مُلتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
كتاب الأجوبة
للشيخ أبي مسعود
عما أشكل الشيخ الدار قطني
على صحيح مسلم بن الحجاج
للإمام الحافظ
أبي مسعود بن محمد بن عبيد الدمشقي
المتوفى سنة 401 هـ
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
أخبرنا الشيخ الثقة، أبو الطاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الفرشي الخشوعي – قراءة عليه وأنا أسمع- يوم الثلاثاء لتسع بقين من شهر رمضان سنة ستة وتسعين وخمسمائة بدمشق .
قبل له أخبركم أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الحسن السلمي قراءة عليه وأنت تسمع في شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة وخمسمائة أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي الحافظ، أنبأنا أبو طاهر محمد طاهر الدقاق بقراءتي عليه في المحرم سنة أربع وعشين وأربعمائة .
قال : قال أبو مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي جوابآ لما أخرجه شيخنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ الدار قطني من الأحاديث التي غلط فيها مسلم بن الحجاج :
1-…الحديث الأول :
قال أبو الحسن : أخرج مسلم عن ابن نمير ، عن أبي أسامة ، عن حبيب بن الشهيد ، عن عطاء عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة إلا بقراءة آية ، فما أعلن به النبي صلى الله عليه وسلم أعلناه ، وما أخفى أخفيناه " .
قال : الصواب في قول أبي هريرة : ( لا صلاة إلا بقراءة ) هو محفوظ عن أبي أسامة على الصواب .
قال أبو مسعود : هو لعمري كما ذكر ، لا يعرف فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من رواية مسلم ، عن ابن نمير ، ] من [ حديث أبي أسامة فقد رواه الناس على الصواب عنه ، ولم أره من حديث ابن نمير إلا عند مسلم ، ولعل الوهم فيه من مسلم ، أو ابن نمير ، أو من أبي أسامة لما حدث به ابن نمير ؛ لأن هذا كله يحتمل .(1/1)
فأما أن يلزم مسلماً فيه الوهم من بينهم فلا ، حتى يوجد من غير حديث مسلم عن ابن نمير على الصواب ، فحينئذ يلزمه الوهم وإلا فلا.
2-…الحديث الثاني :
قال أبو الحسن : وعن اسحاق عن جرير ، عن التيمي ، عن قتادة ، عن أبي غلاَّب ، عن حطان ، عن أبي موسى في الصلاة والتشهد ، وفيه : ( وإذا قرأ فأنصتوا ) .
قال : الصواب عن قتادة رواية هشام وأبي عوانة وسعيد وغيرهم ، ليس فيه : ( وإذا قرأ فأنصتوا ) ، وقد رواه معتمر ، والثوري عن التيمي مثل حديث جرير ، وروي عن عمر بن عامر وسعيد .
قال أبو مسعود : وإنما أراد مسلم بإخراج حديث التيمي ليبين الخلاف في الحديث على قتادة ، لا أنه يثبته ، ولا ينقطع بقوله عن الجماعة الذين خالفوا التيمي قدم حديثهم ثم أتبعه بهذا .
3-…الحديث الثالث :
قال أبو الحسن : وأخرج من حديث ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن بشير بن نَهيك ، عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم في العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه (أنه يُستسعى) .
وتابعه البخاري فأخرجه من حديث جرير بن حازم عن قتادة وفيه ذكر السعاية .
والصواب حديث سعيد وهشام عن قتادة ليس فيه السعاية ، ورواه همام عن قتادة فجعل السعاية من قول قتادة مفصولاً من كلام النبي صلىالله عليه وسلم .
قال أبو مسعود : حديث همام حسن ، وعندي أنه لم يقع للبخاري ولا لمسلم أيضاً ، ولو وقع لهما لحكما بقوله .
وقد أخرجه البخاري من حديث ابن أبي عروبة ، وذكر أن شعبة اختصره .
وأخرج مسلم أيضاً من حديث شعبة وهشام مختصراً ومن حديث ابن أبي عروبة ، وفيه ذكر السعاية .
وقال البخاري في عقبه : حديث ابن أبي عروبة : تابعه الحجاج بن الحجاج وأبان بن يزيد العطار ، وموسى بن أبان ، تابعوا ابن أبي عروبة .
وجرير بن حازم أيضاً تابعه .
وأيوب بن خوط تابعه عن قتادة .
كل هؤلاء ذكروا الاستعساء ، وابن خوط ضعيف .
4-…حديث :(1/2)
قال أبو الحسن : وأخرج عن أبي كريب ، عن حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن هشام عن محمد ، عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه- فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ، ولا يومها بصيام) .
قال : وهذا وهم ، فيه حسين على زائدة ، ] عن هشام عن محمد ، عن أبي هريرة ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ، وخالفه ] معاوية [ بن عمرو ، قال فيه : عن محمد ، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن سيرين- مرسلا - أن النبي صلى الله عليه وسلم قلا لأبي الدرداء . قال ذلك أيوب ، وابن عون ، وهشام ، ويونس .
قال أبو مسعود : وحسين الجعفي من الأثبات الحفاظ ، وقول معاوية عن زائدة ، عن هشام ، عن محمد ، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومما يقوي حديث حسين .
وحديث الصوم فله أصل عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم والبخاري من حديث أبي صالح ، عن أبي هريرة .
وقد أخرجا حديث النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن صوم يوم الجمعة من حديث جابر .
وهذا ما يبين أن الحديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن له أصلاً ، وإنما أراد مسلم إخراج حديث هشام عن محمد بن سيرين لتكثر طرق الحديث .
5-…حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج عن قتيبة ، عن الدراوردي ، عن ثور ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ( خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فلم نغنم ذهباً ولا فضة ) ، يعني : حديث مِدْعم .
فأخرجه البخاري أيضاً من حديث معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق الفزاري ، عن مالك ، عن أبي غيث ، عن أبي هريرة .
قال : وقال موسى بن هارون : وهم في هذا الحديث ثور بن يزيد ؛ لأن أبا هريرة لم يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنما قدم المدينة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وقد فتح خيبر .(1/3)
قال أبو مسعود : إنما أراد البخاري ومسلم من تبيين هذا الحديث قصة مِدعم في غلول الشملة التي لم تصبها المقاسم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنها لتشتعل عليه ناراً ) .
وقد روى الزهري عن عنبسة بن سعيد ، عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بعدما استفتحها ، فقلت : ( أسهم لي ) .
ورواه أيضاً عمرو بن سعيد بن العاص ، عن جده ، عن أبي هريرة .
ولا يشك أحد من أهل العلم أن أبا هريرة كان شهد قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم خيبر ، هو وجعفر بن أبي طالب ، وجماعة من مهاجرة الحبشة الذين قدموا في السفينة .
فإن كان ثور وهم في قوله : "خرجنا " فإن القصة المرادة من نفس الحديث صحيحة .
6-…حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج حديث ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن عائشة – رضي الله تعالى عنها – عن النبي صلى الله عليه وسلم ( بسم الله أرقيك ) من حديث الدراوردي متصلاً .
وقد خالفه نافع بن يزيد ، وزهير بن محمد ، ] عن [ ابن الهاد ، عن محمد عن عائشة، لم يذكر أبا سلمة .
قال أبو مسعود : وقد جوَّده أيضاً قتيبة وغيره وبكر بن مضر عن ابن الهاد كرواية الدراوردي ، وبكر من الأثبات .
وابن الهاد فأثبت عند أصحاب الحديث من زهير بدرجات ، فيحكم لابن الهاد عليهما ، ولا يحكم لهما عليه .
وقد أخرج مسلم هذا الحديث من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
7-…حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج عن داود بن رُشَيد ، عن الوليد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : " كانت الصلاة تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم " .(1/4)
قال : ويقال هذا الاختصار وهم لعله من الوليد ؛ لأن غيره يرويه عن الأوزاعي بإسناده : " أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وقد أقيمت الصلاة ، فذكر أنه جنب ، فاغتسل ثم خرج إلى الناس " .
كذا كان مكتوباً بخط أبي الحسن ، عن يحيى بن أبي كثير صح بخطه .
قال أبو مسعود : وأظن علي بن عمر علَّق هذا الحديث من حفظه أو من تعليق فيه خطأ ، ولم يتأمله .
فأما الحديث الذي ذكره المختصر فهو حديث تفرد به الوليد .
وقد أخرجه مسلم عن إبراهيم بن موسى ، لا عن داود ، عن الأوزاعي عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مثله سواء .
والحديث يعيد داود بن رشيد ، ومحمد بن وزير ، والناس عن الوليد ـ كما رواه مسلم ، عن إبراهيم بن موسى ، عن الوليد .
والحديث الثاني الذي زعم أنه الصواب فمشهور ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، لا عن يحيى بن أبي كثير .
فرواه الوليد والناس كلهم من أصحاب الأوزاعي ، عن الأوزاعي .
قال أبو مسعود : قوله ( أخرجه عن داود ) خطأ ، وقوله فيه : ( عن يحيى بن أبي كثير ) فخطأ أيضاً ، إنما الحديثان معروفان من حديث الأوزاعي ، عن الزهري .
8-…حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج مسلم ، عن أحمد بن عبدة ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر من الجعرانة ) .
قال : يقال : تفرد به أحمد بن عبدة ، عن حماد ، ولم يتابع عليه ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر من الجعرانة .
قال أبو مسعود : وهذه اللفظة في هذا الحديث قوله : " أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر من الجعرانه " فهي لفظة تفرد بها حماد بن زيد لا أحمد بن عبدة ، وإنما أخرجه مسلم في " النذور " عن أحمد بن عبده بإسناده أن عمر – رضي الله تعالى عنه – قال : ( يا رسول الله ، عليَّ اعتكاف يوم ) .
وفيه هذه اللفظة ، ولم يخرجه في " الحج " .(1/5)
وقد أخرجه البخاري أيضاً بطوله في كتاب " الخمس " ، عن أبي النعمان ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن عمر رضي الله تعالى عنه قال : يا رسول الله .... الحديث .
وفيه : قال نافع : ( ولم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ، ولو اعتمر لم يخْفَ على عبد الله ) .
قال أبو مسعود : وهذا يتابع أحمد بن عبدة ، وإن كان الحديث مرسلاً .
وقد رواه جرير بن حازم ، ومعمر ، وحماد بن سلمة ، وأيوب مسنداً مجوداً ، ولم يأتوا بهذه اللفظة التي أتى بها حماد بن زيد .
قال أبو مسعود : وقوله : وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلافه فهو كما قال ، غير أنه حديث تفرد به همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله تعالى عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعاً ، وفسره .
ورواه مجاهد عن عائشة ، ولم يفسر من أين اعتمر النبي صلى الله عليه تعالى وسلم .
9-…حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج عن عبد الجبار ، عن ابن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي عبيد : ( شهدت العيد مع علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نأكل لحوم نسُكِنا بعد ثلاث ) .
قال : وهذا وهِم فيه عبد الجبار ، خالفه فيه الحميدي وأصحاب ابن عيينة فوقفوه ، وقد رفعه مالك وغيره ، عن الزهري .
قال أبو مسعود : وهذا كما قال ، غير أن مسلماً أخرجه أيضاً من حديث يونس ، وصالح بن كيسان ، وابن أخي الزهري ومعمر ، مسنداً ، وأخرجه عن عبد الجبار كما قال .
قال أبو مسعود : ومسلم لم يعلم أن عبد الجبار ] أوقفه [ من حديث ابن عيينة ، والله أعلم ، وإن كان الحديث له أصل ثابت من غير حديث ابن عيينة .
10 – حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج عن محمد بن عباد ، عن ابن عيينة ، عن عمرو ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن حفصة - رضي الله تعالى عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين .(1/6)
قال أبو مسعود : ورواه أيضاً ابن منيع عن سريج بن يونس ، عن ابن عيينة كرواية ابن عباد سواء .
وحدَّث به ابن منيع أيضاً في موضع آخر ، عن سريج ، وأبي عبد الله المخزومي ، قرنهما عن ابن عيينة كذلك بإسناد ابن عباد سواء .
وهذا يدل على أن ابن عيينة حدث مرة هكذا ومرة هكذا إلا أن الوهم من ابن عباد ، وقد جوده نافع عن ابن عمر ، قال : ( عن حفصة ) ، كذلك رواه عبيد الله بن عمر ، وأيوب السختياني ، ومالك ، وزيد بن محمد بن نافع .
11- حديث :
قال : وأخرج من حديث حبان بن هلال ، عن أبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن أبي مالك .
قال : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الوضوء شطر الايمان ) بطوله ، وهذا مرسل .
وقد رواه معاوية بن سلام ، عن زيد ، عن أبي سلام ، عن عبد ] الرحمن [ بن غنم ، عن أبي مالك .
قال الخطيب أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - : لم يذكر أبو مسعود في هذا الحديث شيئاً .
12- حديث :
قال : وأخرج حديث عبدة ، عن عبيد الله ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها : ( أن أسماء نفست بذي الحليفة ) .
والصواب - فيما يقال – رواية مالك ، عن عبد الرحمن ، عن أبيه ، أن أسماء ليس فيه عائشة .
قال أبو مسعود : إذا جوَّد عبيد الله إسناد حديث لم يحكم لمالك عليه فيما أرسله ، فإن مالكاً كثيراً ما أرسل أشياء أسندها غيره من الأثبات ، وعبدة بن سليمان فثقة ثبت .
13- حديث :
قال : وأخرج حديث هشيم ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن زيد بن ثابت – رضي الله تعالى عنهم – في بيع التمر حتى يبدو صلاحها ، وبيع العرايا ، ويقال : إن هشيم وهم فيه ، وأوله عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عن زيد - رضي الله تعالى عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرايا فقط .(1/7)
قال أبو مسعود : أما حديث هشيم فقال : ثنا يحيى بن يحيى ، ثنا هشيم ، عن يحيى بهذا الإسناد ، ولم يزد على هذا .
ومثله حديث عبد الوهاب الثقفي ، عن يحيى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن زيد - رضي الله تعالى عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرايا فقط .
وألغى مسلم حديث الأول ، والذي وهم فيه هشيم فلم يخرجه ، إنما أخرجه في عقب حديث زيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرايا ، فلم يتأمل علي بن عمر هذا ، ولو تأمله لم يُنسب إلى الوهم فيه .
14- حديث :
قال : وأخرج عن قتيبة ، عن الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن الحسن عن علي رضي الله تعالى عنه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة " .
والصواب : عن الحسين ، وإنما وهم فيه الليث ، على اختلاف عليه فيه .
قال أبو مسعود : أما مسلم فما قال فيه إلا عن الحسين ، ورواه جماعة عن قتيبة على الوجهين معاً ، وعن الليث على الصواب .
وكذلك قال محمد أبو عبد الله بن يوسف الدويري ، والحسن بن سفيان ، ومحمد بن اسحاق الثقفي ، عن قتيبة قالوا فيه : ( عن الحسين ) .
وكذلك رواه علي بن محمد المصري ، عن حسن بن عرفة ، عن ابن بكير ، عن الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين ، والحسين مقيد .
وكذلك حديث قتيبة مقيد من رواية مسلم ، وهؤلاء الثلاثة الذين ذكرت روايتهم عن قتيبة ، عن الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن علي بن الحسن ، عن الحسين .
15- حديث :
قال أبو الحسن : هوحديث الاحتلام هو عن عبد الله بن مسافع ، وقال : هو مسافع بن عبد الله قلَب اسمه .
قال أبو مسعود : هوحديث : ( أن امرأة قالت : يا رسول الله ، هل تغتسل المرأة إذا رأت .... ) الحديث .(1/8)
رواه مسلم عن إبراهيم بن موسى الرازي ، وسهل بن عثمان ، وأبي كريب ، واللفظ لأبي كريب ، قال سهل : حدثنا ، وقال الآخران : أنبأ ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن مصعب بن شيبة ، عن مسافع بن عبد الله ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة بهذا .
قال أبو مسعود : وكذلك حدثونا أيضاً عن عبد الله بن شيرويه ، عن أبي كريب ، قالا : ثنا ابن أبي زائدة ، عن مصعب بن شيبة ، عن مسافع بن عبد الله .
وحدثناه أبو أحمد الحافظ نازلا ، حدثني أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثني إبراهيم بن محمد ، ثنا أبو كريب ، باسناده سواء مثله .
فكذلك حدثونا عن أبي يعلى ، وابن منيع ، عن سويد ، عن ابن أبي زائدة .
قال أبو مسعود : وكذلك يقول ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن مصعب ، عن مسافع بن عبد الله ، ولم يقلب مسلم اسمه ، وإنما نسب علي بن عمر مسلماً إلى الوهم في هذا ؛ لأنه لم يتأمل طرد هذا الحديث على ابن أبي زائدة ، وأظنه إنما أراد أن يجرح أسماء من صحت عنهم الرواية نظر في تاريخ البخاري ؛ لأن البخاري قال في تاريخه : " باب من اسمه عبد الله ، قال : عبد الله بن مسافع بن شيبة بن عثمان بن عبد الدار القرشي ، هو أرى عبد الله بن مسافع بن عبد الله بن شيبة ، قال : وقال محمد أخبرنا عبد الله ، وأخبرنا محمد بن عبد الرحمن ، عن منصور الحجبي ، حدثني عبد الله بن مسافع " .
ولم يذكر البخاري في التاريخ حديث أبي زائدة هذا في هذا الموضع ، ولا في باب من اسمه : مسافع .
] وإنما تعلق علي بن عمر بهذا من تاريخ البخاري ، ولم ينظر في حديث ابن أبي زائدة هذا [ فنسب مسلماً إلى أنه قلب اسمه ، ولم يقلبه ، إنما هو اسم مختلف فيه ، وهكذا يقول ابن أبي زائدة .
16- حديث :
قال أبو الحسن : وحديث الأشجعي عن مالك بن مغول ، عن طلحة ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة .(1/9)
قال أبو مسعود : والحديث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره فنفذت أزاود القوم ، وإنما أنكره ؛ لأن غير الأشجعي أسنده ، والأشجعي - وهو ثقة مجود - فإذا جود ما قصر به غيره علم له به .
ومع هذا فهو حديث له أصل ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخرجه مسلم من حديث الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أو أبي سعيد مسنداً عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وهو أيضاً عن يزيد بن أبي عبيد ، وإياس بن سلمة ، عن سلمة بن الأكوع ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
17- حديث :
قال : وأخرج عن عمرو بن مسلم ، عن ابن المسيب ، عن أم سلمة - رضي الله عنها – عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا دخل العشر " .
وصوابه موقوف ، وقد تركه البخاري .
قال أبو مسعود : وهذا : أخرجه ] من حديث [ غندر ويحيى بن أبي كثير عن شعبة ، عن مالك مسنداً مجوداً ، وإنما كان مالك بآخره لا يسنده .
وأخرجه أيضاً من حديث سعيد بن أبي هلال ، ومحمد بن عمرو ، عن عمرو بن مسلم – عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة – رضي الله تعالى عنها – عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وكذلك أخرجه من حديث ابن عيينة ، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبو مسعود : وهذا حديث قد أسنده جماعة غير من ذكرهم مسلم ، ووثقه جماعة .
18- حديث :
قال أبو الحسن : وكان في الكتاب مما تركه ، كان قد أخرج في الطهارة عن عمر الرياحي ، عن يزيد بن زريع ، عن روح بن القاسم ، عن سهيل ، عن القعقاع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما أنا لكم مثل الوالد ) .
قال : وقد وهم فيه الرياحي ، خالفه أمية بن بسطام ، رواه عن يزيد بن زريع ، عن روح ، عن ابن عجلان ، وهو الصواب .
قال أبو مسعود : هذا لم يروه في كتابه بحال ، وإذا كان قد تركه كما قال : فلا معنى لنسبته إلى الوهم في هذا .(1/10)
19- حديث :
] قال [ أبو الحسن : وأخرج أيضاً عن غندر ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن سعد بن هشام : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع الأجراس .
وقال : ليس هذا عند شعبة ، إنما هو سعيد ، كتبه بخطه ، وبيَّض بين سعد والنبي .
قال أبو مسعود : وهذا حديث لم يخرجه مسلم أصلاً بحال ، وقد أخرج هذا الباب في كتاب " اللباس " فأخرج حديث سهيل عن أبيه ، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس ) .
و أخرج في عقبه حديث العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم " الجرس من مزامير الشيطان " .
وأخرج في عقبة حديث أبي بشير الأ نصاري رضي الله تعالى عنه كنا مع النبي صلىالله عليه وسلم فقال : ( لا تُبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت ) .
هذا جميع ما في الباب .
ولم يخرج حديث قتادة ، عن زرارة بحال لا في هذا الموضع ، ولا في غيره من الكتاب .
قال أبو مسعود : وهذا حديث اختلف فيه على قتادة .
فرواه محمد بن بكر ، وخالد بن الحارث ، وغندر ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن سعد ، عن عائشة .
وتابع الجماعة سعيد بن بكير ، عن قتادة في إسناده مثله .
ورواه الأنصاري ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن أبي هريرة ، أنبا أبو عمرو بن حمدان ، أنبا الحسن بن سفيان ، ثنا محمد بن المثنى ، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، ثنا سعيد ، عن قتادة [ زرادة ] ، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس ) .
ورواه هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن أبي هريرة تابع فيه الأنصاري، عن سعيد ، ووقفه العقدي ، عن هشام ، وأسنده عبد الصمد ، عن هشام .
20- حديث :
قال أبو الحسن : وحديث طارق الأشجعي رضي الله تعالى عنه : ( أُمرت أن أقاتل الناس ) صوابه : ( من وحَّد الله ) .(1/11)
قال أبو مسعود : هذا مما أوهم فيه ابن عمر على مسلم ، إنما أخرج مسلم في كتاب " الإيمان " حديث شعبة ، عن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .... ) الحديث .
ثم قال عقبة : ثنا سويد بن سعيد وابن أبي عمر قالا : ثنا مروان ، عن أبي مالك ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال لا اله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله ) .
قال أبو مسعود : كذا رواه الناس عن مروان ، وهو غير حديث : ( أمرت أن أقاتل الناس ) .
ثم قال مسلم في عقبه : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو خالد الأحمر ، وحدثني زهير بن حرب ، ثنا يزيد بن هارون ، كلاهما عن أبي مالك ، عن أبيه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من وحَّد الله ) .
ثم ذكر مثله- يعني مثل حديث مروان ، عن أبي مالك - .
واسم أبي مالك : سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي ، فدخل على ابن عمر لفظ حديث ابن عمر في لفظ حديث طارق حين نقله إلى تعليقه ، أو نقله من نسخة فيها خطأ من تعليق غيره ، فنسب الوهم منها إلى مسلم .
21- حديث :
قال أبو الحسن : وفي باب : " أي الإسلام خير؟ " عن أبي طاهر ، عن ابن وهب ، عن عمرو ، عن أبي الخير ، عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه – أن رجلاً قال : يا رسول الله أي الإسلام خير ؟ .
صوابه : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " .(1/12)
وقال أبو مسعود : وهذا أيضاً مما دخل على علي بن عمر الوهم في نقله ، فنسب الوهم إلى مسلم ، وإنما أخرج مسلم في كتاب " الإيمان " عن قتيبة ومحمد بن رمح عن الليث ، عن يزيد ابن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير ؟ قال : ( تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) .
ثم قال في عقبه : حدثني أبو طاهر أحمد بن عمرو ، ثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي المسلمين خير ؟ قال : ( من سلم المسلمون من لسانه ويده ) .
فدخل على علي بن عمر حديث في حديث لما نقله ، فنسب الوهم فيه إلى مسلم .
[ فصل في ذكرأحاديث يلزم مسلم إخراجها ]
22- قال أبو الحسن :
أ – وقد ترك مسلم من الصحيح على ما أخرج من رسمه أحاديث كثيرة ، منها نسخة أبي هانىء ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن فضالة بن عبيد ، هي عند المصريين ، وأخرج بهذا الإسناد حديثين .
قال أبو مسعود : أما النسخة التي ذهب إليها فهي عن أبي هانىء ، عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي ، عن فضالة ، لا عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن فضالة ، ولا يعرف لأبي هانىء حميد بن هانىء عن أبي عبد الرحمن عن فضالة شيء ، بل عند أبي هانىء ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو ، أحاديث أربعة أخرجها .
وحديث آخر عن أبي هانىء ، عن أبي عبد الرحمن ، عن أبي سعيد الخدري .
وأما الحديثان الذي قال : ( وأخرج مسلم بهذا الإسناد حديثين ) ، فهما بغير هذا الإسناد .
إنما أخرج من حديث ابن وهب ، عن أبي هانىء ، عن علي بن رباح ، عن فضالة رضي الله عنه قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها ذهب وخرز تباع ، وهي من الغنائم ، فأمر بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ، وقال : ( الذهب بالذهب وزناً بوَزن ) .(1/13)
وأخرج أيضاً هذا الحديث بعينه من حديث حنش الصنعاني ، عن فضالة من طرق عن حنش .
والحديث الثاني : فهو من حديث ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن ثمامة بن شفي أبي علي ، قال : كنا مع فضالة بأرض الروم فتوفي صاحب لنا ، فأمر بقبره فسوي ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها .
هذا جميع ما أخرجه لفضالة بن عبيد ، ولم يخرج له البخاري ، ولا أعلمه أخرج لعمرو بن مالك الجنبي حرفاً ، لا هو ولا مسلم ، ولا أعلم روى عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي أحد غير أبي هانىء .
وبرواية أبي هانىء وحده لا يرتفع عنه اسم الجهالة إلا أن يكون معروفاً في قبيلته ، أو يروي عنه أحد معروف مع أبي هانىء فيرتفع عنه اسم الجهالة .
قال ابن البيع محمد : أسماء من أخرج عنهم مسلم : عمرو بن مالك ، يطلق ولم يبين من هو ؟ وعمرو بن مالك ثلاثة أناس لا أعلم مسلماً ولا البخاري أيضاً أخرج عن واحد منهم حرفاًَ لا رواية ولا استشهاداً .
ب- قال أبو الحسن : وترك أيضاً من نسخة العلاء عن أبيه ، عن أبي هريرة من رواية الأثبات عنه ، مثل إسماعيل بن جعفر ، ومحمد بن جعفر ، وروح بن القاسم ، وغيرهم ، عن العلاء أحاديث أخرج مثلها ولم يخرج ذلك البخاري .
ج- قال : وترك أيضاً أحاديث من رواية الثقات عن أبي الزبير عن جابر أحاديث من رواية ابن جريج ، والثوري ، وغيرهما ، وهذا من رسمه .
د- قال : وترك أيضاً أحاديث من رواية الثقات عن سهل ، عن أبيه عن أبي هريرة ، هذا من رسمه ، ولم يخرجه البخاري .
هـ ] قال [ : وترك أشياء من رواية معمر عن همام عن أبي هريرة ، وهذا من رسمه ورسم البخاري .
و- وترك أيضاً من حديث مالك ، عن أبي الزناد ، عن أبي الأعرج ، عن أبي هريرة ، وهذا من رسمه .(1/14)
قال أبو مسعود : أما قوله : ترك الأحاديث من نسخة العلاء من رواية الأثبات عنه ، من رواية سهل أيضاً عن أبيه ، فأكثر ما أخرجه من حديث العلاء من رواية الثقات أكثره في المتابعات لغيره بما يتعلق به الأحكام .
فأما من حديث العلاء مما ينفرد به فلم يخرج إلا شيئاً من رواية الثقات من الأحاديث الرقاق .
وكذلك حديث سهل يجري هذا المجرى .
وأما حديث أبى الزبير عن جابر : فلا أعلم ترك له حديثاً جيداً من رواية الأثبات : ابن جريج وغيره إلا أخرجه ، إلا حديثاً معلولاً أو حديثاً أخرجه من طريق آخر من غير حديث جابر فاستغنى بذلك .
وأما حديث معمر عن همام ، عن أبي هريرة ، وحديث أبي الزناد عن الأعرج ، فما تركا منها شيئاً من رواية الثقات إلا أخرجاه إلا حديثاً أخرجاه من حديث همام من غير حديث الأعرج عن أبي هريرة ، فاقتصرا على بعض الطرق دون بعض .
ومن نسخة همام أحاديث أخرجها البخاري دون مسلم ، وأحاديث أخرجها مسلم دون البخاري مشهورة .
فأما أفراد البخاري التي أخرجها من رواية همام عن أبي هريرة ففيها أحاديث يلزم مسلماً إخراجها .
ز- قال أبو الحسن : ولم يخرج لعكرمة إلا حديثاً واحداً عن غير ابن عباس في المستحاضة ، وأخرج له البخاري نحوا من ستين حديثاً .
قال أبو مسعود : أما حديث المستحاضة الذي ذكرهما فإنما أخرجه البخاري دون مسلم ، وهو عن عكرمة ، عن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف مع بعض نسائه وهي مستحاضة ، أخرجه البخاري من حديث معتمر ، ويزيد بن زريع ، وخالد بن عبد الله ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة .
فأما مسلم فلا أعلمه أخرج لعكرمة غير حديث واحد ، وهو عن عكرمة عن ابن عباس مقرن بحديث طاوس عن ابن عباس في قصة ضباعة : ( حجي واشترطي ) ، ولم يكن إخراجه محتجاً بعكرمة على مذهبه ، وإنما احتج فيه بطاوس .(1/15)
والحديث قد أخرجه البخاري في باب " نكاح الأكفاء " – ولم يخرجه في " الحج " – من حديث أبي أسامة ومعمر ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها ، ومن حديث معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة في الحج .
23- حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج حديث أم سلمة رضي الله عنها ( إن شئت سبعت لك ) مسنداً من حديث الثوري وعبد الواحد بن أيمن ، ومرسلاً عن مالك ، وحفص بن غياث ، ولم يخرج ذلك البخاري .
قال أبو مسعود : هذا حديث أخرجه مسلم من حديث يحيى القطان ، عن الثوري ، عن محمد ابن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أم سلمة .
وأخرجه أيضاً من حديث حفص بن غياث مسنداً لا مرسلاً ، عن عبد الواحد بن أيمن ، عن أبي بكر ، عن أم سلمة مجوداً .
وقد جوده أيضاً عبد الله بن داود ، عن عبد الرحمن بن أيمن .
فأما الحديث المرسل : فلم يخرجه من حديث حفص ، وإنما أخرجه من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل .
عن القعنبي عن سليمان بن بلال .
وعن يحيى بن يحيى ، عن أبي ضمرة أنس كليهما ، عن عبد الرحمن بن حميد ، عن عبد الملك بن أبي بكر ، عن أبي بكر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل أيضاً .
وإذا جوده ثقات وقصَّر به ثقات أيضاً وبينه فلا يلزمه عيب في ذلك .
24- حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج حديث جُدامة مرسلاً ومتصلاً ، ولم يخرجه البخاري .
قال أبو مسعود : أما حديث جدامة بنت وهب : فما أخرجه أصلاً إلا متصلاً ولم يخرجه مرسلاً ، أخرجه من حديث مالك وسعيد بن أبي أيوب ، ويحيى بن أيوب ، عن أبي الأسود ، عن عائشة ، عن جدامة .
25- حديث :
قال أبو الحسن : وأخرج حديث ابن بحينة ، عن القعنبي ، عن إبراهيم بن سعد ، وقال : مالك بن بحينة " أصلاتان معاً ؟ " .(1/16)
قال أبو مسعود : وهذا أخرجه مسلم ، عن القعنبي ، عن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن حفص بن عاصم ، عن عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يصلي ... الحديث .
رواه البخاري عن عبد العزيز بن عبد الله ، عن إبراهيم بن سعد كذلك .
ثم قال مسلم في آخر حديثه عن القعنبي قال : قال القعنبي عن عبد الله بن مالك بن بحينة ، عن أبيه .
قال مسلم : ( وقوله : ( عن أبيه ) خطأ ) .
وأسقط مسلم ( عن أبيه ) في أول الحديث في نفس الحديث ، وبيَّنه في عقبه .
قال أبو مسعود : وهذا أخطأ فيه القعنبي على إبراهيم .
وكذلك رواه أبو رويق عبد الرحمن بن خلف ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حفص بن عاصم ، عن عبد الله بن مالك ، عن أبيه ، ولم يتابع القعنبي في قوله : ( عن إبراهيم بن سعد ) .
على هذا أخطأ فيه ، كما قال مسلم .
ورواه مسلم في عقبه عن قتيبة ، عن أبي عوانة ، عن سعد ، عن حفص بن عاصم ، عن ابن بحينة ، قال : أقيمت الصلاة .... الحديث ، ولم يسمه .
وكذلك حدثنا أبو أحمد الحافظ ، عن السراج عن قتيبة كرواية مسلم عن قتيبة سواء .
وحدثتا أبو حامد أحمد بن محمد بن بالوية بن سماعة العتيق ، من خط أبيه ، ثنا محمد بن إسحاق السراج ، ثنا قتيبة ، وقال فيه : عن حفص ، عن مالك بن بحينة ، وعليه " صح " بخط والده وأظن أبا أحمد ألغاه ، وجعله عن ابن بحينة اتباعا لمسلم .
قال أبو مسعود : وهكذا يقول أهل العراق : عن سعد ، عن مالك بن بحينة ، منهم أبو عوانة ، وشعبة ، وحماد بن سلمة .
وخالفهم إبراهيم بن سعد وإسحاق فقالا : عن سعد ، عن حفص ، عن عبد الله بن مالك بن بحينة ، وهو نسبه المعروف .
وكذلك نسبه يحيى بن سعيد الأنصاري ، والزهري ، وجعفر بن ربيعة ، وعلقمة بن أبي علقمة ، عن الأعرج ، عن عبد الله بن مالك بن بحينة في غير هذا الحديث .(1/17)
رواه محمد بن إسماعيل في كتاب " الصلاة " ، عن عبد الرحمن بن بشر ، عن بهز بن أسد ، عن شعبة ، عن سعد ، عن حفص ، قال : سمعت رجلاً من الأزد ، يقال له مالك بن بحينة .
وقال البخاري في عقبة : تابعه غندر ، ومعاذ ، عن شعبة في مالك قال : وقال حماد : أنبأ سعد ، عن حفص ، عن مالك ، فحصل ثلاثة منهم أبو عوانة ، وسعيد ، وحماد بن سلمة ، عن سعد ، عن حفص ، قالوا : عن مالك .
[ فصل في الرواة الذين انتقد على مسلم الإخراج عنهم ]
26- قال أبو الحسن : وأنكر عليه أبو زرعة إخراجه عن أسباط بن نصر ، وعن قطن ، عن جعفر بن سليمان ، وأحمد بن عيسى .
قال أبو مسعود : فأما أسباط فحدثني أبو جعفر محمد بن عبد الله بن خلاد ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، حدثني أبي ، قال : سمعت أبا نعيم يضعِّف أسباط بن نصر ، وقال : أحاديثه عامتها سقط ، مقلوبة الأسانيد .
وحدثني أبو جعفر ، ثنا عبد الرحمن ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن مهران الجمال ، قال : سألت أبا نعيم ، عن أبساط بن نصر ، فقال : لم يكن به بأس غير أنه كان أهوج .
وحدثني أبو جعفر ، ثنا عبد الرحمن قال : كتب إلى ابن أبي خيثمة ، قال سمعت يحيى بن معين يقول : أسباط بن نصر ثقة .
قال أبو مسعود : هذا أبو نعيم قد اختلف قوله فيه ، ولم يتهمه بكذب ، وقد قال أيضاً : لم يكن به بأس ، وقد وثقه يحيى بن معين .
وجميع ما أخرج مسلم حديثاً واحداً في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ثنا عمرو بن طلحة القناد ، ثنا أسباط بن نصر ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الأولى ، ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل صلى الله تعالى عليه وسلم يمسح خديْ أحدهم واحداً واحداً ، وأما أنا فمسح بيدي فوجدت بيده برداً أو ريحاً كما أخرجه من " جؤنة عطار " .(1/18)
وهذا حديث قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معناه أحاديث كثيرة ، وقد ذكر البخاري أسباطاً في تاريخه فقال : أسباط بن نصر الهمداني الكوفي ، سمع سماك بن حرب والسدي .
وكذلك ذكره مسلم في " الكنى " ، ولم يذكر أنه روى عن غير هذين .
وكذلك قال ابن أبي حاتم عن أبيه ، أنه سمع من سماك والسدي .
قال أبو مسعود : ولا أعلمه روى عن غيرهما ، ولو كان له رواية من شرط البخاري لأخرج عنه ، ولكن البخاري ليس من شرطه سماك ولا السدي .
وأما قطن فما أخرج عنه من حديث جعفر ، ولا عن غير جعفر ، إلا حديثاً واحداً عن جعفر ، عن ثابت ، عن أنس رضي الله تعالى عنه لما نزلت : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } .... الحديث ) في قصة ثابت بن قيس ، وهذا حديث مشهور عن ثابت .
وقد أخرجه مسلم أيضاً من حديث سليمان التيمي وحماد بن سلمة عن ثابت ، عن أنس .
قال أبو مسعود : قال أبو الحسن : وأخرج عنه غيره - يعني : غير أبي زرعة - فحدثني أبو جعفر ، ثنا ابن أبي حاتم ، قال : روى عنه - يعني عن سويد - أبي وأبو زرعة ، قال : وقال أبي : كان صدوقاً ، وكان يدلس .
قال أبو مسعود : وأنكر عليه يحيى بن معين حديثه عن أبي معاوية .
عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد : ( الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة ) .
وهذا حديث قد رواه أيضاً إسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقي الحافظ الثقة المأمون ، عن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سعيد .
وهذا مما يقوِّي حال سويد .
قال أبو مسعود : وأما أحمد بن عيسى ، فقد روى عنه البخاري ومسلم جميعاً ، وروى عنه كبار الناس .
وحدثني أبو جعفر ، ثنا ابن أبي حاتم ، قال : كتب عنه أبي وأبو زرعة ، وروى عنه أبي .(1/19)
قال أبو مسعود : وهو أحمد بن عيسى ، ويعرف بالمصري ، وهو في الأصل تستري ، وإنما أنكر عليه حديثه عن مفضل بن فضالة ، حكاه أبو حاتم عن أهل مصر ، ولم يسم من أنكره عليه ، وإنما أخرجوا من حديث ابن وهب .
تم الجزء ، والله المحمود المشكور .
فرغت من تحرير الأجوبة للشيخ أبي مسعود عما أشكل الشيخ الدارقطني على " صحيح مسلم بن الحجاج " في بندر عدن ، وقت مجيئي من الحرمين الشريفين ، يوم الاثنين ، في السابع من شهر صفر ، سنة تسع وسبعون ومائتين بعد الألف من الهجرة النبوية عليه الصلاة والسلام ، وأنا المحتاج إلى الغني الوهاب : عبده عبد الوهاب بن محمد غوث ، تجاوز الله عنهما ، وعن أسلافهما آمين .(1/20)