حكم صوم يوم السبت في غير الفريضة
بحث أعدَّه
د . سعد بن عبدالله بن عبدالعزيز آل حُمَيِّد
الأستاذ المشارك بكلية التربية – جامعة الملك سعود - الرياض
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد شرع الله تعالى لأمّة محمد - صلى الله عليه وسلم - صيام شهر رمضان، وفرضه عليها بقوله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .... } إلى آخر الآيات (183_185) من سورة البقرة .
وفي قوله سبحانه: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } إشارة إلى فضيلة الصيام مطلقًا؛ لكونه من دواعي تحقيق التقوى .
وأوضحت ذلك السُّنَّة التي ورد فيها الترغيب في صوم كثير من أيام السَّنَةِ؛ كصيام ستة أيام من شوال، ويوم عرفة، وشهر محرم، والتاسع والعاشر من محرم لمن لم يصم الشهر أجمعه، وصيام شعبان أو أكثره، وصيام يوم وإفطار يوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وغير ذلك مما ستأتي الإشارة إليه .
وتعارضت هذه السنن _ظاهرًا _ مع الحديث المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما اُفترِضَ عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أو عود شجرة؛ فليمضغه ))(1) .
وتباينت أقوال العلماء في قبول هذا الحديث أو ردّه، كما تباينت أقوال الذين قبلوه في التوفيق بينه وبين الأحاديث الواردة في فضل صيام الأيام التي سبق ذكر بعضها(2) إذا وافقت يوم السبت .
ولم يكن هذا الحديث في السابق يثير جدلاً بين المسلمين علماء وعامّة؛ لأنا لا نعلم أحدًا من أهل العلم قال بظاهره؛ فأطلق القول بتحريم صيام يوم السبت وإن وافق صيامًا يعتاده المسلم، أو لم يفرده، بل صام يومًا قبله، أو يومًا بعده .
__________
(1) سيأتي تخريجه والكلام عليه .
(2) سيأتي ذكرها بالتفصيل، مع تخريجها .(1/1)
إلى أن جاء العلاّمة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله، فأطلق القول بتحريم صومه في غير الفريضة، ولم يستثن من ذلك إلا صورة واحدة، وهي: أنه أوجب على من صام يوم الجمعة بمفرده أن يصوم معه يوم السبت إن كان جاهلاً بالحكم، أما إن كان عالمًا به فلا يجوز له ذلك؛ كما سيأتي .
وقد أحدث قوله هذا إشكالاً بسبب قوة عبارة الشيخ وعرضه، ومكانته الحديثيّة التي يعرفها كل أحد، وكثرة المتأثرين به وبفقهه .
وقرر الشيخ رأيه هذا في كثير من المناسبات، كتابة وصوتًا، وانتصر له وناظر، وعارضه آخرون، وانتصر له مثلهم، ووقفت على رسالتين فيهما الانتصار لرأي الشيخ لبعض كبار تلاميذه:
الأولى: بعنوان: "حكم صيام يوم السبت في النافلة" للشيخ محمد إبراهيم شقرة .
الثانية: بعنوان: "زهر الروض في حكم صيام يوم السبت في غير الفرض" للشيخ علي حسن عبد الحميد، وهي أكثر بسطًا من سابقتها، ويؤخذ عليه فيها: أنه جعل الاختلاف في الحديث طرقًا يتقوّى بها، فقال(1): « ورد الحديث عن أربعة من الصحابة، ثلاثة منهم أهل بيتٍ واحد، وهم: 1_ عبد الله بن بسر . 2_ وأخته: الصَّمَّاء بنت بُسْر . 3_ وأبوهما: بسر بن أبي بسر المازني ... ، والصحابي الرابع الذي روى الحديث هو: أبو أمامة، واسمه صُدَيّ بن عجلان »، وليست هذه طرقًا، وإنما هي اختلاف يُعَلّ به الحديث، ولذا حكم عليه بعض الأئمة بالاضطراب كما سيأتي .
وأما الذين كتبوا في معارضة رأي الشيخ : فقد وقفت على اثنين منهم :
أحدهما : محمد بن حمد النجدي ، في رسالة مختصرة بعنوان : "القول الثَّبْت في صوم يوم السبت" ، تقع هذه الرسالة في (48) صفحة من الحجم الصغير ، خلص فيها المؤلِّف إلى صحة حديث النهي عن صوم يوم السبت ، ولكن رجَّح أن علَّة النهي التعظيم ، فإن صامه مع يوم قبله أو بعده ، أو وافق صيامًا يصومه ، فلا يدخل في النهي .
__________
(1) ص16) .(1/2)
الثاني : حسن بن علي السقاف ، في رسالة مختصرة أيضًا بعنوان : "وَهْمُ سَيِّئِ الْبَخْت الذي حَرَّمَ صيام السبت ، أو القول الثبت في بيان حِلِّ صيام يوم السبت" ، تقع هذه الرسالة في (20) صفحة من الحجم الكبير ، وواضح من عنوانها أنه يذهب إلى جواز صوم يوم السبت ، غير أنها رسالة مليئة بالسب والشتم والتعيير للشيخ الألباني رحمه الله ومن كان على طريقته ، فضلاً عن الأخطاء العلميَّة واللغويَّة .
وقد ذكر الشيخ علي حسن عبد الحميد في رسالته آنفة الذكر رسالتين لم أقف عليهما ، وهما :
الأولى: رسالة بعنوان: "القول الثبت في حكم صوم يوم السبت"، ليحيى إسماعيل عيد ، ووصفها بقوله : « خلط فيها خلطًا كبيرًا بين أهل الظاهر وأهل الحديث، واضطرب في نقل الأقوال ، وادّعى فيها دعاوى غير علميّة ولا سديدة »، وذكر أنها نشرت في مجلّة "الشريعة" الأردنية ، ولم يذكر العدد ، ولا التاريخ .
الثانية: رسالة بعنوان: "التحقيق الثبت لما ورد في صيام يوم السبت" بقلم عبد الله بن عبد الرحمن رمزي، وقال إنها تقع في نحو ثلاثين صفحة .
وقد بذلت جهدي في طلب هاتين الرسالتين ، فلم أظفر بهما .
وللحافظ ابن حجر مؤلّف في هذا الباب لم يصل إلينا، ذكره في "فتح الباري"(1)، فقال: « وقد جمعت المسائل التي وردت الأحاديث فيها بمخالفة أهل الكتاب، فزادت على الثلاثين حكمًا، وقد أودعتها كتابي الذي سَمَّيْتُه: القول الثبت في الصوم يوم السبت » .
وقد جهدت في جمع ما ظفرت به من أدلّة في هذه المسألة، والمهم من أقوال أهل العلم، وأرجو أن أكون قد وُفّقت في الوصول إلى الحق الذي أنشده .
علمًا بأني لم أترجم إلا للراوي الذي يتوقَّف عليه الحكم على الرواية ، واكتفيت بحكم الحافظ ابن حجر لأني رأيت حكمه مناسبًا ، لا تقليدًا له ، ولكن بعد النظر في أقوال الأئمة ، ولو كان المقام يستدعي تعقُّبَه لفعلت .
__________
(1) 10/362_363) .(1/3)
وقد قسمت هذا البحث بعد هذه المقدمة إلى خمسة أبواب، ثم الفهارس:
الباب الأول: تخريج حديث النهي عن صوم يوم السبت .
الباب الثاني: الحكم على حديث النهي عن صوم يوم السبت .
الباب الثالث: الأحاديث المعارضة لحديث النهي عن صوم يوم السبت، وفيه فصلان:
الفصل الأول: في ذكر الأحاديث التي تدل بمنطوقها على إباحة صوم السبت في غير الفريضة .
الفصل الثاني: في ذكر الأحاديث التي تدل بمفهومها على إباحة صوم السبت في غير الفريضة .
الباب الرابع: في ذكر أقوال العلماء في حكم صوم يوم السبت .
الباب الخامس: القول الراجح من أقوال أهل العلم في حكم صوم يوم السبت .
الفهارس:
1ـ فهرس المراجع .
2ـ فهرس الأحاديث والآثار .
3ـ فهرس الموضوعات .
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح نياتنا وذرياتنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه / سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميِّد
الباب الأول: تخريج حديث النهي عن صوم يوم السبت
أخرج هذا الحديث أبو داود(1) من طريق يزيد بن قُبَيْس- من أهل جَبَلَةَ -؛ حدثنا الوليد- يعني ابن مسلم-، عن ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر السُّلَمي، عن أخته الصََّمَّاء: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما اُفترِضَ عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أو عود شجرة؛ فليمضغه (( .
__________
(1) في "سننه" (2421) . وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3411) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (24/325 رقم 818) ، و"مسند الشاميين" (434) ، والحاكم في "المستدرك" (1/435) ، جميعهم من طريق الوليد بن مسلم ، به .(1/4)
وتابع الوليد بن مسلم: أصبغ بن زيد(1)، وقرّة بن عبد الرحمن(2)، والفضل بن موسى(3)، وأبو عاصم الضّحّاك بن مخلد(4)، فرووه عن ثور بن يزيد كرواية الوليد .
ورواه سفيان بن حبيب(5) وعبد الملك بن الصَّبَّاح(6) والأوزاعي(7)، عن ثَوْر بن يزيد، به كرواية الوليد السابقة ومن وافقه، إلا أنهم قالوا: « عن عبد الله بن بُسْر، عن أخته »، ولم يسمّوا أخت عبد الله بن بُسْر .
وهذا اختلاف غير مؤثِّر؛ لأن من لم يُسَمّها إنما قصّر في روايته، ولم يخالف .
ورواه بقيَّة بن الوليد(8)؛ فقال : حدثنا ثَوْر ...، فذكره، إلا أنه قال فيه: « عن عمّته الصَّمَّاء » .
__________
(1) أخرج روايته النسائي في "السنن الكبرى" (2762)، والطبراني في "المعجم الكبير" (24/325 رقم820) .
(2) أخرج روايته الطبراني في الموضع السابق برقم (819) .
(3) أخرج روايته الطبراني في الموضع السابق برقم (821) .
(4) أخرج روايته الإمام أحمد في "المسند" (6/368 رقم27075)، والدارمي في "سننه" (1790)، وابن خزيمة في "صحيحه"(2163)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/ 80)، والطبراني في الموضع السابق (818)، والبيهقي في "سننه" (4/302)، إلا أن الإمام أحمد قال في روايته: « عن عبد الله بن بُسْر ، عن أخته »، ولم يسمّها . …
(5) أخرج روايته أبو داود في "سننه" (2421)، والترمذي في "جامعه" (744)، والنسائي في "الكبرى" (2763)، وابن ماجه في "سننه" (1726) .
وأخرج الطبراني في "الكبير" (821) رواية سفيان بن حبيب هذه مقرونة برواية الفضل بن موسى السابقة، وفيها تسمية أخت عبدالله بن بُسْر :" الصَّمََّاء "، فلعله حمل رواية سفيان على رواية الفضل .
(6) أخرج روايته النسائي في "الكبرى" (2764) .
(7) أخرج روايته تمام في "فوائده" (592/الروض البسام) من طريق عباد بن الوليد المؤدّب، عن بهلول بن المؤرّق الشامي، عن الأوزاعي .…
(8) أخرج روايته النسائي في "الكبرى" برقم (2765) .…(1/5)
ورواه أبو بكر عبد الله بن يزيد المقرئ(1)، عن ثور بن يزيد، به، غير أنه قال: « عن أمّه » بدل « عن أخته » .
ورواه عيسى بن يونس(2)، عن ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ، فذكره هكذا على أنه من مسند عبد الله بن بُسْر .
وتابع عيسى على هذه الرواية: عتبة بن السَّكَن(3)، لكن عتبة هذا متروك الحديث(4)، فلا يعتدّ بروايته .
وهذا الاختلاف كله في رواية ثَوْر بن يزيد فقط .
ويتضح لنا بعد النظر في هذا الاختلاف أن الصواب في رواية ثور بن يزيد: رواية من رواه عنه، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن أخته الصّمّاء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي رواية الوليد بن مسلم ومن وافقه؛ وهم أكثر عددًا، فروايتهم أرجح من رواية من خالفهم وإن كانوا ثقات، وتؤيّدها رواية الذين رووه كذلك، غير أنهم لم يسمّوا أخته، وهذا ما رجّحه الدارقطني كما سيأتي .
وأما روايات بقيّة بن الوليد وعبد الله بن يزيد وعيسى بن يونس: فإنها شاذّة؛ لمخالفة كلٍّ منهم لجميع الرواة عن ثور، ولا تتقوّى رواية عيسى بمتابعة عتبة بن السكن؛ لأنه متروك كما سبق .
وشارك ثور بن يزيد في رواية هذا الحديث عن خالد بن مَعْدان: داود بن عبيد الله، وعامر بن جَشِيب، وفضيل بن فضالة، لكنهم خالفوه .
__________
(1) أخرج روايته ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3413)، وتمام في "فوائده" (591/ الروض البسام) .
(2) أخرج روايته عبد بن حميد في "مسنده" (508)، والنسائي في "الكبرى" (2761)، وابن ماجه (1726)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (398) .
(3) أخرج روايته تَمَّام في "الفوائد" (593 / الروض البسام) .
(4) كما في "لسان الميزان " (5562) .(1/6)
أمَا داود بن عبيد الله: فرواه(1) عن خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر، عن أخته الصَّمَّاء، عن عاثشة، عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، به .
وداود بن عبيد الله: مجهول(2) .
وأما عامر بن جَشِيب: فيرويه عنه محمد بن الوليد الزُّبَيْدي(3)، وعن الزبيدي رواه بقية بن الوليد ويحيى بن حمزة وإسماعيل بن عياش على اختلاف بينهم:
أما بقية بن الوليد : فاختُلِف عليه: فرواه عنه عمرو بن عثمان(4)، فقال: حدثنا بقيّة؛
قال: حدثني الزُّبَيْدي؛ قال: حدثني لقمان بن عامر، عن عامر بن جَشيب، عن خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ...، فذكره هكذا بجعله من مسند عبد الله بن بُسْر.
وعمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي، مولاهم، أبو حفص الحمصي: صدوق(5) .
ورواه سعيد بن عمرو(6), عن بقيَّة، فأسقط منه عامر بن جَشيب، وقال: « عن عبدالله ابن بُسْر، عن خالته الصَّمَّاء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - » .
وسعيد بن عمرو بن سعيد بن أبي صفوان السَّكوني، أبو عثمان الحمصي صدوق(7) .
ورواه يزيد بن عبد ربه الجرجسي، عن بقيّة، واختُلِف على يزيد:
فرواه عمران بن بكار(8)، فقال: حدثنا يزيد بن عبد ربه؛ قال: حدثنا بقية، عن الزبيدي، عن عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، ... ، فذكره هكذا بجعله من مسند عبد الله بن بسر، وأسقط من سنده لقمان بن عامر .
__________
(1) أخرج روايته النسائي في "الكبرى" (2771) .
(2) كما في "التقريب" (1799) .
(3) وللزبيدي فيه إسناد آخر سيأتي ذكره في رواية فضيل بن فضالة، عن خالد بن معدان، وقد يكون من الاختلاف عليه .
(4) أخرج روايته النسائي في "الكبرى" (2766) .
(5) كما في "التقريب" (5073) .
(6) أخرج روايته النسائي أيضًا (2769) .
(7) كما في "التقريب" (2369) .
(8) أخرج روايته النسائي أيضًا (2770) .(1/7)
ويزيد بن عبد ربه الزُّبَيْدي، أبو الفضل الحمصي المؤذِّن الجُرْجُسي _ بجيمين مضمومتين بينهما راء ساكنة، ثم مهملة _: ثقة(1) .
وعمران بن بكار بن راشد الكَلاعي البرّاد _ بموحّدة وراء ثقيلة _، الحمصي المؤذِّن: ثقة(2) .
ورواه خير بن عرفة عن يزيد بن عبد ربه كرواية عمرو بن عثمان السابقة عن بقيّة .
وخير بن عرفة أبو طاهر المصري: قال عنه الذهبي(3): « المحدث الصدوق » .
وهذا الاختلاف قد يكون بسبب قرن الروايات؛ فإن الطبراني هو الذي رواه عن خير ابن عرفة، وقرن معه رواية يحيى بن حمزة، فقال(4):
حدثنا أحمد بن يحيى بن حمزة؛ حدثني أبي، عن أبيه، عن الزبيدي . ح .
وحدثنا خير بن عرفة؛ ثنا يزيد بن عبد ربه الجرجسي؛ ثنا بقية بن الوليد، عن الزبيدي، عن لقمان بن عامر، عن عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... ، فذكره .
وشيخ الطبراني في الإسناد الأول هو أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وهو ممن أكثر عنه الطبراني، لكنه نسب إلى جدّه هنا، أو سقط اسم أبيه، وقد تُكُلِّم فيه بسبب روايته عن أبيه وهو لم يسمع منه فيما قيل(5) .
وحكى المِزِّيُّ(6) أن محمد بن مصفّى رواه عن بقيّة، عن السَّرِيّ بن منعم،عن عامر بن جشيب، ولم أجد من أخرج هذه الرواية، ولم أجد راويًا يقال له: السري بن منعم .
وهذا كله فيما يتعلق برواية بقيَّة بن الوليد، عن الزُّبَيْدي، فهي مضطربة فيما يظهر مما تقدّم .
__________
(1) كما في "التقريب" (7745) .
(2) كما في "التقريب" (5146) .
(3) في "سير أعلام النبلاء" (13/413) .
(4) في "مسند الشاميين" (1850) .
(5) كما في "لسان الميزان" (1/295رقم 871) .
(6) في "تحفة الأشراف" (4/293) .(1/8)
وتقدم أن بقية رواه عن ثور، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن عمّته الصّمّاء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . لكن هذه الرواية ليست من الاختلاف على بقية، بل هي رواية أخرى لهذا الحديث شارك بقية فيها رواة آخرون، وقد رواه عن بقية على الوجهين سعيد ابن عمرو، وعن سعيد رواه النسائي كما تقدم .
وأما رواية يحيى بن حمزة: فتقدم أن الطبراني رواها مقرونة برواية بقية للحديث عن الزبيدي، عن لقمان بن عامر، عن عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وسندها ضعيف لما تقدّم عن حال أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة .
وأما رواية إسماعيل بن عَيَّاش(1): فهي عن الزُّبَيْدي، عن لقمان بن عامر، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن أخته الصّمّاء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، به هكذا بإسقاط عامر بن جَشيب، وجعله من مسند الصَّمَّاء أخت عبد الله بن بسر .
ورواية إسماعيل بن عياش هذه هي أرجح الروايات عن الزبيدي؛ لسلامتها من الاختلاف، ولموافقتها لرواية ثور بن يزيد التي رجّحها الدارقطني .
ورواه عن الزبيدي أيضًا عبد الله بن سالم ومحمد بن حرب، على وجه آخر_وهو التالي_، مع اختلاف بينهما .
هذا فيما يتعلق برواية عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان .
وأما رواية فضيل بن فضالة: فهي من رواية محمد بن الوليد الزُّبَيْدي _أيضًا_، عنه، واختُلِف على الزبيدي فيها كما اختُلف عليه سابقًا .
__________
(1) أخرج روايته الإمام أحمد في "المسند" (6/368 رقم27077)، والطبراني في "مسند الشاميين" (1591) .(1/9)
فرواه عبدالله بن سالم(1)، عن الزُّبَيْدي، عن فضيل بن فضالة؛ أن خالد بن مَعْدان حدَّثه؛ أن عبد الله بن بُسْر حدَّثه، أنه سمع أباه بُسْرًا يقول، فذكره هكذا بجعله من مسند بسر - رضي الله عنه - .
وعبد الله بن سالم الأشعري، أبو يوسف الحمصي: ثقة رمي بالنصب(2) .
ورواه محمد بن حرب(3)، عن محمد بن الوليد الزُّبَيْدي، عن فضيل بن فضالة، عن عبد الله بن بُسْر، عن خالته الصَّمَّاء ، به هكذا بإسقاط خالد بن معدان، وجعله من مسند الصّمّاء خالة عبد الله بن بسر .
ومحمد بن حرب الخولاني، الحمصي، الأبرش: ثقة(4) .
وسواء كان الراجح رواية عبد الله بن سالم، أو محمد بن حرب، فمدار الحديث على فضيل بن فضالة الهَوْزَني، الشامي، وهو مقبول(5)، فالإسناد ضعيف لأجله .
وجميع ما تقدم ذكره يتعلق برواية خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر .
وقد رواه عن عبد الله بن بُسْر أيضًا: يحيى بن حَسَّان، وحسّان بن نوح، وابنٌ لعبدالله بن بسر لم يُسَمّ _ من رواية معاوية بن صالح عنه _،على اختلاف بينهم .
أما يحيى بن حَسَّان(6)
__________
(1) أخرج روايته الطبراني في "الكبير" (2/31 رقم 1191)، و"مسند الشاميين" (1875)، وعلّقها النسائي في "السنن الكبرى" برقم (2768) .
(2) كما في "التقريب" (3335) .
(3) أخرج روايته ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3412)، والنسائي في "الكبرى" (2767)، والطبراني في "الكبير" (24/330 رقم822) .
(4) كما في "التقريب" (5805) .
(5) كما في "التقريب" (5436)، ومراده بمقبول: إذا توبع الراوي، وإلا فليِّن الحديث كما صرَّح به في المقدمة (ص ) .
(6) أخرج روايته الإمام أحمد (4/189رقم 17686) فقال: ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني؛ قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن يحيى بن حسان ... ، فذكره هكذا ليس فيه تصريح بسماع الوليد له من يحيى بن حسان .
ورواه الضياء المقدسي في "المختارة" (9/104رقم91و92) من طريق سليمان بن أحمد الطبراني؛ ثنا الحسين بن إسحاق التستري؛ ثنا محمد بن الصباح الجرجرائي؛ ثنا الوليد بن مسلم؛ ثنا يحيى بن حسان ... ، فذكره هكذا بتصريح الوليد بالسماع من يحيى بن حسان .(1/10)
: فقال في روايته: سمعت عبد الله بن بسر المازني يقول: ترون يدي هذه؟ فأنا بايعت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم (( .
ويحيى بن حسّان التِّنِّيسي: ثقة(1) .
وأما حَسَّان بن نوح: فاختُلِف عليه:
فرواه علي بن عياش الحمصي(2) ، عن حسان بن نوح؛ قال : رأيت عبد الله بن بسر،
وسمعته يقول: ترون كَفّي هذه؟ فأشهد أني وضعتها على كفّ محمد - صلى الله عليه وسلم -، ونهى عن صيام يوم السبت، إلا في فريضة، وقال: )) إن لم يجد أحدكم إلا لِحاء شجرة فليفطر عليه (( .
وتابع علي بن عياش على روايته على هذا الوجه: مبشر بن إسماعيل(3) .
وخالف عليَّ بنَ عياش ومبشرَ بنَ إسماعيل أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج(4)، فرواه عن حسان بن نوح، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وحسّان بن نوح النَّصْري الحمصي: ثقة(5) .
__________
(1) كما في "التقريب" (7529) .
(2) أخرج روايته الإمام أحمد في "المسند" (4/189رقم17690)، والطبراني في "مسند الشاميين" (2548)، وابن
عساكر في "تاريخ دمشق" (27/154_155) .
وقد وقع في "مسند الشاميين" خطأ في الإسناد؛ حيث جاء الحديث فيه من رواية علي بن عياش، عن سليمان ابن حسان بن نوح، عن عمرو بن قيس، عن عبد الله بن بسر .
وأخرجه الضياء في "المختارة" (9/59رقم42)، والمزي في "تهذيب الكمال" (6/43)، والعراقي في "الأربعين العشارية" (17)، ثلاثتهم من طريق الطبراني على الصواب .
(3) أخرج روايته النسائي في "الكبرى" (2759)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/81)، وابن حبان في "صحيحه" (3615)، وابن عساكر في "تاريخه" (27/154)، والضياء في "المختارة" (9/58رقم40و41) .
(4) أخرج روايته الروياني في "مسنده" (1258) .
(5) كما في "التقريب" (1206) .(1/11)
وأما رواية ابن عبدالله بن بُسْر: فهي من رواية معاوية بن صالح(1)، عن ابن عبد الله ابن بُسْر، عن أبيه، عن عمّته الصّمّاء: أنها كانت تقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم السبت، ويقول: )) إن لم يجد أحدكم إلا عودًا أخضر فليفطر عليه (( .
وابن عبد الله بن بسر: لا يُعرف ولا يُسَمّى(2) .
وتقدّم أن فضيل بن فضالة رواه _ في أحد الوجهين عنه _ عن عبد الله بن بسر، لكن الصواب _ والله أعلم _ أنه يرويه عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر .
وقد سئل الإمام الدارقطني(3) عن هذا الحديث؟ فذكر بعض الاختلاف السابق، ثم قال: « والصحيح: عن ابن بسر، عن أخته . وقال بعض أهل العلم من أهل حمص: إن أخت عبد الله بن بسر _ الصّمّاء _ اسمها: بهيمة » .
وللحديث طريقان آخران عن عبد الله بن بسر، وأخته الصمّاء رضي الله عنهما، لكن بلفظ آخر .
__________
(1) أخرج روايته النسائي في "الكبرى" (2760)، والطبراني في "الكبير" (24/325 رقم817)، والبيهقي في
"سننه" (4/302)، ثلاثتهم من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، به .
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (2164)، والطبراني (816)، كلاهما من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية ابن صالح، به كسابقه . وفي المطبوع من "صحيح ابن خزيمة" تصحيف يصوّب من "إتحاف المهرة" (21499) .
قال ابن خزيمة : خالف معاوية بن صالح ثَوْر بن يزيد فى هذا الإسناد، فقال ثَوْر : « عن أخته » ؛ يريد أخت عبد الله بن بُسْر، وقال معاوية: « عن عمته الصَّمَّاء »؛ أخت بُسْر عمّة أبيه عبد الله بن بُسْر، لا أخت أبيه عبد الله ابن بُسْر .اهـ .
(2) كما في "التقريب" (8475) .
(3) في "العلل" (5/ق195/أ) .(1/12)
أما حديث عبد الله بن بسر: فيرويه أحمد بن إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم؛ قال: حدثنا معاوية بن يحيى أبو مطيع؛ قال: حدثني أرطاة؛ قال: سمعت أبا عامر قال: سمعت ثوبان مولى النبي صلى الله - صلى الله عليه وسلم - _ وسئل عن صيام يوم السبت ؟ _ فقال: سلوا عبد الله بن بسر، قيل: فقال: « صيام السبت لا لك ولا عليك »(1) .
وسنده حسن لذاته: فأبو عامر: هو عبد الله بن غابر الأَلْهاني، الحمصي، وأرطاة: هو ابن المنذر، وهما ثقتان(2) .
وإسحاق بن إبراهيم بن يزيد القرشي، أبو النضر الدمشقي، الفراديسي: صدوق، ومثله: أحمد بن إبراهيم بن محمد أبو عبد الملك القرشي، البُسْري، الدمشقي (3) .
وأما حديث الصمّاء: فيرويه يحيى بن إسحاق؛ قال: أنا ابن لهيعة؛ قال: أنا موسى بن وردان، عن عبيد الأعرج؛ قال: حدثتني جدتي: أنها دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - _ وهو يتغدّى، وذلك يوم السبت _، فقال: )) تعالي فكلي ((، فقالت: إني صائمة، فقال لها : )) صمت أمس؟ (( فقالت: لا، قال: )) فكلي؛ فان صيام يوم السبت لا لك ولا عليك ((.
أخرج الإمام أحمد(4) هذا الحديث في مسند الصمّاء بنت بسر .
وكان قد أخرجه(5) قبل ذلك في مسند امرأةلم يسمّها، فقال: ثنا حسن بن موسى؛ قال: ثنا ابن لهيعة؛ قال: حدثنا موسى بن وردان؛ قال: أخبرني عبيد بن حنين مولى خارجة: أن المرأة التي سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يوم السبت حدثته: أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ؟ فقال: )) لا لك ولا عليك (( .
__________
(1) أخرجه النسائي في "الكبرى" (2772)، ولم أجده عند غيره، ويمكن توجيه متنه بما سيأتي من نقولٍ عن بعض أهل العلم .
(2) كما في "التقريب" (3525 و298) .
(3) كما في "التقريب" (4 و334) .
(4) في "مسنده" (6/368 رقم27076) .
(5) في الموضع السابق برقم (27074) .(1/13)
ومدار كلا الطريقين على عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف(1)، لكن سياق متن الحديث يشعر بأن المرأة هي أخت عبد الله بن بسر التي روى هو الحديث عنها، وإذا كان كذلك ففي ذلك الحديث اختصار، وتمام الحديث هنا يشعر بأنه لا معارضة بينه وبين سائر الأحاديث، فهو موافق لحديث جويرية، وغاية ما فيه أنه لا ثواب في إفراد يوم السبت بالصوم . ولعل هذا سبب إيراد شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم له في معرض كلامهما الآتي .
وبالجملة: فهذا مجمل طرق هذا الحديث، والنظر فيها ينبغي أن يكون من جهتين :
الأولى: النظر في الحكم على الحديث .
الثانية: النظر في دلالة الحديث .
الباب الثاني: الحكم على حديث النهي عن صوم يوم السبت
من خلال ما تقدم من العرض المستفيض لطرق هذا الحديث رأينا هذا الاختلاف الشديد بين طرقه، وأشد هذا الاختلاف: ما وقع في رواية خالد بن معدان، عن عبد الله ابن بسر، وتقدم أن الراجح منها: رواية من رواه عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن أخته الصّمّاء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وتؤيّدها رواية ابن عبد الله بن بسر، عن أبيه، عن عمّته الصّمّاء، إذا كانت الصماء عمّة ابن عبد الله بن بسر .
وخالف هاتين الروايتين روايتا يحيى بن حسان وحسان بن نوح، عن عبد الله بن بسر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، هكذا بجعل الحديث من مسند عبد الله بن بسر، لا من مسند الصماء .
وهذان الوجهان متكافئان في القوة _ فيما يظهر _، فهما مع باقي الاختلاف السابق ذكره _ وإن كان مرجوحًا _ يشعر بعدم ضبط الرواة لهذا الحديث، فإذا انضاف إلى ذلك نكارة متن الحديث _ بسبب مخالفته للأحاديث الآتي ذكرها _، تبيّن لنا السبب الذي جعل كبار الأئمة يعلّون الحديث .
__________
(1) كما في "الكاشف" (2934) .(1/14)
فأبو داود بعد أن أخرج الحديث(1) ساق بسنده عن الليث بن سعد، عن ابن شهاب الزهري: أنه كان إذا ذُكر له أنه نُهيَ عن صيام يوم السبت يقول: «هذا حديث حمصي». وأخرجه الحاكم(2) _ ومن طريقه البيهقي(3) _ عن الزهري أيضًا كذلك .
وكلهم ساقه عن الزهري مساق الإعلال للحديث, وأوضح ذلك الطحاوي(4) فقال: ولقد أنكر الزهري حديث الصّمَّاء في كراهة صوم يوم السبت، ولم يعدَّه من حديث أهل العلم بعد معرفته به .
حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرُّعَيني؛ قال: ثنا عبد الله بن صالح؛ قال: حدثني الليث؛ قال: سُئل الزهري عن صوم يوم السبت؟ فقال: « لا بأس به » . فقيل له: فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كراهته ؟ فقال: « ذاك حديث حمصي »، فلم يَعُدَّه الزهري حديثًا يقال به، وضعفه .اهـ كلام الطحاوي .
وعقب قول الزهري هذا قال أبو داود: حدثنا محمد بن الصباح؛ ثنا الوليد، عن الأوزاعي؛ قال: « ما زلت له كاتِمًا حتى رأيته انتشر »؛ يعني : حديث عبد الله بن بُسْر هذا في صوم يوم السبت .اهـ.
ثم قال أبو داود: « قال مالك : هذا كذب » .
وتبعه ابن العربي فقال في "القبس"(5): « وأما يوم السبت فلم يصح فيه الحديث، ولو صح لكان معناه: مخالفة أهل الكتاب » .
واعتذر عبد الحق الإشبيلي(6) عن الإمام مالك بقوله: « لعل مالكًا إنما جعله كذبًا من أجل رواية ثور بن يزيد الكلاعي، فإنه كان يرمى بالقدر، ولكنه كان ثقة فيما روى، قاله يحيى وغيره، وقد روى عنه الجلّة؛ مثل يحيى بن سعيد القطان، وابن المبارك، والثوري، وغيرهم » .
__________
(1) في "سننه" (2421) .
(2) في "المستدرك" (1/435_436) .
(3) في "السنن" (4/302) .
(4) في "شرح معاني الآثار" (2/81) .
(5) كما في "البدر المنير" (5/763) .
(6) في "الأحكام الوسطى" (2/225) .(1/15)
وحكى النووي(1) قول الإمام مالك، ثم تعقبه قائلاً: « وهذا القول لا يقبل، فقد صححه الأئمة؛ قال الحاكم أبو عبد الله: هو حديث صحيح على شرط البخاري . قال(2): وله معارض صحيح ...(3) » .
وممن أعلّ الحديث: يحيى بن سعيد القطّان، والإمام أحمد، وأبو بكر الأثرم .
قال أبو بكر الأَثْرم(4): سمعت أبا عبد الله(5) يُسأل عن صيام يوم السبت يُتَفَرَّد به ؟ فقال: « أما صيام يوم السبت ينفرد به: فقد جاء في ذلك الحديث؛ حديث الصَّمَّاء »؛ يعني: حديث ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر، عن أخته الصَّمَّاء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم (( . قال أبو عبد الله: «فكان يحيى بن سعيد يَتَّقيه(6)، وأَبَى أن يحدِّثني به، وقد كان سمعه من ثَوْر»، قال: «فسمعته من أبي عاصم(7)» .اهـ .
قال الأثْرَم: « وحُجَّة أبي عبد الله في الرخصة في صوم يوم السبت: أن الأحاديث كلَّها مخالفة لحديث عبد الله بن بُسْر... »، ثم ذكر بعض الأحاديث المعارضة لهذا الحديث مما سيأتي ذكره(8) .
__________
(1) في "المجموع" (6/451) .
(2) أي: الحاكم .
(3) سيأتي ذكر كلام الحاكم بتمامه .
(4) كما في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/71-79) .
(5) يعني: الإمام أحمد .
(6) نقل ابن القيم في "تهذيب السنن" (3/297) هذا النص عن شيخ الإسلام ابن تيمية _ فيما يظهر _ ، ووقع
عنده: « ينفيه » بدل: « يتقيه » .
(7) هو: الضحّاك بن مخلد المعروف بالنبيل .
(8) وكان الأثرم قد ذكر هذا الحديث في كتابه "الناسخ والمنسوخ" (ص201_203رقم64)، واستدل على النسخ
بقوله : « فجاء هذا الحديث بما خالف الأحاديث كلها ... » ، ثم ذكر أحاديث صوم المحرّم ، ثم قال : « ففي المحرّم
السبت ، وليس مما افترض )) ، وذكر أحاديث صوم شعبان ، وست من شوال ، وعاشوراء ، وعرفة ، وأيام البيض،
وذكر أنها قد يكون فيها السبت .(1/16)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(1) _ بعد ذكره لكلام الأثرم هذا _: « فهذا الأثْرَم فَهِمَ من كلام أبي عبد الله: أنه توقف عن الأخذ بالحديث، وأنه رخص في صومه؛ حيث ذكر الحديث الذي يُحتجّ به في الكراهة، وذكر أن الإمام في علل حديث يحيى بن سعيد كان يتَّقيه, ويأبى أن يحدِّث به، فهذا تضعيف للحديث .
واحتجّ الأثْرَم بما دلّ من النصوص المتواترة على صوم يوم السبت » .اهـ كلام ابن تيمية رحمه الله .
وكان أبو داود قد قال عن الحديث _ كما تقدم _: « وهذا حديث منسوخ » .
فتعقّبه النووي(2) قائلاً: « وأما قول أبي داود: إنه منسوخ: فغير مقبول، وأي دليل على نسخه ؟ » .
وحكى ابن الملقّن(3) قول أبي داود، ثم قال: « وفيه نظر »، ثم حكى كلام النووي، ثم قال: « والحق أنه حديث صحيح غير منسوخ » .
وتعقّب ابنُ حجر(4) شيخَه ابنَ الملقّن قائلاً: قلت: يمكن أن يكون أخذه من كونه - صلى الله عليه وسلم - كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر، ثم في آخر أمره قال : « خالفوهم »، فالنهي عن صوم يوم السبت يوافق الحالة الأولى، وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية، وهذه صورة النسخ, والله أعلم .اهـ.
وأطال النسائي _ في المواضع المتقدمة _ في ذكر الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: « وهذه أحاديث مضطربة »(5) .
__________
(1) في الموضع السابق من "اقتضاء الصراط المستقيم" .
(2) في "المجموع" (6/452) .
(3) في "البدر المنير" (5/763) .
(4) في "التلخيص الحبير" (2/ 414) .
(5) قول النسائي هذا حكاه ابن الملقن في "البدر المنير" (5/762)، ولم أجده في شيء من كتبه .(1/17)
وتعقبه ابن الملقِّن(1) بقوله: « ولك أن تقول: وإن كانت مضطربة، فهو اضطراب غير قادح؛ فإن عبد الله بن بسر صحابي، وكذا والده، والصّمّاء؛ ممن ذكرهم في الصحابة ابن حبان في أوائل "الثقات"، فتارة سمعه من أبيه، وتارة من أخته، وتارة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتارة سمعته أخته من عائشة، وسمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - » .
وذكر الحافظ ابن حجر(2) إعلال النسائي، وتعقُّبَ ابن الملقّن، ثم تعقَّبَ هو ابنَ الملقن قائلاً: « لكن هذا التلوُّن في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتّحاد الْمَخْرَج، يوهِّن راويه, ويُنْبِئُ بقلّة ضبطه، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث، فلا يكون ذلك دالاًّ على قلّة ضبطه، وليس الأمر هنا كذا، بل اختُلِفَ فيه أيضًا على الراوي عن عبد الله بن بُسْر » .
وتقدّم قول الدارقطني(3) : « والصحيح: عن ابن بسر، عن أخته »، وهذا لا يعني تصحيحه للحديث كما هو معلوم عند أهل هذا الشأن، ولكن يعني ترجيح أحد أطراف الاختلاف .
وتابع الدارقطني على قوله هذا عبد الحق الإشبيلي، فقال(4): « وقيل في هذا الحديث: عن عبد الله بن بسر، عن عمّته الصّمّاء، وهو أصحّ » .
وحكم على الحديث بالشذوذ كل من: الطحاوي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم رحمهم الله .
أما الطحاوي: فإنه ذكر(5) الأحاديث التي رأى فيها دلالة على إباحة صوم يوم السبت في غير الفريضة، ثم قال: « ففي هذه الآثار المروية في هذا: إباحة صوم يوم السبت تطوعًا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها » .
__________
(1) في الموضع السابق .
(2) في "التلخيص الحبير" (2/ 414) .
(3) في "العلل" (5/ق195/أ) .
(4) في "الأحكام الوسطى" (2/225) .
(5) في "شرح معاني الآثار" (2/80) .(1/18)
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية: فقال(1): « وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذًّا غير محفوظ, وإما منسوخًا, وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صَحِبوه؛ كالأثْرَم وأبي داود » .
وأما ابن القيم: فقال(2): « وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها؛ كقوله في يوم الجمعة: )) إلا أن تصوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده ((، فدل على أن الحديث غير محفوظ، وأنه شاذ » . اهـ .
وقال الحافظ ابن حجر(3): « ورجاله ثقات، إلا أنه مضطرب، وقد أنكره مالك، وقال أبو داود: هو منسوخ ».اهـ.
وقال أيضًا(4) : « الحديث معلول بالاضطراب » .
وذهب بعض الأئمة إلى تصحيح الحديث أو تحسينه، ومنهم:
الترمذي، فإنه لما أخرج هذا الحديث(5) قال: « هذا حديث حسن، ومعنى كراهته في هذا: أن يخص الرجل يوم السبت بصيام؛ لأن اليهود تعظِّم يوم السبت » .
وصححه الحاكم كما تقدم، وصححه عدد من الأئمة الذين صنّفوا في الصحيح المجرّد؛ بإخراجه في كتبهم، وتقدم منهم: ابن خزيمة، وابن حبان، والضياء، وذكر ابن الملقن(6) أن ابن السكن أخرجه في "صحيحه"، وتقدّم أيضًا تصحيح النووي وابن الملقّن له، وصححه الحافظ العراقي كذلك(7)، وهو الذي ذهب إليه الشيخ ناصر الدين الألباني(8) رحمه الله .
الباب الثالث: الأحاديث المعارضة لحديث النهي عن صوم يوم السبت
__________
(1) في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/75) .
(2) في "تهذيب السنن" (3/298) .
(3) في "بلوغ المرام" (628) .
(4) في "تهذيب التهذيب" (3/350) . وانظر ذكره لهذا الاختلاف في "التهذيب" (1/221 و 383)، و"الإصابة" (12/160)، و(13/23) .
(5) في "جامعه" (744) .
(6) في "البدر المنير" (5/760) .
(7) في "الأربعين العشارية" (17) .
(8) في "إرواء الغليل " (4/118 –125)، و"تمام المنة" (ص 405 -408)، و"السلسلة الصحيحة" (2/733- 735) .(1/19)
يدل هذا الحديث بظاهره على تحريم صوم يوم السبت في غير الفريضة، وهذا الذي جعل بعض العلماء يذهبون إلى إعلال هذا الحديث كما سبق، ويكثر كلامهم في نقد متنه؛ بسبب مخالفته لعدد من الأحاديث المحكمة، التي يدل بعضها بمنطوقه على جواز صوم يوم السبت، وبعضها الآخر يدل بمفهومه .
وفيما يأتي ذكر لهذه الأحاديث، مقسومة إلى قسمين؛ بحسب دلالة المنطوق، ودلالة المفهوم .
الفصل الأول: في ذكر الأحاديث التي تدل بمنطوقها على إباحة صوم السبت في غير الفريضة:
حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها
قال أبو داود الطيالسي(1)
__________
(1) في "مسنده" (1728) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/44_45) من طريق شبابة بن سوار، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (2075) من طريق النضر بن شميل، والإمام أحمد في "المسند" (6/324و430رقم26755و27422) من طريق وكيع ومحمد بن جعفر غندر وحجاج بن محمد المصِّيصي الأعور، وعبد بن حميد في "مسنده" (1557) من طريق عثمان بن عمر، والبخاري في "صحيحه" (1986) من طريق يحيى بن سعيد القطان وغندر، والنسائي في "الكبرى" (2767)، و ابن خزيمة في "صحيحه" (2754) من طريق يحيى القطان وحده، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/78) من طريق عبد الرحمن بن زياد الرصاصي وعبد الصمد بن عبد الوارث، والبيهقي في "سننه" (4/302) من طريق عمرو بن مرزوق ويحيى القطان، جميعهم عن شعبة، به كما رواه الطيالسي .
وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (684) أن وكيعًا رواه فقال: عن شُعْبَة، عن قتادة، عن أبي أيوب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على جُوَيرية، ونقل عن أبيه إعلاله لهذه الرواية ، وتصويبه لرواية يحيى القطان وغيره، عن شعبة، به متصلاً .
ورواية وكيع للحديث هكذا أخرجها إسحاق بن راهويه في "مسنده" (2076)، وتقدم أن الإمام أحمد خالفه، فرواه عن وكيع كرواية الجماعة .(1/20)
: حدثنا شعبة، عن قتادة؛ سمع أبا أيوب، عن جويرية: أنه دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم جمعة وهي صائمة، فقال : )) صمت أمس ؟ ((، قالت: لا، قال: )) تصومين غدًا؟ (( قالت: لا، قال: )) فأفطري (( .
ووافق شعبة على روايته هكذا: همام بن يحيى(1)، وحماد بن سلمة(2)، وحماد بن الجعد(3) .
وخالف هؤلاء جميعًا سعيد بن أبي عروبة ، فرواه عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على جويرية بنت الحارث يوم جمعة وهي صائمة، فقال لها: )) أصمت أمس؟ (( قالت: لا، قال: )) أفتريدين الصوم غدًا؟ (( قالت: لا، قال: )) فأفطري إذًا (((4) .
قال سعيد(5) : « ووافقني عليه مطر، عن سعيد بن المسيب » .
__________
(1) روايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (8/119)، والإمام أحمد في "المسند" (6/324 و430 رقم26756و27425)، وأبو داود في "سننه" (2422)، وأبو يعلى في "مسنده" (7065و7066)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/78) .
(2) روايته أخرجها الطحاوي في الموضع السابق .
(3) روايته علقها البخاري عقب إخراجه للحديث في الموضع السابق، وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/234): « وصله أبو القاسم البغوي في جمع حديث هدبة بن خالد »، ثم أخرجه في "تغليق التعليق" (3/202_203) من طريق البغوي.
(4) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/119)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (3/44)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (2079)، والإمام أحمد في "مسنده" (2/189 رقم6771)، والبزار في "مسنده" (2350)، والنسائي في "الكبرى" (2753)، وابن خزيمة في "صحيحه" (2162)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/78) .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3611) .
(5) قول سعيد هذا جاء في رواية الإمام أحمد والبزار .(1/21)
قال البزار(1) : « وهذا الحديث خالف فيه سعيد شعبة، فقال شعبة: حدثناه قتادة، عن أبي أيوب، عن جويرية، وقال سعيد: أما ما حفظت أنا ومطر: فعن قتادة، عن ابن المسيب، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - » .
وذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم(2) أنه سأل أباه عن الاختلاف في هذا الحديث ؟ فذكر أنه قال: « كلها صحاح ... ، وإنما قلنا : إنها صِحَاحٌ كلها؛ لأن شُعْبَة قد تابع هَمَّامً(3) . فأما من قال: قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عبدالله بن عمرو؛ فإن ابن أبي عَرُوبَة حافظ لحديث قتادة، وقال: تابعني عليه مَطَر » .
وذكر ابن أبي حاتم(4) أيضًا عن أبي زرعة أنه قال: « حديث قتادة، عن أبي أيوب، عن جُوَيرية صحيح، وحديث سعيد بن المسيب، عن عبدالله بن عمرو أيضًا صحيح ... ، وفي حديث قتادة مثل ذا كثير؛ يُحَدِّث بالحديث عن جماعة » .
وروى هذا الحديث معمر(5)، عن قتادة، عن ابن المسيّب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على بعض نسائه ...، الحديث هكذا مرسلاً .
__________
(1) في الموضع السابق .
(2) في "العلل" (684) .
(3) كذا وقع في "العلل" بغير ألف على عادة بعض الْمُحَدّثين، وهو جائز على لغة ربيعة الذين يكتبون المنصوب بغير ألف؛ كما في "فتح الباري" (9/621)، ولا بدّ من قراءته مُنَوَّنًا؛ قال النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج" (8/83): « والذي وقع بغير ألف يُقرأ منوّنًا، وإنما حذفوا الألف كما جرت عادة بعض الْمُحَدّثين؛ يكتبون: "يقول: سمعت أنس" بغير ألف، ويُقرأ بالتنوين » . وانظر "المساعد على تسهيل الفوائد" لابن عقيل (4/302_303)، و"حاشية السيوطي على النسائي" (5/180) .
(4) في الموضع السابق .
(5) روايته أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (7804) .(1/22)
وهذه رواية شاذّة؛ لمخالفتها باقي الروايات، ورواية معمر عن قتادة مُتَكَلّم فيها ؛ فقد روى ابن عساكر(1) عن ابن أبي خيثمة؛ قال: سمعت يحيى بن معين يقول: « إذا حدّثك معمر عن العراقيين فخافه، إلا عن الزهري وابن طاوُس؛ فإن حديثه عنهما مستقيم، وأما أهل الكوفة والبصرة فلا » .اهـ .
وقال ابن عساكر أيضًا(2) : « ذكر عبد الغني بن سعيد الحافظ: أن سماع معمر من قتادة وثابت البناني فيه ضعف، وليس هو في شيء أقوى منه في الزهري » .اهـ .
وفي بعض طرق حديث جويرية هذا اختلاف آخر لا يلتفت إليه، فانظره إن شئت في "العلل" لابن أبي حاتم(3)، والله أعلم .
ودلالة الحديث بمنطوقه على جواز صيام يوم السبت في غير الفريضة واضحة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: )) تصومين غدًا ؟ (( وقد استدل به الأثرم(4) على الجواز، فقال: « فالغد هو يوم السبت »، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية(5)، وتلميذه ابن القيم(6) .
*****
2) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
وله عنه سبع طرق:
الأولى: يرويها أبو معاوية محمد بن خازم(7)
__________
(1) في "تاريخ دمشق" (59/414) .
(2) في الموضع السابق .
(3) 684و767) .
(4) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/73_74) .
(5) في الموضع السابق من "اقتضاء الصراط المستقيم" .
(6) في"تهذيب السنن" (3/297-301) .
(7) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/44)، (2756)، وأبو داود (2420)، والترمذي (743)، والنسائي في "الكبرى" (2756)، وابن حبان في "صحيحه" (3614)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (383)، وأبو نعيم في "مستخرجه" (2595)، والبيهقي في "سننه" (4/302) .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه مسلم في "صحيحه" (1144)، وابن ماجه في "سننه" (1723)، وأبو نعيم في الموضع السابق .
وأخرجه الإمام أحمد (2/495 رقم10424 )، وابن خزيمة (2158) من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (1985)، ومسلم وابن ماجه وأبو نعيم في المواضع السابقة، جميعهم من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، به كسابقه .(1/23)
، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : )) لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله، أو
يصوم بعده (( .
الثانية: يرويها معاوية بن صالح(1) ، عن أبي بشر مؤذن مسجد دمشق، عن عامر بن لُدَين الأشعري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: )) إن يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده (( .
قال ابن خزيمة(2): « أبو بشر هذا شامي، ليس بأبي بشر جعفر بن أبي وَحْشِيَّة صاحب شعبة وهشيم » .
وقال الحاكم(3): « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، إلا أن أبا بشر هذا لم أقف على اسمه، وليس ببيان بن بشر، ولا بجعفر بن أبي وحشية » .
وسئل الدارقطني(4) عن هذا الحديث ؟ فقال : « يرويه معاوية بن صالح، واختلف
عنه . فرواه ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبي بشر مؤذن مسجد دمشق، عن عامر بن لدين، عن أبي هريرة . وخالفه أسد بن موسى، فرواه عن معاوية بن صالح، عن أبي بشر، عن عامر بن لدين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووهم فيه أسد، والصحيح: عن أبي هريرة».
الثالثة : يرويها شعبة(5)
__________
(1) روايته أخرجها إسحاق بن راهويه في "مسنده" (524)، والإمام أحمد في "مسنده" (2/303و532 رقم8025و10890)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2512)، وابن خزيمة في "صحيحه" (2161و2166)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/79)، والحاكم في "المستدرك" (1/437) .
(2) في الموضع السابق من "صحيحه" .
(3) في الموضع السابق من "المستدرك" .
(4) في "العلل" (2159) .
(5) روايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (2718)، والإمام أحمد في "المسند" (2/458 رقم9902)، والبغوي في "الجعديات" (518)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/78) .
(2) أخرج روايته الإمام أحمد في "المسند" (2/422 رقم9467) .
(3) أخرج روايته إسحاق بن راهويه في "مسنده" (237و238)، وابن حبان في "صحيحه" (3610) .(1/24)
، عن عبد الملك بن عمير؛ قال: سمعت شيخًا من بلحارث يحدث: أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول: ما أنا نهيت الناس أن يصوموا يوم الجمعة، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: )) لا تصوموا يوم الجمعة، إلا أن تصوموا قبله يومًا، أو بعده يومًا (( .
وتابع شعبة على روايته على هذا الوجه: أبو عوانة وضّاح بن عبد الله(1)، وفيه زيادة في لفظه.
ورواه جرير بن عبد الحميد(2) أيضًا نحو رواية شعبة، غير أنه كنى الرجل المبهم، فقال: « عن رجل من بني الحارث بن كعب يقال له: أبو الأوبر » .
وكذا رواه عبد الرزاق(3) عن معمر، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل أحسبه أبو الأوبر، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ورب هذه الكعبة، لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن صيام يوم الجمعة، إلا أن يصله بصيام .
ورواه عبد الرزاق(4) أيضًا من طريق ابن التيمي؛ حدثنا عبد الملك بن عمير؛ قال : حدثني أبو الأوبر؛ أنه سمع أبا هريرة وقال له رجل: يا أبا هريرة، أنت نهيت الناس أن يصوموا يوم الجمعة ؟ فقال: لا، لعمرك ! ما أنا نهيت الناس أن يصوموا يوم الجمعة، غير أني ورب هذه الحرمة _ قالها ثلاثًا _ لقد سمعت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: )) لا يخصنّ أحدكم يوم الجمعة بصوم، إلا أن يصوموا أيامًا أُخَر (( .
وشكك محقق "مصنف عبد الرزاق" في سماع ابن التيمي من عبد الملك، ورجح أن الصواب: « ابن التيمي، عن أبيه »؛ يعني: عن أبيه، عن عبد الملك؛ لأن الذي يروي عن عبد الملك هو سليمان التيمي الأب .
ورواه شريك بن عبد الله(5)
__________
(1) في "المصنف" برقم (7806) .
(5) في "المصنف" (1504) .
(5) أخرج روايته ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/45)، والإمام أحمد في "المسند" (2/458و526 رقم9903 و10805 )، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/79) .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (6672) .(1/25)
، عن عبد الملك بن عمير، عن زياد الحارثي، عن أبي هريرة، به هكذا بتسمية الراوي عن أبي هريرة .
الرابعة : يرويها أبو معشر(1) نجيح بن عبد الرحمن، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة: « أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام الجمعة، إلا أن يصوم قبله أو بعده » .
الخامسة : يرويها شعبة(2) ، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي هريرة؛ قال: « لا تصم يوم الجمعة، إلا أن تصوم يومًا قبله أو بعده » .
السادسة : يرويها القاسم بن سلام بن مسكين(3)؛ قال: حدثني أبي؛ قال: سألت الحسن (4) عن صيام يوم الجمعة؟ فقال: « نُهي عنه، إلا في أيام متتابعة » .
قال(5): وحدثني أبو رافع، عن أبي هريرة: « أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يوم الجمعة، إلا في أيام قبله أو بعده » .
السابعة : يرويها روح(6) ؛ قال: ثنا هشام بن حسان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: )) لا تصوموا يوم الجمعة، إلا أن تصوموا قبله يومًا، أو بعده يومًا (( .
__________
(1) أخرج روايته عبد الرزاق في "المصنف" (7805) .
(2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/44)، والنسائي في "الكبرى" (2757)، كلاهما من طريق غندر، عن شعبة، به هكذا موقوفًا على أبي هريرة .
وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" (7/178) من طريق جعفر بن مكرم، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، به مرفوعًا .
قال الخطيب بعد أن أخرجه: « قال لنا أبو بكر البرقاني: رأيت بخط الدارقطني: تفرّد به جعفر بن مكرم . قلت: يعني روايته عن أبي داود، عن شعبة مرفوعًا، ووقفه غندر وعبدالرحمن بن زياد الرصاصي عن شعبة » .
(3) أخرج روايته أبو يعلى في "مسنده" (6433)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/79) .
(4) هو: البصري .
(5) أي: الحسن البصري .
(6) أخرج روايته الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/78) .(1/26)
ودلالة الحديث بمنطوقه على جواز صيام يوم السبت ظاهرة في نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الجمعة إلا مع يوم قبله، وهو الخميس، أو يوم بعده، وهو السبت(1)، وقد استدل به الأثرم على الجواز(2)، فقال: « فاليوم الذي بعده هو يوم السبت »، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية(3)، وتلميذه ابن القيم(4) .
*****
3) حديث جنادة بن أمية الأزدي - رضي الله عنه -
يرويه يزيد بن أبي حبيب(5)
__________
(1) انظر "فتح الباري" لابن حجر (4/233_234) .
(2) فيما نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم" (2/74) .
(3) في الموضع السابق من "الاقتضاء" .
(4) في"تهذيب السنن" (3/297-301) .
(5) أخرج روايته ابن سعد في "الطبقات" (7/502)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (3/44)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2/233)، والنسائي في "الكبرى" (2774)، والطبراني في "الكبير" (2/281 رقم2173) جميعهم من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، به، لكن رواية البخاري مختصرة، وهي من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، وفيها: « تاسع تسعة » بدل « في سبعة نفر من الأزد أنا ثامنهم » .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2297)، والطبراني في الموضع السابق (2174) .
وأخرجه النسائي أيضًا (2773)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/155)، والطبراني في الموضع السابق (2775) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، به .
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/79)، والطبراني في الموضع السابق (2776) من طريق عبد الله ابن لهيعة، عن يزيد، به أيضًا .
ورواية ابن لهيعة هذه أخرجها النسائي مقرونة برواية الليث بن سعد السابقة ، إلا أنه أبهم اسمه فقال : « أخبرنا الربيع بن سليمان؛ قال: حدثنا ابن وهب؛ قال: حدثني الليث بن سعد وذكر آخر قبله، عن يزيد بن أبي حبيب » .(1/27)
، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني، عن حذيفة الأزدي، عن جنادة بن أمية الأزدي قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعة نفر من الأزد أنا ثامنهم؛ يوم الجمعة ونحن صيام، فدعانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطعام بين يديه، فقلنا: إنا صيام، فقال: )) هل صمتم أمس؟ (( قال: قلنا: لا، قال: )) فهل تصومون غدًا؟ (( قلنا: لا، قال: )) أفطروا ((، فأفطرنا، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجمعة، فلما جلس على المنبر دعا بإناء فيه ماء، فشرب والناس ينظرون؛ ليعلمهم أنه لا يصوم يوم الجمعة .
وسنده ضعيف، فحذيفة البارقي _ ويقال: الأزدي _: مقبول كما قال الحافظ ابن حجر(1)، وقال الذهبي(2): مجهول .
*****
4) حديث عائشة رضي الله عنها
رواه الترمذي(3)، فقال: حدثنا محمود بن غيلان؛ حدثنا أبو أحمد(4) ومعاوية بن هشام؛ قالا: حدثنا سفيان(5)، عن منصور بن المعتمر، عن خيثمة، عن عائشة؛ قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس » .
قال الترمذي: « هذا حديث حسن، وروى عبد الرحمن بن مهدي هذا الحديث عن سفيان ولم يرفعه » .
وهذه الرواية التي أشار إليها الترمذي أخرجها ابن جرير الطبري(6)، فقال: حدثنا ابن بشار؛ حدثنا عبد الرحمن؛ حدثنا سفيان، عن منصور، عن خيثمة؛ قال: « كانت عائشة تصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس » .
__________
(1) في "التقريب" (1155و1157) .
(2) في "الميزان" (1/467رقم1763) .
(3) في "جامعه" (746)، وفي "الشمائل" (289) .
(4) هو: محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي، أبو أحمد الزبيري .
(5) هو: الثوري .
(6) في "تهذيب الآثار" (2/860رقم1220) .(1/28)
والحديث بروايتيه _ الموقوفة والمرفوعة _ من رواية خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سَبْرَة الْجُعْفي عن عائشة، وهو لم يسمع منها كما قال أبو داود(1) .
ووجه الدلالة من الرواية المرفوعة _ لو صحّت _ ظاهر، وكذا الرواية الموقوفة، فعائشة رضي الله عنها عاشت في بيت النبوة، فلو كانت تعلم أن صوم يوم السبت في النفل محرّم، ما كانت تصومه .
*****
5) حديث أم سلمة رضي الله عنها
يرويه عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن محمد بن عمرو بن علي؛ قال : حدثني أبي، عن كريب؛ قال : أرسلني ابن عباس وناسٌ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أم سلمة: أي الأيام كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثرها صيامًا؟ قالت: يوم السبت والأحد، فأنكروا عليّ، وظنوا أني لم أحفظ، فردّوني، فقالت مثل ذلك، فأخبرتهم، فقاموا بأجمعهم فقالوا: إنا أرسلنا إليك في كذا وكذا، فزعم هذا أنك قلت كذا وكذا! قالت: صدق، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول: )) إنهما يوما عيدٍ للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم ((.
رواه هكذا عن ابن المبارك: حبان بن موسى(2)، وعتاب بن زيد(3)، وسلمة بن سليمان(4)، ونعيم بن حماد ومعاذ بن أسد(5)، وعبد الله بن عثمان عبدان(6) .
__________
(1) في "سننه" عقب الحديث رقم (2128) ، وهذا إنما جاء في بعض نسخ أبي داود كما بيّن ذلك محمد عوامة في تحقيقه لـ"سنن أبي داود" (3/40) .
(2) أخرج روايته النسائي في "الكبرى" (2789)، وابن حبان في "صحيحه" (3646) .
(3) أخرج روايته الإمام أحمد في "المسند" (6/324 رقم26750) .
(4) أخرج روايته ابن خزيمة في "صحيحه" (2167)، ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (3616) .
(5) أخرج روايتهما الطبراني في "المعجم الكبير" (23/283و402 رقم616و964) .
(6) أخرج روايته الحاكم في "المستدرك" (1/436)، ومن طريقه البيهقي في "سننه" (4/303) .(1/29)
ورواه بقيّة بن الوليد، عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن كريب: أن ابن عباس بعث إلى أم سلمة وإلى عائشة يسألهما: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يصوم من الأيام ؟ فقالتا: ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صومه يوم السبت والأحد، ويقول: )) هما عيدان لأهل الكتاب، فنحن نحب أن نخالفهم (( .
رواه هكذا كثير بن عبيد الحمصي(1)، وأبو تقي هشام بن عبد الملك(2)، عن بقيّة، واللفظ لكثير، ونحوه لفظ أبي تقي .
ورواه محمد بن عمرو بن حنان(3) فقال: نا بقية بن الوليد؛ قال: حدثني عبدالله بن المبارك؛ قال: حدثني عبد الملك بن محمد، عن أ بيه، عن كريب مولى ابن عبَّاس، عن أم سلمة، به هكذا عن أم سلمة وحدها، وتسمية شيخ ابن المبارك: عبد الملك بدل عبد الله .
قال الطبراني: « لا يروى هذا الحديث عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقيّة » .
وهذه رواية شاذّة بلا شك، والمخالفة إما من محمد بن عمرو بن حنان، أو من شيخ الطبراني علي بن سعيد الرازي المعروف بـ « عَلِيَّك »، فإنه مُتَكَلّمٌ فيه؛ فقد ذكر حمزة السهمي(4) أنه سأل الدارقطني عنه؟ فقال: « قد حدّث بأحاديث لم يتابع عليها »، ثم قال: « في نفسي منه، وقد تكلم فيه أصحابنا بمصر »، وأشار بيده وقال: « هو كذا وكذا »، كأنه ليس هو بثقة .اهـ . وقال مسلمة بن القاسم: «كان ثقة عالِمًا بالحديث»(5) .
__________
(1) روايته أخرجها النسائي في"السنن الكبرى" ( 2788 ) .
(2) روايته أخرجها ابن شاهين في"الناسخ والمنسوخ" ( 399 ) .
(3) أخرج روايته الطبراني في "الأوسط" (3857 ) من طريق شيخه علي بن سعيد الرازي، عن محمد بن عمرو، به .
(4) في "سؤالاته للدارقطني" (348 ) .
(5) كما في "لسان الميزان" ( 4/231رقم615) .(1/30)
وقد صحح هذا الحديث _ كما تقدّم _ ابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم، وسنده حسن؛ رجاله ثقات معروفون، عدا عبد الله بن محمد بن عمر وأباه .
أما الأب: فهو محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، أبو عبد الله الهاشمي . ذكر البرقاني(1) أنه سأل الدارقطني عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده علي؟ فقال الدارقطني: « كلهم ثقات » . وقال الذهبي(2): « أحد الأشراف بالمدينة ...، وعاش إلى دولة السّفّاح ، وهو ابن عم زين العابدين علي بن الحسين ، وكان يشبه بجده الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، ما علمت به بأسًا، ولا رأيت لهم فيه كلامًا، وقد روى له أصحاب السنن الأربعة، فما استُنْكر له حديث .... »، ثم ذكر له حديث الفضل بن عباس: زار النبي - صلى الله عليه وسلم - عباسًا في باديةٍ لنا، ولنا كُلَيبة وحمارة ....، الحديث، ثم قال الذهبي: « أخرجه النسائي، وأورده عبد الحق في أحكامه الوسطى، وقال : إسناده ضعيف، وقال ابن القطان: هو كما ذَكَر ضعيف، فلا يعرف حال محمد بن عمر، ثم ذكر له بعد ذلك حديثه عن كريب، عن أم سلمة: يصوم السبت والأحد ، ويقول: هما عيدان للمشركين ، فأحب أن أخالفهما . أخرجه النسائي . قال ابن القطان: فأرى حديثه حسنًا؛ يعني لا يبلغ الصحة ».اهـ.
وقال في موضع آخر(3) : « ثقة » .
__________
(1) في "سؤالاته للدارقطني" (85) .
(2) في "الميزان" (3/668رقم8001 ) .
(3) في "الكاشف" ( 5073) .(1/31)
وأما ابنه عبد الله: فقال علي بن المديني: « هو وسط »(1)، وقال ابن سعد(2): « كان يلقب: دافن، وقد روى عن أبيه وغيره، وكان قليل الحديث » . وتقدم قول البرقاني(3) إنه سأل الدارقطني عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده علي؟ فقال الدارقطني: « كلهم ثقات » . وذكره ابن خلفون في "الثقات"(4)، وكذا ابن حبان(5)، وقال: « يخطئ ويخالف »، وخرج حديثه في "صحيحه" كما تقدم، وقال الذهبي(6): « عبد الله بن محمد بن عمر ابن علي، والد عيسى، قال ابن المديني: هو وسط، وقال غيره: صالح الحديث » .
وعليه فالذي يظهر أن عبد الله بن محمد بن عمر هذا وسط كما قال ابن المديني، فهو صدوق حسن الحديث . وأما قول الحافظ ابن حجر عنه(7): « مقبول »: فالظاهر أنه تشدد منه في هذا الموضع، وإلا فإنه احتج بهذا الحديث في "فتح الباري"(8)، وذكر تصحيح ابن حبان له ولم يتعقبه، هذا مع أنه نص في "هدي الساري"(9) على أن ما يورده في شرحه من الأحاديث بشرط الصحة أو الحسن، فهذا منها بلا ريب .
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (16/94) .
(2) في "الطبقات" (ص388/المتمم) .
(3) في "سؤالاته للدارقطني" (85) .
(4) كما في "إكمال تهذيب الكمال" لمغلطاي (8/185) .
(5) في "الثقات" (7/1) .
(6) في "الميزان" (2/484رقم4535)، و "المغني في الضعفاء" (1/354 رقم3340) .
(7) في "التقريب" (3595) .
(8) 4/235 ) .
(9) ص4) .(1/32)
وقد حسّن الشيخ الألباني رحمه الله إسناد هذا الحديث في تعليقه على "صحيح ابن خزيمة"(1)، ثم تراجع عن ذلك، فذكره في "الضعيفة"(2)، وحكم عليه بالضعف، وعلّل ذلك بقوله: « لأن محمد بن عمر بن علي ليس بالمشهور، وقد ترجمه ابن أبي حاتم (4/1/18/81)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" على قاعدته! وأورده الذهبي في "الميزان" ... »، ثم نقل الشيخ الألباني كلام الذهبي السابق، ثم قال: « فأنت ترى أن ابن القطان تناقض في ابن عمر هذا، فمرّة يحسن حديثه، ومرّة يضعِّفه، وهذا الذي يميل القلب إليه؛ لجهالته، لاسيّما وحديثه هذا مخالف بظاهره لحديث صحيح ... »، ثم ذكر حديث عبد الله بن بسر، ثم قال: « وفيه علّة أخرى؛ وهي: أن عبد الله بن محمد بن عمر حاله نحو حال أبيه،لم يوثقه غير ابن حبان، وقال ابن المديني: وسط، وقال الحافظ: مقبول؛ يعني عند المتابعة، وإلاّ فليِّن الحديث؛ كما نصّ عليه في المقدمة، ولم يتابع في هذا الحديث، فهو ليِّن . ولم أكن تنبّهت لهذه العلّة في تعليقي على "صحيح ابن خزيمة"، فحسّنتُ ثمّةَ إسناده، والصواب ما اعتمدته هنا، والله أعلم » .اهـ .
فظهر بهذا أن الشيخ رحمه الله لم يطلع على توثيق الدارقطني وابن خلفون لعبد الله بن محمد هذا، ولا على توثيق الدارقطني لأبيه، والدافع له للتراجع عن تحسينه: مخالفته لحديث عبد الله بن بسر، وبكل حال فالحديث صححه ابن خزيمة، والحاكم، وابن حبان، وأقرّه ابن حجر، وحسّنه ابن القطان كما سبق، والله أعلم .
ودلالة الحديث على جواز صيام يوم السبت في النفل واضحة من منطوقه، وقد استدل الأثرم به على الجواز(3)، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية(4)، وتلميذه ابن القيم(5) .
__________
(1) في تعليقه على الحديث رقم (2167) .
(2) برقم (1099) .
(3) كما في "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/73) .
(4) في الموضع السابق .
(5) في"تهذيب السنن" (3/297-301) .(1/33)
*****
6) حديث بشير بن الخصاصية - رضي الله عنه -
قال عباس الدوري(1): سمعت يحيى(2) يقول: « عبيد الله بن إياد بن لَقيط: ثقة، وكان عريف قومه » .
ثم قال عباس(3) : حدثنا أبو أحمد الزُّبَيري محمد بن عبد الله الأسدي؛ قال: حدثنا عبيدالله بن إياد بن لَقيط، عن أبيه إياد بن لقيط، عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية _ وكان اسمه في الجاهلية زحمًا، فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم -: بشيرًا _ قالت: سمعت بشيرًا يقول: إنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الجمعة، وأن لا يكلم أحدًا، فقال: )) لا تصم يوم الجمعة، إلا أن تكون صُمْتَ قبله يومًا، أو تريد أن تصوم بعده يومًا، ولأن تكلّم فتأمر بالمعروف وتنهى عن منكر خير من أن تسكت (( .
كذا رواه عباس عن أبي أحمد الزبيري !
وأخرجه البيهقي(4) من طريق شيخه أبي عبد الله الحاكم؛ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب؛ ثنا العباس بن محمد ويحيى بن أبي طالب فرّقهما؛ قالا: ثنا أبو أحمد الزبيري ...، فذكره بنحوه، غير أنه قال: فقال له: )) لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام كنت تصومها، أو في شهر (( .
وهذه الرواية أصحّ؛ لأن الحديث رواه أبو الوليد الطيالسي(5)، وعفان بن مسلم(6)، وأبو نعيم الفضل بن دُكَين(7)، وعاصم بن علي(8)، جميعهم عن عبيد الله بن إياد، به كرواية البيهقي .
الفصل الثاني: في ذكر الأحاديث التي تدل بمفهومها على إباحة صوم السبت في غير الفريضة:
__________
(1) في "تاريخه" (1597) .
(2) يعني: ابن معين .
(3) في الموضع السابق (1598) .
(4) في "السنن" (10/75) .
(5) روايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (5/224)، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/44رقم1231و1232).
(6) روايته أخرجها الإمام أحمد في الموضع السابق، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3426) .
(7) روايته أخرجها عبد بن حميد في "مسنده" (428و429) .
(8) روايته أخرجها الطبراني في الموضع السابق .(1/34)
وهي أحاديث تدل على فضل الصوم في بعض أيام السنة التي يوافق صومها يوم السبت أحيانًا .
وقد روى مسلم(1)من طريق حسين الجعفي، عن زائدة، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: )) لا تختصوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم (( .
والقول في السبت كالقول في الجمعة؛ بجامع اشتراكهما في النهي .
وهذا الحديث ذهب مسلم إلى تصحيحه، وأعله أبو حاتم وأبو زرعة .
فقد قال عبد الرحمن بن أبي حاتم(2) : وسألتُ أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه
حسين الْجُعْفِي، عن زائدة(3)، عن هشام(4)، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( لاَ تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعةِ بِقيامِ، ولاَ يَوْمَ الْجُمُعةِ بِصِيامٍ )) ؟
فقالا: هذا وَهْمٌ؛ إنما هو: عن ابن سيرين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مرسل، ليس فيه ذكر أبي هريرة، رواه أيوب وهشام وغيرهما كذا مرسل(5).
قلتُ لهما: الوهم ممن هو، من زائدة أو من حسين ؟
فقالا: ما أَخْلَقَهُ أن يكون الوَهْمُ من حسين ! .اهـ .
وفيما يلي ذكر لهذه الأحاديث التي فيها الحث على صيام بعض الأيام التي يدخل فيها السبت أحيانًا، وبيان موضع الشاهد من كل حديث:
1) صيام يوم وإفطار يوم
__________
(1) في "صحيحه" (1144) .
(2) في "العلل"، المسألة رقم (567) .
(3) هو: ابن قدامة .
(4) هو: ابن حسان .
(5) كذا في الأصل، وهو جائز على لغة ربيعة كما تقدم بيانه (ص24) .(1/35)
ورد فيه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: أُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه(1) يقول: لأقومنّ الليل، ولأصومنّ النهار ما عشت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: )) أنت الذي تقول ذلك ؟ (( فقلت له: قد قلته يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: )) فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر ((، قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال: )) صم يومًا وأفطر يومين ((، قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله، قال: )) صم يومًا وأفطر يومًا، وذلك صيام داود - عليه السلام -، وهو أعدل الصيام (( ، قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: )) لا أفضل من ذلك (( . قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: لأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أحبّ إليّ من أهلي ومالي(2) .
وعن أبي قتادة - رضي الله عنه -: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كيف من يصوم يومًا ويفطر يومًا ؟ قال: )) ذاك صوم داود - عليه السلام - (((3) .
والشاهد منه: أن هذا الصوم لابد أن يوافق يوم السبت أسبوعًا بعد أسبوع كما هو معلوم، ولم يستثن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو هذا اليوم وهو يعلم أنه سيتكرر كثيرًا، ولم ينقل عن عبد الله بن عمرو أنه كان يتّقي صومه، فدل هذا على أن صومه في مثل هذه الحال غير منهيٍّ عنه؛ كما هو الحال في يوم الجمعة، والله أعلم .
*****
2) صيام شهر محرم
__________
(1) يعني: عبد الله بن عمرو .
(2) أخرجه البخاري في "صحيحه" ( 1131 و1974_1980 و3419_3420 و5052 و6277 ) ، ومسلم
(1159) ، واللفظ له .
(3) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1162) .(1/36)
ورد فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: )) أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل (((1) .
والشاهد منه: دخول يوم السبت في هذا الصيام كما تدخل الجمعة، وصوم الجمعة جائز إذا وافق صيامًا يعتاده الشخص؛ بدلالة حديث أبي هريرة المتقدم، فكذلك صوم يوم السبت، وقد استدل الأثرم به على الجواز، فقال(2): « ومنها: أنه أمر بصوم المحرم, وفيه يوم السبت »، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية(3)، وتلميذه ابن القيم(4) .
*****
3) صيام يوم عاشوراء
ورد فيه حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: )) صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله (((5) .
والشاهد منه: أن عاشوراء قد يوافق يوم السبت، كما قد توافقه الجمعة، وصوم الجمعة جائز إذا وافق صيامًا يعتاده الشخص؛ بدلالة حديث أبي هريرة المتقدم، فكذلك صوم يوم السبت، وقد استدل الأثرم بهذا الحديث على الجواز، فقال(6): « ومن ذلك الأحاديث الكثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صوم عاشوراء، وقد يكون يوم السبت » .
4) صيام يوم عرفة
ورد فيه حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: )) صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده (((7) .
__________
(1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1163) .
(2) استدل به في "الناسخ والمنسوخ" (ص201) ، لكن اللفظ المذكور نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء
الصراط المستقيم"(2/75) .
(3) في الموضع السابق .
(4) في"تهذيب السنن" (3/297-301) .
(5) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1162) .
(6) في "الناسخ والمنسوخ" (ص202) .
(7) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1162) .(1/37)
والشاهد منه: أن يوم عرفة قد يوافق يوم السبت، كما قد توافقه الجمعة، وصوم الجمعة جائز إذا وافق صيامًا يعتاده الشخص؛ بدلالة حديث أبي هريرة المتقدم، فكذلك صوم يوم السبت، وقد استدل الأثرم بهذا الحديث على الجواز، فقال(1): « ومن ذلك: الترغيب في صوم يوم عرفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا، وقد يكون يوم السبت » .
*****
5) صيام ست من شوال
ورد فيه حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: )) من صام رمضان، ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر (((2) .
والشاهد منه: أن هذه الأيام الستة قد يدخل فيها يوم السبت كما تدخل الجمعة، وصوم الجمعة جائز إذا وافق صيامًا يعتاده الشخص؛ بدلالة حديث أبي هريرة المتقدم، فكذلك صوم يوم السبت، وقد استدل الأثرم بهذا الحديث على جواز صيام يوم السبت في غير الفريضة، فقال(3): وقال(4): « من صام رمضان, وأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ من شوَّال؛ كان كصيام الدهر »، وقد يكون السبت فيها . اهـ، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية(5)، وتلميذه ابن القيم(6) .
*****
6) صيام شهر شعبان
ورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرًا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول: )) خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا (((7) .
__________
(1) في "الناسخ والمنسوخ" (ص203) .
(2) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1164) .
(3) استدل به في "الناسخ والمنسوخ" (ص202) ، لكن اللفظ المذكور نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء
الصراط المستقيم"(2/75) .
(4) يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - .
(5) في الموضع السابق .
(6) في"تهذيب السنن" (3/297-301) .
(7) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1970)، ومسلم (1156) .(1/38)
وفي لفظ عنها رضي الله عنها قالت: « كان يصوم حتى نقول: قد صام، ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم أره صائمًا من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً »(1) .
وفي لفظ آخر قالت: « كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان »(2) .
وقد جمع أهل العلم بين هذه الروايات بما حاصله(3): أنه جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقول: صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليلته أجمع، ولعله قد تعشّى واشتغل ببعض أمره .
والشاهد منه: دخول يوم السبت في هذا الصيام كما تدخل الجمعة، وصوم الجمعة جائز إذا وافق صيامًا يعتاده الشخص؛ بدلالة حديث أبي هريرة المتقدم، فكذلك صوم يوم السبت، وقد استدل به الأثرم على جواز صوم هذا اليوم في غير الفريضة، فقال(4): «ومنها: أنه كان يصوم شعبان كلَّه، وفيه يوم السبت »، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية(5)، وتلميذه ابن القيم(6) .
*****
7) صيام سَرَرِ الشهر
ورد فيه حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه سأله _ أو سأل رجلاً وعمران يسمع _ فقال: )) يا أبا فلان، أما صمت سَرَر هذا الشهر ؟ (( قال الرجل: لا يا رسول الله، قال: )) فإذا أفطرت فصم يومين (((7) .
__________
(1) أخرجه مسلم في الموضع السابق .
(2) أخرجه البخاري (1969)، ومسلم في الموضع السابق .
(3) كما في "فتح الباري" (4/214) .
(4) استدل به في "الناسخ والمنسوخ" (ص201_202) ، لكن اللفظ المذكور نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في
"اقتضاء الصراط المستقيم"(2/75) .
(5) في الموضع السابق .
(6) في "تهذيب السنن" (3/297-301) .
(7) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1983 )، ومسلم (1161) .(1/39)
قال الحافظ ابن حجر(1) : «والسَّرَرُ» _ بفتح السين المهملة ، ويجوز كسرها ، وضمُّها _: جمع سُرَّة، ويقال أيضًا: «سَِرار» _ بفتح أوّله، وكسره، ورجح الفرّاء الفتح _، وهو من الاسْتِسْرار .
قال أبو عبيد والجمهور: المراد بالسَّرَر هنا: آخر الشهر، سُمِّيَتْ بذلك لاسْتِسْرار القمر فيها، وهي ليلة ثمان وعشرين، وتسع وعشرين، وثلاثين . اهـ .
وهناك من ذهب إلى أن «سَرَرَ الشهر»: وسطه، وهي أيام البيض، وهناك من قال أول الشهر(2) .
والشاهد منه: دخول يوم السبت في هذا الصيام كما تدخل الجمعة، وصوم الجمعة جائز إذا وافق صيامًا يعتاده الشخص؛ بدلالة حديث أبي هريرة المتقدم، فكذلك صوم يوم السبت، والله أعلم .
*****
8) صيام غُرَّةِ الشهر
ورد فيه حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم ثلاثة أيام من غُرَّةِ كل شهر، وقلّما يفطر يوم الجمعة(3)
__________
(1) في "فتح الباري" (4/231_232) .
(2) والراجح : أنها آخر الشهر ، و تجد تفصيل هذه الأقوال ومناقشتها في بحثي الآخر: "حديث صيام ثلاثة أيام من كل شهر رواية ودراية"، وهو في طريقه للنشر إن شاء الله .
(3) أخرجه الطيالسي في "مسنده" (357 و358) ، وابن أبي شيبة في "المسند" (349) ، وفي"المصنف" (9261)،
والإمام أحمد في "المسند" (1/406 رقم3860) ، وأبو داود في "سننه" (2450) ، والترمذي في "جامعه" (742)،
و"الشمائل" (286)، وابن ماجه في "سننه" (1725) ، والنسائي في "المجتبى" (2368) ، وفي"الكبرى" (2758) ،
والبزار (1818)، وأبو يعلى (5305)، وابن خزيمة في "صحيحه" (2129)، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار"
(1223و1224و1225/مسند علي)، والشاشي في "مسنده" (637)، وتمام في "فوائده" (522)، وابن حبان في
"صحيحه" (3641و3645)، والبيهقي في "سننه" (4/294)، جميعهم من طريق عاصم بن أبي النَّجود، عن زرّ بن
حُبَيْش، عن عبد الله بن مسعود، به، وبعضهم فرّقه، وبعضهم روى بعضه .
وسنده حسن، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال الترمذي : « حديث حسن غريب ... ، وروى شعبة
عن عاصم هذا الحديث ولم يرفعه »، وقال الدارقطني في "العلل" (704) : « ورفعه صحيح » .(1/40)
.
وغُرَّة الشهر: أوّله(1) .
والشاهد منه كسابقه .
9) أحاديث صيام ثلاثة أيام من كل شهر
ورد الحث على صوم ثلاثة أيام من كل شهر من حديث أبي هريرة، وأبي الدرداء، وأبي قتادة، وعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم - .
أما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: فلفظه: « أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاثٍ لا أدعهن حتى أموت: صومِ ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاةِ الضحى، ونومٍ على وِترٍ »(2) .
وأما حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -: فلفظه: « أوصاني حبيبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر »(3) .
وأما حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -: فلفظه يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: )) ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله (((4) .
وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: فيقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: )) وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر (((5)، وتقدم الحديث بتمامه في ذكر صوم يوم وإفطار يوم .
وكما أنه - صلى الله عليه وسلم - حثّ على صوم ثلاثة أيام من كل شهر بقوله، فقد حثّ عليها - صلى الله عليه وسلم - بفعله .
ففي الحديث الذي أخرجه مسلم(6) عن معاذة العدوية: أنها سألت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قالت: « نعم »، فقلت لها: من أي أيام الشهر كان يصوم ؟ قالت: «لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم » .
__________
(1) كما في "تهذيب الآثار" للطبري (2/862)، و"لسان العرب" (5/15) .
(2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1178و1981)، ومسلم (721) .
(3) أخرجه مسلم في "صحيحه" (722) .
(4) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1162) .
(5) أخرجه البخاري في "صحيحه" (3418)، ومسلم (1159) .
(6) في "صحيحه" (1160) .(1/41)
والسنة أن تكون هذه الأيامُ الثلاثة أيامَ البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة؛ لمجيء بعض الأحاديث الدّالّة على ذلك(1)، وهذا الذي ذهب إليه البخاري، فإنه حين أخرج حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدّم؛ بوّب عليه بقوله: « باب صيام أيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة » .
وتقدم في حديث عائشة رضي الله عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصومها، ولم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم، وورد في بعض الأحاديث (2) أنه - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام: الاثنين والخميس، والاثنين من الجمعة الأخرى، وفي بعضها الآخر جعلها غرّة كل شهر، وقد جمع بينها الحافظ ابن حجر(3): بأن الذي أمر به - صلى الله عليه وسلم - وحث عليه ووصّى به _ يعني: البيض _ أولى من غيره، وأما هو فلعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك، أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز، وكل ذلك في حقه أفضل . اهـ .
والشاهد من الحديث: دخول يوم السبت في هذا الصيام كما تدخل الجمعة، وصوم الجمعة جائز إذا وافق صيامًا يعتاده الشخص؛ بدلالة حديث أبي هريرة المتقدم، فكذلك صوم يوم السبت، وهذا الذي جعل الأثرم يستدل به على جواز صيام يوم السبت، حيث قال(4): « وأمر بصيام البيض, وقد يكون فيها السبت »، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية(5)، وتلميذه ابن القيم(6) .
*****
10) حديث بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) وتجدها والتفصيل فيها في بحثي الآخر: "حديث صيام ثلاثة أيام من كل شهر رواية ودراية" .
(2) تجدها والتفصيل فيها في بحثي المذكور في التعليق السابق .
(3) في "فتح الباري" (4/226_227) .
(4) استدل به في "الناسخ والمنسوخ" (ص203) ، لكن اللفظ المذكور نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم"(2/75) .
(5) في الموضع السابق .
(6) في "تهذيب السنن" (3/297-301) .(1/42)
قال الإمام أحمد(1):حدثنا عفان(2)؛ حدثنا أبو عوانة(3)؛ حدثنا الْحُرّ بن الصَّيّاح، عن هُنَيدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قالت: « كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول إثنين من الشهر، وخميسين » .
وهنيدة بن خالد الخزاعي وامرأته مجهولة حالهما، وقيل إن لهما صحبة، وليس هناك ما يدل على صحبتهما، وقد قال العلائي(4): « هنيدة بن خالد الخزاعي: ذكره الصغاني فيمن اختلف في صحبته، ولا وجه لذلك؛ لأنه تابعي يروي عن علي وعائشة رضي الله عنهما »، ووافقه ولي الدين أبو زرعة ابن الحافظ العراقي(5) .
ومع هذا ففي الحديث اختلاف على الحرّ بن الصياح، وقد أوضحته، وناقشت علله وفقهه في بحثي الآخر: "حديث صوم ثلاثة أيام من كل شهر رواية ودراية"، وذكرت هناك أن أبا حاتم وأبا زرعة رحمهما الله تعالى رجّحا رواية من رواه عن الحر بن الصياح، عن هنيدة بن خالد، عن امرأته، عن أم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الترجيح يتلاقى مع رواية الإمام أحمد التي ذكرتها هنا، والخلاف إنما هو في تسمية زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) في "المسند" (5/271 رقم 22334)، و (6/288و423 رقم26468و 27376) . وأخرجه أبو داود (2437)، والنسائي (2372و2417و2418)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/76)، والبيهقي في "السنن" (4/284)، و"فضائل الأوقات" (175) .
(2) هو: ابن مسلم .
(3) هو : وضّاح بن عبد الله اليشكري .
(4) في "جامع التحصيل" (ص295رقم852) .
(5) في "تحفة التحصيل" (ص334)، وانظر "الثقات" لابن حبان (3/438)، و(5/515)، و"التقريب" (8812) .(1/43)
والشاهد من الحديث: دخول يوم السبت في صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - لتسع ذي الحجة حتمًا، ولو كان حرامًا لما فعله - صلى الله عليه وسلم -، فهو أبعد الناس عن الإثم، وأتقاهم وأخشاهم لله، بأبي وأمي هو - صلى الله عليه وسلم - .
وقد صحح الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله هذا الحديث(1)، فيلزمه الأخذ بمدلوله، والله أعلم .
الباب الرابع: في ذكر أقوال العلماء في حكم صوم يوم السبت
يدل حديث عبد الله بن بسر بظاهره على تحريم صوم يوم السبت في غير الفريضة، وعارضه أحاديث تدل على جواز صومه في غير الفريضة، ودلالة بعضها دلالة منطوق _ كما سبق _، ولهذا السبب اختلفت أقوال العلماء في حكم صوم يوم السبت في غير الفريضة(2)، ووجدت أقوالهم محصورة في ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: مذهب من قال بجواز صوم يوم السبت في النفل، سواء كان مفردًا أَوْ لا _ ومنهم من ذهب إلى استحباب صومه _؛ لعلّة مخالفة اليهود، ولمجيء بعض الأحاديث الدالّة على صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - له .
وواضح أن هذا مذهب الأئمة الذين أعلّوا الحديث _ كما سبق _، وهم: ابن شهاب الزهري ، والأوزاعي ، والإمام مالك ، ويحيى بن سعيد القطّان ، والإمام أحمد _ فيما يظهر _، وأبو داود، والأثرم .
__________
(1) في "صحيح سنن أبي داود"(2/462رقم2119)، و"صحيح سنن النسائي" (2/499رقم2236) .
(2) قال ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/604) : « وأما يوم السبت : فالسبب في اختلافهم فيه : اختلافهم في
تصحيح ما روي من أنه عليه الصلاة والسلام قال: (( لا تصوموا يوم السبت ، إلا فيما افترض عليكم )) . خرجه
أبو داود . قالوا: والحديث منسوخ؛ نسخه حديث جويرية بنت الحارث : أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها
يوم الجمعة وهي صائمة، فقال : (( صمت أمس ؟ )) فقالت : لا، فقال : (( تريدين أن تصومي غدًا ؟ )) قالت : لا،
قال: (( فأفطري )) . اهـ .(1/44)
وإليه ذهب أبو حنيفة أيضًا فيما حكاه ابن الجوزي؛ حين قال(1): « يكره إفراد الجمعة و السبت بالصيام، إلا أن يوافق عادة، وقال أبو حنيفة ومالك: لا يكره » .
وممن ذهب إلى هذا من أهل العلم أيضًا: أبو جعفر الطحاوي؛ وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والحافظ ابن حجر، وهو ظاهر صنيع الآجري .
أما الطحاوي: فإنه ذكر الحديث، ثم قال(2): « فذهب قوم إلى هذا الحديث، فكرهوا صوم يوم السبت تطوعًا، وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بصومه بأسًا، وكان من الحجة عليهم في ذلك: أنه قد جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن صوم يوم الجمعة، إلا أن يصام قبله يوم، أو بعده يوم، وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم من كتابنا هذا، فاليوم الذي بعده هو يوم السبت .
ففي هذه الآثار المروية في هذا: إباحة صوم يوم السبت تطوعًا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها .
وقد أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صوم عاشوراء، وحضّ عليه، ولم يقل: إن كان يوم السبت فلا تصوموه، ففي ذلك دليل على دخول كل الأيام فيه .
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( أحب الصيام إلى الله - عز وجل - صيام داود - عليه السلام -؛ كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ))، وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى، ففي ذلك أيضًا التسوية بين يوم السبت وبين سائر الأيام، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا بصيام أيام البيض ... ، وقد يدخل السبت في هذه كما يدخل فيها غيره من سائر الأيام، ففيها أيضًا إباحة صوم يوم السبت تطوعًا، ولقد أنكر الزهرى حديث الصّمّاء في كراهة صوم يوم السبت ولم يعدّه من حديث أهل العلم بعد معرفته به ... .
__________
(1) في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (2/104) .
(2) في " شرح معاني الآثار" (2/80_81) .(1/45)
وقد يجوز عندنا _ والله أعلم أن يكون ثابتًا _: أن يكون إنما نهى عن صومه لئلاّ يُعَظّم، بذلك فيمسك عن الطعام والشراب والجماع فيه كما يفعل اليهود، فأما من صامه لا لإرادته تعظيمه، ولا لما تريد اليهود بتركها السعي فيه، فان ذلك غير مكروه » . اهـ كلام الطحاوي رحمه الله .
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية: فإنه قال(1): « ولا يكره إفراد يوم السبت بالصوم، ولا يجوز تخصيص صوم أعياد المشركين، ولا صوم يوم الجمعة، ولا قيام ليلتها » .
وأطال الكلام عن هذه المسألة في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم"(2) فقال: فأما صوم أيام أعياد الكفار مُفْرَدَةً بالصوم؛ كصوم يوم النَّيْروز والْمَهْرَجان - وهما يومان يعظِّمهما الفرس -: فقد اختلف فيها؛ لأجل أن المخالفة تحصل بالصوم, أو بترك تخصيصه بعمل أصلاً.
فنذكر صوم يوم السبت أولاً:
وذلك أنه روى ثَوْر بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر السُّلَمي، عن أخته الصَّمَّاء: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: )) لا تصوموا يوم السبت, إلا فيما افتُرِض عليكم, وإن لم يجد أحدُكم إلا لِحَاءَ عِنَبٍ, أو عودَ شَجرة ((، وفي لفظ: )) إلا عود عِنَبٍ, أو لِحَاء شجرة, فليَمْضَغْه (( . رواه أهل "السنن" الأربعة, وقال الترمذي: « حديث حسن » . وقد رواه النسائي من وجوه أخرى عن خالد، عن عبد الله(3) بن بُسْر . ورواه أيضًا عن الصَّمَّاء, عن عائشة . وقد اختلف الأصحاب وسائر العلماء فيه ... اهـ .
ثم ذكر كلام الأثرم المتقدم، ونَقْلَه عن الإمام أحمد، واستدلاله ببعض الأحاديث المعارضة، ثم قال:
__________
(1) في " الفتاوى الكبرى" (4/462) .
(2) 2/71-79) .
(3) وقع في "الاقتضاء": « عن خالد وعبد الله » .(1/46)
« ولا يقال : يحمل النهي على إفراده(1)؛ لأن لفظه: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ((، والاستثناء دليلُ التَّناوُل، وهذا يقتضي أن الحديث عَمّ صومه على كل وجه, وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض لِيُسْتَثنى، فإنه لا إفراد فيه, فاستثناؤه دليل على دخول غيره, بخلاف يوم الجمعة, فإنه بَيَّنَ أنه إنما نهى عن إفراده(2) .
وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذًّا غير محفوظ, وإما منسوخًا, وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صَحِبوه؛ كالأثْرَم وأبي داود ... » . اهـ .
ثم ذكر ما تقدم سرده من حكم أبي داود على الحديث، وقول ابن شهاب الزهري، والأوزاعي، والإمام مالك .
__________
(1) يعني: إفراد يوم السبت بالصوم .
(2) بيّن ابن القيّم في "تهذيب السنن" (3/297-301) هذا المعنى الذي أشار إليه شيخ الإسلام بقوله: « يعني: أن يقال: يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما إذا صامه مع غيره، وحديث النهي على صومه وحده، وعلى هذا تتفق النصوص . وهذه طريقة جيدة، لولا أن قوله في الحديث: (( لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم )) دليل على المنع من صومه في غير الفرد مفردًا أو مضافًا؛ لأن الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض، ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال: لا تصوموا يوم السبت، إلا أن تصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده؛ كما قال في الجمعة، فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية؛ عُلِمَ تناول النهي لما قابلها . وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها؛ كقوله في يوم الجمعة: (( إلا أن تصوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده ))، فدل على أن الحديث غير محفوظ، وأنه شاذ » . اهـ .(1/47)
ثم قال: وأكثر أهل العلم على عدم الكراهة، وأما أكثر أصحابنا(1) ففهموا من كلام أحمد الأخذ بالحديث، وحمله على الإفراد، فإنه سئل عن عين الحكم؛ فأجاب بالحديث، وجوابه بالحديث يقتضي اتباعه، وما ذَكَره عن يحيى(2): إنما هو بيان ما وقع فيه من الشبهة، وهؤلاء يكرهون إفراده بالصوم عملاً بهذا الحديث؛ لجودة إسناده، وذلك موجب للعمل به، وحملوه على الإفراد؛ كصوم يوم الجمعة وشهر رجب(3)
__________
(1) يعني: الحنابلة .
(2) يعني: ابن سعيد القطان .
(3) ذكر ابن القيم في الموضع السابق من "تهذيب السنن" هذا الكلام الذي ذكره شيخ الإسلام مع بعض الاختلاف، فقال _ بعد أن ذكر من ذهب من أصحاب أحمد إلى إعلال الحديث؛ كأبي داود _: « وقالت طائفة _ وهم أكثر أصحاب أحمد _: محكم، وأخذوا به في كراهية إفراده بالصوم، وأخذوا بسائر الأحاديث في صومه مع ما يليه . قالوا : وجواب أحمد يدل على هذا التفصيل؛ فإنه سئل في رواية الأثْرَم عنه، فأجاب بالحديث، وقاعدة مذهبه: أنه إذا سئل عن حكم، فأجاب فيه بنص، يدل على أن جوابه بالنص دليل على أنه قائل به؛ لأنه ذكره في معرض الجواب، فهو متضمن للجواب والاستدلال معًا . قالوا : وأما ما ذكره عن يحيى بن سعيد: فإنما هو بيان لما وقع من الشبهة في الحديث . قالوا: وإسناده صحيح، ورواته غير مجروحين ولا متهمين، وذلك يوجب العمل به، وسائر الأحاديث ليس فيها ما يعارضه؛ لأنها تدل على صومه مضافًا، فيحمل النهي على صومه مفردًا؛ كما ثبت في يوم الجمعة . ونظير هذا الحكم أيضًا: كراهية إفراد رجب بالصوم، وعدم كراهيته موصولاً بما قبله أو بعده، ونظيره أيضًا: ما حمل الإمام أحمد عليه حديث العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبى هريرة: في النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان؛ أنه النهي عن ابتداء الصوم فيه، وأما صومه مع ما قبله من نصفه الأول، فلا يكره . قالوا: وقد جاء هذا مصرحًا به في صوم يوم السبت ... »، ثم ذكر حديث الصّمّاء الآتي من رواية ابن لهيعة .(1/48)
.
وقد روى أحمد في "المسند"(1) من حديث ابن لهيعة؛ حدثنا موسى بن وردان، عن عبيد الأعرج؛ حدثتني جدتي _ يعني الصَّمَّاء _: أنها دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم السبت وهو يتغدّى، فقال: )) تعالي تغدّي ((، فقالت: إني صائمة، فقال لها: )) أصمت أمس ؟ (( فقالت: لا، قال: )) كلي، فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك (( . وهذا وإن كان إسناده ضعيفًا، لكن يدل عليه سائر الأحاديث .
وعلى هذا فيكون قوله: )) لا تصوموا يوم السبت ((؛ أي: لا تقصدوا صيامه بعينه إلا في الفرض، فإن الرجل يقصد صومه بعينه بحيث لو لم يجب عليه إلا صوم يوم السبت؛ كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلا يوم السبت، فإنه يصومه وحده . وأيضًا: فقصده بعينه في الفرض لا يكره، بخلاف قصده بعينه في النفل، فإنه يكره، ولا تزول الكراهة إلا بضم غيره إليه، أو موافقته عادة، فالمزيل للكراهة في الفرض مجرد كونه فرضًا، لا المقارنة بينه وبين غيره. وأما في النفل؛ فالمزيل للكراهة ضم غيره إليه، أو موافقته عادة، ونحو ذلك .
وقد يقال : الاستثناء أخرج بعض صور الرخصة، وأخرج الباقي بالدليل(2) .
ثم اختلف هؤلاء في تعليل الكراهة :
__________
(1) 6/368 رقم27076و27074)، وتقدم تخريجه والكلام عليه .
(2) من قوله: « قد يقال » إلى هنا ساقه ابن القيم في الموضع السابق من "تهذيب السنن" بلفظ أتم، فقال: « قالوا: وأما قولكم: إن الاستثناء دليل التناول...، إلى آخره: فلا ريب أن الاستثناء أخرج صورة الفرض من عموم النهي، فصورة الاقتران بما قبله أو بما بعده أُخرجت بالدليل الذي تقدم، فكلا الصورتين مُخرج، أما الفرض فبالمخرج المتصل، وأما صومه مضافًا فبالمخرج المنفصل، فبقيت صورة الإفراد، واللفظ متناول لها، ولا مُخرج لها من عمومه، فيتعين حمله عليها » .(1/49)
فعللها ابن عقيل بأنه يوم تُمْسِك فيه اليهود، ويخصّونه بالإمساك _ وهو ترك العمل فيه _، والصائم في مظنة ترك العمل، فيصير صومه تشبهًا بهم، وهذه العلة منتفية في الأحد، وعلله طائفة من الأصحاب: أنه يوم عيد لأهل الكتاب يعظمونه، فقصده بالصوم دون غيره يكون تعظيمًا له، فكره ذلك كما كره إفراد عاشوراء بالتعظيم لَمَّا عظمه أهل الكتاب، وإفراد رجب أيضًا لَمَّا عظمه المشركون . وهذا التعليل يُعارض بيوم الأحد؛ فإنه يوم عيد النصارى؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: )) اليوم لنا، وغدًا لليهود، وبعد غدٍ للنصارى (((1) .
وقد يقال: إذا كان يوم عيد: فمخالفتهم(2) فيه بالصوم لا بالفطر، ويدل على ذلك ما روي عن كريب مولى ابن عباس قال : أرسلني ابن عباس وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أم سلمة أسألها : أي الأيام كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثرها صيامًا ؟ قالت : كان يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام ، ويقول: )) إنهما يوما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم (( . رواه أحمد والنسائي وابن أبي عاصم، وصححه بعض الحفاظ(3) . وهذا نص في استحباب صوم يوم عيدهم؛ لأجل قصد مخالفتهم .
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: « كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر : الثلاثاء والأربعاء والخميس » . رواه الترمذي، وقال: « حديث حسن » . قال : « وقد روى ابن مهدي هذا الحديث عن سفيان ولم يرفعه »(4) .
__________
(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (876و896و3486)، ومسلم (855)، واللفظ له .
(2) وقع في "الاقتضاء": « مخالفتهم » .
(3) تقدم تخريجه والكلام عليه .
(4) تقدم تخريجه والكلام عليه .(1/50)
وهذان الحديثان ليسا بحجة على من كره صوم يوم السبت وحده، وعلل ذلك بأنهم يتركون فيه العمل، والصوم مظنة ذلك، فإنه إذا صام السبت والأحد زال الإفراد المكروه، وحصلت المخالفة بصوم يوم فطرهم . اهـ كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
وذكر محمد بن مفلح المقدسي(1) قول من قال بكراهة إفراد يوم السبت بالصوم، ثم قال: « واختار شيخنا(2) أنه لا يكره، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه الذي فهمه الأثرم من روايته، وأنه لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى، فالحديث شاذ أو منسوخ، وأن هذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه؛ كالأثرم وأبي داود، وأن أكثر أصحابنا فهم من كلام أحمد الأخذ بالحديث . ولم يذكر الآجري غير صوم يوم الجمعة، فظاهره: لا يكره غيره » .
وهذا يدل على أن الآجري ممن يذهب إلى هذا القول .
وذكر المرداوي(3) نحو ما ذكره ابن مفلح، فالظاهر أنه أخذه عنه .
وأما ابن القيم: فإنه قال(4): « حديث عبد الله بن بُسْر هذا رواه جماعة عن خالد بن مَعْدان ، عن عبد الله بن بُسْر ، عن أخته الصَّمَّاء . ورواه النسائي عن عبد الله بن بُسْر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه أيضًا عن الصَّمَّاء، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
فهذه ثلاثة أوجه، وقد أشكل هذا الحديث على الناس قديمًا وحديثًا ... »، ثم ذكر نحو الكلام الذي ذكره شيخ الإسلام، والظاهر أنه أخذه عنه .
ثم قال: « وعلله طائفة بأنهم يتركون العمل فيه، والصوم مظنة ذلك، فإنه إذا ضُمّ إليه الأحد زال الإفراد المكروه، وحصلت المخالفة بصوم يوم فطرهم، وزال عنها صورة التعظيم المكروه بعدم التخصيص المؤذن بالتعظيم، فاتفقت بحمد الله الأحاديث وزال عنها الاضطراب والاختلاف، وتبيّن تصديق بعضها بعضًا » . اهـ كلام ابن القيم رحمه الله .
__________
(1) في "الفروع" (3/92) .
(2) يعني: ابن تيمية .
(3) في "الإنصاف" (3/347) .
(4) في "تهذيب السنن" (3/297-301) .(1/51)
وأما الحافظ ابن حجر: فإنه قال(1) _ في معرض ذكره للأمور التي تحصل بها مخالفة أهل الكتاب _: ومنها ما يظهر لي: النهي عن صوم يوم السبت، وقد جاء ذلك من طرق متعددة في النسائي وغيره ، وصرح أبو داود بأنه منسوخ، وناسخه حديث أم سلمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوم السبت والأحد، يتحرّى ذلك ويقول: )) إنهما يوما عيد الكفار، وأنا أحب أن أخالفهم ((، وفي لفظ: « ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صيامه السبت والأحد » . أخرجه أحمد والنسائي، وأشار بقوله: )) يوما عيد (( إلى أن يوم السبت عيد عند اليهود، والأحد عيد عند النصارى، وأيام العيد لا تصام، فخالفهم بصيامها . ويستفاد من هذا: أن الذي قاله بعض الشافعية من كراهة إفراد السبت _ وكذا الأحد _ ليس جيدًا، بل الأولى في المحافظة على ذلك يوم الجمعة؛ كما ورد الحديث الصحيح فيه، وأما السبت والأحد فالأولى أن يصاما معًا وفرادى؛ امتثالاً لعموم الأمر بمخالفة أهل الكتاب . اهـ كلام ابن حجر .
*****
المذهب الثاني : مذهب الذين رأوا صحة الحديث، أو افترضوا ثبوته، وعملوا على التوفيق بينه وبين الأحاديث المعارضة له، ولم يأخذوا بحرفيَّة ظاهره، ولكن حملوا النهي على تخصيص يوم السبت بالصوم لذات السبت، أما إن وافق صيامًا يعتاده الشخص، فلا يشمله النهي، ومنهم من قال بزوال النهي إذا ضَمَّ مع السبت غيره كالجمعة أو الأحد .
ومما يدل على جواز صومه إذا وافق ما يعتاده المرء: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: )) لا تختصوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم (( (2) .
__________
(1) في "فتح الباري" (10/362)، وانظر (4/235و236)كتابه الآخر " الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع" (ص123) .
(2) تقدم تخريجه والكلام عنه (ص37) .(1/52)
وأول من وجدته ذهب إلى هذا القول: الإمام الترمذي، فإنه - عقب إخراجه للحديث في الموضع السابق - قال: « هذا حديث حسن، ومعنى كراهته في هذا: أن يَخُصّ الرجل يوم السبت بصيام؛ لأن اليهود تعظم يوم السبت » .
وجوّز الطحاوي هذا القول على فرض ثبوت الحديث، فقال(1): « وقد يجوز عندنا – والله أعلم إن كان ثابتًا – أن يكون إنما نهى عن صومه لئلاّ يعظّم بذلك، فيمسك عن الطعام والشراب والجماع فيه كما يفعل اليهود . فأما من صامه لا لإرادته تعظيمه، ولا لما تريد اليهود بتركها السعي فيه، فإن ذلك غير مكروه » .
وممن ذهب إلى هذا القول: أبو بكر بن خزيمة، وتلميذه ابن حبان، وابن شاهين، والبيهقي، وابن الملقِّن، وكثير من فقهاء المذاهب الأربعة كما سيأتي .
__________
(1) في "شرح معاني الآثار" (2/80) .(1/53)
أما ابن خزيمة: فإنه بوّب على الحديث(1) بقوله: « باب النهي عن صوم يوم السبت تطوعًا إذا أُفرد بالصوم؛ بذكر خبر مُجْمَلٍ غير مفسَّر, بلفظ عام مراده خاص . وأحسب أن النهي عن صيامه؛ إذ اليهود تعظِّمه، وقد اتخذته عيدًا بدل الجمعة ... »، ثم أخرج الحديث، ثم بوَّب بابًا آخر، فقال: « باب ذكر الدليل على أن النهي عن صوم يوم السبت تطوعًا إذا أُفرِد بصوم، لا إذا صام صائم يومًا قبله أو يومًا بعده . قال أبو بكر(2): في إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن صوم يوم الجمعة - إلا أن يُصام قبله أو بعده يومًا – دلالة على أنه قد أباح صوم يوم السبت إذا صام قبله يوم الجمعة، أو بعده يومًا »، ثم أخرج حديث أبي هريرة المتقدم، وفيه يقول - صلى الله عليه وسلم -: )) الجمعة عيد، فلا تجعلوا يوم الجمعة صيامًا، إلا أن يصام قبله أو بعده ((، ثم قال: « فقد رخّص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صوم يوم السبت إذا صام صائم يوم الجمعة قبله »، ثم قال : « باب الرخصة في [صوم](3) يوم السبت إذا صام يوم الأحد بعده »، ثم ذكر حديث أم سلمة المتقدم في صومه - صلى الله عليه وسلم - السبت والأحد .
وأما ابن حبان: فإنه بوّب على الحديث(4) بقوله: « فصل في صوم يوم السبت . ذكر الزجر عن صوم يوم السبت مفردًا ... »، ثم أخرج هذا الحديث، ثم قال : « ذكر العلّة التي من أجلها نُهي عن صيام يوم السبت، مع البيان بأنه إذا قُرِن بيوم آخر جاز صومه .... »، ثم ذكر حديث أم سلمة الذي أشرت إليه سابقًا .
__________
(1) في "صحيحه" (3/316) .
(2) هو ابن خزيمة .
(3) ما بين المعقوفين سقط من المطبوع من "صحيح ابن خزيمة"، فاستدركته من المخطوط (ق221/ب) .
(4) في "صحيحه" (8/379/الإحسان) .(1/54)
وذكر ابن شاهين(1) هذا الحديث، ثم أردفه بحديث أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما المتقدم في صومه - صلى الله عليه وسلم - السبت والأحد، ثم قال: )) وليس هذا الحديث بخلاف الأول؛ لأن ذلك الحديث نهى عن صوم يوم السبت مفردًا، وهذا مقرون بالأحد (( .
ولما أخرج البيهقي هذا الحديث(2)؛ قال: « وقد مضى في حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها في الباب قبله ما دلّ على جواز صوم يوم السبت، وكأنه أراد بالنهي تخصيصه بالصوم على طريق التعظيم له، والله أعلم » .
وقال ابن الملقِّن(3): « وقول الحاكم إنه معارض لحديث الصّمّاء ليس كذلك، بل يحمل حديث الصماء على إفراده بالصوم، وحديث أم سلمة وحديث جويرية على ما إذا ماصام يومًا قبله أو يومًا بعده، وحديث جويرية صريح في ذلك كما سلف » .
وإلى هذا ذهب كثير من فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم، وفيما يأتي ذكرٌ لأقوالهم .
*****
قول الحنفية:
قال الكاساني(4): « ويكره صوم يوم السبت بانفراده؛ لأنه تشبه باليهود » .
وذكر ابن عابدين(5) ذِكْرَ الحَصْكَفي في "الدر المختار" للأيام التي يكره صومها، فقال:
« قوله: ( وسبت وحده ): للتشبه باليهود، وهذه العلة تفيد كراهة التحريم إلا أن يقال: إنما تثبت بقصد التشبه كما مر نظيره ...، إلا إذا وافق يومًا كان يصومه قبل، كما لو كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو كان يصوم أول الشهر مثلاً، فوافق يومًا من هذه الأيام .
وأفاد قوله: ( وحده ): أنه لو صام معه يومًا آخر، فلا كراهة؛ لأن الكراهة في تخصيصه بالصوم للتشبه .
وهل إذا صام السبت مع الأحد تزول الكراهة ؟ محل تردد؛ لأنه قد يقال: إن كل يوم منهما معظّم عند طائفة من أهل الكتاب، ففي صوم كل واحد منهما تشبه بطائفة منهم .
__________
(1) في "الناسخ" (398) .
(2) في "سننه" (4/302-303) .
(3) في "البدر المنير" (5/762) .
(4) في " بدائع الصنائع" (2/79) .
(5) في "حاشيته" (2/375_376) .(1/55)
وقد يقال: إن صومهما معًا ليس فيه تشبه؛ لأنه لم تتفق طائفة منهم على تعظيمهما معًا، ويظهر لي الثاني؛ بدليل أنه لو صام الأحد مع الاثنين تزول الكراهة؛ لأنه لم يعظم أحد منهم هذين اليومين معًا، وإن عظمت النصارى الأحد، وكذا لو صام مع عاشوراء يومًا قبله أو بعده، مع أن اليهود تعظمه .
ويظهر من هذا أنه لو جاء عاشوراء يوم الأحد أو الجمعة لا يكره صوم السبت معه، وكذا لو كان قبله أو بعده يوم المهرجان أو النيروز؛ لعدم تعمد صومه بخصوصه، والله تعالى أعلم » . اهـ(1) .
*****
قول المالكية:
قال ابن جزي(2): « والمكروه: صوم الدهر، وصوم يوم الجمعة خصوصًا، إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده، وصوم يوم السبت خصوصًا » .
وقال القرافي(3): « قال اللخمي: الأيام المنهي عن صيامها ثمانية: الفطر، والنحر، وأيام منى، وأيام الشك، والجمعة والسبت؛ أن يخص أحدهما بصيام » .
قول الشافعية:
__________
(1) وانظر "تحفة الفقهاء" للسمرقندي (1/343)، و"تحفة الملوك" لابن عبد القادر الرازي (ص150)، و"البحر الرائق" لابن نجيم (2/278)، و"حاشية الطحطاوي" (ص426) .
(2) في "القوانين الفقهية" (ص78) .
(3) في " الذخيرة" (2/497) .(1/56)
قال النووي(1) : يكره إفراد يوم السبت بالصوم، فإن صام قبله أو بعده معه لم يكره، صرح بكراهة إفراده أصحابنا، منهم: الدارمي والبغوي والرافعي وغيرهم؛ لحديث عبد الله ابن بُسر _ بضم الباء الموحّدة، والسين المهملة _، عن أخته الصّمّاء رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: )) لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افتُرِض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لِحاء عِنَبة أو عود شجرة فليمضغه ((، رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي وغيرهم، وقال الترمذي: « هو حديث حسن » . قال: « ومعنى النهي: أن يختصه الرجل بالصيام؛ لأن اليهود يعظمونه » . وقال أبو داود: « هذا الحديث منسوخ »، وليس كما قال . وقال مالك: « هذا الحديث كذب »، وهذا القول لا يُقبل، فقد صححه الأئمة؛ قال الحاكم أبو عبد الله: «هو حديث صحيح على شرط البخاري»، قال: « وله معارض صحيح »، وهو حديث جويرية السابق في صوم يوم الجمعة . قال: «وله معارض آخر بإسناد صحيح» . اهـ .
ثم نقل النووي عن الحاكم استشهاده بحديث أم سلمة(2) المعارض لحديث عبد الله بن بسر، وزاد عليه _ أي: النووي _ حديث عائشة(3)، ثم قال: « والصواب على الجملة: ما قدّمناه عن أصحابنا: أنه يكره إفراد السبت بالصيام إذا لم يوافق عادة له؛ لحديث الصّمّاء، وأما قول أبي داود إنه منسوخ، فغير مقبول، وأي دليل على نسخه ؟ وأما الأحاديث الباقية التي ذكرناها في صيام السبت، فكلها واردة في صومه مع الجمعة والأحد، فلا مخالفة فيها لما قاله أصحابنا من كراهة إفراد السبت، وبذا يُجمع بين الأحاديث » . اهـ .
__________
(1) في "المجموع" (6/451_452)، وانظر "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (8/52)، و"روضة الطالبين" (2/387)، و"منهاج الطالبين" (ص37) .
(2) تقدم تخريجه والكلام عليه .
(3) تقدم تخريجه والكلام عليه أيضًا .(1/57)
وقال الشربيني(1): « ويكره أيضًا إفراد السبت أو الأحد بالصوم؛ لخبر: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ((، رواه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه على شرط الشيخين، ولأن اليهود تعظم يوم السبت، والنصارى يوم الأحد .
وخرج بإفراد كُلٍّ من الثلاثة: جمعه مع غيره، فلا يكره جمع الجمعة مع السبت، ولا السبت مع الأحد؛ لأن المجموع لا يعظِّمه أحد، وحُمِل على هذا: ما روى النسائي: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت والأحد، وكان يقول: )) إنهما يوما عيد للمشركين وأحب أن أخالفهم (( ... » . اهـ .
ثم قال الشربيني: « تنبيه: محل كراهة إفراد ما ذكر إذا لم يوافق عادة له، فإن كان له عادة؛ كأن اعتاد صوم يوم وفطر يوم، فوافق صومه يومًا منها؛ لم يكره، كما في صوم يوم الشكّ، ولخبر مسلم(2): )) لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم ((، وقيس بالجمعة الباقي » .اهـ .(3)
*****
قول الحنابلة:
لم أجد أحدًا من قدماء الحنابلة قال بهذا القول، وأول من وجدته قال به: ابن الجوزي حيث قال(4): « يكره إفراد الجمعة و السبت بالصيام، إلا أن يوافق عادة » .
وقال ابن قدامة(5): « قال أصحابنا: يكره إفراد يوم السبت بالصوم؛ لما روى عبد الله ابن بسر، والمكروه إفراده، فإن صام معه غيره لم يكره؛ لحديث أبي هريرة، وجويرية . وإن
__________
(1) في " مغني المحتاج" (1/447)، وانظر "الإقناع" له أيضًا (1/245) .
(2) تقدم تخريجه .
(3) وانظر "كفاية الأخيار" للحسيني (ص208)، و"فتح الوهاب" (1/215و216) لزكريا الأنصاري، و"نهاية المحتاج" (3/209)، و"غاية البيان شرح زبد ابن رسلان" (ص158) كلاهما للرملي .
(4) في "التحقيق" (2/104) .
(5) في " المغني" (3/52_53)، وانظر "الكافي في فقه الإمام أحمد" (1/363) .(1/58)
وافق صومًا لإنسان لم يكره؛ لما قدمناه »(1) .
*****
واختار هذا القول المناوي، والشوكاني، والشيخ محمد بن عثيمين .
أما المناوي: فذكر حديث عبد الله بن بسر، ثم بيّن رأيه في النهي، فقال(2): « أي: إفراده بالصوم، فيكره تنزيهًا؛ لأن اليهود تعظمه، واتخذته عيدًا، فلو اتخذه المؤمن للصوم، لكان الاتخاذ يشبه الاتخاذ في الجملة، وإن كان العمل متباينًا، فالمجانبة أسلم، وفي أيام الأسبوع سعة ...، ولا يعارضه خبر جويرية: أنه دخل عليها يوم [ الجمعة ](3) وهي صائمة، فقال: )) أصمت أمس ؟ (( قالت: لا، قال: )) فأفطري ((؛ لأن النهي إنما هو عن إفراده، فلو لم تفرده لم يمنعها عن صومه . قال القاضي: ويستثنى ما إذا وافق سنة مؤكدة؛ كأن كان السبت يوم عرفة، أو عاشوراء » . اهـ .
وأما الشوكاني فقال(4): « ويكره صوم الدهر، وإفراد يوم الجمعة ويوم السبت ... . وأما كراهة إفراد يوم السبت بالصوم: فلحديث الصّمّاء بنت بسر _ عند أحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والطبراني والبيهقي وصححه ابن السكن _: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلاعود عنب أو لحاء شجر فليمضغه (( . اهـ .
__________
(1) وانظر "المبدع" لإبراهيم بن مفلح (3/54)، و"منتهى الإرادات" (2/38)، و"كشاف القناع" (2/341)، و"الروض المربع" للبهوتي (3/459)، و"كشف المخدرات" للبعلي (1/285) .
(2) في "فيض القدير" (6/334) .
(3) وقع في المرجع السابق: « السبت »، وهو خطأ ظاهر .
(4) في "الدراري المضية" (2/26و29) .(1/59)
وقال أيضًا(1): « وورد أيضًا النهي عن صوم يوم السبت، كما في حديث عبد الله بن بسر، عن أخته _ واسمها: الصّمّاء _: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب، أو لحاء شجر فليمضغه (( . أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والطبراني والبيهقي، وصححه ابن السكن ...، وقد تقدم جواز صومه مع صوم يوم الجمعة، فيكون النهي مقيدًا بهذا القيد، ويحمل عليه ما روي من صومه - صلى الله عليه وسلم - يوم السبت » . اهـ .(2)
وأما الشيخ محمد بن عثيمين فقال(3): « وأما السبت: فقيل: إنه كالأربعاء والثلاثاء يباح صومه . وقيل:إنه لا يجوز إلا في الفريضة . وقيل: إنه يجوز، لكن بدون إفراد . والصحيح: أنه يجوز بدون إفراد؛ أي: إذا صمت معه الأحد، أو صمت معه الجمعة، فلا بأس . والدليل على ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم - لزوجته: )) أتصومين غدًا ؟ ((؛ أي: السبت . وأما الحديث الذي رواه أبو داود: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر ((؛ يعني: فليأكله: فهذا الحديث مختلف فيه: هل هو صحيح أو ضعيف ؟ وهل هو منسوخ أو غير منسوخ ؟ وهل هو شاذ أو غير شاذ ؟ وهل المراد بذلك إفراده دون جَمْعه إلى الجمعة أو الأحد ؟ وسبق بيان القول الصحيح: أن المكروه إفراده، لكن إن أفرده لسبب فلا كراهة؛ مثل أن يصادف يوم عرفة، أو يوم عاشوراء؛ إذا لم نقل بكراهة إفراد يوم عاشوراء ... . والخلاصة: أن الثلاثاء والأربعاء حكم صومهما الجواز، لا يُسَنّ إفرادهما ولا يكره، والجمعة والسبت والأحد يكره إفرادها، وإفراد الجمعة أشد كراهة؛ لثبوت الأحاديث في النهي عن ذلك بدون نزاع، وأما ضمها إلى ما بعدها فلا بأس » . اهـ .
__________
(1) في "السيل الجرار" (2/149) .
(2) وانظر أيضًا "نيل الأوطار" (4/339_340) .
(3) في "الشرح الممتع" (6/463_464) .(1/60)
وفي هذا المذهب جمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض ، وهي طريقة صحيحة تجب الصيرورة إليها أولاً، إلا أن في نص حديث عبد الله بن بسر ما يعكِّر عليه، وهو المانع للقائلين بالرأيين الآخرين من الأخذ به؛ وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: )) إلا فيما افتُرض عليكم ((، وتقدم هذا في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية(1)؛ حين قال: « ولا يقال : يحمل النهي على إفراده(2)؛ لأن لفظه: )) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ((، والاستثناء دليلُ التَّناوُل، وهذا يقتضي أن الحديث عَمّ صومه على كل وجه, وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض لِيُسْتَثنى، فإنه لا إفراد فيه, فاستثناؤه دليل على دخول غيره, بخلاف يوم الجمعة, فإنه بَيَّنَ أنه إنما نهى عن إفراده » . اهـ .
وزاد ابن القيم كلام شيخه ابن تيمية وضوحًا حين قال(3): « يعني: أن يقال: يمكن حمل النصوص الدالة على صومه على ما إذا صامه مع غيره، وحديث النهي على صومه وحده وعلى هذا تتفق النصوص . وهذه طريقة جيدة، لولا أن قوله في الحديث: )) لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم (( دليل على المنع من صومه في غير الفرد مفردًا أو مضافًا؛ لأن الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض، ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال: )) لا تصوموا يوم السبت، إلا أن تصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده ((؛ كما قال في الجمعة . فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية، عُلِمَ تناول النهي لما قابلها . وقد ثبت صوم يوم السبت مع غيره بما تقدم من الأحاديث وغيرها؛ كقوله في يوم الجمعة: )) إلا أن تصوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده ((؛ فدل على أن الحديث غير محفوظ وأنه شاذ » . اهـ .
__________
(1) في "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/75) .
(2) يعني: إفراد يوم السبت بالصوم .
(3) في "تهذيب السنن" (3/298) .(1/61)
وإلى هذا المعنى أومأ الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله(1)؛ حين قال: فلا يجوز أن نضيف إليه قيدًا آخر غير قيد الفرضيّة؛ كقول بعضهم: « إلا لمن كانت له عادة من صيام، أو مفردًا » . اهـ .
*****
المذهب الثالث: مذهب من قال بصحة حديث عبد الله بن بسر، وأخذ بظاهر متنه، فذهب إلى تحريم صوم يوم السبت في النافلة، سواء كان مفردًا، أو بضَمّ يوم آخر معه، كيوم الجمعة، أو الأحد، وسواء كان ذلك بتخصيصٍ لذلك اليوم، أو وافق صيامًا كان يصومه الشخص؛ كيوم عرفة، أو عاشوراء، أو أيام البيض، أو ستة أيام من شوال، أو عشر ذي الحجة ، أو صيام أكثر شعبان، أو شهر محرم, أو غير ذلك، وذهب إلى هذا الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في العديد من كتبه؛ كـ"إرواء الغليل"(2)، و"تمام المنة"(3)، و"السلسلة الصحيحة"(4)، فضلاً عن أجوبته في الأشرطة المسجَّلة، وأوضح وجهة نظره في "السلسلة الصحيحة"(5)؛ في معرض كلامه عن النهي عن تخصيص يوم الجمعة أو ليلتها بصيام، فقال: وبهذه المناسبة أقول: إن هناك حديثًا آخر يشبه هذا الحديث من حيث الاشتراك في النهي، مع استثناء فيه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: )) لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم ... ((، وهو حديث صحيح يقينًا، ومُخَرَّج في "الإرواء" رقم (960)، فأشكل هذا على كثير من الناس قديمًا وحديثًا، وقد لقيتُ مقاومة شديدة من بعض الخاصة، فضلاً عن العامة، وتخريجه عندي كحديث الجمعة، فلا يجوز أن نضيف إليه قيدًا آخر غير قيد الفرضيّة؛ كقول بعضهم: « إلا لمن كانت له عادة من صيام، أو مفردًا »؛ فإنه يشبه الاستدراك على الشارع الحكيم، ولا يخفى قبحه .
__________
(1) في "السلسلة الصحيحة" (2/733_735) .
(2) 4/118 –125) .
(3) ص 405 -408) .
(4) 2/733- 735) .
(5) في الموضع السابق منها .(1/62)
وقد جرت بيني وبين كثير من المشايخ والدكاترة والطلبة مناقشات عديدة حول هذا القول، فكنت أُذَكِّرهم بالقاعدة السابقة, وبالمثال السابق، وهو صوم يوم الاثنين أو الخميس إذا وافق يوم عيد، فيقولون يوم العيد منهي عن صيامه، فأبين لهم أن موقفكم هذا هو تجاوب منكم مع القاعدة، فلماذا لا تتجاوبون معها في هذا الحديث الناهي عن صوم يوم السبت ؟ فلا يُحيرون جوابًا، إلا قليلاً منهم, فقد أنصفوا جزاهم الله خيرًا، وكنت أحيانًا أطمئنهم وأبشِّرهم بأنه ليس معنى ترك صيام يوم السبت في يوم عرفة أو عاشوراء مثلاً أنه من باب الزهد في فضائل الأعمال، بل هو من تمام الإيمان والتجاوب مع قوله عليه الصلاة والسلام: )) إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل, إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه (( وهو مخرج في "الضعيفة" بسند صحيح تحت الحديث (رقم 5) .
هذا؛ وقد كان بعض المناقشين عارض حديث السبت بحديث الجمعة هذا، فتأمّلت في ذلك، فبدا لي أن لا تعارض والحمد لله، وذلك بأن نقول: من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت، وهذا فرض عليه لينجو من إثم مخالفته الإفراد ليوم الجمعة، فهو في هذا الحالة داخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث السبت: )) إلا فيما افترض عليكم ((، ولكن هذا إنما هو لمن صام الجمعة وهو غافل عن إفراده، ولم يكن صام الخميس معه كما ذكرنا، أما من كان على علم بالنهي؛ فليس له أن يصوم؛ لأنه في هذه الحالة يصوم ما لا يجب أو يفرض عليه، فلا يدخل - والحالة هذه - تحت العموم المذكور، ومنه يعرف الجواب عما إذا اتفق يوم الجمعة مع يوم فضيل، فلا يجوز إفراده كما تقدم، كما لو وافق ذلك يوم السبت؛ لأنه ليس ذلك فرضًا عليه .
وأما حديث: « كان - صلى الله عليه وسلم - يكثر صيام يوم السبت »: فقد تبين أنه لا يصح من قبل إسناده، وقد تولّيت بيان ذلك في "الضعيفة" برقم(1099) من المجلد الثالث، فليراجعه من شاء الوقوف على الحقيقة .اهـ .(1/63)
ولم أجد من سبق الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله إلى هذا القول والتفصيل فيه، حتى ابن حزم، مع أنه جارٍ على أصول مذهبه، سوى أن الطحاوي لما أخرج الحديث في "شرح معاني الآثار"(1) قال : « فذهب قوم إلى هذا الحديث، فكرهوا صوم يوم السبت تطوعًا, وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يرو بصومه بأسًا » .اهـ.
فحكاية الطحاوي قول من قال بكراهة صومه تطوعًا لا تدل على مثليَّة قوله لقول الشيخ ناصر الدين الألباني، فالكراهة غير التحريم، ولا يظهر أنه يعني كراهة التحريم، بل الأقرب أنه يحكي قول أصحاب المذهب الثاني المتقدم ذكره، ومن ادعى مماثلة قوله لقول الشيخ الألباني, فليُسَمّ أحدًا من أهل العلم قبل الطحاوي قال بذلك .
وفي حديثي جويرية وأبي هريرة رضي الله عنهما _ في المنع من صوم الجمعة، إلا إذا ضُمّ معه الخميس أو السبت _ أقوى دلالة على أن قول الشيخ هذا مرجوح .
وقد اجتهد في محاولة الجمع بينهما وبين حديث عبد الله بن بسر _ كما سبق _، فقال: « هذا؛ وقد كان بعض المناقشين عارض حديث السبت بحديث الجمعة هذا، فتأمّلت في ذلك، فبدا لي أن لا تعارض والحمد لله، وذلك بأن نقول: من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت، وهذا فرض عليه لينجو من إثم مخالفته الإفراد ليوم الجمعة، فهو في هذا الحالة داخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث السبت: )) إلا فيما افترض عليكم ((، ولكن هذا إنما هو لمن صام الجمعة وهو غافل عن إفراده، ولم يكن صام الخميس معه كما ذكرنا، أما من كان على علم بالنهي؛ فليس له أن يصوم؛ لأنه في هذه الحالة يصوم ما لا يجب أو يفرض عليه، فلا يدخل - والحالة هذه - تحت العموم المذكور، ومنه يعرف الجواب عما إذا اتفق يوم الجمعة مع يوم فضيل، فلا يجوز إفراده كما تقدم، كما لو وافق ذلك يوم السبت؛ لأنه ليس ذلك فرضًا عليه » . اهـ .
__________
(1) 2/80) .(1/64)
ولكن يعكّر على هذا الجمع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لجويرية رضي الله عنها وهي في النهار وقادرة على الفطر، فلا يستقيم معه قول الشيخ إن هذا أصبح فرضًا عليها .
*****
الترجيح
يترجّح لي _ من خلال ما سبق _: أن أرجح الأقوال: القول الأول، وهو قول من قال بجواز صوم يوم السبت في النفل، سواء كان مفردًا أَوْ لا؛ لأن حديث عبد الله بن بسر ضعيف؛ لاضطرابه الذي سبق بيانه، ولمجيء بعض الأحاديث الصريحة في معارضته، وهي أصح منه بلا خلاف؛ كحديث جويرية رضي الله عنها، ولما يترتب على هذا القول من ترك كثير من السنن التي حثّ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله، ولو كان صومها غير جائز إذا وافقت السبت لبيّنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، والحاجة هنا قائمة، فهي سنن تتكرر كثيرًا؛ مثل صوم يوم وإفطار يوم، وقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يفعله، ولم يُذكر عنه أنه كان يفطر السبت ...، إلى غير ذلك من الأدلة التي تقدم ذكرها .
ومن أشكل عليه حديث عبد الله بن بسر، وترجحت له صحته: فلا مناص له من الأخذ بالقول الثاني الذي حمله على الإفراد، أو التخصيص بقصد التعظيم .
وأما إطلاق القول بالتحريم مطلقًا، فلم أجد من قال به سوى الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله، وتقدم بيان ضعف هذا القول، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
…
الفهارس
1) فهرس الأحاديث والآثار
2) فهرس المراجع
3) فهرس الموضوعات
فهرس الأحاديث والآثار
نص الحديث رقم الصفحة
أتصومين غدًا 61
أحب الصيام إلى الله صيام داود 49
أُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عبد الله بن عمرو يقول: لأقومن الليل 38
إذا حدثك معمر عن العراقيين فخافه 25
أرسلني ابن عباس وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أم سلمة 31، 52
أصمت أمس 24، 51، 60
أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرّم 39(1/65)
أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ 44
إلا أن تصوموا يومًا قبله 20، 62
أنت الذي تقول ذلك ؟ 38
أن ابن عباس بعث إلى أم سلمة وعائشة 32
أن المرأة التي سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يوم السبت حدثته 15
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على بعض نسائه 25
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على جويرية 23
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يوم الجمعة 28
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على جويرية 24
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يوم الجمعة 28
إن لم يجد أحدكم إلا عودًا أخضر فليفطر عليه 13
إن لم يجد أحدكم إلا لِحاء شجرة فليفطر عليه 13
إن يوم الجمعة يوم عيد 26
إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدلك الله به 63
أنه دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم جمعة 23، 60
أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الجمعة 36
أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت 59
أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوم السبت 54
أنها دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتغدّى 14، 51
إنهما يوما عيد للكفار 54
إنهما يوما عيد للمشركين 32، 52، 59
أوصاني حبيبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث 44
أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث 44
ترون كَفّي هذه؟ فأشهد أني وضعتها على كفّ محمد - صلى الله عليه وسلم - 13
ترون يدي هذه؟ فأنا بايعت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 12
تصومين غدًا ؟ 25
تعالي فكلي 14
ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان 44
الجمعة عيد 55
خالفوهم ( يعني أهل الكتاب ) 19
خذوا من العمل ما تطيقون 41
دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعة نفر 29
ذاك حديث حمصي 17
ذاك صوم داود - عليه السلام - 38
زار النبي - صلى الله عليه وسلم - عباسًا في بادية لنا 33(1/66)
سألت الحسن عن صيام يوم الجمعة ؟ 28
سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ؟ 15
سئل الزهري عن صوم يوم السبت ؟ 16
صمت أمس 14، 23
صيام السبت لا لك ولا عليك 14
صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله 39
صيام يوم عرفة أحتسب 40
فإنك لا تستطيع ذلك 38
فكلي؛ فان صيام يوم السبت لا لك ولا عليك . 14
كان اسم بشير بن الخصاصية في الجاهلية: زحمًا 36
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة 46
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم ثلاثة أيام من غرّة كل شهر 43
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من الشهر السبت 30، 52
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم السبت والأحد 31_32
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول: لا يفطر 41
كان - صلى الله عليه وسلم - يكثر صيام السبت 64
كان يصوم حتى نقول قد صام 41
كان يصوم يوم السبت 52
كانت عائشة تصوم من الشهر السبت 31
كلي؛ فإن صيام يوم السبت لا لك ولا عليك 51
لا بأس به ( يعني صيام السبت ) 16
لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام 37، 54
لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام 37
لا تخصوا يوم الجمعة بصيام 59
لا تصم يوم الجمعة 28، 36
لا تصوموا يوم الجمعة 27، 29
لا تصوموا يوم السبت 3، 7، 12، 18
50، 58، 60،
61، 62، 63
لا لك ولا عليك 15
لا يخصّنّ أحدكم يوم الجمعة بصوم 28
لا يصم أحدكم يوم الجمعة 26
لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرًا أكثر من شعبان 41
لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم 44
ما زلت له كاتمًا حت رأيته انتشر 17
ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صومه يوم السبت 32
من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال 40
نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم السبت 13
نهى عن صوم يوم الجمعة 48
نهى عن صيام يوم السبت، إلا في فريضة 13
نُهي عنه ( يعني صوم الجمعة ) إلا في أيام متتابعة 28
هذا حديث حمصي 16
هذا حديث منسوخ 18(1/67)
هذا كذب 17
هل صمتم أمس ؟ 30
هما عيدان لأهل الكتاب 32
هما عيدان للمشركين 33
ورب هذه الكعبة لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى 27
وصم من الشهر ثلاثة أيام 44
يا أبا فلان أما صمت سرر هذا الشهر ؟ 42
يا أبا هريرة أنت نهيت الناس أن يصوموا يوم الجمعة ؟ 27
يصوم السبت والأحد 33
اليوم لنا وغدًا لليهود وبعد غد للنصارى 52
قائمة المراجع
إتحاف المهرة بأطراف العشرة . العسقلاني ؛ أحمد بن علي بن حجر (ت 852هـ)، تحقيق زهير الناصر وجماعة - الطبعة الأولى 1415 هـ. مركز خدمة السنة والسيرة بالمدينة النبوية .
الآحاد والمثاني . ابن أبي عاصم ؛ أبوبكر أحمد بن عمرو (ت 287 هـ)، تحقيق باسم بن فيصل الجوابرة ،الطبعة الأولى 1411 هـ. دار الراية – الرياض .
الأحاديث المختارة . المقدسي ؛ أبو عبدالله ضياء الدين محمد بن عبدالواحد (ت643هـ)، دراسة وتحقيق عبدالملك بن دهيش - الطبعة الأولى 1410 هـ. دار خضر - بيروت
الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان . ترتيب علي بن بلبان الفارسي (ت739هـ)، تحقيق شعيب الأرناؤوط ، الطبعة الثانية ، سنة 1414هـ. مؤسسة الرسالة – بيروت .
الأحكام الوسطى . عبدالحق بن عبدالرحمن الإشبيلي (ت 582 هـ) تحقيق حمدي السلفي وصبحي السامرائي، مكتبة الرشد - الرياض 1416 هـ.
الأربعون العشارية للعراقي . أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت806هـ)، تحقيق بدر البدر ، الطبعة الأولى سنة 1412هـ _ الناشر: دار ابن حزم _ بيروت .
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل . محمد ناصر الدين الألباني ، الطبعة الأولى 1399 هـ. المكتب الإسلامي - بيروت .
الإصابة في تمييز الصحابة . ابن حجر؛ أحمد بن علي العسقلاني (ت852هـ)، تحقيق طه الزيني ، الطبعة الأولى سنة 1397هـ ، الناشر مكتبة الكليات الأزهرية – القاهرة .(1/68)
اقتضاء الصراط المستقيم . ابن تيمية: أحمد بن عبدالحليم الحراني (ت 728 هـ) ، تحقيق وتعليق د. ناصر بن عبدالكريم العقل ، الطبعة السابعة 1419هـ ، توزيع وزارة الشؤون الإسلامية ، المملكة العربية السعودية .
الإقناع في حَلّ ألفاظ أبي شجاع . محمد بن أحمد الشربيني الخطيب (ت 977هـ)، تحقيق مكتب البحوث والدراسات بدار الفكر ، الناشر : دار الفكر _ بيروت _ 1415هـ .
إكمال تهذيب الكمال . علاء الدين مغلطاي بن قليج بن عبدالله البكجري (ت 762هـ)، تحقيق عادل بن محمد وأسامة بن إبراهيم، الطبعة الأولى 1422هـ- الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر- القاهرة – مصر .
الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع . ابن حجر العسقلاني: أحمد بن علي بن محمد، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - 1418هـ، الطبعة الأولى، تحقيق: محمد حسن إسماعيل الشافعي .
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل . المرداوي: أبو الحسن علاء الدين علي بن سليمان (ت885هـ)، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد حامد الفقي .
الأوسط للطبراني = المعجم الأوسط .
البحر الرائق شرح كنز الدقائق، تأليف: زين الدين بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم الحنفي (ت970هـ)، الناشر: دار المعرفة - بيروت، الطبعة: الثانية .
البحر الزخار المعروف بمسند البزار . تأليف: أبي بكر أحمد بن عمرو البزَّار (ت292هـ)، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله السلفي ، الناشر: مؤسسة علوم القرآن - بيروت ، ومكتبة العلوم والحكم - المدينة النبوية 1409 هـ .
بدائع الصنائع . الكاساني: علاء الدين أبوبكر بن مسعود الكاساني الحنفي (ت587هـ)، تحقيق محمد خير طعمة حلبي، الطبعة الأولى 1420هـ ، الناشر: دار المعرفة – بيروت- لبنان.(1/69)
بداية المجتهد . ابن رشد ؛ محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي (ت 595هـ)، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه ماجد الحموي ، الطبعة الأولى 1416هـ ، الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر . بيروت – لبنان .
البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير . ابن الملقن: أبو حفص عمر بن علي بن أحمد (ت 804 هـ)، تحقيق مصطفى أبو الغيط وعبد الله بن سليمان وياسر بن كمال، الطبعة الأولى 1425هـ ، الناشر: دار الهجرة للنشر والتوزيع .
بلوغ المرام من أدلة الأحكام . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت 852هـ)، حققه وخرج أحاديثه طارق بن عوض الله ، الطبعة الأولى 1424هـ . الناشر: دار العطاء _ الرياض .
تاريخ ابن معين . رواية عباس بن محمد الدوري ، تحقيق أحمد بن محمد نور سيف ، الطبعة الأولى 1399 هـ . مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى .
التاريخ الكبير . البخاري: محمد بن إسماعيل بن المغيرة (ت 256 هـ)، تحقيق عبدالرحمن المعلمي ، مصورة دار الكتب العلمية - بيروت .
تاريخ بغداد . الخطيب البغدادي: أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت (ت463هـ)، مصورة دار الكتاب العربي - بيروت .
تاريخ دمشق . ابن عساكر: علي بن الحسن بن هبة الله (ت571هـ)، الناشر: دار الفكر - بيروت – 1995م، تحقيق: عمر بن غرامة العمري .
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف . المزي: يوسف بن عبدالرحمن (ت742 هـ)، تصحيح عبدالصمد بن شرف الدين ، الطبعة الأولى 1384 هـ . الدار القيمة - الهند .
تحفة الفقهاء . السمرقندي: علاء الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي أحمد الحنفي (ت 539هـ) دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان .
تحفة الملوك . الرازي: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (ت 666هـ ) ، تحقيق عبدالله نذير أحمد ، الطبعة الأولى، 1417هـ ، دار البشائر الإسلامية – بيروت – لبنان.(1/70)
التحقيق في أحاديث الخلاف . ابن الجوزي: أبو الفرج عبدالرحمن بن علي (ت 597هـ) حققه وخرج أحاديثه مسعد عبدالحميد السعدني - الطبعة الأولى 1415 هـ. دار الكتب العلمية - بيروت .
تغليق التعليق على صحيح البخاري . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852هـ)، دراسة و تحقيق سعيد عبدالرحمن موسى القزقي ،الطبعة الأولى1405 هـ. المكتب الاسلامي .
تقريب التهذيب . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852هـ). تحقيق محمد عوَّامة ، الطبعة الأولى 1406هـ ، الناشر: دار الرشيد _ سوريا _ حلب .
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852 هـ)، اعتنى به حسن عباس قطب- الطبعة الأولى 1416 هـ . مؤسسة قرطبة .
تمام المنّة في التعليق على فقه السنة . محمد ناصر الدين الألباني ، الطبعة الثالثة 1409هـ . دار الراية للنشر – الرياض .
تهذيب الآثار . الطبري: أبوجعفر محمد بن جرير (ت310هـ) ، تحقيق محمود محمد شاكر ، مطبعة المدني – القاهرة .
تهذيب التهذيب . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852 هـ)، باعتناء إبراهيم الزيبق ، وعادل مرشد - الطبعة الأولى 1416 هـ. مؤسسة الرسالة – بيروت .
تهذيب السنن . ابن القيم: محمد بن أبي بكر (ت751 هـ)، تحقيق أحمد شاكر ومحمد حامد الفقي، بحاشية "مختصر السنن" للمنذري، دار المعرفة - بيروت .
تهذيب الكمال في أسماء الرجال . المزي: يوسف بن عبدالرحمن (ت742 هـ)، تحقيق بشار عواد معروف - الطبعة الأولى ، مؤسسة الرسالة - بيروت .
جامع الترمذي = سنن الترمذي
الجعديات = مسند علي بن الجعد
حاشية ابن عابدين = رد المحتار
حاشية السيوطي على سنن النسائي . السيوطي: أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن ابن كمال الدين أبي بكر بن عثمان الخضيري (ت 911 هـ)، اعتنى به عبدالفتاح أبوغدة، الطبعة الثالثة ، 1409هـ ، دار البشائر الإسلامية – بيروت لبنان .(1/71)
حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح، تأليف: أحمد بن محمد ابن إسماعيل الطحطاوي الحنفي المصري (ت1231هـ)، الناشر: المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق - مصر - 1318هـ ، الطبعة: الثالثة .
حكم صيام يوم السبت في النافلة . محمد إبراهيم شقرة .
الدراري المضية . الشوكاني: محمد بن علي (ت 1250هـ) .
الذخيرة للقرافي . القرافي: شهاب الدين أحمد بن إدريس (ت 684هـ)، تحقيق د . محمد حجي ، الطبعة الأولى 1994م – بيروت – لبنان .
حاشية رد المحتار على الدر المختار . علاء الدين محمد بن محمد أمين بن عمر بن عابدين (ت1306هـ)، وهي حاشية على رد المحتار لوالده (ت1252هـ)، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر - بيروت - 1421هـ .
الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام . جاسم بن سليمان الفهيد الدوسري ، الطبعة الأولى 1408هـ . دار البشائر - بيروت .
الروض المربع شرح زاد المستقنع . البهوتي: منصور بن يونس بن إدريس (ت1051هـ). الطبعة التاسعة سنة 1423هـ مع حاشية الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم النجدي (ت 1392هـ) .
روضة الطالبين . النووي: أبو زكريا يحيى بن شرف (ت676 هـ)، إشراف زهير الشاويش ، الطبعة الثالثة ، 1412هـ ، المكتب الإسلامي- بيروت – لبنان .
زهر الروض في حكم صيام يوم السبت في غير الفرض . تأليف علي بن حسن بن عبدالحميد الحلبي ، الطبعة الأولى سنة 1412هـ ، دار الأصالة _ الزرقاء _ الأردن .
سؤالات البرقاني للدارقطني . البرقاني: أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي (ت425هـ)، تحقيق عبدالرحيم بن محمد القشقري، الطبعة الأولى 1404 هـ، كتب خانة لاهور - باكستان .
سؤالات السهمي للدارقطني . السهمي: حمزة بن يوسف (ت 676هـ)، دراسة وتحقيق موفق بن عبدالله بن عبدالقادر ، الطبعة الأولى 1404هـ ، مكتبة المعارف – الرياض – السعودية .
سلسلة الأحاديث الصحيحة . محمد ناصر الدين الألباني ، الناشر: مكتبة المعارف - الرياض .(1/72)
السلسلة الأحاديث الضعيفة . محمد ناصر الدين الألباني ، الناشر: مكتبة المعارف - الرياض .
سنن ابن ماجه . ابن ماجه: محمد بن يزيد القزويني (ت275 هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
سنن أبي داود . أبو داود: سليمان بن الأشعث السجستاني (ت275 هـ)، حققه محمد عوامة - الطبعة الأولى 1419 هـ . دار القبلة للثقافة الإسلامية - مؤسسة الريان _ بيروت .
سنن أبي داود . أبو داود: سليمان بن الأشعث السجستاني (ت275 هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
سنن الترمذي . الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت 279 هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
سنن الدارمي . الدارمي: أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن (ت255 هـ)، تحقيق حسين سليم أسد الداراني ، الطبعة الأولى1421هـ . دار المغني – الرياض .
السنن الكبرى . البيهقي: أبوبكر أحمد بن الحسين (ت458 هـ)، الطبعة الأولى 1344هـ . مجلس دائرة المعارف - الهند .
السنن الكبرى . النسائي: أبو عبدالرحمن أحمد بن شعيب (ت 303 هـ)، تحقيق عبدالغفار البنداري وسيد كسروي، الطبعة الأولى 1411 هـ . دار الكتب العلمية – بيروت .
سنن النسائي الصغرى (المجتبى) . النسائي أيضًا ، ترقيم وفهرسة عبدالفتاح أبي غدة، الطبعة الثالثة . مصورة دار البشائر - بيروت .
سير أعلام النبلاء . الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت748هـ)، تحقيق شعيب الأرناؤوط وجماعة - الطبعة الثانية 1402 هـ . مؤسسة الرسالة - بيروت .
السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار . الشوكاني: محمد بن علي الشوكاني (1250هـ)، تحقيق محمود إبراهيم زايد ، الطبعة الأولى سنة 1405هـ ، دار الكتب العلمية _ بيروت _ لبنان .
الشرح الممتع . الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين (ت1422هـ)، الطبعة الأولى 1424هـ - دار ابن الجوزي – الدمام – السعودية .(1/73)
شرح معاني الآثار . الطحاوي: أحمد بن محمد بن سلامة (ت321 هـ)، حققه وقدم له محمد زهري النجار ومحمد جاد الحق، الطبعة الأولى 1414هـ . عالم الكتب _ بيروت.
شعب الإيمان . البيهقي: أبوبكر أحمد بن الحسين (ت 458هـ)، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه مختار أحمد الندوي ، الطبعة الأولى 1410هـ . الدار السلفية – بومباي .
الشمائل المحمدّيّة . الترمذي: أبوعيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت 279هـ) ، اعتنى به محمد عوامة ، الطبعة الأولى 1422هـ ،
صحيح ابن حبان = الإحسان بترتيب صحيح بن حبان .
صحيح ابن خزيمة . ابن خزيمة: أبو بكر محمد بن إسحاق (ت 311 هـ)، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي، الطبعة الثانية 1412هـ . المكتب الإسلامي - بيروت .
صحيح ابن خزيمة . مخطوط مكتبة أحمد الثالث بإستانبول _ تركيا .
صحيح البخاري . أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
صحيح سنن أبي داود . محمد ناصر الدين الألباني ، الطبعة الأولى ، مكتب التربية العربي لدول الخليج .
صحيح سنن النسائي . محمد ناصر الدين الألباني ، الطبعة الأولى ، مكتب التربية العربي لدول الخليج .
صحيح مسلم . أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري (ت 261 هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
الطبقات الكبرى . محمد بن سعد (ت 230 هـ)، القسم المتمم لتابعي أهل المدينة ومن بعدهم ، دراسة وتحقيق زياد محمد منصور - الطبعة الأولى _ المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية .
الطبقات الكبرى . محمد بن سعد (ت 230 هـ)، دار صادر - بيروت .
العلل . الدارقطني: أبو الحسن علي بن عمر (ت385 هـ)، تحقيق محفوظ الرحمن السلفي، الطبعة الأولى 1405 هـ . دار طيبة - الرياض .
العلل للدارقطني أيضًا ، مخطوط ، نسخة مصورة عن دار الكتب المصرية ، ومنها نسخة في قسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية تحت رقم (2550 حديث) .(1/74)
العلل . ابن أبي حاتم: عبدالرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (ت327هـ)، تحقيق محب الدين الخطيب _ دار المعرفة _ بيروت 1405هـ .
غاية البيان شرح زبد ابن رسلان . الرملي: محمد بن أحمد الأنصاري، الناشر: دار المعرفة - بيروت .
الفتاوى الكبرى . شيخ الإسلام ابن تيمية: أحمد بن عبدالحليم الحراني (ت 728هـ)، قدّم له وعرّف به: حسنين محمد مخلوف _ دار المعرفة _ بيروت .
فتح الباري شرح صحيح البخاري . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852هـ) الطبعة الأولى بالمطبعة السلفية سنة 1379هـ، تحقيق: الشيخ عبد العزيز بن باز ، ومحب الدين الخطيب .
فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب، تأليف: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت – الطبعة الأولى سنة 1418هـ .
الفروع . ابن مفلح: محمد بن مفلح المقدسي (ت763) تحقيق: أبي الزهراء حازم القاضي . الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة: الأولى سنة 1418هـ .
فضائل الأوقات . البيهقي: أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ)، دراسة وتحقيق عدنان بن عبدالرحمن القيسي ، الطبعة الأولى 1418هـ ، الناشر: دار المنارة للنشر والتوزيع - جدة _ السعودية .
فيض القديرشرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير . المناوي: محمد بن عبدالرؤوف (ت 1031هـ) ، الناشر: دار الفكر – بيروت .
القوانين الفقهية . ابن جزي: أبو القاسم محمد بن أحمد الكلبي الغرناطي (ت 741هـ) .
القول الثبت في صوم يوم السبت ، بقلم الشيخ / محمد بن حمد الحمود النجدي ، الطبعة الثانية سنة 1420هـ ، جمعية إحياء التراث الإسلامي ، الكويت .
الكاشف . الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748هـ)، تحقيق محمد عوامة وأحمد محمد نمر الخطيب ، الطبعة الأولى 1413هـ ، دار القبلة للثقافة الإسلامية، ومؤسسة علوم القرآن _ جدة _ السعودية .(1/75)
الكافي في فقه ابن حنبل . أبو محمد عبدالله بن قدامة المقدسي (ت 620هـ)، المكتب الإسلامي – بيروت .
كشاف القناع . البهوتي: منصور بن يونس بن إدريس (ت1051هـ) تحقيق هلال مصيلحي مصطفى هلال ، دار الفكر – بيروت .
كشف المخدرات . عبدالرحمن بن عبدالله البعلي الحنبلي (ت 1192هـ) ، تحقيق محمد بن ناصر العجمي ، الطبعة الأولى سنة 1422هـ ، دار البشائر الإسلامية – بيروت – لبنان .
كفاية الأخيار. تقي الدين أبوبكر بن محمد الحصني الحسيني الدمشقي (ت 829هـ)، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه عبدالقادر الأرناؤوط ، الطبعة التاسعة سنة 1422هـ ، دار البشائر – دمشق – سوريا .
لسان العرب . ابن منظور: محمد بن مكرم (ت 711 هـ)، دار صادر - بيروت .
لسان الميزان . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852 هـ)، الطبعة الأولى بدائرة المعرف النظامية - الهند - .
المبدع . ابن مفلح: إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن مفلح الحنبلي (ت884هـ) ، المكتب الإسلامي .
المجموع شرح المهذب . النووي: محيي الدين يحيى بن شرف (ت676 هـ)، تكملة محمد نجيب المطيعي ، مكتبة الإرشاد بجدة .
المختارة للضياء المقدسي = الأحاديث المختارة .
المساعد على تسهيل الفوائد . بهاء الدين عبدالله بن عقيل العقيلي (ت 769 هـ) ، تحقيق وتعليق محمد كامل بركات، الطبعة الأولى 1402هـ . مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى .
المستدرك على الصحيحين . الحاكم النيسابوري: أبو عبدالله محمد بن عبدالله (ت405 هـ)، ومعه تلخيص المستدرك للذهبي ، تصوير دار الفكر - بيروت 1398هـ.
المسند . أبو داود الطيالسي: سليمان بن داود بن الجارود (ت204 هـ) ، تحقيق محمد بن عبدالمحسن التركي، الطبعة الأولى 1419هـ . دار هجر للطباعة والنشر _ مصر - الجيزة .
المسند . الشاشي: أبو سعيد الهيثم بن كليب (ت 335هـ)، تحقيق وتخريج محفوظ الرحمن زين الله ، الطبعة الأولى 1410هـ ، مكتبة العلوم والحكم – المدينة النبوية- السعودية .(1/76)
المسند . أبو يعلى: أحمد بن علي بن المثنى الموصلي (ت307 هـ)، تحقيق حسين سليم أسد - الطبعة الأولى 1404 هـ . دار المأمون - بيروت .
المسند . للإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ)، تصوير دار صادر ببيروت عن الطبعة الميمنية .
مسند إسحاق بن راهويه .إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي (ت238هـ)، تحقيق وتخريج ودراسة د . عبدالغفور عبدالحق البلوشي ، الطبعة الأولى 1412هـ - مكتبة الإيمان – المدينة النبوية – السعودية .
مسند البزار = البحر الزخار
مسند الروياني . الروياني: أبوبكر محمد بن هارون ( ت 307 هـ ) ، ضبطه وعلق عليه أيمن علي أبويماني ، الطبعة الأولى 1416هـ .
مسند الشاميين . الطبراني: سليمان بن أحمد (ت360 هـ)، تحقيق حمدي السلفي، الطبعة الأولى 1409 هـ . مؤسسة الرسالة - بيروت .
المسند المستخرج على صحيح مسلم . أبو نعيم: أحمد بن عبدالله الأصبهاني (ت430هـ) تحقيق محمد حسن الشافعي- الطبعة الأولى 1417هـ _ دار الكتب العلمية _ بيروت .
مسند عبد بن حميد . عبد بن حميد الكشي (ت249هـ)، تحقيق صبحي السامرائي ومحمود الصعيدي ، الطبعة الأولى 1408 هـ . عالم الكتب - بيروت .
مسند علي بن الجعد ويعرف بالجعديات . البغوي: عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز (ت317 هـ)، تحقيق عبدالهادي بن عبدالقادر ، الطبعة الأولى 1405 هـ . مكتبة الفلاح - الكويت .
المصنف . أبوبكر عبدالله بن محمد ابن أبي شيبة (ت235هـ)، تحقيق عبدالخالق الأفغاني ، الطبعة الثانية 1399 هـ - الدار السلفية - الهند .
المصنف . عبدالرزاق بن همام الصنعاني (ت211 هـ)، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة الثانية 1403 هـ . المكتب الإسلامي – بيروت .
المعجم الأوسط . الطبراني: سليمان بن أحمد (ت 360هـ)، تحقيق طارق عوض الله، وعبدالمحسن إبراهيم 1415هـ . دار الحرمين - القاهرة .(1/77)
معجم الصحابة. ابن قانع: أبو الحسين عبدالباقي بن قانع (ت351هـ)، ضبط نصه وعلق عليه صلاح بن سالم المصراتي - الطبعة الأولى 1418 هـ . مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة النبوية .
المعجم الكبير . الطبراني: أبوالقاسم سليمان بن أحمد (ت360 هـ)، تحقيق حمدي ابن عبدالمجيد السلفي . الجمهورية العراقية _ وزارة الأوقاف _ إحياء التراث الإسلامي _ الطبعة الأولى 1398هـ .
المغني . ابن قدامة: موفّق الدين أبومحمد عبدالله بن أحمد بن محمد المقدسي (ت620هـ) ، تحقيق عبدالله بن عبدالمحسن التركي وعبدالفتاح الحلو ،الطبعة الثانية 1412هـ . الناشر: دار هجر للطباعة والنشر – القاهرة .
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، تأليف: محمد بن أحمد الشربيني الخطيب (ت 977هـ)، الناشر: دار الفكر - بيروت .
المغني في الضعفاء . الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748هـ) ، تحقيق د. نور الدين عتر .
منتهى الإرادات . تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي (ت 972هـ) ، تحقيق عبدالله بن عبدالمحسن التركي ، الطبعة الأولى 1419هـ، مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان .
منهاج الطالبين وعمدة المفتين . النووي: أبو زكريا يحيى بن شرف (ت676 هـ)، الناشر: دار المعرفة – بيروت .
منهاج المحدثين وسبيل الطالبين في شرح صحيح الإمام مسلم . النووي: أبو زكريا يحيى بن شرف (ت676 هـ)، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت – 1392هـ، الطبعة الثانية .
ميزان الاعتدال في نقد الرجال . الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت748هـ)، تحقيق علي بن محمد البجاوي ، مصورة عن الطبعة الأولى 1382 هـ . دار الباز - مكة.
ناسخ الحديث ومنسوخه . الأثرم: أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ (ت بعد 260هـ)، تحقيق عبد الله بن حمد المنصور _ الطبعة الأولى 1420هـ .
الناسخ والمنسوخ للأثرم = ناسخ الحديث ومنسوخه(1/78)
الناسخ والمنسوخ . ابن شاهين: أبوحفص عمر بن أحمد بن عثمان (ت385هـ)، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: سمير الزهيري، الطبعة الأولى 1408هـ ، مكتبة المنار – الأردن .
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج . الرملي: شمس الدين محمد بن أحمد بن حمزة الشهير بالشافعي الصغير (ت1004هـ)، الناشر: دار الفكر للطباعة - بيروت - 1404هـ .
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار . الشوكاني ؛ محمد بن علي (ت1255 هـ)، مصورة دار الجيل ودار الفكر - بيروت 1973م .
هدي الساري مقدمة فتح الباري شرح صحيح البخاري . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت 852 هـ) ، الطبعة الأولى سنة 1379هـ بالمطبعة السلفية ، تحقيق الشيخ عبد العزيز بن باز، ومحب الدين الخطيب .
وهم سَيِّئ البَخْت الذي حرَّم صيام السبت ، أو : القول الثبت في بيان حلِّ صيام يوم السبت ، تأليف حسن بن علي السقاف ، نسخة مصورة دون ذكر الطبعة ، أو تاريخها ، أو دار النشر .
فهرس الموضوعات
الموضوع………………………الصفحة
المقدمة………………… ………3
الباب الأول: تخريج حديث النهي عن صوم يوم السبت………7
الباب الثاني: الحكم على حديث النهي عن صوم يوم السبت………16
الباب الثالث: الأحاديث المعارضة لحديث النهي عن صوم يوم السبت……22
الفصل الأول: في ذكر الأحاديث التي تدل بمنطوقها على إباحة
صوم يوم السبت في غير الفريضة:………………23
1) حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها…………23
2) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -…………………26
3) حديث جنادة الأزدي - رضي الله عنه -………………29
4) حديث عائشة رضي الله عنها………………30
5) حديث أم سلمة رضي الله عنها……………31
6) حديث بشير بن الخصاصية - رضي الله عنه -……………36
الفصل الثاني: في ذكر الأحاديث التي تدل بمفهومها على إباحة
صوم يوم السبت في غير الفريضة:………………37
1) حديث صيام يوم وإفطار يوم………………38
2) حديث صيام شهر محرم………………39
3) حديث صيام يوم عاشوراء………………39
4) حديث صيام عرفة…………………40(1/79)
5) حديث صيام ستٍّ من شوال………………40
6) حديث صيام شهر شعبان………………41
7) حديث صيام سَرَرِ الشهر………………42
8) حديث صيام غُرّة الشهر………………43
9) أحاديث صيام ثلاثة أيام من كل شهر……………44
10) حديث بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في أنواعٍ من الصيام………46
الباب الرابع: في ذكر أقوال العلماء في حكم صوم يوم السبت……48
أ) مذهب القائلين بجواز صوم يوم السبت……………48
ب) مذهب القائلين بكراهة صومه تخصيصًا أو إفرادًا له ………54
ـ قول الحنفية……………………56
ـ قول المالكية……………………57
ـ قول الشافعية……………………58
ـ قول الحنابلة……………………59
ـ اختيار المناوي والشوكاني والشيخ ابن عثيمين…………60
ج) مذهب من قال بتحريم صومه في الفريضة مطلقًا………62
الترجيح………………………66
الفهارس………………………67
1) فهرس الأحاديث والآثار………………69
2) فهرس…المراجع……………………73…
3) فهرس الموضوعات…………………85(1/80)