القول اللطيف في التعريف
بالشيخ محمد عمرو عبد اللطيف
رحمه الله تعالى
إن الحمد لله، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. sQoosيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ eQoos[آل عمران:102]. sQoosيَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا eQoos[النساء:1]. sQoosيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا eQoos[الأحزاب:70-71].
أما بعد،،
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فقد كنت منذ عهد بعيد، وأمد طويل، أسمع بالسيرة العطرة للشيخ النحرير، والمحدث الكبير، والعلامة الشهير، والناقد البصير/محمد عمرو بن عبد اللطيف -رحمة الله عليه- وقد صحبت جملة من الإخوة الذين التقوا به كثيرًا في حياته الشخصية، وفي ميادين العمل، وسمعت منهم ما جعلني أتوق إلى لقياه، بيد أنه لم تسعدني الأحوال بأن أشرف بلقائه، فلم أشأ أن أحرم أجر ذكره بما هو له أهل، بعد أن أفضى لربه، ولم يعد للكلام محمل سوى، قصد وجه الباري، وتسجيل شهادة على مر الزمن.(1/1)
وقد جمعت كل ما طالته يدي في هذا الصدد من غير إيجاز مخل ولا تطويل ممل، والشيخ بكل حال أكبر مما سنذكره بكثير، وما كانت ترجمة قط لأحد الأفاضل على قدره، بل قطرة من بحر وسطر من قمطر، وهذا معلوم لا يحتاج إلى ذكره، فالنشرع فيما نحن بصدده، فأقول وبالله التوفيق ومن أستمد المعونة:-
*******
*****
***
*
الشيخ بأقلام بعض إخواننا من طلبة العلم
هذا ما وقفت عليه من كلام إخواننا عن الشيخ في ملتق أهل الحديث المبارك، ليس لي فيه من جهد إلا إعادة تنسيقه، وتصويب تصحيفه.
تعريف مختصر بالشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف
بقلم: الأزهري السلفي
إن الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وسلم..
قال الأزهري السلفي – عفا الله عنه -:
أولاً:- قد عرضت هذا التعريف المختصر على الشيخ – حفظه الله – فأجاز نشره – جزاه الله خيرا – بعد أن عدل فيه أشياء يسيرة.
فيما عدا الخاتمة فلم يطلع عليها الشيخ.
ثانياً:- ليس ثم أحد انبرى للتعريف بالشيخ، أو للترجمة له باختصار، إلا وغلط على الشيخ في شيءٍ أو أشياء، وقد قرأ الشيخ نفسه محاولة البعض للتعريف به هنا على " ملتقى أهل الحديث ".
فينبغي طرح كل ما سوى هذا التعريف الآتي.
ثالثاً:- سلكت في التعريف بالشيخ مسلك أهل السنة، الوسط بين الطرفين والعدل بين النقيضين، فلا إفراط في المدح والإطراء، ولا تفريط في حق الشيخ.
وجعلت في كلامي موضعاً لرد كلام المفرِطين، والمفرِّطين.
رابعاً:- حيثما وجد اللون الأحمر فهو نص كلام الشيخ [ سمعته منه رأساً أو من شريط له، أو نقلته بنصه من كتاب له ]، وحيثما وجد اللون الأسود فهو من كلامي وإنشائي.
وحيثما وجد غير ذلك فهو بحسب السياق.
خامساً:- التعريف بالشيخ – حفظه الله – منسق في العناصر الآتية:
1- اسمه ونسبه.
2- مولده ونشأته.
3- اتجاهه إلى طلب العلم وأهم شيوخه وتلاميذه.
4- سرد مؤلفات الشيخ المطبوعة والمخطوطة.(1/2)
5- ثناء بعض أهل العلم على الشيخ.
6- تصحيح بعض ما أشيع عن الشيخ.
والله المستعان.
من هو الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف ؟
هو الشيخ المحدث، البحاثة النقاد، ذو العقل الوقاد، صاحب التحريرات النافعة، والتحقيقات الناصعة.
نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكيه على الله.
1- اسمه ونسبه
محمد عمرو بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد القادر بن رضوان بن سليمان بن مفتاح بن شاهين الشنقيطي.
فـ ( محمد عمرو ) مركب، وترجع أصول الشيخ إلى شنقيط، فقد جاء بعض أجداده إلى مصر قديماً فراراً من التجنيد واستقر بها.
2- مولده ونشأته
ولد الشيخ – أطال الله في عمره على الطاعة – في حي مصر الجديدة من محافظة القاهرة، عاصمة مصر.
في الحادي عشر من شهر رمضان المبارك عام 1374 هـ
الموافق 5/2/1955 م
واستقر الشيخ منذ صغره مع عائلته المكونة من ستة أفراد - هو أصغر أفرادها - في منطقة المعادي.
وفي بعض مدارسها تلقى الشيخ تعليمه الابتدائي والإعدادي ثم الثانوي، ثم أجبره والده على دخول القسم العلمي رغم ميوله الأدبية، فحصل في الثانوية على مجموع التحق به الشيخ بمعهد (السكرتارية) بمنطقة ( مَنْيَل الرَّوضَة).
وحين وصل إلى السنة الثالثة من الدراسة في ( معهد السكرتارية ) تقرر تحويل المعهد إلى ( كلية التجارة وإدارة الأعمال ) التابعة لجامعة حلوان، كما تم نقل موضعه أيضا من الموضع السابق إلى منطقة ( الزمالك )، في الموضع الحالي.
ظل الشيخ - حفظه الله – حتى بلغ السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من عمره ( 1391هـ - 1972م) لا يتميز عن أحد من أقرانه بشيء من طلب العلم، لكن أبى الله – عز وجل – إلا أن يستعمله على وجه فيه النفع له – إن شاء الله – ولعامة المسلمين.
3- اتجاهه إلى طلب العلم وأهم شيوخه وتلاميذه
" عبد الرحمن بن يوسف بن حسين"..
اسم لن أنساه – إن شاء الله تعالى – وأظن أن الشيخ – حفظه الله – لن يفعل أيضا – إن شاء الله -.(1/3)
يخبر الشيخ عن هذا الأخ – جزاه الله خيرا – وأنه أول من لفت نظره إلى قراءة بعض كتب العقيدة السلفية، يوم كان عمر الشيخ حوالي ( 17 – 18 ) عاما، ويبدو أن الشيخ تأثر بهذه الكتب أشد ما يكون التأثر، فبدأ يسلك الطريق، ويترسم الخطا.
ولكن كيف اتجه الشيخ بكليته إلى الحديث ؟
لعل من نعم الله - عز وجل - على عبده ( محمد عمرو ) أنه اتجه للحديث، وأقبل عليه، وأحبه، وهو في سن مبكرة.
لم يكن الشيخ حينها قد بلغ العشرين من عمره..
ويخبر الشيخ – حفظه الله تعالى – عن هذه النقلة المهمة فيقول:
( كان عندنا كتاب " الترغيب والترهيب " للمنذري – رحمه الله – ضبط وشرح الشيخ: محمد خليل هراس – رحمه الله – فقرأت تعليق الشيخ عند حديث دعاء حفظ القرآن الذي رواه الترمذي والحاكم فقال فيه عند قول الترمذي ( حسن غريب ):
( وأي حسن فيه يا علامة ترمذ ؟ وهل نصدقك بعد هذا فيما تحسن أو تصحح من حديث ؟ )
وقال معلقا على قول الحاكم: " صحيح على شرطهما "
( ثم تأمل تبجح الحاكم وقوله صحيح على شرطهما، لا والله ما هو على شرطهما، ولو رواه أحدهما لسقط كتابه في الميزان كما سقط مستدركك أيها الحاكم ).
يقول الشيخ محمد عمرو: ( وكان يسمي المستدرك: المستترك، أي: الذي يستحق الترك.
فكان له تأثير كبير عليَّ في حب هذا العلم، كما أن المنذري في آخر كتابه سرد أسماء الرواة المختلف فيهم الذين مر ذكرهم أثناء الكتاب فهذا أيضا مما أثر في ّ وحبب إليّ علم الرجال، وكان بجوار المعهد ( المكتبة السلفية بالمنيل ) فاشتريت منها الأدب المفرد، وموارد الظمآن، وبعض الكتب في العقيدة مثل:
صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان، للسهسواني
والأخير يتميز بجو حديثي، فهذه من أوائل الكتب التي تأثرت بما فيها ).(1/4)
كان هذا هو بعض ما حبب الشيخ في علم الحديث، لكن تبقى معالم هامة في حياة الشيخ ( محمد عمرو ) الحديثية، لا يسعنا أن نغفل الإشارة إليها ونحن نسوق بعض العلامات التي أثرت في الشيخ " حديثيا ً"..
• الشيخ الإمام: محمد ناصر الدين الألباني.
قال شيخنا محمد عمرو – حفظه الله -:
( كنت متجها إلى مسجد أنصار السنة بعابدين، حين رأيت رجلاً أبيض مشرباً بحمرة، له لحية بيضاء، والناس مجتمعون حوله، وهو يتكلم عن حديث السبعين ألفاً، فقال:
( وفي رواية: ( الذين لا يرقون ولا يسترقون ) وزيادة لا يرقون شاذة والشذوذ من سعيد بن منصور – رحمه الله -... )
يقول الشيخ محمد عمرو:
( وبعدها بمدة عرفت أن هذا الكلام لشيخ الإسلام، أنه حكم على زيادة يرقون بالشذوذ.
وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي أرى فيها الشيخ، والطريف أنني رأيته ثم بعد ذلك عرفت أن هذا هو الشيخ الألباني..
كان عمري حينها 20 أو 21 )
لقاء ٌ واحد ؟!
نعم هو كذلك، وكان عمر الشيخ محمد يومها عشرين عاماً أو واحدا وعشرين..
لكن العلاقة بين الشيخين لم تكن هكذا وفقط..
فإنه ليس بمقدور أحد أن ينكر استفادة أهل العلم وطلبته، وبخاصة أهل الحديث، من كتب وتحقيقات الشيخ الألباني – رحمه الله -.
والذي أعلمه أن شيخنا محمداً – حفظه الله – قد أكثر من مطالعة كتب الشيخ – رحمه الله – ودراستها، والذي سمعته أن الشيخ محمداً يجل الشيخ الألباني ويوقره.
إذا علمت ذلك أيها القارئ الكريم، فتعجب معي من شخصٍ يحط من قدر الشيخ محمدٍ لأنه يخالف الشيخ الألباني في أشياء !!
وما علم هذا المتهوك أن أهل السنة بعضهم لبعضٍ كاليدين، تغسل إحداهما الأخرى، وأنه ليس ثَمَّ عالم إلا وهو مستدرك عليه، وأن الشيخ الألباني نفسه هو الذي علّمنا أنه ( كم ترك الأول للآخر ).
• الشيخ محمد نجيب المطيعي ( صاحب تكملة المجموع ).
يقول الشيخ محمد عمرو:(1/5)
( بالطبع تأثرت بالشيخ المطيعي – رحمه الله – ودروسه في مسجد الفتح بالمعادي، وكانت بيننا بعض مساجلات أذكر منها أنه مرة قال:
( لا دليل أن الله – سبحانه وتعالى - يوصف بالقديم )
[ هذا هو الصواب بلا ريب وهو معتقد الشيخ محمد عمرو – حفظه الله - ]
فانصرف ذهني إلى حديث أبي داود.
لكن شيخ أبي داود في هذا الحديث كان يرمى بالقدر، ووجدت له مصيبة أخرى في العقيدة، واسمه إسماعيل بن بشر بن منصور، ومع أنه صدوق إلا أن له حديثا آخر متعلقاً بالعقيدة.
ففي صدري من هذا الرجل.
المقصود أنني ذكرت للشيخ حديثه في سنن أبي داود وهو حديث:
( كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم... ) الحديث
فقال الشيخ كلاما في محاولة تأويل هذا.
ثم في يوم الجمعة التي تليها، قال الشيخ:
( يا شيخ عمرو، هذه سنن أبي داود، هات الحديث الذي نَخَعتَه )
وكان معه سنن أبي داود، وجلس على المنبر وأنا أمامه، ففتحت الكتاب ول واستخرجت له الحديث فقال الشيخ:
( ظننتك تقول دعاء دخول المنزل وليس دعاء دخول المسجد )
وكان الشيخ يثق في، مع أنني لم أخالطه كثيرا، ولم ألزمه كما يدعي البعض.
وكان يقول في أثناء بعض دروسه: ( لا أثق إلا في محمد عمرو ومحمد الصَّوَّاف ) في جملة الطلبة الذين يحضرون له هذه المجالس.
ثم بعد مدة أعطاني الإجازة دون أن أطلبها منه، فقال:
( اذهب إلى الجزء الثالث عشر من المجموع، وخذ الإجازتين، إحداهما إلى النووي، والأخرى إلى البخاري [ إسناد المعَمَّرين ] ).
وعودا بعد استطراد أقول:
تخرج الشيخ (محمد عمرو) من كلية ( التجارة وإدارة الأعمال )، ثم عين موظفاً بمديرية القوى العاملة في مجمع التحرير براتب شهري ( 38 ) جنيهاً
لكن الشيخ لم يستمر في الوظيفة الحكومية سوى لشهرين فقط !
بل تورع الشيخ عن أخذ مرتب الشهر الثاني، لما في العمل من اختلاط بين الرجال والنساء، وما فيه من متبرجات.(1/6)
ثم تركها واستمر في القراءة والطلب..
ومنذ كان عمر الشيخ 22 عاما إلى أن أصبح عمره 32 عاما..
وعلى مدار هذه السنوات العشر، مر الشيخ بأحداث كثيرة يمكننا أن نوجزها في الآتي:
• اعتقل الشيخ في الفترة من 14 / 12 / 1981 إلى 1/1/1983
في أحداث أوائل الثمانينات الشهيرة.
• كان لا بد للشيخ أن يعمل، فهو أحيانا يقف أمام عربة " فِشار " ليبيع الفِشار في شارع بجوار بيته.
وأحيانا يعمل في تخريج الأحاديث بالساعة، ويتذكر الشيخ جيدا الأخ: ( آدم إبراهيم حسن الموجي ) الذي دفع له بكتاب عمل اليوم والليلة لابن السني ليقوم بتخريجه، لكن العمل لم ينجز لسبب ما.
[ ويذكر الشيخ أن الأستاذ إبراهيم الموجي والد هذا الأخ، قام بترجمة صحيح البخاري إلى الإنكليزية ]
• وأولى ما يشار إليه من أحداث خلال هذه الحقبة من حياة الشيخ، أنه أصدر فيها عدة مؤلفات حين كان عمره ما بين ( 28 – 32 ) عاما.
وهي كل الكتب التي لا يرضى الشيخ عن منهجه فيها، وليس في هذه الحقبة كتاب واحد إلا وتراجع الشيخ عن بعض ما فيه، وسيأتي تفصيل ذلك في الكلام على مؤلفات الشيخ إن شاء الله.
لكنني أرى هذا المقام هو مقام ذكر بعض تلامذة الشيخ.
وأهم هؤلاء اثنان من أنجب من استفاد من الشيخ.
أحدهما: هو الشيخ الفاضل: أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد، صاحب التصانيف التي راجت وفاح عطرها.
والثاني: هو الشيخ الفاضل: أبو تراب عادل بن محمد بن أحمد، مدير دار التأصيل بمصر.
فهذان هما أنجب من استفاد من الشيخ، بل إن الشيخ يكثر الثناء عليهما، وقد يستشيرهما في بعض النواحي العلمية، وكم من مرة رأيته وسمعته يحيل على درس الشيخ طارق بن عوض الله.
وأما غير هذين ممن استفاد من الشيخ فكثير، منهم:
الشيخ: خليل بن محمد العربي ( صاحب الفرائد على مجمع الزوائد، وله اعتناء بكتب الإمام الذهبي، فله كتاب من جزأين جمع فيه أقوال الذهبي في الجرح والتعديل).(1/7)
الشيخ: إبراهيم القاضي ( ممن قام بتحقيق فتح الباري لابن رجب، ط. الحرمين ).
والشيخ: السيد محمود إسماعيل ( قام بتحقيق الإتحاف للبوصيري ).
و الشيخ:أبو ذر صبري عبد الخالق الشافعي ( قام بتحقيق مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد لابن حجر ط. مؤسسة الكتب الثقافية )
كذلك يذكر في هذا المقام بعض الإخوة الذين استفادوا من الشيخ وإن لم تكن لهم أعمال مثل الأخ: خالد بن حسن، والأخ ممدوح بن جمعة وغيرهما.
4- سرد مؤلفات الشيخ المطبوعة والمخطوطة
أما المطبوع منها فهو قسمان:
الأول: قديم ألفه الشيخ في المعادي، ولا يرضى عنه الآن، بل ينقده الشيخ نفسه، وهو أقل انتشارا إلى حد ما من الثاني.
وهذا كان على الطريقة الأولى في التفكير، لذا لا يرضى الشيخ عنه الآن، فهي مؤلفات على منهج المتأخرين الذين يوصفون بالتساهل، والاغترار بظواهر الأسانيد، وإغفال التفتيش الدقيق عن العلل.
الثاني: متأخر نسبياً، ألفه الشيخ في مدينة نصر، وهو مرضي عنه في الجملة
ويتميز بالتأني، والتعمق في البحث والتحليل، وترسم خطا الأئمة النقاد في التصحيح والتضعيف والتحسين والإعلال.
والشيخ لا يختلجه الآن شك في خطأ منهجه القديم وبعده عن الصواب.
ويمكن حصر المصنفات التي لا يرضى الشيخ عنها ( مؤلفات المعادي ) في الآتي: -
1- أخذ الجنة بحسن حديث الرتع في رياض الجنة، ومعه الأذكار الصحاح والحسان في الصباح والمساء وبعد الصلاة.
2- القسطاس في تصحيح حديث الأكياس.
3- تخريج أحاديث الحقوق ( حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة للشيخ ابن عثيمين ).
4- آداب حملة القرآن للآجري، الذي طبع زوراً باسم: أخلاق أهل القرآن.
5- البدائل المستحسنة لضعيف ما اشتهر على الألسنة، الجزء الأول.
كما يمكن أن نحصر المصنفات التي يرضى الشيخ عنها فيما يأتي:
1- تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة ( 1، 2 )( 100 حديث على جزأين ).(1/8)
2- تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع ( جزء واحد فيه 25 حديثاً )
3- حديث " قلب القرآن يس " في الميزان.
4- تخريج أحاديث كتاب: " الذل والانكسار للعزيز الجبار" لابن رجب الحنبلي، اشترك في التحقيق مع حسين الجمل.
5- تعليقات على كتاب: ( إماطة الجهل بحال حديثي " ما خير للنساء " و"عقدة الحبل " ) جمع وتنسيق زوجه: أم عبد الرحمن بنت النوبي.
وأما إنتاج الشيخ المخطوط فهو على القسمين السابقين أيضا، وأرى أن نعرض عن ذكر القسم الذي لا يرضى الشيخ عنه إذ لا فائدة من ذكره.
ويبقى قسم يرضى الشيخ عنه، أرجو أن يرى النور قريباً، ويمكن حصره فيما يأتي:
1- أحاديث وروايات فاتت أئمة وسادات ( مسودة ) وهذا يسميه الشيخ مشروع العمر، والعمل فيه منذ سنوات وسنوات.
2- جزء في تخريج حديث: " ما السماوات السبع..." ( مسودة ).
3- جزء في تخريج حديث: " ثلاث جدهن جد..." ( مسودة ).
4- الدراري الفاذة في الأحاديث المعلة والمتون الشاذة ( مسودة ).
5- الهجر الجميل لأوهام المؤمل بن إسماعيل أو ( المعجم المعلل لشيوخ العدوي مؤمَّل ) ( مسودة ).
6- حديث " لا يدخل الجنة عجوز " في الميزان ( مسودة ).
7- جزء فيه زيادة " ونستهديه " في خطبة الحاجة ( مسودة )
8- جزء فيه حديث دعاء بعد الوضوء " اللهم اجعلني من التوابين..." (مسودة ).
9- مختصر فضل ذي الجلال بتقييد ما فات العلامة الألباني من الرجال ( مسودة )
10- حديث " ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة... " في الميزان ( تم تبييضه ويدفع للطبع قريباً إن شاء الله).
5- ثناء بعض أهل العلم على الشيخ.
فلتعلم أخي القارئ أن قلة مؤلفات الشيخ كما ترى، إضافة إلى أن آخر ما طبع له كان منذ أحد عشر عاماً، كما أن الشيخ ليس له نشاط – تقريبا – في الخطب والدروس العامة إنما درسه لطلبة الحديث خاصة، وأيضا هو ممنوع منذ عام ( 1995) أو ( 1996)(1/9)
كل ذلك ساعد على عدم معرفة طلبة العلم بالشيخ بما يتناسب مع مستواه العلمي.
لكن أهل العلم والدعاة في مصر عرفوه وخبروه، وأثنوا عليه وعرفوا فضله وتقدمه على أقرانه وصرحوا بذلك.
وممن أثنى على الشيخ ( محمد عمرو ) حفظه الله:
• الشيخ الإمام الألباني.
حدثني الشيخ محمد عمرو أنه سمع في بعض الأشرطة المسجلة بين الشيخ أبي إسحق والشيخ الألباني، والشيخ أبو إسحق يسأله عن كتاب:
( القسطاس في تصحيح حديث الأكياس ) للشيخ محمد عمرو
فقال الشيخ الألباني: باحث جيد له مستقبل جيد في اعتقادي.
وهذا الكتاب من كتب الشيخ القديمة التي لا يرضى عنها، وقد حدثني بذلك الشيخ أبو إسحق أيضا ونشرته على الموقع قديما
• الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي.
لما زار الشيخ مصر، وفي مسجد الكحال قال:
( أعلم أهل مصر بالحديث محمد عمرو عبد اللطيف ).
وكان شيخنا محمد عمرو قد نبه الشيخ مقبلاً على علة حديث، وأشار الشيخ مقبل إلى ذلك في كتابه:" أحاديث معلة ظاهرها الصحة "
تحت الحديث رقم (395 ) صفحة: 258 ط. مكتبة ابن عباس بالمنصورة:
( سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته ) ما نصه:
( الحديث إذا نظرت في رجاله قلت: على شرط الشيخين، ولكنه منقطع: خالد الحذاء لم يسمع من أبي العالية. أفادني بهذا الأخ محمد بن عمرو المصري ؛ فرجعت إلى تهذيب التهذيب فوجدته كما يقول حفظه الله) اهـ
وأخبرني الشيخ محمد عمرو أن الشيخ مقبل لما زار مصر وألقى بعض الدروس في مسجد عقبة بن نافع، وقبل أن ينصرف استخلفه للجلوس مكانه وإلقاء الدروس بعده.
• الشيخ العلامة محمد بن عبد المقصود العفيفي.
تناهى إلى مسامعي أن الشيخ العلامة فقيه مصر محمد بن عبد المقصود العفيفي كان يحضر دروس الشيخ محمد عمرو ويكتب وراءه !
ما أحسن تواضعك يا شيخ محمد !
وسألت الشيخ ( محمد عمرو ) عن هذا الخبر فأخبرني أنه حضر مرة ولا يذكر إن كان كتب أم لا.(1/10)
وقال شيخنا العلامة محمد بن عبد المقصود العفيفي في رسالته " بحث في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مع الراجح من أقوال العلماء في الآراء الخلافية " صفحة 17:
(... وقد ذكر العلامة محمد عمرو عبد اللطيف حفظه الله: في كتابه تبييض الصحيفة أنه قد انفرد بها زائدة بن قدامة... ) الخ.
• الشيخ المحدث أبو إسحق الحويني.
كثيرا ما يذكر الشيخ حجازي بن محمد بن شريف في دروسه أو لقاءاته تقديمه للشيخ محمد عمرو على نفسه في الحديث.
ولا عجب، فقد تقارب الشيخان بدار التأصيل لفترة ليست بالقصيرة في البداية.
و مما قاله الشيخ منذ عدة أشهر:
( أنا أعرف علمه وزهده وتقواه، وأنا أقدمه على نفسي في هذا العلم ).
• الشيخ الفاضل حسن أبو الأشبال الزهيري – فك الله أسره -.
وهو من مشايخ مصر ودعاتها المشهورين المشتغلين بالحديث وله تحقيقات وأعمال يكتب عليها: أبو الأشبال الزهيري.
قال الشيخ حسن – فك الله أسره – في تقديمه لمحاضرة للشيخ محمد بن عبد المقصود بمسجد العزيز بالله في سياق ذكر الثلاثة المقدمين من علماء مصر:
( الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف إمام المحدثين في مصر بلا منازع لا نقدم عليه أحداً )
6- رد بعض ما أثير حول الشيخ.
ينقسم ما أثير حول الشيخ حفظه الله إلى قسمين، وهما طرفا نقيض !
والإنصاف أن نرد الشبهات جميعا، وهذا هو منهج أهل السنة كما سبق وأشرت.
فأما القسم الأول: على سبيل التنقص والذم.
والقسم الثاني: على سبيل الإطراء و المدح الكاذب.
فأما التي على سبيل القدح في الشيخ فهي:
1-ظن البعض أن الشيخ قد غير اسم كتاب الآجري: ( آداب حملة القرآن) فجعله: أخلاق أهل القرآن.
وأنا أعني بهذا البعض الشيخ الفاضل عبد العزيز القاري – حفظه الله – في عمله على الكتاب نفسه.
والحقيقة أن الشيخ القاري في ذلك معذور، فإن الكتاب قد طبع بهذا الاسم المزور، وعليه اسم الشيخ محمد عمرو(1/11)
والحق أن المتصرف في ذلك الناشر – هداه الله -، وأن الشيخ بريء من ذلك، قال الشيخ محمد عمرو في تكميل النفع ص14:
( فمن كتب على طُرَّة كتاب ((آداب حملة القرآن)) للإمام الآجري رحمه الله ــ محوّلاً اسمه إلى ((أخلاق أهل القرآن)) ــ: (حققه وخرج أحاديثه الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف) ــ وما حققته ولا رأيت مخطوطته قط بل نقلها غيري ــ أقول: من كتب ذلك، فقد غلط عليّ..)
2-الشيخ محمد عمرو يسقط كل ما في السلسة الصحيحة..
وهذا ينفيه الشيخ عن نفسه وكفى بذلك..
ويكفي عند كل ذي عينين أن الشيخ يذكر الشيخ الألباني بالخير ويعرف له قدره، ويسميه كثيرا بـ: الشيخ الكبير.
ومن أراد الزيادة فليرجع إلى ما سبق وكتب عند تأثر الشيخ محمد عمرو بالشيخ الألباني.
وليس معنى هذا - ولا ينبغي أن يفهم - أن الشيخ محمد عمرو لا يخالف الشيخ الألباني في شيء.
فمن ظن أن مخالفة الشيخ الألباني نوع تنقص فالعيب في فهمه، والخطأ من عنده، ولا نُحيلُه إلا على الشيخ الألباني نفسه، وهو الذي كان يذم التقليد، ويحث على البحث..
3-الشيخ غير راض عن كل كتبه التي ألفها !!
وإن تعجب فعجب قول من قال أنه يروي هذا الخبر بالإسناد الصحيح !
ومن مارس الحديث، وخبر الفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين، علم زيف هذا الكلام.
وقد مر تفصيل ما يرضى عنه الشيخ مما لا يرضى عنه منذ قليل، فراجعه إن شئت.
بل إن الشيخ عازم – إن شاء الله – على طباعة بعض كتبه التي نفدت أو تكاد.
وأما التي على سبيل المدح والإطراء الكاذب فمنها:
1- الشيخ محمد عمرو يستحضر كل رجال التهذيب.
وهذا يكذبه الشيخ، ولا يقره، فهو من المبالغة والإطراء الزائد عن الحد الذي لا يرضاه الشيخ، ولا يقر مثله، بل لا يعلم أحداً في هذه الأعصار لديه هذه الملكة.
2-الشيخ محمد عمرو كان يحفظ من كتاب صحيح الجامع وهو في محاضراته بالكلية.(1/12)
وهذا أيضا يكذبه الشيخ محمد عمرو، والأعجب من ذلك أنه يغلب على ظن الشيخ أنه لم يكن عنده صحيح الجامع، بل لم يكن عنده شيء من كتب الشيخ الألباني في وقت دراسته بالكلية !
3-الشيخ محمد عمرو يحفظ الكتب الستة بأسانيدها رجلا رجلا.
وأشهد أن الشيخ قد غضب مرة في حضوري من هذه وقال: هذا كذب !
فهو من المبالغات غير الصحيحة مطلقا.
نعم الشيخ يستحضر أسانيد الكثير من الأحاديث، ويعرف مخرجها، يعرف ذلك من جالس الشيخ وسأله.
لكن أن يقال أن الشيخ يستظهر كل ما في الكتب الستة، فهو كذب كما قال الشيخ.
الخاتمة:
وإني إذ انتهيت من هذه المقدمة أشهد الله أنني ما وفيت الشيخ حقه، فإن شيخنا لا يعرف زهده وحياءه وكريم خلقه إلا من جالسه
فلا يعرف من لم يره شدة تبسطه في ملبسه وحياته بعامة، وأنه يتنقل بالدراجة العادية من وإلى العمل
بل إنني رأيت من حيائه ما تعجبت منه، فأذكر أنني صحبته يوما من عمله إلى بيته سيرا على الأقدام، وقبل البيت بقليل استأذن الشيخ يسبق على الدراجة إلى البيت وانصرف..
وحين وصلت أنا وجدت الشيخ لا يزال واقفا تحت البيت فتعجبت !
فقال لي أنه يستحيي من الدخول، ففهمت أن نساء ما بالمدخل..
وما هي إلا لحظات وخرجن من المدخل..
وكانت أكبرهن في حدود الثانية عشرة من عمرها !!
أقول هذا القول وأختم بالدعاء للشيخ أن يتم شفاه، وأن يجعل ما ينفع به المسلمين في كفة حسناته..
إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
الأزهري السلفي
ملتقى أهل الحديث
ليلة 29 شعبان 1425 هـ
*******
*****
***
*
محمد بن عمرو عبد اللطيف
بقلم/ د. رضا أحمد صمدي
هاكم ترجمته أرويها بما رأيته بنفسي وعن تلاميذ الشيخ القدماء والمحدثين... هو الشيخ المحدث الأجل الكريم الحيي العلامة النابغة الجهبذ المتواضع بقية السلف الزاهد... محمد بن عمرو عبد اللطيف...(1/13)
ابتدأ طلب العلم في مقتبل شبابه، فكان يحفظ صحيح الجامع، أثناء سماع المحاضرات في كلية التجارة في حلوان كما حدثني الشيخ فريد هنداوي من رفقاء الشيخ في الطلب حفظه الله... كان معروفا بشغفه بالحديث يوم كانت مصر يعد طلبة العلم فيها من السلفيين على الأصابع...
وقد كان من المحدثين الذين لهم دور في نشر علم الحديث بعد الشيخ أحمد شاكر الشيخ المطيعي رحمه الله، وهو الشيخ نجيب، غير الشيخ بخيت، الذي كان أسبق وكان حنفيا مفتيا للديار المصرية...
وشيخ شيخنا هو محمد نجيب المطيعي، الذي كان يدرس من صحيح البخاري في الزاوية الحمراء، حي من أحياء القاهرة...
وقد حضر عليه الشيخ أبو إسحاق والشيخ محمد عمرو وكثير من طلبة العلم في ذلك الزمان، من السبعينات من القرن المنصرم...
واختص الشيخ محمد عمرو بالشيخ المطيعي حتى أجازه بصحيح البخاري وبتكملة المجموع للنووي... ولي إجازة عن شيخنا أبي ألأشبال عنه ( بنزول للأسف )...
عكف الشيخ عمرو على دراسة كتب الشيخ الألباني وكان به مغرما، محبا معظما، وهكذا كل طلبة علم الحديث في هذا العصر، ما من أحد إلا وهو عالة على الشيخ الألباني في فهم العلم وحبه والتعمق فيه.. ولا أعد مغاليا إن قلت إنه لولا مؤلفات الشيخ الألباني وما قدره الله تعالى لعمله من الانتشار ما كان
لعلم الحديث أن تقوم له قائمة في هذا العصر الحديث...
فجزى الله الشيخ الألباني خير الجزاء...
درس الشيخ كثيرا من الكتب، سواء في المصطلح، مثل نزهة النظر، وعلل الترمذي وغيرها...
وكان في دروسه يحقق ويشرح ويتوسع حتى تخرج عليه يديه الكثير من طلبة العلم...
وقد أخبرني الثقة أنه رأى الشيخ الفقيه محمد عبد المقصود يحضر على الشيخ محمد عمرو ويجلس بين يديه مستمليا مثل غيره من التلاميذ، فلله دره من متواضع...(1/14)
ابتلي الشيخ بالفقر والعوز والتضييق من الأجهزة الأمنية، وكثيرا ما كانت دروسه تمنع، فكنا نتندر على هؤلاء الطغاة كيف يمنعون درس الشيخ محمد عمرو وليس فيه إلا حدثنا وأخبرنا، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدواة أولئك الخلق لدين الإسلام نفسه..
حدثني الثقة أن مجلسا جمع بين الشيخ عمرو الشيخ أبي إسحاق وكثير من المشايخ وطلبة العلم، فقال الشيخ عمرو: أنا مزنوق، فقال له الشيخ أبو إسحاق، من أين أتيت بها، فبادر الشيخ وأمسك بمسند أحمد وأخرج له حديثا فيه هذه اللفظة... (1)
فقال له الشيخ أبو إسحاق: لا شك أنك أعلمنا...
وهكذا... ما علمت أحدا من أهل الحديث في مصر إلا وهو يقدم الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف، وخاصة في الحفظ والاستحضار.
وقد حدثني الشيخ فريد هنداوي وهو كان رفيقه وصديقه أن الشيخ محمد عمرو أخبره أنه لا يوجد رجل في التهذيب إلا وهو يستحضر حاله، وكفى بهذا حفظا في مثل هذا الزمان...
هذا بخلاف حفظ الشيخ للمتون والروايات وأمور أخرى لا يعرفها إلا من عاصر الشيخ وزامله..
__________
(1) قلت: في مسند أحمد بن حنبل 2/330 " ثنا أبو بكر الحنفي ثنا الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أحدكم إذا كان في المسجد جاءه الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته فإذا سكن له زنقه أو لجمه قال أبو هريرة فأنتم ترون ذلك أما المزنوق فتراه مائلا كذا لا يذكر الله وأما الملجوم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل ".
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج1/ص242 " ورجال أحمد رجال الصحيح ".
وفي لسان العرب: 10/146:
" الزناق حبل تحت حنك البعير يجذب به...وفي حديث أبي هريرة أنه ذكر المزنوق فقال المائل شقه لا يذكر الله قيل أصله من الزنفة وهو ميل في جدار في سكة أو عرقوب واد ".(1/15)
الشيخ شديد التواضع، خفيض الجناح لإخوانه، ولكنه مع ذلك شديد الصراحة قوي في اتباع السنة، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكم جنت صراحته عليه مع إخوانه، فكان يظن البعض به الشدة في حين أن الشيخ لا يبغض أحدا، فإنه إذا نبه أحدا على سنة وزجره، فهذا مع كمال حبه للإخوان وشدة تواضعه لهم...
وكان إذا رأى أحد الشباب الملتزم يبتسم ويسر ويسلم عليه كأنه عالم من العلماء... لله دره...
هذا بعض ما في الجعبة... ولم أتشرف بالتلمذة على الشيخ ولكن تشرف أخي وتوأمي... ومنه أنقل الكثير من الروايات...
والحمد لله رب العالمين.
*******
*****
***
*
الشيخ: محمد عمرو بن عبد اللطيف
كتبه عضو بملتفى أهل الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فهذه نبذة أذكرها عن شيخنا المفضال العلامة المحدث الشيخ: محمد عمرو بن عبد اللطيف - حفظه الله تعالى.
فأقول - وبالله الإعانة والتوفيق -: شيخنا محمد عمرو بن عبد اللطيف هو أفضل من علمناه في عصرنا هذا، ولاسيما من المشتغلين بعلم الحديث، ولا أقصد أفضليته في علم الحديث فحسب؛ بل الأفضلية في عامة أموره، فهو في العبادات لا يترك واجبًا ولا مندوبًا، فقد رأيته حريصًا كل الحرص في المحافظة على صلاة الجماعة ولا يترك أداء أي فرض في المسجد، وكذلك حاله في أذكار الصلاة، وأذكار الصباح والمساء، بل وجميع الأذكار الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤديها ويحافظ عليها محافظة تامة، ولا يسمح لأي إنسان كائنًا من كان أن يقطع عليه أذكاره، ولا أتذكر يومًا أن وجدته ترك أداء النوافل، فهو يؤديها بحقها، ولا يترك شيئًا منها.
هذا كله مع زهده وورعه في مأكله ومشربه وملبسه، فمن رآه لأول مرة لا يصدق أبدًا أن هذا هو الشيخ محمد عمرو من شدة بساطته في ملبسه وتعامله مع إخوانه.(1/16)
وأما عن حسن خلقه، وطيب قلبه، وصفاء نفسه فحدث ولا حرج، فهو لا يحمل لأي أحد من إخوانه بغضًا في صدره، ولو أساء إليه أي شخص فسرعان ما يصفح عنه،و كنت دائمًا أرى نور الطاعة والعبادة على وجهه.
هذا كله مع الالتزام التام في متابعة السلف الصالح في صحة الاعتقاد، وسلامة المنهج، وحب أهل الحديث، وحب معاشرتهم، والالتزام بهم.
أما عن حاله في علم الحديث، ففي نظري أنه لا يصدق إطلاق القول على أحد في زماننا هذا أنه حافظ إلا على الشيخ محمد عمرو، فما من مرة ويسأل عن حديث إلا ويجيب عليه ببداهة وسرعة استحضار عجيبتين، ويعرف مخرجه، وصحته من ضعفه، ويبين سبب علته، وإذا سأل عن راو ما فذهنه حاضر عن حاله ويبين مروياته، ويقول فلان صاحب حديث كذا وكذا، وهذا لم أجده من أحدٍ أبدًا ممن عرفته من أهل الحديث المعاصرين لنا. وهذا أمر لا يعلمه إلا من عاشر شيخنا، وعرف حاله.
ويعلم الله أني لم أبالغ في كلمتي هذه عن الشيخ محمد عمرو، بل لا أبالغ إن قلت: أني بكلامي هذا لم أعطه حقه في مدحه والثناء عليه.
وأرجو من إخواني الكرام ألا يبخلوا بالدعاء لشيخنا أن يشفيه ويعافيه من مرض السكر الذي ابتلي به، حيث أنه اشتد عليه بدرجة كبيرة في الآونة الأخيرة.
وأرجو من الله تعالى أن يحشرنا وشيخنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
الشيخ بقلمه
اسمه ونسبه وكنيته:
أبو عبد الرحمن محمد عمرو بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد القادر بن رضوان بن سليمان بن مفتاح بن شاهين الشنقيطيّ. (1)
هذا الذي ذكره الشيخ في ختم كتابه " أحاديث ومرويات ".
رأي الشيخ في نفسه فيما ذكره في أخريات ما كتب:
__________
(1) قلت: والشنقيطي نسبة إلى (شنقيط) و" شنقيط بالكسر مدينة من أعمال السوس الأقصى بالمغرب " (تاج العروس 19/419).(1/17)
وبعد كل ما ذكر من مدح وثناء في جنب شيخنا، لنراه في تواضعه، وماذا يقول عن نفسه:
" والذي استبان لي بيقين أن استعجالي في تصنيف الرسائل والكتب، والتعليق عليها، بل ومراجعة بعضها، هو الذي جرَّ عليَّ أموراً لم تكن في الحسبان، وتَعَرُّفاً من الكثيرين عَلَيَّ، بصورة لم تخطر على القلب، بحيث ارتسم في أذهان الكثيرين تصور غير صادق لحقيقة أمري ومبلغ علمي، وزادهم اغتراراً بي: إجازةٌ من الشيخ محمد نجيب المطيعي ـ رحمه الله ـ لم أستشرف لها ولم أسع إليها، ولم أُره من نفسي ما يؤهلني لها. إنما هو مجرد توسم للخير فِيَّ من شيخ فاضل لم ألازمه ولم أُطِل صحبته ولا الانتفاع به.
وقد صرت أسمع ألقاباً وأوصافاً لا تنبغي للمتقين، ولا تليق إلا بالعلماء ـ حقاً وصدقاً ـ من الحفاظ العاملين!
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى تعليق آمالٍ على المسكين وأنه أهل أن يدرس فقهاً، أو يلقي محاضرة في قضية عامة، أو يُطْلَب منه موعد لحل مشكلة زوجية ينبني عليها تقرير مصير!! وجماعة من المتقين من علماء الأمة ـ حقاً وصدقاً ـ كانوا يتحاشون كثيراً من هذه الأمور فلا ينطقون فيها بحرف، مع الأهلية والكفاءة !
إن إنساناً ابتُلِي بمعرفة الناس إيَّاه وتمييزه في المعاملة ومبالغتهم في أمره أحياناً إلى درجة الكذب عليه (!) ينبغي أن يُرحم وأن يُعان على تخليص رقبته، وعلى هوى نفسه وشيطانه ودنياه، فإن النفوس ـ في هذا الزمان ـ ضعيفة تسارع إليها الفتنة إن لم يتداركها ربها ـ تعالى ـ برحمته فأرجو من هؤلاء وأولئك أن يصححوا تصورهم، وألاَّ يحملوا ما ذكرتُ على تواضع أو غيره، فإن لكل مقام مقالاً كما قال أبو الطفيل عليه رضوان الله، وذلك قبل أن يؤاخذني ربي ـ جل وعلا ـ على ما يقولون ويفعلون ويعتقدون ويغالون.(1/18)
إذ إن المقصد الأسمى عند كل من عرف هذا الرب الجليل ـ تعالى ـ ورضيه رباً وإلهاً، ورضي محمداً - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً، وشريعة الإسلام ديناً ومنهجاً هو رضوانه ـ تعالى ـ في الدنيا والآخرة، ومغفرته للذنوب الأوزار، وستره عليه في الدنيا والآخرة، ودخول جنته، والتزحزح عن ناره وعذابه، وكل ما سوى ذلك فهو تابع له، دائر في فلكه.
فعلى كل امرئٍ أن يُقبل على شأنه ويعرض عما لا ينفعه في الدنيا ولا في الآخرة. اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد ".اهـ
وليس لي من تعليق إلا أن أقول " لله درك، فقد أديت ما عليك من حق".
جهوده العلمية:
هذه هي الكتب التي وقفت عليها من مؤلفات الشيخ فضلًا عما ذكره إخواني مما لم أقف عليه أولم يطبع بعد:
أ. تحقيقاته:
أخلاق أهل القرآن - لأبي بكر محمد بن الحسين الآجري - دار الكتب العلمية-بيروت.
حقوق على دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة- للشيخ محمد صالح العثيمين - مكتبة التوعية الإسلامية-القاهرة.
الذل والانكسار للعزيز الجبار – للحافظ ابن رجب الحنبلي - مكتبة التوعية الإسلامية-القاهرة.
ب: مؤلفاته:
تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة - دار ابن الجوزي-الدمام.
إيقاف الأبرار على ضعيف وواهي الآثار - مكتبة التوعية الإسلامية-القاهرة.
البدائل المستحسنة لضعيف ما اشتهر على الألسنة - مكتبة التوعية الإسلامية-القاهرة.
تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع- مكتبة التوعية الإسلامية-القاهرة.
سلسلة " أحاديث ومرويات في الميزان ".(1/19)
وقد بقيت كلمة نقلت لي من إخواني الذين شرفوا بالعمل مع الشيخ في قاعة البحث العلمي نقلت إلي بما هو كالمتواتر من الطرق:" كنا لا نتوقف في ترجمة، ولا يغمض علينا حال راو، ولا يغيب عن عيننا موقع ترجمة إلا وجدنا عند الشيخ في الأمر ما يغنينا، و أحالنا على المصدر كأنه طالعه الساعة، فكنا نعجب لذلك أشد العجب فإذا رجعنا إلى المصدر ازددنا عجبًا إذ نجد الشيخ في كثير من الأحيان لم يخل الترجمة من التعليق عليها في نسخة الكتاب الموجودة بقاعة البحث بتعليق يوضح غامض أو يكشف مبهم أو يفتح للبحث آفاقًا جديدة "
وفاته رحمه الله:
ومع إشراق شمس هذا اليوم وصل إلى مسامعنا نبأ وفاته رحمة الله عليه، وذلك في صبح الرابع عشر من شهر الله المحرم ، عام 1429هـ، الموافق 22من يناير عام 2008م، وكان الشيخ قد انتقل إلى رحاب ربه في الليلة التي صبحها ذلك اليوم.
رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح جناته.. اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إن لله وإن إليه راجعون.
وكتب
راجي عفو ربه الودود
محمود محمد محمود
عامله الله باللطف والجود(1/20)