كتاب تاريخ البصروي علاء الدين الشافعي
____________________
(1/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
وفيه لبس السيد برهان الدين إبراهيم بن السيد محمد خلعة بكتابة السر بدمشق ونظر وقف الأشراف ونظر القلعة وكانت السر كتابة بيد القاضي قطب الدين الخيضري الشافعي
ذو الحجة فيه توفي شمس الدين الحمزاوي أحد الموقعين بباب القاضي الشافعي وتردد إلى قاضي القضاة وله اليد الطولى في الصناعة وفيه طلب القاضي قطب الدين إلى مصر فتوجه خامس عشره وقع حريق في دار النيابة مقابل للمدرسة العذراوية وحصل منه ضرر كبير خامس عشريه حصل بين كاتب السر وبين نائب القلعة مقاولة في بعض الطرقات ووصل كل إلى الآخر بالضرب وحصل في ذلك قلقلة كثيرة ثم حصل بينهما الصلح بعد أيام يسيرة
مسألة جامع الطواشي خارج باب النصر بدمشق عليه أوقاف
____________________
(1/25)
خربت وبقي بعضها وإيراده الآن نحو أربع مائة درهم في الشهر وكان إيراده أولا فوق الألف وقد قرر الواقف في وقفه مؤذنين وإماما وخطيبا وبوابا وقيما وجابيا وناظرا وساعيا وقراءة سبع واستماع البخاري وقراءته فهل يقبض الإمام والمؤذن والخطيب والبواب كاملا وإن فضل شيء يحاصص منه الباقون أو يحاصص الجميع
أجيب بأن الجميع يحاصصون وهو الذي تقتضيه قواعد المذهب وأفتى بعض الحنفية بالتقديم مستندا إلى ما سئل عنه الشيخ تاج الدين الفزاري عن جامع له أئمة وقومة وخطيب ومؤذنون وفيه أناس يلقنون الكتاب العزيز والوقف لا يكفي لجميع المرتبين فهل يقدم الأئمة والخطيب والمؤذنون والقومة على غيرهم من الملقنين وغيرهم ويحل لهم لاحتياج الجامع إليهم فأجاب بتقديمهم على الملقنين ومن في معناهم ووافقه الخطيب عبد الكافي وتاج الدين بن الحيوان الشافعيان وهذا الجواب قاله الأذرعي في التوسيط وليس بالواضح الجلي والذي أقوله إن قواعد المذهب تقتضي تقسيط الجميع ونفي النظر ولو لم ير من يباشر إلا بكامل المعلوم هل يقدم الضروري أو لا
____________________
(1/26)
سنة اثنتين وسبعين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف العباسي والسلطان خشقدم المحرم مستهلة الأحد سافر كاتب السر السيد إلى مصر من القدم وفيه توفي الشيخ العلامة المفنن الأديب ذو النظم والنثر الفقيه شمس الدين محمد البصروي الشافعي كان من أعيان الشافعية كثير الطلب وصحب الشيخ برهان الدين خطيب عذرا وعرف به وكتب شرحه على المنهاج وربما قبل ذلك قرأ عليه وكان حسن المحاضرة يستحضر الفقه على وجه مهيب وكان في خلقه حدة زائدة على طلبة زمانه ويستثقل الكلام معهم وكان يغلب عليه الانجماع عن الناس ملازما للتلاوة والعبادة توفي بمنزله بمحلة العنابة ودفن بمقبرة الشيخ رسلان رحمه الله تعالى وكان أصم يوم عاشوراء توفي عبد الرحمن اليلداني من قرية يلدان كان أصله من أهل القرية وإتصل بالظلمة وتمكن من الإستيلاء
____________________
(1/27)
على جهات للناس وتوسع بذلك رحمه الله تعالى
ثاني عشرية توفي القاضي برهان الدين بن قاضي عجلون نائب الحكم الشافعي وهو أخو القاضي ولي الدين العلامة كان المتوفي رحمه الله اشتغل قديما بالأصول والفروع وله سند عال يقرئ الحديث كل سنة في الإثنين والثلاثاء بالجامع الأموي ويجتمع عليه جماعة وكان متصديا للأحكام مداريا للناس جاهلهم وعالمهم جاوز الستين ودفن بمقبرة باب الصغير عند مقبرة أهله غربي سيدي بلال الحبشي رضي الله عنه
سادس عشريه سافر القاضي قطب الدين إلى القاهرة
سابع عشريه توجه النائب بدمشق بردبك ومعه العسكر إلى البلاد الحلبية بسبب خروج شاه سوار من جماعة الغادرية
ربيع الأول فيه حصلت وقعة بين العسكر السلطاني وجماعة شاه سوار وإنكسر العسكر ومسكوا نائب دمشق بردبك ويقال إنه كان موالسا معهم في الباطن
عاشره توفي السلطان خشقدم وجلس على التخت يلباي المؤيدي ولقب بالملك الظاهر
ربيع الآخر أوله الجمعة رابعه فوض الخواجا شهاب الدين
____________________
(1/28)
الصابوني لكاتبه نيابة الحكم فإنه باشر عن ولده وليت ذلك لم يقع
سادسه وصل بردبك الظاهري إلى دمشق راجعا من عند شاه سوار بعد أن أطلقوه ومع وصوله جاء الخبر بإستقرار الأمير أزبك الظاهري في نيابة دمشق وتوجه بردبك نحو مصر ثم تولى كفالة حلب
ثالث عشره فوض إلى كاتبه نيابة النظر في المرستان وشرط من يدخل في هذه الوظيفة أن يلاحظ أحوال الضعفاء وما يكتب لهم وما يحتاجون إليه ويسمونه عندهم المباشر ويشتغل داخل الباب ففعلت ذلك من غير مجاوزة النظر في سر التعلقات ثم حدث بعد ذلك أحوال وفصول يأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى ثم خرجت منها بعد عدة أشهر لما عزل ابن الصابوني من وظيفة القضاء
رابع عشريه دخل ابن بيغوت دمشق متوليا حاجب الحجاب بها
جمادى الأولى سابعة مسك يلباي المؤيدي السلطان وجلس مكانه تمربغا الظاهري ولقب بالملك الظاهر
خامس عشريه دخل أزبك نائب الشام ومعه القاضي قطب الدين الخيضري الشافعي متوليا كتابة السر ووكالة بيت المال
جمادى الآخرة خامس عشره رفع حاجب الحجاب ابن بيغوت والأتابكي إلى القلعة بمرسوم
____________________
(1/29)
رجب مستهله أطلق ابن بيغوت مستمرا على الحجوبية وفيه مسك تمربغا السلطان وتولى خير بك الدوادار الكبير بالليل ثم ثاني يوم اجتمع الأمراء والقضاة والأعيان وبايعوا قايتباي الظاهري ورفع تمربغا وخير بك إلى الإسكندرية بعد أن أخذ متعلقهم جميعه سابع عشره وقع حريق بمسجد القصب في السوق واتسع
شعبان رابع عشره توجه قاضي القضاة عبد القادر بن عبد الوارث المالكي إلى القاهرة لأنه جاء عزله بالقاضي شهاب الدين التلمساني ولبس الخلعة هذا سلخ هذا الشهر
وفيه سافر القاضي شمس الدين العدوي إلى مصر فإن هذا السلطان صاحبه
رمضان ثانيه سافر القاضي بدر الدين حسن مزلق ناظر الجيش بدمشق إلى مصر خامسه توجه نائب الشام أزبك الظاهري إلى البلاد الشمالية بسبب شاه سوار الغادري سابعه دخل عسكر مصر بسبب ذلك
____________________
(1/30)
وباشهم أتابك العسكر قلق سيز الأشرفي عشريه وصلوا كلهم إلى مدينة عينتاب شوال سابع عشره رفع شهاب الدين بن الصابوني إلى القلعة وكذلك ابن أخيه زين الدين عمر بمرسوم ذو القعدة مستهله رفع قاضي القضاة نور الدين الصابوني إلى قلعة الجبل بمصر مرسما عليه ثاني عشره ورد المرسوم بالختم على حواصلهم بالغوطة خامس عشرة حصل للعسكر المصري والشامي والحلبي وغيرهم كسرة من شاه سوار وقتل من الأمراء خلائق وأسر خلائق وحصل بين الفريقين قتل عظيم نسأل الله العافية
ذو الحجة فيه استقر قاضي القضاة قطب الدين الخيضري في قضاء الشافعية عوضا عن ابن الصابوني وبدر الدين بن مزلق في نظر الجيش عوضا عنه أيضا والقاضي علاء الدين بن قاضي عجلون الحنفي في نظر الجوالي عوضا عنه أيضا مسألة امرأة طالبت الناظر بما تستحقه من الوقف فقال الناظر دفعت إليك فمن المصدق رفعت إلى قاض شافعي فحكم بتصديقها وأنكر عليه بعض الحنفية وقال المحفوظ عن مذهب الشافعي تصديق الناظر فقلت لو قال المتولي أنفقت كذا فالظاهر قبول
____________________
(1/31)
قوله عند الإجمال وقال الأذرعي هو مصدق فيما يدعيه من الإنفاق على العمارة والآلات وصيانة الوقف أو لغير ذلك من الجهات العامة
أما الموقوف عليه العين فقد صرح القاضي شريح في = روضة الأحكام وزينة الحكام بأنه لا يقبل قول الناظر في إعطائه وإعتمده الأذرعي وهذا الظاهر على قاعدة اليمين على المدعى عليه والبينة على المدعي
توفي فيها قاضي القضاة نظام الدين عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد مفرج بكسر المهملة المشددة بن عبد الله المقدسي الصالحي الحنبلي ولد سنة ثمانين وسبع مائة بصالحية دمشق ومات بها في أواخر هذه السنة مات في الحكم قابل تيمرلنك كما أخبرني وذكر لي أنه اجتمع بالشيخ كمال الدين الدميري رحمهما الله تعالى
____________________
(1/32)
سنة ثلاث وسبعين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي الظاهري ولي في رجب من السنة الماضية
المحرم رابعه وصل السيد إبراهيم من مصر متواليا نقابة الأشراف خامسه رفع إلى القلعة برهان الدين النابلسي بمرسوم ورد من مصر سادسه أخرج من القلعة جانبك نائب القلعة كان
عاشره أطلق النابلسي من سجن القلعة ووضع بمسجد أبي الدرداء بالقلعة ثاني عشره أخرج من القلعة
ثالث عشره توفي شهاب الدين أحمد بن مزلق كان يغلب عليه الإنجماع عن الناس وكان في غاية السكون وله بر وصدقات مقبلا على العبادة ملازما لصحبة الشيخ القدوة الرباني الشيخ شهاب الدين بن قرا ودفن بتربتهم قريب تربة باب الصغير يفصل بينها وبين المقبرة
____________________
(1/33)
الطريق الأعظم ثامن عشره توفي شهاب الدين الصابوني مرسما عليه بجامع القلعة ودفن بالمدرسة التي جددها خارج باب الجابية بالقرب من سيدي أويس القرني وقد أقام فيها فترات ومدة إقامته بالقلعة إحدى وثمانون يوما سابع عشريه توجه الأمير أزبك الظاهري من دمشق منفصلا عن نيابتها متوليا الإمرة الكبرى بمصر وتولى نيابة الشام بردبك الظاهري عائدا إليها
صفر ثالثه خلع على القاضي شهاب الدين أحمد بن عباده بقضاء الحنابلة بدمشق عوضا عن البرهان بن مفلح تاسعه توفي القاضي زين الدين سالم المالكي ولي قضاء دمشق مرات وكان مشاركا في العلوم يستحضر كثيرا من ذهنه ولازم الأشغال آخر عمره كثير التلاوة كثير التهجد صلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة الحمرية غربي دمشق
ثالث عشره دخل الكافل بردبك إلى دمشق نائبا بها خامس عشريه تحركت الأسعار بسبب قلة المطر فالقمح الغرارة بنحو أربعماية وعشرين درهما والشعير بمائتين وعشرة
____________________
(1/34)
رابع عشريه وصلت الخلعة لجانبك أن يكون دوادار السلطان وجاء الخبر بأن خلعة قاضي القضاة نور الدين فصلت بألف دينار
ربيع الأول خامس عشره قوي الغلاء الغرارة بتسعماية والشعير بثلثماية ولا قوة إلا بالله
تاسع عشره جاء الخبر بعزل التلمساني من قضاة المالكية بدمشق وتولية ابن عبد الوارث وعزل ابن عباده من قضاء الحنابلة وتولية قاضي القضاة البرهان بن مفلح وامتنع المعزول الآن من الحكم
ربيع الآخر رابع عشريه توفي القاضي شمس الدين محمد بن المعتمد القرشي كان من رؤساء الأصلاء كثير التودد للناس والإحسان للفقراء وكان مسنا تولى نيابة الحسبة عن ابن شبل مرات ودفن بتربتهم بسفح قاسيون وخلف أولادا منهم ولده العلامة برهان الدين الشافعي صاحبنا ورفيقنا على مشايخ العصر أبقاه الله تعالى
وفيه وصل العسكر المصري متوجهين إلى البلاد الشمالية بسبب شاه سوار الغادري وهذه ثالث مرة نسأل الله العافية
جمادى الأولى ثالثه دخل القاضي نور الدين الصابوني دمشق بخلعة للإهتمام بالمال الذي جعل عليه وقد قدمناه ونزل بالقلعة في مسجد أبي الدرداء رضي الله عنه
خامسه إنتقل الأهل والأولاد للطبقة التي جددتها شمالي الكاملية سادسه توجه العساكر للبلاد الشمالية ونائبهم الأمير الكبير بمصر أزبك
____________________
(1/35)
الظاهري سابعه فتحوا قاعة المرحوم الخواجا شهاب الدين الصابوني يقال إنهم وجدوا فيها نحو خمسين ألف دينار
ثاني عشريه أطلق ابن الصابوني من القلعة وسكن في البيت شمالي النورية بينهما الطريق
تاسع عشريه وصل من مصر ابن عبد الوارث بخلعة متوليا قضاء المالكية جمادى الأخرى ورد على قاضي القضاة الحنبلي برهان الدين خلعة بقضاء الحنابلة ووصل الشعير إلى خمس ماية درهم كل غرارة والقمح إلى تسع ماية كل غرارة ولا قوة إلا بالله
رجب رابع عشره أعيد ابن الصابوني إلى القلعة لتكملة المبلغ وفي ليلته خسف القمر
ووصل القمح إلى الألف والشعير إلى ستماية واللحم لا يوجد وبقية البضائع في نهاية الغلاء وعرض جماعة أولادهم لمن ينزلونهم عجزا عن أكلهم سادس عشره صارت غرارة القمح بألف وثمانين والشعير بستماية وخمسين وورد الخبر بكثرة الطاعون بمصر والبلاد الشمالية
شعبان وصل سعر القمح إلى ألفين كل غرارة والشعير تسعماية وبقية البضائع في النهاية أيضا ومات جماعة جوعا وأكل جماعة الميتة وبيع خبز الشعير كل وقية بدرهم
ليلة رابع عشره اجتمع الناس بجامع بني أمية وسائر المساجد يستغيثون ربهم في كشف هذا الحال والتفريج عنهم وليلة خامس عشره
____________________
(1/36)
أيضا وأحيوا الليل كلهم ثم أصبحوا مجتمعين بالجامع وقرأوا ختمات وصحيح البخاري مرتين وحصل مطر أثناء هذا اليوم وإستبشر به الناس ونزل السعر شيئا يسيرا
سادس عشرة نزل السعر إلى ألف الغرارة القمح والشعير إلى خمس ماية حادي عشريه وصل مرسوم بأن ابن الصابوني خفف عنه من المائة ثلاثين ويكمل سبعين
رمضان ارتفع سعر القمح وصارت بألف وخمسماية الغرارة القمح والشعير ثمانماية وفيه دخلت العساكر وباشهم أزبك الظاهري
ثالث عشريه خرج ابن الصابوني من القلعة ولبس خلعة
توفي فيه الخطيب ابن الخطيب جمال الدين أبو الفضل محمد أحمد عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسين بن محمد بن القاسم بن عقيل بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب ووالده كمال الدين العقدي النويري الشافعي قال الشيخ برهان الدين البقاعي هكذا أملاني هو نسبه ولد سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة ومات بالقاهرة مطعونا يوم الخميس ثالث عشريه وصلي عليه في سبيل أمير المؤمنين وكان أوصى أن يدفن في مقام الإمام الشافعي فاستؤذن له السلطان الأشرف قايتباي في ذلك فأذن فحصل قلقلة كبيرة من العلماء المجاورين فلم يمكن من ذلك فدفن في تربة زوجته بالدنكزية من باب القرافة رحمه الله
____________________
(1/37)
ذو القعدة سافر ابن الصابوني إلى مصر ونقص السعر فصار القمح بألف والشعير بثلثمائة وتزايد الطاعون ووصل الموتى إلى ألف كل يوم
ذو الحجة فيه كسر العسكر المصري من شاه سوار وقتل خلائق منهم أميرهم بيغوت الحاجب وكسرتنم الكافل كان وخلائق
رابع عشره قنت القاضي الشافعي قطب الدين في صلاة الجمعة وإستمر إمام جامع السيدة نفيسة في كل مكتوبة بسبب الطاعون وكثر الطاعون في الناحية الشرقية أيضا وقل من الناحية الغربية
ثاني عشريه دخل من العسكر المكسور خلائق وأخبروا بأنه حصل معهم غلاء إلى أن بيعت البقسماطة الواحدة بستة دراهم والرطل الدبس بتسعين درهما والبصل الرطل باثني عشر درهما والقمح الغرارة بستة آلاف درهم
____________________
(1/38)
سنة أربع وسبعين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف العباسي والسلطان الأشرف قايتباي الظاهري وأتابك العسكر أزبك الظاهري وقضاة دمشق قطب الدين الخيضري الشافعي وعلاء الدين بن قاضي عجلون الحنفي وزين الدين عبد القادر بن عبد الوارث المالكي وبرهان الدين بن مفلح الحنبلي وناظر الجيش بدر الدين حسن مزلق ونائب القلعة يشبك الظاهري والحجوبية ما فيها أحد
المحرم خامس عشره وصل برهان الدين النابلسي وكيلا للسلطان على الذخيرة الشريفة ونزل بتربة تنم وسلم عليه بعض الأعيان وحصل بمجيئه رجفة لأهل دمشق والظاهر أنه متصد للشر
____________________
(1/39)
سابع عشرة قرئ مرسوم وثبتت الوكالة على القاضي ابن عبد الوارث المالكي وجاء مرسوم بأنه يتكلم في القضية وأظهر في هذا المجلس فجورا زائدا لطف الله بالمسلمين
رابع عشريه رسم على مباشري المرستان يقصد من ذلك أن القاضي قطب الدين أخذ من ماله ما لا حق له فيه
ربيع الأول توفي فيه العلامة شمس الدين محمد عبد الرزاق بن عبد القادر ابن جساس بفتح الجيم ثم مهملتين بينهما ألف وأولهما مشددة الأريحي المشهور أسلافهم ببني نفيس بفتح النون وكسر الفاء وأخره مهملة وأخبرهم الشيخ مساعد ولي الله أنهم من الأنصار ولد ثاني عشر رجب سنة اثنتين وثمانين وسبع مائة في الأريحة من معاملة أذرعات وتوفي في آخر هذا الشهر بدمشق عن نيف وتسعين سنة رحمه الله تعالى وخلف ولده الشيخ العالم شهاب الدين وهو ملازم للخير والاشتغال له إحسان إلى الفقراء والطلبة ويحب أهل العلم ولا يتكلم إلا بخير
ربيع الآخر سابع عشره توجه القاضي قطب الدين لمصر وذهب وراءه شهاب الدين النابلسي
ثانية توفي السيد الشريف العلامة عز الدين حمزة بن شهاب الدين الحسيني ولد في حدود سنة عشرين وثمانمائة وإشتغل بالفقه على مذهب الإمام الشافعي وبقية العلوم ولا سيما التدريس بالجامع الأموي مدة طويلة وباشر الحكم أيام قاضي القضاة قطب الدين الخيضري على وجه العفة والحق وكان يغلب عليه الانجماع عن الناس والمشايخ ولازم الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة وغيره من الأكابر وتوفي ببيت المقدس
____________________
(1/40)
زائرا في يوم الأحد ودفن بمقبرة ما ملا قريب قبر الشيخ أبي بكر المفضلي خلف ولده السيد كمال الدين محمد أحد عظماء الشافعية المعتبرين بارك الله في عمره ورحم والده وجده ونفع بإسلامه
جمادى الأولى خامس عشره دخل القاضي قطب الدين الخيضري دمشق لابسا خلعة لاقته إلى بير العبد ورجع من هناك جاء بها نقيبه شهاب الدين بن الصاحب وفيه وصل ابن الصابوني إلى بلد الخليل عليه السلام ليقيم هناك بأمر السلطان فيه حكى ابن عبد الوارث المالكي أن السلطان خشقدم لما غضب على ابن الكوثر أحضر له المالكي وإدعى عليه بما استولى عليه من أمواله وأصلها ثم أراد أن يخصم ما قدر ثلثه وأدى الحال إلى خراب دياره وهرب إلى بلاد الروم وما رجع حتى مات خشقدم
ثالث عشريه توفي القاضي شمس الدين العدوي عامل أوقاف الشامية البرانية وبيده حصة من وقف المارستان النوري كان يجتهد في أمر الضعفاء في جميع ما يحتاجون إليه وله تلاوة وصوم وإحسان للفقراء الحجازيين وغيرهم وكان والده قبله كذلك ودفن بمقبرة الصوفية عند قبر والده بتربتهم وهي معروفة وهناك بقعة ليس فيها بناء رحمه الله تعالى توفي عن نحو سبعين سنة
خامس عشريه توفي الشيخ شمس الدين محمد الحديدي المصري كان له مشاركة في علم الفقه والعربية يقرأ الحديث وله صوت حسن به
____________________
(1/41)
ويقرأ القرآن ملازما التلاوة ترك ولدا ابنه محمد بهاء الدين يشتغل ويقرأ الحديث ويحفظ القرآن وكان كلاهما سليم الفطرة ساعيا خيرا دينا دفن بمقبرة باب الفراديس عن نحو سبعين سنة
سادس عشريه سافر صلاح الدين محمد جمال الدين عبد الله العدوي قريب شمس الدين المذكور إلى مصر
ثامن عشريه توفي الشيخ معروف كان ساكنا عند جامع الثابتية في بستان باب الحجر ملازما لعمل البساتين مع ملازمة العبادة وإطعام الفقراء ولا ينقطع عن صلاة الصبح بالجامع الأموي كل يوم إلا نادرا بحيث إنه لا يفتح باب الجابية إلا وهو على الباب غالبا ورأى من سنين النبي صلى الله عليه وسلم كأنه حضر إلى بيته فقدم له طاسة فيها عسل فلعق منه النبي صلى الله عليه وسلم فأصبح وإستمر هذا العسل عنده في الطاسة كلما جاء أحد من القراء أو الفقهاء على تتابعهم يلعق من الطاسة وهي بحالها توفي في عشر السبعين ودفن بمقبرة الحمرية رحمه الله تعالى
جمادى الأخرى ليلة عاشره توفي شمس الدين بن الياسوفي أحد موقعي نائب القاضي الشافعي وباشر الحسبة سنتين بدمشق ونيابة الحكم بالقاهرة وأيام خشقدم كان له يد في صيغة الشهادة وسطوة على الشهود مقربا عند القاضي جمال الدين الباعوني ودفن بتربة باب الصغير عن نحو ستين سنة رحمه الله تعالى
____________________
(1/42)
وفيه توفي الشيخ القدوة العالم شهاب الدين أحمد الشيرواني كان إماما في العلوم العقلية شديد الصلابة في دينه معتنيا بزيارة الصالحين متقللا من الدنيا وكان له صحبة مع الشيخ معروف مقيما بالمدرسة الشامية البرانية توفي في بلاد غزة رحمه الله تعالى
سادس عشره لبس الأمير محمد مبارك خلعة بالحجوبية الكبرى بدمشق وهو رجل شاعر
سادس عشريه توفي قاضي القضاة زين الدين عبد القادر بن عبد الوارث البكري الإمام العلامة ذو الفنون وله اليد الطولى في معرفة مذهب الإمام مالك أخذ عن عظام المشايخ بمصر المالكية وغيرهم وكان إذا تكلم في مسألة يعطيها حقها على ترتيب القواعد وله إعتقاد في الفقراء ولي قضاء دمشق ملازما للعفة والصلابة في إقامة الحق وكان قد تصدى للتجريد على قاضي القضاة قطب الدين بمرسوم سعى في إحضاره له برهان الدين النابلسي وجرت بسبب ذلك فصول غريبة رحمه الله تعالى
رجب نزل سعر المغل فصارت غرارة القمح بخمسمائة والشعير بمائتين ثالثه سافر جان بك قلق سيز إلى مصر
شعبان رابعه لبس شاهين خلعة نيابة القلعة عوضا عن أشبك الظاهري
سادسه رجع القاضي صلاح الدين العدوي من القاهرة وقد انفصل أمره من جهة تركة قريبه شمس العدوي على مبلغ
وفيه وصل أتابك العسكر أزبك الظاهري بمن معه من العسكر من حمص إلى مصر مكسورين من شاه سوار
____________________
(1/43)
شهر رمضان مستهله الأحد
ثانيه توفي قاضي القضاة حسام الدين محمد العماد الحنفي ولي قضاء دمشق مرارا وقبلها قضاء صفد وكان حافظا لمذهبه مشاركا في العلوم إماما في الأدب والشعر حسن الخلق والخلق مهاب المنظر جيد الخط كتب الكثير بخطه في علوم شتى ودفن بالصالحية وخلف أولادا من جملتهم ولده القاضي جلال الدين من فضلاء الحنفية مات في عشر الثمانين رحمه الله تعالى
وفيه فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم للشيخ العلامة شمس الدين خطيب السقيفة أعانه الله تعالى
وفيه قوي الضعف على شيخنا شيخ الشافعية بدر الدين بن قاضي شهبة وقرر القاضي الشافعي في وظائفه ولاية معلقة وبلغه فاضطرب وتنكد فنزل عن وظائفه لولده محي الدين عبد القادر وللقاضي محب الدين بن قاضي عجلون
ثاني عشريه توفي شيخنا المذكور بدر الدين محمد بن بكر بن أحمد محمد عبد الوهاب بن محمد بن ذؤيب بن مشرف كان إماما في الفقه انتهت إليه رياسة المذهب وعكف عليه الطلبة سكن أول عمره بالشامية البرانية وحفظ المنهاج وقرأ في النحو وغيره شيئا يسيرا ثم لازم الإشتغال على والده وطبقته بدمشق وقرأ بمصر على الشيخ ولي الدين العراقي الشافعي وباشر الحكم مدة طويلة وكتب الكثير بخطه وله مصنفات منها شرح المنهاج الكبير وشرحه الصغير والمسائل المعلمات في الرد على المهمات وشرح الأشنهية في الفرائض كان حسن
____________________
(1/44)
المحاضرة وله مكارم أخلاق يتفضل على الطلبة ويحسن إليهم وقل أن يمضي أسبوع حتى يجمعهم ويضيفهم فقيه النفس يكتب على الفتاوى الكتابة الحسنة ووقع له في آخر عمره محن بواسطة ولاية ابن الصابوني من بعده وكانت حياته حافلة تقدم للصلاة عليه العالم الفقيه تاج الدين عبد الوهاب الحسيني الشافعي ودفن بمقبرة باب الصغير قريبا من قبر سيدي بلال الحبشي مع والده وجماعة بيتهم وفقده الطلبة وأسف عليه الخلائق وتوقف القاضي الشافعي في إمضاء النزول ثم إتفق هو والقاضي محب الدين علي ولده في أمر الوظائف فير أنه لم يحصل فيما أعلم من المدارس إلا نظر الإقبالية وتدريسها فقط
وفيه نزل اسعر القمح بثلثمائة وخمسين والشعير بمائة
شوال مستهله توجه القاضي ابن الصابوني من بيت المقدس إلى مصر مطلوبا
خامسه فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم للشيخ العلامة شهاب الدين محمد بن الحواري الشافعي وهو من فضلاء الطلبة وقدمائهم فقها وأصولا وغيرهما
سابع عشره توجه الركب الشامي إلى الحجاز وسافر معهم من
____________________
(1/45)
الأعيان قاضي القضاة جمال الدين الباعوني الشافعي والقاضي محب الدين بن قاضي عجلون الشافعي والقاضي برهان الدين بن المعتمد الشافعي والقاضي شرف الدين بن عيد الحنفي والقاضي برهان الدين بن القطب الحنفي والشيخ عبد البر المرداوي الحنبلي وأولاده الثلاثة عبد اللطيف ومحمود وبهاء الدين والقاضي ناصر الدين بن زريق الحنبلي والقاضي جمال الدين يوسف المرداوي الحنبلي والقاضي شمس الدين الخزاعي الحنبلي وعلاء الدين بن القصيف الشافعي وصاحبه شمس بن الكاتب الشافعي والشيخ قاسم الحنفي مدرس الحنفية و الخواجا عبد الغني بن مزلق وشهاب الدين المصري الشاهد والشيخ شهاب الدين الموصلي ومحمد صلاح الدين مباشر الجامع الأموي ومن التجار ما لا يحصى كثرة وحصل لهم شدائد من غلاء السعر وقلة الماء وغيرهما
ثامن عشره ورد مرسوم بعزل أربعة من نواب الحنفي القاضي محب الدين بن القصيف وشمس الدين الغزي وتاج الدين بن عربشاه وسعد الله العجمي
حادي عشريه سافر القاضي قطب الدين إلى القاهرة وفيه توفي الشيخ العارف العلامة كمال الدين محمد عبد الرحمن بن علي العلامة أبو عبد الله المصري الشافعي إمام الكاملية بالقاهرة وابن أئمتها ولد يوم الخميس ثامن عشر شوال سنة ثمان وثمانمائة بالكاملية بالقاهرة ومات متوجها إلى الحج ليلة الجمعة خامس عشر شوال سنة أربع وسبعين هذا بثغر حامد دون التيه وكان قد تجهز للحج في أولاده وعياله فمرض قبل السفر بأيام
____________________
(1/46)
وأشير عليه بالإقامة فأبى وخرج إلى البركة فسئل في الرجوع فلم ينثن وصدقت عزيمته فلم يرض إلا الوفود إلى الله فأحرز إن شاء الله تعالى بركة قوله { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله } ثم يدركه الموت { فقد وقع أجره على الله } وما رواه البيهقي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال & قال رسول الله من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة & ولما مات إشتد تأسف الناس عليه خاصهم وعامهم كان من العلماء العاملين وله مصنفات في الفقه وأصوله وله كرامات ومكاشفات ومات أكبر أولاده محمد ليلة الجمعة رابع عشر شوال سنة ست وسبعين وثمانمائة فكان بينهما سنتان إلا يوما ومن العجائب إتفاقهما في اليوم والشهر
ذو القعدة ثانية ورد السيد علاء الدين القصري من مصر بسبب النظر في أمر القضاة ونزل عند شهاب الدين بن حجر الأصم في منزله قبالة البادرائية وهرع إليهم الناس
ثامنه ورد مرسوم بعزل عبد القادر أخو الدوادار من الحسبة بالسيد صدر الدين بن عجلان فامتنع السيد من الدخول في ذلك
وفيه ورد مرسوم على يد خاصكي بتولية ناصر الدين محمد الأكرمي أستادار الأغوار فامتنع ورفع إلى القلعة وإستمر يومين ثم أطلق ودخل في ذلك قهرا ولا بأس به لكنهم أخذوا في التنكية عليه والله المدبر
____________________
(1/47)
سنة خمس وسبعين وثمان مائة سنة ست وسبعين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف العباسي والسلطان قايتباي الظاهري الأشرفي وأتابك العسكر أزبك الظاهري و الدوادار الكبير أشبك الظاهري ونائب الشام برقوق الظاهري ونائب القلعة العلاء شاهين المؤيدي والقضاة قطب الدين الخيضري الشافعي وشمس الدين الحلاوي الحنفي إلى الآن ما قدم وبرهان الدين بن مفلح الحنبلي وقضاء المالكية لم يتول أحد بعد ابن عبد الوارث وحاجب الحجاب محمد مبارك والأتابكي شادبك الجلباني
____________________
(1/48)
المحرم سابعه دخل القاضي شمس الدين الحلاوي الحنفي دمشق متوليا قضاء الحنفية بها
صفر رابعه ورد مرسوم على يد أبي بكر بن عبد الباسط بالرسم على قاضي القضاء علاء الدين الحنفي بسبب مال الجوالي وساعده على ذلك حاجب الحجاب سابعه أطلق من الترسيم بعد أن ضمنه القاضي محب الدين ابن عمه والقاضي شهاب الدين البقاعي الحنفي على ألفي دينار
عاشره أخبرني عيسى البدوي وهو من أهل الدين أنه رأى في النوم الشيخ إبراهيم بن قرا الشافعي وكان من العلماء العاملين وهو متوجه مع جماعة من الناس إلى ناحية حلب وقال له أتوجه لنصرة هذا العسكر
عشريه خلع على القاضي شهاب الدين المريني المالكي بقضاء المالكية رحم الله ابن عبد الوارث
ربيع الأول سابعه سافر ابن عبد الباسط إلى مصر سادس عشره لبس السيد إبراهيم بن السيد محمد خلعة نظر القلعة مضافا إلى نقابة الأشراف رابع عشريه توفي عبد الرزاق التاجر بسوق الذراع كان من أعيان التجار وعنده فضل ويستحضر في المجالس مؤانسات من شعر وحكايات وغيرهما سليم الفطرة مشغولا بشأنه عن الناس رحمه الله تعالى
ثاني عشريه حكى لي بعض الفضلاء أن الحافظ القليوبي المصري صاحب التاريخ صنف = كتابا أسماه الإمتاع بما للنبي من المتاع ذكر
____________________
(1/49)
فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلف عمامته على قلنسوة وهذا الإسم سبقه إليه غيره فقد قاله الشيخ شهاب الدين الأذرعي
سئلت عن الشاة التي عضها الكلب هل يحل أكلها فترددت في ذلك ثم قلت مسائل الأطباء ثم رأيت في كتاب الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيديي أنه يحرم أكلها
جمادى الأولى ثانيه وصل من حلب الشيخ العلامة عبد البر بن الشحنة الحنفي ونزل بمنزل القاضي الشافعي في الشرف الأعلى وإجتمعنا به فإذا هو ذو فضائل شتى إمام في فقه أبي حنيفة رضي الله عنه وأصوله
ثالثه توجه للقاهرة الشيخ الأوحد المصنف نجم الدين محمد بن قاضي عجلون الشافعي وصحبته أخوه زين الدين عبد الرحمن ومعهما والدتهما
خامس عشره توجه الشيخ عبد البر إلى مصر
جمادى الآخرة سابع عشريه وصل برهان الدين النابلسي دمشق ومعه مرسوم يتعلق بمال بيت المال وتحريره لبس خلعة ولاقته الجماعة إلى قبة يلبغا ولبس القاضي علاء الدين بن قاضي عجلون الحنفي خلعة بقضاء الحنفية عوضا عن الحلاوي وقرئ مرسوم النابلسي وفيه
____________________
(1/50)
التحرير على القاضي قطب الدين من جهة المال
توفي فيه السيد عبد الوهاب بن عمر بن الحسن بن علي بن الحسن بن حمزة بن محمد الحسني الدمشقي وتقدم بقية نسبه في ترجمة السيد شهاب الدين والد السيد حمزة ولد في أوائل هذا القرن وحج سنة أربع وسبعين وجاور فمات وكان قد حج وجاور قبل ذلك مرات له مصنفات كثيرة على مذهب الشافعي منها المناسك الكبرى إختصر فيه مناسك ابن جماعة وأضاف إلى ذلك فوائد جليلة رحمه الله تعالى
رجب عاشره رفع القاضي علاء الدين الحنفي إلى القلعة على خمسين ألف دينار أثبتها عليه القاضي تاج الدين بن عربشاه نائبه والنابلسي هو الساعي في ذلك
خامس عشره توجه القاضي الشافعي إلى القاهرة وصحبته ولده نجم الدين أحمد ولحقه قصاد النابلسي
شعبان تاسعه سافر القاضي الحنفي المنفصل الحلاوي إلى حلب
عاشره وصل مرسوم بإطلاق القاضي علاء الدين الحنفي فأطلق
خامس عشره فوض الحنفي نيابة الحكم للقاضي شمس الدين الواعظ
خامس عشره وقع على فخر الدين العتقي قلقلة أفضت إلى أنه أشهد عليه بحضرة المالكي القاضي والشيخ خطاب وابن الصيرفي نائب الشافعي ونقيب الأشراف السيد إبراهيم أنه ليس الشريف
سادس عشره سافر القاضي شهاب الدين الفرفور إلى مصر
____________________
(1/51)
توفي فيه زين الدين سالم البلقاوي الشافعي صهر القاضي سلطان له إشتغال بالعلم ثم إستقر شاهدا بباب الجامع الغربي رحمه الله تعالى
شهر رمضان ثالثه وصل الخبر أن القاضي قطب الدين إنفصلت حكومته على ثلاثين ألف دينار
وفيه صلى بالقرآن محمد بن الشيخ تقي الدين الجهني من بيت شيخنا خطاب وقرأ قراءة حسنة
رابع عشره سافر السيد إبراهيم نقيب الأشراف إلى مصر
شوال سادس عشره سافر الحاج الشامي وأميرهم شادبك الجلباني الأتابكي سابع عشره سافر إبراهيم بن محمد منجك إلى مصر
ثامن عشريه وصل الخبر بموت الشيخ أبي الفضل نجم الدين محمد ابن الشيخ ولي الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن شرف بن منصور بن محمود بن توفيق بن محمد عبد الله بن قاضي عجلون الشافعي علامة زمانه فقها وأصولا ونحوا قرآنا وحديثا ومنطقا وغيرها مولده يوم السبت ثاني عشري ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة وأصله من زرع مات وهو في محفة على بغال متوجها إلى دمشق من مصر قبل أن يصل إلى بلبيس ضحى يوم الإثنين ثالث عشر شوال سنة ست وسبعين وثمانمائة بعد مرض طويل ولم يغب له ذهن مع شدة الضر ونحول الجسم ولم تفته صلاة فلما مات رجع به أخوه القاضي زين الدين عبد الرحمن إلى مصر فوصل في آخر يوم الإثنين المذكور ودفن ليلة الثلاثاء رابع عشره في تربة القاضي كاتب السر زين الدين بن مزهر الأنصاري
____________________
(1/52)
بالصحراء وحضر جنازته والصلاة عليه جمع من القضاة والعلماء والمباشرين والصلحاء مع وصوله على حين غفلة وتأسفوا عليه ولم يخلف بعده مثله في مجموع أمره من كثرة المحفوظات وحسن إستحضارها وقت الحاجة وحدة الذهن وكثرة التصانيف وحسنها وصحة الإعتقاد وغزارة العقل وحسن التأني في الأمور والشجاعة والثبات في وقت المهمات قسرا ومن تصانيفه = تصحيح المنهاج والتاج في زوائد الروضة على المنهاج والتحرير في نحو أربعمائة كراسة
ذو القعدة ثالثه وصل القاضي زين الدين عبد الرحمن بن قاضي عجلون أخو الشيخ نجم الدين ومعه والدته رزقها الله الصبر وأعظم أجرها
ذو الحجة في آخره قبض على شاه سوار الغادري وصار في الحديد فاطمأنت البلاد والعباد
واقعة حلف بالطلاق أن عتيقه لا يدخل بيته ثم وكل من يخالع زوجته لأجل دخول عتيقه فظن شخص أن الوكالة خلع فدخل فهل يقع الطلاق وأجيب بعدم الوقوع لأنه لا شعور له بوجود اليمين وقد سئل شيخنا ابن قاضي شهبة بدر الدين عمن قال لزوجته إن خرجت من الدار بغير إذني فأنت طالق فاستأذنته فضحك فاستشعرت من ضحكه الرضا بالإذن فخرجت لإعتمادها على أن هذا إذن فأجاب بأن هذه لها مشابهة قبله سئل عنها البلقيني وهي أن شخصا حلف بالطلاق أن زوجته لا تخرج إلى الحمام إلا بإذنه وأخبرها رجل أنه أذن فخرجت وتبين كذبه وأجاب البلقيني بعدم الوقوع لأنها لم تخرج مراغمة له ثم فرق بينهما ابن قاضي شهبة بأن هذه فيها الإذن والإذن لا بد أن يكون لفظا قلت الإعتماد على الظن وإن ظنه الإذن هل هو أذن كما في مسئلة البلقيني وظن المرأة صحة إخبار المخبر
____________________
(1/53)
لها ففيهما حصل الإعتماد على إذن مظنون
ثم وقع أيضا أن شخصا حلف أن زوجته لا تذهب إلى بيت أمها ثم قصد خلعها لتذهب فحصل بينهما خلع غير واقع فإنه علق طلاقها على إبرائها له من الصداق وإبراؤه غير عالمة به فاعتمد على ظن البينونة وهي أيضا قد ذهبت فظهر عدم الوقوع لما تقدم ثم وقع أن شخصا حلف على ترك شيء بالطلاق الثلاث ثم أراد فعله فقيل له خالع فقال لزوجته خلعتك قاصدا الطلاق وظن حصول البينونة لمجرد ذلك ففعل الذي حلف عليه فتوقف في هذه العلامة الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون وقال كان من حقه أن يتعلم كيفية الخلع ولا يقدر وأنا متوقف في هذه
____________________
(1/54)
سنة سبع وسبعين وثمان مائة
المحرم سابع عشريه توجه القاضي قطب الدين إلى حلب لملاقاة العسكر
خامس عشره وصل الحاج شاكرين أميرهم وأنها سنة مباركة الأمر فيها وسط
صفر عاشره وصل من القاهرة القاضي شهاب الدين بن فرفور تاسع عشره وصل العسكر إلى دمشق ومعهم شاه سوار وهو هيئة غريبة ربع القامة في الحديد رأيته بالوطاق في وطاق برزة رابع عشريه توجهوا إلى مصر وهو معهم
خامس عشريه توجه السيد إبراهيم إلى مصر خوفا من النائب برقوق ولأن أمره معه غير رائج فبهدله
ربيع الأول ثاني عشريه صلي بالجامع الأموي صلاة الغائب على الشيخ إبراهيم المتولي كان من أهل مصر ملازما للخير وجمع الفقراء على الذكر والإحسان إليهم وإطعام الطعام للواردين عليه ودفن بتربته التي بناها بقرية سدود بين غزة والرملة وبنى هناك جامعا مباركا ورتب خيرات
____________________
(1/55)
كثيرة وبالمكان فقراء مقيمون لهم سماط في كل يوم ولمن يرد عليهم أيضا توفي في أوائل هذا الشهر رحمه الله تعالى
وفي آخره قتل السلطان شاه سوار وأخاه وجماعتهما وصلبهم على باب زويلة بمصر وإستمروا أياما
____________________
(1/56)
سنة ثمان وسبعين وثمان مائة إستهلت والخليفة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف العباسي وسلطان الحرمين الشريفين والبلاد الشامية والمملكة الحلبية وغير ذلك الأشرف قايتباي الظاهري ونائب الشام جانبك قلق سيز وهو الآن بحلب مع العسكر والقضاة قطب الدين الخيضري الشافعي وهو كاتب السر ووكيل بيت المال وبيده خطابة الجامع ومشيخة الشيوخ ونظر المرستان وعلاء الدين بن قاضي عجلون الحنفي وشهاب الدين أحمد المريني المالكي وبرهان الدين بن مفلح الحنبلي وناظر الجيش بدر الدين بن مزلق ونائب القلعة شاهين وناظر القلعة السيد إبراهيم بن السيد محمد وهو نقيب الأشراف
المحرم فيه وصل من مصر الأخوان القاضي زين الدين عبد الرحمن والشيخ تقي الدين أبو بكر ابنا قاضي عجلون ومعهما السيد كمال الدين ابن السيد عز الدين بن حمزة الحسيني
صفر ثالث عشره توفي شمس الدين محمد الطويل الشاهد بباب
____________________
(1/57)
الجامع الغربي كان من محاسن الناس جامعا للفضائل حافظا للقرآن ملازما لصلاة الجماعة بالجامع الأموي حسن المحاضرة لكنه كان له ميل إلى مخالطة الأتراك وربما لحق بعض الناس ضرر منه عندهم رحمه الله تعالى توفي في عشر الثمانين ودفن بمقبرة باب الصغير
ربيع الأول ورد مرسوم بعزل السيد إبراهيم من نظر القلعة وتولى عوضه شهاب الدين احمد النابلسي
ربيع الآخر سادسه توجه الأمير الكبير أزبك الظاهري إلى حلب لاحقا بالعسكر
ليلة الجمعة ثاني عشره توفي القاضي العالم زين الدين عبد الرحمن ابن الشيخ العلامة ولي الدين عبد الله بن قاضي عجلون الشافعي كان حافظا للقرآن كثير التلاوة والأذكار حافظا للمنهاج والزوائد لأخيه الشيخ تقي الدين وتصحيح أخيه الشيخ نجم الدين الأصغر على المنهاج والعمدة في أحاديث الأحكام وجمع الجوامع في الأصول والحاجبية في علم النحو ملازما لقراءة ذلك عن طيب قلب
وكان له مداخلة مع الأتراك كثير التردد إلى السلطان بهمة علية ونفس أبية كثير الفتوة والقيام مع أصحابه ومع من يقصده في مساعدة على خير مع حسن المحاضرة ورزانة اللطف وباشر نيابة الحكم لكنه لا يدخل في القضايا إلا نادرا صلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة باب الصغير عند والده وجماعتهم غربي قبر سيدي بلال الحبشي رضي الله عنه وكانت جنازته
____________________
(1/58)
حافلة وأثنى الناس عليه بخير تغمده الله برحمته مات في عشر الستين
وفيه إستولى العسكر على الرها بعد أن كان ملكها حسن باك وقوي أمرهم عليه وهرب وقد تحرك عليه ابن عثمان سلطان الروم
خامس عشره توفي الشيخ شمس الدين محمد الخراط من أهل محلة قبر عاتكة كان حافظا لكتاب الله تعالى ملازما للصلاة وله حانوت بسوق الذراع يتجر منه على وجه الصدق والتحرز في دينه كثير البر والصدق ويؤم بمحراب الحنفية في الظهر والعصر كثيرا لكن تبرعا ودفن بمقبرة الحمرية ووقف جهات على أقاربه تقبل الله منه
وفيه سافر الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون إلى مصر بسبب وظائف أخيه
ثاني عشريه توفي الشيخ عجلان الشافعي المقدسي أحد جماعة الشيخ الرباني ولي الله تقي الدين الحصني كان حافظا للقرآن ملازما للتلاوة كثير التهجد والعبادة ودفن بمقبرة باب الصغير
رابع عشريه إجتمعت بشيخنا شيخ الشافعية زين الدين خطاب الشافعي فحكى لي ما كنت سمعته من غيره أيضا أن الشيخ القطب أبا بكر الموصلي كان في بعض الأيام أشار إلى تلامذته أن كلا منهم يضع على رأسه ورقة ظاهرة مكتوب فيها التصوف والخلق الحنيف النبوي وقصد
____________________
(1/59)
بذلك أن كلا منهم يستحضر ذلك في محاوراته طول نهاره قال شيخنا المذكور وأنا رأيت ذلك على رؤوس أصحابه رحمهم الله أجمعين
جمادى الأولى ليلة تاسعه توفي الشيخ إبراهيم بن قرا الصوفي الشافعي الرباني العارف كان ملازما للعبادة والمراقبة تلاوة وصلاة وذكرا كثير الإحسان للفقراء والمترددين سلك في ذلك مسلك أخيه الشيخ القدوة شهاب الدين أحمد رحمه الله بحيث إن كلا منهما توفي وعليه دين بسبب إطعام الفقراء وإغاثة الملهوفين وقد إجتمع بمشايخ عدة من الفقهاء والصوفية صلي عليه بالمصلى ودفن بمقبرة القبيبات قبلي جامع كريم الدين بالقرب من قبر الشيخ تقي الدين الحصني قبله بجانب أخيه بتربتهم وهي معروفة وخلف ولدا الشيخ إسماعيل وفقه الله تعالى وسدده
جمادى الآخرة خامس عشره دخل إلى دمشق نائبها جانبك قلق سيز الأشرفي آخره ووصل من مصر الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون وقد قضى شغله
رجب فيه رجعت العساكر المصرية من النواحي الشمالية متوجهة إلى مصر
شعبان ثالثه توجه الباش يشبك الظاهري وبقية العساكر إلى مصر
رمضان ليلة عشريه توفي شيخ الشافعية زين الدين خطاب بن عمر ابن مهنا الغزاوي بالمعجمة والزاي الخفيفة العجلوني ثم الدمشقي ولد
____________________
(1/60)
سنة تسع وثمانمائة بمدينة عجلون وانتقل إلى دمشق وقطنها وتفنن في العلوم فقيه الشام وعالمها ومفتيها ملجأ الفقراء والبائسين اشتغل على مشايخ العصر مصرا وشاما وأقام ببيت المقدس عند الشيخ القدوة شهاب الدين أرسلان الشافعي مدة طويلة يشتغل ويسلك طريق الصوفية وكان شديد القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وله اليد الطولى في العلوم قرآنا وأصولا وفروعا ونحوا ولغة ومعاني وبيان وغيرها شديد التواضع مطرحا للكلفة وملازما لأشغال الطلبة صلي عليه بالجامع الأموي تقدم للصلاة عليه القاضي الشافعي ودفن بمقبرة باب الصغير غربي قبر بلال الحبشي على حافة الطريق بينه وبين مسجد الذبان الطريق الآخذ إلى مسجد النارنج خلف بنات وبني عمه رحمه الله تعالى صار بعد البلاطنسي رأس مشايخ أهل دمشق توفي بعد علل طويلة بمرض الدق وعظم تأسف الناس عليه وإنه كان في عناية عظيمة من لطافة الروح وحلاوة الكلام مع المتانة في الديانة والأصالة وحسن الشكل وكانت له بعده مثلة
فيه ختم محمد جلال الدين ابني القرآن وصلى به بجامع التوريزي وليلة الجمعة ختم بالجامع الأموي وخطب بحضرة القضاة والعلماء والأعيان وكان قبل وفاة الشيخ خطاب قرأ عليه من أول البقرة حزبا من القرآن وعرض عليه الشاطبية كل ذلك في أوائل رمضان سهل الله له الخير ووفقه للاشتغال بالعلم والعمل به
____________________
(1/61)
شوال فيه إنتهت المدرسة التي عمرها القاضي الشافعي الخيضري داخل باب الجابية قريبا من منزله ملاصقة لبيت ابن عطاء وأصله مسجد كان هناك صغيرا فوسعه وأحدث فيه خلاوي ومياه وميضأة ومنافع وجعل لها مرتبين عدة من المشتغلين بالعلم وعدة من الذين يقرأون القرآن تبين ذلك في = كتاب وقفه سابع عشره توجه الحاج الشامي وأميرهم محمد مبارك الحاجب الكبير وأمير الركب الحلبي تنبك الجلباني تاسع عشره ليلا حصلت زيادة في نهر بردا عظيمة هدمت بيوتا كثيرة وهدمت الإيوان الذي جدده الشيخ عماد الدين إسماعيل خطيب السقيفة بمنزله الذي خارج باب توما ومن العجائب أنه كان عندهم تلك الليلة جماعة في ضيافة مستكثرة من الرجال نحو ثلاثين رجلا بائتين في هذا الإيوان إلا أنهم سهروا وكان عندهم قراء ومنشدون وذكروا مدة طويلة وفي أواخر الليل عندما قصدوا أن يناموا في المكان وأحضرت إليهم الفرش واللحف ماج الإيوان فقاموا في الحال هربوا فلما صاروا في أرضية البحرة وقع الإيوان بجملته لكن الله سلمهم
ذو القعدة
ذو الحجة خامسه توجه كاتبه إلى القاهرة فدخل إلى بيت المقدس تاسعه وإلى بلد الخليل ثالث عشره وإلى القاهرة رابع عشريه وسبب سفري واقعة سيأتي الكلام عنها إن شاء الله تعالى خامس عشره توفي
____________________
(1/62)
بدر الدين حسن بن شمس الدين محمد مزلق ناظر الجيش بدمشق
مسألة أوصى أن يحج عنه حجة الإسلام بمبلغ خمسمائة درهم من تركته ولم يعين من يحج فقال شخص أنا أحج بثلثمائة درهم فهل يتعين إجابته ويتوفر الزائد للورثة
أولا أجيب بتوفر الباقي للورثة كما أفتى به ابن عبد السلام ثم قال وقيل يصرف الجميع وجوبا قال فإن غير وجب الصرف له مخالفا الأذرعي وقال يصرف الجميع في صورة ما إذا لم يعين أيضا
وأفتى بعضهم بما قاله الأذرعي فقيل له إن كلام ابن عبد السلام فيه أن ما قاله يقبل المذهب بدليل قوله وقيل يصرف الجميع فقال في كلام الشيخين لو قال حجوا عني بثلثي صرف ثلثه إلى حجة واحدة ثم إن كان الثلث أجرة المثل فما دونها جاز أن يكون الأجير أجنبيا أو وارثا وإن كان أكثر لم يستأجر إلا أجنبي لأن الزيادة محاباة إنتهى فجعلا كون الثلث أكثر من أجرة المثل مانعا من إستئجار الوارث فلولا أن الصرف لجميع الثلث في حجة واحدة متعين لما إمتنع إستئجاره مطلقا وكان يمكن إستئجاره بأجرة المثل فأجيب بأن مسألة الشيخين فيما إذا لم يوجد من يرغب بأقل من الموصى به أما إذا رغب فما هي في كلامهما فقال قالا لو قال إشتروا عبدا بألف وأعتقوه ولم يحتمله الثلث وأمكن شراء عبد من الثلث اشتري وأعتق إنتهى فأفهم أنه إذا إحتمل لا تنقص عن الألف
وأجيب بأن الأرقاء مختلفون بخلاف الحج فإنه أمر واحد هذا وعندي إحتمال خلاف ما قلته والله أعلم
____________________
(1/63)
سنة تسع وسبعين وثمانمائة إستهلت والخليفة المستنجد بالله يوسف العباسي والسلطان الأشرف قايتباي الظاهري والأتابكي أزبك الظاهري وقضاة مصر قاضي القضاة ولي الدين السيوطي وشمس الدين الأمشاطي الحنفي وابن حريز المالكي وبدر الدين السعدي الحنبلي وكاتب السر زين الدين أبو بكر بن مزهر الشافعي الأنصاري ونائب الشام جانبك قلق سيز والقضاة قطب الدين الخيضري الشافعي وعلاء الدين بن قاضي عجلون الحنفي وشهاب الدين أحمد المريني المالكي وبرهان الدين بن مفلح الحنبلي
صفر فيه رجعت من مصر وكان سفري بسبب واقعة وهي أنه ثبت على شخص يتزيا بزي الفقهاء أنه يشرب الخمر ويأكل الحشيش ويخالط الفساق ويظهر الوقيعة في أهل العلم ويتجاهر بذلك ويفتخر به فأقيم عليه الحد للشرب وعزر بإشهاره وحبسه على الباقي فذهب إلى مصر وشكى للسلطان فطلبت وذهبت ووقع فصول وأمور منها أن القاضي الحنفي بمصر قال لي بين يدي السلطان لما قرئ المحضر لما ثبتت البينة عندك
____________________
(1/64)
بالشرب قالوا إنه كان مختارا فقلت له إشتراط ذلك مذهبك ليس هو مذهبي أنا مذهبي الشافعي فسكت
ثم حصل الإستفتاء في الجمع فأجبت بأن الجمع على معاص متعددة كما عرفت وقد صرح الأذرعي بأن للقاضي إشهار المعزر في الناس زيادة في النكال وتبعه المتأخرون إلى مشايخنا وأما الجمع بين الحبس والإشهار فقد نص الشافعي على جواز الجمع بين الحبس والضرب وتبعه الأصحاب منهم الشيخان
وأما قول من قال إن السر كان أولى فقد قال النووي في شرح مسلم المراد بالتستر المندوب إليه هو التستر على أهل الهنات ونحوهم ممن ليس معروفا بالأذى والفساد فأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وإنتهاك الحرمات وجسارة غيره على مثله هذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت أما معصية باق عليها وهو يعد متلبسا بها فتجب المبادرة إلى إنكارها عليه ومنعه منها على قدر ذلك ولا يحل تأخيره وإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر إذا لم يترتب على ذلك مفسدة إنتهى
وأجاب الشيخ بهاء الدين الحواري الشافعي بجواز الجمع وإستشهد بقول الأصحاب للحاكم الزيادة على الأربعين في شرب المسكر إلى
____________________
(1/65)
ثمانين قالوا والزيادة تعزير على الأنواع المتولدة منه من هذيان وإفتراء وبذاءة وترك صلاة ونحوه وقال ابن عبد السلام من زنا بأمه أو في الكعبة يحد ويعزر لقطع رحمه وإنتهاك حرمة الكعبة
وأجاب الشيخ برهان الدين بن العميد بمثله وإستشهد بأن المقطوع في السرقة يستحب تعليق يده في عنقه وقد صرح بذلك في أصل الروضة والواقعة التعدد فيها ظاهر لتعدد الجرائم وأما الإشهار فقال الماوردي في الأحكام السلطانية يجوز في نكال التعزير أن يجرد من ثيابه إلا العورة ويشهر وينادى بذنبه وجوز الأكثرون تسويد وجهه وأجاب القاضي سراج الدين الصيرفي بمثل ذلك أيضا
وأجاب الشيخ شمس الدين خطيب السقيفة الشافعي بما حاصله أن مذهب الشافعي والأئمة في التعازير هو أنه لما كانت الحكمة الشرعية ظاهرة في إقامة الحد والتعازير وهي ردع الطاغين وزجر المفسدين ليحصل المعنى المطلوب للشارع من المكلف وهو امتثال الأمر والنهي جعل الشرع الزواجر منوطة بنظر القاضي ليلحظ جهة الفساد من مقاصد الشهوة الحيوانية أو النفسانية فتعاملها بضد مقصوده لتضعف رغبتها في العود وليس في الواقعة جمع بين حد وتعزير فإن العلماء قالوا هذا في معصية واحدة تقتضي الحد فلا يضاف إليه التعزير إلا فيما أستثني والواقعة إشتملت على متعدد وأعطي كل حكمه والله أعلم
جمادى الأولى رابع عشره توفي الشيخ شهاب الدين أحمد ابن الشيخ عثمان السلالي شيخ المسطبة كان من الرجال دينا ودنيا له الهمة العلية في تحصيل الدنيا ويصرف على الفقراء والواردين والأصحاب محبا لأهل العلم والدين له مروءة وشجاعة وكان يقرأ القرآن في المصحف كثيرا وله أوراد وتعبد وذكر توفي بالمسطبة شمالي القابون الفوقاني ودفي
____________________
(1/66)
بمقبرة الشيخ رسلان ملاصقا له بطرف المقبرة
خامس عشريه توفي محمد بن صلاح الدين أحد مباشري الجامع الأموي كان له حدة في المباشرة سامحه الله تعالى
جمادى الآخرة خامس عشره وصل العزل لشهاب الدين أحمد المريني المالكي وتولى عوضه كمال الدين الحموي العباسي المالكي قضاء دمشق وتولى نظر الجيش عوضا عن ابن مزلق أخو القاضي المالكي موفق الدين العباسي وهما من جماعة القاضي شرف الدين الأنصاري وكيل السلطان
رجب ثاني عشره توفي حاجب الحجاب بدمشق محمد مبارك ودفن بسفح قاسيون باشر الحجوبية برفق ما كان به بأس بالنسبة إلى غيره وأثنى الناس عليه خيرا
ثاني عشريه توفي بدر الدين بن محمد المبرد الحنبلي نائب القاضي الحنبلي ودفن بالصالحية بالسفح وكان من أهل العلم قليل الدخول في الأحكام عفيفا رحمه الله تعالى
شعبان وصل المالكي وناظر الجيش
وفيه حصل لأهل بيت المقدس تشويش من السلطان وضرب بعضهم
____________________
(1/67)
بسبب كنيسة كانت بالقدس هدموها لما قام عندهم بينة ذلك فأنهى اليهود أنها قديمة وحصل لهم جماعة من أهل مصر ساعدوهم وحرضوا السلطان عليهم ووقف جانبهم القاضي الشافعي بالقدس الشيخ شهاب الدين بن عبية والشيخ برهان الدين الأنصاري ورسم لإبن عبية أن يقيم بدمشق فقدمها وأقام بها وهو من أهل الفضل له مشاركة في العلوم
خامس عشريه توفي الشيخ برهان الدين إبراهيم الزرعي الشافعي من مشايخ الشافعية القدماء إجتمع بالمشايخ وإشتغل كثيرا وكتب الكثير بخطه الحسن الصحيح وكان كثير التلاوة والعبادة متحرجا عن الناس يطالع في العلم كثيرا صلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة باب الصغير
سابع عشريه سافر إبراهيم النابلسي إلى مصر
رمضان فيه وصل دولات باي النجمي الأشرفي إلى دمشق متوليا الحجوبية الكبرى وابن شاهين نيابة القلعة ومحمد بن شكر نقيب القلعة
شوال خطب للعيد بالجامع الأموي الشيخ أبو الفضل محب الدين محمد الإمام الصفدي الشافعي بسبب ما بين القاضي الشافعي والقاضي محب الدين بن قاضي عجلون خطيب الجامع نيابة عنه من الوقفة
خامس عشره توجه الحاج الشامي وأميرهم الحاجب الثاني جانبك
ذو القعدة تاسع عشره وصل تولية شهاب الدين أحمد النابلسي كتابة السر بدمشق ووكالة بيت المال وهو الآن بالقاهرة وأن ينوب عنه في كتابة
____________________
(1/68)
السر الموقع محمد عماد الدين وفي بقية تعلقاته شمس الدين محمد الشاغوري حموه
ذو الحجة ليلة ثالث عشريه توفي الشيخ القدوة الخير الدين عبد الرحيم المحوجب والد صاحبنا العلامة شهاب الدين بن العباسي كان حافظا لكتاب الله تعالى كثير التلاوة على طريقة السلف من سلامة الفطرة وصدق اللهجة حضر جنازته القضاة والعلماء والأعيان والفقراء والصالحون ودفن بالقبيبات قريبا من قبر الشيخ تقي الدين الحصني خلى عليه بالميدان رحمه الله تعالى
آخره ورد مرسوم بالترسيم على كمال الدين الحجازي الفاكهي المالكي نائب القاضي المالكي بسبب تركة شيخ المغاربة وأنه وصيه وذكروا في المرسوم كلاما يمجه السمع وأن تركته عشرون ألف دينار
تاسع عشريه وصل خبر عزل القاضي قطب الدين الخيضري من قضاء الشافعية بدمشق وأن يخطب القاضي محب الدين بن قاضي عجلون إلى أن يستقر في القضاء أحد سلخه جاء الخبر بأن السلطان أرسل من يرد حامل عزل المذكور
____________________
(1/69)
سنة ثمانين وثمانمائة
استهلت والخليفة المستنجد بالله أبو المظفر يوسف العباسي والسلطان الأشرف قايتباي الظاهري والأتابكي أزبك الظاهري ونائب الشام والقضاة كما تقدم
المحرم أوله السبت رابعه سافر الشيخ أبو الفضل الصفدي ابن الإمام إلى مصر سابعه وصل القاضي صلاح الدين العدوي من مصر
ثامنه سافر القاضي كمال الدين الفاكهي المالكي إلى مصر بسبب تربة شيخ المغاربة ليلة خامس عشره وقع حريق بالصالحية في السوق الأعظم قبلي الجامع المظفري عشريه إحترق سوق العمارة خارج باب الفراديس
رابع عشريه توفي تقي الدين أبو بكر الجهيني الشافعي أحد فضلاء الشافعية كان حافظا للقرآن كثير التلاوة حسن السيرة سليم الفطرة لازم
____________________
(1/70)
شيخنا الشيخ خطاب وزوجه بنته وجاءه منها أولاد صلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة باب الصغير عند قبر الشيخ خطاب رحمهما الله تعالى
سلخه دخل الحاج وذكروا ما حصل لهم من الرخص العظيم
صفر سابعه وصل من مصر محمد النابلسي وفارق أباه برهان الدين من قاقون وتوجه أبوه إلى طرابلس للقبض على كافلها وجماعة معه من أهلها ووصل صحبته محمد بن الشيخ أبو الفضل ولم يدخل القاهرة بل رجع معهم من الخانقاه وكان القاضي الشافعي أرسله ليطلع على بواطن النابلسي ويلاطفه في أمره فإنقلب على القاضي الشافعي وأنهى للنابلسي أمورا تعود على القاضي بالضرر
ثامنه وصل الخبر أن النابلسي قبض على نائب طرابلس ودواداره وناظر الجيش ثم أطلق ناظر الجيش بعد أن حط عليه مبلغا
ربيع الأول سافر الشيخ شمس الدين الخطيب وكاتبه إلى طرابلس لكون الخطيب صهر النابلسي فلاقاه فذهبنا إلى هناك وأقمنا أياما ثم رجعنا
تاسع عشريه والنائب باق في الترسيم على مائة ألف دينار ودواداره عشرين ألف دينار أخذ منها شيء وبقي شيء
وفيه تواصلت الأخبار بتحرك حسن باك سلطان العجم على هذه
____________________
(1/71)
البلاد وفيه وصل الخبر والمرسوم باستمرار القاضي الشافعي في قضاء الشافعية وكتابة السر وفرح الناس
ربيع الآخر ثامنه توجه الكافل إلى حلب بسبب تحرك العدو سلخه دخل النابلسي وقبض على ناظر الجيش القاضي موفق الدين العباسي وأخيه القاضي كمال الدين المالكي وتدخل العوام واستعانوا بالجامع واختفى موفق الدين وأما أخوه فدخل إلى الجامع الأموي وقام معه الناس وغلق النابلسي أبوابه خوفا من العوام ثم ذهب إلى القلعة بالليل واستمر في القلعة خوفا على نفسه ورفع نائب طرابلس إلى قلعة المرقب
جمادى الأولى مستهله توفي قاضي القضاة كمال الدين يوسف الباعوني الشافعي صلي عليه بالجامع المظفري بسفح قاسيون ودفن بالروضة بتربتهم جوار زاوية ابن داود
ثانيه وصل النابلسي من صفد ووصل مرسوم بأن يؤخذ من دولات باي النجمي ثمانية آلاف دينار وفيه وصل من القاهرة الشيخ القدوة العلامة برهان الدين إبراهيم البقاعي الشافعي من أعيان جماعة شيخ الإسلام ابن حجر ونزل ببيت العدوى قبالة الناصرية بالقرب من الجامع الأموي
ثامنه توفي الشيخ عيسى البدوي من جماعة الشيخ القدوة شهاب
____________________
(1/72)
الدين بن قرا كان حافظا للقرآن يكثر التلاوة وله عبادة ومروءة ودفن بالقبيبات بين قبر الشيخ تقي الدين الحصني وتربة الشيخ شهاب الدين أحمد وكان له جنازة حافلة سادس عشره فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم للقاضي صلاح الدين العدوي
خامس عشره جاء الخبر بعزل القاضي كمال الدين الحموي من قضاء المالكية وتولى شهاب الدين المريني
سادس عشره توجه القاضي الشافعي إلى القلعة ليسلم على النابلسي فرسم عليه النابلسي بالقلعة توفي فيه الباعوني وهو جمال الدين يوسف بن أحمد بن ناصر بن خليفة بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن قاضي القضاة شهاب الدين القدسي الأصل الناصري الدمشقي والناصرة من على صفد وباعونة قرب عجلون ولد يوم السبت ثامن عشر جمادى الآخرة سنة خمس وثمان مائة بالقدس الشريف
جمادى الأخرى مستهله الثلاثاء تاسع عشره وصل الشيخ القدوة شهاب الدين المحوجب من مصر ليلة ثالث عشره كبس النابلسي وجماعته على بيت الحاجب النجمي فهرب يومه لبس آقبردي الإينالي خلعة بالحجوبية الكبرى رابع عشريه لبس القاضي شهاب الدين المريني خلعة بقضاء المالكية وقرئ توقيعه بالجامع الأموي وفوض المالكي نيابة الحكم لشهاب الدين أحمد النحاس
رجب سابع عشره أطلق القاضي الشافعي الخيضري من الترسيم ثالث عشريه لبس خلعة باستمراره في وظائفه
رابع عشريه وصل النائب من حلب وصحبته نقيب العسكر الشامي والنائب متضعف
____________________
(1/73)
شعبان مستهله الخميس سافر النابلسي إلى مصر وجاء الخبر بوصول السلطان إلى العريش بسبب بناء برج هناك ويذهب إلى القدس
سابعه وصل النابلسي إلى غزة وذهب السلطان إلى بيت المقدس ثم جاء إلى الرملة ثم إلى غزة ووصل نائب غزة حجوبية دمشق وهو أشبك رابع عشريه وصل الحاجب دمشق ولبس خلعة
رمضان مستهله الجمعة فيه صلي بجامع السقيفة الجمعة والخطيب عماد الدين إسماعيل بعد أن جددت عمارته
شوال مستهله الأحد فيه وصل أحمد النابلسي إلى قبة يلبغا متوليا نظر الجيش بدمشق ونظر القلعة ووكالة بيت المال ولبس الخلعة ثاني يوم
سادس عشره توجه الحاج الشامي وأميرهم دوادار السلطان بدمشق وقاضيهم القاضي محب الدين بن القصيف الحنفي
سابع عشره توفي الشيخ شمس الدين بن محمد بن حجر الشافعي أحد أعيان الشافعية كان حافظا للقرآن مكثرا للتلاوة ملازما للإشتغال والأشعار دفن بالصالحية بسفح قاسيون وهو من متقدمي الطلبة رحمه الله تعالى وفيه ضيق ابن النابلسي على حميه شمس الدين الشاغوري بسبب مغل الذخيرة ثم فصله على ثلاثة آلاف دينار
وفيه أطلق موفق الدين العباسي من الترسيم على مبلغ وسافر إليه إبراهيم بن السيد محمد
ذو القعدة مستهله الثلاثاء ثاني عشره فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم للشيخ شهاب الدين المحوجب وللقاضي محي الدين الأخنائي
____________________
(1/74)
وخامس عشره فوض للقاضي تقي الدين أبي بكر بن سلطان
سابع عشره سار القاضي الشافعي إلى مصر وصحبته ولده القاضي نجم الدين والشيخ أبو الفضل الصفدي وشمس الدين الغزي الحنفي وتاج الدين بن بنت الشيخ أحمد الأقباعي ونقيبه شهاب الدين أحمد بن الصاحب
ذو الحجة مستهله الأربعاء يوم الجمعة عيد الأضحى أعيد موفق الدين العباسي إلى القلعة بمرسوم
____________________
(1/75)
سنة أحد وثمانين وثمان مائة
إستهلت والخلفة المستنجد بالله أبي المحاسن يوسف بن محمد المتوكل على الله العباسي والسلطان الأشرف قايتباي الظاهري
ربيع الأول آخره تولى الحسبة تقي الدين أبو بكر بن النحاس بثمانمائة دينار
ربيع الآخر في أوله توفي برهان الدين النابلسي في مصر نزل ليعوم فغرق ووصل الخبر بموت شرف الدين الأنصاري بمكة ففرح النابلسي ففي يومه غرق ابنه وإنقلب سرورهم عزاء
ثالث عشريه وصل الشيخ أبو الفضل الصفدي من مصر
خامس عشريه وصل مرسوم بأنه إستقر القاضي الحنفي علاء الدين بن قاضي عجلون في نظر المدرسة الركنية وأن يسلم جهاتها له الشيخ
____________________
(1/76)
تقي الدين بن قاضي عجلون ثامن عشره سافر الشيخ تقي الدين إلى مصر وصحبته شهاب الدين أحمد الحمزاوي وجماعته بسبب ذلك
جمادى الأولى فيه ورد الخبر بأن القاضي الشافعي بدمشق قطب الدين وهو الآن بمصر عزل نائبه القاضي محي الدين الأخنائي بسبب شكوى شهاب الدين الرملي عليه من جهة أمر بينهما
خامس عشره توفي الشيخ العلامة ذو الفنون شهاب الدين أحمد بن الشيخ الفقيه برهان الدين إبراهيم بن الزرعي الشافعي أحد أعيان المشايخ الشافعية فقها ونحوا ولغة وأصولا وكان مرجع الناس في علم النحو ولد سنة خمس عشرة وثمانمائة وحفظ القرآن وجد في الإشتغال ولازم التدريس خصوصا في النحو والمعاني والبيان ملازما للعبادة الإنجماع عن الناس إلا في وقت أشغال أو فهم ديني أو دنيوي وصلي عليه بالجامع الأموي تقدم للصلاة عليه الشيخ برهان الدين البقاعي الشافعي وحضر جنازته الخلائق وأثنوا عليه ودفن بمقبرة الباب الصغير قريبا من سيدنا معاوية رضي الله عنه وتقدم ذكر والده ووفاته في شعبان تسع وسبعين وفي ليلته كسف القمر إنكسافا كليا
جمادى الأخرى فيه رسم على القاضي كمال الدين الحجازي المالكي المكي بالقلعة بسبب تركة شيخ المغاربة
رجب رابع عشره توفي جلال الدين محمد الشيخ العلامة ابن
____________________
(1/77)
قاضي القضاة حسام الدين بن العماد الحنفي كان فقيها فاضلا يكثر التردد إلى الأتراك خامس عشره توجهت والدته وأولاده إلى القاهرة بسبب وظائفه وفيه جاء الخبر أنه إستقر نظر وقف الأسرى ووقف الركنية باسم الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون بمال
عشريه جاء المرسوم بعزل أبي بكر بن النحاس من وظيفة الحسبة والقبض عليه ووضعه في القلعة ليتوجه إلى مصر مرسما عليه بسبب ما أفسده في مباشرة الوظيفة المذكورة
فيه وصل عبد الحاكم إستادار النائب كان من مصر
وفيه وصل مرسوم بأن جانبك الحاجب الثاني يعطي أربعة آلاف دينار ويستمر أو لا يعطيها ولا يستمر وفيه أطلق موفق الدين العباسي من القلعة بمرسوم وأطلق الحجازي المالكي أيضا وفيه وصل دوادار السلطان الجديد
شعبان مستهله الأحد ثالثه سافر الحجازي المالكي إلى مصر بسبب التركة فتوفي في بلبيس قريب مصر رحمه الله تعالى كان من طلبة العلم له إشتغال في مذهب مالك لكنه كان كثير الحركة فيما لا يعنيه وتعب وأتعب سامحه الله تعالى
ثاني عشره توفي الشيخ برهان الدين إبراهيم بن شيخنا رضي الدين الغزي كان يقرأ القرآن عن ظهر قلب وكان ملازما لصلاة الجماعة بالجامع الأموي ودفن عند والده بمقبرة الصوفية شمالها قريب حافة الطريق
ثاني عشريه وصل القاضي نجم الدين أحمد بن قاضي القضاة قطب
____________________
(1/78)
الدين الخيضري الشافعي من مصر بخلعة ليباشر عن والده قضاء القضاة وكتابة السر وغيرهما ثالث عشريه هطل مطر كثير كان الناس محتاجين إليه
رمضان مستهله الثلاثاء
تاسع عشريه ختم القاضي نجم الدين الخيضري السيرة بالجامع الأموي على عادة أبيه
شوال مستهله الخميس خطب بالمصلى القاضي نجم الدين الخيضري وحصل منه ثبات من أول الخطبة لكن أنكر الناس ذلك كونه في لسانه لثغة ثانيه خطب بالجامع الأموي وحصل مطر عظيم نزل به السعر في الغلات خامس عشره سافر الحاج الشامي وأميرهم شادبك الجلباني الأتابكي بدمشق وتتابعت الأمطار والثلوج وتوفي ولده يوسف ليلة هذا اليوم وكان دينا يقرأ القرآن ويشتغل بالعلم منجمعا عن الناس ودفن بتربة والده التي أنشأها بالقنوات وحبس الثلج والمطر الحاد قأقاموا على خان ذي النون إلى يوم عشريه ثم رحلوا بعد أن رجع منهم خلائق ومات خلائق ومن الجمال ما لا يحصى سادس عشره حكى لي محب الدين دلال البيوت أنه رأى ليلة في النوم أن الشيخ تقي الدين الحصني أشرف من جبل قاسيون وبيده ضوء حصل به النور لجميع دمشق وأن ابن عمه الشيخ محب الدين واقف بسفل الوادي ومعه جماعة وهم في همة هذا منامه
فاتفق أن الشيخ محب الدين سافر إلى الحجاز ثامن عشره وخرج ماشيا ولحقه جماعة في طريق القبيبات وأركبوه فرسا وفي هذه الساعة طلعت الشمس وإستحكم الصحو يومه واليوم الثاني حتى سافر الحاج من
____________________
(1/79)
الخان في اليوم الثالث من خروجه نفع ببركته وإسلامه
ذو القعدة مستهلة السبت رابعه وصل الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون من القاهرة سادسه توفي الشيخ عبد الله المجذوب الأسمر كان مقيما بمحلة الثابتية ودفن بالمقبرة الصغيرة بالثابتية نفعنا الله به وبالصالحين وفيه حضر القاضي نجم الدين الخيضري دار الحديث الأشرفية ودرس في قوله تعالى { الله نزل أحسن الحديث }
ثامن عشره درس بالعادلية الكبرى في أول كتاب الصلاة من جامع المختصرات وحضره فضلاء الشافعية ليلة ثامن عشره دخل على زوجته بنت العجمي
ذو الحجة مستهله الأحد رابع عشره وصل خاصكي إسمه جانم بسبب الكشف على القلاع والأوقاف وهو ابن أخي السلطان كما حكي له في مرسومه خامس عشريه إجتمع القضاة وأركان الدولة بالجامع الأموي وفرضوا على الأوقاف ألفي دينار
وفيه كثر الطاعون بدمشق وجاء الخبر بأنه في مصر عظيم جدا حتى إنه قيل إنه يخرج منها كل يوم نحو عشرة آلاف اللهم اختم بخير
____________________
(1/80)
سنة إثنين وثمانين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المستنجد بالله يوسف العباسي والسلطان الأشرف قايتباي الظاهري والأتابكي أزبك الظاهري
المحرم مستهله الثلاثاء كثر الطاعون وإنتهى في عشريه إلى ألف وخمسمائة كل يوم في نفس البلد خارجا عن نواحيها
عشريه توفي مولانا حاجي العجمي الحنفي المقيم بقرية المزة من العلماء العاملين الملازمين للجد في العبادة عارفا بطريق التصوف والعارفين ودفن بالمزة بجانب قبر الشيخ علاء الدين البخاري رحمهما الله تعالى
صفر مستهله الأربعاء خامسه توفي الشيخ على حافظ كان ملازما لتلاوة القرآن وتعليمه مقيما بالمزاز صاحب ليل وبكاء ودفن بمقبرة المزاز رحمه الله تعالى
ثامنه وصل خاصكي برفع أحمد النابلسي وجماعته إلى القلعة ثالث عشره التزم قطب الدين الحلبي منه بأربع مائة ألف دينار وكتب عليه بذلك إشهادا بالقلعة كان هذا خارجا عن أصول الأموال التي عنده من جهة
____________________
(1/81)
البهار وغيره بحضور القضاة وإعترف بذلك بحضرة النائب والقضاة وجهز الإشهاد إلى مصر
ثاني عشريه رفع أبوه برهان الدين إلى الترسيم وهو بمصر وإستولى على موجوده كله وهو أمر لا يحصى ثم حلف أنه لا يملك غيره فعذب بعد الحلف فأخرج أربعين ألف دينار
ربيع الأول مستهله الجمعة إرتفع الطاعون من دمشق ونواحيها إلا نادرا سابعه وصل هجان بمرسوم أن يسلم أحمد النابلسي لقطب الدين على حكم ما التزم وأحضر من القلعة إلى النائب حافيا في زنجير ثم رجعوا به إلى القلعة كذلك وجماعته في الحديد
تاسعه أخرج من المدرسة التقوية كان ساكنا بها عشرة آلاف دينار ومن الحلبية بالجامع الأموي شرقيه عشرين ألف دينار ومن بيت عمته عند حمام سامي بحارة البلاطنسي تسعة عشر ألف دينار حلبها خمسين ألفا إلا ألف
عاشره رفعوا عنه العقوبة وألبسوه ثيابه الجميلة ليقر لهم فصمم وما أقر فأعادوه إلى الحديد والإهانة عشيته سابع عشريه ذهبوا به والحديد في رقبته ورجليه إلى بيته والحلبية وخلوة الجامع الأموي فأخرج منها حليا وحوائج بنحو خمسين ألف دينار ووصل الخبر بأن أباه وصلوا في عقوبته إلى سلخ رأسه وأخذوا منه جملا عظيمة نقدا وغيره
____________________
(1/82)
ثامن عشره وصل مرسوم بضرب أحمد بن النابلسي فأحضروه في الحديد وسمع المرسوم فذهبوا به إلى بيت والده بمحلة قبر عاتكة فأخرج منه عشرة آلاف دينار فأعادوه في الحال إلى النائب وضرب على مقعده ضربا مبرحا
رابع عشريه جاء الخبر بأن إبراهيم النابلسي توفي ثاني عشره بالمدرسة الجمالية جاؤوا به من بيت الدوادار يشبك ليبيع شيئا من الأعيان التي عنده في قفص بعد أن عذب بالقلعة أشد العذاب فمات قبل الزوال فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين
سادس عشريه قصد أحمد بن النابلسي أن يقتل نفسه فأدركوا وقد حز بطنه من الناحية اليمنى فطلب الأطباء والجرايحية وقطبوه وقالوا لا تطول حياته وجرح نفسه يومئذ جراحات أخرى والتأمت جراحاته آخر الشهر
ربيع الآخر مستهله الأحد إرتفع الطاعون عن دمشق أصلا وضرب أحمد ابن النابلسي بحضرة النائب وعصرت رجلاه وعرضت له حمى فتوفي في صبيحة يوم الجمعة ثالث عشره وغسل بالقلعة وصلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة باب الصغير قريبا من قبر البلاطنسي ووصل هجان في هذا اليوم عقب صلاة الجمعة أن يشنق على باب القلعة فصادف موته
جمادى الأولى ورد خاصكي يسمى خشكلدي بن شيخ لتحرير تركة
____________________
(1/83)
أحمد بن النابلسي جمادى الأخرى أوله خرج السلطان من القاهرة في نحو ثلاثين مملوكا وسافر إلى وادي التيم وإلى البقاع وبعلبك وطرابلس والسواحل رجب وصل السلطان إلى البيرة ثم إلى حلب على جرايد الخيل والهجن وصحبته مباشروه فقط وبعض العسكر شعبان مستهله الجمعة دخل السلطان دمشق في محفة ليلا وقت السحر لكونه ضعيفا ونزل بالقلعة في بيت ابن شاهين وتولى ابن شاهين أمره في الطبخ والأدوية
رمضان مستهله الأحد ثانيه رفع القاضي نجم الدين الخيضري إلى القلعة بسبب كلام جماعة رافقوه
سابعه لبس شرف الدين موسى بن عيد خلعة بقضاء دمشق الحنفي وموفق الدين العباسي خلعة بنظر الجيش
عاشره سافر السلطان إلى مصر ضحوة وصحبته القاضي قطب الدين الخيضري وكان خرج معه من القاهرة خامس عشره ورد مرسوم بالإفراج عن ولده القاضي نجم الدين شوال مستهله الإثنين ثبت قبل الظهر عند القاضي عز الدين ابن الحمراء الحنفي وأنكر الحنفية عليه ذلك وقالوا إن السماء كانت مصحية وحينئذ فلا يثبت إلا بجمع كثير رابعه سافر نجم الدين الخيضري إلى مصر لاحقا بأبيه
ذو القعدة
ذو الحجة
____________________
(1/84)
سنة ثلاث وثمانين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المستجد بالله يوسف العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي الظاهري والأتابكي أزبك الظاهري
المحرم سابع عشره لبس القاضي نور الدين بن الصابوني خلعة بوكالة السلطان والقاضي قطب الدين الخيضري خلعة بإستمراره في قضاء دمشق وكتابة السر
صفر
ربيع الأول
ربيع الآخر في أوله وقع حريق بمحلة مسجد القصب من جامع منجك إلى قرب قناة العوني في الطول وفي العرض قريبا من ذلك فلا قوة إلا بالله تعالى
جمادى الأولى
جمادى الأخرى
رجب مستهله السبت في أوله توفي القاضي تقي الدين أبو بكر
____________________
(1/85)
الخزاعي الحنبلي من أعيانهم كثير الإشتغال بالعلم كثير التلاوة حفظا وقراءة الحديث النبوي وباشر في الحكم سنين كثيرة مع العفة والديانة ودفن بسفح قاسيون
وفيه توفي شهاب الدين أحمد سنبل من فضلاء الحنفية بالصالحية ودفن بالسفح شعبان
____________________
(1/86)
سنة أربع وثمانين وثمان مائة
رجب مستهله الجمعة ثالث عشرة جمع الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون جماعة من العلماء والقضاة بالمشهد من الجامع الأموي بسبب أن الشيخ برهان الدين البقاعي الشافعي أنكر على الإمام الغزالي قوله في إحياء علوم الدين ليس في الإمكان أبدع مما كان وصرح بتكفير ابن البقاعي وأحضروا شيئا من نسخ مصنف البقاعي في ذلك وكان قاضي القضاة برهان الدين بن مفلح ضعيفا وقاضي القضاة شهاب الدين المريني مسافرا فأشار النائب بتأخير المناقشة في ذلك لحين حضورهما وذهب إلى البقاعي جماعة وهو في مسكنه قبلي المدرسة البدرائية وأساؤوا إليه إساءة بالغة وهذه المسألة قد أنكرها على الغزالي جماعة في زمنه وأجاب عن إعتراضهم في = كتاب له سماه الأجوبة المسكتة عن الأسئلة المشكلة في
____________________
(1/87)
الإحياء ولنذكر أصل الكلام وما إعترض به والجواب فنقول
فيه وصل نور الدين محمود بن قاضي القضاة جمال الدين الباعوني من مصر نائبا في كتابة السر ولبس خلعة
ليلة الأربعاء سابع عشريه إحترق الجامع الأموي خرجت النار أولا من سوق الأمتعة غربي الجامع وإحترق سوق أمتعة النساء وما يليه من المرستان وغيره وسوق العنبراتيين ثم سوق الذراع ثم دخلت النار للجامع بحضور النائب والحاجب والأتابكي وسائر أركان الدولة والمعمارية أجمع ولم يقدروا على القطع عن الجامع فعم الحريق الناحية القبلية حتى سقف المقصورة ثم باقي داخل الجامع أجمع ثم خرجت إلى الإيوان الغربي من خارج ولفت إلى باب الكلاسة فقطعت هناك وإحترق جميع ما حول الجامع من الأسواق خارجا عن مشهد الحسين المعروف الآن بالبلاطنسي وناحية الكاملية والحلبية وما بينهما
ليلة تاسع عشريه تخلخلت القبة العظمى في وسط الجامع وسقط منها جانب عظيم وسقط نصف المأذنة الغربية
تاسع عشريه الجمعة خطب الخطيب بصدر صحن الجامع على كرسي وصلى الناس بالصحن والكلاسة والكاملية والمشهد الشرقي
وقد إحترق هذا الجامع في الإسلام مرات أولها وبها ذهبت
____________________
(1/88)
محاسنه فإنه لم يكن على وجه الأرض أحسن منه ولا أبهى ولا أجل وكان فيه طلسمات من أيام اليونان فلا يدخله شيء من الحشرات ولا الحيات ولا العقارب ولا الخنافس ولا العناكب ولا العصافير تعشش فيه ولا الحمام وقناديله لا ينزل فيها الذباب ولا يرى فيه شيء يؤذي وقد إحترقت هذه الطلسمات لما وقع فيه من الحريق ليلة النصف من شعبان سنة إحدى وستين وأربعمائة قال الذهبي في = كتابه العبر في خبر من غبر ليلة النصف من شعبان من هذه السنة إحترق جامع دمشق كله من حرب وقع بين الدولة فضربوا بالنار دارا مجاورة للجامع فقضي الأمر وإشتد الخطب وأتى الحريق على سائره ودثرت محاسنه وإنقضت مدة ملاحته
ثانيها في سنة أربعين وسبع مائة كان الأصل فيه النصارى بدمشق وإشتهر ذلك عنهم وكتب عليهم محضر به صفته
حضر إلى شهوده يوم تاريخه الرشيد سلامة النصراني كاتب سنجر وأشهد عليه أنه في شهر شوال سنة تاريخه حضر في بستانه المكين يوسف النصراني بن يحيى عامل الجيش والمكين جرجس بن أبي الكرم النصراني كاتب الحوطات والمكين يوسف النصراني كاتب بهادر آص كان وأنه حضر عندهم راهبان من بلاد القسطنطينية وتحدثوا مع بعضهم بعض أن الراهبين يعرفان صنعة النفط والنار وإتفقوا على حريق ما يقدرون عليه من أماكن المسلمين بدمشق ثم توجهوا إلى بستان يوسف
____________________
(1/89)
البراكيلي بقرية جوبر وأنزلهم بطبقته على باب بستانه وأحضر لهم عامل الجيش ما يحتاجون إليه فعملوا سبع كعكات محشوات بارود ونفط ودق وفحم وغير ذلك وألبسوا الراهبين قباءين وتخفيفتين بيض ونزلا من البستان على أن يحرقا ما قدرا عليه ثم رجعا وأخبرا أنهما دخلا إلى الدهشة فقعد أحدهما على دكان شرقي القيسارية يعد دراهم ويتحيل حتى أدخل كعكة إلى داخل الدكان ثم خرج إلى مصبغة السوق البراني وإشترى بردا ثم أخذ في طيه فتقدم رفيقه إلى الدكان ألقى ثانية داخل الدكان وطلعا إلى باب الفراديس ركبا دابتين وطلعا إلى البستان بعد أن أعطى الذخيرة والنار وفي تلك الليلة إحترق الحريق الأول وجهزا إلى بيروت ليركبوهما إلى قبرص سريعا للبشارة ثم أحضروا عيسى النصراني الجرائحي وواقعوه على أن يقبل بإدخال النار إلى دكان اللحام المستجدة على باب قيسارية القواسين ووعدوه بخمسمائة درهم ووضعت الكعكة في سقف الدكان فإحترق في تلك الليلة الحريق الثاني ثم دفعوا خمسمائة لمخلوف النصراني الطواف على أن يدبر حرائق في أقطار البلد حتى ينفوا عنهم الظن ثم بعد ذلك جاءهم كتاب صاحب سيس يشكرهم على ما بلغه من إحراق ما حول الكنيسة وإجتمع القضاة ونائب الشام وحكموا بقتل النصارى الذين فعلوا هذا وإتفقوا عليه وأن يؤخذ من أموال النصارى ما يعمر به فسمر النصارى وضربت أعناقهم ثم حرقوا بالنار وهذا الحريق عم جميع الجامع
____________________
(1/90)
وما حوله من الدهشات والرواقات الشرقية والمنارة الشرقية وذهبت أموال للناس
ثالثها الحريق الذي إحترقت فيه الدهشتان وسوق الوراقين والساعات ونصف المنطقة من شرقي الجامع إلى قريب المقصورة في شهور سنة خمس وتسعين وسبع مائة في أيام الظاهر برقوق ثم أعيد إلى ما كان عليه
رابعها إحترق جميعه في ربيع الأول سنة ثلاث وثمان مائة عند حضور الشهير بتمر لنك لما طرق هذه البلاد بعساكر كالجراد من فرس وهنود ومغل وغيرهم
ذو القعدة سنة 888 مستهله الإثنين رأى الهلال الشيخ أبو
____________________
(1/91)
الفتح المقيم بالمزة وجاء الخبر برجوع العسكر إلى حلب سابع عشريه سافر الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون الشافعي إلى القاهرة بمرسوم بسبب ما تقدم وفيه وهو سابع عشري كانون الأول وقع مطر غزير وهو أول مطر وقع هذه السنة وإرتخى السعر سلخه وقع مطر عظيم أيضا
ذو الحجة مستهله الأربعاء وقع مطر عظيم جدا فعم البلاد وأقر عين العباد وإنحط السعر
____________________
(1/92)
سنة تسع وثمانين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المتوكل على الله عبد العزيز بن يعقوب العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي الظاهري والأتابكي أزبك الظاهري ونائب الشام قجماس الظاهري والقضاة شهاب الدين الفرفوري الشافعي وعماد الدين الناصري الحنفي وشهاب الدين المريني المالكي ونجم الدين بن مفلح الحنبلي وكاتب السر القاضي نجم الدين الخيضري
المحرم مستهله الجمعة
صفر
ربيع الأول
ربيع الآخر
جمادى الأولى مستهله الجمعة خامس عشره توفي القاضي شمس الدين الواعظ الحنفي كان من طلبة العلم الحنفية وله محاضرة
____________________
(1/93)
وعنده خفة روح ملازما للوعظ في أماكن لتحصيل قوته وقراءته حسنة وصوته شجي طيب وكان في خلقه حدة صلي عليه عند تربة العجمي خارج باب الجابية من دمشق ودفن بمقبرة باب الصغير قريب سيدي أويس القرني رضي الله عنه رحمه الله
وفيه جاء الخبر برجوع النائب وبقية العساكر من ناحية علي دولات الغادري إلى حلب بعد أن قتل جماعة من الفريقين وقتل الأمير شادبك دوادار الكافل قجماس وكان عنده مقدما
عشريه وصل جماعة من المماليك السلطانية تقوية للعسكر وأخبروا أنه تعين الأمير تمراز الظاهري والأمير أزبك الخازندار الظاهري مع ألفي مملوك سلطانية لأجل العسكر وفيه شاع أن ابن عثمان سلطان الروم مساعد الغادري جمادى الأخرى خامس عشريه وصل تمراز باش العساكر السلطانية وصحبته جماعة من الأمراء وشاع أن على دولات إستولى على بلاد السلطان ووقع الكلام في أن علي دولات وفرقته هو ضابط البغاة الذين ذكرهم أصحابنا شامل لهم فليتأمل
رجب رابعه توفي الشيخ الفقيه العلامة محب الدين محمد بن الشيخ القدوة غرس الدين خليل الشافعي كان ملازما للمطالعة والإشتغال بمدرسة خاتون عمر شاه خارج باب الجابية أخذ الفقه عن عدة من
____________________
(1/94)
المشايخ أجلهم الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة الشافعي شيخ الشافعية في زمنه وفصل في العلوم وصنف شرح الإرشاد والحاوي وجاء بالمتن على المنفرجة وألفية البرماوي وشرح الخزرجية وصنف في الفرائض وكان تصرفه صحيحا وكان ذو إستقامة وهمة منجمعا عن الناس مشغولا بشأنه ولم يتزوج قط لأنه به عنة توفي وقد جاوز السبعين ودفن بمقبرة الأشرفية بجوار المدرسة المذكورة وصلي عليه بجامع تنكز رحمه الله تعالى
ثامنه توفي الشيخ العالم الصوفي القدوة شهاب الدين أحمد بن شمس الدين محمد بن الأخصاصي الشافعي كان من مشايخ الصوفية ملازما للزاوية التي أنشأها أخوه الشيخ أمين الدين تقدم ذكره وكان ملازما للعبادة صاحب ليل كتب الكثير من الفقه وغيره بخطه الحسن الصحيح ودفن بمقبرة الباب الصغير عند أخيه رحمه الله تعالى
رابع عشره توفي برهان الدين إبراهيم بن الفرفوري كان فيه صدقة وبر وله تلاوة وعبادة وكان عند الفقراء الصالحين صادق اللهجة سليم الصدر سلم الناس من لسانه ويده دائم البشر ودفن بمقبرة الشيخ رسلان بعد أن صلي عليه بالجامع الأموي ناهز الخمسين
خامس عشره فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم لشهاب الدين أحمد بن الإعزازي أحد رؤساء المؤذنين بالجامع الأموي
____________________
(1/95)
شعبان ثامن عشره جاء الخبر بعزل القاضي الشافعي ابن الفرفور وتولية القاضي شمس الدين بن المزلق وإستمرار نظر الجيش بيد ابن الفرفور
عشريه لبس ابن مزلق خلعته من الإسطبل بحضرة نائب الغيبة والقضاة ثاني عشريه فوض نيابة الحكم للقاضي سراج الدين الصيرفي
ثالث عشريه فوض للقاضي محي الدين الأخنائي رابع عشريه فوض للقاضي شهاب الدين الحمصي سابع عشريه خطب القاضي الشافعي بالجامع الأموي وحضر معه المالكي والحنفي دون الحنبلي ثامن عشريه وصل الخبر بموت الشيخ شمس الدين محمد الشافعي بمصر أحد رؤوس الشافعية وبموت الشيخ بهاء الدين المشهدي الشافعي أيضا
وفيه توفي جانبك أحد مقدمي الألوف وأمير الحاج من مدة سنتين وفيه سافر سالم المشرفي الصيرفي أحد العوانية المناحيس من جماعة النابلسي
رمضان مستهله الثلاثاء وصل القاضي الشافعي إلى دمشق من السفر ثامنه سافر إلى مصر ومعه شهاب الدين المالكي والشيخ علاء الدين بن سالم وولده بهاء الدين ولحقهم بهاء الدين الباعوني
ثاني عشره توفي شخص عجمي فرتبوا جماعة القاضي الشافعي
____________________
(1/96)
ابن مزلق صورة وصية أنه أوصى للمرستان بثلث ماله وأنه مات بالمرستان وظهر للناس أن هذا لا حقيقة له فحضر الشيخ محب الدين بالجامع الأموي والقاضي محب الدين بن قاضي عجلون وخلائق من الفقهاء والفقراء وأرسلوا إليه فصمم أن هذا ثابت وكان قائما بأعباء هذا الأمر فخر بن حسين الدلال وذكر شهود القضية أنه كلمهم بلسان العرب وشهد خلائق من شيعته وغيرهم أنه لا يعرف شيئا من لسان العرب
والحاصل أنهم شنعوا على القاضي الشافعي تشنيعا كبيرا وأثر ذلك في أمره كما سيأتي سابع عشريه وصل القاضي الشهابي بن الفوفور إلى مصر ونزل بالقرافة بتربة السلطان ولاقاه جماعة من أركان الدولة ثامن عشريه طلع إلى السلطان وألبسه كاملية ونزل ببيت الدوادار الكبير
شوال سنة 889 هـ مستهله الخميس ليلة مستهله توفي الشيخ العلامة الفقيه الأصولي بهاء الدين محمد الحواري الشافعي لازم الإشتغال مع شيخ الشافعية تقي الدين بن قاضي شهبة ثم لازم خلفه ولده الشيخ بدر الدين إلى أن توفي وقرأ على الشيخ شمس الدين البلاطنسي والقاضي تقي الدين الأذرعي ثم إنجمع عن الناس بمنزله بالقبيبات قبال جامع كريم الدين صنف كتابا في الفقه مختصرا وكان دائم البشر حسن المعاشرة متصديا لنفع المسلمين إفتاء وتدريسا وإصلاح ذات البين ودفن قريبا من قبر الشيخ تقي الدين الحصني وكان ذكره في أثناء مرضه مات ليلة عيد الفطر
وفيه خطب بالجامع الأموي القاضي الشافعي شمس الدين بن مزلق وفيه فوض نيابة الحكم للقاضي محب الدين القدسي وللقاضي فخر الدين
____________________
(1/97)
عثمان الحموي فصار الآن ستة نواب ثم فوض للقاضي شهاب الدين العزازي فصاروا سبعة
ثامنه التقى عسكر هذه البلاد مع عسكر علي دولات ومع عسكره جماعة من عساكر سلطان الروم وفيهم نائب طوغات ونائب سيواس ونائب المصيصة وقتل من عسكر هذه البلاد نائبا حلب وفقد نائب طرابلس ونائب صفد فتراجع عسكرنا عليهم فكثروا أولئك بجماعة الروم وغلبوا فرقنا وإلتحم القتال بينهم مرتين إحداهما في حادي عشر رمضان والأخرى في خامس عشريه ثم هذا اليوم وآخر من ثبت نائب الشام ودوادار السلطان بدمشق مع المماليك السلطانية
سابع عشره سافر الحاج الشامي إلى الحجاز وأميرهم علاء الدين بن شاهين نائب قلعة دمشق وحج السنة القاضي رضي الدين الغزي الشافعي بقصد المجاورة وحج أيضا شهاب الدين أحمد العنبري من أعيان الطلبة الشافعية وهو القاضي في الركب وتوجه السيد علاء الدين بن نقيب الأشراف الحسني وعماد الدين إسماعيل النحاس من طلبة الشافعية
ذو القعدة مستهله السبت عزل القاضي الشافعي نائبه فخر الدين الحموي لأمر وقع منه دال على فساد تصرفه وعدم محافظته على دينه وإعتذر القاضي بأنه ما كان فوض إليه إلا لأن القاضي محب الدين بن القصيف حلف عليه ثم بعد أيام يسيرة أخذ منه مبلغا جيدا وأعاده
____________________
(1/98)
تاسعه وصل من مصر شهاب الدين بن النحاس المالكي وعلى يده مرسوم أن يتحدث على جهات نظر الجيش وجهات القاضي شهاب الدين ابن فرفور نيابة عنه وسلم عليه مستخلفه القاضي شهاب الدين المريني المالكي عاشره عزله ومنعه من مباشرة نيابة الحكم وكثر الكلام في ذلك
ذو الحجة مستهله الأحد عاشره يوم النحر خطب بالجامع الأموي القاضي الشافعي ابن المزلق ووصل الخبر بموت عبد الباسط بن الجيعان بمصر وبموت القاضي الشيخ العلامة فخر الدين أبو بكر بن الخطيب قاضي جدة ومدرس الحرم الشريف بمكة وهو أخو قاضيها شهاب الدين العالم الكبير كان متضلعا في العلوم العقلية والنقلية ملازما للتدريس والإفتاء والتصنيف إجتمعت به سنة سبعين وثمانماية بمكة وكان أعجوبة في نقله وفهمه
خامس عشريه توفي الشيخ القدوة المسلك المربي محب الدين محمد بن الحصني وهو ابن أخي الشيخ ولي الله تقي الدين بن الحصني الحسيني كان الشيخ محب الدين هذا ملازما لزاويته بالشاغور المعروفة بالترابية ويربي الفقراء ويقرئهم القرآن والفقه ملازما للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإغاثة الملهوفين وخذلان الظالمين جاوز الستين وصلي عليه بجامع المزاز بالشاغور تقدم ولده الشيخ شمس الدين ثم صلي عليه بالمصلى تقدم محب الدين بن قاضي عجلون وكانت جنازته حافلة من الخاص والعام وأجمع الكل على ألثناء عليه وما خلف مثله
____________________
(1/99)
ودفن بجانب عمه الشيخ تقي الدين بالمقبرة فوق جامع كريم الدين بالقبيبات رحمه الله تعالى
ثامن عشريه توفي القاضي شهاب الدين أحمد البقاعي الحنفي كان له إستحضار وذهن لا بأس به قرأ على الشيخ قاسم الحنفي وغيره بدمشق وولي نيابة الحكم وناب في وقف الحرمين وما حمدت سيرته في شيء من ذلك أخبرني القاضي علاء الدين الجمعة ابن الحنفي أنه باع بمباشرته نحو عشرين جهة من وقف الحرمين وفي آخر عمره تعلق بعلم الطب ودرس فيه بجامع يلبغا كل سبت وثلاثاء ثم تزوج في رمضان من هذه السنة بإمرأة ثانية فأعقبه مرض في معدته في آخر عمره قال إن هذا سببه شيء فعلته إحدى الزوجتين فطلقهما ودفن بمقبرة باب الفراديس رحمه الله تعالى
____________________
(1/100)
سنة تسعين وثمان ماية
إستهلت والخليفة المتوكل على الله عبد العزيز العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي والأتابكي أزبك الظاهري ونائب الشام قجماس الظاهري والقضاة شمس الدين بن المزلق الشافعي وعماد الدين إسماعيل الناصري الحنفي وشهاب الدين أحمد المريني المالكي ونجم الدين بن مفلح الحنبلي
المحرم مستهله الثلاثاء فيه وصل نائب الشام من حلب ومعه يلباي دوادار السلطان وهو الذي ثبت معه في الوقعة وسودون الطويل ونقيب العسكر باق في حلب وتحرر أن عسكر الروم متفقين مع علي دولات حادي عشره الجمعة إجتمع الفقراء الناهون عن المنكر بالجامع الأموي بسبب أن شخصا أمسك فرخ حشيش من كم السلاخوري وحرقه فقال له إدفع ثمنه فاستغاث الناس بالجامع
____________________
(1/101)
الأموي عقب الصلاة فلما سمع القاضي الشافعي خرج من الجامع عقب صلاة الجمعة وكان قال قبل الصلاة هذا ما يتعلق بي فلما بلغ النائب ضرب السلاخوري ضربا مبرحا ونادى بإبطال المحرمات وأظهروا الحرمة للفقراء والشرفاء صفر في أوائله حضر الأمير جانبك حبيب بدمشق متوجها إلى سلطان الروم قاصدا للخليفة والسلطان أركان الدولة بسبب الإصلاح بين الفريقين
ربيع الأول مستهله الخميس لبس يلباي خلعة بالحجوبية الكبرى
سادس عشره توجه سيباي الظاهري إلى كفالته بحماه بعد أن عزل من حجوبية دمشق وباشر الحجوبية مباشرة وكثرت الأراجيف بتحرك العدو من جهة علي دولات وإستيلائهم على مواضع من تعلق هذه المملكة
ربيع الآخر مستهله السبت ثامنه خرج النائب إلى المسطبة بوطاق برزة متوجها إلى حلب
وفيه أعاد بداغ الغادري إلى قلعة دمشق بعد أن كان أطلقه من مدة خمسة عشر يوما وسبب عوده وصول إنكار عليه من العساكر المقيمين بحلب رابع عشره وصل من مصر برسباي قرا الظاهري ومعه عسكر يسير على الهجن ونزل بإسطبل النيابة له عن القاهرة عشرة أيام وكثر اللغط في أمره ثم إنكشف الحال عن أن السلطان أرسله على هذه الكيفية لإعادة بداغ إلى القلعة فرآه فيها
سادس عشره تواصلت العساكر التي مع برسباي قرا رابع عشره عزل القاضي محب الدين بن غازي نفسه من نيابة الحكم بسبب أن
____________________
(1/102)
القاضي الشافعي أرسل نقيبه إلى نوابه أجمع أن القاضي شرب شربة أرسلوا له هدية
جمادى الأولى مستهله الأحد توجه برسباي قرا الظاهري وتنبك الجمالي والعساكر إلى حلب خامس عشره جاء الخبر بموت القاضي قطب الدين محمد الأذرعي موقع النائب توفي بحلب وكان مباشر نيابة كتابة السر وكان عنده فضيلة ونظم ونثر وعبادة وتلاوة وأوراد وكان من بطانة الخير عند هؤلاء
ثامن عشره لما بيع تركته بدكان ابن الجيعان إشترى القاضي الشافعي منها كاملية بفرو وسمور فغير سمورها وخيط بدله وردها عليهم فجمعوا أهل الأسواق الذين كانوا حاضرين بيع التركة وشهدوا أن هذا غير ذلك فكتبوا عليهم محضرا به وكتب رسالة لابن حجي الأصم يعتذر عن ذلك
وفيه تخاصم الشيخ أبو الفضل الصفدي مع القاضي ابن القصيف وفخر الدين الحموي بسبب صيد لخادمه وأساء الحموي
ثاني عشره تولى قضاء الشافعية شهاب الدين الفرفور عوضا عن ابن المزلق وكتابة السر بدمشق ابن المزلق عوضا عن القاضي نجم الدين الخيضري
سادس عشره وصل الخبر بالتولية والعزل
ثامن عشره وصل القاضي بهاء الدين الباعوني وعلى يديه مراسيم بإستمرار القاضي محب الدين بن قاضي عجلون خطيبا ومتكلما في القضاء نيابة عن القاضي الشافعي ابن الفرفوري
____________________
(1/103)
وفيه وصل واحد من فتيان القاضي أبي البقاء بن الجيعان بخلعة لإبن المزلق بكتابة السر فلم يلبسها وإستمهل وفيه وصلت كتب للقاضي برهان الدين بن المعتمد والقاضي محي الدين الأخنائي والقاضي شهاب الدين الرملي والقاضي سراج بنيابة الحكم رابع عشريه خطب بالجامع القاضي محب الدين بن قاضي عجلون
جمادى الأخرى قويت الفتنة بين أهل القبيبات الفوقاني والتحتاني وتوجه إليهم القضاة ونائب القلعة ونائب الغيبة وإجتمع معهم الشيخ إبراهيم التاجر وغيره من الفقهاء والفقراء وحط الحال على الصلح بعد قتل من الجانبين ونهب بيوت وجراحات كثيرة
سادس عشريه وصل الخبر بإستمرار القاضي موفق الدين العباسي في كتابة السر بدمشق بعد أن أجيب ابن مزلق إلى الإستعفاء
رجب مستهله الأربعاء عشريه وصل القاضي الشافعي ابن الفرفور ولبس الخلعة وقرئ توقيعه بالجامع الأموي
شعبان مستهله الجمعة ثامن عشره فوض القاضي الشافعي للقاضي شهاب الدين العزازي ثاني عشريه فوض للقاضي شهاب الدين الحمصي
شهر رمضان مستهله السبت شهد به خلائق مع قول شيخ المؤقتة بدمشق شمس الدين أن مكثه على ثلاث درج لا تمكن رؤيته ثاني عشره فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم للقاضي تقي الدين بن قاضي زرع وفيه توفي الشيخ أبو البركات ابن أخي قاضي القضاة سالم الزواوي كان من طلبة العلم المالكية جاوز الستين حافظا للقرآن يكثر التلاوة وأضر في آخر عمره وكان ممن سلم المسلمون من لسانه ويده وصلي عليه بالجامع الأموي وفيه توفي محمد الحنفي كان يقف بأبواب القضاة وكيلا وكان ممن يلازم أذى الناس فائدة يقول الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة كما رأيته بخطه عن الحافظ الذهبي ذكر ترجمة بعض الوكلاء بباب القاضي
____________________
(1/104)
فقال إنه كان يصرف الحق عن مستحقه ثم قال ابن قاضي شهبة إن وضع وكلاء بباب القاضي يصرفون الحق عن مستحقه إنتهى وهذا بإعتبار الأغلب
سابع عشريه وصل من مصر الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون فأعقبه توعك برئ منه في ذي القعدة
خامس عشريه وصل الخبر بأن العسكر في مصر تهيأ للمجيء عقب عيد الفطر في أربعة آلاف من المماليك السلطانية وأنه يتوجه الأتابكي أزبك الظاهري وقانصوه خمسمائة أمير آخور وتنبك قرا وقانصوه الشامي وغيرهم من الأمراء وفيه وصل الخبر برجوع قاصد السلطان إلى سلطان الروم مكرما وأنه حصل له بعد شدة إقبال عليه وجاء معه قاصد من سلطان الروم وعلى يده هدايا وإستبشر الناس بذلك
شوال مستهله الإثنين خامسه خطب بالجامع القاضي الشافعي وتواصلت العساكر خامس عشره خرج الحاج الشامي وأميرهم علاء الدين ابن شاهين نائب القلعة والحاج كثير جدا في هذه السنة من جميع البلاد وحج قاضي القضاة شهاب الدين بن عبادة الحنبلي والخواجا محمد عيسى القاري وابن أخيه والسيد قاسم نقيب القاضي المالكي وشمس الدين بن كامل وحج في هذه السنة الولد جلال الدين محمد وهو قاضي الركب ثالث عشريه وصل الأمير جانبك حبيب إلى دمشق لابسا خلعة ابن عثمان
____________________
(1/105)
خامس عشريه وصل الكافل قجماس من حلب وصحبته جانبك دوادار السلطان وسودون الطويل أحد الأمراء بدمشق وأخبروا بأخبار حسنة
ثامن عشريه وصل من مصر تنبك قرا وقانصوه خمسمائة أمير آخور كبير ومعهم جماعة من الأمراء والعساكر
ذو القعدة مستهله الأربعاء فيه دخل أزبك الأتابكي من مصر ونزل بالمسطبة ومعه العساكر الذين تقدم ذكرهم وتواصلت الأمطار ليلا ونهارا تاسعه توجه من المسطبة ومن معه من المماليك السلطانية وغيرهم ثالث عشره وصل مرسوم بأن عماد الدين الناصري قاضي الحنفية أنهي عنه ما يفعله من أكل مال الأوقاف وبيع الأوقاف على غير وجهها وكثرة المفاسد التي ببابه وأن يرسم عليه وعلى جماعته بهاء الدين الحجي وابن بهاء الدين نقيبه وشمس الدين بن الشيخ عيسى وشمس الدين الزهري وإياس عتيق أستاذه ومشد يبرود والسامري ديوانه وأن يوضعوا بسجن القلعة وجاء مع المرسوم مملوك وصحبته علي الأكشر وهو يقر بعظائم فتضامنوا وطلعوا تاسع عشره شرعوا في حضور الشامية البرانية وبقية المدارس ولهم سنين لم يحضروا خامس عشريه رفع القاضي الحنفي إلى القلعة وابن بهاء الدين والباقي وكان أرسل قاصده عباس إلى مصر
ذو الحجة مستهله الجمعة وأهل صفد وطرابلس وبعلبك بنوا على الخميس يوم النحر صلى بالجامع الأموي القاضي الشافعي وخطب وصلى النائب بالمقصورة بين المنبر وخزانة الربعة وألبس القاضي خلعة
____________________
(1/106)
وفيه فوض القاضي الشافعي للقاضي محب الدين بن غازي القدسي وقبله لفخر عثمان الحموي فكمل له بذلك عشر نواب القاضي شهاب الدين بن العميد وابن الصيرفي والأخنائي والرملي وابن غازي والعزازي والحمصي والحموي والباعوني وابن قاضي زرع
وفيه وقعت قضية عبد القادر الذي يضرب الزغل وهرب فلم يدر أين ذهب وحصل بسبب ذلك قلقلة وعم ضرره
____________________
(1/107)
سنة إحدى وتسعين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المتوكل على الله عبد العزيز بن يعقوب العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي الظاهري والأتابكي أزبك الظاهري ونائب الشام قجماس الظاهري والقضاة شهاب الدين الفرفوري الشافعي وبيده الخطابة بالجامع ومشيخة الشيوخ ونظر المرستان والحرمين وعماد الدين الناصري الحنفي وهو الآن بالقلعة وشهاب الدين المريني المالكي ونجم الدين بن عمر بن عمر بن مفلح الحنبلي ونواب الشافعي العشرة الذين قدمناهم
المحرم إستهل وفي كانون الثاني نحو عشرة أيام وللمطر نحو أربعين يوما منقطع مستهله السبت رابعه أطلق الحنفي من القلعة والجماعة الذين كانوا معه بمرسوم سعى فيه عباس الحنفي
وفيه جاء المكناسي علي ومعه محمد بن أخي شعيب وجماعة إلى الغزالية بالجامع الأموي وأقاموا الشيخ عبد النبي المالكي وجماعته وقالوا إن القاضي الشافعي أمرنا بذلك وأن يدرس المكناسي هنا وإختبط
____________________
(1/108)
الناس لذلك فإن الشيخ عبد النبي من أهل العلم والدين موثوق به
وفيه طلب القاضي المالكي من طلبة العلم المالكية إلى مجلس القاضي الشافعي وضربوه وأهانوه بمجلسه ونسب إليه أنه ضرب المكناسي في اليوم المتقدم وشالوا رجليه ليضربوه فشفع فيه وأطلق
وفيه توجه شعيب وشخص يقال له البنيني إلى القاضي المالكي المريني وقالوا له أجب القاضي الشافعي فإن عليك دعاوى أوكل من يسمعها وجذبه شعيب من كمه ووقع خبطة
وفيه مسك شخص شراقي قيل إنه يضرب الزغل وأحضر عند الحاجب وضرب وكتبت رقعته ثم أخذ إلى القلعة وأصل هذا الزغل شخص يسمى عبد القادر المصري كان عند الشيخ الموصلي فتغيب عند وقوع الحكاية
سادس عشره وصل شمس الدين محمد بن خطيب الثابتية ورفقته كانوا توجهوا إلى القدس الشريف وكان صحبتهم الشيخ محمود الموصلي مات بالمنية في هذا الشهر ثالث عشره ودفن هناك وبنوا على قبره بناء هو معروف هناك قريب الخان كان ملازما للذكر له جماعة يجتمعون معه على الأوراد والأذكار رحمه الله تعالى وكان بعض مشايخنا ينسبه إلى إعتقاد ابن عربي وقد خالطته سنين فما ظهر لي شيء من ذلك
خامس عشره سافر الشيخ عيسى العرابي إلى مصر ومعه رفيقاه اللذين كذب عليهما عبد القادر المصري
____________________
(1/109)
سلخه وصل الحاج الشامي وكانت سنة مباركة لكن حصل لهم في الرجعة بعض غلاء وموت جمال ووصل معهم القاضي رضي الدين الغزي وفوض إليه القاضي الشافعي نيابة الحكم فكملوا أحد عشر نائبا
صفر مستهله الإثنين فيه تتابعت الأمطار
سادسه دخل خاصكي يسمى ماماي بسبب إستخلاص الأموال التي للسلطان عند مباشريه وغيرهم ووضع القاضي صلاح الدين العدوي وكيل السلطان بجامع القلعة ثاني عشره خطب بالجامع الأموي نيابة سراج الدين الصيرفي وإنقطع محب الدين بن قاضي عجلون
وفيه أحضر فواز الحاوي وشنق وكان كبير قطاع الطرق في ناحيته
وفيه إنتقل القاضي الشافعي إلى بيت شهاب الدين النحاس المالكي بأهله وعياله وإستمر إلى عشري رجب بسبب عمارة منزله ونزل ماماي عند القاضي الشافعي ليلة رابع عشره كسف القمر طلع مكسوفا وإستمر بعد العشاء نحو عشرين درجة
ربيع الأول مستهله الأربعاء ثالثه وقع قلقلة بالجامع الأموي وإستغاث الناس بسبب القمح الذي طرحه المحتسب ثلاثمائة وستين غرارة سعر ثلاثمائة الغرارة ثمنها مايتان
وفيه وصلت الأخبار بنصرة عسكر هذه البلاد على عسكر سلطان الروم وكانت الوقعة قريبا من قلعة أدنه أول هذا الشهر ومسكوا قائدا لإبن عثمان يسمى هرسك مع خلائق من أمرائه هذا وعسكر الروم كان فوق
____________________
(1/110)
أربعين ألفا وهذا بعد أن سأل عسكرنا الصلح فأبى أولئك ثم وصل إلى دمشق مئات في الزناجير ومئات من الرؤوس وزينوا دمشق من ثاني عشريه إلى سلخه وحصل بالزينة مفاسد ومنكر لا يحصى ثاني عشريه أطلق ابن العدوي من القلعة بعد أن أورد عشرة آلاف دينار مما عنده وأعطى الخاصكي ألفا وقال لي إن مصروفه في هذه الواقعة نحو خمسة عشر ألفا
ربيع الآخر مستهله الخميس ولد الولد عبد الوهاب تاج الدين شقيق حسن ثامنه أعيد الحنفي إلى القلعة ليكمل ستة آلاف دينار أو يذهب إلى مصر صحبة الخاصكي ماماي
ثاني عشريه توفي القاضي محب الدين بن القاضي شهاب بن إبراهيم ابن قضي عجلون وصلي عليه بجامع التوبة يوم الجمعة ثالث عشريه وتقدم للصلاة ابن عمه الشيخ القدوة تقي الدين وكانت جنازته حافلة وأثنوا عليه خيرا ودفن بمقبرة باب الصغير عند والده وجماعة بيتهم قريب قبر سيدي بلال الحبشي ناب في الحكم في أيام قاضي القضاة جمال الدين الباعوني وبعده ثم ترك ذلك أياما يسيرة وناب في الخطابة في الجامع الأموي من نحو أربعين سنة وكانت خطابته على الطلاوة وكذلك قراءته في المحراب وكان عنده بشر وإحسان لطلبة العلم وغيرهم وترك ولدا ذكرا إسمه تاج الدين عبد الوهاب نزل عن وظائفه بعضها لولده وبعضها للسيد القدوة كمال الدين حمزة الحسيني زوج إبنته الباقية وأسند وصيته إليه وضبطوا تركته بحضور واحد من جماعة الخاصكي وختم على موجوده للمشاورة
تاسع عشريه توفيت زوجة القاضي محب الدين المرحوم أم
____________________
(1/111)
أولاده فصلي عليها بجامع التوبة ودفنت بمقبرة باب الفراديس وأسندت وصيتها إلى السيد كمال الدين وخلفت بنتا وأمها وابن عم لها من قرية منين
جمادى الأولى مستهله السبت عشريه دخل نائب الشام إلى دمشق قجماس الظاهري من حلب وصحبته أمراء دمشق والحاجب الكبير وتواردت الأخبار أن سلطان الروم متحرك لإرسال عسكر آخر فتهيأ جماعة هذه البلاد أيضا رابع عشريه سافر ماماي الخاصكي وصحبته القاضي الحنفي والقاضي العدوي وكيل السلطان وشهاب الدين أحمد بن صبح المشرفي
جمادى الأخرى مستهله الأحد فيه توجه الكافل إلى المصلى ومعه القضاة الثلاثة وقرأوا كتاب أزبك الظاهري الوارد من حلب إلى الأتابكي يذكر تحرك ابن عثمان ويحث على النهضة وأن غالب عسكره في هذه المرة كفار وترك لهم الجزية ثلاث سنين ففرقوا الأموال على التجار وغيرهم لأجل المشاة وشرعوا في إستخلاص الأموال وحضر معهم في هذا اليوم بدار النيابة الشيخ القدوة تقي الدين بن قاضي عجلون وتوسع مباشروه في جمع الأموال وأخسروا الفقراء والأرامل سادسه اجتمع أهل ميدان الحصا وغيرهم بالجامع الأموي وأحضروا الأعلام والمصاحف وصعدوا المنارات وأسطحة الجامع يكبرون ويستغيثون فجاء القاضي الشافعي ومعه كاتب السر إلى باب الجامع والمنادي ينادي أن الجباية بطالة وأن النائب رفع ذلك عنهم ثم توجهوا إلى بيت محب الدين السلمي كاتب الخزانة فردوا
____________________
(1/112)
العوام عنه بعد أن كادوا يحرقونه وهو ساكن في بيت إبراهيم الترجمان داخل باب توما
ثامنه جاء مرسوم بأن السلطان كان قد وقع عن الفرس وأيس منه ثم عافاه الله تعالى وفيه الحث على لم دراهم المشاة من القضاة والتجار ومن أصحاب الأقاطيع والأرزاق والأوقاف على الإهتمام أيضا وأن ابن عثمان إستعان بالكفار وأن هذا صار جهادا في سبيل الله تعالى فأخذوا في لم الدراهم ونودي أن أكابر الحارات من شكي عليه يضرب فليلموا برفق آخره سافر النائب إلى حلب ثم قدم نائب غزة ومعه خلائق من المشاة بالعدد الكاملة والثناء عنه جميل ثم قدم يشبك الجمالي الزردكاش ونعم الرجل هو ثم توجهوا إلى حلب بعد ثلاثة أيام
رجب
شعبان مستهله الثلاثاء عاشره توفي الشيخ العلامة القاضي علاء الدين بن سالم بن خليل الشافعي من فضلاء الشافعية نشأ على خير ودين وإشتغال بالعلم شارك في الفقه وبرع في العربية وكان ساكنا حسن السمت وكان عاهد الله من صغره أن لا يعمل شاهدا ولا قاضيا قال لي القاضي الشافعي جادلته في أن أفوض إليه مرات فلم يرض صلي عليه بالجامع الأموي عقب صلاة الجمعة وكانت جنازته حافلة وأثني عليه خير ودفن بمقبرة الحمرية قريبا من قبر الشيخ علي بن أيوب توفي في عشر الستين
____________________
(1/113)
سادس عشريه سافر إلى البقاع وبلاده القاضي الشافعي وأقام مقامه القاضي سراج الدين الصيرفي يجلس بالشريفية جوار بيت القاضي كل يوم
رمضان مستهله الخميس رابعه توفي التاجر علي بن الملاح بقبر عاتكة حادي عشريه توفي علاء الدين بن شاهين نائب القلعة بدمشق وصلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة باب الصغير ناهز السبعين كان عنده رفق ومداراة
شوال مستهله الجمعة شهد برؤيته جماعة من الشاغور وأدوا على القاضي الأخنائي سابعه لبس خلعة الأمير جان بلاط عتيق بردبك نائب الشام أن يكون أمير الحاج في هذا العام وإستخدم جماعة جانبك الذي كان يخرج أمير الحاج
ثانيه وصل من السفر القاضي الشافعي من بيروت وتمت عمارته التي عمرها بمنزله والحمام الذي داخل بيته
سادسه وصل نائب الشام قجماس الظاهري من حلب وقت العشاء ووصل معه الحاجب الكبير يلباي وسودون الطويل وتواترت الأخبار بحصول الصلح بين علي دولات وأهل هذه المملكة وأنه أطاع وضرب النقد بإسم السلطان الأشرف قايتباي وخطب بإسمه وزوجوا ابن أزبك أمير كبير بإبنته في يوم الصلح وكتب الكتاب في المجلس الذي حلف فيه وتراجعت العساكر من ناحية حلب متوجهين إلى مصر على وجه جميل دالا على طي بساط الشر والحمد لله
____________________
(1/114)
ثامن عشره سافر الحاج الشامي وأميرهم جان بلاط كما عرفت وحج في هذه السنة القاضي نجم الدين الخيضري والشيخ أبو الفضل الصفدي الشافعي وأن الحاج قليلا وما جاء أحد من الروم وكان الحاج من حلب أكثر ممن ذهب من دمشق وقاضي الركب شهاب الدين أحمد بن الصاحب الذي كان نقيب القاضي الشافعي قطب الدين رحمه الله
خامس عشريه وصل الأتابكي أزبك الظاهري من حلب ونزل بالقبة فوق مسجد القدم ودخل معه الأمراء من جماعة سلطان الروم في الحديد وخلائق من عساكر ابن عثمان في الحديد أيضا ودخل معه ابن علي دولات الغادري وجماعته بلا ترسيم ودخل معه من أمراء مصر تنبك قرا الظاهري وبرسباي قرا الظاهري ويشبك الجمالي وتنبك الجمالي وقانصوه خمسمائة وتغري بردي والأمير تمراز قريب السلطان وركب معهم النائب وسكنت الأمور بحمد الله
ذو القعدة مستهله الأحد توجه الأتابكي الباش والأمراء وفيه توفي الشيخ المبارك القدوة علاء الدين علي البزوري المجاور للشامية كان ملازما للتلاوة مع التدبر وكانت أوقاته كلها مشغولة بالعبادة تلاوة وذكرا وعملا وما كان له نظير تربى على يد الشيخ عمر بن الشيخ خليل ولازمه سنين كثيرة بالجامع الأموي ودفن بمقبرة الحمرية بالقرب من قبر الشيخ علي ابن المذكور ولي الله تلميذ الموصلي نفع الله ببركتهم
ثاني عشره وصل الخبر أن أمين الدين محمد الحسباني الحنفي ولي كتابة السر بدمشق ووصل مرسوم بذلك عوضا عن القاضي موفق الدين العباسي وأنه بذل خمسة آلاف دينار خارجا عن ألف أخرى وأخبروا
____________________
(1/115)
بحصول غلاء في مصر وأن الخبز الأوقية الشامية بنصف درهم شامي واللحم الرطل الشامي بثلاثة عشر درهما شامية
تاسع عشره ولي القاضي زين الدين عبد الرحمن الحسباني والد من تقدم ذكره قضاء الحنفية بدمشق عوضا عن عماد الدين الناصري بأربعة عشر ألف دينار والمفصل مستمر في الترسيم بمصر ويقال إنه ضرب ووصل مرسوم بأن محمد شاهين ولي نيابة القلعة عوضا عن أبيه
وفيه وصل القاضي صلاح الدين العدوي من مصر مستمرا وكيلا وأضيف إليه جهات للذخيرة وقال لي عبد القادر قريبه إنه إستدان في هذه السفرة ثمانية وعشرين ألف دينار
ذو الحجة مستهله الثلاثاء يوم العيد صلى النائب بالمصلى وخطب القاضي الشافعي به وحضر المالكي والحنبلي وأركان الدولة على العادة
رابع عشره وصل مرسوم الحسباني الحنفي ولم يفوض لأحد خامس عشريه صلي بالجامع الأموي على القاضي شيخ الإسلام شهاب الدين قاضي مكة وعالمها ورئيسها كان فردا علما وفصاحة وشجاعة وكان من الشهامة على وجه لا يزال سلطان مكة في خدمته وتحت أمره
____________________
(1/116)
سنة إثنتين وتسعين وثمان مائة
إستهلت والخليفة المتوكل على الله عبد العزيز العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي الظاهري والأتابكي أزبك الظاهري ونائب الشام قجماس الظاهري والقضاة شهاب الدين الفرفوري الشافعي ومعه نظر الجيش وزين الدين الحسباني الحنفي هو الآن بمصر وشهاب الدين أحمد المريني المالكي ونجم الدين عمر بن مفلح الحنبلي وكاتب السر أمين الدين الحسباني ونواب الشافعي من تقدم ذكرهم أحد عشر نائبا
المحرم مستهله الخميس فيه وصل الخبر بأن أمين الدين محمد الحسباني الذي تولى كتابة السر ضرب بحضرة السلطان بسبب عدم دفعه المبلغ الذي شرط عليه وعتب والده ووضع الولد في الترسيم عند الدوادار الكبير
صفر مستهله الجمعة رابع عشره قبل الفجر كسف القمر وإستمر مكسوفا إلى طلوع الشمس ثامن عشره وصل الأمير ابن هرسك من القاهرة متوجها إلى أستاذه سلطان الروم أطلقه السلطان وأكرمه ودخل دمشق مكرما
____________________
(1/117)
ومعه النائب والقضاة والأمراء وأعيان الناس والعامة ووقع ثلج كثير يومئذ ونزل بالإسطبل قبالة دار النيابة
خامس عشريه سافر إلى بلاد الروم بعد إكرام عظيم حصل له من النائب وغيره خامس عشريه فوض القاضي المالكي نيابة الحكم لإبن النحاس شهاب الدين بشفاعة النائب وكان له مدة معزولا
وفيه تولى إينال الخسيف الحجوبية الكبرى بدمشق عوضا عن يلباي وتولى يلباي نيابة صفد وجاء الخبر بأن شهاب الدين بن بري نقل من الترسيم في بيت الوالي إلى بعض الخدام بالقلعة وله ثلاث سنين
ربيع الأول مستهله الأحد جاء الخبر بعزل ابن الحسباني من كتابة السر وأطلق من الترسيم بعد غرامة جليلة ووالده معوق بسبب تتمة المبلغ الذي عليه من جهة قضاء الحنفية وعماد الدين الحنفي المنفصل في بيت الوالي بسبب المال الذي عليه
ربيع الآخر مستهله الثلاثاء وصل إينال الخسيف من عند السلطان إلى دمشق متوليا الحجوبية الكبرى وذهب يلباي إلى صفد
جمادى الأولى مستهله الأربعاء ثاني عشره فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم لشهاب الدين أحمد بن الصاحب مباشر المرستان
وفيه فوض القاضي الشافعي لمحب الدين الناصري أخي عماد
____________________
(1/118)
الدين الحنفي ليحكم على مذهب أبي حنيفة بإشارة الكافل
وفيه منع النائب كمال الدين بن سلطان الحنفي من الحكم ثم بعد أيام رضي وأذن له ثالث عشره وصل الحاجب الثاني تنم من عند السلطان
جمادى الآخرة مستهله الجمعة ثاني عشره فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم للقاضي عفيف الدين سعد بن محمد الغزي الشافعي له طلب علم لكن لا إلى هنا في عشريه وصل الخبر بتولية أحد الأمراء المقدمين بدمشق يسمى بردبك إمرية الحاج وإستعفى ولم يلبس الخلعة وراجع في القضية وكتب معه الكافل ووصل محمد بن شكر متوليا نقابة القلعة عوضا عن أيدكي وإستمر أيدكي بمصر
رجب مستهله الأحد سابع عشره فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم لمحب الدين محمد أيوب ثامن عشره جاء الخبر بعزل القاضي الشافعي عن نظر الجيش وبعزل الترجمان وتولية عبد القادر الغزي نظر الجيش الذي هو الآن ناظر الجوالي وتولية بدر الدين بن أخي القاضي الشافعي نظر الجوالي وفيه ضرب الحاجب الكبير إينال الخسيف شمس الدين الغزي من طلبة الشافعية بسبب مدرسة تغري ورمش وضرب
____________________
(1/119)
أيضا نجم الدين محمد بن القاضي شمس الدين بن مزلق ورسم عليه
رمضان مستهله الإثنين فيه وصل الأمير جان بلاط الأشرفي ونزل بالقصر بالميدان ومعه ديوان عبد القادر القصروي من جهة ابن الجيعان ومعه مرسوم بالتحرير على الأوقاف فوضعوا على الأوقاف أربعة آلاف دينار فرضوها بالمدرسة البادرائية بحضور القضاة الثلاثة والشيخ تقي الدين ثم بعد ذلك زاد المبلغ نحو الألف
عشريه حضر جان بلاط بالإسطبل عند الباب بسبب الحساب بين القاضي الشافعي والفرنج ولم يتحرر شيء ثاني عشريه سافر الأمير جان بلاط إلى حلب سادس عشريه وصل الخبر بتولية القاضي بدر الدين بن أخي القاضي الشافعي كتابة السر وأعيد نظر الجوالي إلى عبد القادر الغزي مضافا إلى نظر الجيش وهذا على خطه
شوال مستهله الأربعاء ثانيه توفي نائب الشام قجماس الظاهري ودفن بتربته التي أنشأها بجوار دار النيابة سابعه في ليله هرب بداغ الغادري من القلعة دلى نفسه بحبل من شراريف القلعة وهو أخو سوار وله نحو سبعة سنين محبوس بالقلعة وواطأه على ذلك الحارس من ناحية باب الحديد وحصل لأهل القلعة إضطراب تاسعه وصل كتاب من الأمير جان بلاط إلى حاجب الحجاب أن يرفع محب الدين الأسلمي
____________________
(1/120)
كاتب خزانة النائب وعبد اللطيف ديوانه إلى القلعة فرفعا وغيب السيد الموقع وأما دوادار النائب وجماعته فقعدوا بالتربة وإمتنعوا من الذهاب إلى القلعة عاشره وضعوا محمد شاهين نائب القلعة ومحمد بن شكر نقيب القلعة في جامع القلعة مرسما عليهما بسبب بداغ
سادس عشره حضر عبد بداغ وواحد من خدمه مرسما عليهما قبضوا عليهما بحمص وضربا فأقرا أنه لما خرج من القلعة أقام عند قراكز بسويقة ساروجا يومين ثم ذهب فأحضر قراكز ورفعوه إلى القلعة بعد أن إحتاطوا على موجوده
رابع عشره توفي عبد القادر الغزي ناظر الجيش بدمشق
خامس عشره مات عبد القادر بن الكاتب ترجمان السلطان
سابع عشريه وصل قانصوه الألفي دوادار السلطان الثاني بمصر بسبب ضبط تركة الكافل ونزل بدار النيابة
ذو القعدة مستهله الجمعة
____________________
(1/121)
رسم قانصوه الألفي على القاضي الشافعي بدار النيابة ثم أطلقه في اليوم التالي وقيل على عشرة آلاف دينار خارجا عن ألف دينار بسبب قتل خير بك ببلده
خامس عشريه سافر القاضي رضي الدين الغزي إلى مصر بسبب قضية الجارية وفيه سافر القاضي عز الدين الحنبلي إلى مصر قاصدا للقاضي الشافعي
ذو الحجة مستهله السبت سابعه نقلوا محمد شاهين ومحمد شكر من الجامع إلى البرج ثم أطلق بعد أن فرض عليهما وعلى جماعة القلعة أحد عشر ألف دينار كما قيل
سادس عشره سافر القاضي بهاء الدين الباعوني إلى القاهرة ومعه زوجته المصرية وفيه شاع تولية قانصوه اليحياوي نيابة دمشق
رابع عشريه وصل القاضي زين الدين عبد الرحمن الحسباني الحنفي دمشق متوليا قضاء الحنفية وقرئ توقيعه بالجامع الأموي على العادة وصحبته خاصكي لإستخلاص أموال النائب المتوفى وتحرر تولية قانصوه اليحياوي يوم سابع عشره وعقب وصول الحسباني تغيب خوفا من قانصوه الألفي أن يرسم عليه
____________________
(1/122)
سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة
إستهلت والخليفة المتوكل على الله عبد العزيز العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي الظاهري والأتابكي أزبك الظاهري ونائب الشام قانصوه اليحياوي إلى الآن ما حضر والقضاة شهاب الدين الفرفوري الشافعي وبيده الخطابة بالجامع ومشيخة الشيوخ ونظر المرستان والحرمين وزين الدين الحسباني الحنفي وشهاب الدين أحمد المريني المالكي ونجم الدين بن مفلح الحنبلي ونواب الشافعي الشيخ برهان الدين بن العميد والقاضي سراج الدين الصيرفي وبهاء الدين الباعوني ورضي الدين الغزي ومحي الدين الأخنائي ومحمد بن غازي وشهاب الدين الرملي وتقي الدين بن قاضي زرع وشهاب الدين الحمصي وشهاب الدين العزازي ومحب الدين الحموي ومحب الدين بن أيوب وعفيف بن سعيد وشهاب الدين الصاحب أربعة عشر نائبا وكاتب السر بدر الدين محمد بن الفرفور المحرم مستهله الإثنين سادسه وصل متسلم النائب وولده أحمد وصحبته دواداره جندر وفيه رفع إلى القلعة جانبك دوادار السلطان ثم أخرج بعد ثلاثة أيام بمرسوم ورد
ثامنه سافر الأمير جان بلاط الخاصكي أقام بدمشق مدة يسيرة بعد
____________________
(1/123)
رجوعه من ناحية حلب وسافر صحبته القاضي موفق الدين العباسي ومعه ولده عبد الرحيم
وفيه توفي محمد شهاب الدين الحسباني كان فلج نحو خمسة عشر سنة حصل له الإشتغال في الليل فخرجت روحه فجأة ثامن عشره سافر قانصوه الألفي إلى مصر وصحبته مباشرو النائب قجماس رضي الدين ومحب الدين وعبد اللطيف وصدقة السامري وأزبك المشد ومعه أيضا في الترسيم أحمد بن صبح المشرفي ثالث عشره ظهر الحسباني الحنفي
تاسع عشريه وصل النائب قانصوه اليحياوي الظاهري ومعه أولاده الكبار الثلاثة محمد وأحمد ومحمود كل واحد من الثلاثة بعسكر وحده وطلب فكان يوما مشهودا والناس مطبقون على محبته وقرئ توقيعه بدار العدل قرأ بدر الدين محمد الفرفوري كاتب السر
سلخه وصل الحاج الشامي وكان يوما مطيرا وأميرهم أمير ميسرة من مماليك السلطان وشكوا منه صفر مستهله الثلاثاء رابعه سأل النائب القضاة وغيرهم عن جملة أمور يجب تعجيلها فذهب كل واحد إلى ما إستحضره وظهر أن المسائل تزيد على الخمسين فلتعتبر أبواب الفقه
وسأل عن طبل الحج والحرب واللهو وهذا الذي يضرب على أبواب الأمراء كل ليلة وأجيب بأنه إن ظهر أن المقصود به الآن نذير
____________________
(1/124)
الحرب حل سماعه وإرعاب العدو أيضا
وفيه نادى بإبطال المشاهرة في الحسبة وأن لا يعصي أحد على الشرع وأن لا يعطى النقيب أكثر من درهمين
خامس عشره نادى أن من خزن قمحا أو شعيرا يبيعه وإن لم يفعل نهب مغله فبادر الناس إلى البيع وتراخت الأسعار عن أربعماية الغرارة القمح ومائتين الغرارة الشعير وحسن الخبز ورخص
ثامن عشره توفيت الحرمة السيدة المعمرة زينب بنت الشيخ أحمد ابن زين الحنبلي جاوزت الثمانين وكانت من العابدات الصالحات ملازمة للتلاوة والذكر والصلاة ودفنت عند والدها بتربة الحمرية خارج باب الجابية قريب قبر ابن المغربي
تاسع عشره توفي شيخ الحنفية العلامة جامع العلوم زين الدين عبد الرحمن العيني كان ملازما للاشتغال والأشغال يتكلم في مذهبه وسائر العلوم كلاما مهذبا محررا وكان حامي اللسان حسن السمت دائم البشر محبوبا من قبل أصحاب المذاهب منجمعا على شأنه وتقدم أنه عرض عليه القضاء فلم يرض ودفن بمقبرة متعلقة بأهله بالجامع الجديد من
____________________
(1/125)
الصالحية رحمه الله تعالى
ربيع الأول فيه وصل الخبر بتولية القاضي موفق الدين نظر الجيش بدمشق
ربيع الآخر مستهله الجمعة فيه توفي السيد عبد الوهاب الصلتي ودفن بتربة الشيخ رسلان كان شاهدا بباب القاضي الشافعي
وفيه توفي شهاب الدين أحمد وهيبة العباسي خطيب بصرى كان حافظا للقرآن منجمعا عن الناس إرتحل من بصرى لما إضطرب أمر البلاد وتعاطى المتجر ليحصل ما يسد عياله وفيه توفي علاء الدين بن الحوفي الشافعي من الطلبة القدماء رافقنا على المشايخ ثم إنفرد عن الفقهاء وإنقطع ببيته من نحو ثلاثين سنة
وفيه سافر السيد شهاب الدين بن عجلان وأخيه كريم الدين إلى مصر وفيه تولى محب الدين الأسلمي نظر القلعة عوضا عن القاضي صلاح الدين العدوي وفيه لبس أيدكي خلعة بنيابة القلعة بعد أن جعل عليه عشرة آلاف دينار ثم ورد الخبر بتولية تمراز مشد الشرابخانه لقجماس نقابة القلعة وأن صدقة السامري جعل ديوانا في القلعة
جمادى الأولى مستهله الأحد ثانيه سافر الشيخ شهاب الدين أحمد المحوجب إلى مصر ثاني عشره جاء الخبر بتحرك سلطان الروم ابن عثمان على هذه البلاد ونادى النائب بالتجريدة ووصل كتاب نائب عينتاب
____________________
(1/126)
أنهم وصلوا إلى أدنه وأن فرقة من جماعته جاؤوا في البحر
سادس عشره وصل تمراز متوليا نقابة القلعة وأن أيدكي يستمر نائب القلعة وذلك بمكاتبة النائب ولبس أيدكي خلعة بنيابة القلعة وفيه وصل محب الدين ناظر القلعة ولبس خلعة وفيه وصل خاصكي يسمى قانم الساقي من المماليك السلطانية ونزل في بيت أزبك عتيق قجماس قريب بيت ابن طالو عند القنوات وابن صبح في الترسيم معه تاسع عشريه سافر القاضي صلاح الدين العدوي إلى مصر مختفيا لما أشيع أن هذا الخاصكي معه مرسوم أن يأخذ منه أحدا وعشرين ألف دينار
عشريه وصل القاضي كاتب السر الشريف ابن مزهر إلى الرملة ووصل أيضا الدوادار الكبير آقبردي وفيه توفي دوادار السلطان بدمشق جانبك من المماليك السلطانية جمادى الأخرى مستهله الثلاثاء وصل السيد شهاب الدين بن عجلان بخلعة من القاهرة مستمرا على ما هو عليه من نظر الأشراف وصادف في طريقه السيد برهان الدين محمد في طريق مصر متوجها
وفيه لبس جان بلاط الألفي بدمشق خلعة بإمرة الحاج الشامي وابن أرغون شاه نظر الجوالي سادسه وصل من مصر القاضي بهاء الدين الباعوني والقاضي رضي الدين الغزي الشافعيان سابعه لبس القاضي الشافعي خلعة الإستمرار عاشره توجه للتجريدة أمير كبير بدمشق جانم من خاصكية السلطان ثاني عشره رفع أحمد بن صبح المشرفي في الحديد
____________________
(1/127)
إلى القلعة بسبب ما نسب إليه من تحصيل الأموال من الناس ظلما
خامس عشره فوض القاضي الشافعي نيابة الحكم للقاضي كمال الدين بن خطيب حمام الورد سبط الشيخ برهان الدين الباعوني وكمل له بذلك خمسة عشر نائبا وفيه لبس محب الدين خلعة بنظر الجوالي بدمشق
رجب مستهله الأربعاء ثالثه وصل مرسوم بضرب ابن صبح وإشهاره والتشديد عليه ومسكوا صاحبه برهان الدين الحنبلي الشاهد بمركز باب الجابية فضرب ورفع في الحديد رابعه ضرب ابن صبح ضربا مبرحا وجاء عليه الخلائق وقصدوا قتله فمنعوهم منه وواجهته أهل المظالم بما فعل عاشره مات فإستراح منه العباد والبلاد ودفن بمقبرة الباب الصغير ثامن عشره وصل الأمير قانصوه خمس ماية بثقل عظيم وعسكر هائل وصحبته القاضي عماد الدين الناصري الحنفي متوليا قضاء الحنفية وقرئ توقيعه الجامع الأموي وإستناب ستة نور الدين بن منعة وشمس الدين الحلبي وعز الدين بن الحمرا وبرهان الدين الحجي أخوه ومحي الدين الناصري وجمال الدين بن طولون وحصل التشديد على الحسباني في القلعة وعلى ولده عبد الله وأما ولده أمين الدين فذهب إلى مصر
عشريه توجه قانصوه خمسماية إلى حلب وشاع أن الأعداء هجموا على بلاد السلطان فذهب هو بتجريدة وأشيع أن الأتابكي أزبك توجه على وادي التيم وكذلك بقية الأمراء
ثالث عشريه وصل تمراز الظاهري قريب السلطان ومعه جماعة من الأمراء والمماليك السلطانية لاحقين من تقدم من العساكر وجاء الخبر بإستيلاء جماعة ابن عثمان على مدينتي إياس وطرسوس وغيرهما
شعبان
____________________
(1/128)
مستهله الجمعة ثالث عشريه وصل القاضي موفق الدين العباسي من القاهرة متوليا نظر الجيش وولده زين الدين عبد الرحيم متوليا كتابة السر وهما متوعكان ودخلا إلى منزلهما بخلعة السفر كل منهما لكون دوادار الكافل جندر غائبا
شهر رمضان مستهله السبت خامسه توفي القاضي موفق الدين العباسي ناظر الجيش بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير شرقي الطريق الأعظم بعد أن صلي عليه بالجامع الأموي
ثامن عشره وصلت الأخبار بالتقاء العسكرين على أدنه وخذل الله عسكر الروم فإنكسروا بعد ان قتل من الفريقين خلائق
عشريه وصل الخبر بأن القاضي كاتب السر بمصر زين الدين أبا بكر بن مزهر توفي إلى رحمة الله تعالى في يوم ثامنه ودفن بتربتهم بالقرافة قريب تربة السلطان الملك الأشرف
ثالث عشريه توفي تقي الدين أبو بكر بن الغرابيل ودفن بمقبرة باب الصغير بعد أن صلي عليه بالجامع الأموي رحمه الله تعالى
وفيه سافر القاضي كمال الدين العباسي أخو ناظر الجيش المالكي إلى مصر
شوال مستهله الإثنين شهد برؤية الهلال جماعة وما تمت الشهادة إلا بعد الظهر وبعد أن رأى جماعة الهلال بالنهار وبعد الظهر وخطب
____________________
(1/129)
القاضي الشافعي بالجامع الأموي ووقع البحث في ان رؤية الهلال نهار الليلة المستقبلة إذا كانت يوم الثلاثين جائز وأما ليلة الثلاثين فإذا رئي بالنهار يومه فلا أثر لها كما صرح به الغزالي وغيره وتوهم في ذلك بغض الفضلاء
ثانيه سافر القاضي شمس الدين بن مزلق إلى مصر مطلوبا بسبب شكوى ولده عليه عشريه وصل الخبر بتولية محب الدين ناظر الجوالي بالقلعة نظر الجيش أيضا بعشرة آلاف دينار يلحقها ألفان وفيه وصل الخبر بعزل عماد الدين الناصري من قضاء الحنفية وإعادة زين الدين عبد الرحمن الحسباني فأخرج الحسباني من القلعة ولبس خلعة وأعيد عماد الدين إلى القلعة
ذو القعدة مستهله الثلاثاء والعسكر مقيمون على قلعة أدنة محاصروها سادس عشريه وصل القاضي شمس الدين بن مزلق وولده من مصر وقد شرط على ولده مقادير من الفضة وغيرها لنفقته
ذو الحجة مستهله الأربعاء ثانيه لبس محب الدين خلعة بنظر الجيش ووصل الخبر بأن العسكر أخذوا قلعة أدنه وأن برسباي قرا الظاهري قد مات وفيه وصل مرسوم بطلب الشيخ القدوة تقي الدين بن قاضي عجلون بسبب محمد العمري الخارجي ثم وصل مرسوم آخر بطلب الشيخ محمد بن محب الدين الحصني من جهة العمري أيضا وكان الشيخ محمد أرسل إلى مصر كتابا يذكر فيه أنه سمع من العمري كلاما يدل على أنه زنديق وعين الكلام
____________________
(1/130)
سنة أربع وتسعين وثمان ماية
إستهلت والخليفة أمير المؤمنين المتوكل على الله عبد العزيز بن يعقوب العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي والأتابكي أزبك الظاهري ونائب الشام قانصوه اليحياوي الظاهري وهو الآن مقيم على أدنه بعد أخذها
والقضاة شهاب الدين أحمد بن الفرفور وبيده الخطابة بالجامع الأموي ومشيخة الشيوخ ونظر المرستان والحرمين وزين الدين عبد الرحمن الحسباني الحنفي وشهاب الدين أحمد المريني المالكي ونجم الدين عمر بن مفلح الحنبلي وناظر الجيش محب الدين المتشرف بالإسلام
المحرم مستهله الجمعة تاسع عشره وصل إلى دمشق النائب قانصوه اليحياوي
صفر مستهله الأحد فيه وصل الحاج الشامي أميرهم جان
____________________
(1/131)
بلاط ووصل من الحجاز الشيخ أبو الفضل محب الدين بن الإمام الصفدي من فضلاء الشافعية القدماء وجاء أيضا السيد علاء الدين بن نقيب الأشراف وتوجه من ناحية الكرك إلى القدس الشريف وتواصلت الأخبار بأن العسكر ذهب غالبهم من ناحية وادي التيم وجاء خلائق من هنا منصرفين خامسه بدأ جلال الدين في التدريس في الجامع الأموي تحت القبة وكان له مدة سنة قبل هذا يدرس بجامع التوريزي وهبه الله العلم والدين سابع عشره وصل من حلب قانصوه خمسماية أمير آخور كببير ثم توجه إلى مصر بعد يومين
ثامن عشره وصل تمراز ونزل بالصالحية عند القاضي كمال الدين بن خطيب حمام الورد ووضع القاضي عبد الرحيم بن موفق الدين العباسي في القلعة على سبعة آلاف دينار على ابنه في ضمان قانصوه ثم لما سافر سلمه للأمير الكبير جانم ثم أطلقه وفيه وصل مرسوم بالإذن للقاضي الشافعي في السفر إلى مصر حسب ما طلب وفيه توفي صاحبنا شهاب الدين أحمد بن ذرع كان متقللا من الدنيا راضيا بالبلغة ودفن بمقبرة باب الصغير قرب قبر شمس الدين محمد الواعظ الحنفي قبلي قبر الشيخ شمس الدين البلاطنسي رابع عشريه وصل أزبك الأتابكي من حلب ونزل بالقصر قاصدا مصر وفيه وضع بالقلعة السيد السمسار القصيباتي بسبب ما كان وقع منه من قوله لا أذهب إلى فلان ولو كان نبيا ووقع الكلام في هذا هل هو كفر أو لا ثم أطلق على مبلغ ألفي دينار
____________________
(1/132)
وألف أخرى ثم لما جاء الجواب من مصر بالرضا في قضيته غرم ألفا أخرى
أواخره توفي مصطفى عتيق شهاب الدين أحمد بن المغيزلي وكان نعم الرجل ودفن بمقبرة باب الصغير عند قبر أستاذه كان مواظبا على الصلاة والبر للفقراء رحمه الله تعالى ثامن عشريه سافر أزبك إلى مصر وتتابعت العساكر فلم يبق أحد في هذه البلاد
ربيع الأول مستهله الإثنين سافر القاضي نجم الدين الخيضري إلى مصر لما جاء الخبر بأن والده قاضي القضاة قطب الدين على خطة
ربيع الآخر مستهله الأربعاء وقع بحوش دار النيابة حجر ملفوف بخرقة في طرفها قصة ذكر فيها شعيب نائب القاضي الشافعي وما يفعله في الأحكام وغيرها من الظلم والبلص وحكي فيها ما وقع له من سنة ثمان وسبعين وثمانماية فدفعها النائب للقاضي الشافعي فعزله
رابع عشره توفي الشيخ العلامة الفقيه الأصولي عز الدين محمد الحمرا الحنفي في عشر الثمانين كان كثير الإستحضار ملازما للجامع الأموي صلي عليه بالجامع الأموي وتقدم للصلاة عليه القاضي محب الدين بن القصيف ودفن بمقبرة باب الصغير في طرفها من ناحية القبلة على جادة الطريق
خامس عشره أعيد القاضي شعيب بشفاعة محب الدين ناظر الجيش رابع عشريه وصل الخبر بوفاة القاضي قطب الدين الخيضري الشافعي بمصر يوم الإثنين ثالث عشره وصلى عليه السلطان والقضاة والأمراء والمباشرون والخلائق عند سبيل أمير المؤمنين ودفن بالتربة التي أنشأها جوار قبة الإمام الشافعي رضي الله عنه وهو محمد بن محمد علاء الدين بن خيضر بفتح الخاء المعجمة وإسكان التحتانية وكسر المعجمة ابن
____________________
(1/133)
سليمان بن داود بن فلاح ابن ضميدة بفتح المعجمة الخيضري ولد سنة أحد وعشرين وثمان ماية
وفيه توفي الإمام الحافظ أبو الخير الزبيدي بالضم البلقاوي الأصل الترملي بتاء مفتوحة ومهملة ساكنة وميم مضمومة ولام الدمشقي إشتغل بعلم الحديث وقرأ على الشيوخ وأخذ عن الأكابر ورحل في طلب الحديث إلى مصر وغيرها
سابع عشره سافر إلى مصر الشيخ القدوة تقي الدين بن قاضي عجلون تاسع عشريه أطلق الحسباني الحنفي من ترسيم الأمير جانم الأتابكي ووضع في الترسيم ولداه وعشرة من جماعته شهود وغيرهم على مائتي دينار وعشرين
جمادى الأولى مستهله الجمعة كتاب بدر الدين الحسباني على بنت الشيخ شمس الدين الخطيب ببيت الخطابة بالجامع الأموي
وفيه صلي على القاضي قطب الدين الخيضري صلاة الغيبة بدمشق في الجامع الأموي ثانيه سافر القاضي الشافعي إلى صيدا وبيروت وبقية بلاده
سابعه سافر السيد كمال الدين إلى الحمة ثم وصل إلى هنا خامس عشره إجتمع الشيخ علي الدقاق والشيخ أبو الفضل بالنائب في معارضة الشيخ تقي الدين من جهة باب جيرون فأجابهما بما خيب سعيهما عند سماعه ثامن عشره سافر النائب إلى حوران ومعه عسكر بسبب العربان ثالث عشريه وصل من مصر الشيخ القدوة شهاب الدين المحوجب
____________________
(1/134)
الشافعي ورأى الشيخ تقي الدين بغزة
جمادى الأخرى مستهله السبت خامس عشره وصل الحاجب يونس وداوادار السلطان بدمشق
خامس عشريه وصل القاضي الشافعي من سفرته ثامن عشريه وصل مرسوم بتجهيز مباشري المرستان القاضي محب الدين الأنصاري نائب الناظر وشهاب الدين الصاحب وكان قد توجه قبل ورود المرسوم مع مباشري القاضي قطب الدين وفي المرسوم عبد القادر العدوي العامل ومحمد بن شعبان وقد وصل المرسوم على يد عبد القاضي كاتب السر الشريف المقر البدري وفي المرسوم أن أحمد الحموي شيخ سوق المرستان هو الشاكي عليهم وأن فائض الوقف في سبع سنين عشرون ألف دينار أكلها المذكورون والمرسوم إلى الكافل وإلى القاضي الشافعي
سادس عشريه وصل النائب من حوران ثالث عشريه عرض السيد نجم الدين بن برهان الدين بن السيد محمد الحسني كتاب الحاوي في الفقه وكتاب الكافية في النحو
رجب مستهله الإثنين ليلة رابعه حصل حريق في عمارة السلطان
____________________
(1/135)
بمسجد القصب وإستوعب الحريق الذي قبل هذا مع هذا من قناة العوني إلى قريب حمام برهان الدين وأخذ في العرض جانبا كبيرا وإحترق شمالي جامع منجك ونحو عشرين مسجدا بتلك النواحي وذهب للناس أموال كثيرة سابع عشره وصل مرسوم بطلب القاضي الحنبلي ابن مفلح ورفع أيضا مباشرو عمارة السلطان بمسجد القصب إلى الترسيم بشكوى محمد بن شكر نقيب القلعة كان عشريه سافر محمد بن شعبان من جهة المرستان وسافر ديوان القلعة زين الدين عبد القادر وجماعة من القلعة بسبب مهمات القلعة وحسابها
رمضان مستهله الخميس
شوال مستهله الجمعة شهدوا برؤيته بعد الزوال وصلوا بين الظهر والعصر وخطب القاضي الشافعي
رابعه إجتمع جماعة من الحنفية منهم برهان الدين بن القطب وقرئ مرسوم بعزل زين الدين الحسباني الحنفي وأن يختار الحنفية قاضيا غيره على أن يلتزم بدين قانصوه خمسمائة أمير آخور كبير وبدين غيره فالتزم إسماعيل الناصري بذلك ورضي به الحنفية فولاه النائب وشرط عليه أن لا يحكم إلا بالقول الراجح في مذهبه وأن لا يولي نائبا جاهلا ومن فعل خلاف هذا يكون معزولا وكان الحسباني جالسا في مجلس المتولي فأمر النائب بأن يقوم الحسباني ويجلس عماد الدين إسماعيل الناصري مكانه فنهض الحسباني وتوجه من المجلس بالكلية وجلس إسماعيل مكانه وولاه النائب حسب ما أذن له في المرسوم وأما الحسباني فتوجه من المجلس إلى مصر ثامن عشره سافر الحاج الشامي وأميرهم يزبك الظاهري أحد المقدمين بدمشق وقاضيهم أمين الدين الأيدوني رابع
____________________
(1/136)
عشريه وصل الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون من القاهرة فالحمد لله
ذو القعدة مستهله الأحد ثالث عشريه وصل القاضي الحنبلي ابن مفلح من مصر ومعه ابن عبادة إلى تربة تنم ثم دخل دمشق رابع عشريه ولبس خلعته وتوجه بها إلى الصالحية وسافر القاضي الشافعي في ليلة هذا اليوم إلى بلاده في بيروت وصيدا وما يليهما
في آخره نزل الشيخ تقي الدين للقاضي سراج الدين عن تدريس الشامية البرانية بستمائة أشرفي وقبضها
ذو الحجة مستهله الإثنين سابعه ورد مرسوم أنهي فيه أن القاضي محب الدين رحمه الله إستولى على تركة حمزة داود الطيبي وأن السيد كمال الدين إستولى على تركة القاضي محب الدين رحمه الله وأنه يخرج ويبيعها وأن القاضي سراج الدين الصيرفي إستولى على تركة مسند أخي المرحوم القاضي قطب الدين وأنها نحو العشرين ألف دينار وقد ورد هذا على يد خاصكي يسمى تنم محلته بجامع القلعة يوم النحر خطب بالجامع الأموي الشيخ الحافظ برهان الدين إبراهيم التاجر لكون سراج الدين في الترسيم ثم أطلق وخطب في الخطبة التي بعدها
حادي عشريه وقع حريق غربي سوق البزوريين بمساكن الإفرنج وذهبت فيه للفرنج أموال كثيرة
____________________
(1/137)
ثاني عشريه توفي صاحبنا جمال الدين يوسف السلماني كان يكثر التلاوة وله همة ومروءة جزاه الله خيرا عنا ورحمه ودفن بمقبرة الحمرية خارج باب الجابية وأطلق من الترسيم السيد كمال الدين وظهر أن الأنباء كذب والحمد لله
____________________
(1/138)
سنة خمس وتسعين وثمان ماية
إستهلت والخليفة أمير المؤمنين المتوكل على الله عبد العزيز بن يعقوب العباسي والسلطان الأشرف قايتباي والأتابكي أزبك الظاهري وأمير آخور كبير قانصوه خمسمائة وحاجب الحجاب تنبك قرا ونائب الشام قانصوه اليحياوي والقضاة شهاب الدين أحمد الفرفوري الشافعي وهو الخطيب بالجامع وشيخ الشيوخ وناظر المرستان والحرمين وعماد الدين إسماعيل الحنفي وشهاب الدين المريني المالكي ونجم الدين بن مفلح الحنبلي وحاجب الحجاب يونس
المحرم مستهله الثلاثاء سابعه وصل من السفر القاضي الشافعي عاشره وصل بداغ القادري الذي كان هرب من القلعة ونزل بالقصر ومعه جماعة وإعتنى النائب به وأرسل يعلم به السلطان ثم جهزه إلى مصر بعد أسبوع
وفيه رفع إلى القلعة القاضي عبد الرحيم العباسي كاتب السر على بقية مال على والده من جهة تعلق نظر الجيش ثم أطلق ثم حضر من مصر شهاب الدين بن بهاء الدين الموقع ومعه مرسوم بإستخلاص ما بقي عنده للأتابكي أزبك وهو ثلاثة آلاف دينار فأعيد إلى القلعة في تاسع عشريه
____________________
(1/139)
حادي عشريه وصل الحاج الشامي وحكوا أنه كان معهم رخص عظيم ذهابا وإيابا وشكوا من ظلم الأمير وأنه زاد في الظلم من جهة الأخذ على الجمال وغيرها على عادة من تقدمه
صفر مستهله الأربعاء خامسه درس بالشامية البرانية سراج الدين عمر بن الصيرفي وقدمنا أن الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون نزل عن ثلث التدريس وتكلم على قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } وحضر عنده القاضي الشافعي الشيخ شمس الدين الخطيب وكاتبه وجماعة من الشافعية ربيع الأول مستهله الجمعة ربيع الآخر مستهله الأحد جمادى الأولى مستهله الإثنين تتابعت العساكر المتوجهة إلى سلطان الروم ووصل عشرة من المقدمين بينهم قانصوه خمسمائة وقانصوه الألفي ويشبك الجمالي وتنبك قرا وباشهم الأتابك أزبك الظاهري
في أواخره وصل قاصد أرسله الشيخ عرب عالم بلاد الروم ليس في بلاد ابن عثمان أعلم منه إسمه أبو بكر فذكر القاصد أن شيخه والعلماء والوجوه ليسوا راضين عن فعل ابن عثمان ومعاداته لأهل هذه البلاد وأن الضرورة حصلت لهم وأن الكفار طغوا عندما رأوا المسلمين يقاتل بعضهم بعضا وأشاروا بالصلح فأجابه أزبك والأمراء إنما نحن متوجهون حسبما رسم لنا السلطان وأنت اذهب إلى السلطان ودارسهم بالصلح فيكون ونحن هناك مجتمعون عليه ثم توجه القاصد إلى مصر وسار أزبك والعساكر إلى ناحية حلب مجدين وفيه سافر الشيخ القدوة تقي الدين بن قاضي عجلون إلى القدس ثم إلى الحجاز في البحر ولم
____________________
(1/140)
يصحب معه أحدا من أولاده وعياله جمادى الأخرى مستهله الأربعاء عاشره إستغاث أهل دمشق عقب صلاة الجمعة من زيادة ظلم الخاصكي المقيم بدمشق الآن يسمى قرقماس جاء في أشغال متعلقة بالسلطنة وطلب هو الشيخ فرج وقال له أنت الذي جمعت الناس فضربه ضربا كثيرا مبرحا
خامس عشره إجتمع المشايخ والفقراء بالجامع الأموي ورفعوا الأعلام وصعدوا إلى المنارات وكبروا وإستغاثوا فحضر الحاجب الكبير يونس ومعه الأمير بردبك أمير الحاج وغيرهما فتراموا على أعيان المجتمعين حتى تفرقوا وقالوا لهم ما بقى نعود إلى فعله وكتبوا للسلطان بما وقع
ثالث عشره وصل محب الدين كاتب الخزانة من مصر متوليا نظر الجوالي ونظر القلعة وكتابة السر
رابع عشره وصل شخص من المماليك السلطانية إستادار الأغوار وعزل ابن أيوب وأخذه معه الأتابكي أزبك في الحديد وفيه وصل عتيق قجماس تمربغا متوليا نظر الجيش ولبس خلعة
رجب مستهله الجمعة خامس عشره وصل جواب قضية الخاصكي أن يحضر الشيخ فرج وستة أنفس من أهل القبيبات بعد أن يطلب أهل الحارتين بالقبيبات ويسألوا عن سبب قيامهم على الخاصكي فقرئ بحضرة القضاة وأركان الدولة وإتفقوا على أن الكلام في هذا يحرك فتنة أخرى فسكن الحال وفيه جاء السراق إلى سوق التجار الذي تحت القلعة أول الليل بالأسلحة وأخذوا أموال التجار وخرج إليهم جماعة الحاجب الكبير وقتل واحد من جماعته وفيه قتل دوادار الخاصكي من التركمان
وفيه قتل دوادار السلطان على الأغوار بوادي التيم
____________________
(1/141)
شعبان مستهله الأحد ثانيه لبس الأمير بردبك الأشرفي خلعة بإمرة الحاج تاسع عشريه توفي عيسى القاري كبير التجار بدمشق وكان فيه خير للفقراء وإحسان وكان يضبط زكاته ويخرجها وإبتلى آخر عمره بالإنحياز إلى السلطان وأتهم في مال البهار الذي أرسل إليه السلطان أن يشارك الأمناء عليه وورد فيه مرسوم فحصل له بهدله في المجلس بسبب ذلك فذهب منه وقد إحتقر خاطره فكان سبب إنقطاعه أحد عشر يوما ومات في عشر الثمانين ودفن بمقبرة باب الصغير بعد أن صلي عليه بالجامع الأموي وتقدم للصلاة عليه القاضي الشافعي
رمضان مستهله الإثنين شهد برؤيته خلائق
شوال مستهله الأربعاء وثبت ببعلبك الرؤية ليلة الثلاثاء فظن بعض الناس أن مطلعهما متفق بعلبك ودمشق ثم تحرر إختلافهما حكى ذلك شخص عن الشيخ زين الدين الطرابلسي الذي كان عالم بعلبك وسئل شمس الدين التيزيني المؤقت بالجامع الأموي فقال إن مطلعهما مختلف خطب للعيد بالجامع الأموي القاضي الشافعي ثامنه ورد مرسوم بأن القاضي رضي الدين الغزي الشافعي أثبت على القاضي برهان الدين بن المعتمد خمسين ألف دينار للخزائن الشريفة ورسم بطلبهما فتوجه إلى مصر تاسعه والبرهان ثالث عشره وكان أصل هذا أنه حصل بينهما إختلاف في حدود أرضين متلاصقتين إحداهما للمرستان والأخرى وقف أجداد القاضي برهان الدين وأرسل رسالة للقاضي بهاء الدين الباعوني ذكر فيها الخمسين ألفا فيقال إنه اطلع عليها غيره وإتصل الخبر بالمصريين ثامن عشره سافر الحاج الشامي وأميرهم بردبك الأشرفي
____________________
(1/142)
وقاضيهم تقي الدين بن قاضي زرع أحد نواب القاضي الشافعي وحج في هذه السنة صاحبنا جمال الدين العقرباني وشهاب الدين الخيري وحج كثير هذه السنة ومن البلاد الشمالية حجاج كثيرة جدا
ثالث عشريه وصل مرسوم بطلب القاضي كمال الدين بن خطيب حمام الورد وسبط الباعوني والقاضي شعيب نائب القاضي الشافعي ودواداره محمد ونقيبه ابن الأربلي نور الدين ومحب الدين سالم ونور الدين الحمصي الشاهدان ببابه وبإستعجال القاضي الشافعي بالسفر
وفيه طلب عز الدين بن حمدان الحنفي نائب القاضي الحنفي مع آخرين بسبب أستاذهم
ذو القعدة مستهله الخميس وصل النائب من ناحية حلب سادس عشريه وردت تولية القاضي محب الدين بن القصيف قاضي الحنفية إذا أجمع عليه الحنفية وإلا فابن قطب فإجتمعوا بهم وبغيرهم وقال ابن القطب أنا ما أتولى فحط الحال على المذكور ففوض إليه الحاجب الكبير لأن المرسوم إليه بناء على غيبة النائب وتواصلت العساكر من حلب الأمراء وغيرهم
ذو الحجة مستهله الجمعة تكامل وصول العساكر جميعهم
عيد النحر خطب بالجامع القاضي سراج الدين الصيرفي لأن
____________________
(1/143)
القاضي الشافعي عنده بعض بقية التوعك
خامس عشره صلي بالكاملية
ثامن عشره رفع إلى القلعة القاضي شعيب وابن حمدان وابن الأربلي وابن سالم المصري وحضر مرسوم يحث القاضي الشافعي على السفر وفي آخره أطلقوا ليحضروا للسفر وضمنهم القاضي الشافعي ووصل من مصر القاضي نجم الدين الخيضري
____________________
(1/144)
سنة ست وتسعين وثمان ماية
استهلت والخليفة امير المؤمنين المتوكل على الله عبد العزيز العباسي والسلطان الملك الأشرف قايتباي الظاهري والاتابكي ازبك الظاهري وامير آخور كبير قانصوه خمسمائة وكاتب السر الشريف بالممالك الاسلامية بدر الدين بن مزهر الانصاري وناظر الخاص نور الدين بن الصابوني والقضاة الشيخ محي الدين بن زكريا الشافعي ونائب الشام قانصوه اليحياوي والقضاة شهاب الدين الفرفوري الشافعي وبيده الخطابة والمشيخة ونظر المرستان والحرمين ومحب الدين بن القصيف الحنفي وشهاب الدين المريني المالكي ونجم الدين بن مفلح الحنبلي وكاتب السر محب الدين كاتب الخزانة المشرفة
المحرم مستهله الاحد ثامن عشريه وصل الحاج الشامي وحضر معهم الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون الشافعي وتقي الدين بن قاضي زرع وحكوا رخصا عظيما وحصل في رابغ في الرجعة سيل عظيم
آخره ورد مرسوم بطلب شهاب الدين احمد بن بري إلى مصر فرفع إلى القلعة ثم بعد ايام جهزه الحاجب الكبير مع قاصده وسافر محب
____________________
(1/145)
الدين بن سالم المصري إلى مصر وهو احد المطلوبين
صفر مستهله الثلاثاء ثالثه سافر القاضي الشافعي إلى مصر ومعه القاضي شعيب وكمال الدين السبط نائباه وعز الدين بن حمدان نائب الحنفي ونور الدين الاربلي الموقع ونور الدين الحمصي الشاهد وتأخر دوادار القاضي محمد لانه ضعيف وتوجه مع القاضي الشافعي ابن أخيه بدر الدين محمد والشيخ محمد التونسي المالكي من فضلاء المالكية وأصل هذا الطلب كان في صفر سنة اربع وتسعين وثمان ماية كما ذكرناه في موضعه سابعه سافر شهاب الدين بن بري ولحق القاضي الشافعي في الطريق
ثامن عشريه اجتمع القاضي الشافعي بالسلطان وحصل له إقبال منه ومن اركان الدولة ونزل بمنزل قريب من الجامع الازهر عينه له السلطان يعرف ببيت مثقال
وكان قبل طلوعه إلى القلعة بيوم جهز له السلطان سماطا بتربة السلطان وفرسا وغير ذلك ورفع الترسيم عن ابن بري
ربيع الاول قدم القاضي هديته وتابع اجتماعه بالسلطان كثيرا
____________________
(1/146)
سابعه اطلق شهاب الدين بن المعتمد من الترسيم بجامع قلعة الجبل بمصر
ربيع الآخر فيه امر النائب ان المبلغ بالجامع الاموي إذا رفع الامام رأسه من الركوع يقول ربنا لك الحمد ولا يقول سمع الله لمن حمده متعلقا بان كل مأموم عند ابي حنيفة يقول ربنا لك الحمد ومذهب الشافعي ان قول سمع الله لمن حمده ذكر الرفع وقول ربنا لك الحمد ليس غلا بمقدار الاعتدال وروى فعل الامرين عن النبي صلى الله عليه وسلم البخاري ومسلم وغيرهما من الحفاظ واما حديث اذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد فلا دليل لهم فيه فإنا نقول ذلك مع قول ما ورد في حديث غيره عملا بالأحاديث كلها
جمادى الاولى مستهله الاثنين فيه وصل قاصد سلطان الروم ابن عثمان ومعه الامير ماماي من جماعة سلطان الحرمين بسبب الصلح ومعهما الشيخ بدر الدين بن جمعة من اعيان العلماء الفضلاء بمصر ونزلوا بالمرجة قبالة القصر وتوجهوا آخر الشهر إلى مصر خامسه ولد لشهاب الدين بنت بارك الله له فيها
رجب عاشره لبس القاضي برهان الدين إبراهيم بن القطب خلعة بوظيفة قضاء الحنفية بدمشق وقرئ توقيعه بالجامع الاموي كالعادة عوضا عن القاضي محب الدين بن القصيف وذلك بالفي دينار وفوض للقاضي
____________________
(1/147)
شمس الدين الحلبي وللقاضي محي الدين الناصري وللقاضي شهاب الدين الحجيني وللقاضي كمال الدين السبط والقاضي شمس الغزي وللقاضي جمال الدين بن طولون وشرط على الجميع الا يحكموا الا في المدرسة النورية
شعبان مستهله الخميس وصل القاضي كمال الدين السبط والقاضي شعيب من مصر عشريه وصل بدر بن محمد الفرفور ابن اخي القاضي الشافعي وصحبته شهاب الدين بن بري من مصر
وفيه اجتمع القاضي شمس الدين الغزي الحنفي عند القاضي محب الدين بن القصيف في بستان ونزل واغتسل في النهر الذي في البستان بحضرة الجماعة فقال ابن القطب مستخلفه ان هذا الفعل على هذه الكيفية مسقط للمروءة وعزله رمضان مستهله الجمعة سابع عشره وصل من مصر قاصد سلطان الروم واقبل عليه السلطان ووقع الصلح بحمد الله وكان مع هذا القاصد توكيل من سلطان الروم ان يفعل ما يراه يصلح وزار بيت المقدس وهو يقيم الآن بدمشق ينتظر قدوم جان بلاط رفيقه من مصر ويذهب إلى ملك الروم قاصدا من سلطان الحرمين وفيه عزل ابن القطب نائبه كمال الدين بن سلطان
شوال مستهله الاحد تاسع عشره سافر الحاج واميرهم بردبك الظاهري وحج شهاب الدين احمد الحمصي رئيس المؤذنين بالجامع الأموي وهو قاضي الركب وحج من الروم هذه المرة خلائق
____________________
(1/148)
ذو القعدة مستهله الثلاثاء تاسع عشره سافر يونس الحاجب الكبير إلى مصر وخرج عليه قطاع الطريق قريب الملاحة واخذوا ما معه من المال يقال عشرة آلاف دينار
سادس عشريه سافر الاتابكي بدمشق جانم مصبغة إلى مصر متوليا تقدمة بها
ذو الحجة مستهله الاربعاء ثالثه سافر القاضي صلاح الدين العدوي إلى مصر بمرسوم يوم عرفة توفي قاضي القضاة احمد المريني المالكي وصلي عليه بالجامع الأموي عقب صلاة الجمعة ودفن بمقبرة باب الصغير قريب جامع جراح كان له اشتغال لكن مع وقوف ذهنه وكان سليم الخاطر اول ما تولى القضاء في عشري المحرم سنة ست وسبعين وثمانماية وتخللها ولاية القاضي كمال الدين العباسي في نصف جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين ثم عزل في جمادى الاولى سنة ثمانين وولي المريني واستمر إلى ان توفي مقاربا للثمانين وكان عفيفا في باب القضاء لم يقل عنه انه ارتشى قط رحمه الله تعالى
وفيه توفي الشيخ محمد التونسي المالكي وكان عالما بفقه المالكية والقراءات والنحو وغيرها سريع الادراك حسن التصور رحمه الله تعالى
____________________
(1/149)
سنة سبع وتسعين وثمان ماية
استهلت والخليفة المتوكل على الله عبد العزيز العباسي والسلطان الملك الاشرف قايتباي والاتابكي ازبك الظاهري والقضاة بمصر الشيخ زكريا الشافعي وشرف الدين الاخميمي الحنفي وشمس الدين بن التقي المالكي وبدر الدين السعدي الحنبلي وكاتب السر الشريف بدر الدين بن مزهر الانصاري ونائب الشام قانصوه اليحياوي الظاهري والاتابكي جانم ذهب إلى مصر وإلى الآن ما ولي غيره والقضاة شهاب الدين احمد الفرفوري الشافعي وبرهان الدين بن القطب الحنفي ونجم الدين بن مفلح الحنبلي وقضاء المالكية بعد موت المريني لم يتوله احد
المحرم مستهله الجمعة سادس عشريه وصل الحاج الشامي وحكوا رخصا وخيرا وماء كثيرا والحمد لله صفر مستهله السبت ليلة
____________________
(1/150)
ثامنه توفي صاحبنا الشيخ العلامة المفنن شمس الدين محمد بن الشيخ عماد الدين اسماعيل خطيب السقيفة الشافعي مولده سنة اربع واربعين كان فقيها اصوليا نحويا وله الذهن الوقاد ذو القوة كالبحر وكان صوته جهوريا وكان متصديا لمساعدة الفقراء واصحابه وغيرهم على قبائحهم ويستدين ويطعم الفقراء ويقري الضيف والحاصل انه كان يتعب نفسه ليفرج هم صاحبه ومن يقصده ولم يكن له في هذا الباب نظير وكانت جنازته حافلة واثنى الناس عليه خيرا تقدم للصلاة عليه بجامع السقيفة الشيخ القدوة تقي الدين بن قاضي عجلون الشافعي ودفن بمقبرة الشيخ رسلان رحمه الله تعالى عند قبر والدته واهله وخلف والده وثلاثة اولاد ذكور وبنت
وفيه توفي الشيخ الفاضل عماد الدين اسماعيل بن عامر البصروي الشافعي من قدماء الطلبة في الثمانين قرأ على شيوخنا حسن الاستحضار طارح للتكلف ودفن بمقبرة القبيبات قريب جامع منجك رحمه الله تعالى
سادس عشره توفي الشيخ محمد الصفدي الشافعي تلميذ الشيخ شمس الدين بن سعد كان حافظا للقرآن ملازما للتلاوة والذكر والاشتغال بالفقه في مذهبه وكان يدور على الارامل والمنقطعين يقضي حوائجهم كل يوم ادرك المشايخ إلى ان اضر آخر عمره ودفن بمقبرة باب الصغير قريب جامع جراح قريب الثمانين سنة ربيع الاول مستهله الاحد توفي السيد قاسم نقيب القاضي المالكي المريني كان من أهل الخير ملازما للصلوات بالجامع الأموي الا نادرا رحمه الله تعالى
____________________
(1/151)
ربيع الآخر مستهله الثلاثاء ليلة ثالثة توفي شهاب الدين احمد بن يحيى المصري الحنفي نقيب القاضي المالكي المريني ايضا وكان من اعيان الموقعين وكان شديد البشر منجمعا على نفسه وكان له جنازة حافلة دفن بمقبرة مسجد النارنج شرقي المصلي واثنى الناس عليه خيرا رحمه الله تعالى
عشريه توفي شمس الدين محمد الغزي الحنفي نائب الحنفي كان من فضلاء الحنفية عارفا بالقرآن ودفن بمقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى ليلة سابع عشره توفي شهاب الدين احمد الاخنائي الشافعي والد القاضي محي الدين نائب القاضي الشافعي كان حافظا للقرآن ملازما للتلاوة من الاعيان على طريقة الاوائل سليم الفطرة مولده سنة ثلاث وثمانماية صلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة باب الصغير عند تربة ابن قاضي عجلون
في سابع عشر ربيع الآخر توفي الشيخ شمس الدين خطيب الثابتية ودفن بالباب الصغير قريب سيدي رحمه الله
في تاسع عشره توفي الشيخ علاء الدين خطيب كفرسوسيا رحمه الله تعالى
____________________
(1/152)
ربيع الاول سنة 900 هـ
مستهله الاحد وهو اول كانون الاول تاسعه لبس الكافل خلعة الشتاء وفي المرسوم التيهؤ لأجل العرب بسبب الحاج وان الامير الكبير بدمشق يلباي يكون امير الحاج في هذه السنة الاثنين سادس عشره توفي محي الدين بن محمد الفرفوري وهو ابن عم القاضي الشافعي عامل ديوان الجيش بدمشق وخلف بنات وزوجة وابن اخ عصبة كان فيه بر وصدقة للفقراء والصالحين والعلماء كان اضر في آخر عمره من نحو ثلاث سنين صلي عليه بالجامع الأموي تقدم للصلاة الشيخ محمد بن الشيخ يعقوب الصالح ودفن بمقبرة باب شرقي بالقرب من قبر سيدي ابي بن كعب رضي الله عنه وختم نائب القلعة وصلاح العدوي وكيل السلطان على مواضعه وفي يوم الجمعة عشريه جاؤوا إلى منزله ومعهم
____________________
(1/153)
شهود فحفروا مواضع ظانين ان فيها مالا فما وجدوا شيئا ولا وجدوا له غير ثلثماية دينار
ليلة عاشره رأى ابراهيم الحديدي صاحبنا في النوم كأنه وانا بالحضرة الشريفة وان النبي صلى الله عليه وسلم مهتم للحضور إلى دمشق وانه امرني بالذهاب معه انا وابني محمد جلال الدين بعد ان ساله ابراهيم هذا عن احاديث هل هي صحيحة عنك يا رسول الله فقال نعم صلى الله عليه وسلم ثاني عشريه توفي محمد بن الناسخ المؤذن بالجامع الأموي كان من اهل القرآن سليم الفطرة رحمه الله تعالى صعد على سطحه لاصلاحه فوقع فمات ودفن بمقبرة الباب الصغير بجوار مسجد النارنج
ربيع الآخر سنة 900 هـ مستهله الاثنين الثلاثين من كانون الاول ثالثه اول كانون الثاني الاربعاء سابع عشره وصل من ناحية حلب ولد الحاجب الكبير قرقماس متسلما الحجوبية من والده ونزل في بيت ابن منجك جوار الجامع الأموي لمصاهرة بينهم
ثاني عشريه سافر محب الدين كاتب السر بدمشق إلى القاهرة مطلوبا بسبب شكوى نصراني عليه بينهما منازعة
اواخره توفي الشيخ محمد النعسان الرجل الصالح توفي بقرية سعسع كان مواضبا على العبادة وجمع الفقراء على الذكر والاحسان اليهما إيضا كل من مر منهم نزل عنده غالبا وكان من ارباب القلوب ناهز السبعين
____________________
(1/154)
ودفن بالقرية المذكورة وحكي عنه ان الخدام بالحضرة الشريفة النبوية كانوا يسمعون صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم وانهم اعلموا بإشارة من قبل الحضرة الشريفة ان هذا صوت فلان بل وحكي عنه انه كان اذا رد النبي صلى الله عليه وسلم صلاته يسمع هذا صوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بقريته وقد اجتمعت به مرات وذكرت ذلك فما أنكر منه شيئا وكان لي منه حظ وافر وأرجو بركته جمع الله بيننا وبينه في مستقر رحمته بحق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
الثلاثاء تمامه نزل بالمصطبة قرقماس الحاجب وصل من ناحية حلب وكان يوما كثير المطر
الاحد ثامن عشريه ختم الدرس بالشامية البرانية
جمادى الاولى سنة 900 هـ مستهله الثلاثاء الاحد سادسه اول شباط وشكل القمر يشعر بأن اول الشهر العربي الثلاثاء لكن لم يخبر احد انه رآه ليلة الثلاثاء الخميس ثانيه دخل الحاجب الكبير قرقماس البلد لابسا خلعة الحجوبية ونزل ببيت الامير جانم الذي هو الآن بالقاهرة امير آخور ثاني وحصل من الحاجب بوادر تدل على حسن سيرته الهمه الله تعالى الثبات على ذلك واصلحه واصلح جميع ولاة المسلمين
الاثنين ثالث عشره وصل اركماس امير الحاج من القاهرة مقبول العذر ودخل البلد بخلعة بقائه على التقدمة ودخل ايضا قطج دوادار الكافل من القاهرة بخلعة والله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا إله الا هو الخميس سادس عشره ضرب بعض امراء الاتراك شخصا حد شرب الخمر اعتمادا على الشك بعد ان شهد عنده جماعة بأنه رئي سكران فاعترض عليه بعض القضاة الشافعية بأن الشك لا يحد به فأجب التركي
____________________
(1/155)
بأن مذهبي حنفي ومذهب ابي حنيفة الاخذ بالشك والرائحة
الاربعاء ختامه وصل القاضي كمال الدين بن الخطيب وعلى يده مرسوم بطلب القاضي الشافعي ومباشري المرستان تأكيدا لطلبهم الاول ومن معهم وهم القاضي شهاب الدين الرملي الشافعي نائب القاضي الشافعي وامام الجامع الأموي نيابة عنه بسبب شكوى احمد الحموي شيخ سوق المرستان وطلب ايضا شهاب الدين الشارعي المصري وعماد الدين الشاهد بباب القاضي بسبب المذكور فإنه ادعى انهما شهدا عليه في واقعة بالباطل جمادى الآخرة مستهله الاربعاء خامس عشريه شهر شباط الخميس ثانيه لبس يلباي امير كبير بدمشق خلعة بأمريية الحاج وقرئ مرسومه القاضي بذهابه
الاحد خامسه اول آذار فيه هجم العرب على خيل الكافل التي مع التركمان بالدشار ومعهم ذوات اهل دمشق واخذوا ذلك فتوجهت فرقة من عسكر الكافل إليهم ولا قوة الا بالله ليس لها من دون الله كاشفة
وفيه وصلت الاخبار بأن الطولقي الذي كان قاضي دمشق المالكي تزايد عليه الضيق فقال في بعض الاوقات لا بد لي من احد امور ثلاثة اما ان يظهر الجنون واما ان اقتل نفسي واما ان اكفر حتى تضرب عنقي وان اهل القاهرة من علماء المالكية تحركوا لهذا الكلام وعزموا على عرضه على المسامع الشريفة وانه لا تقبل توبته ولا بد من ضرب عنقه وانه عزم على الكفر وهو ردة في الحال نسأل الله تعالى ان لا يمكر بنا وان يقينا شرور انفسنا برحمته واستقر الحال على عزله
وفيه تواترت الاخبار بأن العرب الذين اخذوا الحاج انحازوا إلى
____________________
(1/156)
ناحية اذرعات وجعلوا لهم سوقا يبيعون فيها ما اخذوه ويخرج خلائق من دمشق يشترون منهم ذلك مع علم اركان الدولة بذلك اللهم قرب الفرج بمحمد وصحبه
ثامنه توفي شهاب الدين النابلسي العنبري من طلبة الشافعية رفقائنا كان يحفظ القرآن وله طلب في العلم لكنه اشغلته المعيشة رحمه الله تعالى وفيه توفي ناصر الدين محمد خادم المرحوم القاضي محب الدين رحمه الله تعالى
الخميس تاسعه سافر القاضي صلاح الدين العدوي إلى القاهرة وصحبته الاسلمي الذي كان سافر في العام الماضي مطلوبين بسبب شكاوى عليهما واخوف ما اخاف على العدوي دعاء الفقهاء والفقراء عليه بسبب الشامية البرانية وغيرها فقد منع المستحقين حقوقهم
يوم الجمعة دخل إلى دمشق زرافة ووقع الكلام مع بعض الفضلاء في امر حلها وان الشيخ محي الدين النووي ذكر في شرح المهدي انه حرام وان بعض الاصحاب قال انها متولدة من مأكول وغيره هذا كلامه وان الاذرعي قال ان هذا غير المنقول ثم نقل عن القاضي حسين والغزالي وابن القطان وغيرهم الحل ونقل عن بعضهم انها متولدة من الفرس والبقر والضبع وان الجوهري قال انها جمل الوحش وقال انه لم ير لها ذكر في كلام اصحاب الائمة الثلاثة وان قواعدهم تقتضي الحل وان ابا الخطاب الحنبلي قال بتحريمها ولعلي اجده من التنبيه كالنواوي وان صاحب التنبيه اعترض عليه من اتى بعده ثم قال والصحيح ان الصواب الحل ونقل عن ابن الرفعة ان بعضهم قال زراقة بالقاف وليس بشيء والزاي منها فيها الضم والفتح انتهى واصله للسبكي وسبق إلى ترجيح الحل ابن الرفعة ايضا والدميري معهم في ترجيح الحل
ليلة الخميس ثالث عشريه توفي شهاب الدين الشارعي الشاهد في
____________________
(1/157)
ابواب القضاة ودفن بتربة باب الفراديس كتب وصيته يوم الثلاثاء ودار بها على الناس ويوم الاربعاء بعد الصلاة استمر إلى عشيته في باب القاضي الشافعي رحمه الله تعالى
رجب مستهله الجمعة سابع عشري آذار الاثنين رابعه سلخ آذار سافر إلى القاهرة الشيخ شهاب الدين المحوجب الشافعي كتب الله سلامته وانجح قصده فانه بسمة خير
السبت تاسعه سافر عبد القادر العدوي ومحمد بن شعبان وقاسم البواب بالمرستان ومحمد الجابي النقاش ومحمد بن عبد الرزاق ومحمد ابن المؤيد وهم وهم من المطلوبين بسبب المرستان إلى القاهرة وصحبتهم سعد الدين القاصد في ذلك ثم يوم الاحد عاشره سافر القاضي نجم الدين الخيضري في ذلك ايضا بعد ان كان عزم على ان يسافر بعد ذلك صحبة القاضي الشافعي فما رضي القاصد
____________________
(1/158)
رمضان سنة تسع ماية
مستهله الاثنين سادس عشري ايار
اجتمع قاضي القضاة الحنفي محب الدين بن القصيف وقاضي القضاة الحنبلي نجم الدين بن مفلح وحضر معهما القاضي سراج الدين بن الصيرفي الشافعي نائب القاضي الشافعي ابن فرفور لكون مستخلفه غائبا بالقاهرة الآن وحضر شخص رأى الهلال ليلة الاثنين بين العشائين بالجامع الأموي فاتفق الحاضرون على ان سراج الدين يسمع شهادته فقال لا اسمعها الا بدعوى دين مؤجل باستهلال شهر رمضان فأقاموا مدعيا ومدعى عليه بالكذب فادعى بمبلغ عينه انه مؤجل بمستهل شهر رمضان هذه السنة وقد استهل وحل فقال المدعى عليه يثبت ما يدعيه فشهد الشاهد برؤية الهلال هذه الليلة فطلب التزكية فزكي فصرح بالثبوت وحكم بالدين وهذا خطأ من وجوه احدها طلبه مدعيا فيما هو حق الله تعالى ليس بشرط بل قال بعض اصحابنا انه لا يسمع فيه الدعوى وهذا حرام عليه سماعه وقد صرح الشيخان وغيرهما بان من جملة ما تسمع فيه شهادة الحسبة الهلال ثانيها اقامة هذه الدعوى التي هي كذب وهذا حرام عليه سماعه حيث علم انه لا حقيقة له ثالثها الالزام بالدين بناء على شهادة الواحد باطل لان مذهبنا اذا صح العمل بقول الواحد محله في الصوم فقط اما
____________________
(1/159)
في حلول الدين ونحوه فلا بد من النصاب
رابعها ان قول المدعى عليه في جواب المدعي شهد الشهر جوابا صحيحا ولا يجوز سماع البينة حتى ينكر او يعترف فينقطع النزاع
خامسها ان الدين لم يتعرض لأصل المدعى عليهما ايضا بإنكار ولا اعتراف وبنوا سماع البينة التي هي الواحد في الصوم على قوله يثبت وشهد برؤية الهلال وما تعرض للدين وليتأمل المتصف ان هذه واقعة بحضرة الجم الغفير من الخاص والعام فكيف بأفراد الدعاوى التي يستقل الواحد من هؤلاء بالحكم فيها والحال ان هذا القاضي في حدود الثمانين سنة فالحمد لله على كل حال والقاضيان لم يتعرضا لظنهما ان مثل هذا عنده في مذهبه سائغ ثم تحرر ان قاضي القضاة الحنبلي انكر في المجلس اقامة الدعوى افتعالا
اوله سافر القاضي رضي الدين الغزي إلى القاهرة بسبب الطلب سادسه مستهل حزيران وصل القاضي رضي الدين راجعا إلى دمشق بمرسوم لأجل المرستان لئلا يتعطل بعد ان كان وصل إلى مرج بني عامر
حادي عشره توفي محب الدين محمد ايوب نائب القاضي الشافعي السبت ثالث عشره ضحوة النهار توفي الشيخ القدوة العلامة المحدث اللغوي العابد الزاهد الفرد الجامع برهان الدين ابراهيم التاجي الشافعي جاوز التسعين وصلى عليه شمس الدين بن البزة ودفن بمقبرة باب الصغير قبال قبر سيدي معاوية من جهة الغرب فاصل بينه وبين قبره الطريق وكانت جنازته هائلة حضرها الخاص من أهل البلد والعام ولم
____________________
(1/160)
يخلف مثله في جمعه للعلوم ونهضته في العبادة وصبره على التقلل من الدنيا رحمه الله تعالى وظهر وقف كتبه من سنة سبع وتسعين وثمانماية على طلبة العلم وان النظر فيها لشمس الدين بن البزة واضاف اليه قبل موته جماعة منهم شيخنا القدوة شهاب الدين المحوجب والله يلطف ويدبر ويختم لنا بخير آمين
يوم الجمعة عاشره اغلق نائب قلعة دمشق ابواب القلعة ونصبوا على نواحي القلعة المجانيق واستدعوا القلعية للرمي على الكافل والكافل جالس في الاسطبل لا يتحرك من بكرة إلى وقت الصلاة وخرج إلى الصلاة ماشيا ومعه رجلان فصلى بمسجد برأس جسر الزلابية ثم رجع واغلقت الاسواق واضطربت البلد وحط الحال على ان سبب ذلك نزاع حصل بين قطج دوادار الكافل وبين خازندار نائب القلعة فاجتمع الامراء بعد الصلاة واخذوا نائب القلعة إلى الكافل فألبسه خلعة ولنقيب القلعة خلعة وسكن الحال ثاني عشريه دقت البشائر لوصول الخبر بأن السلطان كان قد مرض ثم تعافى ونودي بالزينة فزينوا الاسواق واستمر ذلك إلى تاسع عشريه ورفعوا الزينة فعشيته جاء المرسوم بالزينة فجددوا ايضا نسأل الله حسن العافية
تاسع عشريه كان ختم مسند الشافعي بجامع نخلة بكرة النهار بالايوان الشمالي بقراءة الشيخ عيسى الغرابي وحضر الفضلاء ووقع الكلام في امر الانصار ومآثرهم وذريتهم الموجودين الآن بالقاهرة وكان مجلسا حافلا نسأل الله تعالى الاخلاص والقبول بحق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ليلة الثلاثين حصل قبل العشاء حريق تحت القلعة استوعب جسر الزلابية وسوق النحاسين غربيه إلى تربة
____________________
(1/161)
ارغون شاه ومن الشرق إلى مسجد النخلة واستوعب في العرض سوق اللحم وما اصابه من البيوت فلا قوة الا بالله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد بفضله وكرمه لا راد لأمره ولا معقب لحكمه
____________________
(1/162)
شوال سنة تسعماية
مستهله الاربعاء يوم عيد الفطر خطب بالجامع الأموي سراج الدين بن الصيرفي نائب القاضي الشافعي خامس عشري حزيران
يوم الجمعة ثالثه خطب بالجامع الأموي ابن الصيرفي فحصل له في آخر الخطبة الثانية اغماء وصعد اليه بعض جماعته فمسكوه وهو مطروح في درج المنبر وصلى الجمعة بالناس شخص يسمى ابن ام الحسن بواب دار الحديث الاشرفية ثم عقب الصلاة استيقظ وذهب به إلى منزله
وفيه قيل انه وصل مرسوم بالقبض على شهاب الدين احمد بري ووضعه بالقلعة فغيب وما وجدوه وما تحرر السبب في ذلك والله يهدي المسلمين الاربعاء ثامنه سافر القاضي رضي الدين وابو الفضل الذهبي إلى القاهرة وسافر معهم فواز الذي كان مباشر العمال نيابة عن القاضي نجم الدين الخيضري فسبحان الفعال لما يريد
الخميس سادس عشره توفي قطب الدين الحلبي كان من التجار وله ترداد إلى الحكام وكان فيه تعلق على وظائف الحنفية الركنية بالصالحية
____________________
(1/163)
وغيرها وصار له نظر عليها فلما توفى تقرر فيها القاضي الحنفي والسيد الموقع وابن القاضي الشافعي السبت ثامن عشره توجه الحاج ولم يخرج من دمشق احد الا بعض تجار وانما جاء من الناحية الشمالية فرقة يسيرة وفرقة اخرى من اهل الروم وتوجه من العسكر فوق المايتين باللبس الكامل واميرهم يلباي امير كبير وتوجه القاضي محمود بن قاضي اذرعات قاضي الركب احسن الله العاقبة
الثلاثاء حادي عشريه وصل كتاب من بعض الاصحاب من القاهرة بأنا نتوجه وصعب علي ذلك وهو ممن لا يمكن مخالفته فتوجهت يوم السبت خامس عشريه ووصلت إلى عزة صبيحة يوم الخميس سلخه واتفق وصول شيخ الاسلام كمال الدين بن ابي شريف الشافعي بارك الله في عمره عشيته ومعه قضاة بيت المقدس بسبب اختلاف حصل بين كافل غزة وبيت المقدس
ثم وصل الخبر من القاهرة إلى غزة في هذا اليوم بأن القاضي كاتب السر الشريف بالقاهرة المقر البدري بن مزهر سدد الله اقواله واحواله توجه إلى الحجاز الشريف حاجا وصحبته من خرجت اشارته الكريمة بالتوجه للقاهرة واشار الشيخ كمال الدين بالرجوع معه إلى بيت المقدس وانشرح الصدر لذلك وكان النزول بغزة في الجامع الذي عمره الامام الاعظم
____________________
(1/164)
بها وكان مع الشيخ جماعة من فضلاء بيت المقدس واحسن سيدي العلامة جلال الدين وشيخها العلامة شمس الدين بن ابي اللطف فحكى لي مسائل في الفقه مشكلة
سابع عشريه دخلنا مسافرين إلى جلجوليا واجتمعنا بالشيخ القدوة العظيم الشهاب محمد الغزاوي تلميد الشيخ الرباني الجامع للعلوم شهاب الدين احمد بن رسلان الرملي الشافعي وهذا الشيخ محمد على طريقة عظيمة من ملازمة الذكر والعبادة واطعام الواردين والتوسعة على خلق الله تعالى جعل الله في حياته البركة آمين
____________________
(1/165)
قرة الناظر بأخبار القرن العاشر بسم الله الرحمن الرحيم سنة احد وتسع ماية
استهلت يوم الاحد الخليفة السيد عبد العزيز بن يعقوب العباسي والسلطان بالديار المصرية والشام وحلب والحجاز وغيرها قايتباي الظاهري الملك الاشرف واتابك العساكر بمصر تمراز الظاهري مع انه ما لبس الخلعة وسيأتي تاريخ لبسه لها وامير سلاح تنبك الجمالي الظاهري وامير مجلس ازبك الخازندار الظاهري ورأس نوبة النوب تاني بك قرا الاينالي وحاجب الحجاب اينال الخسيف وكلهم لم يلبسوا الخلع وانما سمي لهم ذلك وامير آخور كبير غيب وإلى الآن ما علم خبره ولم يدل مكانه احد والدوادار الكبير آقبردى من اقارب السلطان وهو استادار ووزير
____________________
(1/166)
وقضاة القاهرة شيخ الاسلام قاضي القضاة زكريا الشافعي وقاضي القضاة بدر الدين الاخميمي الحنفي وقاضي القضاة شمس الدين بن التقي المالكي وقاضي القضاة بدر الدين السعدي الحنبلي وكاتب الاسرار الشريفة بدر الدين محمد بن زين الدين بن مزهر الشافعي وناظر الجيش شهاب الدين احمد بن يوسف وناظر الخواص نور الدين بن الصابوني وهو ناظر الكسوة
ونائب الشام قانصوه اليحياوي الظاهري والقضاة بدمشق شهاب الدين بن فرفور الشافعي ومحب الدين بن القصيف الحنفي ونجم الدين محمد بن مفلح الحنبلي وقضاء المالكية لم يستقر فيه احد وكاتب السر بدمشق محب الدين الاسلمي وناظر الجيش تمربغا السيفي قجماس والحاجب الكبير قرقماس التنمي السيفي ونائب حلب اينال الاشرفي
المحرم الخميس ثاني عشره البس قانصوه الشامي خلعة بنيابة حماة
تاسع عشره لبس ابن فرفور خلعة ونزل من قلعة الجبل إلى البيت الذي استأجره جوار بيت شهاب الدين الكركي ببركة الفيل من القاهرة
خامس عشريه وصل الحاج المصري ومعهم القاضي كاتب السر الشريف بالممالك الاسلامية
سادس عشريه وصل جلال الدين الولد إلى القاهرة في اوله اطلق شمس
____________________
(1/167)
الدين محمد الطولقي المالكي من الترسيم بعد سنة ونحو ثلاثة اشهر
صفر مستهله الثلاثاء ليلة خامس عشره خرجت من القاهرة إلى دمشق ودخلت اليها يوم الاحد سابع عشريه بعد ان تراميت على الشيخ محمد الغزي بجلجولية في الاستقرار بها او في مكة او القدس
عشريه وضع الكافل مباشري المرستان في الترسيم على عشرين الف دينار الزموا بها في ذمتهم في القاهرة وزاد تعطل المرستان والضعفاء ثم استقر امرهم على عشرة واطلقوهم
ربيع الاول مستهله الاربعاء الثلاثاء رابع عشره مستهل كانون الاول الاحد تاسع عشره اجتمعت بالشيخ الامام المحبي برهان الدين بن شريف قدم من حلب ونزل بالمدرسة المقابلة لباب السلسلة من جامع دمشق قاصدا بيت المقدس ثم القاهرة ودرس في مسائل منها لو كان الموقوف في محلة خربت وهو من جملة اماكن فهل يعمر من ريع الوقف او لا لانه لا فائدة فيه فان الصورة ان المحلة لا يسكنها احد فذكر الشيخ برهان الدين ان اوقاف مصر التي تحت نظر القاضي الشافعي الآن حصل فيها هذا وانه افتى بمنع العمارة وتابعه جماعة وان قاضي القضاة زكريا الشافعي لم يلتفت إلى ذلك وعمر والذي افتى به الجماعة ظاهر ومنها انه لو تصادق اثنان على شيء ثم رفعا التصادق وابطلا حكمه فقال ان هذا الثاني صحيح وان بعض اهل عصره من مصر خالف قال هذا كما لو اكذب المقر له المقر وقال ان المسألة بعضها مسطورة فلتراجع ومنها لو اتلف شيئا في نقله مؤنة وظفر المالك بالمتلف له في غير بلد المتلف اخذ منه العين وقال انه غلط في ذلك جماعة في مصر في واقعة وقعت ثالث
____________________
(1/168)
عشريه توفي الشيخ عماد الدين اسماعيل بن محمد السيوفي المعروف بخطيب السقيفة والد صاحبنا رحمهما الله تعالى ودفن بجانب ولده في مقبرة الشيخ رسلان خارج باب شرقي سبحان الحي الذي لا يموت ربيع
ربيع الآخر مستهله الجمعة الجمعة خامس عشره مستهل كانون الثاني ولم تمطر بدمشق إلى الآن الا رشة اللهم فرج وقد ارتفع سعر القمح إلى نحو الثلثمائة درهم الغرارة والشعير باق على حكمه نحو ماية الغرارة لكن الامور بدمشق بخير نحمد الله تعالى
الاحد رابع عشريه ختم مدرس الشامية الدرس فيه تولى شادبك مقدم الف بالقاهرة امير آخور عوضا عن قانصوه خمسمائة
جمادى الاولى مستهله الاحد أوله سافر نائب القلعة إلى القاهرة بسبب اختلافه مع ناظر الجيش ليلة الاربعاء سابعه وقع مطر متواصل طول الليل واصبح كذلك وكان المطر منقطعا من اول صفر وهذا اليوم هو يوم العشرين من كانون الثاني سلخ الاربعينية فالحمد لله نسأله توالي فضله سبحانه وتعالى الثلثاء عشره مستهل شباط
في عشريه وصلت الاخبار بأن سلطان الدين حسن بن زبيري دخل في ربيع الاول من هذه السنة إلى المسجد الشريف بخيله ورجله وغلق الابواب وضرب الطواشية واخرجهم وكسر القبة واخذ كل ما فيها من نقد وقناديل ذهب واراق الزيت وكان النقد نيفا وعشرين الف دينار والقناديل نحو قنطار وقصد ولده الهجوم على موضع القبر الشريف واخذ ما فيه من القناديل وغيرها فأخذ على يده بعض جماعتهم وكسر خزائن الخدام كلها واخذ ما فيها وجمع الصواغين والحدادين بالقلعة فسبكوا
____________________
(1/169)
ذلك واخاف اهل المدينة ثم خرج مع العرب هاربا فكتب بذلك إلى السلطان فأرسل إلى سلطان مكة محمد بركات خلعة وامره ان يقيم عشرة هذا ما تحرر من كتب النجاب فكانت حميته للمدينة الشريفة كحميته للحاج فيما مضى فإنا لله وانا إليه راجعون
ثالث عشريه الاثنين وصل من القاهرة الشيخ ابو بكر الدليواتي القادري ونزل بالثابتية واخبر بأن الامير قانصوه خمسمائة الذي من حين غيب في ذي الحجة من السنة الماضية كان مستترا في بيت صهره الشيخ سنطباي القادري من عتقاء يشبك الدوادار وانه كان على طريقة حسنة من ملازمة الصوم والصلاة والذكر والخلوة ويلاقي الفقراء وغيرهم بالعيش في كل ليلة ويأكل في زاويته قرب باب النصر خلائق والحاصل انه في طريقة عظيمة غريبة واستمر الشيخ ابو بكر بالثابتية اربعة ايام تردد اليه الاتراك كلهم حتى الكافل وخلق الله وهو يخبرهم بذلك وانه شفع فيه عند السلطان وانه قبل شفاعته وانه خرج ليلا في اوائل هذا الشهر من هذا المكان إلى منزله نفسه بين اهله ومماليكه مستترا وانه خرج من القاهرة على ذلك فسئل رفيقه الشيخ ازبك عن ذلك فقال لم نسمع بهذا الكلام في القاهرة ولا منه في الطريق ثم انتقل من الثابتية إلى مكان بسفح قاسيون يسمى تل الشيخ سعيد ومعه جماعته واكرمه الكافل وارسل له فرشا إلى هناك وكان ارسل له هدية عند قدومه واهل دمشق الآن في اضطراب بسبب هذا الخبر ثم انكشف الحال عن كذب الدليواتي في كل ما اخبر به
____________________
(1/170)
وانه خرج من مصر هاربا من جنايات اوقع نفسه فيها
جمادى الآخرة مستهله تحرر الاثنين خامس شهر شباط الخميس ثانيه سافر الشيخ ابو بكر الدليواتي إلى حلب وكل من انفصل من القاهرة بعده يقول لم نسمع لقانصوه خبرا اصلا وهذا الشيخ ابو بكر لعله ناهز السبعين وهو ملازم مع جماعته على الذكر والعبادة يقوم الثلث الاخير هو وهم مواظبين على ذلك غالبا لكن له شطحات ودعاوى من الكشف وغيره وله في ذلك حكايات كثيرة متواترة بين معتقديه من اهل وغيرهم ويستحضر من كلامه الصوفية جملا كثيرة في مواضعها وله همة كبيرة في أموره ويقرر كلام ابن الفارض على وجه موافق لطريق الشريعة الغراء والله تعالى متولي السر سبحانه وتعالى سابعه وصل قاصد الكافل بأن تستمر امرية الحاج في حسابه يرسل فيها من يختاره من جماعته
وفيه وصل جماعة كما اخبرني خشكلدي البيسقي من الاتراك من القاهرة واخبروا بأن قانصوه خمسمائة في القاهرة موجود مختفيا وان السلطان علم بموضعه وانه قبل فيه شفاعة الشيخ ابي بكر المذكور
الاربعة ايام من شباط وقع فيها المطر ليلا ونهارا بعد ان كان الناس قد ايسوا من المطر ثم كثرت الامطار في العشر الاوسط من آذار في نواحي البلد
فيه وصل تاج الدين ديوان القلعة ثم وصل بعده بأيام يسيرة يخشباي نائب القلعة ووصل المرسوم ان يحرروا على ما اخذ من الناس
____________________
(1/171)
ظلما وعقدت له مجالس ومنها مجلس بجامع يلبغا سلخ هذا الشهر وحضر من اخذوا منه ظلما من نواحي البلد بسبب الشعير وكلهم يقول ان المشتكى منه عيسى الطحان اراح الله البشر منه وهو ظالم معتد وكلما حضر احد يكتبون اسمه وما اخذ منه وتاج الدين المذكور متصد لمحاققته والتجريد على القضاة واركان الدولة ونعم ما فعل جزاه الله خيرا
الاحد رابع عشره اول آذار ارسل إلى صاحبنا الشيخ العلامة محب الدين ابو الفضل بن الامام الصفدي الشافعي احسن الله عاقبتنا وعاقبته ما صورته ** وصوفية الاخلاص لا شك فيهم ** وكل امام للأنام على هدى ** ** كذا قاله جمع الجوامع والذي ** ارى انه اخطأ المقال وابعدا ** ** بل الحق فيهم مخطر ومضلل ** فخير لهذا الحر يسلم من الردا ** ** وان لم يكن بد من القول فيهم ** فأربعة الاشياخ حقا على هدى **
المسؤول تحرير هذه المقالة والارشاد إلى الصواب فيها الجواب ان القضية لها وجهان احدهما ان الامام المجتهد في نفسه هو على هدى لانه ان اخطأ فله اجر وان اصاب فله اجران بينما ان كل واحد منهم لا يلزم ان يصيب في كل ما ينظر فيه ويؤدي اليه اجتهاده ولهذا نحن نعتقد ان الشافعي مقالته هي الصواب مع احتمال غيره وان من خالفه على غير الصواب مع احتمال غيره فاشتبه على الشيخ الناظم جهة بجهة سامحه الله تعالى وهذا الجواب كتبته الآن بعد موته رحمه الله تعالى وعفا عنه وجمع بيننا وبينه في مستقر رحمته بحق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
يوم الاثنين خامس عشره لبس ناظر الجيش بدمشق خلعة وردت على يد صاحبه جاني بك
____________________
(1/172)
رجب سنة احد وتسع ماية
أوله الاربعاء حضر اركان الدولة بجامع يلبغا والقضاة بسبب نائب القلعة في ضبط ما وجده على يد عيسى الطحان وابن زينون الكيال وغيرهما ثم اجتمعوا مجالس اخرى وشكي على خلائق وعلى عيسى الطحان وابن زينون الكيال آخر يوم الخميس تاسعه وهو باق في الترسيم بالقجماسية قريب دار النيابة
الخميس تاسعه وصل من القاهرة السيد كمال الدين محمد عز الدين حمزة العلامة ابن العلامة من كبار علماء الدهر اطال الله في عمره
الخميس سادس عشره اول نيسان
الاثنين عشريه دخل محب الدين محمد كاتب السر بدمشق من القاهرة متوليا وظيفته باقيا عليها لابسا خلعته ونزل ببيته داخل باب توما قريب القيمرية
الاثنين سابع عشريه لبس قطج مملوك الكافل خلعة بأمرية الحاج احسن الله العاقبة له ثم استقر الحال في امرية الحاج على شخص من جماعة الكافل يسمى يشبك
____________________
(1/173)
ليلة الاربعاء تاسع عشريه ويوجد مطر غزير عظيم نافع ان شاء الله تعالى وهذا اليوم هو رابع عشر نيسان وقل ان يقع مثل هذا المطر العظيم في مثله سؤال طلب منه ان يبرئه من الدين لفقره فقال تركت الاجر على الله فهل تحصل البراءة اجيب الظاهر ان هذا كناية في البراءة فإن نوى حصلت البراءة والا فلا
خامس عشره توفي قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن شهاب الدين احمد عربشاه الانصاري الحنفي بالقاهرة كان تولى قضاء دمشق مدة ثم عزل وتوجه إلى القاهرة إلى ان توفي بها كان مشاركا في الفقه والعربية والعروض متقنا علم الفرائض رحمه الله تعالى برحمته الواسعة ولي قضاء دمشق مرة وما حمدت سيرته
شعبان سنة احدى وتسعماية مستهله الجمعة سادس عشر نيسان ثانيه توفيت عتيقة ابن المغربي وانتقلت الجهات التي كانت وقفا عليها إلى المرستان النوري
الاثنين رابعه سافر برهان الدين المقبلي إلى الطور ثم الحجاز
الاثنين حادي عشره كتب كتاب نجم الدين بن الملاح على بنت محمد سالم صاحبنا شيخ المسطبة على بركة الله تعالى
الاربعاء ثالث عشره وصل قاصد الكافل باستمرار امرية الحاج متعلقة بالكافل يقيم فيها من يختار وبعزل يخشباي من نيابة القلعة فخرج منها واطلق من الترسيم وسكن بيت ابن الترجمان قرب باب توما ولم يسمع ما رسم به من جهة المال الذي كتبوه عليه واحضروه للسلطان ثم اخبرني القاضي صلاح الدين ان ما ثبت عليه يورده دون ما انهي عنه ولم يثبت ثم تحرر ان السلطان اعرض عن مطالبته بشيء وفي هذا الشهر حصل قلقلة بسبب بناء في البقاع قريب من قرية يقال لها بدا وذكروا ان شخصا كان مقيما بدار في القرية كان قائلا يقول له اذهب إلى المكان الفلاني واظهر
____________________
(1/174)
قبري وابن عنده ففعل هذا وبنى مسجدا بجانب القبر متسعا فانحاز الناس اليه واقبلوا عليه واخذ الناس يشيعون ان من ذهب اليه وهو اعمى يبصر او زمن يقوم او به داء يبرأ فذهب خلائق بهذا الصدد ورجعوا كما ذهبوا فانكر ذلك شخص يدعى الشيخ ابراهيم الدسوقي ولم اولاده وجماعته يقيمون الشتائم على خادم المكان وانه يقول معجزات هذا النبي اعظم من معجزات محمد صلى الله عليه وسلم وانه يجتمع الرجال والنساء بالمكان إلى غير ذلك فحضر الحاج وانكر كل ذلك ثم رفعت القضية إلى الشيخ القدوة تقي الدين بن قاضي عجلون الشافعي فلاطف هذا الحاج وجماعته ان يهدموه فتعللوا انه لا يمكنهم ذلك ومشايخ البلاد والناس يمنعونهم ذلك ثم اجتمع الفريقان عندي بالجامع الأموي وانهى الحاج وجماعته عن الشيخ ابراهيم ان ولده هو الذي حرك هذه القلقلة لكونه تشوف إلى اخد شيء من ما يأتي من الناس من الفتوحات وانكر الشيخ ابراهيم ذلك وجماعته واكدوا في سؤال هدم المكان ولم يظهر لي هدمه بعد اعتراف بانيه انه مسجد فقيل قد قال الفقهاء لو تعطل المسجد في موضع خراب وخيف من اهل الفساد على نقضه نقص وحفظ وان رأى الحاكم ان يعمر به مسجدا جاز والاقرب اليه اولى فليكن هذا مثله بجامع الفساد فقلت لا مشابهة بينهما اصلا بل ان يثبت حصول فساد يسعى في ازالته ويستمر المسجد مثل الارض التي بني عليها بأي وجه بني عليها وهي لبيت المال قلت قد أخبر مقطعو البلد أولاد المشموشي أن موضع القبر كان مرجة ما تزرع فالظاهر انه موات وانما هؤلاء اقاموا هذه الصورة ليفتنوا الناس قلت قد اخبر خلائق ومنهم مقطعو البلد انه كان هناك قبر قديم وانهم يعرفون ذلك من حين ميزوا نحو خمسين سنة يتحدث الناس انه قبر نبي واخبرني في هذه الايام ان المرحوم الشيخ العلامة الرباني
____________________
(1/175)
شهاب الدين بن ارسلان الشافعي الرملي رأى ببيت المقدس في النوم اشارة إلى ان يبني في الموضع الفلاني على قبر رابيل النبي وعندما اصبح شرع في ذلك وعمر وان الشيخ ابا القاسم النويري انكر عليه وبشع العبارة في التشنيع عليه ثم ان ابا القاسم رأى في منامه ان النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جماعة قاصدين زيارة رابيل وانه قصد السلام على رسول الله فاعرض عنه وعاتبه من جهة انكاره على الشيخ ابن رسلان فاصبح واتى اليه واعتذر وزار
وفي واقعتنا هذه قال بعض الفضلاء يهدم البناء المذكور وان كان مسجدا كما قطعت الشجرة التي حصلت المبايعة تحتها واتفق عليه اهل ذلك الزمن خوفا من الفتنة بها فأجبنا بأن المسجد تعلق به حكم شرعي متعلق بجميع المسلمين فتزال المفسدة ان كانت ويبقى المسجد وسيأتي في سابع عشر شهر شوال أنه كتب فتوى صورتها أن المسجد بني في ارض القرية بغير اذن الامام فهل يهدم فأجاز الجماعة المذكورون انه يهدم ووافقتهم فكتبت بذلك
ثم حضر إلى ابن خطيب المعضمية والشيخ محمد البصير امام جامع منجك وذكر ما في هذا المكان بالبقاع من المفاسد واختلاط الرجال بالنساء في مكان ضيق بهم مسفرات عن وجوههن وقبائح اخرى كثيرة فلا قوة الا بالله تعالى
وفيه حصل بين الكافل وبين امير كبير وحاجب الحجاب ودوادار السلطان كلام بدار العدل بسبب مسموح الدورة طلبوه منه فأبى وقال علي كلفة سفر الحاج وقاموا بغضب من المجلس بعد مراددات طويلة
شوال السبت عشريه توفيت ام شيخ الشافعية تقي الدين بن قاضي عجلون وكان لها ايام متوعكة وهي في حدود التسعين وتقدم للصلاة
____________________
(1/176)
عليها بالجامع ولدها ثم صلي عليها مرة اخرى قبل الدفن بمقبرة الباب الصغير ثامن عشره سافر الركب الشامي إلى الحجاز واميرهم يشبك مملوك الكافل وجهز الكافل معه من العدة نحو المائة وخرج حاج كثير اروام وحلبيون ولم يحج من دمشق الا القليل والناس متخوفون عليهم من حيث ان عامر لما عزل وولي جانبيه ربما تجمع على الحاج ولكن يسلمهم الله تعالى ولم يحج من اعيان دمشق احد وقاضي الركب لم يسافر ولم يسافر احد من الفقهاء فليس معهم قاض الاربعاء رابع عشريه جاءت الاخبار بأن منزلة المزيريب حصل فيها رخص عظيم بحيث ان القمح ابيع كل كيل بعشرة واثني عشر والشعير ونحوه بسبعة والطحين كذلك وان جميع البضائع ارخص من دمشق بدرجات وحصل الخير العميم وما رأوا ما يكرهون وكان الناس متخوفين عليهم من عامر لكون جانبيه لبس خلعة الامرة يسأل الله من فضله ان يمدهم بالعون والامان وقيل ان العرب باعوا مما كانوا اخذوه من الحاج في سنة تسع وتسعين وثمانماية فلا قوة الا بالله تعالى
ذو القعدة مستهله الاربعاء ثم تحرر الثلاثاء فيه حصل بين قاضي القضاة الحنفي واخيه تاج الدين وبين رسول في بابه يقال له ابو بكر القدسي قلقلة وارسل إلى بيت الحاجب ووقع منه مرافعات قال في بعضها انه حصل عشرة آلاف دينار في هذه الولاية ونسب ذلك إلى اخيه تاج الدين ومن المصائب العظام تقريب مثل هذه الاراذل ويبنى عليها مفاسد لا تنحصر نسأل الله تعالى ان يصلح احوال المسلمين
سابعه توجه فرقة من عساكر النائب قيل لأجل نصرة جانبيه امير
____________________
(1/177)
العرب لكون عامر جمع عليه ليقاتله ثامنه وصل من القاهرة سيدي الشيخ العلامة القدوة شهاب الدين بن المرحوم القدوة زين الدين عبد الرحيم التلعفري المعروف بالمحوجب الشافعي وكان توجه في رجب من السنة الخالية وحصل بتوجهه خير للمسلمين فإن مقاصده حسنة ويتكلم في اجراء الخيرات مع اركان دولة السلطان من الاتراك والمباشرين وقد وهبه الله تعالى القبول منهم بدعاء سائر خلق الله مد الله في عمره ونزل بمنزله المبارك بالقبيبات بميدان الحصى ووصل في خدمته الولد جلال الدين كان توجه في آخر المحرم هذه السنة ووصل مع القاضي شرف الدين محمود بن قاضي اذرعات والسيد كريم الدين بن عجلان وحكى لي ونحن راجعون من ملاقاة احمد بن عجلان المذكور عما يفعله مماليك السلطان الآن من الحركات النافعة في الحروب وان اكثرها مبتكر لم يتقدم لأحد منها
وفي ملاقاة الشيخ شهاب الدين المذكور صحبنا الشيخ صدر الدين الموصلي نفع الله به وبسلفه الصالح
عشره توجه فرقة اخرى من العسكر لتقوية جانبيه امير العرب احسن الله تعالى العاقبة
خامس عشره رجع العسكر وقد كسرهم عامر وجماعته وانحاز إلى عامر ابن مساعد وفرقته وابن اسماعيل وفرقته ثم ان الكافل احضر مشايخ البلاد فحضر عساف بن الحنش وابن عمه ناصر الدين محمد الحنش وابن الحرفوش وابن علوطة ومقدم التيامنة ابن الشهاب وابن معن ونزلوا بالميدان ونزل بعضهم بوطاق وبعضه بأرض السمرية وبستان الدور بسبب قضية العرب احسن الله العاقبة
____________________
(1/178)
خامس عشره وصل الخبر بان المماليك تحركوا على الدوادار الكبير بمصر وان السلطان عزله من الوزارة والاستادارية ووصل المرسوم بان الخاصكية بدمشق وغيرها يرجعون إلى مصر ومنهم سنباي المبشر بدمشق والناس يثنون عليه ثناء جميلا فتهيؤا للسفر
عشريه حضر قانصوه الألفي الذي كان محبوسا بقلعة صفد فتسحب منها في اوائل هذا الشهر فحضر الآن على كافل دمشق على يد سنباي المبشر ونزل عند سنباي المذكور وجهز قاصدا بسببه إلى السلطان احسن الله العاقبة
خامس عشريه اجتمع اهل الصالحية وجاؤوا إلى الجامع واجتمعوا بالشيخ القدوة تقي الدين بن قاضي عجلون بسبب فقد شخص من الصالحية يقال انه قتل قالوا فرمي على اهل الصالحية الف دينار بسببه فروجع الكافل فقال انا ما اعمل الا بالشرع وكأنه اشار إلى ما ذكره له بعض الحنفية انه إذا وجد قتيل بمحلة لم يعرف قاتله تؤخذ الدية من اهل المحلة ففي هذه الواقعة لم يعلم موته وورثته يقولون لو مات فقاتله فلان وفلان اعداؤه لا غريم لنا غيرهم ومضى هذا اليوم ولم يتحرر في القضية امر
وفي هذا اليوم عرض كمال الدين محمد بن الشيخ العلامة ابي الفضل الصفدي يعرف والده بالامام عشرة كتب في عشرة علوم الفها والده والجماعة متوقفون في امرهما اما الولد ففي نهاية الحذق والحفظ حرسه الله تعالى واما المؤلفات فعليه فيها مؤاخذات كثيرة بسببها حصل التوقف ثالث عشري القعدة حضرنا الشامية البرانية ثم حضرنا الشامية الجوانية مع السيد كمال الدين بن السيد حمزة الحسيني درسها نيابة عن
____________________
(1/179)
القاضي ناظر الجيش بمصر واخيه وابن جمال الدين يوسف وبدأ بكتاب الدعوى والبينات وتكلم بكلام محرر من علوم متعددة
وفيه اذن للمقدمين بالسفر إلى بلادهم الا عساف بن الحنش بعد ان قرر على كل واحد منهم مال فخربوا نواحي دمشق وذهبوا لتخريب البلاد البرانية فلا قوة الا بالله تعالى
خامس عشريه وصلت الاخبار بوصول قانصوه الشامي نائب حماه إلى دير زينون باهله وجماعته ليتلاقى مع الخاصكية بدمشق إلى المنية وحصل الخبر بان قانصوه خمسمائة ظهر بالقاهرة ولبس خلعة واستقر في منزله احسن الله العاقبة
رابع عشريه توفي شهاب الدين احمد بن طالو نقيب الجيش كان عنده رفق بالناس ويدفع الظلمة كثيرا عن الخلق لكنه كان مسرفا على نفسه ودفن بمقبرة الصوفية قبلي الميدان رحمه الله تعالى وخلف ستة بنين كبار وذهب اربعة منهم إلى القاهرة للسعي في وظيفة والدهم نقابة الجيش ثامن عشريه فرغ الدرس بالشامية البرانية وقرئ في هذا الشهر درسان فقط وحضر جماعة قليلون لما اشيع ان التفرقة السنة لا تحصل لأن المغل قليل والعنب اجيج والسفرجل ما حمل وفي هذا الشهر رتب الكافل من يجمع من الناس مالا لأجل المشاة لتخرج للعرب قبيل خروج الحاج فبدأوا بأهل قبر عاتكة واخذوا من الشاغور والصالحية واما اهل القبيبات فتوقفوا و إلى الآن لم يؤخذ منهم شيء اللهم احسن العاقبة
____________________
(1/180)
سلخه توفي الشيخ البركة بدر الحلبي اصله من الباب من قرب حلب وقدم دمشق من نحو سبعين سنة وكان عمره آنذاك فوق الثلاثين واستمر بدمشق يتجر بسوق جقمق ويقيم الوقت بالمسجد القريب من التوريزي في كل ليلة اربعاء ثم كان يغسل الموتى ثم تنقلت به الاحوال إلى ان عجز واقام ببيته ملازما للتلاوة والذكر والخير وكان سليم الفطرة ومن حين نشأت اجتمعت به فلم اسمعه قط يذكر احدا بسوء ولا يقع من لفظه قط الا ما يتعلق بالدار الآخرة وذكر الموت ونحو هذا مما لوحظ في مجالسه في آخرته وقد جاوز المائة ولم يبق الآن بدمشق من جاوز المائة الا رجل آخر يقال له المكشوف بالمسجد المجاور للقجماسية شرقي دار النيابة وخلف الشيخ بدر ثلاثة اولاد احدهم الشيخ محمد نشأ على خير ملازم لحانوته بسوق جقمق يتجر ويخرج الزكاة كما تدل نزعته ولا يدخل فيما لا يعنيه قط ولا يخالط احدا ولا يعرف له ما ينقم عليه به في دينه قط مولده قبل الاربعين وثمانمائة ودونه الشيخ احمد يخالط الناس ويعاملهم وحصل اموالا جزيلة ثم عامل من اكلها عليه وعجز عن خلاصها منهم وكان قد وقعت له محنة تكلف بسببها مالا فسمعته يقول في بعض المجالس ان الذي غرمه يحسبه من الزكاة ويدعي ان هذا مذهب ابي حنيفة وقد سألت عن ذلك من يوثق به من الحنفية فقال ان مذهبهم ان الرجل إذا نوى عند الدفع انه من الزكاة وقع عنها ورأيت في بعض كتبهم تعليله
____________________
(1/181)
وهذا مولده عقب وقعة الجكمي في حدود سنة اثنتين واربعين وثمانماية ودونه الشيخ ابو بكر يتجر بسوق جقمق يتعاطى احتكار الاقوات وله جماعة يشترون له سرا ويشاركهم واذا سئل عن ذلك يحلف بالايمان المغلظة انه ما يفعل ذلك وهو اصغر من الشيخ احمد بنحو ثلاث سنين وخلف الشيخ بدر بنات ايضا مزوجات ولهن اولاد سمعت الشيخ ابراهيم الطيان يحكي عن الشيخ شهاب الدين بن قرار رحمه الله يقال انه قال ان اولاد الشيخ بدر اناثهم خير من ذكورهم صلي عليه بجامع مسلوت خارج باب الجابية ودفن بمقبرة الحمرية غربها بقبلي قريب بستان حمود رحمه الله تعالى
ذو الحجة مستهله الاربعاء فيه جاء الخبر بان قانصوه الألفي وقانصوه خمسمائة اجتمعا بالمنية وتوجها إلى القاهرة وتبعهم سنباي المبشر وبقية من كان بدمشق من مماليك السلطان ثم اشيع ان ابن اسماعيل شيخ نابلس جمع لهم عشيرا ليقابلهم فما صح ذلك
الثلثاء سابعه وصلت الاخبار بموت السلطان الملك الاشرف قايتباي الظاهري سلطان الحرمين الشريفين وما معهما وان الدوادار الكبير آقبردي هرب ومعه اينال الخسيف وحاجب الحجاب بمصر وجانم امير آخور ثاني بمصر وجماعة معهم ولقد حصل بين العسكر اختلاف ومسك
____________________
(1/182)
تمراز امير كبير كان وان ابن السلطان محمد اجلس على الكرسي بمساعدة قانصوه خمسمائة وفرقته والاجلاب معه كافة وان موته كان يوم الاحد سادس عشري ذي القعدة بعد ان كان ولده فوض اليه امير المؤمنين يوم السبت خامس عشريه وكانت جنازته حافلة على خلاف عادة السلاطين قبله وهذا الخبر بقي بعض الناس متوقفا فيه ثم جاء في يوم الاحد ثاني عشر هذا الشهر هجانة إلى الكافل بدمشق ومعهم مراسيم عليها خط ابن السلطان صفة علامته محمد بن قايتباي وان قانصوه خمسمائة امير كبير ودقوا البشائر ونودي بالزينة سبعة ايام فزينوا البلد والله يدبر باحسن التدبير ويلطف بالمسلمين
ليلة الخامس عشر قتل عساف بن الحنش في بيت الاسلمي يعقوب ديوان الكافل عند حارة اليهود وسحب من هناك يقال ان اليهود سحبوه قبل ان تخرج روحه إلى بستان السيرجي ومات هناك ودفن بمقبرة باب الفراديس وكان من المفسدين في الارض مرتكبا انواع الفواحش من كل خبيثة وقد اراح الله العباد والبلاد منه كان متوليا آخر نيابة بيروت وما والاها
سابع عشره حصل الاجتماع مع الخواجا الكبير العالم الفاضل شمس الدين محمد بن يوسف القاري الشافعي فقال ان القول بتحريم لعب الشافعي مع الحنفي بالشطرنج مشكل فان الشافعي يعتقد الحل على نفسه وعلى رفيقه فقلت له قد اعانه على ما هو حرام في اعتقاده والاعانة على الحرام حرام واصل هذا لو اشتغل بالتبايع يوم الجمعة بعد الأذان بين
____________________
(1/183)
يدي الخطيب من تلزمه الجمعة ومن لا تلزمه الجمعة يحرم على من لا تلزمه الجمعة ايضا البيع في هذه الصورة وعليه انه اعان من تلزمه الجمعة على محرم عنده فقال الفرق ان كلا منهما معتقد التحريم على من تلزمه الجمعة بخلاف مسألة الشطرنج فقلت هذا الكلام صحيح غير انه لا يصح ان يقرن به لأن الملحظ في التحريم اعتقاد الحنفي التحريم ولهذا قال امامنا الشافعي ان الحنفي اذا شرب النبيذ المثلث اقبل شهادته وآخذه وعلله الآن من اصحابه فان قبول شهادته لأنه ما ارتكب محرما في اعتقاده فلم يخرق حرمة الشرع واما اسمه فراجع إلى اعتقاد القاضي فقط فلم يشفه هذا واظهر لي بقاء الاشكال فقلت له قال قاضي القضاة تاج الدين السبكي ان الشافعي في الواقعة مجالس فهو مرتكب حراما في اعتقاده فقال لا يلزم من هذا تحريم اللعب نفسه على الشافعي فقلت له قال ائمتنا ومنهما الشيخان الشافعي والنواوي ان من ارتكب محرما مجمعا عليه وجب انكاره عليه ونهيه عنه
وكذا ان كان مختلفا فيه مرتكبه يعتقد بتحريمه فيجب انكاره عليه ايضا قال الشافعي في الواقعة يجب الانكار على الحنفي في لعبة الشطرنج فكيف يلعب به معه هذان امران متضادان لا يمكن اجتماعهما فاعترف عند ذلك بزوال الاشكال من خاطره كل هذا وكاتب سره الشيخ القدوة شهاب الدين غائب داخل منزله ونحن عنده بالرواق المعمور الذي بناه على اسطبله بمنزله بالقبيبات ثم حضر وجلسنا بخدمته فاخرج مطالعات وردت عليه من القاهرة ذكر فيها الواقعة المتعلقة بالسلطان واركان الدولة ومحصل ما فيها انه غيب مع الدوادار آقبردي شادبك امير آخور كان وجانم مصبغة واينال حاجب الحجاب وقانم قريب السلطان وان السلطان لقب بالملك الناصر وانه نهب جميع موجود الدوادار وحواصله
____________________
(1/184)
من نقد وقماش وغيرهما مما لا يحصى وكذلك بيت الامير جانم واينال الخسيف وابو المنصور مباشر الدوادار ثم خرج ابو المنصور واملى حواصل الدوادار وتعلقه ولموا من ذلك ما لا يحصى من نقد وغيره ونودي بابطال مكس القمح والخبز والزعفران ووظيفة نظر الاوقاف والبطيخ والعنب والبيض وغيرها ويبطل وضع النهب
واعيد شمس الدين الحلبي الشافعي إلى نيابة الحكم وولي الدين المالكي إلى نيابة الحكم وظهر تغري بردي الاستادار وكان له سنين مغيبا وانعم عليه بخمسمائة دينار والاتابكي قانصوه خمسمائة سأل في مدرسة سعيد السعداء والبيبرسية والصالحية وهي التي كانت تحت نظر آقبردي وان ولد قاضي القضاة قطب الدين من بنت ابن دلامه عند الملك الناصر في آخر مكان وباعوا بعض مماليك من غيب والباقي جردوهم يخدمون عند الكشاف وان دخول الاتابكي قانصوه كان اولا من القرافة وهدموا بعض القبور وان السلطان قايتباي كان اول الشهر كلم القضاة كلاما سرا فظهر انه من جهة جلال الدين السيوطي ان يجمع له مجلس ويباحثوه فيه فما تمكن وفاجأه الموت
____________________
(1/185)
مسألة هل يجوز الضرب على طبل الصمادية والاستماع له اجيب لايحرم شيء من الطبول الا طبل طويل ضيق الوسط كذا ذكره ائمتنا في كتب الشهادات ومن قال ان في كتاب الوصايا من كلامهم ما يخالف هذا فقوله مردود إذا عرف هذا فطبل الصمادية معروف فيحل الضرب عليه والاستماع له والله اعلم واقعة واشترى شرف الدين موسى بن قاضي زرع حصة من دير بشر وهي وقف من المتكلمة عليها المستحقة لها واقاموا بينة بتعطيلها وكذا وكذا على ما جرت به العادة من ذكر المسوغات للبيع عند الحنفية فثبت ذلك عند القاضي تاج الدين بن عربشاه الحنفي وحكم بالبيع ونفذ من مدة والآن عادت البائعة تقول ان ما قامت به البينة من مسوغات بيع المكان المذكور كذب والخبير يشهد بذلك وانه في ذلك التاريخ لم توجد الشروط وحضرت القضاة وغيرهم من اخبر شيخ الشافعية تقي الدين بن قاضي عجلون بذلك فقام في القضية وقام القاضي الحنفي في الجانب الآخر قائلا ان حكم الحنفية لا يتعرض له
ورفعت الواقعة إلى النائب فقال اعملوا الحق واحضروا فتاوى الحنفية في نظر الواقعة فقالوا ان البينة اذا قامت بانتفاء الشروط في ذلك الوقت تبين بطلان البيع والحكم وخرج بذلك خط الشيخ شمس الدين البلاطنسي حرر فيه نقل الحنفية وخط قاضي القضاة سعد الدين الدميري الحنفي وخط شيخ الشيوخ عبد البر بن الشحنة الحنفي وغيرهم ووقع في القضية كلام طويل ثم سكن الحال ومن جملة ما وقع ان قاضي القضاة الحنفي قال اذا خفيت الحقائق واقول ان عبارة الواقف ملغاة وهو قول ابي حنيفة وهذا فتح باب غريب عجيب
____________________
(1/186)
الثلاثاء خامس عشريه وصل الخبر بان ازبك الخازندار وتنبك الجمالي احدهما امير سلاح والآخر امير مجلس مسكا وجهزا إلى الاسكندرية وانه ارسل إلى امير الحاج تنبك قرا رأس نوبة النوب ان يمسك ويذهب به اليهم ثم تحرر كذب ذلك وطلب من الكافل ارسال المال الذي بالقلعة لأجل النفقة على العساكر فرد الجواب بان الطريق غير آمن إلى ان يأمن او يعينون احد يتسلمه وكان قد جهز نائب صفد خمسة آلاف دينار مع قصاده فأخذت في الطريق
وجاءت الكتب بانه استقر الحال على ان قانصوه خمسمائة امير كبير اتابك العسكر وقانصوه الألفي امير آخور كبير وقانصوه الشامي حاجب الحجاب وجان بلاط دوادار كبير وسيباي نائب سيس دوادار ثاني وفرقت مماليك الامراء المختفين وخيولهم وجمالهم وبغالهم وكان جان بلاط اخذ امانا للأمير جانم مصبغة و إلى الآن لم يظهر واخذ سيباي دوادار ثاني من بيته والاقاطيع التي تتقادم في مصر كلها خرجت وصار المقدمون خمسة عشر مقدما واظهر الامير قيت الرجبي الغيظ لأجل كونه سبق عن الدوادارية الثانية واشيع انه يعطى نائب قلعة الجبل ويرسل ايدكي الحموي إلى دمشق حيث كان ونائب غزة يسعى في نيابة حلب ونائب قطيه يسعى في نيابة غزة ولبس المهتار رمضان خلعة الاستمرار على ما كان بنظره من نظر الكسوة وغزة وعينت وظيفة الحسبة للمقر الكمالي ابن مزهر الشافعي والاشاعة عن طلائع الاينالية ان صحت تخاف على امير الحاج
____________________
(1/187)
تنبك قرا من زيارة القدس وان الامير الكبير اظهر عدم المؤاخذة لأحد من الناس مع البشاشة والانة الجانب حتى لآحاد الناس ووصل الامير تمراز إلى البرج بالاسكندرية الذي كان به الملك المنصور يوم الجمعة ثالث ذي الحجة في قيده والله يلطف ويدبر
وجاء الخبر بان القاضي زين الدين عبد الرحيم بن موفق الدين العباسي تولى كتابة السر بدمشق ونظر القلعة عوضا عن محب الدين الحلبي ولبس خلعته بمصر خامس عشره
____________________
(1/188)
سنة اثنتين وتسعماية بسم الله الرحمن الرحيم
استهلت وامير المؤمنين عبد العزيز بن يعقوب العباسي وسلطان الديار المصرية والبلاد الشامية والاعمال الحلبية والحرمين الشريفين وما يتبع ذلك وما يلتحق به السلطان الملك الناصر محمد بن الملك الاشرف قايتباي الظاهري تقدم انه ولي في خامس عشري القعدة من السنة الخالية واتابك العسكر الامير قانصوه خمسماية والدوادار الكبير بمصر جان بلاط الظاهري وامير آخور كبير قانصوه الآلفي ورأس نوبة النوب وحاجب الحجاب قانصوه الشامي والدوادار الثاني سيباي نائب سيس كان
والقضاة شيخ الاسلام زكريا الشافعي وبدر الدين الاخميمي الحنفي وشمس الدين بن المفتي المالكي وبدر الدين السعدي الحنبلي
وكاتب الاسرار الشريفة القاضي بدر الدين بن مزهر الانصاري الشافعي وناظر الجيش شهاب الدين احمد بن جمال الدين يوسف وناظر الخاص نور الدين بن الصابوني ونائب الشام قانصوه اليحياوي وبيده نيابة القلعة ايضا حط فيها واحدا من جماعته والقضاة بدمشق شهاب الدين بن فرفور الشافعي ومحب الدين القصيف الحنفي وشمس الدين محمد بن يوسف المالكي ونجم الدين عمر بن مفلح الحنبلي وكاتب السر محب الدين بن محمد الاسلمي وناظر الجيش تمربغا القجماسي ومفتيا دار العدل السيد العلامة كمال الدين بن السيد عز الدين حمزة الحسيني والشيخ
____________________
(1/189)
العلامة شهاب الدين بن المعتمد الشافعيان واما الحنفي فإفتاء دار العدل بيد جمال الدين بن طولون لا يحضر لكون النائب متغير عليه من سنين ونواب القاضي الشافعي الشيخ برهان الدين بن المعتمد قليل المباشرة جدا والقاضي سراج الدين بن الصيرفي وهو نائب الخطابة بالجامع الأموي والقاضي بهاء الدين الباعوني والقاضي رضي الدين الغزي في القاهرة الآن والقاضي شهاب الدين بن الرملي وهو نائب الامامة بالجامع والقاضي تقي الدين بن قاضي زرع وفخر الدين بن عثمان الحموي وشعيب عفيف الدين الغزي والقاضي زين الدين عبد القادر النعيمي وشهاب الدين احمد ابن العزازي بعضهم يأخذ الرشوة جهرا ونواب الحنفي اخوه القاضي تاج الدين والقاضي شمس الدين الحلبي والقاضي شمس الدين بن الشيخ عيسى البغدادي والقاضي بهاء الدين الحجيني والقاضي علاء الدين بن الحموي الذي كان قاضي طرابلس ونائب المالكي شهاب الدين الطرابلسي ونواب الحنبلي زين الدين عبد القادر الكوكاجي الحموي وحاجب الحجاب قرقماس وهو من الاجواد قليل الظلم والشر من مماليك السلطان وشهاب الدين بن شاهين واستادار السلطان واحد من مماليك السلطان لا اعرف اسمه ودوادار السلطان كان بردبك عزل وولوه نيابة صفد وهو إلى الآن ما ذهب إلى محل ولايته واتابك العساكر يلباي ونائب حلب اينال من مماليك السلطان ونائب طرابلس كرتباي من مماليك السلطان ايضا ونائب حماة كان قانصوه الشامي في السنة الماضية والآن جاء الخبر بانه تولى اركماس الذي كان دوادار السلطان هنا ونائب صفد بردبك الذي كان دوادار السلطان هنا في السنة الماضية ونائب غزة والقدس والرملة وبلد الخليل اقباي الظاهري هو الآن بمصر يسعى بنيابة حلب وصاحب مكة السيد محمد بن بركات وقاضيها الشافعي ابو السعود محمد ابن ظهيرة الشافعي
____________________
(1/190)
وصاحب الروم ابو يزيد بن عثمان وصاحب بغداد والعجم يعقوب بن حسن باك
المحرم اوله الجمعة ثم تحرر الخميس شهد برؤيته جماعة وقال اهل القبيبات انه يمكن رؤيته يوم الخميس فما رآه احد
ليلة رابعه سافر متسلم نائب صفد مملوك قنصوه إلى صفد تاسعه توجه الامير بردبك نائب صفد إلى كفالته وهو من مماليك السلطان ثاني عشره وصل هجان باطلاق ناظر الجيش من حبس القلعة فاخرج تاسع عشره لبس الاتابكي بدمشق يلباي خلعة وصلت اليه من مصر على يد قاصده وجاء الخبر باستقرار ابن البزي التاجر في نظر الجيش بدمشق عوضا عن تمربغا القجماسي وفي وكالة السلطان عوضا عن القاضي صلاح الدين العدوي وفي نظر القلعة عوضا عن محب الدين الاسلمي
ثاني عشريه لبس كافل دمشق خلعة وصلت اليه على يد مملوكه وحصل بذلك خير للرعية وهذه اول خلعة وصلت اليه بعد تولية هذا السلطان واشيع ان جانم خرج بالقاهرة والبس خلعة لكن ما صح وفيه وصل مرسوم باستقرار القاضي بدر الدين محمد الفرفوري ابن اخي قاضي القضاة الشافعي في وظيفة قضاء الحنفية بدمشق عوضا عن القاضي محب الدين بن القصيف وسلم الناس على الاثنين وجاء في بعض الكتب انه وقع الكلام في القاضي المالكي والقاضي الحنبلي بدمشق وفيه بعد ان لبس الكافل خلعته ركب إلى تربة تنم وجلس هناك وشيع مائتي مملوك مع ما اضيف اليهم لملاقاة الحاج احسن الله العاقبة وحضر عنده الشيخ القدوة شهاب الدين المحوجب وعمل له ضيافة هناك
وفيه ارسل من القلعة مالا إلى السلطان لأجل النفقة على حسب ما وردت به المراسيم وقدره مائة الف دينار وسافر معه ماية فارس وسافر ايضا نائب القلعة من قبل النائب ازدمر وديوان القلعة تاج الدين عبد الوهاب بن
____________________
(1/191)
عبد القادر الديوان وسافر معهم جماعة من التجار بينهم الخواجا ابراهيم بن الهاشمي من جماعة القاضي كاتب الاسرار الشريفة ابن مزهر
ثالث عشريه سافر ناظر الجيش كان تمربغا القجماسي ومعه حمل عظيم من خيل وسمور وسنجاب وقماش وغير ذلك
ليلة الاحد خامس عشريه سافر القاضي عماد الدين اسماعيل الناصري الحنفي إلى مصر وسببه انه كان احضر مرسوما ان يصرف له من وظائف الحنفية التي كانت تحت تكلم تمربغا القجماسي ناظر الجيش كان كل شهر خمسماية لوظائف بيده فلما تولى القاضي الحنفي الجديد اضيف اليه ايضا الوظائف من الذخيرة بمبلغ الفي دينار وهي نظر الناصرية البرانية والجوانية ونظر جامع تنكز وتربة تنكز ونصف نظر الفارسية فوصى على حوالات الناصري وسافر الثلاثاء سابع عشريه وصلت كتب الحاج وفارقهم الكتاب من الزرقاء وفيها انها كانت حجة طيبة امنا ورخصا وحصل لهم بعض عطش وحر فيي هدية وما والاها فقط وان الوقفة كانت الجمعة وان الكارم ما جاء منه شيء والتجار خسروا فيما اخذوه وعبارة بعضهم انها سنة حج لا سنة تجارة وسببه ان العام الماضي لم يحج من التجار الا نادر ففي هذه السنة بنوا على انها كذلك فلم توجد الشاشات والنطوع وغيرها الا نادرا لكنهم بخير
____________________
(1/192)
الاربعاء ثامن عشريه دخل بعض الحاج ثم دخل الباقي يوم الخميس ولم يتأخر احد عن تاسع عشريه واثنوا على اميرهم خيرا ولم يكن معهم قاض وذكروا ان الامير سار سيرا حسنا ولم يحصل لهم عطش الا بعض يوم في هدية وما والاها وان الاسعار رخيصة والأمن حاصل والعسكر الذي ارسله النائب لاقوهم في الزرقاء وحصل بذهابهم خير وان الكارم كان قليلا السنة كما قدمنا وجاور بالمدينة علاء الدين بن عيسى القارى التاجر لما بلغهم وفاة السلطان هناك وان امير الحاج المصري تنبك قرا اخذ من العقبة في الحديد إلى الكرك ثم لحقته شفاعة وما علم ما حط امره عليه
صفر مستهله السبت وهو ثامن تشرين الاول ثالثه وصل نقيب القلعة من مصر ولبس خلعة وقرئ مرسومه بحضرة النائب وتسلم وظيفته وفيه وصل مرسوم باستقرار تمربغا الذي كان ناظر الجيش في داوادارية السلطان مضافا إلى الترجمة وامرية التركمان وقرئ مرسومه ونودي له بالبلد الخميس ثامنه وصل من مصر الامير يخشباي الذي كان نائب القلعة بدمشق متوليا تقدمة وهي التي كانت بيد اركماس الذي هو الآن نائب حماه ولبس خلعة على العادة ولاقاه النائب والجماعة واخبر هو في رقعته بان الطولقي المالكي لبس خلعة بمصر بقضاء المالكية بدمشق وامسك القاضي المالكي عن الحكم
عاشره وصل القاضي زين الدين عبد الرحيم بن القاضي موفق الدين العباسي من مصر ولبس خلعة بكتابة السر بدمشق
وفيه وصل نائب حماة اركماس امير الحاج في سنة تسع ماية
____________________
(1/193)
إلى دمشق قاصدا التوجه إلى حماة ونزل بقبة يلبغا وسلم عليه جماعة واخبرهم ان المصريين انهي اليهم ان نائب الشام وافقه قضاتها على ان يبايعوه فلأجل هذا عزلهم وقد عزل الآن الحنفي والمالكي كما تقدم وهم يتكلمون في الحنبلي وان هذا هو السبب في عزل محب الدين كاتب السر ايضا وجاء الخبر ان تنبك قرا رفع إلى الاسكندرية من العقبة وما صح خامس عشره وصل المرسوم برفع احمد بن الحموي شيخ سوق تحت القلعة إلى القلعة فوضع في الحديد بسبب المرستان فإنه كان سبب الشرور التي حصلت في المرستان اولا وآخرا ثم اطلق بعد يوم والنائب مساعده
الخميس ثاني عشره لبس بدر الدين محمد بن الفرفور ابن اخي القاضي الشافعي خلعة بقضاء الحنفية وقرئ توقيعه بالجامع الأموي وحضره حاجب الحجاب وبعض الافراد ونواب القضاة ولم يحضر قاضي القضاة الحنبلي بدار النيابة ولا بالجامع في هذا اليوم
الاثنين سابع عشره لبس حاجب الحجاب خلعة وصلت اليه من مصر باستمراره في الحجوبية وركب معه من دار النيابة القاضيان واركان الدولة وفيه وصل الخبر بان الامير جانم احد الامراء الذين غيبوا ظهر بمصر واجتمع بالسلطان ولبس خلعة
ثم اعقب ذلك مجيء الخبر بانه ذهب به إلى دمياط يقيم بها ورتب له كل يوم ثلاث اشرفية ثم استقر الحال على اقامته بمصر ونزل في بيت
____________________
(1/194)
متعلق بالامير قانصوه خمسماية على بركة الفيل
فيه فوض القاضي الحنفي نيابة الحكم للقاضي بهاء الدين الحجيني والقاضي علاء الدين بن الحموي الذي كان قاضي طرابلس ثم بعد ايام فوض للقاضي نور الدين معه سابع عشره لبس القصروي نظر الجيش بمصر وسيرته مشكورة
رابع عشريه لبس استادار السلطان على الاغوار خلعة جاءته من مصر الثلثاء خامس عشريه مستهل تشرين الثاني
ربيع الاول مستهله الاثنين سابع تشرين الثاني فيه اشيع ان الامير ازبك الظاهري الذي كان اتابك العساكر وصل إلى مصر من مكة وانه ذهب اليها كما علمت مما تقدم في اواخر سنة تسع ماية بعثه السلطان الاشرف قايتباي لما وقعت تلك الفتنة وحدث بسبب اشاعة وصوله الآن اضطراب بين العسكر واتهم بعض الامراء بعلمه بذلك وكانت الاشاعة بمصر في رابع عشر صفر
الجمعة خامسه عقب الفجر وقع حريق بالاخصاصيين فاحترقت الحوانيت والربوعة التي فوقها جميعها من الزقاق القبلي إلى الزقاق الشمالي
____________________
(1/195)
واخذ في العرض جانب كبير ايضا وحضر النائب بنفسه ونهض حتى قطع الحريق
سادسه وقع حريق ايضا ضحوة النهار بحارة الحكر غربي هذا الحريق خرجت النار من موضع هناك لا من آثار الحريق الاول واحترق في هذا بيوت وطباق وعجلوا قطعه
ثامنه وصل زين الدين عمر بن النيربي التاجر متوليا نظر الجيش والترجمة والوكالة ونظر القلعة ولبس خلعة وطرحة على العادة ووصل ايضا من مصر شمس الدين محمد الطولقي المالكي متوليا قضاء المالكية بدمشق عوضا عن القاضي شمس الدين بن يوسف المالكي وباشر الطولقي تلك المرة مباشرة قبيحة واما في هذه المرة فلا ادري ما يكون الحال ولعل الله يدفع ولبس خلعة وقرئ توقيعه بالجامع الأموي وحضر القضاة عل العادة ولبس الاثنان من دار النيابة وخرج معهما اركان الدولة ومروا على الجامع الأموي واستمر الجماعة مع ناظر الجيش إلى ان اوصلوه إلى منزله قريب القيمرية ثم رجع القضاة وحدهم إلى الجامع وهذا لم يتقدم نظيره فلا قوة الا بالله وفوض للقاضي شهاب الدين الطرابلسي ولبدر الدين ابن مشعل المصري وفيه وصل مرسوم بانه اضيف إلى النائب الرملة ونابلس وعجلون والصلت وحمص ليلة ثالث عشره وقع حريق عند مدرسة الحنابلة
____________________
(1/196)
الجوزية فاحترقت الطبقتان فوق القيسارية التي هي وقف الجامع فقطع الحريق ونهب الناس سوق السلاح وغيره
خامس عشره وصل من حلب جان بلاط الاشرفي الذي كان نائب القدس متوليا نيابة كرك الشوبك ونزل بحارة بير الاكراد واشاع الناس انه يكون دوادار السلطان بدمشق
ثاني عشريه وصل برسباي المحيوي يعرف بذلك الاشرفي متوليا نظر الجوالي ولبس خلعة من دار النيابة ووصل معه ازدمر قاصد النائب بخلعة ومعه خلعة ايضا للنائب فلبسوا في هذا اليوم وورد المرسوم وفيه جواب القلعية والامر بتسليمها لمن تولاها من قبل السلطان والاعتذار بان الزمن الماضي لم يعهد فيه قط ان نيابة القلعة تكون بيد نائب الشام والتأكيد في التسليم ليلة ثالث عشريه وقع مطر طول الليل واصبح متصلا طول النهار وهذا اول مطر وقع في هذه السنة وكان الناس محتاجين اليه ووصل السعر إلى ثلثماية الغرارة القمح وماية وخمسين الغرارة الشعير فحصل خير بهذه المطرة في ثامن عشري تشرين الثاني فالحمد لله
خامس عشريه وقع مطر شديد وجرت الميازيب وجاءت في الانهر زيادة وتغير الماء وفيه سافر الامير قرقماس المنفصل من الحجوبية إلى مصر وجهه الله للخير اين ما توجه ونعم الرجل هو نادرة بين الاتراك
سادس عشريه اجتمع اهل القرى من ناحية الغوطة بالجامع الاموي واستغاثوا عقب صلاة الجمعة بسبب انه رئي قتيل في بعض الطرق بين
____________________
(1/197)
القرى فرمى عليهم جماعة النائب الف دينار تجمع منهم فحصل منهم اضطراب بسبب ذلك وكانت عيطة قوية وفي عشيته اشيع انهم صيروها خمسماية فلم يرض الناس بذلك وفيه تم تسليم القلعة من جهة النائب لجماعة القلعة ومنهم نقيب القلعة ولم يبق للكافل بها تعلق الكلية وسلم وفيه فوض الطولقي المالكي نيابة الحكم لأحمد ابن اخي شعيب الغزي ووقعت قلقلة بسبب ذلك فلا قوة الا بالله
في اوائله توفيت بنت عبد الرزاق التاجر زوجة محمود الشباك وانتقل وقف ابيها إلى خمس جهات وكل جهة لناظرها على الحصة المتعلقة بها
ربيع الآخر مستهله الثلاثاء سادس كانون الاول جاء الخبر ان مولد السلطان عمل في يوم الثامن من ربيع الاول وما حضر قانصوه خمسماية ولا قانصوه الألفي وحضر قانصوه الشامي وكل احتج بحجة ثم عمل في الثاني عشر مرة ثانية ولم يحضر من جرت العادة بحضوره الا الفقهاء والقضاة
وفيه تواصلت الامطار كثيرة وجاء الناس من النواحي يخبرون بامر
____________________
(1/198)
عجيب في كثرته فالحمد لله وانخفض السعر في كل شيء
وفيه وصل نائب قلعة دمشق يسمى قايتباي المبشر من مماليك السلطان قايتباي رحمه الله ونزل بالقبة
خامسه سافر إلى مصر السيد كريم الدين بن عجلان والقاضي محمود بن قاضي اذرعات وفيه اخرج القاضي شهاب الدين الرملي وجماعة الجامع محضرا على ابن اخي شعيب بفعل الفواحش وعليه خط نفسه ثم اخرج محضر فيه عدالته وديانته فيه خط الرملي لما قصد ان يتقرر في رياسة الجامع الأموي
ليلة سابعه وقع حريق داخل باب الجابية فاحترق سوق القضمانيين الصغار والناحية الاخرى القطانين فلا قوة الا بالله تعالى
سادسه وصل من بيت المقدس الشيخ جلال الدين محمد بن ابي شريف اخو شيخ الاسلام كمال الدين قاصدا حلب المحروسة وذكر ان اخاه طيب البدن جعل الله في حياته البركة ونزل بالسميساطية بالخلوة التي بالايوان القبلي وهو شاب لم يبلغ الاربعين واما اخوه المذكور فمولده سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ولهما اخ ثالث هو الشيخ برهان الدين نزيل القاهرة من اهل العلم الكبار عمدة في الفقه الشافعي وفي علوم كثيرة وهو اصغر من الشيخ كمال الدين مولده كما اخبرني سنة ست وثلاثين وثمانمائة
____________________
(1/199)
عاشره اشيع ان الدوادار الذي كان مغيبا ظهر بغزة عند نائبها ورآه الناس ثاني عشره وصل ابو بكر الطولقي الذي كان استادار ازبك الظاهري واخبر هو ورفيقه بصحة ذلك وانه ارسل يطلب الامان
رابع عشره وصل تمربغا الحاجب الكبير ومعه الترجمة وامرة التركمان وجهات القاضي كاتب السر ابن مزهر التي كانت بيد جعفر وهي برزة وضمير وغيرهما ووصل صحبته تاج الدين عبد الوهاب بن ديوان القلعة والامير جان بلاط معه امرة عشرة ولبس خلعته من دار النيابة وذهب معه الجماعة على العادة ونزل ببيت له قريب المزوريين ثم تحرر نزوله في البيت الذي جدده بالخراب قريب بيت عيسى القاري سابع عشره لبس جان بلاط الذي كان نائب القدس عام اول خلعة بدوادارية السلطان وهو نازل ببيت اركماس الذي في جادة السليماني شمالي قناة العوني قريب العقيبة الصغيرة
وفيه رسم النائب على مباشري الجامع الأموي ليقيموا حساب سنة احد وتسعماية وقرر عليهم ما قبضوه في هذه السنة ثم اطلقوا بعد ايام ولم يتحرر شيء
وفيه حصل لشعيب نائب القاضي الشافعي اهانة من نائب القلعة بسبب انه اخذ دهليز مدرسته وميضأته فجعله اسطبلا والمدرسة قريبة من باب الفرج
وفيه ظهر كتاب وقف بيد السيد القطبي صهر صلاح الدين العدوي وتحرر انه مزور وان الساعي في ذلك له نائب القاضي الشافعي عثمان الحموي
الاحد سابع عشريه مستهل كانون الثاني وقد ظهر الرونق على الارض من كثرة ما تقدم من الامطار كمل الله ذلك بفضله تاسع عشريه
____________________
(1/200)
رأيت في النوم كاني في مكان مختص بسيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه وهناك فرس تختص به فجلست عنده انتظر مجيئه فخرج من باب فقصدته فصافحني ثم قال عندك نفس قوية او نحو هذا ثم قال نعم إذا كان حق فتكلم وكرر ذلك مرات وانا ماش معه فاستيقظت وانا على ذلك وفيها رأيت القاضي كاتب السر وعليه بياض زائد وهو منشرح على هيئة من حدث له سرور وكذلك جماعته ومعي شهاب الدين الملاح سلخه وقع مطر عظيم وهو رابع كانون الثاني
جمادى الاولى مستهله الخميس خامس كانون الثاني رابعه حصل هواء عاصف شديد وقعت منه بيوت واشجار كثيرة ووقعت السروة التي بالحاجبية وكان قبل دخول هذا الشهر قال النائب للقضاة ما فيها حضور هذا الشهر واراد مدة الشهر فانقطعوا فحضر هو والاتراك وصاروا يقرأون القصص على العادة من غير حضور القضاة
رابع عشره وصل مرسوم بان النائب يقيم في امرية الحاج من يختاره من اركان الدولة وانه ياخذ من القلعة من مال السلطان عشرين الف دينار فقبضها خامس عشريه حضر الحنفي والمالكي بدار النيابة ولم يحضر الحنبلي لاشاعة وقعت من جهة انه معزول ولم يتحرر ذلك
وفيه شاعت الاخبار بان جماعة من الاتراك وصلوا إلى غزة قاصدين
____________________
(1/201)
بلادا في المملكة باشغال سلطانية وصحبتهم تجار فخرج عليهم من اخذ ما معهم وعراهم وسلمهم للعرب الذين ذهبوا بهم هكذا اشيع وان غزة وقراها تعلق بها الغلاء في الحب وغيره وكثر فيها الطارقون وان الدروب صارت مخوفة وكان خرج قبل ذلك بيومين من دمشق قفل متوجه إلى مصر فرجعوا من المنية لما سمعوا هذه الاراجيف
وجاء الخبر بان شيخ بني وهدان ويسمى خضير جمع جموعا وذهب بها إلى غزة وارسل الكافل لدمشق ومنع المماليك المنفيين بدمشق من المرور لما بلغه انهم قاصدون الذهاب إلى غزة
ثامن عشريه اشيع وصول اينال الخسيف وقانم إلى غزة وكانا مختفيين كما عرفت من قبل وفيه شرع جماعة قلعة دمشق نائبها ونقيبها واتباعهم في تحصينها وافتقاد الاسوار وحصل بالبلد نوع اضطراب لهذا السبب احسن الله العاقبة
خامس عشريه وصل من مصر كتب إلى الطولقي المالكي ان يعزل احمد ابن اخي شعيب ما كان ولاه من نيابة الحكم ففعل ونحن قدمنا ان الناس نكروا ذلك ولم يتجاسر على المباشرة ولا توقف في عدم صحة ولايته من الاول
وفيه تحرر ان آقبردي المقيم بغزة خيروه بين الاقامة بمكة او المدينة او بيت المقدس او اسكندرية او دمياط فلم يختر واحدا منها بل قال اقيم بمصر بطالا واعاد الجواب بذلك وهو الآن في غزة
سابع عشريه وصل الخبر بان محب الدين الحلبي عادت اليه كتابة السر ونظر الجوالي ونظر القلعة وخلعته وصلت إلى غزة وان المقيم بغزة اخذ ذلك وشاع انه عين من مصر الفا فارس بسببه احسن الله العاقبة وان كرتباي يأتي معهم باشا
تاسع عشريه الخميس جاء الخبر بان الدوادار كان اقباي انفصل
____________________
(1/202)
عن بلاد غزة وتوجه على الساحل ومعه جماعة من العشير وغيره فاختبطت دمشق وتجهز في الساعة عسكر دمشق ولم يتأخر سوى الكافل فقط ببعض جماعته وفيه توفي محمد بن حجي اخو شهاب احمد بن حجي الاصم وكان اصغر منه ملتما على شأنه سلم الناس من لسانه ويده رحمه الله تعلى
جمادى الآخرة مستهله الجمعة ثالث شباط رجع الخبر من العسكر الذاهبين في طلب آقبردي الدوادار انهما صادفوه وانه توجه إلى ناحية طرابلس وارسل قاصدا يطلب من كافل دمشق شخصا من اخصائه ليستأذنه وانه يرسل اليه ازدمر من اخص جماعته وذكروا ان من كان منفيا من صناديد العساكر المصرية انحازوا اليه وان معه نحو الف فارس احسن الله العاقبة ولم يرسل اليه النائب مشده ازدمر بل ارسل اليه من كان نائب قطية نائبا بغزة والبلاد التي كانت بيد اقباي
سادسه اجتمعت بالشيخ جلال الدين اخي شيخ الاسلام كمال الدين ابن شريف وجرى الحديث عن الفساد الحاصل بالقدس من قاضي القدس الشافعي والتهافت في الدين والرشوة مما لا يمكن وصفه في كتاب
سابعه جاء الخبر بان نائب حمص تلاقى مع آقبردي وجماعته واقتتلوا ونال النائب منه ومن جماعته ونالوا هم من النائب وجماعته وقتل من الفريقين وجرح منهما ايضا وذهب فحط على البقيعة من العمال طرابلس وكانت الوقعة بين الفريقين على قائم الهرمل
ثامنه اخبروا بأن نائب حلب رفع إلى قلعتها بمرسوم شريف ورد عليهم في ذلك وفيه نودي بالتجريدة من دمشق إلى الناحية التي بها آقبردي الدوادار وآقباي الذي كان نائب غزة
تاسعه رجع قاصد النائب من عند آقبردي وانه قال اني طائع وان
____________________
(1/203)
اذنت لي جئت اليك فرد الجواب اني اعلمك على ان السلطان إذا برزت مراسيمه بذهابك إلى مكان القدس او الاسكندرية او غيرهما تذهب ورضي بذلك وبطل ما كانوا فيه من امر التجريدة والذهاب
ثالث عشره جاء الخبر بان خمسمائة قانسوه الاتابكي ركب هو والامراء على السلطان وانحاز اليهم شادبك واينال الخسيف وغيرهما ممن كان مختفيا واستمروا في القتال ومماليك السلطان الاجلاب غالبهم في القلعة يقاتلون مع السلطان إلى ان اصابت قانصوه بندقة رصاص في وجهه وخرقت فرفع في بساط ومات يوم الجمعة ثامن عشري جمادى الاولى وان ابتداء الامر كان يوم الاثنين خامس عشري جمادى الاولى وان بيوت الامراء كلهم نهبها الاجلاب وكذلك بيوت المباشرين وان اصل هذا التحرك ان قانصوه قال للسلطان عينوا تجريدة لآقبردي فقال السلطان آقبردي ما هو عاص واسترسلت الامور إلى هذا الحد وان الامراء غيبوا وقتل بعضهم وما تحرر من قتل ممن نفى ودقت البشائر بدمشق يوم تاريخه وخلع النائب وغيره على الهجان الذي حضر بالمرسوم
سادس عشره شاع ان آقبردي الدوادار رجع من ناحية طرابلس والتم معه من الماليك السلطانية من كان منفيا وتوجه إلى ناحية مصر
وفيه حدثت واقعة غريبة وهي ان شخصا معه اناء فيه خمر فمر به
____________________
(1/204)
داخل باب الفراديس قريب مسجد الرأس فانصدم به شخص فانكسر وتبدد الخمر فمسكه وطالبه بثمنه واجتمع الناس عليهما وادرك حامل الخمر فرقة من الفسقة فتوجه الذي صدم الاناء هاربا وقد صار الآن بدمشق نحو مائة خمارة وانتشر الظلم فانا لله وانا اليه راجعون
عشريه كان آقبردي ومن معه من العسكر في قاقون قاصدا غزة واشيع ان عساكر مصر متفرقة إلى قطية لأجل قتاله وذهب معه الاتابكي بدمشق يلباي والحاجب الثاني وكل من كان من المماليك المنفيين ذهب اليه ويقال انه التم على خلائق مقاتلة
ثاني عشريه جاء الخبر بان آقبردي صادف كاشف الرملة المعزول بعد انفصاله من الرملة آتيا إلى هنا فأخذ ما معه من الخيل واللبس وغيرهما وان متولي فعل ذلك اقباي نائب غزة المرافق له وتحرر انه في نصف هذا الشهر كان قريبا من بيروت وسار هذه المدة وتواترت الاخبار بان القصاد من جهة مصر ودمشق يمسكون ويؤخذ ما معهم وقد قتل بعضهم
ثاني عشريه وصل هجان بأنه يقوم الحاجب الكبير على جهات امير آخور وانه استقر كرتباي ابن عم السلطان ومصرباي ابن عمه الآخر امير آخور ثاني وتمراز لبس خلعته بالامرية الكبرى وتنبك قرا رأس نوبة النوب في مكانه الاول والوالي قانصوه الفاجر الذي كان نقيب القلعية هنا والزردكاش عم السلطان والمحتسب احمد بن العيني وناظر الجبش شهاب الدين بن جمال الدين وناظر الجوالي بن اخيه بدر الدين والقضاة لبس الشافعي والحنفي خلعتين وعزل المالكي والحنبلي لانهما كانا رأيا خلع السلطان وقت الفتنة واخبر الهجان انه فارق الدوادار خارج غزة
____________________
(1/205)
الاثنين خامس عشريه سلخ شباط رجع أهل داريا الأولين إليها وأخرج التيامنة منها والحق أن التيامنة لا خيانة لهم ولا يتعرضون لزروع الناس ولا بساتينهم لكنهم لا دين لهم وقد يبلغ من أخبارهم أنهم لا يعتقدون السنة بل إنهم دهرية وأما هؤلاء فإنهم ملازمون لشعائر الإسلام لكن فيهم مناحيس يعرضون لأموال الناس وفيهم صلحاء وبالجملة فهؤلاء تعمر بهم القرية وأما أولئك فخربوها فالحمد الله
رجب مستهله الأحد سادس آذار جاء الخبر بأن السلطان عزل الطولقي واستمر شمس الدين محمد بن يوسف قاضيا مالكيا بدمشق واستقر الحال على استمرار قاضي القضاة نجم الدين بن مفلح قاضيا حنبليا بدمشق وأن ما كان وقع من تولية شهاب الدين بن قدامة قاضيا ارتفع وبطل وحصل بهذا بشارة لأهل دمشق عظيمة وهذه أول الخراب
ثالثه وصل الخبر بأن آقبردي الدوادار وآقباي ومن معهم وجماعة دمشق من الأمراء تلاقوا مع قانصوه خمسماية عند خان يونس وأمراء مصر ثمانية من جملتهم ماماي وكرتباي الأحمر وكسر المصريون وقتل قانصوه خمسماية وماماي وآخر من المقدمين ومسك ثلاثة وتسحب الباقون مع خلائق من الأمراء العشراوات والطبلخانات والخاصكية وغيرهم من المماليك السلطانية وقتل خلائق لا يحصون كثرة من الفريقين ورجع الدوادار ومن معه إلى غزة وأرسلوا في طلب من هرب من الأمراء ومن جملتهم جان بلاط وكرتباي الأحمر وأرسل كتبه إلى دمشق إلى الكافل والحاجب الكبير وغيرهما أن يتحفظوا على الدروب التي في إدراكهم أن يمر عليها هؤلاء الذين هربوا فإنهم بغاة خارجون على الإمام الأعظم ثم خرج رابعه الحاجب الكبير وجماعته مع ماية بالعدة من عند الكافل إلى ناحية البقاع
____________________
(1/206)
ورجعوا بعد يومين فخرج منها نائبها ونقيبها ودخل اليها جماعة الكافل في عدة من المماليك وقد كان نائبها من جماعة قانصوه خمسماية والهجان الذي وصل بذلك اخبر ان الدوادار آقبردي نادى بالرحيل من غزة يوم الاربعاء رابعه إلى ناحية مصر
ليلة السبت سابعه سافر السيد كريم الدين بن عجلان والقاضي محمود بن قاضي اذرعات إلى ناحية غزة قاصدين الدوادار وآقباي نائب غزة لانهما صاحباهما
تاسعه ارسل الكافل إلى الطولقي المالكي يامره بان يمسك عن الحكم وانه عزل فامتنع من الامتثال ثم اجتمع بالكافل وترامى عليه في الاستمرار إلى ان يرد مرسوم فأهانه واقامه من مجلسه بعد ان كلمه كلمات خشنة فذهب وامتنع من الحكم ولزم بيته فهي نعمة عظيمة على الشام فإنه من قضاة السوء الجهلة المفسدين في الارض سابع عشره توفيت جدة القاضي الحنفي لامه ابن الفرفور ودفنت بتربة سيدي الشيخ رسلان ولم يحضر الجنازة قاضي القضاة نجم الدين بن مفلح ولا قاضي القضاة شمس الدين بن يوسف المالكي ولا قاضي القضاة محب الدين بن القصيف الحنفي ولا الشيخ القدوة شهاب الدين المحوجب ولا احد من الاتراك
ليلة تاسع عشره دخل الحرامية على القاضي شمس الدين بن المزلق فقتلوه جاءته ضربة بحد في عرض وجهه فمات منها واخذوا من النقد وغيره ما اختلف الناس في قدره واصبح الناس في اضطراب بسبب ذلك ويقال ان جواريه واطؤا عليه فلا قوة الا بالله ودفن بتربتهم عند والده قريب مسجد الذبان كان جاوز الستين بقليل وكان مع سعة امواله وجهاته يقتر على اولاده واهله ويعاملهم بنهاية العنف والايذاء ولم يكن عنده شيء من العلم مع دعواه انه طالب علم وولي القضاء مدة تقدم ذكرها في هذه التعليقة ولا نعرف له اخراج زكاة ولكنه كان مشغولا بشأنه الدنيوي ليس لديه فراغ للكلام مع احد لا غيبة ولا غيرها ولا يتكلم احد
____________________
(1/207)
عنده الا الكلام الضروري رحمه الله تعالى وسامحه
ويومه جاء الخبر بأن نائب صفد بردبك توجه إلى مصر خوفا على نفسه ان يأتيه طلب وشاع الخبر بأن الدوادار آقبردي خلص إلى مصر ولكن إلى الآن ما تحررت الامور
ثالث عشريه مسكت جارية سوداء لابن المزلق وضربت فأقرت ان جارية الطولقي المالكي تعرف الامور فان اصلها من بيته فطلبت وقررت فأقرت على خازندار الحاجب الكبير ومملوك آخر من مماليكه ودلتهم على موضعهما فأحضروا احدهما فأقر ثم احضروا الآخر وباتوا مع جارية المقتول سريته وقرروهم ثم اصبحوا يوم الاربعاء خامس عشريه احضروا المملوكين والجارية البيضاء إلى باب الاسطبل وخوزقوهم وارسلوا الطلب خلف الجارية البيضاء الاخرى فانها ذهبت مع مملوك آخر إلى بيروت صحبة افرنجي
وفيه قال الكافل للحاجب الكبير الزم بيتك ولا تحكم
سادس عشريه احضروا جارية اخرى بيضاء لابن المزلق وذهبوا بها إلى نهر بردا فغرقوها
وفيه نادى الكافل بأن يدربوا البلد دمشق وان الكشف عليهم بعد ثلاثة ايام واضطرب الناس لذلك فيه انسلخ آذار
سابع عشريه وصل الخبر بأن نائب حماه اركماس اتى اليه دوادار نائب حلب والذي كان نائب صفد اخو الدوادار ومعهما فرقة من
____________________
(1/208)
الغادرية وانهم اقتتلوا وفيه نادى الكافل بان الامراء المقطعين يتهيؤا للسفر إلى الحجاز مع الحاج
شعبان اوله الثلاثاء خامس نيسان اوله رسم ابن الفرفور الحنفي على برد داره ابن الشرائحي لامور بينهما وادعى عليه عند ابن الاخنائي من جهة خشب وضع يده عليه وحصل بينهما مقاولات ووضعه في الحبس وفيه قرر ابن الكافل وعمره نحو سنة في وظيفة نظر على جهة وقف وحكم الاخنائي في التقرير بالموجب وصحة التقرير
ثالثه وصل هجان اخبر بوصول الدوادار إلى مصر ونائبي غزة وطرابلس ومن معهم من امراء الشام والبس خلعة والبس معه ايضا خلعة القاضي كاتب السر المقر البدري ابن مزهر وان الامراء الذين مسكوا بغزة رسم بقتلهم فقتلوا ضربت رقابهم في بلبيس ومن جملتهم قانصوه الألفي وذهبوا برؤوسهم إلى مصر واحضر ايضا رأس قانصوه الشامي وآخر معه
وفيه قبض على ناظر الجيش بمصر ابن النيربي وختم على مواضعه كلها وفيه ادعى شخص عند بعض نواب الشافعي بأنه اشترى منه ثوب صوف وفصله وخيطه ثم اطلع على عيب فيه فألزمه بالرد بعد ذلك كله ولم يلاحظ حدوث العيب عند المشترى حكمه وفيه ادعى آخر عند آخر منهم ان وكيل البائع صادق ان المشتري ما رأى المبيع فحكم على الوكيل بالرد وما لاحظ الموكل فلا قوة الا بالله وفيه حكى لي الشيخ برهان الدين بن المعتمد ان في بعض المؤلفات ان خطيب الجامع الأموي وامامه في بعض الازمان توفي فلم يجدوا من يصلح الا خطيب داريا
____________________
(1/209)
فذهب وجوه الناس اليها ليأتوا به فخرجوا إليهم فقالوا لهم هذه مفخرة لكم فسمحوا به
وفيه حكي في كتاب ورد من مصر ان آقبردي استقر دوادارا واستادارا ووزيرا وامير مجلس وكاشف الكشاف وان ناصر الدين الصفدي رسم عليه ونسب عليه انه عنده تنبك الجمالي وانه كان التزم لقانصوه خمسمائة لما دخل في السلطنة بأربع ماية الف دينار من الشام ثم انه حصل له شفاعة وجعل عليه الف دينار واطلق وان آقباي نائب غزة عرض عليه ان يتولى رأس نوبة فامتنع من ذلك وان القاضي كاتب الاسرار الشريفة حصل له محنة ورسم عليه يومين في اول رجب ثم انفصل امره على مال
ثامنه اطلق ابن النيربي من القلعة بعد ان ضمن عليه ان يسافر إلى مصر الاحد ثالث عشره توفي العلامة برهان الدين بن محمد بن المعتمد الشافعي احد عظماء الشافعية مولده سنة ثلاث واربعين وثمانماية حفظ القرآن وهو صغير وقرأ المنهاج للنواوي في الفقه وحفظ اصول الفقه ومحفوظات اخرى في علوم متعددة ولازم الشيخ القدوة شمس الدين بن حامد الصفدي شيخنا والشيخ بدر الدين محمد بن قاضي شهبة والشيخ نجم الدين محمد بن قاض عجلون ومشايخ آخرون لا يحصون وناب
____________________
(1/210)
في الحكم من اول ولاية ابن الصابوني في سنة ثلاث وسبعين وثمان ماية إلى ان توفي وما كان يباشر الا قليلا ولازم التدريس بالجامع الأموي مدة طويلة إلى ان حصلت له محنة في سنة خمس وتسعين وثمانماية توجه بسببها إلى مصر ثم اتى وبقي يتردد إلى الجامع قليلا للتدريس وعلق على العجالة حاشية افاد فيها وهي مجلدة ضخمة وله مؤلفات ونظم ونثر كثير ويستحضر من التاريخ والمحاضرات ما لا يحصى بالجملة وكان منجمعا على شأنه سلم الناس من شره وصلي عليه في رابع عشره بالجامع المظفري بسفح قاسيون تقدم للصلاة عليه شيخ الشافعية تقي الدين بن قاضي عجلون الشافعي وخلف ولدين ذكرين احدهما صلى بالقرآن في العام الماضي والآن عمره سبعة عشر سنة والآخر عمره سنتان وقد خرج الوالد لابنه الكبير عن غالب وظائفه ودفن بالروضة بسفح قاسيون عند والده واقاربه
وفيه عقب الصلاة على الجنازة والرجوع من الدفن جلسنا مع الشيخ تقي الدين المذكور في مدرسة ابي عمر وجرى الكلام في ان من حلف بالطلاق ان يدفع ما عليه من الدين وقت كان معسرا ذكروا ان حكمه حكم المكره واليمين لا يقع فقال الشيخ تقي الدين ان الحالف إذا كان عارفا عند الاقدام على اليمين انه لا يقدر في الوقت الذي يحلف فيه ينبغي ان يقع طلاقه عليه لانه شبه حينئذ باليمين على عدم وجود صورة الفعل فليتأمل
____________________
(1/211)
عشريه وصل الخبر بأن نابلس ولي عليها حسن بن اسماعيل عوضا عن خليل والحال ان خليل هذا سيرته حسنة وقد عمر البلاد ورفع كثيرا من الظلم ونقلوا انه حصل تحرك من المعزول وانه ربما يقع بينهم فتن وكان الكافل ارسل الامير ازدمر مشد الشرابجاناه إلى نابلس ليأتي بالدراهم التي عليهم فصادف هذه الاخبار فرجع ولم يعطوه شيئا احسن الله العاقبة
ثاني عشريه وصل مرسوم بان عمر بن النيربي معزول من نظر الجيش وكل الوظائف التي بيده وان يقام تمربغا الحاجب الكبير في التكلم على نظر الجيش حتى يأتي من يليها وفيه الحث على ذهاب ابن النيربي في الحديد وفيه ان القاضي صلاح الدين العدوي اعيدت اليه وكالة السلطان ونظر القلعة وكان له فوق الثلاثة اشهر مغيبا من الدين وظهر واجتمع بالكافل وبالناس وهذا الرجل قد باشر وكالة السلطان مدة طويلة ولا قيل عنه انه كلم احدا ولا رفع أحدا ولا سعى في الاضرار بأحد ويكفيه هذا حمدا في مثل هذا الزمان وان الامير جانم الذي كان امير كبير في دمشق من سنتين تولى الآن حاجب الحجاب بمصر وان اقباي رأس نوبة النوب وان تاني بك قرا تولى امير مجلس وان السلطان انفق على المماليك في عاشره كل مملوك ماية دينار وفرس وان المماليك يطلبون من الدوادار آقبردي شيئا آخر وان القاضي عبد البر بن الشحنة غيب عند وصول الدوادار ثاني عشريه لبس دوادار السلطان بدمشق خلعة بإمرة الحج وحضر من الاروام في هذا الشهر خلائق قاصدين الحج
خامس عشريه مستهل ايار
رمضان مستهله الاربعاء خامس ايار ثبت على القاضي محي الدين الاخنائي ضحوة النهار بشهادة واحد بعد ان اكل خلائق وكانوا قد تحدثوا بأن شعبان اوله الاثنين وربما قالوا ان جماعة رأوه ووقع السؤال هل صار بذلك يوم شك يحرم صومه وحصل انه يوم شك ثم وقع
____________________
(1/212)
السؤال هل يستحب الامساك في مثل ذا اليوم عن الافطار لاحتمال الثبوت فيجب الامساك اولا وظهر ندبه رابعه شرعنا في قراءة مسند الشافعي بجامع بني امية في الايوان الشمالي عند شباك الكاملية الكبيرة بقراءة الفاضل شهاب الدين احمد بن الملاح وحضر جماعة من الفضلاء وتقدم على القراءة تفسير شيء من القرآن الكريم كما هي عادتنا في غير هذا المجلس من مجالس الفقه وغيره فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
خامس عشره وصلت الاخبار بأن الدوادار الكبير آقبردي واقباي رأس نوبة النوب وتاني بك قرا امير مجلس مع خلائق من الامراء والخاصكية والاجلاب ركبوا واستمروا من يوم الاربعاء مستهله إلى يوم السبت وحصل قتال بين اهل القصر وبينهم ثم انهم تسحبوا إلى طرة قرية في آخر القرافة من ناحية القبلة وحصل لكافل دمشق بذلك سرور ولغالب الناس بذلك واخبروا ايضا ان كاتب السر ابن مزهر استقامت احواله عند السلطان وانه وصلت خلعة قاضي القضاة الحنبلي ابن مفلح وخلعة قاضي القضاة المالكي ابن يوسف صحبة رفيق هؤلاء وان خلعة قاضي القضاة محب الدين بن القصيف ايضا تأتي بعد ذلك بيسير ودقت البشائر ثلاثة ايام وكان الكافل حصل له وجع في رجله وحمى وقد توجه للعافية بعد ان كان انقطع عن الركوب نحو شهرين
عشريه لبس القاضي الحنبلي ابن مفلح خلعته من بيت النيابة واتى إلى الجامع الأموي وركب معه القاضي الحنفي وحاجب الحجاب وبعض الامراء وقرئ توقيعه ثم ذهبوا معه إلى جامع الحنابلة وقرئ توقيعه هناك وقد انفصل الامر على القاضيين بخمس ماية دينار للخزائن الشريفة وخمسماية اخرى للدولة مفرقة ليلة ثاني عشريه ختم برهان الدين ابراهيم بن مفلح ولد قاضي القضاة الحنبلي القرآن بالجامع المظفري
____________________
(1/213)
بسفح قاسيون وكنت قد حضرت قراءته وصلاته في المدرسة الدلامية بالصالحية وقرأ قراءة مجودة حسنة بصوت عال شجي حفظه الله وحضر الختم جماعة من العلماء والقضاة والامراء وارسل الكافل له خلعة وخلع عليه نحو ثلاثين خلعة ولم يصل بالقرآن في هذه السنة من الصغار غيره حرسه الله وحفظه ومتع بحياته وحياة ابيه واخويه آمين
سادس عشريه ختمنا مسند الامام الشافعي بجامع بني امية وحضره الفضلاء وكان مجلسا مباركا ان شاء الله تعالى
وفيه وهو الثلاثون من ايار وقع مطر كثير وبرد بين الظهر والعصر واستمر زمنا فسبحان القادر على كل شيء
سابع عشريه لبس القاضي شمس الدين محمد بن يوسف المغربي المالكي تشريفا بقضاء المالكية وقرئ توقيعه بالجامع الأموي عند محراب المالكية وحضره القاضي الحنبلي وحاجب الحجاب ودوادار السلطان قرأه السيد عمر الموقع وهو جالس على الكرسي لكونه في بدنه عارض
وفيه ختم البخاري بالجامع الأموي ختمه بركات بن سبط الاذرعي عند محراب الحنفية وهذا المجلس من سابع عشر شهر رمضان كل سنة مشهور انه يحضره جماعة من الاولياء ويقال انه رؤي النبي صلى الله عليه وسلم حضره
وفيه وصل تمراز الذي كان نقيب القلعة من مصر واخبر انه جرح وقد ادار الكلام بين السلطان والاجلاب وبين الدوادار آقبردي في الصلح وان الساعي بينهم اتابك العسكر تمراز الظاهري والله يحسن العاقبة
تاسع عشريه عمل القاضي نجم الدين الخيضري ميعادا بالجامع
____________________
(1/214)
الأموي تحت قبة النسر سماه ختم البخاري والسيرة وانشد ابو الخير الصغير واجاد وكان مجلسا حافلا
وفيه ذهب احمد ابن اخي القاضي شعيب إلى قاضي القضاة المالكي ابن يوسف وراوده على ان يفوض اليه ويدفع خمسين اشرفيا واكد في ذلك فقال له احضر الخمسين اشرفيا فذهب واحضرها ووضعها تحت مقعده فأحضر القاضي المالكي الشهود الذين ببابه والرسل فلما وقفوا قال لهم ان هذا جعل لي هذه الخمسين اشرفيا لافوض اليه القضاء فقال نعم فقال اذهبوا به إلى الكافل لنستأذنه فتوقف عن الذهاب فسحبوه وذهبوا به إلى دار النيابة واوقفوه عند الدوادار الثاني دولات باي وشاوروا عليه فخرج الامر بضربه فهموا بضربه فدفع الخمسين اشرفيا لخزانة النائب ثم ردوه إلى القاضي المالكي ليفعل به ما يستحقه فضربه وامر بالمناداة عليه فأركبوه بغلا مقلوبا مكشوف الرأس وداروا به من عمارة الاخنائي ودخلوا به من باب الفرج إلى السجن فادخلوه اليه ثم ان من الناس من انكر على المالكي ومنهم من قال ان مذهبه التعزير بالمال ثم ان الكافل في يوم الثلاثين من رمضان ارسل وصى على السجان واكد عليه في التضييق على ولديه بلطف ثم اطلق بعد خمسة ايام وانجمع
سلخه دخل نائب القلعة قانصوه متوليا لها وسلمه الكافل بعد ان كان توقف يسيرا والكافل ضعيف وقد عظم الامر في وجع رجليه
شوال مستهله الجمعة لم يتحدث احد برؤيته ابدا وخطب العيد سراد الدين عمر بن الصيرفي بالجامع الأموي
مستهله يوم العيد وصل جماعة من مصر واخبروا بان الدوادار
____________________
(1/215)
آقبردي امره متعجل وانه في بلاد الصعيد وان السلطان ارسل اليه يطيب خاطره واذن له في اخذ خراج الصعيد على ما كانت عادته ايام والده وليس في اركان الدولة من يعارض في امره الا خال السلطان وان الجلبان معه احسن الله العاقبة
وفيه اصبح كافل دمشق امره مخوف من ضعفه وحصل له اسهال متواتر مضافا لما به رابعه لبس الامير حاجب الحجاب قجماس خلعة بنظر الجيش ولبس نائب القلعة القادم من مصر خلعة ايضا ودخل القلعة وجاء المرسوم بإعادة نقيب القلعة الذي كان اولا وان الذي جاء مرافقا لنائب القلعة معزول لكونه خرج من مصر بغير مشاورة السلطان
وفيه توفي الشيخ شمس الدين محمد الحلبي الحنفي كان فقيها نحويا لغويا منطقيا وكان ينقل مذهبه وغيره على سبيل التجريد وكان ساكنا بالحكر الجديد عند القنوات له اشتغال كثير على مولانا شيخ الذي كان نازلا قريب المرستان ولازم المشايخ رحمه الله تعالى
سابعه توفي الشيخ علي الدقاق كان حافظا للقرآن ملازما للجماعة بالجامع الاموي وكانت له طريقة غريبة في معيشته والناس مختلفون فيه فقائل انه ولي من اولياء الله تعالى وقائل انه كذاب سلك طريقة نصب بها على الافراد وغيرهم غير انه كان يتناول من وقف الجامع الاموي عن وظائف ولا يباشرها وأمره إلى الله تعالى صلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة باب الصغير غربي قبر سيدي بلال الحبشي رضي الله عنه رحمه الله وعفا عنه آمين
حادي عشره دخل خاصكي من مصر ومعه خلعة للكافل وضعها الخاصكي على سرجه ودخل بها ومعه القضاة واركان الدولة وحضروا عند الكافل وهو في الفراش ضعيف فقدمها الخاصكي اليه وما لبسها
____________________
(1/216)
وشالها وقرئ مرسومه وفيه ان يعطى التسفير الفا وخمسمائة دينار وفي المرسوم ان مع الخاصكي اشغال عدة فليساعده عليها فقال الكافل ان كان خيرا ساعدنا وان كان شرا فلا نساعد وانفصل المجلس ونزل الخاصكي في بيت الامير حاجب الحجاب بمصر جانم المصبغة ليلة ثاني عشره توفي السيد عبد الرحمن بن السيد علاء الدين الحسني الحنفي كان قد توجه صحبة والده من دمشق إلى المزة وبعض عيالهم كانوا بقرية جونية ودفن بالتربة التي بالمزة عند قبر الشيخ علاء الدين البخاري وحضر صحبته كاتبه والسيد كمال الدين الحسني والقاضي المالكي ابن يوسف والسيد شهاب الدين ونجم الدين بن الشيخ شمس الدين وجماعة رحمه الله تعالى آمين
ثالث عشرة توجه الخاصكي إلى الصالحية لكشف الاوقاف التي بها ومعه القضاة وحاجب الحجاب ومحب الدين ناظر الجوالي ولما وقفوا على المرستان بالصالحية وحضر ناظره ابن عبادة رسم عليه فاطلقوه منه
وفيه غيب القاضي نجم الدين الخيضري بسبب الخاصكي وكان قد هرب قبل دخوله بيوم أحمد الحموي العواني لكونه بطش في أموال المرستان وأظهر جماعة أنه سافر إلى مصر
وفيه جاء الخبر ان عامر امير العرب تواقع مع جانبيه الامير ايضا المتولي من قبل الدولة وكسر جانبيه وهرب إلى حوالي الكسوة وارسل عامر يقول ان الذين اخذوا الحاج من مشايخ عرب بني لام عندكم
____________________
(1/217)
بدمشق آمنون فحيث كان ذلك فتحت السنة بأخذ الحاج فمتى يأمن وحصل لمن عزم على الحجاز بذلك نكد عظيم ووقف حال الناس وقد اشار حاجب الحجاب وغيره من اركان الدولة على الكافل ان يقيم عامر وقد التزم بالحاج والقود زيادة فلم يسمح ويدبر الله تعالى
سادس عشره حضر واحد من اولاد عامر فأرسلت الخلعة لابيه احسن الله العاقبة وفيه احضر الكافل نائب القلعة وقال له قد جاء في كتاب ان القلعة ما خرجت من يدي فقال له ما اسلمها بكتاب حتى يحضر مرسوم وخرج من عنده وحصنوا القلعة وغلقوا ابوابها وغلقت الاسواق فأرسل الكافل إلى نائب القلعة فحضر فألبسه خلعة ثم ذهب ثم حضر نقيب العلقة وحده أيضا فألبسه خلعة اخرى وسكن الحال
تاسع عشره سافر الحاج الشامي من دمشق واميرهم دوادار السلطان ولم يسافر احد من اعيان دمشق بل سافر تجار البهار والعبي والحاج كثير اروام واهل الضياع من حلب وحمص وحماة والامير عسكره قليل لم يبلغوا الثلاثين الا ان الحجاج المذكورين مستعدون العدة الكاملة ويحرسهم الله تعالى وفيه اشيع موت الكافل وظهر كذبه حادي عشريه دخل من مصر اياس عتيق الترجمان خنيفس ولبس خلعة باستدارية الاغوار
ثالث عشريه توفي كافل دمشق قانصوه اليحياوي الظاهري جاوز الثمانين وهو عتيق الملك الظاهر جقمق رحمهما الله تعالى تقلبت به الاحوال وولي نيابة حلب ونيابة الشام مرتين ونيابة طرابلس والاسكندرية وفي هذه المرة في آخر عمره قصر عن النظر في احوال المسلمين واخذ في الظلم هو وجماعته ولم المال لانه كان في ذهنه ان يصير سلطانا وضايق
____________________
(1/218)
مستحقي جامع بني امية وحاز ماله اليه بواسطة شخص من الزنادقة يسمى قايتباي اقامه في الجامع ووافقه المباشرون وصلي عليه عند دار النيابة ودفن بتربته التي جددها بباب الجابية خارجه عند بياعي لحم البقر وخلف ولدا ذكرا صغيرا في الثالثة ثم توفي بعده بسنة بالطاعون ورسم على جماعته ثم اطلقوا وباشر حاجب الحجاب نيابة الغيبة واظهر السطوة واقام العسس وقتل جماعة من المفسدين فحصل بذلك رعب لأهل الفساد
رابع عشريه قتل عبد الرحمن بن رزيق الحنبلي كان كثير المداخلة في مظالم العباد وخصوصا إذا حضر خاصكي في امر الاوقاف فإنه يدعي وظيفة الاستيفاء للمظالم المتعلقة بالاوقاف فيسعى في اهلاك الناس ومن ارضاه يدفع عنه ولو كان مرتكبا للعظائم في الوقف الذي تحت يده والذي لا يرضيه يسعى في تسليط الظلمة عليه ولو كان الوقف الذي في يده في نهاية العمارة والصرف على المستحقين وكان مع ذلك يدعي الزعارة ويلعب بالحمام وتنسب اليه مفاسد من معاشرة الاحداث وغيرها والله يتولى امره ويسامح وقد كفر الله عنه بهذا القتل ولكن استراح الخلائق منه فلله الحمد ودفن بالروضة بمقبرة الصالحية بسفح قاسيون تجاوز الله عنه بمنه وكرمه وفيه وصل قاصد
____________________
(1/219)
شوال سنة ثلاث وتسع ماية
مستهله يوم الثلاثاء الحادي والعشرون من شهر ايار استهل وقد وصل المقر الكافلي من البلاد الحلبية بعد ان كسر عسكر آقبردي وقتل ممن معه اينال نائب حلب كان وقتل سليمان باك احد اولاد علاء الدولة الغادري وتوجهت العساكر بعد ذلك إلى هذه النواحي ووصل الكافل لدمشق على طريق قارا ثم عرج على ناحية بلاد بعلبك
وفيه صلى القاضي الشافعي صلاة العيد بجامع كريم الدين وتأخر لأجل مجيء النائب فلما ابطأ دخل دمشق اليوم بعد صلاة العيد بخلعته وخطب بجامع كريم الدين شهاب الدين بن عبد الحق وبالجامع الأموي القاضي سراج الدين الصيرفي احد نواب القاضي الشافعي وخطب بالمصلى الشيخ عيسى البلقاوي الشافعي
واما الطاعون فمستمر بدمشق وضواحيها وقد طال امره اللهم ارفعه واما بمصر فقد كثر جدا حتى كثر الخبر بأنه جاوز العشرة آلاف واخبرني من اثق به ان التعريف بمصر المتعلق بالخاص ارتفع إلى ناظر الخاص في بعض الايام الف نفس قالوا وعبرته في الغالب العشر فهذا من حاز عشرة آلاف فسبحان الفعال لما يريد
____________________
(1/220)
وفيه مات ابو بكر بن محمود بن قاضي اذرعات كان مع ابيه صحبة آقبردي وارسله اليه في رمضان فطعن ومات وبلغ الاربعة عشر سنة وحفظ القرآن وكان عنده سكون
السبت خامسه دخل كافل دمشق ملك الامراء كرتباي الاحمر دمشق من ناحية حلب وصحبته الامراء المصريون والمماليك السلطانية وامراء دمشق وحصل بوصوله إلى دمشق الخير لاهلها من وجوه عديدة سدد الله اقواله وافعاله ووفقه للاعمال الصالحة وقمع به اهل الفساد ودمر اهل العناد وابطل المنكرات من الخمور وغيرها ومكس اللحم وغيره وبطش في مباشريه لكونهم خالفوا امره وارتكبوا امورا يفسد بها امر الخلق جزاه الله خيرا سادسه البس جانباي امرة العرب مع انه الشائع انه الذي واطأ على اخذ الحاج في الامور المتقدمة
ثامنه جاء الخبر ان بعض اولاد عامر الذي توفي قريبا اغار على فرقة جانباي واستولى على بعض تعلقه حتى الحريم حادي عشره اول تموز
يوم الجمعة حادي عشره صلى قاضي القضاة الشافعي شهاب الدين بن الفرفور بالكاملية وجرى الكلام في قوله تعالى { حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها } ما الحكمة في الاتيان بالمظهر مع الاتيان بالضمير واجاب هو بأن اهل في الاول جميعهم وفي الثاني بعض اهلها لان العادة جرت ان الذي يضيف القادم من اهل القرية بعضهم غالبا فلو اعيد الضمير لكان مفيدا ان اهل القرية كلهم مستطعمون وهو جواب
____________________
(1/221)
حسن لو ساعده نقل او عبارة اذ القاعدة في الاصول ان الجمع المضاف عام فيما يصلح له فيقتضي هذا عموم اهل القرية في الموضعين والله اعلم
وقاضي القضاة المشار اليه قدم من مصر في هذه المرة وقد ظهرت عليه امارات الخير وقد خالق الناس بخلق حسن وهو مثابر على تلاقي الخواطر والمشي على الحق والاخذ على يد من يظهر منه جور من نوابه او نواب الحنفي سدده الله تعالى ووفقه لكل خير بحق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
حادي عشريه سافر الحاج واميرهم دولات باي من اليحياوي وهو دوادار الكافل الآن ولم يحج من اهل البلد واعيانهم احد وانما توجه بعض تجار البهار وفيه تولى تمرباي عتيق قجماس كافل الشام وظيفة دوادار كبير ولا بأس به خامس عشريه وصل الذاهبون إلى منزلة المزيريب واخبروا برخص عظيم وامن وان الامير محمد بن ساعد حضر هناك وحصل بحضوره كثرة الامن وكثرة الامانات فالحمد لله
____________________
(1/222)
ذو القعدة سنة ثلاث
مستهله الخميس عشرين شهر تموز الاثنين رابعه توجه الكافل إلى المرج بعد ان حضر اليه خليل بن اسماعيل شيخ نابلس ومشايخ البلاد وبعد استعداد بالمشاة وغيرهم ويقال انه جاء الخبر بان كافل حلب ارسل باستعجاله وذهب إلى المرج في الحديد جماعة من مباشريه ومباشري ارث بيت المال وضربهم هناك والله تعالى يسدد اقواله وافعاله وفيه ارسل بالامان للشيخ القدوة شهاب الدين المحوجب فإنه في بلاد عجلون من حين توجه آقبردي ومن معه إلى النواحي الشمالية فإن الامير تنبك قرا ينزل في بيته فواعدوه بذلك ولا ذنب له والله المدبر فكتب اليه مرسوم بالامن واعطي منديلا بالامان وتوجه اليه الشيخ صدر الدين الموصلي والشيخ عيسى البلقاوي مع جماعة من اهل القبيبات
عاشره انتقل وطاق الكافل إلى ارض صحنايا على حافة نهر الاعوج وارسل من كان اخذهم معه من المرسم عليهم إلى القلعة مع التشديد عليهم
حادي عشره وصل الخبر بأن الحاج تعرض اليهم العرب وانهم اخذوا نحو ثلثهم وانهم معهم في قتال في منزلة اللجون وان ناظر الجيش ابن النيربي اخذ له العرب نحو خمسين جملا فلا قوة الا بالله ثم جاء الخبر بأن عمران بن ملاك ادرك الحاج بجماعته وخلصهم من
____________________
(1/223)
القطاع ومضوا على بركة الله تعالى ثاني عشره مستهل شهر آب من شهور الروم
رابع عشره توجه الكافل إلى الكسوة ثم توجه إلى الصنمين واقام بها إلى ان توجه صبيحة الاحد ثاني عشريه إلى ناحية زرع
ثامن عشره جاء الخبر بوصول الشيخ القدوة شهاب الدين المحوجب إلى قرية الصنمين ليسلم على الكافل فرآه قد توجه إلى كبسة ثم حضر الكافل عشيته واجتمع به المذكور بعد العشاء ليلة تاسع عشره على يد الحاجب الكبير قانصوه اليحياوي وحصل له منه اقبال وارتحل الكافل من الصنمين تاسع عشره بكرة إلى زرع وهرب من المشاة مئات فأرسل في طلبهم وحصل بسبب التفتيش عليهم قتل والي الصالحية قتله اهل الصالحية وذكروا ان العسكر الذين معه تعلق بهم غلاء اللهم دبر وفيه وصل الشيخ شهاب الدين المشار اليه إلى منزله ونزل بمسجده قريب داره فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات واسكن جواريه وجماعته قبالة المسجد المعروف بالكردي وشرع في ترميم الناحية الشرقية من منزله فإنها سالمة بحمد الله الا بعض تشققات فيها
ذو الحجة مستهله السبت تاسع عشر شهر آب هذا وقد استمر الهلال ليلة الاحد إلى بعد العشاء بمدة فلعل احدا يشهد برؤيته ليلة الجمعة ثم وقع ذلك وشهد به جماعة فاستقر اوله الجمعة ثانيه جاء الخبر بأن الكافل تقاتل مع العرب الذين منهم من اخذ الحاج وانه ظفر بهم بحمد الله تعالى واخذوا منهم آلافات من الجمال والغنم وبعدة من نسائهم واولادهم وقتلوا منهم خلائق فالحمد لله الذي قيض للحاج من اخذ بثأرهم ووفقه الله لكل خير واهلك المفسدين بمنه عاشره عيد الاضحى صلى قاضي القضاة الشافعي بالجامع الأموي وخطب خطبة بليغة وكان الكافل توجه من زرع إلى بصرى ورمم بعض قلعتها واقام بها نائبا ثم إلى صرخد واقام بها نائبا ثم إلى عجلون واقام بها نائبا كذلك ثم توجه إلى
____________________
(1/224)
بلاد محمد بن ساعد بعد ان تردد اليه جماعة من مشايخ البلاد وغيرهم واحضر له مالا على ان يرجع عن الدخول إلى بلاده فقبضه وقال لا ارضى الا بأن يأتي إلي وذاك يعتذر بأنه لا عادة له بذلك مع من تقدم من الكفال والنائب يقول لا ارضى منه الا بالحضور فتوجه سدده الله والحج قصده إلى بلد المذكور صخرة ونزل بها وشرع في بناء برج في نفس مسكن المذكور وارسل إلى دمشق يستحث في اخذ ميرة وصناع من كل نوع واما محمد بن ساعد فيقال انه توجه مع من يوافقه إلى ناحية الغرب وكان من مدة قد ارسل ثقله ونساءه فلله الامر سبحانه وتعالى
ثالث عشره مستهل آب خامس عشره تطلب جماعة الكافل من بدمشق من اهل بصرى وصرخد من التجار والصنايعية وغيرهم فمسكوا البعض وهرب البعض والحق ان هذه البلاد التي اقام بها ملك الامراء النواب واقام معهم المقاتلة ان اجتمعوا على كلمة واحدة واتفاق تام يدفعون الرعب عن هذه البلاد وتحصل عمارتها وترخص الاسعار وتدر البركات وتزداد الخيرات اللهم احسن العاقبة للمسلمين
والآن المرجو من كرم الله تعالى ان يشرح صدر ملك الامراء لتعيين عسكر يلاقي الحاج فإنه يخاف عليهم من العرب ويحرس الله ويحفظ
سابع عشره كثرت الاشاعة بدوران الكلام في الصلح بين الجماعة الذين بالبيرة وباقي العسكر حكوا كذلك امورا كثيرة ما تذكرتها لانها لم تتحرر عندنا والله المدبر نسأله ان يؤلف بين عساكر المسلمين لقمع المفسدين وامر الخلائق اجمعين
ثامن عشره وصل جماعة من ناحية حلب دوادار السلطان بحلب
____________________
(1/225)
قاصد كافلها وواحد من عظماء جماعة علاء الدولة وواحد من جماعة آقبردي الدوادار متوجهين إلى القاهرة بسبب الصلح فنزلوا في القصر بالميدان ووجهوا ساعيا لملك الامراء بذلك ثم في رابع عشريه وصل اليهم الجواب وتوجهوا نحو مصر احسن الله العاقبة
خامس عشريه توفي عبد الوهاب بن تاج الدين بن المرحوم محب الدين محمد بن برهان الدين بن قاضي عجلون جاوز الاربعة عشر سنة قرأ القرآن واخذ في قراءة المنهاج وكان عنده سكون وهدوء ودفن عند قبر والده بباب الصغير وكان بيده وظائف استقر فيها السيد العلامة كمال الدين بن السيد حمزة الشافعي وبالله المستعان
وفي العشر الاوسط من ذي الحجة توفي الشيخ المعمر زين الدين عبد القادر الصفدي الشافعي كان يشارك في علوم ويعرف الفرائض والحساب معرفة تامة اخذ عن الشيخ القدوة العلامة الكبير شمس الدين محمد بن حامد الشافعي الصفدي رحمه الله تعالى اقام هذا بدمشق وسكن في المدرسة الصارمية قريب باب الفرج وترك ولدا صغيرا استقر في وظيفته رحمه الله تعالى
يوم الجمعة تاسع عشريه صلي بالجامع الأموي على الشيخ العلامة المفنن شمس الدين محمد خطيب جامع الوزيري بالقاهرة المالكي المذهب كان جامعا للعلوم عارفا بأصوله وفروعه صوفيا حسن المحاضرة وكان له مساعدة لاصحابه حصل لنا منه جبر ومساعدة لما كنا بالقاهرة سنة سبع وتسعين وثمانماية وكان مقربا عند الاتراك له عندهم كلمة نافذة ودفن بتربتهم بالقرافة قريب القلعة رحمه الله تعالى
____________________
(1/226)
سنة اربع وتسع ماية
استهلت والخليفة ابوالصبر يعقوب بن عبد العزيز العباسي والسلطان الملك الناصر محمد بن قايتباي والاتابكي بمصر الامير ازبك الظاهري وهو منجمع في بيته قليل الدخول في الامور والدوادار الكبير بمصر الامير قانصوه خال السلطان وكاتب السر الشريف القاضي بدر الدين محمد بن مزهر الانصاري وهو الآن بمكة المشرفة وناظر الخواص القاضي نور الدين على بن الصابوني البكري ونائب الشام كرتباي الاحمر وقضاة دمشق شهاب الدين بن فرفور الشافعي وابن اخيه بدر الدين محمد بن الفرفور الحنفي ونجم الدين بن مفلح الحنبلي وشمس الدين محمد الطولقي المالكي وكاتب السر بدمشق محب الدين محمد الحلبي وناظر الجيش زين الدين عمر بن النيربي الحلبي هو الآن بطريق مكة
المحرم مستهله الاحد تاسع عشر آب عشية الاثنين ثانيه وصل ملك الامراء من ناحية عجلون بعد ان بنى بقرية ابن ساعد صخرة قلعة واقام فيها مقاتلة واضاف اليهم جماعة من العشير ثالثه سلمنا عليه وجرى
____________________
(1/227)
الكلام فيما فعله ازبك القجماسي من اخذه جماعة البلاد المقيمين بدمشق اهل صرخد وغيرهم وقال انما قلت له انه يكلم من له ست سنين فما دونها فمن وافق يذهب ومن امتنع لا يجبر على الذهب فتوعد في هذا المجلس ازبك المذكور الذي اقامه ببصرى
رابعه وصل الخبر بأن ابن ساعد لما ذهب ملك الامراء عن المكان الذي بناه في مكان ابن ساعد ومعه خلائق واحاطوا بمن فيها وهم الآن في حصار اللهم دبر
ثالث عشره وصل من كان في القلعة التي بنيت في بلد ابن ساعد وحكوا ان العربان كثروا عليهم فهربوا وتقدمهم جماعة من المعمارية وغيرهم فلم يدر هل قتلوا او هربوا ووصل ابن العطار الصغير وضربه والمقر الكافلي مرات بسبب هربه فاعتذر له بانه عاين الهلاك وذهاب الروح
وفيه اخذ الكافل في الاهبة واكد على تحصيل العبيد الكبار وكل من عنده عبد كبير يحضر له فيراضي صاحبه فبعضهم تركه له وبعضهم يأخذ ثمنه على حسب ما يقومه دلال الرقيق ابن النابلسي رابع عشره مستهل ايلول
خامس عشره جاءت الاخبار بحصول خبطة بين السيفية والسلطان وانهم احضروا المباشرين ورموا على كل منهم شيئا وكذلك التجار الكبار وقفلت الاسواق ثم جعل عل كل سوق شيء معين يستخلص وفتحوا حوانيتهم
وفيه استقر الحال في الجامع الأموي ان من اقامه الكافل متكلما
____________________
(1/228)
بالجامع وهو القاضي علاء الدين ناظر جيش طرابلس كتب اسماء المستحقين وما لهم من المعاليم فلما فرغ من ذلك قال ان الكافل امر بالاجتماع عنده وكل من له وظيفة يأتي بمستندها إلى حضرته
ثم حضروا في يومين من هذا الشهر وحضر القضاة والمشايخ وقرر من يباشر ومنع من لا يباشر بنفسه وقرر للمؤذنين كل واحد في كل سنة الفا وثمانين درهما
في سلخه اقام الامير محمد بن يزيد متكلما عوضا عن ناظر الجيش المذكور وتوجه ناظر الجيش إلى ثغر بيروت في شغل للمقر الكافلي
سلخه توفي امين الدين محمد بن الطويل كان من موقتي الجامع الأموي ويعرف شيئا من الميقات وكان ملازما للجامع في الغالب خفيف الروح حسن المحاضرة رحمه الله تعالى ونزل عن وظائفه لبرهان الدين ابن الاخنائي وشهاب الدين بن عبد الحق وآخر ولم يمض قاضي القضاة شيئا في ذلك للسيد ابراهيم الصلتي بمبلغ قيل مائة
صفر مستهله الاثنين سابع عشر ايلول في ليلته ارسل الكافل إلى الشيخ شهاب الدين المحوجب الوالي وعدة من الاعوان بعد العشاء فأحضروه اليه فقال له انت كاتبت ابن ساعد وانت عدو فأنكر ذلك وقال الذي قال عني حرر امره فأمر بالذهاب به إلى القجماسية فبات بها ثم حضر قاضي القضاة الشافعي ومعه بقية قضاة القضاة عنده بسبب امر الجامع الأموي ففي آخر المجلس ذكره قاضي القضاة ولطف الكلام مع الكافل فتوقف ولا زال عليه إلى ان احضر في المجلس فأعاد عليه واعاد الجواب وحصل في المجلس من قاضي القضاة امشار اليه امور عرفت له جزاه الله خيرا وكانت له اليد البيضاء في الواقعة وقد منحه الله تعالى قوة منه يحصل بها الاغراض الخيرية وخصوصا مع هذا الكافل فإن شجاعته في الذروة العليا ومراددة الكلام
____________________
(1/229)
معه لا يقدر عليها احد لقوة نفسه فيسر الله اطلاقه وذهب إلى منزله جعله الله من الآمنين في الدنيا والآخرة ثم سعى باطنا في ازاحة ما في خاطره وتحقيق كذب الناقل ويقال ان الناقل إلى الكافل هذا الكلام المختلق سعيد بن العاق شيخ البلاد وهو عدو محمد بن ساعد
في اوائله بدأ القاضي نجم الدين بن مفلح الحنبلي الدرس عند محراب جامع الحنابلة قرئ عليه في شرح المقنع لوالده شيخ الاسلام شهاب الدين بن مفلح رحمه الله تعالى
ثالثه وصل الحاج واميرهم دولات باي من جماعة المرحوم قانصوه اليحياوي وذكروا عنه انه كان خفيف الوطأة حسن المداراة للعرب وغيرهم ولم يحصل للحاج في الذهاب والاياب ضرر الا بين الحرمين خرجت عليهم فرقة وسلمهم الله تعالى وصحبتهم الخواجا زين الدين عمر بن النيربي ورافقهم عمران بن ملاك شيخ العرب من بني لام وحصل للحاج بهم رفق زائد وامن وذكروا ان القاضي كاتب السر الشريف ذهب إلى مصر من مكة واهل مكة كلهم متكدرون منه وذكروا ان الرخص كان معهم كثير والماء كثير ووصل صحبتهم صاحبنا شهاب الدين احمد بن العظماني طالب علم يحفظ القرآن جاور سنتين واشتغل هناك وذكر لي ان الفضلاء بمكة قليلون وان سوق العلم كاسد كما بدمشق وغيرها من البلدان والله تعالى يلطف ويدبر الجمعة ثاني عشره ماتت ام القاضي شمس الدين بن يوسف المالكي وكانت دينة خيرة ودفنت بمقبرة باب الفراديس خارج دمشق وصلي عليها بالجامع الأموي رحمها الله تعالى
ثالث عشره توفي ابن يوسف الرومي وكان له ابنة فالحمد لله
____________________
(1/230)
رابع عشره مستهل تشرين الاول حضر قاضي القضاة الدرس بالجامع الأموي وقرئ عليه من اول شرح منهاج الفقه للشيخ جلال الدين المحلي والقارئ شهاب الدين بن سالم
وفيه توفي بدر الدين حسن بن التاج كان شاهدا بمركز باب السريجة ملازما للجماعة سلم المسلمون من لسانه ويده وخلف ابنين وبنتين وتركة نحو ثلثمائة دينار ودفن بمقبرة باب الصغير شمالها رحمه الله تعالى
خامس عشره سافر الكافل من ناحية الكسوة ولا يعلم اين يذهب لكن يغلب على ظن الناس انه قاصد بلاد محمد بن ساعد
سادس عشره تحول الكافل إلى الكسوة ضحوة بعد ان سلم عليه القضاة بالمنزلة الاولى جعل الله حركته خيرا
ثامن عشره بدأنا الدرس بالجامع الأموي ونسأل الله تعالى ان يجعل اعمالنا خالصة لوجهه الكريم درس في مختصر الحاوي لابن المقري ودرسان في المنهاج ثم درس الفرائض في المنهاج ايضا
عشريه وصل نائب قلعة الروم اخو نائب حمص كلاهما من الغادريين واخبر بأن الامير آقبردي اخذ قلعة الروم وانه الآن يحاصر عينتاب وانه مشرف على اخذهما وان اهل حلب في اضطراب بسبب ذلك ويسبون نائب قلعة حلب إلى انه من فرقة آقبردي باطنا احسن الله
____________________
(1/231)
العاقبة وفيه جاء الخبر بأن الكافل توجه إلى اربد وان محمد بن ساعد اجلا من البلاد والتحق بالعرب
وفيه وصل من القاهرة من اخبر ان قاصد الكافل وصل وتوجه اليه من الطريق ومعه المرسوم باستمرار القلعة بيد الكافل وانه متصرف من الفرات إلى العريش وذكروا ان الامير الكبير ازبك والامير قصروه مقدم الف ساعدا في ذلك مساعدة عظيمة وحصل بهذا للناس آمال وتمهدت الامور بحمد الله
خامس عشريه بدأ شيخ الاسلام تقي الدين بالدرس بالجامع بالمشهد الشرقي وقريء عليه في الروضة للنووي درسان بدر الدين الياسوفي وشمس الدين الكفرسوسي وحضر عنده جماعة من الفضلاء
وفيه وصل الخبر بأن آقبردي بمن معه تحولوا إلى مكان به عيون ماء كثيرة بينه وبين حلب يوم واحد للخيال
ربيع الاول مستهله الثلاثاء ثامن عشر تشرين الاول ثالثه وصل الكافل من السفر بعد ان وصل إلى بلاد ابن ساعد وخرب ما بقي من القرى التي بها وقريته وسلم عليه شيخ الاسلام بعد العصر ونحن معه وسأل عن المأخوذ من العرب في هذه المرة والذين اخذوا الحاج فقيل له الذي يتعلق بالمباح من علم شيئا له يدفع اليه راتبه وان جهل صاحبه فيحفظ في بيت المال ثم ذكر الكافل ما اشتمل هؤلاء العرب من قطع الطريق وانكار البعث وغير ذلك من الانحلال عن الملة وكان لما دخل معه نساء العرب واولادهم اشار عليه قاضي القضاة الشافعي ان يطلقهم فأطلقهم من رأس القبيبات جزاه الله خيرا وفيه وصل الخبر بعزل حاجب الحجاب
____________________
(1/232)
وتولى عوضه شخص من القاهرة مملوك يسمى قانصوه بن سلطان شركس
سادسه توفي شهاب الدين محمد الحجيني الحنفي نائب حكم وكان له مداخلات في الاوقاف وخصوصا المتعلقة بالحنفية ودفن بالصالحية بالسفح رحمه الله تعالى
وفيه وصل متسلم الحاجب فصادف الكافل ضعيفا فلم يقرأ مراسيمه وفيه لبس قاضي القضاة الحنبلي نجم الدين بن مفلح خلعة باستمراره في قضاء القضاة وقريء توقيعه بالجامع الأموي
عاشره توفي كافل البلاد الشامية كرتباي الاحمر وقت اذان الصبح ودفن بتربة قجماس شرقي دار النيابة بعد ان تقدم للصلاة عليه قاضي القضاة الشافعي
ثاني عشره وصل من القاهرة الحاجب الكبير ونزل ببيت الامير قرقماس بحارة السليماني وحصل بينه وبين دوادار السلطان اختلاف بسبب نيابة الغيبة محتجا الحاجب بأن العادة عند موت النائب ان يتولى بعده الحاجب البلد إلى ان يحضر الكافل الجديد ودوادار السلطان ينازعه في ذلك ويقول ان تركة الكافل انا صارت في ذمتي وانا الذي اباشر إلى ان يحضر ثم استقر الحال على دوادار السلطان إلى حين حضور جواب من مصر
____________________
(1/233)
رابع عشره مستهل تشرين الثاني حادي عشريه بدأ قاضي القضاة الشافعي في اقراء جمع الجوامع للمحلي بمنزله قرب الناصرية ومد للطلبة سماطا عظيما
ثالث عشريه جاء دوادار السلطان نائب الغيبة بدمشق خلعة من حلب من كافلها جان بلاط باستمراره في نيابة الغيبة وعجب الناس من ذلك وفيه شاع الخبر ممن قدم من حلب ان كافل حماه دولات باي وصل إلى حلب بعساكره وان الدوادار آقبردي قارب حلب وحصنوها ومن كان ساكنا خارجها دخل غالبهم إلى السور وان القرى التي حواليها اخليت نسأل الله العافية وحصل لأهل دمشق من ذلك نوع وجل آمنهما الله وسائر بلاد المسلمين
تاسع عشريه وصل الخبر بموت السلطان محمد بن قايتباي في يوم الاربعاء سادس عشره خرج إلى الصيد فضربه بعض اركان دولته في رقبته وذلك في يوم الاربعاء سادس عشره ودفن عند ابيه السلطان قايتباي بالقرافة جوار تربة بني مزهر وحصل بين العسكر اضطراب وعرض الامر على الاتابكي ازبك وعلى تنبك الجمالي فامتنعا ثم تم الامر لخال السلطان المقتول قانصوه وزينت دمشق وحصل من المفاسد بذلك ما لا يمكن حصره
ربيع الآخر مستهله الخميس ثاني عشر تشرين الثاني استهل
____________________
(1/234)
والناس في الزينة بأسواق البلد واتسع امر الفسق والفساد بينهم على وجه لم يسمع بمثله
مستهله سافر شيخ الاسلام تقي الدين بن قاضي عجلون الشافعي إلى البقاع ثم إلى بيروت واستقر بها
خامسه رفعت الزينة من البلد عاشره وصل من مصر الحاجب الثاني المتولي جديدا عوضا عن الذي ذهب بسيف الكافل المتوفى ووصل متسلم نائب القلعة بدمشق وهو آقباي الذي كان حواطا على تركة قانصوه اليحياوي وابلى في فتنة الاختلاف سنة ثلاث بلاء حسنا ووصل حواط على الاغنام والابل والابقار التي كان قد نهبها المتوفى من البلاد واخبروا باستقرار امر الامامة العظمى لمتوليها اكمل الله للمسلمين دفع الاختلاف والفتن ثاني عشره جاء الخبر من حلب ان الامراء الخارجين حصل لهم انتصار بعد ان التقوا مع العساكر بحلب وجاء القصاد بطلب عسكر من الشام نجدة ثالث عشره مستهل كانون الاول وصل الخبر بأن الحصار قوي بالمملكة الحلبية وان الدوادار نزل بحارات حلب البرانية وان علاء الدولة صار بباب الله خارج حلب بعساكر كثيرة وان آقباي معه عدة من المقاتلة يحتاط بحلب يمنع دخول امير او خروج احد اللهم فرج واعذنا من الفتن
ثاني عشريه وصل الامير اركماس كافل طرابلس إلى مسطبة السلطان ببرزة مستحثا عسكر الشام للذهاب إلى ناحية المملكة الحلبية بسبب حصار حلب ثالث عشريه وصل كافل صفد لذلك ايضا ونزل بمنزله بالقنوات خامس عشريه اول الاربعينات وصل آقباي نائب القلعة من مصر وهو الذي كان بالقلعة في العام الماضي من زعماء من حصنها ودافع عنها نسأل الله الامان لنا وللمسلمين
تاسع عشريه وصل الامير قصروه ونزل بدار النيابة ومعه جماعة نحو
____________________
(1/235)
المائة مقاتلة وجماعة آخرون وهو الآن متولي كفالة المملكة الحلبية حماها الله وسائر بلاد المسلمين
عشريه وصل من القدس الشريف الشيخ القدوة العلامة المحقق برهان الدين ابراهيم الشافعي ونزل الخانقاه السميساطية بالخلوة التي بإيوانها القبلى وسلم عليه مولانا قاضي القضاة الشافعي وبقية قضاة القضاة وحصل به الانس لأهل دمشق فإنه من العلماء الاقدمين وله اليد الطولى في علم التصوف والعلوم نفع الله ببركته آمين وذكر لي ان مولده سنة ست وثلاثين وثمان ماية
في اواخره وصل المرسوم باستقرار الحاجب الكبير نائب الغيبة على العادة
جمادى الاولى مستهله الجمعة ثاني عشر كانون الاول ثالثه طلب الامير قصروه من اهل القلعة ان يسلموه تركة الكافل كرتباي فتوقفوا ثم سلموا وذكر ان قصده ان يستوعب تلك النقود وغيرها فيها ذهب خمسة وسبعون الف دينار كما قيل
ووصلت الاخبار ان فرقة كبيرة من الاكراد بين حلب وحماة حازهم علاء الدولة إلى عنده فنزلوا قريب الجماعة الذين هناك من الاتراك وحكي ايضا ان الغنم الذي كان واصلا إلى دمشق استولى عليه الجماعة وعلى اصحابه اللهم الف بين عساكر المسلمين بما شئت وكيف شئت انك على ما تشاء قدير
رابعه اجتمعت بالشيخ برهان الدين بن شريف نفع الله ببركته وحصلت فوائد منها انه ذكر انه قريء عليه رسالة القشيري بالقاهرة في بعض السنين فوصل القاريء إلى باب الزهد فقرأ قول ابي يزيد
____________________
(1/236)
البسطامي اعاد الله من بركاته اقمت في مقام الزهد ثلاثة ايام وفي الرابع قطعته فزهدت في الدنيا في اليوم الاول وفي الآخرة في اليوم الثاني وفرغت قلبي من غير الله في الثالث فلم اجد في الرابع في قلبي غير الله قال فسألت القاريء وهو الشريف السمهودي المقيم الآن بالمدينة الشريفة إذا فرغ قلبه من الدارين فما هو الذي فعله في اليوم الثالث قال فما استحضرت له جوابا فنمت تلك الليلة فرأيت ابا يزيد في النوم وحصلت منه مهابة عظيمة ثم سألته عن هذه المقالة فأجاب بقوله المقام فلما استيقظت اراد ان نزهد في معالم الزهد وعبر عنه الصوفية الزهد في الزهد فلا نلحظه ووقع في هذا المجلس محاضرات كثيرة يطول ذكرها والحمد لله
وقد تتابعت الامطار بحمد الله ثلاثة ايام بلياليها إلى رابع عشره بعد ان كانت تباطأت وارتفع السعر والقمح الآن بمائتين والشعير بمائة الا انه قليل جدا
خامس عشره وصل برهان الدين واخوه فرج ولدا المرحوم شادبك الجلباني من بلاد العجم ذهبوا إلى تلك البلاد عقب موت والدهم وجماعتهم إلى هذه الايام آمنوا وجاؤوا
وفيه تتابع سفر العسكر بدمشق إلى ناحية حلب فسافر دوادار السلطان بدمشق ونائب طرابلس اركماس ونائب صفد بردبك وحاجب الحجاب بدمشق والاتابكي بدمشق قرقماس وغيرهم من الامراء والاجناد
سادس عشره وصل نائب غزة قراجا وتوجه إلى ناحية حلب ايضا ووصل الخبر بأن عساكر من مصر خرجت آتية للمهم المذكور
____________________
(1/237)
حادي عشريه فوض قاضي القضاة الشافعي بدمشق نيابة الحكم للقاضي نجم الدين محمد بن شيخ الشافعية بن قاضي عجلون وذهب القاضي وجماعته معه إلى البيت بعد ان البسه خلعة كاملية بسمور واطعمهم المعمول وسقاهم السكر
ثاني عشريه وصل من مصر فرقة من مماليك من العساكر متوجهين ناحية حلب سادس عشريه توفي شهاب الدين احمد الحرستاني احد التجار بدمشق له ثروة عظيمة ومع ذلك كان مقترا لا يعطي الفقير الا نادرا وصلي عليه بالجامع الأموي ودفن بمقبرة باب الصغير
جمادى الآخرة مستهله الاحد ثالث عشر كانون الثاني وصل الامير يلباي من مصر وهو الذي كان اتابكا بدمشق والآن مقدم بمصر ونزل بمنزله عند حارة السعاة ثانيه وصل مقدم آخر من مصر يقال له العجمي وتواترت المماليك السلطانية ولم يرد في حلب الا انهم في حصار وتتابعت الامطار بدمشق والثلج هذه الايام فالحمد لله سابعه وصل تنبك امير آخور بفرقة من مصر
ثامنه وصل تنبك الجمالي الباش ونزل بجامع تنكز ثم انتقل إلى بيت نائب صفد عند مدرسة شادبك ومعه جماعة وهو شيخ من قدماء المماليك نسأل الله تعالى ان يحسن العاقبة ولا يجعل بين المسلمين سيفين مختلفين بحق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
خامس عشره وصل متسلم نائب دمشق من حلب ودخل البلد ونزل بدار النيابة والكافل إلى الآن بحلب وقد تحرر ان آقبردي ومن معه ارتفعوا عن محاصرة حلب وتوجهوا إلى ناحية بلاد علاء الدولة وان كفال
____________________
(1/238)
البلاد عازمون على الرجوع إلى بلادهم ولعل الله ان يطوي هذه الفتن عن خلقه انه على ما يشاء قدير
سابع عشره وصل الكافل جان بلاط الظاهري إلى برزة ونزل بمسطبة السلطان وصحبته نائب غزة ونائب صفد و إلى الآن ما وصل اليه من هذا السلطان خلعة ولا تشريف وقد عزم على الاستمرار على المصطبة إلى آخر الشهر وانزل حريمه في دار قاضي القضاة الشافعي ابن الفرفور
عشريه مستهل شباط وقد تتابعت الامطار في كانون بحمد الله
ثالث عشريه انفقوا على المماليك السلطانية من القلعة كل واحد مائة دينار وعن شهرين نفقة وجمل وعشرين اخرى وتحملوهم وهم ستمائة مملوك ليتوجهوا إلى حلب مساعدة لنائبها الامير قصروه احسن الله العاقبة
تاسع عشره قتل واحد من المماليك الذين حضروا من مصر الامير خير الخيضري ابن عم المرحوم قاضي القضاة قطب الدين الخيضري كان جالسا بسوق جقمق فمر عليه وضربه بالسيف فقتله ودفن بمقبرة الباب الصغير وكان رحمه الله من الاجواد ملازما للصلوات الخمس مع الجماعة كثير العبادة خامس عشريه توفي الشيخ محمد الثابتي مؤذن
____________________
(1/239)
الثابتية كان في عشر السبعين ملازما للجامع مقبلا على شأنه ودفن بمقبرة الاشرفية بالقنوات عند اخيه وابيه رحمهم الله تعالى
وكان اخوه احمد ايضا ملازما لجامع الثابتية في الاذان والامامة من عمرهما على ذلك واما ابوهما فكان يحفظ القرآن وقرأ كثيرا وكان في رمضان يختم كل يوم وليلة ختمة وفي سنة من السنين قرأ ثلاثين ختمة ونسج ثلاثين ثوبا في رمضان وحكى ولده محمد عنه انه حكى انه كثيرا ما كان يرى رجالا واقفين يصلون امام المحراب ليلا لما كان ينام بالجامع بعد ان يغلق الابواب بنفسه جمع الله بيننا وبينهم في مستقر رحمته آمين
ليلة سادس عشريه وقع ثلج عظيم واستمر يومين وليلتين وكان قد حصل نار على الزرع في حوران ولما تتابعت الامطار والثلوج على الكافل وهو نازل بوطاقه ببرزه دخل عسكره إلى بيوت القابون وهو مقيم بالمصطبة في القصر وخدامه في الاسطبل تحته وهو منتظر مجيء خلعته من مصر
ثامن عشريه حصل مطر عظيم متتابع وتهدمت اماكن كثيرة بدمشق ووكفت الاماكن كلها الا النادر
رجب مستهله الاثنين حادي عشر شهر شباط الثلاثاء ثانيه دخل الكافل دمشق من باب الفرج لكون خلعته إلى الآن ما وصلت وحصل بقدومه قمع المفسدين وكثر اللحم والخبز وغيرهما
رابعه حصل الموكب والقضاة وظهر منه الانقياد للشريعة المطهرة
____________________
(1/240)
وفقه الله تعالى للخيرات
وتواصلت الاخبار بأن آقبردي الدوادار ومن معه لما رجعوا من حلب قصدوا البيرة فمنعهم عنها متسلمها بعد ان امكن ثقاتهم من الدخول وانهم ليسوا واثقين من علاء الدولة
عاشره رسم الكافل على احمد مستأجر سوق المرستان لشكاوي وقعت عليه من التجار الساكنين في الحوانيت وانه ظلمهم في مال جزيل وانفصل امره على خمسماية دينار ومائتين ايضا ثم شكى عليه ايضا مستحقوا المرستان من جهة معاليمهم وجراياتهم فأعيد إلى الترسيم وذهب القاضي نجم الدين الخيضري والقاضي بهاء الدين الباعوني إلى دار النيابة ليحققوا عليه فادعى ان من جهتهما مال من سنين متقدمة فجمع الكافل بينهم وأمرهم بالحساب واشتبكت الحكاية ثم أحضروا أوراقهم المتفرقة حتى يقيموا منها الحساب فخطفها من المجلس وسلمها لجماعة الكافل وصاروا كل يوم إذا حضروا يأتون بأوراقهم و إذا فرغوا آخر النهار يأخذها جماعة الكافل إلى عندهم كل هذا وهم في الترسيم والعجب العجيب كون المرستان يمضي عليه سنون عديدة لا يقام له حساب اصلا ما هذا الا خذلان غريب وإهلاك عجيب نسأل الله تعالى أن يطلف والظاهر أن المرستان خرب وما بقي ينتظم له حال وقد حرر امر نور الدين الشهيد رحمه الله تعالى فرأى ان من قصد لوقفه فسادا يؤخذ منه
تاسع عشره مستهل آذار المبارك
ثاني عشريه سافر الامير خير بك الذي كان جاء قاصدا من ابن عثمان كان ذهب اليه من قبل سلطان مصر ويقال ان وقع بينه وبين المختلفين كلام يؤول إلى الصلح اللهم ارفع عن خلقك هذه الفتنة بما
____________________
(1/241)
شئت وكيف شئت انك على ما تشاء قدير
شعبان مستهله الاربعاء ثاني عشر آذار رابعه سافر الحواط على تركة الكافل كرتباي ومعه الخيل والمال والاحمال التي اخذها من ذلك
وفيه توجه كاتبه إلى القدس الشريف مرافقا للشيخ العلامة برهان الدين بن شريف الشافعي على طريق نابلس وصادفنا مطر غزير حصلت منه شدة فرأينا في نابلس جامعها الكبير قائم الشعار والحمد لله ودخلنا القدس الشريف في تاسع عشره واجتمعنا بشيخ الاسلام كمال الدين ابن شريف رأس علماء الاسلام في هذا الزمان بلا مدافعة ولا منازعة
تاسع عشره وصل مثقال الطواشي من القاهرة ناظرا على الحرمين القدس الشريف وحرم الخليل عليه السلام اخذها بعد ان عزل منها نائب القلعة ووصل إلى القدس الشريف مرسوم فيه انه انهى ناظر الخانقاه الصلاحية ان كنيسة القمامة انهدم منها ركن ملاصق للخانقاه وان الخانقاه ربما تتداعى إلى السقوط بواسطة ذلك وسأل وقوف القضاة والعلماء وشيخ
____________________
(1/242)
الاسلام الكمالي بن شريف والنائب والناظر على ذلك لاصلاحه فلما قري المرسوم ثار اهل القدس وقالوا انما هذا طريق يوصل إلى ترميم المنهدم من القمامة وله مدة طويلة في ايام غير هذا الناظر ولا سبيل إلى ذلك واوسعوا الكلام في ذلك فأحجم الساعي ولم ينطق بكلمة واحدة بعد ذلك والحمد لله
جاء الخبر بأنه في عشريه اطلق مباشرو المرستان كلهم بدمشق من الترسيم من غير مغرم وان الكافل استولى على اوقاف المرستان كلها واقام احمد الحموي ينفق على الضعفاء يأخذ النفقة من خازنداره وهي شيء يسير على ما قيل وبوفاة عبد القادر ديوان القلعة وتوجه ولده إلى مصر وبوفاة ابن شكر وتوجه نسيبه القاضي رضي الدين الغزي قيل إلى القاهرة عشريه مستهل شعبان
رمضان مستهله الجمعة كنا بالقدس الشريف ووصلنا مستهله من زيارة الخليل ابراهيم عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام وسائر الانبياء والمرسلين حادي عشر نيسان
مستهله وصل إلى شيخ الاسلام كمال الدين بن شريف سؤال من بعض البلاد ان عقد النكاح هل يشترط فيه ان كلا من المتعاقدين يعرف شرائط احكام النكاح بكمالها ام لا
في العشر الاخير من رمضان تواصلت الاخبار بأن محمد ابن الحنش هرب من كافل دمشق ان عسكر الشام توجهوا إلى البقاع ونهبوا قرية قب الياس وما حواليها وسجنهم الكافل ايضا وانه ولى عوضه
____________________
(1/243)
في البلاد البقاعية التي كانت بيده وزعها على اقاربه وغيرهم
وبوفاة شمس الدين محمد بن كامل التاجر كان هو ووالده واقاربه تجارا يسافرون إلى القاهرة بمتاجر وكان هذا يعاني اختفاء القنوات ويصلحها وفي آخر عمره استمر سنين ملازما بيته متخليا من الزمان مظهرا انه افتقر ولم يبق معه شيء ومنع الزكاة بهذه الحجة ودفن بمقابر الحمرية غربي دمشق سامحه الله تعلى ورحمه برحمته الواسعة آمين وخلف ولدا ذكرا في سن البلوغ وزوجه قبل موته
اول الشهر وصل إلى القدس مرسوم مضمونه ان الاتابكي ازبك انهى إلى مواقعنا الشريفة ان جلال الدين عبد الرحمن بن شريف ارسل قصة ان كنيسة القمامة خسف في جانبها خسف كبير وان الخسف مجاور للخانقاه الصلاحية وان الخانقاه يخاف من مجاورتها لهذا الخسف ان تتهدم وتجر ذلك إلى وقوعها ومرسومنا إلى الكافل وناظر الحرمين ان يقفا ويحررا ذلك التحرير الشافي بحضور المهندسين والمعمارية ورد الجواب عن ذلك وفي المرسوم طلب عمارة القمامة بهذا الموجب فلما قريء هذا المرسوم ماج اهل القدس واطلقوا لسانهم في من طلب ذلك ثم بعد هذا كتب القضاة على محضر ان ما انهي صحيح وانه ان لم يعمر هذا الخسف وقعت الخانقاه وذلك بعد ان كانوا امتنعوا عن الكتابة وصرحوا بأن الانهاء باطل ولكن اخذوا رشوة على ذلك من النصارى وشاع ما غرمه النصارى على هذا كل هذا والشيخان جمال الدين وبرهان الدين لا يلتفت إلى كلامهما واظهر الشيخ برهان الدين في ذلك الغضب الكبير وجلال الدين لا يلتفت إلى شيء من ذلك ويقال ان النصارى بذلوا في هذا المحضر ستماية دينار فرقت على الناس واهل القدس في العشر الاخير عقب صلاة العشاء وقبيل صلاة الفجر يتضرعون إلى الله تعالى في ذلك انا لله وانا اليه راجعون
وبيت المقدس لما فتحها عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرط على اهل الذمة الا يجددوا كنيسة للعبادة كما هو محكي في كتاب مثير الغرام وغيره ولكن ابلغ من هذا ان فتحها الاخير على يد الناصر في سنة خمس وثمانين وخمسماية كان عنوة لا صلحا واخبرني الشيخ برهان بن شريف ان قاضي القضاة شمس الدين المناوي الشافعي بالقاهرة كان يتعجب من ان الكنائس بالقدس بهذا الشكل فسبحان الفعال لما يريد
____________________
(1/244)