شرح:
علل ابن أبي حاتم
تأليف
الإمام العلامة:
أبي عبدالله محمّد بن أحمد بن عبدالهادي
الدمشقي الصالحي
705 - 744 هـ
ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
1-
[حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، أنبأ أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا أبو معمر عبدالله بن عمرو ابن أبي الحجاج ح.
وأخبرنا أبو سهل محمد بن نصرويه المروزي، أنا أبو بكر محمد ابن أحمد بن خبيب، ثنا أحمد بن محمد بن عيسى، ثنا أبو معمر، ثنا عبدالوارث، ثنا حسين-وفي رواية أبي داود- عن الحسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال: أخبرتني زينب بنت أبي سلمة] أن امرأة كانت تهراق الدم، وكانت تحت عبدالرحمن بن عوف "أن رسول الله ' أمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي". كذا رواه حسين المعلم، وخالفه هشام الدستوائي فأرسله.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبدالله، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة "أن أم حبيبة بنت جحش سألت النبي ' فقالت: إني أهراق الدم. فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي".
ورواه الأوزاعي، عن يحيى فجعل المستحاضة زينب بنت أم سلمة.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو عبدالله السوسي قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا سعيد بن عثمان، ثنا بشر بن بكر، ثنا الأوزاعي، ثنا يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة وعكرمة مولى ابن عباس "أن زينب بنت أم سلمة كانت تعتكف مع رسول الله ' وهى تهراق الدم فأمرها رسول الله ' أن تغتسل لكل صلاة".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه هشام ومعمر وغيرهما، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أم حبيبة "أنها استحيضت فأمرها رسول الله ' أن تغتسل لكل صلاة" فلم يثبته وقال: الصحيح عن هشام الدستوائي، عن يحيى، عن أبي سلمة أن أم حبيبة سألت رسول الله ' وهو مرسل. وكذا يرويه حرب بن شداد.(1/1)
وقال الحسين المعلم: عن يحيى، عن أبي سلمة قال: أخبرتني زينب بنت أم سلمة "أن امرأة كانت تهراق الدم" وهو مرسل.
2- حديث آخر
قال الحافظ أبو أحمد بن عدي في كتاب الكامل: أخبرنا أبو يعلى، ثنا الحسن بن عمر بن شقيق، ثنا جعفر بن سليمان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: سألت فاطمة بنت قيس رسول الله ' عن المستحاضة فقال: "عُدى أيام أقرائك"، وأمرها أن تحتشي وتصلي وتغتسل لكل طهر.
قال ابن عدي: وهذا الحديث لم يحدث به عن ابن جريج بهذا الإسناد غير جعفر بن سليمان، ويقال: إنه أخطأ فيه، أراد به إسناداً آخر عن ابن جريج، لعله يرويه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فلعل جعفراً أراد هذا الحديث فأخطأ عليه فقال: عن أبي الزبير عن جابر.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا موسى بن إسحاق، ثنا وهبان بن بقية، ثنا جعفر بن سليمان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن فاطمة بنت قيس قالت: سألت رسول الله ' عن المستحاضة فقال: "تقعد أيام أقرائها"، ثم تغتسل عند كل طهر، ثم تحتشي ثم تصلي.
وهكذا رواه قطن بن نسير، عن جعفر بن سليمان فقال في الحديث "أن فاطمة بنت قيس سألت" ولا يعرف إلا من جهة جعفر بن سليمان، والله أعلم.
وقال في موضع آخر: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أبنا علي بن عمر، ثنا عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، ثنا قطن بن نسير الغبري، ثنا جعفر بن سليمان، ثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله الأنصاري أن فاطمة بنت قيس سألت رسول الله ' عن المرأة المستحاضة كيف تصنع؟ قال: "تقعد أيام أقرائها ثم تغتسل في كل يوم عند كل طهر وتصلي".
وكذلك رواه عبدالسلام بن مطهر، عن جعفر وقال وهبان بن بقية: "تغتسل عند كل طهر".(1/2)
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا موسى بن إسحاق، ثنا وهبان بن بقية، ثنا جعفر بن سليمان فذكره بإسناده عن فاطمة بنت قيس قالت: "سألت رسول الله ' عن المستحاضة، فقال: تقعد ثم تغتسل عند كل طهر، ثم تحتشي ثم تصلي".
قال أبو بكر بن إسحاق: جعفر بن سليمان فيه نظر، ولا يعرف هذا الحديث لابن جريج، ولا لأبي الزبير من وجه غير هذا، وبمثله لا تقوم حجة، واختلف عليه فيه.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه جعفر بن سليمان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: سألت فاطمة بنت أبي حبيش رسول الله ' فقالت: يا رسول الله، المرأة المستحاضة كيف تصنع؟ قال: "تغتسل عند كل طهر ثم تصلي" قال أبي: ليس هذا بشيء.
انتهى ما ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه، وفيه أن التي سألت فاطمة بنت أبي حبيش لا بنت قيس كما تقدم، وهو أشبه، فإن بنت قيس لا مدخل لها في حديث الاستحاضة، والحديث في الجملة لا أصل له، والله أعلم.
2- حديث آخر
قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا يحيى، عن شعبة ومحمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبدالحميد بن عبدالرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي ' "في الذي يأتي امرأته وهى حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار".
قال عبدالله بن أحمد: قال أبي: ولم يرفعه عبدالرحمن ولا بهز.
وقال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة قال: "دينار أو نصف دينار" وربما لم يرفعه شعبة.
وقال أيضاً: سمعت أحمد يقول وقد سئل عن الرجل يأتي امرأته وهي حائض: ما أحسن حديث عبدالحميد. قيل له: فتذهب إليه؟ فقال: نعم.
وقد صحح هذا الحديث الحاكم أبو عبدالله وأبو الحسن بن القطان وغيرهما.
وقد وهم من حكى الاتفاق على ضعفه.
وقال عبدالله بن أحمد في كتاب العلل: حدثني أبي، ثنا سفيان، عن عبدالكريم أبي أمية، عن مقسم، عن ابن عباس "إذا أتى امرأته وهى حائض" قيل لسفيان: يا أبا محمد، هذا مرفوع؟ فأبى أن يرفعه وقال: أنا أعلم به -يعني أبا أمية.(1/3)
وقال أبو يعلى الموصلي في مسنده: حدثنا علي بن الجعد، أبنا أبو جعفر الرازي، عن عبدالكريم بن أبي المخارق، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي ' في رجل جامع امرأته وهى حائض فقال: "إن كان دمّاً عبيطاً فليتصدق بدينار وإن كان فيه صفرة فنصف دينار".
وقال أحمد بن منيع: حدثنا يزيد هو ابن هارون، أبنا ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي ' في الذي يقع على امرأته وهى حائض قال: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار".
قال سعيد: وفسر عبدالكريم، عن مقسم "إن كان في الدم فدينار وإن كان في الصفرة فنصف دينار".
ورواه الإمام أحمد بن حنبل أيضاً، عن عبدالرزاق، عن ابن جريج، عن عبدالكريم وغيره، عن مقسم مولى عبدالله بن الحارث أن ابن عباس أخبره "أن النبي ' جعل في الحائض تصاب ديناراً فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار" كل ذلك عن النبي '.
وقال الطبراني: حدثنا عبدالله بن حنبل، ثنا محمد ابن الصباح، ثنا إسماعيل بن زكريا، عن عمرو بن قيس الملائي عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس "أن رجلا وقع على امرأته وهى حائض فأمره النبي ' أن يتصدق بنصف دينار".
وقال أبو يعلى الموصلي: حدثنا زهير، ثنا وهب -هو ابن جرير- ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبدالحميد بن عبدالرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس "ذكر النبي ' في الذي يأتي امرأته حائضاً يتصدق بدينار أو نصف دينار".
وقال النسائي: أخبرني إبراهيم بن يعقوب، ثنا سعيد بن عامر، ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبدالحميد، عن مقسم، عن ابن عباس في الذي يأتي امرأته وهى حائض قال: "يتصدق بدينار أو نصف دينار" قال شعبة: أما حفظي فمرفوع. وقال فلان وفلان: إنه كان لا يرفعه. فقال بعض القوم: يا أبا بسطام حدثنا بحفظك ودعنا من فلان. فقال: والله ما أحب أني حدثت بهذا -وسكت عن هذا- وأني عُمرت في الدنيا عمر نوح في قومه.(1/4)
وقد روى النسائي هذا الحديث بطرق كثيرة مرفوعاً وموقوفاً، وكذلك رواه باقي أصحاب السنن أبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: قد روى عن ابن عباس، رفعه بعضهم وبعضهم موقوف.
وقال أبو علي بن السكن: هذا حديث مختلف في إسناده ولفظه، ولا يصح مرفوعاً، لم يصححه البخاري، وهو صحيح من كلام ابن عباس، وقد خالفه أبو الحسن بن القطان في هذا، ورد عليه وصحح الحديث مرفوعاً، وطريقته في مثل هذا معروفة.
وقال الزكي عبدالعظيم المنذري: وهذا الحديث قد وقع الاضطراب في إسناده ومتنه؛ فروى مرفوعاً وموقوفاً ومرسلاًومعضلاً. وقال عبدالرحمن بن مهدي: قيل لشعبة: إنك كنت ترفعه. قال: إني كنت مجنوناً فصححت.وأما الاضطراب في متنه فروى "بدينار أو نصف دينار" على الشك، وروى "يتصدق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار" وروى فيه التفرقة بين أن يصيبها في الدم أو في انقطاع الدم، وروى "يتصدق بخمسي دينار" وروى "يتصدق بنصف دينار" وروى "إذا كان دماً أحمر فدينار، وإذا كان دماً أصفر فنصف دينار" وروى "إن كان الدم عبيطاً فليتصدق بدينار، وإن كان صفرة فنصف دينار".
وقال الخطابي: وقال أكثر العلماء: لا شيء عليه ويستغفر الله، وزعموا أن هذا الحديث مرسل أو موقوف على ابن عباس، ولا يصح متصلا مرفوعاً، والذمم برية إلا أن تقوم الحجة بشغلها.
وقد ذكر البيهقي حديث ابن عباس في هذا الباب والاختلاف فيه.
فقال: أخبرنا أبو عبدالحافظ، أبنا أبو العباس المحبوبي، ثنا الفضل بن عبدالجبار، ثنا النضر بن شميل، ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبدالحميد بن عبدالرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي ' في الذي يأتي امرأته وهى حائض قال: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار".
وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان، وعبدالوهاب بن عطاء الخفاف، عن شعبة.
ورواه عفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، عن شعبة موقوفاً على ابن عباس.(1/5)
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، أبنا أبو جعفر الرزاز، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر، ثنا عفان، ثنا شعبة ح.
وأخبرنا أبو الحسن على بن محمد المقرىء، أبنا الحسن بن محمد ابن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة فذكره بإسناده موقوفاً على ابن عباس.
وكذلك رواه مسلم بن إبراهيم وحفص بن عمر الحوضي وحجاج ابن منهال وجماعة عن شعبة موقوفاً على ابن عباس، وقد بين عبدالرحمن بن مهدي عن شعبة أنه رجع عن رفعه بعد ما كان يرفعه.
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه من أصل كتابه، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي، ثنا عبدالرحمن بن مهدي، ثنا شعبة عن الحكم، عن عبدالحميد -يعني ابن: عبدالرحمن- عن مقسم، عن ابن عباس "في الذي يأتي امرأته وهى حائض ..." فذكره موقوفاً.
قال ابن مهدي: فقيل لشعبة: إنك كنت ترفعه. قال: إني كنت مجنوناً فصححت.
فقد رجع شعبة عن رفع هذا الحديث وجعله من قول ابن عباس.
أخبرنا أبو محمد عبدالله بن يوسف، أبنا أبو بكر محمد بن (الحسين) القطان، ثنا على بن الحسن الهلالي، ثنا عبدالله بن الوليد العدني، ثنا إبراهيم بن طهمان، حدثني مطر الوراق، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "قال رسول الله ' فيمن وقع على امرأته وهى حائض أنه يتصدق بدينار، أو نصف دينار" هكذا رواه جماعة عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم.
وفي رواية شعبة عن الحكم دلالة على أن الحكم لم يسمعه من مقسم إنما سمعه من عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب عن مقسم.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، أبنا عبدالوهاب بن عطاء، أبنا سعيد، عن قتادة، عن مقسم، عن ابن عباس "أن النبي ' أمره أن يتصدق بدينار أو نصف دينار" ففسره قتادة قال: إن كان واجداً فدينار، وإن لم يجد فنصف دينار.
لم يسمعه قتادة من مقسم.(1/6)
أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر بن إسحاق، أبنا موسى بن الحسن بن (عباد)، ثنا عبدالله بن بكر، ثنا سعيد، عن قتادة، عن عبدالحميد، عن مقسم، عن ابن عباس "أن رجلاً غشى امرأته وهى حائض فسأل رسول الله ' عن ذلك، "فأمره أن يتصدق بدينار أو نصف دينار".
ولم يسمعه أيضاً من عبدالحميد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إسماعيل القاضي، ثنا هدبة بن خالد، ثنا حماد بن الجعد، ثنا قتادة، حدثني الحكم بن عتبة، أن عبدالحميد بن عبدالرحمن حدثه، أن مقسماً حدثه، عن ابن عباس "أن رجلاً أتى النبي ' فزعم أنه أتى -يعني: امرأته وهى حائض- فأمره نبي الله ' أن يتصدق بدينار فإن لم يجد فنصف دينار".
كذا رواه حماد بن جعد، عن قتادة، عن الحكم مرفوعاً.
وفي رواية شعبة عن الحكم دلالة على أن ذلك موقوف.
وكذلك رواه أبو عبدلله الشقري موقوفاً إلا أنه أسقط عبدالحميد من إسناده.
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر بن إسحاق، أبنا علي ابن عبدالعزيز، ثنا عارم، ثنا سعيد بن زيد، ثنا أبو عبدالله الشقري أراه عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس "في الحائض إذا وقع عليها..." الحديث.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أبنا أبو بكر بن داسة قال: قال أبو داود السجستاني: وروى الأوزاعي، عن يزيد بن أبي مالك، عن عبدالحميد بن عبدالرحمن أظنه عن عمر بن الخطاب _ عن النبي ' قال: "أمره أن يتصدق بخمسي دينار".
وهذا اختلاف ثالث في إسناده ومتنه.
رواه إسحاق الحنظلي عن بقية بن الوليد، عن الأوزاعي بهذا الإسناد عن عمر بن الخطاب _ "أنه كانت له امرأة تكره الرجال، وكان كلما أرادها اعتلت له بالحيضة، فظن أنها كاذبة، فأتاها فوجدها صادقة، فأتى النبي ' فأمره أن يتصدق بخمسي دينار".
وكذلك رواه إسحاق، عن عيسى بن يونس، عن زيد بن عبدالحميد، عن أبيه "أن عمر بن الخطاب _ كانت له امرأة ..." فذكره، وهو منقطع بين عبدالحميد وعمر.(1/7)
أخبرنا الحسين بن محمد بن محمد بن علي الروذباري، أبنا أبو بكر محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن الصباح، ثنا شريك، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي ' قال: "إذا وقع الرجل بأهله وهي حائض فليتصدق بنصف دينار".
قال البيهقي: رواه شريك مرة فشك في رفعه، ورواه الثوري عن علي بن بذيمة وخصيف ... فأرسله.
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر بن إسحاق، أبنا أبو المثني، ثنا مسدد، ثنا يحيى، عن سفيان، حدثني علي بن بذيمة وخصيف، عن مقسم، عن النبي ' "في الذي يأتي امرأته وهي حائض ..." الحديث.
خصيف الجزري غير محتج به.
وأخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا أبو الأسود، أبنا نافع بن يزيد، عن ابن جريج، عن أبي أمية عبدالكريم البصري، عن مقسم، عن ابن عباس أن رسول الله ' قال: "إذا أتى أحدكم امرأته في الدم فليتصدق بدينار، وإذا وطئها وقد رأت الطهر ولم تغتسل فليتصدق بنصف دينار".
كذا في رواية ابن جريج.
ورواه ابن أبي عروبة، عن عبدالكريم فجعل التفسير من قول مقسم.
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، أبنا عبدالوهاب بن عطاء، أبنا سعيد، عن عبدالكريم، عن مقسم، عن ابن عباس "أن النبي ' أمره أن يتصدق بدينار أو نصف دينار" وفسر ذلك مقسم فقال: إن غشيها في الدم فدينار، وإن غشيها بعد انقطاع الدم قبل أن تغتسل فنصف دينار.
وقيل: عن سعيد، عن عبدالكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس.(1/8)
أخبرنا أبو علي الروذباري، أبنا أبو طاهر المحمداباذي، ثنا أبو قلابة، ثنا روح بن عبادة، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن عبدالكريم أبي أمية، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله ' قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: "يتصدق بدينار، فإن لم يجد فنصف دينار" وفسره مقسم فقال: إذا كان في إقبال الدم فدينار، وإذا كان في انقطاع الدم فنصف دينار، وإذا لم تغتسل فنصف دينار".
رواه أبو جعفر الرازي، عن عبدالكريم، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي ' في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: "إن كان الدم عبيطاً فليتصدق بدينار، وإن كان في الصفرة فنصف دينار".
أخبرناه أبو الحسن بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا الباغندي والنرسي قالا: ثنا عبيدالله بن موسى العبسي، ثنا جعفر الرازي ... فذكره.
ورواه هشام الدستوائي، عن عبدالكريم ... فوقفه.
أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا هشام الدستوائي، ثنا عبدالكريم أبو أمية، عن مقسم، عن ابن عباس في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار".
هذا أشبه بالصواب، وعبدالكريم بن أبي المخارق أبو أمية غير محتج به.
وروى عن أبي الحسن الجزري، عن مقسم موقوفاً على ابن عباس ما يوافق تفسير مقسم.
أخبرناه أبو علي الروذباري، أبنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا عبدالسلام بن مطهر، ثنا جعفر -يعني: ابن سليمان- عن علي بن الحكم البناني، عن أبي الحسن الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "إذا أصابها في الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار".
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى وأبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا أحمد بن يونس.(1/9)
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران، أبنا جعفر الرزاز، أبنا محمد ابن الهيثم أبو الأحوص، ثنا أحمد بن يونس، ثنا أبو بكر بن عياش، عن ابن عطاء، عن مقسم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ' في الذي يقع على امرأته وهي حائض قال: "يتصدق بدينار أو نصف دينار".
ويعقوب بن عطاء لا يحتج بحديثه.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر بن إسحاق، أبنا محمد ابن أيوب، ثنا محمد بن المنهال، ثنا يزيد بن زريع، ثنا عطاء العطار، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي ' في الذي يأتي امرأته وهي حائض "يتصدق بدينار فإن لم يجد فنصف دينار".
عطاء هو ابن عجلان ضعيف متروك، وقد قيل: عنه عن عطاء وعكرمة، عن ابن عباس، وليس بشيء.
وروى عن عطاء وعكرمة أنهما قالا: "لا شيء عليه يستغفر الله".
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ قال: قال أبو بكر أحمد بن إسحاق وعبد الحميد، وعبدالكريم أبي أمية، وفيهم نظر.
قال البيهقي: وقد قيل عن ابن جريج، عطاء، عن ابن عباس. موقوفاً، فإن كان محفوظاً فهو من قول ابن عباس يصح.
أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا أبو الجواب، ثنا سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس في الرجل يأتي امرأته وهي حائض قال: "إن أناها في الدم تصدق بدينار، وإذا أتاها في غير دم تصدق بنصف دينار".
قال [الإمام أحمد رحمه الله تعالى]: وروى عبدالرازق، عن ابن جريج، عن عطاء قال: "ليس عليه إلا أن يستغفر الله".
والمشهور عن ابن جريج، عن عبدالكريم أبي أمية، عن مقسم، عن ابن عباس كما تقدم، والله أعلم.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أبنا الربيع قال: قال الشافعي -رحمة الله يعني: في كتاب أحكام القرآن- فيمن أتى امرأته حائضاً أو بعد تولية الدم، ولم تغتسل يستغفر الله -تعالى- ولا يعود حتى تطهر وتحل لها الصلاة".(1/10)
وقد روي فيه شيء لو كان ثابتاً أخذنا به ولكنه لا يثبت مثله.
انتهى ما ذكره، والله الموفق للصواب.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث مقسم، عن ابن عباس، عن النبي ' في الذي يأتي امرأته وهي حائض فقال: اختلفت الرواية؛ فمنهم من يروي عن مقسم، عن ابن عباس موقوف، ومنهم من يروي عن مقسم، عن النبي ' مرسلاً، وأما من حديث شعبة فإن يحيى بن سعيد أسنده، وحكى أن شعبة قال: أسنده لي الحكم مرة ووقفه مرة، وقال أبي: لم يسمع الحكم من مقسم هذا الحديث.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: حديث قتادة عن مقسم، ولا أعلم قتادة روى عن عبدالحميد شيئاً ولا عن الحكم.
4- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا أبو عامر عبدالملك بن عمرو العقدي، ثنا زهير بن محمد، ثنا عبدالله بن محمد بن عقيل ح.(1/11)
وأخبرنا أبو عبدالله، ثنا عبدالله بن الحسين القاضي، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا زكريا بن عدي، ثنا عبيدالله بن عمرو الرقي، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة فأتيت رسول الله ' أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم؟ قال: "أنعت لك الكرسف؛ فإنه يذهب الدم". قالت: هو أكثر من ذلك، قال: "فاتخذي ثوباً". قال: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجاً. قال رسول الله ': "سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك عن الآخر، فإن قويت عليهما فأنت أعلم". فقال رسول الله ': "إنما هذه ركضة من ركضات فتحيضي ستة أو سبعة أيام في علم الله -عز وجل- ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثاً وعشرين ليلة أو أربعاً وعشرين وليلة وأيامها؛ فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين فتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك". قال رسول الله ': "وهذا أعجب الأمرين إلي".
وأخبرنا أبو علي الروذباري، أبنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا زهير بن حرب، ثنا عبدالملك بن عمرو ... فذكره بإسناده مثله، إلا أنه زاد عند قوله: "أو أربعاً وعشرين ليلة وأيامها": "وصومي" وزاد أيضاً: "وتغتسلين مع الفجر فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك".
قال أبو دواد: رواه عمرو بن ثابت عن (ابن عقيل) قال: "قالت حمنة: فقلت: هذا أعجب الأمرين إلي" لم يجعله كلام النبي ' وجعله كلام حمنة.
قال البيهقي: وعمرو بن ثابت هذا غير محتج به.(1/12)
وبلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه سمع محمد بن إسماعيل البخاري يقول: حديث حمنة بنت جحش في المستحاضة هو حديث حسن، إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم، لا أدري سمع منه عبدالله بن محمد بن عقيل أم لا. وكان أحمد بن حنبل يقول: هو حديث صحيح.
قال: وأما حمنة بنت جحش فقد قال علي بن المديني: هي أم حبيبة كانت تكني بأم حبيبة وهي حمنة بنت جحش.
أخبرنا بذلك أبو عبدالله الحافظ، أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: سمعت عليّاً يقوله. وخالفه يحيى بن معين فزعم أن المستحاضة أم حبيبة بنت جحش تحت عبدالرحمن بن عوف ليست بحمنة.
أخبرنا بذلك أبو محمد السكري ببغداد، أبنا أبو بكر الشافعي، ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر، ثنا المفضل بن غسان، عن يحيى بن معين ... فذكره.
قال: وحديث ابن عقيل يدل علي أنها غير أم حبيبة، وكان ابن عينية ربما قال في حديث عائشة: حبيبة بنت جحش، وهوخطأ إنما يحتمل أن يكون في المعتادة إلا أنها شكت؛ فأمرها إن كان ستاً أن تتركها ستاً، وإن كان سبعاً أن تتركها سبعاً، والمبتدأة ترجع إلى الأقل الحيض، ويحتمل أن يكون في المبتدأة فترجع إلى الأغلب من حيض النساء. والله أعلم.
انتهى ما ذكره، وحمله هذا الحديث على المعتادة الشاكة أو على المبتدأة ضعيف جداً.
والظاهر أن الحديث إنما هو في الناسية التي لا عادة لها ولا تمييز، والنبي ' لم يستفصل حمنة هل هي مبتدأة أو ناسية واحتمال كونها ناسية أكثر؛ فإن حمنة امرأة عجوز كبيرة، كذلك قال الإمام أبو عبدالله أحمد بن حنبل: ولم يسألها النبي ' عن تمييزها؛ لأنه قد جرى في كلامها من تكثير الدم وصفته ما أغنى عن السؤال عنه، ولم يسأله هل عادة فيردها إليها؛ لاستغنائه عن ذلك بعلمها إياه إذ كان مشتهراً عنه، وقد أمر به أختها أم حبيبة، فلم يكن ليخفى ذلك عليها، فلم يبق إلا أن تكون ناسية.(1/13)
وقد روى حديث حمنة هذا الإمام أحمد في مسنده، عن عبدالملك بن عمرو.
ورواه ابن ماجه والترمذي من حديث ابن عقيل أيضاً، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ورواه عبيدالله بن عمرو الرقي وابن جريج وشريك، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران، عن أمه حمنة إلا أن ابن جريج يقول: عمر بن طلحة، والصحيح: عمران بن طلحة، وسألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن. وهكذا قال أحمد بن حنبل:هوحديث حسن صحيح.
ورواه أيضاً الدارقطني وقال: تفرد به ابن عقيل، وليس بقوي.
وقال الخطابي: وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الحديث؛ لأن ابن عقيل راويه، وليس بذاك.
وقال البيهقي -في بعض كتبه-: تفرد به عبدالله بن محمد بن عقيل، وهو مختلف في الاحتجاج به.
ومن صحح هذا الحديث أو حسنه من الأئمة أعلم ممن تكلم فيه، قد بالغ ابن منده في تضعيف هذا الحديث فقال: حديث حمنة لا يصح عندهم من وجه من الوجوه؛ لأن من رواته ابن عقيل، وقد أجمعوا على ترك حديثه.
وهذا الذي قاله خطأ، وابن عقيل حسن الحديث، والله أعلم.
وقال الحافظ أبو القاسم في الأطراف: قلت: قال محمد بن عمر الواقدي: بعضهم يغلط فيروى أن المستحاضة حمنة بنت جحش، ويظن أن كنيتها: أم حبيبة، وهي -يعني: المستحاضة- حبيبة أم حبيب بنت جحش، فالله أعلم.
وقد ذكر الزبير بن بكار أن أم محمد وعمران ابني طلحة "حمنة بنت جحش" وذكر شباب أن حمنة كانت عند طلحة بن عبيدالله فصح حديث ابن عقيل، ولم يبق إلا صحة كنيتها بأم حبيبة. انتهى كلامه، وفيه نظر.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد، عن عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش في الحيض، فوهنه ولم يقوِّ إسناده. والله أعلم.
5- حديث آخر(1/14)
قال الحافظ أبو أحمد بن عدي في كتاب الكامل في ترجمة خالد ابن سلمة الفأفاء: حدثنا أبو عروبة، ثنا أبو كريب، ثنا يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن خالد بن سلمة، عن البهي، عن عروة، عن عائشة قالت: "كان النبي ' يذكر الله على كل أحيانه".
رواه مسلم في صحيحه عن أبي كريب.
ورواه أبو داود -أيضاً- عن أبي كريب.
ورواه الترمذي، عن كريب ومحمد بن عبيد المحاربي، عن يحيى بن زكريا وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن زكريا.
ورواه ابن ماجه، عن سويد بن سعيد، عن يحيى بن زكريا.
ورواه ابن خزيمة في صحيحه، عن أبي كريب، وعلي بن مسلم، عن ابن أبي زائدة.
وقد روي من غير حديث يحيى.
فرواه الإمام أحمد بن حنبل، عن الوليد بن القاسم، عن زكريا.
ورواه هارون بن معروف، عن إسحاق الأزرق، عن زكريا.
وقال ابن عدي -بعد أن رواه-: وحديث يحيى بن زكريا، عن أبيه، عن خالد. يرويه عن خالد، زكريا بن أبي زائدة.
ثم قال: ولخالد بن سلمة غير ما ذكرت من الحديث، وهو في عداد من يجمع حديثه وحديثه قليل، ولا أرى برواياته بأساً.
وقال الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي ابن المديني ومحمد بن عبدالله بن عمار ويعقوب بن شيبة والنسائي: خالد بن سلمة ثقة. وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه. وذكره أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات.
وقال البخاري عن علي بن المديني: له نحو عشرة أحاديث.
وقال محمد بن حميد الرازي عن جرير: كان خالد بن سلمة، عن البهي، عن عروة، عن عائشة قالت: "كان النبي ' يذكر الله على كل أحيانه" فقال: ليس بذاك، هو حديث لا يروى إلا من (ذا) الوجه. فذكرت أبي زرعة لأبي -رحمه الله- فقال: الذي أرى أن يذكر الله علي كل حال على الكنيف، وغيره على هذا الحديث. والله أعلم وأحكم.
6- حديث آخر(1/15)
قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن حديث رواه عبيدالله القواريري، عن يوسف بن خالد قال: حدثنا عمرو بن سفيان بن أبي البكرات، عن محفوظ بن علقمة، عن الحضرمي -وكان من أصحاب النبي '، عن النبي ' قال: "إذا بال أحدكم فلا يستقبل الريح ببوله فتردَّ عليه" فقلت لأبي زرعة: محفوظ ما حاله؟ قال: لا بأس به، ولكن الشأن في يوسف، كان يحيى بن معين يقول: يكذب.
انتهى ما ذكره، ولم يرو هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة ولا الطبراني في المعجم الكبير ولا الدارقطني والبيهقي في سننهما، ويوسف بن خالد السمتي أجمعوا على تركه.
قال يحيى بن معين: كذاب رجل سوء. وقال ابن عدي: قد أجمع على كذبه أهل بلده.
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الشيوخ، لا تحل الرواية عنه ولا الاحتجاج به بحال.
وقال البيهقي -بعد أن روى له حديث "ثمن الكلب خبيث"-: وهو أخبث منه.
يوسف بن خالد هو السمتي، غيره أوثق منه.
7- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، قرىء على ابن وهب: أخبرك مالك بن أنس.
قال: وحدثنا أبو العباس، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا زيد بن الحباب، ثنا مالك بن أنس، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة، عن كبشة بنت كعب بن مالك -وكانت تحت ابن أبي قتادة- أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرة تشرب منه فأصغى لها أبو قتادة الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت: نعم. فقال: إن رسول الله ' قال: "إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم -أو الطوافات".
هكذا رواه مالك بن أنس في الموطأ، وقد قصر بعض الرواة بروايته فلم يقم إسناده.
قال أبو عيسى: سألت محمداً -يعني: ابن إسماعيل البخاري- عن هذا الحديث فقال: جود مالك بن أنس هذا الحديث وروايته أصح من رواية غيره.(1/16)
انتهى ما رواه، وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل عن عبدالرحمن بن مهدي وإسحاق بن عيسى وحماد بن خالد ثلاثتهم عن مالك قال عبدالرحمن وحماد: "إنها من الطوافين عليكم والطوافات" وقال إسحاق: "أو الطوافات".
ورواه أبو داود، عن القعنبي.
ورواه الترمذي، عن إسحاق بن موسى، عن معن.
ورواه النسائي، عن قتيبة.
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن زيد بن الحباب، كلهم عن مالك. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو حاتم بن حبان في صحيحيهما.
ورواه الدارقطني وقال: إسناد حسن، ورواته ثقات معروفون.
ورواه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه على أنهما على ما أصلاه في تركه غير أنهما قد شهدا جميعاً لمالك بن أنس أنه الحكم في حديث المدنيين، وهذا الحديث مما صححه مالك وأحتج به في الموطأ، ومع ذلك فإن له شاهداً بإسناد صحيح، ثم ساقه من حديث سليمان بن مسافع وسيأتي.
وكبشة بنت كعب بن مالك ذكرها أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات، وذكر حميدة بنت عبيد بن رفاعة أيضاً وهي زوجة إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة وبنت أخت كبشة، قال يحيى بن يحيى الأندلسي عن مالك: حَميدة بالفتح. وقال سائر أصحاب مالك: حُميدة بالضم.
وقال أبو يعلي الموصلي: حدثنا أبو خيثمة، ثنا روح بن عبادة، ثنا حسين المعلم، عن إسحاق بن عبدالله، عن أم يحيى امرأته، عن خالتها ابنة كعب بن مالك أنها قالت: دخل علينا أبو قتادة، فقربنا له وضوءاً، فجاء سنور فقال: إني أظنه عطشان. فأصغى إليه الآناء فشرب منه ثم توضأ بفضله فنظرت إليه، فقال: كأنك تعجبين يا بنت أخي؟ قلت: أجل. قال: فلا تعجبين؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "إنها ليست برجس" -أو قال: "نجس -إنها من الطوافين عليكم".
وقال البيهقي -بعد ذكر حديث مالك-: وقد رواه حسين المعلم بقريب من رواية مالك.(1/17)
أخبرناه أبو الحسن المقرىء، أبنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا خالد بن الحارث، ثنا الحسين المعلم، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أم يحيى، عن خالتها بنت كعب قالت: "دخل علينا أبو قتادة فقربنا إليه وضوءاً فدنا الهر فأصغى إليه فشرب منه، ثم توضأ بفضلة، فنظرت إليه فالتفت إليّ فقال:كأنك تعجبين؟ قلت: نعم. قال: إني سمعت رسول الله ' يقول: "ليس بنجس أو كلمة أخرى- إنما هن من الطوافين الطوافات عليكم".
أم يحيى هي حميدة، وابنة كعب هي كبشة بنت كعب.
وكذلك رواه همام بن يحيى، عن إسحاق.
أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا محمد بن غالب، ثنا الحوضي، ثنا همام بن يحيى ح.
قال: وحدثنا أبو مسلم، ثنا حجاج، ثنا همام بن يحيى، ثنا إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة قال: حدثتني أم يحيى -قال حجاج في روايته: يعني أمرأته -عن خالتها- وكانت عند عبدالله بن أبي قتادة - قالت: دخل علي أبو قتادة فسأل الوضوء فمرت به الهرة فأصغى الإناء إليها، فجعلت أنظر كأني أنكر ما يصنع، فقال: يا بنت أخي، إن رسول الله ' قال لنا: "إنها ليست بنجسة، إنها من الطوافين والطوافات".
وفي حديث الحوضي أن خالتها حدثتها "أنها كانت تحت عبدالله ابن أبي قتادة، فدخل أبو قتادة عليها فدعا بوضوء، فمرت به الهرة فأصغى الإناء إليها فجعلت تنظر إليه كأنها تنكر ما يصنع ..." ثم الباقي مثله.
وقد روى عن (همام بن يحيى، عن يحيى بن أبي كثير) عن ابن قتادة، عن أبيه.
أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد، ثنا تمتام، ثنا عفان، ثنا همام، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه أنه كان يتوضأ فمرت به هرة، فأصغى إليها وقال: إن رسول الله ' قال: "ليس بنجس".
وقد رواه الشافعي _ عن الثقة، عن يحيى بن أبي كثير، وروي من وجه آخر عن ابن أبي قتادة.(1/18)
أخبرناه أبو الحسن المقرىء، أبنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا عبدالله بن عبدالوهاب الحجبي، ثنا عبدالواحد، ثنا الحجاج، عن قتادة بن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: "كان أبو قتادة يصغي الإناء للهر فيشرب ثم يتوضأ به، فقيل له في ذلك فقال: ما صنعت إلا ما رأيت رسول الله ' يصنع".
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، ثنا أبو عثمان البصري، ثنا أبو أحمد محمد بن عبدالوهاب، أبنا يعلى بن عبيد، ثنا سفيان، عن خالد، عن عكرمة قال: "لقد رأيت أبا قتادة يقرب طهوره إلى الهر فتشرب منه، ثم يتوضأ بسؤوها".
وكل ذلك شاهد لصحة رواية مالك.
ومن شواهده ما:
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن موسى القاضي ببخاري، أبنا محمد بن أيوب، أبنا محمد بن عبدالله ابن أبي جعفر الرازي، ثنا سليمان بن مسافع بن شيبة الحجبي قال: سمعت منصور بن صفية بنت شيبة، يحدث عن أمه صفية، عن عائشة أن رسول الله ' قال في الهرة: "إنها ليست بنجس، هي كبعض أهل البيت".
ومنها ما:
أخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى الخطيب، أبنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر، ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا عبدالعزيز بن محمد، أخبرني داود بن صالح التمار، عن أمه "أن مولاة لها أهدت إلى عائشة صحفة هريسة، فجاءت بها وعائشة قائمة تصلي، فأشارت إليها عائشة أن ضعيها فوضعتها وعند عائشة نسوة فجاءت للنسوة: كلن. فجعلن يتقين موضع فم الهرة، فأخذتها عائشة فأدارتها ثم أكلتها وقالت: إن رسول الله ' قال: "إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين والطوافات عليكم"، وقد رأيت رسول الله ' يتوضأ بفضلها.
وروى من أوجه أخر عن عائشة في معناه، وفيما ذكرنا كفاية.
انتهى ما ذكره.(1/19)
وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي وأبي زرعة في حديث مالك، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيد ابن رفاعة، عن كبشة بنت كعب بن مالك -وكانت تحت ابن أبي قتادة- أن أبا قتادة قال: "قال رسول الله ' في الهر: ليست بنجس، هي من الطوافات" فقلت لهما: إن حسين المعلم وهمام يقولان عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أم يحيى، فقالا: اسمها: حميدة وكنيتها: أم يحيى.
8- حديث آخر
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم قال: "قرىء علينا كتاب رسول الله ' بأرض جهينة وأنا غلام شاب: أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".
وقال أيضاً: حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم، ثنا الثقفي، عن خالد، عن الحكم بن عتيبة "أنه انطلق هو وناس معه إلى عبدالله بن عكيم -رجل من جهينة- قال الحكم: فدخلوا وقعدت على الباب فخرجوا إلي فأخبروني أن عبدالله بن عكيم أخبرهم أن رسول الله ' كتب إلى جهينة قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".
قال البيهقي: وقد قيل في هذا الحديث من وجه آخر قبل وفاته بأربعين يوماً وقيل: عن عبدالله بن عكيم قال: ثنا مشيخة لنا من جهينة أن النبي ' كتب إليهم، وذلك يرد -إن شاء الله.
أخبرنا أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبدالجبار السكري ببغداد، أبنا محمد بن عبدالله الشافعي، ثنا جعفر بن محمد ابن الأزهر، ثنا المفضل بن غسان قال: قال أبو زكريا -يعني: يحيى ابن معين-: حديث عبدالله بن عكيم "جاءنا كتاب رسول الله ': لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" في حديث ثقات الناس. حدثنا أصحابنا "أن النبي ' كتب: أن لا تنتفعوا".
قال البيهقي: يعني به أبو زكريا -رحمه الله- تعليل الحديث بذلك، وهو محمول عندنا على ما قبل الدبغ بدليل ما هو أصح منه في الأبواب التي تليه.(1/20)
وقال أيضاً: أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، أبنا أبو الوليد الفقيه، ثنا (البوسنجي) ثنا سليمان بن عبدالرحمن، ثنا أيوب بن حسان، ثنا يزيد بن أبي مريم ح.
وأخبرنا أبو عبدالله، ثنا أبو الوليد قال: وثنا الحسن بن سفيان، ثنا الحكم بن موسى، ثنا صدقة، عن يزيد بن أبي مريم، ثنا القاسم بن مخيمرة، ثنا عبدالله بن عكيم، ثنا مشيخة لنا من جهينة "أن النبي ' كتب إليهم: أن لا تستمتعوا من الميتة بشيء".
وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا وكيع وابن جعفر قالا: ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى -قال ابن جعفر: سمعت ابن أبي ليلى- عن عبدالله بن عكيم الجهني قال: "أتانا كتاب النبي ' ونحن بأرض جهينة وأنا غلام شاب: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".
حدثنا خلف بن الوليد، ثنا عباد -يعني ابن عباد- ثنا خالد الحذاء، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم الجهني قال: "أتانا كتاب رسول الله ' بأرض جهينة وأنا غلام شاب قبل وفاته بشهر [أو شهرين: أن لا تنتفعوا] من الميتة بإهاب ولا عصب".
وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي وموسى بن هارون قالا: ثنا محمد بن طريف، أبنا محمد بن فضيل، عن الأعمش والشيباني، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم قال: "أتانا كتاب النبي ': أن الا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".
حدثنا الحسن بن عليل العنزي والحسين بن إسحاق والقاسم بن زكريا قالوا: ثنا أبو كريب، ثنا أبو أسامة، ثنا مساور الوراق، ثنا هلال بن أبي حميد الأنصاري، عن عبدالله بن عكيم قال: "كتب إلينا رسول الله ': أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".
رواه الإمام أحمد، عن إبراهيم بن أبي العباس، عن شريك، عن هلال.(1/21)
قال الترمذي: حدثنا محمد بن طريف الكوفي، ثنا محمد بن فضيل، عن الأعمش والشيباني، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم قال: "أتانا كتاب رسول الله ': أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".
قال الترمذي: هذا حديث حسن، ويروى عن عبدالله بن عكيم عن أشياخ له هذا الحديث، وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وقد روي هذا الحديث عن عبدالله بن عكيم أنه قال: "أتانا كتاب النبي ' قبل وفاته بشهرين".
سمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين. وكان يقول: هذا آخر أمر النبي '. ثم ترك أحمد هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده حيث روى بعضهم فقال: عن عبدالله بن عكيم، عن أشياخ من جهينة.
وقد روى حديث عبدالله بن عكيم أيضاً ابن ماجه والنسائي وأبو حاتم بن حبان البستي وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث عبدالله بن عكيم "جاءنا كتاب النبي ' قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" فقال أبي: لم يسمع عبدالله بن عكيم من النبي ' وإنما هو كتابه.
انتهى ما ذكره ابن أبي حاتم في العلل، وقال في المراسيل: عبدالله بن عكيم، سألت أبي عن عبدالله بن عكيم قلت: إنه يروي عن النبي ' أنه قال: "من علق شيئاً وكل إليه" فقال: ليس له سماع من النبي ' إنما كتب إليه. قلت: أحمد بن سنان أدخله في مسنده. قال: من شاء أدخله في مسنده على المجاز.
قال أبو زرعة في حديث ابن عكيم: كتب إليه النبي '. فقال أبو زرعة: لم يسمع ابن عكيم من النبي ' وكان في زمانه.
سمعت أبي يقول: لا يعرف له سماع صحيح، أدرك زمان النبي '.
9- حديث آخر
قال أبو حاتم بن حبان البستي في كتاب الضعفاء: عوبد بن أبي عمران الجوني يروي عن أبيه. روى عنه عبدالله بن المثنى وسليمان بن داود الشاذكوني. كان ممن يتفرد عن أبيه بما ليس من حديثه توهماً على قلة روايته؛ فبطل الاحتجاج بخبره.(1/22)
روى عن أبيه، عن أنس بن مالك قال: أوصاني رسول الله ' بخمس خصال، قال لي: "يا أنس أسبغ الوضوء يزد في عمرك، وسلم على من لقيت من أمتي تكثر حسناتك، وإذا دخلت فسلم على أهل بيتك يكثر خير أهل بيتك، وصل صلاة الضحى؛ فإنها صلاة الأوابين قبلك، يا أنس، ارحم الصغير ووقر الكبير تكن من رفقائي يوم القيامة".
حدثناه محمد بن مسلمة بن قرباء بعسقلان، ثنا محمد بن عمرو بن العباس، ثنا عوبد بن أبي عمران، عن أبيه.
وقال ابن عدي: ثنا أبو عروبة الحراني، ثنا (أبو موسى) ثنا عوبد بن أبي عمران الجوني، عن أبيه قال لنا أنس بن مالك: أوصاني النبي ' فقال: "يا أنس، أسبغ الوضوء يزاد في عمرك".
(ثنا سعيد بن عبدالله الخاقاني، ثنا أحمد بن المقدام، ثنا عوبد ابن أبي عمران الجوني، عن أبيه، عن أنس قال: "أوصاني النبي ' ...") فذكر الحديث بطوله الذي ذكره ابن حبان.
قال ابن عدي: وعوبد بيّن على حديثه الضعف. وقال عباس عن يحيى بن معين: عوبد بن أبي عمران ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الجوزجاني: آية من الآيات.
وقال العقيلي في كتاب الضعفاء: أزور بن غالب.
حدثني آدم قال: سمعت البخاري قال: أزور بن غالب منكر الحديث. ومن حديثه ما.
حدثناه محمد بن أحمد بن النضر الأزدي، ثنا يحيى بن يوسف (الزمي) ثنا يحيى بن سليم الطائفي، عن الأزور بن غالب، عن سليمان التيمي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ': "يا أنس، أسبغ الوضوء يزد في عمرك، وسلم على أهلك يكثر خير بيتك، ويا أنس سلم على من لقيت من أمتي تكثر حسناتك، يا أنس، لا تبيتن إلا وأنت طاهر؛ فإنك إن مت مت شهيداً، وصل صلاة الضحى؛ فإنها صلاة الأوابين قبلك، وصل بالليل والنهار تحبك الحفظة، ووقر الكبير وارحم الصغير تلقاني غداً".
قال العقيلي: لم يأت به عن سليمان التيمي غير الأزور هذا، ولهذا الحديث عن أنس طرق ليس منها طريق من وجه يثبت.
وقال أيضاً في حرف الباء: بكر أبو عتبة الأعنق، عن ثابت وعطاء.(1/23)
حدثني آدم قال: سمعت البخاري قال: بكر أبو عتبة الأعنق، عن ثابت وعطاء لا يتابع عليه. ومن حديثه ما.
حدثناه محمد بن إسماعيل، ثنا يونس بن محمد المؤدب، ثنا بكر الأعنق، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله ': "يا أنس، أسبغ الوضوء يزد في عمرك، وصل من الليل والنهار ما استطعت تحبك الحفظة، وصل صلاة الضحى؛ فإنها صلاة الأوابين، وإن استطعت أن لا تنام إلا على طهارة؛ فإنك إن مت مت شهيداً، وسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك، ووقر الكبير وارحم الصغير ترافقني في الجنة".
قال العقيلي: ليس لهذا المتن عن أنس إسناد صحيح.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن أحاديث تروى عن أنس بن مالك عن النبي ' في إسباغ الوضوء يزيد في العمر، وذكرت لهما الأسانيد المروية في ذلك، فضعفاها كلها وقالا: ليس في إسباغ الوضوء يزيد في العمر حديث صحيح.
انتهى ما ذكره، ولم أقف على شيء من الأسانيد في هذا والله أعلم.
10- حديث آخر
قال ابن ماجه: حدثنا الحسن بن علي الخلال، ثنا يزيد بن هارون، أبنا يزيد بن عياض، ثنا أبو ثفال: عن رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان، أنه سمع جدته ابنة سعيد بن زيد تذكر أنها سمعت أباها سعيد بن زيد يقول: قال رسول الله ': "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لا يذكر اسم الله".
وقال الترمذي: حدثنا نصر بن علي الجهضمي وبشر بن معاذ العقدي قالا: ثنا بشر بن المفضل، عن عبدالرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن جدته، عن أبيها قال: سمعت النبي ' يقول: "لا وضوء لمن لا يذكر اسم الله".(1/24)
قال الترمذي -بعد أن رواه-: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسناد جيد. وقال محمد: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبدالرحمن. قال الترمذي: ورباح بن عبدالرحمن، عن جدته، عن أبيها، وأبوها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبو ثفال المري اسمه: ثمامة بن حصين، ورباح بن عبدالرحمن هو أبو بكر بن حويطب، منهم من روى هذا الحديث فقال: عن أبي بكر بن حويطب. فنسبه إلى جده.
وروى هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل وابنه عبدالله جميعاً عن الهيثم بن خارجة، عن حفص بن ميسرة، عن ابن حرملة.
ورواه أحمد، عن عفان، عن وهيب، عن ابن حرملة.
ورواه أيضاً عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن شيبان، عن يزيد ابن عياض.
ورواه الدارقطني عن ابن صاعد، عن سلمة بن شبيب، عن ابن أبي فديك، عن ابن حرملة.
ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده، عن الحسن بن أبي جعفر الجفري، عن أبي ثفال.
ورواه سعيد بن منصور، عن عبدالله بن جعفر، عن أبي ثفال.
وقال الهيثم بن كليب الشاشي: حدثنا محمد بن علي الوراق، ثنا عفان، ثنا وهيب، ثنا عبدالرحمن بن حرملة أنه سمع أبا غالب يحدث يقول: سمعت رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان بن حويطب يقول: حدثتني جدتي أنها سمعت أباها يقول: سمعت رسول الله ' يقول: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار".
كذا رواه فقال: عبدالرحمن بن حرملة سمع أبا غالب. وهو غلط، والصواب سمع أبا ثفال وهو المري الشاعر، واسمه: ثمامة بن وائل بن حصين بن حمام، قال البخاري: في حديثه نظر. وقال الإمام أحمد بن حنبل: من أبو ثفال؟!.
وقال ابن عبدالبر: أبو بكر بن حويطب يقال: اسمه رباح.
ويقال: اسمه كنيته. روى عن جدته، يقال: حديثه مرسل.(1/25)
وقد سئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: رواه عبدالرحمن بن حرملة الأسلمي عن أبي ثفال، واختلف عنه فقال وهيب وبشر بن المفضل وابن أبي فديك وسليمان بن بلال: عن ابن حرملة، عن أبي ثفال، عن رباح، عن جدته، عن أبيها، عن النبي ' وذكر الاختلاف فيه، وقال: والصحيح قول وهيب وبشر بن المفضل ومن تابعهما.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا عفان، ثنا وهيب، ثنا عبدالرحمن بن حرملة أنه سمع أبا ثفال يحدث قال: سمعت رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان بن حويطب يقول: حدثتني جدتي أنها سمعت أباها يقول: سمعت رسول الله ' يقول: "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار".
ورواه من طريق الحميدي عن ابن فديك، عن ابن حرملة ثم قال: أبو ثفال المري يقال: اسمه ثمامة بن وائل. وقيل: ثمامة بن حصين.
وجدة رباح هي أسماء بنت (سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل).
ثم قال: وبلغني عن أبي عيسى الترمذي، عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال: ليس في الباب حديث أحسن عندي من حديث رباح بن عبدالرحمن.
قال أبو عيسى: وروي هذا الحديث عن حماد بن سلمة، عن صدقة مولى ابن الزبير، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب، عن النبي ' وهو حديث مرسل.
قال البيهقي: وأبو ثفال ليس بالمعروف جداً.
وقال أبو حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة -وذكرت لهما حديثاً رواه عبدالرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال قال: سمعت رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان بن حويطب قال: أخبرتني جدتي، عن أبيها أن رسول الله ' قال: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله"- فقالا: ليس عندنا بذاك الصحيح، أبو ثفال مجهول، ورباح مجهول.(1/26)
انتهى ما ذكره، وقد روي في اشتراط التسمية على الوضوء أحاديث كثيرة غير هذا كحديث أبي سعيد و........ أبي هريرة وغيرهما ولا يخلو كل واحد منهما من مقال، لكن الأظهر أن الحديث في ذلك بمجموع طرقه حسن أو صحيح.
قال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة: ثبت لنا أن النبي ' قال: "لا وضوء لمن لم يسم" وقد اختار اشتراط التسمية على الوضوء من أصحابنا: أبو بكر الخلال، وصاحبه أبو بكر عبدالعزيز، وأبو إسحاق بن شاقلا، والقاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وصاحب النهاية، وابن الجوزي، وأبو البركات صاحب المحرر وغيرهم، وهذا القول هو الصحيح -إن شاء الله.
11- حديث آخر
قال محمد بن إسحاق بن خزيمة في صحيحه: ومحمد بن هارون الروياني: حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو داود، ثنا خارجة بن مصعب، عن يونس، عن الحسن عن عتي بن ضمرة السعدي، عن أبي بن كعب، عن النبي ' قال: "إن للوضوء شيطاناً يقال له: ولهان؛ فاتقوا وسواس الماء" اللفظ واحد.
وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل: (حدثني محمد بن المثنى أبو موسى العنزي) ثنا أبو داود، ثنا خارجة بن مصعب، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي، عن أبي، عن النبي ' قال: "للوضوء شيطان يقال له: الولهان؛ فاتقوه -أو قال: فاحذروه".
رواه الترمذي وابن ماجه جميعاً عن محمد بن بشار، وقال الترمذي: حديث غريب وليس إسناده بالقوي، لا نعلم أحداً أسنده غير خارجة، وقد روى من غير وجه عن الحسن: قوله، ولا يصح في هذا الباب عن النبي ' شيء، وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا، وضعفه ابن المبارك.
وقد روى ابن عدي هذا الحديث في ترجمة خارجة وقال: وهذا يرويه عن يونس بن عبيد خارجة. ثم قال في آخر ترجمته: وخارجة بن مصعب له حديث كثير وهو ممن يكتب حديثه، وعندي أنه إذا خالف في الإسناد أو المتن فإنه يغلط ولا يتعمد.(1/27)
وقد تكلم في خارجة خلائق من الأئمة، كالإمام عبدالله بن المبارك، ووكيع، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وابن سعد، والجوزجاني، والنسائي، ويعقوب بن سفيان، وأبي حاتم الرازي، وابن خراش، والحاكم أبي أحمد، والدارقطني، وابن حبان، والأزدي وغيرهم، وصحح حديثه ابن خزيمة والحاكم.
وقال مسلم: سمعت يحيى ين يحيى -وسئل عن خارجة بن مصعب- فقال: خارجة عندنا مستقيم الحديث، ولم نكن ننكر من حديثه إلا ما يدلس عن غياث؛ فإنا كنا قد عرفنا تلك الأحاديث فلا نعرض لها.
وقال محمد بن سعد: اتقى الناس حديثه فتركوه.
وقد روى هذا الحديث الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده عن أبي بكر بن أبي خيثمة، عن موسى بن إسماعيل المنقري، عن محمد بن دينار، عن يونس.
لكن محمد بن دينار هو أبو بكر الطاحي وقد ضعفه يحيى بن معين، وقال أبو أحمد بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا خارجة بن مصعب، ثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي السعدي، عن أبي بن كعب، عن النبي ' أنه قال: "إن للوضوء شيطاناً يقال له: الولهان؛ فاحذروه -أو قال: فاتقوه".
وقال غيره عن أبي داود في هذا الحديث: "فاحذروه، واتقوا وسواس الماء".
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، ثنا علي بن عيسى بن إبراهيم، ثنا محمد بن صالح بن جميل، ثنا عبدة بن عبدالله الصفار ومحمد بن بشار قالا: ثنا أبو داود ... فذكره مثله. وقال في إسناده: عن عتي ابن ضمرة. وهذا الحديث معلول برواية الثوري، عن بيان، عن الحسن، بعضه من قوله غير مرفوع، وباقيه عن يونس بن عبيد من قوله غير مرفوع، والله أعلم.
وذلك فيما أخبرنا أبو بكر بن إبراهيم الأصبهاني، أبنا أبو نصر أحمد بن عمرو العراقي، ثنا سفيان بن محمد، أبنا علي بن الحسن، ثنا عبدالله بن الوليد، عن سفيان، عن بيان، عن الحسن قال: "شيطان الوضوء يدعى: الولهان، يضحك بالناس في الوضوء".
وعن سفيان، عن يونس قال: "كان يقال: إن للماء وسواساً؛ فاتقوا وسواس الماء".(1/28)
وعن سفيان، عن حصين، عن هلال بن يساف قال: "كان يقال في كل شيء إسراف، حتى في الطهور وإن كان على شاطىء النهر".
هكذا رواه غير خارجة بن مصعب، عن الحسن ويونس بن عبيد، وخارجة يتفرد بروايته مسنداً وليس بالقوي في الرواية، والله أعلم.
وقد روي بإسناد آخر ضعيف عن عمران بن حصين مرفوعاً (معنى) ما روينا عن يونس بن عبيد.
حدثنا أبو سعد عبدالملك بن أبي عثمان الزاهد وأبو الحسن العلاء بن محمد بن أبي سعيد الإسفرايني قالا: أبنا أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر التيمي، ثنا عبدالله بن محمد بن ناجية، ثنا محمد بن حصين الأصبحي، ثنا يحيى بن كثير، عن سليمان التيمي، عن أبي العلاء بن الشخير، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ': "اتقوا وسواس الماء؛ فإن للماء وسواساً وشيطاناً".
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر حديثاً رواه خارجة بن مصعب، عن يونس، عن الحسن، عن (عتي) عن أبي بن كعب، عن النبي ' "إن للوضوء شيطاناً يقال له: الولهان؛ فاحذروه" فقال أبي: كذا رواه خارجة وأخطأ فيه، ورواه الثوري، عن يونس، عن الحسن: قوله، ورواه غير الثوري، عن يونس، عن الحسن أن النبي ' مرسل.
قال ابن أبي حاتم: وسئل أبو زرعة عن هذا الحديث، فقال: رفعه إلى النبي ' منكر.
وسيأتي كلام أبي زرعة على هذا الحديث في موضع آخر -إن شاء الله- والله أعلم.
12- حديث آخر
قال أبو داود: حدثنا حميد بن مسعدة، ثنا معتمر قال: سمعت ليثاً يذكر عن طلحة، عن أبيه، عن جده قال: "دخلت -يعني: على النبي ' وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره، فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق".
قال أبو داود في حديث آخر لليث بن أبي سليم، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده في الوضوء. قال مسدد: فحدثت به يحيى -يعني: القطان- فأنكره. قال أبو داود: وسمعت أحمد يقول: ابن عيينة زعموا كان ينكره ويقول: أيش هذا طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده؟!.(1/29)
وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سمعت علي بن عبدالله المديني يقول: قلت لسفيان: إن ليثاً روى عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده "أنه رأى النبي ' توضأ" فأنكر ذاك سفيان -يعني: ابن عيينة- وعجب أن يكون جد طلحة لقي النبي '. قال علي: وسألت عبدالرحمن -يعني: ابن مهدي- عن نسب جد طلحة فقال: عمرو ابن كعب أو كعب بن عمرو، وكانت له صحبة.
وقال غيره: عمرو بن كعب لم يشك فيه.
وقال عباس بن محمد الدوري: قلت ليحيى بن معين: طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده، رأى جده النبي '؟ فقال يحيى: المحدثون يقولون: قد رآه. وأهل بيت طلحة يقولون: ليست له صحبة.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه معتمر، عن ليث، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده "دخلت على النبي ' فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق" فلم يثبته، وقال: طلحة هذا يقال: إنه رجل من الأنصار. ومنهم من يقول: هو طلحة بن مصرف ولو كان طلحة بن مصرف لم يختلف فيه".
13- حديث آخر
قال أبو حاتم بن حبان البستي في كتاب الضعفاء في ترجمة أبي بكر بن عبدالله بن أبي مريم: حدثنا الحسن بن سفيان، ثنا الوليد بن عتبة، ثنا بقية، ثنا ابن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، عن أبي الدرداء أن رسول الله ' توضأ بأعلى نهر، فلما فرغ من وضوئه أفرغ فضله في النهر، وقال: "يبلغه الله قوماً ينفعهم فيه".
هذا الحديث غير مخرج في السنن وهو منقطع، وأبو بكر بن أبي مريم ضعفه غير واحد من الأئمة، قال ابن حبان: كان من خيار أهل الشام ولكنه كان رديء الحفظ يحدث بالشيء ويهم فيه، لم يفحش ذلك منه حتى استحق الترك، ولا سلك سنن الثقات حتى صار يحتج به، فهو عندي ساقط الاحتجاج به إذا انفرد. وذكره ابن عدي فيمن اسمه بكير، وقال: اسم أبي بكر يقال: بكير، ويقال: اسمه عبدالسلام ابن حميد. ولم يذكر هذا الحديث في ترجمته، وقال فيه: هو ممن لا يحتج بحديثه ولكن يكتب حديثه.(1/30)
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي في حديث بقية عن بكر بن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، عن أبي الدرداء "أن النبي ' توضأ من نهر وفضلت فضلة، فرده في النهر" فقال أبي: حبيب عن أبي الدرداء مرسل.
14- حديث آخر
قال الدارقطني: حدثنا محمد بن مخلد، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا علي بن جعفر بن زياد الأحمر، ثنا عبدالرحيم بن سليمان، ثنا أشعث، عن الحسن، عن أبي موسى، عن النبي ' قال: "الأذنان من الرأس".
هذا الحديث غير مخرج في شيء من السنن الأربعة والصواب وقفه على أبي موسى. قال الدارقطني: رفعه علي بن جعفر، عن عبدالرحيم والصواب موقوف، والحسن لم يسمع من أبي موسى.
حدثنا به جعفر بن محمد الواسطي، ثنا موسى بن إسحاق، ثنا عبدالله بن أبي شيبة، ثنا عبدالرحيم، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي موسى، قال: "الأذنان من الرأس" موقوف.
تابعه إبراهيم بن موسى الفراء وغيره عن عبدالرحيم.
وقال الحافظ أبو أحمد بن عدي في ترجمة أشعث بن سوار:
حدثنا علي بن سعيد بن بشير، ثنا علي بن جعفر بن زياد الأحمر، ثنا عبدالرحيم بن سليمان، عن أشعث بن سوار النجار، عن الحسن، عن أبي موسى قال: قال رسول الله ': "الأذنان من الرأس".
حدثناه حاجب بن مالك، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا علي بن جعفر الأحمر بإسناده نحوه.
قال ابن عدي: ولا أعلم رفع هذا الحديث عن عبدالرحيم غير علي بن جعفر، ورواه غيره موقوفاً عن عبدالرحيم.
أخبرناه الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبدالرحيم ... موقوف. انتهى ما ذكره.
وأشعث بن سوار مختلف فيه، وثقه بعض الأئمة وضعفه آخرون منهم، وقال ابن عدي: يكتب حديثه، فأشعث بن عبدالملك خير منه.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي بكر - وذكر حديث علي بن جعفر الأحمر، عن عبدالرحيم بن سليمان، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي ' قال: "الأذنان من الرأس".(1/31)
فقال أبي: ذاكرت أبا زرعة بهذا الحديث فقال: ثنا إبراهيم بن موسى، عن عبدالرحيم فقال: عن أبي موسى ... موقوف.
15- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي -وذكر حديثاً رواه قراد أبو نوح، عن شعبة، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل- قال: "توضأ عمر وبقي بعض رجله قطعة لم يصبها الماء، فأمره رسول الله ' أن يعيد الوضوء" فقال أبي: أبو المتوكل لم يسمع من عمر، وإسماعيل هذا ليس به بأس. انتهى ما ذكره.
ولم يخرج أحد من أهل السنن هذا الحديث، ولم أره في معجم الطبراني ولا في سنن الدارقطني ولا في السنن الكبير للبيهقي، وقد فتشت عليه في كتب أخر فلم أره، وإسماعيل بن مسلم هذا هو العبدي البصري روى له مسلم في صحيحه، ووثقه الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وقال أبو حاتم عن مسلم بن إبراهيم: كان شعبة يقول لنا: اذهبوا إلى إسماعيل بن مسلم العبدي.
ولم يذكر شعبة الرواة عن إسماعيل هذا -البخاري في تاريخه ولا ابن أبي حاتم في كتابه ولا شيخنا أبو الحجاج في كتاب تهذيب الكمال، ولم يذكر الحافظ أبو عبدالله محمد بن إسحاق بن منده في معجم شعبة أنه روى عن إسماعيل هذا شيئاً؛ بل قال شعبة عن إسماعيل بن مسلم العبدي: بصري سمع أبا الطفيل.
أخبرنا أحمد بن سعد البغدادي بتنيس، ثنا أبو مليل محمد بن عبدالعزيز بن ربيعة الكلابي، ثنا أبي، ثنا عبدالعزيز بن أبان، ثنا إسماعيل بن مسلم العبدي، قال عبدالعزيز: وكان شعبة يثني عليه. لم يزد على هذا.
وقد روي في الموالاة في الوضوء أحاديث عدة من حديث عمر وغيره.
قال أبو داود: حدثنا حيوة بن شريح، ثنا بقية، عن (بحير) -يعني: ابن سعد- عن خالد -يعني: ابن معدان- عن بعض أصحاب النبي ' "أن النبي ' رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي ' أن يعيد الوضوء والصلاة".
قال البيهقي: كذا في الحديث وهو مرسل.(1/32)
وليس كما قال؛ فإن المرسل ما رواه التابعي عن النبي ' وهذا من رواية بعض أصحابه عنه، وجهالة الصحابي لا تضر، وإسناد هذا الحديث جيد، ورواية بقية عن بحير صحيحة سواء صرح بالتحديث أم لا مع أنه قد صرح في هذا الحديث بالتحديث.
قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، ثنا بقية، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن بعض [أزواج] النبي ' "أن رسول الله ' رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره رسول الله ' أن يعيد الوضوء".
قال الأثرم: قلت لأحمد: هذا إسناد جيد؟ قال: نعم.
قال البيهقي: وروى في حديث موصول كما أخبرنا الحسين بن محمد بن الفقيه، أبنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، عن جرير بن حازم أنه سمع قتادة بن دعامة قال: أخبرنا أنس أن رجلا جاء إلى رسول الله ' وقد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظفر، فقال له رسول الله ': "ارجع فأحسن وضوءك".
قال أبو داود: وليس هذا الحديث بمعروف لم يروه عن جرير بن حازم إلا ابن وهب -يعني: بهذا الإسناد.
قال أبو داود: ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، أبنا يونس وحميد، عن الحسن، عن النبي ' ... بمعنى حديث قتادة. وهذا مرسل.
قال أبو داود: وقد روي عن معقل بن عبيدالله الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر، عن النبي ' نحوه "قال: ارجع فأحسن وضوءك". فرجع ثم صلى.
قال البيهقي: أخبرناه أبو نصر بن قتادة، ثنا أبو الحسن محمد أبي أحمد بن زكريا، ثنا أبو الفضل أحمد بن سلمة البزاز، ثنا الحسن بن محمد بن أعين، ثنا معقل ... فذكره بنحوه.
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن سلمة بن شبيب -يعني: عن الحسن- ورواه أبو سفيان عن جابر بخلاف ما رواه أبو الزبير.(1/33)
أخبرناه أبو بكر محمد بن إبراهيم الحافظ، أبنا أحمد بن عمرو بن محمد العراقي، ثنا سفيان بن محمد، أبنا علي بن الحسن بن أبي عيسى، ثنا عبدالله بن الوليد العدني، عن سفيان -يعني: الثوري- عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: "رأى عمر بن الخطاب رجلا توضأ فبقي في رجله لمعة، فقال: أعد الوضوء".
وعن سفيان عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمر بن الخطاب _ مثله.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا موسى بن داود، ثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر أن عمر بن الخطاب أخبره أنه رأى رجلا توضأ للصلاة، فترك موضع ظفر قدمه، فأبصره النبي ' فقال: "ارجع فأحسن وضوءك". فرجع فتوضأ، ثم صلى.
وقال ابن ماجه في سننه: حدثنا حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب، ثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب قال: "رأى رسول الله ' رجلا يتوضأ فترك موضع الظفر على قدمه، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، قال: فرجع".
ورواه عن محمد بن حميد، عن زيد بن الحباب، عن ابن لهيعة.
وقال أبو الفضل الهروي الحافظ في الأحاديث التي عللها في صحيح مسلم: ووجدت فيه من حديث ابن أعين، عن معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب _ "أن النبي ' رأى رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه".
وهذا الحديث إنما يعرف من حديث ابن لهيعة، عن أبي الزبير بهذا اللفظ، وابن لهيعة لا يحتج به، وهو خطأ عندي؛ لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان، عن جابر، فجعله من قول عمر.
وقال البيهقي: وقد روي عن عمر ما دل على أن أمره بالوضوء كان على طريق الاستحباب، وإنما غسل تلك اللمعة فقط.(1/34)
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الفقيه، أبنا علي بن عمر الحافظ، ثنا أحمد بن عبدالله، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا هشيم، عن الحجاج وعبدالملك، عن عطاء، عن عبيد بن عمير الليثي "أن عمر بن الخطاب _ رأى رجلا وبظهر قدمه لمعة ولم يصبها الماء، فقال له عمر: أبهذا الوضوء تحضر الصلاة؟! قال:يا أمير المؤمنين، البرد شديد وما معي ما يدفئني. فرق له بعدما هم به، فقال له: اغسل ما تركت من قدمك وأعد الصلاة وأمر له بخميصة".
أخبرنا (أبو الحسن محمد بن حم المهرجاني الفقيه) ثنا أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر، ثنا داود بن الحسين البيهقي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا مالك بن أنس، عن نافع "أن ابن عمر توضأ في السوق فغسل يديه ووجهه وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم دخل المسجد فمسح على خفيه بعدما جف وضوؤه وصلى".
قال: وهذا صحيح عن ابن عمر، وشهور عن قتيبة بهذا اللفظ، وكان عطاء لا يرى بتفريق الوضوء بأساً وهو قول الحسن والنخعي، وأصح قولي الشافعي _.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرىء، أبنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا عبدالله بن عبدالوهاب، ثنا عبدالواحد بن زياد، عن ليث، ثنا عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة -أو عن أخي أبي أمامة- قال: رأى رسول الله ' قوماً على أعقاب أحدهم مثل موضع الدرهم -أو مثل موضع ظفر- لم يصبه الماء، قال: فجعل يقول: "يل للأعقاب من النار!" قال: وكان أحدهم ينظر فإذا رأى بعقبه موضعاً لم يصبه الماء أعاد وضوءه.
قال: وهذا إن صح فشيء اختاروه لأنفسهم، وقد يحتمل أن يريد به أعاد وضوء ذلك الموضع فقط. انتهى ما ذكره، وفي بعض ما قاله نظر، والله أعلم.
16- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول في حديث الوليد، عن ثور ابن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة "أن النبي ' مسح أعلى الخف وأسفله".
فقال :ليس بمحفوظ، وسائر الأحاديث عن المغيرة أصح.(1/35)
انتهى ما ذكره، وقد تقدم الكلام على هذا الحديث مطولاً، والله أعلم.
17- حديث آخر
قال الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ويحيى بن منصور القاضي ومحمد بن جعفر المزكي -قال أبو بكر: أبنا. وقالا: ثنا- أبو عبدالله محمد بن [إبراهيم] (البوسنجي) ثنا ابن بكير، حدثني الليث، حدثني جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن [عمير] مولى ابن عباس أنه سمعه يقول: "أقبلت أنا وعبدالله بن يسار مولى [ميمونة] زوج النبي ' حتى دخلنا على أبي الجهيم بن الحارث بن [الصمة] فقال أبو الجهيم: أقبل رسول الله ' نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام".
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير.
وأخرجه مسلم فقال: وقال الليث بن سعد.
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أبنا علي بن عمر الحافظ، ثنا أبو عمر محمد بن يوسف، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا أبو صالح، حدثني الليث ... فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال: "فمسح بوجهه وذراعيه، ثم رد عليه السلام".
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أبنا الربيع بن سليمان، أبنا الشافعي _ ثنا إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث، عن الأعرج، عن ابن الصمة قال: "مررت على النبي ' وهو يبول، فسلمت عليه فلم يرد عليّ حتى قام إلى جدار، فحته بعصا كانت معه، ثم وضع يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه، ثم رد عليّ".(1/36)
وهذا شاهد لرواية أبي صالح كاتب الليث، إلا أن هذا منقطع، عبدالرحمن بن هرمز الأعرج لم يسمع من ابن الصمة؛ إنما سمعه من عمير مولى ابن عباس، عن ابن الصمة، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وأبو الحويرث عبدالرحمن بن معاوية، قد اختلف الحفاظ في عدالتهما، إلا أن لروايتهما بذكر الذراعين فيه شاهداً من حديث ابن عمر، أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أبنا موسى بن الحسن بن عباد، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا محمد بن ثابت العبدي -وكان صدوقاً-.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان الأهوازي، أبنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي، ثنا محمد بن ثابت العبدي، ثنا نافع قال: انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس، فلما أن قضى حاجته كان من حديثه يومئذ قال: بينما النبي ' في سكة من سكك المدينة وقد خرج النبي ' من غائط -أو بول- فسلم عليه رجل، فلم يرد عليه، ثم إن النبي ' ضرب بكفيه فمسح بوجهه مسحة، ثم ضرب بكفيه الثانية فمسح ذراعيه إلى المرفقين، وقال: "إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني لم أكن على وضوء -أو على طهارة".
لفظ حديث ابن عبدان، وقد أنكر بعض الحافظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي؛ فقد رواه جماعة عن نافع من فعل ابن عمر، والذي رواه غيره عن نافع من فعل ابن عمر إنما هو التيمم فقط، فأما هذه القصة فهي عن النبي ' مشهورة برواية أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة وغيره.
وثابت:عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر "أن رجلاً مرّ ورسول الله ' يبول فسلم، فلم يرد عليه" إلا أنه قصر بروايته (ورواه) يزيد ابن الهاد، عن نافع أتم من ذلك.(1/37)
أخبرنا أبو علي الروذباري، أبنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا جعفر بن مسافر، ثنا عبدالله بن يحيى -يعني: البرلسي- أبنا حيوة بن شريح، عن ابن الهاد، أن نافعاً حدثه عن ابن عمر قال: "أقبل رسول الله ' من الغائط، فلقيه رجل عند بئر جمل فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله ' حتى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط ثم مسح وجهه ويديه، ثم رد رسول الله ' على الرجل السلام".
فهذه الرواية شاهدة لرواية محمد بن ثابت العبدي، إلا أنه حفظ فيها الذراعين، ولم يثبتها غيره كما ساق هو وابن الهاد الحديث بذكر تيممه، ثم رده جواب السلام وإن كان الضحاك بن عثمان قصر به، وفعل ابن عمر التيمم على الوجه والذراعين إلى المرفقين شاهد لصحة رواية محمد بن ثابت غير منافٍ لها.
وقد أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو عبدالرحمن السلمي وأبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني قالوا: أبنا أبو الحسن أحمد ابن محمد بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سألت يحيى بن معين قلت: محمد بن ثابت العبدي. قال: ليس به بأس. كذا قال في رواية الدارمي عنه، وهو في هذا الحديث غير مستحق للنكير بالدلائل التي ذكرتها.
وقد رواه جماعة من الأئمة عن محمد بن ثابت مثل يحيى ين يحيى ومعلى بن منصور وسعيد بن منصور وغيرهم، وأثنى عليه مسلم ابن إبراهيم ورواه عنه، وهو عن ابن عمر مشهور.
أخبرنا أبو أحمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن الحسن العدل، ثنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكى، ثنا محمد بن إبراهيم العبدي، ثنا ابن بكير، ثنا مالك، عن نافع مولى عبدالله بن عمر "أنه أقبل هو وعبدالله بن عمر من الجرف حتى إذا كانوا بالمربد نزل عبدالله بن عمر فتيمم صعيداً طيباً، فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى".
وبإسناده قال: ثنا مالك، عن نافع "أن عبدالله بن عمر كان يتيمم إلى المرفقين".(1/38)
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أبنا علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا حفص بن عمرو، ثنا يحيى ابن سعيد، أبنا عبيدالله بن عمر، أخبرني نافع، عن ابن عمر قال.
وثنا الحسين، ثنا زياد بن أيوب، ثنا هشيم، أبنا عبيدالله بن عمر ويونس، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: "التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة للكفين إلى المرفقين".
ورواه علي بن ظبيان، عن عبيدالله بن عمر. فرفعه، وهو خطأ؛ الصواب بهذا اللفظ عن ابن عمر موقوف.
ورواه سليمان بن أبي داود الحراني، عن سالم ونافع، عن ابن عمر، عن النبي '.
ورواه سليمان بن أرقم التيمي عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي '.
وسليمان بن أبي داود وسليمان بن أرقم ضعيفان لا يحتج بروايتهما، والصحيح رواية معمر وغيره، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر. من فعله.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا علي بن حمشاذ العدل وأبو بكر ابن بالويه قالا: ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا أبو نعيم، ثنا عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر قال: "جاء رجل فقال: أصابتني جنابة وإني تمعكت في التراب. فقال: اضرب. فضرب بيديه الأرض فمسح وجهه، ثم ضرب بيديه فمسح بهما إلى المرفقين".
كذا قال، وإسناده صحيح إلا أنه لم يبين الآمر له بذلك.
وقد أخبرنا أبو عبدالله، ثنا علي بن حمشاذ وأبو بكر بن بالويه قالا: ثنا إبراهيم بن إسحاق، ثنا عثمان بن محمد الأنماطي، ثنا حرمي بن عمارة، عن عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي ' قال: "التيمم ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين".(1/39)
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا عبدالرحمن بن الحسن القاضي، أبنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن رجل يقال له: الأسلع، قال: "كنت أخدم النبي ' فأتاه جبريل بآية الصعيد، فأراني رسول الله ' كيف المسح للتيمم، فضربت بيدي الأرض ضربة واحدة فمسحت بهما وجهي، ثم ضربت بهما الأرض فمسحت يدي إلى المرفقين".
الربيع بن بدر ضعيف إلا أنه غير منفرد.
وقد روينا هذا القول من التابعين عن سالم بن عبدالله والحسن البصري والشعبي وإبراهيم النخعي. انتهى ما ذكره البيهقي في هذا الباب.
وفي (تصليحه) لحديث محمد بن ثابت العبدي وغيره من الأحاديث التي أنكرها الأئمة في هذا الباب نظر من وجوه كثيرة، وحديث أبي جهيم بن الحارث بن الصمة ذكر الذراعين فيه غير صحيح، وإنما لفظه الصحيح: "فمسح. بوجهه ويديه" كذلك رواه البخاري في صحيحه، عن يحيى بن بكير، عن الليث. وكذلك رواه مسلم تعليقاً عن الليث. وكذلك رواه أبو داود في سننه عن عبدالملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه، عن جده. والنسائي عن الربيع بن سليمان، عن شعيب بن الليث، عن أبيه.وكذلك رواه الإسماعيلي، عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن الربيع بن سلمان ورواه أيضاً عن إبراهيم بن موسى عن إبراهيم بن هانىء، عن يحيى بن بكير وعن موسى بن جعفر، عن يعقوب بن سفيان، عن ابن بكير. ورواه الحافظ أبو نعيم في المستخرج على مسلم عن أبي بكر بن خلاد، عن أحمد بن إبراهيم بن ملحان، عن أبي بكير. وكلهم قالوا: "فمسح وجهه ويديه" ولم يذكر أحد منهم في روايته الذراعين، وفي ذلك دليل على خطأ أبي صالح كاتب الليث في ذكره الذراعين، مع أن أبا صالح قد روى عنه أنه قال: "فمسح يديه ثم رد عليه السلام" لم يذكر الوجه ولا الذراعين.
وقال شيخنا الحافظ أبو الحجاج في الأطراف - بعد أن ذكر هذا الحديث من حديث الليث-: رواه ابن لهيعة، عن الأعرج، عن (عمير) عن عبدالله بن يسار، عن أبي جهيم.(1/40)
وأما حديث محمد بن ثابت العبدي، فالصحيح أنه موقوف ورفعه منكر.
وقد رواه أبو داود في سننه فقال: حدثنا أحمد بن إبراهيم أبو علي الموصلي، ثنا محمد بن ثابت العبدي، ثنا نافع قال: انطلقت مع ابن عمر -رضي الله عنهما- في حاجة إلى ابن عباس -رضي الله عنهما- فقضى ابن عمر حاجته، وكان من حديثه يومئذ أن قال: مر رجل على رسول الله ' في سكة من السكك وقد خرج من غائط -أو بول- فسلم عليه، فلم يرد عليه السلام حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة، ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام وقال: "إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن على طهر".
وقد رواه عبدالله بن جعفر بن أحمد بن فارس، عن أحمد بن يونس بن المسيب الضبي، عن مسلم بن إبراهيم وعاصم بن علي، عن محمد بن ثابت.
ورواه الدراقطني عن البوغي، عن أبي الربيع الزهراني، عن محمد بن ثابت.
وقال أبو داود في كتاب التفرد: لم يتابع أحد محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي ' ورووه فعل ابن عمر. قال: وروى أيوب ومالك وعبيدالله وقيس بن سعد ويونس الأيلي وابن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر "أنه تيمم ضربتين للوجه واليدين إلى المرفقين" قال أبو داود: جعلوه فعل ابن عمر. قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى محمد بن ثابت حديثاً منكراً في التيمم.
وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانىء: عرضت على أبي عبدالله -يعني: أحمد بن حنبل- حديث محمد بن ثاتب، فقال لي: هذا حديث منكر ليس مرفوعاً.
وقال مهنا: سألت أحمد عن هذا الحديث فقال: ليس بصحيح؛ إنما هو عن ابن عمر. وقال أبو عمر بن عبد البر: لم يروه غير محمد بن ثابت، وبه يعرف، ومن أجله يضعف وهو عندهم حديث منكر.
وقال الخطابي: وحديث ابن عمر لا يصح؛ لأن محمد بن ثابت العبدي ضعيف جداً لا يحتج بحديثه.(1/41)
وقد روى هذا الحديث أبو أحمد بن عدي في كتاب الكامل، عن حسين بن عبدالله بن القطان، عن عمر بن يزيد السياري، عن محمد بن ثابت.
ثم قال: ثنا صدقة بن منصور الحراني، ثنا لوين، ثنا محمد ابن ثابت -الثقة- ثنا نافع ... فذكر الحديث.
وقال أيضاً: حدثنا ابن حماد، ثنا عباس، عن يحيى قال: محمد بن ثابت الذي يروي عن نافع ليس بشيء.
حدثنا (الجنيدي، ثنا البخاري) قال: محمد بن ثابت أبو عبدالله العبدي البصري، عن نافع، وعمرو بن دينار، يخالف في بعض حديثه، روى عنه ابن المبارك ووكيع، وسمع منه قتيبة، وروى محمد بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ' في التيمم، وخالفه عبيدالله وأيوب والناس؛ فقالوا: عن نافع، عن ابن عمر، فعله.
حدثناه ابن حماد قال: ثنا عباس، سمعت يحيى يقول: محمد ابن ثابت الذي يحدث، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ' في التيمم، بصري وهو ضعيف. قال أبو الفضل: قلت ليحيى: أليس قلت مرة: ليس به بأس؟! قال: ما قلت هذا قط. وفي موضع آخر: محمد بن ثابت العبدي ليس بشيء.
لم يذكر البيهقي عن يحيى بن معين في محمد بن ثابت إلا الرواية التي أنكرها، وهي قوله "ليس به بأس" وترك ذكر تضعيفه عنه، فالله أعلم.
وقال النسائي: محمد بن ثابت يروي عن نافع، ليس بالقوي.
وقال ابن عدي: ولمحمد بن ثابت غير ما ذكرت وليس بالكثير، وعامة أحاديثه مما يتابع عليه. وقال الدارقطني: ضعيف الحديث. وقال أبو الوليد القاضي: هو متروك.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن حديث رواه محمد بن ثابت، عن نافع عن ابن عمر، عن النبي ' "في التيمم ضربتين" قال: هذا خطأ؛ إنما هو موقوف. انتهى ما ذكره ابن أبي حاتم على هذا الحديث في كتاب العلل.
وقال في كتاب الجرح والتعديل سمعت أبي يقول -وسألته عن محمد بن ثابت العبدي فقال:- ليس هو بالمتين يكتب حديثه، وهو أحب إلي من أبي أمية بن يعلى وصالح المري، روى حديثاً منكراً.(1/42)
يحتمل أن يكون مراد أبي حاتم بالحديث المنكر هذا الحديث، والله أعلم.
وقال الطبراني: ثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا إسماعيل بن زرارة الرقي، ثنا علي بن ظبيان، عن (عبيدالله)بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ': "التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين".
وقال الدارقطني: حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، ثناعبدالله بن الحسين بن جابر، ثنا عبدالرحيم بن مطرف، ثنا علي بن ظبيان، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ' قال: "التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين".
قال الدارقطني: كذا رواه علي ظبيان مرفوعاً، ووقفه يحيى القطان وهشيم وغيرهما، وهو الصواب.
ثم ساق أسانيد ذلك، وقد تقدم في الرواية البيهقي.
وقد روى هذا الحديث الحاكم وقال: لا أعلم أحداً أسنده غير ابن ظبيان وهو صدوق.
وروى ابن عدي في ترجمة علي بن ظبيان هذا الحديث وضعفه فقال: حدثنا علي بن سعيد، ثنا إسماعيل بن عبدالله بن خالد (السكري) ثنا علي بن ظبيان، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ' في التيمم: "ضربتين: ضربة للوجه، وضربة لليدين".
قال ابن عدي: وهذا الحديث يرفعه علي بن ظبيان ويوقفه غيره، رواه يحيى القطان والثوري وغيرهما موقوفاً، وقد أبطل علي بن طبيان في رفعه.
قال ابن عدي: ولعلي بن ظبيان غير ما ذكرت من الحديث، والضعف على حديث بيّن. وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: علي بن ظبيان ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث.
وقال ابن حبان: علي بن ظبيان من أهل الكوفة كان ممن يقلب الأخبار ولا يعلم، ويخطىء في الآثار ولا يفهم، فلما كثر ذلك في رواياته سقط الاحتجاج بأخباره.
ثنا مكحول قال: سمعت جعفر بن أبان يقول: سمعت أبن نمير يقول: علي بن ظبيان ضعيف الحديث يخطىء في حديثه كله. وقال فيه ابن حبان: كان قاضياً ببغداد. وقال ابن عدي: كان قاضياً بحلب.(1/43)
وقال أبو القاسم حبيب بن الحسن بن داود القزاز، ثنا الحسن -هو ابن علي بن شبيب المعمري- ثنا عمرو بن علي، ثنا قرة بن سليمان، ثنا سليمان بن أبي داود قال: سمعت سالماً ونافعاً يحدثان عن ابن عمر، عن النبي ' أنه قال في التيمم بالصعيد: "تضرب كفيك على الثرى ثم تمسح بهما وجهك، ثم تضرب ضربة أخرى فتمسح بهما ذراعيك إلى المرفقين".
وقال الدارقطني: حدثنا محمد بن مخلد وإسماعيل بن علي قالا: ثنا إبراهيم الحربي، ثنا هارون بن عبدالله، ثنا شبابة، ثنا سليمان بن أبي داود الحراني، عن سالم ونافع، عن ابن عمر، عن النبي ' في التيمم: ضربتين: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين".
قال الدارقطني: سليمان بن أبي داود ضعيف.
وقد تكلم في سليمان هذا غير واحد من الأئمة أيضاً، وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً، يروي عن الأثبات ما يخالف حديث الثقات حتى خرج عن حد الاحتجاج به.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن حديث رواه قرة بن سليمان، عن سليمان بن أبي داود، عن سالم ونافع، عن ابن عمر، عن النبي ' في التيمم ضربتين، قال أبو زرعة: هذا حديث باطل، وسليمان ضعيف الحديث.
انتهى ما ذكره ابن أبي حاتم في هذا الحديث.
وقال الدارقطني: حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل الأبلي، ثنا الهيثم بن خالد، ثنا أبو نعيم، ثنا سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: "تيممنا مع رسول الله ' ضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب، ثم نفضنا أيدينا فمسحنا بها وجوهنا، ثم ضربنا ضربة أخرى الصعيد الطيبب، ثم نفضنا أيدينا فمسحنا بأيدينا من المرافق إلى الأكف على منابت الشعر من ظاهر وباطن".
حدثنا عبدالصمد بن علي، ثنا الفضل بن العباس (التستري) ثنا يحيى بن غيلان، ثنا عبدالله بن بزيع، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري عن سالم، عن أبيه قال: "تيممنا مع النبي ' بضرتين: ضربة للوجه والكفين، وضربة للذراعين إلى المرفقين".(1/44)
قال الدارقطني: سليمان بن أرقم ضعيف. وقال البخاري: تركوه. وقال أبو حاتم والترمذي والنسائي وابن خراش والأزدي والدارقطني أيضاً: متروك الحديث. وقال أبو زرعة:ضعيف الحديث، ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: كان ممن يقلب الأخبار، ويروي عن الثقات الموضوعات.
وقال الدارقطني: حدثنا محمد بن مخلد وأسماعيل بن علي وعبدالباقي بن قانع قالوا: ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا عثمان ابن محمد الأنماطي، ثنا حرمي بن عمارة، عن عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي ' قال: "التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين".
قال الدارقطني: كلهم ثقات، والصواب موقوف.
ثم رواه من رواية إبراهيم الحربي، عن أبي نعيم عن عزرة موقوفاً.
وقد روى ذلك البيهقي أيضاً فيما تقدم، وروى الحاكم الحديث مرفوعاً وصححه، والصواب وقفه، والله أعلم.
وقال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب التحقيق: قد تكلم في عثمان بن محمد. ولم يذكر من تكلم فيه، ولا نعلم أحداً تكلم فيه، وقد روى عنه أبو داود وغيره، وذكره ابن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه جرحاً.(1/45)
وقال عبدالله بن جعفر بن أحمد بن فارس: حدثنا أحمد بن يونس الضبي، ثنا أسحاق بن أبي إسرائيل والفضل بن غانم قالا: ثنا الربيع بن بدر السعدي، عن أبيه، عن جده، عن رجل منهم يقال له: الأسلع، قال: كنت أخدم النبي ' وأرحل له، فقال لي ذات ليلة: "يا أسلع، قم فارحل لي". فقلت: يا رسول الله، أصابتني جنابة. فمكث ساعة لا يرد علي شيئاً، فنزلت آية الصعيد، فقال لي: "يا أسلع، قم فاضرب بيديك على الأرض ضربتين: ضربة لوجهك، وضربة ليديك إلى المرفقين ظاهرهما وباطنهما" قال إسحاق في حديثه: قال الأسلع:فدعاني فأراني كيف أمسح، فمسحت ورحلت له وصليت، فلما انتهينا إلى الماء قال لي: "يا أسلع، قم فاغتسل". قال الربيع بن بدر: "فأراني -يعني: أباه- كما أراه الأسلع. قال: إسحاق:وأرانا الربيع فحسر عن الذراعين، ثم ضرب بكفيه الأرض ثم نفضهما ثم مسح بهما وجهه، ثم ضرب بكفيه الأرض ثم مسح بهما ذراعيه باطنهما وظاهرهما". قال أبو العباس: "قلت لإسحاق بن أبي إسرائيل: إلى المرفقين؟! فقال: هو إلى المرفقين. وأرانا إسحاق كما ذكر أن الربيع بن بدر أراه ففعل ذلك إلا أنه يفتح أصابعه في كل ضربة ثم يمسح إحدى يديه بالأخرى ثم يمسح وجهه، وكذلك فعل في ذراعيه ويديه".
رواه الطبراني عن بشر بن موسى، عن يحيى بن إسحاق السيلحيني.
وعن أبي الزنباع روح بن الفرج المصري، عن عمرو بن خالد الحراني، كلاهما عن الربيع بن بدر، بنحوه.
ورواه أيضاً عن محمد بن عبدالله الحضرمي والحسين بن إسحاق التستري، كلاهما عن يحيى الحماني، عن الربيع بن بدر، بنحوه.(1/46)
والربيع بن بدر تكلم فيه غير واحد من الأئمة وضعفوه وتركوه، قال يحيى بن معين: ضعيف ليس بشيء. وقال أبو داود: ضعيف. وقال مرة: لا يكتب حديثه. وقال النسائي ويعقوب بن سفيان وابن خراش والأزدي: متروك الحديث. وقال السعدي:واهي الحديث. وقال أبو حاتم: لا يشتغل به ولا بروايته؛ فإنه ضعيف الحديث ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: كان من يقلب الأسانيد ويروي عن الثقات المقلوبات وعن الضعفاء الموضوعات. وقال ابن عدي: عامة رواياته عمن يروي عنه مما لا يتابعه عليه أحد.
وقد روى هذا الحديث الدارقطني عن المحاملي، عن بشر بن موسى، وقال: الربيع بن بدر متروك الحديث.
وقد روى الطبراني من وجه آخر غريب عن، الأسلع "أنه أصابته جنابة وأنه خشي القر على نفسه وأنه أسخن ماء وأغتسل به، فأنزل الله -عز وجل- {يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلوة وأنتم سكرى} إلى {إن الله كان عفواً غفوراً} ولم يذكر التيمم بضربتين ولا ذكرصفته أصلاً،والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم -بعد أن ذكر حديث قرة بن سليمان عن سليمان بن أبي داود المتقدم-: قلت: وقد روى هذا الحديث الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن الأسلع قال: كنت أخدم النبي ' ..." فذكر التيمم ضربتين، فسمعت أبي يقول: الربيع بن بدر متروك الحديث.
ثم قال ابن أبي حاتم -بعد ذكر هذا الحديث-: سألت أبي عن رواية عروة عن علي، فقال: مرسل، وليس هذا موضع ذكر هذا الكلام. ثم قال بعد هذا: ومن الطهارة أيضاً. ثم ذكر حديثاً نحن نذكره الآن -إن شاء الله تعالى.
18- حديث آخر
قال أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو خيثمة، ثنا وكيع، ثنا هشام بن عروة، عن أبي خزيمة -هو عمرو بن خزيمة المزني- عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة بن ثابت قال: قال رسول الله ' في الاستطابة: "بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع".(1/47)
وقال عبدالوهاب بن الحسن بن موسى الكلابي: أبنا عبدالله بن عتاب بن الزفتي، ثنا أحمد بن عبدالله بن أبي الحواري، ثنا أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ثنا هشام، عن عبدالرحمن بن ثابت قال: سئل رسول الله ' عن الاستطابة، قال: "ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع".
وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا ابن نمير، عن هشام، حدثني عمرو بن خزيمة، عن (عمارة بن خزيمة) عن أبيه خزيمة بن ثابت أن رسول الله ' سئل عن الاستطابة، فقال: "ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع".
وقال الطبراني: حدثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ح.
قال الطبراني: وحدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، ثنا أبي، قالا: أبنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه خزيمة بن ثابت قال: قال رسول الله ' في الاستطابة: "ثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع".
رواه الإمام أحمد أيضاً عن محمد بن بشر ووكيع، عن هشام بن عروة بإسناده.
ورواه أيضاً عن يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي '. قال: وأخبرني رجل، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه، عن النبي '.
وقال ابن ماجه: حدثنا محمد بن الصباح، أبنا سفيان بن عيينة، وثنا علي بن محمد، ثنا وكيع جميعاً عن هشام بن عروة، عن أبي خزيمة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: قال رسول الله ' في الاستنجاء: "ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع".
قال الحافظ محمد بن عبدالواحد المقدسي: قلت: رواية أبي معاوية زاد فيها بين هشام وبين عمرو بن خزيمة: عبدالرحمن بن سعد، وأظن هشاماً سمعه من عبدالرحمن عن عمرو، ثم سمعه من عمرو بدليل رواية عبدالله بن نمير عن هشام، قال: حدثني عمرو بن خزيمة، والله أعلم.
وقال أبو داود: حدثنا عبدالله بن محمد النفيلي، ثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة بن ثابت قال: سئل رسول الله ' عن الاستطابة، فقال: "بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع".(1/48)
قال أبو داود: كذا رواه أبو أسامة وابن نمير عن هشام.
قال البيهقي -بعد أن رواه من طريق أبي داود-: وكذلك رواه محمد بن بشر العبدي ووكيع وعبدة بن سليمان عن هشام.
ورواه ابن عيينة، عن هشام، عن أبي وجزة، عن عمارة.
وكان علي بن المديني يقول: الصواب: رواية الجماعة عن هشام، عن عمرو بن خزيمة.
قال البيهقي: ورواه أبو معاوية مرة عن هشام، عن عبدالرحمن بن سعد، عن عمرو بن خزيمة. أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبدالجبار، ثنا أبو معاوية ... فذكره.
قال أبو عيسى: قال البخاري: أخطأ أبو معاوية في هذا الحديث؛ إذ زاد فيه: عن عبدالرحمن بن سعد. قال البخاري: والصحيح ما روى عبدة ووكيع، عن هشام بن عروة، عن أبي خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة. انتهى ما ذكره.
ورواية ابن ماجه حديث سفيان بن عيينة بخلاف ما ذكره البيهقي عنه، والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن اختلاف الرواة في خبر هشام بن عروة في الاستنجاء، ورواه وكيع وعبدة، عن هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه خزيمة، عن النبي ' قال: "ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع" ومنهم من يقول: عن هشام بن عروة، عمن حدثه، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه، عن النبي ' فقال أبو زرعة: الحديث حديث وكيع وعبدة، والله أعلم.
19- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: وسئل أبو زرعة عن حديث رواه إسحاق بن سليمان، عن معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب، عن النبي ' قال: "عليكم بالسواك" فقال أبو زرعة: هذا خطأ، رواه الزهري عن (عبيد بن السباق) يعني: عن النبي ' مرسلاً. انتهى ما ذكره.
وليس هذا الحديث مخرجاً في السنن ولم يروه الطبراني في المعجم الكبير، ومعاوية بن يحيى هوالصدفي وهو ضعيف، وله حديث مشهور في فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك، لكن رواه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، والله الموفق للصواب.
20- حديث آخر(1/49)
قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا الحضرمي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن جابر بن عبدلله قال: "كان السواك من أذن النبي ' موضع القلم من أذن الكاتب".
قال الطبراني: لم يروه عن سفيان إلا يحيى.
قال البيهقي: ويحيى بن يمان ليس بالقوي عندهم، ويشبه أن يكون غلط من حديث محمد بن إسحاق الأول إلى هذا.
-يعني: من حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن زيد بن خالد الجهني- والله أعلم.
وقال محمد بن عبدالله بن نمير: ابن يمان سريع الحفظ سريع النسيان.
[وقال] ابن معين والنسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه [غير محفوظ].
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه [عثمان بن أبي] شيبة، عن يحيى بن يمان، عن سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، [عن جابر] قال: "كان السواك من أذن النبي ' موضع القلم من أذن الكاتب".
قال أبو زرعة: هذا وهم، وهم فيه يحيى بن يمان.
21- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أبنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان، ثنا (إسحاق بن الحسن) الحربي، ثنا عفان، ثنا أبان، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده [ممطور، عن أبي مالك الأشعري: أن رسول الله ' كان يقول: "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والله أكبر تملأ ما بين السماء والأرض، والصوم جنة، والصبر ضياء، والصدقة برهان، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو؛ فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها".
أخرجه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن منصور، عن حبان بن هلال، عن أبان بن زيد العطار.(1/50)
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو عمرو بن أبي جعفر، ثنا عبدالله بن محمد، ثنا إسحاق بن منصور ... فذكره بإسناده، وقال: قال رسول الله ': "الطهور شطر الإيمان" وجعل بدل "الله أكبر": "الحمدلله" وجعل مكان "الصوم جنة": "الصلاة نور"].
[قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه عبدالوهاب ابن نجدة الحوطي، عن إسماعيل بن عياش، عن حبيب بن صالح، عن ثابت بن أبي ثابت، عن عبدالله بن معانق الدمشقي، عن (عبدالرحيم) بن غنم الأشعري، عن أبي عامر الأشعري، عن النبي ' قال: "إسباغ الوضوء نصف الإيمان" فقال أبو زرعة: عبدالوهاب شيخ صالح من بني حوط من مذحج من العرب، وأبو عامر الأشعري اسمه: عبيد، قتل بخيبر، وإنما هو عن أبي مالك الأشعري وهو أشبه إلا أن الشيخ قال: أبو عامر.].
وليس هذا الحديث الذي ذكره من رواية أبي عامر مخرجاً في شيء من الكتب الستة، وإنما المشهور حديث عبدالرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري، وأبو مالك مختلف في اسمه؛ فقيل: الحرث، وقيل: عبيد، وقيل: عمرو، وقيل: كعب بن عاصم، وقيل غير ذلك، توفي في خلافة عمر بن الخطاب، وقيل: إن أبا مالك الذي روى عنه أبو سلام غير الذي روى عنه عبدالرحمن بن غنم وهو بعيد.
وأما أبو عامر الذي سماه أبو زرعة عبيداً فهو عم أبي موسى الأشعري، قتل بحنين لا بخيبر، وفي النسخة التي كتبت منها: قتل بخيبر، وهو وهم.
ولهم آخر يقال له: أبو عامر الأشعري، وهو صحابي مختلف في اسمه؛ فقيل: عبدالله بن هانىء، وقيل: عبدالله بن وهب، وقيل: عبيد بن وهب، روى عنه ابنه عامر بن أبي عامر الأشعري، روى حديثه الإمام أحمد بن حنبل والترمذي "نعم الحي الأزد والأشعريون" قيل: إنه توفي في خلافة عبدالملك، والله أعلم.
22- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع.(1/51)
قال: وأبنا أبو الفضل بن إبراهيم، ثنا أحمد بن سلمة، ثنا عبدالله بن هاشم، ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي النضر، عن أبي أنس قال: "توضأ عثمان بن عفان عند المقاعد، فقال: ألا أريكم وضوء رسول الله '؟ قال: ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً. قال سفيان: قال أبو النضر، عن أبي أنس -وعنده رجال من أصحاب رسول الله '- فقال لهم: أليس هكذا رأيتم رسول الله ' يتوضأ؟ قالوا بلى".
هكذا رواه مسلم في الصحيح، عن قتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب، عن وكيع، وقال في إسناده: عن أنس، وأبو أنس هو مالك بن أبي عامر الأصبحي.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسين بن حفص، عن سفيان ح.
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران، أبنا علي بن محمد (المصري) ثنا ابن أبي مريم، ثنا الفريابي، ثنا سفيان ح.
وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا محمد بن غالب بن حرب، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن سالم أبي النضر، عن (بسر) بن سعيد، عن عثمان بن عفان "أنه دعا بماء فتوضأ عند المقاعد، فتوضأ ثلاثاً ثلاثاُ، ثم قال لأصحاب رسول الله ': هل رأيتم رسول الله ' فعل هذا؟ قالوا: نعم".
لفظ حديث الحسين، وفي حديث الفريابي: "أن عثمان توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال لأصحاب رسول الله ': هكذا رأيتم رسول الله '؟ قالوا: نعم" وفي حديث أبي حذيفة: "دعا بوضوء على المقاعد" وهكذا هو في جامع الثوري من رواية عبدالله بن الوليد العدني.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه الفريابي، عن سفيان، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد "أن عثمان توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال لأصحاب رسول الله ': هكذا رأيتم رسول الله ' يتوضأ؟ قالوا: نعم".
ورواه وكيع، عن سفيان، عن أبي النضر، عن أبي أنس "أن عثمان تضأ بالمقاعد فقال: ألا أريكم وضوء رسول الله '؟ قال: ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً".(1/52)
قال أبو زرعة: وهم فيه الفريابي، الصواب ما قال وكيع.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: حديث وكيع أصح، وأبو أنس جد أنس بن مالك بن أنس، وأبو أنس عن عثمان متصل، وبسر بن سعيد عن عثمان مرسل. انتهى ما ذكره.
وفي قول: "وهم فيه الفيرابي" نظر؛ فقد تابعه الحسين بن حفص وأبو حذيفة وعبدالله بن الوليد العدني، وقد سئل الدارقطني في كتاب العلل عن حديث بسر بن سعيد عن عثمان في الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، وروى ذلك عن النبي ' فقال: رواه أبو النضر سالم، واختلف عنه؛ فرواه الثوري عنه، واختلف عنه أيضاً، ورواه أبو نعيم وأبو حذيفة والعدنيان: عبدالله بن الوليد ويزيد بن أبي حكيم ، وعبيدالله الأشجعي وغيرهم، عن الثوري، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن عثمان. وخالفهم وكيع بن الجراح وأبو [أحمد] الزبيري روياه عن الثوري، عن أبي النضر عن أبي أنس هو مالك بن أبي عامر [عم] مالك بن أنس، عن عثمان. ورواه يزيد بن أبي حبيب، عن أبي النضر مرسلاً عن عثمان، ولم يأت بحجة، والصحيح: قول من قال: عن بسر بن سعيد: والله أعلم.
قلت: كذا وجدته: مالك بن أبي عامر عم مالك بن أنس وهو غلط، الصواب. جد مالك بن أنس، وأما عم مالك [فهو أبو سهيل نافع] بن مالك بن أبي عامر.
وهذا الذي صححه الدارقطني مخالف لما صححه أبو زرعة وأبو حاتم، وقوله في هذا أولى، والله أعلم.
وروايتهم أشبه بالصواب من رواية وكيع. والله أعلم.
23- حديث آخر
قال ابن ماحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: "دعا علي بماء فغسل يديه قيل أن يدخلهما الإناء، ثم قال هكذا رأيت رسول الله ' صنع".
هكذا رواه ابن ماجه مختصراً.
وقال أحمد بن عبيد الصفار، ثنا عثمان بن عمر، ثنا مسدد، ثنا أبو الأحوص، ثنا أبو إسحاق، عن أبي حية قال:(1/53)
"رأيت علياً توضأ ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه وغسل قدميه إلى الكعبين، ثم قام وأخذ فضل وضوئه فشربه وهو قائم، ثم قال: إني أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله '".
قد ذكرنا هذا الحديث فيما تتقدم من كتب السنن والمسانيد وذكرنا من رواه عن أبي إسحاق، والكلام عليه بما فيه كفاية.
وقال ابن أبي حاتم: وسئل أبو زرعة عن حديث رواه أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي، عن النبي ' "في الوضوء أنه توضأ ثلاثاً".
ورواه الثوري وأبو الأحوص وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي حية، عن علي، عن النبي ' في الوضوء، فقال أبو زرعة: الصحيح ما قال الثوري وأبو الأحوص وإسرائيل.
قال أبو زرعة: أبو حية لا يعرف اسمه، وهو ابن قيس الوادعي.
24- حديث آخر(1/54)
قال أبو يعلى الموصلي: حدثنا ابن مهدي، ثنا زائدة ابن قدامة، عن خالد بن علقمة الهمداني، عن عبد خير قال: "دخل علي الرحبة بعدما صلى الفجر، فجلس في الرحبة ثم قال لغلامه: ائتني بطهور. فجاءه الغلام بإناء فيه ماء وطست -قال عبد خير: ونحن جلوس ننظر إليه- فأخذ بيمينه الإناء فكفأ على يديه اليسرى، فغسل كفيه ثلاث [مرات] -قال عبد خير: كل ذلك لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات- ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فملأ فمه ماء فمضمض واستنشق ونثر يده اليسرى ثلاث مرات، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى ثلاث مرات إلى المرفق، ثم غسل يده اليسرى ثلاث مرات، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء حتى غمرها الماء، ثم رفعها بما حملت من الماء، ثم مسحها بيده اليسرى، ثم مسح رأسه بيديه جميعاً، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء، ثم صب على رجله اليمنى فغسلها ثلاث مرات بيده اليسرى، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فملأها من الماء، ثم صب بيده اليمنى على قدمه اليسرى فغسلها ثلاث مرات بيده اليسرى، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فملأها من الماء فشرب منه، ثم قال: هذا طهور نبي الله ' فمن أحب أن ينظر إلى طهور نبي الله ' فلينظر إلى هذا".
رواه إسحاق بن راهويه في مسنده، عن أبي الوليد هشام بن عبدالملك، عن زائدة.
ورواه ابن خريمة في صحيحه، عن محمد بن أبي صفوان الثقفي، عن عبدالرحمن بن مهدي.
وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل: حدثني أبي، ثنا يحيى ابن سعيد، عن شعبة، حدثني مالك بن عرفطة، سمعت عبد خير قال: "كنت عند علي فأتي بكرسي وتور قال: فغسل كفيه ثلاثاُ ووجهه ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه -وصف يحيى- فبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخره -قال: ولا أدري أردّ يده أم لا- وغسل رجليه ثم قال: من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله ' فهذا وضوء رسول الله '".
قال لنا أبو عبدالرحمن: هذا أخطأ فيه شعبة؛ إنما هو خالد بن علقمة، عن عبد خير.(1/55)
رواه أبو داود، عن مسدد، عن أبي عوانة. وعن الحلواني، عن حسين بن علي الجعفي، عن زائدة جميعاً، عن خالد بن علقمة، عن عبد خير. وعن ابن المثنى، عن غندر، عن شعبة، عن مالك بن عرفطة.
ورواه النسائي، عن قتيبة، عن أي عوانة. وعن موسى بن عبدالرحمن المسروقي، عن حسين بن علي، عن زائدة. وعن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن شعبة، عن مالك بن عرفطة وقال النسائي: مالك بن عرفطة خطأ، والصواب:خالد.
وعن عمرو بن علي وحميد بن مسعدة، عن يزيد بن زريع، عن شعبة، عن مالك. وربما اختصره بعضهم.
ورواه أبو حاتم بن حبان البستي، عن الحسن بن سفيان، عن حبان (عن ابن المبارك) عن زائدة. وعن الفضل بن الحباب، عن أبي الوليد الطيالسي، عن زائدة.
وقد رواه أبو داود أيضاً، عن عمرو بن عون، عن أبي عوانة، عن مالك بن عرفطة، قال أبو داود: وسماعه قديم. وعن أبي كامل، عن أبي عوانة، عن خالد بن علقمة، قال أبو داود: وسماعه متأخر.
قال أبو داود: إنما هو خالد بن علقمة، أخطأ فيه شعبة.
وقال أبو عوانة يوماً: ثنا مالك بن عرفطة. فقال له عمرو الأغضف: رحمك الله يا أبا عوانة، هذا خالد بن علقمة ولكن شعبة يخطىء فيه! فقال أبو عوانة: هو في كتابي خالد بن خالد بن علقمة، ولكن شعبة قال لي: هو مالك بن عرفطة.
وقال أحمد بن منيع: حدثنا معاوية بن عمرو، أبنا زائدة، ثنا خالد بن علقمة، ثنا عبد خير، عن علي "أن النبي ' توضأ ومسح رأسه بيديه كلتاهما مرة".
وهذا طرف من الحديث المتقدم.
وقال عبدالله بن الإمام أحمد: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا شريك، عن خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي قال: "توضأ فمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً من كف واحد، وغسل وجهه ثلاثاً، ثم أدخل يده في الركوة فمسح رأسه وغسل رجليه، ثم قال: هذا وضوء نبيكم ' ".
رواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وفيه: "فغسل قدميه إلى الكعبين".(1/56)
وقال البيهقي: أخبرنا الحسين بن محمد بن محمد ابن علي الطوسي، ثنا عبدالله بن عمر بن أحمد بن شوذب، ثنا شعيب ابن أيوب، ثنا عبدالحميد أبو يحيى الحماني، عن أبي حنيفة، عن خالد بن علقمة، عن عبد خير الهمداني "أن علي بن أبي طالب _ دعا بماء فتوضأ، فغسل كفيه ثلاثاً وتمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً وغسل يديه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح برأسه ثلاثاً وغسل قدميه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ' فعل".
قال: هكذا رواه الحسن بن زياد اللؤلؤي وأبو مطيع، عن أبي حنيفة "في مسح الرأس ثلاثاً" ورواه زائدة بن قدامة وأبو عوانة وغيرهما، عن خالد بن علقمة دون ذكر التكرار في مسح الرأس، وكذلك رواه الجماعة عن علي إلا ما شذ منها.
وقد ذكر أبو محمد عبدالله بن محمد بن يعقوب الحارثي المعروف بعبدالله الأستاذ حديث أبي حنيفة، عن خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب "أنه مسح رأسه ثلاثاً وقال: هذا وضوء نبي الله ' ذكره بطرق عن أبي حنيفة، وفي بعضها:"مسح رأسه مرة واحدة" ثم قال: معنى من روى عن أبي حنيفة في هذا الحديث عن خالد عن علقمة "أن النبي ' مسح رأسه ثلاثاً" على أنه وضع يده على يافوخه، ثم مد يده إلى مؤخر رأسه ثم إلى مقدم رأسه. فجعل ذلك ثلاث مرات، وهو في الحقيقة مرة؛ لأنه لم يباين يده من رأسه ولا أخذ الماء ثلاث مرات، فهو كمن جعل الماء في كفه ثم مد إلى كوعه وإلى ذراعيه، ألا ترى أنه بين في الأحاديث التي روى عنه الجارود بن يزيد وخارجة بن مصعب وأسد بن عمرو: أن المسح كان مرة واحدة. وبين أن معناه على ما ذكرنا، والله أعلم.(1/57)
ثم قال: وقد روي عن جماعة من أصحاب النبي ' كثيرة على هذه اللفظة "أن النبي ' مسح رأسه ثلاثاً" منهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود وغيرهم، فهل كان معناه إلا على ما قلنا، فمن جعل أبا حنيفة غالطاً في روايته "المسح ثلاثاً" فهو واهم وكان هو بالغلط أولى وأحق، وقد غلط شعبة في هذا الحديث غلطاً فاحشاً عند الجميع؛ وهو روايته هذا الحديث عن مالك بن عرفطة، عن عبد خير، عن علي بن أبي طالب. فصحف الاسمين؛ فقال بدل خالد: "مالك" وبدل علقمة: "عرفطة" ولو كان هذا الغلط كان من أبي حنيفة لنسبوه إلى الجهالة وقلة المعرفة ولأخرجوه مثلاً من الدين، وهذا من قلة الورع واتباع الهوى. هذا كلام الحارثي، والله أعلم.
وقال أبو عمرو بن الصلاح في معرفة المصحّف: ومنه ما رويناه عن أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن مالك بن عرفطة، عن عبد خير، عن عائشة "أن رسول الله ' نهى عن الدباء والمزفت" قال أحمد: صحّف شعبة فيه، وإنما هو خالد بن علقمة. وقد رواه زائدة بن قدامة وغيره على ما قاله أحمد.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه شعبة عن مالك بن عرفطة، عن عبد خير، عن علي _ "في الوضوء ثلاثاً" ورواه أبو عوانة وزائدة، عن خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي، عن النبي ' في الوضوء، فقال أبو زرعة: وهم فيه شعبة إنما أراد خالد بن علقمة، ورواه سفيان موقوفاً لم يرفعه.
25- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سئل أبوزرعة عن حديث رواه عباس (النرسي) عن يحى بن ميمون، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عائشة، عن النبي ' "في صفة الوضوء مرة مرة، فقال: هذا الذي افترض الله عليكم. ثم توضأ مرتين فقال: من ضعف ضعف الله له. ثم أعادها الثالثة فقال: هذا وضوؤنا معشر الأنبياء" فقال أبو زرعة: هذا حديث واهٍ منكر ضعيف. انتهى ما ذكره.(1/58)
ولم يخرج أحد من أصحاب السنن هذا الحديث، ويحيى بن ميمون هو أبو أيوب التمار البصري، قال عمرو بن علي: كتبت عنه، وكان كذاباً يحدث عن علي بن زيد بأحاديث موضوعة. وقال أحمد بن حنبل: ليس بشيء، خرقنا حديثه. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وقال ابن حبان: قدم بغداد سنة تسعين ومائة وحدثهم بها، فعند أهل العراق عنه العجائب التي يرويها، لم يتابع عليها حتى إذا سمعها من الحديث صناعته لم يشك أنها معمولة، لا تحل الرواية عنه ولا الاحتجاج به بحال.
26- حديث آخر
قال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل: حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا (عبيدالله) قال: وحدثني محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا أبي.
وحدثني يحيى بن معين قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن أبي جعفر الخطمي، قال: حدثني عمارة بن خزيمة والحارث بن فضيل عن عبدالرحمن بن أبي قراد قال: "خرجت مع رسول الله ' حاجاً، فرأيته خرج من الخلاء، فاتبعته بالإداوة -أو القدح- فجلست له بالطريق فكان إذا أتى حاجة أبعد".
كذا قال في الإسناد الأول عن يحيى بن سعيد: ثنا عبيدالله، ولم يذكر شيخ عبيدالله، ولا وجه لذكره في الحديث، والله أعلم.
وقال النسائي: أخبرنا عمرو بن علي، ثنا يحيى، ثنا أبو جعفر الخطمي عمير بن يزيد قال: حدثني الحارث بن فضيل وعمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عبدالرحمن بن أبي قراد قال: "خرجت مع رسول الله ' إلى الخلاء وكان إذا أراد حاجة أبعد".
وقال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار قالا: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن أبي جعفر الخطمي -واسمه: عمير بن يزيد- عن عمارة بن خميمة والحارث بن فضيل، عن عبدالرحمن بن أبي قراد قال: "حججت مع النبي ' فذهب لحاجته فأبعده" رواه ابن خزيمة في صحيحه عن بندار.(1/59)
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه يحيى بن سعيد القطان عن أبي جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة والحارث ابن فضيل، عن عبدالرحمن بن أبي قراد، عن النبي ' "في الوضوء" ورواه غندر، عن شعبة، عن أبي جعفر المديني، عن عمارة بن عثمان ابن حنيف قال: حدثني القيسي "أنه كان مع النبي ' في سفر، فأتي بإناء فغسل يده مرة وغسل وجهه وذراعيه مرة، وغسل رجليه مرة بيديه كلتيهما".
فقال أبو زرعة: الصحيح: حديث يحيى بن سعيد القطان.
27- حديث آخر
قال مسلم في صحيحه:حدثنا هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر وأحمد بن عيسى قالوا: أبنا عبدالله بن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سالم مولى شداد قال: دخلت على عائشة زوج النبي ' يوم توفي سعد بن أبي وقاص، فدخل عبدالرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها، فقالت: يا عبدالرحمن، أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار".
وحدثني حرملة بن يحيى، ثنا عبدالله بن وهب، أخبرني حيوة، أخبرني محمد بن عبدالرحمن أن أبا عبدالله مولى شداد بن الهاد حدثه "أنه دخل على عائشة ..." فذكر عنها عن النبي ' بمثله.
وحدثني محمد بن حاتم وأبو معن الرقاشي قالا: ثنا عمر بن يونس، ثنا عكرمة بن عمار، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني -أو ثنا- أبو سلمة بن عبدالرحمن، حدثني سالم مولى المهري قال: "خرجت أنا وعبدالرحمن بن أبي بكر في جنازة سعد بن أبي وقاص، فمررنا على حجرة عائشة ..." فذكر عنها عن النبي ' مثله.
وقال عبدالغني بن سعيد الحافظ في استدراكه على الحاكم: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل، ثنا محمد بن زبان، ثنا أبو الطاهر بن السرح، ثنا عبدالله بن وهب، عن مخرمة بن بكير، [عن أبيه، عن سالم] مولى شداد قال: دخلت على عائشة زوج النبي ' يوم توفي سعد بن أبي وقاص، فدخل عبدالرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها، فقالت: يا عبدالرحمن، أسبغ الوضوء ' فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار".(1/60)
حدثنا أبو القاسم الحسن بن عبدالله القرشي، ثنا أبو عبيد علي ابن الحسين، ثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا أبو عباد -وهو يحيى بن عباد- عن فليح قال: حدثني نعيم بن عبدالله المجمر، حدثني سالم مولى شداد قال: كنا أنا مع عائشة فأدخل عليها وأنا مكاتب فقالت لي: إنما بينك وبين أن لا تراني أن تقضي بقية مكاتبك. قال: فقلت: فوالله لا أقضيها ما عشت. فدخل عبدالرحمن بن أبي بكر فتوضأ، فقالت: يا عبدالرحمن، أسبغ وضوءك؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار".
حدثنا يوسف ين القاسم الميانجي، ثنا أبو خليفة، ثنا عبدالله بن رجاء، ثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني سالم أبو عبدالله الدوسي "أنه دخل على عائشة هو وعبدالرحمن بن أبي بكر، فدعا عبدالرحمن بالوضوء، فقالت: يا عبدالرحمن، أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار".
حدثنا أبو أحمد عبدالله بن محمد بن المفسر، ثنا إبراهيم بن دحيم، ثنا هشام بن عمار، ثنا عبدالحميد والوليد ح.
وثنا أبو أحمد، ثنا إبراهيم بن دحيم، ثنا محمود، ثنا الوليد، ثنا الأوزاعي، حدثني يحيى، حدثني سالم الدوسي قال: دخلت مع عبدالرحمن بن أبي بكر على عائشة فدعا بوضوء، فقالت: يا عبدالرحمن، أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار".
وثنا علي بن محمد بن عمر الحراني، ثنا محمد بن يحيى المروزي، ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام [ثنا أبو النضر] عن شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم مولى دوس، عن عائشة أنها قالت ذلك لعبدالرحمن عن النبي '.
وثنا علي، ثنا محمد، ثنا أبو عبيد، ثنا عمر بن يونس اليمامي، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني [أبو سلمة] بن عبدالرحمن قال: حدثني أبو سالم -أو قال: سالم- مولى المهري أنه سمع عائشة تقول ذلك لعبدالرحمن -أيضاً- عن النبي '.(1/61)
وذكر أبو القاسم حمزة بن محمد أن أبا الطاهر الحسين بن أحمد ابن [ ] أخبرهم، ثنا حرملة بن يحيى.
وأن إبراهيم [ ] ثنا أحمد بن منيع جميعاً عن عبدالله بن وهب، عن حيوة بن شريح قال: أخبرني محمد بن عبدالرحمن [أن أبا عبدالله مولى شداد] بن الهاد حدثه "أنه دخل على عائشة زوج النبي ' وعندها عبدالرحمن بن أبي بكر، فأقبل عليها فقالت: أني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار".
ثنا علي بن محمد بن عمر الحراني، ثنا محمد [ ] المروزي، ثنا عاصم بن علي، ثنا ابن أبي ذئب، عن عمران بن بشير، عن [سالم سبلان] قال: خرجنا مع عائشة إلى مكة وكانت تخرج معها [ أبا يحيى التميمي] يصلي بها. قال: فأدركنا عبدالرحمن بن أبي بكر فأساء الوضوء، ثم قالت عائشة: يا عبدالرحمن، أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب يوم القيامة من النار".
قال عبدالغني: عمران بن بشير بن محرز وله أخ يقال له: حميد ابن بشير، جميعاً من أهل المدينة.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه الأوزاعي وحسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم الدوسي قال: دخلت مع عبدالرحمن بن أبي بكر على عائشة فدعا بوضوء، فقالت: يا عبدالرحمن، أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار".
ورواه عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن أبي سالم مولى المهريين قال: "دخلت مع عبدالرحمن بن أبي بكر على عائشة ..." فذكر الحديث.
ورواه أبو نعيم، عن شيبان أبي معاوية النحوي، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم مولى دوس، سمع أبا هريرة أنه سمع عائشة تقول لعبدالرحمن بن أبي بكر: أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للعراقيب من النار".
فقال أبو زرعة: الحديث حديث الأوزاعي وحسين المعلم، و حديث شيبان وهم، وهم فيه أبو نعيم. انتهى ما ذكره.(1/62)
ولم يخرج أحد من أصحاب الكتب الستة حديث شيبان، ولا حديث الأوزاعي وحسين المعلم، وسيأتي هذا في موضع آخر -إن شاء الله- والله أعلم.
28- حديث آخر
قال ابن ماجه: حدثنا العباس بن عثمان وعثمان بن إسماعيل الدمشقي قالا: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا شيبة بن الأحنف، عن أبي سلام الأسود، عن أبي صالح الأشعري قال: حدثني أبو عبدالله الأشعري، عن خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص، كل هؤلاء سمعوه من رسول الله ' قال: "أتموا الوضوء، ويل للأعقاب من النار".
هكذا رواه ابن ماجه مختصراً منفرداً به عن أصحاب السنن، ورواه غيره مطولا، وشيبة بن الأحنف لا بأس به، ذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الخامسة، وقال أبو زرعة الدمشقي في ذكر نفر ذوي [أسنان] وعلم: شيبة بن الأحنف، وقال أبو حاتم: سمعت دحيماً يقول: لم أسمع من الوليد بن مسلم من حديث شيبة ابن الأحنف شيئاً. وقال عثمان بن سعيد الدارمي عن دحيم: كان الوليد يروي عنه، ما سمعت أحداً يعرفه، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
وأبو صالح الأشعري الشامي الأردني لا يسمى، روى عنه خمسة نفر وذكره أبو زرعة الدمشقي في طبقة تلي الطبقة العليا، وقال أبو حاتم: لا بأس به.
وأبو عبدالله الأشعري الشامي الدمشقي لا يسمى أيضاً، روى عنه غير واحد، وذكره ابن سميع في الطبقة الأولى من التابعين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو زرعة الدمشقي: لم أجد أحداً سماه.
وقال ابن حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه الوليد بن مسلم عن شيبة بن الأحنف الأوزاعي قال: حدثنا (أبو سلام) الأسود قال: حدثني أمراء الأجناد: عمرو بن العاص وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة" أنهم سمعوا رسول الله ' يقول: "ويل للإعقاب من النار" فقال أبو زرعة: أبو صالح لا يعرف اسمه، ولا أبو عبدالله يعرف اسمه.
29- حديث آخر(1/63)
قال يوسف بن يعقوب القاضي: حدثنا عبدالله بن عبدالوهاب، ثنا عبدالواحد بن زياد، عن ليث، ثنا عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة -أو عن أخي أبي أمامة- قال: رأى رسول الله ' قوماً على أعقاب أحدهم مثل موضع الدرهم -أو مثل موضع ظفر- لم يصبه الماء. قال: فجعل يقول: "ويل للأعقاب من النار".
قد تقدم ذكر هذا الحديث.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه ليث بن أبي سليم، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة -أو عن أخي أبي أمامة- عن النبي ' "ويل للأعقاب من النار" فقال أبو زرعة: أخو أبي أمامة لا أعرف اسمه.
30- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه المحاربي، عن مطرح بن يزيد، عن عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي ' قال: "ويل للإعقاب من النار" فقال أبو زرعة: طرح ضعيف جداً. انتهى ما ذكره.
ولم يخرج أحد من أصحاب السنن هذا الحديث بهذا الإسناد، وفيه أربعة متكلم فيهم: مطرح، وابن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم، لكن بعضهم أضعف من بعض.
قال أبو حاتم بن حبان البستي في عبيدالله بن زحر: منكر الحديث جداً، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا اجتمع في إسناد خبر: عبيدالله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبدالرحمن لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم، فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة؛ بل التنكب عن رواية عبيدالله بن زحر على الأحوال أولى.(1/64)
وقال في علي بن يزيد: منكر الحديث جداً، فلا أدري التخليط في روايته ممن هو؛ لأن في إسناده ثلاثة ضعفاء سواء، وأكثر روايته عن القاسم أبي عبدالرحمن وهو ضعيف في الحديث جداً، وأكثر ما روى عنه عبيدالله بن زحر ومطرح بن يزيد، وهما ضعيفان واهيان، فلا يتهيأ إلزاق الجرح بعلي بن يزيد وحده؛ لأن الذي يروي عنه ضعيف، والذي روى عنه (واهٍ) ولسنا ممن يستحل إطلاق الجرح على مسلم من غير علم -عائذ بالله من ذلك- وعلى جميع الأحوال يجب التنكب عن روايته لما ظهر لنا عن من فوقه ودونه من ضد التعديل، ونسأل الله - عز وجل- جميل الستر بمنه.
وأطال الكلام في ترجمة مطرح بن يزيد وبحث مع يحيى بن معين فيها، والله أعلم.
31- حديث آخر
قال أبو داود في سننه: حدثنا مسدد، ثنا يحيى، عن سفيان، ثنا علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: صلى رسول الله ' يوم الفتح خمس صلوات بوضوء ومسح على خفيه، فقال له عمر: إني رأيتك صنعت شيئاً لم تصنعه ! قال: "عمداً صنعته".
رواه ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: ثنا وكيع، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه "أن النبي ' كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم فتح مكة صلى الصلوات كلها بوضوء واحد".
ورواه الترمذي والنسائي من حديث سفيان، عن علقمة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، أبنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله (الأصفهاني) ثنا أحمد بن مهران الأصفهاني، ثنا علي بن قادم، ثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة -وهو سليمان بن بريدة- عن أبيه قال: رأيت رسول الله ' توضأ مرة مرة ومسح على الخفين، وصلى الصوات كلها بوضوء واحد، فقال له عمر: صنعت شيئاً ما كنت تصنعه ! فقال: "عمداً فعلته يا عمر".(1/65)
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو نعيم، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن النبي ' "أنه صلى خمس صلوات بوضوء واحد".
ورواه وكيع، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي ' فقال أبو زرعة: حديث أبي نعيم أصح. انتهى ما ذكره ابن أبي حاتم.
وكأن أبا زرعة يشير إلى أن رواية سفيان هذا الحديث عن محارب مرسلاً أصح من روايته عنه متصلاً لا أن إرساله أصح مطلقاً، والله أعلم.
[وقال ابن خزيمة في صحيحه] -بعد أن روى حديث سفيان عن علقمة-: حدثنا علي بن الحسين] الدرهمي بخبر غريب غريب، ثنا معتمر، عن سفيان الثوري،عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: "كان رسول الله ' [يتوضأ لكل صلاة إلا يوم] فتح مكة؛ فإنه شغل، فجمع بين الظهر والعصر بوضوء واحد".
حدثنا أبو عمار، ثنا وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن [محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة] عن أبيه "أن النبي ' كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم فتح مكة صلى الصلوات كلها بوضوء واحد".
قال [أبو بكر: لم يسند هذا الخبر] عن الثوري أحد نعلمه غير المعتمر ووكيع [و] رواه أصحاب الثوري [و] غيرهما، عن سفيان، عن محارب، عن سليمان بن بريدة، عن النبي ' فإن كان المعتمر ووكيع -مع جلالتهما- حفظاً هذا الإسناد واتصاله فهو خبر غريب غريب.
32- حديث آخر
قال ابن ماجه في سننه: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا عبدالعزيز بن محمد بن الدراوردي،عن عبيدالله بن عمر، عن إبراهيم ابن محمد بن عبدالله بن جحش، عن أبيه، عن زينب بنت جحش "أنه كان لها مخضب من صفر، قالت: فكنت أرجل رأس رسول الله '".
وقال الإمام أحمد بن حنبل في المسند: حدثنا حماد بن خالد، ثنا (عبدالله) -يعني: ابن عمر- عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه، عن زينب بنت جحش "أنها كانت ترجل رسول الله ' في مخضب من صفر".(1/66)
حدثنا علي بن بحر، ثنا الدراوردي، أخبرني عبيدالله بن عمر، عن محمد بن إبراهيم عن زينب بنت جحش "أن رسول الله ' كان يتوضأ في مخضب من صفر".
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه يعقوب بن حميد بن كاسب، عن الدراوردي، عن عبيدالله بن عمر، عن إبراهيم ابن محمد بن عبدالله بن جحش، عن أبيه "أن زينب بنت جحش أخرجت لهم مخضباً من صفر فقالت: كنت أرجل فيه رأس رسول الله '".
ورواه إبراهيم بن حمزة، عن الدراوردي، عن عبيدالله العمري، عن إبراهيم بن محمد بن جحش، عن زينب، عن النبي '.
ورواه حماد بن خالد، عن عبدالله بن عمر، عن إبراهيم بن محمد بن جحش، عن أبيه، عن زينب بنت جحش "أنها كانت ترجل رأس رسول الله ' في مخضب من صفر".
فقال أبو زرعة: هذا الصحيح -يعني: حديث يعقوب بن حميد ابن كاسب، عن الدراوردي.
33- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه عبيد بن يعيش، عن يونس بن بكير، عن طلحة بن يحيى، عن أم كلثوم بنت عبدالله بن زمعة، عن جدتها أم سلمة "رفعت إليها مخضباً من صفر، فقالت: كان رسول الله ' يغتسل فيه".
ورواه عقبة بن مكرم، عن يونس بن بكير، عن طلحة بن يحيى، عن (أم كلثوم) بنت عبدالله بن زمعة، عن جدتها أم سلمة، عن النبي ' فقال أبو زرعة: الصحيح -يعني-: من قال: عن أم كلثوم. انتهى ما ذكره.
ولم يخرج أحد من أصحاب الكتب الستة هذا الحديث، ولم يرووا لأم كلثوم هذه شيئاً، ولم أر هذا الحديث في مسند الإمام أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل أيضاً، والله أعلم.
34- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، أخبرني أبو النضر الفقيه، ثنا أبو عبدالله محمد بن نصر، ثنا يحيى بن يحيى، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام قال: "بال جرير ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا ! قال: نعم، رأيت رسول الله ' بال ثم توضأ ومسح على خفيه".
رواه مسلم في الصحيح، عن يحيى بن يحيى وغيره، عن أبي معاوية.(1/67)
ورواه البخاري عن آدم، عن شعبة، عن الأعمش.
وقد رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش أيضاً.
ورواه أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير بطرق كثيرة إلى الأعمش.
ورواه من غير رواية الأعمش، عن إبراهيم.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه عبدالله بن الأجلح، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد قال: "بال جرير بن عبدالله ثم توضأ ومسح على خفيه، فرآه رجل فتعجب لذلك، فقال: لا تعجب؛ فإني رأيت رسول الله : ' يفعله" قال أبو زرعة: هذا الحديث وهم فيه عبدالله بن الأجلح.
قال ابن أبي حاتم: رواه أصحاب الأعمش، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن جرير، وهو الصحيح. انتهى ما ذكره.
ولم يخرج أحد من أصحاب السنن حديث عبدالله بن الأجلح هذا ولم أره في معجم الطبراني، وعبدالله بن الأجلح الكندي أبو محمد الكوفي روى له الترمذي وابن ماجه، وقال أبو حاتم: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات لكنه واهم في هذا الحديث، كما ذكره أبو زرعة لمخالفة أصحاب الأعمش له، والله أعلم.
35- حديث آخر
قال الطبراني:حدثنا علي بن عبدالعزيز، ثنا أبو نعيم ح .
وحدثنا أبو حصين القاضي، ثنا يحيى الحماني قالا: ثنا شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن قيس، عن جرير قال: "رأيت رسول الله ' بال فتوضأ ومسح على خفيه".
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو نعيم، عن شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير "رأيت النبي ' يمسح على خفيه".
ورواه ابن الأصبهاني، عن شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبيه "أن النبي ' توضأ ومسح على خفيه".
فقال أبو زرعة: الحديث حديث أبي نعيم، وإبراهيم هو ابن جرير ابن عبدالله البجلي ولم يلحق أباه. والله الموفق للصواب.
36- حديث آخر(1/68)
قال أبو القاسم البغوي: حدثنا شيبان بن فروخ وطالوت ابن عباد قالا: ثنا داود بن أبي الفرات، عن محمد بن زيد، عن أبي شريح، عن أبي مسلم مولى زيد بن صوحان قال: "كنت مع سليمان الفارسي فرأى رجلاً قد أحدث وهو يريد أن ينزع خفيه للوضوء، فأمره سلمان أن يمسح على خفيه وعلى عمامته، ويمسح بناصيته وقال: رأيت رسول الله ' يمسح على خفيه وخماره".
ومحمد بن زيد هو العبدي قاضي مرو قال أبو حاتم:صالح الحديث لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات.
وأبو شريح ليس بذاك المشهور، وكذلك أبو مسلم مولى زيد بن صوحان، وقد ذكرهما ابن حبان في كتاب الثقات.
ولم يرو ابن ماجه لمحمد بن زيد وأبي شريح وأبي مسلم غير هذا الحديث.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو غسان النهدي، عن عبدالسلام بن حرب، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مسلم (عن أبي شريح، عن سلمان، عن النبي ' في المسح على الخفين والعمامة.
ورواه شعيب بن إسحاق، عن سعيد بن أبي عروبة، عن داود الكندي، عن محمد بن زيد، عن أبي شريح) عن أبي مسلم، عن سلمان، عن النبي ' في المسح. فقال أبو زرعة: هذا حديث وهم فيه عبدالسلام بن حرب. انتهى ما ذكره.
وداود الكندي هو ابن أبي الفرات وهو ثقة، روى له البخاري في صحيحه، وقد روى هذا الحديث أبو القاسم الطبراني فقال: حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن داود ابن أبي الفرات الكندي، عن محمد بن زيد، عن أبي شريح، عن أبي مسلم "أنه رأى سلمان خرج من غائط فمسح على خفيه، فقيل له: إنكم تفعلون بهذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله ' يمسح على الخفين والعمامة".
حدثنا عبدان، ثنا زيد بن الحريش، ثنا عبدالله بن الزبير، عن أيوب السختياني، عن داود بن (أبي الفرات) عن محمد بن زيد، عن أبي شريح، عن أبي مسلم، عن سلمان "أن النبي ' كان يمسح على العمامة والخفين".(1/69)
عبدالله بن الزبير هو الباهلي أبو الزبير ويقال: أبو معبد البصري، روى عن أيوب السختياني وثابت البناني وغيرهما، وروى عنه زيد بن الحريش الأهوازي وعمار بن طالوت ونصر بن علي الجهضمي، قال أبو حاتم: مجهول لا يعرف. وذكره ابن عدي في الكامل وروى له الترمذي في الشمائل وابن ماجه حديثاً واحداً.
وهذا الحديث من رواية الأكابر عن الأصاغر؛ فإن أيوب السختياني أكبر من داود بن أبي الفرات، وكذلك سعيد بن أبي عروبة أكبر منه أيضاً، والله أعلم.
وقال الطبراني: حدثنا يوسف القاضي وأبو خليفة الفضل بن الحباب -وذكره آخر- قالوا: ثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا داود ابن (أبي الفرات) (عن محمد بن زيد العبدي) عن أبي شريح، عن أبي مسلم مولى زيد صوحان قال: "كنت مع سلمان فرأى رجلاً قد أحدث وهو يريد أن ينزع خفيه للوضوء، فقال سلمان: أمسح عليهما وعلى عمامتك. وقال سلمان: رأيت رسول الله ' يمسح على خماره وخفيه".
وقال أبو القاسم عبدالرحمن بن عبيدالله بن عبدالله الحُرفي: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير الكوفي، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا زيد بن الحباب، حدثني داود بن أبي الفرات، حدثني محمد بن زيد العبدي -وكان شيخ صدق- عن أبي شريح، عن أبي مسلم مولى زيد بن صوحان قال: "كنت مع سلمان بدمشق فرأى رجلاً قضى الحاجة فأهوى أن ينزع خفيه، فقال له سلمان: امسح عليهما، رأيت رسول الله ' يمسح على الخفين والخمار".
قال الحافظ عبدالغني المقدسي: غريب من حديث المراوزة، لا أعلم رواه غير داود بن أبي الفرات، عن محمد بن زيد قاضي مرو.
قال أبو داود الطيالسي في مسنده: ثنا داود بن (أبي الفرات) ثنا محمد بن زيد العبدي، عن أبي شريح، عن أبي مسلم مولى (زيد) بن صوحان قال: "رأيت سلمان الفارسي ورأى، رجلا يريد أن ينزع خفيه في الوضوء، فأمره سلمان أن يمسح على خفيه وعمامته وشعره، وقال سلمان: رأيت رسول الله ' يسمح على خماره وخفيه".(1/70)
ورواه أحمد عن عبدالصمد بن عبدالوارث، عن داود بن أبي الفرات.
37- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو داود الطيالسي، عن خارجة بن مصعب، عن يونس، عن الحسن، عن عتي، عن أُبي بن كعب، عن النبي ': "للوضوء شيطان يقال له: الولهان" فقال أبو زرعة: هو عندي منكر. انتهى ما ذكره.
وقد تقدم الكلام على هذا الحديث مطولا، والله أعلم.
38- حديث آخر
قال أبو داود الطيالسي: حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: "كنت أنا ورسول الله ' نغتسل من إناء واحد" وذلك القدح يومئذٍ يدعى: الفرق.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم، عن ابن أبي ذئب وقال: "من قدح يقال له: الفرق".
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو عبدالله بن يعقوب، ثنا محمد بن عبدالوهاب، أبنا أبو النضر هاشم بن القاسم، ثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: "كان رسول الله ' يغتسل في القدح -وهو الفرق- وكنت اغتسل أنا وهو في إناء واحد".
رواه مسلم في الصحيح، عن قتيبة بن سعيد وغيره، عن الليث.
ورواه ابن عيينة عن الزهري هكذا.
ورواه معمر، عن الزهري، فقال في الحديث: قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله ' من إناء واحد فيه قدر الفرق".
أخبرناه أبو بكر بن الحسن القاضي، أبنا حاجب بن أحمد، ثنا محمد بن حماد، ثنا عبدالرازق، عن معمر وابن جريج، عن الزهري ... فذكره.
ورواه مالك عن الزهري مضافاً إليه دونها.
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، ثنا يحيى بن منصور القاضي إملاء، ثنا جعفر بن محمد بن الحسين، ثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة "أن رسول الله ' كان يغتسل من إناء -وهو الفرق- من الجنابة" رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.(1/71)
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أبنا أحمد بن عبيد الصفار، أبنا أبو مسلم، ثنا (أبو عمر) ثنا إبراهيم بن سعد قال: سمعت ابن شهاب يحدث عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: "كنت اغتسل أنا ورسول الله ' من إناء واحد وهو الفرق" قال: فقال الزهري: أحسبه خمسة أقساط.
قال أبو عمر والقسط أربعة أرطال.
ورواه غيره أيضاً عن إبراهيم بن سعد هكذا.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه مالك وابن عيينة وغيرهما، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة "أن رسول الله ' كان يغتسل من إناء هو الفرق".
ورواه إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبي ' هذا الحديث، فقال أبو زرعة: الحديث عندي حديث عروة.
39- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى قالا: ثنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب، ثنا (محمد بن عبدالوهاب) أبنا جعفر بن عون، ثنا زكريا بن أبي زائدة ح.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب إملاء، ثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي، ثنا أبو نعيم، ثنا زكريا، عن عامر، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه قال: كنت مع النبي ' في سفر، فقال: "معك ماء"؟ قلت: نعم. فنزل عن راحلته ثم مشى حتى توارى عني في سواد الليل، ثم جاء فأفرغت عليه من الإداوة فغسل يديه ووجه وعليه جبة من صوف، فلم يستطيع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال: "دعهما؛ فإني أدخلتهما طاهرتين"، فمسح عليهما لفظ حديث أبي نعيم.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
ورواه مسلم عن محمد بن عبدالله بن نمير، عن أبيه، عن زكريا.
وكذلك رواه عبدالله بن أبي السفر، عن عامر الشعبي مختصراً.(1/72)
وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان، أبنا أبو بكر بن محمويه العسكري، ثنا عيسى بن غيلان، ثنا يحيى بن صالح، ثنا موسى بن أعين، عن إسماعيل -هو ابن أبي خالد- عن عامر، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه... فذكر معناه إلى أن قال: فقلت: ألا أنزع خفيك يا رسول الله؟ قال: "إني قد أدخلتهما طاهرتين لم (أجنب) بعد".
وحدثنا أبو محمد عبدالله بن يوسف، أبنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد، أبنا سعدان بن نصر المخرمي ح.
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أبنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا سعدان بن نصر، ثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل ابن محمد، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله ' في سفر، فقال: "تخلف يا مغير، وامضوا أيها الناس". فتخلفت ومعي ماء، فقضى رسول الله ' حاجته، ثم رجع فصببت عليه ماء فغسل وجهه، ثم ذهب يغسل يديه وعليه جبة رومية، فضاق كمها فأدخل يده من أسفل فغسل يديه ومسح برأسه ومسح على خفيه".
قال سفيان: وزاد فيه حصين، عن الشعبي، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه: قال: قلت: يا رسول الله، أتمسح على خفيك؟! قال: "إني أدخلتهما وهما طاهرتان".
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي، عن إسماعيل بن عياش، عن أبي شيبة يحيى ابن يزيد الرهاوي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن حماد، عن عامر الشعبي، عن إبراهيم بن أبي موسى، عن المغيرة بن شعبة "في الوضوء والمسح على الخفين" فقال أبو زرعة: وهم فيه حماد خالفه أبو إسحاق السبيعي وابن أبي خالد وحصين.
قال ابن أبي حاتم: قلت: يعني أنهم رووا الحديث عن الشعبي، عن عروة بن المغيرة، عن المغيرة وليس لإبراهيم بن أبي موسى هاهنا معنى. انتهى ما ذكره.(1/73)
ولم يخرج حديث حماد هذا أحد من أصحاب السنن، والوهم فيه يحتمل أن يكون من غير حماد، قال أبو أحمد بن عدي: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: يحيى بن يزيد أبو شيبة الرهاوي، عن زيد ابن أبي أنيسة، روى عنه إسماعيل بن عياش، لم يصح حديثه.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي شيبة فقال: ليس به بأس، أدخله البخاري في كتاب الضعفاء، سمعت أبي يقول: يُحوّل من هناك.
40- حديث آخر
قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، حدثني خارجة بن الحارث (المدني) حدثني سالم بن (سرج) سمعت أم صبية الجهينة تقول: "اختلف يدي ويد رسول الله ' في الوضوء من إناء واحد".
وقال أحمد أيضاً: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أسامة بن زيد، حدثني سالم أبو النعمان، عن أم صبية قالت: "إختلفت يدي ويد رسول الله ' في إناء واحد في الوضوء".
وقال أبو داود في السنن: حدثنا عبدالله بن محمد النفيلي، ثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن (ابن خربوذ) عن أم صبية الجهنية قالت: "اختلفت يدي ويد رسول الله ' في الوضوء من إناء واحد".
وقال ابن ماجه: حدثنا عبدالرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا أنس عن بن عياض، ثنا أسامة بن زيد، عن سالم أبي النعمان -وهو ابن (سرج)- عن أم صبية الجهنية قالت: "ربما اختلفت يدي ويد رسول الله ' في الوضوء في إناء واحد".
ذكر صاحبا الأطراف: أبو القاسم بن عساكر، وشيخنا أبو الحجاج بعد ذكر رواية ابن ماجه لهذا الحديث أنه قال: سمعت محمد بن يحيى يقول: أم صبية هي خولة بنت قيس. فذكرت ذلك لأبي زرعة فقال: صدق.(1/74)
وذكر أبو القاسم أن أبا داود قال في روايته: عن معروف بن خربوذ. وهو وهم، والذي في الأصول عن ابن خربوذ فقط، وهو سالم بن سرج أبو النعمان، ويقال: سالم بن النعمان المدني مولى أم صبية الجهنية وهو أخو نافع بن سرج، قال أحمد بن سعد بن أبي مريم، عن يحيى بن معين: سالم بن النعمان ثقة، شيخ مشهور. وذكره أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات، وقال الحاكم أبو أحمد: من قال: ابن سرج عرّبه، ومن قال: ابن خربوذ أراد به الإكاف بالفارسية.
روى أبو داود ابن ماجه، والبخاري في الأدب لسالم بن سرج هذا الحديث الواحد.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر بن الحسن قالا: ثنا أبو العباس بن يعقوب، أبنا محمد بن عبدالله، أبنا ابن وهب قال: وحدثنا بحر قال: قرىء على ابن وهب: أخبرك أسامة بن زيد الليثي، عن سالم بن النعمان، عن أم صبية الجهنية قالت: "اختلفت يدي ويد رسول الله ' في إناء واحد في الوضوء".
قال البخاري: سالم هذا هو ابن سرج، ويقال: ابن خربوذ أبو النعمان، وقال بعضهم: ابن النعمان. قال البخاري: هو مولى أم صبية واسمها: خولة بنت قيس.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه [قبيصة] عن سفيان، عن أسامة، عن أسامة بن زيد، عن سالم بن النعمان، عن امرأة من جهينة يقال لها: أم صفية -هكذا قال قبيصة- قالت: "نازعت النبي ' في الوضوء من إناء واحد".
ورواه وكيع، عن أسامة بن زيد، عن النعمان بن خربوذ، عن أم صبية ... هذا الحديث.
ورواه ابن وهب، عن أسامة بن زيد، عن سالم بن النعمان، عن أم صبية.
ورواه خارجة بن الحارث، عن سالم بن (سرج)، سمعت أم صبية ... فذكر الحديث.
فقال أبو زرعة: هكذا قال قبيصة: أم صفية. وإنما هي أم صبية واسمها: خولة بنت قيس، ووهم وكيع في الحديث، والصحيح حديث ابن وهب وسالم بن النعمان بن سرج.
قال ابن أبي حاتم: يعني أن وكيعاً قال: عن النعمان بن خربوذ. فهذا الذي وهم فيه. انتهى ما ذكره.(1/75)
وقد تقدم أن أبا داود روى الحديث من طريق وكيع وقال فيه: عن ابن خربوذ فقط. فكأنه أسقط وهم وكيع منه، والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل: سالم بن النعمان ابن سرج ويكنى بأبي النعمان روى عن أم صبية وهو مولى أم صبية، روى عنه أسامة بن زيد الليثي وخارجة بن الحارث. سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا عبدالله بن أحمد -فيما كتب إليَّ- قال: سألت أبي عن سالم بن سرج، فقال: قد روى عنه أسامة بن زيد.
41- حديث آخر
قال الإمامان الشافعي، وأحمد بن حنبل: ثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله ' قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإنه لا يدري أين باتت يده".
قال الشافعي في روايته: أبنا سفيان.
رواه مسلم في صحيحه عن أبي بكر بن أبي شيبة وجماعة، عن سفيان بن عيينة.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه ابن أبي ذئب، عمن سمع أبا سلمة بن عبدالرحمن يحدث عن عائشة، عن النبي ' إذا استيقظ أحدكم من النوم فليغرف على يده ثلاث غرفات قبل أن يدخلها في وضوئه؛ فإنه لا يدري حيث باتت يده".
ورواه الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ' ... هذا الحديث. فقال أبو زرعة: هذا عندي وهم -يعني حديث ابن أبي ذئب. انتهى ما ذكره.
ولم أر حديث ابن أبي ذئب هذا في شيء من الكتب الستة، والله أعلم.
42- حديث آخر
قال مسلم في صحيحه: حدثني زهير بن حرب، ثنا عمر بن يونس الحنفي، ثنا عكرمة بن عمار قال: قال إسحاق بن أبي طلحة: حدثني أنس بن مالك قال: جاءت أم سليم -وهي جدة إسحاق- إلى رسول الله ' فقالت له -وعائشة عنده- يا رسول الله، المرأة ترى ما يرى الرجل في المنام فترى من نفسها ما يرى الرجل من نفسه. فقالت عائشة: يا أم سليم، فضحت النساء، تربت يمينك! فقال لعائشة: "بل أنت تربت يمينك، نعم فتغتسل يا أم سليم إذا رأت ذاك".(1/76)
وقال أبن أبي حاتم: سمعت أبي -وذكر حديثاً رواه عمر بن يونس، عن عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس قال: جاءت أم سليم -وهي جدة إسحاق- إلى رسول الله ' فقالت: يا رسول الله، المرأة ترى ما يرى الرجل في المنام بأن زوجها جامعها، أتغتسل؟ فقال رسول الله ': "إذا وجدت الماء فلتغتسل" وروى الأوزاعي، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن جدته أم سليم قالت: "دخلت أم سليم على أم سلمة، فدخل عليها رسول الله ' فقالت له أم سليم: أرأيت إذا رأت المرأة" -قال أبي: إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أم سليم مرسل.
وعكرمة بن عمار روى عن إسحاق، عن أنس "أن أم سليم ...".
وحديث الأوزاعي أشبه مرسل من الموصل.
كذا قال، والصواب أن يقال: أشبه من الموصول، وحديث الأوزاعي، عن إسحاق لم يخرجه أحد من الأئمة الستة، وحديث عكرمة انفرد بن مسلم عن الجماعة، والله أعلم.
43- حديث آخر
قال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عباد بن العوام، عن حجاج، عن عطاء، عن عثمان بن عفان قال: "رأيت رسول الله ' توضأ فمسح رأسه مرة".
عطاء بن أبي رباح لم يدرك عثمان _ وحجاج بن أرطاة اسمع من عطاء.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث سهل بن عثمان العسكري، عن حفص بن غياث، عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن حمران بن أبان -أو أبان بن حمران- عن عثمان، عن النبي ' "أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً إلا مسح رأسه مرة".
قال أبو زرعة: روى هذا الحديث حماد بن زيد وحماد بن سلمة وهشيم وعباد بن عوام وابن أبي زائد، عن حجاج، عن عطاء، عن عثمان مرسل.
ورواه يزيد بن أبي حبيب وأسامة بن زيد والليث وابن لهيعة، عن عطاء، عن عثمان مرسل.
ورواه ابن جريج، عن عطاء أنه بلغه عن عثمان مرسل، وهو الصحيح عندنا، والله أعلم.
44- حديث آخر(1/77)
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، ثنا عبدالجبار بن عاصم، قال: حدثني عبيدالله بن عمرو، عن عبدالملك العامري، عن عمرو ابن دينار، عن جابر قال: جاء ناس من الطائف يشكون إلى رسول الله ' برد أرضهم ليرخص لهم في الغسل، فقال رسول الله ': "أما أنا فأصب على رأسي ثلاث مرات".
قال أبو زرعة: وحدثنا عمرو بن قسيط الرقي، ثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبدالملك العامري، عن عمرو بن دينار، عن جابر موقوف، وهو الصحيح. انتهى ما ذكره.
وهذا الحديث غير مخرج في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه، وقد روى نحوه عن أبي سفيان ومحمد بن علي، عن جابر، وهو مخرج في صحيح مسلم.
قال أبو داود الطيالسي: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبدالله أن أهل الطائف قالوا: يا رسول الله، إن أرضنا أرض باردة، فما [يجزينا] من غسل الجنابة؟ فقال رسول الله ': "أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثاً".
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وإسماعيل بن سالم، كلاهما عن هشيم.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبدالجبار، ثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر "أن أناساً قدموا على رسول الله ' فسألوه عن غسل الجنابة وقالوا: إنا بأرض باردة. فقال: إنما يكفي أحدكم أن يحفن على رأسه ثلاث حفنات".
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى، عن عبدالوهاب الثقفي، عن جعفر.
ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن حفص بن غياث، والله أعلم.
45- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر حديثاً حدثنا به عن محمد ابن عبدالله بن بكر الصنعاني، عن أبي سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا أبو سلام، عن زيد العمي، عن أبي الصديق، عن عائشة "أن رسول الله ' قبلها، ثم مضى لوجهه ولم يحدث وضوءاً".(1/78)
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أبو سلام هذا هو خطأ؛ إنما هو سلام الطويل، والحديث منكر، وسلام متروك الحديث. انتهى ما ذكره.
ولم يرو هذا الحديث أحد من أصحاب السنن، ولم أره في سنن الدارقطني ولا في ترجمة سلام الطويل من كتاب ابن عدي وابن حبان، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
46- حديث آخر
قال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا هشيم قال: أخبرني أبو معشر، عن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، عن النبي ' أنه كان يقول: "بسم الله. ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".
أبو معشر هو نجيح وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة.
وقال أبو حاتم: حدثنا أبو زرعة، عن محمد بن (بكار) عن أبي معشر، عن عبدالله بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس قال: كان رسول الله ' إذا دخل الخلاء يقول :"بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" فسمعت أبا زرعة يقول: هكذا أملاه علينا من حفظه وقيل [لي] في كتابه: عن أبي معشر، عن حفص بن عمر بن أبي طلحة، عن أنس، عن النبي ' وهو الصحيح.
قال ابن أبي حاتم: وحدثنا أبي قال: ثنا محمد بن بكار، ثنا أبو معشر، عن حفص بن عمر بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس، عن النبي '.
47- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ وأبو نصر أحمد بن علي (الفامي) قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عوف، ثنا علي بن عياش قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله ' ترك الوضوء مما مست النار".
وأخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا علي بن عياش -فذكر إسناده بنحوه- قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله ' أنه أكل خبراً ولحماً، ثم صلى ولم يتوضأ".(1/79)
قال: وذهب بعض أهل العلم إلى أن رواية شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر اختصار من الحديث الذي أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن قالا: ثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب: أبنا محمد بن عبدالله بن عبدالحكم، أبنا ابن وهب قال: وحدثنا بحر بن نصر قال: قرىء على ابن وهب: أخبرك أسامة ابن زيد وابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله: "ذهب رسول الله ' إلى امرأة من الأنصار ومعه أصحابه، فقربت له شاة مصلية، قال: فأكل وأكلنا، ثم حانت الظهر فتوضأ ثم صلى، ثم رجع إلى فضل طعامه فأكل، ثم حانت العصر فصلى ولم يتوضأ".
وقال النسائي: أخبرني عمرو بن منصور، ثنا علي بن عياش، ثنا شعيب، عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبدالله قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله ' ترك الوضوء مما مست الناء".
وقال الإمام أبو بكر بن خزيمة: حدثنا موسى بن سهل الرملي، ثنا علي بن عياش، ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: "آخر الأمرين من رسول الله ' ترك الوضوء مما غيرت النار".
رواه أبو داود، عن أبي عمران موسى بن سهل الرملي.
وقال الدارقطني: تفرد به عياش الحمصي، عن شعيب، عن محمد بن المنكدر.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء مما مست النار" فسمعت أبي يقول: هذا حديث مضطرب المتن، إنما هو "أن النبي ' أكل كتفاً ولم يتوضأ".
كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر، عن جابر، ويحتمل أن يكون شعيب حدث به من حفظه فوهم فيه.
وسيأتي هذا الحديث في موضع آخر -إن شاء الله.
48- حديث آخر(1/80)
قال أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبدالجبار السكري ببغداد، أبنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبدالرزاق، أبنا ابن جريج، أخبرني خصيف أن مقسماً مولى عبدالله بن الحارث أخبره أن ابن عباس أخبره قال: "[كنت] أنا عند عمر حين سأله سعد وابن عمر عن المسح على الخفين فقضى لسعد، قال: فقلت لسعد: قد علمنا أن رسول الله ' مسح على خفيه ولكن أقبل المائدة أم بعدها؟ لا يخبرك أحد أن رسول الله ' مسح بعد المائدة. فسكت عمر".
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه عتاب بن بشير، عن خصيف، عن سعيد بن جبير قال: "عاب ابن عمر علي سعد المسح على الخفين وهما بالعراق، فلما رجعا اجتمعا عند عمر، فقال له سعد: سل أمير المؤمنين عن الذي عبت علىَّ. فقال سعد: عاب علىَّ المسح على الخفين. فقال عمر: فعلت؟! قال: نعم. قال عمر: عمك أعلم منك. فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين، قد علمنا أن رسول الله ' قد مسح ومسح أصحابه".
ورواه ابن جريج فقال: عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عباس.
فقال أبو زرعة: ابن جريج عندي أحفظ من عتاب بن بشير.
والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
49- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: ذكر أبي حديثاً رواه حفص بن عبدالله النيسابوري، عن إبراهيم بن طهمان، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة وسهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ': "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يجعلها في الإناء؛ فإنه لا يدري أين باتت يده، ثم ليغترف بيمينه من إنائه، ثم ليصب على شماله فليغسل مقعدته".
قال أبي: ينبغي أن يكون: "ثم ليغترف بيمينه ... " إلى آخر الحديث من كلام إبراهيم بن طهمان؛ فإنه قد كان يصل كلامه بالحديث فلا يميزه المستمع انتهى ما ذكره.(1/81)
ولم يخرج هذا الحديث من هذا الوجه أحد أهل الكتب الستة، ولم أره في سنن الدارقطني ولا السنن الكبير للبيهقي، والله أعلم.
50- حديث آخر
قال الطبراني: حدثنا علي بن عبدالعزيز ومعاذ بن المثنى قالا: ثنا القعنبي ح.
وحدثنا محمد بن محمد التمار، ثنا أبو الوليد قالا: ثنا عبدالعزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبي رافع قال: "رأيت رسول الله ' توضأ ثلاثاً ثلاثاً" زاد القعنبي في حديثه: "ومرتين، ومرة".
لم يخرج هذا الحديث في شيء من الكتب الستة.
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه سعيد بن سليمان الواسطي، عن عبدالعزيز الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن أبي رافع "أن النبي ' توضأ ثلاثاً ثلاثاً ومرة مرة".
فقال أبو زرعة: هذا خطأ ليس فيه: عن أبيه. حدثنا أبو الوليد الطيالسي، عن عبدالعزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبي رافع، عن النبي ' انتهى ما ذكره.
وهذا الحديث هو آخر الجزء الأول من كتاب العلل، والله أعلم.
51- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث روه العباس بن الوليد النرسي، عن يحيى بن ميمون بن عطاء، عن ابن جريج، عن عطاء، عن [عائشة] عن النبي ' أنه توضأ مرة مرة، ثم قال: "هذا وضوؤنا معشر الأنبياء؛ فمن زاد على ذلك فقد أساء وأربى".
فقال أبو زرعة: ليس لهذا الحديث أصل. وامتنع من قراءته، ولم يقرأه علينا انتهى ما ذكره.
وهذا الحديث هو أول الجزء الثاني من العلل، وقد تقدم ذكره بأطول من هذا اللفظ، وراويه يحيى بن ميمون ساقط، والله أعلم.
52- حديث آخر(1/82)
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث حدثناه محمد بن عوف الحمصي، عن أبي تقي عبدالحميد بن إبراهيم، عن عبدالله بن سالم، عن (الزبيدي) عن الزهري، عن عباد بن زياد، عن عروة بن المغيرة [بن] شعبة أن محمد بن إسماعيل أخبره، عن حمزة بن المغيرة بن شعبة أنهما سمعا المغيرة بن شعبة -أنه سار مع رسول الله ' في غزوة تبوك-: "أن رسول الله تبرز وتوضأ ومسح على خفيه ..." وذكر الحديث، فقال أبي: هذا خطأ إنما هو إسماعيل بن محمد بن سعد بدل محمد بن إسماعيل. انتهى ما ذكره.
وقد تقدم حديث الزهري، عن عباد بن زياد، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه، لكن من غير رواية الزبيدي عنه، وتقدم حديث إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه، لكن من غير رواية الزهري عنه، وأنا أذكره -إن شاء الله- من رواية الزهري عنه.
وقوله: "عن عروة بن المغيرة بن شعبة أن محمد بن إسماعيل أخبره" فيه وهم فاحش، غير ما ذكره أبو حاتم من التقديم والتأخير وهو أن عروة بن المغيرة لم يروه عن إسماعيل بن محمد، والراوي عن إسماعيل بن محمد هو الزهري، لكن هذا الغلط من النسخة بلا شك، والله أعلم.(1/83)
قال مسلم في صحيحه في الصلاة: حدثني محمد بن رافع وحسن بن علي الحلواني جميعاً، عن عبدالرزاق -قال ابن رافع: ثنا عبدالرزاق- أبنا ابن جريج، حدثني ابن شهاب، عن حديث عباد بن زياد أن عروة بن المغيرة بن شعبة أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره "أنه غزا مع رسول الله ' تبوك -قال المغيرة: فتبرز رسول الله ' قبل الغائط، فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر، فلما رجع رسول الله ' إليَّ أخدت أهريق على يديه من الإداوة، وغسل يديه ثلاث مرات ثم غسل وجهه، ثم ذهب يخرج جبته عن ذراعيه فضاق كمّا جبته، فأدخل يديه في الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة وغسل ذراعيه إلى المرفقين، ثم توضأ على خفيه ثم أقبل -قال المغيرة-: فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبدالله بن عوف فصلى لهم فأدرك رسول الله ' إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الآخرة، فلما سلم عبدالرحمن بن عوف قام رسول الله ' يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين فأكثروا التسبيح، فلما قضى النبي ' صلاته أقبل عليهم ثم قال: "أحسنتم -أو قال:- قد أصبتم". يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتهم.
وقال مسلم أيضاً: حدثنا محمد بن رافع والحلواني قالا: ثنا عبدالرزاق، عن ابن جريج قال: حدثني ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة بن المغيرة ... نحو حديث عباد، قال المغيرة: فأردت تأخير عبدالرحمن، فقال النبي ': "دعه".
ولم يرو أحد من أئمة الكتب الستة حديث الزبيدي عن الزهري في هذا الباب، ولم أره في السنن الدارقطني ولا السنن الكبير للبيهقي، وليس عندي من معجم الطبراني شيء في هذا الموضوع فأكشفه منه، والله أعلم.
53- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث حدثنا به محمد بن عوف، عن علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: "كان آخر الأمر من رسول الله ترك الوضوء مما مست النار".
فقال أبي: هذا الحديث مضطرب المتن إنما هو "أن النبي ' أكل كتفاً، ثم صلى ولم يتوضأ".(1/84)
كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر، ويمكن أن يكون شعيب بن أبي حمزة حدث به من حفظه فوهم فيه. انتهى ما ذكره.
وقد تقدم هذا الحديث والكلام عليه بما فيه كفاية، والله أعلم.
54- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: وسمعت محمد بن عوف الحمصي الطائي وحدثنا عن موسى بن أيوب النصيبي، عن يوسف
بن شعيب الخولاني -وكان يسكن اللاذقية- عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن جابر بن عبدالله، عن أبي بكر الصديق "أنه أكل مع النبي ' لحماً، ثم صلى ولم يتوضأ" فسمعت محمد بن عوف يقول: هذا خطأ؛ إنما يرويه الناس عن عطاء، عن جابر، عن أبي بكر موقوفاً. انتهى ما ذكره.
ولم يرو هذا الحديث أحد من أصحاب الكتب الستة، ولم أره في المعجم الكبير للطبراني ولا سنن الدارقطني ولا السنن الكبير للبيهقي، ويوسف بن شعيب الخولاني ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فقال: روى عن أرطاة بن المنذر، حدثنا عنه أحمد بن عبدالواحد الرملي بالرملة. لم يرد عليَّ هذا.
وقد روى هذا الحديث عن أبي بكر الصديق _ موقوفاً عليه -جابر من غير رواية عطاء عنه.
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عبدالله بن يوسف، ثنا مالك، عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: "رأيت أبا بكر الصديق _ أكل لحماً، ثم صلى ولم يتوضأ".
وأخبرنا أبو عبدالله، ثنا أبو العباس، ثنا محمد، ثنا عبيدالله ابن عائشة، ثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار وأبي الزبير جميعاً، عن جابر بن عبدالله "أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب أكلا خبزاً ولحماً فصليا ولم يتوضأ".
55- حديث آخر
قال الدارقطني: حدثنا أبو محمد بن يحيى بن محمد ابن الصاعد إملاء قال: ثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان، ثنا المغيرة بن سقلاب، ثنا الوازع بن نافع.(1/85)
وحدثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا عبدالكريم بن الهيثم، ثنا مصعب بن سعيد، ثنا المغيرة بن سقلاب الحراني، عن الوازع بن نافع العقيلي، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر _ عن أبي بكر _ قال: "كنت جالساً عند النبي ' فجاء رجل ...".
وحدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، ثنا الفضل بن سهل، ثنا الحارث بن بهران، ثنا المغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع، عن سالم، عن ابن عمرن عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- عن النبي ' قال: جاء رجل وقد توضأ وبقي على ظهر قدمه مثل الظفر إبهامه لم يمسه الماء، فقال له النبي ': "ارجع فأتم وضوءك". ففعل. والمعنى متقارب.
الوازع بن نافع ضعيف الحديث، قاله الدارقطني، وقال يحيى بن معين، ليس بثقة. وقال أحمد بن حنبل: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن عدي: وعامة ما يرويه عن شيوخه بالأسانيد التي يرويها غير محفوظ.
وقال في ترجمة مغيرة بن سقلاب: حدثنا محمد بن خالد بن يزيد الراسبي، ثنا أبو ميسرة أحمد بن عبدالله بن ميسرة، أبنا مغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر، عن أبي بكر الصديق أن رسول الله ' رأى رجلاً قد توضأ وترك موضعاً لم يصبه الماء، قال: "أحسن وضوءك". ففعل.
رواه عن رجل، عن مصعب بن سعيد، عن المغيرة، وقال: لا أعلم رواه عن الوازع بهذا الإسناد غير مغيرة هذا. وقال: مغيرة بن سقلاب الحراني منكر الحديث يكنى: أبا بشر.
سمعت أبا عروبة يقول: سمعت محمد بن يحيى بن كثير يقول: سمعت أبا جعفر بن نفيل يقول وذكر المغيرة بن سقلاب فقال: لم يكن مؤتمناً على حديث رسول الله '.
ثم قال ابن عدي: ولمغيرة غير ما ذكرت من الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه.
وقال ابن عدي أيضاً: مصعب بن سعيد أبو خيثمة المكفوف المصيصي يحدث عن الثقات المناكير، ويصحف عليهم. ثم ذكر له أحاديث وقال: والضعف على حديثه بيّن.(1/86)
ولم يذكر أبو حاتم بن حبان هذا الحديث في ترجمة الوازع؛ بل تكلم فيه وقال: كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات على قلة روايته، ويشبه أنه لم يكن المتعمد لذلك؛ بل وقع ذلك في روايته لكثرة وهمه؛ فبطل الاحتجاج به لما انفرد عن الثقات بما ليس من أحاديثهم.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي -ورأى في كتابي حديثاً كتبته عن محمد بن عوف عن أبي خيثمة مصعب بن سعيد، عن المغيرة بن سقلاب الحراني، عن الوازع بن نافع، عن سالم بن عبدالله، عن أبن عمر، عن عمر، عن أبي بكر الصديق قال: كنت جالساً عند النبي ' فجاء رجل توضأ وفي قدمه موضع لم يصبه الماء، فقال له النبي ': "اذهب فأتم وضوءك". ففعل.
فقال أبي: هذا حديث باطل بهذا الإسناد، ووازع بن نافع ضعيف الحديث، والله أعلم.
56- حديث آخر
قال مسلم في صحيحه: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم -واللفظ لعثمان، قال إسحاق: أبنا، وقال عثمان: ثنا- جرير، عن منصور، عن سعد بن عبيدة قال: حدثني البراء بن عازب أن رسول الله ' قال: "إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إني أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فلجعلهن من آخر كلامك؛ فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة". قال: فرددتهن لأستذكرهن فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت. قال: "قل: آمنت بنبيك الذي أرسلت".
ورواه البخاري، عن محمد بن مقاتل، عن ابن المبارك، عن سفيان.
وعن مسدد، عن معتمر بن سليمان كلاهما، عن منصور.(1/87)
وقال النسائي في اليوم والليلة: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا محمد بن سابق قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن الحكم بن عتيبة، عن سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله ': "إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم ليكن آخر ما تقول: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت؛ فإن مت مت على الفطرة".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الحكم بن سابق، عن إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن الحكم، عن سعد ابن عبيدة، عن البراء قال: قال رسول الله ': "إذا أخذت مضطجك فتوضأ وضوءك للصلاة ...".
قال أبي: هذا خطأ ليس فيه الحكم؛ إنما هو منصور، عن سعد بن عبيد نفسه، عن البراء، عن النبي '.
57- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو نعيم، عن شيبان النحوي، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم مولى دوس أنه سمع أبا هريرة أنه سمع عائشة تقول لعبدالرحمن بن أبي بكر: أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار".
ورواه الأوزاعي وحسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن سالم الدوسي قال: دخلت مع عبدالرحمن بن أبي بكر على عائشة فدعا بوضوء، فقالت: يا عبدالرحمن أسبغ الوضوء؛ فإني سمعت رسول الله ' يقول: "ويل للأعقاب من النار" وليس في إسنادهما ذكر أبي هريرة.
فقال أبو زرعة: وهم شيبان، والصحيح حديث الأوزاعي وحسين المعلم.
قال ابن أبي حاتم: قيل لأبي زرعة: فإن عمر بن يونس اليمامي روى عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال: حدثني أبو سالم مولى المهريين، عن عائشة، عن النبي '.
فقال أبو زرعة: هكذا روى عمر بن يونس، والصحيح كما رواه الأوزاعي وحسين المعلم. انتهى ما ذكره.
وقد تقدم هذا الحديث والكلام عليه، والله الموفق للصواب.
58- حديث آخر(1/88)
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله إسحاق بن محمد بن يوسف بن يعقوب، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي ح.
قال: وحدثنا محمد بن عوف الطائي، ثنا أبو المغيرة، ثنا الأوزاعي ح.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أخبرني (أبو محمد الحسن بن حليم بن محمد بن حليم) الصائغ بمرو، أبنا أبو الموجَّه، أبنا عبدان، أبنا عبدالله، أبنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، عن أبيه قال: "رأيت رسول الله ' مسح على عمامته وخفيه".
لفظ حديث عبدالله بن المبارك، وفي حديث الآخرين "أنه رأى رسول الله ' مسح على الخفين والعمامة" رواه البخاري في الصحيح عن عبدان.
وكذلك رواه شيبان بن عبدالرحمن وحرب بن شداد وأبان، عن يحيى بن أبي كثير "في المسح على الخفين".
ورواه معمر، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عمرو أخبرناه أبو طاهر الفقيه، أبنا أبو بكر القطان، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا عبدالرزاق، أبنا معمر، عن يحيى بن كثير، عن أبي سلمة، عن عمرو بن أمية الضمري قال: "رأيت النبي ' يمسح على خفيه".
وقد ذكر البخاري هذه الروايات إشارة إليها.
وقال ابن ماجه: حدثنا دحيم، ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا الأوزاعي، ثنا يحيى بن أبي كثير. قال: حدثني (أبو سلمة، عن عمرو بن أمية) قال: "رأيت رسول الله ' يمسح على الخفين والعمامة".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه محمد بن كثير المصيصي، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عمرو بن أمية الضمري قال: "رأيت النبي ' يمسح على الخفين والعمامة".
فقال أبي: إنما هو أبو سلمة، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أبيه عن النبي '.
59-حديث آخر(1/89)
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه بقية، عن أبي سفيان الأنماري، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، عن النبي ' "أنه توضأ وخلل لحيته" فقال: هذا حديث موضوع، وأبو سفيان الأنماري مجهول. انتهى ما ذكره.
وهذا الحديث غير مخرج في السنن، وقال أبو حاتم بن حبان البستي: أبو سفيان الأنماري يروي الطامات في الروايات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وهو الذي روى عن حبيب بن عبدالله بن أبي كبشة، عن أبيه، عن جده قال: "كان رسول الله ' يعجبه النظر إلى الأترج والحمام الأحمر".
حدثناه ابن خزيمة، ثنا علي بن حجر، ثنا بقية، ثنا أبو سفيان الأنماري.
ولم يذكر حديث التخليل في ترجمته.
وقال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل: أبو سفيان الأنماري روى عن حبيب بن عبدالله بن أبي كبشة، روى عنه بقية بن الوليد. سمعت أبي يقول ذلك. وروى عن يحيى بن سعيد الأنصاري. سألت أبي عنه، فقال: هو مجهول.
لم يرد على هذا.
60- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه مطلب بن زياد، عن ليث، عن طاوس، عن أبي هريرة، عن النبي ' أنه قال: "أنتم الغر المحجلون من آثار الطهور؛ فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل".
قال أبي: إنما هو ليث، عن كعب، عن أبي هريرة، عن النبي '. انتهى ما ذكره.
ولم يخرج هذا الحديث من هذا الوجه أحد من أئمة الكتب الستة، وكعب هذا هو المدني، روى له ابن ماجه والترمذي وهو غير مشهور، قال الترمذي: ليس معروف، لا نعلم أحداً روى عنه غير ليث. وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: سئل أبي عن كعب الذي روى عن أبي هريرة، فقال: هو رجل وقع إلى الكوفة، روى عنه الليث لا يعرف مجهول، لا أعلم روى عنه غير ليث وأبو عوانة حديثاً واحداً.
61- حديث آخر(1/90)
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد -من ولد المغيرة بن شعبة- عن المغيرة بن شعبة"أن رسول الله ' ذهب لحاجته في غزوة تبوك -قال المغيرة-: فذهبت معي بماء، فجاء رسول الله ' فسكبت عليه فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين" فسمعت أبي يقول: وهم مالك في هذا الحديث في نسب عباد بن زياد، وليس هو من ولد المغيرة، ويقال له: عباد بن زياد بن أبي سفيان، إنما هو عباد بن زياد، عن عروة وحمزة (ابني) المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي '. انتهى ما ذكره.
وقد تقدم حديث عروة وحمزة ابني المغيرة، عن أبيهما، عن النبي ' وأما حديث مالك فرواه النسائي عن سليمان بن داود والحارث بن مسكين، عن ابن وهب عنه.
وقال مصعب بن عبدالله الزبيري: أخطأ فيه مالك خطأ قبيحاً حيث قال: عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، والصواب: عن عباد بن زياد، عن رجل من ولد المغيرة بن شعبة.
وقال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك: روى مالك في الموطأ عن الزهري، عن عباد بن زياد -من ولد المغيرة بن شعبة- عن المغيرة بن شعبة "أن رسول الله ' ذهب لحاجته في غزوة تبوك ..." فذكر قصة وضوئه والمسح على الخفين.
خالفه صالح بن كيسان ومعمر وابن جريج ويونس وعمرو بن الحارث وعقيل بن خالد وعبدالرحمن بن خالد بن مسافر وغيرهم؛ فرووه عن الزهري، عن عباد بن زياد، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، فزادوا على مالك في الإسناد: عروة بن المغيرة. وبعضهم قال: عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد، عن عروة وحمزة ابني المغيرة، عن أبيهما. قال ذلك عقيل وعبدالرحمن بن خالد ويونس بن يزيد من رواية الليث عنه، ولم ينسب أحد منهم عباداً إلى المغيرة بن شعبة، وهو عباد بن زياد بن أبي سفيان. قال ذلك مصعب الزبيري وقاله علي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم.
ووهم مالك -رحمه الله- في إسناده في موضعين:(1/91)
أحدهما: قوله عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة.
والآخر: إسقاطه من الإسناد عروة وحمزة ابني المغيرة، والله أعلم.
62- حديث آخر
قال ابن ماجه: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، عن يونس بن خباب، عن يعلى بن مرة "أن رسول الله ' كان إذا ذهب إلى الغائط أبعد".
يونس بن خباب تكلم فيه يحيى بن معين وغيره، ولم يسمع من يعلى بن مرة.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث حدثنا به إسحاق بن إبراهيم البغوي، عن داود بن عبدالحميد، عن يونس بن خباب، عن طاوس، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله ' فأمعن في السير فلم ير شيئاً يستره، فدعا عبدالله فقال: "انطلق إلى تينك الأشاءتين" -يعني: النخلتين- "فقل لهما: إن رسول الله ' يأمركما أن تنقلعا بأصولكما وعروقكما حتى تستراه". فأتاهما فقال لهما ففعلتا، فقضى رسول الله ' الحاجة ثم رجع، فقال لعبدالله: "انطلق إليهما فقل لهما: إن رسول الله ' يأمركما أن ترجعا إلى مكانكما". ففعلا فسمعت أبي يقول: هذا حديث منكر بهذا الإسناد؛ إنما روى يونس بن خباب واختلف عليه فروى المسعودي، عن يونس بن خباب، عن ابن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن النبي ' (وروى عبدالله بن عثمان، عن يونس بن خباب، عن يعلى بن مرة، عن النبي '). ومنهم من يروي عن يونس بن خباب، عن المنهال بن عمرو، عن ابن يعلى، عن أبيه، عن النبي '. انتهى ما ذكره.
ولم يرو أحد من أصحاب الكتب الستة حديث داود بن عبدالحميد، عن يونس بن خباب، وكذلك لم يرو أحد منهم شيئاً مما ذكره غير ابن ماجه؛ فإنه روى حديث يونس عن يعلى كما تقدم، وقد ذكر ابن أبي حاتم داود في كتاب الجرح والتعديل فقال: داود بن عبدالحميد الكوفي نزيل الموصل روى عن يونس بن خباب وعمرو بن قيس الملائي وزكريا بن أبي زائدة وسفيان بن دينار، روى عنه إسحاق ابن إبراهيم البغوي، سألت أبي عنه وعرضت عليه حديثه، فقال: لا أعرفه وهو ضعيف الحديث، يدل حديثه على ضعفه.(1/92)
وقال العقيلي: روى عن عمرو بن قيس الملائي أحاديث لا يتابع عليها.
63- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أبو بكر الحنفي، عن سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن أخيه "أنه رأى إبراهيم النحعي بال، فتوضأ ومسح على الجوربين" فسمعت أبي يقول: إنما هو سفيان، عن الحسن بن عمرو، عن أخيه فضيل بن عمرو، عن إبراهيم.
64- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: وسألت أبي عن حديث حدثنا به أحمد بن عصام الأنصاري، عن أبي بكر الحنفي، عن سفيان، عن حكيم بن سعد، عن عمران بن ظبيان، عن سلمان أنه قال: "من وجد في بطنه (رزاً) من بول أو غائط فلينصرف غير متكلم ولا داعي" فسمعت أبي يقول: هذا إسناد مقلوب؛ إنما هو سفيان، عن عمران بن ظبيان، عن حكيم بن سعد، عن سلمان. انتهى ما ذكره.
وهذا الأثر غير مخرج في السنن، وحكيم بن سعد -بضم الحاء- الحنفي الكوفي كنيته أبو (تحيى)، روى عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر وأبي هريرة، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وعمران بن ظبيان وليث بن أبي سليم. قال يحيى بن معين:محله الصدق يكتب حديثه. وقال أحمد بن عبدالله العجلي: ثقة. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
وعمران بن ظبيان روى عنه الثوري وابن عيينة وشريك وغيرهم، قال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه. وقال البخاري: فيه نظر والله أعلم.
65- حديث آخر
قال الطبراني: ثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبدالرزاق، عن الثوري، عن أبي مسكين، عن هزيل بن شرحبيل عن ابن مسعود قال: "لينتهكن رجل بين أصابعه في الوضوء أو لتنتهكنه النار".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه زيد بن أبي الزرقاء، عن سفيان الثوري، عن أبي مسكين، عن هزيل بن شرحبيل، عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله ': "لينهكن أحدكم أصابعه قبل [أن] تنهكه النار".
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: رفعه منكر. انتهى ما ذكره.(1/93)
ولم يخرج هذا الحديث أحد بن أصحاب السنن، وأبو مسكين اسمه: حر بن مسكين، وقد وثقه يحيى بن معين في رواية عباس الدوري عنه، وقال أبو حاتم: لا بأس به.
وزيد بن أبي الزرقاء التغلبي الموصلي أبو محمد نزيل الرملة، وثقه غير واحد، وهو والد هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، قال يحيى بن معين: ليس به بأس كان عنده جامع سفيان. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يغرب.
والظاهر أنه وهم رفع الحديث؛ فإن عبدالرزاق قد خالفه، وهو أثبت منه.
وقد رواه ابن أبي شيبة، عن أبي الأحوص، عن أبي مسكين موقوفاً أيضاً، والله أعلم.
66- حديث آخر
قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي، ثنا عبدالرزاق، أبنا معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان قال: "رأيت عثمان بن عفان _ توضأ فأفرغ على يديه ثلاثاً فغسلها، ثم مضمض واستنثر وغسل وجهه ثلاثاً، وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثاً، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثاً، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله ' توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال: من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله -عز وجل- له ما تقدم من ذنبه".
وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه الحسن بن حماد الضبي، عن يحيى بن اليمان، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان، عن النبي ' "أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً ..." قال أبو زرعة: وهم فيه يحيى بن يمان. ورواه هشام بن يوسف ومحمد بن ثور وعبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن حمران، عن عثمان، عن النبي '. انتهى ما ذكره.
وحديث يحيى بن يمان هذا غير مخرج في شيء من السنن، ويحيى كثير الوهم والغلط، والله أعلم.
67- حديث آخر(1/94)
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن منصور، عن سدوس، عن البراء بن قيس، عن حذيفة أنه قال: "ما أبالي مست ذكري أو أنفي" فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ إنما هو منصور: عن إياد بن لقيط السدوسي، عن البراء بن قيس، عن حذيفة. قلت لأبي: الخطأ ممن هو؟ قال: لا أدري من أبي داود أو شعبة.
قال ابن أبي حاتم: قلت: رواه أبو عوانة، عن منصور، عن إياد بن لقيط، عن البراء بن قيس، عن حذيفة (وكذلك رواه سفيان ومسعر عن إياد بن لقيط نفسه، عن البراء بن قيس، عن حذيفة). انتهى ما ذكره.
والبراء بن قيس لم يخرجوا له شيئاً؛ بل ذكره ابن أبي حاتم في كتابه فقال: البراء بن قيس السكوني روى عن حذيفة وسعد، روى عنه إياد بن لقيط السدوسي، سمعت أبي يقول ذلك.
قال البخاري في التاريخ: البراء بن قيس أبو كبشة السكوني سمع حذيفة وسعد، يعد في الكوفيين، قال لنا أبو نعيم: ثنا مسعر، عن إياد بن لقيط، عن البراء، عن حذيفة "سئل عن مس الذكر فقال: إنما هي مثل أنفي وأنفك" وقال لنا عمرو بن عاصم: عن همام قال: ثنا قتادة، عن أبي حسان، عن مخارق بن أحمد، عن حذيفة ... نحوه، كناه أبو نعيم عن عبيدالله بن إياد. انتهى ما ذكره.
وقال بكر بن بكار القيسي في جزئه: ثنا مسعر، ثنا إياد بن لقيط، عن البراء بن قيس قال: "ذكروا عند حذيفة مس الذكر، قال: فأخذ حذيفة بأنفه". والله أعلم.
68- حديث آخر
قال مسلم في الصحيح: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو [الناقد] وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر كلهم، عن ابن عيينة قال إسحاق: أبنا سفيان، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي؛ فأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: "لا؛ إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين".
قال: وحدثنا عمرو الناقد، ثنا يزيد بن هارون ح.(1/95)
قال: وحدثنا عبد بن حميد، أبنا عبدالرزاق قالا: أبنا الثوري، عن أيوب بن موسى في هذا الإسناد، وفي حديث عبدالرزاق: "فأنقضه للحيضة والجنابة، فقال: لا ..." ثم ذكر بمعنى حديث ابن عيينة.
قال: وحدثنيه أحمد الدارمي، ثنا زكريا بن عدي ثنا يزيد -يعني: ابن زريع- عن روح بن القاسم قال: ثنا أيوب بن موسى بهذا الإسناد، وقال: "أفأحله فأغسله من الجنابة؟" ولم يذكر "الحيضة". وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي من حديث ابن عيينة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال أبو داود بعد أن روى حديث عبدالله بن رافع، عن أم سلمة: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثني ابن نافع -يعني: الصائغ- عن أسامة، عن المقبري، عن أم سلمة -~- "أن امرأة جاءت إلى أم سلمة-~ ..." بهذا الحديث "قالت: فسألت لها النبي ' ..." بمعناه، قال فيه، "واغمزي قرونك عند كل حفنة".
كذا رواه أبو داود والصواب عن المقبري، عن عبدالله بن رافع، والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الحسين بن حفص الأصبهاني، عن سفيان، عن أيوب بن موسى، عن سعيد المقبري، عن أبي رافع، عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله، إني [امرأة] أشد ضفر رأسي، أفأنقضه من الجنابة؟ قال: "لا؛ إنما يكفيك ثلاث حفنات، ثم صبي عليك الماء فتطهري" فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ إنما هو سعيد المقبري، عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة، عن النبي '. انتهى ما ذكره.
وفي قول أبي حاتم هذا خطأ نظر؛ فإن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة كنيته: أبو رافع، فبعضهم ذكره باسمه وبعضهم بكنيته، وقد ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه في كتابه أن كنيته: أبو رافع، وأن بعضهم قال فيه: عبدالله بن أبي رافع، والصحيح: ابن رافع، قاله أبو زرعة، والله أعلم.
69- حديث آخر(1/96)
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي -ورأى في كتابي عن الحسين بن حفص، عن سفيان، عن منصور، عن عمران الجعفي، عن النخعي، أن سعد بن مالك قال: "لم تُلحقون بدينكم ما ليس منه؟ !
يرى أحدكم أن حقاً [عليه] إذا بال أن يغسل ذكره" فسمعت أبي- يقول: ليس هذا عمران الجعفي؛ إنما هو عمران الخياط، وعمران الجعفي هو عمران بن مسلم صاحب سويد بن غفلة. انتهى ما ذكره في العلل.
وقال في كتاب الجرح والتعديل: عمران الخياط مولى جعفي، روى عن زيد بن وهب وإبراهيم النخفي، روى عنه منصور ومغيرة وابن عون. سمعت أبي يقول ذلك.
وقال أيضاً: عمران بن مسلم الجعفي الأعمى كوفي، روى عن سويد بن غفلة وزاذان وسعيد بن جبير ويزيد بن عمرو، روى طلحة بن مصرف والثوري وشعبة وزائدة وشريك وزهير وأبو عوانة، سمعت أبي يقول ذلك.
وهذا الأثر الذي ذكره في العلل منقطع؛ فإن النخعي لم يدرك سعداً، والله أعلم.
70- حديث آخر
قال مسلم في صحيحه: حدثنا عبدالملك بن شعيب بن الليث، ثنا أبي، عن جدي، حدثني عقيل بن خالد قال: قال ابن شهاب: أخبرني عبدالملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، أن خارجة بن زيد الأنصاري أخبره أن أباه زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله ' يقول: "الوضوء مما مست النار".
قال ابن شهاب: أخبرني عمر بن عبدالعزيز أن عبدالله بن إبراهيم بن قارظ أخبره أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على المسجد، فقال: إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها؛ لأني سمعت رسول الله ' يقول: "توضئوا مما مست النار". قال ابن شهاب: أخبرني سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان - وأنا أحدثه هذا الحديث- أنه سأل عروة بن الزبير عن الوضوء مما مست النار، فقال عروة: سمعت عائشة زوج النبي ' تقول: قال رسول الله ': "توضئوا مما مست النار".(1/97)
وقال النسائي: أخبرنا هشام بن عبدالملك أبو تقي الحمصي قال: ثنا محمد بن حرب قال: حدثني الزبيدي، عن الزهري أن عمر ابن عبدالعزيز أخبره أن عبدالله بن قارظ أخبره أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله ' يقول: "توضئوا مما مست النار".
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: ثنا إسماعيل وعبدالرزاق قالا: ثنا معمر، عن الزهري، عن عمر بن عبدالعزيز، عن إبراهيم بن عبدالله بن قارظ، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ' يقول: "توضئوا مما مست النار".
وقال أبو القاسم بن عساكر في الأطراف بعد أن ذكر رواية النسائي للحديث عن أبي التقي: ورواه عن الربيع بن سليمان بن داود، عن إسحاق بن بكر، عن أبيه، عن جعفر بن ربيعة، عن بكر بن سوادة، عن محمد بن مسلم، عن عمر بن عبدالعزيز، عن عبدالله بن إبراهيم بن قارظ به أتم منه.
ورواه يونس بن (يزيد) وعقيل بن خالد وشعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عمر، عن عبدالله بن إبراهيم. انتهى كلامه.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عبدالرحمن بن عبدالحميد بن سالم المهري -خال أبي طاهر أحمد بن (عمرو) بن السرح- عن عقيل، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي ' أنه قال: "توضئوا مما مست النار" فقال أبي: هو خطأ. ولم يبين الصواب ما هو وما علة ذلك، والذي عندي أن الصحيح ما رواه معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. موقوفاً.
ورواه شعيب بن أبي حمزة وعبدالرحمن بن إسحاق وابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عمر بن عبدالعزيز، عن عبدالله بن إبراهيم ابن قارظ، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي '. انتهى ما ذكره.
وحديث عبدالرحمن بن عبدالحميد بن سالم المهري لم يخرجه أصحاب السنن الأربعة، وعبدالرحمن ثقة.
وقوله في حديث أبي هريرة: "عن عبدالله بن إبراهيم بن قارظ، عن أبيه" فيه زيادة "أبيه" على ما تقدم، والله أعلم.
71- حديث آخر(1/98)
قال علي بن عمر بن محمد السكري الحربي: حدثنا أحمد بن الحسن ابن عبدالجبار الصوفي، ثنا يحيى بن معين، ثنا عمرو بن الربيع بن طارق قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن محمد بن إبراهيم -وصوابه: يعقوب بن إبراهيم- عن محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن عبدالله بن سويد الخطمي عن أبي أيوب الأنصاري ح.
وقال أبو يعلى: حدثنا أبو بكر بن زنجويه، ثنا عمرو بن الربيع بن طارق قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن يعقوب بن إبراهيم، عن محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن عبدالله -يعني: الخطمي- عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله ' قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم [فلا يدخلن الحمام قال:]" فنميت إلى عمر بن عبدالعزيز في خلافته، فكتب [إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن سل محمد] بن ثابت عن حديثه فإنه رضى.
فسألني [فكتب إلى عمر، فمنع النساء من الحمام].
وقال القاضي أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد المروزي: حدثنا يحيى بن معين، ثنا عمرو بن الربيع، حدثني يحيى بن أيوب، عن يعقوب بن إبراهيم، عن محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن عبدالله بن يزيد الخطمي، عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله ' قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل [الحمام إلا] بمئزر، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا تدخل الحمام".
[ورواه الطبراني، عن الليث بن سعد] عن يحيى بن أيوب فزاد [فيه: عبدالرحمن بن جبير].(1/99)
قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا [مطلب بن شعيب، ثنا عبدالله ابن صالح، حدثني الليث، عن يحيى بن أيوب، عن يعقوب بن إبراهيم، عن] عبدالرحمن بن جبير، عن محمد بن ثابت بن شرحبيل القرشي أن عبدالله بن يزيد الخطمي، حدثه عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله ' قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا تدخلن الحمام".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه يحيى ين أيوب، واختلف في الرواية على يحيى أيوب؛ فروى عبدالله بن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن يعقوب بن إبراهيم بن عبدالله بن حنين، عن محمد بن ثابت بن [شرحبيل، عن عبدالله بن يزيد] عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول [الله ' قال: "من] كان يؤمن بالله [واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان] يؤمن بالله [واليوم الآخر من نسائكم فلا تدخلن الحمام" فرواه] الليث بن سعد وعمرو [بن الربيع بن طارق كلاهما عن يحيى بن أيوب، عن] يعقوب بن إبراهيم [بن عبدالله بن حنين، عن محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن] عبدالله بن سويد [الخطمي، عن أبي أيوب، عن النبي] '. غير أن الليث زاد [في الإسناد رجلاً. روى الليث، عن يحيى بن] أيوب، عن يعقوب بن [إبراهيم، عن عبدالرحمن بن جبير، عن محمد بن ثابت] بن شرحبيل القرشي -من [بني عبد الدار- أن عبدالله بن سويد الخطمي، أخبره عن أبي أيوب، عن رسول الله ' فسمعت أبي يقول: عبدالله بن سويد أشبه.
قال ابن أبي حاتم: والذي عندي-والله أعلم- أن الأصح على ما رواه ابن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن يعقوب، عن محمد بن ثابت، عن عبدالله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب].
73- حديث آخر(1/100)
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول في حديث رواه الفريابي، عن مالك بن مغول، عن سيار أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبدالله بن سلام قال: قدم علينا رسول الله فقال: "إن الله -عز وجل- قد أحسن الثناء عليكم في الطهور" {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} وذكر الاستنجاء بالماء، ورواه سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول، عن سيار، عن شهر، عن محمد بن عبدالله بن سلام قال: قال أبي: "قدم علينا رسول الله ' ...".
ورواه أبو خالد الأحمر، عن داود بن أبي هند، عن شهر، عن النبي ' مرسلاً، فسمعت أبا زرعة يقول: الصحيح عندنا -والله أعلم- عن محمد بن عبدالله بن سلام قط، ليس فيه: عن أبيه.
73- حديث آخر
قال الترمذي: حدثنا (محمد بن حميد) ثنا مالك بن إسماعيل، عن إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله ' إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك".
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، وأبو بردة بن أبي موسى اسمه: عامر بن عبدالله بن قيس، ولا نعرف في هذا الباب عن النبي ' إلا حديث عائشة.
ذكر الحافظ أبو القاسم في الأطراف أن الترمذي رواه عن محمد بن إسماعيل عن مالك بن إسماعيل، والنسخة التي كتبت منها قديمة، وفيها: محمد بن حميد.
وقال شيخنا الحافظ أبو الحجاج: في بعض النسخ المتأخرة محمد بن حميد بدل محمد بن إسماعيل.
وقال الحافظ عبدالغني المقدسي في أحكامه الكبرى التي بالأسانيد:رواه الترمذي عن محمد بن حميد. قال شيخنا: والأشبه محمد بن إسماعيل، وهو البخاري.
وقد روى هذا الحديث أبو داود عن عمرو بن محمد الناقد، عن هاشم بن القاسم، عن إسرائيل.
ورواه النسائي في اليوم والليلة عن أحمد بن نصر النيسابوري.
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن يحيى بن أبي بكير، عن إسرئيل.(1/101)
وقال البيهقي: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه، أبنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا أحمد بن يوسف، ثنا طلق بن غنام، ثنا إسرائيل بن يونس بن عمرو بن عبدالله، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله ' إذا خرج من الغائط قال: "غفرانك".
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس -هو الأصم- ثنا الحسن بن مكرم، ثنا أبو النضر، ثنا إسرائيل بن يونس ... فذكره بمثله.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، ثنا سعيد بن مسعود، عبيدالله بن موسى، أبنا إسرائيل بن يونس ... فذكره بنحوه، وذكر فيه سماع أبي بردة من عائشة -~.
وأخبرنا أبو عبدالله، ثنا أبو بكر بن إسحاق، أبنا محمد بن أحمد بن النضر، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا إسرائيل ... فذكره.
وقد أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ، أبنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالله الأصبهاني، أبنا محمد بن خزيمة، ثنا أبو موسى محمد بن المثنى، ثنا يحيى بن أبي بكير ... فذكره بإسناده، وزاد: "غفرانك ربنا وإليه المصير".
قال ابن خزيمة: وحدثنا محمد بن أسلم، ثنا عبيدالله بن موسى، عن إسرائيل بهذا الإسناد مثله.
قال البيهقي: وهذه الزيادة في هذا الحديث لم أجدها إلا في رواية ابن خزيمة وهو إمام، وقد رأيته في نسخة قديمة بكتاب ابن خزيمة ليس فيه هذه الزيادة، ثم ألحقت بخط آخر بحاشيته، فالأشبه أن تكون ملحقة بكتابه من غير علمه، والله أعلم، وقد أنبأنا الإمام أبو عثمان الصابوني، أبنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا جدي ... فذكره دون هذه الزيادة، فصح بذلك بطلان هذه الزيادة في الحديث.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أصح حديث في هذا الباب -يعني: في باب الدعاء عند الخروج من الخلاء- حديث عائشة، يعني: حديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة.
74- حديث آخر(1/102)
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول في حديث رواه (ابن لهيعة) عن عبدالله بن هبيرة، عن (حنش) الصنعاني، عن ابن عباس أن رسول الله ' كان يخرج فيبول فيتمسح بالتراب، فقيل: يا رسول الله، الماء منك قريب! فقال: "ما أدري لعلي لا أبلغ" فقال أبي: لا يصح هذا الحديث، ولا يصح في هذا الباب حديث. انتهى ما ذكره.
ولم يخرج أحد من أصحاب السنن هذا الحديث؛ بل روى عن ابن عمر "أنه تيمم والماء منه قريب".
قال الشافعي: أبنا ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن نافع، عن أبن عمر "أنه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه وصلى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة" قال الشافعي: والجرف قريب من المدينة.
وقال الدارقطني: حدثنا أبو محمد بن صاعد، ثنا محمد بن زنبور، ثنا فضيل بن عياض، عن محمد بن عجلان، عن نافع "أن ابن عمر تيمم بمربد النعم وصلى وهو على ثلاثة أميال من المدينة، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد".
وقد رواه يحيى بن سعيد، عن أبن عجلان. ورواه يحيى الأنصاري ومالك، عن نافع.
وقال البيهقي: أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، أبنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا محمد بن جعشم، عن سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن نافع قال: "تيمم ابن عمر على رأس ميل -أو ميلين- من المدينة فصلى العصر، فقدم والشمس مرتفعة ولم يعد الصلاة" هذا هو الصحيح عن ابن عمر نفسه.
قال البيهقي: وقد روي مسنداً عن النبي ' وليس بمحفوظ.(1/103)
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ في الفوائد الكبير، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو عبدالرحمن السلمي إملاءٍ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قراءة وأبو محمد عبيدبن محمد بن محمد بن مهدي لفظاً قالوا: أبنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن سنان القزاز، ثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين، ثنا هشام بن حسان، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر "أن النبي ' تيمم وهو ينظر إلى بيوت المدينة بمكان يقول له: مربد النعم".
ورواه الدارقطني عن ابن صاعد والمحاملي وغيرهما، عن القزاز.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أبنا أبو محمد بن (حيان) الأصفهاني، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا أبو عامر، ثنا الوليد -يعني:ابن مسلم- قال: قيل: لأبي عمرو -يعني: الأوزاعي- حضرت الصلاة والماء (جائر) عن الطريق أيجب علي أن أعدل إليه؟ قال: حدثني موسى بن يسار، عن نافع، عن ابن عمر "أنه كان يكون في السفر فتحضره الصلاة والماء منه على غلوة -أو غلوتين- ونحو ذلك ثم لا يعدل إليه".
75- حديث آخر
قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: اغتسل بعض أزواج النبي ' في جفنة فجاء النبي ' يتوضأ منها -أو ليغتسل- فقالت له: يا رسول الله، إني كنت جنباً. فقال رسول الله ': "إن الماء لا ينجس".
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبدالرزاق، عن الثوري، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس أن امرأة من نساء النبي ' استحمت من جنابة، فجاء النبي ' فتوضأ من فضلها، فقالت: إني اغتسلت منه! فقال: "إن الماء لا ينجسه شيء".
وقال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة:حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى وأحمد بن منيع قالا: ثنا أبو أحمد -وهو الزبيري- ثنا سفيان ح.
قال: وحدثنا عتبة بن عبدالله، أبنا ابن المبارك قال: أبنا سفيان ح.(1/104)
قال: وحدثنا سلم بن جنادة، ثنا وكيع، عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن امرأة من أزواج النبي ' اغتسلت من جنابة، فتوضأ النبي ' -أو اغتسل- من فضلها".
هذا حديث وكيع، وقال أحمد بن منيع: "فتوضأ النبي ' من فضلها" وقال أبو موسى وعتبة بن عبدالله: فجاء النبي ' يوضأ من فضلها، فقالت له. فقال: "إن الماء لا ينجسه شيء".
وقال أبو يعلى الموصلي: حدثنا أبو معمر، ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ': "الماء لا ينجسه شيء".
رواه الإمام أحمد بن حنبل، عن عبدالرزاق. وعن عبدالله بن الوليد. وعن وكيع. وعن علي بن إسحاق، عن ابن المبارك جميعاً، عن سفيان، وفيه: "الماء لا ينجسه شيء".
ورواه أبو داود، عن مسدد. ورواه الترمذي عن قتيبة، عن أبي الأحوص. وقال: حديث حسن صحيح.
ورواه النسائي، عن سويد بن نصر، عن المبارك. ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي الأحوص. وعن علي بن محمد، عن وكيع. ورواه ابن خزيمة في صحيحه كما تقدم ورواه أبو حاتم البستي، عن الحسن بن سفيان، عن حبان، عن ابن المبارك. وعن أبي يعلى الموصلي. وعن (محمد بن عبدالله بن الجنيد) عن قتيبة، عن أبي الأحوص.
وقال الإمام أحمد بن حنبل في المسند: حدثنا سليمان بن داود الطيالسي، أبنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة "أن رسول الله ' توضأ بفضل غسلها من الجنابة".
حدثنا هاشم بن القاسم، ثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة زوج النبي ' قالت: أجنبت أنا ورسول الله ' فاغتسلت من جفنة ففضلت فضلة، فجاء رسول الله ' ليغتسل منها فقلت: إني قد اغتسلت منها! قال: "إن الماء ليس عليه جنابة -أو لا ينجسه شيء- فاغتسل منه".(1/105)
وقال ابن ماجه: حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن يحيى وإسحاق بن منصور قالوا: ثنا أبو داود، ثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة زوج النبي ' "أن رسول الله ' توضأ بفضل غسلها من الجنابة".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن حديث رواه سفيان، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس أن بعض أزواج النبي ' اغتسلت من جنابة، فجاء النبي ' فقالت له. فتوضأ بفضلها وقال: "الماء لا ينجسه شيء".
ورواه شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة.
فقال: الصحيح: عن ابن عباس، عن النبي ' بلا ميمونة.
76- حديث آخر
قال الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخُسروجردي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو وأبو صادق محمد بن أحمد بن أبي الفوارس العطار قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر -يعني: ابن الزبير- عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه قال: سئل رسول الله ' عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب، فقال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث".
وهكذا رواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وجماعة، عن أبي أسامة.
وأخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى الإسفراييني، أبنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر، ثنا بشر بن موسى ثا الحميدي، ثنا أبو أسامة حماد بن أسامة، ثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه أن رسول الله ' قال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثاً".
وكذلك رواه محمد بن عثمان بن كرامة وجماعة، عن أبي أسامة.(1/106)
فأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال: قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ في هاتين الروايتين: فلما اختلف على أبي أسامة في إسناده أحببنا أن نعلم من أتى بالصواب، فنظرنا في ذلك فإذا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير على الوجهين جميعاً، فصح القولان عن أبي أسامة، وصح أن الوليد بن كثير رواه عنهما جميعاً، فكان أبو أسامة مرة يحدث به عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة يحدث به عن الوليد، عن محمد بن عباد بن جعفر، والله أعلم.
وأخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا: أبنا علي بن عمر الحافظ، ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني بواسط، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبدالله بن عبدالله ابن عمر، عن عبدالله بن عمر أن رسول الله ' سئل عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب، فقال رسول الله ': "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث".
وأخبرنا أبو عبدالرحمن وأبو بكر قالا: أبنا علي، ثنا ابن سعدان، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، عن النبي ' مثله.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، حدثني أبو علي محمد بن علي الإسفراييني من أصل كتابه وأنا سألته، ثنا علي بن عبدالله بن مبشر الواسطي، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا أبو أسامة، ثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه قال: "سئل رسول الله ' عن الماء ..." فذكره بمثله.
وقد روي في إحدى الروايتين عن عثمان بن أبي شيبة، عن أبي أسامة كما رواه العامري، وفي الأخرى كما رواه الحميدي.(1/107)
وفي إحدى الروايتين عن أحمد بن عبدالحميد الحارثي، عن أبي أسامة كما رواه العامري، وفي الأخرى كما رواه الحميدي. وفي كل ذلك دلالة على صحة الروايتين جميعاً.
أما الرواية الأولى عن عثمان: فأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أخبرني عبدالله بن محمد بن موسى، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: ثنا أبو أسامة، ثنا الوليد ابن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير. فذكره.
وأما الرواية الأخرى عنه: فأخبرنا أبو علي الروذباري، أبنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر.
وأما الرواية الأولى عن أحمد بن عبدالحميد فأخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبدالحميد الحارثي، ثنا، أبو أسامة، عن الوليد، عن محمد بن جعفر بن الزبير. فذكره.
وأما الرواية الأخرى فأخبرنا أبو بكر بن الحارث، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد، ثنا أحمد بن عبدالحميد الحارثي، ثنا أبو أسامة، ثنا الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر. فذكره.
ورواه محمد بن إسحاق بن يسار، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر. أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، ثنا حاجب بن أحمد الطوسي، ثنا (عبدالرحيم بن منيب) ثنا جرير، عن محمد بن إسحاق.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن ابن يعقوب، ثنا محمد بن خالد بن خلي الحمصي، ثنا أحمد بن خالد الوهبي، ثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن ابن عمر قال: "سمعت النبي ' وسئل عن الماء يكون بأرض الفلاة وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال رسول الله ': إذا كان الماء قدر قلتين لم يحمل الخبث".
لفظ حديث أبي عبدالله الحافظ.(1/108)
وكذلك رواه إبراهيم بن سعد الزهري وزائدة بن قدامة وجماعة، عن محمد بن إسحاق.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن رجاء الأديب -من أصل سماعه- ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه إملاء، ثنا أبو القاسم بن الصقر، ثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه أن رسول الله ' سئل عن الماء يكون بالفلاوة وترده السباع والكلاب، قال: "إذا كان الماء قلتين لا يحمل الخبث".
كذا قال: :الكلاب والسباع" وهو غريب، وكذلك قاله موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة. وقال إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق: "الكلاب والدواب" إلا أن ابن عياش اختلف عليه في إسناده.
وروى هذا الحديث حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، عن النبي '. وفيه قوة لرواية ابن إسحاق.
أخبرناه أبو علي الروذباري، أبنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، أبنا
عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر قال: حدثني أبي أن رسول الله ' قال :"إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس".
وكذلك رواه بشر بن السري ويعقوب الحضرمي والعلاء بن عبدالجبار المكي وعفان بن مسلم وأبو داود الطيالسي، عن حماد.
وأخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو الوليد الفقيه وأبو بكر بن عبدالله قالا: ثنا الحسن بن سفيان، ثنا إبراهيم بن الحجاج وهدبة بن خالد قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر بن الزبير قال: "دخلت مع عبيد الله بن عبدالله بن عمر بستاناً فيه (مقرى) ماء فيه جلد بعير ميت فتوضأ منه، فقلت: أتتوضأ منه وفيه جلد بعير ميت؟ ! فحدثني عن أبيه عن النبي ' قال: "إذا بلغ الماء قدر قلتين -أو ثلاث- لم ينجسه شيء".
كذا قالا: "أو ثلاث" وكذلك قاله يزيد بن هارون وكامل بن طلحة، ورواية الجماعة الذين لم يشكوا أولى.(1/109)
أحبرنا أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، ثنا (عبدالله بن الحسين) بن جابر، ثنا محمد بن كثير المصيصي، عن زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي ' قال: "إذا كان الماء قلتين فلا ينجسه شيء".
قال علي: رفعه هذا الشيخ، عن محمد بن كثير، عن زائدة. ورواه معاوية بن عمرو، عن زائدة موقوفاً، وهو الصواب.
أخبرنا أحمد، ثنا علي قال: ثنا به القاضي الحسين بن إسماعيل، ثنا جعفر بن محمد الصائغ، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر مثله موقوفاً. انتهى ما ذكره.
وقد استوفيت الكلام على حديث القلتين في مكان آخر وذكرت الاختلاف في إسناده ومتنه، ومن صححه من الأئمة مرفوعاً، ومن صحح وقفه، وقد رواه أصحاب المسانيد والسنن، ولم يروه صاحبا الصحيحين لأجل الاختلاف في إسناده.
وقد تكلم عليه الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد كلاماً حسناً؛ فقال: وهو حديث يرويه محمد بن إسماعيل بن إسحاق والوليد بن كثير جميعاً عن محمد بن جعفر بن الزبير، وبعض رواة الوليد بن كثير يقول فيه: عنه، عن محمد بن عباد بن جعفر، ولم يختلف عن الوليد بن كثير أنه قال فيه: عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه. يرفعه، ومحمد بن إسحاق يقول فيه: عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه. مرفوعاً أيضاً؛ فالوليد يجعله عن عبدالله بن عبدالله، ومحمد بن إسحاق يجعله عن عبيدالله بن عبدالله.(1/110)
ورواه عاصم بن المنذر؛ فاختلف فيه عليه أيضاً، قال فيه: حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه. وقال فيه: حماد بن زيد، عن عاصم بن المنذر، عن أبي بكر بن عبيدالله، عن عبدالله بن عمر. وقال حماد بن سلمة فيه: "إذا كان الماء قلتين أو ثلاثاً لم ينجسه شيء" وبعضهم يقول: "إذا كان قلتين لم يحمل الخبث" وهذا لفظ محتمل للتأويل، ومثل هذا الاضطراب في الإسناد يوجب التوقف عن القول بهذا الحديث (إلى) أن القلتين غير معروفتين، ومحال أن يتعبد الله عباده بما لا يعرفونه. انتهى كلامه.
وقد سئل الحافظ أبو الحسن الدارقطني عن حديث يروى عن عبدالله وعبيدالله ابني عبدالله بن عمر، عن ابن عمر، عن النبي ': "إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثاً" فقال في رواية عبيدالله: رواه عباد بن صهيب، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير فقال: عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبيه. وكذلك قال محمد بن إسحاق: عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه. حدث به عنه جماعة منهم: حماد بن سلمة وإبراهيم بن سعد وإسماعيل بن علية وعبدة بن سليمان وأبو معاوية الضرير ويزيد بن هارون وجرير بن عبدالحميد وإسماعيل بن عياش ومحمد بن سلمة الحراني وأحمد بن خالد الوهبي.
وكذلك رواه زائدة بن قدامة وسفيان الثوري وسعيد بن زيد، عن محمد بن إسحاق.
ورواه المغيرة بن سقلاب، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر. ووهم فيه.
ورواه عبدالوهاب بن عطاء، عن ابن إسحاق، واختلف عنه؛ فرواه علي بن سلمة اللبقي وأبراهيم بن أحمد بن يعيش، عن عبدالوهاب، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه.(1/111)
وخالفهم يحيى بن أبي طالب، فرواه عن عبدالوهاب، عن ابن إسحاق: أنه بلغه عن النبي ' ولم يذكر إسناده، وقيل: عن إسماعيل بن عياش، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبي هريرة. ولا يصح، والمحفوظ: عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله ابن عمر، عن أبيه.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، فقلت: إنه يقول: عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن (ابن عمر) عن النبي '.
ورواه الوليد بن كثير فقال: عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن (ابن عمر) عن النبي ' قال: "إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء" فقال أبو زرعة: ابن إسحاق ليس يمكن أن يقضى له. قلت له: ما حال محمد بن جعفر؟ فقال :صدوق.
فقلت لأبي: إن حجاج بن حمزة حدثنا عن أبي أسامة، عن الوليد ابن كثير فقال: عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله ابن عمر، عن ابن عمر، عن النبي '. فقال أبي: محمد بن عباد بن جعفر ثقة، ومحمد بن جعفر بن الزبير ثقة، والحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير أشبه. والله الموفق للصواب.
77- حديث آخر
قال ابن ماجه: حدثنا محمود بن خالد والعباس بن الوليد الدمشقي قالا: ثنا مروان بن محمد، ثنا رشدين، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة الباهلي _ قال: قال رسول الله ': "الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه".
قال الحافظ عبدالغني المقدسي: ورواه أبو معاوية محمد بن خازم وعيسى بن يونس بن أبي إسحاق وأبو إسماعيل المؤدب، عن الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد، عن النبي ' مرسلاً.
ورواه أبو شرحبيل عيسى بن خالد بن أخي أبي اليمان، عن (مروان بن معاوية)، عن رشدين، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، عن النبي '.
قال الدارقطني: لم يرفعه غير رشدين بن سعد، وليس بالقوي.(1/112)
كذا رأيته بخط الحافظ، عن مروان بن معاوية، عن رشدين، وإنما هو ابن محمد.
وقال الطحاوي: حدثنا محمد بن الحجاج، ثنا علي بن معبد، ثنا عيسى بن يونس، عن الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله ': "الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على لونه أو طعمه".
قال الطحاوي: هذا منقطع، وأنتم لا تثبتون المنقطع ولا تحتجون به !
وقال أبو أحمد بن عدي في الكامل: حدثنا (ابن جوصا، ثا أبو أمية) محمد بن إبراهيم، ثنا حفص بن عمر، عن ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ': "الماء لا ينجس إلا ما غير ريحه أو طعمه".
قال ابن عدي: وهذا الحديث ليس يوصله عن ثور إلا حفص بن عمر الأبلي، وأحاديثه كلها أما منكر المتن أو منكر الإسناد، وهو إلى الضعف أقرب.
ورواه (رشدين بن سعد) عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة موصولاً أيضاً. ورواه الأحوص بن حكيم -مع ضعفه- عن راشد بن سعد، عن النبي ' مرسلاً، ولا يذكر أبا أمامة.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد الفقيه، أبنا أبو بكر (محمد بن الحسن القطان) ثنا أبو الأزهر، ثنا مروان بن محمد، ثنا رشدين بن سعد، ثنا معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله ': "الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب عليه طعمه أو ريحه".
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو الوليد الفقيه، ثنا جعفر الحافظ، ثنا أبو الأزهر. فذكره بإسناد مثله أن النبي ' قال: "إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء إلا غلبه ريحه أو طعمه".
كذا وجدته، ولفظ القلتين فيه غريب.
وأخبرنا أبو عبدالله، أبنا الوليد، ثنا الشاماتي، ثنا عطية بن بقية بن الوليد، ثنا أبي، عن ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة، عن النبي ' قال: "إن الماء طاهر إلا أن يغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسه تحدث فيه".(1/113)
وأخبرنا أبو حازم الحافظ، أبنا أبو أحمد الحافظ، أبنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف الدمشقي بدمشق، ثنا أبو أمية -يعني: محمد بن إبراهيم- ثنا حفص بن عمر، ثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ': "الماء لا ينجس إلا ما غير ريحه أو طعمه".
ورواه عيسى بن يونس، عن الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد، عن النبي ' مرسلاً.
ورواه أبو أسامة، عن الأحوص، عن أبي عون وراشد بن سعد -من قولهما- والحديث غير قوي إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافاً، والله أعلم.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس بن يعقوب، أبنا الربيع، أبنا الشافعي قال: وما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء وريحه ولونه كان نجساً، يروى عن النبي ' من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله، وهو قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافاً.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عيسى بن يونس، عن الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله ': "لا ينجس الماء إلا ما غلب عليه طعمه ولونه" فقال أبي: يوصله رشدين بن سعد يقول: عن أبي أمامة، عن النبي '. ورشدين ليس بقوي، والصحيح مرسل، والله أعلم.
78- حديث آخر
قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا هاشم، ثنا عيسى -يعني: ابن المسيب- حدثني أبو زرعة، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله ' يأتي دار قوم من الأنصار ودونهم دار فشق ذلك عليهم، فقالوا: يا رسول الله، تأتي دار فلان ولا تأتي دارنا! قال: فقال رسول الله ': "لأن في داركم كلباً". قالوا: فإن في دارهم سنوراً! فقال النبي ': "إن السنور سبع".
ورواه البيهقي عن أبي بكر أحمد بن الحسن القاضي، عن أبي العباس الأصم، عن العباس بن محمد، عن أبي النضر هاشم بن القاسم.
ورواه الدارقطني، عن المحاملي، عن أحمد بن منصور، عن أبي النضر.
وقال: عيسى بن المسيب صالح الحديث.
ثم قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا سلم بن جنادة، ثنا وكيع.(1/114)
وحدثنا الحسين، ثنا زياد بن أيوب، ثنا محمد بن ربيعة -جميعاً- عن عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ': "السنور سبع" وقال وكيع: "الهر سبع".
وقال العقيلي: حدثنا محمد بن زكريا البلخي، ثنا محمد بن أبان ومحمد بن الصباح قالا: ثنا وكيع، ثنا عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ' -وذكر الهر فقال-: "هي سبع".
قال العقيلي في عيسى: لا يتابعه على هذا الحديث إلا من هو مثله أو دونه.
وقد روى هذا الحديث الحاكم وصححه وقد خولف في تصحيحه.
وقال أبو حاتم بن حبان في عيسى: روى عنه وكيع وأبو نعيم، كان ممن يقلب الأخبار ولا يعلم، ويخطىء في الآثار ولا يفهم حتى خرج عن حد الاحتجاج به.
حدثنا مكحول، ثنا جعفر بن أبان، سألت يحيى بن معين عن عيسى بن المسيب فقال: ليس بشيء.
وقد ضعف عيسى أبو داود والنسائي.
وقال أبو أحمد بن عدي: حدثنا الحسين بن محمد بن مودود قال: ثنا (هوبر) بن معاذ الكلبي، ثنا مسكين الحذاء، عن عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: "كان النبي ' يأتي أهل بيت من الأنصار فيدخل عليهم، وكان دونهم أهل بيت لا يدخل عليهم، فشق ذلك عليهم وقالوا: يا رسول الله، تدخل على أهل بيت فلان ولا تدخل علينا! قال: "إن في بيتكم كلباً". قالوا: يا رسول الله، إن في البيت الذي تدخل عليهم سنوراً! قال: "إن السنور سبع".
قال ابن عدي: وهذا لا يرويه غير عيسى بن المسيب بهذ الإسناد، ولعيسى بن المسيب غير هذا الحديث، وهو صالح فيما يرويه.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول في حديث رواه وكيع، عن عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، عن النبي ' قال: "الهر سبع" فقال أبو زرعة: لم يرفعه أبو نعيم، وهو أصح، وعيسى ليس بقوي.
79- حديث آخر(1/115)
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث ابن مسعود "في الوضوء بالنبيذ" فقالا: هذا الحديث ليس بقوي؛ لأنه لم يروه غير أبي فزارة، عن أبي زيد. وحماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود. وعلي بن زيد ليس بقوي، وأبو زيد شيخ مجهول لا يعرف، وعلقمة يقول: "لم يكن عبدالله مع النبي ' ليلة الجن فوددت أنه كان معه" قلت لهما: فإن معاوية بن سلام يحدث عن أخيه، عن جده، عن ابن غيلان، عن ابن مسعود ! قالا: وهذا أيضاً ليس بشيء، ابن غيلان مجهول، ولا يصح في هذا الباب شيء. انتهى كلامه.
وقد تقدم حديث أبي زيد عن ابن مسعود، والكلام عليه. وكذلك حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد.
وأما حديث معاوية بن سلام عن أخيه؛ فرواه الدارقطني في سننه فقال: حدثني محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان، ثنا (هشام) بن خالد الأزرق، ثنا الوليد، ثنا معاوية بن سلام، عن أخيه زيد، عن جده أبي سلام، عن فلان بن غيلان الثقفي أنه سمع عبدالله بن مسعود يقول: "دعاني رسول الله ' ليلة الجن بوضوء، فجئته بإداوة فإذا فيها نبيذ، فتوضأ رسول الله '".
قال الدارقطني: الرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول، قيل: اسمه: عمرو، وقيل: عبدالله بن عمرو بن غيلان.
وقد ذكر البيهقي حديث ابن مسعود وغيره "في الوضوء بالنبيذ".
ثم ذكر الحديث فيه "أن ابن مسعود لم يكن مع النبي ' ليلة الجن" واستوفى الكلام في ذلك بعض الاستيفاء؛ فأنا أورد ما ذكره في ذلك.(1/116)
قال رحمه الله: أخبرنا أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبدالجبار السكري ببغداد، أبنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، أبنا أحمد بن منصور الرمادي، أبنا عبدالرزاق، أبنا الثوري، عن أبي فزارة العبسي، ثنا أبو زيد مولى عمرو بن حريث، عن عبدالله بن مسعود قال: لما كانت ليلة الجن تخلف منهم -يعني: من الجن- رجلان -قال الرمادي: أحسب عبدالرزاق قال-: فقالا: نشهد الصلاة معك يا رسول الله. قال: فلما حضرت الصلاة قال لي النبي ': "هل معك وضوء"؟ قال: قلت: لا؛ معي إداوة فيها نبيذ. فقال النبي ': "تمرة طيبة وماء طهور". فتوضأ.
وأخبرنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح المحاربي بالكوفة، أبنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، أبنا أبو غسان، ثنا قيس -هو ابن الربيع- أبنا أبو فزراة العبيسي، عن أبي زيد، ثنا عبدالله بن مسعود قال: أتانا رسول الله ' فقال: "إني قد أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن؛ ليقم معي رجل منكم ولا يقم معي رجل في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر". قال: فقمت معه ومعي إداوة من ماء -كذا قال-: حتى إذا برزنا، خط حولي خطة ثم قال لا تخرجن منها؛ فإنك إن خرجت منها لم ترني ولم أراك إلى يوم القيامة". قال: ثم انطلق حتى توارى عني. قال: فثبت قائماً حتى إذا طلع الفجر أقبل، قال: "مالي أراك قائماً"؟! قال: قلت: ما قعدت خشيت أن أخرج منها. قال: "أما إنك لو خرجت لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة، هل معك من وضوء"؟ قلت: لا. قال: "فماذا في الإداوة"؟ قلت: نبيذ. قال: "تمرة حلوة وماء طيب". ثم توضأ وأقام الصلاة، فلما أن قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع، فقال: "أولم آمر لكما ولقومكما ما يصلحكما"؟ قالا: بلى، ولكنا أحببنا أن يحضر بعضنا معك الصلاة. قال: "ممن أنتما"؟ قالا: من أهل نصيبين. قال: "قد أفلح هذان وأفلح قومهما". وأمر لهما بالعظام والرجيع طعاماً وعلفاً، ونهانا أن نستنجي بعظم أو روث".(1/117)
وأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني، ثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: سمعت محمد بن أحمد بن حماد يقول: قال محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله-: أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود أن النبي ' قال: "تمرة طيبة وماء طهور" رجل مجهول لا يعرف بصحبة عبدالله، وروى علقمة عن عبدالله أنه قال: "لم أكن ليلة الجن مع رسول الله '".
وروى شعبة عن عمرو بن مرة قال: "سألت أبا عبيدة: أكان عبدالله مع رسول الله ' ليلة الجن؟ قال: لا".
وأخبرنا أبو سعد الماليني قال أبو أحمد بن عدي: هذا الحديث مداره على أبي فزارة، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود. وأبو فزارة مشهور، واسمه: راشد بن كيسان، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول، ولا يصح هذا الحديث عن النبي ' وهو خلاف القرآن.
قال البيهقي: وقد روى هذا الحديث عن حماد بن سلمة، عن علي زيد بن جدعان، عن أبي رافع، عن ابن مسعود.
وعن أبي سلام، عن فلان بن غيلان الثقفي، عن ابن مسعود.
وعن ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عن حنش، عن ابن عباس، عن ابن مسعود.
رواه محمد بن عيسى بن حيان، عن الحسن بن قتيبة بإسناد له إلى ابن مسعود.
ورواه الحسين بن عبيدالله العجلي بإسناد له عن ابن مسعود، ولا يصح شيء من ذلك.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال: قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ في تضعيف هذه الأسانيد: علي بن زيد ضعيف، وليس هذا الحديث في مصنفات حماد بن سلمة، والرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول قيل: اسمه: عمرو، وقيل: عبدالله بن عمرو بن غيلان، وابن لهيعة ضعيف الحديث لا يحتج بحديثه، والحسن بن قتيبة ومحمد بن عيسى ضعيفان، والحسين بن عبدالله العجلي هذا يضع الحديث على الثقات.
قال البيهقي: وقد أنكر ابن مسعود شهوده مع النبي ' ليلة الجن في رواية علقمة، وأنكره إبراهيم النخعي.(1/118)
أما حديث علقمة فأخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب إملاء، ثنا محمد بن عبدالوهاب العبدي ومحمد بن عمرو الحرشي قالا: ثنا يحيى بن يحيى، أبنا خالد بن عبدالله، عن خالد -يعني: الحذاء- عن أبي لم أكن ليلة الجن مع النبي ' ووددت أني كنت معه".
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخبرنا أبو عبدالله، ثنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن النضر ومحمد بن نعيم وإبراهيم بن أبي طالب قالوا: ثنا محمد بن المثنى قال: حدثني عبدالأعلى بن عبدالأعلى، عن داود، عن عامر قال: سألت علقمة هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله ' ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله ' ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا: استطير أو أغتيل، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء، فقلنا: يا رسول الله، فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم! قال: "أتاني داعي الجن، فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن" -قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد فقال: "كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيدكم أوفي ما يكون لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم". فقال رسول الله ': "لا تستنجوا بهما؛ فإنهما طعام إخوانكم".
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن محمد بن المثنى.
وأما حديث أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود فأخبرناه أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد الفضل القطان ببغداد، أبنا عبدالله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: "سألت أبا عبيدة بن عبدالله: أكان عبدالله مع النبي ' ليلة الجن؟ قال: لا. وسألت إبراهيم، فقال: ليت صاحبنا كان ذاك".(1/119)
وأما الحديث الذي أخبرنا أبو سعد المالينين أبنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا أحمد بن عبدالله، ثنا يوسف بن بحر، ثنا المسيب بن واضح، ثنا مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن يحيى ابن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال النبي ': "النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء".
قال: وأخبرنا أبو أحمد، ثنا محمد بن تمام، ثنا المسيب ابن واضح، ثنا مبشر ... فذكره بإسناده مثله موقوفاً.
فهذا حديث مختلف فيه على المسيب بن واضح، وهو واهم فيه في موضعين في ذكر ابن عباس وفي ذكر النبي ' والمحفوظ أنه من قول عكرمة غير مرفوع.
كذلك رواه هقل والوليد بن مسلم، عن الأوزاعي.
وكذلك رواه شيبان النحوي وعلي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة. وكان [المسيب] -رحمنا الله وإياه- كثير الوهم.
ورواه عبدالله بن محرر، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس من قول ابن عباس، وعبدالله بن محرر متروك.
وروي بإسناد ضعيف عن أبان بن أبي عياش، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً، وأبان متروك.
قال أبو الحسن الدارقطني -فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث عنه-: المحفوظ أنه رأي عكرمة غير مرفوع إلى النبي ' ولا إلى ابن عباس.
قال البيهقي: وقد روى الحجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي "أنه كان لا يرى بأساً بالوضوء من النبيذ".
ورواه أبو إسحاق الكوفي -واسمه: عبدالله بن ميسرة ويقال له: أبو ليلى الخراساني- عن مزيدة بن جابر، عن علي: "لا بأس بالوضوء بالنبيذ" وعبدالله بن ميسرة متروك، والحارث الأعور ضعيف، والحجاج بن أرطاة لا يحتج به.(1/120)
قد ذكرت أقاويل الحفاظ فيهم في الخلافيات، ثم إن صفة أنبذتهم مذكورة فيما أخبرنا علي بن محمد بن عبدالله بن بشران ببغداد، أبنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا عباس بن محمد، ثنا عثمان بن عبدالوهاب، ثنا أبي، ثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة قالت: "كنا ننبذ لرسول الله ' في سقاء يوكى أعلاه له ثلاثة عزالى يعلق ننبذه غدوة فيشربه عشاء، وننبذه عشاء فيشربه غدوة".
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن محمد بن المثنى، عن عبدالوهاب بن عبدالحميد الثقفي بمعناه.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو الوليد الفقيه، ثنا عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن، ثنا إسحاق -يعني: الحنظلي- أبنا النضر، ثنا أبو خلدة، عن أبي العالية، قال: "ترى نبيذكم هذا الخبيث! إنما كان ماء فيه تمرات فيصير حلواً" والله أعلم.
80- حديث آخر
قال ابن ماجه في سننه: حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي قال: حدثني مرحوم بن عبدالعزيز العطاء، حدثني عبدالرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: توضأ رسول الله ' واحدة، فقال: "هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به". ثم توضأ اثنتين اثنتين، فقال: "هذا وضوء القدر من الوضوء". وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال: "هذا أسبغ الوضوء، وهو وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم، من توضأ هكذا ثم قال عند فراغه: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فتح له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء".(1/121)
حدثنا جعفر بن مسافر، ثنا إسماعيل بن قعنب أبو بكر، ثنا عبدالله بن عرادة الشيباني، عن (زيد بن أبي الحواري)، عن معاوية بن قرة، عبيدالله بن عمير، عن أبي بن كعب _ أن رسول الله ' دعا بماء فتوضأ مرة مرة، فقال: "هذا وظيفة الوضوء" -أو قال: "وضوء من لم يتوضأ لم يقبل الله له صلاة"- ثم توضأ مرتين مرتين، ثم قال: "هذا وضوء من توضأ أعطاه الله كفلين من الأجر". ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً، فقال: "هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي".
وقال الإمام أحمد بن حنبل في المسند: حدثنا أسود بن عامر، أبنا أبو إسرائيل، عن زيد العمي، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ' قال: "من توضأ واحدة فتلك وظيفة الوضوء الذي لابد منها، ومن توضأ اثنتين فله (كفلان) من الأجر، ومن توضأ ثلاثاً فذلك وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي".
وقال البيهقي: أخبرنا أبو حازم العبدوي الحافظ، أبنا أبو أحمد الحافظ، ثنا أبو عروبة الحسين بن أبي معشر السلمي بحران ح.
وأبنا أبو سعد يحيى بن أحمد علي الصائغ بالري وأبو أحمد بن علوسا (باسداباذ) (همذان) قالا: ثنا أبو الحسن علي بن الحسن القاضي الجراحي، ثنا عبدالله بن سليمان بن الأشعث قالا: ثنا المسيب بن واضح، ثنا حفص بن ميسرة، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر قال: توضأ النبي ' مرة مرة، ثم قال: "هذا وضوء من لا تقبل له صلاة إلا به". ثم توضأ مرتين مرتين، ثم قال: "هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي". لفظ حديث أبي عروبة. وفي حديث عبدالله بن سليمان: "لا يقبل الله له الصلاة إلا به" وقال: "يضاعف الله له".
وهذا الحديث من هذا الوجه ينفرد به المسيب بن واضح، وليس بالقوي. وروي من وجه آخر عن ابن عمر.(1/122)
أخبرناه أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل الماليني، أبنا أبو أحمد بن عدي، ثنا ابن أبي سويد (الذارع) ومحمد بن عبدالسلام ابن النعمان قالا: ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا سلام الطويل، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن عبدالله بن عمر قال: دعا النبي ' بماء فتوضأ مرتين مرتين، فقال: "هذا وضوء من يؤتى أجره مرتين". ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، فقال: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي".
وهكذا روي عن عبدالرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، وخالفهما غيرهما وليسوا في الرواية بأقوياء، والله أعلم.
وقال أبو حاتم بن حبان: عبدالرحيم بن زيد العمي كنيته: أبو زيد، عداده في أهل البصرة يروي عن أبيه العجائب مما لا يشك من الحديث صناعته أنها معمولة أو مقلوبة كلها، يروي عن أبيه، روى عنه العراقيون، فأما ما رواه عن أبيه فالجرح ملزق بأحدهما أو بهما، وهذا ما لا سبيل إلى معرفته إذ الضعيفان إذا تفرد أحدهما عن الآخر بخبر لا يتهيأ حكم القدح في أحدهما دون الآخر، وإن كان وجود المناكير في حديث منهما معاً أو من أحدهما أو من أحدهما استحق الترك.
وهو الذي يروي عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر أن رسول الله ' توضأ مرة مرة، فقال: "هذا وظيفة الوضوء -أو لا يقبل الله الصلاة إلا به"- ثم توضأ مرتين مرتين -فقال: "هذا إسباغ الوضوء". ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً، فقال: "هذا وضوئي ووضوء إبراهيم خليل الله -عز وجل- ووضوء الأنبياء قبلي، وهو إسباغ الوضوء؛ فمن توضأ هكذا وقال بعد فراغه من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً رسول الله فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء".
حدثناه عبدالله بن قحطبة، ثنا محمد بن موسى الحرشي، ثنا عبدالرحيم بن زيد العمي.(1/123)
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عبدالرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر، عن النبي ' أنه توضأ مرة مرة، وقال: "هذا وضوء من لا يقبل الله له صلاة إلا به". ثم توضأ مرتين مرتين، وقال: "هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين". ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وقال: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي".
فقال أبي: عبدالرحيم بن زيد متروك الحديث، وزيد العمي ضعيف الحديث، ولا يصح هذا الحديث عن النبي '.
قال ابن أبي حاتم: وسئل أبو زرعة عن هذا الحديث فقال: هو عندي حديث (واهي) ومعاوية بن قرة لم يلحق ابن عمر.
قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: فإن الربيع بن سليمان حدثنا بهذا الحديث، عن أسد بن موسى، عن سلام بن سليم، عن زيد بن أسلم، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر، عن النبي '.
فقال: هو سلام الطويل وهو متروك الحديث، وهو زيد العمي وهو ضعيف الحديث.
كذا في النسخة التي كتبت منها سلام بن سليم، والصواب: ابن سلم. وزيد بن أسلم والصواب:زيد العمي.
وقال أبو أحمد بن عدي في كتاب الكامل: حدثنا ابن أبي أبي سويد الذارع ومحمد بن عبدالسلام بن النعمان قالا: ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا سلام الطويل، عن زيد بن معاوية، عن معاوية بن قرة، عن عبدالله بن عمر قال: دعا النبي ' بماء فتوضأ واحدة واحدة، فقال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به". ثم دعا بوضوء فتوضأ مرتين مرتين، فقال: "هذا وضوء من يؤتى أجره مرتين". ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، فقال: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي".
كذا فيه زيد بن معاوية وهو غلط من النسخة، والصواب: زيد العمي كما تقدم، وهو ابن الحواري أبو الحواري.
قال ابن عدي -بعد أن روى هذا الحديث في ترجمة سلام الطويل-: وهذا اختلف فيه على معاوية بن قرة فقال السلام: عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر.
وهكذا رواه عبدالرحيم بن زيد، عن أبيه.(1/124)
ورواه عبدالله بن عرادة، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن عبيد بن عمير، عن أبي بن كعب.
ورواه داود بن محبر بن قحذم، عن أبيه، عن جده، عن معاوية بن قرة، عن أبيه.
وروى هذا الحديث عن سلام الطويل: عبدالرحمن بن ثابت، وعبدالرحمن هذا هو أكبر سناً منه وأثبت منه وأقدم موتاً منه.
حدثنا الحسين بن عبدالله القطان، ثنا أيوب الوزان، ثنا الوليد بن الوليد، حدثني بن ثوبان، عن سلام، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر: دعا النبي ' بماء فتوضأ واحدة واحدة، فقال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به". ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين، فقال: "هذا وضوء من يؤتى أجره مرتين". ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، وقال: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي".
وذكر ابن عدي لسلام أحاديث ثم قال: وعامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه، والله أعلم.
81- حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: لا يثبت عن النبي ' في تخليل اللحية حديث. انتهى كلامه.
وقد روي في تخليل اللحية أحاديث كثيرة، وقد تقدم الكلام على حديثين منها: حديث عمار بن ياسر وحديث أنس بن مالك، وأشهر الأحاديث في ذلك حديث عثمان _ وهو مخرج في بعض المسانيد والسنن، وقد صححه غير واحد من الأئمة وضعفه غير واحد منهم.
قال أحمد بن منيع: ثنا أبو أحمد الزبيري، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل قال: "رأيت عثمان يتوضأ فغسل كفيه ثلاثاً، وتمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً، وغسل وجه ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً، مسح برأسه وخلل لحيته ومسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما، وغسل قدميه ثلاثاً وخلل أصابعه ثلاثاً ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ' يتوضأ".(1/125)
وقال أبو القاسم البغوي: ثنا أبو خيثمة، ثنا عبدالرحمن بن مهدي، ثنا إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن شقيق قال: "رأيت عثمان _ توضأ فغسل كفيه ثلاثاً ومضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً، وغسل رجليه ثلاثاً وخلل أصابعه وخلل لحيته حين غسل وجهه، وقال: رأيت رسول الله ' فعل كما رأيتموني فعلت".
وقال الطبراني: ثنا إسحاق، عن عبدالرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة قال: "رأيت عثمان توضأ فغسل كفيه ثلاثاً ثلاثاً، ومضمض واستنشق ثلاثاً ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً -قال: وحسبت أنه قال: وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً- ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، ثم غسل قدميه ثلاثاً ثلاثاً وخلل أصابعه وخلل لحيته حين غسل وجهه قبل أن يغسل قدميه، ثم قال: رأيت رسول الله ' يفعل كما رأيتموني فعلت".
رواه ابن خزيمة، عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن خلف بن الوليد، عن إسرائيل.
وعن إسحاق بن منصور، عن عبدالرحمن بن مهدي.
وقال الطبراني أيضاً: ثنا إسحاق قال: قرأنا على عبدالرزاق، عن إسرائيل بن يونس، عن عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة "أن عثمان توضأ فخلل لحيته، ثم قال: رأيت رسول الله ' يفعله".
وقال ابن ماجه: ثنا محمد بن أبي خالد القزويني، ثنا عبدالرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق الأسدي، عن أبي وائل، عن عثمان بن عفان _ "أن رسول الله ' توضأ فخلل لحيته".
ذكر صاحب الأطراف أن ابن ماجه رواه عن محمد بن أبي خلف، والصواب: محمد بن أبي خالد -وكذا هو في بعض النسخ القديمة، والله أعلم.
وقال الترمذي: حدثنا يحيى بن موسى، ثنا عبدالرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان بن عفان "أن النبي ' كان يخلل لحيته".
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال محمد بن إسماعيل: أصح شيء في هذا الباب حديث عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان.(1/126)
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، أبنا العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا عبيدالله بن موسى، أبنا إسرائيل ح.
وأبنا أبو عبدالله، أبنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عبدالرزاق، أبنا إسرائيل، عن عامر بن شقيق -يعني: ابن جمرة- عن شقيق بن سلمة قال: "رأيت عثمان توضأ -فذكر الحديث قال- وخلل لحيته ثلاثاً حين غسل وجهه، ثم قال: رأيت رسول الله ' فعل الذي رأيتموني فعلت".
قال البيهقي: بلغني عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه سئل عن هذا الحديث، فقال: هو حسن. قال محمد: أصح شيء عندي في التخليل حديث عثمان. انتهى ما ذكره.
ورواة هذا الحديث كلهم ثقات متفق على عدالتهم إلا عامر بن شقيق بن جمرة -بالجيم والراء- الأسدي؛ فإنه مختلف في عدالته، قال أبو بكر بن أبي خيثمة، عن يحيى بن معين: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بقوي من أبي وائل بسبيل. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات وروى حديثه هذا في كتاب الأنواع والتقاسيم.
وقال الخلال في كتاب العلل:أخبرنا أبو داود -يعني: السجستاني- قال: قلت لأحمد بن حنبل: تخليل اللحية. قال: تخليل اللحية قد روي فيه أحاديث ليس يثبت منها حديث، وأحسن شيء فيه حديث شقيق عن عثمان.
وقال ابن أبي خيثمة: سألت يحيى عن حديث عامر -يعني: في التخليل- فقال: ضعيف.
وقال ابن ماجه: حدثنا إسماعيل بن عبدالله الرقي، ثنا محمد بن ربيعة الكلابي، ثنا واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب الأنصاري قال: "رأيت رسول الله ' توضأ فخلل لحيته".
هذا إسناد لا يثبت.
وقد روى الترمذي في العلل عن هناد، عن محمد بن عبيد، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبي أيوب "أن النبي ' كان إذا توضأ تمضمض ومسح لحيته بالماء من تحتها".(1/127)
قال الترمذي: سألت عنه محمداً، فقال: لا شيء. فقلت: أبو سورة ما اسمه؟ فقال لا أدري ما يصنع به، عنده مناكير ولا يعرف له سماع من أبي أيوب!
وقال أبو القاسم: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني أبي، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب قال: "كان رسول الله ' إذا توضأ استنشق ثلاثاً وتمضمض وأدخل أصبعيه في فمه، وكان يبلغ براحتيه إذا غسل وجهه ما أقبل من أذنيه، وإذا مسح رأسه مسح بأصبعيه ما دبر من أذنيه مع رأسه وخلل لحيته".
أبو سورة هو ابن أخي أبي أيوب روى عن عمه وعن عدي بن حاتم الطائي، روى عنه سعيد بن سنان -شيخ للهيثم بن عدي- وواصل بن السائب الرقاشي ويحيى بن جابر الطائي وقال: عن ابن أخي أبي أيوب حسب. قال البخاري: منكر الحديث يروي عن أبي أيوب مناكير لا يتابع عليه. وقال الترمذي: يضعف في الحديث؛ ضعفه يحيى بن معين جداً. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
وروى له أبو داود من رواية يحيى بن جابر -ولم يسمه- والترمذي وابن ماجه.
وأما واصل بن السائب الرقاشي فهو بصري روى له الترمذي وابن ماجه، وروى عن عطاء وأبي سورة، روى عنه شريك وعيسى بن يونس ووكيع وأبو معاوية وغيرهم، قال أبو بكر بن أبي شيبة: ضعيف. وقال أبو زرعة: ضعيف مثل أشعث بن سوار وليث بن أبي سليم. وقال أبو حاتم: منكر الحديث.
وقال ابن حبان: واصل بن السائب الرقاشي يروي عن عطاء وأبي سورة، روى عنه أهل العراق كان ممن يروى عن عطاء ما ليس من حديثه وعن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات؛ فسقط الاحتجاج له لما ظهر ذلك منه.
روى عن أبي سورة، عن أبي أيوب قال: قال رسول الله ': "يا حبذا المتخللون في الوضوء بين الأصابع والأظافير، ويا حبذا المتخللون من الطعام وأنه ليس شيء أشد على الملك من بقية تبقى في الفم من أثر الطعام".
حدثناه أبو يعلى، ثنا سويد بن سعيد، ثنا مروان ابن معاوية، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة.(1/128)
وقال ابن عدي: ثنا الجنيدي، ثنا البخاري قال: واصل الخراساني الرقاشي، عن عطاء وأبي سورة، منكر الحديث.وقال النسائي: واصل بن السائب متروك الحديث. وذكر له ابن عدي أحاديث وقال: ولواصل غير ما ذكرت، وأحاديثه لا تشبه حديث الثقات. انتهى كلامه.
وقد روي في تخليل اللحية أحاديث أخر غير ما ذكر في هذا الموضع وغير ما تقدم، وسنذكرها والكلام عليها في موضع آخر -إن شاء الله.
83- حديث آخر
قال ابن ماجه: حدثنا محمد بن أبان البلخي، ثنا عبدالرزاق، أبنا إسرائيل، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: "انكسرت إحدى زندي، فسألت رسول الله ' فأمرني أن أمسح على الجبائر".
وقال أبو الحسن بن سلمة: أبناه الدبري، عن عبدالرزاق نحوه.
هذا الحديث لا يصح، وعمرو بن خالد هو أبو خالد الواسطي وهو كذاب، متروك بالاتفاق.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس الأصم، أبنا الربيع قال: قال الشافعي _: وقد روي حديث عن علي _ "أنه (نكسر) إحدى زندي يديه فأمره النبي ' أن يمسح على الجبائر" ولو عرفت إسناده بالصحة قلت به، يعني: ما أخبرناه أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل، أبنا أبو أحمد بن عدي، ثنا عمران (السختياني)، ثنا محمد بن أبان، ثنا سعيد بن سالم القداح، حدثني إسرائيل، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: انكسرت إحدى زندي فسألت النبي ' فقال: "امسح على الجبائر".
قال البيهقي: عمرو بن خالد الواسطي معروف بوضع الحديث، كذبه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما من أئمة الحديث، ونسبه وكيع بن الجراح إلى وضع الحديث وقال: كان في جوارنا، فلما فطن له تحول إلى واسط.
وتابعه على ذلك عمر بن موسى بن وجيه؛ فرواه عن زيد بن على مثله، وعمر بن موسى متروك منسوب إلى الوضع، ونعوذ بالله من الخذلان.
وروي بإسناد آخر مجهول عن زيد بن علي وليس بشيء.(1/129)
ورواه أبو الوليد خالد بن يزيد المكي بإسناد آخر عن زيد بن علي، عن علي مرسلاً، وأبو الوليد ضعيف.
ولا يثبت عن النبي ' في هذا الباب شيء، وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح الذي قد تقدم وليس بالقوي، وإنما فيه قول الفقهاء من التابعين فمن بعدهم مع ما روينا عن ابن عمر في المسح على العصابة، والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه "أن علياً انكسرت إحدى زنديه، فأمره النبي ' أن يمسح على الجبائر" فقال أبي: هذا حديث باطل لا أصل له، وعمرو بن خالد متروك الحديث.
83- حديث آخر
قال أبو القاسم البغوي: حدثنا علي -هو ابن جعد-أبنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف يقال له: الحكم -أو الحكم- "أنه رأى رسول الله ' توضأ ثم أخذ حفنة من ماء، فقال بها هكذا -يعني: انتضح بها".
وقال الإمام أحمد بن حنبل: ثنا يحيى بن سعيد، ثنا سفيان ح.
وعبدالرحمن بن مهدي، ثنا سفيان وزائدة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو سفيان بن الحكم- قال عبدالرحمن في حديثه: "رأيت رسول الله ' بال وتوضأ ونضح فرجه بالماء" وقال يحيى في حديثه: "إن النبي ' بال ونضح فرجه".
وقال أبو يعلى الموصلي: ثنا محمد بن قدامة، ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو سفيان بن الحكم- قال: "رأيت النبي ' بال ثم نضح فرجه".
رواه أبو داود، عن نصر بن المهاجر، عن معاوية بن عمرو عن زائدة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم -أو ابن الحكم- عن أبيه.
وعن إسحاق بن إسماعيل، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه.
وعن محمد بن كثير، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن سفيان بن الحكم -أو الحكم بن سفيان- نحوه، ولم يقل: عن أبيه.(1/130)
ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن بشير، عن زكريا بن أبي زائدة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم ابن سفيان: "أنه رأى رسول الله ' ..." نحوه، ولم يذكر أباه.
ورواه النسائي عن إسماعيل بن مسعود، عن خالد بن الحارث، عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم، عن أبيه.
وعن عباس بن محمد الدوري، عن الأحوص بن جواب، عن عمار بن رزيق، عن منصور.
وعن أحمد بن حرب، عن قاسم بن يزيد الجرمي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان، ولم يقل: عن أبيه.
قال الحافظ أبو القاسم: هكذا رواه عفيف بن سالم الموصلي، عن سفيان الثوري، ورواه مؤمل بن إسماعيل عن سفيان فقال: "عن الحكم بن سفيان عن أبيه".
ورواه بعضهم عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف يقال له: الحكم -أو أبو الحكم وكذلك رواه أبو عوانة وجرير.
ورواه سلام بن أبي مطيع وقيس بن الربيع وزكريا ابن أبي زائدة وشريك، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان من غير شك.
ورواه يحيى بن أبي بكير، عن زائدة بن قدامة فقال: الحكم بن سفيان -أو سفيان بن الحكم- ولم يقل: عن أبيه.
وكذلك قال معمر بن راشد، ومفضل بن مهلهل، وإسرائيل بن يونس، وهريم بن سفيان. وقال روح بن القاسم عن منصور: "ابن الحكم -أو أبي الحكم- بن سفيان؟ وقال الحسن بن صالح بن حي، عن منصور: "الحكم بن سفيان -أو ابن أبي سفيان" وقال مسعر، عن منصور: "رجل من ثقيف" ولم يسمه. وقال وهيب بن خالد، عن منصور: "عن الحكم، عن أبيه" ولم ينسبه؛ فالله أعلم.(1/131)
وقال شيخنا الحافظ أبو الحجاج في تهذيب الكمال: الحكم بن سفيان -أو سفيان بن الحكم- الثقفي عن النبي ' "في نضح الفرج بعد الوضوء". وعنه مجاهد وقد اختلف عليه فيه على عشرة أقوال؛ فقيل: عن مجاهد، عن الحكم -أو ابن الحكم- عن أبيه. وقيل: عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان، عن أبيه. وقيل: عن مجاهد، عن الحكم -غير منسوب- عن أبيه. وقيل: عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه. فهذه أربعة أقوال فيها: عن أبيه. وقيل: عن مجاهد، عن سفيان بن الحكم -أو الحكم بن سفيان- عن النبي '. وقيل: عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان من غير شك. وقيل: عن مجاهد عن رجل من ثقيف يقال له: الحكم -أو أبو الحكم. وقيل: عن مجاهد، عن ابن الحكم -أو أبي الحكم- بن سفيان. وقيل: عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو ابن أبي سفيان. وقيل: عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن النبي '. فهذه ستة أقوال ليس فيها: عن أبيه.
قال البخاري: قال بعض ولد الحكم بن سفيان: لم يدرك الحكم النبي '. انتهى ما ذكره. وقد تكلم أبو الحسن بن القطان على هذا الحديث في كتاب الوهم والإبهام كلاماً طويلاً، وذكر كلام ابن عبدالبر وابن المنذر وغيرهما ومال إلى أن الحكم تابعي وأن عدالته لم تثبت.
وفي بعض ما ذكره نظر، وهذا الحديث -وإن كثر اضطرابه- فله أصل في الجملة، والله أعلم.
وقال البخاري في التاريخ: الحكم بن سفيان الثقفي يعد في أهل الحجاز، قال محمد بن يوسف: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان قال: "رأيت النبي ' توضأ ونضح فرجه بالماء".
وقال ابن المبارك: أو سفيان بن الحكم.
وقال وكيع: رجل من ثقيف.
وقال فروة: عن عبيدة: عن منصور.
وعلي بن الحكم، عن أبي عوانة: عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم -أو أبي الحكم.
وقال معلى، عن وهيب: أبو الحكم بن سفيان الثقفي، عن أبيه.
وقال ابن المبارك، عن معمر: عن مولى الحكم بن سفيان -أو سفيان بن الحكم-: "كان النبي ' ...".(1/132)
وقال مسدد: ثنا سلام بن أبي مطيع، عن منصور -نحو حديث محمد بن يوسف- الحكم بن سفيان.
وقال عثمان، ثنا جرير: الحكم -أو أبي الحكم- بن سفيان الثقفي: "رأيت النبي '...".
وقال علي: ثنا سفيان، ثنا منصور، ثنا مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو سفيان بن الحكم-: "رأيت النبي '...".
وقال منصور: ثنا مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو سفيان بن الحكم- عن أبيه.
وقال ابن أبي نجيح: عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه، عن النبي '.
قيل لسفيان: منصور أيضاً عن أبيه؟! قال: نعم، كلاهما عن أبيه.
وقال يحيى: أبنا النضر، أبنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، سمعت رجلاً من ثقيف اسمه: الحكم -أو يكنى: أبا الحكم- عن أبيه: "رأيت النبي ' ...".
وقال عبدالله بن محمد: ثنا محمد بن بشر أن زكريا بن أبي زائدة حدثني منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان الثقفي "رأى النبي ' ...".
وقال ابن كثير: أبنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم -أو سفيان بن الحكم.
وقال بعض ولد الحكم بن سفيان: لم يدرك الحكم النبي '. انتهى ما ذكره إمام أهل الحديث أبو عبدالله البخاري.
وما ذكره مشتمل على غير الأقوال العشرة التي ذكرها شيخنا.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول في حديث رواه جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو أبي الحكم بن سفيان- عن النبي ' "أنه نضح فرجه".
ورواه الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو سفيان بن الحكم- عن النبي '.
ورواه وهيب، عن منصور، عن مجاهد، عن (أبي الحكم بن سفيان) عن أبيه.
ورواه ابن عيينة، عن منصور وابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه.
فقال أبو زرعة: الصحيح: مجاهد عن الحكم بن سفيان، وله صحبة. وسمعت أبي يقول: الصحيح: مجاهد، عن الحكم بن سفيان، عن أبيه، ولأبيه صحبة. انتهى ما ذكره ابن أبي حاتم. وفي بعض ما ذكره هو والبخاري مخالفة لبعض ما ذكره الحافظ أبو القاسم، والله أعلم.(1/133)
وقال الإمام أحمد بن حنبل في المسند: ثنا أسود بن عامر، ثنا شريك قال: سألت أهل الحكم بن سفيان، فذكروا أنه لم يدرك النبي '.
وقال البيهقي: أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، أبنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، ثنا أحمد بن سيار، ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن سفيان بن الحكم -أو الحكم بن سفيان- قال: "كان رسول الله ' إذا بال توضأ وانتضح". كذا رواه الثوري ومعمر وزائدة، عن منصور.
ورواه شعبة كما أخبرنا أبو الحسن المقرىء، أبنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن رجل يقال له: الحكم -أو أبو الحكم- من ثقيف، عن أبيه "أنه رأى رسول الله ' توضأ، ثم أخذ حفنة من ماء فانتضح بها". وكذلك رواه وهيب عن منصور.
ورواه أبو عوانة وروح بن القاسم وجرير بن عبدالحميد، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم -أو أبي الحكم- بن سفيان الثقفي، إلا أنهم لم يذكروا أباه.
(ورواه إسرائيل وسلام بن أبي مطيع وزكريا، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان لم يشكوا ولم يذكروا أباه).
قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمداً -يعني: ابن إسماعيل البخاري- عن هذا الحديث، فقال: الصحيح ما روى شعبة ووهيب وقالا: عن أبيه. وروبما قال ابن عيينة في هذا الحديث: عن أبيه.
قال البيهقي: [قال الإمام أحمد]: رواه ابن عيينة، عن منصور، فمرة ذكر فيه أباه، ومرة لم يذكره، وقد أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا علي بن عيسى، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه قال: "رأيت النبي ' بال ثم نضح فرجه".
ورواه أبو عيسى الترمذي، عن ابن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن منصور وابن أبي نجيح هكذا، وقال في الحديث: "ثم توضأ ونضح فرجه بالماء".(1/134)
أخبرنا أبو بكر بن فورك، أبنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم -أو أبي الحكم- رجل من ثقيف، عن أبيه "أن رسول الله ' توضأ ونضح فرجه".
84- حديث آخر
قال يعقوب بن سفيان الفسوي: حدثنا عبدالله بن يوسف، ثنا ابن لهيعة، أخبرني عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن أسامة بن زيد بن حارثة، عن أبيه "أن جبريل نزل إلى النبي ' في أول ما أوحى إليه فعلمه الوضوء، فتوضأ النبي ' فلما فرغ أخذ النبي ' بيده ماء فنضح به فرجه".
وقال الإمام أحمد بن حنبل في المسند: حدثنا حسن، ثنا ابن لهيعة، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد، عن أبيه زيد بن حارثة، عن النبي ' "أن جبريل -عليه السلام- أتاه في أول ما أوحي إليه فعلمه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه".
وقال أبو أحمد بن عدي في الكامل: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البراثي، ثنا كامل بن طلحة، ثنا ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد، عن أبيه قال رسول الله ': "لما أراني جبريل وضوء الصلاة أخذ كفّاً من ماء فنضح به فرجه".
قال ابن عدي: وهذا الحديث بهذا الإسناد لم أعلم يرويه غير ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد، عن أبيه، عن النبي ' "أن جبريل -عليه السلام- أتاه فأراه الوضوء، فلما فرغ نضح فرجه" فقال أبي: هذا حديث كذب باطل. قلت: وقد كان أبو زرعة أخرج هذا الحديث في كتاب المختصر، عن ابن أبي شيبة، عن الأشيب، عن ابن لهيعة، فظننت أنه أخرجه قديماً للمعرفة. انتهى ما ذكره.
وقد روي في نضح الفرج بعد الوضوء أحاديث غير ما ذكر، فمنها حديث ابن عباس.(1/135)
قال الدارمي في مسنده: أخبرنا قبيصة، ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس - رضي الله عنهما- "أن النبي ' توضأ مرة مرة ونضح".
وقال في موضع آخر: ثنا أبو عاصم، ثنا الثوري ... فذكره، ولم يقل: "ونضح".
وقد رواه البخاري في صحيحه، عن الفريابي، عن الثوري، ولم يذكر النضح؛ فقال: حدثنا محمد بن يوسف، ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس قال: "توضأ النبي ' مرة مرة".
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو بكر بن الحسن وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس الدوري، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس قال: "دعا رسول الله ' بماء وتوضأ مرة مرة ونضح".
قال البيهقي: [قال الإمام أحمد:] قوله: "ونضح" تفرد به قبيصة عن سفيان، ورواه جماعة عن سفيان دون هذه الزيادة، والله أعلم.
أخبرنا أبو القاسم (عبدالرحمن بن عبيدالله الحرفي) ببغداد، ثنا حمزة بن محمد بن العباس، ثنا أحمد بن الوليد الفحام، ثنا كثير بن هشام، ثنا الفرات، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير "أن رجلاً أتى ابن عباس فقال: إني أجد بللاً إذا قمت أصلي. فقال ابن عباس: انضح بكأس من ماء، وإذا وجدت من ذلك شيئاً فقل: هو منه. فذهب الرجل فمكث ما شاء الله ثم أتاه بعد ذلك، فزعم أنه ذهب ما كان يجد من ذلك".
ومنها حديث أسامة بن زيد.
قال الإمام أحمد بن حنبل في المسند: حدثنا هيثم - قال عبدالله: وسمعته أنا من الهيثم بن خارجة- ثنا رشدين بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد، عن النبي ' "أن جبريل لما نزل على النبي ' فعلمه الوضوء، فلما فرغ من وضوئه أخذ حفنة من ماء فرش بها نحو الفرج، قال: فكان النبي ' يرش بعد وضوئه".
رشدين بن سعد ضعيف لا يحتج به.(1/136)
وقال ابن ماجه في سننه: حدثنا إبراهيم بن محمد الفريابي، ثنا حسان بن عبدالله، ثنا ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري، عن عروة قال: حدثني أسامة بن زيد بن حارثة قال: قال رسول الله ': "علمني جبريل الوضوء، وأمرني أن أنضح تحت ثوبي؛ لما يخرج من البول بعد الوضوء".
وقال أبو الحسن بن سلمة: ثنا أبو حاتم: ثنا عبدالله بن يوسف التنيسي، عن ابن لهيعة ... فذكر نحوه.
كذا رواه ابن ماجه من حديث أسامة -هكذا رأيته في بعض النسخ، وكذا ذكره الحافظ أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي- ولم يذكره الحافظ أبو القاسم في مسند أسامة؛ إنما ذكره في مسند أبيه زيد بن حارثة وهو الصواب، ومما يقوي ذلك أن يعقوب ابن سفيان رواه عن عبدالله بن يوسف كما تقدم، وفيه عن زيد بن حارثة -وكذا وجدته في بعض النسخ القديمة بسنن ابن ماجه- وأبو الحسن بن سلمة القطان رواه من طريق عبدالله بن يوسف. وأما حديث رشدين فذكره الإمام أحمد في مسند أسامة كما تقدم، والله أعلم.
ومنها حديث أبي هريرة.
قال ابن ماجه: حدثنا بن سلمة اليحمدي، ثنا سلم بن قتيبة، ثنا الحسن بن علي الهاشمي، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة _ قال: قال رسول الله ': "إذا توضأت فانتضح".
الحسن بن علي الهاشمي تكلم فيه البخاري والنسائي وغيرهما.
وقد روى هذا الحديث أيضاً الترمذي عن نصر بن علي وأحمد ابن أبي عبيدالله السليمي البصري، عن أبي قتيبة سلم بن قتيبة. وقال: حديث غريب، وسمعت محمداً يقول: الحسن منكر الحديث.
وقال العقيلي -في ترجمة الحسن-: ومن حديثه ما حدثناه محمد بن زكريا البلخي، ثنا أبو هريرة الصيرفي، ثنا أبو قتيبة، ثنا الحسن بن علي الهاشمي، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة "أن جبريل -عليه السلام- علم النبي ' الوضوء فقال: يا محمد إذا توضأت فانتضح".
وبإسناده أن النبي ' قال: "لا يمنعن أحدكم السائل وإن كان في يديه قلبان من ذهب".(1/137)
وقال العقيلي: ولا يتابع عليهما من هذا الوجه، فأما الانتضاح فقد روي بغير هذا الإسناد بإسناد صالح، وأما الثاني فلا نحفظه إلا عنه.
وقال ابن عدي: أخبرنا أبو يعلى، ثنا (إبراهيم بن عزرة السامي) ثنا سلم بن قتيبة، ثنا الحسن بن علي الهاشمي، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ': "أمرني جبريل -عليه السلام- (بالنضح)".
حدثنا ابن أبي عصمة، ثنا عبدالله بن عمر بن يزيد الأصبهاني، ثنا أبو قتيبة، ثنا الحسن بن علي الهاشمي، ثنا عبدالرحمن الأعرج -قال أبو قتيبة: قلت له: أين لقيته؟ قال: أعتقه أبي وعادلته إلى مصر- قال: سمعت أبا هريرة يحدث عن النبي ' قال: "قال لي جبريل -عليه السلام-: يا محمد، إذا توضأت فانتضح".
وروى ابن عدي للحسن حديثاً آخر، ثم قال: وللحسن بن علي عن الأعرج غير ما ذكرت من الحديث، وحديثه قليل وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق.
وقال الدارقطني في الحسن: يروي عن الأعرج، عن أبي هريرة مناكير، ضعيفٌ واهٍ.
وقال الحاكم: حدث عن أبي الزناد بأحاديث موضوعة، روى عنه وكيع بن الجراح وغيره.
كذا قال الحاكم، وكأنه واهم في قوله عن أبي الزناد، والله أعلم.
ومنها حديث جابر.
قال ابن ماجه: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عاصم بن علي، ثنا قيس، عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر _ قال: "توضأ رسول الله ' فنضح فرجه".
هذا إسناد غير قوي، والله أعلم.
85- حديث آخر
قال أبو أحمد بن عدي: أخبرنا الساجي، ثنا السري بن عاصم، ثنا حرمي بن عمارة، ثنا الحريش بن الخريت، ثنا ابن أبي مليكة، عن عائشة "لما نزلت آية التيمم ضرب رسول الله ' بيده على الأرض، فمسح بها وجهه وضرب بيده الأخرى ضربة أخرى فمسح بها كفيه".(1/138)
قال ابن عدي: وللحريش غير هذا الحديث وأخوه الزبير بن الخريت عزيز الحديث أيضاً، ولا أعرف له (كبير) حديث فأعتبر حديثه فأعرف ضعفه من صدقه. وقال البخاري: حريش بن الخريت -أخو الزبير بن الخريت عن ابن أبي مليكة، سمع مسلم، وحرمي بن عمارة- فيه نظر. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال الدارقطني: يعتبر به.
وروى له ابن ماجه حديث عائشة "كنت أضع لرسول الله ' ثلاثة آنية مخمرة: إناء لطهوره، وإناء لسواكه، وإناء لشرابه".
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول في حديث رواه حرمي بن عمارة، عن الحريش بن الخريت -أخي الزبير بن الخريت- عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: "كنت مع رسول الله ' في سفر فوقعت قلادتي؛ فأنزلت آية التيمم" فقال أبي: هذا الحديث منكر، والحريش شيخ لا يحتج بحديثه.
86- حديث آخر
قال أبو بكر بن أبي داود: ثنا محمد بن المصفي، ثنا بقية، ثنا الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة الحضرمي، عن عبدالرحمن بن عائذ الأزذي، عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله ' قال: "إنما العين وكاء السه؛ فمن نام فليتوضأ".
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ وأبو عبدالرحمن السلمي قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو عتبة، ثنا بقية ابن الوليد، عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة، عن عبدالرحمن بن عائذ الأسزدي، عن علي بن أبي طالب _ عن رسول الله قال: "إنما العين وكاء السه؛ فمن فليتوضأ".
رواه الإمام أحمد، عن علي بن بحر، عن بقية. ورواه إسحاق بن راهويه عن بقية. ورواه أبو داود، عن حيوة بن شريح في آخرين عن بقية. رواه ابن ماجه عن ابن المصفي. ورواه النسائي في مسند علي عن إسحاق. ورواه أبو يعلي الموصلي، عن علي بن الحسين الخواص، عن بقية.(1/139)
وإسناده غير قوي؛ فإن ابن عائذ عن علي مرسل، والوضين مختلف في عدالته. قال أبو حاتم: تعرف وتنكر. وقال الإمام أحمد ابن حنبل: ثقة ليس به بأس. قال يحيى بن معين: لا بأس به. وقال أبو زرعة الدمشقي: قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم: فالوضين بن عطاء؟ قال: ثقة. قلت: فأين هو من أبي معيد؟ قال: فوقه (لسنة). وقال ابن عدي: سمعت (ابن حماد) يقول: قال السعدي: وضين بن عطاء بن كنانة أبو كنانة السامي واهي الحديث. قال ابن عدي: ما أرى بأحاديثه بأساً.
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده: حدثنا بكر بن يزيد -وأظنني قد سمعته منه في المذاكرة فلم أكتبه، وكان بكر ينزل المدينة أظنه كان في المحنة قد ضرب على هذا الحديث في كتابه- قال: ثنا بكر بن يزيد، أبنا أبو بكر-يعني: ابن أبي مريم- عن عطية بن قيس الكلابي أن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله ': "إن العينين وكاء السه؛ فإذا نامت العينان استطلق الوكاء".
كذا فيه: الكلابي، ويقال فيه: الكلاعي أيضاً.
وهذا إسناد ضعيف، وأبو بكر بن أبي مريم تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقد خالفه غيره، وحديث علي المتقدم أقوى من حديث معاوية، هذا نص عليه الإمام أحمد بن حنبل، والصواب في حديث معاوية أنه موقوف عليه كما سيأتي ذكر ذلك.
قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أبنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري، ثنا سليمان بن عبدالحميد البهراني، ثنا يزيد بن عبد ربه، ثنا بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاوية قال: قال رسول الله ': "العين وكاء السه؛ فإذا نامت العين استطلق الوكاء".
ورواه مروان بن جناح، عن عطية بن قيس، عن معاوية قال: "العين وكاء السه" موقوف.
أخبرناه أبو سعد الصوفي، أبنا أبو أحمد بن عدي الحافظ ثنا (عبدالله بن محمد بن مسلم) ثنا صالح بن (شعيب) ثنا محمد بن أسد، ثنا الوليد، ثنا مروان بن جناح ... فذكره موقوفاً.(1/140)
قال الوليد بن مسلم: ومروان أثبت من أبي بكر بن أبي مريم.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه بقية، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن ابن عائذ، عن علي، عن النبي ' وعن حديث أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاوية، عن النبي ': "العين وكاء السه" فقال: ليسا بقويين.
قال ابن أبي حاتم: وسئل أبو زرعة عن حديث ابن عائذ، عن علي، بهذا الإسناد، فقال: ابن عائذ عن علي مرسل.
87- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبدالله بن بشران ببغداد، أبنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري، ثنا عبد [الكريم] بن الهيثم، ثنا عمرو بن مرزوق، أبنا شعبة، عن سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي ' قال: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح".
وهذا مختصر وتمامه فيما أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أبنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أبنا أحمد بن سلمة، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أبنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ': "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً".
رواه مسلم في الصحيح، عن زهير بن حرب، عن جرير.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر حديث شعبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ': "لا وضوء إلا من صوت أو ريح" قال أبي: هذا وهم اختصر شعبة متن هذا الحديث فقال: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح".
ورواه أصحاب سهيل، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ' قال: "إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحاً من نفسه فلا يخرجن حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً".
88- حديث آخر(1/141)
قال أبو أحمد بن عدي: سمعت أحمد بن هارون بن روح البرديجي يقول: ثنا العباس بن الوليد بن مزيد، أبنا محمد بن شعيب، عن سعيد بن بشير، عن منصور بن زاذان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: "كان رسول الله ' يقبلني ثم يخرج إلى الصلاة ولا يحدث وضوءاً".
قال ابن عدي: وهذا أيضاً لا أعلم رواه عن منصور غير سعيد بن بشير.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه سعيد ابن بشير، عن منصور بن زاذان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة "كان النبي ' يقبل إذا خرج إلى الصلاة ولا يتوضأ" فقال أبي: هذا حديث منكر لا أصل له من حديث الزهري، ولا أعلم منصور بن زاذان سمع من الزهري ولا روى عنه. وحفظي عن أبي -رحمه الله- أنه قال: إنما أراد الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة "أن النبي ' كان يقبل وهو صائم" قلت لأبي: ممن الوهم؟ قال: من سعيد بن بشير، انتهى ما ذكره.
وهذا الذي قاله أبو حاتم من أن هذا الحديث وهم وأنه إنما أراد حديث التقبيل وهو صائم قول صحيح، وقد روى النسائي حديث الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة "في التقبيل وهو صائم" فقال: أخبرني إبراهيم بن الحسن، ثنا الحجاج، ثنا ليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة أنها أخبرته "أن رسول الله ' قبلها وهو صائم" تابعه معمر.
أخبرنا إسماعيل بن مسعود، ثنا يزيد قال: حدثني معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة "أن رسول الله ' قبلها وهو صائم".
وقد روى هذا الحديث عن عائشة عروة والقاسم وغير واحد، وقد استقصى النسائي طرق ذلك في السنن الكبير، وقد روى الدارقطني في سننه حديث سعيد بن بشير، عن منصور من رواية غير واحد عنه وقال: تفرد به سعيد بن بشير، عن منصور، عن الزهري، ولم يتابع عليه وليس بقوي في الحديث، والمحفوظ: عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة "أن النبي ' كان يقبل وهو صائم".
[و] كذلك رواه الحفاظ الثقات عن الزهري، منهم: معمر، وعقيل، وابن أبي ذئب والله أعلم.(1/142)
89- حديث آخر
قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا محمد بن فضيل، ثنا الحجاج، عن عمرو بن شعيب، عن زينب السهمية، عن عائشة قالت: "كان رسول الله ' يتوضأ ثم يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ".
وقال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن فضيل، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن زينب السهمي، عن عائشة -~- "أن رسول الله ' كان يتوضأ ثم يقبل ويصلي ولا يتوضأ، وربما فعله بي".
وقد رواه أبو يوسف القاضي، عن حجاج بن أرطاة، عن عمرو ابن شعيب، عن زينب بنت محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص السهمية -كذا نسب زينب في روايته فتكون عمة عمرو بن شعيب- وقد تكلم فيها الدارقطني وقال: زينب هذه مجهولة، ولا يقوم بها حجة.
وحجاج هو ابن أرطاة وهو مدلس ولم يصرح بالسماع وقد قيل: إنه لم يسمع من عمرو بن شعيب إلا أربعة أحاديث.
قال ابن أبي حاتم في المراسيل: حدثنا أبي، ثنا أبو الدرداء عبدالعزيز بن منيب، ثنا أبو حامد محمد بن إبراهيم قال: سمعت أبا نعيم يقول: لم يسمع الحجاج من عمرو بن شعيب إلا أربعة أحاديث والباقي عن محمد بن عبيدالله العرزمي.
لكن قد روى هذا الحديث الدارقطني من رواية الأوزاعي عن عمرو فقال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا أبو الطاهر الدمشقي أحمد بن بشر بن عبدالوهاب، ثنا هشام، ثنا عبدالحميد، ثنا الأوزاعي قال: حدثني عمرو بن شعيب، عن زينب "أنها سألت عائشة عن الرجل يقبل امرأته ويلمسها، أيجب عليه الوضوء؟ فقالت: لربما توضأ النبي ' فيقبلني ثم يمضي، فيصلي ولا يتوضأ".
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة في حديث حجاج ابن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن زينب السهمية، عن عائشة، عن رسول الله ' "أنه كان يتوضأ ويقبل ولا يتوضأ" فقالا: الحجاج يدلس في حديثه عن الضعفاء، ولا يحتج بحديثه.
90- حديث آخر(1/143)
قال الإمام أحمد بن حنبل في المسند: حدثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة "أن رسول الله ' قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ". قال عروة: قلت لها: من هي إلا أنت. قال: فضحكت.
وقال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلى بن محمد قالا: ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة -~- "أن رسول الله قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ".
فقلت: من هي إلا أنت. فضحكت.
كذا في رواية الإمام أحمد وابن ماجه: عروة بن الزبير. وهذا الإسناد في الظاهر على شرط الصحيحين، لكن قد قيل: إن عروة ليس هو ابن الزبير بل هو عروة المزني وهو مجهول، وحبيب ابن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير.
قال ابن أبي حاتم في المراسيل: ذكره أبي، عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين قال: لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة. وكذا قال أحمد لم يسمع من عروة.
وقال أبو داود في سننه: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة "أن رسول الله ' قبل امرأة من نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ". قال عروة: فقلت لها: من هي إلا أنت. فضحكت.
قال أبو داود: هذا رواه زائدة وعبدالحميد الحماني عن سليمان الأعمش.
حدثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني، ثنا عبدالرحمن -يعني: ابن مغراء- قال: ثنا الأعمش قال: ثنا أصحاب لنا، عن عروة المزني، عن عائشة بهذا الحديث.
قال أبو داود: قال يحيى بن سعيد القطان لرجل: احك عني أن هذين -يعني: الحديثين: حديث الأعمش هذا عن حبيب، وحديثه بهذا الإسناد في المستحاضة أنها تتوضأ لكل صلاة- قال يحيى: احك عني أنهما شبه لا شيء.
قال أبو داود: روي عن الثوري قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني -يعني: لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء. قال أبو داود: وقد روى حمزة الزيات، عن حبيب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة -~- حديثاً صحيحاً.(1/144)
وقال الترمذي: حدثنا قتيبة وهناد وأبو كريب وأحمد بن منيع ومحمود بن غيلان وأبو عمار قالوا: ثنا وكيع، عن الإعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة "أن النبي ' قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ. قال: قلت: من هي إلا أنت. فضحكت".
قال الترمذي: وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة عن النبي ' في هذا؛ لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد، وسمعت أبا بكر العطار يذكر عن علي بن المديني قال: ضعف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث وقال: هو شبه لا شيء.
وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث وقال: حبيب ابن أبي ثابت لم يسمع من عروة. وقد روي عن إبراهيم التيمي، عن عائشة "أن النبي ' قبلها ولم يتوضأ" وهذا لا يصح أيضاً، ولا نعرف لإبراهيم التيمي سماعاً من عائشة، وليس يصح عن النبي ' في هذا الباب شيء.
وقال الدارقطني: أبنا أبو بكر النيسابوري، ثنا عبدالرحمن بن بشر قال: سمعت يحيى بن سعيد -وذكر له حديث الأعمش عن حبيب عن عروة- قال: أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا؛ زعم أن حبيباً لم يسمع من عروة شيئاً.
حدثناه محمد بن مخلد، ثنا صالح بن أحمد، ثنا علي بن المديني قال: سمعت يحيى -وذكر عنده حديثاً الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة: "تصلي وإن قطر [الدم] على الحصير" و "في القبلة" قال يحيى: احك عني أنهما شبه لا شيء.
وقال ابن أبي حاتم: وسمعت أبي يقول: لم يصح حديث عائشة "في ترك الوضوء من القُبلة" يعني: حديث الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة.
وسئل أبو زرعة عن الوضوء من القُبلة، فقال: إن لم يصح حديث عائشة قلت به.
كذا وجدت في النسخة التي نقلت منها كلام أبي زرعة، والله أعلم.
91- حديث آخر(1/145)
قال النسائي: أخبرنا هناد بن السري، عن ملازم قال: حدثني عبدالله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق بن علي قال: خرجنا وفداً حتى قدمنا على نبي الله ' فبايعناه وصلينا معه، فلما قضينا الصلاة جاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله ، ما ترى في رجل مس ذكره في الصلاة؟ قال: "وهل هو إلا بضعة منه -أو بضعة منه!".
وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا أبو روح محمد بن زياد بن فروة البلدي، ثنا ملازم بن عمرو، عن عبدالله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق بن علي قال: خرجنا وفداً إلى النبي ' حتى قدمنا عليه فبايعناه وصلينا معه، فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا رسول الله، ما ترى في مس الرجل ذكره في الصلاة؟ فقال: "وهل هو إلا مضغة منه -أوبضعة!".
كذا قال أبو روح قال: ثم جاء رجل آخر فقال: يا رسول الله، ما ترى في الصلاة في الثوب الواحد؟ قال: فأطلق رسول الله ' إزاره فأطرق به رداءه ثم اشتمل بهما، فقام فصلى بنا، ثم قال: "أو كلكم يجد ثوبين؟!".
وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، ثنا شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني قيس بن طلق الحنفي أن أباه أخبره "أن رجلاً جاء إلى رسول الله ' فقال: يا رسول الله، أيصلي أحدنا في ثوب واحد؟ فسكت عنه، فلما نودي بالصلاة قال: طارق رسول الله ' بين فصلى فيهما".
وقد روى الإمام أحمد حديث مس الذكر، عن أبي النضر، وحماد بن خالد، كلاهما عن أيوب بن عتبة، عن قيس، عن أبيه.
وعن قران بن تمام وموسى بن داود كلاهما عن محمد بن جابر، عن قيس.
وروى حديث الصلاة في الثوب الواحد، عن عبدالصمد، عن ملازم، عن عبدالله بن بدر.
وعن يونس بن محمد، عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن عيسى بن خثيم، عن قيس، عن أبيه.
وقد تقدمت رواية شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني قيس، فيحتمل أن يكون يحيى سمعه من عيسى بن قيس، وسمعه من قيس بدليل حديث شيبان.
وروى الحديثين جميعاً أبو داود عن مسدد، عن ملازم، عن عبدالله بن بدر.(1/146)
ورواه ابن ماجه عن علي بن محمد، عن وكيع، عن محمد بن جابر، عن قيس.
وروى الصلاة في الثوب الواحد أبو حاتم البستي، عن بكر بن أحمد بن سعيد العابد، عن نصر بن علي الجهضمي، عن ملازم.
وقال الترمذي -بعد أو روى حديث مس الذكر-: وهذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب، وقد روى هذا الحديث أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه، وقد تكلم بعض أهل الحديث في محمد بن جابر وأيوب بن عتبة، وحديث ملازم بن عمرو عن عبدالله بن بدر أصح وأحسن.
وقال الطحاوي: حديث ملازم مستقيم الإسناد غير مضطرب في إسناده ولا متنه، فهو أولى عندنا مما رويناه أولاً من الآثار المضطربة في أسانيدها، ولقد حدثني ابن أبي عمران قال: سمعت عباس بن عبدالعظيم العنبري يقول: سمعت علي بن المديني يقول: حديث ملازم هذا أحسن من حديث بسرة.
وذكر ابن منده في كتابه أن عمرو بن علي الفلاس قال: حديث قيس عندنا أثبت من حديث بسرة.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه "أنه سأل رسول الله ': هل في مس الذكر وضوء؟ قال: لا" فلم يثبتاه، وقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به الحجة (ووهناه). انتهى ما ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة.
والذي يظهر أن حديث قيس حسن أو صحيح،ولم يأت من ضعفه بحجة، بل إنما تكلم فيه لروايته هذا الحديث وإنما تكلم في هذا الحديث لرايته له، وهذا دور، وقد وثق قيساً يحيى بن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي، وقال أحمد بن عبدالله العجلي: قيس بن طلق يمامي تابعي ثقة، وأبوه طلق من أصحاب النبي '.(1/147)
وقد احتج بحديث قيس عن أبيه النسائي، وصححه أبو حاتم البستي، وحسنه الترمذي، وقد روى حديثه عن أبيه أصحاب السنن والمسانيد، وأحاديثه معروفه ليس فيها ما ينكر ومن أغرب ما روي في هذا الباب ما رواه أبو القاسم الطبراني عن الحسن بن علي الفسوي، عن حماد بن محمد الحنفي، عن أيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق، عن أبيه أن النبي ' قال: "من مس فرجه فليتوضأ" قال الحازمي: هذا الحديث صحيح.
فعلى هذا يكون طلق قد روى الناسخ والمنسوخ، لكن هذا الحديث الذي صححه الحازمي ضعيف لا يحتج بمثله، وحماد بن محمد الحنفي الفزاري ضعفه الحافظ أبو علي صالح بن محمد المعروف بجزرة، وقال العقيلي: لم يصح حديثه لا يعرف إلا به. ثم ذكر له حديثاً غير هذا.
وأيوب بن عتبةة تكلم فيه غير واحد من الأئمة كأحمد وابن معين وابن المديني والفلاس والبخاري ومسلم وغيرهم، وقال النسائي: مضطرب الحديث. وقال الدارقطني: ترك. وقال مرة: يعتبر به شيخ. والمشهور عن أيوب بن عتبة خلاف ما رواه عنه حماد.
قال ابن عدي في الكامل: أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان، ثنا عاصم بن علي. وأبنا عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، ثنا علي بن الجعد قالا: ثنا أيوب بن عتبة اليمامي، عن قيس بن طلق، عن أبيه قال: جاء رجل إلى رسول الله ' فسأله عن مس الذكر، فقال: يا رسول الله، أيتوضأ أحدنا من مس ذكره؟ فقال: "هل هو إلا بضعة منك؟!" واللفظ لعاصم.
قال ابن عدي: ولأيوب بن عتبة هذا غير ما ذكرت، وأحاديثه في بعضها الإنكار وهو مع ضعفه يكتب حديثه.(1/148)
وقد روى البيهقي حديث قيس بن طلق، عن أبيه في هذا وتكلم عليه بكلام في بعضه نظر؛ فقال: وأما الحديث الذي أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرىء، أبنا أبو محمد الحسن بن محمد إسحاق، أبنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا ملازم بن عمرو الحنفي، ثنا عبدالله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق بن علي قال: خرجنا إلى نبي الله ' وفداً حتى قدمنا عليه فبايعناه وصلينا معه، فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا رسول لله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما توضأ؟ قال: "وهل هو إلا بضعة -أو مضغة- منك!".
قال أبو بكر أحمد بن إسحاق الصبغي: ملازم فيه نظر.
كذا قال وهذا النظر لا وجه له، فإن ملازماً ثقة عند الأئمة لا نعلم أحداً تكلم فيه؛ وثقة الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو زرعة وغيرهم، وقدمه يحيى بن سعيد القطان على عكرمة بن عمار، وعكرمة روى له مسلم في صحيحه، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن ملازم بن عمرو، فقال: لا بأس به صدوق.
قال البيهقي: ورواه محمد بن جابر اليمامي وأيوب بن عتبة عن قيس بن طلق، وكلاهما ضعيف.
ورواه عكرمة بن عمار، عن قيس "أن طلقاً سأل النبي ' ..." فأرسله، وعكرمة بن عمار أمثل من رواه عن قيس، وعكرمة بن عمار قد اختلفوا في تعديله، غمزه يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل، وضعفه البخاري جداً.
كذا قال، وفي قوله نظر من وجهين:
أحدهما: منع كون عكرمة بن عمار أمثل من رواه عن قيس.
والثاني: أنه وإن كان أمثلهم فلم يخالفهم في روايته هذا الحديث عن قيس؛ فإن قوله: "عن قيس أن طلقاً" محمول على الاتصال عند جمهور أهل العلم، ولا فرق بين "عن طلق" "وأن طلقاً" على الصحيح؛ فإنه لا اعتبار بالحروف والألفاظ وإنما الاعتبار باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة، وقيس عرف أنه سمع من أبيه وروى عنه غير حديث، ولا نعرف أحداً رماه بالتدليس، والله أعلم.(1/149)
قال البيهقي: وأما قيس بن طلق فقد روى الزعفراني عن الشافعي أنه قال: سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره، وقد عارضه من وصفنا ثقته ورجاحته في الحديث (وثبته).
وفيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أبنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن الحسن النقاش، ثنا عبدالله بن يحيى القاضي السرخسي، ثنا رجاء بن مرجا الحافظ ... في قصة ذكرها، قال: فقال يحيى بن معين: قد أكثر الناس في قيس بن طلق، ولا يحتج بحديثه.
وأخبرنا أبو بكر الفقيه، أبنا علي بن عمر الحافظ قال: قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث محمد بن جابر هذا فقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة. ووهناه ولم يثبتاه.
ثم إنه إن كان صح في ابتداء الهجرة حين كان النبي ' يبني مسجده، وسماع أبي هريرة وغيره ممن روينا عنه في ذلك كان بعده، وهو فيما أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرىء المهرجاني بها، أبنا الحسن بن محمد بن إسحاق، أبنا يوسف بن يعقوب، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا حماد بن زيد، عن محمد بن جابر قال: حدثني قيس بن طلق، عن أبيه قال: قدمت على النبي ' وهو يبني المسجد فقال: اخلط الطين؛ فإنك أعلم بخلطه يا يمامي. فسألته -أو سأله رجل- فقال: أرأيت الرجل يتوضأ ثم مس ذكره؟ قال: "إنما هو منك".
ثم قد حمله بعض أصحابنا على مسه إياه بظهر كفه، ففيما أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أبنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا علي بن الحسن، ثنا عبدالله بن يزيد المقرىء، ثنا همام، ثنا محمد جابر قال: حدثني شيخ لنا من أهل اليمامة يقال له: قيس بن طلق، عن أبيه أنه سأل النبي ' -أو سمع رجلاً يسأله- قال: بينما أنا أصلي فذهبت أحك فخذي فأصابت يدي ذكري. فقال النبي ': "إنما هو منك".
والظاهر من حال من يحك فخذه فأصابت يده ذكره أنه إنما يصيبه بظهر كفه، والله أعلم، انتهى ما ذكره.
وفيه نظر من وجوه:(1/150)
أحدها: أن ما ذكره عن يحيى بن معين -من أنه تكلم في قيس- في صحته عنه نظر، ورواية عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى في توثيق قيس أصح، ولو ثبت ذلك عنه لم يكن قادحاً في قيس؛ لأنه لم يذكر سبب الجرح، وقد خالفه في ذلك غير واحد من الأئمة.
الثاني: أن ذكر حديث محمد بن جابر عن قيس مستدلاً به على أن القصة كانت في أول ما قدم النبي ' المدينة وقت بناء المسجد، فيكون حديث أبي هريرة المتأخر عن ذلك ناسخاً له، ومحمد بن جابر قد ضعفه غير واحد من الأئمة من جملتهم هو ما تقدم، وحديث أبي هويرة إنما رواه هو من حديث يزيد بن عبدالملك النوفلي، وقد تكلم فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين والبخاري وأبو حاتم وغيرهم من الأئمة، وقال النسائي: متروك الحديث. وشرط الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ أو مساوياً له، وحديث قيس أصح من حديث أبي هريرة في هذا الباب وإن كان حديث أبي هريرة قد روي من غير طريق يزيد.
الثالث: أنه لا يحسن الكلام في عكرمة بن عمار وملازم بن عمرو وغيرهما من الثقات، ثم الاحتجاج بمحمد بن جابر الذي اشتهر كلام الأئمة فيه وتضعيفهم له، وهو دون عكرمة بن عمار وملازم بن عمرو عندهم، والله أعلم.(1/151)
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، حدثني أبو بكر محمد بن عبدالله الجراحي العدل الحافظ بمرو، ثنا عبدالله بن يحيى القاضي السرخسي، ثنا رجاء بن مرجا الحافظ قال: اجتمعنا في مسجد الخيف أنا وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين، فتناظروا في مس الذكر، فقال يحيى بن معين: يتوضأ منه. وتقلد على بن المديني قول الكوفيين وقال به، فاحتج ابن معين بحديث بسرة بنت صفوان، واحتج على بن المديني بحديث قيس بن طلق وقال ليحيى: كيف تتقلد إسناد بسرة؛ ومروان أرسل شرطياً حتى رد جوابها إليه؟! فقال يحيى: ثم لم يقنع ذلك عروة حتى أتى بسرة فسألها وشافهته بالحديث، ثم قال يحيى: ولقد أكثر الناس في قيس بن طلق وأنه لا يحتج بحديثه، فقال أحمد بن حنبل: كلا الأمرين على ما قلتما.فقال يحيى: مالك، عن نافع، عن ابن عمر "يتوضأ من مس الذكر". فقال علي: كان ابن مسعود يقول: "لا يتوضأ منه، وإنما هو بضعة من جسدك". فقال يحيى هذا (عن من)؟ فقال: عن سفيان، عن أبي قيس، عن هزيل، عن عبدالله، وإذا اجتمع ابن مسعود وابن عمر فاختلفا؛ فابن مسعود أولى أن يتبع. فقال له أحمد ابن حنبل: نعم، ولكن أبو قيس الأودي لا يحتج بحديثه. فقال علي: حدثني أبو نعيم، ثنا مسعر، عن عمير بن سعيد، عن عمار قال: "ما أبالي مسسته أو أنفي" فقال يحيى: بين عمير بن سعيد وعمار بن ياسر مفازة.
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أبنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن الحسن النقاش، ثنا عبدالله بن يحيى القاضي السرخسي ... فذكره بإسناده وبعض معناه، وقال في آخره في حديث عمير بن سعيد عن عمار، فقال أحمد: عمار وابن عمر استويا؛ فمن شاء أخذ بهذا، ومن شاء أخذ بهذا، انتهى ما ذكره.
وهذه حكاية بعيدة من الصحة من وجوه عديدة، وقد تفرد بها عبدالله بن يحيى السرخسي، وهو متهم.(1/152)
قال أبو أحمد بن عدي في كتاب الكامل: عبدالله بن يحيى بن موسى أبو محمد السرخسي ولي قضاء جرجان قديماً ثم قضاء طبرستان بعد ذلك و [حدث] بأحاديث لم يتابعوه عليها، وكان متهما في روايته عن قوم أنه لم [يلحقهم] مثل: علي بن حجر وغيره.
حدثنا عبدالله بن يحيى بن موسى [السرخسي] ثنا هارون بن محمد البزيعي، ثنا عبدالصمد بن عبدالوارث، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن النبي ' قال: "أفطر الحاجم والمحجوم".
وهذا خطأ، وأحسن ظننا به أنه خطأ وشبه عليه فيه، ولعله تعمد وإنما حدث بهذا الحديث هارون وغيره عن عبدالصمد بإسناده "توضئوا مما مست النار" كتب إلي به مكحول البيروتي وأنا (بأطرابلس)، ثنا هارون بن داود فذكر بإسناده "توضئوا مما مست النار".
حدثنا عبدالله بن يحيى، ثنا محمد بن مشكان، ثنا عبدالصمد بن عبدالوارث، ثنا هشام، عن قتادة، عن أنس، عن ابن عباس أن النبي ' قال: "ليس الخبر كالمعاينة".
وهذا أيضاً خطأ، وأحسن الظن أنه أخطأ وشبه عليه إن لم يكن تعمد، وإنما رواه عبدالصمد عن هشام بإسناده: "من بدل دينه فاقتلوه".
حدثناه أحمد بن الحسن الصوفي، ثنا يحيى بن معين، عن عبدالصمد بإسناده: "من بدل دينه فاقتلوه".
وعبدالله بن يحيى كان دخل الشام ومصر فكتب بمصر. أقدم من (لحق) يونس بن عبدالأعلى ومن كان في طبقته، وكتب بالشام أقدم من لحق بها عباس بن الوليد بن مزيد ونظراؤه وكان يتهم في شيوخ خراسان كعلي بن حجر وغيره.
قال البيهقي: قد روينا عن علي بن المديني أنه قال في حديث بسرة وسماع عروة منها كما قال يحيى بن معين، وكأنه رجع في ذلك إلى قول يحيى وتقليد حديث بسرة.(1/153)
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أبنا عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان قال: قال محمد بن عبدالرحيم: قال علي بن المديني: "اجتمع سفيان وابن جريج فتذاكرا مس الذكر، فقال ابن جريج: يتوضأ منه. وقال سفيان: لا يتوضأ منه. فقال سفيان: أرأيت لو أن رجلاً أمسك بيده منيَّاً ما كان عليه؟ فقال ابن جريج: يغسل يده. قال: فأيهما أكثر المني أو مس الذكر؟ ! فقال: ما ألقاها على لسانك إلا الشيطان".
قال البيهقي: وإنما أراد ابن جريج أن السنة لا تعارض بالقياس. وذكر الشافعي في رواية الزعفراني عنه أن الذي قال من الصحابة: "لا وضوء فيه" فإنما قله بالرأي، ومن أوجب الوضوء فيه فلا يوجبه إلا بالاتباع. انتهى ما ذكره، والله أعلم.
92- حديث آخر
قال الدارقطني: حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل، ثنا أحمد بن منصور.
وحدثنا محمد بن الفتح القلانسي، ثنا محمد بن الخليل قالا: ثنا إسحاق بن منصور ثنا هريم، عن عمرو القرشي، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان قال: رآني النبي ' وقد سال من أنفي دم، فقال: "أحدث وضوءاً".
وقال المحاملي: أحدث لما أحدثت وضوءاً.
حدثنا القاسم بن إسماعيل، ثنا محمد بن شعبة بن جوان، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا جعفر الأحمر، عن أبي خالد، عن (أبي هاشم الرماني) بهذا أنه (رعف) فقال له النبي ': "أحدث لذلك وضوءاً".
عمرو القرشي هذا هو عمرو بن خالد أبو خالد الواسطي متروك الحديث، قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: أبو خالد الواسطي كذاب.(1/154)
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه إسماعيل بن أبان الوراق، عن جعفر الأحمر، عن أبي خالد، عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان أنه رعف فقال له رسول الله ': "أحدث لذلك وضوءاً" فقال أبي: أبو خالد هذا عمرو بن خالد متروك الحديث، لا يشتغل بهذا الحديث. قلت لأبي: فأن الرمادي حدثنا عن إسحاق بن منصور، عن هريم، عن عمرو القرشي، عن (أبي هاشم الرماني) هذا الحديث. فقال: هو عمرو بن خالد، والله أعلم.
93- حديث آخر
قال الإمام أحمد بن حنبل في المسند: حدثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة [عن عبدالله بن أبي السفر، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبدالله بن الزبير، عن عائشة عن النبي ' أنه قال: "يغتسل من أربع: من الجمعة، والجنابة، والحجامة، وغسل الميت"].
94- [حديث آخر
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة -انتهى في القراءة إلى حديث، حدثنا به عن عبيد بن يعيش، عن يونس بن بكير] عن محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي بكر، عن أنس بن مالك قال: شرب رسول الله ' لبناً ثم قال: "هاتوا ماء". فمضمض وقال: "إن له دسماً" فسمعت أبا زرعة وأملى علينا فقال -: هذا وهم، إنما هو ما حدثنا ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عبدالله بن أبي بكر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن النبي '. بنحوه مرسل.
قال مسلم في صحيحه: حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ليث، عن عقيل، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس أن النبي ' شرب لبناً ثم دعا بماء فتمضمض، وقال: "إن له دسماً".
قال: وحدثني أحمد بن عيسى، ثنا ابن وهب قال: وأخبرني عمرو ح.
قال: وحدثني زهير بن حرب، ثنا يحيى بن سعيد، عن الأوزاعي، ح.
قال: وحدثني حرملة بن يحيى، أبنا ابن وهب، حدثني يونس، كلهم عن ابن شهاب بإسناد عقيل عن الزهيري مثله.
95- حديث آخر(1/155)
قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده: حدثنا خلف بن الوليد ثنا أيوب بن عبتة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معيقيب قال: قال رسول الله ': "ويل للأعقاب من النار".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه خلف بن الوليد، عن أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معيقيب قال: قال رسول الله ': "ويل للأعقاب من النار" فقال أبي: إنما هو يحيى، عن (سالم سبلان) عن عائشة، ومنهم من يقول: يحيى، عن أبي سلمة، عن سالم سبلان، عن عائشة. ومنهم من يقول: يحيى (عن) أبي سلمة، عن سالم سبلان، عن عائشة، عن النبي '. انتهى ما ذكره.
وقد تقدم حديث يحيى عن أبي سلمة والكلام عليه في غير موضع، والله أعلم.
96- حديث آخر
قال البيهقي: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، ثنا (أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الصوفي)، ثنا علي بن عبدالعزيز، ثنا الحسن بن الربيع، ثنا أبو شهاب الحناط، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك "أن رسول الله ' كان يمسح على (الموقين) والخمارة".
قال: أخبرنا أبو علي الروذباري، أبنا أبو طاهر محمد بن الحسن (المحمداباذي) ثنا (محمد بن عبيدالله المنادي)، ثنا يزيد بن هارون، ثنا عاصم الأحول، عن راشد بن نجيح قال: "رأيت أنس بن مالك دخل الخلاء وعليه جوربان أسفلهما جلود وأعلاهما خز، فمسح عليهما".
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الحسن بن الربيع، عن أبي شهاب، عن عاصم، عن أنس، عن النبي '"في المسح على الخفين" قال أبي: هذا خطأ؛ إنما هو عاصم عن راشد بن نجيح قال: "رأيت أنساً مسح على الخفين" فعله.
انتهى ما ذكره ابن أبي حاتم من علل الأخبار التي رويت في الطهارة، وهو آخر المجلد الأول، والحمدلله رب العالمين على كل حال، والصلاة والسلام الأتمان على سيد المرسلين كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون، اللهم صل عليه وعلى آله وسائر النبيين، ورضي الله عن أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.(1/156)
يتلوه في المجلد الذي بعده -إن شاء الله تعالى- باب علل أخبار رويت في الصلاة، وحسبنا الله ونعم الوكيل. فرغ من كتابته العبد الفقير إلى رحمة ربه محمد بن أحمد بن عبدالهادي بن عبدالحميد بن عبدالهادي المقدسي -عفا الله عنه- في أول شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة.(1/157)