تأليف الشيخ
المقدمة
إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يُضللْ فلن تجدَ له وليّاً مرشداً.
وبعدُ:
فإنَّ لله عزَّ وجل عباداً اصطفاهم فاستعملهم في طاعته، وبثَّ محبتهم في الخلق، أولئك الذين جعَلوا نُصبَ أعينِهم نصوص الكتاب و السنَّة، يهتدون بهديها، و يأتمرون بأمرها، وينفون عن الدين الحنيف تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين يحبِّبون اللهَ إلى عباده، ويقرِّبون العبادَ إلى الله، أؤلئك هم العلماء الربانيون، الذين بهم يحفظ الله عز و جل دينه و يُعِزُّ كلمته، ومن هؤلاء العلماء الربَّانيين: الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك ـ رحِمه الله ـ الذي أجمعت قلوب من رآه أوْ عاصره على محبَّته، واتَّفقت ألسنتهم على الثناء والترحُّم عليه، وما ذلك إلاَّ لكونه مثالاً قريباً لما ينبغي أن يكون عليه المؤمن الحقِّ من التأسِّي بهدي السلف الصالح في حرصهم الدائم على الاستكثار من الأعمال الصالحة والعلوم النافعة، وتتبُّعهم لطرق الخير، ومحبتهم الصادقة للنفع العامِّ لجميع المؤمنين.
و كذلك فقد كان الشيخ فيصل رحمه الله من رجالات الدولة المعروفين، ومن المجاهدين الذين رافقوا الملك عبدالعزيز رحمه الله في مسيرته الميمونة لتوحيد هذه البلاد المباركة، بل كان أحد رموز الولاء لهذه الدولة الرشيدة أيَّدها الله، و لا تزال ذكراه و آثاره في المناطق التي أقام بها سمراً للمتحدثين ، و ذكرى للمعتبرين.
وقد سطَّر الشيخ العلامة: فيصل بن عبدالعزيز المبارك رحمه الله كثيراً من التآليف والتصانيف في مختلف العلوم الشرعيَّة، أثنى عليها العلماء و أوصوا باقتنائها، منها هو مطبوع، و منها ما لم يطبع.(1/1)
و قد رأيتُ أن أسطِّر بضع ورقات في التعريف بمؤلفات الشيخ فيصل رحمه الله، مع ذكر طبعاتها ومخطوطاتها، و ذكر أماكن وجود تلك المخطوطات، عسى أن يَنتفع بها من أراد جمع مؤلفات الشيخ رحمه الله و العناية بها وإخراجها في مجموعة متكاملة: تضمُّ شتى أنواع العلوم الإسلامية: كالعقيدة والتفسير والحديث و الفقه و غبرها من العلوم الإسلامية، أُسوةً بغيره من علماء الدعوة الإصلاحية، فيستفيد منها طلبة العلم في هذه البلاد حماها الله، و غيرها من بلاد المسلمين، و ذلك لما تميزت به تلك المؤلفات من جودة السبك و دِقَّة المعنى، وحسن الاختصار، وعلى الله قصدُ السبيل، وتكثير القليل، وبِه المستعان، وعليه التكلان، و صلَّى اللهُ و سلَّم و باركَ على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد بن حسن آل مبارك
الرياض ـ 21/ 9/ 1427 هـ
Mhamm@Jawab,com
ترجمة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
هو الشيخ العالم الورع الزاهد فيصل بن عبدالعزيز بن فيصل بن حمد آل مبارك العلاَّمة المحدث الفقيه المفسِّر الأصولي النحوي الفرضي.
- وُلِدَ رحمه الله في حريملاء عام 1313هـ، فحفظ القرآن صغيراً، ثمَّ طلب العلم على علماء حريملاء في وقته، ومنهم:
(1) جدّه لأُّمِّه الشيخ العالم الورع ناصر بن محمد الراشد رحمه الله.
(2) وعمّه العلاَّمة الشيخ محمد بن فيصل المبارك رحمه الله.
- ثمَّ طلب العلم على علماء الرياض، فأخذ الفقه عن فقهاء عصره مثل:
(3) الشيخ العلاَّمة عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله مفتي الديار النجدية.
(4) والشيخ العلاَّمة المفتي محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله.
(5) والعلامة الفقيه محمد بن عبدالعزيز بن مانع رحمه الله.
(6) وأخذ علم الحديث عن محدِّث الوقت العلاَّمة الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله.
(7) وأخذ علم النحو عن سيبويه عصره الشيخ حمد بن فارس رحمه الله.(1/2)
(8) وأخذ علمَ الفرائض عن أفرض أهل زمانه الشيخ عبدالله بن راشد الجلعود رحمه الله.
وأخذ عن كثيرٍ غيرهم من أفذاذ العلماء رحمهم الله أجمعين.
إجازاته العلميَّة:
ـ أجازَهُ الشيخُ سعدُ بنُ حَمَدٍ بنِ عَتِيقٍ محدث الديار النجدية بتدريس أمهات كتب الحديث، وكذلك أمهات كتب مذهب الإمام أحمد.
ـ ثمَّ أجازه الشيخ سعد إجازة خاصَّة في علم التفسير.
ـ وكذلك أجازه الشيخ عبدالله بن عبدالعزيزالعنقري بجميع مرويَّاته.
ـ و قد أجازه الشيخ عبدالعزيز النمر إجازةَ الفتوى عام 1333 هـ، وكان إذ ذاك في العشرين من عمره.
تلاميذه:
تخرَّج على يدي الشيخ رحمه الله أجيالٌ من طلبة العلم، وليَ كثيرٌ منهم القضاء في عدَّة جهاتٍ.
من أبرزهم:
(1) الشيخ إبراهيم بن سليمان الراشد - رحمه الله- قاضي الرياض ووادي الدواسر.
(2) الشيخ عبدالرحمن بن سعد بن يحيى -رحمه الله- قاضي الرياض وحريملاء.
(3) ابنُ عمِّه الشيخ فيصل بن محمد بن فيصل المبارك - رحمه الله - رئيس هيئة الحسبة وعضو مجلس الشورى بجدة.
(4) ابنُ عمِّه الشيخ سعد بن محمد بن فيصل المبارك - رحمه الله - قاضي وادي الدواسر ثم الوشم.
(5) الشيخ محمد المهيزع ـ رحمه الله ـ قاضي الرياض.
(6) الشيخ ناصر بن حمد الراشد رحمه الله رئيس ديوان المظالم.
مؤلفاته:
للشيخِ فيصل رحِمه الله عِدَّة مؤلفات في جميع العلوم الشرعيَّة - تصل إلى ثلاثين مؤلفاً، و بعضُها في عِدَّة مجلَّدات، فمن كتبه "المطبوعة":
(1) (توفيق الرحمن في دروس القرآن) في (أربع مجلدات).
(2) (بستان الأحبار باختصار نيل الأوطار) في (مجلدين).
(3) (خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام) في علم الحديث.
(4) (مختصر الكلام على بلوغ المرام) في علم الحديث.
(5) (تطريز رياض الصالحين) في علم الحديث.
(6) (مفاتيح العربية شرح الآجرُّوميَّة) في علم النحو.
ولهُ ـ رَحِمهُ الله ـ الكثيرُ من المؤلَّفات التي لم تطبع بعد.
وفاتُه:(1/3)
ولي الشيخ فيصل القضاء في عِدَّة بلدان، كان آخِرها منطقة الجوف، والتي توفي بها في السادس عشر من ذي القعدة من عام 1376هـ، عن ثلاثةٍ وستين عاماً قضاها في الدعوة إلى الله وفي الجهاد، وفي العلم و التعليم و التصنيف رحمه الله(1).
[1] كلمة عن مؤلفات
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك
يعتبر الشيخ فيصل المبارك من أغزر علماء نجد والجزيرة العربية تأليفاً، فقد تألَّفت من مصنفاته مكتبةٌ علميةٌ ضخمة، متنوِّعةُ الفنون، إذ أن الشيخ - رحمه الله - ألَّف في التفسير والعقيدة والفقه والفرائض والحديث، والرقائق والنحو، ما بين مطوَّل ومختصر.
والحق أن المتأمِّل في سيرة الشيخ ليعجب من تمكنه من تأليف هذا العدد من المؤلفات، مع اشتغاله بالتعليم والقضاء وكثرة ترحاله وتنقُّله، فهو لم يستقِر إلا في أخريات حياته، وذلك في منطقة الجوف منذ عام 1362هـ إلى وفاته عام 1376هـ، أي مدة أربعة عشر عاماً فقط.
وعند الاستقراء نجد أنَّ كتب الشيخ رحمه الله تنقسم إلى أربعة أقسام:
النوع الأول: الشروح المختصرة على المتون، فمن ذلك:
__________
(1) انظر في مصادر ترجمة الشيخ فيصل ـ رحِمه الله ـ :
أ ـ (علماء نجد خلال ثمانية قرون) للشيخ عبدالله البسام رحمه الله ـ جـ 5 ص392 إلى 402.
ب ـ الأعلام للزركلي :جـ 5 / ص 168.
ج ـ ( مشاهير علماء نجد) للشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ / الطبعة الثانية.
د ـ ( روضة الناظرين ) للقاضي / ج2 / ص 178 ـ 181.
هـ ـ ( العلامة المحقق و السلفي المدقق : الشيخ فيصل المبارك ) لفيصل بن عبدالعزيز البديوي.
و ـ ( المتدارك من تاريخ الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك ) لمحمد بن حسن المبارك.
زـ "معالم الوسطية والتيسير والاعتدال في سيرة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك" له أيضاً.(1/4)
(شرحه على كتاب التوحيد)، و شرحه المختصر على عمدة الأحكام: (خلاصة الكلام) وشرحه المختصر على "بلوغ المرام": (مختصر الكلام)، وشرحه على "الآجروميَّة" في النحو، و شرح "الرحبيَّة" في الفرائض، و غير ذلك كثير.
النوع الثاني: الشروح المطوَّلة على المتون، فمن ذلك:
شرحه الكبير على "الروض المربع"، و شرحه الكبير على "عمدة الأحكام".
والنوع الثالث: اختصاره لكثير من الكتب المطولة، فمن ذلك:
(فتح الباري)، و(نيل الأوطار).
النوع الرابع:التأليف في الفنون تأصيلاً وابتداءً ، مثل:
تفسيره القيِّم، و(الدلائل القاطعة في المواريث الواقعة) في الفرائض، و(تجارة المؤمنين)، و(لباب الإعراب) في النحو وغيرها.
وقد حظيت مؤلفات الشيخ رحمه الله بقبولٍ تام من علماء نجد و الجزيرة العربية، فقد أثنَى عليها كثيرٌ منهم، بل و قُرِّرت للتدريس في المعاهد العلميَّة، مثل كتابه: (خلاصة الكلام على عمدة الأحكام).
قال الشيخ ابن سعدي ـ في رسالة خاصَّة للشيخ فيصل رحمهما الله ـ: (هديتكم لمحبكم (خلاصة الكلام على عمدة الأحكام) وصلَ و سررتُ به، وسألت المولى أن يضاعف لكم الأجر بما أبديتموه فيه من الفوائد الجليلة والمعاني الكثيرة، وسعيكم في نشرِه، لا زلتم تخرجون أمثاله من الكتب العام نفعها العظيم وقعها)(1).
[2] مشروعه العلمي في تيسير المتون العلميَّة أو شرحها
كان للشيخ فيصل رحمه الله اعتناءٌ كبير بالمتون العلميَّة المشهورة في شتَّى العلوم الإسلاميَّة ، من عقيدة و حديث و فقه و فرائض و نحو و غيرها، إذ اهتمَّ الشيخ رحِمه الله بتيسير تلك المتون شرحاً أو اختصاراً ، فوضع شرحاً مفيداً ـ في الغالب ـ على كلِّ متنٍ من مهمَّات المتون ٍ.
وكثيراً ما كان يتمثَّل رحمه الله في مؤلفاته بقولهم:
فالحِفظُ للأصول رأسُ العلمِ
__________
(1) عن رسالة بخط الشيخ عبدالرحمن بن سعدي موجهة إلى الشيخ فيصل رحمهما الله.(1/5)
والبحثُ في الشروحِ بابُ الفهمِ(1)
و قولهم: "من ترَك الأصولَ حُرِم الوصولُ"(2).
ويبدو أنَّ هذا الهاجسَ العلمي - بتيسير المتون العلميَّة لطلبة العلم - بدأ لدى الشيخ رحمه الله مبكراً، إذ يقول رحمه الله في وصيَّته لطالب العلم(3) - والتي تُعتبر من أوائل مؤلفاته، إذ كتبها عام 1354هـ:
(1) ثم يبتدِئُ، أي: طالب العلم - بحفظ القرآن - و ينظرُ في التفسير(4).
(2) ثمَّ يجلس على مشايخ العلم، فيبتدئ بـ (الأربعين النوويَّة)(5) للإمام العالم محيي الدين يحيى بن شرف النووي.
(3) ثمَّ يقرأ في (ثلاثة الأصول)، وكتاب (التوحيد)(6) للإمام المجدِّد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، ويحفظها، ويحفظ ما استطاع من سائر مختصراته مثل: (أصول الإيمان)، و(فضل الإسلام)، وغيرها من مؤلفاته النافعة.
(4) ويحفظ (العقيدة الواسطيَّة)(7) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فإنَّه كتابٌ جامعٌ لأصول الدين.
(5) ويقرأ في (رياض الصالحين)(8).
__________
(1) وصية طالب العلم (ص76).
(2) وصية طالب العلم (ص78).
(3) نصيحة جامعة و وصية نافعة ) تحقيق، د. عبدالعزيز بن عبدالله الزير (ص75 ــ 76).
(4) للشيخ رحمه الله تفسيرٌ مشهور باسم (توفيق الرحمن في دروس القرآن) طبع مراراُ، آخرها بتحقيق الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الزير.
(5) للشيخ رحمه الله شرحان على (الأربعين النووية)، أحدهما (محاسن الدين)، و الثاني (تعليم الأحب على أحاديث النووي وابن رجب).
(6) وللشيخ رحمه الله (القصد السديد بشرح التوحيد)، مطبوع بتحقيق الأخ الشيخ عبدالإله الشايع.
(7) وللشيخ رحمه الله (التعليقات السنية على الواسطيَّة)، مطبوع بتحقيق الأخ الشيخ عبدالإله الشايع.
(8) وللشيخ رحمه الله (تطريز رياض الصالحين) مطبوع بتحقيق الشيخ الدكتور عبدالعزيز الزير.(1/6)
(6) و يحفظ (عمدة الأحكام)(1) للحافظ عبدالغني المقدسي رحمه الله تعالى وهو كتابٌ نافعٌ لا يغتني طالب العلم عن حفظه.
(7) و إن أراد الإطلاع على أدلَّة المذاهب في الأحكام والراجح والمرجوح من الأقوال فليحفظ (بلوغ المرام)(2) للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى.
(8) و يقرأ في النحو، ويحفظ (الآجرُّوميَّة)(3) و(الملحة)(4)، أو غيرهما.
(9) و يقرأ (الرحبية)(5) في المواريث و يحفظها )(6) انتهى باختصار .
* و الملاحظ أنَّ معظم هذه المتون المذكورة قد وضع الشيخ عليها فيما بعد شروحاً ما بين مختصرةٍ أو مطوَّلة.
[3] الريادة في الإنجازات العلمية
و قبل أن نبدأ في سرد مؤلفات الشيخ فلا بُدَّ أن نشير إلى أنَّ للشيخِ رحمه الله سِجلُّ حافلٌ بالإنجازاتِ العلمية ، و مسَلسَلٌ بالأوَّليات:
(1) فهو أول من اعتنى من علماء هذ البلاد بالمتون المختصرة في جميع العلوم الشرعية ، فألَّف بعضَها و شرح البعض .
(2) وأوَّل من صنَّف تفسيراً على منهج التفسير بالمأثور من علماء هذه البلاد.
__________
(1) للشيخ رحمه الله ثلاثة شروح على (عمدة الأحكام)، مطوَّل، و متوسط، و مختصر باسم: (خلاصة الكلام). طبِع مراراً.
(2) وقد ألَّف الشيخ شرحاً على (بلوغ المرام) باسم (مختصر الكلام) مطبوع.
(3) للشيخ رحمه شرح على "الآجرُّومية" باسم ( مفاتيح العربيَّة ) مطبوع .
(4) للشيخ رحمه شرح على (ملحة الإعراب) باسم (صلة الأحباب).
(5) للشيخ رحمه شرح على (الرحبية) في الفرائض باسم (السبيكة الذهبية) طبع مراراً .
(6) نصيحة جامعة و وصيَّة نافعة) ـ للشيخ فيصل المبارك ـ (ص75ـ 78) .. ط ـ بتحقيق الشيخ الدكتور عبدالعزيزالزير.(1/7)
(3) و قد انتهج الشيخ رحمه الله في تفسيره المذكور نَهجاً فريداً تميَّز به مؤَلَّفه، وهو الاقتصار على تفسير الآيات التي قد يستغلق فهمها على القارئ، دون تلك الواضحة المعنى، إذ يَرى الشيخ فيصل رحمه الله أنَّ غالب معاني القرآن الكريم واضحة الدلالة، و سيأتي بسطُ ذلك عند الحديث على تفسير الشيخ.
(4) كما أنَّ شرح الشيخ فيصل على متن "العقيدة الواسطية" لشيخ الإسلام ابن تيمية هو أقدمُ شرحٍ على هذا المتن المشهور .
(5) والشيخ رحمه الله أوَّل من وضع مَتناً وجيزاً مستقلاًّ في علم النحو من علماء هذه البلاد، و هوكتابه "لباب الإعراب في تيسير علم النحو للطلاب".
(6) والشيخ رحِمه الله هو أوَّل من شرح "الروض المربع" عِدَّةَ شُروح.
(7) و هو أوَّل من اختصر "فتح الباري" لابن حجر رحمه الله، ذلك الكتاب الضخم والشهير، و المدوًّن في شرح صحيح الباري.
(8) كما أنَّ الشيخ رحمه الله أول من وضع مكتبة علمية مصغَّرة في جميع العلوم الإسلامِيَّة تضمَّنت بعض شروحه - رحمه الله - على جُملةٍ من المتون العلميَّة، سمَّاها: (زبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام).
والتي أعَدَّها رحمه الله وجَمَع متونَها و شَرَحَها وانتخبَ فصولها بحيث تكون كافيةً للمبتدئين من الطلبة للترقِّي في مدارج الطلب، والانخراط في جملة المنتسبين إلى أهل العلم، و سيأتي الحديثُ عنها بإسهاب.
[4] أسماء مؤلفات الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك
(أ) الشيخ فيصل وجهوده في العناية بعلوم العقيدة :(1/8)
كان الشيخ رحمه الله يهتم بتقرير العقيدة الصحيحة لطلبة العلم، فكان طلبة العلم يبتدؤون القراءة لديه في علوم العقيدة بـ (الأصول الثلاثة)، ثمَّ (كشف الشبهات)، ثم كتاب (التوحيد) وجميعها لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، ثمَّ يقرؤون بعد ذلك (الواسطيَّة) لشيخ الإسلام ابن تيمية، ثمَّ غيرها من مهمَّات كتب العقيدة، و قد أوصى الشيخ فيصل رحمه الله في وصيته لطلبة العلم بالابتداء بتلكم الكتب المذكورة(1).
وبالنسبة إلى مجال التأليف:
فإذا كانت المصنفات في باب العقيدة على قسمين: مؤلَّفاتٍ تُعنَى و تركِّز على توحيد الإلهيَّة، و مؤلَّفاتٍ تهتم بتوحيد الأسماء والصفات،فقد ألَّف الشيخ في القسم الأوَّل "شرحه على كتاب االتوحيد"، وهو:
[1] (القصد السديد شرح كتاب التوحيد) في مجلد، طبع عن دار الصميعي بتحقيق الأخ الشيخ عبد الإله الشايع وفَّقه الله.
ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع (زبدة الكلام) تصنيف رقم (258/3) - (229/3).
ومن فوائد هذا الكتاب قول الشيخ - رحمه الله - في الثناء على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية.
لدى شرحه لباب: (ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان) من كتاب التوحيد، و ذلك عند شرحه لحديث (لا تقوم الساعة حتى يلحق حيٌ من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان)، بعد أن ساق قولَ الشوكاني في شرح المنتقى:
__________
(1) نصيحة جامعة و وصيَّة نافعة) للشيخ فيصل المبارك (ص75ـ 78) بتحقيق الشيخ الدكتور عبدالعزيزالزير.(1/9)
(وبالجملة أنهم لم يَدَعوا شيئاً ممَّا كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلاَّ فعلوه، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، و مع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا تجد من يغضب لله ويغار حميَّةً للدين الحنيف، لا عالماً ولا متعلِّماً ولا وزيراً ولا ملكاً، فيا علماء الدين، و يا ملوك المسلمين، أيُّ رًزءٍ للإسلام أشدُّ من الكفر، و أيُّ بلاءٍ لهذا الدين أضرُّ عليه من عبادة غير الله، وأيُّ مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة، و أي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البيِّن واجباً.
لقد أسمعت لو ناديت حيّاً
... ولبكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفختَ بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رمادِ)(1)
فقال الشيخ فيصل معقِّباً على كلام الشوكاني - رحم الله الجميع:
(قلتُ: قد وجدنا - ولله الحمد - من قام بهذا الأمر، وهدَمَ بعض هذه الأوثان، وأمر بعبادة الله وحده، و أمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وهو شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب مصنف هذا الكتاب، وذرِّيَّته وأعوانه - رحمهم الله تعالى -، وقد أيَّدهم الله و نصرهم بآل سعود أعزَّهم الله تعالى ونصرهم كما نصروا التوحيد وأهله)(2).
- أمَّا في القسم الثاني من أقسام التوحيد: (توحيد الأسماء و الصفات)، فقد شرح الشيخ رحمه الله أشهر المتون في باب الأسماء و الصفات، وهي: (العقيدة الواسطيَّة) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، باسم:
[2] (التعليقات السنية على العقيدة الواسطية) في مجلد صغير مخطوط، و قد طبع ـ عن دار الصميعي ـ بتحقيق الشيخ عبدالإله الشايع وفَّقه الله، و منه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع (زبدة الكلام)، تصنيف رقم (258/3) - (229/3).
__________
(1) "القصد السديد بشرح كتاب التوحيد" - فيصل المبارك - دار الصميعي، (ص118- 119 عن "بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار" (ج1، ص516).
(2) القصد السديد بشرح كتاب التوحيد ـ فيصل المبارك ـ دار الصميعي ـ (ص119).(1/10)
و لعلَّ هذا الكتاب، وهو: (التعليقات السنيَّة على العقيدة الواسطية) - كما يظهرُ لي - هو أقدم شرح معروف على الواسطية، وهناك شرحٌ للواسطية لعالمٍ معاصِرٍ للشيخ فيصل ومتوفٍّ في نفس العام الذي تُوفِّي فيه الشيخ فيصل، ألا وهٌُو العلاَّمة الشيخ العلاَّمة عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله، وشرحه هو: المعروف بـ(التنبيهات اللطيفة على ما في الواسطية من المباحث المنيفة)، وقد ألَّفه الشيخ السعدي عام 1372هـ، إلاَّ أن كتابنا هذا فيما يظهر - أقدم تأليفاَ من هذا التاريخ -.
- إذ أنَّ الشيخ فيصل رحمه الله وهو المتوفى عام 1376هـ قد اهتمَّ في أُخريات حياته بالتأليف الفقهي ، فاعتنى بالروض المربع فشرَحَه بـ (المرتع المشبع) في أربعة مجلدات ضخمة، ثم اختصر شرحه على الروض، ثمَّ شرحه بتوسع في كتابه: (مجمع الجواد) وهو كتاب ضخم وصلنا منه شرح كتاب البيوع في مجلدٍ كبير، ممَّا يدلُّ على تقدُّم تأليف الشيخ رحمه الله لشرح "الواسطيَّة".
- لا سيَّما إذا علمنا أن الشيخ فيصل أدرج شرحه على الواسطية في موسوعته المسمَّاة بـ(زبدة الكلام) وفيها عدَّة مؤلفاتٍ له، وجُلُّها من أقدم مؤلفاته، والله أعلم(1).
(ب) جهود الشيخ فيصل في علم التفسير:
حصلَ الشيخ على إجازةٍ خاصَّةِ في علم التفسير من العلاَّمة الشيخ سعد ابن حمد بن عتيق، و اشتُهِرت مجالس التفسير التي كان يعقدها - رحمه الله - لطلبة العلم، و قد ألَّف الشيخ في هذا العلم:
[3] (توفيق الرحمن في دروس القرآن) في أربعة أجزاء، ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ـ تصنيف رقم (245/3، 248/3، 249/3، 254/3).
__________
(1) انظر مبحث "جهود الشيخ فيصل الفقهية" الآتي قريباً، قلتُ: وفي كتاب الشيخ "تجارة المؤمنين في الرابحة مع رب العالمين" مباحث عقدية متنوعة، لا سيما في فصوله التي عقدها في ذكر الساعة و أشراطها ، وأهوال القيامة و أحوالها وغير ذلك من المباحث العقدية.(1/11)
- و قد طبُع مرتين، أولاهما: عام 1376هـ، على نفقة الشيخ حسن ابن حسينان - رحِمه الله -، وآخرهما عام 1416هـ عن دار العاصمة بالرياض، على نفقة بعض المحسنين، بعناية وتحقيق الشيخ الدكتور عبدالعزيز ابن عبدالله الزير.
وكثيراً ما نوَّه العلاَّمة الشيخ عبدالكريم الخضير بهذا التفسير، فقال حفظه الله في بعض دروسه: (تفسير الشيخ فيصل المبارك المسمَّى (توفيق الرحمن في دروس القرآن) تفسير مختصرٌ مستمدُّ من الطبري والبغوي وابن كثير، وليس بمنتشرٍ بين طلبة العلم ـ مع الأسف ـ، وهو مفيدٌ جداًّ، نافعٌ في بابه، يحتاجه طالب العلم، لا سيَّما إذا ضاق الوقت عن الرجوع إلى الأصول المذكورة)(1).
وقد انتخَبَ الشيخ الخضير حفظه الله هذا التفسير، بل وثنَّى به بعد "تفسير الشيخ ابن سعدي"، ضمن بضعة تفاسير يُفِيد منها طالب العلم(2).
وقال مؤلفوا "الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير": (عند مراجعة تفسير "توفيق الرحمن في دروس القرآن" وجدناه تفسيراً على نهج السلف الصالح في كلِّ شيء، وخاصَّة في آيات الصفات والآيات المتشابهات وغيرها)(3).
والقارئ في تآليف الشيخ -رحمه الله - وعلى سبيل المثال (شرحه على الواسطية) أو "القول في الكرة الجسيمة" أو غيرهما - يسترعي انتباهه اعتناء الشيخ رحمه الله بالتفسير، بل ويجِدُ نفَسَ المفسرين في كثيرٍ من كتبه، لا سيَّما أنَّ الشيخ رحمه الله كان يحمِلُ إجازةً خاصَّة في التفسير.
__________
(1) عن محاضرة للشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله - بتصرف -، بعنوان (كيف يبني طالب العلم مكتبته) - الشريط الأول.
(2) عن محاضرة للشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله - بتصرف -، بعنوان (كيف يبني طالب العلم مكتبته) - الشريط الأول.
(3) الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير و الإقراء و النحو و اللغة) (جـ2، ص1829).(1/12)
و يرى الشيخ فيصل رحمه الله أنَّ غالب معاني القرآن الكريم واضحة لا تحتاج إلى تفسير، بل يُعرف معناها بمجرد سماعها، ولذلك تعبَّدنا الله عز وجل بقراءة كتابه العظيم والرجوع إليه في الأحكام، و في معرفة الحلال والحرام، ويستشهد في ذلك بقول ابن عباس رضي الله عنهما:
(التفسير على أربعة أوجه: تفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العرب في كلامها، وتفسير لا يعلمه إلاَّ العلماء، وتفسير لا يعلمه إلاَّ الله عز وجل)(1).
يقول الشيخ رحمه الله في مقدمة تفسيره:
(والمقصود أن من كان لسانه عربيا و فطرته مستقيمة يعرف معنى القرآن بمجرد سماعه، وكثيرا ما يسألني الأعراب وغيرهم عن مسائل غامضة في الأيتام فأتلو عليهم قول الله تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ } (2)، فيعرفون الجواب بِمجرد التلاوة و يقنعون، فإذا انضم إلى العربية والفطرة السليمة معرفة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ذلك نورا على نور)(3).
وينبِّه الشيخ رحمه الله بعد ذلك على منهجه في التفسير قائلاً: (لم أبيِّن التفسير في بعض المواضع، لأنه يظهر للعالم من سياق الآيات وكلام العرب "الموجودين"، خصوصاً من نشأ في يلادِهم، وتجوَّل فيها، فإنه يكاد يفسِّر القرآن، ولو لم يسمع الآثار)(4)، ولا يزالُ تفسيرُ الشيخ رحمه الله وحيداً ومتفرِّداً في هذا الباب، وهذا المنهج في دراية التفسير يتمشَّى و ينسجم مع منهج التيسير العام في العلوم الشرعية والذي يتجلَّى واضحا في سائر تراث الشيخ فيصل العلمي رحمه الله.
__________
(1) "توفيق الرحمن في دروس القرآن"، مقدمة (ج1، ص57).
(2) سورة البقرة، الآية [220].
(3) "توفيق الرحمن في دروس القرآن"، مقدمة المؤلف، (ص59)، دار العاصمة.
(4) "توفيق الرحمن في دروس القرآن"، مقدمة (ج1، ص57).(1/13)
[4] (القول في الكرة الجسيمة الموافق للفطرة السليمة) خ، في مجلد، وهو كتاب بديع في معناه، لطيف في مبناه، ينصر فيه المؤلف القول بكروية الأرض - كما يتضح ذلك من اسم الكتاب -، ثم يتكلم في باقي مباحث الكتاب عن آيات الله الكونية، كالسموات والأرضين والقمرين والنجوم، وخلق الملائكة والجن والشياطين، وخلق آدم، ويأجوج ومأجوج، وفي علامات الساعة الكبرى والصغرى، وذكر بدء الخلق، والقلم والعرش والكرسي.
ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد - تصنيف رقم (261/3) -، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مكتبة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك.
(جـ) جهود الشيخ فيصل في علم الحديث:
لعلَّ العلم الذي برَّز فيه الشيخ واشتهر به رحمه الله هو: علم الحديث، فإنَّ الشيخ رحمه الله حصل على الإجازة بالكتب الستة وكتب الحديث من العلاَّمة محدث البلاد النجديَّة الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، و كذلك من الشيخ عبدالله العنقري، وكذلك من الشيخ المحدِّث محمد بن ناصر المبارك، وكذلك من عمِّه العلاَّمة المحدِّث محمد بن فيصل المبارك - رحمهم الله -.
يقول الشيخ فيصل رحمه الله:
(وقد رزَقني الله تعالى - وله الحمدُ - محبَّة الحديث و أهله من حين نشأت، فكنتُ في صغري أعتني بحفظ المختصرات من الحديث مثل (عمدة الأحكام)، و(بلوغ المرام)، و(أصول الإيمان) وغيرها.
وكان بعض الإخوان يحثُّني على ذلك، و بعضهم يحثُّني على حفظ مختصرات الفقه، وكلُّهم لي ناصح، فشاورت في ذلمك عبدالله بن حمد الحجازي قاضي بلدنا رحمه الله و هو أحد مشائخي، فقال لي: لا تكن أعور، فعرفتُ ما أراد، فنفعني الله بكلمته فبدأتُ بِمختصرات الحديث ثمَّ بالفقه، و أسأل الله تعالى أن يوفِّقَني و إخواني المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح، إنَّه لطيفٌ خبيرٌ )(1).
__________
(1) أقوال الأئمة الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام) (مخطوط) (ج1، ورقة 8).(1/14)
و لذلك ألَّف الشيخ في علم الحديث ما لم يؤلِّف في بقيَّة الفنون ، فصنَّف رحمه الله.
[5] (لذة القارئ مختصر فتح الباري) في ثمانية مجلدات(1)، ذكر الشيخ عبدالمحسن أبا بطين أنه تحت الطبع، والشيخ عبدالمحسن من أعرف الناس بكتب الشيخ فيصل لأنه طَبع أكثرها في مكتبته الأهلية، وبعضها طُبعت بواسطته في غيرها من المكتبات(2)، و قال الزركلي: "شرع بعض الفضلاء بطبعه"(3)، إلاَّ أنَّه و للأسف الشديد فإن هذا الكتاب النفيس(4) في حكم المفقود.
عناية الشيخ بمتن "عمدة الأحكام" للحافظ عبدالغني المقدسي:
* اعتنى الشيخ رحمه الله بمتن "عمدة الأحكام" بصفة خاصَّة، لكونه أول كتب أحاديث الأحكام التي يبتدئ بها طلبة العلم، فكتب عليه عِدَّة شروح متدرِّجة بحسب حالة الطالب العلميَّة:
- فشرحه شرحاً مطوَّلاً في خمسة أجزاء.
- ثم اختصره رحمه الله في جزئين.
- ثم اختصره في مجلد(5).
يقول الشيخ في بداية شرحه المختصر على "العمدة":
(هذا الكتاب من أصحِّ الكتب وأنفعها، ولا بُدَّ لطالب العلمِ من حفظه، فإنَّ أحاديثَه صحيحةٌ صريحةٌ، جامعةٌ لما تفرق في غيره من كتب الحديث)(6).
__________
(1) اعتمدت تسمية الشيخ عبدالمحسن أبا بطين للكتاب، بينما تسمي بعض المصادر المترجمة للشيخ الكتاب (تذكرة القارئ).
(2) مثل مكتبة البابي الحلبي بمصر.
(3) الأعلام للزركلي (ج5، ص 168).
(4) بلا شكَّ أنَّ الكتاب المذكور هاهنا نفيسٌ جداًّ، إذ أنَّه هو الاختصار الوحيد - فيما أعلم - للسفر الجليل المشهور "فتح الباري"، لا سيما و أنه كانت لدى الشيخ رحمه الله عناية و تمكن في هذا النوع من التأليف ، وقد ظهر في المكتبات اختصارٌ للفتح لأحد المعاصرين أجاد فيه إلاَّ أنَّ فيه إيجاز شديد.
(5) انظر مقدمة المجموعة الجليلة بقلم الشيخ عبدالمحسن أبا بطين.
(6) خلاصة الكلام - مكتبة الرشد - (ص9).(1/15)
ويقول في موضعٍ آخر: (وهوكتابٌ نافع، وقراءته تحبِّبُك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)(1).
فألَّف عليه ثلاثةَ شروح: كبيراً و متوسطاً وصغيراً، و جميع هذه الشروحات ألَّفها الشيخ رحمه الله قبل شهر رجب من عام 1371هـ كما تدلُّ عليه رسالة الشيخ عبدالرحمن بن سعدي الموجهة إليه في غرة رجب من عام 1371هـ(2).
[6] (نَقْعُ الأُوام(3) بشرح أحاديث عمدة الأحكام) وهو الشرح الكبير على عمدة الأحكام، خمسة أجزاء كبار، في إحدى عشرة مجلَّدة، غالبه نقول عن "فتح الباري"، مع زيادات وإفادات.
و منه مخطوطة كاملة، بخطِّ الشيخ فيصل رحمه الله في مكتبة الملك فهد/ تصنيف "مكتبة حريملاء"، تحت رقم: (228/3)، ( 247/3)، ( 251/3)، (231/3)، (256/3)، (255/3)، (241/3)، (230/3)، (260/3)، (239/3)، (238/3).
[7] ( أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام) خ في مجلدين ضخمين - في سبعة ملازم -، وهو مختصرٌ عن سابقِه، قال الشيخ في مقدِّمته:
(وقد سُقتُ كلَّ حديث بسنده من صحيح البخاري و نقلتُ شرحَه من "فتح الباري" فصار كتاباً مطوَّلاً وشرحاً مفيداً، و لخَّصتُه في هذا المختصر، مع زياداتٍ حسنة، و أسأل الله أن ينفع به الصغير والكبير)(4).
ومنه أيضاً مخطوطةٌ كاملة بدارة الملك عبدالعزيز/ مكتبة الشيخ عبدالمحسن أبابطين، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز أيضاً/ مكتبة الشيخ فيصل المبارك.
__________
(1) "نصيحة جامعة ووصية نافعة" (ص76).
(2) انظر: رسالة الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله في "النفحات الزكية من المراسلات العلمية" وهو القسم الثاني من هذا الكتاب/ الرسالة الثانية.
(3) للنقع معانٍ عِدَّةٌ، منها: الرَّيُّ بعد الظمأ، و"الأُوام" هو: شِدًّة العطش.
(4) مخطوط (أقوال الأئمة الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام)ـ ورقة (3).(1/16)
ومنه أيضاً نسخةٌ أخرى وصل فيها المؤلف إلى منتصف الجزء الأول، وهي بدارة الملك عبدالعزيز/ مكتبة الشيخ عبدالمحسن أبابطين.
[8] (خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام) للمقدسي، مجلد في أربعمائة صفحة، وهو اختصار لشرحيه على العمدة الكبير والمتوسط، وقد طبع أربع طبعات:
- أولها عام 1379هـ في مكتبة النهضة الحديثة بالرياض.
- وثانيها عام 1380هـ بمكتبة التوفيق بالرياض.
- وثالثها عام 1381هـ في مكتبة البابي الحلبي بمصر، في ثلاث سنوات متتاليات، لمَّا كان شرح الشيخ مقرراً على طلبة المعهد العلمي.
- وآخرها عام 1412هـ بمكتبة الرشد بالرياض، ومنه نسخةٌ مخطوطة في مكتبة الملك فهد.
و قد أوصى الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله المتوسطين من طلبة العلم بالعناية بشرح الشيخ (خلاصة الكلام) قبل النظر في المطوَّلات من شروح (عمدة الأحكام)(1).
ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع (زبدة الكلام) - تصنيف رقم: (258/3)، (229/3).
- ثمَّ اعتنى الشيخ بمتنٍ أطول من متون أحاديث الأحكام، وهو متن:
* (بلوغ المرام من أحاديث الأحكام)، وهو متنٌ مطوَّل فألَّف عليه:
[9] (مختصر الكلام شرح بلوغ المرام) لابن حجر، طبع ضمن (المجموعة الجليلة)، ثم طبع مفرداً عن المجموعة في الرياض عن دار إشبيليا عام 1419هـ.
ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع (زبدة الكلام) - تصنيف رقم: (258/3)، (229/3).
ثمَّ اعتنى الشيخ بمتنٍ موسَّع من متون أحاديث الأحكام وهو: (منتقى الأخبار) للمجد ابن تيمية، فاختصر شرح الشوكاني عليه، وسمَّاه:
__________
(1) محاضرة للشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله باسم (كيف يستفيد طالب العلم من كتب السنن).(1/17)
[10] (بستان الأحبار(1) باختصار نيل الأوطار) للشوكاني، في مجلدين، وقد طبع مرتين، أولاهما في حياة الشيخ عام 1374هـ، وآخرهما عن دار إشبيليا عام 1419هـ.
و من فوائد هذا الكتاب قول الشيخ رحمه الله - في الثناء على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية لدى تعليقه على قول الشوكاني عن أهل عصره:
(وبالجملة أنهم لم يَدَعوا شيئاً ممَّا كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلاَّ فعلوه، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، و مع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا تجد من يغضب لله ويغار حميَّةً للدين الحنيف، لا عالماً ولا متعلِّماً ولا وزيراً ولا ملكاً ــ فيا علماء الدين، ويا ملوك المسلمين، أيُّ رًزءٍ للإسلام أشدُّ من الكفر، و أيُّ بلاءٍ لهذا الدين أضرُّ عليه من عبادة غير الله، وأيُّ مصيبة يصاب بِها المسلمون تعدِلُ هذه المصيبة، و أي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البيِّن واجباً.
لقد أسمعت لو ناديت حيّاً
... ولبكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفختَ بها أضاءت
... ولكن أنت تنفخ في رماد)(2)
فقال الشيخ فيصل معقِّباً على كلام الشوكاني ـ رحم الله الجميع:
(قلت: وقد منَّ الله تعالى على أهل نجد بآل سعود ومجدد القرن الثاني عشر محمد بن عبدالوهاب وذريتهم وأعوانهم، فهدموا القبور التي تعبد من دون الله، ودعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، و اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)(3).
وبالنسبة إلى المجامع الحديثية الوعظيَّة فقد ألَّف الشيخ رحمه الله:
__________
(1) أحبار) - بالحاء المهملة - جمع حَبْر وهو العالم، وابن عباس - رضي الله عنهما - هو حبر هذه الأمة أي: عالمها.
(2) "بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار"، (ج1، ص516)، وقد نقلتُ كلام الشوكاني في موضعٍ سابق.
(3) "بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار" (ج1، ص516).(1/18)
[11] (تجارة المؤمنين في المرابحة مع رب العالمين) مجلد في 271صفحة، طبع مرتين بدمشق أولاهما على نفقة الأمير عبدالرحمن السديري عام 372هـ، وآخرهما على نفقة تلميذه الشيخ عبدالرحمن بن عطا الشايع عام 1404هـ.
[12] (تطريز رياض الصالحين )، وقد طبع الكتاب في عام 1423هـ عن دار العاصمة، بتحقيق الشيخ الدكتور عبدالعزيز الزير.
ومنه مخطوطة بخطِّ الشيخ القاضي عبدالله بن حمود العقلا حفظه الله - وهو أحد تلامذة الشيخ فيصل رحمه الله - في مكتبة الملك فهد - تصنيف رقم: (227/3).
[13] (محاسن الدين بشرح الأربعين النووية) طبع ضمن المجموعة الجليلة، ثمَّ طبع مفرداً عن دار الرشد عام 1414، ثم عن دار اشبيليا بالرياض عام 1420 هـ.
[14] (تعليم الأحبّ أحاديث النووي وابن رجب) وقد طبع قديماً ضمن (المختصرات النافعة).
ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع ( زبدة الكلام ) ـ تصنيف رقم: (258/3 )، (22/3).
[15] (نصيحة المسلمين) وهي رسالة لطيفة طبعت في مكة المكرمة، في عام 1354هـ تقريبا، ثمَّ طُبعت في الكويت في أواخر حياة الشيخ تحت اسم: "نصيحة دينية"، على نفقة الشيخ عطا الشايع الكريع الجوفي رحمهما الله، ومنه مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مكتبة الشيخ فيصل آل مبارك.
[16] (وصية لطلبة العلم) رسالة لطيفة، منها نسخة في مكتبة الملك فهد، وفي آخرها كتب الشيخ رحمه الله (وقع الفراغ منها في شهر جمادى الأولى سنة 1354هـ)، ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد، و مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مكتبة الشيخ فيصل آل مبارك.
وقد قام بتحقيق هذه الرسالة مع (نصيحة المسلمين)(1) الشيخ الدكتور عبدالعزيز الزير عام 1424هـ.
[17] (غِذاءُ القلوب ومفرِّجُ الكروب) وقد طُبِع قديماً ضمن مجموع: (المختصرات النافعة).
__________
(1) تحت عنوان: (نصيحة نافعة و وصية جامعة) للشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك.(1/19)
ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع (زبدة الكلام)- تصنيف رقم: (258/3)، (229/3).
(د) جهود الشيخ فيصل الفقهية:
اعتنى الشيخ فيصل المبارك بالتأليف في علم الفقه لا سيما في أخريات حياته رحمه الله.
(أ) أصول الفقه:
فألَّف رحمه الله في أصول الفقه رسالة واحدة، هي:
[18] (مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد)، طُبع ضمن (المجموعة الجليلة)، ثمَّ طبع مفرداً عام 1413هـ عن دار السلف، بتحقيق الباحث الفاضل راشد بن عامر الغفيلي.
ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع (زبدة الكلام)، تصنيف رقم: (258/3)، (229/3).
(ب) أمَّا في الفروع:
فقد ألف الشيخ رحمه الله مؤلفات عِدَّة، لا سيما ما ألفه رحمه الله على "زاد المستقنع" وشرحه المعروف "بالروض المربع"، كما سيأتي:
* عناية الشيخ بمتن "زاد المستقنع " للحجَّاوي:
اعتنى الشيخ عناية خاصَّة بمتن "زاد المستقنع " للحجاوي ، إذ يرى - رحمه الله - أنَّ من حفِظه و تصوَّر مسائله كان متأهِّلاً للقضاء، يقول الشيخ - رحمه الله - في بداية شرحه على "الزاد":
(هذا المختصر صغير الحجم، كبير الفائدة، كثير المسائل النافعة، يَعرفُ قدرَه من حفِظه، ولكن ينبغي لطالب العِلم أن يحفظ قبله "عمدة الأحكام" في الحديث لأنَّه الأصل، وكذلك بلوغ المرام، فإذا حفظ ذلك وقد رزقه الله تعالى فهماً في كتابه واتباعاً لسُنَّةِ رسوله - صلى الله عليه وسلم - والإنصاف والعدل في القول والحكم، فقد اسنحق الفتيا والقضاء)(1).
و هذا الرأي حول شروط الأهلية لتولي القضاء يتمشَّى و ينسجم مع منهج التيسير العام في العلوم الشرعية و الذي يتجلَّى واضحا في سائر تراث الشيخ فيصل العلمي رحمه الله.
ولذلك فقد ألَّف عليه شرحاً وجيزاً:
__________
(1) كلمات السداد - الطبعة الثانية - (ص4).(1/20)
[19] هو: (كلمات السداد على متن زاد المستقنع) للحجاوي، وهو شرح لطيف في مجلد، طبع مرتين آخرهما عام 1405هـ عن مكتبة النهضة، وقد أثنى الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله على هذا الكتاب، و أوصى طلبة العلم بالعناية به، و منه مخطوطةٌ اطلعتُ عليها في مكتبة الملك فهد، تصنيف/ مكتبةحريملاء.
و من فوائد هذا الكتاب قوله في (باب دخول مكة) لدى شرحه لعبارة "الزاد":
(ومن ترك شيئاً من الطواف - أو لم ينوه أو نكَّسه - لم يصح) فقال رحمه الله شارحاً:
(قوله أو نكَّسه، و في أكثر النسخ (أو نسكه)، والصواب تقديم الكاف على السين، و عبارة المقنع (و إن طاف منكِّساً)(1) انتهى المراد منه.
فإذا عرفنا أن جميع نسخ "الزاد" المطبوعة المفردة منها أو المشروحة، بل حتى توجيه (الروض المربع)(2) للعبارة كانت على غير عبارة (المقنع)، قدَّرنا قيمة الفائدة من هذا الشرح المختصر للزاد، ولذلك فإنَّه من المناسِب هاهنا أن نشير إلى أنَّ النسخةَ التي اعتمدَ عليها الشيخ في شرحِه على "الزاد" نسخةٌ نفيسةٌ محرَّرةٌ.
ثُمَّ اعتنى الشيخ - رحمه الله - بعد ذلك بشرح "الزاد" المعروف "بالروض المربع شرح زاد المستقنع"، فألَّف عليه ثلاثة شروح، أشبه بالحواشي المطوَّلة(3)، و تتميَّز هذه الشروحات بالعناية بذكر الخلاف العالي بين المذاهب الأربعة، وأدلَّة كلِّ فريق، و هذه الشروحات هي:
__________
(1) الشيخ رحمه الله يستدل ها هنا بعبارة (المقنع) لأنَّه هو أصل المختصر المشروح ( زاد المستقنع)، انظر: - كلمات السداد – مطبعة النهضة، (ص92).
(2) مع أنَّ صاحب (الروض المربع شرح زاد المستقنع) هومنصور البهوتي تلميذ الحجاوي صاحب المختصر.
(3) الفرق بين الشرح و الحاشية - في الاصطلاح -: أنَّ الشرح يتوجَّه إلى جميع مسائل المتن المشروح أو أغلبها، أمَّا الحاشية فينتقي الشارح مسائل معينة ثم يشرحها بإسهاب، والصفة الأخيرة هي صفة شروح الشيخ رحمه الله.(1/21)
[20] (المرتع المشبع شرح مواضع من الروض المربع)(1) مخطوط، في أربعة أجزاء و ستة مجلدات كبيرة، و يعكُف الشيخ العلاَّمة عبدالعزيز القاسم - حفظه الله - على تحقيق الكتاب و التعليق عليه.
ومنه مخطوطة اطلعت عليها في مكتبة الملك فهد، تصنيف رقم: (223/3) ـ (225/3)، (224/3)، (226/3)، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك.
[21] والثاني هو:( الوابل المُمرِع على الروض المربع) وهو مختصر "المرتع المشبع"، في مجلد، منه نسخة في مكتبة الملك فهد، تصنيف رقم (250/3)، وصل فيه إلى كتاب الجنائز، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك .
يقول الشيخ في ديباجة الكتاب: (وبعدُ، فإنِّي لمَّا كتبتُ "كلمات السداد على متن الزاد" رأيت مواضع في "شرحه"(2) ينبغي التنبيه عليها، فكتبتُ "المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع"، وذكرت الخلاف من جميع المذاهب، ومشهور أدلتهم، فصار كتاباً مفيداً جِدّاً، غير أنَّه يعسُرُ فيه معرفة الراجح لطول الكتاب، وكثرة النقول، فأردتُ أن أختصرَه، وأًلحِقَ مواضع لم أُنبِّه عليها في "المرتع" و"الكلمات" لتتميم الفائدة، و سمَّيتُه: "مختصر المرتع"، و أسأل الله تعالى أن ينفعني به، وجميع إخواني المسلمين، آمين)(3).
__________
(1) شرع الشيخ فيصل رحمه في تأليف شرحه "المرتع المشبع على الروض المربع" قبل عام 1371هـ تقريباً، كما تدلُّ على ذلك رسالة من الشيخ عبدالرحمن بن سعدي إلى الشيخ فيصل - رحمهما الله - بتاريخ الأول من رجب من عام 1371هـ.
(2) أي: في "الروض المربع" .
(3) مخطوط: ( الوابل المُمرِع على الروض المربع)، ورقة (5).(1/22)
[22] أمَّا المطوَّل فهو: (مجمَع الجوَادِّ(1) حاشية شرح الزاد)، مخطوط، و هو شرح موسَّع على "الروض المربع"، وذلك أن الشيخ رحمه الله في الشرحين السابقين انتقى مسائل خلافية معينة فشرحها، أمَّا في المطوَّل فقد وجَّه عنايته إلى غالب المسائل الخلافية في "الروض".
إلاَّ أن الشيخ رحمه الله لم يكمله، إذ ابتدأ بتأليفه وقد ألمَّ به المرض، ولذلك يقول في "كتاب البيوع" منه:
(لم نكتُبْ من مجمع الجوادِّ إلاَّ هذا القليلَ من كتاب "البيع" إلى هنا(2)، فعسى الله أن ييسرَ تَمامه في حياتنا أو بعد موتنا، إنَّه على كلِّ شيءٍ قدير، فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)(3).
إلاَّ أنَّ الشيخ بعد ذلك أحسَّ من نفسه نشاطاً فكتب منه فصولاً، وتوفي رحمه الله وقد انتهى إلى (باب القرض).
ولو تمَّ هذا الشرح لكان كتاباً ضخماً جداُّ، إذ أنّ فهرس الجزء الأول منه بخط مؤلفِه يقع في تسعٍ وعشرين صفحة، أمَّا (كتاب البيوع) منه - و هو الجزء الثالث من الشرح - فيقع في مجلَّد كبير، و هذا القَدر من الكتاب هو الموجود منه، والباقي مفقود.
__________
(1) الجوادُّ - بتشديد الدال - جمع جادَّة، وهي الطريق الواضح المستقيم.
(2) الحق أن عبارة الشيخ هذه تُشكِلُ - بعض الشيء -، إذ تشعر بأن الشيخ لم يكتُبْ من "مجمع الجواد" إلا من كتاب البيع إلى الموضع الذي توقف عنده، ولكن الشيخ رحمه الله كتبَ فوق طُرَّة (كتاب البيع) من الشرح – ما يلي -: "الجزء الثالث من "مجمع الجواد حاشية شرح الزاد"، ممَّا يدلُّ على أنَّه كتب الأولَ و الثاني - قبل ذلك-، لا سيَّما و أن فهرس الجزء الأول من "مجمع الجواد" بين أيدينا، و هو بخط الشيخ إسماعيل البلال رحمه الله - أحد تلامذة الشيخ - كما أن الأصل في الشروحات أن يتناول الكاتب المتن مرتَّبا، لا سِيَّما و أن هذا هو منهج الشارح رحمه الله في شرحيه السابقين.
(3) مجمع الجواد مخطوط، (ج3): (كتاب البيع).(1/23)
ومن فرائد النقول في الكتاب قوله: (فائدة: كان شيخنا سعد بن حمد ابن عتيق يقول في كلامه عند كتاب البيع:"حكم الحاكم يرفع الخلاف")(1).
ومن الجزء الثالثِ نسخة مخطوطة في مكتبة الملك فهد تحتوي على "كتاب البيوع" فقط في مجلد، وكذلك في خمسة ملازم صغيرة، تصنيف رقم: (264/3)، (265/3)، (266/3)، (267/3)، تحت اسم: "حاشية على بعض عبارات الزاد وشرحه"، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك.
وكما يبدو للناظر في أسماء هذه المؤلفات فإنَّها متدرِّجة بحسب حالة الطالب العلميَّة:
فـ(كلمات السداد) هو شرح للمبتدئ في هذا العلم.
ثمَّ يأتي بعد ذلك: (شرحه المختصر على الروض المربع) كمرحلة تالِية لمن تعرَّف على مبادئ علم الفقه، و أراد أن يزيد من تحصيله.
ثمَّ يأتي بعد ذلك شرحه المطوَّل: (المرتع المشبع على الروض المربع) للطالب النابِهِ في هذا الفن، ثمَّ بعد ذلك شرحه الكبير على الزاد.
[23] (زبدة المراد فهرس مجمع الجواد) مخطوط، و الموجود منه فهرست الجزء الأول من "مجمع الجواد" في تسعٍِ و عشرين ورقة،- بخط الشيخ اسماعيل البلال أحد تلامذة الشيخ، و كان المخطوط لديه رحمه الله -، وقف فيه الشيخ على آخر باب " الجنائز" ولم يكمله، يقول المصنف رحمه الله في آخره:
(تمَّ فهرس الجزء الأول من مجمع الجواد بحمد الله تعالى)، وعنه مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك.
[24] (القول الصائب في حكم بيع اللحم بالتمر الغائب)، خ، رسالة وجيزة مخطوطة في مكتبة الملك فهد بدون تصنيف، وعنه مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك، و قد قمتُ بتحقيقها ولله الحمد عن المخطوطة المذكورة، وهي مدرجة ضمن: "النفحات الزكية من المراسلات العلمية" الآتية قريباً.
(جـ) علم الفرائض:
__________
(1) مجمع الجواد مخطوط، (ج 3): ( كتاب البيع )(1/24)
وفي علم الفرائض ألف الشيخ رحمه الله:
25ـ (الحجج القاطعة في المواريث الواقعة) ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد، وقد طبع قديماً ضمن (المختصرات النافعة) باسم (الدلائل القاطعة).
ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد - تصنيف رقم (252/3)، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك -.
وهذه الرسالة قد طُبِعت ثلاث مرَّاتٍ - تحت اسم (الدلائل القاطعة)- ضمن مجموع (المختصرات النافعة) للشيخ فيصل، و سيأتي الكلام بالتفصيل عن هذا المجموع، و قد قمتُ مؤخَّراً - و لله الحمد - بتحقيق هذه الرسالة على نسخة خطية، وهو تحت الطبع.
[26] (السبيكة الذهبية على متن الرحبية). ولديَّ مصوَّرة لنسخة غير كاملة من الرسالة بخطِّ أحد تلامذة الشيخ رحمه الله.
وقد صدرت هذه الرسالة في عام 1379هـ عن "المكتبة الأهلية"، وقد تمَّ طبعُها -آنذاك- في مصر في مطبعة "مصطفى البابي الحلبي".
- وفي عام 1406هـ قامت "دار العليان" بالقصيم بطباعتها بمطابع السلمان مرةً أخرى.
- ثم في عام 1419هـ قامت "دار الأرقم" بطباعتها بعنايةِ وتحقيقِ الأستاذ عبدالله الزاحم -أثابهُ الله-، و الذي قام مشكوراً بتخريج الآيات والأحاديث، ووضْعِ بعض التعليقات القيِّمةِ والمناسبة.
- كما أنَّ الرسالة قد طُبِعت قديماً ضمن مجموعة "الرسائل الكمالية" .
وفي الطبعات الأخيرة اعتمد الناشرون على طبعة "المكتبة الأهلية". و قد قمتُ مؤخَّراً - ولله الحمد - بتحقيق هذه الرسالة على النسخة الخطية لمذكورة(1).
(د) الفقه الحديث:
و في الفقه الحديثي ألَّف الشيخ رحمه الله:
__________
(1) وكذلك فقد عُنيتُ بجمع الرسالتين "السبيكة الذهبية" و"الحجج القاطعة " في كتاب واحد، وطبعتا مؤخرا ـ عن دار إشبيليا ـ عام 1426هـ تحت عنوان: "رسالتان في الفرائض".(1/25)
[27] (الغُرر النقية شرحُ الدرر البهيَّة) منه نسخة في مكتبة الملك فهد، ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع (زبدة الكلام)- تصنيف رقم (258/3)، (229/3).
ونسخة الشيخ من المتن المشروح وهو "الدرر البهية" للشوكاني نسخةٌ فريدة ومحرَّرة وفيها زيادات كثيرة، و قد اهتممت بإخراج هذا الكتاب وتحقيقه على النسخة الخطية المذكورة، وطبع مؤخَّراً عن دار إشبيليا بتاريخ 1426هـ.
(هـ) الشيخ فيصل وجهوده النحويَّة:
أخذ الشيخ فيصل رحمه الله علم النحو عن سيبويه عصره: الشيخ حمد بن فارس رحمه الله، ممَّا هَيَّأه للتمكُّن في هذا العلم والتصنيف فيه:
فألَّف الشيخ رحمه الله شرحه على "مُلحة الإعراب" والذي سمَّاه:
[28] (صلة الأحباب شرح ملحة الإعراب)، وهو - فيما يظهر لي - من كُتُب الشيخ المفقودة(1).
[29] وألَّف الشيخ أيضاً كتابه: (مفاتيح العربية على متن الآجرومية)، وهو شرحٌ ممتع متوسِّط على متن "الآجرُّوميَّة"، ومنه مخطوطة مفردة في مكتبة الملك فهد بخط الشيخ رحمه الله، و فيها زياداتٌ على المطبوعة،- تصنيف رقم: (262/3) -، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك.
وقد طُبِع قديماً ضمن مجموعة الشيخ المسمَّاة: (المختصرات الأربع النافعة)، تحت اسم (مفتاح العربية على متن الآجرُّوميَّة).
وقد طبع مؤخرا - عن دار الصميعي - بتحقيق الأخ الشيخ عبدالعزيز ابن سعد الدغيثر، و الذي قام بمقابلته على النسخة الخطيَّة.
[30] رسالة مختصرة بعنوان: (لُباب الإعراب في تيسير علم النحو لعامَّة الطلاب)، ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد ملحقة بمخطوطة (زاد المستقنع)ـ تصنيف رقم (240/3)، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/ مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك.
__________
(1) توجد منه ورقة واحدة فقط ضمن أوراق مسوَّدة للشيخ رحمه الله.(1/26)
وهذه الرسالة عبارة عن متن مختصر في عدَّة أوراق في علم النحو ، و فيه سَقْطٌ(1) - و قد قُمتُ بتحقيقها ولله الحمد - عام 1425هـ.
ومنهج المؤلف في الرسالة منهجٌ جيِّدٌ ميسَّر: فقد أدار المؤلف الشرح في المباحث النحويّة حسب حالتي البناء والإعراب، وهذه طريقة سلسةٍ تصوغُ المباحث النحويَّة في منظومةٍ واحدة، كما أفرَدَ المؤلف "التوابع" بقسم مستقل، و لم يكرِّرها في بابي المرفوعات ثمَّ في المنصوبات كما في بعض المتون النحويَّة.
وممَّا يعزِّز أهمية هذه الرسالة أنَّ المتون المستقلَّة في أيِّ علمٍ من العلوم - لا سِيَّما علم النحو - قليلة وعزيزة بالنسبة إلى ما كُتِب فيها من الشروح والحواشي أو الاختصارات، هذا عدا أنَّ مؤلفات علماء الدعوة الإصلاحيَّة في علم النحو قليلة جداً بل نادرة، و بالنسبة إلى المتون المستقِلَّة فلا أعلم أنَّ لهم مؤلَّفاً في ذلك غير هذه الرسالة الوجيزة.
وكما يبدو للناظر في أسماء هذه المؤلفات فإنَّها متدرِّجة بحسب حالة الطالب العلميَّة:
فـ(لُباب الإعراب) هو منهج أوَّلي لتعريف الطالب بهذا العلم، ثمَّ يأتي بعد ذلك (شرحه على الآجرُّوميَّة) كمرحلة تالِية لمن تعرَّف على مبادئ النحو، وأراد أن يزيد من تحصيله، ثمَّ يأتي بعد ذلك (شرحه على ملحة الإعراب) للطالب النابِهِ في هذا الفن.
إلاَّ أن الشيخ فيصل رحمه الله و حسب منهج التيسير العام في العلوم الشرعية - والذي يتجلَّى واضحا في سائر تراث الشيخ فيصل العلمي - لا يرى لطالب العلم أن يتوغل في هذا العلم حتى لا يشغله عمَّا هو أهم منه من العلوم، لكونه من علوم الآلة، لا من علوم الغاية، يقول الشيخ موجها طالب العلم الشرعي: (و يقرأ في النحو، و لا يتوغل فيه فيشغله عن ما هو أهم منه)(2).
__________
(1) وقد أكملتُ هذا السقط من شرح الشيخ على "الآجرُّومية".
(2) "نصيحة نا فعة ووصية نافعة" - الشيخ فيصل المبارك - تحقيق د عبدالعزيز الزير، (ص77).(1/27)
مراسلات عديدة موجودة بخطه - رحمه الله -:
وبعضها بخطوط من يكاتبهم من العلماء و الرؤساء رحمهم الله، وقد قُمتُ بتحقيق المراسلات العلميَّةِ منها، وألحقتُها بهذه الدراسة وأسمَيتُها:
[31] (النفحات الزكيَّة من المراسلات العلمية)، و هي ملحقةٌ بدراستنا هذه عن مؤلفات الشيخ.
[5] الشيخ فيصل رحمه الله و مجاميع العلوم الشرعيَّة
تَمَّ طبع بعض كتب الشيخ فيصل رحمه الله في مجاميع، ولعلَّ ذلك كان - في الغالب - بسبب ظروف الطباعة الصعبة في ذلك الوقت، وهذه المجاميع هي:
[أ] المجموعة الجليلة:
وقد طبعت ثلاث مرات، أولاها عام 1372هـ في المكتبة الأهلية بالرياض، والثانية في دمشق على نفقة تلميذه الشيخ عبدالرحمن بن عطا الشايع عام 1404هـ، والثالثة بمطابع القصيم، وتَجمعُ ثلاث مختصرات هي:
(أ) (مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد) وقد طبع مفرداً عام 1413هـ عن دار السلف، بتحقيق راشد بن عامر الغفيلي.
(ب) (محاسن الدين بشرح الأربعين النووية)، وقد طُبع مفرداً عن دار إشبيليا عام 1420هـ.
(جـ) (مختصر الكلام شرح بلوغ المرام) لابن حجر، وقد طبع مفرداً في الرياض عن دار إشبيليا عام 1419هـ.
[ب] (المختصرات الأربع النافعة):
وقد طبعت ثلاث طبعات، أولاها عام 1369هـ، وثانيها عام 1371هـ، وآخرها عام 1405هـ، وتجمع أربع مختصرات هي:
(أ) (مفتاح العربية(1) على متن الآجرومية) ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد بعنوان "مفاتيح العربية" بخط الشيخ.
(ب) (الدلائل القاطعة في المواريث الواقعة) ومنه مخطوطة في مكتبة الملك فهد.
(جـ) (غذاء القلوب ومفرج الكروب).
(د) (تعليم الأحبّ أحاديث النووي وابن رجب).
ومنهاً مخطوطةٌ كاملة بدارة الملك عبدالعزيز/ مكتبة الشيخ عبدالمحسن أبابطين.
__________
(1) طبع ضمن المختصرات النافعة باسم مفتاح العربية، و الصحيح ما أثبتُّه وهو (مفاتيح العربية) كما هو بخط الشيخ رحمه الله على طرَّة الكتاب.(1/28)
[جـ] معلمة الشيخ فيصل المسمَّاة: (زبدة الكلام في الأصول والآداب والأحكام):
عندما أقام الشيخ رحمه الله في الجوف في أخريات حياته جمع رحمه الله مجموعاً علمياًّ مفيداً لطلبة العلم، يصدق عليه اسم المعلمةً (الموسوعة) المصغَّرة في العلوم الإسلامِيَّة ضمَّت بعض شروحه رحمه الله على جُملةٍ من المتون العلميَّة، سمَّاه: (زبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام).
-ولعلَّ سبب جمع المصنف رحمه الله للمجموعين الأولين: "المجموعة الجليلة" و"المختصرات النافعة" هو ظروف الطباعة الصعبة في ذلك الوقت، أمَّا المجموع الأخير فقد اختار الشيخ المتون المشروحة فيه بعناية ورتَّبها ترتيبا دقيقا، ولذلك تجد أنَّ بعض تلك المتون المشروحة كانت قد تَمَّت طباعتها في المجموعين السابقين.
وقد انتخب رحمه الله فصولها بحيث تكون "كالمكتبة العلمية" للمتوسطين من طلبة العلم للترقي في مدارج الطلب، والانخراط في جملة المنتسبين إلى أهل العلم.
قال الشيخ رحمه الله في أول هذه المعلمة ـ أو الموسوعة المصغَّرة:
(أمَّا بعد، فإنَّ كتب العلم قد كثُرت وانتشرت، وبُسِطَت واختُصِرت، فرأيتُ أن أجمَعَ منها ما يحفظُه الطالب ويعتمِد عليه، ونقلتُ من كلام أهل العلم ما يبيِّن بعض معانيه، ليكونَ أصلاً يَرجِعُ إليه، وجسراً يعبُرُ منه إلى غيره إن شاء الله تعالى، والعالم الربَّاني هو الذي يربِّي الناس بأصول العلم وواضحاتِه، قبل فروعه ومشكلاته، ورتَّبتُ الكتب التي أردتُ، فبدأتُ:
(1) بـ (الأربعين النووية).
(2) ثمَّ بـ(عمدة الأحكام) للحافظ عبدالغني المقدسي في الحديث
(3) ثمَّ (كتاب التوحيد).
(4) ثمَّ (العقيدة الواسطية).
(5) ثمَّ (بلوغ المرام).
(6) ثمَّ (الدرر البهيَّة).
(7) ثمَّ (نبذة في أصول الفقه).
(8) وختمتُها بـ(غذاء القلوب ومفرج الكروب).(1/29)
و سمَّيتُه (زبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام) وأسأل الله أن ينفعني به وجميع من قرأه أو سمعه إنَّه لطيفٌ خبيرٌ ، آمين).
ومنه مخطوطة في أربعة مجلَّدات في مكتبة الملك فهد ضمن مجموع (زبدة الكلام) - تصنيف رقم: (258/3)، (229/3)، (230/3)، (231/3)، تاريخ الإيداع 10/7/95م، وعنها مصوَّرة بدارة الملك عبدالعزيز/مجموعة الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك.
خصائص هذه المكتبة العلميَّة
تتميَّز هذه المكتبة العلمية بما يلي:
(1) أنَّ مؤلف هذه المكتبة العلمية عالم جليل ومشهور، سلفي المشرب، من علماء الدعوة الإصلاحية.
(2) أنَّ هذه المعلمة تعتبر أوَّل مكتبة علمية لطلبة العلم، و بالتالي فهي الرائدة في هذا الفن، بل لا أعلمُ أنَّه قد أُلِّفَ على منوالها لإفادة طلبة العلم، لا قبلُ، و لا بعد، بل لعلَّ هذه المعلمة أن تكون أوَّلَ موسوعة "أصيلة" مصغَّرة في العلوم الإسلامية.
(3) اختيار الشيخ رحمه الله للمتون العلمية المهمَّة التي يحتاج إليها طالب العلم.
(4) تتجلَّى حصافة الشيخ رحِمه الله لدى اختياره لهذه المجموعة من المختصرات النافعة من عِدَّة نواحٍ، منها:
(أ) دقة اختيار الشيخ للمتون المختارة في هذه المجموعة، إذ كانت المتون الرئيسية المعتمدة من كافة العلوم الشرعية.
(ب) اقتصار الشيخ لدى شرحه لهذه المختصرات على توضيح أهم المباحث والمسائل، مِمَّا يتناسب مع حالة طالب العلم المبتدئ أو المتوسط.
(جـ) وكذلك اقتصار الشيخ رحمه الله على علوم الغاية من فنون الشريعة، كعلوم العقيدة والحديث والفقه دون علوم الآلة كالنحو و البلاغة والمنطق وغيرها.
(د) والملاحظ أنَّ الشيخ رحمه الله رتَّب هذه المتون حسب الترتيب المراعَى لدى أهل العلم:
(1) فابتدأ بـ"الأربعين النووية" للإمام النووي رحِمه الله، و التي ما زال العلماء يَبتدِرون بها الطلبة المبتدئين، وذلك لتعويد الطلبة على حفظ وفهم النصوص الشرعية والأحاديث النبوية.(1/30)
(2) وعِنايةً بالعقيدة الإسلامية الصحيحة فقد أدرج الشيخ رحِمه الله شرحَه على كتاب "التوحيد" لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحِمه الله، والذي يعتني - في الأغلب - بتوحيد الألوهية.
(3) أمَّا في توحيد الأسماء والصفات فقد أدرج الشيخ رحمه الله - بعد ذلك - شرحَه على "الواسطية " لشيخ الإسلام ابن تيمية رحِمه الله، وهو أقدم شرح لذلك الأثر العلمي الجليل.
(4) ثم َّ شرَعَ الشيخ رحمه الله بالترقِّي بطالب العلم شيئاً فشيئاً، فساق شرحه على "بلوغ المرام" للحافظ ابن حجر رحِمه الله، و هو متن مشهور متداول في هذا الفن، و ما زال العلماء يعتنون به ويحرصون على تدريسه، وكان قبل ذلك قد أدرج شرحه على "عمدة الأحكام" للحافظ عبدالغني المقدسي رحِمه الله الذي غالباًَ ما يبتدئ به طلبة العلم في كافة الأمصار، وفي جميع المذاهب الفقهية.
(5) وعندما يحفظُ الطالبُ أحاديث الأحكام فينبغي عند ذلك أن يحفظَ متناً فقهياً، إلاَّ أنَّ الشيخَ رحمه الله لم يعتمدْ مذهباً فقهياً معيَّناً في هذه الموسوعة، بل أدرَج مختصرَ الشوكاني رحِمه الله المسمَّى بِـ"الدُّرر البهية" في الفقه الحديثي، وذلك حتى يُفِيدَ مِن هذه الموسوعة طلبةُ العلم في جميع المذاهب الفقهية، وحتى لا تنحصرَ هذه المَعلمةُ في طلبة العلم مِن مذهبٍ معين، و لتكونَ شاملةً لجميع المذاهب الفقهية.
(6) وإذا تصوَّر الطالبُ المسائلَ الفقهية وأتقنَها وعرف أدِلَّتها فأنَّه ينبغي له ألاَّ يكون جامداً على المذهب، بل ينبغي له أن يدور مع الدليل الشرعي حيث دار، و لذلك فمن المناسب - ها هنا - أن يقرأ الطالب متناً أصوليا في باب "التقليد والاجتهاد"، و لذلك ساقَ الشيخُ رحمه الله بعد ذلك رسالةً مختصرة له في هذا الباب، وهي: "مقام الرشاد في التقليد والاجتهاد" .(1/31)
(7) ثمَّ خَتَم الكتاب بمختصر في الأذكار من إنشائه رحمه الله، و هو: "غذاء القلوب ومفَرِّج الكروب"، ليربطََ فيه الطالب بالمقصود من طلب العلم، وهو التقرُّب إلى الله عز و جل بالعمل الصالح و الكلِمِ الطيب.
* * *
[6] جداول مؤلفات الشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك
المؤلفات ... ملاحظات
القصد السديد شرح كتاب التوحيد ... طبع مفردا وهو ضمن مجموع "زبدة الكلام"
التعليقات السنية على العقيدة الواسطية ... تحت الطبع وهو ضمن مجموع "زبدة الكلام"
توفيق الرحمن في دروس القرآن ... في أربعة مجلدات طُبع محققاً
القول في الكرة الجسيمة الموافق للفطرة السليمة ... (مخطوط) في مجلَّد
خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام ... طبع مفردا ، وهو ضمن مجموع "زبدة الكلام"
أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ... هو: "الشرح المتوسط على عمدة الأحكام" (مخطوط) في مجلدين وسبعة أجزاء
مختصر الكلام شرح بلوغ المرام ... طُبع مفرَدا ، وضمن "المجموعة الجليلة"
مجمَع الجوادِّ حاشية شرح الزاد ... يوجد منه الجزء الثالث منه، وهو "كتاب البيع " مخطوط، والباقي مفقود
حاشية على بعض عبارات الزاد و شرحه ... هو الكتاب السابق
بستان الأحبار باختصار نيل الأوطار ... في مجلَّدين
تجارة المؤمنين في المرابحة مع رب العالمين ... مطبوع في مجلد
المرتع المشبع شرح مواضع من الروض المربع ... في أربعة مجلدات (تحت الطبع)
مختصر المرتع المشبع ... مخطوط في مجلَّد واحد، وصل فيه المؤلف إلى "كتاب الجنائز" وهو مختصر للكتاب السابق
تطريز رياض الصالحين ... مطبوع محققاً
(زبدة المراد فهرس مجمع الجواد) ... (مخطوط) الموجود منه فهرست الجزء الأول
من "مجمع الجواد"
تعليم الأحبّ بشرح أحاديث النووي وابن رجب ... طبع مفردا، وضمن المختصرات الأربعة
الشرح الكبير على "عمدة الأحكام" (نقع الأُوام) ... مخطوط، 5 مجلدات كبيرة في إحدى عشرة مجلدة(1/32)
محاسن الدين بشرح الأربعين النووية ... طبع مفرداً، وضمن (المجموعة الجليلة)
غِذاءُ القلوب ومفرِّجُ الكروب ... طبع مفردا ، وضمن المختصرات الأربعة
زبدة الكلام في الأصول والآداب و الأحكام ... مجموعٌ مخطوط في أربعة مجلدات، يحتوي على ثمانية كتب، وهي:
1- تعليم الأحب شرح أحاديثِ النووي وابن رجب
2- خلاصة الكلام عمدة الأحكام.
3- القصد السديد بشرح كتاب التوحيد.
4- التعليقات السنيَّة على العقيدة الواسطية.
5- مختصر الكلام على بلوغ المرام.
6- الغرر النقية على الدرر البهيَّة.
7- مقام الرشاد بين التقليد و الاجتهاد.
8- غذاء القلوب ومفرج الكروب.
مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد ... طبع مفرَدا، وضمن "المجموعة الجليلة"
الغرر النقية شرح الدرر البهيَّة ... طبع مفردا و هو ضمن مجموع "زبدة الكلام"
لذة القارئ مختصر فتح الباري ... مخطوط، في ثمانية مجلدات (مفقود)
تذكرة القارئ مختصر فتح الباري ... هو الكتاب السابق (وهو مفقود)
القول الصا ائب في حكم بيع اللحم بالتمر الغائب ... رسالة فقهية صغيرة طبعت ضمن (النفحات الزكيَّة)
صِلةُ الأحباب شرح ملحة الإعراب ... مخطوط توجد منه ورقة واحدة، والباقي مفقود
كلمات السَّداد على متن زاد المستقنع ... طُبع مرتين
المختصرات النافعة ... مجموع مطبوع يحتوي على أربعة كتب، وهي:
1ـ مفتاح العربية على متن الآجرومية.
2ـ(الدلائل القاطعة في المواريث الواقعة.
3ـ (غذاء القلوب ومفرج الكروب.
4ـ (تعليم الأحبّ أحاديث النووي وابن رجب.
المختصرات الأربع النافعة ... هو الكتاب السابق
الدلائل القاطعة في المواريث الواقعة ... طبع مفرَدا، وضمن المختصرات الأربعة
الحجج القاطعة في المواريث الواقعة ... هو "الدلائل القاطعة"
السبيكة الذهبية على متن الرحبية ... مطبوع عدة مرات
رسالتان في الفرائض ... هما : الرسالتان السابقتان
مفتاح العربية على متن الآجرومية ... طبع مفردا ، وضمن المختصرات الأربعة(1/33)
مفاتيح العربية على متن الآجرُّوميَّة ... هو الكتاب السابق
لُباب الإعراب في تيسير علم النحو لعامَّة الطلاب ... مطبوع
النفحات الزكيَّة من المراسلات العلمية ... هو مجموع من مراسلات الشيخ مع علماء عصره
المجموعة الجليلة ... مجموع مطبوع يحتوي على ثلاثة كتب، وهي:
1ـ مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد.
2ـ محاسن الدين بشرح الأربعين النووية.
3ـ مختصر الكلام شرح بلوغ المرام.
نصيحة جامعة و وصية نافعة ... هو "نصيحة دينية" مع رسالة "وصية طالب العلم" مطبوع
نصيحة دينية ... انظر الكتاب السابق
نصيحة المسلمين ... هو السابق
[1] مكتبة الشيخ الخاصَّة
(أ) كان لدى الشيخ - رحمه الله - مكتبةٌ فيها الكثيرُ من نفائسِ المخطوطات والمطبوعات القديمة عدا مؤلَّفاته العديدة: المطبوعة منها والمخطوطة،- ولا تزال تلك المطبوعات أو أكثرُها موجودةً في "مكتبة حريملاء العامَّة" يُفيد منها المثقَّفون وطلبة العلم-.(1/34)
و يتبين للمتأمل في مؤلفات الشيخ فيصل رحمه الله كثرة المصادر المطبوعة والمخطوطة التي كان الشيخ رحمه الله يفيد منها، فنجد أن الشيخ رحمه الله ينقل في تفسيره عن "جامع البيان" للأيجي(1)، و هوكتاب نادر، ولم يكن معروفاً في ذلك الوقت في البلاد السعودية، كما أنَّ الشيخ ينقل في مؤلفاته عن كثير من المؤلفات المخطوطة - في ذلك الوقت -، والتي لم تكن قد طبعت بعدُ، و بعضها لا يزال مخطوطاً "كالفائق" في الفقه لابن قاضي الجبل و غيره(2).
(ب) في مطلع عام 1377هـ، وبعد وفاة الشيخ فيصل رحِمه الله في سكاكا بالجوف في أواخر عام 1376هـ قام شقيق الشيخ - و هو الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز آل مبارك -، بنقلِ مكتبة الشيخ فيصل إلى داره في حريملاء، وذلك وِفقَ وصيةٍ من أخيه الشيخ فيصل رحمه الله، وكانت تلك الدار قد أوقفها الشيخ فيصل - في حياته - لتكون مكتبةً يفيد منها طلبة العلم.
إلاَّ أن أغلب تلك الكتب - ولِطول المُدَّة التي سبقت ضمَّ المكتبة إلى وزارة المعارف - اعتَوَرتْها يدُ الإستعارة، ففُقِد منها الكثير.
(جـ) في عام 1380هـ ضُمَّت مكتبة الشيخ فيصل إلى وزارة المعارف لِتكونَ - فيما بعد - "مكتبة حريملاء العامَّة".
__________
(1) أخبرني شيخنا الشيخ العلاَّمة عبدالله بن عبدالعزيزالعقيل - حفظه الله - أن الشيخ فيصل رحمه الله كان يورد ببعض الفوائد في مجالس التفسير التي كان يعقدها، قال الشيخ عبدالله - حفظه الله - فسألنا الشيخ فيصل عن المصدر الذي يستقي منه تلك الفوائد فأتانا بنسخةٍ قديمة مطبوعة من "تفسير الأيجي" قد لُفَّت في قماش، ففال الشيخ عبدالله - حفظه الله -: فلا زلت بعدها حريصاً على اقتناء ذلك التفسير، حتى وجدته بعد مدَّة طويلة يباع ضمن تركة بعض أهل العلم فاشتريته.
(2) نقل الشيخ عنه في "كلمات السداد" وغيرها من مؤلفاته.(1/35)
(د) وفي عام 1416هـ انتقلت مخطوطات كتب الشيخ رحمه الله أو بعضها - مع مخطوطات أُخَرَ - إلى مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، حيثُ صُنِّفت تحت اسم: (مكتبة حريملاء).
(هـ) قامت "دارة الملك عبدالعزيز" مشكورةً - في إطار مشروعها الرائد المعنِيِّ بحفظ مؤلفات علماء البلاد السعودية - بتخصيص قاعة لمؤلفات الشيخ فيصل تحت اسم:
مكتبة الشيخ فيصل المبارك رحمه الله:
و توجَدُ بتلك المكتبة بعض مؤلفات الشيخ المخطوطة بالدارة، كما قامت "دارة الملك عبدالعزيز" مشكورةً باقتناء مصوَّرات عن مؤلفات الشيخ الموجودة بمكتبة الملك فهد الوطنية، و قد كان لكاتب هذه الأسطر - و لله الحمد - بعض الإسهام في تكوين تلك المكتبة.
وكما توجد بعض مخطوطات الشيخ فيصل رحمه الله بمكتبة الشيخ عبدالمحسن أبا بطين(1) رحمهما الله "بدارة الملك عبدالعزيز"(2).
و تميزت مكتبة الشيخ رحمه الله بما يلي:
(أ) كثرة المخطوطات و المطبوعات النفيسة:
__________
(1) إذ أنَّ الشيخ عبدالمحسن رحمه الله كان هو الذي قد تولى طبع معظم مؤلفات الشيخ رحمه الله في مكتبته الأهلية..
(2) وقد قامت ذرية الشيخ عبدالمحسن رحمه الله - في عام 1425هـ - مشكورةً بإهداء مكتبته العامرة لصاحب السمو الملكي سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض حفظه الله، والذي استقبلهم في مبنى الإمارة، تشجيعاً منه حفظه الله للحركة العلمية ورموزها الثقافية، وقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط هذا الخبر - في الصفحة الأولى - صبيحة اليوم التالي معزَّزاً بالصور الفوتوغرافية -، وكان لكاتب هذه الأسطر - ولله الحمد - بعض الإسهام في التعريف بمكتبة الشيخ عبدالمحسن - رحمه الله - ، ثم التنسيق مع "دارة الملك عبدالعزيز" لنقل تلك المكتبة، و ذلك خلال بحثي عن مخطوطات الشيخ فيصل رحمهما الله.(1/36)
في وقتٍ ندَرَت فيه كتبُ العلم، وكان الوقوف عليها فضلاً عن اقتنائها مطلباً بعيد المنال(1)، و يتبينُ من كثرة نقول الشيخ رحمه الله في ثنايا مؤلفاته كثرة موارده المطبوعة و المخطوطة، و من زار "مكتبة حريملاء العامَّة" يقف على صورة جليَّة لما كانت عليه تلك المكتبة في حياة جامعها رحمه الله.
(ب) صحَّة الأصول الخطيَّة و نفاستها:
وقد تبين لي بالاستقراء الأغلبي نفاسةُ الأصول الخطيَّة وصحتُّها في الغالب، فأذكرُ على سبيل المثال قول الشيخ في كتابه "كلمات السداد" لدى شرحه لعبارة "الزاد" في (باب دخول مكة):
(ومن ترك شيئاً من الطواف - أو لم ينوه أو نكَّسه - لم يصح) فقال رحمه الله شارحاً: (قوله "أو نكَّسه"، وفي أكثر النسخ (أو نسُكه)، والصواب تقديم الكاف على السين، وعبارة المقنع (وإن طاف منكِّساً)(2) انتهى المراد منه.
فإذا عرفنا أن جميع نسخ الزاد المطبوعة المفردة منها أو المشروحة، بل حتى توجيه (الروض المربع)(3) للعبارة كانت على غير عبارة "المقنع"، علمنا مدى اطِّلاع الشارح رحمه الله على النسخ الخطيَّة، و قدَّرنا قيمة الفائدة من ذلك الشرح المختصر للزاد فهذا مثال على تصويب الشيخ للعبارة من خلال اطلاعه على عِدَّة نسخ.
__________
(1) في عام 1378 هـ أرسل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله إلى مكتبة حريملاء العامَّة لإحضار نسخة مطبوعة نادرة من "فتح الباري" لم توجَدْ إلاَّ ضمن مكتبة الشيخ فيصل رحمه الله، وذلك لمقارنتها بباقي طبعات الكتاب لإخراج الطبعة السلفية من "فتح الباري" والتي أشرف عليها الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، حيث صدرت عام 1379هـ.
(2) الشيخ رحمه الله يستدل ها هنا بعبارة ( المقنع) لأنَّه هو أصل المختصر المشروح (زاد المستقنع)، انظر -كلمات السداد - مطبعة النهضة (ص92).
(3) مع أنَّ صاحب (الروض المربع شرح زاد المستقنع ) هو : منصور البهوتي ، تلميذ الحجاوي صاحب المختصر .(1/37)
أمَّا مِثال صِحَّة النسخة الواحدة:
ففي النسخة التي اعتمدها الشيخ من "الدرر البهية" - وهي نسخة نفيسة ومحرَّرة - يقول الشوكاني رحمه الله في "باب كيفية الصلاة": (ولا يجب من أذكارها إلاَّ التكبير وقراءة الفاتحة في كل ركعة – ولو كان مؤتمَّاً -)، بينما في بعض النسخ المخطوطة: (ولا يجب من أركانها)، و معلومٌ أنَّ الأركانَ كلُّها واجبة، فيتعيَّنُ - لذلك - صحَّةُ سياقِ نسخةِ الشيخ رحمه الله.
(جـ) بعض تلك المخطوطات كانت بخط بعض الأعيان و المشاهير:
فأثناء بحثي في مخطوطات الجد الشيخ فيصل بن عبدالعزيزالمبارك رحمه الله وجدتُ مجموعة من المؤلفات بخطِّ الشريف محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إدريس بن محمد الإدريسي الحسَني المغربي رحمه الله، المعروف بشريف تهامة.
وكذلك بعض الكتب التي عليها تملُّك الإدريسي المذكور، والذي كانت له مشاركة في كثير من العلوم، لا سيما اللغوية منها.
فممَّا رأيتُ بخط الإدريسي:
( 1) منظومة ابن الشحنة في علوم البلاغة.
( 2) شرح الرعيني الحطاب على (متمِّمَة الآجرُّوميَّة).
( 3) (روض الأذهان شرح منظومة الزبيدي في علمي المعاني و البيان). للقاضي الحسن بن أحمد الضمدي المعروف بعاكش(1)، والمنظومة الزبيديَّة جيِّدة السبك متينة العبارة، و كذلك الشرح عليها محرَّرٌ متقَن.
( 4) (التلخيص في علوم البلاغة) للقزويني إلاَّ أنَّ جلَّ تلك المخطوطات ليست كاملة.
__________
(1) يلاحظ أن جميع روايات محمد بن علي الإدريسي - في الكتب المذكورة - هي عن طريق إسماعيل ابن القاضي الحسن بن أحمد الضمدي المعروف "بعاكش"، والذي يروي عن والده العلاَّمة الشهير، ولعاكش رواية عن العلاَّمة الشوكاني، ولعلَّ الشيخ فيصل استفاد نسختيه الصحيحة من "الدرر البهيَّة" و"نيل الأوطار"وغير هما من كتب أهل العلم من هذا الطريق.(1/38)
وكان الشيخ فيصل رحمه الله التقى محمداً الإدريسي في منتصف عام 1338هـ، حين انتدبه الملك عبدالعزيزرحمه الله ضمن وفدٍ يضمُّ خمسةً من كبار المشايخ برئاسة الشيخ عبدالله بن راشد بن جلعود(1)، وبقية الوفد هم: الشيخ ناصر الجارالله، والشيخ ناصر بن عبدالعزيز بن حسن، والشيخ حمد بن عبدالعزيز بن الشيخ"(2).
وحينذاك عقَد الشيخ معَهُ معاهدةَ صلحٍ دخلَتْ بموجبِها منطقةُ "تهامة" تحت حكمِ الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله(3).
__________
(1) صورة الخطاب الموجه من الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود إلى الشيخ الجلعود بتاريخ 25/2/1338هـ أدرجها الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري في كتابه ( لسراة الليل هتف الصباح ) (ص 416).
(2) انظر تاريخ عسير لهاشم النعمي (ص 354)، و(عنوان السعد والمجد فيما استظرف من تاريخ الحجاز ونجد) لابن ناصر ، ورقة (160-161) - مخطوط .
(3) انظر عن هذه المعاهدة :
1- ( تاريخ الدولة السعودية) ـ أمين سعيد: (ج2، ص97، 98).
2- (عسير في عهد الملك عبدالعزيز) محمد عبدالله آل زلفة: (ص22).
3- (الحدود والعلاقات السعودية اليمنية) ، الدكتور عيد مسعود الجهني، (ص308).
4- (عنوان السعد والمجد فيما استظرف من تاريخ الحجاز ونجد) لابن ناصر: ورقة 160، 161، مخطوط.(1/39)
قال ابن ناصر في أحداث عام 1338هـ: (وفيها بعث الإمام وفداً إلى نواحي اليمن منهم الشيخ عبدالله بن محمد الراشد، والشيخ ناصر بن حمد الجارالله، والشيخ فيصل بن عبدالعزيز المبارك يعلمونهم أصول الإسلام وشرائع الدين وحقيقة ما دعت إليه الأنبياء والمرسلين، وأن يقصدوا إلى الإمام محمد بن إدريس لعقد الأخوة الإسلامية، - وعقد معاهدة صداقة)(1).
وفي المعاهدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله(2).
يَعلَم به الناظر والواقف عليه بأن الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - حفظه الله - لما أمرنا بالقدوم على الإمام محمد بن علي بن إدريس لعقد الأخوة الإسلامية الخاصة ، وجمع الكلمة على دين الله ورسوله ، ودعوة الناس إلى ذلك في التعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، وأن تكون اليد واحدة على أعداء الدين ن فلما قدمنا على الإمام المذكور سَرَّهُ ذلك وأحبه حرصاً عليه الخير والتعاون عليه، فاتفقت الحال منا ومنه على عقد الأخوة بين الإمامين المذكورين على مثل ما ذكر أعلاه.
ثم ساقوا تفاصيل وبنود العقد، ثم في ختام العقد ما يلي:
والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. 16ذي الحجة 1338هـ.
نواب الإمام:
__________
(1) عسير في عهد الملك عبدالعزيز) محمد عبدالله آل زلفة، (ص22)، (الحدود والعلاقات السعودية اليمنية)، الدكتور عيد مسعود الجهني (ص308)، (عنوان السعد والمجد فيما استظرف من تاريخ الحجاز ونجد) لابن ناصر، ورقة (160، 161)، مخطوط.
(2) عسير في عهد الملك عبدالعزيز) محمد عبدالله آل زلفة، (ص22)، (الحدود والعلاقات السعودية اليمنية)، الدكتور عيد مسعود الجهني ، (ص308)، (عنوان السعد والمجد فيما استظرف من تاريخ الحجاز ونجد) لابن ناصر ، ورقة (160،161) - مخطوط .(1/40)
* فيصل بن عبدالعزيز المبارك ... * عبدالله بن محمد الراشد(1)…
* ناصر بن حمد الجار الله ... * محمد بن علي بن إدريس الختم
و قد دخلَتْ بموجب هذه المعاهد منطقةُ "تهامة" تحت حكمِ الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله(2).
و توطَّدت إثر عقْدِ المعاهدة الأخويَّة بين الملك عبدالعزيز والشريف محمد الإدريسي عُرى الأخوَّة والصداقة بين الشيخ فيصل والإدريسي، إذ أنَّ الإدريسي أهدى الشيخ فيصل مكتبةً علميَّةً عامرةً، بعضها بخطِّ الإدريسي نفس(3).
وقد انتقلت تلك المكتبة الإدريسيَّة مع سائر كتب ومصنَّفات الشيخ فيصل رحمه الله عام 1416هـ من مكتبة "الشيخ فيصل رحمه الله الخيريَّة" في حريملاء إلى "مكتبة الملك فهد"، حيث هي محفوظةٌ - الآن - تحت تصنيف "مكتبة حريملاء".
[2] جهود الشيخ في نشر و طباعة الكتب النافعة:
(أ) قام الشيخ بطباعة كثير من مؤلفاته على نفقته الخاصة رحِمه الله، وذلك عن طريق الشيخ عبدالمحسن أبا بطين رحمه الله صاحب "المكتبة الأهلية"بالرياض، والذي كان يقوم بطباعتها في مكتبة البابي الحلبي بمصر أو غيرها من المكتبات.
__________
(1) هو الشيخ عبد الله بن محمد الراشد الجلعود العالم المشهور والفقيه الفرضي المعروف ، وقد سبق ذكره في عداد مشايخ الشيخ فيصل .
(2) تاريخ الدولة السعودية - أمين سعيد: (ج2، ص97، 98)، (عسير في عهد الملك عبدالعزيز) محمد عبدالله آل زلفة: (ص22)، (الحدود والعلاقات السعودية اليمنية)، الدكتور عيد مسعود الجهني (ص308).
و انظر (عنوان السعد والمجد فيما استظرف من تاريخ الحجاز ونجد) لابن ناصر: ورقة (160،161) - مخطوط.
(3) لا شكَّ أنَّ توفُّر مثل هذه المكتبة الإدريسية - وغيرها من المكتبات العلمية الخاصَّة ـ في أيدي الباحثين في تاريخ جنوب المملكة العربية السعودية يثري البحث العلمي بمادَّة علمية خصبة.(1/41)
(ب) كما كان بعض الوجهاء و الفضلاء يبادرون بطباعة بعض كتب الشيخ على نفقتهم الخاصة، تقديراً منهم رحمهم الله للعلم والعلماء، مثل:
-الأمير عبدالرحمن السديري رحمه الله والذي تكفَّل بطبع كتاب "تجارة المؤمنين"
- ومثل الشيخ حسن بن حسينان رحِمه الله و الذي تكفَّل بطبع "توفيق الرحمن في دروس القرآن" .
- وكذلك الشيخ عطا بن شايع الكريع رحِمه الله و الذي تكفل بطبع رسالة "نصيحة دينية" .
(جـ) كما كانت للشيخ رحِمه الله مكاتبات مع بعض العلماء لحثهم على التأليف في شتى الميادين العلمية، ثم نشر وطبع إنتاجهم العلمي.
يقول الشيخ عبدالمحسن أبا بطين في خاتمة شرحه على الأربعين النووية:
(أقدِّم جزيل شكري لفضيلة العالم العلاَّمة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي ـ علاَّمة القصيم و حجة عنيزة ـ على ما أسداه لي أدبيا، وتشجيعه لي وتصحيحه لهذا التعليق، جزاه الله عن الإسلام و المسلمين خير الجزاء.
ثم أشكر فضيلة الشيخ فيصل بن مبارك قاضي الجوف إذ يحثُّني على طبع هذا التعليق ، ويرى المبادرةَ في طبعه، وإجابةً لذلك أقدِّمُه للطبع راجياً من الله المعونة، وأن ينفع به أبناء وطني العزيز .
عبدالمحسن بن عثمان أبا بطين
(د) كان لتقر ير اللجنة التي ترأسها الشيخ فيصل رحمه الله - وكان من أعضائها الشيخ محمد البيز رحمه الله - والتي كُلِّفت عام 1360هـ بالتحقق من أحوال الشيخ عبدالله القرعاوي رحمه الله، وما يقوم به من نشاط - عقب جولاته الكثيرة في الخارج كالهند و مصر والشام - أثرٌ كبيرٌ في توجيه الدعم لحكومي للشيخ عبدالله القرعاوي ممَّا شجع الشيخ عبدالله رحمه الله، وأسهم في مضاعفته لجهوده الدعوية، وافتتاح المزيد من المدارس.
قال الشيخ اسماعيل بن سعد بن عتيق حفظه الله:(1/42)
(أرسل الملك عبدالعزيز الشيخ فيصل المبارك و الشيخ محمد البيز عام 1360هـ للتحقق من أحوال الشيخ عبدالله القرعاوي، وما يقوم به من نشاط عقب جولاته الكثيرة في الخارج كالهند و مصر والشام، فاطلعت اللجنة على ما يقوم به الشيخ عبدالله، فقدمت صورة حسنةً سُرَّ بها الملك عبدالعزيز ممَّا أوجبَ استدعاء الشيخ عبدالله القرعاوي إلى الرياض، وأمره بكتابة سيرته وأعماله، فقام الشيخ عبدالله بتقديم تقريره مناولة للشيخ محمد بن ابراهيم مفتي الديار السعودية فارتاح الملك لمَّا قدمه الشيخ واطمأن، وأمر بتقديم أربعة آلاف ريال إليه، و وعده باستمرارها كقاعدة سنوية، وهذا الإجراء أعطى للشيخ عبدالله الضوء الأخضر و الطمأنينة على سير عمله.
ثمَّ عاد الشيخ القرعاوي إلى منطقة عمله بجيزان ليواصل تدريسه ودعوته مما جعل أمارة جيزان تفتح صدرها للشيخ عبدالله، وكان أمير المنطقة آنذاك خالد بن أحمد السديري، فرحم الله الملك عبدالعزيز وجزاه عن الإسلام خير الجزاء، ثمَّ إنَّ الأمير سعود رحمه الله ضاعف المبلغ إلى أربعين ألفاً)(1).
(هـ) وكذلك كان كان لتقرير تلك اللجنة التي ترأسها الشيخ فيصل رحمه الله الأثر الحميد بتبني الدولة وفقها لطبع جميع مؤلفات الشيخ حافظ الحكمي تلميذ القرعاوي رحم الله الجميع، قال الشيخ اسماعيل بن سعد بن عتيق حفظه الله:
(وأمر - (أي: الأمير سعود) - رحمه الله بطبع جميع مؤلفات الشيخ حافظ بن أحمد التلميذ المبرَّز للشيخ القرعاوي، وكذلك قام أمير منطقة جيزان بتشجيع الشيخ عبدالله في جهوده الدعوية، وسعى بصرف مكافأة لجملة من الطلبة قدرها ثلاثمائة ريال توزع عليهم شهريا وذلك عام 1362هـ.
__________
(1) المثال من الرجال) في سيرة الشيخ عبدالله القرعاوي رحمه الله، لفضيلة الشيخ إسماعيل بن سعد بن عتيق حفظه اللهـ ص45 - 46.(1/43)
وفي هذه السنة كثُر الوافدون من كل جهة لطلب العلم من السبت و بلقرن والعلوية وحلي ورجال ألمع وغامد وزهران وتهامة وعسير وبلحمر وبلسمر وقحطان وشهران وغيرها، ممَّا جعل الشيخ عبدالله رحمه الله يفتتح مدارس في تلك المراكز التابعة للإمارة المركزية في جيزان.
و زاد أمير جيزان رحمه الله في تشجيعه للشيخ القرعاوي، حتى أنه - كان يصطحب الشيخ عبدالله في جولاته ورحلاته في المناطق مَّما زاد في رتبة ومنزلة الشيخ لدى أهل المنطقة، إذ بقناعة الأمير بجهود الشيخ عبدالله يقتنع منسوبو المراكز، ومن وراء ذلك يكون للشيخ عبدالله منزلة تدعمها الدولة بواسطة الأمير
وتشجيعه ومصاحبته في بعض رحلاته وجولاته التفقدية)(1) .
وكتب حينذاك الشيخ فيصل إلى تلامذة الشيخ القرعاوي يطلب منهم سرعة إرسال كتب الشيخ حافظ إلى الرياض لتقوم الدولة حفظها الله بطباعتها، فأجابه أحد تلامذة الشيخ وهو فضيلة قاضي بلدة البرك بتهامة:
(مصنفات الحافظ تحصَّلنا على غالبها، وسنبذل الجهد في طبعها، فمن الذي عندنا من مؤلفاته:
(1) رسالته في التوحيد المسمَّاة: (الأعلام السنة المنشورة باعتقاد الطائفة المنصورة).
(2) وأرجوزته في الفقه المسمَّاة: (السبل السوية لقصد السنن المروية) قدر 1500 بيت.
(3) و رسالته في الفرائض المسمَّاة: (بالنور الفائض من شمس الوحي في علم الفرائض).
(4) و له (ديوان خطب منبرية) تليق بالوقت دعاية إلى التوحيد ونهي عن الشرك وترغيب و ترهيب.
وله (مناظيم) و(رسائل) و(نصائح) لا يفيء الزمان بمثلها)(2).
__________
(1) المثال من الرجال) في سيرة الشيخ عبدالله القرعاوي رحمه الله ، لفضيلة الشيخ إسماعيل بن سعد بن عتيق حفظه الله ـ (ص 47).
(2) انظر الرسالة في آخر كتاب " النفحات الزكية من المراسلات العلمية " لكاتب هذه الأسطر .(1/44)