حكم الشرب قائما
بحث أعدَّه
د . سعد بن عبدالله بن عبدالعزيز آل حُمَيِّد
الأستاذ المشارك بكلية التربية – جامعة الملك سعود - الرياض
الحمد لله على ما أولانا من النعم ، ودفع عنا من النقم ، أحمده سبحانه وأشكره ، وأثني عليه الخير ولا أكفره ، فكم له سبحانه من نعمٍ غفلنا عن شكرها بغفلتنا عن معرفتها، ومعرفة ما ترتب عليها من مصالح ، ودُرِئَ بها من مفاسد ، وأُصلي وأسلم على عبده ورسوله ، وصَفِيِّه وخليله ؛ نبيِّنا محمد الذي بلّغ رسالة ربه أتمّ بلاغ وأكمله ، فما من خير إلاّ ودلّ أمته عليه ، وما من شرٍّ إلاّ وحذّرها منه ، حتى ترك أمته على مثل البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعده إلاّ هالك ، فصلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وصحبه خيرِ صَحْبٍ وآلٍ ، وسلّم تسليمًا ، أما بعد :(1/1)
فإن من أعظم نعم الله تعالى علينا : أن اختار لنا دين الإسلام ، وجعلنا من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام ، ومن خير أمة أُخرجت للناس ، هذه الأمة التي جعلها سبحانه آخر الأمم ، كما أن دينها هو خير الأديان وآخرها ، ونبيها هو أفضل الأنبياء وخاتمهم ، فلن يقبل الله من أحد دينًا سوى الإسلام ؛ كما قال سبحانه : { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ } (1) ، وقال : { وَمَنْ يَّبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُّقْبَلَ مِنْهُ } (2) ، فهو دين كلّه محاسن ، جاءت أحكامه لتنظيم حياة البشر ؛ صغيرها وكبيرها ؛ في السياسة ، والاقتصاد، والتعليم ، والإعلام ، والصحّة ، والمواصلات ، وغير ذلك من مجالات الحياة ، كما نظّم علاقات الناس مع ولاة أمورهم ، وبعضهم مع بعض ؛ في الصّلة ، والجوار ، والأخوّة ، والعطف ، والشفقة ، والتراحم ، والترابط ، والتزاور ، والتزاوج ، وغير ذلك ، كما نظّم سلوك الفرد أجمعه ؛ في عبادته ، ومأكله ، ومشربه ، وملبسه ، ومنكحه ، وطلبه للدنيا ، وتعلّمه ، وتعليمه ؛ حتى قضاء حاجته ، فما من مسألة دقيقة ولا جليلة إلاّ وهي خاضعة لسلطان الله وحكمه .
فقد خرّج مسلم في "صحيحه"(3) عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال : قال لنا المشركون: إني أرى صاحبكم يعلمكم ، حتى يعلمكم الخراءة ! فقال : أجل ! إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه ، أو يستقبل القبلة ، ونهى عن الرَّوث والعظام ، وقال : (( لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار )) .
__________
(1) الآية : (19) من سورة آل عمران .
(2) الآية : (85) من سورة آل عمران .
(3) برقم (262) .(1/2)
وفي رواية : قيل له : قد علّمكم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - كل شيء ، حتى الخِراءة ! قال : فقال : أجل ! لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول ، أو أن نستنجي باليمين ، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ، أو أن نستنجي برجيعٍ(1) أو بعظم .
وسأتناول في هذا البحث جزءًا من واحدة من هذه القضايا التي عني الإسلام بتنظيمها ، وهي مسألة « حكم الشرب قائمًا » ، التي هي جزء من قضيّة الغذاء التي تحدَّثت عنها في رسالة لي بعنوان "آداب الغذاء في الإسلام"(2) .
__________
(1) الرَّجيع : هو الرَّوث . "النهاية في غريب الحديث" (2/203) .
(2) وهي من منشورات دار الصميعي للنشر والتوزيع بالرياض ، سنة 1416هـ ، وأصلها بحث ألقيته في "الندوة السعودية الثانية للغذاء والتغذية" التي أقامتها كلية الزراعة بجامعة الملك سعود – الرياض ، في الفترة من 4-7 جمادى الآخرة سنة 1415هـ ، ونشر في إصدارات تلك الندوة (ص21-46) .(1/3)
ولم أجد من سبقني إلى بحث هذه المسألة باستفاضة كما صنعت ، وإن كان هناك من تناولها استطرادًا ؛ كأصحاب الشروح الحديثية ، والفتاوى ، وكتب الآداب ، والمصنفات في الفقه ؛ ممن سيأتي النقل عنهم ، بالإضافة لمن صنف في آداب وأحكام الأكل والشرب ؛ كأحمد بن عماد الدين الأقفهسي (ت808هـ) في "شرح منظومة آداب الأكل والشرب والضيافة"(1) ، ومحمد حقي النازلي (ت1301هـ) في كتابه "السنوحات المكية في آداب التجارة والكسب ، وآداب الأكل والشرب"(2) ، ومحمود شكري الألوسي (ت1342هـ) في كتابه "الماء ، وما ورد في شربه من الآداب"(3) ، والشيخ عبد الله بن جار الله (ت1415هـ) في رسالة بعنوان "تحفة الأحباب بآداب اللباس والطعام والشراب"(4) ، والشيخ أبي بكر الجزائري في رسالة له بعنوان "آداب الأكل والشرب والضيافة"(5) ، والدكتور إسماعيل بن عبد المطلب الخطيب في كتابه "خلاصة الكلام في آداب الشراب والطعام"(6) ، وحامد بن مدّة الجدعاني في كتابه "آداب الأكل والشرب في الفقه الإسلامي"(7) ، وجميعهم تناول المسألة باختصار .
وقد دفعني لكتابة هذا البحث عدّة أمور ، من أهمها :
1- ما يقع من حرج وشعور بالإثم من بعض الناس من جرّاء فتوى بعض أهل العلم بحرمة الشرب قائمًا ؛ استنادًا على أحاديث النهي .
__________
(1) نشرت بدار اليمامة بحمص سنة (1414هـ) ، بتحقيق مصطفى الخدري ، وعبد الإله نبهان .
(2) وهو مطبوع بالمطبعة الوهبية بمصر سنة (1297هـ) .
(3) وهو مطبوع بمطبعة المعارف الجديدة بالرباط ، من مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية سنة (1405هـ) ، بتحقيق محمد بهجة الأثري .
(4) وهي مطبوعة بمطابع الفرزدق بالرياض ، نشر دار المنار بالخرج سنة (1411هـ) .
(5) وهي من منشورات دار الصحابة للتراث بطنطا – مصر ، سنة (1412هـ) .
(6) وهو مطبوع بمطابع الفرزدق التجارية بالرياض ، الطبعة الأولى سنة 1415هـ .
(7) وهو مطبوع بمطبعة سفير بالرياض سنة (1423هـ) .(1/4)
2- بيان المنهج الصحيح في معرفة الحكم الشرعي حال تعارض الأدلَّة ؛ لأن هناك من يَنْحو مَنْحَى الظاهرية الذين يقدمون الأدلة المخالفة للأصل ؛ بحجَّة أنها متأخِّرة ، والأدلةُ الموافقة للأصل متقدمة ، والمتأخِّر ينسخ المتقدِّم ، ومثله تقديم أقواله - صلى الله عليه وسلم - دومًا على أفعاله ؛ بحجة أن فعله يحمل على اختصاصه به - صلى الله عليه وسلم - ، وقوله عام لعموم الأمة .
3- إبراز بعض محاسن الإسلام التي تدلّ على رعايته لمصالح الأمة ؛ في منهج وسط يحقق المصلحة ، مع البعد عن إيقاع الحرج على الناس قدر الإمكان .
وقد اعتمدت على حكم الحافظ ابن حجر في أحكامه على الرجال في "التقريب" إذا رأيت حكمه مناسبًا ، ولم أذكر أقوال الأئمة – طلبًا للاختصار - إلا إذا اخترت حكمًا غير حكمه ، أو كان هناك سبب يدعو لذكر أقوالهم ؛ كما تجده في حال أبي عيسى الأُسْواري(1) ؛ بسبب تضعيف أبي الوليد الباجي والقاضي عياض رحمهما الله لحديثٍ في صحيح مسلم بهذا الرجل.
كما أني لم أتعرَّض لحديثٍ في الصحيحين بالحكم عليه إلا في مقام الدفاع عنه ، وأما الأحاديث في غير الصحيحين فإني اعتمدت على أحكام الأئمة الآخرين عليها إذا رأيت حكمهم مناسبًا ؛ كالترمذي ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، وغيرهم ، وإن رأيت حاجة تدعو لمخالفتهم ، أومناقشة أحكامهم ؛ فعلت .
وسأعرض أوّلاً أدلّة النهي عن الشرب قائمًا ، ثم أدلّة الإباحة ، ثم أقوال أهل العلم في هذه المسألة ، وحجّتهم فيما ذهبوا إليه ، ثم أرجّح ما أراه راجحًا بالدليل ، وأجيب على ما يمكن أن يجاب عنه من حجج الأقوال الأخرى ، وأسأل الله أن يلهمني رشدي ، وأن يعيذني من شرّ نفسي ، وأن يرزقنا جميعًا الإخلاص له سبحانه في القول والعمل ، إنه وليّ ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه
سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميِّد
أدلّة النهي عن الشرب قائمًا
__________
(1) ص13) .(1/5)
أوّلاً : حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -
قال مسلم(1) : حدثنا محمد بن المثنى ؛ حدثنا عبد الأعلى(2) ؛ حدثنا سعيد(3) ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى أن يشرب الرجل قائمًا .
قال قتادة : فقلنا : فالأكل ؟ فقال : ذاك أشر ، أو أخبث .
وأخرجه(4) أيضًا من طريق وكيع ، عن هشام – وهو الدستوائي - عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله ، ولم يذكر قول قتادة .
وأخرجه(5)
__________
(1) في "صحيحه" (2024) . ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي (1879) ، وابن ماجه (3424) ،وأبو يعلى في "مسنده" (3195)، وأبوعوانة في "مستخرجه" (8186)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/272).
(2) هو : ابن عبد الأعلى البصري .
(3) هو : ابن أبي عروبة .
(4) في الموضع السابق . ومن طريق هشام أخرجه الطيالسي (2112) ، وابن أبي شيبة (24481) ، وأحمد في "المسند" (3/118 و147 و214 رقم12185 و12490 و13231) ، وأبو داود في "سننه" (3717)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/272) .
(5) في الموضع السابق . ومن هذا الوجه أخرجه الإمام أحمد (3/199 و291 رقم 13062 و14105) ، والدارمي (2173) ، وأبو يعلى (2867) ، وأبو عوانة (8189) ، والطحاوي (4/272) ، والبيهقي في "سننه" (7/281) .
وأخرجه ابن حبان (5321 و5353) من طريق أبي يعلى وطريق آخر .
وأخرجه الطيالسي (2129) من طريق يزيد بن إبراهيم ، عن قتادة ، به .
وأخرجه الإمام أحمد (3/182 و277 رقم 12871 و13943) ، وأبو عوانة (8194 و8195) ، والبيهقي في "الشعب" (5578) ، جميعهم من طريق شعبة ، عن قتادة ، به ، وفيه سؤال قتادة لأنس عن الأكل .
وأخرجه البيهقي في "السنن" (7/281) ، و"الشعب" (5577) من طريق أبان بن يزيد العطار ، عن قتادة ، دون السؤال .
وأخرجه أبو يعلى (3111) ، وأبو عوانة (8196) ، والضياء في "المختارة" (2558) ، جميعهم من طريق شبابة بن
سوار ، عن المغيرة بن مسلم ، عن مطر الورّاق ، عن قتادة ، به بلفظ : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب قائمًا ، والأكل
قائمًا ، وعن الجلاّلة ، وأن يشرب من فِيِّ السقاء .
ومطر بن طهمان الورّاق ضعيف كما في "التقريب" لابن حجر(6699)، وقد تفرد بهذه الزيادة .
وأخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بـ"المصنف" ( 19590 ) عن معمر ، عن قتادة ؛ قال : سألت أنسًا عن الشرب قائمًا ؟ فكرهه . قلت : فالأكل ؟ قال : هو أشد .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (24123) من طريق معتمر بن سليمان ، عن معمر ، به .
وهذه رواية شاذّة لمخالفة معمر لجميع الرواة الذين رفعوا الحديث ، وهو يقفه .(1/6)
أيضًا من طريق همام - وهو ابن يحيى - عن قتادة ، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عن الشرب قائمًا .
وقد أعلّ ابن عبد البر ، وأبو الوليد الباجي ، والقاضي عياض هذا الحديث .
أما ابن عبد البر فنسب إعلالها للإمام مالك عل سبيل الإقرار ، فقال(1) : « إنما رسم مالك هذا الباب ، وذكر فيه عن عمر ، وعلي ، وعثمان ، وسعد ، وعائشة ، وابن عمر ، وابن الزبير ؛ أنهم كانوا يشربون قيامًا ؛ لما سمع فيه من الكراهية – والله أعلم - ، ولم يصح عنده الحظر ، وصحَّت عنده الإباحة ، فذكرها في بابٍ أُفرِد لها من كتابه هذا ، وهي الأكثر عند العلماء ، وعليها جماعة الفقهاء » .
وأما أبو الوليد الباجي فقال(2) : « وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الشُّرْبِ قَائِمًا ، وَقَدْ كَرِهَهُ قَوْمٌ لأََحَادِيثَ وَرَدَتْ فِيهِ فِيهَا نَظَرٌ ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ قَدْ أَخْرَجَهَا فِي "صَحِيحِهِ" ، وَلَمْ يُخْرِجْهَا الْبُخَارِيُّ ... » ، ثم ذكر حديث أنس هذا ، ثم قال : « وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مِنْ الاضْطِرَابِ عَلَى قَتَادَةَ مَا لا تَحْمِلُهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ؛ لِمُخَالَفَةِ أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ ، وَالأحَادِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهَا مُعَارِضَةٌ لَهَا ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ : حَدَّثَنَا ، وَكَانَ شُعْبَةُ يَتَّقِي مِنْ حَدِيثِهِ مِمَّا لا يُصَرِّحُ فِيهِ بِحَدَّثَنَا » .
وتابع ابنَ عبد البر وأبا الوليد الباجي القاضي عياضٌ فقال(3)
__________
(1) في "الاستذكار" (26/277) .
(2) في "المنتقى" (7/237) .
(3) في "الإكمال" (6/491) .
ونقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/83) هذا عن القاضي عياض بلفظ : « لم يخرج مالك ولا البخاري أحاديث النهي ، وأخرجها مسلم من رواية قتادة عن أنس ، ومن روايته عن أبي عيسى ، عن أبي سعيد ، وهو معنعن ، وكان شعبة يتّقي من حديث قتادة ما لا يصرّح فيه بالتحديث ، وأبو عيسى غير مشهور ، واضطراب قتادة فيه مما يعله ، مع مخالفة الأحاديث الأخرى والأئمة له » . اهـ .(1/7)
: «لم يدخل مالك في "موطئه"، ولا البخاري في "صحيحه" أحاديث النهي عن الشرب قائمًا ، فأدخلا إباحة ذلك من الأحاديث والآثار [إذ](1) لم يصح عندهم النهي عن ذلك ، والله أعلم .
وذكر مسلم في الباب ثلاثة أحاديث : حديث قتادة عن أنس ، وهو معنعن ، وكان شعبة يتّقي من حديث قتادة [ما](2) لا يقول فيه : حدثنا ، وحديث قتادة أيضًا ، عن أبي عيسى الأُسْوارِي ، عن أبي سعيد مثله ، وأبو عيسى أيضًا هو غير مشهور ، واضطراب قتادة في سند هذا الحديث مما يُعَلِّلُه ؛ في مخالفةِ الأحاديثِ الأُخَرِ ، وأئمةِ الصحابة، والخلفاء ، والتابعين » .
فتلخّص من هذا أن ابن عبد البر ، وأبا الوليد الباجي ، والقاضي عياضًا أعلُّوا هذا الحديث بأربع علل :
الأولى : أن الحديث لم يصحّ عند مالك ، ولا البخاري ، ولذا لم يدخله الأول في "موطئه" ، ولا الثاني في "صحيحه" .
الثانية : عنعنة قتادة ، وهو مُدَلِّس ، وكان شعبة يتّقي من حديثه ما لم يصرّح فيه بالسماع .
الثالثة : اضطراب قتادة في الحديث ؛ لأنه روي في "صحيح مسلم" عن قتادة على وجهين :
1- قتادة ، عن أنس ، وهي الرواية المتقدّمة .
2- قتادة ، عن أبي عيسى الأُسْوارِي ، عن أبي سعيد الخدري ، وهي الرواية الآتية .
وثمَّةَ رواية ثالثة لم يشيروا إليها ، وهي :
3- قتادة ، عن أبي مسلم الْجَذْمي ، عن الجارود بن الْمُعَلَّى، وهي الرواية بعد الآتية .
الرابعة : مخالفة هذا الحديث للأحاديث الأخرى ، وللأئمة من الصحابة ، والخلفاء ، والتابعين .
وقد أخطأ هؤلاء الأئمة في تضعيفهم لهذا الحديث بهذه العلل ، وإليك الجواب عن هذا الإعلال :
__________
(1) في الموضع السابق من "الإكمال" : « إذا »، وهو تصحيف فيما يظهر .
(2) في الموضع السابق من "الإكمال" : « من »، وهو تصحيف فيما يظهر .(1/8)
أوّلاً : دعوى أن الحديث لم يصح عند الإمام مالك والبخاري ؛ لكونهما لم يخرجاه في كتابيهما : لا يسلّم بها ؛ إذ لم يرد عنهما ما يدلّ على تضعيفهما للحديث ، وعدم إخراجهما للحديث لا يعني إعلالهما له .
أما الإمام مالك فلعلّه لم يبلغه الحديث ، أو بلغه ، ولكن لم يخرجه لسبب آخر غير ما ذُكِرَ ، ولو سلكنا هذا المسلك في ردّ الأحاديث ، لرددنا جملة كبيرة منها مما صحَّ ولم يخرجه الإمام مالك ! ويكفي في هذا أن أحاديث "الموطأ" لا تبلغ سدس أحاديث الصحيحين .
وأما البخاري : فعبارته صريحة بضدّ هذه الدعوى ؛ فإنه قال(1) : « ما أدخلت في كتابي "الجامع" إلاّ ما صحّ ، وتركت من الصحاح لحال الطول » .
وقال أيضًا(2) : « أحفظ مئة ألف حديث صحيح ، وأحفظ مئتي ألف حديث غير صحيح » .
ويدلّ على هذا أحكام كثيرة من البخاري على أحاديث بالصحة ، ولم يخرجها في "صحيحه" ، وسأذكر من ذلك ثلاثة أمثلة :
المثال الأول : تصحيحه لحديث البحر : (( هو الطهور ماؤه ، الحلّ ميتته ))(3) .
المثال الثاني : تصحيحه لحديث عمار - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه ))(4) .
__________
(1) كما في "الكامل" لابن عدي (1/131) ، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (52/73) ، و"تهذيب الكمال" للمزي (24/442) ، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (10/95_96) .
(2) كما في "الكامل" لابن عدي (1/131) ، ومن طريقه الخليلي في "الإرشاد" (3/962) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (2/25) ، وانظر "السنن الأبين" (ص167) ، و"تهذيب الكمال" (24/461) ، و"سير أعلام النبلاء" (12/415) ، و"تغليق التعليق" (5/418) ، و"هدي الساري" (ص487) .
(3) نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" (ص26رقم 9) .
(4) نقله الترمذي أيضًا (ص87 رقم142) .(1/9)
المثال الثالث : تصحيحه لحديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدًّاه : في التكبير في صلاة العيدين ؛ في الأولى سبعًا ، وفي الثانية خمسًا(1) .
وجميع هذه الأحاديث الثلاثة لم يخرجها البخاري في "صحيحه" .
ثانيًا : دعوى أن قتادة مدلّس ، ولم يصرِّح بالسماع : مردودة بأمرين :
1- تصريح قتادة بالسماع في الرواية نفسها ؛ في قوله : فقلنا : فالأكل ؟ فقال : « ذاك أشرّ ، أو أخبث » ، فكيف خفي هذا على أبي الوليد الباجي ، والقاضي عياض ؟!!
2- روى هذا الحديث عن قتادة جمع من الرواة ، ومنهم شعبة بن الحجّاج كما تقدّم ، ومن المعلوم أن روايته عنه مأمونة الجانب من التدليس ، وإن لم يصرِّح قتادة بالسماع ، فكيف وقد صرّح ؟!
يقول شعبة : « كنت أتفقّد فم قتادة ، فإذا قال : حدثنا ، وسمعت ، حفظته ، وإذا قال : حَدَّث فلان ، تركته »(2) .
وقال أيضاً : « كفيتكم تدليس ثلاثة : الأعمش ، وأبي إسحاق ، وقتادة »(3) .
ثالثًا : وأما الاضطراب بسبب أن قتادة يروي الحديث عن أنس كما هنا ، وعن أبي عيسى الأُسْوارِي ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - _ كما سيأتي _ ، وعن أبي مسلم الجَذْمي ، عن الجارود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - _ كما سيأتي أيضًا _ ، وأنّ بعضهم عدّ هذا اضطراباً من قتادة : فالحقّ أن قتادة من المكثرين من الرواية ، وهو ثقة متقن ، فلا يستغرب عليه أن يكون له في هذا الحديث ثلاث طرق مختلفة تتعلق بموضوع واحد ، وقد صحح أبو حاتم وأبو زرعة(4) وجوهًا أكثر من هذه في أحد الأحاديث ، ثم قال أبو زرعة : « وفي حديث قتادة مثل ذا كثير ، يحدِّث بالحديث عن جماعة » .
__________
(1) نقله الترمذي ايضًا (ص93 رقم 154) .
(2) انظر مقدمة "الجرح والتعديل" (ص 161 و 169)، و"المعرفة" للبيهقي (1/151 ـ 152) .
(3) انظر المرجعين السابقين .
(4) كما في "العلل" لابن أبي حاتم (684) .(1/10)
وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن علّتين من هذه العلل التي ردّ بها القاضي عياض وغيره هذا الحديث ، ولم يتعرّض للعلّتين الأخريين ؛ لكونهما لا تتعلّقان بهذا الحديث على وجه الخصوص ، فقال(1) : « فأما إشارته إلى تضعيف حديث أنس بكون قتادة مدلِّسًا وقد عنعنه ، فيجاب عنه بأنه صرّح في نفس السند بما يقتضي سماعه له من أنس ، فإن فيه : قلنا لأنس : فالأكل ؟ ...، ودعواه اضطرابه مردودة ؛ لأن لقتادة فيه إسنادين ، وهو حافظ » .
ولم يذكر الحافظ ابن حجر منها سوى طريقين في جوابه على اعتراض القاضي عياض ، حيث قال : « ودعواه اضطرابه مردودة ؛ لأن لقتادة فيه إسنادين ، وهو حافظ » .
رابعًا : وأما دعوى مخالفة هذا الحديث للأحاديث الأخرى ، وللأئمة من الصحابة ، والخلفاء ، والتابعين : فلا تعني تضعيفه _ أعني حديث النهي _ ؛ لأن التضعيف وجه من وجوه الترجيح ، وليس هناك ما يدعو للترجيح والجمع ممكن كما سيتبين من هذا البحث ، والله أعلم .
ثانيًا : حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -
وله عنه ثلاث طرق :
1)- قال مسلم(2)
__________
(1) في "فتح الباري" (10/83) .
(2) في "صحيحه" (2025) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/32 و54) ، وأبو يعلى في"مسنده" (988 و1321) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/272) ، وفي "شرح مشكل الآثار" (2098) ، والبيهقي في "سننه" ( 7 / 282) ، والبغوي في "شرح السنة" (3045) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (24480) من طريق هشام الدستوائي ، عن قتادة ، به .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/45) ، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (565) ، كلاهما من طريق سعيد بن
أبي عروبة ، عن قتادة ، به .
وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" ، وابن الجارود في "المنتقى" (866) ، وأبو يعلى في "مسنده"
(989) جميعهم من طريق شعبة ، عن قتادة ، به .
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق يزيد بن إبراهيم ، عن قتادة ، به .(1/11)
: حدثنا هَدَّاب بن خالد ؛ حدثنا همام ؛ حدثنا قتادة ، عن أبي عيسى الأُسْوارِي ، عن أبي سعيد الخدري : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عن الشرب قائمًا .
وحدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى وابن بشار - واللفظ لزهير وابن المثنى – قالوا : حدثنا يحيى بن سعيد ؛ حدثنا شعبة ؛ حدثنا قتادة ، عن أبي عيسى الأُسْوارِي ، عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب قائمًا .
وقد أعل أبو الوليد الباجي(1) هذا الحديث بأن أبا عيسى الأُسْوارِي غير مشهور ، وتابعه القاضي عياض ، وأدخلاه –كما سبق(2) – في العلل الأخرى ، وهي : اضطراب قتادة ، وأنه مدلِّس وقد عنعنه ، ومخالفة الأحاديث الأخرى والأئمة له ، وسبقهما لبعض ذلك الحافظ ابن عبد البر .
وتقدم في الحديث السابق(3) الجواب عن العلل الثلاث الأخيرة بما يغني عن الإعادة هنا .
__________
(1) في "المنتقى" (7/237) .
(2) ص8) .
(3) ص9-12) .(1/12)
وأما أبو عيسى الأُسْوارِي البصري الذي قال عنه أبو الوليد الباجي والقاضي عياض : إنه غير مشهور : فإنه يروي عن ابن عمر ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي العالية الرِّياحي ، وروى عنه ثابت البُناني ، وعاصم الأحول ، وقتادة(1) ، وقال الإمام أحمد(2) : « لا أعلم أحدًا روى عنه غير قتادة » ، وقال ابن المديني(3) : « مجهول ؛ لم يرو عنه إلا قتادة » ، وأمّا أبو بكر البزار فزعم أنه مشهور(4) ، وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات"(5) ، وقال الطبراني(6) : « بصري ثقة ، لا يحضرني اسمه » ، وقال الذهبي(7) : « ثقة » ، وقال ابن حجر(8) : « مقبول » .
وأما إخراج مسلم له هذا الحديث : فهو في الشواهد ، فلا يستفاد منه توثيقه ، ولذا لما ذكر المزِّي في الموضع السابق من "تهذيب الكمال" أن مسلمًا روى له هذا الحديث ؛ أوضح ذلك الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "تهذيب التهذيب" بقوله : « قلت : هو متابعة » .
فالذي يظهر من حال هذا الرجل أنه مستور ، فقول ابن حجر عنه : « مقبول » هو الأليق بحاله ، فهو مقبول الرواية إذا توبع كما صرح بذلك ابن حجر نفسه(9) ، وقد توبع على هذا الحديث كما هو ظاهر ، فحديثه مقبول ، ولذا أخرجه مسلم في "صحيحه" .
2) ـ قال أبو بكر الشافعي(10) : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ؛ ثنا عارم بن الفضل ؛ ثنا سعيد بن زيد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ؛ قال : نُهِيَ أن يشرب الرجل وهو قائم ، وأن يلتقم فم السقاء فيشرب منه .
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (34/165-167) .
(2) كما في "شرح مسلم" للنووي (13/197) ، والموضع السابق من " تهذيب الكمال" .
(3) كما في "تهذيب التهذيب" (12/195-196رقم901) .
(4) انظر المرجع السابق .
(5) 5/580) .
(6) حكاه عنه النووي في "شرح مسلم" (13/197) .
(7) في "الكاشف" (6773) .
(8) في "التقريب" (8294) .
(9) في مقدمة "التقريب" ( ص47 ) .
(10) في "الغيلانيات" (1041) .(1/13)
وأخرجه الطبراني(1) .
قال الهيثمي(2) : « رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح » .
وعبارة الهيثمي هذه لا يستفاد منها توثيق جميع رجال الإسناد ، ولا يستفاد منها أن جميعهم ممن احتج به البخاري و مسلم أو أحدهما ؛ لأن الهيثمي يطلقها على جميع من أخرج لهم البخاري ومسلم ، وإن كان في الشواهد والمتابعات ، وهذا الإسناد من الدلائل على ذلك ، فإن سعيد بن زيد بن دِرْهم الأَزْدي ، الْجَهْضَمي _ أخا حماد بن زيد _ لم يخرج له مسلم ، وأخرج له البخاري في الشواهد ، ولم يحتج به ، وهو متكلم فيه ، فقد كان يحيى بن سعيد القطان يُضَعِّفُه في الحديث جدًّا كما قال علي بن المديني(3) ، وقال الجوزجاني السَّعْدي(4) : « يضعفون حديثه وليس بحجة » ، وقال النسائي(5) : « ليس بالقوي » ، ووثقه ابن معين(6) وابن سعد والعجلي ، وقال الإمام أحمد (7) : « ليس به بأس ، وكان يحيى بن سعيد لا يستمرئه » ، وقال الحافظ ابن حجر(8) : « صدوق له أوهام » .
تنبيه : وقع في جميع هذه المراجع أن مسلمًا أخرج لسعيد بن زيد هذا ، ولا أراه إلا وهماً لسببين :
السبب الأول : أن ابن منجويه لم يذكره في "رجال مسلم" ، ولا ابن القيسراني في "الجمع بين رجال الصحيحين" .
السبب الثاني : أن المزِّي في "تهذيب الكمال" لم يرمز لأحد من شيوخه ولا تلاميذه برمز مسلم كما هو معروف من منهجه ، وهو الذي ذكر أن مسلمًا أخرج له(9) ، وقد يكون هو متابعًا لعبد الغني المقدسي في كتاب "الكمال" ، والله أعلم .
__________
(1) في "المعجم الكبير" ( 6 / 45 رقم 5441 ) .
(2) في "مجمع الزوائد" ( 5 / 79 ) .
(3) انظر "الجرح والتعديل" (4/21رقم 87) .
(4) كما في "الكامل" لابن عدي (3/376) .
(5) المرجع السابق .
(6) كما في "تاريخ ابن معين" لعباس الدوري (3851) .
(7) الموضع السابق من "الكامل" .
(8) في "التقريب" (2312) .
(9) وتابعه الذهبي وابن حجر في المراجع السابقة .(1/14)
وبناء عليه فسند هذا الحديث ضعيف لضعف سعيد بن زيد من قبل حفظه ، مع كونه صدوقًا .
3) ـ قال الإمام أحمد في "المسند"(1) : حدثنا موسى بن داود ؛ حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ؛ قال : سألت جابرًا عن الرجل يشرب وهو قائم ؟ قال جابر : كنا نكره ذلك .
حدثنا موسى ؛ قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابرٍ أنه قال : سمعت أبا سعيد الخدري يشهد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زَجَرَ عن ذاك ، وزجر أن تستقبل القبلة لبولٍ .
حدثنا حسن ؛ حدثنا ابن لهيعة ؛ ثنا أبو الزبير ؛ أخبرني جابر أنه سمع أبا سعيد الخدري يشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زَجَرَه عن ذلك ، وزَجَرَه أن يستقبل القبلة لبولٍ .
وهذا يتلو حديث ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ؛ قال سألت جابرًا عن الرجل يشرب وهو قائم ؟ فقال : كنا نكره ذاك ، ثم ذكر حديث أبي سعيد .
كذا أورد الإمام أحمد مقطَّعًا ، وطريق حسن عن ابن لهيعة جاءت بعد عدَّة أحاديث عن الطريق الأخرى ، ولهذا قال الإمام أحمد – أو ابنه عبد الله - : « وهذا يتلو ... » إلخ.
وقد أخرجه ابن ماجه من طريق مروان بن محمد ، عن ابن لهيعة ، فذكره ، ولم يذكر الشرب قائمًا .
ثم رواه تلميذه وحاجبه أبو الحسن ابن القطان(2) بعده مباشرة فقال : وحدثناه عمير ابن مرداس الدَّوْنَقي ؛ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم أبو يحيى البصري ؛ حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاني أن أشرب قائمًا ، وأن أبول مستقبل القبلة .
ومدار الحديث على عبد الله بن لهيعة ، وهو ضعيف(3) .
ثالثًا : حديث الجارود بن المعَلَّى - رضي الله عنه -
__________
(1) 3/12 و15 رقم 11088 و11089 و11117) .
(2) في "زوائده على سنن ابن ماجه (321) .
(3) انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" (5/145-147 رقم 682) ، و"تهذيب التهذيب" (5/327-331 رقم 648) ، و"التقريب" (3563) .(1/15)
قال أبو عيسى الترمذي(1) : حدثنا حُمَيْدُ بن مَسْعَدَة ؛ حدثنا خالد بن الحارث ، عن سعيد(2) ، عن قتادة ، عن أبي مسلم الْجَذْمي ، عن الجارود بن الْمُعَلَّى : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب قائمًا.
قال الترمذي : « هذا حديث غريب حسن » .
وقال أبو نعيم الأصبهاني(3) : « وكان أحمد بن حنبل رحمه الله يحمل هذا على الوهم من سعيد ، وأن صوابه : رواية همام ، عن قتادة ، عن أنس » .
رابعًا : حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
وله عنه أربع طرق :
1) ـ قال مسلم بن الحجاج(4) : حدثني عبد الجبار بن العلاء ؛ حدثنا مروان – يعني : الفزاري - حدثنا عمر بن حمزة ؛ أخبرني أبو غَطَفان الْمُرِّي : أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يشربنَّ أحدٌ منكم قائمًا ، فمن نَسيَ فلْيَسْتَقِئْ )) .
وقد أعلَّ أبو الوليد الباجي(5) هذا الحديث بقوله : « وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا رَوَاهُ عُمَرُ ابْنُ حَمْزَةَ ، وَلا يَحْتَمِلُ مِثْلَ هَذَا » .
وتابعه على هذا الإعلال القاضي عياض(6) .
__________
(1) في "جامعه" رقم (1881) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" ( 4/272 ) ، وفي "مشكل الآثار" (5/342 و343 رقم 2093 و2094 و2095) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/154) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/ 299 ـ 300 رقم 2123 و2124) ، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (ص 429 رقم 567) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1646) .
جميعهم من طريق خالد بن الحارث ، به ، لكن سقط قتادة من إسناد ابن شاهين .
(2) هو : ابن أبي عروبة .
(3) عقب روايته للحديث في الموضع السابق .
(4) في "صحيحه" (2026) . وأخرجه البيهقي في "سننه" (7/282) ، وعلّقه أبو عوانة في "مستخرجه" عقب الحديث رقم (8196) عن محمد بن يحيى ، عن نعيم بن حماد ، عن مروان بن معاوية ، عن عمر بن حمزة، به .
(5) في "المنتقى" (7/237) .
(6) في "الإكمال" (6/491) .(1/16)
وحكاه الحافظ ابن حجر(1) عن القاضي عياض فقط ، وَرَدَّ عليه بقوله : « وأما تضعيفه لحديث أبي هريرة بعمر بن حمزة : فهو مختلف في توثيقه ، ومثله يخرج له مسلم في المتابعات ، وقد تابعه الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة كما أشرت إليه عند أحمد وابن حبان(2) ، فالحديث بمجموع طرقه صحيح ، والله أعلم » .
2) ـ قال الإمام أحمد(3) : حدثنا عبد الرزاق ؛ حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن رجلٍ ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاءه )) .
كذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرزاق .
ورواه إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري(4) ، وأحمد بن منصور الرَّمادي(5) ، كلاهما عن عبد الرزاق ، فجعلاه عن الزهري ، عن أبي هريرة ، وأسقطا الراوي المبهم من الإسناد .
وكذا رواه هشام بن يوسف(6) ، عن معمر .
وهذا يدل على رجحان هذا الوجه عن عبد الرزاق .
ورواه زهير بن محمد البغدادي(7) عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي هريرة ، به هكذا موصولاً .
وسواء رجحنا رواية الإمام أحمد ، أو رواية الدبري والرَّمادي ، فالحكم على الحديث لايتغيَّر ؛ لأن الزهري لم يسمع من أبي هريرة ، فلابدَّ من الواسطة بينهما .
وأما رواية زهير بن محمد : فشاذة لمخالفتها باقي الروايات .
__________
(1) في "فتح الباري" (10/83) .
(2) كما سيأتي .
(3) في "المسند" (2/283 رقم 7808) ، ومن طريقه رواه ابن حبان في "صحيحه" (5324) .
(4) في "جامع معمر" الملحق بـ"مصنف عبد الرزاق" (19588) ، وهو من روايته عن عبد الرزاق ، عن معمر .
(5) أخرج روايته البيهقي في "سننه" (7/282) .
(6) أخرج روايته الطحاوي في "مشكل الآثار" (2101) .
(7) أخرج روايته البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (2897) ، والبيهقي في الموضع السابق .(1/17)
3) ـ قال إسحاق الدبري(1) : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح(2) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله(3) . قال : فبلغ ذلك عليًّا ، فدعا بماء فشرب وهو قائم .
ورجال هذا الطريق كلهم ثقات ، وصححه ابن حبان ؛ بإخراجه له في "صحيحه"(4) ، وقد تفرَّد به معمر ، عن الأعمش ، وهو كوفي ، ورواية معمر عن أهل العراق مُتَكَلَّمٌ فيها ، فقد روى ابن عساكر(5) عن ابن أبي خيثمة ؛ قال : سمعت يحيى بن معين يقول : « إذا حدَّثك معمر عن العراقيين فخافه ، إلا عن الزهري وابن طاوُس ؛ فإن حديثه عنهما مستقيم ، وأما أهل الكوفة والبصرة فلا » .اهـ .
4) ـ قال الإمام أحمد(6) : حدثنا محمد بن جعفر ؛ أخبرنا شعبة ، عن أبي زياد الطَّحَّان ؛ قال : سمعت أبا هريرة يقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه رأى رجلاً يشرب قائمًا ، فقال له : (( قِهْ )) ، قال : لِمَهْ ؟! قال : (( أَيَسُرُّكَ أن يشرب معك الْهِرُّ ؟ )) قال : لا ، قال : (( فإنه قد شرب معك من هو شَرٌّ منه ؛ الشيطان )) .
__________
(1) في روايته لـ"مصنف عبد الرزاق" (19589) . ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/283 رقم7809) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (2100) ، والبيهقي في الموضع السابق . ومن طريق أحمد أخرجه ابن حبان في الموضع السابق .
(2) هو : ذكوان السَّمَّان .
(3) يعني : مثل لفظ حديث الزهري السابق .
(4) كما سبق .
(5) في "تاريخ دمشق" (59/414) .
(6) في "المسند" (2/301 رقم 8003) . وأخرجه الدارمي (2174) ، والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (2896) - إلا أنه تصحَّف فيه « أبو زياد » إلى « أبو الزناد » - ، والنسائي في "الإغراب" (213) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (2102) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5579) .(1/18)
وسنده رجاله ثقات رجال الشيخين ، عدا الراوي عن أبي هريرة وهو أبو زياد الطحان الكوفي ، مولى الحسن بن علي ؛ روى عنه شعبة كما سبق ، وقال عنه يحيى بن معين(1) : « ثقة » ، وقال أبو حاتم الرازي(2) : « شيخ صالح الحديث » ، وقال الذهبي(3) : « لايعرف »(4) .
وقد أعلَّ أبو الوليد الباجي حديث أبي هريرة هذا جملة بقوله(5) : « وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ » ، وتابعه القاضي عياض(6) .
خامسًا : حديث الحضرمي
قال أبو يعلى(7) : حدثنا القواريري(8) ؛ ثنا يوسف بن خالد ؛ ثنا عمرو بن عثمان ، عن محفوظ بن علقمة ، عن الحضرمي - وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زجر عن النفخ في الشراب . قال : ورأى رجلاً ينفخ في الشراب ، ثم شرب قائمًا ، فقال : (( إن استطعت أن تقيئه فقئه )) .
وسنده ضعيف جدًّا ؛ فيه يوسف بن خالد بن عمير السَّمْتي ، أبو خالد البصري ، وهو متروك ، وقد كذَّبه ابن معين ؛ كما في "التقريب"(9) .
سادسًا : حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -
تقدم(10) أن الإمام أحمد روى حديثه فقال : حدثنا موسى بن داود ؛ حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ؛ قال : سألت جابرًا عن الرجل يشرب وهو قائم ؟ قال جابر : كنا نكره ذلك . اهـ ، ثم ذكر أن أبا سعيد الخدري حدَّثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث النهي ، وهو ضعيف من هذا الطريق ؛ لضعف ابن لهيعة .
أحاديث الإباحة
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل" (9/373 رقم 1723) .
(2) المرجع السابق .
(3) في "الميزان" (10204) .
(4) انظر أيضًا "فتح الباري" (10/82) .
(5) في "المنتقى" (7/237) .
(6) في "الإكمال" (6/491) .
(7) كما في "المطالب العالية" (2435) .
(8) هو : عبيد الله بن عمر .
(9) 7862) .
(10) ص16) .(1/19)
أوَّلاً : حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -
وله عنه ثمان طرق :
1)- قال البخاري(1) : حدثنا آدم(2) ؛ حدثنا شعبة ؛ حدثنا عبد الملك بن ميسرة ؛ سمعت النَّزَّال بن سَبْرة يُحَدِّث عن علي - رضي الله عنه - : أنه صلى الظهر ، ثم قعد في حوائج الناس في رَحْبَةِ(3) الكوفة حتى حضرت صلاة العصر، ثم أُتيَ بماء ، فشرب ، وغسل وجهه ويديه - وذكر رأسه ورجليه - ، ثم قام فشرب فَضْلَهُ وهو قائم ، ثم قال : إن ناسًا يكرهون الشرب قيامًا ، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صنع مثل ما صنعت .
2)- قال أبو بكر بن أبي شيبة(4) : حدثنا محمد بن فضيل ، عن عطاء بن السائب ، عن ميسرة(5) قال : رأيت عليًّا يشرب قائمًا ، فقلت : شربتَ قائمًا ؟! فقال : إن شربت قائمًا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا ، ولئن شربت قاعدًا فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قاعدًا .
__________
(1) في "صحيحه" (5615و5616) . وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (141) ، وأبو عبيد في "الطهور" (ص131 رقم 39) ، والإمام أحمد في "المسند" (1/78 و101 و102 و116 و120 و123 و139 و144 و153 رقم 123 و139 و144 و149 و153 و159) ، وابنه عبد الله في "زوائد المسند" (1/159 رقم 1366 و1372) ، وأبو داود في "سننه" (3718) ، والترمذي في "الشمائل" (200) ، والنسائي في "سننه" (130) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (16و202) ، وابن حبان في "صحيحه" (1057) .
(2) هو : ابن أبي إياس .
(3) الرَّحْبَةُ : هي المكان الْمُتَّسِع ، والمقصود هنا : رحبة مسجد الكوفة ؛ يعني : ساحته . انظر "لسان العرب" (1/414) .
(4) في "المصنَّف" (24466) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1/114 و136 رقم 916 و1140) ، وابنه عبد الله في "زوائد المسند" (1/134 و136 رقم 1125 و1140) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/273) ، وفي "شرح مشكل الآثار" (5/351 رقم 2107) .
(5) هو : ابن يعقوب .(1/20)
وعطاء بن السائب صدوق ، إلا أنه اختلط (1) ، وممن روى هذا الحديث عنه : حماد ابن سلمة ، وقد عدّه العقيلي (2) فيمن سمع منه في الصحة والاختلاط ، وأنه كان لا يُمَيِّز هذا من هذا ، وخالفه بعض الأئمة ؛ كيحيى بن معين (3) ، وأبي داود ، والطحاوي (4) ، فرأوا أنه سمع منه قبل الاختلاط ، ولذلك صحح حديثه عنه الشيخ أحمد شاكر كما في الطريق الآتي .
3)_ قال الإمام أحمد (5) : حدثنا عفان(6) ؛ حدثنا حماد(7) ، عن عطاء بن السائب ، عن زاذان(8) : أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - شرب قائمًا ، فنظر إليه الناس ؛ كأنهم أنكروه ! فقال : ما تنظرون ؟ إنْ أشربْ قائمًا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا ، وإن أشرب قاعدًا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قاعدًا .
قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على هذا الحديث (9) : « إسناده صحيح » ، ثم علل ذلك فقال : « سماع حماد بن سلمة من عطاء كان قبل اختلاطه » .
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل" (6/333-334) ، و"التقريب" (4592) ، و"الكواكب النيرات" (ص319-334).
(2) في "الضعفاء"(3/399) .
(3) كما في "الكامل" لابن عدي (5/361-362) .
(4) كما في الموضع السابق من "الكواكب النيرات" .
(5) في "المسند" (1/101 رقم 795) . وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/134 رقم 1125 و1128) من طريق إبراهيم بن الحجاج ، عن حماد بن سلمة ، ومن طريق خالد بن عبد الله الواسطي ، عن عطاء ابن السائب ، وأخرجه أيضاً الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/273) ، وفي "شرح مشكل الآثار" (2106) من طريق حجاج بن منهال وأسد بن موسى ، كلاهما عن حماد ، عن عطاء ، عن زاذان ، به . وأخرجه في "شرح معاني الآثار" أيضاً من طريق ورقاء بن عمر ، عن عطاء ، عن ميسرة وزاذان مقرونين .
(6) هو : ابن مسلم .
(7) هو : ابن سلمة .
(8) هو : أبو عمر الكندي .
(9) في "المسند"(2/129رقم795) .(1/21)
4)_ قال عبد الرزاق الصنعاني(1) : أخبرنا إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق(2) ، عن أبي حَيَّة بن قيس ، عن علي ؛ قال : شهدت عليًّا في الرَّحْبة بال ، ثم توضأ ، فغسل كَفَّيه ثلاثًا ، ومضمض واستنثر ثلاثًا ، وغسل وجهه ثلاثًا ، وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا ، ومسح برأسه وغسل قدميه ثلاثًا ، ثم اسْتَتَمَّ قائمًا ، ثم أخذ فشرب فضل وضوئه ، ثم قال : إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل كالذي رأيتموني فعلت فأحببت أن أريكم .
وفي سنده أبو حيَّة بن قيس الوادِعي ، الكوفي ، معروف بكنيته ، ومُخْتَلَفٌ في اسمه ، قال أبو زرعة(3) : « لايُسَمَّى » ، وقال أبو أحمد الحاكم(4) : « لايعرف اسمه » .
__________
(1) في "المصنف" (121) . ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1/127 رقم 1050) . وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (1/127 رقم 1050) ، والترمذي (48) ، والنسائي (96) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"(1/127 و157 رقم 1046 و 1350 و1352) ، والبزار في "مسنده"(736 و737 و795) ، وأبو يعلى في "مسنده" (499) ، والبيهقي في "سننه"(1/75) . قال الترمذي : « هذا حديث حسن صحيح » ، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(2/231رقم1050) .
وأخرجه أبو داود في "سننه" (116) ، وابن ماجه (456) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/157 رقم 1354) ، لم يذكروا فيه الشرب قائمًا .
(2) هو : عمرو بن عبدالله السَّبيعي .
(3) كما في "الجرح والتعديل" (9/360 رقم 1635) .
(4) كما في "تهذيب التهذيب" (12/88) .(1/22)
وقد قال الإمام أحمد(1) عنه : « شيخ » ، وحكم عليه أبو الوليد الفَرَضي(2) بالجهالة ، ونسب ذلك لابن المديني ، وقال الذهبي(3) : « لايُعْرَف » ، وقال ابن القطان(4) : « وثَّقه بعضهم » ، ولعلَّه يعني ذكر ابن حبان له في "الثقات"(5) ، وتصحيح ابن السكن لحديثه(6) .
ولعلَّ أوسط الأقوال في حاله : قول الحافظ ابن حجر(7) : « مقبول » ؛ يعني حيث يتابع ، وإلا فَلَيِّن(8) ، وقد توبع على هذه الرواية كما سبق ويأتي ، والله أعلم .
5)_ قال الإمام أحمد(9) : حدثنا إسحاق بن يوسف ، عن شريك(10) ، عن السُّدِّيِّ(11) ، عن عبدِ خيرٍ ؛ قال : رأيت عليًّا - رضي الله عنه - دعا بماءٍ ليتوضأ ، فتمسَّح تمسُّحًا ، ومسح على ظهر قدميه ، ثم قال : هذا وضوء من لم يُحْدِثْ . ثم قال : لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على ظهر قدميه ؛ رأيت أن بطونهما أحق . ثم شرب فضل وضوئه وهو قائم ، ثم قال : أين الذين يزعمون أنه لا ينبغي لأحد أن يشرب قائمًا ؟!
__________
(1) الموضع السابق من "الجرح والتعديل" .
(2) الموضع السابق من "التهذيب" ، و"ميزان الاعتدال" (4/519 رقم 10138) .
(3) في الموضع السابق من "الميزان" .
(4) الموضع السابق من "التهذيب" .
(5) 5/180) .
(6) الموضعين السابقين من "الميزان" ، و"التهذيب" .
(7) في "التقريب" (8070) .
(8) كما صرَّح به في مقدمة "التقريب" (ص96) .
(9) في "المسند" (1/116 رقم 943) . وأخرجه أيضًا (1/120 رقم 970) من طريق سفيان الثوري ، عن السُّدِّي ، عن عبد خير ، به . وأخرجه الترمذي في "جامعه" (49) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/127 رقم 1047) , وأبو يعلى في "مسنده" (500) ، والبيهقي في "سننه" (1/75) ، جميعهم من طريق أبي إسحاق السبيعي ، عن عبد خير ، به .
(10) هو : ابن عبد الله النَّخعي ، القاضي .
(11) هو : إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة .(1/23)
وشريك بن عبد الله النَّخَعي القاضي صدوق ، إلا أنه يخطئ كثيرًا ؛ فقد تغيَّر حفظه منذ وُلِّيَ القضاء بالكوفة ، وكان عادلاً ، فاضلاً ، عابدًا ، شديدًا على أهل البدع ؛ كما في "التقريب"(1) ، لكنه توبع كما تقدَّم في التخريج .
6)_ قال عبد الله ابن الإمام أحمد(2) : ثنا أبو عبيدة بن فضيل بن عياض - وقال لي : هو اسمي وكنيتي - ثنا مالك بن سُعَير - يعنى : ابن الْخِمْس - ثنا فرات بن أحنف ؛ ثنا أبي ، عن رِبْعي بن حِرَاشٍ : أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قام خطيبًا في الرَّحْبَة ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال ما شاء الله أن يقول ، ثم دعا بكُوزٍ من ماء ، فتمضمض منه ، وتمسّح ، وشرب فضل كُوزِه وهو قائم ، ثم قال : بلغني أن الرجل منكم يكره أن يشرب وهو قائم ، وهذا وضوء من لم يحدث ، ورأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل هكذا .
وهذا سند ضعيف ؛ فيه فرات بن أحنف ، وقد ضعَّفه أبو داود والنسائي وغيرهما ، وهو من غلاة الشيعة ؛ قال ابن نمير : « كان من أولئك الذين يقولون : علي في السحاب »(3) .
__________
(1) 2787) .
(2) في "زوائد المسند" (1/101-102 رقم 797) ، ومن طريقه الطبراني في "المعجم الأوسط" (4298) .
(3) انظر "ميزان الاعتدال" (3/340 رقم 6687) ، و"تعجيل المنفعة" (847) .(1/24)
7)_ رواه عبد الرزاق بن همام الصنعاني(1) عن ابن جريج ؛ قال : أخبرني مَنْ أُصَدِّقُ : أن محمد بن علي بن حسين(2) أخبره ؛ قال : أخبرني أبي(3) ، عن أبيه(4) ؛ قال : دعا عليٌّ بوَضوء ، فقُرِّبَ له ، فغسل كفَّيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وضوئه ، ثم مضمض ثلاثًا ، واستنشق ثلاثًا ، ثم غسل وجهه ثلاثًا ، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا ، ثم اليسرى كذلك ، ثم مسح برأسه مسحة واحدة ، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثًا ، ثم اليسرى كذلك ، ثم قام قائمًا فقال لي : ناولني ، فناولته الإناء الذي فيه فَضْلُ وَضوئه ، فشرب من فضل وضوئه قائمًا ، فعجبت ! فلما رآني عجبت قال : لا تعجب ؛ فإني رأيت أباك ؛ النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع مثل ما رأيتني أصنع ؛ يقول بوضوئه هذا ، وبشرابه فضل وضوئه قائمًا .
هكذا رواه عبد الرزاق عن ابن جريج ؛ بإبهام الواسطة بينه وبين محمد بن علي .
وأخرجه النسائي(5) من طريق حجاج بن محمد ؛ قال : قال ابن جريج : حدثني شيبة ؛ أن محمد بن علي أخبره ؛ قال : أخبرني أبي علي : أن الحسين بن علي قال ... ، فذكره .
وشيبة : هو ابن نِصاح - بكسر النون ، بعدها مهملة ، وآخره مهملة - القارئ ، المدني ، القاضي ، وهو : ثقة(6) ، فإن ثبتت هذه الرواية ، فلست أدري ما الذي يجعل ابن جريج لا يفصح باسمه في الرواية السابقة ، ويسقطه من الرواية الآتية !! .
__________
(1) في "المصنف" (123) .
(2) المعروف بـ : الباقر .
(3) المعروف بـ : زين العابدين .
(4) هو الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما .
(5) في "سننه" (95) .
(6) كما في "التقريب" (2839) .(1/25)
فقد أخرجه الطحاوي(1) من طريق عبد الله بن وهب ؛ قال : أخبرني ابن جريج ، عن محمد بن علي بن الحسين ... ، فذكره مختصرًا هكذا بإسقاط الواسطة بين ابن جريج ومحمد ابن علي بن الحسين ، وابن جريج معروف بالتدليس ، فلعلَّ هذا من تدليسه .
8)_ طريق أبي صالح ذكوان السَّمَّان في روايته حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدم(2) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاءه )) . قال : فبلغ ذلك عليًّا ، فدعا بماءٍ ، فشرب وهو قائم .
وتقدَّم أن رجاله ثقات ، لكنه من رواية معمر بن راشد ، عن الأعمش ، وهي مُتَكَلَّمٌ فيها .
ثانيًا : حديث ابن عباس رضي الله عنهما
قال البخاري(3) : حدثنا محمد - هو : ابن سلام - أخبرنا الفزاري(4) ، عن عاصم(5) ، عن الشعبي ؛ أن ابن عباس رضي الله عنهما حدَّثه ؛ قال : سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زمزم ، فشرب وهو قائم .
قال عاصم : فحلف عكرمة : ما كان يومئذٍ إلا على بعير .
وفي رواية ابن ماجه(6) : قال عاصم : « فذكرت ذلك لعكرمة ، فحلف بالله ما فعل » .
__________
(1) في "شرح معاني الآثار" (4/273) ، وفي "شرح مشكل الآثار" (2103) .
(2) ص18) .
(3) في "صحيحه" (1637 و5617) . وأخرجه مسلم في "صحيحه" (2027) أيضًا .
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (481) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (24460) ، والإمام أحمد في "المسند" (1/214 و 220 و 243 و 249 و 287 و 342 و 369 ـ 370 و372 رقم 1838 و1903 و2183 و2244 و2608 و3186 و3497 و3529) ، والترمذي في "جامعه" (1882) ، وفي "الشمائل" (197 و199)، وابن ماجه في "سننه" (3422) ، والنسائي في "سننه" (2964 و2965) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (2945) ، وابن حبان في "صحيحه" (3838 و5319) .
(4) هو : مروان بن معاوية .
(5) هو : ابن سليمان الأحول .
(6) في الموضع السابق من "سننه" .(1/26)
والمعنى : أن عكرمة حلف بالله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما شرب قائمًا ، وإنما كان راكبًا على بعير .
قال الحافظ ابن حجر (1) : « ولعل عكرمة إنما أنكر شربه قائمًا ؛ لنهيه عنه ، لكن ثبت عن علي عند البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا(2) ، فيحمل على بيان الجواز » .اهـ .
ثالثًا : حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
قال الإمام أحمد (3) : ثنا عبد الواحد الحدّاد ؛ ثنا حسين المعلِّم ، ويزيد (4) ؛ قال : أنا حسين (5) ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛ قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم في السفر ويفطر ، ورأيته يشرب قائمًا وقاعدًا ، ورأيته يصلي حافيًا ومنتعلاً ، ورأيته ينصرف عن يمينه وعن يساره .
وحسنه الترمذي كما حكاه عنه الْمِزِّي(6) وابن حجر(7) ، وهو الذي أثبته بشار معروف في تحقيقه لـ"جامع الترمذي"(8) ، وذكر في حاشيته أنه جاء في عددٍ من النسخ : « هذا حديث حسن صحيح » .
رابعًا : حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما
وله عنه طريقان :
__________
(1) في "فتح الباري" (3/493) .
(2) يعني الحديث السابق .
(3) في "المسند" (2/206 رقم 6928) . وأخرجه أيضًا في (2/174 و 178 و179 و190 و215 رقم 6627 و6660 و6679 و6783 و7021) ، وابن سعد في "الطبقات" (1/480) ، والترمذي في "جامعه" (1883) ، وفي "الشمائل" (198) ، والفريابي في "الصيام" (119) ، وابن عدي في "الكامل" (5/181) ، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (570) .
(4) يعني : وقال الإمام أحمد : وحدثنا يزيد ؛ وهو ابن هارون .
(5) هو : المعلِّم .
(6) في "تحفة الأشراف" (6/310) .
(7) في "فتح الباري" (10/84) .
(8) في الموضع السابق .(1/27)
1)_ قال أبو بكر بن أبي شيبة(1) : حدثنا معاذ بن معاذ ، عن عمران بن حُدَير ، عن يزيد بن عطارد أبي الْبَزَرَى ؛ قال : قال ابن عمر : كنا نشرب ونحن قيام ، ونأكل ونحن نسعى ؛ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وسنده ضعيف ؛ لجهالة حال أبي الْبَزَرَى يزيد بن عطارد السَّدوسي ، ويقال : العَيْشي ، الذي يروي عن ابن عمر ، ولم يرو عنه سوى عمران بن حُدَير ، فقد قال عنه أبو حاتم الرازي(2) : « لا أعلم روى عنه غير عمران بن حُدَير ، وليس ممن يحتج بحديثه » ، وذكره ابن حبان في "الثقات"(3) وأخرج حديثه في "صحيحه"(4) ، وقال الذهبي(5) : « مجهول » ، وقال ابن حجر(6) : « مقبول » .
__________
(1) في "المصنف" (24473) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/12 و24 و29 رقم 4601 و4765 و4833) ، والدارمي في "سننه" (2171) ، أبو داود الطيالسي في "مسنده" (2016) ، وابن الجارود في "المنتقى" (867) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/273 ـ 274) ، وابن حبان في "صحيحه" (5243)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (572) . ومن طريق الطيالسي أخرجه البيهقي في "سننه" (7/283) .
(2) كما في "الجرح والتعديل" لابنه (9/281-282 رقم1187) .
(3) 5/547) .
(4) كما سبق .
(5) في " ميزان الاعتدال" (4/495 رقم 9991) .
(6) في " تقريب التهذيب" (7954) .(1/28)
تنبيه : سقط من "تهذيب الكمال"(1) للمزي ذكر أبي حاتم الرازي مع بقاء قوله ، فجاء القول منسوبًا لابن حبان ، فأشكل ذلك على ابن حجر(2) ، فذكر أنه لم يرها عند أبي حاتم ابن حبان ، ونقل عن ابن أبي حاتم قوله : « سئل أبي عن أبي الْبَزَرَى ؟ فقال : لا أعلم روى عنه غير عمران بن حدير » ، فَتَبَيَّن بهذا أن العبارة ليست في نسخة ابن حجر من "الجرح والتعديل" ، ولم يرجع محقق "تهذيب الكمال" لـ"الجرح والتعديل" فأشكلت عليه العبارة تبعًا لابن حجر ، والله أعلم .
2)_ قال أبو بكر بن أبي شيبة(3) : حدثنا حفص(4) ، عن عبيد الله(5) ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا نشرب ونحن قيام ، ونأكل ونحن نمشي ؛ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وأخرجه الترمذي في "جامعه"(6) من طريق سَلْم بن جُنادَة ، عن حفص ، ثم قال : « هذا حديث صحيح غريب من حديث عبيد الله بن عمر ، عن نافع، عن ابن عمر » .
__________
(1) 33/73) .
(2) في "تهذيب التهذيب" (12/20) .
(3) في "المصنف" (24477) ، ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند" ، وابنه عبد الله في "زوائد المسند" (2/108 رقم5874) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (785) ، والدارمي في "سننه" (2172) ، وابن عبد البر في "الاستذكار" (26/279 ـ280 رقم 39624) .
(4) هو : ابن غياث .
(5) هو : ابن عمر العُمَري .
(6) برقم (1880) . وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (3301) ، وابن حبان في "صحيحه" (5322 و5325) ، والخطيب في "تاريخه" (8/195) ، جميعهم من طريق سلم بن جنادة .
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/273) من طريق يوسف بن عدي ، وابن حبان في "صحيحه" (5322) من طريق هشام بن يونس ، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (573) من طريق محمد بن آدم بن سليمان المِصِّيصِي ، ثلاثتهم عن حفص ، به .(1/29)
وأخرجه في "العلل الكبير"(1) ، ثم قال : « لا يُعرف عن عبيد الله إلا من وجه رواية حفص ، وإنما يعرف من حديث عمران بن حُدَير ، عن أبي الْبَزَرَى ، عن ابن عمر . وأبو الْبَزَرَى اسمه : يزيد بن عطارد » .
وصححه ابن حبان ، فأخرجه في "صحيحه"(2) .
وهذا الحديث أَعَلَّه الإمام أحمد ، ويحيى بن معين ، وعلي بن المديني ، والبخاري ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة .
ففي ترجمة حفص بن غياث من "تاريخ بغداد"(3) روى الخطيب بسنده عن أبي بكر الأثرم ؛ قال : قلت له [يعني : للإمام أحمد بن حنبل] : « الحديث الذي يرويه حفص ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر : كنا نأكل ونحن نسعى ، ونشرب ونحن قيام ؟ فقال : ما أدري ما ذاك - كالمنكر له - ، ما سمعت هذا إلا من ابن أبي شيبة ، عن حفص ! قال لي أبو عبد الله(4) : ما سمعتَه من غير ابن أبي شيبة ؟ قال : قلت له : ما أعلم أني سمعته من غيره ، وما أدري رواه غيره أم لا ! ثم سمعته أنا بعدُ من غير واحد ، عن حفص . قال أبو عبد الله : أما أنا فلم أسمعه إلا منه . ثم قال : إنما هو حديث يزيد بن عطارد » .اهـ.
وأسند الخطيب(5) عن ابن معين أنه قال : « لم يحدِّث به أحد إلا حفص ، وما أراه إلا وَهِمَ فيه ، وأراه سمع حديث عمران بن حُدَير ، فغلط بهذا » .اهـ.
وأسند(6) أيضًا عن علي بن المديني أنه قال : « نَعَس حفص نَعْسَةً - يعني : حين روى حديث عبيد الله بن عمر -، وإنما هو حديث أبي البزراء » .اهـ.
__________
(1) برقم (578) .
(2) كما تقدم .
(3) 8/195-196) .
(4) هو : الإمام أحمد .
(5) في الموضع السابق .
(6) في الموضع السابق .(1/30)
وأورد البخاري في ترجمة محمد بن عبدالملك(1) هذا الحديث من طريق أبي الْبَزَرَى يزيد ابن عطارد السابق ، ثم قال : « وقال حفص بن غياث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر مثله . قال أبو عبد الله(2) : والأول أصح(3) » .
ونقل عنه الترمذي(4) أنه قال : « هذا حديث فيه نظر » .
وأما أبو حاتم الرازي : فقال ابنه عبد الرحمن : « سألت أبي عن حديثٍ رواه محمد بن آدم بن سليمان الْمِصِّيصي ، عن حفص بن غياث ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نأكل ونحن نمشي ، ونشرب ونحن قيام ؟ قال أبي : قد تابعه على روايته ابن أبي شيبة عن حفص ، وإنما هو : حفص ، عن محمد بن عبيد الله العَرْزَمي ، وهذا حديث لا أصل له بهذا الإسناد » . اهـ .
وأما أبو زرعة الرازي : فقد أعلَّ الحديث بتفرُّد حفص ؛ فيما نقله عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم(5) حين قال : « وسئل أبو زرعة عن حديثٍ رواه يوسف بن عدي ، عن حفص – يعني : ابن غياث - ... ، الحديث ؟ فقال أبو زرعة : رواه حفص وحده » .
خامسًا : حديث البَرْصاء كَبْشَة ـ ويقال : كُبَيْشَة ـ بنت ثابت الأنصارية ، أخت حسان بن ثابت رضي الله عنهما
__________
(1) في "التاريخ الكبير" (1/165 رقم491) .
(2) هو : البخاري .
(3) يعني : طريق أبي الْبَزَرَى ، ومراده : أنها هي الطريق الراجحة ، لا أنها صحيحة .
(4) في "العلل الكبير" (578) .
(5) في "العلل" (1501) .(1/31)
قال الحميدي(1) : ثنا سفيان ؛ قال : ثنا يزيد بن يزيد بن جابر الأَزْدي ؛ قال : أخبرني عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن جدته كَبْشَة ؛ قالت : دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ، فشرب من فيِّ قِرْبَة مُعَلَّقة وهو قائم ، قالت : فقطعت فَمَ القِرْبَة . وربما قال سفيان : كَبْشَة ، أو كُبَيْشَة ، وأكثر ذلك يقول : كُبَيْشَة .
وأخرجه الترمذي(2) ، وصححه بقوله : « هذا حديث حسن صحيح غريب ، ويزيد ابن يزيد بن جابر هو أخو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، وهو أقدم منه موتًا » .
__________
(1) في "مسنده" (354) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6/434 رقم 27448) ، والترمذي في "جامعه" (1892) ، وفي "الشمائل" (203) ، وابن ماجه في "سننه" (3423) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3365) ، وابن حبان في "صحيحه" (5318) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (25/15 رقم 8) ، وفي "مسند الشاميين" (639) ، والبيهقي في "الشعب" (5624) ، و"معرفة السنن والآثار" (10/266 رقم 14469) ، وذكر أن الشافعي أخرجه في كتاب حرملة .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة ، به ، ووقع عند الإمام أحمد والطبراني : « كُبَيْشَة » ، وعند ابن أبي عاصم : « أم كَبْشَة » .
قال الترمذي : « هذا حديث حسن صحيح غريب ، ويزيد بن يزيد بن جابر هو أخو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، وهو أقدم منه موتًا » .
وأخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (574) من طريق عبد العزيز بن الحصين ، عن يزيد بن جابر الأزدي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، عن جدته البرصاء ؛ قالت : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا .
والبرصاء : هي كَبْشَة ، ويقال لها : كُبَيْشَة ـ بالتصغير ـ . انظر "الإصابة" (8/90 ـ91) ، و"تقريب التهذيب" (8668) .
(2) في "جامعه" كما تقدم .(1/32)
وقد أَعَلَّ ابن حزم هذا الخبر(1) بقوله عن عبد الرحمن بن أبي عمرة : « لا أعرفه » ، مع أنه ثقة مشهور كما قال الذهبي(2) ، بل هناك من قال إن له صحبة(3) ، وذكره ابن سعد(4) فيمن ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال عنه : « كان ثقة كثير الحديث » ، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5) ، وروى له الجماعة أصحاب الكتب الستة(6) .
سادسًا : حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -
وله عنه ثلاث طرق :
1)_ قال الإمام أحمد(7) : ثنا حُميد بن عبد الرحمن الرُّؤَاسي ؛ قال : ثنا زهير(8) ، عن عبد الكريم(9) ، عن البراء بن ابنة أنس - وهو : ابن زيد - عن أنس ؛ قال : حدثتني أمي(10) : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وفي بيتها قِرْبَة مُعَلَّقة ، قالت : فشرب من القِرْبَة قائمًا ، قالت : فعمدت إلى فم القِرْبَة فقطعتها .
وسنده ضعيف ؛ لأمرين :
__________
(1) في "المحلى" (8/304) .
(2) في "الكاشف" (3280) .
(3) كما في "تهذيب التهذيب" (6/219) .
(4) في "الطبقات" (5/83) . 1927
(5) 5/91) .
(6) كما في الموضع السابق من "تهذيب التهذيب" .
(7) في "المسند" (6/376 رقم 27115) . وأخرجه هو أيضًا (6/431 رقم27430) من طريق أبي كامل مظفَّر بن مدرك ، والحارث في "مسنده" (542 - بغية الباحث) من طريق خالد بن القاسم ، والبغوي في "الجعديات" (2686) من طريق علي بن الجعد ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/274) من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل ، والبيهقي في "الشعب" (5626) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم ، جميعهم عن أبي خيثمة زهير بن معاوية ، به .
(8) هو : ابن معاوية ، وكنيته : أبو خيثمة .
(9) هو : ابن مالك الجَزَري .
(10) هي : أم سُلَيم رضي الله عنها .(1/33)
أ) الاضطراب في سنده ، فزهير رواه على الوجه المتقدم ، وهناك من رواه عن عبد الكريم ، فجعله من مسند أنس ، وهناك من أسقط من سنده أنسًا ، وجعله من رواية البراء عن جدته أم سُلَيم رضي الله عنها ، وقد فصَّل في هذا الاختلاف محقق "مسند الطيالسي"(1)، ومحققو "مسند أحمد"(2) ، وانظر "العلل" لابن أبي حاتم(3) ، وللدارقطني(4) .
ب) جهالة حال البراء بن زيد البصري ابن بنت أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، وفيه يقول الحافظ ابن حجر(5) : « مقبول » ؛ يعني : حيث يتابع ، وإلاَّ فَلَيِّن كما نصَّ عليه في المقدِّمة(6) . وأعل الحديث ابن حزم في "المحلى"(7) بقوله : « فيه البراء ابن بنت أنس وهو مجهول » . وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال"(8) ، وقال : « ما روى عنه سوى عبد الكريم الجزري ».
وممن رواه عن عبد الكريم : شريك بن عبد الله النخعي ، واختلف عليه على أوجه ، منها : أنه رواه(9) عن حميد الطويل ، عن أنس ، وقد وهَّم أبو زرعة(10) شريكًا في هذا الحديث ، ورأى أنه حديث عبد الكريم ، عن البراء ، عن أنس ، وليس طريقًا آخر للحديث .
وشريك بن عبد الله القاضي تقدم(11) أنه : صدوق ، إلا أنه يخطئ كثيرًا .
__________
(1) 1755) .
(2) 3/119 رقم 12188) ، و(6/376 و431 رقم 27115 و27428) .
(3) 1548) .
(4) 5/217/ب) .
(5) في "التقريب" (647) .
(6) ص96) .
(7) 8/304) .
(8) 1/301 رقم 1139) .
(9) أخرج روايته هذه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ( 4/274) ، وفي "شرح مشكل الآثار" (2111) ، وأبو الشيخ الأصبهاني في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (719) ، والطبراني في "الأوسط" (5787) .
(10) في "العلل" لابن أبي حاتم (1548) .
(11) ص26) .(1/34)
2)_ أخرج الضياء المقدسي(1) من طريق أبي يعلى الموصلي أحمد بن علي بن المثنى ؛ ثنا زهير بن حرب ؛ ثنا وكيع ؛ ثنا هشام صاحب الدَّسْتوائي ، عن أبي عصام ، عن أنس ابن مالك : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم سُلَيم ، وفي البيت قربة معلقة ، فتناولها ، فشرب من فيها وهو قائم ، قال : فقطعت أم سليم فم القربة ، فهي عندنا .
ولم أجد هذا الحديث في "مسند أبي يعلى" ولا في "المطالب العالية" ، والظاهر أن أحد الرواة أخطأ في هذا الحديث ؛ لأن الحافظ ابن عبد البر روى(2) من طريق أسد بن موسى ؛ قال : حدثنا حماد بن سلمة ووكيع وإسرائيل ، عن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، عن أبي عصام ، عن أنس بن مالك ؛ قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا شرب تنفَّس ثلاثًا ، ويقول : (( هو أَهْنَأُ وأَمْرَأُ وأَبْرَأُ )) .
وهكذا رواه أبو سعيد النَّقَّاش(3) من طريق إبراهيم بن أعين ، عن هشام بن أبي عبد الله ، عن أبي عصام ، عن أنس ، به .
وبهذا اللفظ أخرجه مسلم في "صحيحه"(4) من طريق عبد الوارث بن سعيد ، عن أبي عصام ، عن أنس .
وأبو عصام هذا مشهور بكنيته ، ومختلف في اسمه ، فقيل : اسمه : ثمامة ، وقيل : خالد ابن عبيد(5) .
__________
(1) في "المختارة" (7/295 رقم 2750) .
(2) في " التمهيد" (1/394) .
(3) في "فوائد العراقيين" (80) .
(4) 2028) .
(5) انظر "تهذيب الكمال" (34/87-88) .(1/35)
3)_ قال حسين المحاملي(1) : ثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب ؛ قال : ثنا مسكين ابن بكير ، عن الأوزاعي ، عن ابن شهاب ، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا وعن يمينه أعرابي ، وعن شماله أبو بكر - رضي الله عنه - ، فأعطاه الأعرابي ، وقال : (( الأيمن فالأيمن )) .
وأخرجه البزار(2) ، ثم قال : « لا نعلم أحدًا ذكر"وهو قائم " إلا مسكين ، عن الأوزاعي ، ومسكين ثقة » .
وأخرجه ابن عساكر(3) من طريق يحيى بن محمد بن صاعد ، عن أبي مسلم الحسن بن أحمد الحرَّاني ، عن مسكين بن بكير ، به ، ثم قال ابن صاعد : « وهذا لايحفظ إلا من حديث مسكين » .
وأخرجه الدارقطني(4) ، ثم قال : « تفرد به مسكين بن بكير ، عن الأوزاعي ، عنه(5) بقوله "شرب قائمًا" » .
ومسكين بن بُكَير الْحَرَّاني هذا صدوق يخطئ كما في "التقريب"(6) ، وقد خالف باقي الرواة الذين رووا هذا الحديث ، ولم يذكروا هذه الزيادة ، فالحديث معروف من حديث الزهري ، عن أنس ، ليس فيه ذكرٌ للشرب قائمًا .
__________
(1) في "أماليه" (394) . وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3560 و3561) ، ومن طريقه وطريق أخرى أخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (713 و717) ، ومن طريق أبي الشيخ أخرجه البغوي في "شرح السنة" (3052) ، وأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" (8224) ، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (1037) ، وابن عدي في "الكامل" (1/203) ، وتمام الرازي في "فوائده" (158) وأبو نعيم في "الحلية" (6/146) .
(2) في "مسنده" (2899) .
(3) في "تاريخ دمشق" (58/16) .
(4) في "الأفراد" (1094/ أطراف الغرائب) .
(5) يعني : عن الزهري .
(6) 6615) .(1/36)
فقد أخرجه البخاري(1) من طريق يونس بن يزيد والإمام مالك بن أنس ، ومسلم(2) من طريق الإمام مالك وسفيان بن عيينة ، ثلاثتهم عن الزهري ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بلبنٍ قد شِيبَ بماءٍ ، وعن يمينه أعرابي ، وعن شماله أبو بكر ، فشرب ، ثم أعطى الأعرابي وقال : (( الأيمن الأيمن )) .
سابعًا : حديث عبد الله بن أنيس - رضي الله عنه -
قال أبو عيسى الترمذي(3) : حدثنا يحيى بن موسى ؛ حدثنا عبد الرزاق ؛ أخبرنا عبد الله بن عمر ، عن عيسى بن عبد الله بن أنيس ، عن أبيه ؛ قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قام إلى قِرْبَة مُعَلَّقة ، فَخَنَثَها ، ثم شرب من فيها .
وهكذا أخرجه البيهقي في "الشعب"(4) من طريق محمد بن عبد الملك بن زنجويه ، عن عبد الرزاق .
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(5) من طريق إبراهيم بن محمد بن بُرَّة الصنعاني ، عن عبد الرزاق ، وقال فيه : « وشرب وهو قائم » ، فلعلَّه عبَّر بمعنى مافهمه من معنى الحديث ، فإنه يدلُّ على هذا المعنى ، لكن من رواية عبد الرزاق ، ولعلَّ هذا الذي يعنيه الطبراني بقوله بعد أن رواه : « لا يُروى هذا الحديث عن عبد الله بن أنيس إلا بهذا الإسناد ، تفرَّد به عبد الرزاق » .
فقد أخرجه أبو داود(6) بلفظ : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بإِداوَةٍ يوم أحد ، فقال : (( اخْنِث فَمَ الإداوة )) ، ثم شرب من فيها .
__________
(1) في "صحيحه" (5613 و5619) .
(2) في "صحيحه" (2029) .
(3) في "جامعه" (1891) .
(4) 5622) .
(5) 2306) .
(6) في "سننه" (3721) .(1/37)
وهذا اللفظ ليس فيه دلالة على الشرب قائمًا ، فخرج عن المقصود ، وهو أرجح من اللفظ الأول الذي رواه عبد الرزاق ، عن عبد الله بن عمر العُمَري ؛ فقد أعلَّه الترمذي بعد أن رواه بقوله : « هذا حديث ليس إسناده بصحيح ، وعبد الله بن عمر العُمَري يُضَعَّف في الحديث ، ولا أدري سمع من عيسى أم لا ؟ » .
وأما رواية أبي داود فهي من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن عبيد الله بن عمر العُمَري(1) ، عن عيسى بن عبد الله ، به .
وعبيد الله بن عمر ثقة ثبت كما في "التقريب"(2) ، فهو ليس كأخيه راوي الطريق الأول .
ومدار الحديث من طريقيه على عيسى بن عبد الله بن أُنَيْس ، ولم يوثِّقه سوى ابن حبان(3) ، ولذا يقول عنه الحافظ ابن حجر(4) : « مقبول » ؛ يعني حيث يتابع ، وإلاَّ فليِّن(5) .
ثامنًا : حديث عائشة رضي الله عنها
وله عنها أربع طرق :
1)_ قال الإمام أحمد(6) : ثنا الهيثم بن جميل ؛ قال : ثنا محمد بن مسلم ؛ قال : ثنا عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على امرأة من الأنصار وفي البيت قربة معلقة ، فاخْتَنَثَها وشرب وهو قائم .
والحديث ضعيف من هذا الطريق ؛ في سنده محمد بن مسلم الطائفي وهو صدوق ، إلا أنه يخطئ إذا حدَّث من حفظه ؛ كما قال الحافظ ابن حجر(7) .
2)_ قال النسائي(8) : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم(9)
__________
(1) انظر "العلل" لابن أبي حاتم (2468) .
(2) 4324) .
(3) حين ذكره في "ثقاته" (5/214) .
(4) في "التقريب" (5303) .
(5) كما صرَّح به في المقدمة (ص96) .
(6) في "المسند" (6/161 رقم 25279) .
(7) في "التقريب" (6293) .
(8) في "سننه" (1361) .
(9) هو : ابن راهويه ، وقد أخرج هذا الحديث في "مسنده" (1618) ، لكن ليس فيه موضع الشاهد ، وهو قوله : « يشرب قائمًا وقاعدًا » .
وقد أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (3599) من طريق موسى بن هارون وجعفر الفريابي ، كلاهما عن إسحاق ، وذكرا فيه الشرب قائمًا ، ورواه أبو نعيم في "الحلية" (5/191) من طريق عبدالله بن محمد بن شيرويه ، عن إسحاق ، فلم يذكره ، فالظاهر أن إسحاق كان يذكره مرَّة ، ويهمله أخرى . قال أبو نعيم بعد أن أخرجه : « غريب من حديث مكحول ، لم نكتبه إلا من حديث بقية ، عن الزُّبَيْدي »
وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (716) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج الحجازي، عن بقيَّة ، به .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6/87 رقم 24567) من طريق عصام بن خالد ، والطبراني في "مسند الشاميين" (252) من طريق غسان بن الربيع ، كلاهما عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عمن سمع مكحولاً يحدث عن مسروق بن الأجدع ، عن عائشة … ، به نحوه . قال الطبراني بعد أن رواه : « هذا الرجل الذي روى عنه ابن ثوبان هذا الحديث هو عندي محمد بن الوليد الزُّبَيْدي ؛ لأنا لا نعلم أحدًا روى هذا الحديث عن مكحول إلا الزُّبَيْدي » .(1/38)
؛ قال : أنبأنا بقية ؛ قال : حدثنا الزُّبَيْدي ؛ أن مكحولاً حدَّثه ؛ أن مَسْروق بن الأَجْدع حدَّثه عن عائشة قالت : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا وقاعدًا ، ويصلي حافيًا ومنتعلاً ، وينصرف عن يمينه وشماله .
كذا رواه بقِيَّة بن الوليد ، عن محمد بن الوليد الزُّبَيْدي .
ورواه الطبراني(1) من طريق عمرو بن الحارث ؛ ثنا عبد الله بن سالم ، عن الزُّبَيْدي ؛ ثنا سليمان بن موسى ، عن مكحول ، عن مسروق بن الأجدع ، عن عائشة ، به .
وأخرجه الإمام أحمد(2) من طريق عصام بن خالد ، والطبراني(3) من طريق غسان بن الربيع ، كلاهما عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عَمَّن سمع مكحولاً يحدث عن مسروق ابن الأجدع ، عن عائشة … ، به نحوه .
قال الطبراني بعد أن رواه : « هذا الرجل الذي روى عنه ابن ثوبان هذا الحديث هو عندي محمد بن الوليد الزُّبَيْدي ؛ لأنا لا نعلم أحدًا روى هذا الحديث عن مكحول إلا الزُّبَيْدي » . كذا قال ، مع أنه رواه كما سبق من طريق سليمان بن موسى ، عن مكحول !
__________
(1) في "مسند الشاميين" (1884) .
(2) في "المسند" (6/87 رقم 24567) .
(3) في "مسند الشاميين" (252) .(1/39)
وسئل الدارقطني في "العلل"(1) عن هذا الحديث ؟ فقال : « يرويه محمد بن الوليد الزُّبَيْدي ، واختلف عنه . فرواه بقية بن الوليد ، عن الزُّبَيْدي ؛ قال : حدثني مكحول ، عن مسروق ، عن عائشة ، وخالفه عبد الله بن سالم الحمصي ، عن الزُّبَيْدي ، عن سليمان بن موسى ، عن مكحول ، عن مسروق ، عن عائشة ، وزاد في الإسناد سليمان بن موسى . وروى هذا الحديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عمَّن سمع مكحولاً يحدِّث عن مسروق ، عن عائشة . والأشبه بالصواب قول من قال : سليمان بن موسى ؛ قاله عبد الله ابن سالم الحمصي ، وهو من الأثبات في الحديث ، وهو سيِّئ المذهب ، له قول في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ! قيل : يسبُّ ؟ قال : نعم » .
والحديث ضعيف بهذا الإسناد ؛ لأن مكحولاً لم يسمع من مسروق كما حكاه أبو زرعة الدمشقي(2) عن أحمد بن صالح المصري .
وسليمان بن موسى الأموي مولاهم الدمشقي الأشدق صدوق فقيه ، إلا أن في حديثه بعض لين ، وخولط قبل موته بقليل(3) .
3)_ قال الطبراني(4) : حدثنا أحمد(5) ، قال : حدثنا يحيى بن حكيم الْمُقَوِّم ، قال : حدثنا مخلد بن يزيد الحرَّاني ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : رأيت رسول الله يشرب قائمًا وقاعدًا ، ويصلي منتعلاً وحافيًا ، وينصرف من الصلاة عن يمينه وعن يساره .
وسنده ضعيف ؛ فشيخ الطبراني أحمد بن محمد بن الجهم بن هارون السِّمَّري ، لم أجد من وثقه ، وقد ذكره الخطيب البغدادي في "تاريخه"(6) ، وابن نقطة في "تكملة الإكمال"(7) ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً .
__________
(1) 5/ق69ب-70أ) .
(2) في "تاريخه" (1/329 رقم 632) .
(3) كما في "التقريب" (2616) .
(4) في "الأوسط" (1213) .
(5) هو : ابن محمد بن الجهم .
(6) 4/403) .
(7) 3/351) .(1/40)
وأخرجه أبو بكر الشافعي(1) من طريق محمد بن أحمد بن النضر الأزدي ، ثنا أبو خالد المعني ، ثنا غصن بن محمد بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، عن عيسى بن محمد بن سعد ابن عبد الله ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا وقاعدًا .
وسنده ضعيف جدًّا ، فعيسى بن محمد بن سعد ، وأبو خالد المعني لم أجد من ترجم لهما ، وكذا قال محقق "الغيلانيات" ، وسيأتي أن في الرواة عن غصن : أبو يزيد الْمَعْنِي ، فيحتمل أن يكون راويًا آخر ، ويحتمل أن يكون كنية أخرى لأبي خالد ، والله أعلم .
وغصن بن محمد بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي مجهول الحال ؛ لم أجد من وثَّقه ، وإنما ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2) ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً ، وذكر أنه يروي عنه عبد الرحمن بن مصعب أبو يزيد الْمَعْنِي ، وله ذكر في إسناد حديثٍ آخر عند الطبراني(3) ، من رواية موسى بن الحسين أبي الحسين السلولي ، عنه .
4)_ قال ابن سعد(4) : أخبرنا عبيد الله بن موسى العَبْسي ؛ قال : أخبرنا إسرائيل ، عن عبد الله بن عيسى ، عن محمد بن سعيد ، [عن](5) عبد الله بن عطاء ، عن عائشة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتعل قائمًا وقاعدًا ، ويشرب قائمًا وقاعدًا ، وينفتل عن يمينه وعن شماله .
كذا رواه إسرائيل ، عن عبد الله بن عيسى .
__________
(1) في "الغيلانيات" (1033) .
(2) 7/59 رقم340) .
(3) في "المعجم الكبير" (4/15 رقم 3508) .
(4) في "الطبقات" (1/481) . وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1617) فقال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، نا إسرائيل ، عن عبد الله ، عن عائشة ، فذكره هكذا بإسقاط عبد الله بن عيسى ومحمد بن سعيد .
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5585) من طريق أبي حاتم الرازي ، عن عبيد الله بن موسى ، به على الصواب .
(5) تصحَّف في الأصل إلى : « بن » .(1/41)
وخالفه زياد بن خيثمة ، فرواه عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الله بن عطاء ، به ، وأسقط محمد بن سعيد من الإسناد .
أخرج هذه الرواية البيهقي(1) من طريق أبي بدر شجاع بن الوليد ، عن زياد هذا .
ورواية إسرائيل أرجح من رواية زياد ؛ لأن عبد الله بن عيسى لم يصرِّح في رواية زياد بالسماع من عبد الله بن عطاء ، ومع هذا فالراوي عن زياد هو : أبو بدر شجاع بن الوليد صدوق له أوهام كما في "التقريب"(2) .
وأما إسرائيل بن يونس والراوي عنه عبيد الله بن موسى فكلاهما ثقة(3) .
والحكم على سند هذا الحديث متوقف على معرفة محمد بن سعيد الراوي عن عبد الله ابن عطاء ، فإني لم أهتد إليه ، وأخشى أن يكون المصلوب الكذاب(4) .
تاسعًا : حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -
قال الترمذي(5) : حدثنا أحمد بن نصر النيسابوري ؛ حدثنا إسحاق بن محمد الفَرْوي ؛ حدثتنا عَبِيْدة بنت نائل ، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص ، عن أبيها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشرب قائمًا .
وأخرجه البزار أيضًا(6) ، ثم قال : « وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن سعد إلا من هذا الوجه ، وعبيدة ابنة نابل هذه فقد حدث عنها معن بن عيسى ، وإسحاق بن محمد الفروي ، وعثمان بن عبد الرحمن الحراني » .
__________
(1) في "سننه" (2/431) ، وفي "شعب الإيمان" (5584) .
(2) 2750) .
(3) كما في "التقريب" (401 و4345) .
(4) انظر "التقريب" (5907) .
(5) في "الشمائل" (206) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (3/215 رقم 1017) .
(6) في "مسنده" (1205) ، ومن طريقه أخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (718) . وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/ 273) ، والطبراني في "المعجم الكبير" ( 1/110 رقم 332) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (3/215 رقم1016) .(1/42)
وسند هذا الحديث ضعيف ، فإسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة ، الفروي ، المدني ، الأموي مولاهم صدوق ، إلا أنه كُفَّ ، فساء حفظه ؛ كما في "التقريب"(1) .
عاشرًا : حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
وله عنه طريقان :
أ ـ قال الإمام أحمد(2)
__________
(1) 381) .
(2) في "المسند" (2/260 رقم 7533) . وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (140) عن عبد الأعلى ، به ، غير أن في متنه سقطًا ، فلفظه هكذا : « أنه سأل أبا هريرة عن الشرب قائمًا ، وشرب الناس قيامًا » .
وأخرجه البخاري في "تاريخه" (7/279) من طريق محمد بن سلام ، عن عبد الأعلى ، به مختصرًا .
وأخرجه إسحاق أيضًا (254) من طريق جرير بن عبد الحميد ، عن أبي سنان ضرار بن مرَّة ، عن أبي المعارك الْهُجَيْمي ؛ قال : سألت أبا هريرة عن الشرب قائمًا ؟ ... ، فذكره مع بعض الاختلاف ، وفيه زيادة .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (24462) فقال : حدثنا ابن فضيل ، عن أبي سنان ، عن أبي المعارك ؛ قال : سألت أبا هريرة عن شرب الرجل وهو قائم ؟ قال : لا بأس به .
وأبو المعارك هذا لم أجد من ترجم له ، سوى الذهبي ، فإنه ذكره في "المقتنى" (5856) ولم يزد على أنه روى عن أبي هريرة ، وعنه أبو سنان .
والذي يظهر لي أنه هو مسلم الْهُجَيْمي الذي روى الطريق السابق ، فهو الذي سأل أبا هريرة - رضي الله عنه - ، فالحديث ضعيف لجهالة حاله ، والله أعلم .(1/43)
: ثنا عبد الأعلى(1) ، عن يونس - يعنى ابن عبيد - عن الصَّلْت بن غالب الْهُجَيْمي ، عن مسلم : سأل أبا هريرة عن الشرب قائمًا ؟ قال : يا ابن أخي، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَقَل راحلته وهي مُنَاخَة ، وأنا آخذ بخطامها ـ أو بزمامها ـ واضعاً رجلي على يدها ، فجاء نفر من قريش ، فقاموا حوله ، فأُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإناء من لبن ، فشرب وهو على راحلته ، ثم ناول الذي يليه عن يمينه ، فشرب قائمًا حتى شرب القوم كلهم قياماً .
وقد أعلَّه البخاري بالإرسال ، فقال في "التاريخ الكبير"(2) : « الصلت بن غالب الْهُجَيْمي : روى عنه يونس بن عبيد ، مرسل » ، فلعلَّه يعني أن يونس بن عبيد لم يثبت سماعه منه ، والله أعلم .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3) : « رواه أحمد ، ومسلم هذا لم أجد من وثقه ولا جرحه ، وبقية رجاله ثقات » .
وسند هذا الحديث ضعيف ؛ فيه الصَّلْت بن غالب الْهُجَيْمي ، وهو مجهول الحال ، فقد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير"(4) ، وقال : « روى عنه يونس بن عبيد ، مرسل » ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً ، وذكره ابن أبي حاتم أيضًا في "الجرح والتعديل"(5) ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً ، وأما ابن حبان فذكره في "الثقات"(6) على عادته في ذكر المجاهيل ومن لا يعرف بعدالة ولا جرح(7) .
__________
(1) هو : ابن عبد الأعلى السَّامي البصري .
(2) 4/299 رقم 2903) .
(3) 5/79) .
(4) 4/299 رقم 2903) .
(5) 4/439 رقم 1921) .
(6) 6/470) .
(7) وانظر "الإكمال" للحسيني (ص206 رقم 390) ، و"تعجيل المنفعة" لابن حجر (1/677 رقم 481) .(1/44)
وفي سنده أيضًا مسلم الذي رواه عن أبي هريرة ، وهو مجهول ، فقد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير"(1) ، فقال : « مسلم ... » ، ثم ذكر له هذا الحديث ، ولم ينسبه ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً ، وذكره في موضع آخر(2) هكذا : « مسلم الْهُجَيْمي : سمع أبا هريرة ، روى عنه الصلت بن غالب » ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً أيضًا ، وكذا صنع ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3) ، غير أنه لم ينسبه .
وأخطأ ابن حبان ، فذكره في "الثقات"(4) ، وخلط بينه وبين مسلم بن بديل الذي يروي عن أبي هريرة حديثًا غير هذا ، وعنه عبد الله بن عون ، وهو عدوي ، وهذا هُجَيْمي ، وهو بهذا يخالف البخاري ، ولم أجد له دليلاً فيما ذهب إليه .
وتابع ابنَ حبان الحسينيُّ في "الإكمال"(5) ، وتابع الحسينيَّ ابنُ حجر في "تعجيل المنفعة"(6) .
والذي يظهر لي أن مسلمًا هذا هو أبو المعارك الذي روى حديثه أبو بكر بن أبي شيبة(7) ، فقال : حدثنا ابن فضيل(8) ، عن أبي سِنان(9) ، عن أبي المعارك ؛ قال : سألت أبا هريرة عن شرب الرجل وهو قائم ؟ قال : لا بأس به .
كذا رواه محمد بن فضيل ، عن أبي سنان ، عن أبي المعارك موقوفًا .
__________
(1) 7/279 رقم1180) .
(2) من "التاريخ الكبير" أيضًا (7/275 رقم 1165) .
(3) 8/201 رقم 885) .
(4) 5/400) .
(5) ص405 رقم839) .
(6) 2/254 رقم 1025) .
(7) في "المصنف" (24462) .
(8) هو : محمد .
(9) هو : ضرار بن مرة .(1/45)
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(1) ، فقال : أخبرنا جرير(2) ، عن أبي سنان ضِرار بن مُرَّة ، عن أبي [المعارك](3) الْهُجَيْمي ؛ قال : سألت أبا هريرة - رضي الله عنه - عن الشرب قائمًا ؟ قال : كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، آخذ بِخِطامِ العَضْباء بيدي ، وهو على ظهرها ، وقدماي(4) على ذراعيها ، فدعا بشراب فشرب ، ثم ناول فلانًا وفلانًا - وهما عن يمينه - وتركني بتلك المنزلة ، فإن رأيتم أَثَرة بعدي فلا تنكروا ذلك . قال أبو المعارك(5) : وسمعت أبا هريرة يقول : من كان عليه دين فأيسر ولم يقضه ؛ فهو كأكل السحت .
والحديث ضعيف موقوفًا ومرفوعًا ؛ لأن أبا المعارك هذا لم أجد من ترجم له ، سوى الذهبي ، فإنه ذكره في "المقتنى"(6) ولم يزد على أنه روى عن أبي هريرة ، وعنه أبو سنان .
والذي يظهر لي أنه هو مسلم الْهُجَيْمي الذي روى الطريق السابق ، فهو الذي سأل أبا هريرة - رضي الله عنه - ، والقصة متقاربة بين سياقيهما ، فإن كان هو ، فالحديث ضعيف لجهالة حاله ، ويزيده ضعفًا : أن الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : النهي عن الشرب قائمًا ؛ كما تقدم(7) ، وإن كان ابن عبد البر قد قال(8) : « وروي عن أبي هريرة الوجهان جميعًا : الكراهة والإباحة » ، فإنه إنما تثبت عنه الكراهة ، ولم تثبت الإباحة ، والله أعلم .
__________
(1) برقم (254) .
(2) هو : ابن عبد الحميد .
(3) مابين المعقوفين تصحَّف في "مسند إسحاق" إلى : « المعايك » ، وذكر محمد المفتي في تحقيقه لـ"مسند إسحاق" (253) أن التصحيف وقع في الأصل الخطي ، وسيأتي على الصواب في آخر الحديث .
(4) تصحَّفت في المطبوع إلى : « قدمائي » ، والتصويب من طبعة محمد المفتي .
(5) تصحَّف في الأصل إلى : « أبو المعازك » ، والتصويب من طبعة محمد المفتي .
(6) 5856) .
(7) ص18) .
(8) في "الاستذكار" (26/281 رقم 39630) .(1/46)
2)_ قال الطبراني(1) : حدثنا الحسن بن محمد بن نَصْرٍ النَّحَّاس أبو سعيد ؛ نا قُرَّة بن العلاء بن مُرَّة السَّعْدي ؛ نا أبو يونس الْخَصَّاف ؛ نا داود بن أبي هند : أنه حج ، فأتى سعيد بن جبير ، فقال سعيد بن جبير : حدثني أبو هريرة : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشرب من هذا البئر قائمًا ، وأومأ بيده إلى زمزم .
ثم قال الطبراني : «لم يرو هذا الحديث عن داود بن أبي هند إلا أبو يونس الخصَّاف ، ولا عن أبي يونس إلا قرة بن العلاء ، تفرَّد به الحسن بن محمد النحاس » .
وذكر العقيلي قُرَّة بن العلاء في "الضعفاء"(2) ، وأخرج في ترجمته هذا الحديث من طريق الحسن بن محمد بن نصر النَّحَّاس ، وقال : « أبو يونس مجهول ، والحديث غير محفوظ ... ، والرواية في شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - من زمزم ثابتة من غير هذا الوجه » .
وذكر ابن حجر قرة بن العلاء هذا في "لسان الميزان"(3) ، وذكر كلام العقيلي فيه .
والحديث ضعيف جدًّا بهذا الإسناد ؛ فيه ثلاث علل :
الحسن بن محمد بن نصر النَّحَّاس مجهول الحال ، ذكره الخطيب في "تاريخه"(4) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
قرة بن العلاء ذكره العقيلي في "الضعفاء" ، وابن حجر في "لسان الميزان" ؛ كما سبق .
أبو يونس الْخَصَّاف مجهول كما قال العقيلي .
والحديث لا يعرف بهذا الإسناد من غير طريق هؤلاء الثلاثة ، ولذلك قال العقيلي إنه غير محفوظ ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5) : « رواه الطبراني في الصغير والأوسط ، وفيه جماعة لم أعرفهم » .
الحادي عشر : حديث الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
__________
(1) في "الأوسط" (3432) ، و"الصغير" (357) ، ومن طريقه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/411) .
(2) 3/486) .
(3) 4/472 رقم 1479 ) .
(4) في الموضع السابق .
(5) 5/80) .(1/47)
قال أبو بكر الشافعي(1) : حدثنا أحمد بن الحسين المديني ؛ ثنا سفيان بن وكيع ؛ ثنا يونس بن بكير ، عن زياد بن المنذر ، عن بشر بن غالب ، عن حسين بن علي قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا .
والحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا ؛ فيه زياد بن المنذر الثقفي ، أبو الجارود الأعمى ، الكوفي ، وهو متروك ، وكذَّبه بعضهم ، واتُّهِم بوضع الحديث . قال الإمام أحمد(2) : « متروك الحديث » ، وضعفه جدًّا ، وقال يحيى بن معين(3) : « كذاب عدو الله ، ليس يسوى فلسًا » ، وقال النسائي(4) : « متروك » ، وقال أبو حاتم الرازي(5) : « منكر الحديث جدًّا » ، وقال ابن حبان(6) : « كان رافضيًّا يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم » ، وقال يحيى بن يحيى النيسابوري(7) : « يضع الحديث » .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8) : « رواه الطبراني ، وفيه زياد بن المنذر ، وهو متروك » .
وأخرجه الطحاوي(9) من طريق عبد الأعلى بن عامر ، عن بشر بن غالب قال : دخلت على الحسين بن علي داره ، فقام إلى بُخَيتة له ، فمسح ضرعها ، حتى إذا درَّت ، دعا بإناء ، فحلب ، ثم شرب وهو قائم ، ثم قال : يا بشر ، إني إنما فعلت ذلك لتعلم أنّا نشرب ونحن قيام .
__________
(1) في "الغيلانيات" (1035) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3/133 رقم 2904) ، وابن عدي في "الكامل" (3/190) ، كلاهما من طريق يونس بن بكير ، به ، لكن وقع في "الكامل" : « بشير بن غالب » .
(2) كما في "الجرح والتعديل" (3/545) .
(3) كما في "الكامل" لابن عدي (3/189) .
(4) كما في "تهذيب التهذيب" (3/333) .
(5) كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل" .
(6) في "المجروحين" (1/306) .
(7) كما في الموضع السابق من "تهذيب التهذيب" .
(8) 5/80) .
(9) في "شرح معاني الآثار" (4/275) .(1/48)
وأخرجه محمد بن خلف بن حيان في "أخبار القضاة"(1) من طريق عبد الواحد بن زياد ؛ قال : حدثنا الحارث بن حَصِيرة ؛ قال : حدثنا سعيد بن أشوع ، عن بشر بن غالب ؛ قال : سألت الحسن بن علي عليه السلام ونحن في مسير عن الشرب قائمًا ؟ فلم يجبني ، فلما نزلنا إذا مناديه يناديه(2) : أين بشير بن غالب(3) ؟ فأتيته وهو قائم مُحْتَجِز(4) ، وفتى له ، فحُلِبت ناقة ، فقال : باسم الله ، وشرب وهو قائم ، ثم ناولني ، فشربت .
وفي سند هذه الرواية الحارث بن حصيرة الأزدي ، وهو : صدوق ، إلا أنه يخطئ ، ورمي بالرفض كما في "التقريب"(5) .
وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة(6) : حدثنا أبو الأحوص(7) ، عن عبد الله بن شريك ، عن بشر بن غالب ؛ قال : رأيت الحسن يشرب وهو قائم .
كذا جاء عند ابن أبي شيبة : « الحسن » ، ونقله عنه ابن عبد البر في "الاستذكار"(8) ، وجزم بأن الحسن هذا هو البصري ، ونقل عنه الخلاف في الشرب قائمًا ، بأنه رويت عنه الكراهة وخلافها(9)
__________
(1) 3/16) .
(2) كذا في الأصل ، وهو محمول على أن القائل : « يناديه » هو سعيد بن أشوع .
(3) كذا في المطبوع ! وانظر ترجمته الآتية .
(4) أي : شدَّ إزاره في وسطه . انظر "المصباح المنير" (ص67 / حجز) .
(5) 1018) .
(6) في "المصنف" (24479) .
(7) هو : سلاَّم بن سُلَيم .
(8) 26/278 رقم 39619) .
(9) يعني : ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (24483) عن هشيم ، عن منصور ، عن الحسن : أنه كان يكره الشرب قائمًا .
والحسن هنا : هو البصري ، ومنصور : هو ابن زاذان .
وأما هشيم : فهو ابن بشير السُّلمي ، الواسطي ، وهو ثقة ثبت ، لكنه كثير التدليس والإرسال الخفي كما في "التقريب" (7312) ، ولم يصرح بالسماع في هذا الأثر ، فلا يصح لهذا السبب .(1/49)
، ولست أدري على أي شيءٍ بنى ابن عبد البر قوله هذا ! فإن بشر بن غالب هذا لم يذكر أنه يروي عن الحسن البصري ، ولكن لعلَّه الحسن ابن علي كما في رواية محمد بن خلف ، أو يكون الحسين تصحَّف إلى الحسن ، والله أعلم .
وسند الحديث ضعيف ؛ لأن مداره على بشر بن غالب الأسدي هذا ، وأقل أحواله أنه مجهول الحال ، فقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير"(1) فقال : « بشر بن غالب الأسدي ، سمع حسين بن علي قوله ، روى عنه عبد الله بن شريك ، وابن أشوع ، هو أخو بشير بن غالب ، حديثه في الكوفيين » ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً ، وكذا صنع ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"(3) ، وذكر الذهبي في "ميزان الاعتدال"(4) بشر بن غالب الأسدي الذي يروي عن الزهري ، ونقل قول الأزدي عنه : « مجهول » ، وذكر عقبه بشر بن غالب الكوفي ، وأنه يروي عن أخيه بشير بن غالب ، ويروي عنه الأعمش ، ونقل قول الأزدي عنه : « متروك » ، وزاد الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان"(5) ما يقتضي التفريق بين الاثنين ، ويوضح أن الكوفي الذي روى عنه الأعمش هو راوي هذا الحديث ، وزاد الحافظ أيضًا أن الكشي ذكر غالبًا الكوفي هذا في رجال الشيعة ، وأثنى عليه .
الموقوف على الصحابة
أوَّلاً : عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -
جاء في "الموطأ" برواية يحي بن يحيى الليثي(6) : عن مالك ؛ أنه بلغه : أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كانوا يشربون قيامًا .
وهذا الأثر في "الموطأ" برواية محمد بن الحسن الشيباني(7) هكذا : أخبرنا مالك ؛ أخبرني مُخْبِر : أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان - رضي الله عنهم - أجمعين كانوا يشربون قيامًا .
__________
(1) 2/ 81 رقم 1761) .
(2) 2/363 رقم 1394 ) .
(3) 4/69) .
(4) 1/322 رقم 1212 و1213) .
(5) 2/28 ـ29 رقم 102 و103 ) .
(6) 2/ 925 رقم 1651) .
(7) ص314 رقم 881) .(1/50)
وما جاء في رواية يحيى هو الموافق لما في "الموطأ" رواية أبي مصعب الزهري(1) ، ورواية سويد بن سعيد الحدثاني(2).
والأثر ضعيف من هذا الطريق على كلا الروايتين ، إما لانقطاعه ، أو لإبهام شيخ مالك في رواية محمد بن الحسن ، هذا على فرض أن الواسطة بين مالك وهؤلاء الثلاثة واحد .
لكن قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(3) : « وثبت الشرب قائمًا عن عمر، أخرجه الطبري » .اهـ ، ولم يذكر كتاب الطبري الذي أخرج فيه هذا الأثر ، فقد يكون في المفقود من "تهذيب الآثار" ، وقد يكون في غيره ، والله أعلم .
وقد قال عبد الرحمن بن أبي حاتم(4) : وسُئل أبو زرعة عن حديثٍ رواه أبو نُعَيْم(5) ، والقَعْنَبِي(6) ، وعبد العزيز الأُوَيْسِي(7) . فروى أبو نُعَيْم والقَعْنَبِي ، عن عبدالله بن عمر العُمَرِي ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن رافع ، عن ، أنه رأى عمر بن الْخَطَّاب يشرب قائمًا .
وروى عبد العزيز الأُوَيْسِي ، عن عبد الله العُمَرِي ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن رافع ؛ أنه رأى عمر شرب قائمًا ؛ أسقط والد عبد الرحمن بن رافع ؟
فقال أبو زرعة : هذا خطأ ؛ إنما هو عبد الرحمن بن رافع ، عن أبيه ، عن عمر .اهـ.
ولم أجد من أخرج هذا الذي ذكره ابن أبي حاتم أيضًا .
*******
ثانيًا : عثمان بن عفان - رضي الله عنه -
لم أجد عنه - رضي الله عنه - نقلاً سوى ما ذكره الإمام مالك آنفًا ، وتقدم أنه ضعيف .
*******
ثالثًا : علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -
صحّ عنه كما سبق(8) في الحديث الأول من أحاديث الإباحة - من طريق النَّزَّال بن سَبْرَة وغيره – أنه - رضي الله عنه - شرب قائمًا ، وأخبر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله .
__________
(1) 2/99 رقم1939) .
(2) ص571 رقم 1370) .
(3) 10/84) .
(4) في "العلل" (1589) .
(5) هو : الفضل بن دُكين .
(6) هو : عبدالله بن مسلمة .
(7) هو : عبد العزيز بن عبد الله .
(8) ص23) .(1/51)
وتقدم(1) في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - - وهو الحديث الرابع من أحاديث الحظر -أن عليًّا - رضي الله عنه - لما بلغه أن أبا هريرة - رضي الله عنه - يحدِّث بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاءه )) ، دعا بماء فشرب وهو قائم .
وجاء الشرب قائمًا عنه موقوفًا عليه من أربع طرق أخرى :
1)_ قال أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف" (2) : حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر(3) ، عن أبيه، أن علياً كان يشرب وهو قائم .
وهذا سند ضعيف ؛ لأن محمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر لم يسمع من جدِّه علي - رضي الله عنه - ؛ لأنه ولد سنة ست وخمسين للهجرة أو بعدها ، أي بعد وفاة علي - رضي الله عنه - بست عشرة سنة أو أكثر(4) .
2)_ قال ابن أبي شيبة في "المصنف" أيضًا(5) : حدثنا ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : أخبرني من رأى عليًّا بالكوفة يشرب قائمًا .
وهذا سند ضعيف لإبهام شيخ مجاهد .
3)_ قال البخاري في "التاريخ الكبير"(6) : سليمان بن يسار صاحب المقصورة المدني، روى عنه ابن بلال وابن أبي ذئب ، وقال إسحاق : أنا عيسى بن يونس ؛ سمع ابن يسار المكفوف المدني ؛ سمع محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه : رأى عليًّا يشرب قائمًا .
وسنده ضعيف ؛ لجهالة حال سليمان بن يسار المدني ، المكفوف ، صاحب المقصورة، فقد ذكره البخاري في الموضع السابق ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(7) ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً ، وذكره ابن حبان في "الثقات"(8) ، وروى عنه ابن أبي ذئب ، وسليمان بن بلال ، وعيسى بن يونس .
__________
(1) ص19) .
(2) في "المصنف" (24463) .
(3) هو : ابن محمد بن علي بن الحسين ، المعروف بالصادق .
(4) انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص185 ـ186 ) ، و"تهذيب الكمال" (26/141) .
(5) 24475) .
(6) 4/42 رقم 1902) .
(7) 4/149 رقم 644) .
(8) 6/394) .(1/52)
4)_ وقال البخاري أيضًا(1) : يحيى بن قيس ، عن سعيد بن المسيب . قال يحيى بن بكير : نا ميمون بن يحيى بن مسلم الأَشَجّ ، عن أبيه ، عن يحيى بن قيس ، عن أبي الموالي ، فقال مرَّة : سمعت أبا الموالي مولى علي بن أبي طالب : رأى عليًّا يشرب قائمًا .
وسنده ضعيف ، فأبو الموالي مولى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : مجهول ؛ ذكره البخاري في "الكنى"(2) ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3) ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً ، وحكم عليه الذهبي(4) بأنه لا يعرف .
ويحيى بن قيس مجهول الحال ؛ ذكره البخاري في الموضع السابق ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(5) ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً ، وذكره ابن حبان في "الثقات"(6) .
وبعض هذه الطرق ضعيفة كما مرَّ ، لكن تشهد لها الطرق الصحيحة الأخرى ، فشرب عليٍّ - رضي الله عنه - قائمًا صحيح عنه بلا ريب ، والله أعلم .
*******
رابعًا وخامسًا : عائشة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما
روى الإمام مالك(7) عن ابن شهاب : أن عائشة أم المؤمنين وسعد بن أبي وقاص كانا لا يريان بشرب الإنسان وهو قائم بأسًا .
__________
(1) في "التاريخ الكبير" (8/299 رقم 3078) .
(2) 719) .
(3) 9/447 رقم 2272) .
(4) في "الميزان" (10648) .
(5) 9/182 رقم 753) .
(6) 7/608-609) .
(7) في "الموطأ" (2/926 رقم 1652) . وأخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بـ"المصنف" (19591) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (24464) ، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البيهقي في "سننه" (7/283) .(1/53)
وسنده ضعيف ، لأن الزهري لم يسمع من سعد بن أبي وقاص وعائشة رضي الله عنهما ، فقد اختلف في سنة ولادته ، فمنهم من قال : ولد سنة خمسين للهجرة ـ وهي السنة التي توفي فيها سعد بن أبي وقاص ـ ، ومنهم من قال : ولد سنة ثمان وخمسين للهجرة ـ وهي السنة التي ماتت فيها عائشة رضي الله عنها ـ ، ومنهم من قال بين هذين التأريخين(1) .
وله عن سعد بن أبي وقاص طريق آخر :
قال عباس الدوري(2) : حدثنا يحيى(3) ؛ قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن عبد الله بن بُدَيل ، عن الزهري ، عن عباد بن تميم ، عن عَمِّه(4) ؛ قال : رأيت سعدًا يشرب قائمًا .
وسنده ضعيف ؛ تفرَّد به عن الزهري : عبد الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخزاعي ، المكِّي ، وهو صدوق يخطئ كما في "التقريب"(5) .
*******
سادسًا : عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
تقدم(6) ذكر حديثه برقم (4) من أحاديث الإباحة، وفيه : كنا نشرب ونحن قيام ، ونأكل ونحن نمشي ؛ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وأما ما جاء موقوفًا عليه - رضي الله عنه - صراحةً ، فله عنه سبع طرق :
1)_ رواه مالك في "الموطأ"(7) عن أبي جعفر القارئ أنه قال : رأيت عبد الله بن عمر يشرب قائمًا .
وهذا سند صحيح ، فأبو جعفر القارئ المدني ، المخزومي ، مولاهم : ثقة ، وهو مشهور بكنيته، وأما اسمه فمختلف فيه ؛ قيل : اسمه يزيد بن القعقاع ، وقيل : جندب بن فيروز ، وقيل : فيروز(8) .
2)_ قال أبو بكر بن أبي شيبة(9) : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن مسلم ، قال : رأيت ابن عمر يشرب قائمًا .
وهذا سند صحيح .
__________
(1) انظر "تهذيب الكمال" للمزي (26/440 ـ441) .
(2) في "تاريخ ابن معين" (3/14 رقم54) .
(3) هو : ابن معين .
(4) هو : عبد الله بن زيد بن عاصم .
(5) 3224) .
(6) ص31) .
(7) 2/926 رقم 1653) .
(8) انظر "تقريب التهذيب" (8021) ، و"تهذيب الكمال" (33/200 ـ 202 ) .
(9) في "المصنف" (24461) .(1/54)
فمسلم هذا هو : ابن يسار البصري ، نزيل مكة ، أبو عبد الله الفقيه ، ويقال له : مسلم سُكَّرَة ، ومسلم الْمُصْبِح ـ لأنه كان يُسرج المسجد ـ وهو ثقة عابد(1) .
وعمرو هو : ابن دينار المكي ، أبو محمد الأثرم ، الجُمَحِي ، مولاهم ، وهو ثقة ثبت(2) .
وشيخ ابن أبي شيبة : سفيان بن عيينة إمام مشهور ، وثقة حافظ فقيه حجة ، وهو أثبت الناس في عمرو بن دينار(3) .
3)_ قال البيهقي(4) : أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم الْمُزَكِّي ؛ نا أبو العباس محمد بن يعقوب ؛ نا بحر بن نصر؛ نا ابن وهب ؛ حدثني عمر بن محمد : أن سليمان بن مهران حَدَّثه ، عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال : أما أنا فآكل قائمًا ، وأشرب قائمًا .
وسنده ضعيف ؛ فسليمان بن مهران هو : الأعمش ، وهو ثقة حافظ عارف بالقراءات وَرِع ، لكنه يدلس(5) ، ولم يصرح بالسماع هنا من مجاهد ، وروايته عن مجاهد الغالب عليها التدليس ؛ قال أبو حاتم الرازي(6) : « إن الأعمش قليل السماع من مجاهد ، وعامة ما يروى عن مجاهد مدلَّس » .
4)_ قال الطحاوي(7) : حدثنا محمد بن خزيمة ؛ قال : ثنا حجاج(8) ؛ قال : ثنا حماد(9) ، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم ، عن علي بن عبد الله البارِقي ؛ قال : ناولت ابن عمر إِدَاوَةً ، فشرب منها قائمًا ؛ مِنْ فِيْها .
وسنده ضعيف ؛ فيه علي بن عبد الله البَارِقي ، الأَزْدي ، وهو صدوق ربما أخطأ ؛ كما في "التقريب"(10) .
__________
(1) كما في "تقريب التهذيب" (6652) ، وانظر "تهذيب الكمال" (27/551 ـ554) .
(2) كما في "تقريب التهذيب" (5024) .
(3) انظر "تهذيب الكمال" (11/177-196 رقم 2413) ، و"تقريب التهذيب" (2451) .
(4) في "سننه" (7/283) .
(5) كما في "التقريب" (2615) .
(6) في "العلل" لابنه عبد الرحمن (2119) .
(7) في "شرح معاني الآثار" (4/ 276) .
(8) هو : ابن مِنْهال .
(9) هو : ابن سلمة .
(10) 4762) .(1/55)
5)_ قال أبو بكر بن أبي شيبة(1) : حدثنا شريك(2) ، عن سالم(3) ، عن سعيد بن المسيّب ، عن ابن عمر : أنه شرب من قربة وهو قائم .
وسنده ضعيف ؛ فيه شريك بن عبد الله النَّخَعي ، القاضي ، وتقدم(4) أنه صدوق يخطئ كثيرًا .
6)_ قال ابن أبي شيبة أيضًا(5) : حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن عبد الله بن عامر(6) : أنه رأى ابن عمر يشرب قائمًا .
وسنده ضعيف ؛ فيه شريك المذكور في الإسناد السابق ، وفيه أيضًا : عاصم ، وهو : ابن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، العدوي ، المدني ، وهو ضعيف(7) .
7)_ قال ابن أبي شيبة أيضًا(8) : حدثنا محمد بن فضيل ، عن الحسن بن الحكم ، عن الْحُرِّ بن صَيَّاح ؛ قال : سأل رجل ابن عمر ، فقال : ما ترى في الشرب قائمًا ؟ فقال : ابن عمر : إني أشرب وأنا قائم ، وآكل وأنا أمشي0
وسنده ضعيف ؛ فيه الحسن بن الحكم النَّخَعي أبو الحكم الكوفي ، وهو صدوق ، لكنه يخطئ(9) .
فهذه الطرق يتقوى بعضها ببعض ، وبعضها صحيح لذاته ، فثبوت الشرب قائمًا من فعل ابن عمر لا شك فيه .
*******
سابعًا : عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما
أخرج حديثه الإمام مالك(10) عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه : أنه كان يشرب قائمًا .
وسنده صحيح .
فعامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام ، الأسدي ، المدني : ثقة عابد(11) .
ومن طريق الإمام مالك أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(12) .
*******
ثامنًا : أبو بكرة - رضي الله عنه -
واسمه : نُفَيع بن الحارث .
__________
(1) في "المصنف" (24465) .
(2) هو : ابن عبد الله النخعي .
(3) هو : ابن عبد الله بن عمر .
(4) ص26) .
(5) في "المصنف" (24467) .
(6) هو : ابن ربيعة .
(7) كما في "التقريب" (3065) .
(8) 24472) .
(9) كما في "التقريب" (1229) .
(10) في الموطأ (2/926 رقم 1654) .
(11) "التقريب" (3099) .
(12) 4/276) .(1/56)
وأما حديثه : فذكره البيهقي في "سننه"(1) ، فقال : « وروينا عن أبي بكرة أنه كان يشرب قائمًا » ، ولم يسنده ، ولم أجده مسندًا .
وانظر الأثر الآتي .
*******
ثامنًا : أبو بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنه -
وحقُّه التقديم - رضي الله عنه - ، وإنما أخَّرته لأني لم أجد من أخرجه عنه ، ويغلب على ظني أنه وهم بسبب اشتباه اسمه باسم أبي بكرة المذكور في الأثر السابق ؛ في قول البيهقي : « وروينا عن أبي بكرة أنه كان يشرب قائمًا » ، ويظهر أن القرطبي وقف على هذا العزو مُصَحَّفًا ، فنسبه(2) لأبي بكر - رضي الله عنه - ، وكذا صنع الزرقاني(3) ، غير أنه أفاد بذكر الراوي عنه ، فقال : « وقال جبير بن مطعم : رأيت أبا بكر الصديق يشرب قائمًا » ، والبيهقي لم يذكر الراوي عن أبي بكرة ، فهذا النقل من الزرقاني يدل على أن هناك من ذكره غير البيهقي ، والله أعلم .
أقوال العلماء في حكم الشرب قائمًا
تبين لنا بعد النظر في الأحاديث والآثار المتقدمة أنها تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أحاديث النهي عن الشرب قائمًا ، وجملة منها صحيحة ، والنهي يقتضي التحريم كما هو معلوم ، إلا أن يصرفه صارف .
القسم الثاني : أحاديث إباحة الشرب قائمًا ، وهي الأكثر ، وجملة منها صحيحة أيضًا .
وظاهر هذه الأحاديث التعارض ، ولهذا اختلف العلماء في حكم الشرب قائمًا بسبب موقفهم من هذا التعارض ، وسلكوا في ذلك مسلكين ، هما :
المسلك الأول : الترجيح .
المسلك الثاني : الجمع والتوفيق .
أوّلاً : أما الذين سلكوا مسلك الترجيح فهما فريقان :
الفريق الأوّل : الذين رجَّحوا بدعوى النَّسْخ ، واختلفوا على قولين :
__________
(1) 7/283) .
(2) في "المفهم" (5/285) ، وسيأتي (ص65) .
(3) في "حاشيته" (4/372-373) .(1/57)
القول الأول : قول من حمل النهي على ظاهره ، وقالوا بحرمة الشرب قائمًا ، وهم الظاهرية ، ومنهم ابن حزم(1) الذي ادعى نسخ أحاديث الجواز بأحاديث النهي ، متمسِّكًا بأن الجواز على وفق الأصل ، والأصل إباحة الشرب على كل حال من قيام وقعود واتّكاء واضطجاع ، وأحاديث النهي مقرِّرة لحكم الشرع ، فلما صح نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب قائمًا ، كان ذلك بلا شك ناسخًا للإباحة المتقدمة ، فمن ادعى الجواز بعد النهي فعليه الدليل ، فمن الْمُحال أن يعود المنسوخ ناسخًا ثم لا يبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك .
هذا ما ذهب إليه ابن حزم ، ولم يقف عليه القرطبي ، حين قال(2) : « لم يَصِرْ أحدٌ من العلماء فيما علمت إلى أن هذا النهي على التحريم ، وإن كان جاريًا على أصول الظاهرية ، إنَّما حمله بعض العلماء على الكراهة » ، فقد تُعُقِّب القرطبي(3) بأن ابن حزم من الظاهرية جزم بالتحريم .
القول الثاني : قول مَنْ قرَّر أن أحاديث النهي ـ على تقدير ثبوتها ـ منسوخة بأحاديث الجواز ، بقرينة عمل الخلفاء الراشدين ، ومعظم الصحابة والتابعين بالجواز ، وإلى ذلك جَنَح الأثرم(4) ، وابن شاهين(5) .
__________
(1) في "المحلى" (7/519-520) ، و"حجة الوداع" (ص325) ، و"إحكام الأحكام" (2/168) .
(2) في "المفهم" (5/285) .
(3) كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/83) .
(4) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص230) .
(5) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص433-434) .(1/58)
ومال إلى هذا القول أيضًا القرطبي(1) ، ونسبه للجمهور من الصحابة ومن بعدهم ، وأنهم تمسكوا في ذلك بشرب النبي - صلى الله عليه وسلم - من زمزم قائمًا ، وكأنهم رأوا هذا الفعل منه متأخِّرًا عن أحاديث النهي ، فإنَّه كان في حجة الوداع ، فهو ناسخٌ ، ويُحَقِّقُ ذلك حُكمُ الخلفاء الثلاثة بخلافها(2) ، ويبعدُ أن تخفى عليهم تلك الأحاديث مع كثرة علمهم ، وشدَّة ملازمتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وتشدُّدِهم في الدين .
الفريق الثاني : الذين رجَّحوا أدلَّة الجواز على أدلَّة النهي بحجَّة أنَّها أقوى وأصحّ وأثبت ، وهذه طريقة أخرى لأبي بكر الأثرم(3) ، وأيَّد قوله بأن أنس بن مالك وأبا هريرة - الَّذَيْن رويا أحاديث النهي - قد جاء عنهما خلافه ، وهو الجواز(4)
__________
(1) في "المفهم" (5/285) .
(2) يعني : أبا بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم . أما عمر وعلي فتقدم أنه صحيح عنهما ، وتقدم أيضًا أنه روي عن عثمان - رضي الله عنه - ، لكنه ضعيف ، ولم أجده عن أبي بكر كما تقدم (ص61-62) .
(3) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص228-230) .
(4) أما حديث أنس : فهو المتقدم في أحاديث الإباحة المرفوعة برقم (6) ، وفيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب من القِرْبَة قائمًا ، وتقدم أنه حديث ضعيف .
وأما حديث أبي هريرة فتقدم في أحاديث الإباحة المرفوعة برقم (10) ، أنه - صلى الله عليه وسلم - شرب من زمزم قائمًا ، وأنه ناول الإناء مَنْ شرب قائمًا ، وروي عنه موقوفًا ، وهو حديث ضعيف موقوفًا ومرفوعًا .(1/59)
، وأن مما يدلُّ على وهاء أحاديث النهي : اتفاق العلماء على أنه ليس على أحدٍ شرب قائمًا أن يستقيء ، وهو أحد قولي الإمام أحمد ، والمشهور في مذهبه(1) .
وقد جنح لدعوى الترجيح أيضًا جماهير المالكية(2) ، ومنهم : ابن عبد البر(3) ، والقاضي عياض(4) ، وضعفا أحاديث النهي ، ونسبا تضعيفها للإمام مالك ، ونسبه عياض للبخاري أيضًا(5) ، وهذا ما رآه ابن بَطَّال(6) بالنسبة للبخاري حين قال : « إنما رسم البخاري هذا الباب(7) ؛ لأنه قد رويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - آثار فيها كراهية الشرب قائمًا ، فلم تصح عنده ، وصحت عنده أحاديث الإباحة في ذلك ، وعمل بهذا الخلفاء بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال بها أئمة الفتوى » ، وتعقبه الحافظ ابنُ حجر(8) بقوله : « كذا
__________
(1) انظر "الآداب الشرعية" (3/174) ، و"الفروع" (5/302) كلاهما لابن مفلح ، و"الإنصاف" للمرداوي (8/330) ، و"كشاف القناع عن متن الإقناع" (5/177) ، و"شرح منتهى الإرادات" (3/38) كلاهما لمنصور البهوتي ، و"غذاء الألباب" لمحمد السفاريني (2/141) .
(2) انظر "المنتقى شرح الموطأ" لأبي الوليد سليمان خلف الباجي (7/237) ، و "عارضة الأحوذي" (8/72-73)، و"شرح البخاري" لابن بطال (6/72) ، و"المفهم" للقرطبي (5/285-286) ، و"حاشية العدوي" (2/609) ، و"الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" لأحمد بن غنيم النفراوي (2/319) .
(3) في "الاستذكار" (26/277-279) ، وذكر العيني في "عمدة القاري" (21/193) قول من ضعف أحاديث النهي عن الشرب قائمًا ، ثم قال : « قاله جماعة من المالكية ، منهم أبو عمر بن عبد البر ، وفيه نظر » .
(4) في "الإكمال" (6/491) ، وتقدم نقله عنه (ص8-9) .
(5) تقدم (ص9-10) الرد على دعوى أن الإمام مالكًا والبخاري ضعَّفا أحاديث النهي .
(6) في "شرح صحيح البخاري" (6/72) .
(7) يعني قول البخاري : « باب الشرب قائمًا » .
(8) 10/81) .(1/60)
قال ! وليس بجيّد ، بل الذي يشبه صنيعه(1) أنه إذا تعارضت عنده الأحاديث لا يثبت الحكم » .
وقد ذهب إلى القول بجواز الشرب قائمًا مطلقًا من التابعين : سعيد بن جبير(2) ، وطاوس(3) ، وزاذان أبو عمر الكِنْدي(4) ، وإبراهيم بن يزيد النَّخَعي(5) ، لكنه كرهه لداء يأخذ البطن(6) ، لا لأنه منهي عنه شرعًا فيما يظهر ، وحكي القول بالجواز أيضًا عن سالم بن عبد الله بن عمر ، وعامر الشعبي ، وفي إسناديهما لين(7) .
وقال أبو الوليد الباجي(8) : « قَالَ مَالِكٌ وَلا بَأْسَ بِالشُّرْبِ قَائِمًا » ، ولم أجد من نقله عن الإمام مالك سواه ، وأخشى أن يكون فهمه من طريقة مالك في إخراج أحاديث الإباحة في "موطئه" ، فعبَّر بمعنى مافهمه .
ثانيًا : الذين سلكوا مسلك الجمع بين الأدلة : وانقسموا إلى أربعة أقسام :
__________
(1) يعني : صنيع البخاري .
(2) كما في "مصنف ابن أبي شيبة" (24474 و24478) .
(3) كما في المرجع السابق (24474) .
(4) المرجع السابق (24471) .
(5) المرجع السابق (24469 و24484) ، و "شرح معاني الآثار" (4/274 و276) للطحاوي .
(6) كما سيأتي قريبًا .
(7) رواه ابن أبي شيبة أيضًا (24468) من طريق عباد بن منصور ؛ قال : لقد رأيت سالمًا يشرب وهو قائم .
وعباد بن منصور النَّاجي صدوق ، إلا أنه تغيَّر في آخر عمره ؛ كما في "التقريب" (3142) .
ورواه أيضًا (24470) من طريق مجالد ؛ قال : رأيت الشعبي يشرب قائمًا وقاعدًا . وقد روي عنه أنه كرهه لأنه داء كما سيأتي قريبًا .
ومجالد بن سعيد الْهَمْداني ليس بالقوي ؛ تغيَّر في آخر عمره ؛ كما في "التقريب" (6478) .
(8) في "المنتقى" (7/237) .(1/61)
ـ فقالت طائفة : إن النهي عن الشرب قائمًا ليس نهي تحريم ، ولكنه مخافة الضرر(1) ، والأمر بالقعود أمر إرشاد طبي لاشرعي ؛ لأن في الشرب قائمًا أضرارًا كثيرة ، تحدَّث ابن القيم عن بعضها فقال(2) : « للشرب قائمًا آفات عديدة ، منها : أنه لا يحصل به الرِّيُّ التَّام ، ولا يستقرُّ في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء ، وينزل بسرعة وحدَّة إلى المعدة ، فيخشى منه أن يبرِّد حرارتها ويشوِّشها ، ويسرع النفوذ إلى أسفل البدن بغير تدريج ، وكل هذا يضر بالشارب ، وأما إذا فعله نادرًا أو لحاجة لم يضرَّه »(3) .
وقد كره الشرب قائمًا من التابعين : عامر الشعبي(4) ، وإبراهيم النخعي(5) ؛ لأنه داء.
واختار هذا القول الطحاوي(6) ، حين روى أحاديث النهي ، ثم أتبعها بأحاديث الإباحة ، ثم ذكر أن النهي لما يُخاف منه من الضرر وحدوث الداء لا غير ذلك ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد بذلك النهي : الإشفاق على أمته ، وأمره إياهم بما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم .
وذكره البيهقي وجهًا آخر من وجوه الجمع بين الأخبار ، فقال(7) : « يحتمل أن يكون النهي عن الشراب قائمًا على الاختيار والأدب في الشرب قاعدًا ، أو لما فيه من الداء فيما زعم أهل الطب ، وخصوصًا لمن كانت في أسافله عِلَّة يشكوها من برد ، أو رطوبة ، لا على التحريم » .
__________
(1) ذكر ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (8/72-73) بأن النهي عن الشرب قائمًا ليس بنهي تشريع ، وإنما هو نهي تطبب .
(2) في "زاد المعاد" (4/229) .
(3) انظر أيضًا "المفهم" (5/285-286) .
(4) كما في "شرح معاني الآثار" للطحاوي (4/274) .
(5) كما في "مصنف ابن أبي شيبة" (24484) .
(6) في "شرح معاني الآثار" (4/274 و276) ، ونحوه في "مشكل الآثار" (5/347) .
(7) في "شعب الإيمان" (10/525) .(1/62)
وهو قول آخر مال إليه المازَرِي(1) ، وقال : « وعلى هذا الثاني يحمل قوله : (( فمن نسي فليستقيء ))(2) ، على أن ذلك يحرك خلطاً يكون القيء دواءه ، ويؤيده قول النخعي(3) : إنما نهي عن ذلك لداء البطن »(4) .
__________
(1) في الموضع السابق من "المعلم" .
(2) هذا أحد ألفاظ حديث أبي هريرة المتقدم في أدلة الحظر (ص 18) .
(3) تقدم تخريجه قريبًا .
(4) انظر أيضًا "عارضة الأحوذي" لابن العربي (8/72-75) ، و"المفهم" للقرطبي (5/285-286) ، و"الآداب الشرعية" لابن مفلح (3/160) ، و"فتح الباري" لابن حجر (10/84) ، و"غذاء الألباب" للسفاريني (2/142-143) .(1/63)
2) ـ وقالت طائفة : إن النهي مخصوص بما سوى زمزم وفضل الوضوء ، وهو قول بعض الحنفية(1) ، ويوضِّحه قول علي القاري(2) – بعد أن ذكر حديث علي - رضي الله عنه - في الوضوء ، وشربه فضل وضوئه - : « وهذا الحديث يرد زعم من أثبت النسخ في الشرب قائمًا ؛ لأنه - رضي الله عنه - فعل ذلك بالكوفة . قال ابن الملك : إن قلت : ما ذُكِر عن علي - رضي الله عنه - عنه يدل على أن الشرب قائمًا لم ينسخ ، قلت : يجوز خفاء النهي عن علي ، والأولى أن يقال : المنهي عنه : الشرب الذي يتخذه الناس عادة . اهـ . ويمكن الجمع أيضًا بأنه لم يثبت النهي عند علي كرم الله وجهه ، أو النهي عنده ليس على إطلاقه ؛ فإنه مُخَصَّصٌ بماء زمزم ، وشرب فضل الوضوء ؛ كما ذكره بعض علمائنا ، وجعلوا القيام فيهما مستحبًّا ، وكرهوه في غيرهما ، إلا إذا كان ضرورة ، ولعل وجه تخصيصهما : أن المطلوب في ماء زمزم التَّضَلُّعُ ووصول بركته إلى جميع الأعضاء ، وكذا فضل الوضوء ، مع إفادة الجمع بين طهارة الظاهر والباطن ، وكلاهما حال القيام أَعَمُّ ، وبالنفع أَتَمُّ » .
3) ـ الجمع بين الخبرين بِضَرْبٍ من التأويل :
__________
(1) انظر "الفتاوى الهندية" (1/8) ، و(5/341) ، و"حاشية ابن عابدين" (1/129-130) ، و"تبيين الحقائق" (1/7) ، و"البحر الرائق" (1/30) ، و"الدر المختار" (1/129) ، و"بدائع الصنائع" (1/23) ، و"حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" (1/51) ، و"شرح فتح القدير" (1/36) ، و"نور الإيضاح" (1/19) ، و"مجمع الأنهر" (1/30) .
(2) في "مرقاة المفاتيح" (8/165-166) .(1/64)
أ ـ فمنهم من خَصَّ النهي بالشرب ماشيًا ؛ قال أبو الفرج الثقفي(1) : « والمراد بالقيام هنا : المشي ، يقال : قام في الأمر : إذا مشى فيه ، و : قمت في حاجتي : إذا سعيت فيها وقضيتها ، ومنه قوله تعالى : { إِلاَّ مَادُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا } (2) ، أي : مواظبًا بالمشي عليه » .
ب ـ ومنهم من حمل النهي على من لم يسمّ عند شربه ، وإليه جنح الطحاوي في بعض أقواله(3) .
ج ـ ومنهم من حمل النهي على من انصرف ليأتي أصحابه بماء ، فبادر بشربه قائمًا قبلهم استبدادًا به ، وخروجًا عن الأحسن من كون ساقي القوم آخرهم شربًا ، وهذا القول حكاه الْمَازَري(4) عن بعض شيوخه ، ولم يُسَمِّهِ ، والظاهر أنه يعني أبا الوليد الباجي ، فإنه قال(5) : « وَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَجَازَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ إنَاءِ شَرَابٍ لَهُ وَلأَصْحَابِهِ ؛ أَنْ يَبْدَأَ بِشُرْبِهِ قَائِمًا قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ ، وَلَوْ أَسْهَمَ فِيهِ ، وَيَكُونُ آخِرَهُمْ شُرْبًا إنْ كَانَ سَاقِيَهُمْ » .
__________
(1) كما في "فتح الباري" (10/84) ، ونقل العيني في "عمدة القاري" (21/193) عن ابن التين نحوه .
(2) الآية (75) من سورة آل عمران .
(3) حكاه عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (10/84) ، وتقدم أنه ذهب أيضًا إلى حمل النهي على الضرر ، وأن الأمر بالقعود أمر إرشاد طبي .
(4) في "المعلم" (3/68) .
(5) في "المنتقى" (7/237) .(1/65)
4) ـ القول بأن الشرب قائمًا يباح للحاجة ، فهو مستثنى من النهي ، وأما مع عدم الحاجة فيكره ، وهذا نقله ابن العربي(1) عن أهل الفطانة ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية(2) ، وتابعه تلميذه ابن القيم(3) ، وفصَّل في ذلك شيخ الإسلام حين قال(4) : « وأما الشرب قائمًا : فقد جاءت أحاديث صحيحة بالنهي ، وأحاديث صحيحة بالرخصة ، ولهذا تنازع العلماء فيه ، وذُكِرَ فيه روايتان عن أحمد . ولكن الجمع بين الأحاديث : أن تحمل الرخصة على حال العذر ... » ، ثم ذكر بعض أحاديث النهي ، وبعض أحاديث الإباحة ، ومنها حديث ابن عباس في شربه - صلى الله عليه وسلم - قائمًا من زمزم ، ثم قال : « هذا كان في الحج ، والناس هناك يطوفون ويشربون من زمزم ويستقون ويسألونه ، ولم يكن موضع قعود ، مع أن هذا كان قبل موته بقليل ، فيكون هذا ونحوه مستثنى من ذلك النهي ، وهذا جارٍ عن أحوال الشريعة : أن النهي عنه يباح عند الحاجة ، بل ما هو أشد من هذا يباح عند الحاجة ، بل المحرمات التي حرم أكلها وشربها كالميتة والدم تباح للضرورة » .
__________
(1) في "عارضة الأحوذي" (8/72-75) .
(2) في "الفتاوى" (32/209-210 و211) .
(3) في "زاد المعاد" (1/149) ، و(2/278) ، و(4/229) ، و"تهذيب السنن" (5/281-282) .
(4) في "الفتاوى" (32/209-210) .(1/66)
5)ـ القول بأن النهي مكروه كراهة تنزيه ، والفعل لبيان الجواز(1) ، فتحمل أحاديث النهي على استحباب الشرب قاعدًا ، والحث على ما هو أولى وأكمل ، وأحاديث شربه - صلى الله عليه وسلم - قائمًا على الجواز ، وهو قول جماهير أهل العلم ، ومنهم العيني(2) من الحنفية ، والمازري(3) من المالكية ، وبه يقول ابن جرير الطبري(4) ، وهو قول جمهور الشافعية(5) ، ومنهم : الخطَّابي(6) ، والبغوي(7) ، والنووي(8) ، وابن حجر(9) ، ويقرب منه قول البيهقي(10) : « وهذا النهي الذي ورد فيما ذكرنا من الأخبار ، إما أن يكون نهي تنزيه ، أو نهي تحريم ، ثم صار منسوخًا » ، وهو ظاهر قول ابن العربي من المالكية(11) .
الترجيح
بعد عرض الأقوال السابقة ؛ يظهر - والله أعلم - أن الراجح هو القول الأخير ، وهو : أن النهي للتنزيه ، والفعل لبيان الجواز ، وإنما رجحناه لأمور :
__________
(1) يعني : مع الكراهة . انظر "غذاء الألباب" (2/141-142) .
(2) في "عمدة القاري" (21/193) .
(3) في "المعلم" (3/68) .
(4) كما في "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (6/72) .
(5) انظر "البهجة الوردية" وشرحها "الغرر البهية" لزكريا الأنصاري (4/214) ، و"تحفة المحتاج شرح المنهاج" لابن حجر الهيتمي (7/438) ، و"روضة الطالب" وشرحه "أسنى المطالب" للسيوطي (3/228) ، و"مغني المحتاج" للخطيب محمد الشربيني (4/412) ، و"حاشية الجمل" لسليمان بن منصور الجمل (1/36) و(4/278) .
(6) في "معالم السنن" (5/281-282) .
(7) في "شرح السنة" (11/381) ؛ حين قال : « وهذا النهي نهي أدب وإرفاق ؛ ليكون تناوله على سكون وطمأنينة ، فيكون أبعد من أن يكون منه فساد » .
(8) في "شرح مسلم" (13/195) .
(9) في "فتح الباري" (10/84) .
(10) في "سننه" (7/282) .
(11) كما في "عارضة الأحوذي" (8/72-75) .(1/67)
1)_ لأن فيه إعمالاً لجميع النصوص ، ولا يترتب عليه إِهْدارٌ لشيءٍ منها ، والأخذ بجميع السنة أولى من إهدارِ بعضها بلا برهان .
2)_ لأنه الذي عليه عمل أكثر الصحابة المنقول عنهم ذلك ، ومنهم بعض الخلفاء الراشدين الذين أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باتباع سنتهم ؛ بقوله : (( عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء المهديين الراشدين ، تمسَّكوا بها ، وعَضُّوا عليها بالنَّواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ))(1) ، وإن كان ذلك مرويًّا عن جميع الخلفاء ، إلا أن البحث لم يسعف في إثباته – كما تقدم - إلا عن عمر وعلي رضي الله عنهما .
3)_ لأنه قول أكثر التابعين وجمهور الأئمة .
4)_ لأن كل قول من الأقوال الأخرى عليه اعتراضات كما سيأتي .
5)_ لأنه كما قال الحافظ ابن حجر : « أحسن المسالك وأسلمها وأبعدها من الاعتراض ، وقد أشار الأثرم إلى ذلك أخيرًا ، فقال : إن ثبتت الكراهة حُملت على الإرشاد والتأديب ، لا على التحريم ، وبذلك جزم الطبري ، وأيّده بأنه لو كان جائزًا ثم حَرَّمه ، أو كان حرامًا ، ثم جوَّزه ؛ لبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بيانًا واضحًا ، فلما تعارضت الأخبار بذلك ، جمعنا بينها بهذا » .
__________
(1) أخرجه أبو داود في "سننه" (4607) ، والترمذي (2676) ، وابن ماجه (42 و43 و44) ، وابن حبان في "صحيحه" (5) ، وقال الترمذي : « هذا حديث حسن صحيح » ، وصححه الحاكم ، وأطال الكلام عليه في "المستدرك" (1/95-97) ، وابن رجب في شرحه له في "جامع العلوم والحكم" (ص256-259 / الحديث الثامن والعشرون).(1/68)
وقال النووي(1) : « هذه الأحاديث أشكل معناها على بعض العلماء ، حتى قال فيها أقوالاً باطلة ، وزاد حتى تجاسر ، ورام أن يُضَعِّفَ بعضها ، وادَّعى فيها دعاوى باطلة ، لاغرض لنا فى ذكرها ، ولاوجه لإشاعة الأباطيل والغلطات في تفسير السنن ، بل نذكر الصواب ، ويشار إلى التحذير من الاغترار بما خالفه ، وليس فى هذه الأحاديث بحمد الله تعالى إشكال ، ولافيها ضعف ، بل كلها صحيحة ، والصواب فيها : أن النهى فيها محمول على كراهة التنزيه ، وأما شربه - صلى الله عليه وسلم - قائمًا فبيان للجواز ، فلا إشكال ولاتعارض ، وهذا الذي ذكرناه يتعيَّن المصير إليه ، وأما من زعم نسخًا أو غيره فقد غَلِط غلطًا فاحشًا ، وكيف يُصار إلى النسخ مع إمكان الجمع بين الأحاديث لو ثبت التاريخ ، وأنى له بذلك ، والله أعلم » .
ذكر الجواب على الأقوال الأخرى :
1 ـ أما من قال بالنسخ ـ سواء لأدله النهي ، أو الإباحة ـ فقوله غير وجيه ؛ لأمرين :
أحدهما : أن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الأدلة ، والجمع هنا ممكن .
والآخر : أن النسخ لا يقال به إلا إذا علم التاريخ ، وليس هنا ما يدل على أن أدلة النهي متأخرة ، أو العكس ، ويدل على ذلك تناقض القائلين بالنسخ ، فمنهم من يرى نسخ أدلة النهي ، ومنهم من يرى نسخ أدلة الإباحة(2) .
__________
(1) في "شرحه على صحيح مسلم" (13/195) .
(2) وفي هذا يقول أبو عمر بن عبد البر : « الأصل الإباحة حتى يرد النهي من وجه لا معارض له ، فإذا تعارضت الآثار سقطت ، والأصل ثابت في الإباحة حتى يصح الأمر أو النهي بما لا مدفع فيه ، وبالله التوفيق » .(1/69)
2 ـ وأما من رجح أدلة الجواز على أدلة الكراهة لكونها أصح وأثبت ، فهذه الطريقة أيضاً لا يصار إليها إلا إذا تعذر الجمع بوجه من الوجوه(1) ، لأن فيها إهدارًا لنصوص شرعية صحيحة ثابتة في أصول السنة ، بل وفي ثاني الكتب صحة بعد كتاب الله .
3 ـ وأما قول من قال : إن النهي للضرورة وهو أمر إرشاد طبي لا شرعي ، فلا يخفى ما فيه من البعد ، وهو قول يفتقر إلى دليل ، ولم يستدل القائل به إلا بقول الشعبي و النخعي ، و مع أن قولهما ليس بحجة ، فلا يفهم منه أيضًا ما ذهب إليه القائلون ، وكلنا يسلم بأن الأوامر والنواهي إنما شرعها الله سبحانه لمصلحة البشر ، فإذا أطلعنا الله على حكمة من حكم التشريع في حادثة ما أو قضية ، فلا يعني ذلك إحاطتنا بجميع الحكم الأخرى ، والحكم إنما يدور مع العلَّة ، وليس مع الحكمة ، والحاصل أن النصوص الشرعية لا تُطل بمثل هذه الدعاوى .
4 ـ وأما قول بعض الحنفية : إن النهي مخصوص بما سوى زمزم وفضل الوضوء ، فيلزمهم دليل التخصيص ولا مخصص ، وتنقضه الأدلة الأخرى ؛ كالشرب من فم القربة قائمًا ، وفعل الصحابة رضي الله عنهم ، ولذا فقد نقض هذه الدعوى أحد الحنفية أنفسهم ، وهو صاحب "أوجز المسالك"(2) ؛ حين قال بعد أن ذكر هذا القول : « ويخدشه : حديث شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - قائمًا من فم القربة ، فإنه داخل فيما سواهما » .
5 ـ وأما من جمع بين النصوص بضرب من التأويل ، فالتأويل لا يصار إليه إلا إذا تعذَّر حمل النص على ظاهرة ، وليس هذا كذلك .
__________
(1) انظر "منهج التوفيق والترجيح بين مختلف الحديث" للدكتور محمد السوسوه (ص57-78 و86-122 و351) .
(2) 14/272) .(1/70)
6 ـ وأما قول من قال : إن الشرب قائمًا يباح للحاجة ، فهو أولى الأقوال بعد القول الذي رجحناه ، لكن يعكِّر عليه بعض النصوص التي لا يظهر منها حاجة ، كشربه - صلى الله عليه وسلم - فضل وضوئه قائمًا كما أخبر بذلك وفعله علي - رضي الله عنه - ، إذ لا حاجة هنا . وكذا تطبيق الصحابة وفتواهم بذلك ، فلم نجد النقل عن أحد منهم بما يفيد أن ذلك كان لحاجة ، أو أنه قيَّد فتواه بها ، والله أعلم .
الفهارس
فهرس الآيات
فهرس الأحاديث والآثار
فهرس المراجع
فهرس الموضوعات
فهرس الآيات
نص الآية السورة رقم الآية
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ سورة آل عمران……18
وَمَنْ يَّبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُّقْبَلَ مِنْهُ سورة آل عمران……65
إِلاَّ مَادُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا سورة آل عمران……75
فهرس الأحاديث والآثار
نص الحديث الراوي الصفحة
أجل ! إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه…سلمان…4…
أجل ! لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط…سلمان…4
أخبرني من رأى عليًّا بالكوفة يشرب قائمًا…مجاهد…56
اخْنِث فَمَ الإداوة…عبد الله بن أنيس…40
أما أنا فآكل قائمًا ، وأشرب قائمًا…ابن عمر (قوله)…59
إن استطعت أن تقيئه فقئه…الحضرمي…21
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بلبنٍ قد شِيبَ بماءٍ…أنس…39
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بإِداوَةٍ يوم أحد…عبد الله بن أنيس…40
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زجر عن النفخ في الشراب…الحضرمي…21
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زَجَرَه عن ذلك…أبو سعيد…22،16
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاني أن أشرب قائمًا…أبو سعيد…16
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب قائمًا…أبو سعيد…13
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وفي بيتها قِرْبَة مُعَلَّقة…أم سليم…36
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم سُلَيم ، وفي البيت قربة معلقة…أنس…37(1/71)
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على امرأة من الأنصار وفي البيت قربة…عائشة…42
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زَجَرَ عن ذاك …أبو سعيد…16
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عن الشرب قائمًا…أبو سعيد…13
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا …أنس…38
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشرب قائمًا…سعد…46
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب قائمًا…الجارود بن المعلى…17
إن شربت قائمًا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا…علي…23
إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه …عمار…10
أن عائشة أم المؤمنين وسعد بن أبي وقاص كانا
لا يريان بشرب الإنسان وهو قائم بأسًا…ابن شهاب…57
أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - شرب قائمًا…زاذان…24
أن علياً كان يشرب وهو قائم…محمد الباقر…56
أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب
وعثمان بن عفان - رضي الله عنهم - أجمعين كانوا يشربون قيامًا …مالك، أخبره مخبر…54
أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب
وعثمان بن عفان كانوا يشربون قيامًا …مالك (بلاغا)…54
إن ناسًا يكرهون الشرب قيامًا…علي (قوله)…23
أنه رأى ابن عمر يشرب قائمًا…عبد الله بن عامر…60
أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشرب من هذا البئر قائمًا…أبو هريرة…50
أنه شرب من قربة وهو قائم…ابن عمر (فعله)…60
أنه كان يشرب قائمًا…أبو بكرة الثقفي (فعله)…61،63
أنه كان يشرب قائمًا…عبد الله بن الزبير (فعله)…61
أنه نهى أن يشرب الرجل قائمًا…أنس…7…
إني أشرب وأنا قائم ، وآكل وأنا أمشي…ابن عمر (قوله)…61
إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل كالذي رأيتموني فعلت…علي…25
أَيَسُرُّكَ أن يشرب معك الْهِرُّ…أبو هريرة…20
الأيمن فالأيمن…أنس…38،39
أين الذين يزعمون أنه لا ينبغي لأحد أن يشرب قائمًا …علي (قوله)…26
بلغني أن الرجل منكم يكره أن يشرب وهو قائم…علي (قوله)…26(1/72)
دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ، فشرب من فيِّ قِرْبَة…كبشة…34
دعا عليٌّ بوَضوء ، فقُرِّبَ له…الحسين بن علي…26
رأى عليًّا يشرب قائمًا …أبو الموالي…57
رأى عليًّا يشرب قائمًا…عمر بن علي…56
رأيت أبا بكر الصديق يشرب قائمًا…جبير بن مطعم…75،62
رأيت ابن عمر يشرب قائمًا…مسلم…59
رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قام إلى قِرْبَة مُعَلَّقة…عبد الله بن أنيس…40
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَقَل راحلته وهي مُنَاخَة…أبو هريرة…47
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا وقاعدًا …عائشة…42،44
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا…الحسين بن علي…51
رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم في السفر ويفطر …عبد الله بن عمرو…29
رأيت سعدًا يشرب قائمًا…عم عباد بن تميم…58
رأيت عبد الله بن عمر يشرب قائمًا…أبو جعفر القارئ…59
رأيت عليًّا - رضي الله عنه - دعا بماءٍ ليتوضأ…عبد خير…25
سألت الحسن بن علي - عليه السلام - ونحن في مسير …بشر بن غالب…52
سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زمزم ، فشرب وهو قائم…ابن عباس…28
شهدت عليًّا في الرَّحْبة بال ، ثم توضأ…أبو حية بن قيس…24
عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء المهديين الراشدين…العرباض…72
فبلغ ذلك عليًّا ، فدعا بماء فشرب…أبو صالح…19
قال لنا المشركون: إني أرى صاحبكم يعلمكم…سلمان…3-4
قد علّمكم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - كل شيء…سلمان…4
قِهْ…أبو هريرة…20
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا شرب تنفَّس ثلاثًا…أنس…37
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائمًا وقاعدًا…عائشة…44
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتعل قائمًا وقاعدًا…عائشة…45
كنا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نأكل ونحن نمشي…عبد الله بن عمر…32
كنا نشرب ونحن قيام ، ونأكل ونحن نسعى…عبد الله بن عمر…30(1/73)
كنا نشرب ونحن قيام ، ونأكل ونحن نمشي…عبد الله بن عمر…58،31
كنا نكره ذاك…جابر…16
كنا نكره ذلك…جابر…16،22
لا بأس به (يعني الشرب قائما)…أبو هريرة (قوله)…49
لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار…سلمان…4
لا يشربنَّ أحدٌ منكم قائمًا…أبو هريرة…18
لا تعجب فإني رأيت أباك النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع مثل ما رأيتني أصنع…علي…27
لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على ظهر قدميه…علي…26
لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاءه …أبو هريرة
… 18،27، 54
ما تنظرون ؟ إنْ أشربْ قائمًا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - …علي…24
ناولت ابن عمر إِدَاوَةً ، فشرب منها قائمًا…علي بن عبد الله …60
نُهِيَ أن يشرب الرجل وهو قائم…أبو سعيد…14
هو الطهور ماؤه ، الحلّ ميتته……10
هو أَهْنَأُ وأَمْرَأُ وأَبْرَأُ…أنس…37
يا بشر ، إني إنما فعلت ذلك لتعلم أنّا نشرب ونحن قيام…الحسين (قوله)…51
قائمة المراجع
الآحاد والمثاني . ابن أبي عاصم ؛ أبوبكر أحمد بن عمرو (ت 287 هـ)، تحقيق باسم بن فيصل الجوابرة ،الطبعة الأولى 1411 هـ. دار الراية – الرياض .
آداب الأكل والشرب في الفقه الإسلامي ، تأليف حامد بن مدّة الجدعاني ، مطبعة سفير بالرياض ، سنة 1423هـ .
آداب الأكل والشرب والضيافة للشيخ أبي بكر الجزائري ، من منشورات دار الصحابة للتراث بطنطا – مصر ، سنة 1412هـ .
آداب الغذاء في الإسلام ، تأليف سعد بن عبد الله الحميد ، الطبعة الأولى سنة 1416هـ ، دار الصميعي للنشر والتوزيع بالرياض .
الأحاديث المختارة . المقدسي ؛ أبو عبدالله ضياء الدين محمد بن عبدالواحد (ت643هـ)، دراسة وتحقيق عبدالملك بن دهيش - الطبعة الأولى 1410 هـ. دار خضر - بيروت
الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان . ترتيب علي بن بلبان الفارسي (ت739هـ)، تحقيق شعيب الأرناؤوط ، الطبعة الثانية ، سنة 1414هـ. مؤسسة الرسالة – بيروت .(1/74)
الإرشاد في معرفة علماء الحديث؛ لأبي يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي (ت446هـ)، دراسة وتحقيق وتخريج الدكتور محمد سعيد بن عمر إدريس، الطبعة الأولى 1409هـ، مكتبة الرشد - الرياض.
الاستذكار؛ لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبدالبر (ت463هـ) وثق أصوله وخرج نصوصه الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي - الطبعة الأولى 1414هـ، دار قتيبة، بيروت - دمشق، ودار الوعي، حلب - القاهرة.
الإصابة في تمييز الصحابة . ابن حجر؛ أحمد بن علي العسقلاني (ت852هـ)، تحقيق طه الزيني ، الطبعة الأولى سنة 1397هـ ، الناشر مكتبة الكليات الأزهرية – القاهرة .
الإغراب - الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري، مما أغرب بعضهم على بعض - لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت303هـ)، تحقيق أبي عبد الرحمن محمد الثاني بن عمر موسى، الطبعة الأولى 1421هـ، دار المآثر - المدينة النبوية.
الإكمال للقاضي عياض = إكمال المعلم
إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض بن موسى اليَحْصُبي (ت544هـ) ، الطبعة الأولى سنة 1419هـ ، بتحقيق الدكتور يحيى إسماعيل ، دار الوفاء – مصر ، ودار الرشد – الرياض .
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل . المرداوي: أبو الحسن علاء الدين علي بن سليمان (ت885هـ)، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد حامد الفقي .
الأوسط للطبراني = المعجم الأوسط .
البحر الرائق شرح كنز الدقائق، تأليف: زين الدين بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم الحنفي (ت970هـ)، الناشر: دار المعرفة - بيروت، الطبعة: الثانية .
البحر الزخار المعروف بمسند البزار . تأليف: أبي بكر أحمد بن عمرو البزَّار (ت292هـ)، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله السلفي ، الناشر: مؤسسة علوم القرآن - بيروت ، ومكتبة العلوم والحكم - المدينة النبوية 1409 هـ .(1/75)
بدائع الصنائع . الكاساني: علاء الدين أبوبكر بن مسعود الكاساني الحنفي (ت587هـ)، تحقيق محمد خير طعمة حلبي، الطبعة الأولى 1420هـ ، الناشر: دار المعرفة – بيروت- لبنان.
تاريخ ابن معين . رواية عباس بن محمد الدوري ، تحقيق أحمد بن محمد نور سيف ، الطبعة الأولى 1399 هـ . مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى .
التاريخ الكبير . البخاري: محمد بن إسماعيل بن المغيرة (ت 256 هـ)، تحقيق عبدالرحمن المعلمي ، مصورة دار الكتب العلمية - بيروت .
تاريخ بغداد . الخطيب البغدادي: أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت (ت463هـ)، مصورة دار الكتاب العربي - بيروت .
تاريخ دمشق . ابن عساكر: علي بن الحسن بن هبة الله (ت571هـ)، الناشر: دار الفكر - بيروت – 1995م، تحقيق: عمر بن غرامة العمري .
تحفة الأحباب بآداب اللباس والطعام والشراب للشيخ عبد الله بن جار الله ت1415هـ ، طبع مطابع الفرزدق بالرياض ، نشر دار المنار بالخرج سنة (1411هـ) .
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف . المزي: يوسف بن عبدالرحمن (ت742 هـ)، تصحيح عبدالصمد بن شرف الدين ، الطبعة الأولى 1384 هـ . الدار القيمة - الهند .
تحفة الفقهاء . السمرقندي: علاء الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي أحمد الحنفي (ت 539هـ) دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان .
تحفة المحتاج في شرح المنهاج ، لأحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، دار إحياء التراث العربي – بيروت .
تعجيل المنفعة؛ للحافظ أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت852 هـ)، تحقيق ودراسة الدكتور إكرام الله إمداد الحق، الطبعة الأولى 1416هـ، دار البشائر الإسلامية - بيروت.
تغليق التعليق على صحيح البخاري . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852هـ)، دراسة و تحقيق سعيد عبدالرحمن موسى القزقي ،الطبعة الأولى1405 هـ. المكتب الاسلامي .(1/76)
تقريب التهذيب . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852هـ). تحقيق محمد عوَّامة ، الطبعة الأولى 1406هـ ، الناشر: دار الرشيد _ سوريا _ حلب .
تهذيب التهذيب . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852 هـ)، الطبعة الأولى، بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية بالهند ، سنة 1325هـ .
تهذيب السنن . ابن القيم: محمد بن أبي بكر (ت751 هـ)، تحقيق أحمد شاكر ومحمد حامد الفقي، بحاشية "مختصر السنن" للمنذري، دار المعرفة - بيروت .
تهذيب الكمال في أسماء الرجال . المزي: يوسف بن عبدالرحمن (ت742 هـ)، تحقيق بشار عواد معروف - الطبعة الأولى ، مؤسسة الرسالة - بيروت .
الثقات؛ لأبي حاتم محمد بن حبان البستي (ت354 هـ)، الطبعة الأولى 1402هـ، مجلس دائرة المعارف - الهند.
جامع الترمذي = الجامع الكبير
الجامع الكبير للترمذي أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت 279 هـ) ، تحقيق بشار عواد معروف ، الطبعة الثانية سنة 1418هـ (1998م) ، دار الغرب الإسلامي – بيروت .
الجرح والتعديل؛ للحافظ عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ابن أبي حاتم الرازي (ت327هـ)، اعتنى به الشيخ عبد الرحمن المعلمي، الطبعة الأولى 1371هـ، مجلس دائرة المعارف - الهند.
الجعديات = مسند علي بن الجعد
حاشية ابن عابدين = حاشية رد المحتار
حاشية الجمل ، لسليمان بن منصور العجيلي المشهور بالجمل ، دار إحياء التراث العربي .
حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح، تأليف: أحمد بن محمد ابن إسماعيل الطحطاوي الحنفي المصري (ت1231هـ)، الناشر: المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق - مصر - 1318هـ ، الطبعة: الثالثة .
حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني ، تأليف: علي الصعيدي العدوي المالكي ، الناشر: دار الفكر - بيروت - 1412، تحقيق: يوسف الشيخ محمد البقاعي .(1/77)
حاشية رد المحتار على الدر المختار . علاء الدين محمد بن محمد أمين بن عمر بن عابدين (ت1306هـ)، وهي حاشية على رد المحتار لوالده (ت1252هـ)، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر - بيروت - 1421هـ .
خلاصة الكلام في آداب الشراب والطعام ، للدكتور إسماعيل بن عبد المطلب الخطيب ، الطبعة الأولى سنة 1415هـ ؛ بمطابع الفرزدق التجارية بالرياض .
سنن ابن ماجه . ابن ماجه: محمد بن يزيد القزويني (ت275 هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
سنن أبي داود . أبو داود: سليمان بن الأشعث السجستاني (ت275 هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
السنن الأبين ، والمورد الأمعن ؛ في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن ، لابن رشيد الفهري (ت721هـ) ، تحقيق صلاح المسراتي ، الطبعة الأولى سنة 1417هـ ، مكتبة الغرباء الأثرية ، المدينة النبوية .
سنن الترمذي = الجامع الكبير
سنن الدارمي . الدارمي: أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن (ت255 هـ)، تحقيق حسين سليم أسد الداراني ، الطبعة الأولى1421هـ . دار المغني – الرياض .
السنن الكبرى . البيهقي: أبوبكر أحمد بن الحسين (ت458 هـ)، الطبعة الأولى 1344هـ . مجلس دائرة المعارف - الهند .
السنن الكبرى؛ لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت303هـ)، حققه وخرّج أحاديثه حسن عبد المنعم شلبي ، أشرف عليه الشيخ شعيب الأرنؤوط ، الطبعة الأولى 1421هـ ، مؤسسة الرسالة – بيروت .
سنن النسائي الصغرى (المجتبى) . النسائي أيضًا ، ترقيم وفهرسة عبدالفتاح أبي غدة، الطبعة الثالثة . مصورة دار البشائر - بيروت .
السنوحات المكية في آداب التجارة والكسب ، وآداب الأكل والشرب ، لمحمد حقي النازلي ت1301هـ ، مطبوع بالمطبعة الوهبية بمصر سنة 1297هـ .
سير أعلام النبلاء . الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت748هـ)، تحقيق شعيب الأرناؤوط وجماعة - الطبعة الثانية 1402 هـ . مؤسسة الرسالة - بيروت .(1/78)
شرح السنة؛ للإمام الحافظ الحسين بن مسعود الفراء البغوي (ت516هـ)، تحقيق الشيخين شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش، الطبعة الأولى 1390هـ، المكتب الإسلامي - بيروت.
شرح صحيح مسلم = منهاج المحدثين
شرح مشكل الآثار؛ للحافظ أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (ت321هـ)، تحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط، الطبعة الأولى 1415هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
شرح معاني الآثار . الطحاوي: أحمد بن محمد بن سلامة (ت321 هـ)، حققه وقدم له محمد زهري النجار ومحمد جاد الحق، الطبعة الأولى 1414هـ . عالم الكتب _ بيروت.
شرح منتهى الإرادات المسمى دقائق أولي النهى لشرح المنتهى، تأليف: منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، دار النشر: عالم الكتب - بيروت - الطبعة الثانية 1996م .
شرح منظومة آداب الأكل والشرب والضيافة ، لأحمد بن عماد الدين الأقفهسي ت808هـ ، نشرت بدار اليمامة بحمص سنة 1414هـ ، بتحقيق مصطفى الخدري ، وعبد الإله نبهان .
شعب الإيمان . البيهقي: أبوبكر أحمد بن الحسين (ت 458هـ)، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه مختار أحمد الندوي ، الطبعة الأولى 1410هـ . الدار السلفية – بومباي .
الشمائل المحمدّيّة . الترمذي: أبوعيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت 279هـ) ، اعتنى به محمد عوامة ، الطبعة الأولى 1422هـ ،
صحيح ابن حبان = الإحسان بترتيب صحيح بن حبان .
صحيح ابن خزيمة . ابن خزيمة: أبو بكر محمد بن إسحاق (ت 311 هـ)، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي، الطبعة الثانية 1412هـ . المكتب الإسلامي - بيروت .
صحيح البخاري . أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
صحيح مسلم . أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري (ت 261 هـ)، اعتنى به فريق بيت الأفكار الدولية .
الصيام؛ لأبي بكر جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي (ت301 هـ) تحقيق عبد الوكيل الندوي، الطبعة الأولى 1412هـ، الدار السلفية - بومباي.(1/79)
الضعفاء الكبير؛ لأبي جعفر محمد بن عمرو العقيلي (ت322هـ)، تحقيق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، الطبعة الأولى 1404هـ، دار الكتب العلمية - بيروت.
الطبقات الكبرى . محمد بن سعد (ت 230 هـ)، دار صادر - بيروت .
الطهور؛ لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت224هـ)، حققه وخرج أحاديثه الشيخ مشهور حسن سلمان، الطبعة الأولى 1414هـ، مكتبة الصحابة - جدة.
العلل . الدارقطني: أبو الحسن علي بن عمر (ت385 هـ)، تحقيق محفوظ الرحمن السلفي، الطبعة الأولى 1405 هـ . دار طيبة - الرياض .
العلل للدارقطني أيضًا ، مخطوط (الجزء الخامس) ، نسخة مصورة عن دار الكتب المصرية رقم (394) حديث .
العلل . ابن أبي حاتم: عبدالرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (ت327هـ)، تحقيق محب الدين الخطيب _ دار المعرفة _ بيروت 1405هـ .
العلل الكبير؛ لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (279هـ)، ترتيب أبي طالب القاضي، تحقيق السيد صبحي السامرائي وآخرين، الطبعة الأولى 1409هـ، عالم الكتاب - بيروت.
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية = مجموع الفتاوى
فتح الباري شرح صحيح البخاري . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852هـ) الطبعة الأولى بالمطبعة السلفية سنة 1379هـ، تحقيق: الشيخ عبد العزيز بن باز ، ومحب الدين الخطيب .
الفروع . ابن مفلح: محمد بن مفلح المقدسي (ت763) تحقيق: أبي الزهراء حازم القاضي . الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة: الأولى سنة 1418هـ .
الفوائد الشهير بـ"الغيلانيات" للحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي (ت354هـ)، حققه حلمي كامل أسعد عبدالهادي، مراجعة مشهور حسن سلمان، الطبعة الأولى 1417هـ، دار ابن الجوزي - الدمام.
الكاشف . الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748هـ)، تحقيق محمد عوامة وأحمد محمد نمر الخطيب ، الطبعة الأولى 1413هـ ، دار القبلة للثقافة الإسلامية، ومؤسسة علوم القرآن _ جدة _ السعودية .(1/80)
الكامل في ضعفاء الرجال ، لعبد الله بن عدي الجرجاني (ت365هـ) ، الطبعة الثالثة سنة 1409هـ ، بتحقيق يحيى مختار غزاوي ، دار الفكر – بيروت .
كشاف القناع . البهوتي: منصور بن يونس بن إدريس (ت1051هـ) تحقيق هلال مصيلحي مصطفى هلال ، دار الفكر – بيروت .
كشف الأستار عن زوائد البزار؛ للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)، تحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة الأولى 1399هـ، مؤسسة الرسالة - بيروت.
الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات ، لأبي البركات محمد بن أحمد المعروف بابن الكيال (ت863هـ) ، تحقيق عبد القيوم عبد رب النبي ، الطبعة الأولى سنة 1401هـ ، دار المأمون للتراث ، دمشق – بيروت .
لسان العرب . ابن منظور: محمد بن مكرم (ت 711 هـ)، دار صادر - بيروت .
لسان الميزان . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت852 هـ)، الطبعة الأولى بدائرة المعارف النظامية ، الهند .
الماء وما ورد في شربه من الآداب ، لمحمود شكري الألوسي ت1342هـ ، طبع بمطبعة المعارف الجديدة بالرباط ، من مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية سنة 1405هـ ، بتحقيق محمد بهجة الأثري .
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، للحافظ نور الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ) ، مصورة عن الطبعة الثانية 1967م ، دار الكتاب - بيروت.
مجموع الفتاوى؛ لشيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (ت728هـ)، جمع وترتيب الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، سنة 1416هـ .
المحلى؛ لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي (ت456هـ)، تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر (1387هـ)، دار التراث - القاهرة.
المختارة للضياء المقدسي = الأحاديث المختارة .
المستدرك على الصحيحين . الحاكم النيسابوري: أبو عبدالله محمد بن عبدالله (ت405 هـ)، ومعه تلخيص المستدرك للذهبي ، تصوير دار الفكر - بيروت 1398هـ.(1/81)
المسند؛ لأبي بكر عبد الله بن الزبير القرشي الحميدي (219هـ)، تحقيق حسين سليم أسد الداراني، الطبعة الثانية 1423هـ، دار المأمون للتراث - دمشق.
المسند . أبو داود الطيالسي: سليمان بن داود بن الجارود (ت204 هـ) ، تحقيق محمد بن عبدالمحسن التركي، الطبعة الأولى 1419هـ . دار هجر للطباعة والنشر _ مصر - الجيزة .
المسند؛ لأبي عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني (ت316هـ)، تحقيق أيمن بن عارف الدمشقي، الطبعة الثانية 1419هـ، دار المعرفة - بيروت.
المسند . أبو يعلى: أحمد بن علي بن المثنى الموصلي (ت307 هـ)، تحقيق حسين سليم أسد - الطبعة الأولى 1404 هـ . دار المأمون - بيروت .
المسند . للإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ)، تصوير دار صادر ببيروت عن الطبعة الميمنية .
مسند إسحاق بن راهويه .إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي (ت238هـ)، تحقيق وتخريج ودراسة د . عبدالغفور عبدالحق البلوشي ، الطبعة الأولى 1412هـ - مكتبة الإيمان – المدينة النبوية – السعودية .
مسند إسحاق بن راهويه .إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي (ت238هـ)، تحقيق ودراسة محمد مختار المفتي ، الطبعة الأولى سنة 1423هـ ، دار الكتاب العربي – بيروت .
مسند البزار = البحر الزخار
مسند الشاميين . الطبراني: سليمان بن أحمد (ت360 هـ)، تحقيق حمدي السلفي، الطبعة الأولى 1409 هـ . مؤسسة الرسالة - بيروت .
المسند المستخرج على صحيح مسلم . أبو نعيم: أحمد بن عبدالله الأصبهاني (ت430هـ) تحقيق محمد حسن الشافعي- الطبعة الأولى 1417هـ _ دار الكتب العلمية _ بيروت .
مسند عبد بن حميد . عبد بن حميد الكشي (ت249هـ)، تحقيق صبحي السامرائي ومحمود الصعيدي ، الطبعة الأولى 1408 هـ . عالم الكتب - بيروت .
مسند علي بن الجعد ويعرف بالجعديات . البغوي: عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز (ت317 هـ)، تحقيق عبدالهادي بن عبدالقادر ، الطبعة الأولى 1405 هـ . مكتبة الفلاح - الكويت .(1/82)
المصنف . أبوبكر عبدالله بن محمد ابن أبي شيبة (ت235هـ)، تحقيق حمد الجمعة ومحمد اللحيدان ، الطبعة الأولى سنة 1425هـ ، الناشر : مكتبة الرشد – الرياض .
المصنف . عبدالرزاق بن همام الصنعاني (ت211 هـ)، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة الثانية 1403 هـ . المكتب الإسلامي – بيروت .
المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية؛ للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، تحقيق مجموعة من المحققين، تنسيق الدكتور سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثري، الطبعة الأولى 1419هـ، دار العاصمة ودار الغيث - الرياض.
المعجم الأوسط . الطبراني: سليمان بن أحمد (ت 360هـ)، تحقيق طارق عوض الله، وعبدالمحسن إبراهيم 1415هـ . دار الحرمين - القاهرة .
معجم الصحابة. ابن قانع: أبو الحسين عبدالباقي بن قانع (ت351هـ)، ضبط نصه وعلق عليه صلاح بن سالم المصراتي - الطبعة الأولى 1418 هـ . مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة النبوية .
المعجم الكبير . الطبراني: أبوالقاسم سليمان بن أحمد (ت360 هـ)، تحقيق حمدي ابن عبدالمجيد السلفي . الجمهورية العراقية _ وزارة الأوقاف _ إحياء التراث الإسلامي _ الطبعة الأولى 1398هـ .
معرفة السنن والآثار؛ لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت458هـ)، وثق أصوله وخرّج أحاديثه الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، الطبعة الأولى 1411هـ، دار الوفاء - القاهرة.
معرفة الصحابة؛ للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت430هـ)، تحقيق عادل يوسف العزازي، الطبعة الأولى 1419هـ، دار الوطن - الرياض.
المنتقى شرح الموطأ ، لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي ، دار الكتاب الإسلامي .
المنتقى ، لأبي محمد عبدالله بن علي ابن الجارود (ت307هـ)، تحقيق أبي إسحاق الحويني الطبعة الأولى 1408 هـ، دار الكتاب العربي.(1/83)
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، تأليف: محمد بن أحمد الشربيني الخطيب (ت 977هـ)، الناشر: دار الفكر - بيروت .
منهاج المحدثين وسبيل الطالبين في شرح صحيح الإمام مسلم . النووي: أبو زكريا يحيى بن شرف (ت676 هـ)، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت – 1392هـ، الطبعة الثانية .
ميزان الاعتدال في نقد الرجال . الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان (ت748هـ)، تحقيق علي بن محمد البجاوي ، مصورة عن الطبعة الأولى 1382 هـ . دار الباز - مكة.
ناسخ الحديث ومنسوخه . الأثرم: أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ (ت بعد 260هـ)، تحقيق عبد الله بن حمد المنصور _ الطبعة الأولى 1420هـ .
الناسخ والمنسوخ للأثرم = ناسخ الحديث ومنسوخه
الناسخ والمنسوخ لابن شاهين = ناسخ الحديث ومنسوخه
ناسخ الحديث ومنسوخه . ابن شاهين: أبوحفص عمر بن أحمد بن عثمان (ت385هـ)، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه: سمير الزهيري، الطبعة الأولى 1408هـ ، مكتبة المنار – الأردن .
النهاية في غريب الحديث والأثر؛ لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد ابن الأثير الجزري (ت606هـ)، تحقيق محمود محمد الطناحي، وطاهر أحمد الزاوي، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
هدي الساري مقدمة فتح الباري شرح صحيح البخاري . ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني (ت 852 هـ) ، الطبعة الأولى سنة 1379هـ بالمطبعة السلفية ، تحقيق الشيخ عبد العزيز بن باز، ومحب الدين الخطيب .
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
المقدمة…3
أدلَّة النهي عن الشرب قائمًا…7
1) حديث أنس - رضي الله عنه -…7
2) حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -…13
3) حديث الجارود بن المعلى - رضي الله عنه -…17
4) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -…18
5) حديث الحضرمي - رضي الله عنه -…21
7) حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -…22
أحاديث الإباحة…23
1) حديث علي - رضي الله عنه -…23
2) حديث ابن عباس رضي الله عنهما …28(1/84)
3) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما…29
4) حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما …30
5) حديث البرصاء كبشة رضي الله عنها…34
6) حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -…36
7) حديث عبد الله بن أنيس - رضي الله عنه -…40
8) حديث عائشة رضي الله عنها …42
9) حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -…46
10) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -…47
11) حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما …51
الموقوف على الصحابة…54
1) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -…54
2) عثمان - رضي الله عنه -…55
3) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -…55
4) و 5) عائشة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما…57
6) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما…58
7) عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما…61
8) أبو بكرة - رضي الله عنه -…62
9) أبو بكر - رضي الله عنه -…62
أقوال العلماء في حكم الشرب قائمًا…63
أولاً : مسلك الترجيح…63
الفريق الأول …63
القول الأول…63
القول الثاني…64
الفريق الثاني…64
ثانيًا : مسلك الجمع…66
الأول…66
الثاني…67
الثالث…68
الرابع…68
الخامس…69
الترجيح…70
الجواب على الأقوال الأخرى…72
الفهارس…75
فهرس الآيات…77
فهرس الأحاديث والآثار…79
فهرس المراجع…83
فهرس الموضوعات…95 …… ……(1/85)