها وحيا مقدسا من عند الله فتراه يقول (إِذاً من زُوِّج فحسنا يفعل ومن لا يُزَوج يفعل أحسن) ( كورنثوس (1) 7/39 ) فهل هذا يتفق مع فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟ وماذا يحدث لو طبق جميع الناس هذه النصيحة الغبية؟ حتى رسائله الشخصية البحتة التي لا تعني أى شيء بالنسبة للناس جعلها وحيا أيضا من عند الله فيقول في رسالته إلى تيموثاوس " سلم على برسكا وأكيلا، وعائلة أونيسيفورس. أراستس مازال في مدينة كورنثوس. أما تروفيموس، فقد تركته في ميليتس مريضا. اجتهد أن تجيء إلي قبل حلول الشتاء.يسلم عليك إيوبولس، وبوديس، ولينوس، وكلوديا، والإخوة جميعا). فما علاقة هذه السلامات والتحيات بوحي الله للعالمين؟ و هو لا ينسى ردائه أيضا في هذه الرسالة فيقول ) وعندما تجيء، أحضر معك ردائي الذي تركته عند كاربس في ترواس، وكذلك كتبي، وبخاصة الرقوق المخطوطة.!!) فهل هذا كلام مقدس؟
(2/475)
إن المسيح عليه السلام قد بشر ببولس رسولا للشيطان لا رسولا للرحمن فقال : "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق أقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد من الناموس حتى يكون الكل، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى: أصغر في ملكوت السماوات" (متى 5/17-19)، و بولس معناها "الصغير") و هو الذي نقض وصايا المسيح ووصايا موسى عليهما السلام التي قال عنها المسيح " إ ن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا ". متى [ 19 : 16 ] وقال أيضا " « على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون.)) متى [ 23 : 1 ] فقد أحل بولس شرب الخمر ودعا إليها صراحة وأحل أكل لحم الخنزير وحلل ذبيحة الصنم وأبطل مفهوم النجاسة و حرم الختان –مع أن المسيح قد اختتن[80]- وألغى تقديس يوم السبت وقال عن الشريعة التي كان المسيح من أشد الناس تمسكا بها أنها (لم توصل الذين كانوا يعبدون الله بحسبها ولو إلى أدنى درجات الكمال)[81] ثم وصل به الحال إلى أن ألغى الشريعة معللا ذلك بكل وقاحة بأن الشريعة تجلب الغضب ، وحيث لا تكون شريعة لا تكون معصية [ رومية 4 : 15 ] وقال "لذا نحن - أي بولس- نقرر تبرير أعمال الإنسان من خلال إيمانه ، بدون التزامه بالشريعة " [82] [ رومية 3 : 28 ] فجعل بولس فصلا تاما بين الإيمان والعمل وجعل المطلوب من الشخص فقط كي ينجو أن يؤمن أن المسيح مات على الصليب كفارة لأخطاء البشرية ثم لا عليه بعد ذلك أن يفعل ما يريد طالما آمن بالمخلص فالنجاة ستأتيه أوتوماتيكيا !! حتى أنه أخبر أن الكافر الذي لا يؤمن بالمسيح قد يدخل الجنة إذا كان متزوجا من امرأة مؤمنة (كورنثيوس1 8:7-16)[83]
(2/476)
ولا يخفى ما لهذا الاعتقاد من أثر في التسبب في الانحلال الخلقي و الفوضى الاجتماعية. و على عكس ذلك قال يعقوب تلميذ المسيح في رسالته : " قائلاً : (ياإخوتي، هل ينفع أحدا أن يدعي أنه مؤمن، وليس له أعمال تثبت ذلك، هل يقدر إيمان مثل هذا أن يخلصه؟ ) [14:2] و قوله " وهذا يؤكد لك، أيها الإنسان الغبي، أن الإيمان الذي لا تنتج عنه أعمال هو إيمان ميت " [2: 20]
و قد دعي بولس في الدنيا بالصغير، ولسوف يدعى في الآخرة أصغر جزاء تبديله للناموس والوصايا
غير أن أخطر الشروخ التي أصابت جدار المسيحية على يد بولس على الإطلاق هي الوثنية المتمثلة في عقائد تجسيد الإله و صلبه وأكل لحمه ودمه في العشاء الرباني وغير ذلك مما نبت من أفكاره الفلسفية[84] أو معتقدات الشعوب الأخرى التي أراد للمسيحية أن تنتشر فيها. يقول شارل جنيبر" إن الدراسة المفصلة لرسائل بولس الكبرى تكشف لنا النقاب عن مزيج من الأفكار فيبدو لأول وهلة غريبًا حقًا فهي مزيج من الأفكار اليهودية ثم من المفاهيم المنتشرة في الأوساط الوثنية اليونانية ومن الذكريات الإنجيلية والأساطير الشرقية" [85]
(2/477)
ويبدو أن هم بولس الأول الذي استطاع تحويل المسيحية من دعوى قومية إلى بني إسرائيل كما كانت في عهد المسيح إلى دعوة عالمية كان الاستكثار من الأتباع و المؤمنين الجدد من أبناء الأمم المجاورة لذا صاغ لهم من معتقداتهم القديمة دينه الجديد الذي لا يمت للمسيح بصلة إلا اسمه ويدل على ذلك التشابه الشديد بين عقائد النصارى الحالية والعقائد الوثنية القديمة. [86] فكما أن الآلهة عند الرومان تتجسد على شكل مخلوقات وتصارع البشر جعل بولس إلهه الجديد كذلك وكما أن البشرية في نظر الحضارات القديمة تحتاج إلى منقذ يخلصها من اللعنة جعل بولس ذلك في دينه الجديد ومن أمثلة ذلك ديانة (مثرا) الذي كانوا يسمونه في أوروبا (مثرا إله الخلاص ) والمثراوية تحوي المعمودية والعشاء الرباني[87] أيضا حتى أن بعض الباحثين أعلن في وضوح أن النصرانية هي المثراوية في ثوبها الجديد ولهذا قيل«لم تتنصر الروم ولكن تروَّمت النصارى». يقول د. جنيبر : [ ورأى بولس بوضوح أيضًا أن الأتباع الجدد من المشركين لم يكونوا ليتقبلوا كل القبول ( فضيحة الصليب ) وأنه يجب تفسير ميتة عيسى المشينة تفسيرًا مرضيًا يجعل منها واقعة ذات مغزى ديني عميق.. وأعمل بولس فكره في هذه المشكلة.. ووضع لها حلاً كان له صدى بالغ المدى.. لقد تجاهل فكره عيسى الناصري ( المسيح عليه السلام ) ولم يتجه إلا إلى عيسى المصلوب ( الشخصية التي اخترعها بولس ) فتصوره شخصية إلهية تسبق العالم نفسه في الوجود.. رجل سماوي احتفظ به الله إلى جانبه أمدًا طويلاً حتى نزل إلى الأرض لينشيء فيها حقًا بشريًا جديدة يكون هو دمها..][88]
(2/478)
فإذا نظرنا إلى موقف تلاميذ المسيح من بولس فبرغم من أن بعضهم تقبله في البداية عملا بحسن الظن الذي علمهم إياه المسيح إلا أنهم عارضوا دعوته ووقفوا في وجهها بعد أن ظهرت لهم بدعه المهلكة ودليل ذلك اختفاء ذكرهم عن عالم المسيحية بعد ظهور بولس، فقد اختفت كتاباتهم وحوربت، ولم ينج منها إلا إنجيل برنابا ورسالة يعقوب المضمنة في رسائل العهد الجديد والتي تمتلئ بمخالفة بولس وخاصة في مسألة الفداء. حتى برنابا وهو الوحيد الذي قدم بولس إلى التلاميذ نفر منه بعد ذلك واختلف معه وتركه واختفى ذكره من العهد الجديد بعد هذه الحادثة و لو كان بولس رسولا من عند الله حقا لما تركه تلميذ المسيح عليه السلام[89].
وقد ظل المؤمنون من أتباع التلاميذ الذين كانت لهم رسائلهم وكتبهم أيضا يعبدون الله على شريعة المسيح بدون أن يتأثروا ببدع بولس وحارب الكثير منهم دعوة بولس واتهموه بأنه أفسد الديانة المسيحية بعد أن عجز عن القضاء عليها بالسيف والسلطان فدخل في المسيحية وأخرجها من التوحيد إلى الوثنية. حتى بدأ تدخل السلطة وانعقاد المجامع الكنسية. وفي ذلك يقول الشاعر القروي السوري رشيد سليم الخوري -المولود في أسرة أرثوذكسية : " إن الكنيسة ظلت حتى مطلع القرن الرابع الميلادي تعبد الله على أنه الواحد الأحد وأن يسوع المسيح عبده ورسوله حتى تنصر قسطنطين عاهل الروم وتبعه خلق كثير من رعاياه اليونان والرومان فأدخلوا بدعة التثليث وجعلوا لله سبحانه وتعالى أندادا شاركوه منذ الأزل في خلق السماوات والأرض وتدبير الأكوان ومالأهم الأسقف الأنطاكي مكاريوس فثار زميله الأسقف أريوس على هذه البدعة ثورة عنيفة شطرت الكنيسة واتسع بين الطائفتين نطاق الجدل حتى أدى إلى الاقتتال وفاز أريوس بالحجة القاطعة في المجامع بيد أن السلطة وضعت ثقلها في الميزان فأسكتت صوت الحق وأنفذت صوت الباطل واستمر المسيحيون يعمهون في ضلالتهم "
(2/479)
و قضية المجامع هذه أمرها عجيب. فإزاء تعدد مذاهب النصارى في المسيح عليه السلام وتعدد أناجيلهم كذلك التي بلغت أكثر من خمسين إنجيلا كما تذكر بعض الروايات تم عقد المجامع الكنسية وأولها مجمع نقية عام 325 م الذي اجتمع فيه أكثر من ألف أسقف لكي يحددوا طبيعة المسيح عليه السلام ويختاروا الأناجيل المعترف بها من ضمن عشرات الأناجيل وبرغم أن 338 أسقفا فقط هم من قالوا بألوهية المسيح إلا أن الإمبراطور الروماني قسطنطين انحاز إلى هذا الرأي –وهو الأقرب إلى وثنيته- وانفض المجمع على لعن أريوس الذي يقول بالتوحيد ونفيه وطرد من قال برأيه وحرق كتبه واختيار أربعة أناجيل فقط هي أناجيل يوحنا ولوقا ومتى ومرقص التي كانت تعزز عقيدة ألوهية المسيح وحرق بقية الأناجيل وقتل كل من يثبت اقتناؤه لها وأما الرسائل السبع فلم يعترف المجمع المذكور بالكثير منها ، وإنما تم الاعتراف بها فيما بعد وهذا القدر من التاريخ يتفق عليه جل المؤرخين. وهكذا تحققت نبوءة المسيح وهي قوله (ستطردون خارج المجامع، بل سيأتي وقت يظن فيه من يقتلكم أنه يؤدي خدمة لله. وهم يفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا أبي، ولا عرفوني ) يوحنا 2:16 و إنا لنعجب أشد العجب من دين يتم اختيار عقائده وكتبه بهذه الطريقة ... هل يمكن أن يترك الله الناس في حيرة بدون بينة واضحة أو كتاب منير فيحددوا طبيعة إلههم وكتبهم المقدسة من خلال المؤتمرات التي تتلاعب فيها الأهواء والمصالح وحب الرياسة وتقلبات السياسة بالنفوس البشرية؟[90] أم أن الحق كان واضحا ولكن اختلاف الكهنة والعلماء واتباع الأهواء أذهب به؟ ولماذا تم رفض بقية الأناجيل برغم أن الأشخاص الذين كتبوها تعتبرهم الكنيسة قديسين؟ ولماذا كانت هذه الأربعة فقط هي وحي الله وما عداها ليس وحيا؟[91] وما الذي يضمن أن قرارات هذه المجامع هي قرارات معصومة من الخطأ وهي التي كانت قلما كان يسلم أعضاؤها من الاختلاف بل كانت تنتهي غالبا بلعن(2/480)
بعضهم بعضا !! لا شك أن أي عاقل لا يقبل أن يتحدد دينه واعتقاده و هو أهم ما لديه بهذه الطريقة.
و برغم نتيجة هذه المجامع وانحياز الامبراطور الروماني لوثنية روما في شكلها الجديد واضطهاد الدولة الرومانية لأتباع أريوس فإنه ظل من النصارى من يعبد الله وحده واستمر من عقلاء النصارى ومصلحيهم من كل جيل من يستيقظ عقله ليعلن فساد مبدأ التثليث والتجسد من حين لآخر فيناله ما يناله من الاتهام بالهرطقة والتكفير والحرمان من دخول الجنة من الكنيسة حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فانتصر لأتباع التوحيد وأصبحوا ظاهرين من حينها و تولت أمة الإسلام أمر الدعوة إلى عبادة الله وحده و ما زال يلبي هذه الدعوة إلى اليوم كل من استمع لنداء عقله وفطرته وقلبه من علماء النصارى وعوامهم على السواء.[92]
(2/481)
على أن فساد النصرانية لم يقتصر في أمر الألوهية ولكن جعلت الكنيسة لنفسها سلطة مغفرة الذنوب ودخول الجنة وجعلت لذلك صكوكا فأقحمت نفسها بين العبد وربه و احتكرت لنفسها حق تفسير الإنجيل بل وقراءته [93]وجعلت لنفسها أسرارا لا يجوز للناس الاطلاع عليها و أدخلت بدعة تقديس مريم عليها السلام وتقديس أشخاص عاديين وبدعة القربان المقدس وادعت عصمة البابا[94] بل صار البابا يتلقى من الرب مباشرة وجعلت السجود للصور والتماثيل والصلبان كعباد الأوثان داخل الكنائس- وهي جمادات لا تنفع ولا تضر- [95] فأصبح تعلق النصراني بتمثال المسيح وصورته والصليب بعد أن كان بالله و وبدلت التشريعات التي كانت سائدة أيام المسيح كالصوم وحرمت الطلاق وحولت اتجاه القبلة من بيت المقدس إلى مشرق الشمس وابتدعت الرهبنة التي تقوم على تعذيب الجسد وأوقدت شرارة سلسلة من الحروب الهمجية عرفت في التاريخ باسم الحروب الصليبية و صادرت الكنيسة عقول الناس وأفكار العلماء واضطهدتهم فأشعلت الصراع النكد مع العلم وظلت أوروبا تعيش في عصور الظلام مئات السنين حتى نبذ أهلها الدين وضاقوا ذرعا بتسلط الكنيسة وطغيانها فظهرت عدة ثورات وحركات إصلاحية[96] نادت بالتحرر من سلطة الكنيسة ورُفِع شعار اللادينية وحينها فقط بدأ ما يعرف بعصر النهضة الأوروبية!!
يكتبون الكتاب بأيديهم
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً
(2/482)
أنزل الله على عيسى عليه السلام الإنجيل وقال عنه في القرآن ( فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ) و هذا الكتاب المبارك هو الذي كان يسمى بالإنجيل فقط غير منسوب إلى مؤلف من البشر وقد علمه المسيح عليه السلام لتلاميذه ووردت إشارات عنه في الكتاب المقدس [97] إلا أنه يبدو أن هذا الإنجيل قد تعرض للفقد مع معظم كتابات التلاميذ التي كانوا يكتبون فيها مذكراتهم و تسجيلهم للأحداث ووصاياهم وقد عرفت أيضا باسم الأناجيل إثر المحاولات الغاشمة من الكنيسة للقضاء عليها وحرقها وقتل مقتنيها. و قد بلغت هذه الكتب أكثر من خمسين إنجيلا و منها إنجيل برنابا وإنجيل الطفولة ويُنسب لمتى الحوارى وإنجيل فيليب ويُنسب لفيليب الحوارى وإنجيل المصريين ويُنسب لمرقص الحوارى و إنجيل الإثنى عشر رسولا و إنجيل العبرانيين أو الناصريين و إنجيل السبعين وينسب لتلامس وإنجيل مريم المجدلية وإنجيل الحياة وإنجيل الولادة وإنجيل التذكرة وإنجيل مرقيون وقد تم رفض أكثر هذه الأناجيل بعد مجمع نيقية وبقيت شذرات منها في المكتبات القديمة إلا أن إنجيل برنابا منها هو الذي ذاع صيته وانتشر و ترجم إلى لغات عديدة. وقد جاء ذكر إنجيل برنابا في ثنايا قرارات الكنسية منذ القرن الرابع الميلادي تحرض على منع قراءته مثل قرار البابا ديماسوس عام 366 م وقرار البابا جلاسيوس الأول الذي جلس على كرسي البابوية عام 492 م يحرم فيه قراءة عدة كتب منها إنجيل برنابا .ويتفق المؤرخون على أن أقدم نسخة عثروا عليها لهذا الإنجيل، نسخة مكتوبة باللغة الإيطالية، عثر عليها كريمر أحد مستشاري ملك بروسيا، و ذلك فى سنة 1709. و قد انتقلت النسخة مع بقية مكتبة ذلك المستشار فى سنة 1738 إلى البلاط الملكي بفينّا. و كانت تلك النسخة هى الأصل لكل نسخ هذا الإنجيل في اللغات التي ترجم إليها. وبرنابا كاتب هذا الإنجيل(2/483)
هو أحد حواريي المسيح ، واسمه يوسف بن لاوي بن إبراهيم وجاء في العهد الجديد أنه باع حقله وجاء ووضعه عند أرجل تلاميذ المسيح ( انظر أعمال 5/36 – 37 )، عرف بصلاحه وتقواه وقد ذهب برنابا للدعوة في أنطاكية .. "ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب ، لأنه كان رجلاً صالحاً وممتلئاً في الروح القدس والإيمان ، فانضم إلى الرب جمع غفير " ( أعمال 11/22 – 24 ) و يعتبر إنجيل برنابا وثيقة إدانة ضد التحريف الذي أحدثه بولس الكذاب وبابوات الكنيسة من بعده في النصرانية وشاهدا على صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ أنه يقر بوحدانية الله عز وجل و ببشرية المسيح عليه السلام ويبشر برسول الإسلام باسمه الصريح محمد لذا لم تعترف به الكنيسة وحرمت قراءته ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره فالكتاب مترجم للعربية ومتاح للجميع[98] وهذا لا يعني أنه خالي من الأخطاء فهو كأي عمل بشري معرض لذلك لكنه أقرب الأناجيل إلى الصواب. وهذه إحدى فقراته يبشر المسيح فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم " فأجاب يسوع....الحق أقول لكم إن كل نبى متى جاء فإنه إنما يحمل علامة رحمة الله لأمة واحدة فقط . و لذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذى أرسل إليهم. و لكن رسول الله متى جاء. يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم. فيحمل خلاصا و رحمة لأمم الأرض الذين يَقبلون تعليمه. و سيأتى بقوة على الظالمين. و يبيد عبادة الأصنام بحيث يخزى الشيطان. لأنّه هكذا وعد الله إبراهيم قائلا (أنظر فإنى بنسلك أبارك كل قبائل الأرض و كما حطّمت يا إبراهيم الأصنام تحطيما هكذا سيفعل نسلك"(.
(2/484)
أما التوراة فلم تسلم هي الأخرى من التلاعب والتحريف فقد آتى الله موسى الكتاب فيه هدى ونور ومن كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء لكن أحبار السوء الذين ورثوا الكتاب كانوا يشترون به ثمنا قليلا فيخفون كثيرا من أجزائه للهروب من أحكامه غالبا وكسب المال ويكتبون بدلا منها كتبا بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله حتى تحول الكتاب إلى هذه المجموعة المشوهة أخلاقيا وعلميا من الأسفار التي تعرف بالعهد القديم بعضها لمؤلفين مجهولين كما ذكر مراجعو الطبعة المنقحة RSV مثل سفر صموئيل وسفر أخبار الأيام[99] والتي لا نجد بينها التوراة كما كانت على عهد موسى. وصدق الله إذ يقول ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وهذا لا يمنع أن يكون في هذه الأسفار أثارة من علم الأنبياء وبقايا من وحي السماء، لكنها غارت في بحور من تخليط البشر وتحريفهم وسترى أمثلة على ذلك ولذلك فإن فِرَق النصارى مختلفون في كتابهم المقدس أشد الاختلاف فتجد مثلا البروتوستانت -وهم أشد الفرق تعظيما له ولذلك سموا بالإنجيليين- لا يعترفون بسبعة أسفار من كتاب الكاثوليك وتوجد اختلافات كثيرة في الأسفار المعترف بها لديهم بين كتابهم وكتاب الكاثوليك فأي الكتابين هو الصحيح؟؟ هذا بالإضافة للأسفار المفقودة ومشار إليها في ثنايا العهد القديم مثل كتاب حروب الرب المذكور في سفر العدد 14:21و كتاب ياشر المذكور في يشوع 10:13.
(2/485)
و أما الأناجيل المعترف بها اليوم- وهي إنجيل متّى ، وإنجيل مرقص ، وإنجيل لوقا ، وإنجيل يوحنا التي ضمنتها الكنيسة مع رسائل بولس و بقايا التوراة المحرفة في كتاب واحد أسمته الكتاب المقدس فبالرغم من أي من كتّاب هذه الأناجيل لم يدع الإلهام لنفسه وإنما اعترف بعضهم بأن ما كتبه هو مجرد تسجيل للأحداث حسبما يراها هو فإن الكنيسة تصر على هذه الدعوة ولكن ما بهذه الأناجيل من أخطاء وتناقضات[100] يكشف زيف هذه الدعوة بكل وضوح. يقول روبرت كيل تسلر[101] في كتاب حقيقة الكتاب المقدس: " أما ما يخص العهد الجديد فإن النص الأصلي -وهو ليس لدينا كما ذكرنا من قبل - قد تكوَّن بين أعوام (50) و(200) بعد الميلاد، وهذه مدة كبيرة من الزمن بعد وفاة يسوع، بل إن (50) سنة لتعد أيضاً فترة زمنية كبيرة وفي هذا الزمن استطاعت بعض الأساطير أن تجد لها طريقاً تنتشر فيه ، في وقت لم يعد فيه شهود عيان عند تكوين معظم النصوص الأصلية وهنا يجب علينا أن نتذكر : كم من الأساطير نشأت فقط بعد عدة سنوات بسيطة من حريق جيوفارا؟ " وإذا لم تكن مصدقا بوجود الإشاعات في الأناجيل فقل لي بربك من أين عرف المؤلفون الأحداث التي تلت القبض على شبيه المسيح إذا كان كل التلاميذ قد تركوه وهربوا كما هو مذكور في متى 56:26 ومرقس 50:14 إلا عن طريق الإشاعات؟
(2/486)
أول هذه الأخطاء هي نسبة الأناجيل نفسها لأصحابها فهي نسبة تعتريها الشكوك وتحوم حولها الشبهات من كل جانب.أما بالنسبة لإنجيل يوحنا فقد كتب في أواخر القرن الأول الميلادي في حين أن يوحنا الحواري كما يقول بعض المؤرخين مات مشنوقا سنة 44م على يد غريباس الأول وهو كما يذكر مؤلفه مكتوب خصيصا لإثبات ألوهية المسيح فقد ظلت الأناجيل نحو قرن من الزمان ليس فيها نص على ألوهية المسيح فالأساقفة اعتنقوا ألوهية المسيح قبل وجود النص الذي يدل عليها ولما أرادوا أن يحتجوا على خصومهم لم يجدوا مناصا من أن يلتمسوا دليلا ناطقا بذلك فكتب أحدهم أو بعضهم هذا الإنجيل[102]. تقول دائرة المعارف البريطانية : "يعتقد كثير من العلماء أن نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا الحواري غير صحيحة"[103] وجاء في الترجمة المسكونية للإنجيل كلام مماثل لذلك. ولولا خشية التطويل لذكرت أراء عددا من الباحثين بأسمائهم ولكن أكتفي بذكر كلام القس فهيم عزيز بعد طرحه لسؤال من كاتب إنجيل يوحنا : يجيب القس فهيم عزيز : " هذا السؤال صعب، والجواب عنه يتطلب دراسة واسعة غالباً ما تنتهي بالعبارة : لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل ". وهذه شهادة من أهلها لا تحتاج معها لشهادة آخرى. أما إنجيل متى فقد جاء في مقدمة الرهبانية اليسوعية لإنجيل متى: " أما المؤلِّف، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً وأقدم تقليد كنسي ينسبه إلى الرسول متى .. ولكن البحث في الإنجيل لا يثبت ذلك الرأي أو يبطله على وجه حاسم، فلما كنا لا نعرف اسم المؤلف معرفة دقيقة يحسن بنا أن نكتفي ببعض الملامح المرسومة في الإنجيل نفسه... ".
(2/487)
أما مرقس ولوقا فلم يكونا من تلاميذ المسيح عليه السلام يقول المفسر دنيس نينهام مفسر مرقس : " لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة، وعلاقة خاصة بيسوع، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى ". وقال بطرس قرماج في كتابه " مروج الأخبار في تراجم الأبرار " عن مرقس : "كان ينكر ألوهية المسيح ". وأما لوقا فقد كفانا عناء البحث في أقوال المؤرخين إذ يقول بنفسه في مقدمة إنجيله " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة
رأيت أنا أيضاً - إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق - أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علِّمتَ به " فالذين كانوا في البدء هم التلاميذ و هو يعلن أنه لم يكن معهم. [104]
(2/488)
أما عن النسخ الأصلية التي كتبت منها هذه الأناجيل فيقول موريس نورن في " دائرة المعارف البريطانية " : " إن أقدم نسخة من الأناجيل الرسمية الحالية كتب في القرن الخامس بعد المسيح، أما الزمان الممتد بين الحواريين والقرن الخامس فلم يخلف لنا نسخة من هذه الأناجيل الأربعة الرسمية، وفضلاً عن استحداثها وقرب عهد وجودها منا، فقد حرفت هي نفسها تحريفاً ذا بال، خصوصاً منها إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا" وهذا يعني أن هذه الأناجيل منقطعة السند[105] فضلا عن أن هذه النسخ القديمة ليست باللغة الأصلية التي كتبت بها الأناجيل ولا يُعلم من ترجمها ولا متى ترجمت !! ولا توجد أي طريقة علمية لإثبات أن هذه النسخ هي نفسها التي كانت موجودة في القرنين الأول والثاني الميلادي إلا المقارنة بين عدة نسخ من هذه المخطوطات لنفس الإنجيل لا تعتمد على بعضها البعض وحينها لن تكون المقارنة بالتأكيد في صالح الكتاب المقدس!! حتى عملية النسخ نفسها قبل اختراع الطباعة لا يمكن التسليم بدقتها نظرا لإنه لم يكن محفوظا عن ظهر قلب في صدور الرجال كالقرآن ولتغير اللغة ومعاني الكلمات عبر القرون المتطاولة فضلا عن أن اللغات مختلفة في ثرائها اللغوي عن بعض وقد توجد كلمات في لغة لا يوجد نظير لها في لغة أخرى لذا لا يمكن التسليم بالدقة الكاملة لمن ترجم كلام المسيح مثلا من الآرامية ثم إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية والعربية وأي ادعاء بأن الكتاب الحالي هو كتاب مقدس يلزم أن يكون جميع المترجمين الذين ترجموه قديسين أو موحي إليهم من الروح القدس فهل تضمن الكنيسة ذلك؟ [106]
(2/489)
لكن حدث اكتشافان أثريان هامان في أواسط القرن العشرين قد يؤديان لحدوث انقلاب في النظرة للكتاب المقدس والعقيدة النصرانية من أساسها. الأول هو مخطوطات كثيرة ترجع للقرن الأول الميلادي[107] أو قبله تخص جماعات مسيحية موحدة عاشت في هذه الفترة عثر عليها أحد البدو صدفة داخل أوان من الفخار في كهوف قمران بجوار البحر الميت عام 1947 لذا هي تعرف بمخطوطات البحر الميت ((Dead Sea Scrolls. هذه المخطوطات كتب عنها الدكتور ف. البراين و هو عمدة في علم آثار الإنجيل : " إنه لا يوجد أدني شكل في العالم حول صحة هذا المخطوط و سوف تعمل هذه الأوراق ثورة في فكرتنا عن المسيحية، و قال عنها القس ( أ. باول ديفيز ) في كتابه عن مخطوطات البحر الميت[108] ( إن مخطوطات البحر الميت و هي من أعظم الاكتشافات أهمية منذ قرون عديدة ، قد تغير الفهم التقليدي للإنجيل ). ويعتقد كثير من العلماء أن هذه المجموعة التي كتبت المخطوطات هي من الأسينيين ويعتقد آخرون أنهم من الأبيونيين الذين كانوا يعتقدون بوحدانية الله وبشرية المسيح عليه السلام و تنكروا لبولس الكذاب و قد اضطهدهم الرومان. وتتحدث الوثائق صراحة عن التنبؤ بمسيحين سوف يرسلهما الله للعالم أحدهما سيكون من نسل هارون وإسرائيل (يعقوب) عليهما السلام و ستكون مهمته محصورة في التوجيه الديني ( priestly messiah) ويسميه أتباعه بمعلم البر والتقوى (Teacher of Righteousness ) ولكن أحد الكهنة وهو الكاهن الشرير Wicked ) ( Priest سوف يخونه من أجل المال ويحاول تسليمه لأعدائه لكن الله يعاقبه هو بأن يسلمه إليهم و يجعلهم يقتلونه وتتحدث أيضا المخطوطات عن الكذاب (Man of lies)[109] الذي لوث اسم المعلم واحتقر التعاليم وأضل الكثيرين وواضح أن معلم البر والتقوى هو المسيح عليه السلام والكاهن الخائن هو يهوذا الذي دل الرومان على مكانه فمكر الله به وألقى عليه شبه المسيح وأما الكذاب فهو بولس الذي لوث اسم(2/490)
المسيح ونسب إليه ما لم يقله وأضل الملايين من بعده. وأما المسيح الآخر الذي تتحدث عنه المخطوطات فهو الذي سوف تشرق شمسه على كل العالم لتبدد الظلمات وسوف تكون كلماته كوحي السماء وسوف يحكم سيفه على جميع العالم وسوف يُرسل لجميع أبناء عصره و يمحو الجيل الذي بعث فيه الشر من العالم وسوف يختلق الناس الأكاذيب عنه[110] وقد وردت له ولأصحابه صفات كثيرة في هذه المخطوطات تنطبق على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويمكنك أن تقرأ في هذه المخطوطات بنفسك فهي موجودة في العديد من المكتبات العامة ومترجمة للعربية والإنجليزية وموجود فصول منها على الانترنت.
(2/491)
وأما الاكتشاف الثاني فهو مكتبة كاملة من الكتابات المسيحية القديمة عثر عليها في نجع حمادي( Nag Hammadi Library) بمصر وهي موجودة الآن بالمتحف القبطي في القاهرة و من ضمن محتويات هذه المكتبة إنجيل توماس ( توما ) وهو يحوي سردا لأقوال المسيح عليه السلام وإنجيل فيليب وإنجيل الحق وإنجيل المصريين، إلى جانب بعض كتابات منسوبة للحواريين، مثل كتاب جيمس- يحمس في المصرية- و بعكس الأناجيل الأربعة المعروفة فلم يرد أي ذكر لقصة الصلب المزعومة في مكتبة نجع حمادي بل ورد تكذيب صريح لها. و محتويات هذه المكتبة أيضا مترجمة ومتاحة للباحثين ومن أمثلة ما ورد في إنجيل بطرس على لسان بطرس (رأيته يبدو وكأنهم يمسكون به فقلت ما هذا الذي أراه يا سيد هل هو أنت حقا من يأخذون؟ أم أنهم يدقون قدمي ويدي شخص آخر قال لي(المخلص) من يدقون المسامير في يديه وقدميه هو البديل فهم يضعون الذي بقي فيّ شبهه في العار انظر إليه وانظر إلىّ) وتدل الرسومات الموجودة على أغلفة مجلدات هذه المكتبة على أن المسيحيين الأوائل في مصر كانوا يتخذون مفتاح الحياة الذي يرمز لخلود الروح عند المصريين القدماء كرمز للمسيح عليه السلام وليس الصليب الروماني المعروف الآن و من يذهب إلى المتحف القبطي في القاهرة يجد أن مفتاح الحياة هو الصليب الوحيد الذي يرمز لقيامة المسيح خلال القرون الثلاثة الأولى للميلاد. ولم تستخدم الكنائس المسيحية الصليب الروماني إلا منذ النصف الثاني من القرن الرابع عندما أصبحت كنيسة روما مسيطرة على الحركة المسيحية، ومع هذا فإن ذلك الصليب لم يصبح مقبولا لدى عامة المسيحيين إلا بعد أن أعلنت الكنيسة الرومانية عن العثور في مدينة القدس على ما قيل إنه الصليب الخشبي الذي مات عليه يسوع. ثم تطور الأمر بعد ذلك- خلال القرن الخامس- عندما وضعت الكنيسة الرومانية صور لجسد المسيح على الصليب الخشبي.[111]
(2/492)
إذا عدنا إلى الكتاب المقدس الموجود بين أيدي الناس اليوم -على اختلاف نسخه - وأخذنا ننظر في متنه وجدنا عجبا بدءا من التناقضات الصارخة بين رواية مؤلفي هذا الكتاب للأحداث و القصص الخيالية التي نسجت عن المسيح بل عن الله عز وجل التي لا يمكن أن يقبلها عقل و الكلام الفاحش الذي يتناول الجنس و النساء بصورة خارجة عن الحياء ونسبة جميع الخطايا للأنبياء بدءا من شرب الخمر والسرقة حتى الزنا والكفر بالله عز وجل مما أدى لظهور علم كامل في الغرب يعرف بعلم نقد الكتاب المقدس[112] يعتمد على إجراء البحوث العصرية و المقارنة بين النسخ والمخطوطات الموجودة لمعرفة الأخطاء الموجودة في هذا الكتاب والتي أوصلها بعضهم إلى ما يزيد عن 20 ألف خطأ !! [113]
(2/493)
وإذا أردت أمثلة فأول هذه الاختلافات التي تلفت النظر هي التباين الصارخ في سلسلة نسب المسيح بين إنجيلي متى ولوقا فهما مختلفان اختلافا يصعب الجمع بينهما سواء في عدد أجداد المسيح أو في أسمائهم ومثال ذلك عندما وصلت السلسلة إلى داود عليه السلام جعل متى المسيح من ولد سليمان الملك بينما جعله لوقا من ولد ناثان بن داود وهما أخوان ولا يعقل أن يكون المسيح من ذرية أخوين!! ثم إذا تأملت في سلسلة متى ستجد أنه ذكر للمسيح أربع جدات هن ثامار وراحاب وراعوث و وزوجة داود التي كانت لأوريا الحثي و لكل واحدة من هؤلاء الأربع سوءة تذكرها التوراة، فأما ثامار فهي التي ولدت فارص-وهو مذكور ضمن أجداد المسيح- زنا من والد أزواجها الذين تعاقبوا عليها واحداً بعد واحد. ( انظر قصتها مع يهوذا في التكوين 38/2 - 30 ). وأما زوجة أوريا الحثي فهي التي تتهم التوراة - زوراً - داود بأنه فجر بها ، فحملت، ثم دفع داود بزوجها إلى الموت، وتزوجها بعد وفاته. ( انظر القصة الكاذبة في صموئيل (2) 11/1 - 4 ). وأما راحاب زوجة سلمون، وأم بوعز، وكلاهما من أجداد المسيح - حسب متى -، فراحاب هي التي قال عنها يشوع: "امرأة زانية اسمها راحاب " ( يشوع 2/1 )، وذكر قصة زناها في سفره. وأما راعوث فهي راعوث المؤابية والتوراة تقول: " لا يدخل عموي ولا مؤابي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر " ( التثنية 23 / 3 ). ولحسن الحظ هذه المرة فإن المسيح ليس داخلاً في هذا الطرد من جماعة الرب، إذ هو الجيل الثاني والثلاثون لها[114]. فهل يعقل أن يكون المسيح عليه السلام ولد زنا؟؟! إن اعتقاد بطلان هذه القصص الكاذبة أهون بكثير من اعتقاد أن أجداد المسيح زناة. لكن الأدهى من ذلك وأمرّ هو أن كلا من الإنجيلين بدلا من أن ينسب المسيح إلى مريم عليها السلام نسبه إلى يوسف النجار !! أي أن هذه السلسلسة الطويلة من النسب هم أباء وأجداد يوسف النجار وليسوا أباء المسيح فما هي علاقة(2/494)
المسيح بيوسف النجار؟؟ ترى هل خاف كاتبا الإنجيل من اليهود فنسبا إلى مريم ما كان اليهود يرمونها به زورا وبهتانا فجعلوا المسيح من ذرية يوسف النجار؟؟
(2/495)
و لا يقف التناقض بين الأناجيل عند نسب المسيح ولكن الاختلافات بينها تشمل أسماء تلاميذ المسيح الإثنى عشر إذ يقدم العهد الجديد أربع قوائم للتلاميذ الاثني عشر تختلف كل واحدة عن الأخرى في متى ( 10/1 - 4 )، ومرقس ( 3/16 )، لوقا ( 6/14 ) وأعمال ( 1/13 ). وكذا تشمل الاختلافات رواية أحداث كثيرة تروى عن المسيح بل وتجد التناقض على لسان المسيح نفسه فمثلا تجد في متى (11 : 14 ) المسيح يقول عن يحيى أنه إيلي وفي يوحنا (1 : 19-28 (يحيى ينكر أنه إيليا و في إنجيل متى 16 : 18-19 سمى المسيح سمعان بطرس وأعطاه مفاتيح ملكوت السموات وقال له كل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماوات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السماوات بينما في نفس الصفحة قال له " اذهب عني يا شيطان .أنت معثرة لي"16 : 23 ويذكر يوحنا أن المسيح قضى ثلاثة أعياد فصح في نبوته بينما تذكر الأناجيل الثلاثة الأخرى أن المسيح مارس النبوة عاما واحدا …إلى غير ذلك من عشرات بل مئات الاختلافات الصارخة في نصوص العهد القديم والجديد على السواء مثل التناقضات بين روايات حادثة الصلب المشار إليها آنفا فهل يا ترى يوحي الله بكلام يناقض بعضه بعضا؟ حاشاه وكلا. إذا لابد أن هذه الروايات هي من كلام بشر يخطئون ويصيبون ويتعصبون ويتقلبون وأما أن يأتوا بكلام مقدس من عند أنفسهم فهذا ما لا يستطيعون ! كل هذه التناقضات دعت الأب كاننجسير Kannengiesser أستاذ معهد باريس الكاثوليكي في كتابه الإيمان بالقيامة وقيامة الإيمان[115] أن يقول ما معناه: " لا ينبغي اعتبار روايات الأناجيل حقائق لإنها نصوص مكتوبة تبعا للمناسبة أو نتيجة نضال جماعات متصارعة تسعى كل منها لإنفاذ نظرتها " وذكر الأب روجيت Roguet من باريس أيضا في كتابه مقدمة للأناجيل كلاما مثل هذا [116] و أما عن النبؤات الكاذبة التي لم يحدث أي منها إلى الآن فلم يبخل مؤلفو العهد الجديد بها ومن أظهرها نبوءة(2/496)
المسيح في (متى 24 :29-34) بأن القيامة ستحدث في حياة الجيل الذي كان معه وقد مضى أكثر من أربعين جيلا ولم تقم القيامة!!
(2/497)
وأما عن نسبة النقائص لله عز وجل فالكتاب المقدس قد صور الرب تبارك وتعالى بصوراً لا تليق أبداً بجلاله سبحانه وتعالى ، ووصفه بأقبح الصفات . فمثلا تجد في سفر صموئيل الثاني [ 22 : 9 ] أن الرب له أنف يخرج منه دخان وله فم يخرج منه نار ( كتنين ضخم ) يقول كاتب السفر :( عندئذ ارتجت الأرض وتزلزلت. ارتجفت أساسات السماوات واهتزت لأن الرب غضب. نفث أنفه دخانا، و نار آكلة من فمه، جمر اشتعلت منه . .) بينما يجعل صاحب سفر ناحوم [ 1 : 3 ]السحاب غبار رجل الله !!! يقول (طريق الرب في الزوبعة والعاصفة، والغمام غبار قدميه) أما صاحب سفر العدد فإنه يصف الرب بأنه( يجثم كأسد، ويربض كلبوة.) [ 24 : 9 ] !! و لا يختلف مؤلف المزمور كثيرا عن أصحابه فإنه شبه الرب تبارك وتعالى بأنه ينام ويسكر ويصرخ عالياً من شدة الخمر فيقول في [ 78 : 65 ] (( فاستيقظ الرب كنائم كجبار معيط من الخمر يصرخ عالياً من الخمر )) ( تعالى الله عما يصفون ) إلى غير ذلك من نصوص العهد القديم التي تجعل الرب يصارع الإنسان بل ويُهزم ويتعب وينسى ويغار و يبكي و يحزن ويندم لإنه خلق الإنسان - التكوين [ 6 : 5 ] و أما في العهد الجديد فإن صاحب سفر رؤيا يوحنا يجعل الله في صورة خروف له سبعة قرون وسبع أعين (هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه ربُّ الأرباب وملك الملوك [ 17 : 14 ]) !! ويتحدث العهد الجديد أيضا بسوء أدب عن الله قائلا "الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (كورنثوس (1) 2/10). وينسب الكتاب المقدس لله الأمر بالزنا والسرقة فأول ما يبدأ به هوشع سفره يقول :" أول ما كلم الرب هوشع قائلاً : اذهب خذ لنفسك امرأة زانية وأولاد زنى لأن الأرض قد زنت زنى" فهل يعقل أن يكون هذا الكلام وحي من عند الله؟ أما المسيح عليه السلام فلم يسلم أيضا من سوء أدب مؤلفي العهد الجديد المجهولين ولم يقف الافتراء إلى جعل المسيح من ذرية زناة ولكنهم ذكروا أن الشيطان قد أخذ(2/498)
المسيح عليه السلام لكي يختبره وصعد به فوق قمة جبل-(متى 1:1-15)!! فهل يمكن أن يكون المسيح نبيا ثم يكون للشيطان سلطان عليه؟[117] فماذا لو كان إلها أو ابنا للإله ؟!! كما اتهموا المسيح أيضا بشرب الخمر-وهو ما يخالف تعاليم التوراة- في قوله لليهود: "جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب. فيقولون: هوذا إنسان أكول وشريب خمر، محب للعشارين والخطاة" (متى 11/9). و اتهموه بقسوة القلب فينقل لوقا عن المسيح أمراً غريباً قاله للجموع التي تتبعه: " إن كان أحد يأتي إلي، ولا يبغض أباه وأمه وأولاده وإخوانه حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون تلميذاً " ( لوقا 14/26 - 27 ) وتبع رجل المسيح ثم جاءه يستأذنه ليدفن أباه، فيذكر متى أن المسيح نهاه وقال: " اتبعني. ودع الموتى يدفنون موتاهم " ( متى 8/22 )، واستأذنه تلميذ آخر في وداع أهله، فلم يأذن له (لوقا 9/61-62) وجعلوه يتبرم من قضاء حوائج الناس فتقرأ في متى" تقدم إليه رجل جاثياً له، وقائلاً: يا سيد ارحم ابني، فإنه يصرع ويتألم شديداً، ويقع كثيراً في النار، وكثيراً في الماء. وأحضرته إلى تلاميذك، فلم يقدروا أن يشفوه. فأجاب يسوع، وقال: أيها الجيل غير المؤمن الملتوي. إلى متى أكون معكم. إلى متى احتملكم. قدموه إليّ ههنا. (متى 17/14-16)، وقصة مثلها في ( متى 15 /22 - 28 ). ونسبوا إليه اتهام الأنبياء قبله بأنهم سراق ولصوص في قوله:" جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص. ولكن الخراف لم تسمع لهم" (يوحنا 10/7-12)..- وقد طال السباب المنسوب للمسيح تلاميذه وخاصته، فقد قال لتلميذيه اللذين لم يعرفاه: " أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء" (لوقا 24/25)، ومن عجائب العهد الجديد أنه يعتبر المسيح ملعوناً فيقول: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من علّق على خشبة" (غلاطية 3/12)، ولا تقف البذاءة عند ذلك فلم تسلم أعراض الأنبياء(2/499)
السابقين أيضا من التهم الشنيعة والجرائم البشعة. فقد جعل العهد القديم نبي الله نوح عليه السلام يشرب الخمر ويسكر ويتعرى !! سفر التكوين [ 9 : 20 ] ونبي الله لوط يزني بابنتيه !! سفر التكوين [ 19 : 30 ] . نبي الله داود يزني بزوجة جاره ويدبر مؤامرة دنيئة ضده اغتاله فيها !!!سفر صموئيل الثاني [ 11 : 2 ] نبي الله هارون يكفر ويدعو اليهود إلى عبادة العجل !!وهذا في سفر الخروج [ 32 : 2] و نبي الله سليمان يخالف وصايا الرب ويتزوج من نساء الأمم اللاتي يغوين قلبه لآلهتهن فيكفر في أواخر حياته ويعبد الأوثان !! سفر الملوك الاول [ 11 : 1] فهل هؤلاء الذين اصطفاهم الله على خلقه وشرفهم لحمل رسالته يمكن أن يكونوا كذلك؟ هل يمكن أن يكون كذلك من قال عنهم القرآن ) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)؟؟ وهل يعقل أن يرتكب الأنبياء الذين اختارهم الله هذه الفواحش ويكون البابوات الذين تختارهم الكنيسة معصومين؟ وهل يمكن أن نأمن قوما رموا مريم العذراء عليها السلام بالزنا وهي تحيا بينهم على أعراض أنبياء ماتوا من مئات السنين؟؟ وكأي كتاب قليل البضاعة فقير المحتوى يراد له أن يروج بين العامة ويحقق أعلى الأرباح فيطعمه مؤلفه ببعض الكلام الجنسي الذي يخاطب في الإنسان غريزته لا عقله أو كأي مجلة لم تعد تجد ما تجذب به قارئها إلا أن تصدر صفحاتها بصور فاضحة قام مؤلفو العهد القديم بوضع السفر سيء السمعة الذي طالما أحرج الكنيسة بمحاولة تفسيره وتبرير وجوده في كتاب يفترض أن يكون مقدسا وهو سفر نشيد الإنشاد. هذا السفر الذي لم يكد يترك جزءا من جسد المرأة إلا وتغزل به وشبب به يدعي أصحاب الكتاب المقدس أن الله أوحاه إلى نبيه سليمان فمثلا في إنشاد (7/1-4) تقرأ : " ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم! دوائر(2/500)
فخذيك مثل الحلي صنعة يدي صناع. سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج. بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوسن. ثدياك كخشفتين توأمي ظبية. " فهل يمكن أن يكون هذا الكلام الذي يستحي الرجل أن يُقرئه أبناءه وحيا من عند الله ؟؟[118] هذا بخلاف قصص الزواني والعاهرات وزنا المحارم والعري والخيانة التي يحفل بها الكتاب المقدس ولولا خشية الإطالة وتدنيس صفحات هذه الرسالة لنقلت لك ما يندى له الجبين من ذلك ولكن هذه بعض الإشارات ويمكنك أن ترجع إليها بنفسك حزقيال [ 23 : 19 ] , حزقيال [ 16 : 35 ] , هوشع [ 1 : 2 ] , صموئيل الثاني [ 12 : 11 ] , إشعياء [ 20 : 2 ] , ، اشعيا [ 3 : 16 ] , القضاة [ 16 : 1 ] , راعوث [ 3 : 4 ] , لملوك الأول [ 1 : 1 ، 3 ] , التكوين [ 38 : 13 ] , حزقيال [ 23 : 1 ].
(3/1)
أما عن الأخطاء العلمية والتاريخية في الكتاب المقدس ( إن كنت ما زلت تعتقد أنه مقدس ) فحدث ولا حرج. فيذكر سفر التكوين مثلا مرة أن الله خلق النباتات والحيوانات أولاً ثم خلق الإنسان بعد ذلك التكوين ( 1 : 20 - 27 ) ومرة أخرى أن الله قد خلق الإنسان أولاً ثم خلق الأشجار والحيوانات . التكوين ( 2 : 7 ، 19) وهذا الخطأ يعرفه علماء اللاهوت. ويذكر العهد القديم أيضا أن ولادة إبراهيم كانت في القرن العشرين من بداية الوجود الإنساني وبالتحديد في عام 1948 من بداية الخليقة و بتقدير الفترة بين إبراهيم و عيسى عليهما السلام من نصوص العهد القديم سنجد أن عمر البشرية على ظهر الأرض لم يتجاوز 6 ألاف سنة فقط!! في حين أن هذا بخلاف المسلم به من أن حضارات قامت قبل 5 ألاف سنة من الميلاد حيث عثر على مصنوعات بشرية تعود لأكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. وعثرت بعثة جامعة القاهرة على آثار بشرية في منطقة الفيوم ترجع لعشرات الآلاف من السنين . وتذكر دائرة المعارف البريطانية أن الآثار الإنسانية في فلسطين ترجع لمائتي ألف سنة، وصدق الله العظيم إذ يؤكد أن البشرية ضاربة جذورها في التاريخ قروناً طويلة، فيقول: (وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً )
ومن الأخطاء العلمية زعم التوراة أن الأرض مسطحة ، ولها زوايا موافقة بذلك المستوى العلمي السائد حين كتابتها، فتقول: " قد جاءت النهاية على زوايا الأرض الأربع (حزقيال 7/2).[119] ويمكنك الحصول على المزيد من الأمثلة من كتاب العالم الفرنسي المسلم موريس بوكاي دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة[120] فهل بعد كل ذلك يقول قائل أن القرآن اقتبس من التوراة والإنجيل؟؟
(3/2)
هذا كله بخلاف الزيادات الطفيفة أو التعديلات أو الإضافات التي ما زالت في تغير وتحريف مستمر كلما ترجم الإنجيل أو نسخ أو طبع طبعة جديدة منذ كتبت الأناجيل أول مرة وإلى اليوم ويمكنك ببساطة التأكد من ذلك بمراجعة نسختين من الكتاب المقدس بينهما فترة زمنية كافية أو مختلفتين في اللغة إذا كنت تجيد كلا اللغتين.[121]
فإذا علمنا كل هذا لا نستغرب إذاً أن يقول دكتور W.Graham Scroggie وهو أحد أبرز المنصرين في العالم من معهد Moody Bible Institute في كتابه " هل الكتاب المقدس كلام الله؟ "نعم إن الكتاب المقدس من وضع البشر، بالرغم من إنكار البعض ( من المسيحيين ) لِهذا القول من قبيل الحماسة وليس عن علم، فقد خطت أقلام البشر هذه الأسفار بعباراتهم، بعد أن خطرت على عقولهم، فصدرت بأسلوب البشر وتحمل صفاتهم. " ا.هـ.[122]
خاتمة
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا
بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا
مُسْلِمُونَ
(3/3)
وفي الختام ها قد عرضت عليك رسالتي وبقي دورك أنت و قد تعمدت أن أذكر لك عناوين المواقع و أسماء الكتب والعلماء باللغة الإنجليزية لكي تتأكد بنفسك ومجال الاختيار مفتوح أمامك لكن تمهل فهذا ليس اختيارا عاديا لكنه أهم اختيار في حياتك وبعد حياتك واعلم أن من رحمة الله أن جعل الحق واضحا وضوح الشمس لذا فلن يغني أحد عنك من الله شيئا إن ضللت عنه أو أضلوك عنه فأنت إنسان عاقل مسؤول بمفردك أمام الله و أنت لن تخسر شيئا بالتفكير فيما ذكرته لك والتأكد منه ولكن عليك أن تكون مخلصا في طلب الحق وأن تكون مستعدا أن تؤثره على غيره كما فعل نبي الله إبراهيم عليه السلام فلك فيه أسوة حسنة. فتوجه إلي السماء بقلبك وروحك - إلى ربك الذي خلقك - بدون أن تتمثله بصورة أو تمثال فالله أعظم من أن يشابه ما صنعته أيدي البشر واسأله أن يهديك الطريق الموصل إليه وعندما تعرف الحق فاعلم أنك قد عرفت الله حقا فاصبر من أجله وصابر عليه فقد سبقك كثيرون إليه وتحملوا من أجله ولكن احذر أن تحجب النور عن قلبك إن أبصرته فقد لا تراه مرة أخرى.
ويسرنا أن نتلقى تعليقاتك واستفسارتك على البريد: ask.about.islam@gmail.com
وهذه بعض المواقع التي يمكنك أن تستعين بها في رحلتك الإيمانية
الحوار الإسلامي المسيحي http://arabic.islamicweb.com/christianity
ابن مريم.. المسيح الحق http://www.ebnmaryam.com
الحقيقة.. المسيحية في الميزان http://www.alhakekah.com
التوضيح لدين المسيح http://www.tawdeeh.com
الحقيقة العظمى http://www.truth.org.ye
الجامع لحوار النصارى http://www.algame3.com
الإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://www.55a.net
http://www.halimo.com
شبهات وهمية عن الإسلام
--------------------------------------------------------------------------------
[1] هي سورة الفيل
[2] أى غطوني
[3] أى شابا قويا لكي أنصرك
[4] (السفر إلى الشرق) ص277
(3/4)
[5] (شمس الله تسطع على الغرب) زيغريدهونكه (465)
[6] نقلا عن كتاب ربحت محمدا و لم أخسر المسيح للدكتور عبد المعطي الدالاتي
[7] عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى) قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: (أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم). قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك.
[8] قال الله عز وجل : قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ
[9] فتجد ان الكنيسة مثلا ادعت لنفسها حق مغفرة الذنوب فيأتي المذنب فاضحا نفسه و يجلس بين يدي بشر مثله يخطئ و يذنب ربما أكثر منه ثم يعترف أمامه بذنوبه ثم يمن عليه هذا الشخص الخطاء بالمغفرة و ذلك في مقابل مبلغا من المال يتبرع به أو يشتري به صكا يعرف بصك الغفران كما كان يحدث في الماضي
[10] النبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز ص 36- 37
[11] وقد كان هذا الموقف سببا في إسلام صحفية أمريكية عندما سمعت به
[12] عن خباب بن الأرت قال:
شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه. ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون
[13] النبأ العظيم . بتصرف
(3/5)
[14] قال تعالى : هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ {62} وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
[15] ومنها أنه دعا النصارى مرة إلى المباهلة و هي أن يجمعوا أطفالهم و نساءهم و أنفسهم في مكان واحد ثم يبتهلوا إلى بأن يجعل لعنته على الكاذبين فما أجابوا
(3/6)
[16] و أولهم كان ورقة بن نوفل كما مر في المقدمة ثم كان عبد الله بن سلام و هو من علماء اليهود و فضلائهم و كعب الأحبار و هو من علمائهم أيضا و من النصارى فقد آمن به النجاشي ملك الحبشة مع أنه لم يره و لم يخش على ملكه منه وقال عندما سمع القرآن "إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة " و غيرهم كثير و في العصور الوسطى هناك مثلا القس الإندلسي بن محمد عبد الله الترجماني الميروقي ،الذي ألف بعد إسلامه كتاب تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب و في عصرنا الحالي هناك مثلا القس دافيد بنجامين الكلداني كان قسيسا للروم من طائفة الكلدان و بعد إسلامه تسمى بعبد الأحد داوود و ألف كتاب الإنجيل و الصليب و القس إسحاق هلال مسيحه الذي كان رئيس لجان التنصير في شمال أفريقيا و قصته التي يرويها بنفسه مسجلة هناhttp://media.islamway.com/lessons/several//converts.rm : و كذا القس المصري إبراهيم خليل فلوبرس الأستاذ السابق بكلية اللاهوت الإنجيلية الذي حصل على ماجستير من جامعة برينستون الأمريكية في مجال التهجم على الإسلام ً ثم سمى نفسه إبراهيم خليل أحمد و الشماس الدكتور وديع أحمد وهذا هو موقعه: http://www.wadee3.5u.com و القس المصري "فوزي صبحي سمعان" الذي أسلم هو وأبوه وأخته لله رب العالمين و يعمل الآن مدرسا للدين الإسلامي و كذا القُمُّص المصري "عزت إسحاق معوَّض" الذي صار داعية مسلما و هؤلاء و غيرهم يمكنك قراءة قصصهم من : http://tanseer.jeeran.com/priests.html أما من غير العرب فهم كثيرون أيضا فمنهم القس الأمريكي يوسف استس و هذا هو موقعه http://www.islamtomorrow.com/ و هذه مجموعة من اليهود المعاصرين الذين دخلوا في الإسلام http://www.jews-for-allah.org/ /
(3/7)
[17] و هل أدل على ذلك من حكم الطلاق الذي أباحه الإسلام كحل أخير حين تصل المشاكل بين الزوجين إلى طريق مسدود و حرمته الكنيسة فلما ظهر أن منعه يصادم طبيعة البشر و ظهرت كثير من الأمراض الاجتماعية نتيجة لتحريمه – كالزنا مثلا – أباحته كثير من الدول اليوم. و كذلك تحريم الإسلام لأكل لحم الخنزير و إباحة الكنيسة له ثم ظهر علميا أن الخنزير هو المسبب لمرض الالتهاب السحائي المخي و انفلونزا الخنزير كما أنه تعيش في أمعائه الدودة الشريطية التي تنتقل إلى أمعاء من يأكلها وتسبب له التهاب الأعصاب وارتفاع ضغط الدماغ و قد وجد الأطباء مؤخرا دودة في مخ امرأة بعد تناولها وجبة لحم خنزير هذا بالإضافة إلى صفات الخنزير التي تنتقل إلى آكلها مثل انعدام الغيرة و هذا مشاهد.
[18] ترجم للعربية بعنوان الخالدون مائة أعظمهم محمد ويقول مايكل هارت فيه : "كان محمد الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح في مهمته إلى أقصى حد ، سواء على المستوى الديني أم على المستوي الزمني"
[19] كما فعل مدعي النبوة الكذاب الذي سيأتي ذكره في النصف الثاني من الرسالة
[20] فقد كان قيام الليل في حقه صلى الله عليه و سلم فرضا فيقوم من ثلث الليل إلى ثلثيه كل ليلة في حين أنه في حق بقية المسلمين تطوع
[21] و ذلك برغم بلايين الدولارات التي تنفقها المؤسسات التبشيرية النصرانية للصد عن سبيل الله
[22] النبأ العظيم ص 48
[23] و معنى تواتر الخبر أن يتناقله جمع كبير من الناس يستحيل تواطؤهم على الكذب عن جمع كبير مثلهم و هكذا إلى يومنا هذا فقارن بين هذه الطريقة و الطريقة التي نقلت بها الكتب الأخرى كما في آخر الرسالة
[24] ذلك بأن الذي يمسكه أن يزول هو الذي يمسك السماوات و الأرض أن تزولا.
[25] النبأ العظيم بتصرف
(3/8)
[26] يقول بروفيسور الرياضيات الأمريكي المسلم جيفري لانغ في كتابيه حتى الملائكة تسأل و الصراع من أجل الإيمان: (القرآن هذا الكتاب الكريم قد أسرني بقوة ، وتملّك قلبي ، وجعلني أستسلم لله ، والقرآن يدفع قارئه إلى اللحظة القصوى ، حيث يتبدّى للقارئ أنه يقف بمفرده أمام خالقه وإذا ما اتخذت القرآن بجدية فإنه لا يمكنك قراءته ببساطة ، فهو يحمل عليك ، وكأن له حقوقاً عليك ! وهو يجادلك ، وينتقدك ويُخجلك ويتحداك … لقد كنت على الطرف الآخر ، وبدا واضحاً أن مُنزل القرآن كان يعرفني أكثر مما أعرف نفسي … لقد كان القرآن يسبقني دوماً في تفكيري ، وكان يخاطب تساؤلاتي )
[27] للمفكر التركي محمد فتح الله كولن. وله أيضا :" لقد أتى القرآن بنظرة متميزة للكون وللأشياء وللإنسان بأسلوب غاية في الروعة والسحر. لأنه يتناول الإنسان ككل ضمن الوجود بأكمله، ولا يهمل أيَّ شيء، بل يضع كل شيء مهما كان صغيرا في مكانه المناسب. الأجزاء فيه مرتبطة ارتباطا وثيقا ودقيقا بالكل، والأجوبة المختلفة عن أدق الأسئلة التي تخطر على بال الإنسان في هذا المعرض الكوني الهائل ترد فيه. وبينما يقوم بتحليل أدق المسائل الموجودة سواء في عالم الشهود أم فيما وراء الأستار حتى أدق تفاصيلها، لا يدع هناك أي تردد أو شبهة أو علامة استفهام في العقول. أجل! إن القرآن في جميع هذه التفاصيل الدقيقة التي يوردها لا يدع أي فراغ في هذا الموضوع لا في العقول ولا في القلوب ولا في المشاعر ولا في المنطق، لأنه يحيط بعقل الإنسان وبأحاسيسه وبمشاعره وإدراكه"
[28] لم يكن الإنجيل قد ترجم للعربية بعد أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم
(3/9)
[29] فمثلا ذكر القرآن عن فرعون موسى بعد أن غرق في البحر ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) وعندما تم دراسة مومياء منفتاح التي يظن أنها لفرعون موسى في فرنسا بواسطة فريق من علماء التشريح توصلوا إلى أن سبب وفاته هو الغرق فعلا و نلاحظ أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ذكر بقاء جثة فرعون محفوظة بعد غرقه – فهل كان محمد على علم ببراعة المصريين في التحنيط؟ ثم أسلم رئيس الفريق الفرنسي و هو الدكتور موريس بوكاي و عكف على دراسة القرآن والإنجيل والتوراة لمدة عشر سنين ثم ألف كتاب القرآن والإنجيل والتوراة والعلم الذي أصبح من أكثر الكتب انتشارا وترجم لعدة لغات عالمية
[30] فترى مثلا في قصة أصحاب الكهف عند أهل الكتاب أنهم عاشوا في الكهف ثلاثمائة سنة شمسية وفي القرآن أنهم (لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) و هذه السنون التسعة هي فرق ما بين عدد السنين الشمسية والقمرية فانظر إلى هذا الحساب الدقيق في أمة أمية لا تقرأ ولا تحسب! – النبأ العظيم
[31] الجبال ممتدة في باطن الأرض من أسفل فهي تشبه الوتد و السحب يصل وزن الواحدة منها إلى أكثر من عشرة ملايين طن من الماء على هيئة بخار و الرياح تحمل حبوب اللقاح فتلقح الأزهار و تسير السحب المشحونة كهربيا حتى تلامس بعضها فيحدث التفريغ الكهربي و البحر تخرج من قيعانه صهارات و حمم بركانية ملتهبة تم تصويرها بالغواصات الحديثة وللمزيد من صور الإعجاز العلمي يمكنك الرجوع إلى www.55a.net
[32] منهم مثلا الدكتور كيث مور Keith Moore عالم الأجنة الشهير صاحب كتاب The Developing Human الذي ترجم لأكثر من25 لغة ووقف مرة في أحد المؤتمرات قائلا :
(3/10)
"إن التعبيرات القرآنية عن مراحل تكون الجنين في الإنسان لتبلغ من الدقة والشمول مالم يبلغه العلم الحديث, وهذا إن دل علي شئ فإنما يدل علي أن هذا القرآن لايمكن أن يكون إلا كلام الله, وأن محمداً رسول الله" وصدق الله إذ يقول (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)
[33] إنه الله العليم الحكيم. قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد)
[34] " تعاوا نعيد النظر فيما نعتقد" تاليف حسن يوسف
[35] النبأ العظيم
[36] حتى أنه قيل له : ( وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً {74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً )
[37] انظر مثلا لوقا 26:2 و 67:1 و 15:1
[38] "هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم؟" للدكتور. منقذ بن محمود السقار .... بتصرف
[39] فأين هذا من رؤيا يوحنا التي وصف الله فيها بأنه خروف ذو سبعة قرون ؟!!
[40] في حين قرر مجمع روما سنة1215 ما يلي: "على الناس أن يتلقوا قول الكنيسة بالقبول وافق العقل أو خالفه وعلى المسيحي إذا لم يستسغ عقله قولا قالته الكنيسة أو مبدأ دينيا أعلنته عليه أن يروض عقله على قبوله فإذا لم يستطع فعليه أن يشك في عقله ولا يشك في قول البابا" !!
(3/11)
[41] وأنت ترى نتائج هذه الرهبانية في عدد حوادث الاغتصاب التي اقترفها رجال الكنيسة حتى أن عدد القسس الذين ارتكبوا جرائم من هذا النوع وأعلن عنها في الجرائد في الولايات المتحدة وحدها يصل إلى 1608 قسيسا و هذه بعض مواقع ضحايا الاعتداءات الجنسية لرجال الكنيسة الغربية :http://www.snapnetwork.org و http://www.thelinkup.org و http://www.survivorsfirst.org أما نتائج الإباحية المنحلة بين عوام النصارى في أكثر دول العالم فواضحة ولا تحتاج إلى بيان !
[42] من تفسير "في ظلال القرآن" بتصرف
[43] "الإسلام ليس فلسفة ولكنه منهاج حياة .. ومن بين سائر الأديان نرى الإسلام وحده ، يعلن أن الكمال الفردي ممكن في الحياة الدنيا ، ولا يؤجَّل هذا الكمال إلى ما بعد إماتة الشهوات الجسدية ، ومن بين سائر الأديان نجد الإسلام وحده يتيح للإنسان أن يتمتع بحياته إلى أقصى حدٍ من غير أن يضيع اتجاهه الروحي دقيقة واحدة ، فالإسلام لا يجعل احتقار الدنيا شرطاً للنجاة في الآخرة .. وفي الإسلام لا يحق لك فحسب ، بل يجب عليك أيضاً أن تفيد من حياتك إلى أقصى حدود الإفادة .. إن من واجب المسلم أن يستخرج من نفسه أحسن ما فيها ) من كتاب (الإسلام على مفترق الطرق) للمفكر محمد أسد ( كان يهوديا وأسلم ) ص 19- 25
[44] المستشرق روم لاندو في (الإسلام والعرب) ص(9-246)
[45]وكم من أناس دخلوا الإسلام بسبب رؤيتهم للمسلمين وهم يصلون. يقول المفكر الفرنسي رينان : "الإسلام دين الإنسان .. وكلما دخلت مسجداً هزني الخشوع وشعرت بالحسرة لأني لست مسلماً" وصدق الله العظيم إذ يقول ( رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ . ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ )
(3/12)
[46] هذه الأمور وغيرها جعلت الكثيرين يدخلون الإسلام بمجرد سماعهم عنه أو تعاملهم مع المسلمين وإلا كيف انتشر الإسلام في الصين وروسيا وجنوب إفريقيا والأمريكتين؟؟
[47] وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وتسليماته
[48] ولاحظ أن القرآن سمى سورة كاملة بسورة مريم و سورة أخرى باسم آل عمران ولم يسم سورا باسم فاطمة أو عائشة أو آل محمد
[49] رواه أحمد في مسنده
[50] و قال أيضا ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار
[51] قال تعالى : (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36} فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {37} )
[52] مثال ذلك « لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته » أيام 2- 25/4 .
(3/13)
و : « الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله » رومية 2/6 .و في التوراة «وكلم الرب موسى وهارون قائلاً: افترزا من بين هذه الجماعة فاني أفنيهم في لحظة. فخرّا على وجهيهما وقالا: اللهمّ اله أرواح جميع البشر، هل يخطئ رجل واحد فتسخط على كل الجماعة» العدد 26/23 ، واستجاب له فعذب بني قورح فقط. وأيضا (وأنتم تقولون لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب . أما الابن فقد فعل حقاً وعدلاً حفظ جميع فرائضي وعمل بها فحياة ً يحيا . النفس التي تخطيء هي تموت . الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن . برّ البارّ عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون ... فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً فحياةً يحيا. لا يموت ، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره) حزقيال 18 : 19-22 .
[53] متى 12: 36
[54] كل مولود في الإسلام يولد على الفطرة مبرئا من كل خطيئة كالصفحة البيضاء ثم هو مسؤول عن نفسه أمام الله لا يحاسب إلا على سعيه
[55] استنتج المفكر البريطاني إينوك باول Enoch Powell في كتابه تطور الإنجيل( The Evolution of the Gospel ) بعد أن قام بإعادة ترجمة إنجيل متى من اليونانية إلى أن قصة الصلب لم تكن موجودة في النص الأصلي للأناجيل ولكنها أضيفت في مرحلة متقدمة
[56] المسيح والتثليث- د. محمد وصفي
[57] ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )
[58] ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ )
(3/14)
[59] تقول دائرة معارف لاروس : "إن تلاميذ المسيح الأولين الذين عرفوا شخصيته وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس في الاعتقاد بأنه أحد الأقانيم الثلاثة... وما كان بطرس تلميذ المسيح يعتبر المسيح أكبر من رجل يوحى إليه.
[60] انظر أعمال (2/46) واقرأ ما كتبه الدكتور Robert Alley الأستاذ بجامعة Richmond : " إن الفقرات التي يتكلم فيها المسيح عن ابن الله هي إضافات متأخرة تمثل ما كانت الكنيسة تعتقده وادعاء مثل هذا لا يتناسب مع حياة المسيح التي نتخيلها. فأول ثلاثة عقود بعد (موت المسيح) كانت المسيحية فرعا بداخل الديانة اليهودية وأول ثلاثة عقود في تاريخ الكنيسة كان وجودها داخل هيكل اليهود ولا يمكن تصور أبدا أن أتباع المسيح كانوا يعلنون ألوهية المسيح تحت هذه الظروف" و مما يجدر ذكره أن هذا الرجل فقد منصبه كرئيس قسم الأديان بالجامعة لقوله " لا يمكنني أن أتخيل ولو لدقيقة واحدة أن المسيح امتلك الشجاعة الكافية لكي بدعي الألوهية لنفسه"
[61] من " المسيح والتثليث" للدكتور محمد وصفي- بتصرف
[62] جاء في العهد القديم أن أنبياء آخرين قد حصلت لهم معجزة إحياء الموتى انظر حزقيال (1:37-10) وملوك أول (17:17-24) وملوك ثاني (22:4-27)
[63] قال تعالى عن المسيح عليه السلام:(إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ )
[64] جاء تفسير مصطلح ابن الله بمعنى المؤمن بالله : ( وأما الوصف الذي قَبِلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باْسمه ) يوحنا : 1 : 12
(3/15)
[65] انظر ً : (خروج 4: 22 ، مزمور 2 : 7 ، وأخبار الأيام الأول 22 : 10.9 ، متى 5 : 9 ، ولوقا 3 : 38 و أما اطلاق المسيح هذا الوصف عن نفسه فلم يرد إلا في مكانين بإصحاحي 5, 11 بإنجيل يوحنا. يقول Hastings في قاموسه للكتاب المقدس إن استعمال المسيح لهذا المصطلح هو أمر مشكوك فيه ويقول شارل جنيبر: " والنتيجة الأكيدة لدراسات الباحثين، هي : أن المسيح لم يدع قط أنه هو المسيح المنتظر، ولم يقل عن نفسه إنه ابن الله... فتلك لغة لم يبدأ في استخدامها سوى المسيحيين الذين تأثروا بالثقافة اليونانية"
انظر: المسيحية، نشأتها وتطورها، ص.50.
[66] من كتاب سر الأزل
[67] من كتابه: الحق
[68] جاء في دائرة المعارف الأمريكية عن عقيدة التثليث [.. أن عقيدة التثليث هي العقيدة المسيحية التي تقول بالطبيعة الثلاثية للإله هي عقيدة ليست من تعاليم العهد القديم ولا توجد في أي مكان بين ثناياه..] دائرة المعارف الأمريكية ط 1959
وقد اعترف كبار علماء اللاهوت في قاموس الكتاب المقدس أن : مادة التثليث لم ترد في الكتاب المقدس ويظن أن أول من صاغها هو ترنفيان في القرن الثاني الميلادي وقد خالفه الكثيرون ولكن مجمع نيقية أقر التثليث عام 325 أ.هـ. فانظر كيف يحفل الكتاب المقدس بقصص الزانيات والزواني ويخلو من أهم مبادئ العقيدة النصرانية !!
[69] . ومن يدري لعل هذه الجملة تروق لأباء الكنيسة يوما فيضيفونها في طبعات الكتاب المقدس الجديدة بدلا من الجملة الأصلية!!
[70] جاء في مقدمة هذا الكتاب
(3/16)
[ The writers of this book are convinced that another major theological development is called for in this last part of the Twentieth Century. The need arises from growing knowledge of Christian origins and involves a recognition that Jesus was (as he is presented in Acts 2.21) “A man approved by God “ for a special role within the Divine purpose, and that the later conception of him as God Incarnate, The Second Person of the Holy Trinity living a human life, is a mythological or poetic way of expressing his significance for us. ]. وترجمتها
و ترجمته: [ إن كُتَّاب هذا الكتاب مقتنعين بأن هناك، في هذا الجزء الأخير من القرن العشرين، حاجة ماسة لتطور عقائدي كبير آخر. هذه الحاجة أوجدتها المعرفة المتزايدة لأصول المسيحية، تلك المعرفة التي أصبحت تستلزم الاعتراف بعيسى أنه كان (كما يصفه سفر أعمال الرسل: 2/21): " رجل أيده الله " لأداء دور خاص ضمن الهدف الإلهي، و أن المفهوم المتأخر عن عيسى و الذي صار يعتبره " الله المتجسد و الشخص الثاني من الثالوث المقدس الذي عاش حياة إنسانية " ليس في الواقع إلا طريقة تعبير أسطورية و شعرية عما يعنيه عيسى المسيح بالنسبة إلينا [
[71] انظر عدد 8 أبريل 98 بعنوان The Search For Jesus و15 أغسطس 88 بعنوان Who Was Jesus و 12 أبريل 2004 بعنوان Why Did Jesus Have To Die? و18 ديسمبر 95 بعنوان Is the Bible Fact or Fiction? فكلها أمثلة توضح حيرة الإنسان الغربي إزاء هذه العقيدة الغامضة
[72] وهنا أطلب من القارئ أن يحاول بنفسه تطبيق المعايير التي وضعناها في أول الرسالة للحكم على أي إنسان يدعي النبوة والرسالة على بولس هذا.
[73] يقول دجوستاف ليون "ولو قيل للحواريين الاثنى عشر أن الله تجسد في يسوع. ما أدركوا هذه الفضيحة ولرفعوا أصواتهم محتجين" حياة الحقائق / ص 163، و187
(3/17)
[74] أعمال 9/26
[75] تقول دائرة المعارف البريطانية في الإجابة عن هذا السؤال: "إن ارتحاله إليها كان لحاجته إلى جو هادئ صامت يتمكن فيه من تفكير في موقفه الجديد، وأن القضية الأساس عنده هي تفسير الشريعة حسب تجاربه الحديثة".
[76] يوحنا 8/17 ويلاحظ هنا أنه جعل الشهادة الأخرى هي شهادة الله عز وجل له. فهل بعد هذا نقول أن الله هو المسيح؟؟!
[77] فقد ذكر في أعمال الرسل إصحاح 9/7 أن الرجال المسافرين معه وقفوا يسمعون الصوت بينما في إصحاح 22/9 المسافرون لم يسمعوا الصوت وفي أعمال 9/4 أن بولس "وحده سقط على الأرض"ينما المسافرون وقفوا، وفي الرواية الثالثة أن الجميع
سقطوا، فقد جاء فيها " سقطنا جميعا على الأرض" أعمال 26/14
[78] وهذا يعطينا فكرة عن الأهداف التي كانت تحرك بولس. فأين هذا من قول الله للنبي أكثر من مرة في القرآن " اتق الله " ؟
[79] فأين هذا من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ( لا تفضلوني على يونس بن متى ) وقول الله له: (ليس لك من الأمر شيء) ؟
[80] لوقا 21:2
[81] عبرانيين 7/17
[82] قال فرانس أوفربيك Frans Overbeck (أحد قيادات رجال اللاهوت الأحرار) : إن كل الجوانب الحسنة التي تشهدها المسيحية ترجع إلى عيسى ، أما الجوانب السيئة (وهي تطغي على الجوانب الحسنة بأضعاف مضاعفة) فقد أحدثها بولس فيها. ( مبادىء المسيحية)
[83] يقول إريك بروك Erick Brock في كتاب مبادىء المسيحية Die Grundlagen desChristentums عن بولس: " إن أهم جذور كل البلاء الذي أصاب المسيحية جاءت من أفكاره، وكم نحن الآن في حاجة إلى أن نشير مراراً إلى أن الحقيقة تؤكد أن كل المفكرين الأحرار المعتدلين قد أشاروا إلى أن المباديء الخربة التي تتبناها المسيحية اليوم ما هي إلا مباديء مخزية ولكن لم يرق الحال للكنيسة لتخلصنا من هذه الرسائل والأفكار البولسية".
(3/18)
[84] يقول جوستاف لوبون كان بولس مفطورًا على فرط الخيال وكانت نفسه مملؤة بذكريات الفلاسفة (حياة الحقائق) ص 163، 187
[85] لمسيحية نشأتها وتطورها / شارل جنيبر ص70 ويقول أيضا [.. لقد تطورت المسيحية إلى تأليف ديني تجمع فيه سائر العقائد الخصبة والشعائر النابعة من العاطفة الدينية الوثنية قامت المسيحية بترتيبها وتركيبها وأضفت إليها الانسجام] وراجع كتاب The Bible Myths and their Parallels in other Religions لمؤلفه T.W Doane وكتاب Mythology Christianity and
لمؤلفه John Mackinnon Robertson
[86] يقول الدكتور خالد شلدريك الذي أسلم بعد أن فهم عقيدة التثليث: "إن عقيدة الأب والابن من عقائد الوثنيين القدماء فإن البوذيين يعبدون بوذا في طفولته مع أمه ياما في نفس الصورة التي نراها منقوشة في كل كنيسة للمسيح في طفولته مع أمه مريم واتخذ النصارى من عيد الوثنيين للاعتدال الخريفي 25 ديسمبر موعد ولادة الشمس عندهم عيدا لميلاد المسيح" وقد كان الثالوث موجودا أيضا في ديانات وثنية سابقة ففي الهند كان عندهم الثالوث الإلهي براهما و كريشنا و سيفا وكان عند المصريين القدماء الثالوث إيزيس وأوزوريس وحورس وصدق الله العظيم إذ يقول ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) وهذا من إعجاز القرآن أنه أخبرنا كيفية نشأة عقيدة النصارى في المسيح. فهل كان محمد على اطلاع بتاريخ الحضارات القديمة؟
(3/19)
[87] يعلق المؤرخ أرنولد توينبي على مسألة أكل لحم المسيح وشرب دمه بأن سكان منطقة البحر المتوسط كانوا قديما يفعلون ذلك تقربا إلى أحد آلهة الإنبات التي تنبت عناصر الخبز والنبيذ في هذه المناطق وقد انتقلت هذه الطقوس إلى المسيحية عن طريقهم وليس لها أصل في الدين المسيحي. أ.هـ والآن أيها القارىء الفطن هل تظن حقا أن الخبز والخمر يتحول إلى جسد المسيح حقا؟ وإذا كان المسيح هو الإله فهل يصير الخبز والخمر لحم الإله ودمه؟؟ أللإله لحم ودم كالبشر؟! ألا تستحي أو تشمئز من أن تأكل لحم إلهك وتشرب دمه؟!!
[88] المسيحية نشأتها / جنيبر ص 105 وجاء في كتاب يسوع المسيح للقس بولس إلياس : ( لقد لقح الفكر المسيحي بالأفكار الوثنية وقد حافظت الكنيسة المسيحية على تقاليد الشعوب الوثنية و على تنوع الطقوس عند مختلف الطوائف) ثم يستطرد قائلا ( إنه في مفتتح القرن السابع الميلادي كتب البابا غريغورس الأول إلى القديس أوغسطينوس قائلا : "دع البريطانيين وعاداتهم واترك لهم أعيادهم الوثنية واكتف بتنصير تلك الأعياد والعادات مكتفيا بوضع إله المسيحيين موضع آلهة الوثنيين" )
[89] تكررت قصة بولس بحذافيرها في الإسلام مع رجل يهودي يدعى عبد الله بن سبأ لم ير النبي قط دخل الإسلام نفاقا ومواراة بعد وفاة النبي وأثار الفتن ضد عثمان بن عفان و نسب الألوهية لعلي بن أبي طالب وظهرت بسببه عقيدة التشيع التي أخذت كثيرا مما عند ديانة الفرس وهذا يدل على الدور الخبيث الذي يلعبه اليهود لتشويه العقائد على مر التاريخ.
[90] و من أمثلة ذلك ما صدر عن المجمع الفاتيكاني الثاني في الستينات من تبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام ضاربا بنصوص الكتاب المقدس عرض الحائط إكراما لليهود !!
(3/20)
[91] يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته: " لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدساً منزلاً دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون ... ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل...إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها.. ".و قال جون لوريمر في تاريخ الكنيسة عن هذه الأناجيل [.. لم يصلنا إلى الآن معرفة وافية عن الكيفية التي اعتبرت بها الكتب المقدسة كتب قانونية..] فإذا كانت قد فرضت بالقوة فمن الذي فرضها ولمصلحة من ؟ وإذا كان ليس هناك معرفة عن كيفية اختيارها لتكون كتبًا قانونية فكيف تكون مقدسة؟
[92] هذا مثال واحد من آلاف الأمثلة وهو للأمريكية: Barbara A. Brown التي أسلمت في أوائل التسعينات وألفت كتاب A closer look at Christianity: ويمكنك قراءته من هنا http://home.swipnet.se/islam/books/Closer-Look/frcont13.htm
ويمكنك التعرف على نماذج أخرى ممن دخل الإسلام من http://thetruereligion.org/modules/xfsection
[93] فقد ظل مكتوبا باللغة اليونانية حتى القرن السادس عشر عندما تم ترجمته للغة اللاتينية التي يعرفها الناس وقد دفع أحد المترجمين حياته ثمنا لهذه الجريمة!!
[94] وجعلت الكنيسة البابا نائبا للمسيح على الأرض وبالتالي فأرائه غير قابلة للنقاش ، وما يحدده في العقيدة يعتبر قضايا يقينية حتى كاد البابا أن يكون إلها رابعا (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً )!!
(3/21)
[95] برغم ما جاء في سفر الخروج : . (لا يكن لك آلهة أخرى أمامي، لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة مما في السماء فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض، لا تسجد لهن، ولا تعبدهن؛ لأني أنا الرب إلهك، إله غيور ) 20/3- 6ولو كان استعمال هذه الصور والصلبان صوابا لاستعملت أيام المسيح أو في الثلاثة أجيال الأولى على الأقل
[96] مثل حركة البروتوستانت وهي تعني بالعربية المعارضين التي تزعمها مارتن لوثر في القرن السادس عشرو هي تخلو من كثير من هذه المظاهر الوثنية واستعباد البشر الذي عند طوائف النصارى الأخرى
[97] مثل ما جاء على لسان بولس : " إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر ليس هو، غير أنه يوجد قوم يزعجونكم، ويريدون أن تحولوا إنجيل المسيح " غلاطية 1/6-8 ويقول مرقس: " من يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها " ( مرقس 8/35). ويقول ،" انْطَلَقَ يَسُوعُ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، يُبَشِّرُ بِإِنْجِيلِ اللهِ قَائِلاً: 15«قَدِ اكْتَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ. فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ "( مرقص 1/15-16 ) فأي إنجيل ترى كان هذا الذي يعنيه المسيح؟؟ أكان يدعو الناس للإيمان بإنجيل لم يُكتب بعد؟؟
[98] ويمكنك قراءة بعض فصوله بالعربية من: http://www.multimania.com/barnaba/ وبالإنجليزية من http://www.barnabas.net وهذه مقدمة إنجيل برنابا يوضح فيها سبب تأليفه لهذا الكتاب:
(3/22)
برنابا رسول يسوع الناصري المسمى المسيح يتمنى لجميع سكان الأرض سلاماً و عزاءً. 2- أيها الأعزاء إن الله العظيم العجيب( وهي تسمية لا تصح لله ) قد افتقدنا في هذه الأيام الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى.3- مبشرين بتعليم شديد الكفر. 4- داعين المسيح ابن الله. 5- ورافضين الختان الذي أمر الله به دائماً. 6- مجوزين كل لحم نجس. 7- الذين ضل في عدادهم أيضاً بولس الذي لا أتكلم عنه إلا مع بالغ الأسى. 8- وهو السبب الذي لأجله أسطر ذلك الحق الذي رأيته وسمعته أثناء معاشرتي ليسوع لكي تخلصوا ولا يضلكم الشيطان فتهلكون في دينونة الله. 9- وعليه فاحذروا كل أحد يبشركم بتعليم جديد مضاد لما أكتبه لتخلصوا خلاصاً أبدياً.
[99] عجيب أن يقرأ الإنسان في العهد القديم معتقدا بقدسيته بدون أن يدري على الأقل أسماء مؤلفي أسفاره!!
[100] جاء في مجلةLOOK عام 1952 في مقال بعنوان حقيقة الكتاب المقدس أن العهد الجديد وحده به نحو 20ألف خطأ !!
[101] Robert Kehl. Zeller
[102] جاء في خاتمة إنجيل يوحنا"هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا، وكتب هذا، ونعلم أن شهادته حق " ( يوحنا 21 / 24 ). فهذه الفقرة كما يقول المحققون دليل على عدم صحة نسبة الإنجيل إلى يوحنا، إذ هي تتحدث عن يوحنا بصيغة الغائب. إلا إذا كانت من إضافة أحد الناسخين أو المترجمين بدون إشارة منه بذلك وفي هذه الحالة ما الذي يضمن ألا تكون أجزاء أخرى هي من إضافة الناسخين؟
[103] يمكنك مراجعة ذلك بنفسك في الموسوعة البريطانية في أي مكتبة عامة تحت كلمة Bible أو Gospel
(3/23)
[104] يفهم من هذه المقدمة أمور أخرى منها: أن إنجيله خطاب شخصي، وأنه دوّنه بدافع شخصي، وأن له مراجع نقل عنها بتدقيق، وأن كثيرين كتبوا غيره، ولم يذكر لوقا في مقدمته شيئاً عن إلهام إلهي ألهمه الكتابة أو وحي من روح القدس نزل عليه. نقلا عن ( هل العهد الجديد كلام الله )
[105] فأين هذا من دقة تدوين الأحاديث النبوية التي يُعرف سلسلة رواتها من أول رجل سمعها من النبي إلي آخر رجل في السلسلة يرويها اليوم للناس كما سمعها و كل منهم يقول : قال فلان حدثنا فلان ؟؟
[106] جاء في مقدمة الطبعة الأمريكية المعدلة عام 1952 أن طبعة الملك جيمس حوت أخطاء جسيمة كثيرة جدا!
[107] يوجد اختلاف بين علماء التاريخ حول تاريخ ولادة المسيح عليه السلام
[108] Davies, A. Powell. The Meaning of the Dead Sea Scrolls.
[109] ويسمى أيضا Spouter or Preacher of lies
[110] انظر 4Q541 frag. 9 col. I ونبينا محمد هو الذي حارب أعداءه وحكم سيفه و بالتالي لا تنطبق هذه الصفات على غيره . والله اعلم
[111] مخطوطات البحر الميت - أحمد عثمان ص127- 147
[112] من أوائل من كتب فيه ريشارد سيمون (( Richard Simon في كتابه التاريخ النقدي للعهد القديم Critical History of the Old Testament"."
[113] وما جاء على لسان الأب كارل رانير في المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي انتهى عام 1965 قوله : " لقد أصبح من الصعب تصديق الأناجيل من كثرة ما تم بها من تحريف وقد ألح العديد من رجال الكهنوت في المجمع على ضرورة القيام بمراجعة الأناجيل حتى لا يصاب المسيحيون بالإحباط وحتى لا يتعرض المثقفون للفضيحة وحتى لا تتعرض العقيدة المسيحية نفسها للسخرية !!"
[114] ( هل العهد الجديد كلمة الله ) ص 151
[115] Foi en la Resurrection, Resurrection de la foi""
[116] Initiation to the Gospels.
(3/24)
[117] عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال:(إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة - أو إن الشيطان- ليقطع علي الصلاة، فأمكنني الله منه، فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد، حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان: {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}) فرده الله خاسئا
[118] يقول ( ول ديورانت) فى كتابه المشهور قصة الحضارة "مهما يكن من امر هذه الكتابات الغرامية فان وجودها فى العهد القديم سر خفى .... ولسنا ندرى كيف غفل او تغافل رجال الدين عما فى هذه الاغانى من عواطف شهوانية واجازوا وضعها فى الكتاب المقدس" الجزء 3 صفحة 388 .
[119] من كتاب هل العهد القديم كلمة الله ؟؟ د. منقذ السقار
Maurice Bucaille, The Bible, The Quran and Science[120] يمكنك قراءته من : http://home.swipnet.se/islam/books/maurice/frcont15.htm
(3/25)
[121] يقول الدكتور روبرت في كتابه " حقيقة الكتاب المقدس " :" لا يوجد كتاب على الإطلاق به من التغييرات والأخطاء والتحريفات مثل ما في الكتاب المقدس "، وينقل روبرت أن آباء الكنيسة يعترفون بوقوع التحريف عن عمد، وأن الخلاف بينهم محصور فيمن قام بهذا التحريف. ومن الطريف أن د. روبرت قد أعد لمطبعة " تسفنجلي " مذكرة علمية تطبع مع الكتاب المقدس، ثم منع من طبعها، ولما سئل عن السبب في منعها قال : " إن هذه المذكرة ستفقد الشعب إيمانه بهذا الكتاب ". ولعل أهم أمثلة تحريف الطبعات قاطبة ما جاء في رسالة يوحنا الأولى " فإن الذين يشهدون (في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد، والذين يشهدون في الأرض) هم ثلاثة الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد " ( يوحنا (1) 5/7 - 8)، والفقرة الأولى التي تتحدث عن شهود السماء غير موجودة في النسخ القديمة، وقد كتب إسحاق نيوتن رسالة بلغت خمسين صفحة أثبت فيها تحريف هذه العبارة التي بقيت في سائر الطبعات والتراجم بلغات العالم المختلفة إلى أواسط هذا القرن. وكانت بعض الطبعات العربية القديمة قد وضعتها بين هلالين لتدل على عدم وجودها في المخطوطات القديمة كما في ترجمة الشرق الأوسط 1933م، ومثلها صنعت طبعة دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، لكن الفقرة موجودة بدون أهلة في سائر التراجم العربية سوى ترجمة العالم الجديد البرتسنتية وترجمة الكاثوليك العربية المسماة بالرهبانية اليسوعية، فإنهما أزالتاها ، واعتبرتا نص التثليث المهم نصاً دخيلاً ملحقاً بالكتاب المقدس. وفي عام 1952م أصدرت لجنة تنقيح الكتاب المقدس نسخة ( R. S. V )، النسخة القياسية المراجعة، وكان هذا النص ضمن ما حذفه المنقحون، لكن هذا التنقيح لم يسرِ على مختلف تراجم الإنجيل العالمية. وكذلك ما جاء مرقص(16/9-20) فإنها موجودة في بعض النسخ دون بعض فقد ذكر جورج بوست في قاموس الكتاب المقدس أنها(3/26)
لم تكن في الكتب القديمة وغير ذلك من نصوص مثل يوحنا 53:7 ويوحنا8 :1 -11 ومتى 17 :21
[122] من كتابه هل الكتاب المقدس كلام الله ص 17(3/27)
رسالة إلى العقل والقلب
كتبها :
طارق أبو عبد الله
حقوق الطبع لكل باحث عن الحق
بشرط عدم التغيير فيه
هذه رسالة كتبها أخ لك في الإنسانية يعيش في نفس المجتمع
الذي تعيش فيه ويتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه
كتبها ليخاطب بها عقلك وقلبك
فافتح لها قلبك واحكم عليها بعقلك
تمهيد
النبي الأمي
النبأ العظيم
البشارة
الإسلام
المسيح عليه السلام
في البدء كانت ال...!
يكتبون الكتاب بأيديهم
خاتمة
تمهيد
أما فكرت في نفسك قط من عساه يكون ذلك الرجل الذي شغل البشرية بما جاء به إلى يومنا هذا و بُعثت به من العدم أمة كانت تعيش في جاهلية عمياء فأصبحت في غضون سنوات قليلة دولة راسخة الأركان وحضارة مزدهرة امتدت في جميع أنحاء المعمورة لا يقف في وجهها شيء ؟ أما تأملت كيف استطاع رجل بمفرده – لو كان بمفرده – أن يحدث أكبر تغيير شهده التاريخ و هو على يقين بما جاء به و ما سيصل إليه من أول يوم بدأ فيه دعوته ؟ ألم تسأل ما الذي جناه هذا الرجل لنفسه من متاع الدنيا مقابل تحمله مشاق هذه الدعوة و الصبر على أذى قومه و تكذيبهم ثم جهادهم عليها جهادا كبيرا ؟ إذا أردنا الإجابة عن هذه الأسئلة فلابد أن نبدأ من البداية التاريخية التي يتفق عليها المصدقون به و المكذبون من قومه و من أهل الكتاب من وقت عاش إبراهيم عليه السلام.
(3/28)
هناك في تلك البقعة المباركة حيث ترك النبي إبراهيم عليه السلام ولده الرضيع إسماعيل و زوجته هاجر وحدهما في الصحراء بأمر من ربه و سافر إلى الشام تولى الله أمر الصبي و أمه و فجر لهما بئر زمزم ينبوعا صافيا و ماء معينا بمعجزة إلهية باقية إلى يومنا هذا يرتوي منها الحجاج و المعتمرون من جميع أنحاء الأرض ثم ألف الله حولهم قلوب مجموعة من البدو فعاشت معهما حول الماء و نما بينهم الفتى إسماعيل و تعلم لغتهم حتى أمر الله إبراهيم عليه السلام أن يعيد بناء البيت الحرام بعد أن هدمه طوفان نوح عليه السلام لكي يعبد الناس عنده ربهم .
(3/29)
فرفع إبراهيم و إسماعيل قواعد البيت و أذن إبراهيم في الناس بحج البيت فلبى الناس النداء - و ما زالوا يلبون إلى يومنا هذا – و ظل هذا البيت آية و قبلة للناس تحج إليه العرب و تعظمه أشد التعظيم و لا ينكر حقه و فضله يهودي و لا نصراني حتي أن الملك النصراني الذي أراد هدمه – و هو إبرهة – كي ينصرف الناس عنه إلى كنيسة بناها بالحبشة رد الله كيده في نحره و أرسل عليه طيرا من السماء ترميه بحجارة ملتهبة أهلكته و جنوده في حادثة خلدها القرآن في سورة كاملة[1] لم ينكرها أي من مشركي العرب و هم الذين كانوا يتلهفون لكي يجدوا خطأ واحدا في القرآن. و في نفس هذا العام وُلد من بني إسماعيل بجوار البيت ذلك الفتي اليتيم الأمي الذي عرف بين عشيرته بالصادق الأمين و عاش بينهم أربعين سنة كان فيها مثال الصدق و الشهامة و الأخلاق الفاضلة فنشأ حنيفا على ملة أبيه إبراهيم لا يشارك قومه في عبادتهم للأوثان و لا في لهوهم و لعبهم وحُبِّب إليه الخلوة فكان يخلو بنفسه في أحد جبال مكة يعبد ربه و يتأمل في ملكوت السماوات و الأرض حتى نزل عليه روح القدس و أمين الوحي جبريل عليه السلام فأقرأه أولى آيات القرآن الكريم ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ .) فعاد محمد يرجف بها فؤاده فدخل على خديجة زوجته قائلا زملوني زملوني[2] و أخبرها بما حدث فقالت " كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
(3/30)
ثم ذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان امرءا تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا[3]، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك.
و هذه كانت البداية .. بداية الرسالة.
و الآن نعود لنسأل أنفسنا نفس الأسئلة السابقة
هل كان هذا الرجل بمفرده أم أنه كان مؤيدا من عند الله عز و جل؟
و هل يجب عليّ أن أتخذ موقفا واضحا و منصفا منه أم يكفي أن أسير هكذا كما سار أبائي و أجدادي و لا أشغل نفسي بأمره؟
إن العقل الراجح و البحث المحايد إذا نظر في دعوى محمد –صلى الله عليه و سلم - للنبوة ذلك الأمر العظيم فعليه أن يبحث في ثلاثة أمور على الأقل هي
1. حياة محمد و سيرته و أخلاقه و تعامله مع أعدائه فضلا عن أصحابه
2. ما جاء به محمد و ما دعا إليه من عقائد و شرائع و معاملات
3. موقفه من الأنبياء السابقين الذين يتفق الناس على نبوتهم وأصحاب الديانات الأخري من أهل الكتاب و موقف أهل الكتاب منه
وقبل أن نستطرد في هذا البحث أود أن نتفق معا على قاعدة في غاية الوضوح والبداهة وهي أن العقيدة الصحيحة المنزلة من عند الله في السماء لهداية البشر إلى ربهم يجب أن تكون هي أوضح الأمور و أبسط المسائل لا يكتنفها الغموض والتعقيد ولا يختلجها التكلف أو التناقض ويجب أيضا أن تكون مبنية على أدلة قوية واضحة وضوح الشمس لا على الظنون والأوهام ويجب ألا تحتاج الحقيقة إلى السب والشتم واختلاق الأكاذيب للإقناع بها ويجب أن يفهمها الناس على اختلاف عقولهم وأفهامهم بدون الحاجة إلى الخوض في متاهات الفلسفة و السفسطة.
(3/31)
فإذا اطمئن قلبك لسلامة هذا المنهج ونمت في نفسك روح البحث عن الحق في هذا الأمر الخطير فالجزء الأول من هذه الرسالة الصغيرة يضع أمامك خطوطا رئيسية و علامات في طريق بحثك لك أن تقرأها و تعرضها على قلبك و عقلك ثم تتبع ما تطمئن إليه نفسك و ينشرح له صدرك
و أما الجزء الثاني فيناقش جانبا آخر من قضية الدين – أهم قضية في حياة الإنسان الدنيوية والأخروية - و هي مناقشة عقلانية لبعض العقائد التي تربي بعضنا عليها بدون أن يعطي نفسه فرصة للتفكر فيها بهدوء إيمانا بأن الإنسان السوي هو الذي يحترم عقله و فطرته و لا يسير كالقطيع مغمض العينين في أمر قد يترتب عليه سعادته الأبدية أو شقاؤه الأبدي و لكنه الذي يعمل عقله و فكره و لا يعطلهما و يسأل ربه في كل وقت أن يهديه الصراط المستقيم الذي يوصله إليه
النبي الأمي
أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ ؟
كل من قرأ سيرة محمد و أخباره و أيامه من الباحثين المنصفين غير المسلمين أجمعوا على أن هذا الرجل قد اجتمعت فيه كل صفات الكمال البشري من حسن الخلق و رجاحة العقل و سلامة الفطرة و رقة الطبع و الشجاعة و بلاغة اللسان. هذا الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل الحائز على جائزة نوبل يقول في كتابه الأبطال : " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر .
وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة ؟ !
(3/32)
إلى أن قال : " وعلى ذلك ، فلسنا نَعُدُّ محمداً هذا قط رجلاً كاذباً متصنعاً ، يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيته ، ويطمح إلى درجة ملك أو سلطان ، أو إلى غير ذلك من الحقائر . وما الرسالة التي أدَّاها إلا حق صراح ، وما كلمته إلا قول صادق .
كلا ، ما محمد بالكاذب ، ولا المُلفِّق ، وهذه حقيقة تدفع كل باطل ، وتدحض حُجة القوم الكافرين .
ثم لا ننسى شيئاً آخر ، وهو أنه لم يتلق دروساً على أستاذ أبداً ، وكانت صناعة الخط حديثه العهد إذ ذاك في بلاد العرب ـ وعجيب وأيم الله أُمِّيَةَ العرب ـ ولم يقتبس محمد من نور أي إنسان آخر ، ولم يغترف من مناهل غيره ، ولم يكن إلا كجميع أشباهه من الأنبياء والعظماء ، أولئك الذين أشبِّههم بالمصابيح الهادية في ظلمات الدهور .
وقد رأيناه طول حياته راسخ المبدأ ، صادق العزم بعيداً ، كريماً بَرًّا ، رؤوفاً ، تقياً ، فاضلاً ، حراً ، رجلاً ، شديد الجد ، مخلصاً ، وهو مع ذلك سهل الجانب ، ليِّن العريكة ، جم البشر والطلاقة ، حميد العشرة ، حلو الإيناس ، بل ربما مازح وداعب ، وكان ـ على العموم ـ تضيء وجهه ابتسامةٌ مشرقة من فؤاد صادق ؛ لأن من الناس من تكون ابتسامته كاذبة ككذب أعماله وأقواله " . ويقول:
: " كان عادلاً ، صادق النية ، كان ذكي اللب ، شهم الفؤاد ، لوذعياً ، كأنما بين جنبيه مصابيح كل ليل بهيم ، ممتلئاً نوراً ، رجلاً عظيماً بفطرته ، لم تثقفه مدرسة ، ولا هذبه معلم ، وهو غني عن ذلك"
و بعد أن أفاض كارليل في إنصاف النبي محمد ختم حديثه بهذه الكلمات : "هكذا تكون العظمة· هكذا تكون البطولة·هكذا تكون العبقرية"
أما <لا مارتين> الفيلسوف الفرنسي فيدافع بحرارة النبي صلى الله عليه وسلم وينفي بصرامة وقوة أن يكون كاذباً أو مفترياً على الله فيقول:
(3/33)
<إن حياة محمد، وقوة كقوة تأمله وتفكيره وجهاده، ورباطة جأشه لتثبيت أركان العقيدة الإسلامية··· إنه فيلسوف وخطيب ومشرع وهاد للإنسانية إلى العقل وناشر للعقائد المعقولة الموافقة للذهن وهو مؤسس دين لا فرية فيه ومنشئ عشرين دولة في الأرض وفاتح دولة في السماء من ناحية الروح والفؤاد، فأي رجل أدرك من العظمة الإنسانية ما أدرك محمد وأي آفاق بلغ إنسان من مراتب الكمال ما بلغ محمد· و يقول في موضع آخر : "أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة واعية ، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود، ومن ذا الذي يجرؤ على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد ؟! ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه ، عند النظر إلى جميع المقاييس التي تُقاس بها عظمة الإنسان؟! إن سلوكه عند النصر وطموحه الذي كان مكرساً لتبليغ الرسالة وصلواته الطويلة وحواره السماوي هذه كلها تدل على إيمان كامل مكّنه من إرساء أركان العقيدة . إن الرسول والخطيب والمشرع والفاتح ومصلح العقائد الأخرى الذي أسس عبادة غير قائمة على تقديس الصور هو محمد ، لقد هدم الرسول المعتقدات التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق[4]"
و هذا جوتة الأديب الألماني : " "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد"[5]
ويقول الأديب الروسي (ليو تولستوي) والذي حرمته الكنيسة بسبب آرائه الحرة الجريئة :
"أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه ، وليكون هو أيضاً آخر الأنبياء … ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح للسكينة والسلام ، وفتح لها طريق الرقي والمدينة"[6]
(3/34)
ويقول العلامة شيريل ، عميد كلية الحقوق بفيينا :"إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها"
فهل ترى أن كل هؤلاء الأدباء و المفكرين – و لولا قصر الرسالة لذكرت أكثر من ذلك- من مختلف الجنسيات قد اخطأوا في مدح محمد؟ أو أنهم أجمعوا علي الثناء عليه بمحض الصدفة؟ أم أنهم كانوا غير مشهورين فأرادوا أن ينالوا الشهرة من خلال مدحهم له – صلى الله عليه و سلم- ؟ أم أن هذه الشخصية العظيمة تستحق فعلا الثناء والمدح؟ ترى هذا الرجل الذي لبث بين ظهراني قوم جاهليين و ظل فيهم أربعين سنة لا يشاركهم في عبادتهم للأوثان و لا يقارف منكرا مدة شبابه كله حتى إذا بلغ من العمر أربعين سنة و أصبح إلى الشيخوخة أقرب منه إلى الشباب أتى بهذا الأمر العظيم بعزيمة أمضى من السيف و أمل أسطع من البرق لا يكل و لا يمل حتى أدى رسالته و نجح في مهمته هل يمكن أن يكون مزوِّرا؟
هؤلاء أهل مكة قالوا له بألسنتهم قبل أن يبلغهم الدعوة " ما جربنا عليك كذبا قط" و كانوا يودعون عنده أماناتهم حتي بعد أن جهر بالدعوة لإنه عندهم ما زال الصادق الأمين و لو كذب مرة واحدة لما آمن به أحد منهم فهل تراه يذر الكذب على الناس ثم يكذب على الله ؟ و قد بلغ من حسن أخلاقه أن الرجل كان يأتيه قبل أن يسلم و هو أشد الناس كراهية له – ص – فما يمكث معه إلا قليل حتى يقوم من عنده داعيا قومه قائلا لهم جئتكم من عند خير الناس و قد أصبح أحبهم إليه –صلى الله عليه وسلم.
(3/35)
هب أن أخلاقه هذه كانت تكلفا مع الناس فهل يتحمل أن يتكلف أيضا داخل بيته مع زوجاته و بناته – على كثرتهن – أم أنه كان يحسن معاشرتهن[7] و يقول [خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي ] حتى أن أول من آمن به و صدقه زوجته خديجة؟ و حينما سئلت زوجاته عن حاله في بيته قالت كان في مهنة أهله - تعني في خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج فصلى وفي حديث آخر كان يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته ولم يضرب بكفه امرأة قط و كان يستئذن زوجاته إذا أراد أن يُمَرّض في بيت إحداهن و كان يداعبهن و سابق عائشة زوجته مرتين فسبقته و سبقها وكان يمزح ولا يقول إلا حقا و كان يدعو أصحابه إلى إحسان عشرة النساء و يقول اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله و كان يقول أن خير الدراهم هو الدرهم الذي ينفقه الرجل على أهل بيته
بل إن خادمه أنس بن مالك يقول : [خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا: لم صنعت؟ ولا: ألا صنعت[. و كانت آخر وصيته قبل موته الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم يوصي بالمحافظة على الصلاة وإحسان معاملة الخدم والعبيد
(3/36)
و كان –ص- أكرم الناس فما سُئل شيئا يملكه و قال لا و كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وكان مثالا في الحلم والصفح فقد روي أنه كان نائما تحت ظل شجرة و سيفه معلق عليها فجاء أعرابي فأخذ السيف و قال يا محمد من يمنعك مني فقال : الله . فسقط السيف من يد الرجل فاخذه النبي و قال له من يمنعك أنت الآن مني فقال لا أحد فعفا عنه وانصرف الرجل و قسم مرة مالا بين ناس فجاءه أعرابي فجذبه من طرف ردائه و قال هذه قسمة ما أريد بها وجه الله فغضب رسول الله و ما زاد على أن قال و من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى فقد أوذي بأكثر من هذا و صبر و كان أرحم الناس و أرضاهم بقضاء الله انظر إليه و قد فاضت روح ابنه ابراهيم بين يديه فقال و هو تدمع عيناه : " تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون ". و كان أشجع الناس حتى أن الصحابة كانوا يحتمون به في المعركة إذا اشتد وطيسها و حمي أوارها. أفما آن للعاقل أن يفكر : هل يمكن ان تجتمع كل هذه الشمائل-التي لم تتغير طوال حياة صاحبها- إلا في نبي كريم متبع لملة أبيه إبراهيم؟ هل جنى محمد – ص – لنفسه من دعوته تلك شيئا من متاع الدنيا الزائل أم أنه كان يربط الحجر والحجرين على بطنه من الجوع و يقول اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة [8]؟ ألم يكن يظل بالشهر و الشهرين و لا توقد في بيته نار و يقول اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا في حين أنك ترى في كل دين آخر ما يكفل للكهنة و رجال الدين فيه مصادر الثروة و الغنى[9] فما الذي صبره على ذلك إن لم يكن من الصادقين ؟ و ما الذي حمله على ألا يقبل غلو أصحابه في حبه و مدحه فتراه لا يرفع نفسه عن قدره و يقول لأصحابه لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله و رسوله و في إحدى المواقف جلست جويريات يضربن بالدف صبيحة عرس إحدى نساء الأنصار و جعلن يضربن بالدف ويندبن من قتل من(3/37)
أبائها يوم بدر، إذ قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال: دعي هذا، و قولي بالذي كنت تقولين و مصداق ذلك في كتاب الله :" قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"
و لما توفي أحد المهاجرين قالت عنه امرأة من الأنصار : رحمة الله عليك يا أبا السائب، فشهادتي عليك: لقد أكرمك الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أن الله أكرمه). فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال: (أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي). قالت: فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا
أترى لو كان محمد يتحامى الكذب دهاء و سياسة خشيةً أن يكشف الغيب قريبا أو بعيدا عن خلاف ما يقول ما الذي كان يمنعه أن يتقول ما يشاء في شأن ما بعد الموت و هو لا يخشى من يراجعه فيه و لا يهاب حكم التاريخ عليه؟ لقد منعه الخلق العظيم و تقدير المسئولية الكبرى أمام حاكم آخر أعلى من التاريخ و أهله[10]
(3/38)
هب أنه كان يكذب على الناس أفكان يكذب على نفسه أيضا؟ فقد كان مجموعة من الصحابة يحرسون النبي حتي نزلت هذه الآية : " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " فقال لهم (أيها الناس، انصرفوا فقد عصمني الله) [11] ولم يتخذ حرسا بعدها و قد وقف وحده في ميدان المعركة وسط المشركين و قد تفرق أصحابه من حوله و هو يهتف : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب فمن ذا الذي حماه و عصمه حتى بلغ الرسالة كاملة و أدى الأمانة أوفى أداء؟ و ما الذي جعله واثقا تمام الثقة من النصر و التمكين لدينه حتى في أحلك المواقف و أقسى الأزمات[12] فيبشر أصحابه بعروش كسري و قيصر في حين أن اليهود و العرب يحاصرونهم من أسفل منهم و من فوقهم وقد زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر إلا إن كان موعودا من الله الذي لا يخلف الميعاد بالنصر والتمكين؟ هبه امتلأ رجاء ببقاء هذه الدعوة و ظهورها ما دام يتعهدها بنفسه فمن الذي تكفل له بعد موته ببقائها و حمايتها وسط أمواج المستقبل العاتية؟ و كيف يجيئه اليقين في ذلك و هو يعلم من عِبَر الزمان ما يفت في عضد هذا اليقين فكم من نبي قُتل و كم من كتاب فقد أو حُرِّف ؟[13] هل رأيت كاهنا أو ساحرا أو عرافا جاءه مثل هذا اليقين الذي لا يتزعزع و الثبات الذي لا يتردد؟؟
(3/39)
ومن الذي ألف حوله قلوب أصحابه و جمعهم على دعوته بعد أن كانوا قبائل متناحرة لا يجمعهم نظام ولا ينقادون تحت لواء[14] ؟ أرأيت كيف استجابوا له في النهاية إذ دعاهم إلى ترك دين أبائهم وأجدادهم إلى عبادة الله وحده و ترك الأنفة والفخر إلى ضرب الظهور بالسياط إن شربوا الخمر أو قذفوا إنسانا و قطع الأيدي إن سرقوا أو أفسدوا في الأرض؟ فمن الذي حول طباعهم من الغلظة والبداوة وبعد أن كان أحدهم يأنف أن تسبق ناقته ناقة أخرى إلى رفق الإسلام و رحمته وتواضعه فأصبح السيد والعبد يقفان متجاورين في الصلاة؟ ومن الذي كان يجيب دعائه إذا دعا لأحد من أصحابه ؟ ألم يدعُ للمدينة المنورة بأكملها ألا يدخلها طاعون فما دخلها وباء إلى اليوم ؟ ألم يدع لقبيلة بأكملها أمام أصحابه أن تسلم وتأتيه فأسلمت عن بكرة أبيها؟ أتراه يغامر لو كان كاذبا بأمر كهذا؟ أيمكن لرجل أمي أن يغامر و يزعم أنه نبي يؤمن بجميع الأنبياء من قبله من أول آدم مرورا بموسى و عيسى عليهما السلام و يجعل الكفر بواحد منهم كالكفر بالجميع ثم يتحدى أهل الكتاب من اليهود و النصارى الموجودين في عهده – بل إلى قيام الساعة – و يناقشهم في أخص أمور دينهم بل و يفضحهم و يواجههم بتحريفهم لكتب أنبيائهم؟ لقد بلغ من تحديه إياهم أنه لما هاجر توجه إلى أحد معاقل اليهود في الجزيرة العربية و هي يثرب -و كان يمكنه أن يهاجر إلى أرض ليس بها أهل كتاب فما الذي دعاه إلى ذلك لو كان من الكاذبين؟ قل لي بربك لو كان هذا الدين من عند نفسه و ليس من عند الله فما حاجته للإيمان بالأنبياء السابقين و يدخل في هذه المواجهات[15] مع اليهود و النصارى و يعلن أن إلهه و إلههم واحد و لكنهم هم الذين غيروا شريعته و بدلوا و حرفوا. ثم إنك تجد أن علماء اليهود و النصارى المنصفين يدخلون في دينه أفرادا وجماعات و يتبعون شريعته منذ أن بعثه الله و إلى اليوم.[16] إن الكثيرين منهم عندما يتجردون من الأهواء و(3/40)
النزعات الشخصية و العصبية فإنهم سرعان ما يبصرون الحق و يعتنقونه بل إن عدداً من المستشرقين والمبشرين النصارى الذين بدئوا حملتهم مصممين على القضاء على الإسلام وإظهار عيوبه المزعومة ، أصبحوا هم أنفسهم مسلمين ، وما ذلك إلا لأن للحق حجته الدامغة التي لا سبيل إلى إنكارها. قال الله عز وجل " أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ "
ثم كيف يمكن لرجل عادي – لو كان عاديا – أن يؤلف وحده شريعة محكمة لا تدع أمرا من أمور الإنسان إلا ونظمته على الوجه الأمثل بدءا من طريقة الأكل و الشرب حتى نظام الحكم فما تركت خيرا من أمور الدنيا إلا و أمرت به و لا شرا إلا و نهت عنه و يشهد بذلك مفكرو الغرب أنفسهم و الدراسات الحديثة و الفضل ما شهدت به الأعداء. و ما زالت إلى اليوم هذه الشريعة معينا لا ينضب للباحثين و العلماء يستخرجون منها من الحكم الباهرة و الأحكام الدقيقة ما يدعو الناس للإيمان و التصديق.[17] كيف أمكن لرجل بمفرده- لو كان بمفرده- أن يحدث أكبر تغيير ديني و حضاري و سياسي و اجتماعي في العالم استمر إلى الآن حتى إن مفكري الغرب عندما اجتمعوا لكي يحددوا المائة الأوائل الذين كان لهم أكبر تأثير في تاريخ البشرية جعلوا محمدا على رأسهم و ظهر ذلك في كتاب المائة الأوائل لمايكل هارت[18] ألم تمر على أمة الإسلام مائتا عام إلا وكان المسلمون يعيشون نهضة علمية في شتى المجالات في حين كانت أوروبا ترزح تحت جبال من الجهل و التخلف و الخرافات؟!
(3/41)
ثم ألم يكن أولى به لو كان يدعي النبوة أن يخفف من تكاليف الشريعة لأقصى درجة ممكنة لكي يستكثر من الأتباع و لا ينفر الناس من الدخول في الدين الجديد [19]لكنك ترى أنه أخبرنا أن الله فرض علينا خمس صلوات في اليوم و الليلة منها ما يوافق ساعات نوم الإنسان و أمرنا بزكاة تؤخذ من أغنيائنا لترد على فقرائنا و أمرنا بصيام شهر كامل كل عام و بحج بيت الله الحرام مع ما في ذلك من مشقة للبعض ثم حض بعد ذلك على أداء الزيادة من هذه الطاعات و قيام الليل تقربا إلى الله ثم الأمر بالإحسان إلى الخلق بمختلف أنواع البر و صلة الأرحام والأقارب وإن قطعوا و العفو عن الأنام إن ظلموا و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الجهاد في سبيل الله ثم النهي عن لذائذ النفوس و شهواتها المحرمة كالزنا و كل ما يدعو إليه من نظر أو لمس أو تبرج و شرب الخمر و أكل الربا ثم يكون بعد ذلك أول الناس التزاما بما يدعو إليه حتى في خلوته حين يظن أن لا يراه بشر بل و يزيد على أصحابه في الطاعة ما لا يطيقونه هم[20]. فما الذي حمله على ذلك إن لم يكن من الصادقين في عبادته لربه و في نبوته؟ هل الذي يأمر بهذه الأوامر يمكن أن يكون كاذبا على الله؟ ( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ) ألا تعجب أنه مع كل تكليفات الإسلام هذه فإنه أوسع الأديان انتشارا و ذلك باعتراف غير المسلمين و يقبل عليه الناس من جميع الفئات و الأعمار حتى الأطفال.[21] لو كان محمد كاذبا فلماذا تركه الله ينشر دعوته طوال23 سنة بدون أن يعاقبه أو على الأقل بكشف كذبه للناس ولو بزلة لسان؟!
(3/42)
أو كان صدفة أن يولد هذا النبي و يحيا أكثر عمره بجوار بيت الله الحرام الذي بناه إبراهيم عليه السلام و ما زالت آثار إبراهيم موجودة فيه إلى اليوم ثم يتخذه قبلة في صلاته؟ ومن الذي حفظ الكعبة من التدمير على يد إبرهة والمشركين و حفظ مكانتها و مهابتها في قلوب المؤمنين ؟ تُرى لو أن هذا الدين كان من تأليفه فهل تكون الكعبة المشرفة من بنائه أم تكون بئر زمزم من حفره؟! ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً )
النبأ العظيم
قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
(3/43)
كل المؤرخين مجمعون على أن النبي نشأ أميا لا يعرف القراءة و الكتابة و أنه لم يكن يقرض الشعر في حياته بينما كانت العرب تفتخر ببراعتها البلاغية و يقيمون الأسواق يتباهون فيها بالقصائد الطوال و المعلقات الجياد و لم يكن لمحمد أى شأن يذكر في هذا المضمار من قريب أو بعيد. ثم ماذا؟ ثم خرج علهم محمد بين عشية وضحاها بآيات بينات غاية في البلاغة و جمال النظم تحدى بها قومه بل تحدى بها العالم كله -وهكذا الرسل تأتي بمعجزات من جنس ما برع فيه أقوامهم ليكون أبلغ في الإعجاز- وقال للناس( لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ). فانظر إلى هذا النفي المؤكد بل الحكم المؤبد هل يستطيع عربي يدري ما يقول أن يصدر هذا الحكم و هو يعلم أن مجال المساجلات مفتوح بين العرب على مصراعيه؟ ألم يكن يخشى أن يثير هذا التحدي حميتهم الأدبية فيهبوا لمنافسته و هم جميع حذرون؟ سل نفسك لو طوعت لمحمد نفسه أن يصدر هذا الحكم على أهل عصره فكيف يصدره على الأجيال القادمة إلى يوم القيامة بل على الإنس و الجن؟ ثم سلها ألم يفز القرآن في هذا التحدي فلم يهم بمعارضته أحد إلا باء بالعجز الواضح و الفشل الفاضح على مر العصور و الدهور. [22] لقد نزل هذا التحدي إلى أن يأتوا بعشر سور مثله فما استطاعوا ثم نزل أكثر إلى سورة واحدة تضارع أقصر سور القرآن و أعلن أنهم لن يستطيعوا فهل سمعت أن رجلا ألف سورة مثل سور القرآن تلقاها العالم بمثل ما تلقى به القرآن؟ سل نفسك كيف ظل القرآن محفوظا إلى اليوم كما وعد الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) يتناقله المسلمون جيلا بعد جيل متواترا[23] بينهم بنفس اللغة لا تتغير فيه كلمة و لا حرف و لا حركة تشكيل بطريقة هي أعلى طرق الرواية تثبتا و حفظا في حين أن غيره من الكتب(3/44)
فُقِدت أو غُيِّرت أو اندثرت لغاتها الأصلية. سل التاريخ كم مرة تسلط الكفار على المسلمين فأثخنوا فيهم القتل و أكرهوا أمما منهم على الكفر و أحرقوا الكتب و هدموا المساجد و صنعوا ما كان يكفي القليل منه لضياع هذا القرآن كُلا أو بعضا كما فُعل بالكتب من قبله لولا أن يد العناية تحرسه فبقي وسط هذه المعامع رافعا راياته و أعلامه حافظا آياته و أحكامه...[24]
ألم تعجب كيف يسره الله القرآن للحفظ ما لم ييسر لأى كتاب آخر فتجد أن الطفل يبلغ السادسة من عمره و قد حفظ القرآن كله و قد يكون مع ذلك أعمى ! كيف يحدث ذلك الانسجام العجيب بين الفطرة البشرية و بين القرآن إلا أن يكون خالق النفس البشرية هو نفسه مصدر هذا القرآن؟
ثم إنك إذا تأملت طريقة نزول القرآن رأيت عجبا...فإنه لم ينزل جملة واحدة من السماء لكن كان ينزل مفرقا حسب الوقائع و الأحوال فربما نزلت بدايات سورة و لا تنزل خواتيمها أو أواسطها إلا بعد عشر سنين تكون خلالها نزلت سور أخرى و ختمت أو لم تختم فإذا هبط جبريل على النبي بآيات جمع النبي أصحابه ليكتبوا وراءه ثم يقول ضعوا آية كذا في سورة كذا في موضع كذا و آية كذا في سورة كذا و هكذا فتوضع الآية في مكانها الذي نزلت من أجله في أول السورة أو وسطها أو آخرها بين آيتين قد تكونا نزلتا قبلها بعشر سنين فتقرأ السورة فلا تحس بأي تنافر بين أجزائها. ثم إن الآية توضع مكانها الذي نزلت من أجله ولا يتغير هذا المكان بعد ذلك أبدا لا تقديما و لا تأخيرا حتى اكتمل هذا الكتاب المعجز في أجمل صورة و أعظم تركيب فأى تدبير محكم و أى تقدير مبرم و أى علم محيط لا يضل و لا ينسى ولا يتردد كان قد أعد لهذه المواد المبعثرة نظامها و هداها إلى ما قدره لها حتى صيغ منها ذلك العقد النظيم و سرى بينها هذا المزاج العجيب؟ [25] (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيرا )
(3/45)
و الآن سل نفسك هل رأيت كتابا ألف بهذه الطريقة أبد الدهر؟ وهل يستطيع كاتب أن يؤلف كتابا في مدة ثلاث و عشرين سنة لا يؤلفه مرتبا و لكن مفرقا قطعا قطعا على غير ترتيب لا يقدم فيه و لا يؤخر و لكن يملي من وحي ضميره العبارات و الجمل مفرقة بين الحوادث و السنين فتجد كل جملة لها مكانا ينتظرها بين جاراتها لا يجور ولا يجار عليه و كأنه أحصى ما سوف تلده الأيام من مفاجآت الحوادث المستقبلية صغيرة و كبيرة في مدى دهره ثم قدّر ما سوف تتطلبه تلك النوازل من كلام فقدر لكل حادثة قدرها؟! فكيف لو كان أميا لا يقرأ ما يكتب له؟!!
(3/46)
هذا من جهة مبناه فإذا نظرت إلى محتواه وجدت من الإعجاز في المعاني ما لا يقل عن الإعجاز في النظم و المباني.[26] ذلك أن القرآن حوى بين طياته كل ما يحتاج الإنسان إليه في حياته لكي يحيا حياة طيبة صالحة. تحدث القرآن عن وحدانية الله عز وجل و أقام عليها البراهين العقلية القاطعة وذكر من صفات الرب الحسنى وأفعاله الكريمة و سننه في خلقه و مظاهر نعمه عليهم ما يزيد إيمان المؤمنين ويرقق قلوب الكافرين وذكر من آيات الله المبثوثة في كونه ودعا الإنسان للنظر والتأمل فيها وتحدث عن نشأة الإنسان و الغرض من خلقه و مصيره بعد موته ثم أخبره كيف يعبده و يتقرب إليه بأنواع العبادات البدنية والمالية والقلبية و تضمن الإخبار عن عالم الغيب من الملائكة و الجن و الشياطين و كذا الإخبار عن قصص الأمم السابقة و أحوالهم مع أنبيائهم وعقاب الله للأقوام الظالمين بما جعله الله عبرة لكل معتبر و رد القرآن على شبهات المشركين و حذر المعاندين و أنذرهم و بشر المؤمنين و ثبّتهم وحاور أهل الكتاب فأسكتهم و ضرب للناس من كل شيء مثلا و تحدث عن أهوال يوم القيامة و علاماته و ذكر ما أعده الله لعباده المؤمنين في جنات النعيم و ما ينتظر الكافرين من عذاب أليم ثم رسم للإنسان منهجا يسير عليه في حياته و حد له حدودا ووضع له ضوابط تضمن له و لمجتمعه السعادة الكاملة و الأمن التام فذكر أحكام المعاملات المالية و أحكام النكاح و الطلاق و البيع و الشراء والدَيْن والميراث وأحكام الإمارة والقضاء و الحدود و القصاص حتى آداب الاستئئذان و النظر و الثياب ذكر القرآن منها ما يكفل للمجتمع طهارته و للإنسان عفافه و كرامته حتى مأكل الإنسان ومشربه أباح له كل طيب و حرم عليه كل خبيث على التفصيل و الإجمال وذكر أيضا آداب التعامل مع الوالدين و إن كانوا غير مسلمين ومع الزوجة و ذوي الأرحام وإن كانوا غير بارين حتى الخدم و العبيد و الأرامل والمطلقات والأيتام لم ينسهم(3/47)
القرآن حتى الطفل الرضيع والرجل الأعمى والأعرج ذكرهم الله (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً )
وهكذا لم تخل آية في القرآن من حكمة وموعظة أو بشارة أو إنذار أو أمر أو نهي لما فيه مصلحة العباد الدينية والدنيوية فلله درها من آيات كم ألانت قلبا قاسيا و كم فتحت عقلا مغلقا و كم شفت وساوس صدر مريض.
فهو معجزة كبيرة وشاملة وغنية تتجاوز كل الأزمنة والأمكنة، وتلبي جميع المطالب الإنسانية بدءً من العقائد وانتهاءً بأصغر الآداب الاجتماعية . [27]( فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ )
فإذا نظرنا إلى القصص القرآني سنجد أنه حوى أحسن القصص وقعا في النفوس وأصدقها أحداثا و أكثرها عبرة في الوقت الذي كانت كتب اليهود والنصارى حافلة بالمغالطات التاريخية وقصص العاهرات و نسبة النقائص والفواحش للأنبياء بينما القرآن قصصه في أرفع درجات السمو الأخلاقي و الكمال الإنساني. وإن تعجب فعجب قول من يدعي زورا وبهتانا أن القرآن استقى أخباره التاريخية من الكتب الموجودة بأيدي أهل الكتاب في عهده!! و كأن القرآن لم يفضح تزويرهم صراحة و يواجههم بتحريفهم و يكشف مغالطاتهم[28] ثم إنك تجد أن القرآن يحوي تفاصيل دقيقة لم تذكرها هذه الكتب وكفاك بقصتي يوسف وموسى عليهما السلام دليلا. [29]
فهل كان صدفة أن توافق أخبار القرآن عن الأمم السابقة و أنبيائهم الصحيح المحرر[30] من علوم أهل الكتاب و تزيد عليها و أما ما داخلها من التحريف و التغيير فلا يأبه له القرآن بل يصححه و يفضحه أحيانا كثيرة ؟ و ممن ؟ من رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب !!
كفاك بالعلم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم
(3/48)
؟ هب أن محمدا اطلع على أخبار الأولين فهل تراه اتخذ عند الله عهدا أن تصدق الأيام ما أخبر به من أمور المستقبل ولو بعد مئات السنين؟ فقد أخبر القرآن عن حوادث ستقع في المستقبل و حدثت كما أخبر تماما. فمثلا ذكر القرآن عن أناس معينين أنهم لن يسلموا و سيموتون على الكفر مثل أبي لهب وامرأته حمالة الحطب والوليد بن المغيرة فمن أين علم محمد أن هؤلاء لن يسلموا ؟! و كيف لم يخش أن تطوع لأحدهم نفسه فيعلن إسلامه نفاقا لكي يحرج محمدا؟ فيا عجبا لهذه الآيات هل كانت مؤلفة من حروف و كلمات أم كانت أغلالا وضعت في أعناقهم إلى الأبد؟ و مثل آخر في أول سورة الروم حيث دار بين الفرس الوثنيين و الروم النصارى أهل الكتاب معركة هزم فيها الفرس الروم ففرح المشركون بذلك لأنهم وثنيون مثلهم و حزن المسلمون فنزلت (الم . غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
و لقد صدق الله وعده فتمت للروم الغلبة على الفرس بإجماع المؤرخين في أقل من تسع سنين و كان يومها هو اليوم الذي انتصر فيه المسلمون على المشركين في غزوة بدر. فكيف حدث ذلك بهذه الدقة إلا إذا كان الذي صدرت هذه الآيات عن علمه هو الذي صدرت هذه الحوادث عن مشيئته و حكمه؟
(3/49)
أما عن الآيات التي تتحدث عن خلق الكون و خلق الإنسان و الليل و النهار و الجبال و البحار والرياح و السحب والمطر والحيوان والنبات و النجوم والكواكب و الشمس و القمر والأرض و السماء فقد ذكر القرآن من أسرارها في كلمات وجيزة ما كانت تعجز علوم الدنيا حين نزل القرآن أن تتوقعه و لم يكتشفها العلم إلا في العصر الحديث و ما وقف أمامها فطاحل العلماء مبهورا أن يكون رجل أمي قد أتى بكلام مثل هذا منذ ألف و أربعمائة سنة!! ألم يخبر القرآن بأن للجبال أوتاد و أن البحر مسجور و الرياح لواقح و السحب ثقال و الكائنات أزواج و السماء ذات رجع و الأرض ذات صدع والليل و النهار مكوران على بعض و الشمس و القمر بحسبان و مواقع النجوم أمرها عظيم[31] !! هل كان أحد في ذلك الوقت يعرف المراحل الدقيقة لخلق الأجنة في بطون أمهاتها أو يعرف أن الذي يرتفع في الجو يضيق صدره من صعوبة التنفس أو أن كل شيء خلق من ماء أو أن الحديد نزل من السماء ليستقر في الأرض و لم يتكون داخلها كما يتكون البترول مثلا أو أن السماء تتسع باستمرار أو أن هناك أنواعا من النجوم مختفية عن الأنظار تسير في السماء تكنس ما حوله وصفها بأنها جوار كنس أو أن السماوات والأرض كانتا في بداية الخلق قطعة واحدة فتقها الله ؟ ( وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُون ) ؟ كل هذه الحقائق التي أثبتتها العلوم الحديثة وغيرها يذكرها القرآن في غاية الوضوح و أمثالها في السنة النبوية كثير و أسلم بسببها كثير من العلماء[32] فما الذي حمل محمدا على ذكر هذه الحقائق لقوم أميين ومن الذي ضمن له أن العلم سوف يثبت صحتها يوما من الأيام؟ [33] هذا غير الآيات التي تسبر أغوار النفس البشرية وتخبر بما يجول في خاطرها سواء كانت هذه النفس نفس مؤمن مصدق أو كافر معاند أو كتابي مرتاب . ألم تنزل الآيات تفضح المنافقين الموجودين في المدينة و تخبر بخطرات نفوسهم؟ ألم يدع الأعراب الإيمان(3/50)
فنزلت (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) ألم يكن الأولى لو كانت هذه دعوة شخصية ألا ينفر محمد الأتباع من حوله بل يستكثر منهم و يحتفظ بهم في صفه؟[34] ناهيك عن التأثير الكبير الذي أحدثه القرآن في نفوس أصحاب النبي يقول الأستاذ فتح الله كولن : " لقد أحدث القرآن في أول عهده بالنزول وأول عهده بتشريفه الدنيا تأثيرا لا يمكن تصوره في الأرواح وفي العقول والقلوب أيضا، بحيث أن درجة الكمال التي وصلت إليها الأجيال التي نشأت في جوه النوراني كانت معجزة قائمة بذاتها لا نحتاج معها إلى ذكر أي نوع آخر من معجزاته. ولا يمكن العثور على أي أمثال لهم في مستواهم من ناحية التدين والتفكير وأفق الفكر والخلُق ومعرفة أسرار العبودية.
فالحقيقة أن القرآن قد أنشأ جيلا من الصحابة آنذاك لا نبالغ إن قلنا إنهم كانوا في مستوى الملائكة. وحتى اليوم فهو يقوم بتنوير قلوب المتوجهين إليه الناهلين من نبعه، ويهمس في أرواحهم أسرار الوجود. والذين يَدَعون أنفسهم بكل أحاسيسهم ومشاعرهم وقلوبهم وقابلية إدراكهم تسبح في جوه الذي لا مثيل له سرعان ما تتغير عواطفهم وأفكارهم، ويحس كل واحد منهم بأنه قد تغير بمقياس معين وأنه أصبح يعيش في عالم آخر" (هَذَا بَصَائِرُ للنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَومٍ يُوقِنُونَ ) ويمكنك أن تقرأ في القرآن لكي تشعر بهذا بنفسك فهو متاح على الإنترنت.
(3/51)
والآن آن لنا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال : من أين أتى محمد بالقرآن؟ هناك ثلاثة احتمالات لا رابع لها. إما أن يكون من كلام محمد نفسه وإما أن يكون من كلام شخص آخر كان يتصل به محمد بصورة غير معروفة في جميع الأماكن والأزمنة ليتلقى منه الآيات و إما أن يكون وحيا من عند الله أوحاه إليه عن طريق الملك الذي أنزل على جميع الأنبياء من قبل و هو روح القدس جبريل عليه السلام كما أخبر بذلك القرآن نفسه.
فإذا نظرنا إلى الاحتمال الأول سنجد أن القرآن صريح في لأنه لا صنعة فيه لمحمد ولا لأحد من الخلق لكنه منزل من عند الله بلفظه ومعناه. فأى مصلحة لمحمد لو كان القرآن من كلامه أن ينسب بضاعته لغيره وينسلخ منها انسلاخا ولو انتحلها لما وجد أحدا من البشر يعارضه ويزعمها لنفسه؟ إن قومه أنفسهم قد استبعدوا هذا الاحتمال- أن يكون القرآن من تأليف محمد- لإنه عاش بينهم أربعين سنة يحضر مشاهدهم و يتعامل معهم ولم تبد عليه أثارة من تلك العلوم التي لا عهد لهم بها قبل ذلك. (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ) ثم إنك تقرأ كلام النبي وأحاديثه في كتب السنة و تقرأ القرآن فلا تحس بأنهما خرجا من ذات المنبع بل تجد الفرق في الأسلوب بينهما واضحا هذا خطاب إلهي و ذاك كلام بشري.. ثم لماذا لم يحو القرآن لو كان من عند محمد خطرات نفسه و آلامه و أحزانه المختلفة التي مرت به و هو الذي مرت به الأحداث الجسام مثل وفاة زوجته خديجة و عمه أبي طالب في عام واحد و محاصرة المشركين له و لأصحابه في أحد شعاب مكة ثلاث أعوام و مقتل عمه حمزة ووفاة جميع أبنائه في حياته إلا فاطمة ولكنك لا ترى إشارة لذلك في القرآن.
(3/52)
وهل تكون الآيات التي تعاتب النبي في القرآن و توجهه و تأمره و تنهاه من وضعه؟ أيكون من عنده ثم يجعل فيه حين دعا على بعض المشركين (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) أم يكون من عنده ثم يقول فيه لنفسه (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاه ) أو يقول فيه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) و ذلك حين أقسم ألا يتناول نوعا معينا من الطعام ؟ بل إنه عبس مرة في وجه رجل مسلم أعمى جاء يسأله عن شيء لإنه كان مشغولا بدعوة أشراف قريش إلى الإسلام فنزلت سورة عرفت بسورة عبس , بدايتها : (عَبَسَ وَتَوَلَّى {1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى {2} وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى {3} أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى )
ألم يكن أولى به – لو كان كما يدعي المبطلون كاذبا – أن يكتم هذه الآيات؟
بل كانت تنزل به النوازل من شأنها أنها تحفزه إلى القول و كانت حاجته القصوى تلح عليه أن يتكلم بحيث لو كان الأمر إليه لوجد له مقالا و مجالا و لكنه كانت تمضى به الليالى و الأيام تتبعها الليالى و الأيام و لا يجد فى شأنها قرآنا يقرؤه على الناس.
(3/53)
ألم يرجف المنافقون بحديث الإفك عن زوجه عائشة رضى الله عنها و أبطأ الوحى و طال الأمر و الناس يخوضون حتى بلغت القلوب الحناجر و هو لا يستطيع إلا أن يقول بكل تحفظ و احتراس " إنى لا أعلم عنها إلا خيرا" ثم إنه بعد أن بذل جهده فى التحرى و السؤال و استشارة الأصحاب و مضى شهر بأكمله و الكل يقولون ما علمنا عليها من سوء لم يزد على أن قال لها آخر الأمر " يا عائشة أما إنه بلغنى كذا و كذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله و إن كنت ألممت بذنب فاستغفرى الله " هذا كلامه بوحى ضميره و هو كما ترى كلام البشر الذى لا يعلم الغيب و كلام الصدّيق المتثبت الذى لا يتبع الظن و لا يقول ما ليس له به علم على أنه لم يغادر مكانه بعد أن قال هذه الكلمات حتى نزل صدر سورة النور معلنا براءتها و مصدرا الحكم المبرم بشرفها و طهارتها . فماذا كان يمنعه- لو أن أمر القرآن إليه- أن يتقول هذه الكلمة الحاسمة من قبل ليحمى بها عرضه و بذب بها عن عرينه و ينسبها إلى الوحى السماوى لتنقطع ألسنة المتخرصين ؟ و لكنه ما كان ليذر الكذب على الناس و يكذب على الله [ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ] [35]
(3/54)
والآن إذا انتقلنا إلى الاحتمال الثاني – وهو أن يكون أحدا من الإنس أو الجن قد أوحى بهذا القرآن العظيم والشريعة الكاملة إلى محمد – فبرغم من تهاوي كثير من أركان هذا الاحتمال بما سبق ذكره إلا أنه لا مانع من مناقشة بعض ما قد يحيك في صدر المتشكك أو يقذف به الشيطان في فؤاد المرتاب. أولا الذي يردد هذه الشبهة يلزمه أن يخبرنا من هو هذا الشخص – سواء كان إنسا أم جنا - الذي آتاه الله علوم الأولين والآخرين وأطلعه على الغيب و ما هو كائن إلى يوم القيامة و زوده بالعلوم والمعارف الحديثة التي لم تكن لتخطر على بال أوسع الناس خيالا حينئذ فأخرج لنا هذا الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتب السماوية و مهيمنا عليها لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه!! لا شك أن هذا الشخص - لو كان موجودا لكان عربيا لإن القرآن بلسان عربي مبين – فهل تظن أن بين العرب الذين كانوا يعيشون في جاهلية عمياء في ذلك الوقت من كان يمكنه أن يفيض قلبه عن بعض علوم هذا الكتاب؟ هب أن هذا كان صحيحا في الكتاب فمن أين أتى النبي بالسنة - وهي جميع أقواله وأفعاله- وبها من الإعجاز ما يداني إعجاز القرآن؟ وهل كان محمد ذو الذكاء الثاقب والفطنة الحادة مخدوعا طوال 23 سنة [36]يظن أنه يوحي إليه من عند الله و ما هو من عند الله؟!! إن أى قارئ في سيرة النبي محمد ليلحظ بكل وضوح أنه كان صادقا في دعوته وفي جهاده – أو على الأقل كان يظن ذلك – فهل تظن أن رحمة الله وعدله وكرمه كانت تترك رجلا بهذه الأخلاق النبيلة و السجايا الكريمة والنوايا الصادقة التي شهد عليها أعداؤه يُغرر به طوال هذه المدة؟؟ و لماذا لم يعلن هذا الشخص عن ذاته –لو كان موجودا –ويعرفنا بنفسه أو ينسب هذا القرآن لشخصه فينال بذلك عز الدنيا وشرف الدهر؟! ما الذي جناه هذا الشخص لنفسه من دعوة الناس للإيمان بالله و اليوم الآخر والالتزام بالأخلاق الفاضلة؟ ثم كيف يمكنه أن يضع شريعة فذة ونظاما كاملا(3/55)
للحياة شهد بروعته الفلاسفة والمفكرون غير المسلمين؟ هب أن هذا حدث أيمكنه أيضا أن ينصر هذه الدعوة من محاولات وأدها المستمرة ويُمكِّن لهذا الدين في الأرض إلى يومنا هذا ويحفظ مصادره الأساسية من الضياع على مدار التاريخ؟ إن هذا مما تأباه العقول السليمة والفطر السوية وصدق الله إذ يقول: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ . إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ .فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ )
والآن لم يبق إلا أن يكون وحيا من عند الله أوحاه إلى محمد ليخرج الناس من الظلمات إلى النور عن طريق رسول كريم هو جبريل عليه السلام (مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) ولم يبق إلا أن تقرأ آيات القرآن وكلام النبي بنفسك و تتدبرهما بعقلك وقلبك وانظر هل يكون هذا إلا تنزيل من لدن حكيم عليم؟
البشارة
وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَد
بالرغم مما نال الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل من تحريف و تبديل إلا أن الله شاء أن تبقى البشارة بالنبي محمد إلى يومنا هذا واضحة وضوح الشمس يراها كل من له عينان نذكرها إن شاء الله لكي تطمئن بها قلوب و تبتهج بها أرواح. أما في العهد القديم فإننا نجد موسى عليه السلام يبشر بظهور نبي ورسول مثله فعندما ينزل موسى عن جبل الطور بعد ما كلمه ربه يقول مخاطباً بني إسرائيل: " قال لي الرب: قد أحسنوا في ما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه، وأما النبي الذي يطغى فيتكلم باسمي كلاماً لم أوصه أن يتكلم به، أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى، فيموت ذلك النبي.
(3/56)
وإن قلت في قلبك: كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب؟ فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصِر، فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب، بل بطغيان تكلم به النبي، فلا تخف منه " (التثنية 18 / 17 – 22 )
والنص كما هو واضح يتحدث عن نبي عظيم يأتي بعد موسى عليه السلام، ويذكر صفات هذا النبي، والتي نستطيع من خلالها معرفة من يكون. ويزعم النصارى أن هذا النبي قد جاء، وهو عيسى عليه السلام،
لكن النص دال على نبينا صلى الله عليه وسلم، إذ لا دليل عند النصارى على تخصيصه بالمسيح، إذ يذكر النص التوراتي أوصاف هذا المبعوث المبشر به:
1) ) أنه نبي " أقيم لهم نبياً "، والنصارى يدعون للمسيح الإلهية، بل يدعي الأرثوذكس أنه الله نفسه، فكيف يقول لهم: أقيم نبياً، ولا يقول: أقيم نفسي.
2) ) أنه من غير بني إسرائيل، بل هو من بين إخوتهم أي أبناء عمومتهم "من وسط إخوتهم"، وعمومة بني إسرائيل هم بنو عيسو بن إسحاق، وبنو إسماعيل بن إبراهيم.
ومن المعهود في التوراة إطلاق لفظ " الأخ " على ابن العم، وعليه فهذا النبي يحتمل أن يكون من العرب تحقيقاً للبركة الموعودة في نسل إسماعيل، وقد يكون من بني عيسو بكر إسحاق. لكن أحداً من بني عيسو لم يدع أنه النبي المنتظر.
(3) هذا النبي من خصائصه أنه مثل موسى الذي لم يقم في بني إسرائيل نبي مثله، وفي التوراة السامرية ما يمنع صراحة قيام مثل هذا النبي فقد جاء فيها: " ولا يقوم أيضاً نبي في بني إسرائيل كموسى الذي ناجاه الله" (التثنية 4/10(
(3/57)
وهذه الخصلة، أي المثلية لموسى متحققة في نبينا صلى الله عليه وسلم، ممتنعة في المسيح، حيث نرى الكثير من أمثلة التشابه بين موسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، والتي لا نجدها في المسيح، من ذلك ميلادهما الطبيعي، وزواجهما، وكونهما صاحبا شريعة، وكل منهما بعث بالسيف على عدوه، وكلاهما قاد أمته، وملك عليها، وكلاهما بشر، بينما تزعم النصارى بأن المسيح إله، وهذا ينقض كل مثل لو كان.
(4) من صفات هذا النبي أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، والوحي الذي يأتيه وحي شفاهي، يغاير ما جاء الأنبياء قبله من صحف مكتوبة " وأجعل كلامي في فمه "، وقد كان المسيح عليه السلام قارئاً (انظر لوقا 4/16-18.(
5) ) أنه يتمكن من بلاغ كامل دينه، فهو " يكلمهم بكل ما أوصيه به ". وهو وصف منطبق على محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان من أواخر ما نزل من القرآن عليه صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً )
وقبيل وفاة موسى عليه السلام ساق خبراً مباركاً لقومه بني إسرائيل، فقد جاء في سفر التثنية: "هذه البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته، فقال: جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة...."( التثنية 33/1-3.(
وجبل فاران هو جبل بمكة و يؤيد ذلك ما تقوله التوراة عن إسماعيل: " كان الله مع الغلام فكبر.وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس، وسكن في برية فاران، وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر " (التكوين 21/20-21).) فالمقصود إذن بتلألأ الرب من جبل فاران هو بعثة النبي محمد من مكة ليكون إماما للمؤمنين ورحمة للعالمين
(3/58)
أما في العهد الجديد فإننا نجد البشارة أيضا واضحة ففي متى 43:21 قال المسيح لليهود : ( أقول لكم: إن ملكوت الله سينزع من أيديكم ويسلم إلى شعب يؤدي ثمره. ) فمن يا ترى هذا الشعب ؟ إن تلاميذ المسيح كانوا من بني إسرائيل حتى بولس كان من بني إسرائيل أيضا ولهذا لا يمكن تفسير كلام المسيح أن المقصود به هم تلاميذه. ولا يمكن أن يكون مقصود المسيح هم الوثنيون الذين اعتنقوا مبادىء بولس وإلا أي ثمرة هذه التي أداها الوثنيون لمبادىء المسيح وأي ملكوت لله هذا الذي سلم للوثنيين؟ لم يبق إذن إلا أن يكون مقصود المسيح هم المسلمون الذين عظموا المسيح وأمه ورفعوا راية التوحيد في الأرض وحملوا لواء العبودية لله رب العالمين. وفي إنجيل يوحنا (1/19-21) أرسل اليهود من أورشليم بعض الكهنة واللاويين يسألون يوحنا : «من أنت؟» فاعترف ولم ينكر، بل أكد قائلا: «لست أنا المسيح». فسألوه: «ماذا إذن؟ هل أنت إيليا؟» قال: «لست إياه!»؛ «أو أنت النبي؟» فأجاب: «لا» نجد ذكرا لثلاثة أشخاص هم إيليا والمسيح والنبي. فمن يا ترى يكون هذا النبي الذي كان اليهود ينتظرونه غير النبي محمد ؟ وفي موضع آخر من إنجيل يوحنا حيث يبشر بمجيء النبي المنتظر يقول المسيح موصياً تلاميذه: " إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر، ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم، ويكون فيكم... إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً. الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي، والكلام الذي تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني، بهذا كلمتكم وأنا عندكم، وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم …. قلت لكم الآن قبل أن يكون، حتى متى كان تؤمنون " (يوحنا 14/15 – 30)
(3/59)
وفي الإصحاح الذي يليه يعظ المسيح تلاميذه طالباً منهم حفظ وصاياه، ثم يقول:"إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية، ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يوحنا 15/26 ( 16/14-
ونبينا محمد هو روح الحق الذي مكثت تعاليمه إلى الأبد وعلمنا كل شيء و هو الذي مجد المسيح فنزهه مما نسبه إليه اليهود وهو الذي لا يتكلم من قبل نفسه ولكن ( مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى )
وليس المقصود بقوله: " لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم" الرؤية البصرية والمعرفة الحسية، بل المعرفة الإيمانية. ومثله ما جاء في يوحنا "أجاب يسوع: لستم تعرفونني أنا، ولا أبي، لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً" (يوحنا 8/19( ومثله في الأناجيل كثير.
و كلمة المعزي التي في الترجمة الحالية للإنجيل هي ترجمة خاطئة للكلمة اليونانية البارقليط الموجودة كما هي في تراجم عالمية أخري والتي كانت موجودة حتي القرن التاسع عشر كما هي في الترجمة العربية للإنجيل مما يدل على أنها اسم علم.
وفي تفسير كلمة " بارقليط " اليوناني نقول: إن هذا اللفظ اليوناني الأصل، لا يخلو من أحد حالين، الأول أنه "باراكلي توس". فيكون بمعنى: المعزي والمعين والوكيل.
والثاني أنه " بيروكلوتوس "، فيكون قريباً من معنى: محمد وأحمد.
ويقول أسقف بني سويف الأنبا أثناسيوس في تفسيره لإنجيل يوحنا " إن لفظ بارقليط إذا حرف نطقه قليلاً يصير "بيركليت"، ومعناه: الحمد أو الشكر، وهو قريب من لفظ أحمد ".
(3/60)
ويسأل عبد الوهاب النجار الدكتور كارلو نيلنو – الحاصل على الدكتوراه في آداب اليهود اليونانية القديمة- عن معنى كلمة " بيركلوتس " فيقول: " الذي له حمد كثير ".
ويرى عبد الأحد داود أن تفسير الكنيسة للبارقليط بأنه " شخص يدعى للمساعدة أو شفيع أو محام أو وسيط " غير صحيح، فإن كلمة بارقليط اليونانية لا تفيد أياً من هذه المعاني، فالمعزي في اليونانية يدعى (باركالوف أو باريجوريس)، والمحامي تعريب للفظة (سانجرس)، وأما الوسيط أو الشفيع فتستعمل له لفظة " ميديتيا "، وعليه فعزوف الكنيسة عن معنى الحمد إلى أي من هذه المعاني إنما هو نوع من التحريف. يقول الدكتور سميسون في كتاب "الروح القدس أو قوة في الأعالي": "الاسم المعزي ليس ترجمة دقيقة جداً". بل إن أدوين جونس في كتابه " نشأة الديانة المسيحية " يعترف بأن معنى البارقليط: محمد، لكنه يطمس اعترافه بكذبة لا تنطلي على أهل العلم والتحقيق، فيقول بأن المسيحيين أدخلوا هذا الاسم في إنجيل يوحنا جهلاً منهم بعد ظهور الإسلام وتأثرهم بالثقافة الدينية للمسلمين.
ومما يؤكد أن لفظة روح الله دالة على الأنبياء أيضاً، ما جاء في رسالة يوحنا الأولى: "فلا تؤمنوا أيها الأحباء بكل روح من الأرواح، بل امتحنوا الأرواح حتى تعلموا هل هي من عند الله أم لا ؟ لأن كثيرين من الأنبياء الكذبة برزوا إلى هذا العالم " ( يوحنا(1) 4/1-2 )، فالأنبياء الصادقون هم روح الله، والأنبياء الكذبة هم روح الشيطان.
وبين يوحنا كيفية معرفة روح الحق من روح الضلال، فقال: " بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله، وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم أنه يأتي، والآن هو في العالم" (يوحنا (1) 4/2 - 6.(
(3/61)
ورسولنا هو روح الحق بدليل قول يوحنا، لأنه يعترف بالمسيح أنه رسول من عند الله، وأنه جسد، وأنه من الله كما سائر الناس هم من الله أي الله خلقهم. أما تفسير الكنيسة للبارقليط بأنه روح القدس بالمعنى الذي وضعته للأقنوم فهو تفسير خاطيء عقليا لعدة أمور:
أولا أن نصوص العهد القديم صريحة في أن الروح القدس كان موجودا أثناء حياة المسيح والأنبياء قبله يؤيدهم ويؤيد أتباعهم[37] في حين أن النبوءة فيها " إذا لم أذهب فإنه لا يأتيكم "
ثانيا أن النصارى يعتقدون باتحاد أقنومي المسيح وروح القدس فكيف يكونا متحدين ويرسل أحدهما الآخر؟؟
ثالثا قال المسيح عن البارقليط
ثالثا يلزم من يقول هذا أن يخبرنا ما الذي قدمه هذا الأقنوم للعالم خلال الألفي عام الماضية فمكث فيه للأبد وذكرهم بكل ما قاله المسيح ولم يستطع العالم أن يقبله وما هي النبوءات التي أخبر بها مؤلفو العهد الجديد وحدثت بالفعل. [38]
رابعا قول المسيح عن البارقليط كل ما يسمع يتكلم به يدل على أنه يتكلم في حين أن اعتقاد النصارى في الروح القدس أنه يلهم و يدل أيضا على أن كلامه ليس من عند نفسه و لكنه يبلغ ما يسمعه في حين يعتقد النصارى أن الروح القدس إله مساو لله فكيف يكون إلها ولا يتكلم من عند نفسه؟
خامسا قوله قلت لكم قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون يوحي بأن الذي يتحدث عنه المسيح لم يكن موجودا أصلا أثناء الكلام في حين أن الروح القدس كان موجودا و يوحي أيضا بأن هذا الشخص الذي يتحدث عنه المسيح سوف تدعو الناس للإيمان بنفسه و لكن أكثر الناس لن يقبلوه لذا دعا المسيح تلاميذه للإيمان به في حين أن تأثير الروح القدس الذي يدعيه النصارى في إلهام كتبة الأناجيل تأثير خفي لا يستلزم من أحد الإيمان بشيء محدد يترتب عليه ثواب وعقاب ويجعل المسيح يركز عليه بهذه الطريقة .
(3/62)
وبذلك فإننا نرى في البارقليط النبوءة التي ذكرها القرآن الكريم ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )
الجزء الثاني
إلى الذين تهفو أرواحهم شوقا إلى نور الله .. إلى الذين تساءلت عقولهم كثيرا فلم يجدوا لهم آذانا صاغية ولم يجدوا جوابا شافيا .. إلى كل من اشتاق لأن يعرف الحقيقة ناصعة البياض لا لبس فيها ولا غموض .. ها قد آن الأوان لذلك
الإسلام
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما الإسلام كان أول ما قال: ( أن تعبد الله ولا تشرك به) وإذا نظرت في القاموس عن معنى كلمة إسلام ستجد أن معناها الحرفي لها هو الإذعان والانقياد و الاستسلام. ولما كان كل موصوف له من اسمه نصيب فالإسلام إذن يعني أن تُسلم الوجه والقلب والجوارح وجميع أمورك لله رب العالمين فلا تكون عبادتك وقصدك وتوجهك في جميع تصرفاتك إلا إلى إله واحد هو الله عز وجل وأن تنقاد بجسدك وقلبك وروحك لأمر الله ونهيه وأن تستسلم لحكمه وتقف عند حدوده هذا باختصار هو الإسلام. (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )
(3/63)
والإيمان بالله على النحو السابق يستلزم عدة أمور منها أن تؤمن أن الله واحد في ذاته لا قسيم له ولا ند له ولا معبود بحق سواه وأن تؤمن بربوبيته سبحانه فلا شريك له أى أنه وحده هو خالق السماوات والأرض من العدم وأنه هو وحده الذي يملك أمور جميع الخلائق من خلق ورزق وإماتة وإحياء قال تعالى (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ . فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ )
(3/64)
و أن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلى فلا شبيه له ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )[39] وأنه منزه عن النقص والقصور و عن الزوجة والولد ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) وأنه لا يشبه أحدا من خلقه فهو فوق خلقه أجمعين محيط بهم بعلمه وسمعه وبصره وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد له السلطان والقهر، والخلق والأمر السماوات مطويات بيمينه، والخلائق مقهورون في قبضته ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ) وهو أول ليس قبله شيء وآخِر ليس بعده شيء فلا يفني ولا يموت ولا تأخذه سِنة ولا نوم و لا يحدث أمر في هذا الكون إلا بقضائه وقدره، وحكمته ومشيئته. فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن لا يخرج عن مشيئته لفتة ناظر، ولا فلتة خاطر بل هو المبدئ المعيد، الفعال لما يريد (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه ولا مهرب لعبد عن معصيته، إلا بتوفيقه ورحمته ولا قوة له على طاعته، إلا بمشيئته وإرادته فلو اجتمع الإنس والجن، والملائكة والشياطين على أن يحركوا في العالم ذرة أو يسكنوها دون إرادته ومشيئته، لعجزوا عن ذلك . ( ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ . لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )
(3/65)
لذا فهو وحده المستحق للعبادة –والعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله من أعمال القلوب والجوارح –فلا يستعان إلا به ولا يُتوكل إلا عليه ولا يُخاف إلا منه ولا يرجى إلا إياه هذا هو التوحيد الذي دعا إليه جميع الأنبياء فكان كل منهم يقول لقومه ( اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) و الإيمان بالله يستلزم من العبد أن يؤمن بجميع رسله من لدن آدم حتى محمد – صلى الله عليه وسلم –وهو خاتمهم وأفضلهم وبالكتب المنزلة على هذه الرسل مثل التوراة والإنجيل والقرآن وأن تؤمن بملائكة الله و اليوم الآخر ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) حين يجمع الله الناس ثم يحاسبهم و يدخل المؤمنين الجنة -دار كرامته ويعذَب الكافرون في النار. وللإسلام أركان لا يتم إلا بها هي شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
(3/66)
هذا هو الإسلام عقيدة صافية نقية لا تعقيد فيها ولا ألغاز ولا أسرار يستأثر بها البعض دون البعض. دين لا يتعارض مع الفطرة البشرية. دين يجعل مسئولية الإنسان أمام الله وحده ويجعل كل إنسان مسئول عن عمله وحده فلا تزر وازرة وزر أخرى. دين لا يجعل بين الله والإنسان وساطة ولا تباع فيه صكوك غفران ولا يملك أحد - حتى النبي نفسه - أن يغفر لأحد أو يدخله الجنة بل يجعل علاقة الإنسان بربه علاقة مباشرة. دين جعل قلب الإنسان معلقا بربه لا بصورة ولا تمثال ولا قطعة خشب أو حديد على أى شكل كانت. دين لا طبقية فيه ولا أفضلية لأحد دون أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح قال رسول الله لابنته فاطمة : (يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا ) . دين لا يفرق في حدوده بين وزير و غفير قال رسول الله ( وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ). دين يحترم عقل الإنسان ولا يحجر على تفكيره بل دعا إلى التفكير والنظر والتدبر في آيات الله المتلوة والمبثوثة في كونه[40]. دين لا يتعارض مع مستجدات العلم و مطالب الحياة مهما تقدمت بالإنسان العهود. دين وضع أفضل منهج للتعامل مع غرائز الإنسان فلا رهبانية معقدة [41] و لا إباحية منحلة ولكن منهج وسط يعترف بحاجات الإنسان و يوفر له أطهر السبل لإشباعها. دين لم تقم فيه سلطة مقدسة تحكم باسم الإله زاعمة أن حقها في الحكم والتشريع مستمد من قرابتها أو تفويضها من الله ولم تظهر فيه كنيسة تستذل رقاب الناس بوصفها الممثلة لابن الله; المستمدة لسلطانها من سلطان الابن أو سلطان الأقنوم .[42] دين عرّف الإنسان بنفسه ومكانه في هذا الكون وحرره من عبوديته لذاته أو لبشر مثله و أخبره بالغاية من وجوده في هذه الحياة وهي ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون ). جعل الإسلام حياة الإنسان كلها تصب في هذه الغاية فصار لها معنى وصارت كل حركة من حركات الإنسان يبتغي بها(3/67)
وجه الله حتى اللقمة يضعها الرجل في فم زوجته يثاب عليها من الله. الإسلام ليس مجرد شعائر منفصلة عن الحياة تؤدي في دور العبادة ولكنه منهج متكامل للحياة جاء ليتولى قيادة الحياة البشرية وتنظيمها وتوجيهها وصيانتها فما ترك جانبا من جوانب الحياة إلا تناوله بالرعاية والإصلاح. الإسلام لم يغفل غرائز الإنسان أو يتجاهلها ولكنه يعترف بها ويرشّدها [43]. الإسلام هو الدين الذي أنشأ من ظلمات الجاهلية في غضون مائتي عاما حضارة أذهلت العالم و صارت مؤلفاتها هي المورد العلمي الأول لجامعات أوروبا في حين أن النصرانية احتاجت إلى نحو من ألف وخمسمائة سنة لكي تنشئ ما يمكن أن يدعى حضارة مسيحية!![44] والإسلام هو الدين الذي يقف اليوم في مواجهة جميع أديان العالم التي توحدت ضده مما يدل على أنه هو الحق إذ أن الباطل يتعدد والحق لا يتعدد. و هو الدين الوحيد الذي يضع أنبياء الله في أسمى مكانة و أرفع منزلة و يجعلهم معصومين من الزلل و المعاصي. وهو الدين الذي صلاته هي أجمل الصلوات وأخشعها يقف فيها الغني بجوار الفقير في صفوف منتظمة .. الكل سواسية يناجون ربهم ويسألونه وحده المغفرة بلا غناء ولا موسيقى ولا تصفيق.[45] دين متميز حتى في ندائه للصلاة بالأذان. فالأذان له معنى ويحوى ركائز العقيدة وليس مجرد صلصة أجراس أو ضجيج أبواق. دين جعل نظافة البدن وطهارة الإنسان شعيرة من شعائره التي لا تجد لها مثيلا في غيره. دين لا يحتاج أتباعه لإجراء تغييرات وتعديلات فيه كلما جد عليهم جديد لإن شريعته منزلة من عند الله العليم الحكيم الذي يعلم كل شيء وأثبت التاريخ و التجارب البشرية أنها الوحيدة الصالحة لقيادة ركب الحياة في كل زمان ومكان. وهو الدين الذي نقلت إلينا تصرفات نبيه وأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته كاملة ووجدناها مثالا للخلق الفاضل المستقيم وهو الذي ظل كتابه محفوظا بحفظ الله منذ نزل إلى اليوم فتجد الآية التي تطبع اليوم في أحدث(3/68)
المصاحف هي نفسها التي كانت مكتوبة على الجريد أيام الرسول والآية التي يتلوها المسلم الأمريكي هي نفسها التي يتلوها المسلم الصيني. ( فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ. أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ )[46]
المسيح عليه السلام
وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار
يتبوأ المسيح عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام مكانة سامية في الإسلام فالمسيح هو كلمة الله و روح منه ألقاها إلى مريم عليهما السلام وهو بشر كما أن الرسل جميعا من البشر وهو رسول من أولي العزم من الرسل [47] و هم أفضل الرسل جميعا وذًكر في القرآن أكثر من 25 مرة وأمه مريم بنت عمران من أفضل نساء العالمين لم تُذكر امرأة باسمها في القرآن غيرها. قال تعالى في سورة آل عمران :
(3/69)
( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ {42} يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ {43} ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ {44} إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {45} وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ {46} قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {47} وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {48} )
و قد كانت حياة المسيح مليئة بالمعجزات من لحظة ولادته حتى رفعه إلى السماء فقد كانت ولادته معجزة إلهية جعلها الله آية للعالمين حيث ولد من غير أب و قد وصف الله أحداث ولادته في سورة مريم [48]فقال تعالى :
(3/70)
( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً {16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً {17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً {18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً {19} قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً {20} قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً {21} فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً {22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً {23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً {30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً {32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ(3/71)
يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً {33} ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ
الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ {34} مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {35} وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ {36} فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيم )
ثم أمده الله بالمعجزات الدالة على نبوته كما أمد الرسل من قبله بالمعجزات. قال تعالى حاكيا عن عيسى بن مريم: ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {49} وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ {50} إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ )
(3/72)
ثم يذكر الله ختام قصة عيسى مع بني إسرائيل عندما كذبوه و كفروا به : ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {52} رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ {53} وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {54} إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {55} فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ {56} وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {57} ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ {58} إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ {59} الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ)
(3/73)
وذلك أن اليهود حاولوا قتل عيسى عليه السلام فنجاه الله منهم وتوفاه بالنوم ثم رفعه إلى السماء الثالثة فهو يحيا فيها حتى ينزل قبل يوم القيامة و أُلقى شبهه على شخص غيره فأخذه اليهود وقتلوه. قال تعالى عنهم:( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً . بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيما ) و عندما ينزل عيسى بن مريم في آخر الزمان فإنه سوف يكسر الصليب ولا يقبل إلا الإسلام وتندحر الملل الكافرة و يعم السلام وتكثر البركة وتُرفع الشحناء والضغينة قال صلى الله عليه وسلم " الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض سبط كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويعطل الملل حتى يُهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعا والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان والغلمان بالحيات لا يضر بعضهم بعضا فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يُتوفى فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه. ." [49] وقد وردت على لسان نبينا عدة نصوص في فضل المسيح ومريم الصديقة عليهما السلام فقد قال
(3/74)
النبي صلى الله عليه وسلم :(ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها ) وقال (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء: إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون ) وقال :(رأى عيسى بن مريم رجلاً يسرق فقال له: أسرقت؟ قال: كلا، والذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني ) وقال عن الرجل الذي يؤمن بعيسى قبل أن يسمع عن محمد (ص) (إذا آمن بعيسى، ثم آمن بي فله أجران ) وقال-وهذا الحديث بشرى لكل نصراني- :(من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) [50] وقد كانت رسالة المسيح عليه السلام متممة لرسالة موسى و مبشرة برسالة محمد باسمه الصريح كما مر بنا – "حتى متى كان تؤمنون" – وكانت لبني إسرائيل فقط و لم تكن هي الرسالة الأخيرة للبشرية لذلك لم يشأ الله أن يظل الإنجيل ولا كلام المسيح محفوظا بكامله للناس.
والآن بعد أن عرفت نظرة الإسلام للمسيح عليه السلام فإني سائلك: ترى لو كان هذا الدين من عند محمد ولم يكن محمد رسولا من عند الله ما الذي دعاه لأن ينظر للمسيح هذه النظرة المعتدلة بعيدا عن غلو النصاري إلى تقديسه وانحراف اليهود إلى عدائه؟ ألم يكن أحرى به لو كان كاذبا أن ينحاز إلى إحدى الطائفتين لكي ينال تأييدها بدلا من أن يواجههما جميعا؟ ما الذي كان يمنعه لو كان كاذبا أن يدعى أن إلهه الذي يعبده هو المسيح –ولم يكن لينكر عليه أحد– فينال بذلك تأييد الدولة الرومانية القوية بالإضافة لنصارى الجزيرة العربية؟ (فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
(3/75)
والآن لنحاول مناقشة بعض ما يعتقده الناس في المسيح عليه السلام بهدوء بعيدا عن التعصب الأعمى .
لعلك إذا سألت أفراد الأسرة النصرانية الواحدة عن طبيعة المسيح عليه السلام تسمع إجابات شتى فمن قائل هو الله – تعالى الله عما يصفون – و من قائل هو ابن الله والمثقف منهم سيقول لك إن به جزء بشري يسمى ناسوتا و جزء إلهي يسمي لاهوتا !! و هذا انعكاس للغموض الذي يكتنف شخصية المسيح لدى النصارى و للتعقيد الذي أقحمته الكنيسة في مسألة الإله وهي التي من المفترض أن تكون من أبسط أمور العقيدة لدى الإنسان. ويتفق عموم النصارى على أن هذا الإله أو نصف الإله لم يكن بالقوة الكافية حتى نالت منه يد البشر بالتعذيب والإهانة والصلب في حادثة هي أشبه بالتمثيليات الدرامية أو الأساطير البدائية منها إلى الحقيقة الإلهية! ومن العجيب أن يُعتقد أن هذه الجريمة الكبرى من البشر في حق الإله إنما كانت سببا لخلاص البشر و مغفرة خطاياهم وذنوبهم التي هي أقل خطرا بكثير من محاولة قتل الإله نفسه !! و لأن كل من هذه العقائد أصبحت مسلمات راسخة في عقول كثير من الناس غير خاضعة للنقاش ولا التفكير فهذه دعوة لكل باحث عن الحقيقة بصدق لكي يعيد النظر فيما يعتقده و تربى عليه ولم تتح له فرصة للنقاش فيه من قبل.
(3/76)
هب أنك أخطأت في حق والدك خطأ يسيرا و أغضبته وبينما أنت نادم وتحاول أن ترضي أباك إذا بأخيك الأصغر تأخذه عاطفة الأخوة و التضحية فتفتق ذهنه عن فكرة غبية وهي أن يضحي بنفسه من أجلك فيسلم لك نفسه لكي تقتله أمام أبيك و بذلك يتحمل هو الإثم عنك وتنجو أنت من تبعة الذنب ووخز الضمير فهل تقبل أنت أو يقبل أبوك هذا الكلام؟؟ فكيف لو اقترح عليك أخوك أن تقتل والدك نفسه تكفيرا عن خطيئتك؟! بالطبع هذا كلام لا يقبله عقل. ولكن لماذا تقبله في حادثة الصلب المزعومة وترضاه للمسيح عليه السلام ولا ترضاه لأخيك الصغير؟ لعلك تجيب بأن المسيح ما نزل إلى الأرض أصلا إلا لهذه المهمة وهي التضحية بنفسه لكي يغفر الله خطايا البشر! وإني أسألك: الذي يريد أن يضحي بنفسه من أجل إنسان يتحمل عنه الآلام أم يتحمل منه الآلام؟؟! هل خطيئة آدم بأكله من الشجرة تكفرها خطيئة اليهود بمحاولة قتل المسيح؟ و هل ضاقت رحمة الله عز وجل الذي يقبل التوبة عن عباده ووسعت رحمته كل شيء أن يغفر لآدم خطيئته - وهو الذي تاب بعدها واستغفر وأناب[51] -فظل ناقما على البشر كل هذه المدة حتى ينزل بنفسه سبحانه متجسدا في هيئة مخلوق ضعيف كي ترتكب البشرية هذه الجريمة النكراء في حقه ثم تسقط عنها أوزارها مكافأة لها؟ هل من العدل أن يذنب آدم فيُصلب المسيح ؟ ألم يذكر العهد القديم أن النفس التي تخطيء هي تموت وأن كل إنسان مسئول عن عمله وأن الله يقبل توبة التائبين؟[52] هل من العقل أن تزعم أن الله تاب على بولس الذي كان العدو الأول لتلاميذ المسيح وللمؤمنين ولم يتب على آدم الذي خلقه الله بيديه وأسجد له ملائكته إلا بعد أن يعلق المسيح عاريا تماما على رؤوس الأشهاد؟ وإذا كان المسيح قد نزل من أجل ذلك فلماذا جاء في إنجيل متى صراخ المسيح قبل أن يقتل كما يزعمون لما وضع على الصليب « إيلي إيلي، لم شبقتني، أي: إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ » متى 27/46 وجاء في يوحنا 11/53 أن المسيح(3/77)
هرب من طالبيه مراراً!! أينزل من أجل ذلك ثم يهرب ويصرخ ويستغيث بالله كي يخلصه بينما ترى كثيرا من المجرمين والقتلة يتقدمون للقتل بقدم ثابتة وجأش رابط أم أنه كان يجهل مهمته على الأرض؟ ولم نذهب بعيدا ونقارن المسيح بالقتلة والمجرمين ألم يأمر الله إبراهيم بذبح ولده فما كان من الولد إلا أن استجاب لأمر الله صابرا محتسبا بدون أن يسأل حتى عن العلة؟ هل من منطقي لو كان المسيح هو الله أن يكون أقل شجاعة من بعض خلقه؟!
وإذا كانت هذه هي مهمة المسيح فلماذا عندما بشر الأنبياء بالمسيح لم يبشروا به على أنه المخلص الذي سوف يخلص البشرية من ذنبها الموروث ولكن بشروا به على أنه نبي صاحب رسالة وفقط بدون ذكر أي شيء عن حادثة الصلب المزعومة- التي كانت ستُعد أهم حادثة في حياة المسيح لو كانت مهمته حقا أن يعلق على الصليب؟ ؟ وكيف نفسر النصوص التي تخبر عن رضا الله عن الشعب أو عن أمة من الأمم إذا كانت البشرية كلها كانت ما زالت موصومة بهذا الذنب القديم ولم يخلصها منه أحد بعد؟ وهل من الرحمة أن تكون مهمة المسيح هي تحمل الآلام والتعذيب عن البشر بقتله على الصليب ثم يكون جزاء من لم يؤمن أن المسيح مات على الصليب وظل يعبد الله كما كان يعبده إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى من قبل المسيح هو العذاب في النار؟ لو كان ذلك كذلك لكانت حادثة الصلب نقمة على البشر وليست رحمة لهم إلا إذا كانت حادثة الصلب هذه قد افتدت جميع الناس من النار و سيدخل المؤمن والكافر الجنة في النهاية !!
(3/78)
؟ وإذا كان الصلب قد حط عن البشر خطاياهم فما فائدة تعاليم المسيح والرسل من قبله إذا كان تكفير خطايا البشر مضمون و أكيد لهذه الدرجة ؟ ولماذا قال المسيح إن كل كلمة باطلة يتكلم بها الناس، سوف يؤدون عنها الحساب في يوم الدينونة. فإنك بكلامك تبرر، وبكلامك تدان؟[53] وما الذي سيمنع الإنسان أن يرتكب أكبر الفواحش وأعظم المنكرات إذا علم أن الخلاص مضمون؟ ولماذا الحاجة إلى التعميد الذي تفعله الكنيسة بكل مولود إذا كانت حادثة الصلب المزعومة هذه قد غفرت للإنسان خطيئته [54]؟ وإذا كان كل مولود يرث نصيبا من هذه خطيئة أبيه آدم فهل ورثت مريم وابنها عليهما السلام أيضا هذه الخطيئة من أبيهما آدم عليه السلام ؟ وماذا عن ظلم البشر بعضهم لبعض هل يتحملها الصليب أيضا فلا قصاص بينهم ولا عدل أم أن هذه خارج الموضوع؟ وماذا عن الذنوب التي ارتكبتها البشرية بعد المسيح إلى اليوم من يكفرها؟ أم تراها تحتاج لمسيح جديد لكي يقتله أحد الأشقياء فتسقط عن البشر بقية خطاياهم؟ إننا نفهم أن الذي يضحي بشيء فإنه يضحي به من أجل شخص آخر أو لاسترضاء من هو أعلى منه وأقدر كما ذبح إبراهيم الكبش فداءً لإسماعيل وتقربا إلى الله بذلك فإذا كان الله نفسه هو الذي ضحى بولده –تعالى الله عما يصفون- فمن أجل من يا ترى فعل ذلك وليس في الكون من هو أعظم منه؟ ( قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ؟ إن من يقرأ الروايات المختلفة لحادثة الصلب في الأناجيل سيجد بينها تناقضات لا يمكن الجمع بينها فمثلا من يقارن تفاصيل المحاكمة والصلب والقيامة واكتشاف قبره ومن رآه عند قيامته وماذا قال على الصليب ومن حمل الصليب وغير ذلك في الروايات المختلفة سيجد(3/79)
اختلافات واضحة تدل على أن القصة واهية من أساسها أو أن كتابها اعتمدوا على الإشاعات والأساطير وليست وحيا من الله [55]! إنه لا يكاد أحد يتصور أن المسيح الذي كان يصوم ويتحمل الصبر عن المأكل والمشرب ويقضي الأسابيع لا ينال فتات العيش هو الذي كان على خشبة الصليب يستغيث بأعدائه و يطلب منهم أن يسقوه إذ تملكه الظمأ وهو الذي طالما كان يقول (أن لي خبزا لستم تعرفونه)[56] حتى بطرس رئيس الحواريين كان يقسم على أنه لا يعرف الرجل الذي على الصليب( متى 72:26).
لقد جعلت حادثة الصلب المزعومة هذه من المسيح عليه السلام شخصية أسطورية مخلصة بدلا من شخصية النبي المعلم الذي يرشد الناس إلى الهدى والنور. شخصية يلجأ إليها الناس في السراء والضراء بعد أن كانوا يلجئون إلى الله. حادثة الصلب جعلت عبادة الإنسان مركزة حول المسيح عليه السلام بعد أن كانت لله وحده. ولكي لا يصير المسيح ندا لله في هذا الدين الجديد تم اختلاق الكذبة الثانية التي هي أكبر من أختها بادعاء أن المسيح هو الله نفسه –سبحانه وتعالى عما يصفون. ولخطورة هذه المسألة فسنناقشها أيضا بشيء من التفصيل.
(3/80)
أولا هل يليق برب السماوات والأرض ومن فيهن أن يتجسد في صورة طفل رضيع يخرج من فرج امرأة ضعيفة ثم يمر بمراحل نمو الإنسان المختلفة يأكل الطعام ويخرج الفضلات حتى إذا اكتمل نموه وصار رجلا ناضجا لقي من البشر صنوف الإهانة والتعذيب ألوانا؟ هل كان هذا المخلوق الضعيف الذي يلتقم ثدي أمه هو كان يدبر أمور جميع الكائنات في الوقت الذي لا يستطيع هو أن يدبر أمر طعامه وشرابه؟ [57] أم أنه كان يمسك السماوات والأرض أن تزولا وهو في بطن أمه؟ ألا ترى أنه من المخجل أن نساوي الله بالبشر؟ هل يمكن للإله العظيم أن يحل في جسد ضعيف له بداية ونهاية؟ وأين هو هذا الجسد- جسد المسيح - الآن؟ هل فني الجسد وهلك بمجرد صعود المسيح للسماء أم أن هذا الجسد الذي يحتاج للطعام خالد وليست له نهاية؟ وإذا كان الجسد تعرض للفناء فهل يفنى الإله أو تفنى صفة من صفات الإله؟؟ وهل كلام السيد المسيح الذي في الإنجيل يوحي بأنه كلام إله قادر قهار يخاطب عبيده أم كلام معلم رفيق يخاطب تلاميذه؟ ولماذا لم يأمر المسيح تلاميذه بالسجود له صراحة إن كان هو الإله فهذا على الأقل أفضل من السجود لصوره وتماثيله داخل الكنيسة؟! [58] لماذا لم يخبر صراحة أنه هو الإله - إن كان كذلك – فيحسم القضية ويقطع الشك؟ هل من العدل لو كان المسيح هو الله أن يترك أهم قضية في هذا الكون يكتنفها الغموض وتحيط بها الشبهات ويتركها عرضة لآراء الرجال و أهواء الملوك في المجامع؟ لماذا لم يخلف لنا في العهد الجديد نصا واضحا صريحا على لسانه يخبر فيه أنه هو الإله فيريح الملايين من ظلمات الشك؟
(3/81)
وماذا عن الحواريين : هل كانوا يعاملون المسيح على أنه إله يمشي على الأرض أم نبي إنسان ومعلم متواضع ولذا سموا تلاميذ؟[59] هل يمكن أن يكون للإله تلاميذ؟؟ ولو كانوا يعبدون المسيح فكيف أمكنهم أن يبقوا داخل هيكل اليهود بعد رفعه حوالي ثلاثة عقود يعبدونه يوميا وسط اليهود الذين يعبدون الله ؟[60] انظر إلى بطرس في (أعمال 22:2) يقول : " أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون" . فهل عرفت أنت عن المسيح ما لم يعرفه الحواريون ؟ ايكون المسيح إلها ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه أذى حفنة من اليهود؟ أتقبل أن تعبد إلها ضعيفا؟ أيكون المسيح هو الله ثم يأتي إلى عبد من عبيده لكي يعتمد منه ويكمل نفسه؟ ألم يذكر العهد الجديد أن المسيح جاء إلى يحيى-يوحنا المعمدان- لكي يعتمد منه؟ إن المسيح لو كان هو الله لسجد له يحيى حالا فهل كان يحيى يجهل ربه؟ [61] وإذا كان المسيح هو الله فهل يمكن أن يموت الإله؟ إن نصوص العهد القديم تنفي ذلك يكل صراحة انظر مثلا في إرمياء 10:10 : (أما الرب فهو الإله الحق، الإله الحي) وفي حزقيال (3:18) : حي أنا يقول الرب. وفي دانيال 26:6 "هو الإله الحي القيوم إلى الأبد"
(3/82)
ومن الذي كان يخاطبه المسيح في الأناجيل بلفظ أبي وإلهي إن كان هو الأب والإله أم أنه كان يخاطب نفسه؟ انظر قول المسيح عليه السلام : (وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع الذي أرسلته) يوحنا 17 : 3 . وقوله : « إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم » يوحنا 20:18وقوله عن نفسه: "أنا لا اقدر أن أفعل من نفسي شيئاً " (يوحنا 5/30) لذا عجز أن يعد ابني زبدي بالملكوت (متى 20/23)، ولما سماه أحدهم صالحاً قال: "لم تدعوني صالحاً؟ ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله" (لوقا 18/18-20). وأخبر في مرقص32:13 أنه لا يعلم وقت يوم القيامة ولكن الله هو الذي يعلمها فهل يكون المسيح هو الله ويجهل ما يعلمه الله؟ أم أن العلم والإرادة والصلاح صفات للجسد وليست صفات للروح؟ ومن الذي كان يصلي له المسيح إن كان هو الإله ؟! ألم يذكر العهد الجديد أن المسيح كان يعبد الله؟ أكان المسيح يعبد نفسه؟ و هل استعمال المسيح لمصطلح ابن الإنسان عن نفسه تكرارا ومرارا في الإنجيل (ذكرت 81 مرة ) إلا تأكيدا لبشريته وبراءته مما سينسبه الناس إليه؟ بل إن المسيح قال عن نفسه صراحة أنه نبي إنسان ففي يوحنا (8/40) قال ( أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله ) وفي لوقا 4/25 قال «الحق أقول لكم: ما من نبي يقبل في بلدته. » فهل بعد شهادة المسيح لنفسه شهادة أخرى؟ وفي لوقا 7/17 قال الناس أمامه بعد أن أحيا ميتا[62] بإذن الله «قد قام فينا نبي عظيم وتفقد الله شعبه !» وفي متى (8:9 ) بعد أن رأى الجموع معجزاته "تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا" فهل يا ترى كان الجموع يمجدون المسيح أم رب المسيح؟ وإذا كان المسيح إلها فماذا عن أم المسيح عليه السلام هل هي الأخرى إلهة أم ماذا؟ وهل يمكن للمخلوق أن يلد الخالق[63]
(3/83)
وأما إن كنت تعتقد أن الله تعالي عن أن يشابه خلقه أو أن يقتل على أيديهم وأنه كان وما زال في السماء فوق جميع خلقه و لا يخرج أحد منهم عن قبضته لكن له ولد هو المسيح أرسله إلي الأرض لهذه الغاية وهو أن يتعذب بأيدي البشر من أجل البشر فقل لي بربك من أين علمت أن لله ولد؟؟ أمن الكتاب المقدس؟ فإن الكتاب المقدس يعتبر البشر جميعا أبناء الله بمعنى أن الله هو الذي يطعمهم ويرزقهم لا أبنائه على الحقيقة[64] كما أطلق على أنبياء آخرين هذا الوصف[65]. ( قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ . سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) ثم ما حاجة الله لكي يتخذ ولدا و هو الغني عن خلقه أجمعين؟ (َقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ) وهل هذا الولد كانت حياته سرمدية مثل حياة الله عز وجل أم أنه حادث على هذا الكون؟ فإن كان حادثا فهو مخلوق مثله كبقية مخلوقات الله عز وجل وإلا فكيف يكون مولودا وسرمديا في نفس الوقت؟ ( لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) وهل مشيئة هذا الولد تابعة لمشيئة الرب أم أن له إرادة مستقلة؟ وهل الإنسان مأمور بعبادة الرب وحده أم الرب وما تنسب له من ولد؟ هل تستقيم الحياة إذا عبد الإنسان أكثر من إله؟ ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) ثم هل ضاقت السبل على رب الأرض والسماوات فلم يجد وسيلة لتكفير خطيئة آدم إلا التضحية بولده-بفرض وجود الولد؟ و كيف تنزه الرهبان والقساوسة عن اتخاذ الولد وتنسب ذلك لله رب العالمين؟ ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ(3/84)
تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
(3/85)
أما قضية التثليث وهي اعتقاد أن الله إله واحد مكون من ثلاثة أقانيم مختلفة فهي ثالثة الأثافي و اللغز المحير والمعضلة الكبرى التي ورثها رجال الكنيسة عن أسلافهم على علاتها وذلك أن آباء الكنيسة الأُوَل لم يكتفوا بنسبة الولد لرب العالمين لكنهم أضافوا لله شريكا ثالثا هو روح القدس وجعلوا الثلاثة واحدا والواحد ثلاثة. ويبدو أن الوقت لم يسعف النصارى الأوائل لكي يضعوا تفسيرا مقنعا لهذا فقد شغلتهم الاختلافات الكثيرة وعقد المجامع الكنسية و تكفير بعضهم بعضا واختيار الأناجيل لذا فإن علماء النصارى المعاصرين أنفسهم يعترفون بصعوبة فهم حقيقة التثليث فيقول أحدهم : إن الثالوث سر يصعب إدراكه وإن من يحاول إدراك سر الثالوث كمن يحاول وضع مياه المحيط كله في كفه[66] ويقول القمص باسيليوس إسحق: " أجل إن هذا التعليم عن التثليث يفوق إدراكنا " [67] فهل يعقل أن تكون الحقيقة الكبرى في هذا الكون بهذا القدر من التعقيد؟ وأين ذكر التثليث في العهد القديم [68] الذي تنضح نصوصه بالتوحيد؟ هل يمكن أن يكون التثليث حقيقة ولا يأتي له ذكر على لسان أى نبي من الأنبياء في الكتاب المقدس بل ولم يعلمها المسيح لتلاميذه و لم يسمع بها أحد منهم في حين لا تكاد تخلو سورة في القرآن من التوحيد؟ (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ َيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ) فالجملة اليتيمة التي تثبت التثليث في يوحنا (1) ستعرف في آخر الرسالة أنها مدرجة ولم تكن في النسخ القديمة. ولكن على العكس هناك نصوص تفند هذا الإدعاء انظر مثلا قول المسيح عليه السلام : ( اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد ) مرقص 12 : 29 ألا ترى أن هذه الجملة تعني لا إله إلا الله؟ ولو كان ما يدعيه النصارى صحيحا لقال المسيح "اسمع يا إسرائيل أنا إلهك رب واحد وثلاثة أقانيم" وإلا لكان المسيح غير(3/86)
أمينا. [69]وأيضا هناك قول المسيح أيضا : (وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع الذي أرسلته) يوحنا 17 : 3 .دليل آخر على التوحيد فهل هذه الجملة الصريحة يفهم منها عاقل أن الله مكون من ثلاثة أقانيم؟ ولا عجب ألا نجد في الكتاب المقدس ذكرا لثالوث ولا سادوس فإن أمر الروح القدس نفسه ظل مشكلا على القوم ثمانية قرون إلى عام 879 م حتى عقدوا المجمع الكنسي الثامن ليبحثوا أمره. وما روح القدس إلا ملك من الملائكة- وهو جبريل عليه السلام - أرسله الله بالوحي للأنبياء والرسل ويؤيد الله به المؤمنين، ونصوص العهد القديم والجديد شاهدة في أن روح القدس حل في كثير من الأنبياء ، وفي الحواريين وفي غيرهم ، و يأتي روح القدس بمعنى القوة والنصر والتأييد ولم يرد على لسان أى نبي أن الروح القدس إله مع الله (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً . لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً . فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ) وأما المسيح فقد خلقه الله من(3/87)
أم بدون أب كما خلق حواء من أب بدون أم ونفخ فيه من روحه كما نفخ في آدم من روحه وأحيا له الموتى كما أحيا الموتى لأنبياء عديدين من قبل فهل نقول على آدم وحواء وهؤلاء الأنبياء أنهم أقانيم أيضا؟ ألا ترى أنه لو كان المسيح وروح القدس إلهين من دون الله لكان ممكنا أن يريد كل واحد منهم شيء غير الآخر؟ فمن الذي تنفذ إرادته في هذه الحالة؟ أم أن كلا منهما إله ناقص الألوهية؟ ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) وإذا كان الثلاثة هم واحد فكيف يموت أحدهم على الصليب ويبقى اثنان لم يموتا؟! المفروض إن كان الثلاثة واحد والواحد ثلاثة أن يموتوا جميعا أو يحيوا جميعا. ولكن لما كان الله لا يموت كان يستلزم ذلك أنه لو كان هناك 3 أقانيم أن يموت أحدهم فقط دون الآخرين وهذا يعني أن الثلاثة أقانيم منفصلة وغير متحدة وهذا ينافي عقيدة التوحيد التي جاء بها الأنبياء جميعا. فكما ترى إن عقيدة الثالثوث والصلب لا تنسجمان معا بصورة منطقية ولا يمكن أن تكون هي الحق.
(3/88)
إن عقلاء الغرب بدأوا يدركون هذه الخدعة الكبرى فقد ظهر عام 1977 كتاب اسمه "أسطورة تجسيد الإله" The Myth of God Incarnate كتبه سبعة من كبار رجال اللاهوت البريطانيين بما فيهم رئيس لجنة مذهب كنيسة إنجلترا يعلنون فيه إنكار ألوهية المسيح ويقرون ببشريته فقط.[70] وقد أدلت مجلة تايم (27 فبراير 1978) بحثا هاما اشتغلت به دوائر جامعات وكنائس العالم الغربي وهو ظاهرة الدعوة إلى بشرية المسيح والمعارضة لألوهيته جاء فيه: إن موجة الرفض لفكرة ألوهية المسيح أو ازدواج طبيعته تزداد قوة وانتشارا في أوساط المفكرين اللاهوتيين سواء في الجامعات أو في الكنائس الغربية وهؤلاء الرافضون يعلقون أنه لا يوجد في الإنجيل ولم يثبت عن المسيح القول بألوهيته ويؤكدون أنه عليه السلام بشر عادي. [71] وفي سنة 1993 ألقي البابا يوحنا بولس الثاني خطابه الرسولي وأشار فيه إلى الانفصال المتزايد بين الكنيسة والرأي العام النصراني وذلك لعدم تصديق النصارى للعقيدة النصرانية الحالية كما طالب النصارى بعدم مناقشة العقيدة النصرانية والتسليم الأعمى بها. فهل يمكن أن يكلف الله البشر بالإيمان بعقيدة هذا شأنها؟؟
في البدء كانت الكَذِبة
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ
(3/89)
إذا نظرنا في تاريخ النصرانية لنعرف كيف تسربت هذه الوثنية إليها سنرى أن أتباع المسيح عليه السلام بعد رفعه إلى السماء ظلوا يعبدون الله الواحد الأحد في الهيكل تنفيذا لتعاليم المسيح عليه السلام : [ إلى طريق أمم لاتمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بني إسرائيل الضالة ] متى 10 / 5، 6 ولكنهم مع اضطهاد اليهود لهم حتى لا ينازعوهم السلطة الدينية داخل الهيكل تحولوا إلى عبادة الله في البيوت الواسعة وكان الذي يقود عمليات الاضطهاد ضد أتباع المسيح رجل يهودي اسمه شاؤول من طائفة الفريسيين أشد الطوائف اليهودية بغضا للمسيح ولكن ظل للحواريين كيانا منظما و ظلوا متمسكين بتعاليم المسيح بألا يمضوا إلى طريق الأمم وظلت دعوتهم مستمرة ثم حدث أمر غريب فقد تحول شاول فجأة من عدو لدود ظالم إلى رسول قديس يوحى إليه !! بدون مقدمات دخل شاؤول النصرانية ذاكرا أنه رأى نورا غامرا سمع منه صوتا إلهيا أعطاه إنجيلا إلهيا بدون أن يذكر أى شهود على هذه الحادثة !! وانتقل شاؤول فجأة من كرسي الجلاد إلى كرسي المحامي ثم أطلق على نفسه اسم بولس ثم أصبح بعدها أهم شخصية في تاريخ المسيحية باعتراف المؤرخين للآثار والتغييرات الكبيرة التي حدثت بسببه حتى إن المسيحية تسمى باسمه أحيانا فيقال مسيحية بولس. [72] ثم أخذ بولس يدعو الناس إلى ما كان غائبا عن تلاميذ المسيح وما كان غائبا عن المسيح نفسه طوال حياته على الأرض من أمور مثل تجسيد الإله وألوهية المسيح ونظرية المخلص وعقيدة الفداء والصلب والخطيئة الأصلية والتي كانت عند الأمم الوثنية التي أراد بولس أن تنتشر فيها دعوته مع اختلاف الأسماء.[73]
(3/90)
وهنا يحق لنا أن نسأل عدة أسئلة إذا كان بولس رسولا له كل هذه الأهمية فلماذا لم يبشر المسيح تلاميذه بنبوته؟؟ إن ذلك لم يحدث بدليل ما جاء في أعمال الرسل : و لما جاء شاؤول بولس إلى أورشاليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ[74] !! ولماذا لم يختره المسيح ليكون من تلاميذه و يتلقى عنه مباشرة قبل أن يرفع إلى السماء؟ولنا أن نسأل أيضا كيف ينتقل رجل فجأة من الكفر المحض إلى النبوة والرسالة بدون أن يمر بأى مرحلة وسيطة ولم يكن أى من الأنبياء السابقين كافرا قط فضلا عن أن يكون عدوا لدودا للدعوة؟ ولماذا لا نجد أى نص في كتاب سماوي يدل أو يشير إليه أو يصفه، فرسائله تعد شهادة منه لنفسه فهي غير مقبولة، وكذلك ما كتب بتأثير منه؟ ولماذا لم يؤيده الله بمعجزة كما أيد موسى عليه السلام حين كلمه وكما أيد جميع الأنبياء ؟ وما فائدة رسالته بعد رفع المسيح مباشرة إلا إن كان المسيح لم يبلغ رسالة ربه على الوجه الأكمل حاشاه من ذلك؟ وكيف عرف بولس فجأة بعد أن سمع الصوت أن الذي يخاطبه هو صوت الرب وليس شيطانا؟ و لماذا لم يذهب بولس بعد تنصره مباشرة إلى التلاميذ ليتلقى عنهم دين المسيح بل ذهب إلى الجزيرة العربية [75] ومكث بعيداً عن التلاميذ ثلاث سنين، ثم لقي اثنين منهم فقط لمدة خمسة عشر يوماً (انظر غلاطية 1/18- 19)
(3/91)
و لو كانت هذه التغييرات التي أحدثها بولس وحيا من عند الله ألم يكن أولى أن ينال هذا الشرف أحد تلاميذ المسيح الذين آمنوا به في حياته وصحبوه و نالهم الاضطهاد في سبيل دينه من هذا الذي كان يحارب دعوة المسيح؟ بل ألم يكن أولى أن يخبر بها المسيح صراحة ولا يدعها لشخصية يكتنفها الريبة والغموض؟ و لماذا لم يذكر بولس اسم شاهد واحد على الأقل على قصة الرؤية هذه؟ ألم يقر المسيح بأن شهادته هو لنفسه وحدها لا تكفي وإنما يلزم شهادة أخرى معه كما نصت على ذلك التوراة؟ [76] فهل بولس أفضل أم المسيح؟؟ ؟ و ماذا عن الاختلافات في قصة رؤية بولس المزعومة بين الروايات المختلفة التي تضحض هذه الواقعة؟ [77]
(3/92)
إن للرسل علامات من أظهرها أن يكونوا في الدرجة القصوى من حسن الخلق و السجايا الكريمة فهل تحقق هذا في بولس؟ إذا نظرت في نصوص العهد الجديد ستجد له مواقف تطفح غرورا ونفاقا وكذبا في سبيل تحقيق أهدافه فتجده يقول:"صرت لليهود كيهودي…وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس…و للذين بلا ناموس كأني بلا ناموس…صرت للكل كل شيء" (كورنثوس(1)9/20-21. فهو يريد أن ينشر دين الله بالكذب والطرق الملتوية وانظر إليه عندما خاف من الجند قال لهم: "أيجوز لكم أن تجلدوا إنساناً رومانياً" فذهب القائد بنفسه إلى بولس وسأله: "أأنت حقا روماني؟" فأجاب: "نعم!" فقال القائد: "أنا دفعت مبلغا كبيرا من المال لأحصل على الجنسية الرومانية". فقال بولس: "وأنا حاصل عليها بالولادة!»أعمال22/25-28فانظر إلى هذا الكذب البواح مع أنه يهودي فريسي ابن فريسي كما في ( أعمال 6:23 ) وهو يسيء الأدب مع الله قائلا بلا ذوق " لأن جهالة الله أحكم من الناس، وضعف الله أقوى من الناس" (كورنثوس(1)1/25) ويقول عن التوراة (لو كان العهد السابق بلا عيب، لما ظهرت الحاجة إلى عهد آخر يحل محله) عبرانيين (8/7) ويقول مستحلاً المحرمات: " كل الأشياء تحل لي" (كورنثوس(1)6/12) [78] بالإضافة لإنه جعل نفسه حواريا بل قديسا معصوما فوق الأنبياء جميعا يدين العالم كله بما فيهم الملائكة الذين جعل المسيح دونهم بقليل [79] انظر عبرانيين 9/2 و كورنثوس(1)6/2-3
(3/93)
ولم يكتف بولس بذلك ولكنه ملأ العهد الجديد بأرائه المحضة ثم جعلها وحيا مقدسا من عند الله فتراه يقول (إِذاً من زُوِّج فحسنا يفعل ومن لا يُزَوج يفعل أحسن) ( كورنثوس (1) 7/39 ) فهل هذا يتفق مع فطرة الله التي فطر الناس عليها ؟ وماذا يحدث لو طبق جميع الناس هذه النصيحة الغبية؟ حتى رسائله الشخصية البحتة التي لا تعني أى شيء بالنسبة للناس جعلها وحيا أيضا من عند الله فيقول في رسالته إلى تيموثاوس " سلم على برسكا وأكيلا، وعائلة أونيسيفورس. أراستس مازال في مدينة كورنثوس. أما تروفيموس، فقد تركته في ميليتس مريضا. اجتهد أن تجيء إلي قبل حلول الشتاء.يسلم عليك إيوبولس، وبوديس، ولينوس، وكلوديا، والإخوة جميعا). فما علاقة هذه السلامات والتحيات بوحي الله للعالمين؟ و هو لا ينسى ردائه أيضا في هذه الرسالة فيقول ) وعندما تجيء، أحضر معك ردائي الذي تركته عند كاربس في ترواس، وكذلك كتبي، وبخاصة الرقوق المخطوطة.!!) فهل هذا كلام مقدس؟
(3/94)
إن المسيح عليه السلام قد بشر ببولس رسولا للشيطان لا رسولا للرحمن فقال : "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق أقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد من الناموس حتى يكون الكل، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى: أصغر في ملكوت السماوات" (متى 5/17-19)، و بولس معناها "الصغير") و هو الذي نقض وصايا المسيح ووصايا موسى عليهما السلام التي قال عنها المسيح " إ ن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا ". متى [ 19 : 16 ] وقال أيضا " « على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون.)) متى [ 23 : 1 ] فقد أحل بولس شرب الخمر ودعا إليها صراحة وأحل أكل لحم الخنزير وحلل ذبيحة الصنم وأبطل مفهوم النجاسة و حرم الختان –مع أن المسيح قد اختتن[80]- وألغى تقديس يوم السبت وقال عن الشريعة التي كان المسيح من أشد الناس تمسكا بها أنها (لم توصل الذين كانوا يعبدون الله بحسبها ولو إلى أدنى درجات الكمال)[81] ثم وصل به الحال إلى أن ألغى الشريعة معللا ذلك بكل وقاحة بأن الشريعة تجلب الغضب ، وحيث لا تكون شريعة لا تكون معصية [ رومية 4 : 15 ] وقال "لذا نحن - أي بولس- نقرر تبرير أعمال الإنسان من خلال إيمانه ، بدون التزامه بالشريعة " [82] [ رومية 3 : 28 ] فجعل بولس فصلا تاما بين الإيمان والعمل وجعل المطلوب من الشخص فقط كي ينجو أن يؤمن أن المسيح مات على الصليب كفارة لأخطاء البشرية ثم لا عليه بعد ذلك أن يفعل ما يريد طالما آمن بالمخلص فالنجاة ستأتيه أوتوماتيكيا !! حتى أنه أخبر أن الكافر الذي لا يؤمن بالمسيح قد يدخل الجنة إذا كان متزوجا من امرأة مؤمنة (كورنثيوس1 8:7-16)[83]
(3/95)
ولا يخفى ما لهذا الاعتقاد من أثر في التسبب في الانحلال الخلقي و الفوضى الاجتماعية. و على عكس ذلك قال يعقوب تلميذ المسيح في رسالته : " قائلاً : (ياإخوتي، هل ينفع أحدا أن يدعي أنه مؤمن، وليس له أعمال تثبت ذلك، هل يقدر إيمان مثل هذا أن يخلصه؟ ) [14:2] و قوله " وهذا يؤكد لك، أيها الإنسان الغبي، أن الإيمان الذي لا تنتج عنه أعمال هو إيمان ميت " [2: 20]
و قد دعي بولس في الدنيا بالصغير، ولسوف يدعى في الآخرة أصغر جزاء تبديله للناموس والوصايا
غير أن أخطر الشروخ التي أصابت جدار المسيحية على يد بولس على الإطلاق هي الوثنية المتمثلة في عقائد تجسيد الإله و صلبه وأكل لحمه ودمه في العشاء الرباني وغير ذلك مما نبت من أفكاره الفلسفية[84] أو معتقدات الشعوب الأخرى التي أراد للمسيحية أن تنتشر فيها. يقول شارل جنيبر" إن الدراسة المفصلة لرسائل بولس الكبرى تكشف لنا النقاب عن مزيج من الأفكار فيبدو لأول وهلة غريبًا حقًا فهي مزيج من الأفكار اليهودية ثم من المفاهيم المنتشرة في الأوساط الوثنية اليونانية ومن الذكريات الإنجيلية والأساطير الشرقية" [85]
(3/96)
ويبدو أن هم بولس الأول الذي استطاع تحويل المسيحية من دعوى قومية إلى بني إسرائيل كما كانت في عهد المسيح إلى دعوة عالمية كان الاستكثار من الأتباع و المؤمنين الجدد من أبناء الأمم المجاورة لذا صاغ لهم من معتقداتهم القديمة دينه الجديد الذي لا يمت للمسيح بصلة إلا اسمه ويدل على ذلك التشابه الشديد بين عقائد النصارى الحالية والعقائد الوثنية القديمة. [86] فكما أن الآلهة عند الرومان تتجسد على شكل مخلوقات وتصارع البشر جعل بولس إلهه الجديد كذلك وكما أن البشرية في نظر الحضارات القديمة تحتاج إلى منقذ يخلصها من اللعنة جعل بولس ذلك في دينه الجديد ومن أمثلة ذلك ديانة (مثرا) الذي كانوا يسمونه في أوروبا (مثرا إله الخلاص ) والمثراوية تحوي المعمودية والعشاء الرباني[87] أيضا حتى أن بعض الباحثين أعلن في وضوح أن النصرانية هي المثراوية في ثوبها الجديد ولهذا قيل«لم تتنصر الروم ولكن تروَّمت النصارى». يقول د. جنيبر : [ ورأى بولس بوضوح أيضًا أن الأتباع الجدد من المشركين لم يكونوا ليتقبلوا كل القبول ( فضيحة الصليب ) وأنه يجب تفسير ميتة عيسى المشينة تفسيرًا مرضيًا يجعل منها واقعة ذات مغزى ديني عميق.. وأعمل بولس فكره في هذه المشكلة.. ووضع لها حلاً كان له صدى بالغ المدى.. لقد تجاهل فكره عيسى الناصري ( المسيح عليه السلام ) ولم يتجه إلا إلى عيسى المصلوب ( الشخصية التي اخترعها بولس ) فتصوره شخصية إلهية تسبق العالم نفسه في الوجود.. رجل سماوي احتفظ به الله إلى جانبه أمدًا طويلاً حتى نزل إلى الأرض لينشيء فيها حقًا بشريًا جديدة يكون هو دمها..][88]
(3/97)
فإذا نظرنا إلى موقف تلاميذ المسيح من بولس فبرغم من أن بعضهم تقبله في البداية عملا بحسن الظن الذي علمهم إياه المسيح إلا أنهم عارضوا دعوته ووقفوا في وجهها بعد أن ظهرت لهم بدعه المهلكة ودليل ذلك اختفاء ذكرهم عن عالم المسيحية بعد ظهور بولس، فقد اختفت كتاباتهم وحوربت، ولم ينج منها إلا إنجيل برنابا ورسالة يعقوب المضمنة في رسائل العهد الجديد والتي تمتلئ بمخالفة بولس وخاصة في مسألة الفداء. حتى برنابا وهو الوحيد الذي قدم بولس إلى التلاميذ نفر منه بعد ذلك واختلف معه وتركه واختفى ذكره من العهد الجديد بعد هذه الحادثة و لو كان بولس رسولا من عند الله حقا لما تركه تلميذ المسيح عليه السلام[89].
وقد ظل المؤمنون من أتباع التلاميذ الذين كانت لهم رسائلهم وكتبهم أيضا يعبدون الله على شريعة المسيح بدون أن يتأثروا ببدع بولس وحارب الكثير منهم دعوة بولس واتهموه بأنه أفسد الديانة المسيحية بعد أن عجز عن القضاء عليها بالسيف والسلطان فدخل في المسيحية وأخرجها من التوحيد إلى الوثنية. حتى بدأ تدخل السلطة وانعقاد المجامع الكنسية. وفي ذلك يقول الشاعر القروي السوري رشيد سليم الخوري -المولود في أسرة أرثوذكسية : " إن الكنيسة ظلت حتى مطلع القرن الرابع الميلادي تعبد الله على أنه الواحد الأحد وأن يسوع المسيح عبده ورسوله حتى تنصر قسطنطين عاهل الروم وتبعه خلق كثير من رعاياه اليونان والرومان فأدخلوا بدعة التثليث وجعلوا لله سبحانه وتعالى أندادا شاركوه منذ الأزل في خلق السماوات والأرض وتدبير الأكوان ومالأهم الأسقف الأنطاكي مكاريوس فثار زميله الأسقف أريوس على هذه البدعة ثورة عنيفة شطرت الكنيسة واتسع بين الطائفتين نطاق الجدل حتى أدى إلى الاقتتال وفاز أريوس بالحجة القاطعة في المجامع بيد أن السلطة وضعت ثقلها في الميزان فأسكتت صوت الحق وأنفذت صوت الباطل واستمر المسيحيون يعمهون في ضلالتهم "
(3/98)
و قضية المجامع هذه أمرها عجيب. فإزاء تعدد مذاهب النصارى في المسيح عليه السلام وتعدد أناجيلهم كذلك التي بلغت أكثر من خمسين إنجيلا كما تذكر بعض الروايات تم عقد المجامع الكنسية وأولها مجمع نقية عام 325 م الذي اجتمع فيه أكثر من ألف أسقف لكي يحددوا طبيعة المسيح عليه السلام ويختاروا الأناجيل المعترف بها من ضمن عشرات الأناجيل وبرغم أن 338 أسقفا فقط هم من قالوا بألوهية المسيح إلا أن الإمبراطور الروماني قسطنطين انحاز إلى هذا الرأي –وهو الأقرب إلى وثنيته- وانفض المجمع على لعن أريوس الذي يقول بالتوحيد ونفيه وطرد من قال برأيه وحرق كتبه واختيار أربعة أناجيل فقط هي أناجيل يوحنا ولوقا ومتى ومرقص التي كانت تعزز عقيدة ألوهية المسيح وحرق بقية الأناجيل وقتل كل من يثبت اقتناؤه لها وأما الرسائل السبع فلم يعترف المجمع المذكور بالكثير منها ، وإنما تم الاعتراف بها فيما بعد وهذا القدر من التاريخ يتفق عليه جل المؤرخين. وهكذا تحققت نبوءة المسيح وهي قوله (ستطردون خارج المجامع، بل سيأتي وقت يظن فيه من يقتلكم أنه يؤدي خدمة لله. وهم يفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا أبي، ولا عرفوني ) يوحنا 2:16 و إنا لنعجب أشد العجب من دين يتم اختيار عقائده وكتبه بهذه الطريقة ... هل يمكن أن يترك الله الناس في حيرة بدون بينة واضحة أو كتاب منير فيحددوا طبيعة إلههم وكتبهم المقدسة من خلال المؤتمرات التي تتلاعب فيها الأهواء والمصالح وحب الرياسة وتقلبات السياسة بالنفوس البشرية؟[90] أم أن الحق كان واضحا ولكن اختلاف الكهنة والعلماء واتباع الأهواء أذهب به؟ ولماذا تم رفض بقية الأناجيل برغم أن الأشخاص الذين كتبوها تعتبرهم الكنيسة قديسين؟ ولماذا كانت هذه الأربعة فقط هي وحي الله وما عداها ليس وحيا؟[91] وما الذي يضمن أن قرارات هذه المجامع هي قرارات معصومة من الخطأ وهي التي كانت قلما كان يسلم أعضاؤها من الاختلاف بل كانت تنتهي غالبا بلعن(3/99)
بعضهم بعضا !! لا شك أن أي عاقل لا يقبل أن يتحدد دينه واعتقاده و هو أهم ما لديه بهذه الطريقة.
و برغم نتيجة هذه المجامع وانحياز الامبراطور الروماني لوثنية روما في شكلها الجديد واضطهاد الدولة الرومانية لأتباع أريوس فإنه ظل من النصارى من يعبد الله وحده واستمر من عقلاء النصارى ومصلحيهم من كل جيل من يستيقظ عقله ليعلن فساد مبدأ التثليث والتجسد من حين لآخر فيناله ما يناله من الاتهام بالهرطقة والتكفير والحرمان من دخول الجنة من الكنيسة حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فانتصر لأتباع التوحيد وأصبحوا ظاهرين من حينها و تولت أمة الإسلام أمر الدعوة إلى عبادة الله وحده و ما زال يلبي هذه الدعوة إلى اليوم كل من استمع لنداء عقله وفطرته وقلبه من علماء النصارى وعوامهم على السواء.[92]
(3/100)
على أن فساد النصرانية لم يقتصر في أمر الألوهية ولكن جعلت الكنيسة لنفسها سلطة مغفرة الذنوب ودخول الجنة وجعلت لذلك صكوكا فأقحمت نفسها بين العبد وربه و احتكرت لنفسها حق تفسير الإنجيل بل وقراءته [93]وجعلت لنفسها أسرارا لا يجوز للناس الاطلاع عليها و أدخلت بدعة تقديس مريم عليها السلام وتقديس أشخاص عاديين وبدعة القربان المقدس وادعت عصمة البابا[94] بل صار البابا يتلقى من الرب مباشرة وجعلت السجود للصور والتماثيل والصلبان كعباد الأوثان داخل الكنائس- وهي جمادات لا تنفع ولا تضر- [95] فأصبح تعلق النصراني بتمثال المسيح وصورته والصليب بعد أن كان بالله و وبدلت التشريعات التي كانت سائدة أيام المسيح كالصوم وحرمت الطلاق وحولت اتجاه القبلة من بيت المقدس إلى مشرق الشمس وابتدعت الرهبنة التي تقوم على تعذيب الجسد وأوقدت شرارة سلسلة من الحروب الهمجية عرفت في التاريخ باسم الحروب الصليبية و صادرت الكنيسة عقول الناس وأفكار العلماء واضطهدتهم فأشعلت الصراع النكد مع العلم وظلت أوروبا تعيش في عصور الظلام مئات السنين حتى نبذ أهلها الدين وضاقوا ذرعا بتسلط الكنيسة وطغيانها فظهرت عدة ثورات وحركات إصلاحية[96] نادت بالتحرر من سلطة الكنيسة ورُفِع شعار اللادينية وحينها فقط بدأ ما يعرف بعصر النهضة الأوروبية!!
يكتبون الكتاب بأيديهم
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً
(3/101)
أنزل الله على عيسى عليه السلام الإنجيل وقال عنه في القرآن ( فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ) و هذا الكتاب المبارك هو الذي كان يسمى بالإنجيل فقط غير منسوب إلى مؤلف من البشر وقد علمه المسيح عليه السلام لتلاميذه ووردت إشارات عنه في الكتاب المقدس [97] إلا أنه يبدو أن هذا الإنجيل قد تعرض للفقد مع معظم كتابات التلاميذ التي كانوا يكتبون فيها مذكراتهم و تسجيلهم للأحداث ووصاياهم وقد عرفت أيضا باسم الأناجيل إثر المحاولات الغاشمة من الكنيسة للقضاء عليها وحرقها وقتل مقتنيها. و قد بلغت هذه الكتب أكثر من خمسين إنجيلا و منها إنجيل برنابا وإنجيل الطفولة ويُنسب لمتى الحوارى وإنجيل فيليب ويُنسب لفيليب الحوارى وإنجيل المصريين ويُنسب لمرقص الحوارى و إنجيل الإثنى عشر رسولا و إنجيل العبرانيين أو الناصريين و إنجيل السبعين وينسب لتلامس وإنجيل مريم المجدلية وإنجيل الحياة وإنجيل الولادة وإنجيل التذكرة وإنجيل مرقيون وقد تم رفض أكثر هذه الأناجيل بعد مجمع نيقية وبقيت شذرات منها في المكتبات القديمة إلا أن إنجيل برنابا منها هو الذي ذاع صيته وانتشر و ترجم إلى لغات عديدة. وقد جاء ذكر إنجيل برنابا في ثنايا قرارات الكنسية منذ القرن الرابع الميلادي تحرض على منع قراءته مثل قرار البابا ديماسوس عام 366 م وقرار البابا جلاسيوس الأول الذي جلس على كرسي البابوية عام 492 م يحرم فيه قراءة عدة كتب منها إنجيل برنابا .ويتفق المؤرخون على أن أقدم نسخة عثروا عليها لهذا الإنجيل، نسخة مكتوبة باللغة الإيطالية، عثر عليها كريمر أحد مستشاري ملك بروسيا، و ذلك فى سنة 1709. و قد انتقلت النسخة مع بقية مكتبة ذلك المستشار فى سنة 1738 إلى البلاط الملكي بفينّا. و كانت تلك النسخة هى الأصل لكل نسخ هذا الإنجيل في اللغات التي ترجم إليها. وبرنابا كاتب هذا الإنجيل(3/102)
هو أحد حواريي المسيح ، واسمه يوسف بن لاوي بن إبراهيم وجاء في العهد الجديد أنه باع حقله وجاء ووضعه عند أرجل تلاميذ المسيح ( انظر أعمال 5/36 – 37 )، عرف بصلاحه وتقواه وقد ذهب برنابا للدعوة في أنطاكية .. "ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب ، لأنه كان رجلاً صالحاً وممتلئاً في الروح القدس والإيمان ، فانضم إلى الرب جمع غفير " ( أعمال 11/22 – 24 ) و يعتبر إنجيل برنابا وثيقة إدانة ضد التحريف الذي أحدثه بولس الكذاب وبابوات الكنيسة من بعده في النصرانية وشاهدا على صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ أنه يقر بوحدانية الله عز وجل و ببشرية المسيح عليه السلام ويبشر برسول الإسلام باسمه الصريح محمد لذا لم تعترف به الكنيسة وحرمت قراءته ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره فالكتاب مترجم للعربية ومتاح للجميع[98] وهذا لا يعني أنه خالي من الأخطاء فهو كأي عمل بشري معرض لذلك لكنه أقرب الأناجيل إلى الصواب. وهذه إحدى فقراته يبشر المسيح فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم " فأجاب يسوع....الحق أقول لكم إن كل نبى متى جاء فإنه إنما يحمل علامة رحمة الله لأمة واحدة فقط . و لذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذى أرسل إليهم. و لكن رسول الله متى جاء. يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم. فيحمل خلاصا و رحمة لأمم الأرض الذين يَقبلون تعليمه. و سيأتى بقوة على الظالمين. و يبيد عبادة الأصنام بحيث يخزى الشيطان. لأنّه هكذا وعد الله إبراهيم قائلا (أنظر فإنى بنسلك أبارك كل قبائل الأرض و كما حطّمت يا إبراهيم الأصنام تحطيما هكذا سيفعل نسلك"(.
(3/103)
أما التوراة فلم تسلم هي الأخرى من التلاعب والتحريف فقد آتى الله موسى الكتاب فيه هدى ونور ومن كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء لكن أحبار السوء الذين ورثوا الكتاب كانوا يشترون به ثمنا قليلا فيخفون كثيرا من أجزائه للهروب من أحكامه غالبا وكسب المال ويكتبون بدلا منها كتبا بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله حتى تحول الكتاب إلى هذه المجموعة المشوهة أخلاقيا وعلميا من الأسفار التي تعرف بالعهد القديم بعضها لمؤلفين مجهولين كما ذكر مراجعو الطبعة المنقحة RSV مثل سفر صموئيل وسفر أخبار الأيام[99] والتي لا نجد بينها التوراة كما كانت على عهد موسى. وصدق الله إذ يقول ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وهذا لا يمنع أن يكون في هذه الأسفار أثارة من علم الأنبياء وبقايا من وحي السماء، لكنها غارت في بحور من تخليط البشر وتحريفهم وسترى أمثلة على ذلك ولذلك فإن فِرَق النصارى مختلفون في كتابهم المقدس أشد الاختلاف فتجد مثلا البروتوستانت -وهم أشد الفرق تعظيما له ولذلك سموا بالإنجيليين- لا يعترفون بسبعة أسفار من كتاب الكاثوليك وتوجد اختلافات كثيرة في الأسفار المعترف بها لديهم بين كتابهم وكتاب الكاثوليك فأي الكتابين هو الصحيح؟؟ هذا بالإضافة للأسفار المفقودة ومشار إليها في ثنايا العهد القديم مثل كتاب حروب الرب المذكور في سفر العدد 14:21و كتاب ياشر المذكور في يشوع 10:13.
(3/104)
و أما الأناجيل المعترف بها اليوم- وهي إنجيل متّى ، وإنجيل مرقص ، وإنجيل لوقا ، وإنجيل يوحنا التي ضمنتها الكنيسة مع رسائل بولس و بقايا التوراة المحرفة في كتاب واحد أسمته الكتاب المقدس فبالرغم من أي من كتّاب هذه الأناجيل لم يدع الإلهام لنفسه وإنما اعترف بعضهم بأن ما كتبه هو مجرد تسجيل للأحداث حسبما يراها هو فإن الكنيسة تصر على هذه الدعوة ولكن ما بهذه الأناجيل من أخطاء وتناقضات[100] يكشف زيف هذه الدعوة بكل وضوح. يقول روبرت كيل تسلر[101] في كتاب حقيقة الكتاب المقدس: " أما ما يخص العهد الجديد فإن النص الأصلي -وهو ليس لدينا كما ذكرنا من قبل - قد تكوَّن بين أعوام (50) و(200) بعد الميلاد، وهذه مدة كبيرة من الزمن بعد وفاة يسوع، بل إن (50) سنة لتعد أيضاً فترة زمنية كبيرة وفي هذا الزمن استطاعت بعض الأساطير أن تجد لها طريقاً تنتشر فيه ، في وقت لم يعد فيه شهود عيان عند تكوين معظم النصوص الأصلية وهنا يجب علينا أن نتذكر : كم من الأساطير نشأت فقط بعد عدة سنوات بسيطة من حريق جيوفارا؟ " وإذا لم تكن مصدقا بوجود الإشاعات في الأناجيل فقل لي بربك من أين عرف المؤلفون الأحداث التي تلت القبض على شبيه المسيح إذا كان كل التلاميذ قد تركوه وهربوا كما هو مذكور في متى 56:26 ومرقس 50:14 إلا عن طريق الإشاعات؟
(3/105)
أول هذه الأخطاء هي نسبة الأناجيل نفسها لأصحابها فهي نسبة تعتريها الشكوك وتحوم حولها الشبهات من كل جانب.أما بالنسبة لإنجيل يوحنا فقد كتب في أواخر القرن الأول الميلادي في حين أن يوحنا الحواري كما يقول بعض المؤرخين مات مشنوقا سنة 44م على يد غريباس الأول وهو كما يذكر مؤلفه مكتوب خصيصا لإثبات ألوهية المسيح فقد ظلت الأناجيل نحو قرن من الزمان ليس فيها نص على ألوهية المسيح فالأساقفة اعتنقوا ألوهية المسيح قبل وجود النص الذي يدل عليها ولما أرادوا أن يحتجوا على خصومهم لم يجدوا مناصا من أن يلتمسوا دليلا ناطقا بذلك فكتب أحدهم أو بعضهم هذا الإنجيل[102]. تقول دائرة المعارف البريطانية : "يعتقد كثير من العلماء أن نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا الحواري غير صحيحة"[103] وجاء في الترجمة المسكونية للإنجيل كلام مماثل لذلك. ولولا خشية التطويل لذكرت أراء عددا من الباحثين بأسمائهم ولكن أكتفي بذكر كلام القس فهيم عزيز بعد طرحه لسؤال من كاتب إنجيل يوحنا : يجيب القس فهيم عزيز : " هذا السؤال صعب، والجواب عنه يتطلب دراسة واسعة غالباً ما تنتهي بالعبارة : لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل ". وهذه شهادة من أهلها لا تحتاج معها لشهادة آخرى. أما إنجيل متى فقد جاء في مقدمة الرهبانية اليسوعية لإنجيل متى: " أما المؤلِّف، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً وأقدم تقليد كنسي ينسبه إلى الرسول متى .. ولكن البحث في الإنجيل لا يثبت ذلك الرأي أو يبطله على وجه حاسم، فلما كنا لا نعرف اسم المؤلف معرفة دقيقة يحسن بنا أن نكتفي ببعض الملامح المرسومة في الإنجيل نفسه... ".
(3/106)
أما مرقس ولوقا فلم يكونا من تلاميذ المسيح عليه السلام يقول المفسر دنيس نينهام مفسر مرقس : " لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة، وعلاقة خاصة بيسوع، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى ". وقال بطرس قرماج في كتابه " مروج الأخبار في تراجم الأبرار " عن مرقس : "كان ينكر ألوهية المسيح ". وأما لوقا فقد كفانا عناء البحث في أقوال المؤرخين إذ يقول بنفسه في مقدمة إنجيله " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة
رأيت أنا أيضاً - إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق - أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علِّمتَ به " فالذين كانوا في البدء هم التلاميذ و هو يعلن أنه لم يكن معهم. [104]
(3/107)
أما عن النسخ الأصلية التي كتبت منها هذه الأناجيل فيقول موريس نورن في " دائرة المعارف البريطانية " : " إن أقدم نسخة من الأناجيل الرسمية الحالية كتب في القرن الخامس بعد المسيح، أما الزمان الممتد بين الحواريين والقرن الخامس فلم يخلف لنا نسخة من هذه الأناجيل الأربعة الرسمية، وفضلاً عن استحداثها وقرب عهد وجودها منا، فقد حرفت هي نفسها تحريفاً ذا بال، خصوصاً منها إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا" وهذا يعني أن هذه الأناجيل منقطعة السند[105] فضلا عن أن هذه النسخ القديمة ليست باللغة الأصلية التي كتبت بها الأناجيل ولا يُعلم من ترجمها ولا متى ترجمت !! ولا توجد أي طريقة علمية لإثبات أن هذه النسخ هي نفسها التي كانت موجودة في القرنين الأول والثاني الميلادي إلا المقارنة بين عدة نسخ من هذه المخطوطات لنفس الإنجيل لا تعتمد على بعضها البعض وحينها لن تكون المقارنة بالتأكيد في صالح الكتاب المقدس!! حتى عملية النسخ نفسها قبل اختراع الطباعة لا يمكن التسليم بدقتها نظرا لإنه لم يكن محفوظا عن ظهر قلب في صدور الرجال كالقرآن ولتغير اللغة ومعاني الكلمات عبر القرون المتطاولة فضلا عن أن اللغات مختلفة في ثرائها اللغوي عن بعض وقد توجد كلمات في لغة لا يوجد نظير لها في لغة أخرى لذا لا يمكن التسليم بالدقة الكاملة لمن ترجم كلام المسيح مثلا من الآرامية ثم إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية والعربية وأي ادعاء بأن الكتاب الحالي هو كتاب مقدس يلزم أن يكون جميع المترجمين الذين ترجموه قديسين أو موحي إليهم من الروح القدس فهل تضمن الكنيسة ذلك؟ [106]
(3/108)
لكن حدث اكتشافان أثريان هامان في أواسط القرن العشرين قد يؤديان لحدوث انقلاب في النظرة للكتاب المقدس والعقيدة النصرانية من أساسها. الأول هو مخطوطات كثيرة ترجع للقرن الأول الميلادي[107] أو قبله تخص جماعات مسيحية موحدة عاشت في هذه الفترة عثر عليها أحد البدو صدفة داخل أوان من الفخار في كهوف قمران بجوار البحر الميت عام 1947 لذا هي تعرف بمخطوطات البحر الميت ((Dead Sea Scrolls. هذه المخطوطات كتب عنها الدكتور ف. البراين و هو عمدة في علم آثار الإنجيل : " إنه لا يوجد أدني شكل في العالم حول صحة هذا المخطوط و سوف تعمل هذه الأوراق ثورة في فكرتنا عن المسيحية، و قال عنها القس ( أ. باول ديفيز ) في كتابه عن مخطوطات البحر الميت[108] ( إن مخطوطات البحر الميت و هي من أعظم الاكتشافات أهمية منذ قرون عديدة ، قد تغير الفهم التقليدي للإنجيل ). ويعتقد كثير من العلماء أن هذه المجموعة التي كتبت المخطوطات هي من الأسينيين ويعتقد آخرون أنهم من الأبيونيين الذين كانوا يعتقدون بوحدانية الله وبشرية المسيح عليه السلام و تنكروا لبولس الكذاب و قد اضطهدهم الرومان. وتتحدث الوثائق صراحة عن التنبؤ بمسيحين سوف يرسلهما الله للعالم أحدهما سيكون من نسل هارون وإسرائيل (يعقوب) عليهما السلام و ستكون مهمته محصورة في التوجيه الديني ( priestly messiah) ويسميه أتباعه بمعلم البر والتقوى (Teacher of Righteousness ) ولكن أحد الكهنة وهو الكاهن الشرير Wicked ) ( Priest سوف يخونه من أجل المال ويحاول تسليمه لأعدائه لكن الله يعاقبه هو بأن يسلمه إليهم و يجعلهم يقتلونه وتتحدث أيضا المخطوطات عن الكذاب (Man of lies)[109] الذي لوث اسم المعلم واحتقر التعاليم وأضل الكثيرين وواضح أن معلم البر والتقوى هو المسيح عليه السلام والكاهن الخائن هو يهوذا الذي دل الرومان على مكانه فمكر الله به وألقى عليه شبه المسيح وأما الكذاب فهو بولس الذي لوث اسم(3/109)
المسيح ونسب إليه ما لم يقله وأضل الملايين من بعده. وأما المسيح الآخر الذي تتحدث عنه المخطوطات فهو الذي سوف تشرق شمسه على كل العالم لتبدد الظلمات وسوف تكون كلماته كوحي السماء وسوف يحكم سيفه على جميع العالم وسوف يُرسل لجميع أبناء عصره و يمحو الجيل الذي بعث فيه الشر من العالم وسوف يختلق الناس الأكاذيب عنه[110] وقد وردت له ولأصحابه صفات كثيرة في هذه المخطوطات تنطبق على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويمكنك أن تقرأ في هذه المخطوطات بنفسك فهي موجودة في العديد من المكتبات العامة ومترجمة للعربية والإنجليزية وموجود فصول منها على الانترنت.
(3/110)
وأما الاكتشاف الثاني فهو مكتبة كاملة من الكتابات المسيحية القديمة عثر عليها في نجع حمادي( Nag Hammadi Library) بمصر وهي موجودة الآن بالمتحف القبطي في القاهرة و من ضمن محتويات هذه المكتبة إنجيل توماس ( توما ) وهو يحوي سردا لأقوال المسيح عليه السلام وإنجيل فيليب وإنجيل الحق وإنجيل المصريين، إلى جانب بعض كتابات منسوبة للحواريين، مثل كتاب جيمس- يحمس في المصرية- و بعكس الأناجيل الأربعة المعروفة فلم يرد أي ذكر لقصة الصلب المزعومة في مكتبة نجع حمادي بل ورد تكذيب صريح لها. و محتويات هذه المكتبة أيضا مترجمة ومتاحة للباحثين ومن أمثلة ما ورد في إنجيل بطرس على لسان بطرس (رأيته يبدو وكأنهم يمسكون به فقلت ما هذا الذي أراه يا سيد هل هو أنت حقا من يأخذون؟ أم أنهم يدقون قدمي ويدي شخص آخر قال لي(المخلص) من يدقون المسامير في يديه وقدميه هو البديل فهم يضعون الذي بقي فيّ شبهه في العار انظر إليه وانظر إلىّ) وتدل الرسومات الموجودة على أغلفة مجلدات هذه المكتبة على أن المسيحيين الأوائل في مصر كانوا يتخذون مفتاح الحياة الذي يرمز لخلود الروح عند المصريين القدماء كرمز للمسيح عليه السلام وليس الصليب الروماني المعروف الآن و من يذهب إلى المتحف القبطي في القاهرة يجد أن مفتاح الحياة هو الصليب الوحيد الذي يرمز لقيامة المسيح خلال القرون الثلاثة الأولى للميلاد. ولم تستخدم الكنائس المسيحية الصليب الروماني إلا منذ النصف الثاني من القرن الرابع عندما أصبحت كنيسة روما مسيطرة على الحركة المسيحية، ومع هذا فإن ذلك الصليب لم يصبح مقبولا لدى عامة المسيحيين إلا بعد أن أعلنت الكنيسة الرومانية عن العثور في مدينة القدس على ما قيل إنه الصليب الخشبي الذي مات عليه يسوع. ثم تطور الأمر بعد ذلك- خلال القرن الخامس- عندما وضعت الكنيسة الرومانية صور لجسد المسيح على الصليب الخشبي.[111]
(3/111)
إذا عدنا إلى الكتاب المقدس الموجود بين أيدي الناس اليوم -على اختلاف نسخه - وأخذنا ننظر في متنه وجدنا عجبا بدءا من التناقضات الصارخة بين رواية مؤلفي هذا الكتاب للأحداث و القصص الخيالية التي نسجت عن المسيح بل عن الله عز وجل التي لا يمكن أن يقبلها عقل و الكلام الفاحش الذي يتناول الجنس و النساء بصورة خارجة عن الحياء ونسبة جميع الخطايا للأنبياء بدءا من شرب الخمر والسرقة حتى الزنا والكفر بالله عز وجل مما أدى لظهور علم كامل في الغرب يعرف بعلم نقد الكتاب المقدس[112] يعتمد على إجراء البحوث العصرية و المقارنة بين النسخ والمخطوطات الموجودة لمعرفة الأخطاء الموجودة في هذا الكتاب والتي أوصلها بعضهم إلى ما يزيد عن 20 ألف خطأ !! [113]
(3/112)
وإذا أردت أمثلة فأول هذه الاختلافات التي تلفت النظر هي التباين الصارخ في سلسلة نسب المسيح بين إنجيلي متى ولوقا فهما مختلفان اختلافا يصعب الجمع بينهما سواء في عدد أجداد المسيح أو في أسمائهم ومثال ذلك عندما وصلت السلسلة إلى داود عليه السلام جعل متى المسيح من ولد سليمان الملك بينما جعله لوقا من ولد ناثان بن داود وهما أخوان ولا يعقل أن يكون المسيح من ذرية أخوين!! ثم إذا تأملت في سلسلة متى ستجد أنه ذكر للمسيح أربع جدات هن ثامار وراحاب وراعوث و وزوجة داود التي كانت لأوريا الحثي و لكل واحدة من هؤلاء الأربع سوءة تذكرها التوراة، فأما ثامار فهي التي ولدت فارص-وهو مذكور ضمن أجداد المسيح- زنا من والد أزواجها الذين تعاقبوا عليها واحداً بعد واحد. ( انظر قصتها مع يهوذا في التكوين 38/2 - 30 ). وأما زوجة أوريا الحثي فهي التي تتهم التوراة - زوراً - داود بأنه فجر بها ، فحملت، ثم دفع داود بزوجها إلى الموت، وتزوجها بعد وفاته. ( انظر القصة الكاذبة في صموئيل (2) 11/1 - 4 ). وأما راحاب زوجة سلمون، وأم بوعز، وكلاهما من أجداد المسيح - حسب متى -، فراحاب هي التي قال عنها يشوع: "امرأة زانية اسمها راحاب " ( يشوع 2/1 )، وذكر قصة زناها في سفره. وأما راعوث فهي راعوث المؤابية والتوراة تقول: " لا يدخل عموي ولا مؤابي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر " ( التثنية 23 / 3 ). ولحسن الحظ هذه المرة فإن المسيح ليس داخلاً في هذا الطرد من جماعة الرب، إذ هو الجيل الثاني والثلاثون لها[114]. فهل يعقل أن يكون المسيح عليه السلام ولد زنا؟؟! إن اعتقاد بطلان هذه القصص الكاذبة أهون بكثير من اعتقاد أن أجداد المسيح زناة. لكن الأدهى من ذلك وأمرّ هو أن كلا من الإنجيلين بدلا من أن ينسب المسيح إلى مريم عليها السلام نسبه إلى يوسف النجار !! أي أن هذه السلسلسة الطويلة من النسب هم أباء وأجداد يوسف النجار وليسوا أباء المسيح فما هي علاقة(3/113)
المسيح بيوسف النجار؟؟ ترى هل خاف كاتبا الإنجيل من اليهود فنسبا إلى مريم ما كان اليهود يرمونها به زورا وبهتانا فجعلوا المسيح من ذرية يوسف النجار؟؟
(3/114)
و لا يقف التناقض بين الأناجيل عند نسب المسيح ولكن الاختلافات بينها تشمل أسماء تلاميذ المسيح الإثنى عشر إذ يقدم العهد الجديد أربع قوائم للتلاميذ الاثني عشر تختلف كل واحدة عن الأخرى في متى ( 10/1 - 4 )، ومرقس ( 3/16 )، لوقا ( 6/14 ) وأعمال ( 1/13 ). وكذا تشمل الاختلافات رواية أحداث كثيرة تروى عن المسيح بل وتجد التناقض على لسان المسيح نفسه فمثلا تجد في متى (11 : 14 ) المسيح يقول عن يحيى أنه إيلي وفي يوحنا (1 : 19-28 (يحيى ينكر أنه إيليا و في إنجيل متى 16 : 18-19 سمى المسيح سمعان بطرس وأعطاه مفاتيح ملكوت السموات وقال له كل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماوات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السماوات بينما في نفس الصفحة قال له " اذهب عني يا شيطان .أنت معثرة لي"16 : 23 ويذكر يوحنا أن المسيح قضى ثلاثة أعياد فصح في نبوته بينما تذكر الأناجيل الثلاثة الأخرى أن المسيح مارس النبوة عاما واحدا …إلى غير ذلك من عشرات بل مئات الاختلافات الصارخة في نصوص العهد القديم والجديد على السواء مثل التناقضات بين روايات حادثة الصلب المشار إليها آنفا فهل يا ترى يوحي الله بكلام يناقض بعضه بعضا؟ حاشاه وكلا. إذا لابد أن هذه الروايات هي من كلام بشر يخطئون ويصيبون ويتعصبون ويتقلبون وأما أن يأتوا بكلام مقدس من عند أنفسهم فهذا ما لا يستطيعون ! كل هذه التناقضات دعت الأب كاننجسير Kannengiesser أستاذ معهد باريس الكاثوليكي في كتابه الإيمان بالقيامة وقيامة الإيمان[115] أن يقول ما معناه: " لا ينبغي اعتبار روايات الأناجيل حقائق لإنها نصوص مكتوبة تبعا للمناسبة أو نتيجة نضال جماعات متصارعة تسعى كل منها لإنفاذ نظرتها " وذكر الأب روجيت Roguet من باريس أيضا في كتابه مقدمة للأناجيل كلاما مثل هذا [116] و أما عن النبؤات الكاذبة التي لم يحدث أي منها إلى الآن فلم يبخل مؤلفو العهد الجديد بها ومن أظهرها نبوءة(3/115)
المسيح في (متى 24 :29-34) بأن القيامة ستحدث في حياة الجيل الذي كان معه وقد مضى أكثر من أربعين جيلا ولم تقم القيامة!!
(3/116)
وأما عن نسبة النقائص لله عز وجل فالكتاب المقدس قد صور الرب تبارك وتعالى بصوراً لا تليق أبداً بجلاله سبحانه وتعالى ، ووصفه بأقبح الصفات . فمثلا تجد في سفر صموئيل الثاني [ 22 : 9 ] أن الرب له أنف يخرج منه دخان وله فم يخرج منه نار ( كتنين ضخم ) يقول كاتب السفر :( عندئذ ارتجت الأرض وتزلزلت. ارتجفت أساسات السماوات واهتزت لأن الرب غضب. نفث أنفه دخانا، و نار آكلة من فمه، جمر اشتعلت منه . .) بينما يجعل صاحب سفر ناحوم [ 1 : 3 ]السحاب غبار رجل الله !!! يقول (طريق الرب في الزوبعة والعاصفة، والغمام غبار قدميه) أما صاحب سفر العدد فإنه يصف الرب بأنه( يجثم كأسد، ويربض كلبوة.) [ 24 : 9 ] !! و لا يختلف مؤلف المزمور كثيرا عن أصحابه فإنه شبه الرب تبارك وتعالى بأنه ينام ويسكر ويصرخ عالياً من شدة الخمر فيقول في [ 78 : 65 ] (( فاستيقظ الرب كنائم كجبار معيط من الخمر يصرخ عالياً من الخمر )) ( تعالى الله عما يصفون ) إلى غير ذلك من نصوص العهد القديم التي تجعل الرب يصارع الإنسان بل ويُهزم ويتعب وينسى ويغار و يبكي و يحزن ويندم لإنه خلق الإنسان - التكوين [ 6 : 5 ] و أما في العهد الجديد فإن صاحب سفر رؤيا يوحنا يجعل الله في صورة خروف له سبعة قرون وسبع أعين (هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه ربُّ الأرباب وملك الملوك [ 17 : 14 ]) !! ويتحدث العهد الجديد أيضا بسوء أدب عن الله قائلا "الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (كورنثوس (1) 2/10). وينسب الكتاب المقدس لله الأمر بالزنا والسرقة فأول ما يبدأ به هوشع سفره يقول :" أول ما كلم الرب هوشع قائلاً : اذهب خذ لنفسك امرأة زانية وأولاد زنى لأن الأرض قد زنت زنى" فهل يعقل أن يكون هذا الكلام وحي من عند الله؟ أما المسيح عليه السلام فلم يسلم أيضا من سوء أدب مؤلفي العهد الجديد المجهولين ولم يقف الافتراء إلى جعل المسيح من ذرية زناة ولكنهم ذكروا أن الشيطان قد أخذ(3/117)
المسيح عليه السلام لكي يختبره وصعد به فوق قمة جبل-(متى 1:1-15)!! فهل يمكن أن يكون المسيح نبيا ثم يكون للشيطان سلطان عليه؟[117] فماذا لو كان إلها أو ابنا للإله ؟!! كما اتهموا المسيح أيضا بشرب الخمر-وهو ما يخالف تعاليم التوراة- في قوله لليهود: "جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب. فيقولون: هوذا إنسان أكول وشريب خمر، محب للعشارين والخطاة" (متى 11/9). و اتهموه بقسوة القلب فينقل لوقا عن المسيح أمراً غريباً قاله للجموع التي تتبعه: " إن كان أحد يأتي إلي، ولا يبغض أباه وأمه وأولاده وإخوانه حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون تلميذاً " ( لوقا 14/26 - 27 ) وتبع رجل المسيح ثم جاءه يستأذنه ليدفن أباه، فيذكر متى أن المسيح نهاه وقال: " اتبعني. ودع الموتى يدفنون موتاهم " ( متى 8/22 )، واستأذنه تلميذ آخر في وداع أهله، فلم يأذن له (لوقا 9/61-62) وجعلوه يتبرم من قضاء حوائج الناس فتقرأ في متى" تقدم إليه رجل جاثياً له، وقائلاً: يا سيد ارحم ابني، فإنه يصرع ويتألم شديداً، ويقع كثيراً في النار، وكثيراً في الماء. وأحضرته إلى تلاميذك، فلم يقدروا أن يشفوه. فأجاب يسوع، وقال: أيها الجيل غير المؤمن الملتوي. إلى متى أكون معكم. إلى متى احتملكم. قدموه إليّ ههنا. (متى 17/14-16)، وقصة مثلها في ( متى 15 /22 - 28 ). ونسبوا إليه اتهام الأنبياء قبله بأنهم سراق ولصوص في قوله:" جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص. ولكن الخراف لم تسمع لهم" (يوحنا 10/7-12)..- وقد طال السباب المنسوب للمسيح تلاميذه وخاصته، فقد قال لتلميذيه اللذين لم يعرفاه: " أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء" (لوقا 24/25)، ومن عجائب العهد الجديد أنه يعتبر المسيح ملعوناً فيقول: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من علّق على خشبة" (غلاطية 3/12)، ولا تقف البذاءة عند ذلك فلم تسلم أعراض الأنبياء(3/118)
السابقين أيضا من التهم الشنيعة والجرائم البشعة. فقد جعل العهد القديم نبي الله نوح عليه السلام يشرب الخمر ويسكر ويتعرى !! سفر التكوين [ 9 : 20 ] ونبي الله لوط يزني بابنتيه !! سفر التكوين [ 19 : 30 ] . نبي الله داود يزني بزوجة جاره ويدبر مؤامرة دنيئة ضده اغتاله فيها !!!سفر صموئيل الثاني [ 11 : 2 ] نبي الله هارون يكفر ويدعو اليهود إلى عبادة العجل !!وهذا في سفر الخروج [ 32 : 2] و نبي الله سليمان يخالف وصايا الرب ويتزوج من نساء الأمم اللاتي يغوين قلبه لآلهتهن فيكفر في أواخر حياته ويعبد الأوثان !! سفر الملوك الاول [ 11 : 1] فهل هؤلاء الذين اصطفاهم الله على خلقه وشرفهم لحمل رسالته يمكن أن يكونوا كذلك؟ هل يمكن أن يكون كذلك من قال عنهم القرآن ) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)؟؟ وهل يعقل أن يرتكب الأنبياء الذين اختارهم الله هذه الفواحش ويكون البابوات الذين تختارهم الكنيسة معصومين؟ وهل يمكن أن نأمن قوما رموا مريم العذراء عليها السلام بالزنا وهي تحيا بينهم على أعراض أنبياء ماتوا من مئات السنين؟؟ وكأي كتاب قليل البضاعة فقير المحتوى يراد له أن يروج بين العامة ويحقق أعلى الأرباح فيطعمه مؤلفه ببعض الكلام الجنسي الذي يخاطب في الإنسان غريزته لا عقله أو كأي مجلة لم تعد تجد ما تجذب به قارئها إلا أن تصدر صفحاتها بصور فاضحة قام مؤلفو العهد القديم بوضع السفر سيء السمعة الذي طالما أحرج الكنيسة بمحاولة تفسيره وتبرير وجوده في كتاب يفترض أن يكون مقدسا وهو سفر نشيد الإنشاد. هذا السفر الذي لم يكد يترك جزءا من جسد المرأة إلا وتغزل به وشبب به يدعي أصحاب الكتاب المقدس أن الله أوحاه إلى نبيه سليمان فمثلا في إنشاد (7/1-4) تقرأ : " ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم! دوائر(3/119)
فخذيك مثل الحلي صنعة يدي صناع. سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج. بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوسن. ثدياك كخشفتين توأمي ظبية. " فهل يمكن أن يكون هذا الكلام الذي يستحي الرجل أن يُقرئه أبناءه وحيا من عند الله ؟؟[118] هذا بخلاف قصص الزواني والعاهرات وزنا المحارم والعري والخيانة التي يحفل بها الكتاب المقدس ولولا خشية الإطالة وتدنيس صفحات هذه الرسالة لنقلت لك ما يندى له الجبين من ذلك ولكن هذه بعض الإشارات ويمكنك أن ترجع إليها بنفسك حزقيال [ 23 : 19 ] , حزقيال [ 16 : 35 ] , هوشع [ 1 : 2 ] , صموئيل الثاني [ 12 : 11 ] , إشعياء [ 20 : 2 ] , ، اشعيا [ 3 : 16 ] , القضاة [ 16 : 1 ] , راعوث [ 3 : 4 ] , لملوك الأول [ 1 : 1 ، 3 ] , التكوين [ 38 : 13 ] , حزقيال [ 23 : 1 ].
(3/120)
أما عن الأخطاء العلمية والتاريخية في الكتاب المقدس ( إن كنت ما زلت تعتقد أنه مقدس ) فحدث ولا حرج. فيذكر سفر التكوين مثلا مرة أن الله خلق النباتات والحيوانات أولاً ثم خلق الإنسان بعد ذلك التكوين ( 1 : 20 - 27 ) ومرة أخرى أن الله قد خلق الإنسان أولاً ثم خلق الأشجار والحيوانات . التكوين ( 2 : 7 ، 19) وهذا الخطأ يعرفه علماء اللاهوت. ويذكر العهد القديم أيضا أن ولادة إبراهيم كانت في القرن العشرين من بداية الوجود الإنساني وبالتحديد في عام 1948 من بداية الخليقة و بتقدير الفترة بين إبراهيم و عيسى عليهما السلام من نصوص العهد القديم سنجد أن عمر البشرية على ظهر الأرض لم يتجاوز 6 ألاف سنة فقط!! في حين أن هذا بخلاف المسلم به من أن حضارات قامت قبل 5 ألاف سنة من الميلاد حيث عثر على مصنوعات بشرية تعود لأكثر من خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. وعثرت بعثة جامعة القاهرة على آثار بشرية في منطقة الفيوم ترجع لعشرات الآلاف من السنين . وتذكر دائرة المعارف البريطانية أن الآثار الإنسانية في فلسطين ترجع لمائتي ألف سنة، وصدق الله العظيم إذ يؤكد أن البشرية ضاربة جذورها في التاريخ قروناً طويلة، فيقول: (وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً )
ومن الأخطاء العلمية زعم التوراة أن الأرض مسطحة ، ولها زوايا موافقة بذلك المستوى العلمي السائد حين كتابتها، فتقول: " قد جاءت النهاية على زوايا الأرض الأربع (حزقيال 7/2).[119] ويمكنك الحصول على المزيد من الأمثلة من كتاب العالم الفرنسي المسلم موريس بوكاي دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة[120] فهل بعد كل ذلك يقول قائل أن القرآن اقتبس من التوراة والإنجيل؟؟
(3/121)
هذا كله بخلاف الزيادات الطفيفة أو التعديلات أو الإضافات التي ما زالت في تغير وتحريف مستمر كلما ترجم الإنجيل أو نسخ أو طبع طبعة جديدة منذ كتبت الأناجيل أول مرة وإلى اليوم ويمكنك ببساطة التأكد من ذلك بمراجعة نسختين من الكتاب المقدس بينهما فترة زمنية كافية أو مختلفتين في اللغة إذا كنت تجيد كلا اللغتين.[121]
فإذا علمنا كل هذا لا نستغرب إذاً أن يقول دكتور W.Graham Scroggie وهو أحد أبرز المنصرين في العالم من معهد Moody Bible Institute في كتابه " هل الكتاب المقدس كلام الله؟ "نعم إن الكتاب المقدس من وضع البشر، بالرغم من إنكار البعض ( من المسيحيين ) لِهذا القول من قبيل الحماسة وليس عن علم، فقد خطت أقلام البشر هذه الأسفار بعباراتهم، بعد أن خطرت على عقولهم، فصدرت بأسلوب البشر وتحمل صفاتهم. " ا.هـ.[122]
خاتمة
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا
بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا
مُسْلِمُونَ
(3/122)
وفي الختام ها قد عرضت عليك رسالتي وبقي دورك أنت و قد تعمدت أن أذكر لك عناوين المواقع و أسماء الكتب والعلماء باللغة الإنجليزية لكي تتأكد بنفسك ومجال الاختيار مفتوح أمامك لكن تمهل فهذا ليس اختيارا عاديا لكنه أهم اختيار في حياتك وبعد حياتك واعلم أن من رحمة الله أن جعل الحق واضحا وضوح الشمس لذا فلن يغني أحد عنك من الله شيئا إن ضللت عنه أو أضلوك عنه فأنت إنسان عاقل مسؤول بمفردك أمام الله و أنت لن تخسر شيئا بالتفكير فيما ذكرته لك والتأكد منه ولكن عليك أن تكون مخلصا في طلب الحق وأن تكون مستعدا أن تؤثره على غيره كما فعل نبي الله إبراهيم عليه السلام فلك فيه أسوة حسنة. فتوجه إلي السماء بقلبك وروحك - إلى ربك الذي خلقك - بدون أن تتمثله بصورة أو تمثال فالله أعظم من أن يشابه ما صنعته أيدي البشر واسأله أن يهديك الطريق الموصل إليه وعندما تعرف الحق فاعلم أنك قد عرفت الله حقا فاصبر من أجله وصابر عليه فقد سبقك كثيرون إليه وتحملوا من أجله ولكن احذر أن تحجب النور عن قلبك إن أبصرته فقد لا تراه مرة أخرى.
ويسرنا أن نتلقى تعليقاتك واستفسارتك على البريد: ask.about.islam@gmail.com
وهذه بعض المواقع التي يمكنك أن تستعين بها في رحلتك الإيمانية
الحوار الإسلامي المسيحي http://arabic.islamicweb.com/christianity
ابن مريم.. المسيح الحق http://www.ebnmaryam.com
الحقيقة.. المسيحية في الميزان http://www.alhakekah.com
التوضيح لدين المسيح http://www.tawdeeh.com
الحقيقة العظمى http://www.truth.org.ye
الجامع لحوار النصارى http://www.algame3.com
الإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://www.55a.net
http://www.halimo.com
شبهات وهمية عن الإسلام
--------------------------------------------------------------------------------
[1] هي سورة الفيل
[2] أى غطوني
[3] أى شابا قويا لكي أنصرك
[4] (السفر إلى الشرق) ص277
(3/123)
[5] (شمس الله تسطع على الغرب) زيغريدهونكه (465)
[6] نقلا عن كتاب ربحت محمدا و لم أخسر المسيح للدكتور عبد المعطي الدالاتي
[7] عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى) قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: (أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم). قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك.
[8] قال الله عز وجل : قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ
[9] فتجد ان الكنيسة مثلا ادعت لنفسها حق مغفرة الذنوب فيأتي المذنب فاضحا نفسه و يجلس بين يدي بشر مثله يخطئ و يذنب ربما أكثر منه ثم يعترف أمامه بذنوبه ثم يمن عليه هذا الشخص الخطاء بالمغفرة و ذلك في مقابل مبلغا من المال يتبرع به أو يشتري به صكا يعرف بصك الغفران كما كان يحدث في الماضي
[10] النبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز ص 36- 37
[11] وقد كان هذا الموقف سببا في إسلام صحفية أمريكية عندما سمعت به
[12] عن خباب بن الأرت قال:
شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه. ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون
[13] النبأ العظيم . بتصرف
(3/124)
[14] قال تعالى : هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ {62} وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
[15] ومنها أنه دعا النصارى مرة إلى المباهلة و هي أن يجمعوا أطفالهم و نساءهم و أنفسهم في مكان واحد ثم يبتهلوا إلى بأن يجعل لعنته على الكاذبين فما أجابوا
(3/125)
[16] و أولهم كان ورقة بن نوفل كما مر في المقدمة ثم كان عبد الله بن سلام و هو من علماء اليهود و فضلائهم و كعب الأحبار و هو من علمائهم أيضا و من النصارى فقد آمن به النجاشي ملك الحبشة مع أنه لم يره و لم يخش على ملكه منه وقال عندما سمع القرآن "إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة " و غيرهم كثير و في العصور الوسطى هناك مثلا القس الإندلسي بن محمد عبد الله الترجماني الميروقي ،الذي ألف بعد إسلامه كتاب تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب و في عصرنا الحالي هناك مثلا القس دافيد بنجامين الكلداني كان قسيسا للروم من طائفة الكلدان و بعد إسلامه تسمى بعبد الأحد داوود و ألف كتاب الإنجيل و الصليب و القس إسحاق هلال مسيحه الذي كان رئيس لجان التنصير في شمال أفريقيا و قصته التي يرويها بنفسه مسجلة هناhttp://media.islamway.com/lessons/several//converts.rm : و كذا القس المصري إبراهيم خليل فلوبرس الأستاذ السابق بكلية اللاهوت الإنجيلية الذي حصل على ماجستير من جامعة برينستون الأمريكية في مجال التهجم على الإسلام ً ثم سمى نفسه إبراهيم خليل أحمد و الشماس الدكتور وديع أحمد وهذا هو موقعه: http://www.wadee3.5u.com و القس المصري "فوزي صبحي سمعان" الذي أسلم هو وأبوه وأخته لله رب العالمين و يعمل الآن مدرسا للدين الإسلامي و كذا القُمُّص المصري "عزت إسحاق معوَّض" الذي صار داعية مسلما و هؤلاء و غيرهم يمكنك قراءة قصصهم من : http://tanseer.jeeran.com/priests.html أما من غير العرب فهم كثيرون أيضا فمنهم القس الأمريكي يوسف استس و هذا هو موقعه http://www.islamtomorrow.com/ و هذه مجموعة من اليهود المعاصرين الذين دخلوا في الإسلام http://www.jews-for-allah.org/ /
(3/126)
[17] و هل أدل على ذلك من حكم الطلاق الذي أباحه الإسلام كحل أخير حين تصل المشاكل بين الزوجين إلى طريق مسدود و حرمته الكنيسة فلما ظهر أن منعه يصادم طبيعة البشر و ظهرت كثير من الأمراض الاجتماعية نتيجة لتحريمه – كالزنا مثلا – أباحته كثير من الدول اليوم. و كذلك تحريم الإسلام لأكل لحم الخنزير و إباحة الكنيسة له ثم ظهر علميا أن الخنزير هو المسبب لمرض الالتهاب السحائي المخي و انفلونزا الخنزير كما أنه تعيش في أمعائه الدودة الشريطية التي تنتقل إلى أمعاء من يأكلها وتسبب له التهاب الأعصاب وارتفاع ضغط الدماغ و قد وجد الأطباء مؤخرا دودة في مخ امرأة بعد تناولها وجبة لحم خنزير هذا بالإضافة إلى صفات الخنزير التي تنتقل إلى آكلها مثل انعدام الغيرة و هذا مشاهد.
[18] ترجم للعربية بعنوان الخالدون مائة أعظمهم محمد ويقول مايكل هارت فيه : "كان محمد الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح في مهمته إلى أقصى حد ، سواء على المستوى الديني أم على المستوي الزمني"
[19] كما فعل مدعي النبوة الكذاب الذي سيأتي ذكره في النصف الثاني من الرسالة
[20] فقد كان قيام الليل في حقه صلى الله عليه و سلم فرضا فيقوم من ثلث الليل إلى ثلثيه كل ليلة في حين أنه في حق بقية المسلمين تطوع
[21] و ذلك برغم بلايين الدولارات التي تنفقها المؤسسات التبشيرية النصرانية للصد عن سبيل الله
[22] النبأ العظيم ص 48
[23] و معنى تواتر الخبر أن يتناقله جمع كبير من الناس يستحيل تواطؤهم على الكذب عن جمع كبير مثلهم و هكذا إلى يومنا هذا فقارن بين هذه الطريقة و الطريقة التي نقلت بها الكتب الأخرى كما في آخر الرسالة
[24] ذلك بأن الذي يمسكه أن يزول هو الذي يمسك السماوات و الأرض أن تزولا.
[25] النبأ العظيم بتصرف
(3/127)
[26] يقول بروفيسور الرياضيات الأمريكي المسلم جيفري لانغ في كتابيه حتى الملائكة تسأل و الصراع من أجل الإيمان: (القرآن هذا الكتاب الكريم قد أسرني بقوة ، وتملّك قلبي ، وجعلني أستسلم لله ، والقرآن يدفع قارئه إلى اللحظة القصوى ، حيث يتبدّى للقارئ أنه يقف بمفرده أمام خالقه وإذا ما اتخذت القرآن بجدية فإنه لا يمكنك قراءته ببساطة ، فهو يحمل عليك ، وكأن له حقوقاً عليك ! وهو يجادلك ، وينتقدك ويُخجلك ويتحداك … لقد كنت على الطرف الآخر ، وبدا واضحاً أن مُنزل القرآن كان يعرفني أكثر مما أعرف نفسي … لقد كان القرآن يسبقني دوماً في تفكيري ، وكان يخاطب تساؤلاتي )
[27] للمفكر التركي محمد فتح الله كولن. وله أيضا :" لقد أتى القرآن بنظرة متميزة للكون وللأشياء وللإنسان بأسلوب غاية في الروعة والسحر. لأنه يتناول الإنسان ككل ضمن الوجود بأكمله، ولا يهمل أيَّ شيء، بل يضع كل شيء مهما كان صغيرا في مكانه المناسب. الأجزاء فيه مرتبطة ارتباطا وثيقا ودقيقا بالكل، والأجوبة المختلفة عن أدق الأسئلة التي تخطر على بال الإنسان في هذا المعرض الكوني الهائل ترد فيه. وبينما يقوم بتحليل أدق المسائل الموجودة سواء في عالم الشهود أم فيما وراء الأستار حتى أدق تفاصيلها، لا يدع هناك أي تردد أو شبهة أو علامة استفهام في العقول. أجل! إن القرآن في جميع هذه التفاصيل الدقيقة التي يوردها لا يدع أي فراغ في هذا الموضوع لا في العقول ولا في القلوب ولا في المشاعر ولا في المنطق، لأنه يحيط بعقل الإنسان وبأحاسيسه وبمشاعره وإدراكه"
[28] لم يكن الإنجيل قد ترجم للعربية بعد أثناء حياة النبي صلى الله عليه وسلم
(3/128)
[29] فمثلا ذكر القرآن عن فرعون موسى بعد أن غرق في البحر ( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) وعندما تم دراسة مومياء منفتاح التي يظن أنها لفرعون موسى في فرنسا بواسطة فريق من علماء التشريح توصلوا إلى أن سبب وفاته هو الغرق فعلا و نلاحظ أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ذكر بقاء جثة فرعون محفوظة بعد غرقه – فهل كان محمد على علم ببراعة المصريين في التحنيط؟ ثم أسلم رئيس الفريق الفرنسي و هو الدكتور موريس بوكاي و عكف على دراسة القرآن والإنجيل والتوراة لمدة عشر سنين ثم ألف كتاب القرآن والإنجيل والتوراة والعلم الذي أصبح من أكثر الكتب انتشارا وترجم لعدة لغات عالمية
[30] فترى مثلا في قصة أصحاب الكهف عند أهل الكتاب أنهم عاشوا في الكهف ثلاثمائة سنة شمسية وفي القرآن أنهم (لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) و هذه السنون التسعة هي فرق ما بين عدد السنين الشمسية والقمرية فانظر إلى هذا الحساب الدقيق في أمة أمية لا تقرأ ولا تحسب! – النبأ العظيم
[31] الجبال ممتدة في باطن الأرض من أسفل فهي تشبه الوتد و السحب يصل وزن الواحدة منها إلى أكثر من عشرة ملايين طن من الماء على هيئة بخار و الرياح تحمل حبوب اللقاح فتلقح الأزهار و تسير السحب المشحونة كهربيا حتى تلامس بعضها فيحدث التفريغ الكهربي و البحر تخرج من قيعانه صهارات و حمم بركانية ملتهبة تم تصويرها بالغواصات الحديثة وللمزيد من صور الإعجاز العلمي يمكنك الرجوع إلى www.55a.net
[32] منهم مثلا الدكتور كيث مور Keith Moore عالم الأجنة الشهير صاحب كتاب The Developing Human الذي ترجم لأكثر من25 لغة ووقف مرة في أحد المؤتمرات قائلا :
(3/129)
"إن التعبيرات القرآنية عن مراحل تكون الجنين في الإنسان لتبلغ من الدقة والشمول مالم يبلغه العلم الحديث, وهذا إن دل علي شئ فإنما يدل علي أن هذا القرآن لايمكن أن يكون إلا كلام الله, وأن محمداً رسول الله" وصدق الله إذ يقول (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)
[33] إنه الله العليم الحكيم. قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد)
[34] " تعاوا نعيد النظر فيما نعتقد" تاليف حسن يوسف
[35] النبأ العظيم
[36] حتى أنه قيل له : ( وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً {74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً )
[37] انظر مثلا لوقا 26:2 و 67:1 و 15:1
[38] "هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم؟" للدكتور. منقذ بن محمود السقار .... بتصرف
[39] فأين هذا من رؤيا يوحنا التي وصف الله فيها بأنه خروف ذو سبعة قرون ؟!!
[40] في حين قرر مجمع روما سنة1215 ما يلي: "على الناس أن يتلقوا قول الكنيسة بالقبول وافق العقل أو خالفه وعلى المسيحي إذا لم يستسغ عقله قولا قالته الكنيسة أو مبدأ دينيا أعلنته عليه أن يروض عقله على قبوله فإذا لم يستطع فعليه أن يشك في عقله ولا يشك في قول البابا" !!
(3/130)
[41] وأنت ترى نتائج هذه الرهبانية في عدد حوادث الاغتصاب التي اقترفها رجال الكنيسة حتى أن عدد القسس الذين ارتكبوا جرائم من هذا النوع وأعلن عنها في الجرائد في الولايات المتحدة وحدها يصل إلى 1608 قسيسا و هذه بعض مواقع ضحايا الاعتداءات الجنسية لرجال الكنيسة الغربية :http://www.snapnetwork.org و http://www.thelinkup.org و http://www.survivorsfirst.org أما نتائج الإباحية المنحلة بين عوام النصارى في أكثر دول العالم فواضحة ولا تحتاج إلى بيان !
[42] من تفسير "في ظلال القرآن" بتصرف
[43] "الإسلام ليس فلسفة ولكنه منهاج حياة .. ومن بين سائر الأديان نرى الإسلام وحده ، يعلن أن الكمال الفردي ممكن في الحياة الدنيا ، ولا يؤجَّل هذا الكمال إلى ما بعد إماتة الشهوات الجسدية ، ومن بين سائر الأديان نجد الإسلام وحده يتيح للإنسان أن يتمتع بحياته إلى أقصى حدٍ من غير أن يضيع اتجاهه الروحي دقيقة واحدة ، فالإسلام لا يجعل احتقار الدنيا شرطاً للنجاة في الآخرة .. وفي الإسلام لا يحق لك فحسب ، بل يجب عليك أيضاً أن تفيد من حياتك إلى أقصى حدود الإفادة .. إن من واجب المسلم أن يستخرج من نفسه أحسن ما فيها ) من كتاب (الإسلام على مفترق الطرق) للمفكر محمد أسد ( كان يهوديا وأسلم ) ص 19- 25
[44] المستشرق روم لاندو في (الإسلام والعرب) ص(9-246)
[45]وكم من أناس دخلوا الإسلام بسبب رؤيتهم للمسلمين وهم يصلون. يقول المفكر الفرنسي رينان : "الإسلام دين الإنسان .. وكلما دخلت مسجداً هزني الخشوع وشعرت بالحسرة لأني لست مسلماً" وصدق الله العظيم إذ يقول ( رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ . ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ )
(3/131)
[46] هذه الأمور وغيرها جعلت الكثيرين يدخلون الإسلام بمجرد سماعهم عنه أو تعاملهم مع المسلمين وإلا كيف انتشر الإسلام في الصين وروسيا وجنوب إفريقيا والأمريكتين؟؟
[47] وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم وتسليماته
[48] ولاحظ أن القرآن سمى سورة كاملة بسورة مريم و سورة أخرى باسم آل عمران ولم يسم سورا باسم فاطمة أو عائشة أو آل محمد
[49] رواه أحمد في مسنده
[50] و قال أيضا ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار
[51] قال تعالى : (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36} فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {37} )
[52] مثال ذلك « لا تموت الآباء لأجل البنين، ولا البنون يموتون لأجل الآباء، بل كل واحد يموت لأجل خطيته » أيام 2- 25/4 .
(3/132)
و : « الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله » رومية 2/6 .و في التوراة «وكلم الرب موسى وهارون قائلاً: افترزا من بين هذه الجماعة فاني أفنيهم في لحظة. فخرّا على وجهيهما وقالا: اللهمّ اله أرواح جميع البشر، هل يخطئ رجل واحد فتسخط على كل الجماعة» العدد 26/23 ، واستجاب له فعذب بني قورح فقط. وأيضا (وأنتم تقولون لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب . أما الابن فقد فعل حقاً وعدلاً حفظ جميع فرائضي وعمل بها فحياة ً يحيا . النفس التي تخطيء هي تموت . الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن . برّ البارّ عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون ... فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً فحياةً يحيا. لا يموت ، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في بره) حزقيال 18 : 19-22 .
[53] متى 12: 36
[54] كل مولود في الإسلام يولد على الفطرة مبرئا من كل خطيئة كالصفحة البيضاء ثم هو مسؤول عن نفسه أمام الله لا يحاسب إلا على سعيه
[55] استنتج المفكر البريطاني إينوك باول Enoch Powell في كتابه تطور الإنجيل( The Evolution of the Gospel ) بعد أن قام بإعادة ترجمة إنجيل متى من اليونانية إلى أن قصة الصلب لم تكن موجودة في النص الأصلي للأناجيل ولكنها أضيفت في مرحلة متقدمة
[56] المسيح والتثليث- د. محمد وصفي
[57] ( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )
[58] ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ )
(3/133)
[59] تقول دائرة معارف لاروس : "إن تلاميذ المسيح الأولين الذين عرفوا شخصيته وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس في الاعتقاد بأنه أحد الأقانيم الثلاثة... وما كان بطرس تلميذ المسيح يعتبر المسيح أكبر من رجل يوحى إليه.
[60] انظر أعمال (2/46) واقرأ ما كتبه الدكتور Robert Alley الأستاذ بجامعة Richmond : " إن الفقرات التي يتكلم فيها المسيح عن ابن الله هي إضافات متأخرة تمثل ما كانت الكنيسة تعتقده وادعاء مثل هذا لا يتناسب مع حياة المسيح التي نتخيلها. فأول ثلاثة عقود بعد (موت المسيح) كانت المسيحية فرعا بداخل الديانة اليهودية وأول ثلاثة عقود في تاريخ الكنيسة كان وجودها داخل هيكل اليهود ولا يمكن تصور أبدا أن أتباع المسيح كانوا يعلنون ألوهية المسيح تحت هذه الظروف" و مما يجدر ذكره أن هذا الرجل فقد منصبه كرئيس قسم الأديان بالجامعة لقوله " لا يمكنني أن أتخيل ولو لدقيقة واحدة أن المسيح امتلك الشجاعة الكافية لكي بدعي الألوهية لنفسه"
[61] من " المسيح والتثليث" للدكتور محمد وصفي- بتصرف
[62] جاء في العهد القديم أن أنبياء آخرين قد حصلت لهم معجزة إحياء الموتى انظر حزقيال (1:37-10) وملوك أول (17:17-24) وملوك ثاني (22:4-27)
[63] قال تعالى عن المسيح عليه السلام:(إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ )
[64] جاء تفسير مصطلح ابن الله بمعنى المؤمن بالله : ( وأما الوصف الذي قَبِلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باْسمه ) يوحنا : 1 : 12
(3/134)
[65] انظر ً : (خروج 4: 22 ، مزمور 2 : 7 ، وأخبار الأيام الأول 22 : 10.9 ، متى 5 : 9 ، ولوقا 3 : 38 و أما اطلاق المسيح هذا الوصف عن نفسه فلم يرد إلا في مكانين بإصحاحي 5, 11 بإنجيل يوحنا. يقول Hastings في قاموسه للكتاب المقدس إن استعمال المسيح لهذا المصطلح هو أمر مشكوك فيه ويقول شارل جنيبر: " والنتيجة الأكيدة لدراسات الباحثين، هي : أن المسيح لم يدع قط أنه هو المسيح المنتظر، ولم يقل عن نفسه إنه ابن الله... فتلك لغة لم يبدأ في استخدامها سوى المسيحيين الذين تأثروا بالثقافة اليونانية"
انظر: المسيحية، نشأتها وتطورها، ص.50.
[66] من كتاب سر الأزل
[67] من كتابه: الحق
[68] جاء في دائرة المعارف الأمريكية عن عقيدة التثليث [.. أن عقيدة التثليث هي العقيدة المسيحية التي تقول بالطبيعة الثلاثية للإله هي عقيدة ليست من تعاليم العهد القديم ولا توجد في أي مكان بين ثناياه..] دائرة المعارف الأمريكية ط 1959
وقد اعترف كبار علماء اللاهوت في قاموس الكتاب المقدس أن : مادة التثليث لم ترد في الكتاب المقدس ويظن أن أول من صاغها هو ترنفيان في القرن الثاني الميلادي وقد خالفه الكثيرون ولكن مجمع نيقية أقر التثليث عام 325 أ.هـ. فانظر كيف يحفل الكتاب المقدس بقصص الزانيات والزواني ويخلو من أهم مبادئ العقيدة النصرانية !!
[69] . ومن يدري لعل هذه الجملة تروق لأباء الكنيسة يوما فيضيفونها في طبعات الكتاب المقدس الجديدة بدلا من الجملة الأصلية!!
[70] جاء في مقدمة هذا الكتاب
(3/135)
[ The writers of this book are convinced that another major theological development is called for in this last part of the Twentieth Century. The need arises from growing knowledge of Christian origins and involves a recognition that Jesus was (as he is presented in Acts 2.21) “A man approved by God “ for a special role within the Divine purpose, and that the later conception of him as God Incarnate, The Second Person of the Holy Trinity living a human life, is a mythological or poetic way of expressing his significance for us. ]. وترجمتها
و ترجمته: [ إن كُتَّاب هذا الكتاب مقتنعين بأن هناك، في هذا الجزء الأخير من القرن العشرين، حاجة ماسة لتطور عقائدي كبير آخر. هذه الحاجة أوجدتها المعرفة المتزايدة لأصول المسيحية، تلك المعرفة التي أصبحت تستلزم الاعتراف بعيسى أنه كان (كما يصفه سفر أعمال الرسل: 2/21): " رجل أيده الله " لأداء دور خاص ضمن الهدف الإلهي، و أن المفهوم المتأخر عن عيسى و الذي صار يعتبره " الله المتجسد و الشخص الثاني من الثالوث المقدس الذي عاش حياة إنسانية " ليس في الواقع إلا طريقة تعبير أسطورية و شعرية عما يعنيه عيسى المسيح بالنسبة إلينا [
[71] انظر عدد 8 أبريل 98 بعنوان The Search For Jesus و15 أغسطس 88 بعنوان Who Was Jesus و 12 أبريل 2004 بعنوان Why Did Jesus Have To Die? و18 ديسمبر 95 بعنوان Is the Bible Fact or Fiction? فكلها أمثلة توضح حيرة الإنسان الغربي إزاء هذه العقيدة الغامضة
[72] وهنا أطلب من القارئ أن يحاول بنفسه تطبيق المعايير التي وضعناها في أول الرسالة للحكم على أي إنسان يدعي النبوة والرسالة على بولس هذا.
[73] يقول دجوستاف ليون "ولو قيل للحواريين الاثنى عشر أن الله تجسد في يسوع. ما أدركوا هذه الفضيحة ولرفعوا أصواتهم محتجين" حياة الحقائق / ص 163، و187
(3/136)
[74] أعمال 9/26
[75] تقول دائرة المعارف البريطانية في الإجابة عن هذا السؤال: "إن ارتحاله إليها كان لحاجته إلى جو هادئ صامت يتمكن فيه من تفكير في موقفه الجديد، وأن القضية الأساس عنده هي تفسير الشريعة حسب تجاربه الحديثة".
[76] يوحنا 8/17 ويلاحظ هنا أنه جعل الشهادة الأخرى هي شهادة الله عز وجل له. فهل بعد هذا نقول أن الله هو المسيح؟؟!
[77] فقد ذكر في أعمال الرسل إصحاح 9/7 أن الرجال المسافرين معه وقفوا يسمعون الصوت بينما في إصحاح 22/9 المسافرون لم يسمعوا الصوت وفي أعمال 9/4 أن بولس "وحده سقط على الأرض"ينما المسافرون وقفوا، وفي الرواية الثالثة أن الجميع
سقطوا، فقد جاء فيها " سقطنا جميعا على الأرض" أعمال 26/14
[78] وهذا يعطينا فكرة عن الأهداف التي كانت تحرك بولس. فأين هذا من قول الله للنبي أكثر من مرة في القرآن " اتق الله " ؟
[79] فأين هذا من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ( لا تفضلوني على يونس بن متى ) وقول الله له: (ليس لك من الأمر شيء) ؟
[80] لوقا 21:2
[81] عبرانيين 7/17
[82] قال فرانس أوفربيك Frans Overbeck (أحد قيادات رجال اللاهوت الأحرار) : إن كل الجوانب الحسنة التي تشهدها المسيحية ترجع إلى عيسى ، أما الجوانب السيئة (وهي تطغي على الجوانب الحسنة بأضعاف مضاعفة) فقد أحدثها بولس فيها. ( مبادىء المسيحية)
[83] يقول إريك بروك Erick Brock في كتاب مبادىء المسيحية Die Grundlagen desChristentums عن بولس: " إن أهم جذور كل البلاء الذي أصاب المسيحية جاءت من أفكاره، وكم نحن الآن في حاجة إلى أن نشير مراراً إلى أن الحقيقة تؤكد أن كل المفكرين الأحرار المعتدلين قد أشاروا إلى أن المباديء الخربة التي تتبناها المسيحية اليوم ما هي إلا مباديء مخزية ولكن لم يرق الحال للكنيسة لتخلصنا من هذه الرسائل والأفكار البولسية".
(3/137)
[84] يقول جوستاف لوبون كان بولس مفطورًا على فرط الخيال وكانت نفسه مملؤة بذكريات الفلاسفة (حياة الحقائق) ص 163، 187
[85] لمسيحية نشأتها وتطورها / شارل جنيبر ص70 ويقول أيضا [.. لقد تطورت المسيحية إلى تأليف ديني تجمع فيه سائر العقائد الخصبة والشعائر النابعة من العاطفة الدينية الوثنية قامت المسيحية بترتيبها وتركيبها وأضفت إليها الانسجام] وراجع كتاب The Bible Myths and their Parallels in other Religions لمؤلفه T.W Doane وكتاب Mythology Christianity and
لمؤلفه John Mackinnon Robertson
[86] يقول الدكتور خالد شلدريك الذي أسلم بعد أن فهم عقيدة التثليث: "إن عقيدة الأب والابن من عقائد الوثنيين القدماء فإن البوذيين يعبدون بوذا في طفولته مع أمه ياما في نفس الصورة التي نراها منقوشة في كل كنيسة للمسيح في طفولته مع أمه مريم واتخذ النصارى من عيد الوثنيين للاعتدال الخريفي 25 ديسمبر موعد ولادة الشمس عندهم عيدا لميلاد المسيح" وقد كان الثالوث موجودا أيضا في ديانات وثنية سابقة ففي الهند كان عندهم الثالوث الإلهي براهما و كريشنا و سيفا وكان عند المصريين القدماء الثالوث إيزيس وأوزوريس وحورس وصدق الله العظيم إذ يقول ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) وهذا من إعجاز القرآن أنه أخبرنا كيفية نشأة عقيدة النصارى في المسيح. فهل كان محمد على اطلاع بتاريخ الحضارات القديمة؟
(3/138)
[87] يعلق المؤرخ أرنولد توينبي على مسألة أكل لحم المسيح وشرب دمه بأن سكان منطقة البحر المتوسط كانوا قديما يفعلون ذلك تقربا إلى أحد آلهة الإنبات التي تنبت عناصر الخبز والنبيذ في هذه المناطق وقد انتقلت هذه الطقوس إلى المسيحية عن طريقهم وليس لها أصل في الدين المسيحي. أ.هـ والآن أيها القارىء الفطن هل تظن حقا أن الخبز والخمر يتحول إلى جسد المسيح حقا؟ وإذا كان المسيح هو الإله فهل يصير الخبز والخمر لحم الإله ودمه؟؟ أللإله لحم ودم كالبشر؟! ألا تستحي أو تشمئز من أن تأكل لحم إلهك وتشرب دمه؟!!
[88] المسيحية نشأتها / جنيبر ص 105 وجاء في كتاب يسوع المسيح للقس بولس إلياس : ( لقد لقح الفكر المسيحي بالأفكار الوثنية وقد حافظت الكنيسة المسيحية على تقاليد الشعوب الوثنية و على تنوع الطقوس عند مختلف الطوائف) ثم يستطرد قائلا ( إنه في مفتتح القرن السابع الميلادي كتب البابا غريغورس الأول إلى القديس أوغسطينوس قائلا : "دع البريطانيين وعاداتهم واترك لهم أعيادهم الوثنية واكتف بتنصير تلك الأعياد والعادات مكتفيا بوضع إله المسيحيين موضع آلهة الوثنيين" )
[89] تكررت قصة بولس بحذافيرها في الإسلام مع رجل يهودي يدعى عبد الله بن سبأ لم ير النبي قط دخل الإسلام نفاقا ومواراة بعد وفاة النبي وأثار الفتن ضد عثمان بن عفان و نسب الألوهية لعلي بن أبي طالب وظهرت بسببه عقيدة التشيع التي أخذت كثيرا مما عند ديانة الفرس وهذا يدل على الدور الخبيث الذي يلعبه اليهود لتشويه العقائد على مر التاريخ.
[90] و من أمثلة ذلك ما صدر عن المجمع الفاتيكاني الثاني في الستينات من تبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام ضاربا بنصوص الكتاب المقدس عرض الحائط إكراما لليهود !!
(3/139)
[91] يقول العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته: " لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدساً منزلاً دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون ... ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل...إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها.. ".و قال جون لوريمر في تاريخ الكنيسة عن هذه الأناجيل [.. لم يصلنا إلى الآن معرفة وافية عن الكيفية التي اعتبرت بها الكتب المقدسة كتب قانونية..] فإذا كانت قد فرضت بالقوة فمن الذي فرضها ولمصلحة من ؟ وإذا كان ليس هناك معرفة عن كيفية اختيارها لتكون كتبًا قانونية فكيف تكون مقدسة؟
[92] هذا مثال واحد من آلاف الأمثلة وهو للأمريكية: Barbara A. Brown التي أسلمت في أوائل التسعينات وألفت كتاب A closer look at Christianity: ويمكنك قراءته من هنا http://home.swipnet.se/islam/books/Closer-Look/frcont13.htm
ويمكنك التعرف على نماذج أخرى ممن دخل الإسلام من http://thetruereligion.org/modules/xfsection
[93] فقد ظل مكتوبا باللغة اليونانية حتى القرن السادس عشر عندما تم ترجمته للغة اللاتينية التي يعرفها الناس وقد دفع أحد المترجمين حياته ثمنا لهذه الجريمة!!
[94] وجعلت الكنيسة البابا نائبا للمسيح على الأرض وبالتالي فأرائه غير قابلة للنقاش ، وما يحدده في العقيدة يعتبر قضايا يقينية حتى كاد البابا أن يكون إلها رابعا (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً )!!
(3/140)
[95] برغم ما جاء في سفر الخروج : . (لا يكن لك آلهة أخرى أمامي، لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة مما في السماء فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض، لا تسجد لهن، ولا تعبدهن؛ لأني أنا الرب إلهك، إله غيور ) 20/3- 6ولو كان استعمال هذه الصور والصلبان صوابا لاستعملت أيام المسيح أو في الثلاثة أجيال الأولى على الأقل
[96] مثل حركة البروتوستانت وهي تعني بالعربية المعارضين التي تزعمها مارتن لوثر في القرن السادس عشرو هي تخلو من كثير من هذه المظاهر الوثنية واستعباد البشر الذي عند طوائف النصارى الأخرى
[97] مثل ما جاء على لسان بولس : " إني أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر ليس هو، غير أنه يوجد قوم يزعجونكم، ويريدون أن تحولوا إنجيل المسيح " غلاطية 1/6-8 ويقول مرقس: " من يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها " ( مرقس 8/35). ويقول ،" انْطَلَقَ يَسُوعُ إِلَى مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ، يُبَشِّرُ بِإِنْجِيلِ اللهِ قَائِلاً: 15«قَدِ اكْتَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ. فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ "( مرقص 1/15-16 ) فأي إنجيل ترى كان هذا الذي يعنيه المسيح؟؟ أكان يدعو الناس للإيمان بإنجيل لم يُكتب بعد؟؟
[98] ويمكنك قراءة بعض فصوله بالعربية من: http://www.multimania.com/barnaba/ وبالإنجليزية من http://www.barnabas.net وهذه مقدمة إنجيل برنابا يوضح فيها سبب تأليفه لهذا الكتاب:
(3/141)
برنابا رسول يسوع الناصري المسمى المسيح يتمنى لجميع سكان الأرض سلاماً و عزاءً. 2- أيها الأعزاء إن الله العظيم العجيب( وهي تسمية لا تصح لله ) قد افتقدنا في هذه الأيام الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى.3- مبشرين بتعليم شديد الكفر. 4- داعين المسيح ابن الله. 5- ورافضين الختان الذي أمر الله به دائماً. 6- مجوزين كل لحم نجس. 7- الذين ضل في عدادهم أيضاً بولس الذي لا أتكلم عنه إلا مع بالغ الأسى. 8- وهو السبب الذي لأجله أسطر ذلك الحق الذي رأيته وسمعته أثناء معاشرتي ليسوع لكي تخلصوا ولا يضلكم الشيطان فتهلكون في دينونة الله. 9- وعليه فاحذروا كل أحد يبشركم بتعليم جديد مضاد لما أكتبه لتخلصوا خلاصاً أبدياً.
[99] عجيب أن يقرأ الإنسان في العهد القديم معتقدا بقدسيته بدون أن يدري على الأقل أسماء مؤلفي أسفاره!!
[100] جاء في مجلةLOOK عام 1952 في مقال بعنوان حقيقة الكتاب المقدس أن العهد الجديد وحده به نحو 20ألف خطأ !!
[101] Robert Kehl. Zeller
[102] جاء في خاتمة إنجيل يوحنا"هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا، وكتب هذا، ونعلم أن شهادته حق " ( يوحنا 21 / 24 ). فهذه الفقرة كما يقول المحققون دليل على عدم صحة نسبة الإنجيل إلى يوحنا، إذ هي تتحدث عن يوحنا بصيغة الغائب. إلا إذا كانت من إضافة أحد الناسخين أو المترجمين بدون إشارة منه بذلك وفي هذه الحالة ما الذي يضمن ألا تكون أجزاء أخرى هي من إضافة الناسخين؟
[103] يمكنك مراجعة ذلك بنفسك في الموسوعة البريطانية في أي مكتبة عامة تحت كلمة Bible أو Gospel
(3/142)
[104] يفهم من هذه المقدمة أمور أخرى منها: أن إنجيله خطاب شخصي، وأنه دوّنه بدافع شخصي، وأن له مراجع نقل عنها بتدقيق، وأن كثيرين كتبوا غيره، ولم يذكر لوقا في مقدمته شيئاً عن إلهام إلهي ألهمه الكتابة أو وحي من روح القدس نزل عليه. نقلا عن ( هل العهد الجديد كلام الله )
[105] فأين هذا من دقة تدوين الأحاديث النبوية التي يُعرف سلسلة رواتها من أول رجل سمعها من النبي إلي آخر رجل في السلسلة يرويها اليوم للناس كما سمعها و كل منهم يقول : قال فلان حدثنا فلان ؟؟
[106] جاء في مقدمة الطبعة الأمريكية المعدلة عام 1952 أن طبعة الملك جيمس حوت أخطاء جسيمة كثيرة جدا!
[107] يوجد اختلاف بين علماء التاريخ حول تاريخ ولادة المسيح عليه السلام
[108] Davies, A. Powell. The Meaning of the Dead Sea Scrolls.
[109] ويسمى أيضا Spouter or Preacher of lies
[110] انظر 4Q541 frag. 9 col. I ونبينا محمد هو الذي حارب أعداءه وحكم سيفه و بالتالي لا تنطبق هذه الصفات على غيره . والله اعلم
[111] مخطوطات البحر الميت - أحمد عثمان ص127- 147
[112] من أوائل من كتب فيه ريشارد سيمون (( Richard Simon في كتابه التاريخ النقدي للعهد القديم Critical History of the Old Testament"."
[113] وما جاء على لسان الأب كارل رانير في المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي انتهى عام 1965 قوله : " لقد أصبح من الصعب تصديق الأناجيل من كثرة ما تم بها من تحريف وقد ألح العديد من رجال الكهنوت في المجمع على ضرورة القيام بمراجعة الأناجيل حتى لا يصاب المسيحيون بالإحباط وحتى لا يتعرض المثقفون للفضيحة وحتى لا تتعرض العقيدة المسيحية نفسها للسخرية !!"
[114] ( هل العهد الجديد كلمة الله ) ص 151
[115] Foi en la Resurrection, Resurrection de la foi""
[116] Initiation to the Gospels.
(3/143)
[117] عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال:(إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة - أو إن الشيطان- ليقطع علي الصلاة، فأمكنني الله منه، فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد، حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان: {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي}) فرده الله خاسئا
[118] يقول ( ول ديورانت) فى كتابه المشهور قصة الحضارة "مهما يكن من امر هذه الكتابات الغرامية فان وجودها فى العهد القديم سر خفى .... ولسنا ندرى كيف غفل او تغافل رجال الدين عما فى هذه الاغانى من عواطف شهوانية واجازوا وضعها فى الكتاب المقدس" الجزء 3 صفحة 388 .
[119] من كتاب هل العهد القديم كلمة الله ؟؟ د. منقذ السقار
Maurice Bucaille, The Bible, The Quran and Science[120] يمكنك قراءته من : http://home.swipnet.se/islam/books/maurice/frcont15.htm
(3/144)
[121] يقول الدكتور روبرت في كتابه " حقيقة الكتاب المقدس " :" لا يوجد كتاب على الإطلاق به من التغييرات والأخطاء والتحريفات مثل ما في الكتاب المقدس "، وينقل روبرت أن آباء الكنيسة يعترفون بوقوع التحريف عن عمد، وأن الخلاف بينهم محصور فيمن قام بهذا التحريف. ومن الطريف أن د. روبرت قد أعد لمطبعة " تسفنجلي " مذكرة علمية تطبع مع الكتاب المقدس، ثم منع من طبعها، ولما سئل عن السبب في منعها قال : " إن هذه المذكرة ستفقد الشعب إيمانه بهذا الكتاب ". ولعل أهم أمثلة تحريف الطبعات قاطبة ما جاء في رسالة يوحنا الأولى " فإن الذين يشهدون (في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد، والذين يشهدون في الأرض) هم ثلاثة الروح والماء والدم، والثلاثة هم في الواحد " ( يوحنا (1) 5/7 - 8)، والفقرة الأولى التي تتحدث عن شهود السماء غير موجودة في النسخ القديمة، وقد كتب إسحاق نيوتن رسالة بلغت خمسين صفحة أثبت فيها تحريف هذه العبارة التي بقيت في سائر الطبعات والتراجم بلغات العالم المختلفة إلى أواسط هذا القرن. وكانت بعض الطبعات العربية القديمة قد وضعتها بين هلالين لتدل على عدم وجودها في المخطوطات القديمة كما في ترجمة الشرق الأوسط 1933م، ومثلها صنعت طبعة دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، لكن الفقرة موجودة بدون أهلة في سائر التراجم العربية سوى ترجمة العالم الجديد البرتسنتية وترجمة الكاثوليك العربية المسماة بالرهبانية اليسوعية، فإنهما أزالتاها ، واعتبرتا نص التثليث المهم نصاً دخيلاً ملحقاً بالكتاب المقدس. وفي عام 1952م أصدرت لجنة تنقيح الكتاب المقدس نسخة ( R. S. V )، النسخة القياسية المراجعة، وكان هذا النص ضمن ما حذفه المنقحون، لكن هذا التنقيح لم يسرِ على مختلف تراجم الإنجيل العالمية. وكذلك ما جاء مرقص(16/9-20) فإنها موجودة في بعض النسخ دون بعض فقد ذكر جورج بوست في قاموس الكتاب المقدس أنها(3/145)
لم تكن في الكتب القديمة وغير ذلك من نصوص مثل يوحنا 53:7 ويوحنا8 :1 -11 ومتى 17 :21
[122] من كتابه هل الكتاب المقدس كلام الله ص 17(3/146)
من معجزات الرسول محمد بن عبد الله r
كتب الشيخ ايوب Ayoob2
(3/147)
أقول أن المعجزات في كتب النصارى لا يوجد سند واحد متصل لها , وكلها من أخبار الآحاد التي لا تثبت بها ولم نجد دليل واحد يثبت قطعاً أن تلك المعجزات قد حدثت أو صارت من الأساس , ربما هم يؤمنون بحدوث تلك المعجزات فقط لأنها وردت في الأناجيل أو الكتب السابقة , فنعود للسؤال الذي لا يجيب النصارى أو اليهود عليه , أين سند هذه الكتب , وكيف نثق أن ما في هذه الكتب صحيح ؟ من الذي نقل لنا هذه الكتب ؟ وكيف نثبت مثلاً أن مَتَّى الحواري هو كاتب إنجيل مَتَّى بالفعل بينما نجد أن ما في إنجيل مَتَّى ينفي كون الحواري مَتَّى هو كاتبه ؟ السؤال بإختصار شديد وبإلحاح أشد هو أين أجد سند متصل للكتاب المقدس ؟ هل أكرر السؤال مرة أخرى أم أن كلامي غير مفهوم للنصارى ؟ أقول السند المتصل أولاً هو ما رواه العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه في جميع الطبقات , وحتى أقرب الأمر أكثر سنفترض أن أمر معين وقع قبل ثلاثمائة عام من الآن , وهذا الأمر هو أن زيد قد ضرب عمرو , وقد شاهد هذا الأمر جمع غفير من الناس وشاهدوا جميع الوقائع في هذه الحادثة ولنفرض أن عددهم ألف شخص مثلاً , وجاء عشرة من الناس وحكوا للناس عن ضرب زيد لعمرو ودونوه في الكتب , والألف شخص سمعوا العشرة وهم يروون هذه الحادثة وقرأوا ما كتبه العشرة , والذي أجمع الناس على صدقهم وحسن أخلاقهم وعدم نسيانهم في زمانهم فنقلوا هذه الحادثة للجيل القادم , فلو كذب واحد من العشرة لصدق التسعة ومعهم باقي الألف من الناس عن الواحد الذي غير في الرواية أو القصة , فهذا يستحيل معه الكذب أو النسيان ونستطيع التأكد من شهادة الناس كلهم بما حدث , وحكى الناس سواء من الألف الذين شاهدوها أو العشرة الذين شاهدوها ودونوها في الكتب هذه الواقعة لأبنائهم وأقاربهم وأصدقائهم فنقلوه للجيل القادم, ويستمر هكذا النقل من جيل إلى جيل وكل الرواة مشهود لهم بالعدل والصدق وحسن الحفظ والدين والأخلاق وهكذا , هنا(3/148)
نقول أن هذا يسمى سند صحيح متصل لا إرسال فيه ولا إنقطاع لا كذب فيه ولا تدليس , وهكذا نقل القرآن حفظاً في الصدور بين الأمة من جيل رسول الله إلى جيلنا نحن والقرآن يُدَّرس ويُحفَظ منقول من جيل إلى جيل بشهادة الجميع أنه هو هو ما سمعه من قبل ومن السابقين لم يتغير حرف لا بزيادة ولا نقصان ولا بضم أو فتح أو مد , فهذا بالنسبة للقرآن أما الحديث الشريف فقد حدث له كما شرحنا سابقاً في قصة زيد وعمرو , هل الأمر واضح الآن ؟ هل هذا المثال الطويل العريض واضح للنصارى ؟ النصارى مُصرين عندما يتحدثون عن الإسلام أن يأتوا بالأحاديث الضعيفة والموضوعة التي لا تنطبق عليها الشروط السابق ذكرها , والمهم هنا وما أريد قوله أن هكذا صفات وشروط لا تنطبق أبداً ومن المستحيل تواجدها في أي كتاب من كتب النصارى وبالتالي مستحيل ثبوت أي معجزة من المعجزات لأي شخص كان إلا من مصدر آخر , ومصدر النصارى الوحيد هو الكتاب المقدس أي الأناجيل والعهد القديم , لكن عندنا نحن المسلمين كل كلمة وكل حدث له سند متصل وثابت عندنا وما لم يطابق شروطنا لا نعتمده , فلو قلنا أن زيد قد ضرب عمرو وقلنا هذا قد وقع فعلاً وله سند عندنا , فالعالم كله يصدق أن زيد قد ضرب عمر فعلاً , لماذا ؟ لأن المسلمين عندهم شهود وسند متصل من وقت ضرب زيد لعمرو حتى اللحظة التي يروى فيها أن زيد قد ضرب عمرو , وكل السند مدون عندنا وعندنا تاريخ الشهود ونسبهم وشهادة الناس لهم مما يستحيل معه الكذب والتغيير , وبناءً عليه فأنا أروي هاهنا القليل جداً من معجزات الرسول محمد بن عبد الله r وأضع هاهنا أربعين معجزة قد شهد الناس على حدوثها وعندنا السند لها ونعرف كل الرواة بلا إنقطاع ولا إرسال في السند فما نقول أنه حدث فقد حدث بالفعل ولا شك فقد شاهد ما نقوله الجمع الغفير وروى عنهم الجمع الغفير من الناس بعدهم ودونوا ذلك في الكتب وهكذا حتى وصلنا الحدث أو المعجزة التي نرويها فلا يستطيع(3/149)
رجل أن يبدل هاهنا أو يغير , أوحتى يجامل ويفخم ويبالغ في المعجزة كما فعل يوحنا في إنجيله وقال في يوحنا 21/25 هكذا :25 واشياء أخر كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست اظن ان العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة آمين (SVD) ولا أدري ما الذي يُؤَمِّن عليه يوحنا ؟ آمين على ماذا ؟ فهذه كما قلنا مبالغة شعرية قبيحة لا يقبلها عاقل ولا يوجد عندنا نحن المسلمين هذا الأمر ولكن نحن نروي ما حدث فعلاً لا كما نريد أن نروي ولكن كما حدث بلا مجاملة أو مبالغة .
قال علماؤنا أن ما أمكن حصره من معجزات المصطفى r قد فاق الثلاثة آلاف معجزة , وأكثرها متواترة معنوياً ومتصلة السند وأعظمها كتاب الله القرآن الكريم , فهو ينفرد عن أي معجزة فعلها نبي أو رسول أنه المعجزة الخالدة الباقية حتى بعد وفاة النبي ولكل إنسان أن يطالعها في كل زمان , وفضلا عن ذلك فهو تحدي للعالمين أن يفعل مثل هذه المعجزة وهو مالم ولن يحدث كما أخبر رب العالمين .
(3/150)
فاقرأ بعض من معجزات الرسول r كما وردت في كتب الحديث والسيرة وسأذكر بعض المراجع , وأقول بعض وليس كل لمن أراد أن يراجعها ليعلم سند كل حديث ورواية وقد استعنت في نقل بعض من هذه المعجزات بكتاب إِظهار الحق للعلامة الجليل فضيلة الشيخ الكريم : رَحْمَتُ الله بِن خَليل الرَّحمََن الِكِيَرَانوي العُثْمَاني الهنِدي فجزى الله الشيخ خير الجزاء وغفر له ورحمه وتاب عليه وحشرنا وإياه مع الشهداء والصديقين اللهم آمين وكتاب إظهار الحق هو كتاب عظيم فيه فنٌ بليغ وعلم وفير وصاحبه متبحر فنان في هذا المجال وكتابه خال من اللغو والخلط أو الاستدلال الخاطئ , وفي نظري أنه لا كتاب في هذا المجال يعادل كتاب إظهار الحق وأن من خاض هذا المجال سواء في الرد على النصارى أو تفنيد الشبهات أو إثبات التحريف وغيره أو أي قضية من القضايا المثارة في هذا المجال ولم يقرأ كتاب إظهار الحق فقد فاته الكثير الكثير من روعة هذا الكتاب العظيم فنكرر دعاءنا لمن جنده الله للرد على النصارى وإثبات عظمة الإسلام فأبدع في هذا عظيم الإبداع ففاق من دخل في هذا الفن والمجال , رحم الله الشيخ رحمت الله الهندي وجمعنا الله وإياه في جنة الخلد, هذا غير المراجع الأخرى التي سأذكرها تباعاً فأبدأ مستعيناً بالله هكذا :
1- معجزة الإسراء والمعراج . جاء في سورة الإسراء هكذا {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1
(3/151)
فهذه الآية والأحاديث الصحيحة كما في ( أحاديث الإسراء والمعراج في فتح الباري 7/196 باب 41 حديث 3886 و 8/391 باب 3 حديث 4710 , وصيح مسلم باب الإسراء برسول الله من كتاب الإيمان 2/209 , 237 , وفي الترمذي وسيرة بن هشام ودلائل النبوة للبيهقي والشفا , والوفا , والبداية والنهاية , والسيرة النبوية للذهبي , وحدائق الأنوار لإبن الديبع ,غيره الكثير ) فهذه كلها تدل على ان المعراج كان بالجسد والروح معاً , والمعراج بالروح والجسد معاً بإتفاق جميع المسلمين ولو كان بالروح فقط ما أنكره المشركين وما إفتتن به بعض ضعاف النفوس من المسلمين , ولا إستحالة فيه عقلاً ولا نقلاً .
أما عقلاً لأن خالق الكون قادر على الممكنات وما هو ممتنع لنا نحن البشر, وهو قادر على تكييف كل خلق من خلقه كما يريد وهو سبحانه قادر على ذلك فلا جدال في ذلك عقلاً . ولما اعترض القسيسين عليها قال لهم أحد الظرفاء من العجز أن تنكر دينك وتجحده لأنك تحقد على الآخرين فتحاول أن تُكذبه , فإن كان أمر الإسراء والمعراج ممتنع عندكم لأن العقل لا يقبله فكيف بعقلكم يقبل أن الرب يولد من فرج امرأة أو أن تحبل عذراء بلا نكاح ؟ فبهت الذي كفر .
ونقلاً لأن هذا حدث مراراً في الكتاب المقدس مع أنبياء كثيرين كما سأذكر أمثلة هاهنا منها :
أ - أخنوخ u ( إدريس ) وقد قال القسيس وليم إسمت في كتابه ( طريق الأولياء ) أنه رفع إلى السماء بجسده حياً وقصة أخنوخ واردة في سفر التكوين 5/24 هكذا ( وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه )
ب - إيليا u صعد إلى السماء وقصته وارده في سفر الملوك الثاني 2/10- 12 أكتفي بنقل هذه الفقرة منها هكذا : 11 وفيما هما يسيران ويتكلمان اذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد ايليا في العاصفة الى السماء. (SVD) .وقال آدم كلارك في تفسيره لا شك أن إيليا رفع إلى السماء حياً .
(3/152)
ت - عيسى u صعد إلى السماء كما يقول مرقس 16/19 هكذا :. ثم ان الرب بعدما كلمهم ارتفع الى السماء وجلس عن يمين الله. (SVD) ولا شك بين كل طوائف النصارى انه إرتفع بجسده كما هو .
ث - بولس كما يدعي صعد إلى السماء وقصته واردة في الرسالة الثانية إلى أهل كرونثوس 12/2-4 هكذا : 2 اعرف انسانا في المسيح قبل اربع عشرة سنة أفي الجسد لست اعلم ام خارج الجسد لست اعلم.الله يعلم.اختطف هذا الى السماء الثالثة. (3) واعرف هذا الانسان أفي الجسد ام خارج الجسد لست اعلم.الله يعلم. (4) انه اختطف الى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لانسان ان يتكلم بها. (SVD) .
ج - يوحنا صعد إلى السماء كما يُفهم من كلامه في سفر الرؤيا 4/1-2 فأنقل هكذا : (1)بعد هذا نظرت واذا باب مفتوح في السماء والصوت الاول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلا اصعد الى هنا فأريك ما لا بدّ ان يصير بعد هذا. (2) وللوقت صرت في الروح واذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس. (SVD)
فكل هؤلاء صعدوا إلى السماء كما ترى وبأجسادهم حتى بولس ويوحنا كما يدعون في كتبهم فليس الأمر ممتنع نقلاً ولا عقلاً وقد ثبت ذلك بالأحاديث المتواترة وأثبته الرسول محمد r للمشركين في أمر القافلة العائدة من الشام ووصف بيت المقدس وغيره الكثير فلله الحمد والمنة .
2 – معجزة انشقاق القمر .قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة القمر هكذا : {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ(1) وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ }القمر2
(3/153)
وهذه ثابتة واضحة حتى في عصرنا الحالي وقد ثبتت بالأحاديث الصحيحة المتواترة بما يستحيل معه الكذب أو التدليس أو التغيير وشهد بها الكفار وراجع هذه الأحاديث ( فتح الباري 6/631 باب 27 من كتاب المناقب حديث 3636 , 3637 , 3638 , و 7/182 باب 36 من كتاب مناقب الأنصار حديث 3868 , 3869 , 3870 و 3871 و 8/ 617 باب 1 من كتاب التفسير حديث رقم 4864 , 65 , 66 , 67 , 68 وصحيح مسلم 17/143-145 في كتاب صفة القيامة والجنة والنار , وسنن الترمذي 9/30 في أبواب الفتن , ودلائل النبوة للأصبهاني 1/367 حديث 207-212 , ودلائل النبوة للبيهقي 2/262 و وحدائق الأنوار للشيباني والسيرة النبوية للذهبي والبداية والنهاية والشفا , والوفا . وغيره الكثير )
وقد أثبتت وكالة ناسا هذا الحدث بالصور وبقايا آثار انشقاق القمر وهذا معلوم للجميع كما قلنا ففضلاً عن النقل المتواتر للحدث مما يستحيل معه الكذب أو التدليس فقد أثبتته وكالتهم الغربية بالصور القاطعة بثبوت حدوث ذلك الأمر , كما أنه وجد في بعض المعابد الهندية البوذية مكتوب عليه هكذا ( بُني في ليلة انشقاق القمر ) .
(3/154)
3- رمي التراب في عيون الكفار فهزمهم المسلمون .في البيضاوي (( روى أنه لما طلعت قريش من العقنقل قال الرسول محمد r : هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك , اللهم إني أسألك ما وعدتني , فأتاه جبريل u وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها , فلما التقى الجمعان تناول كفاً من الحصباء ( التراب ) فرمى بها في وجوههم وقال شاهت الوجوه فلم يبقى مشرك إلا وشُغِلَ بعينيه فانهزموا عن آخرهم فتبعهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم . ( راجع تفسير البيضاوي ص 237 ورويت هذه المعجزة أنها حصلت في معركة بدر وفي دلائل النبوة للأصبهاني 2/606 حديث رقم 400 وفي سيرة ابن هشام 1/628 وفي البداية والنهاية وصحيح مسلم على أنها في معركة حنين 12/116 في كتاب الجهاد والسير , وفي سنن الدارمي 2/139 باب 16 حديث 2456 , وفي دلائل النبوة للبيهقي 5/137 , وفي الشفا 1/335 وفي الوفا 1/465 )
4- نبع الماء من بين أصابع النبي r في مواضع متعددة .عن انس بن مالك y قال رأيت رسول الله r وحانت صلاة العصر فالتم الناس الوضوء فلم يجدوه فأُتي رول الله r بوضوء , فوضع رسول الله يده في ذلك الإناء وأمر الناس أن يتوضؤوا منه , قال فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه r فتوضأ الناس حتى آخرهم . وهذه المعجزة صدرت بالزوراء عند سوق المدينة . ( وهذه واردة في فتح الباري 6/580 باب 25 من كتاب المناقب حديث 3572 , 3573 , وصحيح مسلم 15/39 في كتاب الفضائل , وسنن الترمذي 3/113 , في ابواب المناقب والبداية والنهاية 6/109 , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/525 حديث 317 , ودلائل النبوة للبيهقي 4/121 , والشفا 1/285 , والوفا 1/446 , وحدائق الأنوار 1/199 , وفي بعض الروايات (كان الوقت عصراً وكانوا زهاء ثلاثمائة).
(3/155)
5 – عن جابر y : عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله r بين يديه ركوة (إناء من جلد ) فتوضأ منها , وأقبل الناس نحوه , وقالوا ليس عندنا ماء إلا ما في ركوتك , فوضع النبي يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين اصابعه الشريفة كأمثلا العيون , وكان الناس ألف وأربعمائة , وفي بعض روايات أنهم ألف وخمسمائة .( وهذه واردة في فتح الباري 6/581 باب 25 من كتاب المناقب حديث 3567 , و 7/441 , باب 35 من كتاب المغازي حديث 4152 , و 10/101باب 31 من كتاب الأشربة حديث 5936 , وسننن الدارمي 1/21 باب 5 حديث 27, ودلائل النبوة للبيهقي 4/115-116 , 6/11 , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/522 حديث 313 و 314 , والبداية والنهاية 6/111 , والسيرة النبوية للذهبي ص239 , والشفا 1/286 , والوفا 1/441 , وحدائق الأنوار 1/202.
6 – عن جابر ري الله عنه قال : ( قال رسول الله r : يا جابر ناد بالوضوء , وذكر الحديث بطوله , وأنه لم نجد إلا قطرة في عزلاء شجب ( مصب الماء ) فأتى النبي r فغمزه ( غطاه ) وتكلم بشئ لا أدري ما هو , وقال (( ناد بجفنة الركب )) ( قصعة كبيرة للطعام ) فأتيت بها فوضعها بين يديه وذكر ان النبي بسط يده في الجفنة وفرّق أصابعه وصب جابر عليه وقال ( بسم الله ) قال فرأيت الماء يفور من بين اصابعه ثم فارت الجفنة وإستدارت حتى إمتلأت وأمر الناس بالإستقاء فاستقوا حتى رووا , فقلت : هل بقى أحد له حاجه ؟ فرفع رسول الله يده من الجفنه وهي ملأى ) وهذه في صحيح مسلم 18/145 في كتاب الزهد , ودلائل النبوة للبيهقي 6/9 , والبداية والنهاية لإبن كثير 6/111 , وحدائق الأنوار 1/207 , والشفا 1/286 , والوفا 1/449 وغيرها الكثير من المراجع .
(3/156)
7 – عن معاذ بن جبل y في قصة غزوة تبوك وأنهم وردوا العين وهي تسيل بشئ من الماء قليل جداً فغرفوا من العين بأيديهم حتى إجتمع في شئ ثم غسل رسول الله فيه وجهه ويديه ثم أعاده فيها فجرت بماء كثير فاستقى الناس , قال في حديث بن إسحاق فانخرق من الماء ماله حس كحس الصواعق , ثم قال يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جناناً . وهذه في صحيح مسلم 15/41 , في معجزات النبي r من كتاب الفضائل , ودلائل النبوة للبيهقي 5/236 و البداية والنهاية 5/21 و 6/116 , والشفا 1/287 , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/670 حديث 450 , وحدائق الأنوار 1/208 , وتصديق هذا الحديث مشاهد في زماننا مطلع القرن الخامس عشر الهجري .
8 – عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أنه قال (( حين أصاب النبي r وأصحابه عطش في بعض أسفارهم فوجه رجلين من الصحابه وأعلمهما أنهما يجدان امرأة بمكان كذا معها بعير عليه مزادتان وهو إناء من جلد فوجداها وأتيا بها النبي فجعل في إناء من مزادتيها وقال فيه ما شاء الله ثم أعاد الماء في المزادتين , ثم فتحت عزاليها ( أي مصب الماء من المزاده ) وأمر الناس فملؤوا أسقيتهم حتى لم يدعوا شيئاً إلا ملؤوه , قال عمران : ويخيل إلي أنما لم تزدادا إلا امتلاء , ثم أمر فجمع للمرأة من الأزواد حتى ملأ ثوبها وقال إذهبي فإنا لم نأخذ من مائك شيئاً ولكن الله سقانا . وهذه في صحيح مسلم 5/191 في كتاب المساجد , وفتح الباري 1/447 باب 6 من كتاب التيمم حديث 344 , و6/580 باب 25 من كتاب المناقب حديث 3571 , ودلالئل النبوة للأصبهاني 2/527 حديث 320 , ودلائل النبوة للبيهقي 4/276-281 , و 6/130 , والبداية والنهاية 6/113 , والسيرة النبوية للذهبي 253 , والشفا 1/289 , والوفا 1/438 , وحدائق الأنوار 1/204 .
(3/157)
9 – في حديث عمر y في جيش العسرة وذكر ما أصابهم من العطش حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه فرغب سيدنا أبو بكر y للرسول في الدعاء فرفع يديه فلم يرجعهما حتى أمطرت السماء فانسكبت , فلمؤوا ما معهم من آنية ولم تجاوز العسكر . وهذه في دلائل النبوة للأصبهاني في 2/671 حديث 452 , وحدائق الأنوار 1/206 , ودلائل النبوة للبيهقي 5/231 , والشفا 1/290 , والبداية والنهاية 5/11 و 6/107 .
10 – عن جابر y أن رجلاً أتى النبي r يستطعمه فاستطعمه شطر وسق شعير , فما زال يأكل منه وامرأته وضيفه حتى كاله , فأتى النبي r فأخبره , فقال لو لم تكله لأكلتم منه ولقام بكم . وهذه في صحيح مسلم 15/40 في معجزات النبي من كتاب الفضائل , ودلائل النبوة للبيهقي 6/114, والبداية والنهاية 6/121 و 136 , والسيرة النبوية للذهبي ص252 والشفا 1/291 .
11 – عن أنس y أن النبي r أطعم ثمانين رجلاً من أقراص من شعير جاء بها أنس تحت يده , اي إبطه . فتح الباري 6/586 باب 25 من كتاب المناقب حديث 3578 , و 9/526 باب 6 من كتاب الأطعمة حديث 5381 و 11/570 باب 22 من كتاب الأيمان والنذور حديث 6687 , وصحيح مسلم 13/218 في كتاب الأشربة , وسنن الترمذي 13/112 في أبواب المناقب , وسنن الدارمي 1/27 باب 7 حديث 44 , وحدائق الأنوار لإبن الديبع 10/211 و 1/53 و 2/592 , دلائل النبوة للأصبهاني 2/532 حديث 322 والبداية والنهاية 6/121 , ودلائل النبوة للبيهقي 6/88 , والسيرة النبوية للذهبي ص249 و الشفا1/291 و الوفا 1/427.
(3/158)
12 – عن جابر y : أن النبي r اطعم يوم الخندق ألف رجل من صاع من شعير وعناق ( أنثى من أولاد الماعز لم تتم سنة ) , قال جابر y : فاقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط كما هي , وإن عجيننا ليخبز وكان رسول الله قد بصق في العجين والبرمة وبارك . وهذه في فتح الباري 7/395 باب 29 من كتاب المغازي حديث 4101 و 4102 , وصحيح مسلم 13/216 في كتاب الأشربة , وسنن الدارمي 1/26 باب 7 حديث 43 , والسيرة النبوية لإبن هشام 2/218 , وحدائق الأنوار لإبن الديبع 1/53 , و212 , و 2/592 و دلائل النبوة للأصبهاني في 2/538 حديث 327 ودلائل النبوة للبيهقي 3/416-426 والبداية والنهاية 6/317 , والشفا 1/291 , والوفا 1/424 .
13 – عن أبي أيوب y أنه صنع لرسول الله ولأبي بكر زهاء ما يكفيهما , فقال له النبي (( أدع ثلاثين من أشراف الأنصار )) فدعاهم فأكلوا حتى تركوه , ثم قال : أدع ستين فكان مثل ذلك , ثم قال أدع سبعين , فأكلوا حتى تركوه , وما خرج منهم أحد حتى أسلم وبايع , قال أبو أيوب : فأكل من طعامي مائة وثمانون رجلاً . وهذه في دلائل النبوة للأصبهاني 2/550 حديث 334 , ودلائل النبوة للبيهقي 6/94 , والبداية والنهاية 6/127 , والشفا 1/292 , والوفا 1/431 وحدائق الأنوار لابن الديبع 1/214 وغيرها من المراجع .
14 – عن سمرة بن جندب : أُتي النبي بقصعة فيها لحم فتعاقبوها من غدوة حتى الليل , يقوم قوم ويقعد آخرون . سنن الترمذي 13/110 في أبواب المناقب , ومسند أحمد 5/12و18 وسنن الدارمي 1/32حديث 57 , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/551حديث 335 , ودلائل النبوة للبيهقي 6/93 , والبداية والنهاية 6/129 , والسيرة النبوية للذهبي ص250 , والشفا 1/292 , والوفا 1/431 .
(3/159)
15 – عن عبد الرحمن بن أبي بكر y : كنا عند النبي r ثلاثين ومائة ....... ) وذكر في الحديث أنه عُجِن صاع من طعام وصنعت شاه , فشوي سواد بطنها ( الكبد أو حشو البطن كله ) قال : وأيم الله ما من الثلاثين ومائة إلا وقد حز له حُزة ( القطعة من اللحم قطعت طولاً ) ثم جعل منها قصعتين , فأكلنا أجمعون وفضل في القصعتين فحملته على البعير . فتح الباري 5/230 باب 28 من كتاب الهبة حديث 2618 , وصحيح مسلم 14/16 في كتاب الأشربة , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/536 حديث 324 , ودلائل النبوة للبيهقي 6/95 , وحدائق الأنوار لإبن الديبع 1/216 , والبداية والنهاية 6/130 , والشفا 1/292 , والوفا 1/430 .
16 – عن سلمة بن الأكوع وأبي هريرة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم : فذكروا مخمصة أصابت الناس مع رسول الله في بعض مغازيه , فدعا ببقية الأزواد , فجاء الرجل بالحثية من الطعام ( اي القليل ) وفوق ذلك , وأعلاهم الذي يأتي بالصاع من التمر , فجمع على نطع ( بساط من أديم ) وقال سلمة : فزرته كربضة العنز ( اي حجم العنزة وهي رابضة ) ثم دعا الناس بأوعيتهم فما بقى في الجيش وعاء إلا ملؤوه وبقى منه . دلائل النبوة للأصبهاني 2/536-538 حديث 325و326 ودلائل النبوة للبيهقي 5/229-230و6/120و121 , وصحيح مسلم 1/222-225 في كتاب الإيمان , و12/33 في كتاب اللقطة , وحدائق الأنوار للشيباني 1/217 , والبداية والنهاية 6/131-133 , والشفا 1/293 , والوفا 1/426-427 واليرة النبوية للذهبي ص252.
(3/160)
17 – عن أنس y أن النبي حين ابتنى بزينب بنت جحش امره أن يدعو له قوماً سماهم حتى امتلأ البيت والحجرة , فقدم لهم تورا ( إناء للشرب ) فيه قدر مد من تمر جُعل فيه حيس ( نوع من الطعام ) فوضعه وغمس ثلاث أصابعه وجعل القوم يتغدون ويخرجون وبقى التور نحواً مما كان . فتح الباري 9/226 باب 64 من كتاب النكاح حديث 5163 , وصحيح مسلم 9/233 في كتاب النكاح , وسنن الترمذي 12/92 في تفسير سورة الأحزاب من أبواب التفسير , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/445 حديث 330 , والبداية والنهاية 6/127 , وحدائق الأنوار 1/215 , والشفا 1/294 .
واكتفى هنا بتكثير الماء والطعام وإن كان هناك الكثير من هذه المعجزات الواردة الثابتة كلها قطعاً بالسند مما يستحيل معها الكذب فلها أكثر من طريق للرواية الواحدة كما ترى ولكن لنكمل معاً في معجزاته r .
18- عن بن عمر y أنه كان مسافراً مع الرسول فقرب منه أعرابي فسأله الرسول عن وجهته فقال إلى أهلي فقال هل أدُلك على خير فقال وما هو ؟ قال أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبد الله ورسوله , فقال الأعرابي ومن يشهد لك على ما تقول , قال الرسول هذه الشجرة السمرة , وهي بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض حتى قامت بين يديه فاستشهدها فشهدت أنه كما قال ثم رجعت إلى مكانها .دلائل النبوة للبيهقي 6/14 , وحدائق الأنوار 1/221 , والبداية والنهاية 6/144 و 311 , وسنن الدارمي 1/17 باب 4 حديث 16 , والشفا 1/298 , والوفا 1/456 , والسيرة النبوية للذهبي ص240, وقد روى ابو نعيم في دلائل النبوة 2/503 عدة روايات عن غير بن عمر وغيره الكثير من المراجع .
(3/161)
19 – عن جابر y أن الرسول ذهب ليقضي حاجته لم يجد ما يستتر به , فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي فانطلق الرسول إلى إحداها فأخذ ببعض اغصانها فقال إنقادي إلي بإذن الله فانقادت كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده , وذكر جابر أنه فعل بالأخرى كذلك , حتى إذا كان بالمنصف بينهما قال ( إلتئما علي بإذن الله ) فالتأمتا , حتى قضى حاجته , وعادتا الشجرتان إلى مكانهما . وهذه في صحيح مسلم 18/143 في كتاب الزهد , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/505 حديث 296 , ودلائل النبوة للبيهقي 6/7و18 , والبداية والنهاية 6/110و141 , والسيرة النبوية للذهبي ص238و241 , والشفا 1/299 , والوفا 1/454 , وحدائق الأنوار 1/222.
20 – عن بن عباس y قال أن الرسول r قال لأعرابي أرأيت إن دعوت هذا العذق ( عرجون النخلة الذي يحمل الثمر ) من هذه النخلة أتشهد أني رسول الله ؟ قال نعم . فدعاه فجعل ينقز حتى أتاه , فقال إرجع فرجع إلى مكانه . دلائل النبوة للبيهقي 6/15 , والبداية والنهاية 6/143و311 , والسيرة النبوية للذهبي ص240 , والشفا 1/303 , والوفا 1/457 , وسنن الترمذي 13/111 في أبواب المناقب.
(3/162)
21 – عن جابر y : كان المسجد مسقوفاً على جذوع النخل وكان الرسول يخطب على جذع نخل حتى صنع له منبراً وخطب عليه الرسول سمعنا لذلك الجزع صوتاً كصوت العشار ( أي الناقة التي مضى لحلمها عشرة اشهر ) وفي رواية أنس حتى إرتج المسجد لخواره , وفي رواية سهل وكثر بكاء الناس لما رأوا مابه , وفي رواية المطلب , حتى تصدع وإنشق حتى جاء النبي فوضع يده عليه فسكت . والحديث وارد في كل المراجع السابقة وزيادة عليها , والخبر بأنين الجذع وحنينه باعتبار مبناه مشهور عن السلف والخلف وباعتبار معناه متواتر يفيد العلم القطعي رواه من الصحابه بعضة عشر منهم أبي بن كعب وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وسهل بن سعد الساعدي وأبو سعيد الخدري وبريدة وأم سلمة والمطلب بن أبي وداعة رضي الله عنهم كلهم يحدثون بمعنى هذا الحديث وإن كانت ألفاظهم مختلفة فلأن كل شخص روى الحدث كما رآه وعبر عنه بأسلوبه ولكن لا شك في حصول التواتر المعنوي . انظر فتح الباري 2/397 باب 26 من كتاب الجمعة حديث 918 و6/601 باب 25 من كتاب المناقب حديث 3583 و 3584 و 3585 وسنن ابن ماجة 1/258 باب 196 حديث 1412-1415 وسنن الدارمي 1/22 باب 6حديث 31-42 , ودلائل النبوة للبيهقي 6/66-67 , والبداية والنهاية 6/144-151 و 311 , وحدائق الأنوار 1/225 , و 2/652 , والسيرة النبوية للذهبي ص247 , والشفا 1/303 , والوفا 1/488 , وسنن الترمذي 13/111 في ابواب المناقب .
(3/163)
22 – عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان حول البيت ستون وثلاثمائة صنم مثبتة الأرجل بالرصاص في الحجارة , فلما دخل النبي المسجد عام الفتح جعل يشير بقضيب في يده إليها ولا يمسها , ويقول : {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }الإسراء81 , فما أشار إلى وجه صنم إلا وقع لقفاه ولا لقفاه إلى وقع لوجهه حتى ما بقى منها صنم .وهذا في فتح الباري 8/400 باب 12 من كتاب التفسير حديث 4720 , وصحيح مسلم 12/126-133 في فتح مكة من كتاب الجهاد والسير , وسنن الترمذي 11/297 في أبواب التفسير , وسيرة ابن هشام 2/416 , والبداية والنهاية 4/336و6/154 , والشفا 1/308 , والوفا1/466 , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/666حديث 446و447 , وحدائق الأنوار 1/228 و 2/672 وكان فتح مكة عام 8 هـ/629م .
هل هذه المعجزات كفاية ؟ هل يفعل هذه المعجزات رجل يدعي النبوة كما يقول النصارى ؟ حسناً فليأخذ المجادلون مني هذه الهدية وإن لم تكن مني شخصياً ولكني أهديها لمن أراد الحق فإقرأ يا صاح عن إحياء الموتى على يد رسول الله r هكذا :
23 – دعا النبي r رجلاً إلى الإسلام فقال لا أؤمن بك حتى تحيي لي إبنتي , فقال الرسول ارني قبرها , فأراه إياه , فقال r : يا فلانه ! قالت لبيك وسعديك . فقال النبي اتحبين أن ترجعي إلى الدنيا ؟ فقالت لا والله يا رسول الله , إني وجدت الله خيراً لي من ابوي , ووجدت الآخرة خيراً لي من الدنيا . أنظر الشفا 1/320 , في ص 170 من كتاب الإعتقاد للبيهقي في حديث ربعي بن حراش شهادة أخيه بعدما مات لنبينا بالرسالة , وأنظر دلائل النبوة للبيهقي 6/50 و 55 .
(3/164)
24 – ذبح جابر y شاة وطبخها , وثرد في جفنة , وأتى بها رسول الله r فأكل القوم فقال لهم كلوا ولا تكسروا عظماً , ثم إنه r جمع العظام ووضع يده عليها ثم تكلم فإذا الشاة قامت تنفض ذَنَبَها ( أي ذيلها ) . ذكر الإمام بن كثير في البداية والنهاية 6/332 أن الحافظ محمد بن المنذر – المعروف بيشكر– أورد في كتابه ( العجائب والغرائب ) بسنده أن رسول الله جمع عظامها ثم دعا الله تعالى فعادت كما كانت فتركها في منزله .
25 – عن سعد بن أبي وقاص y أن رسول الله لَيُنَاوِلني سهم لا نصل به فيقول : ارم به وقد رمى رسول الله يومئذ ( يوم بدر أو الخندق ) عن قوسه حتى إندقت ..... , وأصيبت عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته فردها الرسول r فكانت أحسن عينيه . دلائل النبوة للبيهقي 3/100 و 251-253 , والسيرة النبوية للذهبي ص251, والشفا 1/321 , والوفا 1/503 , والبداية والنهاية 6/333 و 184 , و 3/320 , 4/38, وحدائق الأنوار 1/243 , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/622 و 785 حديث 416 و 417 و 555 , والسيرة النبوية لإبن هشام 2/82 .
26 – عن عثمان بن حنيف أن أعمى قال لرسول الله : ادع الله أن يكشف لي عن بصري . قال فانطلق فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قال اللهم إني اتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة , يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن يكشف لي عن بصري قال فرجع وقد أبصر . سنن الترمذي 13/80 في أبواب الدعاء , ودلائل النبوة للبيهقي 6/166-168 , والبداية والنهاية 6/183-184 و 333 , والسيرة النبوية للذهبي ص256-257 , والشفا 1/322 .
27 – عن حبيب بن فديك أن أباه ابيضت عيناه فكان لا يُبْصِر بهما شيئاً فنفث رسول الله في عينيه فرأيته يدخل الخيط في الإبرة وهو ابن ثمانين سنة . أنظر دلائل النبوة للأصبهاني 2/601و785 حديث 397 و556 ودلائل النبوة للبيهقي 6/173 , والبداية والنهاية 6/184 و 334 والشفا 1/323 .
(3/165)
28 – نفث في عيني علي بن أبي طالب y يوم خيبر وكان فيها رَمَد فشفيت عيناه .فتح الباري 6/111 باب 102 من كتاب الجهاد حديث 2942 و 7/476 باب 38 من كتاب المغازي حديث 4210 وصحيح مسلم 12/185 في كتاب الجهاد و 15/176-179 في كتاب فضائل الصحابة , وسنن ابن ماجه 1/24 باب 11 حديث 104 , وسنن الترمذي 13/172 في ابواب المناقب , ودلائل النبوة للبيهقي 4/205-213 و 6/179 , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/786 حديث 557 , والبداية والنهاية 4/208-211 و 6/334 , والشفا 1/323 و والوفا 1/517 , والسيرة النبوية لابن هشام 2/334 .
29 – نفث على ضربة بساق سلمة بن الأكوع يوم خيبر فشفيت ساقه وكانت أحسن ساقيه . انظر فتح الباري 7/475 باب 38 من كتاب المغازي حديث 4206 ودلائل النبوة للبيهقي 4/251 , والبداية والنهاية 6/334 , والشفا 1/323 .
30 – أتته إمرأة من خثعم وهي قبيلة عربية ومعها صبي لا يتكلم به بلاء , فأتى بماء فمضمض فاه وغسل يديه ثم اعطاها إياه وأمرها بسقيه ومسه به فبرأ الغلام وعقل عقلاً يفضل عقول الناس . انظر دلائل النبوة للأصبهاني 2/598 حديث 393 , وحدائق الأنوار لابن الديبع 1/245 , والشفا 1/324 .
31 – عن ابن عباس y جاءت امرأة بابن لها به جنون فمسح صدره فثع ثعة ( أي قاء ما في بطنه ) فخرج منه جوفه مثل الجرو الأسود فشفي . انظر مسند أحمد 1/239 و 254 و 468 , وسنن الدارمي 1/19 باب 4 حديث 19 , دلائل النبوة للأصبهاني 2/600 حديث 395 و 2/786 حديث 557 , ودلائل النبوة للبيهقي 6/182و187 , والشفا 1/324 , والوفا 1/518 , والبداية والنهاية 6/182.
32 – إنكفأت القدر على ذراع محمد بن حاطب وهو طفل , فمسح عليه ودعا له وتفل فيه فبرأ لحينه .انظر دلائل النبوة للبيهقي 6/174-175 , ودلائل النبوة للأصبهاني 2/601 حديث 398 , والبداية والنهاية 6/334 , والشفا 1/324 .
(3/166)
33 – كانت في كف شرحبيل الجعفي سلعة (زيادة في الجلد مثل الغدة ) تمنعه من القبض على السيف وعنان الدابة , فشكاها للنبي فما زال يطحنها حتى رفعها ولم يبق لها أثر . أنظر دلائل النبوة للبيهقي 6/176 , والبداية والنهاية 6/185 , والشفا 1/324 .
34 – عن انس بن مالك y قال : قالت أمي يا رسول الله خادمك أنس ادع له فقال : اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيماآتيته . قال أنس : فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي من صلبي ليعادون اليوم على نحو مائة . وهذه مسطورة في مراجع كثيرة جداً منها فتح الباري 11/136 و 144 و 182 باب 19 من كتاب الدعوات الحديث 6334 وباب 25 حديث 6344 وباب 47 حديث 6378-6381 وصحيح مسلم 16/39-40 في كتاب فضائل الصحابة , وحدائق الأنوار 1/250 , والشفا 1/325 , والوفا 1/521, ويثبتها واقع أنس y بدعاء الرسول له وفيه أمران أولاً هو تحقق الدعاء وثانياً بركة هذا الدعاء فصلى اللهم وسلم على النبي المصطفى .
35 – دعا على كسرى حين مزق كتابه أن يمزق الله ملكه , فلم تبق له باقية , ولا بقيت لفارس رياسة في سائر أقطار الدنيا . ثابتة في فتح الباري 6/108 باب 101 من كتاب الجهاد حديث 2939 و 8/126 باب 82 من كتاب المغازي حديث 4424, ودلائل النبوة للأصبهاني 2/450 حديث 241 و دلائل النبوة للبيهقي 4/387-394 , وحدائق الأنوار لابن الديبع 1/57 و 255 و 2/629 , والبداية والنهاية 5/18 و 6/299 و 344 , والشفا 1/328 .
36 – عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها أخرجت جبة طيالسة ( رداء أو نحوه ) وقالت إن رسول الله كان يلبسها , فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها إلى اليوم . أنظر الشفا 1/331 والشفا , والسيرة النبوية .
37 – أنه قرب إليه ست من الإبل لينحرها فصارت تتزاحم كل واحدة ليبدأ بها . نفس المراجع السابقة
38 – ان الذئب شهد له بالنبوة , راجع البداية والنهاية وفتح الباري وسنن الترمذي والشفا , والوفا , سنن الدارمي .
(3/167)
39 – أن عبتة إبن ابي لهب كان يسب الرسول r ويؤذيه ويسخر من الرسول ومن القرآن , فدعا عليه الرسول وقال اللهم سلط عليه كلباً من كلابك , فخرج مع ابيه أبو لهب في السفر فجمع أبو لهب حوله الركب وقال احرسوه , فقالوا أنه جاء أسد وإشتم الوجوه حتى وصل إلى عتبه فوثب عليه ومزقه من بينهم حتى فصل رأسه عن جسده ثم إنصرف الأسد دون أن يؤذي أحد غيره . ( فتح الباري , وفي التفاسير التالية تحت تفسير الآيات العشرة الأولى من سورة النجم في بن كثير وفي القرطبي والبغوي والبيضاوي وفي تفسير أبي السعود , وفي الدر المنثور , وفي تفسير النسفي وروح المعاني , وفي كتاب الشفا وفي كتاب الوفا وفي كتاب أسد الغابة وفي كتاب دلائل النبوة للأصبهاني وفي كتاب الصواعق المحرقة و في أسد الغابة وفي سنن البيهقي الكبرى , وفي غيره الكثير من المراجع فأكتفي بما ذكرت . )
40 – القرآن الكريم . وكفى بهذا الكتاب معجزة باقية خالدة إلى أن يشاء الله من عهده r إلى أن يشاء مُنْزِل هذا الكتاب العظيم . ( وهذه لا تحتاج إلى إثبات أو مراجع فهي معجزة موجودة بيننا إلى الآن وما عليك إلا أن تراجع أصل المعجزة وهو الكتاب الكريم ولمن لا يفهم اللغة العربية فقد نقلت قطرة من بحر الإعجاز في القرآن في آخر باب التحريف تحت عنوان البيان بالتحدي والإعجاز في القرآن مما يغني عن إعادته هنا ولله الحمد والمنة. )
(3/168)
وأمر آخر هو أن المنصرين يُغَلِّطون بعض العوام ويقولون أن القرآن شهد أن محمد r لم يأت بمعجزة واحدة , وفي رأيي أن قول المنصرين هذا من السفاهة والجهل الشديد أو الحقد والعناد ووالله ليس مسبة ولا غلط ولكن هذا هو واقع الحال كما سترى , فلقد قال المنصرون أن القرآن يقول في سورة الأنعام هكذا : {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }الأنعام57 وقالوا فمعناها أن الرسول محمد r ما عنده المعجزات التي طلبها منه الكفار .
وقال في نفس السورة هكذا : {وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأنعام109, فقالوا ومعناها أنه لو أعطاهم آية واحدة لآمنوا ولكن يبدوا أنه لم يحقق طلبهم ولو في آية واحدة .
وفي سورة الإسراء آية 90-93 قال هكذا : {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً{90} أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً{91} أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً{92} أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً{93}الإسراء93 ,
(3/169)
وفي سورة الإسراء آية 59 هكذا : وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)
وفي سورة الأنعام آية 37 هكذا : وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) الأنعام
وقالوا أنه من شرط النبوة ظهور المعجزات على يد مدعيها , وما ظهرت معجزة على يد محمد r كما يدل عليه ما وقع في الآيات السابقة الذكر .
وهذا من الغلط الشديد أولاً لأنه ليس من شروط النبوة بحسب الإنجيل ظهور المعجزات على يد النبي أو الرسول وعدم ظهورها لا يدل على عدم النبوة , هكذا يقول كتابهم فمثلاً في أمر يوحنا المعمدان قال كاتب إنجيل يوحنا 10/41 هكذا : فأتى اليه كثيرون وقالوا ان يوحنا لم يفعل آية واحدة.ولكن كل ما قاله يوحنا عن هذا كان حقا. (SVD) لكن جاء في إنجيل متى 21/26 طبعة سنة 1826م وفي طبعة سنة 1925م الإعتراف بأن يوحنا نبي فقال هكذا : وإن قلنا من الناس نخاف من الشعب.لان يوحنا عند الجميع نبي. وفي إنجيل متى 11/9 شهد له يسوع أنه أعظم من نبي وأنقل من طبعة سنة 1825 , 1826م هكذا : لكن ماذا خرجتم لتنظروا.أنبيا.نعم اقول لكم وأعظم من نبي. وفي باقي الطبعات أفضل من نبي أو ألفاظ أخرى متقاربة , فهذا الذي شهد له يسوع وشهد له الناس أنه أعظم من نبي لم تظهر على يده معجزة واحدة , فكيف يدعون بحسب كلامهم أن ظهور المعجزات من شروط النبوة ؟!
وأما قول هؤلاء أن الرسول لم تظهر على يده المعجزات فلا أطلب منك أن تذهب إلى غيرنا لتسأل ولكن راجع ما كتبته أعلاه من معجزات وردت على يد سيد ولد آدم محمد بن عبد الله وهذا يكفي كل سائل.
(3/170)
أما قولهم عن الآيات فهو من أعظم الجهل أولاً بكتابهم ثم بالقرآن الكريم فتعالى ننظر ما يقول في الآيات الكريمة
في سورة الأنعام المشار إليها{ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }الأنعام57 , وهذا غلط كما قلنا لأن المراد هنا بلفظ ( ما ) في الآية أي ( ما تستعجلون به ) المراد منه هو العذاب الذي يستعجلون به , لأنهم قالوا (فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }الأنفال32 , ومعناها ما عندي العذاب الذي تستعجلون به { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ } في تعجيل العذاب وتأخيره , { يَقُصُّ الْحَقَّ } أي يقضي القضاء الحق في تعجيل وتأخير , { وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ } أي خير القاضين في الدنيا والآخرة , ومجمل الآية وحاصلها أن العذاب ينزل عليكم في الوقت الذي يختاره الله وأن العذاب ليس بيد رسول الله ولكنه بيد الله I ولا قدرة لأحد على تقديمه أو تأخيره حتى لو كان الرسول وهذا من أدب الرسول r مع ربه , وقد نزل عليهم يوم بدر وبعده , فهذه لا دلالة فيها على أن النبي محمد لم تصدر عنه المعجزات كما رأيت . بل هو طلبهم للعذاب وأمر العذاب مفوض لله سبحانه .
(3/171)
أما الآية الثانية : {وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأنعام109 , فمعنى { وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } مصدر في موضع الحال { لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ } من مقترحاتهم أو الآية التي يختارونها , { لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ } هو قادر عليها يظهر منها ما يشاء , { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } وهو إستفهام إنكار { أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي الآية المقترحة إذا جاءت لا يؤمنون بها ولا تدرون أن هذه الآية إن جاءت لا يؤمنون فهو بعلمه المسبق يعلم أنهم لن يؤمنوا حتى إذا جاءت هذه الآية , فهو رد الله I كما هو واضح من الآية على الكفار في ظرفهم هذا, وهو I ليس رهن إشارة الكفار أن يطلبوا كل آية فتأتيهم وبعلمه يعلم أنهم لن يؤمنوا حتى ولو جاءت فقد سبق في آية إنشقاق القمر والكثير من المعجزات على يد رسول الله r كما قلنا سابقاً وكما سترى لاحقاً إن شاء الله , فالله لا يجيب المستهزأين أو المنكرين بما يطلبون , كما أنه ليس فيه نفي المعجزات على الإطلاق والقول بعدم ظهورها أبداً .
(3/172)
وقد قال الإمام بن كثير في تفسيره هكذا :قوله تعالى إخبارا عن المشركين أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم أي حلفوا أيمانا مؤكدة { لئن جاءتهم آية } أي معجزة وخارقة { ليؤمنن بها } أي ليصدقنها { قل إنما الآيات عند الله } أي قل : يا محمد هؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتا وكفرا وعنادا لا على سبيل الهدى والاسترشاد إنما مرجع هذه الايات إلى الله إن شاء جاءكم بها وإن شاء ترككم قال ابن جرير : حدثنا هناد حدثنا يونس بن بكير حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي قال : كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريش فقالوا : يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى وتخبرنا أن ثمود كان لهم ناقة فآتنا من الايات حتى نصدقك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أي شيء تحبون أن آتيكم به ] قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا فقال لهم [ فإن فعلت تصدقوني ؟ ] قالوا : نعم والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعون فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فجاءه جبريل عليه السلام فقال له : ما شئت إن شئت أصبح الصفا ذهبا ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك ليعذبنهم وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ بل أتركهم حتى يتوب تائبهم ] فأنزل الله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } إلى قوله تعالى : { ولكن أكثرهم يجهلون }
(3/173)
وقال الإمام البيضاوي في تفسير هذه الآية هكذا : أقسموا بالله جهد أيمانهم } مصدر في موقع الحال والداعي لهم إلى هذا القسم والتأكيد فيه التحكم على الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم في طلب الآيات واستحقار ما رأوا منها { لئن جاءتهم آية } من مقترحاتهم { ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله } هو قادر عليها يظهر منها ما يشاء وليس شيء منها بقدرتي وإرادتي { وما يشعركم } وما يدريكم استفهام إنكار { أنها } أي أن الآية المقترحة { إذا جاءت لا يؤمنون } أي لا تدرون أنهم لا يؤمنون أنكر السبب مبالغة في نفي المسبب وفيه تنبيه على أنه سبحانه وتعالى إنما لم ينزلها لعلمه بأنها إذا جاءت لا يؤمنون بها. وأكتفي بهذين التفسيرين فهما يفيان بالغرض لكل باحث عن الحق , وهو أوضح من قرص الشمس في كبد السماء رحمة الله ورحمة رسوله آخر الرسل والأنبياء بقومه وبالناس كافة , فلو نزلت تلك الآية ولم يؤمن هؤلاء وجب على الله I إهلاكهم لأنها سنته فيما مضى من القرون والأمم السابقة أن الله يُنزل الآية فإن لم يؤمنوا بها أهلكهم لكفرهم وعنادهم كما حدث مع قوم نوح وقوم ثمود لما جائتهم الناقة , فلأن الله يريد لهم الخير فتركهم وتركهم الرسول r حتى يتوب تائبهم أو يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً , {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً }الإسراء59 ومن هذا رحمة الرسول r بأمته وبالناس كافة كما ثبت في الصحيحين وغيرهما الكثير من المراجع عند خروج الرسول لدعوة بني عبد ياليل ولما ردوه وأساءوا للرسول r ودفعوا خلفه غلمانهم فنزل سيدنا جبريل يخاطب الرسول r هكذا : فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث لك ملك الجبال لتأمره(3/174)
بما شئت فيهم ثم ناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد قد بعثني الله إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال قد بعثني اليك ربك لتأمرني ما شئت إن شئت تطبق عليهم الاخشبين فقال رسول الله r أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا , فظهرت رحمة الرسول r بقومه خاصة وبالناس كافة .
(3/175)
أما الآية الثالثة : وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً{90} أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً{91} أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً{92} أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً{93}الإسراء93 , فمعناها يقول ( وقالوا ) أي تعنتاً (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً ) أي عيناً غزيرة لا ينضب ماؤها في أرض مكة , إلى آخر الاية الكريمة حتى طلبوا أن يأتي بالله والملائكة أو يصعد إلى السماء أو يكون له بيت من ذهب , وهو من باب التعنت والعناد كما ترى وليس فيه أنه لم يأت بمعجزات أو أنه لن يأتي بمعجزات ولكنهم إشترطوا معجزات على هواهم هم وعلى حسب ما يريدون الإستهزاء به ظناً منهم بالتعجيز ,وعن بن عباس قال عبد الله بن أبي أمية لن نؤمن لك حتى تتخذ إلى السماء سلماً ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها , ثم تأتي معك بصك منشور معه أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول , فما كان مقصود الكفار بهذه الإقتراحات إلّا العناد والتعنت واللجاج , ولو جائتهم كل آية لقالوا هذا سحر كما قال عز وجل { َلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ{7} الأنعام , وهذا نقلته من تفسير البيضاوي صفحة 177 , 187 , 383 .
(3/176)
أما الآية الرابعة : وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) الإسراء
قال الإمام الطبري في تفسيره : وما منعنا يا محمد أن نرسل بالاَيات التي سألها قومك، إلا أن كان من قبلهم من الأمم المكذّبة، سألوا ذلك مثل سؤالهم فلما أتاهم ما سألوا منه كذّبوا رسلهم، فلم يصدّقوا مع مجيء الاَيات، فعوجلوا فلم نرسل إلى قومك بالاَيات، لأنّا لو أرسلنا بها إليها، فكذّبوا بها، سلكنا في تعجيل العذاب لهم مسلك الأمم قبلها. وبالذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك ـ حدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن جعفر بن أياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: سأل أهل مكة النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحي عنهم الجبال، فيزرعوا، فقيل له: إن شئت أن نستأني بهم لعلنا نجتني منهم، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم، قال: «بل تستأني بهم»، فأنزل الله: وَما مَنَعَنا أنْ نُرْسِلَ بالاَياتِ إلاّ أنْ كَذّبَ بِها الأوّلُونَ وآتَيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً. وفي الجلالين هكذا : (وما منعنا أن نرسل بالآيات) التي اقترحها أهل مكة (إلا أن كذب بها الأولون) لما أرسلناها فأهلكناهم ولو أرسلناها إلى هؤلاء وقد حكمنا بإمهالهم لاتمام أمر محمد صلى الله عليه وسلم (وآتينا ثمود الناقة) آية (مبصرة) بينة واضحة (فظلموا) كفروا (بها) فأهلكوا (وما نرسل بالآيات) المعجزات (إلا تخويفا) للعباد فيؤمنوا .
أما الآية الخامسة : وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) سوة الأنعام
(3/177)
قال الإمام القرطبي رحمه الله هكذا : وكان هذا منهم نعتا بعد ظهور البراهين؛ وإقامة الحجة بالقرآن الذي عجزوا أن يأتوا بسورة مثله، لما فيه من الوصف وعلم الغيوب.
وقال الإمام الطبري هكذا : يقول: ولكن أكثر الذين يقولون ذلك فيسألونك آية, لا يعلمون ما عليهم في الاَية إنّ نزْلها من البلاء, ولا يدرون ما وجه ترك إنزال ذلك عليك, ولو علموا السبب الذي من أجله لم أنزّلها عليك ( أي الآية المعينة المخصوصة التي يطلبونها ) لم يقولوا ذلك ولم يسألوكه, ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.
وقال السعدي رحمه في الله في تفسيره وأكتفي بما قاله في التفسير هكذا : " وقالوا " أي : المكذبون بالرسول ، تعنتا وعنادا : " لولا نزل عليه آية من ربه " . يعنون بذلك ، آيات الاقتراح ، التي يقترحونها بعقولهم الفاسدة ، وآرائهم الكاسدة . كقولهم : " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا "" قل " مجيبا لقولهم : " إن الله قادر على أن ينزل آية " فليس في قدرته قصور عن ذلك . كيف ، وجميع الأشياء منقادة لعزته ، مذعنة لسلطانه ؟ " ولكن أكثرهم لا يعلمون "
(3/178)
فهم ـ لجهلهم وعدم علمهم ـ يطلبون ما هو شر لهم من الآيات ، التي لو جاءتهم ، فلم يؤمنوا بها ـ لعوجلوا بالعقاب ، كما هي سنة الله ، التي لا تبديل لها . ومع هذا ، فإن كان قصدهم ، الآيات التي تبين لهم الحق ، وتوضح السبيل . فقد أتى محمد صلى الله عليه وسلم ، بكل آية قاطعة ، وحجة ساطعة ، دالة على ما جاء به من الحق ، بحيث يتمكن العبد في كل مسألة من مسائل الدين ، أن يجد فيما جاء به ، عدة أدلة عقلية ونقلية ، بحيث لا يتبقى في القلوب ، أدنى شك وارتياب . فتبارك الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ، وأيده بالآيات البينات ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة ، وإن الله لسميع عليم .
وفي روح المعاني هكذا : ويقول الذين كفروا أي أهل مكة عبدالله بن أبي أمية وأصحابه وإيثار هذه الطريقة على الاضمار مع ظهور إرادتهم عقيب ذكر فرحهم بناءا على أن ضمير فرحوا لهم لذمهم والتسجيل عليهم بالكفر فيما حكى عنهم من قولهم : لولا أنزل عليه ءاية من ربه فان ذلك في أقصى مراتب المكابرة والعناد كأن ما أنزل عليه عليه الصلاة والسلام من الآيات العظام الباهرة ليست عندهم بآية حتى اقترحوا مالاتقتضيه الحكمة من الآيات كسقوط السماء عليهم كسفا وسير الاخشبين وجعل البطاح محارث ومفترسا كالاردن واحياء قضى لهم إلى غير ذلك قل إن الله يضل من يشاء إضلاله مشيئة تابعة للحكمة الداعية اليها وهو كلام جار مجرى التعجب من قولهم وذلك ان الآيات الباهرة المتكاثرة التي أوتيها صلى الله تعالى عليه وسلم لم يؤتها نبي قبله وكفى بالقرآن وحده آية فاذا جحدوها ولم يعتدوا بها كان ذلك موضعا للتعجب والانكار.
(3/179)
وهكذا الحال في آيات يُفهم منه في الظاهر نفي إظهار الآية , بينماالمقصود به هو نفي المعجزة المقترحة التي يطلبها الكفار وهذا لا ينفي ظهور المعجزات كلياً أو ملطقاً , ولا يُلزم الأنبياء أن يُظهروا معجزة كلما طلبها المنكرون حتى لو كانت من باب الإستهزاء أو السخرية أو العناد كما في الآيات السابقة , ويوجد على هذا الأمر الكثير من الأدلة موجودة في العهد الجديد أنقل بعضها كما يلي :
1- في إنجيل مرقس 8/11-12 هكذا : 11 فخرج الفريسيون وابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه. (12) فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية.الحق اقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية (SVD) فطلب الفريسيون منه معجزة كما ترى على سبيل الإمتحان فما أعطاهم معجزة وما أشار إلى معجزة سابقة ولا قال انه سيعطيهم معجزة فيما بعد بل إن قوله (( لن يعطى هذا الجيل آية )) يدل على أنه لن يفعل أي معجزة فيما بعد .
2- في إنجيل لوقا 23/8-12 هكذا :8 واما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدا لانه كان يريد من زمان طويل ان يراه لسماعه عنه اشياء كثيرة وترجى ان يرى آية تصنع منه. (9) وسأله بكلام كثير فلم يجبه بشيء. (11) ووقف رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد. (12) فاحتقره هيرودس مع عسكره واستهزأ به والبسه لباسا لامعا ورده الى بيلاطس. (SVD) , ويظهر هنا للعيان أن يسوع ما أظهر ولا معجزة واحدة مع أنه كان أنسب وقت لظهور معجزة , وقد كان هيرودس يترجى أن يرى منه معجزة واحدة , ولو رأى هيرودس معجزة واحدة لوبخ اليهود وما إحتقر يسوع حينذاك فهل هذا ينفي ظهور المعجزات من يسوع .؟
(3/180)
3- في إنجيل لوقا 22/63-65 هكذا :63. والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه. (64) وغطوه وكانوا يضربون وجهه ويسألونه قائلين تنبأ.من هو الذي ضربك. (65) واشياء أخر كثيرة كانوا يقولون عليه مجدفين (SVD) , ومثله في إنجيل متى 26/67-68 وفي إنجيل مرقس 14/65 , ,لما كان سؤالهم إستهزاءاً ما أجاب عليهم يسوع . فهل هذا ينفي وقوع المعجزات منه ؟
4- في إنجيل متى 27/39-44 هكذا : 39 وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم(40) قائلين يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة ايام خلّص نفسك.ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب. (41) وكذلك رؤساء الكهنة ايضا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا(42) خلّص آخرين واما نفسه فما يقدر ان يخلّصها.ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به. (43) قد اتكل على الله فلينقذه الآن ان اراده.لانه قال انا ابن الله. (44) وبذلك ايضا كان اللصّان اللذان صلبا معه يعيّرانه(SVD) فما خلص يسوع نفسه وما نزل من على الصليب حتى بعد أن عيره اللصوص والجنود والكتبة كما قرأت , ورؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ كانوا يقولون : لو أنه نزل من على الصليب نؤمن به , فكان عليه لدفع العار وإقامة الحجة عليهم أن ينزل ولو لمرة واحدة من على الصليب ثم ليصعد مرة أخرى إن كان مُصِّراً على أن ينتحر أو يقتل نفسه كما يدعون على الصليب , فهل هذا ينفي وقوع المعجزات على يده ؟
(3/181)
5- في إنجيل متى 12/38-40 هكذا : حينئذ اجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين يا معلّم نريد ان نرى منك آية. (39) فاجاب وقال لهم جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية الا آية يونان النبي. (40) لانه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة ايام وثلاث ليال (SVD) , فها هم الكتبة والفريسيون قد طلبوا منه أن يعطيهم معجزة وما أظهر لهم معجزة بل شتمهم وسبهم وقال عليهم جيل شرير وفاسق ولم يشير إلى معجزة سابقة ولا وعد بلاحقة فهل هذا ينفي وقوع أي معجزة أخرى على يده ؟ وغير هذا الكثير من أمثال هذا في الكتاب الكثير جداً ولكننا وعدنا بإيراد أمثلة فقط منه , وبسبب عجزه عن تقديم معجزات في الأوقات المطلوبه تسبب يسوع في إرتداد الكثر من تلاميذه وتركوه ولم يمشوا وراءه فيما بعد كما جاء في إنجيل يوحنا 6/66 في طبعة سنة 1860م هكذا : من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه )) وفي طبعة سنة 1825م هكذا : ومن ثم إرتد كثير من تلاميذه على أعقابهم ولم يماشوه بعد ذلك أبداً )) وكذلك في طبعة سنة 1826م وإن كانت هذه الفقرة واردة في طبعة سنة 1823م , سنة 1844م , وفي طبعة سنة 1882م , برقم ( 67 ) وليس ( 66) , وأكتفي بهذه الأمثلة ( الخمسة السابقة ) على ذلك الأمر من الإنجيل .
(3/182)
فإن كان إحتجاج المنصرين بهذه الآيات الكريمة من القرآن الكريم فقد شرحناها من تفسير البيضاوي والطبري وغيره من التفاسير وبما يقبله العقل السليم من أن الأنيباء غير ملزمين بإعطاء آية لكل مستهزأ أو معاند رافض , والله I أعظم وأجل من أن يكون تحت رغبة كل فاسق مستهزأ من الكافرين المنكرين لنبوة الأنبياء وهذا لا يطعن أبداً في إتيان المعجزات على ايديهم فإن كانوا يحتجون بهذه الآيات فمن باب أولى أن يحتجوا بما أوردت لهم من إنجيلهم , اما عن معجزات الرسول فقد وضحت منها الكثير كما سبق وجاء ذكرها أيضاً مجملاً في القرآن الكريم , منها على سبيل المثال :
1- في سورة الصافات {وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ{14} وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ{15} الصافات , في تفسير الجلالين والبيضاوي والكشاف وبن كثير والقرطبي والطبري والسعدي وغيره الكثير من التفاسير كلام جميل يوضح تلك الآية ويطول المقام بذكر كل التفاسير هنا فأكتفي بنقل مجمله فقط ماجاء في الجلالين يقول : (وإذا رأوا آية) كانشقاق القمر (يستسخرون) يستهزئون بها (وقالوا) فيها (إن) ما (هذا إلا سحر مبين) .
(3/183)
2- في سورة القمر آية 2 -5هكذا : وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ{2} وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ{3} وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ{4} حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ{5} القمر , راجع كل التفاسير لتجد هكذا : (وَإِن يَرَوْا آيَةً) كفار قريش (آيَةً) معجزة له صلى الله عليه وسلم (يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا) هذا (سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) قوي من المرة القوة أو دائم وَكَذَّبُوا النبي صلى الله عليه وسلم (وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ) في الباطل (وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ) من الخير والشر (مُّسْتَقِرٌّ) بأهله في الجنة أو النار وقد نقلت هذا من الجلالين إختصاراً , وهذا عن أمر معجزة إنشقاق القمر فها قد جائتهم المعجزة وأنكروها وكفروا بها كما أخبر رب العزة , فكيف يجيب الله المستهزئين بتحقيق طلبهم ؟
3- في سورة آل عمران آية 68 هكذا : كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{86} آل عمران . وعليك بمراجعة التفاسير لترى أن مختصر قول المفسرين والعلماء وإن كان هناك أبلغ مما نقلت بكثير ولكن أنقل أيضاً من الجلالين هكذا : (كَيْفَ) أي لا (يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ) أي شهادتهم (أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَ) قد (جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ) الحجج الظاهرات والآيات البينات على صدق النبي (وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي الكافرين .
(3/184)
4- في سورة الأنعام آية 21 هكذا : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ{21} الأنعام , في البيضاوي يقول هكذا : (أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ) كأن كذبوا بالقرآن والمعجزات وسموها سحراً , وفي الكشاف يقول : (أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ) وكذبوا بما ثبت بالحجة والبينة والبرهان الصحيح من المعجزات .
5- في سورة الأنعام آية 124 هكذا : َإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ{124} الأنعام , وفي التفسير الكبير يقول :( َإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ) أي أنهم متى ظهرت لهم معجزة قاهرة . وفي الجلالين قال : (: َإِذَا جَاءتْهُمْ) أي أهل مكة (آيَةٌ) على صدق النبي صلى الله عليه وسلم (قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ) وفي التفسير الميسر قال : وإذا جاءت هؤلاء المشركين من أهل "مكة" حجة ظاهرة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, قال بعض كبرائهم: لن نصدِّق .
فأكتفي بخمسة أمثلة من القرآن الكريم كما إكتفيت بخمسة من الإنجيل وهذا بيان لكل عاقل إن كان هناك من يريد أن يعقل وبهذا تعلم أيها اللبيب أن لا حجة لهم بآي القرآن الكريم وأنهم لا يفعلون إلا أن يضلوا أنفسهم ويضلوا قومهم ولا يشعرون , وقد فعلوا كما قال السكير في بيت شعر له أنشد قائلاً
دَعِ المساجد لِلْعُبَّاد تَسْكُنْها ومِلْ بِنا إِلى خَمَّارٍ لِيَسقْينا
مَاقَالَ رَبُّكَ وِيلُ لإلي سَكْرَى بَل قَالَ وَيلٌ لِلْمُصَلْينَ
(3/185)
ولكننا سنقول أنه من باب عدم الإدراك أو الجهل ولن نظن فيهم غير هذا وندعوا رب العزة أن يهديهم إلى نعمة الإسلام وإلى دين الحق فإنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهذا ردنا على الشبهة وقد إستعنت فيه بالتفاسير والكتب وكتاب الجواب الصحيح للشيخ بن تيمية رحمه الله , وأهمها كتاب إظهار الحق لشيخنا رحمة الله الهندي ومن باب الأمانة أن أنسب له ما نقلت منه أو من إستعنت به فهو مرجع لا غنى عنه لكل سابح في هذا الفن والقول , رحم الله علمائنا وأسكنهم فسيح جناته
منقول من كتاب البيان2 الإلكتروني(3/186)
كتب menour
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد علي شبه ان النبي كان من غير معجزات
من وجه اخر : معجزات النبي صلي الله عليه وسلم
من وجه اخر: دلائل النبوه
بسم الله الواحد الاحد الفرد الصمد البديع الحكيم العليم والصلاه والسلام علي المبعوث رحمه للعالمين سيدنا اشرف المرسلين محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب
اما بعد فبسم الله نبدا هذا البحث عن من قال ان المصطفي الكريم كانت رسالته بدون معجزات ونبؤات وهذا كذب كبير وافتراء عظيم فقد اجتمع لرسولنا الكريم ما لم يجتمع لغيره من النبؤات والمعجزات وان كان اعظمها علي الاطلاق القران الكريم ولكن هذا شأن اخر نعود اليه ان شاء الله وانا هنا لا احصي ولا اعد بل اذكر النذر اليسير والشئ القليل الذي فقط به يعلم من جهل وتفند حجه المراوغ اللئيم الذي قد يقول بمثل هذا قول .
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :صفتي احمد المتوكل مولده مكه ومهاجره طيبه,ليس بفظ ولا غليظ ,يجزي بالحسنه الحسنه ولا يكافئ بالسيئه ,امته الحمادون ,ياتزرون علي انصافهم ويوضئون اطرافهم ,اناجيلهم في صدورهم يصفون للصلاه كما يصفون للقتال ,قربانهم الذي يتقربون به الي دماؤهم ,رهبان باليل ليوث بالنهار"
نريد أن نسأل اليهود : كيف آمنتم برسولكم موسى عليه السلام ؟
فإن قالوا : بسبب معجزاته ، أو أخلاقه ، أو تشريعه ، أو تأييد الله له ونصرته ، أو استجابة دعائه ، أو عدم رغبته في المصلحة الذاتية ، أو غير ذلك من الأدلة .قلنا : كل ما ذكرتموه هو موجود في النبي صلى الله عليه وسلم . وكذلك النصارى نسألهم هل هم يؤمنون بنبوة موسى عليه السلام ؟، فإن الجواب سيكون :نعم . قلنا: كيف استدللتم على نبوته ؟ . فإن قالوا: لأنه قد ذكره لنا عيسى .
(3/187)
قلنا : هل هناك دليل آخر؟ .إن قالوا : لا يوجد دليل آخر على نبوة موسى عليه السلام . قلنا: إذن أنتم صَحَّحْتم مذهب مَن كفر بموسى عليه السلام من قومه ؛ حيث إن موسى عليه السلام لم يأت بدليل على رسالته ، ولم ينزل عيسى عليه السلام في ذلك الوقت ، وأثبتم لمن آمن به أنه آمن بغير بينة ولا علم ولا دليل ، وأن رسالة موسى علقت عن التصحيح قرونا متطاولة حتى بعث الله عيسى عليه السلام .
فإن قالوا : نعم، هناك أدلة أخرى على رسالة موسى عليه السلام.
قلنا : كل دليل استدللتم به على نبوة موسى عليه السلام هو موجود في محمد صلى الله عليه وسلم. فلا حجة إذن لرجل يهودي أو نصراني لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ،ولكن صدق الله إذ يقول : (( وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ .)) [الأعراف : 198]
(3/188)
ان الناظر المتامل في التاريخ منذ الازل يري الطريق والمعالم لانبياء الله ورسله وانهم كانوا مؤيدين من الله العلي القدير تاره بالمعجزات ، أو تأييد الله لهم ونصرته ، أو استجابة دعائهم ، ايضا تجد ان هؤلاء الرسل والانبياء هدفهم السامي وغايتهم القصوي و حرصهم فقط علي قول لا اله الا الله تلك هي الغايه الكبري والرساله الساميه لهم جميعا صلاوت الله عليهم اجمعين,ونري ان الله تعالى أخبر أن محمد صلي الله وعليه وسلم لو تقوّل على ربه شيئا من الأقاويل لأهلكه : (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ )) [الحاقة :41-47] ، وقال تعالى : (( قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ )) [يونس:69] ، وقال تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ )) [الزمر: 3] ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ما خاب بل هُدي وأفلح في كل المجالات ، وصار دينه من أعظم الأديان في الأرض وأكثرها انتشارا وان كان الله جل جلاله هو الحكيم العزيز فهو يعلم اين يضع رسلاته وهو يقررهها بما يشاء فهو يُقرِّر نبوته بِكمال حكمة الله وتمام قُدرته ، وأن تأييده لرسوله ، ونَصْرِه على أعدائه ، وتمكينه في الأرض موافق غاية الموافقة لِحكمة الله ، وان مَن قَدَح في رسالته فقد قَدَح في حِكْمَة الله وفي قُدْرَته .
(3/189)
فهو ايضا يُقرِّر نبوته ورسالته بما حازَه من أوصاف الكمال ، وما هو عليه من الأخلاق الجميلة ، وأن كل خُلُق عال سامٍ فَلِرَسول الله صلى الله عليه وسلم منه أعلاه وأكمله ؛ فَمَن عظُمت صِفته وفاقَتْ نُعُوته جميع الْخَلْق التي أعلاها الصِّدق . أليس هذا أكبر الأدلة على أنه رسول رب العالمين ، والمصطفى المختار من الْخَلْق أجمعين ؟وتارة يُقرِّرها بما هو موجود في كُتُب الأولين ، وبشارات الأنبياء والمرسلين ، إما باسمه الْعَلَم ، أو بأوصافه الجليلة ، وأوصاف أمّته ، وأوصاف دِينه .وتارة يُقرِّر رسالته بما أخبَر به من الغيوب الماضية ، والغيوب المستقبَلة ، التي وَقَعتْ في زمانه ، والتي لا تزال تَقَع في كل وقت ، فلولا الوحي ما وصل إليه شيء من هذا ، ولا له ولا لِغيره طريق إلى العلم به .
وتارة يُقرِّرها بِحفظه إياه ، وعِصمته له من الْخَلْق ، مع تكالب الأعداء وضغطهم ، وجدّهم التام في الإيقاع به بكل ما في وسعهم ، والله يَعصِمه ، ويمنعه ، وينصره ! وما ذاك إلا لأنه رسوله حقاً ، وأمِينه على وحيه .
وتارة يُقرِّر رسالته بِذِكْر عظمة ما جاء به ، وهو القرآن الذي ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وتحدّى أعداءه ومَنْ كَفَر به أن يأتوا بمثله ، أو بِعشر سور مثله ، أو بِسورة واحدة ، فعجزوا ، ونكصوا ، وباؤوا بالخيبة والفَشَل ! وهذا القرآن أكبر أدلّة رسالته ، وأجلّها ، وأعمّها .وتارة يُقرِّر رسالته بما أظهر على يديه من المعجزات ، وما أجرى له من الخوارق والكرامات الدالّة – كل واحد بِمفرَدِه منها ، فكيف إذا اجتمعت – على أنه رسول الله الصادق المصدوق ، الذي لا يَنطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يُوحى .
وابدا باذن الله تعالي من كتب اهل الكتاب والنبوءات التي فيها ولا اذكرها كلها لان ذلك موضوع يطول.
(3/190)
يقول توماس كارلايل في ( ص 88 ) من كتابه " الأبطال وعبادة الأبطال " :" محمد مزورا ومحتالا أو مشعوذا ؟؟ كلا ! ثم كلا ! إن هذا القلب الكبير المفعم بالعاطفة الجياشة الذي يغلي كمرجل أو مَوقِد هائل من الأفكار ، لم يكن قلب محتال أو مشعوذ " .
• البشارات العجاب من صحف اهل الكتاب "التوراه" والانجيل " الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابنائهم"
•
البشارة الأولى: رؤيا رآها يعقوب عليه السلام في منامه، وذلك أنه رأى سلماً منصوباً من الأرض إلى السماء، وله خمس درجات، ورأى في منامه أمة عظيمة صاعدة في ذلك الدرج والملائكة يعضدونهم، وأبواب السماء مفتوحة فتجلى له ربه قائلاً: يا يعقوب أنا معك أسمع وأرى، تمن يا يعقوب. فقال: يا رب من أولئك الصاعدون في ذلك الدرج ؟ فقال الله له: هم ذرية إسماعيل. فقال يا رب بماذا وصلوا إليك ؟ فقال: بخمس صلوات فرضتهن عليهم في اليوم والليلة فقبلوهن وعملوا بهن فلما استيقظ يعقوب من منامه فرض على ذريته الخمس الصلوات، ولم يكن الله سبحانه وتعالى قد فرض على بني إسرائيل صلاة في التوراة إلا القرابين يقربونها، وما زالت بنو إسرائيل وعلماؤهم يصلون الصلوات الخمس إتباعاً لسنة جدهم يعقوب عليه السلام، ولم تزل أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام يبشرون بظهور محمد صلى الله عليه وسلم ، ويتمنون أن يكونوا في زمانه
(3/191)
البشارة الثانيه: لما هُزمت جيوش بني إسرائيل أمام العمالقة، توسل موسى إلى الله سبحانه وتعالى مستشفعاً بمحمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: (اذكر عهد إبراهيم الذي وعدته به من نسل إسماعيل أن تنصر جيوش المؤمنين، فأجاب الله دعاءه ونصر بني إسرائيل على العمالقة ببركات محمد صلى الله عليه وسلم) وقد استبدل هذا النص بالعبارات التالية: (اذكر عبيدك إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ولا تلتفت إلى غلاظة هذا الشعب وإثمه وخطيئته) ولا يمكن أن يكون هذا الدعاء – الذي في النص الأول – قد صدر من موسى عليه السلام ، لأنه ينافي كمال التوحيد.
البشارةالثالثه: في الفصل الحادي عشر أن موسى قال لبني إسرائيل: (إن الرب إلهكم يقيم نبياً مثلي من بينكم، ومن إخوتكم فاسمعوا له) وقد ورد في هذا الإصحاح ما يؤكد هذا القول ويوضحه، وهو ما ورد في التوراة أن الله قال لموسى: (إني مقيم لهم نبياً مثلك من بين إخوتهم، وأيما رجل لم يسمع كلماتي التي يؤديها ذلك الرجل باسمي أنا أنتقم منه) وتكاد أن تكون هذه البشارة محل إجماع من كل من كتب في هذا الجانب، وقد بين هؤلاء المهتدون كيف تنطبق هذه البشارة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من خلال الوجوه التالية:
اليهود مجمعون على أن جميع الأنبياء الذين كانوا في بني إسرائيل من بعد موسى لم يكن فيهم مثله. والمراد بالمثلية هنا أن يأتي بشرع خاص تتبعه عليه الأمم من بعده، وهذه صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه من إخوتهم العرب، وقد جاء بشريعة ناسخة لجميع الشرائع السابقة، وتبعته الأمم عليها، فهو كموسى، هذا فضلاً عن أن لفظه (من بينهم) الواردة في البشارة قد أكدت وحددت الشخص المراد.
هذا النص يدل على أن النبي الذي يقيمه الله لبني إسرائيل ليس من نسلهم، ولكنه من إخوتهم، وكل نبي بعث من بعد موسي كان من بني إسرائيل وآخرهم عيسى عليه السلام، فلم يبق رسول من إخوتهم سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
(3/192)
أن إسماعيل وذريته كانوا يسمون إخوة لبني إبراهيم عليه السلام، لأن الله قال في التوراة لهاجر – حسب رواية العهد القديم – عن ابنها إسماعيل: (بأنه قبالة إخوته ينصب المضارب) كما دعى إسحاق وذريته إخوة لإسماعيل وذريته.
أن في هذه الآية إشارة خفية غير صريحة، فائقة الحكمة، لأن موسى لو كان قصد بالنبي الموعود أنه من بني إسرائيل، لكان ينبغي أن يقول بدلا من (من إخوتكم): منكم، أو من نسلكم، أو من أسباطكم، أو من خلفكم، وبما أنه ترك هذا الإيضاح، علمنا أنه قصد بهذه الإشارة أنه من بني إسماعيل المباينين لهم.
إشتمل هذا النص على مفردة كافية للتدليل على أن هذه النبوة خاصة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي قوله: "انتقم منه". وفي بعض الترجمات (وكل نفس لا تسمع لذلك النبي وتطيعه تستأصل). فهي تدل على أن من لا يسمع له ويطعه ينتقم منه ويستأصل. وهذا ينطبق تماماً مع حال المخالفين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن تنطبق على عيسى عليه السلام الذي طارده وحاربه اليهود، ولم يقع عليهم الإنتقام منه أو من أتباعه، وهذه المفردة كافية للتدليل على صدقها على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
البشارة الرابعه: جاء في الفصل العشرين: (أن الرب جاء من طور سينين، وطلع لنا من ساعير، وظهر من جبل فاران، ومعه عن يمينه ربوات القديسين فمنحهم العز، وحببهم إلى الشعوب، ودعا بجميع قديسيه بالبركة) وهذه البشارة كالتي قبلها كادت أن تكون محل إجماع وقبول ممن كتب في هذا الجانب.
وفاران هي مكة وأرض الحجاز، وقد سكنها إسماعيل، ونصت على ذلك التوراة (وأقام في برية فاران، وأنكحته أمه امرأة من أرض مصر) وإذا كانت التوراة أشارت إلى نبوة تنزل على جبل فاران لزم أن تلك النبوة على آل إسماعيل، لأنهم سكان فاران.
(3/193)
أما من توهم أن فاران الواردة في هذه البشارة هي التي بقرب جبل سيناء – فليس ظنه صحيحاً، لأن فاران تلك هي برية فاران كما أفادت عنها التوراة. وهنا ذكر جيلاً. ودعيت تلك فاران بسبب أنها ظليلة من الأشجار. ولفظة فاران عبرية تحتمل الوجهين، فإذا ذكرت البرية لزم أنها ظليلة، وإن ذكر الجبل ينبغي أن يفهم بأنه جبل ذو غار، وفي هذه البشارة ذكر جبل فعلم أنه جبل فاران الذي فيه المغارة. كما أن لفظة فاران مشتقه من فاري بالعبرية وعربيتها: المتجمل. أي المتجمل بوجود بيت الله. وهذه الجبال قد تجملت ببيت الله.
ومعنى جاء الرب: أي ظهر دينه ودعي إلى توحيده. كما أن لفظة "رب" هنا تقع على موسى وعيسى ومحمد وهي مستعملة بهذا الإطلاق في اللغة السريانية والعربية فتقول العرب رب البيت بمعنى صاحب البيت ويقول السريان لمن أرادوا تفخيمه "مار" ومار بالسريانية هو الرب.
وقد أورد المهتدي الإسكندراني هذه البشارة باللغة العبرية ثم ترجمها إلى اللغة العربية ونص ترجمته هكذا: (جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران، وظهر من ربوات قدسه عن يمينه نور وعن شماله نار، إليه تجتمع الأمم، وعليه تجتمع الشعوب) وقال: (إن علماء بني إسرائيل الشارحين للتوراة شرحوا ذلك وفسروه بأن النار هي سيف محمد القاهر، والنور هي شريعته الهادية صلى الله عليه وسلم.وقد يقول قائل: إن موسى تكلم بهذه البشارة بصيغة الماضي فلا تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم. والجواب أن من عادة الكتب الإلهية أن تستعمل الماضي في معنى المستقبل، ألم تر أنه أخبر عن عيسى في هذه البشارة كذلك بصيغة الماضي، فإن قبلت هذه البشارة في حق عيسى فهي في حق محمد ادعى للقبول.
(3/194)
وفي الإشارة إلى هذه الأماكن الثلاثة التي كانت مقام نبوة هؤلاء الأنبياء ما يقتضي للعقلاء أن يبحثوا عن المعنى المراد منه المؤدي به إلى إتباع دينهم. وقد ربط المهتدي إبراهيم خليل بين هذه البشارة وبين صدر سورة التين واستنتج منه تطابقاً كاملاً في الوسيلة والتعبير.
وفي الإشارة إلى هذه الأماكن الثلاثة التي كانت مقام نبوة هؤلاء الأنبياء ما يقتضي للعقلاء أن يبحثوا عن المعنى المراد منه المؤدي به إلى إتباع دينهم. وقد ربط المهتدي إبراهيم خليل بين هذه البشارة وبين صدر سورة التين واستنتج منه تطابقاً كاملاً في الوسيلة والتعبير.
البشارةالخامسه: لما بعث المسيح عليه السلام إلى بني إسرائيل، وأظهر لهم المعجزات، نهض إليه عالم من علمائهم يقال له شمعون بلقيش وقال له: (لا نؤمن بك ولا نسلم لك فيما ادعيته، ولا فيما أتيت به، لأن موسى عليه السلام أخبرنا في شريعته عن الله عز وجل أن النبي المبعوث في آخر الزمان هو من نسل إسماعيل، وأنت من بني إسرائيل. واستدل على ذلك بقول موسى في التوراة: (لا يقوم في بني إسرائيل مثل موسى) وأفتوا بقتل عيسى عليه السلام. وعيسى لم يدع أنه مثل موسى، وإنما دعاهم إلى عبادة الله وحده، والعمل والتصديق بما في التوراة.
البشاره السادسه:"هم اغاروني بغير اله واغضبوني بمعبوداتهم الباطله وانا ايضا اغيرهم بغير شعب وبشعب جاهل اغضبهم" والمراد بهذا الشعب الجاهل العرب لانهم كانو في غايه الجهل والضلال وما كانوا يعرفون سوي عباده الاوثان والاصنام وقد اوفي الله بما وعد وصدق في محكم كتاتبه"هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلوا عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمهوان كانوا من قبل لفي ضلال مبين"
البشاره السابعه:وعد الله الحق لاسماعيل الذي وعده لابراهيم "وعلي اسماعيل استجيب لك هوذا اباركه واكبره واكثره جدا فسيلد اثني عشر رئيسا واجعله لشعب كبير" اشاره الي محمد لانه لم يكن قبله العرب شعب كبير
(3/195)
البشاره الثامنه: قول داود عليه السلام في المزمور الخامس والأربعين: (فاضي قلبي كلمه صالحه انا اقول اعمالي للملك ,لساني قلم كاتب سريع الكتابه,بهي في الحسن افضل من بني البشر انسكبت النعمه من علي شفتيك لذلك بارك الله الي الدهر, فتقلد السيف أيها الجبار، لأن بهاءك وحمدك البهاء الغالب، استله وانجح وامللك من اجل الحق والدعوه الصدق وتهديك بالعجب يمينك, نبلك مسنونه ايها القوي في قلب اعداء الملك الشعوب تحتك يتسقطون,كرسيك يا الله الي دهر الداهرين ,عصا الاستقامه عصا ملكك,احببت البر وابغضت الاثم لذلك مسحك الله الهك بدهن الفرح افضل من اصحابك ,المر والميعه والسليخه من ثيابك --------- وساذكر اسمك في كل جيل وجيل من اجل ذلك تعترف لك لك الشعوب الي الدهر والي دهر الداهريين" ومسلم عند اهل الكتاب ان داوود عليه السلام يبشر في هذا الزبور بنبي يكون ظهوره بعده بزمن ولم يظهر الي هذا الحين عند اليهود نبي موصوف بالاوصاف المذكوره وقال اهل الاسلام سلفا وخلفا ان هذا النبي هو محمد عليه السلام وصفاته المذكوره كلاتي :كونه حسنا,وكونه افضل البشر,وكون النعمه منسكبه علي شفتيه,وكونه مبارك,وكونه قويا متقلد بالسيف,وكونه قويا ذا حق ودعه,وكون نبله مسنونه وسقوط الشعب تحته ومحبا للبر ومبغضا للاثم وخدمه بنات الملوك له واتيان الهدايا اليه وانقياد كل اغنياء الشعب له وكون ابنائه رؤساء الارض بدل ابنائهم وكون اسمه مذكورا جيلا بعد جيل .
(3/196)
البشاره التاسعه: قول داود عليه السلام في المزمور الثامن والأربعين: (إن ربنا عظيم محمود جداً، وفي قرية إلهنا وفي جبله قدوس ومحمد، وعمت الأرض كلها فرحا) فقد صرح وأبان عن اسمه، وذكر مبعثه وهي أم القرى، ووصف حال الكون بعد مبعثه وهو الاستبشار والفرح، ألم تتلق الشعوب المغلوبة على أمرها جنوده بالفرح والاستبشار كما هو مدون في كتب السير والتأريخ. وقد حرف هذا النص في الطبعة التي بين يدي إلى: (عظيم هو الرب وحميد جداً في مدينة إلهنا قدسه) وقد يتضح القصد من إبدال القرية بالمدينة، حتى تنطبق هذه البشارة على أنبياء بني إسرائيل المبعوثين في مدنهم. وقد أعماهم الله عن تحريف الجزء الأول منه فلله الحمد والمنة.
البشاره العاشره: قول داود عليه السلام في المزمور الخمسين: (إن الله صهيون إكليلاً محموداً، فالله يأتي ولا يهمل، وتحرق النيران بين يديه، وتضطرم حواليه اضطراماً) وقال المهتدي الطبري تعليقاً على هذه البشارة: (أفما ترون أنه لا يخلى داود عليه السلام شيئاً من نبواته من ذكر محمد أو محمود، كما تقرءون، ومعنى قوله إكليلاً محموداً: أي أنه رأس وإمام محمد محمود، ومعنى محمد ومحمود وحميد شيء واحد في اللغة، وإنما ضرب بالإكليل مثلاً للربانية والإمامية) وقد حرف هذا النص إلى: (من صهيون كمال الجمال الله أشرق، يأتي إلهنا ولا يصمت).
(3/197)
البشاره الحاديه عشر: قول داود في المزمور الثاني والسبعين: (إنه يجوز من البحر إلى البحر، ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض، وأنه يخر أهل الجزائر بين يديه على ركبهم، وتلحس أعداؤه التراب، تأتيه ملوك تاريس والجزائر بالقرابين، وتقرّب إليه ملوك سابا القرابين، وتسجد له الملوك كلهم، وتدين له الأمم كلها بالطاعة والانقياد، لأنه يخلص المضطهد البائس ممن هو أقوى منه، ويفتقد الضعيف الذي لا ناصر له، ويرأف بالضعفاء والمساكين، وينجي أنفسهم من الضر والضيم، وتعز عليه دماؤهم، وأنه يبقى ويعطى من ذهب سبأ، ويصلى عليه في كل وقت، ويبارك عليه كل يوم مثل الزروع الكثيرة على وجه الأرض، ويطلع ثماره على رؤوس الجبال، كالتي تطلع من لبنان، وينبت في مدينته مثل عشب الأرض، ويدوم ذكره إلى الأبد، وأن اسمه لموجود قبل الشمس، فالأمم كلهم يتبكون به، وكلهم يحمدونه) وقال المهتدي الطبري: (ولا نعلم أحداً يصلى عليه في كل وقت غير محمد صلى الله عليه وسلم) وغني هذا النص عن زيادة تعليق أو شرح، فلم تتحقق هذه الصفات متكاملة لنبي أو ملك قبل محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما تحققت له، وبمقارنة سريعة بين الآيات التي سأوردها وهذا النص يتضح التماثل التام بينهما، قال تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) وقال عز وجل: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأة فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار).وقد تضمن المزمور الذي وردت فيه هذه البشارة بعض الألفاظ التي لا تزال مشرقة وشاهدة وهي قول داود: (ويشرق في أيامه الصديق وكثرة السلام إلى أن يضمحل القمر) وهذا اللفظ يقع مباشرة قبل قوله: (إنه يجوز من البحر إلى البحر..) ولنفاسه هذا اللفظ(3/198)
أحببت إيراده. وقد ضُبطت لفظة "الصديق" بالشكل الذي نقلته، فهل بعد هذا الإيضاح يبقى إشكال لذي عقل؟ وقد ذكر صاحبه الصديق رضي الله عنه، وذكر سنة من سنن دينه وهي كثرة السلام إلى أن يضمحل القمر، واضمحلال القمر تعبير عن الساعة يشهد له أول سورة التكوير والانفطار، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة أن يكون السلام على الخاصة
البشاره الثانيه عشر:قال داود في المزمور الحادي عشر بعد المائة: (قال يهوه لسيدي: اجلس على يميني إلى أن أجعل أعداءك مسنداً لقدميك) ويبرر المهتدي عبد الأحد داود إطلاق داود عليه السلام لهذا الوصف "سيدي" بما يلي:
1. أن داود كان ملكاً قوياً، ولا يتأتى أن يكون خادماً لأي كائن بشري.
2. لا يمكن أن نتصور أنه كان يعني بهذا اللقب أحد الأنبياء المتوفين.
3. لا يمكن لداود أن يدعو أحداً من سلالته "سيدي"، لأن اللقب المعقول حينئذ سيكون: يا بني.
4. لا يمكن أن يكون المسيح عليه السلام هو الذي عناه داود بسيدي، لأن المسيح قد استثنى نفسه من هذا اللقب بنص إنجيل برنابا.
أما الحجج التي احتج بها عبد الأحد على أن الموصوف بـ "سيدي" في هذا النص هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في كالتالي:
1.أنه أعظم نبي، لأنه هو الذي نشر التوحيد، وقضى على الشرك، وطهّر الكعبة من الأصنام، وأخرج الناس من الظلمات إلى النور، إذاً ليس لداود فحسب، بل سيد الأنبياء ولا فخر.
2.أن عيسى اعترف أنه لم يكن سيد داود، فلم يبق سوى محمد صلى الله عليه وسلم سيداً لداود.
3.بمقارنة ما قدمه محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية مع ما قدمه كافة الأنبياء، نخرج بنتيجة تفرض نفسها وهي أن محمد صلى الله عليه وسلم وحده هو الذي يستحق هذا اللقب المميز.
4.تفوقه صلى الله عليه وسلم في التنديد بالشرك والوثنية وبالثالوث النصراني.
5.أن هذا التشريف قد تم ليلة المعراج.
البشاره الثالثه عشر:
(3/199)
قول داود عليه السلام في المزمور التاسع والأربعين بعد المائة: (من أجل أن الرب أتاح لشعبه وتطول على المساكين بالخلاص، فليتعزز الأبرار بالكرامة، ويسبحونه على مضاجعهم، ويكرمون الله بحناجرهم، لأن في أيديهم السيف ذا الشفرتين للانتقام من الشعوب وتوبيخ الأمم، وإثقال ملوكهم بالقيود، وعليّتهم ومكرّميهم بالسلاسل، ليحملهم على القَدَر المكتوب المبرم، فالحمد لجميع أبراره) ألم تحقق هذه النبوة في محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه؟ ألم يقل الحق عنهم: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم) أما قوله: ويكرمون الله بحناجرهم. فهذا من أخص خصائص هذه الأمة، وهو الأذان والإقامة والتكبير والتسبيح والذكر. وقال المهتدي الطبري معلقاً على هذه البشارة: (أما ترون – يهديكم الله – هذه الصفات خالصة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته ؟ فهو الذي معه السيف ذو الشفرتين، وهو المنتقم بأمته من جبابرة فارس وطغاة الروم وغيرهم، وهو الذي قيّدت أمته الملوك، وساقت جلّتهم وأولادهم في السلاسل والأغلال).
البشاره الرابعه عشر: قول داود عليه السلام: (لترتاح البوادي وقراها، ولتصر أرض قيدار مروجاً، وليسبح سكان الكهوف، ويهتفوا من قلل الجبال بحمد الرب، ويذيعوا تسابيحه في الجزائر، لأن الرب يجئ كالجبار، كالرجل المجرب المتلظي للتكبر، فهو يزجر ويتجبر، ويقتل أعداءه) قال المهتدي الطبري: (من قيدار؟ إلا ولد إسماعيل عليه السلام، وهم سكان الكهوف الذي يحمدون الرب ويذيعون تسابيحه في الهواجر والأسحار) ولم يختص أبناء إسماعيل بسكنى الكهوف، وإنما ذكر في هذه البشارة سكان البوادي والقرى والكهوف وقلل الجبال والجزائر إشارة إلى شمول رسالته صلى الله عليه وسلم كافة أرجاء المعمورة، ولجميع الأماكن الممكنة لسكنى البشر كالبوادي والقرى والكهوف والجزائر وقلل الجبال، وليس وراء هذه الأماكن ما ينفع لإقامة البشر فيها واتخاذها مسكناً
(3/200)
البشاره الخامسه عشر:قول داود عليه السلام: (طوبى لكم يا بني إسماعيل سيبعث منكم نبي تكون يده عالية على كل الأمم، وكل الأمم تحت يده) وعلق الإسكندراني على هذه البشارة بقوله: (ومن المعلوم أن إسماعيل عليه السلام لم يكن ظهر له ملك، ولا علت يده على إخوته، ولا نزل إلى الشام ولا سكن، ولم يكن ذلك إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأمته هم الذين سكنوا بمساكن بني إسرائيل بمصر والشام) وهذه البشارة مماثلة للبشارة الأولى في سفر كذلك ايضا قول داوود قول داود في المزمور: (عظموا الله يا كل الأمم، ووحدوا الله يا أهل الأرض، سيبعث لكم نبي الرحمة) فهل بعد هذا التصريح من تصريح؟ ومن غير محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة ؟ .
البشاره السادسه عشر:بشارات اشعياء
قول إشعياء في الإصحاح الأول: (اسمعي يا سموات، وقرّي يا أرض، ولماذا تقلقي؟ سيبعث عليك نبي به ترحمي) وهذه النبوة توافق النبوة الماضية في مزامير داود عليه السلام التي قال فيها: سيبعث لكم نبي الرحمة.
وايضا قول إشعياء في الفصل الثالث: (إني رافع آية للأمم، من بلد بعيد، وأصفر لهم من أقاصي الأرض صفيراً، فيأتون سراعاً عجالاً، ولا يميلون ولا يتعثرون ولا ينعسون ولا ينامون ولا يحلون مناطقهم، ولا ينقطع معقد خفافهم، سهامهم مسنونة، وقسيهم موترة، وحوافر خيلهم كالجلاميد صلابة، وعجلهم مسرعة مثل الزوابع، وزئيرهم كنهيم الليوث، وكشبل الأسد الذي يزأر وينهم للفريسة، فلا ينجو منهم ناج، ويرهقهم يومئذ مثل دوي البحر واصطكاكه، ويرمون بأبصارهم إلى الأرض فلا يرون إلا النكبات والظلمات، وينكشف النور عن عجاج جموعهم) وقد استنبط المهتدي الشيخ زيادة من هذا النص الدلالات التالية:
1.هذه البشارة منطبقة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من كل وجه، بدليل قوله رابع آية للأمم. ومحمد صلى الله عليه وسلم هو العلامة المرفوعة لسائر الأمم.
(3/201)
2.أن قوله: من بلد بعيد، إشارة إلى أن هذه العلامة ترفع للأمم من خارج أرض بني إسرائيل، ويتضح ذلك من قوله بعده: من أقاصي الأرض. فكأنه قال: إن أقصى أرض إسرائيل هي الأرض التي يخرج منها ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
3.نفى التعب والإعياء والنوم عن جيوشه، وإثبات السرعة، برهان ظاهر على أن المراد بهذه النبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن الملائكة كانت تشارك في جيوشه، وهم الذين لا ينامون ولا يسأمون.. كما أن نفي النوم عنه يدل أيضا على نبينا، لأنه كان يقضي الليل في العبادة والذكر والصلاة، حتى تورمت قدماه.
4.الشهادة لحوافر خيله بأنها مثل الصوان، مطابق لوصف الله لها في القرآن بقوله: (والعاديات ضبحا، فالموريات قدحا) ولا يمكن أن تنطبق هذه البشارة على عيسى عليه السلام، لأنه لم يكن له خيل.
ولعل المراد من قوله: وأصفر لهم من أقاصي الأرض فيأتون سراعاً عجالاً. هو النداء بالحج إلى بيت الله الحرام الوارد في قوله تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق). وعبر بالصفير عن النداء والأذان.
كذلك ايضا قول إشعياء في الفصل الخامس مفسراً ما تقدم من نبواته: (إن الأمة التي كانت في الظلمات رأت نوراً باهراً، والذين كانوا في الدجى وتحت ظلال الموت سطع عليهم الضوء، أكثرت من التبع والأحزاب، ولم تستكثر بهم، فأما هم فإنهم فرحوا بين يديك كمن يفرح يوم الحصاد، وكالذين يفرحون عند اقتسام الغنائم، لأنك فككت النير الذي كان أذلهم، والعصا التي كانت على أكتافهم، وكسرت القضيب الذي كان يستبعد بهم مثل كسرك من كسرت في يوم مدين وقال الطبري: (وذلك شبيه بما وصف الله تعالى عن النبي في القرآن وقال إنه يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم).
(3/202)
وهذا النص يصور حال أمته قبل بعثته، فقد كانت ترتع في ظلمات الجهل والشرك، ثم أضاء لها نور الوحدانية فاتبعته، وبعد أن كانت أمة مستضعفة، كثر أتباعها، وفرحوا بانضمامهم إليها، وبسبب هذه الرسالة رفع الله عنهم استبعاد الأمم لهم، وانقلبت حالهم فإذا هم المسيطرون على بني البشر وكذلك قول إشعياء في الفصل الخامس: (إنه ولد لنا مولود، ووهب لنا ابن سلطانه على كتفه) هذا النص عن الترجمة السريانية، أما ترجمته عن اللغة العبرية فهو: (إن على كتفه علامة النبوةوقد أورد المهتدي الشيخ زيادة هذه البشارة بالنص العبري ثم ترجمها إلى اللغة العربية، وكانت بصورة أطول مما ذكره الطبري هنا، واستنتج منها الأدلة التالية الدالة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهي:أن اسمه عجيب، فلم يتسم أحد بهذا الاسم الشريف من قبلأنه من سلالة إسماعيل الذي لم يظهر منهم سواه.
1.أن لفظه "عجيباً" التي تضمنتها البشارة قد وجدت في التوراة اليونانية "رسولاً" وهو الاسم المتغلب عليه صلى الله عليه وسلم.
2.هذه النبوة تضمنت أن إشعياء سماه "مشاوراً"، ولم يكن أحد أكثر منه مشاورة لأصحابه صلى الله عليه وسلم.
3.أن إشعياء قال عنه: "سيد سلام"، وهذا يدل على أنه رئيس الإسلام والمسلمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين. ولا تنطبق هذه الأوصاف على عيسى عليه السلام، لأنه لا توجد على كتفه علامة النبوة، ولم يكن اسمه عجيباً فقد سبقه من تسمى بمثل اسمه، ولم يأت بشريعة مستقلة.والمقصود بهذه البشارة الإشارة إلى خاتم النبوة الذي كان على كتفه الشريف، وقد استفاضت كتب السنة والسيرة والدلائل بذكر خبره وصفته، وكذلك القصص والحوادث المتعلقة به كقصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه، وقصة بحيرا الراهب.
(3/203)
وكذلك قول اشعياء قول إشعياء في الفصل العاشر: (هكذا يقول الرب إنك تأتي من جهة التيمن، من بلد بعيد، ومن أرض البادية مسرعاً، مقداً مثل الزعازع من الرياح، ورأينا منظراً رائعاً هائلاً ظالماً يظلم، ومنتهياً ينتهب ... ولتقم السادة والقادة إلى أترستهم، فيدهنوها لأن الرب قال لي: هكذا أمض فأقم الربيئة على المنظرة، ليخبر بما يرى، فكان الذي رأى راكبين: أحدهما راكب حمار، والآخر راكب جمل.. فبينما أنا كذلك إذ أقبل أحد الراكبين وهو يقول: هوت بابل وتكسرت جميع آلهتها المنجورة على الأرض، فهذا الذي سمعت من الرب إله إسرائيل العزيز قد أنبأتكم). ويستنتج من هذا النص الدلالات التالية المؤكدة على أن المعنى بهذه البشارة هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
1.أن إشعياء قال: ستأتي من جهة التيمن، من بلد بعيد، من أرض البادية، لئلا يدع حجة لمحتج، لأنه لم يأت أحد بهذه النوبة من أرض التيمن الواقعة في البادية البعيدة عن أرض إسرائيل سوى محمد صلى الله عليه وسلم.
2.أنه قال: (هوت بابل وانكسرت جميع آلهتها). ولم تزل الأوثان تعبد في بابل حتى ظهر محمد صلى الله عليه وسلم ، فأطفأ نيرانهم، وهدم أوثانهم، واذعنوا لدين الله طوعاً أو كرهاً.
3.إذا كان راكب الحمار ينطبق على المسيح، فليس في الدنيا راكب جمل أولى بهذه النبوة من محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أورد المهتدي الإسكندراني النص العبري المتعلق براكب الحمار وراكب الجمل، ثم اتبعه بالترجمة العربية وجاء فيه: (فرأى ركب رديف خيل، ركب رديف حمار، ركب رديف جمل) وقال: هذه حال جيوشه صلى الله عليه وسلم ، خلاف عساكر الملوك، لأن الملوك لا تركب جيوشها مراديف، ولا يركبون الحمير والجمال.أما قوله: (ظالماً بظلم، ومنتهبا ينتهب). فقصد به الإمبراطورية الفارسية والرومانية
(3/204)
وكذلك قول إشعياء في الفصل العشرين: (يا آل إبراهيم خليلي الذي قويتك، ودعوتك من أقاصي الأرض، ومن نجودها وعواليها، ناديتك وقلت لك: إنك عبدي وأنا اجتبيتك، ولم أستر ذلك، فلا تخف، لأني معك، ولا ترهب فها أنا إلهك أيدتك ثم أعنتك، وبيميني العزيزة البرة مهدت لك، ولذلك يبهت ويخزي المستطيلون عليك، ويضمحل ويتلاشى الذين يمارونك ويشاقونك، ويبيد القوم المنازعون لك، وتطلبهم فلا تحس منم أثراً، لأنهم يبطلون، ويصيرون كالنسئ المنسي أمامك لأني أنا الرب قويت يمينك، وقلت لك لا تخف، فإني أنا عونك ومخلصك، هو قدوس إسرائيلل، يقول الله الرب: (أنا جاعلك مثل الجرجر الحديد الذي يدق ما يأتي عليه دقاً، ويسحقه سحقاً، وكذلك تفعل أنت أيضاً، تدوس الجبال، وتدقها، وتجعل المدائن والتلال هشيماً تذروه العواصف، وتلوى به هوج الرياح، وتبتهج أنت حينئذ، وترتاح بالرب، وتكون محمداً بقدوس إسرائيل). وقد استبدل أول هذا النص بـ (وأما أنت يا إسرائيل عبدي، يا يعقوب الذي اخترته من نسل إبراهيم). كما استبدل آخره بـ (وأنت لتبتهج بالرب بقدوس إسرائيل تفتخر).
وقد تقدم في البشارات السابقة أن أرض الحجاز واقعة في أقاصي أرض إسرائيل، أما قوله: (فلا تخف لأني معك، ولا ترهب فها أنا إلهك أيدتك ثم أعنتك). فهو متفق مع قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس). أما قوله: (يبهت ويخزي المستطيلون عليك). فهو متفق مع قوله تعالى: (إنا كفيناك المستهزئين) وقوله: (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) كما أنه متفق مع حال المناوئين له والمخالفين لأمره ممن كانوا أمما أو أفراداً. ومعنى قوله: (تدوس الجبال وتدقها) .. فقد سبق تأويل الجبال بالملوك والجبابرة، وقد سحقوا أمام جيوشه وجيوش أصحابه، وأصبحوا هشيماً تذروه الرياح.
(3/205)
وقال المهتدي الطبري: (وإن شغب شاغب فأكثر ما يمكنه أن يقول: إن تفسير اللفظة السريانية هو: أن يكون محموداً وليس بمحمد. ومن عرف اللغة وفهم نحوها لم يخالفنا في أن معنى محمود ومحمد شيء واحد.
(3/206)
وكذلك قول اشعياء في الفصل الثالث والعشرين متحدثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اسمعي أيتها الجزائر، وتفهمي يا أيتها الأمم، إن الرب أهاب بي من بعيد، وذكر اسمي وأنا في الرحم، جعل لساني كالسيف الصارم وأنا في البطن، وأحاطني بظل يمينه، وجعلني في كنانته كالسهم المختار وخزنتي لسره، وقال لي: إنك عبدي. فصرفي وعدلي قدام الرب حقا، وأعمالي بني يدي إلهي، وصرت محمداً عند الرب، وبإلهي حولي وقوتي) قال المهتدي الطبري: فإن أنكر منكر اسم محمد في الباب. فليكن محموداً، فلن يجد إلى غير ذلك من الدعاوي سبيلاً وكذلك قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين مخاطباً مكة وهاجر: (أنا رسمتك على كفي فأسوارك أمامي في كل وقت، وسيأتيك ولدك سراعا، ويخرج عنك من أراد أن يتحيّفك ويخرّبك، فارفعي بصرك إلى ما فوقك، وانظري فإنهم يأتونك ويجتمعون عن آخرهم إليك يقول الله مقسماً باسمه: إني أنا الحي، لتلبسنهم مثل الحلة، ولتتزينين بالإكليل مثل العروس، ولتضيقن عنك قفارك وخراباتك، والأرض التي ألجئوك إليها، وضغطوك فيها من كثرة سكانها والراغبين فيها، وليهربن منك من كان يناويك ويهتضمك، وليقولن لك ولد عقمك: أيتها النزور الرقوب، إنه قد ضاقت بنا البلاد فتزحزحوا وانفرجوا فيها لتتسع في فيافيها، وستحدثين فتقولين: من رزقني هؤلاء كلهم، ومن تكفل لي بهم. وهذه البشارة لا تتطلب الشرح والتعليق لوضوحها، كما أنها لا تقبل أن تؤول على غير مكة أو هاجر، فمن الذي تكفل الله بحمايتها غير مكة؟ ومن الذي تكاثر عددها ونسلها، وضاقت عنهم أرضها، سوى هاجر ؟؟. وكذلك قول اشعياء في الفصل الرابع والعشرين: (من الذي أقبل من أدوم؟ وثيابه أشد حمرة من البسر، وأراه بهياً في حلله ولباسه، عزيزاً لكثرة خيله وأجناده، وإني أنا الناطق بالحق والمخلص للأقوام، وإن لدينا ليوم الفتنة نكلاً، ولقد اقتربت ساعة النجاة، وحانت ساعة تخليصي، لأني نظرت فلم أجد من يعينني، وتعجبت إذ ليس من(3/207)
ينيب إلى رأيي، فخلصني عند ذلك ذراعي، وثبت بالغضب قدمي، ودست الأمم برجزي، وأشقيت حدودهم بغيظي واحتدامي، ودفنت عزهم تحت الأرض). تورد هذه النبوة بعضاً من صفاته صلى الله عليه وسلم في هيبته وجلاله، وطرفاً من ذكر بهائه، وإشارة إلى كثرة خيله وأجناده، وأن بمقدمه تتخلص الأقوام من قيد العبودية لغير الله، وتقترب ساعة نجاتها، كما تضمنت هذه النبوة صفة البشرية قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ، وأنها لا تسمع لكلام الله، ولا تنصر المؤمنين به، فاستحقت بذلك غضب الله ومقته، فكانت بعثته صلى الله عليه وسلم عقاباً لأمم الكفر، إذ ناصبهم العداوة، وشهر السيف في وجوههم، وأرغمهم على الإذعان له، ودفن مجد الكافرين تحت الأرض.
(3/208)
وقد يقول قائل: إن هذه البشارة ذكرت أنه أقبل من أدوم. ومحمد صلى الله عليه وسلم كان في أرض الحجاز، فلا تنطبق عليه هذه النبوة. والجواب على ذلك: أن الصفات الواردة في بقية النبوة لا تنطبق إلا على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، أما قوله: أقبل من "أدوم" فمن المعلوم أن المتحدث في هذه البشارة هو أحد أنبياء بني إسرائيل المقيمين في أرضها، و"أدوم" إقليم يقع بين الحجاز وفلسطين، إذ القادم من الحجاز إلى فلسطين لا بد أن يعبر من خلال "أدوم"، ويجب أن لا نغفل أن المتحدث – وهو إشعياء – يتحدث عن أمر غيبي مستقبلي فلا يمكن إذاً أن يقول: من الذي أقبل من الحجاز. لأنه سيقال له: أين منا الحجاز ؟؟. ولكنه يتحدث عن هذا النبي القادم بيقين لا شك فيه، حتى لكأنه يراه في أطراف أرض إسرائيل فيقول لهم: من هذا الذي أقبل من أدوم؟؟ وهو علىيقين منه، لأنه ذكر صفاته، ولكنه طرح الخبر بصيغة التساؤل حتى تستشرف النفوس، وتهفو الأرواح للقائه. وكذلك قول اشعياء في الفصل الرابع والعشرين عن الله عز وجل أنه قال مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: (إني جعلت اسمك محمداً، فانظر من محالك ومساكنك يا محمد، يا قدوس، .. واسمك موجود منذ الأبد) فذكر اسمه مرتين في هذه النبوة، وهذه مماثلة لما ورد في نبوة داود عليه السلام عنه في المزامير من قول داود: (في جبله قدوس ومحمد). فليس وراء هذا مجل لمدعٍ أن يتمحل أو يجادل.
(3/209)
وقال الطبري: (إن القدوس في اللغة السريانية: الرجل البر الطاهر ... فإن غالط مغالط فقال: (يا محمد يا قدوس)، إنما يقع على المساكن التي ذكرها. فإن الكتاب السرياني يكذبه، لأنه لو أراد بذلك المساكن لقال: يا قدوسين ومحمدين. ولم يقل قدوساً ومحمداً. وكذلك قال اشعياء قول إشعياء في الفصل الثامن والعشرين: (إني أقمتك شاهداً للشعوب، ومدبراً وسلطاناً للأمم، لتدعو الأمم الذين لم تعرفهم، وتأتيك الأمم الذين لم يعرفوك هرولة وشداً، من أجل الرب إلهك قدوس إسرائيل الذي أحمدك، فاطلبوا ما عند الرب، فإذا عرفتموه فاستجيبوا له، وإذا قرب منكم فليرجع عن خطيئته، والفاجر عن سبيله، وليرجع إليّ لأرحمه، ولينب إلى إلهنا الذي عمّت رحمته وفضله) قال الطبري: (فقد سمي النبي صلى الله عليه وسلم باسمه، وقال: إن الله جعلك محمداً. فإن آثر المخالف أن يقول: ليس بمحمد، بل محمود وافقناه فيه، لأن معناهما واحد).أما قوله: (أقمتك شاهداً للشعوب). فهو مماثل لقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) وقوله عز وجل: (ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس). وقوله عز من قائل: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً).
أما قوله: سلطاناً للأمم. فيحتمل أن يكون المراد منه المعنى المتبادر للذهن وهو السيادة والقيادة، وقد تحققت له هذه على الأمم في حياته وحياة أصحابه. ويحتمل أن يكون المراد منه أنه سلطان بمعنى حجة على الأمم، لأن السلطان في لغة التنزيل تأتي بمعنى حجة.وأما قوله: (لتدعو الأمم الذين لم تعرفهم). فقد تحقق ذلك بإرساله صلى الله عليه وسلم الرسل والكتب إلى الملوك كهرقل وكسرى والمقوقس وغيرهم ممن لا يعرفهم كما هو مشهور في كتب السنة والسيرة.
(3/210)
وأما قوله: تأتيك الأمم الذين لم يعرفوك هرولة وشداً. فمصداق ذلك في انضواء الأمم التي لم تكن تعرفه من قبل، والتي لا تعد ولا تحصى تحت لوائه، والإذعان لأمره. كما أن هذه البشارة لا تنطبق على الأنبياء قبله، لأنهم دعوا أقوامهم وهم يعرفونهم، واستجابت لهم الأمم التي تعرفهم، أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد دعا من لم يعرفه، واستجاب له من لا يعرفه.
وبقية النص تتعلق بالرحمة والمغفرة والتوبة، وهي معان ظاهرة في شريعته، أظهر من الشمس في رائعة النهار، ولا يمكن أن تكون هذه البشارة دالة على اليهودية أو على النصرانية لما يأتي.أن اليهودية تعتقد أنها دين خاص ببني إسرائيل، وهذه البشارة قد تضمنت أنه يدعو الأمم ، وتأتيه الأمم، وهذا يناقض اعتقادها.أن هذا النص تضمن أن صاحب هذه الرسالة يبشر بالتوبة والمغفرة والرحمة، وهذا يخالف اعتقاد اليهود والنصارى: فاليهود تعتقد أن من حق الكاهن المغفرة ومحو الخطايا كما أن النصرانية تعتقد أن البشرية كانت مثقلة بالخطيئة الموروثة التي رفعت عنهم بعد صلب المسيح – كما زعموا – ثم غفلت النصرانية عن كونها محت الخطيئة الموروثة فمنحت رجال الدين حق مغفرة الخطايا.المسيحية ديانة خاصة ببني إسرائيل، لأن المسيح عليه السلام أرسل إلى بني إسرائيل حيث يقول لتلاميذه: (إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة).
(3/211)
قول إشعياء مخاطباً هاجر عليها السلام وبلادها وهي مكة: (قومي وأزهري مصباحك فقد دنا وقتك، وكرامة الله طالعة عليك، فقد تخللت الأرض الظلام، وغطي على الأمم الضباب، فالرب يشرق عليك إشراقاً، وتظهر كرامته عليك، وتسير الأمم إلى نورك، والملوك إلى ضوء طلوعك، ارفعي بصرك إلى ما حولك وتأملي، فإنهم سيجتمعون كلهم إليك ويحجونك، ويأتيك ولدك من بلد بعيد، وتحج إليك عساكر الأمم حتى تعمرك الإبل المربلة، وتضيق أرضك عن القطرات التي تجتمع إليك، ويساق إليك كباش مدين وكباش أعفا، وتأتيك أهل سبأ ويتحدثون بنعم الله ويمجدونه، وتسير إليك أغنام قيدار كلها، وتخدمك رخلات نبايوت، ويرفع إلى مذبحي ما يرضيني، وأحدث حينئذ لبيت محمدتي حمداً). فذكر هاجر وذكر البلد، وصرح بالحج وما يصاحبه من توافد الأمم، وسوق الهدي، كما صرح بأسماء بعض هذه الأمم الوافدة إلى الحج كأهل سبأ ومدين وغيرهما. أما قوله: (قيدار ونبايوت). فقال الطبري: هما من أولاد إسماعيل عليه السلام, وكذلك قال قال إشعياء في الإصحاح الثاني والأربعين: (إن عبدي المجتبى عندي، ابن حبيبي اخترته وأرسلته إلى الأمم بأحكام صادقة).
وقد أورد المهتدي الترجمان وغيره هذا النص بصورة أطول، واشتمل على صفات هي ألصق بمحمد صلى الله عليه وسلم من غيره وهو قوله: (إن الرب سبحانه وتعالى سيبعث في آخر الزمان عبده الذي اصطفاه لنفسه، ويبعث له الروح الأمين، يعلمه دينه، ويعلم الناس ما علمه الروح الأمين، ويحكم بين الناس بالحق، ويمشي بينهم بالعدل، وما يقول للناس هو نور يخرجهم من الظلمات التي كانوا فيها، وعليها رقود، وقد عرّفتكم ما عرفني الرب سبحانه قبل أن يكون). فمحمد صلى الله عليه وسلم هو المبعوث في آخر الزمان، وهو الذي نزل عليه الروح الأمين، وهو الذي حكم بين الناس بالعدل وأخرجهم من الظلمات إلى النور
البشاره السابعه عشر:بشارات ارميا
(3/212)
يقول ارميا في دعوه ارميا (من قبل أن أصورك في الرحم عرفتك، ومن قبل أن تخرج من البطن قدستك، وجعلتك نبياً للأمم، لأنك بكل ما آمرك تصدع، وإلى كل من أرسلك تتوجه، فأنا معك لخلاصك، يقول الرب: وأفرغت كلامي في فمك إفراغاً، فتأمل وانظر، فقد سلطتك اليوم على الأمم والمملكات، لتنسف وتهدم وتتبر وتسحق، وتغرس من رأيت) قال المهتدي الطبري عن هذه البشارة: (هي شبيهة بنبوات إشعياء وغيره) وهو يقصد قول إشعياء: (إن الرب أهاب بي من بعيد، وذكر اسمي وأنا في الرحم، وجعل لساني كالسيف الصارم) ويتفق أول هذه البشارة مع قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بالحق مصدقاً لما معهم بدليل قوله تعالى عنه: (بل جاء بالحق وصدّق المرسلين) وقوله تعالى: (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه).
(3/213)
أما قول إرميا: (لأنك بكل ما أمرك تصدع). فيصدقه قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين). ويشهد لقوله: (وأفرغت كلامي في فمك). قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى). وبقية النص متوافق مع البشارات التي تحدثت عن جهاده صلى الله عليه وسلم. كذلك يقول ارميا في الفصل التاسع عشر مخبراً عن الله عز وجل أنه قال: (إني جاعل بعد تلك الأيام شريعتي في أفواههم، وأكتبها في قلوبهم، فأكون لهم إلها، ويكونون لي شعبا، ولا يحتاج الرجل أن يعلم أخاه وقريبه الدين والملة، ولا إلى أن يقول له أعرف الرب، لأن جميعهم يعرفونه صغارهم وكبارهم، وأنا أغفر لذلك ذنوبهم، ولا أذكرهم بخطاياهم). قال المهتدي الطبري معلقاً على هذه النبوة: (وقد صدق وعد الله، وازدرع حبه في قلوب هذه الأمة صغارها وكبارها، وأنطق ألسنتهم بشرائعه وتحاميده، وكل عارف بالله مؤمن به). واقرأ قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)، وقوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). وقوله عز من قائل (والذين آمنوا أشد حبا لله)، وقوله عز وجل: (يحبهم ويحبونه) وتأمل ما وصف الله به هذه الأمة في هذه النصوص من صفات خيّرة مباركة، فستجد أنها مماثلة لما وصفها الله به على لسان إرميا.
بشارات هوشاع:
وايضا: قول هوشاع: (قال الرب: إني أنا الرب الإله الذي رعيتك في البدو، وفي أرض خراب قفر غير مأهول، ليس بها أنيس). قال المهتدي الطبري: فلسنا نعرف أحداً رعاه الله في البدو، وفي أرض قفر غير النبي صلى الله عليه وسلم وايضا قال هوشاع يصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم: (إنها أمة عزيزة لم يكن مثلها قط ولا يكون، وإن النار تحرق أمامها، وتتوقد خلفها الضرائر). ولم تنل أمة من العز والمنعة والسلطان في فترة طويلة وعلى رقعة واسعة كما نالت الأمة الإسلامية
البشاره الثامنه عشر حبقوق:
(3/214)
قال حبقوق: (إن الله جاء من التيمن، والقدوس من جبل فاران. لقد انكسفت السماء من بهاء محمد، وامتلأت الأرض من حمده، ويكون شعاع منظره مثل النور، يحوط بلده بعزه، وتسير المنايا أمامه، وتصحب الطير أجناده. قام فمسح الأرض، ثم تأمل الأمم وبحث عنها، فتضعضعت الجبال القديمة، واتضعت الروابي الدهرية، وتزعزعت ستور أهل مدين، ولقد حاز المساعي القديمة، وغضب الرب على الأنهار. فرجزك في الأنهار، واحتدام صولتك في البحار، ركبت الخيول، وعلوت مراكب الإنقاذ والغوث، وستترع في قسيك إغراقاً وترعاً، وترتوي السهم بأمرك يا محمد ارتواءً، وتحرث الأرض بالأنهار. ولقد رأتك الجبال فارتاعت، وانحرف عنك شئويوب السيل، ونعرت المهاوي نعيراً ورعياً، ورفعت أيديها وجلاً وخوفاً، وتوقفت الشمس والقمر عن مجراهما، وسارت العساكر في بريق سهامك ولمعان نيازكك، تدوخ الأرض غضباً، وتدوس الأمم رجزاً، لأنك ظهرت لخلاص أمتك، وإنقاذ شريعة آبائك). هذا النص أورده المهتدي الطبري بهذه الصيغة، وورد لدى كل من الشيخ زيادة، والترجمان، وإبراهيم خليل أحمد: بصور مختلفة طولاً وقصراً، مع اختلاف يسير في العبارات، واتفاقهم على محتوى السطر الأول. واتفق أيضاً كل من الترجمان والشيخ زيادة وإبراهيم خليل على أن المراد بجبال فاران هي جبال مكة. وأشار الطبري والشيخ زيادة إلى أن هذه النبوة موافقة لنبوة موسى عليه السلام الواردة في سفر التثنية وهي قوله: (جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، وتلألأ من جبال فاران). كما أشار الشيخ زيادة إلى أن هذه النبوة موافقة لنبوة أشعياء التي ذكر فيها أن حوافر خيله مثل الصوان الذي ينبعث منه الشرر. وقد سبق الحديث عنهما. وأكد المهتدي الطبري والشيخ زيادة على أن هذا الوصف الوارد في هذه النبوة عن الخيل والسهام والسيوف، إنما ينطبق على جيوش محمد صلى الله عليه وسلم وقال المهتدي الطبري بعد أن أورد تطابق هذه النبوة مع حالة صلى الله عليه وسلم.(3/215)
(فإن لم يكن هو الذي وصفتا – أي محمد صلى الله عليه وسلم – فمن إذاً ؟ لعلهم بنو إسرائيل المأسورون المسببون، أو النصارى الخاضعون المستسلمون. وكيف يكون ذلك وقد سمي فيها النبي مرتين ووصف عساكره وحروبه ...).
وإن الاستفاضة في تأمل هذه النبوة ، واستخراج ما أشارت إليه، وبسطه، لتعجز عنه هذه الصفحات ، لأنه يستغرق كتاباً، وليس المجال هنا مجال البسط والتوسع، وإنما هو الاستدلال والإشارة فقط. ولكن استوقفتني بعض العبارات التي اشتمل عليها هذا النص، ولم أر هؤلاء الذين مر ذكرهم تعرضوا لها، فأردت أن أقف عندها وقفة يسيرة تكشف ما في النفس، ولا تطيل البحث. وأول هذه العبارات هي قوله: (قام فمسح الأرض). وهذه العبارة تحاكي قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ...) أما الثانية فهي قوله: (لأنك ظهرت لخلاص أمتك، وإنقاذ تراث آبائك). فمن أباؤه؟ إنهم إبراهيم وإسماعيل، وما هو إرثهم ؟ هل هو الملك أم الأموال أم ماذا ؟؟ إنه التوحيد والرسالة قال تعالى (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) وقال تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين آمنوا معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله).
البشارات من ما يعرف بالاناجيل:
معروف وثابت ان الملسمين يومنون بعيسي بن مريم رسول الله وكلمته وان الله اعطاه الانجيل لكن نحن نقول ان هذا الانجيل قد فقط ولم يعد له وجود وان ما يعرف اليوم بالاناحيل هي كتب تاريخ كتبها ان كان لنا ان نقول بعض من التابعين من النصاري يذكرون فيها بعض من اخبار المسيح وكلامه. وفي عجل ايضا ننظر اليها فنجد بحول الله:
(3/216)
" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ " قال متى في الإصحاح الخامس مخبراً عن المسيح أنه قال: (الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض، ولا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل) قال المهتدي الهاشمي موضحاً هذه البشارة: (الكل هنا – كما سبقت إليه الإشارة هو القرآن الكريم الذي فيه نبأ السلف، وأخبار الخلف، فيه قصص من سبق من الأنبياء وابتلاؤهم على أيدي أقوامهم، فيه هدى للمتقين، ووعيد للكافرين، وتنظيم للحياتين الدنيا والآخرة، روح من رب العالمين نزل على قلب بشر لم يؤت من قبل فنون الكلام).
وفي هذا النص إشارة إلى وجوب العمل بالتوراة والإنجيل إلى غاية محدودة وهي مجيء الكل، فإذا جاء الكل – وهو القرآن الكريم – بطل العمل بها، وحان نسخهما، وأذن الله بزوالهما. والمراد بالزوال هنا زوال الحكم لا زوال الوجود.
ولعل مقصود عيسى عليه السلام من قوله "الأصغر" أي الأصغر سنا. هذا على فرض صحة نسبة هذا النص إلى عيسى عليه السلام
كذلك روى متى في الإصحاح السابع عشر ذلك الحوار الذي دار بين المسيح عليه السلام وتلامذته وهو: (قولهم: لماذا يقول الكتبة: إن إيلياء ينبغي أن يأتي أولا؟. فأجاب وقال لهم: إن إيلياء يأتي أولا، ويرد كل شيء) وأردف المهتدي النجار هذه البشارة بقوله: (ونجد المحرفين يشيرون بأن هذا الكلام على يوحنا – أي سيدي يحيى – مع أن سيدنا يحيى ليس له شرع ولا كتاب).
(3/217)
وايضا قال متى في الإصحاح العشرين مخبراً عن المسيح أنه قال: (أما قرأتم قط في الكتب: أن الحجر الذي رذله البناؤون، هذا صار رأساً للزاوية، من قبل الرب كانت هذه، وهي عجيبة في أعيننا، من أجل هذا أقول لكم: إن ملكوت الله تنزع منكم، وتعطي لآخرين، لأمة يصنعون ثمرتها، ومن سقط على هذا الحجر يترضض، ومن يسقط عليه يطحنه).
أجدني مضطراً أمام هذه البشارة إلى تقسيم الكلام عنها إلى قسمين حسب ما ورد عن هؤلاء المهتدين:
القسم الأول: يختص بالكلام عن الحجر الذي رفضه البناؤون، وهذا الحجر المشار إليه هو محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو الحجر المتمم للبناء الذي ابتدأه الأنبياء من آدم حتى المسيح، وبين المسيح عليه السلام ما خص به محمد صلى الله عليه وسلم ، من النصر والتأييد بقوله: (ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن يسقط عليه يطحنه). وإلى هذا ذهب كل من المهتدي الشيخ زيادة والنجار والهاشمي. بينما يرى المهتدي إبراهيم خليل: أن الحجر المشار إليه هو إسماعيل عليه السلام الذي رفضه قومه. ولكن الذي رفضه قومه، ورفضه اليهود والنصارى هو محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله: (من قبل الرب): أي مرسل من قبل الله حقاً وصدقا.
قوله: (عجيب في أعيننا). هذا القول يطابق قول إشعياء: إن اسمه عجيب. أو أن تكون بمعنى عجيب، لأنه كريم في طبعه عربي غريب من غير بني إسرائيل.
وإن قيل إن المسيح عني نفسه بهذا المثل فيقال:
أنه قال: (في أعيننا) ولم يقل في أعينكم.
أن خاتمة البشارة وهي قوله: (من سقط على هذا الحجر يترضض). تفيد جليا أن هذه العبارة واردة في حق شخص آخر غير المسيح عليه السلام، لأن عيسى عليه السلام لم يرض غيره، ولم يسحق من سقط عليه.
لا يجوز عند علماء اللغة أن يعود اسم الإشارة على المتكلم وهو عيسى، إذاً فلابد أن يعود على شخص أشار إليه عيسى وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
(3/218)
وفي هذه البشارة تماثل قوله صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين).
وهذا القول منه صلى الله عليه وسلم معجزة وأي معجزة، فمن أخبره صلى الله عليه وسلم بوصفهم له بأنه حجر الزاوية ؟ وهو الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، ولم يتتلمذ على يد معلم أو راهب!! ولكنه الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والحق الذي لا يختلف في كل عصر ومصر، فلا عجب أن تماثلت أقوالهم، واتفقت أمثالهم، أليس الجميع يخرج من مشكاة واحدة ؟؟!!.
القسم الثاني: يختص بالكلام عن نزع ملكوت الله من بني إسرائيل، ووضعه في أمة أخرى:
والحديث عن ملكوت الله يتطلب الحديث عن حقيقته، وصفات أتباعه، وملكوت الله في تفسير الكنائس، وبيان أن النصرانية ليست ضمن ملكوت الله، وأن الملكوت نزع من بني إسرائيل وأعطي لأمة أخرى، وهذه الأمة هي الأمة الإسلامية
ولما ابتدأ يوحنا يعمد الناس في نهر الأردن، وكان ذلك في زمن المسيح عليه السلام، تصدى له اليهود – المكتوب عندهم في التوراة أن المسيح آت وسيأتي بعده نبي – وسألوه سؤالا كما جاء في الإصحاح الأول: (هل أنت المسيح ؟ هل أنت إيلياء ؟، هل أنت النبي؟ وعندما أجابهم بالنفي قالوا إذا لم تكن المسيح ولا إيلياء ولا ذلك النبي المنتظر، إذاً فلماذا تعمد ؟؟) قال المهتدي الهاشمي بعد هذه البشارة: (من سؤال اليهود ليوحنا نستطيع أن نستنتج أن هناك نبياً بشرت به كتبهم، حيث أن السؤال كان في عهد السيد المسيح، وأن إيلياء كان نبيا من أنبياء بني إسرائيل جاء بعد موسى وقبل المسيح). ويطرح المهتدي عبد الأحد داود عدة تساؤلات ملزمة حول هذا النص وهي:
(3/219)
من يعني أولئك الأحبار اليهود واللاويون بقولهم: ذلك النبي؟ وإذا كنتم تدعون معرفتكم مقصد رجال الدين العبرانيين، فهل يعرف باباواتكم وبطارقتكم من هو ذلك النبي؟ وإذا كانوا لا يعرفون فما الفائدة الدنيوية من هذه الأناجيل المشكوك في صحتها؟ وإذا كان الأمر على العكس، وكنتم تعرفون من هو ذلك النبي فلماذا تبقون صامتين ؟؟!.
ويستنتج المهتدي الشيخ زيادة من هذه البشارة: أن اليهود منذ زمن موسى إلى زمن مجيء المسيح عليهما السلام كان يتداول بينهم – نقلا عن آبائهم وأجدادهم – أن الله يرسل نبيا. وهم بانتظار ثلاثة أفراد عظام هم: إيلياء والمسيح والنبي فحيث جاء إيلياء والمسيح لم يبق إلا "النبي" الذي ينتظرونه، وقد ورد في هذا النص بعد المسيح فتعين أن هذا النبي هو محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه قد جاء بعد المسيح عليهما الصلاة والسلام.
وهذه البشارة تفند ادعاء اليهود أن بشارة موسى عن نبي يقيمه الله لهم. دالة على يوشع بن نون، لأنه لو كان المقصود لما ظل اليهود إلى زمن المسيح يسألونه عن ذلك النبي. وتفند – أيضاً – ادعاء النصارى بأن بشارة موسى السابقة مقولة على المسيح عليهما السلام، لأن علماء اليهود قالوا ليوحنا: (إن كنت لست المسيح ولا إيلياء ولا النبي وهذا يدل على أن هذا النبي غير المسيح عليه السلام.
(3/220)
قال يوحنا في الفصل الخامس عشر من إنجيله إن المسيح عليه السلام قال: (إن الفارقليط الذي يرسله أبي باسمي يعلمكم كل شيء) وقال – أيضا – في الفصل السادس عشر: (إن الفارقليط لن يجيئكم مالم أذهب، فإذا جاء وبخ العالم على الخطيئة، ولا يقول من تلقاء نفسه شيئاً، لكنه يسوسكم بالحق كله، ويخبركم بالحوادث والغيوب) وقال – أيضا – : (إني سائل أبي أن يرسل إليكم فارقليطاً آخر يكون معكم إلى الأبد) ويرى المهتدي عبد الأحد داود أن النص الأخير لا يتضح المعنى المراد منه إلا بإعادة الكلمات المسروقة أو المحرفة فتكون الصيغة الصحيحة كالتالي: (وسوف أذهب إلى الأب، وسيرسل لكم رسولاً سيكون اسمه "البرقليطوس"، لكي يبقى معكم إلى الأبد) والكلمات التي أضافها هي ما تحتها خط.
هذه البشارة تكاد أن تكون محل إجماع من هؤلاء المهتدين، وسيكون الحديث عنها من جانبين:
1. الجانب الأول: بشارة المسيح عليه السلام بخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال النقاط التالية:
2. أن هذا النبي الذي بشر به المسيح عليه السلام علّم الناس مالم يعلموه من قبل، ولم يكن في تلاميذ المسيح ومن بعدهم من علّم الناس شيئاً غير الذي كان علمهم المسيح.
3. تضمن النص أن هذا الشخص المبشر به لا يتكلم من تلقاء نفسه، وأنه يخبر بالحوادث والغيوب، ولقد كان محمد صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وقد تواتر عنه إخباره بالحوادث المقبلة والغيوب التي تحققت في حياته وبعد مماته. وتتفق هذه البشارة مع بشارة موسى عن هذا النبي المنتظر عندما أخبر أن الله قال: (وأجعل كلامي في فيه). وقد سبق الحديث عن هذه البشارة ضمن بشارات العهد القديم.
(3/221)
4. أن هذا النبي المنتظر بكت العالم على الخطيئة، ولا خطيئة أعظم من الشرك، ولم يقتصر عمل محمد صلى الله عليه وسلم على اقتلاع الشرك من جزيرة العرب، وبعث رسله وكتبه إلى ما جاوره من الدول والإمبراطوريات يدعوهم إلى عبادة الله وحده، بل لما لم تقبل دعوته استل سيفه مؤذنا بإعلان الحرب على الشرك مهما كان موقعه.
5. أن الشخص المبشر به يؤنب العالم. ولقد اعتقد اليهود أنهم صلبوا المسيح عليه السلام وقتلوه. واعتقد النصارى أن المسيح قد صلب وأنه الله أو ابن الله. ولم يزل العالم يعتقد هذا الاعتقاد حتى جاء محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وجلّى كل الحقيقة عن المسيح من أنه عبد الله ورسوله، وأنه لم يصلب ولم يقتل، بل رفع إلى السماء.
6. في هذا النص صرح المسيح عليه السلام أن الشخص المبشر به هو "روح الحقيقة" ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي أظهر كل الحقيقة عن الله وعن وحدانيته ورسله وكتبه ودينه، وصحح كثيراً من الافتراءات والأكاذيب التي كانت مدونة ومعتقداً بها، فهو الذي وبخ النصارى على اعتقادهم في الثالوث، وادعائهم أن المسيح هو ابن الله، وكشف مفتريات اليهود والنصارى ضد أنبياء الله ورسله، وطهر ساحتهم من الدنس والعيب الذي ألحقه بهم اليهود.
7. ذكر المهتدي الترجمان في سبب إسلامه أن أحبار النصارى كان لهم مجلس يجتمعون فيه، ويتذاكرون فيه أنماطاً من المسائل، فاختلفوا يوماً حول النبي الذي يأتي بعد المسيح والمسمى في الإنجيل "البارقليط" وانفض المجلس في ذلك اليوم ولم يصلوا إلى حقيقة هذا اللفظ، وقد تخلف عنهم في ذلك اليوم أكبر علمائهم، فلما رجع الترجمان إليه أخبره الخبر، وطلب الترجمان من هذا العالم أن يبين له الحقيقة فأخبره: أن "البارقليط" هو اسم من أسماء نبي المسلمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
(3/222)
8. قال المهتدي الهاشمي: (إنه جاء في الإنجيل المكتوب باللغة القبطية الذي كتبه أحد البطاركة في سنة 506م ما معناه: الآتي بعدي يسمى: الفارقليط بندكراطور. أي الروح المنشق اسمه من اسم الحمد، سيبعث الحياة في أمه ليست لها من الحياة نصيب إلا الضلال في برية فاران كجحاش الأتن. وذكر أن هذا الإنجيل منزوع الغلاف، وذكر كاتبه في ديباجته أنه نقله من أصول الإنجيل الحقيقي.
9. استخرج هؤلاء المهتدون تطابق كلمة "البارقليط" مع اسم محمد صلى الله عليه وسلم وصفته وبيان هذا التطابق كما يلي:
أ ) هذا الاسم "بارقليط" يوناني. وتفسيره باللغة العربية أحمد أو محمد أو محمود. وقال المهتدي عبد الأحد داود: ومن المدهش أن الاسم الفريد الذي لم يعط لأحد من قبل كان محجوزاً بصورة معجزة لأشهر رسل الله وأجدرهم بالثناء، ونحن لا نجد أبداً أي يوناني كان يحمل اسم "برقليطس" ولا أي عربي كان يحمل اسم أحمد.
ب) قال المهتدي عبد الأحد داود موضحاً هذا التطابق: (إن التنزيل القرآني القائل بأن عيسى ابن مريم أعلن لبني إسرائيل أنه كان "مبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" – واحد من أقوى البراهين على أن محمداً كان حقيقة نبياً، وأن القرآن تنزيل إلهي فعلاً، إذ لم يكن في وسعه أبداً أن يعرف أن كلمة البارقليط كانت تعني أحمد إلا من خلال الوحي والتنزيل الإلهي، وحجة القرآن قاطعة ونهائية، لأن الدلالة الحرفية للاسم اليوناني تعادل بالدقة ودون شك كلمتي "أحمد" و "محمد" صلى الله عليه وسلم.
(3/223)
ج ) أن اسم البارقليط لفظة يونانية يجتمع من معانيها في القواميس المعزي، والناصر، والمنذر، والداعي. وإذا ترجمت حرفاً بحرف إلى اللغة العربية صارت بمعنى "الداعي" وهو من أسمائه صلى الله عليه وسلم ، وقد وصف في القرآن الكريم بمثل ذلك في قوله تعالى: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً. وداعياً إلى الله بإذنه) وقد فهم أوائل النصارى أن هذه اللفظة إنما تعني الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
وفي هذه البشاره الكثير من امؤلفات والعديد من الكتاب قد كفوهامن جميع جوانبها ويمكن الرجوع الي مؤلفاتهم من امثال د.احمد حجازي السقا والشيخ احمد ديدات وغيرهم .
: قال يوحنا في إنجيله الإصحاح السادس عشر مخبراً أن المسيح قال: (إن أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متي جاء ذاك روح الحق فهو سيرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية، ذاك يمجدني). قال المهتدي النجار: (وهذه البشارة في معنى قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى). وقال المهتدي الهاشمي معلقاً على هذه البشارة: (والمسيح يبصر أمته بأن لديه أموراً كثيرة تفوق طاقة احتمالهم، وأنه سيأتي الوقت المناسب لمجيء الرسول الذي يعنيه بالروح الحق. فتكون العقول قد تفتحت، والقلوب قد ذهب عنها رينها، والنفوس قد ألهمت بعد فجورها تقواها، في هذه اللحظة – فقد – يكون الناس قد استعدت إفهامهم، واتسعت مداركهم، لاحتمال كل ما يلقى إليهم على لسان هذا النبي الذي لا يتكلم من نفسه، وإنما من وحي يوحى إليه من ربه بالقرآن).
(3/224)
ويذكر المسيح عليه السلام بعض أوصاف هذا الرسول الخاتم التي تساعد على تمييز شخصيته منها قوله: (ذاك يمجدني). فمن صفات هذا الرسول أنه يمجد المسيح، ولم يأت أحد بعد المسيح ويمنحه من التمجيد والثناء ما يستحقه، ويرفع عنه وعن أمه افتراءات اليهود، ويضعه في المنزلة التي وضعه الله فيها – وهي العبودية والرسالة – سوى محمد صلى الله عليه وسلم. ومن صفات هذا الرسول أنه سيرشد الخلق إلى أمور وحقائق لم يبلغها المسيح، وذلك في قوله: (ويخبركم بأمور آتية).
ولان البحث لا يزال في اوله وما زال امامنا الكثير فسنكتفي بهذا القدرمن البشارات من صحف اهل الكتاب وان كان ما ذكر هنا هو النذر اليسير والموضوع اكبر من يفند كاملا في بحث مثل هذا ولكن المراد ان نقول ان الله عز وجل قد مهد لهذا الدين منذ بدايه مبعث الرسل بل ان هناك بعض الدارسين والكتاب من امثال العقاد قد ذكروا ان هناك كتاب بالانجليزيه الفه مولانا عبد الحق فدرياتي وسماه "محمد في الاسفار الدينيه العالميه"يقول فيه الكاتب ان اسم محمد وبشارات عن موجود وباسمه العربي في كتاب السامافيدامن كتاب البراهمه ونصها ان احمد تلقي الشريعه من ربه وهي مملوءه بالحكمه وكذلك في بعض الكتب الذرادشتيه وغيرها لكي لا يكون للناس بعد ذلك حجه.
شهاده السابقين والمعاصريين للنبي
الاولي :شهاده هرقل
(3/225)
- حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس أخبره، أن أبا سفيان بن حرب أخبره: أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارا بالشأم، في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها ابا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه، وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه، فقال أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت أنا أقربهم نسبا، فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم إني سائل عن هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه. ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة. قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها. وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول، فذكرت أن لا، فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله، لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله. وسألتك هل كان من آبائه من ملك، فذكرت أن(3/226)
لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك، قلت رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله. وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاؤهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون، فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم. وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك هل يغدر، فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك بما يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه، لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه. ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه، فإذا فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و: {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}) قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمر ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر. فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام.
(3/227)
وكان ابن الناطور، صاحب إيلياء وهرقل، أسقفا على نصارى الشأم، يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء، أصبح يوما خبيث النفس، فقال بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك، قال ابن الناطور: وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يهمنك شأنهم، واكتب إلى مداين ملكك، فيقتلوا من فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم، أتى هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استخبره هرقل قال: أذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه، فحدثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب، فقال: هم يختتنون، فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر. ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية، وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص، فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق راي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت، ثم اطلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم علي، وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل …
الروايه الثانيه :سلمان الفارسي
(3/228)
كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جي وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته أي ملازم النار كما تحبس الجارية وأجهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة قال: فشغل في بنيان له يوما فقال لي يا بني إني قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون قال: فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي ولم آتها فقلت لهم: أين أصل هذا الدين قالوا: بالشام قال: ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله قال: فلما جئته قال: أي بني أين كنت ألم أكن عهدت إليك ما عهدت
(3/229)
قال: قلت: يا أبت مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال: أي بني ليس في ذلك الدين خير دينك ودين آبائك خير منه قال: قلت: كلا والله إنه خير من ديننا قال: فخافني فجعل في رجلي قيدا ثم حبسني في بيته قال: وبعثت إلى النصارى فقلت لهم إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم قال: فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى قال: فأخبروني بهم قال: فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين قالوا: الأسقف في الكنيسة قال: فجئته فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك قال: فادخل فدخلت معه قال: فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها أشياء إكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق قال: وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا قالوا: وما علمك بذلك قال قلت: أنا أدلكم على كنزه قالوا: فدلنا عليه قال: فأريتهم موضعه قال فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا قال: فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا فصلبوه ثم رجموه بالحجارة ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه بمكانه
(3/230)
قال: يقول سلمان فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه قال فأحببته حبا لم أحبه من قبله وأقمت معه زمانا ثم حضرته الوفاة فقلت له: يا فلان إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصي بي وما تأمرني قال: أي بني والله ما أعلم أحدا اليوم على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل وهو فلان فهو على ما كنت عليه فالحق به قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره قال: فقال لي: أقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له: يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى فإلى من توصي بي وما تأمرني قال: أي بني والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به
(3/231)
قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي قال: فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت فلما حضر قلت له: يا فلان إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني قال: أي بني والله ما نعلم أحدا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية فإنه بمثل ما نحن عليه فإن أحببت فأته قال: فإنه على أمرنا قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبري فقال: أقم عندي فأقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم قال: واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة قال: ثم نزل به أمر الله فلما حضر قلت له: يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي فلان إلى فلان وأوصى بي فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني قال: أي بني والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجرا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل قال ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث ثم مر بي نفر من كلب تجارا فقلت لهم تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه قالوا: نعم فأعطيتهموها وحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل من يهود عبدا فكنت عنده ورأيت النخل ورجوت أن تكون الذي وصف لي صاحبي ولم يحق لي في نفسي فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها وبعث الله رسوله فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ثم هاجر إلى المدينة فوالله إنني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس إذا أقبل(3/232)
ابن عم له حتى وقف عليه فقال: فلان قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي قال: فلما سمعتها أخذتني العرواء حتى ظننت سأسقط على سيدي قال: ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا تقول ماذا تقول قال: فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ثم قال: ما لك ولهذا أقبل على عملك قال: قلت: لا شيء إنما أردت أن أستثبت عما قال وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له: قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم قال: فقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه كلوا وأمسك يده فلم يأكل قال: فقلت في نفسي هذه واحدة ثم إنصرفت عنه فجمعت شيئا وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئت به فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها قال: فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه قال: فقلت في نفسي هاتان اثنتان ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قال: وقد تبع جنازة من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرته عرف إني أستثبت في شيء وصف لي قال: فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس قال: فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد قال: ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أجيبها له بالفقير وبأربعين أوقية فقال(3/233)
رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة والرجل بعشر يعني: الرجل بقدر ما عنده حتى إجتمعت لي ثلاثمائة ودية فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذهب يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت فائتني أكون أنا أضعها بيدي ففقرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب إليه الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فوالذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة فأديت النخل وبقي عليَّ المال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي فقال: ما فعل الفارسي المكاتب قال: فدعيت له فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما عليَّ قال: خذها فإن الله عز وجل سيؤدي بها عنك قال: فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم وعتقت فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ثم لم يفتني معه مشهد.
الروايه الثالثه:عمرو بن العاص
(3/234)
عن عمرو بن العاص قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم واليا على عمان فأتيتها، فخرج إلي أساقفتهم ورهبانهم فقالوا: من أنت؟ فقلت: أنا عمرو بن العاص بن وائل السهمي رجل من قريش، قالوا: ومن بعثك؟ قلت: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ومن هو؟ قلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب رجل منا قد عرفناه وعرفنا نسبه، قد أمرنا بمكارم الأخلاق ونهانا عن مساويها، وأمرنا أن نعبد الله وحده، قال: فصيروا أمرهم إلى رجل منهم فقال لي: هل به من علامة؟ قلت: نعم، لحم متراكب بين كتفيه يقال له خاتم النبوة، قال: فهل يأكل الصدقة؟ قلت: لا، قال: فهل يقبل الهدية؟ قلت: نعم، ويثيب عليها، قال: فكيف الحرب بينه وبين قومه؟ قلت: سجال، مرة له ومرة عليه. قال: فأسلم وأسلموا ثم قال لي: والله! لإن كنت صدقتني لقد مات في هذه الليلة، قلت: ما تقول؟ قال: والله! لئن كنت صدقتني لقد صدقتك، قال: فمكث أياما فإذا راكب قد أناخ يسأل عن عمرو بن العاص! فقمت إليه مفزوعا، فناولني كتابا فإذا عنوانه: من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن العاص، فأخذت الكتاب ودخلت البيت ففككته فإذا به:
بسم الله الرحمن الرحيم
من أبي بكر خليفة رسول الله إلى عمرو بن العاص
سلام عليك! أما بعد فإن الله عز وجل بعث نبيه صلى الله عليه وسلم حين شاء وأحياه ما شاء ثم توفاه حين شاء وقد قال في كتابه الصادق (إنك ميت وإنهم ميتون) وإن المسلمين قلدوني أمر هذه الأمة من غير إرادة مني ولا محبة، فأسأل الله العون والتوفيق! فإذا أتاك كتابي فلا تحلن عقالا عقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تعقلن عقالا حله رسول الله صلى الله عليه وسلم - والسلام.
(3/235)
فبكيت بكاء طويلا ثم خرجت عليهم فأعلمتهم فبكوا وعزوني، فقلت: هذا الذي ولينا بعده، ما تجدونه في كتابكم؟ قال: يعمل بعمل صاحبه اليسير ثم يموت، قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم يليكم قرن الحديد فيملأ الحديد فيملأ مشارق الأرض ومغاربها قسطا وعدلا، لا يأخذه في الله لومة لائم ثم ماذا؟ قال: ثم يقتل قلت يقتل؟ قال: إي والله يقتل، قلت: ومن ملأ أم من غيلة (غيلة: الغيلة - بالكسر - الاغتيال. يقال: قتله غيلة، وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فيقتله فيه.
الروايه الرابعه:النجاشي
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن محمد بن إسحق حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام المخزومي عن أم سلمة ابنة أبي أمية ابن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
(3/236)
-لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي آمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا الى النجاشي فينا رجلين جلدين وأن يهدوا النجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها اليه الأدم فجمعوا له أدما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي وأمروهما أمرهم وقالوا لهما: ادفعوا الى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم ثم قدموا للنجاشي هداياه ثم سلوه أن يسلمهم اليكم قبل أن يكلمهم قالت: فخرجا فقدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار وعند خير جار فلم يبقى من بطارقته بطريق إلا دفعا اليه هديته قبل أن يكلما النجاشي ثم قالا لكل بطريق منهم: إنه قد صبا الى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاؤا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا الى الملك فيهم أشراف قومهم لتردهم اليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فتشيروا عليه بأن يسلمهم الينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فقالوا لهما: نعم ثم إنهما قربا هداياهم الى النجاشي فقبلها منهما ثم كلماه فقالا له: أيها الملك إنه قد صبا الى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاؤا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا اليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم اليهم فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه قالت: ولم يكن شيء أبغض الى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم اليهما فليرداهم الى بلادهم وقومهم قال: فغضب النجاشي ثم قال: لا ها الله أيم الله إذا لا أسلمهم اليهما ولا أكاد(3/237)
قوما جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ما يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم اليهما ورددتهم الى قومهم وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني قالت: ثم أرسل الى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائن في ذلك ما هو كائن فلما جاؤوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم قالت: فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار يأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام قال: فعدد عليه أمور الاسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا الى عبادة الأوثان من عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا الى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك قالت: فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء قالت: فقال له جعفر: نعم فقال له(3/238)
النجاشي: فاقرأه علي فقرأ عليه صدرا من كهيعص قالت: فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فوالله لا أسلمهم اليكم أبدا ولا أكاد قالت أم سلمة: فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص: والله لأنبئنهم غدا عيبهم عندهم ثم أستأصل به خضراهم قالت: فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا: لا تفعل فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا قال: والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد قالت: ثم غدا عليه الغد فقال له: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل اليهم فاسألهم عما يقولون فيه قالت: فأرسل اليهم يسألهم عنه قالت: ولم ينزل بنا مثله فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه قالوا: نقول والله فيه ما قال الله وما جاء به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن فلما دخلوا عليه قال لهم: ما تقولون في عيسى بن مريم فقال له جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاء به نبينا هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها الى مريم العذراء البتول قالت: فضرب النجاشي يده الى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال: ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال فقال: وإن نحرتم والله اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي والسيوم الآمنون من سبكم غرم ثم من سبكم غرم فما أحب أن لي ديرا ذهبا وأني آذيت رجلا منكم والدير بلسان الحبشة الجعل ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه قالت: فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار قالت: فوالله إنا على ذلك إذ نزل به يعني من ينازعه في ملكه قالت: فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند(3/239)
ذلك تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه قالت: وسار النجاشي وبينهما عرض النيل قالت: فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر قالت: فقال الزبير بن العوام: أنا قالت: وكان من أحدث القوم سنا قال: فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم قالت: ودعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة. ومن المعلوم والثابت ان النجاشي مات مسلما.
الروايه الخامسه:اميه بن الصلت
جاء عن اميه بن الصلت الثقفي قال لابي سفيان :اني لاجد في الكتب صفه نبي يبعث في بلادنا وكنت اظن اني هو وكنت اتحدث بذلك ثم ظهر لي انه من بني عبد مناف فنظرت فلم اجد الا عتبه بن ربيعه الا وقد تجاوزالاربعين ولم يوح اليه فعرفت انه غيره قال ابو سفيان فلما بعث محمد صلي الله وعليه وسلم فقلت لاميه فقال اما انه حق فاتبعه فقال وما يمنعك انت قال الحياء من نساء ثقيف اني كنت اخبرهن اني هو ثم اصير تبعا لفتي من بني عبد مناف
وللمزيد يمكن مراجعه روايات اسلام عبدالله بن سلام وخبر صفيه ام المومنين ووخبر سلمان بن سلامه وخبر ابن الهيبان وخبر تيع الحميري وايضا ما اخبر سيف بن ذي يزن عبدالمطلب جد الرسول وغيرها لتعلم جيدا وتدرك ان خبر خاتم الرسل كانه الكثير في عصر النبي وما قبله
• حمايه الله له من اعداءه وما لاقه في سبيل الرساله
(3/240)
من معجزاته عصمته من اعداءه وهم الجم الغفير والعدد الكثير وهم علي لتم حنق عليه واشد طلب لنفسه وهو بينهم مسترسل ولهم مخالط ومكاثر ترمقه ابصارهم شذرا وترتد عنه اعينهم ذعرا وقد هاجر عنه اصحابه حذرا حتي استكمل فيهم مده 13عام ثم خرج من بين ايديهم سليما لم يلكم في نفس ولا جسد وما كان ذلك الا بفضل الجبار الذي قال "والله يعصمك من الناس"
(((عصمته من ابي جهل حين اراد قتله))) كانت قريش مجتمعه في دار الندوه وكان فيهم النضر بن الحارث بن كنانهوكان زعيم القوم وكان معه عبدالله بن الزبعري وكان شاعر القوم فحكوا عن الرسول وكيف انه فرد واحد حتي قالوا ان من يقتله يسود فقال ابو جهل ما محمد الا رجل واحد وانا اقوم فاشدخ راسه بحجر فان قتلت فقد ارحت قومي وان بقيت فذلك الذي اوثر, فخرجوا علي ذلك فاجتمعوا في الخطيم حتي خرج الرسول الكريم وقام ليصلي فقام ابو جهل فاخذ مهراسا عظيما ودنا من الرسول عليه الصلاه والسلام وهو ساجد لا يلتفت فلما دنا منه ارتعد ورمي الحجر وقد شدخت اصابعه ورجع الي اصحابه فقال لهم لما دونت منه اقبل علي فحل فاغر فاه فحمل علي فلم اتمالك واني لاظنه محجوبا بل والاكثر من ذلك ان رسول الله صلي الله عليه وسلم ياتي لاحد الغرباء بحقه وممن ابو جهل بعد ان ارشدت قريش هذا الغريب الي الرسول ساخرين يتغامزون وقد فعل بنصر الله واتي له بحقه.
(3/241)
(((معمر بن زيد))) كان معمر بن زيد من اشجع قومه استغاثت به قريش وشكوا اليه امر الرسول صلوات ربي وسلامه عليه فقال لهم اني قادم الي ثلاث واريحكم وعندي عشرون الف مدجج فلا اري هذا الحي من هاشم يقدر علي وان سالوني الديه اعطيهم عشر ديات ففي مالي سعه وكان يتقلد بسيف طوله سبعه اشبار في شبر فلبس يوم وعده قريش سلاحه وذهب معهم الي الخطيم ورسول الله عليه السلام في الحجر يصلي وقد عرف ذلك فما التفت ولا تزعزع فقيل له هذا محمد ساجد يصلي ولا قصر في صلاه ,فاقبل اليه وقد سل سيفه فلما دنا منه رمي السيف وعاد فلما صار الي باب الصفا عثر في درعه فقام وقد ادمي وجهه واخذ يعدو كاشد العدو حتي بلغ البطحاء فاجتمعوا وغسلوا الدم عنه وقالوا ماذا اصابك ؟ فقال ويحكم المغرور من غررتموه قالواما شانك؟قال ما رايت كاليوم دعوني ترجع الي نفسي . فتركوه ساعه فقال اني لما اقتربت منه واردت ان اهوي بسيفي فوجدت عند راسه شجاعان اقرعان ينفثان النار وتلمع ابصارهم فعدوتت ولا اعود في شي من مساءه محمد.
(((كلده بن اسد ابا الاشد))) كان كلده بن اسد بن الاشد خاطر قريشا يوما في قتل الرسول صلي الله عليه وسلم فاعظموا له الخطر ان هو كفاهم فراي رسول الله صلي الله وعليه وسلم في الطريق يريد المسجد ما بين دارعقيل وعقال فجاء كلده ومعه المزراق فرجع المزراق في صدره فرجع فزعا فقالت له قريش مالك با ابا الاشد؟ فقال ويحكم اما ترون الفحل خلفي ؟ قالوا ما نري شيئ فقال ويحكم بل انا اراه فلم يزل يعدو حتي بلغ الطائف فاستهزات به ثقيف فقال فقال انا اعذركم لو رايتم ما رايت لهكتم.
(3/242)
(((في طريق الهجره))) ومن اعلامه صلوات ربي عليه وهو في طريقه للهجره فدخل في غار في جبل ثور ليستخفي من قريش وقد طلبته ووعدت من جاء به مائه ناقه حمراء فاعانه الله باخفاء اثره بحمماتين وعنكبوت نسجا بيته علي مدخل الغار وكان القول: انه علي باب الغار عنكبوتا اقدم من ميلاد محمد ولو دخل لكسر البيض وتفسخ العنكبوت, كذلك انظر الي سراقه بن مالك وهو من جمله من سعي في طلبه حتي قال الرسول صلي الله عليه وسلم "اللهم اكفنا شر سراقه"فاخذت الارض بقوائم فرسه فقال سراقه يا محمد ادعو الله ان يطلقني ولك علي ان ارد من جاء يطلبك ولا اعين عليك احد ابدا فقال "اللهم ان كان صادقا فاطلق عن فرسه"
(((شيبه بن عثمان بن ابي طلحه))) ان الناس لما انهزموا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم حنين راه شيبه بن عثمان بن ابي طلحه فقال اليوم ادرك ثاري واقتل محمد لان اباه قتل يوم احد في جماعه اخوته واعمامه قال شيبه فلما اردت ان قتله اقبل شئ حتي تغشي فؤادي فلم اطق ذلك فعلمت انه ممنوع.
(3/243)
محاولات المشركين لرد الرسول عن دعوته: {...إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ. فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ..}.رأت قريش أن تجرِّب أسلوباً آخر تجمع فيه بين الترغيب والترهيب، فلترسل إلى محمد (صلَّى الله عليه وسلم) تعرض عليه من الدنيا ما يشاء، ولترسل إلى عمه الذي يحميه تحذره مغبة هذا التأييد، حتى يكلم هو الآخر محمداً أن يسكت، فلا يجر المتاعب على كافله ووليه.أرسلت قريش "عتبة بن ربيعة" -وهو رجل رزين هادىء- فذهب إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) يقول: يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من المكان في النسب، وقد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم، فاسمع مني أعرض عليك أموراً لعلك تقبل بعضها.إن كنت إنما تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً. وإن كنت تريد شرفاً سوّدناك علينا فلا نقطع أمراً دونك. وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا. وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع ردَّه عن نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ.فلما فرغ من قوله تلا رسول الله عليه الصلاة والسلام عليه صدر سورة فصِّلت:
{حم. تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ. كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ. وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ. قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوه ُوَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ..}.
(3/244)
حتى وصل إلى قوله تعالى {.. فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}.
تخير رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) هذه الآيات من الوحي المبارك ليعرِّف محدثه حقيقة الرسالة والرسول. إن محمداً عليه الصلاة والسلام يحمل كتاباً من الخالق إلى خلقه يهديهم من ضلال وينقذهم من خبال. وهو -قبل غيره- مكلف بتصديقه والعمل به والنزول عند أحكامه. فإذا كان الله يطلب من عباده أن يستقيموا إليه ويستغفروه فمحمد عليه الصلاة والسلام ألهج الناس بالاستغفار وألزمهم للاستقامة، وما يطلب ملكاً ولا مالاً ولا جاهاً، لقد أمكنه الله من هذا كله فعفَّ عنه وترفع أن يمد يده إليه. وبسط العطاء مما سيق إليه من خيرات، فأنفق وادياً من المال في ساعة من نهار، وترك الحياة غير معقِّب لذريته درهماً.
ألا ما أغرب هذا الطلب؟ وما أجدر صاحبه أن يرتد إلى مكانته لا يعدوها! ولذلك بعدما استمع عتبة إلى آيات القرآن توقظ ما كان نائماً من فكره، استمع إلى الوعيد يهدر فيحرك ما كان هاجعاً من عاطفته: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} لقد وضع عتبة يده على جنبه وقام كأن الصواعق ستلاحقه، وعاد إلى قريش يقترح عليها أن تدع محمداً وشأنه!!
(3/245)
أما وفد قريش إلى أبي طالب، فقد أخذ يقول. يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سبَّ آلهتنا، وعاب ديننا، وسفَّه أحلامنا، وضلَّل آباءنا. فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فقال لهم أبو طالب قولاً جميلاً، وردَّهم ردّاً رفيقاً فانصرفوا عنه. ومضى رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) بما هو عليه، ثم استشرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال فتضاغنوا، وأكثرت قريش ذكر رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم)، وتآمروا فيه فمشَوا إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا: يا أبا طالب إن لك فينا سِنّاً وشرفاً، وإنا قد استنهيناك أن تنهي ابن أخيك فلم تفعل، وإنا -والله- لا نصبر على هذا من شتم آلهتنا وآبائنا وتسفيه أحلامنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك؛ إلى أن يهلك أحد الفريقين، ثم انصرفوا عنه.
عظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم له، ولم تطب نفسه بإسلام رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) وخذلانه، وبعث إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم)، فأعلمه ما قالت قريش وقال له: أبقِ على نفسك وعلي، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق. فظن رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) أنه قد بدا لعمه رأي، وأنه خذله وضعف عن نصرته، فقال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: يا عماه، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته.
ثم بكى رسول الله وقام، فلما ولَّى ناداه عمه أبو طالب فأقبل عليه وقال: اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً، وأنشد:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم
(3/246)
ذهاب الرسول (صلَّى الله عليه وسلم) إلى الطائف لعرض رسالته على ثقيف:ذهب رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) إلى الطائف حيث تقطن ثقيف وهي تبعد عن مكة نحو الخمسين ميلاً، سارها محمد (صلَّى الله عليه وسلم) على قدميه جيئة وذهوباً، فلما انتهى إليها قصد إلى نفر من رجالاتها الذين ينتهي إليهم أمرها، ثم كلمهم في الإسلام ودعاهم إلى الله، فردوه -جميعاً- رداً منكراً، وأغلظوا له الجواب. ومكث عشرة أيام، يتردد على منازلهم دون جدوى.
فلما يئس الرسول عليه الصلاة والسلام من خيرهم قال لهم: إذا أبيتم، فاكتموا عليَّ ذلك -كراهية أن يبلغ أهل مكة ، فتزداد عداوتهم وشماتتهم- لكن القوم كانوا أخس مما ينتظر. قالوا له: اخرج من بلدنا، وحرّشوا عليه الصبيان والرعاع فوقفوا له صفين يرمونه بالحجارة. و"زيد بن حارثة" يحاول -عبثاً الدفاع عنه حتى شج في ذلك رأسه.
وأصيب الرسول عليه الصلاة والسلام في أقدامه، فسالت منها الدماء واضطره المطاردون إلى أن يلجأ إلى بستان لعتبة، وشيبة، ابني ربيعة، حيث جلس في ظل كرمة يلتمس الراحة والأمن.
وكان أصحاب البستان فيه، فصرفوا الأوباش عنه، واستوحش الرسول عليه الصلاة والسلام لهذا الحاضر المرير، وثابت إلى نفسه ذكريات الأيام التي عاناها مع أهل مكة ، إنه يجر وراءه سلسلة ثقيلة من المآسي المتلاحقة فهتف يقول:
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس...أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي... إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي..!!
أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك، أو أن ينزل بي سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك...
(3/247)
وتحركت عاطفة القرابة في قلوب ابنَيْ ربيعة فدَعَوا غلاماً لهما نصرانياً، يدعى "عدّاساً" وقالا له: خذ قطفاً من العنب، واذهب به إلى الرجل.
فلما وضعه بين يدي رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) مد يده إليه قائلاً: باسم الله، ثم أكل.
فقال "عدّاس" إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة! فقال له النبي: من أي البلاد أنت! قال أنا نصراني من "نينوى" فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم): أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟ قال له: وما يدريك ما يونس؟ قال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم): ذلك أخي، كان نبياً وأنا نبي. فأكب "عدّاس" على يدي رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) ورجليه يقبلهما.
فقال ابنا ربيعة أحدهما للآخر: أما غلامك فقد أفسده عليك! فلما جاء "عدّاس" قالا له: ويحك ما هذا؟ قال: ما في الأرض خير من هذا الرجل.
فحاول الرجلان توهين أمر محمد، وتمسيك الرجل بدينه القديم. كأنما عز عليهما أن يخرج محمد (صلَّى الله عليه وسلم) من الطائف بأي كسب.
وقفل الرسول عليه الصلاة والسلام عائداً إلى مكة ، إلى البلد الذي لفظ خيرة أهله، فهاجر بعضهم إلى الحبشة وأكره الباقي على معاناة العذاب الواصب، أو الفرار إلى شعف الجبال.
وقال زيد بن حارثة: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فَرَجاً...
ولابد أن أخبار ثقيف قد سبقته إلى قريش ، ومن ثَمّ رأى رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) ألا يدخل مكة حتى يستوثق لنفسه ودعوته. فبعث إلى "المطعم بن عدي" يعرض عليه أن يجيره حتى يبلغ رسالة ربه! فقبل "المطعم" واستنهض أبناءه فحملوا أسلحتهم ووقفوا عند أركان البيت الحرام، وتسنَّم "المطعم" ناقته ثم نادى: يا معشر قريش ، قد أجرت محمداً، فلا يَهْجِه أحد منكم! فلما انتهى رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) إلى الكعبة صلى ركعتين ثم انصرف إلى بيته، و"مطعم" وأهله يحرسونه بأسلحتهم...
(3/248)
وقيل: إن أبا جهل سأل مطعماً: أمجير أم متابع -مسلم-؟ قال: بل مجيرٌ. قال: قد أجرنا من أجرت....!
وحفظ رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) للمطعم هذا الصنيع. فقال يوم أسرى بدر: لو كان المطعم حياً لتركت له هؤلاء النَّتنى.
كان المطعم -كأبي طالب- على دين أجداده، وكان كذلك مثله في المروءة والنجدة. وقد أراد أبو جهل أن يتهكم بنبي يحتاج إلى جوار، وكأنه يتساءل:
لِم لم تنزل كوكبة من الملائكة لحفظه؟.
ولذلك قال -لما رآه-: هذا نبيكم يا بني عبد مناف؟
فرد عليه عتبة بن ربيعة : وما ينكر أن يكون منا نبي وملك؟
فلما أخبر رسول الله بسؤال أبي جهل ورد عتبة قال:
أما أنت يا عتبة فما حميت لله، وإنما حميت لنفسك -وذلك أنه قالها عصبية لا إيماناً-.
وأما أنت يا أبا جهل فوالله لا يأتي عليك غير بعيد حتى تضحك قليلاً وتبكي كثيراً.
وأما أنتم يا معشر قريش فوالله لا يأتي عليكم غير كثير حتى تدخلوا فيما تنكرون...
وفي هذا التعليق ما يدل على ثقة الرسول عليه الصلاة والسلام من المستقبل مهما اكتنفه -في الحاضر- من الآلام.
عاد الرسول إلى مكة ليستأنف خطته الأولى في عرض الإسلام وإبلاغ رسالة الله.
اجتماع طواغيت الكفر في دار الندوة للقضاء على محمد (صلَّى الله عليه وسلم):واجتمع طواغيت مكة في دار الندوة ليتخذوا قراراً حاسماً في هذا الأمر.فرأى بعضهم أن توضع القيود في يد محمد (صلَّى الله عليه وسلم) ويشد وثاقه، ويرمى به في السجن لا يصله منه إلا الطعام، ويترك على ذلك حتى يموت..
ورأى آخر أن ينفى من مكة فلا يدخلها، تنفض قريش يديها من أمره.
(3/249)
وقد استُبعد هذان الاقتراحان لعدم جدواهما واستقر الرأي على الاقتراح الذي أبداه "أبو جهل". قال أبو جهل: أرى أن تأخذوا من كل بطن من قريش شاباً نسيباً وسطاً فتياً، ثم نعطي كل فتى سيفاً صارماً، ثم يضربونه -جميعاً- ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلها، ولا أظن بني هاشم يقوَوْن على حرب قريش كافة، فإذا لم يبق أمامهم إلا الدية أديناها.
ورضي المؤتمرون بهذا الحل للمشكلة التي حيرتهم وانصرفوا ليقوموا على إنفاذه، وقد أشار القرآن إلى تدبير هذه الجريمة بقوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
إن هذا الحكم لم يتخذ في مجلس سر، بل في اجتماع عام.
ومن الطبيعي أن يعلم به رسول الله؛ وأن يعرف حقيقة وضعه في مكة، إنهم لا ينتظرون به إلا موعد التنفيذ، ثم يقدمه الطغام قرباناً للأصنام!!.
على أن رسول الله لم يكن ليوعز إلى أصحابه بالهجرة ويتخلف عنهم.
لقد رسم الخطة التي يذهب بها إلى "يثرب" حين ندب المسلمين للهجرة إليها.
• إخباره بالغيب صلى الله عليه وسلم: في أحداث حصلت في حياته، وأحداث بعد وفاته
1. إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فإذا رأيت رجلين يختصمان في موضع لبنة فاخرج منها
2. لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش
3. إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم قيل: نكون كما أمر الله قال: أو غير ذلك تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض.
4. إذا رأيت الأمة ولدت ربتها ورأيت أصحاب البنيان يتطاولون بالبنيان ورأيت الحفاة الجياع العالة كانوا رؤوس الناس فذلك من معالم الساعة وأشراطها.
(3/250)
5. قوله صلى الله عليه وسلم :- ( إن هذا قبر أبي رِغال ،وإن معه غصناً من ذهب ) فحفروه فوجدوه كما أخبر النبي صلى الله
6. قوله صلى الله عليه وسلم : (( الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يؤتي الله ملكه من يشاء )) فهذا الخبر من أنباء الغيب ،إذ كانت خلافة أبي بكر سنتين وأربعة أشهر إلا عشر ليال ،وكانت خلافة عمر عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام ، وخلافة عثمان اثنتي عشر سنه إلا اثني عشر يوماً ،وكانت خلافة علي خمس سنوات إلا شهرين ،وتكميل الثلاثين بخلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما ،إذ كانت نحو من ستة أشهر،ثم نزل عليهما لمعاوية عام أربعين من الهجرة
7. وله صلى الله عليه وسلم في عثمان رضي الله عنه ، (( افتح له وبشرةُ بالجنة على بلوى تصيبه )) وذلك في حديث صحيح ونصهُ : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً ( بستان ) فدلى رجليه في القف ( الدكة تجعل حول البئر يجلس عليها وتدلى الأرجل في الماء المستخرج من البئر ) فقال أبو موسى وكان معه :- لأكونن اليوم بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فجلست خلف الباب فجاء رجل فقال :أفتح فقلت من أنت ؟ قال أبو بكر ،فأخبرتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (أفتح له وبشرهُ بالجنة ) ثم جاء عمر ،فقال كذلك ،ثم جاء عثمان فقال :- (( أئذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه )) فهذا الخبر من أنباء الغيب الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم. قوله صلى الله عليه وسلم
8. أن جبريل كان يعارضني القرآن كل عام مرة ،وأنه عارضني العام مرتين ،وما أرى ذلك إلا إقترب أجلي )) ، فبكت فاطمة ثم سارها فأخبرها بأنها سيدة نساء أهل الجنة ، وأنها أول أهله لحوقاً به ، فكان كما أخبر إذ ماتت بعده بستة أشهر، ولم يمت قبلها من آل البيت أحد ، فكان هذا الخبر آية من نبوته صلى الله عليه وسلم
(3/251)
9. قوله صلى الله عليه وسلم لنسائه :- (( كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب )) وكان ذلك كما أخبر ،فقد خرجت عائشة رضي الله عنها تُريد الصلح بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في وقعة الجمل ،فلما بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب ،فقالت رضي الله عنها ،أي ماءٍ هذا ؟ فقالوا : ماء الحوأب ،فقالت: ما أظنني إلا راجعه :فقال بعض من كان معها :بل تقدمي فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ،قالت :إن رسول الله صلى الله عليه سلم قال لنا ذات يوم :- قال :- (( كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب )) فهذا الخبر الصادق قد وقع كما أخبر به قبل وقوعه بكذا سنه.
10. قوله صلى الله عليه وسلم في حديث احمد عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي حين ولى غزوة العشيرة : ( يا أبا تراب ألا أحدثك بأشقى الناس رجلين ؟ ) قلنا بلى يا رسول الله : قال ( أحيمر ثمود ، الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه - يعني قرنه - حتى يبل أي بالدم هذه أي لحيته ) 0 [ صحيح الجامع الصغير ] كان كما أخبر صلى الله عليه وسلم فقد ضربه رضي الله عنه عبد الرحمن بن ملجم أحد الخوارج بالكوفة فقتله على نحو ما أخبر عليه الصلاة والسلام.
11. قوله صلى الله عليه وسلم (( سيكون في هذه الأمة بعث إلى السند والهند )) فهذا الخبر الصادق وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم فقد فتح المسلمون الهند أيام معاوية سنة 44هـ أربع وأربعين ثم توالى الغزو والفتح كما أخبر صلى الله عليه وسلم. قوله صلى الله عليه
(3/252)
12. قوله صلي الله وعليه وسلم في سُهيل بن عمرو :- (عسى أن يقوم مقاماً يسرك يا عمر ) وذلك يوم صلح الحديبية حيث غضب عمر رضي الله عنه من تعنت سُهيل وكان ممثلاً لقريش يومئذ فقال له صلى الله عليه وسلم :- (عسى أن يقوم مقاماً يسرك يا عمر ) وكان الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم إذ مات الرسول صلى الله عليه وسلم وأضطربت البلاد ونجم الكفر ووقف سهيل بن عمرو رضي الله عنه بباب الكعبة بمكة فخطب فثبت أهل مكة وقوى بصائرهم فحفظهم الله من الردة بسببه وهو موقف سر عمر والمؤمنين وصدق عليه الصلاة والسلام
13. . ومن علامات نبوته صلى الله عليه وسلم انه اخبر عن مصارع المشركين في بدر قبل مصرعهم : روى مسلم في صحيحه وأحمد _ واللفظ له _ عن انس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا مع عمر بين مكة والمدينة فترائينا الهلال وكنت حديد البصر فرأيته فجعلت أقول لعمر : أما تراه ، قال سأراه وأنا مستلق على فراشي ، ثم أخذ يحدثنا عن أهل بدر ، قال : ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرينا مصارعهم بالامس ، يقول : (( هذا مصرع فلان غداً ان شاء الله تعالى ، وهذا مصرع فلان غداً ان شاء الله تعالى )) قال : فجعلوا يصرعون عليها قال ، قلت والذي بعثك بالحق ما أخطؤا تيك كانوا يصرعون عليها .
14. اخباره صلى الله عليه وسلم عن مقتل امراء مؤته قبل أن يأتي الخبر بمقتلهم : روى البخاري في الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال : (( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحه فأصيب - وعيناه تذرفان _ حتى أخذها سيف من سيوف الله _ يعني خالد ابن الوليد رضي الله عنه _ حتى فتح الله عليهم )) الحادي والعشرون
(3/253)
15. : أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه لا تقوم الساعة حتى تقاتل أمته قوماً صغار الأعين ذلف الأنوف ( قصر الأنف مع انبطاحه ) ، وهذه حلية التتار ، فكان كذلك ووقع ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم
16. اخبر الصادق المصدوق انه سوف تخرج نار من أرض الحجاز تضيىء لها أعناق الإبل ببصرى ، فوقع ما أخبر به ، وكان ظهور هذه النار في سنة بضع وخمسين وستمائة ، وتواتر أمرها .
17. قوله صلى الله عليه وسلم لخباب بنت الأرت وقد جاء يشكو إليه ما يلقي المؤمنون كفار قريش ،يطلب من أن يستنصر الله تعالى لهم ،قال له وقد أحمر وجهه صلى الله عليه وسلم أو تغير لونه، فقال له :- ( لقد كان من قبلكم تحفر له الحفرة ،ويجاء بالمنشار فيوضع على رأسه ،فيشق نصفين ما يصرفه ذلك عن دينه ،وليتمن الله هذا الأمر ،حتى يسير الراكب ما بين صنعاء إلى حضرموت ،ما يخشى إلا الله والذئب على غنمه ). وقد تم هذا كما أخبر صلى الله عليه وسلم. [ صحيح البخاري ] عله وسلم ،وذلك حين كان ذاهباً إلى الطائف ،فكان هذا الخبر آية نبوته صلى الله عليه وسلم .
18. قوله صلى الله عليه وسلم في الحسن رضي الله عنهما (( أن ابني هذا سيد وسيُصلح الله به بين فئتين عظيمتين )) فكان الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد أصلح به بين من كان مع الحسن وبين من كان مع معاوية رضي الله عنهم
19. أبي بن خلف كان يلقي المصطفى فيقول ان عندي قعودا أعلفه كل يوم أقتلك عليه فيقول المصطفي صلوا ربي عليه بل انا اقتلك ان شاء الله وقد حدث يوم بدر
20. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعى للناس النَّجاشيَّ في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المُصَلّى فصفَّ بهم وكبر أربع تكبيرات.
21. قوله صلى الله عليه وسلم " أُثبت أُحد فإنما عليك نبي وصدّيق وشهيدان" وكان هو عليه الصلاه والسلام وابو بكر وعمر وعثمان
(3/254)
22. ماروي عن زيد بن صوحان ان الرسول الكريم قال عنه "زيد وما زيد ,يسبقه عضو منه الي الجنه" فقطعت يده يوم نهاوند في سبيل الله
23. ايضا ان ناقه للرسول المصطفي قد ظلت في توجهه الي تبوك فتفرق الناس في طلبها وكان عنده عماره بن حزم وفي رحل عماره زيد بن الصلت وكان يهوديا قد اسلم ونافق فقال زيد في رحل عماره يزعم محمد انه نبي يخبركم خبر السماء وهو لا يدري اين ناقته؟فقال الرسول صلي الله وعليه وسلم ان منافقا يقول ان محمد يزعم انه نبي ويخبركم خبر السماء ولا يدري اين نافته! والله لا اعلم الا ما علمني ربي ,وقد اعلمني انها في شعب كذا حبستها سمره بزمامها فبادر الناس فوجدهوها كما قال .
24. كذلك انه بعث خالد بن الوليد من تبوك في اربعمائه وعشرين فارس الي اكيدر بن عبدالملك بدومه الجندل من كنده ,فقال خالد يا رسول الله كيف لي به وسط بلاد كلب وانما ان في عدد يسير فقال له سيد الانام ستجده يصيد البقر فتاخذه وحدث ما اخبر المصطفي ووجده خالد واسره.
• من معجزاته عليه الصلاه والسلام
1. القرأن
2. الاسراء والمعراج
3. انشقاق القمر عن أنس رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يُريهم آية فأراهم انشقاق القمر فلقتين .وتعد انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء و ذلك أنه ظهر في ملكوت السماوات خارجاً عن جل طباع ما في هذا العالم المُرَكَّب من الطبائع .. قال تعالى :{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر
(3/255)
4. نبع الماء بين يديه عن عبد الله بن مسعود قال: " كنا نَعُد الآيات بَركة، و أنتم تَعُدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقَلَّ الماء، قال عليه الصلاة والسلام: اطلبوا لي فضلة من ماء. فأدخَل يده في الإناء وقال: حَيّ على الطَّهور المبارك، والبركة من الله. ويقول ابن مسعود: لقد رأيتُ الماء ينبع من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم، و لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل "، رواه البخاري.
5. تسليم الشجر والحجر عليه وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " إنّي لأعرف حجراً بمكة كان يُسَلِّم عليّ قبل أن أبعث، إنّي لأعرفه الآن "،
6. اخباره عن مصارع قتلي بدر:عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ليلة بدر : " هذا مصرع فلان إن شاء الله تعالى غداً و وضع يده على الأرض، هذا مصرع فلان إن شاء الله تعالى غداً و وضع يده على الأرض، فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا تلك الحدود، جعلوا يُصرعون عليها، ثم أُلقوا في القليب و جاء النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا فلان بن فلان و يا فلان بن فلان، هل وجدتم ما وعد الله حقاً ؟ قالوا :يا رسول الله تكلم أجساداً لا أرواح فيها ؟! فقال : ما أنتم بأسمع منهم و لكنهم لا يستطيعون أن يردوا عليّ
7. سماعه الموتي في القبور: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال يمشيان بالبقيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال تسمع ما أسمع ؟ قال : لا والله يا رسول الله ما أسمعه قال : ألا تسمع أهل القبور يعذبون "، أخرجه الحاكم وقال ( صحيح على شرط الشيخين ) ووافقه الذهبي
8. شفاء عين علي :عن أم موسى قالت: سمعت علياً يقول : " ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية "،
(3/256)
9. نزول المطر بدعائه :عن ابن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب حدثنا عن شأن ساعة العسرة، فقال عمر: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش شديد حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع حتى إن كان الرجل ليذهب يلتمس الرجل فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع حتى أن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده، فقال أبو بكر: يا رسول الله! إن الله قد عودك في الدعاء خيرا فادع الله لنا، قال: أتحب ذلك؟ قال: نعم، فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلت ثم سكبت فملؤا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر
10. اعاده عين قتاده:في غزوة أحد أُصيب قتادة بن النعمان في عينه حتى سقطت وتدلت على وجنته ( أي على أحد خده ) فردها عليه الصلاة والسلام بيده الشريفة فبرأت على الفور ، وصارت عينيه تلك أحسن عينيه . . . فتلك من آيات الله التى أيد الله بها رسوله
11. اعاده البصر الي ضرير: عن عثمان بن حنيف : أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أدع الله أن يعافيني فقال :-( إن شئت أخّرت ذلك فهو أفضل لآخرتك،وإن شئت دعوت لك ) قال :لا، بل أدع الله لي قال :- فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ، وأن يدعو بهذا الدعاء :- ( اللهم أني أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ،يا محمد إني أتوجه بك في حاجتي هذه فتُقضى ،اللهم شفعة في ) ففعل الرجل فبرأ ،فشفاء هذا الضرير آية من نبوته0
(3/257)
12. تكثير الطعام: روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قوله : قال أبو طلحة لأم سُليم : لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع ،فهل عندك من شيء ؟ قالت :نعم ، فأخرجت أقراصاً من شعير ،ثم أخرجت خِماراً لها فلفت الخبز ببعضه ،ثم دسته تحت يدي ،ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس ،فقمت عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( أرسلك أبو طلحة ؟ ) فقلت: نعم ، قال : ( بطعام ؟) قلت :نعم ،فقال:- رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه ( قوموا ) فانطلق ،وانطلقت ين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة :- يا أم سُليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليس عندنا ما نطعمهم فقالت: الله ورسوله أعلم ،فأنطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (هلم يا أم سُليم ما عندك ؟) فأتت بذلك الخبز فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت ،وعصرت أم سُليم عكة فآدمته ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يقول ،ثم قال :- ( أئذن لعشرة ) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ،ثم خرجوا ، ثم قال ، ( أئذن لعشرة ) ، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ،ثم خرجوا ،ثم قال ، ( ائذن لعشرة ) فأكل القوم كلهم ، والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً .أليست هذه معجزة ؟ بلى وربي إنها لمن أعظم المعجزات وعن جابر ابن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير فما زال الرجل يأكل منه هو وامرأته ووصيف لهم حتى كالوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو لم تكيلوه لأكلتم منه ولقام لكم [ صحيح مسلم في معجزات النبي ,رواه احمد في مسنده ] قال أبو طلحة الانصاري في حديثه المشهور : (( أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين رجلاً من أقراص شعير جاء بها أنس تحت(3/258)
إبطه )) [ البخاري في كتاب المناقب _ ومسلم 3 / 1612 والترمذي 5 / 595 والبيهقي في الدلائل ] وقال جابر بن عبدالله : (( أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق من صاع شعير وعناق ( الانثى من أولاد المعز ) ألف رجل حتى تركوا وانحرفوا ( مالوا عن الطعام ) ، وإن البرمة لتغط كما هي وان العجين ليخبر )) [ البخاري في كتاب المغازي ومسلم 3 / 1610 والترمذي 5 / 595 ] إن معجزة تكثير الطعام والشراب قد تكررت فبلغت عشرات المرات ،وفي ظروف مختلفة ،ومناسبات عديدة ، فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه ، (( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير قال فنفدت أزواد القوم _ أي نفد زادهم واحتاجوا إلى طعام _ قال حتى هم بنحر بعض حمائلهم قال فقال عمر يا رسول الله لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها ؟ ( أي بقاياه ) قال ففعل قال فجاء ذو البر ببره وذو التمر بتمره قال وقال مجاهد وذو النواة بنواه قلت وما كانوا يصنعون بالنوى قال كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء قال فدعا عليها حتى ملأ القوم أزودتهم قال فقال عند ذلك : أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة )) [ صحيح مسلم، والنسائي ]
(3/259)
13. تكثير السمن لام سليم: عن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:- كانت لأمي ،أم سليم شاة فجمعت من سمنها في عكة فملأت العكة ثم بعثت بها ربيبة ،فقالت :يا ربيبة أبلغي هذا العكة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتدم بها ،فانطلقت بها ربيبة حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله هذه عكة سمن بعثت بها إليك أم سُليم قال :- ( أفرغوا لها عكتها ) فأفرغت العكة ودفعت إليها قالت :- فانطلقت بها ، وجئت وأم سليم ليست في البيت ،فعلقت العكة على وتد ،فجاءت أم سليم فرأت العكة ممتلئه تقطر فقالت :يا ربيبة أليس أمرتك أن تنطلقي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟فقالت :- بلى قد فعلت فإن لم تصدقيني فانطلقي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت ومعها ربيية ،فقالت يا رسول الله إني بعثت معها إليك بعكة فيها سمن قال :- ( قد فعلت ، قد جاءت ) قالت :والذي بعثك بالحق ،ودين الحق أنها لممتلئه تقطر سمناً ، قال أنس : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( يا أم سليم أتعجبين إن كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه كلي وأطعمي ) قالت فجئت إلى البيت فقسمت في قعب لنا ،وتركت فيها ما أئتد منا به شهراً أو شهرين ،فكون العكة تمتلئ بعد إفراغها والأكل منه طرة شهرين من معجزاته
14. الشاه المسمومه :روى البخاري في صحيحه عن انس بن مالك رضي الله عنه ، أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة ، ولما أكل منها اخبرته الشاة انها مسمومة ، فجيىء باليهودية إلى رسول صلى الله عليه وسلم ، فسألها عن ذلك ، فقالت : أردت لأقتلك ، قال : لا ، ما كان الله ليسلطك علي
خصائص نبوئته
• كان قرنه خير قرون بني آدم:فالقرن الذي كان فيه صلى الله عليه و سلم خير قرن مرَّ على الدنيا كلها . عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة و السلام قال : "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)،
(3/260)
• حوضه :قال صلى الله عليه و سلم : " حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيَب من المسك، و كيزانه (أي كؤوسه) كنجوم السماء، من شرب منه لا يظمأ أبداً "،
• نُصِرَ بالرعب مسيرة شهر كامل :هناك خوف يأتي من الطاعة إجلالاً و محبة و هناك خوف يأتي من الذنب قهراً و جبرا . فكان مَن أمامه صلى الله عليه و سلم إمّا أنّه يهابه خشية و إجلالاً، ليس من سطوته و إنّما من عظمة النور الذي وضعه الله فيه، فهذا لا يسمى رعب إنما خوف . قال تعالى :{وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] .وكان كل من رآه بديهة هابه أي كل من رآه قبل النظر في أخلاقه العليّة و أحواله السَنِيّة، خافه لِما فيه من صفة الجلال الربانية و لِما عليه من الهيبة الإلهية . يقول ابن القيّم أن الفرق بين المهابة و الكبر أنّ المهابة أثر من آثار امتلاء القلب بعظمة الرب و محبته و إجلاله، فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور و نزلت عليه السكينة
• ماله لا يُوَرث عنه ( و كذلك سائر الأنبياء )
• لا يأكل البصل و الثوم و الكراث و ما له رائحة كريهة من البقول : و هذا لا يعني تحريم أكلها و لكن النبي عليه الصلاة و السلام كان يكره رائحتها .
• الزكاة حرام عليه هو و ذوي القربى : فإنها أوساخ أموال الناس كما أخرجه مسلم عن أبي هريرة، و أُبدِلَ عنها بالغنيمة المأخوذة بطريق العز و الشرف
• أُبيح له الوِصال في الصوم دون غيره:قال صلى الله عليه و سلم : " إنّي لست مثلكم، إنّي أُطعَم و اُسقى "، متفق على صحته .
• الخط و الشِّعر لا يُحسِنُهما : قال تعالى : {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت : الآية 48]. و قال عز و جل: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69].
• لا يأكل متكئاً :عن أبي جُحَيفة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أمَّا أنا فلا آكل مُتَّكئاً "
(3/261)
• كان عليه الصلاة و السلام يقبل الهدية و لا يقبل الصدقة : عن أبي هريرة و عائشة و عبد الله بن بسر رضي الله عنهم أن النبي عليه الصلاة قال :"إن الله حرَّم عليّ الصدقة و أهل بيتي "
• النَّهي عن مناداته باسمه :ما ناداه الله تعالى باسمه قط إلا مُكَنّى بالتكريم . و لا يُرفع صوت فوق صوته .
• استمرار الصلاة و السلام عليه صلى الله عليه و سلم في كل نفس من الأنفاس : فلا يخلو زمان أو لحظة عن الصلاة و السلام عليه .
• مَن دخل في جوفه شيء من أثر النبي صلى الله عليه و سلم لا يدخل النار : شريطة أن يكون قد مات على الإسلام
• نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم عامة لجميع الخلق : قال الإمام تاج الدين السبكي في رسالته التي سماها " التعظيم والمِنَّةِ في لتؤمننَّ به ولتنصرنَّه " : قال الله تعالى : {وإِذ أخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّنَ لَمَآ ءَاتَيتُكُم مِن كِتَابٍ وحِكمةٍ ثُمَّ جَآءكُمْ رَسُولُُ مُصَدِّقُُ لِمَا مَعَكُم لَتُؤمِنُنَّ بِه وَلَتَنصُرُنَّهُ} [أل عمران : 81] .
• الرسول صلى الله عليه و سلم أولى بالمسلمين من أنفسهم و أزواجه أمهاتهم يحرم نكاحهن من بعده
• اختصاصه صلى الله عليه وسلم بجواز أن يقسم على الله به
• عرقه صلى الله عليه وسلم وطيب رائحته وما فيهما من الآيات
• غفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تاخر
• جوامع الكلم :عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي قال أبو هريرة فقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تلغثونها أو ترغثونها أو كلمة تشبهها
(3/262)
• الرؤيا في المنام حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ثم من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي قال أبو عبد الله قال بن سيرين إذا رآه في صورته
• سيد ولد ادم يوم القيامه والشفيع عند رب العالمين
• هو من ادبه ربه وعلمه وقال فيه "انك لعلي خلق عظيم"
الاعجاز العلمي في افعال و اقوال الرسول صلي الله وعليه وسلم
.الحجر الصحي
قال صلى الله ( الطاعون بقية رجز أو عذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل فاذا وقع بارض وانتم بها فلا تخرجوا منهافرارا منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا":
الاثر المعنوي في الشفاء والعلاج
روى ابن ماجة في سننه من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله إذا دخلتم على المريض فنسفوا له في الاجل فإن ذلك لا يرد شيئا وهو يطيب نفس المريض وفي هذا الحديث نوع شريف جدا من اشرف أنواع العلاج وهو الإرشاد إلى من يطيب نفس العليل من الكلام الذي تقوىبه الطبيعة وتنتعش به القوة وينبعث به الحار الغريزي فيتساعد على دفع العلة او تخفيفها الذي هو غاية تأثير الطبيب وتفريح نفس المريض وتطبيب قلبه وإدخال مايسره عليه له تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي وقد شاهد الناس كثيرا من المرضى تنتعش قواه بعيادة من يحبونه ويعظمونه ورؤيتهم لهم ولطفهم بهم ومكالمتهم إياهم وهذا أحد فوائد عيادة المرضى التي تتعلق بهم فإن فيها أربعة أنواع من الفوائد نوع يرجع إلى المريض ونوع يعود على العائد ونوع يعود على أهل المريض ونوع يعود على العامة
الحجامه:
قال صلى الله عليه وسلم خير ما تداويتم به الحجامه فانظر الي العلم الحديث وما اثبته من فوائد للحجامه
لا تغضب
روي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال ( لا تغضب ) فردد مرارا قال لا تغضب () رواه البخاري
(3/263)
ثبت علميا أن الغضب كصورة من صور الانفعال النفسى يؤثر على قلب الشخص الذي يغضب تأثيرا العدو أو الجري على القلب وانفعال الغضب يزيد من عدد مرات انقباضاته في الدقيقة الواحدة فيضاعف بذلك كمية الدماء التي يدفعها القلب أو التي تخرج منه إلى الأوعية الدموية مع كل واحدة من هذه الانقباضات أو النبضات وهذا بالتالي يجهد القلب لأنه يقسره على زيادة عمله عن معدلات العمل الذي يفترض أن يؤديه بصفة عادية أو ظروف معينةإلا أن العدو أو الجري في إجهاده للقلب لا يستمر طويلا لأن المرء يمكن أن يتوقف عن الجري إن هو أراد ذلك إما في الغضب فلا يستطيع الإنسان أن يسيطر على غضبه لا سيما وإن كان قد اعتاد على عدم التحكم في مشاعره وقد لوحظ أن الإنسان الذي اعتاد على الغضب يصاب بارتفاع ضغط الدم ويزيد عن معدله الطبيعى حيث إن قلبه يضطر إلى أن يدفع كمية من الدماء الزائدة عن المعتاد المطلوب كما أن شرايينه الدقيقة تتصلب جدرانها وتفقد مرونتها وقدرتها على الاتساع لكي تستطيع أن تمرر أو تسمح بمرور أو سريان تلك الكمية من الدماء الزائدة التي يضخها هذا القلب المنفعل ولهذا يرتفع الضغط عند الغضب هذا بخلاف الآثار النفسية والاجتماعية التي تنجم عن الغضب في العلاقات بين الناس والتي تقوّض من الترابط بين الناس ومما هو جدير بالذكر أن العلماء كانوا يعتقدون في الماضي أن الغضب الصريح ليس له أضرار وأن الغضب المكبوت فقط هو المسؤول عن كثير من الأمراض ولكن دراسة امريكية حديثة قدمت تفسيرا جديدا لتأثير هذين النوعين من الغضب مؤداه أن الكبت أو التعبير الصريح للغضب يؤديان إلى الأضرار الصحية نفسها وإن اختلفت حدتها ففي حالة الكبت قد يصل الأمر عند التكرار إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأحيانا إلى الإصابة بالسرطان أما في حالة الغضب الصريح وتكراره فإنه يمكن أن يؤدى إلى الإضرار بشرايين القلب واحتمال الإصابة بأزمات قلبية قاتلة لأن انفجار موجات الغضب قد(3/264)
يزيده اشتعالا ويصبح من الصعب التحكم في الانفعال مهما كان ضئيلا فالحالة الجسمانية للفرد لا تنفصل عن حالته النفسية مما يجعله يسري بسرعة إلى الأعضاء الحيوية في إفراز عصاراتها ووصول معدل إفراز إحدى هذه الغدد إلى حد سدّ الطريق أمام جهاز المناعة في الجسم وإعاقة حركة الأجسام المضادة المنطلقة من هذا الجهاز عن الوصول إلى أهدافها الأخطر من ذلك كله أن بعض الأسلحة الفعالة التي يستخدمها الجسم للدفاع عن نفسه والمنطلقة من غدة حيوية تتعرض للضعف الشديد نتيجة لإصابة هذه الغدة بالتقلص عند حدوث أزمات نفسية خطيرة وذلك يفسر احتمالات تحول الخلايا السليمة إلى سرطانية في غيبة النشاط الطبيعى لجهاز المناعةوصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوصانا بعدم الغضب ومن هنا تظهر الحكمة العلمية والعملية في تكرار الرسول صلى الله عليه وسلم توصيته بعدم الغضب.
خلق الانسان:
ما رواه الترمذي وغيره: (إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض...) الحديث. ولقد أثبت العلم الحديث أن جسم الإنسان مكون من عناصر الأرض
ما ملاء بن ادم: عن المقدام بن معدِ يكرب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما ملأ بنآدم وعاءً شراً من بطنه فثلثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه" يكفي ان احد المستشفيات الالمانيه كتبت الحديث علي مدخلها موقعه اسفله بان هذا الكلام ل محمد بن عبدالله عليه الصلاه والسلام .
(3/265)
الجينات والصفات :حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (الناس معادن كمعادن الفضة والذهب، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) وأحاديث أخرى تشير إلى الفروق الفطرية الوراثية، كالألوان والصفات الخِلقية وغير ذلك. وهو عين ما أثبتته الدراسات الحديثة من وجود فروق تشريحية في بشرة الناس تسبب اختلاف ألوانهم، وانتقال ما يورثونه من الصفات التكوينية إلى النسل وفقًا لقوانين الوراثة التي توصل إليها (مندل).
حديث الذكورة والأنوثة: في موضوع صفة ماء الرجل وماء المرأة وبيان أثرهما في خَلق الجنين والشبه والإذكار والإيناث؛ مستندًا إلى أحاديث متعددة منها حديث أم سليم أنها سألت نبي الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال: (إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل... الحديث) حيث ذكر في سياقه أن للمرأة ماءً كما أن للرجل ماءً فكلاهما يشتركان في تكوين الجنين. ووجود نوعين من الإفرازات عند المرأة، وهذا ما يتفق تمامًا مع قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (إن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر) وهذا ما كشفه الطب الحديث وصوّرته آلات التصوير الدقيقة من أن الماء الذي يحمل البويضة لونه أصفر. كما ثبت علميٌّا أن الحُيَيْنَ المنوي للرجل وبويضة المرأة هما الناقلان للصفات الوراثية عن طريق المورثات الموجودة في الصبغيات.
ما من كل ماء الرجل:الحديث الذي تناول الحقيقة العلمية التي لم يكشفها علم الطب إلا في القرن العشرين وهي أن حيوانًا منويٌّا واحدًا فقط من بين مئتين إلى ثلاثمائة مليون حيوان منوي في القذفة الواحدة هو الذي يلقح البُيَيْضَة لينتج الجنين ـ بإذن الله تعالى ـ وقد أشار إلى ذلك الحديث الشريف: (ما من كل الماء يكون الولد).
(3/266)
الحديث الذي يؤكد إمكانية حدوث الحمل مع استخدام موانع الحمل المختلفة وفق ما كشفه العلم الحديث ـ باعتباره إعجازًا كاملاً ـ وقد رواه مسلم: (إذا أراد الله خَلقَ شيءٍ لم يمنعه شيءٌ). واستطرد كلامه متحدثًا عن عدم تناسل الممسوخ والمشوّه خِلقيٌّا بناء على الأحاديث الشريفة الواردة في هذا الباب كالحديث الذي رواه مسلم عن ابن عباس: (ما جعل الله لمسخ من نسل) وأحاديث أخرى. وهذا يوافق ما أثبته العلم من أن الأجنّة التي تولد ممسوخة تولد ميتة أو تعيش لبضعة أيام ثم تموت. كما أن البالغين الذين يعانون من تشوهات خلقية سواءً كانوا ذكورًا أو إناثًا لا ينجبون.
أثر الأم الوراثي، ولذا يستحب للرجل أن يتخير لنطفه مستندًا إلى أحاديث كثيرة كلها غلب عليها الضعف، إلا أنها وردت بطرق مختلفة قد يستأنس بها. كحديث: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس). ويؤيد هذا المعنى الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)، وهذا ما كشفه علم الوراثة من أن الأب والأمّ يشتركان في تكوين الجنين بالمناصفة، ويؤكد أثر الأعراق، وأن بعض الصفات قد تظهر على الأبناء نتيجة وجودها في أحد أسلافهم مع عدم ظهورها في آبائهم وأجدادهم. وأن الكروموسومات تحمل الموروثات التي تكسب الجنين صفاته الخَلقية والخُلُقية، فلذا حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تخير الزوجة لما لَها من الأهمية في النّسل والذّرية.
نزع الأعراق:ما استدل عليه الكثيرون من المهتمين بقضايا الإعجاز العلمي من حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري وفيه قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (فهذا عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ) بما اكتشفه علم الوراثة من أن بعض الصفات قد تظهر على الأبناء نتيجة وجودها في أحد أسلافه مع عدم ظهورها في آبائه أو أجداده.
(3/267)
لا فرق بين عربي ولا عجمي: واستنتاج من دلالة الأحاديث الواردة فيه مقارنة بما ثبت في العلم الحديث، من أن لون الجلد لا أثر له على ذات الإنسان وقيمته، حيث إن جميع البشر يولدون وعدد خلايا الميلانين في بشرتهم متساوٍ، وأن هذا العدد ثابت عند جميع المواليد سواء كانوا بِيضًا أو سُودًا، وهذا ما جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عصر كان أهله يعتبرون السواد مذمّة، بل إن الجاهلية إلى اليوم وفي عصر العلم ترى أن الأبيض أعلى من الأسود.
عدد المفاصل في الإنسان: وانظر الي حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ مرفوعًا: (إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل...) الحديث. وحديث بريدة وأحاديث أخرى صحيحة، وتطابق ما أثبته العلم الحديث في التشريح للأعضاء أن جسم الإنسان يحتوي على (360) مفصلاً موزعة على جميع مناطق الجسم في الإنسان البالغ.
مثل المؤمنين: (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر). وأحاديث أخرى وبيّن مطابقة ذلك لما كشفه الطب الحديث من تعاون بين جميع أجزاء الجسم عند الإصابة في أي جزء منه، حيث يتداعى الجسد بأكمله لخدمة العضو المصاب، ويحدث ذلك عبر عدة آليات منها على سبيل المثال تنشيط بعض الغدد لإفراز الهرمونات لنجدة العضو المشتكي، ويحدث أيضًا السهر بتنشيط مركز اليقظة في المخ، وتحدث الحمى التي تجعل الجسم في حالة طوارئ في محاولة للتخلص من الجسم الغريب، حتى تتم إغاثة العضو المشتكي، وهو ما يتطابق مع منطوق الحديث الشريف.
(3/268)
علاقه الناصية بسلوك الإنسان والأحاديث الواردة فيها كحديث: (ما أصاب أحدًا قَطُّ هَمٌّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أَمَتِكَ ناصيتي بيدك ماضٍ فِيَّ حُكمك...) الحديث، والذي يؤكد أن الناصية هي مركز التوجيه والضبط. وهذا يتفق مع ما كشفه تشريح المخ الحديث من أن مقدمة المخ أو الفص الأمامي منه والذي يقع خلف الجبهة هو الخاص لسلوك الإنسان وشخصيته. فأي خلل مرضي يصيب مقدمة الفص الأمامي يؤدي إلى تغيرات في سلوكيات الإنسان.
المضغه في الجسد: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) وما ذكره علم الطب الحديث من أن أي مرض يصيب القلب يؤثر دون ريب على سائر الجسد وخصوصًا ما يتعلق بالدورة الدموية في الإنسان.
(عَجْبِ الذَّنَبِ): أن الحديث الذي أشار إليه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أنه بعد موت الإنسان لا يبقي منه إلا عجب الذنب، وتكلّم عن مقاومة عجب الذنب للبلى وأنه لا يأكله التراب أبدًا، مع أن التراب يأكل جسد الإنسان كله، ولبيان وجه الإعجاز فيه لابد من دراسة عجب الذنب وبيان مقاومته للتآكل بدراسة معملية في المختبرات العلمية.
الدنيا عند الله حديث: (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء) وبيّن أنه يوافق ما أثبته علم الفلك الحديث من أن الأرض شيء صغير جدٌّا جدٌّا بالنسبة للأجرام الكونية ذات الحجوم الهائلة.
ماهيّة الأرضين السبع في الحديث: (من أخذ شبرًا من الأرض ظُلمًا طُوِّقَه إلى سبع أرضين) وأحاديث أخرى حيث أثبت علماء الأرض ـ بعد دراسات متأنية عبر عشرات السنين في هذا القرن ـ أن في الأرض سبع طبقات متميزة، وهي لب في مادة صلبة، ثم لب خارجي في مادة سائلة، ثم أربعة أوشحة (أغلفة) تلي ذلك، ثم قشرة خارجية. وهي طبقات متلاصقة بعضها ببعض لا يفصل بينها فاصل.
(3/269)
الجبال الرواسي : بيان الحقيقة العلمية في فائدة الجبال والتي لم تعرف إلا في الأربعينيات من القرن؛ بذكر الحديث: (عندما خلق الله الأرض جعلت تميد فأرساها الله بالجبال) ليؤكد العلم الحديث أن للجبال جذورًا تبلغ ستة إلى عشرة أضعاف ارتفاعها فوق سطح الأرض، وأن هذه الجذور تطفو في مادة لزجة شبه منصهرة، وترسو تحت القشرة مباشرة، وأن هذه الجبال هي التي تثبت القشرة الأرضية وتتسبب في ثبات الألواح (القارات) وتجعل الحركة بطيئة لا يكاد يدركها الإنسان ولا تتأثر بها حياة الكائنات.
حديث عن ارض العرب : (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا) على أن بلاد العرب كانت خضراء، وستعود كذلك، وهذا ما أكدته الدراسات الجيولوجية من أن الجزيرة مرت بثمان دورات مطيرة مطرًا شديدًا تخللتها سبع دورات جفاف، وأننا في دورة الجفاف السابعة ويتوقع العلماء أن تتحول هذه الدورة إلى دورة أمطار مرة أخرى. وهناك شواهد علمية كثيرة تؤكد ذلك.
تحت البحر نار: (لا يركبن رجل البحر إلا غازيًا أو معتمرًا، أو حاجٌّا، فإن تحت البحر نارًا، وتحت النار بحرًا) بما أثبتته أجهزة التصوير الحديثة لأعماق البحر أن في قيعان البحر العميقة نارًا ملتهبة، كما اكتشف أيضًا أن هناك ماء يخرج من النار التي تخرج من قاع البحر والمحيطات، وهذا ما أثبته العلم الحديث لهذه الحقيقة التي أخبر بها الحديث الشريف، بل وأخبر بها القرآن الكريم في قوله تعالى: }وَالْبَحْرِ الْمَسْجُور{ (الطور: 6).
الملائكه والماده: (أَطَّتِ السماء أَطٌّا، وَحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما فيها أربع، إلا وفيها مَلَك قائم أو راكع، أو ساجد يعبد ربه) وذكر طائفة من الأحاديث الأخرى واستدل بها على ما أثبته العلم الحديث من أنه لا يوجد فراغ في الكون. وأن المادة تنتشر في فسحة هذا الكون حتى المسافات التي تنتج عن تباعد هذه المجرات تباعدًا هائلاً عن بعضها تتخلق فيها المادة في الحال لتملأها.
(3/270)
ظاهرة الخسوف والكسوف وأن الأحاديث الواردة فيه كحديث: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله، وصلوا حتى تنكشف) تلتقي مع التفسيرات العلمية لظاهرة الخسوف، وأنه يرفض كل تصور يخالف هذا التصور العلمي. وتلتقي مع قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي حارب الخرافات وقضى على كل التفسيرات التي غلفتها الأساطير قبل نزول القرآن الكريم. ووضع حَدٌّا لسخافات واعتقادات المنجّمين وأوهام العامّة في تعليل أسباب الكسوف وغير ذلك.
المراجع:
القران الكريم
أحمد حجازي السقا البشارة بنبي الإسلام في التوراة والإنجيل
احمد ديدات محمد المثال الاعظم
توماس كارلايل
الرسول سعيد حوي
معجزات النبي ابن كثير
بشارات العهد الجديد بمحمد صلى الله عليه وسلم
بشارات العهد القديم بمحمد صلى الله عليه وسلم
د. محمد بن عبد الله السحيم
محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الأنوار في شمائل النبي المختار محيي السنة الحسين بن مسعود البغوي
محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس لعبد الأحد داود.
محمد نبي الحق لمجدي مرجان.
محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل والقرآن لإبراهيم خليل أحمد
السيره للشيخ الشعراوي
كنز العمال الإصدار 1.43 - للمتقي الهندي
حجه الله علي العالمين النبهاني
اظهار الحق رحمه الله العندي
مكه المكرمه للاعجاز في القران والسنه
مسند الامام احمد
اعلام النبوه للماوردي
موقع المسيحيه في الميزان
الرسول سعيد حوي
فقه السيره الشيخ محمد الغزالي
لإمام تاج الدين السبكي التعظيم والمِنَّةِ
الأربعون العلمية" عبد الحميد محمود طهماز - دار القلمالهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة - مكة المكرمة
الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة - مكة المكرمة(3/271)
( في إثبات نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم وفيه ستة مسالك ).
[معجزات النبي صلى الله عليه وسلم]
(المسلك الأول) أنه ظهرت معجزات كثيرة على يده صلى اللّه عليه وسلم وأذكر نبذاً منها في هذا المسلك من القرآن والأحاديث الصحيحة بحذف الإسناد وأوردها في نوعين.
وقد عرفت في الفصل الثالث من الباب الخامس على أتم تفصيل أنه لا شناعة عقلاً ونقلاً في اعتبار الروايات اللسانية المشتملة على شروط الرواية المعتبرة عند علمائنا رحمهم اللّه تعالى.
(أما النوع الأول) ففي بيان أخباره عن المغيبات الماضية والمستقبلة، أما الماضية فكقصص الأنبياء عليهم السلام وقصص الأمم البالية من غير سماع من أحد ولا تلقن من كتاب كما عرفت في الأمر الرابع من الفصل الأول من الباب الخامس وقد أشير إليه بقوله تعالى: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا}.
والمخالفة التي وقعت بين القرآن وكتب أهل الكتاب في بيان بعض هذه القصص فقد عرفت حالها في الفصل الثاني من الباب الخامس في جواب الشبهة الثانية، وأما المستقبلة فكثيرة. عن حذيفة رضي اللّه عنه أنه قال: (قام فينا مقاماً فما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابي هؤلاء وإنه ليكون منه الشيء فأعرفه وأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه) رواه البخاري ومسلم.
وقد عرفت في الأمر الثالث من الفصل الأول من الباب الخامس اثنين وعشرين خبراً من الأخبار المندرجة في القرآن وقال اللّه تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر اللّه ألا إن نصر اللّه قريب}.
(3/272)
فوعد اللّه المسلمين في هذا القول بأنهم يزلزلون حتى يستقيؤه ويستنصروه. وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه: (سيشتد الأمر باجتماع الأحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم). وقال أيضاً: (أن الأحزاب سائرون إليكم تسعاً أو عشراً). فجاء الأحزاب كما وعد اللّه ورسوله وكانوا عشرة آلاف وحاصروا المسلمين وحاربوهم محاربة شديدة إلى مدة شهر وكان المسلمون في غاية الضيق والشدة والرعب وقالوا هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وأيقنوا بالجنة والنصر. كما أخبر اللّه تعالى بقوله: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وصدق اللّه ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً}. وقد خرج أئمة الحديث رضي اللّه عنهم:
1- أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبر الصحابة بفتح مكة وبيت المقدس واليمن والشام والعراق.
2- وأن الأمن يظهر حتى ترحل المرأة من الحيرة إلى مكة لا تخاف إلا اللّه.
3- وأن خيبر تفتح على يد علي رضي اللّه عنه في غد يومه.
4- وأنهم يقسمون كنوز ملك فارس وملك الروم.
5- وأن بنات فارس تخدمهم. وهذه الأمور كلها وقعت في زمن الصحابة رضي اللّه عنهم كما أخبر.
6- وأن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة.
7- وأن فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعد هذا أبداً، والروم ذات قرون كلما هلك قرن خلف مكانه قرن أهل صخر وبحر هيهات آخر الدهر. والمراد بالروم الفرنج والنصارى وكان كما أخبر ما بقي من سلطنة الفرس أثر ما بخلاف الروم، فإن سلطنتهم وإن زالت عن الشام في عهد خلافة عمر رضي اللّه عنه وانهزم هرقل من الشام إلى أقصى بلاده لكن لم تزل سلطنتهم بالكلية بل كلما هلك قرن خلفه قرن آخر.
(3/273)
8- وأن اللّه زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها). والمعنى جمع اللّه لي الأرض مرة واحدة بتقريب بعيدها إلى قريبها حتى اطلعت على ما فيها، وستفتحها أمتي جزءاً فجزءاً حتى تمتلك جميع أجزائها، ولأجل تقييدها بمشارقها ومغاربها انتشرت ملته في المشارق والمغارب ما بين أرض الهند التي هي أقصى المشرق إلى بحر طنجة الذي في أقصى المغرب، ولم تنتشر في الجنوب والشمال مثل انتشارها في المشرق والمغرب، ولعل في إتيانهما بلفظ الجمع، وفي تقديم المشارق، إيماء إلى ما هنالك وإلى ظهور كثرة العلماء منهما بالنسبة إلى غيرهما، وأن علماء المشرق أكثر وأظهر من علماء المغرب.
9- وأنه لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة). وفي حديث آخر رواية أبي أمامة: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر اللّه وهم كذلك وقيل: يا رسول اللّه وأين هم قال: ببيت المقدس) والمراد عند جمهور العلماء بأهل الغرب أهل الشام لأنه غرب الحجاز بدلالة رواية وهم بالشام.
10- وأن الفتن لا تظهر ما دام عمر حياً وكان كما أخبر، وكان عمر رضي اللّه عنه سد باب الفتنة.
11- وأن المهدي رضي اللّه عنه يظهر.
12- وأن عيسى عليه السلام ينزل.
13- وأن الدجال يخرج. وهذه الأمور الثلاثة ستظهر إن شاء اللّه تعالى واللّه أعلم.
14- أن عثمان يقتل وهو يقرأ في المصحف.
15 - وأن أشقى الآخرين من يصبغ هذه من هذه. يعني لحية علي من دم رأسه، يعني يقتله وهما رضي اللّه عنهما استشهدا كما أخبر.
16- وأن عماراً تقتله الفئة الباغية فقتله أصحاب معاوية.
(3/274)
17- وأن الخلافة بعدي في أمتي ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً عضوضاً بعد ذلك) فكانت الخلافة الحقة كذلك بمضي مدة خلافة الحسن بن علي رضي اللّه عنهما، لأن خلافة أبي بكر رضي اللّه عنه كانت سنتين وثلاثة أشهر وعشرين يوماً، وخلافة عمر رضي اللّه عنه عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام، وخلافة عثمان رضي اللّه عنه إحدى عشرة سنة وإحدى عشر شهراً وثمانية عشر يوماً، وخلافة علي رضي اللّه عنه أربع سنين وعشرة أشهر وتسعة أيام، وبتمامها خلافة الحسن رضي اللّه عنه.
18- وأن هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش والمراد يزيد وبنو مروان.
19- وأن الأنصار يقلون حتى يكونوا كالملح في الطعام، فلم يزل أمرهم يتفرق حتى لم يبق لهم جماعة. ووقع كما أخبر.
20- وأنه يكون في ثقيف كذاب ومبير أي مهلك، فرأوهما المختار والحجاج.
20- وأن الموتتين أي الوباء والطاعون يكون بعد فتح بيت المقدس، وكان هذا الوباء في خلافة عمر رضي اللّه عنه بعمواس من قرى بيت المقدس، وبها كان عسكره، وهو أول طاعون وقع في الإسلام مات به سبعون ألفاً في ثلاثة أيام.
22- وأنهم يغزون في البحر كالملوك على الأسرة ففي الصحيحين: (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان من خالات النبي صلى اللّه عليه وسلم من الرضاع وكانت تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها يوماً فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه فنام، ثم استيقظ يضحك فقالت: ممَّ تضحك؟ قال: ناس من أمتي عرضوا على غزاة في سبيل اللّه يركبون ثبج هذا البحر 2 ملوكاً على الأسرة أو كالملوك على الأسرة. فقالت: ادع اللّه أن يجعلني منهم 3 فقال: أنت من الأولين. فركبت البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها بعد خروجها منه فهلكت).
23- وأن الإيمان لو كان منوطاً بالثريا لناله رجال من أبناء فارس وفيه إشارة إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة الكوفي رحمه اللّه تعالى أيضاً.
(3/275)
24- وأن فاطمة أول أهله لحوقاً به فماتت رضي اللّه عنها بعد ستة أشهر من وفاته صلى اللّه عليه وسلم.
25- (وأن ابني هذا) أي الحسن ابن علي رضي اللّه عنهما (سيد وسيصلح اللّه به بين فئتين عظيمتين) ووقع كما أخبر، فأصلح اللّه به بين أتباعه وأهل الشام.
26- وأن أبا ذر يعيش وحيداً، ويموت. فكان كما أخبر.
27- (وأن أسرع أزواجه لحوقاً به أطولهن يداً) فكانت زينب بنت جحش رضي اللّه عنها أسرعهن لحوقاً به لطول يدها بالصدقة.
28- (وأن الحسين بن علي رضي اللّه عنهما يقتل بالطف) وهو بفتح الطاء وتشديد الفاء مكان بناحية الكوفة على شط نهر الفرات، والآن اشتهر بكربلاء، فاستشهد الحسين رضي اللّه عنه في الطف كما أخبر.
29- وقال لسراقة بن جعشم: كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ فلما أتى بهما عمر رضي اللّه عنه ألبسهما إياه وقال: الحمد للّه الذي سلبهما كسرى وألبسهما سراقة.
30- وقال لخالد رضي اللّه عنه حين وجهه لاكيدر: إنك تجده يصيد البقر. فكان كما أخبر. وفي حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه عند الشيخين: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز يضيء لها أعناق الإبل ببصرى).
(3/276)
وقد خرجت نار عظيمة على قرب مرحلة من المدينة، وكان ابتداؤها يوم الأحد مستهل جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة، وكانت خفيفة إلى ليلة الثلاثاء بيومها، ثم ظهرت ظهوراً اشترك فيه الخاص والعام، ولعدم ظهورها ظهوراً معتداً إلى يوم الثلاثاء خفي عن البعض وقال ابتداؤها كان ثالث الشهر، وفي يوم الأربعاء ظهرت ظهوراً شديداً، واشتدت حركتها واضطربت الأرض بمن عليها، وارتفعت الأصوات لخالقها، ودامت آثار الحركة حتى أيقن أهل المدينة بوقوع الهلاك وزلزلوا زلزالاً شديداً فلما كان يوم الجمعة نصف النهار ثار في الجو دخان متراكم أمره متفاقم ثم شاع النار وعلا حتى غشى الأبصار، فسكنت بقريظة عند قاع التنعيم بطرف الحرة ترى في صورة البلد العظيم عليها سور محيط عليه شراريف كشراريف الحصون وأبراج ومآذن، ويرى رجال يقودونها لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته، ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور والجبال بين يديه.
وكان يأتي المدينة ببركة النبي صلى اللّه عليه وسلم نسيم بارد. وكان انطفاؤها في السابع والعشرين من شهر رجب ليلة الإسراء والمعراج وللشيخ قطب الدين القسطلاني تأليف في بيان حال هذه النار سماه بحمل الإيجاز في الإعجاز بنار الحجاز. فهذا الخبر من الأخبار العظيمة أيضاً لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبر بخروج هذه النار قبل ظهورها بمقدار ستمائة وخمسين سنة تقريباً، وكتب في البخاري قبل ظهورها بمقدار أربعمائة سنة تقريباً، وصحيح البخاري في غاية درجة القبول من زمان التأليف إلى هذا الحين حتى أخذ تسعون ألف رجل سنده من الإمام المرحوم بلا واسطة في مدة حياته فلا مجال لعناد معاند في تكذيب هذا الخبر الصريح الصادق.
(3/277)
وروى مسلم في كتاب الفتن من حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه في أمر الدجال من طريق أبي قتادة عن يسير بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري فقال: ألا يا عبد اللّه بن مسعود جاءت الساعة. قال: فقعد وكان متكئاً، فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة. ثم قال: بيده هكذا ونحاها نحو الشام.
فقال: عدو يجتمعون لأهل الشام ويجتمع لهم أهل الشام. قلت: الروم يعني. قال: نعم. ويكون عند ذلك القتال ردة شديدة أي هزيمة، فيشترط المسلمون شرطة الموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة الموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة الموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا فيبقى هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية الإسلام فيجعل اللّه الدبرة عليهم (أي الروم) فيقتتلون مقتلة، أما قال: لا يرى مثلها، وأما قال: لم ير مثلها حتى أن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتاً فيتعاد بنو الأب، كانوا مائة فلا يجدون بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم. فبينما هم كذلك إذ سمعوا بناس هم أكثر من ذلك فجاءهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون الحديث. عصمنا اللّه من فتنة الدجال.
(3/278)
واعلم أن علماء بروتستنت على ما هو عادتهم يغلطون العوام باعتراضات مموهة على الإخبارات المستقبلة المندرجة في القرآن والحديث، فأنقل ههنا بعض الإخبارات المنسوبة إلى الأنبياء الإسرائيلية عليهم السلام عن كتبهم المقدسة ليعلم المخاطب أن اعتراضاتهم ليست بشيء، وليس غرضي سوء الاعتقاد في أقوال الأنبياء عليهم السلام لأنها ليست بثابتة الإسناد إليهم ثبوتاً قطعياً، بل حكمها حكم الروايات الضعيفة المروية بروايات الآحاد، فالغلط منها ليس بقولهم يقيناً والاعتراض عليه حق فأقول:
الأول: الخبر المنقول في الباب السادس من سفر التكوين.
والثاني: الخبر المنقول في الآية الثامنة من الباب السابع من كتاب أشعيا.
والثالث: الخبر المنقول في الباب التاسع والعشرين من كتاب أرمياء.
والرابع: الخبر المندرج في الباب السادس والعشرين من كتاب حزقيال.
والخامس: الخبر المندرج في الباب الثامن من كتاب دانيال.
والسادس: الخبر المندرج في الباب التاسع من الكتاب المذكور.
والسابع: الخبر المندرج في الباب الثاني عشر من الكتاب المذكور.
والثامن: الخبر المندرج في الباب السابع من سفر صموئيل الثاني.
والتاسع: الخبر المندرج في الآية 39 و 40 من الباب الثاني عشر من إنجيل متى.
والعاشر: الخبر المندرج في الآية السابعة والعشرين والثامنة والعشرين من الباب السادس عشر من إنجيل متى.
والحادي عشر: الخبر المندرج في الباب الرابع والعشرين من إنجيل متى.
والثاني عشر: الخبر المندرج في الباب العاشر من إنجيل متى.
وكلها غلط كما عرفت هذه الأمور في الباب الأول، فإن أراد أحد منهم أن يعترض على أخباره من الإخبارات المستقبلة المندرجة في القرآن والحديث فعليه أن يبين أولاً صحة هذه الإخبارات المندرجة في كتبهم التي أشرت إليها الآن ثم يعترض.
وأما النوع الثاني ففي الأفعال التي ظهرت منه عليه السلام على خلاف العادة وهي تزيد على ألف وأكتفي على ذكر أربعين:
(3/279)
1- قال اللّه تعالى في سورة بني إسرائيل: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا}.
فهذه الآية والأحاديث الصحيحة تدل على أن المعراج كان في اليقظة بالجسد، أما دلالة الأحاديث ففي غاية الظهور، وأما دلالة الآية فلأن لفظ العبد يطلق على مجموع الجسد والروح. قال اللّه تعالى: {أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى)، وقال أيضاً في سورة الجن: {وأنه لما قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا}.
ولا شك أن المراد في الموضعين من العبد مجموع الروح والجسد، فكذا المراد بالعبد ههنا. ولأن الكفار استبعدوا هذا المعراج وأنكروه وارتد بسماعه ضعفاء المسلمين وافتتنوا به فلو لم يكن المعراج بالجسد وفي اليقظة لما كان سبباً لاستبعاد الكفار وإنكارهم وارتداد ضعفاء المسلمين وافتتانهم. إذ مثل هذا في المنامات لا يعد من المحال ولا يستبعد ولا ينكر ألا ترى أن أحداً لو ادعى أنه سار في نومه مرة في الشرق ومرة في الغرب وهو لم يتحول عن مكانه ولم تتبدل حاله الأولى، لم ينكره أحد ولم يستبعد، ولا استحالة فيه عقلاً ونقلاً.
أما عقلاً فلأن خالق العالم قادر على كل الممكنات، وحصول الحركة البالغة في السرعة إلى هذا الحد في جسد محمد صلى اللّه عليه وسلم ممكن، فوجب كونه تعالى قادراً عليه وغاية ما في الباب أنه خلاف العادة والمعجزات كلها تكون كذلك.
وأما نقلاً فلأن صعود الجسم العنصري إلى الأفلاك ليس بممتنع عند أهل الكتاب.
1 - قال القسيس وليم اسمت في كتابه المسمى بطريق الأولياء في بيان حال أخنوخ الرسول الذي كان قبل ميلاد المسيح بثلاث آلاف سنة وثلثمائة واثنتين وثمانين سنة هكذا: (أن اللّه نقله حياً إلى السماء لئلا يرى الموت كما هو مرقوم أنه لم يوجد لأن اللّه نقله فترك الدنيا من غير أن يحمل المرض والوجع والألم والموت ودخل بجسده في ملكوت السماء) انتهى.
(3/280)
وقوله كما هو مرقوم إشارة إلى الآية الرابعة والعشرين من الباب الخامس من سفر التكوين.
وفي الباب الثاني من سفر الملوك الثاني هكذا: 1 (وكان لما أراد الرب أن يصعد ايليا بالعجاج إلى السماء انطلق ايليا واليسع من الجلجال 11 وبينما هما يسيران ويتكلمان إذ بعجلة من نار وخيل من نار فاقتربت فيما بينهما وصعد ايليا بالعجاج إلى السماء).
وقال آدم كلارك المفسر في شرح هذا المقام: (لا شك أن إيليا رفع إلى السماء حياً) انتهى كلامه.
والآية التاسعة عشر من الباب السادس عشر من إنجيل مرقس هكذا: (ثم الرب بعد ما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين اللّه).
وقال بولس في حال معراجه في الباب الثاني عشر من رسالته الثانية إلى أهل قورنيثوس هكذا: 2 (أعرف إنساناً في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم اللّه يعلم اختطف هذا إلى السماء الثالثة 3 وأعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد لست أعلم اللّه يعلم أنه اختطف إلى الفردوس 4 وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها) فادعى معراجه إلى السماء الثالثة وإلى الفردوس وبسماع كلمات لا ينطق بها، وليس لإنسان أن يتكلم بها 5 وقال يوحنا في الباب الرابع من المكاشفات 1 (وبعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم قائلاً اصعد إلى ههنا فأريك ما لا بد أن يصير بعد هذا 2 وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس).
(3/281)
فهذه الأمور مسلمة عند المسيحيين فلا مجال للقسيسين أن يعترضوا على معراج النبي صلى اللّه عليه وسلم عقلاً أو نقلاً. نعم يرد عليهم أنه لا وجود للسماوات على حكم علم الهيئة الجديد، فكيف يصدق عندهم أن أخنوخ وإيليا والمسيح عليهم السلام رفعوا إلى السماء وجلس المسيح على يمين اللّه واختطف مقدسهم إلى السماء الثالثة وإلى الفردوس. وقد عرفنا مطهر البابويين وجهنمهم كما مر في الفصل الثاني من الباب الخامس لكنا ما عرفنا فردوس المسيحيين أهو على السماء الثالثة الموهومة كأنياب الأغوال عندهم أو فوقها أو هو عبارة عن جهنم كما يفهم بملاحظة الإنجيل وكتاب عقائدهم، لأن المسيح قال للسارق المصلوب معه وقت الصلب إنك اليوم تكون معي في الفردوس.
وهم يصرخون في العقيدة الثالثة من عقائدهم أنه نزل إلى جهنم، فإذا لاحظنا الأمرين يعلم أن الفردوس عندهم جهنم.
قال جواد بن ساباط في البرهان السادس عشر من المقالة الثانية من كتابه أن القسيس كياروس سألني في حضور المترجمين: ماذا يعتقد المسلمون في معراج محمد صلى اللّه عليه وسلم؟ قلت: إنهم يعتقدون أنه من مكة إلى أورشليم ومنه إلى السماء.
قال: لا يمكن صعود الجسم إلى السماء. قلت: سألت بعض المسلمين عنه فأجاب أنه يمكن كما أمكن لجسم عيسى عليه السلام. قال القسيس: لِمَ لَمْ تستدل بامتناع الخرق والالتئام على الأفلاك؟ قلت: استدللت به لكنه أجاب أنهما ممكنان لمحمد صلى اللّه عليه وسلم كما كانا ممكنين لعيسى عليه السلام.
قال القسيس: لِمَ لَمْ تقل أن عيسى إله له أن يتصرف ما يشاء في مخلوقاته؟ قلت: قد قلت ذلك لكنه قال أن ألوهية عيسى باطلة لأنه يستحيل أن يطرأ على اللّه علامات العجز كالمضروبية والمصلوبية والموت والدفن. انتهى.
(3/282)
ونقل بعض الأحياء أن قسيساً في بلد بنارس من بلاد الهند كان يقول في بعض المجامع تغليطاً لجهال المسلمين البدويين كيف تعتقدون المعراج وهو أمر مستبعد فأجابه مجوسي من مجوس الهند أن المعراج ليس بأشد استبعاداً من كون العذراء حاملة من غير زوج، فلو كان مطلق الأمر المستبعد كاذباً فهذا أيضاً يكون كاذباً فكيف تعتقدونه فبهت القسيس.
2- قال اللّه تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر} أخبر اللّه بوقوع الانشقاق بلفظ الماضي فيجب تحققه، وحمله على معنى سينشق بعيد لأربعة أوجه:
الأول: أن قراءة حذيفة وقد انشق القمر وهي صريحة في الزمان الماضي والأصل توافق القراءتين.
والثاني: أن اللّه أخبر بإعراضهم عن آياته والإعراض الحقيقي عنها لا يتصور قبل وقوعها.
والثالث: أن المفسرين المشهورين صرحوا بأن انشق بمعناه، وردوا قول من قال بمعنى سينشق.
والرابع: أن الأحاديث الصحيحة تدل على وقوعه قطعاً. ولذلك قال شارح المواقف: (وهذا متواتر قد رواه جمع كثير من الصحابة كابن مسعود وغيره) انتهى كلامه.
وقال العلامة أبو نصر عبد الوهاب ابن الإمام علي بن عبد الكافي بن تمام الأنصاري السبكي في شرحه لمختصر ابن الحاجب في الأصول: (والصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن مروي في الصحيحين وغيرهما) انتهى كلامه.
وأقوى شبهات المنكرين أن الأجرام العلوية لا يتأتى فيها الخرق والالتئام وأن هذا الانشقاق لو وقع لم يخف على أهل الأرض كلهم ونقله مؤرخو العالم.
(والجواب) أن هذه الشبهة ضعيفة جداً نقلاً وعقلاً. أما نقلاً فلسبعة أوجه:
الوجه الأول: أن حادثة طوفان نوح عليه السلام كانت ممتدة إلى سنة، وفنى فيه كل ذي حياة من الطيور والبهائم والحشرات والإنسان غير أهل السفينة، وما نجا من الإنسان غير ثمانية أشخاص على ما هو مصرح به في الباب السابع والثامن من سفر التكوين.
(3/283)
وفي الآية العشرين من الباب الثالث من الرسالة الأولى لبطرس هكذا: (في أيام نوح إذ كان الفلك يبني الذي فيه خلص قليلون أي ثمانية أنفس بالماء).
والآية الخامسة من الباب الثاني من رسالته الثانية هكذا: (ولم يشفق على العالم القديم بل إنما حفظ نوحاً ثامناً كارزا للبر إذ جلب طوفاناً على عالم الفجار). وما مضت على هذه الحادثة مدة إلى هذا اليوم على زعم أهل الكتاب إلا مقدار أربعة آلاف ومائتين واثنتي عشرة سنة شمسية ولا يوجد هذا الحال في تواريخ مشركي الهند وكتبهم. وهم ينكرون هذا الأمر إنكاراً بليغاً ويستهزئ به علماؤهم كافة ويقولون: لو قطع النظر عن الزمان السالف ونظر إلى زمان كرشن الأوتار، الذي كان قبل هذا اليوم بمقدار أربعة آلاف وتسعمائة وستين سنة على شهادة كتبهم، لا مجال لصحة هذه الحادثة العامة لأن الأمصار العظيمة الكثيرة من ذلك العهد إلى هذا الحين مغمورة وثبت بشهادة تواريخهم أنه يوجد من ذلك العهد إلى هذا الحين في إقليم الهند مليونات كثيرة في كل زمان من الأزمنة، ويدعون أن حال زمان كرشن لوجود كثرة التواريخ كحال أمس.
وقال ابن خلدون في المجلد الثاني من تاريخه: (واعلم أن الفرس والهند لا يعرفون الطوفان وبعض الفرس يقولون كان ببابل فقط) انتهى كلامه بلفظه. وقال العلامة تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد المعروف بالمقريزي في المجلد الأول من كتابه المسمى بكتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار: (الفرس وسائر المجوس والكلدانيون أهل بابل والهند وأهل الصين وأصناف الأمم المشرقية ينكرون الطوفان، وأقر به بعض الفرس لكنهم قالوا لم يكن الطوفان بسوى الشام والمغرب ولم يعم العمران كله ولا غرق إلا بعض الناس ولم يجاوز عقبة حلوان ولا بلغ إلى ممالك المشرق) انتهى كلامه بلفظه.
(3/284)
وأبناء صنف القسيسين ينكرون هذا الطوفان ويستهزئون به. وأنقل كلام جان كلارك الملحد عن رسالته الثالثة المندرجة في كتابه المطبوع سنة 1839 في ليدس فقال في الصفحة 54: (هذا) يعني الطوفان، غير صحيح على شهادة علم الفلسفة وأنا أتعجب! أمات الحيتان في ماء هذا الطوفان؟.
ولما كان بحكم الآية الخامسة من الباب السادس من سفر التكوين أفكار قلوب الإنسان ذميمة فلماذا أبقى اللّه ثمانية أشخاص. لِمَ لَمْ يخلق الإنسان مرة أخرى بعد إهلاك الكل؟ ولماذا أبقى بضاعته القديمة التي بقيت الأفكار الذميمة باقية بسببها؟ لأن الشجرة الرديئة لا تثمر ثمرة جيدة كما قال متى في الآية السادسة عشر من الباب السابع، هل يجتنبون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً؟. ونوح كان شارب الخمر وبهيمة وظالماً (والعياذ باللّه). كما يفهم من الآية 21 و 25 من الباب التاسع من سفر التكوين فكيف يرجى منه أن يكون نسله صالحاً.
وانظروا أنه لم يكن صالحاً كما يظهر من الآية الثانية من الباب الثاني من رسالة بولس إلى أهل أفسيس والآية الثالثة من الباب الثالث من رسالته إلى تيطس والآية الثالثة من الباب الرابع من الرسالة الأولى لبطرس والآية [ص 190] الخامسة من الزبور الحادي والخمسين) انتهى كلامه. ثم استهزأ في هذه الصفحة 93 استهزاءً بليغاً جاوز الحد في إساءة الأدب، فلا أرضى بنقل كلامه القبيح.
(الوجه الثاني) في الباب العاشر من كتاب يوشع، على وفق الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: 12 حينئذ تكلم يسوع أمام الرب في اليوم الذي دفع الأموري في يدي بني إسرائيل، وقال أمامهم أيتها الشمس مقابل جبعون لا تتحركي والقمر مقابل قاع ايلون 13 (فوقف الشمس والقمر حتى انتقم الشعب من أعدائهم، أليس هذا مكتوباً في سفر الأبرار فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تكن تعجل إلى الغروب يوماً تاماً).
(3/285)
وفي الباب الرابع من الحصة الثالثة من كتاب تحقيق الدين الحق، المطبوع سنة 1846 في الصفحة 362 هكذا: (أما غربت الشمس بدعاء يوشع إلى أربع وعشرين ساعة) انتهى كلامه.
وهذه الحادثة عظيمة وكانت على زعم المسيحيين قبل ميلاد المسيح بألف وأربعمائة وخمسين سنة فلو وقعت لظهرت على الكل ولا يمنع السحاب الغليظ علمه أيضاً، وهو ظاهر ولا اختلاف في الآفاق لأنا لو فرضنا أن بعض الأمكنة كان فيها الليل في هذا الوقت لأجل الاختلاف فلا بد أن تظهر لامتداد ليلهم بقدر أربع وعشرين ساعة. وهذه الحادثة العظيمة ليست مكتوبة في كتب تواريخ أهل الهند ولا أهل الصين ولا الفرس. وأنا سمعت من علماء مشركي الهند تكذيبها، وهم يجزمون بأنها غلط يقيناً، وأبناء صنف القسيسين يكذبونها ويستهزئون بها وأوردوا عليها اعتراضات:
الاعتراض الأول: أن قول يوشع أيتها الشمس لا تتحركي، وقوله فوقفت الشمس، يدلان على أن الشمس متحركة والأرض ساكنة، وإلا كان عليه أن يقول أيتها الأرض لا تتحركي فوقفت الأرض، وهذا الأمر باطل بحكم علم الهيئة الجديد الذي يعتمد عليه حكماء أوروبا كلهم الآن ويعتقدون ببطلان القديم، لعل يوشع ما كان يعلم هذه الحال، أو هذه القصة كاذبة.
(3/286)
والاعتراض الثاني: أن قوله فوقفت الشمس في كبد السماء يدل على أن هذا الوقت كان نصف النهار وهذا مخدوش أيضاً بوجوه: أما أولاً: فلأن بني إسرائيل كانوا قتلوا من المخالفين ألوفاً وهزموهم ولما هربوا أمطر الرب عليهم حجارة كباراً من السماء، وكان الذين ماتوا بالحجارة أكثرمن الذين قتلهم بنو إسرائيل، وهذه الأمور حصلت قبل نصف النهار على ما هو مصرح به في الباب فلا وجه لاضطراب يوشع عليه السلام في هذا الوقت لأن المظفرين من بني إسرائيل كانوا كثيرين جداً والباقون من المخالفين قليلين جداً وكان الباقي من النهار مقدار النصف، فقتلهم قبل الغروب كان في غاية السهولة. وأما ثانياً: فلأن الوقت لما كان نصف النهار فكيف رأوا القمر في هذا الوقت على أن توقيفه لغو على قواعد الفلسفة. وأما ثالثاً: فلأن الوقت لما كان نصف النهار وكان بنو إسرائيل مشتغلين بالمحاربة والاضطراب، وما كان لهم شك في المقدار الباقي من النهار، وما كانت الساعات عندهم في ذلك الزمان. فكيف علموا أن الشمس قامت على دائرة نصف النهار بمقدار اثنتي عشرة ساعة وما مالت إلى هذه المدة إلى جانب المغرب.
والاعتراض الثالث: قال جان كلارك: (إن اللّه كان وعد أن جميع أيام الأرض زرع وحصاد، برد وحر، صيف وشتاء، ليل ونهار، لا تهدأ كما هو مصرح به في الآية الثانية والعشرين من الباب الثامن من سفر التكوين فإذا لم تغرب الشمس إلى المدة المذكورة هدأ الليل في ذلك الوقت).
(الوجه الثالث) في الآية الثامنة من الباب الثامن والثلاثين في بيان رجوع الشمس بمعجزة أشعيا هكذا: (فرجعت الشمس عشر درجات في المراقي التي كانت قد انحدرت).
(3/287)
وهذه الحادثة عظيمة، ولما كانت في النهار فلا بد أن تظهر لأكثر أهل العالم، وكانت قبل ميلاد المسيح بسبعمائة وثلاث عشرة سنة شمسية، وهذه الحادثة ليست مكتوبة في تواريخ أهل الهند والصين والفرس. وأيضاً يفهم منها حركة الشمس وسكون الأرض، وهذا أيضاً باطل على حكم علم الهيئة الجديد.
على أنا لو قطعنا النظر عن هذا، فنقول أن ههنا ثلاثة احتمالات أما أن رجع النهار فقط بمقدار عشر درجات، أو الشمس رجعت في السماء بهذا المقدار كما هو الظاهر، أو رجعت حركة الأرض من المشرق إلى المغرب بهذا المقدار. وهذه الاحتمالات الثلاثة باطلة بحكم الفلسفة. وهذه الحوادث الثلاثة مسلمة عند اليهود والنصارى والحوادث الباقية التي أذكرها تختص بالنصارى.
(3/288)
(الوجه الرابع) في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى: 51 (وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزلت، والصخور تشققت 52 والقبور تفتحت وقام كثير من أجسام القديسين الراقدين 53 وخرجوا من القبور بعد قيامه ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين). وهذه الحادثة كاذبة يقيناً كما عرفت في الفصل الثالث من الباب الأول، ولا توجد في تواريخ المخالفين القديمة من الرومانيين واليهود، ولم يذكر مرقس ولوقا تشقق الصخور، وتفتح القبور، وخروج كثير من أجساد القديسين ودخولهم في المدينة المقدسة، مع أن ذكرها كان أولى من ذكر صراخ عيسى عليه السلام عند الموت الذي اتفقا على ذكره. وتشقق الصخور من الأمور التي يبقى أثرها بعد الوقوع، والعجب أن متى لم يذكر أمر هؤلاء الموتى بعد انبعاثهم لأي الناس ظهروا، وكان اللائق ظهورهم على اليهود وبيلاطس ليؤمنوا بعيسى عليه السلام كما كان اللائق على عيسى عليه السلام أن يظهر على هؤلاء بعد قيامه من الأموات ليزول الاشتباه ولا يبقى المجال لليهود أن تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوا جثته. وكذا لم يذكر أن هؤلاء الموتى بعد الانبعاث رجعوا إلى أجسادهم أو بقوا في الحياة. وقال بعض الظرفاء: لعل متى فقط رأى هذه الأمور في المنام. على أنه يفهم من عبارة لوقا أن انشقاق حجاب الهيكل كان قبل وفاة عيسى عليه السلام خلافاً لمتى ومرقس.
(الوجه الخامس) كتب متى ومرقس ولوقا في بيان صلب المسيح، أن الظلمة كانت على الأرض كلها من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة، وهذه الحادثة لما كانت في النهار على الأرض كلها وممتدة إلى أربع ساعات، فلا بد أن لا تخفى على أكثر أهل العالم، ولا يوجد ذكرها في تواريخ أهل الهند والصين والفرس.
(الوجه السادس) أن متى كتب في الباب الثاني قصة قتل الأطفال، ولم يكتبها غيره من الإنجيليين والمؤرخين.
(3/289)
(الوجه السابع) في الباب الثالث من إنجيل متى ولوقا، وفي الباب الأول من إنجيل مرقس هكذا: (فساعة طلع من الماء رأى السماوات قد انشقت والروح مثل حمامة نازلاً عليه، وكان صوت من السماوات (أنت ابني الحبيب الذي به سررت) انتهى بعبارة مرقس.
فانشقاق السماوات لما كان في النهار، فلا بد أن لا يخفى على أكثر أهل العالم، وكذا رؤية الحمامة وسماع الصوت لا يختص بواحد دون واحد من الحاضرين، ولم يكتب أحد هذه الأمور غير الإنجيليين.
وقال "جان كلارك" مستهزئاً بهذه الحادثة: (إن متى أبقانا محرومين من الاطلاع العظيم، وهو أنه لم يصرح أن السماوات لما انفتحت هل انفتحت أبوابها الكبيرة؟ أم المتوسطة؟ أم الصغيرة؟ وهل كانت هذه الأبواب في هذا الجانب من الشمس أو في ذلك الجانب؟ ولأجل هذا السهو الذي صدر عن متى قسوسنا يضربون الرؤوس متحيرين في تعيين الجانب، ثم قال: وما أخبرنا أيضاً أن هذه الحمامة هل أخذها أحد وحبسها في القفص، أم رأوها راجعة إلى جانب السماء. ولو رأوها راجعة ففي هذه الصورة لا بد أن تبقى أبواب السماوات مفتوحة إلى هذه المدة، فلا بد أنهم رأوا باطن السماء بوجه حسن لأنه لا يعلم أن بواباً كان عليها قبل وصول بطرس هناك، لعل هذه الحمامة كانت جنية) انتهى كلامه.
(وأما بطلانها عقلاً) فلوجوه ثمانية.
(الأول) أن انشقاق القمر كان في الليل وهو وقت الغفلة والنوم والسكون عن المشي والتردد في الطرق سيما في موسم البرد، فإن الناس يكونون مستريحين في دواخل البيوت وزواياها مغلقين أبوابها، فلا يكاد يعرف من أمور السماء شيئاً إلا من انتظره واعتنى به، ألا ترى إلى خسوف القمر فإنه يكون كثيراً، وأكثر الناس لا يحصل لهم العلم به حتى يخبرهم أحد به في السحر.
(والثاني) أن هذه الحادثة ما كانت ممتدة إلى زمان كثير، فما كان للناظر أن يذهب إلى الغير الذي هو بعيد عنه وينبهه، أو يوقظ النائم ويريه.
(3/290)
(والثالث) أنها لم تكن متوقع الحصول لأهل العلم لينظروها في وقتها ويروها كما أنهم يرون هلال رمضان والعيدين والكسوف والخسوف في أوقاتها غالباً لأجل كونها متوقع الحصول، ولا يكون نظر كل واحد إلى السماء في كل جزء من أجزاء النهار أيضاً فضلاً عن الليل. فلذلك رأى الذين كانوا طالبين لهذه المعجزة وكذلك من وقع نظره في هذا الوقت إلى السماء كما جاء في الأحاديث الصحيحة أن الكفار لما رأوها قالوا: سحركم ابن أبي كبشة فقال أبو جهل: هذا سحر فابعثوا إلى أهل الآفاق حتى تنظروا رأوا ذلك أم لا؟ فأخبر أهل آفاق مكة أنهم رأوه منشقاً، وذلك لأن العرب يسافرون في الليل غالباً ويقيمون بالنهار فقالوا: هذا سحر مستمر.
وفي المقالة الحادية عشر من تاريخ "فرشته" أن أهل مليبار من إقليم الهند رأوه أيضاً، وأسلم والي تلك الديار التي كانت من مجوس الهند بعد ما تحقق له هذا الأمر.
وقد نقل الحافظ المري عن ابن تيمية 6 أن بعض المسافرين ذكر أنه وجد في بلاد الهند بناءً قديماً مكتوباً عليه: "بني ليلة انشق القمر".
(والرابع) أنه قد يحول في بعض الأمكنة وفي بعض الأوقات بين الرائي والقمر، سحاب غليظ أو جبل، ويوجد التفاوت الفاحش في بعض الأوقات في الديار التي ينزل فيها المطر كثيراً، بأنه يكون في بعض الأمكنة سحاب غليظ ونزول المطر بحيث لا يرى الناظر في النهار الشمس ولا هذا اللون الأزرق إلى ساعات متعددة، وكذا لا يرى في الليل القمر والكواكب ولا اللون المذكور. وفي بعض أمكنة أخرى لا أثر للسحاب ولا للمطر وتكون المسافة بين تلك الأمكنة والأمكنة الأولى قليلة، وأهل البلاد الشمالية كالروم والفرنج في موسم نزول الثلج والمطر لا يرون الشمس إلى أيام، فضلاً عن القمر.
(3/291)
(والخامس) أن القمر لاختلاف مطالعه ليس في حد واحد لجميع أهل الأرض، فقد يطلع على قوم قبل أن يطلع على آخرين، فيظهر في بعض الآفاق وبعض المنازل على أهل بعض البلاد دون بعض، ولذلك نجد الخسوف في بعض البلاد دون بعض، ونجده في بعض البلاد باعتبار بعض أجزاء القمر، وفي بعضها مستوفياً أطرافه كلها، وفي بعضها لا يعرفها إلا الحادقون في علم النجوم، وكثيراً ما يحدث الثقات من العلماء بالهيئة الفلكية بعجائب يشاهدونها من أنوار ظاهرة ونجوم طالعة عظام تظهر في بعض الأوقات أو الساعات من الليل، ولا علم لأحد بها من غيرهم.
(والسادس) أنه قلما يقع أن يبلغ عدد ناظري أمثال هذه الحوادث النادرة الوقوع إلى حد يفيد اليقين، وأخبار بعض العوام لا يكون معتبراً عند المؤرخين في الوقائع العظيمة، نعم يعتبر أخبارهم أيضاً في الحوادث التي يبقى أثرها بعد وقوعها، كالريح الشديد، ونزول الثلج الكثير، والبرد. فيجوز أن مؤرخي بعض الديار لم يعتبروا أخبار بعض العوام في هذه الحادثة، وحملوه على تخطئة أبصار المخبرين العوام، وظنوا أنها تكون نحواً من الخسوف.
(والسابع) أن المؤرخين كثيراً ما يكتبون الحوادث الأرضية ولا يتعرضون للحوادث السماوية إلا قليلاً سيما مؤرخي السلف، وكان في زمان النبي صلى اللّه عليه وسلم في ديار إنكلترة وفرانس شيوع الجهل، واشتهارها بالصنائع والعلوم إنما هو بعد زمانه صلى اللّه عليه وسلم بمدة طويلة.
(والثامن) أن المنكر إذا علم أن الأمر الفلاني معجزة أو كرامة للشخص الذي ينكره تصدى لإخفائها، ولا يرضى بذكرها وكتابتها غالباً. كما لا يخفى على من طالع الباب الحادي عشر من إنجيل يوحنا، والباب الرابع والخامس من كتاب الأعمال، فظهر أن لا اعتراض عقلاً ونقلاً على معجزة شق القمر.
(3/292)
وقال صاحب ميزان الحق في النسخة المطبوعة سنة 1843 في مر زابور: (معنى الآية على قاعدة التفسير منسوب إلى يوم القيامة، لأن لفظ الساعة المعروف باللام، قصد منه الساعة المعلومة والوقت المعلوم أعني القيامة، كما أن هذا اللفظ جاء بهذا المعنى في الآيات التي هي في آخر هذه السورة، ولأجل ذلك فسر بعض المفسرين منهم القاضي البيضاوي وغيره لفظ الساعة بمعنى القيامة وقالوا: أن من علامات يوم القيامة بحكم هذه الآية هذه العلامة أيضاً، أن القمر سينشق) انتهى كلامه.
فادعى أمرين الأول: أن الصحيح على قاعدة التفسير أن يكون انشق بمعنى سينشق. والثاني: أن بعض المفسرين منهم القاضي البيضاوي وغيره فسروه هكذا.
وكلاهما غلطان.
أما (الأول) فلأن انشق صيغة ماض، وحمله على معنى سينشق مجاز ولا يصار إلى المجاز ما لم يتعذر الحمل على الحقيقة، وههنا لم يتعذر بل يجب الحمل على معناه الحقيقي كما عرفت آنفاً.
أما (الثاني) فلأنه بهتان صرف على البيضاوي، وهو ما فسر انشق بينشق بل فسر بمعناه الماضي، لكنه بعد ما فسر على مختاره، نقل قول البعض بصيغة التمريض، ثم رد قوله فهذا القول مردود عنده.
(3/293)
ولما اعترض صاحب الاستفسار على مؤلف الميزان على العبارة المذكورة وقال: (أن القسيس إما غالط أو مغلط للعوام). تنبه المؤلف المذكور وغير هذه العبارة في النسخة الجديدة الفارسية المطبوعة سنة 1849، ونسخة أردو المطبوعة سنة 1850 وقال: (لفظ الساعة المعرف باللام في حالة الأفراد جاء في كل موضع من القرآن بمعنى يوم القيامة، وجملة انشق القمر بسبب واو العطف ألحقت بجملة اقتربت الساعة، وتوجد في كل من الجملتين صيغة الماضي، فكما أن الفعل الأول اقتربت بمعنى المستقبل يعني سيجيء يوم القيامة، فكذا الفعل الثاني انشق أيضاً بمعنى سينشق يعني إذا جاء يوم القيامة ينشق القمر، وبعض العلماء المفسرين أيضاً فسروا هكذا مثل الزمخشري والبيضاوي، وإن اعتقدا في تفسيرهما أن هذه الآية معجزة محمد صلى اللّه عليه وسلم، لكنهما صرحا هكذا أيضاً. وعن بعض الناس أن معناه ينشق يوم القيامة، وفي قراءة حذيفة وقد انشق القمر أي اقتربت الساعة، وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق وقال البيضاوي: وقيل معناه سينشق يوم القيامة) انتهى كلامه.
فتنبه صاحب الميزان وغير العبارة، لكنه أعجب في تلخيص عبارة الكشاف حيث أسقط بعض العبارة زاعماً أنها غير مفيدة ونقل قوله: وفي قراءة حذيفة وقد انشق القمر الخ. وهذا القول لا يناسب مقصوده لأنه نص في ثبوت المعجزة المذكورة أن قيل: نقل هذا القول طرداً قلت فحينئذ لا وجه لإسقاط بعض العبارة، وعبارة الكشاف هكذا: (وعن بعض الناس أن معناه ينشق يوم القيامة. وقوله: وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر يرده وكفى به رداً قراءة حذيفة قد انشق القمر أي اقتربت الساعة، وقد حصل من آيات اقترابها إن القمر قد انشق كما تقول أقبل الأمير وقد جاء البشير بقدومه وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال: ألا إن الساعة قد اقتربت وأن القمر قد انشق على عهد نبيكم) انتهى كلامه بلفظه.
(3/294)
قوله: لفظ الساعة المعروف باللام الخ. وكذا قوله جملة: انشق القمر بسبب واو العطف الخ. لا يحصل منهما مقصوده، لعله فهم أن لفظ الساعة لما كان بمعنى القيامة وانشقاق القمر من علاماته، فلا بد أن يكون متصلاً بها واقعاً فيها، وهذا غلط نشأ من عدم التأمل. قال اللّه تعالى في سورة محمد: {فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها}. فقوله: فقد جاء أشراطها يدل على أن أشراطها قد تحققت، لأن لفظة قد إذا دخلت على الماضي تكون نصاً على وجود الفعل في الزمان الماضي القريب من الحال، فلذلك فسر المفسرون هذا القول هكذا في البيضاوي (لأنه قد ظهرت إماراتها كمبعث النبي وانشقاق القمر).
وفي التفسير الكبير (الأشراط العلامات قال المفسرون: هي مثل انشقاق القمر ورسالة محمد عليه السلام، وفي الجلالين أي علاماتها منها مبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم، وانشقاق القمر والدخان).
وعبارة الحسيني كالبيضاوي قوله: فكما أن الفعل الأول اقتربت بمعنى المستقبل غلط لأنه بمعناه الماضي وترجمته بالفارسية يعني (رزو قيامت خواهد آمد) ليست بصحيحة، وما روي عن بعض الناس مردود عند المفسرين.
ثم قال: (ولو سلمنا أن شق القمر وقع، لا يكون معجزة محمد صلى اللّه عليه وسلم أيضاً، لأنه لم يصرح في هذه الآية ولا في آية أخرى أن هذه المعجزة ظهرت على يد محمد صلى اللّه عليه وسلم) انتهى.
أقول: يدل على كونها معجزة الآية الثانية والأحاديث الصحيحة التي صحتها بحسب الضابطة العقلية زائدة على صحة هذه الأناجيل المحرفة المملوءة بالأغلاط، والاختلافات المروية برواية الآحاد المفقود أسانيدها المتصلة، كما علمت في الباب الأول والثاني.
ثم قال: (إن علاقة الآية الثانية بالآية الأولى أن المنكرين يرون في آخر الزمان علامات القيامة ولا يؤمنون بها، بل يقولون على عادة كفار السلف أنها سحر فاحش لا غير) انتهى كلامه.
وهذا أيضاً غلط بوجهين:
(3/295)
الأول: أن المنكر لا ينكر عناداً، والكافر لا ينسب الأمر الخارق للعادة إلى السحر إلا إذا كان أحد ادعى أن هذا الأمر الخارق من معجزاتي أو كراماتي. وإذا ظهرت علامات القيامة في آخر الزمان من غير الادعاء فكيف ينكرها المنكرون، وكيف يقولون: أنها سحر فاحش لا غير.
والثاني: أن انشقاق القمر في المستقبل لا يكون إلا في يوم القيامة، خاصة وفي هذا اليوم لا يقول الكفار إنه سحر مستمر لظهور أمر القيامة في هذا اليوم على كل أحد. إلا أن يكون أحد منهم عاقلاً معانداً مثل هذا الموجه فلعله يقول بزعمه، أو يتفوه بهذا القول هذا الموجه بنفسه أو أمثاله من علماء بروتستنت، بعد انبعاثهم من أحداثهم لرسوخ عناد الدين المحمدي في قلوبهم.
ثم قال: (لو ظهرت هذه المعجزة على يد محمد لأخبر المعاندين الذين كانوا يطلبون منه معجزة بأني شققت القمر في الوقت الفلاني فلا تكفروا) وستطلع على جوابه في الفصل الثاني على أتم وجه إن شاء اللّه.
وقال صاحب وجهة الإيمان منكراً لهذه المعجزة: (عدة أشخاص من المفسرين مثل الزمخشري والبيضاوي فسروا هذا المقام بأن القمر ينشق يوم القيامة، ولو وقع لاشتهر في جميع العالم ولا معنى لاشتهاره في إقليم واحد) انتهى كلامه ملخصاً.
وقد ظهر لك مما ذكرنا أن كلا الأمرين ليسا بصحيحين يقيناً، وهذا القسيس فاق مؤلف الميزان، حيث أورد الدليل النقلي والعقلي، وصرح باسم الكشاف، أيضاً لعله رأى في النسخة القديمة للميزان لفظاً كالبيضاوي وغيره، فظن أن المراد بالغير الكشاف، لأن البيضاوي له مناسبة كثيرة بالكشاف بالنسبة إلى التفاسير الأخر، فصرح باسم الكشاف ليحصل له الفضل على مؤلف الميزان.
وصاحب الكشاف قال في مبدأ تفسير هذه السورة: (انشقاق القمر من آيات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومن معجزاته النيرة) انتهى كلامه.
(3/296)
وقال صاحب الرسالة التي ألفها في جواب مكتوب الفاضل نعمت على الهند معترضاً على هذه المعجزة: (لا يثبت من هذه الآية أن هذه المعجزة صدرت عن محمد صلى اللّه عليه وسلم، ولا يثبت هذا الأمر من التفاسير) انتهى.
وهذا الثالث بالخير المنبثق من الأولين فاق كليهما حيث قال: لا يثبت هذا الأمر من التفاسير لعله اعتقد أن القسيس الأول صادق في قوله كالبيضاوي وغيره، والقسيس الثاني صادق في قوله مثل الزمخشري والبيضاوي، ثم قاس حال سائر التفاسير على هذين التفسيرين فقال: ولا يثبت هذا الأمر من التفاسير، ليحصل له الفضل على القسيسين الأولين، ويظهر تبحره عند قومه بأنه طالع التفاسير كلها، فظهر أن كل لاحق من هؤلاء الثلاثة على سابقه، وهذا ليس بعجيب لأن مثل هذا الأمر قد شاع بين المسيحيين في القرن الأول كما يظهر من رسائل الحواريين، وصار من المستحسنات الدينية في القرن الثاني من القرون المسيحية كما قال المؤرخ موشيم في بيان حال علماء القرن الثاني من القرون المسيحية في الصفحة 65 من المجلد الأول من تاريخه المطبوع سنة 1832: (كان بين متبعي رأي أفلاطون وفيثاغورس مقولة مشهورة أن الكذب والخداع لأجل أن يزداد الصدق وعبادة اللّه ليسا بجائزين فقط بل قابلان للتحسين، وتعلم أولاً منهم يهود مصر هذه المقولة قبل المسيح، كما يظهر هذا جزماً من كثير من الكتب القديمة، ثم أثر وباء هذا الغلط السوء في المسيحيين كما يظهر هذا الأمر من الكتب الكثيرة التي نسبت إلى الكبار كذباً) انتهى كلامه.
وقال آدم كلارك في المجلد السادس من تفسيره في شرح الباب الأول من رسالة بولس إلى أهل غلاطية:
(هذا الأمر محقق أن الأناجيل الكثيرة الكاذبة كانت رائجة في أول القرون المسيحية وكثرة هذه الأحوال الكاذبة الغير الصحيحة هيجت لوقا على تحرير الإنجيل، ويوجد ذكر أكثر من سبعين من هذه الأناجيل الكاذبة، والأجزاء الكثيرة من هذه الأناجيل باقية) انتهى.
(3/297)
وإذا نسب أسلافهم أكثر من سبعين إنجيلاً إلى المسيح والحواريين ومريم عليهم السلام، فأي عجب لو نسب هؤلاء القسوس لأجل تغليط عوام أهل الإسلام بعض الأمور إلى تفاسير القرآن.
واعلم أن الرسالة الأخيرة كانت مشتهرة في الهند، وكان القسيسيون يقسمونها كثيراً في بلاده، لكن لما كتب عدة من علماء الإسلام عليها رداً واشتهر ما كتبوا تركوها وطبع ثلاثة كتب من كتب الرد عليها. الأول: "التحفة المسيحية" لسيد الدين الهاشمي. والثاني: "تأييد المسلمين" لبعض أقارب مجتهد شيعة لكنهوا. والثالث: "خلاصة سيف المسلمين" للفاضل حيدر علي القرشي.
3- في البيضاوي: (روى أنه لما طلعت قريش من العقنقل، قال صلى اللّه عليه وسلم: هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك، اللّهم إني أسألك ما وعدتني. فأتاه جبريل عليه السلام وقال له: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فلما التقى الجمعان تناول كفاً من الحصباء فرمى بها في وجوههم. وقال: شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم، ثم لما انصرفوا أقبلوا على التفاخر فيقول الرجل قتلت وأسرت) انتهى.
وقال اللّه تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى} يعني {وما رميت} يا محمد رمياً توصلها إلى أعينهم ولم تقدر عليه {إذ رميت} أي أتيت بصورة الرمي {ولكن اللّه رمى} أتى بما هو غاية الرمي، فأوصلها إلى أعينهم جميعاً حتى انهزموا، وتمكنتم من قطع دابرهم.
وقال الفخر الرازي عليه الرحمة: (والأصح) أن هذه الآية نزلت في يوم بدر، وإلا لدخل في أثناء القصة كلام أجنبي عنها وذلك لا يليق بل لا يبعد أن يدخل تحته سائر الوقائع لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) انتهى كلامه.
وقد عرفت في المقدمة حال ما تفوه به صاحب ميزان الحق على هذه المعجزة فلا أعيده.
(3/298)
4- نبع الماء من بين أصابع النبي صلى اللّه عليه وسلم في مواطن متعددة، وهذه المعجزة أعظم من تفجر الماء من الحجر كما وقع لموسى عليه السلام، فإن ذلك من عادة الحجر في الجملة، وأما من لحم ودم فلم يعهد من غيره صلى اللّه عليه وسلم. عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه أنه قال: (رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بوضوء فوضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ذلك الإناء يده وأمر الناس أن يتوضؤوا منه قال: فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه صلى اللّه عليه وسلم فتوضأ الناس حتى توضؤوا عن آخرهم) وهذه المعجزة صدرت بالزوراء عند سوق المدينة.
5- عن جابر رضي اللّه عنه: (عطش الناس يوم الحديبية ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين يديه ركوة فتوضأ منها وأقبل الناس نحوه وقالوا: ليس عندنا ماء إلا ما في ركوتك فوضع النبي صلى اللّه عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون) وكان الناس ألفاً وأربعمائة.
6- عن جابر رضي اللّه عنه (قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يا جابر ناد بالوضوء وذكر الحديث بطوله وأنه لم نجد إلا قطرة في عزلاء شجب فأتى به النبي صلى اللّه عليه وسلم فغمره وتكلم بشيء لا أدري ما هو وقال: ناد بجفنة الركب فأتيت بها فوضعتها بين يديه، وذكر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم بسط يده في الجفنة وفرق أصابعه وصب جابر عليه وقال: بسم الله. قال: فرأيت الماء يفور من بين أصابعه ثم فارت الجفنة واستدارت حتى امتلأت. وأمر الناس بالاستقاء فاستقوا حتى رووا. فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى) وهذه المعجزة صدرت في غزوة بواط.
(3/299)
7- عن معاذ بن جبل في قصة غزوة تبوك، وأنهم وردوا العين وهي تبض بشيء من ماء مثل الشراك، فغرفوا من العين بأيديهم حتى اجتمع في شيء، ثم غسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجهه فيه ويديه ثم أعاده فيها، فجرت بماء كثير فاستقى الناس. قال في حديث ابن إسحاق: فانهرق من الماء ما له حس كحس الصواعق، ثم قال: يوشك يا معاذ إن طالت بك الحياة أن ترى ما ههنا قد مليء جناناً).
8- عن عمران بن الحصين رضي اللّه عنهما أنه قال: (حين أصاب النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه عطش في بعض أسفارهم، فوجه رجلين من أصحابه وأعلمهما أنهما يجدان امرأة بمكان كذا معها بعير عليه مزادتان الحديث فوجداها وأتيا بها النبي صلى اللّه عليه وسلم فجعل في إناء من مزاديتها وقال فيه ما شاء اللّه، ثم أعاد الماء في المزادتين ثم فتحت عزليها وأمر الناس فملؤوا أسقيتهم حتى لم يدعوا شيئاً إلا ملؤه. قال عمران: ويخيل لي أنهما لم تزدادا إلا امتلاء، ثم أمر فجمع للمرأة من الأزواد حتى ملؤوا ثوبها وقال: اذهبي فإنا لم نأخذ من مائك شيئاً ولكن اللّه سقانا).
9- في حديث عمر رضي اللّه عنه في جيش العسرة وذكر ما أصابهم من العطش، حتى أن الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه، فرغب أبو بكر إلى النبي في الدعاء، فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت 2 السماء فانسكبت فملؤوا ما معهم من آنية ولم تجاوز العسكر.
10- عن جابر رضي اللّه عنه أن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم يستطعمه، فاستطعمه شطر وسق شعير، فما زال يأكل منه وامرأته وضيفه حتى كاله، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره. فقال: لو لم تكله لأكلتم منه ولقام بكم.
11- عن أنس رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أطعم ثمانين رجلاً من أقراص من شعير، جاء بها أنس تحت يده أي إبطه.
(3/300)
12- عن جابر رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أطعم يوم الخندق ألف رجل من صاع شعير وعناق 3 قال جابر رضي اللّه عنه: فأقسم باللّه لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وأن برمتنا لتغط كما هي وأن عجيننا ليخبز، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بصق في العجين والبرمة وبارك.
13- عن أبي أيوب رضي اللّه عنه أنه صنع لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولأبي بكر زهاء ما يكفيهما فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم: ادع ثلاثين من أشراف الأنصار فدعاهم فأكلوا حتى تركوا، ثم قال: ادع ستين فكان مثل ذلك، ثم قال: ادع سبعين فأكلوا حتى تركوه. وما خرج منهم أحد حتى أسلم وبايع. قال أبو أيوب رضي اللّه عنه: فأكل من طعامي مائة وثمانون رجلاً.
14- عن سمرة بن جندب أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم بقصعة فيها لحم فتعاقبوها من غدوة حتى الليل، يقوم قوم ويقعد آخرون.
15- عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنهما قال: كنا عند النبي صلى اللّه عليه وسلم ثلاثين ومائة. وذكر في الحديث أنه عجن صاع من طعام وصنعت شاة فشوى سواد بطنها. وقال: وأيم اللّه ما من الثلاثين ومائة إلا قد حز له حزة، ثم جعل منها قصعتين فأكلنا أجمعون وفضل في القصعتين فحملته على البعير.
16- عن سلمة بن الأكوع وأبي هريرة وعمر بن الخطاب رضي اللّه عنهم فذكروا مخمصة أصابت الناس مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بعض مغازيه فدعا ببقية الأزواد، فجاء الرجل بالحثية 4 من الطعام وفوق ذلك، وأعلاهم الذي يأتي بالصاع من التمر فجمع على نطع وقال سلمة: فحززته كربضة العنز، ثم دعا الناس بأوعيتهم فما بقي في الجيش وعاء إلا ملؤه وبقي منه.
17- عن أنس بن مالك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم حين ابتنى بزينب، أمره أن يدعو له قوماً سماهم حتى امتلأ البيت والحجرة، فقدم لهم توراً فيه قدر من تمر جعل حيساً، فوضعه وغمس ثلاث أصابعه، وجعل القوم يتغدون ويخرجون، وبقي التور نحواً مما كان.
(3/301)
18- عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أن فاطمة طبخت قدراً لغدائهما، ووجهت علياً إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ليتغذى معهما، فأمرها فغرفت لجميع نسائه صحفة صحفة، ثم له عليه السلام، ثم لعلي، ثم لها، ثم رفعت القدر وأنها لتفيض. قالت: فأكلنا منها ما شاء اللّه.
19- عن جابر رضي اللّه عنه في دين أبيه بعد موته، وقد كان بذل لغرماء أبيه أصل ماله فلم يقبلوه، ولم يكن في ثمرها كفاف دينهم، فجاءه النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد أن أمره بجذها وجعلها بيادر في أصولها، فمشى فيها ودعا. فأوفى منه جابر غرماءه وفضل مثل ما كانوا يجدون كل سنة.
20- قال أبو هريرة رضي اللّه عنه: أصاب الناس مخمصة فقال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: هل من شيء؟ فقلت: نعم شيء من التمر في المزود. قال: فآتى به. فأدخل يده فأخرج قبضة فبسطها ودعا بالبركة. ثم قال: ادع عشرة فأكلوا حتى شبعوا، ثم عشرة كذلك حتى أطعم الجيش كلهم وشبعوا. وقال: خذ ما جئت به وأدخل يدك واقبض منه ولا تكبه، فقبضت على أكثر ما جئت به فأكلت منه وأطعمت حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبي بكر وعمر إلى أن قتل عثمان فانتهب مني فذهب.
(3/302)
ومعجزة تكثير الطعام ببركة دعائه مروية عن بضعة عشر صحابياً، ورواه عنهم أضعافهم من التابعين، ثم من لا يعد بعدهم، وأكثرها وردت في قصص مشهورة ومجامع مشهورة، ولا يمكن التحدث عنها إلا على وفق الصدق حذراً من التكذيب، وإنما حصل النبي صلى اللّه عليه وسلم أولاً الماء القليل أو الطعام القليل ثم كثره، ولم يخترع من بدء الأمر من العدم إلى الوجود الماء الكثير، أو الطعام الكثير، مراعاة للأدب بحسب الظاهر ليعلم أن الموجد هو اللّه. وإنما حصلت البركة بسبب النبي صلى اللّه عليه وسلم. وإن كان التكثير أيضاً في الحقيقة من جانب اللّه كالإيجاد. وهكذا فعله الأنبياء كما يظهر من معجزة ايلياء عليه السلام في تكثير الدقيق والزيت في بيت امرأة أرملة على ما صرح به في الباب السابع عشر من سفر الملوك الأول، ومن معجزة اليسع عليه السلام في تكثير عشرين خبزاً من شعير وسنبل مفروك في منديل حتى أكل مائة رجل وفضل، كما هو مصرح به في الباب الرابع من سفر الملوك الثاني، ومن معجزة عيسى عليه السلام في تكثير خمسة أرغفة وسمكتين على ما صرح به في الباب الرابع عشر من إنجيل متى.
21- عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر فدنا منه أعرابي، فقال: يا أعرابي أين تريد؟ قال: أهلي، قال: هل لك إلى خير؟ قال: وما هو؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، قال: من يشهد لك على ما تقول، قال: هذه الشجرة السمرة، وهي بشاطئ الوادي، فأقبلت تخد الأرض حتى قامت بين يديه فاستشهدها ثلاثاً. فشهدت أنه كما قال ثم رجعت إلى مكانها.
(3/303)
22- عن جابر رضي اللّه عنه ذهب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقضي حاجته فلم ير شيئاً يستتر به، فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي، فانطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي علي بإذن اللّه، فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده. وذكر جابر أنه فعل بالأخرى كذلك حتى إذا كان بالمنصف بينهما قال: التئما علي بإذن اللّه فالتأمتا، فجلس خلفهما فخرجت أخضر. وجلست أحدث نفسي فالتفت فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مقبلاً والشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق.
23- عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال لأعرابي: أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة أتشهد أني رسول اللّه؟ قال: نعم. فدعاه فجعل ينقد حتى أتاه فقال: ارجع. فعاد إلى مكانه.
24- عن جابر رضي اللّه عنه كان المسجد مسقوفاً على جذوع نخل، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلما صنع له المنبر، سمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار، وفي رواية أنس: حتى ارتج المسجد لخواره، وفي رواية سهل: وكثر بكاء الناس لما رأوا به، وفي رواية المطلب: حتى تصدع وانشق حتى جاء النبي صلى اللّه عليه وسلم فوضع يده عليه فسكت. والخبر بأنين الجذع وحنينه باعتبار مبناه مشهور عند السلف والخلف، وباعتبار معناه متواتر يفيد العلم القطعي. رواه من الصحابة بضعة عشر منهم أُبَيِّ بن كعب، وأنس بن مالك، وعبد اللّه بن عمر، وعبد اللّه بن عباس، وسهل بن سعد الساعدي، وأبو سعيد الخدري، وبريدة، وأم سلمة، والمطلب بن أبي وداعة، رضي اللّه عنهم كلهم يحدثون بمعنى هذا الحديث وإن كانت ألفاظهم مختلفة في باب التحديث، فلا شك في حصول التواتر المعنوي.
(3/304)
25- عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان حول البيت ستون وثلثمائة صنم مثبتة الأرجل بالرصاص في الحجارة، فلما دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المسجد عام الفتح، جعل يشير بقضيب في يده إليها ولا يمسها ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، فما أشار إلى وجه صنم إلا وقع لقفاه ولا لقفاه إلا وقع لوجهه حتى ما بقي منها صنم.
26- دعا النبي صلى اللّه عليه وسلم رجلاً إلى الإسلام، فقال: لا أؤمن بك حتى تحيي لي ابنتي. فقال صلى اللّه عليه وسلم: أرني قبرها فأراه إياه، فقال صلى اللّه عليه وسلم: يا فلانة. قالت: لبيك وسعديك. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أتحبين أن ترجعي إلى الدنيا؟ فقالت: لا واللّه يا رسول اللّه إني وجدت اللّه خيراً لي من أبوي، ووجدت الآخرة خيراً من الدنيا.
27- ذبح جابر رضي اللّه عنه شاة وطبخها وثرد في جفنة. وأتى بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأكل القوم، وكان عليه الصلاة والسلام يقول لهم: كلوا ولا تكسروا عظماً. ثم إنه صلى اللّه عليه وسلم جمع العظام ووضع يده عليها ثم تكلم بكلام فإذا الشاة قامت تنفض ذنبها.
28- عن سعد بن وقاص رضي اللّه عنه قال: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليناولني السهم لأتصل به فيقول: ارم به، وقد رمى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يومئذ عن قوسه، حتى اندقت وأصيبت يومئذ عين قتادة يعني ابن النعمان حتى وقعت على وجنتيه، فردها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكانت أحسن عينيه.
29- عن عثمان بن حنيف أن أعمى قال لرسول الله: ادع اللّه أن يكشف لي عن بصري. قال: فانطلق فتوضأ ثم صلِ ركعتين، ثم قل: اللّهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن يكشف لي عن بصري، اللّهم شفعه في. قال: فرجع وقد كشف اللّه عن بصره.
(3/305)
30- ابن ملاعب الأسنة أصابه استسقاء، فبعث إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فأخذ بيده حثوة من الأرض فتفل عليها فأعطاها رسوله، فأخذها متعجباً يرى أن قد هزئ به فأتاه بها وهو على شفاء فشربها فشفاه اللّه تعالى.
31- عن حبيب بن فديك، أن أباه ابيضت عيناه فكان لا يبصر بهما شيئاً فنفث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في عينيه فأبصر، فرأيته يدخل الإبرة وهو ابن ثمانين.
31- تفل في عيني علي رضي اللّه عنه يوم خيبر وكان رمداً فأصبح بارئاً.
33- نفث على ضربة بساق سلمة بن الأكوع يوم خيبر فبرأت.
34- أتته امرأة من خثعم معها صبي به بلاء لا يتكلم فأتى بماء فمضمض فاه وغسل يديه ثم أعطاها إياه، وأمرها بسقيه ومسه به، فبرأ الغلام وعقل عقلاً يفضل عقول الناس.
25- عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: جاءت امرأة بابن لها به جنون، فمسح صدره، فثع ثعة، فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود فشفي.
36- انكفأت القدر على ذراع محمد بن حاطب وهو طفل، فمسح عليه، ودعا له وتفل فيه، فبرأ لحينه.
37- كانت في كف شرحبيل الجعفي سلعة تمنعه القبض على السيف وعنان الدابة، فشكاها للنبي صلى اللّه عليه وسلم، فما زال يطحنها حتى رفعها ولم يبق لها أثر.
38- عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: قالت أمي: يا رسول اللّه خادمك أنس ادع اللّه له. فقال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما آتيته. قال أنس: فواللّه إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي ليعادون اليوم على نحو المائة.
39- دعا على كسرى حين مزق كتابه أن يمزق اللّه ملكه، فلم تبق له باقية ولا بقيت لفارس رياسة في سائر أقطار الدنيا.
(3/306)
40- عن أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه عنهما أخرجت جبة طيانسة وقالت: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يلبسها، فنحن تغسلها للمرضى يستشفى بها. وهذه المعجزات، وإن لم يتواتر كل واحد منها، فالقدر المشترك بينها متواتر بلا شبهة، كشجاعة علي، وسخاوة حاتم، وهذا القدر يكفي، والحالات التي نقلها مرقس ولوقا كلها آحاد ليس اعتبارها مثل الأحاديث الصحيحة المروية بروايات الآحاد الثابتة أسانيدها المتصلة، بل الحالات التي اتفق على نقلها الإنجيليون الأربعة آحاد لا يزيد اعتبارها عندنا على رواية الآحاد كما عرفت في الباب الأول.(3/307)
بعض النبوؤات عن النبي محمد فى التوراة والإنجيل
كتب الدكتور وديع أحمد
http://www.geocities.com/wadee3_ahmad/book2.htm
من توراة موسى عليه السلام :
* جاء فى كتاب ( تثنية 18:18) أن الله سبحانه وتعالى قال للنبى موسى ( أقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم، مثلك، وأجعل كلامى فى فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به)
التعليق :
*هذا الكلام بشارة بمولد نبى من اخوة بنى اسرائيل- أى من بنى اسماعيل ولو كان المقصود نبى يهودى مثل المسيح لقال ( نبى منكم).
* وهذا النبى يكون مثل النبى موسى عليه السلام فى كل شىء: يتزوج وينجب ويهاجر بشعبه من أرض الكفر بعد أن يتعرضوا للأذى منهم ويحارب الكفار ويهزمهم وتنزل عليه رسالة من السماء على فترات طويلة وقد كانت أربعين سنة للنبى موسى عليه السلام وأخيرا يموت ويدفن.
* وكل هذا ينطبق على النبى محمد ولا ينطبق على المسيح عيسى كما يحاول النصارى أن يؤكدوا، لأن المسيح لم يتزوج ولم يحارب ولم يهاجر ولم يدفن، بل رفعه الله اليه.
* كذلك يكون كلام الله فى فم هذا النبى أى أنه نبى أمى يحفظ رسالته بينما المسيح كان معه انجيلا كما قال عدة مرات مشيرا اليه بقوله ( هذا الانجيل) فى ( انجيل مرقص) بالذات.
******************
من مزامير داود النبى عليه السلام:
(مزمور 45) يتكلم النبى داود عن أعظم نبى سوف يأتى وقد أعلمه الله بصفات هذا النبى بالوحى فقال: ( فاض قلبى بكلام صالح، أتكلم بانشائى للملك، أنت أبرع جمالا من بنىالبشر، انسكبت النعمة على شفتيك، لذلك باركك الله الى الأبد، تقلد سيفك أيها الجبار، بجلالك اقتحم، اركب من أجل الحق والدعة فتريك يمينك مخاوف، وشعوب تحتك يسقطون، كرسيك يا الله الى دهر الدهور، من أجل ذلك مسحك الله الهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك، بنات الملوك بين محظياتك)
تعليق :
(3/308)
* قال النصارى أن كل هذا الكلام أيضا عن المسيح، بينما هو لا يوافق عقيدتهم فى عبادة المسيح لقول داود النبى ( الله الهك).
* أيضا هذا الكلام عن نبى يحارب أعداءه ويهزمهم بالسيف، ولم يظهر نبى بعد داود عليه السلام يحارب أعداءه بالسيف ويهزمهم شعوبا أخرى كثيرة سوى محمد صلى الله عليه وسلم.
* وأعطى تفسيرا سريعا لكلام النبى (داود) عن النبى (محمد) عليهما الصلاة والسلام :-
1- (الملك) هو أعظم نبى وخاتم الأنبياء ومثلها ( مسحك الله أكثر من رفقائك) أكثر من الأنبياء.
2- ( انسكبت النعمة على شفتيك) يحفظ رسالته من الوحى لأنه أمى ولا ينطق الا حقا ويعلم الناس القرآن بالحفظ أيضا.
3- حارب الكفار ونصره الله بالرعب مسيرة شهر ( بجلالك اقتحم) وذلك لأجل نشر الدعوة الى دين الله (الحق).
4- وتزوج من بنات العظماء والملوك (بنات الملوك من محظياتك).
5- رسالته تنمو دائما (بارك الله الى الأبد).
*********************
والنبى سليمان عليه السلام قال فى مزمور (72) وأختصر منه بعض الكلمات:-
" تحمل الجبال سلاما للشعب.. يقضى لمساكين الشعب .. يسحق الظالم .. يشرق فى أيامه الصديق وكثرة السلام. يملك من البحر الى البحر ومن النهر الى أقاصى الأرض. أمامه تجثو أهل البرية. ملوك يقدمون هدية له. ويصلى لأجله دائما. اليوم كله نباركه."
تعليق :
* هذا أيضا حاولوا أن يجعلوه عن المسيح بزعم أن ( ملوك يقدمون هدية له ) تتكلم عن ( المجوس) الذين قدموا هدية للمسيح بعد مولده . مع أنهم عبدة النار وليسوا ملوكا ولكن كلام النبى سليمان- عن نبى يأتى فى أرض الجبال والصحراء البرية ( ويملك ) أى يكون له نظام حكم وجيش وأمراء جيوش.
*كما أنه ( يقضى لمساكين الشعب ويسحق الظالم) بينما المسيح كان يرفض أن يحكم بين الناس وينصف الظالم ( انجيل لوقا 12/14).
(3/309)
* وفى أيامه أشرق ( الصديق) أبو بكر، وكانت تحيته ( السلام) بينما تحية اليهود ( النعمة) وتحية النصارى ( سلام) وأمر أتباعه ( أفشوا السلام بينكم).
* كما امتد سلطانه فى حياته من بحر العرب الى البحر الأحمر، ودعوته انتشرت بعد موته بلا نهاية (الى أقاصى الأرض)
* وصلاة أتباعه – تتكون من ركوع والسجود ( أمامه تجثو أهل البرية) وكانوا ومازالوا يتبعون تعاليمه بكل احترام وخضوع ولا يجرؤ أحد أن يدعى أنه يتكلم بسلطان مثلما يفعل بطاركة وقساوسة النصارى واليهود .
* وقدم له الملوك فى حياته الهدايا – ومنهم ملك مصر الذى أهداه ابنته وجاريتين.
* وكل لحظة يقول المسلمون – والى يوم القيامة ( اللهم صلى وسلم وبارك على محمد) – مثلما يقول النبى سليمان هنا ( ويصلى لأجله دائما. اليوم كله يباركه)
* هل يوجد أهل دين – غير الاسلام – يقولون هذا عن نبيهم ؟ لا يوجد.
*******************
( اشعياء 21/13) كتب :
" وحى من جهة بلاد العرب : فى الوعر فى بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين. هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء. فانهم من أمام السيف قد هربوا من أمام السيف المسلول. فانه هكذا قال لى السيد الرب: فى مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار لأن الرب تكلم"
الشرح والتعليق :
هذه النبؤة تتكلم عن العرب فلم يجرؤ النصارى أن يجعلوها عن المسيح، ولكن أهملوها ولم يحاولوا التفكير فيها – بينما هى تتكلم عن حادث عظيم يحدث فى بلاد العرب والا ما استحق أن يتنبأ عنه اشعياء – أعظم أنبياء اليهود – وصاحب الانجيل الخامس كما يقول علماء المسيحية.
1-( وحى من جهة بلاد العرب) يأتى الوحى الى رجل من العرب ؛ أى يظهر نبى عربى.
2- ( الددانيين) هم نسل ابراهيم عليه السلام ( تكوين 25)
يذهبون فى ( قوافل ) للحج الى ( تيماء) مكان مولد النبى الجديد، وأهلها يقابلون الحجاج العطشان بالماء. وهذه اشارة الى انتشار الايمان من هذه الأرض .
(3/310)
3- ( يفنى مجد قيدار) و ( قيدار) هو ابن اسماعيل عليه السلام. وهم سكان مكة وهذا دليل انتصار هذا النبى على قومه وخضوعهم له ويصير رئيسهم.
4- ( لأن الرب تكلم) لأن رسالة هذا النبى من عند الله، وتنتشر دعوة هذا النبى وينتصر لأن هذا أمر الله.
**********************
النبى (حبقوق 3/2 ) يقول :
"يا رب قد سمعت خبرك فجزعت : الله جاء من تيمان. والقدوس من جبل فاران "
وسبب ( جزع) النبى اليهودى أنه علم أن خاتم الأنبتاء سوف يأتى من نسل اسماعيل عليه السلام ( القدوس) من جبل فاران لأن ( فاران) هى أول أرض سكنهتا اسماعيل ( تكوين 21/21) و ( تيمان) هى أرض ابن اسماعيل ( تكوين 25/13) أو هى نسله فلما علم النبى اليهودى بأن خاتم الأنبياء وخاتم الرسالات يكونان من نسل اسماعيل عليه السلام جزع خوفا على اليهود وحزنا لأن النبى الخاتم ليس منهم .(3/311)
هكذا علّم المصطفى عليه الصلاة والسلام
كتب الأستاذ متعلم
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله وكفى .. وسلام على عباده الذين اصطفى .. ثم أما بعد ..
فإن محاسن الشريعة من دلائل النبوة. وأسوق فيما إلى القارئ طرفًا من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كى يعرف إجابة السؤال: ماذا علَّم محمد صلى الله عليه وسلم ؟
فأقول: هكذا علَّم المصطفى صلى الله عليه وسلم ..
أمر بالْإِيمَان بِاَللَّهِ, ومحبته، وتعظيمه، وبأن له صفات الكمال وله الكمال فى الصفات، وأنه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير. وأمر بالخوف منه، والرجاء فيه، والشكر له، والوفاء بعهده، والصبر على دينه، والمصابرة عليه، والتوكل عليه، والرضا بقضائه، وحسن الظن به، والحياء منه، والتوبة والإنابة إليه، واستغفاره والتذلل بين يديه. وأمر بحب أوليائه، وبغض أعدائه.
وأمر بالإيمان بملائكته، وكتبه، ورسله، وَالْقَدَر خَيْره وَشَرّه، وَالْإِيمَان بِالْيَوْمِ الْآخِر من سؤال الْقَبْر وَالْبَعْث وَالنُّشُور وَالْحِسَاب وَالْمِيزَان وَالصِّرَاط وَالْجَنَّة وَالنَّار، وتعظيم رسوله عليه الصلاة والسلام، والصلاة عليه، وطاعته واتباع سنته. وأمر بالإخلاص، وترك الرياء والنفاق. وأمر بالرحمة، والتواضع، وتوقير الكبير، ورحمة الصغير، وترك الكبر والعجب والحسد والحقد والغضب.
وأمر بقول لا إله إلا الله، وتلاوة القرآن، وتعلم العلم، وتعليمه، والدعاء، والذكر، وترك اللغو والغيبة والنميمية. وحث على الطهارة والتطهير ظاهرًا وباطنًا، واجتناب النجاسات، وستر العورة. وأمر بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع، والاعتكاف، والتماس ليلة القدر.
(3/312)
وحث على فك الرقاب، والجود والكرم، وإطعام الطعام، وإكرام الضيف، والفرار بالدين، والهجرة من دار الشرك، والوفاء بالنذر، والتحرى فى الأيمان، وأداء الكفارات. وحث على التعفف بالنكاح، والقيام بحقوق العيال، وتربية الأولاد، وبر الوالدين واجتناب العقوق، وصلة الرحم، وطاعة السادة أو الرفق بالعبيد.
وأمر بالعدل، ومتابعة الجماعة، وطاعة أولى الأمر، والإصلاح بين الناس، وقتال الخوارج والبغاة، والمعاونة على البر، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، وإقامة حدود الله، والجهاد فى سبيله، والمرابطة فيه. وأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، والوفاء بالعهود، وإكرام الجار، وحسن المعاملة، وكسب المال من حلال، وإنفاقه فى حقه، وترك التبذير والإسراف. وأمر برد السلام، وتشميت العاطس، وكف الأذى عن الناس، وإماطة الأذى عن الطريق، واجتناب اللهو.
[استفدت فما سبق من كلام ابن حجر رحمه الله فى (فتح البارى) عند تلخيصه لشعب الإيمان].
وبعد .. فهذا غيض من فيض ، مما أتى به المصطفى عليه الصلاة والسلام. فما أحسن ما أمر به وحث عليه، وما أقبح ما نهى عنه وحذر منه.
اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين .. إنك حميد مجيد !(3/313)
رسالة إلى الغرب
(هذا هو محمد الرسول الذي يعظّمه المسلمون)
فضيلة الشيخ فرج هادي
خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
داعية وإمام وخطيب جمعة
نبذة عن الكتاب:
الكتاب دراسة علمية لأبرز ملامح شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم مع نفسه ومع اسرته ومع الناس واقوال المنصفين فيه كل ذالك بأسلوب علمي مجرد يخاطب غير المؤمنين بالاسلوب الذي يؤثر فيهم
أرجو ترجمة الكتاب إلى لغات غير المسلمين ونشره حتى يكون وسيلة مقنعة لإسلامهم ان شاء الله
مقدمة:
كان جوّ الظلم والإعتداء والسلب والنهب والكراهية يخيّم على العالم قبل ظهور الإسلام فجاء محمد الرسول ، فغيّر الواقع من الظلم إلى العدل ومن التوحّش إلى المدنية وحّول القلوب من الكراهية والحقد إلى المحبّة والإخاء وقشع عن الوجوه سحب التقطيب والقسوة ورسم مكانها الفرحة والإبتسامة , فجعلها راية للسعادة التي غمرت الأرواح والقلوب .
أبرز ملامح شخصيّة محمد الرسول :
· مع نفسه :
كان رجلا عظيما , صنع العظمة ولم تصنعه، بل بنى عظمته من خلال ثقته وثباته على مبدئه في شخصية جلّلتها الأخلاق الحسنة و المعاملة المستقيمة مع العدوّ والصديق وظلّلتها صفة التواضع واليسر والسهولة بعيدا عن التعقيد وعقد التمظهر والتصنع والتكلّف .
كان صادقا مع نفسه مقتنعا بمبدئه، أهدافه محددة ورؤيته واضحة .
ثبت على مبدئه حتى بلّغ رسالته الإلهية ونشر مبادئه النبيلة التي يجهلها كثير ممّن يعاديه أو ينتقصه .
جمع جميع خصال الخير التي ترتضيها الفطرة وجميع صفات الكمال البشري الذي يأمله العقلاء ,
جمال خلقي عانق جمالا أخلاقيا وجمالا عقليا فأزهر بدرا أنار العالم وفجّر ينبوعا أعاد الحياة لبشرية أماتها الجهل والأنانية .
· مع أسرته :
الناظر في الحياة الخاصّة لمحمد الرسول يعجب لرجل انحدر من بيئة صحراوية جبلية قاسية يعمّها الجهل والفوضوية كيف بلغ أعلى مستوى من النجاح الأسري المنقطع النظير
(3/314)
فمحمد كان لأهله ينبوعا لا ينضب من الحبّ والحنان والدفئ ورقة المشاعر والعاطفية.
وكان يمثلّ لأهله الحبيب المتودّد , حيث كان يلاعب أهله ويمازحهنّ و يخاطب دفئ مشاعرهنّ ، فها هو مثلا بأسلوب رقيق يلقي دفئ الحب في قلب زوجته عائشة إذ كان يتعمّد أن يضع فمه على موضع شربها من الإناء مرسلا برسالة خفيّة تسعد قلبها وتهزّ مشاعرها, ومثيلات هذه الشاعرية كثيرة في حياة الرسول.
كما كان محمد الرسول أيضا يمثّل الحبيب الوفيّ في أسرة هانئة سعيدة , فهو لم ينس زوجته خديجة التي ماتت, بل كان يذكر فضلها ويحسن إلى أقاربها ، وغضب لها عندما انتقص منها في حضرته , روى أبو نجيح في قصة استئذان هالة بنت خويلد أخت خديجة : ( قالت عائشة :فقلت أبدلك الله بكبيرة السنّ ــ تقصد خديجة ــ حديثة السنّ فغضب حتى قلت : والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلاّ بخير) .
ورغم أعباء محمد الرسول الثقيلة كرئيس للدولة وقائد للجيش ومرشد فكري وأخلاقي لأتباعه فإنّه لم يغفل أن يكون الحبيب المعين لأسرته , حيث كان يخدم زوجاته ويساعدهنّ في أعمالهنّ المنزلية مشعرا إيّاهنّ بأهمّية المرأة وقيمتها العالية في دينه الإسلامي .
فعن الأسود قال:( سألت عائشة : ما كان النبيّ يصنع في أهله ؟ فقالت : كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة ) (رواه البخاري)
· محمد مع الناس في حال السلم :
1ــ محمد الرسول رجل الحق والعدالة :
كان رجلا يحب الحق والعدل ويحكم به ، لا تأخذه في الحق لومة لائم ، فما كان يجامل أحدا لجاهه أو ماله أو نسبه , بل كان الضعيف قويّا عنده حتى يأخذ له حقه وكان القويّ ضعيفا عنده حتى يسترجع منه حق غيره .
(3/315)
وبلغ من عظمة عدله وتمسكّه بالحق أن لا يجامل حتى أحبّ الناس إليه, فقد حدث أن سرقت امرأة وجيهة في قومها واستحقت عقوبة جريمتها، فذهب أهلها إلى رجل من أتباعه - هو من أحب الخلق إليه - ليتوسّط لهم في رفع الحكم عنها, فذهب الرجل وعرض الأمر على الرسول , فغضب محمد غضبا شديدا من سعي رجل لإنتهاك حرمة العدالة بعد أن عرف الإسلام , ولو كان هذا الشخص من أحبّ الناس إليه.
فعن عائشة قالت : إن قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا:ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله ، فكلمه أسامة ، فقال: رسول الله : ( أتشفع في حد من حدود الله ؟ ثم قام فخطب ، ثم قال:إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ... )
2ــ محمد الرسول رجل الأخلاق الحميدة :
من أجمل ما تميّز به محمد الرسول أخلاقه الرفيعة الراقية مع القريب والبعيد , مع العدوّ والصديق وهذا ما يشهد له به كل منصف .
فقد كان رجلا حسن المقابلة لا تغادر الإبتسامة محيّاه , طيب الكلام ، يقابل الإساءة بالإحسان، ويترفع عن سفاسف الأمور.
علّم أتباعه أنّ خير الناس أحسنهم أخلاقا فهو القائل : (إنّ من خياركم أحسنكم أخلاقا )
بل علّم أتباعه أنّ أقربهم منه منزلة في الجنة أحسنهم أخلاقا .
فقال : ( إنّ من أحبّكم إليّ وأقربكم منّي مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا...)
ولم يكن حسن خلق محمد الرسول حكرا على أتباعه فحسب , بل إنّه شمل أعداءه أيضا ، فعندما طلب منه الدعاء على المشركين قال:
(إنّي لم أبعث لعّانا ، وإنّما بعثت رحمة) (رواه مسلم)
3ــ محمد الرسول رجل ا لتسامح :
(3/316)
إنّ الدعايات المغرضة والإتّهامات الباطلة التي تفتقر إلى أدنى مقاييس الأمانة العلمية والتي صوّرت محمدا الرسول على أنّه زعيم يعادي التسامح والحوار شوّهت حقيقة هذا الرجل , وإلا فمحمد الرسول داعية السماحة في كل شؤون الحياة , وحياته العمليّة مليئة بصور و أحداث التسامح الجمّ ، فمن ذلك أنّ بعض اليهود كانوا يدعون عليه بالموت ويوهمونه أنهم يسلّمون عليه , حيث كانوا يقولون السام (الموت) عليكم عوض السلام عليكم , فتفطّن محمد الرسول لذلك , ولكن تسامحه كان عجيبا لكل منصف.!!! فتصور نفسك في هذا الموقف وماذا سيكون رد فعلك ؟ ثم أخبرك برد فعل محمد الرسول ،
تصور نفسك حاكما مطاعا وقائدا آمرا ثم يدعو عليك رجل بالموت وأنت تسمعه والأدهى من ذلك أنّه يخادعك.
فإنّك في هذا الموقف حتى ولو تسامحت في الدعاء فلن ترضى لنفسك بالإستبلاه والمخادعة .
والآن أيّها القارئ المنصف أخبرك بموقف محمد الرسول من هذا المشهد الإستفزازي لتكون بنفسك أنت الحكم .
ففي يوم من الأيام كان محمد الرسول جالسا مع زوجته عائشة فمرّ به بعض اليهود وتظاهروا بالسلام عليه وهم يقصدون شتمه ففطنت زوجته وحبيبته وقرّة عينه عائشة لحقيقة كلامهم فبادلتهم المشاتمة في الحال .
والسؤال الآن هل رضي محمد بذالك ؟ وهل فرح لأنها لعنت من شتمه ؟
الجواب : أنّ شيئا من ذالك لم يكن , بل وقع العكس حيث عاتب محمد زوجته الحبيبة وأمرها بالتسامح والرفق ونهاها عن الشدة والعنف، فعن عائشة قالت :
( كان اليهود يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم يقولون السام عليك ففطنت عائشة إلى قولهم فقالت عليكم السام واللعنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كلّه...)
4ــ محمد الرسول رجل العلم والحضارة :
(3/317)
ربما حكم متعجل غير منصف أو دارس غير نزيه على محمد الرسول أنّه رجل يعادي العلم والحضارة، وربّما كان ذالك بسبب النظر إلى واقع بعض المسلمين ثم الحكم من خلالهم على محمد وعلى الإسلام الذي جاء به , وفي الحقيقة هذا ليس من الإنصاف والتجرد في أخلاقيات البحث العلمي ، إذ الباحث بموضوعية وتجرد علمي لا يمكن إلا أن يعترف بأنّ محمدا الرسول رجل بنى لأتباعه أسس العلم ومنهج الحضارة التي بنوا عليها دولتهم والتي عمّرت القرون وغزت الآفاق فنشرت العلم والحضارة والأخلاق والمبادئ على كل شبر بلغته , فنهل العالم من نورها واستضاء بشمسها , ولازالت البشرية تذكر إلى الآن فضل حضارة الأندلس المسلمة على الثورة العلمية والحضارية في أروبا بالخصوص وفي العالم .
فكيف لا يكون رجل علم وحضارة وأوّل كلمة نزلت عليه في كتابه المقدس (القرآن) هي الأمر بالقراءة (اقرأ )
كما توجد سورة كاملة في كتابه المنزّل (القرآن ) اسمها (القلم ) وهو أداة العلم الأولى .
بل إنّه رجل حضارة راقية أصولها ثابتة، فلا يمكن لأي رجل مهما بلغ أن يحّول أمّة جاهلة متوحشة تعيش على السلب والنهب والظلم إلى أمّة قمّة في الأخلاق والمعاملة الحسنة وسبّاقة إلى العلوم والثقافة.
فمحمد الرسول استطاع أن يخرج أمّته من الجهل والتخلف والظلم والعدوان إلى العلم والرقيّ فبني لهم أسس حضارة توازن بين مطالب الروح والجسد مكّنت أتباعه من قيادة العالم لقرون عندما تمسّكوا بتلك الأسس .
وأمّا ما أصاب أتباعه من ضعف علمي وتأخّر حضاري في هذا العصر فهو التراث الإستعماري الأوربي والأمريكي الذي مكّن لعملائه في العالم الإسلامي من السيطرة على زمام الأمور وعرقلة أي نهضة علمية أو حضارية تقوم على أسس حضارة محمد الرسول.
5ــ محمد الرسول رجل الرحمة للعالم :
ــــ رحمته بالمرأة :
(3/318)
كانت المرأة قبل محمد الرسول مهضومة الحقوق تهان وتذل بل وتدفن حيّة على مرأى ومسمع من دولة أروبا وفارس في ذلك الزمان التي كانت لا تفكر سوى في أطماعها التوسعية .
فجاء محمد الرسول فأعاد للمرأة الحياة وأنقضها من جحيم العبودية للبشر حيث عاملها كإنسان له كرامته وإنسانيته , موازية للرجل ومساوية له في الحقوق والواجبات إلاّ فيما تقتضيه الفطرة من اختلاف .
فمنع قتلها ودفنها وأذيتها وظلمها والإساءة إليها حتى جعل خير أتباعه أحسنهم معاملة لها , فهو القائل : ( خياركم خياركم لنسائهم )
والقائل أيضا : ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخيارهم خيارهم لنسائهم )
وأمر أمّته بالرفق بالنساء , فهو القائل : (رفقا بالقوارير ) أي النساء لرقّتهن
وشدّد على من يظلمهن حقّهن فقال( اللّهم إنّي أحرّج حقّ الضعيفين اليتيم والمرأة ) الْمَعْنَى َأُحَذِّر مِنْ ذَلِكَ تَحْذِيرًا بَلِيغًا وَأَزْجُر عَنْهُ زَجْرًا أَكِيدًا
بل الأكبر والأعظم من ذلك وهو مالم يفعله أيّ زعيم في العالم أن يوصي محمد ويؤكّد على حقوق المرأة عند معاينة الموت .
فهل سمعت يوما بعظيم من العظماء في آخر لحظات حياته يوصي بحق المرأة و الإحسان إليها ؟
لن تجد أبدا من فعل ذلك ، فعند الموت كل إنسان منشغل بنفسه.
أمّا محمد الرسول فقد تجلت عظمته واحترامه للمرأة والدفاع عنها والرحمة بها في مثل هذا الموقف العصيب فهو يصارع سكرات الموت ، وأوصى الرجال بالإحسان إلى المرأة بل حثهم على أن يوصى بعضهم بعضا بالإحسان إلى المرأة.
قال : ( استوصوا بالنساء خيرا)
ـــ رحمته باليهود والنصارى :
لم يكن محمد الرسول رحيما بأتباعه فحسب بل إنّه كان رحيما حتى بأعدائه من اليهود والنصارى وهاك على ذلك هذا المثال :
(3/319)
كان لمحمد الرسول جار يهودي مؤذ , حيث كان يأتي كل يوم بقمامته ويضعها أمام بيت محمد الرسول ومحمد يعامله برحمة ورفق ولا يقابل إساءته بالإساءة بل كان يأخذ القمامة ويرميها بعيدا عن بيته دون أن يخاصم اليهودي ، وذلك لأن محمدا كان يعيش لأهداف سامية وأخلاق راقية وهي تخليص البشرية من العناء وإسعادها بعد الشقاء .
وفي يوم من الأيام انقطعت أذية الجار اليهودي لمحمد الرسول , فلم يعد اليهودي يرمي القمامة أمام بيته , فقال محمد الرسول لعلّ جارنا اليهودي مريض فلابد أن نزوره ونواسيه،
أنظر بنفسك أيّها القارئ إلى هذه الرحمة من محمد كيف أشفق على الرجل الذي يؤذيه بالقمامة !
فذهب إليه في بيته يزوره فوجده مريضا كما ظنّ , فلاطفه بالكلام واطمأنّ على حاله .
إنّه نبل الأخلاق وسموّ النفس بل قل عظمة العظماء .
اندهش اليهودي من زيارة محمد الرسول الذي جاء يواسيه في مرضه ولطالما كان هو يؤذيه عندما كان صحيحا معافى ، فعلم أنّه رسول الحق ولم يملك إلاّ أن يؤمن برسالة محمد ويدخل في دين الإسلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله .
ــــــ رحمته بالمشركين :
كان محمد الرسول يحب الخير للقريب والبعيد رحيما بالعدوّ والصديق , ملك بين أضلعه قلبا ملئ رحمة وشفقة , لا يعرف القسوة والشدة إلاّ في الحق .
كان المشركون يؤذونه بكل ما استطاعوا من أذيّة ولكنه كان يقابل إيذائهم له بالإحسان و قسوتهم عليه بالرحمة ، فكان شديد الحرص على هدايتهم حتى كاد قلبه يتفطر ، حتى نزل عليه القرآن يأمره بتخفيف حرصه على هدايتهم والرحمة بهم التي تجاوزت الممكن لكي لا ينفطر قلبه فيموت.
فقال القرآن له ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات).
ـــ رحمته بالمسكين والمضطرّ والمحتاج :
(3/320)
لم يصب محمد الرسول بغرور العظمة رغم امتلاكه لقلوب أتباعه امتلاكا لم يكن لأحد قبله ولا بعده حيث كان الآمر المطاع والصاحب المحبوب والعظيم الموقّر، لا يُعصى له أمر ولا يُخالف له توجيه , فرغم هذه المكانة وهذه العظمة كان محمد الرسول متواضعا يحب المساكين ويشفق عليهم،ويواسيهم بما استطاع من مال وطعام ويواسيهم بحسن الخلق وطيب الكلام، كان يجالسهم،يحادثهم،يلاطفهم ،يمازحهم حتى يُدخل عليهم السرور.
وأما الغريب الذي جاء من أرض بعيدة وانقطعت به الطريق فهو عند محمد ليس بغريب, بل هو من أهل البلد , بل يعامل أفضل مما يعاملون.
لم يلزمه محمد الرسول بوثيقة إقامة أو تأشيرة بل أمر بالإحسان إليه كائنا من كان، ففي دستور محمد الرسول له حق المساعدة في المطعم والملبس والمسكن والعمل والصحة والتعليم
فلا أحد في دستور محمد يُهمل مهما كان ضعيفا أو ذا احتياجات خاصة
بل شرع لأتباعه المنافسة في مساعدة الغريب وتقديم الخدمات المجانية له .
إنّ محمدا الرسول كان رحمة للجميع .
ـــ رحمته بالشعوب :
إنّ الشعوب في هذا العالم المعاصر في أمسّ الحاجة إلى نظام إداري يرعاه نظام أخلاقي ييسّر معاملات البشر ويعطي كل ذي حق حقّه ، فينعم البشر بقضاء حوائجهم في سهولة واطمئنان ، ويغتنمون أوقاتا طويلة تضيع في الجري وراء معاملات معقّدة وحقوق ضائعة .
وإذا نظرنا إلى تعليمات محمد الرسول وجدنا أنّ أساس نظامه الإداري مبني على تيسير معاملات الناس وتسهيل إجراءاتهم , حيث أمر موظفيه بالتيسير و التسهيل والنزاهة وحسن معاملة المراجعين.
فعندما أرسل اثنين من موظفيه قاضيين على اليمن خارج المدينة قال لهما: ( بشّروا ولا تنفّروا ويسّروا ولا تعسّروا )
كما تميّز النظام الإداري لمحمد الرسول أيضا بالحزم والصرامة , فقد منع منعا باتا أن يعّين موظفا في وظيفة مع وجود من هو أكفؤ منه .
(3/321)
كما كان النظام الإداري الذي أسّسه محمد الرسول نظاما صارما في محاسبة الموظفين والإداريين والمقصّرين
فحذر محمد الرسول موظفيه أشدّ العقوبة إن هم غشّوا في أعمالهم وهي الحرمان من الجنّة التي بشّر بها البشر .
قال : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة )
بل وصل الأمر إلى درجة التبرئ ممن يغشّ الشعب , وذلك عندما وجد رجلا يغشّ النّاس في البيع .
فعن ابي هريرة قال : ( مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يبيع طعاما فأدخل يده فيه فإذا هو مغشوش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من غش )
ـــ رحمته بالحيوان :
إنّه ليس من العجب أن ينعم الحيوان بعطف محمد وحنانه ورحمته , فما كان محمد يؤذي أحدا , بشرا أو حيوانا ، بل نهى أتباعه عن إذاية الحيوان , ومنعهم من الإساءة إليه .
- فنهى أن تحمّل الدواب أكثر مما تستطيع من الحمولة
- ونهى عن تقليل طعامها وإجهادها بالعمل
- ونهى عن قتلها بغير وجه حق
- ونهى عن اتخاذها هدفا للرماية لما في ذالك من التعذيب لها
- ونهى عن التسلية بمشاجرتها فيما بينها .
وهاهو في يوم من الأيام يغيب عن أصحابه قليلا ثمّ يرجع فيجد طائرا يحوم ويصيح بعد أن أخذوا فرخيه فيسألهم محمد عمن فجع الطائر في ولده ثمّ يأمرهم أمرا ملزما بإرجاع الفرخين للطائر .
فعن عبد الله عن أبيه قال: كنّا مع رسول في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمّرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمّرة فجعلت تعرش (ترفرف) ،فلما جاء الرسول قال : من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها)
كما كان محمد الرسول يصغي (يميل) للهرّة الإناء رفقا ورحمة بها فتشرب بين يديه.
- وغير ذلك من الأعمال والتوجيهات التي تنضح بفيض من الرفق والشفقة والرحمة بالمخلوق بشرا كان أو حيوانا.
إنّه محمد : الرحمة العظمى ...
6ـــ محمد الرسول رجل الدين والدولة :
(3/322)
كم من الزعماء والعظماء عبر التاريخ حاولوا بناء مجد وتأسيس رسالة إنسانية ولكن لم يستطع أحد منهم عبر التاريخ أن يصنع للعالم نظاما متجانسا دقيقا يتعانق فيه مطلب الروح مع مطلب الجسد , بل كان الرجحان حليف أحد الأمرين.
غير أن محمدا الرسول استطاع أن يأتي بشيء جديد للعالم ، يمزج فيه الجانب الروحي بالمادي في تناغم وتناسق لم يسبق له مثيل , فبني دولة لاحياة لها بدون دين , ودينا لا يرضى عن الدولة بديلا .
لقد استطاع محمد أن يداوي جرح الروح الذي أحدثته الحياة المادية واستطاع أن يملأ فراغ المطالب المادية الذي أحدثه الإنقطاع الخاطئ إلى الروح
فكان بذلك المعلّم الروحي الصادق والسياسي النزيه والحاكم العادل , حيث وحّد قبائل متوحشة في شعب متحضّر ووحّد الشعوب في أمّة بنت المجد وصنعت الحياة تحت راية عقيدة الإله الواحد (لا إله إلا الله محمد رسول الله )
7ـــ محمد الرسول رجل النظافة والعناية بالبيئة :
من الأمور التي تميّزت بها حياة محمد ودينه عن باقي الديانات والنظريات هي التعاليم الصارمة التي سنّها لأتباعه , والتي تلزمهم الإهتمام الشديد بالنظافة والحفاظ على البيئة .
فمحمد الرسول شرع لأتباعه غسل أعضاء البدن التي تواجه التلوث وتباشر الأعمال مثل الوجه والفم والأنف واليدين والرجلين في اليوم الواحد خمس مرات أو أكثر, وأما غسل كامل البدن فينبغي على أتباع محمد أن يكثروا من ذلك ما استطاعوا .
- و حذر من تلويث الأماكن القريبة من الناس بالقاذورات ،
- وشدد على أتباعه في ضرورة النظافة التامة الكاملة من فضلات الإنسان القذرة.
- وألزم أتباعه بوجوب تنظيف ملابسهم من النجسات ،
- وعلّم أتباعه مبدأ الحجر الصحي حيث أمرهم بعدم دخول الأرض التي دخلها الوباء وعدم الخروج منها إن كانوا بها , حفاظا على الصحة العامة للبشرية
وبهذه التعليمات والكثير غيرها بنى محمد منظومة اجتماعية متكاملة في محيط صحي وبيئة نظيفة .
(3/323)
فلا مجال في تعاليم محمد الرسول للأوساخ والتلوث في اللباس أو الجسد أو البيئة العامة.
8 ـــ محمد الرسول رجل الذوق والجمال:
لو سألت عن أحبّ الأشياء إلى محمد الرسول ؟ لجاءك الجواب بأنها ثلاثة أشياء بدأها بذكر الطيب , فقد كان شديد الحب للروائح الطيبة وكان يكثر استعمال العطور، ولا يتصوّر أبدا أن يشمّ منه أحد ريحا غير طيّبة.
إلى هذا أضاف محمد الرسول ذوقا رفيعا لم يضاهه فيه أحد فكان أجمل الناس مظهرا وأحسنهم مطلعا يتلألأ في ثيابه كالبدر متربعا على عرش السماء .
ومما يزيد هذا الأمر عظمة أن يظهر محمد الرسول بهذا المظهر الأخّاذ في عالم يموج بانحطاط الذوق والزهد في النظافة والتجمل.
حيث كان كالزهرة الجميلة الساحرة في الأرض الصحراء الجدباء القاحلة .
وكالنار الدافئة في الصحراء الجليدية المتجمدة ، وكينبوع الحياة في الأرض الموات
9 ـــ محمد الرسول شعاره الإبتسامة :
ما أحوج الإنسان في زمن كثرت فيه الضغوط الإجتماعية و الأمراض النفسية إلى ابتسامة تعلو الوجوه كالإبتسامة التي رسمها محمد على وجوه من آمن برسالته .
فمحمد الرسول تجاوز بأتباعه المؤمنين به الملتزمين بتعاليمه متاعب الحياة وضغوط المجتمع , وترفع بهم عن الأزمات النفسية التي تنكد حياة البشر ، وعانق بهم السعادة وراحة القلب ،
فكانت الإبتسامة شعار محمد الرسول في حلّه وترحاله , حيث كان لا يرى إلا مبتسما , فتمسح ابتسامته العذبة آلام من يقابله وتداوي جراح من يرافقه .
فعن عبد الله بن الحارث قال: ( مارأيت أحدا أكثر ابتسامة من رسول الله ) .
ولكن ما كان محمد الرسول ليخرج عن حدود اللياقة والوقار بكثرة الضحك والقهقهة إنّما كان يبتسم في أدب واحترام .
فعن عبد الله بن الحارث قال: (ما كان ضحك الرسول إلا تبسما )(رواه الترمذي)
أي أنّه كان يضحك دون أن يفتح فاه ودون قهقهه تنافي الإتزان وكمال الوقار.
10ــــ محمد الرسول رجل السهولة واليسر :
(3/324)
كان محمد يحب التيسير على الناس وتسهيل أمورهم وكان لا يحب التشديد على البشر وتضييق الأمر عليهم.
فهو القائل لأتباعه :( بشّروا ولا تنفّروا ويسّروا ولا تعسّروا )
وهو القائل أيضا : (إنّما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين)
11ــــ محمد الرسول رجل الحلم و الصفح الجميل :
من تصفح تاريخ العظماء والزعماء حين انتصاراتهم بعد هزيمة أو جولة خاسرة وجد فيهم صفة تجمعهم جميعا لم يسلم منها إلاّ الأنبياء ألا وهي الإنتقام .
ولكن محمدا الرسول ضرب أروع الأمثلة في نبل المنتصر، فرغم أنّه طُرد من مكة وصُودرت ممتلكاته وأُوذي من أهلها إذاية شديدة في بداية نبوّته , إلاّ أنّه حينما دخلها منتصرا نصرا ساحقا تاما ما كانت عظمة شخصيته وكرم أخلاقه لتسمح له بالإنتقام ، بل عفا عن كل من ظلمه وصفح عن جميع الناس عفوا عاما وهو قادر على الإنتقام منهم إنتقاما شديدا.
فقال لهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء )
وهكذا ربّى الإسلام محمدا وأتباعه على هذه الأخلاق الراقية التي تحرّرت من قيود الذاتية والأنانية.
كيف لا وكتابه المنزّل يقول : (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )
12 ـــ محمد الرسول رفيق رقيق :
ماذا لو كنت تحبّ شيئا حبّا يملأ قلبك ويملك كيانك , ثمّ جاء إنسان فانتقص قدره وأهانه ؟ ماذا لو كنت رجلا متدّينا ثمّ جاء رجل فدنّس مكان عبادتك بأسلوب فجّ ؟
لاشك أنّك ستغضب وتنفعل وتعاجل من فعل ذلك بالعقوبة ، لكن محمدا الرسول لم يفعل ذلك , لأنّه ما كان يؤمن بردود الأفعال المتعجلّة , بل كان رجلا شديد التحكّم في انفعالاته , يحكّم عقله قبل أن يفعل .
كان يعالج كل حادثة بأفق واسع ونظرة بعيدة ، وإليك هذه الحادثة التي تبرهن على ما نقول .
فهاهو رجل يأتي من البادية لم يكن له احتكاك بالمدنية الجديدة التي بناها محمد بين أتباعه في عاصمته الجديدة , تصرف هذا البدوي تصرّفا عجيبا على أهل المدينة المتحضرة ,
(3/325)
ترى ماهو هذا التصرّف والسلوك الغريب ؟
نعم إنّ من أغرب السلوكيات أن يأتي إنسان في مكان عام ومحترم ويبول أمام العموم , وهذا ما فعله ذالك البدوي في مكان تجمع محمد وأتباعه , حيث قام هذا الرجل يبول في المسجد وهو أقدس مكان عندهم , كان منظرا فظيعا ومشهدا مريعا لم يتماسك بسببه أتباع محمد أنفسهم من أن يصيحوا به بشدّة مطالبين إيّاه بالإنقطاع عن سلوكه المقزّز ,
ولكن ورغم أنّ الحدث استغرق لحظات إلاّ أنّ ذلك الزمن اليسير ماكان ليسبق فيه انفعال محمد عقله ، ففي تلك اللحظات حلّل محمد شخصية البدوي الذي قام يبول في موضع عبادته وموضع تسيير شؤون دولته ، فأراه عقله أنّه رجل غير متعلّم وفعله لا يحمل أيّ نيّة عدوانية , فلا يعدو أن يكون ذالك التصرف تخلف عن حضارة النظافة واللياقة والأدب التي بناها محمد في عاصمته , فما كان منه إلاّ أن أمر أتباعه بترك البدوي والسكوت عنه وعدم تعنيفه ، ثم بعد انتهاء البدوي من بوله ، جاءه محمد بنفسه في لطف ومسامحة ورقّة وسهولة وعلّمه أنّ هذا المكان لا يصلح لمثل ما فعل .
ففرح البدوي من حسن تعليم محمد وحسن معاملته وجمال أخلاقه
فقال : (اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا )
13ــ محمد الرسول لم تمنعه الجدّيّة و الحزم من أن يكون رجلا بشوشا يمازح الكبير والصغير:
ما كان محمد رجلا عبوسا مقطّبا ولكنّه كان طيّب النفس بشوش المعاشرة في أدب ووقار .
فما كان يمزح مزاحا يذهب المهابة والوقار, وما كان يمزح بما يؤذي الآخرين في مشاعرهم
بل كان يمزح مزاحا يدخل البهجة والسرور على من حوله من الأهل والأصحاب فعن أنس :
(3/326)
أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا كان يُهدي للنبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه وكان رجلا دميما فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال الرجل أرسلني من هذا فالتفت فعرف النبيَّ صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يشتري العبد فقال يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكن عند الله لست بكاسد أو قال لكن عند الله أنت غال
14ـــ محمد الرسول يشجع على الرياضة النبيلة الراقية :
شجع محمد الرسول أتباعه على الرياضة الراقية التي أساسها تقوية البدن والترويح عن النفس وجلب النفع للمجتمع دون إضاعة المال والنفس وإفساد الأخلاق .
وقد مارس بعض الرياضات بنفسه مثل العدو والمصارعة والفروسية .
ولكن شرط الرياضة في دستور محمد الرسول ، أن تكون بروح رياضية نبيلة وأخلاق راقية وأهداف سامية.
15ـــ محمد الرسول باني التخطيط العمراني المميّز :
بنى محمد الرسول في صحراء قاحلة لم تعرف المدنية نظاما عمرانيا رائعا تميّز بدقّة التخطيط ومراعاة مصالح الدولة والمجتمع في منظر فنّي جذاب أخّاذ ,
فقد كان المسجد هو مركز العاصمة وهو مركز القيادة ومركز اجتماع أبناء الشعب عند الأحداث الهامة والظروف الطارئة
وكان هذا المركز (المسجد ) أيضا ملاذ الفقراء , حيث توفر لهم الدولة والجهات الخيرية المأكل والملبس والمسكن، وكان أيضا مأوى الغرباء الذين يأتون من خارج الدولة فيطعمون ويسكنون في جانب من هذا المركز.
(3/327)
واعتمد التخطيط العمراني الذي بناه محمد الرسول في عاصمته على بناء الأسواق والمساكن حول المسجد حيث يسهل على أهل الأسواق وأهل المساكن سرعة الاتصال في ما بينهم ومع مركز القيادة
فالشعب في مدينة محمد وحدة متماسكة في حلقة متصلة.
فالكل في قلب الحدث دون تمييز أو تعتيم .
16ــ محمد الرسول رجل التربية والتعليم :
إن الباحث المنصف ليعجب من القدرة العجيبة التي امتلكها محمد الرسول حتى استطاع أن يحوّل شعبا لا يعرف القراءة والكتابة إلى شعب يفتخر بالعلم ويتربع فيه العلماء على أعلى درجات سلّم المكانة في الدولة والمجتمع ، وعندما يدقق الباحث في سرّ هذا النجاح يرى أنّ محمدا الرسول أعطاه الله قدرات تربوية جبّارة , فهو الخطيب الفصيح والأديب البليغ والمحاضر المقنع والمربي الناجح .
ولعلّ ما ساعده في ذالك النجاح هو إتقانه لأساليب الحوار, وشدّ الإنتباه ,وتنبيه الذهن إلى المعلومة , والتي كان له تأثير أساسي في نجاح محمد التربوي والتعليمي.
فانظر إليه في هذا المثال وهو يسأل أتباعه عن المفلس ؟ ثم ينتظر منهم الإجابة مع علمه المسبق بأنها ستكون خاطئة , ولكنّه أسلوب المحاورة العقلية لتثبيت المعلومة , وبعد التفكير يجيب طلابه إجابة خاطئة , فيسمع منهم , ثم يعطيهم الإجابة الصحيحة , ونظير هذه الطريقة التربوية الناجعة كثير جدا في تعليمات محمد الرسول .
كما أنّ إصدار محمد لتعليمات تلزم جميع أبناء الشعب ذكورا وإناثا بالتعلّم إلى سقف علمي محدّد , ثمّ تشجيع من استزاد عليه , كان له دور فعّال في النقلة النوعية التي أحدثها محمد الرسول في مجال التربية والتعليم ,
فمن تعاليمه : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم) والمسلم في خطابات محمد و خطابات الكتاب المنزّل عليه يشمل الذكور والإناث .
· محمد مع الناس في حال الحرب ( المحارب النبيل) :
1- نبله مع جنود أعدائه في قلب المعركة :
(3/328)
محمد بأخلاقه النبيلة وتعاليم كتابه المنزّل الرّاقية كان لا يغدر بأحد كائنا من كان ولو كان عدوّا ، ولا يخلف معاهدة مع أحد حتى يكون الطرف الثاني هو الذي ينقض , كما أنّه كان في حربه مع أعدائه سواء كانت له الجولة أو لعدوّه لا يعذب الجرحى والأسرى ولا يمثّل بجثثهم بل كان يحظر على جنوده وأركان جيشه فعل ذلك مهما كان الأمر .
و ضرب بذالك هو وأتباعه أروع الأمثلة للإنسانية على نبل الأخلاق في الحروب .
2ــ نبله مع المرأة وهي في صفوف العدوّ :
إليك هذا المثال العجيب الذي يأخذ بمجامع الذهن ويهز الوجدان .
ففي إحدى المعارك الحاسمة التي خاضها محمد مع أعدائه رأى أحدُ أركان جيشه الذي تربى في مدرسته العسكرية ـ وهو ابن عمه على بن أبي طالب ـ رأى جنديا ملثما من الأعداء ينتقل بين جثث الجرحى والقتلى من جيش محمد ويشوههم تشويها فظيعا ممثلا بجثثهم حتى بلغ به الأمر إلى التمثيل بأقرب الأقربين له ـ عمّه حمزة وعمّ قائده الأعلى محمد الرسول ـ فهال المشهد هذا القائد وعزم على الإنتقام من هذا الجندي والقضاء عليه، فقصده كالسهم , ولكنّه فوجئ وهو يرفع عليه سيفه ليقضي عليه بأنّه امرأة من العدوّ متسترة في زيّ رجل .
هنا المشهد العجيب , وهنا المبادئ العظيمة , ففي لحظات رفع سيفه فوق رأس العدوّ وازن هذا القائد بين الإنتقام وبين المبادئ السامية التي تشرّبها في مدرسة محمد الرسول ، فغلب على نفسه الخلق المحمدي النبيل , فما كان منه إلاّ أن أنزل سيفه وكظم غيظه وترك هذه المرأة رغم أفعالها الشنيعة في أصحابه تسير في حال سبيلها !!!
فأيّ خلق هذا ؟ وأيّ مبادئ سامية هذه ؟ وأيّ عظمة هي ؟ وأيّ احترام للمرأة ورحمة بها حتى ولو كانت في صفّ العدوّ ؟ ولكنّها عظمة محمد وأتباعه , وعظمة الإسلام الذي علّمهم ذلك .
3ـــ نبله مع الأسرى :
(3/329)
رغم مواثيق حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية إلاّ أنّ الأسير وهو في القرن الواحد والعشرين لازال يئنّ تحت وطأة التعذيب النفسي والبدني والإنتهاك الصارخ لحقوق الإنسان .
إلاّ أنّ محمدا الرسول ومنذ ما يزيد عن أربعة عشر قرنا شرّع للعالم منهجا عظيما لمعاملة الأسير لو طبقته البشرية لخرجت من أزمة الأسرى في هذا العالم الحيران , والتي مازالت تهزّ وجدان كلّ صاحب ضمير حيّ وخلق نبيل ، ذلك أنّ محمدا الرسول منع منعا باتا انتهاك حقوق الأسرى تحت أي تبرير .
فلا يجوز عنده تعذيب الأسير جسديا أو معنويا ولا يجوز سبه ولاشتمه ولا قطع المأكل والمشرب عنه .
بل بلغ الأمر بمحمد وأتباعه أن يقدّموا الأسير على أنفسهم في مأكلهم ومشربهم , و لك أن تحكم على هذا التصرف العظيم في هذا المشهد النبيل مع الأسير من قبل أتباع محمد .
هذا المشهد نزل فيه قرآن من السماء يصفه ويثني عليه , فقال مادحا لأتباع محمد (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا )
أي أنّ محمدا وأتباعه يؤثرون اليتيم والمسكين والأسير بطعامهم رغم قلته وشدة حاجتهم إليه !!!
فما أحوج الأسرى في هذا الزمان إلى محمد الرسول ليداوي جراحهم ويكفكف دموعهم ويرتجع لهم حقوقهم بل وإنسانيتهم التي نزعتها حضارة السلاح المدمّر والحروب القذرة تحت مسمّيات كاذبة .
وبعد هذا نقول : لمحمد أن يفتخر بكل قوّة على المدنية المعاصرة لسبقه وتقدّمه الكامل في مجال حقوق الإنسان عمليّا , لا على مستوى الدعاية والشعارات فقط كما فعلت وتفعل الدول المعاصرة ، كيف لا وهو يتحدى البحث العلمي النزيه البعيد عن الإنفعال والإدعاء والأفكار المسبقة أن يجد ولو حالة واحدة في حياة محمد الرسول أنتهكت فيها حقوق الأسير بالتعذيب الجسدي أو المعنوي .
ماذا قال فيه غير المسلمين :
هذه أقوال بعض الباحثين المنصفين في رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام :
(3/330)
1- يقول ( مهاتما غاندي ) في حديث لجريدة "ينج إنديا" : " أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول ، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".
2-يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه " محمد النبيّ " : " لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة.
فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا ".
3- يقول المستشرق الكندي الدكتور ( زويمر ) في كتابه " الشرق وعاداته " : إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الإدعاء.
(3/331)
4-يقول المستشرق الألماني ( برتلي سانت هيلر ) في كتابه "الشرقيون وعقائدهم" : كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبيُّ بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد ، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية ، وهما : العدالة والرحمة.
5- يقول الانجليزي ) برناردشو ) في كتابه "محمد" ، والذي أحرقته السلطة البريطانية: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال ، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا).
إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمَّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.
6- ويقول ( سنرستن الآسوجي ) أستاذ اللغات السامية ، في كتابه "تاريخ حياة محمد" : إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ.
(3/332)
7- ويقول المستشرق الأمريكي ) سنكس ) في كتابه "ديانة العرب" : ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة.
8- ويقول (مايكل هارت) في كتابه "مائة رجل في التاريخ" : إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليها سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.
9- ويقول الأديب العالمي (ليف تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية : يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
10- ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي: إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.
(3/333)
11- ويقول الفيلسوف الإنجليزي ( توماس كارليل) الحائز على جائزة نوبل يقول في كتابه الأبطال : " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً خدّاع مزوِّر .
وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة ؟!.
12- جوتة الأديب الألماني : " "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد".
ماذا قال فيه أصحابه الذين رأوه :
1- يقول فيه علي بن أبي طالب :
" كان رسول الله دايّم البشر سهل الخلق لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخّاب، ولا فحّاش، ولا عيّاب،ولا مُشَاحٍّ يتغافل عما لايشتهي، ولايؤيس منه راجيه ، ولا يجيب فيه ، قد ترك نفسه من ثلاث :المراء والإكثار ، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث:كان لا يذم أحدا ولا يعيبه ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا، لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلّم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوّلهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم ويقول: إذا رايتهم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه ، ولا يقبل الثناء إلاّ من مكافئ ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام "
(3/334)
2- وتقول عائشة بنت أبي بكر: " لم يكن فاحشا ولا متفحشّا ولا صخّابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح "
3- وتقول عائشة بنت أبي بكر أيضا :
" ما ضرب رسول الله بيده شيئا قط ...ولا ضرب خادما ولا امرأة "
4- وتقول عائشة بنت أبي بكر أيضا :
" ما رأيت رسول الله منتصرا في مظلمة ظلمها قط ، ما لم ينتهك من محارم الله شيء ،فإذا انتهك في محارم الله شيء كان من أشدهم في ذلك غضبا ،وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثما "
5- ويقول البراء بن عازب :
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنه خَلقا ليس بالطويل البائن ولا بالقصير "
6- ويقول أبو الطفيل :
" كان الرسول صلى الله عليه وسلم , أبيض مليح الوجه "
7- ويقول البراء بن عازب :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين عظيم الجمّة إلى شحمة أذنيه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه صلى الله عليه وسلم "
8- ويقول جابر بن سمرة :
" كان وجهه مثل الشمس والقمر وكان مستديرا "
9- ويقول كعب بن مالك :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه، حتى كأنّ وجهه قطعة قمر "
10- ويقول عبد الله بن عباس :
" كان أفلج الثنيّتين، إذا تكلم رُئِيَ كالنور يخرج من بين ثناياه "
11- ويقول أبو هريرة :
" كان أبيض كأنّما صيغ من فضة ، رَجِل الشعر"
12- ويقول هند بن أبي هالة :
" كان فخما مفخّما ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر..."(3/335)
مايقوله الآخرون عن محمد) صلى الله عليه وسلم(
كتبت الأخت نور الهدى
--------------------------------------------------------------------------------
0إقتطفت لكم إخوتي بعض من كلمات كتاب مسيحين الذين قرأوا سيرة محمد فلم يمنعهم إختلاف الدين من إنصاف الرسول محمد والتكلم في حقه بالخيروهما : الدكتور نظمي لوقا من أقباط مصر,
ونصري سلهب من مسيحيي لبنان؟ولكل من الرجلين أكثر من كتاب عن جوانب من حياة الرجل النبي محمد وهذه الكتب هي (محمد الرسالة والرسول) و (محمد في حياته الخاصة) لنظمي لوقا (لقاء المسيحية والإسلام) و (في خُطا محمد) لنصري سلهب، ومن هذه الكتب الأربعة سنقتبس بعض المقاطع
نظمي لوقا
[ 1 ]
" ما كان محمد - صلى الله عليه وسلم- كآحاد الناس في خلاله ومزاياه، وهو الذي اجتمعت له آلاء الرسل -عليهم السلام- وهِمّة البطل فكان حقاً على المنصف أن يكرم فيه المثل ويُحيّي فيه الرجل"
[ 2 ]
" لقد تخطّف الموت فلذات أكباد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ليكون ذلك إيذاناً بأن البشر الرسول ليس له امتياز على سائر بني آدم، فتسقط دعوى الناس في التقصير عن الاهتداء به ".
[ 3 ]
" إن هذا الرسول، حينما وقعت له تجربة الوحي أول مرة، وهو يتحنّث في غار حراء، صائماً قائماًً، يقلّب طرفه بين الأرض والسماء .. لم يأخذ هذه التجربة مأخذ اليقين، ولم يخرج إلى زوجه خروج الواثق بها، المتلهّف على شرفها. بل ارتعدت فرائصه من الروع، وقد ثقلت على وجدانه تلك التجربة الفذّة الخارقة .. ودخل على زوجه، وكأن به رجفة الحمى.. "
[ 4 ]
" إن لُباب المسألة كلّها أنك كنت يا أبا القاسم أكبر من سلطانك الكبير يدهش رجل بين يديك ويرتعش فتقول: هوّن عليك، لست بملك! إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة.. إن مجد هذه الكلمة وحدها يرجح في نظري فتوح الغزاة كافة وأبّهة القياصرة أجمعين. أنت بأجمعك في هذه الكلمة، وما أضخمها أيها الصادق الأمين!
[ 5 ]
(3/336)
أي الناس أولى بنفي الكيد عن سيرته من أبي القاسم، الذي حوّل الملايين من عبادة الأصنام الموبقة إلى عبادة الله رب العالمين، ومن الضياع والانحلال إلى السموّ والإيمان. ولم يفد من جهاده لشخصه شيئاً مما يقتتل عليه طلاب الدنيا من زخارف الحطام"
[ 6 ]
" في آخر خطبة له، وقد تحامل على نفسه وبرز إلى المسجد، قال : ( أيها الناس، ألا من كنت جلدت له ظهراً فها ظهري فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه. إلا وإن أحبّكم إليّ من أخذ مني حقاً إن كان له، أو حلّلني فلقيت ربي وأنا طيّب النفس).. ما أعظم وأروع! فما من مرة تلوت تلك الكلمات، أو تذكرتها، إلاّ سرت في جسمي قشعريرة. كأني أنظر من وهدة في الأرض إلى قمة شاهقة تنخلع الرقاب دون ذراها. أبعد كل ما قدّمت يا أبا القاسم لقومك من الهداية والبّر والرحمة والفضل؛ إذ أخرجتهم من الظلمات إلى النور .. تراك بحاجة إلى هذه المقاصة كي تلقى ربك طيب النفس، وقد غفر
لك من قبل ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ ولكن العدل عندك بدأ. العدل عندك خلق وليس وسيلة .."
[ 7 ]
(3/337)
" بماذا يقاس الإيمان، إن لم يكن مقياسه الثبات عليه في أشد الظروف حلكة، وأدعاها للناس؟ وان لم يكن مقياسه أصبر في سبيله على المكاره؟ وإنها لمكاره من كل نوع. لعلّ المعنوي منها أقسى من المادي .. لم يساوم هذا الرسول ولم يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته، على كثرة المساومات واشتداد المحن.. فحيثما تعرض الأمر لدعوته وعقيدته فلا محل لمجاملة مهما قويت بواعثها. أهذا شأن من يملك من الأمر شيئاً ؟ أهذا شأن من لا تسيطر عليه قوة قاهرة أقوى من مراده وهوى نفسه؟ لقد ضُرِب وشُبِح وأُهِين في كل مكان فلم يعنه من ذلك شيء سوى خوفه أن يكون بالله عليه غضب فالا يمكن ربه غاضباً عليه فلا يبالي. وقريش تمنّيه بانقلاب الحال إلى ملك مؤهل وثراء مذلل فلا يفكر بشيء من ذلك طرفة عين ، ويعرض عنه بغير مبالاة. فالا يمكن نوراً هو الصدق الصادق فقد ارتكست مقاييس تجعل من صاحب هذه المواقف مساوماً .. طالب مغنم .. ".
نصري سلهب
[ 1 ]
" في مكة .. أبصر النور طفل لم يمر ببال أمه، ساعة ولادته، أنه سيكون أحد أعظم الرجال في العالم، بل في التاريخ، ولربما أعظمهم إطلاقاً
[ 2 ]
" غدا اسم محمد - صلى الله عليه وسلم - أشهر الأسماء طُرًّا، وأكثرها ترداداً على الشفاه وفي أعماق القلوب. وحسبه شهرة وترداداً أن ملايين المؤمنين في العالم يؤدون، كل يوم أكثر من مرة، شهادة مقرونة باسم الله وباسمه "
[ 3 ]
من ينعم التفكير في سيرة هذا الرجل - صلى الله عليه وسلم- يرَ نفسه منساقاً إلى الإقرار بأن ما حققه وقام به يكاد يكون من دنيا غير التي يعرفها البشر
[ 4 ]
" هنا عظمة محمد - صلى الله عليه وسلم- -. لقد استطاع خلال تلك الحقبة القصيرة من الزمن، أن يحدث ثورة خلقية وروحية واجتماعية، لم يستطعها أحد في التاريخ بمثل تلك السرعة المذهلة"
[ 5 ]
(3/338)
" لا ليس بين الرسل واحد كمحمد - صلى الله عليه وسلم -عاش رسالته عمقاً وصعداً، بعد مدى، ذوب كيان، عصف بيان، عنف إيمان"
[ 6 ]
" لكأني بمحمد - صلى الله عليه وسلم- آلى على نفسه أن يترك للمؤمنين ثروة روحية وأخلاقية، ينفقون منها فلا تنضب ولا تشح؛ لأنها بحجم روحه، وهل أن روح النبي تنضب أو تشح؟"
[ 7 ]
" إن محمداً - صلى الله عليه وسلم- كان أمّياً لا يقرأ ولا يكتب، فإذا بهذا الأميّ يهدي الإنسانية أبلغ أثر مكتوب حلمت به الإنسانية، منذ كانت الإنسانية، ذاك كان الكتاب الذي أنزله الله على رسوله
[ 8 ]
" ليس في القرآن كله ذكر لمعجزة أو لأعجوبة صنعها النبي- صلى الله عليه وسلم- فحسبه أن المعجزة الكبرى كانت بوساطته. حسبه أن الله اختاره من دون لبشر لينزل عليهم تلك الثروة التي لم يروِ التاريخ أن ثروة بحجمها جاءت على لسان رجل واحد. حسبه أن يكون قد نثر تلك الثروة بحرفيتها على الناس، فأفادوا منها جميعهم. وستظل مدى الدهر ينبوعاً يرِدُه العِطاش إلى الحقيقة والجِياع إلى ملكوت الله "
[ 9 ]
" إن أولى الآيات البيّنات كانت تلك الدعوة الرائعة إلى المعرفة، إلى العلم عبر القراءة.. اقرأ .. وقول الله هذا لم يكن لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فحسب، بل لجميع الناس، ليوضح منذ الخطوة الأولى، بل منذ الكلمة الأولى، أن الإسلام جاء يمحو الجهل، وينشر العلم والمعرفة "
[ 10 ]
" ذلك العظيم الذي كان يحاول تغيير التاريخ، ويعدّ شعباً لفتح الدنيا من أجل الله.. ذلك الأمي اليتيم الفقير الذي خاطب الأباطرة والملوك والأمراء من ندّ إلى ندّ، بل كمن له عليهم سلطان.. ذلك الملهم الذي كان همّه أن يعيد الصلة بين الأرض والسماء. ذلك الرجل وجد الوقت الكافي ليلقي على الناس دروساً في آداب المجتمع، وفي أصول المجالسة وكيفية إلقاء السلام! "
[ 11 ]
(3/339)
" هذا الرجل الذي ما عرف الهدوء ولا الراحة ولا الاستقرار، استطاع، وسط ذلك الخضّم الهائج، أن يرسي قواعد دولة، وأن يشرّع قوانين، ويسن أنظمة، ويجود بالتفاسير والاجتهادات، ولم ينسّ أنه أب وجدٌّ لأولاد وأحفاد فلم يحرمهم عطفه وحنانه. فكان بشخصيّته الفذّة، الغنيّة بالقيم والمعطيات والمؤهّلات، المتعددة الأبعاد والجوانب الفريدة بما أسبغ الله عليها من نعم وصفات، وبما حباها من إمكانات، كان بذلك كله عالماً قائماً بنفسه "
[ 12 ]
" لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم- رسولاً وحسب، يهدي الناس إلى الإيمان، إنما كان زعيماً وقائد شعب، فعزم على أن يجعل من ذلك الشعب خير أمة أخرجت للناس. وكان له ما أراد "(3/340)
هذا هو رسول الله صلي الله عليه وسلم يانصراني
كتب الأستاذ مسلم سلفي
--------------------------------------------------------------------------------
كان صلى الله خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام ، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) سنن الترمذي
وكان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين ، يتخلق ويتمثل بقوله تعالى: (( تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ )) [ القصص 83 ].
فكان أبعد الناس عن الكبر ، كيف لا وهو الذي يقول صلى الله عليه وسلم : (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله) رواه البخاري.
كيف لا وهو الذي كان يقول صلى الله عليه وسلم : (آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد) رواه أبو يعلى وحسنه الألباني.
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجيب الدعوة ولو إلى خبز الشعير ويقبل الهدية.
عن انس رضي الله عنه قال كان صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب - رواه الترمذي في الشمائل.
الإهالة السنخة: أي الدهن الجامد المتغير الريح من طوال المكث
وكان يجلِس على الأرض، وعلى الحصير، والبِساط،
عن أنس رضي الله عنه قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له" - رواه أبو داود والترمذي بلفظه.
عن أبي أمامة الباهلي قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا إليه، فقال لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا - رواه أبو داود أبن ماجة وإسناده حسن.
(3/341)
وكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة خيره الله تعالى بين أن يكون ملكا نبيا أو يكون عبدا نبيا فاختار أن يكون عبدا نبيا.
كان ينامُ على الفراش تارة، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ، وتارة على كِساء أسود .
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مزمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا عمر قال: ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى فقال يا عمر: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال : بلى قال: هو كذلك )
و كان عليه الصلاة والسلام أعبد الناس ، و من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان عبداً لله شكوراً.
فإن من تمام كريم الأخلاق هو التأدب مع الله رب العالمين وذلك بأن يعرف العبد حقّ ربه سبحانه وتعالى عليه فيسعى لتأدية ما أوجب الله عز وجل عليه من الفرائض ثم يتمم ذلك بما يسّر الله تعالى له من النوافل ، وكلما بلغ العبد درجةً مرتفعةً عاليةً في العلم والفضل والتقى كلما عرف حق الله تعالى عليه فسارع إلى تأديته والتقرب إليه عز وجل بالنوافل.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العالمين في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه إن الله تعالى قالى: (... وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه...) رواه البخاري.
(3/342)
فقد كان صلى الله عليه وسلم يعرف حق ربه عز وجل عليه وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر على الرغم من ذلك كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو ويثني على الله تبارك وتعالى ويخشع لله عز وجل حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل.
فعن عبدالله بن الشخير ـ رضي الله عنه ـ قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء) رواه أبو داود وصححه الألباني.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبداً شكوراً) رواه البخاري.
وكان من تمثله صلى الله عليه وسلم للقرآن أنه يذكر الله تعالى كثيراً، قال عز وجل : (( ....وَالذّاكِرِينَ اللّهَ كَثِيراً وَالذّاكِرَاتِ أَعَدّ اللّهُ لَهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )) [ الأحزاب 35 ].
وقال تعالى : (( ... فَاذْكُرُونِيَ أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ )) [البقرة 152 ].
ومن تخلقه صلى الله عليه وسلم بأخلاق القرآن وآدابه تنفيذاً لأمر ربه عز وجل أنه كان يحب ذكر الله ويأمر به ويحث عليه، قال صلى الله عليه وسلم : (لأن أقول سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس) رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم : (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره ، مثل الحي والميت) رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم : (ما عمل ابن آدم عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله) أخرجه الطبراني بسندٍ حسن.
كان عليه الصلاة والسلام أكثر الناس دعاءً، وكان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: (اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) متفق عليه .
(3/343)
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل) رواه النسائي وصححه الألباني.
انظروا ماذا فعل رسول الله صلي الله عليه و سلم عند فتح مكة دخل مكة وهو منتصر مظفر دخلها وهو مطأطأ الرأس مطأطأ الرأس حتى إن عثنونه كان يلامس ظهر راحلته وهو يقول: {وقل جاء الحق وزهق الباطل},{ ربي أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين }
اي تواضع هذا من فعل هذا غير رسول الله صلي الله عليه وسلم
اتحداكم بان تاتوا بفاتح عظيم منتصر يدخل وهو مطأطأ الرأس
وانظروا ماذا فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم بأهلها من عذبوه و آذوه و طردوه
ماذا فعل بهم و هو المنتصر المظفر
قال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء
الله اكبر هذه هي قمة العفو عند العزة
فاللهم صلي علي محمد في الاولين
و صلي عليه في الاخرين
و صلي عليه في كل وقت و حين
وصلي عليه الي يوم الدين(3/344)
أيهما الأعظم محمد أم المسيح للشيخ عمار صالح موسى
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا .
وبعد
( المسيح ام محمد أيهما اعظم ؟ سؤال لابد من جوابه )
عنوان الكتاب من إصدارات ( دار الشبيبة ) او ( نداء الرجاء ) بقلم عبدالمسيح
وزملاؤه وهذا الكتاب ملئ بالمغالطات والافتراءات وقلة الأدب علي النبي صلي الله
عليه وسلم وهذا ليس بالغريب علي مؤسسة ( دار الشبيبة ) الحاقدة علي الإسلام وأهله
فكل إصداراتها قائمة علي الأكاذيب والمقارنات الخاطئة المتحيزة وهذا معروف لكل شخص
مهتم بأمر مقارنة الأديان ، وسوف اضرب مثالين حتى أعطى القارئ المنصف خلفية صادقة
عن هذه المؤسسة الحاقجة ومن إصداراتها .
المثال الأول
1- كتاب بعنوان ( الصلب في الانجيل والقران )
انظر لهذا العنوان هل يوجد في القران الكريم ما يبين إلى صلب المسيح عليه السلام ام
العكس تماما ؟ والإجابة هي العكس تماما ولو سئل أي مسلم مهما كان مستواه وتعليمه
الديني او الدنيوي لاجاب بان المسيح عليه السلام لم يصلب وهذه الإجابة مبينة علي
القران الكريم نفسه قال تعالي ( وما ورد في قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) النساء
آية (159) بالرغم هذه الآية الصريح في عدم صلب المسيح عليه السلام الا ان اسكندر
جديد كاتب ( دار الشبيبة ) يغالط ويكابر ويؤكد لنا من خلال كتابه هذا ان القران
الكريم يقول بصلب المسيح عليه السلام !!!
المثال الثاني
2-المسيحية في الإسلام
للكاتب إبراهيم لوقا وفي هذا الكتاب ادعي الكاتب وجود ألوهية المسيح في القران
الكريم وكذلك الثالوث بل كل العقيدة النصرانية وتغافل هذا الكتاب عن آيات قرآنية
كثيرة تبطل دعواه منها قوله تعالي ( لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن
مريم ) المائدة آية (73) وهكذا كل إصدارات ( دار الشبيبة ) تقوم علي الأكاذيب
(3/345)
والمغالطات وعدم الأمانة في النقل ومع هذه الصفات السيئة الكثيرة التي يتصف بها
كتاب ( دار الشبيبة ) الا ان هنالك صفة لا يشاركهم فيها أحد ألا وهي ( الفبركة )
وحسن اختراع القصص الوهمية والادعاء بأنها قصص حقيقية فكم من قصة ملفقة واضحة الكذب
خيالية بعيدة عن الواقع الذي نعيشه ولكنها في إصدارات ( دار الشبيبة ) قصة حقيقية
واقعية وما هذه القصة التي نحن ألان بصددها عنكم ببعيد ، أقوى دليل علي ان هذه
القصص مكذوبة هو نهاية هذه القصص بفوز النصارى ( بالجولة ) وانهزام المسلمين ، بل
تصور هذه القصص علماء المسلمين بأنهم أقزام أمام علماء النصارى ويتهربون منهم ولا
سبيل لمواجهتهم الا بالسلطات الحاكمة المسلمة ، وهذا شئ مخالف للواقع فعلماء
النصارى ليس لهم حجة قوية الا من خلال هذه القصص الوهمية أما علي الواقع الذي نعيشه
فعلماء النصارى يعرفون تماما اكثر من غيرهم انهم لا يستطيعون مقارعة علماء المسلمين
الحجة ولذلك يتهربون منهم وما من عالم نصراني ناظر عالم مسلم الا خاب وخسر ولذلك
الكنائس تمنع القساوسة من هذه المناظرات خوفا من الهزيمة كيف لا تمنعهم وقد تجرعت
الكنيسة في جميع أنحاء العالم هزائم مريرة من علماء المسلمين ؟ ولذلك اليوم نجد
المسلمين هم الوحيدون الذين يوثقون هذه المناظرات ويفتخرون بها وذلك عن طريق طبعها
في مجلدات او أشرطة فيديو او كاسيت .
وانظر معي يا أخي الكريم الي عدد المناظرات التي تمت بين المسلمين والنصارى لا
يوجد مناظرة واحد اهتمت بها الكنيسة وسلطت عليها الإعلام بل نجد العكس تماما
فالمسلمون هم الوحيدون الذين يسلطون الأضواء عليها لماذا يا ترى ؟ الإجابة معروفة
لدي المسلم والنصراني والان لو طلب أي عالم مسلم من اسكندر جديد او عبد المسيح او
منيس عبد النور او أي عالم نصراني مناظرة في وسائل الأعلام او في قاعة كبرى علي ملا
(3/346)
من الناس لرفضوا جميعا ذلك فقد اخذوا العبرة من أسلافهم ومعاصريهم الذين ناظروا
علماء المسلمين فلا يريدون لا نفسهم نفس المصير .
والان لنعود لموضوع البحث وهو الرد علي كتاب ( من هو الأعظم المسيح ام محمد ؟
سؤال لابد من جوابه ) فقد ادعي عبد المسيح وزملاؤه أنها قصة واقعية كعادة كتاب (
دار الشبيبة ) وملخص هذه القصة ان أحد خدام الرب في إحدى البلدان العربية كان يقوم
بزيارة السجون للمساجين طريق الحياة علي حد زعمهم وكان السجناء خليط من المسلمين
والنصارى ، وذات يوم اقفل المساجين الباب علي خادم الرب المزعوم ومنعوه من الخروج
الا ان يرد علي سؤالهم وهو ( من هو الأعظم محمد ام المسيح ؟) فوعدهم بالإجابة علي
سؤالهم ولكن ليس من الأناجيل وانما من القران الكريم والسنة المطهرة وفي النهاية
كانت الإجابة مذهلة وهي ان المسيح اعظم من محمد وافضل منه في كل شئ .
وعليه أقول لو كانت هذه القصة حقيقية او خيالية فمحمد رسول الإسلام صلي الله
عليه وسلم افضل من عيسى عليه السلام الذي ورد ذكره في القران الكريم والسنة المطهرة
وكذلك افضل من مسيح الأناجيل الذي ورد ذكره فيها ( متي ، مرقس ، لوقا ، يوحنا )
أيضا هذا الكتاب ( من هو الأعظم المسيح أم محمد ؟) يوضح مدي الحقد الذي يحمله
علماء النصارى للنبي محمد صلي الله عليه وسلم وبالذات كٌتاب دار الشبيبة ) .
وبما ان السؤال مطروح للإجابة عليه فسوف نجاوب عليه ولكن قبل ذلك نبطل إجابة
عبد المسيح وزملاؤه وتعند الأكاذيب والأباطيل التي جاءوا بها
ولن تكون أجابتنا من القران الكريم والسنة المطهرة فقط وانما أيضا من الأناجيل
وذلك لكي نثبت لعبد المسيح وزملاؤه ان محمد رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم افضل
من المسيح عيسى بن مريم عليه السلام الذي ورد ذكره في القران الكريم والسنة المطهرة
وكذلك افضل من مسيح الأناجيل ( متي مرقس ، لوقا ، يوحنا ) وذلك لان المسيح الذي ورد
(3/347)
ذكره في القران الكريم يختلف عن المسيح الذي ورد ذكره في هذه الأناجيل وسوف يعلم
القارئ هذه الحقيقة من خلال متابعته هذا البحث .
كما أرجو من القارئ الكريم أن يلتمس لي العذر إذا وجد في ردى حدة وقسوة فالأمر
يتعلق بأحب شخص ألينا فماذا عسانا فاعلين إذا أهين وأسئ إليه ؟ فلم يراعي عبد
المسيح وزملاؤه مشاعر المسلمين ولم يتورع قلمه في العبارات التي يكتبها فهي عبارات
جارحة مستفزة الي الحد البعيد ولا سبيل لنا الا ردعه هو وزملاؤه حتى لا يتطاول علي
اعظم شخص مشى علي هذه الأرض فهو سيد الأولين والآخرين صلي الله عليه وسلم
مناقشة افتراءات عبد المسيح وزملاؤه
وفي هذا الجزء سوف نأتي بكلام عبد المسيح وزملاؤه ومن ثم أقوم بالرد عليه
مباشرة في كل جزئية أتى بها الفرية الأول
ولادة محمد وولادة المسيح
تحت هذا العنوان ادعي عبدالمسيح وزملاؤه أن محمد ولد من أب وأم مثل باقي البشر
بينما ولد المسيح بطريقة غير طبيعية من أم بدون أب واستدلوا علي ذلك بسورة النساء
الآية (171) وسورة الأنبياء الآية (91) وسورة التحريم الآية (12) ولكنهم لم يوردوا
نص الآيات بل أرقامها فقط ، ثم كانت خلاصة كلامهم من النقطة الأولى هي ( ليس المسيح
أذن آنسانا عاديا بل روح الهي وبنفس الوقت جسد عادي ؟ إذ ولد من روح الله ومن مريم
العذراء . لم يولد محمد من روح الله إنما ولد من أب حق وأم حقه ؟ فهو جسد عادي فقط
لاروح الهي )(1)
أقول ردا علي ذلك جرت العادة عند النصارى وبالذات كتاب (دار الشبيبة) بنز
النصوص وعدم الأمانة في النقل، لقد ادعي عبدالمسيح وزملاؤه ان خادم الرب المزعوم
قال للسجناء (سوف اترك القران والحديث ان يعطيكم جوابا مقنعا ) (2) وإذا كان الأمر
كذلك هل ورد في القران الكريم او الحديث ان المسيح روح الهي بمعني اله ؟ ولماذا لم
يأت بنص الآية الأولى واكتفي بذكر رقمها فقط ؟
1- من هو الأعظم المسيح ام محمد ؟ صفحة 2
2- المصدر السابق نفسه صفحة 2
(3/348)
الإجابة هي لان ذكر نص الآية يظهر كذبة ويبطل دعواه ونص الآية هو ( يا أهل الكتاب
لا تفعلوا في دينكم ولاتقولوا علي الله الا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول
الله وكلمته ألقاها الي مريم وروح منه فأمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا
خيرا لكم إنما الله اله واحد سبحانه ان يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض
وكفي بالله وكيلا ) والشاهد من الآية الكريمة أنها تنهي النصارى عن الغلو في المسيح
وتوضح لهم ان المسيح بشر فقط وليس اله كما تفيد الآية الكريمة بطلان عقيدة الثالوث
التي يعتقدها عبد المسيح وزملاؤه
أما بخصوص الآيتين (91) الأنبياء و(12) التحريم ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيه
من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ) ( ومريم أبنت عمران التي أحصنت فرجها
فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين )
عبد المسيح وزملاؤه كلمة روحنا بروح الله أي جزءا من الله ، وقد يتساءل المسلم
لماذا فسر عبدالمسيح الآية بهذه الطريقة هل هو جاهل الي هذا الحد ام يتجاهل ؟
والإجابة هي ان عبدالمسيح غير جاهل يفهم هذه الآية وتفسيرها ولكنه صاحب هوى يريد ان
يفسر الآيات القرآنية وفق أناجيله المحرفة ولكن لا باس ان نوضح المسالة للنصارى
الذين يكتب لهم عبدالمسيح ومن علي شاكلته فهم لا يعرفون القران الكريم الأمن خلال
كتابات هؤلاء الحاقدين وردت كلمة روح في القران الكريم تفيد معاني عدة وكل معني
يفهم من خلال سياق الآية نفسها التي وردت فيها كلمة روح فمثلا ورد قوله تعالي (
يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) الإسراء آية (85)
والمعني بالروح في هذه الآية هي روح الإنسان والتي إذا فارقته فارق الحياة ،
أيضا تأتى كلمة روح في القران الكريم ( فأرسلنا أليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا )
مريم آية (17)
بمعني جبريل عليه السلام وهو ملك من الملائكة وهكذا نجد الروح في القران الكريم
(3/349)
علي حسب سياق الآية ، أما الآيات التي استدل بها عبدالمسيح وزملاؤه في القران
الكريم علي الوهيه المسيح فهنالك الكثير من الآيات القرآنية مثلها قال تعالي بشأن
آدم عليه السلام ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) سورة ص آية (72)
فلماذا لم يؤله عبدالمسيح وزملاؤه آدم عليه السلام مثل المسيح عليه السلام وقبل
ذلك لماذا تجاهلوا هذه الآية ؟
أيضا ورد قوله تعالى ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه )
الجاثية آية (13)
وعلي حسب مفهوم عبدالمسيح وزملاؤه يصير كل ما في السماوات والأرض إلهة !!!
أيضا بشأن الروح ورد قوله تعالي ( وكذلك أوحينا إليك روحا من امرنا) والمعني به
في هذه الآية هو القران الكريم وهكذا نفهم كلمة روح في القران الكريم علي حسب سياق
الآية التي ورد فيها لفظ روح (1)
وعليه يبطل كلام عبدالمسيح وزملاؤه
الوعود الإلهية عن محمد والمسيح
يقول عبد المسيح وزملاؤه تحت العنوان ( لقد استمع كل الأنبياء الصالحين إلى كلمة
الله ونقلوها بإخلاص مهما كلفهم الأمر . أما المسيح فلم يسمع الوحي بل هو كلمة الله
المتجسد وحل فيه سلطان الكلمة الإلهية …….. لم نقرأ في القران عن محمد انه كلمة
الله المتجسد إنما نقرأ انه تلقي الوحي ونقله إلى مستمعيه ؟ ولم يبشر الله أمه آمنة
بشارة خاصة ؟ ولم ينفخ روحه فيها ………. أما أم المسيح قد ورد اسمها في القران 34 مرة
بينما لم يرد اسم أم محمد ولو مرة واحدة ) (2)
أقول هذا كذب وافتراء فلم يقول القران الكريم قط ان المسيح هو كلمة الله المتجسد بل
حارب القران الكريم هذه العقيدة الباطلة وكفر من يقول بذلك قال تعالى ( لقد كفر
الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم ) المائدة آية (72)
أيضا القول بان المسيح لم يتلق الوحي مثل باقي الأنبياء والرسل فهو كذب محض وعيد
المسيح وزملاؤه يعرفون هذه الحقيقة جيدا قال تعالي في كتابه الكريم المحفوظ من
(3/350)
التحريف ( ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ) آل عمران آية (48)
إما مسالة ذكر ام المسيح في القران الكريم وعدم ذكر أم محمد (آمنة) ولو مرة
واحدة فهذا مسالة تعطي أفضلية أم المسيح علي أم محمد ولكنها قطعا لاتعطي أي أفضلية
للمسيح علي محمد صلي الله عليه وسلم ( وألا كنا قلنا ان محمد صلي الله عليه وسلم
افضل من المسيح لان المسيح حفيد أبناء الزنا حيث حيث يوجد هنالك في سلسلة نسب
المسيح مجموعة من أجداده أبناء زنا وذلك علي حسب الأناجيل الموجودة بين يدي النصارى
ألان )
الفرية الثالثة :
براءة محمد والمسيح
وتحت هذا العنوان أيضا ادعي عيد المسيح وزملاؤه ان القران الكريم شهد للأنبياء
والرسل بالخطايا والذنوب ماعدا المسيح فكان دائما بريئا وطاهرا .كما ادعوا أيضا أن
القران اثبت المعصية لمحمد ودليلهم علي ذلك ( استغفر لذنبك ) التي وردت في الآيات
(55) من سورة غافر و(19) محمد وكذلك الأحزاب (37) بخصوص زيد بن الحارثة ثم ختموا
كلامهم بقولهم ( كان محمد أنسانا طبيعيا مولودا من والدين طبيعيين ؟ فعاش حياة
الفطرة واخطأ مثلنا واستغفر ربه عن ذنوبه وخطاياه . أما المسيح فولد من روح الله
وهو كلمة الله المتجسد وعاش قدوسا وطاهرا منذ حداثته ) (1)
أولا : أقول لعبد المسيح وزملاؤه لقد عصم القران الكريم كل الأنبياء والرسل وانتم
تعلمون هذه الحقيقة جيدا وأستطيع ان اجزم أنكم قرأتم كل الكتب التي آلفها علماء
المسلمين في عصمة الأنبياء
ثانيا : لقد اثبت كتابك الذي تعتقد فبه عدم العصمة للمسيح حيث ورد في إنجيل مرقس
(1:4-11) ان المسيح تعمد من يوحنا المعمدان الذي كان يعمد الناس بمعهودية التوبة
لمغفرة الخطايا . وتعمد المسيح من يوحنا المعمدان يعني انه خاطئ مثل البشر وآلا
لماذا تعمد ؟.
أيضا كتابك اثبت عدم عصمة المسيح من خلال شربه للخمر والذي هو محرم بنص كتابك
وسوف يرد ذلك في باقي البحث إنشاء الله
(3/351)
إذا لاحجة لعبد المسيح وزملاؤه في هذه الفرية
• الفرية الرابعة
الوحي لمحمد والمسيح
وهذه الفرية مكررة والإجابات السابقة ترد عليها ولكن عبدالمسيح وزملاؤه أضافوا
شبهات أخرى مثل قولهم ( يخبرنا القران ان الله ذاته علم المسيح قبل تجسده الكتاب
والحكمة والتوراة والإنجيل )(1) وقبل ذلك زعموا بقولهم ( لم يرسل الله الملاك
جبرائيل ألي المسيح ألبته ولم يتقبل المسيح وحيا بواسطة شخص ثالث ) (2) أقول وهذا
كذب أيضا فلقد وضحنا من قبل ان القران الكريم ينفي مسالة التجسد هذه وكفر من يقول
بها ، أما قولهم ان الله علم المسيح الكتاب والحكمة التوارة والإنجيل وبدون واسطة
شخص ثالث فهذا الكلام حجة عليهم ويدل علي غباء عقولهم وبلادة فهمهم ، لانه كيف يكون
جاهلا ثم يتعلم ويكون بعد ذلك الله آهل الله يتعلم ؟ هل علم الله يزيد وينقص ؟ فهذه
الآية دليل واضح علي بطلان ألوهية المسيح ، وسؤال آخر هل اذا تعلم المسيح من الله
مباشرة هل يعني ذلك ميزة له من دون الأنبياء ؟ الإجابة هي كلا لانه في الإسلام
الوحي بثلاث طرق وهي :ـ
1- وحي الهام
2- كلام من وراء حجاب
3- إرسال ملك ( جبريل عليه السلام )
قال تعالى ( وما كان لبشر ان يكلمه الله ألا وحيا أو من وراء حجاب او يرسل رسولا
فيوحي بأذنه ما يشاء انه عليم حكيم ) الشورى آية (51)
ولكن ولله الحمد والمنة فقد وضح القران الكريم ان المسيح عليه السلام تلقي الوحي
بواسطة الملاك جبريل عليه السلام تلقي الوحي بواسطة الملاك جبريل عليه السلام قال
تعالى ( وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ) البقرة آية (87) وروح
القدس هو جبريل عليه السلام وعليه فليخسأ عبدالمسيح وزملاؤه
أما زعمهم ان المسيح لم يأت بكتاب فالرد علي هذه المغالطة ليس من القران الكريم
بل من كتابهم المحرف الذي يعتقدون فيه فقد ورد في إنجيل مرقس ( 8: 35) ( فان من
(3/352)
أراد ان يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من اجلي الانجيل فهو يخلصها ) والشاهد من
النص ان المسيح فرق بين نفسه والإنجيل مما يدل علي ان كل واحد منهما شئ مستقل بذاته
• الفرية الخامسة
آيات محمد وآيات المسيح
وتحت العنوان ادعي عبدالمسيح وزملاؤه ان معجزة محمد هي القران فقط وليس أعمالا
، أما معجزات المسيح فهي أعمال ثم بعد ذلك ذهبوا يدلسوا ويفتروا بان معجزات
المسيح واعماله لم يعمل أحد مثلها وان هذه الأعمال من تلقاء نفسه ، والرد علي هذا
الكذب من كتابهم الذي يعتقدون فيه حيث ورد في انجيل يوحنا (5: 19) ( لا يقدر الابن
ان يعمل من نفسه شيئا ألا ما ينظر الأب يعمل ) وفي سفر أعمال الرسل (2: 22) قول
بطرس رئيس التلاميذ لليهود ( أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال يسوع
الناصري رجل قد تبرهن كم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده وفي وسطكم
) فهذا هو المسيح عليه السلام وتلميذه بطرس يقولان ان هذه الأعمال والمعجزات من
الله سبحانه وتعالى وعبد المسيح وزملاؤه يقولون أنها من صنع المسيح وحده !!!! فمن
نصدق نحن المسيح عليه السلام وتلميذه الذي كان معه وعاصره ام نصدق عبدالمسيح
وزملاؤه اكذب بشر في النصارى ؟ !!!!
أما قول القران الكريم في أعمال المسيح فهو واضح كالشمس فلقد آتي عبد المسيح
وزملاؤه بالآيات ومن ضمنها قوله تعالى ( وبأذني ) و ( بآذن الله ) فهي تفيد بأمر
الله وليس من عند المسيح ولكن عبدالمسيح وزملاؤه تغافل عنها وفر منها وذهب يفترى
ويلبس علي القارئ .
• الشبهة السادسة :
موت محمد وموت المسيح
وتحت هذا العنوان يقول عبدالمسيح وزملاؤه ( ان سم اليهود كسر قلبه فمات محمد
موتا غصبا عنه علي صدر زوجته عائشة في المدينة المنورة ) (1) أما المسيح ( مات
المسيح بإرادته في سلام تام ونقرأ في الإنجيل ان المسيح عرف كيفية موته مسبقا وعين
اليوم والساعة لوفاته …….. فمات طوعا لا غصبا …) (2)
(3/353)
ألان اختل الميزان تماما فقد ادعي عبدالمسيح وزملاؤه ان خادم الرب المزعوم قال
للسجناء سوف اترك القران والحديث ان يعطيكم جوابا مقنعا وهاهو ألان يترك القران
والحديث ويقول نقرأ في الانجيل !!!! ما هذا التخبط ؟ هل صار الانجيل واحدا من
القران والسنة ؟!!!!
والرد علي هذا الكلام الباطل أقول لو مات محمد صلي الله عليه وسلم ميته
طبيعية أو مقتولا فهذا لا يعطي ميزة أفضلية للمسيح ولا الموت قتلا ينقص من قدر محمد
صلي الله عليه وسلم وهذا هو يوحنا المعمدان يمدحه المسيح كما ورد في الانجيل ويصفه
بأنه افضل شخص ومع ذلك مات مذبوحا فهل قلل ذلك من شانه ؟!!!! بالطبع كلا
وإذا رجعنا إلى الإنجيل المحرفة التي بين يدي عيد المسيح وزملاؤه نجد ان
المسيح مات شر ميتة وليس في سلام او طوعا من نفسه ولا كما يريد هو ، فلقد مات
مصلوبا بالمسامير وهو يبكي ويصرخ والدماء تنزف من كل جسده ، وقبل القبض عليه كان
يصلي ألي الله لكي ينجو من الموت وظل الليل كله يتضرع إلى الله حتى يعبر هذه
التجربة لوقا (22: 41: 46) ولكن اليهود باغتوه واسروه وضربوه بالشوك ومزقوا ثيابه
وبصقوا علي وجهه ثم صلبوه علي حسب الإنجيل المحرفة ومع كل هذا يفترى عبدالمسيح
وزملاؤه ويقولون ان المسيح مات بسلام وبرغبته ، وليت شعري إليها افضل شخص مات فى
بيته وعند زوجته واهله ام شخص مات على صليب يبكي ويصرخ ويولول وفر منه الحبيب
والقريب ؟ يا اهل العقول اخبروا هؤلاء 0
الفرية السابعة :
محمد والمسيح بعد موتهما
وتحت هذا العنوان يقول الهالك الضال عبد المسيح وزملائه (دفن محمد فى المدينة
المنورة وقبره معروف حتي الان 0 ويزوره ملايين من الحجاج سنويا مؤمنين ان عظام محمد
لا تزال فى قبره ؟ وان نفسه دخلت البرزخ وهو ينتظر يوم الدين العظيم 0 اما المسيح
فرفعه الله اليه 0 اذ قال الله يا عيسي اني متوفيك ورافعك الى – سورة ال عمران 3:55
(3/354)
00 لقد وجد قبر المسيح فارغا لانه قام حقا كما اعلن مسبقا 0 اما عظام محمد فلا
تزال فى قبره 0 المسيح حي ؟ اما محمد فميت لم يقم بعد من الاموات ولم يصعد الى
جنة عدن حتي الان 0 ما اعظم الفرق بين الموت والحياة ! وكما ان الحياة اعظم من
الموت ؟ هكذا يكون المسيح اعظم من محمد 0 المسيح هو الحياة الابدية بالذات )(1)
ارايت يا اخي المسلم مثل هذا الحقد تجاه افضل شخص مشي على هذه الارض ؟ ارايت يا اخي
المسلم مثل سوء الادب هذا مع النبي صلي الله عليه وسلم ؟ هل رايت مثل هذه الوقاحة
فى وصف النبي صلي الله عليه وسلم (عظام محمد) انظر اخي المسلم الى مدي الحقد
والكراهية التي يحملها امثال هؤلاء على النبي صلي الله عليه وسلم 0
اقول ردا على هذه الوقاحة فليعلم الجاهل الحاقد عبد المسيح ان اجساد الانبياء لا
تاكلها الارض مثل باقي البشر فكل نبي او رسول مرسل من عند الله فجسده محفوظ داخل
الارض كما هو الى ان تقوم الساعة وهذا الكلام من السنة التى قال عنها عبد المسيح
وزملائه ان خادم الرب المزعوم سوف يكون كلامه منها 0 فقد ورد حديث النبي صلي الله
عليه وسلم فيه قال (ان الله عز وجل حرم على الارض اجساد الانبياء ) 0 (1)
الشئ الثاني هو ان عيسي عليه السلام لن يظل حيا هكذا كما زعمت الى ان تقوم الساعة
فلقد ورد فى القران الكريم والسنة المطهرة انه سوف ينزل اخر الزمان فيقتل المسيح
الدجال ويكسر الصليب ثم يحكم الارض الى ان يتوفاه الله ويدفن فى الارض مثل محمد صلي
الله عليه وسلم والدليل على ذلك قوله تعالى من سورة النساء الايتين (158- 159) (بل
رفعه الله اليه وكان الله عزيزا حكيما * وان من اهل الكتاب الا ليومنن به قبل موته
ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) والشاهد هاتين الايتين ان المسيح عليه السلام لم
يمت بعد وانما رفع الى السماء وسوف يعود ويموت ويدفن فى الارض مثل محمد صلي الله
عليه وسلم 0
(3/355)
وعليه لا حجة لعبد المسيح وزملائه وقولهم باطل مردود عليهم 0
الفرية الثامنة :
سلام محمد وسلام المسيح
وتحت هذا العنوان ادعي عبد المسيح وزملائه اولا ا ن محمج ينقصه السلام ولذلك امر
الله المسلمين بالصلاة عليه والتسليم كما ورد في سورة الاحزاب (56 - 33) اما المسيح
فقد شهد له القران بالسلام منذ ولادته الى ان يموت ويبعث حيا كما ورد ذلك في سورة
مريم (19:33)
ثانيا : ادعي عبد المسيح وزملائه ان محمد قام بالحروب والجهاد مرارا وامر بقتل
اعداءه والمشركين والمرتدين ثم ذهبوا بعد ذلك يستدلوا بالايات التالية (191)
البقرة و (89) النساء و (17) الانفال و (5) التوبة 0
وكان خلاصة كلامهم ان محمد رجل حروب وسافك دماء اما المسيح فلم يامر بقتل الاعداء
ومنع اتباعه من سفك الدماء والرد على الفرية الاولي اقول : ليس هنالك علاقة بين
الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم الذي يتشدق به عبد المسيح وزملائه واذا
افترضنا صحة كلامهم ان هنالك علاقة بينهما فهذا لا يعني ان محمد ينقصه السلامم وان
هذه الصلوات والتسليم تكمل السلام على محمد فهذا الفهم السقيم هو الذي جعل عبد
المسيح وزملائه يعتقدون ان الثلاثة واحد والواحد ثلاثة (اب واله) + ابن (اله) + روح
قدس (اله) = 1
ايضا جعلهم هذا الفهم يعتقدون ان ذلك الشخص الذي ظل فى بطن امه مدة تسعة اشهر ثم
خرج طفلا رضيعا وظل ينمو ويكبر ويتبول ويتغوط ويبكي هو الله خالق هذا الكون !!!
لك الحمد يا رب ان انعمت علينا بنعمة العقل حتي نميز الحق من الباطل 0
اما الرد على الفرية الثانية وهو : ايات القتل التى استدل بها عبد المسيح وزملائه
لا تفهم بهذه الطريقة التى فهم بها عبد المسيح وزملائه 0 ولكن لنفترض صحة فهمهم
لهذه الايات تقول لقد جاء كتابكم العهد القديم الذي لم ينقصه المسيح ملئ بمثل هذه
النصوص بل واكثر من ذلك فكتابكم هو الكتاب الوحيد الذي امر بقتل النساء والاطفال
(3/356)
انظروا الى سفر العدد (17:31 -20)
اما من رجل السلام ومن هو رجل الحرب فهذا سوف نعرفه فى المقارنة الحقيقية بين محمد
صلي الله عليه وسلم ومسيح الاناجيل من خلال هذا البحث 0
الفرية التاسعة :
اية الله
وتحت هذا العنوان ذهب عبد المسيح وزملائه الى المقارنة بين اية الله الخميني الشيعي
وبين المسيح وادعوا انه لا يحق للخميني ان يسمي نفسه ايه الله لان هذا الاسم خاص
بالمسيح فقط 0
وانا اقول هذا موضوع لا يهمنا حتي نضيع وقتنا فيه وسوف نتناول المواضيع المهمة فقط
وليس غيرها 0
الفرية العاشرة :
رحمة الله
وتحت هذا العنوان ادعي عبد المسيح وزملائه ان المسيح اية للناس ورحمة من الله وكذلك
محمد رحمة للعالمين كما قال القران (الانبياء 21:107) ولكن المسيح هو الرحمة
الحقيقية لانه لم يات بشريعة يعصب تطبيقها ايضا ادعوا ان المسيح هو الرحمة الوحيدة
لان محمد حكم على اتباعه بالدينونة ودخول نار جهنم لان العبادات من صوم وحج وصلاة
هذه لا تبررهم بينما يدخل الزناة القتلة واللصوص وكل الخطاة جنة الله بسبب نعمة
المسيح لان رحمته لا تهلكهم ولا تدينهم والدليل على ذلك يوحنا (3:17 - 18) 0
اقول ردا على ذلك هكذا يفكر عبد المسيح وزملائه فالذي يطيع الله ويتبع اوامره من
صلاة وصوم واعمال صالحة ثم ينتهي بنواهيه فلا يشرك بالله ولا يزني ولا يشرب الخمر
ولا يكذب فهو يدخل نار جهنم اما الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق فهو يدخل الفردوس
بنعمة المسيح !!!!
احمدك واشكرك يا الله ان انعمت على بنعمة الاسلام 0
الخاتمة
يقول عبد المسيح وزملائه في نهاية مسرحيتهم المخجلة (اصغي المساجين فى غرفة السجن
بصمت الى كلمات خادم الرب ونظر البعض اليه بغضب وابرقت من اعينهم البغضة والحقد ؟
بينما كان الاخرون منذهلين ومندهشين اما الاقلية ففرحت بجوابه واستخلصت من كلامه
رجاء وتعزية) (1)
اقول عن نظرات الحقد التى قال عنها عبد المسيح وزملائه انها نظر بها السجناء لخادم
(3/357)
الرب المزعوم فانها مهما كانت تحمل من حقد فلن تكون مثقال ذرة من الحقد الذي يحمله
عبد المسيح وزملائه فى قلوبهم للنبي صلي الله عليه وسلم كما اقول لم اجد من خلال
النقاط السابقة اى افضلية للمسيح عليه السلام على النبي صلي الله عليه وسلم وانما
هي افضلية مصطنعة صنعها عبد المسيح وزملائه فى ذهنهم السقيم القاصر الذي لم يميز
الخالق عن المخلوق 0
الفصل الثاني
القران الكريم والسنة المطهرة
من هو الافضل محمد صلي الله عليه وسلم ام المسيح عليه السلام
فى الفصل السابق رددنا على شبهات عبد المسيح وزملائه وفى هذا الفصل سوف نوضح من
خلال القران الكريم والسنة المطهرة من هو الافضل 0
وحتي لا اكن كذابا ومدلسا مثل عبد المسيح وزملائه واقول اترك الاجابة للقران الكريم
والسنة ثم ادخل الانجيل معهما 0 لا لن افعل ذلك مثلهم فهذا هو عدم الامانة ولذلك
سوف تكون المقارنة الاولي بين محمد صلي الله عليه وسلم والمسيح عيسي ابن مريم عليه
السلام من القران والسنة ثم بعد ذلك تكون المقارنة الثانية بين محمد صلي الله عليه
وسلم (القران الكريم والسنة ) ومسيح الاناجيل (متي ، مرقس ، لوقا ، يوحنا ) وبهذه
الطريقة تكون المقارنة منصفة وعادلة 0
- القران الكريم والسنة المطهرة
محمد صلي الله عليه وسلم افضل من عيسي عليه السلام
اثبت القران الكريم والسنة المطهرة فضل سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ليس على
المسيح عليه السلام فقط وانما على كل الانبياء والمرسلين والادلة على ذلك كثيرة
ناخذ منها مايلي :
• الدليل الاول من القران الكريم :
قال عز وجل بشان محمد صلي الله عليه وسلم (قل يايها الناس اني رسول الله اليكم
جميعا) سورة الاعراف اية "158"
اما عن عيسي عليه السلام ورد قوله عز وجل (ورسولا الى بني اسرائيل )سورة ال عمران
اية "49"
والشاهد الاول من الاية الكريمة هو ان رسالة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم الى كل
(3/358)
الناس 0بينما يفيد الشاهد الثاني من الاية الكريمة ان رسالة سيدنا عيسي عليه
السلامم خاصة بني اسرائيل
اذا محمد صلي الله عليه وسلم افضل من عيسي السلام لانه ارسل رحمة للناس جميعا
بينما عيسي عليه السلام رحمة لبني اسرائيل فقط 0
• الدليل الثاني من القران الكريم :
قال عز وجل فى كتابه الكريم بشان محمد صلي الله عليه وسلم (ما كان محمد ابا احد من
رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما) سورة الاحزاب اية
"40"
وبما ان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هو خاتم الانبياء والمرسلين بالتالي يكون
افضل من عيسي عليه اللاسم وليس عيسي فحسب بل كل الانبياء والرسل صلوات الله وسلامه
عليهم اجمعين 0
• الدليل الثالث من السنة المطهرة :
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (انا سيد ولد ادم ولا فخر ادم فمن دونه تحت
لوائي انا خطيب الانبياء اذا وفدوا وامام الانبياء اذا اجتمعوا )(1)
والشاهد من الحديث الشريف ان النبي صلي الله عليه وسلم افضل من عيسي عليه السلام
وغيره من الانبياء باربع صفات هي :
1- سيد ولد ادم
2- ادم وذريته كلهم تحت لوائه
3- خطيب الانبياء اجمعين
4- امام الانبياء اذا اجتمعوا
• الدليل الرابع من السنة المطهرة :
عن العرباض ابن سارية قال : قال رسول الله صلي عليه وسلم (اني عند الله لمكتوب
خاتم النبيين وان ادم لمنجدل فى طينته )(2)
وهذا دليل علي ان النبي صلي الله عليه وسلم هو الخاتم الذي لا نبي بعده
• الدليل الخامس من السنة المطهرة :
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (كان النبي يبعث الى
قومه خاصة وبعث الى الناس عامة ) (3)
• الدليل السادس من السنة المطهرة :
عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (فضلت على
الانبياء بست : اعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب واحلت لى الغنائم وجعلت لى الارض
مسجدا وطهورا وارسلت الى الناس كافة وختم بي النبيون ) (1)
(3/359)
والشاهد من الحديث الشريف ان النبي صلي الله عليه وسلم افضل من عيسي عليه السلام
وغيره من الانبياء بست خصال هي :
1- اعطي جوامع الكلم
2- نصر بالرعب
3- احلت له الغنائم
4- جعلت له الارض مسجدا وطهورا
5- كان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعث هو الى الناس عامة
6- ختم به الانبياء
• الدليل السابع من السنة المطهرة :
عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (انا
سيسد ولد ادم يوم القيامة وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ ادم فمن سوااه
الا تحت لوائي وانا اول من تشقق عنه الارض ولا فخر فقال : فيفزع الناس ثلاث
فرعات فياتون ادم فيقولون انت ابونا ادم فاشفع لنا الى ربك فيقول اني اذنبت ذنبا
فاهبطت به الى الارض ولكن ائتوا نوحا فياتون نوحا فيقول اني دعوت الله على اهل
الارض دعوة فاهلكوا ولكن اذهبوا الى ابراهيم فياتون ابراهيم فيقول اني كذبت ثلاث
كذبات ثم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ما منها كذبة الا ما حل بها عن دين
الله ولكن ائتوا موسي فياتون موسي فيقول قد قتلت نفسا ولكن ائتوا عيسي فياتون عيسي
فيقول اني عبدت من دون الله ولكن ائتوا محمدا فياتون محمد فانطلق معهم قال ابن
جدعان : قال انس فكاني انظر الى رسول الله قال فاخذ بحلقة باب الجنة ف* فيقال من
هذا ؟ فيقال محمد فيفتحون اي ويرحبون فيقول مرحبا فاخر ساجدا فيلهمني الله من
الثناء والحمد فيقال وهو المقام المحمود الذي قال الله تعالى (عيسي ان يبعثك ربك
مقاما محمودا) )(1)
الله اكبر الله اكبر والذي نفسه بيده لو لم يرد فى فضل محمد صلي الله عليه وسلم
على عيسي عليه السلام وباقي الانبياء غير هذا الحديث لكفانا والحمد لله رب العالمين
ولا عدوان الاعلى الظالمين0
محمد رسول الاسلام النبي صلي الله عليه وسلم افضل من
مسيح الاناجيل
فى الجزء الاول فندت الاباطيل التى جاء بها عبد المسيح وزملائه وفى الجزء الثاني
(3/360)
اثبت افضلية محمد صلي الله عليه وسلم على سائر الانبياء والرسل بما فيهم المسيح
عليه السلام وذلك من خلال القران الكريم والسنة المطهرة وفى هذا الجزء نقارن بين
محمد رسول الاسلام صلي الله عليه وسلم وبين مسيح الاناجيل الذي وردت سيرته فى
الاناجيل المحرفة الموجودة بين يدي النصاري الان (متي ، مرقس ، لوقا ، يوحنا) نعم
اقول مسيح الاناجيل وليس مسيح القران الكريم لان هنالك فرق كبير بين سيرة المسيح
التى فى القران الكريم هذه الحقيقة من خلال هذا الجزء وعندها يعرف مدي الجرم الذي
ارتكبه محرفوا الانجيل بتلك السيرة السيئة التى رسموها للمسيح عليه السلام0
وانني لعلي ثقة من القارئ المسلم الذي يقرا هذه الجريئة فسوف ب\يحمد الله كثيرا علي
نعمة الاسلام والان مع الجريئة الاخيرة من هذا البحث وهي قاصمة الظهر لعبد المسيح
وزملائه 0
1/ النقطة الاولي
الانبياء السابقين بين محمد الاسلام ومسيح الاناجيل :
مسيح الاناجيل – تحدث عن الانبياء السابقين ووصفهم بقوله التالي (جميع الذين اتوا
قبلي هم سراق ولصوص ولكن الخراف لم تسمع لهم ان دخل بي احد فليخلص ) انجيل يوحنا
"7:10 -9"
لا حول ولا قوة الا بالله جميع الانبياء والرسل سراق ولصوص !!!!!!
محمد صلي الله عليه وسلم : قال عن الانبياء السابقين
(وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات وقام الصلاة وايتاء الزكاة
وكانوا لنا عابدين ) الانبياء (73)
ايضا مدحهم فى سورة الانعام الايات (87-90) اذا محمد صلي الله عليه وسلم افضل من
مسيح الاناجيل اسا اليهم وشتمهم 0
النقطة الثانية :
السلام بين مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
مسيح الاناجيل قال عن دعوته (جئت لالقي نارا على الارض فماذا اريد لو اضرمت ولى
صبغة اصطبغها وكيف انحصر حتي تكتمل اتظنون اني جئت لاعطي سلاما على الارض كلا
اقول لكم بل انقساما لانه يكون من الان خمسة فى بيت واحد منقسمين ثلاثة على اثنين
(3/361)
واثنان على ثلاثة ينقسم الاب على الابن والابن على الاب والام على البنت والبنت على
الام والحماة على كنتها والكنة على حماتها ) انجيل لوقا (49:12 - 53)
اذا دعوة مسيح الاناجيل ان يؤجج النار فى الارض ويزرع الفرقة بين افراد الاسرة
الواحدة وقد كان صريحا فى كلامه انه ما جاء ليلقي سلاما على الارض 0
2/ محمد صلي الله عليه وسلم قال فى دعوته (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا
واذكروا نعمت الله عليمن اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا
وكتنم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تهتدون
) ال عمران (103)
اذا محمد صلي الله عليه وسلم اعظم من مسيح الانماجيل لان دعوته تقوم علي الاعتصام
بحبل الله وعدم الفرقة بينما مسيح الاناجيل تقوم دعوته على الفرقة وعدم السلام فى
الارض 0
3- النقطة الثالثة
اساس الايمان بين مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
قال مسيح الاناجيل عن كيفية الايمان به (ان كان احد ياتي الى ولا يبغض اباه وامه
وامراته واولاده واخوته واخوانه حتي نفسه ايضا فلا يقدر ان يكون لى تلميذا ) انجيل
لوقا (26:14)
اذا اساس الايمان عند مسيح الاناجيل عنده هو كراهية الاباء والامهات والاولاد
والاخوان والاخوات 0
3/ قال محمد صلي الله عليه وسلم عن اساس الايمان عنده (قل ان صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين) 0 الانعام
(162-163) 0
اذا اساس الايمان عند محمد صلي الله عليه وسلم ان تكون هذه النفس خالصة لله
سبحانه وتعالى من غير شريك فى كل العبادات 0
اذا محمدا صلي الله عليه وسلم افضل من مسيح الاناجيل لان الايمان به يقوم على
وحدانية الله اما مسيح الاناجيل يقوم الايمان به على الكراهية والبغضاء
5- النقطة الرابعة :
صلاح مسيح الاناجيل وصلاح محمد صلي الله عليه وسلم
(3/362)
قال مسيح الاناجيل عن نفسه عندما وصفه شخص بالصلاح (واذا تقوم وقال له ايها
المعلم الصالح اى صلاح اعمل لتكون لى الحياة الابدية 0 فقال له لماذا تدعوني صالحا
ليس احد صالح الا واحد هو الله) انجيل متي (16:19-17)
وهذا اعتراف كامل من مسيح الاناجيل يقر فيه انه غير صالح 0
4- اما محمد صلي الله عليه وسلم قال عن نفسه (بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) (1) ولا
يكمل صالح الاخلاق الا رجل صالح اذا محمد صلي الله عليه وسلم افضل من مسيح
الاناجيل لانه صالح ومسيح الاناجيل غير صالح 0
6- النقطة الخامسة :
الصدق عند مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
5- مسيح الاناجيل : ورد عنه فى انجيل يوحنا (3:7-13) ان اخوته طلبوا منه ان يخرج
معهم الى اليهودية فى عيد المظال ليري الناس اعماله ولكنه رفض الخروج معهم الخروج
بحجة ان وقته لم يات بعد للخروج وطلب منهم ان يخرجوا فلما خرجوا خرج من خلفهم
متخفيا حتي لا يعرفه احد اى انه خدع اخوته وكذب عليهم بعدم الخروج ثم تركهم خرجوا
فخرج من خلفهم متخفيا اذا مسيح الاناجيل كذاب مخادع 0
5- محمد صلي الله عليه وسلم قال عن الكذب (اياكم والكذب فان الكذب يهدي الى
الفجور وان الفجور يهدي الى النار وان الرجل يكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله
كذابا وعليكم بالصدق فان الصدق يهدي الى البر 000)(1)
اذا محمد صلي الله عليه وسلم لم يكذب فى حياته قط والذي كان يسمي فى قومه منذ نشاته
بالصادق الامين افضل من مسيح الاناجيل الكذاب المخادع 0
6- النقطة السادسة
السلام بين مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
مسيح الاناجيل قال عن الناموس الذي يامر بقتل الاطفال والنساء والشيوخ (ما جئت
لانقض الناموس بل لاكمل ) انجيل متي (17:5) وايضا قال عن نفسه (ما جئت لالقي سلاما
على الارض بل سيفا) (انجيل متي 34:10)
اذا مسيح الاناجيل لا يعرف الرحمة والسلام ولم يات من اجل السلام 0
(3/363)
7- محمد صلي الله عليه وسلم تعاليمه هي (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا
تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين) البقرة اية "190"
ايضا نهي محمد صلي الله عليه وسلم عن قتل النساء والشيوخ والاطفال 0
اذا محمد صلي الله عليه وسلم افضل من مسيح الاناجيل لانه نبي الرحمة وسلام بينما
مسيح الاناجيل لا يعرف الرحمة والسلام 0
النقطة السابعة :
العنصرية بين مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
8- مسيح الاناجيل : ورد عن مسيح الاناجيل فى انجيل متي الاصحاح الخامس عشر ان
امراة كنعانية طلبت منه ان يشفي ابنتها فشتمها مسيح الاناجيل ووصفها بانها كلبة
لانها غير يهودية فلما اعترفت تلك المراة بانها كلبة وتريد ان تاكل من فتات مائدة
اربابها عظم المسيح ايمانها اذا مسيح الاناجيل رجل عنصري متعنصر الى قومه اليهود
ويعتبر كل ما سواهم كلب من الكلاب 0
7- محمد صلي الله عليه وسلم : قال عن العنصرية (ياايها الناس الا ان ربكم واحد
وان اباكم واحد لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا لاسود على احمر ولا
لاحمر على اسود الا بالتقوي الا هل بلغت قالوا نعم قال – ليبلغ الشاهد الغائب )(1)
اذا محمدا الاسلام صلي الله عليه وسلم افضل من مسيح الاناجيل لان الناس كلهم عنده
سواسية ولا فرق بينهم الا بالتقوي اما مسيح الاناجيل فعكس ذلك تماما كما وضحنا 0
8- النقطة الثامنة :
اخلاق مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
8- مسيح الاناجيل : يخاطب الناس بقوله (ايها الحيات الولاد الافاعي ) انجيل متي
(23:23) وكذلك قوله (ايها الجهال العميان) متي (17:23) وايضا (ايها الفريس الاعمي
نق داخل الكاس ) متي (36:23) ومن هذه النصوص يتضح ان مسيح الاناجيل لا اخلاق له ولا
ادب لانه يخاطب الناس بالشتائم والسباب 0
محمد صلي الله عليه وسلم : تعاليمه هي (عن انس رضي الله عنه قال – لم يكن رسول الله
صلي الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا) (1)
(3/364)
وايضا قال صلي الله عليه وسلم (اني لم ابعث لعانا وانما بعثت رحمة) (2)
اذا محمد صلي الله عليه وسلم افصل من مسيح الاناجيل لانه ذو خلق وادب ولم يسئ فى
حياته لاحد بينما مسيح الاناجيل يفتقد الادب والاخلاق 0
9- النقطة التاسعة :
معاملة التلاميذ بين مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
9- مسيح الاناجيل : ورد عنه فى معاملته لتلاميذه ومخاطبته لهم قوله :
( ايها الجيل غير المؤمن الملتوي الى متي اكون معكم ) انجيل متي (17:17)
ومن خلال هذا النص وبعض النصوص الاخري فى الاناجيل ثبت ان مسيح الاناجيل دائما يعنف
على تلاميذه ويغلظ عليهم ويصفهم بعدم الايمان 0
9- محمد صلي الله عليه وسلم : كان يقول عن تلاميذه واصحابه (لا تسبوا اصحابي فانه
لو انفق احدكم مثل جبل احد ذهبا ما ادرك مد احدهم و نصيفه) (1)
اذا محمد صلي الله عليه وسلم الذي يقدر اصحابه ويحترمهم افضل من مسيح الاناجيل
الذي يشتم تلاميذه 0
10- النقطة العاشرة :
معاملة الوالدين بين مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
10-مسيح الاناجيل : تعاليمه فى ذلك (وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت وقال لهم ان
كان احد ياتي الى ولا يبغض امه واباه 000 فلا يقدر ان يكون لي تلميذا) انجيل لوقا(
25:14-27 ) 0
ايضا ورد عنه انه كان يخاطب امه التى ولدته من بطنها بقوله (ياامراة) انجيل يوحنا
(4:2) و (26:19)
والشاهد من هذه النصوص ان مسيح الاناجيل ليس قليل الادب مع الناس فقط بل حتي مع
والدته اذ كيف يخاطب شخص والدته ب(يامراة) والله انه لمنتهي الوقاحة وقلة الادب 0
10-محمد صلي الله عليه وسلم : تعاليمه فى ذلك هي (وقضي ربك الا تعبدوا الا اياه
وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا
تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما
ربياني صغيرا ) سورة الاسراء (23-24) 0
(3/365)
اذا محمد صلي الله عليه وسلم الذي كرم الوالدين وطالب بالاحسان اليهما افضل من
مسيح الاناجيل الذي رفض تكريمهما وطالب بالغض اليهما 0
11- النقطة الحادية عشرة
حكم الخمر بين مسيح الاناجيل ومحمد صلي الله عليه وسلم
من المسلم به الان فى كل هذا العالم ان الخمر ضار بالعقل والصحة ولذلك نجد بلدان
العالم لم تنفق الملايين من الدولارات فى سبيل محاربة الخمور والمخدرات
11-مسيح الاناجيل : تعاليمه فى الخمور هي الاباحة بل كانت اول معجزة له هي صنع
الخمور فى عرس (قانا الجليل) مما جعل كل من فى العرس مخمورا وسكران يثني على هذه
الخمر التي صنعها المسيح انجيل يوحنا (1:2 -11) وايضا اشتهر مسيح الاناجيل وسط
قومه بانه اكول وشريب خمر كما ورد فى انجيل لوقا وعلى هذا الاساس صار اتباعه مدمني
خمور وبالتالي صار المجتمع النصراني متحللا متفككا خالى من القيم والمثل 0
12- محمد صلي الله عليه وسلم تعاليمه هي كما فى القران الكريم (ياايها الناس امنوا
انما الخمر والميسر والانصاب والالزام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون –
انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر
الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون) المائدة (90-91) فالخمر فى الاسلام حرام لانها
تضر العقل والفرد والمجتمع لذلك صار مجتمع محمد صلي الله عليه وسلم مثالي ذو قيم
واخلاق عكس مجتمع مسيح الاناجيل وبالتالي يكون محمد صلي الله عليه وسلم افضل من
مسيح الاناجيل
محمد صلي الله عليه وسلم هو الاعظم
كتب كاتب امريكي نصراني كتاب بعنوان (المائة الاعظم) (1)
والغريب فى الامر وبالرغم من انه نصراني جاء محمد صلي الله عليه وسلم اول العظماء
فى كتابه ثم بولس ثم المسيح فى الترتيب الثالث اذا محمد رسول صلي الله عليه وسلم
هو الاعظم باعتراف كتاب النصاري انفسهم 0
خاتمة
من النقاط السابقة نجد ان الفرق شاسع بين محمد رسول الاسلام صلي الله عليه
(3/366)
وسلم وبين مسيح الاناجيل وشتات ما بين الثري والثريا نعم شتات ما بين سيرة شخص
رباني ادبه ربه وسيرة شخص صورته اناجيل جهل كتابها ابسط قواعد الدين والاخلاق فكتب
كل واحد على هواه مما جعل صورته مهزوزة مشوهة لا تصلح الا فى عقول عبد المسيح
وزملائه 0
اما المسيح عيسي ابن مريم عليه السلام نبي الله الذي ورد ذكره عندنا فى القران
الكريم والسنة المطهرة وغيره من الانبياء فهم جميعا سواء لا نفرق بين احد منهم الا
ان بعضهم له مميزات قد لا تكون مع الاخر ولكن المميزات التى ذكرناها للنبي محمد
صلي الله عليه وسلم من القران الكريم والسنة المطهرة جعلته افضلهم جميعا على
الاطلاق 0 وعليه اقول لعبد المسيح وزملائه الاتى :
اولا : مهما كتبتم عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم فهو الافضل والاعظم ولذلك
التشويه لن يغير شيئا وكذلك الكذب عليه فمحمد صلي الله عليه وسلم سيرته محفوظة
عند كل المسلمين 0
ثانيا : سيرة المسيح الموجودة الان فى الاناجيل (متي ، مرقس ، لوقا ، يوحنا) لا
تصلح للمقارنة بينها وبين شخص رباني فهي سيرة شخص عادي يمكن المقارنة بينه وبين
شخص مثل اسكندر جديد او منيس عبد النور او اى نصراني 0
ثالثا : الكذب لا يصلح فى مثل هذه الامور فاختراع مثل هذه القصص المكذوبة امر يدل
على الافلاس الشديد ولن تمر الا على السذج والبسطاء 0
رابعا : الى متي تظلون تعملون خلف الكواليس وتخترعون مثل هذه الاكاذيب ؟ والى متي
تتهربون من مواجهة علماء المسلمين والصمود امامهم ؟
اتمني ان اجد اجابات شافية لهذه الاسئلة من عبد المسيح وزملائه واخر دعوانا ان
الحمد لله رب العالمين0
مصادر البحث
1- القران الكريم
2- صحيح البخاري
3- صحيح مسلم
4- سنن ابن داؤود
5- مسند الامام احمد
6- سنن الترمذي
7- المستدرك للحاكم
8- تفسير القرطبي
9- الكتاب المقدس
10- سؤال لابد من جوابه من هو الاعظم محمد ام المسيح ؟ عبد المسيح وزملائه0
(3/367)
منقول من شبكة بن مريم بواسطة منصور شاكر(3/368)
كتب الدكتور حبيب بن عبد الملك
"أمة عظيمة ورسول كامل"
بسم الله الرحمن الرحيم
صدق الله القائل:
"وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ"
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني عندالله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم بتأويل ذلك: أنا دعوة أبي إبراهيم "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك" وبشارة أخي عيسى " ومبشراً برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد" ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج منها نور ساطع أضاءت منه قصور الشام"
(3/369)
بعد فساد وضلال بني اسرائيل وبُعدهم عن طريق الله وتركهم لشريعته أخبر الله انبياء بني اسرائيل أنه سيستبدلهم بأمة أخرى تكون خير أمة أخرجت للناس فهي أمة اختارها الله وسيرسل الله نبي إلي العالم كله في نهاية الزمان وسيكون حينها بنو اسرائيل مستضعفين مستعبدين وارشليم محتلة والهيكل متهدم فعليهم أن يطيعوه لأن الله ناصره على اعدائه جميعا نصرا مؤزرا .. هذا النبي الآتي إلى العالم سيكون من وسط الديار التي سكنها قيدار بن اسماعيل وهي مكة بجزيرة العرب ولقد أعطاهم الله علامات هذا النبي حتى علامة خاتم النبوة التي على كتفه ونصره على اعدائه وحتى اسمه سيكون عجيبا "لم يتسمى به أحد من قبله" .. وقد تكلم عنه الأنبياء جميعا .. وكان آخرهم المسيح بن مريم عليه السلام حينما كلمهم عن هذا النبي كثيرا وكان آخرها حين قال للمؤمنين برسالته قبل رفعه "إن لم أنطلق لا يأتيكم أحمد الباراكليت المعزي" .. ولكن القوم من بعده استكبروا وأخذتهم العزة بالإثم كما أخذت الذين من قبلهم من بني اسرائيل وكذلك ممن سبقهم من الأمم الأخرى .. وبعد أن تكلم عنه الكتاب المقدس ليعرفوه أكثر من معرفتهم بأولادهم .. إذا بهم يقولوا كما قال من كان قبلهم "بل هو ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيئ عجاب"
ملحوظة هامة: كلمة مسيح لم يختص بها المسيح بن مريم وحده وانما اطلق هذا اللفظ على هارون وداود وإشعياء .. و كلمة مسيح أصلها عبري "مشيح" ومعناها من مسحه الله أي جعله مسيحا وكلفه بإبلاغ رسالة إلى الناس و جعله رسولا. أي أن معنى كلمة المسيح :العبرية" = الرسول “العربية”.
كما نرى في المزمور 89 :21 يقول الله " وجدت داود عبدي بدهن قدسي مسحته" داود مسيح .. مسحه الله!
و في سفر إشعياء 45:1 هكذا يقول الرب لمسيحه "إشعياء" لكورش الذي امسكت بيمينه لادوس امامه امما" ..... إشعياء نبي الله إلى بني اسرائيل مسيح ايضا.
(3/370)
و في سفر اللاويين 6:20 هارون مسيح "هذا قربان هارون وبنيه الذي يقرّبونه للرب يوم مسحته"
وفي سفر اعمال الرسل 10:38 " يسوع الذي من الناصرة ... كيف مسحه الله "
ومن المحزن فإن اليهود والنصارى يكررون نفس ما فعله آباؤهم وأجدادهم مع الأنبياء من قبل من تكذيب وعداوة لأنبياء الله .. فحاول اليهود قتله مرات كثيرة ولكن الله ينجيه لأنه وعد بحفظه لأنه نبي صادق فمرة يحاولون القاء صخرة عليه كبيرة ومرة بالخيانة في غزوة الخندق لإدخال المشركين من شمال المدينة لقتله هو والمؤمنين معه واجتثاثهم ومرة بالشاة المسمومة .. ولكن الله سبحانه ينجيه حتى يستكمل الرسالة ويؤدي الأمانة ويتنزل عليه قول الله تعالى "اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" .. وبعد أن ينزل قول الله تعالى "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا" .. ويخرج النبي على أصحابه ليعلمهم بموته ويقول لهم "إن عبدا خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار لقاء الله " فبكى الصحابة لما علموا بفراقه إياه لهم ولكنه يطمأنهم ويقول لهم "إن موعدكم الحوض" .. ثم تصعد روحه الطاهرة وهو يرفع سبابته للسماء معلنا ومعترفا بوحدانية الخالق ويقول "بل الرفيق الأعلى .. بل الرفيق الأعلى"
قبل أن ابدأ كتابة هذا الكتاب فإني أقدم له ببعض الوريقات وأحب أن أورد بها خمس قصص كنت اسمعها واقرأها منذ طفولتي .. هذه القصص بعد فضل الله هي من الاساسيات التي دفعتني لكتابة هذا الكتاب .. ليعرف كل باحث عن الحق من هو النبي محمد بن عبد الله.
(3/371)
القصة الأولى: ينزل النبي محمد مسرعا من غار حراء بجبل النور بمكة وهو يرتجف ويعود إلى بيته مرتاعا فتقول له زوجته الفاضلة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد ما بك يابن العم؟ .. يقص عليها الرسول صلى الله عليه و سلم ماحدث قائلا "بينما أنا في الغار "غار حراء" اتعبد إذا برجل حسن الثياب حسن المنظر قد أتاني بنمط "أي صحيفة" من ديباج وأعطاني إياها قائلا لي "إقرأ" .. قلت "ما أنا بقارئ” .. "أي لا استطيع القراءة" .. فأخذني فغطني حتى أخذ مني الجهد .. ثم قال لي اقرأ فقلت ما أنا بقارئ "لا استطيع أن اقرأ" .. فأخذني فغطني الثانية حتى أخذ مني الجهد .. ثم قال لي اقرأ فقلت ما أنا بقارئ "لا استطيع أن اقرأ" .. فأخذني فغطني الثالثة حتى أخذ مني الجهد .. فقال لي اقرأ فقلت ماذا اقرأ؟ قال "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" .. فنزلت مسرعا .. فسمعت صوته ينادي علي قائلا “يامحمد إنك نبي الله” فنظرت .. فإذا به يجلس على كرسي بين السماوات والأرض .. ثم يكمل النبي محمد وهو يرتجف قائلا .. "دثروني .. دثروني" .. فترد عليه أم المؤمنين الكاملة "لا تخف يا بن العم .. والله لايخزيك الله أبدا .. إنك لتصل الرحم .. وتُقري الضيف .. وتحمل الكل .. وتُكسب المعدوم .. وتُعين على نوائب الحق" .. وبذكاء لم أر مثله تستطلع السيدة العاقلة كنه ما رآه زوجها هل هو روح حق "ملاك" أم روح خبيث "شيطان" .. فتسأله الزوجة العاقلة "هل تراه الآن" .. فيقول نعم .. فتأخذ السيدة خديجة الزوجة زوجها محمدا وتجلسه على رجليها .. وتسأله "هل تراه الآن" .. فيقول نعم .. فتكشف السيدة العاقلة عن جزء من رجليها أمام زوجها .. وتقول "هل تراه الآن؟" فيقول "لا" .. حينئذ تتأكد انه روح حق "ملاك" .. فالملاك حيي والشيطان ليس كذلك .. وتأخذه(3/372)
السيدة الفاضلة العاقلة خديجة إلى ابن عمها ورقة ابن نوفل الرجل الذي يدين بدين المسيح ابن مريم عليه السلام والذي يقرأ التوراة والانجيل وهو عالم بهما لتستطلع الأمر .. فتقول السيدة خديجة لورقة بن نوفل اسمع لأبن أخيك .. فيردد الرسول نفس الكلمات .. وورقة يستمع .. ويسترجع ورقة أمامه أكوام البشارات بالنبي الأمي الذي بشر به كل الأنبياء من قبل و التي تعج بصفاته التوراة والإنجيل .. ليقول بعدها كلمات من وراءها تاريخ كبير "إن هذا لهو الناموس الذي أنزله الله على موسى .. وإنك لنبي هذه الأمة .. ليتني أكون حيا إذا يخرجك قومك .. لانصرنك نصرا مؤزرا" .. فيرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا "أو مخرجي هم؟" .. يرد العالم بالكتاب ورقة بن نوفل قائلا "ما أتى رجل بمثل ماأتيت به إلا عودي" .. حقيقة كنت اتسائل كيف عرف ورقة كل هذه المعلومات .. إلى أن قرأت الكتاب المقدس بنفسي ودرسته لمدة ثماني سنوات.
القصة الثانية: ها هو عبد الله بن ابي قحافة "ابو بكر الصديق" يغادر إلى بلاد اليمن قبل النبوة في تجارة له فيقابل هناك راهبا .. فيسأله الراهب من أي البلاد الرجل؟ .. فيجيب ابو بكر "من مكة" .. فيسأله الراهب ثانية "هل خرج النبي؟" .. فيقول ابو بكر أي نبي؟ .. فيقول الراهب .. "النبي الذي يخرج من مكة .. إنه مكتوب في كتبنا أن نبي آخر الزمان يرسله الله من مكة؟" .. فيقول ابو بكر "لا لم يخرج نبي من مكة" .. ثم يعود ابو بكر إلى داره بمكة .. وبعد فترة لما ارسل الله عبده محمدا .. دعاه النبي إلى الإسلام قائلا إن الله قد ارسلني نبيا .. لم يتردد أبو بكر للحظة و قال "اشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله"
(3/373)
القصة الثالثة: يخرج سعيد بن العاص "شقيق عمرو بن العاص" في قافلة تجارة بعد النبوة إلى بلاد العراق "الموصل" .. وبينما هو في العراق قابل راهبا متعبدا قد خرج لتوه من صومعته ووجد الناس قد اجتمعوا حوله يسلمون عليه .. فأخذه فضوله لإستطلاع الأمر .. فذهب فسلم على الراهب .. فسأله الراهب .. من أي البلاد أنت .. فقال من مكة بجزيرة العرب .. فسأله الراهب .. هل ظهر نبي في مكة .. فقال له سعيد نعم .. فقال له الراهب "وهل آمنت به؟" .. قال سعيد "لا" .. فضربه الراهب بيده على صدره .. وقال له "ابلغه السلام" .. فسأله سعيد وهل هو نبي صادق؟ .. قال الراهب "نعم" .. ثم دخل الراهب صومعته فما كان من سعيد إلا أن عاد مسرعا وأعلن اسلامه.
القصةالرابعة: عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلي المدينة خرج حيي ابن اخطب اليهودي وملك قبيلته ليتأكد من انه هو النبي المنتظر ، فقدم إليه وسأله أسئلة فأجابه صلى الله عليه وسلم عليها، ثم أخذ حيي ينظر إلى كتف النبي صلى الله عليه وسلم محاولا رؤية خاتم النبوة على كتفه فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يريد الرجل فأمال نفسه وكشف له كتفه حتى رأى خاتم النبوة وتأكد حيي انه هو النبي وان الدلائل قطعية ثم ولى مدبرا إلي قومه فلقى اخاه ياسر فسأله قائلا : أهو نبي آخر الزمان؟ فقال حيي نعم هو، فأعادها ثانية أهو..هو قال نعم هو .. هو!! قال : وما أنت فاعل قال "إنها العداوة ما دمت حيا”.
(3/374)
وصدق قول الله فيه وفي أمثاله "وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ. بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ.وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"
القصةاالخامسة: قال عبد الله بن سلام : لمّا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت صفتَهُ واسمَهُ وزمانه وهيئته، والذي كنّا نتوقع له، فكنت مُسِرّاً صامتاً عليه حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فلمّا قَدِمَ نزل بقباء في بني عمرو بن عوف، فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها، وعمّتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة فلمّا سمعتُ الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبّرت ، فقالت لي عمّتي حين سمعت تكبيري: "لو كنتَ سمعت بموسى بن عمران قادماً ما زدت !؟" قُلتُ لها : "أيْ عمّة، هو والله أخو موسى بن عمران وعلى دينه، بُعِثَ بما بُعِثَ به فقالت لي: أيْ ابن أخ، "أهو النبي الذي كُنّا نُخبَرُ به أنه بُعث مع السّاعة؟" فقلت "نعم". فأسلم عبد الله بن سلام وعمته خالدة بنت الحارث.
(3/375)
نعم إن اليهود والنصارى يعرفون النبي محمدا صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناؤهم وإن كثيرا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون .. بل إني أكرر قول عبد الله بن سلام لعمر بن الخطاب حينما سأله "كيف تعرفون النبي محمدا كما تعرفون ابناءكم؟" .. فإذا بعبد الله بن سلام يرد ردا قويا لامرية فيه فيقول "بل والله إنا لنعرفه أكثر مما نعرف ابناءنا .. فمحمد قد أخبرنا الله عنه وإخبار الله ليس فيه شك .. أما ابناءنا فلا نعلم من أين أتت بهم أمهاتهم"
نبذة عن صفات الرسول صلى الله عليه وسلم
- كان رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض مشرب بالحمرة كأنه البدر بل هو أجمل كما قال صحابته رضوان الله عليهم. وكانت عينيه شديده الحدقه مع سعتها وكان في بياض عينيه حمره مضيء الوجه مشرق دقيق الحاجبين مع طولهما مفرج بين الثنايا مدور الوجه واسع الجبين كث اللحيه سواء البطن عظيم الصدر رحب الكفين والقدمين ليس بالطول البائن ولا القصير المتردد من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفه أحبه وكان شعره لا رجل سبط ولا جعد قطط وكان في لحيته بعض شعيرات بيض.
- يقول أنس بن مالك رضي الله عنه "ماشممت عنبرا قط ولا مسكا ولاشئا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم"
- من صفاته صلى الله عليه وسلم العدل والأمانه وصدق لهجته فكان يسمى قبل النبوه بالصادق الأمين و عندما شفع اسامه في اقامة حد السرقه على المخزوميه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أتشفع في حد من حدود الله ياأسامه والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"
- وقال "إنما انا عبد آكل كما يآكل العبد وأجلس كما يجلس العبد"
- وقال "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم .. ولكن قولوا عبد الله ورسوله"
- دخل عليه رجل فأصابته هيبته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له "هون عليك انما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد"
(3/376)
- كان كثير السكوت لا يتكلم في غير حاجه يعرض عمن تكلم يغير جميل كان ضحكه تبسما وكلامه فصلا اذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير.
- قالت السيده عائشة : كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه.
- قالت عائشة رضي الله عنها ماشبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز حتى مضى.
- وكان يقول : "مالي وللدنيا وانما أنا فيها كراكب استظل بظل شجره ثم راح وتركها"
- ومن اطلع على فراشه وملبسه ومطعمه ادرك حقيقة زهده في الدنيا
- كان كثير القيام لله والبكاء بين يديه فقالت له السيده عائشة :لقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر فقال : "أفلا أكون عبدا شكورا"
- ما خير بين أمرين الا اختار أيسرهما مالم يكن اثما وما انتقم لنفسه قط الا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها.
- آذاه أهل مكه فقال اللهم اهدي قومي فانهم لا يعلمون.
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لايزيده جهل الجاهل الا عفوا وصفحا وقال رجلا يوما احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك فانك لا تحمل لى من مالك ولا من مال أبيك فقال النبي صلى الله عليه وسلم المال مال الله وأنا عبده.
- كان أجود الناس وكان أجود مايكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل علي السلام فيعرض عليه الرسول القرآن وما سئل عن شيء قط فقال لا ويقول ماأحب ان لي ذهبا تمضي علي ثلاث أيام وعندي منه دينار الى شىء أرصده لديني.
- قال ابن عمر رضي الله عنهما مارأيت أشجع ولا أنجد ولا أجود من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفال علي رضي الله عنه انا كنا اذا اشتد البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب الى العدو منه ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا الى العدو.
(3/377)
- كان أشد الناس حياء وكان أشد حياء من العذراء في خدرها وكان اذا كره شيئا عرف في وجهه ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا بالأسواق واذا عرف من أفعال شخص مايكره وقف وقال : مابال أقوام يفعلون كذا وكذا وآذاه أصحابه بطول مكثهم في منزله فأنزل الله تعالى "إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق"
- من سأله حاجه لم يرده الا بها أو بقول حسن وكان دائم البشر لين الجانب وكان أوسع الناس صدرا وأصدقه لهجه وأكرمهم عشرة
- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب من دعاه ويقبل الهديه ولا يقبل الصدقة ويكافئ عليها ويمازح أصحابه ويحادثهم ويلاعب صبيانهم ويبدأ أصحابه بالمصافحه ويكرم من يدخل عليه وكان أكثر الناس تبسما
- قال الله تعالى عنه "وما أرسلناك الا رحمة للعالمين" وقال في وصفه "بالمؤمنين رؤف رحيم"
بعد قراءتي للكتاب المقدس مرات ومرات و معرفتي بوجود دلائل النبوة و صفات القران والنبي محمد عليه الصلاة والسلام فيه واضحة جلية "اكثر من 50 صفة" لم يسعني الا ان ابكي شكرا لله على نعمةالاسلام التي ورثناها والتي لم نقدرها نحن المسلمون حق قدرها. ولم نعمل جهدنا للتعرف عليها وايصالها لكل من يؤمن بالله ويبحث عن الحق .. إننا جميعا مكلفون بإبلاغ الرسالة بالحسنى والموعظة الحسنة "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" .. ثم بعد ذلك "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" .. فعكفت اكتب هذا العمل المتواضع سائلا الله عز و جل ان يتقبل مني.
ولله الحمد من قبل ومن بعد .. اللهم تقبل مني وتقبلني .. فإنك تعلم ماأريد.
"أمة عظيمة ورسول كامل"
النبؤات بالرسول محمد والإسلام في الكتاب المقدس
-1 وعد الله لإبراهيم بمباركة اسماعيل وبجعله مثمرا وباكثار نسله وجعله أمة عظيمة
يقول الله لإبراهيم عليه السلام في الكتاب المقدس:
(3/378)
“أَمَّاإِسْمَاعِيلُ، فَقَدِاسْتَجَبْتُ لِطِلْبكَ مِنْ أَجْلِهِ. سَأُبَارِكُهُ حَقّاً، وَأَجْعَلُهُ مُثْمِراً، وَأُكَثِّرُ ذُرِّيَّتَهُ جِدّاً فَيَكُونُ أَباً لاثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً، وَيُصْبِحُ أُمَّةً كَبِيرَةً" سفر التكوين الإصحاح 17 : 20
وانني اسأل أهل الكتاب .. ما المقصود هنا بالمباركة ثم الإثمار ثم إكثار الذرية .. مامعنى سأباركه؟ أليست مباركةإسماعيل بجعل النبوة في ذريته؟ .. هل الله بارك فرعون وعابدي الأوثان؟؟ بالطبع لا وسوف اترك الكتاب المقدس يجيب عن ذلك:
في سفر التكوين 25:11 الله يبارك اسحاق " وكان بعد موت ابراهيم ان الله بارك اسحق ابنه وسكن اسحق عند بئر لحي رئي" كيف بارك الله اسحاق؟؟ .. أليس بأن جعل النبوة في نسله؟ .. كلنا يعلم أن كل انبياء بني اسرائيل كانوا من نسل إسحاق.
وفي سفر التكوين 14:19 الله يبارك ابراهيم "وباركه وقال مبارك ابرام من الله العلي مالك السموات والارض" كيف بارك الله ابراهيم؟؟ .. أليس بأن جعل النبوة في نسله؟؟
في سفر صموئيل الأول 15:13 شاول الملك النبي يبارك صمؤئيل لأنه يسمع كلام الرب "ولما جاء صموئيل الى شاول قال له شاول مبارك انت للرب قد اقمت كلام الرب" فما معنى أن الله سيبارك اسماعيل ابن ابراهيم؟؟
وفي سفر التكوين 27: 30 اسحاق بارك يعقوب ولم يبارك عيسو فكان كل الأنبياء من ذرية يعقوب "وحدث عندما فرغ اسحق من بركة يعقوب ويعقوب قد خرج من لدن اسحق ابيه ان عيسو اخاه أتى من صيده"
ثم اني اسأل سؤالا ثانيا .. أليس الإثمار يأتي نتيجة رضوان الله كما في المزامير 105: 24 جعل شعبه مثمرا جدا واعزه على اعدائه.
كما قال المسيح في انجيل متى " لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ سَيُنْزَعُ مِنْ أَيْدِيكُمْ وَيُسَلَّمُ إِلَى شَعْبٍ يُؤَدِّي ثَمَرَهُ" ولذلك يقول القرآن "كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" ..
(3/379)
وفي سفر التثنية 1:33 "هَذِهِ هِيَ الْبَرَكَةُ الَّتِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى، رَجُلُ اللهِ، بَنِي إِسْرَائِيلَ قَبْلَ مَوْتِهِ" .. مامعنى البركة هنا .. أليس التبشير بالنبوة؟ .. و يأتي بعد ذلك إكثار ذرية اسماعيل ليكون المنتهى بتكوين الأمة العظيمةالتي ستأتي من نسل اسماعيل بعد أن باركه الله؟؟
فيقول سفر التكوين 21 : 17 - 21 "وَسَمِعَ اللهُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: مَا الَّذِي يُزْعِجُكِ يَاهَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي، لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُلْقًى. قُومِي وَاحْمِلِي الصَّبِيَّ، وَتَشَبَّثِي بِهِ لأَنَّنِي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً".
من هي هذه الأمة العظيمة التي ستأتي من نسل اسماعيل؟ انها أمة الإسلام و محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول الذي أرسله الله من نسل إسماعيل عليه السلام.
يقول الله في سفر التكوين الإصحاح 21 : 13 "وَسَأُقِيمُ مِنِ ابْنِ الْجَارِيَةِ أُمَّةً أَيْضاً لأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ" ابن الجارية هو إسماعيل عليه السلام .. الأمة الأولى من ذرية اسحاق التي أمه سارة وهي أمة بني اسرائيل .. فمن هي الأمةالتي من ذرية اسماعيل؟
إن اليهود والنصارى يقولون إن ابراهيم قد طرد اسماعيل .. ولكننا نجد الكتاب يقول غير ذلك ففي سفرالتكوين 25: 9 "ودفنه اسحق واسماعيل ابناه في مغارة المكفيلة في حقل عفرون بن صوحر الحثّي الذي امام ممرا"
ويقول الكتاب ايضا في سفر اخبار الأيام الأول 28:1 "ابنا ابراهيم اسحق واسماعيل" .. وهذا يدل على الإخوة.
(3/380)
إن الفريسي بولس وكلنا يعرف من هم الفريسيون .. هم الذين قال لهم المسيح "ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون" يقول بولس ما ليس بحق في رسالته إلى غلاطية 30:4 "لكن ماذا يقول الكتاب اطرد الجارية وابنها لانه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة" بينما الكتاب يقول الحقيقة في سفر التكوين 13:21 "وابن الجارية ايضا ساجعله امة لانه نسلك"
-2 الرب يغير ويستبدل بني اسرائيل بأمة كانت في ضلال "غبية"
في سفر التثنية 32 : 19-21 "فرأى الرب ورذل من الغيظ بنيه وبناته، وقال: أحجب وجهي عنهم وانظر ماذا تكون آخرتهم، إنهم جيل متقلب، أولاد لا أمانة فيهم، هم أغاروني بما ليس إلهاً، أغاظوني بأباطيلهم، فأنا أغيرهم بما ليس شعباً بأمة غبية أغيظهم"
هنا تقول الأعداد من 19-21 .. أن الله غضب على بني اسرائيل وهم يدعون انهم ابناء الله. فهم لايطيعون الله ولا يوفون بعهدهم معه ويُغضبون الله ولذلك فإن الله سيستبدلهم بأمة وشعب كان في ظلمات الضلال والجهل.
-3 الرب يخبر بتوحيد رسالة الشعوب وجعل الرسالة القادمة واحدة لكل شعوب الأرض
"إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"
يقول النبي صفنيا وهو من أواخر انبياء بني اسرائيل في سفر صفنيا 9:3 "لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شَفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة"
وبالإسلام توحدت لغة العبادة لله ، فيقرأ القرآن في الصلاة بلغة واحدة هي العربية، ويصفون كتفاً إلى كتف.
-4 الأيام الأخيرة لأنبياء بني اسرائيل والبشرى بالذي يكون له الحكم
يقول النبي حزقيال وهو نبي أتى بعد موسى وداود وسليمان: "أنت أيها النجس الشرير رئيس إسرائيل الذي قد جاء يومه في زمان إثم النهاية، هكذا قال السيد الرب: انزعِ العمامة وارفعِ التاج، هذه لا تلك، ارفعِ الوضيع، وضعِ الرفيع، منقلباً، منقلباً، منقلباً أجعله، هذا لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم، فأعطيه إياه" (حزقيال 21/25 - 27).
(3/381)
-5 الرب ينبأ عن الأمة التي كانت في ضلال وغفلة وسيسميهم هو بنفسه"المسلمين" ليلعنوا اليهود في كل صلاة ويقاتلوهم
أصغيت إلى الذين لم يسألوا، وجدت من الذين لم يطلبونى، قلت ها أنذا ها أنذا لأمة لم تسم باسمى ... وتخلفون اسمكم لعنة لمختارى، فيميتك السيد الرب، و يسمى عبيده اسما آخر" إشعياء 65 :1-15 .
ترجمة أخرى لإشعياء 15:65 "وَتتركون اسمَكُمْ لَعْنَةً عَلَى شِفَاهِ مُخْتَارِيَّ، وَيُمِيتُكُمُ الرَّبُّ وَيُطْلِقُ عَلَى عَبِيدِهِ اسْماً آخَرَ" أليس الله هو الذي سمى "المسلمين"؟
علينا أن نقرأ النبوءة من أولها لنتعرف على هؤلاء القوم ، الذين أصغى الله إليهم دون أن يسألوه ، وتفضل عليهم بالتعرف إليهم ، لم يعرفوه من قبل ، لم يكونوا موضع رسالات أو شرائع ، ولا عرفوا معنى النبوة والوحى ، ولا تطلعوا إليها ولا تفكروا فيها ، لم يقرأوا التوراة ، ولا صحف موسى وإبراهيم ، ولا زبور داود ، ولا إنجيل عيسى . إن بنى إسرائيل قد سموا باسم الله تعالى ، فهم : شعب الله المختار ، فضله على العالمين فى زمانه ، وخصه بالأنبياء والرسالات على نحو لم يشهده شعب من الشعوب ، وسماه باسمه ، لذلك فإن بنى اسرائيل أو أرض كنعان وفلسطين ، أورشليم وما حولها مستبعدة من النبوءة. "تتركون اسمَكُمْ لَعْنَةً عَلَى شِفَاهِ مُخْتَارِيَّ" أليس المسلمون يقولون في كل صلواتهم غير المغضوب عليهم؟ وَيُطْلِقُ عَلَى عَبِيدِهِ اسْماً آخَرَ" أليس الله هو الذي سمى "المسلمين" بهذا الإسم؟ "هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ"
-6 صفات العبد الرسول "محمد" الآتي والذي يرسله الله نورا للعالم
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا"
(3/382)
في سفر إشعياء 42 : 1- 25 يتكلم الله تعالى في الأعداد القادمة عن صفات العبد الرسول الذي سيرسله الله من ديار قيدار ابن اسماعيل في جزيرة العرب ويجعله نورا للعالم .. فهو رسول صادق يوحى إليه من الله سيأتي بشريعة جديدة غير شريعة موسى وسيحفظه الله من أعدائه وسيأمر الله عباده حينئذ بالحج إلى بيته وبالأذان في كل مكان وسيأمره الله بالجهاد وسينصره الله على عابدي الأوثان وسيخرج بالناس من الظلمات إلى النور .. ثم يتكلم الحق سبحانه وتعالى بصفات لاتنطبق إلا على عبد ورسوله محمدا .. فيقول الله لقد كان غافلا وضالا فهداه الله وهذا العبد يكرم شريعة الله ولذلك فإن الله يحبه .. ولنقرأ معا تلك النبؤة:
(3/383)
1 هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرّت به نفسي.وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم. 2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. 3 قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ.الى الامان يخرج الحق. 4 لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته 5 هكذا يقول الله الرب خالق السموات وناشرها باسط الارض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا. 6 انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك واحفظك واجعلك عهدا للشعب ونورا للامم 7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة 8 انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات. 9 هوذا الاوليات قد اتت والحديثات انا مخبر بها.قبل ان تنبت اعلمكم بها. 10 غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض.ايها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها. 11 لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار.لتترنم سكان سالع.من رؤوس الجبال ليهتفوا. 12 ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر. 13 الرب كالجبار يخرج.كرجل حروب ينهض غيرته.يهتف ويصرخ ويقوى على اعدائه 14 قد صمت منذ الدهر سكت تجلدت.كالوالدة اصيح.انفخ وانخر معا 15 اخرب الجبال والآكام واجفف كل عشبها واجعل الانهار يبسا وانشف الآجام 16 واسير العمي في طريق لم يعرفوها.في مسالك لم يدروها امشيهم.اجعل الظلمة امامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها ولا اتركهم. 17 قد ارتدوا الى الوراء.يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتنّ آلهتنا 18 ايها الصم اسمعوا.ايها العمي انظروا لتبصروا. 19 من هو اعمى الا عبدي واصم كرسولي الذي أرسله.من هو اعمى كالكامل واعمى كعبد الرب. 20 ناظر كثيرا ولا تلاحظ.مفتوح الاذنين ولا يسمع. 21 الرب قد سرّ من اجل بره.يعظّم الشريعة ويكرمها. 22 ولكنه شعب منهوب ومسلوب قد اصطيد في الحفر كله وفي بيوت الحبوس(3/384)
اختبأوا.صاروا نهبا ولا منقذ وسلبا وليس من يقول رد 23 من منكم يسمع هذا.يصغى ويسمع لما بعد. 24 من دفع يعقوب الى السلب واسرائيل الى الناهبين.أليس الرب الذي اخطأنا اليه ولم يشاءوا ان يسلكوا في طرقه ولم يسمعوا لشريعته. 25 فسكب عليه حمو غضبه وشدة الحرب فاوقدته من كل ناحية ولم يعرف واحرقته ولم يضع في قلبه"
1 هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرّت به نفسي.وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم. إنه عبد لله سيختاره الله وهو عنه راض .. سيلقي عليه وحيه فيخرج بالأمم من الظلمات إلى النور .. وهي مصداقا لقول الله في القرآن "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" .. بالنسبة للنصارى فإنهم يقولون يسوع هو الله؟
2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته .. تقول السيدة عائشة "كان النبي طويل الصمت" .. و يسوع كان يصرخ بصوت عظيم يلوم إلهه قائلا "إلهي إلهي لماذا تركتني؟"
3 قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ.الى الامان يخرج الحق .. ألم يقل النبي لعمه أبا طالب حين اتى صناديد قريش لمساومته على الدعوة بالمال والملك والنساء "والله ياعم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر ماتركته حتى يظهره الله أو اهلك دونه"
4 لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته: ألم يقل للسيدة خديجة "انتهى عهد النوم ياخديجة" .. ألم يقل الله له " ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ"
(3/385)
5 هكذا يقول الله الرب خالق السموات وناشرها باسط الارض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا. ألم يقل الله "وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ"
6 انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك واحفظك واجعلك عهدا للشعب ونورا للامم ألم يقل الله "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا"
7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة ألم يقل الله "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ"
8 انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات. ألم يقل الله "قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"
9 هوذا الاوليات قد اتت والحديثات انا مخبر بها.قبل ان تنبت اعلمكم بها ألم يقل الله "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"
10 غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض.ايها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها .. أليست هي "لبيك اللهم لبيك" والمنحدرون في البحر هم الحجاج الذاهبين لجزيرة العرب؟
11 لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار.لتترنم سكان سالع.من رؤوس الجبال ليهتفوا. البرية "برية فاران التي سكنها اسماعيل .. وديار قيدار هي مكة المكرمة .. يترنم سكان سالع بالتهليل والتكبير وسالع هو جبل سالع بالمدينة بجوار جبل أُحد.
"الديار التي سكنها قيدار" الديار التي سكنها قيدار هي مكة المكرمة
(3/386)
"وَهَذَا سِجِلُّ مَوَالِيدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي أَنْجَبَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ. وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ إِسْمَاعِيلَ مَدَوَّنَةً حَسَبَ تَرْتِيبِ وِلاَدَتِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ، وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا، 15وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ" التكوين 25 :12-14
12 ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر .. يعطوا الرب مجدا بالآذان الله اكبر الله اكبر
13 الرب كالجبار يخرج.كرجل حروب ينهض غيرته.يهتف ويصرخ ويقوى على اعدائه الرب تعني المعلم أو السيد .. وهو سيد ولد آدم محمد نبي الرحمة والملحمة والجهاد
14 قد صمت منذ الدهر سكت تجلدت .كالوالدة اصيح .انفخ وانخر معا.
أليست صيحة حي على الجهاد وقوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض؟
15 اخرب الجبال والآكام واجفف كل عشبها واجعل الانهار يبسا وانشف الآجام. أليست "إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المُنذرين"
16 واسير العمي في طريق لم يعرفوها.في مسالك لم يدروها امشيهم.اجعل الظلمة امامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها ولا اتركهم. أليست " فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا. رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا " و أليست "فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"
(3/387)
17 قد ارتدوا الى الوراء.يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتنّ آلهتنا. أليست "وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا"
18 ايها الصم اسمعوا.ايها العمي انظروا لتبصروا. أليست "هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ" و " وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ"
19 من هو اعمى الا عبدي واصم كرسولي الذي أرسله.من هو اعمى كالكامل واعمى كعبد الرب. أليست " وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى" و "وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا"
20 ناظر كثيرا ولا تلاحظ.مفتوح الاذنين ولا يسمع.أليست "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ"
لقد كان النبي أمينا صادقا قبل الوحي يعتزل اللهو ويتعبد في الغار ولم يسجد للأصنام يوما ما .. يبحث عن رب هذا الكون .. والمشركون حينئذ عاكفون على أصنامهم .. و بعد أن أرسل الله إليه جبريل بالوحي .. عرف النبي محمد ربه وإلهه وقربه الله إليه وجعله نبيا .. فهذا شيئ اكبر .. نعم لقد كان بلا كتاب ولا شريعة" أما الآن فمعه كتاب الله وشريعة الله .. إنه الآن نبي ورسول يعرف الله ويحبه ويبكى من خشيته ويرجو رحمته .. لقد أنعم الله عليه بالرسالة .. وهذا فضل عظيم من الله .. ولذلك يقول الله تعالى في القرآن مخاطبا عبده ونبيه محمد"وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"
(3/388)
21 الرب قد سرّ من اجل بره.يعظّم الشريعة ويكرمها. من العبد الرسول الذي أكرم الشريعة التي يعطيها إياه الله ويقول لأسامة بن زيد" اتشفع في حد من حدود الله ياأسامة؟ والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها."
ألم يلغي اليهود والنصارى شريعة الله؟
الله يقول في كِتَابُ التَّثْنِيَة 26ِ : 26 "مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يُطِيعُ كَلِمَاتِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا."
إلا اننا نجد بولس رسول النصارى يهدم الناموس والشريعة قائلا:
فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً. عبرانيين 7: 18-19
"فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ" عبرانيين 8: 7
"
22 ولكنه شعب منهوب ومسلوب قد اصطيد في الحفر كله وفي بيوت الحبوس اختبأوا.صاروا نهبا ولا منقذ وسلبا وليس من يقول رد
إنني هنا اؤكد أن المسيح ابن مريم عليه السلام لم يرسل إلا لبني اسرائيل "للخراف الضالة من بيت اسرائيل"
انجيل متى 15:24 "فاجاب وقال لم أرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة "
انجيل متى 10 : 5- 6 "هؤلاء الاثنا عشر ارسلهم يسوع واوصاهم قائلا . الى طريق امم لا تمضوا والى مدينة للسامريين لا تدخلوا . بل اذهبوا بالحري الى خراف بيت اسرائيل الضالة "
سفر إرمياء 23:6 "في ايامه يخلص يهوذا ويسكن اسرائيل آمنا وهذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب برنا" .. وهل المسيح ابن مريم خلص يهوذا أم قال لهم هو ذا بيتكم يتك عليكم خرابا؟
رسالة بولس ليهود رومية 11:26 "وهكذا سيخلص جميع اسرائيل . كما هو مكتوب سيخرج من صهيون المنقذ ويرد الفجور عن يعقوب"
(3/389)
هذا هو يسوع الناصري تقولون سيخلص جميع اسرائيل ومع ذلك لم يخلص جميع اسرائيل؟ .. بل قال لهم هذا هو بيتكم يترك عليكم خرابا .. فهل مازلتم تعاندون ايها النصارى .. وتقولون إن كل النبؤات الموجودة في الكتاب المقدس هي عن يسوع الناصري؟
-7 نبؤة هجرة النبي محمد إلى المدينة
يتكلم هنا اشعياء عن ثلاث نبؤات .. والذي يهمنا هو النبؤة الثالثة عن ركاب الجمال والوحي الذي من جهة العرب.
وأهم شيئ في تلك النبؤة "في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار" لقد حدثت معركة بدر الكبرى وقد نصر الله سبحانه وتعالى فيها محمد صلى الله عليه وسلم في العام الثاني للهجرة وكانت بداية فناء أمجاد قيدار الجاهلية واعتنق جميعهم الإسلام فيما بعد
"وبقية عدد أبطال بني قيدار تقل" لقد قُتل 70 من صناديد قريش يوم بدر وفي هذا يقول القرآن "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" يقول سفر إشعيا 21/ 6 – 17.
" قال لي السيد: اذهب أقم الحارس، ليخبر بما يرى، فرأى ركاباً أزواج فرسان، ركاب حمير، ركاب جمال، فأصغى إصغاء شديداً، ثم صرخ كأسد: أيها السيد أنا قائم على المرصد دائماً في النهار، وأنا واقف على المحرس كل الليالي، وهوذا ركاب من الرجال، أزواج من الفرسان.فأجاب وقال: سقطت، سقطت بابل وجميع تماثيل آلهتها المنحوتة كسرها إلى الأرض.
(3/390)
يا دياستي وبني بيدري، ما سمعته من رب الجنود إله إسرائيل أخبرتكم به، وحي من جهة دومة.صرخ إليّ صارخ من سعير: يا حارس ما من الليل، يا حارس ما من الليل. قال الحارس: أتى صباح وأيضاً ليل، إن كنتم تطلبون فاطلبوا. ارجعوا تعالوا، وحي من جهة العرب: سَتَبِيتِينَ فِي صَحَارِي بِلاَدِ الْعَرَبِ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ، فَاحْمِلَوا يَا أَهْلَ تَيْمَاءَ الْمَاءَ لِلْعَطْشَانِ، وَاسْتَقْبِلُوا الْهَارِبِينَ بِالْخُبْزِ، لأَنَّهُمْ قَدْ فَرُّوا مِنَ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ، وَالْقَوْسِ الْمُتَوَتِّرِ، وَمِنْ وَطِيسِ الْمَعْرَكَةِ. لأَنَّهُ هَذَا مَا قَالَهُ لِي الرَّبُّ: فِي غُضُونِ سَنَةٍ مَمَاثِلَةٍ لِسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ، وَتَكُونُ بَقِيَّةُ الرُّمَاةِالأَبْطَالُ مِنْ أَبْنَاءِ قِيدَارَ، قِلَّةً. لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ"
(3/391)
قوافل الددانيين وددان قرب المدينة النبوية المنورة. ويأمر الوحي الذي تلقاه أشعيا أهل تيماء أن يقدموا الشراب والطعام لهارب يهرب من أمام السيوف ، ومجيئ الأمر بعد الإخبار عن الوحي الذي يكون من جهة بلاد العرب قرينة بأن الهارب هو صاحب ذلك الوحي الذي يأمر الله أهل تيماء بمناصرته : " هاتوا ماءًا لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه" وأرض تيماء منطقة من أعمال المدينة ، وفيها يهود تيماء الذين انتقل معظمهم إلى يثرب. فأهل يثرب من اليهود هم من أهل تيماء المخاطبين في النص. وكان تاريخ مخاطبة اشعياء لاهل تيماء في هذا الاصحاح هو النصف الأخير من القرن الثامن قبل الميلاد. ويفيد الوحي إلى إشعيا أن الهارب هرب ومعه آخرون:"فإنهم من أمام السيوف قد هربوا".ثم يذكر الوحي الخراب الذي يحل بمجد قيدار بعد سنة من هذه الحادثة ، مما يدل على أن الهروب كان منهم ، وأن عقابهم كان بسبب تلك الحادثة : " فإنه هكذا قال لي السيد الله : في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار ، وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل " وتنطبق هذه البشارة على محمد صلى الله عليه وسلم وهجرته تمام الانطباق ، فقد نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم في بلاد العرب ، وفي الوعر من بلاد العرب، في مكة والمدينة. وهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة من أرض بني قيدار قريش الذين كانوا قد عينوا من كل بطن من بطونهم شاباً جلداً ليجتمعوا لقتل محمد ليلة هجرته ، فجاء الشباب ومعهم أسلحتهم فخرج الرسول مهاجراً هارباً ، فتعقبته قريش بسيوفها وقسيها كما تذكر العبارة : " فإنهم من أمام السيوف قد هربوا ، من أمام السيف المسلول ، ومن أمام القوس المشدودة ". ثم عاقب الله قريشاً أبناء قيدار بعد سنة ونيف من هجرته صلى الله عليه وسلم بما حدث في غزوة بدر من هزيمة نكراء أذهبت مجد قريش ، وقتلت عدداً من أبطالهم : " كما قال لي الله : في مدة سنة كسنة الأجير يفنى(3/392)
كل مجد قيدار ، وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل " . وتؤكد العبارة أن هذا الإخبار وأن هذا التبشير بنزول الوحي في بلاد العرب ، وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وما يجري له من هجرة ونصر هو بوحي من الله : " لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم "
وهل هناك نبي هاجر من مكة إلى المدينة واستقبله أهل تيماء غير محمد
هل نزل وحي في بلاد العرب غير القرآن ؟!
وهل هناك هزيمة لقريش بعد عام من الهجرة إلا على يد رسول الله في غزوة بدر ؟! إن هذه البشارة تدل على صدق رسالة محمد، وأنها إعلان إلهي عن مقدمه ينقلها أحد أنبياء بني إسرائيل اشعياوبقي هذا النص إلى يومنا هذا على الرغم من حرص كفرة أهل الكتاب على التحريف والتبديل
"يا سكان أرض تيماء" تيماء مدينة تقع شمال المدينة المنورة وسميت كذلك نسبة إلى تيما بن إسماعيل وقد كان يسكنها اليهود لأنهم كانوا يتوقعون ظهور النبي وكانوا يقولون لأهل المدينة "إن نبيا يظهر فينا نقتلكم به قتل إرم وعاد" .. وهنا في تلك الأعداد أمر من الله سبحانه وتعالى لهم باتباع محمد صلى الله عليه ويقول حزقيال " لذلك هكذا قال السيد الرب وامد يدي على ادوم واقطع منها الانسان والحيوان واصيرها خرابا من التيمن والى ددان يسقطون بالسيف." حزقيال 25:13
ومن المعروف أن بني اسماعيل كانوا يسكنون في جزيرة العرب وذلك ثابت في الكتاب المقدس ففي سفر التكوين 25 :13-18 "وهذه اسماء بني اسماعيل باسمائهم حسب مواليدهم.نبايوت بكر اسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام ومشماع ودومة ومسّا وحدار وتيما ويطور ونافيش وقدمة. هؤلاء هم بنو اسماعيل وهذه اسماؤهم بديارهم وحصونهم اثنا عشر رئيسا حسب قبائلهم. وهذه سنو حياة اسماعيل.مئة وسبع وثلاثون سنة.واسلم روحه ومات وانضمّ الى قومه. وسكنوا من حويلة الى شور التي امام مصر حينما تجيء نحو اشور.امام جميع اخوته نزل "
(3/393)
"العطشان والهارب بخبزه" هو صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة
"فإنهم من أمام السيوف قد هربوا" أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بالهجرة من مكة إلى المدينة هرباً من بطش قريش عندما تسلحوا بسيوفهم وحاصروا بيته لقتله ولكن الله سبحانه وتعالى نجاه منهم
-8 إعلان من الله باقتراب رسالة "النبي محمد" وتمجيد بيت الله البهي
يقول الله في سفر إشعياء 60 : 7 للنبي القادم بأن كل ابناء قيدار ونبايوت ابناء اسماعيل سيجتمعون تحت إمرته وسيذبحون الهدي اثناء الحج في بيت الله وسيرفع الله من قدر بيته الذي كانت الأصنام حوله من كل مكان "جَمِيعُ قُطْعَانِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ، وَكِبَاشُ نَبَايُوتَ "نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ" تَخْدُمُكِ، تُقَدِّمُ قَرَابِينَ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، وَأُمَجِّدُ بَيْتِي الْبَهِيَّ"
ولنبدأ لنعرف ماذا يقول سفر إشعياء الإصحاح 60 من أوله "قُومِي اسْتَضِيئِي فَإِنَّ نُورَكِ قَدْ جَاءَ وَمَجْدَ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ" اشعياء 60: 1
ينادي الله تعالى البلد "مكة" التي سيظهر فيها النبي القادم "محمد" بأن النور آتيها لامحالة لأنه وعد من الله .. وتعظيم الله اياها حق قادم
"هَا إِنَّ الظُّلْمَةَ تَغْمُرُ الأَرْضَ وَاللَّيْلَ الدَّامِسَ يَكْتَنِفُ الشُّعُوبَ وَلَكِنَّ الرَّبَّ يُشْرِقُ عَلَيْكِ وَيَتَجَلَّى مَجْدُهُ حَوْلَكِ" اشعياء 2:60 .. لقد نظر الله إلى أهل الأرض جميعا فمقتهم إلا قلة من أهل الكتاب. فلقد كانت الأرض تموج بكل أصناف الكفر .. فأرسل الله عبده محمد رحمة من البلد الأمين من أم القرى ونورا للعالمين.
(3/394)
"فَتُقْبِلُ الأُمَمُ إِلَى نُورِكِ وَتَتَوَافَدُ الْمُلُوكُ إِلَى إِشْرَاقِ ضِيَائِكِ" اشعياء 3:60 .. هذا وعد تقريري من الله بأنه سيجعل مكة البلد الأمين هي مركز النور الإلهي .. وسيجعل الأمم تقبل على الإسلام وكذلك الملوك تأتي خاضعة متلهفة للبيت الحرام.
"تَأَمَّلِي حَوْلَكِ وَانْظُرِي فَهَا هُمْ جَمِيعاً قَدِ اجْتَمَعُوا وَأَتَوْا إِلَيْكِ يَجِيءُ أَبْنَاؤُكِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَذْرُعِ" اشعياء 60: 4 .. يخاطب الله بلده الحرام بأسلوب توكيدي أن كل من حولها قد اجتمعوا واتوا إليها وذلك في موسم الحج ليشهدوا منافع لهم .. وهم في منتهى التواضع والحب والتسابق على الخدمة.
"عِنْدَئِذٍ تَنْظُرِينَ وَتَتَهَلَّلِينَ وَتَطْغَى الإِثَارَةُ عَلَى قَلْبِكِ وَتَمْتَلِئِينَ فَرَحاً لأَنَّ ثَرْوَاتِ الْبَحْرِ تَتَحَوَّلُ إِلَيْكِ وَغِنَى الأُمَمِ يَتَدَفَّقُ عَلَيْكِ" اشعياء 60: 5 وخلال قرن من الزمان اتسعت أمة الوحدة الإسلامية حتى صارت في أوجها أوسع أمة عرفها التاريخ حتى اليوم .. وبالفعل كل الثروات تتدفق إليها عن طريق الحجاج والمعتمرين.
"تَكْتَظُّ أَرْضُكِ بِكَثْرَةِ الإِبِلِ مِنْ أَرْضِ مِدْيَانَ وَعِيفَةَ تَغْشَاكِ بُكْرَانٌ تَتَقَاطَرُ إِلَيْكِ مِنْ شَبَا مُحَمَّلَةً بِالذَّهَبِ وَاللُّبَانِ وَتُذِيعُ تَسْبِيحَ الرَّبِّ" اشعياء 6:60 وهذه تنطبق على مكة اثناء الحج والعمرة على مدار السنة وما يصحبه من الزحام من كل بقاع الأرض ومن التجارة وتبادل المنافع.
(3/395)
"جَمِيعُ قُطْعَانِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ وَكِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدُمُكِ تُقَدِّمُ قَرَابِينَ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي وَأُمَجِّدُ بَيْتِي الْبَهِيَّ " اشعياء7:60 وهنا التأكيد على أن النبي محمد هو صاحب هذه النبؤة .. فنسل قيدار ونبايوت ابناء اسماعيل سوف تذبح الهدي في بيت الله اثناء الحج إلى بيت الله الحرام "الكعبة".. وهذا مصداقا لقول الله تعالى "ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" وللتأكيد على ذلك فإنني استشهد هنا بالكتاب المقدس:
قِيدَارَ وَ نَبَايُوتَ من ذرية إسماعيل التأكيد على أن
وَهَذَا سِجِلُّ مَوَالِيدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي أَنْجَبَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ. وَهَذِهِ أَسْمَاءُ أَبْنَاءِ إِسْمَاعِيلَ مَدَوَّنَةً حَسَبَ تَرْتِيبِ وِلاَدَتِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ، وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا، 15وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ" التكوين 25 :12-14
"كل غنم قيدار تجتمع إليك" انتشار الإسلام بين العرب فهم لم يتأثروا بالمسيحية أبداً وهذا تصديق لوعد الله سبحانه وتعالى لإبراهيم عليه السلام كما في سفر التكوين 17 :20 بجعل إسماعيل عليه السلام أمة كبيرة
سفر حزقيال الإصحاح 27: 21"وَتَاجَرَ مَعَكِ الْعَرَبُ وَكُلُّ رُؤَسَاءِ قِيدَارَ، فَقَايَضُوا بَضَائِعَكِ بِالْخِرْفَانِ وَالْكِبَاشِ وَالأَعْتِدَةِ"
وقبائل قيدار التي تجمعت وتوحدت هي قبائل العرب من نسل قيدار ولد إسماعيل. أما بيت المجد المشار إليه فالثابت من السياق أنه بيت الله الحرام في مكة - مستقر أبناء قيدار وإسماعيل.
"بَيْتِي الْبَهِيَّ" هو بيت الله الحرام "المسجد الحرام"
(3/396)
"تَنْفَتِحُ أَبْوَابُكِ دَائِماً وَلاَ تُوْصَدُ لَيْلَ نَهَارَ لِيَحْمِلَ إِلَيْكِ النَّاسُ ثَرْوَةَ الأُمَمِ وَفِي مَوْكِبٍ يُسَاقُ إِلَيْكِ مُلُوكُهُمْ" أشعياء 11:60
من المعروف أن بيت الله الحرام أكبر بيوت الله على وجه الأرض لا ولَمْ يُوصًدْ ليلاً ولا نهاراً على مدار التاريخ منذ طهره محمد صلى الله عليه وسلم من الأوثان ليصبح قبلة وملاذا لكل مؤمن .. وكذلك فإن وفود الحجيج ومنهم الملوك يأتون في مواكب تقاد إلى البيت .. بيت الله.
"من هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام إلى بيوتها. إن الجزائر تنتظرنى وسفن ترشيش فى الأول لتأتى من بعيد وفضتهم وذهبهم معهم لا سم الرب إلهك ….وبنو الغريب يبنون أسوارك ، وملوكهم يخدمونك .. وتفتح أبوابك دائما نهاراً وليلاً لا تغلق ، ليؤتى إليك بغنى الأمم وتقاد ملوكهم"
لقد أشار النص إشارات تعد من أوضح الأدلة على أن المراد بهذا النص مكة المكرمة. وتلك الإشارات هى طرق حضور الحجاج إليها. ففى القديم كانت وسائل النقل: ركوب الجمال. ثم السفن.
1- الجمال: قال فيها: تغطيك كثرة الجمال.
2- السفن: قال فيها: وسفن ترشيش تأتى ببنيك من بعيد.
والحجاج كلهم في ملابسهم البيضاء كالسحاب مسرعين كالحمام
أليس هذا أوضح من الشمس فى كبد السماء.على أن النص ملئ بعد ذلك بالدقائق والأسرار ، ومنها أن مكة مفتوحة الأبواب ليلاً ونهاراً لكل قادم فى حج أو عمرة.. ؟!
ومنها أن خيرات الأمم تجبى إليها من كل مكان "أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء"
أهذه الأوصاف يمكن أن تطلق على مدينة " صهيون ".
(3/397)