بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة الأزهر
كلية اللغة العربية
الدراسات العليا
قسم التاريخ والحضارة
المطهر المقدسي ومنهجه التاريخي في كتاب البدء والتاريخ
رسالة مقدمة لنيل درجة العالمية ( الدكتوراه )
في التاريخ والحضارة
إعداد الباحث
محمد السيد إبراهيم البساطي
إشراف
الأستاذ الدكتور الأستاذ الدكتور
محمد الشيخ عبد الوهاب فضل عبد المقصود عبد الحميد باشا
أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية
بكلية اللغة العربية بالقاهرة بكلية اللغة العربية بالقاهرة
1429هـ / 2008م
الإهداء
إلى المؤرخ الكبير
المقدسي
أهدي هذا العمل(1/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، أعز عباده المتقين، ورفع العلماء العاملين، فأعلى قدرهم، وأمضى ذكرهم، فهم أحياء إلى يوم الدين، ويوم القيامة يحشرهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وإمام المتقين، محمد صلى الله عليه وسلم بعثه رب العالمين على فترة من الرسل فهدانا به من ضلالة وبصرنا من عمى، وعلمنا من جهل، فكان العلم ميراثه، والعلماء ورثته، فحفظوا سنته، وأشاعوا هديه، ودونوا تاريخه وسيرته صلى الله عليه وسلم. وبعد.....
فلقد شهد القاصي والداني بأن تراث أمتنا الإسلامية من أعظم التراث العلمي الذي عرفته الإنسانية كماً وكيفاً، حيث شمل كافة العلوم والآداب والفنون واتسم بالأصالة، والتقدم، والموضوعية، وجمع بين الاقتباس والابتكار، وبين أمانة الأخذ وأدب النقد والرد. كل ذلك في إطار أسلوب علمي رصين، وعرض رائع متين، وثقافة موسوعية تأخذ الألباب. ولعل تراثنا التاريخي خير مثال على ذلك فقد كانت كتب السيرة والمغازي والأنساب، والتراجم والرجال، والتاريخ العام والمحلى، وغيرها أكثر من أن تحصى. ولو قدر الله لجميعها البقاء لبلغت من الكثرة والتنوع ما تفنى الأعمار دون استيعابها. وإذا كان مؤرخونا القدامى قد بذلوا أعمارهم ليتركوا لنا هذا التراث العظيم فإن أقل واجب علينا نحوهم هو أن نرفع ذكرهم، وننشر علمهم، ونظهر جهدهم، ونبحث مناهجهم، لنربط حاضرنا بماضينا، ونحافظ على هويتنا الثقافية في عالم يموج بالثقافات المختلفة، ولنستعيد الثقة بحضارتنا في وقت شاعت فيه الانهزامية أمام الحضارة الغربية المتقدمة حالياً. وانطلاقاً من هذه المقدمة، ثم من إرشاد من أساتذتي بقسم التاريخ والحضارة – حفظهم الله تعالى – اتجهت إلى ارتياد البحث في مجال مناهج المؤرخين القدامى، فاستعنت بالله ثم بهم، واخترت موضوع:
"المطهر المقدسي ومنهجه التاريخي
في كتاب البدء والتاريخ"(1/1)
وكان من أهم أسباب اختياري لهذا الموضوع:-
1. الغموض المحيط بشخصية وحياة المقدسي، حيث أغفلت ذكره مصادر التراجم والرجال. فأحببت أن أبذل جهداً متواضعاً بالبحث في مصادرنا التاريخية الأخرى حتى أميط اللثام عن حياة مؤرخنا الكبير انطلاقاً مما ذكرته في المقدمة السالفة.
2. لم يأخذ كتاب البدء والتاريخ حقه اللائق به والواجب له عند المؤرخين القدامى ولا الباحثين المحدثين، مع أنه لا يقل أهمية عن كثير من المصادر التي ألفت في عصره وما قبله. عمق ثقافة المقدسي، وتنوع المادة العلمية في الكتاب، وتعدد اتجاهات الكتابة التاريخية جعل كتاب البدء والتاريخ في أمس الحاجة لدراسته، وبيان منهجه.
3. ريادة المقدسي، حيث إنه صاحب أقدم محاولة جادة لربط التاريخ بالفلسفة. وهذا يدل على تميزه، فحق له أن يدرس كتابه، ويعرف منهجه.
أهم مصادر ومراجع البحث(1/2)
ولقد اعتمدت في إعداد هذا البحث على الله عز وجل، ثم على عدد من المصادر والمراجع، والتي يمكن أن نقسمها إلى قسمين: القسم الأول: مصادر مباشرة، وهي التي نهلت منها مباشرة، وأهمها: كتاب الكامل في التاريخ، لابن الأثير:علي بن محمد الجزري (ت630 هـ) الذي يعد من أهم كتب التاريخ العام حيث تناول صاحبه تاريخ بدء الخلق، ثم تاريخ الأنبياء والأمم قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم السيرة النبوية فتاريخ الدولة الأموية والعباسية حتى عصر المؤلف، وكانت الدول المستقلة من أهم الموضوعات التي عالجها في تأريخه للدولة العباسية لذا استفدت منه في الاطلاع على المشهد السياسي العام لدول الإسلام ثم بتفصيل أكثر عن أحوال سجستان وبست. وساعدني في ذلك أيضاً بعض المراجع الفارسية مثل كتاب روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا، لمحمد بن خاوند شاة، وكتاب تاريخ إيران بعد الإسلام، لعباس إقبال، وكتاب تاريخ سيستان، لمؤلف مجهول. وهذا الأخير يعد أكثر المصادر والمراجع تفصيلاً لأحوال منطقة سجستان السياسية.
كما استعنت بكتاب سير أعلام النبلاء، للإمام الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت748هـ) في التعرف على أشهر أعلام القرن الرابع الهجري حيث رتب الذهبي أعلامه حسب العصور وليس على حروف المعجم، فكان الجزء الخامس عشر والسادس عشر من الكتاب ذا أهمية كبرى في هذا الصدد، أما عن أحوال العلوم نفسها فكان كتاب الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، لآدم متز من أهم المراجع التي استفدت منها لما تميز به من تخصص في الموضوع مع حسن العرض وتتبع للظواهر الثقافية التي انتشرت في القرن الرابع، كما تميز أيضاً: بذكر أمثلة من مواقف العلماء وآراءهم.(1/3)
وفي مجال التاريخ والمؤرخون كان قصب السبق لكتاب التاريخ العربي والمؤرخون، لشاكر مصطفى الذي يعد أضخم كتاب تناول حركة التأريخ العربي ورصد تطورات الكتابة فيه، وعدد مجالاتها. وواكب ذلك رصد رائع للمؤرخين مع ذكر لأوطانهم وثقافاتهم ومؤلفاتهم ومناهجهم في الكتابة التاريخية.
وأما عن حياة المقدسي ومنهجه التاريخي فلقد استفدت من كتاب علم التاريخ عند المسلمين، لفرانز روزنتال في التعرف على الملامح العامة لمنهج المقدسي الفكري والتاريخي، واستفدت من تقييمه لمحاولة المقدسي في المزج بين التاريخ والفلسفة. وكذلك استفدت مما كتبه زتنبرج في مقدمة كتاب "غرر أخبار ملوك الفرس وسيرهم" لأبي منصور الثعالبي Preface, Histoire Des Rois Des Perses في التأكد من نسبة كتاب البدء والتاريخ للمقدسي وليس لأبي زيد البلخي (ت322هـ) ومعه أيضًا ما كتبه كلمان هيار في كتابه تاريخ الأدب العربي Huart, Litter ature arabeالذي رجع فيه عن قوله بنسبة الكتاب للبلخي بعد أن صرح بذلك في مقدمة نشرته لكتاب البدء والتاريخPreface, kitap el-bed wet-tarikh .(1/4)
القسم الثاني: مصادر غير مباشرة. ويشمل المراجع التي لم أستفد منها معلومات مباشرة إلا قليلاً، لكنها أفادتني في التعرف على كيفية دراسة منهج المقدسي في كتاب البدء والتاريخ. وأهم تلك المراجع كتاب دراسات نقدية في المصادر التاريخية، لمحمد كمال الدين عز الدين علي. الذي تناول المنهج التاريخي لعددٍ كبيرٍ من المصادر التاريخية في فروع التاريخ المختلفة، وقد استفدت منه في دراسة منهج العرض عند المقدسي، وكذلك منهج النقد وتقييم منهجية المقدسي. وجاء كتاب ابن حزم الأندلسي وجهوده في البحث التاريخي والحضاري، لعبد الحليم عويس. ليساعدني في دراسة اتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي، وكيفية تأثير المنهج الفكري العام على الفكر التاريخي. وفي مجال المصادر وكيفية دراستها كان كتاب ابن أعثم الكوفي ومنهجه التاريخي في كتاب الفتوح، لمحمد جبر أبو سعده. خير معين لي في ذلك حيث استفدت منه في تقسيم المصادر إلى مباشرة وغير مباشرة، كما استفدت منه في كتابة ترجمة المقدسي حيث تشابهت في بعض الملامح مع ترجمة ابن أعثم. كما استفدت من رسالة: ابن كثير ومنهجه في الكتابة التاريخية، لعبد الفتاح عبد العزيز رسلان.- وهي رسالة دكتوراه غير منشورة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالقاهرة – في دراسة مصادر المقدسي. ثم جاءت مقالة: المؤرخ ابن مسكويه وكتابه تجارب الأمم، لمليحة رحمة الله. لأستفيد منها في دراسة المجال الحضاري ضمن اتجاهات الكتابة التاريخية.
وبرغم ما أفادتني تلك المصادر والمراجع إلا أنها لم تدفع بعض الصعوبات التي واجهت إعداد البحث، وأهمها أمران:
الأول: قلة المعلومات عن المقدسي وحياته، حيث خلت المصادر القديمة من أي ذكر لحياة المقدسي أو حتى اسمه كاملاً، ولقد أدى ذلك إلى وقوع أخطاء في نسبة الكتاب إليه، وبعض أخطاء أخرى في التأريخ لحياته.(1/5)
الثاني: عدم خروج كتاب البدء والتاريخ في طبعة محققة موثقة، وعدم استطاعة الوقوف على مخطوطات الكتاب. أما الطبعة المتداولة فلم تخرج إلا على مخطوطة واحدة، وبها كثير من الأخطاء الإملائية والنحوية. ومع ذلك اجتهد الباحث في وضع ترجمة مفيدة للمقدسي، وتصحيح بعض الأخطاء التي وقع فيها بعض من كتب عن المقدسي.
خطة البحث
ينقسم البحث إلى مقدمة، وبابين وخمسة فصول، وخاتمة، إلى جانب ثبت المصادر والمراجع، وفهرس الموضوعات.
فأما المقدمة: فأقدم فيها للبحث ذاكراً أهميته، وأسباب اختياره، وأهم المصادر والمراجع التي اعتمدت عليها، وأهم الصعوبات التي واجهتها في إعداده، ثم أهم موضوعات البحث.
الباب الأول: المقدسي وكتابه البدء والتاريخ. وينقسم إلى فصلين: الفصل الأول: عصر المقدسي وحياته وثقافته, وينقسم إلى: عصر المقدسي، حياة المقدسي، ثقافة المقدسي.
ويتناول عصر المقدسي: أولاً: الحياة السياسية. وفيه موجز عنها مع إلقاء مزيد من الضوء على إقليم سجستان باعتباره إقليم المقدسي. ثانياً: الحياة العلمية. وفيه موجز عنها في القرن الرابع الهجري، يشمل العوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعلمية التي ساعدت على ازدهارها. كما يلقى الضوء على أحوال العلوم وأشهر العلماء في فروع العلوم المختلفة مثل: العقيدة والفرق، والفلسفة ومقارنة الأديان، والتصوف، والقراءات، والتفسير، والحديث، والفقه، وعلوم العربية وآدابها، والجغرافيا، والعلوم الأخرى. ثالثاً: التاريخ والمؤرخون وقد ميزت علم التاريخ بمزيد من التفصيل باعتباره الوعاء العلمي الذي ينتمي إليه الكتاب، وفيه تلخيص لتطور علم التاريخ في القرن الرابع الهجري، وأسباب ومظاهر ذلك التطور، والتعريف بأهم المؤرخين، وأحوالهم، وثقافتهم، والمؤلفات التاريخية بأنواعها.(1/6)
وأتناول في حياة المقدسي: أولاً توضيح لابد منه. يشمل بيان بالمصادر التي ذكرت المقدسي، وتوضيح كيفية الترجمة للمقدسي في ظل ندرة المصادر التي ذكرته. ثانياً: اسم المقدسي ونسبته وكنيته. ويتناول أقوال الباحثين في ذلك مع ذكر الراحج والمرجوح منها، وأدلة ذلك. ثالثاً: مولد المقدسي ونشأته وموطنه. وفيه ذكر لدلائل مولد المقدسي أوائل القرن الرابع الهجري، وأن موطنه كان بسجستان. رابعاً: العلاقة بين المقدسي وإخوان الصفا. وفيه بيان قول من زعم أن المقدسي ينتمي لتلك الجماعة، والرد عليه. خامساً: رحلات المقدسي. سادساً: شيوخ المقدسي. سابعاً: تلاميذ المقدسي. ثامناً: مؤلفات المقدسي.ويشمل المؤلفات التي وصلت إلينا المخطوط منها والمطبوع، وكذلك المؤلفات التي لم تصل إلينا. تاسعاً: صفات المقدسي الشخصية. مثل: التواضع، وحب البحث والتنقيب، والميل إلى المزاح. عاشراً: وفاة المقدسي وعمره. ويتناول أقوال الباحثين في ذلك، مع بيان الراجح منها.
ويتناول ثقافة المقدسي. أولاً: عقيدة المقدسي. وفيه بيان بأهم آراء المقدسي العقدية، وموقفه من الصحابة والتشيع. ثانياً: فكر المقدسي. وفيه بيان للفكر الفلسفي عند المقدسي، ودلائل ذلك في كتاب البدء والتاريخ. ثالثاً: العلوم التي برز فيها المقدسي. مثل: التفسير، والحديث، والأدب، والجغرافيا، والتنجيم. رابعاً: آراء المقدسي التربوية. وفيه ذكر لآراء المقدسي في تحصيل العلم وكيفيته، وبيان موقفه من المتعالمين.(1/7)
الفصل الثاني: كتاب البدء والتاريخ وقيمته العلمية. ويتناول أولاً: ملامح عن كتاب البدء والتاريخ. وفيه بيان اسم الكتاب، ووقت تأليف الكتاب، ومؤلف الكتاب والتحقيق أنه للمقدسي. وفيه عرض للأقوال التي نسبت الكتاب لأبي زيد البلخي، وللمقدسي، مع ذكر أدلة كل قول، ثم ترجيح نسبة الكتاب للمقدسي، وبيان أدلة ذلك. وسبب تأليف الكتاب ولمن ألفه؟ ويتناول سبب تأليف الكتاب، ومحاولة التعرف على من أمر المقدسي بتأليفه. والغرض من تأليف الكتاب وصفته وشرطه. ومحتويات الكتاب وترتيب مواده. ومخطوطات الكتاب وطبعاته وترجماته. وفيه بيان بمواضع وصفة المخطوطات، ومميزات وعيوب طبعات الكتاب. وناشر الكتاب وهل نشر الكتب كله؟ وفيه ترجمة مختصرة لناشر الكتاب" كلمان هيار "، وبيان ترجيح أنه نشر كل الكتاب.
ثانياً: القيمة العلمية لكتاب البدء والتاريخ. وفيه: رؤية المقدسي لقيمة كتابه. ودلائل القيمة العلمية للكتاب. ومن أهم تلك الدلائل: تجنب المقدسي أخطاءً وقع فيها بعض من قبله، وموسوعية المعارف التاريخية بالكتاب، مع ثراءه بالمعلومات والمصادر، وأهميته كمصدر لتاريخ الفلسفة والعقائد والفرق، ومحاولة المقدسي الربط بين التاريخ والفلسفة، وريادته في ذكر نهاية العالم وأحداث القيامة. كما يتناول قيمة الكتاب في كشف حال الباطنية. وذلك لأنه بين كثيراً من أقوالهم، وأحوالهم، وأهدافهم، وتتبع أصل تلك الفرقة، وبدأ ظهورها، وأهم خططها. ثم بيان عيوب الكتاب وأسباب عدم شهرته.وأهم تلك الأسباب: الجهل بشخصية المقدسي ومكانته العلمية، والجهل بمؤلف الكتاب، وقلة مخطوطات الكتاب وعدم انتشارها، وعدم خروج الكتاب محققاً تحقيقاً علمياً. أما عن العيوب التي أثرت علي قيمة الكتاب واشتهاره فأهمها: المقدمة الفلسفية والاستطرادات الكلامية، وسوء ترتيب بعض فصول الكتاب.(1/8)
الباب الثاني: منهج المقدسي التاريخي في كتابه البدء والتاريخ. ويشمل ثلاثة فصول الفصل الأول: مصادر المقدسي. وفيه أولاً: المصادر المباشرة وطرق الإسناد إليها. ويتناول مصادر المشاهدة والمشافهة.وتشمل مصادر غير مسندة، ومصادر مسندة. وكذلك الكتب والمؤلفات غير التاريخية. وتشمل كتب الديانات، وكتب التفسير، والأحاديث والآثار، والفلسفة، واللغة والأدب، والجغرافيا. ثم الكتب التاريخية. وقد قسمتها إلى مصادر أساسية، وثانوية. ثانياً: المصادر غير المباشرة وطرق الإسناد إليها. وفيه بيان بالمصادر غير التاريخية. ثم المصادر التاريخية. ثالثاً: منهج النقل من المصادر واختيارها. ويشمل منهج المقدسي في النقل من المصادر وطرقه في الإسناد إليها، وتحديد بداية النص ونهايته، وطرق النقل من المصادر. ثم منهج المقدسي اختيار المصادر. وبيان أنه قام على اختيار التخصص التأليفي للمصدر، والمصدر الأقدم.
الفصل الثاني: منهج العرض واتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي.
ويشمل أولاً: منهج العرض عند المقدسي. ويتناول اللغة والأسلوب.وفيه إلقاء الضوء على لغة المقدسي وأسلوبه اللغوي، ومنهجه في بدء وختم مسائل الكتاب وبعض الجمل التعبيرية كالجمل الدعائية، والاعتراضية، وجمل مخاطبة القارئ، وبيان منهجه في الاختصار والإحالات والإطالة. ثم بيان منهج المقدسي في عرض المادة الأدبية. والتي تشمل الأبيات الشعرية، والخطب، والأمثال والحكم. ثم بيان منهجه في عرض المادة التاريخية. وتوضيح المنهج التاريخي العام للمقدسي، وطرقه في التأريخ، وبعض معالم عرضه للمادة التاريخية، مثل: الاهتمام بذكر الوثائق، وتتبع بعض الأحداث حتى عصره، واهتمامه بذكر الأوائل، والغرائب.(1/9)
ثانياً: اتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي ومنهجه في كل منها. ويتناول تاريخ الأنبياء، وتاريخ الأمم قبل الإسلام، والسيرة النبوية، وتاريخ الخلفاء، والتراجم، والأنساب، والأديان والفرق، والتاريخ الحضاري، ويشمل الجانب: الديني، والثقافي، والإداري، والاقتصادي، والاجتماعي، والعمراني.
الفصل الثالث: منهج النقد ومعالم الفكر التاريخي عند المقدسي وتقييم منهجه. ويشمل، أولاً منهج النقد عند المقدسي. وفيه بيان مجالات النقد ومنهج المقدسي في كل منها. ويشمل نقد المصادر، والروايات والأخبار، والآراء والأقوال، والحوادث، والأمم والفرق والطوائف، والأشخاص. ثم بيان منهج المقدسي في الروايات والأقوال المتعارضة. وفيه بيان طرقه في الترجيح، أو التوفيق، أو التوقف. ثم أسس النقد عند المقدسي.ويتناول القواعد والأسس التي عمل بها المقدسي في نقده سواء في قبول الروايات، أم ردها. أو غير ذلك.
ثانياً: معالم فكر المقدسي التاريخي ويشمل مفهوم التاريخ عند المقدسي، وبيان مدرسته التاريخية، والعلاقة الفكرية بينه وبين ابن خلدون، وتقييم محاولته في الربط بين التاريخ والفلسفة، مع ذكر أهم آرائه التاريخية والحضارية.
ثالثاً: تقييم منهج المقدسي وفيه بيان بأهم مآثر وإيجابيات منهج المقدسي، وكذلك ما عليه من مآخذ.
الخاتمة: وتشمل أهم نتائج البحث.
ثبت المصادر والمراجع.
فهرس موضوعات البحث.
وفي ختام هذه المقدمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم.
" من لم يشكر الناس لم يشكر الله"
لذا يجدر بي أن أقدم خالص الشكر والتقدير والعرفان لأستاذي الجليل العالم المحقق الأستاذ الدكتور/ محمد الشيخ عبد الوهاب فضل. الذي كان لي أباً ومعلماً وناصحاً، وبذل لي من علمه ووقته ما يعجز لساني وجوارحي عن وصفه وشكره، وحسبي أن أدعو الله سبحانه وتعالى مخلصاً أن يجعل جهده معي رفعاً لدرجاته في الدنيا والآخرة.(1/10)
كما أتقدم بخالص الشكر والتقدير والعرفان لأستاذي العزيز والعالم الجليل والمؤرخ الموسوعي الأستاذ الدكتور/ عبد المقصود عبد الحميد باشا. الذي كانت نصائحه وتوجيهاته خير معين لي في إتمام هذا البحث، فأسأل الله العلي القدير أن يجعل ذلك في ميزان حسناته وأن يرزقه خيري الدنيا والآخرة.
كما أتوجه بالشكر والتقدير لجميع أساتذتي بقسم التاريخ والحضارة بالكلية.
كما أتوجه بالشكر للأستاذ طارق ريه الذي قام على ترجمة النصوص الفرنسية. وللأستاذين/ حسام الدين إبراهيم ريه ومحمد رزق رميح على ما بذلاه من جهد في كتابة وإخراج هذا البحث.
وأخيراً....أدعو الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه.(1/11)
الباب الأول
المقدسي وكتابه البدء والتاريخ
الفصل الأول: عصر المقدسي وحياته وثقافته
الفصل الثاني: كتاب البدء والتاريخ وقيمته العلمية
الباب الأول
الفصل الأول
عصر المقدسي وحياته وثقافته
عصر المقدسي
حياة المقدسي
ثقافة المقدسي
عصر المقدسي
أولاً: الحياة السياسية
شهد القرن الرابع الهجري ضعفاً سياسياً واضحاً إثر ضعف الخلافة العباسية وتمزق بلاد الإسلام بين دول متصارعة. فأما عن الخلافة، فقد سقطت هيبتها، وتهاوت سلطتها في ظل ضعف شخصية الخلفاء، وهيمنة رجال القصر على مقاليد الأمور. وليس أدل على ذلك الضعف، وتلك الهيمنة من خلع الخليفة المقتدر بالله مرتين، وقتله في الثالثة (320هـ 932م).(1) وسمل، وخلع، وحبس: القاهر بالله (ت 339هـ 950م) (2)، والمتقي بالله ( ت 357هـ 967م) (3)، والمستكفي بالله (ت 338هـ 949م).(4)
__________
(1) هو أبو الفضل جعفر بن المعتضد، وبويع في ذي القعدة 295 هـ ولم يل الخلافة أصغر منه حيث بلغ ثلاث عشرة سنة، خلع بابن المعتز يوماً وليلة296 هـ، وخلع بالقاهر يومين 317 هـ وقتله مؤنس الخادم. انظر: الروحي، بلغة الظرفاء في تاريخ الخلفاء، القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1424 هـ - 2003م، ص 246 – 251، ابن طباطبا، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، بيروت، دار صادر، ص 260- 275.
(2) هو أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر، بويع في ربيع أول سنة 329 هـ وخلع في صفر سنة 333 هـ. انظر: السيوطي، تاريخ الخلفاء، بيروت، دار الجيل، الطبعة الثانية، 1415هـ 1994م، ص 456 – 460.
(3) هو أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر، بويع في ربيع أول سنة 329 هـ وخلع في صفر سنة 333 هـ.انظر: السيوطي، تاريخ الخلفاء، بيروت، دار الجيل، الطبعة الثانية، 1415هـ 1994م، ص 456 – 460.
(4) هو أبو القاسم عبد الله بن المكتفي بالله، بويع في صفر سنة 333 هـ وخلع في جمادى الآخرة سنة 334 هـ وتوفي في ربيع الآخر سنة 338 هـ..انظر: السيوطي، مرجع سابق، ص 460 – 461.(1/1)
ولم يكن لهؤلاء ولا لغيرهم حل ولا عقد في ظل استيلاء رجال القصر على الحكم من أمثال: مؤنس الخادم ( ت 322هـ 933م)،(1) والأمير محمد بن رائق( ت 330هـ 941م).(2)
__________
(1) كان خادماً فبلغ درجة الملوك حيث صار أمير الجيوش، عاش تسعين سنة: منها ستون أميراً، وكان شجاعاً مهيباً، وسياسياً داهية، لقب بالمظفر، قتله الخليفة القاهر سنة 322 هـ. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الحادية عشرة، 1422 هـ 2001م، ج 15 ص 56 – 57، ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، القاهرة، دار الكتب المصرية، ج 3 ص 239.
(2) هو أبو بكر محمد بن رائق، تولى إمرة الأمراء، وهو أول من وليها، غلب على الخليفة الراضي، وكان متأدباً، شاعراً، بطلاً، شجاعاً، قتل في رجب330هـ. انظر: الكندي، كتاب الولاة والقضاة، القاهرة، مؤسسة قرطبة، ص 216 – 218، الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية، 1410 هـ1990م، ج 24 ص 289 - 290 وانظر عن منصب أمير الأمراء: أبو زيد شلبي، تاريخ الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي، القاهرة، مكتبة وهبة، الطبعة الثامنة، 1417هـ 1997م ص 95.(1/2)
وأتت السيطرة البويهية (334 هـ945م) (1) لتقضي على البقية الباقية من هيبة ومكانة الخلافة، حتى إن البويهين فكروا في إلغاء الخلافة العباسية، لكنهم آثروا إبقاءها مع إحكام القبضة عليها، حتى لا يستعدوا عليهم الناس وليس هذا بغريب على قوم شيعة ينظرون إلى العباسيين كمغتصبين للخلافة من العلويين.(2) وأما عن تمزق بلاد الإسلام، فقد نصب لأول مرة في تاريخنا ثلاث خلفاء في ديار الإسلام، فإلى جانب الخلافة العباسية ببغداد قامت الخلافة الأموية بالأندلس،(3) والفاطمية في المغرب ومصر والشام.
__________
(1) تنسب الدولة البويهية إلى بويه بن فناخسرو بن تمام، من سلالة سابور ذي الأكتاف الساساني، ارتقى أبناء بويه: على، والحسن، وأحمد، من جنود في جيش الديلم إلى قواد عظام سيطروا على أكثر المشرق، ودخلوا بغداد سنة 334 هـ وتمكنوا من أمور الخلافة بها. انظر: ابن خلدون، تاريخه المسمى: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر، بيروت، دار الكتب العلمية 1413 هـ 1992م، ج 4 ص 510 – 592، حورية عبده سلام، دراسات في تاريخ الدول الإسلامية في المشرق، القاهرة، ص69.
(2) ابن الأثير، الكامل في التاريخ، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة، 1418هـ 1998م، ج 7 ص 207 – 208، محمود شاكر، الدولة العباسية، بيروت، المكتب الإسلامي، 1411 هـ 1991م، ج 2 ص 153 – 154.
(3) حيث أعلنها عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الأموي الملقب بـ " الناصر " في ذي الحجة 316 هـ بعد أن رأى وهن الخليفة المقتدر ووجد من نفسه أنه أحق بمنزلة الخلافة. قال الذهبي: وكان خليقاً بها. انظر: الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 25 ص 443 – 446، ابن خلدون، التاريخ، ج 4 ص 165، محمد عبد الله عنان، دولة الإسلام في الأندلس، القاهرة، الهيئة العامة المصرية للكتاب، 2001م، ج 2 ص 430.(1/3)
(1) واقتسمت بقية الدول المستقلة سائر بلاد الإسلام، (2) ولم تكد الحروب تضع أوزارها بين تلك الدول بسبب الأطماع السياسية والاقتصادية لأمرائها.(3)
__________
(1) تنسب الدولة الفاطمية إلى السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وهذه النسبة حولها خلاف بين العلماء ومن لم ير صحة تلك النسبة – كالسيوطي مثلا - يسميها الدولة العبيدية إلى منشئها عبيد الله المهدي،الذي ابتدأ الدولة ببلاد المغرب 296هـ وامتدت إلى مصر والشام 358هـ واستمرت حتى 567هـ حيث ألغاها صلاح الدين الأيوبي بخلع آخر خلفائها العاضد. انظر: ابن الأثير، الكامل، ج 6 ص 446 – 463 ج 7 ص 309 – 311 ج 10 ص 33، ابن خلدون، مرجع سابق، ج 3 ص 441 – 447. ج 5ص 339، السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 594 – 595، عبد الحليم عويس، قضية نسب الفاطميين أمام منهج النقد التاريخي، القاهرة، دار الصحوة، 1406هـ 1985م، ص 3 – 8.
(2) حيث كانت فارس في يد على بن بويه، والري وأصفهان والجبل في يد الحسن بن بويه، والموصل وديار بكر، وديار ربيعة ومضر في أيدي بني حمدان، وخراسان وبلاد ما وراء النهر وكرمان وسجستان في يد السامانيين، والبحرين في يد القرامطة. انظر: ابن طباطبا، الفخري، ص 280.
(3) كانت الحروب بين الدول المستقلة: داخلية، وخارجية. داخلية: أي فيما بين أفراد البيت الواحد كما حدث للسامانيين، والحمدانيين، والبويهيين. وخارجية: أي بين تلك الدول حيث وقعت حروب كثيرة ومتشابكة. مثل الفاطميون: الأدارسة والخوارج في أفريقيا والمغرب، والإخشيديين، والحمدانيين، والقرامطة. وحارب الحمدانيون: جيش الخلافة، والبويهيين. وحارب البويهيون السامانيين. وحارب السامانيون الخارجين عليهم في سجستان وكرمان.
انظر تفاصيل تلك الحروب في المصادر التي تناولت الحياة السياسية للقرن الرابع مثلا: ابن الأثير، مرجع سابق، ج 6 ص 446 – 506، ج 7 كله، ج 8 ص 3 – 60. أبو الفدا، المختصر في أخبار البشر، بيروت، دار الكتب العلمية، 1417 هـ 1997م، ج 1 ص 387 – 485. محمود شاكر، الدولة العباسية، ج 2 ص 115 – 199.(1/4)
وإذا نظرنا إلى أحوال سجستان (1) السياسية – باعتبارها إقليم المقدسي – وجدناها تمثل صورة مصغرة لأحوال العالم الإسلامي فقد ضعفت الدولة السامانية (2) فلم تستطع إحكام قبضتها على سجستان فثار أهلها عدة مرات حتى استطاعوا إعادة سلطة الصفاريين (3) (331هـ 933م). حيث تأمر عليها أبو جعفر بن محمد الصفاري، ووطد حكمه بإظهار التبعية للسامانيين فأمن جانبهم، وظل أميراً على سجستان حتى مقتله( 352 هـ 963م).
__________
(1) سِجِسْتَان : ولاية واسعة قصبتها زرنج وأشهر مدنها بُست وهَيسوم، تقع جنوب خراسان وغرب كرمان، وتقع حاليا بين دولة إيران وأفغانستان. انظر: ياقوت، معجم البلدان، بيروت، دار صادر، 1397هـ 1977م، ج 3 ص 190 – 192، حسين مؤنس، أطلس تاريخ الإسلام، القاهرة، الزهراء للإعلام العربي، ص 116– 117، ص423، 430.
(2) تنسب هذه الدولة إلى سامان جد أمرائها الذين كونوا دولة عظيمة في الشرق شملت ما وراء النهر وخُراسان وسجستان وكَرْمَان، ويعد الأمير إسماعيل بن أحمد ت 295هـ صاحب الفضل الأكبر في ذلك، وانتهي ملكها395 هـ. انظر: النرشخي، تاريخ بخارى،القاهرة، دار المعارف، ص 105 – 125،ميرخواند، روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا،القاهرة،الدار المصرية للكتاب، 1408ـ 1988م،ترجمة: أحمد عبد القادر الشاذلي،ص 79– 120
(3) تنسب دولة الصفاريين إلى يعقوب بن الليث الصفار الذي أقام هو و أخوه عمرو دولة قوية في سجستان وفارس وخراسان ما بين 254 هـ - 290هـ وظل أهل سجستان يحبونهم لذا نصبوا بقاياهم عليهم. انظر: مؤلف مجهول، تاريخ سيستان، ترجمة: محمود عبد الكريم على، القاهرة، رسالة ماجستير بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، 1410 هـ 1990م، ص 201 – 250. عباس إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، القاهرة، دار الثقافة، 1989م، ص 114 – 132.(1/5)
(1) وخلفه ابنه خلف بن أحمد (ت 399 هـ 1008م) (2) الذي شهد عصره صراعاً سياسياً لأنه أشرك معه في الحكم طاهر بن الحسين.(3) لكن لم تستقم الأمور على هذا إذ استغل طاهر خروج خلف للحج (سنة 353هـ964م ) فاستأثر بالحكم، فلما رجع خلف توجه إلى مدينة بخارى (4) مستنصراً بالأمير منصور بن نوح الساماني (ت366 هـ 976م).(5) فأنجده منصور بجيش خافه طاهر فخرج من سجستان، لكنه هاجم سجستان مرة أخرى بعد عودة جيش السامانيين لعاصمتهم، فخرج خلف إلى بخارى ثانية، فأنجده منصور مرة أخرى وفي هذه الأثناء توفي طاهر (359 هـ 969م)، فانتصب ابنه الحسين بن طاهر لاستكمال القتال، لكنه فشل بعد إحكام خلف الحصار عليه فاضطر للاعتذار والتسليم بعد أن أخذ الأمان.
__________
(1) عريب بن سعد القرطبي، صلة تاريخ الطبري، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثالثة، ص 39، ص 70، ميرخواند، مرجع سابق، ص 65، مؤلف مجهول، مرجع سابق، ص 265 – 279.
(2) ولد سنة 326 هـ، واشتهر بالعلم والأدب، ورعايته لأهلهما، دام ملكه حتى سنة 393 هـ حيث حاصره محمود بن سبكتكين فنزل بالأمان إليه. انظر: السمعاني، الأنساب، بيروت، دار الجنان، 1408 هـ 1988م، ج 3 ص 223 – 224، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 17 ص 116 – 118.
(3) ابن الأثير، الكامل، ج 7 ص 289، مؤلف مجهول، تاريخ سيستان، ص 277.
(4) تقع بخارى في بلاد ما وراء النهر، وهي أعظم مدن الإقليم، وكانت عاصمة السامانيين، وتقع الآن في جمهورية أوزبكستان. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 1 ص 353 – 356، النرشخي، تاريخ بخارى، 27 – 36، حسين مؤنس، أطلس تاريخ الإسلام، ص 405.
(5) تولى350هـ حتى وفاته وفي عهده ضعفت الدولة جداً بسبب خروج بعض القواد عليه،ولحربه البويهين.انظر: النرشخي، تاريخ بخارى، ص 147، ميرخواند، روضة الصفا، 109، محمود شاكر،الدولة العباسية،ج 2ص 163.(1/6)
(1) فدخل خلف سجستان واستقرت له الأمور بها، حتى استطاع السلطان محمود بن سُبُكْتِكين دخولها (393 هـ 1002م) (2) ومن الجدير بالذكر أن بست (3) قد انفصلت عن سجستان إبان الحرب الثانية بين طاهر بن الحسين وخلف بن أحمد، حيث حكمها بع الأتراك (4) حتى دخلها سبكتكين (366 هـ 976م).
__________
(1) ميرخواند، مرجع سابق، ص 66 – 67، مؤلف مجهول، مرجع سابق، ص 281 – 282، عباس إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 130 – 131.
(2) ابن الأثير، الكامل، ج 8 ص 22 – 23، ابن خلدون، التاريخ، ج 4 ص 437 – 436. ( ومحمود بن سبكتكين هو الأمير المجاهد سيف الدولة الذي أقام دولة عظيمة ضمت غَزْنة وما وراء النهر وخراسان وسجستان، وعرفت بالدولة الغزنوية، وكان محمود عالماً يجالس العلماء. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 17 ص 483 – 495، ابن العماد، شذرات الذهب، ج 5 ص 107 – 109).
(3) بُسْت: مدينة مشهورة، قيل إنها من أعمال كابل، وقيل هي تابعة لسجستان، وهو الراجح لقربها من سجستان عن كابل، وللارتباط التاريخي بين سجستان وبست. وهي الآن تابعة لجمهورية أفغانستان. انظر: السمعاني، الأنساب، ج 1 ص 348، ياقوت، معجم البلدان، ج 1 ص 414 – 419، ابن خلدون، التاريخ، ج 4 ص 433.
(4) اختلفت المصادر في تحديد اسم هذا التركي: فبينما يذكر صاحب تاريخ سيستان أنه " بايتوز " وخرج عليه " طغان " الذي استنجد بالأمير سبكتكين فأنجده لكنهما اختلفا فاستولى سبكتكين على بست. يذكر ابن الأثير وابن خلدون أن " طغان " كان صاحب بست وأن بايتوز أو بابي تور أو أبا ثور – على اختلاف في ذكر اسمه – هو الذي خرج على طغان، مما جعل طغان يستنجد بالسلطان سبكتكين.انظر: ابن الأثير، الكامل، ج 3 ص 373 – 374، ابن خلدون، مرجع سابق، ج 4 ص 433، تاريخ سيستان، ص 281.(1/7)
(1)
ثانيًا: الحياة العلمية*
لعل من أبجديات تاريخ حضارتنا الإسلامية أن الحياة العلمية قد ارتقت في القرن الرابع الهجري أعلى قمم الازدهار والتقدم. ولمَ لا ! وقد أتم كل علم استقلاله عن سائر العلوم الأخرى، واتضحت المناهج العلمية في: البحث، والتدوين، والتدريس. وازدادت المادة العلمية ثراءً وتفصيلاً وتنوعاً، مع كمال الاعتناء بالتأصيل والتقعيد للمسائل والمباحث الخاصة بكل علم. وكان ذلك ثمرة جهود مضنية بذلها العلماء في البحث، والتدقيق، والتنظير والترحال، متصفين في ذلك كله: بالإخلاص، والمثابرة، والدقة، والموضوعية، محافظين على تراثهم متطلعين لكل جديد مع سعة الصدر لكل خلاف علمي قائم على أسس منهجية صحيحة.ولم يكن لذلك أن يتحقق من فراغ بل جاء نتيجة لتوافر عدة عوامل:
سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وعلمية.
العوامل السياسية
برغم ما للانقسام السياسي من آثار ضارة على تاريخ أمتنا لكنه أفاد في تطور الحياة العلمية من ناحيتين:-
الأولى: تبرز في تسابق أمراء الدول المستقلة وغيرهم على رعاية العلماء ومجالستهم، لينالوا رضاهم، فيكتسبوا الشرعية لدولتهم، ويزداد ولاء العامة لهم، لما يعرفونه من تعلق العامة بالعلماء واقتدائهم بهم.
الثانية: كان للاختلاف العقدي والمذهبي بين كثير من تلك الدول بالغ الأثر في احتضان الأمراء للعلماء، إذ على أكتاف العلماء قام عبء نشر كل مذهب، وبيان أدلته، وبراهين رجحانه، مع الرد على مخالفيه وإظهار أخطاء مذاهبهم.
__________
(1) الأمير سبكتكين أول من ابتدأ الدولة الغزنوية، كان صاحب بلخ وغزنة وضم بست، وكان فيه عدل وشجاعة استمر ملكه عشرين عاماً، وتوفي في شعبان سنة 387 هـ. انظر: أبو الفدا، المختصر في أخبار البشر، ج 1 ص 478، الذهبي، مرجع سابق، ج 16 ص 500.(1/8)
ومما يتصل بالناحية السياسية أيضاً: أن كثيراً من ولاة الأمر قد حصلوا قدراً من العلوم أهلهم لإقامة المناظرات بين العلماء في بلاطهم، وذلك فضلاً عن مجالسة الأدباء والشعراء والظرفاء حتى صارت مجالس الأمراء والخلفاء من أهم المؤسسات العلمية في ذلك العصر. ومن ناحية أخرى حرص الكثير من الأمراء على اقتناء الكتب وتكوين مكتبات زاخرة بها، وساعد على ذلك حرص كثير من العلماء على إهداء مؤلفاتهم لأولى الأمر، وربما كان السبب الأساسي لتأليف بعض الكتب أمراً أو توصيةً من أحد الأمراء بتأليف ذلك الكتاب.(1)
العوامل الاقتصادية
ترتب على رعاية الأمراء للعلماء: كثرة أعطياتهم لهم، والحرص على بناء دور العلم، ووقف الأوقاف عليها، وإجراء الأرزاق على الطلبة. وحرص كثير من العلماء الأثرياء على صيانة طلابهم فقاموا بأمرهم، وتكفلوا بفقرائهم. ومع ذلك أبى الكثير من أهل العلم وطلابه إلا أن يأكلوا من عمل أيديهم، فعملوا بالمهن والتجارات خاصة الصغيرة منها.(2) ومن ناحية أخرى: كانت بعض الوظائف الهامة دافعاً للبعض على طلب العلم ليتأهلوا لها، مثل: القضاء، والحسبة، وغيرهما.
العوامل الاجتماعية
__________
(1) آدم متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، القاهرة، مكتبة وهبة، الطبعة الثالثة، 1377هـ 1957م، ترجمة: محمد أبو ريدة، ج 1 ص301 – 332، منير الدين أحمد، تاريخ التعليم عند المسلمين، الرياض، دار المريخ، ترجمة: سامي الصفار، 1401هـ 1981م، ص 56- 58، ص 112 - 117.
(2) منير الدين أحمد ، تاريخ التعليم ، ص 118.(1/9)
كان المجتمع الإسلامي مجتمعاً علمياً راقياً، فأغلب أطفاله في الكتاتيب، ونوابغ شبابه في طلب العلم والرحلة إلي المراكز العلمية، وكثير من شيوخه في المساجد حيث التعبد والتعلم. وكان الوصول لدرجة: المحدث، أو الفقيه، أو القاضي من أسمى الغايات وأنبل التطلعات.(1) وجاء ذلك التوجه تطبيقاً لتعاليم الإسلام الحاثة على طلب العلم وتكريم أهله، وإيماناً برسالة العلماء الذين تبوءوا قمة الهرم الاجتماعي، ومكنوا في قلوب الخاصة والعامة لأنهم كانوا: نصرة للمظلوم، وقوة للضعيف، ومواساة للفقير، مع الجرأة في الحق، وزهد فيما بأيدي الناس.
العوامل العلمية
__________
(1) منير الدين أحمد ، تاريخ التعليم ، ص 80.(1/10)
توافرت عدة عوامل وثبت بالحياة العلمية إلى قمة المجد الحضاري، منها: كثرة دور العلم ومؤسساته: فقد استمر دور الكتاتيب في تأسيس وتربية الطلاب بتحفيظهم القرآن، وتعليم مبادئ العلوم والآداب العلمية والعملية. وحفلت المدن والقرى بالمساجد المزدانة بالمكتبات العامرة، وحلق العلماء في كافة فروع العلم، ولم يقتصر وجود المكتبات على المساجد بل انتشرت في بيوت الأمراء والعلماء إلى جانب المكتبات العامة. وتميزت المكتبات بثرائها، وحسن ترتيب وزخرفة كتبها وأركانها. (1) وكان من دور العلم أيضاً: بيوت العلماء وحوانيتهم، وبلاط الأمراء، والرباطات، والبيمارستانات، وحوانيت الوراقين. (2) ولقد أدت كثرة الورق ورخصه إلى انتشار التدوين وتوافر الكتب. هذا إلى جانب استمرار الرحلات برغم الانقسام السياسي لما امتاز به المسلمون من قوة الرابطة الإسلامية وعلوها على التشرذم السياسي، وما صحب ذلك من منافسة علمية بين أصحاب المذاهب والآراء المختلفة في ظل مساحة واسعة للحرية الفكرية التي كانت من أهم معالم القرن الرابع.
وبعد..
فلعل نظرة سريعة لأحوال العلوم وأشهر العلماء تعيننا على تلمس بعض معالم التقدم العلمي في عصر المقدسي – القرن الرابع -.
العقيدة والفرق
__________
(1) محمد عجاج الخطيب، لمحات في المكتبة والبحث والمصادر، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة السابعة، 1402هـ 1982م، ص39-46.
(2) أحمد شلبى ، تاريخ التربية والتعليم ، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، الطبعة التاسعة، 1993م، ص 66 .(1/11)
ظهر مذهب أبي الحسن الأشعري (ت 324 هـ 935م) (1) وبدأ في الانتشار أواخر القرن بعد أن تبناه كثير من الفقهاء خاصة الشافعية، وذلك لما اتصف به هذا المذهب من الجمع بين النقل والعقل في إثبات العقائد الدينية، فكان وسطاً بين مذهب السلف وأهل الحديث الذين اعتمدوا على النقل فقط، وبين المعتزلة الذين قدموا العقل على النقل. وكانت مسائل: صفات الله تعالى، والعقيدة في القدر، ورؤية الله تعالى في الآخرة من أهم الامور التي ناقشها الأشعري، ووافقه في كثير من آرائه في تلك المسائل وغيرها أبو منصور
__________
(1) هو أبو الحسن على بن إسماعيل بن إسحاق الأشعري، ولد بالبصرة 260 هـ 874م، نشأ معتزلياً، ثم أعلن مذهبه الذي عرف باسمه، ثم رجع إلى مذهب السلف آخر حياته، لكن مذهبه الوسط هو الذي انتشر، من مؤلفاته "مقالات الإسلاميين"، "ورسالة إلى أهل الثغر"، "والإبانة عن أصول الديانة". انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1422 هـ 2001م، ج 13 ص 260 – 261، فؤاد سزكين، تاريخ التراث العربي، الرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ترجمة : محمود فهمي حجازي م 1 ج 4 ص 35 – 39.(1/12)
الماتريدي (ت333هـ 944م) (1) حتى صارت آراؤهما نبراساً لمتكلمة أهل السنة.(2)
ومع ذلك ظل مذهب السلف قائماً بفضل صيانة المحدثين له، وتبنى الحنابلة لآرائه ومنافحتهم عنه.(3)
__________
(1) هو أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي، كان حنفي المذهب، برع في : الفقه، والأصول، وعلم الكلام، وله عدة مؤلفات أشهرها "تأويلات القرآن"، "كتاب التوحيد "، " المقالات ". انظر: ابن أبي الوفاء القرشي، الجواهر المضية في طبقات الحنفية، القاهرة، دار هجر، الطبعة الثانية، 1413هـ 1993م، ج3 ص 360 – 361، سزكين، تاريخ التراث العربي، م 1 ج 4 ص 40 - 42.
(2) من أشهر تلامذة الأشعري: الباهلي أبي الحسن الباهلي البصري تلميذ الأشعري، وأستاذ ابن الباقلاني، وابن فورك، والإسفراييني وجمع الباهلي بين العلم بالعقليات، والصلاح والعبادة. ت370هـ تقريباً. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 16 ص 304.، الصفدي، الوافي بالوفيات، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1420هـ 2000م، ج12ص 193.
ومن أشهر تلاميذ الماتريدي:الرستغفني أبي الحسن على بن سعيد، ولد بقرية تابعة لسمرقند، برع في المذهب الحنفي وعلم الكلام حتى انه عارض شيخه في بعض آراءه. ت350هـ تقريباً انظر: ابن أبي الوفاء القرشي، مرجع سابق، ج2 ص 570 – 571، سزكين، مرجع سابق، م 1 ج 4 ص 44.
(3) ومن أشهرهم: البربهاري أبي محمد الحسن بن على بن خلف، شيخ الحنابلة، جمع بين العلم والزهد، والشدة على أهل البدع، وله " كتاب السنة " كتبه في عقيدة السلف" ت329هـ.انظر: ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، بيروت، دار الكتب العلمية، 1412هـ، ج 14 ص 14، سزكين، مرجع سابق، م 1ج 3 ص 234.
وابن بطة: أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن العكبري، ولد بعكبرى وهي بلدة قرب بغداد، كان والده سلفياً ألف كتاب " العقيدة السلفية السنية " فأكمل أبو عبد اله طريق والده بنشر السلفية وبيان انحراف غيرهم وأشهر مؤلفاته: الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة. وتوفي بعكبرى 387 هـ. انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد،ج 10 ص370 – 374، سزكين، مرجع سابق، م 1 ج 3 ص 238 – 240.(1/13)
وأما المعتزلة فظلوا يتمتعون بحضور علمي بارز بفضل منظريهم الكبار الذين تميزوا بكثرة التصانيف وقوتها في الدفاع عن آرائهم. (1)
على أن أوفر الفرق حظاً في القرن الرابع كانت الشيعة وذلك في ظل تشيع البويهيين والفاطميين الذين أظهروا
عقائدهم وأعيادهم. (2) وظهور جماعة من أشهر علمائهم على مدى تاريخهم.(3)
__________
(1) المعتزلة من أشهر الفرق الاسلامية، ويقوم منهجها على الاعتماد على العقل في تقرير المسائل الدينية، ومن أشهر أعلامهم: أبو القاسم الكعبي: عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي، شيخ المعتزلة في وقته، ولد ببلخ وعاش ببغداد، من أشهر مؤلفاته "المقالات "،"أوائل الأدلة في أصول الدين " ت 319 هـ. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 15 ص 255، سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج1 ص 77.
الجعل: أبو عبد الله الحسين بن على البصري، كان فقيهاً حنفياً في الفروع، معتزلياً داعية في الأصول، حتى صار رأس المعتزلة في عصره، له " كتاب الإيمان "، و"كتاب المعرفة "، وتوفي 369 هـ. انظر: ابن النديم، الفهرست، القاهرة، المكتبة التوفيقية، ص 242، الخطيب، تاريخ بغداد، ج 8 ص 73. الذهبي، مرجع سابق، ج 16 ص 224.
(2) ابن الجوزي، المنتظم، ج 14 ص 140، ابن الأثير، الكامل، ج 7 ص 275. وانظر بالتفصيل: رشاد بن عباس معتوق، الحياة العلمية في العراق خلال العصر البويهي، مكة المكرمة، 1418هـ 1997م، ص 58 – 101.
(3) الشيعة من أهم وأقدم الفرق، وأهم أصولهم التشيع لعلي بن أبي طالب، وهم فيه بين غال ومعتدل، حتى صارت فرقتهم الى أكثر من عشرين فرقة فرعية. ومن أشهر أعلامهم: الكليني محمد بن يعقوب الرازي الكليني، شيخ وعالم الإمامية الإثني عشرية، له " كتاب الكافي " وهو عند الإمامية بمثابة صحيح البخاري عند أهل السنة، عاش وتوفي ببغداد 328هـ. انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 15 ص 280، سزكين، مرجع سابق، م 1 ج 3 ص 291 – 395.
- وابن بابويه ت 381 هـ 991م أبو جعفر محمد بن على بن بابويه القمي، شيخ الشيعة بقم قدم بغداد، وهو من أشهر مؤلفي الإمامية، له"كتاب من لا يحضره الفقيه "، "علل الشرائع"،"اعتقادات الإمامية ".انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 16 / 303، سزكين، مرجع سابق، م 1 ج 3 ص 301 – 309. وانظر عن الحركة العلمية الشيعية في هذا العصر: رشاد معتوق، الحياة العلمية في العراق خلال العصر البويهي، ص 102 – 127.(1/14)
الفلسفة ومقارنة الأديان
شهد القرن الرابع قمة ازدهار الفلسفة على يد أشهر كوكبة لهم في تاريخ حضارتنا، مثل: الفارابي (ت 339هـ 950م)،(1) وإخوان الصفا،(2) وابن مسكويه (ت 421هـ1030م) (3) وغيرهم. وتقدم علم مقارنة الأديان خطوة كبيرة على يد: النوبختي (ت بعد300هـ 913م)، (4) والمؤرخ الشهير المسعودي (ت 346 هـ 956م).(5)
__________
(1) هو أبو نصر محمد بن طرخان التركي الفارابي الحكيم شيخ الفلاسفة، دخل العراق، وحران، ومصر، وسكن دمشق، كان زاهداً يؤثر الخلوة. توفي بدمشق. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 15 ص 417 – 418، ابن العماد، شذرات الذهب، ج 4 ص 209 – 315.
(2) سيأتي التعريف بهم في المبحث القادم، ص 43.
(3) هو المؤرخ الكبير والفيلسوف الأديب أبو على أحمد بن محمد بن يعقوب الخازن، اتصل بكبار وزراء بني العباس، وأشهر كتبه" تجارب الأمم وتعاقب الهمم "، "أدب العرب والفرس"، "تهذيب الأخلاق ". انظر: ياقوت، معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1413هـ 1993م، ج2 ص493-499، عبد الرحمن حسين العزاوي، التاريخ والمؤرخون في العراق، بغداد، ص58-70، 165- 179.
(4) هو أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي، كان شيعياً متفلسفاً، ألف عدة مؤلفات أهمها "الآراء والديانات " الذي يعد من أوائل المصنفات في علم مقارنة الأديان. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 247 – 248، الذهبي، مرجع سابق، ج 15 ص 227، جمال السيد محمد، علم مقارنة الأديان، القاهرة، ص 13.
(5) هو المؤرخ الكبير أبو الحسن على بن الحسين بن على المسعودي نسبة إلى الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه -، نبغ في كثير من العلوم، وتميز بطول الرحلة، وكثرة التأليف، وأشهر مؤلفاته في مقارنة الأديان " المسائل والعلل في المذاهب والملل"، "وكتاب سر الحياة"..ومن مؤلفاته التاريخية "مروج الذهب ومعادن الجوهر"، " التنبيه والإشراف "، " أخبار الزمان ". انظر: ياقوت، مرجع سابق، ج4 ص 1705، آدم متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ج 1 ص 366، جمال السيد محمد، مرجع سابق، ص 13.(1/15)
التصوف
شغل التصوف مساحة واسعة من الفكر والسلوك وكثر أعلامه وتنوعت مدارسهم حيث انتشر بين كثير من الفقهاء والمحدثين صوفية الزهد القائمة على تهذيب النفس مع الالتزام
بنصوص الشرع. ومن أعلامهم: ابن داود (ت 342هـ 953م)، (1)
وابن خفيف (ت 371هـ 981م).(2) ولم يُعب على هذا التصوف المعتدل إلا جنوح بعض أعلامه عن طلب العلم بعد دخوله في التصوف، مثل: الخلدي (ت 348هـ 961م).(3)
أما التصوف الفلسفي: الذي نشأ على يد بعض المتأثرين بالفلسفة، فقد انكسرت حدته بعد الحلاج ( 309هـ 923م)(4)
__________
(1) هو أبو بكر محمد بن داود بن سليمان النيسابوري الإمام الزاهد الحافظ شيخ الصوفية في عصره، رحل وصنف،ولد بنيسابور، وتوفي يوم الجمعة لعشر الباقية من شهر ربيع الأول. انظر:
ابن الجوزي، المنتظم، ج 14 ص 93، ابن العماد، شذرات الذهب، ج 4 ص 231.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن خفيف الضبي الفارسي الإمام العارف الفقيه شيخ الصوفية، كان فقيهاً شافعياً، جميع بين علوم الظاهر والباطن، من مؤلفاته " كتاب المعتقد "، " الاقتصاد "، " وصية له ". انظر:
الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 16 ص 347، سزكين، تاريخ التراث العربي، م 1 ج 4 ص 162 – 163.
(3) هو أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير البغدادي الإمام المحدث، جمع العلم الكثير لكن صحبته للصوفية بعد ذلك قللت من جمعه حتى إنه قال: لو تركت الصوفية لجئتكم بإسناد الدنيا. انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 7 ص 234 – 238، ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج 1 ص 322.
وعن جنوح بعض الصوفية عن العلم: متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع، ج 1 ص 334 – 335.
(4) هو أبو المغيث الحسين بن منصور البيضاوي الحلاج ولد 244هـ ثم صحب الصوفية المعتدلة لكنه انشق عنهم بعد توغله في الفلسفة اليونانية والهندية حتى قال بالحلول والاتحاد فسجن ثمانية أعوام ثم قتل. انظر:
ابن الجوزي، مرجع سابق، ج 13ص 201 – 206، سزكين، مرجع سابق، م 1ج 4ص 137 – 143.(1/16)
وإن ظلت بعض الآراء الشاذة للصوفية في عهد المطهر المقدسي.(1)
القراءات
حرص كثير من العلماء – بعد تلقي القرآن وحفظه – على تعلم القراءات وروايتها حتى صار لقب "المقرئ" علماً على من اشتغل بذلك، مثل: ابن الأخرم (ت 341 هـ 952م)،(2) والقزويني (ت 381 هـ 991م). (3) وأضاف البعض منهم إلى الإقراء التصنيف في وجوه القراءات ومباحثها مثل: ابن مجاهد (ت 324هـ 935م)، (4) والنقاش (ت 351 هـ 962م)، (5) وابن مهران (ت 381 هـ 991م).(6)
__________
(1) كالقول برؤية الله عياناً في الدنيا. انظر: المقدسي، البدء والتاريخ، بيروت، دار صادر، مصورة عن طبعة باريس، 1899م، ج 5 ص 141، 148.
(2) هو أبو الحسن محمد بن النضر الربعي الدمشقي مقرئ دمشق، لم يكن في زمانه أحسن منه قراءة. انظر: الذهبي، معرفة القراء الكبار، بيروت، دار الكتب العلمية، 1417هـ 1997م، ص 165.
(3) هو أبو الحسن على بن أحمد بن صالح القزويني شيخ القراء، تصدر للإقراء زمناً طويلاً. انظر:الذهبي، معرفة القراء الكبار، ص 190.
(4) هو أبو بكر أحمد بن موسى بن مجاهد البغدادي الإمام المحدث اللغوي، شيخ المقرئين، ألف " كتاب السبعة" الذي جمع فيه القراءات السبع لأول مرة، وقد حققه د. شوقي ضيف ونشر عام 1971م. انظر: الذهبي، مرجع سابق، ص 153 – 154، سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج1 ص43 – 44.
(5) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش الموصلي ثم البغدادي شيخ القراء، ألف " كتاب السبعة "، " كتاب القراءات بعللها "، وغيرهما، توفي يوم الثلاثاء ثالث شوال. انظر: الذهبي، مرجع سابق، ص 167 – 168، سزكين، مرجع سابق، م1 ج1 ص 103 – 104.
(6) هو أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصفهاني ثم النيسابوري، الإمام المقرئ، صنف " الغاية في القراءات العشر " وغيره. انظر: الذهبي، مرجع سابق، ص 195 – 197، سزكين، مرجع سابق، م 1 ج 1 ص 46..(1/17)
ويلاحظ من مطالعة تراجم المقرئين عدم اقتصارهم على علم القراءات بل برعوا أيضاً في علوم أخر خاصة: التفسير، والحديث، واللغة.
التفسير
شهد التفسير بالمأثور – القائم على تفسير القرآن بالأحاديث والآثار - ازدهاراً كبيراً على يد شيخ المفسرين والمؤرخين الطبري (ت 310 هـ 922م) (1) ثم السمرقندي (ت 373 هـ 983م) (2) واتجه بعض المفسرين إلى التأليف في غريب القرآن، وأشهرهم: ابن عزير السجستاني (ت330هـ941م)،(3)
__________
(1) الإمام شيخ الإسلام محمد بن جرير بن يزيد الطبري، مؤلف أمهات الكتب العظام في الإسلام، له في التفسير " جامع البيان عن تأويل آي القرآن ". انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 319، محمد حسين الذهبي، التفسير والمفسرون، القاهرة، مكتبة وهبة، الطبعة الثامنة، 1412 هـ 2003م، ج 1 ص 147 – 161.
(2) هو أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم الحنفي، المفسر المشهور، له: تفسير بحر العلوم.انظر: الداودي، طبقات المفسرين، القاهرة، مكتبة وهبة، ربيع أول 1393هـ ابريل 1972م، ج2 ص345.
(3) هو أبو بكر محمد بن عزير السجستاني العزيرى، الإمام المفسر، صاحب كتاب " غريب القرآن ". انظر: الداودي، طبقات المفسرون، ج2 ص 193 – 194، سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج1 ص 100 – 102.(1/18)
وابن كامل (ت350 هـ 961م).(1) وشهد هذا القرن أيضاً: مشاركة فاعلة للمعتزلة، والشيعة، وغيرهم في التصنيف في تفسير القرآن الكريم. (2)
الحديث
__________
(1) هو أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف البغدادي العلامة القاضي، ألف"كتاباً في القراءات "، "كتاب غريب القرآن"، " موجز التأويل عن معجز التنزيل " وغيرهما. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 15 ص 544 – 546، الداودي، مرجع سابق، ج 1 ص 63 – 65.
(2) فمن المعتزلة: أبو الحسن على بن عيسى الرماني ت 385هـ، ومن الشيعة: أبو الحسن على بن إبراهيم بن هاشم القمي ت 328هـ. ومن العلماء التجريبيين: أبو زيد أحمد بن سهل البلخي ت 322 هـ. انظر : متز، الحضارة الإسلامية، ج1 ص 347 – 349، سزكين، مرجع سابق، م1ج2 ص 99 – 108.(1/19)
استمرت جهود المحدثين حثيثة في الرحلة بين الأمصار لجمع الأحاديث، وتتبع أحوال الرواة. (1) واتجه بعضهم إلى رواية كتب الأعلام السابقة لاسيما الصحيحين.(2) ولم تقف جهود المحدثين على الاهتمام بأعمال السابقين، بل صنفوا وأبدعوا في كافة فروع علم الحديث: رواية، ودرايةً، ورجالاً.(3)
__________
(1) انظر أشهر هؤلاء المحدثين الرحالين: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 15ص294، 295، 332، 334، 381، 387، 389، 396، 412، 528، 570.ج 16ص 233، 261، 286، 287، 290، 350، 351، 354، 359.
(2) وهما: صحيح البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ت 256 هـ. ومن أشهر رواته: أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري ت 320 هـ، وصحيح مسلم : أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ت 261هـ ومن أشهر رواته: أبو أحمد محمد بن عيسى الجلودي النيسابوري ت 368 هـ. انظر : الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 15 ص 10 – 13، ج 16 ص 301 – 303، وانظر للاستزادة عن رواه كتب السنة: الذهبي، المرجع السابق، ج 15 ص 279، 307، 311، 537، 408، 437، 463، 538. ج 16 ص 313، 396، 423، 424، 481، 491.
(3) وأشهر أعلامهم ومصنفيهم الأئمة الحفاظ : ابن أبى حاتم أبو محمد عبد الرحمن بن أبى حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي ت 327 هـ. ابن حبان أبو حاتم محمد بن حبان التميمي الحنظلي البستي ت 354هـ. الرامهرمزي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الفارسي القاضي ت 360 هـ. الطبراني أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي ت 360 هـ. ابن عدي أبو أحمد عبد الله بن عدى الجرجاني ت 365 هـ. أبو الشيخ أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر الأصفهاني ت 369 هـ. الدارقطني أبو الحسن على بن عمر البغدادي ت 385 هـ. انظر مواضع تراجمهم ومصنفاتهم مرتبة: الذهبي، تذكرة الحفاظ، بيروت، دار إحياء التراث العربي..ج 3 ص 829 – 832، 920 – 924، 905 – 907، 912 – 917،940-942، 945 – 947، 991 – 995، سزكين، تاريخ التراث العربي، م 1ج 1ص352 – 355،380 – 383، 388 – 389،393 – 396، 399 – 400، 404 – 406، 418 – 424.(1/20)
الفقه
شهد القرن الرابع استقرار وترسخ المذاهب الأربعة في عامة بلاد الإسلام، (1) وتلاشت المذاهب الأخرى إلا نادراً. (2) ومع منتصف القرن الرابع تقريباً بدأت روح التعصب المذهبي في الظهور، وواكبها بعض الفتور في الاجتهاد.(3) وظل الفقهاء هم أصحاب الوجاهة بين العامة والخاصة لاستئثارهم بمقاعد الإفتاء، ومناصب القضاء وغيرهما.(4)
__________
(1) فقد انتشر المذهب الحنفي في العراق وفارس وخراسان وما وراء النهر وبين مسلمة الهند والصين، وانتشر المذهب المالكي في الحجاز وبلاد المغرب والأندلس، وانتشر المذهب الشافعي في مصر والعراق وخراسان وما وراء النهر، وانتشر المذهب الحنبلي في الشام والعراق وبعض خراسان.انظر: ابن خلدون، المقدمة، القاهرة، ص 354 – 356.
(2) مثل مذهب سفيان الثوري، والطبري، وغيرهما. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 15 ص 77، 514، متز، الحضارة الإسلامية، ج 1 ص 369، محمد سلام مدكور، المدخل للفقه الإسلامي، القاهرة، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، 1389هـ 1969م ص 93.
(3) محمد سلام مدكور، مرجع سابق، ص 94 – 97.
(4) متز، الحضارة الإسلامية، ج 1 ص 301 – 302، 315 – 316.
ومن أشهر الفقهاء الأحناف: الطحاوي أبو جعفر أحمد بن سلمة الأزدي ت 321هـ وأبو بكر أحمد بن على الرازي الحنفي ت 370 هـ. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 15 ص27، ج16ص340، سزكين، تاريخ التراث العربي، م 1 ج 3 ص 91 – 98، م 1 ج 3 ص 102 – 104.
- ومن المالكية : الأبهري أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد ت 375 هـ، وابن أبى زيد القيرواني أبو محمد عبد الله ابن أبى زيد ت 386 هـ.انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج16ص332، ج17ص10، سزكين، مرجع سابق، م 1 ج 3 ص 165، م 1 ج 3 ص 166 – 173.
ومن الشافعية: ابن الحداد أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد الكناني المصري القاضي ت 344 هـ والشاشي القفال أبو بكر محمد بن على بن إسماعيل ت 365 هـ.انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج15ص445، ج16ص404، سزكين، مرجع سابق، م 1 ج 3 ص 203 – 204. م 1 ج 3 ص 205 – 206.
ومن الحنابلة : الخرقي أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله البغدادي الحنبلي 334 هـ. وغلام الخلال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر الحنبلي ت 363هـ. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج15ص363، ج16ص143، سزكين، مرجع سابق، م 1 ج 3 ص 235 – 236، م 1 ج 3 ص 237 – 238.(1/21)
علوم العربية وآدابها
بلغت علوم العربية وآدابها الدرجة العليا من النضج والرقى والموسوعية بفضل أعلامها العظام الذين يعدون من أبرع وأشهر رجال العربية في تاريخ حضارتنا. (1)
__________
(1) فمن اللغويين: الأزهري أبو منصور محمد بن أحمد الهروي ت370هـ، والجوهري أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي الأتراري ت 393هـ، وابن فارس أبو الحسين أحمد بن فارس القزويني ت 395هـ. انظر:
ياقوت، معجم الأدباء، ج 5 ص 2321-2323، ج 2 ص 656- 662، ج 1 ص 410-418.
ومن البلاغيين: الجرجاني أبو الحسن على بن عبد العزيز القاضي الفقيه الشافعي ت 392 هـ، وأبو هلال العسكري الحسن بن عبد الله بن سهل ت 395 هـ. انظر: ياقوت، معجم الأدباء، ج 4 ص 1796-1806،ج2 ص 918-922.
- ومن الأدباء: أبو بكر الصولي محمد بن يحيى بن عبد الله البغدادي ت 335هـ، وأبو على القالي إسماعيل بن القاسم بن هارون ت356هـ، والتنوخي أبو على المحسن بن على البصري القاضي ت384هـ. انظر:
ياقوت، مرجع سابق، ج 6 ص2677-2678، ج 2 ص 729-731، ج 5ص 2280-2292.
- ومن النحويين: ابن الأنباري أبو بكر محمد بن القاسم ت 328هـ، وأبو علي الفارسي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار ت 377هـ، وابن جني: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي ت 392هـ. انظر: ياقوت، مرجع سابق،،ج 6 ص2614-2618، ج 2 ص811-821، ج 4 ص 1585-1600.
- ومن الكتاب: ابن العميد أبو الفضل محمد بن الحسين الكاتب الوزير ت 385هـ، أبو إسحاق الصابئ إبراهيم بن هلال الحراني ت384هـ. والصاحب بن عباد أبو القاسم إسماعيل بن عباد الطالقاني ت 385هـ. انظر: ابن خلكان أبو العباس احمد بن محمد بن أبي بكر، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، بيروت، دار صادر، ج5 ص 103- 113. ياقوت، مرجع سابق، ج 2 ص 662-721. ج1 ص130-158.
- ومن الشعراء: أبو الطيب المتنبي أحمد بن حسين الجعفي الكوفي 354هـ. أبو فراس الحمداني الحارث بن سعيد التغلبي الأمير ت 357هـ. وابن هانئ الحسن محمد بن هانئ الأزدي المهلبي ت 362هـ. انظر: ابن خلكان، مرجع سابق،ج1 ص 120-125. ياقوت، مرجع سابق،ج 6 ص 2667-2673.(1/22)
الجغرافيا
شهد القرن الرابع قمة علم الجغرافيا الإسلامية، الذي عرف بالمسالك والممالك، وهو ضرب من الجغرافيا الإقليمية يقوم على المنهج الوصفي للمدن والطرق والظواهر الطبيعية وغيرها، مع التنويه على معلومات دينية، واجتماعية، وتاريخية. هذا إلى جانب اهتمام الجغرافيين المسلمين برسم الخرائط، والاستفادة من التراث اليوناني خاصة كتب بطليموس (ت بعد 161م) (1): الجغرافيا، والمجسطي في الجغرافية الفلكية والرياضية. (2)
العلوم الأخرى
__________
(1) هو كلوديوس بطليموس، عالم فلك ورياضة وجغرافيا، يوناني، نشأ بالإسكندرية، تعد أرصاده وكتبه المرجع الأساسي في الجغرافيا والفلك القديمين. انظر : محمد شفيق غربال وآخرون، الموسوعة العربية الميسرة، بيروت، دار الجيل، 1416هـ1995م، ج1ص 381.
(2) انظر بالتفصيل عن الجغرافيا الإسلامية وجهود الجغرافيين المسلمين : جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، القاهرة، دار الهلال، ج 2 ص 206، 328. شاكر خصباك، الجغرافيا عند العرب، تونس، دار المعارف، ص10، 42- 53. نفيس أحمد، جهود المسلمين في الجغرافيا، القاهرة، دار القلم، ترجمة: فتحي عثمان، ص 25 – 31.
ومن أشهر الجغرافيين في القرن الرابع: الإصطخري إبراهيم بن محمد الفارسي المعروف بالكرخي له "المسالك والممالك " ت 346هـ.انظر: جرجي زيدان، مرجع سابق، ج 2 ص 329. كحالة، معجم المؤلفين، بيروت، مؤسسة الرسالة،1414هـ 1993م ج1ص 68.
وابن حوقل أبو القاسم محمد بن علي النصيبي البغدادي الموصلي" صورة الأرض " ت 367هـ. انظر: إسماعيل باشا البغدادي، هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، بيروت، دار إحياء التراث العربي طبعة مصورة عن طبعة استانبول 1951م، ج 2 ص 43.كحالة، معجم المؤلفين، ج3 ص 508.
والمقدسي البشاري محمد بن احمد بن أبي بكر، له" أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم " انظر: إسماعيل باشا البغدادي، مرجع سابق، ج 2 ص 62-63. كحالة، مرجع سابق، ج3 ص 52.(1/23)
أولاً: الطب. ممن برز فيه: الرازي (ت 311هـ932م)، (1) وابن أبي الأشعث (ت360هـ 970م) (2) علي بن العباس المجوسي (ت383هـ 994م). (3)
ثانياً: الرياضيات والهندسة. ممن برز فيهما إلى جانب الطب - وذلك لنبوغ علماء الطب في سائر العلوم التجريبية في هذا العصر -، إبراهيم بن سنان (ت335هـ 946م)،(4) ونظيف بن يمن القس ت آخر القرن الرابع.(5)
__________
(1) هو محمد بن زكريا الرازي، الطبيب المشهور، ولد ونشأ بالري ثم قدم بغداد، نبغ في كثير من العلوم أبرزها الطب، تولى أمر بيمارستان الري ثم بغداد، وأشهر كتبه الطبية " الحاوي " وطب النفوس وغيرها " انظر: ابن أبي أصيبعة: موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم بن خليفة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، بيروت، دار الحياة، ص 414-427، بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الخامسة،ج4 ص 270-286.
(2) هو أبو جعفر احمد بن محمد بن أبي الأشعث، كان فقيها فاضلا وعالما جليلا، اهتم بكتب جالينوس وأرسطو، وله مصنفات كثيرة وصل إلينا منها " شرح كتاب جالينوس "،" قوى الأدوية المفردة ". انظر: ابن أبي أصيبعة، مرجع سابق، ص 331-332، بروكلمان، مرجع سابق، ج4 ص 288-289.
(3) ولد بالأهواز، كان طبيبا حاذقا، وصل إلينا من أعماله وطبع " كتاب الملكي في الطب ". انظر: ابن أبي أصيبعة، مرجع سابق، ص 319-320، بروكلمان، مرجع سابق، ج4 ص 291-293.
(4) هو أبو إسحاق إبراهيم بن ثابت بن قرة، طبيب ورياضي بارع، مثل والده ثابت، من مؤلفاته التي وصلتنا "رسالة في القطع المخروط "، "مقالة في التحليل والتركيب في المسائل الهندسية" وغيرهما. انظر: ابن أبي أصيبعة، مرجع سابق، ص 307، بروكلمان، مرجع سابق، ج4 ص 180 – 181.
(5) كان طبيبا ومترجما، عمل في بيمارستان بغداد، وصل إلينا له " ترجمة المقالة العاشرة لإقليدس" انظر: ابن أبي أصيبعة، مرجع سابق، ص 322، بروكلمان، مرجع سابق، ج4 ص 183.(1/24)
ثالثاً: الفلك والتنجيم
ممن برز فيهما، البتاني (ت317هـ927م).(1)
ثالثًًا: التاريخ والمؤرخون
استكمل علم التاريخ مسيرته الاستقلالية عن العلوم الأخرى – خاصة علم الحديث – حتى صار علماً مستقلاً باسمه، وموارده، ومناهجه، ورجاله. وصاحب تلك الاستقلالية ارتفاع في مكانة العلم وأهداف تعلمه، وغزارة وتنوع في مواده، وفروعه، وتطور في الأسلوب، وطرائق الكتابة، ومناهج التأليف، وتكاثر وانتشار وسعة ثقافة للمؤرخين. فأما عن مكانة العلم وأهداف تعلمه، فلم تعد النظرة لعلم التاريخ على أنه ضرب من الترف العلمي أو التسلية والترفيه، بل صار لتعلمه أهداف سياسية وتربوية راقية. فمع اتساع العالم الإسلامي وتكاثر دوله وإماراته كثر حكامه، وحرصوا على التعرف على أحوال الدول السابقة وتجارب الأمم الغابرة للاستفادة منها في قيادة دولهم في عصر ساده الاضطراب والصراعات. وظل الحكام والمحكومون على السواء يرون في العصر النبوي، والراشدي الصورة المثلى التي يطمحون إليها والمضي على نهجها. ومع الهدف السياسي برز الهدف التربوي الأخلاقي لتعلم التاريخ في ظل حث القرآن الكريم على ذلك بأخذ العبرة بأحوال السابقين، ليزدادوا فهماً لواقعهم ويحسنوا تصور مستقبلهم، لذلك لم يكن مستغرباً أن تتضاعف أعداد المؤرخين، وأن تتنوع مشاربهم الفكرية ومكانتهم الاجتماعية، ومواطنهم لتشمل كافة التخصصات والوظائف والبلدان.
__________
(1) هو أبو عبد الله محمد بن جابر بن سنان البتاني الصابئ الحراني، اعتنق الإسلام، عمل بالأرصاد الفلكية معظم حياته، وصل إلينا له " الزيج "، " إصلاح المجسطي "، " المقالات الأربع في النجوم " انظر: ابن أبي أصيبعة، مرجع سابق، ص 322، بروكلمان، مرجع سابق، ج4 ص 213 – 214.(1/25)
وأما عن المادة التاريخية وتدوينها، فقد تخلص التاريخ من غلبة القصص والخرافات عليه فكان أقرب للواقعية، مع حسن الترتيب والتبويب، وشمولية لمناحي الحياة دينياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وان كان الجانب السياسي قد ظل على ريادته. وكان للحراك السياسي وما نتج عنه من عمل إداري أثر واضح في كثرة المادة التاريخية، خاصة أن علم التاريخ من أشد العلوم تأثراً بالسياسة. هذا إلى جانب أمور أخر ساهمت في زيادة المادة وتنوعها، مثل: الرخاء الحضاري، وانتشار الورق، والتطور العلمي الذي عم جميع العلوم الأخرى. ومع ذلك فقد توجهت همة المؤرخين إلى نقل الأحداث، وانتقائها، وترتيبها دون التوجه إلى تحليل الأحداث، وتعليل المواقف، وإن كان يحسب لهم أنهم جعلوا الكتابة التاريخية مرآةً للحياة بصورتها الكاملة بما لها وما عليها.(1)
مؤرخو القرن الرابع الهجري
انتشر المؤرخون في كافة دول العالم الإسلامي لكن أعدادهم في العراق، وبلاد المشرق كانت أكثر من غيرها. ويجدر التنبيه على أن الاختلاف السياسي لم يؤثر على الرابطة الإسلامية تجمعها كوحدة واحدة خاصة في الجوانب العلمية. وتنوعت وظائف المؤرخين، وثقافاتهم، مما أثر على نتاجهم العلمي، حيث اهتم المحدثون بكتابة التراجم الدينية خاصة الحديثية: كابن أبي حاتم (ت327هـ 938م)، وابن حبان (ت354هـ 965م).
__________
(1) شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الثالثة، 1403هـ 1983م، ج1 ص 267- 465. السيد عبد العزيز سالم، التاريخ والمؤرخون العرب، بيروت، دار النهضة العربية، 1406هـ 1986م، ص75 – 127.(1/26)
واتجه الموظفون والكتاب إلى الكتابة السياسية والإدارية لقربهم من صناع القرار السياسي، مثل: أبي بكر الصولي (ت335هـ 946م)، وثابت بن سنان (ت365هـ 975م)، (1) وأبي إسحاق الصابئ ت384 هـ 994م (2)، وابن مسكويه (ت421هـ 1030م) (3)
وظهر في القرن الرابع نوع خاص من المؤرخين الذين غلبت عليهم الصبغة الفلسفية، لذا تميزت كتاباتهم بنظرة أعمق وأشمل في التدوين التاريخي مثل قدامة بن جعفر (ت337هـ 948م)(4)، والمسعودي (ت346هـ 957م)، والمطهر المقدسي (ت بعد 390هـ 999م)، وابن مسكويه (ت421هـ 1030م).
__________
(1) هو الطبيب الأديب المؤرخ ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الصابئ، خدم عدداً من الخلفاء، وأدار بيمارستان بغداد، ألف في التاريخ " كتاب التاريخ "،" كتاب في أخبار الشام ومصر"، " وجزء في وفيات الأعيان " " والحلاج وأخباره ". انظر: ابن النديم، الفهرست، ص408، كحالة، معجم المؤلفين، ج1 ص466.
(2) هو الأديب المؤرخ إبراهيم بن هلال الحراني، عمل كاتب إنشاء ثم بديوان الرسائل، له"التاجي في أخبار الديلمية "انظر: ياقوت، معجم الأدباء،ج1 ص130-15، شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج2 ص59-61.
(3) انظر عن منهج ابن مسكويه: الفلسفي، والتاريخي: عبد العزيز عزت، ابن مسكويه فلسفته الأخلاقية ومصادرها، القاهرة، مصطفي البابي الحلبي، 1946م، مليحة رحمة الله، المؤرخ ابن مسكويه وكتابه تجارب الأمم وتعاقب الهمم، بغداد، مجلة المؤرخ العربي، العدد40، السنة الرابعة عشر، 1409هـ 1989م، ص185-201.
(4) الكاتب الأديب المؤرخ الفيلسوف، كان نصرانياً وأسلم على يد المكتفي بالله، له " كتاب الخراج وصناعة الكتابة". انظر: ابن النديم، مرجع سابق، ص182، الصفدي، الوافي بالوفيات، ج24 ص153-154.(1/27)
وتميز مؤرخو هذا القرن أيضاً: بمساهمة أصحاب المهن في الكتابة التاريخية كالطبيب سعيد بن البطريق (ت328هـ 939م)، (1) والوراق ابن النديم (ت380هـ 990م).(2) ونبوغ أسر مؤرخة، مثل آل الجراح، (3) وآل الصابئ.(4)
مؤلفات القرن الرابع الهجري
__________
(1) طبيب نصراني مصري كان بطريقاً للإسكندرية، له " معرفة صوم النصارى وفطرهم وتوارخهم "،" تواريخ الخلفاء والملوك المتقدمين "انظر:ابن أبى أصيبعة، عيون الأنباء،ص545-546،الصفدي،الوافي،ج2 ص139
(2) هو محمد بن إسحاق بن محمد المؤرخ البغدادي أبو الفرج، كان شيعياً معتزلياً وراقاً صنف 377 هـ كتابه المشهور: الفهرست. انظر: ياقوت، معجم الأدباء، ج6 ص 2427، الصفدي، مرجع سابق، ج2 ص 139.
(3) أشهر أعلام هذه الأسرة: داود الجراح الكاتب، وهو أول من عرف من هذا الأسرة، ألف " كتاب التاريخ الجامع"، وأخبار الكتاب ". ثم ابنه محمد الذي ألف " كتاب الورقة "، " كتاب الوزراء " وفي القرن الرابع نبغ : على بن عيسى بن داود، كتب " كتاب الكتاب وسياسة الملك "، " وسيرة الخلفاء ". وعبد الرحمن بن عيسى بن داود، كتب " كتاب سيرة أهل الخراج "، " كتاب التاريخ ". وإبراهيم بن على بن عيسى بن داود، الذي ألف كتاباً في أخبار وحكايات أهل عصره.وعبد الله بن على بن محمد بن داود الكاتب، الذي ألف كتاب الاستفادة من التاريخ. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص179-180، شاكر مصطفى، مرجع سابق، ج2 ص63-64.
(4) قد مر قريباً ذكر : ثابت بن سنان الصابئ الحراني فأما جده فهو طبيب الخلفاء ثابت بن قرة ت288هـ. وأما أبوه: سنان فقد أسلم وعمل طبيباً أيضاً في خدمة الخلفاء ت331هـ وقد كتب سنان هذا أو أبوه ثابت بن قرة "كتاباً في سيرة الخليفة المعتضد (279-289هـ)" انظر: ابن النديم، الفهرست، ص372-373، شاكر مصطفى، مرجع سابق، ج2 ص64-66.(1/28)
تنوعت المؤلفات التاريخية إلى أكثر من أربعين نوعاً، يمكننا الوقوف على أهمها، وعلى بعض أمثلة لها، من خلال التقاسيم الآتية:-
حياة المقدسي
أولاً: توضيح لا بد منه
ثانياً: اسم المقدسي ونسبته وكنيته
ثالثاً: مولد المقدسي ونشأته وموطنه
رابعاً: العلاقة بين المقدسي وإخوان الصفا
خامساً: رحلات المقدسي
سادساً: شيوخ المقدسي
سابعاً: تلاميذ المقدسي
ثامناً: مؤلفات المقدسي
تاسعاً: صفات المقدسي الشخصية
عاشراً: وفاة المقدسي
أولاً: توضيح لابد منه
قد أشرت في المقدمة إلى صعوبات لاقيتها بسبب ندرة المصادر التي ذكرت مطهر المقدسي وكتابه. والآن لابد لنا أن نزيد الأمر توضيحاً من خلال ما يلي:-
المصادر التي ذكرت المقدسي:-
لم تتعرض جميع مصادر التراجم من كتب الرجال، أو الجرح والتعديل، أو الطبقات، أو غيرها للحديث عن المقدسي، إنما ذكر المقدسي عرضاً ثلاثة مصادر فقط، هي:-(1/29)
المصدر الأول: أبو منصور الثعالبي (ت 430 هـ 1038م) (1) في كتابه "غرر أخبار ملوك الفرس وسيرهم "(2) حيث قال " وذكر المقدسي في كتاب البدء والتاريخ أنه (3) أول ما ظهر في الأرض من أمر الزنادقة إلا أن الأسامي كانت تختلف عليها إلى أن سميت اليوم الباطنية".(4) ويلاحظ من هذا النقل أن الثعالبي لم يفدنا بشيء عن حياة المقدسي، وإن كان قد أفادنا فائدة عظمى حين أثبت صحة نسبة كتاب البدء والتاريخ للمقدسي.
__________
(1) عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي، العلامة شيخ الأدب، كان رأساً في النظم والنثر، صنف تصانيف كثيرة من أشهرها: "فقه اللغة"، و" يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر ". انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 17 ص 437- 438.
(2) نشر الكتاب المستشرق زتنبرج مع ترجمته باللغة الفرنسية في مجلد ضخم بباريس، وصورته مكتبة الأسدي بطهران عام 1963م وهي النسخة التي اعتمدت عليها.انظر : محمد عيسى صالحية، المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، القاهرة، منشورات معهد المخطوطات العربية، 1412هـ 1992م، ج 1 ص 305.
(3) الضمير في " أنه " راجع إلى " ماني " صاحب مذهب المانوية الذي ظهر بفارس في عهد سابور بن أردشير، وقتل في عهد بهرام بن هرمز بن سابور، ومذهبه خليط من عقائد المجوسية والنصرانية. انظر: الشهرستاني، الملل والنحل، بيروت، دار صعب - دار الجيل، 1406 هـ 1986م، ج 1 ص 244- 249.
(4) غرر أخبار ملوك الفرس وسيرهم، مكتبة الأسدي بطهران، 1963م، طبعة مصورة عن طبعة باريس، تحقيق: زتنبرج، ص 501. وراجع هذا النص في البدء والتاريخ، ج 3 ص157.(1/30)
المصدر الثاني: أبو المعالي محمد بن عبد الله الفارسي في كتابه " بيان الأديان" حيث ذكر بروكلمان (ت1376هـ 1956م) (1) أن أبا المعالي نسب كتاب البدء والتاريخ للمقدسي وليس للبلخي وذلك في كتابه " بيان الأديان".(2)
المصدر الثالث: ياقوت الحموي (ت 626هـ 1228م) (3) في معجم البلدان، حيث نقل نصاً عن المقدسي قال في أوله " قال المقدسي: هم في جزيرة وبئة يحيط بها بُحيرة...."(4) وهذا النص يؤكد النسبة للمقدسي لكنه لم يمدنا بشيء عنه.
__________
(1) هو كارل بروكلمان، مستشرق ألماني، عمل مدرساً للغة العربية في عدد من جامعات ألمانيا، وصنف عدة كتب أهمها " تاريخ الشعوب العربية "، " تاريخ الأدب العربي "، وغيرها. انظر: الموسوعة العربية الميسرة، ج 1 ص361.
(2) بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج 3 ص 62. ولقد اجتهدت من أجل التوصل إلى كتاب بيان الأديان، أو إلى التعرف على شخصية مؤلفه أبى المعالي لكن بكل أسف لم أعثر إلا على إشارة وردت في كتاب " تركستان من الفتح العربي إلى الغزو المغولي " حيث جاء فيه " وفي عام 485 هـ 1092م وضع أبو المعالي محمد بن عبيد الله الفارسي كتابه بيان الأديان بمدينة غزنة ". وجاء في هامش تلك الصفحة: المخطوطة الآن في باريس. انظر: بارتولد فاسيلي فلاديمير دفنش، تركستان من الفتح العربي إلى الغزو المغولي، الكويت، 1400 هـ 1980م، ص 93.
(3) هو العلامة الأديب الجغرافي الرحالة شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، صاحب التصانيف الجامعة الرائدة، مثل "معجم الأدباء"،" معجم البلدان " وغيرهما. انظر: ابن العماد، شذرات الذهب، 212 – 214.
(4) معجم البلدان، ج 3 ص 79. وانظر هذا النقل عند المقدسي، البدء والتاريخ، ج 4 ص 66.(1/31)
كيف سنترجم للمقدسي ؟! هذا السؤال لابد أنه سيطرح نفسه ما دمنا قد قررنا ندرة ما كتب عن المقدسي، والإجابة عن ذلك، هي أننا سنترجم للمقدسي من خلال ما كتبه هو عن نفسه في كتابه سواء ما كتبه بالتصريح، أو التلويح، أو ما سنستنتجه من ثنايا كلامه. فنحن إذاً أمام حالة من البحث نادرة، إنها حالة من التوحد بين المؤلف وكتابه، فقد صارت سطور كتاب المقدسي مرآة لحياته، ولولا توصلنا للكتاب لصار مؤلفه نسياً منسياً. ثم إننا سنستعين بكتابات الباحثين المحدثين الذين تعرضوا للمقدسي أو كتابه.
وإن كنا سنلاحظ على تلك الكتابات عدة ملاحظات، وهي: شكاية كثير من الباحثين ندرة المعلومات عن المقدسي.(1)وتكرار المعلومات التي ذكرها أكثر الباحثين. ووقوع بعض الباحثين في أخطاء – سيأتي بيانها في موضعها-.
ويجدر بنا التنبيه على أن بعض الباحثين عن المؤرخين المسلمين، ومصادر التاريخ الإسلامي قد أهمل ذكر المقدسي وكتابه.(2)
ثانياً: اسم المقدسي وكنيته ونسبته
اسم المقدسي
ذكر الباحثون ثلاث صيغ ٍ لاسم المقدسي
(
__________
(1) من هؤلاء الباحثين: بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج 3 ص 62، سركيس: يوسف إليان، معجم المطبوعات العربية والمعربة، القاهرة، 1346هـ 1928م، ص 241-242، حسن إبراهيم حسن، الفاطميون في مصر، القاهرة، المطبعة الأميرية،1932م، ص 3، خير الدين الزركلي، الأعلام، بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة التاسعة، 1990م، ج 7 ص 253، ليلى الصباغ، دراسة في منهجية البحث التاريخي،دمشق،الطبقة الثامنة، 1999م ص74.
(2) عبد الحميد العبادي، التاريخ عند العرب، ضمن كتاب علم التاريخ لهرنشو، بيروت، دار الحداثة، 1988م، ص 60 وما بعدها، سيدة إسماعيل كاشف، مصادر التاريخ الإسلامي ومناهج البحث فيه، بيروت، دار الرائد العربي، 1403هـ 1983م، ص 17-47، 63- 75، سوفاجيه: جان وكاين: كلود، مصادر دراسة التاريخ الإسلامي، القاهرة، 1997م، ص 204 – 205، 218 – 219.(1/32)
1) المطهر بن طاهر.(1)
(2) مطهر بن طاهر.(2)
(3) المطهر بن المطهر.(3)
__________
(1) xxi H. Zotenberg, Preface, Histoire Des Rois Des Perses, Paris,
بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج3 ص 62، جواد على، موارد تاريخ الطبري، بغداد، مجلة المجمع العلمي العراقي 1371 هـ 1951م، ج2 ص 151، روزنتال: فرانز روزنتال، علم التاريخ عند المسلمين، بغداد، مكتبة المثنى، 1963م، ترجمة: صالح أحمد العلي، ص 161، 188، شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج 1 ص 328، محمد ماهر حمادة، المصادر العربية و المعربة، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1392هـ 1972م ص 309، محمد حسين سليمان الأعلمي، دائرة المعارف المسماة: مقتبس الأثر ومجدد ما دثر، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ج 27 ص 301.
(2) Huart, Litter ature arabe, paris 1902, 282 – 283
حسن إبراهيم حسن، الفاطميون في مصر، ص 3، خير الدين الزركلي، الأعلام، ج 7ص 253، كحالة، معجم المؤلفين، ج 3 ص 891 ترجمة رقم17120، المنجد في اللغة والأعلام، بيروت، دار المشرق، الطبعة الثالثة والثلاثون، 1992م ص541، بسام عبد الوهاب الجابي، معجم الأعلام، بيروت، دار الجابي، الطبقة الأولى، 1407هـ 1987م ص 847.
(3) سركيس، معجم المطبوعات، ص 241، أحمد رمضان أحمد، تطور علم التاريخ الإسلامي حتى نهاية العصور الوسطى، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989م، ص 150، سزكين، تاريخ التراث العربي، م 1 ج 2 ص 187. وقال " أو طاهر ".(1/33)
والحق أننا لا نستطيع أن نجزم بترجيح أي من تلك الصيغ، وذلك لأننا لم نطلع على اسمه في شيء من المصادر، فإن الثعالبي وياقوت لم يذكرا سوى نسبته. وأما أبو المعالي فإننا لم نطالع ما كتبه سواء أصالة أو بالنقل عنه، ومع ذلك فإن الباحث يميل إلى ترجيح الصيغة الأولى على غيرها، وذلك لأنها أول الصيغ التي ذكرها الباحثون حيث إن زتنبرج ذكرها كذلك، وهو أول من كتب عن المقدسي، وصحح نسبة الكتاب إليه. وربما طالع زتنبرج هذه الصيغة عند أبى المعالي، لكن قد يعكر على ذلك أن زتنبرج أعاد اسم المطهر بالصيغة الثانية: مطهر وكذلك ذكرها هيار. ويرى الباحث أنهما ربما لم يلاحظا فرقاً بين الصيغتين، أو أنهما رأيا أن الفرق غير مؤثر. وأما الصيغة الثالثة: المطهر بن المطهر، فقد انفرد بها سزكين، و يبدو جلياً أن هذا تصحيف وخطأ منه، وذلك لأنه ذكر أنه اعتمد على ما كتبه هيار، وقد قدمت أن الذي أثبته هيار هو مطهر بن طاهر Motahhar ben Tahir. والخلاصة أننا نرجح أن اسم المقدسي هو
" المطهر بن طاهر " أو " مطهر بن طاهر "
ويجدر التنبيه على وقوع تصحيف في بعض المراجع في اسم المقدسي، حيث كتب: ابن مظهر - بالظاء – : المقدسي: مظهر بن طاهر. (1) فيبدو جلياً للباحث أنه خطأ مطبعي حيث كتبت الطاء: ظاء. وذلك لعدم وجود ذلك عند أي مرجع آخر.
هل اسمه " المطهِّر " أم " المطهَّر "؟
بالطبع ليس عندنا برهان للترجيح، لكننا نلاحظ أن المطهَّر – بالفتح – هو مقتضى الترجمة للصيغة التي ذكرها زتنبرج وهيار وهي " Motahhar "(2) ولو كان المطهِّر – بالكسر- لكتب "Motahher ".
__________
(1) شعبان عبد العزيز خليفة ومحمد عوض العايدي، مداخل الأسماء العربية القديمة، القاهرة، المكتبة الأكاديمية، 1415 هـ 1996م، ج 2 ص 1389، ص 1405.
(2) H. Zotenberg, Preface, Histoire Des Rois Des Perses, xxl(1/34)
ومع ذلك جاء في معجم أسماء العرب " المطهِّر: هو المنظف المنقى من النجاسات والأدناس، وممن سموا به " مطهر بن طاهر المقدسي " (1)
لكن الذي يبدو للباحث ترجيح المطهَّر – بالفتح – لأمور منها:
(1) ما ذكره زتنبرج وهيار.
(2) أن المعنى المذكور على أنه بالكسر غير ملائم لتسمية البشر.
(3) أنني لم أجد لصيغة الكسر نظائر في التراجم، بل إن العكس هو الصحيح، فجميع الأسماء وجدتها بالفتح. (2)
نسبة المقدسي
يرى الباحث أن النسبة صحيحة بلا شك، حيث ذكرها الثعالبي وياقوت، وهذه النسبة إلى بيت المقدس قد قررها بعض الباحثين (3) لكن هذا لا يعني أن المقدسي قد عاش بالقدس لأنه ربما ولد بالقدس ولم يعش بها، أو أن آباء المقدسي كانوا مقدسيين، وورث المقدسي تلك النسبة عنهم، ولهذا نظائر في تراجم أعلام الإسلام. (4)
__________
(1) موسوعة السلطان قابوس لأسماء العرب، معجم أسماء العرب، بيروت، جامعة السلطان قابوس - مكتبة لبنان، 1411هـ 1991م، م2 ص 1626.
(2) انظر على سبيل المثال: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 14 ص 220- 221، ابن حجر، تقريب التهذيب، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الثانية، 1417هـ 1997م، تحقيق: خليل مأمون شيحا، ج 2 ص 261.
(3) الزركلي، الأعلام، ج 7 ص 253، بسام عبد الوهاب، معجم الأعلام، ص 847، كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العربي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الثانية 1408 هـ 1987م، ترجمة: صلاح الدين عثمان هاشم، ص 244، الموسوعة الفلسطينية، بيروت، 1990م، القسم الأول: القسم العام ج4 ص 229، والقسم الثاني دراسات الحضارة، ج 3 ص 318.
(4) منهم على سبيل المثال من نسب إلى مرو لأن أباه منها أما هو فلم يعش فيها :-
1- الإمام أحمد بن حنبل الشيباني المروزي ثم البغدادي ت 241 هـ، والده مروزي، وخرجت به أمه من مرو وهي حامل به. انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 5 ص 178.
2- المؤرخ عبد الله بن مسلم بن قتيبة المروزي ت 276 هـ، والده من مرو، أما هو فقد ولد بالكوفة أو ببغداد على خلاف بين المؤرخين. انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 10 ص 168.
3 - الفقيه محمد بن نصر المروزي ت 294 هـ، أبوه من مرو أما هو فقد ولد ببغداد. انظر :
الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 4 ص 85 – 87.
وانظر عن مرو وأعلامها: محمد السيد إبراهيم البساطي، الحياة العلمية في مرو من الفتح الإسلامي حتى نهاية القرن الثالث الهجري، رسالة ماجستير بكلية اللغة العربية، جامعة الأزهر بالقاهرة، 2002م.(1/35)
كنية المقدسي
ذكر بعض الباحثين (1) كنية " أبي نصر " للمقدسي، لكن الباحث لا يطمئن لصحة تلك الكنية لعدة أسباب منها: أن مصادر ترجمة المقدسي، وهي: الثعالبي، وأبو المعالي، وياقوت، لم يذكروا تلك الكنية، ويؤكد ذلك أن زتنبرج وهيار وهما أول من أرخا للمقدسي لم يذكرا تلك الكنية أيضاً. وأن الذاكرين لتلك الكنية لم يذكروا مصدرهم في إثبات تلك الكنية. وأن أكثر الباحثين لم يذكروا تلك الكنية.
ثالثاً: مولد المقدسي ونشأته وموطنه
مكان الميلاد وتاريخه
إنه مما يؤسف له عدم توصلنا إلى معرفة مكان وتاريخ ميلاد المقدسي من خلال المصادر، لكن الذي يبدو لنا أن المقدسي ولد: إما بالقدس حيث ينسب، وإما بسجستان حيث عاش واستوطن. والأقرب أنه ولد بسجستان وليس بالقدس، وذلك لأنه ذكر بيت المقدس كثيراً في كتابه،(2) ومع ذلك لم يشر ولو تلميحاً أنه ولد بها، أو أن له بها صلة. أما سجستان: فبرغم أنه لم ينص على مولده بها صراحة لكنه أشار إليها في حديثه – كما سيأتي قريباً- ويبدو للباحث أيضاً: أن المقدسي ولد في أوائل القرن الرابع الهجري، وذلك
__________
(1) سزكين، تاريخ التراث العربي، م 1 ج 2 ص 187، أحمد رمضان أحمد، تطور علم التاريخ الإسلامي، ص 150، الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، ج 3 ص 318.
(2) انظر: فهارس البدء والتاريخ، ج 6 ص60.(1/36)
لذكره أنه كان بالشيرجان (1) سنة( 325هـ 946م).(2) فإذا استصحبنا أن عادة العلماء في هذه الأعصار أنهم يبدءون رحلاتهم العلمية آخر العقد الثاني أو في أول العقد الثالث من أعمارهم، و أنهم كانوا يستهلون رحلاتهم بالبلاد المجاورة، والشيرجان تعد قريبة من سجستان.أقول: إذا استصحبنا ذلك تأكد لدينا أن المقدسي ولد في العقد الأول من القرن الرابع الهجري.
نشأة المقدسي
يبدو للباحث أن المقدسي نشأ بسجستان استناداً لما ذكرته آنفاً عن مكان مولده، وإلى وجوده بالشريجان (سنة 325هـ 946م). ونستطيع أن نتلمس معالم خطواته الأولى من خلال استقراء حياة العلماء في تلك العصور الزاهرة، فنكاد نجزم أنه دخل الكتاب صغيراً حيث أتم حفظ القرآن الكريم، وألم بقواعد اللغة العربية إملاءً ونحواً وغير ذلك.وتمرس على آداب الإسلام، وأخذ قسطاً من مبادئ بعض العلوم، مثل: الحساب، والفقه، والحديث. ثم انضم إلى حلق العلم في المساجد، ودور العلماء، والمكتبات حتى جمع من علم أهل بلده قدراً كبيراً.(3) ثم اتجه إلى رحلاته العلمية، إلى المراكز العلمية الإقليمية، ثم حواضر العالم الإسلامي.(4) وهكذا كما هي سيرة العلماء غالباً في تلك الأعصار.
موطنه
__________
(1) مدينة بإقليم كرمان قال عنها البلاذري إنها"مدينة كرمان"فتحها مجاشع بن مسعود السلمي30هـ انظر: البلاذري: أحمد بن يحيى، فتوح البلدان، بيروت، دار اقرأ، 1412هـ 1992م، ص522، الإصطخري، المسالك والممالك، القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، مايو 2004، ص 97.
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 181.
(3) انظر: مراجع عن التربية في الإسلام وخاصة عن الكتاب، والمؤسسات العلمية، ومنها: الشيزري، نهاية الرتبة في طلب الحسبة، القاهرة، ص 103 – 104، منير الدين أحمد، تاريخ التعليم عند المسلمين، ص 58 – 72.
(4) سيأتي التعرف على رحلات المقدسي، ص 47.(1/37)
تجمع المراجع التي تحدثت عن موطن المقدسي أنه عاش في مدينة بست بإقليم سجستان ومصدرهم في ذلك ما ذكره زتنبرج وهيار.(1) ويبدو أن زتنبرج أخذ ذلك من كتاب بيان الأديان لأبى المعالي، وذلك لأن الثعالبي وياقوت لم يتعرضا لشيء من هذا. والناظر المتأمل لما سطره المقدسي في كتابه يرجح أنه بالفعل عاش في سجستان حيث أشار وألمح إلى ذلك مرتين:
أولهما: قال المقدسي وهو يتحدث عن خراب العمران " ثم ما نشاهده في إقليمنا بالعيان قبل مفازة سجستان وما فيها من آثار البنيان والمدن.... ".(2)
ثانيهما: ألمح المقدسي إلى إقليم سجستان وما فيه من تقلبات سياسية أثناء ذكره لقول بعض المنجمين إن الملك ثابت في الصين منذ كذا ألف سنة، فقال " فمن يتحقق ذلك مع ما يرى من سرعة الانتقال في إقليمنا وتشوش أحوال مالكيها "(3).
رابعاً: العلاقة بين المقدسي وإخوان الصفا
__________
(1) . H. Zotenberg, Preface, Histoire Des Rois Des Perses, xxl
Haurt ,Iitterature ,282.، بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج 3 ص 62، جواد على، موارد تاريخ الطبري، ج 2 ص 187، سزكين، تاريخ التراث العربي، م 1 ج 2 ص 187، خير الدين الزركلي، الأعلام، ج 7 ص 253، الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، ص 318، أحمد رمضان أحمد، تطور علم التاريخ الإسلامي، ص 169، ليلى الصباغ، دراسة في منهجية البحث التاريخي، ص 74.
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 149.
(3) المرجع السابق، ج 3 ص 209. والظاهر أن العبارة " فمتى يتحقق..."(1/38)
إخوان الصفا جماعة فلسفية سرية (1)، اشتهرت برسائلها المعروفة بـ "رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا "(2) وهناك اختلاف شديد في تحديد أشخاصهم، وزمانهم، ومكانهم.(3)
__________
(1) تعمل هذه الجماعة على تشكيل نظرة شاملة أو دين عالمي يتجاوز كل الأديان، ويصل بالإنسان إلى الحقيقة الكلية. وهناك دلائل كثيرة تشير إلى انتمائهم عقدياً إلى الشيعة الإسماعيلية الباطنية. وتتألف هذه الجماعة من أربع طبقات : الأولى: طبقة الشباب من سن 15 إلى 30 عاماً، وهؤلاء يناط بهم الطاعة العمياء لكبرائهم. الثانية: طبقة الرجال من 30 إلى 40 عاماً يتعلمون علوم الدنيا وحكمتها. الثالثة: طبقة الشيوخ، من 40 إلى 50 عاماً، وهؤلاء لهم مرتبة كمرتبة الأنبياء الرابعة: ما بعد الخمسين عاماً وهؤلاء صاروا في مرتبة الملائكة المقربين، يشهدون حقائق الأشياء، وكانوا يرون أن العبادات تناسب الطبقة الأولى والثانية، أما الثالثة والرابعة فلا يطهر نفوسهم إلا التأمل الفلسفي الذي يقودهم – بزعمهم – إلى معرفة الله والاتصال به. انظر: عبد المنعم الحفني، موسوعة الفلسفة والفلاسفة، القاهرة، مكتبة مدبولي، الطبعة الثانية، 1999م، ج1 ص114-115..
(2) بلغ عدد تلك الرسائل إحدى وخمسين رسالة تضم عدة علوم مثل: المنطق، والرياضيات، والطبيعيات، والنفس، والأخلاق، والدين، وغيرها. ومن خلال دراسة تلك الرسائل عرف الباحثون أفكارهم. انظر:عبد المنعم الحنفي، مرجع سابق، ج1 ص114.
(3) أما عن أشخاصهم فالأكثر على أن الذين كتبوا تلك الرسائل أربعة ذكرهم أبو حيان التوحيدي في كتابه "الإمتاع والمؤانسة "وهم: أبو سليمان محمد بن معشر البستي ويعرف بالمقدسي، وأبو الحسن على بن هارون الزنجاني، وأبو أحمد المهرجاني، وأبو الحسن العوفي. وأما عن زمانهم فالأكثر على أنهم كتبوا الرسائل في القرن الرابع والأدق أنهم كتبوها بين عامي 353-357هـ..فأما مكانهم فأقرب الأقوال أن لهم ثلاثة مراكز السلمية بالشام، والبصرة وبغداد بالعراق، ومازال الباحثون مختلفين أي الثلاثة هو الأصل وأي الباقي فرع والأكثر أن السلمية الأصل ثم البصرة وبغداد. انظر: أبو حيان التوحيدي علي بن محمد بن العباس، الإمتاع والمؤانسة، القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، ج2 ص4-5، عبد المنعم الحفني، مرجع سابق، ج1 ص114-115، محمد فريد حجاب، الفلسفة السياسية عند إخوان الصفا، القاهرة، الهيئة العامة للكتاب، 1982م، ص 33، 55 – 67، فؤاد معصوم، إخوان الصفا فلسفتهم وغاياتهم، دمشق، دار المدى، 1998م، ص45-67.(1/39)
أما عن العلاقة بين المقدسي وبين تلك الجماعة فقد ادعاها أحد الباحثين حيث زعم أن المقدسي أحد أعضائها، فقال: "ولا يخلو من طرافة نزوع المقدسي في الفصل الجغرافي من كتابه، وأيضاً في الفصول الأخرى إلى النصح والإرشاد على حساب المادة التي يسوقها، ولهذا، وأيضاً بالإضافة إلى القسم الرياضي من الفصل الجغرافي، فإن كتاب البدء والتاريخ ينضم إلى رسائل إخوان الصفا التي ظهرت في نفس ذلك الوقت تقريباً والتي تعرض في الفصل المشابه لهذا نفس الآراء البطليموسية نفسها التي ثبتت في القرن التاسع، ولعل هذا الاتفاق ليس وليد الصدفة المحضة، فقد وردت لدى بعض مؤلفي هذه المجموعة الذين نادراً ما يشيرون إلى مصدرهم الإشارة إلى شخص يدعى المقدسي البستي، حقاً إن الأسماء الأولى تختلف، كما أن النسبة الثانية ترد أحياناً في صيغة أخرى، ولكن على الرغم من هذا فإن التقارب في النسبة يثير بعض التساؤل، خاصة في ضوء الشبه بين القسمين الجغرافيين الذي أشرنا إليه......"(1)
ومن خلال هذا السياق نخلص إلى أنه يستند فيما ادعاه على ثلاث أمور، وهي: التشابه في جمل النصح والإرشاد. والتشابه في القسم الرياضي من الجغرافيا. والتشابه في نسبة المقدسي البستي. والحق أن هذه ليست حججاً، إنما هي شبهٌ لا تقف على ساق عند من يعرف أفكار إخوان الصفا، و يطلع على فكر المقدسي في البدء والتاريخ.
__________
(1) كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ص246-247، الموسوعة الفلسطينية، القسم الأول ص230.(1/40)
فأما الشبهة الأولى: فإنها ليست بشيء لأن جمل النصح، والإرشاد، والدعاء، وغيرها كانت سمة عامة في مصنفات المسلمين في تلك الأعصار نظراً لشيوع الروح الدينية خاصة عند العلماء.وأما الثانية: فكان التشابه بسبب وحدة المنبع لدى الجغرافيين المسلمين الجغرافيا الإغريقية خاصة في القسم الرياضي الذي أخذوه من جغرافية بطليموس من كتابيه المجسطي، والجغرافيا. (1) وأما الثالثة: فكان من الممكن قبولها لو أن الأسماء كانت متشابهة، ولكنها متباينة، فالمقدسي المؤرخ اسمه: المطهر بن طاهر. والمقدسي الفيلسوف الصفائي اسمه: أبو سليمان محمد بن معشر.أما عن التشابه في النسبة، فإنها ليست فيصلاً في تحديد الأشخاص، وذلك لكثرة من يشتركون في نسبة واحدة. ولو كانت النسبة يعول عليها لكان أقرب الناس إلى اعتباره من إخوان الصفا هو العلامة الفقيه المحدث: أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي (ت 388هـ 998م).(2) لأنه تشابه مع الفيلسوف الصفائي في النسبة والكنية، وهذا بالطبع ضرب من الخيال. ومع ذلك كله لو سلمنا أن ذلك التشابه المذكور في الشبه الثلاث يصلح للاحتجاج يبقى الفيصل في المسألة هو: الزمان، والمكان، والمنهج.
فأما الزمان والمكان: فإن المطهر المقدسي بدأ كتابة كتابه البدء والتاريخ بسجستان عام 355هـ وأما المقدسي البستي الصفائي فقد كتب أو شارك في
__________
(1) نفيس أحمد، جهود المسلمين في الجغرافيا، ص148.
(2) صاحب المصنفات المشهورة مثل " كتاب العزلة"، "غريب الحديث"، "معالم السنن "، " الغنية عن الكلام وأهله "، "شرح أسماء الله الحسنى". انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 3 ص 1018 – 1020، سزكين تاريخ التراث العربي، م1 ج1 ص 427 – 429.(1/41)
كتابة رسائل إخوان الصفا بالعراق أو الشام بين عامي( 353 - 357هـ). فكيف يكون هذا هو ذاك ؟؟ وأما المنهج: فقد يتفقا في معرفة الفلسفة لكنهما يختلفان تماماً في غايتها وممارستها.فالمقدسي المؤرخ فيلسوف إسلامي أعمل عقله ليربط بين التاريخ والفلسفة لكنه لم يخرج بفلسفته عن إطار القرآن و السنة، بل إنه كان منافحاً عنهما ضد الباطنية والأفكار الشاذة عن طريق القرآن والسنة. وأما إخوان الصفا فقد اعتبرهم أكثر الباحثين من الباطنية، واستعملوا الفلسفة في اختراع إطار جديد يجمع الإسلام وغيره من الأديان في وحدة واحدة، واخترعوا من الأنظمة داخل جماعتهم ما يصادمون به شرع الله، ويضاهون به منزلة بعضهم بمنزلة الأنبياء والملائكة المقربين. ويتضح الأمر أكثر وأكثر إذا عرفنا أن كتاب البدء والتاريخ مشحون بالرد على الباطنية وأشباههم. بل إن من أهم أغراض تأليفه هو الرد عليهم وفضح أفكارهم الشاذة. فكيف نجمع بين النقيضين في رجلين اختلفا:
اسماً، و زماناً، و مكاناً، ومنهجاً، وغايةً.
خامساً: رحلات المقدسي
لقد أفادنا المقدسي كثيراً في التعرف على رحلاته حيث ذكر عدداً من البلاد التي زارها أثناء حديثه عن مواقف عاشها، أو علماء التقى بهم فيها.وسأذكر تلك البلاد، وأسوق عباراته التي تعرض فيها لذكرها لما في ذلك من فوائد سأذكرها لاحقاً:-
(1) مكة، قال "وسمعت أبا عبد الرحمن الأندلسي بمكة حرسها الله..."(1)
(2) إخميم، قال "وحدثني أبو طالب الصوفي بإخميم....... "(2)
(3) أسوار، قال "وحدثني محمد بن سهل بأسوار....... "(3)
(
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 4 ص 65.
(2) البدء والتاريخ، ج 6 ص 52. ( إخميم: بلد قديم على شاطئ النيل بصعيد مصر. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 1 ص 123 – 124.)
(3) البدء والتاريخ، ج 1 ص 147. ( أسوار: تسمى أسوارية وهي من قرى أصبهان. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 1 ص 190.)(1/42)
4) أطرابلس، قال " وقرأ على خيثمة بن سليمان القرشي بأطرابلس.."(1)
(5) برجان، قال " وسمعت قوماً من برجان ......." (2)
(6) البصرة، قال " وأنشدني النهريبندي في جامع البصرة....." (3)
(7) بلد، قال " حدثنا الحسن بن هشام ببلد...." (4)
(8) بيت لحم، قال عن موضع مولد عيسى - عليه السلام - " وموضع الولادة بيت لحم معروف مشهور قد شاهدناه....." (5)
(9) تكريت، قال " حدثني حاتم بن السندي بتكريت ......."(6)
(10) خوز، قال " دخلت بيت نار خوز وهي كورة من كور فارس قديمة " (7)
(11) سابور، قال " وحدثت عن رجل في بلاد سابور من حدود فارس"(8)
(12) سنجار، قال " سألت بعض الأعاجم بنواحي سنجار ......"(9)
(
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 5 ص105. (أطرابلس: مدينة بالشام مشهورة بين اللاذقية وعكا، وهي تابعة لدولة لبنان حالياً. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 1 ص 216 – 217.)
(2) البدء والتاريخ، ج 1 ص 64. (برجان: هي من بلاد الخرز - الترك - غزاها المسلمون في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 1 ص 373.)
(3) البدء والتاريخ، ج 1 ص 77. وانظر ج 2 ص 81.
(4) البدء والتاريخ، ج 1ص 146. (بلد: بلدة بالعراق قرب الموصل. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 1 ص 481.)
(5) البدء والتاريخ، ج 3 ص 121.
(6) المرجع السابق، ج 1 ص 148.(تكريت: بلدة مشهورة بالعراق بين بغداد و الموصل. انظر: ياقوت، مرجع سابق، ج 2 ص 38.)
(7) البدء والتاريخ، ج 1 ص 62. (خوز هي خوزستان المعروفة بالأهواز. انظر: ياقوت، مرجع سابق، ج 2 ص 404.)
(8) البدء والتاريخ، ج2 ص90. (سابور: كورة عظيمة في بلاد فارس تتبعها عدة مدن منها كازون والنوبندجان. انظر: ياقوت، مرجع سابق، ج 3 ص 167 – 168.)
(9) البدء والتاريخ، ج 1 ص 76.(سنجار: مدينة من مدن الجزيرة بينها وبين الموصل مسيرة ثلاثة أيام. انظر: ياقوت: مرجع سابق، ج 3 ص 263.).(1/43)
13) السوس، قال " وحدثني محمد بن خالويه بالسوس ........."(1)
(14) الشيرجان، قال " وقد حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج المعروف بالسجزي بالشيرجان سنة خمسة وعشرين وثلاثمائة....... "(2)
(15) صعيد مصر، قال " و سألت القبط من صعيد مصر......." (3)
(16) فارس، قال " وخبرني هربذ المجوس بفارس...... "(4)
(17) فِرْ شَوْط، قال "وحدثني أبو نصر الحرشي بفرجوط قرية من الصعيد"(5)
(18) مرو، قال " وحدثنا عبد الرحمن بن أحمد المروزي بمرو ...... "(6)
(19) مصر، قال " وحدثني هارون بن كامل بمصر ........ "(7)
فوائد من رحلات المقدسي:-
بعد أن ذكرنا عبارات المقدسي عن رحلاته نستطيع أن نستخرج عدة فوائد:-
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 5 ص 149.(السوس: بلدة من بلاد خوزستان. انظر: ياقوت، مرجع سابق، ج 3 ص 280.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 181.
(3) البدء والتاريخ، ج 1 ص 64.
(4) البدء والتاريخ، ج 2 ص 60.( وهربذ: كلمة فارسية معربة تعنى خادم النار. انظر: الفيروزابادي محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة السادسة،1418هـ 1998م، ص 340.
(5) البدء والتاريخ، ج 2 ص 156.(وفرشوط بالشين عند ياقوت وقد تقلب الشين جيماً كما ذكرها المقدسي. وهي قرية كبيرة على الشاطئ غربي النيل من الصعيد بمصر. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 4 ص 285، الفيروزابادي، القاموس المحيط، ص 680.)
(6) البدء والتاريخ، ج 1 ص 147. ( ومرو: عاصمة خراسان، افتتحها الأحنف بن قيس سنة 22هـ على الأشهر، وكانت من أهم المراكز العلمية في المشرق، لكن انتهي دورها التاريخي بعد اجتياح المغول لها 617هـ، وهي تابعة الآن لجمهورية تركمانستان. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 5 ص 132 – 136،محمد السيد البساطي، الحياة العلمية في مرو من الفتح الإسلامي حتى نهاية القرن الثالث الهجري، ص 14-63.)
(7) البدء والتاريخ، ج 5 ص199.(1/44)
أولاها: كان المقدسي رحالة جوالاً ؛ إذ لم يقصد برحلاته المراكز العلمية المشهورة فقط، بل تعدى ذلك إلى بلاد وقرى بأطراف الأقاليم.ولا يظن أن المقدسي قد ذكر أغلب رحلاته إذ أنه لم يقصد ذلك بل الراجح أن ما ذكره قليل من كثير فإنه لم يذكر عدة مدن لايتصور أنه لم يزرها، مثل: المدينة المنورة، وبغداد، والكوفة، ودمشق، والقاهرة، ونيسابور (1) وبلخ، (2) والري (3)وغيرها من حواضر الإسلام الكبرى. ويتساءل الباحث أليس من البعيد جداً على أحد العلماء أن يأتي بلد، وتكريت، ولا يدخل بغداد! وأن يتجول في قرى صعيد مصر ولا يكون قد مر على القاهرة! وأن يرحل إلى برجان ولا يأتي نيسابور..وهكذا. وهذا يرجح وجهة نظر الباحث في أن المقدسي لم يذكر كثيراً من البلاد التي زارها.
ثانيها: ظهر لنا جلياً أن أهداف رحلات المقدسي تعدت قصد كبار علماء الأمصار إلى التعرف على أحوال الشعوب وغرائب الأحداث، حتى إنه– على حد تعبيره – ذهب إلى " أقاطيع الناس في مجاهيل الأقاليم "(4) وبذلك يكون قد خالف نهج الكثير من طلاب العلم الذين كانت همتهم أكابر العلماء فقط. ولعل هذا يرجع إلى أن المقدسي لم يكن تحصيل العلم الشرعي عنده الغاية الوحيدة، إذ تعدت اهتماماته إلى علوم أخر. (5)
__________
(1) نيسابور إحدى مدن خراسان، صارت أهم مراكزها العلمية منذ القرن الثالث الهجري، فهي كما قال ياقوت "معدن الفضلاء ومنبع العلماء". انظر: ياقوت، معجم البلدان ج 5 ص 382.
(2) بلخ من أجمل مدن خراسان وأذكرها وأكثرها خيراً. انظر: ياقوت، مرجع سابق، ج 1 ص 568 – 569.
(3) الري: كانت قصبة بلاد الجبال كانت من أمهات البلاد وأعلام المدن. انظر: ياقوت، مرجع سابق، ج 3 ص 132 – 137.
(4) المقدسي، البدء والتاريخ، ج 1 ص 64..
(5) انظر مطلب علوم المقدسي، ص 84.(1/45)
ثالثها: يبدو تأثر المقدسي بمنهج الجغرافيين في التجول والوصف لما يراه، ولعل ميله للجغرافيا يفسر لنا شمول رحلاته بلاداً غير مطروقة من الطلاب.
رابعها: يمكن للباحث أن يستنتج أن المقدسي قد أدى فريضة الحج إذ ذكر أنه كان بمكة، وكانت عادة العلماء أن يقرنوا رحلاتهم العلمية إلى الحجاز بموسم الحج ليؤدوا الفريضة، وليلتقوا بمشاهير العلماء، مما قد يكفيهم عناء الرحلة إلى أحدهم في بلاده.
خامساً: شيوخ المقدسي(1/46)
مما لا شك فيه أن الباحث التاريخي يضطر أحياناً إلى الاجتهاد في ملء الفجوات بين سلسلة الأحداث التي لم تسدها المصادر، والأبحاث السابقة. وذلك بشرط تمييز اجتهاداته العلمية عن الحوادث الثابتة بالمصادر الأصلية وعدم خلطها بالحقائق التاريخية، وألا يعتبر تلك الاجتهادات من قبيل النتائج الثابتة حيث إنها مجرد ظنون قد تكون راجحة أحيانا، ومرجوحة أحياناً أخرى، وإلا فإنه قد يجعل مجرد الافتراض والتكهن حقيقة تاريخية وبذلك يكون مخالفاً لقواعد البحث وأصول الاجتهاد. (1) ولعلنا نحتاج إلى الاجتهاد واستفراغ الوسع لرسم الخطوط الأساسية لحياة المقدسي خاصة أنه لم تسعفنا المصادر بذلك. ولذلك اجتهد الباحث في معرفة شيوخ المقدسي من خلال ما ذكره في كتاب البدء حيث ذكر عدداً من الشخصيات ما بين عالم وشاعر ونحوهما أخذ عنهم بعض المعلومات أو كان له معهم مواقف. لكن ذلك لم يكن كافياً لأن أكثرهم مجاهيل لم أعثر على تراجم لهم في المصادر التاريخية. ويلاحظ أيضاً أنه لم يكن بينهم ولو عالم واحد من الأعلام المشهورة بسجستان، أو بست، أو غيرهما من مدن الإقليم. لذا رأى الباحث أن يذكر أهم أعلام سجستان وبست في القرن الرابع مما يظن أن المقدسي جلس إليهم، وانتفع بعلمهم ولا يبعد أن يكون أحدهم من كبار شيوخه، وإنا كنا في الحقيقة لا نستطيع أن نجزم بشيء من ذلك.
ومن هؤلاء العلماء:-
__________
(1) حسن عثمان، منهج البحث التاريخي، القاهرة، دار المعارف، الطبعة السادسة، ص 174 – 175.(1/47)
الحافظ أبو الحسن أحمد بن محمد بن الفضل السجستاني(ت314هـ 926م) (1) وإمام التفسير أبو بكر محمد بن عزير السجستاني (ت 330هـ 941م).والحافظ أبو محمد دعلج بن أحمد دعلج السجستاني (ت353هـ964م) (2) والإمام العلامة أبو حاتم محمد بن حبان البستي (ت 354هـ 965م). والحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين الآبري( ت363هـ 973م) (3) والفقيه الواعظ أبو سعيد الخليل بن أحمد السجزي (ت378هـ988م) (4) والإمام أبو سليمان حمد بن محمد البستي الخطابي (ت 388هـ 998م).والحافظ الأديب أبو عمر محمد بن أحمد السجستاني (ت قبل400هـ1009م) (5) وأبو الفتح علي بن محمد البستي الكاتب الشاعر( ت 401هـ 1010م) (6)
__________
(1) نزل دمشق وحدث بها. انظر: ابن عساكر: أبو القاسم على بن الحسن بن هبة الله، تاريخ مدينة دمشق، بيروت، دار الفكر، 1415 هـ 1995م، ج 5 ص 443 – 444.
(2) ولد دعلج سنة 259 هـ وجمع بين العلم والمال فكانت له صدقات جارية وأوقاف على أهل الحديث بمكة وبغداد وسجستان، توفي جمادى الآخرة 351 هـ وله نيف وتسعون سنة. انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج9 ص 366 – 372، ابن العماد، شذرات الذهب، ج 4 ص 270.
(3) الآبري: نسبة إلى قرية آبر من قرى سجستان، وله مصنف كبير في مناقب الشافعي. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج1 ص 67، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 16 ص 299 – 301.
(4) فقيه الحنفية الواعظ الشهير تولى قضاء سمرقند. انظر: الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 26 ص 623 – 624،ابن العماد، مرجع سابق، ج 4 ص 413.
(5) المشهور بالنوقاتي، نسبة لنوقات، وهي قرية من قرى سجستان، وله من التصانيف " العلم والعلماء "، " العتاب والإعتاب "، " صون المشيب "،" الرياحين "،" المسلسلات ". انظر: ياقوت، معجم الأدباء، ج5 ص 2345- 2346، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 17 ص 144 – 145.
(6) الأديب البارع شعرا ونثرا، المشهور بالحكم الرائعة، والألفاظ البديعة..انظر: ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج3 ص 376- 378، الذهبي، مرجع سابق، ج 17 ص 147 – 148.(1/48)
الشيوخ الذين ذكرهم المقدسي في كتابه
ذكر المقدسي ستة عشرَ شيخاً لقيهم، وأخذ عنهم علماً، أو شعراً، وهاك نصوص ذكرهم:
1. قال المقدسي" وأنشدني النهريبندي في جامع البصرة
ولو حل أقطارَ السموات عاقلٌ ... أو احتل في أقصى بلاد تُباعِدُ
ولم يَرَ مخلوقاً يدل على هدى ولم يأتهِ وحىٌ من الله قاصدُ
ولم ير إلا نفسه كان خلقها دليلاً على بارٍ له لا يُعانِدُ
دليلاً على إبداعها واختراعها منيراً على مر الدهر يُشاهِدُ " (1)
2. قال المقدسي " وحدثنا الحسن بن هشام العبسي، عن وكيع، عن الأعمش، عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء ".(2)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 1 ص 77. ولقد ساق المقدسي تلك الأبيات في خاتمة بحثه عن أدلة إثبات وجود الله عز وجل
(2) المرجع السابق، ج 1 ص 194 في ذكر صفة الجنة والنار.( وهذا الأثر قد رواه الطبري في تفسيره وابن أبى حاتم في تفسيره والبيهقي في البعث والنشور وهو أثر صحيح لكن ليس بإسناد المقدسي لجهالة الحسن بن هشام. انظر: الطبري، تفسير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، القاهرة، دار هجر، 1422هـ 2001م، ج 1 ص 416.)(1/49)
3. قال المقدسي " وحدثنا الحسن بن هشام ببلد، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله العبسي، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبى ظبيان، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: أول ما خلق الله من شيء القلم، وقال: اكتب، فقال: إي ربي، وما اكتب، قال: القدر، فجرى القلم بما هو كائن من ذلك اليوم إلى يوم القيامة، قال: ثم خلق النون، فدحا الأرض عليها فارتفع بخار الماء، ففتق منه السموات، فاضطربت النون، فمارت الأرض فأثبتت الجبال، وإن الجبال تنفجر على الأرض إلى يوم القيامة" (1)
4. قال المقدسي "وحدثنا عبد الرحمن بن أحمد المروزي بمرو، حدثنا السراج محمد بن إسحاق، حدثنا قتيبة بن سعد، حدثنا خالد بن عبد الله بن عطاء، عن أبى الضحى، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أول شيء خلق الله - تبارك وتعالى - القلم. فقال له: اكتب ما يكون إلى يوم القيامة ثم خلق نون (2) فكبس عليها الأرض، يقول الله تعالى: نون (3) وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ"(4)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 1 ص 146 - 147. وانظر هذا الأثر: الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج 23 ص 140 – 141، البيهقي، السنن الكبرى، حيد أباد الدكن بالهند، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، سنة 1356هـ، ج 9 ص 3.
(2) هكذا في الأصل، والصحيح لغةً " نوناً ". وعند الطبري " النون ".
(3) هكذا في الأصل، والصحيح كما في المصحف " ن ".
(4) البدء والتاريخ، ج 1 ص 147. وهذا الأثر رواه الطبري في تفسيره، ج 23 ص 142.(1/50)
5. قال المقدسي "وحدثني محمد بن سهل بأسوار حدثنا أبو بكر بن زيان حدثنا دعه (1) عيسى بن حماد عن الليث بن سعد عن أبى هانئ عن أبى عبد الرحمن البحلي (2)عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – أنه قال كتب الله مقادر (3) كل شيء قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " (4)
6. قال المقدسي " وحدثني حاتم بن السندي بتكريت، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من
مارج من نار، وخلق آدم كما وصفت لكم "(5)
__________
(1) هكذا كما في نص الكتاب، والصحيح " زُغبَة " وهو لقب لعيسى بن حماد التجيبي أبي عمرو المصري، محدث ثقة، روى له مسلم وغيره، ت 248هـ. انظر: ابن حجر، تقريب التهذيب، ج2 ص 104.
(2) هنا خطأ مطبعي، فقد ذكر " البحلي " وتصحيحه " الحبلي "،
(3) هنا خطأ مطبعي، فقد ذكر " مقادر " وتصحيحه "مقادير".
(4) البدء والتاريخ، ج1 ص 147.( والحديث رواه مسلم. انظر: مسلم بن الحجاج القشيري، الصحيح، بيروت، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، 1419 هـ 1998م، كتاب القدر، حديث رقم 2653، ص 1065.)
(5) البدء والتاريخ، ج 1 ص 148. ( والحديث رواه أحمد ومسلم. انظر:أحمد بن حنبل، المسند، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1416 هـ - 1995م تحقيق: شعيب الأناؤوط وعادل مرشد، حديث رقم 25194 ج 42 ص 109، وحديث رقم 25354 ج 42 ص 217، مسلم، الصحيح، كتاب الزهد والرقائق، حديث رقم 2996، ص 1199.)(1/51)
7. قال المقدسي " حدثنا عبد الرحيم بن أحمد المروزي، حدثنا العباس السراج، عن قتيبة، حدثنا خالد بن عبد الله، عن الهجري، عن أبى الأحوص، عن عبد الله قال: الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف" (1)
8. قال المقدسي " وقرأ على خيثمة بن سليمان القرشي بأطرابلس، عن عبد الجبار بن العلاء، عن سفيان الثوري، عن فرات بن الفرات، عن أبى الطفيل عن على – عليه السلام – قال: نشر واديين: وادي الأحقاف، ووادي بحضرموت، يقال له برهوت، يأوي إليه أرواح الكفار". (2)
9. قال المقدسي " وحدثني أبو نصر الحرشي – بفرجُوط قرية من الصعيد، وكان يقرأ كتب الأوائل – في كتاب دانيال مسطوراً بقاء أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – ألف سنة، وفناؤهم بالسيف " (3)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 102.(والحديث ثابت مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قد رواه البخاري عن عائشة ورواه احمد ومسلم وأبو داود عن أبى هريرة، ورواه الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنهم. انظر: الألباني:، صحيح الجامع الصغير وزيادته، بيروت، 1408 هـ 1988م، رقم 2768، ج 1 ص 536.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 105. هكذا في الأصل والصواب " شر واديين " وهذا الأثر رواه عبد الرازق في المصنف. انظر: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، المصنف، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت، المكتب الإسلامي، حديث رقم 9118، ج 5 ص 116.
(3) البدء والتاريخ، ج 2 ص 156 – 157.(1/52)
10. قال المقدسي "حدثنا محمد بن الحسين، حدثنا عمر بن موسى العرار، حدثنا حماد ابن زيد، عن على بن زيد، عن أبى نصر، عن أبى سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر، ثم قام خطيباً، فلم يدع شيئاً يكون إلى يوم القيامة إلا خبر به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، في حديث طويل، قال في آخره: وجعلنا نلتفت إلى الشمس، هل بقى منها شيء؟ فقال: ألا إنه لم يبق من الدنيا إلا كما بقى من يومكم هذا " (1)
11. قال المقدسي " حدثنا يعقوب بن يوسف، قال حدثنا أبو العباس السراج، قال قتيبة ابن يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندري، عن سهيل، عن أبى صالح، عن أبيه، عن أبى هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك، قوم وجوههم كالمجان المطرقة صغائر الأعين، خنس الأنوف، يلبسون الشعر، ويمسون في الشعر "(2)
12. قال المقدسي " حدثنا يعقوب بن يوسف السجزي، حدثنا أبو موسى، حدثنا الحسن ابن إبراهيم البياضي بمكة، حدثنا حماد الثقفي، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، حدثنا خالد الحذاء، عن أبى قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا رأيتم الرايات السود من قبل خراسان فاستقبلوها مشياً على أقدامكم لأن فيها خليفة الله المهدي"(3)
__________
(1) المرجع السابق، ج 2 ص 158. ( والحديث رواه الترمذي، انظر:الترمذي محمد بن عيسى بن سورة، السنن، الرياض، مكتبة المعارف، كتاب القدر، حديث رقم 2191، ص 496.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 170 – 171. (والحديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي. انظر : الألباني، صحيح الجامع الصغير وزيادته، حديث رقم 7426، ج 2 ص 1238. )
(3) البدء والتاريخ، ج 2 ص 174. ( والحديث رواه الإمام أحمد في المسند وإسناده ضعيف. انظر: المسند، ج 37، ص 71.)(1/53)
13. قال المقدسي " حدثنا البيروتي، عن الأوزاعي، عن عبد الله بن لبابة، عن فيروز الديلمي، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: يكون هدة في رمضان، توقظ النائم، وتفزع اليقظان "(1)
14. قال المقدسي" وقد حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج، المعروف بالسجزي، بالشيرجان، سنة خمسة وعشرين وثلاثمائة، قال حدثنا محمد بن أحمد بن راشد الأصفهاني، حدثني يونس بن عبد الله الأعلى الشافعي، حدثني محمد بن خالد الجندي، عن أبان بن صالح، عن الحسن، عن أنس – رضي الله عنه قال: لا يزداد الأمر إلا شدةً، ولا الدنيا إلا إدباراً، ولا الناس إلا شحاً، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا مهدي إلا عيسى بن مريم " (2)
15. قال المقدسي " وسمعت أبا عبد الرحمن الأندلسي بمكة - حرسها الله - يحدث أنها ركضت راكضة من الترك على بعض حدود الأندلس، وسبوا منه واستاقوا البهائم، وأنه تبعهم الطلب فظفروا بواحد منهم، فقالوا: فذاك أول ما رأينا من الترك، وكنا نكلمه ويكلمنا، فلا يفهم ولا نفهم " (3)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 172. ( والحديث لم أعثر عليه من رواية فيروز الديلمي لكنى وجدته من حديث أبى هريرة وهو حديث موضوع رواه الحاكم في المستدرك.انظر: الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، القاهرة، دار الحرمين، 1417 هـ 1997م، حديث رقم 8645 ج 4 ص 689.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 181. (وهذا الأثر عن أنس لم أجده موقوفاً عليه بل هو حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن ماجه والحاكم في المستدرك بسند ضعيف.انظر:الألباني، ضعيف الجامع الصغير، حديث رقم 6348، ص 916.)
(3) البدء والتاريخ، ج 4 ص 65.(1/54)
16. قال المقدسي "وأخبرني أحمد بن مالك قال: حدثني القتبي، عن إسحاق بن راهويه أنه قال: الخبر في كل ذلك صحيح:أما أول من أسلم من النساء فخديجة، وأول من أسلم من الموالي فزيد بن حارثة، وأول من أسلم من الصبيان فعلي، وأول من أسلم من الرجال فأبو بكر رضي الله عنهم " (1)
17. قال المقدسي وهو يتحدث عن فرق الشيعة " ومنهم من يزعم أن الأئمة أنوار من نور الله تعالى.....وأنشدني أبو طالب الصوفي لنفسه
كادوا يكونون................... ... لولا ربوبية الرحمن لم يكن
فيا لها أعيناً بالغيب ناظرة ... ليست كأعينِ ذات المآق والجفن
أنوار قدس لها بالله مُتَصَلٌ كما يشاء بلا وهم ولا فِطن" (2)
18. قال المقدسي " وحدثني أبو طالب الصوفي بإخميم أن الوليد – أي الخليفة الأموي الوليد بن يزيد بن عبد الملك - هذا لعنه الله كان ماجناً، سفيهاً، قليل الديانة، وكان يستهدف المصحف ويرميه، ويقول:
... تهدد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد
... إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب خرقني وليد (3)
__________
(1) المرجع السابق، ج 5 ص 71.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 129. ولم أجد هذه الأبيات في أي مصدر آخر لأكمل بقية البيت الأول.
(3) المرجع السابق، ج 6 ص 52 – 53. وهذه القصة غير صحيحة سنداً، وبعيدة متناً، ويرجح أنها من وضع الشيعة كما هي عادتهم مع خلفاء بتي أمية. انظر: حسين عطوان، سيرة الوليد بن يزيد، القاهرة، دار المعارف، ص177 -179.(1/55)
19. قال المقدسي " وحدثني محمد بن خالويه بالسوس، قال: حدثني أحمد بن حنبل، عن أبيه أنه قال: من قال القرآن مخلوق فهو كافر بالله لأن الإيمان من القرآن" (1)
20. قال المقدسي " وحدثني هارون بن كامل بمصر، قال: كان مع عبد الله بن سعد سبعون ألفاً من فارس وراجل " (2)
تراجم شيوخ المقدسي
لم يساعدنا المقدسي في التعرف على كثير من شيوخه، لأنه لم يذكر أسماءهم كاملة، أو لأن بعضهم من المجاهيل الذين لم تعتن بهم المصادر.فعدم ذكره للأسماء كاملةً جعل اسم بعضهم يصدق على عدد من الرجال، ولم نستطع التوصل - ولو من بعيد - إلى احتمال أن أحدهم هو الذي عناه المقدسي بالذكر، وهؤلاء مثل: محمد بن الحسين، وأحمد بن مالك، وأبي عبد الرحمن الأندلسي، والبيروتي، ومحمد بن خالويه. وفي أحيان أخر لم أعثر على من تسمى به أصلاً، مثل: النهربنيدي، وأبي نصر الحرشي.وأما من ذكر أسماءهم كاملة لكني لم أعثر لهم على ذكر في مصادر التراجم فهم: الحسن بن هشام العبسي، وحاتم بن السندي، ويعقوب بن يوسف السجزي، وأحمد بن محمد الحجاج المعروف بالسجزي، وعبد الرحيم بن أحمد المروزي. (3)
وأما من وجدت لهم تراجم من شيوخ المقدسي فهم:-
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 5 ص 149. هكذا في الأصل وأرجح أن يكون في الكلام سقط وأن الصواب " حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه.." وذلك لأن الإمام أحمد لم ير أباه حيث مات وهو في بطن أمه، وعبد الله بن أحمد حامل علم أبيه من بعده. ولعل المراد بالكفر هنا الكفر غير المخرج من الملة فإن الإمام أحمد لم ينقل عنه أنه كفر أحداً بسبب القول بخلق القران برغم شدة المحنة التي واجهها بسبب تلك المسألة.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 199.
(3) وهذا الأخير عبد الرحيم بن أحمد المروزي أرجح أنه هو عبد الرحمن بن أحمد المروزي وإنما حدث تصحيف لاسمه من الناسخ أو الطابع وذلك لتشابه رجال الإسنادين لحد بعيد. والله أعلم.(1/56)
الإمام الحافظ أبو الحسن خيثمة بن سليمان القرشي الطرابلسي
مسند الشام ومحدثها، رحل، وجمع، وصنف، وأشهر مصنفاته " كتاب فضائل الصحابة " " الرقائق والحكايات ". توفي في شهر ذي القعدة ( 343 هـ 954م). (1)
الحافظ أبو بكر عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد الأنماطي المروزي
كان ثقة حافظاً، تعلم بمرو، وحدث بها، وببغداد وغيرهما، وتوفي بمرو في ربيع الآخر( 359 هـ 969م) (2)
أبو طالب الصوفي
اسمه خزرج بن على بن العباس البغدادي، كان محدثاً صوفياً صحب الجنيد( ت 298 هـ 910م) (3) وغيره من الصوفية، مات مرابطاً في سبيل الله. (4)
هارون بن كامل
هو هارون بن كامل بن يزيد أبو موسى المصري، محدث ثقة، روى عنه أئمة كبار، مثل: أبى جعفر الطحاوي، وأبى القاسم الطبراني. وكانت وفاته يوم السبت ليومين خليا من ذي القعدة( 283هـ 896م) (5)
هل يعد هارون بن كامل من شيوخ المقدسي ؟
__________
(1) الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج3 ص 858 – 859، سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج1 ص368.
(2) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج11 ص 598، ابن الجوزي، المنتظم، ج14 ص 190.
(3) هو أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الخزاز، ولد ونشأ وتعلم ببغداد، صحب الحارث المحاسبي والسري السقطي، اشتغل بالعبادة، واشتهر بالزهد حتى صار إمام أهل التصوف في عصره. انظر: السلمي: أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، طبقات الصوفية، القاهرة، دار الشعب، الطبعة الثانية، 1419 هـ 1998م، ص 50 – 51، الخطيب البغدادي، المرجع السابق، ج 8 ص 168 – 177.
(4) الخطيب البغدادي، المرجع السابق، ج9 ص 305 – 307.
(5) الطحاوي، شرح مشكل الآثار، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1415 هـ 1994م، ج1 ص 95 – ج3 ص 52، 138 – ج 4 ص 66، 392 – ج5 ص 355 – ج6 ص 59، الطبراني، المعجم الأوسط، القاهرة، دار الحرمين، 1415 هـ 1995م، ج9 ص137 – 142، الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 21 ص 318.(1/57)
قد أوردت اسم هارون بن كامل ضمن شيوخ المقدسي تبعاً لنص المقدسي في كتابه " وحدثني هارون بن كامل بمصر.......... " لكن اعتباره من شيوخ المقدسي أمر يبدو بعيداً جداً، فقد مات هارون 283هـ وقد مر معنا ترجيح أن مولد المقدسي كان أول القرن الرابع، وسيأتي أن وفاته كانت آخره. فكيف يلتقي المقدسي بهارون في مصر قبل عام 283 هـ، خاصة أنه يلزم من ذلك أن المقدسي قابله وهو في نهاية العقد الثاني من عمره على الأقل، وعلى ذلك يكون مولد المقدسي بعد عام 263 هـ تقريباً، وهذا بعيد جداً!! لأنه على ذلك يكون عمره قد قارب 130عاماً تقريباً.!! إنما الذي يبدو للباحث أن المقدسي لم يلتق بهارون إنما قد يكون التقى بابنه موسى بن هارون. (1) وعلى هذا يكون قد حدث في الكلام سقط من الناسخ أو الناشر.ويعكر على هذا الاحتمال تقدم وفاة موسى ابن هارون أيضاً، حيث إن وفاته كانت عام 318هـ، مما يعني أن مولد المقدسي ربما كان أواخر القرن الثالث، لكننا لا نستطيع أن نرجح ذلك لأن القول بأن المقدسي التقى بموسى بن هارون يبقى مجرد احتمال، وإن كان بالطبع أقرب في التصور من أن يكون المقدسي التقى بهارون بن كامل.
ملاحظات على شيوخ المقدسي
__________
(1) هو موسى بن هارون بن كامل أبو القامس المصري، محدث له عناية بالأخبار التاريخية، ولد سنة 236 هـ وتوفي في صفر سنة 318 هـ انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 23 ص 574،ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ج1 ص 237.(1/58)
لم يقصد المقدسي التعريف بشيوخه لذا: لم يفرد لهم موضعاً في الكتاب. ولا ذكرهم لنا بأسماء كاملة. ولم نجد فيمن ذكرهم أحداً من كبار علماء سجستان، وبست. ولا واحداً من الأئمة الكبار في مختلف العلوم في ذلك العصر الذهبي.أغلب الأخبار التي أوردها المقدسي عن الشيوخ الذين ذكرهم أخبار غير تاريخية، فقد روى عن ستة عشر شيخاً عشرين خبراً منها: ستة أحاديث نبوية، وستة آثار عن الصحابة، وقطعتان شعريتان، ورأى ديني عن الإمام أحمد، وآخر من كتب الأوائل، وثلاثة أخبار تاريخية، ورأى تاريخي لابن راهويه. وبذلك يكون ما يخص التاريخ مما رواه المقدسي عن شيوخه أربعة أخبار فقط. ومع ذلك فإنا قد استفدنا كثيراً مما ذكره المقدسي في التعرف على بعض شيوخه، ورحلاته، واهتماماته العلمية.
سابعاً: تلاميذ المقدسي
لعل من نافلة القول التذكير بأنه لا سبيل أمامنا للتعرف على حياة المقدسي سوى ما سطره قلمه في كتابه البدء والتاريخ. ولم يجد الباحث إلا موضعاً واحداً أشار فيه المقدسي إلى أحد من يدخل في حكم التلاميذ، وهو: أبو العباس السامري. حيث قال المقدسي " وأنشدتُ أبا العباس السامري بمرو، وكان يجهر القول بأن الله عز وجل خلق كافراً ومؤمناً حين خلق:
اصفع المجبر الذي بقضا السوء قد رضي
فإذا قال لم صفعـ ت فقل ها كذا قضي" (1)
ويظهر من هذا النص أن أبا العباس السامري كان من فرقة الجبرية. (2) ولقد اجتهدت في البحث عن ترجمة لأبي العباس السامري فوجدت رجلين يرجح أنهما من معاصري المقدسي.
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص 147.
(2) الجبرية: إحدى الفرق الإسلامية، سميت بذلك لأن أهم أرائها: أن الإنسان مجبور على أفعاله الاختيارية، وليس مخيراً، فهو كريشة في مهب الريح، وهي عدة فرق مختلفة. انظر: البدء والتاريخ، ج5 ص 146 – 148، محمد أبو زهرة، تاريخ المذاهب الإسلامية، القاهرة، دار الفكر العربي، ص 102.(1/59)
أولهما: أحمد بن جعفر بن محمد بن سهل (1)، وهو أخو الامام الحافظ أبو بكر الخرائطي ( ت 372 هـ 982م).(2)
والثاني: محمد بن أحمد بن هارون الدقاق، أحد شيوخ الحافظ ابن عدي (ت 365 هـ 975م). (3) والحق أن الباحث لم يستطع الترجيح بينهما، بل إنني أرجح استبعادهما معاً، وذلك لأمرين:
أولاً: لم أجد في ترجمتهما ما يشير إلى أن أحداً منهما كان من الجبرية، ومن المعلوم أن مثل هذا لا يخفي، ولا يهمل من أصحاب كتب التراجم.
ثانياً: لم أجد في ترجمتهما ما يشير إلى أن أحدهما قد دخل مرو، أو استوطنها.
ثامنًا: مؤلفات المقدسي
نستطيع أن نقسم مؤلفات المقدسي إلى قسمين رئيسين :-
القسم الأول : مؤلفات مخطوطة ومطبوعة. وهي مؤلفات وصلت إلينا، وهما كتاب البدء والتاريخ، وكتاب آخر " مختصر كتاب البدء والتاريخ ".
أما الأول فسيأتي التعريف به في الفصل الثاني. وأما الثاني فمازال مخطوطاً بآيا صوفيا بالمكتبة السليمانية رقم 3406 (4) وهو كما أشار بعض الباحثين ملخص شيق كتب بمنهجية حسنة، تدارك فيه المقدسي خطأ منهجية الترتيب في أصله " البدء والتاريخ " (5)
القسم الثاني: مؤلفات ذكرها المقدسي في البدء والتاريخ ولم تصل إلينا.
__________
(1) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج5 ص 100.
(2) هو محمد بن جعفر بن محمد بن سهل، من سر من رأى، سكن الشام، محدث مصنف من كتبه المشهورة " هواتف الجن "، وتوفي بعسقلان. انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج2 ص 515 – 516.
(3) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج2 ص 240 – 241، السمعاني، الأنساب، ج3 ص 203. وقد مر ذكر الحافظ ابن عدي ص 20.
(4) سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج2 ص187.
(5) الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني: دراسات الحضارة، ج3 ص318.(1/60)
وهي نوعان: النوع الأول: مؤلفات قد أتم تأليفها، قد أحال عليها المقدسي كثيراً، وهو في الحقيقة كتاب واحد أسماه " معاني القرآن " (1)وهو كتاب في التفسير يبدو أنه كان كبير الحجم لأن المقدسي حين يحيل عليه يذكر عبارات تفيد ذلك مثل قوله " وقد سبق ذكر هذه الأشياء ومضى حقائقها على التقصي والبيان في كتاب معاني القرآن"(2)
وقوله"وهذه أشياء اكتفي منها بنبذ لأني قد وفيتها حقها في كتاب المعاني"(3) وقوله"وهذه القصص مفسرة مستوفاة في كتاب معاني القرآن بوجوهها وإعرابها ومعانيها واختلاف الناس فيها" (4)
النوع الثاني: مؤلفات لم يتمها المقدسي، لكنه نوى أو بدأ في تأليفها. وهذه خمسة كتب ذكر أسماءها، وهي:
كتاب العلم والتعليم
ويبدو أنه سيهتم فيه بتفصيل المسائل المنطقية، حيث قال - بعد أن تحدث عن أهمية معرفة الفصل الأول في تثبيت النظر وتهذيب الجدل- " فلنذكر الآن لمعاً لهام ما نحن قاصدوه، يكون عدة للناظر، وقوة للمناظر، ثم من بعد يستقصيه إن شاء الله كتاب
سميناه كتاب العلم والتعليم " (5)
كتاب الديانة والأمانة
ويبدو أنه سيتناول فيه مباحث الإلهيات، خاصة إثبات وجود الله تعالى، حيث قال بعد كلام طويل عن إثبات الباري "وليس نورد من هذا الباب ها هنا إلا ما يضاهي الفصل، وما يصح ويجل دون ما يغمض ويدق لأن من عزمنا أن نبالغ في الاستقصاء والإيضاح لهذه المسائل في كتاب سميناه الديانة والأمانة شكراً لمن أنعم علينا بالتوحيد" (6)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص23، 93، 95، 96، ج3 ص78، 96، 98، 100، 114، 125، 128، 184، 187.
(2) المرجع السابق، ج2 ص96.
(3) المرجع السابق، ج2 ص23.
(4) المرجع السابق، ج3 ص96.
(5) البدء والتاريخ، ج1 ص19.
(6) المرجع السابق، ج1 ص71.(1/61)
كتاب المعدلة وفيه يرد على القائلين بالنور والظلمة وأمثالهم حيث قال بعد ذكر مذاهبهم " وأكتفي من جوابهم بما يومض عن مناقضاتهم كفاء ما يشاكل كتابنا هذا بعد أن نستقصيه في كتاب المعدلة ونشبع القول فيه بمشيئة الله " (1)
كتاب النفس والروح حيث قال عن النفس والروح "وكيف ما أنظر فلا أجد بداً من جمع
ما يحتاج إليه في كتاب مفرد أسميه كتاب النفس والروح، لأني إن أطنبت فيه إذ لا يغنى
الاختصار والإيجاز نقضتُ ما اشترطت في صدر هذا الكتاب" (2)
كتاب ذكر النجوم ذكره المقدسي في مبحث صفة الكواكب والنجوم، حيث قال " وسنفرد بمشيئة الله وعونه كتاباً لطيفاً في ذكر النجوم وما يصح منها " (3)
ويلاحظ على مؤلفات المقدسي:-
أن أكبرها حجماً هو كتاب " معاني القرآن ". وأن كتاب البدء والتاريخ كانت طريقة تأليفه سبباً في عمل المقدسي على تأليف باقي الكتب، وذلك لأنه: ألف مختصر البدء والتاريخ ليعالج سوء ترتيب وتشعيب كتاب البدء والتاريخ. وألف الكتب الباقية لأن شرط الاختصار الذي قطعه على نفسه في تصنيف البدء والتاريخ منعه من التفصيل في أغلب المباحث؛ لذا عزم على التصنيف في بعض ما لم يستطع التفصيل فيه. كما تدل مؤلفات المقدسي على سعة علمه، وتنوع ثقافته في علوم التفسير، والتاريخ، والعقيدة، والفلسفة، والتنجيم.
تاسعاً: صفات المقدسي الشخصية
حاولت استكشاف بعض صفات المقدسي الشخصية من خلال ما سطرته يده في كتابه البدء والتاريخ فبدا لي أنه يتصف بـ :-
(1) التواضع
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص91.
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص115 – 116.
(3) المرجع السابق، ج2 ص14.(1/62)
ويتجلى لنا تواضعه من كثرة قوله " والله أعلم " أو " والله أعلم وأحكم " وغيرها سواء في أثناء حديثه، أو في خاتمته. (1) وكذلك توقفه في بعض المسائل وقوله أنه لا يدرى دون أن يستنكف من ذلك.مثل قوله في أن من الأنبياء من لا يعلم كتابه برغم ذكره في القرآن، فقال " وقد قص الله تعالى في القرآن ما أوحى إلى نوح، وهود، ولوط، وغيرهم، من الأنبياء فلا أدرى إن هم لم يؤمروا بنسخها والتحفظ لها، أو كانت مثبتة عندهم فنسخت بكتاب بعدها، أو كان الوحي والصوت لا يعد كتاباً "(2) ومن ذلك أيضاً ما ذكره في قصة إسحاق عليه السلام حيث قال "ويزعم أهل الكتاب أن عيصو سمي به لأنه عصى في بطن أمه، وذلك أنه خرج قبل يعقوب، وخرج يعقوب على أثره آخذاً بعقبه، فلذلك سمى يعقوب،وهذا ما لا أعرف له تأويلاً وأصلاً اللهم إلا أن يكون مثلاً وتشبيهاً" (3)
وأخيراً انظر إلي قوله " وأسأل الله الذي منّ وأعان أن يعصم من نزعات الشيطان، وينفع به الناظرين والمستفيدين وأن يرحم من عذرنا في تقصير إن كان منا، وقام بتقويم أوده وإصلاح غلطه، مشاركاً لنا في ثوابه وأجره" (4)
(2) نفسه تواقة للبحث والتنقيب خاصة عن الطرائف
__________
(1) سيأتي ذلك تفصيلاً في فصل: منهج العرض التاريخي، ص 147 - 148.
(2) البدء والتاريخ، ج1 ص 114.
(3) المرجع السابق، ح3 ص3.
(4) المرجع السابق، ج3 ص63.(1/63)
وهذا نلمس جلياً في فصل "إثبات الباري وتوحيد الصانع" حيث قال " إنه لا يخلو لسان أمة من الأمم في أقطار الأرض وآفاقهم إلا وهم يسمونه بخواص أسماءه عندهم، ومستحيل وجود اسم لا مسمى له " (1) ثم ذكر دلائل ذلك من خلال تتبعه أسماء آلهة معظم أقوام المعمورة، فكان مما ذكره: قوله "ولقد دخلت بيت نار خوز...وسألتهم عن ذكر الباري في كتبهم" (2) وقوله " وسمعت قوماً من برجان يسمونه ادفوا......." (3) وقوله " وسألت القبط من صعيد مصر عن اسم الباري بلغتهم...." (4) وفي موضع آخر تتضح تلك الصفة من خلال ما يحكيه عن نفسه قائلاً: " وحدثت عن رجل في بلاد سابور، من حدود فارس، يجتمع إليه قوم، ويذهبون مذهباً يخالفون عوام الناس، فقصدته متصفحاً ما عنده، ولزمته أياماً كالمصغي المسترسل لما عنده، متبالهاً متجاهلاً، وكان الرجل يرجع إلى شيء من علم اللغة، ومعرفة مذاهب القدماء إلى أن أنس بي ووثق بناحيتي، ثم أبدى مكتوم أمره، ودفين سره،......" (5)
(3) ميله إلى المزاح أحياناً يقول المقدسي " اذكر أني سألت بعض الأعاجم بنواحي سنجار على نواحي المزاح والمهازلة - إذ كنت أراه جلف الجثة، ثقيل اللهجة - ما الدليل على أن لك خالقاً ؟ قال: عجزي عن خلق نفسي، فكأنما ألقمت حجراً....." (6)
(
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص60.
(2) المرجع السابق، ج1 ص62.
(3) المرجع السابق، ج1 ص64.
(4) المرجع السابق، ج1 ص64.
(5) المرجع السابق، ج2 ص90-91.
(6) المرجع السابق، ج1 ص76.(1/64)
4) حبه للمناظرات والجدل ويظهر ذلك من كثرة مناظرته لكثير من الأقوال في المسائل التي نقل الخلاف بين العلماء فيها.(1) إلى جانب ما نقله هو من مناظرات بين العلماء فيما بينهم(2) ويدل على ذلك ما حكاه عن نفسه قائلاً: " وأذكر أنى حاجني رجل من البهافريدية – وهم صنف من المجوس أطلبهم للخير وآلفهم عن الأذى – في دفننا موتانا، ما تعنينا بذلك ؟ فقال: إن الأرض ملك، وأنتم تلقمونه الموتى فكيف تستحسنون ذلك ؟ " (3)
(5) عاطفته الدينية جياشة بحب الإسلام والذب عنه وذلك تراه جلياً حين يناقش الأفكار الضالة للديانات والفرق المنحرفة، خاصة الباطنية. (4) وكذلك ذمه لطائفة القصاص الكذابين، وغيرهم من المتعالمين الجهلة. (5)
عاشراً: وفاة المقدسي وعمره
لما لم يكن من ثمة مصدر يعتمد عليه في تحديد وقت ومكان وفاة المقدسي اجتهد الباحثون في تحديد ذلك على أقوال: -
فقيل توفي بعد 350 هـ، (6)
وقيل توفي عام 355 هـ، (7)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص129-134. ج2 ص136-139.
(2) المرجع السابق، ج1 ص106. ج2 ص123-127.
(3) المرجع السابق، ج1 ص176.
(4) انظر مطلب كشف حال الباطنية، ص 136.
(5) انظر ذلك تفصيلاً في مطلب: أراء المقدسي التربوية، ص 88.
(6) كامل مصطفي الشيبي، الصلة بين التصوف والتشيع، بيروت، دار الأندلس، 1982، ج2 ص 415.
(7) فاروق حمادة، مصادر السيرة النبوية وتقويمها، الدار البيضاء، دار الثقافة، 1980م ص82، كحالة، معجم المؤلفين، ج 3 ص 891، أحمد رمضان احمد، تطور علم التاريخ الإسلامي، ص 150، عماد الدين خليل، دراسة في السيرة، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الخامسة عشرة، 1418 هـ 1997م ص 332، شعبان عبد العزيز ومحمد عوض العايدي، مداخل الأسماء العربية القديمة، ج 2 ص 1405.(1/65)
وقيل توفي بعد سنة 355هـ، (1)
وقيل توفي عام 387 هـ، (2)
وقيل توفي عام 390 هـ،(3)
وأطلق البعض فقال " القرن الرابع "،(4)
وقيد البعض ما سبق بقوله " من علماء أواخر القرن الرابع للهجرة " (5)
وإذا نظرنا إلى تلك الأقوال نجد أن أكثرها متعقب:
فأما القول الأول: فهو خطأ بلا شك لأنه يحتمل وقوع موت المقدسي قبل أن يؤلف الكتاب عام 355هـ.وأما القول الثاني: فأغلب الظن أن أصحابه التبس عليهم تاريخ تأليف الكتاب بالوفاة، أو أنهم علموا بتاريخ تأليف الكتاب، وجعلوا الوفاة في نفس العام، وهذا لا يقبل منهم لأن عادة العلماء والباحثين أن يقولوا في مثل هذه الحالات، توفي بعد سنة كذا، وليس في نفس العام وهذا ما فعله أصحاب القول الثالث.
وأما القول الرابع: فلم أجد دليلاً عليه. وأما الخامس: فهو أقرب الأقوال، حيث ذكر المقدسي حادثة في كتابه وأرخ لها بعام 390 هـ، وإن كان الأصح منهجياً أن نقول إن المقدسي قد توفي بعد عام 390 هـ.
أما القولان الأخيران: فأولهما: كأنه قصد أنه عاش في القرن الرابع ولم يقصد تأريخاً للوفاة.وأما ثانيهما فهو قريب من الراجح بلا شك.
وخلاصة القول أن الأرجح أن نقول: توفي المقدسي بعد عام 390هـ.
أما عن مكان الوفاة
__________
(1) الزركلي، الأعلام، ج 7 ص 253، المنجد في اللغة والأعلام، ص 541، معجم الأعلام، ص 847، شحادة الناطور وجميل بيضون وآند عودات، الخلافة الإسلامية حتى القرن الرابع الهجري، الأردن، دار الثقافة – دار الأمل، 1410 هـ 1990م، ص 365.
(2) حورية عبده سلام، دراسات في تاريخ الدولة الإسلامية في المشرق، ص 239.
(3) سالم احمد محل، المنظور الحضاري في التدوين التاريخي عند العرب،قطر،كتاب الأمة،العدد 60. 1418هـ ص 122
(4) صائب عبد الحميد، علم التاريخ ومناهج المؤرخين، بيروت، دار الغدير، 1421هـ 2001م، ص153.
(5) سركيس، معجم المطبوعات العربية، ص241.(1/66)
فقد ذكر بعض الباحثين أنه توفي في " بست "وهذا اجتهاد راجح بلا شك، وذلك لأن المقدسي حين ذكر حادثة عام 390 هـ قال"وقد ظهر في نواح يقال لها خشباجي معدن الذهب يحفرون الآبار ويخرجون من التراب الذهب، وظهر هذا سنة تسعين وثلاثمائة" (1) وشاهد الترجيح هنا أن الناحية المذكورة تقع على الطريق بين بست وغزنة (2)، أي أن المقدسي كان في بست تلك السنة، إذ يبعد جداً أنه قد رحل عنها، لأن المقدسي حينئذ قد بلغ من الكبر عتياً.
عمر المقدسي
قد ذكرت أن المقدسي كانت ولادته أوائل القرن الرابع - على الراجح - (3) وأن وفاته كانت بعد عام 390 هـ، فعلى هذا يكون المقدسي قد قارب، أو تجاوز التسعين من عمره - رحمه الله تعالى -.
ثقافة المقدسي
أولاً: عقيدة المقدسي
مما لاشك فيه أن التعرف على عقيدة المؤرخ، وميله الفكري لأي من الفرق الإسلامية له أهمية كبرى في قبول، أو رد بعض ما يطرحه من قضايا تاريخية، أو فكرية تمس عقيدته، وفرقته مدحاً أو قدحاً. ولعل التشيع لعلى بن أبى طالب – رضي الله عنه - من أهم الحركات السياسية، والفكرية التي أثرت على الكتابة التاريخية، نظراً لكثرة القضايا التاريخية، وحساسيتها بين السنة والشيعة خاصة في عهد الخلفاء الراشدين.لذلك عمل الباحث على استقراء نصوص المقدسي التي تمس الجوانب العقدية والفكرية.
مرجعية المقدسي العقدية والشرعية
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 4 ص 78.
(2) الإصطخري، المسالك والممالك، ص 144.( وغزنة: مدينة عظيمة وولاية واسعة بين خراسان والهند، وهي قصبة إقليم زابلستان. انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج4 ص 201.)
(3) راجع: مطلب مولد المقدسي، ص 40.(1/67)
أعلن المقدسي مرات عديدة أن القرآن الكريم، والسنة النبوية هما مرجعيته في جميع الأمور الدينية، ومما جاء في ذلك: قوله عن ابتداء الخلق " وليس ذلك إلى العقل فيعتمد ولكن سبيله السمع والخبر " (1) وقال في كون القلم أول المخلوقات " وروى فيه أخبار مسطرة في كتب أهل الحديث، رضينا بما صح منها واستسلمنا له "(2) وقال عن وصف الجنة والنار" واعلم أن كل ما يوصف من الجنة والنار فسبيله السمع والخبر " (3) وقال عن أصول التشريع عند المسلمين " إن لأهل الإسلام أصولاً من الكتاب والسنة والإجماع والقياس عليها ما يقوم لهم الحجة بها بينهم "(4)
عقيدته في الإلهيات والقدر
قال في مبحث الأينية والمائية لله سبحانه وتعالى " وأحسن ما أختاره في هذا الفصل ألا يخوض الإنسان في شيء منه إلا بإثبات الذات بدلائل الصفات فأما ما سوى ذلك فيسكت عنه، وليقتد نبي الله (5) موسى حيث قال له الكافر " وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ " ( الشعراء آية 23- 24) (6).
ويتضح من ذلك إتباعه لطريقة القرآن الكريم في إثبات العقيدة.
وقال عن القدر والإيمان به " والاختلاف فيه قائم مذ وجد في العالم حيان ناطقان...ومن طاوعته نفسه بالإمساك عن الخوض فيه والاقتصار على ما في الكتاب رجوت أن يكون من الفائزين" (7) وهنا يؤكد المقدسي على اتباعه طريق القرآن الكريم؛ لذا استنكر المقدسي عقيدة البداء، فقال "وزعم قوم من الإمامية أن الله لا يعلم ما هو كائن حتى يكون" (8)
موقفه من الصحابة
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص135.
(2) المرجع السابق، ج1 ص162.
(3) المرجع السابق، ج1 ص197.
(4) المرجع السابق، ج1 ص55. وانظر أيضاً ج1 ص135،167،174.
(5) هكذا في الأصل، والصواب " وليقتد بنبي الله.."
(6) المرجع السابق، ج1 ص 86.
(7) البدء والتاريخ، ج1 ص108.
(8) المرجع السابق، ج1 ص104.(1/68)
وهذا هام جداً لأنه من أهم النقاط الخلافية بين السنة والشيعة، ولأن المقدسي مال عن منهج أهل السنة في بعض الصحابة. وإن كان المقدسي قد أنصف أغلب الصحابة، فمن الذين أنصفهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم حيث ذكرهم المقدسي بالخير، وترضى عنهم، بل إنه قال عن أبى بكر في موضعين: عليه السلام. (1) أما على بن أبى طالب وابنه الحسين رضي الله عنهما. فقد أظهر المقدسي تبجيلاً عظيماً لهما، حيث أثنى عليهما بصيغة " صلوات الله عليهما " (2) وأغلب ثنائه عليهما كان بـ " عليه السلام ".
بينما نراه لم يترك مناسبة يستطيع ذم معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه وابنه يزيد.إلا فعل، وصب لعناته عليهما.(3) وكذلك لعن المقدسي هند بنت عتبة رضي الله عنها -.(4) كما لعن ابنها وحفيدها من قبل - مع أنها قد أسلمت وحسن إسلامها - رضي الله عنها -.
واختلفت مواقف المقدسي من السيدة عائشة - رضي الله عنها – بين الإغماض والمدح، فمن مواقف الإغماض: حذف اسمها عمداً حين ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم " يحشرالناس يوم القيامة حفاة عراة بهماً غرلاً. فقالت إحدى نسائه: أما يستحيون فقال: لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ".(5)
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص76-77.
(2) المرجع السابق، ج2 ص177، 203،210. ج4 ص64-214.
(3) المرجع السابق، ج1 ص 16، 17. ج2 ص117،177. ج6 ص 6، 8، 12.
(4) المرجع السابق، ج4 ص203.
(5) المرجع السابق، ج2 ص227.(1/69)
ومن المعروف لدى من عنده أدنى مسكة من علم أن التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم هي السيدة عائشة – رضي الله عنها-.(1) وذكر اسمها – رضي الله عنها – عدة مرات، ولم يترض عنها. (2) وقال وهو يتناول ترجمتها" وتوفيت عائشة في زمن معاوية، وقد قاربت السبعين، فقال لها: ندفنك في بيتك، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:لا، لأني أحدثت بعده" (3) فهذه الرواية غير المشهورة آثرها المقدسي عن الرواية الصحيحة المشهورة التي فيها أن السيدة عائشة آثرت عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – بأن يدفن مع صاحبيه لما بعث يستأذنها، فقالت " كنت أريده لنفسي وأوثرك به اليوم على نفسي "(4). أما مدحه لها – والذي هو حق لها - أنه ترضى عنها - رضي الله عنها - في موضعين من كتابه. (5) وهكذا نرى أن المقدسي لم يسلك سبيل أهل السنة والجماعة من الترضي عن جميع الصحابة، لذا نرى سؤالا يلوح في الأفق علينا:
هل كان المقدسي شيعياً ؟
هذا السؤال يطرح نفسه بداهة بعد لعنه لمعاوية، وابنه، وأمه، وتقلب مواقفه من أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -. ويضاف إلى ذلك اهتمامه في تراجمه للصحابة بإبراز كون الصحابي من شيعة على - رضي الله عنه - (6)
__________
(1) البخاري، صحيح البخاري المسمى: الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، الرياض، بيت الأفكار الدولية، 1419هـ 1998م، حديث رقم 6527 ص1250، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، حديث رقم 2859 ص1146.
(2) البدء والتاريخ، ج4 ص215. ج5 ص11، 12..
(3) المرجع السابق، ج5 ص12.
(4) البخاري، المرجع السابق، حديث رقم 3700 ص707.
(5) البدء والتاريخ، ج5 ص57، ج6 ص5.
(6) البدء والتاريخ، ج5 ص 108، 109، 115، 119.(1/70)
ومع ذلك فإن الباحث لا يجزم بأن المقدسي كان شيعياً صرفاً، وذلك لموقفه المعتدل من الخلفاء الراشدين الثلاثة، وعامة الصحابة. يقول المقدسي - بعد أن ترجم للعشرة المبشرين بالجنة " فهؤلاء العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة والرضا، ومنهم الخلفاء القائمون بالحق والعاملون به " (1)
وقال عن عامة الصحابة "ونبرأ إلى الله من عيب الصحابة قدس الله أرواحهم أجمعين"(2)
ولأن المقدسي مضى في أصول الدين على منهج أهل السنة والجماعة، حيث لم يصحح معتقداً لإحدى الفرق الأخرى. وكذلك لأنه ذكر أبا سفيان وابنه معاوية رضي الله عنهما فيمن أسلم عام الفتح، وترجم لهما ولو كان شيعياً صرفاً لأعلن عن كفرهما كما هي عقيدة كثير الشيعة. (3) كما أن المقدسي تعرض لذكر فرق وعقائد الشيعة، مثل غيرهم من الفرق ولم أجد - ولو من بعيد- ميلاً للمقدسي إلى أحد فرقها، أو اعتناقاً لأحد أفكارها بل العكس هو الصحيح حيث انتقد المقدسي أفكاراً عدة للشيعة. (4)
ومما يؤيد ذلك أنني لم أجد أحداً ممن ترجم له ذكره بتشيع.
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص92.
(2) المرجع السابق، ج5 ص202.
(3) المرجع السابق، ج5 ص107- 108.
(4) البدء والتاريخ، ج1 ص104- ج5 ص6، 125، 129.(1/71)
لذا فالذي يترجح لدى الباحث أن لعن المقدسي لمعاوية وأمه - رضي الله عنهما - وكذلك يزيد بن معاوية، وعدم إعطاء السيدة عائشة - رضي الله عنها- حقها من المدح والترضي مع شدة تبجيله لعلي بن أبي طالب، وابنه الحسين بن علي - رضي الله عنهما - هذا كله لم ينبع من أساس عقدي يعتنقه، إنما كان نتيجة عاطفة قوية لآل البيت انعكست بغضاً وكراهية لمن حاربهم. ولعل منبع ذلك كان من ثقافة مجتمعه الذي نشأ وعاش فيه. وليس معنى هذا أننا نقر منحى المقدسي، كلا، بل لابد أن تنضبط العواطف بضابط الشرع من القران الكريم، والسنة النبوية، وما مضى عليه اعتقاد أئمة أهل السنة والجماعة في تلك المسائل الشائكة، من عدم انتقاص أحد من الصحابة، مع الاعتقاد أن الحق كان مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- في حربه مع من خالفه من الصحابة.
ثانيًا: فكر المقدسي
إذا كان عقم ترجمة المقدسي قد وقف حائلاً دون التعرف على روافده الثقافية، ومعالم تكوينه الفكري، إلا أن المتأمل لكتابه البدء والتاريخ والمتتبع لمنهجه في العرض، والبحث، والمناقشة، والناظر فيما طرحه من آراء وقضايا، سيجزم أن المقدسي صاحب فكر راق، وثقافة منفتحة، وعقلية فلسفية ناضجة، حاول من خلالها طرح الأخبار التاريخية برؤية جديدة مختلفة، تقوم على الربط بين الفلسفة والتاريخ، لذا اتفق الباحثون على أن المقدسي قد ولج إلى علم التاريخ من بوابة الفلسفة. (1)
ولعل من أهم دلائل فكره الفلسفي:-
__________
(1) انظر ص27، 346.(1/72)
أولاً: رفعه شأن وقيمة العقل. حيث جعله " أصل ما ترد إليه العلوم "(1). وعرفه بأنه " قوة إلهية مميزة بين الحق والباطل والحسن والقبيح، وأم العلوم، وباعث الخطرات الفاضلة، وقابل اليقين" (2)
ثانياً: المقدمة المنطقية.التي بدأ بها كتابه والتي استوعبت الفصل الأول كاملاً، والذي جعله باسم" في تثبيت النظر وتهذيب الجدل "(3)
ثالثاً: كثرة وتنوع المصادر الفلسفية.وكذلك تنوع طرق نقله عنها، سواء المصادر اليونانية وغيرها من الفلسفات القديمة، أو الفلسفة الإسلامية. (4)
رابعاً: كثرة المسائل والأقوال والآراء الفلسفية التي نقلها في كتابه، مما جعل بعض الباحثين يعدون كتاب البدء والتاريخ من أهم المصادر الأولى لمقالات الفلاسفة والفرق الإسلامية، بل كان مصدراً رائداً لبعضها.(5)
خامساً:عدم اقتصار المقدسي على النقل فقط، بل أحسن الانتقاء، وبرع في المناقشة والترجيح في كثير من المسائل التي طرحها، وكانت الطريقة العقلية، وإعمال الفكر أساسه في ذلك.(6)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص19. وكلمة المقدسي لا تنطبق على العلوم الشرعية التي مرجعها الكتاب والسنة، كما بين المقدسي نفسه، وقد مر ذكر ذلك في المطلب الماضي، وسيأتي مزيد بيان في الصفحة المقبلة.
(2) المرجع السابق، ج1 ص23.
(3) المرجع السابق، ج1 ص18– 55.
(4) سيأتي تفصيل ذلك في فصل مصادر المقدسي، ص 187 – 190، 212 – 215.
(5) حسن إبراهيم حسن، الفاطميون في مصر، ص3، على سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، القاهرة، دار المعارف، الطبعة التاسعة، ج1 ص154، 531.
(6) انظر مواضع تلك المسائل والمناقشات: البدء والتاريخ، ج1 ص18– 52، ص96– 114. ج2 ص1-52. ج4 ص1-48. ج5 ص124-150.(1/73)
هذا، ولم يكن المقدسي من أولئك الفلاسفة الذين أطلقوا العنان للعقل، وللأفكار الفلسفية دون مراعاة لثوابت دين الإسلام، وما جاء به القرآن والسنة، بل كان المقدسي - في الجملة - فيلسوفاً إسلاميا ملتزماً طريق الوحي - كما أعلن ذلك مراراً (1).
ويدل على ذلك أنه:
أولاً: قد أبلى بلاءً حسناً في إثبات العقائد الإسلامية بالحجج العقلية والنقلية.(2)
ثانياً: ذب عن الإسلام شبه الباطنية.(3)
ثالثاً: نقد كثيراً من أقوال أهل الملل والنحل.(4)
رابعاً: عرض شرائع الإسلام الفرعية بطريقة عقلية راقية، مبيناً مقاصدها السامية، ودافعاً الشبه عن إيجابها.(5)
ثانيًا: العلوم التي برز فيها المقدسي
لن يتكلف القارئ لكتاب البدء والتاريخ كبير عناء حتى يدرك أن المقدسي كان واسع الاطلاع، متعدد الثقافة، قد ضرب في كل علم بسهم. وسيلاحظ أيضاً: أن المقدسي لم يكن مجرد ناقل عن أهل تلك العلوم فقط، بل كان له منهج في الانتقاء، والنقد لبعض ما يذكره. ولا يعني تميزه في التاريخ والفلسفة أنه لم يكن مميزاً في غيرها، بل إنه قد نبه في علوم أخر، ولعل ذلك نابع من صفاته الشخصية التي اتسمت بحب الاطلاع، والبحث عن المجهول. ونابع أيضاً من روح العصر التي سادت القرن الرابع الهجري، خاصة تلك الروح الانفتاحية المتنوعة المشارب الثقافية.
ومن أهم العلوم التي برز فيها المقدسي بعد التاريخ والفلسفة:-
التفسير وعلوم القرآن
__________
(1) قد مر ذكر بعض ذلك في المطلب السابق، وانظر أيضاً: المرجع السابق، ج1 ص 135، 162،167، 172، 176، 197. ج2 ص6،8،21،80،149،155،194. ج3ص13،43،47،62،72.
(2) البدء والتاريخ، ج1ص86-93، 115-135.وسيأتي مزيد بيان عن ذلك بالفصل الخامس ص351- 354.
(3) سيأتي تفصيل ذلك في الفصل القادم ص 136.
(4) المرجع السابق، ج4 ص2-48. ج5 ص121-150.
(5) المرجع السابق، ج5 ص46-55.(1/74)
قد سبق التنويه على كتابه "معاني القرآن" (1) الذي يبدو أنه كان ضخماً جامعاً لفنون التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي، حيث ذكر المقدسي أنه استقصى فيه معاني كلمات القرآن وإعرابها، وأسباب النزول، واختلافات المفسرين بما فيه كفاية وشفاء. (2) وبالنظر إلى كتابه الذي بين أيدينا – كتاب البدء والتاريخ – نرى أن المقدسي قد أعرب عن بعض علمه بالتفسير، حيث أكثر من الروايات عن المفسرين بالمأثور، (3) وكانت له اجتهادات برأيه أيضاً في بعض المواطن. (4) وأظهر اهتماماً واضحاً بأسباب نزول الآيات، (5) لما لها من أهمية خاصة عند المفسرين والمؤرخين على السواء.وبدا في بعض المواطن اطلاعه على شيء من علم القراءات. (6)
الحديث والآثار
__________
(1) راجع مطلب: مؤلفات المقدسي، ص 84.
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص23، 93، 96. ج3 ص78، 96،100، 125، 187.
(3) انظر: فصل مصادر المقدسي، ص 172، 216 - 219.
(4) البدء والتاريخ، الفصل العاشر، ج3 ص1-137. وانظر أيضاً ج2 ص24، 101. ج4 ص164.
(5) المرجع السابق، ج1ص72،79. ج4 ص168،170،193،196،200،206،211،212،213.
(6) المرجع السابق، ج3 ص15.(1/75)
تدل كثرة الأحاديث النبوية، والآثار عن الصحابة، ومن بعدهم، في كتاب البدء والتاريخ على سعة اطلاع المقدسي، واهتمامه بعلم الحديث، خاصة أنه قد عدد طرق نقلها ومصادرها.(1) ولم تكن همة المقدسي مصروفة للجمع والانتقاء فقط، بل كانت له آراء نقدية شملت بعض المتون والأسانيد. (2) وبرغم أنه لم يجعل الروايات المسندة أساساً لتوثيق أخباره لكنه قد روى بعض الأحاديث والآثار مسندة، (3) اعترافاً منه بأهمية الأسانيد، وإظهاراً لقيمته كراوٍ للحديث، وتشرفاً بالأسانيد المتصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
اللغة والأدب
ضمّن المقدسي كتابه جملاً وكلمات غير عربية من لغات أخرى، مثل: العبرية، (4) والفارسية، (5) وغيرهما، (6) وأشفع بعض ذلك بذكر ترجمتها بالعربية. والذي يبدو أنه كان على دراية كبيرة بالفارسية، لأنه عاش في موطنها، وفي زمن قد أحييت فيه الفارسية مرة أخرى، أما عن اللغة العربية: فقد نقل المقدسي عن بعض رجالها، ومصادرها جملاً، وبدا في بعض المواطن مبدعاً في النثر، لكنه لم يُبن عن نفسه جيداً إلا في باب الشعر حيث أكثر منه جداً، وتميز في الشعر القديم، والشعر التاريخي. (7) ويبدو أنه كان يعرف نظم الشعر؛ حيث أنشد لنفسه أبياتاً. (8)
الجغرافيا
__________
(1) سيأتي بيان ذلك في مصادر المقدسي، ص 173 – 186، 216 - 219.
(2) سيأتي بيان ذلك في منهج النقد التاريخي، ص 323 - 326
(3) قد مر ذكرها في مطلب: شيوخ المقدسي، ص 54 - 60
(4) البدء والتاريخ، ج5 ص30-33.
(5) المرجع السابق، ج2 ص46. ج3 ص138، 173.
(6) المرجع السابق، ج1 ص63-65. ج3 ص84،176،209.
(7) انظر الفصل الثاني، ص 131 - 132. والفصل الثالث، ص 220 - 226.
(8) المرجع السابق، ج5 ص147.(1/76)
يعد تخصيص المقدسي لفصل كامل عن الجغرافيا خير دليل على اهتمامه بها، وعلمه بأصولها، وإدراكه لأهميتها للمؤرخ. (1) وقد أظهر المقدسي في هذا الفصل معرفته بالجغرافيا الفلكية التي أسستها المدرسة اليونانية، حيث مضى على نهجها في تقسيم العالم إلى سبعة أقاليم. أما عن الجغرافيا الوصفية: فقد كانت مادتها شحيحة بعض الشيء لكنه ذكر أشياءً استفاد منها من بعده، (2) وأردف بالفصل الجغرافي معلومات قيمة عن المساجد المشهورة، والرباطات، والمدن، وغير ذلك. (3) هذا بخلاف بعض المعلومات التي نقلها من المصادر الجغرافية.(4)
الفلك والنجوم
كان المقدسي على دراية بطرق الحساب الزمني حتى عند الهنود (5) وكان من المؤرخين الذين اعتمدوا ونقلوا تحديدات عن أهل التنجيم. (6) ومن دلائل علمه بالنجوم ما ذكره من عمله على تأليف كتاب في ذكر النجوم وما يصح فيها. (7) وكذلك كثرة نقولاته عن أهل التنجيم، خاصة في الفصل السابع. (8)
رابعاً: آراء المقدسي التربوية
ضمّن المقدسي كتابه آراءً سديدةً في التربية والتعليم، تكشف عن عمق نظرة الرجل، وواسع تجربته العلمية والتربوية، ودارت أهم آرائه التربوية حول الأمور الآتية:-
شروط العلم والتعلم وكيفية التحصيل
ذكر المقدسي ذلك في مقدمة كتابه بعبارات رائقة تضمنت شروطاً سبعة تعد منارات لطلاب العلم والباحثين فيه.
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص49-104.
(2) كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ص245-246.
(3) البدء والتاريخ، ج4 ص81-104.
(4) المرجع السابق، ج2 ص8،43،154. ج4 ص19،61،64،95،97.
(5) البدء والتاريخ، ج2 ص146، كراتشكوفسكي، المرجع السابق، ص245.
(6) المرجع السابق، ج3 ص126، شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص326-327
(7) المرجع السابق، ج2 ص14.
(8) وهو بعنوان " خلق السموات والأرض وما فيهما ".انظر: البدء والتاريخ، ج2 ص1-73. وانظر أيضاً ج2 ص153،236. ج3 ص18،126،209.(1/77)
1. التجرد لطلب العلم. يقول المقدسي " ويأبى العلم أن يضع كنفه أو يخفض جناحه أو يسفر عن وجهٍ إلا لمتجرد له بكليته، ومتوفر عليه بأينيته ".
2. الذكاء والسداد. "معان بالقريحة الثاقبة، والرؤية الصافية، مقترناً به التأييد والتسديد "
3. الجد في طلب العلم. " قد شمر ذيله، وأسهر ليله، حليف النصب، ضجيع التعب ".
4. التدرج في التعلم" يأخذ مأخذه متدرجاً، ويتلقاه متطرفاً، لا يظلم العلم بالتعسف والاقتحام، ولا يخبط فيه عشواء في الظلام "
5. حسن الخلق" مع هجران عادة الشر، والنزوع عن نزاع الطبع "
6. قلة المخالطة وترك المجادلة " مجانبة الإلف، ونبذ المحاكلة(1) واللجاجة "
7. التأني وتدقيق النظر"وإجالة الراعي عن غموض الحق، والتأتي بلطيف المأتى، وتوفيقه النظر حقه من التمييز بين المشتبه والمتضح، والتفريق بين التمويه والتحقيق، والوقوف عند مبلغ العقول " ثم يختم المقدسي ذلك بقوله " فعند ذلك إصابة المراد، ومصادفة المرتاد، وبالله التوفيق والسداد " (2)
بين العلم والمال
أشار المقدسي إلى فرق جليل بين العلم والمال بين طيات حديثه قائلاً " فالعلم أفضل من المال، لأنه من السعادة اللازمة والمال من السعادة المفارقة " (3)
ذم التعالم والمتعالمين
شن المقدسي حملة شديدة على المتعالمين من أول سطر في كتابه ففضح أساليبهم، وبين مقاصدهم، وكيفية خداعهم الناس. وهو وإن كان يقصد في أكثر كلامه " الباطنية " لكنه أدخلهم ضمن المتعالمين، وسيأتي تفصيل الحديث عن الباطنية.(4)
__________
(1) التَحَكُل: اللجاج بالجهل. انظر: الفيروزأبادي، القاموس المحيط،مادة " حكل "، ص986.
(2) البدء والتاريخ، ج1 ص 4-5 وانظر أيضاً: متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ج1 ص302-303، حورية عبده سلام، دراسات في تاريخ الدولة الإسلامية والمشرق، ص117-118.
(3) البدء والتاريخ، ج1 ص117.
(4) انظر الفصل الثاني، ص 136.(1/78)
أما الآن فنأخذ بعض ما يخص المتعالمين عامة:-
1. التحذير من المناظرة بلا علم.
يقول المقدسي " وإن من عظيم الآفة على عوام الأمة تصديقهم لمناظرة من ناظرهم بما تخيل في أوهامهم، وانتصب في نفوسهم من غير ارتياض بطرق العلم ولا معرفة بأوضاع القول، ولا تحكك بأدب الجدل..."(1)
2. ذم طلب العلم للمباهاة
يقول المقدسي "ومن أعظم ذلك على أرباب القلانس وأصحاب المجالس الذين طلبهم العلم لا لله ولا لأنفسهم ولكن للتصدر والتقدم"(2)
3. بيان غاية المتعالمين وطريقهم في الطلب.
يقول المقدسي " شحنوا صدورهم بترهات الأباطيل وضيعوا نفوسهم بالأسمار والأساطير...... والحديث لهم عن جمل طار أشهي إليهم من الحديث عن جمل سار، ورؤيا مرئية آثر عندهم من رواية مروية "(3)
4. ذم القصاص.
انتقد المقدسي القصاص في مواضع عدة من كتابه، ومن أهم ما يوضح ذلك اشتراطه أن يخلو كتابه من " تزاوير القصاص "(4) وقال في موضعٍ آخر " وفي كتب قصاص المسلمين أشياء يضيق الصدر عنها "(5)
الباب الأول
الفصل الثاني
كتاب البدء والتاريخ وقيمته العلمية
ملامح عن كتاب البدء والتاريخ
القيمة العلمية لكتاب البدء والتاريخ
ملامح عن كتاب البدء والتاريخ
أولاً: اسم الكتاب
ثانيًا: وقت تأليف الكتاب
ثالثًا: مؤلف الكتاب والتحقيق أنه للمقدسي
رابعًًا: سبب تأليف الكتاب و لمن ألفه ؟
خامسًًا: الغرض من تأليف الكتاب وصفته وشرطه
سادسًًا: محتويات الكتاب وترتيب مواده
سابعًًا: مخطوطات الكتاب وطبعاته وترجماته
ثامنًًا: ناشر الكتاب وهل نشر الكتاب كله؟
أولاً: اسم الكتاب
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص1.
(2) المرجع السابق، ج1 ص3.
(3) المرجع السابق، ج1 ص4.
(4) المرجع السابق، ج1 ص6.
(5) المرجع السابق، ج2 ص47.(1/79)
لا يوجد لدى الباحث أدنى شك أن اسم الكتاب هو "البدء والتاريخ" حيث صرح المقدسي بذلك في مقدمة الكتاب فقال:" وقد وسمت هذا الكتاب بكتاب البدء والتاريخ ".(1) وكذا ذكره أبو منصور الثعالبي،(2) ومضى على ذلك أكثر الباحثين.(3) لكن بعض الباحثين ذكره باسم " بدء الخلق والتاريخ ".(4) ويرى الباحث أن هذا خطأ بلا شك لمخالفته ما سماه به صاحب الكتاب. وقد يعتذر لهم بأنهم قد فسروا كلمة " البدء " فذكروه باسم " بدء الخلق ". والحق أنه اعتذار غير مقبول إذ الأسماء تذكر بنصها لا بمعناها.
ثانيًا: وقت تأليف الكتاب
قد أراحنا المقدسي عناء بحث ذلك إذ صرح بأنه ألفه سنة 355 هـ966 م. حيث قال في مقدمته وهو يعدد موضوعات كتابه "وجمعت ما وجدت في ذكر مبتدأ الخلق، ومنتهاه وما روى عن أمر الخلفاء من لدن قيام الساعة إلى زماننا هذا، وهو سنة ثلاثمائة وخمس وخمسين من هجرة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم "(5).وقال في موضع آخر "ومن الهجرة إلى يومنا هذا وهو سنة خمس وخمسين وثلاثمائة" (6).
لكن المقدسي قد بدا له إلحاق بعض الأخبار بالكتاب فيما بعد، حيث قال" وقد ظهر في نواح يقال لها خشباجي معدن الذهب يحفرون الآبار،ويخرجون من التراب الذهب، وظهر هذا في سنة تسعين وثلاثمائة، وزيد هذا الفصل في هذا الكتاب لأنه من العجائب" (7).
ثالثاً: مؤلف الكتاب والتحقيق أنه للمقدسي
__________
(1) البدء والتاريخ،ج1 ص8.
(2) غرر أخبار ملوك الفرس، ص501.
(3) منهم على سبيل المثال: سركيس، معجم المطبوعات، ص241، عمر كحالة، معجم المؤلفين، ج3 ص891، سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج2 ص187.
(4) بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج3 ص62، جواد على، موارد تاريخ الطبري، ص151، عبد المنعم ماجد، العصر العباسي الأول، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الثانية، 1979م، ص400.
(5) البدء والتاريخ، ج1 ص 6.
(6) المرجع السابق، ج2 ص152.
(7) المرجع السابق، ج4 ص 78.(1/80)
ظل البدء والتاريخ قروناً لا يعرف مؤلفه الحقيقي حتى نسب إلى أبي زيد أحمد بن سهل البلخي (ت322هـ 933م)، لكن ثبت أخيراً أنه للمقدسي. وسنعرض لمن نسبه للبلخي، ولماذا نسبه له، ثم من نسبه للبلخي والمقدسي معاً، ثم من نسبه للمقدسي فقط، ثم من رجح أنه للمقدسي دون البلخي مع ذكر براهين ذلك.
القائلون أن مؤلفه هو البلخي
أقدم من نسب البدء والتاريخ لأبى زيد البلخي هو ناسخ مخطوطة الكتاب حيث جاء في أولها "كتاب البدء والتاريخ بتمامه وكماله صنعه الإمام العلامة أفضل العقلاء أبو زيد البلخي رضي الله عنه و أرضاه" (1) وتبعه على ذلك ابن الوردي (ت749هـ 1348م)(2) في كتابه "خريدة العجائب وفريدة الغرائب".(3) وتبعه أيضاً صاحب كشف الظنون،(4) وهيار ناشر الكتاب. والذي يظهر أن سبب التسمية يرجع إلى خطأ وقع فيه الناسخ إذ أنه من غير الممكن أن يكون البلخي هو مؤلف البدء والتاريخ، كما سيأتي.
القائلون أنه للمقدسي
__________
(1) هيار، المقدمة الفرنسية لكتاب البدء والتاريخ،ص1، بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج3 ص62.
(2) هو أبو الفوارس عمر بن مظفر بن عمر المعرى الحلبي الشافعي، فقيه أديب مؤرخ مصنف،من مؤلفاته : "تتمة المختصر في أخبار البشر لأبى الفداء"، "وديوان شعر". توفي بحلب وقد جاوز الستين. انظر:ابن العماد، شذرات الذهب، ج8، 275 -276، كحالة، معجم المؤلفين، ج2 ص 580.
(3) خريدة العجائب وفريدة الغرائب، القاهرة، مطبعة شقرون، ص 242.
(4) حاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ج1ص227.(1/81)
أقدمهم الثعالبي، (1) ثم محمد بن عبد الله الفارسي، (2) كما مر.(3) ثم زتنبرج، (4) ثم هيار بعد أن اطلع على ما ذكره زتنبرج. (5)
ثم مضى على ذلك عامة الباحثين المعاصرين إلا القليل منهم. (6)
القائلون بأنهما كتابان: واحد للبلخي وآخر للمقدسي
وهذا من الغرائب، إذ قال أحد الباحثين " ألف أبو زيد أحمد بن سهل البلخي المتوفى 322هـ933م كتاب البدء والتاريخ الذي يقع في ستة أجزاء، كما ألف أبو نصر المطهر ابن المطهر المقدسي المتوفى( 355هـ 966م) (7) كتاباً مماثلاً لكتاب البلخي في الاسم وهو البدء والتاريخ " (8) ويرى الباحث أن هذا الخطأ نشأ من نشر الكتاب باسم البلخي تارة وباسم المقدسي تارة أخرى، أو لأن البعض نسبه لهذا والبعض لذاك. والحق أن كلا الأمرين لا يجبر كسر هذا الخطأ الفادح.
الذين نسبوا الكتاب للبلخي والمقدسي معاً
__________
(1) غرر أخبار ملوك الفرس، ص501.
(2) بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج3 ص62.
(3) راجع: توضيح لابد منه، ص 33 -35.
(4) H. Zotenberg, Preface, Histoire Des Rois Des Perses, xxi.
(5) Litterature arabe, 282 – 283
(6) منهم: خليل عمران المنصور، واضع حواشي كتاب البدء والتاريخ، نشر دار الكتب العلمية بيروت، حيث نسبه للبلخي، وقدم له بمقدمة ترجم فيها للبلخي. انظر: البلخي، البدء والتاريخ، بيروت، دار الكتب العلمية، 1417هـ 1997م، ص3 - 5.
(7) هذا نص كلام الباحث، وإلا فقد رجحنا أن المقدسي لم تكن وفاته إلا بعد 390هـ. راجع وفاة المقدسي ص 72 –73.
(8) أحمد رمضان أحمد، تطور علم التاريخ الإسلامي حتى نهاية العصور الوسطى، ص150.(1/82)
وهذا ما جاء في أحد طبعات الكتاب، فعلى الغلاف الخارجي أنه للمطهر، وعلى الصفحة الأولى أنه للبلخي. (1)وقد ذكر بعض الباحثين ما يشبه هذا فقال في قائمة المصادر" البلخي أبو زيد، كتاب البدء والتاريخ....... ينسب إلى المطهر بن طاهر المقدسي"(2)
المرجحون أنه للمقدسي دون البلخي
يعد زتنبرج وهيار صاحبي الفضل الأول في إثبات نسبة الكتاب للمقدسي وتصحيح الخطأ الشائع أنه للبلخي، (3) وقد أيدهما وتابعهما على ذلك الكثير من الباحثين. (4)
وقد استندا في إثبات نسبة الكتاب للمقدسي دون البلخي على ما ذكره الثعالبي في الغرر. وأن أبا زيد البلخي توفي (322هـ 933م) والكتاب ألف( 355هـ 965م). وأن كتاب البدء والتاريخ لم يذكره صاحب الفهرست في قائمة مصنفات البلخي. (5) وأنه قد ذكر مؤلف البدء والتاريخ أن له كتاباً يدعى " العلم والتعليم " وهذا الكتاب ليس في مصنفات البلخي. (6)
ويرى الباحث أن يضاف إلى ذلك:-
ما نقله ياقوت عن المقدسي. (7) وما نقله بروكلمان عن كتاب بيان الأديان لمحمد بن عبد الله الفارسي. وأن المؤلفات التي ذكرها المقدسي في البدء والتاريخ، وهي كتاب "المعدلة"، " الديانة والأمانة "، " النفس والروح "، "معاني القرآن "، " ذكر النجوم ". ليست ضمن قائمة كتب البلخي. (8)
__________
(1) وهذه الطبعة هي التي اعتمدت عليها طبعة دار صادر المصورة عن نشرة باريس.
(2) محمد ماهر حمادة، المصادر العربية والمعربة، ص309.
(3) قد مر منذ قليل ضمن " ثانياً: القائلون بأنه للمقدسي "
(4) منهم: حسن إبراهيم حسن، الفاطميون في مصر، ص3، كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي، ص243، 244. سركيس، معجم المطبوعات، ص 241، سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج2 ص187.
(5) ابن النديم، الفهرست، ص 190-191.
(6) البدء والتاريخ، ج1 ص19، ابن النديم، الفهرست، ص 190-191.
(7) معجم البلدان، ج 3 ص 79.
(8) انظر: مطلب مؤلفات المقدسي ص 66 - 68.(1/83)
الى جانب أن أحداثاً تاريخية ذكرت في كتاب البدء والتاريخ قد وقعت بعد وفاة البلخي، مثل مبايعة الخلفاء: الراضي، والمتقي، والمستكفي، والمطيع. (1) ومثل: استخراج الذهب من قرية خشباجي سنة 390هـ. (2)
وأمام تلك الأدلة تبقى شبهة لمن ينسب الكتاب للبلخي، وهي ما جاء على صدر المخطوطة. لكننا نستطيع الآن أن نجزم أن الناسخ قد أخطأ في نسبته للبلخي.
رابعاً: سبب تأليف الكتاب ولمن ألفه ؟
قد أوضح المقدسي في مقدمة الكتاب أنه شرع في تأليفه بأمر من سيده "فلان"(3) دون أن يسميه، أو يذكر شيئاً عنه، أو عن وظيفته، ولو تلميحاً.
والذي يبدو أن المقدسي تعمد ذلك خوفاً من أعداء هذا الرجل، حيث كانت سجستان تعيش حالة من الصراع السياسي. ولعل المقدسي قد ألمح إلى ذلك في معرض حديثه عن غرض سيده من تأليف الكتاب إذ قال " ورداً لكيد مناويه "(4) وأشار في موضع آخر إلى الاضطراب السياسي بإقليمه بقوله "وتشوش أحوال مالكيها "(5) والمقدسي إذ أخفى هوية سيده، ومنصبه ليس بدعاً في ذلك حيث سبقه بعض المؤلفين. (6) لكن يبقى السؤال قائماً:
لمن ألف المقدسي هذا الكتاب ؟
أجاب هيار على هذا السؤال - و تبعه على ذلك بعض الباحثين (7) - أنه ألف لأحد وزراء الدولة السامانية. (8)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 6 ص126.
(2) المرجع السابق، ج4 ص78.
(3) المرجع السابق، ج1 ص5.
(4) المرجع السابق، ج1 ص6.
(5) المرجع السابق، ج3 ص209.
(6) ناجى التكريتي، الفلسفة السياسية عند ابن أبى الربيع مع تحقيق كتابه سلوك المالك في تدبير الممالك، بيروت، دار الأندلس 1403هـ 1983م، ص9، ص86.
(7) بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج3 ص63، كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ص244.الموسوعة الفلسطينية، القسم الأول ص 229.
(8) Litterature arabe, 282(1/84)
ولا أعلم مصدراً لهيار إلا أن يكون اطلع على ذلك في كتاب بيان الأديان، أو أنه من قبيل الاجتهاد من خلال مراجعة تاريخ هذه المنطقة عام تأليف الكتاب 355هـ. وعلى كلا الاحتمالين فإن الباحث لا يطمئن لصحة ذلك لأن المقدسي - على الراجح، وهذا ما ذكره هيار نفسه – كان ببست بسجستان، ووزير السامانيين يستبعد جداً وجوده بها، وذلك لسببين:
أولهما: أنها حينئذ لم تكن في قبضة السامانيين حيث إنها عام 355هـ كانت بين خلف بن أحمد، وطاهر بن الحسين يتحاربان من أجل السيطرة عليها، وإن كانت المصادر – للأسف – لم تسعفنا ببيان وضع الإقليم عام 355هـ تحديداً، هل كان في قبضة خلف أم طاهر ؟ وأياً كان حاكمها فلن يتغير في الأمر شيء، لأن خلف بن أحمد كان يحكم الإقليم معلناً التبعية للسامانيين تبعاً لوالده الذي استقل بالإقليم - كما مر- وكانت تلك التبعية اسمية فقط ليؤمن جانبهم. أما طاهر فإنه خرج على تلك التبعية واستقل بالإقليم منفرداً عن خلف والسامانيين، فلماذا إذن يأتي وزير السامانيين ويستوطن بست أو سجستان؟
ثانيهما: أنه من المعروف أن الوزير كان يصحب الخليفة أو الوالي في عاصمة ملكه فكيف ولماذا يترك وزير السامانيين عاصمتهم بخارى ويستوطن سجستان ؟؟
وعلى ذلك فإن الباحث يميل إلى أن سيد المقدسي الذي من أجله ألف كتاب البدء والتاريخ لا يتعدى أحد رجلين: إما خلف بن أحمد، وإما طاهر بن الحسين، لأنهما كانا صاحبي الكلمة على الإقليم في ذلك الوقت. ولعل الميل إلى ترجيح خلف بن أحمد له مبرر ظاهر يبرز عند مطالعة ترجمته التي احتوت على اشتغاله بالعلم، وتقريبه للعلماء ومحبته لهم.(1/85)
لكن يعكر على ذلك أنه لم يكن ثمة مانع للمقدسي من إظهار اسم خلف، وأنه كان هو الآمر بتأليف الكتاب، ولو بعد حين، لأن خلفاً هو الذي آل إليه حكم سجستان، وصار السيد المطاع بها حتى عام 393هـ. خاصة أن المقدسي قد أعاد النظر في كتابه بعد أكثر من خمس وثلاثين سنة وأضاف إليه أشياء. وهذا الأمر نفسه هو ما يجعلني أميل إلى أن المقدسي كتب هذا الكتاب لطاهر بن الحسين لأنه قد توفي 359هـ ولم يفلح ابنه في الحفاظ على ملك أبيه فسيطر خلف على الأمور - كما مر - وطاهر كان عدواً لخلف فكان من الحرج إعلان المقدسي أنه كتب هذا الكتاب لطاهر، وهو تحت سلطان - عدوه القديم - خلف بن أحمد.
خامساً: الغرض من تأليف الكتاب وصفته وشرطه
قد علمنا أن المقدسي قد أمره سيده بتأليف هذا الكتاب، بقى أن نعلم غرض سيده من تأليف الكتاب، وما الصفة التي أرادها له ؟ وهل وافق ذلك الأمر رغبةً عند المقدسي، أم أنه كان مكرهاً غير راغب في تأليفه ؟ وما الذي اشترطه المقدسي على نفسه ؟ ولعلنا نصل إلى إجابة تلك الأسئلة من خلال النصين الآتيين:
قال المقدسي في مقدمة كتابه
"ولما نظر فلان أطال الله في طاعته بقاه، وبلغ من العلوم مناه،إلى أحوال هذه الطبقة (1)، وما قد يقسمهم من الهمم وتوزعهم من أنواع النحل، وتصفح مذاهبهم، اشتاقت نفسه إلى تحصيل الأصح من مقالتهم، وتمييز الأصوب من إشاداتهم، فأمرني - لازال أمرُه عالياً، وجده صاعداً - أن أجمع له كتاباً في هذا الباب، منحطاً عن درجة العلو، خارجاً عن حد التقصير، مهذباً من شوائب التزيد، مصفي عن سقاط الغسالات، وخرافات العجائز، وتزاوير القصاص، وموضوعات المتهمين من المُحْدَثين، رغبةً منه في الخير- الذي
__________
(1) يقصد الذين وصفهم في كلام سابق وهم: الزائغون المتعالمون المنحرفون المشككون في الإسلام وشرائعه وهم الباطنية.(1/86)
طبعه الله عليه – وامتعاضاً (1) للحق، ومناضلةً عن الدين، واحتياطاً له، وذباً عن بيضة الإسلام، ورداً لكيد مُناويه...... فتسارعت إلى امتثال ما مثل، وارتسام ما رسم، وتتبعت صحاح الأسانيد، ومتضمنات التصانيف"(2)
وقال أيضاً في موضع آخر
"ولم يزل أهل الفضل والتحصيل من العلماء والعظماء والملوك في قديم الزمان وحديثه يرغبون في تخليد ذكرهم، ويتنافسون في إبقاء رسمهم، ويحرصون أن يورثوا من بعدهم ما يؤثر عنهم، من منقبة حميدة، وحكمة بليغة، ترغباً في اقتناء الفضل، واعتقاد الذخائر، توخياً منهم لعموم نفع الخير، و تحرياً لشمول الصلاح والرشد،....... فهذا الذي دعا فلاناً - أدام الله تمكينه - إلى الاقتداء بهم، والارتياح إلى الأخذ بأخذهم، والتأسي بأسوتهم لما خصه الله به من كريم الطبع، وشرف الهمة، وبعد الغور، وبغية الصلاح، وحب الخير ثم ما يرجوه من حسن الثواب، وكريم المآب، بما عسى الله أن يبصر به مستنصراً، أو يرشد مسترشداً، ويهدي ضالاً، ويرد غاوياً "(3)
من هذين النصين نستفيد:
أولاً: سبب تأليف الكتاب هو أمر من سيد المقدسي، وقد مر.
ثانياً: صفة الكتاب الذي أمر به ذلك السيد هي أن يكون: جامعاً لأصح المقالات وأصوبها.
متوسط الحجم، منحطاً عن درجة العلو خارجاً عن حد التقصير. مهذباً عن الخرافات والموضوعات من الروايات.
ثالثاً: هدف سيده من تأليف الكتاب. الذب عن بيضة الإسلام و الرد على أعدائه. والاقتداءً بمن سبقه من أهل الفضل. والرغبة في تخليد ذكره. ورجاء ثواب الله تعالى.
رابعاً: ترحيب المقدسي وامتثاله للأمر.
__________
(1) هكذا في الاصل، ولم أجد لها معنى في اللغة.
(2) البدء والتاريخ، ج1 ص 5 - 6.
(3) المرجع السابق، ج1 ص7-8.(1/87)
خامساً: شرط المقدسي الذي أوجبه على نفسه. امتثال ما أمره به سيده، وعلى ذلك صار ملتزماً بالصفات الثلاث السابق بيانها في "ثانياً" وأضاف إليها أمراً رابعاً، وهو: أن يتتبع صحاح الأسانيد، ومتضمنات التصانيف.
سادساً: محتويات الكتاب وترتيب مواده
قد ذكر المقدسي آخر المقدمة محتويات كتابه، فسنذكرها بلفظه مع التصرف فيها بالاختصار، ثم نتبع ذلك بعض ملاحظات على ترتيب هذه المحتويات.
قال المقدسي " وهو مشتمل على اثنين وعشرين فصلاً يجمع كل فصل أبوابا وأذكارا من جنس ما يدل عليه.
الفصل الأول: في تثبيت النظر وتهذيب الجدل.وهو يجمع القول في معنى العلم والجهل.... والقول في العقول والمعقول، والقول في الحس والمحسوس..... والقول في الحد، والدليل، والعلة، والمعارضة، والقياس، والنظر، والاجتهاد.....
الفصل الثاني: في إثبات الباري و توحيد الصانع وهو يجمع الدلائل البرهانية والحجج الاضطرارية، والقول في جواب من يقول: ما هو؟ ومن هو؟ وكيف هو؟ والقول بأن البارئ واحد وفرد لا غير، والقول بإبطال التشبيه.
الفصل الثالث: في صفات الباري وأسمائه.وهو يجمع القول في الصفات والقول في الأسامي، وما يجوز أن يوصف به، وما لا يجوز واختلاف الناس فيه.
الفصل الرابع: في تثبيت الرسالة وإيجاب النبوة. وهو يجمع اختلاف الناس فيه وإيجابه بحجة العقل، والقول في كيفية الوحي والرسالة على ما جاء في الأخبار.
الفصل الخامس: في ذكر ابتداء الخلق. وهو يجمع إيجاب حدث الخلق، وإيجاب ابتدائه بالدلائل والحجج....وذكر ما خلق في العالم العلوي من الروحانيات، وأول ما خلق في العالم السفلي من الجسمانيات، وسؤال السائل: مم خلق الخلق ؟ وفيم خلق؟ وكيف خلق؟ ومتى خلق ؟ ولم خلق ؟(1/88)
الفصل السادس: في ذكر اللوح، والقلم، والعرش، والكرسي، وحملة العرش، والملائكة....وذكر ما جاء في الحجب، و ما جاء في سدرة المنتهي، وذكر الجنة والنار.......وذكر الصراط، والميزان، والحوض، والصور، والأعراف وغيرها.
الفصل السابع: في خلق السماء والأرض. وهو يجمع صفة السموات، وصفة الفلك.... وصفة الكواكب والنجوم، وصفة صورة الشمس، والقمر، والنجوم...وانقضاض الكواكب...... وذكر الرياح، والسحاب، والأنواء، والرعد، والبرق.... والزلازل، وذكر الليل والنهار، وذكر الأرض وما فيها، واختلافهم في البحار، والمياه، والأنهار والمد، والجزر، والجبال... وذكر ما حكي في المدة قبل خلق الخلق، وذكر مدة الدنيا قبل آدم - عليه السلام -، وذكر خلق الجن والشياطين، وذكر ما وصفوا من عدد العوالم.
الفصل الثامن: في ظهور آدم وانتشار ولده. وهو يجمع اختلاف الفلاسفة في تأليف الحيوانات....وذكر آدم، وذكر اختلاف أين خلق آدم، وذكر سجود الملائكة لآدم، وذكر قوله عز وجل وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأسْمَآءَ، وذكر دخول آدم الجنة وخروجه منها، وذكر أخذ الذرية من ظهر آدم، وذكر اختلاف الناس في آدم و قصته، وذكر صورة آدم وخبر وفاته، وذكر الروح والنفس والحياة....
الفصل التاسع: في ذكر الفتن والكوائن إلى قيام الساعة، وما ذكر من أمر الآخرة..... وذكر ما جاء في مدة الدنيا، وكم مضى منها؟ وكم بقي منها؟ وذكر التاريخ من لدن آدم إلى يومنا هذا على ما وجدناه في كتب أهل الأخبار، وذكر ما بقى من العالم مدة أمة محمد صلى الله عليه وسلمفيما رواه أهل الأخبار، وذكر ما جاء في أشراط الساعة وعلاماتها، وذكر الفتن والكوائن إلى آخر الزمان............. وذكر يوم القيامة...
الفصل العاشر: في ذكر الأنبياء والرسل عليهم السلام، ومدة أعمارهم، وقصص أممهم، وأخبارهم على نهاية الإيجاز والاختصار.(1/89)
الفصل الحادي عشر: في ذكر ملوك العجم، وما كان من مشهور أيامهم إلى مبعث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
الفصل الثاني عشر: في ذكر أديان أهل الأرض ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم من أهل الكتاب وغيرهم، وهو يجمع ذكر المعطلة، وذكر أصناف الهند و شرائعهم و مللهم وأهوائهم، وذكر أهل الصين، وذكر ما حكي من شرائع الترك، وذكر شرائع الحرانيين، وذكر أديان الثنوية، وذكر عبدة الأوثان، وذكر مذاهب المجوس، وذكر مذاهب الخرَّمية، وذكر شرائع أهل الجاهلية، وذكر شرائع اليهود والنصارى.
الفصل الثالث عشر: في ذكر أقسام الأرض ومبلغ أقاليمها، وهو يجمع ذكر الأقاليم السبعة، وذكر المعروف من البحار، والأودية، والأنهار، وذكر الممالك المعروفة..... وذكر المساجد والبقاع الفاضلة مثل: مكة والعراق، وذكر الثغور والرباطات وذكر ما حكي من عجائب الأرض وعجائب أصناف الناس، وذكر ما بلغنا من المدن، والقرى، ومن بناها، وأنشأها، وذكر ما جاء في خراب البلدان.
الفصل الرابع عشر: في أنساب العرب وأيامها المشهورة.
الفصل الخامس عشر: في مولد النبي، ومنشأه، ومبعثه إلى هجرته صلى الله عليه وسلم.
الفصل السادس عشر: في ذكر مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وعدد سراياه وغزواته إلى يوم وفاته.
الفصل السابع عشر: في صفة خلق رسول الله وخلقه، وسيرته، وخصائصه، وشرائعه، ومدة عمره، وذكر أزواجه، وأولاده، وقراباته، وخبر وفاته، وذكر معجزاته.
الفصل الثامن عشر: في أذكار أفاضل الصحابة، وأولى الأمر منهم من المهاجرين والأنصار، وذكر حلاهم، ومدة أعمارهم، وابتداء إسلامهم، وذكر أولادهم، ومن أعقب منهم ومن لم يعقب.
الفصل التاسع عشر: في اختلاف مقالات أهل الإسلام وهو يجمع ذكر فرق الشيعة، وفرق الخوارج، وفرق المشبهة، وفرق المعتزلة، وفرق المرجئة، وفرق الصوفية، وفرق أصحاب الحديث.(1/90)
الفصل العشرون: في مدة خلافة الصحابة وما جرى فيها من الفتوح والحوادث إلى زمن بني أمية، وهو يجمع خلافة أبى بكر- رضي الله عنه-، وما كان في أيامه من الردة والتنبي والفتوح، وخلافة عمر وما كان في أيامه من الفتوح، وخلافة عثمان، وما كان في أيامه من الفتوح، وخلافة على بن أبى طالب - رضي الله عنه - وما كان في أيامه من الفتن، وذكر الجمل، وصفين، والنهروان، وخروج الخوارج عليه، وذكر الحكمين، وخلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى أن غلب معاوية على الأمر.
الفصل الحادي والعشرون: في ذكر ولاية بني أمية على الإيجاز والاختصار، وما كان فيها من الفتن من فتن ابن الزبير، والمختار بن أبى عبيد، وهو يجمع قصة زياد وموت المغيرة، وعمرو بن العاص، ووفاة الحسن بن على - رضي الله عنهما - وأخذ معاوية البيعة ليزيد وولاية يزيد بن معاوية ومقتل الحسين بن على وقصة عبد الله بن الزبير، وذكر وقعة الحرة، وموت يزيد بن معاوية، وولاية معاوية بن يزيد، وذكر فتنة ابن الزبير إلى أن قتله الحجاج في ولاية عبد الملك بن مروان إلى آخر أيامهم.
الفصل الثاني والعشرون: في عدد خلفاء بني العباس من سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى سنة خمسين وثلاثمائة. (1)
ملاحظات على محتويات الكتاب وترتيب مواده
أولاً: قد ذكر المقدسي آخر المحتويات أنه سيذكر عدد الخلفاء بني العباس حتى سنة خمسين وثلاثمائة، مع أنه قد ذكر في صدر المقدمة أنه سيجمع في كتابه من أمر الخلفاء حتى زمانه هذا وهو سنة ثلاثمائة وخمس وخمسين من هجرة نبينا محمد - صلى الله عليه و سلم -.(2) وكان آخر الأحداث التي ذكرها فعلياً هو خلع المطيع لله لنفسه من الخلافة عام 334هـ. (3)
ثانياً: لماذا ابتدأ المقدسي كتابه بتلك المقدمات الفلسفية؟
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص6- 17.
(2) المرجع السابق، ج1 ص6.
(3) المرجع السابق، ج6ص126.(1/91)
قد أجاب المقدسي على هذا السؤال حيث قال "إنا لما جمعنا جمع ابتداء الخلق لم نجد بداً من تصحيح الحجاج في إيجاب ابتدائه ولم يصح لنا تثبيت ذلك إلا بإثبات مبديه سابقاً بخلقه، ولا أمكن إثباته إلا بعد بيان طرق التوصل إليه، فابتدأنا بذكر ذَرْو من حدود النظر والجدل، ثم إيجاب إثبات القديم المبدىء المعيد، ثم ابتداء الخلق، ثم ما يتلو ذلك فصلاً فصلاً، وباباً باباً،...... "(1) وقال المقدسي بعد أن انتهي من تلك المقدمات "هذه مقدمات قدمناها نظراً للناظر في كتابنا، وفهماً لمن احتاط لدينه، وتضرر من تمويه الملحدين، وتلبيس الممخرقين، وخطرات المجان، ووساوس الخلعاء......" (2)
وهذا الذي ذكره المقدسي لا يبدو مقنعاً، إذ كان يكفيه الإحالة على كتب أخرى متخصصة في تلك المقدمات، أو – إن كان ولابد فاعلاً – أن يشير إليها إشارات مختصرة دون أن يفرد لها تلك المساحة التي تبدو كبيرة بالنظر إلى موضوعات تاريخية اختصرها اختصاراً بدا مخلاً في بعض المواضع. (3) ولعله بحديثه عن تلك المقدمات قد خالف شرط الاختصار الذي قطعه على نفسه في تأليف هذا الكتاب. وليت الأمر انتهي عند الفصل الأول الذي قدمه بين يدي كتابه لكنه أفرد صفحات كثيرة في الفصول من الثاني إلى الخامس لمناقشة مسائل عقدية واختلافات بين الأديان والفرق الكلامية.
ثالثاً: أين خطبة الكتاب المشتملة على الحمد والثناء على الله تعالى؟
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص7.
(2) المرجع السابق، ج1 ص5.
(3) أخذت تلك المقدمات الفصل الأول كاملاً من ص 18 حتى ص 55 أي حوالي 38 صفحة في حين أنه تناول تاريخ خلفاء بني العباس من أبي جعفر المنصور إلى المطيع لله في 37 صفحة. انظر:المرجع السابق، ج6ص90 – 126.(1/92)
لأول وهلة ومع أول سطور الكتاب يلاحظ القارئ أن الكتاب لم يبدأ بالحمد والثناء على الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلمكما هي السنة المتبعة لدى عامة المؤلفين المسلمين، التي هي في الأصل إتباع للذكر الحكيم ومضياً على نهج الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -. وقد يظن أن المقدسي نسيها أو قالها سراً، لكن كل ذلك لم يكن، إنما أخرها المقدسي إلى أوائل الفصل الثاني المخصص لإثبات البارئ وتوحيد الصانع عن قصد ولحكمة رآها حيث قال – بعد إتمامها – " هذا التحميد الذي وجب أن نصدر به كتابنا أخرناه إلى حيث قد رأينا أنه أولى به وأليق"(1)
ومع كامل التقدير لوجهة نظر المقدسي، لكن الباحث لم يقنع بذلك إذ الأفضل المضي على نهج الكتاب والسنة فهو خير الهدي. ولم يكن هناك ثمة مانع من إعادة حمد الله والثناء عليه عز وجل مع بداية الفصل الثاني - ولو باختصار – فلله الحمد أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
سابعاً: مخطوطات الكتاب وطبعاته وترجماته
أولاً: المخطوطات
يوجد لكتاب البدء والتاريخ عدة مخطوطات، جميعها بتركيا:-
الأولى: داماد إبراهيم باشا، 918 جزء 1- 2 (228ورقة، 663هـ ).
الثانية: يوسف أغا في السليمانية 315 جزء 3 (156ورقة، 670هـ ) من أول الفصل السابع عشر إلى آخر الكتاب.
الثالثة: رئيس الكتاب 701 (226ورقة 1006هـ ).
الرابعة: أيا صوفية 3406 جزء 1 (218ورقة، القرن الثامن الهجري ) وهي صياغة مختصرة للكتاب. (2)
ثانياً : طبعات الكتاب
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص59.
(2) سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج2 ص187، علي الرضا قره بلوط وأحمد طوران قره بلوط، معجم التاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم (المخطوطات والمطبوعات)، تركيا، قيصري، دار العقبة، ج 5 ص 3769.(1/93)
خرج الكتاب في عدة طبعات أصلها الطبعة الأولى التي نشرها كلمان هيار – أو هوار – بباريس ما بين عامي( 1899م - 1907م) في ست مجلدات (1)، وعدد صفحاتها 1267صفحة، وتمتاز هذه الطبعة بـ :
1. ترجمتها باللغة الفرنسية.
2. قدم لها هيار مقدمة باللغة الفرنسية لكنها لم تترجم إلى العربية.
3. وضع خطوطاً فوق آيات القرآن الكريم، وفوق العناوين الفرعية.
4. ميز أبيات الشعر إلا نادراَ وضبطها وذكر البحر الذي وزن عليه الشعر.
5. ضبط بعض الكلمات بالشكل.
6. أثبت هيار الفروق في الألفاظ بين المخطوطة التي طبع عنها الكتاب وبين ما أورده ابن الوردي في خريدة العجائب. (2)
عيوب هذه الطبعة :-
1. وجود سقط في بعض المواضع (3) ولم ينبه الناشر إلا على واحد فقط (4)
2. مخالفة رسم المصحف الشريف في كتابة بعض الآيات. (5)
3. وجود أخطاء إملائية ونحوية. (6)
4. عدم نقط بعض الأحرف. (7)
5. عدم تطبيق قواعد علامات الترقيم بل انعدمت تلك العلامات في أغلب الكتاب، ونتج عنه عيب قبيح، وهو عدم تمييز كلام المقدسي عن كلام من ينقل عنه من المصادر.
6. ذكر أبيات شعرية دون تمييزها عن سياق الكلام النثري. (8)
ولعل وقوع هذه الأخطاء يرجع إلى:
__________
(1) وهذه الطبعة اطلعت عليها في دار الكتب المصرية.
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص55-61 ص64-96 ص158- 234.
(3) المرجع السابق، ج1 ص105 ج5 ص129، 137.
(4) المرجع السابق، ج5 ص187.
(5) المرجع السابق، ج1 ص147.
(6) المرجع السابق، ج1 ص52، 146، 147، 156، 206. ج4 ص195. ج5 ص188. وانظر أمثلة لذلك مع تصويبها في هذا البحث، ص 42، 55، 77، 164، 165، 172، 183، 186، 239، 259، 277، 287، 303، 306، 341، 343
(7) المرجع السابق، ج1 ص138.
(8) البدء والتاريخ، ج1 ص56. ج4 ص201.(1/94)
اعتماد الناشر على مخطوطة واحدة، وقواعد التحقيق تقضي حتمية الاعتماد على أكثر من مخطوطة للكتاب إلا إذا كان له مخطوطة وحيدة. وتوجه همة الناشر إلى نشر الكتاب، وترجمته، دون النظر إلى تحقيق نصه على القواعد العلمية المعتبرة عند أهل التحقيق. لكن ذلك لا يجعلنا نهضم الرجل حقه وفضله في إخراج هذا الكنز العلمي.
الطبعة الثانية والثالثة والرابعة وهي ليست طبعات مستقلة بل مصورة عن الطبعة الأولى لكن بدون نشر المقدمة والترجمة الفرنسية، وهذه الثلاث هي :-
أولاً: طبعة مكتبة المثنى، ببغداد عام 1965م، وتميزت بإلحاق ثلاثة فهارس عامة بالجزء السادس من الكتاب: فهرس للأعلام، وآخر للأماكن، وثالث للملل والنحل والأقوام. (1)
ثانياً: طبعة دار صادر ببيروت، وهي ستة أجزاء في ثلاث مجلدات(2) وقد أخذت فهارس مكتبة المثنى، وتلك الفهارس تحتاج إلى مزيد من الدقة(3)وهذا بخلاف فهرس للموضوعات عقب كل جزء من الثالث حتى السادس، أما الأول والثاني فلم يصنع لهما فهارس.
__________
(1) محمد عجاج الخطيب، لمحات في المكتبة والبحث والمصادر، ص269-270، محمد عيسى صالحية، المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، ج5 ص133.
(2) وهي الطبعة التي اعتمدت عليها.
(3) من دلائل ذلك أنه ذكر لابن إسحاق أربعين موضعاً في الكتاب مع أنني وقفت على أكثر من خمسة عشرة موضعاً لم يذكر في الفهارس وهي : ج1 ص149. ج2 ص2،84،153. ج3 ص28،75،81،179-182،106. ج4 ص131، 211ج5 ص58، 207. ومن الأخطاء في الفهارس عدم التفريق بين واقد بن عبد الله وبين الواقدي. وعدم التفريق بين أبى حذيفة بن عتبة، وأبى حذيفة إسحاق بن بشر.(1/95)
ثالثاً: طبعة مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، وهي ست مجلدات. ولم يلحق بهذه الطبعة الفهارس العامة الثلاثة المذكورة في التي قبلها لكنها تميزت بوضع فهرس موضوعات للجزئين الأول والثاني. ومن عجيب شأن هذه الطبعة أنها جعلت وفاة المقدسي507هـ(1).
الطبعة الخامسة: وهي آخر الطبعات، نشرتها دار الكتب العلمية ببيروت عام( 1417هـ 1997م) وتختلف هذه الطبعة في إخراجها عن سابقيها، حيث تميزت بـ
1. صف الكتاب كله في مجلد واحد مكون من جزأين فيسر ذلك حمله ونقله.
2. وضع علامات الترقيم.
3. تشكيل أكثر الكلمات.
4. تمييز الآيات القرآنية بخط مميز بارز، مع شفعها بذكر اسم السورة، ورقم الآية.
5. وضع حواشي لبيان معاني الكلمات الغريبة، والترجمة باختصار لبعض الأعلام، والأماكن، وذكر بعض الفوائد العلمية.
6. عمل مقارنة بين بعض النصوص التي نقلها المقدسي من بعض المصادر، وما جاء نصاً في هذه المصادر. (2)
لكن يعيب هذه الطبعة
1. أنها نسبت الكتاب لأحمد بن سهل البلخي( ت 322هـ 933م) وكأن المعلق عليه وواضع حواشيه لم يطلع على شيء عن كتاب البدء والتاريخ. ومما يندى له الجبين أن الكتاب صدر بترجمة مختصرة لأبى زيد البلخي برز فيها أنه توفي سنة 322هـ، ومع ذلك لم يلاحظ واضع الحواشي. (3)والذي لابد أنه قرأ الكتاب – أن مؤلف الكتاب ذكر في مقدمته أنه ألفه عام 355هـ (4)
__________
(1) ويبدو أن لبساً حدث مع تاريخ وفاة العلامة المحدث محمد بن طاهر بن على المقدسي المعروف بابن القيسراني المتوفى عام 507هـ.انظر ترجمته: ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج4 ص287-288.
(2) البلخي، البدء والتاريخ، ج2 ص126.
(3) اسمه: خليل عمران المنصور.
(4) البلخي، البدء والتاريخ، ج1 ص10.(1/96)
2. لم يذكر الناشر مصدره في نشره الكتاب هل من مخطوط أم أعاد صف الطبعة الأولى؟ والذي يظهر للباحث أنه أعاد صف الطبعة الأولى لأنه لو كان مستنداً على مخطوط لكان من دواعي فخره إظهار ذلك كما هي عادة الناشرين. وتيقنت من ذلك حين وجدت السقط الموجود في الطبعة الأولى قد تكرر في هذه الطبعة، ولم ينبه إلا على الموضع الذي نبه عليه صاحب الطبعة الأولى. (1) ومع ذلك فان الباحث يرى في الطبعة الأخيرة مميزات أكثر من الأولى – كما مر – وهنا قد يُطرح سؤال:
لماذا إذن لم أعتمد عليها ؟
والجواب: أن الطبعة الأولى أو بمعنى أدق تصويرها هو المنتشر بين يدي الباحثين، حيث إني وجدت جميع إحالات الباحثين على كتاب البدء والتاريخ يحيلون على هذه الطبعة.
ثالثاً: اللغات التي ترجم إليها الكتاب
1 – اللغة الفرنسية. قد ذكرنا عند الحديث عن الطبعة الأولى أن هوار قد ترجم الكتاب إلى اللغة الفرنسية مع مقدمة باللغة الفرنسية دون أن يترجمها إلى العربية.
2 – اللغة الفارسية. ترجم إليها ونشر في طهران. (2)
ثامناً: ناشر الكتاب وهل نشر الكتاب كله ؟
ترجمة ناشر الكتاب
ناشر الكتاب هو كلمان هوار – أو هيار – CL. Huart ، والذي ولد في باريس عام 1854م. وتخرج من مدرسة اللغات الشرقية. ثم عمل مترجماً بوزارة الخارجية الفرنسية في عدة عواصم عربية. ثم اعتزل الوظائف وتفرغ للعلم والتدريس والتأليف، حيث أتقن اللغة العربية الفصحى والفارسية والتركية، حتى بلغ من تمكنه انه كان يلقي محاضرات في تفسير القران الكريم بالعربية الفصحى. ثم عين مدرساً بمدرسة اللغات الشرقية، ثم مديرا لمدرسة الدراسات العليا بباريس. ثم عين عضواً في عدد من المجامع العلمية العربية والآسيوية.
__________
(1) البلخي، المرجع السابق، ج2 ص209.
(2) علي الرضا قره بلوط وأحمد طوران قره بلوط، معجم التاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم (المخطوطات والمطبوعات )، ج 5 ص 3769.(1/97)
وأثناء ذلك نشر عدداً من المخطوطات العربية مع ترجمتها باللغة الفرنسية، ويعد كتاب البدء والتاريخ أشهر الكتب التي نشرها وترجمها. كما أنه ألف عدداً من الكتب التاريخية الهامة، منها: تاريخ الأدب العربي.عام 1902م. وتاريخ بغداد في العصر الحديث، وتاريخ العرب، وكانت وفاته عام 1927م. (1)
هل المنشور كل الكتاب أم بعضه ؟
والجواب: أن بعض الباحثين ادعى أن المخطوطة التي نشرها هيار لا تضم على الأرجح إلا ثلثي الكتاب. (2) والحق أن الباحث لا يميل إلى هذا الرأي، بل يراه مرجوحاً جداً، وذلك لسببين:
السبب الأول
أن المقدسي ذكر في مقدمة كتابه انه يحتوى على اثنين وعشرين فصلاً. وبالفعل الكتاب الذي بين أيدينا يشتمل على كل تلك الفصول، ولو كان ما قيل صحيحاً لكان بين أيدينا خمسة عشر فصلاً تقريباً. ولا يقال إن تلك الفصول الاثنين وعشرين هي ثلثا الكتاب فقط، لأنه يلزم من ذلك أن يكون عدد الفصول ثلاثاً وثلاثين، وهذا بعيد جداً، لأن المقدسي استوفي عصور التاريخ حتى العصر الذي يعيش فيه آخر الفصل الثاني والعشرين.
السبب الثاني
أن هذا القول يستند على أن مخطوطة داماد إبراهيم باشا وهي التي اعتمد عليها هيار في نشر الكتاب لا تشتمل إلا على ثلثي الكتاب. ونحن إن سلمنا بأنها كذلك لا نسلم بأن هيار اكتفى بتلك المخطوطة ولم يستند على المخطوطة الثانية، خاصة وأنها تحوي من الفصل السابع عشر إلى آخر الكتاب.
القيمة العلمية لكتاب البدء والتاريخ
رؤية المقدسي لقيمة كتابه
دلائل القيمة العلمية للكتاب
قيمة الكتاب في كشف حال الباطنية
__________
(1) نجيب العقيقي، المستشرقون، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثالثة، 1964م، ج1 ص230-232. محمود المقداد، تاريخ الدراسات العربية في فرنسا، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، رقم167 جمادى الأولى 1413هـ نوفمبر 1992م، ص177.
(2) سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج2 ص187، الزركلي، الأعلام، ج7 ص253.(1/98)
عيوب الكتاب وأسباب عدم شهرته
رؤية المقدسي لقيمة كتابه
بقدر رؤية المؤلف لقيمة كتابه وأهميته يكون النجاح مرجواً، والثمرة دانية إذ لا يستوي هذا مع من يقحم قلمه في التصنيف لمجرد نيل متاع مادي أو معنوي. والمقدسي أراد لكتابه أن يكون ذا قيمة عالية، وسعى لذلك وعبر عنه بقوله " فالناظر في هذا الكتاب كالمشرف المطلع على العالم مشاهداً حركاته، وعجيب أفعاله، والسابق له قبل تركيبه، وحدوثه الباقي بعد انجلائه ودثوره. وفيه لطرق العلم توطئه، ولأهل الدين قوة، وللمبتدئ رياضة، وللمستأنس به سلوة، وللمتفكر فيه تبصرة وعبرة، وهو إلى مكارم الأخلاق داع، وعن الدناءة ناهٍ "(1). وما قاله المقدسي صحيح إلى حد بعيد، فنظرته الشاملة لمفهوم علم التاريخ وجعله يشمل الوجود كله أثرت في موضوعات كتابه حتى صدق ما قاله عنه في موضع آخر " لكن الكتاب جامع الفنون"(2) وما ذكره من ثمارٍ يحصلها مطالع الكتاب ليست دعوى بلا برهان، فقد قدم للكتاب بمقدمات وأسس للعلم والنظر والجدل تصلح توطئة لطريق طالب العلم، وبث فيه من أدلة المنقول والمعقول ما يقوى به عقيدة المسلم ويظهر حجته. ولم يخل الكتاب من طرف، وحكم، ونصائح كانت للمستأنس سلوة، وللمتنكر تبصرة، وللخير داعية.
دلائل القيمة العلمية للكتاب
أولاً: أهميته كمصدر من المصادر التاريخية
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص17.
(2) المرجع السابق، ج5 ص5.(1/99)
إذا كان من حق الأمة الإسلامية – كغيرها من الأمم – أن تفتخر بتاريخها وحضارتها، فإن لأمتنا الحق في مزيد من الفخر بتأريخ تاريخها، حيث تميزت بعلماء ومؤرخين دونوا تفاصيل مسيرة الإسلام، ورصدوا تطورات مراحل تاريخه إلى أن قامت دوله، وتتابعت ملوكه. وأدركوا عمق الصلة بين رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورسالات الأنبياء قبله، وأدركوا أيضاً وحدة التجربة الإنسانية، لذا ابتدأت تواريخهم العامة بذكر بداية الخلق حتى مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم مروراً بذكر تاريخ الأنبياء، وملوك الأرض وممالكهم حتى ظهور الإسلام، ودخول أهلها فيه. وهنا يبرز كتاب البدء والتاريخ للمقدسي كواحد من مصادر التاريخ العام التي بدأت مسيرتها أواخر القرن الثالث الهجري، واشتهر على دربها: كتاب الأخبار الطوال للدينوري (ت282هـ 895م). (1) وتاريخ اليعقوبي (ت284هـ 897م) (2). وتاريخ الطبري (ت310هـ 922م)(3). وتواريخ المسعودي (ت346هـ 957م) وغيرها.
__________
(1) هو العلامة ذو الفنون المؤرخ الكبير أحمد بن داود بني وتند، صاحب المصنفات في أكثر العلوم، وأشهر كتبه التاريخية : " الأخبار الطوال "، وله أيضاً : " الشعر و الشعراء". انظر: ابن النديم، الفهرست، ص116.الصفدي، الوافي بالوفيات، ج6 ص233-234.
(2) هو المؤرخ الكبير أحمد بن أبى يعقوب إسحاق بن واضح مولى بني هاشم الكاتب له عدة مؤلفات رائدة منها " تاريخ اليعقوبي"،" البلدان"، وهو أقدم مؤرخ ربط بين التاريخ والجغرافيا.انظر: ياقوت، معجم الأدباء، ج2 ص 557. كحالة، معجم المؤلفين، ج 1ص102.
(3) قد مر التعريف بالإمام الطبري، أما تاريخه فهو أكبر التواريخ حجماً وأغزرها مادة وأكثرها فائدة. انظر عن منهجية الطبري في هذا الكتاب بالتفصيل : شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص253-264. على بكر حسن، الطبري ومنهجه في التاريخ، رسالة دكتوراه بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة، سنة 1404 هـ 1984م.(1/100)
وإذا كان تاريخ المقدسي لم ينل شهرة تلك التواريخ – لأسباب سيأتي بيانها في رابع – لكنه لا يقل أهمية عن أغلبها، بل قد تميز عن بعضها بأمور سيأتي بيانها في بقية دلائل قيمته العلمية.
ثانياً: تجنب المقدسي أخطاءً وقع فيها بعض من قبله
برهن المقدسي على حسن استيعابه، ودقة اطلاعه حين تجنب أخطاءً وقع فيها بعض المؤرخين الكبار قبله، ومن ذلك أنه لم يسلك في كتابته الطريقة الحولية المعاب عليها تقطيع الحوادث، وتشتيت الذهن، وعدم اكتمال الصورة التاريخية المتكاملة للحدث، تلك الطريقة التي انتهجها الإمام الطبري، ومن قبله: خليفة بن خياط (ت240هـ 854م). (1)
__________
(1) شاكر مصطفى، مرجع السابق، ج1 ص260. وخليفة هو ابن خياط العصفري التميمي، أبو عمرو البصري، المشهور بـ"شباب"، الحافظ المؤرخ الكبير، صنف كتابين رائدين هما " التاريخ "، " والطبقات ".انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج11 ص 472- 474. محمد بن صامل السلمي، منهج كتابه التاريخ الإسلامي مع دراسة لتطور التدوين ومناهج المؤرخين حتى نهاية القرن الثالث الهجري، مكة - الرياض، دار الرسالة، الطبقة الثانية، 1418هـ 1998م،ص528-532.(1/101)
وبرغم تشابه كتاب البدء والتاريخ مع كتاب المعارف لابن قتيبة (ت270هـ 884م) (1) في كثير من فصول الكتابين، إلا أن المقدسي تحاشى عيب ابن قتيبة حين لم يسرد الأحداث التاريخية سرداً متتابعاً (2). كما اهتم المقدسي بالقرآن الكريم والسنة النبوية باعتبارهما مصدرين تاريخيين هامين خاصة لتاريخ الأنبياء؛ لذا جعلهما الأساس في ذلك متجنباً خطأ اليعقوبي حين اكتفى بإشارات قليلة عنهما. (3) وعمل المقدسي على استيعاب كتابه لفترات وعصور التاريخ الإسلامي حتى لا يقع في خطأ الدينوري، حين أهمل التأريخ لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وعصر الخلفاء الراشدين، واكتفى بإشارات لا تتناسب مع قيمة وأهمية هذين العصرين في تكوين دولة الإسلام. (4) وبرغم ميل المقدسي إلى بعض أفكار الشيعة في بعض الصحابة لكن ذلك لم يجعله يطوع الأحداث ومنهج الكتابة ليخدم الرؤية الشيعية مثلما فعل اليعقوبي حين عرض تاريخه من وجهة نظر الشيعة الإمامية (5).
__________
(1) هو العلامة الأديب المؤرخ عبد الله بن مسلم بن قتيبة المروزي، ثم الدينوري، صاحب التصانيف الهامة في أكثر العلوم وأهمها في التاريخ : " المعارف "، " وعيون الأخبار "، " الشعر والشعراء ". ولا تصح نسبة " كتاب الإمامة والسياسة " إليه. انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 13 ص 296-302، ثروت عكاشة، مقدمة كتاب المعارف لابن قتيبة، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الرابعة، ص 31 - 61.
(2) شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص240.
(3) محمد بن صامل السلمي، منهج كتابه التاريخ الإسلامي، ص523.
(4) محمد عبد الوهاب فضل، التاريخ وتطوره في ديار الإسلام حتى نهاية القرن الثالث الهجري، القاهرة، مطبعة الأمانة، الطبعة الثانية، 1420هـ 2000م، ص98، محمد بن صامل السلمي، مرجع سابق، ص518.
(5) شاكر مصطفى، مرجع سابق، ج1 ص252، محمد بن صامل السلمي، مرجع سابق، ص526-527(1/102)
كما مضى المقدسي مع قافلة المؤرخين في عرض العصور التاريخية من الأقدم إلى الأحدث، ولم يرق له صنيع سنان بن ثابت الحراني حين رتب أحداث تاريخه من الأحدث إلى الأقدم.(1) وتعددت اتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي خاصة السياسية والدينية إلى جانب الأنساب، وبعض النواحي الحضارية، وبذلك لم تكن همته مصروفة إلى الأخبار السياسية فقط، مثلما فعل الإمام الطبري.(2)
ولم يكن لاستيطان المقدسي أحد أقاليم فارس القديمة أثر في اهتمامه بالتاريخ الفارسي على حساب غيره مثلما فعل الدينوري. (3) وحرص المقدسي على ذكر مصادره غالباً، متجنباً عيب بعض المؤرخين مثل ابن أعثم الكوفي (ت320هـ 931م).(4)
ثالثاً: موسوعية المعارف التاريخية وغيرها
__________
(1) المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، بيروت، دار الكتب العلمية، ج1 ص11، شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج2 ص65-66.
(2) شاكر مصطفى، المرجع السابق، ج1 ص261.
(3) المرجع السابق، ج1 ص249، محمد بن صامل السلمي، منهج كتابه التاريخ الإسلامي، ص517.
(4) هو أحمد بن محمد بن على بن أعثم الكوفي، صاحب "كتاب الفتوح" المشهور، وله أيضاً "كتاب التاريخ ".انظر: عن حياته ومنهجه التاريخي : ابن حجر، لسان الميزان، مكتبة المطبوعات الإسلامية، اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة،ج 1 ص 407، محمد جبر أبو سعده، ابن أعثم الكوفي ومنهجه التاريخي في كتاب الفتوح، القاهرة، 1408هـ 1987م، ص61-80.(1/103)
يشبه كتاب البدء والتاريخ أن يكون دائرة معارف تاريخية مصغرة، وذلك لأنه ضم أهم اتجاهات الكتابة التاريخية، وأهم العلوم المرتبطة بالتاريخ. فقد خصص المقدسي فصولاً تاريخية عن بداية الخلق، وتاريخ الأنبياء، والملوك، والأديان، وأنساب العرب وأيامها قبل الإسلام. وفصولاً أخرى في السيرة والمغازي، وتراجم الصحابة، ومقالات الفرق، وتاريخ الخلفاء الراشدين، والأمويين، والعباسيين.وأما المعارف الأخرى فكان أبرزها: الجغرافيا، والفلسفة، والإلهيات، والنبوات، والغيبيات، وأهم المخلوقات، وكيفية نهاية العالم. كما أنه نثر نُبذاً من المعلومات في التفسير، والحديث، والآثار، والتاريخ الحضاري والمواقف التاريخية بين ثنايا فصول الكتاب غير التاريخية. (1) لهذا كله نجد أن الموسوعة الفلسطينية اعتبرت الكتاب" موسوعة تحوى ألوان المعارف الفلسفية، والدينية، والرياضية، والجغرافية ".(2)
رابعاً: ثراؤه بالمعلومات والمصادر
يقول أحد الباحثين: "الواقع أننا قد نذهل من طريقة جمع مؤرخي الإسلام للخبر التاريخي، ونعجز أحياناً من تصور كيفية إتمام جمعها، إلا أنها على كل حال تدل على دأب المؤرخ المسلم غير العادي، ومثابرته، وذاكرته التي لا تكل، حتى أن الأخبار التاريخية قد تكتب بأسلوب الشفرة، قصيرة جداً، ودسمة جداً، والسطر الواحد قد يشتمل على إخبار بجزئيات نادرة، تجعل منها أشبه بمتحف ضخم للمعلومات، ومثل هذا الجمع للأخبار التاريخية، لا يوجد إلا عند المؤرخين المسلمين وحدهم "(3)
__________
(1) راجع مطلب محتويات الكتاب ص 105 – 109، وانظر مبحث اتجاهات الكتابة التاريخية ص 275 -316.
(2) الموسوعة الفلسطينية، القسم الأول ص229، القسم الثاني، ج3 ص318.
(3) عبد المنعم ماجد، الخبر التاريخي عند مؤرخي المسلمين، مجلة المؤرخ العربي، العدد 34، السنة الثالثة عشرة، بغداد، 1409هـ 1988م، ص174.(1/104)
والحق إنني حين طالعت هذا النص تخيلت كأن الكاتب يقصد المقدسي، فكتاب البدء والتاريخ برغم أنه متوسط الحجم إلا أنه غزير وثري جداً بالمعلومات، والنقولات، والمصادر بحيث لا يتمكن من استيعابه إلا بمطالعته مراراً. وفي ذلك يقول عنه أحد الباحثين"والقول بأن هذه المعلومات – أي التي في كتاب البدء والتاريخ – وفيرة ومتنوعة لا يمكن إنكاره بأي حال " ويقول أيضاً " مصادر البدء والتاريخ جدُ متنوعة " ويقول أيضاً " لم يكتف بالمصادر المكتوبة – أي المطهر المقدسي – بل أخذ عن عدد من الرواة الذين عرف كيف يتخيرهم "(1) ويقول عن الكتاب باحث آخر " يتضمن مادة في تاريخ الحضارة، وقدراً من المعلومات القيمة التي لا نجدها إلا فيه "(2).
خامساً: أهميته كمصدر لتاريخ الفلسفة والعقائد والفرق
وهذا من أهم دلائل قيمة الكتاب العلمية،لأن المقدسي أفرد لذلك مساحات واسعة من كتابه مع كثرةٍ في المصادر والأقوال، وحرصٍ على المناقشة والنقد. ولعل أهمية الكتاب في هذا المجال جعلت بروكلمان يقدمها على الأخبار التاريخية إذ يقول عن محتوى الكتاب أنه يشتمل على " معارف تتصل بالأديان، وتاريخ العقائد، والأخبار التاريخية "(3)
ويرى أحد الباحثين في تاريخ الفلسفة أن كتاب البدء والتاريخ " من أهم وأقدم الكتب في التاريخ الإسلامي" ويبين سبب ذلك أن "به جزء كامل على الحياة العقلية الإسلامية، والفرق الإسلامية "(4) ويعد المقدسي بذلك " مفكراً ممتازاً، ومؤرخاً من الطراز الأول "(5)، وأحد أهم مؤرخي الفلسفة الإسلامية. (6)
__________
(1) كراتشكوفسكي، تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ص245-246.
(2) سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج2 ص187.
(3) تاريخ الأدب العربي، ج3 ص63.
(4) على سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج1 ص532.
(5) المرجع السابق، ج1 ص154.
(6) المرجع السابق، ج1 ص188.(1/105)
وتتجلى أهمية كتاب البدء والتاريخ في هذا المجال في أنه استفاد من مصادر الفلسفة اليونانية ونقل لنا نصوصاً هامة منها. (1) وكذلك نقل لنا آراء وعقائد أهل الديانات الأخرى قبل الإسلام (2)، والفرق الإسلامية خاصة الغالية منها، مثل: الرافضة، والجبرية، والخوارج، وغلاة المرجئة، والمشبهة إلى جانب الزنادقة. (3)
يقول أحد الباحثين
__________
(1) على سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج1ص118،121،132،133،137، 154،158.
(2) المرجع السابق، ج1 ص214،217، عبد الله سلوم السامرائي، الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية، بغداد، دار واسط، ص 23.
(3) على سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج1 ص84،96-98،103،202،205،206، 209،290،298،321،341،464، محمد على أبو ريان، تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام، بيروت، دار النهضة العربية، ص151،159، عبد الله سلوم السامرائي، مرجع سابق، ص 71، 87، 88، 92، 100، 114- 116، 119، 123، 124، 144، 145، 152.(1/106)
" إن هناك كتاباً آخر كتبه رجل تقدم البغدادي، (1) وابن حزم، (2) والشهرستاني، (3) لا يخامرنا شك في صحة المعلومات التي أوردها فيه عن تاريخ الشيعة، وهو كتاب البدء والتاريخ "(4) ومن هذا النص نستفيد أيضاً: ريادة الكتاب على تلك المصادر الهامة في مجال التأريخ للعقائد والفرق، وأنه حاز ثقةً كبيرةً عند المؤرخين.
سادساً: أهميته في محاولة الربط بين التاريخ والفلسفة
__________
(1) هو عبد القادر بن طاهر بن محمد أبو منصور البغدادي، الشافعي، برز في سبعة عشر فناً أهمها الفقه والكلام والحساب،توفي 429هـ من مؤلفاته" التكميل في الحساب "،"وكتاب الفرق بين الفرق ".انظر:الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج17 ص 572 – 573، كحالة، معجم المؤلفين، ج2 ص 189.
(2) هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الإمام العلم، برع وكتب في كثير من العلوم، اشتهر بمذهبه الظاهري الذي انتصر له جداً، من مصنفاته التاريخية "جوامع السيرة " و" الفصل بين الملل والنحل والأهواء" ت 456هـ1064م انظر ترجمته ومنهجه التاريخي: الذهبي، المرجع السابق، ج18 ص 184 – 212، عبد الحليم عويس، ابن حزم الأندلسي وجهوده في البحث التاريخي والحضاري، القاهرة، الزهراء للإعلام العربي، الطبعة الثانية،1409هـ 1988م.
(3) هو محمد بن عبد الكريم الشهرستاني،أبو الفتح الشافعي الأشعري، شيخ الكلام ولد بشهرستان وطلب العلم بها، ثم رحل إلى بغداد وأقام بها، ثم عاد وتوفي بشهرستان 548هـ1153م من أشهر مؤلفاته "الملل والنحل"، "ونهاية الإقدام في علم الكلام ". انظر: الذهبي، المرجع السابق، ج17 ص 572 –، كحالة، المرجع السابق، ج3 ص 422.
(4) حسن إبراهيم حسن، الفاطميون في مصر، ص3.(1/107)
وهذا من أهم معالم الفكر التاريخي عند المقدسي، حيث إنه حاول كتابة التاريخ من وجهة نظر فلسفية. (1)ويتفق كثير من الباحثين على أنه صاحب أول أدق محاولة لإخضاع التاريخ للفلسفة. (2) وكان من أهم مظاهر ذلك: تلك المقدمات الفلسفية التي افتتح بها كتابه - والتي لم يسبقه أحد إليها –. كذلك غزارة المواد، والمصادر الفلسفية، وتأريخه للديانات، والفرق مع ذكر آرائهم، ومواضع اتفاقهم واختلافهم في المسائل العقدية والفلسفية. ولقد راق منهجه في تصدير الكتاب بتلك المقدمات الفلسفية لبعض المؤرخين بعده، ومنهم أبو طالب عبد الجبار الأندلسي (3) الذي نظم أرجوزة شعرية تاريخية، بدأها بمقدمة عن الله، والكون، وتأملات في الملكوت، وبدء الخليقة. (4)
سابعاً: ريادته في ذكر نهاية العالم وأحداث القيامة
__________
(1) روزنتال، علم التاريخ عند المسلمين، ص188.
(2) المرجع السابق، ص161، شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص327، محمد أحمد ترحيني، المؤرخون والتاريخ عند العرب، بيروت، دار الكتب العلمية – دار الريف، ص174، رفيق العجم، موسوعة مصطلحات علم التاريخ العربي الإسلامي، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، 2000م، ص502.
(3) أديب وشاعر ومؤرخ أندلسي، من أهل جزيرة شقر، عاش أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس الهجري. عرف في الأندلس بلقب " المتنبي " انظر: ابن بسام: أبو الحسن علي بن محمد بن بسام الشنتريني، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، بيروت، دار الثقافة، 1417هـ 1997م، تحقيق: إحسان عباس، ج1 ص 24. ليلى الصباغ، دراسة في منهجية البحث التاريخي، ص74.
(4) ليلى الصباغ، المرجع السابق، ص74(1/108)
لقد خصص المقدسي فصلاً طويلاً من كتابه باسم " ذكر الفتن والكوائن إلى قيام الساعة وما ذكر من أمر الآخرة "(1) ولم أجد أحداً من المؤرخين سبقه إلى ذلك، وإن كان الأشهر في هذا الصنيع هو الإمام ابن كثير (ت 774هـ 1373م)، (2)
ولا يبعد أن يكون ابن كثير قد استفاد ذلك من المقدسي خاصة أن كتاب البدء والتاريخ كان معروفاً في عصره بدليل معرفة ابن الوردي (ت749هـ 1348م) به وأخذه عنه. ولعل الذي حمل المقدسي إلى ابتكار ذلك هو نظرته العامة للتاريخ، ولأنه هَدَفَ من تأليف الكتاب أن يكون جامعاً، يقول المقدسي" فالناظر في هذا الكتاب كالمشرف المطلع على العالم مشاهداً حركاته، وعجيب أفعاله، والسابق له قبل تركيبه، وحدوثه الباقي بعد انجلائه ودثوره "(3) وقال في موضع آخر " لكن الكتاب جامع الفنون"(4).
ويمكن أن يضاف إلى ذلك أن اهتمام المقدسي بأمر الباطنية والرد عليهم حمله على تأليف هذا الفصل لأن الباطنية أنكروا وأولوا اغلب الأمور الغيبية؛ لذا عمد إلى إثباتها وبيانها من القرآن والسنة.
ثامناً: أهميته كمصدر للشعر التاريخي والفارسي
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2ص 133 – 241.
(2) هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمرو البصري ثم الدمشقي إمام في التفسير والحديث والتاريخ، أبرز مؤلفاته " تفسير القرآن العظيم "و" البداية والنهاية " في التاريخ وختمه بذكر أشراط الساعة وأحوال القيامة وخرج فيمصنف مستقل باسم " النهاية في الفتن والملاحم " انظر ترجمته ومنهجه التاريخي: ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، ج11 ص98 – 99.عبد الفتاح عبد العزيز رسلان، ابن كثير ومنهجه في الكتابة التاريخية، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية اللغة العربية، جامعة الأزهر بالقاهرة، 1412هـ 1993م.
(3) البدء والتاريخ، ج1 ص 17.
(4) المرجع السابق، ج5 ص 5.(1/109)
لم يكن المقدسي بدعاً في الاعتداد بالشعر والإكثار منه، فقد سبقه كثير من المؤرخين أشهرهم الطبري. (1) لكن المقدسي يبرز في عرض الشعر التاريخي والاهتمام به، حيث ذكر عدداً من القطع الشعرية التاريخية: لعدي بن زيد العبادي (ت 36 ق.هـ 587م) (2)، ولأمية بن أبي الصلت (ت 5هـ 626م) (3)(4)
__________
(1) انظر: فهارس كتاب تاريخ الرسل والملوك، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثالثة، ج 10 ص561 – 625.
(2) عدي بن زيد بن حمّاد بن زيد العبادي التميمي. شاعر من دهاة الجاهليين، كان قروياً من أهل الحيرة، فصيحاً، يحسن العربية والفارسية، وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، وعين ترجماناً له، فسكن المدائن، وكان متزوجا بهند بنت النعمان، لكن النعمان سجنه وقتله بالحيرة إثر وشاية عنه.انظر: محمد بن سلام الجمحي، طبقات فحول الشعراء، القاهرة، الهيئة العلامة لقصور الثقافة، شرحه: محمود شاكر ج1 ص 140.ابن قتيبة، الشعر والشعراء، بيروت، دار إحياء العلوم، الطبعة الثالثة، 1407هـ 1987م، ص135-140.
(3) أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي شاعر جاهلي حكيم، كان مطلعاً على الكتب القديمة، وحرم على نفسه الخمر ونبذ عبادة الأوثان، قدم إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بمكة وكاد أن يسلم، ثم قدم عليه مرة أخرى بالمدينة لكنه أبى أن يسلم تكبراً، وحسداً، خاصة بعد وقعة بدر.انظر: محمد بن سلام الجمحي، مرجع سابق، ج1 ص262 – 267، ابن قتيبة، مرجع سابق، ص305 - 307.
(4) انظر مواضع شعرهما: مصادر المقدسي ص 237 - 240.(1/110)
وكان من أوائل المؤرخين الذين نقلوا أبياتاً من القصيدة التاريخية علي بن الجهم (ت 249هـ 863م)(1) التي تعد من أوائل الشعر التاريخي الإسلامي. (2)
ويمكننا أن نضيف إلي ذلك قصيدة قطرب (ت 206هـ 821م) التي نظم فيها بعض معجزات النبي صلي الله عليه وسلم.(3)
أما عن الشعر الفارسي
__________
(1) علي بن الجهم بن بدر، أبو الحسن، من بني سامة، من لؤي بن غالب البغدادي، أديب، شاعر رقيق الشعر، واختص بالمتوكل العباسي مدة، ثم غضب عليه فنفاه إلى خراسان، فأقام مدة، وانتقل إلى حلب، ثم خرج منها بجماعة يريد الغزو، فاعترضه فرسان بني كلب، فقاتلهم وجرح ومات.انظر: المرزباني: محمد بن عمران بن موسى، معجم الشعراء، القاهرة، الهيئة العلامة لقصور الثقافة، ص140، ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج3 ص 355 – 357.
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص85،86 (17) ج3 ص173(1) 176(1)، روزنتال، علم التاريخ عند المسلمين، ص 251-252.
(3) البدء والتاريخ، ج 5 ص 36 – 40. (وقطرب اسمه محمد بن المستنير بن أحمد، أبو على،البصري الشهير بقطرب، النحوي، الأديب اللغوي، المؤدب وقطرب لقب دعاه به أستاذه سيبويه، كان على مذهب المعتزلة النظامية، ألف عدة كتب، من أشهرها "معاني القرآن"، " النوادر"،" الأزمنة "، "الأضداد "، " خلق الإنسان"،"غريب الحديث " وغيرها. انظر: ابن الأنباري: أبو البركات عبد الرحمن بن محمد، نزهة الألباء في طبقات الأدباء، القاهرة، دار الفكر العربي، 1408هـ 1988م، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ص85، ياقوت، معجم الأدباء، ج6ص 2426 – 2427.)(1/111)
فقد نقل لنا المقدسي عدة أبيات من شاهنامة المسعودي المروزي الذي يعد أول من نظم شاهنامة بالفارسية بعد الإسلام. (1) وترجع أهمية هذا النقل إلي أنه أول نقل يصل إلينا من تلك القصيدة الرائدة لذا تناقل الباحثون ما ذكره المقدسي من أبياتها. (2) كما أن المقدسي أفادنا أيضاً في بيان منزلة قصيدة المسعودي عند الفرس إذ يقول " وإنما ذكرت هذه الأبيات لأني رأيت الفرس يعظمون هذه الأبيات والقصيدة ويصورونها (3)، ويرونها كتاريخ لهم ".(4)
تاسعاً: اشتماله على أقوال وعادات مازالت حتى عصرنا الحاضر
وهذا من طرائف هذا الكتاب الماتع، فإن القارئ يحس أثناء قراءة بعض فقرات الكتاب كأن المقدسي يعيش بيننا، ويسهم في تناول بعض قضايانا. فترى المقدسي وهو يتحدث عن بعض شرائع الإسلام يذكر حِكَمها وفوائدها ليرد على الذين يعترضون عليها في عصره - وأغلبهم كان من الباطنية - وبعض تلك الاعتراضات والشبه ما زلنا نسمعها إلى الآن، مثل: تشريع الختان، وقيمة بعض مناسك الحج، وحكمة تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث، وتحريم أكل الميتة وأحكامها، وغير ذلك. (5)
ومن ذلك قول المقدسي
"واستعظم قوم الختان لما فيه من الألم، والخطر ولم يعلموا ما يتأذى به الأقلف من احتباس البول في قلفته، ويتولد فيها الدواب حتى يبلغ الجهد و المشقة، وفي الختان اكتناز الآلة و نماء الجسم" (6)
__________
(1) محمد نور الدين عبد المنعم، دراسات في الشعر الفارسي حتى القرن الخامس الهجري، القاهرة، دار الثقافة، 1976م، ص29، علي الشابي، الأدب الفارسي في العصر الغزنوي، تونس، دار النشر، ص 123-124.
(2) روزنتال، علم التاريخ عند المسلمين، ص246، طه ندا، دراسات في الشاهنامة، الإسكندرية، دار الطالب، ص43-44.
(3) هكذا في الأصل، والأقرب " ويصونونها " انظر: روزنتال، مرجع سابق، ص 246.
(4) البدء والتاريخ، ج3 ص138.
(5) البدء والتاريخ، ج5 ص 44 – 55.
(6) المرجع السابق، ج5 ص 55.(1/112)
وقوله " وأما تفضيل الذكر في القسمة على الأنثى فلما ينوب الذكر من النوائب، والأنثى مؤنتها على من ينكحها فمن أخذ بناصيتها أقام بأودها"(1)
وقوله أيضاً " فأما تحريم الميتة والدم: ففي كراهية النفس ونفار الطبع ما يوجب الامتناع منه دون خطر الشرع، مع أن أهل الأرض يجمعون على نجاسته إلا من لا يعبأ به في عدةٍ أو عددٍ...." (2)
ومن الأقوال الغريبة – والتي قال بها البعض في العصر الحاضر - ما ذكره المقدسي أن بعض الناس زعم أنه كان قبل آدم - عليه السلام - ألفاً ومائتا آدم، وكان نقد المقدسي لهذا القول بأن صدره بقوله " زعم بعض الناس "(3)
ومن الملح التاريخية، ما ذكره المقدسي عن بعض القوانين والعادات التي لا زالت حتى عصرنا الحاضر، وربما ما ذكره عنها يعد بياناً لمنشئها وبدء تشريعيها، ومن ذلك: -
قانون حظر التجول
حيث قال عن بعض أهل الصين " وللملك كوسات في قصره فإذا غربت الشمس قرعوها قرعة واحدة فلا يبقى في المدينة أحد إلا سمعها ففزعوا إلى بيوتهم ومنازلهم فأغلقوا عليهم أبوابها وتحككت بالسكك والأزقة الجيوش والعسس إلى أن يسفر الصبح فمن وجدوه خارج داره ضربوا عنقه وكتبوا على ظهره بدمه هذا جزاء من تعدى أمر الملك"(4)
عادة البشعة
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص 54.
(2) المرجع السابق، ج5 ص55.
(3) المرجع السابق، ج2 ص57.
(4) البدء والتاريخ، ج4 ص 21.(1/113)
ذكر المقدسي عن بعض أهل الهند " أن إيمانهم في حديدة يحمونها حتى إذا بلغت غايتها في الحمى والحمرة أمروا المنكر أن يلحسها قالوا فإن كان كاذبا مبطلا احترق لسانه وإن كان صادقا محقا لم يضره"(1)
القتل بالخازوق
ذكر المقدسي في كيفية صلب السارق عند بعض أهل الهند " ومنهم من يصلبهم، وصلبهم أن يحد رأس الخشبة ثم يسلكه في مقعد المصلوب"(2)
عادة قبيحة
ذكر المقدسي بعض عادات اليهود في الزواج فقال " ويضمن أولياء المرأة البكارة، فإذا زفت وكل أبو المرأة رجلاً وامرأةً بباب البيت الذي يقتضها فيه الزوج، وفرشوا لها ثياباً بيضاء فإذا الزوج نظر إلى الثياب، وشهد بما رأيا اقتضها، فإن لم يجدها بكرا رجمت"(3)
عاشراً: أهميته في كشف حال الباطنية
ولأهمية الكتاب في هذا الأمر واتساعه أفردنا له الموضوع القادم.
قيمة الكتاب في كشف حال الباطنية
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص 11. (وهذه العادة مازالت تمارس في بعض نواحي مصر خاصة في الريف والبدو، حيث يتعرفون على صدق أو كذب المتهم بسرقة أو نحوها بوضع حديدة محماة بطريقة معينة على لسانه، فان لسع لسانه فهو مرتكب للجريمة وان لم تضره فهو بريء. وهذه العادة بالطبع عادة مذمومة تتصادم مع الشريعة الإسلامية لمخالفتها أحكام طرق إثبات التهم القائمة في الإسلام على الإقرار أو الشهادة.)
(2) المرجع السابق، ج4 ص 11-12. (وهذا الطريقة كانت مطبقة إلى وقت قريب، ولا ننسى مقتل سليمان الحلبي - نسأل الله له الشهادة - على أيدي الفرنسيين عام 1800م.)
(3) المرجع السابق، ج4 ص 39. (ومثل هذه العادة كانت منتشرة ببعض نواحي مصر إلى وقت قريب جداً، لكنها في اندثار الآن)(1/114)
يعد كتاب البدء والتاريخ من أقدم المصادر – إن لم يكن أقدمها – التي وصلتنا في بيان حقيقة الباطنية، والتأريخ لظهورهم، وانتشارهم، وأحوالهم، مع ذكر أشهر أقوالهم والرد عليها. فقد تتبع أحد الباحثين المصنفات عن الباطنية فرجع أقدمها إلى أوائل القرن الخامس الهجري. (1) بينما نقل باحث آخر عن ابن النديم أن أول من رد على الباطنية هو أبو عبد الله محمد بن علي بن رزام منتصف القرن الرابع. (2) ومصنف ابن رزام هذا قد ذكره المقدسي ونقل عنه – كما سيأتي قريباً – لكنه بالطبع لم يصل إلينا، ولهذا يرجح أن ما كتبه المقدسي يعد أقدم ما وصل إلينا في هذا الموضوع سواء ما نقله عن ابن رزام أو ما زاده عليه. فلقد اهتم المقدسي بأمر الباطنية اهتماماً بالغاً، وخير دليل على ذلك أن الحديث عنهم كان من أسباب تأليف الكتاب، بل إنه كان السبب العلمي الرئيس، فقد افتتح كتابه بالحديث عن بعض أحوالهم، وخطرهم، وتأثيرهم في المجتمع، ثم قال " ولما نظر فلان أطال الله في طاعته بقاه، وبلغ من العلوم مناه، إلى أحوال هذه الطبقة، وما قد يقسمهم من الهمم، وتوزعهم من أنواع النحل، وتصفح مذاهبهم اشتاقت نفسه إلى تحصيل الأصح من مقالاتهم، وتمييز الأصوب من إشاداتهم، فأمرني لا زال أمره عالياً وجده صاعدا أن أجمع له كتاباً في هذا الباب........" (3)
الباطنية في كتاب البدء والتاريخ
ما الباطنية؟
__________
(1) وهو كتاب لعلي بن سعيد الاصطخري في الرد على الباطنية. انظر: شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص 342 – 343.
(2) علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي، ج1 ص 210 – 211.
(3) البدء والتاريخ، ج 1 ص 5.(1/115)
عدّ المقدسي الباطنية ضمن فرق الشيعة، (1) يقول المقدسي " وأما الباطنية فأصناف، وفرق وأسماؤهم مختلفة لدعوة كل ناجم منهم إلى نفسه، وعامتهم يظهرون الإمامة، ويدعون للقرآن تأويلاً باطناً "(2). ويقول أيضاً " عقائد الناس إما كفر، وإما إيمان وهم يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا "(3) ويبين أصل مذهبهم قائلاً " ومحصول أمرهم التعطيل والإلحاد "(4)
ولقد ربط المقدسي بين المعطلة والباطنية في الأقوال والأوصاف فيقول بعد أن ذكر بعض أقوال المعطلة " وأصل التعطيل إنكار الخالق والرسول، والثواب، والعقاب....." ثم قال " وهم هؤلاء الباطنية الباطلية الذين تخلفوا عن الأديان......" (5)
ما أهم أقوالهم وأحوالهم ؟
__________
(1) المرجع السابق، ج 5 ص 124.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 133.
(3) البدء والتاريخ، ج 5 ص 133.
(4) المرجع السابق، ج 5 ص 134.
(5) المرجع السابق، ج 4 ص 5-6.(1/116)
يقول المقدسي " اعلموا رحمكم الله أنهم قوم يبيحون ما حظرته الأديان، ويتأولون ما جاءت به الشرائع من الأحكام إلى الرخص والتجوز فيما يتمنون ويشتهون، ويستحلون المحارم كلها من: الزنا، واللواطة، والغصب والسرقة، والقتل، والجرح، والكذب،والغيبة، والنميمة، والبهتان والوقيعة، وشهادة الزور، وقول الإفك، ورمي المحصن، والسعاية والغمز، والسخرية، والطنز، والاستهزاء، والبطر، والكبر، والخيلاء، والظلم، والعقوق، والميل، والغدر، والخلاف، ونقض العهد، وإخلاف الوعد، وأشباه ذلك من الرذائل المحظورة في العقل والمحارم المزجور عنها في الشرع، لا يعرفون معرفة الحق، ولا محافظة على ذمام، ولا تنظفاً من نجاسة، ولا حياء من خساسة، الملوك عندهم أرباب، والعتاة شياطين، والضعفي والمبتلون أهل النار، وأصحابهم عندهم الجن، وسائر الناس البهائم، لا يرحمون مسترحماً، ولا يغيثون مستغيثاً، ولا ينهون عن الاطلاع على حرم الناس، ولا يأنفون من اطلاع الناس على حرمهم، ولا يمتنعون من مواقعة من أمكنهم من الذكور والإناث، ولا يتحاشون من مواقعة من واقعهم، أو واقع حرمهم،...... ولا يرون النهي عن كل ما اشتاقت إليه النفس، جمعوا رخص النحل كلها، وزادوا عليها الدياثة والكشخ (1)، فأخذوا من المجوس بقولهم في نكاح البنات والأمهات، ومن الخرَّمية في
التراضي بالأمهات والأزواج، ومن الهند بإباحة الزنا والسفاح "(2)
__________
(1) الكشخان هو الديوث. انظر: الفيروزأبادي، القاموس المحيط، مادة كشخ، ص258.
(2) البدء والتاريخ، ج 4 ص 7- 8.(1/117)
ما أهدافهم؟ يقول المقدسي"وهؤلاء الباطنية قوم قصدوا بتمويههم نقض الدين، واستئصال المسلمين" (1) ويقول أيضاً " فقصارى نظرهم الاستخفاف بالشرائع والأديان "(2) ويقول أيضاً " فاحتالوا في إسقاط التكليف عنهم ليمرحوا في ميادين الشهوات، وليركبوا ما يهوونه من اللذات بإنكار علوم الأصول من البديهة والحواس"(3)
ما أصل تلك الفرقة؟ ومتى ظهرت؟ بيّن المقدسي أن أصل ظهورها قبل الإسلام كان في بلاد فارس، في عهد سابور بن أردشير ت 271م (4) فيقول " وفي زمانه ظهر ماني (5) الزنديق، وذلك أن أول ما ظهر في الأرض من أمر الزندقة، إلا أن الأسامي يختلف عليها إلى أن سمي اليوم علم الباطن والباطنية "(6) كما بيّن أيضاً مبدأ ظهورها في الإسلام إبان الدعوة العباسية في مرو، حين توجه إليها أحد الدعاة للعباسيين عام 118هـ735م واسمه " عمار بن بديل واليا على الشيعة بخراسان فجاء حتى نزل مرو، وغير اسمه وتسمى بخداش فسارع الناس إلى الاستجابة له ثم لم يلبث أن غير ما دعاهم إليه ومثًل لهم الباطل في صورة الحق فرخص لبعضهم في نساء بعض، وهو أول من أبدأ مذهب الباطنية في الأرض"(7)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 5 ص 134.
(2) المرجع السابق، ج 1 ص 2.
(3) المرجع السابق، ج 1 ص 54 - 55.
(4) احد الملوك الساسانية تولى عام 241م، كان شجاعا محبوبا فاتحا، أكمل تأسيس الدولة الساسانية بعد أبيه حيث قضى على بعض الثورات الداخلية، وغزا الروم وانتصر عليهم، وأعلن ماني مبادئه عام 242م انظر : المقدسي، البدء والتاريخ، ج 3 ص 157، حسن بيرنيا، تاريخ إيران القديم، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1995م، ترجمة: محمد نور الدين عبد المنعم.ص 225 – 229.
(5) قد مر التعريف به ص 33.
(6) البدء والتاريخ، ج 3 ص 157.
(7) المرجع السابق، ج 6 ص 60 – 61.(1/118)
ويلاحظ هنا أن المقدسي قد ربط بين الزندقة التي بدأها ماني في فارس وبين الباطنية التي بدأها خداش أيضاً في فارس بعد الإسلام. ويمكننا أن نربط بذلك أيضاً: انتشار الباطنية في عصر المقدسي، وإقليمه، وكأن الخط التاريخي والجغرافي لهذا المذهب مازال مرتبطاً بامتداد تلك الرقعة الفارسية لم يختفِ منها عبر تلك العصور، وإن كان ظهوره أو انكماشه قد تأثر بمدى قوة الإسلام، وإحكام قبضة ولاة أموره على البلاد.
خطط الباطنية وظهور خطرهم في عصر المقدسي(1/119)
بين المقدسي أنهم يظهرون مالا يبطنون، حتى إذا وقع أحد في شباكهم أظهروا له أفكارهم الخفية، وأن تلك الخطة هي سبب انتشارهم في عصره، يقول المقدسي " وما أَراه انتشر في أمّة من الأمم وزَمَن من الأزمنة انتشاره في زماننا هذا، وأمّتنا هذه، لتستّر أهله بالإسلام، وتحلّيهم تحلية شرائعهم، ودخولهم في غمار أهله، واحتال من احتال لهم بلطيف التمويه في تسليم الأصول الظاهرة، والمصير به إلى التأويلات الباطنة"(1) ثم بين أن ذلك التمويه هو الذي حقن دماءهم، فيقول"وذلك الذي حقن دماءهم، وغمد سيف الحقّ عنهم "(2)ومع هذه السرية التي غلفت أعمالهم فإن حالهم لم يخف على العلماء خاصة الذين اطلعوا على كتبهم، ومن أولئك العلماء: المقدسي، القائل "ومن أراد الظهور على وهن مذهبهم، وخطأ دعواهم فلينظر في كتبهم فإنه يجد الوقت الذي ضربوه لخروج ملتهم واعتلاء شأنهم قد فات منذ ثلاثين سنة " (3) أي أن وقت إعلانهم عن أفكارهم كان عام 325هـ. لكن يبدو أن بعض الناس قد تأثر بتلك الطائفة، خاصة وأن كثيراً من الباطنية صار من " أهل اللسان والبيان "(4)وكان أكثر الطبقات تأثراً بهم بعض علية القوم، الذين وصفهم المقدسي بـ " أرباب القلانس وأصحاب المجالس الذين طلبهم العلم ليس لله ولا لأنفسهم، ولكن للتصدر والتقدم..." (5)وكذلك تأثر بهم بعض سخفاء العقول، الذين قد صار " الحديث لهم عن جمل طار أشهى عندهم من الحديث عن جمل سار، ورؤيا مرئية آثر عندهم من رواية مروية "(6) لذلك كان من خطط الباطنية رواية القصص والخرافات حتى استمالوا أسماع الدهماء، وقلوبهم " بما يقصون من غرائب العجائب...
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 1 ص 118.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 133 - 134.
(3) المرجع السابق، ج 5 ص 133 - 134.
(4) المرجع السابق، ج 1 ص 2.
(5) المرجع السابق، ج 1 ص 3 - 4.
(6) المرجع السابق، ج 1 ص 4.(1/120)
حتى شحنوا صدورهم بترهات الأباطيل، وضيعوا نفوسهم بالأسمار والأساطير "(1) ولعل ظهور أفكار الباطنية قد جعل بعض العوام الغيورين على الدين يقدمون على مناظرتهم بغير علم، لذا لم يكن المقدسي راضياً عن هذا المسلك، فيقول " وإن من عظيم الآفة على عوام الأمة تصديهم لمناظرة من ناظرهم بما تخيل في أوهامهم، وانتصب في نفوسهم من غير ارتياضٍ بطرق العلم، ولا معرفة بأوضاع القول، ولا تحكك أدب الجدل، ولا بصيرة بحقائق الكلام" (2) أما الطريقة المثلى في التعامل مع هؤلاء المضلين فقد بينها المقدسي في موضع آخر بقوله " فليس ينبغي أن يتمكنوا من الكلام في مذاهبهم ليتسعوا فيه، ويتكثروا به، ولكن يسد عليهم الباب من وجهه، والله المستعان على ذلك، وهو خير معين"(3)
تأويلات الباطنية
اهتم المقدسي اهتماماً ملحوظاً بذكر تلك التأويلات والرد عليها، وكان أغلبها متجهاً إلى ثلاثة موضوعات: قصص الأنبياء ومعجزاتهم، وبعض الأحكام الشرعية، والأمور الغيبية.
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 1 ص 4.
(2) المرجع السابق، ج 1 ص 1- 2.
(3) المرجع السابق، ج 5 ص 51.(1/121)
فأما أقوالهم في قصص الأنبياء ومعجزاتهم، فمنها: أن الباطنية استعظموا طول قامة آدم - عليه السلام - وكذلك طول قامة قوم عاد، وطول عمر نوح - عليه السلام - وقصة الطوفان، حتى أنكر ذلك بعضهم، وأوله البعض تأويلاً منحولاً. (1) وقالوا: بأن صالح - عليه السلام - هو الذي وضع الناقة خلف الصخرة، ثم بدا كأنها خرجت منها. (2) وبأن إبراهيم - عليه السلام - لم يطرح في النار، إنما هموا بطرحه ثم بدا لهم خلافه، وهذا تفسيرهم لأية " قُلْنَا يانَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَامَاً "(3) وقالوا عن قصة موسى – عليه السلام – مع السحرة: إن تلقف عصاه عصيهم أي غلبت حجته حجتهم. (4) وأن شعاع اليد وانفجار الماء من الحجر، وحياة السبعين بعد موتهم، كل ذلك كان مثلا لإصابتهم وجه العلم فيما طلبوا بعدما ماتوا بالجهل. (5) وقالوا بأن دخول يونس - عليه السلام – بطن الحوت إنما هو حجة لزمته، وحق أسكته، ونداؤه في الظلمات أي ظلمات الجهل والحيرة. (6)
__________
(1) المرجع السابق، ج 3 ص 17.
(2) المرجع السابق، ج 3 ص 42.
(3) والآية من (سورة الأنبياء 69). المرجع السابق، ج 3 ص 95.
(4) البدء والتاريخ، ج 3 ص 55.
(5) المرجع السابق، ج 3 ص95 - 96.
(6) المرجع السابق، ج 3 ص 112.(1/122)
وأما أقوالهم عن بعض الأحكام الشرعية: فقد حرص المقدسي على ذكر حِكَمِ تشريع بعض الأحكام التي يعترض عليها الباطنية، ثم بين أنه ذكر ذلك حتى يُرد عليهم بها، فيقول " ومتى كان كلامك معهم في هذه الجملة التي شرحتها لك لم يزيلوك بحمد الله عن دينك، ولا أرحلوك عن عقيدتك، وبذلك يخابون عن جميع ما يسألون عن أعداد الفرائض، وأوقات الشرائع، وكيفياتها وكمياتها "(1) وبرغم أنه لم يذكر تفاصيل اعتراضاتهم وتأويلاتهم لكنه قد أشار إلى بعضها، مثل اعتراضهم على: نواقض الوضوء وكيفيته، والختان، ومناسك الحج وتفضيل الذكر على الأنثى في الميراث. (2)
وأما الأمور الغيبية فمن أقوالهم: إن القلم هو العقل، واللوح هو النفس. (3) وإن طلوع الشمس من مغربها آخر الزمان، معناه ظهور سلطان يستولي على الأرض، ويقهر كل سلطان دونه. (4)
مصادر عن الباطنية
قد أحال المقدسي القارئ إلى كتب الباطنية لمعرفة أقوالهم وأسرارهم(5)، كما أحال على مصدر يرد عليهم وهو:" ابن رزام في كتاب النقض على الباطنيّة "(6) الذي مدحه وبين قدره بقوله " وما بلغ أحد منهم ما بلغ ابن رزام فإنه أظهر عورتهم وملأ جلودهم مساءةً وعيباً"(7)
نقم المقدسي على الباطنية، وأثر ذلك
__________
(1) المرجع السابق، ج 5 ص51.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 46 - 55.
(3) المرجع السابق، ج 1 ص 163.
(4) المرجع السابق، ج 2 ص 201.
(5) المرجع السابق، ج 5 ص 134.
(6) المرجع السابق، ج 1 ص 137.
(7) البدء والتاريخ ، ج 5 ص 134.(1/123)
كان لانكشاف أمر الباطنية عند المقدسي، ومعرفته بخطرهم أثر كبير على نفسه، لذا وصفهم بأقبح الصفات كلما تطرق لشيء من أقوالهم، بل إنه كتب الفصل الأول " تثبيت النظر وتهذيب الجدل " من أجلهم. يقول المقدسي " فهذه مقدمات قدمناها نظراً للناظر في كتابنا، ونصحاً لمن احتاط لدينه وتحرزاً من تمويه الملحدين، وتلبيس الممخرقين، وخطرات المجان ووساوس الخلعاء، الذين أفسد الفراغ فكرهم، وأخمدت الكفاية قرائحهم، وخلت عن الدقائق عقولهم، وعاشت بصنوف الشهوات نفوسهم، وملكهم الهزل، وركبهم الجهل، واسترقهم الباطل، وهجرتهم الفكر، وعميت عليهم مواقع النظر، فاحتالوا في إسقاط التكليف...... "(1) ووصفهم أيضاً بـ " الزائغون عن المحجة "(2) و" الشرذمة الخسيسة "(3) و" المتسترين بالدين "(4)
كلمة جامعة عن الباطنية والتحذير منهم
__________
(1) المرجع السابق، ج 1 ص 54.
(2) المرجع السابق، ج 1 ص 1.
(3) المرجع السابق، ج 5 ص 45.
(4) المرجع السابق، ج 1 ص 163.(1/124)
أختم هذا الموضوع بهذه الكلمة الطيبة التي قالها المقدسي ضمن كلام طويل قال أثناءه " فاحذروا عباد الله أنفسكم، وأهواءكم، وأصنافاً من أشباهكم أنا واصفها لكم في نحل المسلمين إن شاء الله، والزموا الدين الذي أحل الله خلقه، ودعاهم إلى التمسك به، وأخذ عليهم المواثيق، والعهود في المحافظة عليه، وأنزل به الكتب، وأرسل الرسل، ووعد من أجاب إليه، وأوعد من حاد عنه، فقد وضحت دلائل برهانه، وصحت آثار حكمته، وإياكم والاغترار بالجهل، والمجان، والخلعاء... لغلبة حظ البهيمية والسبعية عليهم، حتى صار أقصى همة أحدهم امتلاء بطن، واكتساء ظهر، ومنال شهوة، وإنفاذ غيظ، والنكاية في عدو، فموهوا أباطيل مزخرفة، وأساطير مزورة، ظاهرها التشكيك والتلبيس، وباطنها الكفر والإلحاد، يقتنصون بها الأغمار والأحداث، ويحيرون العوام الذين ليس عندهم فضل معرفة، ولا كثير تميز. ومهما اشتبه عليكم من أمرهم شيء فلا تغفلوا عن فعل الله بهم مذ قامت الدنيا على ساقها، لم يطمح منه طامح في جاهلية ولا في الإسلام إلا وهضه (1) الله بقارعة، ولا أقاموا راية إلا وهلها (2) الله بالنكس والخمول، ولا نجم ناجم إلا سلط الله عليه أضعف خلقه، ولا كاد للدين كيداً إلا رده الله في نحره، ينجز وعده منه تعالى ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون"(3)
عيوب الكتاب وأسباب قلة شهرته
__________
(1) الوهضة: هي المطمئن من الأرض. انظر: الفيروزأبادي، القاموس المحيط، مادة وهض، ص1069.
(2) وَهِلَ: ضَعُف. انظر: الفيروزأبادي، القاموس المحيط، مادة وهل، ص657.
(3) البدء والتاريخ، ج 2 ص 240 - 241.(1/125)
يتملك القارئ لكتاب البدء والتاريخ العجب من عدم شهرة الكتاب مثل بقية المصادر التاريخية، برغم ما له من قيمة علمية معتبرة. ويزداد العجب حين يعلم أنه قد فاق بعض تلك المصادر المشهورة في نواح عدة، وأن ما عيب به الكتاب قد طال غيره في بعض تلك المصادر، بل إنه قد سلم من عيوب قادحة وقعت في بعضها. والحق أن الكتاب لم يأخذ حظه الوافي لأسباب تتعلق بمنهجيته من جهة، ومن جهة أخرى لأمور عامة تتعلق بالمقدسي، وبخدمة الكتاب عامة. ويظن الباحث أن هذه الأمور كانت السبب الرئيس وراء عدم شهرة الكتاب قديماً وحديثاً. ونستطيع أن نتلمس هذه الأمور فيما يلي :-
(1) الجهل بشخصية المقدسي ومكانته العلمية
وهذا بلا شك أثر علي الكتاب، إذ معرفة المؤلف من أهم أسباب قبول الكتاب وذيوعه خاصة إذ كان الكتاب جيداً.
(2) الجهل بمؤلف الكتاب(1/126)
وهذا من بالغ سوء حظ الكتاب حيث صدق فيه المثل العربي " أحشفاً وسوء كيلة " (1) فقد اجتمع في كتاب البدء والتاريخ جهالة مؤلفه، ونسبة الكتاب لغيره، إذ لو عرف الكتاب بمؤلفه لكان ادعى إلى بحث طلاب العلم عن شخصية المقدسي وحياته، وحتماً كانوا سيصلون ولو إلى معلومات قليلة عنه، ولكن للأسف ظل الكتاب نسياً منسياً قروناً عند أغلبية العلماء، وبخلت كتب الرجال والتراجم على المقدسي ولو بسطر واحد تقيد فيه اسمه. وأما في الماضي فكأن الكتاب لم يطرق باب بغداد، والعراق، والشام، ومصر طيلة قرون طويلة إذ لا خبر عنه، ولا أحد نقل منه إلا ابن الوردي (ت749هـ 1348م). فأين كانت أنظار أهل العلم طيلة تلك القرون، ومما يؤسف له أنه لما وصل إلى يد ابن الوردي كان مؤلفه قد أبدل، ومؤلفه الحقيقي صار في طي النسيان. نعم ربما عرف الكتاب بمؤلفه المطهر المقدسي في أطراف المشرق حيث نقل عنه أبو المعالي الفارسي، وأبو منصور الثعالبي، ولكن هيهات لعالم أو كاتب لم يعرف ببغداد والعراق – في هذا الزمان - أن ترتفع رايته، وتسمو في سماء العلم مكانته. وربما يقفز إلي الذهن احتمال وجوده بمدينة السلام ثم إعدامه إبان الاجتياح التتاري لبغداد سنة 656هـ. أقول مع احتمال هذا وإمكانه لكنه بعيد أيضاً إذ بين تأليف الكتاب، وتدمير بغداد حوالي ثلاثة قرون، كانت كافية للتعرف علي الكتاب، والتعريف بمؤلفه.
(3) عدم خروج الكتاب محققاً تحقيقاً علمياً
__________
(1) ونص المثل " أحشفاً وسوء كيلةٍ؟ "والحشف أردأ التمر. ومعنى المثل: أتجمع علىّ أن تعطيني حشفاً وتكيل لي كيلة سيئة؟ ويضرب للأمر يكره من جهتين. انظر: ابن منظور: محمد بن مكرم، لسان العرب، مادة: حشف، القاهرة، دار المعارف، ج2 ص887.(1/127)
في الوقت الذي حققت فيه كثير من كتب التراث الهامة عدة تحقيقات علمية، يظل كتاب البدء والتاريخ يفتقر إلي ذلك، إذ يحتاج الكتاب إلى تحقيق نصوصه تحقيقاً جيداً علي عامة مخطوطاته، مع تخريج أحاديثه وأثاره، وتوثيق نصوصه - خاصة التاريخية –.
أما عن العيوب المنهجية التي أثرت علي قيمة الكتاب واشتهاره
فالطبع لم يسلم كتاب البدء والتاريخ من عيوب مؤثرة لكننا لن نتناول جزئياتها هنا، بل سنقف فقط علي العيوب التي أثرت علي قيمة الكتاب عامة، وعدم شهرته.وأهم تلك العيوب:-
المقدمة الفلسفية والاستطرادات الكلامية
وذلك في الفصول الأولي من الكتاب، مما يصيب قارئ التاريخ بالملل، ويفقد الكتاب سمة التشويق والمتعة التي ينتظرها ويبحث عنها محبو التاريخ.كما أنها تتطلب ثقافة فلسفية وكلامية لفهم الألفاظ والمصطلحات التي استخدمها المقدسي في هذه الفصول، وتحتاج في أغلب الأحيان إلى مزيد من التركيز والتدقيق لاستيعاب جزئياتها. وهذا كله بلا شك أثر علي الكتاب، لاسيما وأنها قد تصدرت الكتاب فكأنما صدره صار صاداً عن سائره. وهنا يجد القارئ نفسه يحتاج إلي الإجابة عن سؤال سيلح عليه: هل هذا كتاب تاريخ أم ماذا ؟
سوء ترتيب بعض فصول الكتاب
بالطبع لم يكن ترتيب المقدسي خبط عشواء، لكن ترتيبه هذا قد أضر بالسياق المتوالي للعصور والأحداث التاريخية. وهاك توضيح ذلك:-
حمل الفصل الخامس أول الموضوعات التاريخية عن بدء الخلق وكيفيته، ثم استطرد المقدسي وأطال في تفاصيل خلق المخلوقات المختلفة، مما أخر الموضوع التاريخي الثاني إلي أوائل الفصل الثامن في ظهور آدم وانتشار ولده.(1/128)
وكان من المتوقع أن يعقب بتاريخ الأنبياء فإذا به يذكر الفتن والكوائن إلى قيام الساعة في الفصل العاشر، فكأنه أراد أن يقرن بين البداية والنهاية. وبعد تناوله قصص الأنبياء، كان المفترض أن يلج إلى السيرة النبوية، لكنه تناول: تاريخ ملوك العجم، وأديان الأرض، وأقسامها، والأنساب. وإذا كان له عذر مقبول في تناول ثلاثة موضوعات منها، فإن اعتذاره غير مقبول في وضع الفصل الثالث عشر في ذكر أقسام الأرض وبالغ أقاليمها في هذا الموضع. ثم فصل مرة أخيرة بين السيرة النبوية وعصر الخلفاء الراشدين بفصلين ترجم في أحدهما لبعض الصحابة، وتناول في الأخر الفرق الإسلامية.
وهكذا انقطع السياق التاريخي عدة مرات، ولم تتصل حلقات التاريخ إلا في الفصول الثلاثة الأخيرة التي تناول فيها عصر الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين.
الباب الثاني
منهج المقدسي التاريخي
في كتابه البدء والتاريخ
الفصل الأول: مصادر المقدسي.
الفصل الثاني: منهج العرض واتجاهات الكتابة التاريخية
عند المقدسي.
الفصل الثالث: منهج النقد ومعالم الفكر التاريخي عند
المقدسي وتقييم منهجه
الباب الثاني
الفصل الأول
مصادر المقدسي
المصادر المباشرة وطرق الإسناد إليها
المصادر غير المباشرة وطرق الإسناد إليها
طرق النقل من المصادر وأسس اختيارها
المصادر المباشرة وطرق الإسناد إليها(1/129)
مع استقلال علم التاريخ عن علم الحديث لم يعد أكثر المؤرخين يتقيد بذكر رواياتهم مسندةً، فقد ظهرت طرق أخرى في توثيق الأخبار، حيث جنح بعضهم إلى ذكر مصادره مجتمعة في مقدمة كتابه، بينما أردف البعض كل خبر بمصدره بلا إسناد، أو ذكر مصادره لباب أو حقبة مرة واحدة ثم يسرد المرويات دون تكرار لذكر المصدر. والمقدسي اختار الطريق الثاني في أغلب مروياته، والطريق الثالث في بعض أبواب الكتاب. ولم يهمل المقدسي الطريقة الإسنادية مطلقاً، بل ذكر بعض المرويات مسندة إلى قائلها. ويمكننا تقسيم مصادر المقدسي إلى قسمين أساسيين:
القسم الأول: مصادر مباشرة.
وهي نوعان: النوع الأول : مصادر المشاهدة والمشافهة.
وتشمل: 1- مصادر مسندة. 2- مصادر غير مسندة.
النوع الثاني: الكتب والمؤلفات. وهي كثيرة متنوعة، قد قسمت حسب وعائها العلمي.
القسم الثاني: مصادر غير مباشرة.
وتشمل المرويات والأقوال التي نسبها المقدسي إلى رواة وعلماء لم يسمع منهم مباشرة، ولم يذكر مصدراً مكتوباً أخذ منه، وسنذكر كل نوعٍ مصحوباً بطرق الإسناد إلى مصادره، ثم منهج النقل من المصادر عامة، ثم منهج اختيار المقدسي لمصادره.
مصادر المشاهدة والمشافهة
أولاً: مصادر غير مسندة
وقدمتها على المسندة لكثرتها، ولشمولها مصادر المشاهدة. وهذه المصادر قد تنوعت عند المقدسي بحسب طرق تحمله لها إلى:-
1- المشاهدة
وهي ما ذكره المقدسي عن طريق الرؤية المباشرة، ومنه قوله عن ميلاد عيسى عليه السلام "وموضع الولادة بيت لحم معروف مشهور، وقد شاهدناه، وشاهده كل من وطئ تلك البلاد "(1).
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص121.(1/130)
وقال عن مذاهب الخُرَّمية "وأصل دينهم القول بالنور والظلمة، ومن شاهدنا منهم في ديارهم وجدناهم في غاية التحري للنظافة والطهارة...ووجدنا منهم من يقول بإباحة النساء على الرضا منهن...."(1). وقال عن بعض الباطنية " ولقد رأيت بعضهم يزعم أن تلقف عصا موسى – عليه السلام – عصيهم - أي السحرة – غلبهم بحجته حجتهم "(2).
ويحسن التنبيه على أن المقدسي أحياناً يقول: رأيت كذا. ولا يعني بذلك الرؤية المعاينة للأحداث، إنما يقصد به الرؤية في الكتب.(3)
2- السؤال
مثل قول المقدسي " سألت بعض الأعاجم بنواحي سنجار "، (4) " سألت القبط من صعيد مصر" (5) ويلاحظ هنا أنه حدد مكان مصدره.
3 - السماع
وللمقدسي في نقل سماعاته صورٌ عديدةٌ، منها: تعيين من سمع منه ومكانه مثل "وسمعت أبا عبد الرحمن الأندلس بمكة حرسها الله ". (6) وذكر صفة من سمعه وتحديد مكانه مثل " سمعت قوماً من برجان "(7) أو الاكتفاء بذكر صفة من سمع منه مثل " سمعت بعض القرامطة "(8)، " سمعت رجلاً من يهود "(9)، " سمعت بعض أهل العلم يزعم "(10)، " ولقد سمعت غير واحد من أهل العلم "(11)، " وسمعت بعض أهل العلم "(12)، "وسمعت المجوس "(13)،
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص31
(2) المرجع السابق، ج3 ص95. وانظر أيضاً: ج3 ص112.
(3) المرجع السابق، ج1 ص135.
(4) المرجع السابق، ج1 ص76.
(5) المرجع السابق، ج1 ص64.
(6) المرجع السابق، ج4 ص65.
(7) المرجع السابق، ج1 ص64.
(8) المرجع السابق، ج1 ص184.
(9) المرجع السابق، ج1 ص200.
(10) المرجع السابق، ج2 ص53.
(11) المرجع السابق، ج3 ص161.
(12) المرجع السابق، ج2 ص234.
(13) المرجع السابق، ج2 ص194.(1/131)
" وسمعت بعضهم يقول – أي المجوس -"(1)، " سمعت بعض القصاص يزعمون " (2) " سمعت بعض المفسرين "(3) " سمعت غير واحد - أي من الفرس-"، (4) "سمعت واحداً منهم يزعم- أي من الصوفية "، (5) "ولقد سمعت بعض علماء الخرَّمية "(6)
أو عدم تعيين اسم ولا صفة من سمعه مثل "وسمعت من يزعم" (7) "وسمعت من يقول"(8)، " سمعت بعض الناس "(9)، " وأذكر أنى سمعت بعضهم " (10)،" سمعت غيره يزعم "(11)، " سمعت غير واحد يقول "(12).
4- التحديث والإخبار ونحوهما
وللمقدسي أيضاً في نقل التحديث والإخبار صور عديدة، منها: ذكر اسم وصفة ومكان من حدثه مثل " وحدثني أبو نصر الحرشي بفرجوط قرية من الصعيد، وكان يقرأ كتب الأوائل "(13). أو ذكر اسم ومكان من حدثه مثل " وحدثني هارون بن كامل بمصر " (14)، " وحدثني أبو طالب الصوفي بإخميم "(15)، " وأنشدني النهريبندي في جامع البصرة "(16).
أو ذكر صفة ومكان من حدثه مثل"وخبرني هربذ المجوس بفارس"(17)" وفسر لي يهودي
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص143.
(2) المرجع السابق، ج3 ص81.
(3) المرجع السابق، ج3 ص130، 166.
(4) المرجع السابق، ج1 ص63.
(5) المرجع السابق، ج5 ص148.
(6) المرجع السابق، ج3 ص122.
(7) المرجع السابق، ج2 ص171.
(8) المرجع السابق، ج2 ص202، ج3 ص96.
(9) المرجع السابق، ج3 ص23.
(10) المرجع السابق، ج3 ص42.
(11) المرجع السابق، ج3 ص42.
(12) المرجع السابق، ج 6 ص28.
(13) المرجع السابق، ج2 ص156.
(14) المرجع السابق، ج5 ص199.
(15) المرجع السابق،ج6 ص52.
(16) المرجع السابق، ج1 ص77
(17) المرجع السابق، ج2 ص60.(1/132)
بالبصرة "(1) أو ذكر اسم من حدثه فقط مثل "وأنشدني ابن عبد الله للحسين بن منصور"(2) أو ذكر صفة من حدثه فقط مثل "وخبرني بعض مجوس فارس" (3)،" قرأ على بعض المجوس"(4) " وحدثني رجل من علماء يهود " (5) " وعد أسماءهم لي رجل من اليهود"(6)، "وقال لي قبطي منهم"(7) أو إبهام من حدثه مع ذكر صفته مثل " حدثني غير واحد من الغواصين"(8) أو إبهام من حدثه مع ذكر مكانه مثل "حدثني غير واحد من أهل وخان"(9) أو إبهام من حدثه مطلقاً مثل " حُدثت عن رجل في بلاد سابور"،(10) "حدثت عن أبى عثمان الجاحظ"(11)
ملاحظات على هذه المصادر
أولاً: بلغ عدد المرويات المساقة بهذا النوع من المصادر إحدى وأربعين روايةً وخبراً، وهذا عدد قليل جداً بالنسبة لعدد مرويات وأخبار كتاب البدء والتاريخ، وربما نتج هذا عن عدم تأريخ المقدسي لأحداث عصره.
ثانياً: توزعت هذه المصادر بين أجزاء الكتاب توزيعاً غير متوازن، حيث ورد في الجزء الأول: ست روايات، والثاني: أربع عشرة رواية، والثالث: اثنتا عشرة رواية، والرابع: أربع روايات، والخامس: ثلاث روايات، والسادس: روايتان فقط.
ثالثاً: تحلى المقدسي في كثير منها بالدقة، والتوثيق من خلال ذكر اسم، أو صفة، ومكان تحمله لما يرويه. وان لم يلتزم ذلك في جميع المرويات.
ثانياً: مصادر مسندة
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص81.
(2) المرجع السابق، ج2 ص91.
(3) المرجع السابق، ج2 ص143.
(4) المرجع السابق، ج2 ص149.
(5) المرجع السابق، ج2 ص235.
(6) المرجع السابق، ج3 ص5.
(7) المرجع السابق، ج3 ص126.
(8) المرجع السابق، ج4 ص96.
(9) المرجع السابق، ج4 ص97.
(10) المرجع السابق، ج2 ص90.
(11) المرجع السابق، ج5 ص144.(1/133)
برغم أن المقدسي قد اشترط على نفسه في مقدمة الكتاب تتبع صحاح الأسانيد لكنه فرق بين ذلك التتبع وبين ذكر المرويات بأسانيدها. وكان حجته في ذلك أنه لم يشترط على نفسه الرواية، وأن عامة ما يذكره من أخبار مشهورة لا يتوقف في معرفتها على الأسانيد.
يقول المقدسي "واعلم أنه ليس من شريطة هذا الكتاب رواية الأسانيد، وتصحيح الأخبار لأن عامتها مستغنية بظهورها عن السند"(1) ويقول أيضاً " وهذه الأخبار أتينا بها لشهرتها عند عوام الأمة، واستغنائها عن الأسانيد"(2) وليس هذا موضع مناقشة كلام المقدسي في استغناء الأخبار المشهورة عن التوثيق، ولكن يلاحظ القارئ أن المقدسي كان يدرك أهمية الأسانيد في توثيق الأخبار، وأنها مدار معرفة صحيحها من سقيمها. ومع ما اعتذر به المقدسي لكنه أورد عدداً من الروايات المسندة بلغت أربع عشرة رواية (3)، منها: ستة أحاديث نبوية،(4) وستة أثار عن بعض الصحابة، (5) وأثران آخران. (6) وقد تميز المقدسي في نقل تلك الروايات بذكر اسم من روى عنهم، مع تنوع في ذلك مثل ذكره اسم وزمان ومكان التحمل عمن روى عنه مثل "وقد حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج المعروف بالسجزي بالشيرجان سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.." (7). أو ذكر الاسم والمكان فقط مثل "وحدثنا الحسن بن هشام ببلد.." (8)، "وحدثنا عبد الرحمن بن أحمد المروزي بمرو.." (9)، "وحدثني محمد بن سهل بأسوار.."، (10)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص159.
(2) المرجع السابق، ج1 ص193.
(3) قد مر ذكر الروايات كاملة في مطلب شيوخ المقدسي انظر: ص 54 - 60.
(4) البدء والتاريخ، ج1 ص146، 147، 148. ج2 ص158. ج2 ص170، 171، 172.
(5) المرجع السابق، ج1 ص77، 147، 194. ج2 ص102، 105،181.
(6) المرجع السابق، ج5 ص71، 149.
(7) المرجع السابق، ج2 ص181.
(8) المرجع السابق، ج1 ص146- 147.
(9) المرجع السابق، ج1 ص147.
(10) المرجع السابق، ج1 ص147..(1/134)
"وحدثني حاتم بن السندي بتكريت" (1)، "وقرأ على خيثمة بن سليمان القرشي بأطرابلس.." (2)، "وحدثني محمد بن خالويه بالسوس"(3). كما نلاحظ تنوعاً في طرق وصيغ التحمل مثل "حدثنا"(4)، "حدثني"(5)، "أخبرني"(6)، "قرأ علي"(7). وبرغم قلة تلك الروايات إلا أنها أفادتنا في التعرف على بعض شيوخ ورحلات المقدسي، ولمحات عن ثقافته العلمية في علم الحديث.
الكتب غير التاريخية
أولاً: كتب الديانات
وتشمل الكتب السماوية: القرآن الكريم، إلى جانب التوراة والإنجيل، كما تشمل الكتب المقدسة عند أهل الديانات الأخرى، ككتب مجوس الفرس.
ولقد أولى المؤرخون المسلمون الكتب المقدسة اهتماماً بارزاً باعتبارها أحد المصادر التاريخية الهامة خاصةً في تاريخ بدء الخلق، والأنبياء، والسيرة النبوية، لاسيما القرآن الكريم الذي بلغ النهاية في المصداقية والبيان.
بينما وجدنا عدداً من المستشرقين لا يعتدون بالكتب المقدسة - ومن بينها القرآن الكريم - كمصادر تاريخية يعول عليها، لأن ما جاء فيها – بحسب زعمهم - لا يتضمن تفصيلات تاريخية، كما أنها تهدف إلى عبرة أخلاقية وينقصها التحديد الزماني، والمكاني للأحداث(8)
والحق أن ما سيق لنقض مصدرية الكتب المقدسة هو مجرد شبهات واهية، خاصة بالنسبة للقرآن الكريم الذي عرض لأحداث تواتر وقوعها عند العرب، مثل: سيل العرم، وقصة أصحاب الأخدود، وأصحاب الفيل وهي محددة الزمان والمكان عندهم.
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص148.
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص105.
(3) المرجع السابق، ج5 ص149.
(4) المرجع السابق، ج1 ص146، 147، 194. ج2 ص102، 158، 170، 172، 174.
(5) المرجع السابق، ج1 ص147، 148، 181. ج5 ص149.
(6) المرجع السابق، ج5 ص71.
(7) المرجع السابق، ج2 ص105.
(8) السيد عبد العزيز سالم، التاريخ والمؤرخون العرب، ص174.(1/135)
كما أن سوق الأحداث للعبرة والعظة لا يتصادم مع مصداقيتها وأهميتها، ولو لم تبلغ الغاية في التفصيل،وإلا لنقضنا كثيراً من المصادر الأثرية، وغيرها التي لا تمدنا إلا بمعلومات قليلة، وربما بإشارات عابرة. وربما قيل: لماذا اعتد المؤرخون المسلمون بكتب أهل الكتاب مع ما هو معلوم من التحريف الواقع فيها ؟ فيرد على ذلك بأن تلك المرويات لا يتعلق أغلبها بعقيدة أو تشريع، لذا لم يستنكف المؤرخون عن أخذ الأخبار التاريخية عنها، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال" حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فإنه كانت فيهم الأعاجيب"(1)
(1) القرآن الكريم
__________
(1) الحديث أخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد في الزهد، وابن أبى شيبة في المصنف، والبزار في مسنده من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -. انظر: الألباني، السلسلة الصحيحة، الرياض، مكتبة المعارف، 1416 هـ 1996م حديث رقم 5926 ج 6 ص 1028 – 1030.(1/136)
لقد أنزل الله جل وعلا كتابه العزيز: هدى للعالمين، وبياناً للناس، وليس مجرد كتاب قصص وتواريخ، لكن من تمام هداه وشمولية بيانه أن ضمنه الله تعالى قصصاً تعين المسلم على فهم الحياة، وتثبت قلب المؤمن على الحق والرشاد، بأخذ العبرة من أقدار الله في خلقه، خاصة مع صفوتهم من الأنبياء، والمرسلين حين نصرهم الله برغم ما عانوا من مشاقِ. يقول الله تعالى" وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِى هَاذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ " } هود آية : 120 { ويقول أيضاً" لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولي الأَلْبَابِ " (1)(يوسف:111( وإذا نظرنا إلى منهج المقدسي نراه قد أولى القرآن الكريم اهتماماً كبيراً، خاصة مع تبحره في علم التفسير، ومعرفته بأدلة العلماء في المسائل الكثيرة التي ساقها في الفصول غير التاريخية. وأما الفصول التاريخية فقد حفلت بالآيات القرآنية، وأسباب نزولها خاصة في السيرة النبوية. وأهم الموضوعات التاريخية التي اعتمد فيها المقدسي على القرآن الكريم هي: ابتداء الخلق، (2) وخلق السموات والأرض، (3) وظهور آدم، (4) وتاريخ الأنبياء، (5) والسيرة النبوية. (6)
ولقد تعددت صور وأغراض إيراد المقدسي للآيات القرآنية حيث: -
جعلها عنواناً لبعض أذكار الكتاب
__________
(1) محمد الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية، 1984م، ج 1ص 64- 69، مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، القاهرة، مكتبة وهبة، الطبعة السابعة، ص 300 – 302.
(2) البدء والتاريخ، ج 1 ص 115 – 201.
(3) المرجع السابق، ج 2 ص 1- 73.
(4) المرجع السابق، ج 2 ص 74 – 130.
(5) المرجع السابق، ج 3 ص 1 – 137.
(6) المرجع السابق، ج 4 ص 131 - 242.(1/137)
مثل قول المقدسي" ذكر قوله تعالى" هُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ (1) }سورة الحديد، آية:4{ومثل قوله " ذكر قوله تعالى" وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَـ?ائِكَةِ "(2) } سورة البقرة، آية : 31 {
ذكر آيات ضمن أحاديث نبوية وأسباب نزول
مثل قول المقدسي " وقال الله لرسوله حين سئل عن الدلالة عليه " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ......" (3) }البقرة آية:164{ ومثل قول المقدسي أثناء حديثه عن المهاجرين إلى المدينة وهو يعد أسماءهم " وعياش بن أبى ربيعة، وهو أخو أبي جهل بن هشام، فنذرت أمه أن لا يظلها سقف بيت حتى يرتد فخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام فرداه، فلم يزالا يعذبانه حتى فتناه عن دينه، وفيه نزلت " وَمِنَ النَّاسِ مَن يِقُولُ ءَامَنَّا بِـ?للَّهِ فَإِذَآ أُوذِىَ فِى اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ
النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ"} العنكبوت، آية :10 {ثم هاجر بعد ذلك وأسلم...." (4).
آيات ذكرها ضمن آثار عن الصحابة
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 52
(2) المرجع السابق، ج 2 ص 92.
(3) المرجع السابق، ج 1 ص 72 – 73.
(4) المرجع السابق، ، ج 4 ص 167 – 168. والأمثلة على ذلك كثيرة،انظر: المرجع السابق،ج 1ص72، 79، 80. ج 3 ص135، 137، 170ج 4 ص 33، 141، 143، 145،157، 168، 171، 172،184، 191، 206، 211، 212، 213، 216، 220، 223، 225، 228. ج 5 ص 3، 15، 35، 42، 135، 161.(1/138)
مثل قول المقدسي عند ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم " ثم قال - يعنى أبا بكر- يا أيها الناس إن الله قد نعى نبيكم إلى نفسه وهو حي بين أظهركم ونعاكم إلى أنفسكم فقال " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ "(1) }الزمر،آية 30 {. ومثل قول ابن عباس - رضي الله عنه - في مناظرته مع الخوارج "وأما قولكم إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم - أي على بن أبى طالب رضي الله عنه - فإن الله تعالى يقول(2) " النَّبِىُّ أَوْلَى بِـ?لْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ "( الأحزاب، آية : 6 ) فهل كنتم تسبون أمكم وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها (3). إلى غير ذلك من الأمثلة (4).
آيات ذكرها ضمن أخبار تاريخية
__________
(1) المرجع السابق، ج 5 ص 63.
(2) مما يؤسف له أن المثبت في الكتاب " فإن الله تعالى يقول إن النبي أولى......"
(3) البدء والتاريخ، ج 5 ص 224.
(4) المرجع السابق، ج 1 ص 147، 149. ج 2 ص 5، 83، 94 ج 3 ص 14 ج 4 ص 188، 215، 216.
ج 5 ص 58، 63، 64، 222، 223، 228، 237، 238.(1/139)
مثل قول الحجاج بن يوسف الثقفي (ت95هـ 714م) وهو يخطب في أهل العراق " والله لأحرصّنكم حرص السلمة (1) ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل فإنكم لكأهل قرية " كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ "(2) (النحل 112) ومثل قوله عن ابن طباطبا (ت 199هـ 81 م ) (3) أن خاتمه ودرهمه نقش عليهما " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ " (4) (الصف، آية 4 )
آيات ذكرها ضمن أقوال للعلماء وأصحاب الفرق
وهى كثيرة لكثرة ما أورده من مسائل عقدية، وكلامية، وتاريخية لأصحاب الديانات، والفرق الإسلامية. (5) ومن أمثلة ذلك :-
__________
(1) هكذا في الأصل، والرواية بهذا اللفظ غير صحيحة، إنما هي " لأعْصِبَنكمْ عَصْبَ السّلَمَة "والسَّلَمَةُ شجرة ذاتُ شوكٍ مفترشة الأغصان؛ فإذا أرادوا قطعها عصبوا أغصانها، أي شدوها حتى يصلوا إلى أصلها فيقطعوه. انظر: ابن منظور، لسان العرب، ج4 ص2964.
(2) البدء والتاريخ، ج 6 ص 30.
(3) هو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبى طالب – رضي الله عنهم- خرج شهرين على الخليفة الأمين بالكوفة أثناء حروب الأمين والمأمون، لكنه مات فجأة. انظر: الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 8 ص 528 – 533، أبو الفرج الأصفهاني على بن الحسين بن محمد القرشي الأموي، مقاتل الطالبين، القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، ج 2 ص 518 – 532.
(4) البدء والتاريخ، ج 6 ص 109.
(5) انظر هذه المواضع: البدء والتاريخ، ج 1 ص 37، 73، 99، 100، 101، 165،166، 167، 170، 171، 175، 178، 179، 188، 189، 193، 201، 208 ج 2 ص 2، 51، 68، 88، 89، 92، 122، 233، 234. ج 3 ص 8. ج 5 ص 28، 126، 127، 130، 131، 145، 147.(1/140)
قول المقدسي عن فرقة الشيعة الإمامية الإثني عشرية (1) " وينتظرون خروج الثاني عشر، فيخرجون على الأمة بالسيف والسلب،ويتأولون قوله تعالى " يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ "( الأنعام، آية : 158)إنما هو قيام المهدي. (2)
آيات ذكرها مستدلاً ومستشهداً بها على ما يريد
وهى كثيرة جداً لكثرة ما أورده المقدسي من أدلة ومناقشات في المسائل العقدية والكلامية، ولكثرة ما ذكر من آيات كمصدر من مصادره في الموضوعات التاريخية.
وهذه الآيات يمكننا أن نقسمها إلى قسمين:
__________
(1) هي أكبر فرقة شيعية في العصر الحاضر، تقول بأن الخلافة بالنص لاثني عشر إماماً بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفرون كثير من الصحابة بما فيهم الخلفاء الثلاثة لأنهم - بزعمهم – منعوا علياً - رضي الله عنه - حقه الذي نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم ويعملون الآن لنشر مذهبهم ومعاداة أهل السنة خاصة في العراق حيث يوجد لهم ثقل بها، إلى جانب دولتهم في إيران وأعداد كبيرة في لبنان والبحرين وباكستان. انظر: المقدسي، البدء والتاريخ، ج 5 ص 126 – 127، الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1 ص 169 – 173، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، الرياض، الندوة العالمية للشباب الإسلامي1392هـ 1972م،299 – 305.
(2) البدء والتاريخ، ج 5 ص 127.(1/141)
القسم الأول: آيات ذكرها بلا تفسير (1)
مثل قول المقدسي " وليس يوجد اللؤلؤ والجوهر في عذاب البحور إلا في بحر الصين فإن ماءه عذب، ويوجد فيه اللؤلؤ، قال الله عز وجل " يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ "(2) (سورة الرحمن: 22 ) ومثل قوله عن دلائل نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم " يقول الله عز وجل" النَّبِىَّ الأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ" الآية ( الأعراف: 157) وقوله تعالى" وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ " (الصف:6) وقوله تعالى" الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ "(البقرة :146). (3)
والقسم الثاني: آيات ذكرها مع تفسيرها (4)
__________
(1) انظر مواضعها: المرجع السابق، ج1 ص 57، 79، 86، 87، 112، 156، 157، 158، 161، 162، 164، 177، 180، 183، 194، 196، 207. ج 2 ص 7، 13، 14، 16، 28، 31، 32، 33، 49، 49، 53، 54، 59، 63، 75، 93، 90، 96، 100، 101، 102، 112، 113، 115، 157، 202، 212، 213، 215، 217، 220، 222، 225، 226، 227، 228، 235. ج 3 ص 3، 4، 5، 7، 9، 13، 67، 68، 69، 73، 74، 75، 78، 82، 83، 87،95،97، 155، 157. ج 4 ص 5، 6، 7، 57، 81، 93، 95، 149، 158، 174، 227. ج 5 ص 27، 33، 43، 49، 141.
(2) المرجع السابق، ج 4 ص 57.
(3) المرجع السابق، ج 5 ص 27.
(4) انظر مواضعها: البدء والتاريخ، ج 1 ص 74، 193 ج 2 ص 3، 29، 41، 46، 65، 67، 81، 109، 185، 190، 185، 196، 198، 203، 204، 227، ج. 3 ص 49، 70، 71، 83 – 91، 98، 102، 103، 107، 109، 11 – 114، 116، 123، 125، - 131 133، 166، 181، 187، 211ج 4 ص 25، 82، 83، 102، 144، 159، 164ج5 ص 13.(1/142)
سواء نقل تفسيرها عمن قبله، أم فسرها بنفسه، وذلك مثل: قوله " قيل في قوله تعالى" وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا? أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ " (يوسف:24) أنه رأى يعقوب عاضاً على شفتيه وقيل: بل رأى جبريل يقول: أتيت بعمل وأنت مكتوب عند الله عز وجل من الأنبياء"(1) وقوله عن الرياح " قال الله تعالى وَهُوَ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ " ( الأعراف : 57)، فأخبر أنها بشرى المطر. وقال عز ذكره " اللَّهُ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً "( الروم : 48)، فأخبر أنها باعثه الغيم، ومثيرة السحاب. (2)
( 2 ) كتب أهل الكتاب
( أ ) التوراة
اعتمد المقدسي على التوراة المكتوبة بالخط العبري،إلى جانب بعض تراجمها العربية.
فأما العبرية فاعتمد عليها في ذكر البشارات المحمدية بنصها العبري ثم بتحويل حروفها إلى العربية ثم بذكر ترجمتها العربية. (3)
ومثال ذلك قوله بالعبرية، وبحروف عربية: هوفيع مهار فران واثا مرببوث قدس
وترجمتها بالعربية: يقول الله عز وجل
" أشرف من جبال فاران، ويأتي من ربوات القدس"(4)
وأما ما أخذه المقدسي من ترجمات التوراة – حيث ذكر أكثر من نسخة للترجمة – فأغلبه في قصص الأنبياء. (5)
وقد تنوعت صيغ نقله عن التوراة المترجمة إلى:-
__________
(1) المرجع السابق، ج 3 ص 70.
(2) المرجع السابق، ج 2 ص 28 – 29.
(3) البدء والتاريخ، ج 5 ص 30 - 32.
(4) المرجع السابق، ج 5 ص 32.
(5) المرجع السابق، ج 2 ص 3، 84 – 86، 86. ج 3 ص 11، 26، 61، 69، 73.(1/143)
مثل "وفي صدر التوراة "(1)، " وفي نسخة التوراة"(2)،"وفي التوراة"(3)، "قرأت في ترجمة التوراة "(4) ، "هذا مكتوب في ترجمة التوراة"(5) ، " ذِكْره صلى الله عليه وسلم في التوراة، قرأت في نسخة أبى عبد الله المازني.... "(6)
( ب ) الإنجيل
لم يعتمد المقدسي على الإنجيل إلا في موضعين: الأول: تصريحاً، حين نقل عنه نصوصاً في ذكر النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، منها " قال المسيح - عليه السلام – للحواريين أنا ذاهب وسيأتيكم الفارقليط روح الحق الذي لا يتكلم من تلقاء نفسه، وهو يشهد لي بما شهدت له، وما جئتكم به سراً يأتيكم به جهراً "(7)
والموضع الثاني: إشارة إلى بعض صفحات حياة عيسى عليه السلام (8)
( جـ ) الأسفار والكتب الأخرى
نقل المقدسي نصوصاً قليلة عن سفر يهوشوع،(9) شعيا،(10)وشمويل، (11) وزكريا. (12) ولم يكن اعتماده على تلك الكتب كمصادر تاريخية، إنما لمسائل أخرى مثل: فناء الجنة والنار (13) وماهية الروح (14) ونزول عيسى عليه السلام (15) وخروج يأجوج ومأجوج.(16)
( 3 ) كتاب زرادشت
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 3.
(2) المرجع السابق، ج 2 ص 84.
(3) المرجع السابق، ج 2 ص 86. ج 3 ص 69، 75 – ج 5 ص 29.
(4) المرجع السابق، ج 3 ص 26.
(5) المرجع السابق، ج 3 ص 61.
(6) المرجع السابق، ج 5 ص 28.
(7) المرجع السابق، ج 5 ص 28.
(8) المرجع السابق، ج 3 ص 121.
(9) المرجع السابق، ج 1 ص 200.
(10) المرجع السابق، ج 1 ص 200. ج 2 ص 195.
(11) المرجع السابق، ج 2 ص 116، 118.
(12) المرجع السابق، ج 2 ص 208.
(13) المرجع السابق، ج 1 ص 200.
(14) المرجع السابق، ج 2 ص 116 – 118.
(15) المرجع السابق، ج 2 ص 195.
(16) المرجع السابق، ج 2 ص 208.(1/144)
الزرادشتية مذهب ظهر في القرن السادس قبل الميلاد جمع طائفة من المعبودات الفارسية القديمة وقسمها إلى آلهة خير وآلهة شر وصنع لهم زرادشت كتاباً اسمه " الأفبستا "(1)، أو "الأبسطا" كما ذكره المقدسي ونقل عنه المقدسي نصاً بالفارسية، وترجمه للعربية، يفيد وجود اسم الباري سبحانه في هذا الكتاب. (2)
( 4 ) كتب شرائع الأديان
ونعنى بها غير شريعة الإسلام وذلك أن المقدسي لما تعرض لذكر تاريخ وأقوال بعض الديانات والمذاهب استند إلى بعض مصادرهم، مدللاً بذلك على سعة اطلاعه، وحسن اختيار لمصادره، ومن تلك الكتب:-
كتاب شرائع اليهود. يقول المقدسي " قرأت في كتاب موسوم بشرائع اليهود " (3)
كتاب شرائع الحرانية. يقول المقدسي " قرأت في شرائع الحرانية (4) فربما يكون هذا اسم الكتاب، أو موضوعه. وقال في موضع آخر " قرأت في شرائع الحرانيين" (5) وهذا مما يرجح أنه موضوع الكتاب، وليس اسمه لاختلاف الاسمين، ولا يبعد أن يكون هذا هو اسم الكتاب لكن المقدسي تصرف فيه.
كتاب الخرَّمية، قال المقدسي " قرأت في كتاب الخرَّمية " (6)
كتاب الفرس. كذا ذكره في موضوع ظهور آدم وانتشار ذريته، وقد يكون المقدسي يقصد كتاب الأبسطا، سالف الذكر، أو غيره، لكن على أية حال هو كتاب ديني فارسي كما يظهر من خلال النقل عنه. (7) وذكر المقدسي كتاباً آخر، فيقول " وأما الفرس والمجوس فإن الروايات عنهم مختلفة - أي في ذكر مدة التاريخ إلى يومنا - ففي كتب بعضهم.." (8)
ثانياً: كتب التفسير
__________
(1) الموسوعة العربية الميسرة، ج 1 ص 921 – 922.
(2) البدء والتاريخ، ج1 ص 62.
(3) المرجع السابق، ج1 ص 145.
(4) المرجع السابق، ج1 ص 186.
(5) المرجع السابق، ج 1 ص 197.
(6) المرجع السابق، ج 2 ص 20.
(7) المرجع السابق، ج 2 ص 154 - 155.
(8) المرجع السابق، ج 2 ص 76.(1/145)
برغم أن المقدسي قد ذكر عشرات الأقوال في التفسير - سواء ذكر اسم المفسر، أم أبهمه- لكنه لم ينص على كتاب في التفسير إلا في موضعين:
الموضع الأول
ذكر فيه تفسير الإمام الطبري (ت 310 هـ 923م) يقول المقدسي " وفي الحديث الآخر أن السحاب ملك يتكلم بأحسن الكلام، ويضحك بأحسن الضحك، فالرعد كلامه، والبرق ضحكه، والله اعلم بصحة هذه الأخبار لأن محمد بن جرير الطبري - رحمه الله - روى في كتاب التفسير أن ابن عباس – رضي الله عنهما – كتب إلى ابن الجلد (1) يسأله عن الرعد والبرق.... (2)
الموضع الثاني
قال فيه المقدسي " ورأيت في بعض كتب المفسرين ميلاً إلى هذا الرأي – أي إلى أن الفلك حي ناطق والكواكب لها النفس الناطقة واحتج له بقول الله تعالى " قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ "(3) (فصلت آية:11) والحق أن الباحث يظن ظناً راجحاً أن المقدسي استفاد كثيراً من تفسير الطبري، برغم عدم تصريحه بالنقل عنه، لأنه نقل كثيراً من التفسير بالمأثور، وقد كان ولا يزال تفسير الطبري العمدة فيه، ولكنه ربما آثر النقل عن مصادر الطبري طلباً لعلو المصدر وقربه من القائل. والله أعلم.
ثالثاً: كتب الأحاديث والآثار
يجدر بنا قبل التعرف على هذه المصادر التنبيه على عدة أمور:
__________
(1) كذا ذكره المقدسي : " ابن الجلد " والصواب " أبي الجلد " وأبو الجلد هو جيلان بن فروه الجوني الأزدي، كان ذا اطلاع على كتب الأقدمين، وهو محدث ثقة. انظر: ابن سعد: محمد بن سعد بن منيع الزهري، الطبقات الكبرى، القاهرة، مكتبة الخانجى، 1421هـ 2001م، ج 9 ص 221. ابن حبان، الثقات، حيدرأباد الدكن بالهند، 1339هـ 1973م، ج 4 ص 119.
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 33.
(3) المرجع السابق، ج 2 ص 9.(1/146)
أولاً: حفل كتاب البدء والتاريخ بعشرات الأحاديث النبوية والآثار عن الصحابة ومن بعدهم من العلماء في كثير من المجالات خاصة في التفسير والمسائل العقدية وكثير من الحوادث التاريخية، وبالأخص في تاريخ بدء الخلق، والأنبياء، السيرة النبوية.
ثانياً: ومع ذلك لم يذكر المقدسي ولو اسماً واحداَ من كتب السنة المشهورة مثل الكتب الستة أو غيرها، إنما أخذ من حيث أخذوا - كما سيأتي -.
ثالثاً: تنوعت طرق المقدسي في إيراد وإسناد الأحاديث والآثار إلى مصادرها إلى عدة طرق، وهي:
أولاً: سوقها بأسانيد متصلة منه إلى القائل، وهذا قد سبق بيانه.
ثانياً: سوقها بدون ذكر المصدر، وهذا سيأتي قريباً في المصادر غير المباشرة.
ثالثاً: ذكر المصدر الذي غالباً ما يكون من أهل القرن الثاني أو الثالث الهجريين، مع ذكر الإسناد من المصدر إلى النبي- صلى الله عليه وسلم، أو الصحابة، أو غير ذلك، وهذا النوع سنقسمه إلى قسمين: القسم الأول: ما يعرف أن للمصدر كتاباً. القسم الثاني: ما لا يعرف للمصدر كتاب. والذي اضطرنا إلى هذا التقسيم هو المقدسي نفسه حين أحالنا على علماء لم تشتهر لهم كتب من كتب الأحاديث المشهورة. فعلى سبيل المثال حين يقول المقدسي:" وقد روى حماد بن سلمة عن....." فسننظر فإن كان لحماد بن سلمة (ت 167 هـ 783م) كتاب أحاديث فسيكون تابعاً للقسم الأول، وإلا فهو من القسم الثاني.
وفائدة هذا التقسيم تكمن في أن أصحاب القسم الأول يعدون مصادر مباشرة لأن المقدسي أخذ الأحاديث مباشرة من كتبهم. أما أصحاب القسم الثاني فيعدون من المصادر غير المباشرة لعدم معرفتنا بكتب لهم، وبالتالي أخذ المقدسي عنهم بواسطة أي عبر كتاب آخر وهو بالطبع لم يذكره، ونحن لم نعرفه إذن لا يعد من المصادر المباشرة. ذكر المصدر، مع عدم ذكر الإسناد من المصدر إلى القائل. وهذا النوع أيضاً ينقسم إلى القسمين السابقين.
رابعاً: الإحالة إلى كتاب مبهم.(1/147)
وينتج مما ذكرناه فيما سبق أننا الآن سنتتبع القسم الأول في النوع الثالث والرابع، وهي المصادر التي لأصحابها كتب سواء ذكر لهم المقدسي أسانيد أم لا، إلى جانب النوع الخامس لأنها من المصادر المباشرة. أما النوع الثاني: وهو ما ساقه بلا مصدر، والقسم الثاني من النوع الثالث والرابع، وهو ما لا يعرف للمصدر كتاب سواء نقل عنه المقدسي بأسانيد أم لا - فسيأتي في مبحث المصادر غير المباشرة.
( أ ) مصادر الأحاديث النبوية التي ذكر لها إسناداً
الضحاك بن مزاحم (ت 105هـ 723م). نقل عنه المقدسي حديثاًَ في تاريخ الأنبياء. (1) والحسن البصري (ت 110هـ 738م). نقل عنه المقدسي حديثاً في تاريخ الخلفاء الراشدين. (2)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 3 ص 135. (الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو محمد وقيل أبو القاسم البلخي ثم المروزي، المفسر المعلم، كان من أوعية العلم، اشتهر بالتفسير له " تفسير "، " مناسك الحج " وقد جمع تفسيره ونشر مؤخراً بالقاهرة. انظر: ابن سعد، الطبقات، ج 8 ص 417 – 419.محمد مصطفي الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، بيروت، المكتب الإسلامي، 1400هـ 1980م، ج 1 ص 151، محمد شكري أحمد الزاويتي، تفسير الضحاك، القاهرة، دار السلام، 1419 هـ 1999م، ج1ص 41 – 78.)
(2) البدء والتاريخ، ج 5 ص 238.(الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد البصري، شيخ الإسلام، نشأ بالمدينة، وعاش بالبصرة، كان عالماً زاهداً مجاهداً ورعاً، تتلمذ على عدد كبير من الصحابة، وكان له صحف يكتب فيها حديثه. انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1 ص 71 – 72، الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 173- 175.)(1/148)
وعطاء بن أبي رباح (ت 114هـ 732م).نقل عنه المقدسي حديثاً في أشراط الساعة. (1) وأبان بن أبي عياش (ت 138هـ 755م).نقل عنه المقدسي حديثاً في النفس والروح. (2) ومحمد بن عجلان (ت 148هـ 765م). نقل عنه المقدسي حديثاً في النفس والروح. (3) وعبد الملك بن جريج (ت 150هـ 767م)نقل عنه المقدسي حديثاً في صفات الملائكة.(4) وابن إسحاق (ت 151هـ 768م). نقل عنه المقدسي حديثاً في خلق آدم عليه السلام. (5)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص 169. (عطاء بن أسلم بن صفوان أبو محمد القرشي المكي، مفتي مكة ومحدثها، من كبار تلاميذ عبد الله بن عباس كان عالماً زاهداً عابداً فقيهاً، له " تفسير " وكان يكتب حديثه، ويحث علي الكتابة. انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج1 ص 98،الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 190، كحالة، معجم المؤلفين، ج2 ص 378.)
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص106.(أبان بن أبي عياش أبو إسماعيل العبدي البصري، راو متروك الحديث، لكنه لم يكن يقصد الكذب، روي عن أنس بن مالك وغيره من كبار الصحابة والتابعين، وكان يكتب حديثه. انظر: ابن سعد، مرجع سابق، ج 9 ص 253، محمد مصطفي الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 221 – 222.)
(3) البدء والتاريخ، ج2 ص111. (محمد بن عجلان القرشي، أبو عبد الله المدني، مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، من طبقة صغار التابعين، وهو راو ثقة لكنه اختلط بآخره، وكتبت عنه أحاديثه. انظر: ابن حجر، تقريب التهذيب، ج2 ص199 -200، محمد مصطفي الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي، ج 1 ص307 – 308.)
(4) البدء والتاريخ، ج 1 ص 173. (عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو خالد الأموي مولاهم المكي، الإمام العلم، ولد بمكة، ونشر علمه ببغداد، وهو من أوائل المصنفين، من مؤلفاته " السنن "،" تفسير القرآن "، " مناسك الحج". انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1 ص 169 – 171، الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 286 – 289م.)
(5) البدء والتاريخ، ج 2 ص 99..وسيأتي التعريف بابن إسحاق المبحث القادم.(1/149)
وحمزة بن حبيب (ت 156هـ - 773م). نقل عنه المقدسي حديثاً في صفة الجنة. (1) وسفيان الثوري (ت 161هـ 778م). نقل عنه المقدسي حديثاً في النفس والروح. (2) وشيبان بن عبد الرحمن (ت164هـ780م). نقل عنه المقدسي حديثاً في صفة الأرض.(3) وحماد بن سلمة (ت 167 هـ - 783م) نقل عنه المقدسي ثلاثة أحاديث في بدء الخلق(4)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 1 ص 190.( حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات الكوفي، أبو عمارة التيمي، أحد القراء السبعة، كان زاهداً ورعاً عالماً بالحديث والفرائض، وهو محدث ثقة، له " كتاب القراءة " و " كتاب الفرائض ". انظر: ابن حبان، الثقات، ج 6 ص 228. كحالة، مرجع سابق، ج 1 ص 655.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 103. ( سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، الإمام العلم الحجة،أمير المؤمنين في الحديث، وكان صاحب مذهب في الفقه، ألف " الجامع الكبير " و " الجامع الصغير " و " الفرائض " وغيرها. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 309،الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 256 – 261.)
(3) البدء والتاريخ، ج 2 ص 50.(شيبان بن عبد الرحمن أبو معاوية التميمي مولاهم النحوي، المؤدب، البصري، نزيل الكوفة ثم بغداد، الإمام الحافظ له "كتاب في تفسير القران "، " كتاب في الحديث ". انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج1 ص 218، كحالة، معجم المؤلفين، ج1 ص 821، الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي، ج 1ص 272 )
(4) البدء والتاريخ، ج 1 ص 148، 182، 191.(حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة البصري البزاز الربعي مولاهم، الزاهد العابد شيخ الإسلام، برز في الفقه والحديث، يقال أنه أول من صنف فكتب كتاب السنن لكنه لم يصلنا. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 311، الذهبي، مرجع سابق، ج1 ص 202،كحالة، مرجع سابق، ج 1 ص 651..)(1/150)
ومالك بن أنس( ت 179 هـ 795م) نقل المقدسي عنه حديثاً واحداً، فقال " وروى مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن النبي صلى عليه وسلم قال: إنما نفس المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله تعالى إلى جسده يوم القيامة" (1)
وعبد الله بن المبارك (ت181هـ 797م). نقل عنه المقدسي حديثين في صفة الجنة، وأشراط الساعة. (2)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 104 – 105. (والحديث في الموطأ بلفظ قريب لما أورده المقدسي. انظر: مالك بن أنس، الموطأ، أبو ظبي، مؤسسة زايد للأعمال الخيرية، 1425 هـ 2004م، ج 2ص 336 – 337.
(2) البدء والتاريخ، ج 1 ص 193. ج 2 ص 169.(عبد الله بن المبارك بن واضح أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم المروزي، شيخ الإسلام والإمام العلم، الزاهد الجواد التاجر الرحالة، من مؤلفاته " الزهد "، " السنن في الفقه "، " الجهاد " انظر: ابن النديم، مرجع سابق، ص 313، محمد السيد البساطي، الحياة العلمية في مرو، ص 287، 319، 320، 332، 343.).(1/151)
وأبو بكر بن عياش (ت 194هـ 807م)، نقل عنه المقدسي حديثاً في أشراط الساعة. (1) وسفيان بن عيينة (ت 198هـ 813م )، نقل عنه المقدسي حديثاًَ في أشراط الساعة. (2) ونعيم بن حماد (ت 228هـ 842م) روى عنه المقدسي سبعة أحاديث ذكرها المقدسي في أشراط الساعة (3) وجميعها من كتابه "الفتن"(4).
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 180.(أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي المقرئ الحناط، الفقيه المحدث الثقة العابد، اختلف في اسمه: فقيل: شعبة، وقيل: محمد، وقيل غير ذلك. كان صاحب مكانة عالية عند العلماء، وكان يكتب حديثه. انظر: ابن حبان، الثقات، ج 7 ص 668،الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي، ج 1 ص 227 – 228.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 192.(سفيان بن عيينة بن ميمون أبو محمد الهلالي الكوفي، شيخ الإسلام ومحدث الحرم، رحل وجمع وصنف وعمر دهراً، فروى عنه الآلاف وحاز علو الإسناد، من مؤلفاته " تفسير القران الكريم "، "جزء فيه أحاديث " انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 310، الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج1 ص 262 – 265، محمد مصطفي الأعظمي، مرجع سابق، ج1 ص 261 – 262.)
(3) البدء والتاريخ، ج2 ص164- 168.(نعيم بن حماد بن معاوية أبو عبد الله الخزاعي المروزي الفرضي الأعور، المحدث والفقيه الكبير، قيل هو أول من جمع المسند، ولد ونشأ بمرو ثم نزل مصر وسكنها،من مؤلفاته " الفتن " وقد طبع مؤخراً. انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 2 ص 418 – 420، كحالة، معجم المؤلفين، ج 4 ص 38.)
(4) انظر تلك الأحاديث على ترتيب ذكرها عند المقدسي: نعيم بن حماد، الفتن، القاهرة، دار البيان العربي،1421هـ 2002م، ص 17، 16، 20، 27، 29،43،22.(1/152)
وهشام بن عمار (ت 245 هـ 859م). نقل عنه المقدسي حديثاً في أشراط الساعة. (1)
(ب) مصادر الأحاديث النبوية التي لم يذكر لها إسناداً
وهب بن منبه (ت 114هـ 732م). نقل عنه المقدسي حديثاً في خلق الملائكة. (2)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 1 ص 176.(هشام بن عمار بن نصير السلمي ويقال الظفري أبو الوليد القاضي الدمشقي، كان خطيب وعالم ومقرئ دمشق كان محدثاً ثقة لكنه اختلط بآخره، وتوفي بدمشق، من مؤلفاته " فضائل القرآن " انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 2 ص 451، كحالة، مرجع سابق، ج 4 ص 63.)
(2) البدء والتاريخ، ج 1 ص181. (ويحسن التنبيه علي خطا وقع عند ذكر هذا الحديث: حيث جاء " وروي وهب بن أبي سلام......." وهذا خطا بلا شك لأنه لا يوجد أحد بهذا الاسم، ولان الحديث مروي بالفعل عن وهب بن منبه، رواه أبو نعيم الأصفهاني بسنده، وفيه عن " وهب بن منبه عن أبي هريرة أن رجلاً من اليهود......" والذي يبدو للباحث انه وقع سقط في كتاب البدء والتاريخ وأن أصل الرواية " روى وهب عن أبي هريرة أن عبد الله بن سلام... " أو قريباً من ذلك، لان عبد الله بن سلام كان يهوديا فأسلم فيكون هو اليهودي الوارد في سياق أبي نعيم، والله أعلم. انظر: أبو نعيم، حلية الأولياء، بيروت، دار الكتب العلمية، 1409هـ 1988م، ج 4 ص 80، ابن الجوزي، الموضوعات من الأحاديث المرفوعات، الرياض، مكتبة أضواء السلف، 1418 هـ 1997م، ج1 ص 167– 168.)(1/153)
ومحمد بن السائب(ت 146هـ 763م). نقل عنه المقدسي حديثاً في مدة بقاء العالم. (1) وابن إسحاق (ت 151هـ 768م). نقل عنه المقدسي حديثين في خلق السموات. (2)
وابن إسحاق والواقدي معاً (ت 207 هـ 823م ) معاً. نقل عنهما المقدسي حديثاً في خلق الملائكة. (3)
( جـ ) مصادر الآثار التي ذكر لها إسناداً
ذكر المقدسي كثيراً من المرويات مسندةً إلى بعض الصحابة، والتابعين، وغيرهم، ويلاحظ أن عدداً كبيراً منها ساقه في أشراط الساعة. وهاك أسماء الصحابة مع ذكر مصدر المقدسي إليهم: -
1. أبي بن كعب رضي الله عنه ( ت 19 هـ 639م) ذكر له المقدسي أثراً عن أبي جعفر الرازي (ت 160هـ 776م.) في أشراط الساعة. (4)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2، ص 156. (محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي الإخباري المفسر المشهور، جمع علوما عدة، وابنه هشام الإخباري المشهور، صنف ابن السائب عدة مصنفات منها، " تفسير القرآن " انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 137 – 138، كحالة، معجم المؤلفين، ج،4ص 308 – 309.)
(2) البدء والتاريخ، ج1 ص 167 – 168 ج 2 ص 11.
(3) البدء والتاريخ، ج 1 ص172.
(4) البدء والتاريخ، ج 2 ص 218. (عيسي بن ماهان الرازي التميمي مولاهم، أصله من مرو، محدث ثقة أو صدوق، كان يكتب حديثه، انظر: ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 9 ص384، محمد مصطفي الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي، ج 1 ص 297.)(1/154)
2. عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (ت 32 هـ 652م) ذكر له المقدسي أثراً عن الأعمش (ت 147 هـ 764م) في الروح.(1) وآخر عن نعيم بن حماد (ت 228 هـ 842م) في أشراط الساعة. (2)
3. سلمان الفارسي رضي الله عنه (ت 34 هـ 654م). ذكر له المقدسي أثرين: عن وهب بن منبه (ت 114 هـ 732م) في خلق السموات والأرض.(3)
4. حذيفة بن اليمان رضي الله عنه (ت 36هـ 656م) ذكر له المقدسي أثراً عن الزهري (ت124هـ 742م) (4) وآخر عن نعيم بن حماد (ت 228 هـ842م) كلاهما في أشراط الساعة. (5)
5. علي بن أبي طالب رضي الله عنه (ت 40 هـ 660م). ذكر له المقدسي أثراً عن سفيان الثوري (ت 161هـ 777م) في الروح. (6)
6. أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (ت 57هـ 676م) ذكر لها المقدسي أثراً عن عوف الأعرابي (ت 146هـ 763م)، (7) وآخر عن ابن إسحاق. كلاهما في صفة خلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم. (8)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 103. (الأعمش هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، أبو محمد الكوفي المشهور بالأعمش، تابعي إمام في الحديث والقراءة والفرائض، ولد بالري ونشأ وعاش بالكوفة، كان يكتب أحاديثه، وأخذها أكثر تلاميذه عنه كتابة. انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج1 ص 154، محمد مصطفي الأعظمي، مرجع سابق، ج1 ص 180 – 182.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 167.
(3) البدء والتاريخ ج2 ص6، 39.
(4) المرجع السابق، ج 2 ص 163.
(5) المرجع السابق، ج 2 ص 167.
(6) المرجع السابق،ج2 ص102.
(7) البدء والتاريخ، ج 5 ص 2. (عوف بن أبي جميلة العبدي أبو سهل البصري، اشتهر بعوف الأعرابي مع أنه لم يكن أعرابياً، كان محدثاً ثقةً روى له أصحاب الكتب الستة، لكنه جرح بأن فيه تشيعاً، وكان يكتب عنه حديثه. انظر: ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 9 ص 257، محمد مصطفي الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي، ج 1 ص 195.
(8) البدء والتاريخ، ج 5 ص 2.(1/155)
7. أبو هريرة رضي الله عنه (ت 57 هـ 676م) ذكر له المقدسي أثراً عن زيد بن أسلم (ت 136 هـ 753م)(1) في الروح. وآخر عن عبد الرزاق(ت211 هـ 826م) في أشرط الساعة، وهو مذكور في مصنف عبد الرازق.(2)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 103. (زيد بن أسلم القرشي العدوي مولاهم، أبو زيد المدني، مولى عمر بن الخطاب، الفقيه المحدث الثقة، كانت له حلقة بمسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم، ألف كتاباً في التفسير. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 55، الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1 ص 132 – 133، كحالة، معجم المؤلفين، ج1 ص 739.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 183-184، عبد الرزاق، المصنف، ج 11 ص 388.(1/156)
8. عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (ت 68 هـ 687م)، وهو أكثر الصحابة الذين اعتمد عليهم المقدسي، وذلك لكثرة الروايات عنه خاصة في التفسير وكذلك لكثرة المصادر إليه. وكانت مصادر المقدسي إلى ابن عباس هي: سعيد بن جبير (ت 95هـ 713م)،(1) ومجاهد بن جبر (ت 102هـ 720م)، (2)وعكرمة مولى ابن عباس (ت 105 هـ 723م )،(3) والحسن البصري ( ت 110هـ 728م)،(4) وعطاء بن أبي رباح (ت 114 هـ 732م)، وهب بن منبه (ت114هـ 732م) (5)، وابن شهاب الزهري( ت 124 هـ 742م)(6)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 1ص 147، 164.( سعيد بن جبير بن هشام أبو محمد أو عبد الله الأسدي مولاهم الكوفي، المقرئ الفقيه المفسر، من أشهر تلاميذ ابن عباس، من مؤلفاته " تفسير القرآن " قتله الحجاج بن يوسف الثقفي. انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1 ص 76 – 77، الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي، ج 1 ص 148 – 149.)
(2) البدء والتاريخ، ج 1 ص156، ج 2 ص108. (مجاهد بن جبر أبو الحجاج المخزومي المقرئ المفسر الحافظ، سمع عددا من الصحابة، وهو تلميذ ابن عباس، قرأ عليه التفسير ثلاث مرات، له " كتاب في التفسير " انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 1 ص 92 – 93. محمد مصطفي الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 164 – 165.)
(3) البدء والتاريخ، ج 2 ص 53، 118.( عكرمة البربري أبو عبد الله المدني الإمام الحافظ المعلم الرحالة،من أئمة الإسلام في التفسير، مولى وتلميذ ابن عباس، سمع عدداً من الصحابة، له " تفسير القرآن " انظر : الذهبي، مرجع سابق، ج 1 ص 95 – 96، كحالة، معجم المؤلفين، ج 2 ص 382.)
(4) البدء والتاريخ، ج 2 ص 212 – 213.
(5) المرجع السابق، ج 2 ص 169، ج 1 ص 205.
(6) المرجع السابق، ج 5 ص 2.(.أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري المدني شيخ الإسلام، ضرب في كل علم بسهم، له " تصنيف في مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم " وقد جمع ونشر قريبا، " تنزيل القرآن" انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 1 ص 108 – 113، الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 204 – 210. )(1/157)
وخصيف بن عبد الرحمن (ت 137هـ 754م) (1)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2، ص 111. ( ويحسن التنبيه على أن الوارد في لفظ الكتاب " وروى حصيف عن عكرمة عن بن عباس...." وهذا خطأ مطبعي، لأنه لا يوجد أحد من تلاميذ عكرمة يسمى "حصيف" إنما هو خصيف بن عبد الرحمن كما أثبتناه.وخصيف هو خصيف بن عبد الرحمن أبو عون الأموي، مولى عثمان بن عفان، رأى أنس بن مالك، وأخذ عن كبار التابعين، وهو ثقة أو صدوق، اختلط بآخره. انظر: خليفة، الطبقات، الرياض،دار طيبة، الطبعة الثانية1402هـ 1982م، ص 319، المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، 1403هـ 1983م، ج 8 ص 257 – 261،الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي، ج 1 ص 248.(1/158)
والكلبي (ت 146هـ 763م) (1) وابن جريج (ت 150هـ 767م)، (2) ومعاوية ابن صالح ( ت 158هـ 774م) (3) وحماد بن زيد (ت 179 هـ 795م)، (4) وهشيم ابن بشير( ت 183هـ 799م) (5)، وأبو حذيفة إسحاق بن بشر (ت 206هـ 821م)،(6) وعبد الرزاق الصنعاني (ت 211هـ 826م) (7)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 105 – 110.
(2) المرجع السابق، ج 1 ص 173. ج 2 ص 110.
(3) المرجع السابق، ج 2 ص 168. معاوية بن صالح بن حدير أبو عمرو الحضرمي الحمصي،من كبار أتباع التابعين، عاش بالشام ثم انتقل إلى الأندلس، وعين قاضيا بها، كانت له كتب. انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1 ص 186، الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 310 - 311.
(4) البدء والتاريخ، ج 2 ص 55. (حماد بن زيد بن درهم أبو إسماعيل الأزدي الجهضمي البصري، الإمام العالم الحافظ، ومن أقران الأئمة الثوري ومالك والأوزاعي، روى له أصحاب الكتب الستة، كانت له أحاديث مكتوبة. انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1 ص 228 – 229، الأعظمي، مرجع سابق، ج 1 ص 243 – 244.)
(5) البدء والتاريخ، ج 2 ص 102 – 103. (وقد وقع تصحيحه في الكتاب حيث جاء بلفظ " وروى هيثم عن أبى بشر عن مجاهد عن ابن عباس.. " والصحيح " هشيم.. " لأنه هو الذي روى عن أبي بشر جعفر بن إياس اليشكري، وأبو بشر هنا من تلاميذ مجاهد بن جبر تلميذ بن عباس رضي الله عنهم. انظر: تراجمهم بالتفصيل. المزي، مرجع سابق، ج 5 ص 5 – 10. ج 27 ص 228 – 236. ج 30 ص 272 -279.
(6) البدء والتاريخ، ج 1 ص 148.
(7) البدء والتاريخ، ج 1 ص 149 وانظر ما نقله عنه المقدسي: المصنف، ج 5 ص 90.(عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني، الحافظ الحجة المصنف الكبير، من مؤلفاته " التفسير " ونشر في ثلاثة مجلدات و " المصنف " وهو منشور في اثني عشر مجلداً. انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1 ص 364، كحالة، معجم المؤلفين، ج 2 ص 142.)(1/159)
9. عبيد بن عمير (ت 68 هـ 687م). حيث ذكر له المقدسي أثراً رواه عنه سفيان بن عيينة (ت 198 هـ 813م) في النفس والروح. (1)
10. جابر بن عبد الله رضي الله عنه ( ت بعد 73 هـ 692م) ذكر له المقدسي أثراً عن أبي الزبير المكي (ت 126 هـ 744م) في النفس والروح. (2)
وأما من روى عنهم المقدسي آثاراً من غير الصحابة فهم:
1. أبو العالية (ت 90هـ 708م). ذكر له المقدسي أثراً رواه عن نعيم بن حماد (ت 228 هـ 842م) في أشراط الساعة. (3)
2. مجاهد بن جبر (ت 102 هـ720م). ذكر له المقدسي أثراً رواه عن شعبة بن الحجاج (ت 160 هـ 776م) في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم. (4)
3. عطاء بن أبي رباح (ت 114 هـ 732م). ذكر له المقدسي أثرين رواهما عنه إسحاق بن بشر (ت 206هـ 821م) في صفات الملائكة، وخلق الدنيا. (5)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2 ص 107.( عبيد بن عمير بن قتادة الليثي ثم الجندعي أبو عاصم المكي العالم الواعظ، من كبار التابعين، أخذ عن كثير من الصحابة، وهو مجمع علي ثقته عند المحدثين، فقد روى له الستة. انظر: ابن حبان، الثقات، ج 5 ص 132. الذهبي، مرجع سابق، ج 1 ص 50.)
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 105.(محمد بن مسلم بن تدرس القرشي الأسدي أبو الزبير المكي، مولى حكيم بن حزام، محدث صدوق، روى عن جابر – رضي الله عنه - وكبار التابعين، كانت له كتب وصحيفة مشهورة. انظر:ابن حجر، تقريب التهذيب، ج 2 ص 216، الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي، ج 1 ص 213. )
(3) البدء والتاريخ، ج 2 ص 165. (أبو العالية هو رفيع بن مهران الرياحي البصري، من كبار التابعين وسادات العلماء، أخذ عن كثير من الصحابة، روى له الستة،اشتهر بالحديث والتفسير. انظر: المزي، تهذيب الكمال، ج 214 – 219، ابن حجر، مرجع سابق، ج 1 ص 247. )
(4) البدء والتاريخ ج 5 ص 15.
(5) البدء والتاريخ، ج 1 ص 174 ، ج 2 ص59.(1/160)
4. قتادة السدوسي (ت 117 هـ 734م). (1) ذكر له المقدسي ثلاثة آثار رواها عنه سعيد ابن عروبة (ت 156هـ 776م) في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وزجاته. (2)
5. الربيع بن أنس (ت 140 هـ 757م). ذكر له المقدسي أثراً رواه عنه أبو جعفر الرازي (ت 160 هـ 776م) في أشراط الساعة. (3)
6. إبراهيم بن أبي عبلة (ت 152 هـ 768م) ذكر له المقدسي أثراً رواه عنه نعيم بن حماد (ت 228 هـ 842م) في أشراط الساعة. (4)
( د ) مصادر الآثار التي لم يذكر لها إسناداً
__________
(1) قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري، أحد الأعلام، الحافظ الفقيه المفسر، حدث عن عدد من الصحابة، وأخذ عنه خلق كثير، له تفسير للقران. انظر:ابن النديم، الفهرست، ص 55، الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1 ص 122 – 124،كحالة، معجم المؤلفين، ج 2 ص 656 – 657.
(2) البدء والتاريخ، ج 4 ص 139 ج5 ص 10، 16( سعيد بن أبي عروبة واسمه مهران أبو النضر العدوي مولاهم البصري، أحد الأعلام، أخذ عن كبار التابعين، وكان حافظاً لكنه اختلط بآخره، وله تصانيف منها السنن. انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 1 ص 177 – 178، كحالة، مرجع سابق، ج1 ص770.)
(3) البدء والتاريخ، ج 2 ص 156.(الربيع بن أنس البكري ويقال الحنفي، البصري الخراساني، سكن مرو، برز في التفسير والحديث، وهو في الحديث صدوق له أوهام، ورواية أبي جعفر عنه فيها اضطراب. انظر:ابن حبان، الثقات، ج 4 ص 228، ابن حجر، تقريب التهذيب، ج 1 ص 240.)
(4) البدء والتاريخ، ج 2 ص 167.( إبراهيم بن أبي عبلة العقيلي الشامي، واسم أبيه: شمر بن يقظان، كان إبراهيم محدثاً ثقة وعالماً جليلاً، من صغار التابعين، أدرك بعض الصحابة كأنس بن مالك، وبلال بن رباح – رضي الله عنهما انظر: المزي، تهذيب الكمال، ج 2 ص 140 – 145،ابن حجر، مرجع سابق، ج 1 ص 54.)(1/161)
روى المقدسي عن عبد المنعم بن إدريس (ت 228 هـ 843م) أثراً عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما – ( ت 68هـ 687م) في أشراط الساعة. (1)
(هـ) مصادر حديثية مبهمة
لم يسلك المقدسي هذا الطريق إلا نادراً، حيث قال" وجدت في كتابٍ روايةً عن وهب عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلي الله عليه وسلم....." (2) وقال أيضاً " وفي الصحاح من الحديث " أبردوا بالظهر فإن في شدة الحر من فيح جهنم "(3)
رابعاً: كتب الفلسفة
لا عجب أن نجد المقدسي قد ذكر عدداً لا بأس به من تلك الكتب، فإنه فيلسوف في المقام الأول، ولذلك اهتم أيضاً بالمصادر اليونانية لاسيما كتب أرسطو طاليس التي كانت موضع اهتمام وتقدير الفلاسفة المسلمين.ويمكننا أن نقسم المصادر الفلسفية إلى:
أ ـ مصادر الفلسفة اليونانية
__________
(1) البدء والتاريخ ج 2 ص 155.(عبد المنعم إدريس بن سنان ابن ابنة وهب بن منبه، عالم فاضل، له اهتمام بالتاريخ، تجاوز عمره مائة سنة، له كتاب " المبتدأ ". انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 136، كحالة، معجم المؤلفين، ج 2 ص 323.)
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص 60-61.
(3) المرجع السابق، ج1 ص 195.( والحديث كما قال المقدسي في الصحاح حيث رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رقم ( 538 ) ورواة أيضاً ابن ماجه في سننه، والإمام أحمد، والطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك عن عدد من الصحابة ومن الجدير بالذكر التنبيه علي أن في لفظ المقدسي زيادة " في " فلفظ الحديث " أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جنهم" انظر: البخاري، الصحيح، ص 122، الألباني، صحيح الجامع الصغير، ج1 ص 68. ).(1/162)
1. أفلاطون ت 347 ق.م تقريباً. نقل عنه المقدسي نصين من كتاب سوفسطيقيا (1)
2. أرسطو ت 322 ق.م. (2) نقل عنه المقدسي نصوصاً كثيرةً من كتب عدة له، وهى: كتاب البرهان،(3) وكتاب النفس، وكتاب الأخلاق، (4) وكتاب السماع الطبيعي، (5) وكتاب سمع الكيان،(6) والرسالة المسماة"بيت الذهب"(7).
3. فلوطرخس: أخذ المقدسي من كتابه "الآراء الطبيعية"(8)
ب ـ مصادر الفلسفة الإسلامية
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص72، ص237. (وأفلاطون فيلسوف يوناني، قضى معظم حياته في أثينا، تتلمذ على سقراط من كتبه "الجمهورية" المعروف بالمدينة الفاضلة،وأما كتاب"سوفسطيقيا" فيبدو من خلال ما نقله المقدسي انه اهتم بالنفوس. انظر:ابن النديم، الفهرست، ص 328 ـ 340،الموسوعة العربية الميسرة ص181.)
(2) أرسطوطاليس، أشهر فلاسفة اليونان، أطلق عليه "المعلم الأول " وهو أكثر الفلاسفة الذين أثروا على فلاسفة الإسلام، وترجمت جميع كتبه للعربية، تتلمذ على أفلاطون، وكان معلم الإسكندر الأكبر. انظر:القفطي: جمال الدين أبو الحسن على بن يوسف، إخبار العلماء بأخبار الحكماء،القاهرة، دار الكتب الخديوية، 1346هـ، ص 21ــ 26، الموسوعة العربية الميسرة، ص117.
(3) البدء والتاريخ، ج1 ص 23ـ 24.
(4) المرجع السابق، ج1 ص24.
(5) المرجع السابق، ج1 ص 41.
(6) المرجع السابق، ج1 ص 143.
(7) المرجع السابق، ج4 ص 54.
(8) المرجع السابق، ج1 ص 136 ج 2 ص 128 ص 141.(فلوطرخس فيلسوف يوناني اشتهر بكتابه " الآراء الطبيعية " الذي استفاد منه فلاسفة الإسلام، وقد نقله إلى العربية قسطا بن لوقا البعلبكي. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 349، القفطي، أخبار العلماء، ص170،النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، ج 1 ص 118.)(1/163)
1. زُرقان ( ت179هـ 892م) نقل عنه المقدسي نصاً من كتاب المقالات (1)
2. أيوب الرهاوي، نقل المقدسي عنه نصاً من "كتاب التفسير"(2).
3. ابن الراوندي(ت 296 هـ 908م) نقل له المقدسي من كتاب فضائح المعتزلة. (3)
4. الحسين بن منصور الحلاج (ت 309 هـ 921م) نقل عنه المقدسي نصاً من كتاب الإحاطة والفرقان. (4)
__________
(1) البدء والتاريخ،ج1 ص140. (زرقان هو محمد بن شداد بن عيسى، أبو يعلى المسمعي، المتكلم المعتزلي، نزيل بغداد، برع في علم الكلام، لكنه كان ضعيفا عند المحدثين. انظر:الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج3 ص320 ـ 321، ابن حجر، مرجع سابق، ج7 ص 195ـ 196. ).
(2) البدء والتاريخ، ج 1 ص 140.(أيوب الرهاوي، لم أعثر له على ترجمة مستقلة، ولكنه كان طبيب الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين ت 230 هـ 844م، ويبدو أنه كان طبيباً للمأمون قبله إذ إن عبد الله استأذن المأمون في اصطحابه إلى خراسان. وكتاب التفسير يبدو من نقل المقدسي عنه أنه ليس في تفسير القرآن الكريم بل في تفسير ألفاظ الفلاسفة، ويرجح ذلك أيضا جمع الأطباء في ذلك العصر بين الطب والفلسفة. انظر: الصفدي، الوافي بالوفيات، ج 6 ص229، ابن حجر، لسان الميزان، ج 4 ص569.)
(3) البدء والتاريخ، ج5 ص143.( ابن الراوندي هو أحمد بن يحيي بن إسحاق البغدادي أبو الحسين المعتزلي، ثم الملحد حيث أعلن الكفر، وألف ما نقض الإسلام والقرآن، وله أكثر من مائة مؤلف، ويقال تاب قبل موته. انظر:ابن النديم، الفهرست، ص 242ـ 243، الصفدي، الوافي بالوفيات، ج8 ص151ـ 155.)
(4) البدء والتاريخ، ج5 ص126.(1/164)
5. أبو القاسم الكعبي (ت 319 هـ 931م) نقل عنه المقدسي نصاً من كتابه أوائل الأدلة (1)
6. محمد بن زكريا الرازي (ت 320 هـ 932م) نقل عنه المقدسي نصاً من كتاب مخاريق الأنبياء،(2) ونصاً آخر من كتاب الخواص. (3)
7. ابن رزام، نقل عنه المقدسي نصاً من كتاب الرد على الباطنية. (4)
8. على بن عبد الله القسري، نقل عنه المقدسي نصين من كتاب القرانات. (5)
9. أحمد بن الطيب (ت 286 هـ ـ 898م) نقل عنه المقدسي نصاً من رسالة له. (6)
جـ ـ مصادر فلسفية مبهمة
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص135.(عبد الله بن أحمد بن محمود أبو القاسم البلخي الكعبي نسبة لطائفة الكعبية المعتزلية، أقام ببغداد مدة طويلة وانتشرت بها كتبه ثم رجع إلى بلخ وتوفي بها، وله "تفسير القران " و"كتاب المقالات". انظر:الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج11 ص25ـ 26،كحالة، معجم المؤلفين، ج2 ص228 ).
(2) البدء والتاريخ، ج3 ص 110.
(3) المرجع السابق،ج 4 ص94.
(4) المرجع السابق،ج1 ص137. (ولم أجد ترجمة لابن رزام غير أن ابن النديم ذكره باسم "أبو عبد الله بن رزام " وذكر أن له كتاباً رد فيه على الإسماعيلية، وسماه على سامي النشار أبو عبد الله محمد بن على بن رزام. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص260، علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي، ج1 ص210.).
(5) البدء والتاريخ، ج2 ص97، ص146. ولم أعثر على ترجمة لعلى بن عبد الله القسري.
(6) المرجع السابق، ج1 ص 143.(أحمد بن محمد بن مروان بن الطيب السرخسي، الفيلسوف المنجم الطبيب،أحد تلامذة الكندي الكبار، له مؤلفات كثيرة منها "كتاب السياسة"، "المدخل إلى علم الطب"، "المسالك والممالك"، "المدخل إلى علم النجوم". انظر:ابن النديم، الفهرست، ص359 ـ 360، القفطي، إخبار العلماء، ص55.)(1/165)
وذلك في قول المقدسي" قال المفسر عن شرح أفلاطن "(1) وقوله " ولقد قرأت في بعض كتب القدماء "(2) ويلاحظ أن المقدسي قد اهتم غالباً بذكر المصدر وكتابه الذي نقل عنه، وإن كان أبهم رسالة أحمد بن الطيب إلى جانب المصدرين الأخيرين فقط.
خامساً: كتب اللغة والأدب
1 – العتبي (ت 228 هـ 842م) نقل عنه المقدسي عدة نقول من كتابه المعارف. (3)
2 – ابن الأنباري (ت328هـ 939م) نقل عنه المقدسي نصاً من كتاب الزاهر. (4)
سادساً: كتب الجغرافيا
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص237.
(2) المرجع السابق، ج1 ص 71.
(3) البدء والتاريخ، ج1 ص3 ج3 ص 93. ج5 ص29.( محمد بن عبد الله – أو عبيد الله – بن عمرو بن معاوية العتبي الأموي، الأديب، المؤرخ، له عدة كتب، منها: كتاب الحيل، وكتاب الأعاريب، وكتاب الأخلاق، وغيرها. انظر:ابن النديم، الفهرست، ص170 – 171، سزكين، تاريخ التراث العربي، م1 ج 2 ص 267 – 268.)
(4) البدء والتاريخ، ج1 ص 175.(محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر الأنباري النحوي، الكوفي الأديب اللغوي الزاهد، له كتب كثيرة منها " الزاهر"، "الأضداد"، "غريب الحديث "، وغيرها. انظر:ابن النديم، مرجع سابق، ص112 – 113. ياقوت، معجم الأدباء، ج5 ص2614 - 2618.).(1/166)
نقل المقدسي عن بطليموس عدة نصوص من كتاب المجسطي. (1)ونقل عن كتاب المسالك والممالك عدة نصوص. (2)وعن كتاب البلدان والبنيان نصاً واحداً. (3)
ويلاحظ أن المقدسي قد جمع بين مصادر نوعي الجغرافيا: الرياضية، والإقليمية.
المصادر التاريخية
ويمكننا أن نقسم تلك المصادر إلى مصادر أساسية. ومصادر ثانوية.
أولاً: المصادر التاريخية الأساسية
(1) وهب بن منبه (ت 114 هـ732م) (4)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 2ص8، ص43، ص154.
(2) المرجع السابق، ج4 ص19، ص61، ص95، ص97(ولقد تتبعت المواضع التي نقل فيها المقدسي عن كتاب المسالك والممالك في كتابي ابن خرداذبة والاصطخري فلم أجد المقدسي أخذ عنهما، غير أن هناك نصاً يتشابه مع بعض ما أورده ابن خرداذبة، حيث قال المقدسي " وفي كتاب المسالك أن في جزيرة من جزائر الهند قوماً عظام الأجساد قدم أحدهم ذراع يأكلون الناس " انظر:البدء والتاريخ، ج4 ص97. ووجدت في المسالك والممالك لابن خرداذبة وهو يتحدث عن سرنديب أن عندها " جزيرة فيها ناس سود مفلفلون يأكلون الناس أحياء......" انظر: ابن خرداذبه: أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله، المسالك والممالك، بيروت، دار صادر، طبعة مصورة عن مطبعة بريل، 1889م، ص65. وكلمة مفلفلون من قولهم: شعر مُفَلْفَل، أي: شديد الجُعودة. انظر: الفيروزابادي، القاموس المحيط، ص1044.)
(3) البدء والتاريخ، ج 4 ص 64.
(4) هو وهب بن منبه بن سيج بن الأسوار أبو عبد الله الصنعاني، كان أبوه من أهل هراة - في أفغانستان حالياً - قدم اليمن قبل الإسلام، وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعد وهب من التابعين، برع وهب في عامة العلوم، وتولى قضاء صنعاء، ولم يرم بشيء في دينه غير أنه قال بشيء في القدر ثم رجع عنه. وعرف بالحلم وكثرة العبادة قال الواقدي مات 110 هـ والمشهور أنه مات 114 هـ. انظر:الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4 ص 544 – 557.(1/167)
المؤرخ المشهور، أحد الإخباريين الأوائل، جمع بين العلم بتاريخ الأولين من أهل الكتاب، وأخبار اليمن، وبين قصص الأنبياء والسيرة النبوية. (1) تميز بصدقه؛ إذ كان ثقة عند المحدثين، (2) لكن يؤخذ عليه كثرة رواية الأساطير والخرافات. (3) وقد صنف وهبٌ كتباً عدة، وصل إلينا منها " كتاب الملوك والتيجان" أو " التيجان فيملوك حمير"(4)، وقطعة من كتاب " المغازي "(5)
__________
(1) نقل عن وهب قوله " قرأت ثلاثة وتسعين كتابا مما انزل الله على الأنبياء " وقال حاجى خليفة " أنه جمع المغازي " انظر: وهب بن منبه، كتاب التيجان في ملوك حمير، صنعاء، مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، 1347هـ، ص9، حاجى خليفة، كشف الظنون،ج 2 ص 1328، محمد بن صامل السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي، ص332.
(2) روى وهب عن جمع من الصحابة مثل ابن عباس وأبى هريرة وأبى سعيد وجابر بن عبد الله، وروى له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي، وقد وثقه أبو زرعة، والنسائي. انظر: المزي، تهذيب الكمال، ج 31 ص140 – 162.
(3) محمد عبد الوهاب فضل، التاريخ وتطوره في ديار الإسلام حتى نهاية القرن الثالث الهجري، ص 81.
(4) قد ذكره بالاسم الأول شاكر مصطفى، ومحمد فضل. أما الاسم الثاني فقد ذكره به محمد بن صامل السلمي وهو موافق لما ذكره محمد عيسى صالحية. وقد طبع الكتاب بحيدر أباد بالهند 1384 هـ، وطبع في ذيله كتاب أخبار اليمن لعبيد ابن شرية. ثم طبع بمركز الدراسات والأبحاث اليمنية بصنعاء 1979م انظر : شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص81، محمد عبد الوهاب فضل، التاريخ وتطوره في ديار الإسلام، ص 81، محمد بن صامل السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي، ص332، صالحية، المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، ج5 ص348.
(5) وهذه القطعة وجدت ضمن مجموعة من أوراق البردي، ولا زالت مخطوطة إلى الآن..انظر: هوروفنتس: يوسف هوروفنتس، المغازي الأولى ومؤلفها، القاهرة، مكتبة الخانجي، الطبعة الثانية،1421 هـ، 2001م، ترجمة حسين نصار، ص50 ـ 51، محمد بن صامل السلمي، مرجع سابق، ص 332 ـ 333،(1/168)
أما الكتب التي لم تصلنا، فمنها " كتاب الإسرائيليات "،" الفتوح "، " قصص الأنبياء "، " قصص الأخيار "، " كتاب القدر "(1)
ويعد وهب أول من صنف في قصص الأنبياء. (2)
قيمة كتب وهب عند المقدسي
__________
(1) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج6 ص35 ـ 36، كحالة، معجم المؤلفين، ج4 ص79.
(2) حاجى خليفة، كشف الظنون، ج2 ص1328.(1/169)
قد أدرك المقدسي أهمية كتب وهب خاصةً في تاريخ بدء الخلق، والأنبياء لذا اعتمد عليه فيهما، لكنه لم ينقل عنه شيئاً في السيرة النبوية، وما بعدها. فقد بلغ عدد نقولات المقدسي عن وهب سبعة وأربعين نقلاً تقريباً، منها ثلاثة عشر نقلاً في بدء الخلق (1)، والباقي في قصص الأنبياء ومن عاصرهم (2). ولعل اختيار المقدسي وهباً كمصدر في هذين الموضوعين دون غيرهما لم يكن خبط عشواء بل عن تعمد ودراسة، فقد قال في ذكر صفة الأرض وما فيها- بعد أن نقل عدة نقولات عن وهب وغيره - " فمن نازعته نفسه إلى الإشراف عليه نظر في كتب وهب، وكعب،(3) ومقاتل(4) وكتب هذا العلم..... "(5)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص150، 158، 181، 205 - ج2 ص6، 11، 24، 32، 36، 39، 49، 60.
(2) المرجع السابق، ج2 ص99، 100، 150، 154،214. ج3 ص2، 10، 16، 20، 24، 32، 37،41، 51، 503، 66، 72، 73، 75، 77، 92، 96، 97، 102، 103، 114، 115، 116، 133، 134، 136، 182 – ج4 ص 82، 87.
(3) يقصد كعب الأحبار، واسمه: كعب بن ماتع الحميري أبو إسحاق، من أهل اليمن، مخضرم، وكان محدثاً ثقة، وإخبارياً جامعاً لتراث الأولين، وكان في الغالب يعرف حقها من باطلها، توفي في خلافة عثمان. انظر :الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 3 ص 397 – 398، ابن حجر، تقريب التهذيب، ج2 ص144
(4) مقاتل بن سليمان البلخي ثم المروزي أبو الحسن الأزدي الخراساني، برع في التفسير، وكان جامعا للأخيار، لكنه متهم عند المحدثين بالكذب، والتجسيم في صفات الله، انتقل إلى البصرة ومات بها 150هـ 676م.انظر: الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 9 ص 639- 642، ابن حجر، مرجع سابق، ج2 ص277.
(5) البدء والتاريخ، ج2 ص42.(1/170)
أما عدم الاعتماد على وهب في السيرة النبوية، وما بعدها فيبدو أنه كان أكثر ثقة فيما كتبه: ابن إسحاق والواقدي. خاصة أن ثقته – فيما يبدو – لم تكن كاملة فيما ينقله عن وهب، حيث صدّر نقله عنه في كثير من المواضع بصيغة " زعم وهب "، أو لأنه اختار لكل ما يحسنه في تخصصه البارع البارز فيه. وعلى أي الأحوال فإن المقدسي كان بلا شك موفقاً في هذا.
كتب وهب التي نقل عنها المقدسي
للأسف لم يحدد لنا المقدسي أي اسم من أسماء كتب وهب التي نقل عنها، حيث إنه اكتفى في بعض المواضع بقوله " وفي كتاب وهب "(1)
طرق النقل عن وهب. كانت أكثر نقولات المقدسي مباشرة عن وهب إلا في بعض المواضع كانت غير مباشرة مثل قوله " ووجدت في كتاب رواية عن وهب..." (2) "روينا عن وهب......"، (3)" روى محمد بن إسحاق عن وهب......" (4)
صيغ النقل عن وهب. قال المقدسي"وعن وهب بن منبه قال.."، (5)" وفي كتاب وهب... "، (6) " وروى وهب.."، (7) "زعم وهب.."، (8)،
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص158 ـ ص205.
(2) المرجع السابق، ج2 ص60.
(3) المرجع السابق، ج2 ص150.
(4) المرجع السابق، ج3 ص 182.
(5) المرجع السابق، ج1 ص150.
(6) المرجع السابق، ج1 ص158 ص205.
(7) المرجع السابق، ج2 ص181 ج2 ص6،100.
(8) المرجع السابق، ج2 ص11، 24، 49، 99 ج3 ص20، 24، 37، 41، 51، 53، 72، 73
75، 77، 92، 102، 116، 133، 134،136 ج4 ص82، 87.(1/171)
"فأما حكاية وهب." (1) " وحكى وهب.."، (2) "ووجدت في كتاب رواية عن وهب." (3) " روينا عن وهب.."، (4) "..على ما رواه وهب "، (5) " قال وهب.."، (6) " ويزعم وهب "،(7) " كما يزعم وهب.."، (8) " وذكر وهب.."، (9) " روى محمد بن إسحاق عن وهب " (10)
(2) ابن إسحاق (ت 151 هـ 768م) (11)
__________
(1) المرجع السابق، ج2 ص32.
(2) المرجع السابق، ج2 ص36، 39
(3) المرجع السابق، ج2 ص60.
(4) المرجع السابق، ج2 ص150.
(5) المرجع السابق، ج2 ص214.
(6) المرجع السابق، ج3 ص 2، 16، 32، 96، 97، 114.
(7) المرجع السابق، ج3 ص115.
(8) المرجع السابق، ج3 ص66.
(9) المرجع السابق، ج3 ص103.
(10) المرجع السابق، ج3 ص182.
(11) اختلف أهل العلم في سنة وفاة ابن إسحاق فقال بعضهم 151هـ وممن قال بذلك الهيثم بن عدى وابن سعد، وهو الأشهر، وقال البعض 152هـ منهم على بن المديني وقيل 150هـ ووهم من قال 144 هـ. انظر:ابن سعد، الطبقات، ج7 ص553 – ج9 ص323.الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج2 ص 33- 35.(1/172)
هو محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر القرشي المطلبي مولاهم المدني، نزيل العراق، إمام المغازي وحامل لوائها، (1) رأى أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ (ت 124 هـ 742م)، وتتلمذ على يد كبار التابعين،(2) ويعد ابن شهاب الزهري (ت 124هـ742م) أهم مشايخه في المغازي. (3) نشأ بالمدينة وتعلم بها، وهو أول من دون العلم بها، ثم رحل إلى الجزيرة، والكوفة، وبغداد، والفسطاط، والإسكندرية وغيرها. (4) وتميز ابن إسحاق بجمع العلم خاصة في المغازي والحديث لكنه لم يصل إلى درجة الإتقان في الحفظ، فحديثه عند أكثر المحدثين حسن إذا خلا من التدليس. (5) وإن كان بعض العلماء لم يقنع بما قرره المحدثون ووثق ابن إسحاق ودافع عنه. (6) وقد رُمي ابن إسحاق بالتشيع والقدر: فأما التشيع: فلو صح فإنه لم يلحظ، ولم يؤثر على مصنفاته. وأما القول بالقدر: فقد نفاه عنه بعض العلماء، وهو الأقرب. (7)
__________
(1) قال الشافعي " من أراد أن يتدبر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق "، وقال الزهري وقد سئل عن مغازيه " هذا أعلم الناس بها يعنى ابن إسحاق ". انظر: الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج7 ص36.
(2) الذهبي، مرجع سابق، ج7 ص 34.
(3) هوروفنتس، المغازي الأولى ومؤلفوها، ص91 ـ 92.
(4) الخطيب البغدادي، مرجع سابق، ج2 ص 7- 8، الذهبي، مرجع سابق، ج7 ص35.
(5) ابن حجر، تقريب التهذيب، ج2 ص153، محمد بن صامل السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي، ص430
(6) ابن سيد الناس محمد بن عبد الله بن يحيى، عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، القاهرة، دار الحياة، ج1 ص13 ـ 18.
(7) الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 7 ص 43، السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي، ص 429 – 430.(1/173)
أما عن كتب ابن إسحاق، فقد اشتهر بكتبه " المبتدأ والمبعث والمغازي"، وله أيضاً " كتاب الخلفاء".(1) ولقد اهتم كثير من العلماء برواية المغازي عن ابن إسحاق حتى بلغ عدد رواتها عنه حوالي ستين راوياً،(2) أشهرهم:
زياد البكائي (ت 183هـ 799م)، (3) لأن روايته هي التي هذبها ابن هشام (ت 218 هـ 832م). (4) والتي انتشرت وذاع صيتها، خاصة مع ضياع كتب ابن إسحاق الأصلية، وإن كان قد وصل إلينا قطع منها قد جمعت وطبعت مؤخراً.(5)ولا يعنى هذا اقتصار استفادتنا من تراث ابن إسحاق على ذلك بل مروياته مبثوثة في الكتب خاصة عند الطبري
قيمة ابن إسحاق عند المقدسي
__________
(1) ابن النديم، الفهرست، ص 134، كحالة، معجم المؤلفين، ج 3ص 124.
(2) مطاع الطرابيشي، رواة محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي والسير وسائر المرويات، بيروت – دمشق، دار الفكر، الطبقة الأولى، 1414 هـ 1994م، ص66.
(3) زياد بن عبد الله الطفيل العامري البكائي أبو محمد الكوفي، أثبت الناس في ابن إسحاق، صدوق ثبت في المغازي، قدم بغداد ثم رجع الكوفة وبها مات. انظر: ابن سعد، الطبقات، ج 8 ص 518، ابن حجر، تقريب التهذيب، ج1 ص 263، مطاع الطرابيشي، مرجع سابق، ص 190 – 192.
(4) هو عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري أبو محمد البصري نزيل مصر، برع في العربية والنحو والأنساب، أخذ سيرة ابن إسحاق عن زياد وهذبها فطغت سيرته على أصلها وظلت كاملة حتى الآن. انظر: الذهبي، مرجع سابق، ج 10 ص 428 – 429، مطاع الطرابيشي، مرجع سابق، ص 192 – 193.
(5) طبعت بتحقيق محمد حميد الله باسم " سيرة ابن إسحاق المسماة بكتاب المبتدأ والمبعث والمغازي ".(1/174)
يعد ابن إسحاق أهم المصادر التي اعتمد عليها المقدسي على الإطلاق، وذلك لكثرة نقولاته عنه، والتي بلغ عددها ستة وسبعين نقلاً تقريباً، شملت فترات تاريخية مختلفة حيث نقل عنه: ثمانية نقول في بدء الخلق وكيفيته،(1) وواحداً وعشرين نقلاً في قصص الأنبياء، (2) وثلاثة نقول في الأنساب، (3) وأربعة وثلاثين نقلاً في السيرة النبوية،(4) وعشرة نقول في تراجم الصحابة وتاريخ الخلفاء. (5)
ويدل هذا على أن المقدسي قد نقل عن ابن إسحاق في أغلب الموضوعات التي تناولها في كتبه، مما يؤكد على وثوقه به. كما أن المقدسي استعمل ألفاظ الجزم في النقل عن ابن إسحاق، إذ لم يستعمل " زعم " إلا نادراً في صيغ نقله عنه. (6)
كتب ومرويات ابن إسحاق عند المقدسي
بالنظر إلى إحالات المقدسي يتجلى للباحث أن المقدسي قد نقل عن ابن إسحاق من أربعة مصادر:
الأول: كتاب المبتدأ والمغازي لابن إسحاق نفسه.
__________
(1) بلغ عدد مرويات الطبري عن ابن إسحاق أربعمائة وعشرين نقلا تقريباً. انظر: الطبري، تاريخ الرسل والملوك، الفهارس ج 10 ص 391 – 393.
(2) البدء والتاريخ، ج 1 ص 149، 169، 172 ج 2 ص 2، 5، 11، 38، 52.
(3) المرجع السابق، ج 2 ص 80، 81. 84، 94، 99، 153. ج 3 ص 17، 20، 26، 28، 30، 36، 37، 75، 79، 81، 99، 126، 179، 182.
(4) المرجع السابق، ج4 ص 105، 106، 107.
(5) المرجع السابق،ج4 ص 113، 131، 132، 133، 135، 139، 140، 143، 145، 159، 161، 162، 171، 172، 185، 192، 209، 220. ج5 ص2، 9، 10، 15، 16، 22، 28، 34، 58، 60، 66، 67.
(6) المرجع السابق، ج5 ص 71، 73، 79، 81، 91، 102، 108، 110، 160، 207.(1/175)
يقول المقدسي " وأما محمد بن إسحاق فإنه يقول في كتابه، وهو أول كتاب عمل في بدء الخلق....." (1) وقال " وهكذا روى محمد بن إسحاق في المبتدأ " (2) وقال في موضع آخر بعد أن ذكر نقلا طويلا عن ابن إسحاق " هذا كله قول محمد بن إسحاق صاحب المبتدأ والمغازي " (3) وقال " وفي كتاب ابن إسحاق" (4)
الثاني: رواية زياد البكائي.
يقول المقدسي " قال ابن إسحاق فيما يروي زياد بن عبد الله البكائي عنه..."(5)
الثالث: سيرة ابن هشام.
ذكر المقدسي نقلاً عن ابن إسحاق وأعقبه بشرح وتعليق ابن هشام. (6) ولقد تتبعت نقولات المقدسي عن ابن إسحاق فوجدت عند ابن هشام منها خمسة وثلاثين نقلاً. (7)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص 149.
(2) المرجع السابق، ج2 ص 38.
(3) المرجع السابق، ج2 ص84.
(4) المرجع السابق، ج3 ص75.
(5) المرجع السابق، ج5 ص 102.
(6) قال المقدسي " قال ابن إسحاق حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب، قاله عبد الملك بن هشام: القصب اللؤلؤ المجوف، قال ابن هشام : حدثني من لا أتهمه......" انظر: البدء والتاريخ، ج5 ص10، 11.
ابن هشام، السيرة النبوية، المنصورة، دار ابن رجب، 1423هـ 2003 م، ج1 ص154.
(7) وهذه المواضع عند المقدسي هي: ج3 ص179، 182، ج4 ص 113، 131، 132، 133، 135، 139، 140، 143، 145، 159، 161، 162، 171، 172، 185، 192، 205، 220، ج5 ص9، 10، 11، 13، 16، 22، 28، 34، 58، 60، 61، 66، 67، 71، 110. وانظر هذا المواضع عند ابن هشام بنفس ترتيبها عند المقدسي: ج1 ص 27، 32،95، 17، 104، 105، 121، 123، 150، 123، 157،151، 255، 248، 308، 313، 360، 426. ج2 ص 120، 170، 440، 438. ج1 ص 154. ج2 ص 440، 439. ج1 ص123، 159، 149، 150. ج2ص 416، 445، 446، 446، 446، 453. ج1 ص 157، 137.(1/176)
الرابع: رواية يونس بن بكير (ت 199هـ 814م). (1)
لم ينقل عنه المقدسي إلا نقلا واحداً قال في صدره " وفي رواية محمد بن إسحاق فيما يرويه عنه يونس بن بكير......." (2) ويبدو أن المقدسي كان يقارن أحياناً بين النسخ الموجودة عنده عن ابن إسحاق، إذ قال في بعض المواضع - بعد أن ساق رواية عن ابن إسحاق - " وقرأت في نسخة زيادة على ما ذكره ابن إسحاق " (3) وقال في موضع آخر - بعد أن ساق نقلا طويلا عن محمد بن إسحاق – " هذا كله قول محمد بن إسحاق صاحب المبتدأ والمغازي، وقد خولف منه في حروف ليس هذا موضع شرحها "(4)
صيغ النقل عن ابن إسحاق
__________
(1) يونس بن بكير بن واصل الشيباني أبو بكر الكوفي، الحافظ المؤرخ، صاحب ابن إسحاق وراوي سيرته، وكانت له زيادات عليها أثبت بعضها الحافظ ابن حجر العسقلاني. انظر: ابن حجر، تقريب التهذيب، ج2 ص 394.مطاع الطرابيشي، رواة محمد بن إسحاق، ص 104، 109.
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص153.
(3) المرجع السابق، ج2 ص80.
(4) المرجع السابق، ج2 ص 84.(1/177)
تنوعت صيغ نقل المقدسي عن ابن إسحاق نظراً لكثرة النقولات، وتنوع مصادرها بين الكتب والروايات، ومن هذه الصيغ: التنويه عن كتابه وقيمته العلمية. يقول المقدسي " وأما ابن إسحاق فإنه يقول في كتابه، وهو أول كتاب عمل في بدء الخلق " (1) أو ذكر اسمه وكتابه. يقول المقدسي "وهكذا روي محمد بن إسحاق في المبتدأ "(2) أو التنويه على الكتاب دون ذكر اسمه. يقول المقدسي " وفي كتاب ابن إسحاق.... "(3) أو ذكر اسم ابن إسحاق مع التنبيه على مؤلفاته. قال المقدسي "هذا كله قول محمد بن إسحاق صاحب المبتدأ والمغازي"(4) أو ذكر مصدره عن ابن إسحاق. كقوله "وفي رواية محمد بن إسحاق فيما يرويه عنه يونس بن بكير"(5)أو ذكره ابن إسحاق مع سنده. مثل " وروى ابن إسحاق عن الزهري عن عائشة" (6) أو قرن ابن إسحاق بغيره من المصادر. كقوله " روى ابن إسحاق والواقدي وغيرهما" وقوله ".....في رواية ابن إسحاق والواقدي ".(7)
صيغ الرواية عن ابن إسحاق. مثل قوله " وقد روي ابن إسحاق"،(8)، ".... في رواية محمد بن إسحاق المطلبي "(9)، روى ابن إسحاق "،(10) " وأما ابن إسحاق فإنه روى "،(11) " وفيما روى ابن إسحاق "،(12)"...هذا من رواية محمد بن إسحاق ".(13)
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص 149.
(2) المرجع السابق، ج2 ص38.
(3) المرجع السابق، ج3 ص 57. ج4 ص 139. ج5 ص 16.
(4) المرجع السابق، ج2 ص 84.
(5) المرجع السابق ، ج2 ص 153.
(6) البدء والتاريخ، ج4 ص 140. وانظر أيضاً: ج2 ص99. ج3 ص 183. ج5 ص60.
(7) المرجع السابق، ج4 ص 135، 110. وانظر أيضاً: ج1 ص 176.
(8) المرجع السابق، ج4 ص 107.
(9) المرجع السابق، ج4 ص 131.
(10) المرجع السابق، ج2ص 11، 80، 81، 94ج3 ص20،36ج4 ص113، 178ج5 ص2، 22، 34، 67.
(11) المرجع السابق، ج3 ص17. ج4 ص161.
(12) المرجع السابق، ج4 ص143. ج5 ص108
(13) المرجع السابق، ج5 ص58.(1/178)
صيغ القول عن ابن إسحاق. مثل قوله ".... هذا قول ابن إسحاق "(1)، وكان ابن إسحاق يقول "(2)، "وأما ابن إسحاق فإنه يقول "(3)، " قال ابن إسحاق...... "(4)
صيغ الذكر عن ابن إسحاق. مثل قوله " وذكر ابن إسحاق.... " (5) "... كما ذكره ابن إسحاق "(6)، " وقد ذكر ابن إسحاق "(7)
صيغ الزعم عن ابن إسحاق. لم يذكر المقدسي ذلك إلا في موضعين فقط حيث قال: " وأما ابن إسحاق فإنه يزعم.." (8)، " وزعم ابن إسحاق... ".(9)
(3) الواقدي (ت 207هـ 823م)
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص 106.
(2) المرجع السابق، ج3 ص99.
(3) المرجع السابق، ج4 ص 145. ج5 ص 10.
(4) المرجع السابق،ج2ص 52.ج3ص28، 37، 79، 81، 126، 179. ج4 ص105، 132، 133، 159، 162، 172، 185، 192، 209ج5ص 9، 10، 13، 15، 28، 60، 66،71، 73، 79،81،91، 102، 160.
(5) المرجع السابق، ج1 ص169. ج3 ص26، 36.
(6) المرجع السابق، ج2 ص5.
(7) المرجع السابق، ج4 ص220.
(8) المرجع السابق، ج3 ص30
(9) المرجع السابق، ج2 ص 2.(1/179)
هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم الواقدي المدني القاضي، العلامة جامع الفنون، ولد ونشأ بالمدينة، قدم بغداد وتولى القضاء بها حتى وفاته. (1) وكان الواقدي ديناً فاضلاً، اشتهر بالجود والسخاء. (2) وإن كان البعض نسبه إلى التشيع، فإن هذا قول شاذ لم يمض عليه قول مترجميه، ولم يُر أثرٌ لذلك في كتاباته (3) وغاية ما أخذ عليه هو تجريح نقاد المحدثين له مع اعترافهم بديانته وسعه علمه، وإنما أوتي من قبل حفظه وغرائبه. (4)وإن كان بعض العلماء لم يسلم بذلك ودافع عن الواقدي (5)
أما عن جهوده في التاريخ
__________
(1) ابن سعد، الطبقات، ج7 ص603 -611، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج9 ص454.
(2) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج4 ص6.
(3) ابن النديم، الفهرست، ص141، محمد بن صامل السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي، ص 440.
(4) الذهبي، مرجع سابق، ج9 ص 454- 463، ابن حجر، تقريب التهذيب، ج2 ص203.
(5) ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج1 ص 18- 21.(1/180)
فهو فارس ميدان المغازي، والفتوح، وتراجم الصحابة، وتاريخ الخلفاء فلا يستغنى عن مروياته بحال، فقد ألف فيها أكثر من عشرين كتاباً. (1) وصل إلينا منها عدة كتب ولكن المئات من مروياته مبثوثة في الكتب خاصة في كتاب تلميذه محمد بن سعد (ت 230هـ 844م) صاحب الطبقات (2)، وكذلك في تاريخ الطبري. (3) وأما الكتب التي وصلتنا من تراثه فهي" المغازي "، " فتوح الشام "، " فتوح الإسلام لبلاد العجم وخراسان "، " فتوح إفريقيا "، " فتوح البهنسا "، " فتوح الجزيرة "، " فتوح العراق "، " فتوح مصر ". وجميع هذه الكتب مطبوعة، (4) وإن كان كتاب المغازي وكتاب فتوح الشام هما الأكثر تداولاً.
مرويات الواقدي عند المقدسي
قد ذكر المقدسي عنه ستة وأربعين نقلا تقريبا، منها ثلاث نقول قرنه بابن إسحاق. (5)
وقد توزعت تلك المرويات بين موضوعات البدء والتاريخ كما يأتي:-
__________
(1) ابن النديم، مرجع سابق، ص124. ياقوت، معجم الأدباء، ج6 ص 2598، هوروفنتس، المغازي الأولي ومؤلفوها، 131- 133.
(2) محمد بن سعد منيع الهاشمي مولاهم أبو عبد الله البغدادي، كاتب الواقدي، الحافظ الحجة، عاش ومات ببغداد، أكثر من الرواية عن شيخه الواقدي، وكتابه الطبقات يحوي أهم وأنقي المرويات عن الواقدي. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص142، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج9 ص 464. ج10 ص 664.
(3) يوجد في تاريخ الطبري حوالي ثلاثمائة وعشرين نقلا عن الواقدي تقريباً. انظر: فهارس تاريخ الطبري ج10 ص 402 – 404.
(4) محمد عيسي صالحية، المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، ج5 ص 323 – 326.
(5) البدء والتاريخ، ج1 ص 172. ج4 ص 153. ج5 ص 110.(1/181)
نقل واحد في كيفية الخلق، (1) وثلاثة نقول في قصص الأنبياء. (2) وسبعة عشر نقلاً في السيرة والشمائل النبوية، (3) وخمسة وعشرون نقلاً في تراجم الصحابة وتاريخ الخلفاء. (4)
كتب الواقدي عند المقدسي
للأسف لم يذكر المقدسي أي كتاب ولو مبهماً أخذ عنه، وبالنظر في كتابي " المغازي"، " وفتوح الشام" لم أجد المقدسي أخذ عنهما شيئاً.
صيغ النقل عن الواقدي
أغلب صيغ المقدسي كانت " قال الواقدي "(5)، " روى الواقدي "(6) إلي جانب " قاله الواقدي "(7)، " وفي رواية الواقدي" (8)، " رواه الواقدي "، (9) " ذكر الواقدي ".(10)
(4) أبو حذيفة إسحاق بن بشر (ت206هـ 821م)
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص 172.
(2) المرجع السابق، ج2 ص 154. ج3 ص 56، 63.
(3) المرجع السابق، ج4 ص 135، 137، 138، 139، 145، 154، 159، 163، 166، 171، 175، ج5 ص 16، 33، 58، 59، 61، 67.
(4) المرجع السابق، ج5 ص 67، 72، 73، 80.، 81، 82، 83، 84، 86، 87، 92، 93، 95، 97، 98، 110، 113، 114، 116، 155، 160. ج6 ص 58.
(5) المرجع السابق، ج3 ص63. ج4 ص138، 139، 154، 159، 166. ج5 ص16، 67، 73، 80، 81، 82، 83، 86، 87، 97، 98، 113، 114، 155.
(6) المرجع السابق، ج1 ص172. ج2 ص 154. ج4 ص 138. 145، 163، 171. ج5 ص33، 58، 59، 61، 72، 82، 84، 92، 93، 95، 110، 116. ج6 ص58.
(7) المرجع السابق، ج5 ص 160.
(8) المرجع السابق، ج3 ص 56. ج4 ص135.
(9) المرجع السابق، ج4 ص175.
(10) المرجع السابق، ج4 ص 137.(1/182)
هو إسحاق بن بشر بن محمد البخاري أبو حذيفة الإخباري، اشتهر بكنيته، ولد ببلخ واستوطن بخاري، برع في كثير من العلوم، وأخذ عن ابن إسحاق وغيره. (1) اتهمه المحدثون بالكذب وتركوا حديثه. (2) واشتهر بكتابه " المبتدأ " حتى عرفه بعض العلماء بصاحب كتاب المبتدأ، وهذا الكتاب كان محل انتقاد من كثير من العلماء لكثرة الغرائب والأخبار والموضوعة فيه. (3)وله أيضاً: كتاب الفتوح، الذي كان معروفا أيضاً. (4) إلى جانب بعض الكتب الأخرى مثل " صفين "، " الجمل "، " الردة "، " الألوية "، " حفر زمزم" (5) وجميع هذه الكتب لم تصل إلينا، إلا أن كتاب المبتدأ له عدة قطع مخطوطة ولم يطبع بعد. (6)
مرويات أبي حذيفة عند المقدسي
__________
(1) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج7 ص336 – 338.
(2) برهان الدين الحلبي: أبو الوفاء إبراهيم بن محمد، الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث، بيروت، دار الكتب، الطبقة الأولي، 1407هـ 1987م، تحقيق: صبحي السامرائي، ص 64.
(3) ياقوت، معجم الأدباء، ج2 ص 662، السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 392.
(4) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج7 ص 336.
(5) ابن النديم، الفهرست، ص 136، كحالة، معجم المؤلفين، ج1 ص 340.
(6) انظر مواضع وأرقام مخطوطاته: على الرضا قرة بلوط وأحمد طوران قرة بلوط، معجم التاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم، ج1 ص 628 – 629.(1/183)
نقل المقدسي عن أبي حذيفة أربعة عشر نقلاً، منها: أربعة نقول في بدء الخلق وكيفيته، (1) وتسعة في قصص الأنبياء، (2) ونقل واحد في خراب العمران. (3) وقد أشار في أحد عشر نقلاً إلى كتاب أبي حذيفة بقوله " وفي كتاب أبي حذيفة..". (4) واكتفى في الثلاثة الباقية بقوله " روي أبو حذيفة....... (5) ونلاحظ أنه لم يذكر اسم كتاب أبي حذيفة – وهو كتاب المبتدأ - وذلك لاشتهاره، واستغنائه عن التسمية.
ثانياً: المصادر التاريخية الثانوية
وتشمل المصادر التي لم ينقل عنها المقدسي إلا نقلاً أو نقلين، وقد قسمتها إلي ما يلي:
- مصادر ذكر أسماءها وأسماء مؤلفيها. وهي كتاب المعارف لابن قتيبة. (6)
- مصادر ذكر اسم مؤلفيها فقط : وهي " كتاب الزهري " (ت 124هـ 742م) (7) و" تاريخ ابن خرداذبة " (ت 300هـ 913م) تقريباً. (8)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص148، 174. ج2 ص2، 17.
(2) المرجع السابق، ج3 ص6، 12،36، 37، 41، 63، 78، 80، 100.
(3) المرجع السابق، ج4 ص 102.
(4) المرجع السابق، ج1 ص 148. ج3 ص 6، 12، 36، 37، 41، 63، 77، 80، 100، 102.
(5) المرجع السابق، ج1 ص 174. ج2 ص2، 17.
(6) البدء والتاريخ، ج2 ص 150 – 151. وانظر النص في المعارف لابن قتيبة، ص 56 -57.
(7) المرجع السابق، ج5 ص 34.
(8) المرجع السابق، ج2 ص 151.(وعبيد الله أحمد بن خرداذبة، الجغرافي الأديب، كنيته أبو القاسم، نادم المعتمد وولي بعض الأعمال، له " المسالك والممالك "، ولم أجد له كتاباً باسم التاريخ. انظر: ابن النديم، الفهرست، ص 349.)(1/184)
- مصادر ذكر أسماءها فقط: وهي"كتاب أخبار زرنج"، (1) " كتاب المعمرين"،(2) " كتاب تاريخ ملوك اليمن"،(3) " كتاب سير العجم"،(4) " كتاب خداي نامة " (5) " تاريخ خورزاد"(6)
- مصادر ذكر نسبتها: وهي" تواريخ الفرس"(7)" كتب أهل الإسلام"(8) " كتب العجم"(9)
- مصادر مبهمة: مثل قوله " وفي كتاب.... "،(10) " في بعض التواريخ "،(11) " ذكر في بعض الكتب "، (12) " رأيت في بعض الأخبار "(13)
المصادر غير المباشرة وطرق الإسناد إليها
ذكر المقدسي مئات الأقوال والنقول لعلماء دون أن يذكر ما يدل علي لقائهم أو السماع منهم، أو لأنهم كانوا من المتقدمين الذين يستحيل عليه أن يلتقي بهم.
وأصحاب تلك الأقوال والمرويات على قسمين:-
القسم الأول: لا يعلم لهم كتب صنفوها حتى نقول إنه استقي نقوله منها.
القسم الثاني: لهم كتب لكن لم يحدد المقدسي أي الكتب التي أخذ عنها، أو يكون المقدسي قد ذكر لأحدهم أكثر من مصنف لكن في بعض المواضع لم يحدد عن أيها نقل.
ومن المصادر غير المباشرة أيضاً: ما ينقله المقدسي عن مصادر يذكر صفتها ولا يعين قائلها، مثل قوله " ذكر أهل الكتاب...". أو يبهم مصادره لكن السياق يدل علي صفتها، مثل قوله " قال بعضهم " ويكون قصده بعض المفسرين أو الفلاسفة مثلاً وهكذا.
ولقد قسمت تلك المصادر إلى قسمين:أولا: مصادر غير تاريخية. ثانيا: مصادر تاريخية.
__________
(1) المرجع السابق، ج2 ص 152.
(2) المرجع السابق، ج3 ص 34.
(3) المرجع السابق، ج3 ص 43، 205.
(4) المرجع السابق، ج3 ص 93، 114.
(5) المرجع السابق، ج5 ص 197.
(6) المرجع السابق، ج6 ص 51، 89.
(7) المرجع السابق، ج3 ص 23.
(8) المرجع السابق، ج3 ص 196.
(9) المرجع السابق، ج3 ص 138. ج4 ص 60، 98.
(10) المرجع السابق، ج2 ص 61.
(11) المرجع السابق، ج3 ص 45، 79. ج4 ص 144. ج5 ص 193.
(12) المرجع السابق، ج6 ص 116.
(13) المرجع السابق، ج5 ص 83.(1/185)
أولاً: مصادر غير تاريخية
( أ ) مصادر ديانات وعقيدة وفلسفة
وهذه كثيرة جداً في كتاب البدء والتاريخ خاصة في الفصول الأولى من الكتاب وكذلك الفصل الثاني عشر والتاسع عشر. (1) وتتميز بالتنوع الثقافي والعقدي، حيث نقل عن غالب أهل الديانات(2) والمذاهب الفلسفية. (3) والفرق الإسلامية. (4)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص 1- 48. ج5 ص 124 – 150.
(2) وهاك أهمها مقرونة بمواضع ذكرها في الكتاب. أهل الإسلام، ج1 ص 154. ج2 ص 8، 9، 18. أهل الكتاب، ج3 ص 5، 7، 11، 20. ج4 ص 93. البراهمة، ج 1 ص 109، 197، 198، ج3 ص8. الثنوية، ج1 ص 88، 90ج2 ص 142. ج3 ص8. الحرانية، ج1 ص 171. ج2 142. ج3 ص7. السمنية، ج1 ص 187، 197، 198. الصابئة، ج1 ص146. المجوس، ج1 ص 88، 143. ج2 ص 53، 154. مشركو العرب، ج1 ص 171. ج2 ص 144. النصارى، ج3 ص122. اليهود، ج1 ص 192، 199. ج2 ص 52.
(3) وهاك أهمها مقرونة بمواضع ذكرها في الكتاب : أصحاب الأرجبهز، ج2 ص 146. أصحاب الإسطرلاب، ج1 ص 141. أصحاب الجثة، ج1 ص 141. أصحاب الجوهرة، ج1 ص 141. أصحاب الرواقين، ج2 ص 18، 19.
(4) وهاك أهمها مقرونة بمواضعها في الكتاب:الإمامية، ج1 104. أهل النظر،ج2ص41، 42، 5196 120. الباطنية،ج1 ص171.الشيعة، ج1 ص 105. ج2 ص 181، 182.القرامطة، ج1 ص 184.المتصوفة، ج2ص 92.المشبهة، ج1 ص165.المعتزلة ج1ص 96، 97، 99، 105 188، 205، 206.المعطلة، ج1 ص109(1/186)
إلي جانب أشهر فلاسفة اليونان (1) والمتكلمين المسلمين. (2)
__________
(1) وهاك أهم من أخذ عنه المقدسي مع ذكر مواضع ذلك في كتاب البدء والتاريخ : ابيقورس، ج1 ص 138.اثمادقليس، ج1 ص 139، 152. أرسطو طاليس، ج1 ص41، 42، 48، 140، 186ج2 ص 18، 26،28، 32، 34، 52، 91، 128، 142، 237.ارسلاوس، ج1 ص 138.أفلاطون، ج1 ص 41. ج2 ص 18، 26، 28، 29، 147، 237. انغماس، ج1 ص 138.انبادقلس، ج2 ص75.براقليطس، ج1 ص137.بوداسف، ج2 ص97.ديصان، ج1 ص 91، 142ديمقرايطس، ج1 ص 141. ج2 ص 27.فيثاغورث، ج1 ص 136، 138. ج2 ص 74،128. كياوس، ج2 ص45.هرمس، ج1 ص 141.
(2) وهاك أهم من أخذ عنه المقدسي مع ذكر مواضع ذلك في الكتاب:ابن بشار، ج1 ص 40. ج2 ص 121، 123، 124، 25. جعفر بن حرب، ج1 ص91. جهم بن صفوان، ج1 ص105.الحسين النجار، ج1 ص 40، 188.داود بن علي، ج1 ص107، 137، 140. ضرار بن عمرو، ج1 ص 84. أبو الحسين الخياط، ج2 ص121. ابن كلاب، ج1 ص43. أبو الهذيل، ج1 ص38، 52، 107، 188، 205. ج2 ص51 121. هشام بن الحكم، ج1 ص 39، 40، 85، 103. ج2 ص 51، 121،123، 124.(1/187)
وقد تنوعت أيضاً طرق إسناد المقدسي إلي تلك المصادر، إلى: ذكر اسم المصدر مع ذكر بعض المعلومات عنه.(1) أو الاكتفاء بذكر اسمه المشهور به فقط.(2) أو ذكر اسمه كاملاً.(3) أو إسناد الأقوال إلى مصدر مبهم. (4)
__________
(1) ومن أمثلة ذلك قول المقدسي " وحكي عن أرسطا طاليس بن توماجس صاحب المنطق "وقوله " وحكي عن فيثاغورث من أهل شاميا وهو أول من سمى الفلسفة بهذا الاسم " وقوله " عن بوادسف الفيلسوف من أهل بابل العتيقة كان عالماً بالأدوار والأكوار......."انظر: البدء والتاريخ، ج1 ص136، 139. ج2 ص 97.
(2) وهذا في أغلب نقولات المقدسي، وقد مر ذكر الإحالات قريباً.
(3) ومن أمثلة ذلك قول المقدسي " أبو جعفر الأحوال الملقب بشيطان الطاق " وقوله " أفلاطون بن أرسطو الالاهي " انظر: البدء والتاريخ، ج1 ص 85، 139.
(4) وقد تنوعت ألفاظ المقدسي في طريقة الإسناد، وهاك بعض أمثلتها مقرونة بمواضع ذكرها في الكتاب.قال بعضهم،ج1 ص 143، 165،190، 208ج2ص48،220، 121، 128، 181، 182، 221، 231. زعم بعضهم، ج1 ص 24، 34، 37، 88، 145، 163، 190. ج2 ص6، 11، 20، 25، 27، 35، 41، 45، 46، 49، 51، 68، 71، 72، 89،118، 131.قال قوم، ج1 ص 40، 42، 85، 96، 104، 108، 106 115، 177، 206. ج2 ص 9، 19، 27، 32، 35، 40، 46، 62، 78، 88، 175، 182، 186، 188، 231، 233.زعم قوم، ج1 ص39، 85، 172، 195. ج2 ص 9، 19، 20، 27، 45، 51، 59، 70، 93، 171، 181.زعم آخرون، ج1 ص 89، 102، 0103 108، 113، 158، 163، 187. ج2 ص 19، 20، 131، 132، 144، 171، 182.وقيل، ج1 ص 40، 42، 85، 96، 104، 108، 115، 116، 177، 206، 207. ج2 ص 9، 19، 27، 32، 35، 39، 40، 62، 78، 88، 109، 191، 204، 208، 234. ومنهم من يقول، ج2 ص 46، 85، 221، 236.ويقال، ج1 ص 34. ج2 ص 221، 234.وقد قيل، ج1 ص 178، ج2 ص 190. قال آخرون، ج20 ص42، 201. ج2 ص46، 175، 182، 233. منهم من يزعم، ج1 ص33، 36، 184، 186..ج2 ص 18، 61، 75، 86. منهم من زعم، ج1 ص 30، 152، 186.يزعم قوم، ج1 ص27، 42.ذهب قوم، ج1 ص25، 85.أنكر قوم، ج1 ص 32، 37، 191.قال بعض الناس، ج1 ص 96. ج2 ص 89، 177.أنكر بعض الناس، ج1 ص 34.زعم بعض الناس، ج1 ص 31. ج2 ص 57.فرق ناس، ج1 ص 96.بعضهم يقول، ج1 ص 41، 166. ج2 ص 6،155.روي بعضهم، ج2 ص 81، 233.عن بعضهم، ج2 ص 17، 19، 28.وبعضهم يري، ج2 ص 6، 25.زعمت فرقة، ج1 ص 89/ 172، 187. ج2 ص 144.قالت طائفة، ج1 ص 103. ج2 ص 19.زعمت طائفة، ج1 ص102، 103. ج2 ص 234.قالت فرقة، ج1 ص 99.(1/188)
( ب ) مصادر أحاديث وآثار وتفسير
ذكر المقدسي مئات الأحاديث النبوية، والآثار عن الصحابة ومن بعدهم. وقد تنوعت موضوعاتها ومواضعها في أغلب موضوعات الكتاب. وإن كانت موضوعات: بدء الخلق، ونهاية العالم، والسيرة النبوية، والشمائل كانت فيها أكثر من غيرها، لاسيما لو تعرض لتفسير بعض الآيات القرآنية. (1)وبالطبع لم يذكر المقدسي مصدره المباشر عند سوقه لهذه الأحاديث والآثار مكتفياً بإسنادها إلى قائليها، لذا اعتبرناها من المصادر غير المباشرة.
وأهم طرق إسناده إليها:
إسناد الحديث النبوي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة.مثل: قوله " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"(2)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص115، 208. ج2 ص 113، 235. ج4 ص 131، 242. ج5 ص 1 67.
(2) المرجع السابق،ج1 ص155. ج2 ص70، 190، 195. ج3 ص1، 80، 173. ج4 ص239،232،229،228،224،203،195،194،172،159،137،135،128،97
ج5ص178،119،115،114،101،95،94،77،56،24،17.(1/189)
و " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (1) و " وقوله صلى الله عليه وسلم"،(2) وأمثالها. (3) أو إسناد الحديث إلى الصحابي الذي رواه. (4)
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص72، 79، 191، 193. ج2 ص 157. ج4 ص 175.
(2) المرجع السابق، ج1 ص 184. ج3 ص 109.
(3) المرجع السابق، ج2 ص119،107،106،70. ج5 ص 43،42،41،40.
(4) وهاك الصحابة الذين ذكرهم مع ذكر مواضع ذلك في الكتاب: أنس بن مالك ج5 ص 3. جابر بن عبد الله، ج2 ص 104.خالد بن معدان ج3 ص 79.أبو رافع ج4 ص 143.أبو سعيد الخدري، ج5 ص135.سفينة، ج5 ص 238.عائشة، ج5 ص 60،62،11.عبد الله بن عباس، ج4 ص 107. ج5 ص 153. عبد الله بن عمر، ج1 ص 206. ج2 ص 161.عبد الله بن مسعود ج5 ص 58.عبيد بن عمير الليثي، ج4 ص 142.علي بن أبي طالب، ج5 ص224.كعب بن مالك، ج2 ص 104.معاذ بن جبل، ج2 ص 227.أبو مويهبة، ج5 ص 56. أبو هريرة، ج1 ص 190. ج4 ص 104. ج5 ص 153. رضي الله عنهم أجمعين.(1/190)
أو إسناد الحديث إلى التابعي الذي رواه. (1) أو سوق الحديث بلا أي تصدير. (2) أو إسناد الحديث إلى مصدر مبهم. (3) أو إسناد الأثر إلى قائله مباشرة، سواء أكان صحابياًُ، (4)
__________
(1) سواء ذكر اسم الصحابي أم لم يذكره وهاك مواضعها في الكتاب. سعيد بن المسيب، ج2 ص176. أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، ج2 ص 176. محمد بن الحنفية، ج1 ص194.
(2) البدء والتاريخ، ج3 ص 135، 170، 172. ج4ص 129، 198. ج5 ص 36، 37، 213.
(3) وهذا كثير عند المقدسي، وهاك أهم صيغه مقرونة بمواضعها في الكتاب.أخبار المسلمين، ج3 ص 12.جاء في بعض الأخبار، ج1 ص 170، 204. ج2 ص 30، 33. جاء في بعض الروايات، ج1 ص 166. ج3 ص10. جاء في الحديث، ج1 ص188،203. ج ص 71. 187. ج3 ص 10، 52.جاء في الخبر، ج2 ص 229. ج3 ص 23. ج5 ص 46، 49، 53.رواية أصحاب الحديث، ج2 ص 226.رووا، ج1 ص 195.روي في الأخبار، ج2 ص 22. روى المسلمون، ج2 ص 44، 119، 230. روى أصحاب الحديث، ج1 ص 167.روي في الخبر، ج1 ص 182، 10. ج2 146. ج4 ص 172.صحيح الخبر عن النبيج2 ص 157. وفي رواية أخرى ج2ص 181، 186، 212.
(4) ومن الصحابة الذين نقل عنهم المقدسي آثاراً.أنس بن مالك ج5 ص 117، 188. بلال بن رباح ج2 ص 198.حذيفة، ج2 ص 120، 164، 198. خالد بن سعيد بن العاص ج4 ص 146. أبو الدرداء، ج2 ص 37.سلمان الفارسي ، ج2 ص 39، 87، 105.شقران ، ج5 ص 68. عائشة، ج2 ص 198. العباس بن عبد المطلب، ج3 63.عبد الله بن سلام، ج1 ص 150. ج2 ص 2. ج5 ص 118.عبد الله بن عباس ج1 ص 147، 177، 196، 206. ج2 ص 6، 32، 36، 52، 84، 86، 95، 171، 174. ج3 ص 12، 19، 76، 77، 130. ج4 ص 145. ج5 ص 59، 149. عبد الله بن عمر، ج2 ص 42، 105، 158، 199. ج4 ص 97.عبد الله بن مسعود، ج1 ص 174، 200ج2 ص 11، 211 ج3 ص 63، 67.عثمان بن مظعون، ج5 ص 103.على بن أبى طالب، ج1 ص 175،. ج2 ص 56، 64، 73، 111، 177، 198، 202، 210. ج3 ص 6، 80. ج5 ص 75.
عمر بن الخطاب، ج1 ص 201. ج5 ص 3، 64. ج6 ص 45.عمرو بن عبسة، ج4 ص 145.أبو هريرة، ج1 ص 190، 196. ج5 ص 113. رضي الله عنهم أجمعين.(1/191)
أم غيره. (1) أو إسناد الأثر إلى مبهم. (2)
( د ) مصادر لغة وشعر
__________
(1) فمن التابعين وتابعيهم الذين نقل عنهم المقدسي آثاراً: الأوزاعي، ج1 ص 201. الحسن البصري، ج1 ص 147، 182، 166، 195. ج2 ص 30، 52، 95، 109، 199، 203، 229 ص 15، 36، 96، 111، 117، 122، 124. ج4 ص 159، 162. ج6 ص 2. الربيع بن أنس، ج1 ص 197. ج2 ص 72.الزهري، ج2 ص 28، 164 204. ج3 ص121. ج4 ص 86، 143، 144.الشعبي، ج1 ص 201، 206. الضحاك، ج1 ص 126،. ج2 ص 10، 12، 17، 72. ج3 ص 17، 76، 79.عكرمة، ج2 ص 17، 229، 232. ج3 ص 76. ج4 ص 140.كعب الأحبار، ج1 ص 174، 180. ج2 ص 44، 95، 184، 206، 230. الكلبي، ج2 ص3، 6، 86، 89، 96، 105.مجاهد بن جبر، ج1 ص 156، 206. ج2 ص 71، 110. ج3 122.مقاتل بن سليمان، ج3 ص 79.
(2) مثل: حكي عن بعض السلف، ج5 ص 48.قال بعض المحدثين، ج3 ص6.قال المفسرون، ج1 ص119، 146. ج2 ص 29.قال بعض المفسرين، ج2 ص7، 9، 28، 109، 185، 196. ج3 ص 88.كثير من أهل التفسير، ج1 ص 208. ج2 ص 10، 13. ج3 ص 126. بعض أهل التفسير، ج2 ص 170. ج3 ص 89، 90. ج5 ص 35.أهل التفسير، ج3 ص 4، 89، 91، 106. أكثر أهل التأويل، ج2 ص203.قوم من المفسرين، ج2 ص 46.(1/192)
نقل المقدسي بعض النقول اللغوية عن أبي عبيدة (ت209هـ824م)،(1) ونقلاً واحداً عن ابن دريد (ت321هـ 933م). (2) وبعض النقول عن أهل اللغة عامة. (3)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص 135. ج5 ص 12.(معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري، الأديب اللغوي الكبير كان عالماً بالشعر والغريب والتاريخ والنسب، ولد، وتوفي بالبصرة، من تصانيفه " معاني القرآن "،"غريب القران"، "نقائض جرير والفرزدق". انظر: ابن الأنباري، نزهة الألباء في طبقات الأدباء، ص 95 -102.ياقوت، معجم الأدباء، ج6 ص 2704 -2709.)
(2) البدء والتاريخ ج2 ص 114.(محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية أبو بكر الأزدي، البصري الأديب اللغوي الكبير، ولد بالبصرة، ثم رحل إلى عدة بلاد إلى أن نزل بغداد وتوفي بها، من تصانيفه" الجمهرة في اللغة "،" الاشتقاق " وغيرهما. انظر:ابن الأنباري، مرجع سابق، ص 225 - 227.ياقوت، مرجع سابق، ج6 ص 2489 - 2499.)
(3) البدء والتاريخ، ج2 ص 32، 112، 115.(1/193)
أما عن الشعر: فقد أكثر منه المقدسي جداً، ولا غرو فالشعر ديوان العرب، حيث بلغت الأبيات الشعرية التي ذكرها المقدسي سبعة وخمسين وتسعمائة بيتٍ تقريباً، مذكورة في ثلاث وخمسين وثلاثمائة قطعةٍ تقريباً. وقد حرص المقدسي في أكثرها على ذكر اسم الشاعر، حيث ذكره في خمس وأربعين ومائتي موضعٍ تقريباً، اشتملت على سبعة وثلاثين وسبعمائة بيت تقريباً، لتسعة وثلاثين ومائة شاعر تقريباً. وبالطبع لم يكن جميع هؤلاء من الشعراء المشهورين، أو المعروفين بنظم الشعر، بل وجدنا أن عدداً من هؤلاء الذين نسب لهم المقدسي شعراً غير معدودين من الشعراء، إنما أنشدوا بعض الأبيات أثناء الأحداث التاريخية، أو تعقيباً عليها، أو غير ذلك. فأما الشعراء المشهورون، أو المعدودون من الشعراء فقد بلغ عددهم خمسة وسبعين شاعراً. (1)
__________
(1) وهاك أسماء هؤلاء الشعراء مرتبة، وقد ذكرت أسماءهم كاملة خلافاُ للمقدسي الذي قلما فعل ذلك، كما ذكرت مواضع ذكرهم في كتاب البدء والتاريخ، وضعت بعد رقم الصفحة بين قوسين عدد الأبيات في كل موضع:آمنة بنت وهب أم النبي – صلى الله عليه وسلم - ج4 ص116 (2) (3) أبان بن حميد بن لاحق اللاحقي الرقاشي ج4 ص45(3)ج6 ص106(1) الأحوص الأنصاري ج6 ص48 (4)أبو الأسود الدؤلي ج5 ص233 (3)الأشتر النخعي واسمه مالك بن الحارث ج5 ص218 (2) الأشعث بن قيس الكندي ج5 ص220 (2) الأصمعي : واسمه مالك بن قريب الباهلي ج6 ص106(2) الأعشى ج3 ص30(3) 31 (5) 35 (6) 36 (5) 108 (3) 132 (3) 169 (1) 203 (3) 206 (1) ج4 ص 118(2) 119 (1).الرقاشي :واسمه الفضل بن عبد الصمد ج6 ص113(2) أبو الشيص : محمد بن علي بن عبد الله الخزاعي ج6 ص107 (2) امرؤ القيس ج3 ص202(2) (7) ج4 ص 19(8) أمية بن أبي الصلت ج1 ص61(2) 165 (4) (4) 168 (2) 169(6) 202،203 (23) 207 (2) ج2 ص7 (3)،22 (2) 145 (3) (9) ج3 ص 24 (3) 24 (4) 25 (12) 40،41 (10) 58،59 (7) 65(7) 82 (6) 124،123 (16) 194 (9)..البحتري: ج5 ص175 (1) أبو تمام: حبيب بن أوس بن الحارث الطائي ج3 ص177 (1) ج4 ص119 (1) ج6 ص119(1)ابن جرموز: نقيع بن جرموز العبشمي ج5 ص216 (1) جريبة بن الأشيم الفقعسي ج2 ص 144 (4) حريثة بن عمرو بن معاوية ج4 ص33 (1) حسان بن ثابت ج1 ص183 (1) ج4 ص122 (5) 157(2) 192 (2) 193 (3) 203 (2) 204 (1) 208 (6) 216(4) 223 (3) 227 (2) 228(2) ج5ص69 (10) 168 (3) 170 (2) 187 (3) 207(2)(2) الحطيئة جرول بن أوس العبسي ج5 ص157(2) 201 (2) الحلاج الحسين بن منصور ج2 ص 91،92 (4) دعبل بن علي الخزاعي ج5 ص127 (4)أبو دلامة: زيد بن الجون الأسدي ج6 ص89(3) 91(2) ذو الإصبع العدواني: حرثان بن الحارث بن محرث ج2 ص199 (1) (1) ج4 ص33 (1) ذو الرمة: غيلان بن عقبة العدوي ج2 ص 114 (1) ج5 ص 102 (1) زيد الخيل بن مهلهل الطائي ج3 ص206 (1) زيد بن عمرو بن الحارث الهمداني ج1 ص 62 (2)،75 (6) 76 (4) سديف بن ميمون ج6 ص90 (2) سعد بن أبي وقاص ج5 ص76 (1) سلم الخاسر بن عمرو بن حماد البصري ج6 ص106 (2) السيد الحميري: إسماعيل بن محمد بن يزيد ج5 ص225 (3)الشماخ بن ضرار بن حرملة الذبياني ج5 ص194 (5)صفية بنت عبد المطلب ج3 ص62 (2) ضرار بن الخطاب بن مرادس الفهري ج4 ص221(3)أبو طالب بن عبد المطلب ج4 ص115(1) 134(1) 154(4) ج5 ص2 (2)طرفة بن العبد ج2 ص24 (1) العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي ج4 ص237(2) 238(3)عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري ج6ص 23 (1) عبد الله بن رواحة ج4 ص214(1) 231(2) ج5 ص232(1)عبد الله بن الزبعري ج3 ص188 (3) ج4 ص207،208(13) عبد الله بن الزبير الأسدي ج6 ص31 (2) ابن عتاب: عمرو بن عتاب التيمي ج5 ص214 (1) أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم العنزي ج6 ص99(6) 121(2)عدي بن زيد العبادي ج1ص151(7) ج2 ص54 (1) 69 (1) ج3 ص158(3) 172(2)200- 201(13) أبو العُذافر: ورد بن سعد التميمي ج6 ص103 (2)عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي ج5 ص165 (1) علقمة بن عبدة التميمي ج3 ص207 (2)علي بن الجهم ج2 ص85،86 (17) ج3 ص173(1) 176(1) علي بن أبي طالب ج4 ص218(3) ج5 ص125(1)عمران بن حطان بن المعلى ج5 ص 234 (2) ج6ص 34 (3) عمرو بن الحارث بن مضاض الأصغر ج4 ص126 (5) عمر بن لجأ التيمي ج5 ص164(1) عمرو بن معدي كرب ج3 ص183(4) عمرو بن هند ج3 ص204 (1) عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ج5 ص 146 (4) الفارعة بنت طريف التغلبية الشيبانية ج6 ص102 (6)الفرزدق: همام بن غالب التميمي ج1 ص 34 (1) ج6 ص42 (2) فروة بن نوفل الأشجعي ج5 ص137(5)قطرب: محمد بن المستنيرج5 ص36-40(21)ابن قيس الرقيات : عبيد الله بن قيس القرشي ج6 ص24 (2) كعب بن جعيل بن قمير التغلبي ج5 ص235 (1) كعب بن مالك الأنصاري ج4 ص167(4) 197(1) 206-207(5) ج5 ص221(8) 226(2) الكميت بن زيد الأسدي ج6 ص50 (2) لبيد بن ربيعة العامري ج1 ص166 (2) ج4 ص107 (1) مالك بن نويرة التميمي ج5 ص160(1)متمم بن نويرة التميمي ج3 ص197 (1)محمد بن أسلم الأنصاري الساعدي ج6 ص14 (1) مروان بن أبي حفصة ج6 ص92 (2) 96(2) مطرود بن كعب الخزاعي ج4 ص111(2)المنذر بن حرام (جد حسان بن ثابت) ج4 ص123 (2)مهلهل بن ربيعة ج4 ص120 (2)النابغة الذبياني ج3 ص208 (2)الوليد بن عقبة بن أبي معيط القرشي ج5 ص207،208 (2) ج5 ص234 (4) الوليد بن يزيد بن عبد الملك ج6 ص51 (2) (1) (1) 53(2) 54(1) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ج6 ص12(2) 16(1)(2)يزيد بن مفرغ بن ربيعة الحميري ج6 ص2(1) 22(3)(1/194)
ويلاحظ أن أغلب هؤلاء الشعراء لم ينقل عنهم المقدسي إلا أبياتاً معدودةً، وكان أوفر الشعراء حظاً: أمية بن أبي الصلت (ت 5هـ 626م) بأربعة وثلاثين ومائة بيتاً. ثم حسان ابن ثابت (ت54هـ 673م) بخمسة وخمسين بيتاً. ثم الأعشى (ت7هـ 628م) (1) بثلاثة وثلاثين بيتاً. فعدي بن زيد (ت 36 ق.هـ 587م) بسبع وعشرين بيتاً. فقطرب (ت 206 هـ 82م) بواحد وعشرين بيتاً. فكعب بن مالك (ت 50هـ670م) بعشرين بيتاً فعلي بن الجهم (ت 249 هـ 863م) بتسعة عشر بيتاً. أما الذين نسب لهم المقدسي شعراً وهم غير معدودين من الشعراء فقد بلغ عددهم ثلاثة وستين شاعراً.
__________
(1) اسمه ميمون بن قيس بن جندل الوائلي، أبو بصير، المعروف بأعشى قيس، ويقال له أعشى بكر بن وائل والأعشى الكبير، من شعراء الجاهلية الكبار أصحاب المعلقات، وكان غزير الشعر، متنوعاً في موضوعاته، كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس. انظر: الجمحي، طبقات فحول الشعراء، ج1 ص 65 – 67.ابن قتيبة، الشعر والشعراء، ج 1ص257.(1/195)
(1)
__________
(1) وهاك أسماء هؤلاء الشعراء مرتبة، وقد ذكرت أسماءهم كاملة خلافاُ للمقدسي الذي قلما فعل ذلك، كما ذكرت مواضع ذكرهم في كتاب البدء والتاريخ،وقد وضعت بعد رقم الصفحة بين قوسين عدد الأبيات في كل موضع: إبراهيم بن المهدي ج6 ص113 (2) إبراهيم الموصلي ج6 ص106 (2)إبليس ج4 ص169(2) أكيدر صاحب دومة الجندل ج4 ص240(2)البراض بن قيس ج4 ص136(3)أبو بكر الصديق ج4 ص184(5) تبع الأكبر ج3 ص177(4) ثمامة بن مالك ج5 ص163(3) جرير بن عبد الله البجلي ج4 ص117 (1) 118 (2) ج5 ص 176 (1)جعفر بن أبي طالب ج4 ص231 (2)أبو جعفر المنصور ج6 ص82(2) 86(1)أبو جهل ج4 ص190(2) الحارث الرائش ج3 ص175(2)الحارث بن سراقة بن معدي بن كرب ج5 ص156 (2) حارثة أبو زيد بن حارثة ج5 ص22(6)الحجاج بن يوسف ج6 ص29 (1) (4)حذيفة بن غانم ج4 ص114 (2)خالد الفياض ج3 ص171(9)خالفة بنت كلمن ج3 ص77(1)دريد اليهودي ج4 ص236(2)الدريدي ج3ص 199(1)الزبّاء واسمها نائلة بنت عمرو ج3 ص198(2)أبو زيد الأنصاري ج2 ص114 (1) سالم بن عمرو الخزاعي ج4 ص233(3)سالم بن عمير ج4 ص195(1) سليمان بن عبد الملك ج6 ص45 (2) صرمة بن أنس بن قيس ج1 ص76،77 (4) أبو طالب الصوفي ج5 ص129،130(4)أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري ج5 ص116(1)طليحة الأسدي ج5 ص158(5) 159(5)عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري ج4 ص210 (4) (2) العباس بن عبد المطلب ج2 ص 232 (2) ج5 ص26 (5) عبد الرحمن بن حنبل الجمحي ج5 ص200 (4) عبد الله بن الحارث بن قيس ج4 ص150(4) عبد الله بن الحسن ( والد محمد النفس الزكية ) ج6 ص84 (2) عبد الله بن خازم الأمير ج6 ص23 (1) عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس ج6 ص72 (2) عبد الله بن عمر بن الخطاب ج5 ص92(1)عبيد الله بن عمر بن الخطاب ج5 ص218 (3) أبو عفك اليهودي ج4 ص195(5) عمار بن ياسر ج5 ص193 (1) عمر بن الخارجي ج6 ص46 (2) عمرو بن تبع ج3 178(6)أبو الغموص ج2 ص119 (1) الفاكهي ج4 ص118(1)الفراء ج1 ص206 (1) الفضل بن العباس ج5 ص125(1)208(3)أبو محمد بن يوسف السوري ج5 ص144 (3) مرحب اليهودي ج4 ص226(2)مسلم بن عقبة ج6 ص14 (2) مسيلمة الكذاب ج5 ص165(3)المطلب بن هاشم ج4 ص112 (2)المطهر المقدسي ج5 ص 148 (3) معاوية بن بكر بن هوازن ج3 ص33 (5) نصر بن سيار ج6 ص63،64(3) 94(1)النهريبندي ج1 ص77 (4) أبو هُدبة ج6 ص66 (2) هند بنت أثاثة بن عبد المطلب ج4 ص204(1) هند بنت أسماء زوجة الحجاج ج6 ص40 (2)هند بنت عتبة ج4 ص204(4) ورقة بن نوفل ج4ص143(8) الوليد بن طريف الشاري ج6 ص101 (1)يحيي بن زيد بن علي بن الحسين ج6 ص50 (2)(1/196)
أما المواضع التي لم يذكر فيها المقدسي اسم الشاعر فقد بلغت مائة وثمانية موضعٍ تقريباً، منها ستة عشر موضعاً ذكر صفة الشاعر دون اسمه، اشتملت على خمسة وثلاثين بيتاً (1) بينما أبهم اسم وصفة الشاعر في اثنين وتسعين موضعاً، اشتملت على خمسة وثمانين ومائة بيتٍ تقريباً. (2)
( هـ ) مصادر جغرافيا وتنجيم
__________
(1) وهاك تلك المواضع من كتاب البدء والتاريخ وما بين الأقواس هو عدد الأبيات في كل موضع: أعرابي ج6 ص3(2) ج6 ص92 (2)ابنة عقيل بن أبي طالب ج6 ص12 (2) امرأة من يهود ج3 ص180(3) امرأة من بني ضبة ج5 ص213 (1)بنو ضبة ج5 ص213 (2)الحادي ج 5 ص 208(1)رجل من بلاد سابور ج2 ص91(1) رجل من قريش ج5 ص230 (2) زوجة عبد الله بن عباس ج5 ص230 (2)شاعر ويقال هي لأبي نواس ج1 ص181(4) قوم ج3 ص62 (8) المسلمون ج4 ص86(1)الناس ج6 ص33 (1) هاتف من الجن ج6 ص13 (2) اليمانيون ج3 ص180(1)
(2) وهاك تلك المواضع من كتاب البدء والتاريخ، وما بين الأقواس هو عدد الأبيات في كل موضع : ج1 ص94(3)166 (1) 167 (1) 183 (3) 206(1). ج2 ص55 (7) 63 (2) 64 (1) 112 (1) (1) 113 (2) (2) 116 (2) ج3 ص28 (1) 30 (1) 40 (9) 46 (1) 76 (2) 77 (1) 97 (1) 145،146(5) 163(2) 164 (2) 171 (1) 174 (1) 188 (2) 197 (1) ج4ص32 (3) 83 (1) 106 (1) 109 (1) (2) 111 (1)،129(4) 136 (2) (1) 216 (2) 235 (1) ج5ص27 (1) 68،69 (2) 105 (1) 109 (1) 126 (4) (1) 128(6) 127(2) 141(1) 150(3) 163(2)(2) 176(2) 186(2) 216(2) 218،219(3) 221(2) (1) 2290(3) 233(3) ج6ص3(2)،8(3)،9(3)،16(1)،17(1) (1)،19(1)،20(2) 22(2)،25(4)،26(1)،32(2) (2)،33(2) 35(1) 37(1) (3) 40،(1) 45(3) 46(1)،47(2)52 (2) ج55(2) 74(3) 91(1)95(3) 99(2) 100،101(1) 111(2) 113(2) 118(3) 119(2) 122(2) 123(2).(1/197)
نقل المقدسي عدة نقول غير محددة عن أهل الجغرافيا، (1) وأهل التنجيم. (2)
المصادر التاريخية غير المباشرة
يلاحظ أن المقدسي لم يحدد أسماء هذه المصادر إلا قليلاً، وربما كان ذلك لاعتماده على المصادر المباشرة التي سبق بيانها. ويلاحظ أيضاً: أنه ذكر نقولاً تاريخيةً عن مصادر غير متخصصة في التاريخ، حيث ذكر أقوالاً تاريخيةً: لبعض الفلاسفة،(3) والمفسرين والمحدثين، (4) والأدباء، (5) وغيرهم،(6) إلى جانب بعض المؤرخين. (7) أما ما أبهمه من المصادر فكثير جداً حتى أنه لا يكاد يعين مصدراً في تأريخه للدولتين الأموية والعباسية.
وقد تنوعت طرقه في إبهام تلك المصادر إلى:
1. ذكر صفة المصدر(8)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص 53، 61. ج4 ص 62، 67.
(2) المرجع السابق، ج2 ص 7، 15، 19، 30، 31، 75، 153، 236. ج3 ص 18، 106، 209.
(3) مثل: أرسطو، وأفلاطون، وأحمد بن الطيب. انظر: البدء والتاريخ، ج3 ص 18، 80. ج4 ص22.
(4) مثل: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وشعبة بن الحجاج، ومقاتل بن سليمان، والحارث الأعور، وأحمد بن حنبل انظر: المرجع السابق، ج3 ص 59. ج4 ص 104. ج5 ص 85، 149.
(5) مثل: ابن المقفع، والأصمعي، والفرزدق الشاعر. انظر: المرجع السابق، ج3 ص 195. ج6 ص 46. ج3 ص 63.
(6) مثل: محمد بن كعب القرظي، عبد الملك بن عمير، وابن شبرمة. انظر: المرجع السابق، ج3 ص 59. ج4 ص 25. ج6 ص 23، ص 94.
(7) مثل: محمد بن السائب الكلبي. انظر: المرجع السابق، ج3 ص 59. ج4 ص 183.
(8) مثل أن ينسب الخبر لأحد أصحاب العلوم أو الفرق أو البلاد مثل: أصحاب النجوم، ج3 ص 79-80.أهل اليمن، ج3 ص 46. الباطنية، ج5 ص 51.الروافض، ج6 ص 13.الشيعة، ج4 ص 226،. ج5 ص 6، 20، 73. =الصوفية، ج5 ص 141.العرب، ج3 ص 46. علماء أهل الإسلام، ج3 ص 127.الفرس، ج3 ص 46، 79، 106، 146، 163.قوم من المعتزلة، ج3 ص 129.كثير من المجوس، ج3 ص 142.المسلمين، ج3 ص 126.(1/198)
2. الإشارة إلى روايته فقط. (1)
__________
(1) وهذه بعض الصيغ التي ذكرها المقدسي مقرونة بمواضعها في الكتاب : - جاء في الأخبار، ج1 ص72. ج3 ص 94. ج4 ص 96.جاء في أخبار أهل الإسلام، ج4 ص 81.جاء في بعض الأخبار، ج2 ص 107، 204. ج2 ص 30، 33، 71.،. ج3 ص 53، 61.جاء في بعض الروايات، ج1 ص 166.جاء في الخبر، ج4 ص 124، 129.جاء في روايات أهل الإسلام، ج4 ص 25.ذكر في الأخبار، ج4 ص 98. روي، ج3 ص 12، 65، 77، 160، 170. ج4 ص 168، 171، 215. ج5 ص 12، 36، 73، 75، 87، 88، 199، 105، 234. ج6 ص 56. روى أصحاب الأخبار، ج5 ص 68.روى أهل الحجاز، ج5 ص 90.روى أهل العراق، ج5 ص 90.روى في الأخبار، ج3 ص 6.روى في بعض الأخبار، ج2 ص 22، 41، 45. ج6 ص 56.روى في بعض القصص، ج2 ص 37. روينا، ج3 ص 2، 45. ج5 ص 215.زعم بعض الرواة، ج5 ص 77.ورد في الأخبار، ج3 ص45.(1/199)
3. إبهام المصدر تماماً. (1)
4. ذكر الحدث دون أي تصدير. (2)
منهج النقل من المصادر
__________
(1) وهذه كثيرة جداً سنذكر أكثرها استعمالاً مقرونة بمواضعها : قالوا، ج3 ص 50، 56، 58، 60، 66، 70، 72، 74، 78، 86، 102، 103، 104، 105، 108، 109، 113، 116، 117، 124، 125، 130، 131، 138، 139، 144، 152، 155، 156، 163، 164، 165، 177، 178. ج4 ص 82، 96، 99، 105، 114، 134، 136، 137، 138، 139، 144، 147، 153، 155، 157، 168، 170، 171، 178، 183، 185، 197، 198، 208، 230. ج5 ص 10، 34، 38، 39، 151، 180، 189، 210، 211، 217، 218، 219، 230، 232،. ج6 ص 2، 8، 20، 25، 28، 29، 36، 41، 42، 43، 49، 50، 73، 78، 85، 86، 93. قيل، ج3 ص 2، 46، 52، 70، 73، 78، 80، 96، 100، 107، 112، 114، 121، 132، 153، 158 ج4 ص 82، 100، 145، 212. ج5 ص 14، 77، 81، 82، 97، 113،. ج6 ص 20، 104. يقال، ج3 ص 15، 17، 56، 68، 75، 85، 98، 99، 100، 108، 114، 116 119، 125، 137، 142، 143، 158، 168، 173، 175، 180، 194. ج4 ص 90، 130، 180، 236. ج5 ص 9، 15، 23، 78، 82، 91، 93، 97، 105، 107، 181، 184، 208، 209. ج6 ص 26، 53، 73. قال بعض الناس، ج3 ص 75، 101، 121. ج5 ص 99، 100.قال قوم، ج3 ص 77، 118، 146. ج5 ص 91، 133. ج6 ص 5، 10، 11، 27، 93. قال آخرون، ج3 ص 63، 64، 144. ج4 ص 105. ج5 ص 165. ج6 ص 5.قال بعضهم، ج4 ص 54، 70، 74، 79، 91، 113، 118، 128، 183.ج4 ص 106، 168. ج5 ص 73، 153. ج6 ص 92. زعم آخرون، ج3 ص 133. ج5 ص 100، 196.زعم بعضهم، ج3 ص 62، 70، 74، 137، 139.زعموا، ج3 ص 34، 99، 135، 147، 150، 195ج4 ص 94ج5 ص 176. 196. ج6 ص 11،115. فيما يزعمون، ج3 ص 177. ج4 ص 87، 88، 89، 122، 217 ج5 ص 184. ج6 ص 95. حكي، ج3 ص 30، 37، 44، 149. ج4 ص 76، 169.ذكروا، ج3 ص 56، 83، 118، 134، 148، 199، 203. ج4 ص 211. ج6 ص 90.
(2) البدء والتاريخ، ج1 ص 76، 171. ج3 ص 26. ج4 79.(1/200)
يتعلق بهذا الموضوع ثلاثة أمور:-
أولاً: طرق الإسناد إلي المصدر
وفيه بيان صيغ الإسناد إلي المصادر، وقد مر ذكر كثير منها أثناء عرضنا للمصادر، وإن كانت عادة الباحثين أن يفردوه بموضوع مستقل، لكن الباحث آثر أن يلصقها بالمصادر، وذلك لاختلاف طرق الإسناد، وصيغه من مصدر لآخر.
ثانياً: منهج تحديد بداية النص ونهايته
والذي يبدو للباحث أن المقدسي لم يعتن بتحديد ذلك خاصة نهاية النصوص كأن يقول مثلاً: انتهى...، أو انتهى بنصه، أو.....اهـ، أو غير ذلك.
لكننا نستطيع تحديد بداية النصوص التي صدرها بذكر مصدرها، وكذلك نحدد نهاية النصوص التي ختمها بذكر مصدرها أو ذكر نقلاً جديداً عن مصدر جديد.
ويبقى علي القارئ في غير ذلك أن يفهم من السياق بداية النص ونهايته خاصة في ظل عدم تحقيق الكتاب تحقيقاً علمياً، وعدم الاعتناء بعلامات الترقيم التي تعين على ذلك.
ولعل مما يخفف وطأة هذا الأمر: كثرة مصادر المقدسي، وحرصه علي ذكر اسم مصدره غالباً ولو مبهماً، فيسر بذلك الوقوف علي بداية ونهاية معظم نقولات الكتاب.
ثالثاً: طرق النقل من المصادر.
وفيه بيان كيفية نقل المقدسي النصوص من مصادرها، والحق أن المقدسي لم يكن من أهل الدقة في النقل، فمنهجه الغالب في ذلك التصرف في النصوص بالاختصار والزيادة والتغيير والتبديل والدمج، وإن كان الاختصار هو أكثر الطرق التي استعملها. ولعل ذلك لأنه ليس من أهل الحديث أصالة، وهم المشهورون بالاعتناء بضبط النقول. إلي جانب أنه وضع كتابه في قالب مختصر مما اضطره إلي اختصار أكثر نقوله، وهذا بلا شك يستلزم في كثير من الأحوال التصرف في النصوص. ومما يجب الالتفات إليه أن عدم نشر الكتاب محققة نصوصه قد ساهم في التقليل من وجود نصوص منقولة نقلاً حرفياً.
وهاك أهم طرق المقدسي في النقل من المصادر:-
(1) النقل الحرفي(1/201)
وهذا لا يكاد يوجد إلا في بعض النقول القصيرة، مثل: قول المقدسي" قال ابن إسحاق والله أعلم أي ذلك كان"(1) ومن النقول الطويلة بعض الشيء، ما نقله المقدسي عن نعيم بن حماد: "عن عبد الرحمن ابن الحسن عن الشعبي عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في أمتي أربع فتن يكون في الرابعة الفناء".(2)
والنص عند نعيم "عن عبد الرحمن بن الحسن عن الشعبي عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في أمتي أربع فتن يكون في الرابعة الفناء".(3)
(2) الاختصار مع الحفاظ على النسق الترتيبي للنص
وذلك مثل قول المقدسي في نسب النبي – صلى الله عليه وسلم – نقلاً عن ابن إسحاق " محمد – صلى الله عليه وسلم - بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم بن تارح..." (4)
بينما نجد نص ابن إسحاق: " محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، واسم عبد المطلب: شيبة ابن هاشم واسم هاشم عمرو بن عبد مناف واسم عبد مناف المغيرة بن قصي، واسم قصي: زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة واسم مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد ويقال: أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن تارح...." (5)
(
__________
(1) ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1 ص 251، البدء والتاريخ، ج 4 ص 159.
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 167.
(3) نعيم بن حماد، الفتن، ص29.
(4) البدء والتاريخ، ج4 ص 131.
(5) ابن إسحاق،كالمبتدأ والمبعث والمغازي، تحقيق: محمد حميد الله، ص1، ابن هشام، السيرة النبوية، ح1 ص 17.(1/202)
3) الاختصار مع تصرف يسير
قال المقدسي " قال ابن اسحق حدثني حميد الطويل عن أنس أن أصحاب رسول الله –
صلى الله عليه وسلم - قالوا يا رسول الله تنادي قوما قد حتفوا فقال ما أنتم بأسمع ما أقول
منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا"(1)
والنص في السيرة النبوية لفظه " قال ابن إسحاق: وحدثني حميد الطويل. عن أنس بن مالك، قال سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل وهو يقول يا أهل القليب، يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة، ويا أمية ابن خلف، ويا أبا جهل بن هشام، فعدد من كان منهم في القليب : هل وجدتم ما وعدربكم حقا، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا ؟ فقال المسلمون يا رسول الله أتنادي قوما قد جيفوا ؟ قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني"(2)
(4) الاختصار مع تقديم وتأخير بعض فقرات النص
قال المقدسي " وفي رواية ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن أسامة قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أُطُم، فقال: إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر، فهل ترون ما أرى؟ (3) والنص عند نعيم"حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد قال أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أُطُم، فقال:هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر"(4)
(5) التصرف في النص بالتغيير والنقص
قال المقدسي " في رواية عبد الرزاق عن معمر عن أبي قريب عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لا تقوم الساعة حتى يقفل القافل من رومية، ولا تقوم الساعة حتى يسوق الناس رجل من قحطان"(5)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 4 ص 192.
(2) ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1 ص 426.
(3) البدء والتاريخ، ج 2 ص 165.
(4) نعيم بن حماد، الفتن، ص16.
(5) البدء والتاريخ، ج 2 ص 183 – 184.(1/203)
وفي المصنف لعبد الرزاق الصنعاني " أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن بن أبي ذئب عن سعيد المقبري قال قال: أبو هريرة لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو العادي رومية فيفعل إلى القسطنطينية فيرى أن قد فعل، ولا تقوم الساعة حتى يسوق الناس رجل من قحطان. (1)
(6) الاختصار بالجمع بين أكثر من نقل للمصدر في سياق واحد
قال المقدسي "...... لأن محمد بن جرير الطبري رحمه الله روى في كتاب التفسير: أن ابن عباس - رضي الله عنه - كتب إلى ابن الجلد يسأله على الرعد والبرق، فقال: الرعد الريح، والبرق الماء"(2) والنصوص عند الطبري ليس فيها الجمع بين البرق والرعد في نص واحد، بل كل منهما في نقل منفرد، بسند مستقل عن الآخر. (3)
(7) الزيادة والنقص في النص
قال المقدسي"وروى عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن ابن جبير قال: سألت ابن عباس - رضي الله عنه - عن قوله تعالى "وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ" فعلام كان الماء قبل أن يخلق شيئاً ؟ قال :على متن الريح"(4)
وفي المصنف"عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس عن قوله " وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ "(هود: 6) قلت: على أي شيء كان الماء قبل أن يخلق شيء ؟ قال على متن الريح. (5)
(8) الزيادة في آخر النص
قال المقدسي " حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا محمد بن يزيد، عن أبي جلدة، عن أبي العالية، قال: لما فتحت تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان مصحفاً عند رأس ميت على سرير، يقال هو دانيال فيما يحسب، قال: فحملناه إلى عمر، فأنا أول العرب قرأته، فأرسل إلى كعب، فنسخه بالعربية، فيه ما هو كائن يعني من الفتن إلى يوم القيامة "(6)
__________
(1) المصنف، ج 11ص 388.
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 33.
(3) تفسير الطبري، ج 1 ص 360 – 361.
(4) البدء والتاريخ، ج 1 ص 149.
(5) المصنف، ج 5ص 90.
(6) البدء والتاريخ، ج 2 ص 165.(1/204)
وعند نعيم "حدثنا محمد بن يزيد عن أبي خلدة، عن أبي العالية قال: لما فتحت تستر، وجدنا في بيت مال الهرمزان مصحفاً عند رأس ميت على سرير، قال: هو دانيال فيما نحسب.قال:فحملناه إلى عمر فأنا أول العرب قرأته فأرسل إلى كعب فنسخه بالعربية.فيه ما هو كائن يعني من الفتن"(1)
(9) الزيادة خلال النص وآخره
مثل قول المقدسي " قال ابن إسحاق: يقول أهل التوراة: ابتدأ الخلق يوم الأحد، وفرغ منه يوم السبت، فجعله عيداً لعباده وعظمة شرفه وكرمه، ويقول أهل الإنجيل: الابتداء يوم الاثنين، وكان الفراغ يوم الأحد، ويقول المسلمون: ابتداء الخلق يوم السبت وكان الفراغ يوم الجمعة، وإنما سميت يوم الجمعة لاجتماع الخلق فيه"(2)
والنص في تاريخ الطبري " قال يقول أهل التوراة: ابتدأ الله الخلق يوم الأحد، وقال أهل الإنجيل ابتدأ الله الخلق يوم الاثنين، ونقول نحن المسلمون فيما انتهى إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ الله الخلق يوم السبت"(3)
(10) التصرف في النص مع الزيادة والنقص فيه
قال المقدسي " وروى عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب المعارف أن آدم عاش ألف سنة، وكان بين موته والطوفان ألف سنة ومائتا سنة واثنان وأربعون سنة، وبين الطوفان وبين موت نوح ثلاثمائة وخمسون سنة، وبين نوح وإبراهيم عليه السلام ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة، وبين إبراهيم وموسى تسعمائة سنة، وبين موسى وداود خمسمائة سنة، وبين داود وعيسى ألف سنة ومائتا سنة، وبين عيسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ستمائة سنة وعشرون سنة، فكان من عهد آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة ألف (4) سنة وثمانمائة عام"(5)
__________
(1) نعيم بن حماد، الفتن، ص19.
(2) البدء والتاريخ، ج 2 ص 52.
(3) تاريخ الرسل والملوك، ج 1 ص 44. وكلمة "المسلمون" هكذا في الأصل والصواب "المسلمين"
(4) كلمة " ألف " هكذا في الأصل والصواب " آلاف ".
(5) البدء والتاريخ، ج 2 ص 150 – 150.(1/205)
والنص عند ابن قتيبة " عاش آدم ألف سنة، وفي التوراة ألف سنة إلا سبعين عاماً، وكان بين آدم وبين الطوفان ألفا سنة واثنتان وأربعون سنة، وبين الطوفان وبين موت نوح ثلاثمائة سنة وخمسون سنة واثنتان، وبين نوح وإبراهيم ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة، وبين إبراهيم وموسى سبعمائة عام، وبين موسى وداود خمسمائة عام، وبين داود وعيسى ألف ومائتا عام، وبين عيسى ومحمد - صلى الله عليهما وسلم - ستمائة عام وعشرون عاماً "(1)
منهج اختيار المصادر
لم يكن اختيار المقدسي لمصادره خبط عشواء، بل كان وفق أسس منهجية لا زالت معتبرة حتى عصرنا الحاضر. وتتلخص تلك الأسس في أمرين:-
أولاً: التخصص التأليفي للمصدر. ثانياً: اختيار المصدر الأقدم.
وقبل أن نذكر دلائل تلك الأسس يجدر بنا التنبيه على أن اتباع المقدسي لتلك الأسس لا يعني أننا نوافقه تماماً علي جميع اختياراته لمصادره، وإن كان بلا شك موفقاً في أغلبها.
أولاً: التخصص التأليفي للمصدر
__________
(1) ابن قتيبة، المعارف،ص 56- 57.(1/206)
وهذا يتضح باستقراء موجز لمصادر المقدسي في موضوعات الكتاب المختلفة، وبيان ذلك أنه في الفصل الأول: الذي كان مقدمة فلسفية اختار مصادره فلاسفة اليونان، ومتكلمة الإسلام. وفي الفصول التالية والتي تناول فيها توحيد الله، ثم أسماءه وصفاته، ثم مباحث النبوة، استمرت المصادر الفلسفية والكلامية كأسس لاختياره، ثم القران الكريم، وكتب أهل الديانات. وفي موضوعات بدء الخلق وكيفيته، شهد تنوعاً نوعياً في المصادر لتفرع المقدسي واستطراده في عرض مسائل فلسفية، مع أنه موضوع تاريخي في المقام الأول، ولهذا وجدناه يذكر مصادر الفلاسفة والمتكلمين، والقران الكريم، ومصادر التفسير والحديث، وبعض المصادر التاريخية مثل: وهب بن منبه، وأبي حذيفة إسحاق بن بشر، ثم محمد بن إسحاق. وفي الفصل التاسع: المخصص لذكر الفتن وقيام الساعة وأحداثها، كانت مصادر الحديث النبوي هي الأغلب، خاصة من كتاب الفتن لنعيم بن حماد، ثم القران الكريم، ومصادر التفسير. وفي قصص الأنبياء، اختار المقدسي: القران الكريم، ومصادر التفسير والحديث، ووهب بن منبه، وابن إسحاق، وأبا حذيفة، ثم الواقدي. أما السيرة النبوية، فقد اختار المقدسي: القران الكريم، ومصادر التفسير والحديث، وابن إسحاق، والواقدي. وفي تاريخ الخلفاء، اختار المقدسي الواقدي، ثم ابن إسحاق.وفي تاريخ العرب والأنساب، اختار محمد بن إسحاق. وفي الفصل الجغرافي: اختار المصادر الجغرافية، مثل: المسالك والممالك وكتاب البنيان والعمران.وأما في الديانات والفرق، فقد اختار: الكتب المقدسة، وكتب الديانات والمتكلمين.وهكذا نجد اهتمام المقدسي بالتخصص التأليفي في أكثر مصادره، لذلك اعتمد بشكل كبير على القران في قصص الأنبياء، كذلك على وهب بن منبه، وأبي حذيفة. وعلى ابن إسحاق في السيرة، وعلى الواقدي في الخلفاء والتراجم.
ثانياً : اختيار المصدر الأقدم(1/207)
وهذا من أهم معالم منهج المقدسي في مصادره حيث قلما يستند المقدسي إلي مصدر من مصادر القرن الثالث أو الرابع الهجري.
وبيان ذلك أن اعتمد المقدسي علي الكتب المقدسة والدينية خاصة القران الكريم في كثير من موضوعات الكتاب، وهي مصادر قديمة بلا شك. كما اعتمد المقدسي علي قدماء المفسرين خاصة تلاميذ ابن عباس، ومن بعدهم مثل: سعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وعكرمة مولى ابن عباس، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم.ولم ينقل المقدسي عن كتب التفسير المشهورة إلا نقلاً واحداً من تفسير الطبري.
مصادر الحديث النبوي
كانت منهجية المقدسي في هذه المصادر أوضح من غيرها حيث أهمل الاعتماد علي المصادر المشهورة التي صنفت في القرن الثالث وأوائل القرن الرابع، مثل: الكتب الستة ومسند أحمد برغم أنها صارت عمدة العلماء إلى يومنا هذا. ولم نجد من مصادر القرن الثالث عنده إلا كتاب الفتن لنعيم بن حماد، وعدة أحاديث عن مصادر أخرى.
المصادر التاريخية
قد ذكرنا أن المصادر التاريخية الأساسية للمقدسي هي ما نقله عن وهب بن منبه، ومحمد ابن إسحاق، والواقدي، وأبي حذيفة إسحاق بن بشر. ولم ينقل عن أحد من المؤرخين الكبار الذين ظهروا أواخر القرن الثالث أمثال: خليفة، والدينوري، واليعقوبي، والطبري، والمسعودي، وغيرهم. فلم ينقل عن أحد من هؤلاء إلا نقلاً واحداً عن ابن قتيبة من كتاب المعارف.
ولعل منهج المقدسي هذا كان لطلبه علو السند والقرب من وقت الخبر أو ربما رأى نفسه أجل من أن يأخذ من مصدر قريب له.
الباب الثاني
الفصل الثاني
منهج العرض واتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي
منهج العرض عند المقدسي
اتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي ومنهجه في كل منها
منهج العرض عند المقدسي
أولاً: اللغة والأسلوب(1/208)
يتناول هذا المطلب: النسق التعبيري للمقدسي من حيث: لغته وأسلوبه في عرض مادته، وما يتعلق بذلك مثل: منهجه في بدء وختم مسائل الكتاب، وخصائص جمله التعبيرية المكررة التي صارت منهجاً عاماً في عرض مادة الكتاب.
لغة المقدسي
اتسمت لغة المقدسي بالوضوح وقرب المأخذ والبعد عن الألفاظ الغريبة، إلا أنه ذكر بعض كلمة غير فصيحة، (1) كما أنه ذكر عدة جمل غير عربية.(2)
وكان أسلوبه السائد البعد عن المحسنات البديعية، والتراكيب البلاغية المعقدة، لكن ذلك لا يعني خلو الكتاب من بعض اللمحات الجمالية، مثل: السجع كما في قوله " قد شمر ذيله، وأسهر ليله، حليف النصب، ضجيع التعب، يأخذ مأخذه متدرجاً، ويتلقاه متطرفاً، لا يظلم العلم بالتعسف والاقتحام، ولا يتخبط فيه عشواء في الظلام ". (3)
ومثل المقابلة كما في قول المقدسي " أميت العدل وأحيي الجور ".(4)
منهج البدء والختم
(أ) البدء
المنهج السائد للمقدسي في بدء مسائله ذكر كلمات بعينها، مثل " اعلم "، (5) " اعلموا "، (6) " اعلموا رحمكم الله " (7) " أقول " (8) " أقول وبالله التوفيق "(9)
__________
(1) مثل قوله " عليه لعاين الله " انظر: البدء والتاريخ، ج 5 ص 188.
(2) المرجع السابق، ج 1 ص 3- 65. ج 2 ص 46. ج3 ص 84، 138، 173، 176، 209. ج 5 ص 30-33.
(3) المرجع السابق، ج 1 ص 5.
(4) المرجع السابق، ج 4 ص 6.
(5) المرجع السابق، ج 2 ص 69، 74، 97،143. ج 3 ص 7، 66. ج4 ص 9، 26، 91،173.ج 5ص 25، 121
(6) المرجع السابق، ج 4 ص 49.
(7) المرجع السابق، ج 4 ص 7.
(8) المرجع السابق،ج1ص 19،20، 27،28،29، 36، 44،48، 50، 51،78،86،93، 95، 99،109، 113.
(9) المرجع السابق، ج 1 ص 18.(1/209)
" قالوا " (1) " ذكروا " (2) " ذكر " (3) " زعموا "،(4) وغير ذلك.
ثم يدلف المقدسي إلى ذكر ما يريد. وقد يقدم لموضوعه بمقدمة تلخيصية قبل أن يسرد تفاصيله، مثل قوله في قصة ذي القرنين "واختلف الناس في: اسمه، وبلده، وزمانه، وسنته، ودينه، ونبوته......." (5) وفي مواطن عدة من الكتاب مهد المقدسي لبعض الموضوعات بذكر فوائد عامة عن الموضوع، أو رأيٍ استخلصه المقدسي عنه، أو بيانِ لخطر الموضوع وأهميته. (6) وذلك مثل تصديره الحديث عن معجزات النبي صلي الله عليه وسلم بقوله " اعلم أن هذا الباب يستعظمه أهل الشك والإلحاد لما فيه من مخالفة الطبع، والخروج عن العادة...الخ ".(7) ومثل استفتاحه فصل تراجم الصحابة بقوله " اعلم أن هذا باب من صناعة أصحاب الحديث، وهو علم برأسه منفرد بمعرفته صاحبه، مرجعه إلى جودة الحفظ، وكثرة الروايات ".(8) وقد يفصل عما سبق ويمهد لبدء جديد باستخدام لفظة " وبعد ".(9)
(ب) الختم
__________
(1) البدء والتاريخ، ج 3 ص 103، 113، 115، 116، 152، 159، 167. ج4 ص 114، 137، 138، 139، 140، 144، 147، 149، 150، 153، 155، 156، 157، 164، 168، 170، 171، 185، 197، 198، 211، 230. ج 5 ص 67، 151، 163، 180، 184، 188، 189، 192، 196، 211، 217، 230. ج 6 ص 2، 8، 13، 20، 25، 28، 29، 36، 41، 42، 80، 86.
(2) المرجع السابق، ج 3 ص 201،203.
(3) المرجع السابق، ج 6 ص 39.
(4) المرجع السابق، ج 3 ص 147،150،195.
(5) المرجع السابق، ج 3 ص 79.
(6) المرجع السابق، ج 2 ص74، 100، 133. ج3 ص 79، 127، 134. ج4 ص1،9. ج5 ص 25، 70، 71،121.
(7) المرجع السابق، ج 5 ص 25.
(8) المرجع السابق، ج 5 ص 70.
(9) المرجع السابق، ج 1 ص 55، 81. ج 2 ص 136، 140.(1/210)
من جميل تواضع المقدسي وحسن أدبه أن غالب ختمه لمسائل الكتاب وموضوعاته كان بالثناء على الله تعالى خاصة، مثل قوله "والله أعلم واحكم" (1)
أو " والله أعلم "، (2) وغير ذلك.(3) وقد يردف مع الثناء موعظةً إيمانيةً، أو دعاءً وابتهالاً إلى الله تبارك تعالى.(4) وربما كان الختم بالاستعاذة بالله من قول نقله،(5) أو الدعاء علي قوم بعينهم.(6) وفي أحيان قليلة كان يختم بذكر تعليق ٍعلى ما ذكر في الموضوع، بأن يذكر خلاصة رأيه فيه، مثل قوله آخر فصل ابتداء الخلق " إنه - أي الله تعالى - خلق الخلق لرأفته، ورحمته، وجوده، وقدرته لينفعهم وليأكلوا من رزقه، وليتقلبوا في نعمته،ويستحقوا شرف الثواب بطاعته" (7)
__________
(1) المرجع السابق، ج 1 ص 158، 164، 174، 206. ج 2 ص 10، 42، 93، 154، 155. ج 3 ص 65، 146. ج 4 ص 90. ج 5 ص 67..
(2) البدء والتاريخ، ج 1 ص 64، 146، 155، 168، 183، 197، 200، 207، 208. ج 2 ص 1، 11، 19، 20، 22،26،29، 30، 32، 34، 35، 36، 39، 46،50، 51،53، 57، 73، 81،85، 93،100، 128، 130، 171، 176، 180، 196، 200، 203، 208، 220، 221،230. ج3 ص 7،10، 11،13،19،22،24، 37،41، 56،60،62،64،66، 75، 81، 87، 93، 96، 100، 112، 114،121،126،130،139،142، 146، 149،166، 180،194، 196، 209. ج 4 ص 9، 22،26،48،62،70، 98، 104، 106، 130، 139، 143، 144، 164، 189. ج 5 ص 9،13، 16، 20،29، 62، 75، 91، 193، 216،233. ج 6 ص13،28، 51، 89، 117.
(3) المرجع السابق، ج 1 ص 5 ج 2 ص 10.
(4) المرجع السابق، ج 1 ص 17، 48، 168. ج 2 ص 92. ج3 ص 137، 211. ج 4 ص 80، 81، 176.
(5) المرجع السابق، ج 1 ص 168. ج4 ص19.
(6) المرجع السابق، ج1 ص 184. ج 4 ص 46.
(7) المرجع السابق، ج 1 ص 160..(1/211)
أو يختم الفصل بذكر مصادره ومنهجه في عرض مادته، مثل قوله آخر فصل قصص الأنبياء " فهذا جميع ما وجدناه ورويناه في كتاب الله، وكتب أصحاب أخبار الأنبياء، وذكر الرسل مذ قامت الدنيا إلى مبعث نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وقد أوجزناها واختصرناها، ونسأل الله التوفيق والتسديد، إنه علي ما يشاء قدير".(1) أو يذكر منهجه في اختيار مواد الفصل، كما فعل آخر فصل تراجم الصحابة، إذ قال " وقد قلنا لك يرحمك الله في صدر هذا الفصل إن هذا من صناعة أصحاب الحديث، وإن استيفاء عددهم غير ممكن، وإنما أتينا بما أتينا به لحاجة الناظر في الفصول التي تتلو هذا الفصل في أيام الخلافة وحوادث الفتن إلى معرفة أسماء من ذكرنا قصته وخبره " (2) أو يختم بالتنبيه علي الموضوع، (3) أو الفصل القادم مثلما فعل آخر الفصل سالف الذكر حيث قال " ويتبع هذا الفصل اختلاف أهل الإسلام في مذاهبهم، وتباين مقالاتهم، وأرائهم...." (4) أو يختم بالتنبيه على طول وغزارة مادة الموضوع لكن ما أورده يغني، مثل قوله "والكلام يطول في هذا ويمتد، ومتى أعمل الناظر فكره في هذا المقدار تبين له وجه الصواب بحول الله وقوته " (5) وقد يختم بإحالة القارئ إلى موضوع آت سيفصل فيه القول.(6) أو إلى مؤلف آخر سيبسط فيه المسائل.(7) وأخيراً انفرد أحد فصول الكتاب بقول المقدسي آخره " تم الفصل التاسع عشر بتوفيق الله وحسن تأييده ".(8)
جمل تعبيرية خاصة
وهي الجمل التي أكثر المقدسي من ذكرها فأثرت على منهجية عرضه لمواد كتابه، ويمكننا تقسيم تلك الجمل إلى:
( أ ) الجمل الدعائية
__________
(1) المرجع السابق، ج 3 ص 137.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 120.
(3) المرجع السابق، ج2 ص77.
(4) البدء والتاريخ، ج 5 ص 120.
(5) المرجع السابق، ج1 ص99.
(6) المرجع السابق، ج1 ص92، 93.
(7) المرجع السابق، ج3 ص114.
(8) المرجع السابق، ج5 ص150.(1/212)
وتشمل الجمل الدعائية الطلبية والثنائية، كما تشمل أدعية المقدسي على بعض الطوائف، والأشخاص، وغير ذلك، ومن تلك الجمل: جمل الثناء على الله تعالى كقوله " تعالى" (1) " تبارك الله وتعالى " (2) "تبارك وتعالى" (3) " تعالى وتقدس"،(4) " سبحانه وتعالى" (5) " سبحانه "(6)
__________
(1) المرجع السابق، ج 1 ص2، 11، 13، 20، 37، 61، 79، 87، 93، 99، 100، 101، 107، 109، 112، 114، 126، 139، 144، 145، 147، 149، 150، 155، 159، 161، 162، 164، 167، 170، 171، 173، 174، 175، 177، 178، 179، 182، 184، 188، 189، 190، 192، 196، 197، 207. ج2 ص2-5، 7، 9، 12، 14، 16، 21، 24، 27، 28، 29، 31، 32، 33، 38، 39، 41، 42، 46، 47، 49، 52، 53، 58،59، 62، 63، 64، 65، 67، 68، 70، 71، 81، 82، 83، 84، 86، 87، 88، 89، 92، 93، 94، 95، 96، 99، 100، 101، 103، 105، 109، 112، 113، 115، 116، 122، 127، 132، 134، 148، 149، 150، 157، 159، 178، 190، 195، 196، 202، 203، 204، 210، 214، 217، 218، 220. ج2 ص222، 225، 227، 228، 231، 232، 233، 234، 241. ج3 ص2-5، 8، 9، 13، 14، 16، 19، 20، 22، 23، 32، 33، 37، 39، 48، 49، 50، 53، 54، 58، 70، 73، 78، 91، 92، 97، 98، 100، 101، 103، 105، 106، 107، 117، 121، 122، 126، 128، 133، 136، 155، 156، 166. ج4 ص5، 25، 82، 83، 93، 140، 141، 209،227. ج 5 ص 27، 30، 35، 43، 55، 120، 122، 127، 129، 130، 131، 141، 160، 206، 222، 224، 237. ج6 ص 79.
(2) البدء والتاريخ، ج 4 ص 80.
(3) المرجع السابق، ج 1 ص147، 149، 162، 164، 172. ج2 ص15، 32، 157. ج4 ص6، 7.
(4) المرجع السابق، ج 1 ص 65.
(5) المرجع السابق، ج 1 ص31، 57، 100، 176، 185. ج2 ص10، 186، 213. ج4 ص60
(6) المرجع السابق،، ج 1 ص57، 59، 64، 65، 71، 78، 85، 95، 105، 109، 159، 167، 180، 196. ج2 ص45، 52، 65، 233. ج3 ص14، 33. ج4 ص81، 164. ج5 ص25، 45..(1/213)
أو " عز وجل "، (1) أو " جل وعز "، (2) أو "عز وعلا"، (3) أو" عز ذكره "، (4) أو " عز من قائل ".(5) أو الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم (6)
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص12، 25، 27، 37، 56، 62، 65، 88، 95، 100، 112، 135، 136، 144، 157، 158، 162، 171، 180، 183، 186، 189، 190، 193، 194. ج2 ص9، 10، 14، 17، 21، 46، 65، 67، 81، 88، 89،185،195، 198، 209، 212، 215، 227، 235. ج3 ص 7، 9، 17، 19، 21، 32، 44، 54، 68، 69، 70، 71، 74، 76، 82، 84، 85، 91، 98، 101، 102، 105، 107، 109، 111، 113، 114،117،121،125،128،130،131، 133، 146، 157، 163، 167، 170، 175، 181، 187، 195، 208. ج4 ص5، 6، 12، 13، 14، 24، 26، 27، 33، 35، 37، 53، 56، 57، 64، 67، 81، 82، 83، 86، 87، 89، 97، 100، 102، 114، 125، 127، 128، 134، 144، 146، 148، 149، 151، 152، 155، 156، 157، 158، 162، 170، 171، 174، 175، 176، 184، 185، 188، 199، 201، 203، 212، 213، 216، 220، 231. ج5 ص13، 27، 28، 29، 30، 31، 32، 33، 34، 44، 49، 53، 55، 59، 66، 93، 118، 130، 132، 136، 138، 140، 142، 147، 149، 158، 167، 206، 213، 217، 219، 222، ج6 ص11، 27، 47، 82، 102، 103.
(2) المرجع السابق، ج1 ص39، 60، 61، 66، 163، 185. ج2 ص91، 134.
(3) المرجع السابق، ج1 ص207. ج2 ص90.
(4) المرجع السابق، ج2 ص13، 29.
(5) المرجع السابق، ج3 ص78.
(6) المرجع السابق، ج 1 ص13، 14، 15، 31، 61، 79، 80، 147، 148، 153، 154، 155، 167، 168، 170، 172، 173، 176، 181، 182، 184، 190، 191، 192، 194، 206، 208. ج2 ص2، 11، 21، 22، 25، 27، 28، 29، 34، 50، 57، 60، 70، 73، 80، 94، 97، 98، 99، 101، 103، 107، 110، 112، 118، 120، 151، 153، 155، 161، 164، 172، 174، 176، 178، 180، 186، 187، 190، 192، 193، 203، 211، 212، 214، 227، 230، 232..ج3 ص1، 2، 7، 13، 22، 26، 52، 63، 66، 79، 80، 89، 101، 109، 111، 124، 134، 135، 137، 138، 139، 161، 169، 170، 172، 173، 175، 186، 188، 194، 195، 207، ج4 ص70، 84، 86، 97، 101، 104، 107، 110، 114، 116، 128، 129، 130، 135، 137، 159، 161، 168، 170، 178، 180، 183، 184، 188، 190، 198، 200، 209، 211، 217، 220، 221، 223، 225، 228، 230، 232، 242. ج5 ص1، 26، 28، 33، 37، 40، 42، 45، 46، 49، 52، 54، 56، 58، 68، 70، 74، 77، 84، 87، 88، 90، 92، 102، 104، 110، 112، 223، 226، 131، 135، 136، 149، 151، 154، 156، 157، 160، 163، 168، 172، 173، 178، 183، 178، 191، 194، 199، 200، 202، 205، 211، 213، 224، 225، 232، 233. ج6 ص2، 5، 12، 13، 56، 62، 70، 73، 85، 89، 95، 96، 124.(1/214)
وان كتبت في أغلب الأحيان ( صلعم ) وهذا الاختصار إن كان من المقدسي وليس من الناشر ففيه نوع جفاء إذ كامل الأدب بكتابة الصيغة بتمامها. أو الصلاة والسلام أو أحدهما على الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام عامة (1) أو عند ذكر أحد منهم، (2) أو عند ذكر جبريل - عليه السلام -.(3) أو الصلاة والسلام أو أحدهما على بعض الصحابة. (4) أو الترضي عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين.
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص6، 14، 113، 164، 191. ج2 ص80. ج3 ص45، 110. ج4 ص6، 71، 176. ج5 ص25، 42، 54.
(2) وهاك أمثلة لبعض الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - مع ذكر مواضعها من الكتاب : آدم: ج1 ص11. ج4 ص25، 27، 131. ج5 ص1، 28. عيسى: ج1 ص13. ج2 ص49، 190،195. ج3 ص 126. ج4 ص47،158. موسى: ج1 ص150. ج3 ص27. ج4 ص48، 89، 130، 161، 188. ج5 ص29، 106. يوسف: ج3 ص27. داود: ج3 ص46. ج4 ص69، 88. ج6 ص41. يعقوب: ج4 ص78.سليمان: ج3 ص46، 93. إسماعيل: ج3 ص60. ج4 ص105، 106 ج6 ص32. إسحاق: ج3 ص63. ج4 ص37. إدريس: ج3 ص139. إبراهيم: ج4 ص82، 84، 88، 100، 105، 124. ج5 ص29، 125. ج6 ص41. شيث بن آدم: ج4 ص82. نوح: ج4 ص98.
(3) المرجع السابق، ج4 ص140، 142. ج5 ص11، 217، 226، 229، 230، 231، 233، 234. ج6 ص2، 3، 5، 11، 28.
(4) وهاك بعض الأمثلة ومواضعها : أبو بكر عليه السلام: ج5 ص77. علي بن أبي طالب عليه السلام: ج2 ص56، 105، 111. ج4 ص104، 113، 145، 201. ج5 ص7، 40، 71، 73، 75، 76، 92، 109، 115، 119، 127، 136، 198، 206، 212، 215.علي صلوات الله عليه: ج2 ص177. ج4 ص73.على صلوات الله عليه وسلم: ج2 ص203، 210.فاطمة عليها السلام: ج2 ص175. ج5 ص73، 151. العباس عليه السلام: ج5 ص131. الخلفاء الأربعة عليهم السلام: ج5 ص149. الحسن عليه السلام: ج5 ص198، 231. الحسين عليه السلام: ج4 ص64. ج5 ص198. ج6 ص11، 12. الحسين صلي الله عليه: ج4 ص214.(1/215)
(1)
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص74، 76، 80، 84، 117، 146-149، 164، 173-177، 190-194، 196، 200، 201، 206. ج2 ص 6، 11، 32، 56، 60. ج4 ص74، 75، 84، 86، 87، 88، 89، 107، 109، 132، 137، 138، 145، 146، 150، 151، 159، 167، 184، 187، 193، 210، 232، 234، 237. ج5 ص1، 3، 11، 14، 17، 18، 20، 23، 24، 41، 57، 58، 59، 62، 66، 68، 71، 74، 75، 76، 79، 80، 84، 85، 86، 88، 95، 99-99، 102، 104، 105، 107، 109، 110، 114، 115، 119، 123، 125، 135، 149، 151-157، 159، 160، 167، 168، 178-180، 183، 184، 186-192، 199، 202، 203، 205، 208، 223، 225، 230، 233، 235، 236. ج6 ص5، 10- 13، 18، 27، 45، 46، 56، 58، 62، 70، 109، 120.(1/216)
أو دعاء المقدسي لنفسه، مثل قوله " ونسأل الله التوفيق والتسديد، وأن يعصمنا برحمته، ويزيدنا بصيرة في طاعته ".(1) أو الدعاء لنفسه وللقارئ، مثل قوله " والله نسأل أن ينفعنا ومن نظر فيه بما ضمن وأودع، وأن ينبهنا عن سنة الغفلة، ويوفقنا توفيقاً بحسن الإجابة إنه سميع قريب ".(2) أو الدعاء لسيده كقوله " أطال الله في طاعته بقاه، وبلغ من العلو مناه "(3) وقوله " أدام الله تمكينه ".(4) أو الاستعاذة بالله تعالى، مثل قوله " ونعوذ بالله من الخذلان والحرمان، وسوء الاختيار والعجز عن اتباع الحق " (5) أو الدعاء على بعض الطوائف، مثل قوله على المعطلة الباطنية " فلا حياهم الله من قوم، ولا حيا مذهبهم من مذهب " (6)، وعلى قوم من النصارى" لعنهم الله وقبح مذهبهم "، (7) وعلى بعض القرامطة "فض الله أفواههم وخيب آمالهم"، (8) وعلى اليهود "عليهم اللعنة "(9) أو الدعاء على بعض الأشخاص حيث دعا المقدسي باللعنة على: أبي لؤلؤة المجوسي، (10) وعبد الرحمن بن ملجم، (11) وعبيد الله بن زياد، (12) ومعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -، (13) ويزيد ابن معاوية. (14)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص48.
(2) المرجع السابق، ج1 ص17.
(3) المرجع السابق، ج1 ص5.
(4) المرجع السابق، ج1 ص8.
(5) المرجع السابق، ج1 ص168. وانظر أيضاً ج4 ص 19.
(6) المرجع السابق، ج4 ص8.
(7) المرجع السابق، ج4 ص46.
(8) المرجع السابق، ج1 ص184.
(9) المرجع السابق، ج1 ص200.
(10) المرجع السابق، ج5 ص188-189.
(11) المرجع السابق، ج5 ص231.
(12) المرجع السابق، ج6 ص21.
(13) المرجع السابق، ج6 ص72.
(14) المرجع السابق، ج6 ص6- 8.(1/217)
وقال عن مروان بن الحكم " مات وصار إلى جهنم ". (1) ولقد كرر المقدسي بعض جمل الدعاء الثنائية على الله عز وجل، كقوله" الله المستعان" (2) "والله الموفق المعين "(3) "والله المعين "(4) "والله ولي الإعانة وولي التسديد والتوفيق" (5) " وبالله التوفيق والسداد "، (6) " ولله الحمد والمنة ". (7) ومن ذلك قوله " إن شاء الله " (8) ومثل ذلك جمل القسم، مثل: قوله " والله "، (9) " لعمر الله "، (10) " لعمري ".(11)
(ب) الجمل الاعتراضية
__________
(1) البدء والتاريخ ج6 ص20.
(2) المرجع السابق، ج2 ص55. ج2 ص163. ج3 ص15، 45، 55، 81، 113. ج5 ص55.
(3) المرجع السابق، ج3 ص47. ج4 ص25. ج5 ص120.
(4) المرجع السابق، ج5 ص43.
(5) المرجع السابق، ج3 ص15.
(6) المرجع السابق، ج1 ص5.
(7) المرجع السابق، ج 4 ص4.
(8) المرجع السابق،، ج1 ص18، 20، 86، 93، 135، 157. ج3 ص10، 67، 106. ج4 ص209. ج5 ص70، 120، 122.
(9) المرجع السابق، ج3 ص 169.
(10) المرجع السابق، ج 1 ص 3.
(11) المرجع السابق، ج 1 ص 84، 117، 121 ج 3 ص 43، 49، 208.(1/218)
كان الهدف الأغلب من الجمل الاعتراضية المدح أو الذم ونحوهما، ومنها كثير من الجمل الدعائية سالفة الذكر. ومنها ما قصد به النقد كقوله " ويحق ما ذكره العتبي في كتابه - وان كان دخيلاً في صناعته متكلفاً ما ليس من بزته – حيث قال......." (1) وقوله "جاءه – أي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم - نعيم بن مسعود الأشجعي مسلماً - وكان من دواهي العرب -"(2) وقد ينشىء جملة اعتراضية لبيان عدم علمه بما ينقله، بأن يقول " والله أعلم "، (3) وقوله " والله أعلم بحقها وباطلها "(4) وقد يهدف من الجمل الاعتراضية التعريف ببعض الأشخاص، والأماكن، فمن التعريف بالأشخاص قوله " وحكي عن فيثاغورس - من أهل شاميا وهو أول ما سمي الفلسفة بهذا الاسم - "،(5) وقوله " ولما دفن عثمان بن مظعون....وهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة " (6)
ومن التعريف بالأماكن قوله " ولقد دخلت بيت نار خوز وهى كورة من كور فارس قديمة البناء."، (7) وقوله " وكانت الوقعة بالحرة وهى ضاحي المدينة وبتلك سميت الحرة " (8)
ومن ذلك أيضاً توضيح بعض المصطلحات كقوله " وقال البراض بن قيس وكان خليعاً والخليع من خلع حلفاءه فمن قتله فدمه هدر " (9)
(جـ) جمل خطابية للقارئ
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص3.
(2) المرجع السابق، ج4 ص219.
(3) المرجع السابق، ج4 ص212.
(4) المرجع السابق، ج3 ص138.
(5) البدء والتاريخ، ج1 ص 136.
(6) المرجع السابق، ج2 ص 107.
(7) المرجع السابق، ج1 ص62.
(8) المرجع السابق، ج6 ص 14.
(9) المرجع السابق، ج4 ص 135.(1/219)
مر بنا من أساليب البدء: مخاطبة القارئ بـ " اعلم "، " اعلموا ".... الخ وقد لا يأتي بها في صدر كلامه كقوله " واعلم " (1) وقد ينبه القارئ بقوله " ألا ترى " (2) وأحياناً يستخدم أسلوب السؤال والجواب جذباً لانتباه القارئ. (3)
الاختصار والإحالات والإطالة
( أ ) الاختصار
قد مر بنا ذكر شروط المقدسي في تأليف كتابه، ومنها: أنه سيكون " منحطاً عن درجة العلو، خارجاً عن حد التقصير ".(4) ولما كانت موضوعات الكتاب متعددة ومتنوعة وتحتاج إلى مساحات واسعة مال المقدسي إلى الاختصار، وكرر التنبيه على أن منهج كتابه يقوم عليه، وأن هذا شرط تأليفه،(5) وكأن هذا كان مقصده من تلك العبارة السابقة، وهذا الاختصار هو ما قام به المقدسي بالفعل في أغلب موضوعات الكتاب. ويتضح لنا منهجه في الاختصار من خلال الصور والطرق الآتية:-
...
(1) اختصار الآيات القرآنية
وهذا بالطبع لن يكون باختصار ألفاظها، إنما كان بذكر بعضها والتنبيه على بقيتها بأن يقول " إلى آخر الآيات "، (6) أو " الآية "،(7) أو الإشارة إلى أول الآيات وآخرها ويصل بينهما بقوله " إلى قوله " (8) أو الإشارة إلى موضع الآيات في السور كقوله عن أم المؤمنين زينب بنت جحش - رضي الله عنها- "وقصتها في سورة الأحزاب مذكورة"(9)
(2) اختصار الأحاديث النبوية
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص 47، 53، 71، 162، 194، 197. ج 2 ص16، 159، 238. ج 3 ص 46، 110، 141، 143. ج 4 ص 45. ج 5 ص 33، 237. ج 6 ص 13، 59.
(2) المرجع السابق، ج1 ص 19، 22، 171.
(3) المرجع السابق، ج1 ص 157، 159.
(4) المرجع السابق، ج1 ص 5.
(5) المرجع السابق، ج1 ص70. ج2 ص115. ج3 ص1، 47. ج4 ص2. ج5 ص1، 5، 75. ج6 ص1.
(6) البدء والتاريخ، ج1 ص73. ج3 ص121، 131. ج4 ص223.
(7) المرجع السابق، ج3 ص50، 60، 155. ج4 ص223.
(8) المرجع السابق، ج3 ص130.
(9) المرجع السابق، ج4 ص222. وانظر أيضاً : ج 4 ص 239.(1/220)
وذلك بذكر مضمون الحديث، مثل اختصار دعاء النبي - صلي الله عليه وسلم – في الطائف بقوله " ودعا دعوات فسأل ربه النصر والصبر " (1) أو بذكر أول الحديث وآخره ويصل بينهما بقوله " في حديث طويل قال في آخره ".(2) أو يذكر بعض الحديث ثم يقول " كيت وكيت " (3)
(3) اختصار الأبيات الشعرية
وهذا بذكر بعض أبيات القصيدة ثم يقول " في أبيات أخر " (4) أو يصدر ذكر بعض الأبيات بقوله " في قصيدة طويلة " (5) وأحياناً يذكرها آخر الأبيات.(6)
(4) اختصار الأحداث التاريخية
قامت منهجية المقدسي علي ذكر أهم الأحداث دون الخوض في تفصيلاتها، اكتفاء بشهرة بعضها، كقوله في قتل خبيب بن عدي - رضي الله عنه - " وذكروا عجائب من أمر خبيب بن عدي وشعرا له....". (7) أو لقلة أهميتها بالنسبة لغيرها، كاختصاره بعض الغزوات والسرايا اكتفاءً بتفصيل المشهور منها، مثل قوله في أحداث سنة ست من الهجرة " ثم غزا - يقصد النبي - صلي الله عليه وسلم - بني لحيان، ثم غزا الغابة ثم بعث سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر ثم....." (8) أو إعراضاً عن ذكر ما يضعف نقله ويستغرب ذكره، مثل قوله " فأما ما يقوله القصاص فلا نعرفه " (9) أو مضياً على نهج بعض المؤرخين في اختصار أحداث عصرهم.(10)
(5) اختصار الأقوال والآراء
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص156.
(2) المرجع السابق، ج2 ص158.
(3) المرجع السابق، ج3 ص2.
(4) المرجع السابق، ج4 ص126.
(5) المرجع السابق، ج4 ص167، 208.
(6) المرجع السابق، ج 4 ص 221، ج5 ص69.
(7) البدء والتاريخ، ج4 ص211. وانظر أيضاً ج6 ص47، 124، 125.
(8) المرجع السابق، ج4 ص222. وانظر أيضاً ج4 ص228،230، 232، 241.
(9) المرجع السابق، ج5 ص227.
(10) المرجع السابق، ج6 ص126.(1/221)
فقد اقتصر في ذكر الفرق ومقالاتها على أهمها، واكتفى في بعضها بذكر اسم الفرقة دون ذكر آرائها، واحتج لذلك بقوله " وليس في ذكرهم وذكر مذهبهم كثير فائدة " (1)
ألفاظ دالة على الاختصار وسببه
استعمل المقدسي ألفاظاً تدل على الاختصار، وبعضها بين سببه، منها: قوله - عن بعض الطرق إلى مكة - " ولكل قوم طريق ومنازل معدودة فلا فائدة في حفظها لغير أهلها " (2)
وقوله " ليس هذا من غرض هذا الكتاب" (3) ونحو ذلك (4) ومثل قوله " ليس هذا موضع شرحها "، (5) " وفي الجملة...."، (6)" كيت وكيت..." (7)
(ب) الإحالات
تعد الإحالات من صور الاختصار حيث تفيد عدم تكرار المعلومات، أو عدم ذكر تفاصيل ليس من شرط الكتاب أو موضوعه بيانها. وإحالات المقدسي ليست كثيرة، وإن كانت متنوعة، وهاك بيانها:-
إحالات خارجية إلي كتبه
وأغلبها إلى كتابه " معاني القرآن "،(8) ثم غيره من مؤلفاته (9)
إحالات خارجية لغير كتبه
حيث أحال أحياناً إلى أنواع كتب دون تحديد أسمائها، مثل الإحالة إلى "كتب الأخبار والفتوح "(10)، أو" كتب الأنساب "(11) وغيرها.(12)
إحالات داخلية مستقبلة
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص145.
(2) المرجع السابق، ج4 ص91. ولعل الأنسب أن يقول " ولا فائدة....."
(3) المرجع السابق، ج1 ص50.
(4) المرجع السابق، ج1 ص111.
(5) المرجع السابق، ج1 ص57.
(6) المرجع السابق، ج4 ص120.
(7) المرجع السابق، ج4 ص62.
(8) البدء والتاريخ، ج2 ص23، 93،95،96 ج3 ص15،78، 96، 98،100، 114، 125، 128، 184، 187.
(9) المرجع السابق، ج1 ص19، 71، 91. ج2 ص 14، 115. وانظر أيضاً مؤلفات المقدسي ص 84.
(10) المرجع السابق، ج3 ص211.
(11) المرجع السابق، ج4 ص120.
(12) المرجع السابق، ج5 ص27.(1/222)
وفيها يحيل المقدسي القارئ إلى مواضع سيذكر فيها مسألة تعرض لذكرها ضمن سياق آخر، مثل: تعرضه لذكر حادثة تمزيق كسرى لكتاب النبي – صلى الله عليه وسلم – ضمن تاريخ الفرس، وقوله " ولهذه القصة موضع غير هذا" (1) أو يذكر حادثة مختصرة ويحيل إلى موضع البسط فيها، مثل قوله في ذكر بني أعمامه – صلى الله عليه وسلم – بعد أن ذكر أولاد عمه العباس " أسلموا وأعقبوا إلا الفضل – أي لم يعقب – وسنذكر أخبارهم في موضعها"(2)
إحالات داخلية ماضية
وفيها يذكر المقدسي القارئ بأمر قد سبق بيانه في: أول الكتاب، كقوله " وهذه المسألة قد مرت في صدر الكتاب.."(3) أو أول الفصل، كقوله " ذكرناه في أول الفصل.."(4) أو خلال الفصل، كقوله عن رد شبهات منكري المعجزات "وقد مضى وجه الجواب لهذه الأشياء في غير موضع فلا فائدة في التكرار"(5) أو في فصلٍ ماضٍ دون تحديد موضع الإحالة، كقوله "وقد بينا اختلاف الناس في نسبة عدنان وما فوقه في فصل الأنساب"(6) وأحياناً يحدد موضعها، كقوله في أول خلافة أبي بكر "وقد ذكرت قصة البيعة في ذكر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم" (7) أو أول الموضوع، كقوله "وقد قلنا في صدر هذه المقالة" (8)
(جـ) الإطالة
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص93، 135. ج3 ص170.
(2) المرجع السابق، ج5 ص7. وانظر أيضاً: ج1 ص157. ج4 ص162.
(3) المرجع السابق، ج2 ص137.
(4) البدء والتاريخ، ج1 ص160.
(5) المرجع السابق، ج3 ص55. وانظر أيضاً: ج3 ص 178.
(6) المرجع السابق، ج4 ص131. وانظر أيضاً: ج4 ص 178، 228. ج5 ص25، 218، 224.
(7) المرجع السابق، ج5 ص151.
(8) المرجع السابق، ج1 ص65.(1/223)
برغم بناء المقدسي كتابه على الاختصار إلا أنه أطال في عدة مواضع من كتابه إطالةً تبدو مملة في بعض الأحيان خاصة في الجزء الأول. وأكثر صور الإطالة كانت الاستطراد في ذكر المناقشات الفلسفية والكلامية، وتتبع أدلة مسائلها والاعتراضات عليها وهكذا،(1) وكذلك ذكر المناظرات بين أهل تلك العلوم.(2) وقد أدرك المقدسي أنه قد أطال في بيان تلك المسائل فاعتذر للقارئ قائلاً "ولقد امتد بنا القول وما كان قصدنا أن نبلغ كله، ولكن لما رجونا من الخير وأملناه من هُدَاتِهِ الناظر في كتابنا واهتدائه به ولما نرى من فساد الزمان وأهله" (3) وقد أخذت الإطالة صوراً أخرى لكنها لم تؤثر علي حجم الكتاب أو متعة القراءة كتكراره بعض المعلومات والتي اقتضاها المقام في أغلب الأحيان.(4) وكذلك الخروج عن الموضوع بذكر قصة أو نحوها ثم الرجوع لتكملة موضوعه.(5)
عرض المادة الأدبية
ترتبط اللغة والأدب ارتباطاً وثيقاً بتاريخ الأمم - خاصة أمتنا العربية - لأنها تعبر عن حياتها ومراحل تطورها الحضاري، وتصور أحداثها التاريخية لاسيما الكبرى منها. ولعل الشعر العربي وروايات الأنساب وأيام العرب وأخبارهم أصدق دليل على ذلك.(6)
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص106. ج2 ص123، 128.
(2) المرجع السابق، ج1 ص 24، 26، 31، 32، 34، 35، 38، 45، 48، 52، 53، 71، 78، 82، 92، 98، 119، 135، 201.
(3) المرجع السابق، ج1 ص114.
(4) ومن ذلك تكراره لقصة قيطون ملك اليهود في موضعين هما: قصة ملوك العرب، انظر: المرجع السابق، ج3 ص179، وفي موضع رؤساء المدينة. انظر: المرجع السابق، ج4 ص 130. وانظر أيضاً في تكرار المعلومات: المرجع السابق، (1) ج2 ص44 /ج4 ص60. (2) ج 2 ص 54 / ج2 ص69. (3) ج2 ص 144 / ج 4 ص 33.
(5) المرجع السابق، ج3 ص149.
(6) محمد فتحي عثمان، المدخل إلى التاريخ الإسلامي، بيروت، دار النفائس، 1408هـ 1988م، ص 114 – 119.
انظر فصل مصادر المقدسي، ص 220 – 227.(1/224)
ولهذا لن يستطيع مؤرخ للعرب والإسلام أن يستغني عن النصوص الأدبية خاصة في العصور المتقدمة، ولهذا أيضاً رأينا المصادر التاريخية مشحونة بمادة أدبية كبيرة وقيمة.
ففي كتاب البدء والتاريخ أخذت مساحة واسعة، واكتسبت أهمية خاصة وذلك لأن أكثر تلك المادة الأدبية جاء متلاحماً مع المادة التاريخية: إما لكون بعضها ورد ضمن سياق الأحداث التاريخية، أو ورد واصفاً لها أو معلقاً عليها، أو مؤرخاً لها في قصائد الشعر التاريخي. ولهذا أفردنا لها هذا المطلب المستقل، وهاك أنواع المادة الأدبية، ومنهج المقدسي في كتابة كل منها:-
( أ ) الأبيات الشعرية
قد مر بنا التنويه علي قيمة الكتاب في الشعر التاريخي وكذلك بيان مصادر الشعر، وأهم الشعراء، وعدد الأبيات الشعرية بقي أن نتعرف على منهج المقدسي في إيراد الشعر وغرضه من ذلك، وهو كما يلي: -
ذكر أشعار ضمن أحاديث نبوية
وذلك مثل قول المقدسي" وأنشد النبي فيما روي قول أمية:
والشمسُ تصبحُ كل آخر ليلة حمراء تضحى لونها يتوقدُ
تأبى فما تطلعْ لنا في رِسْلها إما معذبةُ وإما تُجلَدُ
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم وعلى آله -: صدق ".(1)
ذكر أشعار ضمن أخبار تاريخية
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص 22. وانظر أيضاً: ج1 ص167،168.أما الحديث فلم أعثر عليه في أي من المصادر الحديثية، لكني وجدته بصيغة مطولة – لكن بلا عزو لأي من كتب السنة - في: البغدادي، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، القاهرة، مكتبة الخانجي، الطبعة الرابعة، 1418هـ 1997م، ج 1 ص 250.(1/225)
قد أورد المقدسي أبياتاً جاءت كمادة تاريخية، حيث أنشدتها الشخصيات المشاركة في الحدث التاريخي، وهذه كثيرة في كتاب البدء والتاريخ.(1) منها قول المقدسي ضمن أحداث غزوة خيبر" فحاصرهم – أي النبي صلى الله عليه وسلم - سبع عشرة ليلة فخرج مرحب- أحد المحاصرين - وقد جمع عليه سلاحه وهو يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب
فأجابه كعب بن مالك:
قد علمت خيبر أني كعب وأني ممن يشب الحرب"(2)
ومنها قوله أيضاً " كان سعد – يعني ابن أبي وقاص - يوم القادسية في قصر لجراحٍ كان به، فقال رجل من المسلمين:
ألم تر أن الله أنزل نصره وسعد بباب القادسية معصم
فأُبنا وقد آمت نساءٌ كثيرةٌ ونسوة سعدٍ ليس فيهن أيم
فقال سعد: اللهم اكفني لسانه ويده، فزعموا أنه خرس لسانه وشلت يده "(3)
ومنها نقله عن أبي جعفر المنصور أنه قال بعد قتله أبا مسلم الخراساني
" زعمت أن الدين لا يقتضى فاستوف بالكيل أبا مجرم
سقيت كأسا كنت تسقى بها أمر في الحلق من العلقم "(4)
الشعر التاريخي
وقد جاء هذا الشعر عند المقدسي على ضربين: -
الضرب الأول:
ويتمثل في القصائد التي نظمت لحكاية التاريخ، أو حقبة منه، أو موضوع بعينه، مثل: أكثر شعر أمية بن أبي الصلت (ت5هـ 626م)، وقصيدة قطرب (ت 206هـ 821م) التي نظم فيها بعض معجزات - النبي صلي الله عليه وسلم - (5)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج3 ص28،30،32، 33، 160، 161، 198، 207. ج4 ص 86، 112، 116، 136، 143، 154،169،190، 202، 204، 210، 226، 233، 238.ج 5 ص 22،83، 116، 137، 158، 160، 164، 165، 176، 193، 206،213، 214، 218، 220،230، 234.ج 6 ص 12- 14، 16، 23، 29، 32، 34، 40، 45، 46، 48، 50، 51،53، 54، 63- 64، 72، 82، 84، 86، 90، 91، 92، 94، 101، 102، 103، 113.
(2) المرجع السابق، ج4 ص226.
(3) المرجع السابق، ج5 ص 176.
(4) المرجع السابق،ج6 ص82.
(5) البدء والتاريخ، ج 5 ص 36 – 37..(1/226)
ومن أبياتها:-
فمنها كلام الذئب للرجل الذي رأى الذئب في أغنامه يتردد
عجبت لأخذ الشاة مني رُزِقْتُها وهذا رسول الله يؤدي وتجحد
فخلى عن الشاة التي كان ضمها فأقبل للإسلام يسعى ويحفِد
ومن ذاك جذع حن شوقاً إلى النبي فما زال ساعات يميد ويسند
وكذلك القصيدة التاريخية الرائدة لعلي بن الجهم (ت249هـ 863م)
والتي يقول مطلعها:
" يا سائلي عن ابتداء الخلق مسألة القاصد قصد الحق
أخبرني قوم من الثقات أولو علوم وأولو هيئات
تفرعوا في طلب الآثار وعرفوا موارد الأخبار
ودرسوا التورية والإنجيلا وأحكموا التأويل والتنزيلا
أن الذي يفعل ما يشاء ومن له القدرة والبقاء "(1)
الضرب الثاني:
ويشمل ما نظم من قطع قليلة أبياتها، تصف موقفاً أو حدثاً تاريخياً. ومن أمثلتها قول المقدسي في استسقاء العباس بن عبد المطلب في عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما- " وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:
سأل الإمام وقد تتابع جدبنا فسقى الغمام بغرة العباس
عم النبي وصنو والده الذي ورث النبي بذاك دون الناس
أحيا البلاد به الإله فأصبحت مهتزة الأجناب بعد إياس "(2)
وأمثلة الشعر التاريخي كثيرة،(3) ومنه بعض أبياتٍ بالفارسية.(4)
__________
(1) المرجع السابق، ج2 ص85.
(2) المرجع السابق، ج 5ص 187.
(3) انظر مواضع الشعر التاريخي بضربيه، البدء والتاريخ، ج 3 ص 24، 25، 29، 30، 31، 35، 36، 40، 46، 58، 62، 65، 67، 77، 82، 108، 123، 124، 132، 145، 146، 158، 163، 164، 171- 178، 180، 183، 184، 188، 194، 197، 200، 201، 204، 206.ج 4 ص 32، 114،115،136،150، 167، 184، 192، 193، 195، 196، 203، 206، 207، 208، 214، 216، 218، 220، 223، 227، 228، 229، 240. ج 5 ص 125، 156، 157، 170،186، 200، 201، 208، 213، 216، 221، 225، 230،233. ج6 ص3، 9، 32، 34، 37، 40، 42، 96، 100 – 101، 106، 111، 118 - 119.
(4) المرجع السابق، ج3 ص138، 173.(1/227)
الاستشهاد بالشعر على بعض المسائل التاريخية أو التعليق عليها
وهذا كثير متنوع في الكتاب، قد أورده المقدسي ليؤيد به رأياً تبناه، أو نقلاً ذكره، أو تعليقاً على حدثٍ - غالباً ما يكون هاماً -، ومن ذلك: الاستشهاد بالشعر على معرفة العرب قبل الإسلام بالله تعالى وأسمائه وصفاته، ومدحهم له وحمده على نعمه، كقوله" وكانت حكماء العرب في كفرها وجاهليّتها يُشيرون إليه في أشعارهم ويمدحونه بآلائه ونعمائه فمن ذلك قول زيد بن عمرو بن نفيل
وأَنت الذي من فضل مَنٍّ ورحمة بعثت إلى موسى رسولاً مناديا
فقلت له فاذهب وهارون فادعو إلى الله فرعون الذي كان طاغيا "(1)
وكذلك معرفتهم ببدء الخلق وكيفيته، (2) وبعض أحداث يوم القيامة. (3)
واستند المقدسي إلى الشعر أيضاً في إثبات بعض الأنساب أو نفيها، كقوله " بنو الأدرم من أعراب قريش ليس منهم بمكة أحد، وفيهم يقول الشاعر:
إن بني الأدرم ليسوا من أحد ولا توفاهم قريش في العدد (4)
وفي ذكر بعض أفضال وأعمال بعض رجال النسب المشهورين. (5)
كما استشهد به في ذكر بعض شمائل ودلائل النبوة. (6) وفضل آل البيت.(7) واستشهد به في حياة وآراء بعض من ترجم لهم، كقوله عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود " كان صاحب فقه، وحديث، وهو الذي قال:
وأول ما نفارق غير شكٍ نفارق ما تقول المرجئونا" (8)
__________
(1) المرجع السابق، ج 1 ص 75. وانظر أيضاً: ج 1 ص 61-62،75-76،77، 165- 166، 183.
(2) المرجع السابق، ج1ص 151. ج2ص7، 54،69
(3) المرجع السابق، ج1ص 207. ج2ص144 – 145. ج4 ص33.
(4) المرجع السابق، ج4ص109. وانظر أيضاً: ص 106،107، 117، 118، 119،120،122،123.
(5) المرجع السابق، ج4ص111،114،115، 116، 125- 126،129.
(6) البدء والتاريخ، ج4ص134. ج5 ص2، 26.
(7) المرجع السابق، ج 5 ص 27.
(8) المرجع السابق، ج 5 ص 97 - 98 وانظر أيضاً: ج 5 ص 87، 92، 102، 105، 109. ج6ص 2، 3.(1/228)
واستخدمه في التعليق على بعض أحداث السيرة النبوية،(1) وعصر الخلفاء الراشدين، والعصر الأموي والعباسي.(2) وكذلك استشهد بالشعر في بيان بعض عقائد وتاريخ الديانات والفرق، كقوله عن المشبهة:
ما في البرية أخزى عند فاطرها ممن يقول بإجبار وتشبيه (3)
وفي بعض موضوعات أخرى غير تاريخية، كقوله عن الدنيا:
" هب الدنيا تساق عليك عفواً أليس مصير ذاك إلى الزوال
وما دنياك إلا مثل فيء أظلك ثم آذن بالزوال "(4)
ذكر أشعار يُستشهد بها لبعض الآراء
وهذا إما أن يكتفي المقدسي بنقله عن المستدل به، (5) وأما أن يتبرع هو بإيراده تأييداً لأحد الآراء.(6)
(ب) الخطب والأمثال والحكم
الخطب والأمثال
لم يكثر المقدسي من ذكر الخطب (7) والأمثال، (8) لكنها تميزت بورودها كمادة تاريخية ضمن سياق الأحداث.
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص 157، 204، 235. ج 5 ص 68- 69.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 158، 159، 163- 165، 167- 168، 175، 194، 207، 208، 216، 218- 219، 229،233- 235.ج 6 ص 8، 12، 16، 17، 19، 20، 22- 26، 31- 33، 35، 37، 40، 45، 46، 47، 52، 55، 66، 74، 89، 92، 95، 98 – 101، 106، 113، 123.
(3) المرجع السابق، ج 5 ص 141. وانظر أيضاً: ج4 ص45 ج 5 ص 125،126،127،128،130،144،147، 148،150.
(4) المرجع السابق، ج2 ص63. وانظر أيضاً: ج1 ص 77،94. ج2ص55،64،112-114،116، 119. ج4ص33، 144.
(5) المرجع السابق، ج1 ص34،166،167،181. ج2ص 232.
(6) المرجع السابق، ج1 ص206. ج2ص91،92.
(7) البدء والتاريخ، ج3 ص191-192. ج4 ص242. ج5 ص57،169، 222، 237-238. ج6 ص17، 35.
(8) المرجع السابق، ج3 ص198-199، 204. ج4 ص108. ج5 ص231. ج6 ص80.(1/229)
ومن أمثلة ذلك: خطبة علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الخوارج بعد قبوله التحكيم وخروجهم عليه، قال المقدسي " فقام علي فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : لم أكن أحرصكم على هذه القضية والتحكيم، ولكنكم وهنتم في القتال، وتفرقتم عليَّ، ودعاني القوم إلى كتاب الله عز وجل فخشيت أن يتأولوا عليَّ قوله تعالى " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ". (آل عمران: 23) (1)
أما الحكم
فنادر ذكرها في كتاب البدء والتاريخ، وقد وردت على لسان المقدسي نفسه، مثل قوله: " إن العي في الابتداء خير من العجز في العقبى ".(2)
وكقوله " واعلم أن السكوت بعد استقرار الحق أبلغ من الكلام في الذب عنه ".(3)
عرض المادة التاريخية
نعرض في هذا المطلب الملامح العامة لمنهج المقدسي في عرض المادة التاريخية تاركين التفاصيل إلى المبحث القادم حيث بيان منهج الكتابة عامة ومنهج العرض خاصة.
ويمكننا الوقوف علي تلك الملامح العامة من خلال النقاط الآتية:-
(1) المنهج العام
لعل من نافلة القول التذكير بأن مناهج المؤرخين المسلمين في الكتابة التاريخية قد تنوعت إلى عدة أنواع يجمعها منهجان رئيسان، وهما: المنهج الحولي، والمنهج الموضوعي.(4)
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص 222.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 51.
(3) المرجع السابق، ج1 ص 53.
(4) محمد عبد الوهاب فضل، التاريخ وتطوره في ديار الإسلام حتى نهاية القرن الثالث الهجري، ص 105 - 110.(1/230)
والمنهج الموضوعي هو ما ارتضاه المقدسي لكتابه، حيث فرق أنواع وفترات التاريخ بين فصول الكتاب لكنه لم يهمل منهج الحوليات إهمالاً تاماً، حيث إنه استخدمه في عرض أغلب أحداث الفترة المدنية من السيرة النبوية - صلى الله عليه وسلم -.(1) ولقد بين سبب ذلك بقوله " رأيت أن أجمعها وأضمها سنة سنة ليكون أقرب إلى الحق وأسهل في الحفظ إن شاء الله تعالى ".(2)
(2) طرق التأريخ
مضى المقدسي على درب علماء الإسلام في التأريخ بالتقويم الهجري، لكنه نوّع في بعض الأحيان من طريقة التأريخ، ومن ذلك:-
التأريخ بوفاة النبي - صلى الله عليه وسلم – مثل تأريخه مقتل علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – بقوله " وقتل سنة ثلاثين من وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم -"(3)
وأرخ لمولد النبي - صلى الله عليه وسلم – بعدة طرق، حيث قال " ولد بمكة عام الفيل بعد قدوم أبرهة بخمسين ليلة، وكان أول يوم من المحرم عام الفيل يوم الجمعة، وقدم الفيل يوم الأحد لسبع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ثمانمائة واثنين وثمانين للإسكندر الرومي، وستة عشر ومائتين من تأريخ العرب الذي أوله حجة الغدر، وسنة أربع وأربعين من ملك أنو شروان بن قباذ ملك العجم "(4) وقد يؤرخ بعهد أحد الخلفاء، كقوله " وكانت فتنة ابن الزبير تسع سنين منذ موت معاوية إلى أن مضت ست سنين من ولاية عبد الملك ".(5) ويجدر التنبيه هنا إلى أن المقدسي قد ذكر تأريخ المنجمين لبعض الأحداث، كما في ذكر مدة الفترة بين عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - فقال " وفي حساب المنجمين خمسمائة سنة إلا شيئاً "(6)
(3) الاهتمام بذكر الأوائل
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص177-242.
(2) المرجع السابق، ج4 ص209.
(3) المرجع السابق، ج 5 ص73. وانظر أيضاً: ج3 ص173.
(4) البدء والتاريخ، ج4 ص132- 133.
(5) المرجع السابق، ج6 ص25.
(6) المرجع السابق، ج3 ص126. وانظر أيضاً: ج2 ص153.(1/231)
أولى المقدسي الأوائل عنايةًً خاصةً حيث لم يدع مناسبة في عرض الحوادث أو التراجم لذكر الأوائل إلا ذكرها.(1)
(4) تتبع المقدسي لبعض الأحداث حتى عصره
وذلك بأن يعلق المقدسي على بعض المعلومات التاريخية أو الحضارية بأنها لا زالت إلى اليوم أو نحو ذلك. (2)
(5) الاهتمام بذكر الوثائق
ينضم المقدسي إلى قافلة مؤرخي القرن الرابع الهجري الذين تميزوا بالاهتمام بالوثائق.(3)
فبرغم صغر حجم الكتاب إلا أنه حوى عدداً لا بأس به منها تمثلت في عدد من الكتب والرسائل.(4)
(6) ذكر أحداث غريبة
__________
(1) المرجع السابق، ج1ص104، 136، 147، 149،150، 156ج2ص107ج3 ص10، 11، 13، 56، 131، 138، 139، 156، 174، 175،180، 209ج4 ص25، 83، 84، 85، 98، 101، 107، 117، 126، 128، 143، 164، 165، 166، 167، 178، 181، 182، 183، 190، 194. ج5 ص4، 8، 10، 12، 52، 79، 97، 114، 116، 168، 194، 201، 209ج6 ص2، 6، 13، 19، 63،71،96،104.
(2) المرجع السابق، ج3 ص56، 94، 156، 157، 158، 176، 211. ج4 ص69، 71، 82، 85، 87، 88، 110، 129. ج5 ص35، 36، 86، 198. ج6 ص11، 33، 86، 88، 100.
(3) شاكر مصطفى، التاريخ العربي و المؤرخون، ج1 ص 280 - 282.
(4) البدء والتاريخ، ج3 ص153، 155، 170، 191. ج4 ص172، 179، 183. ج5 ص161، 175، 206، 136. ج6 ص2، 23، 30، 32، 41، 53، 61، 64، 67، 75، 79، 108، 121.(1/232)
نثر المقدسي في كتابه عدة غرائب، بل إنه خصص موضعاً لها بعنوان " ذكر ما يحكى من عجائب الأرض وأهلها " (1) وهذا يبدو مخالفاً لما اشترطه المقدسي في مقدمة كتابه أن يكون"مهذباً من شوائب التزيد، مصفي عن سقاط الغسالات، وخرافات العجائز، وتزاوير القصاص"(2) لكن مما قد يشفع له انه ذكر عن بعضها أنها من العجائب كما في الموضع سالف الذكر، وصدّر ذكر كثير منها بصيغة غير جازمة مثل أن يقول: "وروى"، (3) "ويقال"، (4) "وزعم بعض الناس"،(5)"زعم بعضهم"،(6) "كما يروى "، (7) " وزعموا "، (8) " يذكر من أمره العجائب "(9) أما ما ذكره بصيغة جازمة فقليل.(10) ويجدر التنبيه على أن المقدسي قد ذكر بعض الغرائب التي يقبلها العقل، ومنها ما اعتمده بعض الباحثين، كذكره أن هناك قنطرة معقودة من رأس جبل إلى رأس جبل آخر عقدها أهل الصين في الدهر القديم. (11)
(7) الربط بين أحداث ومواقف مختلفة
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص 92.
(2) المرجع السابق، ج1 ص 5 - 6.
(3) المرجع السابق، ج2 ص44، 202.
(4) المرجع السابق، ج2 ص54.
(5) المرجع السابق، ج2 ص57.
(6) المرجع السابق، ج3 ص137.
(7) المرجع السابق، ج3 ص148.
(8) المرجع السابق، ج4 ص60.
(9) المرجع السابق، ج3 ص134.
(10) المرجع السابق، ج6 ص40، 41. ج5 ص119.
(11) المرجع السابق،ج4 ص92.وانظر أيضاً: متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ج2 ص246- 247.(1/233)
وذلك بأن يجمع المقدسي بين حدثين مختلفين زماناً ومكاناً لشبه بينهما، مثل قوله "وأذكُر أَني سألت بعض الأَعاجم بنواحي سنجار على نواحي المُزاح والمهازلة إذ كنت أراه جلف الجثّة ثقيل اللهجة ما الدليل على أنّ لك خالقاً؟ قال عجزي عن خلق نفسي. فكأنما ألقمت حجراً، وما شبّهته إلاّ بخبر عامر بن عبد قيس إذ خرج عليه عثمان بن عفان - رضي الله عنه وهو في شملة أشعث أغبر في زي الأعاريب، فقال: أين ربك يا أعرابي. قال: بالمرصاد. فهال ذلك عثمان فارعد له" (1) أو لمناسبة تجمعهما بأن يتعلقا بشخص واحد، مثل قوله في قصة دانيال "وهو الذي وجد في مدينة السوس حين افتتحها أبو موسى الأشعري فأمره عمر أن يدفنه حيث لا يشعر به"(2) أو تأتى إشارة عن الحدث اللاحق في الحدث الحالي. (3)
(8) الاستدلال بأحداث تاريخية على بعض الروايات والآراء
ووقع هذا من المقدسي ترجيحاً لتلك الآراء، أو تأكيداً لها. مثل قوله عن سبب زلزلة الأرض " وأما المسلمون فيقولون إنها من فعل الله إذا أراد أن يرى العباد أنه يستعتبهم... وزلزلت الأرض بدمشق فخطب أبو الدرداء فقال: إن الله يستعتبكم" (4)
اتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي
ومنهجه في كل منها
(1) تاريخ الأنبياء
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص76. وانظر أيضاً: ج3 ص96.
(2) المرجع السابق، ج3 ص115. وانظر أيضاً: ج3 ص 135.
(3) المرجع السابق، ج3 ص160- 161.
(4) المرجع السابق، ج2 ص37، وانظر أيضاً: ج1 ص192. ج2 ص 44.(1/234)
أفرد المقدسي فصلاً مطولاً لقصص الأنبياء، وبعض من عاصرهم ممن ورد ذكره في القرآن، أو السنة، أو اشتهر ذكره عند أهل الكتاب.(1) كما اهتم بذكر الأحداث التاريخية التي وقعت بين فترات بعض الأنبياء، مثل تاريخ ما بين نوح وهود - عليهما السلام -.(2)
وربما يكتفي بذكر عمر المدة بين بعضهم.(3) كما نبه على بعض المعاصرين للأنبياء من ملوك الفرس.(4)وكانت أهم مصادره: القرآن الكريم، وبعض الأحاديث النبوية، وأقوال المفسرين، كما نقل عن أهل الكتاب وكتبهم، إما: مباشرة، وإما عن طريق وهب بن منبه وغيره من أهل هذا العلم. ويعد وهب بن منبه، ثم ابن إسحاق، وأبو حذيفة إسحاق بن بشر أهم المؤرخين الذين اعتمد عليهم في هذا الفصل.
ويلاحظ أنه قام بتفسير بعض الآيات، حيث إنه رأى ضرورة ذلك في بعض القصص، مثل قصة يوسف – عليه السلام – حيث قال " وهذه القصة لا تتم إلا بتفسير السورة ".(5) ونبه المقدسي على أنه لم يسرد جميع الروايات؛ لاشتمال بعضها على حق وباطل ومحال وجائز؛ إنما انتقى ما يمكن حدوثه. (6)
وابتدأ المقدسي الفصل بذكر عدد الأنبياء والكتب المنزلة عليهم، والخلاف في عد بعضهم، وموقف بعض الأمم من الرسل والتصديق بهم.(7)
__________
(1) ومن أمثلة ذلك قصص هاروت وماروت، وأصحاب الكهف، وصاحب الجنتين، وجريج الراهب، وحبيب النجار، وجرجيس، وغيرهم انظر: البدء والتاريخ، ج3 ص13-15، 127-237.
(2) المرجع السابق، ج3 ص26-31.
(3) المرجع السابق، ج3 ص45.
(4) المرجع السابق، ج3 ص13.
(5) المرجع السابق، ج5 ص67.
(6) المرجع السابق، ج3 ص46-47.
(7) البدء والتاريخ، ج3 ص1- 8.(1/235)
وانحصرت عناصر قصص الأنبياء على الأحداث المشهورة في حياتهم وهي المذكورة غالباً في القرآن الكريم وكتب أهل الكتاب، كما اهتم بذكر أنساب الأنبياء وأعمارهم. وافتتح المقدسي بعض القصص بذكر مقدمة تمهيدية، كما في قصة يوسف عليه السلام حيث قال " اعلم أنه لا يوجد في كتاب (1) قصة أجمع وأتم في موضع واحد من قصة يوسف، ويذكر أنها كذلك في التوراة، وفي ذلك مقنع وبلاغ "(2)
وكانت طريقته في العرض أن يسرد قصة أحد الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – إجمالاً، ثم يذكر أوجه الاختلاف والمعارضة فيها إن وجدت، وأغلب تلك المعارضة كانت حول معجزات الأنبياء، وما قد يستبعد في قصصهم من أحداث، مثل قوله " وقد استعظم قوم أمر الطوفان، وما ذكر من طول مدة عمر نوح وسائر مدة عمر المعمرين، وطول ما يروون من قامة آدم وقامات عاد وغيرهم....." (3) ثم ينبري المقدسي للرد على تلك الاعتراضات بدلائل المنقول والمعقول.حرص المقدسي على ذكر الاختلاف بين العلماء لاسيما الإخباريين والمفسرين في بعض أحداث حياة الأنبياء. (4)
__________
(1) هكذا في الأصل ولعل هناك سقطاً فالسياق يقتضي أن يقال " كتاب الله "
(2) البدء والتاريخ، ج 3 ص 66 – 67. وانظر أيضاُ ج3 ص134.
(3) المرجع السابق، ج3 ص17. وانظر أيضاُ ج3 ص42-45،53-56، 61-62،108.
(4) المرجع السابق، ج3 ص 56، 64، 67، 74، 78 – 80، 87، 98، 100، 101.(1/236)
كما تميز بذكر بعض أراء للفلاسفة، والمنجمة، والفرس.(1) وبرغم ذكره لكل تلك الاختلافات إلا أنه يرى أن الجهل ببعضها لا يضر ومن ذلك الخلاف حول القائل في آية " قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ " (يوسف: 10) حيث قال المقدسي " وليس يضر الجهل بمن كان منهم بعد أن علمنا أنه أحدهم وأقربهم إلى الرقة والرحمة "(2) ولقد ذكر المقدسي بعض الأقوال التي أظن أنه انفرد بها، مثل قوله عن السيدة هاجر وابنها إسماعيل لما تركهما إبراهيم – عليهم الصلاة والسلام – بمكة قال " ولا أشك أنه كان معهما من يخدمهما ويرعاهما "(3) ومضى المقدسي على منهجه في الاهتمام بذكر الأوائل، كذكره أن آدم أول من خط بالقلم، وأن إدريس أول نبي أعطي الرسالة وخط بالقلم بعد آدم – عليهما السلام -، وأنه أول من خاط الثياب ولبسها.(4)
ولم يكتف المقدسي بإيراد أشعار تاريخية تصور أحداثاً في قصص الأنبياء، أو ضمنها فقط، بل إنه استشهد بها أحياناً لترجيح بعض الأقوال، مثل: القول بأنه نجا مع نوح - عليه السلام - ثمانية أنفس، مستشهداً بقول أمية بن أبي الصلت:
كرحمة نوح يوم حل سفينة لشيعته كانوا جميعاً ثمانيا (5)
(2) تاريخ الأمم قبل الإسلام
خصص المقدسي لذلك فصلاً كاملاً، وهو الفصل الحادي عشر "في ذكر ملوك العرب والعجم وما كان من مشهور أمرهم وأيامهم إلى مبعث نبينا محمد صلي الله عليه وسلم"(6)
أرخ المقدسي فيه لتاريخ الفرس، ثم العرب، ثم الروم قبل الإسلام. ويلاحظ أنه اهتم بتاريخ الفرس؛ كما هي عادة أكثر المؤرخين المسلمين ولأن موطنه كان ضمن مملكتها القديمة، وللارتباط الحضاري والتاريخي القوي بين العرب والفرس.
تاريخ الفرس
__________
(1) المرجع السابق، ج3 ص18،46- 47.
(2) المرجع السابق، ج3 ص 67
(3) البدء والتاريخ، ج3 ص60.
(4) المرجع السابق، ج3 ص10-11.
(5) المرجع السابق، ج3 ص24.
(6) المرجع السابق، ج3 ص138-211.(1/237)
ابتدأ المقدسي تاريخ الفرس منذ ملك " كيومرث " الذي تزعم الفرس أنه أول من حاز ملكاً من بني آدم،(1) حتى مقتل يزجرد بن شهريار الذي قتل " سنة إحدى وعشرين من وفاة النبي – صلي الله عليه وسلم "(2) حيث خصص لكل ملك مشهور موضعاً خاصاً. وكانت أغلب مصادر المقدسي فارسية، سواء أذكر اسم مصدره، أم أبهمه أم لم يذكر مصدراً، وكان أبرز مصادره: شاهنامة المسعودي.(3) وتركز اهتمامه على شخص الملك وأهم أعماله، كما خصص مواضع للأحداث السياسية الكبرى، مثل: الحرب مع الإسكندر،(4) وكذلك أهم الأحداث الدينية والاجتماعية مثل: ظهور ماني.(5)
كما أعطى لمحات عن أهم الأحداث المعاصرة لملوك الفرس في غير أرض الفرس، خاصة في أرض العرب، (6) إلى جانب بعض أخبار عن الهند، والروم، والحبشة.(7) ولقد استعان المقدسي ببعض الأشعار العربية التي قيلت عن بعض ملوك الفرس، وهذا يدل على عمق العلاقة بين الفرس والعرب.(8)
تاريخ العرب
__________
(1) المرجع السابق، ج3 ص138.
(2) المرجع السابق، ج3 ص173.
(3) البدء والتاريخ، ج3 ص138، 173.
(4) المرجع السابق، ج3 ص152-153.
(5) المرجع السابق، ج3 ص157. وانظر أيضاً ج3 ص167-168.
(6) المرجع السابق، ج3 ص157، 168، 169، 170.
(7) المرجع السابق، ج3 ص139، 168.
(8) المرجع السابق، ج3 ص145-146، 158، 161، 163، 164، 169، 171، 172، 173.(1/238)
قسم المقدسي ملوك العرب حسب ديارهم إلى ديار العراق، والشام، واليمن، فتناول تاريخ ملوك اليمن، (1) ثم الشام والحيرة معاً.(2) ومضى المقدسي على منهجه في ذكر الملوك متتابعين مفصلاً أعمال المشهورين منهم، أمثال: الحارث الرائش وعمرو بن تبع اليمنيين، وجذيمة الأبرش والنعمان بن المنذر الحميريين، والحارث بن أبي شمر الغساني. (3) وألقى الضوء على بعض ما حدث في أيامهم سواء أكان في نطاق ملكهم أم خارجه، وذلك مثل قوله " ومنهم – أي من ملوك اليمن – شمر ذو الجناح وفي أيامه ظهر موسى - عليه السلام - بالشام "(4) ونبه على بعض الأوائل مثل قوله عن يعرب بن قحطان " وهو أول من نطق بالعربية، وأول من حياه ابنه بأبيت اللعن وأنعم صباحاً "(5)
وكعادة المقدسي أفرد مواضع خاصة بالأحداث الهامة، مثل: قصة أصحاب الأخدود، وأصحاب الفيل.(6)
__________
(1) المرجع السابق، ج3 ص174-175
(2) المرجع السابق، ج3 ص195-209.
(3) انظر مواضعهم مرتبين: المرجع السابق، ج3 ص175، 178-179، 196-197، 204-206، 207.
(4) المرجع السابق، ج3 ص174. وانظر أيضاً ج3 ص179، 188، 201.
(5) المرجع السابق، ج3 ص174. وانظر أيضاً ج3 ص175، 180، 208.
(6) البدء والتاريخ، ج3 ص182-184، 186، 188.(1/239)
وتعد كثرة الشعر التاريخي من أهم مميزات هذا الموضوع، كما تميز أكثر من غيره بذكر بعض الأمثال العربية التي وردت على لسان صانعي الأحداث والتي صارت فيما بعد أمثالاً مشهورةً، ومن ذلك قول المقدسي: " وكان لعمرو – أي عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة الأبرش – طوق من ذهب صيغ له في صباه، فلما ردوه همت أمه أن ترد عليه الطوق، فقال جذيمة: شب عمرو عن الطوق. فذهب كلامه مثلاً. وكانت بأرض الجزيرة ملكة يقال لها الزبّاء من قبل صاحب الروم، فخطبها جذيمة، ونهاه غلام له عن نكاحها يقال له قصير، فعصاه ونكحها، وقال لا ينكح الملك إلا الملكة. فذهبت مثلاً. فلما دخل بها غدرت به فقتلته، فقال غلامه: لا يطاع لقصير أمر. فذهبت مثلاً "(1)
تاريخ الروم
اختصر المقدسي أخبارهم جداً، وقد بين منهجه وهدفه من ذلك بقوله " ذكر شيء من تواريخ ملوك الروم واليونانيين مجرداً من الأخبار والقصص، وما أرى فيه كثير فائدة "(2)
ومع ذلك أعطى المقدسي بعض إشارات عن حروب بعضهم خاصة مع الفرس، وعن أهم أعمال المشهورين منهم، مثل قوله " بطليموس الظاهر وهو صاحب علم النجوم ".(3)
(3) السيرة النبوية
خصص المقدسي فصلين للحديث عن السيرة النبوية وهما: الفصل الخامس عشر " في ذكر مولد النبي - صلى الله عليه وسلم – ومنشأه ومبعثه إلى هجرته"، (4) والفصل السادس عشر" في مقدم رسول الله - صلي الله عليه وسلم، وسراياه وغزواته إلى وقت وفاته "(5) كما ضمن الفصل السابع عشر بعض سيرته إلى جانب خُلقه، وخَلقه، ودلائل نبوته، وشرائعه، وقرابته – صلي الله عليه وسلم -.(6)
__________
(1) المرجع السابق، ج3 ص197-198. وانظر أيضاً ج3 ص204.
(2) المرجع السابق، ج3 ص209.
(3) المرجع السابق، ج3 ص209.
(4) البدء والتاريخ، ج4 ص131، 176. وكلمة "منشأه" هكذا في الأصل، والصواب" منشئه".
(5) المرجع السابق، ج4 ص176، 242.
(6) المرجع السابق، ج5 ص1- 69.(1/240)
ويعد ابن إسحاق أكثر المصادر التي استند عليها، ثم الواقدي، هذا بالطبع إلى جانب القرآن الكريم، وأسباب النزول، والأحاديث النبوية، وبعض الآثار عن الصحابة ومن بعدهم. ولعل اعتماده الكبير على ابن إسحاق كان السبب الرئيس في مضيه على ترتيب وتأريخ ابن إسحاق لأغلب أحداث السيرة.لكنه خالفه في بعض المواضع، مثل تاريخ الإسراء والمعراج فأخذ بقول الواقدي أنه "أسري به قبل الهجرة بسنة وكان المعراج قبل ذلك بثمانية عشر شهراً "(1) كما أنه أخّر مطلباً بعنوان " ما كان عليه الصلاة والسلام يتعبدُ (2) ربَه قبل الوحي" إلى الفصل السابع عشر أي بعد الانتهاء من السيرة والدلائل حيث وضعه ضمن: " ذكر شرائعه صلي الله عليه وسلم ".(3) ولقد ختم المقدسي الحديث عن سيرة النبي ومعجزاته بذكر مرضه ووفاته حتى دفنه صلى الله عليه وسلم، ويلاحظ أنه ضمن ذلك بيعة أبي بكر لأنها وقعت قبل دفنه صلى الله عليه وسلم.(4) ويجدر التنبيه على أن المقدسي قد خصص بعض المواضع للحديث عن المعجزات، (5) وموضعاً لبشارات الكتب السابقة،(6) وآخر لبعض دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.(7) ورتب المقدسي أحداث الفترة المكية ترتيباً موضوعياً، وكذلك أول الفترة المدنية ثم اعتمد المنهج الحولي في بقيتها. وانصب جل اهتمام المقدسي – مثل أكثر المؤرخين - في الفترة المدنية على ذكر الغزوات والسرايا، لكنه لم يهمل بعض الأحداث السياسية الأخرى.(8)
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص159.
(2) هكذا في الأصل والأولى إضافة كلمة " به " حتى لا يفهم أن "ما" نافية.
(3) المرجع السابق، ج5 ص45.
(4) المرجع السابق، ج5 ص56، 69.
(5) المرجع السابق، ج4 ص 173- 176. ج5 ص 25 – 27، 33- 40.
(6) المرجع السابق، ج5 ص28 – 33.
(7) المرجع السابق، ج5 ص40 – 44.
(8) البدء والتاريخ، ج4 ص179..(1/241)
كما اهتم المقدسي بذكر الأحداث العالمية الكبرى التي حدثت إبان فترات السيرة النبوية، مثل قوله " فلما بلغ ثماني سنين - أي النبي صلى الله عليه وسلم- توفي عبد المطلب، وهلك أنو شروان في هذه السنة". (1) وخصص موضعاً للحديث عن حرب الفرس والروم إبان السنة الحادية عشرة من النبوة، وتتبع الحرب بينهما في السنة السادسة (2) واهتم كذلك بذكر توقيتات فرض شرائع الإسلام، (3) وبعض الأحداث المختصة بحياة النبي عليه الصلاة والسلام وحياة آله.(4) كما ذكر المقدسي عدة لطائف وملح في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، مثل قوله في مولد النبي صلي الله عليه وسلم "وكان طالع النبي صلي الله عليه وسلم برج الأسد......" (5) وذكره أسماء الجن الذين أسلموا لما سمعوا القرآن من النبي صلي الله عليه وسلم أثناء رجوعه من رحلته إلى الطائف، وأسماؤهم " حساً، ومساً، وشارصه، وناحر، ولاورد، وسارسان، والأحقب "(6) لكنه لم يذكر لذلك مصدراً. وتسميته سنوات الفترة المدنية كل سنة باسمٍ ينبه على أهم أحداثها وحال الدعوة فيها حيث قال " السنة الأولى: سنة الهجرة، والثانية: سنة الأمر بالقتال، والثالثة: سنة التمحيص، والرابعة: سنة الترفيه،والخامسة: سنة الزلازل، والسادسة: سنة الاستئناس، والسابعة: سنة الاستغلاب، والثامنة: سنة الاستواء، والتاسعة: سنة البراءة، والعاشرة: سنة حجة الوداع "(7) وأخيراً مضى المقدسي علي منهجه في الاختصار وذكر الأشعار، والاهتمام بالأوائل، والوثائق، ونوع في طرق التأريخ.
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص133 - 134.
(2) المرجع السابق، ج4 ص158، 159، 225. وانظر أيضاً ج4 ص230، 238.
(3) المرجع السابق، ج4 ص179، 194، 229.
(4) المرجع السابق، ج4 ص181، 196، 208، 214، 221، 227، 228.
(5) المرجع السابق، ج4 ص132.
(6) المرجع السابق، ج4 ص156. وانظر: فاروق حمادة، مصادر السيرة النبوية وتقويمها، ص82.
(7) المرجع السابق، ج4 ص180.(1/242)
(1)
(4) تاريخ الخلفاء
تناول المقدسي تاريخ الخلفاء في الفصول الثلاثة الأخيرة من كتابه،(2) غير أنه ذكر بيعة أبي بكر – رضي الله عنه - في الفصل السابع عشر ضمن موضوع وفاة النبي - صلي الله عليه وسلم -.(3) وقد أرخ في هذه الفصول الثلاثة لعصور الخلفاء الراشدين، والأمويين، والعباسيين حتى نهاية خلافة المطيع لله العباسي في يوم الأربعاء الثالث عشر من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. (4) ويلاحظ كبر مساحة تأريخه لخلافة الراشدين برغم قصر مدتها لأنه فصّل أحداثها أكثر من غيرها خاصة: بيعة الخلفاء، وحروب الردة، والفتوحات، وما كان بين الصحابة من خلاف. وفي المقابل نجده اقتصر في عرض كثير من أحداث التاريخ العباسي على ذكر ملخص الحدث، وبلغ الاختصار مداه آخر الكتاب حيث أرخ لآخر ستة خلفاء في أقل من صفحة واحدة.(5) وتركز اهتمام المقدسي – كعادة المؤرخين المسلمين – على الأخبار السياسية والعسكرية، مثل: تولية الخلفاء، والفتوحات، والثورات إلى جانب الأحداث الكبرى الأخرى، مثل: حروب الردة، والدعوة العباسية.(6) ووجدت بعض لمحات عن أخبار إدارية، (7) وقضائية،(8) واقتصادية،(9) وعمرانية،(10) وثقافية.(11) ومضى المقدسي على نهج المؤرخين المشارقة في عدم الاهتمام بتاريخ المغاربة إلا في مواضع نادرة ذكر فيها بعض الأحداث الهامة.(12)
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص132، 141، 153، 158.
(2) البدء والتاريخ، ج5 ص 151، 238. ج6 ص1، 126.
(3) المرجع السابق، ج5 ص66، 67.
(4) المرجع السابق، ج6 ص126.
(5) المرجع السابق، ج6 ص126.
(6) المرجع السابق، ج6 ص56-69.
(7) المرجع السابق، ج5 ص175، 180.
(8) المرجع السابق، ج6 ص121.
(9) المرجع السابق، ج5 ص168، 178. ج6 ص92.
(10) المرجع السابق، ج5 ص175. ج6 ص87، 91، 122.
(11) المرجع السابق، ج6 ص112، 120.
(12) المرجع السابق، ج6 ص40،86، 87، 88، 100.(1/243)
أهمل المقدسي ذكر مصادره في كثير من الأخبار التي ساقها، واكتفى في بعضها بإسنادها إلى مصدر مبهم مثل قوله " قالوا ".(1) وربما فعل المقدسي ذلك لشهرة تلك الأخبار، لذا نجد أنه قد ذكر مصادر بعض الأخبار غير المشهورة.(2) خصص المقدسي مواضع لترجمة كبار الشخصيات السياسية كالخلفاء، وبعض الولاة.(3) كما أعطى لمحات عن بعض الشخصيات التي تعرض لذكرها ضمن الأحداث.(4) واهتم المقدسي في تأريخه للخلفاء بكيفية بيعتهم،(5) وأهم أعمالهم وما انفرد به كل منهم،(6) ومدة خلافتهم ووفاتهم (7) وربما ذكر بعض ما قيل في رثائهم من شعر.(8) وأحياناً يذكر أخباراً عن حجهم، (9) وأهم من توفي في عهدهم.(10) أما عن تأريخ المقدسي للمعارك فقد تركز اهتمامه على أحداثها، وإن كان أمدنا أحياناً بلمحات عن أشهر من استشهد فيها، مثل قوله " واستشهد الفضل بن العباس باليرموك ".(11) وعن أشهر من سبي فيها، كقوله"وكانت أم الشعبي من سبي جلولاء "(12)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص 151، 180، 189، 210، 211، 217، 218، 219، 230، 232. ج6 ص 2، 8، 20، 25، 28، 29، 36، 41، 42، 43، 49، 50، 73، 78، 85، 86، 93.
(2) المرجع السابق، ج5 ص193، 194، 197، 199، 215. ج6 ص51، 52، 53، 56، 57، 105، 116
(3) المرجع السابق، ج6 ص2، 13،27-28.
(4) المرجع السابق، ج 5 ص156. ج6 ص33. ج6 ص79.
(5) المرجع السابق، ج5 ص66، 67، 167، 192، 194، 208، 210. ج6 ص6، 9.
(6) المرجع السابق، ج5 ص167. ج6 ص16، 47، 107، 113، 119، 120، 124، 125.
(7) المرجع السابق، ج5 ص167، 168، 207، 208. ج6 ص47، 89، 92.
(8) المرجع السابق، ج5 ص168. ج6 ص5، 126.
(9) المرجع السابق، ج5 ص234.
(10) المرجع السابق، ج6 ص5.
(11) المرجع السابق، ج5 ص185.
(12) المرجع السابق، ج5 ص178.(.والشعبي هو عامر بن شراحبيل بن عبد ذي كبار أبو عمرو الحميري الهمداني الشعبي الكوفي الحافظ الفقيه علامة التابعين، ولد عام جلولاء أو سنة 21هـ بالكوفة وتوفي بها 103هـ انظر:
ابن سعد، الطبقات، ج 365 – 373، الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج1 ص 79 – 88.)(1/244)
ومضى المقدسي على منهجه في إيراد الأشعار التاريخية، وضمن الأحداث، وكذلك الاهتمام بذكر الأوائل. وربما يشير إلى بعض الطرائف، مثل قوله " وبويع هارون الرشيد يوم توفي الهادي، وولد له المأمون، فمات خليفة وولي خليفة وولد خليفة "(1)
(5) التراجم
يعد المسلمون من أقدم وأكثر الأمم اهتماماً بتراجم رجالهم، وذلك لما جبل عليه العرب من حرص على حفظ تراث أجدادهم، ثم لما كان من اعتناء المسلمين بدافع عقيدتهم ومحبتهم للنبي – صلى الله عليه وسلم – من رواية تفاصيل سيرته، وحفظ أحاديثه. فكان لذلك أثر كبير في علم التراجم حيث تتبع المحدثون والنقاد حياة الرواة وأحوالهم وتواريخهم ليتحققوا من عدالتهم وضبطهم. وهكذا وجدنا الارتباط التاريخي والعلمي العميق بين علمي الحديث والتاريخ يمتد إلى كثير من فروع التاريخ.
وقد تناول المقدسي التراجم في عدة مواضع من كتابه، أهمها بالطبع الفصل الثامن عشر المخصص لتراجم الصحابة.(2) وقبله الفصل السابع عشر الذي ذكر فيه أزواج النبي صلي الله عليه وسلم، وأولاده، وقرابته مثل: أمهاته، وجداته، وعمومته، وبني أعمامه، وعماته، وحفدته، وكذلك أظآره، ومماليكه صلي الله عليه وسلم.(3)
__________
(1) المرجع السابق، ج6 ص101.
(2) البدء والتاريخ، ج5 ص70-120.
(3) المرجع السابق، ج 5 ص3-24.(1/245)
كما ذكر عدداً من التراجم السياسية أثناء تناوله تاريخ الخلفاء مثل تراجم الخلفاء أنفسهم، وبعض الولاة.(1) وبذلك حقق المقدسي الشمول النوعي للتراجم الدينية والدنيوية، بل إنه ربط بينهما حيث كان اختياره للمترجمين من الصحابة - وهي تراجم دينية أصالة – كان على أسس سياسية أكثر من غيرها، حيث يقول المقدسي" سنذكر المشهورين منهم المعروفين بالإمارة، والولاية، والتقدم والآثار المذكورة إن شاء الله"(2) ثم بين سبب تخصيصه هذا بقوله في آخر الفصل " لحاجة الناظر في الفصول التي تتلو هذا الفصل في أيام الخلافة وحوادث الفتن إلى معرفة أسماء من ذكرنا قصته وخبره ".(3)
__________
(1) المرجع السابق، ج 6 ص2-3، 13-14، 27-28.
(2) المرجع السابق، ج5 ص70.
(3) المرجع السابق، ج5 ص120.(1/246)
وبنى منهجية عرضه – كما في أغلب كتابه – علي الاختصار، وقد أحس بأنه ربما لم يشبع نهمة القارئ في باب التراجم لذا قال أثناء ترجمته لعثمان بن عفان رضي الله عنه " ورحم الله من نظر في كتابنا هذا بعين الإنصاف، فبسط عذرنا فيما اشترطنا من الاختصار والإيجاز "(1) كان منهجه العام في ترتيب تراجم الصحابة قائماً على أسبقية الإسلام غالباًً، حيث ترجم للعشرة المبشرين بالجنة مرتبين على أسبقية الإسلام (2) ثم ترجم لمن تأخر إسلامه من المهاجرين، (3) ثم من أسلم عام الفتح،(4) ثم المؤلفة قلوبهم- واكتفى بذكر أسماء بعضهم - ثم من أسلم في الوفود،(5) ثم من أسلم من الأنصار.(6) وبرغم التزامه بهذا الترتيب إلا أنه اعترف بفضل بعض من أخر ذكرهم على بعض من قدمهم، كعمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال " اعلم أن عمر أخره تأخيره في الإسلام و قدمته فضائله عن درجته " (7)
أما التراجم السياسية فرتبها حسب ظهورها علي سطح الأحداث.
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص81.
(2) المرجع السابق، ج5 ص92.
(3) المرجع السابق، ج5 ص103.
(4) المرجع السابق،ج5 ص107.
(5) المرجع السابق،ج5 ص108.
(6) المرجع السابق، ج5 ص114-120.
(7) المرجع السابق، ج5 ص88.(1/247)
ومضى المقدسي على منهجه في ذكر الأوائل،(1) وبعض النصوص الأدبية سواء أقالها المترجَم،(2) أم قيلت فيه.(3) كما ذكر بعض الطرائف التاريخية، مثل قوله " ما رأينا بني أب قط أبعد قبوراً من بني العباس - أي ابن عبد المطلب - مات الفضل بالشام، ومات عبيد الله بالمدينة، ومات عبد الله بالطائف، ومات قُثُم بسمرقند "(4) ويعد الواقدي، (5) ثم ابن إسحاق (6) أهم مصادر المقدسي التاريخية في التراجم، إلى جانب بعض الأحاديث والآثار التي جاء بعضها على ألسنة المترجمين أنفسهم.(7)
عناصر التراجم
(1) الاسم والنسب
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص 71،79، 97.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص 94،98
(3) المرجع السابق، ج 5 ص102، 105.
(4) المرجع السابق، ج 5 ص105. وانظر أيضاً ج 5 ص 101، 103، 119.
(5) المرجع السابق، ج5 ص 72، 73، 80، 81، 82، 83، 84، 86، 87، 92، 93، 95، 97، 98، 110، 113، 114، 116.
(6) المرجع السابق، ج5 ص 71، 73، 79، 81، 91، 102، 108، 110.
(7) المرجع السابق، ج 5 ص 75، 82، 84، 93- 94، 110، 114.(1/248)
اكتفى المقدسي في كثير من التراجم بذكر الاسم المشهور للمترجَم فقط مثل "حمزة بن عبد المطلب"(1) حتى لو كان مشهوراً بكنيته مثل "أبي هريرة "(2) وفي هذه الحالة يذكر بعد ذلك اسمه الحقيقي.(3) أو يقرن بين الاثنين كقوله " أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد"(4) وحرص المقدسي على ذكر الاختلاف في الأسماء، مثل قوله " يعلى بن منية، ويقال: ابن أمية، فأمية أبوه، ومنية أمه "(5) وإن تغير اسم أحد الصحابة ذكر كلا الاسمين كقوله " عبد الله بن سلام اسمه الحصين وسماه رسول الله – صلي الله عليه وسلم - عبد الله "(6)
أما النسب: فأحياناً ينسب المترجم إلى قبيلته، كقوله " الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي"(7)، "عمرو بن عبسة هو أبو نجيح السلمي من بني سليم"(8) أو إلى جد أعلى، مثل قوله " الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى"(9) وأحياناً يذكر قرابته لأحد المشهورين، مثل قوله "عبد الله بن عامر بن كريز ابن خالة عثمان بن عفان " (10) واكتفى في بعض المواضع بالنسب إلى قومه كالأنصار، مثل قوله " معاذ بن جبل الأنصاري "(11)
(2) الكنية واللقب
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص98. وانظر أيضاً: ج5 ص 79، 100، 101، 104، 109، 114، 116.
(2) المرجع السابق، ج5 ص113.
(3) المرجع السابق، ج5 ص76، 87، 93.
(4) المرجع السابق، ج5 ص117. وانظر أيضاً ج5 ص102.
(5) المرجع السابق، ج5 ص110.
(6) المرجع السابق، ج5 ص118.
(7) المرجع السابق، ج5 ص101.
(8) المرجع السابق، ج5 ص92. وانظر أيضاً ج5 ص 101، 103، 104، 106، 108، 109.
(9) المرجع السابق، ج5 ص83. وانظر أيضاً ج5 ص71، 81، 83، 84، 85-86، 95، 96، 107.
(10) المرجع السابق، ج5 ص109. وانظر أيضاً ج5 ص86.
(11) المرجع السابق، ج5 ص117. وانظر أيضاً ج5 ص119.(1/249)
ذكر المقدسي كنى بعض الصحابة خاصة كبارهم. (1) وكذلك بعض ألقابهم المشهورة،
مثل قوله عن طلحة بن عبيد الله: " ويقال له طلحة الخير، وطلحة الفياض، وطلحة
الطلحات لجوده، وكثرة خيره "(2) وقد يردف مع اللقب سبب إطلاقه. (3)
(3) الأب والأم والإخوة
بالطبع ذكر المقدسي الآباء جميعاً إجمالاً، لكنه خصص لبعضهم ترجمة موجزة(4) أما الأم فقد ذكر بعض أمهات المشهورين من الصحابة.(5) ولم يذكر الإخوة إلا قليلاً. (6)
(4) الأولاد والزوجات
تنوع منهج المقدسي في ذكره لأولاد الصحابة، فقد يكتفي بذكر عددهم فقط مثل قوله " وله من البنين عشرة ومن البنات ست "(7) وقد يذكر عددهم ثم أسماءهم ثم يترجم للمشهورين منهم. (8) أو يكتفي بذكر المشهورين فقط. (9) وربما يذكر أشهر أعمال الولد،(10) أو أبرز أحداث حياته، (11) أو موضع ووقت وفاته،(12) وربما ينبه على موطن الأولاد.(13) وقد يجمل أمر الأولاد، بقوله " له عقب "(14) أو " لا عقب له "(15) وأحياناً على انتهاء عقب البعض، مثل قوله " ولم يبق من عقب معاذ – أي ابن جبل - أحد ".(16)
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص74، 81، 83، 86، 88، 92، 98، 100، 101، 104، 116.
(2) البدء والتاريخ، ج5 ص81.
(3) المرجع السابق، ج5 ص76، 78، 81، 82، 83، 99، 113.
(4) المرجع السابق، ج5 ص 77.
(5) المرجع السابق، ج5 ص71، 79، 81، 83، 84، 88، 101.
(6) المرجع السابق، ج5 ص97.
(7) المرجع السابق، ج5 ص120.
(8) المرجع السابق، ج5 ص73-76، 78-79.
(9) المرجع السابق، ج5 ص91.
(10) المرجع السابق، ج5 ص85.
(11) المرجع السابق، ج5 ص84.
(12) المرجع السابق، ج5 ص78.
(13) المرجع السابق، ج5 ص86.
(14) المرجع السابق، ج5 ص78، 100، 101.
(15) المرجع السابق، ج5 ص78، 95، 98، 99.
(16) المرجع السابق، ج5 ص118.(1/250)
أما ذكر الزوجات فقد جاء عرضاً وهو يسرد الأولاد حيث يذكر الولد وأمه، كقوله عن أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه " فمنهم محمد بن على أمه خولة بنت جعفر".(1)
وجدير بالذكر أن المقدسي قد اعتنى بذكر بعض البنات وترجم للمشهورات منهن. (2)
(5) المولد
لم يذكره المقدسي إلا قليلاً، كقوله عن الحسن بن علي- رضي الله عنهما- " ولد سنة ثلاث من الهجرة "(3) واهتم بذكر الاختلاف في وقته إن وجد.(4)
(6) الصفات الخِلقية
اهتم المقدسي بذكرها اهتماماً ملحوظاً حيث أفردها بمواضع مستقلة وتتبع الاختلاف حول بعضها.(5) مبرزاً بعض المميزات أو الأمراض التي أصابت بعض المترجمين، كقوله عن جرير بن عبد الله البجلي" ويقال له يوسف هذه الأمة لجماله وكماله وحسن فعاله"(6) وكقوله عن خباب بن الأرت " وكان به برص" (7) وقد يذكر بعض النوادر، كقوله عن عثمان بن عفان " كان يشد أسنانه بالذهب ".(8) رضي الله عنهم.
(7) الصفات الخُلقية
اهتم المقدسي بالصفات الممدوحة مثل قوله " كان فاضلاً شجاعاَ "(9)،" كان سيداً حليماً "، " كان شجاعاً سخياً "، " كان فقيهاً فاضلاً ورعاً"(10) " كان رجلاً شجاعاً "، (11) " كان سيداً شريفاً"(12) وأحياناً يذكر بعض الصفات الشخصية، كقوله " كان مزاحاً فكهاً "(13)
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص74. وانظر أيضاً ج5 ص92.
(2) البدء والتاريخ، ج5 ص76، 78-79.
(3) المرجع السابق، ج5 ص74. وانظر أيضاً ج5 ص105.
(4) المرجع السابق، ج5 ص105.
(5) المرجع السابق، ج5 ص14، 73، 76، 79، 81، 82، 83، 85، 86، 87، 88، 91، 101، 103، 104، 105، 107.
(6) المرجع السابق، ج5 ص 103.
(7) المرجع السابق، ج5 ص101. وانظر أيضاً: ج5 ص14،104، 105، 107.
(8) المرجع السابق، ج5 ص79.
(9) المرجع السابق، ج5 ص75.
(10) المرجع السابق، ج5 ص84
(11) المرجع السابق، ج5 ص93
(12) المرجع السابق، ج5 ص105.
(13) المرجع السابق، ج5 ص100.(1/251)
وربما ذكر بعض الصفات المذمومة، كقوله " كان شديد البطش "(1)
(8) المهارات والصفات العقلية
مثل قول المقدسي"كانت جلدة لبيبة"، (2) "كان عمر كاتباً "،(3) "كان رجلاً قانصاً"، (4) "من دواهي العرب"،(5) "كان يقرأ بالسريانية ويضرب بسيفين"، (6) "كان يسمى الكامل في الجاهلية لأنه كان يحسن الكتابة والرمي والعوم"، (7) "كان يكتب في الجاهلية والإسلام "(8)
(9) تاريخ الإسلام وسببه وترتيبه
اهتم المقدسي بذلك اهتماماً كبيراً خاصة الصحابة السابقين والمشهورين، وقد تنوعت طرقه في ذكر ذلك: فقد يجمع بين ذكر ترتيب دخول الصحابي في الإسلام والسنة التي أسلم فيها وعمره حين أسلم، كقوله عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " أسلم بعد إسلام أربعين سوى من هاجر إلى الحبشة لأنه أسلم سنة ست من النبوة وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة " (9) وقد يكتفي بذكر ترتيب الدخول في الإسلام، (10) أو عمر الصحابي عند إسلامه، (11) أو سنة إسلامه.(12)
وكثيراً ما حدد وقت الإسلام ببعض الأحداث الهامة، مثل قوله "أسلم عند العقبة "، (13) "أسلم قبل الفتح"،(14)"أسلم عام الفتح" (15)، "أسلم في الوفود" (16) "أسلم في حجة الوداع"(17)
أما عن سبب الإسلام:
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص92.
(2) البدء والتاريخ، ج5 ص11.
(3) المرجع السابق، ج5 ص89.
(4) المرجع السابق، ج5 ص98.
(5) المرجع السابق، ج5 ص104، 107.
(6) المرجع السابق، ج5 ص107.
(7) المرجع السابق، ج5 ص115.
(8) المرجع السابق، ج5 ص116.
(9) المرجع السابق، ج5 ص88.
(10) المرجع السابق، ج5 ص83، 84، 88، 93.
(11) المرجع السابق، ج5 ص71، 82، 99.
(12) المرجع السابق، ج5 ص106، 113.
(13) المرجع السابق، ج5 ص114.
(14) المرجع السابق، ج5 ص107.
(15) المرجع السابق، ج5 ص107، 108، 110.
(16) المرجع السابق، ج5 ص108.
(17) المرجع السابق، ج5 ص109.(1/252)
فقد اهتم به المقدسي اهتماما ملحوظاً (1) حتى أنه قد ذكر أكثر من رواية عن سبب إسلام بعض الصحابة.(2) ونبه في الترجمة لبعضهم أن إسلامه " لم يذكر فيه سبب ولا قصة "(3) وقد يذكر بعض من أسلم معه. (4) وفي بعض الأحيان يمهد لذكر إسلام من يترجم له بذكر بعض أحواله قبل الإسلام، كقوله " كان يتأله في الجاهلية.." (5)
وأما عن ترتيب دخول الإسلام:
فقد اختص ذلك بالصحابة الأوائل، مثل قوله " كان رابعاً أو خامساً " (6) ونحو ذلك (7) وربما يذكر رقم دخول الصحابي في الإسلام. (8) وأحياناً لا يحدد ترتيبه مكتفياً بقوله " قديم الإسلام "(9)
(10) المشاركة في الأحداث الهامة في السيرة النبوية وما بعدها
حرص المقدسي على ذكر شهود المترجم بعض الأحداث،مثل: الهجرة إلى الحبشة، (10)
والهجرة إلى المدينة،(11) وغزوة بدر، (12) وأحد.(13) وقريب من ذلك قوله " شهد المشاهد غير بدر وأحد " (14)ومن المواقع الكبرى التي ذكر شهودها:القادسية، والجمل، وصفين.(15)
(11) المكانة الدينية
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص 72، 77، 80، 82، 93، 98، 106، 117، 118.
(2) المرجع السابق، ج5 ص82، 88-89.
(3) المرجع السابق، ج5 ص83.
(4) المرجع السابق، ج5 ص87.
(5) المرجع السابق، ج5 ص93.وانظر أيضاًج5 ص96.
(6) المرجع السابق، ج5 ص 83.
(7) المرجع السابق، ج5 ص71، 83، 93، 95، 103.
(8) المرجع السابق، ج5 ص88.وانظر أيضاً ج5 ص100.
(9) المرجع السابق، ج5 ص97، 103.
(10) المرجع السابق، ج5 ص95، 97، 99، 102.
(11) المرجع السابق، ج5 ص96، 97، 101.
(12) المرجع السابق، ج5 ص98، 101.
(13) المرجع السابق، ج5 ص119.
(14) المرجع السابق، ج5 ص91.
(15) المرجع السابق، ج5 ص108.(1/253)
اهتم المقدسي بذكر بعض مناقب الصحابة جماعات وفرادى، مثل بشارة العشرة المبشرين بالجنة.(1) و ذكر أحياناً ما نزل من قرآن في بعض الصحابة، مثل قوله عن مصعب بن عمير رضي الله عنه " وقيل إن فيه نزلت " وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (النازعات:40)"(2) إلى جانب بعض الأحاديث النبوية في مناقب بعضهم. (3) أو ما قاله بعضهم في بعض، مثل قول ابن مسعود " إن إسلام عمر كان فتحاً، وإن هجرته كانت نصراً، وإن خلافته كانت رحمة، وما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر "(4)
(12) المنزلة العلمية
وذلك مثل قوله عن عائشة – رضي الله عنها –" فصيحة، لبيبة، راوية للشعر، حافظة للأخبار "(5) وكقوله " كان كثير العلم "، (6) " كان فقيهاً فاضلاً "، (7) " كان صاحب فقه وحديث "، (8) " فقيه أهل الحجاز "، (9) "بحر هذه الأمة".(10)
(13) المنزلة عند بعض الأقوام والفرق
وذلك كقوله عن منزلة عثمان بن عفان – رضي الله عنه – " تقول قريش أحبك الرحمن حب قريشٍ عثمان "(11) وقوله " سعد بن عبادة سيد الخزرج "(12) وقوله " كان كبير القدر عند الشيعة "(13)
(14) الأعمال والوظائف
وشمل ذلك: الأعمال العسكريةكقوله " كان أمير المسلمين يوم نهاوند "(14) ونحو ذلك (15).
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص84، 86، 92.
(2) المرجع السابق، ج5 ص97. وانظر أيضاً ج5 ص100.
(3) المرجع السابق، ج5 ص94، 99، 104، 115.
(4) المرجع السابق، ج5 ص90.
(5) المرجع السابق، ج5 ص11.
(6) المرجع السابق، ج5 ص75.
(7) المرجع السابق، ج5 ص84، 92.
(8) المرجع السابق، ج5 ص97.
(9) المرجع السابق، ج5 ص78.
(10) المرجع السابق، ج5 ص105.
(11) المرجع السابق، ج5 ص79.
(12) المرجع السابق، ج5 ص115.
(13) المرجع السابق، ج5 ص75.
(14) البدء والتاريخ، ج5 ص103.
(15) المرجع السابق، ج5 ص84، 87، 104.(1/254)
والأمور الإدارية، مثل:الإمارة (1)، والكتابة، (2)، والبعثات (3)، والقضاء.(4) والأعمال العمرانية، كقوله " اختط البصرة وأسس مسجدها "(5)
(15) مروياته عن النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر المقدسي في بعض التراجم الأحاديث التي رواها الصحابي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – مثل قوله عن الحسن بن علي – رضي الله عنهما – " وروى عن النبي حديثين......" (6)
(16) الوفاة والعمر
وهذا من أكثر العناصر التي تتبعها المقدسي، وله في تأريخ ذلك عدة طرق أهمها:-
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص95، 99، 103، 104، 108، 119.
(2) المرجع السابق، ج5 ص95، 103. ج5 ص95، 99، 103، 104،108، 119.
(3) المرجع السابق، ج5 ص102.
(4) المرجع السابق، ج5 ص102.
(5) المرجع السابق، ج5 ص103.
(6) المرجع السابق، ج5 ص74. وانظر أيضاً ص 23، 110.(1/255)
منها تحديد يوم وشهر وسنة الوفاة، مثل قوله عن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – " مات يوم الجمعة لسبع ليال بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاثة عشر من الهجرة "(1) وإن كان في بعض الأحيان يكتفي بذكر سنة الوفاة (2) وقد يؤرخ للوفاة بذكر الموقعة التي قتل فيها المترجم، (3) أو بوقت حادثة مشهورة، (4) أو بعهد الخليفة الذي حدثت في أيامه الوفاة، (5) وأحياناً الوالي.(6) واهتم المقدسي بذكر موضع الوفاة، (7) وسببها.(8) وأحياناً يذكر بعض المعلومات الأخرى، مثل: الإمام الذي صلى عليه، (9) ووقت الدفن، (10) وموضعه، (11) ومن مات في يوم وفاة المترجم، (12) ومن مات في نفس سنه.(13) كما اهتم المقدسي بذكر أعمار بعض المترجمين.(14) وأحياناً يشير إلى عمر بعض الصحابة
وقت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كقوله عن عبد الله بن العباس - رضي الله عنهما- " توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، ويقال ثلاث عشرة سنة " (15) وربما اعتذر عن عدم معرفته بعمر المترجم.(16)
(17) عناصر أخرى
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص79.
(2) المرجع السابق، ج5 ص100، 107.
(3) المرجع السابق، ج 5 ص95، 99، 100، 103، 109.
(4) المرجع السابق، ج5 ص105، 117.
(5) المرجع السابق، ج5 ص 78، 95،105، 107، 108، 115، 117.
(6) المرجع السابق، ج5 ص91، 108.
(7) البدء والتاريخ، ج5 ص75، 87، 93، 95، 100، 101، 104،105، 107، 108،115، 117.
(8) المرجع السابق، ج5 ص 73،79، 82، 85، 91، 92، 95، 98، 103، 104، 105، 115.
(9) المرجع السابق، ج5 ص107.
(10) المرجع السابق، ج5 ص81.
(11) المرجع السابق، ج5 ص117.
(12) المرجع السابق، ج5 ص92.
(13) المرجع السابق، ج5 ص73.
(14) المرجع السابق، ج5 ص75، 81، 85، 86، 99، 100، 103، 105، 113.
(15) المرجع السابق، ج5 ص 105. وانظر أيضاً ج 5 ص74.
(16) المرجع السابق، ج5 ص95.(1/256)
الميل السياسي: كقوله عن البعض " هو من شيعة عثمان "(1)، و"كان من شيعة علي" (2)
الثروة الاقتصادية: كقوله عن عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – " وبلغ ثمن ماله ثلاثمائة وعشرين ألفاً...." (3)
وقد يقارن بين بعض التراجم كقوله عن الحسين بن علي – رضي الله عنهما – " كان أصغر من الحسن بعشرة أشهر وعشرين يوماً "(4) وقوله " إسلام جعفر أقدم من إسلام حمزة "(5)
(6) الأنساب
العلم بالأنساب علم قديم اهتم العرب به قبل الإسلام، لما كان بينهم من تفاخر بالأحساب، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن التفاخر بالأحساب سيستمر بعد الإسلام،(6) وهذا ربما يفسر استمرار الاهتمام بها. ويعد علم الأنساب من أبواب التاريخ الإسلامي الأساسية، وله صلة وثيقة بباب التراجم، حيث حرص كُتّاب التراجم والرجال علي ذكر نسب المترجمين حتى جدٍ معروفٍ بين أصول الأنساب العربية، ولقد حظي النسب النبوي، والآل، والأصحاب، ثم نسب الخلفاء، ومشاهير الرجال باهتمام خاص من النسابة والمؤرخين. ولإدراك المقدسي أهمية علم النسب خصص له فصلاً مستقلاً ذكر فيه أصول الأنساب العربية، كما ذكر بعض الأنساب في مواضع متفرقة من كتابه. (7)
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص118
(2) المرجع السابق، ج5 ص108، 109، 115، 119.
(3) المرجع السابق، ج5 ص86.
(4) المرجع السابق، ج5 ص75.
(5) المرجع السابق، ج5 ص99. ونحو ذلك ج5 ص73، 92، 107.
(6) عن أبي مالك الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال « أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة »انظر:مسلم، الصحيح، حديث رقم 934 ص 372.
(7) البدء والتاريخ،ج 4 ص 131. ج 5 ص3-7.(1/257)
وكانت أهم ملامح منهجه في كتابة الأنساب ما يلي: لم يعتن المقدسي بذكر مصادره في عرض الأنساب إلا بعض نقول عن ابن إسحاق، (1) وأخرى عن مصادر متفرقة. (2) وربما لم يهتم بتحديد مصادره لشهرة الأنساب التي ذكرها. قدم المقدسي لفصل الأنساب بمقدمة في أصل نسب العرب، ثم مضى على سنة غالب المؤلفين في ذكر نسب عدنان وولاده، ثم قحطان وولاده. وبنى المقدسي منهج عرضه علي الاختصار لذا اكتفى بذكر أصول الأنساب، ومن له العدد من الأولاد.(3) يقول المقدسي " وقد رفعت النساب هذه الأنساب كلها إلى أصولها، ولو اقتدينا بهم لبطل شرطنا الاختصار" (4) وكانت أنساب اليمن أشد اختصاراً، برغم اعترافه أنهم أكثر قبائل العرب، يقول المقدسي "وفي الجملة أكثر قبائل العرب من اليمن، فمنهم السكون وخولان... وبطون كثيرة قد دونت في كتب الأنساب" (5) وهكذا رأينا أنه لجأ إلى الإحالة على كتب الأنساب بدافع الاختصار، وقد تكرر منه ذلك في ذكره لقبائل ربيعة ومضر.(6) ولعل انتقاءه من فيهم العدد قد أفاد القارئ التركيز على أهم الرجال، وجنبه التشتت بين فروع الأنساب المتناثرة. لكنه حرم المتطلع النهم من تكوين صورة كاملة عن فروع الأنساب. واهتم المقدسي بذكر بعض مشاهير القبائل، وإن لم يصل بشجرة النسب إليهم مثل: الصحابي أبي موسى الأشعري،(7) والأمير قتيبة بن مسلم الباهلي.(8) كما اهتم بذكر بعض مواطن القبائل، (9) أو خلو مكان منهم.
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص 105 – 107، 113.
(2) المرجع السابق، ج4 ص 105 – 107، 116، 118.
(3) المرجع السابق، ج4 ص108.
(4) المرجع السابق،ج5 ص5. هكذا بنصه والأولى أن يقال " في الاختصار..".
(5) المرجع السابق،ج4 ص120.
(6) البدء والتاريخ، ج4 ص123، 124.
(7) المرجع السابق،ج4 ص117.
(8) المرجع السابق،ج4 ص123. وانظر أيضاً: ج4 ص109، 110، 111، 118، 123.
(9) المرجع السابق،ج4 ص 109، 110، 117، 120، 121، 123.(1/258)
(1) غلب علي المقدسي النزعة التاريخية في تناوله للأنساب حيث اهتم بذكر الأحداث الهامة في حياة مشاهير الرجال.(2) وقد يذكر بعض الفوائد عن رجال النسب، كذكر الأوائل منهم، (3) وكسبب تسميتهم، كقوله عن سبأ بن يشجب أنه سمي بذلك لأنه أول من سبى من العرب.(4) وربما ذكر بعض الأحداث التي لازالت متعلقة ببعض رجال الأنساب حتى اليوم، كذكره أن السقاية مازالت بيد بني العباس إلى اليوم. (5) وبعض الجوانب الحضارية، كبناء دار الندوة، (6) وحفر بئر زمزم.(7) واستخدم المقدسي الشعر في تقرير بعض الأنساب، وذكر أعمال بعض رجالها، كقوله عن عمرو ابن عبد مناف – هاشم - " وفيه يقول الشاعر: عمرو الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف (8)
بالطبع اهتم المقدسي بنسب النبي – صلي الله عليه وسلم- لكن يجدر التنبيه على أنه لم يذكره في فصل الأنساب إنما ذكره في فصل مولده صلي الله عليه وسلم. (9)
(7) الأديان والفرق
قد مر بنا ذكر أهمية وريادة المقدسي في تناوله لتلك المقالات، حيث خصص المقدسي فصلين كاملين لذلك، وهما: الفصل الثاني عشر في ذكر أديان أهل الأرض ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم من أهل الكتاب وغيرهم.(10) والفصل التاسع عشر في مقالات أهل الإسلام.(11)
منهج المقدسي في تناول فصل الديانات:
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص108.
(2) المرجع السابق، ج4 ص109-110، 111، 112 - 116.
(3) المرجع السابق، ج4 ص107، 128.
(4) المرجع السابق، ج4 ص117.
(5) المرجع السابق، ج4 ص110، 129. وانظر أيضاً: ج4 ص117.
(6) المرجع السابق، ج4 ص127.
(7) المرجع السابق، ج4 ص113، 114.
(8) المرجع السابق، ج4 ص111. وانظر أيضاً: ج4 ص106، 107، 109، 111، 112، 114، 115، 116- 120، 122، 123، 125، 126، 129.
(9) المرجع السابق، ج4 ص131.
(10) البدء والتاريخ، ج4 ص1- 48.
(11) المرجع السابق، ج5 ص121- 150.(1/259)
قدم المقدسي للفصل بمقدمة عن كون الاختلاف سنة كونية، فكان مما قاله " فكما لا تجد اثنين في صورة واحدة، وصيغة واحدة، وهمة واحدة إلا في الشاذ النادر فكذلك في وجود اثنين على رأى واحد، وخاطر واحد......." (1)
وكان منهجه في عرض كل ديانة أن يذكر أسماءها، كقوله " ذكر المعطلة ولهم أسماء أخرى يقال لهم الملاحدة، والدهرية، والزنادقة، والمهملة" (2) ثم يذكر عقائدهم وأسس ديانتهم، وما تشعب منها من مذاهب وفرق (3) وربما ناقش بعض تلك العقائد.(4) وإن كان في الأغلب قد اكتفى بعرضها فقط.
كما اهتم المقدسي أيضاً بذكر شرائعهم في العبادات والمعاملات، وشيء من آدابهم، وأخلاقهم، وعاداتهم. (5)
وبين المقدسي وجهة نظره في ذلك بقوله " اعلم أن لكل قوم ديناً وأدباً وشريعة، ففي الدين: بقاءهم، وصلاحهم، وفي الأدب زيهم وشرفهم، وفي الشريعة: رسومهم، ومعاملاتهم"(6)
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص1.
(2) المرجع السابق، ج4 ص2
(3) المرجع السابق، ج4 ص2- 3، 9- 10، 24، 26، 30، 34، 42- 46.
(4) المرجع السابق، ج4 ص3- 6.
(5) المرجع السابق، ج4 ص10، 12، 16، 23، 36، 40، 46، 48.
(6) المرجع السابق، ج4 ص9. هكذا بنصه والصواب " بقاؤهم"(1/260)
ولم يكن عمل المقدسي مجرد السرد فقط للديانات والعقائد بل تعدى ذلك إلى تحليلها، وبيان العلاقة بينها وبين غيرها من الديانات: كقوله عن المعطلة – أو الملاحدة الدهرية – " جمعوا رخص النحل كلها وزادوا عليها الدياثة....." (1) وقوله عن شرائع أهل الجاهلية " كان فيهم من كل ملة ودين، وكانت الزندقة والتعطيل في قريش، والمزدكية والمجوسية في تميم، واليهودية والنصرانية في غسان، والشرك وعبادة الأوثان في سائرهم "(2) وقوله عن أهل الديانات القديمة " وفي الجملة كلهم يعبدون مع الله غيره إلا المسلمين وصنفاً من اليهود "(3) وأحياناً يذكر البداية التاريخية للديانة، مثل قوله " أول ما عبدت الأوثان في زمن نوح النبي عليه السلام......" (4) وقوله عن شرائع النصارى " وكثير من أحكامهم أحكام التوراة...." (5)
منهج المقدسي في عرض الفرق الإسلامية
افتتح المقدسي فصل " مقالات أهل الإسلام " بمقدمة تاريخية ملخصة عن الحالة الدينية لأهل الأرض وقت مبعث النبي- صلي الله عليه وسلم-، فكان من كلامه " ظهر رسول الله – صلي الله عليه وسلم.... وأهل الأرض كفار على اختلاف ما بينهم من اليهودية، والنصرانية، والشرك والإلحاد إلا بقايا متفرقين......." (6) ثم بين موقف الناس من دعوة النبي – صلي الله عليه وسلم – وخلص إلى أنهم " ثلاث فرق: كافر، ومؤمن، ومنافق"(7)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص8. وانظر أيضاً: ص34.
(2) المرجع السابق، ج4 ص31.
(3) المرجع السابق، ج4 ص26.
(4) المرجع السابق، ج4 ص25.
(5) المرجع السابق، ج4 ص48.
(6) المرجع السابق، ج5 ص121.
(7) المرجع السابق، ج5 ص122.(1/261)
ثم انتقل إلى الاختلاف بعد وفاته – صلي الله عليه وسلم – وحدد أربع اختلافات سبقت ظهور الفرق الإسلامية، وهى: الخلاف بين المهاجرين والأنصار حول الإمامة. والخلاف حول محاربة المرتدين.والخلاف على عثمان بن عفان – رضي الله عنه -. وما كان بين الصحابة في عهد على – رضي الله عنهم - (1)
وقسم المقدسي الفرق إلى عدة أقسام، ووضع تحت كل قسم عدد فرقه وأسماءها، وأهم أرائها، وتلك الأقسام هي فرق: الشيعة، الخوارج، والمشبهة، والمرجئة، والمجبرة، والصوفية، وأصحاب الحديث.
وكعادته لم يكتف المقدسي بمجرد سرد الأقوال والعقائد حيث بين أصولها، والفرق بينها وبين غيرها. (2) كقوله بعد أن ذكر إحدى وعشرين فرقة من فرق الخوارج " وأصل مذهبهم إكفار علي بن أبي طالب، والتبرؤ من عثمان بن عفان...."(3)
وربما ذكر بعض آراء الديانات مع الفرق، مثل قوله في فرق المشبهة أن منهم " عامة النصارى واليهود إلا العنانية "(4)
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص123-124.
(2) البدء والتاريخ، ج5 ص124، 133، 142، 144، 148، 149.
(3) المرجع السابق، ج5 ص135.
(4) المرجع السابق، ج5 ص139.(1/262)
وغلب على هذا الفصل الطابع التاريخي، وذلك لأن بعض الفرق نشأ في ظروف تاريخية، كما شارك بعضها في صناعة الأحداث كالقيام بثورات خاصة من الشيعة والخوارج. (1) كما اهتم بذكر لمحات تاريخية عن بعض الشخصيات البارزة في الفرق مثل قوله " فأما الجهمية فأصحاب جهم بن صفوان الترمذي، قتله بمرو سلم بن أحوز "(2) وكقوله عن المعتزلة " وأجمعوا أنه لا يجوز القول بأن القرآن غير محدث إلا....عبد الله بن محمد الأبهري كان قاضي نهاوند "(3)
كما استشهد المقدسي بالشعر لتقرير آراء لبعض الفرق، (4) وكذلك للإنكار على بعض آرائهم.(5)
(8) التاريخ الحضاري
برغم أن المقدسي لم يخصص أحد فصول كتابه للحديث عن الجانب الحضاري لكنه قد أفرد له موضعاً خاصاً آخر الفصل الثالث عشر " في صفة الأرض ومبلغ عمرانها..." بعنوان " المساجد والبقاع "ذكر فيه أهم المساجد، والطرق، والثغور، والمدن، وعجائب وأصناف الناس، وغير ذلك".(6)
هذا إلى جانب ما نثره بين السطور عن الجوانب الحضارية، وأهم تلك الجوانب:
(1) الجانب الديني
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص124-139.
(2) المرجع السابق، ج5 ص146. (وجهم بن صفوان أبو محرز الراسبي، مولاهم، السمرقندي، المتكلم، كان كاتباً للأمير الحارث بن سريج التميمي، وقتله سلم بن أحوز المازني صاحب الشرطة بمرو 128هـ. انظر: الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج7 ص 235. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج6ص26 – 27.)
(3) البدء والتاريخ، ج5 ص142. وانظر أيضاً ج5 ص130، 133، 135، 137، 138.
(4) المرجع السابق، ج5 ص127
(5) المرجع السابق، ج5 ص141، 146-148، 150.
(6) البدء والتاريخ، ج4 ص 81-104.(1/263)
أمدنا المقدسي بمعلومات كافية عن ديانات الأمم المختلفة، وذلك كقوله عن أهل الصين " دينهم السمنية والثنوية وعبادة الأصنام "(1) وعن أهل تبت " وهم عبده الأصنام "(2) وعن الهند"ودينهم البرهمية" (3) وعن الترك "وفيهم الثنوية والنصارى وعبده الأوثان والشمس"(4) وعن الخزر "عامتهم يهود" (5). وعن صقلاب " فيهم عبده الشمس والأوثان وفيهم من لا يعبد شيئاً "(6) وقد يردف ذكر المذهب مع الديانة، مثل قوله عن الروم " ودينهم النصرانية ومذهبهم النسطورية "(7)وهذا بالطبع إلى جانب ما ذكره من مقالات أهل الديانات والفرق، وما تعرض له من قضايا دينية ضمن سياق الأحداث التاريخية كقضية خلق القرآن.(8)
(2) الجانب الثقافي
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص61. والسمنية فرقة هندية من فرق الثنوية(التي تقول بوجود إلهين) والمعطلة من أقوالها: قدم العالم وتناسخ الأرواح. انظر: المرجع السابق، ج4 ص9، 24.
(2) المرجع السابق، ج4 ص63.
(3) المرجع السابق، ج4ص 62.
(4) المرجع السابق، ج4 ص65.
(5) المرجع السابق، ج4 ص66. والخزر بلاد تركية تتاخم الروس والبلغار انظر: ياقوت، معجم البلدان، ج 2 ص 367.
(6) المرجع السابق،ج4 ص68.صقلاب تجاور الخزر بين بلغار والقسطنطينية. انظر: ياقوت، معجم البلدان،3/ 416
(7) المرجع السابق، ج4 ص68-69.
(8) المرجع السابق، ج6 ص112.(1/264)
كما أفادنا المقدسي في ديانات الشعوب أفادنا أيضاً في ثقافتهم وعلومهم، كقوله عن الهند " وفيهم علم النجوم، والطب، والشعبذة، والسحر "(1) وعن التبت " وفيهم الكتابة، والحساب، والنجوم "(2) وعن الروم " وفيهم الحساب، والحكماء، والمنجمون، والأطباء، والحذاق بعمل الطلسمات "(3) وربما أشار إلى لغة بعض الشعوب، مثل قوله عن أهل اليمن " ولهم لغة لا يفهمها غيرهم "(4) وفي سياق الأحداث أعطانا المقدسي إشارات عن بعض النواحي الثقافية،كقوله عن الخليفة المأمون "أحيا العلم القديم ونقله إلى لسان العرب، وأظهر علم النجوم والفلسفة "(5) وعن الخليفة الواثق" وفي أيامه انفرد البحتري بالرياسة في الشعر "(6) وعن المتوكل "وكتب المتوكل إلى أهل بغداد كتاباً قرئ على المنبر بترك
الجدل في القرآن وأن الذمة برئة ممن يقول بخلق أو غير خلق أي القرآن"(7)
(3) الجانب الإداري
ذكر المقدسي بعض الجوانب الإدارية، مثل:
1. تقسيم البلدان والأقاليم، ومن ذلك: قوله "والروم أربعة وعشرون عملاً على كل عمل جند وعامل"(8)وقوله عن الهند "وكل مدينة لها سواد وقرى"(9) وقوله "وكانت أعمال اليمن مقسومة على ثلاث ولاة "(10)وعن الشام "هي أربعة أجناد: جند من حمص، وجند دمشق، وجند فلسطين،وجند الأردن، ولكل جند عمل يشتمل على عدة مدن وقرى"(11)
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص62.
(2) المرجع السابق، ج4 ص63.
(3) البدء والتاريخ، ج4 ص68.
(4) المرجع السابق، ج4 ص71.
(5) المرجع السابق، ج6 ص112.
(6) المرجع السابق، ج6 ص 120. (والبحتري هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي البحتري الشاعر المشهور شاعر زمانه مع أبي تمام توفي سنة 284هـ. انظر:ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج6 ص21.)
(7) المرجع السابق، ج6 ص121.
(8) المرجع السابق، ج4 ص67.
(9) المرجع السابق، ج4 ص62.
(10) المرجع السابق، ج4 ص71.
(11) المرجع السابق، ج4 ص71. وانظر تقسيم بلاد أخرى ج4 ص74-80.(1/265)
2. عاصمة الإقليم كقوله عن بلاد ما وراء النهر " ودار الملك بخارى "(1)
3. الناحية العسكرية كقوله عن الروم " وديوان جندهم مائة ألف وعشرون ألف مقاتل على كل عشرة آلاف بطريق....." (2)
4. المناصب الإدارية: اهتم بالطبع ببيعة الخلفاء، وذكر أحياناً عزل وتولية بعض الولاة، والقضاة، وعمال الخراج.(3) وأشار إلى صفة بعض السجون.(4)
(4) الجانب الاقتصادي تعرض المقدسي لعدد من الأمور الاقتصادية، منها:-
( أ ) النشاط الاقتصادي مثل:
1. الزراعة وما يتعلق بها كقوله عن الترك "لهم المزارع والأشجار" (5) وقوله عن أرض الزنج إنها "منهارة لا تحمل نبأً ولا تنبت شجراً" (6)
2. الموارد المائية كذكره عن الصين أن أكثر أراضيها ممطرة.(7) وعن الهند "يمطرون في الصيف ولا يمطرون في الشتاء"، "ولهم الأنهار والعيون والقني والآبار"(8) وعن مصر "وماؤها من النيل"(9) وعن العراق "وليس بالعراق ماء جار إلا بالسواقي والدوالي"(10)
3. النشاط الصناعي كقوله عن اليمن إنه "قليل الخيل والصناعات"(11)وذكره صنع المنجنيق في عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام.(12) واستخراج الذهب في خشباجي.(13)
4. أشار إلى ما يسمى اليوم" الاستيراد والتصدير" بقوله عن الزنج" يجلب إليهم الطعام والثياب، ويحمل من عندهم الذهب والرقيق"(14)
( ب ) الأعطيات والجزية والخراج وغيرها.
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص80.
(2) المرجع السابق، ج4 ص 67 - 68.
(3) المرجع السابق، ج5 ص119، 180. ج6 ص 6، 15، 27، 34،121.
(4) المرجع السابق، ج6 ص 85.
(5) البدء والتاريخ، ج4 ص65.
(6) المرجع السابق، ج4 ص70.
(7) المرجع السابق، ج4 ص61.
(8) المرجع السابق، ج4 ص62-63.
(9) المرجع السابق، ج4 ص72.
(10) المرجع السابق، ج4 ص74.
(11) المرجع السابق، ج4 ص71.
(12) المرجع السابق، ج3 ص54.
(13) المرجع السابق، ج4 ص78.
(14) المرجع السابق، ج4 ص70.(1/266)
فأما الأعطيات فقد ذكر المقدسي أعطيات عمر بن الخطاب رضي الله عنه(1) كما أشار إلى أعطيات المهدي (2) والرشيد.(3)
وأما الجزية والخراج فقد قال المقدسي عن الروم " وفيهم يهود ومجوس يأخذون منهم الجزية، ويأخذون من سائر الناس سوى خراج الضياع، والأعشار، والصدقات من كل بيت يوقد فيه النار درهماً واحداً "(4) وتتبع المقدسي خراج كثير من البلاد وما يجبى منها كقوله عن العراق " وجباها سهل بن حنيف زمن عمر بن الخطاب مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم، وجباها الحجاج ثمانية عشر ألف ألف درهم "(5)
ومن الأمور الاقتصادية: ذكره بعض ثروات الفتوحات.(6) وكذلك ذكر بعض التركات مثل تركة النبي صلي الله عليه وسلم،(7) وتركة عمرو بن العاص رضي الله عنه. (8)
(5) الجانب الاجتماعي
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص168-169.
(2) المرجع السابق، ج6 ص96.
(3) المرجع السابق، ج6 ص101.
(4) البدء والتاريخ، ج4 ص68.
(5) المرجع السابق، ج4 74. وانظر أيضاً ج4 ص72-76. ج6 ص2.
(6) المرجع السابق، ج4 ص77.
(7) المرجع السابق، ج5 ص25.
(8) المرجع السابق، ج6 ص3.(1/267)
أفادنا المقدسي معلومات اجتماعية عن الشعوب أثناء تناوله لدياناتها وجغرافية أراضيها، إلى جانب بعض مواضع متفرقة. وكان أهم ما أمدنا به عادات الشعوب في الطعام، والشراب، واللباس والزينة والبيوت والأثاث والأعياد وعادات الزواج وبعض الآداب العامة. فمما ذكره عن الطعام والشراب قوله عن أهل الهند "وعامة طعامهم الأرز، والذرة، ومشاربهم يجتمع فيها ماء المطر "(1) وعن الترك " ولهم أنواع الفواكه، وألوان الثمار "(2) وعن اليمن " أكثر فواكهه الموز، وعامة لحومهم لحم البقر "(3) وعن اللباس والزينة قال عن أهل الصين " وعامة لباسهم الحرير والديباج والفرو، ومن هيئتهم في اللباس توسيع الأكمام وتطويل الذيول "(4) وعن الهند " زيهم تطويل الشعر "(5)وعن البيوت والأثاث قال عن الصينيين"ويباهون بتزويق المنازل وكثرة الفرش والأواني" (6)وعن الخزر" يشتون في المدن ويصيفون في الخيام "(7) كما ذكر أعياد اليهود والنصارى وتقاليدهم فيها،(8) وعادات زواجهم.(9) ومن الآداب والأخلاق قوله عن أهل الصين "من حسن آدابهم ألا يقعد الصبي بين يدي الأب، ولا يأكل معه، ولا يمشي بين يديه.".(10) وقوله عن الروم " لهم صباحة، وشقرة، ونظافة "(11) ومن الحالة الاجتماعية كقوله عن أهل اليمن "وهم قوم ضعاف الحال سيئي العيش "(12) وقوله عن أهل تبت " وهم أسوء الناس عيشاً، وأخبثهم طعماً "(13)
__________
(1) المرجع السابق، ج3 ص63
(2) المرجع السابق، ج4 ص65.
(3) المرجع السابق، ج4 ص71. وانظر أيضاً ج4 ص64.
(4) المرجع السابق، ج4 ص61
(5) المرجع السابق، ج4ح ص62. وانظر أيضاً ج4 ص63
(6) المرجع السابق، ج4 ص61.
(7) المرجع السابق، ج4 ص66. وانظر أيضاً ج4 ص62، 65.
(8) المرجع السابق، ج4 ص37، 47.
(9) المرجع السابق، ج4 ص39.
(10) البدء والتاريخ، ج4 ص19.
(11) المرجع السابق، ج4 ص65.
(12) المرجع السابق، ج4 ص71.
(13) المرجع السابق، ج4 ص64..(1/268)
وأشار إلى بعض الكوارث التي أصابت بعض الجهات. (1)
(6) الجانب العمراني
اهتم المقدسي ببعض المنشآت العمرانية، وأهمها المساجد حيث ذكر تاريخ وكيفية بناء أشهرها، مثل: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وبيت المقدس متتبعاً التوسعات التي لحقت بها.كما ذكر مسجد الكوفة، والبصرة، وجامع عمرو بن العاص بالفسطاط، والمسجد الأموي بدمشق، ومسجد الرملة.(2) كما ذكر بعض المنشآت الأخرى ككنائس بيت المقدس، وطور سيناء.(3) وبعض القبور، (4) والقلاع،(5) ودور المرضى (6) وغير ذلك.(7) وكبناء وتخطيط بعض المدن، مثل: مدينة الكوفة، والبصرة، (8) وبغداد. (9) وكيفية بناء بعض المدن، (10) ومن بناها، وأسماءها، وسبب تسميتها. (11) وأحياناً يذكر تعمير بعض المدن.(12) وما فيها من منشآت. (13) وربما يذكر مناخ بعض المدن.(14)
الباب الثاني
الفصل الثالث
منهج النقد
ومعالم الفكر التاريخي عند المقدسي
وتقييم منهجه
منهج النقد عند المقدسي
معالم فكر المقدسي التاريخي
تقييم منهج المقدسي
منهج النقد عند المقدسي
__________
(1) المرجع السابق، ج6 ص121.
(2) المرجع السابق، ج4 ص81-90.
(3) المرجع السابق، ج4 ص88-89.
(4) المرجع السابق، ج3 ص130.
(5) المرجع السابق، ج5 ص67.
(6) المرجع السابق، ج6 ص96.
(7) المرجع السابق، ج2ص149. ج3 ص106. ج4 ص92-95.
(8) المرجع السابق، ج5 ص175.
(9) المرجع السابق، ج6 ص87.، وانظر أيضاً: ج6 ص91.
(10) المرجع السابق، ج3 ص168.ج6 ص121.
(11) المرجع السابق، ج4 ص98-102.
(12) المرجع السابق، ج6 ص101.
(13) المرجع السابق، ج4 ص68.
(14) المرجع السابق، ج5 ص61.(1/269)
يطلق النقد لغةً على تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها،(1) ويقترب من هذا المعنى اللغوي النقد التاريخي، فهو: فحص الرواية التاريخية، وإخراج الزيف منها لمعرفة صحتها والاعتماد عليها كمصدر تاريخي. وينقسم النقد التاريخي إلى قسمين: النقد الخارجي أو الظاهري: ويتجه إلى التوثق من صحة المصادر، بتمحيصها، ومعرفة نسبتها إلى مؤلفيها، ومعرفة زمان ومكان التدوين.
النقد الداخلي أو الباطني: ويتجه إلى فهم نصوص المصادر وتفسيرها، واستخلاص الحقائق التاريخية منها، وكذلك التأكد من صدق المؤرخ وعدالته، وصحة ما ذكره من معلومات، ويكون ذلك بتحليل النصوص التاريخية وتصفيتها من المعلومات الزائفة وغير الصحيحة. (2) ولقد عانى النقد التاريخي من إهمال كثير من المؤرخين المسلمين له حيث اكتفوا بسرد الروايات التاريخية - مسندة غالباً - تاركين للقارئ عبأ انتقاء الصحيح وترك الضعيف والمكذوب. ويرى الباحث أن المقدسي قد اختلف عن كثير من هؤلاء المؤرخين، حيث تعرض لنقد كثير من النصوص، إما في مصادرها، وإما بنقد النصوص ذاتها. وسنعرض لأهم مجالات النقد وطرقه عند المقدسي عامة، ثم منهجه في الروايات والأقوال المتعارضة خاصة، ثم نستخرج أهم الأسس التي بنى عليها المقدسي منهجه في هذا النقد.
أولاً: مجالات النقد ومنهج المقدسي في كل منها
(1) نقد المصادر
( أ ) نقد المصنفين ومصنفاتهم
مدح المقدسي بعض المصنفين، وذم آخرين، وذلك إما على الكتاب كله، وإما على بعض ما ورد فيه. كالآتي:-
1. المدح العام وذلك في قوله عن ابن رزام " وما بلغ أحد منهم ما بلغ ابن رزام فإنه أظهر عورتهم – أي الباطنية – وملأ جلودهم مساءةً وعيباً "(3)
__________
(1) الفيروزأبادي، القاموس المحيط، مادة نقد، ص322.
(2) حسن عثمان، منهج البحث التاريخي، 117 – 127، محمد عبد الوهاب فضل، التاريخ وتطوره في ديار الإسلام، ص51 – 54.
(3) البدء والتاريخ، ج5 ص134.(1/270)
2. المدح الخاص كقوله عن بعض المسائل الكلامية "وجدتها في عدة كتب بألفاظ مختلفة فلم أجدها أكمل وأتم من قول أبي القاسم الكعبي في كتابه أوائل الأدلة" (1)
3. الذم العام وذلك في قوله " واعلم أن لمحمد بن زكريا كتاباً زعم أنه مخاريق الأنبياء لا يستجيز ذكر ما فيه، ولا يرخص لذي دين ولا مروءة الإصغاء إليه؛ فإنه: المفسد للقلب، المذهب بالدين، الهادم للمروءة، المورث البغضة للأنبياء - صلوات الله عليهم أجمعين - ولأتباعهم..."(2) ومنه أيضاً: ذمه الدائم لكتب القصاص وأقوالهم، وكذلك أهل الكتاب الذين وصفهم بالاختراع والتحريف لكتبهم المقدسة عندهم.فمن ذمه للقصاص قوله " وفي كتب قصاص المسلمين أشياء يضيق الصدر عنها "(3) ومثل ذلك قوله " أما ما يقوله القصاص فلا نعرفه.."(4) وقوله " وسمعت القصاص يزعمون".(5) ومن ذمه لأهل الكتاب قوله " فإن صح وما أراه يصح إلا من جهة أهل الكتاب وليسوا بأمناء على ما في أيديهم"(6) وبين دلائل خيانتهم واختراعهم بقوله "وفي أيدي السامرة توراة مخالفة للتوراة التي في أيدي سائر اليهود في التواريخ، والأعياد، وذكر الأنبياء. وعند النصارى توراة منسوبة إلى اليونانية، فيها زيادة في تواريخ السنين على التوراة العبرانية ألف وأربعمائة سنة ونيف، وهذا كله يدل على تحريفهم وتبديلهم، إذ ليس يجوز وجود التضاد فيها من عند الله فكيف يحتجون بالنقل، وهذا سبيل نقلهم وإنما بينت لك لئلا يفشلك قولهم ليس لمحمد صلى الله عليه وسلم في التوراة ذكر. (7) وجمع ذم أهل الكتاب والقصاص في قوله عن أحد الروايات " فإن صحت..إن لم يكن من اختراع أهل الكتاب وتزوير القصاص. (8)
(
__________
(1) المرجع السابق، ج1 ص135.
(2) المرجع السابق، ج3 ص110.
(3) المرجع السابق، ج2 ص47.
(4) المرجع السابق، ج4ص227.
(5) المرجع السابق، ج3ص81.
(6) المرجع السابق، ج2ص37.
(7) المرجع السابق، ج5ص30.
(8) المرجع السابق، ج2ص50.(1/271)
ب) نقد المُصَنِفِ دون مُصَنَفه
ومن ذلك ذم المقدسي للعتبى حيث قال " ويحق ما ذكره العتبى في كتابه وإن كان دخيلاً في صناعته متكلفاً ما ليس من بزته..." (1)
(جـ) نقد المصنفات
المدح العام مثل قول المقدسي عن كتابه معاني القرآن " من نظر فيه كفاه وشفاه " (2)
(د) رد بعض ما أوردته بعض المصادر تصريحاً أو تلميحاً
فمن التصريح قوله في بيعة عثمان بن عفان " ورفع عمار عقيرته يقول:
يا ناعي الإسلام قم فانعه قد مات عُرفٌ وأتى منكر
هكذا رأيته في بعض التواريخ وما أظنه حقاً " (3) وقوله " زعم وهب وما أراه كما زعم..." (4) ومن التلميح: تلك المواضع الكثيرة التي صدر بها النقل عن المصادر بزعم، أو روي، أو قيل، ومثيلاتها. (5)
(2) نقد الروايات والأخبار
تنوعت طرق المقدسي في نقده بين التعليق، والقبول، والرد إلى ما يأتي:-
1. وصف الخبر بأنه الأحسن في بابه
مثل قوله في ذكر خَلْق رسول الله صلى الله عليه وسلم " وخلقه قد أكثر الناس في صفته، واختلفت الرواية من طرق شتى، وأحسن ما أراه حديث علي بن أبي طالب" (6) وقوله في قصة آدم عليه السلام " جاء في صفة توبته، وما يلقى (7) من كلمات ربه روايات.....وأحسن ذلك ما روى عن الحسن رحمه الله أنه قوله " قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ"(8) ( الأعراف23 )
2. وصف الخبر بأنه الأجمع في بابه
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1ص3.
(2) المرجع السابق، ج2 ص93.
(3) المرجع السابق، ج5 ص193.
(4) المرجع السابق، ج3ص73.
(5) انظر مصادر المقدسي، ص166.
(6) البدء والتاريخ، ج5 ص1.
(7) هكذا في الأصل، والصواب " تلقى "
(8) البدء والتاريخ، ج2 ص 95- 96.وانظر أيضاً: ج2ص 174. ص180.(1/272)
مثل قوله في صفة الجنة " وأجمع خبر فيها خبر أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه - عز وجل - أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"(1) وقوله في صفة النار " وأجمع خبر فيها خبر محمد بن الحنفية - وإن كان مرسلاً -حدثوا عن النار بما شئتم فلن تحدثوا عنها بشيء إلا وهي أشد منه"(2)
3. وصف الرواية بالتواتر أو الصحة أو الثبوت
__________
(1) المرجع السابق، ج1ص190.( والحديث رواه: البخاري، الصحيح، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، حديث رقم 3244 ، ص623.)
(2) المرجع السابق، ج1ص194.(1/273)
مثل قوله عن خروج المسيح الدجال "الأخبار الصحيحة متواترة بخروجه بلا شك وإنما الاختلاف في صفته، وهيئته "(1) وقوله " وفي الصحاح من الحديث أبردوا بالظهر"،(2) "وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه" قال نصرت بالصبا وأهلك عاداً بالدبور"(3) وقوله " وصح الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " بعثت والساعة كهاتين وأشار بسبابته والوسطى "،(4) وقوله "هذا الصحيح من خبر حليمة....."،(5) و" في أصح الروايات "(6) وقوله " والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كسفت الشمس يوم مات ابنه إبراهيم عليه السلام" (7)
4. وصف الرواية بأنها الأشهر مثل قوله " واختلفت الرواية في سنه، ومدة عمره – أي النبي صلى الله عليه وسلم - إلا أن الأكثر الأشهر أنه توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، ولد يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين - صلى الله عليه وسلم -" (8)
__________
(1) المرجع السابق،ج2ص186.
(2) المرجع السابق، ج1ص195. (والحديث رواه: البخاري،الصحيح، كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، حديث رقم 538، ص 532. )
(3) المرجع السابق، ج2ص29.( والحديث هكذا بنص المقدسي وهو في البخاري" وأهلكتُ عادا بالدبور" انظر: البخاري،كتاب الجمعة، أبواب الاستسقاء، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم نصرت بالصبا،رقم 1035، ص205)
(4) المرجع السابق، ج2ص157. ( والحديث رواه: مسلم، الصحيح، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قرب الساعة – حديث رقم 2950، 1185. )
(5) المرجع السابق، ج4ص133.
(6) المرجع السابق، ج3ص179.
(7) المرجع السابق، ج2ص25. والحديث رواه: مسلم، الصحيح، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، حديث رقم 904، ص351.
(8) البدء والتاريخ، ج5ص68.(1/274)
5. تعليق القبول على صحة الرواية كقوله" إن صحت الرواية"،(1) أو "فإن صحت الرواية "،(2) أو"إذا صحت الرواية "،(3) أو" فإن صح الخبر "،(4) أو "فإن صح ذلك"(5)
6. نقد سند الراوية وبيان سبب رده لها مثل قوله " روى عبد المنعم بن إدريس عن ابن عباس.وعبد المنعم غير ثقة،ومع ما فيه من الهمة لم يلق ابن عباس" ثم ذكر رواية أخرى وضعفها أيضاً بقوله "وهذه الرواية في الضعف والوهم ليست بدون الأولى"(6)
7. التصدير بألفاظ تشير إلى رد الخبر وذلك بأن يصدر الخبر بألفاظ يفهم منها عدم قبوله له مثل التصدير بـ" يزعم "(7) أو " زعم بعض الرواة".(8) ونحوهما (9) وكذلك تصديره بـ " رُوي " (10) أو " يُروى" مثل قوله " ويروى عن بعضهم عن رجل من الرافضة، أنه قال: رحم الله أبا لؤلؤة. فقيل: سبحان الله تترحم على رجل مجوسي،قتل عمر بن الخطاب.فقال: كانت طعنته إسلامه "(11) أو" يُقال "، مثل قوله " ويقال إنه قُتل يوم الجمل اثني عشر ألفاً " (12) أو نحو ذلك (13)
__________
(1) المرجع السابق، ج1ص 149. ج2 ص174.
(2) المرجع السابق، ج1 ص149، 158، 205. ج3 ص12.
(3) المرجع السابق، ج4 ص173.
(4) المرجع السابق، ج3 ص33.
(5) المرجع السابق، ج2 ص45.
(6) المرجع السابق، ج2ص155 – 156.
(7) المرجع السابق، ج3ص105.
(8) المرجع السابق، ج5ص77.
(9) المرجع السابق، ج5ص113، 177، ج 6 ص11،12.
(10) المرجع السابق، ج2ص156. ج5ص12.
(11) المرجع السابق، ج5 ص194.
(12) المرجع السابق، ج5 ص216.
(13) المرجع السابق، ج3 ص68. ج5 ص9،23،91، 97، 101، 103.(1/275)
8. الختم بألفاظ تومئ برد الخبر مثل ختمه خبراً عن عدد الروم يوم اليرموك " أربعمائة ألف فيما يزعمون ".(1) وكالختم بقوله"والله أعلم"، (2)"والله أعلم بصدقه "(3) أو"هكذا الرواية والله أعلم"،(4) "هكذا الرواية والله أعلم بصدقها"، (5) أو"والله أعلم بحقها وباطلها " (6) " والله أعلم بصحة الرواية" (7) أو"والله أعلم بصحة هذه الأخبار" (8)
9. الجمع بين البدء والختم مثل قوله " وسمعت بعض الشيعة يزعمون أن أول ما خلق الله نور محمد وعلي، ويروون فيه رواية، والله أعلم بحقها "(9)
(3) نقد الآراء والأقوال
1. تتبع واستقراء الآراء مثل قوله "وليس من أمة من الأمم إلا وهي مقرة بالجزاء"(10) وكذلك إثباته أن جميع الأمم كانت تعرف الله ونطقت باسمه.(11)
2. الإشادة ببعض الآراء مثل قوله "ومنهم من يقول فوق العرش البارئ عز وجل وهذا قول سديد وهو من شعار الإسلام ما لم يوصف بالمكان..."(12)
3. ذكر حجة بعض الأقوال وذلك مثل تعليقه على قول علي بن أبي طالب عن قتل الزبير بن العوام – رضي الله عنهما – " بشر قاتل ابن صفية بالنار" قال المقدسي" وإنما قال ذلك والله أعلم لأن الزبير كان راجع وتاب والباغي إذا ولى حرم دمه." (13)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص194.
(2) المرجع السابق، ج5 ص13،16،20. وانظر أيضاً ج5 ص 216.
(3) المرجع السابق، ج1 ص167. ج4 ص143.
(4) المرجع السابق، ج3 ص71.
(5) المرجع السابق، ج1 ص168.
(6) المرجع السابق، ج2 ص208. ج3 ص138.
(7) المرجع السابق، ج2 ص73
(8) المرجع السابق، ج2 ص33.
(9) المرجع السابق، ج1 ص150.
(10) المرجع السابق، ج1 ص199.
(11) المرجع السابق، ج1 ص57-58.
(12) المرجع السابق، ج2 ص9 وانظر أيضاً: ج2 ص130.
(13) المرجع السابق، ج5 ص216.(1/276)
4. التصريح برد بعض الأقوال مثل رده القول بأن من غرق من أولاد قوم نوح كان بذنب آبائهم. (1) وقوله عن بعض أقوال الفرس في قصص الأنبياء " مع اختلاف كثير وتخليط ظاهر "، (2) وقوله عنها أيضاً " وكثير ترهات ووساوس "(3)
5. نقد القول بأن غيره أصدق منه أو أصح منه
مثل تعليقه على أقوال ذكرها عن الفرس في كيفية الخلق " والأصدق من ذلك ما نطقت به كتب الله أو جاءت به رسله "(4) وكتعليقه على أقوال ذكرها عن أهل الكتاب والفرس في قصة آدم - عليه السلام - بقوله " والأصح من ذلك ما كان عن أمين صادق، ولا أصدق من كتاب الله، ولا آمن من رسوله - صلى الله عليه وسلم - " (5)
6. تصدير القول بألفاظ تومئ عن رده
وذلك بأن يصدر القول بألفاظ يفهم منها عدم قبوله له، مثل: التصدير بـ " يزعم " ونحوها، كقوله عن فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -" وولدت محسناً وهو الذي تزعم الشيعة أنها أسقطته من ضربة عمر - رضي الله عنه - " (6) وقوله " ولم يكن لأم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخ ولا أخت فيكون خال النبي وخالته، ولكنْ بنو زهرة يزعمون أنهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أمنة أمه منهم "(7) وقد استعمل المقدسي تلك الصيغ كثيراً وهو يذكر آراء ومقالات الفرق.(8)
7. ذكر أقوال سيئة وترك الحكم للقارئ
كقوله قبل ذكر بعض أقوال الباطنية "وأنا واصف بعض مذاهبهم وواكل بعده ذا العقل والمروءة ومن هو راجع إلى نفس وحسب إلى اختياره" (9)
(4) نقد الحوادث
ومن طرقه في ذلك:-
__________
(1) البدء والتاريخ، ج3 ص17.
(2) المرجع السابق، ج3 ص139.
(3) المرجع السابق، ج3 ص143.
(4) المرجع السابق، ج2 ص5. وانظر أيضاً: ج2 ص130.
(5) المرجع السابق، ج2 ص92.
(6) المرجع السابق، ج5 ص20.
(7) المرجع السابق، ج5 ص4. وانظر أيضاً ج1 ص118. ج5 ص6،77، 96، 131، 141.
(8) المرجع السابق، ج 5ص129-142.
(9) المرجع السابق، ج4 ص7.(1/277)
1. وصف الحدث بأنه من العجائب كقوله " وذكروا عجائب من أمر خبيب بن عدي.." (1) وقوله عن قصة أصحاب الفيل إنها " من أعجب العجائب "(2)
2. الوصف بالشهرة حيث قال عن بني الصحابي الجليل وهبان " ويسمون بني وهبان مكلم الذئب إلى اليوم، وهو أمر مشهور "(3)
3. الوصف بالعظمة
كوصف المقدسي الانتصار على بابك الخرمي بـ " كان ذلك من أعظم الفتوح "(4)
4. الوصف بالبلاء وذلك في قوله عن غزوة أحد " كان يوم بلاء وتمحيص "(5)
5. أوصاف متعددة مثل وصف المقدسي للسنين العشرة التي قضاها النبي في المدينة(6)
6. المقارنة بين الأحداث المتشابهة
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص211.
(2) المرجع السابق، ج5 ص44.
(3) المرجع السابق، ج5 ص35. (ووهبان أو أهبان صحابي جليل روي أنه كان يرعى غنما له فكلمه ذئب، وقد اختلف في اسمه فالأكثر على أنه، وقيل إن اسمه أهبان - ويقال وهبان - بن أوس الأسلمي قديم الإسلام صلى إلى القبلتين ونزل الكوفة ومات بها أهبان بن الأكوع بن عياذ. وقيل: أهبان بن عياذ الخزاعي. وقيل غير ذلك. انظر: ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة،ج1 ص308 – 309، ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415هـ 1995م، ج1 ص289. )
(4) البدء والتاريخ، ج6 ص118. (وبابك الخرمي من أشهر الخارجين على الدولة العباسية، ولد بأذربيجان، وصل إلى قيادة الخرَّمية وهم مجوس إباحيون فاستحل كل شيء، حتى قيل إنه قتل مليون شخص وهزم كثيراً من الجيوش حتى تمكن القائد التركي الأفشين من قتله سنة 223هـ. انظر: البدء والتاريخ، ج6 ص114- 118.)
(5) المرجع السابق، ج4 ص202.
(6) المرجع السابق، ج4 ص180.(1/278)
وقد تكرر ذلك مرارا من المقدسي ومن أمثلة ذلك قوله عن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه "واستشهد وقتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة في سن عيسى عليه السلام"(1) وقوله عن سبب بلاء أيوب عليه السلام "وقال بعضهم إن رجلاً مظلوماً لهف إليه واستغاث به، وكان في الصلاة فلم يقطع صلاته حتى فاته ذلك وقتل الرجل وغُصب، فلم يرض الله ذلك منه وابتلاه كفارةً لما كان منه، وقيل في بلية يعقوب أنه ذبح شاة وشواها وأصاب رائحتها بعض الجيران فلم يطعمه فعوقب بغيبة يوسف"(2) وقوله في وفاة علي بن أبي طالب " مات يوم الجمعة لسبع عشرة من رمضان، وهو اليوم الذي أوحى فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، واليوم الذي فتح الله عليه بدراً"(3)
(5) نقد الأمم والديانات والفرق والطوائف
( أ ) نقد الأمم والديانات
1. المدح العام مثل قوله عن إيران وأهلها "هي أرض الحكماء والعلماء، وفيهم: السخاء والرحمة، والتمييز، والفطنة، وكل خصلة محمودة التي عدمها الناس من سكان الأرض، ويحسبك معرفة هذه البلاد أنه لا يحل إليها أحد من غيرها ولا يقع إليها بنفسه فيشتاق بعد ذلك إلى أرضه أن يعود إليها "(4)
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص231.
(2) المرجع السابق، ج3 ص74. وهذه الروايات لا صحة لسندها، ولعلها من الإسرائيليات.
(3) المرجع السابق، ج5 ص233. وانظر أيضاً ج1 ص76. ج3 ص96. وما قاله المقدسي في تاريخ مبعث النبي – صلى الله عليه وسلم – غير مسلم القطع به إذ الخلاف واقع في شهر ويوم بعثته، ومع ترجيح كونها في رمضان يبقي الخلاف في اليوم، فقيل: في اليوم الثاني عشر، وقيل: في السابع عشر، وقيل: في الرابع والعشرين. وقيل غير ذلك. ولا يوجد دليل يرجح أحدها. انظر: ابن كثير، البداية والنهاية، المنصورة، دار ابن رجب،1425هـ2005م، ج3ص7 – 8.
(4) البدء والتاريخ، ج4 ص98.(1/279)
2. المدح الخاص مثل قوله عن أهل الصين " ومن حسن أدبهم ألا يقعد الصبي بين يدي الأب ولا يأكل معه ولا يمشي بين يديه...." (1)
3. الذم العام مثل قوله عن المجوس " وأما المجوس فأصناف كثيرة ولهم هوس عظيم وترهات متجاوزة الحد والمقدار...." (2)
4. ذم ديانات وتشريعات مثل قوله عن ملوك الروم " فهؤلاء الكفار كانوا ملوك اليونانيين "(3) وقوله عن النصارى بعد أن ذكر آراءهم وشرائعهم " مع ترهات كثيرة وأقاويل مردودة "(4) وقوله بعد أن ذكر عدداً من ديانات أهل الهند " فيما حكينا من فضائحهم وجهلهم وسخافة رأيهم وكفرهم كفاية "(5)
5. ذم الصفات العقلية كقوله عن أهل الشام "وهم قوم فيهم غفلة، وقلة فطنة، إما: أعرابي جاف، وإما مدني مغفل "(6) وعن الزنج " قليلو الفهم والفطنة"(7)
( ب ) نقد الفرق
كان الذم هو الغالب في نقد المقدسي للفرق، وأهم صور نقد الفرق هي:
1. الذم العام وأشهره وأبينه في الكتاب ذمه للباطنية.(8) ومن أشده أيضاً ذم المعطلة، حيث وصفهم بقوله "هم أقل الناس عدداً،....وأشرهم حالاً، وأوضعهم منزلة"(9) وقوله عن الخرَّمية وهو يتحدث عن أصناف المجوس " والخرَّمية جنس منهم يتسترون بالإسلام...." (10) وقوله عن بعض فرق الصوفية " ومرجع أمرهم إلى الأكل، والشرب، واتباع الهوى، ومتابعة النفس "(11)
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص19.
(2) المرجع السابق، ج1 ص143.
(3) المرجع السابق، ج3 ص210.
(4) البدء والتاريخ، ج4 ص46.
(5) المرجع السابق، ج4 ص16.
(6) المرجع السابق، ج5 ص210. وقول المقدسي لا شك مبالغ فيه ففضل وحضارة الشام وأهله لا تخفى على أحد.
(7) المرجع السابق، ج4 ص70.
(8) وقد مر بيانه في الكشف عن حال الباطنية وانظر أيضاً: البدء والتاريخ، ج1 ص1-4، 54-55، 163. ج2ص238-241.
(9) المرجع السابق، ج4 ص2.
(10) المرجع السابق، ج1 ص143.
(11) المرجع السابق، ج5 ص148.(1/280)
2. ذم بعض الآراء العقدية كقوله عن بعض فرق الشيعة "وفرقة تغلو غلواً شديداً، وتقول قولاً عظيماً، وهم أصحاب عبد الله بن سبأ،يقال لهم: السبائية قالوا لعلى أنت إله العالمين"(1) وكقوله "وللشيعة فيه-أي في المهدي- أشعار كثيرة وأسطار بعيدة "(2)
3. نقد بعض الأقوال التاريخية للفرق كقوله وهو يتناول قصة مقتل الحسين بن علي" واعلم أن للروافض في هذه القصة من الزيادات والتهاويل شيئا غير قليل.." (3)
4. النقد بالدعاء على بعضهم وهذا النوع قد مر ذكر أمثلته. (4)
5. المدح الخاص مثل قوله عن الخرَّمية " فإنا وجدناهم في غاية التحري للنظافة، والطهارة، والتقرب إلى الناس بالملاحظة بتقديم الصنيعة...." (5)
( جـ ) نقد بعض الطوائف
مثل ذمه المتعالمين من علية القوم كما قال عنهم " الذين طلبهم العلم لا لله، ولا لأنفسهم، ولكن للتصدر والتقدم، فهم يأخذونه من غير مظانه.."(6) وكذم الفلاسفة حيث قال " وقال كثير من فلاسفتهم في فشاراتهم..... "(7)
(6) نقد الأشخاص
قد مر معنا ذكر بعض مجالات نقد الأشخاص سواء بالمدح أم بالذم للصفات الخِلقية، والخُلقية، والمهارات والصفات العقلية، وكذلك المدح بذكر المكانة الدينية، والمنزلة العلمية، والمنزلة عند بعض الأقوام والفرق.(8) ومر أيضاً الذم بالدعاء على بعض الأشخاص ولعنهم.(9) بقيت بعض طرق النقد، وهي:-
1. نقد سياسة الحكام مدحاً وقدحًا
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص125. وانظر أيضاً: ج5 ص124.
(2) المرجع السابق، ج2 ص181. ج5 ص127.
(3) المرجع السابق، ج6 ص13.
(4) انظر الفصل الرابع ص181. وانظر: البدء والتاريخ ج1 ص184 ج4 ص8.
(5) المرجع السابق، ج4 ص31.
(6) المرجع السابق، ج1 ص3-4.
(7) المرجع السابق، ج3 ص21.
(8) انظر الفصل الرابع ص211 - 212.
(9) انظر الفصل الرابع ص181.(1/281)
فمن المدح قوله عن يزيد بن الوليد بن عبد الملك " كان محمود السيرة مرضى الطريقة " وقوله " مذكور في الكتب بحسن السيرة والعدل "(1) وقوله عن أبي العباس السفاح " كان يكره الدماء...." (2)
ومن القدح قوله عن معاوية – رضي الله عنه " جميل الوجه، قبيح الخصال " (3) وعن زياد بن أبيه " كان غشوماً ظلوماً..." (4) وعن عبد الملك بن مروان " يلقب برشح الحجر لبخله "(5) وعن أبي جعفر المنصور " أشح خلق الله... "(6) وقال عن عصر يزدجرد - آخر ملوك الفرس - " وكان ملكه عشرين سنة في تشتت واضطراب "(7)
2. نقد تصرفات أشخاص
مثل قوله عن دخول الهرمزان المدينة " فلما دخل المدينة لبس التاج والديباج وأخذ منطقته، وسواريه، وطوقه، وقد طول شاربه، وقصر لحيته علي زي العجم، وهذا كله تصنع منه للقاء عمر "(8) ونقد المغيرة بن شعبة بقوله " واحتال المغيرة..." (9) وعن المختار بن عبيد الله " يحتال في استمالة الناس.."(10) وعن عمرو بن العاص في قضية التحكيم "....وكانت خديعة منه " (11) وعن عبد الله بن الزبير "وأظهر ابن الزبير التأله والتنسك......" (12) وقال عن أبي جعفر المنصور وما كان منه مع أبي مسلم الخراساني " فخدعه بكلامه، وسحره بمواعيده "(13)
3. نقد المذاهب
كقوله عن معاوية بن يزيد بن معاوية " كان قدرياً "(14)
__________
(1) البدء والتاريخ،ج6 ص53.
(2) المرجع السابق، ج6 ص89.
(3) البدء والتاريخ، ج6 ص8.
(4) المرجع السابق، ج6 ص2.
(5) المرجع السابق، ج6 ص26.
(6) المرجع السابق، ج6 ص90.
(7) المرجع السابق، ج5 ص197.
(8) المرجع السابق، ج5 ص179
(9) المرجع السابق، ج5 ص 182. وانظر أيضاً: ج6ص1.
(10) المرجع السابق، ج6 ص22.
(11) المرجع السابق، ج5 ص227. وانظر أيضاً: ج6ص3.
(12) المرجع السابق،ج6 ص13. وانظر أيضاً: ج6 ص24-25.
(13) المرجع السابق، ج6 ص79.
(14) المرجع السابق، ج6 ص16. وانظر أيضاً: ج6ص54.(1/282)
ثانياً: منهج المقدسي في الروايات والأقوال المتعارضة
اختلفت مواقف المقدسي من الروايات المتعارضة إلى:-
(أ) الإشارة إلى ترجيح أحد الأقوال وطرق ذلك
لم يصرح المقدسي بالترجيح في أغلب المسائل، لكنه ربما يشير للترجيح بطرق غير مباشرة، يفهم معظمها من طريقة سوقه للأقوال، ومن ذلك:
1. تمييز أحد الروايات بالأشهر أو الأكثر
ومثال ذلك أنه ذكر عدة روايات في تسمية آدم -عليه السلام – ومنها أنه سمى بذلك لأنه خلق من أديم الأرض...فعلق عليها قائلاً إنها " أشهر وأعرف"(1) وقوله عن اسم أبي مسلم الخراساني " فأكثرهم على أنه أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم....وقال بعضهم: هو أبو إسحق إبراهيم بن عثمان"(2)
2. تصدير بعض الأقوال بصيغة الجزم
وأما بقية الأقوال فتكون بصيغ غير جازمة، ومن ذلك قوله في قصة سليمان – عليه السلام – " واختلفوا في السبب الذي عوقب لأجله..... فزعم زاعم أنه سبى جارية شغف...وزعم آخر أنه سأله بعض نسائه أن تقرب.... وقال قوم بل كان ذنبه اشتغاله بالصافنات الجياد حتى توارت الشمس بالحجاب. (3) ومثل قوله عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – " استشهد سنة ثلاث وعشرين. قال ابن اسحق: وهو ابن خمس وخمسين سنة، وزعم قوم أنه مات ابن ثلاث وستين سنة "(4) فنلاحظ اختلاف التصدير بين الأقوال مما يفيد مدى ميل المقدسي لأحدها.
3. تصدير بعض الأقوال بصيغة الجزم ويكون أحدها جامعاً
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2ص82.
(2) المرجع السابق، ج6 ص92- 93.
(3) المرجع السابق، ج3ص105. وانظر أيضاً: ج5 ص4، 15، 103، 105، 108، 196-197. ج6 ص5
(4) المرجع السابق، ج5 ص91.(1/283)
وذلك كقوله " اختلف الناس في أول من أسلم فقال بعضهم أولهم خديجة وقال آخرون أولهم علي، وقيل أبو بكر، وقيل زيد بن حارثة.. وأخبرني أحمد بن مالك قال حدثني القتبي عن إسحق بن راهويه أنه قال الخبر في كل ذلك صحيح أما أول من أسلم من النساء فخديجة، وأول من أسلم من الموالي فزيد بن حارثة، وأول من أسلم من الصبيان فعلي - عليه السلام-، وأول من أسلم من الرجال فأبو بكر - رضي الله عنهم أجمعين –"(1) فنلاحظ اختلاف التصدير بين الأقوال في الجزم وعدمه، والتحديد وعدمه يلاحظ أيضاً أن القول الذي اجتمعت فيه صيغة الجزم مع تحديد القائل كان قولاً يجمع بين الآراء. مما يفيد ترجيح المقدسي له.
4. السكوت على ترجيح أحد المختلفين لقوله
مثل قوله عن وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – " واختلفوا في الوقت الذي دفن فيه، فروى ابن إسحق أنه دفن ليلة الأربعاء، وقال الواقدي: والثبت عندنا أنه دفن يوم الثلاثاء عند زوال الشمس " (2)
5. التعليق على أحد الأقوال ببيان سبب قوله وأصل مذهبه
وذلك مثل قوله في وفاة علي بن أبي طالب- رضي الله عنه - " واختلفوا في سنه فقال ابن إسحق: قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة، كان في مثل سن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر يوم ماتا، وهذا يصح على مذهبه لأنه قد أسلم وهو ابن عشر سنين وعاش في الإسلام ثلاثاً وخمسين سنة وقتل سنة ثلاثين من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة " (3)
(ب) اختيار رأى لم يقل به أحد المختلفين
مثل اختياره الإمساك عن الخوض في ذات الله، وذلك بعد أن سرد أقوالاً كثيرة، يقول المقدسي "وأحسن ما أختاره في هذا الفصل أَلاّ يخوض الإنسان في شيء منه إلا بإثبات الذات بدلائل الصفات فأمّا ما سوى ذلك فيسكت عنه" (4)
(جـ) التوفيق بين الآراء
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص71.
(2) المرجع السابق، ج5 ص67.
(3) المرجع السابق، ج5 ص73.
(4) المرجع السابق، ج1 ص86.(1/284)
وذلك من خلال: -
1. التوفيق بالجمع بين الآراء مثل قوله "روى المسلمون أن الملائكة خلقت من نور. وذكر ابن إسحاق أن أهل الكتاب يزعمون أن الله خلق الملائكة من نار. والنار والنور واحد في معنى اللطافة والضوء، ويمكن التوفيق بين الخبرين بأن ملائكة الرحمة خلقوا من النور، وملائكة العذاب خلقوا من نار" (1)
2. التوفيق بتأويل قول أحد المختلفين مثل قوله بعد ذكر الاختلاف في تفسير ظاهرة المد والجزر " وقد روى في بعض الأخبار أن لله ملكاً موكلاً بالبحر فإذا وضع يده في البحر مد وإذا رفعه جزر. فإن صح ذلك، والله أعلم، كان اعتقاده أولى من المصير إلى ما لا يفيد حقيقة، ولو ذهب ذاهب إلى أن ذلك الملك يهب الرياح التي تكون سبب المد ويزيد في الأنهار، أو يفعل ذلك عند امتلاء القمر حتى يكون توفيقاً بين الروايات والآراء لكان هذا مذهباً، والله أعلم "(2)
(د) نقد جميع الأقوال
وقع ذلك صراحة بعدما ذكر أقوالاً متعارضة لعلماء مسلمين حول صورة الشمس والقمر ثم قال " هذا قول أهل الإسلام من غير رواية من كتاب ولا خبر صادق"(3) وربما يأتي ردها إشارة وذلك بروايتها جميعاً بصيغ غير جازمة. (4)
(هـ) إعلانه التوقف في بعض المسائل
كما في مسألة القدر. (5)
(و) ذكر أقوال متعارضة بلا ترجيح
وهذا تكرر كثيراً عند المقدسي (6)
ثالثاً: أسس النقد عند المقدسي
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص169. وانظر أيضاً ج2 ص34. وسيأتي التعليق على هذا التوفيق.
(2) المرجع السابق، ج2 ص45- 46. وانظر أيضاً: ج2 ص10، 32.
(3) المرجع السابق، ج2 ص17. وانظر: ج3 ص55.
(4) المرجع السابق، ج3 ص74.
(5) المرجع السابق، ج1 ص108. وقد مر ذكرها ص77.
(6) المرجع السابق، ج3 ص64، 79. ج5 ص79، 81، 82، 100، 104، 105، 165، 174. ج6 ص20، 111.(1/285)
بالطبع كان الأساس العام في نقد الروايات هو قبول ما صح سنده ورد المكذوب منها، وهذا من معالم فكر المقدسي التاريخي ومن الشروط التي عليها قام تأليف الكتاب لكن المقدسي لم يجعل ذلك هو الأساس الوحيد للنقد، حيث ضم إليه عدة أسس، منها:-
1. تصحيح الأخبار التي شهد الواقع بصدقها
وذلك مثل قوله عن انتهاء مدة خلافة الراشدين وأنها ظلت ثلاثين عاما "وصحت رواية سفينة عن النبي – صلى الله عليه وسلم - الخلافة بعدي ثلاثون ثم يكون الملك"(1)
2. ترجيح الرواية عن الأقرب للخبر
مثل روايته صفة خلقة النبي صلى الله عليه وسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال " هذه رواية علي - كرم الله وجهه - وهو أعلم به من غيره "(2)
3. قبول ما كان في حد الإمكان
مثل تعليقه على مرويات صفة الميزان يوم القيامة وكيفية الوزن بقوله " وكل ما حكي وروى ممكن" (3)
4. الأخذ بالرواية إن صح سندها أو كان لها نظائر صحيحة
مثل قوله عن روايات رفع إدريس عليه السلام إلى السماء الرابعة " فإن صحت الرواية فيها فبها ونعمت لأن هذا الخبر نظائر دخول آدم وزوجته الجنة ورفع عيسى عليه السلام " (4)
5. قبول الأخبار الضعيفة في بعض الأحيان
وذلك إذا كان هناك فيها زيادة فائدة كأن يكون أجمع خبر في بابه كما في رواية خبر محمد بن الحنفية في وصف النار. (5)
6. محاولة تفسير الوقائع المستبعدة لتكون أقرب للواقع
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص 238. وانظر ج1 ص192. ج5 ص153.
(2) المرجع السابق، ج5 ص2.
(3) المرجع السابق، ج1ص 207. وانظر أيضاَ ج2ص12،32.
(4) المرجع السابق، ج3ص12. والنص هكذا في الأصل، والأولى أن يكون نصه " لأن لهذا الخبر نظائر مثل دخول آدم"
(5) المرجع السابق، ج1ص194. وقد مر قريباً: ص322.(1/286)
وذلك مثل ما ذكره عن بعض أهل اليمن أنه كان عندهم جبل تخرج منه نار يتحاكمون إليها يزعمون أنها تصيب الظالم ولا تمس المظلوم.... فقال المقدسي"ويشبه أنهم كانوا يقولون هذا القول على جهة التخويف"(1)
7. رد ما ناقض الحقائق الدينية
مثل رده لقول السبائية في تأليه علي بن أبي طالب (2) وقوله " ومن الصوفية من يزعم أنه ربما يلقاه - أي الله سبحانه وتعالى - في بعض الطرق يعانقه ويقبله. جل الباري عن صفة لا تليق به " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (الشورى:11)(3)
8. رد محالات العقول
مثل رده على ما نقل من كتب العجم أن أحد ملوكهم حفر سبعة أنهار، منها: سيحون، وجيحون، والفرات، ودجلة.... قال " وهذا غير جائز ولا ممكن اللهم إلا أن يقال هو ساق ماء هذه الأنهار إلى أرض البلاد فاستعمرها......... "(4) ومثل تعليقه على قصة رجل غاص في الماء أكثر من يومين وحكى قصصاً عجيبة، فقال المقدسي" فلا أدري من أي طريق عاد.." (5) وعلق على بعض الروايات بقوله " كذا الرواية مع حشوية ومحالات مردودة، والله أعلم بما روى " (6)
9. رد ما يخالف الطبع والواقع إلا إذا صح الدليل
__________
(1) البدء والتاريخ، ج2 ص23، 24.
(2) المرجع السابق، ج 5 ص125.
(3) المرجع السابق، ج 5ص141. وانظر: ج 3 ص 72.
(4) المرجع السابق، ج4 ص 60.
(5) المرجع السابق، ج4 ص 95.
(6) المرجع السابق، ج2 ص 180.(1/287)
مثل قوله وهو يتحدث عن صفة خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فأما ما روى القصاص أنه كان يماشى الطوال فلا يقصر عنه، ويماشي القصير فلا يطاوله، ويقف في الشمس فلا يرى ظله، ويسير مع الفرس الجواد فلا يسبقه، وأنه كان إذا تعرى لم يقع البصر على عورته، وما خرج منه لم يوجد له رائحة فاشياً، لم تصح الرواية بها ولا عرف في طباع الناس مثلها "(1) وقال " وفي كتب قصاص المسلمين أشياء يضيق الصدر عنها " (2) ومثله كذلك تعليقه على بعض غرائب في قصة عبور موسى - عليه السلام - وبني إسرائيل البحر قال "مع عجائب كثيرة مشهورة في العوام لا يوصف بمثلها نبي من الأنبياء، ولا أمة من الأمم...المعول منها على ما صح وسلم "(3) وفي قصة داود - عليه السلام - في ذكر توبته قال " وصفوا من طول سجوده، وشدة جزعه، وكثرة بكائه ما يضيق الصدر عن تصديقه...." (4)
10. الرد بأن قبول الرواية يكون سبباً في طعن الملاحدة
حيث علق على الروايات الواردة في قصة هاروت وماروت بـ " أنه ليس في كتاب الله شيء من هذا، وبمثل هذه الأخبار ينظرون الملحدون إلى فساد القلوب والله المستعان"(5)
11. عدم الاكتراث بما لا طائل وراء معرفته ولا مصدر يوثق به
وذلك مثل قوله عن اسم أخي يوسف – عليهما السلام – "وقال ابن جريح هو شمعون وليس يضر الجهل بمن كان منهم بعد أن علمنا أنه أحدهم وأقربهم إلىالرقة والرحمة" (6) وقال أيضاً "وللقصاص في الذئب الآكل ليوسف عجائب في اسمه ولونه وكذلك في كلب أصحاب الكهف"(7)
معالم فكر المقدسي التاريخي
__________
(1) البدء والتاريخ، ج5 ص3.
(2) المرجع السابق، ج2 ص47.
(3) المرجع السابق، ج 3 ص95.
(4) المرجع السابق، ج 3 ص102. والنص هكذا في الكتاب، والصواب " ينظر الملحدون"
(5) المرجع السابق،ج3 ص15.
(6) المرجع السابق، ج3 ص67.
(7) المرجع السابق، ج3 ص70.(1/288)
يعد التعرف على الفكر التاريخي للمؤرخ حجر الزاوية في دراسة منهجه في الكتابة التاريخية، وذلك لأنه يتضمن نظرة المؤرخ لمفهوم التاريخ، وأهدافه، ووظيفته، وغير ذلك من أفكار تؤثر على اختيار المؤرخ لمصادره، وطريقة عرضه لمادته، ومنهجه في الانتقاء والنقد. ولكي نتعرف على فكر المؤرخ لا بد لنا من الوقوف على ثقافته ومنهجه الفكري العام. وكذلك يلزمنا التعرف على الوعاء الثقافي الذي ولج منه إلى علم التاريخ، خاصة أن عامة من كتبوا في التاريخ الإسلامي كانت لهم علوم ومشارب ثقافية أخرى أثرت على تنوع مواد ومناهج الكتابة التاريخية. ثم علينا بعد ذلك استقراء ما سطره في مؤلفاته من أراء وقضايا، والتي حتماً ستكشف اللثام عن فكره التاريخي. وإذا نظرنا إلى حالة المقدسي فلا سبيل أمامنا سوى ما كتبه في البدء والتاريخ للتعرف على فكره عامة وفكره التاريخي خاصة.أما عن ثقافته وفكره عامة: فقد علمنا أن المقدسي مؤرخ وفيلسوف إسلامي، يتميز بتعدد الثقافات، وصاحب عقلية علمية مركبة، مع روح دينية عالية، وغيرة على الإسلام وتعاليمه. أما الفكر التاريخي للمقدسي فسنتعرف على أهم معالمه من خلال النقاط الآتية: -
أولاً: مفهوم علم التاريخ عند المقدسي(1/289)
ظل علم التاريخ قروناً قبل وبعد المقدسي يقتصر في نظر أكثر العلماء المسلمين على البحث في وقائع الزمان من ناحية التعيين والتوقيت.(1) حتى جاء ابن خلدون (ت 808هـ 1406م) وأضاف إلى مفهوم التاريخ النظر والتحقيق في أسباب الوقائع والأحوال. (2) وبرغم ذلك فقد جاء قبل ابن خلدون من أضاف مفهوماً آخر لعلم التاريخ، ظهر ذلك المفهوم في كتب المسعودي وتجلى في كتاب البدء والتاريخ. ويرتكز هذا المفهوم على النظرة العامة والشاملة لفكرة التاريخ بمعنى أن يصير كل شيء وكل نشاط داخلاً في علم التاريخ وموضوعاً لبحثه. (3) فلقد اتسعت رؤية المقدسي للتاريخ حتى شملت الكون كله لذلك يقول " فالناظر في كتابنا هذا كالمشرف المطلع على العالم مشاهداً حركاته وعجيب أفعاله، والسابق له قبل تركيبه، وحدوثه الباقي بعد انجلائه "(4) وبرغم وجاهة ما انتقدت به هذه النظرة من إهمال الفرق بين هذا المعنى الواسع للتاريخ وبين علم التاريخ نفسه (5) إلا أن المقدسي يكفيه فضلاً أنه أتى بنظرية جديدة مخالفة للنمط السائد قبله.
ثانياً: مدرسة المقدسي التاريخية
__________
(1) السخاوي، الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، القاهرة، مكتبة ابن سينا، ص19-20.
(2) المقدمة، بيروت، مكتبة لبنان عن طبعة باريس 1858م، ج1ص2.
(3) روزنتال، علم التاريخ عند المسلمين. ص17-18، محمد أحمد ترحيني، المؤرخون والتاريخ عند العرب، ص6.
(4) البدء والتاريخ، ج1 ص17، محمود إسماعيل، إشكالية تفسير التاريخ عند المؤرخين المسلمين الأوائل، الكويت، مجلة عالم الفكر، العدد الرابع المجلد التاسع والعشرون ابريل يونيو 2001م، ص48.
(5) روزنتال، مرجع سابق، ص18.(1/290)
وأعني بذلك المدرسة التي ولج من خلالها المقدسي بوابه التاريخ، ولقد سبقت الإشارة إلى أن المقدسي من أولئك المؤرخين الذين غلبت عليهم الصبغة الفلسفية في الكتابة التاريخية. وقد تميز هؤلاء بنظرة أعمق وأشمل في التدوين التاريخي، حتى حاول بعضهم الجمع بين التاريخ والفلسفة بنوع من الصلة.(1) وهذا الطراز من المؤرخين ألحق بمدرسة الفقهاء والمتكلمين التي صار فيما بعد ابن خلدون الرائد الأول لها.(2) وهذه المدرسة المتأثرة بالفلسفة وعلم الكلام تخالف بالطبع مدرسة المحدثين ذات الطابع السردي الإسنادي التي انصب جل اهتمامها على كتابة التراجم.
ثالثا: بين المقدسي وابن خلدون
يعد ابن خلدون من أهم المؤرخين المسلمين إن لم يكن أهمهم على الإطلاق؛ وذلك لما أضافه لمفهوم علم التاريخ، وما وضعه من قواعد لتفسير الأحداث التاريخية من خلال دراسة العوامل الاقتصادية والاجتماعية وغيرهما.(3) ومن جانب آخر نجد أن المقدسي أيضاً قد أضاف إلى مفهوم علم التاريخ، وحاول صبغه بصبغة فلسفية فكان صاحب أدق وأهم محاولة للربط بين التاريخ والفلسفة. ومن هنا يرى الباحث أن خيطاً علمياً وعقلياً ممدوداً بين المقدسي وابن خلدون، فهما من مدرسة تاريخية واحدة، وكلاً منهما حاول تحريك مياه التاريخ الراكدة على مجرد سرد الأحداث. ومما يدعو للعجب أنهما تشابها أيضاً في أن نتاج فكرهما الجديد لم يثمر الثمرة المرجوة، ولم يطبقاه التطبيق الأمثل.
رابعاً: محاولة الربط بين التاريخ والفلسفة
__________
(1) انظر التاريخ والمؤرخون، ص27، وانظر أيضاً: شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1ص284.
(2) عبد الله العروي، مفهوم التاريخ، الجزء الأول: الألفاظ والمذاهب، بيروت، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، 1992م، ص214.
(3) سيدة إسماعيل الكاشف، مصادر التاريخ الإسلامي، ص77.(1/291)
لم يكن ثمة التقاء بين التاريخ والفلسفة عند أكثر المؤرخين المسلمين لأن نظرتهم وكتاباتهم التاريخية اقتصرت على ضبط الأخبار ونقلها. (1) لكن مع بداية القرن الرابع الهجري وما شهده من شيوع العلوم العقلية خاصة الفلسفة، وولوج عدد من دارسيها بوابة التاريخ، تطور فكر بعض المؤرخين إلى النظر في أسباب الحوادث التاريخية وتفسيرها، وهنا كانت نقطة البداية - ولو في الذهن - بين التاريخ والفلسفة. فالفلسفة عند الفلاسفة المسلمين الغرض منها الوقوف على حقائق الأشياء كلها سواء أكان وجودها باختيارنا أم خارجاً عن إرادتنا. (2) ودراسة التاريخ تتضمن النظر في أسباب الحوادث وتفسيرها. فكان لابد من التقاء هذين العلمين في محاولة لوضع نظرية عامة تفسر معنى الحياة وهدفها، وذلك بالبحث في المبادئ العامة التي يخضع لها تطور المجتمعات البشرية. وهذا ما عرف فيما بعد بـ " فلسفة التاريخ"(3) وهي "عبارة عن النظر إلى الوقائع التاريخية بنظرة فلسفية، ومحاولة معرفة العوامل الأساسية التي تتحكم في سير الوقائع التاريخية، والعمل على استنباط القوانين العامة الثابتة التي تتطور بموجبها الأمم والدول على مر القرون والأجيال" (4) وبالطبع لم يكن بوسع هؤلاء المؤرخين الوصول إلى أبعاد تلك العلاقة، وكيفية صياغتها، لكن يحسب لهم أنهم حاولوا إنشاء نوع من العلاقة بين التاريخ والفلسفة.
__________
(1) عبد العزيز إبراهيم، التاريخ تأريخه وتفسيره وكتابته، الخرطوم، الدار السودانية،1999م، ص142
(2) المعجم الفلسفي، مجمع اللغة العربية، المطبعة الأميرية،1403هـ 1983م، ص138.
(3) المعجم الفلسفي، ص139، أحمد رمضان أحمد، تطور علم التاريخ الإسلامي، ص215
(4) رأفت الشيخ، فلسفة التاريخ، القاهرة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، سنة 1987- 1988م، ص14.(1/292)
وكان سنان بن ثابت بن قرة من أوائل من سعى لذلك حين كتب كتاباً في التاريخ " استفتحه بجوامع من الكلام في أخلاق النفس وأقسامها من الناطقة والغضبية والشهوانية، وذكر لمعاً من السياسات المدنية مما ذكره أفلاطون في كتابه في السياسة المدنية "(1)
ثم جاء دور المقدسي الذي يعد صاحب أهم وأدق محاولة لإخضاع التاريخ للفلسفة. وذلك بسبب نظرته إلى الكون وتاريخه بمنظار فلسفي، حاول به ربط الكون والحياة بنظرة شاملة توحد ما بين الفلسفة والتاريخ في نظام فكري واحد. (2) وتتجلى لنا تلك المحاولة في الفصول الأولى من الكتاب حيث خصص الفصل الأول كاملاً لمسائل فلسفية وكلامية، وناقش في الفصول التالية مسائل في الإلهيات، والنبوات، وابتداء الخلق بأسلوب فلسفي فريد لم يقتصر فيه كعادة أكثر المؤرخين قبله على مجرد سرد المرويات، إنما ذكر المسائل الخلافية، وتتبع آراء الفلاسفة، والمتكلمين، وأهل الديانات والفرق المختلفة في أكثر تلك المسائل، وناقشها ونقد كثيرا منها.(3) أما في باقي فصول الكتاب فقد حرص المقدسي على تقديم معلومات فلسفية كلما أمكن ذلك، مع إثارة مناقشات عقلية حول بعض الموضوعات في الغيبيات، والمعجزات، والتشريع، لينقد آراء الباطنية وبعض مقالات الديانات والفرق. (4) فكانت تلك الملاحظات الفلسفية " كالبقع القرمزية التي تناثرت في ثنايا مختلف أجزاء الكتاب "(5)
تقييم الباحثين لمحاولة المقدسي
اتفقت كلمة الباحثين في تقييم تجربة المقدسي على أمرين:-
__________
(1) المسعودي، مروج الذهب، ج1 ص11.
(2) روزنتال، علم التاريخ عند المسلمين، ص161.
(3) شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص328.
(4) انظر: مطلب محتويات الكتاب ص 105-107.
(5) انظر: مطلب فكر المقدسي ص82-83.(1/293)
أولهما: مدح ريادة المقدسي في تلك التجربة خاصة مع صدق رغبته في تحقيقها. فكانت تجربته " تجربة فريدة أروع ما فيها هو تلك الرغبة الحارة في ربط الكون والحياة...."(1) ووصف أحد الباحثين رغبته بـ " الصحيحة "(2)
ثانيهما:أن المقدسي على حد قول أحد الباحثين" لم ينجح قط في إبداع صورة متماسكة للتاريخ باعتباره من وظائف العمليات العقلية "(3) ويقول آخر" إن هذه المحاولة كانت فجة"(4) وقضى ثالث على المقدسي بأنه " لم يأت بجديد " (5) وعيبت تجربة المقدسي وكتابه بـ "أن الأبحاث الفلسفية والكلامية والعلمية تجعل الطابع التاريخي للكتاب غامضاً، ولا تفسح للتأريخ الإسلامي إلا مجالاً ضيقاً " (6)
رأى الباحث
__________
(1) روزنتال، علم التاريخ عند المسلمين، ص162.
(2) شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص328.
(3) روزنتال، مرجع سابق، ص162.
(4) شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ج1 ص328.
(5) عبد العزيز إبراهيم، التاريخ تأريخه وتفسيره وكتابته، ص142.
(6) روزنتال، علم التاريخ عند المسلمين، ص188.(1/294)
يتفق الباحث تماماً مع الأمر الأول، فالمقدسي اقتحم ميدان هذه التجربة برغبة صادقة ليس في الجمع بين التاريخ والفلسفة فحسب بل وفي التوفيق بين دلائل الشرع وحجج العقل أيضاً. أما الحكم عليه بالفشل التام وأنه لم يأت بجديد فيرى الباحث في ذلك نوع إجحاف في حق المقدسي. فالرائد في تجربة وصاحب الفكرة الجديدة ليس مطالباً بأن يأتي بالكمال في تنفيذها إنما يكفيه أن يضع بعض الأسس والعلامات ليهتدي به من يأتي بعده ليكمل طريقة البحث حتى تتبلور الفكرة نظرياً وعملياً. وفي هذا المجال نتذكر ابن خلدون الذي لم يطبق نظرياته هو على ما كتبه في تاريخه.(1) فهل نقول إنه لم يأت بجديد ؟ أما ما عيب به الكتاب من ضيق مساحة التاريخ الإسلامي. فهذا لا يبدو صحيحاً إلا في الفصول الأولى من الكتاب والتي كانت غير مخصصة أصلاً لدراسة شيء من التاريخ، أما الفصول التاريخية فمساحتها لم تتأثر كثيراً بالأبحاث الفلسفية والكلامية.
خامساً: محاولة التوفيق بين دلائل المنقول وحجج المعقول
برغم أن تأليف الكتاب جاء امتثالاً من المقدسي لأمر سيده لكنه لم يكن بغرض المتعة والتسامر في أخبار الماضين بل كان أهم أغراضه أن يحمي الإسلام من الزائغين المشككين في شرائع الإسلام ونصوص وحيه، ومن الجهال الذين شحنوا صدور العامة بالأباطيل والأساطير. ولتحقيق هذا الغرض النبيل حمل المقدسي لواء العقل لإثبات صدق الوحي ومطابقة أخباره للواقع وقبول العقل لها.(2)
وكان من أهم معالم هذا الفكر
1. المقبول والمردود من المنقول
__________
(1) سيدة إسماعيل الكاشف، مصادر التاريخ الإسلامي، ص77.
(2) آدم متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع، ج1 ص352.(1/295)
قرر المقدسي أن العقل لا يستقل بمفرده في إثبات الغيبيات والعقائد، وأن سبيل ذلك ما جاء به الشرع في الكتاب والسنة.(1) لكنه اشترط صحة السند في قبول ما ورد في السنة فإن صح"رضينا بما صح منها واستسلمنا له"،(2) "وما كان في الصحاح من الأخبار
فمنزل منزلة الكتاب في الإيمان والتصديق"(3) خاصة إذا عضدها الإجماع. (4)
فأما ما ورد عن أهل الكتاب فقبوله " محتمل غير أنه لا يجوز القطع به ما لم يصدقه كتابنا أو خبر نبينا – صلى الله عليه وسلم –" وبين سبب عدم القبول المطلق لما ورد منها بقوله " لما وقع فيهم من التحريف والتبديل "(5)
وأما ما ورد عن القدماء وأصحاب النجوم فقاعدة قبوله عند المقدسي أن ما روى عنهم "ما لم يكن نقصاً للتوحيد وإبطالاً للشريعة أو جحداً للعيان فموقوف على سبيل الجواز والإمكان "(6)
وأما روايات القصاص فلا يلتفت إليها لأنها أساطير لا حقيقة لها، ولأنها أوجدت السبيل للملحد إلى الطعن في المنقول. (7)
2. موطن لا دخل للمعقول فيه وذلك في بعض الأخبار المتعلقة بالدار الآخرة حيث يكون فيها ما لا تقبله العقول فقال " وليس ينبغي أن يضيق صدر الإنسان بما يورد عليه من مثل هذه الأخبار أو يروى له لأن ذلك كله ممكن جائز "(8)
3. موطن التوفيق بين المنقول والمعقول قال المقدسي" ونحن نوفق بين مقالات أهل الإسلام وأراء القدماء ما لم نجد النص من كتابنا والخبر الصادق عن نبينا – صلى الله عليه وسلم – فمتى وجدنا شيئا من ذلك بخلاف آرائهم فذاك الرأي منبوذ مهجور"(9)
4. موطن تأويل المنقول
__________
(1) البدء والتاريخ، ج1 ص135وانظرج1 ص167، 172،176، 197. ج2 ص21، 57، 80. ج3 ص82.
(2) المرجع السابق، ج1 ص162.
(3) البدء والتاريخ، ج3 ص47.
(4) المرجع السابق، ج2 ص7.
(5) المرجع السابق، ج1 ص153
(6) المرجع السابق، ج2 ص21.
(7) المرجع السابق، ج2 ص98. ج3 ص15
(8) المرجع السابق، ج2 ص162.
(9) المرجع السابق، ج2 ص34.(1/296)
يصار إلى التأويل إذا جاءت رواية مشكوك في صحتها وتحمل ما تستبعده العقول " فإن كان الخبر محتملاً للتأويل فلا معنى للتسرع إلى التخطئة والتكذيب "(1)
5. أمثلة للتوفيق المقبول ذهب المقدسي إلى أن سجود الشمس، والقمر، والنجوم، وغيرها لله معناه" انقياد لما يراد منها وتذللها لما وضعت عليه من طبع أو حركة "(2) وفي قصة آدم عليه السلام قال بأنه لم يكن في جنة الخلد، وذلك رداً على من يقول كيف يخرج من الجنة من دخلها؟ (3)
__________
(1) المرجع السابق، ج2 ص24. وأشار إلى التأويل أيضاً ج2 ص39. ج3 ص47.
(2) البدء والتاريخ، ج2 ص23.
(3) المرجع السابق، ج2 ص98.(1/297)
6. أمثلة للتوفيق المردود والرد عليه رد المقدسي تفسير النصوص الواردة في طلوع الشمس من مغربها بأن معنى طلوع الشمس من مغربها ظهور سلطان يستولي على الأرض.... فرد ذلك باستحالة وجود أحد مهما بلغ من قوة يستطيع بسط سلطانه على جميع الأرض"(1) وقال بأن طلوع الشمس من مغربها ليس " أصعب وأعسر من إبداعها نفسها ووضعها على مجراها"(2) وألزم من زعم أن سفينة نوح مثل لدينه، ولبثه في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً مثل لبقاء شريعته،....ألزمه أن يتأول جميع ما في القرآن من قصة نوح وخبره على خلاف ظاهره. (3) ورد على من استعظم الطوفان وطول عمر نوح عليه السلام وطول قامات آدم وعاد بصدق الخبر وبأن العقل لا يستبعد ذلك لأنه في حد الإمكان والجواز. (4) ورد المقدسي على من اعترض على إهلاك ثمود قوم النبي صالح عليه السلام لأنهم عقروا ناقة.. بأن مجرد العقر لم يكن سبباً في إهلاكهم إنما " أهلكوا بكفرهم وتكذيبهم وتظالمهم فيما بينهم" (5) ورد على من استبعد حياة يونس عليه السلام في بطن الحوت بقوله " أوليس الجنين في بطن أمه متنفس حي فهل يعجز من أبقى الأجنة في ظلم الأرحام أن يبقى الأرواح في أجسام المحبوسين حيث لا يصل إليهم الهواء والله المستعان"(6)
سادساً: آراء المقدسي في بعض فروع التاريخ
1. رأي المقدسي في علم الأنساب
__________
(1) المرجع السابق، ج2 ص201.
(2) المرجع السابق، ج2 ص200.
(3) المرجع السابق، ج3 ص22.
(4) المرجع السابق، ج3 ص18.
(5) المرجع السابق، ج3 ص44.
(6) المرجع السابق، ج3 ص113.(1/298)
يرى المقدسي أن علم الأنساب ليس من صميم عمل المؤرخ، فهو على حد قوله "علم الأنساب من صناعة الأعراب" (1) وما ذكره المقدسي متعقب؛ لأن علم الأنساب من أهم فروع التاريخ الإسلامي، فيجب على المؤرخ الإلمام بأصولها، وما يتعلق برجال سلاسلها المشهورين ضمن الأحداث التاريخية. وقد يقبل كلامه إن أراد به تتبع واستيعاب عامة فروع شجر الأنساب. ولقد أثر رأي المقدسي هذا في اختصاره الكلام على الأنساب.
2. رأي المقدسي في علم التراجم
لم تبعد رؤية المقدسي لعلم التراجم عن نظرة سابقيه إذ يقول مفتتحاً فصل تراجم الصحابة " اعلم أن هذا باب من صناعة أصحاب الحديث، وهو علم برأسه منفرد بمعرفته صاحبه، مرجعه إلى جودة الحفظ، وكثرة الروايات، وقد وضعوا فيه كتباً كثيرة موسومة بسمات مختلفة كالتواريخ والطبقات، والمعارف. وما أعلم أحداً منهم، وإن غزر علمه، واتسعت درايته أنه ضبط أسماء الصحابة كلهم، أو حصر أيامهم وأخبارهم، ولا أعلم ذلك ممكناً، لأن آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، وقد صحبه فيها ثلاثون ألف رجلٍ، سوى من خلفه، وتخلف عنه "(2) ورأي المقدسي في نسبة علم التراجم إلى المحدثين قد يقبل في تراجم رواة الحديث، خاصة فيما يتعلق بمجال جرح وتعديل رجال الأسانيد، لكن ما القول في بقية أصناف التراجم وعصورهم التي جاءت بعد عهد الرواية الشفهية للحديث النبوي؟ وعلي أية حال فالمقدسي قد أصاب كبد الحقيقة في بقية كلامه، وهذا يدل علي تبحره في العلوم مع دقه فهمه لمضامينها ومراميها.
سابعاً: الفكر الحضاري عند المقدسي
1. رؤية المقدسي العامة للحضارة
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص124.
(2) المرجع السابق، ج5 ص70.(1/299)
يقول أحد الباحثين " المنطق الحضاري للمقدسي ينحصر في رؤيته لوحدة الرسالات السماوية، لهذا فهو يسرد تاريخاً للنبوة يبتدئ بذكر آدم مروراً بنوح وإبراهيم - عليهم الصلاة والسلام -، وينتهي بخاتم هؤلاء محمد – صلى الله عليه وسلم -. كذلك فإن المقدسي في رؤيته للحضارة يجدها من صنع الملوك والأنبياء، غير أن كلاً منهم ينظر إليها بمنظار خاص، فبينما هي بمنظور الأنبياء تشاد بالتوحيد والتناهي عن الظلم والتسلط والجبروت، نجدها في رؤى الملوك في الأعم الأغلب تقوم على العبودية، والتعسف، واغتصاب حقوق الآخرين"(1) ولعل المقدسي هنا لم تختلف نظرته الحضارية عن بقية المؤرخين.
2. آراء حضارية متفرقة
رأيه في حضارات شعوب الأرض
قال المقدسي" العرب، وفارس، والروم، والهند هم ذوو الآداب، والأخلاق من سائر الأرض، لهم السير والسنن،....والحكمة، والهمة والخصال المحمودة، والعلوم المأثورة من الطب، والتنجيم، والحساب..... وما سواهم رعاع وهمج، سافلو الرتبة عن رتب من قدمنا، إما: بهيمي الطبع في قلة التمييز والفطنة، وإما سبعية في الجفوة والغلظة "(2) ولقد أثر هذا الرأي للمقدسي على منهجيته في الكتاب حيث اهتم بتاريخ هذه الأمم وحضارتها، ولكن بطرق متفاوتة حيث لم يسرد تاريخ الهند لكنه ذكر معلومات حضارية كثيرة خاصة عقائدهم وعاداتهم. (3)
أثر الدين والأدب والشريعة في الحياة
يقول المقدسي "اعلم أن لكل قوم ديناً وأدباً وشريعة، ففي الدين بقاءهم وصلاحهم، وفي الأدب زيهم وشرفهم، وفي الشريعة رسومهم ومعاملاتهم" (4)
__________
(1) سالم أحمد محل، المنظور الحضاري في التدوين التاريخي عند العرب، الدوحة، وزارة الأوقاف، سلسلة كتاب الأمة، العدد60، شهر رجب، 1418هـ، ص 122
(2) البدء والتاريخ، ج1 ص57.
(3) المرجع السابق، ج1 ص63،186،197، 200. ج2 ص 96، 97، 119، 146، 147. ج3 ص8، 139، 154. ج4 ص8، 9، 62-64، 94، 97، 100، 104.
(4) البدء والتاريخ، ج4 ص9.(1/300)
أهل الأقاليم هم أصحاب الحضارة
يقول المقدسي " وأما الذين يسكنون خارج الأقاليم فإنهم أناس لا يفهمون ولا يعلمون شيئاً عن الصناعات والعلامات...." (1)
مقومات بناء المدن
يقول المقدسي " واعلم أن المدن تبنى على ثلاثة أشياء، على: الماء، والكلأ، والحطب. فإذا فقدت واحدة من هذه الثلاثة لم تبق"(2)
لا دنيا بلا أعداء
يقول المقدسي " واعلم أن لكل قوم عدواً يحاذرونهم..." (3) ويلاحظ على تلك الآراء الحضارية القيمة أثر الثقافة العلمية الرصينة والمتعددة للمقدسي، متزامنة مع تجربته وخبرته الكبيرة في التعامل مع صنوف الشعوب والأمم عبر رحلاته الواسعة. كما تبرز عند المقدسي تلك النظرة التأملية للعالم، ومدى تمتعه بعقلية الفيلسوف.
تقييم منهج المقدسي
لعل من نافلة القول التذكير بأن النقص ووجود الأخطاء هو الأصل في أي عمل بشري، وأن العمل الجيد لا تنقص درجته بوجود تعقبات عليه. والمقدسي قدم لنا مصدراً رائعاً ورائداً في التاريخ الإسلامي، وكانت له بصمات واضحات في أغلب نواحي الكتابة التاريخية يستحق عليها الإشادة والثناء. وإذا أردنا تقييم هذا العمل علينا الالتفات إلى أمر هام وأساسي، وهو: أن من الخطأ تقييم مؤلف كتب في القرن الرابع الهجري بقواعد وضعت بعده بعدة قرون. حيث يرى الباحث أن تطبيق قواعد النقد الحديث على المؤلفات التاريخية القديمة فيه نوع إجحاف ومجافاة للعدالة. لذا حاولت في هذا التقييم الاستناد على القواعد التي كانت سائدة في عصر المقدسي والتي كان يجب عليه الالتزام بها.وكذلك تلك الأسس والشروط التي أخذها المقدسي على نفسه ثم لم يعمل بها في بعض الأحيان. وقبل ذلك: يجدر التنبيه على أنه قد مر ذكر بعض المآثر والمآخذ عبر صفحات البحث فلا داعي لتكرارها لكن لا مانع من ذكرها ملخصة.
مآثر المقدسي
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص54.
(2) المرجع السابق، ج4 ص102.
(3) المرجع السابق، ج4 ص91.(1/301)
يعد أهم المآثر أنه أتحفنا بكتاب شامل ورائد في التاريخ الإسلامي، يعكس مدى ما اتسم به علماء الإسلام من ثقافة متنوعة وفكر مستنير أهلا المقدسي لان ينظر إلى كتابه كأنه يلخص الكون وما فيه من مادة وعلوم. ويقف البدء والتاريخ في الصفوف الأولى لمصادرنا التاريخية التي تعتد بها أمتنا خاصة مع ما يشتمل عليه من ميزات هامة – قد مر تفصيلها في الفصل الثاني – ومنها ثراؤه بالمعلومات والمصادر، وموسوعية العلوم والمعارف وتنوع الاتجاهات التاريخية. كما ربط بين بداية الكون ونهايته، وبين الفلسفة والتاريخ كخطوة رائدة كانت تحتاج إلى من يتم بناءها. وكان للروح الإسلامية والعاطفة الدينية أثر كبير في منهجية المقدسي جعل القارئ يحس في بعض مواضع الكتاب كأنه كائن حي وليس حبراً على ورق، خاصة وهو ينافح عن نصوص الشرع ضد أفكار الباطنية وأمثالهم. ويحسب للمقدسي في مصادره ثراؤها وتنوع طرقها، وتعدد مشاربها الثقافية، وحسن اختياره لها- غالباً – لتكون أقرب للحدث زماناً وتخصصاً مع حرصه – غالباً – أن يذكر مصدره ولو إبهاماً. كما ساهم بقدر لا بأس به من نقدها. وتميزت لغة المقدسي وأسلوبه بالوضوح واليسر، مع حسن تواضعه عند ذكر الله تعالى وحسن أدبه مع أولي الفضل. وساهم في حسن عرضه بعده عن الطريقة الإسنادية، وإبداعه في طريقة بدء وختم مسائل كتابه وعمله على مخاطبة القارئ وتنبيهه كلما أمكن. ومع ثراء الكتاب بالمعلومات وبناءه على الاختصار فقد جعل المقدسي القارئ أمام وجبة دسمة من المعارف المتنوعة خاصة التاريخية والفلسفية. ثم جاءت المادة الأدبية المتناثرة في كافة موضوعات الكتاب لتعطي جمالاً بديعاً وترفيهاً ممتعاً لذهن القارئ.(1/302)
ومن مآثر المقدسي في عرض مادته أيضاً: تلك المعلومات التاريخية التي نبه القارئ إلى تواصل وجودها إلى اليوم والتي تزيد القارئ يقيناً بصدق المعلومة. وكذلك تتبع المقدسي للأوائل جعل المعلومة التاريخية تزداد أهمية وتشويقاً في نفس القارئ. وتميز المقدسي أيضاً بربطه الجيد بين الزمان والمكان عبر اهتمامه بعلم الجغرافيا، فقد أثرت رحلاته تأثيراً إيجابياً أفاد معلومات نادرة وقيمة عن عادات الشعوب وثقافتهم مما أعطى للكتاب قيمة حضارية جيدة. وتميز أيضاً بحسن اختيار تراجمه – على قلتها واختصارها –، وكذلك الاهتمام بالجانب العقدي لدى الشعوب والفرق. ومن مآثره الهامة: الاعتناء بنقد المصادر والأخبار مع تميزه بالموضوعية إلى حد بعيد، وذلك لأن نقده جاء عبر أسس جيدة معتبرة. ومن أهم مميزات ومآثر المقدسي عدم ظهور ميله لفكر أو طائفة بعينها في توجيهه وتفسيره للأحداث.
المآخذ التي سبق بيانها
هي لعنه لمعاوية بن أبي سفيان وأمه هند بنت عتبة. وعدم ترتيبه فصول وموضوعات الكتاب الترتيب الأمثل، مع الاستطراد في المسائل والمناقشات الكلامية. واختصار أحداث عصره اختصاراً مخلاً، مع إهماله لتاريخ المغرب والأندلس.
وهاك بعض المآخذ الأخرى على وجه التفصيل والتدليل:-
1. وقوعه في أخطاء تاريخية واضحة(1/303)
وهذه قليلة عند المقدسي لكن بعضها كان مؤثراً لتعلقه بالنبي صلي الله عليه وسلم فمنها قوله " ذكر إظهار الدعوة إلى الإسلام قالوا فجهر رسول الله صلي الله عليه وسلم بدينه، ودعا الخلق إليه، وأبدى الصفحة لهم، فلم يعد عليه قومه، ولا عابوا عليه رأيه؛ لما عرفوه من صدق الحديث، وحسن الجوار، وتحرى الخير، والتواضع للخلق، وكمال العقل والشرف، وعلو البيت وطهارة النسب، حتى سب آلهتهم، وسفه أحلامهم، وضلل آراءهم، ونقض دينهم، فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه..."(1) فهنا المقدسي كأنه يقرر أن النبي هو الذي بدأ قريشاً بالعداوة و.. وهذا خطأ بلا شك، فإن قريشاً ناصبو النبي صلى الله عليه وسلم العداء من أول يوم جهر به بالدعوة، والرواية الصحيحة المشهورة تشهد لذلك حين صعد النبي صلى الله عليه وسلم جبل الصفا، ونادى على بطون قريش فلما اجتمعوا عنده قال " أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ قالوا ما جربنا عليك كذباً قط. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. قال أبو لهب: تباً لك ما جمعتنا إلا لهذا.."(2) فقد ابتدأت المعارضة القرشية من أول يوم على لسان أبي لهب.
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص147.
(2) متفق عليه. انظر: البخاري، الصحيح، كتاب التفسير، حديث رقم 4770ص 929، مسلم، الصحيح، كتاب الإيمان، حديث رقم 208ص 114.(1/304)
ومن الأخطاء الواضحة عند المقدسي أيضاً: ما ذكره في ترجمة الصحابي الجليل عثمان ابن مظعون- رضي الله عنه- قائلاً " عثمان بن مظعون، من بني جمح، يكنى أبا السائب، قديم الإسلام، وهو الذي افتتح الأُبُلَّة (1) في خلافة عمر بن الخطاب، واختط البصرة، وأسس مسجدها "(2) وهذا خطأ بلا شك، حيث إن عثمان – رضي الله عنه – توفي بعد شهوده بدراً في السنة الثانية من الهجرة، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين، وأول من دفن بالبقيع منهم. (3) أما الذي فتح الأُبُلَّة فهو الصحابي عتبة بن غزوان المازني( ت 20هـ641م) (4) وربما جاء التباس الأمر عند المقدسي تشابه حياة الرجلين في بعض فصولها: فكلاهما قديم الإسلام، وهاجرا إلى الحبشة، ثم المدينة. والغريب أن المقدسي قد ذكر قبل ذلك موت عثمان بن مظعون في موضعين، قال في الأول " ولما دفن عثمان بن مظعون، وهو أول من دفن بالمدينة "(5) وقال في الثاني " ودفن - أي إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم- عند عثمان بن مظعون "(6)
2. سوء اختياره بعض الألفاظ
__________
(1) الأُبُلَّة: بلدة على شاطئ دجلة في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة انظر: ياقوت، معجم البلدان،ج1ص 77.
(2) البدء والتاريخ، ج5 ص103.
(3) ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، ج4 ص381-382.
(4) البلاذري، فتوح البلدان، ص462. ( وانظر ترجمة عتبة بن غزوان : ابن حجر، الإصابة، ج4 ص364.)
(5) البدء والتاريخ، ج1 ص107.
(6) المرجع السابق، ج5 ص17.(1/305)
وهذا قليل عند المقدسي لكنه جاء في مواضع تحتاج إلى كثير من الدقة التحري لحساسيتها.فمن ذلك قوله عن النبي – صلي الله عليه وسلم – وموقف قريش من دعوته أنه صلي الله عليه وسلم " سب آلهتهم "(1) فهذا التعبير سيء بلا شك فالنبي صلي الله عليه وسلم لم يكن ليسب شيئاً، فصفة السب مذمومة على كل حال، والكفار هم الذين أشاعوا أنه يسب آلهتهم. نعم النبي صلي الله عليه وسلم عاب عليهم عبادتهم لتلك الأصنام وبين لهم ما ورد في القرآن الكريم من أنها لا تضر ولا تنفع، وهذا هو ما اعتبروه سباً لها.
3. ذكر غرائب ولم يعلق عليها
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص147.(1/306)
مثل قوله عن رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ولدت لعثمان بن عفان رضي الله عنه غلاماً اسمه عبد الله وبلغ ست سنين فنقره ديك في عينه فمات.(1) فليس من العادة الموت بمثل هذا السبب. ومثل قصة البراء بن مالك في الحرب مع مسيلمة " وكان البراء بن مالك إذا حضرت الحرب أخذته العرواء - رعدة - حتى يقعد عليه الرجال فإذا رقد وبال..... ثار كالأسد...." (2) وقال في صفة دانيال " كان طول أنفه ذراعاً، وقام رجل يقاومه فكانت ركبته محاذية رأسه "(3) وقال عن سبب تسمية شقائق النعمان بهذا الاسم إن النعمان بن مقرن رضي الله عنه لما قتل في نهاوند نبتت شقائق على قبره فسميت شقائق النعمان " (4) وذكر عن هارون الرشيد أنه " أمر بعباسة فحُطت في صندوق، ودفنت في بئر وهي حية، وأمر بابنيها كأنهما لؤلؤتان، فأحضرا فنظر إليهما مليا، وشاور نفسه، وبكى ثم رمى بهما البئر وطمها عليهم "(5)
4. اعتماده روايات موضوعة
__________
(1) المرجع السابق، ج5 ص17. ابن حجر، الإصابة، ج8 ص138.
(2) المرجع السابق، ج5 ص162. وانظر أيضاً ج5 ص107.
(3) المرجع السابق، ج5 ص188.
(4) المرجع السابق، ج5 ص103. ولم أجد ما قاله المقدسي في ترجمة النعمان بن مقرن بل الثابت في المصادر أنها سميت بشقائق النعمان نسبة إلى النعمان بن المنذر. انظر: الفيروزابادي، القاموس المحيط، ص898. ابن حجر، الإصابة، ج6 ص357.
(5) البدء والتاريخ،ج6 ص105.(وعباسة أخت الرشيد التي قيل إنه زوجها جعفر بن يحيى البرمكي على ألا يمسها، لكنه لم يفعل فحملت وولدت، ففعل بهم الرشيد ما فعل إبان فتنة البرامكة.انظر: المرجع السابق، ج6 ص 104 - 105)(1/307)
ومن ذلك قصة الغرانيق حيث قال " قالوا وتلا رسول الله – صلي الله عليه وسلم – سورة النجم فألقى الشيطان في أمنيته تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى، فسجد المشركون وسروا بذلك...." (1) وهذه قصة باطلة سنداً ومتناً، إذ كيف يتصور أن يقول النبي صلي الله عليه وسلم هذه الكلمات وكأنها من القرآن الكريم. (2)
5. الاكتفاء بالإشارة لضعف بعض الروايات الساقطة
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص149.
(2) انظر في بطلان هذه القصة: الألباني، نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق، بيروت، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1417هـ 1996م، ص10 – 70.(1/308)
أورد المقدسي بعض الروايات الموضوعة والمنكرة سنداً ومتناً، واكتفى بالإشارة لضعفها، ولأن هذه الروايات تتعلق بأمور من أصول ديننا يرى الباحث أن المقدسي قد قصر في نقده لتلك الروايات، ومن ذلك: قول المقدسي أثناء غزوة حنين 8هـ " ويُقال إنه- أي النبي صلي الله عليه وسلم – لما نظر إلى كثرة من معه قال: لن نغلب اليوم من قلة.." (1) فبرغم تصديره الرواية بـ " يُقال " إلا أن هذا ليس كافياً، فالرواية تصطدم مع الأخلاق النبوية من: التواضع، وحسن الافتقار إلى الله، والتوكل عليه، " ومقام النبوة أعلى وأرفع من أن يتصور وقوع مثل هذا منه – صلي الله عليه وسلم "(2) والصحيح الوارد عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول في غزوة حنين " اللهم بك أحاول وبك أصاول، وبك أقاتل "(3) ولا يشفع للمقدسي ذكر ابن إسحاق لهذه الرواية، لأن ابن إسحاق لم يروها بإسناد متصل إنما قال "وحدثني بعض أهل مكة..." (4) قال المقدسي عن بعض الفرق " يجيزون خروج أنبياء بعد نبينا صلي الله عليه وسلم لأنه روى لا نبي بعدي إلا ما شاء الله " (5) فكلمة " إلا ما شاء الله " موضوعة وباطلة سنداً ومتناً.(6)
__________
(1) البدء والتاريخ، ج4 ص236.
(2) إبراهيم قريبي، مرويات غزوة حنين وحصار الطائف، المدينة المنورة، الطبعة الثانية، 1424هـ، ج1 ص229.
(3) رواه أحمد والدارمي والطبري. انظر: إبراهيم قريبي، المرجع السابق، ج1ص 227.
(4) ابن هشام، السيرة النبوية، ج2 ص 304.
(5) البدء والتاريخ، ج5 ص149.
(6) فقد زادها محمد بن سعيد المصلوب، وهو زنديق وضاع للأحاديث المكذوبة، وقتله أبو جعفر المنصور لذلك. انظر: ابن الجوزي، الموضوعات، ج2 ص7.(1/309)
وتناقض ما جاء في النصوص الصريحة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة عن ختم النبوة والرسالة بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة. ومع ذلك لم يعلق المقدسي على هذا القول الباطل، وذاك الحديث الموضوع مكتفياً بـ " رُوى " ويرى الباحث أن هذا تقصير في النقد من المقدسي.
6. إشارته بتضعيف روايات وهي صحيحة مشهورة(1/310)
حيث صدر المقدسي بعض الروايات بـ " رُوى "، أو " زعموا "، أو نحوهما وهي روايات صحيحة مشهورة في كتب السنة، ومن ذلك: قوله في قصة مقتل الحسين رضي الله عنه " فزعموا أنه – أي عبيد الله بن زياد - وضع رأس الحسين في طست، وجعل ينكت في وجهه بقضيب...." (1) وقال عن جريج الناسك "زعموا أنه كان زاهداً مترهباً.....القصة " (2) وقال " ورووا أن النار اشتكت فقالت: أكل بعضي بعضا فأذن لها في نفسين: نفس في الصيف، ونفس في الشتاء....." (3) وقال " ورُوى أن الميت إذا حمل إلى حفرته فإن كان صالحاً قال عجلوا بي عجلوا بي، وإن كان غير ذلك قال لا تعجلوا بي فإنكم لا تدرون على ما تقدمون بي "(4)
ولقد وقع المقدسي في هذه الأخطاء بسبب أنه لم يتخذ من كتب السنة المشهورة مصادر له إنما أخذ من حيث أخذ أصحابها مع أنهم: أكثر جمعاً، وأغزر علماً،وأدق اختياراً ونقداً.(5)
7. عدم توفيقه في اختيار بعض المصادر
__________
(1) البدء والتاريخ، ج6 ص 11.( والحديث رواه البخاري. انظر: الصحيح، كتاب المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، حديث رقم3748، ص715.)
(2) المرجع السابق، ج3 ص135. ( وقصة جريج قد رواها البخاري ومسلم وغيرهما. انظر:البخاري، الصحيح، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (48)، حديث رقم3436، ص662.مسلم، الصحيح، كتاب البر والصلة، باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها، حديث رقم2550، ص1030.)
(3) المرجع السابق، ج1 ص195.( والحديث رواه البخاري ومسلم.انظر: البخاري، الصحيح، كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر، حديث رقم537، ص122. مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، حديث رقم 617ص245.)
(4) البدء والتاريخ، ج2 ص120. والحديث رواه البخاري. انظر: البخاري، الصحيح، كتاب الجنائز، باب قول الميت وهو على الجنازة قدموني، حديث رقم1316، ص256.
(5) انظر فصل مصادر المقدسي ص173.(1/311)
قد ذكرنا قبل ذلك أن مصادر المقدسي في التفسير، والحديث، لم يكن أغلبها من المصادر المشهورة كالصحيحين مثلاً، إنما استقى معظم مروياته عمن سبقوها. وبرغم ما في ذلك من علو لسند المصادر لكن تتبقى منقبة وفضل لأصحاب الكتب السنة المشهورة، وهي أنهم – خاصة البخاري ومسلم – كانوا أكثر اطلاعاً على المرويات، وأحسن انتقاءً لها أكثر من غيرهم. فإن أغلب جهود المحدثين قبل هذا الجيل كانت منصبة على الجمع فقط. إذن المقدسي قد فوت على نفسه فرصة الاستفادة من تلك الكتب المحررة المنتقاة، وبالتالي وقع في بعض السلبيات، منها ذكره لبعض الروايات الصحيحة عن مصادر منتقدة، عنده أو عند غيره. ومن ذلك نقله قصة المقعد، والمجذوم، والأعمى عن وهب، وصدرها بقوله " زعم وهب......" (1) وهذه القصة مروية في الصحيحين بغير لفظ المقدسي. (2) وكذلك نقل روايات ابن إسحاق والواقدي في الإسراء والمعراج،(3) وكان أولى به أن ينقل روايات البخاري ومسلم لكونهما أصح سنداً.(4) ومثل قصة أصحاب الأخدود فقد نقلها عن ابن إسحاق، (5) وهي في صحيح مسلم لكن بلفظ مختلف. (6)
8. تركه الأخذ بالقرآن كمصدر لبعض القصص القرآني
__________
(1) البدء والتاريخ، ج3 ص136.
(2) البخاري، الصحيح، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (51)، حديث رقم3464، ص666، مسلم، الصحيح، كتاب الزهد والرقائق، حديث رقم 2964، ص1189.
(3) البدء والتاريخ، ج4 ص159-161.
(4) البخاري، الصحيح، كتاب المناقب، باب الإسراء وباب المعراج، أحاديث 3886 - 3888، ص736- 738.مسلم، الصحيح، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله، أحاديث رقم 162- 168، ص90 – 94..
(5) مسلم، الصحيح، كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود، حديث رقم 3005، ص1202.
(6) البدء والتاريخ، ج3 ص182- 183.(1/312)
والحق أن هذا ربما لم يحدث منه إلا مرة واحدة أثناء تناوله لقصة أصحاب الكهف، حيث لم يستشهد بآيات القرآن فيها برغم شهرتها في القرآن وتسمية السورة بالكهف. (1)
9. تناقض المقدسي مع نفسه
جاء ذلك في بعض آرائه، وبعض معلوماته، فأما التناقض في المعلومات فقد سبق بيانه في قصة عثمان بن مظعون.
وأما التناقض في الآراء: فإن المقدسي قد أشبع يزيد بن معاوية سباً ولعناً، وذلك بالطبع لأنه المسئول عن قتل الحسين بن علي – رضي الله عنهما – ومع ذلك يقول في قصة مقتل الحسين " واعلم أن للروافض في هذه القصة من الزيادات والتهاويل شيئاً غير قليل، وفي مقدار ما بيناه سقط كثير؛ لأن من الناس من ينكر أن يزيد أمر بقتله، أو رضي به، والله أعلم بذلك "(2) فإذا كان المقدسي يقر بتهاويل الشيعة، ويقر أيضاً بوجود من يقول إن يزيداً لم يأمر بقتل الحسين رضي الله عنه وهو لم ينتقد هذا القول كما انتقد أقوال الرافضة..... فكان أولى بالمقدسي ألا يتخذ ذلك الموقف المتشدد من يزيد خاصة أنه لم يكذب قول من برأ ساحته من دم الحسين رضي الله عنه.
10. خطؤه أحياناً في محاولة التوفيق بين الأقوال والروايات
__________
(1) المرجع السابق، ج3 ص128.
(2) البدء والتاريخ، ج6 ص13.(1/313)
سعة صدر المقدسي لجميع الأقوال ومحاولته التوفيق بين الآراء المختلفة جعله أحياناً يحيد عن الجادة في بعض المسائل ليأخذ رأياً وسطاً يكون أقرب إلى القولين، وذلك مثل: اختياره أن الإسراء والمعراج بالروح فقط (1) وليس بالروح والجسد مع أن دلائل الكتاب والسنة وقول أكثر العلماء أنه كان بالروح والجسد. محاولته التوفيق بين رأي أهل الإسلام وأهل الكتاب في خلق الملائكة (2) حيث جاء توفيقه مقابلاً لنص واضح صحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول فيه " خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم"(3)
الخاتمة
- شهد القرن الرابع الهجري تمزقاً سياسياً، بسبب ضعف الخلافة العباسية، وكثرة النزاعات بين الدول المستقلة. إلا أن هذا التفرق السياسي لم يؤثر على الحياة الثقافية والعلمية، حيث يعد هذا القرن العصر الذهبي لعامة العلوم والفنون حيث توافرت عدة عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية وعلمية نهضت بالحياة العلمية.
- يعد علم التاريخ من أهم العلوم التي تطورت في هذا العصر حيث تضاعفت أعداد المؤرخين، وتعددت اتجاهاتهم، وتنوعت أعمالهم التاريخية لتشمل أغلب النواحي الدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.
- لم يكن تأثير الحياة السياسية والثقافية بعيداً عن المقدسي، فأما سياسياً فلم يستطع إعلانه اسم سيده الذي أمره بتأليف كتاب البدء والتاريخ، وأما ثقافياً فلقد تميز كغالب أعلام العصر بموسوعية ثقافية وانفتاح فكري مع تأصيل علمي راسخ.
- أثبت البحث صحة نسبة المقدسي، وأن الأرجح في اسمه هو المطهر – بفتح الهاء - بن طاهر، بينما لم تترجح كنية " أبي نصر " للمقدسي.
__________
(1) المرجع السابق، ج4 ص162. وقد مر رأي المقدسي ص338.
(2) المرجع السابق، ج4 ص169.
(3) مسلم، الصحيح، كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة، حديث رقم 2996، ص1199.(1/314)
- أثبت البحث أيضاً: أن موطن المقدسي كان بسجستان ولا يبعد أن يكون ببست. بينما استبعد البحث استيطان المقدسي للقدس.
- رجح البحث أن ميلاد المقدسي في بداية القرن الرابع الهجري وكانت وفاته بعد سنة 390هـ. وأنه ربما عمر حتى سن التسعين – رحمه الله -.
- أكد البحث على عدم وجود أية علاقة بين المقدسي وإخوان الصفا. وأثبت عدم صحة ما ادعاه بعض الباحثين في ذلك.
- تميز المقدسي بأنه رحالة كبير جاب أغلب حواضر العالم لاسيما العالم الإسلامي، واتضح تأثره بمنهج الجغرافيين في الترحال والوصف.
- كما تميز في رحلاته أيضاً: بحرصه على الاستفادة من كل من لاقاه سواء أكان عالماً أم شاعراً أم غير ذلك، مما أفاده في تنوع ثقافاته.
- تعددت مؤلفات المقدسي وتنوعت بين فروع العلم لكن أغلبها لم يصل إلينا وكان لكتاب البدء والتاريخ ومنهجية المقدسي في كتابه أثر واضح في تأليف عدد منها.
- لم يؤثر فكر المقدسي الفلسفي على سلامة اعتقاده، حيث أظهر شدة حرصه على العمل بنصوص الكتاب والسنة.
- تمتع المقدسي بشخصية متواضعة، وروح إسلامية غيورة على الدين، مع شغف بالبحث والتنقيب. كما تمتع بثقافة متنوعة وفهم لأهم القضايا التربوية والتعليمية.
- أثبت البحث بما لا يدع مجالاً للشك أن المقدسي هو الذي ألف كتاب البدء والتاريخ وليس البلخي، وأنه ألفه سنة 355هـ وزاد عليه بعض المعلومات حتى سنة 390هـ.
- التقت رغبة المقدسي في تأليف للكتاب مع رغبة سيده ليكون جامعاً للفنون خالياً من الخرافات، راداً على شبهات الزائغين من الباطنية وغيرهم.
- مع تعدد مخطوطات الكتاب لم يطبع إلا على نسخة واحدة فقط؛ لذلك كانت طبعة غير جيدة، فالكتاب بحاجة إلى نشره محققاً على كافة مخطوطاته مع توثيق نصوصه، وتخريج أحاديثه وآثاره.
- يتميز كتاب البدء والتاريخ بكثرة مصادره، ووفرة معلوماته وتنوعها بين العلوم خاصة الفلسفية والتاريخية والدينية، والأدبية.(1/315)
- جاء كتاب البدء والتاريخ رائداً في الربط بين التاريخ والفلسفة، وكذلك الربط بين بداية الخلق ونهايته حين خصص المقدسي فصلاً لأحداث الساعة وأشراطها.
- اعتمد المقدسي على مجموعات متنوعة من المصادر، شملت كثيراً من العلوم خاصة الفلسفة، والحديث، والتاريخ. وتعددت طرقه في النقل منها بين الأخذ المباشر منها أو غير المباشر، وبين النقل الحرفي وغيره من طرق النقل وإن كان غالب عمله عدم النقل الحرفي.
- تميز المقدسي بذكر مصادره غالباً، وجاء أكثرها مقروناً بالخبر مباشرةً.
- اتسمت لغة المقدسي وأسلوبه في عرض مادته بالوضوح واليسر مع حسن استهلاله
- لموضوعاته، وكذلك ختمها، وزين ُجُمَله بكثير من الجمل الدعائية. كما أضفى على كتابه متعة بتضمينه مادةً أدبيةً رائعةً.
- لم يحد المقدسي عن سبيل الاختصار إلا في تناوله لبعض المناقشات الفلسفية في الفصول الأولى من كتابه.
- نوّع المقدسي في طرق تأريخه لبعض الأحداث، واهتم في عرض مادته بذكر الأوائل، والغرائب، والربط بين الأحداث المتشابهة.
- تعددت اتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي لتشمل أهم فروع علم التاريخ، وبدا تميزه في الجانب الحضاري خاصة الديني والمذهبي منه.
- تمتع المقدسي بملكه نقدية جيدة ظهرت في نقد كثير من المصادر، والروايات، والأقوال، على أسس منهجية معتبرة استفد فيها من مناهج المحدثين والفلاسفة.
- وامتد نقده أيضاً إلى بعض الديانات والطوائف والأشخاص.
- لم يكن المقدسي مجرد سارد للأخبار إنما كان مؤرخاً صاحب رؤية وفكر حاول من خلاله ربط التاريخ بالفلسفة في تجربة لم يكتمل نجاحها لانعدام من يكملها، لكن كفى بالمقدسي فضلاً ريادته ورغبته المخلصة في تحقيق ذلك.
- اجتمعت للمقدسي مآثر كثيرة وعليه بعض المآخذ التي يرجع أغلبها إلى عدم مضيه على قواعد قد وضع بعضها بنفسه.(1/316)
- وخلاصة تقييم المقدسي أنه مؤرخ وفيلسوف موسوعي، وصاحب فكر رائد وعاطفة محمودة. لكن لم يكن بوسعه تطبيق ما كان يطمح إليه.
المصادر والمراجع
القرآن الكريم
أولاً: المصادر العربية المطبوعة
? ابن الأثير: عز الدين أبو الحسن علي بن محمد الجزري (ت630 هـ)
1. أسد الغابة في معرفة الصحابة بيروت، دار الكتب العلمية.
تحقيق : علي محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود.
2. الكامل في التاريخ بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1407هـ 1987م، تحقيق: أبو الفداء عبد الله القاضي ومحمد يوسف الدقاق.
? ابن إسحاق: محمد بن إسحاق بن يسار(ت151هـ)
3. سيرة ابن إسحاق المسماة بكتاب المبتدأ والمبعث والمغازي
طبع معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، تحقيق: محمد حميد الله
? الاصطخري: أبو إسحاق إبراهيم بن محمد(ت ق 4)
4. المسالك والممالك القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، مايو 2004، تحقيق: محمد جابر عبد العال الحسيني.
? ابن أبي أصيبعة: موفق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم (ت 667 هـ)
5. عيون الأنباء في طبقات الأطباء بيروت، مكتبة الحياة، تحقيق: نزار رضا.
? ابن الأنباري: أبو البركات عبد الرحمن بن محمد ( ت 577هـ )
6. نزهة الألباء في طبقات الأدباء، القاهرة، دار الفكر العربي، 1408هـ 1988م، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.
? البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل (ت256هـ)
7. صحيح البخاري: الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه. الرياض، بيت الأفكار الدولية، 1419هـ 1998م.
? برهان الدين الحلبي: أبو الوفاء إبراهيم بن محمد (ت841هـ)
8. الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث بيروت، عالم الكتب، الطبقة الأولي، 1407هـ 1987م، تحقيق: صبحي السامرائي.
? ابن بسام: أبو الحسن علي بن محمد بن بسام الشنتريني (ت 542هـ )
9. الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، بيروت، دار الثقافة، 1417هـ 1997م، تحقيق: إحسان عباس.(1/317)
? البغدادي: عبد القادر بن عمر (ت1093هـ)
10. خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب
القاهرة، مكتبة الخانجي، الطبعة الرابعة، 1418هـ 1997م
? البلاذري: أبو الحسن أحمد بن يحيي بن جابر (ت279هـ).
11. فتوح البلدان بيروت، دار اقرأ، الطبعة الأولى، 1412هـ 1992م
? البلخي: أبو زيد أحمد بن سهل (ت 322هـ)
12. البدء والتاريخ
بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1417هـ 1997م
? البيهقي: أبو بكر أحمد بن الحسين (ت458هـ)
13. السنن الكبرى حيد أباد الدكن بالهند، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الطبعة الأولى، سنة 1356هـ.
? الترمذي: محمد بن عيسى بن سورة (ت279هـ)
14. السنن، الرياض، مكتبة المعارف.
? ابن تغري بردي: جمال الدين أبو المحاسن يوسف الأتباكي (ت874هـ).
15. النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
القاهرة، دار الكتب المصرية، تحقيق: إبراهيم علي طرخان.
? الثعالبي: أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل (ت429هـ)
16. غرر أخبار ملوك الفرس وسيرهم
طهران، مكتبة الأسدي، 1963م، طبعة مصورة عن طبعة باريس، تحقيق: زتنبرج.
? الجمحي: محمد بن سلام (ت231هـ)
17. طبقات فحول الشعراء
القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، شرحه: محمود محمد شاكر
? ابن الجوزي: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد (ت597هـ)
18. الموضوعات من الأحاديث المرفوعات
الرياض، مكتبة أضواء السلف، الطبعة الأولى، 1418 هـ 1997م
19. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1412هـ 1992م تحقيق: محمد ومصطفى عبد القادر عطا.
? الحاكم: محمد بن عبد الله بن حمدويه النيسابوري (ت405هـ)
20. المستدرك على الصحيحين
القاهرة، دار الحرمين، الطبعة الأولى، 1417 هـ، 1997م
? ابن حبان: أبو حاتم محمد بن حبان البستي (ت354هـ)
21. الثقات حيدرأباد الدكن بالهند، الطبعة الأولى، 1393هـ 1973م
? ابن حجر: شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن حجر العسقلاني (ت852هـ)(1/318)
22. الإصابة في تمييز الصحابة
بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ 1995م
23. تقريب التهذيب، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الثانية، 1417هـ 1997م، تحقيق: خليل مأمون شيحا.
24. لسان الميزان مكتبة المطبوعات الإسلامية، اعتنى به: عبد الفتاح أبو غدة
? ابن حنبل: أحمد بن محمد حنبل الشيباني (ت214هـ)
25. المسند، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1416 هـ 1995م، تحقيق: شعيب الأناؤوط وعادل مرشد.
? أبو حيان: علي بن محمد بن العباس التوحيدي (ت414هـ).
26. الإمتاع والمؤانسة، القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة
شرح: أحمد أمين وأحمد الزين.
? ابن خرداذبه: أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الخراساني(ت300هـ)
27. المسالك والممالك بيروت، دار صادر، طبعة مصورة عن مطبعة بريل، 1889م ومطبوع معه كتاب الخراج وصناعة الكتابة لقدامة بن جعفر.
? الخطيب البغدادي: أبو بكر أحمد بن على بن ثابت (ت463هـ).
28. تاريخ بغداد
بيروت، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1422 هـ 2001م
? ابن خلدون: عبد الرحمن بن محمد (ت808هـ)
29. كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر
بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1413 هـ 1992م.
30. المقدمة، بيروت، مكتبة لبنان، عن طبعة باريس 1858م.
? ابن خلكان: أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد (ت681هـ)
31. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان
بيروت، دار صادر، تحقيق: إحسان عباس
? خليفة: خليفة بن خياط العصفري (ت 240هـ)
32. كتاب الطبقات، الرياض، دار طيبة، الطبعة الثانية، 1402هـ 1982م، تحقيق: أكرم ضياء العمري.
? الداودي: محمد بن علي بن أحمد (ت945هـ)
33. طبقات المفسرين القاهرة، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى، ربيع أول1393 هـ ابريل 1972م تحقيق: علي محمد عمر.
? الذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (ت748هـ)(1/319)
34. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية، 1410 هـ 1990م، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري
35. تذكرة الحفاظ، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
36. سير أعلام النبلاء بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الحادية عشرة، 1422هـ 2001م، تحقيق: بشار معروف عواد، وآخرون.
37. معرفة القراء الكبار علي الطبقات والأعصار
بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1417 هـ 1997م
? الروحي: أبو الحسن على بن محمد بن أبى السرور (ت 576هـ)
38. بلغة الظرفاء في تاريخ الخلفاء
القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1424 هـ2003م
? السخاوي: شمس الدين محمد بن عبد الرحمن (ت 902هـ)
39. الإعلان بالتوبيخ عن ذم التاريخ
القاهرة، مكتبة ابن سينا، تحقيق: محمد عثمان الخشت.
? ابن سعد: محمد بن منيع الهاشمي (ت 231هـ)
40. الطبقات الكبرى القاهرة، مكتبة الخانجي، الطبعة الأولى،1421هـ 2001م
? السلمي: أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي (ت 412هـ)
41. طبقات الصوفية
القاهرة، دار الشعب، الطبعة الثانية، 1419هـ 1998م
? السمعاني: أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور (ت 562هـ)
42. الأنساب بيروت، دار الجنان، الطبعة الأولى، 1408 هـ 1988م
? ابن سيد الناس: محمد بن عبد الله بن يحيى (ت 743هـ)
43. عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير القاهرة، دار الحياة.
? السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن بن أبى بكر (ت911هـ)
44. تاريخ الخلفاء بيروت، دار الجيل، الطبعة الثانية، 1415هـ 1994م
? الشهرستاني: أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم (ت 548هـ)
45. الملل والنحل بيروت، دار صعب ودار الجيل، 1406 هـ 1986م
? الشيزري: عبد الرحمن بن نصر (ت 589هـ)
46. نهاية الرتبة في طلب الحسبة، القاهرة، طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر، تحقيق: السيد الباز العريني.
? الصفدي: صلاح الدين بن خليل بن أيبك (ت764 هـ)
47. الوافي بالوفيات(1/320)
بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى،1420هـ 2000م.
? الصنعاني: عبد الرازق بن همام ( ت 211 هـ )
48. المصنف
بيروت، المكتب الإسلامي، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي.
? ابن طباطبا: محمد بن على المعروف بابن الطقطقي (ت 701هـ)
49. الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية
بيروت، دار صادر.
? الطبراني: أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي (ت 360 هـ)
50. المعجم الأوسط،القاهرة، دار الحرمين، 1415 هـ 1995م
? الطبري: محمد بن جرير (ت 310هـ)
51. تاريخ الرسل والملوك
القاهرة، دار المعارف، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.
52. تفسير الطبري المسمى جامع البيان عن تأويل آي القرآن
القاهرة، دار هجر، الطبعة الأولى، 1422 هـ 2001م
? الطحاوي: أبو جعفر أحمد بن سلمة الأزدي ( ت 321هـ )
53. شرح مشكل الآثار
بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1415هـ 1994م
? عريب بن سعد القرطبي ( ت 321هـ )
54. صلة تاريخ الطبري القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثالثة.
? ابن عساكر: أبو القاسم على بن الحسن بن هبة الله ( ت 571هـ )
55. تاريخ مدينة دمشق بيروت، دار الفكر، 1415هـ 1995م
? ابن العماد: أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي (ت 1098هـ)
56. شذرات الذهب في أخبار من ذهب دمشق – بيروت، دار ابن كثير، الطبعة الأولى،1416هـ 1986م، تحقيق: محمود الأرناؤوط.
? أبو الفدا: عماد الدين إسماعيل بن علي(ت 732هـ)
57. المختصر في أخبار البشر
بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1417هـ 1997م
? أبو الفرج الأصفهاني: على بن الحسين بن محمد الكاتب (ت 356هـ)
58. مقاتل الطالبيين
القاهرة، الهيئة العامة لقصور الثقافة،تحقيق :السيد أحمد صقر.
? الفيروزابادي: مجد الدين محمد بن يعقوب (ت 817هـ)
59. القاموس المحيط
بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة السادسة،1419هـ 1998م
? ابن قتيبة: أبو محمد عبد الله عبد مسلم (ت 276هـ)
60. الشعر والشعراء(1/321)
بيروت، دار إحياء العلوم،الطبعة الثالثة، 1407هـ 1987م
61. المعارف، القاهرة، دار المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة.
? القفطي: أبو الحسن علي بن القاضي الأشرف (ت646هـ)
62. إخبار العلماء بأخبار الحكماء القاهرة، دار الكتب الخديوية، 1346هـ
? ابن كثير: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي (774هـ)
63. البداية والنهاية
المنصورة، دار ابن رجب، الطبعة الأولى،1425هـ 2005م
? مالك بن أنس الأصبحي (ت 179هـ )
64. الموطأ
أبو ظبي، مؤسسة زايد للأعمال الخيرية، الطبعة الأولى 1425هـ 2004م
? المرزباني: أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى (ت384هـ)
65. معجم الشعراء
القاهرة، الهيئة العلامة لقصور الثقافة، تحقيق عبد الستار أحمد فراج.
? المزي: جمال الدين بن أبي الحجاج يوسف المزي (ت742هـ)
66. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، 1403 هـ 1983م، تحقيق:بشار عواد معروف.
? المسعودي: أبو الحسن علي بن الحسين بن علي (ت346هـ)
67. مروج الذهب ومعادن الجوهر
بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى.
? مسلم: أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري (ت261هـ)
68. صحيح مسلم
بيروت، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، 1419 هـ 1998م
? المقدسي: المطهر بن طاهر (ت بعد 390هـ )
69. البدء والتاريخ
بيروت، دار صادر، مصورة عن طبعة باريس، 1899م
? ابن منظور: محمد بن مكرم (ت711هـ)
70. لسان العرب
القاهرة، دار المعارف.
? ابن النديم: محمد بن إسحاق (ت385هـ)
71. الفهرست، القاهرة، المكتبة التوفيقية.
? النرشخي: أبو بكر محمد بن جعفر (ت348هـ)
72. تاريخ بخارى، القاهرة، دار المعارف، ترجمة: أمين عبد المجيد بدوي ونصر الله مبشر الطرازي.
? أبو نعيم: أحمد بن عبد الله الأصفهاني (ت430هـ).
73. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1409هـ 1988م.
? نعيم بن حماد المروزي الفرضي (ت229هـ).
74. الفتن(1/322)
القاهرة، دار البيان العربي، الطبعة الأولى،1421هـ 2002م
? ابن هشام: عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري (ت 218 هـ)
75. السيرة النبوية
المنصورة، دار ابن رجب، الطبعة الأولى، 1423هـ 2003 م
? ابن الوردي: أبو الفوارس عمر بن مظفر بن عمر ( ت749هـ)
76. خريدة العجائب وفريدة الغرائب، القاهرة، مطبعة شقرون.
? وهب بن منبه (ت 114 هـ)
77. كتاب التيجان في ملوك حمير
صنعاء، مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، الطبعة الأولى، 1347هـ
? ابن أبي الوفاء القرشي: محي الدين أبو محمد عبد القادر(ت775هـ)
78. الجواهر المضية في طبقات الحنفية
القاهرة، دار هجر، الطبعة الثانية، 1413هـ 1993م
? ياقوت: أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي (ت626هـ)
79. معجم البلدان، بيروت، دار صادر،1397هـ 1977م.
80. معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلي معرفة الأديب
بيروت، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1413هـ 1993م
ثانياً: المراجع العربية
? إبراهيم إبراهيم قريبي
81. مرويات غزوة حنين وحصار الطائف
المدينة المنورة، الجامعة الإسلامية، الطبعة الثانية، 1424هـ
? أبو زيد شلبي
82. تاريخ الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي
القاهرة، مكتبة وهبه، الطبعة الثامنة، 1417هـ 1997م.
? أحمد رمضان أحمد
83. تطور علم التاريخ الإسلامي حتى نهاية العصور الوسطى
القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989م
? إسماعيل باشا البغدادي
84. هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين بيروت، دار إحياء التراث العربي طبعة مصورة عن طبعة استانبول 1951م.
? بسام عبد الوهاب الجابي
85. معجم الأعلام بيروت، دار الجابي، الطبعة الأولى 1407هـ 1987م
? ثروت عكاشة
86. مقدمة كتاب المعارف لابن قتيبة
القاهرة، دار المعارف، الطبعة الرابعة.
? جورجي زيدان
87. تاريخ آداب اللغة العربية
القاهرة دار الهلال، مراجعة وتعليق: شوقي ضيف.
? جمال السيد محمد(1/323)
88. علم مقارنة الأديان – النشأة – التطور – المناهج، القاهرة.
? حاجي خليفة
89. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون
بيروت، مؤسسة التاريخ العربي.
? حسن إبراهيم حسن
90. الفاطميون في مصر القاهرة، المطبعة الأميرية، 1932م
? حسن عثمان
91. منهج البحث التاريخي القاهرة، دار المعارف، الطبعة السادسة.
? حسين عطوان
92. سيرة الوليد بن يزيد، القاهرة، دار المعارف
? حسين مؤنس
93. أطلس تاريخ الإسلام القاهرة، الزهراء للإعلام العربي
? حورية عبده سلام
94. دراسات في تاريخ الدول المستقلة في المشرق
القاهرة، دار النهضة العربية.
? خليل عمران المنصور
95. مقدمة كتاب البدء والتاريخ
بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1417هـ 1997م
? خير الدين الزركلي
96. الأعلام بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة التاسعة،1410هـ 1990م
? رأفت الشيخ
97. فلسفة التاريخ
القاهرة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، سنة 1987-1988م
? رشاد بن عباس معتوق
98. الحياة العلمية في العراق خلال العصر البويهي
مكة المكرمة، طبع جامعة أم القرى، 1418هـ 1997م
? رفيق العجم
99. موسوعة مصطلحات علم التاريخ العربي الإسلامي
بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، الطبعة الأولى، 2000م
? سالم أحمد محل
100. المنظور الحضاري في التدوين التاريخي عند العرب
قطر، كتاب الأمة، العدد 60 رجب 1418 هـ
? سركيس: يوسف إليان سركيس
101. معجم المطبوعات العربية والمعربة
القاهرة، 1346هـ 1928م
? السيد عبد العزيز سالم
102. التاريخ والمؤرخون العرب
بيروت، دار النهضة العربية، 1406هـ 1986م.
? سيدة إسماعيل كاشف
103. مصادر التاريخ الإسلامي و مناهج البحث فيه
بيروت، دار الرائد العربي، 1403هـ 1983م،
? شاكر خصباك
104. الجغرافيا عند العرب تونس، دار المعارف.
? شاكر مصطفى
105. التاريخ العربي والمؤرخون
بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الثالثة، 1983م.
? شحادة الناطور وجميل بيضون وآند عودات(1/324)
106. الخلافة الإسلامية حتى القرن الرابع الهجري
الأردن، دار الثقافة دار الأمل، الطبعة الأولى،1410هـ 1990م
? شعبان عبد العزيز خليفة ومحمد عوض العايدي
107. مداخل الأسماء العربية القديمة
القاهرة المكتبة الأكاديمية، الطبعة الأولى، 1415 هـ 1996م
? صائب عبد الحميد
108. علم التاريخ ومناهج المؤرخين
بيروت، دار الغدير، الطبعة الأولى،1421هـ 2001م
? طه ندا
109. دراسات في الشاهنامة، الإسكندرية، دار الطالب.
? عبد الحليم عويس
110. ابن حزم الأندلسي وجهوده في البحث التاريخي والحضاري القاهرة، الزهراء للإعلام العربي،الطبعة الثانية،1409هـ 1988م
111. قضية نسب الفاطميين أمام منهج النقد التاريخي
القاهرة، دار الصحوة، الطبعة الأولى، 1406هـ 1985م
? عبد الحميد العبادي
112. التاريخ عند العرب، ضمن كتاب علم التاريخ لهرنشو
بيروت، دار الحداثة، الطبعة الأولى، 1988م.
? عبد الرحمن حسين العزاوي
113. التاريخ والمؤرخون في العراق بغداد، دار الشئون الثقافية العامة.
? عبد العزيز إبراهيم
114. التاريخ تأريخه وتفسيره وكتابته الخرطوم، الدار السودانية،1999م
? عبد العزيز عزت
115. ابن مسكويه فلسفته الأخلاقية ومصادرها
القاهرة، مصطفي البابي الحلبي، الطبعة الأولى، 1946م
? عبد الله سلوم السامرائي
116. الغلو والفرق الغالية في الحضارة الإسلامية
بغداد، دار واسط.
? عبد الله العروي
117. مفهوم التاريخ،الجزء الأول: الألفاظ والمذاهب
بيروت، المركز الثقافي العربي،الطبعة الثانية، 1992م
? عبد المنعم الحنفي
118. موسوعة الفلسفة والفلاسفة
القاهرة، مكتبة مدبولي، الطبعة الثانية، 1999م.
? عبد المنعم ماجد
119. العصر العباسي الأول
القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الثانية، 1979م.
? علي الرضا قره بلوط وأحمد طوران قره بلوط
120. معجم التاريخ التراث الإسلامي في مكتبات العالم
( المخطوطات والمطبوعات ) تركيا، قيصري، دار العقبة.
? على سامي النشار(1/325)
121. نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام
القاهرة، دار المعارف، الطبعة التاسعة.
? علي الشابي
122. الأدب الفارسي في العصر الغزنوي تونس، دار النشر.
? عماد الدين خليل
123. دراسة في السيرة
بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الخامسة عشرة، 1418هـ 1997م.
? عمر رضا كحاله
124. معجم المؤلفين بيروت، مؤسسة الرسالة،الطبقة الأولى،1414هـ 1993م
? فاروق حمادة
125. مصادر السيرة النبوية وتقويمها
الدار البيضاء، دار الثقافة، الطبعة الأولى،1980م
? فؤاد معصوم
126. إخوان الصفا فلسفتهم وغاياتهم
دمشق، دار المدى، الطبعة الأولى، 1998م
? كامل مصطفي الشيبي
127. الصلة بين التصوف والتشيع، بيروت، دار الأندلس، 1982م
? ليلى الصباغ
128. دراسة في منهجية البحث التاريخي
جامعة دمشق، الطبقة الثامنة، 1999م
? محمد أبو زهرة
129. تاريخ المذاهب الإسلامية، القاهرة، دار الفكر العربي.
? محمد أحمد ترحيني
130. المؤرخون والتاريخ عند العرب
بيروت، دار الكتب العلمية – دار الريف.
? محمد جبر أبو سعده
131. ابن أعثم الكوفي ومنهجه التاريخي في كتاب الفتوح
القاهرة، الطبعة الأولى، 1408هـ 1987م
? محمد حسين الذهبي
132. التفسير والمفسرون
القاهرة، مكتبة وهبة، الطبعة الثامنة، 1412هـ 2003م
? محمد سلام مدكور
133. المدخل للفقه الإسلامي تاريخه ومصادره ونظرياته العامة
القاهرة، دار النهضة المصرية، الطبعة الرابعة، 1969م.
? محمد شكري أحمد الزاويتي
134. تفسير الضحاك
القاهرة، دار السلام، الطبعة الأولى، 1419هـ 1999م.
? محمد بن صامل السلمي
135. منهج كتابه التاريخ الإسلامي مع دراسة لتطور التدوين ومناهج المؤرخين حتى نهاية القرن الثالث الهجري
مكة - الرياض، دار الرسالة، الطبقة الثانية، 1418هـ 1998م
? محمد الطاهر بن عاشور
136. تفسير التحرير والتنوير تونس، الدار التونسية،1984م.
? محمد عبد الله عنان
137. دولة الإسلام في الأندلس(1/326)
القاهرة، الهيئة العامة المصرية للكتاب،2001م.
? محمد عبد الوهاب فضل
138. التاريخ وتطوره في ديار الإسلام حتى نهاية القرن الثالث الهجري، القاهرة،الطبعة الثانية،1420هـ 2000م.
? محمد على أبو ريان
139. تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام
بيروت، دار النهضة العربية.
? محمد عجاج الخطيب
140. لمحات في المكتبة والبحث والمصادر
بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة السابعة، 1402هـ 1982م
? محمد عيسي صالحية
141. المجمع الشامل للتراث العربي المطبوع
القاهرة، طبع معهد المخطوطات العربية،1412هـ 1992م.
? محمد فتحي عثمان
142. المدخل إلى التاريخ الإسلامي
بيروت، دار النفائس، الطبعة الأولى، 1408هـ 1988م
? محمد فريد حجاب
143. الفلسفة السياسية عند إخوان الصفا
القاهرة، الهيئة العامة للكتاب، 1982م
? محمد ماهر حمادة
144. المصادر العربية و المعربة
بيروت، مؤسسة الرسالة، 1392هـ 1972م
? محمد مصطفي الأعظمي
145. دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه
بيروت، المكتب الإسلامي، 1400 هـ 1980م.
? محمد ناصر الدين الألباني
146. صحيح الجامع الصغير وزيادته، بيروت، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1408 هـ 1988م.
147. السلسلة الصحيحة
الرياض، مكتبة المعارف، الطبعة الأولى، 1416 هـ 1996م
148. نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق
بيروت، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1417هـ 1996م
? محمد نور الدين عبد المنعم
149. دراسات في الشعر الفارسي حتى القرن الخامس الهجري
القاهرة، دار الثقافة، 1976م.
? محمود شاكر
150. الدولة العباسية، بيروت، المكتب الإسلامي،1411هـ 1991م
? محمود المقداد
151. تاريخ الدراسات العربية في فرنسا. الكويت، سلسلة عالم المعرفة، رقم167، جمادى الأولى 1413هـ نوفمبر 1992م
? مطاع الطرابيشي
152. رواة محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي والسير وسائر المرويات
بيروت – دمشق، دار الفكر، الطبقة الأولى، 1414 هـ 1994م
? مناع القطان(1/327)
153. مباحث في علوم القرآن، القاهرة، مكتبة وهبه، الطبعة السابعة.
? ناجى التكريتي
154. الفلسفة السياسية عند ابن أبى الربيع مع تحقيق كتابه سلوك المالك في تدبير الممالك
بيروت، دار الأندلس 1403هـ 1983م
? نجيب العقيقي
155. المستشرقون
القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثالثة، 1964م
? نقولا زيادة
156. الجغرافيا والرحلات عند العرب
دار الكتاب اللبناني - بيروت، دار الكتاب المصري – القاهرة
ثالثاً: الكتب الأجنبية المترجمة
? بارتولد: فاسيلي فلاديمير دفنش
157. تركستان من الفتح العربي إلى الغزو المغولي
الكويت،الطبعة الأولى،1400 هـ 1980م، ترجمة: صلاح الدين عثمان هاشم.
? بروكلمان: كارل بروكلمان
158. تاريخ الأدب العربي، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الخامسة، ترجمة: عبد الحليم النجار وآخرون.
? حسن بيرنيا
159. تاريخ إيران القديم، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1975م.
ترجمة: محمد نور الدين عبد المنعم.
? روزنتال: فرانز روزنتال
160. علم التاريخ عند المسلمين، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة
الثانية، 1403هـ 1983م، ترجمة: صالح أحمد العلي.
? سوفاجيه: جان سوفاجيه وكاين: كلود كاين
161. مصادر دراسة التاريخ الإسلامي، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة 1997م، ترجمة:عبد الستار الحلوجي وعبد الوهاب علوب.
? عباس إقبال
162. تاريخ إيران بعد الإسلام من بداية الدولة الطاهرية حتى نهاية الدولة القارجارية
القاهرة، دار الثقافة، ترجمة: محمد علاء الدين منصور.
? فؤاد سزكين
163. تاريخ التراث العربي
الرياض، جامعة بن سعود، 1403هـ 1983م. ترجمة: محمود فهمي حجازي.
? كراتشكوفسكي: اغناطيوس يوليانوفيتش كراتشكوفسكي
164. تاريخ الأدب الجغرافي العربي
بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1408 هـ 1987م، ترجمة:
صلاح الدين عثمان هاشم.
? متز: آدم متز(1/328)
165. الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري القاهرة، مكتبة وهبة، الطبعة الثالثة، 1377هـ 1957م، ترجمة: محمد أبو ريدة.
? منير الدين أحمد
166. تاريخ التعليم عند المسلمين والمكانة الاجتماعية لعلمائهم حتى القرن الخامس الهجري
الرياض، دار المريخ، 1401هـ 1981م، ترجمة: سامي الصفار.
? مؤلف مجهول
167. تاريخ سيستان. ضمن رسالة ماجستير مقدمة من الباحث محمود عبد الكريم علي على بعنوان: المنهج التاريخي لكتاب تاريخ سيستان مع ترجمة النص باللغة العربية، القاهرة، جامعة الأزهر، كلية اللغات والترجمة، 1410هـ 1990م.
? ميرخواند: محمد بن خاوند شاة
168. روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفا
القاهرة، الدار المصرية للكتاب، الطبعة الأولى، 1408هـ 1988م، ترجمة: أحمد عبد القادر الشاذلي.
? نفيس أحمد
169. جهود المسلمين في الجغرافيا
القاهرة، دار القلم، ترجمة: فتحي عثمان.
? هوروفنتس: يوسف هوروفنتس
170. المغازي الأولى ومؤلفها
القاهرة، مكتبة الخانجي، الطبعة الثانية،1421هـ 2001م، ترجمة: حسين نصار.
رابعاً: الدوريات
? جواد علي
171. موارد تاريخ الطبري
بغداد، مجلة المجمع العلمي العراقي، 1371 هـ 1951م
? عبد المنعم ماجد
172. الخبر التاريخي عند مؤرخي المسلمين
بغداد، مجلة المؤرخ العربي، العدد 34، السنة الثالثة عشرة، 1409هـ 1988م.
? محمود إسماعيل
173. إشكالية تفسير التاريخ عند المؤرخين المسلمين الأوائل. الكويت، مجلة عالم الفكر، العدد الرابع المجلد التاسع والعشرين ابريل يونيو 2001م
? مليحة رحمة الله
174. المؤرخ ابن مسكويه وكتابه تجارب الأمم وتعاقب الهمم بغداد، مجلة المؤرخ العربي، العدد40، السنة الرابعة عشر، 1409هـ 1989م
...
خامساً: الرسائل العلمية
? عبد الفتاح عبد العزيز رسلان
175. ابن كثير ومنهجه في الكتابة التاريخية. رسالة دكتوراه بكلية اللغة العربية، جامعة الأزهر بالقاهرة، 1412هـ 1993م.
? علي بكر حسن(1/329)
176. الطبري ومنهجه في التاريخ
رسالة دكتوراه بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة، 1404هـ 1984م
? محمد السيد إبراهيم البساطي
177. الحياة العلمية في مرو من الفتح الإسلامي حتى نهاية القرن الثالث الهجري، رسالة ماجستير بكلية اللغة العربية، جامعة الأزهر بالقاهرة، 2002م.
سادساً: الموسوعات العربية
178. دائرة المعارف المسماة: مقتبس الأثر ومجدد ما دثر
محمد حسين سليمان الأعلمي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
179. المعجم الفلسفي
مجمع اللغة العربية، المطبعة الأميرية، 1403هـ1983م
180. المعجم الوجيز
مجمع اللغة العربية، القاهرة، 1416هـ 1995م
181. موسوعة السلطان قابوس لأسماء العرب، معجم أسماء العرب، بيروت، جامعة السلطان قابوس - مكتبة لبنان، الطبعة الأولى، 1411هـ 1991م
182. الموسوعة العربية الميسرة
محمد شفيق غربال وآخرون، بيروت، دار الجيل، 1416هـ1995م
183. الموسوعة الفلسطينية،القسم الأول: القسم العام، والقسم الثاني: دراسات الحضارة، بيروت، الطبعة الأولى 1990م
184. الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة
الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض،1392هـ 1972م.
185. المنجد في اللغة والأعلام
بيروت، دار المشرق، الطبعة الثالثة والثلاثون، 1992م
سابعاً: المراجع الأجنبية
CL. Huart
186. Litterature arabe, paris 1902.
CL. Huart
187. Preface, kitap el-bed wet-tarikh
Paris,1899
H. Zotenberg
188. Preface, Histoire Des Rois Des Perses
Paris
فهرس الموضوعات
المقدمة...........................................................................أ - ل
الباب الأول: المقدسي وكتابه البدء والتاريخ...................................1 - 107
الفصل الأول: عصر المقدسي وحياته وثقافته...................................2 - 64
عصر المقدسي................................................................3 - 24(1/330)
أولاً: الحياة السياسية............................................................3 - 6
ثانياً: الحياة العلمية............................................................7 - 17
ثالثاً: التاريخ والمؤرخون......................................................18- 23
حياة المقدسي.................................................................24 - 53
أولاً: توضيح لابد منه......................................................... 25- 26
ثانياً: اسم المقدسي وكنيته ونسبته...............................................27- 29
ثالثاً: مولد المقدسي ونشأته وموطنه...........................................30 - 31
رابعاً: العلاقة بين المقدسي وإخوان الصفا......................................32- 34
خامساً: رحلات المقدسي..................................................... 35 - 37
سادساً: شيوخ المقدسي....................................................... 38- 46
سابع: تلاميذ المقدسي................................................................47
ثامن: مؤلفات المقدسي........................................................48 - 49
تاسع: صفات المقدسي الشخصية............................................. 50 - 51
عاشر: وفاة المقدسي وعمره................................................. 52 - 53
ثقافة المقدسي................................................................ 54 - 64
أولاً: عقيدة المقدسي........................................................ 54 - 57
ثانياً: فكر المقدسي............................................................58 - 59
ثالثاً: العلوم التي برز فيها المقدسي............................................60 - 62(1/331)
رابعاً: آراء المقدسي التربوية................................................ 63 - 64
الفصل الثاني: كتاب البدء والتاريخ وقيمته العلمية............................65 - 150
ملامح عن كتاب البدء والتاريخ.............................................. 66 - 85
أولاً: اسم الكتاب.................................................................... 67
ثانياً: وقت تأليف الكتاب ........................................................... 67
ثالثاً: مؤلف الكتاب والتحقيق أنه للمقدسي..................................... 68- 70
رابعاً: سبب تأليف الكتاب ولمن ألفه ؟.........................................71 - 72
خامساً: الغرض من تأليف الكتاب وصفته وشرطه............................73 – 74
سادساً: محتويات الكتاب وترتيب مواده....................................... 75 - 79
سابعاً: مخطوطات الكتاب وطبعاته وترجماته................................ 80 - 83
ثامناً: ناشر الكتاب وهل نشر الكتب كله؟..................................... 84 - 85
القيمة العلمية لكتاب البدء والتاريخ........................................... 86- 107
رؤية المقدسي لقيمة كتابه............................................................87
دلائل القيمة العلمية للكتاب.....................................................87- 97
قيمة الكتاب في كشف حال الباطنية ........................................98 - 104
عيوب الكتاب وأسباب عدم شهرته........................................105 - 107
الباب الثاني: منهج المقدسي التاريخي في كتابه البدء والتاريخ..............108 - 255
الفصل الأول: مصادر المقدسي............................................109 - 165
المصادر المباشرة وطرق الإسناد إليها..............................................110(1/332)
مصادر المشاهدة والمشافهة...............................................110 – 114
الكتب والمؤلفات غير التاريخية.............................................115- 136
أولاً: كتب الديانات.................................................................115
ثانياً: كتب التفسير..................................................................123
ثالثاً: كتب الأحاديث والآثار........................................................124
رابعاً: كتب الفلسفة.................................................................133
خامساً: كتب اللغة والأدب..........................................................136
سادساً: كتب الجغرافيا..............................................................136
المصادر التاريخية..........................................................137- 146
أولا : المصادر التاريخية الأساسية................................................ 137
(1) وهب بن منبه.................................................................137
(2) ابن إسحاق ...................................................................140
(3) الواقدي .......................................................................145
(4) أبو حذيفة..................................................................... 146
ثانياً : المصادر التاريخية الثانوية...................................................147
المصادر غير المباشرة وطرق الإسناد إليها........................................ 149
المصادر غير التاريخية............................................................149
المصادر التاريخية غير المباشرة...................................................157(1/333)
منهج النقل من المصادر واختيارها.................................................159
منهج اختيار المصادر..............................................................163
الفصل الثاني: منهج العرض واتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي......166 - 218
منهج العرض عند المقدسي................................................167 – 189
اللغة والأسلوب....................................................................167
منهج البدء والختم................................................................. 167
جمل تعبيرية خاصة................................................................170
الاختصار والإحالات والإطالة..................................................... 175
عرض المادة الأدبية...............................................................180
عرض المادة التاريخية.............................................................186
اتجاهات الكتابة التاريخية عند المقدسي ومنهجه في كل منها................190 - 218
تاريخ الأنبياء......................................................................190
تاريخ الأمم قبل الإسلام............................................................192
السيرة النبوية......................................................................195
تاريخ الخلفاء.......................................................................197
التراجم............................................................................199
الأنساب............................................................................209
الأديان والفرق.....................................................................211(1/334)
التاريخ الحضاري..................................................................214
الفصل الثالث: منهج النقد ومعالم الفكر التاريخي عند المقدسي وتقييم منهجه.219- 255
منهج النقد عند المقدسي....................................................220 - 237
أولاً: مجالات النقد ومنهج المقدسي في كل منها.....................................220
نقد المصادر.......................................................................220
نقد الروايات والأخبار..............................................................222
نقد الآراء والأقوال.................................................................225
نقد الحوادث........................................................................227
نقد الأمم والديانات والفرق والطوائف...............................................228
نقد الأشخاص......................................................................230
ثانياً: منهج المقدسي في الروايات والأقوال المتعارضة.............................232
ثالثاً: أسس النقد عند المقدسي.......................................................235
معالم فكر المقدسي التاريخي...............................................238 - 247
أولاً: مفهوم علم التاريخ عند المقدسي...............................................238
ثانياً: مدرسة المقدسي التاريخية....................................................239
ثالثا: بين المقدسي وابن خلدون.....................................................239
رابعاً: محاولة الربط بين التاريخ والفلسفة...........................................240
خامساً: محاولة التوفيق بين دلائل المنقول وحجج المعقول..........................242(1/335)
سادساً: آراء المقدسي في بعض فروع التاريخ......................................245
سابعاً: الفكر الحضاري عند المقدسي.............................................. 246
تقييم منهج المقدسي.......................................................248 – 255
أهم المآثر......................................................................... 248
أهم المآخذ........................................................................ 249
الخاتمة.....................................................................256- 258
المصادر والمراجع........................................................259 - 278
فهرس الموضوعات.......................................................289 - 282(1/336)