ذيل تذكرة الحفاظ- الذهبي
ذيل تذكرة الحفاظ
الذهبي(1/)
ذيل تذكرة الحفاظ للذهبي تأليف تلميذه الحافظ أبي المحاسن الحسيني الدمشقي
(ويليه) لحظ الالحاظ بذيل طبقات الحفاظ للحافظ تقي الدين محمد بن فهد المكي
(ويتلوه) ذيل طبقات الحفاظ للذهبي للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي دار احياء التراث العربي(1/1)
- ألف -
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه محمد وعترته وصحابته.
أما بعد فان هذه الذيول (1) من المخطوطات النادرة التيي اغتبط استاذنا الشيخ محمد زاهد الكوثري بالوقوف عليها في الخزانة الظاهرية بدمشق، ولشد ما حثني على نشرها لخدمة علم السنة والتاريخ.
وما كان لي ان أخالف أمره.
وقد تكرم فضيلته بتوشيح الذيول بفوائد الانظار والنقول) بعد تصحيحها واثبات بعض ما سقط من النسخة في ضمن قوسين وترجمة مصنفيها.
ومن رجع بصره - من علماء الرجال - إلى الاصل وما آل إليه بعد الطبع عرف ما لقي الاستاذ في تحقيقه أمتع الله العلم بطول بقائه.
وبعد ان طبع من هذه الذيول 160 صفحة تفضل الاستاذ المحقق صاحب السعادة أحمد باشا تيمور بارسال نسخة خزانته العامرة - وهي بنت النسخة الظاهرية - فإذا تعليقات وتصحيحات ممتعة قد وشيت بها بعض صفحات الذيلين الاولين بقلم فضيلة الاستاذ مسند مصر السيد أحمد رافع الطهطاوي فأدرجنا ملاحظاته على ما لم يطبع بعد في مواطنها - ابتداء من الصفحة 235 - وعلى ما تم طبعه في صفحة خاصة في خاتمة الذيول جزاهما المثوبة الحسنى.
وبعث الينا ايضا سعادة الباشا - حرسه الله - بنسخة مخطوطة من طبقات الحفاظ للسيوطي فقابلنا ذيلها بالذيل الثالث وشكرنا له ما يسديه إلى العلم من اياد ومنن.
حسام الدين القدسي
__________
(1) طبعت (تذكرة الحفاظ) للحافظ الذهبي مرتين في حيدر آباد الدكن اولاهما غفل من تأريخ الطبع والثانية عام 1333 - 1334، وكأن القوم - أدام الله نشاطهم - لم يعتمدوا بالطبع على أصل وثيق فجاء الكتاب والاغلاط فيه كثيرة.
ونحن وان كنا نشاركهم في ذلك الامر غير ان أستاذنا الكوثري - وهو أعلم من عرفنا من رجال هذا الشأن - لم يضن على الذيول بتصحيحها بقلمه.(1/2)
- ب - * (ترجمة مؤلف الذيل الأول) *
هو السيد الشريف الحافظ الناقد ذو التصانيف شمس الدين أبو المحاسن محمد ابن علي بن الحسن بن حمزة بن محمد بن ناصر بن علي بن الحسين بن اسمعيل بن الحسين بن احمد بن محمد بن اسمعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ابن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الحسيني الدمشقي الشافعي
قال الحافظ ابن حجر: وهكذا ساق الذهبي نسبه في العجم المختص ولكن سقط من بين علي وحمزة الحسن وكذا يوجد بخط الحسيني نفسه ولا اشك انه سقط
من نسبه عدة آباء من اثنائه والله اعلم اه.
ولعل ذلك منه باعتبار ثلاث انفس لكل مائة سنة قال البرهان البقاعي: سمعت ابن حجر ينقل قاعدة عن ابن خلدون وهي انا إذا شككنا في نسب حسبنا كم بين من في اوله ومن في آخره من السنين وجعلنا لكل مائة سنة ثلاث انفس فانها مطردة.
وبحكي عن ابن حجر أنه قال: ولقد اعتبرنا بها أنساب كثير ممن أنسابهم معروفة فصحت وانساب كثير ممن يتكلم في انسابهم فانخرمت على ما جاء في نظم العقيان للسيوطي.
ولد الحسيني بدمشق في شعبان سنة 715 وسمع من جماعة من الاعيان منهم محمد بن ابي بكر بن عبد الدائم ومحمد وزينب ولدا اسماعيل بن ابراهيم الخباز وابو محمد بن ابي التائب والمسند المعمر ابراهيم بن محمد الواني الخلاطي وابو الحجاج المزي والذهبي والبرزالي والصلاح العلائي وابن المظفر وابو الحسن السبكي والعز بن جماعة وابن أبيك وعدة من اصحاب ابن عبد الدائم وغيره منهم أبو الفتح الميدومي واحمد بن علي الجزري وزينب بنت الكمال وخلائق يجمعهم معجمه الذي خرجه لنفسه.
قال الذهبي في المعجم المختص عند ترجمة الحسيني: العالم الفقيه المحدث طلب وكتب وهو في زيادة من التحصيل والتخريج والافادة اه.
وقال العراقي لما سئل(1/3)
- ج - عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ مغلطاي وابن كثير وابن رافع والحسيني: أعرفهم بالشيوخ المعاصرين وبالتخريج الحسيني وهو أدونهم في الحفظ اه.
وقال ابن ناصر الدين: كان اماما حافظا مؤرخا له قدر كبير وكان حسن الخلق رضي النفس من الثقات الاثبات اه.
وقال أبو الفضل بن فهد: كان رضي النفس حسن الاخلاق من الثقات الاثبات اماما مؤرخا حافظا له قدر كبير طلب بنفسه فقرأ وبرع وتميز وحفظ وأفاد وكتب بخطه الكثير وخرج وانتفى وجمع اه.
وقال ابن حجر: خطه معروف حلو وكان سريع الكتابة قرأت بخطه في آخر العبر للذهبي انه نسخه في خمسة أيام اه.
وقال ابن كثير بعد أن ذكر مؤلفاته: ولي مشيخة دار الحديث البهائية داخل باب توما وكان يشهد بالمواريث بدمشق اه.
وله مؤلفات حسنة ما بين مطول ومختصر منها (التذكرة بمعرفة رجال العشرة (1) اختصر فيها تهذيب الكمال لشيخه المزي وحذف منه من ليس في الستة وأضاف إليهم من في الموطأ ومسند أحمد ومسند الشافعي ومسند أبي حنيفة وقال في اولها: ذكرت فيها رجال كتب الائمة الاربعة المقتدى بهم لان عمدتهم في استدلالهم لمذاهبم في الغالب على ما رووه بأسانيدهم في مسانيدهم فان الموطأ لمالك هو مذهبه الذي يدين الله به أتباعه ومقلدوه مع انه لم يرو فيه الا الصحيح وكذلك مسند الشافعي موضوع لادلته على ما صح عنده من مروياته وكذلك مسند أبي حنيفة وأما مسند أحمد فانه اعم من ذلك كله وأشمل اه.
والتقط منها ابن حجر في (تعجيل المنفعة في زوائد رجال الائمة الاربعة) من لم يخرج له في تهذيب الكمال خاصة، وناقشه بان اعتماد المالكية على ما يرويه ابن القاسم عن مالك وافق الموطأ أو لم يوافق، وقد جمع ابن حزم فيما خالف فيه المالكية ما ضمنه مالك الموطأ وأشهر ذلك حديث الرفع عند الركوع والاعتدال، وبأن
__________
(1) في مكتبة كوبر يلي بالآستانة.
(*)(1/4)
- د - (مسند ابي حنيفة) تخريج ابن خسرو انما يحتوي على بعض احاديثه وقد جمع قبله الحافظ أبو بكر بن المقري لابي حنيفة مسندا استوعب فيه احاديث لكن لم يكثر طرقها وقبله الحافظ أبو محمد الحارثي مسندا واستوعب الطرق في كل
حديث مرتبا على مشايخ ابي حنيفة (1) وبأن (مسند الشافعي) انما هو رواية الاصم لما سمعه من الام وفي احاديثه كثرة في مبسوط المزني وكتاب حرملة اه.
ومنها (الامتثال بما في مسند أحمد من الرجال ممن ليس في تهذيب الكمال) وكتاب الذرية الطاهرة سماه (العرف الذكي في النسب الزكي) و (الاكتفاء في الضعفاء) (2) و (التعليق على ميزان الاعتدال) لشيخه الذهبي بين فيه كثيرا من الاوهام واستدرك عليه عدة اسماء و (ترتيب اطراف المزي على الالفاظ) و (معجم الشيوخ) و (قيل العبر للذهبي).
ومنها (ذيل طبقات الحفاظ) هذا وقد جرى فيه على طريقة شيخه الذهبي من ذكر مشاهير شيوخ المترجم وسرد مؤلفاته وايراد حديث بطريقه موصول السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم - ان كان له من طريقه رواية - واثبات وفيات كبار أهل العلم ومن له شأن في التاريخ من غيرهم ممن ماتوا سنة وفاة المترجم مع ايماء يسير إلى احوالهم، وقد ترجم عدة من الحفاظ الاحياء ممن تأخرت وفاتهم عن وفاته فذكرنا وفياتهم تعليقا، وله غير ذلك من المصنفات النافعة وكان شرع في شرح النسائي.
وتوفي بدمشق في يوم الاحد سلخ شعبان المكرم أو مستهل رمضان المعظم سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بصالحية دمشق تغمده الله تعالى برحمته وغفرانه وأدخله فسيح جنانه.
__________
(1) وقبله عدة من اصحابه.
وجملة ما خرج له الحفاظ واهل العلم بالحديث من المسانيد تبلغ سبعة عشر سفرا.
(2) في دار الكتب المصرية الكبرى.
(*)(1/5)
* (ترجمة مصنف الذيل الثاني) *
* (الحافظ أبي الفضل تقي الدين بن فهد المكي) *
(ابن فهد) بيت كبير بمكة من رواة الحديث، منهم والد المترجم (النجم محمد) بن ابي الخير محمد بن عبد الله (و) ابناه التقي محمد - صاحب الترجمة - وعطية (و) ابنا أولهما أبو بكر وعمر (و) بنو ثانيهما حسن وحسين (فأبوبكر) له عبد الرحمن وأبو القاسم (ولابي القاسم) عبد الرحمن (وعمر) له يحيى وعبد العزيز (ثم لعبد العزيز) جار الله - ناسخ الاصول المترجم في آخر الذيول - ويحيى (و) يحيى بن عبد الرحمن بن ابي الخير (و) ابنه عبد القادر، كلهم يعرف بابن فهد.
أما صاحب الترجمة منهم فهو محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فهد تقي الدين أبو الفضل بن نجم الدين ابي النصر بن جمال الدين ابي الخير ابن العلامة اقضي القضاة جمال الدين ابي عبد الله محمد بن عبد الله الاصفوني ثم المكي الشافعي العلوي المنتهي نسبه إلى محمد بن الحنفية نجل سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه.
ولد عشية الثلاثاء خامس ربيع الثاني سنة سبع وثمانين وسبعمائة بأصفون من صعيد مصر الاعلى بالقرب من أسنا - وكان والده سافر إليها لاستخلاص جهات موقوفة على أمه خديجة ابنة العلامة نجم الدين عبد الرحمن بن يوسف الاصفوني الفقيه الشافعي فتزوج هناك بابنة عم جده لامه العلامة المذكور وهي فاطمة بنت احمد بن محمد بن اسمعيل بن ابراهيم القرشية المخزومية فولد له منها صاحب الترجمة هناك - ثم انتقل به ابوه في سنة خمس وتسعين إلى بلده مكة فحفظ بها القرآن والعمدة والقنية وألفية النحو والحديث وعرض على جماعة وسمع الا بناسي والجمال ابن ظهيرة وحبب إليه هذا الشأن وأول طلبه سنة اربع وثمانمائة فسمع الكثير من شيوخ بلده والقادمين إليها وكتب عمن دب ودرج فكان ممن سمع عليه ابن صديق(1/2)
والزين المراغي وأبو اليمن الطبري وقريبه الزين والشمس الغراقي والشريف عبد الرحمن الفاسي وأبو الطيب السحولي والجمال عبد الله الفرياني ورقية بنت يحيى بن مزروع، ولقي باليمن المجد اللغوي صاحب القاموس والموفق علي بن ابي بكر الازرق وآخرين فسمع منهم وكان دخوله بها مرتين الاولى في سنة 805 والثانية في سنة 816 وأجاز له خلق كثير منهم العراقي والهيثمي وعائشة بنت عبد الهادي.
وانتفع في هذا الشأن بالجمال بن ظهيرة والصلاح خليل الاقفهسي وغيرهما واشتغل بالفقه على ابن ظهيرة والشمس الغراقي وابن سلامة وأذنا له وكذا الشمس ابن الجزري المقرئ في التدريس والافتاء وسمع من ابن حجر ايضا لما لقيه بمكة وتميز في هذا الشأن وعرف العالي والنازل وشارك في فنون الاثر وكتب بخطه الكثير وجمع المجاميع وانتقى وخرج لنفسه ولشيوخه فمن بعدهم وصار المعول في هذا الشأن ببلاد الحجاز قاطبة عليه وعلى ولده النجم عمر بدون منازع، واجتمع له من الكتب ما لم يكن في وقته عند غيره من أهل بلده وكثر انتفاع المقيمين والغرباء بها فكان ذلك أعظم قربة لاسيما وقد حبسها لله بعد موته، قال السخاوي: واكثر من المسموع والشيوخ وجد في ذلك وجمع له ولده معجما وفهرستا استفدت منهما كثيرا اه.
وله مؤلفات عديدة منها (نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب) جمع فيه بين تهذيب الكمال ومختصريه للذهبي وابن حجر وغيرهما.
قال السخاوي: وهو كتاب حافل لو ضم إليه ما عند مغلطاي من الزوائد في مشايخ الراوي والآخذين عنه لكنه لم يصل إلى مكة إذ ذاك اه.
ومنها (النور الباهر الساطع من سيرة ذي البرهان القاطع) في السيرة النبوية و (الجنة باذكار الكتاب والسنة) و (المطالب السنية العوالي بما لقريش من المفاخر والمعالي) و (بهجة الدماثة بما ورد في فضل المساجد الثلاثة) و (بشرى الورى مما ورد في حرا) و (اقتطاف النور مما ورد في نور)
و (الابانة مما ورد في جعرانة) و (طرق الاصابة بما جاء في الصحابة) و (نخبة العلماء(1/3)
الاتقياء بما جاء في قصص الانبياء) و (وسيلة الناسك في المناسك) و (الزوائد على حياة الحيوان للدميري) و (تقريب البعيد فيما ورد في يومي العيد) و (غاية القصد والمراد من الاربعين العالية الاسناد) و (عمدة المنتحل وبلغة المرتحل) تحتوي على اربعين حديثا من اربعين كتابا لاربعين اماما عن اربعين شيخا متصلين بأربعين صحابيا منهم العشرة والعبادلة على الاختلاف فيهم ورتبهم على حروف الهجاء مع اخراج حديث كل من اصحاب المذاهب الاربعة والكتب الستة مردفة باحاديث عالية وحكايات واشعار.
ومنها (لحظ الالحاظ بذيل طبقات الحفاظ) وهو الذي نشر ضمن هذا المجموع وقد اجاد فيه حيث استوفى الكلام في حق المترجمين إلى حد ان تكون مراتبهم في العلم مائلة أمام عين المطالع، وتوسع في ذكر الوفيات ممن وافقوا المترجمين في سنة الوفاة مع العناية بذكر احوالهم على الاختصار اغناء عن تطلبها في غير كتابه بل قد لا توجد في غيره، وضبط في كتابه بعض الاسماء والانساب مما رآه موضع ارتياب.
وتفنن في ذكر اسانيد الاحاديث المروية بطريق المترجمين موافقة وبدلا (1) وعلوا مما يهم المشتغلين بالاسانيد واهل العلم بالحديث، وجملة القول ان ذيل ابن فهد جليل الفوائد غزير الابحاث غير قاصر نفعه على طائفة دون طائفة.
وله غير ذلك.
قال السخاوي: ولم ينفك عن المطالعة والكتابة والقيام بما يهمه من امر عياله واهتمامه بكثرة الطواف والصوم والاستمرار على الشرب من ماء زمزم بحيث يحمله معه إذا خرج من مكة غالبا وبره بأولاده وأقاربه وذوي رحمه مع
__________
(1) اسناد الحديث إلى شيخ أحد اصحاب الصحاح والسنن من غير طريقه
يسمى موافقة والى شيخ شيخه كذلك يسمى بدلا فالاشتراك في الاول في الشيخ وفي الثاني في شيخ الشيخ وكل منهما اما بسند عال أو بسند نازل.(1/4)
سلامة صدره وسرعة بادرته ورجوعه وكثرة تواضعه وبذل همته مع من يقصده وامتهانه لنفسه وغير ذلك وتصدى للاسماع فأخذ عنه الناس من سائر الآفاق الكثير وكنت لقيته فحملت عنه بالمجاورة الاولى الكثير وطالع في مجاورتي الثانية كثيرا من تصانيفي حتى في مرض موته، ومات وانا هناك في صبيحة يوم السبت سابع ربيع الاول سنة احدى وسبعين وثمانمائة وصلي عليه بعد صلاة العصر عند باب الكعبة ثم دفن بالمعلاة عند مصلب ابن الزبير رضي الله عنهما وكنت ممن شهد الصلاة عليه ودفنه والتردد إلى قبره.
وقال المقريزي في عقوده عن صاحب الترجمة: انه قرأ علي (الامتاع) - من اكبر ما ألف في السير للمقريزي - وحصل منه نسخة بخط ولده الفاضل عمر وهما محدثا الحجاز وأرجو ان يبلغ ابنه عمر في هذا العلم مبلغا عظيما لذكائه واعتنائه بالجمع والسماع والقراءة بارك الله له فيما آتاه انتهى ما نقله السخاوي عنه، وهو ممن ترجمه الشمس بن طولون بين مشايخ مشايخه الاربعين في كتابه أربعين الاربعين رحمه الله تعالى رحمة واسعة.(1/5)
* (ترجمة جامع الذيل الأخير) *
هو الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين ابي بكر بن محمد السيوطي المعروف بابن الاسيوطي.
ولد بالقاهرة ليلة الاحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة وكانت أمه أمة تركية وأصل أبيه من العجم ومات أبوه وهو ابن ست سنين فكفله وصيه الشهاب بن الطباخ ورباه عند الامير برسباي الجركسي استاد دار الصحبة واتصل
بالامير اينال الاشقر رأس نوبة النوب وكان لبيته اتصال بالامراء من عهد الامير شيخو، وكان في جملة أوصيائه الامام كمال الدين بن الهمام وله اياد بيضاء عليه.
أخذ العلم عن العلم البلقيني والشرف المناوي والشمس بن الفالاتي والجلال المحلي والزين العقبي والبرهان البقاعي والشمس السخاوي الشافعيين، وعن محقق الديار المصرية سيف الدين البكتمري والعلامة محيي الدين الكافيجي البرغمي والحافظ قاسم بن قطلوبغا السودوني والامام تقي الدين الشمني الحنفيين وغيرهم من المالكية والحنابلة، وعدة شيوخه اجازة وقراءة وسماعا نحو مائة وخمسين شيخا وقد جمعهم في معجمه، ولم يكثر من سماع الرواية لاشتغاله بما هو أهم وهو الدراية كما يحكي هو عن نفسه، وممن اجاز له من حلب ابن مقبل آخر من أجاز له الصلاح بن أبي عمر.
وانصرف إلى الجمع والتأليف وهو صغير فبلغت عدة مؤلفاته نحو ستمائة ما بين رسائل في ورقة أو ورقتين وكتب في عدة مجلدات، والغالب في مصنفاته تلخيص كتب الآخرين فقيمتها العلمية توزن بقدر ما لصاحب الاصل من التحقيق، والتضارب الواقع بين أقواله في كتبه انما يأتي من اختلاف آراء اصحاب الكتب للتي يقوم هو باختصارها حيث لا يتسع له الوقت لتمحيصها وترجيح الراجح منها، قال تلميذه الشمس الداوودي المالكي مؤلف طبقات المفسرين الكبرى:(1/6)
عاينت الشيخ وقد كتب في يوم واحد ثلاثة كراريس تأليفا وتحريرا وكان مع ذلك يملي الحديث ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة اه.
ومن يكون بهذا الاسراع طول عمره لا يتسنى له تحقيق ما يدونه بل كثيرا ما تفوته مواضع الفائدة من الاصول التى يلخصها، وقد يتابع أوهما الاصل التي لا يخلو منها تصنيف فتسوء سمعته بتآليفه، قال السخاوي: ان له مؤلفات كثيرة مع كثرة ما
يقع له من التحريف والتصحيف فيها وما ينشأ عن عدم فهم المراد لكونه لم يزاحم الفضلاء في دروسهم ولا جلس بينهم في مسائهم وتعريسهم بل استبد بالاخذ من بطون الدفاتر والكتب، وأخذ من كتب المحمودية (1) وغيرها كثيرا من التصانيف القديمة التي لا عهد لكثير من العصريين بها في فنون فغير فيها شيئا يسيرا وقدم وأخر ونسبها لنفسه وهول في مقدماتها اه.
ولي مشيخة الحديث بالشيخونية بسعي وصيه المار ذكره ومشيخة التصوف بتربة برقوق نائب الشام واستقر في مشيخة البيبرسية بعد الجلال البكري إلى ان صرفه عنها السلطان الملك العادل طومانباي الاول يوم الاثنين ثاني عشر رجب سنة ست وتسعمائة حين تحزب عليه جمع من مشايخ المدرسة بسبب يبسه معهم ومعاندته لهم بحيث أخرج وظائف كثيرة عنهم وقرر فيها غيرهم وحصل له اهانات من ترسيم واساآت وامر بنفي وكانت حكايات كما يقول صاحب (البدر الطالع) فيما علقه على الضوء اللامع بخطه ثم انقطع بسكنه في الروضة وتزهد وكان يأتي إليه أعيان الامراء للزيارة فلا يقوم لهم وعرضت عليه مشيخة البيبرسية سنة 909 فامتنع من قبولها واستمر على انقطاعه، وكان الامراء والاغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون عليه الاموال النفيسة فيردها، وأهدى إليه السلطان الملك الاشرف قانصوه الغوري خصيا وألف دينار فرد الالف وأخذ الخصي فأعتقه وجعله خادما في الحجرة النبوية
__________
(1) بشارع قصبة رضوان بمصر.
راجع خطط المقريزي وذيلها لابن نافع.
(*)(1/7)
وقال لقاصد السلطان لا تعد تأتينا بهدية قط فان الله تعالى اغنانا عن مثل ذلك وطلبه السلطان مرارا فلم يحضر إليه على ما ذكره النجم الغزي في الكواكب السائرة وابن العماد في شذرات الذهب.
ومن شعره: فوض أحاديث الصفا * ت ولا تشبه أو تعطل
ان رمت الا الخوض في * تحقيق معضلة فأول ان المفوض سالم * مما تكلفه المؤول ألف في تحريم المنطق وادعى الاجتهاد فصنف في ذلك عدة رسائل فقام العلماء ضده حتى انقبع في عقر داره، ويحكي الشعراني في ذيل طبقاته عن السيوطي انه كان يقول: قد أشاع الناس عني اني ادعيت الاجتهاد المطلق كأحد الائمة الاربعة وذلك باطل عني انما مرادي بذلك المجتهد المنتسب..ولما بلغت مرتبة الترجيح لم اخرج في الافتاء عن ترجيح النووي..ولما بلغت إلى مرتبة الاجتهاد المطلق لم اخرج في الافتاء عن مذهب الشافعي اه.
وغريب جدا ما يرويه الداوودي والشعراني عنه انه كان يحفظ مأتى الف حديث ان لم يكن مراده انه يحفظها في خزانته لان شيخ حفاظ الامة ابا عبد الله البخاري لما سئل عن احاديث جامعه هل تحفظها ؟ اجاب بقوله: أرجو أن لا يخفى علي منها شئ.
ولم يدع مثل هذه الدعوى.
وله مقامة تهجم فيها على السخاوي سماها (الكاوي في الرد على السخاوي) كما تحامل عليه ايضا عند ترجمته في (نظم العقيان) مع انه في عداد شيوخه وما ذنب السخاوي إليه الا قلة صبره ازاء الدعاوى العريضة وذكر في (النور السافر) ما كتبه السيوطي إلى السخاوي معرضا به ومتهجما عليه وهو قوله: قل للسخاوي ان تعروك مشكلة * علي كبحر من الامواج ملتطم والحافظ الديمي غيث الزمان فخذ * (غرفا من اليم أو رشفا من الديم) والديمي الفخر عثمان المحدث ممن كان بينه وبين السخاوي منافسة ايضا، ويرى(1/8)
بعضهم ان كلا من الثلاثة كان فردا في فنه مع المشاركة في غيره فالسخاوي تفرد بمعرفة علل الحديث والديمي بأسماء الرجال والسيوطي بحفظ المتون اه.
وانتصر للسخاوي على السيوطي الشاعر الاديب ابن العليف احمد بن الحسين المكي في
كتابين سماهما (الشهاب الهاوي على منشئ الكاوي) و (المنتقد اللوذعي على المجتهد المدعي).
واستقصى الداوودي ذكر أسماء مؤلفاته فزادت على خمسمائة مؤلف منها (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) في ست مجلدات لخص فيها كتب التفاسير بالرواية للمتقدمين بتجريدها عن الاسانيد ولم يتكم عليها فبقي جامعا للغث والثمين وفيه من الاقوال المردودة ما لا يوصف، ومنها (الاتقان في علوم القرآن) وجله من البرهان للبدر الزركشي وهذا كتاب جليل جدا الا ان السيوطي أغفل مواطن الفائدة منه وتابعه في أوهامه الظاهرة كقوله في أسباب النزول: ان عثمان بن مظعون شرب الخمر في عهد عمر الخ مع انه ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية والاسلام ومات قبل التحريم في أول الهجرة بالمدينة وهو أول من دفن فيها من المسلمين وكل ذلك في غاية الشهرة، بل الذي شرب هو قدامة بن مظعون إلى غير ذلك.
سوى ماله من الاوهام فيه وغير ما حشده فيه من الاخبار من غير تمحيص مما يتمسك به خصوم الكتاب الكريم.
ومنها (الجامع الكبير) الذي أراد ان يستقصي فيه السنن على حروف الهجاء من غير تقيد بالصحيح، وقد رتبه على أبواب الفقه الشيخ علي المتقي الحنفي الهندي في عدة مؤلفات اكبرها (كنز العمال) الا انه يتنافى ما يقوله السيوطي في أول الكتاب مع ما يسرده نفسه فيما ألفه في الموضوعات كما وقع له مثل ذلك في (الجامع الصغير)، وله ايضا (تاريخ الخلفاء) و (طبقات النحاة) و (حسن المحاضرة).
و (طبقات الحفاظ) لخص فيها طبقات الذهبي وذيل عليها بما في هذا الذيل لكنه لم يتعب فيه بل اختصر تراجمه من الدرر الكامنة وانباء الغمر الا فيما قل(1/9)
جدا ولم يذكر الوفيات اثر التراجم ولا اسند احاديث بطرق المترجمين.
وشهرة مؤلفاته تغني عن الافاضة فيها.
وكانت وفاته في سحر ليلة الجمعة 19 جمادى الاولى سنة 911 ه.
ودفن في حوش قوصون خارج باب القرافة بمصر كما في ذيل الشعراني والكواكب السائرة والشذرات، وحوش قوصون هذا تحت القلعة لا عند جامعه الكبير على ما حققه الاستاذ العلامة احمد تيمور باشا حفظه الله في كتابه (قبر الامام السيوطي) اغدق الله على ضريحه سحائب رحمته وأدخله فسيح جنته.(1/10)
ذيل تذكرة الحفاظ للذهبي
تأليف الحافظ شمس الدين أبي المحاسن محمد بن علي ابن الحسن الحسيني الدمشقي المتوفى سنة 765 ه.
حقوق الطبع محفوظة(1/11)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) *
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
يقول جار الله بن فهد: أخبرنا بكتاب ذيل طبقات الحفاظ للسيد العلامة الحافظ الحجة أبي المحاسن محمد بن علي بن الحسن الحسيني الدمشقي الشافعي رحمه الله تعالى جماعة من المشايخ أهل الاسناد والعلم الراسخ منهم حفيده السيد القدوة الامام شيخ الاسلام ومفتي دار العدل بالشام عين الفقهاء المعتبرين محمد أبو البقاء بهاء الدين وكمال الدين بن حمزة بن احمد بن علي ابن مؤلفه الحافظ شمس الدين محمد بن علي الحسيني الدمشقي الشافعي تغمده الله برحمته شفاها عن العلامة الحافظ الرحلة شيخ السنة تقي الدين ابي الفضل محمد بن النجم محمد بن محمد ابن فهد العلوي المكي الشافعي قال أخبرني به الشيخ الامام العالم السيد الشريف أبو هاشم علاء الدين علي بن ابي المحاسن محمد بن علي ابن حمزة بن الحسن الحسيني والعلامة الحافظ قاضي القضاة ولي الدين أبو زرعة احمد ابن الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي المصري الشافعي وأصيل الدين عبد الرحمن بن حيدر بن علي بن ابي بكر الدهقلي مشافهة قالوا اخبرنا به مؤلفه اذنا فقال:(1/12)
الحمد لله تعالى على نعمائه وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم أنبيائه ورضي عن آله وصحبه خير أوليائه.
وبعد فهذه تراجم جماعة من الحفاظ وأهل الحديث الايقاظ جعلتها ذيلا على الطبقات الكبرى تأليف شيخنا الامام الحافظ الكبير والعلم الشهير شمس الدين ابي عبد الله محمد بن احمد بن عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقي الشافعي رحمة الله عليه فأقول مستعينا بالله تعالى:
* (الطبقة الثانية والعشرون وعدتهم سبعة أنفس) *
* (قطب الدين الحلبي) * عبد الكريم بن عبدالنور بن منير الحلبي (1) الافظ المتقن المقرى المجيد أبو علي الحلبي ثم المصري مفيد الديار المصرية ولد في رجب سنة أربع وستين وستماية وقرأ بالسبع على الشيخ اسماعيل المليجي (2) صاحب ابي الجود سمع من ابن العماد وابراهيم المنقذي والعز الحراني
وغازي الحلاوي وابن البخاري وهذه الطبقة فمن بعدهم حتى كتب عن
__________
(1) الحنفي، وهو الذي حث الحافظ عبد القادر القرشي على تصنيف (طبقات الحنفية) وأعانه فيه، وقد ترجمه القرشي في طبقاته، وحفيده المسند قطب الدين عبد الكريم ابن تقي الدين محمد شيخ البدر العيني في معاجيم الطبراني.
يوافقه اسما ولقبا وقد توفي هذا سنة تسع وثمانمائة.
(2) بفتح الميم وبالجيم نسبة لمليج من المنوفية ذكره السخاوي.
وابو الطاهر اسمعيل المليجي هذا هو آخر اصحاب ابي الجود غياث بن فارس المتوفى سنة خمس وستمائة.
(*)(1/13)
تلامذته (1) وصنف وخرج وأفاد، وعمل تاريخا لمصر بيض بعضه (2) وشرح السيرة للحافظ عبد الغني في مجلدين (3) وعمل اربعين تساعيات وأربعين متباينات وأربعين بلدانيات وشرح اكثر صحيح البخاري في عدة مجلدات (4) وحج مرات، قال شيخنا الذهبي: جمع وخرج وألف تآليف متقنة مع التواضع والدين والسكينة وملازمة العلم والمطالعة
__________
(1) لعل شيوخه يبلغون الالف على ما قاله ابن حجر وغيره.
(2) قاله ابن حجر: جمع لمصر تاريخا حافلا، لو كمل لبلغ عشرين مجلدا بيض منه المحمدين في اربعة مجلدات اه وزاد ابنه التقى المتوفى في سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة مجلدا في المحمدين ايضا.
(3) سماه (المورد الهني) ويقول عنه السخاوي انه نافع جدا.
(4) وهو كبير ايضا بيض منه إلى نصفه فبلغ ما بيض عشر مجلدات، ومنه ومن شرح الحافظ مغلطاي يستمد من بعدهما من شراح الصحيح لا سيما ابن الملقن فانه يعتمد عليهما بل ينسخ منها نسخا، وللمترجم القدح المعلى في الكلام على بعض احاديث المحلى لابن حزم وكانت احاديثه تتطلب ان يتكلم فيها مثله اتقانا
وبراعة لان ابن حزم تحدى جماهير فقهاء الامة بسلاطته المعروفة في كتابه ؟ ؟ على اوهام منه في الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل مع ما عنده من الشذوذ عن المجاهير في التفريع والتأصيل، وله ايضا الاهتمام بتلخيص الالمام لابن دقيق العيد مع اصلاح ما وقع فيه من الاوهام من عزو الحديث إلى غير من خرجه ونحوه، وان كان ابن تيمية يقول عن الالمام انه ما صنف مثله في احاديث الاحكام ولا كتاب جده، ومما يذكر للمترجم من جميل اخلاقه سماحه باعارة الكتب للطالبين.
(*)(1/14)
ومعرفة الرجال ونقد الحديث، سمعت منه بمصر ومكة، وتوفي في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعماية (1).
قلت وفيها مات شيخنا برهان الدين ابراهيم بن محمد اللواتي (2) رئيس المؤذنين وأطيبهم صوتا عن اكثر من سبعين سنة حدث عن الرضي بن البرهان وابن عبد الدايم وجماعة، ومات بعده بشهر ابنه المحدث المفيد أمين الدين محمد عن احدى وخمسين سنة حدث عن الشرف بن عساكر وابن مؤمن وخلق، ومات في صفر مسند الشام بدر الدين عبد الله بن الحسين بن ابي التائب الانصاري الشاهد (3) عن نحو تسعين سنة حدث عن العراقي والبلخي (4) وطائفة، قلت ومات مجود الشام بهاء الدين محمود ابن خطيب بعلبك محيي الدين عبد الرحيم بهذه السنة، ومات بمصر الواعظ شمس الدين حسن بن أسد بن مبارك بن الاثير سمع الحافظ المنذري والنجيب عاش اربعا وثمانين سنة، ومات في ذي القعدة المعمرة
__________
(1) ودفن بمصر خارج باب النصر جوار زاوية خاله المسند المقرئ الشيخ نصر المنبجي الحنفي.
(2) نسبة إلى لواتة قبيلة من البربر على ما في معجم البلدان.
(3) قال الذهبي في المشتبه: شيخ معمر في وقتنا شاهد يروى الكثير.
وقال ابن حجر تفرد بأشياء ويقال انه الحق بخطه في بعض الاجزاء فلم يوافقه احد على ذلك ولا سمعوا عليه منه شيئا اه.
(4) هما رشيد الدين أبو الفضل اسمعيل بن احمد بن الحسن العراقي وابو بكر عبد الله بن محمد بن ابي بكر احمد بن خلف البلخي كلاهما من اصحاب السلفي وحدثا عنه بدمشق.(1/15)
زينب بنت الخطيب يحيى بن الشيخ عز الدين بن عبد السلام السلمية عن سبع وثمانين سنة روت عن اليلداني (1) وابراهيم بن خليل وأجاز.
له السبط (2) وتفردت، ومات ملك العرب حسام الدين مهنا بن الملك عيسى بن مهنا الطائي بقرية سلمية في ذي القعدة عن نيف وثمانين سنة ولبسوا السواد لموته.
* (ابن سيد الناس) * الامام العلامة الحافظ المفيد الاديب البارع المتقن فتح الدين أبو الفتح محمد بن الامام الحجة ابي عمرو محمد بن حافظ المغرب ابي بكر محمد ابن احمد بن عبد الله ابن سيد الناس الاندلسي اليعمري المصري الشافعي ولد سنة احدى وسبعين وستماية وأجاز له النجيب عبد اللطيف وجماعة وسمع من العز الحراني وغازي الحلاوي وابن الانماطي وخلق، وقدم
__________
(1) هو تقي الدين أبو محمد عبد الرحمن بن ابي الفهم عبد المنعم بن عبد الرحمن القرشي الدمشقي البلداني المتوفى سنة 655 وفي الشذرات اليلداني نسبة إلى يلدا من قرى دمشق قال السخاوي بفتح المثناة التحتانية وفتح اللام ورأيت بخط البدر العيني
في رجال معاني الآثار ضبط اللام بالسكون عند ذكر سبط بن ابي الفهم عبد الرحمن ابن ابي عبدالولى اليلداني المتوفى سنة 725 راوي معاني الآثار عن الضياء المقدسي وهو الاظهر.
(2) سبط السلفي الجمال أبو القاسم عبد الرحمن بن مكى الاسكندراني المتوفى في سنة احدى وخمسين وستمائة.
(*)(1/16)
دمشق ليالي وفاة ابن البخاري (1) فلم يدركه وسمع ابن المجاور ومحمد ابن مؤمن والتقي الواسطي وخلق، قال الذهبي: هو احد ائمة هذا الشأن كتب بخطه المليح كثيرا وخرج وصنف وعلل وفرع وأصل وقال الشعر البديع وكان حلو النادرة كيس المحاضرة جالسته وسمعت بقراءته وأجاز لي مروياته، مات فجأة في حادي عشر شعبان سنة اربع وثلاثين وسبعماية ودفن بالقرافة وكان أثريا في المعتقد يحب الله تعالى ورسوله (2)
__________
(1) هو فخر الدين أبو الحسن على بن احمد بن عبد الواحد بن قدامة المقدسي المولود سنة ست وتسعين وخمسمائة والمتوفى سنة تسعين وستمائة عرف بابن البخاري لان اباه أقام ببخارى مدة يشتغل بالخلاف على الرضى النيسابوري كما ذكره ابن رجب في ترجمة والده، وقال الامام المؤرخ شمس الدين محمد بن ابراهيم الجزري في تاريخه في ترجمة الفخر ابن البخاري: وانفرد بالرواية حتى لم يبق في زمانه أعلى اسنادا منه، وخرج له الجمال بن الظاهري الحنفي بالديار المصرية مشيخة وبعث بها إليه إلى دمشق وتسامع به الناس وكان عدة الجماعة الذين سمعوها اول وقت نحوا من الف ومأتي نفر وكانوا يحملون الشيخ فخر الدين بين اربعة انفس في اذار اه.
من الفهرست الاوسط لمؤلفه الحافظ شمس الدين محمد ابن طولون.
(2) ومن مؤلفاته (عيون الاثر في المغازي والسير) (والفوح الشذى في شرح
الترمذي) الا انه لم يكمل، قال ابن حجر: ولو اقتصر على فن الحديث من الكلام على الاسانيد لكمل لكن قصده ان يتبع شيخه ابن دقيق العيد فوقف دون ما يريد اه.
قال الشمس ابن طولون: قد وقفت في كتب شيخنا السيد كمال الدين بن حمزه الحسيني على كتاب الفوح الشذي لابن سيد الناس والتكملة عليه للزين العراقي في احد عشر مجلدا في قطع النصف البلدي وبعض الاجزاء بخط الشمس السخاوي ويظهر من الجزء الاخير أن العراقي مات قبل ان يكمل التكملة اه (*)(1/17)
قلت ومات عام وفاته بمصر المعمر قاضي القضاة جمال الدين سليمان ابن عمر الاذرعي الشافعي المعروف بالزرعي (1) عن تسع وثمانين سنة حدث عن ابن عبد الدايم وجماعة وولى قضاء مصر سنة ثم قضاء دمشق بعد ابن صصري، ومات بحماة الفقيه القدوة نجم الدين عبد الرحمن بن الحسن اللخمي القبابي (2) الحنبلي الزاهد عن ست وستين سنة، ومات بمصر وكيل بيت المال المعمر المفتي مجد الدين حرمي بن قاسم الفاقوسي (3) مدرس قبة الشافعي مات في عشر التسعين، ومات الصاحب شمس الدين عدنان السلماني بمصر في عشر الثمانين، يقال أدى في المصادرة ألفي الف درهم.
* (البرزالي) * (4) الشيخ الامام الحافظ العمدة محدث الشام ومؤرخه ومفيده علم
__________
ملخصا ومن خطه على شرح علل الترمذي لابن رجب نقلته.
ولابن سيد الناس افتتان بالاسجاع في تراجم الرجال يكاد القارئ يتيه فيها عن الاهتداء إلى معرفة مقاديرهم على وجه الصواب.
(1) ولد باذرعات وولى قضاء زرع بالضم وكلاهما من اعمال الشام والنسبة إلى
الاولى اذرعي والى الثانية زرعي فشهر بالنسبة إلى الثانية.
(2) بالكسر نسبة لقباب حماة قاله السخاوي.
(3) نسبة لفاقوس من الشرقية على ما ذكره السخاوي.
(4) نسبة إلى برزالة بالكسر بطن من البربر كما جاء في شرح القاموس للزبيدي.
(*)(1/18)
الدين أبو محمد القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي الاشبيلي الاصل الدمشقي الشافعي ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وستماية وسمع في سنة ثلاث وسبعين وستماية وهلم جرا حتى مات في رابع ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبعماية محرما بخليص (1) وسمع اباه واحمد بن ابي الخير والشيخ شمس الدين (2) وابن البخاري وابن علان والقاسم الاربلي والعز الحراني (3) وابن الدرجي (4) واكثر عنهم وعن خلق من اصحاب ابن طبرزد والكندي (5) وحنبل وابن الحرستاني، ثم عن خلق من
__________
(1) خليص بصيغة التصغير حصن بين مكة والمدينة - معجم البلدان (2) ابن ابي عمر المقدسي.
(3) عبد العزيز بن عبد المنعم بن الصيقل المتوفى سنة 686.
(4) بفتح الدال والراء كما ضبطه الشرف الدمياطي في مشيخته وهو ابراهيم بن اسمعيل بن ابراهيم بن يحيى الدمشقي المترجم هو وابوه في طبقات القرشي، أخذ عنه وعن ابيه الحافظ المياطي ولم يدرك البرزالي اباه وخرج لابنه مشيخة.
(5) هو المسند المعمر المحدث المقرئ راوية كتب الادب العلامة تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي الحنفي المتوفى سنة ثلاث عشرة وستمائة وهو ابن ثلاث وتسعين جمع بين الرواية والدراية وملا الدنيا باسانيد رواياته العالية، قال الحافظ أبو شامة: كان سكنه بدمشق بجيرون بدرب العجمي فكم ازدحم في ذلك
الدرب من شيوخ العلم وطلبة اولاد الملوك وخدمته ومتى ما اريد اعتبار ذلك فلينظر في الكتب التي عليها طبقات السماع عليه ليعلم جلالة من كان يتردد إليه وكان واسع الرواية وافر الدراية اه.
وأطراه وأطال في ترجمته في ذيل الروضتين وكذا الشمس ابن الجزري المقري في طبقات القراء.
(*)(1/19)
اصحاب ابن ملاعب وابن البن وابن ابي لقمة (1) وغيرهم، ثم عن خلق من اصحاب ابن الصباح وابن الزبيدي وابن اللتي وابن باقا، ثم عن خلائق من اصحاب اصحاب السلفي وابن عساكر، ثم عن العدد الككبير من اصحاب اصحاب البوصيري وابن كليب والخشوعي وأقرانه وفضلاء زمانه بالحرمين ومصر ودمشق والقدس وحلب وحماة واسكندرية وعدة مداين، وأجاز له ابن عبد الدايم والنجيب عبد اللطيف وابن ابي اليسر وابن عزون وابن علاق (2) وخلق كثير بمعجمه بالسماع وبالاجازة نحو ثلاثة آلاف شيخ، وكتب الكثير من الكتب المطولة والاجزاء العالية المفيدة، وخرج لخلق من شيوخه وأقرانه وسمع منه طوائف وحدث عنه خلق في حياته وبعد وفاته، وحج مرات حتى مات، ووقف كتبه وأجزاءه احسن الله جزاءه.
اخبرنا الحافظ أبو محمد البرزالي وابو الحجاج المزي بقراءتي على كل واحد منهما في شوال سنة ثمان وثلاثين وسبعماية قالا اخبرنا المسلم بن علان وابو الحسن بن البخاري قال اخبرنا حنبل الرصافي قال اخبرنا أبو
__________
(1) هو المسند المعمر أبو المحاسن محمد بن السيد بن فارس الانصاري الدمشقي الصفار المعروف بابن ابي لقمة المتوفى سنة 623 عن ست وتسعين سنة على ما في شذرات الذهب لابن العماد.
(2) هو عبد الله بن عبد الواحد المتوفى سنة 672.
(*)(1/20)
القسم بن الحصين قال اخبرنا أبو علي ابن المذهب (1) قال اخبرنا أبو بكر القطيعي قال حدثنا عبد الله بن الامام احمد بن حنبل قال حدثني ابي قال قال حدثنا الشافعي قال حدثنا مالك عن داود بن الحصين عن ابي سفيان (2) مولي ابن ابي احمد عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة، والمزابنة اشتراء التمر بالتمر في رؤس النخل، والمحاقلة استكراء الارض بالحنطة.
رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ورواه مسلم عن ابي الطاهر ابن السرح عن ابن وهب كلاهما عن مالك.
وقد مات عام وفاة شيخنا هذا عالم بغداد صفي الدين عبد المؤمن بن الخطيب عبد الحق ابن شمائل (3) البغدادي الحنبلي مدرس البشيرية عن احدى وثمانين سنة طلب الحديث وعمل معجما وشرح المحرر في ستة اسفار، وحدث عن عبد الله بن ابي الحسن والشرف بن عساكر، وله نظم جيد، ومات بمصر قاضي حلب فخر الدين عثمان بن الخطيب حسين بن علي بن عثمان الشافعي عن سبع وسبعين سنة، ومات بدمشق قاضي قضاة
__________
(1) بضم الميم وسكون الذال المعجمة وكسر الهاء عرف به بعض اجداده على ما قاله ابن السمعاني في الانساب.
(2) قيل اسمه وهب وقيل قزمان ثقة - تقريب.
(3) كان يدعى جده بابن شمائل.
والمدرسة البشيرية غربي بغداد ذكره ابن رجب.
(*)(1/21)
الاقليمين (1) جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الشافعي في نصف جمادى الاولى وله ثلاث وتسعون سنة ولد بالموصل وتفقه وأفتى ودرس وناظر وتخرج به خلق، ناب في القضاء لاخيه امام الدين ولابن صصري ثم ولي خطابة دمشق ثم قضاءها ثم قضاء الديار المصرية احدى عشرة سنة ثم نقل إلى قضاء دمشق، حدث عن الفاروثي وغيره، ومات القاضي الامام الزاهد بدر الدين أبو اليسر محمد بن قاضي القضاة عز الدين محمد بن عبد القادر الانصاري ابن الصائغ عن ثلاث وستين سنة حدث عن ابن شيبان والفخر وطائفة، خطب بالمسجد الاقصى ثم ترك، وكان عرض عليه قضاء دمشق وجاءه التقليد فامتنع، ومات بمصر المعمر موفق الدين احمد بن احمد بن محمد الشارعي من ابناء التسعين وهو آخر من حدث عن جد أبيه (2) محمد بن عثمان بن مكي، ومات بدمشق المفتي زين الدين عباد الحنبلي عن ثمان وستين سنة حدث بالصحيح عن القاسم الاربلي وولي العقود والفسوخ، ومات شيخ بلاد الجزيرة القدوة شمس الدين محمد بن محمد بن عبد العزيز بن الشيخ عبد القادر الجيلي ببلاد سنجار عن تسع وثمانين سنة حدث عن الفخر وغيره، ومات العدل شمس الدين محمد بن ابراهيم الجزري الدمشقي صاحب التاريخ الكببير (3) في وسط السنة وله احدى وثمانون سنة روى عن ابراهيم
__________
(1) يعني القطرين مصر والشام.
(2) يعني سماعا.
(3) وسمى تاريخه الكبير بحوادث الزمان وانبائه ووفيات الاكابر والاعيان من (*)(1/22)
ابن احمد والفخرين البخاري وكان به صمم رحمه الله تعالى.
* (أبو حيان الاندلسي) * محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان النفزي (1) الجياني الاندلسي ثم المصري الشيخ الامام العلامة المحدث البارع ترجمان العرب ولسان اهل الادب أثير الدين الغرناطي المولد والمنشأ المصري الدار والوفاة الظاهري المذهب (2) ولد سنة اربع وخمسين وستماية في اواخر شوال بطخشارش وهي مدينة مسورة من اعمال غرناطة، ونشأ بغرناطة وقرأ بها القراآت والنحو واللغة وسمع كثيرا ونظم وأقرأ بها العربية من سنة اربع وسبعين وما بعدها وسمع ايضا بالمالقة والمرية والجزيرة الخضراء وجبل الفتح وغيرها، ثم ارتحل عن الاندلس في اول سنة
__________
ابنائه على ما يقوله الحافظ الشمس ابن طولون حيث ينقل عنه في المجلد الاول من الفهرست الاوسط له، قال ابن حجر جمع تاريخا مشهورا وله شعر وسط وخرج له البرزالي مشيخة.
قال الذهبي كان حسن المذاكرة سليم الباطن صدوقا في نفسه لكن في تاريخه عجائب وغرائب اه.
والقطب اليونيني كثير النقل عن تاريخه في ذيله على مرآة الزمان لسبط ابن الجوزى.
(1) نسبة إلى نفزة بكسر النون وسكون الفاء قبيلة من البربر قاله ابن العماد في شذرات الذهب.
(2) قال ابن حجر: حضر مجلس الشمس الاصبهاني وكان ظاهريا وانتمى إلى الشافعية واختصر المنهاج وكان أبو البقاء يقول انه لم يزل ظاهريا قلت كان أبو حيان يقول: محال ان يرجع عن مذهب الظاهر من علق بذهن: وكان سالما في العقيدة من البدع الفلسفة والاعتزال والتجسيم اه.
(*)(1/23)
سبع وسبعين وسمع بسبتة وبجاية وتونس والاسكندرية وقرأ بها القراآت
ايضا، وحج في هذه السنة فسمع بمكة ومنى ورجع على جدة فسمع بها وبعيذاب (1) وقوص، ثم قدم مصر في سنة ثمانين وستماية فسمع بها الكثير من مشيخة وقته وقرأ بها ايضا القراآت والعربية، وتصدر بها لاقراء العربية بالجامع الحاكمي والجامع الاقمر، ودرس التفسير بالجامع الطولوني والقبة المنصورية، ثم اضيف إليه مشيخة الحديث بها ايضا فباشر هذه الوظائف كلها حتى مات، وأمضى اكثر عمره على الاقراء والتصنيف وقرأ عليه الائمة الكبار وتلمذوا له واكثروا من كتب تصانيفه في حياته والاخذ عنه، وممن سمع عليه الحديث بغرناطة الاستاذ أبو جعفر احمد بن الزبير وأبو جعفر بن بشير وابن الطباخ وابو علي بن ابي الاحمر وابو الحسن بن الصائغ وغيرهم، وبمالقة أبو عبد الله محمد ابن عباس القرطبي، وببجاية أبو عبد الله محمد بن صالح الكناني، وبتونس أبو محمد عبد الله بن هارون وأبو يعقوب يوسف بن ابراهيم بن عتاب، وبالاسكندرية عبد الوهاب بن حسن بن الفرات روى له بالاجازة عن الصيدلاني وابن ياسين والارتاحي (2) وأبو بكر عبد الله
__________
(1) عيذاب بالفتح فالسكون ثم ذال معجمة وآخره باء موحدة بليدة على ضفة بحر القلزم هي مرسى المراكب التي تقدم من عدن إلى الصعيد.
(2) نسبة إلى (ارتاح البصر) من اعمال قيسارية بساحل الشام بها رد على يعقوب عليه السلام بصره نقله الداودي عن المقريزي كما في ذيل الباب لابي العباس احمد ابن العجمي، واليها ينسب أبو عبد الله محمد بن احمد المتوفى سنة 601، وحفيد (*)(1/24)
ابن احمد بن اسماعيل بن فارس حدثه عن الكندي، وبمكة ومنى أبو الحسن علي بن صالح الحسيني ويوسف بن اسحق الطبري نبأه عن ابن البنا، وشيوخه بالقاهرة ومصر كثيرون منهم عبد العزيز ابن الصيقل الحراني ومحمد بن اسماعيل بن الانماطي و عبد الرحمن ابن خطيب المزة وغازي الحلاوي ومحمد بن ابراهيم بن ترجم (1) وشامية بنت البكري والحافظ شرف الدين الدمياطي فأكثر عنه وعن خلق، ومن عيون تصانيفه (البحر المحيط) في التفسير و (شرح التسهيل) وهما كبيران جدا و (ارتشاف الضرب من لسان العرب) و (التجريد لاحكام سيبويه) وكتاب التذكرة نحو ثلاث مجلدات، ومن الكتب الصغار ما ينيف على اربعين تصنيفا وغالبها في القراآت والعربية، قال الذهبي: هو الامام العلامة ذو الفنون حجة العرب عالم الديار المصرية وصاحب التصانيف البديعة وله عمل جيد في هذا الشأن وكثرة طلب، وقال العلائي كان علامة كثير النقل والاطلاع جدا إلى ما لا يوصف لكنه ظاهري التصرف جامد في البحث وكان لسانه مسترسلا في الوقيعة في
__________
اخيه أبو الكرم لاحق بن عبد المنعم المتوفى سنة 658.
وسبط ابي عبد الله احمد ابن حامد المتوفى 659، وارتاح بفتح الهمزة وسكون الراء قلعة بحلب ينسب إليها جماعة من القدماء على ما في المعجم والمراصد، والظاهر ان ضبطهما واحد، ولم يعدهما الذهبي من المشتبه مع كثرة من نسب اليهما من الرواة.
(1) المتوفى سنة 692 وفي مشتبه الذهبي: ترجم بمثناة وجيم مشكولتين بالفتح بالمعمر محمد بن ترجم راوي الترمذي بالقاهرة عن ابن البناء اه.
(*)(1/25)
الناس جدا إلى آخر عمره لا يتورع عن ذكر احد سواء كان من أئمة الاسلام المتقدمين أو المتأخرين فالله تعالى يسامحه فانه لم يقلع عن ذلك إلى آخر وفاته قال وسمعت منه اشياء من ذلك بشعة وكانت وفاته (1)
في ثاني عشري صفر سنة خمس واربعين وسبعماية ودفن بمقابر الصوفية.
قلت اجاز لي مروياته بخطه في آخر سنة اربع وأربعين وسبعماية وهو ضرير البصر.
انبأنا الحافظ أثير الدين أبو حيان النفزي وحدثني عنه الحافظ صلاح الدين خليل العلائى قال اخبرنا الاديب الكاتب أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي قراءة منى عليه بمدينة تونس ضحى يوم الجمعة السادس عشر لجمادى الاولى سنة تسع وسبعين وستماية ونقل لنا انه اختلط بآخره قال اخبرنا قاضي الجماعة الفقيه على مذهب أهل الحديث أبو القاسم احمد بن أبي الفضل المخلدي النفري وهو آخر من حدث عنه بالسماع قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الحق الخزرجي وهو آخر من حدث عنه قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن فرج مولى ابن الطلاع قال حدثنا يونس ابن مغيث قال حدثنا أبو عيسى (2) قال حدثنا أبو مروان (3) قال حدثنا يحيى ابن يحيى قال حدثنا مالك عن
__________
(1) بمنزله بظاهر القاهرة.
وفيما ذكره العلائي بعض تحامل سامحهما الله (2) يحيي بن عبد الله بن يحيي القرطبي.
(3) عبيدالله بن يحيى القرطبي اخو جد ابي عيسى المتقدم.
(*)(1/26)
نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) هذا حديث جيد الاسناد رجاله كلهم علماء وهم بين قرطبي ومدني فمن شيخنا إلى يحيى بن يحيى قرطبيون ومن مالك إلى ابن عمر مدنيون، وقد رواه مسلم عن يحيى موافقة، ورواه البخاري عن عبد الله بن يوسف وعن قتيبة كلاهما عن مالك رحمه الله.
وقد مات عام خمس وأربعين بدمشق الامام العلامة قاضي القضاة جلال الدين أبو المفاخر احمد بن قاضي القاضة حسام الدين ابي الفضائل الحسن بن احمد بن الحسين ابن انوشروان الرازي الحنفي عن ثلاث وتسعين سنة ولي قضاء دمشق وحدث عن ابن المجاور، ومات باطرابلس المجد السني محمد بن عيسى بن يحيى المصري ثم الدمشقي الصوفي عن اثنتين وسبعين سنة حدث بالترمذي عن ابن ترجم، ومات بدمشق شيخ الادب نجم الدين علي بن داود اليحياوي الحنفي خطيب جامع تنكز، وماتت ببعلبك المعمرة امة العزيز بنت الحافظ شرف الدين ابي الحسن اليونيني (1) عن سن عالية حدثت عن الشيخ شمس الدين وابن علان
__________
(1) نسبة إلى يونين من قرى بعلبك.
وفي المراصد والقاموس يونان بالضم قرية بها فعلى الثاني النسبة شاذة والقياس يوناني.
ويونان ايضا قرية بين بردعة وبيلقان كما في ذيل لب اللباب.
(*)(1/27)
ونصر الله بن حواري (1) وغيرهم، ومات بالصالحية المعمر زين الدين عبد الرحمن بن حسين بن مناع التكريتي عن نحو تسعين سنة حدث عن ابن عبد الدائم وغيره، ومات بها ايضا المعمر عثمان بن سالم بن خلف البلدي (2) وقد جاوز الماية حدث بصحيح مسلم عن ابن عبد الدايم، ومات بدمشق الامام المفتي أبو عمرو احمد بن ابي الوليد محمد بن احمد المالكي عن بضع وسبعين سنة حدث عن ابن البخاري وغيره، ومات بالقاهرة كبير الامراء وعالمهم سنجر الجاولي المنصوري حدث بمسند الشافعي (3) عن دانيال قاضي الكرك، ومات بدمشق قاضي القضاة
شمس الدين محمد بن ابي بكر بن النقيب الشافعي عن بضع وثمانين سنة صاحب النواوي وحدث عن ابن البخاري وغيره، ومات ببرزة خطيبها الصدر سليمان بن احمد بن علي البانياسي عن احدى وثمانين سنة حدث عن ابن البخاري، وماتت بالصالحية المعمرة حبيبة بنت ابراهيم ابن عبد الله بن ابي عمر المقدسية عن احدى وتسعين سنة حدثت عن ابن
__________
(1) هو الشيخ شرف الدين نصر الله بن عبد المنعم بن حوارى التنوظي الدمشقي الحنفي المتوفى سنة 677 ه ذكره الذهبي.
(2) نسبة إلى البلد اسم بلدة بقرب الموصل تسمى بلد الحطب كما في الانساب.
(3) وله شرح كبير على مسند الشافعي جميع فيه بين شرحي الرافعي وابن الاثير.
(*)(1/28)
عبد الدايم وغيره وأجاز لها محمد بن عبد الهادي (1) والحسن البكري وطائفة، وفي ربيع الاول منها قتل السلطان الملك احمد بن الملك الناصر محمد بن قلاوون بالكرك رحمه الله تعالى.
* (أبو محمد ابن المحب) * الشيخ الامام العالم الزاهد المحدث المفيد الحافظ محب الدين أبو محمد عبد الله بن احمد بن المحب عبد الله بن احمد بن محمد بن ابراهيم المقدسي الاصل الصالحي الحنبلي ولد في المحرم سنة اثنتين وثمانين وستماية وأسمعه ابوه من ابن البخاري وابن العقاب (2) وبنت مكي وجماعة من الموجودين حينئذ، ثم طلب هو بنفسه في سنة ثمان وتسعين فأكثر عن عمر القواس والشرف بن عساكر والغسولي (3) فمن بعدهم وعني بهذا الشأن وجمع وخرج وأفاد وسمع اولاده وكان فصيحا بليغا سريع القراءة، إذا حضر مع مشيختنا المزي والبرزالي والذهبي وتلك الحلبة
__________
(1) المتوفى سنة 658 كما في الشذرات وهو الكبير واما محمد بن عبد الهادي الصغير فسيأتي وهو متأخر بكثير.
(2) ولفظ ابن رجب: اسمعه والده من الفخر ابن البخاري وابن الكمال وزينب بنت مكي وجماعة.
(3) نسبة إلى غسولة بفتح الغين المعجمة قرية من قرى دمشق كما في معجم البلدان وغيره وهو المسند المعمر يوسف بن احمد الغسولي المتوفى سنة سبعمائة وعاش ثمانيا وثمانين سنة روى عن الموفق وغيره وهو ايضا من مشايخ الذهبي وطبقته، كان اميا لا يكتب ذكره ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب.
(*)(1/29)
لا يتقدمه احد في القراءة وكان كثير التلاوة متين الديانة مات في ربيع الاول سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ودفن بقرب الموفق (1) رحمه الله تعالى وكانت جنازته مشهودة، حدث عنه الذهبي في معجمه.
اخبرنا أبو الحسن علي الكاكوني سماعا عليه في سنة خمس وعشرين وسبعماية قال اخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد المصري اجازة ح وحدثنا الحافظ محب الدين المقدسي يومئذ قال اخبرنا أبو محمد عبد الله ابن محمد بن القزاز بقراءتي قالا اخبرنا أبو الفضل الجمال السعدي قال حدثنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال حدثنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد المصري (2) املاءا باصبهان قال اخبرنا علي بن يحيى بن عبد كوبه قال اخبرنا احمد بن سهل العسكري بالبصرة قال حدثنا مسدد و عبد الاعلى قالا حدثنا خالد قال حدثنا سهيل عن بيه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما منكم من احد
ينجيه عمله قالوا ولا انت يا رسول الله قال ولا انا الا ان يتغمدني الله منه برحمته) رواه مسلم في صحيحه من حديث محمد بن سيرين عن ابي هريرة رضي الله عنه بمعناه وخالد هو الحذاء رحمه الله.
* (ابن الفخر) * الامام العالم الحافظ فخر الدين أبو محمد عبد الرحمن بن الامام
__________
(1) بسفح قاسيون بصالحية دمشق.
(2) وابو مطيع المصري مسند اصبهاني له عدة مجالس.
(*)(1/30)
العلامة شمس الدين ابي عبد الله محمد بن الامام فخر الدين ابي محمد عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي ثم الدمشقي الحنبلي ولد سنة خمس وثمانين وستماية وحضر في الثانية على ابن البخاري وسمع من تقي الدين الواسطي وعمر بن القواس وجماعة، ثم طلب بنفسه فسمع ابا الفضل ابن عساكر وخلقا، قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي: تفقه وطلب هذا الشأن وارتحل فيه مرات وكتب العالي والنازل من سنة خمس وسبعماية وهلم جرا وخرج وافاد الخاصة والعامة، سمع مني وسمعت منه وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وسبعماية.
قلت وفيها مات الملك المؤيد صاحب حماة وصاحب التاريخ، وقاضي الشام علم الدين الاخنائي (1) الشافعي، وكبير الامراء بكتمر الساقي.
اخبرنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي بقراءتي، عليه اخبرنا عبد الرحمن ابن محمد الحافظ قال اخبرنا ابراهيم بن علي قال اخبرنا داود بن ملاعب قال اخبرنا محمد بن عمر قال اخبرنا محمد بن علي العباسي قال اخبرنا عمر بن احمد الواعظ قال حدثنا احمد بن القسم بن نصر قال حدثنا أبو همام قال حدثنا اسماعيل بن عياش عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذي يجر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة).
تابعه أبو أسامة وغيره ورواه النسائي عن اسماعيل بن مسعود عن
__________
(1) بكسر الهمزة وسكون الخاء المعجمة على ما في الضوء وغيره.
(*)(1/31)
بشر بن الفضل عن عبد الله بن عمر بنحوه ورواه البخاري عن عروة.
* (ابن المظفر) * الشيخ الامام العالم الحافظ المتقن الحجة المفيد شهاب الدين أبو العباس احمد بن المظفر بن ابي محمد المظفر بن بدر بن الحسن بن مفرح بن بكار النابلسي الاصل المكي الدمشقي الشافعي سبط الحافظ زين الدين خالد ولد في رمضان سنة خمس وسبعين وستماية وسمع زينب بنت مكي والشيخ تقي الدين بن الواسطي وعمر بن القواس والشرف بن عساكر وخلقا كثيرا وعني بهذا الشأن دهرا، حدث عنه الذهبي في معجمه، سمع منه قديما سنة ثلاث وتسعين وقال: له فهم ومعرفة وحفظ على شراسة اخلاقه (1).
قلت ولي مشيخة العزية والنفيسية ومات في دمشق في ربيع الاول سنة ثمان وخمسين وسبعماية وكان يحفظ ويذاكر.
أخبرنا أبو العباس بن المظفر الحافظ بقراءتي عليه في سنة أربع واربعين وسبعماية قال اخبرتنا زينب بنت مكي سماعا عليها في شوال
__________
(1) وفي الدرر الكامنة قال الذهبي في حق ابن المظفر: الحافظ المحرر أكب على الطلب زمانا وترافقنا مدة وكتب وخرج وفي خلقه زعارة وفي طباعه نفور، ثم قال: وعليه مآخذ وله محاسن ومعرفة، وفي المعجم الكبير: له معرفة وحفظ على
شراسة خلق ثم صلح حاله، قال البرزالي محدث فاضل على ذهنه فضيلة وفوائد كثيرة تتعلق بهذا الفن ثم ترك وانقطع وكان تفرد بأجزاء وأشياء، لم يتزوج قط اه.
(*)(1/32)
سنة اربع وثمانين وستمائة قال اخبرنا حنبل المكبر (1) قال اخبرنا أبو القاسم الشيباني (2) قال اخبرنا الحسن بن علي التميمي (3) قال اخبرنا أبو بكر احمد بن جعفر القطيعي (4) قال حدثنا عبد الله بن احمد قال حدثنا ابي قال حدثنا سفيان قال اخبرني عبد الله انه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول انا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفاء اهله، وبه قال حدثنا سفيان عن ابي الزبير سمعه من جابر رضي الله عنه قال (كان ينبذ للنبي صلى الله عليه وسلم في سقاء فإذا لم يكن سقاء فتور (5) من حجارة).
رواه مسلم عن احمد بن يونس ويحيى
__________
(1) هو الشيخ المسند راوي مسند الامام احمد أبو على حنبل بن عبد الله بن الفرج البغدادي الرصافي المكبر المتوفى سنة اربع وستمائة وهو ابن تسعين سنة ترجمه أبو شامة في ذيل الروضتين.
(2) هو أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن احمد بن العباس بن الحصين الشيباني المتوفى سنة خمس وعشرين وخمسمائة وهو ابن اربع وتسعين سنة على ما بينه الحافظ ابن طولون الحنفي في الفهرست الاوسط.
(3) هو أبو على الحسن على بن محمد التميمي المعروف بابن المذهب، توفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة عن تسع وثمانين سنة ذكره الشمس ابن طولون.
(4) نسبة إلى قطيعة الرقيق ببغداد وهو الشيخ أبو بكر احمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب بن عبد الله القطيعي توفي سنة سبع وستين وثلثمائة عن
ست وتسعين سنة كما في الفهرست الاوسط.
(5) التور بالفتح إناء من صفر أو حجارة كالاجانة وقد يتوضأ منه - نهاية ابن الاثير.
(*)(1/33)
بن يحيى وابو داود عن النفيلي ثلاثتهم عن زهير عن ابن الزبير رضي الله عنهما.
* (الطبقة الثالثة والعشرون وعدتهم خمسة) *
* (الذهبي) * الشيخ الامام العلامة شيخ المحدثين قدوة الحفاظ والقراء محدث الشام ومؤرخه ومفيده شمس الدين أبو عبد الله محمد بن احمد بن عثمان ابن قايماز بن عبد الله التركماني الفارقي (1) الاصل الدمشقي الشافعي المعروف بالذهبي مصنف الاصل ولد سنة ثلاث وسبعون وستماية بدمشق وسمع الحديث في سنة اثنتين وتسعين وهلم جرا وسمع بدمشق من أبي حفص عمر بن القواس وأبي الفضل بن عساكر وخلق، وبمصر الابرقوهي (2) وبالقاهرة الدمياطي، وبالثغر الغرافي (3)، وببعلبك التاج عبد الخالق، وبحلب سنقر الزيني، وبنابلس العماد بن بدران، وبمكة التوزري،
__________
(1) نسبة إلى ميافارقين.
(2) بفتح الهمزة والموحدة وسكون الراء وضم القاف وبالهاء نسبة إلى ابرقوه باصبهان وهو احمد بن اسحق المتوفى سنة 701 على ما في شذرات الذهب.
(3) قال الذهبي في المشتبه: الغراف بفتح المعجمة وتشديد الراء بليدة ذات بساتين آخر البطائح وتحت واسط واليها ينسب شيخنا تاج الدين على بن احمد العلوي الغرافي محدث الاسكندرية.
(*)(1/34)
وأجاز له خلق من اصحاب ابن طبرزد والكندي وحنبل وابن الحرستاني وغيرهم من شيوخه في معجمه الكبير أزيد من ألف ومأتي نفس بالسماع والاجازة، وخرج لجماعة من شيوخه وجرح وعدل وفرع وصحح وعلل واستدرك وأفاد وانتقى واختصر كثيرا من تآليف المتقدمين والمتأخرين وكتب علما كثيرا، وصنف الكتب المفيدة فمن أطولها (تاريخ الاسلام) ومن احسنها (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) وفي كثير من تراجمه اختصار يحتاج إلى تحرير (1) ومصنفاته ومختصراته وتخريجاته
__________
(1) قال السخاوي في الاعلان بالتوبيخ لمن ذم التوريخ عند ذكر الميزان: وعول عليه من جاء بعده مع انه تبع في ايراد كل من تكلم فيه ولو كان ثقة ولكنه التزم ان لا يذكر احدا من الصحابة ولا الائمة المتبوعين، وقد ذيل عليه الزين العراقي في مجلد والتقط شيخنا (يعني ابن حجر) منه من ليس في تهذيب الكمال وضم إليه ما فاته في الرواة وتراجم مستقلة مع انتقاد وتحقيق في كتابه لسان الميزان وقد حققته عليه ولى عليه بعض الزوائد اه.
وللعلامة قاسم بن قطلوبغا الحافظ (تقويم اللسان) في مجلدين (وفضول اللسان).
وقد قارن حافظ الشام ابن ناصر الدين بين الذهبي والبرزالي والمزي فحكم للمزي بالتفوق في معرفة رجال طبقات الصدر الاول، وللبرزالي في العصريين ومن قبلهم من الطبقات القريبة منهم، وللذهبي في الطبقات المتوسطة بينهما تأييدا لقول بعض مشايخه.
على ان الاهواء قلما تتغلب على المزي والبرزالي في تراجم الناس بخلاف الذهبي، وقد انتقده على خطته في تراجم الناس انتقادا مرا الحافظ ابن المرابط محمد بن عثمان الغرناطي والتاج ابن السبكي ونسباه إلى التعصب المفرط، ولا تخلو خطته في التراجم من ذلك لاسيما في تراجم الحشوية ومخالفيهم لبعده عن المعقول والعلوم النظرية
واكتفائه بالرواية والسماع كما هو شأن غالب الرواة المنصرفين إلى السماع والرواية (*)(1/35)
تقارب المائة وقد سار بجملة منها الركبان في اقطار البلدان، وكان احد الاذكياء المعدودين والحفاظ المبرزين ولي مشيخة الظاهرية قديما ومشيخة النفيسية والفاضلية والتنكزية وأم الملك الصالح ولم يزل يكتب وينتفي ويصنف حتى أضر في سنة احدى واربعين ومات في ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة سنة ثمان واربعين وسبعماية بدمشق ودفن بمقبرة الباب الصغير رحمه الله تعالى، وكان قد جمع القراآت السبع على الشيخ ابي عبد الله بن جبريل المصري نزيل دمشق فقرأ عليه ختمة جامعة لمذاهب القراء السبعة بما اشتمل عليه كتاب التيسير لابي عمرو الداني وكتاب حرز الاماني لابي القاسم الشاطبي وحمل عنه الكتاب والسنة خلائق والله تعالى يغفر له.
اخبرنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي سماعا عليه ستة احدى وأربعين وسبعماية قال اخبرنا أبو المعالي احمد بن اسحق الابرقوهي سماعا عليه بمصر سنة خمس وتسعين وستماية قال أخبرنا أبو القاسم المبارك ابن ابي الحسن ابن ابي القاسم بن ابي الجود قال اخبرنا أبو العباس احمد بن ابي غالب الوراق قال اخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن احمد الانماطي
__________
من صغرهم قبل النظر في مبادي العلوم سامحه الله، وقال ابن الوردي في تارتخه: واستعجل قبل الموت فترجم في تواريخه الاحياء المشهورين بدمشق وغيرها واعتمد ذكر في سير الناس على احداث يجتمعون به وكان في انفسهم شئ من الناس فآذى بهذا السبب في مصنفاته أعراض خلق من المشهورين اه.
(*)(1/36)
قال اخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص (1) قال حدثنا عبد الله ابن محمد البغوي قال حدثنا عبد الاعلى بن حماد النرسي (2) قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن ابي رافع عن ابي هريرة رضى الله عنه قال ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان رجلا زار أخا له في قرية فأرصد الله عزوجل بمدرجته ملكا فلما اتى عليه قال اين تريد قال اردت اخا لي في قرية كذا وكذا قال هل له عليك من نعمة تبر بها قال لا الا اني احبه في الله تعالى قال اني رسول الله اليك ان الله قد احبك كما احببته فيه) رواه مسلم عن عبد الاعلى فوافقناه بعلو ولله الحمد.
وأنشدنا سيدنا الامام العالم العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب ابن شيخنا العلامة شيخ الاسلام تقي الدين ابي الحسن علي ابن عبد الكافي السبكي قال أنشدنا أبو عبد الله الذهبي الحافظ لنفسه: تولى شبابي كان لم يكن * وأقبل شيب علينا تولى ومن عاين المنحني والنقى * فما بعد هذين الا المصلى وفي سنة ثمان واربعين مات بدمشق قاضي القضاة وشيخ الشيوخ شرف الدين أبو عبد الله محمد ابن القاضي معين الدين ابي بكر بن الحسام الافرم بن عبد الوهاب الهمداني عن بضع وثمانين سنة ودفن بميدان
__________
(1) بضم الميم وكسر اللام المشددة أبو طاهر الذهبي، وبالمخففة جماعة على ما في مشتبه الذهبي، ولم يذكر ابن حجر الاول في نزهة الالباب في الالقاب.
(2) نسبة إلى جده نصر وكانت الفرس يقولون نرس فلا يفصحون به فغلب عليه كما في المشتبه.
(*)(1/37)
الحصى، وقاضي القضاة العلامة عماد الدين أبو الحسن علي بن احمد بن عبد الواحد بن عبد المنعم الطرسوسي الحنفي في ذي الحجة بالمزة عن سن عالية حدث عن الفخر وغيره، وفي رمضان قتل المولى السلطان الملك المظفر حاجي بن محمد بن قلاوون بمصر، ونائب دمشق سيف الدين يلبغا اليحياوي ببلد القابون، والامير حسام الدين طرنطاي المهمندار الناصري احد امراء الالوف بدمشق حدث عن عيسى المطعم (1) وغيره، والمعمر عبد الرحمن بن الفقيه احمد بن محمد بن محمود المرداوي (2) بقاسيون حدث عن ابن عبد الدائم وابن جوشتكين وابنة كندي وطائفة، والتقي احمد بن الصلاح محمد بن احمد بن بدر بن سبع البعلي حدث عن الفخر، والامير نجم الدين داود بن ابي بكر بن محمد البعلي ثم الدمشقي عرف بابن الغرس حدث عن التاج عبد الخالق وغيره، والمعمر الزاهد عز الدين محمد بن العز ابراهيم بن عبد الله بن ابي عمر خطيب جامع قاسيون عن خمس وثمانين سنة حدث عن ابن عبد الدائم وطائفة، حدث عن البرزالي والذهبي والسبكي، وفرج بن علي بن صالح الحسيني حدث عن الفخر وغيره، والصاحب تقي الدين بن هلال ناظر الدواوين بالشام شابا.
__________
(1) كان يطعم الاشجار فلقب به، وقد يقال له السمسار ايضا لانه كان يشتغل بالسمسرة في الدور كما في الدرر الكامنة.
(2) بفتح الميم وسكون الراء وفتح الدال المهملة نسبة إلى مردى مقصورا قرية قرب نابلس على ما في ذيل لب اللباب.
(*)(1/38)
* (السبكي) * (1) الشيخ الامام الحافظ العلامة قاضي القضاة تقي الدين بقية المجتهدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى تمام الخزرجي الانصاري السبكي المصري ثم الدمشقي الشافعي ولد سنة ثلاث وثمانين وستمائة، سمع بمصر من الحافظ شرف الدين الدمياطي وجماعة من اصحاب ابن باقا وغيرهم، وبالاسكندرية من يحيى بن الصواف وغيره، قدم دمشق عام سبع وسبعماية وسمع ابن الموازيني وابن المشرف وخلق، وعني بالحديث أتم عناية وكتب بخطه المليح الصحيح المتقن شيئا كثيرا من سائر علوم الاسلام، وهو من طبق الممالك ذكره ولم يخف على احد عرف اخبار الناس أمره وسارت بتصانيفه وفتاويه الركبان في اقطار البلدان وكان ممن جمع فنون العلم من الفقه والادب والنحو واللغة والشعر والفصاحة والزهد والورع والعبادة الكثيرة والتلاوة والشجاعة والشدة في دينه ولي قضاء الشام سنة تسع وثلاثين وسبعماية وخطب في الجامع الاموي في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة اياما، وتخرج به طائفة من العلماء وحمل عنه امم ثم ضعف وترك القضاء لولده الامام العلامة تاج الدين ابي نصر عبد الوهاب فحكم نيابة عن
__________
(1) نسبة إلى سبك بالضم والسكون من قرى مصر ذكره السيوطي في لب اللباب.
(*)(1/39)
والده أشهرا ثم حكم استقلالا في جمادى الاولى سنة ست وخمسين وسبعماية، ثم توجه شيخنا قاضي القضاة تقي الدين إلى وطنه ومات بالقاهرة يوم الاثنين ثالث جمادى الآخرة منها ودفن هناك رحمه الله تعالى، ومن تصانيفه كتاب (التحقيق في مسألة التعليق) وهو الرد الكبير على شيخنا تقي الدين ابن تيمية في مسألة الطلاق وكتاب (رفع الشقاق في مسألة الطلاق) وكتاب (شفاء السقام في زيارة خير الانام) وهو الرد على ابن تيمية وقد يسمى شن الغارة و (السيف المسلول على من سب الرسول) واكمل على شرح المهذب للنووي في خمس مجلدات وكتاب (الابهاج في شرح المنهاج) للنووي.
ومات بدمشق هذا العام شيخنا المعمر خاتمة اصحاب ابن عبد السلام أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن الحفار عن تسعين سنة، وبالقاهرة قاضي القضاة المالكية الامام العلامة نور الدين علي السخاوي حكم بالقاهرة ثلاثة أشهر، ومات ببعلبك المعمر شجاع الدين عبد الرحمن خادم الشيخ الفقيه اليونيني عن نحو ماية سنة حدثنا عن ابن البخاري وغيره، والعدل بدر الدين محمد بن محمد بن عبد الغني بن البطايني عن ثمان وسبعين سنة حدثنا عن ابن سنان وغيره ومقدم العساكر بدمشق (1).
اخبرنا قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي قراءة عليه وانا اسمع سنة أربعين وسبعماية قال اخبرنا أبو الحسن
__________
(1) لم نهتد إلى قراءة اسمه في الاصل.
(*)(1/40)
علي بن احمد بن عبد العزيز بن الصواف بقراءتي عليه بالاسكندرية قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن عماد الحراني قال اخبرنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة السعدي قال اخبرنا القاضي أبو الحسن الخلعي (1) قال اخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر البزار قال حدثنا أبو طاهر احمد بن عمر المديني قال حدثنا أبو موسى يونس بن عبد الاعلى الصدفي قال حدثنا عبد الله بن وهب قال اخبرني يونس بن يزيد وقرة بن عبد الرحمن ومالك بن انس عن ابن شهاب عن انس رضي الله عنه (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلبن قد شيب بماء وعن يمينه اعرابي وعن يساره أبو بكر
فشرب ثم اعطى الاعرابي فضله وقال الايمن فالايمن) رواه البخاري عن اسماعيل ومسلم عن يحيى بن يحيى وأبو داود عن القعنبي والترمذي عن قتيبة والنسائي عن هشام بن عمار خمستهم عن مالك رحمه الله تعالى.
* (العز ابن جماعة) * الشيخ الامام العالم العلامة الحافظ قاضي القضاة عز الدين أبو عمر عبد العزيز ابن الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام قاضي القضاة بدر الدين ابي عبد الله محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن محمد بن ابراهيم بن
__________
(1) نسبة إلى بيع الخلع لانه كان يبيعها لملوك مصر وهو أبو الحسن علي بن الحسين الموصلي المتوفى بمصر سنة 492 وخرج له أبو نصر الشيرازي الخلعيات في عشرين جزءا على ما ذكره السيوطي في حسن المحاضرة، والخلعي بكسر الخاء المعجمة وفتح اللام كما ضبطه ابن خلكان (*)(1/41)
جماعة الكناني الشافعي المصري ولد سنة اربع وتسعين وستماية وفخضر على عمر بن القواس والابرقوهي وأبي الفضل بن عساكر والحافظ شرف الدين الدمياطي وجماعة، ثم طلب بنفسه فسمع بدمشق والحرمين والقاهرة وأسمع أولاده وعني بهذا الشأن أتم عناية حتى ولي قضاء الديار المصرية سنة ثمان أو تسع وثلاثين وسبعماية واستقضي مرارا ودرس وأفتى، وصنف التصانيف المفيدة منها المنسك الكبير على المذاهب الاربعة وغيره، وتنقل في الولايات الرفيعة، حج وجاور بالحجاز غير مرة آخرها في موسم سنة ست وستين وسبعماية ومات بمكة بعد المولد في التي تليها يوم الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستين ودفن بالمعلاة بجانب الفضيل بن عياض رحمه الله.
اخبرنا الحافظ عز الدين أبو عمر بن جماعة بقراءتي عليه بالقاهرة في سنة سبع وخمسين وسبعماية قال اخبرنا أبو حفص عمر بن القواس قراءة عليه وانا حاضر قال أخبرنا قاضي القضاة أبو القاسم بن الحرستاني قال اخبرنا أبو الحسن السلمي قال اخبرنا أبو نصر بن طلاب (1) قال اخبرنا أبو الحسين بن جميع قال حدثنا محمد بن الحسن بالرملة قال حدثنا محمد بن حسان الازرق قال حدثنا وكيع بن الجراح قال حدثنا هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله
__________
(1) هو مسند دمشق وخطيبها أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب القرشي المتوفى سنة سبعين واربعمائة.
(*)(1/42)
عليه وسلم (نعم الادام الخلل) رواه مسلم والترمذي عن الدارمي عن يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال عن هشام به.
* (العلائي) * هو الشيخ الامام العلامة الحافظ العمدة الحجة الاوحد البارع صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي الدمشقي الشافعي سبط البرهان الذهبي (1) ولد سنة أربع وتسعين وستماية وحفظ القرآن وتعلم الفقه والنحو والاصول وبرع في الحديث ومعرفة الرجال والمتون والعلل وخرج وصنف وأفاد، قال الذهبي: حفظ كتبا وطلب وقرأ وأفاد وانتقى ونظر في الرجال والعلل وتقدم في هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم، سمع ابن مشرف وست الوزراء والقاضي (2) وابا بكر الدشتي (3) والرضى الطبري وطبقتهم وحدثنا في درسه عن جماعة.
قلت شيوخه بالسماع نحو السبعماية أقدمهم وفاة الخطيب شرف الدين
__________
(1) ابراهيم بن عبد الكريم بن راشد المحدث أبو اسحق القرشي الذهبي القطاع اخذ عن ابن عبد الدائم والزين خالد ولد سنة 630 ومات سنة 718.
(2) وهو تقي الدين سليمان المقدسي.
(3) نسبة إلى دشت محلة باصبهان على ما ذكره ابن العماد في الشذرات وهو أبو بكر احمد بن محمد بن ابي القسم الدشتي المتوفى سنة 713 عن ثمانين سنة وهو من مشايخ الذهبي وطبقته اخذ عن ابي الحجاج يوسف ابن خليل وطبقته في رواياته عجائب وغرائب كعمه.
(*)(1/43)
الفزاري (1) وصحب الامام العلامة كمال الدين ابن الزملكاني دهرا طويلا وحضر وأخذ عنه علما كثيرا وهو الذي البسه زي الفقهاء وكان يلبس زي الجند حتى بلغ خمس عشرة سنة، وأخذ صناعة الادب والترسل عن الامام شهاب الدين محمود الحلبي وغيره، ولبس خرقة التصوف من العلامة المحدث المعمر صدر الدين ابي المجامع بن حمويه الجويني وأجاز له خلق أقدمهم أبو جعفر محمد بن علي بن الموازيني وأبي الحسن علي ابن القيم (2) وفاطمة بنت سليمان الانصاري ومحمد بن يوسف الاربلي وسبط زيادة، ومما خرجه من الحديث لنفسه متكلما على اسانيده ومتونه كتاب (الاربعين في اعمال المتقين) في ستة واربعين جزءا وكتاب (الاربعين المعنعنة بفنون فنونها عن المعين) في اثني عشر جزءا وكتاب (الوشي المعلم في ذكر من روى عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم) ستة عشر جزءا وكتاب (الاربعين الآلهية) ثلاثة اجزاء و (عوالي مالك السباعيات) ستة اجزاء (3) و (المجالس المبتكرة) عشرة اجزاء والمسلسلات ثلاثة اجزاء وغير ذلك من الاجزاء المفردة في معان متعددة،
ومن كتب العلمية (النفحات القدسية) اربعون مجلدا ومقدمة كتاب
__________
(1) هو احمد بن ابراهيم بن سباع شرف الدين خطيب دمشق ومحدثها ونحويها المتوفى سنة خمس وسبعمائة عن خمس وسبعين سنة.
(2) هو علي بن عيسى بن سليمان المعروف بابن القيم ولي نظر الاحباس في عهد الظاهر بيبرس، اخذ عن سبط السلفي وغيره توفي سنة 690.
(3) وهي (البغية والملتمس في عوالي الامام مالك بن انس).
(*)(1/44)
نهاية الاحكام في دراية الاحكام خمسة عشر جزءا وكتاب (تحفة الرائض بعلوم آيات الفرائض) وكتاب (برهان التيسير في عنوان التفسير) وكتاب (المباحث المختارة في تفسير آية الدية والكفارة) وكتاب (جامع التحصيل لاحكام المراسيل) وكتاب (تحقيق منصب الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة) وكتاب (تيسير حصول السعادة في تقرير شمول الارادة) وكتاب (تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم) وكتاب (شفاء المسترشدين في حكم اختلاف المجتهدين) وكتاب (تفصيل الاكمال في تعارض بعض الاقوال والافعال) وكتاب (تحقيق الكلام في نية الصيام) وكتاب (فصل القضاء في احكام الاداء والقضاء) و (رفع الاشتباه عن احكام الاكراه) و (رفع الالتباس عن مسائل البناء والغراس) وكتاب (اتمام الفرائد المحصولة في الادوات الموصولة) وكتاب (الفصول المفيدة في الواو المزيدة) و (المعاني العارضة عن الخافضة)، وله غير ذلك من التآليف المفردة في علوم متعددة (1) ولي مشيخة الحديث بالمدرسة الناصرية بدمشق قديما ونزل بيت المقدس وولي التدريس بالصلاحية والتنكزية وغيرهما ودام على الاشغال والاشتغال بالتصنيف والافادة وجاور بالحجاز غير
__________
(1) كاثارة الفوائد المجموعة في الاشارة إلى الفرائد المسموعة بين فيها شيوخه ومسموعاته منهم، وله جزء تصحيح حديث القلتين و (سلوان التعزي بالحافظ ابي الحجاج المزي) و (المجموع المذهب في قواعد المذهب) وغير ذلك، وله مع مغلطاى ما يكون بين المتعاصرين.
وكان بينه وبين الحنابلة خصومات كثيرة وكان اشعريا متصلبا.
(*)(1/45)
مرة ومات يوم الاثنين ثالث المحرم سنة احدى وستين وسبعماية بالقدس الشريف ووقف اجزاءه بالخانقاه السميساطية والله يغفر له.
اخبرنا الحافظ الامام صلاح الدين العلائي سماعا عليه بالمسجد الاقصى قال اخبرنا شيخنا أبو الفضل سليمان بن حمزة بقراءتي قال اخبرتنا كريمة بنت احمد سماعا قالت انبأنا محمد بن احمد العباسي قال اخبرنا محمد بن محمد الزينبي قال اخبرنا محمد بن عمر بن زنبور قال حدثنا عبد الله البغوي قال حدثنا أحمد بن حنبل وجدي وزهير بن حرب وسريج بن يونس وابن المقري قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يعظ اخاه في الحياء فقال النبي صلى الله عليه وسلم (الحياء من الايمان) هذا حديث حسن صحيح فرد عزيز لاجتماع هؤلاء الائمة فيه رواه مسلم عن زهير عن حرب ورواه الترمذي عن احمد بن منيع جد البغوي ورواه (1) عن ابن المقري فوقع لنا موافقة عالية لهم مع اختلاف الشيوخ.
أنشدنا الامام صلاح الدين قال أنشدنا المعمر شهاب الدين محمد ابن محمد بن دمرداش لنفسه قوله:
__________
(1) هنا بياض ولعل الاصل (ورواه ابن ماجه عن ابن المقري) وفي سنن ابن ماجة: حدثنا سهل بن ابي سهل ومحمد بن عبد الله بن يزيد قالا ثنا سفيان عن الزهري الحديث.
ومحمد بن عبد الله بن يزيد هو ابن المقري.
(*)(1/46)
أقول لمسواك الحبيب لك الهنا * بلثم فم ما ناله ثغر عاشق فقال وفي احشائه حرقة الجوى * مقالة صب للديار مفارق تذكرت اوطاني فقلبي كما ترى * أعلله بين العذيب وبارق * (ابن خليل) * الشيخ الامام العالم الحافظ القدوة البارع الرباني بهاء الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن ابي بكر بن خليل العسقلاني ثم المكي المقري المالكي (1) نزيل القاهرة ولد سنة اربع وتسعين وستماية بمكة وتفقه وعني بالحديث ورحل فيه وأخذ عن بيبرس العديمي بحلب، وعن القاضي تقي الدين وست الوزراء وطائفة بدمشق، وعن التوزري (2) والرضي الطبري بمكة، وعن طائفة بمصر وقرأ في المنطق، قال الذهبي: كان حسن القراءة جيد المعرفة قوي المذاكرة في الرجال كثير العلم متين الديانة كبير الورع مؤثر الانقطاع والخمول كبير القدر انقطع بزاوية بظاهر الاسكندرية على البحر مرابطا قلت ثم استوطن القاهرة وساءت اخلاقه والله تعالى يغفر له (3).
__________
(1) وسيأتي في ذيل السيوطي انه شافعي المذهب.
(2) نسبة إلى توزر بالفتح ثم السكون وفتح الزاي وراء مدينة في اقصى افريقية من نواحي الزاب الكبير من اعمال الجريد - معجم البلدان.
(3) قال جار الله كاتب الاصل: اقول وترجمه التقي الفاسي في العقد الثمين
في تاريخ البلد الامين وقال عقب هذا الكلام وغيره مطولا انه توفي يوم الاحد (*)(1/47)
اخبرنا الحافظ الزاهد بهاء الدين بن خليل المكي قراءة عليه وانا اسمع بالقاهرة قال اخبرنا بيبرس العديمي بقراءتي عليه بحلب قال اخبرنا أبو اسحق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكشغري قال اخبرنا أبو الحسن تاج القراء وأبو الفتح بن البطي قالا اخبرنا أبو عبد الله البانياسي قال اخبرنا أبو الحسن بن الصلت قال اخبرنا ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمي قال حدثنا أبو سعيد الاشج قال حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكوثر نهر في الجنة حافتاه الذهب مجراه الدر
__________
ثاني جمادى الاولى سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمقر له بسطح الجامع الحاكمي بالقاهرة ودفن بالقرافة الصغرى بالقرب من الشيخ تاج الدين بن عطاء الله رحمهما الله تعالى اه.
ولم يؤرخ المصنف وفاته لانها تأخرت عن وفاته.
وترجمه ابن العماد فقال: هو من ذرية عثمان بن عفان رضي الله عنه بالغ الذهبي في الثناء عليه في بيان زغل العلم وغيره قال في معجمه الكبير: المحدث القدوة عجيب في الورع والدين والانقباض عن الناس وحسن السمت، وفي المعجم المختص: هو الامام القدوة اتقن الحديث وعني به ورحل فيه، قال الشهاب ابن النقيب بمكة رجلان صالحان احدهما يؤثر الخمول وهو ابن خليل والآخر يؤثر الظهور وهو البافعي.
وتصدى للاسماع في اواخر زمانه ومع ذلك فلم يحدث بجميع مسموعاته لكثرتها، توفي بالقاهرة في التاريخ وشهد جنازته ما لا يحصى كثرة، وكان ابن خليل ربما عرضت له جذبة فيقول فيها أشياء رحمه الله تعالى اه.
والذهبي كلما ذكره في بيان زغل العلم يذكره بسيدي عبد الله بن خليل ويطريه.
(*)(1/48)
والياقوت تربته أطيب من المسك وأشد بياضا من الثلج) رواه (1) عن الاشج موافقة.
* * * * (الطبقة الرابعة والعشرون وعدتهم عشرة) *
* (ابن عبد الهادي) * الامام العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن شيخنا الزاهد عماد الدين أبي العباس احمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي ابن محمد بن يوسف بن قدامة المقدسي الجماعيلي الاصل الدمشقي الصالحي الحنبلي ولد سنة خمس (2) وسبعماية، وسمعه أبوه القاضي تقي الدين سليمان وأبا بكر بن عبد الدايم وعيسى المطعم وخلقا من هذه الطبقة، وبعد هذا اكثر عن شيخنا ابي الحجاج المزي ولازمه نحو عشر سنين واعتنى بالرجال والعلل وبرع وجمع وصنف وتصدر للافادة والاشتغال في
__________
(1) هنا بياض في النسخة ولعل الاصل (رواه ابن ماجه عن الاشج) لانه اخرجه في سننه عن واصل بن عبد الاعلى و عبد الله بن سعيد وعلي بن المنذر قالوا ثنا محمد بن فضيل الحديث، و عبد الله بن سعيد هو أبو سعيد الاشج.
(2) أوست، وكان عمره حين توفي دون اربعين سنة اما ثمانيا وثلاثين سنة أو تسعا وثلاثين سنة، قال الصفدي: لو عاش لكان آية اه.
أقول ولكان انضج وأهدأ في العلم، وكان احسن علومه معرفة احاديث الاحكام وعللها، وسيأتي ذكر مؤلفاته في ذيل السيوطي (*)(1/49)
القراآت والحديث والفقه والاصلين والنحو واللغة وولي مشيخة الحديث
بالضيائية والغياثية ودرس بالمدرسة المنصورية وغيرها، وسمع منه طائفة وروى شيخنا الذهبي عن المزي عن السروجي عنه، ومات يوم الاربعاء عاشر جمادى الاولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة ودفن بقاسيون وتأسف الناس عليه، وسمعت شيخنا الذهبي يقول يومئذ وهو يبكي: ما اجتمعت به قط الا واستفدت منه رحمه الله تعالى.
ومات في عامه القاضى الامام بالديار المصرية برهان الدين ابراهيم بن علي بن احمد بن علي بن يوسف الحنفي (1) ابن سبط عبد الحق بدمشق حدث عن الفخر وغيره، والمعمر أبو العباس احمد بن عمر بن عفان الموشي (2) أخو حيدر عن ثلاث وتسعين سنة حدث عن ابن عبد الدايم وغيره، والحافظ شمس الدين بن محمد بن علي بن ايبك السروجي بحلب شابا، وبالقدس القاضي شرف الدين محمد بن العلامة شهاب الدين محمود وكيل بيت المال بدمشق، وبحلب المفتي الامام شمس الدين السفاقسي المالكي، وبدمشق المعمر زين الدين عبد الرحيم بن ابراهيم بن كاميار (3) القزويني
__________
(1) المعروف بابن عبد الحق نسة إلى جد أبيه لامه عبد الحق بن خلف الواسطي الحنبلي كما في الدرر الكامنة.
(2) بضم الميم وسكون الواو بعدها معجمة قاله الحافظ ابن حجر.
(3) بكسر الميم وتخفيف التحتانية وآخره مهملة آخر من اخذ عن ابن خطيب القرافة، ووهم الحسيني في تاريخ وفاته، والصحيح انه توفي ثالث عشر صفر سنة ثلاث واربعين وسبعمائة على ما يقوله ابن حجر.
(*)(1/50)
عن ثلاث وتسعين سنة حدث بالاجازة عن عثمان بن خطيب القرافة (1) والحسن البكري وخلق، والمسند شهاب الدين أبو القاسم عبد الله بن على بن محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال الازدي عن بضع وسبيعن سنة حدث عن ابن علان ويحيى بن حنبل حضورا (2) وسمع من طائفة، والمعمر بدر الدين حسن ابن محمد بن اسماعيل بن منصور المعروف بابن الطحان عن بضع وثمانين سنة حدث عن ابي بكر بن السني والكمال بن عبد وجماعة، والشيخ شرف الدين محمد بن عبد الله بن احمد بن عمر بن الشيخ ابي عمر المقدسي المنجنيقي بالكرك حدث عن ابن البخاري.
* (أبو الفتح السبكي) * الشيخ الامام العلامة الحافظ الفقيه الاديب تقي الدين محمد بن عبد اللطيف بن يحيى بن علي بن تمام السبكي أحد من جمع بين الفقه والحديث والادب ولد في ربيع الآخر سنة خمس وسبعماية وحضر أبا الحسن بن القاسم وعلي بن هارون التغلبي وجماعة وسمع من الحسن بن عمر الكردي واحمد بن محمد العباسي وعلي بن عمر الواني ويونس (3) وخلق من هذه
__________
(1) هو الشيخ المسند أبو عمر وعثمان بن علي بن عبد الواحد الغرس ابن خطيب القرافة المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة كما ذكره الذهبي وغيره.
(2) يعني احضر وهو صبي في مجلس تحديثهما تبركا.
(3) يعني ابن ابراهيم بن عبد القوي الكناني المتوفى سنة تسع وعشرين وسبعمائة (*)(1/51)
الطبقة فمن بعدهم، وأجاز له عام مولده الحافظ برهان الدين الرشاطي (1) وعدة، وكتب بخطه المليح الصحيح جملة (2) وانتقى على بعض شيوخه ودرس بالقاهرة ودمشق وناب بالشام عن شيخنا قاضي القضاة تقي الدين حتى مات في ذي القعدة سنة أربع وأربعين وسبعماية ودفن بقاسيون رحمه الله تعالى، وذكره شيخنا أبو عبد الله الذهبي في المعجم المختص وأثنى على علمه وديانته وذكره أيضا في تجريد الحفاظ ولم يقبض لى السماع منه رحمه الله تعالى.
* (ابن رافع) * الشيخ الامام العالم الحافظ المتقن المفيد الرحال تقي الدين أبو المعالي محمد ابن الشيخ العالم المحدث الفاضل جمال الدين ابي محمد رافع بن ابي محمد هجرس (3) بن محمد بن شافع الصميدي (4) الاصل المصري ثم
__________
وهو المعروف بالدبوسي ويقال الدبابيسي وكان من مسندي عصره، ويتكرر ذكر الدبوسي في هذه الطبقة.
(1) بل الشرف الدمياطي.
(2) علق تاريخا للمتجددات في زمانه ذكره ابن العماد في الشذرات.
(3) بكسر هاء وسكون جيم وكسر راء وبسين مهملة ذكره صاحب مجمع بحار الانوار في المغنى.
(4) بضم المهملة وفتح الميم وتخفيفها واسكان التحتية نسبة إلى قرية من قرى دمشق ذكره في ذيل لب اللباب، وهو مصري المولد والمنشأ نزيل دمشق واصله من صميد بحوران.
(*)(1/52)
الدمشقي الشافعي ولد سنة أربع وسبعماية وسمع من حسن سبط زيادة وابن القيم (1) وجماعة حضورا، وارتحل به أبوه سنة أربع عشرة فأسمعه من القاضي تقي الدين سليمان الحنبلي وابي بكر بن عبد الدائم وطائفة، وأجاز له الحافظ شرف الدين الدمياطي، قال الذهبي: سمعه ابوه جميع تهذيب الكمال من الحافظ أبي الحجاج المزي ثم توفي والده
فحبب إليه هذا الشأن فحج وقدم علينا سنة ثلاث وعشرين وقد صار ذا معرفة فسمع الكثير ثم رجع إلى وطنه فأقام يقرأ ثم قدم من العام القابل فازداد استفادة ثم قدم سنة تسع وعشرين وذهب إلى حماة وحلب، روى لنا عن ابي حيان قصيدة واشياء، قلت ثم رجع إلى وطنه فأقام دهرا ثم قدم سنة تسع وثلاثين وسبعمائة إلى دمشق فاستوطنها وسمع جملة من اصحاب ابن عبد الدائم وابن ابي اليسر ومن بعدهم، وولي مشيخة النورية والزاوية الفاضلية والعزية وحج عام اثنين وخمسين وحدث بطريق الحجاز الشريف وخرج لنفسه معجما استوعب فيه شيوخه وعمل تاريخ بغداد.
(2)
__________
(1) يعني علي بن عيسى المار ذكره لا ابن قيم الجوزية.
(2) معجمه في اربع مجلدات وتاريخه ذيل على ذيل ابن النجار على تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
قال جار الله ابن فهد اقول وكان اماما علامة حافظا من كبار الفقهاء مع الورع والزهد والصيانة لكنه ابتلى أخيرا بالوسوسة وبالغ فيها إلى ان مات بعد وفاة المؤلف على تلك الحالة في يوم الثلاثاء الثامن عشر من جمادى الاولى سنة اربع وسبعين وسبعمائة رحمه الله اه.
قال ابن حجر: وله الوفيات ذيل البرزالي كبير الفائدة وذيله على ابن النجار في اربع مجلدات.
(*)(1/53)
أخبرنا الحافظ تقي الدين محمد بن رافع السلامي (1) بقراءتي عليه في جمادى الاولى سنة ثلاث وخمسين وسبعماية بدمشق قال أخبرنا ابراهيم بن علي بن محمد بن غالب الانصاري وابو علي الحسن بن علي الكردي قالا اخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السخاوي قال اخبرنا أبو طاهر السلفي قال اخبرنا الخليل بن عبد الجبار التميمي قال اخبرنا علي
ابن الحسن القاضي قال اخبرنا أبو بكر محمد بن علي النقاش قال اخبرنا أبو صالح القاسم بن الليث قال حدثنا المعافى بن سليمان قال حدثنا فليح ابن سليمان عن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعيد بن يسار عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ان الله تعالى يقول يوم القيامة ابن المتحابون بجلالي أظلهم في ظلي يوم لا ظل الا ظلي).
* (الحسامي) * الشيخ الامام العالم الحافظ المخرج المفيد شهاب الدين أبو الحسن احمد بن أبيك بن عبد الله الحسامي المعروف بالدمياطي محدث مصر ولد بها سنة سبعماية وسمع ابن رشيق وست الوزراء وخلقا بمصر، وقدم دمشق عام اربعين فسمع الجزري (2) والمزي ومشيخة العصر فاكثر
__________
(1) ضبطه ابن العماد في الشذرات بتشديد اللام.
(2) يعني الشمس المؤرخ السابق ذكره لا المقرئ فانه متأخر.
(*)(1/54)
فظهرت معرفته وحسن مشاركته، وخرج لشيخنا قاضي القضاة تقي الدين السبكي معجما في عشرين جزءا ولم يستوعب شيوخه وذيل في الوفيات على الشريف عز الدين الحسيني (1) وخرج لجماعة وانتقى عليه شيخنا الذهبي جزءا حدث به بدمشق ثم رجع إلى بلده ومات في طاعون سنة تسع وأربعين وسبعماية رحمه الله تعالى.
اخبرنا الحافظان أبو الحسين الدمياطي وابو الحجاج المزي قال الاول اخبرنا أبو الحسن احمد بن علي بن وهب القشيري وقال الثاني اخبرنا أبو طاهر احمد بن يونس الاربلي قالا اخبرنا أبو الحسن علي بن الجميزي (2) قال اخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي ح وقرئ على ابي العباس الجزري قيل له اخبرك محمد بن عبد الهادي حضورا عن السلفي فأقربه قال اخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي قال حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال حدثنا محمد بن يعقوب الاصم قال حدثنا ابراهيم بن منقذ الخولاني قال حدثنا ايوب بن سويد قال حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ما من قلب الا بين اصبعين من اصابع الرحمن ان شاء اقامه وان شاء أزاغه) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يا مقلب
__________
(1) وقال البدر الزركشي: شرع في تخريج احاديث الرافعي ولم يتم وخرج للدبوسي معجما وجمع ايضا للختني مشيخة.
(2) بضم الجيم وتشديد الميم المفتوحة وبالزاي قال الذهبي هو الامام أبو الحسن هبة الله ابن بنت الجميزي سمع من السلفي وشهدة وابن عساكر.
(*)(1/55)
القلوب ثبت قلوبنا على دينك والميزان بيد الرحمن يرفع اقواما ويخفض آخرين إلى يوم القيمة (1) حديث حسن أخرجه النسائي من حديث ابن المبارك وغيره تفرد به ابن جابر.
وكان الطاعون العام الدائر في البلدان عام تسع وأربعين فمات فيه شيخنا تاج الدين عبد الرحيم بن ابي اليسر وشيخنا المعمر بهاء الدين علي ابن العز عمر بن احمد المقدسي الشروطي عن تسع وثمانين سنة لانه ولد في سنة ستين وستماية حدث بصحيح مسلم عن ابن عبد الدايم مرات، والقاضي زين الدين عمر بن نجيح الحنبلي حدث عن التقي بن الواسطي وغيره، وأخوه أبو بكر حدث عن الفخر وغيره، والحافظ شرف الدين عبد الله بن الحافظ امين الدين محمد بن ابراهيم الواني الحنفي (2) شابا حدثنا عن عيسى بن المطعم وغيره، وشيخنا شهاب الدين محمد بن احمد بن هارون الشافعي شيخ خانفاه القصاعين حدث بالترمذي عن ابن البخاري، وشيخنا عماد الدين محمد بن الشيرازي محتسب دمشق وناظر الجامع
__________
(1) كثير ما يتمسك الحشوية بظاهر مثل هذه الاحاديث لعبدهم عن العلم وضعفهم في اللغة، ومن يود الوقوف على معانيها على الوجه الحلق فليراجع كتاب (دفع شبهة التشبيه للحافظ ابن الجوزي) الذي عني بطبعه ناشر هذا الكتاب.
(2) هو وأبوه وعمه وجده من المسندين من بيت علم ورواية، وستأتي ترجمة الحافظ عبد الله الواني هذا في ذيل ابن فهد وترجمة والده الحافظ أمين الدين محمد في ذيل السيوطي، وكان والده هذا ممن ملاء الدنيا رواية وله مجلد في ذكر أسانيد مسموعاته ومروياته رأيته بخطه في الخزانة الظاهرية بدمشق.
(*)(1/56)
الاموي حدث عن الفخر وغيره، وشيخ الشيوخ علاء الدين علي بن محمود القونوي الحنفي، وصاحب ديوان الانشاء بالاقليمين شهاب الدين احمد بن يحيى بن فضل الله العمري حدث بالاجازة عن الابرقوهي وصنف (مسالك الابصار في ممالك الامصار) في عدة اسفار، ومن رفقائنا المحدثين الحافظ نجم الدين سعيد الدهلي، وشهاب الدين احمد بن علي بن سعيد الشرايحي، وشمس الدين محمد بن جرير النقيب الحربي التيمي، وشهاب الدين أبو الفتح احمد ابن شيخنا المحب عبد الله بن احمد المقدسي، وعمه الشيخ ابراهيم المحب، وناصر الدين محمد بن طولوبغا السيفي، ومحمد بن عبيد، وأحمد بن عيسى الكركي، وشيخنا الامام بهاء الدين محمد بن محمد بن ابي الفتح الحنبلي، وأمه سكينة بنت الحافظ شرف الدين اليونيني، وبمصر صالح القيمري وخلق لا يحصيهم الا الله تعالى.
* (ابن كثير) * الشيخ الامام العالم الحافظ المفيد البارع عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ذرع البصروي الاصل الدمشقي الشافعي ولد بمجدل القرية من اعمال مدينة بصرى في سنة احدى وسبعماية إذ كان ابوه خطيبا بها ثم انتقل إلى دمشق في سنة ست وسبعماية وتفقه بالشيخ برهان الدين الفزاري (1) وغيره وسمع
__________
(1) وهو ابن الفركاح البرهان ابراهيم بن عبد الرحمن الفزاري المتوفى سنة 729.
(*)(1/57)
ابن السويدي (1) والقاسم ابن عساكر وخلقا، وصاهر شيخنا الحافظ المزي فأكثر عنه وأفتى ودرس وناظر وبرع في الفقه والتفسير والنحو وأمعن النظر في الرجال والعلل وولي مشيخة أم الصالح والتنكزية بعد الذهبي، ذكره الذهبي في مسودة طبقات الحفاظ وقال في المعجم المختص: هو فقيه متقن ومحدث (2) محقق ومفسر نقاد وله تصانيف مفيدة، قلت فمن تصانيفه كتاب (التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل) جمع بين كتاب التهذيب والميزان وهو خمس مجلدات وكتاب (البداية والنهاية) (3) في أربعة وخمسين جزءا وكتاب (الهدي والسنن في احاديث المسانيد والسنن) (4) جمع فيه بين مسند الامام احمد والبزار وأبي يعلي وابن ابي شيبة إلى الكتب الستة وله غير ذلك (5).
__________
(1) وهو البدر محمد بن ابراهيم المتوفى سنة 711.
(2) قال ابن حجر: لم يكن على طريقة المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنون الحديث وانما هو من محدثي الفقهاء وقد اختصر
مع ذلك كتاب ابن الصلاح اه.
وان كان الغالب عليه السعة في حفظ المتون لكن لم يكن بحيث لا يميز العالي من النازل باعتبار معرفته بطبقات الرواة واحوالهم بل ذلك مما لا يخفى على من هو دونه بمراحل في معرفة الرجال كيف وقد لازم المزي في ذلك مدة طويلة وعني بجمع التكميل.
وفي تراجم من شهروا بالبراعة تبدو كومن ابن حجر سامحه الله.
(3) في التاريخ في اثنى عشر مجلدا وعليه يعول البدر العيني في تاريخه.
(4) وهو المعروف بجامع المسانيد رتبه على الابواب وهو من انفع كتبه.
(5) كتفسيره المشهور وهو من افيد كتب التفسير بالرواية لانه يتكلم في (*)(1/58)
اخبرنا الحافظ عماد الدين ابن كثير بقراءتي عليه قال أخبرنا أبو العباس احمد بن ابي طالب وقد أجاز لي أيضا احمد المذكور قال اخبرنا ابوالمنجا بن اللتى قال اخبرنا أبو الوقت الصوفي قال اخبرنا محمد الفارسي قال اخبرنا أبو محمد بن ابي سريج قال اخبرنا أبو القاسم البغوي قال اخبرنا أبو الجهم الباهلي قال حدثنا الليث بن سعد عن ابي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله عليه وسلم (لا يدخل احد ممن بايع تحت الشجرة النار). رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن قتيبة عن الليث.
* (ابن سعد) * الشيخ العالم المحدث المتقن المفيد المخرج شمس الدين أبو عبد
__________
اسانيد الروايات جرحا وتعديلا غالبا ولا يرسلها ارسالا كما يفعل غالب المفسرين من الرواة، مات رحمه الله بعد وفاة المصنف سنة اربع وسبعين وسبعمائة على ما ذكره ابن حجر في الدرر الكامنة، وقد وقع بينه وبين الشيخ ابراهيم بن
الحافظ ابن القيم منازعة في تدريس فقال له ابن كثير: انت تكرهني لاني اشعري فقال له: لو كان من رأسك إلى قدمك شعر ما صدقك الناس في قولك انك اشعري وانك تسخط ابن تيمية.
يشير بذلك إلى ما شهر عنه من افتتانه ببعض شواذه.
قال ابن حجر اخذ عن ابن تيمية ففتن بحبه وامتحن بسببه ا.
بل قال الامام تقي الدين الحصني في (دفع شبهة من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى الامام احمد) ان ابن كثير والشمس ابن عبد الهادي والصلاح الكتبي لا يؤخذ باقوالهم في ابن تيمية لافتتانهم بمجالسته وهم شباب اه.
(*)(1/59)
الله محمد بن يحيى بن محمد بن سعد بن عبد الله المقدسي الاصل الدمشقي الصالحي الحنبلي ولد سنة ثلاث وسبعماية وسمع اباه والقاضي تقي الدين وعيسى المطعم وابا بكر بن عبد الدايم وست الوزراء وهذه الطبقة وخلقا سواهم بافادة والده وغيره، قال الذهبي: طلب لنفسه سنة احدى وعشرين وكتب ورحل وخرج للشيوخ وغيرهم، قلت سمع كثيرا وجما غفيرا بدمشق وحلب والقدس وبعلبك وغيرها من البلاد وقرأ الكتب الكبار والمطولة وكتب بخطه مالا يحصى كثرة وخرج لخلق من شيوخه وأقرانه ومات في ذي القعدة سنة سبع وخمسين وسبعماية.
اخبرنا أبو عبد الله محمد بن يحيى المقدسي وابو محمد عبد الله ابن محمد الواني بقراءته في ذي القعدة سنة أربعين وسبعمائة قالا اخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن سعد قال اخبرنا جعفر الهمداني ح وقرئ على ابي العباس احمد بن علي الجزري وأنا اسمع قلت اخبرك أبو عبد الله محمد بن عبد الهادي سنة اثنتين وخمسين وستماية قالا اخبرنا أبو طاهر السلفي قالا الاول سماعا والثاني اجازة قال اخبرنا أبو القاسم بن الفضل الثقفي قال حدثنا أبو الفتح هلال بن جعفر قال حدثنا أبو عبد الله الحسن ابن يحيى بن عباس القطان قال حدثنا أبو الاشعث احمد بن المقدام العجلى قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سليمان التيمي عن يسار عن أبي أمامة رضي الله عنه قال ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال (ان الله تعالى قد فضلني على الانبياء - أو قال أمتى على الامم - بأربع أرسلني إلى الناس كافة وجعل الارض كلها لي ولامتي طهورا ومسجدا(1/60)
فأينما أدركت الرجل من أمتي الصلاة فعنده مسجد وعنده طهور ونصرت بالرعب يسير بين يدي مسيرة شهر (1) في قلوب الاعداء وأحلت لي الغنائم).
* (أبو بكر ابى المحب) * هو المحدث الامام الاوحد الحافظ المتقن أبو بكر محمد ابن شيخنا الحافظ الامام محب الدين ابي محمد عبد الله ابن شيخنا الامام المحدث الثقة المعمر شهاب الدين أبو العباس احمد ابن الحافظ محب الدين عبد الله بن احمد بن محمد بن احمد المقدسي الصالحي الحنبلي ولد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وحضر القاضي تقي الدين سليمان وعيسى المطعم وطائفة من هذه الطبقة ثم طلب هو بنفسه وسمع الكثير بافادة والده وغيره على خلق من اصحاب ابن عبد الدايم وطوائف فمن بعدهم وعني بهذا الشأن وله اليد الطولى في معرفة الرجال، ذكره الذهبي في مسودة طبقات الحفاظ وقال في ترجمته في المعجم المختص حدث وانتقى لشيخه المطعم وكتبت عنه، خرج المتباينات لنفسه والمزي والبرزالي ونسخ تهذيب الكمال ومهر ورتب رجال المسند، (2) قلت عنده عقل وسكون وانقباض من الناس مشتغل بنفسه (3).
__________
(1) هكذا بيضا في الاصل.
(2) ورتب مسند احمد على حروف المعجم في اسماء المقلين.
قال ابن حجر كان عالما متقنا منقطع القرين اه.
(3) توفي بعد وفاة المصنف بصالحية دمشق في ليلة الاحد خامس شوال سنة (*)(1/61)
حدثنا الحافظ أبو بكر محمد ابن المحب المقدسي من لفظه في شعبان سنة خمس وأربعين وسبعماية قال اخبرنا أبو اسحق ابراهيم بن علي بن محمد بن غالب الانصاري سماعا عليه غير مرة قال اخبرنا الامام أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي قال اخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال اخبرنا الخليل بن عبد الجبار التميمي قال اخبرنا أبو الحسين علي بن الحسين القاضي قال اخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن الحسن النقاش قال اخبرنا أبو صالح القاسم بن الليث الرسعني (1) قال اخبرنا أبو محمد المعافي بن سليمان الحراني قال حدثنا أبو يحيى فليح ابن سليمان المدني قال حدثنا نافع قال كان ابن عمر رضي الله عنه إذا اراد ان يخرج إلى مكة اغتسل وادهن بدهن ليست له رائحة ثم خرج يصلي ركعتين في مسجد ذي الحليفة فإذا خرج من المسجد ركب فإذا استوت به راحلته أحرم ويقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته أحرم.
__________
تسع وثمانين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون على ما ذكره ابن حجر في الدرر الكامنة ومثله بخط جار الله بن فهد في حاشية الاصل.
(1) بفتح الراء وسكون السين المهملة وفتح العين المهلة وفي آخرها النون
نسبة إلى مدينة رأس العين ذكره القرشي وغيره.
(*)(1/62)
* (السروجي) * (1) الامام الحافظ المفيد البارع شمس الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أيبك بن عبد الله السروجي المصري الحنفي ولد في سنة اربع عشرة وسبعمائة وطلب الحديث بعد الثلاثين وسبعمائة فسمع من يحيى المصري وحسين بن الاثير والشمس بن العفيف، قال الذهبي: قدم علينا سنة ست وثلاثين وسمع من زينب وابن الرضي والمزي وبحماة وحلب والثغر وخرج لنفسه تسعين حديثا متباينة الاسناد وسمعناها منه ثم كملها مائة قال وله فهم ومعرفة أو بصر بالرجال سمع منه المزي والبرزالي توفي غريقا وتأسف المحدثون على حفظه وذكائه في ثامن ربيع الاول سنة اربع واربعين وسبعماية.
قلت سمعت الحفاظ من مشيختنا قاطبة يثنون على حفظه ومعرفته وكثرة اطلاعه وتحرير قوله وكان فيه شهامة وقوة نفس (2) وقد تقدم ذكر من مات في هذا العام من المشهورين والحمد لله.
__________
(1) بفتح السين المهملة والراء المضمومة والواو الساكنة والجيم نسبة إلى سروج مدينة بنواحي حران من بلاد الجزيرة.
(2) شرع في جمع الثقات ولو كمل لكان في أكثر من عشرين مجلدة قال ابن حجر: قرأت بخطه مجلدا فيه اسماء الاحمدين ورأيت بخطه مجلدا ايضا فيه من الكتب والاجزاء ما لا يحصى.
(*)(1/63)
* (القطب الدهقلي) *
الامام الحافظ المفيد المتقن قطب الدين أبو محمد حيدر ابن الشيخ الامام زين الدين علي بن ابي بكر الدهقلي الشيرازي قدم علينا سنة ثلاث واربعين وسمع من مشايخنا بمصر ودمشق واسنكدرية وكان صائم الدهر ناسكا عابدا ورعا متمسكا بسيرة العلماء سألته عن مولده فقال سنة اربع عشرة وسبعمائة ثم رجع إلى بلاده ثم قدم علينا سنة احدى وخمسين وقد صار ذا معرفة فسمع الكثير وكتب بخطه المليح تهذيب الكمال وأطراف أصول السنن وشرح مسلم للنووي والمطلب العالي لابن الرفعة، وكتب كثيرا من الكتب وهو في كثرة الاشتغال يختم كل يوم ختمة، وقد عرض عليه الوظائف بدمشق فزهد عنها، وله اليد الطولى في علم المعاني والبيان ودرس الكشاف في السميساطية وسمعنا عليه وحضر مجلسه اكابر العلماء وفحول الادباء (1).
__________
(1) سمع الكثير وأسمع أولاده وكتب الطباق بخطه وأخذ عن اصحاب الفخر وغيرهم ثم سكن الهند ومات غريقا سنة خمس وثمانين وسبعمائة على ما ذكره ابن العماد في شذرات الذهب، قال ابن حجر: هو والد شيخنا عبد الرحمن اه.
و عبد الرحمن هذا ترجمه السخاوي في الضوء اللامع.
(*)(1/64)
* (الدهلي) * (1) الحافظ المفيد الرحال نجم الدين أبو الخير سعيد بن عبد الله الهندي الجلالي مولاهم (2) البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي نشأ ببغداد وطلب الحديث ثم قدم دمشق فسمع ابن الرضي وبنت الكمال والجزري والمزي وخلائق وسمع بمصر وحلب وحماة والثغر والقدس فاكثر وجمع فأوعى وكانت له معرفة جيدة بأحوال الرواة ومواليدهم ووفايتهم عارفا بمعاني الحديث وفقهه، قال الذهبي له عمل جيد وهمة في التاريخ وتكثير المشايخ والاجزاء وهو ذكي صحيح الذهن عارف بالرجال حافظ مات في طاعون سنة تسع واربعين عن بضع وثلاثين سنة وقد حدث المزي عن السروجي عنه.
أنشدنا الحافظ نجم الدين أبو الخير الدهلي في سنة اربعين وسبعمائة قال انشدنا الامام جلال الدين عبدالقاهر بن علي بن عبدالقاهر بن الفوطي ببغداد قال انشدنا والدي رحمه الله تعالى لنفسه: كرر علي حديث البان والسمر * ان الحديث على اهل الحمى سمرى قد كان لي وطر يصبو إلى وطني * فاليوم لا وطني يصبى ولا وطر
__________
(1) بكسر الدال نسبة إلى دهلي بالهند وهى الاقيس.
والاشهر في النسبة إليها دهلوي بالواو.
قال ابن حجر في الدرر: الدهلي بكسر الدال المهملة وسكون الهاء.
(2) وفي الشذرات مولى الصدر صلاح الدين عبد الرحمن بن عمر الحريري.
(*)(1/65)
يا حادي العيس لا تعجل عسى نفس * تسري الي من الاحباب في السحر ففي العقيق غزال قوس حاجبه * يرمي السهام إلى قلبي بلا وتر كالبدر قلبي وطرفي من منازله * والقلب والطرف يختصان بالقمر بدر على غصن يهتز في كثب * يستل عن حور يفتر عن زهر لولا اخضرار عذاريه لما علقت * روحي بحيث رياض الزهر والخضر يا ريح رامة بل يا بدر يا غصنا * يا غرة البدر يا فضيب البسر ألا ترق لروح انت راحتها * إذا خطرت لما بانت على خطر هواك غطى على قلبي وقد صدقوا * الحب يهمي عن الاشكال والحور بئس الغرام على صدري عساكره * ظلما فلم يبق لي صبرا ولم يذر قال العواذل لي صبرا فقلت لهم * هيهات أصبر عن سمعي وعن بصري قد سار حبك في روحي وفي جسدي * وفي عظامي وفي شعري وفي بشري يا ساكني شط بغداد ودجلتها * من العزية ذات النخل والشجر لاهدين اليكم في دياركم * بردا من الشعر لا بردا من الشعر عملت هذا الذيل في جمادى الاولى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بدمشق المحروسة.(1/66)
* (وفى آخر الاصل) *
هذا آخر ما وجد من ذيل الامام الحافظ جمال الدين ابي المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن ابي المحاسن العلوي الحسيني الدمشقي الشافعي رحمه الله تعالى وطيب ثراه وجعل الجنة مأواه على كتاب تذكرة الائمة البررة الحفاظ المهرة لعمدة الحفاظ ابي عبد الله محمد الذهبي رحمه الله تعالى.
ونقلت هذه النسخة المباركة ان شاء الله تعالى من خط جد والدي الحافظ العمدة شيخ السنة تقي الدين ابي الفضل محمد بن محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي رحمه الله تعالى وذلك في ثلاثة مجالس آخرها في يوم الاربعاء سادس شهر ربيع الثاني عام أربع وأربعين وتسعماية بمنزل سلفي بمكة المشرفة على يد كاتبه وراقم حروفه الفقير إلى لطف الله وكرمه الملتجي إلى بيته وحرمه محمد المدعو جار الله بن عبد العزيز بن معمر بن تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي المكي الشافعي لطف الله به والمسلمين اجمعين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.(1/67)
لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ
* (تأليف) *
الحافظ تقي الدين أبي الفضل محمد بن محمد بن محمد بن فهد الهاشمي المكي
رحمه الله تعالى
حقوق الطبع محفوظة(1/69)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) *
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال الشيخ جار الله ابن فهد: اخبرنا الشيخان الحافظان الامام القدوة شيخ السنة شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي نزيل الحرمين الشريفين والعلامة الرحلة شيخ المحدثين عز الدين أبو فارس عبد العزيز بن عمر بن محمد بن فهد الهاشمي المكي الشافعيان رحمهما الله تعالى شفاها عن الامام الحافظ الرحلة تقي الدين ابي الفضل محمد بن النجم محمد بن محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي الشافعي اذنا ان لم يكن سماعا ولو لبعضه فقال: أما بعد حمد الله سبحانه وتعالى الواحد القهار وشكره آناء الليل والنهار والاقرار له جل جلاله بالوحدانية في كل الاطوار ولصفيه سيدنا محمد بالنبوة والرسالة إلى كافة الخلق بجميع الاقطار وصلى الله وسلم عليه صلاة وسلاما أرجح بهما الفوز بالجنة والنجاة من النار ورضي الله عن آله وعترته وأزواجه وأصحابه السادة الاطهار ومن(1/70)
تبعهم باحسان من الائمة الابرار فهذه تراجم جماعة عدة مقدما من مات منهم قبل الآخر بمدة مذيلا بهم على ما ذيل به الحافظ أبو المحاسن محمد ابن علي بن الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الدمشقي الشافعي على طبقات الحفاظ للعلامة الامام حافظ الانام ابي عبد الله محمد بن احمد الذهبي الهمام رحمة الله تعالى ورضوانه عليهما بالغداة والعشي وسميته (لحظ الالحاظ بذيل طبقات الحفاظ) والله سبحانه وتعالى جل وعلا أسأله التوفيق للصواب والعفو والغفران والتجاوز في الحساب.
وقد استدركت على الذهبي اثني عشر ترجمة وعلى السيد الحسيني ثمانية غير مبهمة فالاول منهم في الطبقة الخامسة عشرة، والستة بعده في الطبقة العشرين، والخمسة بعدهم في الحادية والعشرين، والثالث عشر في الثانية والعشرين، والخمسة بعده في الثالثة والعشرين، والاثنان بعدهم وهما الاخيران في الرابعة والعشرين فرأيت ان ابدأ بهم ثم أسرد ما أذيل به بعدهم والله سبحانه وتعالى اسأل المعونة والاتمام وان يختم لي بخير في عافية بلا محنة بمنه وكرمه ويدخلني الجنة دار السلام ويعيذني من النار ويغفر لي الآثام والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى المبعوث إلى جميع الانام وعلى آله وذريته وأزواجه وأصحابه السادة الكرام ومن تبعهم باحسان في سائر الليالي والايام وحسبنا الله وكفى ربنا الملك العلام.(1/71)
* (ابن السمرقندي) * ذكره الحافظ أبو عبد الله الذهبي في كتاب (العبر بأخبار من غبر) فيمن توفي في سنة ست وثلاثين وخمسماية فقال: واسماعيل بن احمد ابن عمر بن ابي الاشعث أبو القاسم ابن السمرقندي الحافظ ولد بدمشق سنة أربع وخمسين وسمع بها من الخطيب وعبد الدايم بن الهلالي وابن طلاب والكبار، وببغداد من الصريفيني فمن بعده وقال أبو العلاء الهمداني: ما أعدل به احدا من شيوخ العراق توفي في ذي القعدة انتهى قلت وممن سمع منه أبو محمد عبد الله بن سبعون (1) بن احمد ابن محلى السلمي القيرواني وابو نصر فتوح بن عبد الله الحميدي واحمد ابن محمد بن النقور البزار والقاضي أبو الفضل جعفر بن يحيى بن ابراهيم بن الحكاك المكي، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد وابو حامد عبد الله بن مسلم بن زيد بن جوالق (2) النحاس.
وفي سنة ست وثلاثين وخمسماية مات الفقيه الواعظ شرف الاسلام عبد الوهاب بن ابي الفرج عبد الرحمن بن محمد الانصاري الشيرازي ثم الدمشقي الحنبلي في صفر، والمحدث أبو عبد الله محمد بن علي بن
__________
(1) وفي بعض الاسانيد سمعون، قال ابن طولون عند ذكر الحديث المسلسل بالاولية في فهرسته الاوسط من مروياته: وهو خطأ وانما هو بالباء.
(2) بضم الجيم قاله ابن العماد في الشذرات.
(*)(1/72)
عمر المازري مؤلف (المعلم في شرح مسلم) في شهر ربيع الاول عن ثلاث وثمانين سنة، ومازر بفتح الزاي وكسرها (1) بليدة بجزيرة صقلية، وامام جامع نيسابور أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن
احمد الخواري (2) الشافعي في شعبان وله احدى وتسعون سنة، وابو محمد يحيى بن علي بن الطراح المدبر في شهر رمضان، وشيخ الصوفية ابن برجان أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن ابي الرجال اللخمي الافريقي ثم الاشبيلي شارح اسماء الله تعالى الحسنى غريقا بمراكش وقبر بازاء قبر ابن العريف، وامام جامع دمشق أبو محمد هبة الله بن طاوس البغدادي رحمهم الله تعالى.
أخبرنا العلامة الحافظ فقيه الحجاز قاضي القضاة أبو حامد محمد بن عبد الله المخزومي سماعا وسيدي والدي المرحوم نجم الدين أبو النصر محمد ابن محمد بن عبد الله بن فهد بن حسن الهاشمي سقى الله ثراه وجعل الجنة مأواه شفاها قالا اخبرنا الحافظ بهاء الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن ابي بكر بن خليل العثماني قال والدي في كتابه ح وقرأت على القاضي الاصيل الفقيه جلال الدين أبو احمد جار الله بن صالح بن
__________
(1) وعلى فتح الزاي جرى ابن حجر في التبصير، وعلى كسرها السيوطي في اللب، وفي طبقات ابن فرحون: بالفتح وقد يكسر ومثله في وفيات الاعيان.
(2) بالخاء المضمومة قال الذهبي في المشتبه: كان راوية البيهقي وامام الجامع المنيعي بنيسابور بصيرا بالفقه مفتيا.
(*)(1/73)
احمد الشيباني بقرية ارض خالد من بطن مرو قال ووالدي ايضا وابن ظهيرة اخبرنا أبو عبد الله محمد بن سالم بن ابراهيم الحضرمي قال والدي كتابة قالا اخبرنا الحافظ أبو عمرو عثمان بن محمد بن عثمان التوزري قال اخبرنا عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى ابن خطيب المزة ح وكتب لنا بعلو درجة المعمر أبو الربيع سليمان بن خالد الاسكندري
منها ان علي بن احمد المقدسي اخبره في الاذن العام قالا اخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقزي (1) قال المقدسي اجازة ان لم يكن سماعا قال اخبرنا الحافظ أبو القاسم اسماعيل بن احمد بن عمر السمرقندي قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني واحمد بن محمد بن احمد بن النقور البزاز قالا اخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن اسحق بن حبان قال الصريفيني تلقينا (2) زاد فقال وأبو حفص عمر بن ابراهيم الكناني المقري كذلك قالا حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثنا طالوت بن عباد قال حدثنا فضالة بن جبير قال سمعت أبا امامة الباهلي رضي الله عنه يقول سمعت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (اكفلوا لي بست اكفل لكم بالجنة إذا حدث احدكم فلا يكذب وإذا أوتمن فلا
__________
(1) نسبة إلى دار قز بفتح القاف وتشديد الزاي محلة ببغداد على ما في معجم البلدان.
(2) يعني مشافهة من لفظه لا سردا وعرضا عليه.
(*)(1/74)
يخن وإذا وعد فلا يخلف غضوا أبصاركم وكفوا أيديكم واحفظوا فروجكم) ويقع لنا هذا الحديث بهذا العلو متصلا بالسماع فيما سمعته على الحافظ ابي حامد القرشي قال أخبرنا عمر بن الحسن ومحمد بن احمد بقراءتي على كل منها ح وانبأنا به أعلى من هذا سليمان قالوا اخبرنا علي قال شيخنا عموما قال اخبرنا أبو المعالي بن ابي القاسم والخضر بن كامل وعمر بن محمد وداود ابن احمد قال عمر اخبرنا أبو الفضل الارموي زاد عمر فقال وأبو بكر بن دحروج وأبو غالب بن قريش وأبو بكر بن الحاسب وأبو بكر بن شقير
ح وقال الخضر وأبو المعالي أخبرنا أبو الدر ياقوت قالوا أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني قال حدثنا أبو طاهر المخلص (1) املاءا ح وقال الارموي اخبرنا أبو الحسن ياسين قال اخبرنا أبو حفص الكناني قال والمخلص اخبرنا أبو القسم البغوي فذكره غريب من هذا الوجه قال أبو حاتم: طالوت بن عباد صدوق وقال الذهبي في كتابه الميزان شيخ معمر لا بأس به، قال ابن الجوزي ضعفه علماء أهل النقل وتعقبه الذهبي بقوله والى الساعة أفتش فما وقعت بأحد ضعفه وقال اعني الذهبي فضالة ابن جبير قال ابن عدي احاديثه غير محفوظة وقال اعني الذهبي روى عنه طالوت ابن عباد ومحمد بن عرعرة و عبد الرزاق بن غياث
__________
(1) بضم الميم وفتح الخاء وكسر اللام المشددة وفي آخرها الصاد وهذا الاسم لمن يخلص الذهب من الغش واشتهر به أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن البغدادي المتوفى سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة ذكره ابن السمعاني في الانساب.
(*)(1/75)
قال أبو حاتم لا يحل الاحتجاج به بحال يروي احاديث لا أصل لها والله تعالى اعلم.
* (القطب ابن القسطلاني) * (1) محمد بن احمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن احمد ابن الميمون التوزري الاصل المكي الدار القاهري المنزل والوفاة الامام العلامة الحافظ أبو بكر عمدة السالكين وقدوة الناسكين
__________
(1) نسبة إلى قسطلينة من اقليم افريقية ذكره ابن فرحون المالكي في الديباج المذهب في معرفة اعيان علماء المذهب عند ترجمة ابي العباس احمد بن على بن محمد القيسي المالكي المعروف بابن القسطلاني.
وقال أبو العباس احمد العجمي في ذيل لب
اللباب في تحرير الانساب: ورأيت بخط القسطلاني (يعني الشهاب شارح البخاري) في ترجمته من مختصر الضوء اللامع (الذي سماه النور الساطع) عن خط السخاوي: فريانة احدى مداين افريقية فيما بين قفصة وبيشة بالقرب من بلاد قسطلينة التي ينسب إليها القسطلاني انتهى ما رأيته بخطه ثم رأيت في نسخة قديمة من شرح ابي شامة للشقراطيسية ضبط القسطلاني بالقلم بفتحة على القاف وشدة على اللام وكتب بالهامش قال لي بعض من عرف هذه البلاد نفطة وقسطيلية وتوزر وقفصة بلاد بافريقية بالناحية التي تسمى بلاد الجريد وشقراطيس بلدة هنالك اه ذيل اللب بعد ان نقل عبارة القاموس: القسطلانية قوس قزح وحمرة الشفق وثوب منسوب إلى عامل أو إلى قسطلة بلد بالاندلس وقسطيلية بلد بها اه.
وعبارة القطب الحلبي في تاريخ مصر: القسطلاني كأنه منسوب إلى قسطيلة بضم القاف من بلاد افريقية بالمغرب اه.
وعبارة ابن فرحون التي اسلفناها.
ولفظ السخاوي (*)(1/76)
بقية العلماء العاملين احد من جمع العلم والعمل والورع والهيبة نظر في فنون من العلم فبرع فيها وعني بهذا الشأن فحصل جملة بالسماع والاجازة ولد بمكة المشرفة في سنة اربع عشرة وستمائة وسمع بها من والده وعلى بن البناء والشهاب السهروردي ولبس منه خرقة التصوف وغيرهم من شيوخها والقادمين إليها، ورحل في سنة تسع واربعين وستمائة فسمع ببغداد ومصر والشام والجزيرة جمعا جما من اصحاب ابن عساكر والسلفي وغيرهم، تفقه وافتى وطلب إلى القاهرة من مكة وتولى بها مشيخة دار الحديث الكاملية، ذكره الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس في أحفظ من لقيه في أجوبته عن مسائل ابن ايبك فقال فيما كتب به الي.
الشيخ المعمر أبو عبد الله محمد بن حسين بن علي القرشي الفرسيسي (1) المصري منها في سنة سبع وثماني ماية وشافهتني به المسندة الاصيلة ام محمد رقية ابنة يحيى بن مزروع المدنية بها في شوال سنة اثنتي عشرة وثماني مائة قال الفرسيسي ان لم يكن سماعا: انه
__________
متوافقان فيما نسب إليه ولكن لم نجد لفظ قسطلينة فيما بايدينا من كتب البلدان بل الموجود فيها قسطيلية بالفتح حاضرة بالاندلس وكورة من مدنها توزر ونفطة وتوزر هي امها كما في المسالك لابي عبيد البكري أو مدينة هناك في بلاد الجريد على ما ذكره ابن حوقل.
وفي انساب الضوء اللامع ذكر القسطلاني وترك ما بعده بياضا من غير ضبط.
والزبيدي في شرح القاموس يعول على ضبط شيخ مشايخه العجمي في الذيل نقلا عن شرح الشقراطيسية وينقل بعض كلامه.
(1) بفتح الفاء ومهملات على ما في انساب الضوء اللامع.
(*)(1/77)
كان ممن نظر في العلوم فبرع في علائها بحرا وطلع في سمائها بدرا وشارك في فروع الفقه وأصوله وخاض في معقول العلم ومنقوله وعني بطلب الحديث أحسن عناية فحصل بالسماع والاجازة على كثير من الرواية وكلف بالادب فدرت عليه ديمته وجادت له بما شاء شيمته ثم أخذ في طرق التصوف والتسلك والتعرف بأرج سلفه الصالح والتمسك ففاضت عليه عوارفها فاجتنى غروسها يانعة واجتلى شموسها طالعة وجمع في ذلك مجموعات وأوضح في مجلسه موضوعات إلى ان قال ولي دار الحديث الكاملية فقام بها احسن قيام ولم يزل معظما عند الخاص والعام متصديا لابلاغ السنن واسباغ المنن قائما بقضاء الحاج على احسن منهاج من ارفاد مسترفد وانجاد مستنجد والتفريج عن مكروب والتعريج على اكرم مطلوب تلقاه بما شئت من أريحية وسجية سخية باد فضلها وطريقة مثلى لم ير مثلها إلى ان تم حمامه وانقطع من الحياة زمامه فقضى وغص بجنازته الفضا ولم يشهد الناس مثل يومه مشهدا ولا وردوا كثرة مثل نعيه موردا وذلك في ليلة الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وثمانين وستماية ودفن رحمة الله تعالى عليه بسفح المقطم، حضرت جنازته والصلاة عليه انتهى (1)
__________
(1) كان رحمه الله جامعا بين الرواية والدراية شديدا على الحشوية المتسترين بستار السنة باهر الحجة عند المناظرة لجمعه بين المنقول والمعقول، وكان يقول: العجب ممن ينتمي إلى اهل السنة ويتعرض للاقتداء بالسلف الصالح منهم ويعتمد (*)(1/78)
وفي هذه السنة توفي بمصر قاضي القضاة برهان الدين أبو محمد الخضر ابن الحسن بن علي السنجاري الزرزاري الشافعي في صفر، وبدمشق احد ظرفاء العالم الاديب شرف الدين سليمان بن نتيمان بن ابي الجيش الاربلي الشاعر المشهور في عاشر صفر عن تسعين سنة (1) ومسند الوقت عز الدين أبو العز عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن نصر
__________
على ما ورد في الكتاب والسنة كيف يخالف قوله قولهم وينتهي إلى ما لم يرد عن السادة الم ؟ تدى بهم من الخوض في كيفية الكلام فيزيد فيه (بحرف وصوت) ولم يرد ذلك في كتاب ولا سنة (اي سالمة من علة) ويستدل على اثبات المقطوع به بالمظنون من الاحاديث المتضادة المتون أو في كيفية الاستواء ويزيد (مستو على عرشه بذاته) ولم يرد ذلك في كتاب ولا سنة..وما اتى احد من الفرق المخالفة للحق الا من القصور في فهم لغة العرب والجهل بالفرق بين الالفاظ التي يتطرق إليها الاحتمال من العموم والخصوص والمجاز والاضمار والاشتراك والاطلاق والتقييد والاجمال والتأويل مما هو مشهور في الكتاب والسنة وشهدت به لغة العرب
فترقت افهام طائفة من حذاق النظار ونظار الحذاق إلى الجمع بين ما ورد من الالفاظ المقتضية للتغاير عند العرض على الكتاب والسنة ولغة العرب والعقل.
ونسبوا من حاد عنه إلى الضلال عن سواء السبيل.
وتبلدت اذهان طائفة اخرى فشابوا ورابوا وفيما راموه خابوا فحملوا الالفاظ على حقايقها فشبهوا وجسموا واعتقدوا انهم بذلك قد غنموا وسلموا وما بدين الله القويم اسلموا، ثم ذكر السلف الصالح الذين توقفوا عن الخوض فيها فأطراهم، وكان أيضا شديدا على غلاة المتصوفة كابن سبعين وغيره.
(1) وفي فوات الوفيات: وله سبعون سنة أو ازيد.
(*)(1/79)
ابن الصيقل الحراني في رابع عشر شهر رجب وقد جاوز التسعين، وشهاب الدين أبو الحسن علي بن محمد بن احمد بن حمزة بن علي بن الحبوبي (1) البعلي الدمشقي الشاهد في شهر رجب، وبمصر الخطيب الحاذق الاديب عماد الدين أبو عبد الله محمد بن عباس بن احمد الريفي الدنيصري في ثامن صفر ومولده ببلبيس سنة ست وستماية، وبدر الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الجياني الدمشقي في ثامن المحرم ولم يتكهل، وجمال الدين أبو صادق محمد بن يحيى بن علي القرشي العطار المصري في شهر ربيع الثاني وله بضع وستون سنة.
شافهتني المسندة ام محمد رقية ابنة علي بن مزروع المدنية بها وكتب الي المعمر أبو عبد الله محمد بن حسن بن علي القرشي الفرسيسي المصري منها قالا انبأنا الحافظ أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن احمد بن عبد الله اليعمري قال اخبرنا الامام الحافظ قطب الدين أبو محمد احمد القسطلاني قال اخبرنا المشايخ الحافظ أبو الفتوح نصر بن ابي الفرج محمد بن علي الحصري (2) وابنه أبو عبد الرحمن محمد وابو
__________
(1) بضم الحاء وبالموحدتين وهو والد المسند ابراهيم بن علي بن حمزة بن الحبوبي البعلي الدمشقي الفراش نزيل مصر المتوفى سنة 708 عن ثمانين سنة يروى عن بن اللتي وغيره بالسماع وعن محمد بن عبد الواحد وغيره بالاجازة وحدث بمصر والشام، ويتكرر ذكر سبطه في الاسانيد.
(3) بضم الحاء المهملة وسكون الصاد.
مشتبه الذهبي.
(*)(1/80)
المحاسن فضل الله وابو صالح نصر ابنا ابن عبد القادر الجيلي وابو السعادات عبد الله بن عمر بن احمد بن كرم البندنيجي (1) بقراءتي عليهم ببغداد سوى الاول والرابع فاجازة قالوا اخبرنا أبو القاسم عبيدالله ابن عبد الله بن شاقيل سماعا الا عبد الرحمن فقال حضورا في الثالثة قال اخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن الباقلاني قال اخبرنا أبو عبد الله احمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي قال اخبرنا أبو بكر محمد بن محمد ابن احمد بن مالك البزار قال اخبرنا أبو الاحوص محمد بن الهيثم بن حماد العكبري قال اخبرنا محمد بن كثير عن الاوزاعي عن محمد ابن عجلان عن سعيد المقبري عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا وطئ احدكم الاذى بخفيه فطهورهما التراب) رواه أبو داود في سننه عن احمد بن ابراهيم عن محمد بن كثير به فوقع لنا بدلا له ولله الحمد.
* (أبو اليمن ابن عساكر) * عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين بن عساكر الامام العلامة الحافظ الزاهد امين
__________
(1) بضم الموحدة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم نسبة إلى بندنيج بلدة قريبة من بغداد على ما ذكره ابن السمعاني في الانساب.
(*)(1/81)
الدين الدمشقي ثم المكي مولده في سنة أربع عشرة وستماية وكان قوي المشاركة في العلوم لطيف الشمايل بديع النظم خيرا صالحا صاحب صدق وتوجه، اعتنى من صغره بالعلم خصوصا الحديث وأخذ عن جده والحسين الزبيدي والموفق بن قدامة وغيره واجاز له جمع منهم عبد الرحيم بن السمعاني والمؤيد الطوسي وابو روح الهروي وله التآليف الحسنة منها الخلق الداثر والمقيم السائر وفضائل ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها وجزء فيه احاديث عيد الفطر وجزء في فضل شهر رمضان وجزء في فضل حراء، انقطع بمكة المشرفة نحوا من اربعين سنة ومات بالمدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام في جمادى الاولى سنة ست وثمانين وستمائة رحمه الله تعالى.
أخبرنا سيدي والدي المرحوم أبو النظر محمد بن ابي الخير محمد بن فهد الهاشمي رحم الله تعالى مثواه وبلغه من ثواب اعماله الصالحة مأواه وجمع مشافهة وكتابة عن الامام ابي العباس احمد بن على بن يوسف الحنفي ان الحافظ ابا اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب انباه قال قال قرأت على الشيخ ابي محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن ابي القاسم السلمي وآخرين بالقاهرة المعزية وابي العباس احمد بن عبد الله المقدسي عرف بصاحب البدوي ببيت المقدس، وقرأت بلعو درجة على الخطيب
أبى بكر بن الحسين الارموي قلت له أخبرك الخطيب أبو الفتح محمد ابن محمد بن ابراهيم البكري قال اخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد ابن عبد الوهاب الحسيني وابو الفضل عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى(1/82)
الموصلي قالوا اخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدار قزي قال الموصلي وأنا حاضر قال اخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قال اخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن ابراهيم بن غيلان البزار قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي قال اخبرنا احمد بن عبيدالله هو ابن ادريس قال حدثنا يزيد قال اخبرنا محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد مسجدي والمسجد الحرام والمسجد الاقصى) حديث صحيح اتفق الشيخان على اخراجه في صحيحيهما ووقع لنا عاليا ولله الحمد.
* (ابن قريش) * اسماعيل بن ابراهيم بن عبد الرحمن المخزومي المصري تاج الدين أبو الطاهر الامام العالم الجليل كان ذا معرفة وفهم روى عن ابن المقير (1) وجعفر الهمداني وطبقتهما، وصفه الحافظ ابن سيد الناس في اجوبته لابن ايبك لما سأله عن أحفظ من لقي فقال: وممن روينا عنه
__________
(1) هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن محمد بن منصور ابن المقير بضم الميم وفتح القاف وكسر آخر الحروف مشددة وآخره راء البغدادي الحنبلي كما ذكره مسند الشام ومقرئها البرهان ابن كسباي العمادي في اسانيده في كتاب الصمت وعن خطه نقله حامد العمادي في ثبته على ما رأيت ذلك بخطه.
(*)(1/83)
من أهل هذا الشأن ممن سمع وكتب وجد في الطلب، ثم قال كان ممن حصل الرواية والدراية والاسناد واجتهد في ذلك اي اجتهاد كتب الكثير بخطه ولا بأس بمقابلته وضبطه وله معرفة بهذا الشان وتقدم فيه على بعض الاقران إلى ان قال: كان هذا الشيخ ممن قنع بالكفاف وأنف عن تناول الصدقات والاوقاف له بغلة ملكه غنى عن التقلب في طلب الرزق والعنا لم يزل حلف بيته يفيد السنة والاثر إلى ان مضى لسبيله مشكور السعي محمود الاثر انتهى وذلك فجأة في السابع والعشرين من شهر رجب سنة 694 ودفن بالقرافة رحمه الله تعالى.
ومات في هذه السنة غير من تقدم في ترجمة المحب المطبري الفقيه المحقق الجمال أبو العباس احمد بن عبد الله الدمشقي في شهر رمضان وله قريب من ستين سنة وكان فقيها ذكيا مناظرا بصيرا بالطب، وابو القاسم عبد الصمد ابن الخطيب عماد الدين عبد الكريم ابن القاضي جمال الدين ابن الحرستاني (1) في شهر ربيع الآخر عن خمس وسبعين سنة، وشيخ الاطباء خطيب النيرب مجلد الدين أبو محمد عبد الوهاب ابن احمد بن سحنون الحنفي في ذي القعدة، وبمصر أبو الحسن علي بن عثمان بن يحيى الصنهاجي اللمتوفي (2) السواع امين السجن في ذي
__________
(1) بمهملات بفتحتين واسكان الثالثة وبالمثناة الفوقية نسبة إلى حرستا بغوطة الشام معروفة.
(2) نسبة إلى لمتونة قبيلة من البربر.
(*)(1/84)
القعدة وقد جاوز التسعين، وابو الخطاب محفوظ بن عمر بن ابي بكر بن خليفة بن الحامض (1) البغدادي التاجر في يوم الاضحى، وبمكة قاضيها جمال الدين محمد ابن الحافظ محب الدين احمد بن عبد الله بن محمد ابن ابي بكر بن محمد بن ابراهيم الطبري الشافعي، وبنابلس قاضيها جمال الدين محمد بن سالم بن يوسف بن ضباعة القرشي المقدسي الشافعي في شهر ربيع الآخر وله أربع وسبعون سنة، وبحماة الصاحب جمال الدين أبو غانم محمد ابن الصاحب كمال الدين عمر بن احمد بن العقيلي الكاتب الحلبي في اول ايام التشريق عن ستين سنة (2)، وباليمن ملكها المظفر يوسف بن المنصور عمر بن علي بن رسول في شهر رجب وملك بضعا وأربعين سنة، وبالقاهرة أبو بكر بن الياس بن محمد بن سعيد الرسعني الحنبلي رحمه الله تعالى.
* (الفاروثي) * أحمد بن ابراهيم بن عمر بن الفرج الواسطي الشافعي المقري الصوفي الامام العلامة شيخ العراق عز الدين أبو العباس ولد بفاروث (3) في سادس عشري ذي القعدة سنة اربع عشرة وسبعماية وكان اماما
__________
(1) ويلقب به آخر ان ذكرهما الحافظ ابن حجر في (نزهة الالباب في الالقاب) الذي سنهيئه للطبع ان شاء الله.
(2) وهو ابن العديم المعروف، قال الصفدي توفى سنة 695.
(3) فاروث من قرى واسط.
(*)(1/85)
عالما متقنا متضلعا من العلوم والآداب حسن التربية للمريدين قرأ القرآن على اصحاب ابن الباقلاني وروى عن عمر بن كرم وابي حفص عمر بن محمد البكري السهروردي ولبس منه الخرقة ومن أبيه وطبقتهما وعن عدة من اصحاب ابي الفتح بن البطي وابي الوقت وامثالهما كالامام ابي طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي وابي القاسم علي بن ابي الفرج بن الجوزي وابي الحسن علي بن ابي الفرج بن جعفر بن معالي بن كبة (1) البصري وابي محمد الانجب بن ابي السعادات الحمامي وابي طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن القبيطي وأبي الخير كاتب يحيى بن سليمان بن ابي البركات الصواف وزهرة ابنة محمد بن احمد بن حاضر، جاور بمكة مدة ثم انتقل منها في سنة احدى وتسعين إلى دمشق فروى بها الكثير وأقرأ القراآت وولي بها الخطابة بالجامع الاموي مدة ثم صرف عنها فسافر مع الحاج ودخل العراق وأجاز له جمع منهم الشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي وابو الفضل محمد بن محمد بن الحسن بن السباك (2) وأبو محمد الحسين بن علي بن رئيس الرؤساء وابو منصور سعيد بن محمد ابن تاشين، ذكره الحافظ أبو الفتح محمد بن سيد الناس في من لقيه من الحفاظ فيما أجاب به ابن ايبك قال: ثم دخلت دمشق في حدود سنة تسعين وستماية فألفيت بها الشيخ الامام شيخ المشايخ ومن له في كل
__________
(1) بضم الكاف وفتح الموحدة المشددة (2) المتوفى سنة ست وثلاثين وستمائة.
(*)(1/86)
فضل اليد الطولى والقدم الراسخ إلى ان قال كان ممن قرأ القرآن بالحروف وازدحم الناس على القراءة عليه والفوز بما لديه وطلب الحديث قديما ولم يزل لذلك مديما وللسنة النبوية خديما حتى لقد سمعت بقراءته بدمشق على ابن مؤمن وابن الواسطي قطعة كبيرة من المعجم الكبير لابي القاسم الطبراني وربما قرأت عليه وعلى ابن الواسطي شيئا مما اشتركا فيه من الروايات العراقيات عن عمر بن كرم والسهروردي وأمثالهما ثم قال ولم يرزق في سماعه القديم حصولا على الغرض ولا ولا وصولا إلى العالي بطريق العرض ومع ذلك فكانت عنده فوائد غريبة ومرويات من العوالي كثيرة إلى ان قال: وكان في التذكير مقدما وبالمواعظ الحسنة معلما تنسلي إليه معاني الادب في مواعظه وغيرها من كل حدب سجية عراقية تمازج النسيم وتعطر اسحارها من اشجارها على كل شميم يرتجلها كيف يشاء ولا يؤجل الاشياء ناولته يوما استدعاء اجازة ليكتب عليه فكتب مرتجلا: أجزت لهم رواية كل شئ * سماعا كان لي أو مستجازا وما نوولته ايضا إذا ما * توخوا في روايته اجتزازا وما قد قلته نظما ونثرا * فقد اضحى الجميع لهم مجازا وكان رحمه الله تعالى كبير الايثار لا يبقى معه درهم ولا دينار، بلغني ان تاجرا يعرف بابن السويقي كان يبعث إليه كل عام ألف دينار فيفرقها في ايسر زمان وينفقها قبل ان تستقر في الفقراء والاخوان إلى ان قال: ولم يزل على منهاج ليس له من هاج حتى مضى لسبيله وقضى ولم(1/87)
يترك مثله في جيله وذلك في مستهل ذي الحجة سنة اربع وتسعين وستماية بواسط القصب من أرض العراق رحمه الله تعالى.
اخبرنا الشيخ المسند بدر الدين أبو عبد الله محمد بن حسن بن علي القرشى وشافهتني المسندة ام الخير رقية ابنة يحيى بن عبد السلام بطابة (1) ان الحافظ ابا القاسم محمد بن محمد بن محمد اباح لهما قال اخبرنا الامام أبو العباس احمد بن ابراهيم بن عمر الواسطي بقراءتي عليه قال اخبرنا الامام أبو حفص عمر بن محمد السهروردي وجماعة سماعا وابو الفضل محمد بن محمد بن الحسن السباك وغيره اجازة ح وشافهنا عاليا بدرجة المعمر مسند الآفاق ابراهيم بن محمد أبو اسحق عن احمد ابن ابي طالب (2) سماعا قال اخبرنا ناصر بن مسعود بن قطلو وعدة
__________
(1) طيبة وطابة من اسماء مدينة النبي صلى الله عليه وسلم - معجم البلدان (2) هو المسند المشهور أبو العباس الحجار الدير مقرني نسبة إلى دير مقرن قرية على ظهر عين الفيجة بوادي بردى من اعمال دمشق لا إلى دير مقري مسجد بضواحي صالحيتها كما توهمه أبو المفاخر عبد القادر بن محمد النعيمي وضبطه بالدير مقري ثم الصالحي الحنفي الشهير بابن الشحنة ذكره الحافظ الشمس ابن طولون في سند البخاري من الفهرست الاوسط له، وكذا بخط القسطلاني أول اسناده على ما ذكره أبو العباس العجمي في ذيل لب اللباب، ولهم في طبقة الحجار المذكور راو آخر يوافقه اسما وكنية وأبا وبينهما مشاركة في الاخذ عن بعض الشيوخ وهو أبو العباس احمد بن ابي طالب بن محمد البغدادي الحمامي نزيل مكة يروي عن الانجب وسمع منه القاضي شمس الدين بن مسلم ومات بمكة في (*)(1/88)
اذنا قالوا اخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال اخبرنا أبو عبد الله مالك بن احمد بن علي البانياسي قال اخبرنا أبو الحسن احمد بن محمد بن موسى بن الصلت المحبر قال اخبرنا أبو اسحق ابراهيم بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي قال حدثنا أبو سعيد الاشج قال حدثنا أبو خالد عن يزيد بن سنان عن ابي المنذر عن عطاء بن ابي رباح عن ابي سعيد رضي الله عنه قال احبو المساكين فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول في دعائه (اللهم احيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين) اخرجه ابن ماجه في الزهد من سننه عن ابي سعيد الاشج وابي بكر كلاهما عن ابي خالد كما سقناه فوقع لنا موافقة له وبدلا عاليا ولله تعالى الحمد والمنة.
* (عز الدين الحسيني) * نقيب الاشراف احمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني الحلبي ثم المصري عز الدين أبو القاسم الامام الحافظ النسابة المفيد ولد في آخر ليلة العشرين من شوال سنة ست وثلاثين وستماية وكان ذا فضل وادب مؤرخا حافظا عني بهذا الشأن وبالغ فلقي عدة من اصحاب البوصيري
__________
جمادى الآخرة سنة تسع وسبعمائة وقد قارب التسعين فلا يلتبسن عليك هذا بذاك يا رعاك الله.
(*)(1/89)
واكثر عنهم وروى عن فخر القضاة احمد بن الحباب، ذكره الذهبي في العبر فقال: الحافظ المؤرخ وقال ابن سيد الناس في أجوبته لمسائل ابن أيبك: السيد الامام الحافظ النسابة ثم قال ممن جمع بين التالد والطارف وتفرد من فنون هذا الشأن بمعارف وردت بحره وحاضرته في عنفوان الشبيبة غير مرة، سمع من فخر القضاة ابن الحباب إلى ان قال وحدث أيضا عن أبيه وكان ذا قدر نبيه سمع منه ابن الظاهري وغيره يعرف بتاج الشريعة ثم نال في صناعة الحديث من ذوي الطول حسن الحظ صادق القول ذيل على وفيات شيخه المنذري (1) فأجاد وسبق إلى امد الاحسان سبق الجواد ولم يزل للمذاكرة بالعلم متصديا وللثقة والامانة متحريا ولي نقابة السادة الاشراف والنظر على ما لهم من الاوقاف وكان محمود الاثر مشكور الورد والصدر وكان بأنسابهم عالما وبضبط أحوالهم قائما اخبرني والدي رحمه الله تعالى انه كان جالسا معهم حين ورد عليه المرسوم بهذه التولية فأنشده ارتجالا على سبيل التهنئة: أنصف الدهر غاية الانصاف * فهنيئا للسادة الاشراف بامام حوى فنون المعالي * من بني هاشم بن عبدمناف وذكر لي أبياتا لم يبق على ذهني منها الا ما اثبته انتهى، مات في ليلة الثلاثاء السادس من المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة وكان الجميع
__________
(1) وذيله هذا على (التكملة لوفيات النقلة) لشيخه الحافظ المنذري معروف ومن اجله شهر بالمؤرخ واقروا له بالاجادة.
(*)(1/90)
في الصلاة عليه متوافرين ودفن بقرافة سارية رحمه الله تعالى.
وفي هذه السنة توفي بالقاهرة في صفر شيخ الفقهاء الحنابلة العلامة الكبير نجم الدين أبو عبد الله احمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني الحنبلى عن اثنتين وتسعين سنة، والمقري أبو الفضائل احمد بن عبد الرحمن بن محمد الحسيني الدمشقي خادم المصحف بمشهد علي بن الحسين في ذي الحجة، والشيخ أبو العباس احمد بن عبد الهادي الصعيدي في اوائل السنة وله ثلاث وثلاثون سنة، وتاج الدين الحسن ابن احمد بن بندار الهمذاني الصوفي مع الشريف عز الدين في الليلة التي توفي فيها وصلي عليه من الغد، وقاضي الحنابلة الامام شرف الدين الحسن بن عبد الله ابن الشيخ ابي عمر ابن قدامة المقدسي في شوال عن سبع وخمسين سنة، والزاهدة أم محمد زينب ابنة علي بن احمد بن فضل الواسطي في المحرم وقد ناطحت التسعين، والتقي شبيب بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني الكحال الطبيب الشاعر، وسنحون العلامة أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عمران الاوسي الدكالي (1) في رابع شوال وقد ناطح الثمانين، وقاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن بن علي ابن احمد ابن القاضي الفاضل في شهر رجب مقارنا للسبعين، ومحيي الدين عبد الرحيم بن عبد المنعم بن الدم ؟ ري المصري في المحرم عن تسعين
__________
(1) بفتح المهملة وتشديد الكاف نسبة إلى دكالة بالمغرب واليها ينسب عدة رجال في الكتاب.
(*)(1/91)
سنة وهو آخر أصحاب الحافظ علي بن المفضل وابي طالب بن حديد بالسماع، والامام رضي الدين عبد الله بن محمد بن رزين في شهر رجب، والكمال أبو محمد عبد الله بن محمد بن نصر بن قوام بن وهب الرصافي ثم الدمشقي فجأة في ذي القعدة عن ثمانين سنة، والقاضي الجلال عبد المنعم ابن ابي بكر بن احمد الانصاري الشافعي في شهر ربيع الآخر، والفقيه أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سلطان التميمي الحنفي الامام بمسجد البياطرة في شهر ربيع الاول عن ثلاث وثمانين سنة، والامام تاج الدين محمد بن عبد السلام بن المطهر بن عبد الله بن ابي سعد بن أبي عصرون التميمي الشافعي وله خمس وثمانون سنة في شهر ربيع الاول، والشيخ شرف الدين محمد بن عبد الملك بن عمر اليونيني، والصاحب العلامة محيي الدين أبو عبد الله محمد بن يعقوب ابن ابراهيم بن أسد بن النحاس الحلبي عن احدى وثمانين سنة وشهرين في آخر السنة، وشيخ القراء والصوفية الموفق أبو عبد الله محمد بن ابي العلاء بن علي بن مبارك الانصاري النصيبي الشافعي في ذي الحجة مقاربا للتسعين، والشيخ شرف الدين محمود بن احمد بن محمد المقري، والعلامة زين الدين أبو البركات المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الدمشقي الحنبلي في شعبان وله أربع وستون سنة، والمحدث الوجيه موسى بن محمد المقري في جمادى الثانية، وأبو الفتوح نصر الله بن محمد بن عباس بن حامد الصالحي السكاكيني في سلخ شوال عن تسع وسبعين سنة، والعلامة رضي الدين أبو بكر بن عمر بن علي(1/92)
ابن سالم القسطنطيني الشافعي في رابع عشر ذي الحجة وله ثمان وثمانون سنة، وأبو الغنائم بن محاسن بن احمد بن مكارم الحراني عن احدى وثمانين سنة في ذي الحجة.
أخبرنا الشيخ المعمر بدر الدين محمد بن حسن بن علي القرشي ويعرف بالفرسيسي وغيره كتابة عن الامام الحافظ ابي الفتح محمد بن محمد اليعمري المصري قال أخبرنا الامامان الحافظان أبو القاسم احمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني وأبو العباس احمد بن محمد الظاهري وغيرهما بقراءتي على كل منهم قالوا أخبرنا فخر القضاة أبو الفضل احمد بن محمد ابن عبد العزيز ابن الحباب ح وشافهنا عاليا بدرجة ابراهيم بن محمد أبو اسحق الصوفي عن أحمد بن ابي طالب الحجار أن جعفر بن علي المقرى أنبأه قالوا أخبرنا الحافظ أبو طاهر احمد بن محمد بن أحمد السلفي قال جعفر اذنا ان لم يكن سماعا قال أخبرنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد ابن عبد العزيز المصري باصبهان قال اخبرنا أبو سعيد الحسن بن علي ابن سهيل الغزنوي قال اخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الهمداني قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا أبو سعيد الاشج قال حدثنا أبو خالد الاحمر عن سعيد بن طارق عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه قال
اتى الله عزوجل بعبد من عباد الله جل وعلا آتاه الله عزوجل مالا فقال له ماذا عملت في الدنيا قال ولا يكتمون الله حديثا قال يا رب آتيتني مالا فكنت ابايع الناس وكان من خلقي الخوار فكنت ايسر على الموسر وأنطر المعسر فقال الله عزوجل انا احق به منك(1/93)
تجاوزوا عن عبدي فقال عقبة بن عمرو رضي الله عنه هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرجاه في الصحيح ولله الحمد.
* (الغرافي) * (1) علي بن احمد بن عبد المحسن بن أبي العباس الحسيني الاسكندري السيد الشريف الامام العلامة تاج الدين أبو الحسن كان فقيها اماما عالما ثقة مولده بعد العشرين وستمائة روى عن جماعة منهم أبو الحسن القطيعي وابن عمار وابن مهروز، تفرد ورحل إليه، قال الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس في اجوبته لمسائل ابن ايبك عن أحفظ من لقي في وصفه: ثم دخلت الاسكندرية وكتبت بها في رحلتي الاولى وما بعدها عن زهاء مائة شيخ لم يكن منهم من يشار بالعلم إليه ويعول في المعرفة عليه الا السيد الشريف الامام العالم المحدث المفيد تاج الدين إلى ان قال فانه كان ذا معرفة واتقان وتقدم بين الاقران له أسانيد علية ونظر في الفقه وأهلية، كان أبوه تاجرا فرحل به صغيرا وأسمعه كثيرا وحصل له علما غزيرا ينقله من بلد إلى بلد ويسمعه خيار ما وجد عن اعيان ذوي السن والسند ولعمري كان أبوه من اهل الاتقان في الانتقا والمعرفة بتلك التي ترقيه أعلى مرتقى أسمعه ببغداد وحلب ودمشق ومصر والقاهرة والاسكندرية وغير ذلك من البلاد ولم يفته عوالي الاسناد
__________
(1) بفتح الغين المعجمة والراء المشددة والفاء كما سبق (*)(1/94)
وأفاده من كل ذلك خيار ما الفاه هنالك ثم روى هو بعد ذلك وكتب ولم يخل من بعض الطلب وانما انتفع باسناده الاول ولم يكن له على غيره معول، كان شيخا بدار الحديث البهية على طريقة من الثقة والعدالة المرضية كتب عنه شيخنا أبو الفتح محمد بن علي القشيري وجماعة من الاكابر انتهى.
وكانت وفاته بالاسكندرية في السابع من ذي الحجة الحرام سنة اربع وسبعمائة وله ست وسبعون سنة.
وفيها مات بدمشق المعمر ركن الدين احمد بن عبد المنعم بن ابي الغنائم الطاووسي كبير الصوفية في جمادى الاولى وله ماية وسنتان وأشهر تسعة، وبالمدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام سلطانها عز الدين بن جماز بن شيخة العلوي الحسيني وقد أضر وشاخ، وبمصر عالمها العلم العراقي عبد الكريم بن علي الانصاري المصري الشافعي المفسر وله نيف وثمانون سنة، وشيخ المغار (1) الضيا عيسى بن ابي محمد عبد الرزاق المغاري في شهر ربيع الثاني وله ثمانون سنة، وبقاسيون الحاج محمد بن احمد بن علي بن احمد بن فضل الواسطي وله ثمانون سنة، وبدمشق كبير الذهبيين التقي أبو عبد الله وأبو الفضل محمد بن يوسف ابن يعقوب الاربلي ثم الدمشقي سقط من السلم فمات في غرة رمضان، ومحمد بن الباجربقي ضربت عنقه بكفريات شهد عليه جماعة بها عند
__________
(1) قال ياقوت في معجم البلدان مغار بالفتح قرية من قرى فلسطين اه.
وهو من مشايخ الذهبي وطبقته.
(*)(1/95)
المالكي فحكم بقتله وان تاب (1) وبقرية أم عبيدة المعمر شيخ البطايحية تاج الدين بن الرفاعي وله شهرة كبيرة وسن عالية.
__________
(1) نسبته إلى باجربق بضم الجيم وسكون الراء وفتح الباء الموحدة وقاف كورة بين البقعاء ونصيبين على ما ذكر في معجم البلدان وفي هذا التاريخ صدر في حقه حكم القاضي المالكي الا انه تغيب وهرب إلى الشرق وعاد بعد وفاة القاضي متنكرا ومكث بالقاهرة مدة يتمخرق ثم انسحب ايضا إلى دمشق ونزل القابون فأقام به إلى ان مات في ربيع الآخر سنة اربع وعشرين وسبعمائة كما ذكره ابن كثير وابن حجر وغيرهما، وظن المصنف انه نفذ فيه الحكم وقت صدوره قال ابن كثير إليه تنسب الفرقة الضالة الباجربقية اه.
وانت ترى اشخاصا لا يتجاوزون عدد الاصابع طول قرنين بعد انقضاء الدولة الفاطمية يحالون إلى قضاة المالكية بتهم الزندقة والسعي في الفوضى فيحاكمونهم في محاكم شرعية علنية فيصدرون فيهم حكمهم بعد أن ثبتت فيهم التهمة ببينة عادلة لا تقع على برئ فينفذ فيهم حكم الله كأحمد بن البققي.
وأحمد ابن صدقة، واحمد الروسي، واسمعيل بن سعيد الكردي وعثمان الدكالي، والباجربقي، وناصر ابن الهيتي وغيرهم، وسبب احالتهم إلى المالكية ان الزنديق عندهم ينفذ فيه الحكم وان تاب بخلاف بقية المذاهب، وبقي ابن مخلد وابن المواز من المالكية يخالفان مالكا في ذلك.
ولما استفحل أمر القرامطة كان الخلفاء ببغداد اخذوا بقول مالك في ذلك جريا مع مصلحة المسلمين على ما ذكره القاضي أبو بكر بن العربي في العواصم، ومعلوم ما كان عليه المسلمون في عهد الفاطمية من التخاذل وافتكاك عرى الاخاء بينهم وانصرافهم زرافات ووحدانا نحو ميولهم البهيمية وأهوائهم السخيفة فاقدين الاحساسات الشريفة نحو دينهم واخوانهم وبلادهم والمفاداة بالنفس والنفيس للمحافظة على كيانهم بخلاف ما كان عليه اسلافهم المخلصون، وذلك بمسعى المارقين المندسين بينهم سعيا متواصلا (*)(1/96)
* (ابن رشد) * بضم الراء محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن اويس الفهري السبتي الامام العلامة الحافظ أبو عبد الله عالم الغرب سمع ببلده ثم ارتحل
__________
المتظاهرين بمظاهر شتى مدة عصور للقضاء على هذا الدين الاسلامي الحنيف فاشتد ساعدهم بالدولة الفاطمية حتى اصبحت جمعياتهم السرية ودعاياتهم الفوضوية جهرية علنية في عهدهم فعمت الفوضى وانحلت العرى واصبحت بلاد الاسلام طعمة شهية لا يغص بها حلوق الشرهين فاستولت الاعداء عليها من مغاربها ومشارقها واحتلوا ما احتلوا من امهات بلاد الاسلام ومسلمو ذلك العهد لا يغارون على ما حل بهم حيث فقدوا شرائف الخصال من الاباء والشهامة والاخلاص للاسباب المذكورة ولو لا ان قيض الله للدفاع عن بلاد المسلمين في مثل هذه الظروف الحرجة بطل الاسلام صلاح الدين الايوبي وآله والدولة المستجدة الفتية بعدهم ودافعوا عنها دفاع المستميت لكاد الاسلام ان يكون اثرا بعد عين من توالي النكبات من ناحيتي الغرب والشرق في آن واحد، وبعد ان وفق الله هؤلاء الابطال المخلصين لجمع شمل المسلمين غب هذا الشتات ورفع راية العلم والمجد بعد تلك النكبات لم يكن من الحزم في شئ ان لا يسهروا على مصادر الشرور ومكامن الاخطار ولا سيما ان المارقين ودعاة الفوضى عادوا إلى كمونهم واصبحت جمعياتهم سرية بعد انقضاء الدولة الفاطمية ومن احاط خبرا بما هناك لا يرى المساهلة مع دعاتهم بعد انقضاء دولتهم ولا ان يتركوا يعيثون في الارض بالفساد من غير وازع في مثل هذه الظروف لئلا يعيد التاريخ نفسه فينتكس هذا العلم المرفوع ويطرأ الشتات على هذا الشمل المجموع الا إذا كان سيئ الرأي في المسلمين (*)(1/97)
فسمع في رحلته بالاسكندرية من الشرف محمد بن عبد الخالق بن طرخان جامع الترمذي وبمصر من العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني
__________
وفي دين المسلمين أو متقولا تعود ان يخطب في كل واد وان يهرف بما لا يعرف، وترى بعض كتاب العصر يسترسلون في طرق هذه الابواب ولا يتحاشون ان يبدوا هذه المحاكم الشرعية العلنية بمظاهر همجية كالمحاكم السرية عند الغربيين كأنهم كانوا يحكمون بالرؤيا لا بالبينة الشرعية فحاشا قضاة المالكية ان يصدر منهم هذا واليهم كان يتحاكم الملوك والامراء في ذلك العهد فيصدرون حكمهم فيهم بلا محاباة فكأن هذا الكاتب يشير بذلك إلى ما سطره ابن حجر في ترجمة اسمعيل بن سعيد انه بعد ان سجن اتى رجل من الصالحين إلى القاضي وحكى له رؤيا رآها.
ولكن لم يكن حكمه بها بل بالبينة الصادقة الشرعية فانظر إلى ما بعد كلامه: وعقد مجلس واقيمت عليه البينة بامور معضلة فامر به فقتل بحكم المالكي (وهو الاخنائي المعروف بدينه وامانته) فانت ترى انه بعد ان قامت البينة حكم القاضي لا بالرؤيا كما ان شرعية الاذان بدليل خاص شرعي لا برؤيا الاصحاب، وبعض كتاب العصر لهم شغف بنقل حادثة جزئية نقلا مبتورا وجعلها عامة شاملة استدلالا بجزئي على كلي حسب منطقهم كأن نقول هذا الكاتب متخبط فكل كاتب متخبط وهذا من الاستنتاجات التي لا تقبل الا عند هذا الكاتب واما في مسألتنا هذه فليست حادثة جزئية كما يريدها حتى يتسنى له ان يجعلها عامة شاملة حسب منطقه ولله الحمد والمنة.
نعم يجب على القضاة غاية الاناة في أحكامهم لا سيما في الدماء ومن ثمة ترى الذهبي يوصي القضاة المالكية بعدم التسرع في الحكم بالدماء في كتابه (بيان زغل العلم) فان وجد بالفرض بينهم من يخل بواجبه فأمره إلى الله وعلى ولي الامر فصله عن القضاء إذا ثبت ذلك لا ان يوصم جميع القضاة في اقضيتهم في الدماء والاموال والابضاع فهذا هو عين الدعوة إلى الفوضى.
(*)(1/98)
غالب البخاري بقراءته وباقيه سماعا بقراءة غيره وغير ذلك عليه وعلى غيره وبالشام من الفخر بن البخاري وعدة وبالحجاز مكة والمدينة من جماعة، ذكره الذهبي في العبر فقال: عالم الغرب الحافظ العلامة انتهى، توفي في المحرم سنة احدى وعشرين وسبعماية وله أربع وستون سنة.
وفي هذه السنة مات بدمشق المسند بهاء الدين ابراهيم بن محمد ابن عبد الرحمن بن نوح المقدسي الدمشقي في جمادى الثانية عن اثنتين وثمانين سنة، وبمصر الرئيس تاج الدين احمد بن علي بن شجاع العباسي في جمادى الاولى عن تسع وسبعين سنة، وبالفيوم الخطيب الرئيس مجد الدين احمد بن ابي بكر الهمداني المالكي صهر الوزير تاج الدين ابن حنا، وبجوبر (1) الشيخ مجد الدين اسماعيل بن الحسين بن ابي التائب الانصاري الكاتب، وبتعز ملك اليمن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن عمر التركماني في ذي الحجة، وبمكة الشيخ نجم الدين عبد الله بن محمد بن محمد الاصبهاني تلميذ الشيخ ابي العباس المرسي في جمادى الثانية وله ثمان وسبعون سنة، وبمرو المعمر عبد الله بن ابي الطاهر بن محمد خاتمة من سمع من الحافظ الضياء، وبدمشق المسند علاء الدين علي بن يحيى بن علي بن الشاطبي الشروطي الدمشقي في رمضان وله خمس وثمانون سنة، وكبير الحجاب زين الدين كتبغا رأس
__________
(1) جوبر بالفتح قرية بغوطة الشام كما في معجم البلدان.
(*)(1/99)
النبوة، وبمصر المحدث تقي الدين محمد بن عبد الحميد بن محمد الهمداني
المهلبي ثم المصري عن نيف وسبعين سنة، وبدمشق الشيخ شمس الدين محمد بن عثمان بن المشرق بن رزين الدمشقي الكتاني ثم الخ ؟ اب المعمار في ذي الحجة وله اثنتان وتسعون سنة، وشيخ الشيعة وقاضيهم محمد بن ابي بكر بن ابي القاسم الكاكيني الهمداني ثم الدمشقي في صفر عن ست وثمانين سنة وكان لديه فضائل ولم يكن يسب ولا يغلو وله نظم، وبالصالحية مسند الوقت سعد الدين يحيى ابن محمد بن سعد المقدسي في ذي الحجة عن تسعين سنة وأشهر وتفرد باجازة ابن الصلاح.
* (الرضي الطبري) * ابراهيم بن محمد بن ابراهيم بن ابي بكر بن محمد بن ابراهيم المكي الشافعي شيخ الاسلام رضي الدين أبو إسحاق وابو أحمد مسند الحجاز وامام الشافعية بالمسجد الحرام بمقام الخليل عليه الصلاة والسلام ولد في جمادى الثانية أو في شهر رجب سنة ست وثلاثين وستمائة وكان صاحب اخلاص وتأله وذا عناية بالحديث والفقه اختصر شرح السنة لل ؟ غوي وخرج لنفسه تساعيات حدث بها وبغالب مسموعاته وتفرد بأشياء سمع ابن الجميزي وشعيبا الزعفراني و عبد الرحمن بن ابي حرمى والشرف المرسي وجماعة وأجاز له عدة بمكة والغرباء الواردين إليها وغيرهم منهم السخاوي وابن المقير وشيخ الحرم بشير التبريزي، روى(1/100)
عنه الحافظ صلاح الدين العلائي وفضله على كل شيوخه فقال لم ارو عن أجل في عيني منه انتهى، مات بمكة المشرفة بعد صلاة الظهر من نهار السبت الثامن من المحرم أو من شهر ربيع الاول سنة اثنتين وعشرين
وسبعماية ودفن في صبيحة الغد يوم الاحد بالمعلاة بعد ان صلي عليه بعد صلاة الغداة بالمسجد الحرام رحمه الله تعالى وايانا.
وفي هذه السنة توفي الزاهد جلال الدين ابراهيم بن محمد بن احمد بن القلانسي الدمشقي في ذي القعدة وله ثمانون سنة، والمعمرة أم محمد زينب ابنة احمد بن عمر بن سكر القدسية في ذي الحجة ولها اربع وتسعون سنة تفردت بأشياء من مسموعاتها كمسند عبد والدارمي والثقفيات، والرئيس زين الدين عبد الرحمن بن صالح بن رواحة بن علي بن الحسين بن مظفر بن جبير بن رواحة الانصاري الحموي الشافعي عن اربع وتسعين سنة وأشهر، وشمس الدين هبة الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن نوح المقدسي في ذي القعدة.
عن بضع وخمسين سنة، والمحدث محيي الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن مخلوف ابن جماعة بن رحال الربعي المالكي في يوم التروية عن ثلاث وتسعين سنة، والصدر الكبير نصير الدين عبد الله ابن الوجيه محمد بن علي ابن سويد التكريتي ثم الدمشقي وله نحو السبعين سنة، والزاهد المحدث عتيق بن عبد الرحمن بن أبي الفتح اليعمري في ذي القعدة، والشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن احمد بن عبد الرحمن بن علي(1/101)
البجدي (1) في صفر وله بضع وثمانون سنة، والسيد الامام محيي الدين محمد بن عدنان بن حسن الحسيني الدمشقي وله ثلاث وتسعون سنة، والمسند أبو عبد الله محمد بن المحب على بن ابي الفتح بن السنجاري الدمشقي الموقت في رمضان عن احدى وثمانين سنة، والعلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن حريث العبدري البلنسي بمكة في
جمادى الثانية وله احدى وثمانون سنة، والمحدث مجد الدين محمد بن محمد بن علي الصيرفي سبط ابن الحبوبي (2) في رمضان عن احدى وستين سنة.
قرأت على الشيخين جمال الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن علي وشهاب الدين احمد بن ابراهيم بن احمد بن ابي نصر شهر كل منهما بالمرشدي مجتمعين بالمسجد الحرام والاختين الاصيلتين ام الحسن فاطمة وأم محمد علماء ابنتي الامام ابي اليمن محمد بن احمد بن ابراهيم الطبري مجتمعتين بمنزلهما بالسويقة بمكة قالوا أخبرتنا الاختان الفاطمتان ام الحسن وأم الحسين ابنتا الامام احمد بن ابراهيم بن محمد بن ابراهيم الطبري ح وشافهني سيدي والدي المرحوم أبو النصر محمد بن ابي الخير
__________
(1) بفتح الموحدة والجيم المشددة نسبة إلى بجد قرية من الزبداني على ما ذكره ابن حجر في الدرر الكامنة، وفي تبصير المنتبه في تحرير المشتبه له ضبط الموحدة بالكسر.
وأبو العباس العجمي يشير اليهما في ذيل لب اللباب.
(2) بضم الحاء المهملة وبائين موحدتين بينهما واو على ما يستفاد من مشته الذهبي كما سلف.
(*)(1/102)
محمد بن محمد ابن فهد الهاشمي والحافظ أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي وغير واحد عن المعمر الفقيه أبي عبد الله محمد بن احمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطي الانصاري قال ابن ظهيرة سماعا عليه بقراءتي وقال الآخرون اجازة ان لم يكن سماعا والحافظ ابي محمد عبد الله بن محمد بن ابي بكر بن خليل العثماني والحاكم ابي العباس احمد بن الرضى ابراهيم بن محمد بن ابراهيم الطبري والفقيه ابي عبد الله محمد بن سالم بن ابراهيم بن علي الحضرمي ثم المكي والقاضي تقي الدين ابي اليمن محمد بن احمد بن قاسم بن عبد الرحمن الحرازي (1) والضياء ابي الغنايم محمد بن عبد الله بن محمد بن ابي المكارم الحموي ثم المكي والعلامة ولي الله عفيف الدين ابي محمد عبد الله بن اسعد بن علي بن سليمان بن ملاح اليمني ثم المكي قالوا أخبرنا الامام الحافظ أبو اسحق ابراهيم بن محمد بن ابراهيم الطبري قال اخبرنا الشيخ صائن الدين أبو الحسن محمد بن الانجب البغدادي قراءة عليه وانا اسمع قال اخبرنا الشيخ أبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي (2) اجازة قال اخبرنا
__________
(1) بفتح المهملة وتخفيف الراء وآخره زاي مخلاف باليمن قرب زبيد سمي باسم بطن من حمير وهو حراز على ما ذكر في معجم البلدان وكذا ضبطه ابن حجر في الدرر عند ترجمة والد هذا احمد بن قاسم المتوفى سنة 755.
(2) نسبة إلى فرواة بالفتح وبعد الالف واو مفتوحة بليدة من اعمال نسا بينها وبين دهستان وخوارزم على ما في الانساب ومعجم البلدان.
(*)(1/103)
أبو بكر الشيروي (1) قال اخبرنا أبو سعيد الصيرفي قال حدثنا أبو العباس الاصم قال حدثنا محمد بن هشام بن ملاس قال حدثنا مروان ابن معوية الفزاري قال حدثنا حميد قال قال أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل يا رسول الله كيف أنصره ظالما قال تمنعه من الظلم فذلك نصرك اياه).
وأخبرناه عاليا عن هذا بدرجتين عشاري الاسناد المسند العالم أبو العباس احمد بن محمد بن ناصر العقبي ثم المحلي بقراءتي عليه بها والخطيب أبو الفضل محمد بن احمد بن ظهيرة المخزومي سماعا عليه بمنزله بمكة المشرفة ان ابا علي حسن بن احمد بن هلال الدقاق وابا حفص عمر بن حسن بن مزيد المزي وابا عبد الله محمد بن احمد بن ابراهيم المقدسي فيما كتبوا لهما زاد الثاني فقال وجمعا غيرهم ح وأذن لي بعلو درجة تساعي الاسناد أبو الربيع سليمان بن خالد الاسكندري فيها قالوا أنبأنا أبو الحسن علي بن احمد بن عبد الواحد المقدسي قال شيخنا عموما ح وكتب لنا الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين ابن عبد الرحمن العراقي والمسند محمد بن عمر بن علي الحنفي قالا وشيخنا
__________
(1) بكسر الشين المعجمة وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين وضم الراء وفي آخرها ياء أخرى نسبة إلى شيروية احد اجداد المنتسب إليه، والمراد هنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين بن شيروية سمع أبا سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي وغيره.
من الانساب لابن السمعاني نقلا عن ابن ماكولا.
(*)(1/104)
أبو الفضل بن ظهيرة أيضا أخبرنا أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي وأبو عبد الله محمد بن ابي القاسم بن اسماعيل الفارقي قال ابن ظهيرة في كتابهما قالا اخبرتنا دارا قبال (1) مونسة خاتون ابنة ابي بكر بن ايوب قالت وأبو الحسن المقدسي انبأتنا ام هانئ عفيفة ابنة احمد بن عبد الله الفارقانية وأم حبيبة عائشة زاد المقدسي فقال وأخوها أبو عبد الله محمد انبأ الحافظ معمر بن عبد الواحد بن الفاخر القرشي وأسعد بن محمود بن خلف العجلي وابو القاسم عبد الواحد ابن القاسم بن الفضل الصيدلاني وزادت مونسة فقالت وأسعد بن سعيد بن روح الفاخر واحمد بن محمد بن ابي نصر قالوا اخبرتنا ام الفضل فاطمة ابنة عبد الله بن احمد الجوزدانية قالت اخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن ريذة قال اخبرنا أبو القاسم سليمان بن احمد بن ايوب الحافظ قال حدثنا أبو مسلم الانصاري عن حميد عن انس رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما فقلت يا رسول الله أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال عليه الصلاة والسلام ترده عن الظلم فان ذلك نصرة منك له).
__________
(1) هكذا أيضا في خط ابن طولون وغيره من المحدثين وهي مسندة مشهورة في عصرها، رواياتها في جملة اثبات للشيوخ.
(*)(1/105)
* (الدقوقي) * (1) محمود بن علي بن محمود بن مقبل بن سليمان بن داود البغدادي محدثها وحافظها وشيخ المستنصرية بها الامام تقي الدين أبو الثناء ولد في بكرة يوم الاثنين السادس والعشرين من جمادى الاولى سنة ثلاث وستين وستماية، سمع الكثير بافادة والده ثم بنفسه غيرهم، روى عن عبد الصمد وابن ابي الدم وابن الساعي وغيرهم وكان مقدما على أقرانه فردا في زمانه له المؤلفات الحسنة والتخاريج المفيدة واليد الطولى في الوعظ والادب والنظم الرائق والنثر الفائق وكان يجتمع عليه إذا قرأ الحديث خلق لا يحصون يبلغون الوفا وكان له جلالة عجيبة وافادة للغاية مات رحمه الله تعالى في يوم الاثنين العشرين من المحرم سنة ثلاث وثلاثين وسبعماية ببغداد وكانت جنازته مشهودة حضرها الجم الغفير وحملت على الرؤس إلى برية الامام احمد بن حنبل رضي الله عنه فدفن بها ولم يخلف شيئا رحمه الله وايانا.
وفي هذه السنة توفي الرئيس تاج الدين احمد بن ادريس بن محمد بن
__________
(1) بضم أوله وقافين على ما ذكره السخاوي في انساب الضوء اللامع، لكن في مشتبه الذهبي ضبط الدال بالفتح بالقلم، وفي معجم البلدان دقوقا بفتح أوله وضم ثانيه وبعد الواو قاف أخرى وألف ممدوة ومقصورة مدينة بين اربل وبغداد.
(*)(1/106)
مزيز (1) الحموي بحماة في رمضان عن تسعين سنة وشهرين، ومفتي المسلمين الشهاب احمد بن يحيى بن جميل الشافعي بدمشق في جمادي الثانية وله ثلاث وستون سنة، والمعمرة أم محمد أسماء ابنة محمد بن سالم ابن صصري بدمشق في ذي الحجة عن خمس وتسعين سنة، والامام الولي القدوة الشيخ علي بن ابي الحسين الواسطي الشافعي محرما وله ثمانون سنة، والمحدث شمس الدين محمد بن ابراهيم بن غنائم بن المهندس الصالحي الحنفي (2) في شوال عن ثمان وستين سنة.
* (البدر ابن جماعة) * محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة بن حازم بن صخر الكناني الحموي ثم المصرى الشافعي بدر الدين أبو عبد الله شيخ الاسلام وقاضي القضاة بمصر والشام ولد في عشية الجمعة الرابع من شهر ربيع الثاني سنة تسع وثلاثين وستماية بحماة، اشتغل وحصل وشارك في فنون من العلم فتبحر فيها وتميز في التفسير والفقه وعني بالرواية فجمع وصنف واشتهر وبعد صيته، ولي قضاء الاقليمين فحمدت سيرته، روى عن
__________
(1) بالتصغير وبالزائين المعجمتين محدث حماة تقي الدين ادريس بن محمد بن
مزيز عن ابن رواحة وطبقته، وأولاده التاج احمد و عبد الرحيم وست الدار سمعت منهم قاله الذهبي في المشتبه.
(2) وهو من أركان الرواية في عصره وابن مهندس المدرسة الظاهرية بدمشق.
سمع من ابن أبي عمر وابن شيبان فمن بعدهما.
(*)(1/107)
شيخ الشيوخ حضورا والرشيد العطار وابن عزون وابن ابي اليسر والرضى بو البرهان وابن البخاري وابن مضر والنجيب الحراني وخلق سماعا وأجاز له جماعة منهم ابن سلمة وابن البرادعي (1) ومكي بن غيلان، وكان ذا دين وتعبد ونزاهة أضر بآخره فانقطع للعبادة حتى مات في ليلة الاثنين العشرين أو الحادي والعشرين من جمادى الاولى سنة ثلاث وثلاثين وسبعماية بمصر ودفن بالقرافة عن أربع وتسعين سنة وشهر رحمه الله تعالى.
شافهني سيدي والدي أبو النصر محمد بن محمد بن محمد ابن فهد الهاشمي تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته وقرأت على الحافظ أبي حماد بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي وسمعت على ابن عمه الخطيب أبي الفضل محمد بن احمد قالوا أخبرنا الحافظ أبو عمر عبد العزيز بن محمد ابن ابراهيم الشافعي ح وأنبأنا عاليا بدرجة أبو اسحق ابراهيم بن محمد الدمشقي قالا اخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن سعد الله الحموي قال الدمشقي كتابة قال اخبرنا أبو الطاهر اسماعيل بن عبد القوي ابن عزون الانصاري قال اخبرتنا فاطمة ابنة عبد الله الجوزدانية حضورا ح قال الحافظ أبو عمرو أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن علي بن ساعد الحلبي ح وأخبرنا عاليا بدرجة عدة مشافهة
__________
(1) هو صفي الدين أبو البركات عمر بن عبد الوهاب القرشي العدل المعروف بابن البرادعي المتوفى سنة 647.
شذرات (*)(1/108)
وكتابة عن زينب ابنة الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسي ح وأباح لنا ابن الرسام عن اسحاق بن يحيى الآمدي قالوا اخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قالا سوى ابن ساعد اجازة قال الآمدي ان لم يكن سماعا قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابي زيد بن احمد الكراني (1) وابو جعفر محمد بن اسماعيل بن محمد الطرسوسي قالا اخبرنا أبو منصور محمود بن اسماعيل بن محمد الصيرفي زاد الطرسوسي فقال وابو نهشل عبد الصمد بن احمد بن الفضل العنبري قال والجوزدانية اخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة الضبي ح وقال الصيرفي أخبرنا أبو الحسين احمد بن محمد بن الحسن بن فادشاه قالا أخبرنا سليمان بن احمد ابن ايوب الحافظ أبو القاسم اللخمي قال حدثنا محمد بن محمد التمار قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا عكرمة بن همام قال حدثني الهرماس بن زياد رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا رديف أبي وهو عليه الصلاة والسلام على ناقته العضباء يوم الاضحى وأناس حوله فقلت لابي ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول عليه الصلاة والسلام (ارموا الجمار بمثل حصى الخذف) (2).
__________
(1) بالفتح والتشديد نسبة إلى كران محلة باصبهان - مشتبه الذهبي.
(2) المراد الحصى الصغار.
والخذف في الاصل رمي الحصاة ونحوها بطرفي الابهام والسبابة.
(*)(1/109)
* (الجمال المطري) * (1) محمد بن احمد بن محمد بن خلف بن عيسى بن عباس بن بدر بن يوسف بن علي بن عثمان الانصاري السعدي العبادي المدني العلامة أقضى القضاة جمال الدين أبو عبد الله مولده في سنة احدى أو ثلاث وسبعين وستمائة وكان اماما له مشاركة وتبحر في فنون من العلم منها الحديث والفقه والتاريخ ولي نيابة القضاء والامامة والخطابة بالمدينة النبوية على الحال بها افضل الصلاة والسلام وألف لها تاريخا سماه (التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة) وكان ذا خلق حسن جامعا للفضائل والمحاسن صدرا من الصدور وكان رئيس المؤذنين بالحرم الشريف النبوي، روى عن أبي اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب ابن عساكر والحافظ شرف الدين الدمياطي والتاج علي بن احمد الغرافي والامين محمد بن القطب القسطلاني والامام عفيف الدين عبد السلام ابن محمد بن مزروع والشيخ ابى محمد عبد الله بن عمران السكري وأبي المعالي احمد بن اسحق بن المؤيد الابرقوهي وتقي الدين الحسين بن علي بن ظافر بن ابي المنصور المالكي والعز الفارقي، وحدث بالحرمين الشريفين، مات رحمه الله تعالى بالمدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام في سنة احدى وأربعين وسبعمائة ودفن بالبقيع.
__________
(1) نسبة للمطرية المصرية.
من انساب الضوء اللامع (*)(1/110)
وفيها مات الامام برهان الدين أبو إسحق ابراهيم بن احمد بن هلال الزرعي ثم الدمشقي الحنبلي في سادس عشر رجب وله بض بضع وخمسون سنة، وابو اسحق ابراهيم بن علي بن يوسف بن سنان الزرزاري القطبي في سادس ذي القعدة، وأبو العباس احمد بن محمد بن ازدمر بن عبد الله ابن صاحب الصهيون العزيزي الجريري في صفر عن بضع وسبعين سنة، والشيخ الزاهد خالد المجاور لدار الطعم كان صاحب كلمة نافذة وحال وكشف، والمعمرة الخيرة أم محمد صفية ابنة احمد بن احمد بن عبد الله المقدسية عن سن عالية، ومحيي الدين عبد القادر بن محمد بن الفخر البعلبكي وله اثنتان وخمسون سنة في شهر رجب، والمعمر بهاء الدين علي بن عيسى بن المظفر بن الياس بن السروجي الدمشقي في ذي القعدة وله ثمان وثمانون سنة، والمعمر بهاء الدين عيسى بن عبد الكريم بن عساكر بن سعد بن احمد بن مكتوم القيسي بدمشق في ليلة الثلاثاء الحادي عشر من ذي القعدة عن ثلاث وثمانين سنة، والعلامة شمس الدين محمد بن احمد بن ابراهيم بن حيدرة بن القماح الشافعي في شهر ربيع الثاني وله بضع وثمانون سنة، والشيخ الزاهد أبو عبد الله محمد بن احمد بن تمام بن حسان الشبلي بصالحية دمشق في ثالث عشر اشهر ربيع الاول وله احدى وتسعون سنة، والبدر محمد ابن احمد بن خالد بن محمد بن أبي بكر الفارقي في العاشر من ذي القعدة، ومحمد بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف أخو الحافظ جمال الدين المزي في شهر رمضان عن بضع وسبعين سنة، والامام المحدث بدر الدين(1/111)
محمد بن علي بن محمد بن غانم الشافعي بدمشق، والمعمر أبو عبد الله محمد بن علي بن محمود بن الدقوقي وله خمس وسبعون سنة، ومحمد بن عالي بن النجم الدمياطي وله احدى وتسعون سنة، والملك الناصر أبو الفتح محمد بن قلاوون الصالحي بالقاهرة عن بضع وخمسين سنة، والامام شمس الدين محمد بن يحيى بن محمد القرشي الكاتب والشيخ وجيه الدين محمد البادسي ببغداد.
شافهني المشايخ الثلاثة سيدي والدي أبو النصر محمد ابن فهد الهاشمي والحاكمان أبو بكر بن الحسين الارموي وأبو حامد محمد بن عبد الرحمن العبادي ان العفيف عبد الله بن محمد بن احمد الانصاري أخبرهم قال ابن الحسين سماعا وقال الآخران كتابة قال ابن اخيه ابن لم يكن سماعا قال أخبرنا ابي محمد بن احمد السعدي قال اخبرنا الحافظ أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر قال قرأت على الامام ابي محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي بالمعزية في آخرين وابي العباس احمد بن عبد الله المقدسي ح وقرأت بعلو درجتين على عبد الله بن الحسين قلت له أخبرك الخطيب محمد بن محمد بن ابراهيم قال أخبرنا أبو إسحق ابراهيم بن محمد بن مناقب وأبو الفضل عبد الرحيم ابن يوسف الموصلي قالوا أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر المكتب قال الموصلي وأنا حاضر قال اخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد قال أخبرنا أبو طالب بن محمد البزاز قال أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم الشافعي قال حدثنا احمد بن بن عبد الله هو ابن ادريس قال حدثنا يزيد(1/112)
قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد مسجدي والمسجد الحرام والمسجد الاقصى) اتفقا على تصحيحه فأخرجاه في كتابيهما.
* (عليان) * (1)
علي بن أيوب بن منصور بن وزير بن راشد بن معين بن عبدالعالي ابن محمد ابن الشيخ ابراهيم الخواص المقدسي علاء الدين أبو الحسن ولد في سنة بضع وستين وستمائة برع في علم الفقه والعربية واللغة وكان أحد فقهاء الشافعية ومدرس الصالحية بالقدس الشريف، عني بهذا الشأن فسمع الكتب الكبار المطولة وتفقه بالشيخ تاج الدين وأخذ عن عدة مشايخ منهم ابن اليونيني أبو الحسن علي وابن سباع الفزاري عبد الرحمن بن ابراهيم وابن البخاري الفخر علي بن احمد، روى عنه ابن فضل الله العلامة أحمد بن يحيى ومحمد بن عمر المكي ويحيى بن الرحبي والحسيني محمد بن علي بن الحسن وغيرهم، وكان ثقة عمدة (2)
__________
(1) على صيغة التصغير كما ضبطه ابن حجر في الدرر.
(2) قال ابن حجر: كان يجب كلام ابن تيمية ونسخ منه الكثير وله أشعار على طريقته في الاعتقاد وامتحن وأوذي بسبب ذلك وحصل له في أواخر عمره اختلاط أفكار يلهج بذكر الجن وانهم وعدوا ان يجروا له نهرا من النيل إلى منزله بالقدس ونهرا من الزيب من نابلس إلى منزله أيضا وشرع في اعداد اماكن (*)(1/113)
اختلط قبل موته بمدة، مات في منتصف رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بالقدس.
وفيها مات غير من تقدم في ترجمة الذهبي تقي الدين ابراهيم بن قاسم ابن عبد الحميد بن أحمد بن العجمي في ثالث شعبان، وابراهيم بن محمد بن ابراهيم بن محمد بن خولان الصالحي في ذي الحجة، وابراهيم ابن محمد بن محمد البكري، وأحمد بن ابراهيم بن أحمد بن ابراهيم ابن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي، وأحمد بن سليمان بن عابد الماكسيني في شهر ربيع الثاني، وأحمد بن عبد المؤمن بن خلف الدمياطي في العشرين من شوال، وأحمد بن عمر بن ابراهيم القيمري (1) الحيري في ذي القعدة، والشيخ نجم الدين أبو الفتح أحمد بن العلامة احمد بن العلامة شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي ثم الدمشقي بها في تاسع شهر رجب وكان مولده في سنة سبعين وستمائة وكان مغفلا، وبدر الدين أبو علي حسن بن ابراهيم بن أسد بن أبي الفرج بن ذراع اليمني في شهر رجب، وبدر الدين الحسن بن محمد ابن عبد الرحمن بن أبي البركات بن أبي الفوارس بن السديد الاربلي، وعمدة الدين عبد العزيز ابن الصاحب عز الدين حمزة بن القلانسي في
__________
لذلك فأخذوا على يده وباعوا كتبه في حياته وتغالى الناس في أثمانها رغبة في صحتها وانتزعت منه المدرسة الصلاحية إلى العلائي اه.
(1) بفتح القاف وضم الميم نسبة إلى قيمر ببلاد الاكراد.
(*)(1/114)
شهر رمضان ودفن بقاسيون، ونجم الدين عبد العزيز بن عبد القادر ابن أبي الكرم الربعي البغدادي بالقاهرة في يوم الجمعة عاشر رمضان، والفقيه الشيخ العارف أبو الحسن علي بن عبد الله الطواشي اليمني الشافعي شيخ سيدي عبد الله اليافعي كان صاحب أحوال وكرامات، والامير سيف الدين قلاوون الناصري بحمص، والفقيه الامام الزاهد الشيخ جمال الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي البصال باليمن لبس منه سيدي الشيخ عبد الله اليافعي خرقة التصوف وأخذ عنه.
* (الوادي آشي) * (1) محمد بن جابر بن محمد بن القاسم بن حسان القيسي الامام المقرى الحافظ أبو عبد الله ولد في سنة ثلاث وستمائة وأخذ عن أبيه والدلاصي (2) وأبي العباس البطرني وسمع من القاضي أبي العباس ابن الغماز وأبي محمد بن هارون وعدة، روى عنه جمع من مشايخنا وغيرهم، قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في طبقات القراء: دخل اقصي
__________
(1) نسبة إلى وادي آش بمد الهمزة والشين المعجمة بالاندلس من كورة البيرة وبينها وبين غرناطة أربعون فرسخا على ما ذكره الزبيدي في شرح القاموس، وهكذا بالشين المعجمة في خط البرهان البقاعي وابن فهد وابن فرحون وغيرهم، وقد يقع في خطهم ايضا الوادياشي بالياء والمعجمة.
(2) نسبة إلى دلاص بفتح اوله وآخره صاد مهملة بلد في كورة البهنسا بمصر.
معجم البلدان (*)(1/115)
المغرب وعبر إلى الاندلس وأقرأ القراآت بتلك البلاد فاشتهر اسمه وكان من مشاهير القراء والمحدثين قرأت عليه التيسير وأفادني اشياء نفيسة وكان تاجرا نبيلا مقصودا حج وجاور غير مرة وعمل أربعين بلدانية وذكره شيخنا الحافظ زين الدين العراقي في ذيله على العبر فيمن مات في سنة تسع وأربعين وسبعمائة فقال: وممن توفي ببلاد المغرب الحافظ أبو عبد الله محمد بن جابر بن محمد القيسي الوادي آشي سمع من ابن الغماز وابن هارون وغيرهما وحدث بمصر والشام والحجاز وبلاد المغرب وكان قد انفرد بالديار المصرية بعلو الموطأ من رواية يحيى بن يحيى ثم سافر إلى بلاد المغرب فمات بها كما قيل في شهر ربيع الاول انتهى (1).
ثم في هذه السنة كان الطاعون العام في عدة بلدان وقع في أثناء صفر وامتد إلى أواخر المحرم من العام القابل فمات فيه أمم لا يحصيهم الا الله عزوجل، يقال انه مات بالقاهرة ومصر في اليوم الواحد قريب من أحد عشر الف نفس وفي دمشق في اليوم اربعمائة نفس فممن مات من المشهورين غير من تقدم في ترجمة احمد بن أيبك الدمياطي بدمشق ابراهيم بن ادريس بن يحيى بن يونس الاردني في شهر رجب، وابراهيم
__________
(1) وترجمه ابن فرحون في طبقات المالكية وقال: كان محدثا مقرئا مجودا له معرفة تامة بالنحو واللغة والحديث ورجاله وكان فقهه قليلا وانما ذكرت هذا الشيخ ومن كان مثله في قلة البضاعة في الفقه للافادة بذكر من روى عنهم فأنه احد شيوخنا وشيخ كبير من أهل زماننا اه.
(*)(1/116)
ابن ايوب بن احمد بن علي بن عثمان ومولده في صفر سنة ست وستين وستمائة، وابراهيم بن حسين بن علي بن محمد بن العماد الكاتب ومولده في سنة تسع وثمانين وستمائة، وبالقاهرة أو مصر العلامة برهان الدين ابراهيم بن عبد الله الحكري، والاديب برهان الدين ابراهيم بن علي ابن ابراهيم المعمار، والامام برهان الدين ابراهيم بن علي بن هبة الله ابن علي الدمنهوري سبط الشيخ ابي الحسن الشاذلي، وبدمشق كاتب الحكم بها برهان الدين ابراهيم بن محمد بن ابراهيم الجزري، وبمصر أو القاهرة العلامة برهان الدين ابراهيم بن لاجين بن عبد الله الرشيدي، وبطريق الحجاز القاضي الامام جمال الدين ابراهيم العبد لاوي (1) وهو متوجه إلى الحج، وبدمشق احمد بن ابراهيم بن عبد العزيز ابن رضوان بن الياس الحنفي في جمادى الاولى ولد في صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وشهاب الدين احمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن ابن عبد المنعم العطار في شهر رجب، وبالاسكندرية تقي الدين احمد بن عبد الرزاق بن عبد العزيز بن موسى اللخمي الاسكندري، وبالقاهرة أو مصر الامام تاج الدين احمد بن عبد القادر بن احمد بن
__________
(1) قال أبو العباس العجمي: وفي وفيات ابن خلكان ان البطيخ العبدلاوي منسوب إلى عبد الله بن طاهر الخزاعي وذكر الوزير أبو القاسم ابن المغربي في كتاب الخواص وهذا النوع من البطيخ لم اره في شئ من البلاد الا في الديار المصرية ولعله نسب إليه لانه كان يستطيبه أو انه اول من زرع هناك اه.
والظاهر أن النسبة هنا اما لبيعه أو زرعه.
(*)(1/117)
مكتوم القيسي الحنفي، والامام الرباني علاء الدين احمد بن عبد المؤمن السبكي ثم النووي والامام احمد بن مالك، والامام شهاب الدين احمد بن محمد بن جبارة الكندي، والامام نجم الدين احمد بن محمد بن عبدالعليم الاصفوني (1)، وبالاسكندرية مسندها شهاب الدين احمد ابن محمد ابن فتوح التجيبي الاسكندري، وبمصر أو القاهرة الشيخ الامام فقيه القاهرة والاسكندرية شهاب الدين أحمد بن محمد بن قيس الانصاري، وبالاسكندرية أو دمياط وهو الظاهر أبو العباس احمد ابن محمد بن محمد بن أبي القاسم بن عبد الله الصقلي، وبالاسكندرية احد الشعراء المفلقين الاديب العلامة شهاب الدين أبو العباس احمد ابن مسعود بن ممدود الضرير، وبالقاهرة أو مصر المحدث شهاب الدين احمد بن يحيى بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن عساكر، وبدمشق نائب الخطابة بها الامام شهاب الدين احمد بن يوسف بن داود بن الحسن ابن الحسين بن كابوره مولده في سنة ست وتسعين وسبعمائة، والمقري الصيت احمد بن الرقام، والاديب أحمد سميكة، وبمصر أو القاهرة
الامام شهاب الدين احمد الشاذلي البندقداري، والامام الرباني احمد ابن الميلق الاسكندري الغافقي، وبدمشق اسماعيل بن ابراهيم بن ابي بكر بن ابراهيم الجزري في جمادي الثانية، وبالقاهرة أو بمصر امام خانقاه سرياقوس الشيخ عماد الدين اسماعيل بن المقري العجمي،
__________
(1) أصفون بفتح الهمزة وبالفاء بلدة في صعيد مصر.
شذرات الذهب (*)(1/118)
وبدمشق التاجر الكبير شمس الدين افريدون العجمي واقف الافريدونية، وبالقاهرة أو مصر الامام كمال الدين جعفر بن تغلب ابن جعفر بن على الادفوي الشافعي، والشيخ الامام نجم الدين حسين ابن الزنكلوني، وأوحد الفضلاء المحدثين حمزة بن أحمد بن عمر الهكاري، وبحلب الامام صدر الدين سليمان بن عبد الحكيم المالكي، وبمصر أو القاهرة القاضي علم الدين صالح بن عبد القوي الاسناني، وتقي الدين صالح بن أبي بكر بن ابراهيم بن ابي بكر السنجاري القرشي وقيل بالاسكندرية، والمحدث المفيد شرف الدين صالح القيمري، وبدمشق عبد الرحمن بن الحافظ أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي في يوم الاحد سابع عشري جمادى الاولى ومولده في يوم عيد الفطر سنة سبع وثمانين وستمائة، وبمصر أو القاهرة الشيخ المسند زين الدين عبد الرحمن بن عبد الحميد بن محمد بن عبد الهادي المقدسي، وأحد فضلاء الحنفية الامام عز الدين عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الفرات (1) والفقيه سعد الدين عبد الرحيم بن علي بن عثمان بن التركماني، وأخوه أحد الفضلاء الامام العالم عز الدين بن عبد العزيز، وبدمشق خطيبها تاج الدين عبد الكريم ابن القاضي جلال الدين القزويني، بالقاهرة أو مصر الامام الرباني أبو محمد عبد الله بن سليمان المنوفي
__________
(1) أبو المؤرخ الكبير محمد ابن الفرات وجد المسند العلامة عبد الرحيم ابن الفرات الحنفيين.
(*)(1/119)
المالكي، وبالاسكندرية جمال الدين عبد الله بن احمد بن هبة الله بن الثوري، وأحد فضلاء الشافعية الامام بدر الدين عبد الله بن محمد بن عبد العزيز الميموني، وبدمشق رئيس المؤذنين بالجامع الاموي فخر الدين عثمان بن عمر بن عثمان الحرستاني في شهر ربيع الاول وله اثنتان وثمانون سنة، وعلاء الدين علي بن ابراهيم بن فلاح الاسكندري، وبالاسكندرية الشريف تقي الدين علي بن احمد بن احمد ابي الحسن علي بن عبد الله الشاذلي ومولده في ثالث عشر جمادى الاولى سنة ست وسبعين وستمائة، وبمصر أو القاهرة أحد الفضلاء الشيخ نور الدين علي ابن الحسن بن علي التفهني، والامام نور الدين علي بن شبيب الحنفي، وبالاسكندرية جلال الدين علي بن عبد الوهاب بن حسن بن اسماعيل ابن مظفر بن الفرات الجريري بضم الجيم، وبالقاهرة أو مصر أحد فضلاء الشافعية الامام علي بن محمد بن محمد الاخنائي الشافعي، وبحلب زاهدها الشيخ على بن نبهان، وبمصر أو القاهرة الشيخ الامام علاء الدين علي بن يوسف بن احمد بن عبد الدائم الحنفي، وبدمشق الشيخ الواعظ ركن الدين عمر بن الشيخ ناصر الدين محمد بن الشيخ ابراهيم بن معضاد الجعبري، وبالقاهرة أو مصر شيخ خانقاه سعيد السعداء الشيخ سراج الدين عمر بن الصفدي، وبالاسكندرية ست التجار فاطمة ابنة محمد ابن أبي القاسم بن عبد الله الصقلي، وبحلب مدرس الناصرية فرج الاردبيلي الشافعي شارح منهاجي النواوي والبيضاوي، وبمصر أو القاهرة الشيخ زين الدين محمد بن أحمد بن ظهير القليوبي، والعلامة(1/120)
الرباني شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن بن اللبان الاسعردي ولد في سنة تسع وسبعين وستمائة، وشيخ الشافعية محمد بن أحمد بن عثمان بن عدلان، وبدمشق عماد الدين أبو المعالي محمد بن احمد بن محمد ابن محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن عمر الشيرازي الدمشقي في شعبان وله تسع وستون سنة، والصدر النبيل شمس الدين محمد بن احمد بن محمد بن أبي العز الحراني ثم الدمشقي عرف بابن العناب ومولده في سنة أربع وسبعين وستمائة، وبالقاهرة أو مصر أحد الاعلام الشيخ عماد الدين محمد بن اسحق البلبيسي، والامام الرباني شمس الدين محمد بن صديق بن عتيق الحسباني (1) الشافعي، والامام شمس الدين محمد بن عبد الرحيم ابن ابراهيم الاسيوطي والد العلامة ابراهيم، والعلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن الصائغ الاموي، وعز الدين محمد بن عبد المحسن بن عبد اللطيف بن رزين، وبدمشق محتسب الصالحية شمس الدين محمد بن عبد الهادي المقدسي، وبالاسكندرية تاج الدين محمد بن عثمان بن عمر بن كامل البلبيسي الكارمي في ليلة الثامن والعشرين من صفر، وبمصر أو القاهرة الامام المحدث عماد الدين محمد ابن علي بن جرير الدمياطي، والقاضي شمس الدين محمد بن عيسى بن دقيق العيد، والعلامة بدر الدين محمد بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي المصري المالكي ويعرف بابن أم قاسم شارح الالفية، والقاضي
__________
(1) بضم المهملة نسبة لحسبان من دمشق.
انساب الضوء (*)(1/121)
زين الدين محمد بن محمد بن الحارث بن مسكين الزهري، والامام بهاء الدين محمد بن محمد بن حمويه الضرير، وبالاسكندرية قاضيها شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عطاء الله المالكي الاسكندري، وعز الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن يوسف بن حسن بن عثمان بن علي بن منصور التميمي، وبحلب الامام بدر الدين محمد بن محمد بن الصائغ الشافعي، وبالقاهرة أو مصر الامام الفقيه المحدث محمد ابن محمد بن أبي بكر بن العطار العسقلاني، وشاهد الخزانة القاضي جلال الدين محمد بن محمد علاء الدين الجوجري (1) وعمه ناظر الخزانة تقى الدين محمد علاء الدين، وشيخ الحنابلة بدر الدين محمد بن عبد الله ابن أبي الفرج بن أبي الحسن بن أبي اسرائيل بن وليد بن الحباب الحنبلي، وابن قاضي ببا (2) الامام تقي الدين محمد بن الببائي، والاديب شمس الدين محمد بن الفوية، وبالاسكندرية زاهدها أبو البركات محمد بن أبي عبد الله بن موسى المالكي الفاسي الاسكندري وبدمشق شمس الدين محمد بن الصلاح الشهرزوري مدرس القيمرية، والمقري الصيت شمس الدين محمد الطحان، والمقري الصيت الرئيس شمس الدين
__________
(1) نسبة إلى جوجر بجيمين مفتوحتين وراء بليدة بمصر من جهة دمياط في كورة السمنودية.
معجم البلدان.
(2) بموحدتين أوليهما مكسورة والثانية خفيفة على ما ذكره الحافظ ابن حجر في الدرر، وقال ياقوت في معجم البلدان: بالفتح مدينة بمصر من جهة الصعيد على غربي النبل من كورة البهنسا.
(*)(1/122)
محمد البكتمري، ومن الفقراء الشيخ محمد الفيومي، والشيح محمد القصار، ومن الوعاظ الشيخ محمد الزركشي الشافعي، وبمصر أو القاهرة العلامة شمس الدين محمود بن أبي القاسم بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن علي الاصفهاني وبها ولد في سنة أربع وسبعين وستمائة في شعبان، والامام سعد الدين مسعود بن الميمونى أحد فقهاء الشافعية، وبدمشق أخت ابن الخباز نفيسة ابنة ابراهيم بن سالم بن ركاب الانصارية في جمادى الثانية، والواعظ الشيخ يوسف بن مساور، وبالقاهرة أو مصر الامام المقري جمال الدين يوسف بن عمر بن موسى النحوي العباسي، وأبو بكر بن قاسم بن أبي بكر الرحبي ومولده في شهر ربيع الاول سنة ست وسبعين وستمائة، وأبو بكر بن يوسف بن احمد بن عبد الدايم الحلبي، والشيخ الامام السبكي المقري شارح مختصر ابن الحاجب، والعلامة الفوسابادي، وأحد فضلاء الشافعية الامام جمال الدين الخطيب الا بناسي، وشيخ خانقاه أقبغا جمال الدين الملطي، وبحلب الفقيه العلامة زين الدين بن الوردي، وبمصر أو القاهرة أحد فقهاء المصريين سديد الدين الاقفاصي (1) وخليفة الحكم القاضي شرف الدين ابن بنت أبي سعيد (2)، وشيخ الخانقاه البيبرسية الامام شرف الدين الواسطي، وشيخ الشيوخ بدر الدين (2) شيخ الخانقاه الناصرية بسرياقوس، وعالم الاطباء بالقاهرة الشيخ شمس الدين بن الاكفاني،
__________
(1) وقد يقال الاقفهسي: (2) هنا وفي صفحة 118 بياض في الاصل.
(*)(1/123)
وامام الجامع الازهر الشيخ عز الدين الحراني، وبدمشق القاضي الامام عز الدين بن الاقصرائي الحنفي، وبالقاهرة أو مصر امام جامع المارداني قوام الدين الكاكي، وبالجامع الازهر الشيخ قوام الدين الكرماني، وخليفة الحكم بالجامع الصالحي القاضي نجم الدين القزويني الحنفي.
أخبرنا الامام العلامة برهان الدين أبو إسحق ابراهيم بن موسى بن أيوب الا بناسي قراءة عليه وأنا اسمع بالمسجد الحرام قدم علينا في ذي القعدة من سنة احدى وثماني مائة قال أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد ابن جابر القيسي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن هارون الطائي قال أخبرنا أبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الحق الخزرجي قالا أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفرج مولى ابن الطلاع قال أخبرنا أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث الصفار قال أخبرنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله الليثي قال أخبرنا عم أبي أبو مروان عبيدالله بن يحيى قال أخبرنا أبي يحيى بن يحيى قال أخبرنا الامام مالك بن أنس الاصبحي عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فان فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم فليطول ما شاء).
وقرأته عاليا بدرجتين على الامام أبي الخير محمد بن محمد بن محمد ابن علي بن يوسف بن الجزري الشافعي بالمسجد الحرام قدم علينا في سنة ثلاث وعشرين قلت له أخبرك الرئيس أبو عبد الله محمد بن موسى(1/124)
ابن سليمان الانصاري ح وأنبأنا عاليا عن هذا بدرجة المعمر أبو الربيع سليمان بن خالد الاسكندري منها قالا أخبرنا أبو الحسن علي بن البخاري احمد بن عبد الواحد المقدسي قال شيخنا في اذنه العام قال أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي وأبو حفص عمر بن محمد بن
معمر الدارقزي قالا اخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الانصاري قال أخبرنا أبو اسحق ابراهيم بن عمر بن احمد البرمكي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن ابراهيم بن أيوب بن ماشي البزار وأنا حاضر قال حدثنا أبو مسلم ابراهيم بن عبد الله بن مسلم الكجي قال حدثنا القعنبي يعني عبد الله بن مسلمة قال حدثنا ابن ابي ذئب عن أبي الوليد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أممتم الناس فخففوا فان فيهم الكبير والصغير والضعيف) صحيح رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف وأبو داود عن القعنبي والنسائي عن قتيبة ثلاثتهم عن مالك به فوقع لنا بدلا لهم في روايتنا الاولى ووقع لنا ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟.
ايتنا ؟ الثانية ولله الحمد والمنة.
* (ابن التركماني) * (1) علي بن عثمان بن ابراهيم بن مصطفى المارديني الحنفي قاضي القضاة الامام العلامة الحافظ علاء الدين سمع من خلائق منهم الابرقوهي والدمياطي وابن القسم وابن الصواف وشهاب المحسني، ولي قضاء
__________
(1) وفيه يقول القرشي: الامام ابن الامام أخو الامام ووالد الامامين.
(*)(1/125)
الحنفية بالديار المصرية ودرس بعدة تداريس لجماعة الحنفية، روى عنه شيخنا الحافظ أبو الفضل العراقي (1) سمع عليه صحيح البخاري، وله تآليف حسنة مفيدة منها (تخريج أحاديث الهداية) و (الدر النقي في الرد على البيهقي) وكتاب في علوم الحديث اختصر فيه كتاب ابن الصلاح اختصارا حسنا مستوفى، ذكره شيخنا زين الدين العراقي في ذيله على ذيل العبر للذهبي فيمن توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة فقال:
وشيخنا الامام العلامة الحافظ قاضي القضاة علاء الدين علي بن مصطفى ابن عثمان التركماني وذكر له ترجمة رحمه الله تعالى.
* (أبو الفتح ابن المحب) * أحمد بن عبد الله بن أحمد الامام الحافظ شهاب الدين أبو الفتح ذكره الحافظ أبو المحاسن الحسيني في ذيله على ذيل العبر للذهبي فيمن توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة فقال: والحافظ شهاب الدين أبو
__________
(1) بل به تخرج في الحديث كما سيأتي في ترجمة العراقي وكتابه (الجوهر النقي في الرد على البيهقي) في مجلدين يكشف الستار عن وجوه تعسفاته واوهامه، لا يستغني عنه من يعني بعلل أحاديث الاحكام وله (بهجة الاريب بما في القرآن من الغريب)، والمنتخب في علوم الحديث والمؤتلف والمختلف وكتاب الضعفاء والمتروكين ومختصر المحصل في الكلام للرازي وله أيضا المعدن في اصول الفقه والكفاية مختصر الهداية وغير ذلك، وهو من مشايخ الحافظ عبد القادر القرشي.
(*)(1/126)
الفتح أحمد ابن شيخنا المحب عبد الله بن احمد بن المحب المقدسي حدث عن عيسى المطعم وغيره (1).
* (ابن الواني) * (2) عبد الله بن محمد بن ابراهيم بن محمد الحنفي الامام الحافظ المفيد شرف الدين مدرس العلمية ذكره الامام أبو المحاسن الحسيني فيمن مات سنة تسع واربعين وسبعمائة فيما ذيل به على ذيل العبر للذهبي وذكره في ذيله على طبقات الحفاظ في ترجمة أحمد بن أيبك الدمياطي فيمن توفي معه في العام فقال: والحافظ شرف الدين عبد الله ابن الحافظ امين الدين محمد بن ابراهيم الواني الحنفي شابا حدثنا عن عيسي المطعم وغيره.
__________
(1) قال ابن حجر: ولد سنة 719 وسمع ابن الزراد وست الفقهاء وغيرهما وأحضره ابوه قبل ذلك على ابن الشيرازي وابن سعد وحصل له ثبتا فيه شئ كثير وقفت عليه وطلب بنفسه وقرأ وخرج لنفسه ولغيره وكانت فيه لكنة ومات في الطاعون العام سنة 749 ه.
(2) قال ابن حجر: احضر على ابي بكر بن احمد بن عبد الدائم وعيسى المطعم ويحيى بن سعد والقاسم ابن عساكر وسمع عليهما وعلى زينب بنت سكر وطلب بنفسه فأكثر وكان فصيح القراءة سريعها حاد الذهن وعمل اربعين بلدانية اه.
(*)(1/127)
* (ابن البابا) * أحمد بن ابي الفرج بن البابا شهاب الدين الشافعي (1) الامام العلامة الحافظ شهاب الدين سمع على جماعة منهم الحافظ أبو محمد الدمياطي وقاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد وابو المعالي محمد ابن اسحق الابرقوهي، كان جامعا لعلوم شتى منها الحديث والفقه والاصول والكلام والنحو الطب والموسيقى كتب بخطه المليح وقرأ وأفاد ودرس بقبة بيبرس درس الحديث لجماعة المحدثين، وتصدر بأماكن منها الجامع الازهر وحدث، قرأ عليه شيخنا الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم ابن الحسين العراقي الالمام لابن دقيق العيد الا يسيرا من آخره وذكره في ذيله على ذيل العبر للذهبي فيمن مات في سنة تسع وأربعين وسبعمائة فقال: والشيخ الامام العلامة الحافظ شهاب الدين احمد بن ابي الفرج ابن البابا الشافعي أحد العلماء الاعلام في العشر الاخير من شوال
وذكر له ترجمة.
* (الزيلعي) * عبد الله بن يوسف بن محمد بن أيوب بن موسى الحنفي الفقيه الامام الحافظ جمال الدين ولد في وتفقه وبرع وأدام النظر والاشتغال
__________
(1) وبطريقه يروي البدر العيني الالمام سماعا على الزين العراقي.
(*)(1/128)
وطلب الحديث واعتنى به فانتقى وخرج وألف وجمع وسمع على جماعة من أصحاب النجيب الحراني ومن بعدهم كالشهاب احمد بن محمد بن فتوح التجيبي مسند الاسكندرية والشهاب أحمد بن محمد بن قيس الانصاري فقيه القاهرة والاسكندرية والشمس محمد بن أحمد بن عثمان ابن عدلان شيخ الشافعية وشهاب الدين أحمد بن محمد بن فتوح التجيبي وجلال الدين أبو الفتوح علي بن عبد الوهاب بن حسن بن اسماعيل بن مظفر بن الفرات الجريري بضم الجيم وتقي الدين بن عبد الرزاق بن عبد العزيز بن موسى اللخمي الاسكندري وتاج الدين محمد بن عثمان ابن عمر بن كامل البلبيسي الكارمي الاسكندري وجمال الدين عبد الله ابن أحمد بن هبة الله بن البوري الاسكندري، وله المؤلفات (1)
__________
(1) قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: ذكر لي شيخنا الزين العراقي انه كان يرافقه في مطالعة الكتب الحديثية لتخريج الكتب التي كانا قد اعتنيا بتخريجها فالعراقي لتخريج أحاديث الاحياء والاحاديث التي يشير إليها الترمذي في الابواب، والزيلعي لتخريج أحاديث الهداية وتخريج احاديث الكشاف، وكل منهما يعين الآخر، ومن كتاب الزيلعي في تخريج أحاديث الهداية استمد البدر الزركشي في كثير مما كتبه من تخريج الرافعي وغيره اه.
بل ابن
حجر نفسه في تخاريجه كذلك، والزيلعي أعلى طبقة من العراقي وعمله هذا معه يدل على ما كان عليه من الاخلاق الجميلة والتواضع، وتخاريجه شهود صدق على تبحره وسعة اطلاعه في علوم الحديث من معانيه وأسماء رجاله ومتونه وطرقه وقد رزقها الله الانتفاع بها والتداول بايدي أهل العلم بالحديث على مدى القرون، وقد لخص ابن حجر (نصب الراية في تخريج احاديث الهداية) في مجلد سماه الدراية وكلاهما مطبوع في الهند، وعمل مثل ذلك في تخريج الكشاف، (*)(1/129)
الحسنة منها تخريج احاديث الكشاف للزمخشري وتخريج أحاديث الهداية في مذهبه، وكانت وفاته رحمه الله تعالى في اليوم الحادي عشر من المحرم الحرام سنة اثنتين وستين وسبعمائة.
وفيها مات بمصر موفق الدين أحمد بن أحمد بن عبد المحسن بن الرفعة بن أبي المجد العلوي قال ابن رافع ورد كتاب أبي من مصر في جمادى الاولى بموته، قال شيخنا الحافظ ولي الدين أبو زرعة: ولا اعرف هذا المذكور والذي أعرفه على بن أحمد بن أحمد بن أحمد وقد ذكر والدي وفاته في سنة انتهى، وأحمد بن سنقر بن عبد الله الجندي في اوائلها، وبمكة المسند شهاب الدين أحمد بن عبد الله الشريفي المكي أحد الفراشين بالمسجد الحرام في ليلة الثالث من شوال، وبدمشق الزاهد المعمر أبو العباس احمد الزرعي الحنبلي في المحرم وكان أمارا بالمعروف ناهيا عن المنكر قوي النفس في ذلك أبطل مظالم وفيه اقدام على الملوك والسلاطين وكان يتكلم في الفراسة تفقه على التقي ابن تيمية وصحبه زمانا، وبالقاهرة الشيخة أم أحمد أسماء ابنة الامام المحدث شرف الدين يعقوب بن أحمد بن يعقوب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن
الصابوني، وبمكة اميرها الشريف ثقبة بن رميثة بن أبي نمي الحسني، وبالقاهرة الحجيج المعمار الصالحي مهندس السلطان بالقاهرة، ونقيب
__________
والزيلعي هذا ممن تفقه على الفخر الزيلعي الكبير شارح الكنز، وكان بعيدا عن التعصب المذهبي يحشد الروايات وقد لا يتكلم فيما له فيه كبير مجال للكلام.
(*)(1/130)
الاشراف بالديار المصرية الشريف شهاب الدين أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين ويعرف بأبي الركب بضم الراء المهملة وفتح الكاف الحسني الشافعي في سادس عشر شعبان عن أربع وستين سنة، وزينب ابنة المحدث شمس الدين محمد بن ابراهيم بن غنائم بن المهندس في المحرم، وبظاهر دمشق الشيخة الصالحة ام محمد عائشة ابنة نصر الله بن أبي محمد ابن محمد السلامي في ليلة الاربعاء ثالث عشري شهر ربيع الثاني، وبدمشق أحد وكلاء الحكم بها عبد الرحمن بن رزق الله بن عبد الرحمن ابن رزق الله الرسعني الدمشقي في ليلة الاربعاء الثاني أو الثالث من جمادى الاولى، وبالقاهرة صدر الدين عبد الكريم بن علي بن اسماعيل القونوي ومولده بدمشق في سنة تسع وعشرين وسبعمائة، ومدرس الحديث بخانقاه شيخو والخطيب بجامعة الشيخ جمال الدين عبد الله الزولي الحنفي في حادي عشر المحرم على ما ذكره شيخنا الحافظ ولي الدين أبو زرعة العراقي وعلى ما ذكره والده شيخنا الحافظ زين الدين أبو الفضل في ذي الحجة من السنة بعدها سنة احدى وستين، وبحلب كاتب الحكم بها تاج الدين عبد الوهاب بن العز ابراهيم بن صالح بن هاشم ابن العجمي الحلبي وله بضع وخمسون سنة، ونقيب العلويين بحلب الشريف علاء الدين علي بن حمزة بن علي ابن الحسن بن زهرة الحسيني، وبالقاهرة القاضي المحدث علاء الدين علي ابن المسند السيد أبي بكر بن السيف الحراني بالمارستان المنصوري، والمسند الاصيل الشيخ شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الوهاب بن أبي القاسم(1/131)
خلف بن أبي الثناء محمود ابن بنت الاعز، والعلامي بتخفيف اللام نسبة إلى قبيلة من لخم في يوم الخميس من عشري شهر ربيع الثاني، وببلبيس أو سرياقوس من ضواحي القاهرة الشريف جمال الدين محمد ابن الشرف احمد بن يعقوب أو فضل بن طرخان الجعفري الزينبي في شهر ربيع الاول وله بضع وخمسون سنة، وبحماة الاديب شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن أبي طرطور الغزي عن سبع وسبعين سنة، وبدمشق الرئيس شمس الدين محمد بن عيسى بن عبد الوهاب ابن قاضي شهبة، والصدر الكبير عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن احمد ابن عبد الواحد بن عبد الكريم شهر بابن الزملكاني الانصاري الدمشقي، والمعمر أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن خليل بن محمد الاعزازي الصالحي بها عن سن عالية كذا ذكره شيخنا الحافظ أبو الفضل وفاته في ذي الحجة من السنة قبلها سنة احدى وستين، والكاتب المجود الاديب شمس الدين محمد بن الوزان، وبالمعرة القاضي شرف الدين موسى بن سنان بن مسعود بن شبل الجعفري السلمي وله نيف وستون سنة، وبالقدس الشيخ الصالح محيي الدين أبو زكريا يحيى بن عمر بن الذكي بن عمر بن أبي القاسم الكركي الشافعي في العشر الاول من ذي القعدة ومولده في سنة تسع وتسعين وستمائة، وبالقاهرة الشيخ الصالح الفاضل ابن المجد المالكي في صفر بالمدرسة الصالحية.(1/132)
* (مغلطاي) * (1) ابن قليج بن عبد الله البكجري (2) الحنفي علاء الدين أبو عبد الله الامام العلامة الحافظ المحدث المشهور مولده فيما ذكره الحافظ تقي الدين ابن رافع في سنة تسعين وفيما ذكره الصلاح الصفدي بعد التسعين وستمائة وسأله شيخنا الحافظ زين الدين العراقي عن مولده فقال له انه في سنة تسع وثمانين وانه اجاز له الفخر بن البخاري قال شيخنا فذكرت ذلك لشيخنا العلامة تقي الدين السبكي فاستبعده وقال انه عرض علي كفاية المتحفظ سنة خمس عشرة وهو أمرد بغير لحية انتهى وكان أبوه في صباه يرسله ليرمي بالنشاب فيخالفه ويذهب إلى حلق أهل العلم فيحضرها وانهمك على الاشتغال حتى صار له مشاركة جيدة في فنون من العلم لاسيما الانساب فلم يكن يتقن من متعلقات الحديث
__________
(1) ذكره التميمي في طبقاته باسم محمد مغلطاي، والمسند برهان الدين ابن كسباي العمادي سماه علاء الدين علي مغلطاي كما رأيت بخط الشيخ حامد العمادي في مجموعة اجازاته فيما ينقله عن خطه عند ذكر اسانيد كتاب الصمت لابن ابي الدنيا الحافظ، ويترجمه العلامة قاسم الحافظ في تاج التراجم باسم مغلطاي فقط ويقول عنه: مغلطاي بن قليج بن عبد الله علاء الدين البكجري امام وقته وحافظ عصره الخ.
(2) بفتح الموحدة وسكون الكاف وفتح الجيم ثم راء على ما في ذيل لب اللباب نقلا عن الداودي.
(*)(1/133)
خيرا منها وله بما عداها معرفة متوسطة وعني بهذا الشأن فقرأ بنفسه
وأكثر جدا وكان جل طلبه في العشر الثاني بعد السبعمائة فاكثر من شيوخ هذا العصر وسمع جماعة منهم التاج احمد بن دقيق العيد والواني والحسن بن عمر الكردي والختني (1) وابن الطباخ وابن قريش والدبوسي والحجار (2) و عبد الرحيم المنشاوي، قال شيخنا الحافظ أبو
__________
(1) نسبة إلى ختن بضم الخاء المعجمة وفتح المثناة الفوقية وفي آخرها نون بلدة دون كاشغر وراء بوزكند على ما ذكر في معجم البلدان وطبقات القرشي، قال ياقوت: وضبط بعضهم المثناة بالتشديد ه.
والختني هنا هو مسند البلاد المصرية بدر الدين يوسف بن عمر بن الحسين الختني الحنفي سمع من ابن رواج والمنذري وغيرهما وانفرد بعلو الاسناد في اشياء قال القرشي: سمعت عليه الكثير وخرج له صاحبنا احمد بن ايبك الدمياطي مشيخة.
توفي بالمدرسة السيوفية الحنفية بالقاهرة سنة احدى وثلاثين وسبعمائة عن اربع وثمانين سنة.
وتشتبه هذه النسبة خطا بالجبني نسبة إلى الجبن المأكول وهو الامام المحدث علي بن محمد الجبني المتوفى سنة سبع عشرة وسبعمائة عشرة وسبعمائة فلينتبه إلى ذلك (2) يتكرر ذكره في الكتاب كثيرا تارة باسم ابي العباس احمد بن ابي طالب وأخرى بأبي العباس بن الشحنة وتارة بالحجار وهو مسند الدنيا ورحلة الافاق أبو العباس شهاب الدين احمد بن ابي طالب بن ابي النعم نعمة بن الحسن بن علي بن بيان الديرمقرني ثم الصالحي الحنفي الشهير بابن الشحنة الحجار ترجمه الحافظ الشمس ابن طولون في (الغرف العلية في ذيل الجواهر المضية) ترجمة وافية.
سمع الصحيح من الحسين بن المبارك الزبيدي الحنفي وابن اللتي وأجاز له من بغداد القطيعي وابن روزبه والكاشغري وآخرون، وفي شيوخه ومروياته كثرة، ولد في (*)(1/134)
الفضل العراقي: سألته عن أول سماعه فقال دخلت بعد السبعمائة إلى الشام فقلت له فماذا سمعت إذا ذاك ؟ قال سمعت شعرا فقلت له فأول سماعك للحديث متى ؟ فسكت فلقنته في سنة خمس عشرة فقال نعم ثم ادعى أنه سمع عن علي بن أبي الحسين الصواف راوي النسائي المتوفى سنة 12 فسألته كيف سمعت عليه فقال سمعت عليه أربعين حديثا أنتقاء نور الدين الهاشمي من النسائي فحصلت عندي فيه وقفة، ثم بعد مدة أخرج جزءا منتقى من النسائي بخطه ليس عليه طبقة البتة لا بخط غيره ولا بخطه وذكر انه قرأه بنفسه على ابن الصواف
__________
حدود سنة اثنتين وعشرين وستمائة، قال ابن حجر: وعمر حتى ألحق الاحفاد بالاجداد فحدث بالصحيح اكثر من سبعين مرة بدمشق وغيرها ورأى من العز والاكرام مالا مزيد عليه وانتخب عليه الحفاظ ورحل إليه من البلاد وتزاحموا عليه، قال الذهبي: كان دموي اللون صحيح الركب اشقر طويلا ابطأ عنه الشيب يصغي جيدا وما رأيته نعس فيما اعلم وقد صام وهو ابن مائة سنة رمضان واتبعه بست من شوال، كان حينئذ يغتسل بالماء البارد ولا يترك غشيان الزوجة...ولا أرتاب في سماعه من ابن الزبيدي فانه لم يكن له أخ باسمه قط شرح محب الدين ابن المحب في قراءة الصحيح عليه قبل موته بيوم ثم قرأ عليه الميعاد الثاني يوم وفاته إلى الظهر فمات قبيل الظهر في 25 من صفر سنة ثلاثين وسبعمائة رحمه الله.
وأطال في ترجمته ابن حجر في الدرر، وللحافظ ابن ناصر الدين (الانتصار لسماع الحجار) رد به على بعض المشككين في سماعه من الزبيدي والبحث طويل الذيل.
(*)(1/135)
سنة اثنتي عشرة فقويت الوقفة انتهي، وكان اول سماعه الصحيح للحديث في سنة سبع عشرة وسبعمائة غير انه ادعى السماع من جماعة قدماء ماتوا قبل هذا كالدمياطي وابن دقيق العيد وابن الصواف ووزيرة ابنة المنجا، وتكلم فيه الجهابذة من الحفاظ لاجل ذلك ببراهين واضحة قد تقدم بعضها فالله تعالى يغفر لنا وله (1) وقد خرج لنفسه جزءا عنهم وعن غيرهم وذكر فيه انه سمع الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد يقول بدرس الكاملية سنة اثنتين وسبعمائة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تجتمع امتي على ضلالة) قال شيخنا الحافظ زين الدين العراقي فذكرت ذلك لشيخنا العلامة تقي الدين السبكي فاستبعد ذلك جدا وقال ان الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ضعف من أواخر سنة احدى وسبعمائة ولم يحضر درسا في سنة اثنتين ولم يكن بالكاملية وانما خرج إلى بستان خارج باب الخرقى (2) فأقام به إلى ان توفي في اوائل صفر سنة اثنتين وسبعمائة، ثم
__________
(1) لا يزال المصنف يسترسل في هذا المهيع الخطير فلعله لم يطلع على كتبه حتى يعلم مبلغ تبحره في العلم وتحريه في البحث.
وبنى كلامه على قول خصومه وليس للحاكم ان يحكم قبل ان يدلي الآخر بحجته ويبحث عما عنده، والدليل على انه لم يطلع على كتبه اهماله فيما الفه في الرجال زوائد مغلطاي على التهذيب مع انها مما يشد إليه الرحال، وترى السخاوي يعتذر عن ابن فهد بان الكتاب ما كان وصل إلى الحجاز إذ ذاك.
(2) يعني بالقاهرة.
(*)(1/136)
سألت عن ذلك تاج الدين عبد الرزاق شاهد الخزانة وكان مخصوصا بخدمة الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد فذكر نحو ذلك وان الشيخ أقام ضعيفا مدة شهرين أو اكثر إلى ان توفي بالبستان، وقد تكلم الحافظ صلاح الدين العلائي عل هذا الجزء في جزء لطيف أنكر فيه سماعه على جماعة ممن ادعى انه سمعه عليه، سمعه منه شيخنا الحافظ أبو الفضل العراقي، قال أعني العراقي وذكر لي انه وجد سماعا له على الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد لحديث مسند فسألته من أي كتاب ؟ فقال لي من سنن أبي مسلم الكشي قلت له فالطبقة بخط من ؟ قال بخط الشيخ تقي الدين نفسه فسألته ان اقف على ذلك فتعلل بان النسخة في بيت الكتب الاسفل بالظاهرية فتحينته إلى أن وجدته في بيت الكتب المذكور فدخلت إليه فسألته ان أقف على سنن أبي مسلم الذي عليه سماعه على الشيخ فتغير وقال لي ليس هو هنا فغلب على ظني ان ما ادعاه من السماع عليه لا أصل له (1) فالله يغفر له ويسامحه، ثم رأيت في
__________
(1) لكن يا هذا ظنك لا يغني من الحق شيئا فكأن العراقي كان مدفوعا إلى جميع ما عمله معه وكان صغير السن إذ ذاك يطلب العلم عند مغلطاي، وصعب على الاستاذ ان يرى تلميذه مدفوعا إلى مثل هذا العمل بصفاء باطنه وصغر سنه من قبل منافسيه ولما احس بذلك منه ماطله ولم يجبه جوابا شافيا لانه لم يكن مسترشدا.
وما بين الصلاح والعلاء من الجفاء معروف، وليس في كل ما حكوا حجة صريحة لما ادعوا ولا تقف الظنون عند حد إذا استرسل الرجل وراءها ولا شك ان اجازات هؤلاء العامة تشمله حتما باعتبار سنه، واجازتهم له اجازة (*)(1/137)
تركته نسخة من سنن أبي مسلم وقد سمع شيئا منه على الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وليس له فيها سماع على ابن دقيق العيد البتة والله تعالى اعلم انتهى، انتقى وخرج وأفاد وكتب الطباق وتخرج بالحافظ أبي الفتح ابن سيد الناس (1) وله عدة تآليف مفيدة في الحديث
__________
خاصة أو سماعه منهم شيئا فدون اثبات نفي ذلك خرط القتاد والاجازة للصغير أو احضاره في مجلس التسميع مما يتساهل فيه الرواة للتبرك بذلك ومما يتنافسون فيه رغبة في علو الاسناد لكن أهل العلم لا يعتدون بمثل هذا التحمل وليس هذا مما يتناطح فيه المتناطحون.
وهذا حافظ الشام ابن ناصر الدين الدمشقي رماه الحافظ برهان الدين البقاعي بالكشط والتزوير ولم يعتدوا برميه وأما العلاء فما رموه لا بالكشط ولا بالتزوير بل رموه بأنه قال انه اجيز من فلان وهو صغير وسمع من فلان وهو صغير وهم يقولون ان ذلك لم يثبت عندنا ولا شك ان عدم الثبوت عندهم لا يدل على عدم الثبوت في نفس الامر حتى يلصق به هذه الوصمة، وابن الملقن والبلقيني والعراقي والهيثمي ومعاصروهم من الحفاظ من المتشبعين من موائد علوم صاحب الترجمة، وليس هذا الكلام مما يحط من مقدار من تكون امامته وعلو شأنه كما أشرنا إليه كما لم يحط من مقدار ابن الجرزي كلام من تكلم فيه.
(1) قال ابن حجر بعد أن ذكر عدة شيوخ له: واكثر جدا من القراءة بنفسه والسماع وكتب الطباق وكان قد لازم الجلال القزويني فلما مات ابن سيد الناس تكلم له مع السلطان فولاه تدريس الحديث بالظاهرية فقام الناس بسبب ذلك وقعدوا وبالغوا في ذمه وألحوه ولم يبال بهم.
وعدة تصانيفه نحو المائة أو أزيد وله مآخذ على اهل اللغة وعلى كثير من المحدثين اه.
وبينه وبين الحنابلة بعض الضغائن.
(*)(1/138)
واللغة وغير ذلك منها (شرح البخاري) في عشرين مجلدا وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مختصرة وزوائد ابن حبان على الصحيحين مجلد وترتيبه اعني صحيح ابن حبان وكتاب ذيل بن على تهذيب الكمال للمزي (1) وفيه فوائد غير ان فيه تعصبا كثيرا في أربعة عشر مجلدا ثم اختصره في مجلدين مقتصرا فيه على المواضع التي زعم ان الحافظ المزي غلط فيها واكثر ما غلطه فيه لا يرد عليه وفي بعضه كان الغلط منه هو فيها ثم اختصر المختصر في مجلد لطيف وذيل على المشتبه لابن نقطة وكذا على كتاب الضعفاء لابن الجوزي وعلى كتاب ليس في اللغة وعلى كتابي الصابوني وابن سليم في المؤتلف والمختلف ووضع شيئا على الروض الانف للسهيلي سماه (الزهر الباسم) وكتاب في الاحكام مما اتفق عليه الائمة الستة وكتاب في ترتيب الوهم والايهام لابن القطان وقد تقدمه في ذلك صدر الدين بن المرحل وكتاب (2) وله شرح على سنن ابي داود لم يكمل وكذا على طائفة من سنن ابن ماجه و (الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبين) (3) فحصل له بسببه محنة
__________
(1) وهو المسمى بالاكمال، وقد استمد ابن حجر منه كثيرا في عدة كتب له في الرجال.
(2) هكذا في الاصل.
(3) بدعوى الصلاح العلائي ان فيه ما يمس بالصديقة ولولا لطف الله به لاوقعه خصومه فيما لا خير فيه، ولما رأى الامير الكبير الورع الزاهد العالم جنكلي ابن البابا العجلي سليل ابراهيم بن ادهم الزاهد المشهور انه في ذلك مظلوم صار (*)(1/139)
عزر واعتقل فيها ومنع اهل سوق الكتب من بيعه، وكان يحفظ كفاية المتحفظ والفصيح لثعلب وله اتساع في نقل اللغة وفي الاطلاع على طرق الحديث وكان دائم الاشتغال منجمعا عن الناس، وقد ولي التدريس بأماكن منها الظاهرية وليها بعد شيخه ابن سيد الناس وجامع القلعة والمدرسة الصرغتمشية والجامع الصالحي وقبة خانقاه
__________
إلى جانبه وحال دون ما يريدون، وحاشاه ان يصدر عنه ما يمس بالصديقة وحاشا هذا الامير الورع العالم الذي شهر بدينه وزهده في تواريخ المعتبرين ان يكون في جانبه لولا تحقق براءته مما وصموه به ولكن المنافسات بين القرناء لها شؤون في جميع القرون لا سيما إذا كان بينهم تزاحم في المناصب أو تخالف في المذاهب ولولا تولية المترجم مشيخة الحديث بالظاهرية بعيد وفاة شيخه ابن سيد الناس لما بدت كوامن الحسد من أقرانه المخالفين له في المذهب الظانين ان هذا العلم وقف عليهم، تارة يتكلمون في اسناده عن شيوخ له بأشياء لا حجة فيها وطورا في كتبه كما ترى مع أنه في معرفة المؤتلف والمختلف والانساب واللغة وطرق الحديث لا تجد بين معاصريه من يوازنه بل الحق ان الناس بعده عالة في الرجال على كتبه وعلى كتب المزي فقط، ومن اطلع على التهذيب وعلى الاكمال ثم على ما كتبه الناس لا يرتاب في ذلك.
ولا يضره ان يكون له أوهام معدودة فمن ذا الذي لا يهم من المكثرين، واكمال ابن الملقن كنسخ لاكماله عفوا بلا تعب كما ان شرحه للبخاري كذلك، وكان من جملة ما يثير خواطر معاصريه انه كان يكشف الستار عن وجوه الجرح والتعديل ويثبت في كتبه في الرجال من الكلام فيهم ما لم يعهدوه وما يقصر علمهم عنه وهذه جريمة لا تغفر عندهم سامحهم الله.
(*)(1/140)
بيبرس والمدرسة المجدية بالشارع والمدرسة النجمية، قال الحافظ تقي الدين ابن رافع طلب الحديث وقرأ قليلا وجمع السيرة النبوية وقال الصلاح الصفدي: كان جامد الحركة كثير المطالعة والدأب والكتابة وعنده كتب كثيرة جدا ولم يزل يدأب ويكتب إلى ان مات في شعبان في سنة اثنتين وستين وسبعمائة انتهى وذلك في يوم الثلاثاء الرابع والعشرين في المهدية خارج باب زويلة من القاهرة بحارة حلب ودفن بالريدانية وتقدم في الصلاة عليه القاضي عز الدين ابن جماعة.
اخبرنا الامامان العلامتان الحافظان عمدة الحفاظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي وأبو الحسن علي بن أبي بكر ابن سليمان الهيثمي المصريان في كتابيهما منها ان الحافظ ابا عبد الله مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري الحنفي اخبرهما سماعا عليه بقراءة الاول في يوم الخميس رابع عشر صفر سنة اربع وخمسين وسبعمائة في منزله بجوار المدرسة الظاهرية من القاهرة قال اخبرنا الامام تاج الدين أبو العباس احمد (1) بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري سماعا عليه في يوم الاثنين الاول من شهر ربيع الاول سنة سبع عشرة وسبعماة بالمدرسة الكاملية من القاهرة المعزية ح أخبرنا بعلو درجة الشيخ الصالح الامام امين الدين أبو اليمن محمد بن احمد بن ابراهيم الطبري سماعا عليه في يوم الثلاثاء العشرين من شهر (2)
__________
(1) اخو التقي بن دقيق العيد.
(2) هنا وفي الصفحة الآتية بياض في الاصل (*)(1/141)
وثماني مائة بمكة المشرفة في منزله من السويقة ان ابا زكرياء يحيى بن يوسف بن (ومحمد بن احمد المصري) قالا اخبرنا الامام أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة اللخمي قال ابن المصري اذنا وقال الآخر سماعا في يوم الاحد الثاني عشر من شوال سنة خمس وأربعين وستمائة بالمشهد ظاهر مدينة قوص قال اخبرنا الفقيه أبو طالب احمد بن المسلم بن رجاء اللخمي بقراءتي عليه بالاسكندرية سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة قال أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن احمد بن ابراهيم الازجي العدل قراءة عليه قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن احمد بن عيسى السعدي بصمر قال اخبرنا أبو عبد الله عبيدالله بن محمد بن بطة العكبري قال اخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثنا كامل عن طلحة ابي يحيى الجحدري قال حدثنا عباد بن عبد الصمد قال حدثنا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (بخ بخ بخمس ما أثقلهن في الميزان قلت وما هي يا رسول الله قال سبحان الله والحمد لله ولا آله الا الله والله اكبر والولد الصالح يتوفى يحتسبه والده) اخرجه النسائي في اليوم والليلة من سننه الكبرى عن عمرو بن عثمان الحمصي وعيسى بن مساور البغدادي كلاهما عن الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء بن جابر كلاهما عن أبي سلام عن أبي سلمى وهو راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم المدلف واسمه حريث رضي الله عنه فوقع لنا عاليا فيما رويناه من طريق النسائي بدرجتين عن طريقنا الثانية ولله تعالى الحمد والمنة.(1/142)
* (ومن هنا أوائل الطبقة الخامسة والعشرين) *
* (العفيف المطري) * (1) عبد الله بن محمد بن احمد بن محمد بن خلف بن عيسى بن عساس بن يوسف بن بدر بن علي بن عثمان الانصاري السعدي العبادي الامام العلامة الحافظ عفيف الدين أبو السيادة رئيس المؤذنين بالحرم الشريف النبوي ولد في رابع عشر من شوال سنة ثمان وتسعين وستمائة بالمدينة النبوية، اشتغل وحصل وطلب الحديث فاعتنى به وبالتواريخ فحصل منها جملة صالحة، سمع بعدة بلاد منها مكة على الفخر التوزري والرضي الطبري وغيرهما وبالمدينة الشريفة على جماعة منهم أبوه وبدمشق على أبى بكر بن الشيرازي والقاسم ابن عساكر والحجار وعدة وبيت المقدس على جمع منهم زينب ابنة سكر وبمصر على علي بن يوسف الختني وأبي الحسن الواني ويونس الدبوسي وغيرهم وببغداد على جمع وحدث وسمع منه جماعة من الفضلاء منهم شيخنا أبو بكر بن الحسين وسمع منه شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي وانتقى عليه جزءا من مروياته وذكره في معجمه فقال: له فهم وذكاء ورحلة ولقاء وأفادني اشياء حسنة مهمة وذكره ايضا في المعجم المختص فقال: العالم الفاضل المحدث ارتحل
__________
(1) نسبة إلى مطرية مصر كما تقدم.
(*)(1/143)
في سماع الحديث إلى الحرم ومصر والشام وبغداد وكتب وحصل أفادني اشياء حسنة سمعت منه وانتقيت له جزءا، امتحن في سنة اثنتين واربعين وسبعمائة ونهبت داره واخذ منها ما يبلغ مائة ألف درهم فيما قيل وحبس ثم أطلق ولطف الله تعالى به وقتل خصمه، وقال شيخنا الحافظ أبو زرعة بن العراقي طلب الحديث وعني به وبالتواريخ وحصل منها جملة صالحة وانه من اهل الصلاح والتقوى وكرم النفس والاحسان إلى الخلق والايثار وتلقي اهل الصلاح الواردين إلى المدينة على أتم الوجوه انتهى (1) توفي في شهر ربيع الاول سنة خمس وستين وسبعمائة رحمه الله تعالى (2) وفيها مات بدمشق ظهير الدين ابراهيم بن علي بن محمد الجزري في المحرم، والشريف الامام مجد الدين أبو العباس احمد بن الحسن ابن علي بن خليفة الحسيني التاجر في ليلة الاربعاء رابع عشري شهر رمضان ومولده في سنة احدى وتسعين وستمائة، وبحلب الامير شهاب الدين احمد بن محمد بن عمر بن العديم الحلبي وله بضع وستون سنة، والامير شهاب الدين احمد بن يعقوب بن عبد الكريم الحلبي وكان له نظم حسن، وبدمشق المسند المعمر اسماعيل بن أبي بكر بن احمد الحراني ثم الدمشقي المشهور بابن سيف في يوم الخميس ثاني جمادى الثانيه، وبحلب
__________
(1) قال ابن رافع: جمع كتابا سماه (الاعلام فيمن دخل المدينة من الاعلام).
(2) وكانت وفاته بالمدينة المنورة على ما ذكره ابن حجر.
(*)(1/144)
الاديب عز الدين أبو محمد.
الحسن بن علي بن الحسن العباسي شهر بابن البناء وله نحو من تسعين سنة، وبدمشق الشيخة ست الفقهاء ابنة احمد بن محمد بن علي العباسي الاصبهاني في شعبان، وبالقاهرة طولوباي الناصرية زوج السلطان حسن ثم الامير يلبغا، وبدمنهور المحدث علم الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن نصر الله بن أبي القاسم بن عبد الله بن محمد بن طلايع بن القاسم الكناني الدمنهوري في أواخر المحرم، وشيخ قاسيون الامام شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن ابن أبي عمر المقدسي الصالحي الحنبلي في يوم الخميس الثاني من جمادى الثانية، وبحماة قاضيها نجم الدين عبد الرحيم بن ابراهيم بن هبة الله البارزي الحموي، وبالمدينة النبوية على الحال بها أفضل الصلاة والسلام الامام أبو محمد عبد السلام بن سعيد بن عبدالغالب القيرواني في المحرم وببغداد الشيخ الاديب جمال الدين أبو أحمد عبد الصمد بن ابراهيم ابن خليل البغدادي ويعرف بابن الحصري في رمضان، وبالقاهرة
القاضي صلاح الدين عبد الله بن عبد الله بن ابراهيم عرف بابن البرلسي (1) المالكي في ليلة السبت خامس عشري صفر ومولده في سنة تسع وتسعين وستمائة، وبدمشق الشريف أبو بكر عبد المنعم بن محمد بن محمد الحسني في ثالث عشر جمادى الثانية ومولده في سنة اربع وثمانين
__________
(1) نسبة إلى برلس بفتحتين واللام المشددة المضمومة بليدة على شاطئ نيل مصر قرب البحر من جهة الاسكندرية.
معجم البلدان.
(*)(1/145)
وستمائة، وبداريا (1) أبو عمرو عثمان بن نصر الداراني في رجب، والشيخ عز الدين أبو عمرو عثمان بن الانباري في مستهل جمادى الاولى، وبالنيرب من غوطة دمشق المسند أبو حفص عمر بن محمد بن ابي بكر بن ابي النور الشحطبي في ليلة الجمعة خامس عشري شوال، وبالمدينة الشريفة على الحال بها افضل الصلاة والسلام الشيخ شمس الدين محمد بن احمد ابن عبد العزيز شهر بحدة الجبرتي (2) ثم المدني كان مباشرا بالحرم النبوي ثم جعل به ناظرا، وبظاهر دمشق المسند ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن ازبك الخازندار الحنفي في يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب، وبالقاهرة القاضي تاج الدين محمد بن اسحق بن ابراهيم بن عبد الرحمن السلمي المناوي في سادس ربيع الثاني، وبسفح قاسيون الاصيل عز الدين أبو المفاخر محمد بن سالم بن ابي الدر عبد الرحمن الدمشقي في ثاني عشري صفر، وبالاسكندرية ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن ابي عمرو الاسكندري في النصف الثاني من المحرم وبدمشق بدر الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن مظفر الهمذاني
__________
(1) قرية كبيرة مشهورة من قرى دمشق بالغوطة والنسبة إليها داراني على
غير قياس.
معجم البلدان، وضرب الحوطة.
(2) بفتح الجيم وسكون الموحدة وفتح الراء على ما ذكره السخاوي في انساب الضوء، وفي تاريخ الجبرتي عند ترجمة والده بيت من الشعر في مرثيته لا يستقيم الا باسكان الراء على ما هو الجاري على الالسنة فليحرر.
(*)(1/146)
ثم الدمشقي في ليلة الخميس سابع شوال، وبالصالحية الشيخ أمين الدين محمد بن عبد القادر بن بركات بن أبي الفضل البعلي الصالحي في يوم الجمعة تاسع عشري شهر رجب، وبالقاهرة القاضي شمس الدين محمد بن عبد المعطي بن سالم عرف بابن السبع الشافعي، وبطرابلس الشيخ محب الدين محمد بن علي بن مسعود عرف بابن الملاح الطرابلسي الشافعي وببيت الآبار (1) الخطيب شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر ابن عبد الله بن عمر الآباري في ليلة الاثنين مستهل شهر رمضان وله سبعون سنة، وبالقاهرة المسند المكثر فتح الدين أبو الحرم محمد ابن محمد بن محمد بن أبي الحرم بن أبي طالب بن عبد الجبار القلانسي الحنبلي في ليلة الرابع من جمادى الاولى ومولده في العشر الاخير من ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وستمائة، والشيخ الصالح محمد بن وفا الشاذلي صاحب الاتباع والمعتقدين في العشر الاخير من ربيع الثاني وبسفح قاسيون الامام نور الدين محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر ابن قوام البالسي (2) الصالحي في سلخ ربيع الاخر أو مستهل جمادي الاولى ومولده في سنة سبع عشرة وسبعمائة.
أخبرنا سيدي والدي أبو النصر محمد بن محمد بن محمد العلوي رحمة الله تعالى عليه مشافهة والامام العلامة شمس الدين محمد بن محمود
__________
(1) بيت الآبار جمع بئر قرية يضاف إليه كورة من غوطة دمشق والنسبة الهيا آباري من غير رد إلى المفرد.
(2) بلدة بين حلب والرقة وينسب إليها كثيرون من اهل العلم.
(*)(1/147)
ابن محمد بن عمر بن فخر الدين الخوارزمي الحنفي ان لم يكن سماعا وغير واحد قالوا أخبرنا أبو السيادة عبد الله بن محمد بن احمد الانصاري ح وأخبرنا عاليا بدرجة ابراهيم بن محمد بن أبي بكر المؤذن قالا أخبرنا أبو العباس احمد بن أبي طالب الدمشقي بها قال المؤذن وانا حاضر زاد الانصاري فقال والمعمرة أم محمد زينب ابنة احمد بن سكر ببيت المقدس قالا أخبرنا عبد الله بن عمر الحريمي (1) قال أخبرنا عبد الاول ابن عيسى قال أخبرنا محمد بن عبد العزيز قال اخبرنا عبد الرحمن بن احمد الانصاري قال حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا العلاء بن موسى الباهلي قال حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه).
* (الشهاب المقدسي) * أبو محمود احمد بن محمد بن ابراهيم بن هلال بن تميم بن سرور المقدسي الامام الحافظ شهاب الدين ولد في سنة أربع عشرة وسبعمائة وسمع الكثير من اصحاب ابن عبد الدايم وابن علاق والنجيب والطبقة وعني بهذا الشأن فجمع وضبط وبرع ورحل وأفاد ودرس بعد العلائي بالتنكزية وحدث، وسمع منه جماعة من الفضلاء، ذكره الذهبي في معجمه المختص فقال: الامام المحدث طالب مفيد سريع القراءة سمع
__________
(1) نسبة إلى الحريم الطاهري وكان من لجأ إليه أمن فسمي بالحريم.
(*)(1/148)
الكثير وقرأ كتبا بالقدس ومصر ودمشق، قرأ علي كتاب ابن ماجه وقال شيخنا الحافظ أبو زرعة: أخذ عن والدي بالقاهرة وله عشرون سنة في سنة خمس وأربعين وسبعمائة انتهى، توفي في بيت المقدس في سنة خمس وستين وسبعمائة.
(1) كتب الي الامام المحدث برهان الدين أبو اسحق ابراهيم بن احمد ابن محمد ابن ابراهيم المقدسي قال اخبرنا أبي الحافظ أبو محمود ح وشافهنا بعلو درجة القاضي أبو الخير محمد بن احمد بن احمد بن محمد المكي بها قالا اخبرنا المقري أبو العباس احمد بن علي بن حسن الحنبلي قال شيخنا كتابة قال اخبرنا أبو عبد الله محمد ابن عبد الهادي بن يوسف سماعا عليه في الرابعة قال اخبرنا الحافظ أبو طاهر احمد بن محمد بن احمد السلفي قال اخبرنا أبو سعد الحسين بن الحسن العائذي وأبو مسلم عبد الرحمن بن عمر السمعاني ومحمد بن عبد الملك وأبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري قالوا أخبرنا أبو علي الحسن بن احمد بن ابراهيم بن شاذان قال اخبرنا أبو بكر احمد بن سليمان ابن أيوب العباداني قال حدثنا علي بن حرب الطائي قال حدثنا سفيان يعني ابن عيينة ووكيع قال حدثنا وقال ابن عيينة عن هشام بن عروة عن ابيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان الله عزوجل لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ
__________
(1) قال ابن حجر: شرع في شرح سنن أبي داود.
(*)(1/149)
الناس رؤسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلو وأضلوا) حديث صحيح متواتر عن هشام بن عروة رواه عنه جمع كثير يبلغون الستمائة فيما حكاه بعضهم والله سبحانه وتعالى اعلم.
* (أبو المحاسن الحسيني) * محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن محمد بن ناصر بن علي بن الحسين بن اسماعيل بن الحسين بن احمد بن اسماعيل بن محمد بن اسماعيل ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الدمشقي الشافعي شمس الدين أبو المحاسن مولده في شعبان سنة خمس عشرة وسبعمائة وسمع من جماعة من الاعيان منهم محمد بن أبي بكر بن عبد الدايم ومحمد وزينب ولدا اسماعيل ابن ابراهيم الخباز والمزي والذهبي وعدة من اصحاب ابن عبد الدايم وغيره منهم أبو الفتح الميدومي واحمد بن علي الجزري وزينب ابنة الكمال وخلق يجمعهم معجمه الذي خرجه لنفسه، وكان رضي النفس حسن الاخلاق من الثقات الاثبات اماما مؤرخا حافظا له قدر كبير طلب بنفسه فقرأ وبرع وتميز وحفظ وأفاد وكتب بخطه الكثير وخرج وانتقى، وجمع له مؤلفات حسنة مطولة ومختصرة منها (العرف الذكي في النسب الزكي) و (الاكتفاء في الضعفاء والالمام في دخول الحمام) وأسامي رجال الكتب الستة ومسند الامام احمد وذيل على العبر للذهبي وكذا(1/150)
على طبقات الحفاظ له واختصر الاطراف للمزي (1) وكان شاهد المواريث بدمشق، ذكره الذهبي في معجمه المختص وأثنى عليه، مات رحمه الله تعالى بدمشق في يوم الاحد سلخ شعبان أو مستهل شهر رمضان المعظم قدره سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون.
* (ابن المجد) * محمد بن محمد بن عيسى بن محمود بن عبد الضيف بن ابي عبد الله الانصاري الشافعي البعلبكي قاضيها وابن قاضيها تقي الدين أبو الفضل ولد في شهر رجب سنة احدى وسبعمائة، دأب واجتهد في الطلب وكان من العلماء الراسخين والائمة الحفاظ المعتبرين وتفقه وبرع وتميز وأفتى ودرس، وولي قضاء طرابلس وحمص وبعلبك، وعبر إلى بغداد ومصر تاجرا، روي عن محمد بن شرف وعيسى المظعم والقاضي سليمان وأبي بكر بن عبد الدايم واسماعيل بن مكتوم ووزيرة وجمع، وخرج له بعض الطلبة مشيخة، روى عنه الحافظ أبو المحاسن الحسيني وابو محمد ابن الشرايحي والعماد اسماعيل بن بردس وجماعة، توفي ببعلبك في ثالث عشر أو سابع عشر المحرم سنة ثمان وستين وسبعمائة.
وفيها مات بدمشق الامام معين الدين سليمان بن علي بن احمد بن
__________
(1) وله أيضا: التذكرة في رجال العشرة، قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي: خرج لنفسه معجما يشتمل على خلق كثير وكان اماما حافظا مؤرخا له قدر كبير اه.
وقد بسطنا ترجمته في صدر هذه الذيول.
(*)(1/151)
القونوي الحنفي في ليلة الاثنين الثالث عشر من ذي القعدة، وبالقاهرة الامام نجم الدين عبد الجليل بن سالم بن عبد الرحمن الرويسوني (1) وهي من اعمال نابلس الحنبلي في شهر ربيع الاول، والشيخ سراج الدين عبد اللطيف بن محمد بن عبد الباقي شهر بابن الشامية وله تسع وستون سنة، وبمكة الامام العارف شيخ الوقت صاحب الاحوال والكرامات عفيف الدين أبو السيادة وأبو محمد عبد الله بن اسعد بن علي بن سليمان بن فلاح اليافعي اليمني المكي الشافعي (2) في ليلة الاحد العشرين من جمادى الاخرة ومولده تقريبا في سنة ثمان وتسعين وستمائة ببلاد اليمن، وبحماة قاضيها أمين الدين عبد الوهاب بن احمد بن وهبان الدمشقي الحنفي عن نحو من أربعين سنة، وبدمشق المحدث الزاهد نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن علي شهر بالبناء المصري في ليلة الاربعاء ثالث شوال، وبالقاهرة الشيخ الصالح أبو الحسن علي الدميري في العشرين من المحرم، والقاضي شرف الدين عيسى بن الزنكلوني الشافعي في سابع عشري شهر رمضان وكان معمرا ولد في سنة ثلاث
__________
(1) وهكذا أيضا في شذرات الذهب لابن العماد.
(2) مؤلف (مرهم العلل المعضلة في دفع الشبه والرد على المعتزلة) و (الشاش المعلم لكتاب المرهم) يلخص فيه (تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الامام أبي الحسن الاشعري) لابن عساكر الذي نهيئه للنشر.
ويزيد في رجاله، وقد ترجم فيه ما يبلغ مائة امام من ائمة الاشعرية، وله ايضا التاريخ المشهور وغير ذلك سوى ما ألف في التصوف.
(*)(1/152)
وثمانين وستمائة، والعلامة امام اهل الادب جمال الدين أبو بكر محمد ابن محمد بن محمد بن الحسن بن صالح بن علي بن يحيى بن طاهر بن محمد بن الخطيب أبي يحيى عبد الرحيم بن نباتة الفارقي الجزامي المصري بالبيمارستان المنصوري في ليلة الثلاثاء سابع صفر، وبدمشق الشيخ الاصيل أبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن عبد الله شهر بابن المهتار الدمشقي في ليلة الجمعة ثالث ذي القعدة، والشيخ عز الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن سعد الله بن أبي محمد بن محمد السلام بن عمر الحافظ تقي الدين بظاهر دمشق في يوم الاربعاء الرابع عشر من ذي الحجة، وبالقاهرة الامير الكبير سيف الدين يلبغا الخاصكي مقتولا في يوم الاربعاء الثاني عشر من ربيع الثاني، وبالقرافة من مصر الشيخ يوسف بن عبد الله بن عمر بن علي بن خضر الكردي شهر بالعجمي وبالكوراني (1) في يوم الاحد النصف من جمادي الاولى وفخر الدين بن الزويغة وزير يلبغا السابق ذكره في الشعر الاخير من جمادى الاخرة بعد عقوبة شديدة، وبحلب القاضي جمال الدين أبو بكر ابن عمر بن عبد العزيز بن أبي جرادة الحلبي الحنفي في المحرم وله نيف وستون سنة، وبوادي الاخضر على مرحلتين من تبوك الشيخ الصالح أبو الحسن بن محمد بن ابراهيم الدمشقي البياني القطان في سابع المحرم
__________
(1) بضم الكاف نسبة إلى كوران من بلاد الاكراد كما في (اليانع الجني في أسانيد المحدث عبد الغني) وغيره واليها ينسب عدة من العلماء المشاهير، ووهم السخاوي في أنساب الضوء وقيد الكاف بالفتج.
(*)(1/153)
وببغداد الامام محيي الدين محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن حماد ابن ثابت بن العاقولي البغدادي الشافعي في رابع عشرى شهر رمضان وأم عبد الرحيم ابنة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون زوج الامير منكلي بغا الفخري.
* (أبو ذر بن الخطيب) * محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن علي بن احمد ابن عقيل السلمي البعلبكي الامام الحافظ تقي الدين ولد في سنة تسع وسبعمائة وكان اماما متفننا ذا عربية ولغة كاتبا مع صلاح ودين سليم القلب حسن المعاشرة حدث عن جماعة منهم والده وأبو بكر بن عنتر وأبو العباس الحجار واسماء ابنة صصري وسمع من المزي والذهبي وجمع من المحدثين، ناب في الحكم ببلده وخطب بجامعها وكتب الكثير بخطه المنسوب، مات ببعلبك في يوم الجمعة السابع من ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة ودفن بمقبرة باب سطحا.
وفيها توفي بنابلس المسند المعمر برهان الدين ابراهيم بن عبد الله ابن احمد الزيباوي النابلسي في رجب أو شعبان، وبالقاهرة برهان الدين أبو إسحق ابراهيم بن محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن ابراهيم بن العراقي في رجب ومولده في العشر الاخير من شهر رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وبصالحية دمشق الفاضل الاصيل شهاب الدين أبو العباس احمد بن محمد بن عبد الله بن عمر بن عوض شهر بابن المحب المقدسي الصالحي في ليلة الاثنين مستهل ومولده في سنة(1/154)
اربع وتسعين وستمائة، وبثغر الاسكندرية شهاب الدين احمد بن محمد عرف بابن نبيه العمري الحنفي في رجب أو شعبان وقد قارب السبعين وفي ايام منى العدل شهاب الدين احمد بن يحيى بن اسحق شهر بابن قاضي زرع الشيباني الدمشقي، وبدمشق الامير سيف الدين جرجي في ليلة الاحد سلخ صفر، وبالقاهرة الامام بدر الدين حسن بن محمد بن صالح القدسي النابلسي الحنفي في شهر جمادى الثانية، وبدمشق الشيخ رضي الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن عرف بابن الرحبي الدمشقي الحنفي في يوم الثلاثاء سادس المحرم، وبالقاهرة شيخ الشافعية العلامة جمال الدين أبو محمد عبد الرحيم بن الحسين بن علي ابن عمر بن علي بن ابراهيم الاموي الاسنوي الشافعي في ليلة الاحد الثاني عشر من جمادى الاولى، وبدمشق الشيخ جمال الدين عبد الله بن عمر بن عامر بن الخضر بن ربيع المشهور بابن قاضي الكرك العامري الغزي الشافعي وله نيف وخمسون سنة، وبالصالحية المدرس الاصيل فخر الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الكريم بن يحيى بن محمد بن علي المعروف بابن المزكي القرمسي الدمشقي في ليلة الاربعاء الرابع عشر من ربيع الاول، وبظاهر دمشق المسند أبو الحسن علي بن اسماعيل بن العباس ابن قريش البعلبكي في ليلة عيد الفطر، وبالصالحية المسند الاصيل أبو الحسن علي بن عمر بن احمد بن عبد الرحمن بن مؤمن الصوري ثم الصالحي في العشر الاخير من جمادى الثانية، وبالمدينة النبوية القاضى نور الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن الحسن بن محمد بن محمود الزرندي(1/155)
الحنفي في السابع من ذى الحجة، وبالقاهرة نائب السلطنة بها الامير علاء الدين علي المارديني الناصري وله بضع وستون سنة، والشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز عرف بابن الفرات وله ست وثمانون سنة، وبالصالحية الخطيب شرف الدين قاسم ابن محمد بن غازي شهر بابن الحجازي التركماني الصالحي في يوم الاحد الثالث والعشرين من صفر، وبحلب الشيخ الجليل نور الدين أبو عبد الله محمد بن احمد بن علي بن بشر الحراني ثم الحلبي في سابع عشر المحرم ومولده في سنة ست وسبعمائة، وبدمشق المسند المعمر شمس الدين محمد بن حمد بن عبد المنعم بن حمد بن البيع الحراني ثم الدمشقي في العشر الاوسط ويقال في النصف من شهر ربيع الاخر وببيت لهيا (1) من نواحي دمشق الخطيب شمس الدين محمد بن عبد الله بن مالك بن مكنون العجلوني في ليلة الاحد الثامن عشر من جمادى الاولى، وبدمشق الامام بدر الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن ابراهيم المشهور بابن الكردي الدمشقي الشافعي في يوم الثلاثاء الحادي عشر من شهر رمضان، والشيخة وسناء ابنة (عبد الرحمن المقدسي) في سابع عشر جمادى
__________
(1) قال ياقوت في معجم البلدان: (بيت لهيا بكسر اللام وسكون الهاء وياء وألف مقصورة كذا يتلفظ به.
والصحيح (بيت الالهة، وهي قرية مشهورة بغوطة دمشق...والنسبة إليها بتلهي...اه وفي (ضرب الحوطة على جمع الغوطة للحافظ محمد ابن طولون) بيت الالهة هي حارة من دمشق شرقيها...وعليها بساتين وأراض كثيرة، وقع بها حديث كثير وآخر من حدث بها شيخنا المحيوي النعيمي وخرج منها جماعة من اهل الحديث اه.
(*)(1/156)
الاولى، وبظاهر دمشق نقيب المتعممين شرف الدين أبو بكر بن عبد الدايم بن عبد الحميد بن أبي القاسم الدنيسري (1) المارديني ثم الدمشقي في يوم الاربعاء الثامن من شهر رمضان وولد في سنة أربع وتسعين وستمائة بدمشق المحروسة.
* (عبد القادر القرشي) * عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر الله بن سالم بن أبي الوفاء القرشي الحنفي الامام العلامة الحافظ محيي الدين أبو محمد مولده في العشرين من شعبان سنة ست وتسعين وستمائة وسمع من أبي الحسن ابن الصواف والعماد بن السكري وأبي العباس الحجار وأم محمد وزيرة والشريف عز الدين الحسيني والرشيد بن المعلم والحسن بن عمر الكردي والواني والختني والعلم محمد بن النصير ابن امين الدولة والشريف علي بن عبد العظيم المرسى والكمال عبد الرحيم المنشاوي وأبي الحسن بن قريش والرضي الطبري وخلق، اجاز له الحافظ الدمياطي وتفقه وبرع وأفتى ودرس، صنف وجمع، من ذلك (طبقات الفقهاء الحنفية) و (تخريج
__________
(1) نسبة إلى دنيسر بضم ففتح وكسر السين المهملة بلدة قرب ماردين وتسمى الآن (قوج حصار) (*)(1/157)
أحاديث الهداية) (1) وحدث وسمع منه الحفاظ والفضلاء ومات بالقاهرة سنة خمس وسبعين وسبعمائة.
__________
(1) (وله الحاوي في بيان آثار الطحاوي) يخرج فيه احاديث معاني الآثار ويبين من اسندها من الستة وغيرهم، ومنه يستمد البدر العيني في شرحه الكبير على معاني الآثار كثيرا وله (الوسائل في تخريج احاديث خلاصة الدلائل) و (الدرر المنيفة في الرد على ابن ابي شيبة فيما اورده على ابي حنيفة) في باب من مصنفه، (والمصنف) احوج ما يكون الفقيه إليه من الكتب الجامعة للمسانيد والمراسيل وفتاوى الصحابة والتابعين، رتبه على الابواب ليقف المطالع على مواطن الاتفاق والاختلاف بسهولة وهو من اجمع الكتب لادلة الفقهاء خاصة اهل العراق في اثني عشر مجلدا وفي باب منه يذكر قدر خمس وعشرين ومائة مسألة يرتئي فيها ان ابا حنيفة خالف فيها الاحاديث الصحيحة وسردها بكل ادب من غير محاباة كما عود الامام اهل الكوفة على ذلك وعلى فرض تسليم ما ارتآه تكون تلك المسائل مغمورة في بحر علوم النعمان التي لا تحصى مسائلها بالالوف ومعلوم ما جرى بالمغرب ضد بقي بن مخلد لما أدخله (المصنف) وأخذ يقرئه بشئ من
التحامل وفيه هذا الباب، ومادة ابن القيم في اعلام الموقعين عند وصم الامام بمخالفة السنن الصحيحة مهولا، مرعدا ومبرقا بفظاظة وغلظة هي هذا الباب من (المصنف) غير التحامل القاسي الذي في كلامه فانه من ابن القيم نفسه شأن من يحارب بساعد غير ساعده وسلاح غير سلاحه ومن له المام يسير بالحديث لا يصعب عليه بيان اندفاع تلك الايرادات التي غالبها من قسم مختلف الحديث الا في عشر معشارها فضلا عن مثل المترجم حفظا وبراعة وللعلامة قاسم الحافظ ايضا تصنيف في هذا الصدد بحيث يكون علقما في حلوق المتسرعين ويرجعهم إلى صوابهم سماه (الاجوبة المنيفة عن اعتراضات(1/158)
وفيها في البحر المالح بجزيرة قريبة من السويس أو الطور قاضي المدينة الشريفة بدر الدين ابراهيم بن احمد بن عيسى بن الخشاب وله سبع وسبعون سنة، وبمصر الامير ألجاي اليوسفي زوج أم الاشرف صاحب مصر غريقا، وباليمن الامير فخر الدين زياد بن احمد الكاملي غيلة، وبظاهر دمشق زينب ابنة قاسم بن احمد الدبابيسي ولها نحو من تسعين سنة بتقديم التاء، وبعدن قاضيها الفقيه جمال الدين محمد بن عيسى اليافعي، وبالقاهرة العلامة أرشد الدين أبوالثنا محمود بن قطلو شاه السرائي الحنفي وله ست وثمانون سنة.
أخبرنا الحافظ أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي فيما قرئ عليه وأنا أسمع قال أخبرنا الامام أبو محمد عبد القادر بن محمد القرشي قال اخبرنا الشريف أبو الحسن علي بن عبد العظيم بن سليمان الزينبي ح انبأنا عاليا بدرجة الامام أبو اليمن محمد بن احمد الطبري عن يحيى بن يوسف قالا اخبرنا المسند عبد الوهاب بن ظافر بن علي قال ابن يوسف اذنا قال اخبرنا الحافظ أبو طاهر احمد بن محمد قال اخبرنا أبو غالب محمد ابن الحسين بن احمد الكرجي فيما قرأته عليه ببغداد غير مرة قال أخبرنا
__________
ابن ابي شيبة على ابي حنيفة).
وللمترجم ايضا (تهذيب الاسماء الواردة في الهداية والخلاصة) مفيد جدا في بابه، وبيان اوهام صاحب الهداية (والعناية في تخريج احاديث الهداية) وشرح الخلاصة ومختصر في علوم الحديث (والاعتماد في شرح الاعتقاد) وكتاب في المؤلفة قلوبهم وعمل الوفيات من سنة مولده إلى سنة ستين وله غير ذلك.
(*)(1/159)
أبو بكر محمد بن عمر بن بكر النجار المقري قال اخبرنا أبو اسحاق ابراهيم ابن محمد بن يحيي النيسابوري المزكي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن وكيع ابن الشرقي قال حدثنا محمد بن اسلم قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا همام عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضى الله عنهما قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمقدار المد ويغتسل بقدر الصاع) حديث رجاله محتج بهم في الصحيحين اخرجه ابن ماجه في كتابه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون فوقع لنا بدلا له عاليا ولله الحمد والمنة.
(السرمري) (1) يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن ابراهيم العبادي ثم العقيلي نزيل دمشق الحنبلي الامام العلامة الحافظ جمال الدين أبو المظفر ولد بسرمرا في سابع عشرى شهر رجب سنة ست وتسعين وستمائة وأخذ عن الائمة والمسندين من شيوخ العراق كالصفي عبد المؤمن ابن عبد الحق وأبي الثناء محمود بن علي الدقوقي وغيرهما وسمع بدمشق
من جماعة وأجاز له أبو العباس احمد بن أبي طالب الحجار وعدة سواه روى عنه جماعة منهم ابنه ابراهيم وكان عمدة ثقة ذا فنون اماما علامة
__________
(1) نسبة إلى (سر من رأى) واما ضبط بعضهم بالقلم المسريري كما ينقله أبو العباس العجمي في ذيل اللب فوهم.
(*)(1/160)
له مصنفات عدة في انواع كثيرة نثرا ونظما خرج وأفاد وأملي رواية وعلما، ومن مؤلفاته (غيث السحابة في فضل الصحابة) و (عمدة الدين في فضل الخلفاء الراشدين) و (عنقود اللآلي في الامالي) و (نشر القلب الميت بنشر فضل اهل البيت) و (تخريج الاحاديث الثمانيات) و (عجائب الاتفاق وغرائب ما وقع في الآفاق) و (الاربعين الصحيحة فيما دون اجر المنيحة) و (شفاء الآلام في طب اهل الاسلام) وغير ذلك (1) مالك رحمه الله في يوم السبت الحادي والعشرين من جمادى الاولى سنة ست وسبعين وسبعمائة.
__________
(1) ونظم عدة اراجيز في جملة فنون، اخذ عنه ابن رافع وذكره في معجمه وقال كان يذكر ان تصانيفه بلغت مائة، قال ابن ناصر الدين ومن مؤلفاته نظما (كتاب الحمية الاسلامية في الانتصار لمذهب ابن تيمية) اه (يعارض فيها القصيدة البائية المشهورة لابن السبكي) وقد وفاه الكيل بعض افاضل الشافعية من اهل العصر وكان صاحب الترجمة بعيدا عن علم الكلام وأصول الدين منصرفا إلى مجالس الرواة يسير وراء ابن تيمية في شواذه حذوا النعل بالنعل كغالب مقلدة الرواة من اهل زمنه وفيهم من يعذر ومن لا يعذر ولا ترى في تراجم امثاله انهم تخرجوا في اصول الدين بفلان ولا تفقهوا عند فلان وشأنهم في غير الرواية شأن من يتلقى العلم من الصحف ولا تعويل على علم من لم يأخذ العلم
من اهله تدرسا وقد شهر بين العلماء انه لا يؤخذ العلم من صحفي يعنون من يكتفي بمطالعة الصحف ولم يلازم في العلوم شيوخها الاخصائيين، ومنشأ الفوضى في العلوم عدم تلقيها من اهلها ولا تتسع قرائح امثالهم للبراهين الصحيحة ويبقون في منازل العامة فهما.(1/161)
وفيها مات بحلب الرئيس كمال الدين ابراهيم بن احمد بن ابراهيم ابن عبد الله بن عبد المنعم شهر بابن امين الدولة الحلبي في ليلة الاحد ثامن شهر جمادى الاولى ومولده فيه من سنة خمس وتسعين وستمائة، وبالقاهرة الشيخ ابراهيم الزبيدي، والفقيه المسند شهاب الدين احمد بن حسن ابن أبي بكر الرهاوي الحنفي فجأة، وبدمشق قاضي القضاة شرف الدين أبو العباس احمد بن الحسين بن سليمان بن فزارة الكفري الحنفي عن خمس وثمانين سنة، وبحماة قاضي القضاة شهاب الدين أبو العباس احمد بن عبد اللطيف بن ايوب الحموي الشافعي وله بضع وسبعون سنة، وبدمشق الامام أبو العباس احمد بن محمد بن محمد بن علي الاصبحي العفاني عن بضع وستين سنة، وبالقاهرة الامام الاديب شهاب الدين أبو العباس احمد بن يحيي بن أبي بكر بن عبد الواحد عرف بابن أبي حجلة التلمساني (1) في مستهل ذي الحجة الحرام ومولده في سنة خمس
__________
(1) قال ابن حجر قرأت بخط الشيخ شمس الدين القطان ان ابن ابي حجلة كان يقول للشافعية انه شافعي وللحنفية انه حنفي وللمحدثين انه محدث اه.
قال ابن العماد كان حنفي المذهب حنبلي الاعتقاد اه.
وهذا من الغريب لانه قلما يوجد بين الحنفية من يميل إلى معتقدهم بين المتقدمين منهم والمتأخرين وليس لاحمد مذهب غير مذهب الجمهور في الاعتقاد قالا الامام أبو اسحق الشيرازي
في (الاشارة) واما قول الجهلة نحن شافعية الفروع حنبلية الاصول فما يعتديه فان الامام احمد لم يصنف كتابا في الاصول ولم ينقل عنه من ذلك اكثر من (*)(1/162)
وعشرين وسبعمائة، وبتبريز القان أويس بن الشيخ حسن بن حسين بن آقبغا بن ايلكان ابن بنت ارغون بن ابغابن هولاكو صاحب تبريز وبغداد وله نيف وثلاثون سنة، وبالقاهرة الامير عز الدين أيدمر الدوادار الناصري عن نيف وستين سنة، والامام بدر الدين حسن بن علي بن اسماعيل القونوي المصري الشافعي في سابع عشر شعبان، وبنواحي سلمية كبير آل الفضل الامير حيار بكسر الحاء المهملة وفتح الياء آخر الحروف ابن مهنا بن عيسى بن مهنا بن ماتع بن حديثة بن غضية بن فضل بن ربيعة وله بضع وستون سنة، وبالقاهرة الشيخة زينب ابنة عبد العزيز بن محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة الحموي، والمسندة سكينة ابنة علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي، وبحلب الشيخ أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الكريم بن محمد بن العجمي في ثالث عشر صفر، وبالقاهرة مسندها أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن هرون عرف بابن القاري الثعلبي بالثاء المثلثة والعين المهملة في النصف من ذي القعدة، وبدمشق السيد الفاضل جمال الدين أبو محمد عبد الله بن محمد ابن احمد الحسني النيسابوري الشافعي وهو من ابناء السبعين، وقاضي القضاة علاء الدين أبو الحسن على بن محمد بن على بن عبد الله بن أبي
__________
صبره على الضرب والحبس حين دعاه المعتزلة إلى الموافقة في القول بخلق القرآن فلم يوافق ودعي إلى المناظرة فلم يناظر اه، وكتاب الرد على الجهمية وان كان ينسب إليه لكن في سنده عللا قادحة وفي متنه ما يجل مقدار أحمد عنه، (*)(1/163)
الفتح بن هاشم الكناني الحنبلي في أواخر السنة وله بضع وستون سنة، وبالقاهرة الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن عمر ويعرف بالايوبي الاصبهاني، وبدمشق القاضي علاء الدين أبو الحسن علي بن عثمان بن احمد الزرعي الشافعي وله خمس وثمانون سنة، وبالقاهرة الشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن محمد ابن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني ومولده بمصر في سنة عشرين وسبعمائة، وسراج الدين عمر بن البابا، وبدمشق القاضي أمين الدين محمد بن ابراهيم بن علي بن احمد بن علي بن يوسف بن ابراهيم شهر بابن عبد الحق الدمشقي الحنفي وله بضع وستون سنة، وبمكة مسندها الشيخ الصالح جمال الدين أبو عبد الله محمد بن احمد بن عبد الله ابن محمد بن عبد المعطي بن مكي بن طراد الانصاري الخزرجي في تاسع عشر شهر رجب ومولده بها في سادس صفر سنة اثنتين وسبعمائة، وبدمشق شيخ القراء الشيخ شمس الدين محمد بن احمد بن علي عرف بابن اللبان عن نيف وستين سنة، وبالقاهرة القاضي علم الدين محمد ابن احمد بن محمد ابي بكر الاخنائي، والشيخ محب الدين محمد بن اسماعيل بن ابي بكر الزنكلوني، وبدمشق العلامة جمال الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن عمار شهر بابن قاضي الزبداني الحارثي الدمشقي ولد في سنة ثمان وثمانين وستمائة، وبالقاهرة العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن علي عرف بابن الصايغ الحنفي في ثاني عشر شعبان، والشيخ كمال الدين محمد بن الرحيم بن عبد(1/164)
الباقي السبكي الشافعي، وبحلب الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله ابن عبد الحق الحلبي الصوفي في يوم الخميس خامس عشر شعبان ومولده قبل السبعمائة، وبالقاهرة القاضي تقي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علي بن عبد القادر عرف بابن الاطرباني وولد في سنة اثنتين وسبعمائة، وقاضي القضاة صدر الدين محمد بن عبد الله بن علي بن عثمان ابن مصطفى المعروف بابن التركماني المارديني الحنفي في ليلة الجمعة ثالث ذي الحجة ومولده في رابع عشر شهر رجب سنة ثلاث واربعين وسبعمائة، والقاضي فتح الدين أبو الفتح محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر بن بجدة السعدي الجزامي المصري، والقاضي شرف الدين محمد بن محمد بن احمد أحد موقعي الانشاء، ومحمد ابن محمد بن محمد بن عبد القوي الكناني الموقت في يوم الثلاثاء خامس عشري شهر رمضان وولد في خامس عشرى جمادى الثانية سنة ثلاث وتسعين وستمائة، والمسند نور الدين محمد بن محمد بن محمد بن يوسف عرف بابن العلاف، ومقدم المماليك السلطانية الامير سابق الدين مثقال الانوكي، ونائب السلطنة بالديار المصرية الامير سيف الدين منجك (1) في التاسع عشر من ذي الحجة وله بضع وستون سنة،
__________
(1) جد أمراء البيت المنجكي بالشام أصحاب الخيرات والعمائر بها وأخو بيبغا اروس صاحب الوقائع المعروفة في التاريخ على من يستفاد من الدرر والمنهل والضوء وغيرها.
(*)(1/165)
ورئيس التجار بمصر ناصر الدين بن مسلم الكارمي المالكي، وبظاهر القاهرة الشيخ الامام أبو القاسم اليمني الشافعي، وبالقاهرة شرف الدين يحيى بن ابي جابر المغربي السابق ذكر ابيه آنفا، واحد موقعي الانشاء تاج الدين بن الموصلي، والقاضي عز الدين ابن قاضي القضاة تقي الدين احمد المقدسي الحنبلي، وفتح الدين بن النبيه القطوري (1) والشيخ الفاضل سعد الدين العجمي الشافعي، وفخر الدين بن البرلسي احد موقعي الانشاء، التبريزي الشافعي.
* (الطبقة السادسة والعشرون) *
* (ابن بردس) * (2) اسماعيل بن محمد بن بردس بن نصر بن بردس بن رسلان الحنبلي البعلبكي حافظها الامام علاء الدين أبو الفداء مولده بها في الثامن عشر من جمادى الثانية سنة عشرين وسبعمائة حدث عن والده وأبي
__________
(1) بالقاف وبالضمتين آخرها راء على ما ضبطه السخاوي.
(2) بفتح الموحدة وسكون الراء وكسر الدال كما يؤخذ من القاموس وشرحه، وابنه المسند نور الدين أبو الحسن علي بن اسماعيل الحنفي يعرف ايضا بابن بردس، وهو من الثلاثة الذين استدعاهم الملك الظاهر جقمق إلى مصر لعلو اسنادهم، وقد ترجمه ابن طولون في اربعين الاربعين ترجمة وافية.
وكذلك اخوه التاج يعرف بابن بردس ايضا.
(*)(1/166)
الفتح اليونيني ومحمد بن الخباز وسمع من جمع من المسندين وأجاز له أحمد بن علي بن مسعود وأبو العباس الحجار والقاسم ابن عساكر ومحمد ابن الزراد وعدة، روى عنه طائفة منهم ابنه العلامة تاج الدين والحافظ أبو حامد بن ظهيرة والجلال محمد بن احمد الخطيب وعلي بن محمد بن خليل، وكان اماما عالما حافظا مكثرا صالحا كثير الديانة حسن الخلق
لطيف البشر غزير المروءة مع الصيانة مفيدا انتفع به جمع كثير، وله المؤلفات الحسنة (2) منها نظم نهاية ابن الاثير، ونظم طبقات الحفاظ للذهبي، مات في سنة ست وثمانين وسبعمائة ببعلبك.
وفيها مات بطرابلس برهان الدين ابراهيم بن عيسى الخليلي مفيد البادرائية، وبالقاهرة قاضيها علم الدين سليمان بن خالد بن نعيم البساطي المالكي، وبالقدس الامير قشتمر الدوادار الاشرفي، وبالقاهرة القاضي تقي الدين عبد الرحمن بن محمد بن يوسف ناظر الجيش بمصر في ذي الحجة وكاتب السر بها أوحد الدين عبد الواحد بن اسماعيل الحنفي، وبمكة قاضيها الامام كمال الدين أبو الفضل محمد بن احمد بن عبد العزيز العقيلي النويري وهو متوجه من الطائف إلى مكة وبها ولد في شعبان سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وبالقاهرة الشمس محمد بن صديق بن محمد التبريزي المعروف بصائم الدهر، وبدمشق القاضي نور الدين محمد بن عبد الله ابن احمد الهكاري الشافعي، والمحدث امين الدين محمد بن علي بن الحسن
__________
(2) يقول ابن حجر عن المترجم انه تشاغل بالحديث ونظم في علومه.
(*)(1/167)
شهر بالانفي (1) المالكي في شوال، وبالقاهرة قاضيها صدر الدين محمد ابن علي بن منصور الدمشقي الحنفي في شهر ربيع الاول، والعلامة الشيخ اكمل الدين محمد بن محمود الحنفي (2) شيخ الشيخونية ومدرسها في رمضان، وبدمشق الشمس محمد بن مكي العراقي المقيم بجويرة الرافضي مقتولا على الرفض (3) وشيخ الشافعية ببغداد العلامة شمس الدين ويدعى شمس الائمة محمد بن يوسف بن علي الكرماني البغدادي في المحرم.
قرئ على الحافظ أبي حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي وأنا اسمع قيل له أخبرك الامام أبو محمد اسماعيل بن محمد بن بردس الحنبلي وأبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر الكردي
__________
(1) بفتحات قاله ابن العماد في الشذرات ونقل ابن حجر عن ابن عشائر انه قال في حق الانفى: وشي صنعاء وروض انف * من صناعات كتاب الانفي ايها الحبر وودي صادق * انت في قلبي فقل لي أنا في (2) المعروف بالبابرتي نسبة إلى بابرت بكسر الباء الثانية وهي بلدة من بلاد الروم كما في معجم البلدان، وتسمى الآن (بايبورد) لا إلى بابرتى بالفتح قرب بغداد وان توهم ذلك الشيخ عبد الحي اللكنوي وغيره.
(3) بل على انحلال العقيدة واعتقاد مذهب النصيرية واستحلال الخمر الصرف وغير ذلك من القبائح على ما ذكره ابن العماد في الشذرات.
(*)(1/168)
بقراءتك عليهما ببعلبك فاقربه قالا اخبرنا أبو الفتح موسى بن محمد ابن احمد اليونيني قراءة عليه قال الكرماني وأنا في الرابعة قال اخبرنا أبي ح وشافهنا عاليا بدرجة المعمر ملحق الاحفاد بالاجداد ابراهيم بن محمد الصوفي بالمسجد الحرام غير مرة عن أبي الحسن علي بن اسماعيل ابن ابراهيم المخزومي قال اخبرنا أبو العشائر فراس بن علي العسقلاني قالا أخبرنا أبو طاهر بركات بن ابراهيم الخشوعي (1) قال اخبرنا هبة الله بن احمد بن محمد الاكفاني قال اخبرنا محمد بن مكي بن عثمان الازدي قال أخبرنا أبو مسلم محمد بن احمد بن علي البغدادي الكاتب قال اخبرنا أبو القاسم البغوي قال حدثنا أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز النسائي التمار قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الورقاء عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ح واخبرنا بهذا العلو وأحسن متصلا بالسماع الحكام أبو عبد الله القرشي قال اخبرنا عمر بن الحسن المزي قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد المؤمن قال أخبرتنا شرف النساء ابنة احمد بن علي عبد الله سماعا عليها ببغداد قالت اخبرني أبو الحسين الآبنوسي حضورا قال اخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن الحسن بن أبي عثمان الدقاق قال اخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبيدالله بن يحيى قال أخبرنا القاضي أبو عبد الله
__________
(1) مات جده وهو في الصلاة فنسب إلى الخشوع.
ذكره ابن حجر في (نزهة الالباب في الالقاب) ومثله في وفيات الاعيان.
(*)(1/169)
الحسين بن اسماعيل المحاملي املاا قال حدثنا يعقوب بن ابراهيم قال حدثنا السهمي قال حدثنا فائد أبو الورقاء عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له أحدا صمدا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد كتب الله له ألفي الف حسنة) زاد السهمي فقال (ومن زاد زاده الله تعالى) أبو الورقاء هو فائد قال الذهبي في الميزان تركه احمد والناس وروى عباس عن يحيى ضعفه وقال ابن عدي مع ضعفه يكتب حديثه والله تعالى اعلم.
* (ابن عشائر) * محمد بن علي بن محمد بن محمد بن هاشم بن عبد الواحد بن أبي حامد عبد الله بن أبي المكارم عبد المنعم السلمي الحلبي الشافعي الامام العلامة الحافظ المتقن رئيس حلب وخطيبها ومؤرخها وحافظها ناصر الدين أبو المعالي سمع بها من جماعة منهم الصلاح عبد الله بن المهندس وارتحل إلى دمشق فسمع بها من متأخري أصحاب الفخر علي بن البخاري احمد وغيرهم في سنة سبع وستين، وله ذيل على تاريخ حلب لابن العديم وله نظم رائق، ذكره شيخنا الحافظ أبو زرعة فيمن أخذ عن والده من الحفاظ فقال: والحافظ ذو الفنون ناصر الدين أبو المعالي محمد بن علي بن عشائر انتهى (1)، مات رحمه الله تعالى بمصر في ليلة
__________
(1) قال ابن حجر: كان حسن الخط جدا جيد الضبط والشعر والتذكر (*)(1/170)
الاربعاء سادس عشري شهر ربيع الثاني سنة تسع وثمانين وسبعمائة ودفن من الغد بتربة الصوفية.
وفي هذه السنة توفي بدمشق الشهاب أبو بكر احمد بن احمد بن أبي بكر بن طرخان بن محمود الاسدي السويدي ثم الصالحي في سلخ شعبان، وبالقاهرة الفقيه شهاب الدين احمد بن أبي القاسم بن شعيب الاخميمي المصري الشافعي، وبصالحية دمشق الشيخ خليل بن فرج ابن سعيد الاسرائيلي المعروف بالقلعي، وبدمشق عائشة ابنة عبد الرحيم بن محمد بن ابراهيم بن جماعة في شهر ربيع الاول، وبحلب قاضيها أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الحفيد الشهير بابن رشد السجلماسي المالكي، وبطيبة القاضي تاج الدين عبد الواحد بن عمر بن عباد المدني المالكي المعروف بالخزاز أو في التي بعدها، والاديب فخر الدين علي بن الحسين بن علي المعروف بالعز الموصلي صاحب البديعية المشهورة، وبدمشق المسند أبو الحسين علي بن عمر بن عبد الرحيم بن بدر الجزري الصالحي ويكنى ايضا بأبي الهول وبه اشتهر في يوم السبت
__________
مشاركا في العلوم وله تعاليق وتخاريج ومجاميع مفيدة وكان بليغا معوها وكان سريع الحفظ جدا حتى قيل انه حفظ الانعام وهو شاب من مرة واحدة وكان متسع الحال من الدنيا مع الرياسة التامة وكان يكتب في الاستدعاآت: للسائلين أجزت ذلك لافظا * ومعظما لشرائع وشعائر واسمي الشهير محمد بن علي ب * ن محمد بن محمد بن عشائر (*)(1/171)
تاسع عشر ربيع الاول، وببعلبك الشريف علاء الدين بن محمد بن أبي الحسن البعلي، وبالقاهرة الشمس محمد بن علي بن عمر بن خالد بن عبد المحسن بن نشوان بن عبد الله المخزومي المعروف بابن الخشاب المصري في ثاني شعبان وبها ولد في شهر رمضان سنة عشر وسبعمائة، والشيخ امين الدين محمد البلقاوي (1) المعروف بالجلوني، وقاضي العسكر بها شمس الدين محمد المشهور بالقرمي، وبمكة بركتها الشيخ موسى بن عبد الصمد المراكشي المالكي نزيل الحرمين الشريفين في المحرم.
أنشدنا حافظ الحجاز شيخ الاسلام به الجمال محمد بن عبد الله القرشي قال أنشد الامام أبو المعالي محمد بن علي بن محمد السلمي لنفسه وكتب بهما إلى القاضي شرف الدين الحنبلي رحمه الله تعالى: أيا سيدا لولاه في أرض جلق * لما راقني فرع بدوحتها أصلا ولو لا اشترك بين نفسك والذي * تسامى له ما ارتحت للشرف الاعلى وبه قال وأنشدني ايضا لنفسه وكتب بهما إلى القاضي نجم الدين المعري رحمة الله عليهما وقد طلب منه الكمال لعبد الغني: مولاي أطراف ما حويتم * بتهذيبه مفخر الرجال
لازلت من فضلك المرجى * بي احتياج إلى الكمال وبه قال وأنشدني ايضا لنفسه يخاطب الشيخ عليا البناء المحدث رحمه الله تعالى:
__________
(2) نسبة إلى البلقاء كورة من أعمال دمشق.
(*)(1/172)
يا أيها الصالح بين الوري * لو قارن الاعمال إخلاص حاضر ودع فكري وشيطانه * فالفكر يا بناء غواص * (الياسوفي) * (1) سليمان بن يوسف بن مفلح بن أبي الوفاء المقدسي الدمشقي الشافعي الامام العلامة الحافظ الناقد الفقيه جمال الحفاظ والمحدثين وأوحد الاعلام الفقهاء السابقين ذو الفنون في العلوم صدر الدين أبو الربيع وأبو الفضل قرأ القرآن العظيم بمدرسة الشيخ أبي عمر بسفح قاسيون وحفظ التنبيه وبرع في المذهب وقرأ في المعقول واشتغل في علم الحديث فبرع فيه وكان يتوقد ذكاءا، حفظ مختصر ابن الحاجب الاصلي في مدة يسيرة كل يوم دائما مائتي سطر، سمع بدمشق من محمد بن أبي بكر بن السيوفي وابن أميلة (2) وست العرب ابنة محمد بن الفخر علي ابن البخاري وعدة وبحلب والقاهرة وعني بهذا الشأن فبرز فيه على الاقران، جمع وخرج وأفاد وتكلم على الرجال فأجاد وخرج لكل من
__________
(1) نسبة إلى (ياسوف) بالسين المهملة وبعد الواء فاء قرية بنابلس توصف بكثرة الرمان.
(2) هو مسند العصر أبو حفص عمر بن حسن بن مزيد بن أميلة بن جمعة ابن عيذاب المراغي ثم الحلبي ثم الدمشقي ثم المزي المشهور بابن أميلة ولد سنة
تسع وتسعين وستمائة وتوفي سنة ثمان وسبعين وسبعمائة.
(*)(1/173)
ابن أميلة والصلاح بن أبي عمر مشيخة ولغيرهما، وكان رحمه الله تعالى عالما بجميع الانواع العالي والنازل واسماء الرجال وطبقاتهم والجرح والتعديل مع الزهد والقناعة بالكفاف والايثار لاخوانه، ناظرا في العواقب حريصا على اسداء الجميل مثابرا على فعل الخير يلوذ به الكثير من اهل الديانة ويلجأ إليه طلبة العلم، وكان رحمة الله عليه من محاسن الدهر لم تر العيون في بابه مثله قضى عمره في عبادة الله سبحانه وتعالى وطاعته، ولي التدريس بعدة اماكن ثم أعرض عن غالبها، وكان تغمده الله برحمته سهل العارية للكتب كثير الضيافات واطعام الطعام محسنا لجميع الناس خصوصا طلبة الحديث والعلم والغرباء لاسيما الحجاز بين بالمال والكتب والجاه، قال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: ذاكرت الامام شهاب الدين الملكاوي (1) بكتاب المهمات للاسنوى فأخبرني ان الشيخ صدر الدين الياسوفي يكتب من رأسه خيرا من هذا أو مثله الشك من شيخنا، وقال شيخنا الحافظ أبو زرعة في ترجمة والده: ومن الآخدين عنه الحافظ مفيد الشام صدر الدين أبو الربيع سليمان بن يوسف الياسوفي انتهى، امتحن في آخر عمره بسبب الاحسان إلى الغرباء (2) وذلك ان أبا هاشم احمد بن البرهان
__________
(1) بفتح ثم سكون قاله السخاوي.
(2) والذي يذكره الشهاب بن حجي في سبب اعتقاله ان الياسوفي كان في أواخر أمره قد أحب مذهب الظاهر وسلك طريق الاجتهاد وصار يصر (*)(1/174)
محمد بن اسماعيل (الظاهري) (1) كان بدمشق وكان الشيخ صدر الدين يحسن إليه ويعظمه فأفتى على السلطان برقوق وكان يتكلم في سلطنته ويحرض الناس على اتباع امر الخليفة فنم به إلى نائب القلعة فأمر بالقبض عليه فأخذ وأقر أنه كان عنده من طلبة العلم وسئلوا من تألفون فقالوا الشيخ صدر الدين يعرفنا وهو يحسن الينا فطلب من مجلس الحديث وصعد به إلى القلعة فاعتقل بها ولم يزل بها حتى مات في ليلة السبت الثالث والعشرين من شعبان المكرم سنة تسع
__________
بتخطئة جماعة من أكابر الفقهاء على طريقة ابن تيمية ولما دخل الشيخ شهاب الدين ابن البرهان الشام..داعيا إلى القيام التف عليه ونوه به وصار يتعصب له ويعينه فاتفق لهم تلك الكائنة فأخذ فيمن اخذ اه.
وفي الشذرات بعد أن نقل ما سبق من ميله إلى الظاهر: انه اتفق وصول احمد الظاهري من بلاد الشرق فلازمه ومال إليه فلما كانت كائنة بيدمر مع ابن الحمصي أمر بالقبض على احمد الظاهري ومن ينسب إليه فاتفق انه وجد مع اثنين من طلبة الياسوفي فذكرا أنهما من طلبة الياسوفي فقبض على الياسوفي وسجن بالقلعة أحد عشر شهرا حتى مات اه.
وكائنة بيدمر مع ابن الحمصي ذكرها ابن حجر في الدرر.
ومن شعر الياسوفي: ليس الطريق سوى طريق محمد * فهي الصراط المستقيم لمن سلك من يمش في طرقاته فقد اهتدى * سبل الرشاد ومن يزغ عنها هلك (1) وهو داع من دعاة المذهب الظاهري لا باقامة الحجة والبرهان فقط بل بحد السيف والسنان، معروف في التاريخ باثارة الفتن والقلاقل في هذا السبيل، (*)(1/175)
وثمانين وسبعمائة (1) وصلي عليه بعد الزوال من الغد في دمشق ودفن بمقابر الصوفية ولم يخلف بدمشق بعده في مجموعه مثله رحمه الله تعالى وايانا.
__________
قال أبو المحاسن في المنهل الصافي عند ترجمته: نشأ بالقاهرة وصحب سعيدا النحوي فأماله إلى مذهب الظاهر على طريقة ابن حزم وغيره من المبتدعة وبرع في ذلك وناظر من جادله على ما يعتقده ثم رحل وطاف البلاد البعيدة ودعا الناس إلى العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم (كلمة حق طالما سمعناها مدى القرون من الخوارج ومن جهم والجاحظ وابن القدوة وغيرهم من المبتدعة والله يعلم ماذا كانوا يريدون بها) فاستجاب له بشر كثير من خراسان إلى الشام وآخر الامر قبض عليه وعلى جماعة من اصحابه وحملوا في القيود إلى الديار المصرية فأوقفه الملك الظاهر برقوق بين يديه ووبخه على فعلته وضرب اصحابه بالمقارع ثم حبسه مدة طويلة إلى ان اطلقه في سنة احدى وتسعين وسبعمائة وطال خموله إلى ان توفي سنة 808.
ثم ذكر عن المقريزي انه كان فقيرا عادم القوت ثم قال قلت وما ربك بظلام للعبيد فان هؤلاء الظاهرية حالهم اطلاق السنتهم في الائمة الاعلام اصحاب المذاهب رضي الله عنهم ونحو ذلك فهذا جزاؤهم في الدنيا وامرهم في الاخرة إلى الله تعالى اه.
وفتنه في التاريخ معروفة بفتنة ابن البرهان الظاهري هذا وهو الذي آواه الياسوفي وأعانه سامحهم الله تعالى.
(1) قال ابن حجر: سمعت ابن البرهان (المذكور) يقول ان الياسوفي لما قبض عليه حصل له فزع شديد أورثه الاسهال فاستمر به إلى ان مات في القلعة مظلوما مبطونا شهيدا اه رحمه الله (*)(1/176)
* (ابن سند) * محمد بن موسى بن محمد بن سند بن تميم اللخمي المصري ثم الدمشقي المالكي الامام الحافظ شمس الدين أبو عبد الله ولد بدمشق في يوم الخميس الثامن من شهر ربيع الاول سنة تسع وعشرين وسبعمائة وسمع بها من محمد بن عمر السلاوي و عبد الرحيم بن أبي اليسر والبدر احمد بن محمد بن الجوخي والحافظ أبا عبد الله الذهبي واحمد بن المظفر النابلسي ومحمد بن اسماعيل بن الخباز واخته زينب وعمتها نفيسة وفاطمة ابنة العز وعدة، وارتحل إلى مصر فسمع بها من مظفر العطار وأبي الفتح الميدومي وابن الوضاح وطائفة واشتغل فحصل وتميز وبرع، أجازه الحافظ صلاح الدين العلائي بالافتاء وأخذ العربية عن التاج المراكشي وأذن له في اقرائها، وكان رحمه الله تعالى اماما مفننا جهد في هذا الشأن واجتهد (1) وحرر الرجال واسماءهم وانتقى وانتقد، كتب بخطه الكثير فأحسن وخرج لنفسه ولغيره فأجاد واتقن ورتب اجزاءا على حروف الهجاء من اسماء اصحابها، وله محاضرات فكهة لطيفة واخلاق حسنة شريفة، وحدث سمع منه شعبان بن علي المقري وعمر بن يوسف النابلسي والشيخ مساعد وجماعة، ناب في القضاء وولي مشيخة الحديث
__________
(1) يقول ابن حجر: وقد ذيل على العبر للذهبي بعد ذيل الحسيني رأيته بخطه ذيل فيه إلى قرب الثمانين فقط وخرج لنفسه أربعين متباينة الاسناد وخرج لغيره.
(*)(1/177)
بمواضع وابتلي بآخره بنسيان واختلاط وذلك من قبل النساء فيما قيل (1) نسأل الله تبارك وتعالى السلامة والعافية، وكانت وفاته بدمشق في ليلة الاثنين السادس من صفر سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة رحمه الله تعالى.
وفيها مات بدمشق الخواجا برهان الدين ابراهيم بن محمد بن اسماعيل ابن حماد الحراني الاصل ثم الدمشقي في شهر ربيع الاخر، وبمكة قاضيها العلامة شهاب الدين احمد بن ظهيرة المخزومي الشافعي في شهر ربيع الاول، وبطابة قاضيها أبو العباس احمد بن عبد الله بن فرحون المالكي وبزبيد الفقيه شهاب الدين أبو العباس احمد بن موسى بن علي، وبدمشق الشيخ شرف الدين اسماعيل بن حاجي الاردني الحنفي نزيل دمشق وزين الدين عبد الرحمن ابن الحافظ عماد الدين اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي، وبغزة قاضيها علاء الدين أبو الحسن على بن خلف بن كامل
__________
(1) وفي الدرر الكامنة، وفي اواخر عمره تغير ذهنه ونسي غالب محفوظاته حتى القرآن ويقال ان ذلك كان عقوبة له لكثرة وقيعته في الناس عفا الله عنه اه.
وفي الشذرات: كان شافعيا ثم صار مالكيا ومات وهو شافعي وهو القائل: الحافظ الفرد ان احببت رؤيته * فانظر الي تجدني ذاك منفردا كفى بهذا دليلا انني رجل * لولاي اضحي الوري لم يعرفوا سندا اه.
وكأنه كان يتقلب مع مذاهب من ينوب عنه من القضاة، قال ابن العماد وهو آخر من ذكرهم الذهبي في المعجم المختص وفاة.
(*)(1/178)
ابن عطاء الله الغزي في شهر ربيع الثاني أو في جمادى الاولى ومولده في سنة تسع وسبعمائة، والامام زين الدين عمر بن مسلم بن سعيد القرشي خطيب دمشق معتقلا في ذي الحجة، وبالقاهرة شمس الدين محمد بن احمد المصري عرف بالرفاء (1) وبدمشق المسند فخر الدين محمد بن احمد ابن عمر بن محبوب الصالحي في ربيع الاول، وباليمن قاضيه العلامة جمال الدين محمد بن عبد الله بن ابي بكر الريمي (2) الشافعي، وبالقاهرة المسند صلاح الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عمر البلبيسي في النصف الاول من المحرم أو في سابع شهر رمضان ومولده بمصر في سنة خمس وسبعمائة، وبدمشق الامام شمس الدين محمد الصرخدي، والقاضي شرف الدين يعقوب الاقصرائي (3) الحنفي في ذي الحجة، وبحلب الشرف أبو بكر محمد بن يوسف الحراني ثم الحلبي في العشر الاول من ذي الحجة وولد بها في شهور سنة خمس عشرة وسبعمائة.
__________
(1) بالفاء المشددة وكان يقال له أيضا حمامة الحرم لكثرة مجاورته به كما في شذرات الذهب وانباء الغمر (2) بفتح الراء بعدها تحتانية ساكنة نسبة إلى ريمة ناحية باليمن على ما ضبطه ابن العماد في شذرات الذهب.
(3) وقد يقال السرائي نسبة إلى سراي بفتح المهملتين وبعد الالف تحتانية مدينة ببلاد الدشت (وراء القوقاز) بشين معجمة ضبطها البقاعي في ترجمة العلامة محب الدين محمد بن احمد بن الاقصرائي كما في ذيل اللب.
(*)(1/179)
أخبرنا الحافظ أبو حامد محمد بن عبد الله المكي بها عن الحافظ أبي عبد الله محمد بن موسى ح وقرأت بعلو درجة على الحاكم أبي بكر بن الحسين المدني بمكة المشرفة قالا أخبرنا الخطيب أبو الفتح محمد بن محمد المصري بها قال أخبرنا أبو الفضل عبد الرحيم بن يوسف الموصلي وأبو اسحق ابراهيم بن محمد بن مناقب الحسيني قالا اخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قراءة عليه ونحن نسمع قال اخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني قال اخبرنا أبو طالب محمد بن ابراهيم البزار قال اخبرنا أبو بكر الشافعي قال حدثنا محمد بن موسى القرشي قال حدثنا عبد الملك ابن عمرو قال حدثنا عبد الله بن جعفر عن سعد بن ابراهيم قال سألت القاسم عن رجل له ثلاث مساكن فأوصى بثلث كل مسكن فقال لا يجمع له في سكن واحد أخبرتني عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من عمل عملا ليس له امرنا فهو رد) اخرجاه في الصحيحين فرواه مسلم عن عبد بن حميد واسحق بن ابراهيم كلاهما عن عبد الملك بن عمرو فوقع لنا بدلا له عاليا والله المنة.
* (ابن رجب) * عبد الرحمن بن احمد بن رجب بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد ابن أبي البركات مسعود البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي الامام الحافظ الحجة والفقيه العمدة احد العلماء الزهاد والائمة العباد مفيد المحدثين واعظ المسلمين شهاب الدين أبو العباس أو أبو الفرج سمع خلقا منهم(1/180)
أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي ومحمد بن اسماعيل الخباز وابراهيم ابن داود العطار وأبو الفتح محمد بن ابراهيم الميدومي (1) وجماعة، حدث فروى عنه جماعة، له المؤلفات السديدة والمصنفات المفيدة (2) منها شرح على صحيح البخاري لم يكمل وصل فيه إلى كتاب الجنائز وعلى الجامع للحافظ أبي عيسى الترمذي وذيل على كتاب طبقات الفقهاء الحنابلة للقاضي أبي الحسين (3) محمد بن الفراء، كان رحمه الله تعالى اماما ورعا زاهدا مالت القلوب بالمحبة إليه واجمعت الفرق عليه كانت مجالس تذكيره الناس عامة نافعة وللقلوب صادعة (4) مات رحمه الله تعالى في شهر رجب أو شهر رمضان سنة خمس وتسعين
__________
(1) نسبة إلى ميدوم قرية بمصر من اعمال البهنساوية.
(2) قال ابن حجر: وله القواعد الفقهية اجاد فيه وخرج لنفسه مشيخة مفيدة
واللطائف في وظائف الايام (3) وهو ابن القاضي ابي يعلى الكبير وفي الاصل طامات ينسبها إلى الامام احمد، وهو وأخوه أبو خازم وأبوهما أبو يعلى الكبير وابن ابي خازم أبو يعلى الصغير هم ممن تسببوا في وصم المذهب الحنبلي بما هو برئ منه من التشبيه وأصر أناس بعدهم على خطتهم تقليدا لهم واغترارا بطول باعهم في فروع المذهب مع انهم ليسوا ممن يعول عليهم في المعتقد سامحهم الله.
(4) قال ابن العماد: قدم من بغداد مع والده إلى دمشق وهو صغير سنة أربع وأربعين وسبعمائة..قال الشهاب ابن حجي: أتقن في الحديث وصار أعرف أهل عصره بالعلل وتتبع الطرق، تخرج به غالب اصحابنا الحنابلة اه.
طالعت (*)(1/181)
وسبعمائة بدمشق (1) قال الحافظ شمس الدين محمد بن أبي بكر الدمشقي حدثني من حفر لحده انه جاءه قبل ان يموت بأيام فقال احفر لي لحدا وأشار لى البقعة التي دفن فيها فحفرت له فلما فرغت نزل في القبر واضطجع فيه فأعجبه وقال هذا جيد ثم خرج فو الله ما شعرت بعد أيام الا وقد أتي به ميتا محمولا في نعشه فوضعته في ذلك اللحد وواريته فيه رحمه الله وايانا (2)
__________
شرح ابن رجب على علل الترمذي بخط الحافظ ناصر الدين بن زريق فوجدته غزير العلم جليل الفوائد جم النقول الشاردة لا يستغني عنه من يعنى بالعلل ومصطلح الحديث.
(1) ودفن بالباب الصغير جوار قبر الشيخ أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي ثم المقدسي المتوفى سنة 486 كما في الشذرات وهذا الشيرازي هو الذي نشر المذهب الحنبلي بين المقادسة والدمشقيين ولم يكن يعرف قبله لا في بلاد
القدس ولا في بلاد الشام.
(2) وحكى ابن حجر قصة الحفار بقوله (ويقال) ولعل ذلك منه جري على طريقة اهل الحديث في رواية المجهول لان الحفار مجهول عينا ووصفا الا عند الراوي عنه.
وقال ابن حجر في (انباء الغمر في ابناء العمر) ولد ببغداد سنة ست وثلاثين وسبعمائة وكان صاحب عبادة وتهجد، ونقم عليه افتاؤه بمقالات ابن تيمية ثم اظهر الرجوع عن ذلك فنافره التيميون فلم يكن مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، تخرج به غالب اصحابنا الحنابلة بدمشق اه عن خط ابن حجر، وعند ابن رجب بعض نزعات إلى شواذ ابن القيم وشيخه في مؤلفاته وان أظهر الرجوع عنها فلعل ذلك فيما ألفه قبل فتطالع كتبه على حيطة.
(*)(1/182)
وقي سنة خمس وتسعين مات ببعلبك الصارم أبو اسحق ابراهيم ابن خليل بن عبد الله بن محمود بن يوسف بن تمام البعلي الشرايحي شهر بابن شمول في النصف من المحرم، وبدمشق الامام شهاب الدين احمد ابن ابراهيم الكتبي الصالحي الحنفي، وقاضيها الامام شهاب الدين احمد ابن صالح بن احمد المعروف بالزهري في ثامن المحرم، والشهاب أبو العباس احمد بن عبدالغالب بن محمد بن عبدالقاهر بن محمد بن ثابت بن عبدالغالب بن ماهان بن علي بن عيسى الماكسيني (1) الانصاري في يوم الثلاثاء التاسع من شهر ربيع الاول وبها ولد في شهر رمضان سنة عشر وسبعمائة، والامام شهاب الدين احمد بن عمر عرف بابن هلال الاسكندري المصري في صفر، وببيت المقدس أم محمد اسماء ابنة الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي في النصف الثاني من شوال، واختها امة الرحيم زينب في تاسع شوال، وبدمشق الحاج سليمان بن داود بن سليمان المزي ويعرف بالعاشق في صفر، وبالقاهرة علاء الدين علي بن قاضي المدينة محمد بن عبد المعطي عرف بابن السبع الكناني في رمضان، والشيخ الامام علاء الدين علي بن محمد الاقفهسي المصري الشافعي في شوال، وببلد الخليل الشيخ عمر بن محمد بن يعقوب
__________
(1) نسبة إلى ماكسين بكسر الكاف بلد بالخابور.
(*)(1/183)
البغدادي عرف بالمجرد (1) في ذي الحجة، وبدمشق فاطمة ابنة تقي الدين الجعبرى الدمشقية، وبالقاهرة الخطيب نجم الدين محمد بن ابراهيم ابن عبد الرحمن بن جماعة في ذي القعدة، وبمكة امام مقام ابراهيم الخليل محب الدين أبو البركات بن احمد بن ابراهيم بن محمد بن ابراهيم ابن ابي بكر بن محمد بن ابراهيم الطبري في ذي القعدة وبها مولده في سنة سبع وعشرين، وبدمشق القاضي امين الدين محمد بن محمد بن احمد بن علي الدمشقي الحنفي عرف بابن الادمي فجأة، وبالقاهرة الشيخ صلاح الدين محمد بن محمد بن سالم الحنبلي ويعرف بالاعمى مدرس الظاهرية الحديثة بالقاهرة، والصلاح محمد بن محمد بن علي الزفتاوي المصري في صفر عن اثنتين وتسعين سنة، وبالرملة القاضي شمس الدين محمد بن يحيى بن سليمان المالكي في المحرم، وبدمشق الشيخ شرف الدين محمود بن جمال الدين أبى بكر بن كمال الدين احمد شهر بابن الشريشيى (2) الشافعي مدرس الباذرائية في صفر، وببلد الخليل موسى ابن احمد بن منصور العبدري المغربي المالكي في جمادى الآخرة، وبالقاهرة قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله بن احمد بن محمد بن أبي الفتح
__________
(1) وفي الدرر الكامنة بخط البقاعي عمر بن نجم بن يعقوب المجرد البغدادي
المعروف بالهدمي ولد سنة 712 ومات سنة 780.
(2) نسبة إلى شريش بفتح الشين المعجمة وكسر الراء والياء المثناة والشين المعجمة مدينة من كورة شذونة بالاندلس كما في المعجم، واليها ينسب شارح المقامات وجماعة من قرابته ممن ذكرهم المصنف.
(*)(1/184)
ابن هاشم بن اسماعيل بن ابراهيم بن نصر الله الكناني العسقلاني الحنبلي في شعبان، والاديب زين الدين أبو بكر بن عثمان بن عبد الله بن العجمي وبتعز قاضي الاقضية ركن الدين أبو بكر بن يحيى بن عجيل.
* * * * (الطبقة السابعة والعشرون) *
* (المنصفي) * بضم أوله محمد بن خليل بن محمد بن طوغان بن عبد الله التركي الدمشقي الحنبلي الحريري الشيخ الزاهد الصالح العابد الحافظ المفيد العلامة شمس الدين أبو عبد الله ولد في سنة ست وأربعين وسبعمائة واشتغل كثيرا حتى صار عالما بالفقه على مذهب الامام احمد وكان اماما علامة فقيها حافظا متقنا نبيها، سمع على خلائق منهم بعض اصحاب الفخر فمن بعدهم فسمع على محمود بن خليفة المنبجي في سنة ثلاث وستين وعلى عثمان بن يوسف بن عزيز والحافظ أبي بكر بن المحب أخذ عنه الكثير، وحرر في الشأن أيما تحرير أفاد وخرج وأملى على بعض المشايخ، تخرج بالحافظين أبي بكر بن المحب و عبد الرحمن بن رجب، وأجاز له عدة منهم ابن الخباز محمد بن اسماعيل حدث عنه وبالقليل من مسموعاته وكانت كثيرة، أفتى مع الانجماع والتقشف(1/185)
وحصل عليه محنة بسبب ما أفتى به ابن تيمية في مسألة الطلاق (1) قال
__________
(1) من ان ارسال الطلقات الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة، وحشد ابن تيمية حول تأييد هذه الفتوى ما هو نموذج لتمويهه مما لا ينخدع به الا ضعفاء النظر وليس عنده لدى النقد ما يكون شبه دليل على مدعاه، وكاد وقوع الثلاث ان يكون من مواطن الاجماع بين الصحابة حتى عند ابن عباس على ما ثبت بطرق عنه، وأما ما يرويه مسلم عنه فيما انفرد به عن البخاري من ان الثلاث كانت واحدة ففيه اولا ان لفظه محتمل وعند الاحتمال يسقط الاستدلال، وثانيا ان ظاهره المفروض خلاف رواية جماعة من الاثبات عنه فيكون من الشاذ المردود على تقدير تسليم ان فيه بعض دلالة، وثالثا انه خلاف مذهبه المتواتر عنه فيكون مردودا أيضا عند كثيرين منهم أحمد كما بسط ابن رجب في شرح علل الترمذي.
ورابعا ان طاوسا مع كونه من الملازمين لابن عباس روى ذلك بواسطة من غير لفظ يفيد السماع، وخامسا ان الواسطة أبو الصهباء وهو ان كان من موالي ابن عباس فمجهول وان كان من غيرهم في طبقته فضعيف، وسادسا ان في بعض طرقه خاطب أبو الصهباء ابن عباس بقوله هات من هناتك وجل مقدار ابن عباس ان لا يرد على هذا السائل قوله وان يقره على قوله، وسابعا ان ظاهره اقرار منه بأنه من هناته المردودة، وقد شهر بين سلف العلماء وخلفهم حكم رخص ابن عباس، وثامنا ان في ذلك وصم جمهور الصحابة الذين وافقوا عمر بعدم تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم باتباعهم للرأي دون النص وهذا جهل عظيم إلى غير ذلك وعد ذلك مما يجوز له سياسة من غير دليل فتح لباب تقويض دعائم الدين.
أبعد هذا كله ترجح هذه الرواية على روايات الكافة عن الكافة: ومسلم غير معصوم وابن تيمية الذي لا يتحاشى ان يدعى ان في صحيحه موضوعا أيتورع عن ترجيح روايات الجماعة على روايته عند تضافر (*)(1/186)
شيخنا الحافظ شهاب الدين احمد بن حجي: كان فقيها محدثا حافظا قرأ
__________
الادلة مع الجماعة فكم انتهك حرمات الابضاع بأمثال هذه الفتوى وتابعه الضعفاء من مقلدة اهل مذهبه نابذين نص امامهم وراء ظهورهم فوقعوا في فتن ومحن بل اوقعوا الناس فيها، وهذا الشيخ الحراني مع كونه ألف في أبطال الحيل تراه واتباعه من اكبر المجترئين على تحليل المحرم من الابضاع بقول قيل من أي قائل كان، وقد قال ابن ابي عبلة التابعي المشهور: من تبع شواذ العلماء ضل، بل يحكي الامام تقي الدين الحصني عنه وعن اتباعه انهم كانوا يتقاضون ممن وقع في مأزق من امر النكاح والطلاق نحو خمسة دراهم فيفتون له بأن النكاح صحيح أو ان الطلاق غير واقع استنادا على أقوال خارجة عن المذاهب المتبوعة إلى غير ذلك وزهد الحصني وورعه وتحريه فيما يحكيه مما يستغني عن التنويه، وفتوى ابن تيمية هذه كمسحه على الخفين من غير توقيت بثلاثة أيام في السفر وكان يفعل ذلك طول سفره من دمشق إلى مصر بمرأى من الناس على ما حكاه ابن العماد وابن رجب مع ان الادلة انما قامت على التوقيت، بل جعل الامام احمد المسألتين في عداد الطريقة المسلوكة للمسلمين المتوارثة عن النبي صلى الله عليه وسلم قرنا بعد قرن وعد مخالفتهما بدعة وخروجا عن الجماعة لا من المسائل التي فيها متسع للنظر من أهله فضلا عن بقية الائمة، وقد أخرج ابن بطة بسنده إلى احمد ما كتبه إلى مسدد في المعتقد وفي السنة والجماعة إلى ان قال أحمد فيه: والمتعة حرام إلى يوم القيمة ومن طلق ثلاثا في لفظ واحد فقد جهل وحرمت عليه زوجته ولا تحل له ابدا حتى تنكح زوجا غيره والمسح على الخفين للمسافر ثلاثة ايام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة اه.
ورسالة احمد هذه إلى مسدد يرويها ابن الفراء
بنصها بسنده في طبقاته وفيها ما نقلناه بحروفه وسنده مما يعول عليه ابن تيمية، أهكذا يكون التقي المتحري ام الماجن المتجري وشواذه في الفروع من هذا (*)(1/187)
الكثير وحرر وأتقن وألف وجمع، وقال صاحبنا الحافظ شهاب الدين ابن حجر: اجتمعت به في دمشق واعجبني سمته (1) انتهى، وكانت وفاته عقيب فتنة التتار من عقوبة حصلت له منهم وحريق بالنار
__________
القبيل، ولا تسل عن مفرداته في المعتقد مما هو آية في التضليل، ومن هنا اشتبه في أمر دينه من اشتبه من حذاق النظار ولم يخف عليهم ما وراء الستار وهو يشف عن ذلك لاولي الابصار وان انطلى امره على مقلدة الرواة من مستضعفي اشياعه البعداء عن النظر في مغزاه وعلى بعض الصالحين من العلماء الوعاة استرسالا في احسان الظن به بالنظر إلى مبادئ حاله من غير فحص عن عاقبة امره ومرماه وطال الاخذ والرد في شأنه بما يستوجب الاناة، وموعد بعض التوسع في ذلك كتابنا (تحذير الخلف عن مخازي ادعياء السلف) وهناك بعض بسط لما ينطوي عليه هذا الرجل وأمثاله بوثائق علمية تاريخية تستجلي الحقيقة لروادها، ولست الان بصدد البحث عن عدائه للمنطق مع تظاهره بالانتساب إلى الفلسفة والنظر وهو يعلم ان المنطق يكشف عن اقواله المتناقضة فلا غرو إذا عاداه والمبطل لابد وان يتناقض فيكون دليل بطلان قوله معه ولا في صدد الكشف عن مجادلته اهل الكتاب ثم هدمه ما بناه بتهوين امر التحريف اللفظي إلى ان وازن الكتب السابقة بكتب السنة في الاحتواء على اغلاط طفيفة تبين منها نفسها مع انه هو الذي يدعي في مرة أخرى ان ما في الصحيحين يفيد العلم خلافا لجمهور اهل العلم إلى غير ذلك من تناقضاته فيجب على النبيه ان لا يغتر ببراعته في التمويه.
وأقل ما يقال فيه انه ليس في موضع الامامة والقدوة حتما.
(1) ينقل السخاوي عن ابن حجي انه كان يقول في المنصفي: لم يكن الحنابلة ينصفونه (*)(1/188)
بقلعة دمشق فاستمر متألما إلى ان وافاه حمامه في شعبان من سنة ثلاث وثمانمائة رحمه الله تعالى وفيها مات بدمشق القاضي برهان الدين ابراهيم بن النقيب العماد اسماعيل بن ابراهيم المقدسي الحنبلي، والقاضي برهان الدين ابراهيم بن علي السلاوي المالكي في جمادى الاولى، والقاضي بدر الدين أو برهان الدين ابراهيم ابن القاضي شمس الدين محمد بن مفلح الصالحي الحنبلي في شعبان، والشيخ ابراهيم بن القماح الحيسوب، وأحمد بن ابراهيم ابن مغيرة الكردي الصالحي الهكاري، والشهاب احمد بن اقبرص بن بلغا بن كنجك الخوارزمي الصالحي (1) ومفتي الشام شهني الدين باب احمد بن راشد بن طرخان الشافعي شهر بالملكاوي (2) في شهر رمضان والسيد شهاب الدين أبو العباس احمد بن علي بن يحيى بن تميم الحسين في ربيع الثاني ومولده بها في سنة ست عشرة وسبعمائة، وبالاسكندرية تاج الدين أبو بكر احمد بن محمد بن احمد بن عبد الله الاسكندري ويعرف بابن الخراط، وبالقدس المحدث شهاب الدين احمد بن محمد بن محمد المقدسي شهر بالمهندس، وبالقاهرة قاضي القضاة موفق الدين احمد ابن نصر الله بن احمد الكناني الحنبلي في رمضان، وبدمشق الشيخ
__________
(1) من مشايخ ابي الفتح المراغي وممن خرج له ابن فهد في (الفتح الرباني في مشيخة أبي الفتح العثماني).
(2) بفتح ثم سكون كما سبق من السخاوي.
(*)(1/189)
شهاب الدين احمد بن يوسف البانياسي الدمشقي المقري، وبالقاهرة قاضي القضاة شهاب الدين احمد التحريري، وبدمشق المقري شهاب الدين احمد بن الاشرف اسماعيل بن الافضل العباس في يوم السبت الثامن عشر من ربيع الاول، وبدمشق الشيخ اسماعيل المغربي المالكي نائب الحكم بها، وأم ابي بكر تترابنة القاضي عز الدين محمد ابن احمد بن المنجا التنوخية، وبدر الدين حسن بن البهاء محمد بن محمد بن أبي الفتح البعلي والقاضي شرف الدين حسين بن علي بن سرور عرف بابن خطيب الحديثة والمعمرة أم القاسم خديجة ابنة ابراهيم بن ابراهيم بن اسحق بن ابراهيم بن سلطان التغلبية، وام يوسف خديجة ابنة الامام بدر الدين محمد بن أبي بكر ابن محمد بن قوام البالسية الصالحية، وخديجة ابنة ابي بكر بن علي بن ابي بكر ابن عبد الملك الكردي الصالحية، والمعمر نجم الدين داود بن احمد بن علي بن حمزة البقاعي، وبالقاهرة القاضي بهاء الدين أبو الفتح رسلان بن ابي بكر بن رسلان البلقيني في جمادى الثانية، وبدمشق أم احمد رقية ابنة علي بن محمد بن ابي بكر بن مكي الصفدي الصالحية، وزينب ابنة العماد ابي بكر بن احمد بن محمد بن جعوان الانصاري في شعبان، وبمكة ام الحسين ست الكل ابنة احمد بن محمد الزين القسطلاني في المحرم، وبدمشق المفتي شرف الدين شعبان بن علي بن ابراهيم المصري الدمشقي، وبالقاهرة ام محمود عائشة ابنة محمد بن احمد بن عمر بن سلمان البالسي، وام صلاح الدين عائشة ابنة أبي بكر بن أبي عبد الله محمد بن عمر بن قوام البالسي الصالحية،(1/190)
وبدمشق العادل زين الدين عبد الرحمن بن التقي عبد الله بن محمد بن الفخر عبد الرحيم البعلي، وبالقاهرة زين الدين عبد الرحمن بن محمد بن البرهان ابراهيم الرشيدي المصري و عبد العزيز بن محمد بن محمد بن الخضر الطيبي موقع الحكم في ثالث عشر المحرم ولد بها في شهر ربيع الاول سنة ثلاثين وسبعمائة، وبدمشق عبد القادر ابن محمد بن علي بن عمر بن نصر الله شهر بابن قمر الدمشقي الفراء سبط الحافظ ابي عبد الله الذهبي، وبالقاهرة القاضي تقي الدين عبد اللطيف بن احمد بن عمر الاسنوي في ربيع الثاني، وبدمشق التقي عبد الله بن محمد بن احمد بن الشيخ شمس الدين عبد الله المقدسي الصالحي، وعلاء الدين علي بن احمد بن محمد المرداوى الصالحي في رمضان، والشيخ علي بن ايوب الماحوزي (1) النساج، والشيخ علي بن محمد بن علي الكفرسوسي (2) وبالقاهرة الشيخ علاء الدين علي بن محمد بن علي الحنبلي شهر بابن اللحام في يوم عيد الاضحى وبعدن رئيس التجار بدر الدين علي بن يحيى بن جميع في ليلة عيد الفطر وباللجون قرب صفد القاضي نور الدين علي بن الجلالي يوسف الدميري المصري المالكي، وبدمشق عمر ابن الحافظ شمس الدين محمد بن احمد
__________
(1) قال السخاوي: بمهملة مضمومة وآخره زاي معجمة.
(2) بمهملتين أولاهما مضمومة نسبة إلى كفر سوسية قرية بدمشق.
معجم البلدان.
(*)(1/191)
ابن عبد الهادي المقدسي في شعبان، وأبو حفص عمر بن محمد بن احمد ابن عمر البالسي الصالحي المكفوف، والمقري زين الدين عمران بن ادريس بن معمر الجلجولي (1) ومولده بجلجوليا في سنة اربع وثلاثين وسبعمائة، ومسندة الدنيا أم احمد فاطمة ابنة العز محمد بن احمد بن محمد ابن عثمان بن المنجا التنوخية خاتمة اصحاب القاضي سليمان وطبقته بالاجازة في احد الربيعين أو الجمادين ولها تسعون سنة أو قريب منها، والمعمرة أم محمد فاطمة ابنة المحتسب محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد ابن عبد الهادي الصالحية في شعبان وقد عدت الثمانين، وبالقاهرة المفتي زين الدين قطلو بغا الحنفي في جمادى الاولى، وبنهر الفرات غريقا وهو في الاسر قاضي القضاة بمصر صدر الدين محمد بن ابراهيم بن اسحاق ابن ابراهيم بن عبد الرحمن المناوي ومولده بالقاهرة في شهر رمضان سنة 742، وبدمشق المحدث شمس الدين محمد بن الظهير بن ابراهيم بن محمد الجزري في شوال، والواعظ شمس الدين وقيل محب الدين محمد ابن احمد بن محمد بن احمد بن المحب عبد الله المقدسي، ومحمد بن عبد الرحمن ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بن احمد بن عثمان الذهبي في جمادى الاولى قتيلا ظلما، وبالرملة المحدث بدر الدين أبو البقاء محمد ابن الحافظ عماد الدين اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي في ربيع الاخر، وبدمشق
__________
(1) بفتح فسكون فضم وبجيمين نسبة إلى جلجوليا بالقرب من رملة على ما ذكره السخاوي في انساب الضوء اللامع.
(*)(1/192)
القاضي ناصر الدين محمد ابن القاضي تقي الدين عمر ابن القاضي نجم الدين محمد شهر بابن أبي الطيب كاتب السر بدمشق، وبحلب أمين الدين محمد ابن عماد الدين أبي بكر بن احمد بن أبي الفتح السراج الدمشقي، والقاضي محمد بن بهادر المسعودي الاوحدي الصالحي، والشمس محمد بن حسن بن عبد الرحيم الصالحي الدقاق، وبغزة المحدث شمس الدين محمد بن عثمان ابن عبد الله بن شكر (1) شهر بالنبجالي (2) البعلي الحنبلي في رمضان وبدمشق الشمس محمد بن علي بن ابراهيم بن احمد عرف بابن البزاعي الصالحي، وبالقاهرة القاضي شمس الدين محمد بن محمد بن المكين اسماعيل المصري المالكي في شهر ربيع الاول، وقاضي القضاة بدر الدين محمد بن أبي البقاء محمد بن عبد البر السبكي الشافعي المصري في شهر ربيع الثاني، وبالاسكندرية قاضيها شرف الدين محمد بن المعين محمد ابن البهاء عبد الله بن أبي بكر بن محمد المخزومي شهر بابن الدماميني الاسكندري المالكي، وبتونس عالمها أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي (3) التونسي المالكي في جمادى الثانية أو في شهر رجب ومولده بها في سنة ست عشرة وسبعمائة ولم يخلف بعده بها مثله، وبدمشق
__________
(1) بضم المعجمة وسكون الكاف على ما ضبطه ابن العماد، وقد يتصحف على بعضهم بالامام المسند ابن سكر الحنفي المتقدم ذكره.
(2) بفتح النون وسكون الموحدة بعدها معجمة كما في الشذرات.
(3) بفتح ثم سكون بعدها معجمة مفتوحة ثم ميم مكسورة ثقيلة نسبة لقبيلة من هوارة.
الضوء اللامع.
(*)(1/193)
المعمر بدر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن قوام البالسي الصالحي في شعبان، وبالمدينة القاضي بدر الدين محمد بن محمد ابن محمد بن مقلد المقدسي الحنبلي، وبالقاهرة القاضي عز الدين محمد ابن القطب محمد بن محمد عرف بالشار مساحي (1) المصري، وبدمشق المعمر محب الدين محمد بن محمد بن محمد الصالحي شهر بالوراق، والقاضي تقي الدين محمد بن محمد الصالحي الحنفي ويعرف بابن الخباز ويحب حنين الشمس محمد بن محمود بن محمد بن محمود البزار الصالحي ويعرف بابن الزرندي (2) وبدمشق قاضي الحنفية تقى الدين محمد ابن القاضي جمال الدين يوسف بن احمد بن الحسين الحنفي المشهور بابن الكبري في ذي الحجة، والشيخ شمس الدين محمد الزيلعي الكاتب، وبحلب قاضيها شرف الدين موسى بن محمد بن محمد بن جمعة الانصاري الشافعي في شهر رمضان، وبالقاهرة قاضي القضاة جمال الدين يوسف ابن موسى بن محمد الحلبي الحنفي ويعرف بالملطي (3) في شهر ربيع الثاني
__________
(1) بالشين المعجمة والراء المكسورة وباهمال السين واسكانها والحاء المهملة نسبة لقرية من ريف مصر ذكره السخاوي.
(2) نسبة لبيت علم كبير من الحنفية بالمدينة ولعل اصلهم من زرند وفي الشذرات بالزاي والراء والنون نسبة إلى زرند بلد باصبهان اه.
ومثله في معجم البلدان وعدد السخاوي من ينسب إلى هذا البيت بالمدينة من المشاهير وضبطها بفتحتين وسكون النون.
(3) قد اساء السخاوي وشيخه الوقيعة فيه بما هو براء منه لاسيما وهو قد ناهز (*)(1/194)
وبدمشق أبو بكر بن ابراهيم بن محمد بن ابراهيم بن عبد الله بن ابي عمر عرف بالفرائضي الصالحي، وأبو بكر بن ابراهيم بن معتوق الهكاري الكردي الصالحي، وبالقاهرة شرف الدين أبو بكر ابن الحافظ عبد
__________
الثمانين، وما ذنبه اليهما سوى ما ورثه من شيخية القوام الاتقاني ومغلطاي من بعض التشدد على مخالفيه مع الاتقان في العلم.
ورحم الله ابن الشحنة حيث قال في اوائل شرحه على الهداية: لا تعويل على تراجم ابن حجر لمخالفيه ه.
كلمة قالها عن
تجريب وتلميذه يحذو حذوه ولا أدري هل يسرهما ما كتبه البرهان البقاعي في حق ابن حجر وما سطره السيوطي في شأن السخاوي، والذي أراه ان كل ذلك من التحامل المردود.
ولما هجم اللنكية البلاد عقد مجلس بالقضاة والعلماء لمشاطرة الناس في اموالهم فقال الملطي هذا (ان كنتم تعملون بالشوكة فالامر لكم وأما نحن فلا نفتي بهذا ولا يحل ان يعمل فوقفت الحال) وذلك مما يعد من مناقبه، ومن انفع كتبه كما يقول العيني المعتصر من المختصر تأليف القاضي ابي الوليد المالكي في اختصار مشكل الآثار لابي جعفر الطحاوي مع تعقبات وايرادات على الطحاوي فأحسن الملطي في معتصره دفع تلك الاعتراضات وتلخيص الكتاب، والمختصر للقاضي ابي الوليد محمد بن رشد الكبير لا الباجي، يروي مشكل الحديث للطحاوي المعروف بمشكل الآثار عن الحافظ ابي علي الحسين بن محمد الغسابي عن أبي عمر أحمد بن يحيى بن الحارث عن أبيه عن هشام بن محمد الرعيني عن الطحاوي، والمطبوع في الهند من المشكل في اربعة اجزاء غير تام، وتمامه على ما اطلعت عليه في سبعة مجلدات ضخام رواية أبي القاسم هشام بن محمد بن أبي خليفة الرعيني عن الطحاوي، يوجد منه في مكتبة شيخ الاسلام فيض الله قرب الفاتح باسم مشكل الحديث بالاستانة نسخة تامة مقروءة مقابلة قابلها ابن السابق من علماء القرن التاسع.
وهو كتاب لم يؤلف مثله في هذا الباب لا قديما ولا حديثا.
(*)(1/195)
العزيز ابن القاضي بدر الدين محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني في جمادى الاولى، وبدمشق العماد أبو بكر بن عبد الله بن العماد، وأبو بكر بن احمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي الصالحي، والشيخ تقي الدين أبو بكر بن الجندي الساعاتي الحيسوب، وبحلب الشيخ شرف الدين أبو بكر الداديخي الحلبي احد فضلائها.
* (ابن زريق) * محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن احمد بن القاضي تقي الدين سليمان ابن حمزة بن احمد بن عمر بن أبي عمر محمد بن احمد بن قدامة بن مقدام بن نصر بن فتح بن محمد بن حديثة بن محمد بن يعقوب بن القاسم بن ابراهيم ابن اسماعيل بن يحيى بن محمد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العمري المقدسي الصالحي الحنبلي الامام الحافظ ناصر الدين أبو عبد الله تفقه وطلب الحديث فمهر في فنونه وتخرج بالحافظ أبي بكر بن المحب وسمع العالي والنازل وانتقى وخرج وأفاد، سمع من الصلاح بن أبي عمر ومن بعده، قال صاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر: استفدت منه كثيرا وسمع معي على الشيوخ بالصالحية وغيرها ولم ار في دمشق من يستحق اسم الحافظ غيره انتهى، رتب المعجم الاوسط للطبراني على الابواب وكذا صحيح ابن حبان، مات في ثالث عشر شهر رمضان سنة ثلاث وثمانمائة رحمه الله تعالى.(1/196)
* (ابن الملقن) * عمر بن علي بن احمد بن محمد بن عبد الله عرف بابن النحوي لان اباه كان عالما بن أخذه عنه الاسنائي وغيره فلهذا كان يكتب بخطه عمر بن أبي الحسن النحوي فاشتهر بذلك في بلاد اليمن الانصاري الوادي آشي الاندلسي الاصل ثم المصري نزيل القاهرة الشافعي الامام العلامة الحافظ شيخ الاسلام وعلم الائمة الاعلام عمدة المحدثين وقدوة المصنفين سراج الدين أبو علي خرج والده من بلدة الاندلس إلى بلد التكرور فعلم بها اهله القرآن العظيم فأنعموا عليه بدنيا طائلة وارتحل إلى القاهرة فاستوطنها وتأهل بها فولد له بها ابنه هذا في يوم السبت الرابع والعشرين من شهر ربيع الاول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ومات عنه وهو ابن سنة فأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي وكان خيرا صالحا يلقن القرآن العظيم بجامع ابن طولون فتزوج بأمه وتربى في حجره بحيث انه نسب إليه حتى صار يعرف بابن الملقن وصار علما عليه إلى ان مات فحصل له من جهته خير كثير، أقرأه القرآن ثم عمدة الاحكام وأراد أن يقرئه في مذهب الامام مالك فأشار عليه بعض بني جماعته بأن يقرئه المنهاج ففعل وأسمعه على الحافظين أبي الفتح بن سيد الناس والقطب الحلبي واستجيز له من عدة من مصر ودمشق منهم الحافظ المزى، وطلب الحديث في صغره بنفسه فأقبل عليه وعني به لتوفر الدواعي وتفرغه فان وصيه انشأ له ربعا أنفق عليه قريبا من ستين ألف(1/197)
درهم فكان يغل له جملة صالحة فسمع الكثير بمصر من جماعة من أصحاب ابن عبد الدائم والنجيب منهم أبو عبد الله بن السراج الكاتب ومحمد ابن غالي و عبد الرحمن بن عبد الهادي وأحمد بن كشتغدي والحسن بن السديد وأحمد بن محمد بن عمر الحلبي وأحمد بن علي المشتولي (1) ومحمد ابن احمد الفارقي وأبو القاسم الميدومي وابراهيم بن علي الزرزاري (2) وزين الدين أبو بكر بن قاسم الرحبي ولازمه فتخرج به وبالحافظ علاء الدين مغلطاي، وارتحل في سنة سبعين إلى دمشق فسمع بها من متأخري أصحاب الفخر بن البخاري، وكانت عنده عوال كثيرة بحيث ذكر عنه انه قال: سمعت الف جزء حديثية، وله الخط المنسوب جود فيه على ابن السراج، تفقه واشتغل في فنون فبرع ودرس وأفتى وصنف وجمع، يقال انه قرأ في كبره كتابا في كل مذهب وانه أذن له بالافتاء فيه، وفي رحلته إلى دمشق نوه بذكره التاج السبكي وقرظ له على جزء من تخريج أحاديث الرافعي أطنب في مدحه وكذا على تخريج أحاديث المنهاج واستكتب له عليه الحافظ عماد الدين بن كثير وارتفع قدره واشتهر ذكره وبعد صيته فأشغل الناس قديما ودرس عدة سنين وتصدى للافتاء دهرا وناب في القضاء عمرا فلما كان في سنة ثمانين تعرض لطلب قضاء القضاة فامتحن بسبب ذلك لانه في أيام بركة وبرقوق كان
__________
(1) نسبة إلى مشتول بمصر بالشين المعجمة والمثناة الفوقية.
(2) ترجمه السيوطي في حسن المحاضرة.
(*)(1/198)
مختصا بصحبة برقوق فعينه لقضاء الشافعية فخدع حتى كتب خطه بمال فغضب عليه برقوق وسلمه لشاد الدواوين ثم سلمه الله تعالى ونجاه فخلص فانقطع عن الناس وأقبل على شأنه فأخذ في التصنيف وأكب عليه فكان فريد الدهر في كثرة التصانيف وحسنها بعبارة جليلة حسنة، وكان يكتب في كل فن سواء أتقنه أو لم يتقنه وكتب الكثير من ذلك بحيث انه كان اكثر أهل زمانه تأليفا، بلغت مصنفاته في الحديث والفقه وغير ذلك قريبا من ثلاثمائة مؤلف منها (شرح البخاري) في عشرين مجلدا وهو في أوله أقعد منه في آخره بل هو من نصفه الثاني قليل الجدوى (1) و (البدر المنير في تخريج احاديث الشرح الكبير) في ست مجلدات أجاد فيه و (خلاصة البدر المنير في تخريج الاحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير) و (شرح عمدة الاحكام) و (شرح الاربعين النواوية) و (المقنع) في علم الحديث وكذا (الكافي) له لم يكن فيه بالمتقن ولا له ذوق أهل الفن و (غاية السول في خصائص الرسول) صلى الله عليه وسلم و (أفراد مسلم وأبى داود) (2) و (مختصر تهذيب الكمال
__________
(1) قال ابن حجر في المجمع المؤسس: اعتمد فيه على شرح شيخيه القطب ومغلطاي وزاد فيه قليلا اه.
(2) وشرح (زوائد مسلم على البخاري) في اربعة اجزاء و (وزوائد أبي داود على الصحيحين) في مجلدين و (زوائد الترمذي على الثلاثة) كتب منه قطعة صالحة و (زوائد النسائي) عليها كتب منه جزءا و (زوائد ابن ماجه على الخمسة) في ثلاث مجلدات كما جاء في الضوء اللامع وغيره.
(*)(1/199)
مع التذييل عليه) من رجال ستة كتب وهي مسند أحمد وصحيح ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم والسنن للدارقطني والبيهقي و (طبقات المحدثين) و (طبقات القراء) و (طبقات الفقهاء الشافعية) و (طبقات الصوفية) وشرحان للتنبيه كبير وصغير و (ما أهمله النوا ؟ ي في تصحيحه) و (شرح الحاوي) في مجلدين أجاد فيه وأفرد له تصحيحا و (تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج) في ثماني مجلدات و (نهاية المحتاج فيما يستدرك على المنهاج) و (عجالة المحتاج في شرح المنهاج) مجلد و (شرح منهاج البيضاوي)، قد سار بجملة منها رواة الاخبار واشتهر ذكرها في الاقطار، وكان رحمة الله تعالى عليه له فوائد جمة ويستحضر غرائب وهو من أعذب الناس لفظا وأحسنهم خلقا واجملهم صورة وأفكههم محاضرة كثير المروءة والاحسان والتواضع والكلام الحسن لكل انسان كثير المحبة للفقراء والتبرك بهم مع التعظيم الزائد لهم، عقد مجلسا للاملاء فأملى المسلسل بالاولية ثم عدل إلى أحاديث خراش وأضرابه من الكذابين فرحا بعلو الاسناد وهذا مما يعيبه أهل الاسناد، يرون ان الهبوط أولى من العلو إذا كان من رواية الكذابين لانه كالعدم، وقد وصفه الائمة بالحفظ، من ذلك ان الحافظ صلاح الدين العلائي كتب له على كتابه (جامع التحصيل في رواية المراسيل) من تأليفه: قرأ علي هذا الكتاب الشيخ الفقيه الامام العالم المحدث الحافظ المتقن سراج الدين شرف الفقهاء والمحدثين فخر الفضلاء، وكتب شيخنا الحافظ أبو الفضل العراقي طبقة في آخر فوائد تمام فيها: وسمع الشيخ الامام(1/200)
الحافظ سراج الدين، ووقف صاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر على ترجمة صاحبنا الحافظ أبي الطيب الفاسي له وفيها: وليس في علم الحديث كالماهر فانتقد ذلك وكتب ما يدل على مهارته فيه، وذكره قاضي صفد العثماني في (طبقات الفقهاء) فقال: احد مشايخ الاسلام صاحب المصنفات التي ما فتح على غيره بمثلها في هذه الاوقات، وقال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: حفاظ مصر أربعة اشخاص وهم من مشايخي البلقيني وهو أحفظهم لاحاديث الاحكام والعراقي وهو اعلمهم بالصنعة والهيثمي وهو أحفظهم للاحاديث من حيث هي وابن الملقن وهو اكثرهم فوائد في الكتابة على الحديث انتهى ومن العجيب ان كلا منهم ولد قبل الآخر بسنة سوى الهيثمي فإن مولده بعدهم بمدة ومات كل منهم قبل الآخر بسنة فأولهم ابن الملقن ثم البلقيني ثم العراقي ثم الهيثمي، قال شيخنا الحافظ برهان الدين: وحكي لي ان الشيخ بهاء الدين ابن عقيل حكى له عن قيم مسجد النارنج (1) بالقرافة ان الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان يخرج إلى المسجد المذكور يوم
الاربعاء ومعه (نهاية امام الحرمين) فيمكث بالمسجد يوم الاربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة إلى قبيل الصلاة فينظر في هذا الوقت النهاية قال الشيخ بهاء الدين وأنا استبعد ذلك فقال الشيخ سراج الدين البلقيني ولا استبعد لان الشيخ عز الدين لا يشكل عليه منها شئ ولا يحتاج
__________
(1) يصفه المقريزي في خططه ويقول سمي مسجد النارنج لان نارنجه لا ينقطع أبدا.
(*)(1/201)
إلى ان يتأمل منها الا شيئا قليلا أو ما هذا معناه وأنا أنظر مجلدا في يوم واحد، قال شيخنا برهان الدين فذكرت هذه الحكاية لشيخنا سراج الدين بن الملقن فقال لي عقيب ذلك: انا نظرت مجلدين من الاحكام للمحب الطبري في يوم واحد، وحدث ابن الملقن بالكثير من مروياته، سمع منه الائمة والفضلاء وكان كثير الكتب جدا فاحترق غالبها قبل موته وكان ذهنه سليما عند ذلك (1) فحجبه ولده الامام نور الدين علي إلى ان مات في ليلة الجمعة السادس عشر من شهر ربيع الاول سنة أربع وثمانمائة بالقاهرة رحمة الله تعالى عليه.
وفيها مات بمصر المسند المكثر شهاب الدين أحمد بن حسن بن محمد ابن محمد بن زكريا شهر بالسويداوي المقدسي ثم المصري في تاسع شهر ربيع الآخر وله ثمانون سنة، وبدمشق قاضي الحنابلة تقي الدين احمد بن صلاح الدين محمد بن شرف الدين محمد بن زين الدين التنوخي الحنبلي، وبالقاهرة القدوة شهاب الدين احمد بن محمد بن محمد عرف بابن الناصح المصري في رمضان، وبدمشق المسندة أم عبد الله وأم أحمد اسماء ابنة احمد بن محمد بن عثمان الحلبي الصالحي في المحرم، وخليل بن أحمد المعروف بابن زبا (2) شاهد القيمة، وبالقدس القاضي تقي الدين صالح بن خليل
__________
(1) قال ابن العماد: كان ابن الملقن جماعة للكتب ثم احترق غالبها قبل موته وكان ذهنه مستقيما قبل ان تحترق كتبه ثم تغير حاله بعد ذلك، وهو ممن كان تصنيفه أحسن من تقريره.
(2) هكذا في الاصل ورأيت بخط ابن حجر في (انباء الغمر): خليل بن (*)(1/202)
ابن سالم الغزي، وبدمشق التقي عبد اللطيف ابن الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبدالنور بن منير الحلبي المصري في شهر ربيع الثاني والمقرئ عبد الله البشيتي (1) ومقرئ القاهرة فخر الدين عثمان الضرير، وبدمشق علاء الدين علي بن عبيد بن داود المرداوي الحنبلي في جمادى الثانية ونور الدين علي بن غازي بن علي بن ابي بكر بن عبد الملك شهر بالكوري (2) الصالحي في شوال، وناصر الدين محمد بن ابراهيم بن محمد الارموي الصالحي، وبمصر نجم الدين محمد بن علي بن نجم الدين محمد بن عقيل البالسي ثم المصري، وبالقاهرة المحدث شمس الدين أبو جعفر محمد ابن محمد بن عمر السكري المدني في جمادى الثانية، وبدمشق الشيخ جمال الدين يوسف بن حسين الكردى نزيل دمشق، وبمصر أبو البركات الخطيب المالكي رحمة الله تعالى عليهم.
قرأت على الامام العلامة أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن سلامة
__________
علي بن احمد بن ابي زبا الشاهد المصري ه وفي الفهرست الاوسط لابن طولون ضبط الزاي المعجمة بالضم والموحدة بالفتح عند ذكر راو آخر والظاهر انه تصحف على المصنف وابن حجر لان السخاوي يقول عنه: خليل بن على بن احمد ابن بوزبا بضم الموحدة وسكون الواو وفتح الزاي بعدها موحدة مفتوحة ه وترجمه المقريزي وابن حجر والسخاوي.
(1) بفتح الموحدة وكسر الشين المعجمة وتحتية وفوقية نسبة إلى بشيت قرية بفلسطين.
ابن العماد.
(2) بضم الكاف ثم راء مهملة.
الضوء اللامع.
(*)(1/203)
وسمعت على شيخ الاسلام الحافظ أبي حامد محمد بن عبد الله المخزومي المكيان قالا أخبرنا الامام أبو علي عمر بن علي بن احمد والعلامة بهاء الدين أبو البقاء محمد بن عبد الله بن يحيى الانصاريان ح وشافهنا بعلو درجة الشيخ المعمر الداعي إلى الله تعالى ابراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام غير مرة قالوا اخبرنا أبو المحاسن يوسف بن محمد بن نصر بن قاسم العدني قال شيخنا في كتابه قال اخبرنا أبو عيسى عبد الله بن عبد الواحد ابن علاق الانصاري قال أخبرتنا ام عبد الكريم فاطمة ابنة سعد الخير ابن محمد بن سهل الانصاري قالت أخبرنا الحافظ أبو البركات عبد الوهاب ابن المبارك بن أحمد الانماطي قال أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني قال اخبرنا أبو الحسين احمد بن محمد بن احمد جعفر بن حمدان الفقيه الحنفي قراءة عليه في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين واربعمائة قال اخبرنا أبو بكر هو محمد بن احمد بن يعقوب قال حدثنا أبو يزيد هارون بن عيسى بن المسكين البلدي بها قال حدثنا الحسين ابن عرفة قال حدثنا عبدة بن سليمان الكلابي قال حدثنا صالح بن صالح الهمداني عن عاصم بن ابي النجود عن ذر بن حبيش قال اتيت صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه فقال لي ما جاء بك فقلت أطلب العلم فقال ان الملائكة لتبسط أجنحتها لطالب العلم رضي بما يعمل وسألته عن المسح على الخفين فقال كنا نمسح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر وللمقيم يوم وليلة، واخبرناه عاليا بدرجتين أبو حامد الحافظ سماعا قال اخبرنا محمد بن عبد الغني قال(1/204)
اخبرنا علي بن عيسى قال اخبرنا محمد بن ابراهيم قال اخبرنا محمد بن ابراهيم ح وانبأناه بعلو درجة عن هذا وعن الذي قبله بثلاث العلامة أبو بكر العثماني وغيره اذنا عن احمد بن نعمة ان جعفر بن علي انبأه قالا اخبرنا احمد بن محمد الحافظ قال جعفر اذنا ان لم يكن سماعا قال اخبرنا القاسم ابن الفضل قال اخبرنا علي بن محمد بن بشران قال حدثنا اسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا سعدان بن نصر ح قال القاسم واخبرنا الفضل ابن عبيدالله قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا محمد بن عاصم قال سمعت سفيان بن عيينة يقول عن عاصم بن ابي النجود عن زر ابن حبيش قال اتيت صفوان بن عسال المرادي فقال لي ما جاء بك قلت جئت ابتغاء العلم قال فان الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب قلت حاك في صدري أو في نفسي المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا قال نعم كان عليه الصلاة والسلام يأمرنا إذ كنا سفرا أو مسافرين ان لا ننزع خفافنا ثلاثة ايام ولياليهن الا من جنابة ولكن من غائط أو بول أو نوم للمسافر وللمقيم يوم وليلة (1) أخرجه الترمذي بتمامه عن محمد بن يحيى بن ابي عمر وقال حسن صحيح والنسائي قصة المسح فقط عن قتيبة
__________
(1) قد سبق لنا القول فيما يرتئيه ابن تيمية في ذلك عند ترجمة المنصفي.
(*)(1/205)
وكذا ابن ماجه عن ابي بكر بن ابي شيبة ثلاثتهم عن سفيان به فوقع لنا بدلا لهم عاليا ولله الحمد.
* (البلقيني) * (1) عمر بن رسلان بن نصير بن صالح - وهو أول من سكن بلقين من أجداده - ابن احمد بن احمد بن محمد بن شهاب بن عبد الحق أو الخالق بن محمد بن مساقر الكناني العسقلاني الشافعي امام الائمة وعلم الامة حاز كل الفخر وهو اعجوبة الدهر خاتمة المجتهدين ومن دان لفظه كل عالم من أئمة الدين شيخ الوقت وحجته وامامه ونادرته فقيه الزمان بالاتفاق وشيخ الاسلام على الاطلاق اعلم اهل عصره بجميع العلوم وأدراهم بالمنطوق والمفهوم مفتي الانام وملك العلماء الاعلام عون الاسلام والمسلمين وحجة الله تعالى على خلقه أجمعين أبو حفص سراج الدين مولده في ليلة الجمعة الثاني عشر من شعبان سنة اربع وعشرين وسبعمائة بغربي أرض مصر ببلقينة فنشأ بها وحفظ القرآن العظيم وله من العمر سبع سنين وحفظ في الفقه المحرر وفي الاصول مختصر ابن الحاجب وفي القراآت الشاطبية وفي النحو الكافية لابن مالك، وقدم مصر في سنة سبع وثلاثين مع والده وله اثنتا عشرة سنة فعرض بها محفوظاته على علماء الوقت فبهرهم بذكائه وسرعة ادراكه وعاد إلى بلده فلما كان في
__________
(1) بضم الموحدة وسكون اللام وكسر القاف كما ذكره السخاوي وغيره (*)(1/206)
سنة ثمان وثلاثين رجع مع ابيه إلى القاهرة وقد ناهز الاحتلام فاستوطنها وسكن الكاملية مدة وكان في أول قدومه طلب من ناظرها بيتا فاعتل عليه ولم يعطه شيئا فقرئت قصيدة في مدح الناظر وهو حاضر فلما انتهت قراءتها اعاد عليه السؤال في البيت مما انعم له به فقال له قد حفظت هذه القصيدة من المنشد في مرة وأطلب بيتا فلا أجاب إليه ! فقال الناظر له: ان كنت حفظتها أعطيتك البيت فسردها في الحال فبادر له ببيت في الدور الثاني فوق باب الميضأة وأقام به مدة ثم انتقل إلى بيته المعروف به بقرب الصهريج الذي بها وولي بها عند القاضي عز الدين بن جماعة نقابة الحديث وواظب على حضور الدرس بالقاهرة واكب على الاشتغال في فنون العلم والفقه والاصول والفرائض والنحو حتى فاق رفقاءه ثم أقبل على الحديث وحفظ متونه ورجاله.
فحاز من ذلك علما جما حتى أربى على أقرانه وصار احفظ أهل زمانه لمذهب الشافعي رضي الله عنه فاشتهر بذلك، وطبقة شيوخه متوفرون ولم تر العيون أحفظ منه خصوصا لاحاديث الاحكام والفقه، وطلب الحديث فسمع منه الكثير غالبه بغير اعتناء من ذلك على احمد بن محمد بن عمر الحلبي آخر اصحاب الكمال الضرير وأبي الحسن بن السديد ومحمد بن عالي واحمد بن كشتغدي والخطيب ابي الفتح الميدومي والعلامة شمس الدين محمد بن القماح وابي اسحق بن القطبي والاستاذ ابي حيان واسماعيل بن ابراهيم التفليسي وابن شاهد الجيش وشمس الدين بن عدلان ونجم الدين الاسواني وزين الدين الك ؟ اني وأبي الحرم القلانسي(1/207)
وشمس الدين الاصبهاني و عبد الرحمن بن يوسف المزي وأبي نعيم احمد بن عبيد الاسعردي وغازي وعيسى ابن الملك المغيث عمر بن العادل ابي بكر بن محمد بن ابي بكر بن ايوب واحمد بن عبد المؤمن الدمياطي و عبد العزيز بن عبد القادر بن أبي الدر الربعي وغيرهم، وأجاز له من دمشق عدة منهم الحافظان المزي والذهبي ومحمد بن محمد بن الحسن ابن سلمة وأبو العباس احمد بن علي الجزري ومحمد بن اسماعيل بن ابراهيم ومحمد بن بصخان (1) وكان كثير البحث في وقت السماع بحيث انه لم يخل وصفه في غالب الطباق بأنه كان كثير الحديث في السماع وصار هذا له ديدنه حتى ان مجالس تسميعه لا تخلو من ذلك، وتفقه وبرع وتفنن في علوم، حضر دروس شيخ الاسلام تقي الدين السبكي في الفقه وبحث معه فيه وأخذ عن شيوخ عصره كالشيخ شمس الدين بن عدلان ونجم الدين بن الاسواني والامام العلامة بهاء الدين ابن عقيل وانتفع به كثيرا وتزوج بابنته وناب عنه في القضاء واختص
__________
(1) وهو المقرئ المشهور الذي جرى بينه وبين الذهبي ما هو معروف حيث ترجمه الذهبي بما لا يتفق ومقداره في العلم فلما اطلع ابن بصخان على ذلك كتب على هامش الكتاب وعلى خلال اسطر الذهبي ما رد به عليه واصبح خط الذهبي بصورة لا يقرأ معها، فلما رآه الذهبي انزعج من ذلك وضرب على الترجمة بجملتها وكتب في آخر ترجمته في معجمه: محوته من ديوان القراء.
فكأن الذهبي بيده المحو والاثبات وعنده أم الكتاب.
وبصخان بالموحدة والصاد المهملة والخاء المعجمة كما في الدرر الكامنة لابن حجر.
(*)(1/208)
به، وقرأ في الاصول والمعقولات على الشيخ شمس الدين الاصبهاني وأذن له بالافتاء هو وجماعة غيره وأخذ النحو والتصريف والادب عن الاستاذ ابي حيان، وحج في سنة اربعين وزار المسجد الاقصى ثم حج في سنة تسع وأربعين وتصدر للاقراء فقرأ عليه خلائق وانتفعوا به حتى ان اكثر الفضلاء بالديار المصرية الآن من الفقهاء الشافعية تلامذته وتلامذة تلامذته، وكان اول ما ولي من المناصب افتاء دار العدل رفيقا للامام بهاء الدين السبكي في شهر ربيع الثاني سنة خمس وستين ولما أنشئت الحجازية والبديرية درس بهما وكذا البدرية الخروبية جعله صاحبها متصدرا بها فاستمر في جميع ذلك وولي تدريس الخشابية المشهورة بزاوية الامام الشافعي رضى الله عنه بجامع عمرو بن العاص رضى الله عنه من مصر نحوا من ثلاثين سنة مع المنازعة فيها فاستمرت معه، وتولى قضاء دمشق عوضا عن التاج السبكي فقدمها على البريد بكرة نهار الاحد ثامن عشرى شهر رجب سنة تسع وستين فصلى بالناس الظهر بجامع بني أمية وتوجه منها إلى العادلية ومعه الناس فلما كان صبح يوم الاثنين لبس الخلعة ومضى إلى جامع بني امية فقرئ تقليده بالمقصورة ورجع إلى العادلية فقضى فيها بين الناس وفي أول يوم من شعبان درس وفي ثالثه يوم الجمعة خطب بجامع بني امية وصلى اماما الجمعة وفي سادسه يوم الاثنين حضر دار الحديث الاشرفية فتكلم في عدة فنون بعبارة فصيحة بليغة كلاما مفيدا محررا كثيرا بصوت عال عجيب واسلوب غريب بحيث انه ابهر من معه من فضلاء المصريين(1/209)
والشاميين مما سمعوا منه ومن وجودة ايراده واصداره مع تودد وتأدب حسن فلم ينازعه واحد منهم في منطوق ولا مفهوم وأقروا له بالتقدم في العلوم، ودمشق إذ ذاك غاصة بالائمة الفضلاء، واستمر على قضائها إلى ان طلب إلى الديار المصرية فتوجه إليها في عامه يوم الاثنين التاسع من ذي القعدة ومعه جمع ممن شنع على التاج السبكي ليحاققوه عند السلطان ثم كر راجعا إلى دمشق فقدمها في اول يوم من صفر سنة سبعين، وقدم التاج السبكي وقد تولى خطابة الجامع وعدة تداريس فأنف البلقيني من ذلك وتوجه في عاشر الشهر على البريد إلى القاهرة فصرف عن قضاء دمشق في سابع عشر ربيع الثاني بالتاج السبكي وتولى بجامع ابن طولون تدريس المالكية والتفسير وكذا المدرسة الظاهرية البرقوقية لما فتحت وغير ذلك فلما كان في شعبان سنة ثلاث وسبعين تولى قضاء العساكر بحكم وفاة البهاء السبكي ثم تركه لولده بدر الدين محمد في شعبان سنة تسع وسبعين وذلك ان الامير طشتمر الدوادار عينه لولاية القضاء بالديار المصرية بعد قتل الملك الاشرف شعبان ولم يبق الا ان يلبس فبذل بدر الدين بن ابي البقاء مالا وتولى فانف البلقيني من الجلوس تحته لحداثة سنه واقبل على الافتاء والتدريس وعمل الميعاد فعظم عند الخاصة والعامة بذلك قدره وبعد صيته وانتشر في الافاق ذكره بحيث ان السلطان لم يكن يعقد مجلسا الا به ويقتدي برأيه واشارته ودارت عليه الفتوى بحيث انها كانت تأتيه من اقطار الارض البعيدة وكان موفقا فيها يجلس للكتابة عليها من بعد صلاة(1/210)
العصر إلى الغروب من رأس القلم (1) غالبا إلى ان صار يضرب به المثل في العلم ولا تركن النفس الا إلى فتواه وكان لا يأنف من تأخير الفتوى عنده إذا اشكل عليه منها شئ إلى ان يحقق امرها من مراجعة الكتب لئلا يلام في الفتوى بأن قيل يغير رأيه عما يفتى به (2) وما ذاك الا لسعة علمه، رحل إليه الطلبة من الافاق الشاسعة للقراءة عليه فانتفعوا به وتخرج به خلائق لا يحصون وخضع له الائمة من المفسرين والمحدثين والفقهاء والاصوليين والنحويين وتلمذوا له لما بدا لهم من كثرة محفوظه
لا سيما لنصوص الشافعي رضى الله عنه والمعرفة التامة بهذه العلوم مع
__________
(1) يعني من حفظه بلا احتياج إلى مراجعة كتاب.
(2) لان الفقيه عليه التروي وبذل الجهد في فتاويه ليصيب الحق في المسائل وان كان لا يلام برجوعه عن فتواه إذا تغير رأيه لادلة جديدة لاحت له بل الرجوع هو الواجب عليه حينئذ، وقد قال الامام الحافظ القدوة أبو عبد الرحمن عبد الله ابن داود الهمداني الخرنبي المتوفى سنة 213: (انما يرجع الفقيه إذا اتسع علمه) حين قيل له: رجع أبو حنيفة عن مسائل كثيرة.
على ما رواه الذهبي في ترجمته من طبقاته.
وجهل عظيم تسافه بعض الرواة عليه في مسألة رجع عنها كما يحكيه ابن قتيبة في اوائل كتابه (تأويل مختلف الحديث).
وهذا مالك قد رجع عن نحو سبعين من نصوص الموطأ، ولابن حزم تأليف خاص في ذلك، واختلاف الروايات عن الشافعي بين رواة القديم والجديد اشهر من نار على علم، بل عن أحمد عدة روايات في مسألة واحدة من غالب مسائل ابواب الفقه كما يظهر من كتاب (الرعاية) للنجم الحراني في المذهب الحنبلي.
(*)(1/211)
الذهن السليم والذكاء الذي على كبر السن لا يريم ولو لا ان نوع الانسان مجبول على النسيان لكان معدوما فيه فلم يكن في الحفظ وقلة النسيان من يماثله بل ولا من يدانيه بحيث انه لم يمت حتى كان قصارى الماهر في العلم ان ينسب نفسه إليه ويتبجح بالقراءة عليه وكان عظيم القراء وعين اهل الاسلام وعالمهم وامامهم ومعلمهم ويعولون عليه في كل المهمات الدينية ولا يستغنون عنه في الامور الدنيوية يفزع إليه في حل المشكلات فيحلها ويقصد لكشف المعضلات فيكشفها ولا يمهلها، كان الشيخ بهاء الدين بن عقيل يقول احق الناس بالفتيا في زمانه وقد كتب له الاستاذ أبو حيان وله من العمر دون العشرين: قرأ علي الشيخ الفقيه العالم المفنن سراج الدين عمر البلقيني جمع الكافية في النحو قراءة بحث وتفهم وتنبيه على ما اغفله الناظم فكان يبادر إلى حل ما قرأه علي من مشكل وغيره فصار بذلك اماما ينتفع به في هذا الفن العربي مع ما منحه الله تعالى من علمه بالشريعة المحمدية بحيث نال في الفقه واصوله الرتبة العليا وتأهل للتدريس والقضاء والفتيا على مذهب ابن ادريس رضي الله عنه، وقال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: كان فيه من قوة الحافظة وشدة الذكاء ما لم يشاهد في مثله، اخبرني في رحلتي الاولى إلى القاهرة بمدرسته انه لما قدم شرف الدين ابن قاضي الجبل الحنبلي نزل في قصر بشتك فدعاه شخص إلى الجيزة وحضرت معه في جماعة من علماء(1/212)
القاهرة منهم بدر الدين الزركشي، وابن العنبري والطنبذي (1) فلما صلينا العشاء قال لي شرف الدين بن قاضي الجبل يا سراج الدين أينا أحفظ أنا أم أنت فقلت له سبحان الله انتم كذا وكذا - أتواضع له - فقال استحضر أنا وأنت فقلت له ان انا استحضرت شيئا يعني حديثا تذكر له طرقه وكذا بالعكس لكن اذكر انت على حدة وأنا كذلك فقال ابن قاضي الجبل اذكر أنت فأخذت أذكر احاديث معللة من اول ابواب الفقه ولازلت اذكر إلى ان طلع الفجر وقد وصلت إلى كتاب النكاح فقام ابن قاضي الجبل وقبل بين عيني وقال يا سراج الدين ما رأيت بعد الشيخ - يعني شيخ الاسلام تقي الدين بن تيمية - أحفظ منك (2) وقال شيخنا الحافظ برهان الدين الحلبي ايضا: ذكر لي يوما انه كان يحفظ صفحة من المحرر في الفقه للرافعي وهو كتابه من وقت ابتداء فلان الاعمى لشخص سماه بصلاة العصر إلى فراغه منها قال وكانت صلاة خفيفة لم يكن يطول فيها، وقال ايضا لما كنا نسمع عليه بالقاهرة سنن الدارقطني أو سنن ابن ماجه - الشك مني - سألني شخص بحضوره عن حديث مر في القراءة أهذا صحيح أم لا فقلت للقارئ اذكر السند فذكره فإذا فيه عطية العوفي فقلت له اتفقوا على تضعيف هذا
__________
(1) بضم الطاء والموحدة بينهما نون ساكنة آخره معجمة نسبة إلى طنبذا قرية بمصر.
شذرات الذهب.
(2) وكان ابن قاضي الجبل ممن يتذرع بكل وسيلة إلى اطراء شيخه.
(*)(1/213)
فقال الشيخ ليس كذلك فذكرت أنا قول الذهبي فيه فقال الشيخ قد حسن له الترمذي حديثا فقلت له اين فقال بعد (1) في حديث يا علي لا يحل لاحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ثم قام من المجلس فجاء بمختصر المنذري لسنن ابي داود فكشف منه شيئا ثم قال انا احفظ هذا الكتاب ثم قال هو دبوس شافي، وحكى ولده قاضي القضاة جلال الدين ان والده كان يلقي الحاوي دروسا في أيام يسيرة من أعجبها أنه ألقاه في ثمانية أيام، وذكر بعض فضلاء الشام عنه انه قال إذا كان اخذ يدرس بالقاهرة ابقى ثلاث ليال وأربع ليال ما انام اطالع على المكان الذي يدرس فيه انتهى وكان رحمه الله تعالى واسع العلم بحرا لا يجاري ولا تكدره الدلاء وحافظا لا يكاد يفوته من علوم البشر الا ما لا خير فيه، دينا خيرا وقورا حليما مهابا سريع البادرة قريب الرجوع كثير التلطف سريع البكاء في الميعاد مع الخشوع لا يفتر عن الاشتغال والاشغال وكان يسرد مناسبة ابواب الفقه في قريب الكراس ويطرز ذلك بشواهد وفوائد بحيث ان سامعه يقضي انه مستحضر فروع المذهب جميعا، اجتهد في آخر عمره واختار مسائل فانفرد بعلوم شتى ودارت عليه الفتوى وكانت العلماء في جميع الاقطار يعترفون له بالعلم والحفظ مع كثرة الاستحضار وانه طبقة وحده يفوق جميع العلماء الكائنين في زمانه بل ان بعضهم يفضله على بعض من تقدمه من الشافعية
__________
(1) هكذا بياض في الاصل.
(*)(1/214)
وقد وصفه بالتفرد قديما محمد بن عبد الرحمن العثماني قاضي صفد في طبقاته فقال: هو شيخ الوقت وامامه وحجته انتهت إليه مشيخة الفقه في وقته وعلمه كالبحر الزاخر ولسانه احجم الاوائل والاواخر.
وقد مات العثماني قبله بمدة اعوام، ومع سعة علمه لم يرزق ملكة في التأليف (1) قال شيخنا الحافظ برهان الدين الحلبي: اجتمعت به في رحلتي الاولى إلى القاهرة في سنة ثمانين فرأيته اماما لا يجارى اكثر الناس استحضارا لكل ما يلقي من العلوم وقد حضرت عنده عدة دروس مع جماعة من أرباب المذاهب الاربعة فيتكلم على الحديث الواحد من بعد طلوع الشمس وربما أذن الظهر في الغالب وهو لم يفرغ من الكلام عليه ويفيد
__________
(1) قال ابن حجر في المجمع المؤسس: والذي وجدناه له ترتيب كتاب الام وليس فيه كبير أمر ولا تعب عليه لانه لم يرد الفروع التي يذكرها الشافعي استطرادا في غير مظانها إلى مظانها بل اقتصر على ترتيب الابواب وكتب الام المفرقة فردها إلى الترتيب المعهود وتكلم على بعض الاحاديث من المعرفة للبيهقي، وهذا كله لا يتعب فيه آحاد الطلبة لو عمله فضلا عنه و (محاسن الاصلاح وتضمين علوم الحديث لابن الصلاح) اختصر كتاب ابن صلاح وزاد فيه أشياء من اصلاح
ابن الصلاح لمغلطاي فنبه على بعض اوهام مغلطاي وقلده في بعضها وزاد فيه بعض مباحث اصولية وليس هو على قدر رتبته في العلم لكثرة الاوهام التي كتبها من كتاب مغلطاي ان كان كتبها منه فان لم يكن كتبها منه وتوارد معه فقد لصق به الوهم على الحالين ورتبته تجل عن ذلك اه.
وقال قبل ذلك: وكان مع سعة علمه لم يرزق حسن ملكة في التصنيف.
(*)(1/215)
فوائد جليلة لارباب كل مذهب خصوصا المالكية وكان بعض فضلائهم يقرأ عليه في مختصر مسلم للقرطبي وممن كان يحضر عنده الامام نور الدين ابن الجلال وكان أفقه اهل القاهرة يومئذ في مذهب مالك وكان يستفيد منه وكذا جمع سواه من أرباب المذاهب الاربعة واستفدت منه فوائد جمة في التفسير والحديث والفقه والاصول وعلقت من فوائده اشياء وهو أجل من أخذت عنه العلم وسمعت عليه الحديث وكان بي حفيا انتهى حدث بالكثير من مروياته، والذي وجد من مؤلفاته: قطعة على البخاري بلغ فيها إلى اثناء كتاب الايمان (1) اطال النفس فيه جدا جاء في مجلد فلو قدر اكماله لبلغ مائتي مجلد لكنه لا يسلم من تكرير وشرحان على الترمذي أحدهما صناعة والآخر فقه و (ترتيب كتاب الام) وليس فيه كبير أمر لم يتعب عليه و (محاسن الاصلاح وتضمين علوم الحديث لابن الصلاح) وليس هو على قدر رتبته في العلم و (الفوائد المحضة على الرافعي والروضة) كتب منه كثيرا ولم يوجد منه متواليا غير مجلدين وتصحيح على الربع الاخير من المنهاج في خمس مجلدات توسع فيه جدا وأطال النفس وكان من حقه ان يكون شرحا فلما فرغ منه شرع في الربع الثالث وكتب عليه مجلدا واحدا
__________
(1) ومن ظن أن له شرحا تاما على البخاري فقد وهم، قال السخاوي ولم يكمل من مصنفاته الا القليل لانه كان يشرع في الشئ فلسعة علمه يطول عليه الامر حتى انه كتب من شرح البخاري على النحو عشرين حديثا مجلدين اه.
(*)(1/216)
واختصر اللباب للمحاملي بلغ فيه إلى النفقات وزاد عليه استدراك ضوابط وتصحيح مسائل فجاء الربع الثاني منه قدر الاول مرتين ولو كمل الثالث لكان قدر الاولين، وله تصانيف عدة لطاف نحو من عشرين منها (فتح الله تعالى بما لديه في بيان المدعي والمدعى عليه) و (الفتح الموهب في الحكم بالصحة والموجب) و (اظهار المستند في تعدد الجمعة في البلد) و (طي العبير لنشر الضمير) و (الجواب الوجيه في تزويج الوصي السفيه) و (التدريب) وله حواش على الروضة جمعها شيخنا الحافظ ولي الدين العراقي في مجلدين و (الاجوبة المرضية على المسائل المكية) سأله عنها شيخنا الحافظ أبو حامد بن ظهيرة، وكان رحمه الله تعالى يتعانى نظم الشعر ولم يكن بذلك الناهض لقلة وزنه وركاكته وكان ينشده في مواعيده وكان من اللائق به الاعراض عنه صيانة لمجلسه منه وان ينسب إليه، وله همة عالية في مساعدة أتباعه وأصحابه وسعد بسعادته جماعة من أقاربه، وأنجب أولاده البدر ثم الجلال ثم العلم وانتشزت ذريته ومات رحمة الله عليه قبل صلاة العصر بنحو ثلثي ساعة من نهار الجمعة العاشر من ذي القعدة الحرام سنة خمس وثمانمائة بالقاهرة ولم يخلف بعده مثله.
وفيها مات بمكة الشيخ شهاب الدين احمد بن محمد بن عثمان الخليلي المقدسي المقري في صفر، وبدمشق التقي احمد بن محمد بن عيسى بن(1/217)
حسن الياسوفي الدمشقي المعروف بالثوم (1) وبالقاهرة القاضي تاج الدين أبو البقاء بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز الدميري المالكي في جمادى الآخرة، وببلد الخليل قاضيه سعد الدين سعد بن اسماعيل بن يوسف النووي الشافعي الدمشقي في جمادى الاولى، وبدمشق الشيخ سلمان ابن عبد الحميد بن محمد بن مبارك البغدادي الدمشقي الحنبلي، وبمكة السيد الشريف وجيه الدين عبد الرحمن بن ابي الخير محمد بن ابي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسني الفاسي المالكي في ذي القعدة، وبدمشق التقي عبد الله بن خليل بن الحسن بن طاهر الحرستاني الصالحي المؤذن، وبمكة الشيخ تاج الدين عبد الوهاب ابن الشيخ عبد الله بن اسعد بن علي اليافعي في يوم الاحد رابع شهر رجب ومولده في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، وبدمشق المسندة أم عمر كلثوم ابنة الحافظ تقي الدين محمد بن رافع بن ابي محمد السلامي المصري الدمشقي، وقاضي الحنابلة بها شمس الدين محمد بن محمد بن محمود الصالحي الحنبلي، وبمكة الشيخ غياث الدين محمد بن اسحق بن احمد الابرقوهي الشيرازي في يوم الاثنين تاسع عشري جمادى الاولى ومولده في خمس وعشرين وسبعمائة، وبدمشق قاضيها علم الدين محمد ابن القاضي شمس الدين محمد عرف بابن القصبي الدمشقي المالكي في المحرم، وبالاسكندرية الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الاسكندري المالكي، وبالقاهرة الاديب
__________
(1) بضم المثلثة كما في شذرات الذهب.
(*)(1/218)
نور الدين محمود بن محمد بن ابراهيم الدمشقي عرف بابن هلال الدولة، وبمصر رحلتها ومسندتها أم عيسى مريم ابنة الامام شهاب الدين احمد ابن قاضي القضاة شمس الدين محمد بن ابراهيم الاذرعي الحنفي في جمادى الاولى ولها خمس وثمانون سنة تقريبا، وبالقاهرة الشيخ نور الدين أبو بكر الحنفي عرف بالتاجر.
أخبرنا فقيه الحجاز وحافظه الحاكم أبو احمد بن ابي عمر القرشي قال اخبرنا عمر بن رسلان الشافعي شيخ الاسلام بقراءتي عليه بالقاهرة قال اخبرنا أبو إسحق ابراهيم بن علي بن سنان قراءة عليه وأنا اسمع ح وقرأت عليا بدرجة على الامام ابي اليمن محمد بن احمد الطبري قلت له أنبأك عدة منهم أبو الطاهر اسمعيل بن ابراهيم بن ابي بكر التفليسي قالوا وابن سنان أخبرنا أبو العباس احمد بن علي بن يوسف الدمشقي سماعا عليه قال أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيرى قال اخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القرشي المديني قال اخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن الطفال (1) قال اخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن زكريا قال حدثنا أبو عبد الرحمن احمد بن شعيب بن علي الحافظ قال اخبرنا محمد بن منصور قال حدثنا سفيان هو ابن عيينة قال حدثنا الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي
__________
(1) بفتح الطاء المهملة وتشديد الفاء نسبة إلى بيع الطفال نيسابوري الاصل سكن مصر شيخ ثقة مكثر صدوق مقري ذكره ابن السمعاني في الانساب.
(*)(1/219)
صلى الله عليه وسلم قال (إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الاول فالاول فإذا فرغ الامام طويت الصحف واستمعوا الخطبة فالمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة والذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشا) ثم ذكر الدجاجة والبيضة كذا في هذه الرواية (فإذا فرغ الامام)، الصواب ما ورد في غيرها وهو (فإذا جلس الامام) وفي بعضها (فإذا خرج الامام) يعني من بيته إلى المسجد أو الجامع، والحديث صحيح اخرجه مسلم عن عمرو الناقد ويحيى بن يحيى وابن ماجه عن سهل بن أبي سهل وهشام بن عمار أربعتهم عن سفيان بن عيينة بن فوقع لنا بدلا لهما عاليا ولله الحمد والمنة.
* (العراقي) * عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن ابراهيم الكردي الرازياني ثم المصري الشافعي الامام الاوحد العلامة الحجة الحبر الناقد عمدة الانام حافظ الاسلام فريد دهره ووحيد عصره من فاق بالحفظ والاتقان في زمانه وشهد له بالتفرد في فنه أئمة عصره واوانه زين الدين أبو الفضل قدم أبوه من بلده رازيان من عمل اربل إلى القاهرة صغيرا فنشأ بها وخدم عدة من الفقراء منهم الشيخ تقي الدين القنائي وكان مختصا بخدمته فشاهد منه كرامات جمة ومكاشفات عدة منها انه لما تأهل وحملت زوجته ربما كانت تشتهي الشئ فتستحي من(1/220)
ذكره له فكان الشيخ تقي الدين يأمره به فيأتي به إليه فيتناول منه القليل ثم يرسل به إليها فلما جاءها المخاض واشتد بها الطلق جاءه يسأله الدعاء واقامة خاطره معها فقال لا بأس عليها تلد عبد الرحيم أو ولدت عبد الرحيم فكر إليها راجعا فوجدتها قد تخلصت ووضعته وكان ذلك في اليوم الحادي والعشرين من جمادى الاولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بين مصر والقاهرة بمنشأة المهراني على شاطئ النيل المبارك وكان يحضر إلى الشيخ تقي الدين فيلاطفه ويبره ويكرمه فتوفي والده وهو في الثالثة من عمره وكان كثير الكون بعد ذلك عند الشيخ وكان يتوقع أن يكون حضر عليه شيئا تبعا لبعض أهل الحديث فانهم كانوا يترددون إليه للسماع عليه لانه كان سمع على أصحاب السلفي لكنه لم يقف على شئ من ذلك وقصارى ما حضره قديما على قاضي القضاة تقي الدين الاخنائي (1) المالكي والامير سنجر الجاولي وغيرهما في صغره قبل طلبه بنفسه سماعات نازلة وحفظ القرآن العظيم وله من العمر ثماني سنين وأقدم ما وجد له من السماع في سنة سبع وثلاثين وحفظ التنبيه واشتغل في العلوم وكان اول اشتغاله في القراآت والعربية فأول من اخذ عنه ذلك جماعة منهم الشيخ ناصر الدين محمد ابن سمعون والشيخ برهان الدين ابراهيم بن لاجين الرشيدي والشهاب احمد بن يوسف السمين والسراج عمر بن محمد الدمنهوري وكان متشوقا
__________
(1) بكسر نسبة لاخنا مقصورة بلدة بقرب اسكندرية من الغربية.
(*)(1/221)
للاخذ عن الاستاذ أبي حيان والاجتماع به فبلغه عنه سوء خلق وحط على الفقراء فغير عزمه عن ذلك غيرة للفقراء لصحبته اياهم وخدمته لهم فحصل له بذلك العناية التامة وانهمك في علم القراآت حتى نهاه عن ذلك قاضي القضاة عز الدين بن جماعة فقال له: انه علم كثير التعب قليل الجدوى وانت متوقد الذهن فينبغي صرف الهمة إلى غيره وأشار عليه بالاشتغال في علم الحديث فأقبل حينئذ عليه وطلب بنفسه وذلك في سنة اثنتين وأربعين، وكان أول من قرأ عليه الشهاب احمد بن البابا ثم أخذ علم الحديث عن علاء الشيخ الدين بن التركماني الحنفي وبه تخرج وانتفع فسمع عليه وعلى ابن شاهد الجيش صحيح البخاري وعلى ابن عبد الهادي صحيح مسلم وعلى أبي الفتح الميدومي جملة وهو أعلى من أخذ عنه مع انه كان يمكنه ان يسمع من عدة من اصحاب النجيب ممن هو اكثر سماعا من الميدومي وأخذ عن جماعة من مشايخ مصر والقاهرة كمحمد بن علي القطرواني ومحمد بن اسماعيل ابن الملوك وابن الاكرم محمد بن عبد الله بن أبي البركات النعماني وابني الرفعة وعلي بن احمد بن عبد المحسن ومحمد بن ابي القاسم الفارقي ومظفر العطار وأحمد بن محمد الرصدي والقاضي فخر الدين بن مسكين وأبي الحرم القلانسي وأبى الحسن العرضي (1) ومحمد بن احمد بن أبي الربيع الدلاصي (2) وابو القاسم
__________
(1) نسبة إلى عرض بضم العين المهملة وسكون الراء قرية من قرى بالس.
الضوء اللامع (2) نسبة إلى دلاص بالفتح بلدة بمصر.
معجم البلدان (*)(1/222)
اخو الحافظ ابي الفتح اليعمري وجمع من أصحاب الفخر بن البخاري ونحوهم، ورحل فسمع بعدة بلاد من ذلك بدمشق عن عدة من لقي بها احمد بن عبد الرحمن المرداوي ومحمد بن اسماعيل الحموي وابن الخباز محمد ابن اسماعيل قرأ عليه صحيح مسلم في ستة مجالس متوالية قرأ في آخر مجلس منها اكثر من ثلث الكتاب وذلك بحضور الحافظ زين الدين بن رجب وهو معارض بنسخته ومحمد بن موسى الشقراوي (1) وابن قيم الضيائية عبد الله بن محمد بن ابراهيم المقدسي وابي بكر بن عبد العزيز ابن احمد بن رمضان ومحمد بن محمد بن عبد الغني الحراني ويحيى بن عبد الله ابن مروان الفارقي وحديثه عزيز وشيخ الاسلام تقي الدين السبكي وأخذ عنه علم الحديث فذكره في درسه معظما له على شأنه ونوه بذكره ووصفه بالمعرفة والاتقان والفهم فقال له الحافظ عماد الدين بن كثير انا استبعد منه تخريج حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الوضوء بالشمس (2) ومن تعظيمه له انه لما قدم القاهرة في سنة ست وخمسين
__________
(1) نسبة إلى شقراء من ضياع زرع ذكره ابن رجب على ما في ذيل اللب.
(2) روى البيهقي في سننه من حديث خالد بن اسمعيل عن هشام عن أبيه عن عائشة (سخنت ماء في الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا حميراء لا تفعلي فانه يورث البرص) قال ابن عدي خالد يضع الحديث على الثقات، قال الذهبي تابع خالدا أبوالبختري وهب بن وهب وهو غير مؤتمن، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفا (لا تغتسلوا بالماء المشمس فانه يورث البرص) اخرجه الشافعي في الام من طريق ابراهيم بن يحيى عن صدقة بن عبد الله وابراهيم ضعفه الجم (*)(1/223)
أراد اهل الحديث السماع عليه فامتنع من ذلك وقال لا اسمع الا بحضوره وكان غائبا في الاسكندرية فمات قبل أن يصل ولم يحدثهم وفي هذه الرحلة كتب عنه الحافظ عماد الدين بن كثير، وبحلب على الامام جمال الدين ابراهيم بن الشهاب محمود وسليمان بن ابراهيم بن المطوع و عبد الله بن محمد بن المهندس وعدة وبحماة جماعة منهم قاضيها عبد الرحيم ابن ابراهيم بن البارزي (1) و عبد الله بن داود بن سليمان السلمي وبحمص من عمر بن احمد بن عمر النقبي (؟) وغيره وبطرابلس من جمع منهم عثمان الاعزازي (2) والعلامة صدر الدين محمد بن ابي بكر بن عباس الخابوري وبصفد من عمر بن حمزة بن يونس وست الفقهاء ابنة
__________
الغفير ووثقه الشافعي وصدقة ضعيف قال السيوطي واخرجه الدارقطني من طريق اخرى عن عمر حسنها المنذري وغيره وفي تخريج الشرح الكبير لابن حجر: ولحديث عمر الموقوف هذا طريق اخرى رواه الدارقطني من حديث اسمعيل بن عياش وساقه ثم قال واسمعيل صدوق فيما يروي عن الشاميين ومع ذلك لم ينفرد به بل تابعه عليه أبو المغيرة عن صفوان اخرجه ابن حبان في الثقات في ترجمة حسان اه.
وورد من حديث ابن عباس اخرجه قاضي المارستان في مشيخته بسند منقطع واه، وحديث الماء المشمس مما ينفيه ابن تيمية نفيا باتا ويمشي وراءه ابن كثير وفي (التعقب الحثيث لما ينفيه ابن تيمية من الحديث) ترى مفصل ما أجملناه هنا.
(1) قال السخاوي: يقال انها نسبة لباب ابرز ببغداد وخفف لكثرة دوره اه.
(2) بالمعجمتين من اعمال حلب معروف.
(*)(1/224)
احمد بن محمد العباسي وغيرهما وببعلبك من خلق منهم احمد بن عبد الكريم بن ابي بكر وعبد القادر بن علي بن السبع واحمد بن علي ابن الحسن بن عمرون وبنابلس من ابراهيم بن عبد الله بن احمد الزيباوي ومحمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة وغيرهما وببيت المقدس من جماعة منهم طاهر بن احمد وقاسم بن سليمان الاذرعي وابراهيم الزيباوي ايضا والحافظ صلاح الدين العلائى فانتفع به ولازمه وأخذ عنه علم الحديث فنوه بذكره وعظم شأنه ووصفه بالفهم والمعرفة والاتقان والحفظ وبالخليل من القيمري خليل بن عيسى المقري وغيره وبغزة من جماعة منهم محمد وسليمان ابنا سالم بن عبد الناصر وبالاسكندرية من محمد بن محمد بن أبي الليث وابن البوري (1) محمد بن احمد بن عبد الله وعدة وبمكة المشرفة من الامام خليل المالكي والفقيه احمد بن قاسم بن عبد الرحمن الحرازي والشهاب الحنفي احمد بن علي بن يوسف وغيرهم وبالمدينة الشريفة من العفيف المطري عبد الله بن محمد بن احمد وجماعة وهم بالرحلة إلى تونس لسماع الموطأ رواية يحيى بن يحيى على روايته بعلو خطيب الزيتونة بها فلم يتفق له ذلك، وقد خرج لنفسه أربعين بلدانية لم تكمل بلغ بها ستة وثلاثين بلدا قرأ عليه العشرة الاول منها شيخنا الحافظ أبو حامد بن ظهيرة في سنة اربع وسبعمائة (2) ومن وقت ان ارتحل إلى الشام في سنة اربع وخمسين مكث مدة لا تخلو له سنة في الغالب
__________
(1) نسبة إلى بورة بالضم قرية من عمل دمياط.
(2) هكذا في الاصل فليحرر.
(*)(1/225)
من الرحلة في الحج أو طلب الحديث ففي سنة خمس وخمسين جاور مكة في الرجبية وحج واجتمع بالعلائي ايضا ولازمه وفي سنة ست وخمسين ارتحل إلى الاسكندرية وفي سنة ثمان وخمسين ارتحل إلى دمشق ثم رحل إليها ثالثا في سنة تسع وخمسين وفي هذه النوبة جال في طلب الحديث غالب البلاد التي بها الرواية حتى وصل إلى حلب وهم بالارتحال منها إلى بغداد فعاقه عن ذلك خوف الطريق مع قلة الرواة هنالك وفي سنة خمس وستين رحل بأولاده إلى الشام فأسمعهم بها وفي مدة اقامته في وطنه لم يكن له هو سوى السماع والتصنيف والافادة فتوغل في ذلك حتى ان غالب اوقاته أو جميعها لا يصرفها في غير الاشتغال في العلوم وكان رحمه الله تعالى اماما مفننا حافظا ناقدا متقنا قرأ بالروايات السبع وبرع بالحديث متنا واسنادا وشارك في الفضائل وصار المشار إليه في الديار المصرية بالحفظ والاتقان والمعرفة تفقه بعدة منهم الشيخ عماد الدين محمد بن اسحق البلبيسي والامام جمال الدين عبد الرحيم بن الحسين الاسنوي وعنه أخذ علم الاصول وعن الشيخ شمس الدين محمد بن احمد بن عبد المؤمن بن اللبان وكان الاسنوي يستحسن كلامه في ذلك ويصغي إلى مباحثه فيه ويقول ان ذهنه صحيح لا يقبل الخطأ وكان يثني على فهمه ويمدحه بذلك وذكره في ترجمة الحافظ ابي الفتح ابن سيد الناس فقال: وشرح قطعة من الترمذي يعني ابن سيد الناس في نحو مجلدين وقد شرع في اكماله حافظ الوقت زين الدين العراقي اكمالا مناسبا لاصله انتهى وحضر دروس الشيخ شمس الدين محمد بن عدلان(1/226)
شيخ الشافعية في زمانه وتميز في ذلك ووضع شيئا على الحاوى وكان قد حفظ اكثره في اثني عشر يوما ثم مله فتركه وقيل انه حفظ جميعه في خمسة عشر يوما وحبب إليه هذا الفن فانهمك فيه وصرف أوقاته إليه حتى غلب عليه وصار مشهورا به فتقدم فيه وانتهت إليه رياسته في البلاد الاسلامية مع المعرفة والاتقان والحفظ بلا ريب ولا مرية بحيث انه لم يكن له فيه نظير في عصره شهد له بالتفرد فيه عدة من حفاظ عصره منهم السبكي والعلائي والعز بن جماعة وابن كثير والاسنائي فكانوا يبالغون في الثناء عليه بالمعرفة وقد سبق كلام بعضهم وكان لديه فنون من العلم منها القراآت والفقه وأصوله والنحو واللغة والغريب وكان له ذكاء مفرط وسرعة حافظة حفظ من الالمام أربعمائة سطر في يوم واحد، قال القاضي عز الدين بن جماعة كل من يدعي الحديث في الديار المصرية سواه فهو مدع، وكان يراجعه فيما يهمه ويشكل عليه ومصنفه في تخريج احاديث الرافعي مشحون في حواشيه بخطه يسأل من الشيخ عبد الرحيم عنه، وقال الحافظ تقي الدين بن رافع وهو بمكة في سنة ثلاث وستين وقد مر به الشيخ عبد الرحيم: ما في القاهرة محدث الا هذا والقاضي عز الدين بن جماعة فلما بلغه وفاة القاضي عز الدين وهو بدمشق قال ما بقي الآن بالقاهرة محدث الا الشيخ زين الدين العراقي وكان الشيخ جمال الدين الاسنائي يحث الناس على الاشتغال عليه وعلى كتابة مؤلفاته وينقل عنه في مصنفاته فمن ذلك انه قال في كتابه (الهداية إلى اوهام الكفاية)(1/227)
في كتاب الصداق عقيب كلام له: وسألت عنه صاحبنا الشيخ زين الدين العراقي حافظ العصر، وقال ولده شيخنا الحافظ أبو زرعة انه حكي له ان الامام جمال الدين بن هشام سأله عن شئ من علم الحديث فقال له كأنه كذا ثم انه لقيه بعد ذلك فقال الذي سألتموني عنه هو كما ذكرت لكم فقال له من حين قلت لي كأنه كذا تحققته، وحضر بدرسه في ألفية الحديث من اولها إلى آخرها الامام شهاب الدين احمد ابن النقيب بعد كتابته لها في شرحها له انه قال ان الحافظ ابا محمود المقدسي سمع منه شيئا في سنة خمس واربعين وولع بتخريج احاديث الاحياء وله من العمر قريب من العشرين سنة، وكان رحمه الله تعالى صالحا خيرا دينا ورعا عفيفا صينا متواضعا حسن النادرة والفكاهة منجمعا ذا اخلاق حسنة منور الشيبة جميل الصورة كثير الوقار قليل الكلام الا في محل الضرورة فانه يكثر الانتصار تاركا لما لا يعنيه طارحا للتكلف شديد الاحتراز في الطهارة بحيث انه يناله بسببها مشقة شديدة لا يصده عن ذلك مرض ولا غيره وكان لا يلبس الا ما يتيقن طهارته بأن يطهره بيده أو يطهره له صاحبه شيخنا الحافظ أبو الحسن الهيثمي لا يعتمد في ذلك اصلا على غيره وله في ذلك أحوال عجيبة لا يخل في حضر ولا سفر ولا في صحة ولا مرض ولم يكن يخرجه الاحتياط في ذلك إلى الوسوسة وكان رحمه الله تعالى شديد التواضع لا يرى له على احد فضلا كثير الحياء ليس بينه وبين احد شحناء حليما واسع الصدر طويل الروح لا يغضب الا لامر عظيم ويزول في الحال ليس(1/228)
عنده حقد ولا غش ولا حسد لاحد ولا يواجه أحد بما يكره ولو آذاه وعاداه مع صدعه بالحق وقوة نفسه فيه لا يأخذه في الله لومة لائم، إذا قام في أمر لا يرده عنه أحد ولا يقوم شئ دونه، لا يهاب سلطانا ولا اميرا في قول الحق وان كان مرا، يتشدد في موضع الشدة ويلين في موضع اللين وكان رحمه الله تعالى كثير التلاوة إذا ركب وافر الحرمة والمهابة نقي العرض ماشيا على طريقة السلف الصالح من المواظبة على قيام الليل وصيام الايام البيض من كل شهر والست من شوال والجلوس في محله بعد صلاة الصبح مع الصمت إلى ان ترتفع الشمس فيصلي الضحى وعلى الاسماع والاقراء والتدريس والتصنيف، وكان رحمه الله تعالى له وظائف من تدريس وتصدير وخطابة ومواعيد وغير ذلك بالقاهرة وحج مرات وجاور بالحرمين الشريفين وولي القضاء والخطابة مع الامامة في المدينة الشريفة على الحال بها افضل الصلاة والسلام وكان رحمه الله تعالى ذو فضائل جمة من مكارم الاخلاق ومحاسن الشيم والآداب ذو وضاءة ظاهرة وشكالة حسنة كأن في وجهه مصباحا من رآه علم انه رجل صالح، له المؤلفات المفيدة المشهورة في علم الحديث والتخاريج الحسنة من ذلك (اخبار الاحياء بأخبار الاحياء) في اربع مجلدات فرغ من تسويده في سنة احدى وخمسين وسبعمائة قرأ عليه شيئا منه الحافظ عماد الدين بن كثير وقد بيض منه نحوا من خمسة واربعين كراسا وصل فيها إلى اواخر الحج قرأ علي ذلك ابنه شيخنا الحافظ أبو زرعة احمد وينتهي ذلك إلى قوله الحديث الثامن والعشرون وقال صلى الله(1/229)
عليه وسلم (لم يصبر على شدتها ولا وائها احد الا كتب له شفيعا يوم القيامة) وبعد ذلك خمس ورقات من التبييض لم يقرأها ثم اختصره في مجلد ضخم سماه (المغني عن حمل الاسفار في الاسفار في تخريج ما في الاحياء من الاخبار) فاشتهر وكتب منه نسخ عديدة وسارت به الركبان إلى الاندلس وغيرها من البلدان فبسبب ذلك تباطأ الشيخ عن اكمال تبييض الاصل وشرع قبل ذلك في مصنف متوسط بين المطول والمختصر فذكر فيه اشهر احاديث الباب سماه (الكشف المبين عن تخريج احياء علوم الدين) كتب منه شيئا يسيرا وحدث ببعضه قرأه عليه شيخنا نور الدين الهيثمي و (تقريب الاسانيد وترتيب المسانيد) في الاحكام ثم اختصره في نحو نصف حجمه وشرح قطعة صالحة من الاصل في قريب من مجلد ثم أكمله ولده شيخنا الحافظ أبو زرعة بعده والالفية المسماة بالتبصرة والتذكرة) في علم الحديث وشرع في شرح مطول عليها كتب منه نحوا من ستة كراريس ثم تركه وعمل عليها شرحا متوسطا شاع في ايدي الناس وذاع و (التقييد والاصلاح لما اطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح) و (النجم الوهاج في نظم المنهاج) يعني في الاصول للبيضاوي الف بيت وثلاثمائة وسبع وستين بيتا وله نكت عليه بين فيها حكمة مخالفته لعبارة المنهاج والتنبيه على دقائق ذلك بلغ فيه إلى اثناء الباب الخامس في الناسخ والمنسوخ وقد شرح هذا النظم كاملا ابنه شيخنا الحافظ ولي الدين ومنظومة في غريب القرآن العزيز الف بيت و (الدرر السنية في نظم السير الزكية)(1/230)
ألف بيت ونظم الاقتراح لابن دقيق العيد في اربعمائة وسبعة وعشرين بيتا وشرح منه مواضع متفرقة ابنه شيخنا الحافظ أبو زرعة وذيل على الميزان ثم لم يبيضه وذيل على ذيل العبر للذهبي من سنة احدى واربعين إلى سنة ثلاث وستين وذيل عليه ابنه شيخنا الحافظ ولي الدين و (الاحاديث المخرجة في الصحيحين التي تكلم فيها بضعف وانقطاع) لم يبيضه لكونه ذهب من المسودة كراسان و (احياء القلب الميت بدخول البيت) و (المورد الهني في المولد السني) و (محجة القرب إلى محبة العرب) وكتاب في المرسل سماه (الانصاف) وهو من آخر ما صنف قرأه عليه الحافظ شهاب الدين بن حجر و (قرة العين بوفاء الدين) وهو آخر مؤلفاته حدث به مرارا و (الاستعاذة بالواحد من اقامة جمعتين في مكان واحد) و (ترجمة الاسنائي) و (تفضيل زمزم على كل ماء قليل زمزم) ومسألة الشرب قائما والجواب عن سؤال يتضمن تاريخ تحريم الربا (وفضل حراء) و (طرق حديث من كنت مولاه فعلي مولاه) و (الكلام على حديث التوسعة يوم عاشوراء (1) و (الكلام على صوم ست من شوال) و (مسألة قص الشارب) و (اجوبة ابن العربي) و (الكلام على حديث الموت كفارة لكل مسلم) و (الكلام على الاحاديث التي تكلم فيها بالوضع وهي في مسند الامام احمد) و (الكلام على مسألة السجود لترك القنوت) و (مشيخة القاضي ناصر الدين بن التونسي)
__________
(1) رد به على ابن تيمية حيث ينفي ورود حديث في ذلك بتاتا.
(*)(1/231)
و (ذيل مشيخة القاضي ابي الحرم القلانسي) تخريج ابن رافع و (اربعون تساعية للميدومي) و (اربعون عشارية) لنفسه املاها بالمدينة بين القبر والمنبر وهي اول اماليه و (مشيخة لابن القاري عبد الرحمن) و (تخريج احاديث منهاج البيضاوي) و (اربعون بلدانية (انتخبها من صحيح ابن حبان و (معجم مشتمل على تراجم جماعة من اهل القرن الثامن) غالبهم شيوخ شيوخه وفيهم من شيوخه و (اربعون تساعية) و (عشرون ثمانية) كلاهما من رواية البياني (1) و (الكلام على الحديث الوارد في اقل الحيض وأكثره) و (ترتيب من له ذكر تخريج أو تعديل في بيان الوهم والايهام) لابن القطان على حروف المعجم، وما لم يكمل (تكملة شرح جامع الترمذي) لابن سيد الناس وهي من باب ما جاء ان الارض كلها مسجد الا المقبرة والحمام إلى قوله في اثناء كتاب البر والصلة باب ما جاء في الستر على المسلمين ثلاثة عشر مجلدا خرج من ذلك إلى اثناء الصيام قريبا من ست مجلدات قرأ عليه ابنه شيخنا الحافظ أبو زرعة من ذلك بحثا وتدبرا بحضرة جماعة نحوا من خمس مجلدات انتهاؤها في اثناء باب ما جاء في الصوم بالشهادة و (اطراف صحيح ابن حبان) بلغ فيه إلى اول النوع الستين من القسم الثالث وكذا رجاله
__________
(1) هو أبو محمد عبد الرحيم بن غنائم بن اسمعيل التدمري البياني.
(*)(1/232)
سوى ما في التهذيب بلغ فيه نظير اطرافه و (رجال سنن الدارقطني) سوى ترجمة ما في التهذيب بلغ فيه (1) الكل مسودة و (اربعون بلدانية) لم تكمل بقي عليه منها اربعة بلدان قرأها عليه الحافظ أبو حامد بن ظهيرة، وشرع في الاملاء من سنة خمس وتسعين إلى ان مات فأملى اولا اشياء مفرقة ثم على الاربعين للنواوي ثم على امالي الرافعي ثم شرع يملي من تخريج المستدرك فكتب منه إلى اثناء كتاب الصلاة قريبا من مجلد ثلاثمائة مجلس ومجلس واحد وذلك من اول السادس عشر بعد الماية إلى آخر السادس عشر بعد الاربعماية لكن الثامن بعد الاربعمائة املاه فيما يتعلق بغلاء السعر وتغيير السكة وغير ذلك مما كان حدث وذلك في شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانمائة والثالث عشر بعده املاه فيما يتعلق بطول العمر وختمه بقصيدة تزيد على عشرين بيتا منها قوله: بلغت في ذا اليوم سن الهرم * تهدم العمر كسيل العرم والرابع عشر والخامس عشر املاهما من الاحاديث العشاريات الستين التي خرجها له الحافظ أبو الفضل بن حجر من مسموعاته صلة للاربعين التي خرجها هو لنفسه والسادس عشر فيما يتعلق بالاستسقاء ختمه بقصيدة اولها:
__________
(1) كذا في الاصل.
(*)(1/233)
اقول لمن يشكو توقف نيلنا * سل الله يمدده بفضل وتأييد (وآخرها) وأنت فغفار الذنوب وستار ال * - عيوب وكشاف الكروب إذا نودي وفي اثناء ذلك استسقى به أهل الديار المصرية فصلى بهم وخطبهم بخطبة بليغة ضمنها احاديث المجلس المذكور وغيرها فرأوا البركة بعد ذلك من تراجع الاشياء بعد اشتدادها ولم تطل حياته بعد ذلك، وقد انتهت إليه رياسة الحديث ودرس بعدة اماكن وأفتى وحدث كثيرا بالحرمين ومصر والشام وأفاد وتكلم على العلل والاسناد ومعاني المتون وفقهها فأجاد وقصد من مشارق الارض ومغاربها فرحل إليه للاخذ عنه والسماع الجم الغفير الكبير منهم والصغير فلازموه وانتفعوا به وكتب عنه جميع الائمة من العلماء الاعلام والحفاظ ذوي الفضل والانتقاد مع الدين والورع والصيانة والعفاف والتواضع والعبادة والمروءة، ومحاسنه جمة، وتوفي تغمده الله برحمته في ليلة أو يوم الاربعاء ثامن شعبان المكرم سنة ست وثمانمائة بالقاهرة المعزية.
وفيها مات بمكة مسند الدنيا أبو اسحق ابراهيم بن محمد بن صديق ابن ابراهيم بن يوسف الدمشقي الصوفي المؤذن شهر بالرسام في ليلة (1) سادس عشر شوال وله ست وثمانون سنة، وبصالحية
__________
(1) كذا في الاصل بياض.
(*)(1/234)
دمشق أبو العباس احمد ابن داود بن ابراهيم بن داود القطان في شهر رجب، وبمصر المسند شهاب الدين احمد بن علي بن محمد بن علي بن ضرغام شهر بابن سكر (1) البكري الحنفي، وفي زبيد شيخ الصوفية بها الشيخ اسماعيل بن ابراهيم الجبرتي، وبصالحية دمشق عبد الله بن عثمان عرف بابن وبطابة الشيخ عبد الله بن المغربي المالكي وشهر بالدكالي (2) المدرس بالمسجد النبوي، وبالقاهرة قاضي القضاة الحنابلة نور الدين علي بن خليل عرف بالحكري المصري، وبمصر شمس الدين أبو بدر الدين محمد بن حسين بن علي شهر بالفرسيسي المصري الصوفي في شهر رجب وله سبع وثمانون سنة (3)، وابو حيان محمد بن فريد الدين حيان بن الاستاذ ابي حيان محمد بن يوسف، وبطيبة السيد أبو الخير محمد بن الشريف عبد الرحمن بن ابي الخير الفاسي، وبالقاهرة قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن شهر بابن الصالحي المصري الشافعي في المحرم، وبمصر سعد الدين محمد بن محمد بن محمد بن حسن المصري الصوفي، وبالقاهرة المحدث شرف الدين أبو الفضل محمد بن محمد بن ابي بكر بن عبد العزيز عرف بالقدسي في شوال،
__________
(1) بضم السين المهملة وفتح الكاف المشددة على ما في شذرات الذهب.
(2) نسبة إلى دكالة بلد بالمغرب بفتح الدال المهملة والكاف المشددة وباللام ذكره ابن العماد في الشذرات.
(3) سبق في ص 77 انه كتب إلى المؤلف سنة 7، يقول الاستاذ المسند السيد أحمد رافع الطهطاوي: فلعل الكتابة منه للمؤلف كانت في سنة ست أو قبلها والله أعلم.
(*)(1/235)
وبطرابلس شمس الدين محمد ابن الشيخ يوسف بن ابراهيم بن عبد الحميد القدسي، وبالقاهرة أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطي الخزرجي المكي نزيل مصر، وبعدن قاضيها رضى الدين أبو بكر بن محمد عرف بالحبيشي العدني الشافعي معزولا عن القضاء.
كتب لنا حافظ الوقت زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن المصري منها وسمعت على الامام ابي حامد محمد بن عبد الله المخزومي بمكة قالا انبأنا الحافظ العلامة أبو سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي قال الاول مشافهة ان لم يكن سماعا قال اخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن احمد بن عثمان الذهبي بقراءتي قال اخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن ابن يوسف المزي قال اخبرنا محمد بن عبد الخالق بن محمد بن طرخان قال اخبرنا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي ح واذن لنا عاليا بثلاث درجات المعمر أبو اسحق ابراهيم بن محمد ابن صديق عن المعمر أبي العباس احمد بن ابي طالب بن نعمة ان أبا الفضل جعفر بن علي انبأه قالا اخبرنا الحافظ أبو طاهر احمد ابن محمد بن احمد السلفي قال جعفر اذنا قال اخبرنا الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال أخبرنا الحافظ أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولاح وشافهنا عاليا عن هذا بدرجتين وعن الذي قبله بخمس درجات الفقيه العلامة أبو بكر الحسين بن عمر المدني بالمسجد الحرام(1/236)
عن احمد بن ادريس بن محمد بن مزيز أن صفية ابنة عبد الوهاب بن علي القرشي اذنت له عن ابي الفرج مسعود بن الحسين بن القاسم بن الفضل الثقفي قال انبأنا وقال ابن ماكولا حدثني الحافظ أبو بكر احمد بن علي ابن ثابت بن احمد بن مهدي قال حدثني الحافظ أبو حازم العبدوي (1) قال حدثنا أبو عمرو بن مطر قال حدثنا ابراهيم بن يوسف الهسنجاني (2) قال حدثنا أبو الفضل بن زياد صاحب احمد بن حنبل يعني قال حدثنا احمد بن حنبل قال حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا عبيدالله بن معاذ قال حدثنا ابي قال حدثنا شعبة عن ابي بكر بن حفص عن ابي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت [ كان أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤسهن حتى يكون كالوفرة ].
وأذن لنا عاليا عن هذه الرواية بأربع درجات وعن الاولى بتسع درجات الحافظ العلامة أبو الفضل عبد الرحيم من مصر في كتابه وابو بكر العثماني سماعا عليه بالمسجد الحرام قالا اخبرنا أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد بن عبد
__________
(1) بضم الدال وشدة الواو للمحدثين وبفتحها وخفة للنحاة على ما جاء في المغني للشيخ محمد طاهر الفتني.
(2) بكسر الهاء والسين المهملة وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها النون نسبة إلى قرية من قرى الري والمشهور بالانتساب إليها أبو اسحق ابراهيم بن يوسف ابن خالد الهسنجاني الرازي المتوفى سنة احدى وثلثمائة على ما ذكره ابن السمعاني في الانساب.
(*)(1/237)
الهادي المقدسي قال اخبرنا أبو العباس احمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن صدقة الحراني قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن احمد الصاعدي الفراوي (1) قال أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي قال اخبرنا أبو احمد محمد بن عيسى بن محمد الجلودي (2) قال اخبرنا أبو اسحق ابراهيم بن محمد ابن سفيان النيسابوري ح وشافهنا بعلو درجة عن هذه وعن الطريق الاولى بعشر درجات ابراهيم بن محمد عن ابي النون يونس بن عبد القوي [ عن ابن المقير عن محمد بن ناصر السلامي ] ان ابا القاسم عبد الرحمن بن [ ابي عبد الله محمد بن منده ] انبأه عن الحافظ [ ابي بكر محمد بن عبد الله الجوزقي ] ان ابا الحسن مكي بن عبدان النيسابوري انبأه قالا حدثنا أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري قال وحدثني عبد الله بن معاذ العنبري قال حدثنا ابي قال حدثنا شعبة عن ابي بكر بن حفص عن ابي سلمة بن عبد الرحمن قال دخلت على عائشة وانا اخوها من الرضاعة فسألتها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة فدعت باناء قدر الصاع فاغتسلت وبيننا وبينها ستر فأفرغت على رأسها ثلاثا قالت رضي الله عنها (وكان ازواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤسهن
__________
(1) بضم الفاء وتخفيف الراء، وقد تكرر ذكر هذه النسبة في الذيول.
(2) بفتح الجيم نسبة إلى سقيفة الجلود عند باب ابي الربيع بالقيروان ذكره المقريزي في المقفي على ما في ذيل اللب، وقيل نسبة إلى الجلود بصيغة الجمع لبيعها.
(*)(1/238)
حتى يكون كالوفرة) حديث صحيح اتفق الشيخان عليه من حديث شعبة بن الحجاج فرواه مسلم كما سقناه والبخاري عن عبد الله بن محمد عن عبد الله بن عبد الصمد وأخرجه النسائي عن محمد بن عبد الاعلى عن خالد كلاهما عن شعبة فوقع لنا بدلا لهما في شيخي شيخيهما وموافقة لمسلم في روايته الاولى وقد وقع لنا فيها مسلسلا بالائمة الحافظ وفيه لطيفة من رواية الاقران بعضهم عن بعض والله سبحانه وتعالى اعلم.
* (أبو الحسن الهيثمي) * (1) علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر بن عمر بن صالح المصري الشافعي الامام الاوحد الزاهد الحافظ نور الدين أبو الحسن ولد في شهر رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة فلما كان قبيل الخمسين صحب الحافظ أبا الفضل العراقي ولازمه أشد ملازمة إلى ان بلغ حمامه فخدمه وانتفع به وصاهره على ابنته فرزق منها أولادا وحصل له بركته فسمع معه غالب مسموعاته وكتب الكثير من مصنفاته وربما سمع الشيخ أحيانا بقراءته، وأشار عليه بجمع ما في مسند الامام أحمد من الاحاديث الزائدة على الكتب الستة فأعانه بكتبه وأرشده إلى التصرف في ذلك فلما فرغ من تسويده حرر له الشيخ وهو كبير الفائدة وسماه (غاية المقصد في زوائد أحمد) ثم حبب إليه هذا التخريج فخرج (البحر الزخار في
__________
(1) بفتح ومثلثة قاله السخاوي في انساب الضوء اللامع.
(*)(1/239)
زوائد البزار) و (المقصد الاعلى في زوائد ابي يعلى) الموصلي (ومجمع البحرين في زوائد المعجمين) و (البدر المنير في زوائد المعجم الكبير) ثم جمع الكل محذوف الاسناد مع الكلام عليها بالصحة والضعف في مؤلف واحد وسماه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) وله أيضا (موارد الظمآن لزوائد ابن حبان) و (بغية الباحث عن زوائد الحارث) ورتب ثقات ابن حبان ترتيبا جيدا على ما فيها من الخلل وثقات العجلي والاحاديث المسندة في حلية الاولياء للحافظ أبي نعيم فمات وهي مسودة فبيض نحو ربعها الحافظ أبو الفضل بن حجر، وكان رحمة الله تعالى عليه اماما عالما حافظا ورعا زاهدا متقشفا متواضعا خيرا هينا لينا سالكا سليم الفطرة شديد الانكار للمنكر كثير الاحتمال محبا للغرباء وأهل الدين والعلم والحديث كثير التودد إلى الناس مع العبادة والاقتصاد والتعفف وكان رحمه الله تعالى من محاسن القاهرة ومن أهل الخير، غالب اوقاته في اشتغال وكتابة كثير التلاوة بالليل والتهجد وكان تغمده الله تعالى برحمته استحضاره كثيرا للمتون يجيب عنها بسرعة فيعجب ذلك شيخنا الحافظ زين الدين العراقي وربما رجح في حفظ المتون عليه، سمع بالقاهرة الخطيب أبا الفتح الميدومي ومحمد بن اسماعيل بن الملوك وأحمد بن الرصدي و عبد الرحمن بن عبد الهادي ومحمد بن عبد الله النعماني وجماعة، وارتحل إلى دمشق مصاحبا للحافظ أبي الفضل العراقي فسمع بها احمد بن عبد الرحمن المرداوي ومحمد بن اسماعيل الخباز وعدة وسمع ببيت المقدس والاسكندرية، توفي رحمة(1/240)
الله تعالى عليه في ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع وثمانمائة بالقاهرة ولم يخلف بعده مثله.
وفي هذه السنة مات بدمشق محيي الدين أبو اليسر احمد بن التقي عبد الله ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد الانصاري الصالحي عرف بابن الصائغ، والمحدث بدر الدين أبو حمزة أنس بن علاء الدين علي بن محمد ابن احمد بن سعيد الانصاري الدمشقي في رجب، وبالقاهرة الرئيس كريم الدين عبد الكريم بن احمد بن عبد العزيز المشهور بحده المصري، ومسندها جمال الدين أبو المعالي عبد الله بن عمر بن علي بن مبارك عرف بالحلاوي (1) الهندي في صفر عن تسع وسبعين سنة، والخطيب جمال الدين عبد الله بن محمد بن برهان الدين ابراهيم بن عبد الله بن لاجين شهر بالرشيدي المصري في رجب، وقاضي العسكر عبد الله الاردبيلي، وقاضي حلب عبد الله النحريري المالكي، والمفتي شرف الدين عبد المنعم البغدادي الحنبلي، والقاضي نور الدين علي ابن الشيخ سراج الدين عمر ابن أبي الحسن علي بن أحمد الانصاري، وعلي بن محمد بن وفا الشاذلي الصوفي، وعيسى بن حجاج الشاعر، والضياء محمد بن الجمال محمد بن سالم ابن علي بن ابراهيم الحضرمي المكي في شعبان، وناصر الدين محمد بن صلاح الدين صالح بن السفاح الحلبي، وبصفد شمس الدين محمد بن
__________
(1) بمهملة ولام خفيفة كما في الشذرات.
(*)(1/241)
عبد الرحمن المشهور بالصيني (1) المدني الشافعي، وبالقاهرة العدل المؤرخ ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسن عرف بابن الفرات (2) المصري الحنفي في ليلة عيد الفطر، وبمكة المشرفة المسند أبو الطيب محمد بن عمر بن علي بن عمر السحولي (3) المكي في يوم التروية، وبالقاهرة سراج الدين أبو الطيب محمد بن عز الدين أبي اليمن محمد بن عبد اللطيف بن الكويك الربعي، وبدمشق القاضي شمس الدين محمد ابن (4) شهر بابن عباس الغزي الشافعي.
أذن لنا الامام الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبى بكر بن سليمان الهيثمي المصري في كتابه منها والعلامة أبو الطاهر محمد بن يعقوب اللغوي الشيرازي مشافهة وسمعت على العلامة الحاكم أبي حامد محمد بن عبد الرحمن الانصاري المدني ويعرف بالمطري قالوا أخبرنا أبو
__________
(1) وفي الاصل غير منقوط فليحرر (2) له تاريخ كبير يقال انه مائة مجلد بيض منها من الاواخر عشرين مجلدا، وفي ضمن ما بيضه تاريخ المائة الثامنة والسابعة والسادسة، في الخزانة التيمورية العامرة بمصر ثمانية عشر جزءا منه، وهو كثير النقل من زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة للامير بيبرس المنصوري لا البند قداري كما ظن ابن خلدون وهذا ايضا تاريخ حافل في عشرين مجلدا كاد أن لا يوجد منه أجزاء متتابعة فيما نعلم من دور الكتب.
(3) ضبطه ابن العماد بضم المهملتين، وفي معجم البلدان: سحول بضم اوله وآخره لام قبيلة من اليمن وقرية بها.
(4) بياض في الاصل.
(*)(1/242)
عبد الله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن الخباز الانصاري قال أبو حامد اذنا زاد والاول فقالا والخطيب أبو الفتح محمد بن محمد بن ابراهيم الميدومي البكري قال أبو حامد كتابة قال اخبرنا أبو الفرج عبد اللطيف ابن عبد المنعم بن علي الحراني ح وقال ابن الخباز أخبرنا أبو العباس احمد ابن عبد الدائم بن نعمة المقدسي حضورا قالا اخبرنا أبو الفرج عبد المنعم ابن عبد الوهاب الحراني ببغداد قال اخبرنا أبو القاسم علي بن احمد بن محمد بن بيان قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد قال أخبرنا اسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا اسماعيل ابن عباس عن محمد بن زياد الالهاني (1) عن ابي راشد الحبراني (2) قال اتيت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقلت له حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى الي صحيفة وقال هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فإذا فيها ان ابا بكر الصديق رضوان الله عليه قال يا رسول الله علمني ماذا اقول إذا اصبحت وإذا امسيت فقال عليه الصلاة والسلام) يا ابا بكر قل اللهم فاطر السموات
__________
(1) الالهاني بنون هو محمد بن زياد.
على ما ذكره ابن خطيب الدهشة في مشكل الانساب، وهو بفتح الهمزة وسكون اللام وبنون إلى الالهان اخي همدان كما في المغني للشيخ محمد طاهر الفتني.
(2) الحبراني بالحاء المهملة والباء المعجمة بواحدة، جماعة من اهل الشام منهم أبو راشد الحبراني ذكره الحافظ عبد الغني الازدي في مشتبه النسبة، والمهملة مضمومة والموحدة ساكنة كما في التقريب، ونسبة إلى حبران بن عمرو كما في المغني للشيخ محمد طاهر الفتني الهندي.
(*)(1/243)
والارض عالم الغيب والشهادة لا آله الا انت رب كل شئ ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وان اقترف على نفسي سوءا أو اجره إلى مسلم) أخرجه الترمذي في جامعه عن الحسن ابن عرفة العبدي فوافقناه بعلو ولله الحمد والمنة.
* (طبقة أخرى صغرى) *
* (ابن الحسباني) * (1) احمد بن اسماعيل بن خليفة بن عبد العال الدمشقي الشافعي الامام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو العباس مولده في اواخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة بدمشق اشتغل وحصل وتفقه بجماعة منهم والده وأجيز بالفتوى وبرع في علم العربية اخذه عن ابي العباس العناني وطلب الحديث بنفسه فقرأ وسمع وكتب الكثير عن شيوخ بلده وغيرهم وتقدم على اقرانه في عدة في فنون العلم وهو شاب مع الذكاء المفرط والذهن الثاقب يستحضر كثيرا، سمع بدمشق من عدة من اصحاب الفخر بن البخاري وغيرهم منهم ابن الهبل (2) وابن أميلة والصلاح بن
__________
(1) بضم الحاء وسكون السين المهملتين وفتح الباء الموحدة ثم الف ونون نسبة إلى حسبان قاعدة البلقاء بالشام ذكره أبو الفداء في تقويم البلدان.
(2) الحسن بن احمد بن هلال الصرخدي ثم الصالحي المتوفى سنة 779 (*)(1/244)
أبي عمر وأخذ عن الحافظين ابن كثير وابن رافع وبمصر من البهاء محمد ابن ابي اليسر وجويرية ابنة الهكاري ولم يزل يسمع حتى سمع ممن هو دون شيوخه ومسموعاته جمة لا تحصر لكن غاب عنه اكثرها، وكان رحمه الله تعالى احد الائمة العلماء الامجاد والحفاظ الجلة النقاد فقيه دمشق ومفتيها وحافظها، درس قديما بالامينية وولي درس الحديث بالاشرفية وناب في الحكم مدة بدمشق ثم اشتغل بقضائها، دأب في التأليف واجتهد في التصنيف خصوصا في التفسير وتكلم على الرجال بالتحرير كتب الكثير وحدث باليسير وجمع من الكتب والاصول في مصره ما لم يكن عند أحد من اهل عصره لكنها في الفتنة (1) بادت وكأنها ما كانت، ذكره قاضي صفد محمد بن عبد الرحمن العثماني فيمن كان بدمشق في العشر الثامن من القرن الثامن من اعيان الفقهاء الشافعية فقال في حقه: شيخ دمشق وابن شيخها العلامة شهاب الدين له حلقة بالجامع الاموي وغيره انتهى ومما ألفه (جامع التفاسير) أجاد في تهذيبه وجمع فيه فأوعى و (شافي العي في تخريج أحاديث الرافعي) و (الدر المنظوم في سيرة النبي المعصوم) و (طبقات الشافعية) و (ترتيب طبقات القراء للذهبي) و (تعليق على الحاوي) و (شرح ألفية ابن مالك)، قال الحافظ شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن ناصر الدين: لم
__________
(1) فتنة تيمور الطاغية لما استولى على الشام.
(*)(1/245)
يكمل فيما أعلم تأليفا ولا رأيت له تصنيفا انتهى قلت لعل موجب ذلك تلافها في الفتنة، سمع منه جمع من الائمة الفضلاء والحفاظ النبلاء وكتب لى بالاجازة وكان بعد الوقعة اللنكية العظمى قد فتر عن الاشتغال وفتن بحب ولده تاج الدين فوقع في الادبار وصرف عن الاقبال وألقاه في مهاوي المهالك حتى ضاقت عليه المسالك (1) إلى ان مات بالصالحية في يوم الاربعاء العاشر من شهر ربيع الثاني سنة خمس عشرة وثمانماية تغمده الله برحمته.
وفيها مات بالبيت المقدس الامام شهاب الدين احمد بن محمد بن عماد شهر بابن الهائم المصري في جمادى الثانية، وبزبيد فقيهها القاضي شهاب الدين احمد بن ابي بكر بن على الناشري في المحرم، وبدمشق الملك ؟ ابنة ابراهيم بن خليل بن محمود وعرف والدها بالشرايحي في شهر ربيع الثاني، وبالقاهرة الجلال جار الله بن صالح بن احمد بن عبد الكريم بن ابي المعالي الشيباني في أواخر ذي الحجة، وبعده بسبعة ايام ابنه جمال الدين محمد، وبطابة المسندة أم محمد رقية ابنة يحيى بن العفيف عبد السلام بن محمد بن مزروع في صفر ولها تسع وثمانون سنة، وبدمشق المسند طنبغا بن عبد الله التركي، والمسندة أم على عائشة ابنة علي
__________
(1) وينقل ابن العماد عن المقريزي ان المترجم ولي قضاء القضاة بدمشق غير مرة فلم تحمد سيرته وكان لا يزال يخرج على السلطان ويترامى على الشر ويلج في مضايق الفتن حبا في الرياسة اه.
والله اعلم.
(*)(1/246)
ابن محمد بن عبد الغني بن منصور الذهبي في شهر رمضان، وجمال الدين عبد الله بن محمد بن عثمان المصري الشافعي مقتولا، وبمكة الشيخ نور الدين علي بن محمد بن ابي بكر الشيبي، وسراج الدين عمر الهندي الحنفي ويعرف بالفافا (1) وزين الدين أبو الخير محمد بن احمد بن محمد ابن الحافظ محب الدين احمد بن عبد الله الطبري في السادس عشر من شهر رمضان المكرم وله سبع وسبعون سنة، وبدمشق بهاء الدين محمد بن أحمد امام المشهد الشافعي، وبمكة الاديب جمال الدين محمد بن حسين بن عيسى شهر بابن العليف (2) الحلوي (3) وبحلب قاضيها محب الدين أبو الوليد محمد بن محمد الشهير بابن الشحنة الحنفي في شهر ربيع الآخر، وبمكة شمس الدين محمد بن مسعود النحريري، وبدمشق شرف الدين محمود ابن عمر بن محمود الانطاكي النحوي في شعبان، وبشيراز ذو التصانيف السائرة عالمها الشريف الجرجاني واسمه علي بن محمد بن علي وقيل علي ابن علي بن حسين وعمره سبعة وسبعون سنة.
* (ابن حجي) * احمد بن حجي - بكسر الحاء المهملة والجيم الثقيلة - ابن موسى بن احمد بن سعد بن غشم بن غزوان بن علي بن شرف بن تركي السعدي
__________
(1) بفائين لقب بذلك لكثرة نطقه بالفاء على ما في الشذرات.
(2) بمهملة ولام وفاء مصغر علف على ما ذكره السخاوي في أبناء الضوء.
(3) بفتح المهملة وسكون اللام نسبة إلى حلو مدينة باليمن قاله ابن العماد.
(*)(1/247)
الحسباني (1) الدمشقي الشافعي، يقال انه من عطية ابي محمد السعدي الصحابي المشهور من بني سعد بن بكر نزل الشام وكان له أولاد بالبلقاء وقد انتسب إليه فقال فيما وجد بخطه في ترجمة والده من معجمه بعد ان ذكر نسبه إلى تركي فقال من ولد عطية ابي محمد السعدي ظنا انتهى وهو الحافظ العلامة الامام حافظ الشام ومؤرخ الاسلام شهاب الدين أبو العباس ولد في اوائل المحرم سنة احدى وخمسين وسبعماية وسمع على محمد بن موسى بن سليمان الشيرجي وحسن بن الهبل ومحمد بن المحب عبد الله ابن محمد المقدسي واحمد بن محمد بن عمر شهر بزغنش (2) وعمر بن حسن ابن أميلة ويوسف بن محمد بن محمد بن علي الصيرفي ومحمد بن عبدالقاهر ابن عبد الرحمن الشهرزوري والصلاح محمد بن احمد بن ابراهيم بن ابي
عمر وقريبه احمد بن النجم اسماعيل وزينب ابنة قاسم ومحمد بن عبد الله الصفوي وابن السيوفي وابن النقي ؟ وعثمان بن يوسف بن غدير والحافظ تقي الدين بن رافع وعدة لا يحصون بطلبه واعتنائه، وأجاز له في سنة تسع وخمسين باستدعاء ابن سند الحافظ خلائق منهم ابن الجوخي وابن القيم وعمر بن عثمان بن سالم وابراهيم بن محمد التونسي والحافظ أبو سعيد العلائي والجمال بن نباتة والزيباوي واسماعيل بن سنجر ومحمد بن محبوب
__________
(1) بالضم وقد سبق ضبطه عن ابي الفداء والسخاوي.
(2) زغنش بضم الزاي وسكون المعجمة وضم النون والمعجمة هكذا ضبطه في المقصد الارشد في ذكر أصحاب أحمد، الشذرات.
(*)(1/248)
والقاضي تقي الدين بن المجد وعبد القادر بن سبع ومحمود بن ابي بكر بن محمد وباستدعائه ايضا في سنة احدى وستين من مكة الشهاب احمد بن علي بن يوسف الحنبلي وأم الهدى عائشة ابنة الخطيب تقي الدين عبد الله حفيدة المحب الطبري وطائفة سواهما وأجاز له ايضا فيما كتب بخطه من اصحاب ابن البخاري حفيده وست العرب ابنة محمد ومحمد بن ابي بكر الاعزازي ومحمد بن ابراهيم البياني لكن قال يحرر هذا واسماعيل بن محمد الارموي، لازم والده شيخ البلاد الشامية نحوا من عشرين سنة وتفقه به وبغيره من ذوي العلوم المرضية كالقاضي ابي البقاء السبكي وابن قاضي شهبة محمد بن عمر وغيرهما من الائمة فحصل فنونا من العلوم جمة ومهر في علم الحديث والفقه وأفتى ودرس مع الصيانة والديانة، ولي الخطابة بجامع بني امية في دمشق وناب في القضاء ثم تركه ولزم بيته فجمع نفسه للافادة والاشتغال وعرض عليه القضاء فامتنع واشتهر ذكره وبعد صيته وكان لهجا بعلم التاريخ والمواقيت، وقدم القاهرة رسولا من المؤيد شيخ في سنة ثمان وثمانمائة، وبخط صاحبنا الحافظ ابي الحرم الاقفهسي انه سمعه يقول: رأيت في النوم فعرفت انه ميت فقلت له كيف أنت قال اني طيب بعد ان تبسم فقلت ايما افضل الاشتغال بالفقه أو الحديث قال الحديث بكثير، وله تآليف حسنة (1)
__________
(1) منها كتاب (جمع المفترق) في فوائد من علوم متعددة و (الدارس في أخبار المدارس) يذكر فيه ترجمة الواقف وما شرطه وتراجم من درس بالمدرسة (*)(1/249)
مفيدة منها تاريخ من عاصرهم وتعليق على الالغاز للاسنوي، وكان رحمه الله تعالى احد مشايخ الحديث والفقه عديم المثل لطيف الشكل مع الخلق الحسن والاحسان علامة الزمان وأحد أئمة هذا الشان معرفة واتقانا للوقائع وتراجم الرجال والدولة وتقلب الاحوال مع فتاويه المحررة المهذبة، وحدث سمع منه عدة من الائمة والطلبة، كتب لي خطه بالاجازة، ومات رحمه الله تعالى في سادس المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة بدمشق المحروسة.
وفي هذه السنة مات بها برهان الدين ابراهيم بن احمد بن خضر
__________
إلى آخر وقت وهو كتاب نفيس يدل على اطلاع كثير كما يقول ابن العماد، واستمد من كتابه من اتى بعده ممن كتب في تاريخ المدارس اما ناسجا على منواله في البسط كما فعله النعيمي واما مختصرا كالجمال بن عبد الهادي والعلموي، وكتب ذيلا على تاريخ ابن كثير ذكر فيه حوادث الشهر ثم من توفى فيه وهو مفيد جدا قال السخاوي: يبتدئ من سنة 741 وينتهي سنة 815، قال ابن قاضي شهبة: كتب من سنة 741 ست سنين ثم بدأ من سنة 769 فكتب إلى قبيل وفاته بيسير
وكان قد أوصاني بتكميل الخرم المذكور فأكملته وأخذت التاريخ المذكور وزدت عليه حوادث من تواريخ المصريين وغيرهم بقدر ما ذكره الشيخ وتراجم اكثر من التراجم التي ذكرها بكثير وبسطت الكلام في ذلك وجاء إلى آخر سنة 840 في سبع مجلدات كبار ثم اختصرته في نحو نصفه.
من الشذرات والضوء وغيرهما.
(*)(1/250)
الحنفي والشيخ برهان الدين ابراهيم بن محمد المشهور بابن زقاعة (1) وقاضي القضاة شهاب الدين احمد بن ناصر بن خليفة الباعوني (2) والقاضي أبو العباس احمد المشهور بابن السبتية، وبتعز الشيخ حسام الدين حسن ابن علي الابيوردي (3) في جمادي الثانية، وأم عبد الله عائشة ابنة محمد بن عبد الهادى الصالحية ولها ثلاث وتسعون سنة، وبمكة الشيخ عبد القوي بن محمد بن عبد القوي البجائي (4) المغربي، وبالقاهرة الامام فخر الدين عثمان بن ابراهيم بن احمد البرماوي، وبدمشق القاضي صدر الدين علي بن امين الدين محمد بن محمد عرف بابن الادمي (5) الدمشقي في رمضان، وبالقاهرة القاضي نور الدين علي القرافي، وشمس الدين محمد ابن أحمد بن خليل الغراقي (6) - بالغين المعجمة - وبتعز قاضيها جمال الدين
__________
(1) بضم الزاي وفتح القاف المشددة وألف وعين مهملة وهاء ترجمه أبو المحاسن في المنهل الصافي وابن العماد في الشذرات.
(2) نسبة إلى باعون قرية صغيرة قرب عجلون.
أنساب الضوء اللامع (3) نسبة إلى أبيورد بفتح الهمزة والواو وسكون التحتية وكسر الباء وسكون الراء بلدة بخراسان.
شذرات الذهب.
(4) نسبة لبجاية بكسر اولها من المغرب.
قاله السخاوي.
(5) كأنه لصنعة الادم على ما في انساب الضوء اللامع.
(6) قال السخاوي: نسبة لغراقة بمعجمة مفتوحة ثم راء مهملة مشددة بعدها قاف قرية من القرى البحرية من الشرقية بمصر اه ووهم ابن العماد حيث قال بفتح المهملة.
(*)(1/251)
محمد بن عمر المشهور بالعوادي (1) الشافعي، وبدمشق القاضي شمس الدين محمد بن محمد الاخنائي في شهر رجب، والقاضي شرف الدين موسى بن احمد بن موسى الرمثاوي، وبطيبة قاضيها العلامة زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغي العثماني في مستهل ذي الحجة وله بضع وثمانون سنة، وبعدن خطيبها رضي الدين أبو بكر بن يوسف بن ابي الفتح شهر بابن المستأذن العدني.
أنشدنا الحافظ أبو العباس أحمد بن حجي الحسباني في كتابه قال أنشدنا الامام العالم البارع الاديب الاوحد أبو عبد الله محمد بن محمد ابن عبد الكريم بن الموصلي الطرابلسي من لفظه لنفسه: إن كان اثبات الصفات جميعها * من غير كيف موجبا لومي وأصير تيميا بذلك عندكم * فالمسلمون جميعهم تيمي (2)
__________
(1) بفتح المهملة وتخفيف الواو على ما في شذرات الذهب.
(2) قال ذلك حينما رموه بمسائل ابن تيمية التي انفرد بها لا سيما في الصفات وابن تيمية لا يتحاشى عن التصريح بقيام افعال حادثة بالله تعالى واثبات الجهة له والحد وغير ذلك في (موافقة المعقول لصحيح المنقول) وغيره من كتبه وليس بين فرق الاسلام فضلا عن اهل السنة من يرى هذا الرأي السخيف سوى هذه الفئة الشاذة (النوابت الحشوية) فيقال في معارضته:
ان كان تنزيه الآله تجهما * فالمؤمنون جميعهم جهمي جل الآله عن الحوادث أن تحل * ل به وعن جهة وعن كم بخلاف زعم زعيمكم سفها فان * تابعتموه فكلكم تيمي (*)(1/252)
* (ابن ظهيرة) * محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن احمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن علي بن عليان بن هاشم بن حزام بن علي بن راجح بن سليمان بن عبد الرحمن بن حرب بن ادريس بن جعفر بن هاشم بن قاسم بن الوليد بن جندب بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم كذا نقلت هذا النسب من خط بعض اقاربه وذكر أنه نقله من خط أخيه عمر بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي الشافعي الامام العلامة الحافظ قاضي مكة وخطيبها وناظر حرمها وأوقافها والحسبة بها وشيخها في الفتوى والتدريس وعليه بها دارت الفتوى على مذهب ابن ادريس حافظ الحجاز وفقيهه وشيخ الاسلام به جمال الدين أبو حامد مولده في ليلة عيد الفطر سنة احدى وخمسين وسبعمائة بمكة المشرفة فنشأ بها على عفة وصيانة ونزاهة وكان اماما علامة حافظا متقنا مفننا ذا دين وعبادة وصلاح واشتغال وافادة مع رفعة القدر والرتبة والسيادة اشتغل في صغره وطلب بنفسه فحصل فنونا من العلم وقرأ بالروايات السبع على التقي البغدادي وغيره وتفقه على فقهاء بلده كعمه العلامة قاضي القضاة شهاب الدين احمد وشيخ الاسلام قاضي القضاة بمكة العلامة كمال الدين أبي الفضل النويري وأجازه بالافتاء والتدريس ولازمهما وانتفع بهما وسمع بها الحديث على عدة منهم الامام ضياء الدين أبو(1/253)
الفضل محمد المدعو بخليل بن عبد الرحمن المالكي وهو أقدم شيوخه سماعا والجمال محمد بن احمد بن عبد المعطي الانصاري والعلامة ولي الله تعالى عفيف الدين أبو محمد عبد الله بن اسعد اليافعي واحمد ابن سالم بن ياقوت المكي المؤذن وغيرهم من القادمين إليها، وارتحل إلى مصر فسمع بها من جماعة كابن القاري وابن الشيخة والبهاء ابن خليل والقاضي عز الدين بن جماعة وتفقه بشيخ الاسلام سراج الدين البلقيني وأجازه بأربعة علوم الحديث والفقه وأصوله والعربية وبابن الملقن وأجازاه بالفتوى والتدريس ولازم شيخ الاسلام بهاء الدين ابا البقاء السبكي وحضر دروسه وتفقه به وهو اجل شيوخه وصحبه إلى دمشق فسمع بها من ابن أميلة واحمد بن النجم اسماعيل بن أبي عمر وقريبه الصلاح محمد بن احمد بن ابراهيم وجمع وسمع بعدة من بلاد الشام كبيت المقدس وبعلبك وحلب وغيرها، ورحل إلى الاسكندرية فسمع بها من جماعة منهم التقي بن عزام وغير ذلك من الاقطار، وشيوخه خلائق يجمع غالبهم معجمه الذى خرجه له صاحبنا الحافظ أبو الحرم خليل بن محمد الاقفهسى حدث به وبغالب مسموعاته فسمعته منه والكثير من مروياته، وقد جمعت اسانيد مسموعاته في مجلد ضخم مرتب على حروف المعجم مع تراجم أصحاب الكتب والاجزاء وقد برع في علوم عدة منها الحديث والفقه وتصدر بعد السبعين بمكة المشرفة للافادة بضعا وأربعين عاما فازدحم عليه الطلبة منها ومن الغرباء القادمين إليها فأخذوا عنه وانتفعوا به وكثرت(1/254)
تلامذته، حضرت دروسه في الفقه والحديث وغير ذلك ولازمته مدة سنين من أول القرن إلى حين مات فانتفعت به وتخرجت، سمع منه الائمة والحفاظ وانتفع به جماعة وكان رحمه الله تعالى منجمعا عن الناس ساكنا متواضعا صالحا دينا مع الوقار والسمت الحسن وسلامة الصدر له اوراد وعبادة لا يقطعها في طول الزمن، كتب بخطه الكثير وله ت ؟ اليق وفوائد، خرج لنفسه جزءا اوله المسلسل بالاولية وجزءا فيما يتعلق بزمزم حدث بهما غير مرة وكتب شرحا على مواضع من الحاوي الصغير وله الشعر الحسن سمعت عليه أساميه، ذكره شيخنا الحافظ أبو زرعة العراقي في ترجمة والده فيمن اخذ عنه فقال: والحافظ شيخ الحجاز الآن جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة انتهى وكانت وفاته تغمده الله برحمته بمكة المشرفة ليلة الجمعة السادس عشر من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع عشرة وثمانمائة بمكة المشرفة ولم يخلف بها بعده مثله.
وفي هذه السنة مات بالقدس قاضيه بدر الدين حسن بن موسى ابن مكي الشافعي، والفقيه وجيه الدين عبد الرحمن بن احمد الحصري الربعي، وبطابة قاضيها زين الدين عبد الرحمن بن علي بن يوسف الزرندي الحنفي في شهر ربيع الاول، وبمكة قاضيها عفيف الدين عبد الله بن صالح بن احمد بن عبد الكريم الشيباني المكي الشافعي، وبالقاهرة مسندها جمال الدين عبد الرحيم بن علي بن محمد الكناني العسقلاني وله سبع وسنة، وبدمشق شمس الدين محمد بن محمد بن(1/255)
محمد عباس الخريفي (1) ؟ التاجر في شهر رمضان، وبالطور فتح الدين محمد بن محمد المخزومي المصري، وبزبيد قاضيها العلامة اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد الفيروز آبادي الشافعي مؤلف القاموس في ليلة العشرين من شوال وله بضع وثمانون سنة، وبمكة شيخ الحجبة فاتح بيت الله تعالى أبو بكر بن محمد بن ابي بكر الشيبي الحجبي.
أخبرنا الفقيه الامام الحافظ جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله ابن ظهيرة المخزومي سماعا عليه بالمسجد الحرام عودا على بدء قال اخبرنا الفقيه الامام المحدث تقي الدين أبو عبد الله محمد بن احمد بن ابي بكر بن عزام الريغي (2) الشافعي الاسكندري بقراءتي عليه بها غير مرة ح وشافهنا بعلو درجة أبو اسحق ابراهيم بن محمد قال حدثنا الفقيه الامام الحافظ بدر الدين أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الشافعي قال شيخنا في كتابه زاد ابن عزام فقال والفقيهان العلم محمد بن ابي بكر بن عيسى السعدي والشريف محمد بن محمد بن يوسف عرف بابن القاصح الانصاري الشافعيان قالا اخبرنا الفقيه الامام الحافظ تقي الدنيا أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن دقيق العيد
__________
(1) في الاصل من غير نقط فليحرر.
(2) بكسر المهملة ثم تحتانية ساكنة بعدها غين معجمة بيت كبير بالاسكندرية على ما ذكره السخاوي في أبناء الضوء اللامع.
(*)(1/256)
القشيري قال شيخنا ابن ظهيرة واخبرنا المسند شهاب الدين أبو العباس احمد بن عبد الكريم بن الحسين البعلبكي بقراءتي عليه بها قال اخبرنا الحافظ الشريف أبو الحسين على بن محمد بن احمد اليونيني ح واخبرنا بعلو درجة عن هذا المعمر أبو اسحق المؤذن مشافهة عن عبد الله بن يوسف بن اسحق الدلاصي وغيره قالوا واليونيني وابن دقيق العيد اخبرنا الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشافعي قال الدلاصي وغيره اذنا وقال ابن دقيق العيد بقراءتي عليه ح وقال ابن جماعة اخبرنا الفقيه الامام أبو حفص عمر بن عبد الله ابن صالح السبكي المالكي بقراءتي عليه قال اخبرنا الفقيه الامام الحافظ أبو الحسن على بن المفضل بن علي المقدسي المالكي ح وانبأنا بعلو درجة اخرى الفقيه الامام أبو بكر الحسين بن عمر الارموي وغيره عن احمد ابن طالب الصالحي ان جعفر بن علي بن ابي البركات الهمداني انبأه قالا اخبرنا الفقيه الامام الحافظ أبو طاهر احمد بن محمد بن احمد السلفي الاصبهاني الشافعي قال الهمداني اذنا ان لم يكن سماعا وقال ابن المفضل من لفظه قال حدثنا الفقيه الامام أبو طاهر الحسين بن علي بن محمد ابن على الطبري الشافعي من لفظه ببغداد قال اخبرنا امام الحرمين الفقيه ابو المعالي عبد الملك الشافعي قال اخبرنا والدي الفقيه الامام أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني الشافعي ح وعلا لنا بدرجتين عن هذه فيما رواه احمد بن ابي طالب الصالحي المذكور آنفا عن ابي عبد الله(1/257)
الحسين بن المبارك الحنبلي (1) ان لم يكن سماعا قال اخبرنا أبو زرعة
__________
(1) قال الحافظ الشمس محمد بن طولون الحنفي في الفهرست الاوسط عند ذكر اسانيده في صحيح البخاري: (الحنبلي على الاصح كما يؤخذ من ترجمته في طبقات الحنابلة لابن رجب لا الحنفي كما توهمه الشمس محمد بن عبد الرحمن السخاوي وهو
معذور فانهما اخوان الحسين هذا والآخر الحسن ومتقاربا المولد والوفاة وسمعا الصحيح على شيخ واحد وقدما دمشق للحج) اه.
وغاية ما عمله ابن رجب ان ترجمه في ذيله من غير نص خاص بمذهبه، والظاهر ان يعده حنبليا، ولكن قد يترجم في كتابه بعض من له ادنى صلة بالحنابلة كأن يرافقهم في الطلب أو يدرس في مدارسهم أو يأخذ منهم اما واهما أو متساهلا كما يقع مثل ذلك للتاج ابن السبكي في طبقات الشافعية الكبرى وليس بجيد، وقد اغتر المصنف وابن طولون بظاهر صنيع ابن رجب حتى وهم الثاني الحافظ السخاوي الشافعي (المتفرغ للحديث وفنونه) لكن هذا التوهيم منقلب عليه من حيث ان اسرة الزبيديين هذه كلها من مشاهير الحنفية وقد ترجم الحافظ عبد القادر القرشي (الذي سمع الصحيح على الحجار وثلاثيات البخاري على الرشيد بن المعلم وكلاهما من اصحاب الحسين ابن المبارك الزبيدي) في طبقاته أبا عبد الله سراج الدين الحسين واخاه ابا علي نور الدين الحسن وعمهما وجدهما ونص فيها على انه واخاه ممن سمع الصحيح على ابي الوقت فليس بمظنة ان يهم في ذلك وهو اعرف بشيخ شيخه من سواه وابن رجب انما يروي عن الاخوين بوسائط وهو انزل طبقة من القرشي ومن ثمة لم يعبأ السخاوي بصنيع ابن رجب ولا بقول المصنف مع صحبته له وقال في التبر المسبوك والضوء اللامع وغيرهما: رواية البدر العيني عن ابن الكشك عن الحجار عن الزبيدى من لطائف الاسناد فان الاربعة حنفيون اه.
واصاب، وأوقع ابن طولون فيما وقع صلته بنى فهد والحنابلة وتعويله على آرائهم، وكون الحسين بن المبارك ممن يدرس في مدرسة ابن هبيرة الوزير الحنبلي ومرافقته بعض الحنابلة في (*)(1/258)
طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي قراءة عليه وانا اسمع قال اخبرنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان الكرخي قال اخبرنا القاضي الفقيه أبو بكر احمد بن الحسن الحيري (1) الشافعي قال حدثنا أبو العباس
__________
الطلب واخذهم عنه هي جميع ما وقع، والوزير المذكور من ابعد الناس عن التعصب المذهبي فكم قرب الصالحين من علماء المذاهب وجعلهم يدرسون بمدرسته لا سيما الحنفية فانه كان كبير التودد إليهم، وفي افصاحه يسعى في تقريب شقة الخلاف بين الائمة وجعل اقوال أحمد توافق قول ابي حنيفة حتى في مفرداته ولم تكن وجاهته عنده من جهة انه حنبلي بل من ناحية صلاحه وعلمه ومن حيث ان لجده ابي عبد الله محمد بن يحيى الزبيدي الحنفي الزاهد المشهور ايادي بيضاء نحو الوزير المذكور فانه تربى في صغره عنده وأخذ النحو وعلوم الادب عنه وورث رحابة الصدر ولين الجانب منه، وعرفانا بجميل جده كان هو واخوه في اعلى مكانة عند الوزير، وابن طولون نفسه ممن كان يدرس في العمرية الحنبلية على تصلبه في المذهب الحنفي كما يشهد بذلك مؤلفاته، وقد اشرنا إلى بعض ما تقدم في (تذهيب التاج اللجيني في ترجمة البدر العيني)، هذا وللحسين ابن المبارك الزبيدي عدة مؤلفات في الفقه واللغة والقراآت منها البلغة في الفقه وكان عالما بفقه المذاهب على اتساعه في الرواية والحديث.
توفي في الثالث والعشرين من صفر سنة 631 ودفن بمقبرة جامع المنصور ببغداد و (التجريد الصريح لاحاديث الجامع الصحيح) ليس له وان نسب إليه في النسخ المطبوعة وانما هو لزبيدي آخر وهو محدث البلاد اليمنية الشيخ احمد بن احمد بن عبد اللطيف الشرحبي الزبيدي الحنفي المتوفي سنة 893 وهو من بيت علم بزبيد وله مؤلفات ممتعة وهو من مشايخ ابن الديبع، وشرجة بالفتح موضع بنواحي مكة واصلهم من هناك.
(1) كان في الاصل (الحميدي) فصححه الاستاذ العلامة المسند السيد احمد (*)(1/259)
محمد بن يعقوب الاصم قال حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال حدثنا الامام الشافعي محمد بن ادريس رضي الله تعالى عنه عن الامام مالك عن نافع عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا الا بيع الخيار) صحيح متفق عليه اخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى وأبو داود عن القعنبي (1) والنسائي عن محمد بن سلمة جميعهم عن الامام مالك رحمه الله تعالى به فوقع لنا بدلا لهم عاليا وقد تسلسل لنا بالفقهاء الائمة بعضهم عن بعض والله الحمد والمنة.
وبه قال الحافظ أبو محمد المنذري وقد روينا عن ابن المبارك انه ليس جودة الحديث قرب الاسناد جودة الحديث صحة الرجال.
وبه إلى الحافظ السلفي قال وهذا الاسناد جليل بسبب ما اجتمع فيه من الفقهاء الائمة بعضهم عن بعض قال وقلت للقاضي ابي بكر المرندي (2) المعيد وقد وقع لي هذا الحديث بعلو من حديث الاصم
__________
رافع الطهطاوي في النسخة التيمورية بما اثبتناه في اعلاه وهو الصواب كما في المشتبه للذهبي.
(1) بفتح القاف والنون وسكون العين المهملة وآخره موحدة عبد الله بن مسلمة ذكره ابن خطيب الدهشة في مشكل الانساب.
(2) بفتح الميم والراء وسكون النون وفي آخرها الدال المهملة نسبة إلى مرند بلد باذربيجان على ما قاله ابن السمعاني.
(*)(1/260)
كأني سمعته من ابي محمد الجويني شيخ شيخ شيوخنا وهذا الطريق النازل اعز عندي من ذلك الطريق العالي إذ هو مسبك بالجوهر فبلغ إليه هذا الكلام فأعجبه وأعاده للاصحاب والفقهاء فقال ولعمري لقد صدقت
إذ ليس فيه الا امام أو فقيه وقلما يوجد مثله في الروايات قال وان الامام ابا الحسن الكيا قال عقب هذا الحديث: إذا بدت رايات النصوص في ميادين الكفاح طاحت اعلام المقاييس في مدارج الرياح.
* (ابن الشرايحي) * عبد الله بن ابراهيم بن خليل بن عبد الله بن محمود بن يوسف بن تمام الزبيدي السحولي السنجاري الاصل البعلبكي الدمشقي الشافعي الامام الحافظ المفيد جمال الدين أبو محمد ولد ببعلبك في يوم الثلاثاء التاسع من شهر رجب الفرد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ونشأ أميا لا يقرأ ولا يكتب (1) وكان حافظا لا يداني في معرفة الاجزاء
__________
(1) تراه نشأ عاميا لا يكتب ولا يقرأ كالمسند الشيخ يوسف الغسولي الذي يقول عنه ابن العماد كان اميا لا يكتب مع انه من مشايخ الذهبي وكالمسند اسمعيل بن ابي عبد الله العسقلاني الراوي عن حنبل الرصافي وابن طبرزد وعنه يقال ايضا انه كان اميا لا يقرأ ولا يكتب، ولامثالهم كثرة بين الرواة على اختلاف القرون بل غالبهم بمجرد تعلمهم حروف التهجي في الكتاتيب ينصرفون إلى الرواية والى ملازمة مجالس السماع من صغرهم قبل تحصيل مبادئ العلوم الضرورية فيبقون من أبعد خلق الله عن النظر والتبصر، ومن ثمة كان صاحب الترجمة (*)(1/261)
والعوالي وآية في حفظ الرواة المتأخرين يذاكر فيهم مذاكرة دالة على
__________
رحمه الله كبير التساهل في تسميع المترددين إليه كل ما بلغه من اجزاء اناس من المشبهة لا يتحملها أهل العلم منهم الا لتسجيل بدعتهم عليهم ليرد عليهم المتبصرون من العلماء نحلتهم، وفي بعض تلك الاجزاء صريح نسبة القعود والجلوس والمكان والحد والحركة وغيرها إلى ربهم وهذا مما تقشعر جلود الذين يخشون الله من
نسبته إليه تعالى عما يصفون، وان كان بين هؤلاء من شهر بالرواية لكن لم يزالوا على عاميتهم لبعدهم عن اهل العلم وعدم ممارستهم النظر وتعودهم ان يعيشوا أمة وحدهم مغترين بكثرة الملازمين لهم لتحمل ما عندهم من الروايات ولم يستأصل الاسلام من عقولهم بعد شأفة نحلهم التي كانوا عليها قبل الاسلام من يهودية بفلسطين ونصرانية بالشام ووثنية بالبادية وصابئية بحران وواسط عبدة الاجرام العلوية وغيرها من قدماء المشبهة ظانين ان ما هم عليه هو الاعتقاد الصحيح في الله، وقول الجمهور في حقهم مر الا ان الامام عز الدين بن عبد السلام يميل إلى ان من هو في عداد العامة منهم بحيث يعلو التنزيه عن مداركه يعذر ويرجى من سعة فضل الله ان يصفح عنه واما من كان في عداد اهل العلم والنظر منهم فليس يعذره أحد من ائمة السنة، وصاحب الترجمة عزره وآذاه بالقول القاضي برهان الدين أبو سالم ابراهيم بن محمد بن علي التادلي المالكي، الذي يقول عنه ابن خطيب الناصرية: (كان حاكما ناصرا للشرع مهيبا) لما بلغه انه اقرأ كتاب الرد على الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمي والنقض، له بدمشق وعزر القارئ عليه ايضا بكلام وهو البرهان ابراهيم بن محمد بن راشد الملكاوي الدمشقي ثم بالضرب والطواف به والحبس كما في الضوء اللامع وغيره وهذا الكتاب كمسائل حرب مما يتسامع به الحشوية فيما بينهم وفيه غرائب وعجائب لو قام بطبعه بعضهم لظهر لعامة العلماء ما هي السنة التي إليها ينتمون، وينقل منه ابن تيمية أشياء في معقوله، والدارمي هذا وان كان قام (*)(1/262)
حافظة باهرة مع حظ من معرفة الرجال المتقدمين وغريب الحديث
__________
على محمد بن كرام لكن لم يكن قيامه ضد تشبيهه وهما فيه سيان بل على مسألة الايمان، وليس هو صاحب المسند المشهور، وكان اللائق به عدم الولوج في هذه المضايق التي ليس هو من فرسانها حتى لا تزل قدمه وليس ينقذه من هذه الورطة
ما يكيله لمناظريه من هجر القول من غير حجة ناهضة سامحه الله، وترى ايضا في جملة ما يسمعه صاحب الترجمة (كتاب اثبات الحد لله عزوجل وانه قاعد وجالس على عرشه) لابي محمد محمود بن ابي القاسم بن بدران الدشتي واصفا له بالامام الحافظ اوحد زمانه سيد الحفاظ سيف السنة والمسلمين قامع المبتدعين ناصر الدين إلى غير ذلك من الاوصاف الضخمة الخداعة، وفيه عن الزاغوني وابى يعلى وابن بطة وغيرهم من مجانين العقلاء نقول سخيفة يضحك منها عقلاء المجانين وفيه ايضا الابيات المعزوة إلى الدارقطني من غير خجل ولا وجل بسند تالف آخرها: ولا تنكروا انه قاعد * ولا تجحدوا انه يقعده والذهبي تصون عن ذكر هذا البيت في كتاب العلو مع ذكره بقية الابيات (رواية عن شيخ وهو ابن سبع سنين بسند فيه شيخ أقر بالوضع ثم تاب وشيخ مغفل يلقن كما ذكرهما كذلك نفسه في الميزان) وابن القيم ترك التقية وسرد الابيات كلها في بدائع الفوائد من غير سند، وسند الذهبي والدشتي متقاربان والدشتي ايضا ينقل في آخر كتابه - قاعدا تحت المثل السائر (رمتني بدائها وانسلت) - قول الرستمي بكل وقاحة ؟ الاشعرية ضلال زنادقة * اخوان من عبد العزى مع اللات بربهم كفروا جهرا وقولهم * إذا تدبرته أسوى المقالات ينفون ما أثبتوا عودا لبدئهم * عقائد القوم من أوهى المحالات (*)(1/263)
وكان اعتماده في ذلك على حفظه، وكان يستعين بمن يقرأ له وهو بهذه
__________
وهذا الرستمي كأنه هو الذي يقول فيه الشاعر: كفرا بعلمك يا بن رستم كله * وبما حفظت سوى الكتاب المنزل لو كنت يونس في رواية نحوه * أو كنت قطرب في الغريب المشكل
وحويت فقه ابي حنيفة كله * ثم انتميت لرستم لم تنبل وتوحيد ابن خزيمة الذي يقول عنه الرازي في تفسير قوله تعالى (ليس كمثله شئ) ما يقول وفاروق الهروي وذم الكلام له إذا وجدت على امثالها خطوط بعض من جمع بين الرواية والدراية وسماعاتهم فانما ذلك للتوثق من نسبة الكتاب إلى مؤلفه حتى يتم الرد عليه كما فعل بكار بن قتيبة حين رد على المزني في المسائل الفرعية، وكان ابن حجر ينهى ان يروى عنه بعض ما تقدم من الكتب كما حكى ذلك السخاوي في (الاعلان بالتوبيخ) وهذا مما يدل على ان سماع مثله لمثل ما تقدم للتسجيل لا للتعويل بخلاف امثال صاحب الترجمة قال الحافظ السخاوي في الاعلان بالتوبيخ: اما ما اسنده أبو الشيخ في كتاب السنة له من الكلام في حق بعض الائمة المتبوعين وكذا ابن عدي في كامله والخطيب في تاريخ بغداد وآخرون ممن قبلهم كابن ابى شيبة في مصنفه والبخاري والنسائي مما كنت انزههم عن ايراده مع كونهم مجتهدين ومقاصدهم جميلة فينبغي تجنب اقتفائهم فيه ولذا عزر بعض القضاة الاعلام من شيوخنا من نسب إليه التحديث ببعضه بل منعنا شيخنا حين سمعنا عليه كتاب ذم الكلام للهروي من الرواية عنه لما فيه من ذلك اه ومن العجب ان ترى خط الحافظ الجمال بن عبد الهادي الحنبلي على مثل جزء الدشتى المذكور وتسميعه لاهله وخاصته.
وانما افضنا في هذا البحث ليكون القارئ على بينة من امر هؤلاء الحشوية المعادين لاهل السنة (الاشاعرة والماتريدية) حتى لا يغتر بالدعايات القائمة التي لا تنطوي الاعلى جهل فاضح عند اصحاب(1/264)
المثابة أعجوبة زمانه في المحاضرة اللطيفة والنوادر الطريفة، وسمع باعتناء ابيه وشيخه اسماعيل بن بردس عليهما وعلى جمع كثير منهم اسماعيل بن السيف ابي بكر بن اسماعيل الحراني وأبو الطاهر محمد بن احمد بن عبد الغني بن الفراء واحمد بن محمد الجوخي ومحمد بن موسى الشيرجي ويعقوب بن يعقوب الحريري وعمر بن حسين بن اميلة ومحمد ابن احمد بن ابراهيم بن ابي عمر وزينب ابنة قاسم الدمامينى ومحمود بن خليفة المنبجي ويوسف بن عبد الله الحبال وأبو المحاسن يوسف بن محمد بن محمد الصريفي واحمد بن النجم اسماعيل بن ابي عمر ومحمد بن محمد ابن عوض وحسن بن علي الكلابي وخليل بن (1) الحافظي ومحمد ابن احمد بن ابي راجح واحمد بن عبد الكريم البعلي والقطب عبد اللطيف (ابن عبد الكريم الحلبي) و عبد الرحمن بن محمد بن الاستاذ وعثمان ابن يحيى بن حولان وخلائق لا يحصون من أصحاب الفخر ثم من اصحاب ابن عساكر وابن القواس ثم من اصحاب القاضي سليمان ثم من اصحاب أبي العباس الحجار ثم من اصحاب ابنة الكمال زينب، واكثر من المسوع جدا حتى سمع على اقرانه ومن هو دونه على ضعف بصره مع مشاركة جيدة في فنون الحديث ومعرفة بالعالي والنازل، وكان تغمده الله
__________
العقول السليمة والنظر الصحيح وقد استوفينا الكلام على ذلك في (تحذير الخلف عن مخازي أدعياء السلف).
(1) هنا بياض في الاصل.
(*)(1/265)
تعالى برحمته فقيها فرضيا اوحد الحفاظ المفيدين، قدم القاهرة بعد اللنك في سنة ثلاث وثمانمائة فاستوطنها مدة وحدث بها بجملة من مسموعاته وخرج للقمني (1) مشيخة ولجماعة من أقرانه ومن هو دونهم، ثم عاد إلى دمشق فأقام بها زمانا منفردا إلى ان وافاه حمامه في أواخر سنة تسع عشرة وثمانمائة، وقد اتفق على ذلك الحفاظ الثلاثة ابن حجر والفاسي وابن ناصر الدين، ثم ان ابن حجر تعقب ذلك بأن قال ثم تحرر لي انه مات في ثالث المحرم من سنة عشرين وثمانمائة انتهى وكان آخر ما حدث في صحيح مسلم عاش بعد ختمه يوما وليلة ومات رحمة الله تعالى عليه.
وفي سنة تسع عشرة مات بمكة المشرفة الشريف شهاب الدين أبو العباس احمد ابن علي بن محمد الفاسي في حادي عشري شوال، وبدمشق القاضي شهاب الدين احمد بن محمد بن نشوان الشافعي، وبأم القرى مكة الشيخ الصالح احمد بن يوسف بن عبد الرحمن المشهور بالاهدل وقد عد السبعين، وبالقاهرة المحدث حميد الدين حماد بن عبد الرحيم بن علي بن عثمان بن التركماني المصري الحنفي، وبمكة المشرفة المعمر الاصيل ظهير الدين أبو بكر ظهيرة بن حسين بن علي بن احمد بن ظهيرة في صفر، وبدمشق المسند عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن محمد بن سليمان بن حمزة
__________
(1) نسبة إلى قمن بكسر اوله وفتح ثانيه وآخره نون قرية من قرى مصر نحو الصعيد.
معجم البلدان ومثله في الضوء اللامع.
(*)(1/266)
المقدسي الحنبلي الصالحي وله تسع وسبعون سنة، وبالقاهرة الشيخ زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن بن ابي أمامة محمد بن علي بن عبد الواحد عرف بابن النقاش المصري، وبدمشق الواعظ زين الدين عبد الرحمن بن يوسف الكردي الدمشقي، وبالقاهرة القاضي امين الدين عبد الوهاب بن محمد بن احمد بن ابي بكر الحنفي في شهر ربيع الاول وغانم بن محمد بن محمد بن يحيى الخشبي (1) وله ثمان وسبعون سنة، وبأم القرى العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن احمد بن عثمان بن عمر المعروف
بالوانوغي (2) التونسي، وبالقاهرة العالم همام الدين محمد بن احمد الخوارزمي الشافعي في شهر ربيع الاول، والقاضي شمس الدين محمد ابن علي بن معبد المقدسي المدني المالكي في شهر ربيع الاول، والقاضي ناصر الدين محمد بن عمر بن ابراهيم بن العديم الحلبي في شهر ربيع الثاني وبمكة قاضيها كمال الدين أبو البركات محمد بن ابي السعود محمد بن حسين بن ظهيرة المخزومي، وبالقاهرة فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد ابن محمد بن عبد الدائم الباهي (3) وعالمها عز الدين محمد بن ابي بكر ابن عبد العزيز بن جماعة في شهر ربيع الثاني، وبدمشق نور الدين محمد المشهور بابن قوام البالسي الصالحي، والزاهد المحدث سعد الدين مساعد
__________
(1) بمعجمتين مفتوحتين ثم موحدة كما في الشذرات وهو أيضا من الحنفية.
(2) بتشديد النون المضمومة وسكون الواو بعدها معجمة قاله ابن العماد.
(3) إلى باهى من كورة بوش بصعيد مصر.
داودي ذيل اللب.
(*)(1/267)
ابن شاري بن مسعود الهواري، وبمكة الفقيه مسعود بن هاشم بن علي ابن غزوان الهاشمي في جمادى الاولى، وبالقاهرة القاضي تقي الدين أبو بكر عرف بابن الجيتي (1) الحنفي.
* (الاقفهسي) * خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن المصري الشافعي الامام الاوحد الحافظ صلاح الدين وغرس الدين أبو الحرم وابو سعد وابو الصفاء الاشقر ولد في عشر السبعين سنة بضع وستين وسبعمائة، اشتغل في الفقه وجلس للتكسب يتحمل الشهادة في حانوت الشهود وحبب إليه الحديث فطلب لنفسه وجد فيه في حدود
السبعين فسمع بمصر والقاهرة من الكتب والاجزاء الكثير على الجم الغفير كتقي الدين بن حاتم وعزيز الدين المليحي والصلاح الزفتاوي (2) خاتمة أصحاب الحجار ووزيرة بديار مصر، ثم حج في سنة خمس وتسعين وجاور بمكة المشرفة في سنة ست فسمع بها من البرهان بن صديق وشمس الدين بن سكر (3) وغيرهما وخرج جزء حديث بجماعة من
__________
(1) بكسر الجيم وسكون التحتية ثم فوقية قرية من اعمال بالس ضبطها المنذري والذهبي.
داودي ذيل اللب.
(2) بكسر اوله نسبة لبليدة من بحري الفسطاط على ما ذكره السخاوي.
(3) سبق ضبطه عند ذكر الشهاب بن سكر وهو المسند الكبير شمس الدين.
(*)(1/268)
شيوخها كالامام ابي اليمن الطبري وأخيه المحب قراءة على بعضهم فلما حج في سنة ست وسبعين رحل منها إلى دمشق فأدرك بها جماعة من جلة مشايخها منهم المفتي شهاب الدين احمد بن أبي بكر بن العز الصالحي آخر أصحاب القاضي سليمان بالسماع وعلي بن محمد بن أبي المجد وابو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ ابي عبد الله الذهبي وعدة من اصحاب الحجار قرأ عليهم جملة من الكتب والاجزاء، ورحل إلى بيت المقدس في أوائل سنة ثمان وتسعين فزار المسجد الاقصى وسمع على من بالبلد من الشيوخ وتوجه منه إلى القاهرة فلازم السماع على الشيوخ، وخرج للقاضي مجد الدين الحنفي (1) مشيخة في ثمانية اجزاء ثم قصد مكة
__________
أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن علي بن ضرغام البكري الحنفي المعروف بابن سكر قال ابن العماد الحنبلي: سمع ما لا يحصى ممن لا يحصى وجمع شيئا كثيرا بحيث كان لا يذكر له جزء حديثي الا ويخرج سنده من ثبته عاليا أو نازلا
وذكر ان سبب كثرة مروياته وشيوخه انه كان إذا قدم الركب مكة طاف على الناس في رحالهم ومنازلهم يسأل من له رواية أو خط من علم فيأخذ عنه مهما استطاع، وكتب بخطه ما لا يحصى من كتب الحديث والفقه والاصول والنحو توفي سنة 801 عن ثلاث وثمانين سنة اه.
وهو من شيوخ الحافظ ابن حجر ترجمه في المجمع المؤسس.
(1) وهو المسند النسابة أبو الفداء مجد الدين اسمعيل بن ابراهيم البلبيسي الحنفي القاضي تخرج بمغلطاي، حدث وسمع وألف تآليف منها (مختصر أنساب الرشاطي) أجاد فيه، وأنساب ابن السمعاني وأنساب الرشاطي في كفتي الميزان فابن السمعاني (*)(1/269)
المشرفة في البحر المالح في آخر سنة تسع وتسعين فلم يدرك الحج وجاور بها سنة ثمانمائة والتي بعدها إلى ان حج فرحل منها صحبة الحاج الشامي إلى دمشق فدخلها في سنة اثنتين واستفاد فيها شيئا من المرويات والشيوخ ما لم يكن استفاده في رحلته الاولى فلما كان في اوائل سنة ثلاث توجه إلى مصر وأقام بها إلى ان سافر الحاج سنة اربع فصحبه إلى مكة فحج وجاور بها نحو سبع سنين متوالية خرج بها لحافظها العلامة ابي حامد بن ظهيرة معجما في مجلد أجاد فيه سمعته عليه بقراءته وهو عندي بخطه غير انه عدم منه بعض الجزء الاول وللشيخ قاسم السملي قراءة عليه فسمعته وكتبت منه نسخة وفي مجاورته هذه زار المدينة النبوية مرات والطائف مرة وأقبل على العبادة والخير والتخريج والافادة مع حسن الخلق وخدمة الاصحاب بحيث ان من جالسه لا يمله، ولما حج في سنة احدى عشرة عول عليه بعض أصحابه من التجار في ان يتوجه إلى صوب بلاد العجم في حاجة له فما وسعه مخالفته
__________
عرف بالاتقان في انساب المشارقة والرشاطي في أنساب المغاربة، ومختصره كمختصر ابن الاثير لانساب السمعاني المسمى بلباب الانساب بل يرجح عليه من جهة انه متأخر اطلع على كتب من تقدمه وانتقدها وقد تخرج بمثل مغلطاي الطائر الصيت في معرفة الانساب، وترجمه السخاوي في الضوء اللامع وقال ولد سنة 728 ورافق الجمال الزيلعي المحدث في الطلب فاكثر من سماع الكتب اختصر الانساب للرشاطي مع زيادات من ابن الاثير وغيره وله عدة مؤلفات توفي سنة اثنتين وثمانمائة.
(*)(1/270)
وتوجه مع قافلة عقيل إلى المدينة الشريفة ثم إلى الحسا والقطيف وتوجه من ثم إلى هرموز وسافر منها في البحر إلى كنباية ثم عاد إليها فصار يتردد منها إلى بلاد العجم للتجارة فدخل شيراز وهراة وسمرقند وكان رحمة الله تعالى عليه دينا خيرا ورعا زاهدا لا تأخذه في الله لومة لائم اماما حافظا بارعا في فنون من العلم الحديث والفقه والاصول والفرائض والحساب والعربية والعروض والادب مع المروة والتواضع ولم يزل منذ طلبه في ازدياد، له النثر الفائق والنظم الرائق اكثر منه في غربته يتشوق إلى اصحابه ووطنه وأحبابه وكان قبل ذلك ينظم قليلا وله تعاليق حسنة وفوائد جمة خرج لنفسه اربعين حديثا متباينه الاسناد واكملها خمسين ثم بلغ بها السبعين، صحبته كثيرا فانتفعت به وسمعت عليه من لفظه السيرة لابن سيد الناس وشرح ألفية العراقي في الحديث وكذا نكته على ابن الصلاح وغير ذلك وأنشدني جملة من شعره، وخلف جملة أجزاء وعدة كتب صار غالبها للحافظ شهاب الدين ابن حجر فانتفع بها وبثبته لانه كان قبل سفره من مكة أوصى بأن يسلم جميع ذلك إليه (1) وكانت وفاته رحمة الله عليه غريبا بمدينة يزد من
__________
(1) واستفاد ابن حجر جدا من فوائده المجموعة التي لم يكن نظمها في سلك كتاب مدون.
وجعلها في ضمن ما ألفه وكذا كان سبط ابن العجمي الحافظ سمع لابن حجر ابن ينتقي من كتبه الفوائد في سفرته الحلبية، وكتب البرهان بن العجمي معروفة بكثرة الفوائد الحديثية فازدادت كتب ابن حجر رونقا وفوائد عفوا بلا تعب.
(*)(1/271)
بلاد العجم فجأة بمسلخ الحمام عندما خرج منه في أواخر سنة عشرين وثمانمائة.
وفيها مات بمصر الشيخ شهاب الدين احمد الفراوي، والقاضي تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله الحنفي، وبمكة المشرفة قاضيها عز الدين محمد بن احمد العقيلي النويري الشافعي في ليلة الحادي والعشرين من شهر ربيع الاول، وبمصر الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن جعفر البلالي (1) شيخ خانقاه سعيد السعداء، وبزبيد الرئيس جمال الدين محمد المصري ابن أبي بكر بن علي بن يوسف الذروي (2)، وبأم القرى الشيخ موسى بن علي بن علي المناوي المصري في شعبان.
* (المراكشي) * محمد بن موسى بن علي بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المكي الشافعي سبط سيدي الشيخ عفيف الدين عبد الله بن اسعد اليافعي الامام الاديب الفقيه الحافظ شمس الدين أبو عبد الله ولد في ليلة الاحد الثالث من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمكة المشرفة ونشأ بها فحفظ القرآن العزيز وكتبا عدة منها
__________
(1) نسبة إلى بلالة من اعمال عجلون.
الشذرات.
(2) بفتح الذال المعجمة والراء بعدها واو نسبة إلى ذروا قرية بصعيد مصر.
ذيل لب اللباب، قال السخاوي ولد بالذروة بصعيد مصر ثم انتقل إلى مكة فزبيد.
(*)(1/272)
التنبيه والمنهاج في الفقه والعمدة في الحديث والالفية في النحو وكتبا أخر في علوم شتى وعرضها واشتغل في الحديث والفقه والعربية والعروض والادب فظهرت نجابته واشتهرت نباهته وكان يتوقد ذكاء تفقه بشيخ الاسلام جمال الدين بن ظهيرة والشيخ شمس الدين الغراقي وغيرهما وأخذ علم العربية عن الشيخ شمس الدين المعيد والشيخ خليل بن هرون وغيرهما، وأقبل على هذا الشأن بهمة عالية فأخذه عن الحافظ ابي حامد وغيره وطلب بنفسه فسمع من جماعة بمكة المشرفة الكثير من الكتب والاجزاء على مشايخها والقادمين إليها منهم البرهان بن صديق والحافظ أبو حامد بن ظهيرة والامام أبو اليمن الطبري ووجيه الدين وأصيل الدين عبد الرحمن بن حيدر الدهقلي والقاضي رضي الدين أبو حامد المطري، ورحل إلى المدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام فقرأ بها الكثير على قاضيها العلامة ابي بكر بن الحسين العثماني وأم محمد رقية ابنة يحيى بن مزروع وغيرهما ثم رحل إلى الشام في سنة خمس عشرة فأدرك بها جماعة من مشايخها الجلة كابن طولوبغا عبد الرحمن وعائشة ابنة محمد بن عبد الهادي وعبد القادر الارموي وابراهيم بن محمد القرشي وجمع، ثم رحل إلى بعلبك فسمع بها من عدة منهم محمد بن اسماعيل بن بردس وبحمص ونابلس وغزة وحماة وحلب وغيرها ثم كر راجعا إلى دمشق، ورحل منها إلى بيت المقدس فسمع بها من ابراهيم بن ابي محمود ومحمد بن ابي بكر بن كريم وغيرهما وبالخليل من احمد بن موسى الجبراوي وغيره(1/273)
وتوجه إلى مصر فسمع بها من جماعة منهم المسند أبو الطاهر محمد بن ابي اليمن بن الكويك و عبد الله بن علي العسقلاني الحنبلي ومحمد بن علي الزراتيتي (1) وبالاسكندرية من عبد الله بن محمد بن خير ومحمد بن محمد بن التنسي ومحمد بن عمر الدماميني غيرهم، وأجاز له في سنة ثمان وثمانين وما بعدها باستدعاء المحدث شمس الدين بن سكر وكثيرون منهم القاضي ولي الدين بن خلدون والشيخ أبو عبد الله بن عرفة و عبد الله النشاوري (2) وابراهيم الا بناسي (3) وابراهيم بن فرحون وناصر الدين بن الميلق وابو الفتح بن حاتم وعزيز الدين المليحي والعراقي والهيثمي وصدر الدين المناوي، وكان اماما حافظا يقظا ماهرا حسن الاخلاق قليل الكلام ذا مروءة وسماحة وقناعة باذلا كسبه وفوائده وكتبه، له الخط الحسن المتقن قل ان يوجد فيه سقطة أو لحنة كتب به الكثير لنفسه ولغيره، وله تعاليق جمة وفوائد نفيسة صار غالبها إلى صاحبنا الامام جمال الدين محمد بن ابي بكر الخياط
__________
(1) نسبه إلى (زراتيت) قرية بمصر على ما ذكره السخاوي.
وهو امام البرقوقية الشيخ المقرئ شمس الدين الحنفي، وبقراءته سمع البدر العيني الشاطبية على الشيخ أبي الفتح العسقلاني آخر أصحاب التقي الصائغ.
(2) نسبة إلى (نشاور) وكانت تدعى في القديم نيسابور على ما ذكره أبو الفداء في تقويم البلدان.
(3) بفتح الهمزة وسكون الموحدة بعدها نون في آخرها سين قرية صغيرة
بالوجه البحري بمصر.
شذرات الذهب.
(*)(1/274)
وله اليد الطولى فيما يؤلفه ويخرجه مع العبارة الحسنة وصوغ الكلام بعضه إلى بعض دخل اليمن مرارا فحصل له الحظ الوافر عند ملكها الناصر احمد ومدحه بقصائد فائقة فأجازه بجوائز سنية وكان في كل عام يتردد إليه حتى انه عزم على الاقامة به، رحلت أنا وهو في سنة ست عشرة إليه لنسمع على القاضي مجد الدين الفيروزآبادي مشيخة خرجها له فلم يتيسر له قراءتها واجتهدت انا حتى قرأت عليه ما فيها من الاحاديث جميعها والآثار والشعر من غير كلام مخرجها من المسودة وألبسني خرقة التصوف وحرصت على تحصيل نسخة من المشيخة فلم يتيسر لي ذلك غير اني كتبت أحاديث من أولها ولم اظفر بالمشيخة بعد موته لانه قال احتمل جملة كتبه إلى زبيد فلما عزم على الحج تركها عند زوجته فمات بمكة بعد قضاء نسكه واستولت الزوجة على الكتب وكان استعار مني عدة كتب فلولا حسن نيتي ما جمعها الله تعالى علي وذهبت سائر كتبه شذر مذر وذهب جميع ما جمعه وألفه وأتعب نفسه عليه لم ينتفع به فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، وخرج لجماعة من مشايخه من ذلك العلامة زين الدين أبو بكر بن الحسين الاموي مشيخة سمعتها عليه بقراءته وكتبت منها نسخة وأربعين حديثا منها عشرون موافقات وعشرون ابدال لجماعة من المشايخ سمعتها على بعضهم وتراجم لجماعة من شيوخنا أجاد فيها عندي من ذلك نسخ(1/275)
ومشيخة للشيخ جمال الدين محمد بن ابراهيم المرشدي (1) كتب له بها
نسخة وقرأها عليه وهي عند بعض ورثته الآن وضاع تعبه لديه فانه غير ما مرة بعد وفاته شرع يتنقصه بقلة المعرفة وما ذاك الا من سوء الطبع فالله تعالى يجازي كلا بفعله، وقد خرج لنفسه أربعين متباينة موافقات لكنه تساهل فيها بالاجازة وقد ذهبت فيما عدم، وله النثر الفائق والنظم الرائق يغوص فيه على المعاني الدقيقة، واتفق له انه لما توجه من اليمن إلى الحج في سنة ثلاث وعشرين ضاق عليه الوقت فخرج من أبعد مرسى من السفينة (2) هو وجماعة واكترى جملا مع شخص فلما تراءت لهم جبال عرفة أخذ الجمال جمله وذهب فتوجه هو وصاحب له يقال له ابن ميمون نحو عرفة لادراك الوقوف فكان رحمه الله يقسم انه حصل بأرض عرفة في ليلة النحر مدركا للوقفة وعجز عن المشي فتركه ابن ميمون وجاءنا إلى منى في يوم النحر فأخبرني بخبره فتجردت في اطمار وأخذت معي أخاه لامه عبد الهادي ومعنا دليل
__________
(1) وهو الامام العلامة رأس المحدثين جمال الدين محمد بن ابراهيم بن احمد المرشدي الحنفي مسند الحجاز ولد سنة 770 وتوفي سنة 833 وقد خرج له ايضا الصلاح الاقفهسي (الاربعين من طريق أربعين من الفقهاء الحنفية) وترجمه ابن حجر والسخاوي وغيرهما فأطروه، والمرشدي بيت علم كبير من الحنفية بالحجاز (2) ولفظ السخاوي...فبرز من بعض المراسي القريبة من جدة في عاقبة الريح في يوم حار وركب وسط النهار فرسا عربيا وركضه كثيرا ليدرك الحج وكان بدنه ضعيفا فازداد ضعفا الخ.
(*)(1/276)
وتوجهنا في طلبه فوجدناه في ناحية السقيا (1) قريبا من المزدلفة وهو يزحف على استه وقد تلف من الجوع والعطش وان معنا شئ من الزاد والماء فأعطيناه اياه فاستعمل منه قليلا وردت إليه روحه فحملناه على دابة وأتينا به منى فأقام بها أيام التشريق فلما انقضت نزل إلى مكة وأقام بها متوجها فلما كان صبح يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة قضى نحبه رحمه الله تعالى فصلى عليه من يومه عند باب الكعبة خطيب المسجد الحرام كمال الدين أبو الفضل النويري بعد فراغه من الصلاة ودفن بالمعلاة على والده وكان له مشهد عظيم رحمة الله تعالى عليه وتألم لموته جمع من الاخيار وتأسفوا لفقده فنسأل الله تعالى خير هذه المصيبة.
وقد رثاه صاحبنا الاديب الامام قطب الدين أبو الخير محمد بن عبد القوي البجائي المكي بقصيدة سمعناها منه انشدت بحضرته بالمعلاة في اليوم الثالث من وفاته في ملا من المسلمين ثم قرأتها عليه بعد ذلك وهي هذه: من للمحابر والاقلام والكتب * بعد ابن موسى ومن للعلم والادب من للرواية أو من للدراية أو * من للقراءة من للجد في الطلب من لليراعة أو من للبراعة أو * من للوراعة من للهدي والقرب من للعقائد أو من للقواعد أو * من للفوائد من للجمع والنسب
__________
(1) بالضم المسيل الذي يفرغ في عرفة ومسجد ابراهيم.
(*)(1/277)
من للتفاسير من للفقه ينشره * من للاصول وللتدريس والنخب من للاسانيد يرويها مصححة * من للصناعة يعريها عن الكذب من للفرائض أو من للحساب بها * من للتواريخ من للنحو والنسب من للعلوم التي تعيى العقول بها * من للتناظر إذ يجثى على الركب
من للبحوث التي دقت مآخذها * من منه عنها جلاء الشك والريب من للتصانيف يسديها محررة * من للتفاوي ومن للكشف في الكتب من للبلاغة من للشعر ينظمه * من للغات التي تعزي إلى العرب من للتأويل يدري حل مشكلها * من للاقاويل في الآداب والخطب من للسكون وبل من للوقار وبل * من للحفاظ إذا ما طاش ذو شغب من للطروس التي خطت انامله * سلاسلا صاغها التجويد من ذهب أين الهمام الذي في العلم همته * تعلقت بعرى الافلاك والقطب أين التيقظ والاتقان يطلبه * اين الذكاء الذي ينشى عن اللهب اين الجبين الذي اثر السجود به * كأنه الشمس إذ تبدو من الحجب أين الذي في التقى والخير منشأه * من خير ام أتى ايضا وخير أب لليافعي ابن موسى من خلائفه * حبرا صلاح اقرا السر في العقب سعت إليه شعوب في كهولته * بضع الثلاثين ما في ذاك من عجب هوت بجهبذنا طرا وأكملنا * نهى وأسبقنا للفضل في القصب إلى ضريح فسيح مونق خضل * مرونح نير مستأنس رحب يا حافظ الوقت ضيعنا الحفاظ لما * نلنا بحفظك تحت الترب والنصب أضحت مغانيك بعد العين مذكرة * أسنى معانيك يا لله من نصب(1/278)
واصبح الفضل مذعورا عليك اسى * من بعد ما احتل في اثوابه القشب تكدرت بعدك الدنيا وساكنها * جوى عليك فما في العيش من ارب غيبت عنا فكاد اللحد من أسف * يبكي لطوفان نوح نوح منتحب بلعت يا ارض بحرا ماله طرف * فأقلعي يا سماء الفضل والحسب يا قرة العين ما للعين من حلل * تبكي عليك طوال الدهر من وصب
ما أنت في الهلك فردا يستكان له * اليك فالكل في هلك وفي عطب فالله يعظم فيك الاجر منه كما * عظمت رزءا بذي الايام والحقب مثوى للحدك لا تعدو أعاديه * بمرزم نوءه يقضي على السحب فأنت قبر بأرض في السماء غدا * مثامنا لعداد السبعة الشهب ثم الصلاة على المختار من مضر * ما غرد الورق في الافنان والقضب وهذه مكاتبة رقمها في مرضه الذي مات فيه وقرأها علي وسألني في أن اذهب بها إلى شيخنا الامام أبي الخير بن الجزري الشافعي وآتيه بجوانبها فأجبت سؤاله وهذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم يقول مسطرها العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن موسى بن علي بن عبد الصمد ابن محمد بن عبد الله المراكشي المكي خادم مقام مولانا وسيدنا شيخ الاسلام أوحد من دار عليه الفلك من الايام في كل فصل ومقام شمس الدين قاضي قضاة ممالك المسلمين محمد بن محمد بن محمد بن الحزري الشافعي(1/279)
أدام الله تعالى على الوجود ظله وأعلى بل زاد في الخافقين رفعته ومحله متهجما ما نصه: يا شمس أفق بلاد الشرق كم شهدت * بشارة بعلاها سرت في البشر يا سابق العلما في كل مشكلة * وكل علم أمنت السبق فانتظر مددت ابحر علم لا تطاق فمذ * جزرت رفقا دعاك الناس بالجزري نداء ذي علة قالت على نبأ * البحر عذب هنا أغنى عن المطر ها قد قصدتك أبغي بالاجازة تش * - ريفا لديك بفتوى العلم والخبر حققتم معنيي لفظ الاجازة لل * طلاب لكن بلا رد لمنتظر
وقد أسفت على تلك الفضائل لم * ما كان تسليمها التوديع للسفر طلعت عاما علينا والشموس كذا * تسير عاما فسر بالعز والظفر آمين آمين وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين وكتب له مجيبا بعد ان سمعتها من لفظه ونقلتها من خطه: يا عالما ماله في الناس من شبه * وناظما جوهرا قد زين بالدرر ويا اماما له بالخط اي يد * فاقا الاولى سلفوا في غابر العصر شرفتني بقريض لا نظير له * بسيط بحر أتى صفوا بلا كدر نعم أجزتك ما اروي ومالي من * نظم ونثر وان يفتى مع الحذر وعلمنا بك يغني عن تفقده * بشرطه فارو ما تبغي بلا خطر واعذر ضعيفا بعيد الدار مرتحلا * قد قالها وهو مختار على سفر(1/280)
وانت أصبحت فردا في الحديث وفي * انواع فضل وافضال بلا نظر والله يبقيك في خير وكاتبه * محمد وهو المشهور بالجزري ومولدي عام (اذن) (1) في دمشق وذا * قد قلت عام (أضاحجي) (2) على الكبر والحمد لله ربي والصلاة على * محمد المصطفى المبعوث من مضر وفي سنة ثلاث وعشرين سنة وفاته مات بمكة المشرفة الشيخ تغري برمش بن يوسف التركماني الحنفي (3) وبالقاهرة قاضيها كمال الدين عبد الله بن مقداد الاقفهسي المالكيى في جمادى الاولى، وجمال الدين عبد الله السمهودي (4) وبالمدينة الشريفة على الحال بها افضل الصلاة والسلام قاضيها نور الدين علي بن ابي علي يوسف الزرندي الحنفي، وبعدن قاضيها تقي الدين عمر بن محمد بن عيسى اليافعي في يوم عيد الفطر وبمكة المشرفة الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن ابي الخير الفاسي، وأبو الفضل محمد بن البهاء محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالي
__________
(1) يعني سنة 751.
(2) أي سنة 823.
(3) هو المحدث شيخ البدر العيني في معاني الآثار، ترجمه ابن حجر في المجمع المؤسس في عداد مشايخه.
(4) نسبة إلى سمهود بالفتح والسكون وضم الهاء وبالدال المهملة قرية كبيرة على شاطئ بحر النيل بالصعيد.
مراصد الاطلاع وذيل لب اللباب.
(*)(1/281)
في جمادى الاولى، ومحمد المدعو بكمال بن الضياء (1) محمد بن محمد بن سعيد الهندي الصاغاني الحنفي.
* (ابن البلقيني) * عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن احمد بن محمد ابن شهاب بن عبد الخالق أو عبد الحق بن محمد بن مسافر الكناني العسقلاني المصري الشافعي الامام العلامة الاوحد شيخ الاسلام جلال الدين أبو الفضل سبط الشيخ بهاء الدين بن عقيل ولد في جمادى الآخرة أو في شهر رمضان سنة ثلاث وستين وارتحل به ابوه معه في سنة تسع وستين إلى الشام لما ولي قضاءها فلو وجد من يعتني به حينئذ لادرك الاسناد العالي ولم يكن لابيه في تسميعه عناية وانما سمع اتفاقا شيئا من السنن الكبرى للبيهقي بنزول على الشيخ علي بن أيوب وسمع مع أبيه غالب الكتب الستة بغير شرط السماع لما كان يقع في غضون ذلك من كثرة اللغط في البحث المفرط المخل لصحة السماع لكن قد استجاز له الحافظ أبو العباس بن حجي جماعة منهم ابن اميلة والصلاح بن ابي عمرو الحافظ عماد الدين بن كثير والنجم احمد بن اسماعيل النقبي واحمد بن عبد الكريم والطبقة، اخرج له عنهم الحافظ أبو الفضل
__________
(1) ابن الضياء بيت علم عظيم من الحنفية بمكة، وتراجم رجال هذا البيت مستوفاة في الضوء اللامع.
(*)(1/282)
ابن حرج فهرسا بالكتب المشهورة فكان يحث منها، وقد خرجت اربعين حديثا عن أربعين شيخا من روايته وجماعة من مشايخنا قرأتها على بعضهم، اشتغل الكثير على أبيه وعلى غيره القليل وكان قوي الحافظة لديه ذكاء وفطنة، حفظ مختصرات، وولي توقيع الدست ثم قضاء العسكر ودرس بعدة اماكن فاشتهر اسمه وطار ذكره وانتهت إليه رياسة الفتوى لا سيما بعد وفاة والده وولي القضاء بالديار المصرية عدة مرار إلى ان مات وهو متول، وكان رحمة الله تعالى عليه عفيفا نزها حسن البشر والود محبا في العلم ماهرا في الفقه كثير المطالعة في كتب الحديث، قال الحافظ شهاب الدين بن حجر: كان يحب فنون الحديث محبة مفرطة وتأسف على ما ضيع منها ويحب ان يشغل فيها وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين في كتاب (التبيان لبديعة البيان) شرح ألفيته في الحفاظ: كان عين أعيان الامة خلف والده في الاجتهاد والحفظ وعلوم الاسناد رايته يناظر أباه في دروسه ويناقشه فيما يلقيه من نفسه مع لزوم حرمة الآباء وحفظ مراتب العلماء، وله على صحيح البخاري تعليقات نفيسات ومنها بيان ما وقع فيه من المبهمات وله نظم ونثر وعدة مصنفات.
قلت منها في التفسير والفقه ومجالس الوعظ وله حواش على نسخته من الروضة جردها بعض طلبته في مجلد ضخم وجمع له فتاوى أيضا وتعليقه على البخاري سماه (الافهام لما في البخاري من الابهام) اجازني بما له روايته وليس هو من شرط كتابنا هذا وانما ذكرته تبعا لشيخنا الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين(1/283)
فانه ذكره في كتابه المسمى (بديعة البيان عن موت الاعيان) ومات تغمده الله تعالى برحمته مسموما فيما قيل أو بعلة القولنج ثم الصرع في العاشر من شوال سنة أربع وعشرين وثمانمائة بالقاهرة المعزية ودفن على أبيه في مدرسته التي انشأها.
وفي هذه السنة مات بطريق عدن الفقيه حسين بن احمد بن ناصر الهندي المكي الحنفي، والقاضي شرف الدين حسين بن علي بن جراح وبدمشق قاضيها تاج الدين عبد الوهاب بن احمد بن صالح الزهري الشافعي في ثالث شهر ربيع الاول، وبالقاهرة شمس الدين محمد بن جامع البوصيري، وبمكة المشرفة الشريف أبو حامد محمد بن عبد الرحمن ابن ابي الخير الفاسي في النصف من شهر ربيع الثاني، وبالقاهرة الشيخ يوسف الصفي المصري.
* (ابن العراقي) * احمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن ابراهيم الكردي الرازياني ثم المصري الشافعي الامام العلامة الفريد الحافظ ولي الدين أبو زرعة مولده في الثالث من ذي الحجة الحرام سنة اثنتين وستين وسبعمائة اعتنى به أبوه فبكر به وأحضره على أبي الحرم القلانسي ومن في عصره وأسمعه الكثير ببلده، وأول ما طعن في الثالثة رحل به إلى دمشق في سنة خمس وستين فأحضره الكثير على(1/284)
الجم الغقير من أصحاب الفخر بن البخاري وابن عساكر وغيرهما، ثم لما ترعرع حبب إليه السماع فطلب بالقاهرة ومصر بنفسه فاكثر عن مشايخ عصره، قرأ بنفسه عليهم الكثير، ورحل ثانيا إلى دمشق بعد موت الطبقة الاولى فسمع بها من أصحاب القاضي سليمان والمطعم وابن الشيرازي وغيرهم فشيوخه بالقاهرة ومصر والده سمع عليه جملة من مصنفاته ومروياته والمعمر أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي وعلي ابن اسماعيل بن فراس والقاضي ناصر الدين محمد بن محمد بن ابي القاسم التونسي ومحمد بن ابراهيم بن ابي بكر البياني واحمد بن يوسف الخلاطي وجويرية ابنة احمد بن موسى الهكاري والجمال محمد بن محمد بن محمد بن نباتة وناظر الحيش محب الدين ومحمد بن محمد بن ابي بكر العسقلاني و عبد الرحمن القاري وعبد القادر الحنفي والبهاء عبد الله بن خليل المكي والقاضي عز الدين بن جماعة والبهاء محمد بن محمد بن المفسر والقاضي بهاء الدين أبو البقاء السبكي والعلامة جمال الدين الاسنوي وخليل بن طرنطاي والبهاء بن عقيل والموفق الحنبلي و عبد الله بن علي الباجي وعبداله البسيوني ومحمد بن محمد بن محمد بن الشامية والقاضي برهان الدين ابن جماعة والعز ابراهيم بن محمد بن عبد الله السمربائي (1) وابراهيم بن محمد بن ابي بكر الاخنائي وشهاب الدين بن النقيب واحمد بن محمد
__________
(1) نسبة إلى سمرباي بكسرتين واسكان الراء بعدها موحدة قرية بالغربية.
ذكره السخاوي.
(*)(1/285)
البهوتي واحمد بن النظام محمد بن محمد بن محمد بن القوصي ومحمد ابن احمد العسجدي ومحمد بن احمد بن عمر السلمي ومحمد بن احمد بن مرزوق ومحمد بن حبيب الله بن خليل ومحمد بن علي الخشاب وجمع وبدمشق يعقوب بن يعقوب الحريري ومحمد بن المحب عبد الله بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي واحمد بن ابي بكر بن ابي عمر المقدسي ومحمود بن خليفة المنبجي وعمر بن حسن بن أميلة واحمد بن النجم اسماعيل بن ابي عمر ومحمد بن احمد بن عبد المنعم الحراني وست العرب ابنة محمد بن الفخر علي بن البخاري وحسن بن الهبل وعمر بن محمد ابن ابي بكر الشحطبي ومحمد بن اسماعيل بن جهبل وعلي بن عمر بن احمد بن عبد الرحمن الصوري ومحمد بن ابي بكر السيوفي ومحمد بن الحسين بن علي بن بشارة ومحمد بن محمد بن سلامة الماكسيني وعمر بن محمد بن ابراهيم بن جملة والحافظ تقي الدين بن رافع ومحمد بن ابراهيم بن علي بن المظفر الحسيني وعدة، وببيت المقدس ابراهيم بن عبد الله الزيباوي ومحمد بن حامد ومحمد بن سالم بن عبد الناصر، وبمكة المشرفة محمد بن احمد بن عبد المعطي واحمد بن سالم بن ياقوت وأم الحسن فاطمة ابنة احمد بن قاسم الحرازي والجمال ابراهيم بن محمد الاسيوطي واحمد بن محمد بن محمد القسطلاني وأم الحسن وأم الحسين ابنتا احمد بن الرضي ابراهيم الطبري والتقي الواسطي والكمال محمد بن عمر بن حبيب، وبالمدينة الشريفة عبد الله بن فرحون وغيرهم بعدة من البلاد، واشتغل بالفقه وتقدم فيه على جماعة منهم البلقيني وابن(1/286)
الملقن والابناسي وفي أصوله على الشيخ ضياء الدين وكذا في المعاني والبيان وفهم العربية وظهرت نجابته واشتهرت نباهته وأجيز وهو شاب بالافتاء والتدريس وصار يزداد فضلا مع ذكائه وتواضعه وحسن شكله وشرف نفسه وسلامة باطنه فأقبل عليه الناس وساد بجميع ذلك في حياة والده واشتهر بالفضل مع الدين المتين والانجماع وحسن الخلق والخلق قل ان ترى العيون مثله، ثم ولي جهات والده قبل موته وهو على طريقته، وجلس للاملاء في أوائل شوال سنة أربع وعشرين فسار سيرة محمودة، باشر ذلك بعفة ونزاهة وحرمة وشهامة الا انه استولى عليه بعض صهورته ممن ليس سيرته كسيرته فلزق به اللوم فوثب عليه وتعصب حتى صرف عن القضاء في سادس ذي الحجة سنة خمس وعشرين فاستمر على الاشتغال والتدريس والجمع في حلقته متوافر، دروسه من محاسن الدروس يجري فيها من غير تلعثم ولا تحريف، اكثر ايامه يشتغل ويشغل ويصنف فألف جملة منها (البيان والتوضيح لمن خرج له في الصحيح وقد مس بضرب من التجريح) وهو أول ما صنف و (المستفاد من مبهمات المتن والاسناد) و (تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل) و (ذيل الكاشف) أضاف إليه رجال مسند الامام احمد و (ذيل على تذييل والده على ذيل العبر للذهبي) و (الاطراف باوهام الاطراف) للمزي (والدليل القويم على صحة جمع التقديم) و (الاجوبة المرضية عن الاسئلة المكية) التي سألته عنها و (تحفة الوارد بترجمة الوالد) و (فضل الخيل وما فيها من الخير والنيل)(1/287)
و (شرح الصدر بذكر ليلة القدر) و (الاربعون الجهادية) محذوفة الاسانيد و (كشف المدلسين) و (جمع طرق المهدي) و (التحرير لما في منهاج الاصول من المنقول والمعقول) و (تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي) و (شرح البهجة الوردية) وشرح نظم والده المسمى (النجم الوهاج في نظم المنهاج) واختصر المهمات واضاف إليها حواشي البلقيني على الروضة وأفرد الحواشي المذكورة في مجلدين واختصر شرح جمع الجوامع للزركشي والكشاف للزمخشري، هذا ما كمل، وتمم شرح والده على (ترتيب المسانيد وتقريب الاسانيد) واحكاما على ترتيب السنن لابي داود وكتب فيها مجلدا وشيئا وشرح قطعا متفرقة من نظم الاقتراح لوالده وقطعا مفرقة من كتاب (الدقائق في الرقائق) ابوابا على حروف المعجم ومواضع مفرقة على الرافعي نحو ست مجلدات، وتفرد بغالب ما حضره وحدث بكثير من مسموعاته، ورد إلى مكة المشرفة في موسم سنة اثنتين وعشرين فسمعت عليه المجلس الاول من أماليه املاء واستمليت عليه وقرأت أحاديث عشاريات انتقاها الامام رضوان من أماليه، وكان حصل له طحال فتداوى بشرب الخل كل يوم فعوفي وحج، ولما عزل عاد إليه وجع فظنه (1) الطحال فتداوى بالخل فإذا به وجع الكبد فحمي
__________
(1) وفي الاصل (وجع بطنه) فاصلحه الاستاذ العلامة الطهطاوي حفظه الله كما ترى في اعلاه.
(*)(1/288)
كبده وعالجه الاطباء أزيد من شهرين ثم عرض له وعك وحمى عظيمة إلى ان آل أمره إلى الاسهال فأفرطه إلى ان مات في يوم الخميس سابع عشر شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته، وبالجملة فلم يخلف له بعده في مجموعه مثله.
وفي هذه السنة مات بالمدينة الشريفة على الحال بها افضل الصلاة والسلام الشيخ خليل بن هرون المالكي في شهر رمضان، وقاضيها ناصر الدين عبد الرحمن بن محمد بن صالح المدني الشافعي في صفر وبدمشق مسندها المعمر الرحلة زين الدين عبد الرحمن بن المحدث محمد ابن طولوبغا السيفي الناصري التنكزي الدمشقي، وبمكة المشرفة الفقيه نور الدين علي بن هاشم بن غزوان الهاشمي في شهر ربيع الثاني وبدمشق مدرس الامينية تاج الدين محمد بن احمد بن اسماعيل الحسباني وبمكة رئيس المؤذنين بها جمال الدين محمد بن حسين بن عبد المؤمن في شهر ربيع الاول.
حدثنا الامام الحافظ ولي الدين أبو زرعة احمد بن عبد الرحيم بن الحسين المصري وقرأته عليه استملاء في يوم الجمعة الرابع من ذي الحجة الحرام سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة في المسجد الحرام لما قدم علينا حاجا قال اخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن ابي بكر بن خليل سماعا عليه بقراءة والدي رحمة الله تعالى عليهما قال اخبرني احمد بن محمد بن عبد الرحمن بن العجمي بقراءتي عليه ح وشافهنا عاليا بدرجة المعمر أبو(1/289)
اسحق ابراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام عن اسحق بن يحيى الآمدي قال اخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي ح وأنبأنا بعلو درجة اخرى سليمان بن خالد الاسكندري منها عن على بن احمد بن عبد الواحد عموما قالا اخبرنا أبو المكارم احمد بن محمد الاصبهاني قال ابن عبد الواحد كتابة قال اخبرنا أبو علي الحداد قال اخبرنا أبو نعيم الحافظ قال اخبرنا عبد الله أبو جعفر بن فارس قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن ابي سلمة قال تذاكرنا ليلة القدر في نفر من قريش فأتيت ابا سعيد رضي الله عنه وكان لي صديقا فقال الا تخرج بنا إلى النخل فخرجنا وعليه خميصة له فقلت اخبرني عن ليلة القدر هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر ؟ فقال نعم اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الاواخر من رمضان فخطبنا صبيحة عشرين فقال عليه الصلاة والسلام اني رأيت ليلة القدر واني أنسيتها أو نسيتها فالتمسوها في العشر الاواخر في وتر فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع ورأيت كأني اسجد في ماء وطين فرجعنا وما نرى في السماء قزعة وجاءت سحابة فمطرنا حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل وأقيمت الصلاة فرأيته صلوات الله وسلامه عليه يسجد في ماء وطين حتى رأيت الطين في جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال اثر الطين في جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم. حديث صحيح اتفقا على اخراجه فرواه(1/290)
البخاري عن معاذ بن فضالة ومسلم بن ابراهيم ومسلم عن محمد بن المثنى عن ابي عامر العقدي والنسائي عن محمد بن عبد الاعلى عن خالد بن الحارث اربعتهم عن هشام الدستوائي به فوقع لنا بدلا للبخاري عاليا وللآخرين في شيخي شيخيهما عاليا ولله تعالى الحمد والمنة والفضل والشكر.
* (الفاسي) *
محمد بن احمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن احمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن عبد الملك بن سعيد بن احمد بن عبد الله بن عبد الرحمن عبد الله بن علي بن حمزة بن بن ابراهيم بن علي ابن عبد الله بن ادريس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كذا نقلته من خط أخيه عبد اللطيف الحسني المكي المالكي سبط قاضي القضاة كمال الدين ابي الفضل النويري الامام الحافظ المؤرخ قاضي المالكية بمكة المشرفة ومؤرخها تقي الدين أبو الطيب ولد في ليلة الاحد العشرين من شهر ربيع الاول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة المشرفة، وسافر إلى المدينة الشريفة على الحال بها أفضل الصلاة والسلام صحبة امه فحفظ بها القرآن العظيم والاربعين للنواوي مع باب الاشارات ورسالة ابن أبي زيد وعرضها وسمع بها الحديث على أم الحسين فاطمة ابنة احمد قاسم الحرازي وهو أقدم سماع له وبعد ذلك على القاضي برهان الدين بن فرحون وعبد القادر الحجار وزين الدين(1/291)
أبي بكر بن الحسين العثماني وغيرهم، ثم عاد مع امه إلى مكة فحفظ بها العمدة ومختصر ابن الحاجب في الفقه وعرضهما، وكان يحضر مجالس قريبه الشريف عبد الرحمن الفاسي في الفقه وقرأ في التنقيح للعراقي بحثا على الشيخ شمس الدين القليوبي وحضر دروسه في العربية وغيرها وحبب إليه سماع الحديث فطلب بنفسه واعتنى بهذا الشأن، ورحل إلى الديار المصرية والشامية واليمنية مرارا وسمع جملة على عدة من المشايخ من ذلك بمكة على شيوخها والقادمين إليها منهم عم أمه القاضي نور الدين النويري وخاله القاضي محب الدين والحافظ أبو حامد بن ظهيرة قرأ عليه جملة من مسموعاته والشيخ شهاب الدين بن الناصح المصري القرافي والعلامة برهان الدين الا بناسي والشيخ شمس الدين بن سكر والبرهان بن صديق وعدة وبمصر على البرهان ابراهيم بن احمد الشامي وابن الشيخة الزين عبد الرحمن بن احمد وشيخ الاسلام البلقيني والسراج بن الملقن والحافظان العراقي والهيثمي وأبي المعالي عبد الله ابن عمر الحلاوي والسويداوي وأحمد بن حسن وأم عيسي مريم ابنة احمد بن محمد بن ابراهيم الاذرعي وغيرهم، وبدمشق من علي بن أبي المجد وأبي هريرة بن الذهبي سمع عليه كثيرا وغيرهما، وببيت المقدس على الشهاب احمد بن الحافظ صلاح الدين العلائي وغيره، وبغزة على احمد بن محمد بن عثمان الخليلي وغيره، وباليمن على الشيخ أصيل الدين عبد الرحمن بن حيدر الدهقلي، وأجاز له قديما أبو بكر بن المحب وابراهيم بن أبي بكر بن السلار ومحمد بن محمد بن عمر بن عوض وجماعة(1/292)
وشيوخه بالسماع والاجازة يقاربون خمسمائة شيخ، وكان له اعتناء بالفقه وغيره وقرأ على الحافظ زين الدين العراقي شرحه على الفيته في علم الحديث بحثا وفهما وأذن له في اقراء فن الحديث، ووصفه بالحفظ جماعة منهم الحافظ أبو زرعة العراقي، وأجازه بالافتاء والتدريس على مذهب الامام مالك بن أنس جماعة منهم قريبه الشريف عبد الرحمن بن ابي الخير الحسني وخلف بن ابي بكر المخزومي وبهرام بن عبد الله الدميري (1) والشيخ أبو عبد الله الوانوغي (2) بعد ان أخذ عن كل منهم جانبا من الفقه، جمع وألف وخرج وصنف جملة مصنفات من ذلك عدة في أخبار بلده مكة المشرفة اكبرها (شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام) مجلدان جمع فيه ما ذكره الازرقي وزاد فيه أشياء سود غالبه ثم اختصره في مجلد وسماه (تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام) ثم اختصره في مجلد لطيف وسماه (تحصيل المرام) ثم اختصره في مجلد وسماه (هادي ذوي الافهام إلى تاريخ البلد الحرام) ثم اختصره في كراريس سماه (الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة) ثم اختصره في كراريس وسماه (ترويح الصدور بطيبات الزهور) ثم اختصره في عدة أوراق، وله تاريخ كبير في أربع مجلدات سماه (العقد الثمين في
__________
(1) نسبة إلى دميرة بفتح الدال المهملة وكسر الميم ومثناة تحتية ساكنة وراء مهملة قرية كبيرة بمصر قرب دمياط.
(2) بتشديد النون المضمومة وسكون الواو بعدها معجمة كما سلف.
(*)(1/293)
تاريخ البلد الامين) يشتمل بعد الخطبة على الزهور المقتطفة ثم سيرة نبوية مختصرة من السيرة لمغلطاي مع زيادات عليها جمة مفيدة ثم تراجم على حروف المعجم لجماعة من الصحابة من قريش وحلفائها وكنانة وخزاعة وثقيف وجماعة من ولاة مكة وقضاتها وخطبائها وأئمتها ومؤذنيها وجمع من العلماء والرواة والقاطنين بها والواردين إليها ومن وسع المسجد الحرام وعمره ومن عمر بها شيئا من الاماكن المباركة كالمساجد والمواليد وغير ذلك، انتهى في تسويده إلى أثناء الياء آخر الحروف ثم ألف غالبا من تراجمه على هذا النمط وانتهى فيه إلى حرف القاف من الكنى غير انه لم يذكر فيه الا قدرا يسيرا من الصحابة ثم اختصره وكمل الكنى منه والنساء ثم اختصره ثم زاد في هذا المختصر جماعة عدة من الصحابة بلغ فيما زاد من تراجم الصحابة رضى الله عنهم إلى اثناء حرف العين المهملة ثم شرع في اختصار العقد الثمين على نمطه وسماه (عجالة القرى للراغب في تاريخ أم القرى) لم يكمله وجمع ذيلا على كتاب النبلاء للذهبي مجلدين وكذا ذيل على تقييد ابن نقطة أجاد فيه ثم اختصره مختصرين كبير وصغير وكذلك على الاشارة للذهبي سماه (بغية اهل البصارة في ذيل الاشارة) وكذا على الاعلام للذهبي سماه (ارشاد ذوي الافهام إلى تكميل كتاب الاعلام بوفيات الاعلام) وله تاريخ بسط فيه تراجم بغية اهل البصارة التي ليست مبسوطة فيه و (المقنع من أخبار الملوك والخلفاء وولاة مكة الشرفاء) ثم اختصره(1/294)
ثم اختصر المختصر وكتاب في الاخريات مسود غالبه (1) و (تذكرة ذوي النباهات لجملة من الاذكار والدعوات) واختصر كتاب حياة الحيوان للدميري سماه (مطلب اليقظان من حياة الحيوان) وله في الفقه عدة تصانيف منها في المناسك ثلاثة أحدها (ارشاد الناسك إلى معرفة المناسك على مذهب الامامين الشافعي ومالك) وخرج في سنة ست وتسعين لشمس الدين الحبيشي (2) جزء حديث حدث به وكذا للمحدث شمس الدين محمد بن علي بن سكر البكري في سنة تسع وتسعين ولنفسه أربعين حديثا متباينة المتن والاسناد وفهرسا مشتملا على جملة مروياته بالسماع والاجازة وصارت جميعها كالعدم لانه وقفها وشرط ان لا تعار لمكي وأسند وصيته في ذلك وغيره إلى أخيه لامه الخطيب ابي اليمن النويري فكان من شأنه إذا قصده آفاقي لاستعارة شئ منه يعتذر له بالمعاذير التي ليست بلائقة بالجهال فكيف بمن ينسب نفسه إلى طلب العلم والورع والصلاح فإذا ثقل عليه احد في ذلك وكان ممن يخشاه أو يحترمه من ذوي الوجاهات من الغرباء اعاره بعض التصنيف وتعلل عليه في باقيه بالزور من القول فالله تعالى يهديه إلى
__________
(1) ومع هذا كله يعده أبو المحاسن بن تغري بردي الظاهري - في كتابيه المنهل الصافي والنجوم الزاهرة غير متقن في التاريخ كثير الاوهام فيه الا فيما يتعلق بالحجاز.
(2) بضم ثم موحدة وآخره معجمة مصغر نسبة لبنى حبيش بالقرب من تعز باليمن.
(*)(1/295)
الصواب وبالله العظيم لقد كان رحمة الله عليه كثيرا ما يسألني في تحصيلها وكتابتها وآخر ما كان ذلك في الشهر الذي مات فيه فالله تعالى يغفر له ويسامحه، وكان رحمة الله تعالى عليه مكثرا سماعا وشيوخا وتصانيف له اليد الطولى في الحديث والتواريخ والسير عني بهذا الشأن فجمع وأفاد وكتب الكثير، أخذ الناس عنه وانتفعوا به الكبير منهم والصغير فكان يملي من حفظه المجلدات في معرفة أسماء الرجال وتراجمهم وطبقاتهم وأما التواريخ فانه كان يسردها سرد الفاتحة لا يتلعثم في ذلك حدث بجملة من مسموعاته ونبذ من مؤلفاته، قرأت عليه المتباينة له كرتين و (تحصيل المرام من تاريخ البلد الحرام) وتراجم من (العقد الثمين في تاريخ البلد الامين) وكلاهما من تأليفه وحدثت معه بصحيح مسلم وبالسنن للنسائي وابن ماجه، ولي قضاء المالكية بمكة المشرفة المعظمة في أواخر سنة سبع وثمانمائة وهو أول من وليه بها استقلالا واستمر فيه نحوا من عشرين سنة غير انه في سنة سبع عشرة صرف عنه بقريبه الشريف ابي حامد بن عبد الرحمن قريبا من بضعة عشر يوما ثم أعيد إليه فاستمر إلى ان صرف عنه ثانيا في آخر سنة عشرين ثم ضعف بصره جدا فصرف في أواخر سنة ثمان وعشرين فسافر في اوائل سنة تسع وعشرين إلى القاهرة واستفتى فضلاء المالكية فأفتوه بأن العمى لا يقدح إذا طرأ على القاضي المتأهل للقضاء حتى ان بعضهم أفتى بأنه لا يضر تولية الاعمى ابتداء، واستنابه القاضي شمس الدين(1/296)
البساطي (1) فحكم بالصالحية فانهى محبوه أمره إلى السلطان وأثنوا عليه فأعاده إلى منصبه فتوجه إلى بلده وأقام بهامدة فسعي عليه فصرف واستمر معزولا إلى ان مات رحمة الله تعالى عليه في النصف الثاني من ليلة الاربعاء الثالث من شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة ولم يخلف بالحجاز مثله.
وفي هذه السنة مات في ليلة الثلاثاء ثالث عشر المحرم الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن ابراهيم بن احمد الصوفي الضرير، وفي يوم الاثنين سابع شهر صفر امام السلطان الاشرف الشيخ محمد بن سعيد سويدان، وفي ليلة الاحد حادي عشر ربيع الآخر ناصر الدين محمد بن عبد الوهاب بن محمد البارنباري (2) بدمياط، وفي يومها محمد بن عبد الله بن حسين بن الخراز، وفي ليلة الاثنين سادس عشريه شمس الدين محمد بن ابراهيم بن عبد الله الشطنوفي (3) وفي يوم الخميس سادس عشر شهر ربيع الآخر الاديب نور الدين علي بن عبد الله شهر بابن عامر وفي ليلة الاحد سابع عشري جمادى الآخرة القاضي بدر الدين محمد بن
__________
(1) بكسر اوله قرية من الغربية.
وأصله الرومي (بسوط).
(2) نسبة إلى بارنبار بالباء الموحدة وألف وراء مفتوحة بليدة قرب دمياط، قال
ياقوت في معجم البلدان: هكذا يتلفظ به عوام مصر وتكتب في الدواوين ببور نبارة.
(3) بفتح الشين المعجمة وتشديد الطاء المهملة المفتوحة وفتح النون نسبة إلى شطنوف بلد بكورة الغريبة بمصر.
(*)(1/297)
محمد بن احمد بن مزهر الدمشقي، وفي ليلة الثلاثاء شيخ وكيل بيت المال نور الدين علي بن السفطي (1) وفي ذى الحجة أمير المدينة الشريف عجلان بن نغير بن منصور بن جماز بن منصور بن جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبيدالله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب مقتولا، وكذا ابن عمه الشريف خشرم ابو دوغان بن جعفر بن عبد الله بن جماز بن منصور بن جماز بن شيحة الحسيني، وفى يوم الجمعة ثامن عشر شهر رجب الواعظ البليغ المعروف بالشاب التائب احمد بن عمر السفطي.
* (ابن الغرابيلي) * محمد بن محمد بن محمد بن مسلم - بفتح المهملة واللام المشددة - بن علي بن ابي الجود السالمي المصري المولد الكركي الاصل والمنشأ ثم المقدسي الشافعي سبط القاضي عماد الدين الكركي الامام الحافظ تاج الدين ولد في سنة ست وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونقله أبوه إلى الكرك فنشأ بها ثم انتقل به إلى القدس الشريف فاشتغل وحفظ عدة
__________
(1) نسبة لسفط الحنا بالشرقية، قال ابن حجر في (تبصير المنتبه في تحرير المشتبه) سفط ستة عشر موضعا كلها بمصر في قبليها وبحريها، قال فيهم من له نباهة في العلم أو الديانة.
(*)(1/298)
مختصرات وتخرج بجماعة منهم النظام قاضي العسكر وعمر المليجي وابن الديري ثم اشتغل بهذا الشأن وأقبل على طلب الحديث فسمع الكثير وبرع جدا في معرفة العالي والنازل والاسماء، وله مصنفات حسنة منها مؤلف جمع فيه بين المنقول والمعقول أبان فيه عن فضل كبير ونظر واسع ذكر فيه ما ورد في الحمام من الاخبار والآثار مع أقوال العلماء في دخوله وما يتعلق بالعورة واستعمال الماء فيه والاستياك والوضوء والغسل وقدر المكث فيه وحكم الصلاة فيه وأفضل الحمامات وأحسنها وما يتعلق بذلك من الطيب وحكم أجرة الحمام وغير ذلك وهو نهاية في الجودة وله تعاليق وفوائد وخرج لشيخنا عبد الرحمن القنائي جزءا من روايته، وكان رحمه الله تعالى لديه فصاحة لسان وقوة جنان وشرف نفس وقناعة ومعرفة بالامور ومروءة والتودد إلى اصحابه والقيام معهم، رحل إلى القاهرة فصحب بها الحافظ أبا الفضل بن حجر وحرر (تحرير المشتبه) له ولازمه إلى ان ادركه أجله بها فمات في يوم السبت ثالث عشر جمادى الآخرة سنه خمس وثلاثين وثمانمائة تغمده الله تعالى برحمته، ودفن بتربة الصوفية الصلاحية بالقاهرة بعد ان صلى عليه حافظ العصر الحافظ أبو الفضل بن حجر وحضر جنازته جمع وكان له مشهد حفل وعظم عليه الاسف ووقف على قبره بعد الفراغ من دفنه عدة من الائمة منهم قاضي القضاة الشافعي ابن حجر وقاضي الحنفية سعد الدين بن الديري وقاضي الحنابلة محب الدين بن نصر الله البغدادي والشيخ تقي الدين المقريزي ساعة زمانية يسألون الله تعالى له التثبيت.(1/299)
وفي هذه السنة مات السلطان حسين بن جلال الدولة بن القان احمد بن أويس، وعيسى بن محمد بن عيسى الاقفهسي في ليلة الجمعة سادس عشري جمادى الثانية، واحمد بن صلاح الدين صالح بن احمد بن عمر بن السفاح الحلبي في ليلة الاربعاء رابع عشر شهر رمضان، والصاحب علم الدين أبو عمر يحيى بن الاسلمي في ليلة الخميس ثاني عشريه وسلطان قبرس حينوس بن ملك بن سرو بن انكون بن حينوس والمحدث شهاب الدين احمد بن عثمان بن محمد الكلوتاتي (1) وشهاب الدين احمد ابن هشام النحوي، وشيخ النحاة زين الدين البصروي بدمشق، والقاضي زين الدين عبد الرحمن بن علي التفهني (2) في ليلة الاحد من شوال.
* (ابن الخياط) * محمد بن ابي بكر بن محمد بن صالح الهمداني الجبلي - بكسر الجيم
__________
(1) نسبة إلى عمل الكلوتات وهي قلانس كانت تلبسها الجنود في عهد الدولة الجركسية، وهو جمال الحفاظ أبو الفتح شهاب الدين احمد بن عثمان الكلوتاتي الحنفي المعمر، شهدوا له بانه اكثر معاصريه سماعا ملا البلاد المصرية رواية.
ولد سنة 762.
(2) بفتح اوله وثانيه وسكون ثالثه ثم نون نسبة إلى قرية بالقرب من دمياط وهو قاضي قضاة الحنفية بمصر.
الضوء.
(*)(1/300)
واسكان الباء الموحدة - التعزي (1) الشافعي الامام العلامة الحافظ جمال الدين أبو عبد الله وكان ابوه يلقبه بالباقر، مولده بجبلة من بلاد اليمن في سنة سبع وثمانين وسبعمائة فنشأ بها على عفة ونزاهة واشتغل فحصل فنونا من العلم وتفقه على جماعة منهم والده وأجازه بالافتاء والتدريس واعتنى بهذا الشأن فتيقظ ومهر فسمع ببلده على جماعة منهم محدثها الامام نفيس الدين أبو الربيع سليمان بن ابراهيم العلوي وقاضي الاقضية بها مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي، وورد إلى مكة المشرفة مرتين فحج وزار النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ بمكة على حافظ الحجاز العلامة ابي حامد بن ظهيرة شيئا من عواليه وعلى الامام ابي الحسن بن سلامة المسلسل بالاولية بطرقه وما يتلوه من في اول مشيخته تخريجي له وغير ذلك وسمع في طيبة مسند الدنيا العلامة زين الدين أبي بكر بن الحسين المراغي وغيرهم وقرأ على العلامة شمس الدين بن الجزري بعض مروياته لما ورد عليهم اليمن في سنة ثمان وعشرين وأجاز له عدة من مصر والشام والاسكندرية والحرمين وغيرهما باستدعاء صاحبنا الحافظ ابي عبد الله محمد بن موسى المراكشي وغيره منهم أبو الطاهر محمد بن ابي اليمن بن الكويك وعائشة ابنة محمد بن عبد الهادي ورقية ابنة يحيى بن مزروع وحصل له النفع التام
__________
(1) نسبة إلى تعز بالفتح ثم الكسر والزاي مشددة قلعة عظيمة من قلاع اليمن.
معجم البلدان.
(*)(1/301)
بصحبته اعني ابن موسى لا سيما بعد موته فان غالب كتبه وأجزائه صارت إليه، وكان له وجاهة عند صاحب اليمن الملك الناصر احمد بن اسماعيل واتصال، ولما دخلت اليمن في سنة ست عشرة وثمانمائة قرأ علي بجبلة في خلوته من جامعها الحديث الاول من البخاري سماعي له من ابن صديق وحدثني هو به بروايته عن والده وبيني وبينه صحبة وتودد ومكاتبات منها كتاب فيه تعزية بابني ابي زرعة محمد رحمه الله تعالى ورضي عنه فمنه بعد صدر الكتاب: وننهي بعد تأدية واجب السلام ورحمة الله وبركاته صدورها في رابع عشر ذي القعدة الحرام والخاطر عند سيدي والشوق إليه متوافر والمودة له متأكدة والدعاء مستمر ولسان الحال والمقال ينشد: لست أنسى تلك الحقوق ولكن * لست أدري بأيهن أكافي والله تعالى يمن بتعجيل رؤيته ويتولى مكافأة صنائعه ولا يخلي من أنسه وبركاته ومن موجب تسطيرها تعريف الخاطر الكريم بما لحق من الحزن والاحتراق بما بلغنا من وفاة سيدي الولد العزيز الحبيب ابن الحبيب وما حملناه من الهم بذلك فانا لله وانا إليه راجعون فمما اكد ذلك ما سمعناه عنه من النجابة والاقبال على الاشتغال ولزوم مجالس اهله عوضه الله تعالى عن ذلك الرفيق الاعلى في مقعد الصدق واحسن الخلافة لسيدي ووفر له الاجر والذخر وخير هذه الصدمة لما يتبعها من الاجر والمخدوم لا يحتاج إلى تنبيه على فضل الصبر وليفوض إلى من(1/302)
بيده الخلق والامر والله سبحانه قد اختار له ما لديه وكان له خير جار فاختاروا له ما اختار الله تعالى واسلوه بما تسلى به الامام أبو الوفاء بن عقيل عن ولده فقصته في كتاب الثبات عند الملمات من تصانيف ابن الجوزي وسيدي هو الذي افادني النظر فيه والانتفاع به والله در القائل: جاورت اعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري والشعر لابي الحسن التهامي من مراثي ولده ابي الهيجاء ويقال انه رئي بعد موته فقال غفر لي بهذا الشعر فالحمد لله رب العالمين وانا لله وانا إليه راجعون اللهم ارفع درجته في عليين واخلفه في عقبه وعد عليه وعلينا بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين والله تعالى يعلم ان الحزن مشترك والعزاء واحد وأرجو ان الله سبحانه وتعالى قد اعظم لكم الاجر ووفر الذخر وأقر أعينكم له بما هو خير له ان شاء الله تعالى.
ثم وقفت له على مكاتبات بليغة إلى صاحبنا الفقيه موفق الدين علي بن ابراهيم الابي منها جواب عن كتاب كتبه إليه يذكر له مرض زوجه وانها على خطر فكتب: قد والله عز علي ما ذكرتم من مرض الاهل حتى قلتم لم يبق تعني قول الشاعر: لم يبق الا نفس هافت * ومقلة انسانها باهت الحمد لله على هذا واليه تصير الدنيا وأهلها على كل حال ما للانسان بد من الله ولا فضلة خير الا من الله تعالى وما يكره الانسان الموت الا لمن الف من هذه الهوي والا فما يكره الانسان بالوصول إلى من(1/303)
لا يجد الخير الا منه فالله تبارك وتعالى يجعل الموت راحة لنا من كل شر ويوصلنا به إلى كل خير وما احسن الدعوة الشريفة النبوية اليوسفية حين بلغ اقصى مطالب الدنيا فارتاحت نفسه إلى المطلب الاسنى فقال عليه الصلاة والسلام: اللهم توفني مسلما وألحقني بالصالحين واظنه والله سبحانه وتعالى أعلم يعني بالصالحين الرفيق الاعلى الذي سأله اياه سيد المرسلين عند انقضاء نصيبه من الدنيا وحين اصيبت به الاحيا فقال الرفيق الاعلى فنسألك اللهم ان تلحقنا بذلك الرفيق وتجعلنا من خير فريق.
ومنها كتاب يصف فيه حاله وقد زهد في صحبة الملك واعوانه لما قدموا عليه من قال فيه الطغرائي:
تقدمتني أناس كان سعيهم * وراء خطوي إذ أمشي على مهل وقد نالوا منه قولا من الزور وحسدوه على كثير من (عمله المبرور) ونصره الله تبارك وتعالى عليهم وجمل احواله وصارت الرعية مراعية أقواله وأفعاله فكان من جملة مكاتبته ان قال: والله ما يسوءني ذلك لعلمي بما لي عند الله عزوجل وما والله اشك ان ذلك لما علمه الله تعالى من تقصيري فاراد الله سبحانه وتعالى اثبات حسنات لم اعملها بما سبق من احسانه كما فعل ذلك لاوليائه هذا حالي مع من الدنيا في يده والاسباب والرياسة مع اني قنعت بلا شئ وما زاحمت على شئ من وظائفهم ولا ارزاقهم وبالله يا اخي إذا دعوت الله تعالى فادع ان كان ما قالوه حقا ان يأخذ سبحانه مني أخذه من اعدائه وان كان محض الزوران يعوضني ما اقتضاه(1/304)
فضله واحسانه فهكذا كنت ادعو على فلان وسماه هو عبد الرحمن الحداد كان يؤذيه ويسعى في اذيته عند الملك فرد الله تعالى كيده في نحره وسلط عليه جور وسمل عيناه وأحوجه الله تبارك وتعالى إليه وصار في بيته عوله عليه فسبحان المعز المذل اللهم انت الحكم بين البرايا والعدل في القضايا إلى ان قال ووالله ما مضى لاقل العبيد زمان أضيق من هذا الزمان بالنسبة إلى نفقة المعتاد وما مضى والله ولله الحمد وقت القلب فيه اشرح والنفس فيه أقنع من هذا الوقت فو الله ما للعبد سعادة اسعد من حاجته إلى ربه ولا حال افضل من الحال الذي اختاره صاحب الشرع صلوات الله وسلامه عليه في قوله صلى الله عليه وسلم (أجوع يوما واشبع يوما) عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله: ملك القناعة لا يخشى عليه ولا * يحتاج فيه إلى الانصار والخول ولو لم يكن في ذلك الا حصول الحرية من الحاجة إلى زيد وعمرو وانزال الحاجة بالمخلوق الذي ليس في يده مثقال ذرة من الامر ولله در السيد الخليل أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه حيث يقول في طلب الرجل الحاجة من اخيه فتنة فانه ان اعطى حمد من لا يعطيه وان منع ذم إلى من لم يمنعه اشارة إلى حقيقة التوحيد فنسأل الله تعالى ان يلحقنا بمن عرفه فاستغنى به وعرف الخلق فعذرهم واعظم ما يتمحص منه الخاطر قول العدو فعل فلان وقال فلان وصدر منه مما لم يعلم الله سبحانه وتعالى مثقال ذرة ووقوع الانسان بين غدر جاهل(1/305)
وعاقل مضاغن وما والله يؤانسني الا انى كلما تأثر الخاطر من عظيم ما أسمع استحضرت اطلاع الله عزوجل على البراءة من مثقال الذرة من ذلك واستحضر قوله صلى الله عليه وسلم (الا تنظرون كيف يوقع الله عزوجل شتم قريش ولعنهم يلعنون مذمما ويشتمون مذمما وأنا محمد صلى الله عليه وسلم) اشارة إلى ان الذم يتعلق بالصفة لا بالمنسوب إليه إذا عري عن تلك الصفة.
ومنها جواب كتاب كتبه إليه يعتب على بعض اصحابه ويشكوه إليه في امر أمر الله تعالى فيه فلم ينهض بقضائه فكمل من جملة ما كتب به ان قال: رأيت لبعض علماء الاولياء وأولياء العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم (اطيب ما اكل الرجال من كسب يده) ان كسب يده ان بيضت وجهه (1) ويرفع يديه إلى الله عزوجل في حوائجه بشئ ثم قال فهذا الكسب هو حاصل أموالنا ونطلب الذي لا يغيض ولا يزال يفيض ان شاء الله تعالى فاعتمدوه اكثر من عادتكم تقبل الله تعالى منكم في الدنيا والآخرة انتهى، وهو ابقاه الله تعالى من الفقهاء المعتبرين بالقطر اليماني والمنفردين بالحفظ به الآن بالاجماع والمرجع إليه به في هذا الفن عند النزاع فالله تعالى يبقيه ويكفيه
__________
(1) هكذا في الاصل، وهذا المعنى تأويل تصوفي بل المراد الكسب الفعلي وللامام ابي بكر الخلال محرر المذهب الحنبلي جزء لطيف سماه (الحث على التجارة والصناعة والعمل) يجمع فيه ما ورد في ذلك من الآثار ويرد به على من يرى التوكل في ترك العمل ويسرد أقوال الامام احمد في هذا الصدد وسنطبعه ان شاء الله تعالى.
(*)(1/306)
الاسواء ويقيه، انتقل بالوفاة إلى رحمة الله تعالى في ليلة الجمعة سابع ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة بتعز من بلاد اليمن ودفن صبيحتها في بعد ان صلي عليه في تغمده الله تعالى برحمته واسكنه فسيح جنته.
وفي هذه السنة مات قاضي الحنفية بالديار المصرية السيد ركن الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الحسيني ويعرف بعرجان في ليلة الاحد سابع عشر المحرم، وصاحب مدينتي آمد وماردين الامير قرايلوك عثمان ابن في خامس صفر، وسلطان تونس وبلاد افريقية المستنصر أبو عبد الله محمد بن ابي عبد الله محمد بن ابي فارس في يوم الخميس حادي عشري صفر، والامير التاج بن سبقا القازاني ثم الشوبكي في ليلة الجمعة حادي عشري شهر ربيع الاول، ونائب الشام الامير قصروه في ليلة الاربعاء ثالث شهر ربيع الآخر بدمشق، وفي هذا الشهر بكلبرجه سلطانها المظفر احمد شاه بن، وزمام الدار بمصر الطواشي خشقدم في يوم الخميس عاشر جمادى الاءولى بالقاهرة، وأمير المدينة الشريف ماتع بن علي بن عطية بن منصور بن جماز بن شيحة الحسيني خرج إلى ظاهر المدينة يتصيد فوثب عليه حيدر بن دوغان بن جعفر بن هبة بن جماز ابن شيحة فقتله بدم اخيه أمير المدينة خشرم بن دوغان في عاشر جمادى الآخرة، وفي اخريات هذا الشهر قتل الشريف كبيش بن جماز الحسيني بقرب القاهرة، وابن الامانة القاضي بدر الدين محمد بن احمد بن(1/307)
عبد العزيز القاهري بها في ليلة الثلاثاء سابع عشر شعبان، وحفيد تيمور احمد جوكي بن شاه رخ، والشيخ أبو بكر بن محمد بن علي الحافي ثم الهروي بالقاهرة في يوم الخميس ثالث شهر رمضان في الوباء الحادث بها، وزوج السلطان الاشرف خوند جلبان الجركسية (1) في يوم الجمعة ثاني شوال، وفيه صاحب مدينة تلمسان والغرب السلطان احمد ابن موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى التلمساني.
* (سبط ابن العجمي) * ابراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي ثم الحلبي وجده لامه هو عمر ابن محمد بن الموفق احمد بن هاشم بن ابي حامد عبد الله بن العجمي الامام العلامة برهان الدين أبو الوفاء ولد بالجلوم (2) من حلب في الثامن والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ومات والده وهو طفل جدا وكفلته أمه وتحولت به إلى دمشق فأقام معها وحفظ
__________
(1) نسبة إلى جركس جبل من الناس تتشعب منه اربع قبائل كبيرة وهي (تركس - ويقال لها ايضا شركس -، واذكس، وكسا، وآص) وتتفرع من هذه القبائل الاربع بطون وأفخاذ يذكرها البدر العيني في كتابيه (السيف المهند في سيرة الملك المؤيد) و (عقد الجمان في تاريخ الزمان)، و (آص) من قبائلهم
هي قبيلة (علان) كما في ذيل اللب وتسمى (اللان) و (الان) ايضا والاخير في كتب الفرس.
(2) بفتح الجيم وتشديد اللام المضمومة بقرب فرن عميرة بفتح العين حارة من حارات حلب.
الضوء اللامع.
(*)(1/308)
بعض القرآن العزيز بها ثم رجعت إلى حلب وهو في صحبتها فنشأ بها وأدخلته مكتب الايتام فحفظ به القرآن العظيم وصلى به بخانقاه جده لامه الشمس أبو بكر احمد بن العجمي والد والدته الموفق احمد السابق ذكره وقرأ من اول القرآن الكريم إلى اثناء سورة براءة لابي عمرو على الماجدي بعد ان كان قرأ عدة ختمات تجويدا على غيره ثم قرأ لقالون إلى اول سورة المزمل على الامام شهاب الدين احمد بن ابي الرضى الحموي الشافعي وقرأ ختمتين لابي عمرو وثالثة بلغ فيها إلى اول يس لعاصم على الشيخ عبدالاحد الحراني الحنبلي ثم قرأ بعض القرآن الشريف لابي عمرو وابن عامر ونافع وابن كثير على الامام ابي عبد الله محمد بن ميمون البلوي (1) الاندلسي، واخذ علم الحديث بدمشق عن الامام صدر الدين سليمان بن يوسف الياسوفي الشافعي وبمصر عن الحافظ ابي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي وشيخ الاسلام ابي حفص عمر بن رسلان البلقيني والامام سراج الدين ابي حفص عمر بن علي بن الملقن وتفقه بحلب على جماعة منهم العلامة كمال الدين أبو حفص عمر بن ابراهيم بن عبد الله بن العجمي الحلبي الشافعي والامام علاء الدين علي بن عيسى البابي والامام نور الدين محمود بن علي العطار الحراني وابنه تقي الدين محمد وابو البركات الانصاري والعلامة شهاب الدين بن الرضي وحضر عند الامام شهاب الدين الاذرعي دروسا في الفقه منها في كتاب
__________
(1) بفتح الموحدة واللام نسبة إلى بلى بن عمرو بن الحارث.
شذرات الذهب.
(*)(1/309)
المنهاج للنواوي وكذا الشيخ شهاب الدين احمد الحنبلي، وبالقاهرة على شيخ الاسلام البلقيني والعلامة سراج الدين بن الملقن والامام شمس الدين محمد الصفدي وغيرهم، واخذ علم النحو بحلب عن الامام كمال الدين ابراهيم بن عمر الحلاوي وابي عبد الله وابي جعفر الاندلسيين والامام زين الدين عمر بن احمد بن عبد الله بن المهاجر، وبالقاهرة عن الامام زين الدين ابي بكر التاجر الحنفي، واللغة عن القاضي مجد الدين ابن يعقوب الشيرازي وطرفا من البديع عن الاستاذ ابي عبد الله الاندلسي وطرفا من التصريف عن الامام جمال الدين يوسف الملطي الحنفي، وكان طلبه للحديث بنفسه بعد ان كبر فأقدم سماع له في سنة تسع وستين وسبعمائة وكتب الحديث في جمادى الثانية من سنة سبعين فسمع وقرأ الكثير ببلدة حلب جاء على غالب مروياتها، وشيوخه بها قريب من سبعين شيخا منهم الكمال عمر بن ابراهيم العجمي وخاله هاشم بن محمد ابن الموفق بن العجمي والكمال محمد بن عمر بن حبيب وأخوه بدر الدين الحسن والبدر أبو عبد الله محمد بن احمد بن بشر الحراني والظهير محمد بن عبد الله بن العجمي وسليمان بن محمد بن حمد بن محاسن النيربي (1) واحمد بن عبد العزيز بن المرحل ومحمد بن علي بن نبهان الجبريني وفخر الدين عثمان بن محمد بن ابي بكر بن حسن الحراني والقاضي كمال الدين الحربي والقاضي كمال الدين بن العديم وفخر الدين بن المغربل وابو
__________
(1) النيرب غربي الصالحية بدمشق.
ضرب الحوطة على جميع الغوطة لابن طولون.
(*)(1/310)
عبد الله بن جابر الضرير ورفيقه ابن مالك وناصر الدين بن عشائر والشهاب الاديب وابن عبد الباقي وشهاب الدين بن النصيبي وموسى ابن فياض وطلحة بن المعلم وابن قطلوا الحلبي والشيخ شهاب الدين الاذرعي وابراهيم بن امين الدولة، ثم رحل في سنة ثمانين وسبعمائة فسمع بحماة وحمص وببعلبك ودمشق فأدرك بها خاتمة اصحاب الفخر بن البخاري الصلاح محمد بن احمد بن ابراهيم بن ابي عمر ولم يسمع من احد من اصحابه سواه وسمع بها على عدة نحو الاربعين شيخا منهم أبو الهول وابن الخباز وابن المحب الصامت وابن عوض وابن السلار وابن محبوب وابن اخي المزي ومحيي الدين الرحبي وابن عبدالغالب وابن عزار والشيخ حسن الكناني الصالح وابن الناصح وابن الفخر البعلي واخته زينب وابن الصيرفي والفخر بن مح ؟ وب والحسباني المؤذن، ورحل منها إلى القدس الشريف فسمع به وببلد الخليل ثم رحل إلى القاهرة فسمع بها على بضع وثلاثين شيخا منهم عبد الله بن علي الباجي وابن ظافر وابن حسب الله والطنتدائي والقاضي ناصر الدين الحنبلي ومحمد بن علي الخشاب والبهوتي (1) وصلاح الدين البلبيسي وجويرية، ورحل منها إلى الاسكندرية فسمع بها وقرأ على اربعة مشايخ (2) ابن الدماميني والقروي وابن فتح الله وجماعة، ثم عاد إلى حلب فسمع في طريقه ببلبيس ودمياط
__________
(1) بضم أوله نسبة لبهوت بالغربية.
الضوء اللامع.
(2) هكذا في الاصل.
(*)(1/311)
وغزة سمع بها من قاضيها علاء الدين بن خلف وغيره وببلد الخليل
سمع به من الشيخ عمر المجرد وببيت المقدس سمع به من جلال الدين القادم وصلاح الدين الطوري وشمس الدين بن حامد وغيرهم ونابلس ودمشق وحمص وحماة وأقام بحلب اعواما ثم رحل ثانيا فسمع بحماة وحمص وبعلبك ودمشق ونابلس وبيت المقدس وغيره والقاهرة ومصر ودمياط وبلبيس واكثر جدا من العالي والنازل عن خلق، وثبته بخطه الدقيق المليح في مجلد ضخم وهو كبير الفوائد، ومشايخه بالسماع قريب المائتين، وأجازه من اصحاب الفخر بن البخاري ابن اميلة وابن الهبل وجمع من غيرهم، وشيوخه بالسماع والاجازة يجمعهم معجمه الذي خرجه له ابني نجم الدين أبو القاسم محمد المدعو بعمر نفعه الله تعالى ونفع به سماه (مورد الطالب الظمي من مرويات الحافظ سبط ابن العجمي) (1) بمكة المشرفة المبجلة لما قدم من رحلته أرسل به إليه صحبة الحاج الحلبي في موسم سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، عني بهذا الشأن واشتغل في علوم وجمع وصنف مع حسن السيرة والانجماع
__________
(1) قال الشمس بن طولون في أربعين الاربعين: وقد اعتنى بترجمته المحدث الرحال النجم محمد المدعو عمر بن فهد المكي وجمع له مشيخة سماها (مورد الطالب الظمي لمرويات البرهان سبط ابن العجمي) فمن أراد معرفة مشايخه وتراجمهم ومسموعاته فليراجعها لينظر العجب العجاب، وقد أهدى مخرجها ابن فهد المذكور نسخة منها لشيخنا ناصر الدين بن زريق وقد صار الي بعد موته بأربعة دنانير أشرفية اه.
(*)(1/312)
عن التردد إلى ذوي الوجاهات والتخلق بجميل الصفات والاقبال على القراءة بنفسه ودوام الاسماع والاشتغال وهو امام حافظ علامة (1)
ورع دين وافر العقل حسن الاخلاق جميل المعاشرة متواضع محب للحديث واهله كثير النصح والمحبة لاصحابه كثير الانصاف والبشر لمن يقصده للاخذ عنه خصوصا الغرباء ساكن منجمع عن الناس طارح للتكلف سهل في التحديث صبور على الاسماع ربما اسمع اليوم الكامل من غير ملل ولا ضجر كثير التلاوة بكتاب الله عزوجل وعرض عليه قضاء الشافعية بحلب كرتين فامتنع وأصر على الامتناع فسئل في ان يعين من يصلح فعين القاضي ابا جعفر بن العجمي فولي فسار فيهم على السنن المستقيم فلم تطق الرعية ذلك فصرف وولي عليهم زين الدين عبد الرحمن بن الكركي فسار فيهم سيرة غير حميدة فضجوا منه وشكوا فسئل الشيخ في ان يعين لهم قاضيا فأشار إلى القاضي علاء الدين بن خطيب الناصرية فسدد وقارب، ومن مؤلفات الشيخ ادام الله تعالى علوه (تعليق على صحيح البخاري) في مجلدين بخطه وفي أربع مجلدات بغير خطه سماه (التنقيح لفهم قارئ الصحيح) و (نور النبراس على سيرة ابن سيد الناس) في مجلدين (وحواش على سنن ابن ماجه) مجلد و (نقد النقصان في معيار الميزان) مجلد و (غاية السول
__________
(1) وقال ابن حجر بأنه احق الناس بالرحلة إليه لعلو سنده حسا ومعنى ومعرفته بالعلو فنا فنا اه.
(*)(1/313)
في رجال الستة الاصول) و (المقتفى على ألفاظ الشفا) للقاضي عياض و (الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث) (1) مجلد لطيف وحواش على صحيح مسلم وعلى السنن لابي داود وعلى تجريد الصحابة للذهبي وعلى المراسيل للعلائي وعلى الكاشف للذهبي وذيل على الميزان له وحواش على تلخيص المستدرك له و (التبيين لاسماء المدلسين) كراس و (تذكرة الطالب المعلم لمن يقال انه مخضرم) كراس و (الاغتباط بمن رمي بالاختلاط) (2) ولخص مبهمات ابن بشكوال (3) وله عدة املاآت على البخاري كتبها عنه جمع من الطلبة، حدث بجملة من مروياته وهو الآن شيخ البلاد الحلبية والمشار إليه فيها بلا نزاع وبقية حفاظ الاسلام بالاجماع، اجتمعت به لما ورد إلى مكة
__________
(1) وقد جعل أبو الحسن على بن محمد بن عراق هذا الكتاب مع تصرف فيه كمقدمة لكتابه (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الاخبار الشنيعة الموضوعة) يذكر فيه الاحاديث التي ات ؟ قوا على وضعها والتي اختلفوا في وضعها في فصول خاصة في جميع ابواب كتابه، وبنو عراق عدة من اهل العلم تراجموا في (الكواكب السائرة في المائة العاشرة) (ودر الحبب في تاريخ حلب) وغيرهما وهم اولاد الولي الكبير محمد بن عراق الجركسي المترجم في (الكواكب) (والشذرات) وغيرهما.
(2) وهذه الثلاثة سنطبعها ان شاء الله بعد اتمام تهيئتها قريبا.
(3) بموحدة مفتوحة فشين معجمة ساكنة فكاف مضمومة فواو فألف فلام على ما قيده ابن خلكان وهو احد اجداد حافظ الاندلس خلف بن عبد الملك المعروف بابن بشكوال وقد تضم الموحدة عند بعضهم.
(*)(1/314)
المشرفة صحبة الحاج الحلبي مؤديا لحجة الاسلام في موسم سنة ثلاث عشرة وثمانمائة كرات واستفدت منه شيئا وسمعت عليه بمنى المعظم المائة المنتقاة من مشيخة الفخر بن البخاري الظاهرية والحديث بآخرها من الذيل عليها وأجازني بماله من مروياته مشافهة وكتابة غير مرة فالله تعالى يبقيه ويمتع الاسلام ويديم النفع به الانام بجاه المصطفى سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام، ثم انه درج بالوفاة إلى كرم الله تعالى ورحمته في سادس عشر شوال سنة احدى وأربعين وثمانمائة بحلب وصلي عليه بين صلاتي الظهر والعصر في الجامع الكبير ودفن بمقبرة اهله بني العجمي بالجبيل داخل سور حلب تغمده الله تعالى وايانا برحمته وجميع المسلمين آمين.
في هذه السنة توفي بالطاعون ناظر الخاص سعد الدين ابراهيم بن عبد الكريم بن بركة الشهير بابن كاتب جكم بالقاهرة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الاول، والامير جانبك الصوفي في يوم الجمعة خامس عشري شهر ربيع الآخر، والامير تمراز المؤيدي في ثالث عشري جمادى الآخرة، وشمس الدين محمد بن الخضر المصري في خامس عشري شهر رجب، والامير جانبك الحاجب المجرد على المماليك إلى مكة المشرفة في حادي عشر شعبان، والشيخ علاء الدين محمد بن محمد بن محمد البخاري الحنفي (1) في خامس شهر رمضان، وعلاء الدين علي بن موسى
__________
(1) من أكابر تلامذة لمح ؟ ق سعد الدين التفتازاني، كان علامة في المعقول (*)(1/315)
ابن ابراهيم الرومي في يوم الاحد العشرين منه، ونائب غزة الامير آق بردي، وناصر الدين محمد بن حسن الفاقوسي في ليلة الاثنين تاسع عشر شوال، والامير دولات خجا الظاهري في يوم السبت أول
__________
موفقا في نشر العلم، ملا الدنيا بمن تخرج عنده من المبرزين في الهند والحجاز والبلاد المصرية والشامية، آية في الورع ودقة النظر، وكان الشمسان القاياني والونا ؟ ي يقولان: انه لا يلحقه السعد ولا السيد إذا أفاض في بحث لم يتكلموا فيه وهو الذي بحث في كتب ابن تيمية بحثا دقيقا فقام ضد التيميين بما هو معروف
في التاريخ وان لم يرق ذلك لجماعة من الرواة ممن لم يطلعوا على ما دسه ابن تيمية في كتبه من البدع الفظيعة ومضوا على احسان الظن به قال السخاوي: لما سكن العلاء البخاري دمشق كان يسأل عن مقالات ابن تيمية التي انفرد بها فيجيب بما يظهر له من الخطأ فيها وينفر قلبه عنه إلى ان استحكم امره عنده وصرح بتبديعه ثم بتكفيره ثم صار يصرح في مجلسه بأن من اطلق على ابن تيمية شيخ الاسلام يكفر بهذا الاطلاق اه ولم يكن تشدده عليه من جهة كلام ابن تيمية في الصوفية لانه كان يرد على ابن عربي ايضا سواء بسواء بل من ناحية ما في كتب ابن تيمية من صريح القول بالقدم النوعي في العالم وحلول الحوادث به تعالى والجهة وغيرها مما تأباه جماهير النظار من متكلمي اهل السنة وكان يرى ان من اعتقد ان ذلك هو الاسلام مع ان الاسلام براء منه وانه هو شيخه يخرج من الدين، ولكن الظاهر ان من كان يذكره بهذا اللقب لم يكن يريد ذلك المعنى كما سيأتي، وهذا اللقب انما اصطلحوا على اطلاقه لمن إليه قضاء القضاة وان كان لقبا مبتدعا بعد الصدر الاول كما يقول الشيخ علي بن ميمون الاندلسي في كتابه (غربة الاسلام من المتفقهة والمتفقرة من اهل مصر والشام).
(*)(1/316)
ذي القعدة، وفي ليلة الاربعاء خامسها القاضي صلاح الدين محمد بن حسن ابن نصر الله، وفي ليلة الاثنين عاشرها احمد بن علي بن قرطاي، وفيها سلطان تبريز اسكندر بن قرا يوسف، وفي يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة وكيل بيت المال وناظر المارستان نور الدين علي بن مفلح، وفي يوم السبت ثالث عشرها السلطان الاشرف برسباي، وفي يوم السبت العشرين منها الامير سودون بن عبد الرحمن وهو مسجون بدمياط.
* (ابن ناصر الدين) *
محمد بن ابي بكر بن عبد الله بن محمد بن احمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن احمد بن علي القيسي الدمشقي الشافعي الامام العلامة الاوحد الحجة الحافظ مؤرخ الديار الشامية وحافظها شمس الدين أبو عبد الله ولد في العشر الاول من المحرم سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق طلب الحديث بنفسه فسمع وقرأ على جماعة منهم ابراهيم بن محمد بن أبي بكر بن عمر بن مسلم واحمد بن أقبرص بن بلغاق الكنجكي وأبو السير احمد بن عبد الله بن محمد بن الصائغ واحمد بن علي بن محمد بن علي ابن عبد الحق الحنفي واحمد بن علي بن يحيى بن تميم والحسن بن محمد بن محمد بن ابي الفتح البعلبكي وأم محمد جميلة ابنة عمر بن محمد بن الحسن بن العقاد الدمشقية وداود بن احمد البقاعي ورسلان بن احمد الذهبي وزينب ابنة عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية وزينب ابنة عثمان ابن لؤلؤ الحلبي وزينب ابنة ابي بكر بن احمد بن عوان وسعيد بن عبد الله(1/317)
النوبي عتيق البهاء السبكي وسوملك ابنة عثمان بن غانم وشمس الملوك ابنة محمد بن ابراهيم بن شادي وعائشة ابنة محمد بن عبد الهادي و عبد الرحمن بن احمد بن اسماعيل الذهبي و عبد الرحمن بن احمد بن هبة الله ابن مقداد القيسي و عبد الرحمن بن الحافظ محمد بن احمد بن عثمان الذهبي و عبد الرحمن بن محمد بن طولوبغا التنكزي (1) و عبد الله بن خليل الحرستاني و عبد الله بن يوسف بن احمد فزارة وعثمان بن محمد بن عثمان العبادي الانصاري وعلي بن احمد بن محمد بن عبد الله المرداوي وعلي ابن عثمان بن لؤلؤ الحلبي الاتابكي وعلي بن غازي بن علي بن ابي بكر الكوري الملقن وعلي بن محمد بن سعيد بن زيان وعلي بن محمد بن محمد بن ابي المجد وعلي بن ابي بكر بن يوسف الداراني وشيخ الاسلام عمر بن
__________
(1) نسبة إلى الامير تنكز الكبير ولاء، والامير تنكز هذا مملوك الملك المنصور لاجين الجركسي كما ذكره الصلاح الصفدي في الوافي بالوفيات وغيره وتربى عنده ثم ولي نيابة السلطنة بدمشق ودام عليها ما يقرب ثلاثين سنة وراح ضحية مكر حسن بن دمرداش صاحب تبريز سنة 740 على ما بسطه أبو المحاسن في المنهل الصافي وكان مثريا للغاية دينا عين كاتبا لحساب دخله في كل عام خاصة ليخرج زكاة ماله إلى مستحقيها وله من الخيرات ما لا يوصف من جوامع ومدارس وغيرها بالشام والقدس، وفي عهد نيابته ما كان يقدر احد من الامراء وغيرهم ان يظلم احدا لعظم مهابته في النفوس، واشتبه هذا الامير الجليل تنكز بجنكز الظالم المشهور على بعض ابناء الزمن ممن يتشاغل بالتاريخ فوصفه بالظلم جهلا فلزم التنويه بذلك.
(*)(1/318)
رسلان البلقيني وعمر بن محمد بن احمد بن عبد الهادي وعمر بن محمد بن احمد بن عمر بن سليمان البالسي وفاطمة ابنة محمد بن عبد الهادي ومحمد ابن احمد بن عبد الحميد بن غشم والحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب الشهير بالصامت ومحمد بن محمد بن عثمان المعظمي ومحمد بن محمد بن محمد بن عمر بن قوام ومحمد بن محمد بن منيع الوراق ومحمد بن محمود ابن علي ومحمد بن يوسف بن عبد الحميد المقدسي وهند ابنة محمد بن علي الارموي والعماد أبو بكر بن ابراهيم بن العز محمد ابن ابراهيم بن عبد الله بن ابي عمر وأبو بكر بن احمد بن عبد الهادي وأبو بكر بن محمد بن ابراهيم بن عبد الله بن ابي عمر وهو ابقاه الله تعالى مكثر سماعا كبير المداراة شديد الاحتمال حسن السيرة لطيف المحاضرة والمحادثة لاهل مجالسه قليل الوقيعة في الناس كثير الحياء قل ان يواجه احدا بما يكره ولو آذاه امام حافظ مجيد (1) وفقيه مؤرخ مفيد له الذهن السالم الصحيح والخط الجيد المليح على طريقة اهل الحديث النبوي المحاكي لخط الحافظ الذهبي كتب به الكثير وعلق وحشى وأثبت وطبق برز على اقرانه وتقدم وأفاد كل من إليه يمم، وولي مشيخة دار الحديث الاشرفية بدمشق في اوائل سنة سبع وثلاثين وثمانمائة فأملى به وهو مستمر إلى الآن جمع وألف وخرج
__________
وقد سئل الحافظ الشهاب بن حجر عنه وعن البرهان سبط ابن العجمي فقال: البرهان قاصر النظر على كتبه وابن ناصر الدين يحوش اه.
(*)(1/319)
وصنف فمن ذلك (المولد النبوي) في ثلاثة اسفار و (توضيح المشتبه) (1) و (افتتاح القاري لصحيح البخاري) و (مورد الصادي في مولد الهادي) و (منهاج السلامة في ميزان يوم القيامة) وكتاب (الاخبار بوفاة المختار) و (برد الاكباد عن فقد الاولاد) و (الرد الوافر على من زعم ان من سمى ابن تيمية شيخ الاسلام كافر) (2) و (النكت
__________
(1) في ثلاثة مجلدات على ما في أربعين الاربعين لابن طولون.
(2) جمع فيه من أطراه ووصفه بشيخ الاسلام من شيوخ العلم ردا على العلامة العلاء البخاري السابق ذكره، وفاته ان من هؤلاء جماعة انما اثنوا عليه قبل قيامه باذاعة بدعه وانكشاف الستر عن وجوه مسعاه كابن دقيق العيد والزملكاني والصلاح العلائي وأبي حيان وغيرهم ثم انقلبوا عليه.
وان منهم أناسا من الرواة من صغار أصحابه وأصحاب أصحابه البعيدين عن النظر ممن لا حجة في كلامهم، ومنهم طائفة يقرون له بالبراعة وسعة العلم من غير مشايعة له في شواذه الاصلية والفرعية
ومنهم ان انخدع بأوائل حاله ولم يطلع على خبايا مفرداته في كتبه فجرى على المبالغة في احسان الظن به.
ومع هذا كله كان جماهير أهل العلم من حذاق النظار على معاداته، ويقول الذهبي فيما كتب إليه نصيحة له حين طفح كيل فتنه: (وأعداؤك والله فيهم صلحاء وأخيار وعقلاء وفضلاء كما ان أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر.
فهل معظم اتباعك الا قعيد مربوط خفيف العقل أو عامي كذاب بليد الذهن أو غريب واجم قوي المكر أو ناشف صالح عديم الفهم فان لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل) على ما نقل عن خطه الحافظ صلاح الدين العلائي وأشار إليه السخاوي في الاعلان.
وبعد ان كتب ابن ناصر الدين هذا الكتاب استاء منه اصحابه وانفض من حوله كثيرون منهم كالمحدثين شمس الدين (*)(1/320)
الاثرية على الاحاديث الجزرية) و (بديعة البيان عن موت الاعيان) نظم وشرحها (التبيان لبديعة البيان) (1) و (اللفظ المكرم بفضل عاشوراء المحرم) و (بواعث الفكرة في حوادث الهجرة) نظم و (عقود الدرر في علوم الاثر) وشرحه ومختصر الاصل سماه (حل عقودا لدرر) أو (علوم الاثر) و (اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق) و (الاعلام بما وقع في مشتبه الذهبي من الاوهام) و (رفع الملام عن من خفف والد البخاري محمد بن سلام) و (ربع الفرع في شرح حديث ام زرع)
__________
البلاطنسي والشهاب الخوارزمي وغيرهما وفي جملة من انكر عليه ذلك الشهاب بن المحرة وابن قاضي شهبة، واخذ المترجم يعمل في عمارة خان السبيل الذي كان يعمره إذ ذاك الامام تقي الدين الحصني كأحد العمال ترضية له عما بدر منه في هذا الصدد ولبسط ذلك كله مقام آخر.
قال الحافظ جمال الدين بن عبد الهادي الحنبلي في كتابه الرياض اليانعة في اعيان المائة التاسعة: كان معظما للشيخ تقي الدين بن
تيمية محبا له مبالغا في محبته وبهذا السبب تركه جماعة من الشافعية ولم يعطوه حقه واعرضت نفوسهم عنه اه.
وابن عبد الهادي هذا هو الذي كان يسمع جزء الدشتي المتقدم ذكره بين أهله وخاصته كما اسلفنا، قال ابن طولون في اربعين الاربعين عند ترجمة ابن ناصر الدين: وقد ظلمه البرهان البقاعي في (عنوان الزمان في تراجم الشيوخ والاقران) اه.
يعني حيث رماه بالكشط والتزوير.
(1) وهي طبقات الحفاظ نظما ونثرا وابن طولون يقول عنها: وهي اولى من طبقات الحفاظ لابي عبد الله الذهبي فان رموز هذه في الوفيات لها معنى كرموز القراء في حرز الاماني بخلاف التي للذهبي فانه لا معنى لها اه.
وطبقات الذهبي هذه غير الطبقات المطبوعة له.
(*)(1/321)
و (السراج الوهاج في ازدواج المعراج) وخرج اربعين متباينة المتن والاسناد وله اناشيد رائقة وأمال جمة فائقة منها مجلس يسمى (الاتحاف لحديث فضل الانصاف) وآخر (تنوير الفكرة لحديث بهز بن حكيم في حسن العشرة) وآخر (الترجيح لحديث صلاة التسبيح) وغير ذلك مما لا يحصى كثرة (1) وقد أجاز لي غير مرة فالله تعالى يبقيه في خير ونعمة شاملة وافراح بلا كدر كاملة بمحمد وآله، ثم أتاه حمامه في صبيحة يوم الجمعة سابع عشري شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة بدمشق شهيدا في بعض قراها عند خروجه مع جماعة لقسمها (2) وصلي عليه (في جامع التوبة) ودفن بمقبرة باب الفراديس عند والده برد الله تعالى مثواه وجعل الجنة مأواه وايانا وجميع المسلمين. (3)
__________
(1) ككتاب (اتحاف السالك برواة الموطأ عن مالك) وأوصلهم فيه إلى نحو ثلاثة وثمانين راويا منهم ذو النون المصري و عبد الله بن المبارك و عبد الرحمن بن
مهدي بينا ترى ابن طولون انما يرويه عن طرق اربعة وعشرين راويا والسيوطي قبله عن ستة عشر راويا فقط.
و (الانتصار لسماع الحجار) وسيأتيك ملخصه لما فيه من الفوائد لمن يعنى باسانيد الصحاح.
و (اطفاء حرقة الحوبة بالباس خرقة التوبة) وكان له شغف بالباس خرقة التصوف.
(2) ولفظ السخاوي في الضوء اللامع انه مات بدمشق مسموما فانه خرج مع جماعة لقسم قرية من قرى دمشق فسمهم أهلها وحصلت له الشهادة اه.
(3) ومن فوائد ابن ناصر الدين ما ينقله ابن طولون عنه في الفهرست الاوسط في حق سماع الحجار عن الزبيدي حيث قال: وقد اجمع الحفاظ على صحة سماع (*)(1/322)
وفي هذه السنة مات السيد الشريف شهاب الدين احمد بن حسن
__________
احمد بن الشحنة الحجار المذكور لجميع الصحيح بلا فوت على الحسين بن الزبيدي ولا عبرة بمن قدح في ذلك والذي بلغنا من القدح امران احدهما في سماعه للصحيح وانه بفوت وقد بين صحة سماعه لجمعيه حافظ الاسلام أبو الحجاج المزي في جزء وقال العلامة غياث الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن علي العاقولي (قدم علينا دمشق قبل الفتنة) في كتابه الدراية في معرفة الرواية في ترجمة الشيخ الثالث والخمسين من مشايخه حين ذكر بعض ترجمة الحجار وذكر سماعه من الزبيدي لجميع الصحيح فقال ثابت لا شك فيه ولا امتراء وذلك في سنة 630 بجامع الصالحية بسفح قاسيون ظاهر دمشق والعبرة في ذلك بقول الحفاظ المبرزين المنزهين عن الاهواء والاغراض وقد سمع عليه البخاري بسنده هذا جماعة منهم وحققوه فلا عبرة بقول بعض اهل هذه البلاد في خطبة مشيخته تعريضا به وفي سماعه بحوث وانظار لان قوله ناشئ عن غرض بين لا خفاء به عند محقق وهو طلبه لما زعم من انحصار الرواية في الشيخ رشيد الدين وطبقته
انهم انقرضوا لئلا يشاركه في علو روايته عنهم من سمعه على الحجار بعد وفاة الشيخ رشيد الدين بعشرين سنة وهذا من المقاصد الواجب تجنبها على كل مسلم والتحرز عن مثل ذلك في باب الرواية فانه من الآفات التي يجب التنبه لها والتبري عنها واي بحث ونظر فيما حققه الحفاظ العارفون اخبروا به انتهى والرجل الذي كنى عنه العاقولي بقوله بعض اهل هذه البلاد هو فيما قاله الشيخ الامام العلامة المفسر اللغوي أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمود بن محمد بن محمد بن مودود الجعفري من قبل ابيه الانصاري السلمي من قبل امه البخاري قدم عينا دمشق حاجا عن شيخه ابي طاهر محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الاوسي الظاهري عن الامام المحدث ابي حفص عمر بن علي بن عمر القزويني نزيل مدينة السلام (*)(1/323)
ابن عجلان الحسني بزبيد ووصل خبره لمكة في تاسع عشر جمادى الاولى فيها، وفى يوم الاربعاء ثالث عشري جمادى الاولى الزمام جوهر الطواشي، وفي يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الثانية ضربت عنق الامير قرقماس الشعباني الظاهري بالاسكندرية، وفي سابع شهر
__________
انه قال عن الحجار وفي سماعه بحوث وانظار ورأيت شيخنا الجعفري مائلا إلى هذا القول وان اسناد اهل الشام بالصحيح عن الحجار وفيه هذا المقال فلم ابحث معه في نقضه والرد على قائله بل ذكرت له ان اسناد اهل الشام بالصحيح ليس عن الحجار فقط بل عن جماعة من اصحاب الحسين بن الزبيدي منهم ام محمد وزيرة ابنة عمر بن اسعد بن المنجا التنوخية واما الرشيد شيخ القزويني الذي اشار إليه العاقولي هو الامام رشيد الدين أبو عبد الله محمد بن ابي القاسم عبد الله ابن عمر بن ابي القاسم المقري الحنبلي شيخ رباط الارجوانية ببغداد وهو يروى الصحيح عن ابي الحسن على بن ابي بكر بن روزبه القلانسي فهو والحجار في
طبقة واحدة فمن اخذ عن الحجار ساوى من اخذ عن الرشيد والامر الثاني انه زعم بعض من لا خبرة له بترجمة احمد بن الشحنة الحجار انه كان له اخ اسمه احمد اكبر منه وهو الذي سمع على ابن الزبيدي صحيح البخاري وغيره وهذا باطل فالذي حققه الحفاظ كالبرزالي وسائر المحدثين ان احمد الذي ظهر سماعه هو الذي قرأوا عليه وسمعوا منه واخذوا عنه لا شك في ذلك ولا ريب واولاد ابي طالب اخوة الحجار معروفون محصورون خلف ويقال خليفة وناصر وقيل منصور ومحمد كذا عددهم الحافظ أبو محمد القاسم بن محمد البرزالي انتهى ومن اراد تحقيق هذا المقام بازيد من ذلك فعليه بالانتصار لسماع الحجار لابن ناصر الدين المذكور اه.
(*)(1/324)
رمضان قاضي عدن جمال الدين محمد بن سعيد كنن (1)، وفي عاشره قاضي الاقضية ببلاد اليمن جمال الدين محمد بن علي الطيب الناشري (2) بزبيد، وفي يوم الاربعاء خامس عشريه نائب الحكم بالقاهرة القاضي علم الدين احمد بن التاج محمد بن العلم محمد بن الكمال محمد بن العلم محمد بن ابي بكر بن عيسى بدران الاخنائي المالكي، وفي شوال موفق الدين علي بن محمد بن فخر بزبيد، وفي يوم الاربعاء حادي عشر القعدة قاضي المالكية بدمشق محيي الدين يحيى بن حسن بن محمد الحيحاني (3) المغربي، وفي يوم الجمعة ثالث عشرها قتلت عامة دمشق شيخ كرك نوح محمد بلبان وولده، وفي يوم الثلاثاء سابع عشرها قاضي المالكية بمكة ولي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن احمد النويري وفي ليلة الاثنين ثالث عشريها قتل بدمشق الامير اينال الجكمي، وفي يوم الجمعة ثامن الحجة قتل بالاسكندرية الامير يخشي بك المؤيدي وفي يوم الاحد سابع عشرها قتل بحلب الامير تغري برمش واسمه حسين، وفي شهر رجب صاحب اليمن الظاهر يحيى بن الاشرف اسماعيل ابن العباس الشهير بابن رسول، وفي شعبان الشرف موسى بن علي بن يحيى بن جميع العدني رئيس التجار بها.
__________
(1) غير منقوط في الاصل فليحرر.
(2) بنون ومعجمة بيت علم كبير بزبيد لهم تاريخ خاص.
(3) بمهملتين نسبة لحيحانة بليدة بالمغرب.
الضوء اللامع.
(*)(1/325)
* (ابن حجر) * احمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن احمد بن احمد بن العسقلاني المصري الشافعي الامام العلامة الحافظ فريد الوقت مفخر الزمان بقية الحفاظ علم الائمة الاعلام عمدة المحققين خاتمة الحفاظ المبرزين والقضاة المشهورين أبو الفضل شهاب الدين ولد في مصر ثالث عشري شعبان المكرم سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، مات عنه والده وهو طفل في شهر رجب سنة سبع وسبعين فأدخل الكتاب بعد اكمال خمس سنين وكان لديه ذكاء وسرعة حافظة بحيث انه حفظ سورة مريم في يوم واحد وكان يحفظ الصحيفة من الحاوي الصغير من مرتين الاولى تصحيحا والثانية قراءة في نفسه ثم يعرضها حفظا في الثالثة، وحج في اواخر سنة اربع وثمانين وجاور بمكة في السنة التي بعدها وهي سنة خمس فسمع بها اتفاقا على العفيف النشاوري (1) صحيح البخاري وهو أول شيخ سمع عليه الحديث وبحث في عمدة الاحكام للحافظ عبد
__________
(1) هو الشيخ عفيف الدين عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان النيسابوري الاصل ثم المكي المعروف بالنشاوري ولد سنة 705 وسمع من الرضي الطبري
وحدث بالكثير وتفرد..وقد ذهب في اواخر عمره إلى القاهرة وحدث ثم رجع إلى مكة وبقى قليلا ومات بها في ذي الحجة سنة 890.
إنباء الغمر بأنباء العمر لابن حجر الحافظ.
(*)(1/326)
الغني المقدسي وعلى عالم الحجاز الحافظ ابي حامد محمد بن ظهيرة وصلى التراويح بالمسجد الحرام بالقرآن العظيم في هذه السنة ثم في سنة ست سمع صحيح البخاري بمصر على عبد الرحيم بن رزين وسمع بها بعد التسعين فطلبه من جماعة من شيوخها والقادمين إليها من ذوي الاسناد العالي كابن ابي المجد والبرهان الشامي و عبد الرحمن بن الشيخة والحلاوي والسويداوي ومريم ابنة الاذرعي، ورحل إلى دمشق في سنة اثنتين وثمانمائة فأدرك بها بعض اصحاب القسم بن عساكر والحجار ومن اجاز له التقي سليمان بن حمزة وأشباهه ومن قرب منهم، وحج مرات وسمع بعدة من البلاد كالحرمين والاسكندرية وبيت المقدس والخليل ونابلس والرملة وغزة وبلاد اليمن وغيرها على جمع من الشيوخ، ومسموعاته ومشايخه كثيرة جدا لا توصف ولا تدخل تحت الحصر وقد افرد جملة من مروياته في مؤلف وكذا غالب شيوخه، اشتغل ودأب فحصل فنونا من العلم واول ما كان نظره في الادب والتاريخ ففاق في فنونهما وقال الشعر الحسن الذي هو ارق من النسيم وطارح الادباء (1) اخذ علم
__________
(1) وحيث كانت نشأته على معاناة الشعر والاسترسال في المديح والهجاء على طريقة اهل الادب ورث من ذلك منذ عهد شبابه التنكيت وتطلب مواضع العلل من تراجم الرجال والحط من مقاديرهم إذا اراد وان كانوا من اصحابه وشيوخه وممن تقدمهم لا سيما البارعين منهم، ويقول تلميذه البرهان البقاعي: انه لا يعامل
احدا بما يستحقه من الاكرام في نفس الامر بل بما يظهر له على شمائله من محبة الرفعة اه وقال قاضي القضاة أبو الفضل محب الدين محمد بن الشحة لحنفي (الذي (*)(1/327)
الحديث عن شيخنا الحافظ زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين
__________
كان ابن حجر يجله ولم يكن بينهما ادنى حزازة) في مقدمة شرحه على الهداية في حق ابن حجر: وكان كثير التبكيت في تاريخه على مشايخه واحبابه واصحابه لاسيما الحنفية فانه يظهر من زلاتهم ونقائصهم التي لا يعرى عنها غالب الناس ما يقدر عليه ويغفل ذكر محاسنهم وفضائلهم الا ما ألجأته الضرورة إليه فهو سالك في حقهم ما سلكه الذهبي في حقهم وحق الشافعية حتى قال السبكي انه لا ينبغي ان يؤخذ من كلامه ترجمة شافعي ولا حنفي وكذا لا ينبغي ان يؤخذ من كلام ابن حجر ترجمة حنفي متقدم ولا متأخر اه ومن راجع تراجم الرجال في كتبه ثم فحص عنهم في تواريخ غيره ممن لم يتغلب عليه تعصب وهوى يجد صواب ما يقوله ابن الشحنة ماثلا امام عينه مهما تحزب السخاوي لشيخه، ولو تصون من مثل ذلك لكان احسن.
ومما يجلب النظر لما فيه من العبر رؤيا يحكيها ابن حجر عن نفسه ولها تأثيرها عليه في استرساله في هذا الوادي حيث يقول في (المجمع المؤسس): رأيت ابن البرهان بعد موته فقلت له انت ميت قال نعم قلت ما فعل الله بك فتغير تغيرا شديدا حتى ظننت انه غاب ثم افاق فقال نحن الآن بخير لكن النبي صلى الله عليه وسلم عتبان فقلت لماذا قال لميلك إلى الحنفية فاستيقظت متعجبا وكنت قلت لكثير من الحنفية اني لاود لو كنت على مذهبكم فقالوا لماذا فقلت لكون الفروع مبنية على الاصول فاستغفرت الله من ذلك اه وابن البرهان الظاهري هذا قد سبق ذكر فتنه في ترجمة الياسوفي وعنه يقول ايضا ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: كانت نفسه تطمح إلى المشاركة في الملك وليس له قدم فيه لا من عشيرة
ولا من وظيفة ولا من مال..فاستقرأ جميع الممالك فلم يبلغ قصدا ثم رجع إلى الشام فاستغوى كثيرا من اهلها ومن اهل خراسان اه وغريب جدا من مثل ابن حجر ان يعول على الرؤيا في المسائل العلمية لا سيما على رؤيا مثل ابن البرهان وقد (*)(1/328)
العراقي وانتفع به وهو اول من اذن له في اقرائه، وتفقه على جماعة
__________
اذكرتنا هذه الرؤيا تنقل ابن ناصر احد مشايخ ابن الجوزي من الاشعرية والشافعية إلى المذهب الحنبلي عملا ومعتقدا (على مصطلحهم) برؤيا رآها فسبحان قاسم العقول ومراد ابن حجر من قوله فيما سبق: اني لاود لو كنت على مذهبكم لكون الفروع فيه مبنية على الاصول التنويه باطراد تلك الاصول الناضجة وعدم ارتباكها في التفريع لكونها نتيجة فحص كامل واستقراء مديد تام لموارد النصوص من جماعة عن جماعة بخلاف مذهبه فان المنصفين من علماء المذهب الشافعي كثيرا ما يتذمرون من اضطراب في اصولهم وفروعهم قديما وحديثا كرد المرسل مطلقا ثم استثناء مرسل ابن المسيب من ذلك ثم التراجع عن ذلك ورد مراسيل ابن المسيب في زكاة الفطر بمدين من حنطة، وفي التولية في الطعام قبل استيفائه، وفي دية المعاهد وفي قتل من ضرب اباه، ثم قبول مرسل الحسن (لا نكاح الا بولي) في كتاب الام، ثم الاخذ بمراسيل طاوس وعروة وابي امامة بن سهل وعطاء بن ابي رباح وعطاء بن يسار وابن سيرين وغيرهم، هذا في اصل واحد خالف فيه الشافعي رضى الله عنه من تقدمه من الفقهاء، وكالجمع بين الحقيقة والمجاز مع ان الحقيقة حيث لا صارف عن الموضوع له والمجاز حيث يكون هناك صارف عنه ودعوى وجود الصارف وعدم وجوده في اطلاق احد تدافع، وكتسوية ما بين دليل طريق ثبوته قطعي ودليل طريق ثبوته ظني إلى غير ذلك مما لامثاله كثرة في اصولهم فضلا عما لهم في المذهب القديم والجديد من الخلاف الكثير وهذا مما
حير اصحابه واتعب امثال البيهقي في سلوكهم طرائق التكلف في الاجابة عنها حتى ترى بعضهم يسلك طريقة الاقذاع حيث تضيق حجته والله اعلم.
وقد خدمت مناظراتهم طول قرون في نضوج علم اخلاف فجزاهم الله عن العلم خيرا.
(*)(1/329)
منهم شيخ الاسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان البلقيني وهو اول من اذن له بالافتاء والتدريس والشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن الملقن والشيخ برهان الدين ابراهيم بن موسى الا بناسي وأخذ الاصول عن نصرة الاسلام العز عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ابن جماعة، وجد في طلب العلوم فبلغ الغاية القصوى، ولي مشيخة الحديث وتدريس الفقه بأماكن من الديار المصرية وولي بها نيابة القضاء مدة ثم اعرض معنه وفوض إليه الملك المؤيد القضاء بالمملكة الشامية مرارا فأبي واصر على الامتناع فلما كان في المحرم سنة سبع وعشرين فوض إليه الملك الاشرف برسباي القضاء بالقاهرة وما معها فباشر ذلك بعفة ونزاهة فلما كان في ذي القعدة من السنة صرف نفسه ولو استمر على ذلك لكان خيرا له في دينه ودنياه ففي اول رجب من سنة ثمان وعشرين أعيد للقضاء واستمر الى صفر من سنة ثلاث وثلاثين فصرف ثم اعيد في جمادى الاولى سنة اربع وثلاثين ثم صرف في خامس شوال سنة أربعين ثم أعيد في سادس شوال سنة احدى واربعين ثم عزل عنه في تاسع ربيع الآخر سنة اثنتين واربعين بحضرة السلطان لكلام جرى بينه وبين قاضي القضاة سعد الدين الديري الحنفي فاعاده السلطان إلى وظيفة القضاء وجدد له ولاية ثانية وأضاف إليه ما خرج عنه في الايام الاشرفية من نظر الاوقاف ثم صرف (1) وكان يتخلله في غضون
__________
(1) قال السيوطي في حسن المحاضرة: ثم ولي القاياتي في المحرم سنة تسع (*)(1/330)
ذلك من الملك قلة رضى ويشاع صرفه فيهدي إليه ما يليق به من المال فيرده في المنصب فلو تنزه عنه ولزم الاشتغال بالعلم ليلا ونهارا وحج إلى بيت الله وزار قبر نبيه صلى الله عليه وسلم وجاور بالحرمين الشريفين لازداد بذلك رفعة ووجاهة عند الله تعالى والمسلمين لكنه عجن قلبه بمحبة ذلك وفتن فيه بولده فأوقعه في المهالك فالله تعالى يلهمه طريقة الخير ويصرف عنه كل ضير ويديم تقاه ويحفظه من جميع الاسواء ويتولاه (1)
__________
واربعين ثم مات واعيد ابن حجر في المحرم سنة خمسين ثم اعيد العلم البلقيني اول المحرم سنة احدى وخمسين ثم الولي السفطي ثم عزل فاعيد ابن حجر في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين ثم عزل آخر جمادى الآخرة من السنة ه.
قال ابن طولون عرض عليه قضاء الشام فلم يقبله واصر على ذلك ثم بعد مدة ولي قضاء مصر عوضا عن العلم البلقيني ثم عزل بالهروي ثم اعيد ثم عزل بالعلم البلقيني ثم اعيد ثم عزل به ايضا ثم اعيد ثم عزل بالقاياتي ثم اعيد اه قال السخاوي ومدة قضائه في هذه الولايات كلها احدى وعشرون سنة اه ومن غريب ما جرى لصاحبه العلم البلقيني انه لما عزل بابن حجر في عهد الملك الاشرف برسباي عرض عليه قضاء الشام فامتنع وقال انا ما أوثر رؤية السلطان في كل شهر مرة على هذا فقال له السلطان قد بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن فلم يعتذر بمثل هذا فتعجب الحاضرون من مثل هذه المناسبة على ما ذكره ابن طولون في اربعين الاربعين، ولقد أحسن ابن حجر حيث لم يعتذر بمثل هذا الكلام حين عرض عليه قضاء الشام.
(1) كأن المصنف يريد ان يجعل جميع العلماء من المجاورين بالحرمين الشريفين
مثله غير ناظر إلى ما يترتب على ذلك من اختلال مصالح المسلمين بتوسيد الامور (*)(1/331)
وكان احسن الله تعالى إليه في حال طلبه مفيدا في زي مستفيد إلى ان انفرد في الشبوبية بين علماء زمانه بمعرفة فنون الحديث لا سيما رجاله وما يتعلق بهم فألف التآليف المفيدة المليحة الجليلة السائرة الشاهدة له بكل فضيلة الدالة على غزارة فوائده والمعربة عن حسن مقاصده جمع فيها فأوعى وفاق اقرانه جنسا ونوعا، التي تشنفت بسماعها الاسماع وانعقد على كمالها لسان الاجماع فرزق فيها الحظ السامي عن اللمس وسارت بها الركبان سير الشمس فأولاها بالتعظيم وأولها في التقديم (فتح الباري في شرح البخاري) في بضعة عشر مجلدا ومقدمته في مجلد ضخم أو مجلدين تشتمل على جميع مقاصد الشرح سوى الاسئلة فانها حذفت وسماها (هدي الساري لمقدمة فتح الباري) وكتاب (تعليق التعليق) وصل فيه ما ذكره البخاري في صحيحه معلقا ولم يفته من ذلك الا القليل وقد كمل في حياة كبار الشيوخ وشهدوا بأنه لم يسبق إلى مثاله وهو له مفخرة وقدره كقدر المقدمة ثم اختصره وسماه (التشويق إلى وصل المهم من التعليق) في مجلد لطيف ثم اختصره واقتصر فيه على ذكر الاحاديث التي لم تقع في الاصل الا معلقة ثم توصل في مكان منه آخر وسماه (التوفيق بتعليق التعليق) في مجلد
__________
إلى غير اهلها، وابن حجر قد نفع المسلمين بقبوله القضاء مدة طويلة ولم يمنعه ذلك من نشر العلم وكثرة التأليف، وتلامذته المبرزون وتصانيفه الممتعة شهود عدل على ذلك، واما كونه يصرف المال في هذا السبيل فمما لا نعول عليه من غير دليل.
(*)(1/332)
لطيف و (تهذيب التهذيب) وهو يشتمل على اختصار تهذيب الكمال للمزي مع زيادات كثيرة عليه تقرب من ثلث المختصر دمجتها مع زيادات الذهبي في تذهيبه وما زدته في التهذيب في كتاب (نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب) (1) وخرج كله اعني التهذيب مع ذلك في قدر ثلث الاصل في ست مجلدات ولخصه في ملجد سماه (تقريب التهذيب) و (الاصابة في تمييز الصحابة) اربع مجلدات و (اتحاف المهرة بأطراف العشرة (2) وهي الموطأ ومسند الشافعي وأحمد والدارمي وابن خزيمة ومنتقى ابن الجارود وابن حبان والمستخرج لابي عوانة والمستدرك للحاكم وشرح معاني الآثار للطحاوي والسنن للدارقطني ثمانية أسفار مسودة وانما زاد العدد واحدا لان صحيح ابن خزيمة لم يوجد سوى قدر ربعه وأفرد منه اطراف مسند احمد وسمي (المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي) في مجلدين و (المطالب العالية في زوائد الثمانية) وهي مسند الطيالسي ومسدد والحميدي واسحق بن راهويه وابن ابي عمر وابو بكر بن ابي شيبة واحمد بن منيع وعبد بن
__________
(1) هذا كتاب المصنف في الرجال قال السخاوي جمع فيه بين تهذيب الكمال ومختصريه للذهبي وشيخنا (يعني ابن حجر) وغيرهما وهو كتاب حافل لو ضم إليه ما عند مغلطاي من الزوائد في مشايخ الراوي والآخذين عنه لكنه لم يصل إلى مكة إذ ذاك اه.
(2) توجد نسخة خطية منه في المكتبة المرادية بالآستانة.
(*)(1/333)
حميد والحارث بن ابي اسامة وابو يعلى الموصلي وانما زاد في العدد اثنين لان مسند اسحق بن راهويه لا يوجد منه الا النصف ومسند ابي يعلي لم يخرج الا رواية ابن المقري واما رواية ابن حمدان فقد افرد زوائدها الحافظ نور الدين الهيثمي، (لسان الميزان) في مجلدين و (تبصير المنتبه بتحرير المشتبه) مجلد ضخم و (نخبة الفكر في مصطلح اهل الاثر) في نصف كراس وشرحها في مجلد لطيف سماه (نزهة الفكر في توضيح نخبة الفكر) و (المجمع المؤسس بالمعجم المفهرس) و (فهرست مروياته) وغير ذلك (1) وقد جمعها ابقاه الله
__________
(1) قال السخاوي: سمعت ابن حجر يقول لست راضيا عن شئ من تصانيفي لانى عملتها في ابتداء الامر ثم لم يتهيأ لي من تحريرها سوى شرح البخاري ومقدمته والمشتبه والتهذيب ولسان الميزان بل كان يقول فيه لو استقبلت من امري ما استدبرت لم اتقيد بالذهبي ولجعلته كتابا مبتكرا بل رأيته في مواضع اثنى على شرح البخاري والتعليق والنخبة اه وقد بسطنا الموازنة بين شرحي الشهاب بن حجر والبدر العيني في (تذهيب التاج اللجيني في ترجمة البدر العيني) وشرح البدر أضخم من شرح الشهاب بقدر ثلثه وأجمع وأوسع يفي الابحاث حقها من جميع مناحيها بحيث لا يحوج القارئ إلى غير كتابه فيما له مساس بشرح الكتاب، والشهاب يسعى في حشد طرق الحديث وألفاظه المختلفة من كتب الاطراف والمستخرجات، وليس الشهاب كل حين بثاقب بينا ترى البدر مكتمل الانوار من كل جانب، ولو لا مقدمته لكان دونه بمراحل، على ان البدر كان يطلع على شرح الشهاب جزءا فجزءا قبل اتمامه فينقده ويبدي اوهامه ولما ظهر شرح البدر اصلح ابن حجر بعض مواضع من كتابه وحاول الرد على البدر (*)(1/334)
تعالى في كراس، وأملى من حفظه اربعين حديثا متباينة الاسانيد بشرط السماع وكثيرا من عشاريات الاشياخ وجمع المجاميع واختصر وانتقى وخرج لجماعة من شيوخه مشيخات وأجزاء واربعينات وانتفع به كثير من الشيوخ والاقران وتخرج به عدة من الطلبة الحديثة الاسنان، حدث بجملة من مسموعاته ومؤلفاته، سمعت من لفظه المسلسل بالاولية بطرق علية وقرأته عليه بطرق اكثر منها ومجلسا من اماليه وقصيدة من نظمه اولها: مازلت في سفن الهوى تجري بي * لا نافعي عقلي ولا تجريبي وشيئا من ترجمة البخاري من المقدمة وجزءا في الحج تخريجه
__________
في كتابه (انتقاض الاعتراض) لكنه ما اجاد ولا بلغ المراد وكان بينهما منافسة مع ان البدر كان في عداد شيوخ الشهاب واكبر سنا منه باثنتي عشرة سنة وان تأخرت وفاته عنه بثلاث سنوات، وحكى الشعراني في ذيل طبقاته عن السيوطي انه قال كان ابن حجر يحفظ ما يزيد على عشرين الف حديث وكان يقول الشروط التي اجتمعت في الآن بها اسمى حافظا وهي الشهرة بالطلب والاخذ من افواه الرجال والمعرفة بالجرح والتعديل والمعرفة بطبقات الرواة ومراتبهم وتمييز الصحيح من السقيم حتى يكون ما يستحضره من ذلك اكثر مما لا يستحضره مع استحضار الكثير من المتون فهذه الشروط من جمعها فهو الحافظ اه وكان السيوطي يدعي انه يحفظ مأتي الف حديث، والحفظ المجرد عن الدراية ليس بكبير الجدوى وقد قال بعض البارعين لما سمع ان فلانا يحفظ الكتاب الفلاني من كتب السنن: هب انه زادت نسخة من الكتاب في البلد.
(*)(1/335)
و (نخبة الفكر) و (تخريج احاديث الاربعين للنووي) والكلام على حديث القضاة، الجميع من تخريجه وقرأت عليه (الامتاع بالاربعين المتباينة بشرط السماع) وهو متع الله تعالى بطول بقائه امام علامة حافظ محقق متين الديانة حسن الاخلاق لطيف المحاضرة حسن التعبير عديم النظير لم تر العيون مثله ولا رأى هو مثل نفسه جد في طلب العلوم وبلغ - كان الله تعالى له - الغاية القصوى في الكتابة (1) والكشف والقراءة فمن ذلك انه قرأ البخاري في عشرة مجالس من بعد صلاة الظهر إلى العصر ومسلم في خمسة مجالس في نحو يومين وشطر يوم والنسائي الكبير في عشرة مجالس كل مجلس منها قريب من اربع ساعات، وأغرب ما وقع له في الاسراع انه قرأ في رحلته الشامية المعجم الصغير للطبراني في مجلس واحد فيما بين صلاة الظهر والعصر (2) وفي مدة اقامته بدمشق - وكانت
__________
(1) كان سريع الكتابة الا انه كان ردئ الخط ومع رداءة خطه ما كان يجري في كتاباته على نمط واحد ومن ثمة تصعب معرفة خطه والممارسة على قراءته على ما اشار إلى ذلك أبو المحاسن في المنهل الصافي.
وقد طالعنا عدة كتب بخطه سوى خطوطه في الطباق والسماعات فوجدنا ما يشير إليه أبو المحاسن صوابا، وكان كثيرا ما يتراجع عما بيضه اولا فيصبح مبيضه مسودا فتختلف نسخ مؤلفاته زيادة ونقصا وتبديلا حتى في شرحه على البخاري بعد ما اورد عليه البدر العيني ما اورده في شرحه إلى غير ذلك.
(2) والمعجم الصغير في مجلد يشتمل على نحو ألف وخمسمائة حديث بأسانيدها لانه خرج فيه عن الف شيخ عن كل شيخ حديثا أو حديثين كما قال ابن طولون (*)(1/336)
شهران وثلث شهر - قرأ فيها قريبا من مائة مجلد مع ما يعلقه ويقضيه من اشغاله، وأملى أبقاه الله تعالى قريبا من نحو مائة مجلس أو أزيد ثم ان عزمه فتر عن ذلك فلما كان في صفر سنة سبع وعشرين عاد إلى الاملاء فأكمل في املائه (تخريج احاديث مختصر ابن الحاجب) الاصلى في مجلدين وشرع في (تخريج احاديث الاذكار للنووي) وهو مستمر إلى الآن فيه فالله تبارك وتعالى يبقيه في خير وعافية ونعم عن الاكدار صافية، فلما كان في اثناء ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة حصل له اسهال مع رمي دم واستمر به ذلك إلى ان وافاه حمامه بعيد صلاة العشاء الآخرة من ليلة السبت المسفرة عن اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة الحرام من السنة وصلي عليه قبيل صلاة الظهر بمصلى المؤمنين بالرميلة
__________
وهذا غاية في الاسراع وما يبلغ إلى هذا الحد من السرعة في القراءة يفوت الضبط ويوقع في التخليط وان افتتن بذلك كثير من المحدثين وليس هذا مما يعد منقبة المكثرين من السماع والتسميع ولعل الاوهام التي نراها في كتب ابن حجر تأني من هذه الناحية حتى قال تلميذه البرهان البقاعي في عنوان الزمان (انه يغلط فيلج في غلطه) وان لم يرتض ذلك السخاوي لما كان بينه وبين البقاعي من المنافسة والا فالسخاوي نفسه كثيرا ما نراه يبدي في كتبه اخطاء شيخه ابن حجر ويذكر وجه الصواب فيها بلطف بل سبط ابن حجر في كتابه (النجوم الزاهرة في قضاة القاهرة) ينتقد كتاب جده (رفع الاصر عن قضاة مصر) ويظهر أوهامه فيه ويبين وجوه الاخلال منه، ويأخذه السخاوي حيث لم يراع الادب مع جده في النقد.
(*)(1/337)
خارج القاهرة وكان له مشهد عظيم حضر الصلاة عليه السلطان الملك الظاهر جقمق وأتباعه (1) ونقل نعشه إلى القرافة الصغرى فدفن فيها بتربة بني الخروبي (2) بين تربة الامام الشافعي رضي الله تعالى عنه والشيخ مسلم السلمي رحمه الله تعالى وهي مقابلة الجامع الديلمي وكان ممن حمل نعشه السلطان فمن دونه من الرؤساء والعلماء ولم يخلف بعده مثله في الحفظ والاتقان رحمه الله تعالى رحمة واسعة وغفر له مغفرة جامعة (3)
__________
(1) صلى عليه العلم البلقيني باذن الخليفة وكان الخليفة لابسا فرجيا اخضر والسلطان فرجيا ابيض على ما ذكره ابن طولون.
(2) بالقرافة بالقرب من الليث بن سعد الامام.
(3) قال الجمال بن عبد الهادي في الرياض اليانعة عند ترجمة ابن حجر: كان محبا للشيخ تقي الدين بن تيمية معظما له جاريا في اصول الدين على قاعدة المحدثين ولهذه العلة كثير من الشافعية ينتقص حقه ولا يبلغ به في التعظيم منزلته كفعلهم ذلك مع ابن ناصر الدين اه وابن حجر وان كان ممن قرض (الرد الوافر) لابن ناصر الدين تساهلا ومراعاة لجانبه كما يقع في غالب التقاريظ لكنه لم يكن ممن يساير ابن تيمية في مفرداته حتما بل رأيه فيه ما قاله: ان الواجب على من تلبس بالعلم وكان له عقل ان يتأمل كلام الرجل من تصانيفه المشهورة أو من ألسنة من يوثق به من اهل النقل فيفرز من ذلك ما ينكر فليحذر منه على قصد النصح ويثني عليه بفضائله فيما أصاب من ذلك كدأب غيره من العلماء اه بحروفه، بل كتبه طافحة بالرد عليه في شواذه ومن راجع ترجمة ابن تيمية من (الدرر الكامنة) لابن حجر وأحاط بما كتبه هناك في حقه يظهر له رأيه فيه بأجلى مظاهره.
(*)(1/338)
وفي أواخر مرضه بأيام يسيرة عاده قاضي القضاة سعد الدين بن الديري الحنفي فسأله عن حاله فأنشده اربعة ابيات من قصيدة للامام ابي القاسم الزمخشري وهي: قرب الرحيل إلى ديار الآخره * فاجعل آلهي خير عمري آخره وارحم مبيتي في القبور ووحدتي * وارحم عظامي حين تبقى ناخره
فأنا المسكين الذي أيامه * ولت بأوزار غدت متواتره فلئن رحمت فأنت أكرم راحم * فبحار جودك يا آلهي زاخره وقد رثاه جماعة من الفضلاء والادباء النبلاء منهم الاديب شهاب الدين أبو الطيب احمد بن محمد بن علي بن حسن عرف بالحجازي الانصاري وضمن مرثيته هذه الابيات فقال: كل البرية للمنية صائره * وقفولها شيئا فشيئا سائره والنفس ان رضيت بذا ربحت وان * لم ترض كانت عند ذلك خاسره وأنا الذي راض بأحكام مضت * عن ربنا البر المهيمن صادره لكن سئمت العيش من بعد الذي * قد خلف الافكار منا حائره هو شيخ الاسلام المعظم قدره * من كان اوحد عصره والنادرة قاضي القضاة العسقلاني الذي * لم ترفع الدنيا خصيما ناظره وشهاب دين الله ذي الفضل الذي * أربى على عدد النجوم مكاثره لا تعجبوا لعلوه فأبوه من * قبل علي في الدنا والآخره هو كيمياء العلم كم من طالب * بالكسر جاء له فأضحى جابره(1/339)
لا بدع ان عادت علوم الكيميا * من بعد ذا الحجر المكرم بائره لهفي على من اورثتني حسرة * رأس الرؤس إذ هي حاسره لهفي على المدح استحال إلى الرثا * وقصور ابياتي غدت متقاصره لهفي عليه عالما بوفاته * درست دروس والمدارس داثره لهفي على الاملاء عطل بعده * ومعاهد الاسماع إذ هي شاغره لهفي عليه حافظ العصر الذي * قد كان معدودا لكل مناظره لهفي على الفقه المهذب والمحر * رر حاوي المقصود عند محاضره
لهفي على النحو الذي تسهيله * مغني اللبيب مساعد لمذاكره لهفي على اللغة الغريبة كم أرا * نا معربا بصحاحها المتظاهرة لهفي على علم العروض تقطعت * انسابه بفواصل متغايره لهفي عليه خزانة العلم التي * كانت بها كل الافاضل ماهره لهفي على شيخي الذي سعدت به * صحب وأوجه ناظريه ناضره لهفي على التقصير مني حيث لم * أملا النواحي بالنواح مبادره لهفي على عذري عن استيفاء ما * يحوي وعجزي ان اعد مآثره لهفي على لهفي وهل ذا مسعدي * أو كان ينفعني شديد محاذره لهفي على من كل عام للهنا * تأتي الوفود إلى حماه مبادره والآن في ذا العام جاءوا للعزا * فيه وعادوا بالدموع الهامره قد خلف الدنيا خرابا بعده * لكنما الاخرى لديه عامره وبموته شعر الفؤاد وأعلم ال * - عين انثنت في حالتيها شاعره ولي المحاجر طابقت إذ للرثا * انا ناظم وهي المدامع ناثره(1/340)
فكأنه في قبره سر غدا * في الصدر والافهام عنه قاصره وكأنه في اللحد منه ذخيرة * أعظم بها درر العلوم الفاخره وكأنه في رمسه سيف ثوى * في الغمد مخبوءا ليوم مثاءره وكأنه سبق القضاء له فان * قربت منيته افاض محاجره وغدا بأبيات الدنا متمثلا * وحبابها بعض الصحاب وسارره ونعى بها من قبل ذلك نفسه * أكرم بها يا صاح نفسا طاهره ولصاحب الكشاف يعزى نظمها * واليد منها أبع متفاخره وأنا الذي ضمنتها مرثيتي * جهرا وأولها بغير مفاكره
قرب الرحيل إلى ديار الآخره * فاجعل آلهي خير عمري آخره وارحم مبيتي في القبور ووحدتي * وارحم عظامي حين تبقى ناخره فأنا المسيكين الذي أيامه * ولت بأوزار غدت متواتره فلئن رحمت فأنت اكرم راحم * فبحار جودك يا آلهي زاخره هذا لعمري آخر الابيات إذ * هي أربع كملت تراها باهره وأنا أعود إلى رثائي عودة * تحلو لسامعها بغير منافره غرتني الايام فيه فليتني * في مصر مت وما رأيت القاهره هجرتني الاحلام بعدك سيدي * واحر قلبي قد رمي بالهاجره من شاء بعدك فليمت انت الذي * كانت عليك النفس قدما حاذره وسهرت مذ صدح النعي بزجره * فإذا هم من مقلتي بالساهرة عزيت فيه فليت اني لم اكن * أوليت اني قد سكنت مقابره فلزا جميع الناس فيه واحد * طوبى لنفس عند ذلك صابره(1/341)
يا نوم عني لا تلم بمقلتي * فالنوم لا يأوي لعين ساهره يا دمع واسقي تربة ولو انها * بعلومه جرت البحار الزاخرة يا صبري ارحل ليس قلبي فارغا * سكنته احزان غدت متكاثره يا نار شوقي بالفراق تأججي * يا ادمعي بالمزن كوني ساجره يا قبر طب قد صرت بيت العلم أو * عينا به انسان قطب الدائره يا موت انك قد نزلت بذي الندى * ومذ استضفت حباك نفسا حاضره يا رب فازحمه واسق ضريحه * بسحائب من فيض فضلك غامره يا نفس صبرا فالتأسي لائق * بوفاة أعظم شافع في الآخره المصطفى زين النبيين الذي * حاز العلاء والمعجزات الباهرة
صلى عليه الله ما جال الردى * فينا وجرد للبرية باتره وعلى عشيرته الكرام وآله * وعلى صحابته النجوم الزاهره وفي هذه السنة أعني سنة اثنتين وخمسين توفي الشيخ برهان الدين ابراهيم بن (فتح الدين) (1) صدقة بن ابراهيم بن اسماعيل المقري القاهري وعرف والده بالصائغ البزار، والقاضي برهان الدين أبو الوفاء ابراهيم ابن المحدث جمال الدين عبد الله ابن الحافظ شهاب الدين ابي العباس احمد بن علي بن محمد بن ابي القاسم بن صالح بن هاشم الفرياني (2) والامام
__________
(1) لم يظهر لنا صواب هذه الكلمة من الاصل فصححناها على ما بينه العلامة الطهطاوي في النسخة التيمورية.
(2) بضم الفاء وتشديد الراء بعدها تحتانية خفيفة وبعد الالف نون نسبة إلى (فريانة) قرب سفاقس من افريقية.
الضوء اللامع والشذرات.
(*)(1/342)
الاوحد المفيد زين الدين أبو النعيم رضوان (1) بن محمد بن يوسف بن سلامة بن البهاء بن سعيد العقبي - بضم العين المهملة وسكون القاف بعدها موحدة، والامام زين الدين أبو محمد عبد الرحمن بن تاج الدين محمد بن محمد بن يحيى السنديسي الشافعي، والقاضي كمال الدين أبو البركات محمد بن علي بن احمد بن علي بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن الشهيد الناطق بن القاسم بن عبد الله العقيلي الهاشمي النويري، والاديب شاعر مكة خير الدين أبو الخير محمد بن عبد القوي بن محمد بن عبد القوي ابن احمد بن محمد بن علي بن معمر بن سليمان بن عبد العزيز بن أيوب بن علي البجائي ثم المكي المالكي الضرير في ذي الحجة وقد جاوز السبعين ووزير المغرب أبو زكريا يحيى بن زيان الوطاسي المريني الفاسي وكان عادلا
وجماعة آخرون.
__________
(1) يروي شرح معاني الآثار للطحاوي وجامع المسانيد لابي حنيفة سماع وسمعهما السخاوي عليه وأسمعهما لجماعة (*)(1/343)
* (جاء في خاتمة الاصل) *
هذا آخر ما وجد من كتاب (لحظ الالحاظ بذيل طبقات الحفاظ) تأليف الامام الحافظ الرحلة شيخ السنة ببلد الله الامين ابي الفضل محمد تقي الدين بن النجم محمد بن ابي الخير محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن فهد الهاشمي العلوي المكي الشافعي تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته بمحمد وآله والحمد لله اولا وآخرا وباطنا وظاهرا، وكتب من خط مؤلفه على يد حفيده ابن ابن ولده الفقير إلى ربه وكرمه الملتجئ إلى بيته وحرمه محمد المدعو جار الله ابن عبد العزيز بن عمر ابن تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي المكي الشافعي خادم الحديث الشريف بحرم الله المطهر المنيف لطف الله به والمسلمين اجمعين، وكانت كتابته في مجالس عديدة بدئ بها بالمسجد الحرام وختمت تجاه بيت الله االملك العلام من جهة ميزاب سحب الانعام قريبا من باب السلام وقت احرام بباب الكعبة الشريفة في يوم الخميس خامس عشري ذي القعدة المعظمة المنيفة عام اربع واربعين وتسعمائة والحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير نعم المولى ونعم الوكيل.(1/344)
ذيل طبقات الحفاظ للذهبي
* (تأليف) *
الحافظ جلال الدين ابي الفضل عبد الرحمن ابن ابي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 ه.
عورضت بنسخة الخزانة التيمورية العامرة
حقوق الطبع محفوظة(1/345)
اشتمل هذا الذيل على سبعة وأربعين ترجمة وهي موافقة لما في ذيل حافظ الشام الحسيني رحمه الله تعالى، وللذيل عليها للحافظ تقي الدين ابي الفضل محمد بن فهد الهاشمي تغمده الله برحمته، وزاد على الذيلين المذكورين تراجم خمسة انفس استدركها عليهما في الطبقة الثانية والعشرين وهم: الشهاب الهكاري، وابن حبيب، والسراج القزويني، وأمين الدين الواني، وابن المرابط، ومن الطبقة الرابعة والعشرين واحد وهو: عمر بن مسلم، ومن الطبقة الخامسة والعشرين اثنان هما: ابن الجزري، والشهاب البوصيري (1).
وعلمت على المستدرك (ك) وعلى موافقة السيد الحسيني (س) وعلى موافقة الحافظ ابن فهد (ف).
__________
(1) مجموع ما في هذا الذيل من التراجم (47) ترجمة منها (16) ترجمة موافقة لذيل الحسيني و (23) موافقة لذيل ابن فهد و (8) تراجم مستدركة عليهما.
(*)(1/346)
* (بسم الله الرحمن الرحيم) *
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
قال شيخنا الامام الحافظ مفتي المسلمين أوحد المجتهدين أبو الفضل عبد الرحمن جلال الدين ابن العلامة قاضي المسلمين كمال الدين ابي بكر ابن محمد السيوطي ثم القاهري الشافعي رحمة الله عليه: الله أحمد على آلائه وأشكره على نعمائه وأصلي وأسلم على خاتم أنبيائه محمد واصحابه وأحبائه.
وبعد فاني لخصت طبقات الحفاظ تصنيف الامام الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد الذهبي رحمه الله تعالى وذيلت عليه من بعده وابتدأت بترجمته فقلت ما نصه:
* (الطبقة الثانية والعشرون، عدتها 15) *
* (الذهبي) * س الامام الحافظ محدث العصر وخاتمة الحفاظ ومؤرخ الاسلام وفرد الدهر والقائم بأعباء هذه الصناعة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن احمد(1/347)
ابن عثمان بن قايماز التركماني ثم الدمشقي المقرئ ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة وطلب الحديث وله ثماني عشرة سنة فسمع الكثير ورحل وعني بهذا الشأن وتعب فيه وخدمه إلى أن رسخت فيه قدمه وتلا بالسبع وأذعن له الناس، حكي عن شيخ الاسلام ابي الفضل بن حجر انه قال: شربت ماء زمزم لاصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ، ولي تدريس الحديث بتربة أم الصالح وغيرها، وله من التصانيف: (تاريخ الاسلام) التاريخ الاوسط والصغير و (سير النبلاء) و (طبقات الحفاظ) التي لخصناها في هذا الكتاب وذيلنا عليها (1) و (طبقات القراء) و (مختصر تهذيب الكمال) و (الكاشف) مختصر ذلك و (المجرد) في اسماء رجال الكتب الستة و (التجريد) في اسماء الصحابة و (الميزان) في الضعفاء و (المغني) في الضعفاء وهو مختصر نفيس وقد ذيلت عليه بذيل و (مشتبه النسبة) و (مختصر الاطراف) لشيخه المزي و (تلخيص المستدرك) مع تعقب عليه و (مختصر سنن البيهقي) و (مختصر المحلى) وغير ذلك (2) وله معجم كبير وصغير ومختص بالمحدثين، والذي اقوله ان المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المزي والذهبي والعراقي وابن حجر، توفي الذهبي ليلة الاثنين
__________
(1) يعني طبقات الحفاظ للسيوطي مع التذييل على الذهبي بما في هذا الذيل.
(2) ككتاب (العلو) ولو لم يؤلفه لكان أحسن له في دينه وسمعته لان فيه مآخذ كثيرة، وقد شهر عن الذهبي أنه كان شافعي الفروع حنبلي المعتقد (على مصطلحهم).
(*)(1/348)
ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بدمشق وأضر قبل موته بيسير ورثاه التاج بن السبكي بقصيدة اولها: من للحديث وللسارين في الطلب * من بعد موت الامام الحافظ الذهبي من للرواية والاخبار ينشرها * بين البرية من عجم ومن عرب من للدراية والآثار يحفظها * بالنقد من وضع أهل الغي والكذب من للصناعة يدري حل معضلها * حتى يريك جلاء الشك والريب ومنها: هو الامام الذي روت روايته * وطبق الارض من طلابه النجب ثبت صدوق خبير حافظ يقظ * في النقل اصدق ابناء من الكتب الله أكبر ما أقرا وأحفظه * من زاهد ورع في الله مرتقب * (القطب الحلبي) * س
الامام العالم المقرئ الحافظ المحدث مفيد الديار المصرية وشيخها قطب الدين أبو علي عبد الكريم بن عبدالنور بن منير بن عبد الكريم ابن علي بن عبد الحق بن عبد الصمد بن عبدالنور الحلبي ثم المصري أحد من جرد العناية بالرواية ولد في رجب سنة اربع وستين وستمائة وسمع من العز الحراني وغازي الحلاوي والفخر وآخرين وخرج لنفسه التساعيات والبلدانيات والمتباينات وبلغ شيوخه الالف وتلا بالسبع على ابي الطاهر المليجي وغيره، وكان خيرا متواضعا حسن السمت غزيز المعرفة متقنا اختصر الالمام فحرره وشرح سيرة عبد الغني وشرع(1/349)
في شرح البخاري مطولا بيض منه النصف وجمع لمصر تاريخا حافلا لو تم بلغ عشرين مجلدا، وأعاد ودرس في الحديث بأماكن، أجاز للتاج السبكي ومات في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.
* (فتح الدين بن سيد الناس) * س الامام العلامة المحدث الحافظ الاديب البارع أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن احمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيد الناس بن ابي الوليد ابن منذر بن عبد الجبار بن سليمان اليعمري الاندلسي الاصل المصري ولد في ذي القعدة سنة احدى وسبعين وستمائة وسمع من غازي والعز وخلائق نحو الالف ولازم ابن دقيق العيد وتخرج عليه وأعاد عنده عليه وكان يحبه ويثني عليه وأخذ العربية عن البهاء بن النحاس وكتب الخط المغربي والمصري فأتقنهما وكان أحد الاعلام الحفاظ اماما في الحديث ناقدا في الفن خبيرا بالرجال والعلل والاسانيد عالما بالصحيح
والسقيم له حظ من العربية حسن التصنيف صحيح العقيدة أديبا شاعرا بارعا متفننا في البلاغة ناظما ناثرا مترسلا، ولي درس الحديث بالظاهرية وغيرها، وصنف السيرة الكبرى والصغرى (وشرح الترمذي) لم يكمله فأتمه الحافظ أبو الفضل العراقي (1) مات في شعبان سنة
__________
(1) بل لم يتمه هو ايضا كما تقدم فيما علقناه على ترجمته في ذيل الحسيني.
(*)(1/350)
أربع وثلاثين وسبعمائة ولم يخلف في مجموعه مثله.
* (ابن عبد الهادي) * س الامام الاوحد المحدث الحافظ الحاذق الفقيه البارع المقرئ النحوي اللغوي ذو الفنون شمس الدين محمد بن احمد بن عبد الهادي ابن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي أحد الاذكياء ولد في رجب سنة خمس أو ست وسبعمائة وسمع من ابن عبد الدائم والطبقة وتفقه بابن مسلم وتردد إلى ابن تيمية ومهر في الحديث والفقه والاصول والعربية، قال الصفدي: لو عاش لكان آية كنت إذا لقيته سألته عن مسائل أدبية وفوائد عربية فينحدر كالسيل وكنت أراه يوافق المزي في أسماء الرجال ويرد عليه فيقبل منه، وقال ابن كثير كان حافظا علامة ناقدا حصل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ ولا الاكابر وبرع في الفنون وكان جبلا في العلل والطرق والرجال حسن الفهم جدا صحيح الذهن، قال المزي: ما لقيته الا واستفدت منه وكذا قال الذهبي أيضا، ودرس بالصدرية والغياثية وصنف شرحا على التسهيل والاحكام في الفقه والرد على السبكي في مسألة الزيارة سماه (الصارم المنكي (1) و (المحرر في اختصار الالمام)
__________
(1) وقد تهور فيه لابن تيمية في شذوذه فوقع في أغلاط من حيث الكلام على الاحاديث والاستنباط منها، ولم تدخل الهوى شيئا الا افسدته.
(*)(1/351)
و (الكلام على أحاديث مختصر ابن الحاجب) و (العلل) على ترتيب كتب الفقه و (التفسير المسند) لم يتمه واختصر التعليق لابن الجوزي وزاد عليه (1) ومات في جمادى الاولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
* (السبكي) * س الامام الفقيه المحدث الحافظ المفسر الاصولي المتكلم النحوي اللغوي الاديب المجتهد تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي ابن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن حامد بن يحيى بن عمر بن عثمان ابن علي بن مسوار بن سوار بن سليم شيخ الاسلام امام العصر ولد في صفر سنة ثلاث وثمانين وستمائه، وأخذ الفقه عن ابن الرفعة والحديث عن الشرف الدمياطي والقراآت عن التقي الصائغ والاصلين والمعقول عن العلاء الباجي والخلاف والمنطق عن السيف البغدادي والنحو عن أبي حيان والتصوف عن التاج بن عطاء وسمع من ابن الصواف وعدة وأقبل على التصنيف والفتيا وصنف اكثر من مائة وخمسين مصنفا وتصانيفه تدل على تبحره في الحديث وغيره وسعة باعه في العلوم
__________
(2) وسماه تنقيح التحقيق في احاديث التعليق وهو مفيد جدا لمن يعنى بأحاديث الاحكام محص به الاصل واختصره وأبدى ما لابن الجوزي من الاوهام في كتابه (التحقيق في احاديث التعليق) الذي اشترط فيه على نفسه ان يخرج ما ذكره فقهاء المذاهب تعليقا من الاحاديث ويتكلم عليها من غير تعصب لمذهب على مذهب.
(*)(1/352)
وتخرج به فضلاء العصر وولي قضاء الشام بوفاة الجلال القزويني وخرج له الحافظ شهاب الدين أبو العباس احمد بن ايبك الدمياطي، ولما توفي المزي عينت مشيخة دار الحديث الاشرفية للذهبي فقيل ان شرط واقفها ان يكون الشيخ أشعري العقيدة والذهبي متكلم فيه فوليها السبكي قال ولده: والذي نراه انه ما دخلها أعلم منه ولا أحفظ من المزي ولا أورع من النووي (1) وابن الصلاح قال وليس بعد المزي والذهبي أحفظ منه، ونقل لنا انه نظم في دار الحديث المذكور قوله: وفي دار الحديث لطيف معنى * أحن إلى جوانحها وآوي لعلي ان أمس بحر وجهي * محلا مسه قدم النواوي توفي بمصر سنة ست وخمسين وسبعمائة.
* (البرزالي) * س الامام الحافظ مفيد الآفاق مؤرخ العصر علم الدين أبو محمد القاسم ابن البهاء محمد بن يوسف ابن الحافظ زكي الدين محمد بن يوسف الدمشقي ولد في جمادى الاولى سنة خمس وستين وستمائة وسمع كثيرا ورحل وأمعن في طلب الحديث مع الاتقان والفضيلة وخرج لنفسه معجما في
__________
(1) شارح مسلم نسبة إلى (نوى) بأرض الشام، واما النووي المذكور في ص 118 فمنسوب إلى (نوى من اعمال القليوبية ذكره ابن قاضي شهبة على ما افاده مسند العصر الاستاذ السيد احمد رافع الطهطاوي حفظه الله.
(*)(1/353)
سبع مجلدات عن اكثر من ثلاثة آلاف شيخ، وفيه يقول الذهبي: ان رمت تفتيش الخزائن كلها * وظهور أجزاء بدت وعوالي ونعوت اشياخ الوجود وما رووا * طالع أو اسمع معجم البرزالي
ولي تدريس الحديث بالنورية وغيرها، وله تاريخ ذيل به علي ابي شامة وكان قوي المذاكرة عارفا بالرجال لا سيما شيوخ زمانه وأهل عصره ولم يخلف في معناه مثله، مات بمكة في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة رحمه الله وايانا.
* (ابن مظفر) * س الامام المحدث المسند الحافظ المحرر شهاب الدين أبو العباس احمد ابن مظفر بن ابي محمد بن مظفر بن بدر بن حسن بن مفرح بن بكار النابلسي سبط الحافظ زين الدين خالد النابلسي ولد سنة خمس وسبعين وستمائة وسمع من الفخر وخلائق نحو السبعمائة، قال الذهبي في المعجم الكبير: وله معرفة وحفظ وقال في المختص: الحافظ المحرر، وقال البرزالي: محدث فاضل على ذهنه فضيلة وفوائد كثيرة تتعلق بهذا الشأن، وقال الحسيني: كان من أئمة هذا الشأن رحل وحصل وألف وخرج وله تاريخ (1) مات في ربيع الاول سنة ثمان وخمسين وسبعمائة.
__________
(1) قال ابن ناصر الدين: وله مصنف في ذكر ابي هريرة رضي الله عنه (*)(1/354)
* (احمد بن أيبك) * س ابن عبد الله الحسامي الدمياطي الحافظ المخرج المفيد محدث مصر شهاب الدين أبو الحسين ولد سنة سبع وسبعمائة وسمع من حسن الكردي وخلائق وخرج وانتقى وأفاد وله مجاميع وذيل في الوفيات على الحسيني وشرع في تخريج أحاديث الرافعي سمع عليه أبو الخير بن العلائي ومات سنة تسع واربعين وسبعمائة في رمضان بالطاعون رحمه الله تعالى.
* (ابن رشيد) * (1) ف
الامام المحدث ذو الفنون محب الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن ادريس بن سعيد بن مسعود بن حسن بن محمد ابن عمر بن رشيد الفهري السبتي، قال لسان الدين بن الخطيب في تاريخ غرناطة: كان اماما مضطلعا بالعربية واللغة والعروض فريد دهره عدالة وجلالة وحفظا وأدبا عالي الاسناد صحيح النقل تام العناية بصناعة الحديث قيما عليها بصيرا بها محققا فيها ذاكرا للرجال فقيها ذاكرا للتفسير ريان
__________
ومصنف في ترجمة الحافظ ابي القاسم بن عساكر وكتب كثيرا وعلق وألف وخرج وطبق اه.
(1) بالياء المثناة التحتية بعد الشين المعجمة كما وقع في الدرر الكامنة بخط البرهان البقاعي والديباج المذهب لابن فرحون، وقد سبق في ذيل ابن فهد ص 97 ضبط الراء بالضم.
(*)(1/355)
من الادب حافظا للاخبار والتواريخ مشاركا في الاصلين عارفا بالقراآت حسن الخلق كثير التواضع قرأ على ابن ابي الربيع وحازم القرطاجني ورحل فأخذ بمصر والشام والحجاز عن الدمياطي والقطب القسطلاني وخلائق ضمنهم رحلته التي سماها (ملء العيبة) (1) وهي ست مجلدات قلت وقفت عليها بمكة وعلقت منها فوائد واستفدت منها الحديث المسلسل بالنحاة، وعاد إلى غرناطة فنشر بها العلم، وقال ابن حجر طلب الحديث فمهر فيه وألف (ايضاح المذاهب فيمن يطلق عليه اسم الصاحب) و (ترجمان التراجم على ابواب البخاري) اطال فيه النفس ولم يكمل مولده سنة سبع وخمسين وستمائة بسبتة ومات بفاس في محرم سنة احدى وعشرين وسبعمائة.
* (نجم الدين الدهلي) * س ابو الخير سعيد بن عبد الله الحريري الجلالي قال الصلاح الصفدي في تاريخه: الحافظ الامام العالم نشأ ببغداد وارتحل إلى مصر وأقام بدمشق وعمل في الحديث عملا جيدا ليس اليوم في الشام مثله في الفرائض (2)
__________
(1) وهي رحلته المشرقية الكبرى التي سماها (ملء العيبة فيما جمع بطول الصحبة في الوجهتين الكريمتين مكة وطيبة) قال ابن حجر في الدرر الكامنة صنف كتاب (الرحلة المشرقية) في ست مجلدات فيه من الفوائد شئ كثير وقفت عليه وانتخبت منه اه.
(2) في النسخة التيمورية (في التراجم) وهو الاظهر.
(*)(1/356)
وأسماء الرجال وهو حافظ الشام بعد الذهبي، وله تآليف منها (تفتت الاكباد في واقعة بغداد) وقال الذهبي سمع المزي من السروجي عنه، ولد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة ومات في خامس عشرى ذي القعدة سنة تسع واربعين وسبعمائة بالطاعون.
* (الشهاب الهكاري) * ك احمد بن احمد بن احمد بن الحسين بن موسى بن موسك الكردي الاصل الهكاري الشيخ شهاب الدين أبو سعيد بن الشهاب ابي الحسن سمع من ابن الصواف ووزيرة وعني بطلب الحديث، قال الحافظ أبو الفضل بن حجر: وكان عارفا بالرجال - جمع كتابا في رجال الصحيحين - موصوفا بالدين والخير متواضعا وأعاد بالجامع الحاكمي، مات في ثامن جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وسبعمائة (1).
* (ابن حبيب) * ك
المحدث الحافظ أبو القاسم عمر بن حسن بن عمر بن حبيب الدمشقي الحلبي ولد سنة ثلاث وستين وستمائة وسمع من الفخر وعدة وعني بالرواية وعمل لنفسه فهرسا حافلا وخرج له الذهبي معجما وكان خبيرا بالحديث والاسانيد والمتون وغيره أتقن منه، درس الحديث بحلب وولي
__________
(1) وقال ابن حجر: ووهم من ارخه سنة اثنتين.
(*)(1/357)
الحسبة بها ومات سنة ست وعشرين وسبعمائة.
* (السراج القزويني) * ك الحافظ الكبير محدث العراق سراج الدين عمر بن علي بن عمر ولد سنة ثلاث وثمانين وستمائة وعني بالحديث وسمع من الرشيد ابي سعد ابن ابي القاسم ومحمد بن عبد المحسن الدواليبي وخلائق وصنف التصانيف وعمل الفهرست اجاد فيه ومات سنة خمس وسبعين (1) وسبعمائة، وروى عنه المجد الشيرازي صاحب القاموس.
* (امين الدين الواني) * ك محمد بن ابراهيم بن محمد بن احمد الدمشقي الحنفي أبو عبد الله ولد سنة أربع وثمانين وستمائة وطلب الحديث فسمع من ابن عساكر وغيره وتعب وحصل، قال الذهبي: كان من أنبه الطلبة وأجودهم خرج وأفاد ورحل مرات وقال ابن رافع طبق الدنيا بالسماع وصار عالما حافظا وقال البرزالي: كان يعرف العوالي ويفيدها الرجال (2) مات في ربيع الاول سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.
__________
(1) هكذا في الاصل، قال الحافظ على بن عبد المحسن الدواليبي حفيد شيخ القزويني نقلا عن والده تلميذ صاحب الترجمة انه توفي سنة ثمان واربعين وسبعمائة
كما رأيته بخطه في ثبته في المكتبة الظاهرية بدمشق وهو الصواب.
(2) وقال القرشي: تفقه يسيرا وبرع في الحديث.
(*)(1/358)
* (ابن المرابط) * ك الحافظ أبو عمرو محمد بن عثمان بن يحيى بن احمد بن عبد الرحمن بن ظافر الغرناطي ولد في رجب سنة ثمانين وستمائة وسمع من ابن الزبير سنن النسائي الكبرى وتلا عليه بالسبع وقدم مصر فسمع من الدمياطي وغيره وسكن دمشق وسمع منه المزي والحفاظ وأثنى عليه الحسيني وخرج لشيخه ابن رشيد اربعين تساعيات فيها تخليط فكأنه ليس بالمتقن (1).
مات في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة.
* * * * (الطبقة الثالثة والعشرون، عدتهم 11) * * (البهاء بن خليل) * س عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ابي بكر بن خليل بن ابراهيم بن يحيى بن ابي عبد الله بن فارس بن ابي عبد الله بن يحيى ابن ابراهيم العثماني
__________
(1) قال ابن حجر: رأيت جزءا له حط فيه على الذهبي وترجمه ترجمة افرط في ذمه فيها وتعقبها البرهان بن جماعة على الهامش فالله يرحم الجميع اه وقد عاب ابن المرابط في جزئه هذا الذهبي بثلبه الناس وذكره لمساويهم وقال ان ذلك غيبة لا تجوز وان الجرح قد انقطعت فائدته من رأس الاربعمائة وقسم تاريخ الذهبي لاربعة أقسام قسم منها محض غيبة...إلى آخر ما يذكره.
(*)(1/359)
المكي الشافعي نزيل القاهرة الامام الفقيه المحدث الحافظ الزاهد
القدوة أبو محمد ولد سنة اربع وتسعين وستماية وسمع من الرضي وبيبرس العديمي وخلق وقرأ الفقه والقراآت وعني بالحديث ورحل، قال الذهبي في معجمه: قرأ الكثير وكان جيد المعرفة أخذ عنه العراقي والهيثمي ومات بالقاهرة ليلة ثالث جمأدى الاولى سنة سبع وسبعين وسبعماية.
* (العلائي) * س الشيخ الامام العلامة الحافظ الفقيه ذو الفنون صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي الشافعي عالم بيت المقدس ولد في ربيع الاول سنة اربع وتسعين وستمائة وسمع التقي سليمان وطبقته ولازم البرهان الفزاري والكمال الزملكاني وتخرج به وبرع في الفنون وكان اماما محدثا حافظا متقنا جليلا فقيها اصوليا نحويا، قال الذهبي في المختص: حافظ يستحضر الرجال والعلل وتقدم في هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم، وقال الحسيني كان اماما في الفقه والاصول والنحو مفننا في علوم الحديث وفنونه علامة فيه عارفا بالرجال علامة في المتون والاسانيد ولم يخلف بعده مثله، وقال الاسنوي كان حافظ زمانه اماما في الفقه وغيره ذكيا نظارا، سئل السبكي من تخلف بعدك فقال العلائي، الف في الحديث وغيره مصنفات منها (الوشي المعلم فيمن روى عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم) و (الاربعين في اعمال المتقين) و (القواعد المشهورة) و (علوم آيات الفرائض) وأشياء(1/360)
كثيرة محررة متقنة نافعة، وخرج ودرس بأماكن منها الناصرية والاسدية والصلاحية بالقدس والتنكزية وغير ذلك، اخذ عنه العراقي وقال مات حافظ المشرق والمغرب صلاح الدين العلائي في ثالث المحرم
سنة احدى وستين وسبعمائة.
* (ابن كثير) * س الامام المحدث الحافظ ذو الفضائل عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي ولد سنة سبعمائة (1) وسمع الحجار والطبقة وأجاز له الواني والختني وتخرج بالمزي ولازمه وبرع، له التفسير الذي لم يؤلف على نمطه مثله والتاريخ و (أدلة التنبيه) (2) و (تخريج احاديث مختصر ابن الحاجب) وشرع في كتاب كبير في الاحكام لم يتمه ورتب مسند احمد على الحروف وضم إليه زوائد الطبراني وابي يعلى وله (مسند الشيخين) و (علوم الحديث) و (طبقات الشافعية) وغير ذلك، مات في شعبان سنة اربع وسبعين وسبعمائة وقال الذهبي في المختص: الامام المفتي المحدث البارع ثقة متفنن محدث متقن وقال ابن حجر: كان كثر الاستحضار وسارت تصانيفه في البلاد في
__________
(1) أو بعدها بيسير كما ذكره ابن حجر.
(2) كذا في الاصل وصوابه (تخريج أدلة التنبيه).
(*)(1/361)
حياته وانتفع به الناس بعد وفاته ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم وانما هو من محدثي الفقهاء.
قلت العمدة في علم الحديث معرفة صحيح الحديث وسقيمه وعلله واختلاف طرقه ورجاله جرحا وتعديلا واما العالي والنازل ونحو ذلك فهو من الفضلات لا من الاصول المهمة.
* (العفيف المطري) * ف الحافظ عفيف الدين أبو جعفر وأبو محمد عبد الله بن الجمال محمد بن
احمد بن خليف (1) بن عيسي بن عساس بن يوسف بن بدر بن علي بن عثمان الخزرجي العبادي المدني ولد سنة ثمان وتسعين وستمائة وعني بالحديث ورحل فسمع من الرضي الطبي والواني والحجار وعدة وحصل الفوائد، قال الذهبي قدم علينا طالب حديث وله فهم وذكاء ورحلة ولقاء فأفادنا أشياء حسنة، وقال ابن رجب كان حافظا وقته عني بالطلب والتواريخ، ألف (تاريخ المدينة) ومات فيها في ربيع الاول سنة خمس وستين وسبعمائة.
* (الزيلعي) * ف الامام الفاضل المحدث المفيد جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف
__________
(1) بالياء على ما وجد بخطه ذكره ابن حجر.
(*)(1/362)
ابن محمد الحنفي اشتغل كثيرا وسمع من اصحاب النجيب وأخذ عن الفخر الزيلعي شارح الكنز والقاضي علاء الدين بن التركماني وابن عقيل وغير واحد ولازم مطالعة كتب الحديث إلى ان خرج احاديث الهداية وأحاديث الكشاف واستوعب ذلك استيعابا بالغا، قال شيخ الاسلام ابن حجر ذكر لي شيخنا العراقي انه كان يرافقه في مطالعة الكتب الحديثية لتخريج الكتب التي كانا قد اعتنيا بتخريجها فالعراقي لتخريج احاديث الاحياء والاحاديث التي يشير إليها الترمذي في الابواب والزيلعي لتخريج الكتابين المذكورين فكان كل منهما يعين الآخر مات الزيلعي في محرم سنة اثنتين وستين وسبعمائة، ومحله في الطبقة الآتية الا انه تقدمت وفاته فقدمته.
* (العز بن جماعة) * س
الحافظ الامام قاضي القضاة عز الدين أبو عمر عبد العزيز ابن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الاصل الدمشقي المولد ثم المصري الشافعي ولد في تاسع عشر المحرم سنة اربع وتسعين وستمائة فأحضر على عمر القواس وأبي الفضل بن عساكر وسمع من الدمياطي والابرقوهي وأجاز له ابن وريدة وابو جعفر بن الزبير واكثر السماع فبلغ شيوخه ألفا وثلاثمائة نفس وتفقه على والده وأخذ عن الجمال الوجيزي والعلاء الباجي وعني بهذا الشأن وصنف (تخريج احاديث الرافعي) (والمناسك الكبرى) على المذاهب الاربعة والصغرى على(1/363)
مذهب الشافعي، وولي قضاء الديار المصرية وتدريس الخشابية، اثنى عليه الاسنوي في الطبقات وكان قصير الباع في الفقه وهو في الحديث أمثل منه فيه، اخذ عنه العراقي ووصفه بالحفظ وجاور بمكة ومات فيها في جمادى الاولى سنة سبع وستين وسبعمائة ودفن بالمعلاة.
* (السروجي) * س محمد بن علي بن ايبك السروجي أبو عبد الله الحافظ ولد سنة اربع عشرة وسبعمائة وعني بالرواية فسمع الكثير من اصحاب النجيب ومن الدبوسي وابن المصري (1) ولازم ابن سيد الناس وغيره إلى ان بلغ الغاية في الحفظ ووصفه المزي بالحفظ وكذلك البرزالي والذهبي وغيرهم قال الصفدي: ما رأيت بعد ابن سيد الناس مثله ما سألته عن شئ من تراجم الناس ووفياتهم وأعصارهم وتصانيفهم الا وجدته فيه حفظة لا يغيب عنه شئ، قال ابن حجر وفي الجملة هو معدود في زمرة الحفاظ ولو علت سنه لكان اعجوبة الزمان، شرع في جمع (الثقات) لو تم لكان
عشرين مجلدة وخرج لنفسه مائة حديث متباينة الاسناد، مات بحلب في ربيع الاول سنة اربع واربعين وسبعمائة.
* (الحسيني) * ف الحافظ شمس الدين أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن
__________
(1) يحيى بن يوسف المتوفى سنة 737 عن اكثر من تسعين سنة.
(*)(1/364)
محمد الدمشقي الشريف الحسيني ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة وسمع من ابن عبد الدائم والمزي وخلائق وطلب بنفسه فاكثر ورحل وخرج لنفسه معجما وجمع رجال المسند وألف (التذكرة في رجال العشرة) الكتب الستة والموطأ والمسند ومسند الشافعي وابي حنيفة وذيل على العبر وعلى طبقات الحفاظ للذهبي ورتب الاطراف على الالفاظ وله تعليق على الميزان وشرع في شرح سنن النسائي وغير ذلك، مات كهلا في شعبان سنة خمس وستين وسبعمائة، سئل الحافظ أبو الفضل العراقي عن أربعة تعاصروا أيهم أحفظ مغلطاي وابن كثير وابن رافع والحسيني فأجاب ومن خطه نقلت: ان اوسعهم اطلاعا واعلمهم بالانساب مغلطاي على اغلاط تقع منه في تصانيفه ولعله من سوء الفهم وأحفظهم للمتون والتواريخ ابن كثير وأقعدهم لطلب الحديث وأعلمهم بالمؤتلف والمختلف ابن رافع وأعرفهم بالشيوخ المعاصرين وبالتخريج الحسيني وهو أدونهم في الحفظ انتهى.
* (مغلطاي) * ف مغلطاي بن قليج بن عبد الله الحنفي الامام الحافظ علاء الدين ولد سنة تسع وثمانين وستمائة وسمع من الدبوسي والختني وخلائق وولي
تدريس الحديث بالظاهرية بعد ابن سيد الناس وغيرها وله مآخد على المحدثين وأهل اللغة، قال العراقي: كان عارفا بالانساب معرفة جيدة واما غيرها من متعلقات الحديث فله بها خبرة متوسطة وتصانيفه اكثر(1/365)
من مائة منها (شرح البخاري) و (شرح ابن ماجه) لم يكمل وقد شرعت في اتمامه و (شرح ابي داود) ولم يتم وجمع (أوهام التهذيب) و (أوهام الاطراف) وذيل على التهذيب وذيل على المؤتلف والمختلف لابن نقطة و (الزهر الباسم في سيرة ابي القاسم) ورتب المبهمات على الابواب ورتب بيان الوهم لابن القطان وخرج زوائد ابن حبان على الصحيحين، مات في رابع عشرى شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة.
* (ابن رافع) * س الحافظ المحدث المشهور تقي الدين أبو المعالي محمد بن رافع بن هجرس ابن محمد بن شافع بن محمد السلامي ولد في ذي القعدة سنة اربع وسبعمائة وسمع من التقي سليمان وغيره وأجاز له الدمياطي وغيره وحبب إليه هذا الشأن فأكثر جدا عن شيوخ مصر والشام وجمع معجمه في أربع مجلدات وهو في غاية الضبط والاتقان مشحون بالفوائد وله (ذيل على تاريخ بغداد) لابن النجار، مات في ثامن عشر جمادى الاولى سنة اربع وسبعين وسبعمائة.
* (أبو بكر بن المحب) * س الحافظ شمس الدين أبو بكر محمد بن عبد الله بن احمد بن عبد الله ابن احمد بن محمد بن ابراهيم المقدسي الحنبلي ويعرف بالصامت لطول(1/366)
سكوته ولد سنة اثنتي عشرة (1) وسبعمائة وحضر على التقي سليمان وغيره وسمع القاسم بن عساكر وخلقا وكان مكثرا شيوخا وسماعا وقرأ الكثير وأجاد وخرج وأفاد وكان عالما متقنا فقيها أفتى ودرس ومات خامس شوال سنة تسع وثمانين وسبعمائة رحمه الله تعالى.
* * * * (الطبقة الرابعة والعشرون، عدتها 9) * * (ابن رجب) * ف هو الامام الحافظ الفقيه والواعظ زين الدين عبد الرحمن بن احمد بن رجب بن الحسن بن محمد بن مسعود السلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي ولد في بغداد في ربيع الاول سنة ست (2) وسبعمائة وسمع من ابي الفتح الميدومي وعدة واكثر الاشتغال حتى مهر وصنف (شرح الترمذي) و (شرح علل الترمذي) (3) و (شرح قطعة
__________
(1) وفي النسخة التيمورية ثلاث عشرة.
(2) هكذا في الاصل والصواب (سنة ست وثلاثين) كما رأيته بخط ابن حجر في انباء الغمر وقد سبق.
(3) وهو كتاب في غاية الاجادة.
وقد اكثرنا من النقل عنه فيما علقناه على (شروط الائمة الخمسة) للحازمي.
(*)(1/367)
من البخاري) (1) و (طبقات الحنابلة) (2) وغيرها، مات في رجب سنة خمس وتسعين وسبعمائة.
* (ابن مسلم) * ك عمر بن مسلم - بتشديد اللام - بن سعيد بن عمر بن بدر الدمشقي الشيخ
زين الدين القرشي كان بارعا في التفسير يحفظ المتون ويعرف أسماء الرجال وشارك في العربية كثير الاقبال على الاشتغال والمطالعة لا يني مشهورا بقوة الحفظ وعدم النسيان والقيام بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وكانت له سمعة وصيت، ولد في شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة وتفقه وتعاني عمل المواعيد وتصدر للتدريس والافتاء، مات في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة رحمه الله تعالى.
(3) * (ابن سند) * ف الحافظ شمس الدين أبو العباس محمد بن موسى بن محمد بن سند بن تميم اللخمي المصري الاصل الشامي ولد في ربيع الآخر سنة تسع
__________
(1) إلى الجنائز وسماه (فتح الباري) وأخذ منه ابن حجر اسم شرحه على البخاري.
(2) وهي ذيل الطبقات (ابن أبي يعلى) لا (أبي يعلى) وان وقع في خط ابن حجر.
(3) ونقموا عليه انه كان ممن بالغ في القيام على تاج الدين السبكي لما امتحن مع انه هو الذي أدخله في الفقهاء.
الدرر الكامنة.
(*)(1/368)
وعشرين وسبعمائة وتفقه قليلا وأخذ عن الاسنوي والتاج السبكي ولازمه وولاه عدة وظائفه والتاج المراكشي وأجازه بالعربية، وأجازه بالافتاء العلائي وابن كثير وطلب الحديث بعد أربعين سنة فسمع من جماعة ورافق العراقي في السماع وولي مشيخة الحديث بأماكن وذكره الذهبي في المعجم المختص وهو آخر المذكورين فيه وفاة وذيل على العبر بعد ذيل الحسيني وخرج الاربعين المتباينة وغير ذلك، مات في صفر سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة.
* (ابن الملقن) * ف الامام الفقيه الحافظ ذو التصانيف الكثيرة سراج الدين أبو حفص عمر ابن الامام النحوي نور الدين ابي الحسن علي بن احمد بن محمد الانصاري الشافعي احد شيوخ الشافعية وأئمة الحديث ولد سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة وسملا من الميدومي وعدة وتخرج في الحديث بالزين الرحبي ومغلطاي وبرع في الفقه والحديث وصنف فيهما الكثير كشرح البخاري) و (شرح العمدة) وألف في المصطلح (المقنع) حدثنا عنه غير واحد، مات في ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الاول سنة اربع وثمانمائة.
* (البلقيني) * ف هو الامام العلامة شيخ الاسلام الحافظ الفقيه البارع ذو الفنون المجتهد سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن شهاب(1/369)
ابن عبد الخالق بن محمد بن مسافر الكناني الشافعي ولد في ثاني شعبان سنة اربع وعشرين وسبعمائة وسمع من ابن القماح وابن عبد الهادي وابن شاهد الجيش وآخرين وأجاز له المزي والذهبي وخلق لا يحصون وأخذ الفقه عن ابن عدلان والتقي السبكي والنحو عن أبي حيان وانتهت إليه رياسة المذهب والافتاء وولي قضاء الشام سنة تسع وستين عوضا عن تاج الدين السبكي فباشره دون السنة وولي تدريس الخشابية والتفسير بجامع ابن طولون والظاهرية وغير ذلك وألف في علم الحديث (محاسن الاصطلاح وتضمين ابن الصلاح) وله (شرح على البخاري) (1) والترمذي واشياء اخر، مات في عاشر ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة.
* (العراقي) * ف
الحافظ الامام الكبير الشهير أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن ابي بكر بن ابراهيم العراقي حافظ العصر ولد في جمادى الاولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بمنشأة المهزاني بين مصر والقاهرة وكان اصل ابيه من بلدة يقال لها رازيان من عمل اربل وقدم القاهرة وهو صغير فنشأ في خدمة الصالحين ومن جملتهم الشيخ تقي الدين القنائي ويقال انه بشره بالشيخ وقال سمه عبد الرحيم يعني باسم جده الاعلى الشيخ عبد الرحيم القنائي احد المعتقدين بصعيد
__________
(1) على عشرين حديثا منه فقط.
(*)(1/370)
مصر فكان كذلك، وأول ما اسمع الحديث على سنجر الجاولي والتقي الاخنائي ثم أسمع على ابن شاهد الجيش وابن عبد الهادي والتقي السبكي واشتغل بالعلوم وأحب الحديث فاكثر من السماع وتقدم في فن الحديث بحيث كان شيوخ عصره يبالغون في الثناء عليه بالمعرفة كالسبكي والعلائي والعز بن جماعة والعماد بن كثير وغيره ونقل عنه الشيخ جمال الدين الاسنوي في المهمات ووصفه بحافظ العصر وكذلك وصفه في الطبقات في تجرمة ابن سيد الناس فقال وشرح يعني ابن سيد الناس قطعة من الترمذي نحو مجلدين وشرع في اكماله حافظ الوقت زين الدين العراقي اكمالا مناسبا لاصله انتهى ى وله من المؤلفات في في الفن (الالفية) التي اشتهرت في الافاق وشرحها و (نكت ابن الصلاح) و (المراسيل) و (نظم الاقتراح) و (تخريج احاديث الاحياء) في خمس مجلدات ومختصره سماه (المغني) في مجلدة وبيض من (تكملة شرح الترمذي) كثيرا وكان اكمله في المسودة اوكاد و (نظم منهاج
البيضاوي) في الاصول و (نظم غريب القرآن) و (نظم السيرة النبوية) في الف بيت، وولى قضاء المدينة الشريفة، قال الحافظ ابن حجر وشرع في املاء الحديث من سنة ست وتسعين فأحيا الله به سنة الاملاء بعد ان كانت دائرة فأملى اكثر من اربعمائة مجلس، قال الحافظ وكانت اماليه يمليها من حفظه متقنة مهذبة محررة كثيرة الفوائد الحديثية، قال وكان الشيخ منور الشيبة جميل الصورة كثير الوقار نزر الكلام طارحا للتكلف لطيف المزاح سليم الصدر كثير الحياء قل ان يواجه احدا(1/371)
بما يكرهه ولو آذاه متواضعا حسن النادرة والفكاهة وكان لا يترك قيام الليل بل صار له كالمألوف وكان كثير التلاوة إذا ركب وكان عيشه ضيقا، قال رفيقه الشيخ نور الدين الهيثمي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وعيسى عليه السلام عن يمينه والشيخ زين الدين العراقي عن يساره، مات ثامن شعبان سنة ست وثمانمائة رحمه الله تعالى.
* (الهيثمي) * ف الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن ابي بكر بن سليمان بن عمر بن صالح رفيق الحافظ ابي الفضل العراقي ولد سنة خمس وثلاثين وسبعمائة ورافق العراقي في السماع فسمع جميع ما سمعه وكان ملازما له مبالغا في خدمته وكان يحفظ كثيرا من متون الاحاديث فكان إذا سئل العراقي عن حديث بادر إلى ايراده فيظن من لا خبرة له انه احفظ منه وليس كذلك وانما الحفظ المعرفة (1) وكان العراقي يحبه كثيرا ويرشده إلى التصنيف ويؤلف له الخطب للكتب، جمع زوائد مسند احمد على الكتب الستة ثم مسند البزار ثم ابي يعلى ثم معجم الطبراني
الكبير ثم الاوسط والصغير ثم جمع هذه الستة في كتاب محذوفة
__________
(1) والانصاف ان الهيثمي كان اكثر استحضارا للمتون من العراقي وان كان الثاني اتقن في فنون الحديث منه.
(*)(1/372)
الاسانيد وتكلم على كل حديث عقبه (1) وله (زوائد الحلية) و (زوائد صحيح ابن حبان على الصحيحين) وغير ذلك، قال الحافظ ابن حجر كان خيرا ساكنا صينا سليم الفطرة شديد الانكار للمنكر لا يترك قيام الليل، مات في تاسع عشرى رمضان سنة سبع وثمانمائة.
* (ابن عشائر) * ف الحافظ ناصر الدين أبو المعالي محمد بن علي بن محمد بن محمد بن هاشم ابن عبد الواحد بن ابي حامد بن ابي المكارم عبد المنعم بن عشائر السلمي الحلبي الخطيب ولد سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة في ربيع الاول واخذ عن التاج السبكي وابن قاضي الجبل والاعمى والبصير وسمع من الصلاح الصفدي وابن المهندس وأصحاب الفخر واعنى بالحديث وأخذ العلم عن جمع وكان فاضلا عالما مشاركا في العلوم سريع الحفظ جدا، له تعاليق ومجاميع مفيدة، مات بصمر في ربيع الثاني (2) سنة تسع وثمانين وسبعمائة.
__________
(1) وسماه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) وهو من أهم كتب السنن بعد الاصول الستة، ومن يطلع عليه يخضع لجلالة قدر مؤلفه في الحديث، وقد نقل منه كثيرا صاحبنا ناشر هذه الذيول في كتاب (انتقاد المغني) المطبوع.
(2) قال ابن حجر: مات في شهر ربيع الاول، وبخط القاضي علاء الدين في 26 ربيع الآخر اه.
(*)(1/373)
* (الحسباني) * ف الحافظ شهاب الدين احمد بن العماد اسماعيل بن خليفة الدمشقي ولد سنة تسع واربعين وسبعمائة واشتغل وعني بالفن ومهر فيه واعتنى بضبط الاسماء وتحرير المشتبه وسمع الكثير وبرع في الفقه والفرائض والعربية والاصول وولي دار الحديث الاشرفية وغيرها ثم قضاء الشام قال ابن حجر: وكان الشيخ سراج الدين البلقيني يعظمه ويشهد له انه احفظ اهل دمشق للحديث، مات سنة خمس عشرة وثمانمائة (1).
* * * * (الطبقة الخامسة والعشرون، عدتها 11) * * (الشرايحي) * ف الحافظ جمال الدين عبد الله بن ابراهيم بن خليل بن عبد الله البعلي ولد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة وسمع من اسماعيل بن السيف وابن اميلة وابن ابي عمر وجماعة وولي درس الحديث بالمدرسة الاشرفية بدمشق ومات سنة احدى وعشرين وثمانمائة.
__________
(1) يقول السخاوي: مات في يوم الاربعاء عاشر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وثمانمائة بمنزله بالصالحية اه.
(*)(1/374)
* (الاقفهسي) * ف صلاح الدين ابو الصفاء خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن المصري ثم المكي ولد سنة ثلاث وستين وسبعمائة وعني بالفن وسمع الكثير وخرج وصنف ومات سنة احدى وعشرين وثمانمائة.
(1)
* (ابن ظهيرة) * ف ابو حامد بن ظهيرة الجمال محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن احمد بن عبد الله ابن عطية بن ظهيرة بن مرزوق القرشي المخزومي المكي الشافعي ولد سنة احدى وخمسين وسبعمائة وعني بالفن ورحل ولازم العراقي في الحديث والبلقيني في الفقه والاصول وأخذ ايضا عن البهاء السبكي والشهاب الاذرعي وصنف في الفنون، مات سنة سبع عشرة وثمانمائة.
* (ولي الدين العراقي) * ف هو الحافظ الامام الفقيه الاصولي المفنن أبو زرعة احمد ابن الحافظ الكبير ابي الفضل عبد الرحيم بن الحسين ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وسبعمائة واعتنى به والده فأسمعه الكثير من اصحاب الفخر
__________
(1) قال الفاسي: في ذي الحجة سنة 820 بيزد من بلاد العجم ووصل خبر وفاته إلى الحجاز في التي تليها.
الضوء اللامع.
(*)(1/375)
وغيرهم واستملي على أبيه ولازم البلقيني في الفقه وغيره وتخرج به وأخذ عن البرهان الا بناسي وابن الملقن والضياء القزويني وغيرهم وبرع في الفنون وكان اماما محدثا حافظا فقيها محققا اصوليا صالحا صنف التصانيف الكثيرة الشهيرة النافعة كشرح سنن أبي داود) ولم يتم و (شرح البهجة) في الفقه و (مختصر المهذب) والنكت على الحاوي والتنبيه والمنهاج و (شرح جمع الجوامع) في الاصول و (شرح نظم البيضاوي لوالده) و (شرح نظم الاقتراح) لابيه و (النكت على منهاج البيضاوي) و (شرح تقريب الاسانيد) لوالده و (حاشية على الكشاف) و (نكت الاطراف) و (المهمات) وأشياء
في الحديث وأملى اكثر من ستمائة مجلس، وولي قضاء الديار المصرية بعد الجلال البلقيني، مات في سابع عشرى شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة (1).
* (ابن الجزري) * ك الحافظ المقرئ شيخ الاقراء في زمانه شمس الدين أبو الخير محمد ابن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الدمشقي الشافعي ولد سنة احدى وخمسين وسبعمائة وسمع من اصحاب الفخر بن البخاري وبرع في
__________
(1) آخر يوم الخميس 27 شعبان ودفن إلى جانب والده بتربة طشتمر.
الضوء.
(*)(1/376)
القراآت ودخل الروم (1) فاتصل بملكها ابى يزيد بن عثمان فأكرمه وانتفع به اهل الروم فلما دخل تيمورلنك إلى الروم وقتل ملكها اتصل ابن الجزري بتيمور ودخل معه بلاد العجم وولي قضاء شيراز وانتفع به اهلها في القراآت والحديث، وكان اماما في القراآت لا نظير له في عصره في الدنيا حافظا للحديث وغيره أتقن منه ولم يكن له في الفقه معرفة ألف (النشر في القراآت العشر) لم يصنف مثله وله اشياء اخر (2) وتخاريج في الحديث وعمل جيد، وصفه ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من الدرر الكامنة، مات سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة.
* (الفاسي) * ف الحافظ تقي الدين محمد بن احمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن
__________
(1) لما طلب منه الامير الكبير ايتمش رفع حساب اوقافه التي كان جعلها تحت نظره ايام قضائه بالشام هرب إلى الروم، ولم يكن في قضائه محمود السيرة كما ذكره السخاوي وغيره ولما عاد من بلاد العجم ايام المؤيد اكرمه ورحب به.
(2) ككتابه (منجد المقرئين) وفيه يرد كثيرا على (المرشد الوجيز في علوم القرآن العزيز) للحافظ ابي شامة، وفي باب منه يسرد رواة العشر - اثباتا لتواترها - طبقة بعد طبقة إلى عصره بحيث يتبين للناظر تواترها بجلاء من كثرة القائمين بروايتها في جميع الطبقات، وقد تمسك الشوكاني ثم القنوجي بقول ينقل عن ابن الجزري نقلا مبتورا من غير اطلاع منهما على كتابه فأخذا يسعيان في توهين السبع فضلا عن العشر.
(*)(1/377)
المكي الحسيني المالكي الشريف أبو الطيب ولد سنة خمس وسبعين وسبعمائة وأجاز له أبو بكر بن المحب وابراهيم بن السلار ورحل وبرع وخرج وأذن له الحافظ زين الدين العراقي باقراء الحديث ودرس وأفتى وصنف كتبا منها تواريخ مكة عدة (كالعقد الثمين) و (شفاء الغرام) ومختصرا لهما نحو السبعة وغيرها، وكان اول قضاة المالكية بها وليها في سنة سبع وثمانمائة من الناصر فرج بن برقوق وعزل منها مرارا ومات في ثاني شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة، قال ابن حجر ولم يخلف بالحجاز بعده مثله.
* (ابن ناصر الدين) * ف الحافظ شمس الدين محمد بن ابي بكر بن عبد الله بن محمد الدمشقي ولد سنة سبع وسبعين وسبعمائة وطلب الحديث وجود الخط على طريقة الذهبي بحيث صار يحاكي خطه غالبا وصنف تصانيف حسنة وتخرج به صاحبنا نجم الدين عمر بن فهد المكي وصار محدث البلاد الدمشقية مات في ربيع الآخر سنة اثنتين واربعين وثمانمائة.
* (ابن الغرابيلي) * ف
الحافظ تاج الدين محمد بن ناصر الدين محمد بن محمد الكركي ولد سنة ست وتسعين وسبعمائة بالقاهرة واشتغل ومهر في الفنون الا الشعر ثم(1/378)
أقبل على الحديث بكليته وعرف العالي والنازل وقيد الوفيات وغيرها من الفنون وشرع في شرح على الالمام، مات سنة خمس وثلاثين وثمانمائة.
* (البرهان الحلبي) * ف الحافظ أبو الوفاء ابراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الاصل الشافعي سبط ابن العجمي ويعرف بابن القوف (1) ولد سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة وسمع جماعة من اصحاب الفخر وغيرهم وتخرج في الفن بالحافظ ابي الفضل العراقي وصار شيخ البلاد الحلبية بلا مدافع وخرج له صاحبنا الحافظ أبو القاسم عمر بن فهد المكي معجما، وله تصانيف منها (شرح البخاري) و (شرح الشفاء) لعياض، مات سنة احدى وأربعين وثمانمائة رحمه الله تعالى.
* (الشهاب البوصيري) * ك احمد بن ابي بكر بن اسماعيل بن سليم - مكبر - بن قايماز بن عثمان بن عمر الكناني المحدث شهاب الدين ولد في المحرم سنة اثنتين وستين وسبعمائة وسمع الكثير من البرهان التنوخي والبلقيني والعراقي والهيثمي والطبقة وحدث وخرج، وألف تصانيف حنسة منها (زوائد سنن ابن ماجه على الكتب الخمسة) و (زوائد سنن البيهقي الكبرى
__________
(1) وكان ينزعج من هذه الكنية.
(*)(1/379)
على الكتب الستة) و (زوائد المسانيد العشرة على الكتب الستة)
وهي مسند الطيالسي ومسدد والحميدي والعدني وابن راهويه وابن جميع وابن ابي شيبة وعبد بن حميد وابن ابي أسامة وأبي يعلى، ولم يزل مكبا على كتب الحديث وتخريجه إلى ان مات في المحرم سنة اربعين وثمانمائة رحمه الله تعالى.
* (ابن الخياط) * ف جمال الدين محمد ابن الامام ابي بكر رضي الدين بن محمد الحافظ الجليل المفتي حافظ البلاد اليمنية اخذ عن النفيس العلوي والمجد صاحب القاموس وانتهت إليه رياسة العلم بالحديث هناك، مات بالطاعون في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة رحمه الله تعالى.
* (ابن حجر) * ف شيخ الاسلام وامام الحفاظ في زمانه وحافظ الديار المصرية بل حافظ الدنيا مطلقا قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن احمد بن احمد بن الكناني العسقلاني ثم المصري الشافعي ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وعاني اولا الادب ونظم الشعر فبلغ فيه الغاية ثم طلب الحديث من سنة اربع وتسعين وسبعمائة فسمع الكثير، ورحل ولازم شيخه الحافظ ابا الفضل العراقي(1/380)
وبرع في الحديث وتقدم في جميع فنونه، حكي انه شرب ماء زمزم ليصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ فبلغها وزاد عليها، ولما حضرت العراقي الوفاة قيل له من تخلف بعدك ؟ قال ابن حجر ثم ابني أبو زرعة ثم الهيثمي، وصنف التصانيف التي عم النفع بها كشرح البخاري) الذي لم يصنف أحد في الاولين ولا في الآخرين مثله و (تعليق التعليق)
و (التشويق إلى وصل التعليق) و (التوفيق) فيه ايضا و (تهذيب التهذيب) و (تقريب التهذيب) و (لسان الميزان) و (الاصابة في الصحابة) و (نكت ابن الصلاح) و (اسباب النزول) و (تعجيل المنفعة برجال الاربعة) و (المدرج) و (المقترب في المضطرب) واشياء كثيرة جدا تزيد على المائة وأملى اكثر من الف مجلس، وولي القضاء بالديار المصرية والتدريس بعدة اماكن وخرج احاديث الرافعي والهداية والكشاف والفردوس وعمل (اطراف الكتب العشرة) و (المسند الحنبلي) و (زوائد المسانيد الثمانية) وله تعاليق وتخاريج ما الحفاظ والمحدثون لها الا محاويج، توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، ولي منه اجازة عامة (1) ولا أستبعد ان يكون لي منه اجازة خاصة فان والدي كان يتردد إليه وينوب في الحكم عنه وان يكن
__________
(1) وكان السيوطي ابن ثلاث سنين عند وفاة ابن حجر وابن ست عند وفاة البدر العيني وتراه يروي عنهما في كتبه تعويلا على الاجازة العامة منهما لاهل عصرهما وما أوهن التعويل على هذه الاجازة المفروضة.
(*)(1/381)
فاتني حضور مجالسه والفوز بسماع كلامه والاخذ عنه فقد انتفعت في الفن بتصانيفه واستفدت منها الكثير وقد غلق بعده الباب وختم به هذا الشأن، وأخبرني الشهاب المنصوري انه شهد جنازته فلما وصل إلى المصلى أمطرت السماء على نعشه فأنشد في ذلك الوقت: قد بكت السحب على * قاضي القضاة بالمطر وانهدم الركن الذي * كان مشيدا من حجر هذا آخر ما وجد من ذيل طبقات الحفاظ للذهبي لشيخنا خاتمة الحافظ الجلال السيوطي رحمة الله تعالى عليه وعلى مؤلف أصلها، وقد اقتصر شيخنا في تراجم اهلها وترك جماعة ممن انتظم فيها وبين ذلك شيخه جد والدي الحافظ الرحلة تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي المكي في ذيله على طبقات السيد شمس الدين محمد بن علي الحسيني المسماة (لحظ الالحاظ بذيل طبقات الحفاظ)، وقد ذيلت عليه بحمد الله تعالى بمؤلف سميته (تحفة الايقاظ بتتمة ذيل طبقات الحفاظ) وانتهت كتابة هذا الذيل في مجلسين آخرهما في يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الثاني عام اربع وأربعين وتسعمائة بتربة المعلاة علو مكة المشرفة على يد كاتبه وراقم حروفه الفقير إلى لطف الله تعالى محمد المدعو جار الله بن عبد العزيز بن عمر بن تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي الشافعي خادم الحديث الشريف بحرم الله المطهر المنيف لطف الله به والمسلمين اجمعين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.(1/382)
* (ترجمة ناسخ الاصول التي عنها طبعنا هذه الذيول) *
هو الشيخ المحدث المخرج المؤرخ أبو الفضل محب الدين محمد جار الله ابن الحافظ عز الدين عبد العزيز ابن الحافظ نجم الدين عمر ابن الحافظ تقي الدين ابي الفضل محمد بن فهد المكي الهاشمي المعروف بجار الله بن فهد سبط عم ابيه ابي بكر بن محمد بن فهد، أمه كمالية.
ولد في ليلة السبت العشرين من شهر رجب سنة احدى وتسعين وثمانمائة بمكة ونشأ بها في كنف أبويه وأحضر على السخاوي وهو في الرابعة في مجاورته الرابعة فسمع من لفظه وبقراءة أبيه وغيره أشياء ثم سمع عليه بعد ذلك أشياء ايضا وأحضر على المحب الطبري الامام في ختم مسلم وثلاثيات البخاري والربع الاول من تساعيات العز بن جماعة كل ذلك بعد المسلسل وأجاز له جماعة كعبد الغني بن البساطي وغيره ممن أجازت له عائشة بنت عبد الهادي، والشمس محمد بن الشهاب البوصيري وغيره ممن سمع على ابن الكويك وأخذ عن والده وابن اجا والسيوطي وآخرين، ورحل إلى الديار المصرية والشامية ودخل حلب حين دخلها السلطان الغوري سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة.
جمع تاريخا يفيد في معرفة وفيات المترجمين في الضوء اللامع من الاحياء والشيخ عبد القادر العيدروس كثير الاستمداد منه في كتابه (النور السافر بأخبار القرن العاشر) وكذا الجمال الشلي اليماني في (السنا الباهر بتكميل النور السافر).
وكان بين صاحب الترجمة وبين الشمس بن طولون مراسلات يكتب هذا إليه وفيات الشام كل عام وذاك يفعل مثله في وفيات الحجاز، وتواريخ ابن طولون طافحة بالنقل عنه، وله مؤلفات غير التاريخ المذكور منها (التحفة اللطيفة في بناء المسجد الحرام والكعبة الشريفة) و (تحقيق الرجا لعلو المقر ابن اجا) يخرج فيه أربعين حديثا عن اربعين شيخا من مشايخ المسند أبي الثناء محمود بن محمد(1/383)
الحلبي الحنفي المعروف بابن اجا - آخر من ولي كتابة الاسرار الشريفة بمصر في الدولة الجركسية - المتوفى 925 عن احدى وسبعين سنة ومنها (تحفة الايقاظ بتتمة ذيل طبقات الحفاظ) ذيل بها على ذيل جده ومنها (معجم الشيوخ) يذكر فيه أسماء شيوخه والشعراء الذين سمع منهم الشعر، وقال الرضي بن الحنبلي الحنفي في (در الحبب) سمعت من لفظه بمكة المشرفة سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة وأجازني ان اروي عنه جميع ما يجوز له روايته عنه قال وانشدنا لبعض مشايخه: اكابرنا شيوخ العلم حازوا * علوم الدين فاغتنموا وفازوا أجازوا لي رواية ما رووه * فها انا ذا اجزت كما أجازوا
في بناء المسجد الحرام والكعبة الشريفة) و (تحقيق الرجا لعلو المقر ابن اجا) يخرج فيه أربعين حديثا عن اربعين شيخا من مشايخ المسند أبي الثناء محمود بن محمد
ويقع فيما ينسخه كثير من التصحيف مع عدم جريه على قواعد الخط المتبعة وذلك مما يتعب الناقل من كتبه الا إذا استرسل في مسايرته فلعله كان ممن انصرف إلى الرواية قبل اوانها، وكانت وفاته سنة اربع وخمسين وتسعمائة رحمه الله واكرم مثواه.
تم التعليق على الذيول وتصحيح مواضع الاشتباه من الاصول في قرية مضايا قرب نبع بردى بالشام على يد الفقير إليه سبحانه محمد زاهد بن الشيخ حسن بن علي الكوثري عفي عنهم
وذلك سلخ ربيع الاول من سنة 1347.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم(1/384)