مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد: فمن نعم الله علي أنني التحقت بقسم الدراسات العليا -شعبة السنة - في العام الدراسي 1402-1403هـ، وقد سعدت أنا و زملائي - بالتتلمذ على نخبة من الأساتذة الأفاضل - في السنة المنهجية - فاستفدنا من علومهم الغزيرة، وتجاربهم الواسعة في مجال السنة النبوية وعلومها.
فكان منهم شيخنا الفاضل المحدث أبو عبد اللطيف حماد بن محمد الأنصاري - حفظه الله - الذي أتحفنا بفوائده القيمة، وزادنا حبا في علوم السنة عامة، وعلم الرجال خاصة ، من خلال محاضراته الممتعة في مادة (رواة الحديث).
وكان منهم - أيضا - أستاذنا الفاضل الدكتور سعدي الهاشمي -حفظه الله - الذي درسنا عليه مادة (نقد الحديث) . وكان من توفيق الله - عز وجل - له أن اختار لنا بعض المباحث من كتاب (شرح علل الترمذي) للحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي المتوفى سنة خمس وتسعين وسبع مائة رحمه الله تعالى(1).
وقد استوقفني مبحث من تلك المباحث، ذكره ابن رجب بعنوان: (قوم ثقات في أنفسهم، لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف، بخلاف حديثهم عن بقية شيوخهم).
__________
(1) كتب الدكتور همام عبد الرحيم سعيد دراسة ضافية عن الحافظ ابن رجب ضمن رسالته التي حصل بها على درجة (الدكتوراه) من جامعة الأزهر، وموضوعها: (شرح علل الترمذي لابن رجب. دراسة وتحقيق). ثم نشر هذه الدراسة مع ترجمة ابن رجب بعنوان: (العلل في الحديث، دراسة منهجية في ضوء شرح علل الترمذي لابن رجب الحنبلي).(1/1)
بدأه ابن رجب بقوله: "وهؤلاء جماعة كثيرون، فمنهم…(1)" وذكر عددا من هؤلاء الرواة، من بينهم جماعة من الثقات الأثبات ضُعفوا في بعض شيوخهم ، مع أن أحاديثهم مخرجة في الصحيحين عن هؤلاء الشيوخ الذين ضعفوا فيهم. وبعد قراءة هذا المبحث خرجت منه ببعض الأسئلة، منها:
أ- سؤال حول عدد هؤلاء الثقات الذين وصفهم ابن رجب بأنهم جماعة كثيرون، كم يبلغ عددهم؟
ب- سؤال ثان حول التضعيف الذي ذكره ابن رجب في بعض الثقات الأثبات الذين خرجت أحاديثهم في الصحيحين عن شيوخهم الذين ضعفوا فيهم، هل هذا التضعيف قادح، أو أنه غير قادح؟
وإذا كان قادحا فما هو الجواب عن تخريج الشيخين لأحاديث هؤلاء؟
جـ- سؤال ثالث حول أقوال أئمة الجرح والتعديل، حيث إن ابن رجب - رحمه الله - اقتصر في أغلب الرجال الذين ذكرهم - على حكاية تضعيفهم في بعض شيوخهم، فهل هذه الأقوال التي ذكرها ابن رجب هي كل ما قيل في روايتهم عن أولئك الشيوخ، أو أن هناك أقوالا أخرى تعارض الأقوال التي ذكرها؟
وهذه الأسئلة الثلاثة تحدد إطار الموضوع الذي تعالجه هذه الرسالة العلمية.
إذ لاشك أن الإجابة على هذه الأسئلة لها أهمية كبيرة في مجال الدراسات الحديثية عامة، وعلم الرجال خاصة، نظراً لخلو المكتبة الإسلامية من مؤلَّف مستقل يجمع هذا الصنف من الرواة، ويذكر فيهم أقوال أئمة الجرح والتعديل مع المناقشة والترجيح.
__________
(1) انظر: (2/621-672).(1/2)
ويكتسب موضوع (الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم) أهمية أخرى لكونه جزءا من نوع هام من أنواع علوم الحديث، ألا وهو: (معرفة تفاوت الرواة في المراتب)، سواء كان هذا التفاوت بين الراوي وغيره من أقرانه(1) ، أم بين روايته عن بعض شيوخه وروايته عن شيوخه الآخرين(2).
وقد أشار إلى أهمية هذا النوع الحافظ تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي القشيري، المعروف بابن دقيق العيد المتوفى سنة اثنتين وسبع مائة، وتبعه الحافظ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي - المتوفى سنة أربع وتسعين وسبع مائة - في (نكته على ابن الصلاح)، حيث عدّه في الأنواع التي أهملها ابن الصلاح، ونقل عن ابن دقيق العيد قوله: "وهذا النوع … ينبغي أن يعقد له باب، أو يفرد له تصنيف ويعد في علوم الحديث، بل هو من أجَلِّها، للحاجة إليه في الترجيح، ولست أذكر الآن أنه فُعِل ذلك" (3).
ولما كان هذا الموضوع - الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم - على هذا القدر من الأهمية، فقد استخرت الله عز وجل في العمل فيه، محاولا الإجابة على الأسئلة السابقة من خلال البحث الذي أقدمه إن شاء الله تعالى.
وقد حظي - بفضل الله عزوجل - اختياري لهذا الموضوع بموافقة جميع أساتذتي في قسم الدراسات العليا، وشجعوني على العمل فيه، وكان ذلك حافزاً لي على المضي فيه رغم صعوبته.
__________
(1) كقول يحيى القطان في منصور بن المعتمر: "منصور أثبت الناس عن مجاهد ، هو أثبت من ابن أبي نجيح في كل شيء، مجاهد وغيره". رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/15).
(2) كقول الإمام أحمد في محمد بن خازم الضرير: "أبو معاوية في غير حديث الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظا جيداً". رواه عنه ابنه عبد الله في العلل (1/119).
(3) النكت على ابن الصلاح: (1/86-87) من النسخة المطبوعة على الآلة الكاتبة. بتحقيق الأخ الباحث زين العابدين فريج، وقد حقق قسما منه وحصل به على درجة (الماجستير) من الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.(1/3)
تعريف موجز بعمل الحافظ ابن رجب:
قد ذكر ابن رجب - رحمه الله تعالى- في المبحث المشار إليه آنفا - ستة وأربعين راويا ممن ضعفوا في بعض شيوخهم، ومجمل طريقته:
أنه يذكر اسم الراوي، ثم يذكر - في الغالب - الحكم العام عليه، فيقول - مثلاً (ثقة مشهور). أو (ثقة) ونحو ذلك.
ثم يذكر الحكم عليه في الشيخ الذي ضُعِّف فيه، ويُتبعه بذكر أقوال العلماء التي تدل على ذلك . وربما ذكر أقوال العلماء مباشرة دون ذكر الحكم عليه .
وقد تقدم أنه يقتصر على ذكر ألفاظ التجريح التي تدل على ضعفهم في بعض شيوخهم دون أن يذكر ما يعارض ذلك.
ثم يذكر في نهاية بعض التراجم حديثا أو أكثر من الأحاديث التي أنكرت على المترجَم له، من روايته عن شيخه الذي ضعِّف فيه.
تحديد نطاق البحث:
وقد تابعت ابن رجب في ذكر بعض الرواة الذين ذكرهم، ولم أتابعه في البعض الآخر للأسباب الآتية:
أولا: اقتصرت على ذكر الثقات الذين تُكلِّم في روايتهم عن بعض شيوخهم، وألحقت بهم من قال فيهم ابن حجر: (صدوق)، أو (لا بأس به) ونحو ذلك .
ولهذا لم أذكر:
إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدي: (صدوق يهم) (1).
اسماعيل بن مسلم أبو اسحاق المكي: (ضعيف الحديث).
سعيد بن بشير الأزدي مولاهم: (ضعيف).
سلمة بن صالح الأحمر: (متروك الحديث).
عاصم بن أبي النجود: (صدوق له أوهام،حجة في القراءة).
عبد الجبار بن عمر الأيلي: (ضعيف).
عبد الرزاق بن عمر الدمشقي: (متروك الحديث عن الزهري لين في غيره).
عبد العزيز بن محمد الدراوردي (صدوق يخطئ).
عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد (صدوق يخطئ).
عكرمة بن عمار العجلي: (صدوق يغلط،وفي روايته عن يحي بن أبي كثير اضطراب).
محمد بن كثير الصنعاني: (صدوق كثير الغلط).
مطر بن طهمان الورّاق: (صدوق كثير الخطأ،وحديثه عن عطاء ضعيف).
معقل بن عبيد الله الجزري: (صدوق يخطئ).
__________
(1) هذا الحكم وكذا الأحكام الآتية مأخوذة من (تقريب التهذيب) لابن حجر.(1/4)
نجيح بن عبد الرحمن أبو معشر: (ضعيف).
هشام بن سليمان المخزومي: (مقبول).
ثانياً: اقتصرت على من تُكُلِّم في روايته عن واحد او اثنين أو ثلاثة من شيوخه، ولم أذكر من تكلّم في روايته عن أكثر من ذلك .ولهذا لم أذكر:
حماد بن سلمة بن دينار البصري.
سليمان بن مهران الأعمش.
شعبة بن الحجاج أبو بسطام الواسطي.
محمد بن خازم أبو معاوية الضرير.
معمر بن راشد أبو عروة الأزدي مولاهم(1).
منصور بن معتمر أبو عتاب الكوفي.
فكل واحد من هؤلاء تكلم في حديثه عن أكثر من ثلاثة من شيوخه. وقد استثنيت سفيان بن عيينة - مع أنه تكلّم في روايته عن صغار شيوخه(2) - إلا أنني ذكرته للكلام في روايته عن الزهري وأيوب السختياني،لأنهما من كبار شيوخه.
ثالثاً: لم أذكر من تكلم في روايته عن بعض شيوخه الذين اختلطوا، لسماعه منهم بعد الاختلاط، لأن هؤلاء المختلطين قد أُلِّفت فيهم كتب مستقلة(3)، مُيّز فيها بين من سمع منهم قبل الاختلاط ومن سمع بعد الاختلاط.
__________
(1) ذكر ابن رجب (2/657) أنه ضُعِّف في حديثه عن ثابت البناني خاصة وقد تكلِّم في حديثه عن عدد من شيوخه غير ثابت، منهم: الأعمش، وهشام بن عروة، ومنصور بن المعتمر وغيرهم.
انظر المعرفة والتاريخ للفسوي (3/29). وشرح علل الترمذي لابن رجب (2/482، 536، 537)، وتهذيب التهذيب (10/245)، وتقريب التهذيب (2/266).
(2) شرح علل الترمذي (2/648).
(3) منها: (الاغتباط بمعرفة من رمي بالاختلاط) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد (سبط ابن العجمي) المتوفى سنة إحدى وأربعين وثمان مائة. و(الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات) لأبي البركات محمد بن أحمد، المعروف بابن الكيال، المتوفى سنة تسع وعشرين وتسع مئة. وهما مطبوعان، وقد سبقهما إلى التأليف في ذلك غيرهما. انظر: مقدمة الكواكب النيرات (20-22).
ولشيخنا حماد الأنصاري (تعليق الأنواط في التذييل على صاحب الاغتباط) وهي رسالة صغيرة لم تطبع بعد.(1/5)
ولهذا لم أذكر يونس بن أبي اسحاق السبيعي.
فهؤلاء اثنان وعشرون راويا ممن ذكرهم ابن رجب، لم أترجم لهم في هذا البحث.
ولم أدخل في هذا البحث - أيضاً - من ثبت عدم سماعه من شيخه الذي ضعّف فيه ،لأن هذا الصنف من الرواة قد تكفلت بذكرهم الكتب المصنفة في المراسيل(1).
ولذلك لم أذكر جعفر بن إياس بن أبي وحشية، مع أن ابن حجر قال عنه في (التقريب): ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير ،وضعفه شعبة في حبيب بن سالم وفي مجاهد)(2).
وإنما ضعفه شعبة فيهما لأنه لم يسمع منهما، كما جزم بذلك شعبة نفسه في ما رواه عنه ابن أبي حاتم في المراسيل(3).
مخطط البحث:
وقد جعلت هذا البحث في مقدمة وتمهيد وبابين وخاتمة، ثم ألحقت به ملحقين، ثم الفهارس.
فأما المقدمة: فقد تكلمت فيها على اختيار الموضوع وأهميته، ثم عرفت بعمل الحافظ ابن رجب –في (شرح علل الترمذي) في مبحث الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم- تعريفاً موجزاً ،وتطرقت إلى الأسباب التي حملتني على عدم ذكر بعض الرواة الذين ذكرهم ابن رجب ثم ذكرت مخطط البحث، والمنهج الذي سرت عليه فيه.
وأما التمهيد: فقد ذكرت فيه لمحات عن أهمية علم الرجال، وجهود المحدثين في التنقيب عن أحوال الرواة، وتمييزهم بين الثقات والضعفاء، ومن يؤخذ عنه في حال وترد روايته في حال أخرى.
وتعرضت - بعد ذلك - لبعض الأسباب التي أدت إلى الكلام في أولئك الرواة الذين ضعفوا في بعض شيوخهم.
ثم ذكرت بعض اعتبارات الأئمة النقاد في إطلاق ألفاظ الجرح والتعليل.
وأما الباب الأول: فقد اشتمل على ذكر الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم بما لا يقدح فيهم.وفيه ثلاثة فصول:
__________
(1) منها كتاب: (المراسيل) لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي المتوفى سنة سبع وعشرين وثلاثة مائة. وكتاب: (جامع التحصيل في أحكام المراسيل) لأبي سعيد خليل بن كيكلدي العلائي المتوفى سنة إحدى وستين وسبع مائة. وهما مطبوعان.
(2) 1/129).
(3) ص 25-26).(1/6)
الفصل الأول: في الثقات الذين خرج لهم في الصحيحين أو أحدهما عمن ضعفوا فيهم. وفيه ستته مباحث:
المبحث الأول: في من تُكلِّم في حديثه عن الزهري، وفيه ستة مطالب:
في ترجمة إبراهيم بن سعد الزهري.
في ترجمة سفيان بن عيينة.
في ترجمة أبي عمرو الأوزاعي.
في ترجمة عبد الرحمن بن نَمِر.
عبد الملك بن جريج.
في ترجمة الليث بن سعد.
المبحث الثاني: فيمن تُكلِّم في حديثه عن سفيان الثوري وفيه خمسة مطالب:
في ترجمة اسحاق الأزرق.
في ترجمة أبي عاصم النبيل.
في ترجمة عبد الرزاق الصنعاني.
في ترجمة قَبيصة بن عقبة السُّوائي.
في ترجمة أبي أحمد الزبيري.
المبحث الثالث: في من تُكلِّم في حديثه عن قتادة، وفيه مطلبان:
في ترجمة سليمان التيمي.
في ترجمة عمرو بن الحارث المصري.
المبحث الرابع: في من تُكلِّم في حديثه عن ابن جريج، وفيه مطلبان:
في ترجمة إسماعيل ابن عُلية.
في ترجمة عبد الله بن وهب.
المبحث الخامس: في من تُكلِّم في حديثه عن شعبة بن الحجاج، وفيه مطلبان:
في ترجمة عفّان بن مسلم الصفار.
في ترجمة علي بن الجعد الجوهري.
المبحث السادس: في من تكلم في حديثهم عن شيوخ آخرين، وفيه أربعة مطا لب:
في ترجمة الحكم بن نافع الحمصي.
في ترجمة عبد الواحد بن زياد.
في ترجمة علي بن المبارك الهنائي.
في ترجمة محمد بن بشار (بُنْدار).
الفصل الثاني: في الثقات الذين خُرِّج لهم في الصحيحين أو أحدهما عن غير مَنْ ضُعِّفوا فيهم. وفيه تسعة مباحث:
في ترجمة أسباط بن محمد.
في ترجمة بَدَل بن المُحَبَّر.
في ترجمة حبيب بن أبي ثابت.
في ترجمة داود بن الحصين.
في ترجمة سلاَّم بن أبي مطيع.
في ترجمة عبد الكريم بن مالك الجزري.
في ترجمة عبيد الله بن موسى العبسي.
في ترجمة عمرو بن علي الفلاس.
في ترجمة عمرو بن أبي عمرو.
الفصل الثالث: في الثقات الذين لم يُخرَّج لهم في الصحيحين أو أحدهما، وفيه أربعة مباحث:
في ترجمة إبراهيم بن بشَّار الرمادي.(1/7)
في ترجمة إسحاق بن إسماعيل الطالقاني.
في ترجمة الربيع بن سليمان المرادي.
في ترجمة عبد الرحمن بن مغرا الدوسي.
الباب الثاني: الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم بما يقدح في روايتهم عمن ضعفوا فيهم، وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في من خُرِّج لهم في الصحيحين أو أحدهما عمن ضعفوا فيهم، وفيه ثلاثة مباحث:
في ترجمة إسحاق بن راشد الجزري.
في ترجمة جرير بن حازم البصري.
في ترجمة سليمان بن كثير العبدي.
الفصل الثاني: في من خُرِّج لهم في الصحيحين أو أحدهما عن غير من ضعفوا فيهم، وفيه ستة مباحث:
في ترجمة جعفر بن بُرقان الرقي.
في ترجمة زيد بن الحُبَاب العُكْلي.
في ترجمة سماك بن حرب الذهلي.
في ترجمة عبد الله بن أبي الأسود البصري.
في ترجمة عثمان بن غياث البصري.
في ترجمة محمد بن عجلان المدني.
الفصل الثالث: في من لم يُخرَّج لهم في الصحيحين أو أحدهما ، وفيه ثلاثة مباحث:
في ترجمة الحسن بن أحمد الكرماني.
في ترجمة سفيان بن حسين الواسطي.
في ترجمة عمر بن إبراهيم العبدي.
وأما الخاتمة: فقد ضمنتها النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث، والاقتراحات التي رأيت إبداءها لمن تهمهم الدراسات الحديثية.
وأما الملحقان: فقد ذكرت في الملحق الأول: مصادر تراجم الرواة المترجم لهم ، مرتبين على حسب ورودهم في البحث.
وذكرت في الثاني: أسماء الرواة المترجم لهم مرتبين على حروف المعجم مع خلاصة ما توصلت إليه في ترجمة كل واحد منهم.
وأما الفهارس: فقد اشتملت على ما يلي:
فهرس المصادر والمراجع.
فهرس الأحاديث والآثار.
فهرس الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم.
فهرس الموضوعات.
منهج البحث:
وقد سرت في هذا البحث على المنهج التالي:
أولاً: جمع أسماء الرواة المترجم لهم:
اعتمدت في جمع أسماء الرواة المترجم لهم على ما يلي:
ما ذكره ابن رجب في (شرح علل الترمذي).
ما استخرجته من (تهذيب التهذيب) للحافظ ابن حجر.(1/8)
ما التقطته من كلام النقاد في كتب التراجم الأخرى مما لم يذكره ابن حجر - في التهذيب - في تراجم من قيل ذلك الكلام فيهم(1).
ثانياً: رتبت أسماء كل مجموعة من الرواة في المباحث والمطالب على ترتيب حروف المعجم .
ثالثاً: ترتيب المعلومات في تراجم الرواة.
أذكر نص ترجمة الراوي من (تقريب التهذيب) لابن حجر ، وأكتفي بذلك في التعريف به. فإن كان ممن ذكرهم ابن رجب أشرت إلى ذلك في الحاشية.
أذكر اسم الشيخ الذي ضعف فيه الراوي ، ثم أتبعه بذكر أقوال العلماء التي تدل على ذلك مرتبة على حسب وفيات أصحابها.
أذكر ما يعارض ذلك التضعيف من أقوال المضعف نفسه، أو من أقوال غيره، فإن تعددوا رتبت أقوالهم على ترتيب وفياتهم أيضاً.
أذكر توجيه أقوال المضعفين بما يتفق مع أقوال الموثقين إن أمكن ذلك، وإلا عدلت إلى الترجيح.
أورد حديثاً أو أكثر من الأحاديث التي أنكرت على الراوي، عن شيخه الذي ضعف فيه، إن وجدت ما يُنْكَر عليه.
خلاصة القول في التضعيف الوارد في الراوي.
ربما عقبت على أقوال أخرى قيلت في الراوي تعارض النتيجة التي توصلت إليها.
إذا تُكلِّم في حديث الراوي عن أكثر من شيخ ، فإني أذكر ما يتعلق بروايته عن أولئك الشيوخ في مكان واحد مراعياً الترتيب السابق.
رابعاً: ذكر الأحاديث وتخريجها:
أذكر - في الغالب - حديثاً أو حديثين في كل ترجمة، وقد أذكر أكثر من ذلك، وقد لا أذكر في بعض التراجم شيئاً، لعدم وقوفي على أحاديث أنكرت على أصحاب تلك التراجم.
أورد نص الحديث النبوي بتمامه - بين قوسين كبيرين - إذا كان قصيراً، أما الأحاديث التي فيها طول، فإني أقتصر منها على طرف الحديث، ثم أضع نقطاً للدلالة على بقية الحديث.
أخرّج الأحاديث من مصادرها الأصلية ذاكراً رقم الجزء والصفحة ورقم الحديث، وأكتفي في بعضها بذكر رقم الحديث فقط.
__________
(1) لم أستطع دراسة كل الرواة الذين جمعت أسماءهم لضيق الوقت المقرر لهذا العمل وقد بينت ذلك في الخاتمة (ص 391).(1/9)
لا أستوعب ذكر المصادر التي خُرِّج فيها الحديث وإنما أكتفي ببعضها - في الغالب - ثم أحيل إلى من توسع في تخريجه إن وجدت من سبقني إلى ذلك.
خامساً:التعامل مع النصوص المنقولة عن أهل العلم:
أصحح التصحيفات والأخطاء المطبعية الواقعة في النص المنقول، دون التنبيه على ذلك، إذا كان لا يؤثر في المعنى ، لأن التنبيه على كل خطأ أو تصحيف يثقل الحواشي بما لا طائل تحته.
أقتصر من النص على موضع الشاهد، إذا كان النص طويلاً، أو كان مشتملا على معلومات أخرى لا أحتاج إلى ذكرها.
قد أكرر بعض النصوص في أكثر من موضع للحاجة إليها.
أحصر النصوص المقتبسة حرفياً بين حاصرتين، أما النصوص التي أذكرها بالمعنى أو ببعض التصرف فلا أحصرها،وإنما أضع في نهايتها رقماً، وأشير في الحاشية إلى المصدر المقتبسة منه.
سادساً: المصادر:
حرصت على نقل المعلومات من المصادر الأصلية، كما أنني حاولت عزو قول كل إمام إلى الكتب المعْنِيَّة بذكر أقواله، فأقوال يحيى بن معين - مثلاً - أنقلها من الكتب المروية عنه مثل: (التاريخ) برواية الدوري، وتاريخ الدارمي عن ابن معين ، وغيرهما. فإذا كانت أقواله مروية من طريق أحد تلاميذه الذين لم تصلنا رواياتهم المدونة، فإني أعزوها إلى أقدم مصدر أراها فيه. وهكذا أقوال غيره من الأئمة.
رتبت المصادر في الحواشي على حسب ترتيب وفيات أصحابها، إلا في مصادر الأحاديث فإني أقدم البخاري ومسلما على غيرهما، وأقدم أبا داود والترمذي والنسائي على ابن ماجه.
يكثر تكرار أقوال الأئمة في كتب الرجال ، لذلك فإني أكتفي -في الغالب - بنقل أقوالهم من أقدم مصدر أراها فيه،ولا أذكر المصادر الأخرى التي نقلت تلك الأقوال إلا لفائدة.
سابعاً: التعريف بالأعلام والبلدان:
يكثر- في هذا البحث - ذكر أسماء الرواة، وأكثرهم من رجال (تقريب التهذيب) لذلك فإني تركت التعريف بأكثرهم لسهولة العثور على تراجمهم.(1/10)
وهكذا في البلدان، فقد اقتصرت على التعريف ببعضها، وحرصت على ذكر مواقع البلدان - التي عرفت بها - في الوقت الحاضر.
ثامناً: ضبطت الكلمات التي تحتاج إلى ضبط ، كما أنني قمت بشرح المفردات الغريبة، معتمداً على كتب غريب الحديث ومعاجم اللغة.
تاسعاً: قد أخالف المنهج المتقدم في بعض المواضع لمناسبة أو ضرورة تقتضي تلك المخالفة.
عاشراً: الرموز والمصطلحات:
استعملت الرموز والمصطلحات التي استعملها الحافظ ابن حجر في (تقريب التهذيب)، وقد شرحها الحافظ في مقدمة (التقريب) وبين المراد منها، وهي معروفة عند طلبة العلم فلا أطيل بذكرها(1).
وبعد: فقد بذلت في هذا البحث قصارى جهدي، وذكرت فيه مبلغ علمي، فإن أصبت في شئ منه فهو من محض فضل الله علي، وإحسانه إلي حيث وفقي في ما أصبت فيه، وأما الخطأ فهو واقع لامحالة، ولا يستغرب وقوعه من مثلي، لاسيما في هذا الفن - علم الجرح والتعديل - الذي لم يسلم من الخطأ فيه كبار الجهابذة الحفاظ، فكيف بمن لا يعد شيئاً بجانبهم؟!
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين، وأن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم،وأن يوفقني لما يحبه يرضاه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم…
شكر وتقدير
أحمد الله الذي لا إله إلا هو، وأشكره على ما أنعم عليّ به ووفقني إليه، وأسأله عز وجل أن يعينني على ذكره وشكره وحسن عبادته حتى ألقاه..
__________
(1) من تلك الرموز التي وردت في الرسالة: (خ) للبخاري، (خت) له تعليقا، (بخ) له في الأدب المفرد، (م) لمسلم. (د) لأبي داود، (ل) له في المسائل، (قد) له في القدر، (ت) للترمذي، (س) للنسائي، (ق) لابن ماجة، (ع) للجماعة (4) لهم سوى البخاري ومسلم.(1/11)
ثم إنه من الاعتراف بالجميل أرى من الواجب علي أن أتوجه بالشكر إلى القائمين على الجامعة الإسلامية على ما قدموه لنا من عناية ورعاية أعانتنا على طلب العلم، وما هذا البحث المتواضع الذي أتقدم به إلا ثمرة من ثمرات جهودهم المشكورة في خدمة أبناء العالم الإسلامي…فجزاهم الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء، ووفقهم إلى ما فيه عزة للإسلام والمسلمين…
ثم أتوجه بالشكر إلى شيخي الفاضل الدكتور محمود بن أحمد ميرة - المشرف على هذا البحث - على رعايته الأبوية التي غمرني بها، وتوجيهاته السديدة التي أتحفني بها طوال فترة إعدادي لهذا البحث، وقد قضى - حفظه الله - جل وقته في متابعة ما أكتبه أنا وزملائي… فجزاه الله عنا خير الجزاء ، وأجزل له المثوبة في الدنيا والآخرة .
كما أشكر أستاذي الدكتور أكرم العمري على توجيهاته القيمة، خصوصا في ما يتعلق بالناحية المنهجية لهذا البحث، كما أرشدني إلى بعض المعلومات التي لها صلة بالموضوع.
ولا يفوتني أن أشكر مشايخي الأفاضل : الشيخ حماد بن محمد الأنصاري - الذي بذل نفسه ومكتبته للعلم وطلابه - وفضيلة الشيخ عبد المحسن العباد، وفضيلة الدكتور ربيع بن هادي المدخلي على توجيهاتهم لي في أثناء قراءتي عليهم بعض جزئيات هذا البحث.
كما أشكر أستاذي الدكتور سعدي الهاشمي الذي كان سببا في اطلاعي على هذا الموضوع.
وأخيرا أعم بالشكر كل من قدم لي عونا من الآباء الكرام والإخوة الفضلاء .
فجزى الله الجميع خير الجزاء، وبارك في جهودهم، ووفقهم إلى كل خير… والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات …
التمهيد
لاتخفى أهمية علم الرجال في الحفاظ على السنة النبوية، وحمايتها من أن يُدخل فيها ما ليس منها، فهو الميزان الذي تعرض عليه أحوال الناقلين لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه يميَّز الصادق من الكاذب، والثقة من الضعيف، والضابط من غير الضابط.(1/12)
ولهذا قال الإمام علي بن المديني: "التفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم"(1)
وقد ظهرت الحاجة إلى هذا العلم منذ وقت مبكر، حين تجرأ على التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ليس أهلا لذلك، فاحتاط العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقبلوه إلا من العدول الضابطين.
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما جاءه بُشَير العدوي(2)، فجعل يحدث ويقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجعل ابن عباس لا يأذَن لحديثه(3)، ولا ينظر إليه.
فقال: يا ابن عباس، مالي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع!. فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول(4) لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف"(5).
وقال محمد بن سيرين: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة(6)، قالوا: سموا لنا رجالكم. فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم"(7).
__________
(1) الرامهرمزي: المحدث الفاضل (ص320).
(2) ذكره ابن حجر في الإصابة (1/362) في القسم الرابع فيمن ذكر في كتب الصحابة على سبيل الوهم والغلط، وصرح بأن بشيرا هذا ليست له صحبة.
(3) لا يأذن: لا يستمع. مختار الصحاح (ص 12)
(4) يعني: سلكوا كل مسلك مما يحمد ويذم. قاله النووي في شرح صحيح مسلم (1/80).
(5) مسلم بن الحجاج: مقدمة الصحيح (1/13).
(6) يعني: الفتنة التي حدثت زمن عثمان رضي الله عنه، وأدت إلى قتله، انظر: بحوث في تاريخ السنة للدكتور أكرم العمري (ص48).
(7) مقدمة صحيح مسلم: (1/15).(1/13)
من أجل ذلك نشط المحدثون في التنقيب عن أحوال الرواة، وتركوا الأهل والأوطان، وآثروا الترحال لمشافهة الرواة، والتعرف على أحوالهم عن كثب. ولم يقتصروا على ذلك، بل كانوا يسألون عن أحوال الرواة ويتناقلون الكلام فيهم، ويروونه عن مشايخهم كما يروون الأحاديث النبوية.
وكذلك عمدوا إلى أحاديث الرواة فقارنوها بمرويات غيرهم، ليتبين لهم مقدار ضبطهم وإتقانهم(1).فاستطاعوا بذلك أن يميزوا بين الرواة من حيث قبول مروياتهم وردها.
فطائفة من الرواة داخلة عندهم في حيّز القبول، وطائفة ثانية كان الرد نصيبهم. وهناك طائفة ثالثة جمعت بين القبول والرد، فيقبل منهم ما ينقلونه في حال، ويردّ في حال أخرى، وهم على قسمين:
القسم الأول: يغلب عليهم الضعف إلا أنهم يوثقون في بعض ما ينقلونه، كأن يوثق أحدهم في ما ينقله عن شيخ بعينه، أو في فن من الفنون ونحو ذلك.
فمن النوع الأول: عبد الرزاق بن عمر الدمشقي، (متروك الحديث عن الزهري، لين في غيره)(2).قال سعيد بن عمرو البرذعي: "تتبعت أحاديثه …فوجدت حديثه عن إسماعيل بن عبيد الله مستقيماً، لا ينكر منه شيء" (3)
ومن الثاني: جماعة تخصصوا في القراءات ولم يتقنوا الحديث، منهم: حفص بن سليمان الأسدي: (متروك الحديث مع إمامته في القراءة) (4).
وأحمد بن محمد بن عبد الله البزّي المقرئ، إمام في القراءة ثبت فيها، لين الحديث(5).
__________
(1) انظر: عن منهج المقارنة بين الروايات عند الصحابة ومن بعدهم: مقدمة كتاب التمييز للإمام مسلم للدكتور محمد مصطفى الأعظمي (ص 24-48).
(2) ابن حجر: التقريب (1/505).
(3) أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي: (2/485).
(4) ابن حجر: التقريب (1/186)
(5) الذهبي: الميزان (1/144)(1/14)
وحفص بن عمر الدوري المقرئ، قال الذهبي في ترجمته: "وقول الدارقطني: ضعيف. يريد في ضبط الآثار أما في القراءات، فثبت إمام.وكذلك جماعة من القراء أثبات في القراءة دون الحديث، كنافع(1)، والكسائي(2)، وحفص، فإنهم نهضوا بأعباء الحروف وحرروها، ولم يصنعوا ذلك في الحديث، كما أن طائفة من الحفاظ أتقنوا الحديث، ولم يُحكِموا القراءة. وكذا شأن كل من بَرَّز في فن، ولم يعتن بما عداه. والله أعلم"(3).
واهتم جماعة برواية المغازي. مثل: زياد بن عبد الله البكائي، (صدوق ثبت في المغازي، وفي حديثه عن غير ابن إسحاق لِين)(4).
وسلمة بن الفضل الأبرش، (صدوق كثير الخطأ)(5). قال ابن معين: "ثقة، قد كتبت عنه، كان كيّساً، مغازيه أتم، ليس في الكتب أتم من كتابه" (6).
وهما من رواة مغازي ابن اسحاق عنه (7).
ومحمد بن عمر الواقدي: ( متروك مع سعة علمه)(8).قال الذهبي: "لا يستغنى عنه في المغازي، وأيام الصحابة وأخبارهم" (9).
وعُني جماعة بالتاريخ دون الحديث منهم: سيف بن عمر التميمي (ضعيف في الحديث، عمدة في التاريخ)(10).
وشبيب بن شيبة أبو معمر الِمنْقَري، أخباري صدوق، يهم في الحديث(11).
وهكذا حكم كل من تخصص في فن من الفنون دون غيره كاللغة والفقه والنسب… يؤخذ عنه ما يُحتاج إليه من الفن الذي تخصص فيه، وإن لم يكن ثقة عند أهل الحديث.
__________
(1) نافع بن عبد الرحمن الليثي مولاهم. المقرئ ترجم له الذهبي في معرفة القراء الكبار (1/107).
(2) علي بن حمزة الكسائي، الكوفي المقرئ النحوي، ترجم له الذهبي أيضاً في معرفة القراء (1/120).
(3) سير أعلام النبلاء (11/543).
(4) ابن حجر: التقريب (1/268).
(5) المصدر السابق (1/318).
(6) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (4/169).
(7) المزي: تهذيب الكمال (3/ق1169).
(8) ابن حجر: التقريب (2/294).
(9) سير أعلام النبلاء (9/455).
(10) ابن حجر: التقريب (1/344).
(11) المصدر السابق (1/346).(1/15)
القسم الثاني: قوم ثقات يغلب عليهم قبول مروياتهم إلا أنهم لايسلمون من ردها في بعض الأحيان. وقد ذكر ابن رجب في (شرح العلل) فصلا لهذا القسم، وقسمه إلى ثلاثة أنواع رئيسة:
الأول: من ضُعِّف حديثه في بعض الأوقات دون بعض (وهم المختلطون)(1).
الثاني: من ضُعِّف حديثه في بعض الأمكنة دون بعض(2).
الثالث: قوم ثقات في أنفسهم لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف(3).
وقد ذكر ابن رجب أمثلة كثيرة لكل نوع من هذه الأنواع.
والذي يَهُمُّني في هذا المقام هو النوع الثالث، الذي اخترته ليكون مجالا للبحث كما تقدم. وقبل الدخول فيه رأيت من المناسب أن أتناول - بشيء من التفصيل - بعض الأسباب التي أدت إلى الكلام في بعض هؤلاء الرواة.
من أسباب الطعن في الرواة
أولاً: رواية المناكير
من أسباب الطعن في الرواة روايتهم للأحاديث المناكير، ويطلق على من يتصف بذلك عبارات تدل على جرحه، منها: عبارة (منكر الحديث) و (له مناكير) ونحوهما(4) ويختلف الحكم على الراوي تبعا لزيادة نسبة المناكير في حديثه وقلتها(5) إلا أنه قد أطلقت هذه العبارات على بعض الثقات ولم يعده الأئمة جرحا فيهم، وذلك في الحالات الآتية:
إطلاق النكارة على مجرد التفرد:
فقد أطلق جماعة من الأئمة المتقدمين النكارة على مجرد تفرد الراوي ، فمن هؤلاء: يحيى بن سعيد القطان. فقد أنكر على عبيد الله بن عمر العمري حديثه عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم". ثم وجد أن عبد الله بن عمر العمري قد حدث به عن نافع أيضا، فصححه(6)
__________
(1) 2/555-584).
(2) 2/602-620).
(3) 2/621-672).
(4) انظر: شرح ألفية العراقي (2/12) وفتح المغيث للسخاوي (ص374).
(5) انظر: فتح المغيث للسخاوي (ص375).
(6) انظر: شرح علل الترمذي (1/454) والحديث رواه البخاري (12/565، 566) برقم 1086، 1087) ورواه مسلم (رقم: 1338) كلاهمامن طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر به.
ورواه مسلم من طريق الضحاك بن عثمان الأسدي، عن نافع … بمعناه، وهذه متابعة تامة لعبيد الله.(1/16)
قال ابن رجب: "وهذا الكلام يدل على أن النكارة عند يحيى القطان لا تزول إلا بمعرفة الحديث من وجه آخر"(1)
ومن ذلك أيضا: ما ذكره عفان بن مسلم الصفار قال: "كان يحيى ابن سعيد يعترض على همام في كثير من حديثه. فلما قدم معاذ بن هشام نظرنا في كتبه، فوجدناه يوافق هماما في كثير مما كان يحيى ينكره عليه فكف يحيى بعد عنه"(2)
ومنهم الإمام أحمد بن حنبل: فقد أنكر على جماعة من الرواة المحتج بهم في الصحيحين ما تفردوا به؛ فقال في محمد بن إبراهيم التيمي: "يروى أحاديث مناكير، أو منكرة"(3). فعلق على ذلك الحافظ ابن حجر في ترجمة التيمي فقال: "المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له، فيحمل هذا على ذلك وقد احتج به الجماعة)(4).
وقال الإمام أحمد في بُرَيْد بن عبد الله بن أبي بُرْدة: "يروى أحاديث مناكير)(5) فقال ابن حجر في ترجمته: "احتج به الأئمة كلهم، وأحمد وغيره يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة"(6) وقال ابن حجر في النكت: "أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد، لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده"(7)
__________
(1) شرح العلل: (1/454).
(2) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (9/108). ، وهمام: هو ابن يحيى العوذى.
(3) العلل: (1/205).
(4) هدي الساري: (ص437).
(5) العلل: (1/210).
(6) هدي الساري: )ص 392).
(7) النكت على كتاب ابن الصلاح: (2/674).(1/17)
وهذا القول ليس على عمومه، فقد أطلق الإمام أحمد هذا اللفظ على جماعة من الثقات الأثبات المحتج بهم في الصحيحين كما تقدم، ومن ذلك أيضا قوله في يزيد بن عبد الله بن خصيفة: "منكر الحديث)(1). مع أنه قال فيه – فيما رواه الأثرم عنه – "ثقة ثقة)(2) وقال ابن معين: "ثقة حجة"(3) لذلك قال ابن حجر في ترجمته: "هذه اللفظة يطلقها أحمد على من يُغرب على أقرانه بالحديث، عُرف ذلك بالاستقراء من حاله. وقد احتج بابن خصيفة مالك والأئمة كلهم"(4)
ومنهم أبوبكر أحمد بن هارون البَرْديجي؛ فقد قال ابن الصلاح في النوع الرابع عشر: (معرفة المنكر من الحديث): "بلغنا عن أبي بكر أحمد ابن هارون البرديجي الحافظ أنه الحديث الذي ينفرد به الرجل، ولا يعرف متنه من غير روايته. لا من الوجه الذي رواه منه، ولا من وجه آخر"(5).
ونقل ابن حجر - في ترجمة يونس بن القاسم الحنفي اليمامي – عن البرديجي قوله فيه: "منكر الحديث".
ثم قال ابن حجر أوردت هذا لئلا يستدرك، وإلا فمذهب البرديجي أن المنكر هو الفرد سواء تفرد به ثقة أو غير ثقة، فلا يكون قوله: "منكر الحديث" جرحا بيّنا، كيف، وقد وثقه يحيى بن معين"(6) وهكذا يقال فيمن أطلق عليه يحيى القطان والإمام أحمد وغيرهما هذه الألفاظ، وقد اشتهر بالعدالة والضبط، فإن ذلك لا يكون جرحا بيّنا فيه، ولا يرد به حديثه.
__________
(1) المزي: تهذيب الكمال (3/ق 1536).
(2) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (9/274).
(3) المزي: تهذيب الكمال: (3/ق 1536).
(4) هدي الساري: (ص 453).
(5) علوم الحديث: (ص 180).
(6) هدي الساري: (ص 455).(1/18)
قال اللكنوي في (الرفع والتكميل): "فعليك يا من ينتفع من (ميزان الاعتدال) وغيره من كتب أسماء الرجال ألا تغتر بلفظ الإنكار الذي تجده منقولا – من أهل النقد – في الأسفار، بل يجب عليك … أن تفرق بين قول القدماء: هذا حديث منكر، وبين قول المتأخرين: هذا حديث منكر. فإن القدماء كثيرا ما يطلقونه على مجرد ما تفرد به راويه، وإن كان من الأثبات. والمتأخرون يطلقونه على رواية راو ضعيف خالف الثقات"(1).
إضافة المناكير إلى الثقة لروايته لها عن الضعفاء:
قد تطلق تلك العبارات على الثقة إذا روى المناكير عن الضعفاء(2)، ويقصد بذلك تحذير الناس من الاغترار بروايته لتلك المناكير.
وقد مثَّل السخاوي لذلك بقول أبي عبد الله الحاكم للدارقطني: "سليمان بن بنت شرحبيل؟ قال: ثقة. قلت: أليس عنده مناكير؟ قال: يحدث بها عن قوم ضعفاء ، فأما هو، فهو ثقة"(3).
ومن أمثلة ذلك أيضاً كلام يحيى القطان في إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.فقد قال الإمام أحمد: "كان يحيى يحمل عليه في حال أبي يحيى القتَّات، قال: روى عنه مناكير"(4).
وقد بين يحيى القطان أن تلك المناكير التي رواها إسرائيل لم تكن من قِبله، وإنما جاءت من قِبل أبي يحيى القتات، وذلك في ما رواه البغوي في (الجعديات) والعقيلي في (الضعفاء) من طريق عليّ بن المديني قال: "قال يحيى بن سعيد: إسرائيل فوق أبي بكر بن عياش. وقيل ليحيى: إن إسرائيل روى عن إبراهيم بن مهاجر ثلاث مائة، وعن أبي يحيى القتات ثلاث مائة. قال: لم يؤت منه، أتي منهما جميعاً"(5)
__________
(1) ص 150-151).
(2) السخاوي: فتح المغيث (ص 375).
(3) المصدر السابق، وقول الحاكم في سؤالاته للدارقطني (رقم 339).
(4) الخطيب: التاريخ (7/23) وأبو يحيى القتات. لين الحديث كما في التقريب (2/489).
(5) الجعديات (2/779 من المطبوع باسم مسند ابن الجعد) ومن طريقه ابن عدي في الكامل (1/412) - وضعفاء العقيلي (2/330 ووقع فيه تحريف أحال المعنى).(1/19)
فهذا يدل على أن قول يحيى القطان في إسرائيل: "روى مناكير" ليس المراد منه تحميله عهدة تلك المناكير، وإنما هو لمجرد روايته لها عن أبي يحيى القتات.
أما قول الحافظ ابن حجر: "… كلام يحيى القطان محمول على أنه أنكر الأحاديث التي حدثه بها إسرائيل عن أبي يحيى، فظن أن النكارة من قِبله، وإنما هي من قبل أبي يحيى، كما قال ابن معين، وأبو يحيى ضعفه الأئمة النقاد، فالحمل عليه أولى من الحمل على من وثقوه والله أعلم"(1) ففيه نظر ، والذي حمل الحافظ - رحمه لله - على هذا التوجيه هو أنه نسب كلام يحيى القطان السابق - في تبرئة ساحة إسرائيل - إلى يحيى بن معين وعزاه إلى تاريخ ابن أبي خيثمة(2)
والذي في تاريخ ابن أبي خيثمة - كما نقله عنه الحافظ نفسه في التهذيب -: "قيل ليحيى …" ثم فسره الحافظ بقوله: "يعني ابن معين (3) وأصبح في هدي الساري: "قيل ليحيى بن معين". وإنما هو كلام يحيى القطان كما تقدم. وقد نقله الحافظ - من طريق ابن المديني عن القطان - في ترجمة أبي يحيى القتات، ثم قال: "فقد لاح لك أن القطان ليس في كلامه هذا ما يوهن إسرائيل …"(4).
إلا أنه لا يمتنع صدور هذا القول من ابن معين أيضا، ومع ذلك يبقى الاعتراض على التوجيه السابق قائما، لثبوته عن يحيى القطان كما تقدم.
نسبة المناكير إلى الثقات والحمل فيها على من دونهم:
قد وقع لعدد من النقاد نسبة المناكير إلى الثقات والطعن فيهم بذلك، وليس الحمل فيها عليهم، وإنما الحمل على من دونهم؛ ومن أمثلة ذلك قول ابن حبان في عيسى بن طهمان الجُشمي: "ينفرد بالمناكير عن أنس، ويأتي عنه بما لا يشبه حديثه…"(5).
قال ابن حجر: "صدوق، أفرط فيه ابن حبان، والذنب فيما استنكره من حديثه لغيره"(6).
__________
(1) هدي الساري: (ص 390).
(2) المصدر السابق.
(3) تهذيب التهذيب: (1/263).
(4) المصدر السابق: (12/278).
(5) المجروحين: (2/117).
(6) التقرب: (2/98-99). وانظر هدي الساري: (ص 434).(1/20)
وقد وقع ذلك لابن حبان أيضا في ترجمته بشربن حرب، ووقع لابن عدي في ترجمة مُطَرِّف بن عبد الله اليساري وترجمة غالب القطان، كما سيأتي تفصيله في ترجمة سلاّم بن أبي مطيع.
ويستفاد مما تقدم: أنه إذا أُطلق على الثقة لفظ من الألفاظ المتقدمة فعلى الباحث ألا يسارع إلى الحكم عليه بما يخدش توثيقه، وعليه أن ينظر في أسانيد ما أُنكر عليه، فإن وجد فيها من هو ضعيف حمل تلك المناكير عليه، وإلا حمل الإنكار على مجرد التفرد، فإن لم يصلح هذا ولا ذاك، وتبين أن تلك المناكير من قِبله اجتُنِبَت مناكيره، وأُخذ عنه ما ليس منكرا.
ثانيا: الخطأ في الرواية
من المعلوم أن الخطأ والنسيان أمران جُبل عليهما البشر، فلا يسلم منهما أحد، ومن رحمة الله عز وجل أنه لا يؤاخذ الناس عليهما، ولما أُنزل قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}(1)، "قال – عز وجل - قد فعلت"(2).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجاوز الله لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه"(3).
ورواة الحديث - كغيرهم من البشر - يطرأ عليهم الخطأ والنسيان في باب الرواية، فما سلم من ذلك أحد من الحفاظ، وقد تضافرت أقوال أئمة الحديث في تقرير هذه الحقيقة.
فقال سفيان الثوري: "ليس يكاد يفلت من الغلط أحد"(4).
وقال عبد الله بن المبارك: "ومن يسلم من الوهم؟"(5).
__________
(1) سورة البقرة: جزء من الآية الأخيرة منها.
(2) رواه مسلم من حديث ابن عباس (رقم 126)، وهو حديث طويل في سبب نزول الآية السابقة.
(3) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/95)، وابن حبان في صحيحه (كما في موارد الظمآن رقم 1498) والحاكم في المستدرك (2/198) وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه). ووافقه الذهبي، وحسنه النووي في الأربعين النووية (وهو الحديث التاسع والثلاثون منها)، وانظر إرواء الغليل (1/123).
(4) الخطيب: الكفاية (ص 228).
(5) ابن رجب: شرح العلل (1/159).(1/21)
وقال عبد الرحمن بن مهدي: "الذي يبرئ نفسه من الغلط مجنون"(1).
وقال مسلم بن الحجاج: "ليس من ناقل خبر وحامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا - وإن كان من أحفظ الناس وأشدهم توقياً وإتقانا لما يحفظ وينقل - إلا والغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله"(2).
وكلام الأئمة في هذا المعنى كثير.
الخطأ الذي ترد به الرواية
وقد جعل أئمة الحديث ضوابط للخطأ الذي ترد به الرواية؛ فقال عبد الرحمن بن مهدي: "قيل لشعبة: متى يترك حديث الرجل؟ قال: إذا حدث عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون، ,إذا أكثر الغلط، وإذا اتهم بالكذب، وإذا روى حديثا غلطا مجتمعا عليه فلم يتهم نفسه فيتركه طُرح حديثه، وما كان غير ذلك فارووا عنه"(3).
فجعل شعبة أكثار الغلط من الراوي سبباً لطرح حديثه، وهذا قول يحيى القطان(4) والإمام الشافعي(5) وغيرهما(6)، وإليه يميل علي بن المديني والبخاري(7).
وقال سفيان الثوري: "إذا كان الغالب على الرجل الحفظ فهو حافظ وإن غلط، وإذا كان الغالب عليه الغلط ترك"(8).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: "الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن، فهذا لا يُختلف فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة، فهذا لايترك، ولو تُرك حديث مثل هذا لذهب حديث الناس. وآخر الغالب على حديثه الوهم، فهذا يترك حديثه"(9).
__________
(1) ابن حجر: التهذيب (7/221).
(2) التمييز (ص 124).
(3) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (2/32).
(4) الترمذي: الجامع-كتاب العلل (5/744)، وابن رجب: شرح العلل (1/105).
(5) الرسالة: (ص 382).
(6) انظر مقدمة ابن الصلاح: (236).
(7) ابن رجب: شرح العلل (1/109).
(8) الخطيب: الكفاية (ص 228).
(9) مسلم بن الحجاج: التمييز (ص 132).(1/22)
فقد بين كل من الثوري وعبد الرحمن بن مهدي أن الراوي لا يترك حديثه إلا إذا كثر الخطأ منه حتى كان الغالب عليه. وكذا قال الإمام أحمد (1)،ومسلم بن الحجاج ، وابن حبان(2)،وأكثر أهل الحديث المصنفين في السنن والصحاح(3).
والفرق بين القول الأول وهذا القول: هو أن القول الأول يجعل كثرة الغلط سببا لرد حديث الراوي سواء كانت هذه الكثرة غالبة عليه أم لا، ولذلك ترك يحيى القطان الرواية عن شريك بن عبد الله القاضي(4)، وأبي بكر بن عياش(5)، والربيع بن صبيح(6)، والمبارك بن فضالة(7), ولم يترك الرواية عنهم لاتهامه لهم بالكذب، وإنما ترك الرواية عنهم لحال حفظهم(8). أما على القول الثاني: فلا يترك حديث الراوي - وإن كثر غلطه - إلا إذا كان الغلط غالبا على صوابه، ولذلك حدَّث عن أولئك الذين تركهم يحيى القطان عبدُ الله بن المبارك ووكيعُ بن الجراح وعبدُ الرحمن بن مهدي وغيرهم من الأئمة(9).
وتقدم أن العمل على هذا القول عند أكثر أهل الحديث المصنفين في السنن والصحاح.
وليس المراد من قولهم: "لا يترك حديثه" قبول روايته والاحتجاج بها مطلقاً، بل يُنظر إلى مقدار غلطه بالنسبة لما روى، فكلما قلّ غلطه، قوى قبول روايته والاحتجاج به، وكلما كثر غلطه، ضعف الاعتماد على حديثه.
__________
(1) ابن رجب: شرح العلل (1/113).
(2) الثقات (7/97-98)،(7/669)، وانظر: الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان(1/84).
(3) ابن رجب: شرح العلل (1/105).
(4) صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء. قاله ابن حجر في التقريب (1/351).
(5) ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح، التقريب (2/399).
(6) صدوق سيئ الحفظ، وكان عابدا مجاهدا. التقريب (1/245).
(7) صدوق، يدلس ويسوي. التقريب (2/227).
(8) الترمذي: الجامع - كتاب العلل (5/744).
(9) الترمذي: الجامع - كتاب العلل (5/744).(1/23)
ومما ينبغي التنبيه عليه أن الكثرة اسم يشتمل على معان شتى كما قال ابن حبان(1).
فقد يطلق الناقد على الراوي أنه كثير الخطأ ولا يقصد بذلك الكثرة المعروفة. وإنما يقصد كثرة بالنسبة لأخطاء راو آخر أو أكثر اشتركوا مع ذلك الراوي في الرواية عن شيخ معين أو عن أهل بلد معين، ونحو ذلك من القيود. ومن أمثلة ذلك:
مارواه يعقوب الفسوي عن الفضل بن زياد، قال: "قيل لأحمد بن حنبل: سفيان الثوري كان أحفظ أو ابن عيينة؟ فقال: كان الثوري أحفظ وأقل الناس غلطا، وأما ابن عيينة فكان حافظا إلا أنه كان إذا صار في حديث الكوفيين كان له غلط كثير، وقد غلط في حديث الحجازيين في أشياء "(2).
فقول الإمام أحمد: "له غلط كثير" يعني بالنسبة لغلط سفيان الثوري، وليس المراد الكثرة المطلقة قطعاً.
ومن ذلك قول الإمام أحمد أيضاً في إسحاق بن يوسف الأزرق: "كثير الخطأ عن سفيان" وقوله في قبيصة بن عقبة: "كان كثير الغلط" -يعني في حديث الثوري - كما سيأتي في ترجمتيهما(3).
على أنه يمكن أن يكون لهذه الألفاظ مدلول خاص عند الإمام أحمد غير المدلول الشائع، حيث أطلق هذه الألفاظ على بعض المشاهير؛ فقال في حماد بن سلمة يخطئ - وأومأ بيده - خطأ كثيراً"(4).
وقال في جرير بن حازم: "جرير كثير الغلط"(5).
وقال في زيد بن الحُباب: "كان كثير الخطأ"(6) مع أنه قال فيه في موضع آخر: "ثقة ليس به بأس"(7).
__________
(1) انظر: الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (1/84).
(2) المعرفة والتاريخ: (2/163).
(3) ص 79-90).
(4) أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي: (2/394).
(5) ابن حجر: التهذيب (2/71).
(6) العلل ومعرفة الرجال: (1/248).
(7) المصدر السابق (1/251).(1/24)
وقال في عبد الرحمن بن عبد الله أبي سعيد مولى بني هاشم: "كثير الخطأ"(1) مع أنه سئل عنه فقال: "ثقة"(2) وسئل عنه أبوحاتم الرازي فقال: "كان أحمد يرضاه. قيل له: ماتقول فيه؟ فقال: ما كان به بأس"(3)، ولما أراد الإمام أحمد أن يبين كثرة أخطاء أبي بكر بن عياش قال: "كثير الغلط جداً"(4) وهذا يؤيد أن الألفاظ السابقة لها مدلول عنده أخف من إطلاق غيره لها.
ومع ذلك فمن الصعب أن يُقَعَّد في ذلك قاعدة إلا بعد مزيد سبر لهذه الألفاظ في كلامه، ومقارنتها بأقواله الأخرى، وكذا أقوال النقاد الآخرين كما تقدم في الأمثلة السابقة.
وهذه خطوة على الطريق، عسى أن يأتي من يواصل البحث في ذلك، ويجلي مدلول هذه الألفاظ عند الإمام أحمد.
ومن هنا يجب على الباحث في أحوال الرجال أن يراعي اعتبارات النقاد في إطلاق ألفاظ الجرح والتعديل على الرواة، وأن لا يتسرع في أخذ قول ناقد والحكم به على راو دون مقارنته بالأقوال الأخرى الواردة فيه.
وفي الصفحات التالية محاولة لتوضيح بعض هذه الاعتبارات:
من اعتبارات النقاد في إطلاق ألفاظ الجرح والتعديل
أولا: نوع الغلط:
فمن الغلط ما يكون في إبدال راو بآخر، أوتصحيف كلمة، ونحو ذلك، فهذا لايضر.
ومنه ما يكون شديداً في نظر الناقد فيُضَعَّف الراوي بسبب ذلك الغلط، وإن لم يكن عند غيره قادحاً.
ومن ذلك تضعيف بعض الرواة بسبب حديث واحد، كتضعيف ابن معين عبد الرحمن بن نَمِر في الزهري، وتضعيف الدارقطني بَدَلُ بن المحُبَّر، كما سيأتي في ترجمتيهما(5).
__________
(1) العقيلي: الضعفاء (2/341).
(2) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (5/254).
(3) المصدر السابق.
(4) الذهبي: الميزان (4/500).
(5) ص 101، 244).(1/25)
ومن الأمثلة أيضاً: أن يحيى القطان تكلم في أسامة بن زيد الليثي بسبب حديث واحد(1)، فتعقبه يعقوب الفسوي فقال: "أسامة عند أهل بلده ثقة مأمون، وكان يجب على يحيى غير ما قال ، لأن قيس بن سعد قد روى بعض هذا عن عطاء، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم" (2).
وقال الفسوي أيضاً: " أسامة بن زيد الليثي، هو ثقة مديني، وكان يحيى غلط عليه فأمسك عن حديثه، وليس هو كما توهم يحيى"(3).
وشاء الله عز وجل أن يقع يعقوب الفسوي في نحو ما عابه على يحيى القطان؛ فقد ساق من طريق زيد بن وهب الجهني حديثا عن أبي ذر، وأربعة آثار عن عمر وحذيفة رضي الله عنهم، وذكر أنه يستدل بها على ضعف حديثه، ثم قال: "حديث زيد بن وهب فيه خلل كثير" (4).
فتعقبه كل من الذهبي وابن حجر، فقال الذهبي في ترجمة زيد: "من أجلّة التابعين وثقاتهم، متفق على الاحتجاج به، إلا ما كان من يعقوب الفسوي، فإنه قال في تاريخه: في حديثه خلل كثير، ولم يصب الفسوي".
وذكر الذهبي بعض تلك الأحاديث ثم قال: "فهذا الذي استنكره الفسوي من حديثه ما سُبِق إليه، ولو فتحنا هذه الوساوس علينا لرددنا كثيرا من السنن الثابتة بالوهم الفاسد.." (5).
وقال ابن حجر: "شذ يعقوب الفسوي فقال: في حديثه خلل كثير. ثم ساق من روايته قول عمر في حديثه: (يا حذيفة، بالله أنا من المنافقين؟". قال الفسوي: وهذا محال. قلت: هذا تعنت زائد، وما بمثل هذا تضعَّف الأثبات، ولا تُرد الأحاديث الصحيحة، فهذا صدر من عمر عند غلبة الخوف، وعدم أمن المكر، فلا يُلتفَت إلى هذه الوسائس في تضعيف الثقات"(6).
__________
(1) يعقوب الفسوي: المعرفة والتاريخ (3/181).
(2) المصدر السابق والحديث المشار إليه هو قوله صلى الله عليه وسلم يوم النحر: (لا حرج) لمن سأله عن تقديم بعض المناسك على البعض الآخر.
(3) يقعوب الفسوي: المعرفة والتاريخ (3/234).
(4) المعرفة والتاريخ: (2/765-771).
(5) الميزان:(2/107).
(6) هدي الساري (ص 404).(1/26)
ومن هذا القبيل تضعيف أبي بكر الأثرم سليمان التيمي في قتادة كما سيأتي في ترجمته(1).
ومن ذلك أيضا: أن أبا عبد الله الحاكم سأل الدارقطني عن الربيع بن يحيى الأُشناني، فقال: "ليس بالقوي، يروى عن الثوري، عن ابن المنكدر عن جابر (الجمع بين الصلاتين)، وهذا يسقط مائة ألف حديث" (2). قال الذهبي: "يعني: من أتى بهذا ممن هو صاحب مائة ألف حديث أَثَّر فيه لينا، بحيث تنحط رتبة المائة ألف عن درجة الاحتجاج. وإنما هذا على سبيل المبالغة فكم ممن روى مئتي حديث ووهم منها في حديثين وثلاثة، وهو ثقة"(3).
فالدارقطني استعظم هذا الخطأ من الربيع بن يحيى فضعفة، وسبقه أبو حاتم الرازي في تخطئة الربيع في هذا الحديث(4) ، إلا أن ذلك لم يؤثر عنده - مع تعنته - في ضبطه فقال عنه ثقة ثبت"(5).
وهذا المسلك في التضعيف انتقده العلماء كما تقدم، واعتبروه من التعنت في الجرح.
__________
(1) ص 157).
(2) سؤالات الحاكم للدارقطني (رقم 319).
والحديث رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/161) من طريق الربيع بن يحيى عن الثوري. به ولفظه: (جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة للرخص من غير خوف ولا علة).
ورواه الإمام مالك في الموطأ (1/144) ومسلم رقم (705) من طريق أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، إلا أنه قال: (من غير خوف ولا سفر).
(3) السير: (10/453)، وانظر الميزان (2/43)، والمغني في الضعفاء (1/229 الحاشية).
(4) ذكر ابنه في العلل (1/116) أنه سأله عنه فقال: (باطل عندي، هذا خطأ لم أدخله في التصنيف، أراد أبا الزبير عن جابر، أو أبا الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس والخطأ من الربيع).
(5) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (3/471).(1/27)
فقال الذهبي في الكلام على منْ يُعتمد قوله في الجرح والتعديل: "قسم منهم متعنت في الجرح، متثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث، ويليّن بذلك حديثه… "(1).
إلا أن هذا التعنت الذي صدر منهم لم يصدر عن هوى، وإنما صدر منهم احتياطا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يدخل فيها ما ليس منها، فهم مجتهدون، للمصيب منهم أجران، وللمخطئ أجر واحد.
وقد تقدم أنهم لا يلينون بأي غلط، وإنما يلين أحدهم الراوي بالغلط الذي لا يحتمل عنده، وإن كان يحتمل عنده غيره، وقد يَحْتَمِل هو مالا يحتمله غيره، فهذا أبو حاتم الرازي معدود في المتعنتين(2) ، وقد تقدم أنه قال في حديث الربيع بن يحيى: "باطل عندي" ومع هذا احتمل هذ الخطأ من الربيع، ولم يلينه، بل قال فيه: "ثقة ثبت". في حين أن الدارقطني معدود في المعتدلين(3) ومع هذا لم يحتمل هذا الخطأ من الربيع فضعفه.
ويستفاد من هذا أيضا: أن غمز الراوي بالغلطة والغلطتين وإن كان الغالب صدوره من الموصوفين بالتعنت إلا أنه قد يصدر من غيرهم أيضا كما في هذا المثال.
ثانيا: مكانة الراوي:
الحافظ الثبت المتقن إذا حصلت له أخطأ يسيرة في بعض ما روى عن بعض شيوخه لفتت تلك الأخطأ انتباه النقاد، فأطلقوا عليه عبارات تدل على خفة في ضبطه عن أولئك الشيوخ بالنسبة لروايته عن غيرهم، وليس المراد من ذلك الطعن فيه وإنما المراد التنبيه على تلك الأخطأ.
وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى هذا الاعتبار فقال: "قد يحكمون على الرجل الكبير بالجرح بشئ لو وُجد في مَنْ هو دونه لم يُجْرَح به"(4).
__________
(1) ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل (ص 158).
(2) ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل (ص 159).
(3) السخاوي: فتح المغيث (3/325 الطبعة المصرية)، والإعلان بالتوبيخ (ص723).
(4) لسان الميزان: (1/17).(1/28)
ومن أمثلة ذلك ما ذكره صالح بن أحمد بن حنبل قال: "قلت لأبي. قالوا: منصور أثبت في الزهري من مالك؟ قال: وأي شئ روى منصور عن الزهري؟ هؤلاء جهال، منصور إذا نزل إلى المشايخ اضطرب [إلى أبي إسحاق والحكم وحبيب بن أبي ثابت وسَلَمة بن كُهيل].
وليس أحد أروى عن مجاهد من منصور إلا ابن أبي نَجيح، وأما الغرباء فليس أحد أروى عنه من منصور"(1).
فالإمام أحمد بيّن أن رواية منصور بن المعتمر عن شيوخه الكبار مثل مجاهد وإبراهيم النخعي وغيرهما أتقن من روايته عن شيوخه الصغار الذين سبق ذكرهم.
وليست المقارنة هنا بين منصور والإمام مالك في هؤلاء الشيوخ، لأن الإمام مالكا لم يرو عن أحد من هؤلاء الأربعة(2).والاضطراب الذي ذكره الإمام أحمد هو اضطراب نسبي، وليس بقادح، كيف يكون قادحا وقد قال عبد الرحمن بن مهدي: "لم يكن بالكوفة أحفظ من منصور"(3) ، وقال ابن معين: "منصور من أثبت الناس"(4) وكلام الأئمة في توثيقه والثناء عليه يطول ذكره (5).
وقد روى البخاري ومسلم من طريقه عن بعض هؤلاء الشيوخ الذين ذكرهم الإمام أحمد(6).
وإدراك المحدثين لتفاوت مراتب مرويات الراوي الواحد - مهما كان هذا التفاوت يسيرا - يدل على قوة تيقظهم، وشدة تنقيرهم عن أحوال الرجال مهما علت منزلتهم. فرحمهم الله رحمة واسعة، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خيراً.
ثالثا: تعدد الحكم على الراوي بالنظر إلى المروي:
__________
(1) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (8/178) وما بين المعقوفين من شرح علل الترمذي (2/649).
(2) لم يذكر المزي أحدا منهم في شيوخ الإمام مالك، ولم يذكره أيضا في تلاميذهم.
(3) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (8/177).
(4) المصدر السابق: (8/178).
(5) انظر تهذيب التهذيب (10/313، 314).
(6) ابن منجويه: رجال مسلم (ق 175/أ)، والجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/101) وتحفة الأشراف للمزي (12/99).(1/29)
قد يروي الراوي حديثاً فيطَّلع عليه النقد أو يُسأل عنه فيحكم على الراوي على ضوء ذلك الحديث، فإن وافق الثقات أطلق عليه حكما بالتعديل وإن كان فيه شيء من الضعف.
وإن خالف الثقات، أو كان الحديث الذي رواه منكرا غمزه الناقد بلفظ من ألفاظ التجريح وإن كان ثقة.
وقد تُنقل هذه الألفاظ عن الناقد مجردة عن المناسبة التي قيلت فيها، والظروف التي أحاطت بها، فيُظن أنها صادرة من ذلك الناقد في الحكم على الراوي عموما.
والواقع أنها قيلت فيه بالنظر إلى حاله في الحديث الذي رواه على وجه الخصوص(1).
ومن أمثلة ذلك: أن الدارقطني روى في سننه حديث ابن عمر وأبي هريرة في وضع اليدين قبل الركبتين في السجود، ثم روى من طريق يزيد بن هارون عن شريك بن عبد الله القاضي،عن عاصم بن كُليب، عن أبيه حديث وائل بن حُجر في وضع الركبتين قبل اليدين.
ثم قال: "تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كُليب غير شَريك، وشَريك ليس بالقوي فيما يتفرد به"(2).
فنقل ابن حجر في ترجمة شريك في (التهذيب) قول الدارقطني: "ليس بالقوي"(3).
__________
(1) انظر: التنكيل للمعلمي (1/66).
(2) 1/345).
وحديث ابن عمر رواه الحاكم في المستدرك (1/266) وقال: (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه)، ووافقه الذهبي، وذكره المزي في تحفة الأشراف:(6/156) وعزاه لأبي داود من رواية ابن العبد.
وحديث أبي هريرة رواه أبو داود (1/525 رقم 840، 841) والنسائي (2/207) وغيرهما.قال ابن حجر في بلوغ المرام (ص 62): (وهو أقوى من حديث وائل بن حجر).
وحديث وائل رواه أبو داود (1/524)رقم (838) والترمذي (2/57 رقم 268) وقال: (هذا حديث حسن غريب لا نعرف أحدا رواه مثل هذا عن شريك)، وفي بعض النسخ: (غير شريك)، وانظر الكلام على هذه الأحاديث في: زاد المعاد (1/116)، وفتح الباري (2/291) وإرواء الغليل (2/75-80).
(3) 4/336).(1/30)
وسئل الدرقطني عن حديث رواه شريك بن عبد الله وحفص بن غِيَاث وغيرهما، عن أبي إسحاق سليمان بن أبي سليمان الشيباني … فقال في إجابته: "فأما شريك وحفص فزادا فيه زيادة حسنة أغربا بها على أصحاب الشيباني… وزيادتهما مقبولة لأنهما ثقتان"(1).
وقد يظن ظان أن هذا تناقض من الدارقطني، وليس كذلك، لأن شريكا القاضي إنما تكلم العلماء فيه من جهة حفظه بعد أن تولى القضاء(2) فلما نظر الدارقطني في حديثه الأول وجده قد انفرد به، وخالف حديثي ابن عمر وأبي هريرة، فترجح عنده سوء حفظه لهذا الحديث فقال فيه: "ليس بالقوي فيما يتفرد به".
وأما حديثه الثاني فقد وافق فيه الثقات، وزاد فيه زيادة تابعه عليها حفص بن غياث - وهو ثقة(3) - فترجح عند الدارقطني حفظه لهذا الحديث فوثقه(4).
وهذا المسلك قد يسلكه المتأخرون، مثل الحافظ ابن حجر وغيره في نقل كلام العلماء في بعض الرواة الذين ورد فيهم جرح وتعديل.
فإذا وقفوا على حديث من أحاديث أحدهم قد وافق فيه الثقات، أو جاء بخبر منكر نقلوا فيه ألفاظ التجريح.
ومن أمثلة ذلك: أن البخاري روى في صحيحه من طريق عبد الله ابن المثنى بن عبد الله بن أنس، عن ثمامة بن عبد الله، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سلَّم سلَّم ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا(5).
__________
(1) العلل: (2/225).
(2) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (4/333-337).
(3) ابن حجر: التقريب (1/189).
(4) انظر: التنكيل للمعلمي اليماني (1/362-364) فقد ذكر كلاما نفيسا في هذا المعنى. وذكر له أمثلة أخرى. وقد استفدت منه رحمه الله تعالى.
(5) 1/188 رقم 94، 95، 11/26 رقم 6244).(1/31)
فقال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث: "عبد الله ابن المثنى ممن تفرد البخاري بإخراج حديثه دون مسلم، وقد وثقه العجلي والترمذي، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: صالح. وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس بشئ. وقال النسائي: ليس بالقوي. قلت: لعله أراد في بعض حديثه, وقد تقرر أن البخاري حيث يخرج لبعض من فيه مقال لا يخرج شيئا مما أنكر عليه.
وقول ابن معين: ليس بشئ. أراد به في حديث بعينه سئل عنه، وقد قواه في رواية إسحاق بن منصور عنه.
وفي الجملة: فالرجل إذا ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح إلا إذا كان مفسرا بأمر قادح. وذلك غير موجود في عبد الله بن المثنى هذا، وقد قال ابن حبان - لما ذكره في الثقات -: ربما أخطأ.
والذي أُنكر عليه إنما هو من روايته عن غير عمه ثمامة، والبخاري إنما أخرج له عن عمه هذا الحديث وغيره: ولا شك أن الرجل أضبط لحديث آل بيته من غيره"(1).
مع أن الحافظ ابن حجر - رحمه الله - قال فيه في التقريب: "صدوق كثير الغلط"(2).
ولا تناقض - عند التأمل - بين موقفه السابق، وقوله في التقريب: "صدوق كثير الغلط"، فهذا حكم خاص فيه، يختص بمروياته في صحيح البخاري، لأنها منتقاة، ومحكوم لها بالصحة، وقد تابعه غيره على بعضها(3).
__________
(1) فتح الباري: (1/189).
(2) 1/445).
(3) انظر: هدي الساري (ص416).(1/32)
وأما رواية عبد الله بن المثنى خارج الصحيح فموقف ابن حجر معها يتمشى مع حكمه على عبد الله في التقريب؛ فقد ذكر في (الفتح) أيضا حديثه عن ثمامة، عن أنس، "أن النبي صلى الله عليه وسلم عقَّ عن نفسه بعد النبوة"(1). فحكم عليه بأنه لا يثبت ثم قال: "فلولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحا، لكن قد قال ابن معين: ليس بشئ. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو داود: لا أخرج حديثه. وقال الساجي: فيه ضعف، لم يكن من أهل الحديث، روى مناكير. وقال العقيلي: لا يتابع على أكثر حديثه. وقال ابن حبان في الثقات: ربما أخطأ.
ووثقه العجلي والترمذي وغيرهما. فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة.
وقد مشى الحافظ الضياء على ظاهر الإسناد فأخرج هذا الحديث في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين"(2).
ولا تناقض بين فحوى كلامه المتقدم، لما سبق من أن ذاك خاص بما في صحيح البخاري - وإن لم يصرح ابن حجر به - فصنيعه يدل على ذلك، وقد صرح بمثل هذا في ترجمة إسماعيل بن أبي أويس فقال - بعد أن ذكر أن البخاري انتقى من حديثه-: "وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنه كتب من أصوله. وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غيرما في الصحيح، من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلا أن يشاركه فيه غيره فيعتبر به" (3).
__________
(1) رواه الطبراني في المعجم الأوسط (1/529 رقم (998) من طريق عبد الله بن المثنى عن ثمامة به، وانظر تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم (ص 88)، وفتح الباري (9/595).
(2) فتح الباري: (9/595).
(3) هدي الساري: (ص 391).(1/33)
وهذا التصرف من الحافظ ابن حجر، وكذا غيره من الأئمة يدل على فقههم في الجرح والتعديل، وبعد نظرهم، ومراعاتهم لكل الاعتبارات المحيطة بالراوي والمروي على حد سواء. ومن لم يلتفت إلى هذه الاعتبارات فسيأتي بالعجائب؛ فيصحح ما أجمع الأئمة على تضعيفه، ويضعف ما أجمعوا على تصحيحه، كما لو أخذ شخص قول الحافظ ابن حجر في (التقريب) في عبد الله بن المثنى: "صدوق كثير الغلط" واعتمد عليه في نقد أحاديث عبد الله في صحيح البخاري فما ذا تكون النتيجة؟
وما ذا تكون النتيجة أيضاً لو أخذ آخر كلام الحافظ في (الفتح) في تقوية عبد الله واعتمد عليه في الحكم على جميع أحاديث عبد الله خارج الصحيح؟
وللحافظ ابن القيم كلام نفيس في هذا المعنى، أنقل منه ما يقتضيه المقام، فقال - رحمه الله -: "…طريقة أهل الحديث العالمين بعلله يصححون حديث الرجل، ثم يضعفونه بعينه في حديث آخر إذا انفرد أو خالف الثقات.
ومن تأمل هذا وتتبعه رأى منه الكثير، فإنهم يصححون حديثه لمتابعة غيره له، أو لأنه معروف الرواية، صحيح الحديث عن شيخ بعينه، ضعيفها في غيره.
وفي مثل هذا يعرض الغلط لطائفتين من الناس: طائفة تجد الرجل قد خُرِّج حديثه في الصحيح، وقد احتُجَّ به فيه، فحيث وجدوه في حديث قالوا: هذا على شرط الصحيح. وأصحاب الصحيح يكونون قد انتقوا حديثه، ورووا له ما تابعه فيه الثقات …
والطائفة الثانية: يرون الرجل قد تُكُلِّم فيه بسبب حديث رواه، وضُعِّف من أجله، فيجعلون هذا سبباً لتضعيف حديثه أين وجدوه…
والصواب: ما اعتمده أئمة الحديث ونقاده من تنقية حديث الرجل بأنه لا يتابَع عليه، ويحتج به في صحيحه، ولا تناقض منه في ذلك"(1).
رابعا: الحكم على الراوي بالنظر إلى أقرانه:
__________
(1) تهذيب مختصر سنن أبي داود (5/354-326)، ولابن القيم رحمه الله كلام نحو هذا، ذكره في كتاب الفروسية (ص 44-45).(1/34)
وهذا من أهم الاعتبارات عند الأئمة في إطلاق ألفاظ الجرح والتعديل، فقد يضعف أحدهم الراوي إما في حديثه عامة، أو في حديثه عن شيخ بعينه، ولا يريد بذلك التضعيف المطلق، وإنما ضعفه بالنسبة إلى أقرانه.
ومن أمثلة ذلك: تضعيف عبد ربه بن نافع الكناني فقد قال ابن حجر في ترجمته: "احتج الجماعة به سوى الترمذي، والظاهر أن تضعيف من ضعفه إنما هو بالنسبة إلى غيره من أقرانه كأبي عوانة وأنظاره"(1).
ومن ذلك أيضا كلام ابن معين في سفيان بن عيينة، وكلامه أيضا في عبد الرزاق، وعبيد الله بن موسى وغيرهما كما سيأتي في تراجمهم(2).
وقد نبه على هذا الاعتبار الحافظ ابن حجر(3) ، ومن بعده تلميذه السخاوي، فقال في (فتح المغيث): "ومما ينبه عليه أنه ينبغي أن يُتَأمل أقوال المزكين ومخارجها، فقد يقولون فلان ثقة، أو ضعيف ولا يريدون به أنه ممن يحتج بحديثه ولا ممن يرد، وإنما ذلك بالنسبة لمن قُرن معه، على وفق ما وُجِّه إلى القائل من السؤال، كأن يُسأل عن الفاضل المتوسط في حديثه، ويقرن بالضعفاء، فيقال: ما تقول في فلان وفلان وفلان؟ فيقول: فلان ثقة. يريدون أنه ليس من نمط من قرن به. فإذا سئل عنه بمفرده بيّن حاله في التوسط"(4).
وقد ساق ابن حجر لذلك أمثلة فقال: "فمن ذلك … أن أبا حاتم قيل له: أيهما أحب إليك يونس أو عُقيل فقال: عُقيل لا بأس به. وهو يريد تفضيله على يونس.
وسئل يونس عن عُقيل وزمعة بن صالح، فقال: عُقيل ثقة متقن. وهذا حكم على اختلاف السؤال "(5).
ومثّل السخاوي - أيضاً - بقول عثمان الدارمي: "سألت ابن معين عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه كيف حديثهما؟ فقال: ليس به بأس.
__________
(1) هدي الساري: (ص 417).
(2) ص 83- 85، 84- 167).
(3) لسان الميزان: (1/17).
(4) ص 376-377).
(5) لسان الميزان: (1/17) وقول أبي حاتم الأول في الجرح والتعديل (7/43). وقوله الثاني لم أقف عليه في الجرح والتعديل ولا في تهذيب التهذيب في ترجمة زمعة وعقيل.(1/35)
قلت: هو أحب إليك أو سعيد المقبري؟ فقال: سعيد أوثق والعلاء ضعيف"(1).
قال السخاوي: "فهذا لم يُرد به ابن معين أن العلاء ضعيف مطلقاً، بدليل قوله: إنه لابأس به. وإنما أراد أنه ضعيف بالنسبة لسعيد المقبري"(2).
وقد سبقه إلى التنبيه على ذلك شيخه ابن حجر فقال في (التهذيب): "يعني بالنسبة إليه. كأنه لما قال: أوثق. خشي أنه يُظن أنه يشاركه في هذه الصفة، فقال: إنه ضعيف"(3).
والأمثلة من هذا النوع كثيرة، يأتي التنبيه على بعضها في ثنايا البحث إنشاء الله تعالى.
"وعلى هذا يحمل أكثر ما ورد من اختلاف كلام أئمة أهل الجرح والتعديل ممن وثق رجلاً في وقت وجرحه في وقت آخر… فيتعين لهذا حكاية أقوال أهل الجرح والتعديل بنصها ليتبين منها ما لعله يخفى على كثير من الناس" قاله ابن حجر(4).
ومما ينبغي التنبيه عليه أيضاً: أن بعض الأئمة قد يغمزون الراوي بكونه أخطأ أو وَهِم، ونحو ذلك من العبارات، ولا يقصدون بذلك الخدش في ضبطه، ولا تفضيل غيره عليه، وإنما يقولون ذلك لبيان أنه لا يسلم من الخطأ أحد من الحفاظ، مهما علت منزلته.
وهذه الأقوال الصادرة منهم أمثلة تطبيقية لهذه الحقيقة التي سبق الكلام عليها (5).
وقد عقد الحافظ ابن حجر فصلا في مقدمة اللسان، أورد تحته قول ابن المبارك: "من ذا سلم من الوهم" وقول ابن معين: "لست أعجب ممن يحدث فيخطيء وإنما أعجب ممن يحدث فيصيب" ثم عقب الحافظ على ذلك بقوله: وهذا أيضاً مما ينبغي أن يتوقف فيه، فإذا جرّح الرجل بكونه أخطأ في حديث، أو وهم، أو تفرد، لايكون ذلك جرحاً مستقرا، ولا يُرد به حديثه، ومثل هذا إذا ضُعِّف الرجل في سماعه من بعض شيوخه خاصة، فلا ينبغي أن يرد حديثه كله لكونه ضعيفاً في ذلك الشيخ"(6).
__________
(1) تاريخه عن ابن معين: (رقم 623، 624).
(2) فتح المغيث (ص 377).
(3) 8/187).
(4) لسان الميزان: (1/17).
(5) ص 40- 41).
(6) 1/17-18).(1/36)
وهنا يطرح سؤال، وهو: إذا كان هذا التوثيق والتضعييف النسبيان ليس لهما أثر كبير في تغيير الحكم على الراوي، فلا يصير الراوي بالتضعيف النسبي ضعيفاً، ولا بالتوثيق النسبي ثقة، فلماذا يتناقله أئمة الجرح والتعديل، ويوردونه في كتبهم؟
ويجاب على ذلك: بأن التوثيق والتضعيف النسبيين من علوم الحديث المهمة، بل هو من أجلها، كما أشار إلى ذلك ابن دقيق العيد فيما تقدم (1).
ولا تقتصر أهميته على المفاضلة بين الرواة، بل يتعدى أثره إلى الترجيح بين الروايات المختلفة وهو الثمرة المستفادة من حكاية أقوال الأئمة في هذا الباب.
وقد أشار إلى ذلك الحافظ الذهبي فقال: "…فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم، أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم فزن الأشياء بالعدل والورع"(2).
__________
(1) ص 10).
(2) الميزان: (3/141)، وانظر مقدمة صحيح مسلم: (1/6).(1/37)
الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم
صالح بن حامد الرفاعي
الباب الأول: الثِقَات الّذينَ ضُعِّفُوا في بَعْض شيوخهمْ بِمَا لا يَقْدح فيهِم
وفيه ثلاثة فصول:
الأول: من خُرِّج لهم في الصحيحين أو أحدهما عمن ضُعِّفوا فيهم.
الثاني: من خُرِّج لهم في الصحيحين أو أحدهما عن غير من ضُعِّفوا فيهم.
الثالث: من لم يُخَرَّج لهم في الصحيحين أو أحدهما.
الفصل الأول: الثقَات الذين خُرِّج لهم في الصحيحين أو أحدهما عمن ضعفوا فيهم.
وفيه ستة مباحث:
الأول: في من تُكلِّم في روايتهم عن ابن شهاب الزهري.
الثاني: في من تُكلِّم في روايتهم عن سفيان الثوري.
الثالث: في من تُكلِّم في روايتهم عن قتادة السدوسي.
الرابع: في من تُكلِّم في روايتهم عن ابن جريج المكي.
الخامس: في من تُكلِّم في روايتهم عن شعبة بن الحجاج.
السادس: في من تُكلِّم في روايتهم عن شيوخ آخرين.
أفردت هذا الباب لتراجم الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم بما لا يقدح فيهم.
وأعني بذلك: أن ما ورد فيهم من جرح لا يقدح فيهم بحيث يترتب عليه ردّ أحاديثهم عن أولئك الشيوخ الذين ضعّفوا فيهم.
وتختلف الأسباب التي تجعل ذلك الجرح غير قادح، فمنها ما ينفي الجرح عن المجروح مطلقا، مثل:
1- عدم ثبوت الجرح عن قائله.
2- قلّة خبرة الجارح بالمجروح.
3- كون الجرح من النوع الذي لا يقدح.
4- تجريح الراوي بأمر الحمل فيه على ثبوت ما يعارضه.
ومنها ما ينفي الجرح الذي ترد به الرواية، كتضعيف الراوي بالنسبة إلى من هو أوثق منه، أو تضعيفه بسبب بعض الأخطاء التي لا تقدح في ضبطه، ونحو ذلك.
والتراجم الآتية في هذا الباب نماذج تطبيقية لهذه الأمثلة المتقدمة.
المبحث الأول: فيمن تُكُلِّم في حديثه عن الزهري.
وفيه ستة مطالب.
الأول: في ترجمة إبراهيم بن سعد الزهري.
الثاني: في ترجمة سفيان بن عيينة.
الثالث: في ترجمة أبي عمرو الأوزاعي.
الرابع: في ترجمة عبد الرحمن بن نَمِر.(2/1)
الخامس: في ترجمة عبد الملك بن جُريج.
السادس: في ترجمة الليث بن سعد.
1- إبراهيم بن سعد(1)
"إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو إسحاق المدني، نزيل بغداد، ثقة حجة، تُكُلِّم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين/ع" (2).
تُكُلِّم في حديثه عن الزهري:
فقال الحافظ صالح بن محمد جَزَرَة: "إبراهيم بن سعد سماعه من الزهري ليس بذاك لأنه كان صغيرا حين سمع من الزهري"(3).
وهذا القول تفرد به صالح جزرة، وخالفه عدد من الأئمة؛ فقد وثق يحيى بن معين إبراهيم بن سعد في الزهري، وجعله في مرتبة الليث بن سعد(4).
وسئل ابن معين: "أيهما أحب إليك في الزهري إبراهيم بن سعد أو ابن أبي ذئب؟ فقال: إبراهيم أحب إلي من ابن أبي ذئب في الزهري، ابن أبي ذئب يقولون: لم يصحح عن الزهري شيئاً"(5).
وقال عباس الدوري: "سمعت يحيى يقول في حديث جمع القرآن: ليس أحد حدث به أحسن من إبراهيم بن سعد، وقد حدث مالك منه بطرف"(6).
وحديث جمع القرآن رواه البخاري في صحيحه من طريق موسى بن إسماعيل "عن إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال…" فذكر قصة جمعه للقرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه(7).
وقال الإمام أحمد: "عُقيل و إبراهيم بن سعد عن الزهري أقل خطأ من يونس"(8).
وقد احتج البخاري ومسلم بحديث إبراهيم بن سعد عن الزهري في صحيحيهما(9)
__________
(1) مصادر ترجمته تأتي في (ص 400).
(2) ابن حجر: التقريب (1/35).
(3) الخطيب: التاريخ (6/82).
(4) الدارمي: تاريخه عن ابن معين (رقم 7).
(5) الخطيب: التاريخ (6/82).
(6) ابن معين: التاريخ (3/204).
(7) 9/10حديث رقم 4986).
(8) ابن رجب: شرح العلل (2/483).
(9) الذهبي: الثقات المتكلم فيهم بما لايوجب ردهم (ق 3).
ومن أحاديث إبراهيم بن سعد عن الزهري التي اتفق عليها البخاري ومسلم: انظر تحفةالأشراف (9/332، 10/6، 216، 12/26، 284، 417).
ومما انفرد به البخاري: (5/365، 9/326، 10/6، 7، 217، 12/26).
ومما انفرد به مسلم: (1/375، 10/6، 12/418).(2/2)
وهما مَنْ هما في التحري ومعرفة أحوال الرجال.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: "إبراهيم بن سعد صحيح الرواية عن الزهري"(1).
وقال ابن عدي: "وقول من تكلم في إبراهيم بن سعد ممن ذكرناه بمقدار ما تكلم فيه تحامل عليه فيما قاله فيه. وإبراهيم بن سعد من ثقات المسلمين، حدث عنه جماعة من الأئمة ممن هم أكبر سناً منه، وأقدم موتاً منه…ولإبراهيم بن سعد أحاديث صالحة مستقيمة عن الزهري وعن غيره، ولم يتخلف أحد عن الكتابة عنه بالكوفة والبصرة وبغداد، وهو من ثقات المسلمين "(2).
فهذه شهادات الأئمة في توثيق إبراهيم بن سعد في الزهري تردّ ما قاله الحافظ صالح بن محمد جَزَرة - رحمه الله.
وإبراهيم بن سعد ولد سنة ثمان ومائة(3)،وتوفي الزهري سنة أربع وعشرين ومائة(4)، و إبراهيم بن سعد ابن ست عشرة سنة.
وقد عُني الزهري بإبراهيم بن سعد عناية خاصة، لمكانة أبيه سعد بن إبراهيم عند الزهري، فقد كان الزهري يجلّ سعداً ويحترمه، قال سفيان بن عيينة: "كنت عند ابن شهاب، فجاء إبراهيم بن سعد فرفعه وأكرمه، ثم أقبل على القوم فقال: "إن سعدا وصاني بابنه وسعد سعد"(5).
__________
(1) ابن رجب: شرح العلل (2/481-483).
(2) الكامل: (1/248-249).
(3) ابن سعد: الطبقات (ص 457 من القسم المتمم لتابعي أهل المدينة).
(4) المصدر السابق (ص185).
(5) ابن عدي: الكامل (1/246-247)وفيه (وسعد يسعد والصواب ما أثبته، كما يدل عليه النص الآتي.(2/3)
وقال ابن عيينة أيضاً: "كنت عند الزهري يوماً وأتاه ابن جريج فقال له: يا أبابكر، إني أريد أن أعرض عليك كتابا. فقال الزهري إن سعدا قد كلمني في ابنيه، وهو سعد - وربما قال سفيان: وسعد سعد - فلما خرجت من عند الزهري، قال ابن جريج: أما رأيته يَفْرَق من سعد؟!". قال سفيان: "فلما لقيت إبراهيم بن سعد قلت له: رأيتك وأخا لك عند الزهري، وأخبرته بكلام الزهري لابن جريج. فقال: مات أخي ذاك الذي كان معي"(1).
فهذه العناية من الزهري بإبراهيم بن سعد لا تدل على استعداده للتحمل والضبط فحسب بل تقتضي تقديمه في الزهري على كثير من تلاميذ الزهري، كما صرح بذلك ابن معين فيما تقدم.
كلام الذهبي في رواية إبراهيم بن سعد عن الزهري:
وقد ذكر الذهبي في رواية إبراهيم بن سعد عن الزهري عدة عبارات، فقال في (تذهيب تهذيب الكمال): "غيره في الزهري أثبت منه، سمع منه وهو صغير"(2).
وقال في كتابه "من تكلم فيه وهو موثوق": "ثقة، سمع من الزهري والكبار، ينفرد بأحاديث تحتمل له، ولكن ليس هو في الزهري بذاك الثبت، وأشار يحيى القطان إلى لينه"(3).
وقال في الميزان: "إبراهيم بن سعد ثقة بلا ثُنيا، قد روى عنه شعبة مع تقدمه وجلالته…"(4).
وقال في كتابه الآخر (الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم): "اتفق أرباب الصحاح على الاحتجاج بإبراهيم بن سعد مطلقا، مع أنه ليس في الزهري كمالك ولا كابن عيينة"(5).
__________
(1) الفسوي: المعرفة والتاريخ (1/681) وفيه (وسعد بن سعد). والصواب ما أثبته كما في تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/533) وغيره. والفرق - بالتحريك: الخوف. ذكره الجوهري في الصحاح (4/1541).
(2) 1/1/35/ب).
(3) ق 2).
(4) 1/34) و (الثنيا) بالضم: الاسم من الاستثناء. كما في الصحاح للجوهري (6/2294).
(5) ق 3).(2/4)
فهذه الأقوال - كما ترى - فيها شيء من التضارب، والظاهر أن الذهبي قد أخذ بقول صالح جزرة في أول الأمر، ثم أخذ يتخلى عن هذا القول شيئاً فشيئاً، إلى أن جزم بتوثيق إبراهيم توثيقا مطلقاً، مع اعترافه بأنه ليس في الزهري كمالك ولا كابن عيينة.
وعلى كل حال لا بد من مناقشة بعض هذه الأقوال؛ فقوله في التهذيب: "غيره في الزهري أثبت منه"، وكذا قوله "ليس هو في الزهري بذاك الثبت". يرده ما تقدم من توثيق ابن معين له في الزهري وتقديمه على ابن أبي ذئب، وكذا قول الإمام أحمد بأنه أقل خطأ عن الزهري من يونس. مع أن يونس من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري(1).
وقوله: "أشار يحيى القطان إلى لينه". هذه الإشارة من يحيى القطان قد ردها الإمام أحمد فيما رواه ابنه عبد الله قال: "حدثني أبي، قال: ذكرنا عند يحيى بن سعيد حديثا من حديث عُقيل، فقال يحيى: يا أبا عبد الله، عقيل وإبراهيم بن سعد! عقيل وإبراهيم بن سعد!. كأنه يضعفهما. قال أبي: وأي شيئ ينفعه من ذا، هؤلاء ثقات لم يخبرهما يحيى"(2).
وقد اعتمد ابن حجر على قول الإمام أحمد في رد قول يحيى القطان، حيث ذكر إبراهيم بن سعد في (مقدمة الفتح) فيمن ضعف بأمر مردود، فقال: "إبراهيم بن سعد، قال أحمد لم يخبره يحيى القطان"(3).
وقول الذهبي: "مع أنه ليس في الزهري كمالك ولا كابن عيينة" حق لا شك فيه، لكن هذا لا يحط من شأن إبراهيم ولا يقدح في روايته عن الزهري.
وقد ساق ابن عدي - في ترجمة إبراهيم - ثلاثة أحاديث، من روايته عن الزهري، خولف إبراهيم في أسانيدها؛ منها: حديثه عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن مروان بن الحكم، عن عبد الله بن الأسود بن عبد يغوث، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشعر حكمة"(4).
__________
(1) الحازمي: شروط الأئمة الخمسة (ص 49).
(2) العلل ومعرفة الرجال: (1/49).
(3) ص 460).
(4) رواه الإمام أحمد في المسند (5/125) بهذا الإسناد.(2/5)
قال ابن عدي: "هذا الحديث قال فيه أصحاب الزهري: عن عبد الرحمن بن الأسود. وخالفهم إبراهيم فقال: عن عبد الله بن الأسود"(1).
وقال يحيى بن معين: "حدثنا يزيد بن هارون ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وأبو كامل، كلهم عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عبد الله بن الأسود. إلا أن يونس ومعمرا والناس أجمعين قالوا: عن الزهري، عن عبد الرحمن بن الأسود. وهو الصواب، ولكن إبراهيم بن سعد قال -كذا-: عبد الله بن الأسود"(2).
وقال أبو زرعة الرازي: "لايقول بهذا الإسناد عن عبد الله بن الأسود إلا إبراهيم بن سعد"(3).وكذا قال عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند(4).
وهذا الحديث مروي عن إبراهيم بن سعد على ثلاثة أوجه:
الأول: قال فيه إبراهيم: "عن عبد الله بن الأسود" كما تقدم.
الثاني: قال فيه: "عن ابن الأسود"(5).
الثالث: قال فيه: "عن عبد الرحمن بن الأسود" فوافق أصحاب الزهري. وقد روى هذا الوجه عنه أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلي(6)، وأبو عمر حفص بن عمر الحوضي وعبد العزيز بن أبي سلمة العمري(7).
فدل ذلك على اضطراب إبراهيم بن سعد في اسم ابن الأسود.
ومن الأحاديث التي ساقها ابن عدي: حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: "كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، وهو الفرق"(8).
__________
(1) الكامل: (1/248).
(2) التاريخ: (3/245).
(3) ابن عدي: الكامل (1/248).
(4) 5/125).
(5) رواه الإمام أحمد في المسند (5/125) من طريق يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد… به.
(6) رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/126).
(7) المزي: تحفة الأشراف(1/31).
(8) الفَرَق: مكيال يسع ستة عشر رطلا، وهي اثنا عشر مدا. ذكره ابن الأثير في النهاية (3/437).(2/6)
قال ابن عدي: "وهذا الحديث يرويه أيضا إبراهيم بن سعد عن الزهري، عن القاسم، عن عائشة(1). وأصحاب الزهري خالفوه فرووه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة(2) (3)".
وسئل أبو زرعة عن هذا الحديث فقال: "الحديث عندي حديث عروة"(4).
وهذا الحديث قد رواه البخاري ومسلم من طريق القعنبي، عن أفلح ابن حميد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة(5).
ورواه البخاري من طريق شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن عروة. وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه. كلاهما عن عائشة(6).
وقد روى البخاري ومسلم عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن القاسم، عن عائشة غير هذا الحديث(7).
فيحتمل أن يكون الزهري قد سمع هذا الحديث من القاسم أيضاً كما قال الحافظ ابن حجر(8).
والخلاصة:
أن إبراهيم بن سعد ثقة حجة مطلقاً، كما قال ابن حجر. وما ذكره الحافظ صالح بن محمد جزرة قد قال عدد من الأئمة بخلافه، فلا يضر إبراهيم. وهو دون مالك وابن عيينة في الزهري، كما قال الذهبي لكن هذا لايحط من شأن إبراهيم ولا يقدح في روايته عن الزهري.
2- سفيان بن عيينة(9)
"سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي، ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخرة، وكان ربما دلس، لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، كان أثبت الناس في عمروبن دينار، مات في رجب سنة ثمان وتسعين، وله إحدى وتسعون سنة /ع"(10).
تُكُلِّم في حديثه عن الزهري وأيوب السختياني:
__________
(1) رواه النسائي في المجتبى (1/201) من طريق إبراهيم.
(2) رواه البخاري (1/363) رقم (250) ومسلم رقم (319).
(3) الكامل: (1/247).
(4) ابن أبي حاتم: العلل (1/61).
(5) البخاري (1/373 رقم 261). ومسلم رقم (321).
(6) 1/374 رقم 263).
(7) انظر: تحفة الأشراف للمزي (12/284).
(8) فتح الباري: (1/363).
(9) مصادر ترجمته: (ص 401).
(10) ابن حجر: التقريب (1/312).(2/7)
فأما حديثه عن الزهري فتكلم فيه الجوزجاني، فقال: "سفيان بن عيينة كان غلاما صغيرا حين قدم عليهم الزهري، وإنما أقام – يعني الزهري - تلك الأيام مع بعض ملوك بني أمية بمكة(1). أياما يسيرة، وفي حديثه - يعني ابن عيينة - عن الزهري اضطراب شديد"(2).
وكلام الجوزجاني يتضمن ثلاثة أمور:
1- أن سفيان بن عيينة كان غلاما صغيرا حين قدم عليهم الزهري.
2- أن الزهري إنما أقام أياما يسيرة بمكة.
3- أن في حديث ابن عيينة عن الزهري اضطرابا شديدا.
فأما الأمر الأول: وهو سن ابن عيينة حين سمع من الزهري، فقد أجاب عنه ابن عيينة نفسه، فقال: "جالست ابن شهاب وأنا ابن ست عشرة وثلاثة أشهر"(3).
وقال وكيع بن الجراح: "سمع سفيان من الزهري وهو ابن ست عشرة سنة" (4).
وقال ابن عيينة: "أتيت الزهري وهو عند سارية عند باب الصفا، فجلست بين يديه، فقال: يا بني، قرأت القرآن؟ قلت: بلى. قال: تعلمت الفرائض ؟ قلت: بلى. قال: كتبت الحديث؟ قلت: بلى…"(5).
وقال الإمام أحمد الشافعي: "سمعت الزنجي مسلم بن خالد يقول: أنا سمعت هذه الأحاديث من الزهري بعقل ابن عيينة لا بعقلي، وذاك أني كنت أجلس إلى الزهري، فيقول: ما اسم هذا الجبل؟ ما اسم هذا الشعب؟ - قال - وجاء سفيان فسأله عن هذه الأحاديث، فسمعتها بعقله لا بعقلي"(6).
__________
(1) حج الزهري سنة ثلاث وعشرين ومائة مع يزيد بن هشام بن عبد الملك. كما في تاريخ خليفة بن خياط (ص 354)
(2) ابن رجب: شرح العلل (2/482).
(3) ابن أبي حاتم: تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل (ص 34).
(4) ابن عدي: الكامل (1/108).
(5) الذهبي: السير (5/346).
(6) ابن أبي حاتم: تقدمة المعرفة (ص 32)، وفي هذا ثناء من مسلم بن خالد على ابن عيينة، لأنه كان سببا في سماع مسلم بن خالد الحديث من الزهري، ويدل أيضا على جرأة ابن عيينة وحرصه في طلب العلم.(2/8)
فشاب - مثل ابن عيينة في ذكائه وقوة حفظه، وشدة حرصه على طلب العلم، وجرأته في ذلك - قد جاوز السادسة عشرة، وحفظ القرآن، وتعلم الفرائض، كيف لا يكون أهلا لسماع الحديث وحفظه وإتقانه؟!
فإن قيل قال الزهري في ابن عيينة: "ما رأيت طالبا للعلم أصغر منه"(1).
وقال عثمان الدارمي ليحيى بن معين: "إن بعض الناس يقولون: سفيان بن عيينة أثبت الناس في الزهري. فقال: إنما يقول ذاك من سمع منه. وأي شئ كان سفيان؟! إنما كان غليّما أيام الزهري"(2).
وروى الخطيب عن سفيان بن عيينة أنه قال: "لو رأيتني ولي عشر سنين …أختلف إلى علماء الأمصار، مثل الزهري وعمروبن دينار…"(3).
فهذه الأقوال تؤيد قول الجوزجاني. ويجاب عنها بما يلي:
أولا: قول الزهري: "ما رأيت طالبا للعلم أصغر منه" فيه نظر، وذلك أن إبراهيم بن سعد كان من تلاميذ الزهري، وكان أصغر من سفيان بن عيينة بسنة(4). والذي حمل الزهري على ما قال هو: أن سفيان ابن عيينة جاءه وله ذؤابة(5)، وفي أذنه قُرط(6)، فرآه الزهري فظن أنه صغير السن فقال: "ما رأيت طالب علم أصغر من هذا"(7).
ويدل على هذا أيضا ما ذكره وكيع، قال: "سمع سفيان من الزهري وهو ابن ست عشرة سنة، وكان الزهري يجلسه على فخذه، ويحدثه استظرافا له"(8). فهذا يدل على صغر جسمه لا على صغر سنه.
ثانيا: وأما قول ابن معين: "وأي شئ كان سفيان؟! إنما كان غليّما أيام الزهري". فقد قاله ردا على من قال: إن ابن عيينة أثبت الناس في الزهري. وليس مراد ابن معين الطعن في سماع سفيان من الزهري.
__________
(1) أبو زرعة الدمشقي: التاريخ (1/535، 568).
(2) تاريخه عن ابن معين: (رقم 4، 372).
(3) الخطيب: الكفاية (112).
(4) ولد إبراهيم سنة (108هـ) كما تقدم (ص 49).
(5) الذؤابة: الشعر المضفور من شعر الرأس، انظر لسان العرب (1/379).
(6) القُرط: نوع من الحلى يعلق في شحمة الأذن. كما في لسان العرب (7/374).
(7) الخطيب: الكفاية (ص 112).
(8) ابن عدي: الكامل (2/108).(2/9)
ومما يدل على ذلك، ما رواه ابن أبي خيثمة، عن ابن معين أنه قال: "ما أحد أحب إليّ من سفيان ويونس ومعمر وعُقيل - يعني في الزهري - وقد كان يونس وعُقيل عالِمَين به"(1).
وروى الدوري عنه أنه قال: "أثبت الناس في الزهري مالك بن أنس ومعمر ويونس وعُقيل وشعيب بن أبي حمزة وسفيان بن عيينة"(2).
وقال إبراهيم بن الجنيد: "سئل ابن معين - وأنا أسمع - مَن أثبت من روى عن الزهري؟ فقال: مالك بن أنس، ثم معمر، ثم عُقيل، ثم يونس، ثم شعيب، والأوزاعي والزّبيدي وسفيان بن عيينة، وكل هؤلاء ثقات. قلت ليحيى: أيما أثبت سفيان أو الأوزاعي؟ فقال: سفيان ليس به بأس والأوزاعي أثبت منه، والزّبيدي أثبت منه يعني من سفيان بن عيينة…"(3).
فهذا يبين أن ابن معين لا يقصد من قوله الأول الطعن في سماع سفيان من الزهري، وإنما مقصوده أن ابن عيينة - وإن كان ثبتا في الزهري - إلا أن هناك من هو أثبت منه.
وهذا له نظائر في كلام ابن معين، يُسأل عن الرجل منفردا فيوثقه، ويُسأل عنه مقروناً بغيره فيتكلم فيه(4).
ومن أمثلة ذلك: ما ذكره أبو علي الحسين بن فَهُم قال: "سمعت ابن معين في جنازة عليّ بن الجعد يقول: ما روى عن شعبة - أراه يعني من البغداديين - أثبت من هذا يعني عليّ بن الجَعْد. فقال له رجل: ولا أبو النضر(5)؟ قال: ولا أبو النضر. فقال له: ولا شبابة؟ فقال: خرّب الله بيت أمه إن كان مثل شبابة. قال أبو علي: فعجبنا منه …"(6).
__________
(1) ابن رجب: شرح العلل (2/481).
(2) تاريخ ابن معين: (3/116).
(3) سؤلات ابن الجنيد: (ق 62/ب).
(4) انظر: التنكيل للمعلمي اليماني (1/65).
(5) هاشم بن القاسم البغدادي، ثقة ثبت. كما في التقريب (2/314).
(6) الخطيب: التاريخ (11/365).(2/10)
فكلام ابن معين هذا يُفهم منه تضعيف شبابة - وهو ابن سوّار - في روايته عن شعبة، وليس الأمر كذلك، وإنما المراد: أن عليّ بن الجعد أثبت البغداديين في شعبة، وشبابة بن سوّار وإن كان ثقة في شعبة، إلا أنه ليس مثل عليّ بن الجعد. ومما يدل على ذلك: أن عثمان الدارمي سأل ابن معين عن أصحاب شعبة فذكر فيهم شبابة بن سوّار، فقال ابن معين: "ثقة"(1).
ثالثا: وأما قول ابن عيينة: "لو رأيتني ولي عشر سنين.." فلا يصح عنه(2)، وقد أشار الذهبي إلى ذلك فقال: "في صحة هذا نظر، وإنما سمع من المذكورين وهو ابن خمس عشرة سنة أو أكثر"(3).
ومما يدل على ضعفه أيضا: "ما رواه ابن سعد عن سفيان قال: "أول من جالست من الناس عبد الكريم أبو أمية، جالسته وأنا ابن خمس عشرة سنة"(4).
وأما الأمر الثاني: وهو أن الزهري إنما أقام بمكة أياما يسيرة، فيجاب عنه: بأن الزهري قدم مكة للحج في ذي القعدة(5) سنة ثلاث وعشرين ومائة(6)، فأقام بها إلى هلال المحرم سنة أربع وعشرين ومائة(7)، ثم خرج إلى الشام(8).
فكانت مدة إقامته بمكة أكثر من ثلاثين يوما، وهي مدة كافية لتمكين ابن عيينة من السماع منه. وقد كان المحدثون يرحلون في طلب الحديث إلى الآفاق ويدورون على المشايخ فيمكثون عند بعضهم أقل من هذه المدة فيتقنون ما سمعوه منهم.
__________
(1) تاريخه عن ابن معين: (رقم 108).
(2) في إسناده عبدالله بن موسى السَّلامى الأخباري، قال الخطيب في تاريخه (10/149): (في رواياته غرائب ومناكير وعجائب). وقال الذهبي في الميزان (2/509): (حدث بنيسابور عن يحيى بن صاعد وطبقته بمناكير وأوابد). وسياق الحكاية التي رواها عن ابن عيينة يدل على أنها موضوعة عليه.
(3) السير: (5/497).
(4) الطبقات: (8/459).
(5) البخاري: التاريخ الكبير (4/94) والصغير (2/283).
(6) ابن سعد: الطبقات الكبرى (5/497).
(7) الذهبي: السير (5/332).
(8) ابن حبان: الثقات (6/403).(2/11)
وقد ذكر الإمام أحمد أن أحاديث ابن عيينة عن الزهري نحو الثلاث مائة(1) حديث. فيكون متوسط ما سمعه ابن عيينة من الزهري في اليوم الواحد أقل من عشرة أحاديث. وهذا عدد قليل لا يستغرب حفظه وإتقانه من ابن عيينة، الذي شهد له أقرانه ومَن هم في طبقة شيوخه بقوة الحفظ؛ فمن ذلك:
ما رواه يعقوب الفسوي عن ابن عيينة قال: "لما خرجنا من عند الزهري جلس أيوب السختياني وإسماعيل بن أمية وإسماعيل بن مسلم وأشعث بن سوّار الهذلي في غيره من الفقهاء فقالوا: تعالو نتذاكر ما سمعنا من الزهري. فجلسوا وجلست معهم… ثم تذاكروا ما سمعوه، فذكروا هذا الحديث: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون"(2).فقال بعضهم: هو عن أبي سلمة. وقال بعضهم: هو عن سليمان بن يسار. فلما أكثروا قلت - وأنا صغير -: هو عن كلاهما. فضجوا من لحني. ثم قال إسماعيل: هو كما قال، الصغير أحفظكم، هو عن كلاهما"(3).
وهذا يدل على قوة حفظ ابن عيينة وإتقانه، حيث حفظ - مع صغر سنه - ما لم يحفظه كبار الحفاظ مثل أيوب السختياني وغيره.
وأما الأمر الثالث: وهو قول الجوزجاني في ابن عيينة: "في حديثه عن الزهري اضطراب شديد". فقد انفرد الجوزجاني بهذا القول ولم أجد من تابعه عليه، بل وجدت ما يخالفه.
فقد قال يحيى بن إسماعيل الواسطي: "سمعت يحيى بن سعيد القطان - وذكر يوما أصحاب الزهري - فبدأ بمالك في أولهم، ثم ثنى بسفيان بن عيينة، ثم ثلث بعمر، وذكر يونس بعده"(4).
__________
(1) العلل: (1/370).
(2) رواه البخاري (10/354 رقم (5899)، ومسلم (رقم 2103)، كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة وسليمان بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعا.
(3) المعرفة والتاريخ: (2/718)، قال محققه الدكتور أكرم العمري: (هكذا في الأصل (كلاهما) والصواب: كليهما ولم يصحح إسماعيل لحن سفيان رغم تفطنه لذلك، لأنه أعاد عبارة سفيان).
(4) ابن رجب: شرح العلل (2/479).(2/12)
وقال علي المديني: "سمعت يحيى بن سعيد يقول: ابن عيينة أحب إليّ في الزهري من معمر"(1).
وقد تقدم توثيق ابن معين لابن عيينة في الزهري (2).
وقال يعقوب بن شيبة: "قلت لعليّ بن المديني: من تقدم في الزهري؟ قال: أما أنا فإني أقدم سفيان بن عيينة. ثم قال عليّ الذي سمع سماعا لا يُشَكّ فيه، ولم يتكلم فيه أحد ولم يطعن فيه طاعن: زياد بن سعد وسفيان بن عيينة"(3).
وقال علي بن المديني أيضا: "أثبت الناس في الزهري سفيان بن عيينة وزياد بن سعد، ثم مالك ومعمر…"(4).
وقال أيضا: "ما في أصحاب الزهري أتقن من ابن عيينة"(5).
وذكر الإمام أحمد أصحاب الزهري فقال: "أثبتهم مالك ثم ابن عيينة"(6).
وقال: أبو حاتم الرازي: "أثبت أصحاب الزهري مالك وابن عيينة، وكان ابن عيينة أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة، وكان ابن عيينة إماما ثقة"(7).
فهؤلاء الأئمة: يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين وابن المديني وأحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي كلهم أجمعوا على توثيق ابن عيينة في الزهري، ولم يختلفوا في ذلك، وإنما اختلفوا في كونه أثبت الناس في الزهري. وهو على كل حال من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، كما نص على ذلك الحازمي(8) وابن رجب(9).
فبذلك يعلم أن قول الجوزجاني: "في حديثه اضطراب شديد" شاذ لا يلتفت إليه.
__________
(1) ابن أبي حاتم: تقدمة المعرفة (ص 51)، والجرح والتعديل (4/227).
(2) ص 83-84).
(3) الخطيب: التاريخ (9/178).
(4) الفسوي: المعرفة والتاريخ (2/138).
(5) ابن أبي حاتم: تقدمة المعرفة (ص 52).
(6) العلل: (1/370)
(7) ابن أبي حاتم: تقدمة المعرفة (ص 52)، والجرح والتعديل (4/227).
(8) شروط الأئمة الخمسة: (ص 49).
(9) شرح العلل: (1/399).(2/13)
فإن قيل: روى عبد الله بن أحمد عن أبيه أنه قال: "كنت أنا وعليّ بن المديني، فذكرنا أثبت من يروى عن الزهري، فقال عليّ: سفيان بن عيينة. وقلت أنا: مالك بن أنس. وقلت: مالك أقل خطأ عن الزهري، وابن عيينة يخطئ في نحو من عشرين حديثا عن الزهري، في حديث كذا، وحديث كذا، فذكرت منها ثمانية عشر حديثا. وقلت: هات ما أخطأ فيه مالك؟ فجاء بحديثين أوثلاثة. فرجعت، فنظرت فيما أخطأ فيه ابن عيينة، فإذا هي أكثر من عشرين حديثا"(1).
فهذا يؤيد قول الجوزجاني.
ويجاب على ذلك: بأن هذا لا يؤثِّر في توثيق ابن عيينة في الزهري، وغاية ما فيه أن الإمام أحمد ومالكا أثبت في الزهري من ابن عيينة. وقد نص على ذلك الإمام أحمد أحمد فقال: "أثبتهم مالك ثم ابن عيينة". كما تقدم.
وأما حديث ابن عيينة عن أيوب السختياني: فقد تكلم فيه سليمان بن حرب، فقال: "إن ابن عيينة أخطأ في عامة حديثه عن أيوب"(2).
وهذا القول في حديث ابن عيينة عن أيوب تفرد به سليمان بن حرب، وهو من المتشددين، قال فيه أبو حاتم الرازي: "قلّ من يرضى من المشايخ" (3).
وابن عيينة كان جيد الأخذ عن أيوب، فقد عقد ابن أبي حاتم في ترجمة ابن عيينة بابا فقال: "باب ما ذكر من جودة أخذ ابن عيينة للحديث". ثم روى تحته قول ابن عيينة: "كان أيوب إذا حدثني بالحديث ردّدته مرتين"(4).
__________
(1) العلل: (1/370).
(2) ابن حجر: التهذيب (4/121).
(3) المزي: تهذيب الكمال تقدمة.
(4) ابن أبي حاتم: تقدمة المعرفة (ص 54).(2/14)
وسبب كلام سليمان بن حرب في حديث ابن عيينة عن أيوب هو: أن سليمان قد جالس حماد بن زيد تسع عشرة سنة، وأخذ عنه أحاديث أيوب(1). وكان سليمان معجبا بحماد، فكان يقول: "حماد بن زيد في أيوب أكبر من كل من روى عن أيوب"(2). ولذلك تكلم سليمان في غيره من كبار أصحاب أيوب: عبد الوارث بن سعيد، ووهيب بن خالد، وإسماعيل بن علية(3)، وكذلك ابن عيينة.
وحماد بن زيد أثبت في أيوب من ابن عيينة(4)، فربما خالف ابن عيينة حماد بن زيد في بعض أحاديثه عن أيوب، فعدّ سليمان بن حرب ذلك غلطا من سفيان، فتكلم فيه.
وهذا لا يضر ابن عيينة ، ولا ينبغي أن يجعل سببا للطعن في حديثه عن أيوب.
وقد اختلف حماد بن زيد وإسماعيل بن عليّة - وهما من أثبت أصحاب أيوب - في بعض أحاديثهما عن أيوب(5)، فلم يتكلم فيهما أحد بسبب ذلك، بل سئل ابن معين عن اختلافهما في حديث أيوب فقال: "إن أيوب كان يحفظ، وربما نسي الشيء"(6).
فنسب الاختلاف إلى أيوب، كما قال ابن رجب(7).
__________
(1) المزي: تهذيب الكمال (1/ق 533).
(2) الفسوي: المعرفة والتاريخ (2/131)، وعنه الخطيب في التاريخ (6/239)، وفيهما: (أكثر). ولعل الصواب ما أثبته كما يدل عليه السياق.
(3) انظر: المصدرين السابقين.
(4) الدارمي: تاريخه عن ابن معين (ص 54-55)، والذهبي في السير (6/20)، وابن رجب في شرح العلل (2/510).
(5) ابن أبي حاتم: العلل (2/258)، وابن رجب في شرح العلل (2/511).
(6) من كلام ابن معين في الرجال (رواية الدقاق عنه) (رقم 234).
(7) شرح العلل: (2/512).(2/15)
ومن أمثلة اختلاف ابن عيينة وحماد بن زيد في حديث أيوب: حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار إلى أخيه بحديدة…". فقد رواه ابن عيينة عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا(1). ورواه حماد بن زيد، عن يونس وأيوب عن ابن سيرين، عن أبي هريرة موقوفا(2).
وقد ذكر ابن أبي حاتم هذا الحديث في كتاب (العلل) فقال: "سألت أبي عن حديث رواه حماد بن زيد عن يونس وأيوب، عن محمد، عن أبي هريرة قال: (الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار إلى أخيه بحديدة". قال أبي: رواه حماد بن سلمة، عن أيوب ويونس عن محمد، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: "فأيهما الصحيح موقوف أو مسند؟. قال: المسند أصح"(3).
فترجيح أبي حاتم المرفوع على الموقوف، ورواية مسلم له من طريق ابن عيينة عن أيوب مرفوعا، ومتابعة حماد بن سلمة لابن عيينة في رفعه عن أيوب، كل هذا يرجح حديث ابن عيينة على حديث حماد بن زيد.
__________
(1) رواه مسلم (رقم 2614) من طريق عمرو الناقد، وابن أبي عمر ، كلاهما عن ابن عيينة. ورواه النسائي في الكبرى في الملائكة (كما في تحفة الأشراف (10/336)، من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن ابن عيينة.. به.
(2) رواه الترمذي (4/464) من طريق قتيبة، عن حماد به، ورواه النسائي في الكبرى في كتاب الملائكة (كما في تحفة الأشراف (10/331) من طريق قتيبة ويحيى بن حبيب بن عربي، عن حماد، عن أيوب ويونس، كلاهما عن ابن سيرين، عن أبي هريرة موقوفا.
(3) العلل: (2/257).(2/16)
ومما يؤيد ذلك أيضا: أن الحديث قد رواه عبد الله بن عون(1)، وخالد الحذاء وابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعاً(2)، ولم يلتفت العلماء إلى ما قاله سليمان بن حرب - رحمه الله -.
والخلاصة:
أن سفيان بن عيينة ثقة ثبت مطلقا(3)، وقد احتج البخاري ومسلم بحديثه عن أيوب(4)، ولم يلتفت العلماء إلى ما قاله سليمان بن حرب رحمه الله تعالى.
3- أبو عمرو الأوزاعي(5)
"وعبد الرحمن بن عمروبن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمرو، الفقيه، ثقة جليل، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين/ع"(6).
تُكلِّم في حديثه عن الزهري ويحيى بن أبي كثير:
فأما حديثه عن الزهري
فقد تكلم فيه ابن معين ويعقوب بن شيبة، والجوزجاني.
فقد روى يعقوب بن شيبة في مسنده من طريق أبي داود قال: "سمعت يحيى بن معين يقول: "الأوزاعي في الزهري ليس بذاك، أخذ كتاب الزهري من الزّبيدي"(7).
وقال يعقوب بن شيبة: "الأوزاعي اسمه عبد الرحمن بن عمرو، وكنيته أبو عمرو، وهو ثقة ثبت إلا أن روايته عن الزهري خاصة فإن فيها شيئا"(8).
وقال الجوزجاني: "وأما الأوزاعي فربما يهم عن الزهري"(9).
ويجاب عن هذه الأقوال:
__________
(1) رواه مسلم (رقم 2616) والإمام أحمد (2/256، 505).
(2) رواه الترمذي: (4/463 رقم (2162) ثم قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، يستغرب من حديث خالد الحذا. ورواه أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة نحوه...). ثم ساق حديث حماد بن زيد الموقوف.
(3) الذهبي: الميزان (2/257).
(4) انظر: تحفة الأشراف للمزي (10/28، 335، 336).
(5) * مصادر ترجمته (ص 401).
(6) ابن حجر : التقريب (1/493) وذكره ابن رجب في شرح العلل (2/644).
(7) مسند يعقوب بن شيبة (الجزء العاشر ص 62: وهي القطعة التي وصلت إلينا من المسند) وعنه ابن عساكر في تاريخه (10/1/41ب).
(8) المصدر السابق (ص 61) وعنه ابن عساكر في تاريخه (10/1/42/أ).
(9) ابن رجب: شرح العلل (2/482).(2/17)
بأن قول ابن معين: "الأوزاعي في الزهري ليس بذاك" من قبيل التضعيف النسبي، ومراده: أن الأوزاعي ليس من كبار أصحاب الزهري الملازمين له مثل: مالك وعُقيل ومعمر وغيرهم. ومما يوضح ذلك :
ما ذكره عثمان الدارمي في تاريخه عن ابن معين قال: "وسألته عن الأوزاعي، ما حاله في الزهري؟ فقال ثقة. قلت له: أين يقع من يونس؟ فقال: يونس أسند عن الزهري، والأوزاعي ثقة، ما أقل ما روى الأوزاعي عن الزهري"(1).
وقال إبراهيم بن الجنيد: "سئل يحيى بن معين - وأنا أسمع - من أثبت من روى عن الزهري؟ فقال: مالك بن أنس، ثم معمر ثم عُقيل، ثم يونس، ثم شعيب، والأزاعي، والزّبيدي، وسفيان بن عيينة، وكل هؤلاء ثقات.
قلت ليحيى: أيما أثبت سفيان أو الأوزاعي؟ فقال: سفيان ليس به بأس، والأوزاعي أثبت منه، والزّبيدي أثبت منه. يعني من سفيان بن عيينة.
قلت: أيهما أكبر الأوزاعي أو سفيان بن عينة؟ قال: الأوزاعي أكبر من سفيان بن عيينة"(2).
فابن معين - رحمه الله - عدَّ الأوزاعي في جملة الثقات الأثبات من أصحاب الزهري، بل قدمه على ابن عيينة في الزهري، فدل ذلك على أن قوله السابق : "ليس بذك إنما هو من قبيل التضعيف النسبي.
وقد أنكر أبو عمر بن عبد البر على ابن معين كلامه في الأوزاعي فقال: "وقد كان ابن معين - عفا الله عنه - يطلق في أعراض الثقات الأئمة لسانه بأشياء أنكرت عليه… منها قوله في الأوزاعي: إنه من الجند ولا كرامة.
وقال: "حديث الأوزاعي عن الزهري ويحيى بن أبي كثير ليس يثبت"(3).
لكن أبا عمر نقل هذين النصين من كتاب أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي في الضعفاء، والأزدي لا يعتمد عليه إذا انفرد فكيف إذا خالف(4).
وأما قول ابن معين في الأوزاعي: "أخذ كتاب الزهري من الزّبيدي".
__________
(1) رقم 22، 23).
(2) سؤالات ابن الجنيد : (ق/62/ب).
(3) جامع بيان العلم وفضله (2/196).
(4) انظر : هدي الساري لابن حجر : (390، 392، 393، 394…).(2/18)
فقد أوضح ذلك ابن معين نفسه، فيما رواه عنه عباس الدوري قال: (الأوزاعي يقال: إنه أخذ الكتاب من الزّبيدي كتاب الزهري، وسمعه من الزهري"(1).
فدل ذلك على أن الأوزاعي أخذ كتاب الزهري من الزّبيدي أولا، ثم لقي الزهري فسمعه منه.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن الأوزاعي لا يرى التحديث بما أخذه بطريق المناولة؛ فقد قال ابن معين: "الأوزاعي في العرض يقول : قرأت، وقرئ. وفي المناولة يتدين به ولا يحدث به"(2).
وبهذا يجاب أيضا عن قول الأوزاعي: "دفع إليّ الزهري صحيفة فقال : أروها عني(3).
بأنه لم يكن يحدث بما أخذه مناولة وإنما كان يتدين به، وهذا من ورعه وتثبته - رحمه الله.
وأما قول يعقوب بن أبي شيبة : "الأوزاعي ثقة ثبت إلا أن روايته عن الزهري فإن فيها شيئاً". فالظاهر أنه اعتمد فيه على كلام ابن معين السابق إذ أنه هو الراوي له عن ابن معين، وقد تقدم الجواب عنه.
وأما قول الجوزجاني: "والأوزاعي فربما يهم عن الزهري" فلا يضره ذلك، ولا يقدح في روايته عن الزهري لأنه لايسلم أحد من الحفاظ من الوهم والخطأ.
والخلاصة:
أن الأوزاعي إمام ثقة، وليس هو في الزهري كمالك وعقيل(4)، لكن ذلك لا يخرجه عن كونه من جملة الثقات الأثبات من أصحاب الزهري، ولذلك عده كل من الحازمي(5) وابن رجب(6) في الطبقة الثانية من أصحاب الزهري.
وقد روى عنه البخاري ومسلم عدة أحاديث من روايته عن الزهري(7).
__________
(1) تاريخ ابن معين: (3/205).
(2) المصدر السابق: (4/460) ورواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (2/723).عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أنه قال: (يُعمل بها ولا يحدث بها). يعني الصحيفة - وكذا في المحدث الفاصل للرامهرمزي (ص 437).
(3) أبو زرعة الدمشقي : التاريخ(2/723).
(4) الذهبي :الميزان (2/580).
(5) شروط الأئمة الخمسة : (ص 49).
(6) شرح علل الترمذي : (1/399).
(7) المزي: تحفة الأشراف (5/380، 10/30، 12/54).(2/19)
وأما حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، فقد تكلم فيه الإمام أحمد؛ فقال يعقوب بن شيبة: "قال أحمد بن حنبل: حديث الأوزاعي عن يحيى مضطرب"(1).
وقال مهنا بن يحيى: "سألت أحمد عن حديث الأوزاعي فقال: كان كتاب الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قد ضاع منه(2)، فكان يحدث عن يحيى بن أبي كثير حفظاً"(3).
وقال أيضاً: "لم يكن يحفظه جيداً، فيخطئ فيه، وكان يروي عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر. وإنما هو أبو المهلب"(4).
وذُكر له حديث الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: متى كنت نبياً؟ فأنكره وقال: "هذا من خطأ الأوزاعي"(5)
__________
(1) المسند (ص 68) وعنه ابن عساكر في تاريخه (10/1/42/أ).
(2) بل احترق كما صرح به الأوزاعي فيما رواه يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/409) عن الأوزاعي قال: (فجالسته - يعني يحيى بن أبي كثير - فكتبت عنه أربعة عشر كتابا أو ثلاثة عشر كتابا فاحترق كله). وروى خبر احتراق كتبه أيضاً أبو عوانة في مسنده (1/321).
(3) ابن رجب: شرح العلل (2/646).
(4) المصدر السابق: (2/645).
وقد وقع هذا الوهم من الأوزاعي في ثلاثة أحاديث، ذكرها المزي في تهذيب الكمال (3/ق 1651) في ترجمة أبي المهاجر، وقد فصل القول فيها، واختصره ابن حجر في التهذيب (12/248-249).
(5) ابن رجب شرح العلل (2/645).
والحديث رواه الترمذي (5/585 رقم 369)، وابن حبان في الثقات (1/47)، والآجري في الشريعة (ص 421)، والحاكم في المستدرك (2/609) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/753رقم1403) وأبو نعيم في دلائل النبوة (1/52-53) والبيهقي في دلائل النبوة (2/130) كلهم من طريق الأوزاعي به بلفظ: متى وجبت لك النبوة، قال الترمذي : (حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة، لا نعرفه إلا من هذا الوجه). وفي تحفة الأشراف (11/74): (حسن غريب).
وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث عند ابن حبان والآجري واللالكائي وأبي نعيم والبيهقي.
ورواه أيضاً أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/226) من طريق الأوزاعي بلفظ: (متى كتبت نبيا؟… ).
والحديث صحيح من غير هذا الطريق، انظر: السنة لابن أبي عاصم (1/179) ومجمع الزوائد (8/223-224)، والمقاصد الحسنة (ص 327)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (4/471رقم 1856).(2/20)
.
وهذا الكلام في رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير كالكلام المتقدم في حديثه عن الزهري، لا يُقصد به تضعيفه في يحيى، وإنما قاله الإمام أحمد في أحاديث مخصوصة لبيان أن له أخطاء في حديثه عن يحيى ابن أبي كثير، وهذا لا يستغرب، لأن الأوزاعي من المكثرين عن يحيى بن أبي كثير كما تقدم.
وقد قال أبو زرعة الدمشقي : "سألت أحمد بن حنبل عن أصحاب يحيى بن أبي كثير، فقال: هشام. قلت: ثم من؟ قال: ثم أبان… قلت له فالأوزاعي؟ قال: الأوزاعي إمام"(1).
وقال أحمد بن محمد : "سمعت أحمد بن حنبل - وذكر أصحاب يحيى بن أبي كثير - فقال هشام يرجع إلى كتاب، والأوزاعي حافظ"(2).
وأما احتراق كتب الأوزاعي فلا يؤثر في روايته عن يحيى بن أبي كثير، لأنه حافظ كما قال الإمام أحمد، وقد جاءه رجل بنسخة من كتبه التي احترقت فردها قائلا: "نحدث بما حفظنا منها"(3).
وقد وثق عدد من الأئمة الأوزاعي في يحيى بن أبي كثير؛ فقال يحيى بن معين: "ليس أحد في يحيى بن أبي كثير مثل هشام الدستوائي، والأوزاعي، وعلي بن المبارك بعد هؤلاء"(4).
وقيل لابن معين: "من أحب إليك في يحيى بن أبي كثير؟ قال: الأوزاعي وهشام الدستوائي(5).
وقال أبو حاتم الرازي: "سألت عليّ بن المديني، من أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير؟ قال: هشام الدستوائي. قلت: ثم من؟ قال: الأوزاعي وحسين المعلِّم وحجاج الصواف"(6).
وقال الآجري: "سألت أبا داؤد عن أصحاب يحيى بن أبي كثير -أعني: من أعلاهم في يحيى-؟ فقال: هشام الدستوائي والأوزاعي"(7).
__________
(1) ابن عدي: الكامل (1/100).
(2) المصدر السابق.
(3) أبو داود: مسائل الإمام أحمد (ص 307)، ومسند أبي عوانة (1/321).
(4) التاريخ: (4/180).
(5) المصدر السابق: (4/458).
(6) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (9/60).
(7) الخطيب: التاريخ (12/260).(2/21)
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي وأبا زرعة من أحب إليكما من أصحاب يحيى بن أبي كثير؟ قالا: هشام، قلت لهما: والأوزاعي؟ قالا: بعده"(1).
فهؤلاء الأئمة: يحيى بن معين وعلي بن المديني، وأبو زرعة وأبو داود وأبو حاتم، اتفقوا على أن الأوزاعي أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير بعد هشام الدستوائي. وكفى بهذا توثيقا.
وقد روى البخاري ومسلم من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عدة أحاديث(2).
عبد الرحمن بن نمر*
"عبد الرحمن بن نمر - بفتح النون وكسر الميم - اليحصبي أبو عمرو الدمشقي، ثقة، لم يرو عنه غير الوليد، من الثامنة/خ م د س"(3).
تُكُلِّم في حديثه عن الزهري:
فقد روى عباس الدوري، عن ابن معين قال: "الذي يروي عن الزهري يقال له: ابن نمير، ضعيف في الزهري"(4).
وقال ابن الجنيد: "سئل يحيى بن معين - وأنا أسمع - عن عبد الرحمن بن نمر عن الزهري، فقال: شيخ من الدمشقيين ضعيف الحديث، يحدث عن الوليد بن مسلم"(5).
وقد خالف ابن معين عدد من الأئمة حيث وثقوا عبد الرحمن بن نمر، وأثنوا على أحاديثه عن الزهري؛ فقال عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي المعروف بدُحيم: "عبد الرحمن بن نمر صحيح الحديث عن الزهري، ما أعلم أحدا روى عنه غير الوليد"(6).
__________
(1) الجرح والتعديل (9/61).
(2) انظر: تحفة الأشراف للمزي (9/251، 255، 257، 11/69-75).
وقد انتقد الدارقطني في التتبع (ص 187-188) حديثا من أحاديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عند البخاري، وقد أجاب عنه ابن حجر في مقدمة الفتح (ص 354-355) وكذلك في الفتح (3/38).
(3) ابن حجر: التقريب (1/501).
(4) التاريخ: (3/248).
(5) سؤالات ابن الجنيد: (ق 62/أ).
(6) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (5/295).(2/22)
وقال محمد بن يحيى الذهلي: "عبد الرحمن بن نمر و عبد الرحمن بن خالد ثقتان، ولاتكاد تجد لابن نمر حديثا عن الزهري إلا ودَوَّن الحديث مثله، يقول: سألت الزهري عن كذا، فحدثني عن فلان وفلان. فيأتي بالحديث على وجهه ولا أعلم روى عنه غير الوليد"(1). وقال أبو زرعة الدمشقي: "حديثه عن الزهري مستوى"(2).
وقال ابن عدي: "وعبد الرحمن بن نمر هذا له عن الزهري غير نسخة، وهي أحاديث مستقيمة"(3).
وقد أثنى عدد من العلماء على عبد الرحمن في حديثه عامة؛ فقال ابن حبان: "من ثقات أهل الشام ومتقنيهم"(4).
وقال أبو أحمد الحاكم: "مستقيم الحديث"(5).
وقد وثقه غير هؤلاء (6).
فتوثيق هؤلاء الأئمة لعبد الرحمن بن نمر وثناؤهم على حديثه عن الزهري مقدم على تضعيف ابن معين لما يأتي:
1- لأن الموثقين لعبد الرحمن جماعة، وخالفهم ابن معين فضعفه تضعيفا مجملا غير مفسر.
من بين الموثقين له عبد الرحمن بن إبراهيم وأبو زرعة وهما دمشقيان، وهو دمشقي أيضا، فهما أعرف به من غيرهما.
__________
(1) ابن حجر: التهذيب (6/288).
(2) ابن عساكر: التاريخ (10/1/117/أ) من كتاب أبي زرعة (تسمية نفر يروون عن الزهري). وقوله: (مستوى) أي: مستقيم كما في لسان العرب (14/415).
(3) الكامل: (4/1602)، وقد وقع في النسخة المطبوعة من الكامل في أول ترجمة عبد الرحمن عبارة: (هو ضعيف في الزهري) تبعا لنسخة أحمد الثالث الخطية (2/ق 557/أ)، فأوهم أن هذه العبارة من قول ابن عدي، وليس كذلك، بل هي من قول ابن معين رواه ابن عدي عنه، فسقط الإسناد مع بعض كلام ابن معين فلم يبق منه إلا هذه العبارة. وقد استدرك ناسخ النسخة الظاهرية من الكامل هذا السقط فكتب في هامش (ق460): ( وحدثنا ابن حماد نا عباس، عن يحيى، قال: ابن نمر). ووضع إشارة قبل عبارة (هو ضعيف في الزهري)، للدلالة على مكان اللحق.
(4) الثقات: (7/82).
(5) ابن عساكر: التاريخ (10/1/117/ب).
(6) انظر تهذيب الكمال (2/ق 822)، وتهذيب التهذيب (6/288).(2/23)
2- وقدذُكر عند يحيى بن معين حديث من حديث أهل الشام، فردّه. فقال له رجل: "إن ابن عوف يذكره(1). فقال: "إن كان ابن عوف ذكره فابن عوف أعرف بحديث أهل بلده"(2).
3- من بين الموثقين لعبد الرحمن أيضا: محمد بن يحيى الذهلي، الذي شهد له مشايخه وأهل عصره بالتبحر في معرفة حديث الزهري، والخبرة بأصحاب الزهري وعلل حديثه(3). فقوله في توثيق عبد الرحمن في الزهري مقدم على قول غيره.
4- تضعيف ابن معين لعبد الرحمن في الزهري إنما هو بسبب لفظة زادها في حديث واحد، وهو حديثه عن الزهري، عن عروة بن الزبير أنه سمع مروان بن الحكم يقول: "أخبرتني بسرة بن صفوان الأسدية أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالوضوء من مس الذكر. والمرأة مثل ذلك"(4).
قال ابن عدي: "وهذا الحديث بهذه الزيادة التي ذكرت في متنه: (والمرأة مثل ذلك" لا يرويه عن الزهري غير ابن نمر هذا"(5).
ثم صرح ابن عدي بأن ابن معين لم ينكر على عبد الرحمن في أسانيد ما روى عن الزهري ولا في متونها إلا قوله في هذا الحديث: "والمرأة مثل ذلك".
وزيادة هذه اللفظة - لو سُلِّم بأنها خطأ من عبد الرحمن - لا تقدح فيه ولا في روايته عن الزهري، وقد قال ابن معين: "لست أعجب ممن يحدث فيخطئ، إنما العجب ممن يحدث فيصيب"(6).فكيف يطعن في عبد الرحمن بسبب هذا الخطأ الواحد؟!
__________
(1) هو محمد بن عوف الطائي الحمصي.
(2) ابن حجر: التهذيب (9/384)،
(3) انظر: المصدر السابق (9/34)، ويكفي الذهلي فخرا قول الإمام أحمد: (ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى). رواه عنه الخطيب في تاريخه (3/417). وقد صنف الذهلي - بالإضافة إلى علل حديث الزهري - كتابا بعنوان: (طبقات الرواة عن الزهري) اقتبس منه ابن حجر في تهذيب التهذيب (1/255).
(4) رواه ابن عدي في الكامل (4/1602).
(5) المصدر السابق.
(6) تاريخ ابن معين: (3/13).(2/24)
لكن عبد الرحمن لم يأت بهذه اللفظة من عنده، وإنما هي مدرجة من كلام الزهري(1)، والذي يوضح ذلك: مارواه ابن عساكر من طريق الوليد بن مسلم قال: "حدثني عبد الرحمن بن نمر اليحصبي قال: سألت الزهري عن الرجل يمس ذكره، أو المرأة تمس فرجها، فقال: حدثني عروة بن الزبير…"فذكر الحديث(2).
فعبد الرحمن سأل الزهري عن الرجل يمس ذكره، أو المرأة تمس فرجها، فروى الزهري حديث مس الذكر إجابة على الشق الأول من السؤال، ثم أضاف الزهري من عنده قوله: (والمرأة مثل ذلك" إجابة على الشق الثاني من السؤال، من غير فصل بين كلامه ونص الحديث الذي رواه في مس الذكر ، فحفظه عبد الرحمن كما سمعه من الزهري.
وكان الزهري يصل كلامه بالأحاديث كثيرا من غير فصل بينه وبين كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولأجل ذلك قال له موسى بن عقبة: (ميّز قولك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم"(3).
وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن له أيضا: (إذا حدثت فبين كلامك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم"(4).
وقد وقع لبعض أصحاب الزهري في أحاديث أخرى مثل ما وقع لعبد الرحمن بن نمر في هذا الحديث، منهم: سفيان بن عيينة (5)، ويونس بن يزيد(6)، ومعمر بن راشد(7)، وابن جريج(8)، وزياد بن سعد(9) وغيرهم.
والخلاصة:
__________
(1) انظر: سنن البيهقي (1/132).
(2) التاريخ: (10/1/117/أ).
(3) الخطابي: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (2/593) من النسخة المكتوبة على الآلة الكاتبة بتحقيق الباحث محمد بن سعد آل سعود وقد نال به درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى.
(4) البخاري: جزء القراءة خلف الإمام (ص28).
(5) الترمذي: الجامع (3/320-321).
(6) البخاري: جزء القراءات خلف الإمام (ص 28).
(7) أبو داود: السنن (4/258).
(8) الترمذي: الجامع (3/320-321).
... وانظر المدرج إلى المدرج للسيوطي رقم: 6، 8، 9، 11، 15، 21، 29، 39، 43، 49، 53، 56، 68، 69.
(9) الترمذي: الجامع (3/320-321).(2/25)
أن عبد الرحمن بن نمر ثقة(1)، كما قال ابن حجر، وما ذكره ابن معين من تضعيفه في الزهري لا يقدح فيه، كما تقدم بيانه. وله عند البخاري ومسلم حديث واحد عن الزهري(2)، وقد توبع عليه(3).
5- ابن جريج(4)
"عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، من السادسة، مات سنة خمسين، أو بعدها، وقد جاوز السبعين، وقيل جاوز المائة, ولم يثبت/ع"(5).
تكُلِّم في حديثه عن الزهري:
فقد روى الدارمي عن ابن معين أنه قال: "ليس بشيئ في الزهري"(6).
وروى قريش بن أنس عن ابن جريج قال: "ما سمعت من الزهري شيئاً، إنما أعطاني الزهري جزءاًً فكتبته، وأجازه لي"(7).
__________
(1) * ذكر العقيلي في الضعفاء (2/349) وابن عدي في الكامل (4/1602) عبد الرحمن بن نمر، ولم يذكرا فيه من أقوال أئمة الجرح والتعديل إلا قول ابن معين. وقال أبو حاتم الرازي: (ليس بقوي، لا أعلم روى عنه غير الوليد بن مسلم، وسليمان بن كثير وسفيان بن حسين أحب إلي من ابن نمر، وابن نمر أحب إلي من مرزوق بن أبي الهذيل). ذكره ابنه في الجرح والتعديل (5/295).
وذكر ابن حجر عبد الرحمن في مقدمة الفتح (ص 419)، ونقل فيه قول أبي حاتم، وكذا تضعيف ابن معين، ثم ذكره في (ص 462) في فصل مَن ضُعِّف بأمر مردود، فقال: (ضعِّف بسبب تفرد الوليد بن مسلم عنه).
وعبد الرحمن بن نمر أحب إلى أبي حاتم من مرزوق بن أبي الهذيل كما تقدم، ومع ذلك فقد قال أبو حاتم في مرزوق: (وحديثه صالح، لا أعلم روى عنه غير الوليد بن مسلم). كما في الجرح والتعديل (8/265).
(2) البخاري: (2/549 رقم: 1065)، ومسلم (2/620 رقم 901).
(3) ابن حجر: هدي الساري (ص 419).
(4) * مصادر ترجمته (ص 403).
(5) ابن حجر: التقريب (1/520).
(6) تاريخه عن ابن معين: (رقم 13).
(7) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (5/357).(2/26)
وقال سفيان بن عيينة: "كنت عند ابن شهاب فجاء ابن جريج ومعه ثلث قرطاس فيه حديث ظهرا وبطنا، فقال: يا أبا بكر، أروى هذا عنك؟ قال: نعم. قال ابن عيينة: والله ما أدري أيهما أعجب، ابن شهاب أو ابن جريج! يقول له: أروى هذا عنك. فيقول: نعم!"(1).
قال الخطيب البغدادي: "عجب سفيان كيف لم ينظر ابن شهاب إلى المكتوب في القرطاس، أهو من حديثه أم لا؟ وكيف استجاز ابن جريج أن يسأله إجازة ذلك؟"(2).
وقال الذهبي: "كان ابن جريج يرى الرواية بالإجازة وبالمناولة، ويتوسع في ذلك، ومن ثَمَّ دخل عليه الداخل في رواياته عن الزهري، لأنه حمل عنه مناولة، وهذه الأشياء يدخلها التصحيف، ولا سيما في ذلك العصر، لم يكن حدث في الخط بعد شكل ولا نقط"(3).
فهذه النصوص تدل على أن ابن جريج قد أخذ عن الزهري إجازة، وهذا أمر لا شك فيه، ولعل هذا هو السبب في قول ابن معين: "ليس بشيء في الزهري".
لكن ابن جريج لم يقتصر في روايته عن الزهري على الإجازة، بل قرأ عليه وسمع منه، ومن الأدلة على ذلك:
__________
(1) الخطيب: الكفاية (ص 457)، وروى الخطيب أيضاً نحو هذه القصة من وجه آخر عن سفيان.
(2) الخطيب: الكفاية (ص 458)، وقد أجاب الخطيب عن هذا الفعل بقوله: (لعل ابن شهاب كان قد عرف القرطاس، بل عساه أن يكون هو كتبه فأغناه ذلك عن النظر فيه، أو كان يعتقد أن ابن جريج لا يستجيز إلا ما كان من حديثه لأمانة ابن جريج عنده والله أعلم).
وقد أشار ابن رجب في شرح العلل (1/263) إلى كلام الخطيب هذا، ثم عقب عليه بقوله: (وفيه بعد).
(3) سير أعلام النبلاء (6/331)، وقوله: (حمل عنه مناولة) الظاهر أنه اعتمد فيه على رواية قريش بن أنس السابقة.(2/27)
ما رواه يعقوب الفسوي عن علي بن المديني قال: "ابن جريج لم يسمع من ابن شهاب شيئا، إنما عُرض له عليه، وقال يحيى: قال لي سفيان بن حبيب: بلى سمع منه كذا وكذا. قال فأتيته فسألته عنه فقال: ما أدري سمعته أو قرأته"(1).
فهذا يدل على أن ابن جريج قد سمع من الزهري وقرأ عليه، لكنه نسي طريقة تحمله لتلك الأحاديث التي سأله عنها القطان، هل هي سماع أم قراءة. وحفظ عنه سفيان بن حبيب - وهو ثقة(2) - أنه سمعها من الزهري.
قال محمد بن يحيى الذهلي: "ابن جريج إذا قال: (حدثني) و(سمعت) فهو محتج بحديثه داخل في الطبقة الأولى من أصحاب الزهري"(3).
والذهلي من أعلم الناس بحديث الزهري وأصحابه(4)، فلو ثبت عنده أن ابن جريج لم يسمع من الزهري لما قال هذا الكلام.
ثبت عن ابن جريج تصريحه بالتحديث والإخبار عن الزهري في أحاديث كثيرة، وكذلك ثبت عنه أنه سأل الزهري، ومن الأمثلة على ذلك:
__________
(1) المعرفة والتاريخ: (2/139)، ويحيى هو القطان.
(2) ابن حجر: التقريب (1/310).
(3) ابن حجر: التهذيب (6/406).
(4) انظر: (ص 68) حاشية رقم (6).(2/28)
أ- ما رواه مسلم في صحيحه من طريق ابن جريج قال: "حدثني ابن شهاب، عن علي بن حسين بن علي، عن أبيه حسين بن علي، عن علي بن أبي طالب قال: أصبت شارفا(1) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا أخرى…فثار إليهما حمزة بالسيف، فجب(2) أسنمتهما، وبقر(3) خواصرهما، ثم أخذ من أكبادهما". قال ابن جريج: "قلت لابن شهاب: ومن السنام؟ قال: قد جبّ أسنمتهما فذهب بها"(4). فهذا الحديث فيه تصريح ابن جريج بالتحديث عن الزهري وسؤاله الزهري أيضا.
ب - روى البخاري من طريق ابن جريج قال: "أخبرني ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها مسرورا تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم تسمعي ما قال المُدلجي لزيد وأسامة - ورأى أقدامهما-: إن بعض هذه الأقدام من بعض؟"(5).
جـ- وروي عبد الرزاق عن ابن جريج قال: "أخبرني ابن شهاب، وسألته عن رجل طلق امرأته ثلاثا في وجع، كيف تعتدّ إن مات؟…" فذكر قضاء عثمان في توريث امرأة عبد الرحمن بن عوف(6).
فهذه الأمثلة تدل على سماع ابن جريج من الزهري، وهناك أمثلة أخرى لا يتسع المقام لذكرها (7)
__________
(1) الشارف: الناقة المسنة. كما في النهاية لابن الأثير (2/462).
(2) الجبّ: القطع. كما في النهاية لابن الأثير (1/233).
(3) بقر: يدل على فتح الشيء، والتوسع في الشيء كما في معجم مقاييس اللغة لابن فارس (1/277)، والمعنى: أنه فتح خواصرهما حتى استطاع أن يصل إلى أكبادهما فيأخذ منهما.
(4) حديث: (رقم: 1979).
(5) 6/565 حديث رقم 3555).
(6) المصنف: (7/62).
(7) من الأحاديث التي صرح فيها ابن جريج بالتحديث عن الزهري: انظر صحيح مسلم (رقم 390)، ومصنف عبد الرزاق (1/45، 113)، ومسند الإمام أحمد (2/266، 271، 273،) (3/455، 502)، (4/251، 5/432، 434)، والمعرفة والتاريخ للفسوي (1/318، 378)، ومسند أبي عوانة (1/343)، ومعجم الطبراني الكبير (19/59).
ومن الأحاديث التي صرح فيها بالإِخبار عن الزهري: انظر صحيح مسلم (رقم 392، 844)، ومصنف عبد الرزاق (1/115، 2/297، 7/63، 306، 319، 334).
ومن الأحاديث التي سأل عنها الزهري: انظر جامع الترمذي (3/103)، والمعرفة والتاريخ للفسوي (1/741).(2/29)
. وقد قال يحيى بن سعيد القطان: "كان ابن جريج صدوقا، إذا قال: (حدثني) فهو سماع، وإذا قال: (أخبرني) فهو قراءة، وإذا قال (قال): "فهو شبه الريح"(1)
وقال الإمام أحمد: "إذا قال ابن جريج: "قال فلان وقال فلان، وأُخبرت) جاء بمناكير، فإذا قال: (أخبرني وسمعت: "فحسبك به"(2).
وقال أحمد بن صالح المصري: "ابن جريج إذا أخبر الخبر فهو جيد، وإذا لم يخبر فلايُعبأ به"(3).
فأقوال هؤلاء الأئمة تقتضي قبول ما يصرح فيه ابن جريج بالتحديث أو الإِخبار سواء رواها عن الزهري أو عن غيره.
أما ما رواه قريش بن أنس عن ابن جريج أنه قال: "ما سمعت من الزهري شيئا…" فقد رواه ابن أبي حاتم فقال: "نا أبو زرعة قال: أخبرني بعض أصحابنا عن قريش بن أنس…"(4). فهذا الإسناد فيه مبهم لم يصرح أبو زرعة باسمه، وبالإضافة إلى ذلك فإن قريش بن أنس قد اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به، وبقي ست سنين في اختلاطه، فظهر في روايته أشياء مناكير لا تشبه حديثه القديم، قاله ابن حبان(5) وقد ذكر ابن حجر أن سماع المتأخرين منه بعد اختلاطه (6). فلا يصح هذا القول عن ابن جريج بهذا الإسناد. ومما يدل على عدم صحته أيضا ما تقدم من تصريح ابن جريج بالسماع من الزهري.
والخلاصة:
__________
(1) الرامهرمزي: المحدث الفاصل (ص 433).
(2) الخطيب: التاريخ (10/405).
(3) الدارمي: تاريخه عن ابن معين (رقم 10).
(4) الجرح والتعديل (5/357).
(5) المجروحين: (2/220)، وذكره ابن الكيال في الكواكب النيرات (ص 370).
(6) ابن حجر: التهذيب (8/375)، وقد ذكر ابن حجر بعض تلاميذه الذين سمعوا منه بعد الاختلاط، وفات ابن الكيال التنبيه على ذلك، وكذا فات محقق كتابه استدراكه.(2/30)
أن عبد الملك بن جريج قد سمع من الزهري وقرأ عليه، وأخذ عنه إجازة، فإذا صرح بالتحديث أو الإخبار فحديثه محتج به عن الزهري وغيره. أما إذا لم يصرح بشيء من ذلك فلا يقبل منه - كما تقدم عن يحيى القطان والإمام أحمد وأحمد بن صالح المصري - لأنه مدلس، وقد ذكره العلائي في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين(1)، وذكره ابن حجر في المرتبه الثالثة من مراتب الموصوفين بالتدليس (2).
6- الليث بن سعد(3)
"الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفَهْمي، أبو الحارث المصري، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، من السابعة مات في شعبان سنة خمس وسبعين/ع"(4).
تُكُلِّم في حديثه عن الزهري، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وعبيد الله بن أبي جعفر المصري:
فأما حديثه عن الزهري فقد تكلم فيه يعقوب بن شيبة. فقال: "الليث ثقة، وهو دونهم في الزهري - يعني: دون مالك ومعمر وابن عيينة - قال: "وفي حديثه عن الزهري بعض الاضطرابات"(5).
وقوله: "هو دونهم في الزهري" حق، فإن الليث بن سعد دون مالك ومعمر وابن عيينة في الزهري(6).
__________
(1) جامع التحصيل: (ص 130).
(2) تعريف أهل التقديس: (ص 95).
(3) * مصادر ترجمته (ص 403).
(4) ابن حجر: التقريب (2/138).
(5) المزي: تهذيب الكمال (3/ق 1153).
(6) الفسوي: المعرفة والتاريخ (2/138) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (4/227)، وشرح العلل لابن رجب (2/479).(2/31)
وقوله: "في حديثه عن الزهري بعض الاضطرابات" يعني بالنسبة لحديث كبار أصحاب الزهري، وهذا لا يقدح في حديث الليث عن الزهري، وإنما يدل على أن الليث دون الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، ولذلك ذكره الحازمي في الطبقة الثانية من طبقات أصحاب الزهري(1)، وهم: ممن شاركوا أهل الطبقة الأولى في العدالة، غير أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان، وبين طول الملازمة للزهري، والطبقة الثانية لم تلازم الزهري إلا مدة يسيرة، فلم تمارس حديثه، وكانوا في الاتقان له دون الطبقة الأولى(2).
والليث بن سعد لم يلازم الزهري فترة طويلة، وإنما لقيه بمكة سنة ثلاث عشرة ومائة في موسم الحج، فأخذ عنه(3).
وقد وثق يحيى بن معين الليث بن سعد في الزهري: فقد ذكره الدارمي في أصحاب الزهري - وسأل ابن معين عنه - فقال: "قلت فإبراهيم بن سعد أحب إليك أو ليث؟ فقال: كلاهما ثقتان"(4).
وقال الجوزجاني: "وتختلف الثقات من أصحاب الزهري، فإذا صحت الرواية عن الزبيدي فهو من أثبت الناس فيه، وكذلك شعيب، وعقيل ويونس بعدهم، وعبد الرحمن بن مسافر والليث بن سعد"(5).
وقد احتج كل من البخاري ومسلم بأحاديث الليث بن سعد عن الزهري(6)، ولم يورده ابن حجر في مقدمة الفتح فيمن طعن فيهم من رجال البخاري.
__________
(1) الحازمي: شروط الأئمة الخمسة (ص 49).
(2) انظر الحازمي: شروط الأئمة الخمسة (ص 48) وابن رجب شرح العلل (1/399).
(3) الفسوي: المعرفة والتاريخ (2/443).
(4) الدارمي: تاريخه عن ابن معين (رقم7).
(5) ابن رجب: شرح العلل (2/482).
(6) انظر تحفة الأشراف للمزي: (1/387، 5/386، 10/38، 12/71-74).(2/32)
وقد انتقد الدارقطني بعض الأحاديث التي رواها البخاري من طريق الليث بن سعد عن الزهري(1)، فذكرها ابن حجر في مقدمة الفتح وأجاب عنها إجابة شافية رجح فيها صحة ما رواه الليث عن الزهري(2).
وأما حديث الليث بن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج فقد تكلم فيه أبو الوليد الطيالسي فقال بأنه مناولة(3).
وقال الخطيب البغدادي: "وحدث الليث أيضا عن بكير بن عبد الله بن الأشج عدة أحاديث، قال في كل واحد منها: حدثني بكير. وذكر أنه لم يسمع منه شيئا، وإنما كتب إليه بتلك الأحاديث، وقد أوردنا بعضها في كتاب (التفصيل لمبهم المراسيل" وسقنا الخبر عن الليث بذلك"(4).
وقد صرح الإمام أحمد بسماع الليث من بكير بن الأشج ورد على أبي الوليد الطيالسي؛ فقال ابنه عبد الله: سمعت أبي يقول: سمع الليث بن سعد من بكير بن الأشج نحوا من ثلاثين حديثا. فقلت: إنهم يحكون عن أبي الوليد أنه سمع الليث يقول: ما سمعت من بكير شيئا. فأنكره، وقال: الليث يقول: حدثني بكير بن عبد الله"(5).
__________
(1) كتاب التتبع (ص 382-384، 487-488).
(2) ابن حجر هدي الساري (ص 355، 360) الحديث السابع عشر، والحديث الثاني والثلاثون، والحديث الثالث والثلاثون.
(3) الذهبي: الميزان (3/423)، وابن رجب: شرح العلل (2/550).
(4) الكفاية: (ص 491)، ولم أقف على الكتاب الذي أشار إليه الخطيب، وقد اختصره النووي ورتبه على الحروف، وتوجد نسخة خطية من المختصر في مكتبة الاسكوريال رقم 1597، كما في موارد الخطيب البغدادي للدكتور أكرم العمري (ص 71).
(5) العلل: (1/352) من الأحاديث التي صرح فيها الليث بالتحديث عن بكير انظر: مسند أحمد (2/307، 338، 453)، (4/28، 332) والمعجم الكبير للطبراني (8/35رقم7293).(2/33)
وقال الأثرم: "سمعت أبا عبد الله يقول: لا أعلم أحدا أحسن حديثا عن بكير بن عبد الله من ليث بن سعد. وقال: هو أحسن حديثا عندي من عمروبن الحارث، ومن ابن لهيعة. قلت له: ومن ابن عجلان؟ قال: وكم يروى ابن عجلان عن بكير؟ ما أيسرها".
قلت: إن أبا الوليد يتكلم في روايته ويقول: مناولة - أعني ليث بن سعد؟ فقال: ما أدري أي شيء هذا. وأنكر قوله، وقال: أي شيء يُنكَر من حديث ليث؟ وليث حسن الحديث صحيحه"(1).
وقد خرج البخاري ومسلم حديث الليث بن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج (2).
وإن صح ما ذكره الخطيب عن الليث بن سعد فإنه لا يقدح في روايته عن بكير بن الأشج، لأن المكاتبة طريق من طرق التحمل، معتبرة عند كثير من أهل العلم، كما نقل ذلك الخطيب نفسه في الكفاية(3).
وأما حديثه عن عبيد الله بن أبي جعفر فقد تكلم فيه أبو الوليد الطيالسي أيضا وقال: بأنه مناولة(4).
ونقل المزي عن المُفْضَّل بن غسان الغلابي قال: حدثني أبو نصر، عن عبد الله بن يوسف، قال: قال الليث بن سعد: "لم أسمع من عبيد الله بن أبي جعفر، إنما هي مناولة"(5).
__________
(1) ابن رجب: شرح العلل (2/550).
(2) ابن منجوية: رجال مسلم (ق 151/ب)، والجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/59).
(3) ص 448-492)، نقل الحافظ ابن حجر في الفتح (1/497-498) عن أبي بكر الإسماعيلي قوله: (… عادة المصريين والشاميين ذكر الخبر فيما يروونه). يعني فيما سمعوه وفيما لم يسمعوه، فرد عليه الحافظ ابن حجر بقوله: (… لو فتح هذا الباب لم يوثق برواية مدلس أصلا ولو صرح بالسماع، والعمل على خلافه).
(4) ابن حجر: التهذيب (8/465).
(5) المزي: تهذيب الكمال (3/ق 1153).(2/34)
وقد احتج البخاري بحديث الليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر، وأثبت تصريح الليث بالتحديث عنه، فقال: "حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر قال: سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر - رضي الله - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مُزعة لحم…".
وزاد عبد الله (1): حدثني الليث، حدثني ابن أبي جعفر (فيشفع ليقضي بين الخلق…"(2).
فقد صرح الليث بالتحديث عن عبيد الله، وهذا يدفع القول بعدم سماعه منه، ولا سيما أن البخاري ساق حديثه السابق في معرض الاحتجاج به، وعقب بزيادة أبي صالح عبد الله بن صالح لإثبات تصريح الليث بالتحديث عن عبيد الله بن أبي جعفر.
وحديث عبد الله بن صالح قد وصله ابن منده في (كتاب الإيمان) من طريق يحيى بن عثمان عن عبد الله بن صالح به(3)، ورواه أيضا من طريق شعيب بن الليث، عن أبيه، حدثني عبيد الله بن أبي جعفر به(4).
__________
(1) هو عبد الله بن صالح كاتب الليث قال ابن حجر في الفتح (3/339): (وقد سقط قوله: قوله: (ابن صالح) من رواية الأكثر وثبت في رواية أبي ذر).
(2) البخاري: الصحيح (3/338 حديث رقم 1474، 1475)، ومن أحاديثه في صحيح مسلم: (حديث رقم 1040).
(3) حديث رقم (884).
(4) المصدر السابق. ووقع فيه: (حدثني عبد الله بن أبي جعفر) وهو تصحيف، والصواب ما أثبته. وقد تابع يحيى بن عثمان محمدُ بن إسحاق الصغاني عند البزار. ومطلب بن شعيب عند الطبراني في (الأوسط) كلاهما عن عبد الله بن صالح به.كما ذكره ابن حجر في الفتح (3/339) وتغليق التعليق (3/28).(2/35)
وقال الإمام مسلم في صحيحه: "حدثنا ابن نمير حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثنا ليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن نافع عن ابن عمر…حديث."من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لاحجة له…"(1).
وقد صرح الإمام أحمد بسماع الليث من بكير كما تقدم، فسماعه من عبيد الله لهذا الحديث من باب أولى.
وقد ذكر الذهبي الليث بن سعد في ميزانه، ونقل قول أبي الوليد الطيالسي المتقدم في حديث الليث عن بكير وقول يحيى بن معين: "كان يتساهل في الشيوخ والسماع، وكان من أهل المعرفة".
ثم قال الذهبي: "ولو لا أن النباتي ذكر الليث بن سعد في تذييله على الكامل لما ذكرته، لأنه ما هو بدون مالك وسفيان، وما تساهل فيه الليث فهو دليل على الجواز، لأنه قدوة"(2).
والخلاصة:
أن الليث بن سعد ثقة ثبت إمام، وهو من ثقات أصحاب الزهري، ومعدود في الطبقة الثانية منهم، كما تقدم عن الحازمي، وقد صرح بالتحديث عن بكير بن عبد الله بن الأشج، وعبيد الله بن أبي جعفر، وخرج حديثه عنهما في الصحيحين.
__________
(1) حديث رقم (1851) ومن أحاديث الليث عن عبيد الله عن بكير, انظر: سنن أبي داود (4/270), والنسائي: (7/160) وابن ماجة رقم (2529).
(2) 3/423) والنباتي: هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرّج الأندلسي الأشبيلي, العشاب, وكتابه اسمه (الحافل في تذييل الكامل) له ترجمة حافلة في الذيل والتكملة للمراكشي (1/2/487-518), وتذكرة الحفاظ للذهبي (4/1425).(2/36)
تابع (3) الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم
صالح بن حامد الرفاعي
المبحث الثاني: في من تُكُلِّم في حديثه عن سفيان الثوري
وفيه خمسة مطالب:
الأول:في ترجمة إسحاق الأزرق.
الثاني: في ترجمة أبي عاصم النبيل.
الثالث: في ترجمة عبد الرزاق الصنعاني.
الرابع: في ترجمة قبيصة بن عقبة السُّوائي.
الخامس: في ترجمة أبي أحمد الزُّبيري.
1- إسحاق الأزرق(1)
"إسحاق بن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي، المعروف بالأزرق، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين، وله ثمان وسبعون/ع"(2).
تُكُلِّم في حديثه عن سفيان الثوري:
فقال الإمام أحمد: "محمد بن يزيد أثبت من إسحاق الأزرق، الأزرق كثير الخطأ عن سفيان، وكان الأزرق حافظا، إلا أنه كان يخطئ(3). وقد سئل الإمام أحمد عن إسحاق، "فقيل له: إسحاق الأزرق ثقة؟ فقال: أي والله ثقة"(4).
وسأل الدارمي ابن معين عنه، فقال: "ثقة"(5).
وقال أبو حاتم الرازي: "صحيح الحديث، صدوق لا بأس به"(6).
ووصفه الذهبي بقوله: "هو الإمام الحافظ الحجة…"(7). وقال أيضاً: "كان حجة وفاقا"(8)، وقال في الكاشف: "ثقة عابد، رفيع القدر إمام"(9).
ولم يذكر الحافظ ابن حجر في "التهذيب" ما يدل على وهم إسحاق وخطئه - فضلا عن كثرة خطئه - إلا قول ابن سعد "ثقة ربما غلط"(10).
فهذا كله يدل على أن قول الإمام أحمد: "كثير الخطأ عن سفيان" ليس على إطلاقه، ولذلك لما سئل عنه أقسم بأنه ثقة، ولم يستثن.
وكذا قول أبي حاتم: "صحيح الحديث" شهادة بصحة حديثه عامة، تدفع احتمال أن يكون ضعفه في الثوري خاصة.
__________
(1) مصادر ترجمته: "ص 404".
(2) ابن حجر: التقريب "1/63".
(3) العلل: "1/221" ومحمد بن يزيد هو الكلاعي، "ثقة ثبت عابد" كما في التقريب "2/220".
(4) الخطيب: التاريخ"6/321".
(5) تاريخه عن ابن معين "رقم139، 547".
(6) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "2/238".
(7) السير: "9/171".
(8) المصدر السابق "9/172".
(9) "1/66".
(10) "1/257". وقول ابن سعد في الطبقات: "7/315".(3/1)
وقد روى البخاري ومسلم من طريق إسحاق الأزرق عن الثوري في صحيحيهما(1).
فهذا من الأمثلة التي تدل على أن قول الإمام أحمد في بعض الرواة: "كثير الخطأ لا يراد به الكثرة المطلقة، وإنما هي كثرة مقيدة بالنسبة لراو آخر، أو بالنسبة لأخطاء الراوي عن شيوخه الآخرين، وقد تقدمت أمثلة أخرى تدل على ذلك أيضاً"(2).
والخلاصة:
أن إسحاق الأزرق ثقة مطلقا، وقول الإمام أحمد: "كثير الخطأ عن سفيان" لا يقدح فيه، لأنه تضعيف نسبي. ولذلك لم أر أحدا ممن ترجم لإسحاق أشار إلى ضعفه في سفيان.
2- أبو عاصم النبيل الله أكبر
"الضحاك بن مَخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني أبو عاصم النبيل، البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة أو بعدها./ع"(3).
ضعف في سفيان الثوري:
فقال أبو العباس أحمد بن محمد بن محرز: "وسئل - يعني ابن معين - عن أصحاب سفيان، من هم؟ قال: المشهورون وكيع، ويحيى، وعبد الرحمن، وابن المبارك، وأبو نعيم، هؤلاء الثقات. قيل له: فأبو عاصم وعبد الرزاق وقبيصة وأبو حذيفة؟ قال: هؤلاء ضعفاء"(4).يعني في سفيان الثوري.
__________
(1) ابن طاهر: الجمع بين رجال الصحيحين "1/30" وحديثه عن الثوري في مسلم "رقم613، 1309" احتجاجا.
(2) "ص 44-45".
(3) ابن حجر: التقريب "1/373".
(4) ابن محرز: معرفة الرجال"ق/10/أ" وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وقبيصة: هو ابن عقبة السوائي، وأبوحذيفة: موسى بن مسعود النهدي.(3/2)
وهذا التضعيف الذي ذكره ابن معين هو تضعيف نسبي وليس التضعيف الاصطلاحي المقابل للتوثيق، لأن أبا عاصم النبيل من الثقات الأثبات، وقد نقل عثمان الدارمي توثيقه عن ابن معين توثيقا مطلقا(1)، وذكره ابن معين أيضا في ثقات أصحاب سفيان الثوري، كما نقله عنه ابن أبي خيثمة(2). فدل ذلك على أن قول ابن معين "هؤلاء ضعفاء" يعني بالنسبة لوكيع بن الجراح، ويحيى القطان، وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك وأبي نعيم الفضل بن دُكين، فأبو عاصم ليس مثل هؤلاء في سفيان الثوري، لكن ذلك لا يخرجه عن كونه من ثقات أصحابه. وقول ابن معين "هؤلاء ضعفاء" جار على طريقته في التفضيل بين الرواة، حيث يُسأل عن الرجل مقرونا بغيرة فيضعفه، ويُسأل عنه منفردا فيوثقه، وقد تقدمت الأمثلة على ذلك(3).
وسيأتي الكلام على هذا النص الذي نقله ابن محرز أيضا في ترجمة عبد الرزاق بن همام(4).
ومن الأحاديث التي أُنكرت على أبي عاصم:
حديثه عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمروبن حزم، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أدلكم على شيء يكفر الخطايا، ويزيد في الحسنات؟" قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "إسباغ الوضوء على المكاره.." الحديث(5).
__________
(1) عثمان الدارمي: تاريخه عن ابن معين "رقم 444، 653".
(2) المزي: تهذيب الكمال "3/ق1293" وابن رجب: شرح علل الترمذي "2/538".
(3) تقدم "ص 62-85".
(4) سيأتي "ص 130-131".
(5) الحديث رواه العقيلي في الضعفاء "2/223" من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبي حفص، عن أبي عاصم به.
ورواه ابن حبان في صحيحه "ص 119 موارد الظمآن" من طريق محمد بن عبد الرحيم عن أبي عاصم به مطولا، والحاكم في المستدرك "1/191" من طريق أبي موسى محمد بن المثنى عن أبي عاصم. به. ووقع في ضعفاء العقيلي: "عن سفيان، عن عبد الله، عن أبي بكر، عن سعيد بن المسيب". وهو تحريف.(3/3)
فقد سأل عبد الله بن أحمد بن حنبل أباه عن هذا الحديث فقال: "هذا باطل من حديث عبد الله بن أبي بكر إنما هذا حديث ابن عقيل. "قال عبد الله: وأنكره أبي أشد الإنكار"(1).
وقال أبو عبد الله الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه وهو غريب من حديث الثوري، فإني سمعت أبي علي الحافظ يقول: تفرد به أبو عاصم النبيل عن الثوري"(2).
والحديث رواه عبيد الله بن عمرو الرقي(3)، وزهير بن محمد التميمي(4). كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري، كما قال الإمام أحمد.
والخلاصة:
أن أبا عاصم النبيل ثقة ثبت، كما قال ابن حجر. وتضعيف ابن معين له في سفيان هو تضعيف نسبي، وقد وثقه ابن معين في سفيان الثوري كما تقدم. وروى البخاري ومسلم عنه عن سفيان الثوري في صحيحيهما(5).
3- عبد الرزاق الصنعاني(6)
__________
(1) العقيلي: الضعفاء "2/223".
(2) الحاكم: المستدرك "1/191" وأبو علي: هو الحسين بن علي الحافظ شيخ الحاكم. وقد وافق الذهبي الحاكم.
(3) رواه عبد بن حميد في مسنده "2/ق 129/أ من المنتخب" قال: "حدثني زكريا بن عدي، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل" به.
(4) رواه ابن ماجه "رقم 427" من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن بكير، ثنا زهير بن محمد … " به.
والحديث في إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل "صدوق، في حديثه لين" قاله ابن حجر في التقريب "1/448"، لكن رواه الإمام مالك في الموطأ "1/161" ومن طريقه مسلم في صحيحه "رقم 251" وغيرهما، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بما يمحوالله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ،فذلكم الرباط".
(5) ابن طاهر: الجمع بين رجال الصحيحين "1/228".
(6) مصادر ترجمته: "ص 405".(3/4)
عبد الرزاق بن همام بن نافع، الحميري مولاهم أبوبكر الصنعاني، ثقة حافظ، مصنف، شهير، عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع، من التاسعة مات سنة إحدى عشرة، وله خمس وثمانون/ع"(1).
تُكلِّم في حديثه عن سفيان الثوري وعبيد الله بن عمر العمري:
فأما حديثه عن الثوري فقد تكلم فيه ابن معين وتكلم أحمد بن حنبل فيما سمعه عبد الرزاق من سفيان بمكة خاصة.
فقد سئل ابن معين عن أصحاب سفيان من هم؟ فقال: "المشهورون: وكيع ، ويحيى، وعبد الرحمن، وابن المبارك، وأبو نعيم، هؤلاء الثقات. قيل له: فأبو عاصم، وعبد الرزاق، وقبيصة، وأبو حذيفة؟ فقال: هؤلاء ضعفاء"(2).
وتضعيف ابن معين لعبد الرزاق ومن ذُكروا معه تضعيف نسبي، وليس التضعيف الاصطلاحي المقابل للتوثيق، ومراد ابن معين: أنهم وإن كانوا ثقات إلا أنهم دون وكيع ويحيى في الضبط والمعرفة لحديث الثوري.
وقد نص ابن معين على ذلك صراحة فيما رواه أبوبكر بن خيثمة حيث قال: "سمعت يحيى بن معين - وسئل عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ - فقال: هم خمسة، يحيى القطان، ووكيع، وابن المبارك وابن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأما الفريابي وأبو حذيفة، وقبيصة بن عقبة، وعبيد الله، وأبو عاصم وأبو أحمد الزبيري، وعبد الرزاق، وطبقتهم فهم كلهم في سفيان بعضهم قريب من بعض وهم ثقات كلهم، دون أولئك في الضبط والمعرفة"(3).
فكلام ابن معين في هذا النص يوضح مراده من التضعيف في النص السابق، وأنه لم يرد به التضعيف المطلق، وإنما مراده أن عبد الرزاق دون وكيع ويحيى وابن مهدي في الضبط والمعرفة لحديث الثوري.
__________
(1) ابن حجر: التقريب "1/505" وذكره ابن رجب "2/665".
(2) ابن محرز: معرفة الرجال "ق/10/أ".
(3) المزي: التهذيب "3/1293"، وابن رجب: شرح العلل "2/538" وقد رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل "6/39" بمعناه.(3/5)
وأما ما رواه ابن عدي عن عثمان الدارمي قال: "سألت ابن معين قلت: فعبد الرزاق في سفيان؟ فقال: مثلهم. يعني: مثل الفريابي وقبيصة، وعبيد الله بن موسى، وابن يمان، وأبو حذيفة. ليس بالقوي"(1).
فقوله: "ليس بالقوي" من كلام ابن عدي وليس من كلام الدارمي، بل النص الذي أورده الدارمي يخالف ما ذهب إليه ابن عدي، حيث سأل الدارمي ابن معين عن جماعة من أصحاب سفيان فقال: " قلت: فيحيى بن يمان؟ فقال: أرجو أن يكون صدوقا. قلت: فكيف هو في حديثه؟ فقال: ليس بالقوي قلت فعبيد الله بن موسى؟ فقال: ثقة، ما أقربه من ابن اليمان، قلت: فقبيصة؟ فقال: مثل عبيد الله بن موسى؟ فقال: ثقة، ما أقربه مم ابن اليمان، قلت فقبيصة؟ فقال: مثل عبيد الله. قلت: فالفاريابي(2)؟ قال: مثلهم. قلت: فعبد الرزاق في سفيان؟ قال: مثلهم"(3).
فابن معين قال في عبيد الله: "ثقة ما أقربه من ابن اليمان" وهذا يدل على تفضيل عبيد الله على ابن اليمان، ولو كان مثله لقال فيه ابن معين: ليس بالقوي كما قال في ابن اليمان. ثم قال ابن معين في قبيصة: "مثل عبيد الله" يعني ثقة. وقال في الفاريابي وعبد الرزاق "مثلهم" يعني: أنهما ثقتان في سفيان مثل قبيصة وعبيد الله. وهذا خلافا ما ذهب إليه ابن عدي.
وقد روى ابن عساكر في "تاريخه" كلام الدارمي من طريق ابن عدي، وذكر قول ابن عدي: "يعني: ليس بالقوي" ثم رواه من طريق أخرى، وعقب عليه بقوله: "يعني: ثقة"(4) بدل قول ابن عدي: "ليس بالقوي".
وهذا التصرف من ابن عساكر يدل على أنه لم يرتض قول ابن عدي السابق.
__________
(1) الكامل: "5/1948".
(2) هو محمد بن يوسف منسوب إلى فارياب مدينةكانت مشهورة ثم اندثرت، تقع بالقرب من مدينة بَلْخ في افغانستان.
انظر: معجم البلدان لياقوت "4/220"، وبلدان الخلافة الشرقية لكي لسترنج "ص 467".
(3) تاريخ الدارمي عن ابن معين: "63".
(4) تاريخ دمشق: "10/1/151/ب".(3/6)
وهذا النص يدل - أيضا - على توثيق ابن معين لعبد الرزاق في سفيان، وهو يوضح مراد ابن معين من التضعيف في رواية ابن محرز كما تقدم.
وأما كلام الإمام أحمد في الأحاديث التي سمعها عبد الرزاق من الثوري بمكة، فقد ذكره ابن رجب من رواية الأثرم عنه أنه قال: "سماع عبد الرزاق بمكة من سفيان مضطرب جدا، روى عنه عن عبيد الله أحاديث مناكير، هي من حديث العمري(1)، وأما سماعه باليمن فأحاديث صحاح".
ثم قال الإمام أحمد: "لا أعلم أني رأيت ثمَّّ خطأ إلا في حديث بشير بن سلمان عن سيّار. أظن أني رأيته عن سيار عن أبي حمزة. فأُراهم أرادوا عن سيار أبي حمزة، فغلطوا، فكتبوا: عن سيار عن أبي حمزة"(2).
قال ابن رجب: "هذا كله كلام أحمد - رحمه الله - ليبين به صحة سماع عبد الرزاق باليمن من سفيان وضبط الكتاب الذي كتب هناك عنه"(3).
وذُكر للإمام أحمد حديث عبد الرزاق عن الثوري عن قيس عن الحسن بن محمد عن عائشة قالت: "أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم وشيقة لحم وهو محرم فلم يأكله". فجعل الإمام أحمد ينكره إنكارا شديدا. وقال: "هذا سماع مكة"(4)
__________
(1) عبيد الله بن عمر العمري وعبد الله بن عمر أخوان الأول ثقة ثبت والثاني ضعيف كما في التقريب "1/434-435، 437".
(2) شرح العلل: "2/606-607".
وقول الإمام أحمد: "أظن أني رأيته عن سيار عن أبي حمزة"، هذا الظن من أبي عبد الله قد جزم بخلافه فيما رواه عنه ابنه في العلل "1/97" قال: "حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا سفيان. قال أبي أملاه عليهم باليمن سفيان عن بشير أبي إسماعيل عن سيار أبي حمزة…"
ورواه الإمام أحمد في مسنده "1/442" على الصواب أيضا من طريق عبد الرزاق قال: "أنا سفيان عن بشير أبي إسماعيل عن سيار أبي حمزة …" قال عبد الله: "قال أبي: وهو الصواب سيار أبو حمزة".
(3) شرح العلل: "2/607".
(4) المصدر السابق.
والحديث رواه عبد الرزاق في مصنفه "4/427" من طريق الثوري عن قيس بن مسلم به وفيه: "وشيقة ظبي".
ورواه الإمام أحمد في مسنده من طريقين:
الأولى: "6/225" من طريق عبد الرزاق الإسناد المتقدم.
الثانية: "6/40" من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم - وهو ابن أبي المخارق - عن قيس بن مسلم به. وزاد: "قال سفيان: الوشيقة: ما طبخ وقدد". ومن هذا الطريق رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده "لوحة رقم 435" والطحاوي في شرح معاني الآثار "2/169"، إلا أنه وقع عنده: "الحسن بن عليّ" والصواب الحسن بن محمد بن عليّ. ورواه أبو يعلى أيضا "لوحة 418" من طريق ابن جريج عن عبد الكريم عن قيس بن مسلم به.(3/7)
.
وقوله: "سماع عبد الرزاق بمكة من سفيان مضطرب جدا" يعني بالنسبة لسماعه باليمن. فأحاديثه التي سمعها من سفيان باليمن صحيحة أما سماعه من سفيان بمكة فقد وقع فيه بعض الاضطراب، إلا أن هذا لا يؤثر في حديث عبد الرزاق عن الثوري عامة. لأن أكثر حديثه عن الثوري سمعه باليمن حيث مكث الثوري ثلاثا وأربعين ليلة بصنعاء(1) وكان يملي عليهم. ولا شك أن بعض الأحاديث التي حدث بها بمكة قد أعادها باليمن كما هي عادة المحدثين في التحديث. ولو كان هذا الاضطراب قادحا في حديث عبد الرزاق عن سفيان لاشتهر عند أهل الحديث، كما هو الحال في إسماعيل بن عياش وغيره ممن ضعف سماعهم في مكان دون مكان(2).
ومع صحة سماع عبد الرزاق باليمن كما تقدم عن الإمام أحمد، إلا أنه لم يسلم من الطعن؛ فقد قال يعقوب الفسوي: "حدثني زيد بن المبارك، قال: قيل لابن ثور: ابن همام يقول: كنا نختم على إملاء سفيان حتى كتبناه.
قال ابن ثور: ما رأيته عند سفيان، ولقد رأيته بعد ما خرج سفيان، ورأيته محلوقا فقلت: ما لابن همام محلوق؟ فقالوا: كان مريضا، فنقه من مرضه، فلذلك حلق رأسه…"(3).
__________
(1) الفسوي: المعرفة والتاريخ "3/16".
(2) انظر شرح علل الترمذي "2/609-614".
(3) المعرفة والتاريخ: "1/721" ووقع فيه: "قيل لأبي ثور" و"قال إبراهيم" بدل قال ابن ثور، وهو تحريف، والصواب ما أثبته كما في تاريخ ابن عساكر "10/1/150/ب" وقد أعاده الفسوي بلفظ آخر "3/16".(3/8)
وهذا القول لا يقبل من محمد بن ثور، لأن عبد الرزاق قد ثبت سماعه من الثوري باليمن، كما تقدم عن الإمام أحمد، بل قال سلمة بن شبيب: "قلت لأحمد بن حنبل:يا أبا عبد الله، عبد الرزاق أعجب إليك أم هشام بن يوسف؟ فقال: لا، بل عبد الرزاق. قلت: إني سمعت عبد الرزاق يقول: كان هشام بن يوسف يكتب لنا عند الثوري ونحن ننظر في الكتاب، فإذا فرغ أختم الكتاب. فقال أحمد بن حنبل: إن الرجل ربما نظر مع الرجل في الكتاب وهو أعلم بالحديث منه"(1).
فالإمام أحمد فضل عبد الرزاق على هشام بن يوسف مع أن هشاما كان يكتب بيده إملاء سفيان باليمن.
وكون ابن ثور لم ير عبد الرزاق عند سفيان لا يدل على عدم حضوره، وقد سبق إثبات حضور عبد الرزاق عند سفيان، والمثبت مقدم على النافي.
ومحمد بن ثور لم يكن من الملازمين لسفيان الثوري، بل لم يذكر المزي سفيان في شيوخه، ولم يذكره في تلاميذ سفيان، وعدم رؤيته لعبد الرزاق عند سفيان دليل على عدم ملازمته هو للثوري، فكيف يقبل قوله فيمن اشتهر بالأخذ عن الثوري؟! ولا يبعد أن يكون هذا القول من ابن ثور في عبد الرزاق من قبيل قول الأقران بعضهم في بعض.
والخلاصة:
أن عبد الرزاق ثقة في سفيان الثوري، إلا أنه ليس من كبار أصحابه المختصين به، وقد وقع في حديثه الذي سمعه من سفيان بمكة بعض الاضطراب، لكن ذلك لا يؤثر في حديثه عن سفيان عامة كما تقدم بيانه. ولذلك اتفق البخاري ومسلم على تخريج حديثه عن الثوري(2) إلا أنه ينبغي التوقف فيما ينفرد به عبد الرزاق عن الثوري عن عبيد الله بن عمر خشية أن تكون من أحاديث عبد الله بن عمر كما قال الإمام أحمد.
__________
(1) ابن عساكر: التاريخ "10/1/151/أ" وروى يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ "1/721" عن عبد الرزاق قال: "لما قدم علينا سفيان قال لنا: أيتوني برجل يكتب. خفيف الكتاب فأتيناه بهشام بن يوسف فكان هو يكتب ونحن ننظر في الكتاب…".
(2) انظر: الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر "1/328".(3/9)
وأما حديث عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر العمري؛ فقد ذكر ابن رجب عبد الرزاق في أصحاب عبيد الله بن عمر الذي ضُعِّف حديثهم عنه خاصة، ونقل قول ابن أبي مريم: "قيل ليحيى بن معين: إن عبد الرزاق كان يحدث بأحاديث عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر، ثم حدث بها عن عبيد الله. فقال يحيى: لم يزل عبد الرزاق يحدث بها عن عبيد الله، ولكنها كانت منكرة"(1).
وقد تقدم قول الإمام أحمد: إن عبد الرزاق روى عن الثوري عن عبيد الله أحاديث مناكير، هي من حديث العمري(2). يعني: عبد الله بن عمر.
لكن قوله هذا مقيد بما رواه عبد الرزاق بمكة عن الثوري عن عبيد الله، وكلام ابن معين فيما رواه عبد الرزاق عن عبيد الله مباشرة.
ومما أُنكر على عبد الرزاق: حديثه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا ينزلون الأبطَح"(3).
__________
(1) ابن رجب شرح العلل "2/665" وقول ابن أبي مريم عن ابن معين رواه ابن عدي في كامله "5/1948" وابن عساكر في تاريخه "10/1/151/ب".
(2) تقدم "ص 134".
(3) رواه أحمد "2/89" والترمذي "3/253 رقم 921" من طريق إسحاق بن منصور، وابن ماجة "رقم 3069" عن محمد بن يحيى. وابن خزيمة في صحيحه "4/325" عن محمد بن رافع، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن سهل بن عسكر. كلهم عن عبد الرزاق، عن عبيد الله به، وقال الترمذي: "حديث ابن عمر حديث صحيح حسن غريب، إنما نعرفه من حديث عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر" . وعزاه ابن رجب في شرح العلل "2/666"، وابن حجر في الفتح "3/591" لمسلم في صحيحه، ولم أجده فيه من هذا الطريق، وإنما هو من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع، وقد ذكره المزي في تحفة الأشراف "6/79" في مسند أيوب عن نافع، ولم يذكره في مسند عبد الرزاق عن عبيد الله عن نافع.(3/10)
فقد خالفه خالد بن الحارث قال: "سئل عبيد الله بن عمر عن المُحصَّب والنزول به؟ فحدثنا عبيد الله عن نافع قال: نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر وعبد الله بن عمر"(1).
فخالف عبد الرزاق ولم يصله بل أرسله(2).
وقد تابع عبد الرزاق على رفعه المعتمر بن سليمان عند ابن خزيمة، حيث قال في صحيحه: "وروى عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل البطحاء عشية النفر، وأن أبا بكر وعمر كانا يفعلانه، وكان ابن عمر يفعله حتى هلك، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
ثنا الصنعاني، ثنا المعتمر، قال سمعت عبيد الله"(3).
وهذه متابعة تامة لعبد الرزاق.
وقد رواه عبد الرزاق أيضا عن معمر عن أيوب عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون الأبطَح"(4)
__________
(1) رواه البخاري في صحيحه في الحج باب النزول بذي طوى… "3/592 رقم 1768"، من طريق عبد الله بن الوهاب "حدثنا خالد بن الحارث" به.
(2) ابن رجب: شرح العلل "2/666".
(3) ابن حزيمة: الصحيح "4/325" ووقع فيه عبد الله بن عمر بدل عبيد الله، وعلق عليه محققه. د. الأعظمي فقال: "في الأصل: عبد الله، ولعل الصواب: عبيد الله".
وهو كما قال. ويدل على ذلك: أن المزي ذكر في تهذيب الكمال "3/ق 1351" عبيد الله بن عمر في شيوخ معتمر بن سليمان، ولم يذكر عبد الله، وكذلك لم يذكر معتمرا في تلاميذ عبد الله بن عمر "2/ق 713"، ويؤيد ذلك أيضا أن ابن خزيمة ذكر عبد الله بن عمر فيمن لا يحتج بحديثهم، كما نقله عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء "14/373".
(4) رواه مسلم في صحيحه "2/951 رقم 1310" من طريق محمد بن مهران الرازي، وابن خزيمة في صحيحه "4/325" من طريق محمد بن يحي ومحمد بن رافع ومحمد بن سهل كلهم عن عبد الرزاق به.
أما ما ذكره ابن رجب في شرح العلل "2/666" من أنه اختلف على عبد الرزاق في متن الحديث فمنهم من روى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر لم يكونوا ينزلون بالأبطَح.
فلم أقف على هذه الرواية، وقد تقدم أن أحمد بن حنبل وإسحاق بن منصور ومحمد بن يحي الذهلي، ومحمد بن رافع، ومحمد بن سهل بن عسكر، كلهم رووا عن عبد الرزاق عن عبيد الله، إثبات النزول بالمحُصَّب وكذا رواه محمد بن مهران، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن رافع، ومحمد بن سهل عن عبد الرزاق عن معمر عن ايوب. فاجتماع هؤلاء الحفاظ على رواية الإثبات عن عبد الرزاق يقضي بضعف رواية النفي التي أشار إليها ابن رجب.(3/11)
.
وبذلك يندفع الإنكار على عبد الرزاق في رفعه الحديث عن عبيد الله.
والظاهر أن عبيد الله حدث به مرتين مرة مرفوعا ومرة مرسلا. ويؤيد ذلك: أن رواية خالد بن الحارث إنما هي فتوى أفتى بها عبيد الله بن عمر من سأله عن المحصَّب والنزول به. كما تقدم.
وقد قال ابن حجر في حديث خالد بن الحارث: "هو عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، وعن عمر منقطع وعن ابن عمر موصول، ويحتمل أن يكون نافع سمع ذلك من ابن عمر، فيكون الجميع موصولا…"(1).
وقد ثبت هذا الاحتمال الذي ذكره ابن حجر - رحمه الله تعالى - كما تقدم في الروايات السابقة.
وقد احتج مسلم برواية عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر(2).
والخلاصة:
أن قول ابن معين في أحاديث عبد الرزاق عن عبيد الله: "ولكنها كانت منكرة" يمكن أن تحمل النكارة على مطلق التفرد كما تقدم نظائر ذلك في كلام غيره من الأئمة.
إلا أنه يستفاد من قول ابن معين هذا الترجيح بين رواية عبد الرزاق عن عبيد الله ورواية غيره من كبار أصحاب عبيد الله فتقدم روايتهم على روايته عند التعارض.
4- قبيصة بن عقبة(3)
"قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان السُّوائي، بضم المهملة وتخفيف الواو والمد، أبو عامر الكوفي، صدوق ربما خالف، من التاسعة، مات سنة خمس عشرة على الصحيح/ع"(4).
تُكلِّم في حديثه عن سفيان الثوري:
فقال ابن أبي خيثمة: "سئل يحيى بن معين عن حديث قبيصة، فقال ثقة إلا في حديث الثوري ليس بذلك القوي"(5).
وقال ابن أبي خيثمة أيضا: "سمعت يحيى بن معين قال: "قبيصة ثقة في كل شيء إلا في سفيان فإنه سمع وهو صغير"(6).
__________
(1) فتح الباري: "3/592".
(2) انظر: صحيح مسلم "حديث رقم 1308".
(3) مصادر ترجمته: "ص 406".
(4) ابن حجر التقريب "2/122"، وذكره ابن رجب في شرح العلل "2/668".
(5) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "7/126"،
(6) الخطيب: التاريخ "12/474".(3/12)
وتقدم في ترجمة كل من أبي عاصم النبيل و عبد الرزاق قول ابن معين في بعض أصحاب سفيان - ومنهم قبيصة -: "هؤلاء ضعفاء" يعني: في سفيان الثوري(1).
وقال حنبل بن إسحاق: "قال أبو عبد الله(2): كان يحيى بن آدم أصغر من سمع من سفيان عندنا. قال: وقال يحيى: قبيصة أصغر مني بسنتين. قلت له: فغير هذا؟ قال: كان صغيرا لا يضبط. قلت له: فغير سفيان؟ قال: كان قبيصة رجلا صالحا ثقة، لا بأس به في تدينه، وأي شيء لم يكن عنده في الحديث. يذكر أنه كثير الحديث"(3).
وقال يعقوب بن شيبة: "كان ثقة صدوقا فاضلا، تكلموا في روايته عن سفيان خاصة، وكان ابن معين يضعف روايته عن سفيان"(4).
وقال عبد المؤمن بن خلف النسفي: "سألت أبا عليّ صالح بن محمد عن قبيصة، فقال: كان رجلا صالحا، إلا أنهم تكلموا في سماعه من سفيان"(5).
ويتلخص ما طُعن به في قبيصة - مما تقدم - في أمرين:
الأول: أنه كان صغيرا حين سمع من الثوري.
الثاني: أنه كان كثير الغلط في حديثه عن الثوري.
فأما الأمر الأول وهو سنه حين سمع من الثوري، فقد بينها قبيصة نفسه، فيما رواه هارون بن عبد الله الحمّال قال: "سمعت قبيصة يقول: جالست الثوري - وأنا ابن ست عشرة سنة - ثلاث سنين"(6).
وروى يعقوب الفسوي عن قبيصة أنه قال: "شهدت عند شَريك فامتحنني في شهادتي، فذكرت ذلك لسفيان. فأنكر على شريك ما فعل، وقال لم يكن له أن يمتحنه. قال: وصليت بسفيان الفريضة…"(7).
__________
(1) "ص 127، 131".
(2) هو الإمام أحمد بن حنبل.
(3) الخطيب: التاريخ "12/474"، وذكره المزي في تهذيب الكمال "2/ق 1120"، والذهبي في السير "10/133"، إلا أنه وقع عندهما: "في بدنه" بدل "في تدينه".
(4) ابن رجب: شرح العلل "1/669".
(5) الخطيب: التاريخ "12/474" وصالح هو الملقب بجزرة.
(6) المزي: تهذيب الكمال "2/ق 1120".
(7) المعرفة والتاريخ: "1/717".(3/13)
فسماعه من الثوري وقد تجاوز السادسة عشرة، وإمامته بسفيان في فريضة، وإنكار سفيان على شريك حين امتحنه في الشهادة تدل دلالة صريحة على أنه كان مميّزا حين سمع من الثوري.
بل سمع قبيصة من شيوخ ماتوا قبل سفيان الثوري بسنين، منهم يونس بن أبي إسحاق السبيعي(1)، وقد توفي قبل الثوري بنحو تسع سنين على الصحيح(2)، وسمع أيضا من مِسعَر بن كدام، وقد توفي قبل الثوري بنحو ثمان سنين (3).
وقول الإمام أحمد: "كان يحيى بن آدم أصغر من سمع من سفيان عندنا" خالفه يحيى بن معين، فقد ذكر أن أبا داود عمر بن سعد الحَفَري أصغر من قبيصة ويحيى بن آدم(4).
وقول يحيى بن آدم: "قبيصة أصغر مني بسنتين" قد خالفه ابن معين أيضا فقال: "قبيصة أكبر من يحيى بن آدم بشهرين"(5).
وقال أبو زرعة الدمشقي: "حدثني أحمد بن أبي الحواري، قال: قلت للفريابي: رأيت قبيصة عند سفيان؟ قال: نعم، رأيته صغيرا. قال أبو زرعة: فذكرته لمحمد بن عبد الله بن نمير، فقال لو حدثنا قبيصة عن النخعي لقبلنا"(6). وفي هذا القول ثناء من ابن نمير على قبيصة، ورد على من يستصغره في الثوري.
والإمام أحمد معذور في استصغار قبيصة في سفيان، لأنه بيّن أن يحيى بن آدم أخبره أن قبيصة أصغر منه بسنتين، ويحيى بن آدم أصغر مَنْ سمع من سفيان عند الإمام أحمد - كما تقدم - ولذلك استصغر قبيصة في سفيان وقال: "كان صغيرا لا يضبط".
__________
(1) صرح قبيصة بالتحديث عنه في طبقات ابن سعد "6/118"، والمعرفة والتاريخ "2/533، 562".
(2) انظر: التقريب لابن حجر "2/384"، وتوفي الثوري إحدى وستين ومائة، كما في طبقات ابن سعد "6/371".
(3) ذكر خليفة بن خياط مسعرا في تاريخه "ص426" في وفيات سنة ثلاث وخمسين ومائة. وصرح البخاري في تاريخه الكبير "7/177" بسماع قبيصة من مسعر.
(4) تاريخ ابن معين: "3/364".
(5) المصدر السابق: "3/442" والمعرفة والتاريخ للفسوي "1/717".
(6) تاريخ أبي زرعة الدمشقي: "1/580".(3/14)
وقول يحيى بن معين: "سمع وهو صغير" يعني بالنسبة لكبار أصحاب الثوري، لأنه لو كان الصغر سببا في ضعف قبيصة في سفيان لكان أبو داود الحَفَري أولى بالضعف منه، لأنه أصغر من قبيصة، كما تقدم عن ابن معين. وقد وثق ابن معين أبا داود في سفيان(1). فدل ذلك على أن الصغر الذي ذكره ابن معين هنا إنما هو بالنسبة لكبار أصحاب الثوري كما تقدم.
وأما الأمر الثاني وهو: كثرة الغلط في حديث قبيصة عن سفيان فقد تقدم قول الإمام أحمد في قبيصة: "كان كثير الغلط"، لكن أبا حاتم الرازي قد خالفه في ذلك فقال: "لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيّره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري…"(2).
وهذان القولان من الإمام أحمد وأبي حاتم من الأمور النسبية؛ وذلك: أن الإمام أحمد قد سمع من وكيع بن الجراح ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وهؤلاء من كبار أصحاب الثوري، فقوله في قبيصة: "كان كثير الغلط" يعني بالنسبة لهؤلاء، كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر(3).
وأما أبو حاتم الرازي فلم يسمع من هؤلاء، وإنما سمع من قبيصة وأبي نعيم(4) فقال ما تقدم. فلا تعارض بين قوليهما، كما أنه لا تعارض بين قول الإمام أحمد - في قبيصة -: "كان كثير الغلط"، وقوله - لما ذَكَر قبيصة وأبا حذيفة - "قبيصة أثبت منه جدا - يعني في حديث الثوري – أبو حذيفة شبه لا شيء، وقد كتبت عنهما جميعا"(5).
فقوله الأول بالنظر إلى كبار أصحاب الثوري، وقوله الثاني بالنظر إلى أبي حذيفة.
__________
(1) تاريخ ابن معين: "3/364"، وتاريخ الدارمي عن ابن معين "رقم 97".
(2) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "6/176".
(3) انظر: هدي الساري "ص 436" فقد ذكر قول الإمام أحمد ثم عقب عليه بقوله: "هذه الأمور نسبية…".
(4) انظر: تهذيب الكمال للمزي "3/ق 1164".
(5) العلل: "1/124"، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، "صدوق سيء الحفظ، وكان يصحف". قاله ابن حجر في التقريب "2/288".(3/15)
وكذلك قول ابن معين في قبيصة: "ليس بذلك القوي"(1)، يعني: بالنسبة لكبار أصحاب الثوري أيضا. يدل على ذلك توثيق ابن معين له في سفيان، فيما رواه ابن أبي خيثمة وعثمان الدارمي عنه، كما تقدم في ترجمة عبد الرزاق(2).
وقد نقل الذهبي قول أبي الحسن بن القطان الفاسي في قبيصة: "وهو عندهم كثير الغلط". ثم عقب عليه بقوله: "قد قفز قبيصة القنطرة، واحتجوا به، فأرني الحديث المنكر الذي يُنْقَم به على قبيصة"(3).
وقال في الميزان - تعقيبا على قول ابن القطان أيضا -: "بل هو محتج به عندهم، موثق مع وجود غلطه"(4).وقبيصة بن عقبة من المكثرين عن سفيان، فقد كان عنده عن سفيان سبعة آلاف حديث(5). وكان نحدث من حفظه، يدل على ذلك قول الفضل بن سهل الأعرج: "كان قبيصة يحدث بحديث الثوري على الولاء درسا درسا حفظاً"(6).
فمن كان حديثه بهذه الكثرة، ويحدث من حفظه، فلا يستغرب أن تقع منه بعض الأخطاء.
وقد وقفت على عدد من الأحاديث التي خطّئ فيها قبيصة عن سفيان(7)، وأكثر هذه الأخطاء وقعت من قبيصة في الأسانيد يبدل راويا بآخر، أو يصحف في أسماء بعض الرواة، وهذا شيء لم يسلم منه كبار الحفاظ.
__________
(1) عبارة "ليس بالقوي" إنما تنفي الدرجة الكاملة من القوة كما ذكر ذلك المعلمي في التنكيل، وبيّن الفرق بين هذه العبارة وقولهم: ليس بقوي، وذكر شواهد على ذلك من كلام ابن حجر. انظر "1/232".
وذكر د. أحمد نور سيف عبارة "ليس بالقوي" في المرتبة الثانية من مراتب التعديل عند يحيى بن معين. أنظر كتابه "يحيى بن معين وكتابة التاريخ" "1/91".
(2) "ص 132-133".
(3) سير أعلام النبلاء: "10/135".
(4) "3/384".
(5) ابن حجر: تهذيب التهذيب "10/218",
(6) المزي: تهذيب الكمال "2/ق 1120"؛ وقوله: "على الولاء" أي: متتابعة، كما في الصحاح للجوهري "6/2530".
(7) انظر: المعرفة والتاريخ للفسوي "3/153"، وعمل اليوم والليلة للنسائي "ص 314" والعلل لابن أبي حاتم "1/11، 24، 61، 241، 306، 2/244".(3/16)
وأشد ما وقفت عليه من أخطائه ما ذكره ابن أبي حاتم في "العلل"، قال: "سألت أبي عن حديث رواه قبيصة، عن الثوري، عن عطاء بن السائب، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أوصي امرءا بأمه". قال أبي: هذا خطأ، يريد: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة وأبواي يبكيان. وإنما روى ذاك الحديث سفيان، عن منصور، عن عبيد بن عليّ، عن خداش أبي سلامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أوصي امرءا بأمه".
قال أبي: فهذا الذي أراد قبيصة، دخل له حديث في حديث"(1)
__________
(1) العلل: "2/208".
والحديث الأول: "أوصى امرءا بأمه …" رواه الإمام أحمد "4/311" من طريق إسحاق بن يوسف، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن عبيد بن علي، عن أبي سلامة…به.
ورواه الإمام أحمد أيضا "4/311" من طريق شيبان، وأبي عوانة. ورواه ابن ماجة "رقم 3657" من طريق شريك. ثلاثتهم عن منصور به. وقد اختلفوا في اسم شيخ منصور، ومدار الحديث عليه، وهو مجهول كما قال ابن حجر في التقريب "1/537"، ولذلك ذكر الألباني هذا الحديث في ضعيف الجامع الصغير "رقم 2119" وقال: "ضعيف".
وأما الحديث الثاني: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال جئت أبايعك…" فقد رواه الإمام أحمد "2/198" من طريق عبد الرزاق. وأبو داود "3/38رقم 2528" عن محمد بن كثير. والنسائي في الكبرى "كما في تحفة الأشراف 6/298" عن يحيى القطان. والحاكم في المستدرك "4/152" من طريق أبي عاصم النبيل، وأبي نعيم، وأبي حذيفة. ستتهم عن سفيان الثوري عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو به.
فمخالفة هؤلاء الستة لقبيصة تدل على خطئه فيه كما قال أبو حاتم - رحمه الله تعالى-. وقد تابع الثوري: إسماعيل بن علية عند الإمام أحمد "2/194"، وكذا ابن عيينة "2/160"، وشعبة "2/204" وحماد بن زيد عند النسائي "7/143". وعبد الرحمن المحاربي عند ابن ماجه "رقم2782" كلهم عن عطاء به. والحديث صححه الحاكم "4/152"ووافقه الذهبي، وأحمد شاكر في تعليقه على المسند "9/202، 11/69"، والألباني في الإرواء "5/20"، لأن سفيان وشعبة سمعا من عطاء قبل اختلاطه، كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم "6/33"، وكذا حماد بن زيد كما في التقييد والإيضاح للعراقي "ص 391-392".(3/17)
.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر قبيصة في "مقدمة الفتح" فقال: "من كبار شيوخ البخاري، أخرج عنه أحاديث عن سفيان الثوري وافقه عليها غيره"(1).
ونقل ابن حجر في "التهذيب" عن كتاب "الزهرة"أن البخاري روى عنه أربعة وأربعين حديثاً(2).
وأختم ترجمة قبيصة بقول الذهبي فيه: "الرجل ثقة، وما هو في سفيان كابن مهدي ووكيع، وقد احتج به الجماعة في سفيان وغيره، وكان من العابدين"(3).
"5" أبو أحمد الزبيري(4)
"محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي أبو أحمد الزبيري، الكوفي، ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث و مائتين/ع"(5).
تكلم الإمام أحمد في حديثه عن الثوري:
فروى حنبل بن إسحاق عنه أنه قال: "كان كثير الخطأ في حديث سفيان"(6).
وقد وثق عدد من الأئمة أبا أحمد الزبيري في سفيان:
فقال أبو نعيم الفضل بن دكين - في أصحاب سفيان-: "ليس منهم أحد مثل أبي أحمد الزبيري"(7).
__________
(1) "ص 436".
(2) "8/349"، وكتاب الزهرة ذكره ابن حجر في تعجيل المنفعة"ص 11"فقال: "رجال الصحيحين وأبي داؤد والترمذي لبعض المغاربة، سماه الزهرة، وقد ذكر عدة ما لكل منهم عند من أخرج له، وأظنه اقتصر فيه على شيوخهم".
ولم أقف على هذا الكتاب ولا على اسم مؤلفه، وقد تتبعت اقتباسات ابن حجر في تهذيب التهذيب فوجدته قد اقتبس منه في أكثر من سبعين ومائة موضع، ولم يصرح باسم مؤلفه في كل هذه المواضع. وانظر: كتاب.د.أكرم العمري "بقي بن مخلد" "ص 32".
(3) سير أعلام النبلاء: "10/133".
(4) مصادر ترجمته: "ص 407".
(5) ابن حجر: التقريب "1/176" وفيه "ابن عمرو" والصواب ما أثبته كما في نسخة ابن حجر الخطية من التقريب "ق265".
(6) الخطيب: التاريخ "5/403".
(7) ابن شاهين: الثقات "رقم1262".(3/18)
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: "سمعت يحيى بن معين - وسئل عن أصحاب الثوري أيهم أثبت - فقال: هم خمسة: يحيى القطان ووكيع وابن المبارك وابن مهدي وأبو نعيم الفضل بن دكين. وأما الفريابي…وأبو أحمد الزبيري وعبد الرزاق، وطبقتهم فهم كلهم في سفيان بعضهم قريب من بعض، وهم ثقات كلهم، دون أولئك في الضبط والمعرفة"(1).
ونقل الدارمي عن ابن معين قوله: "ليس به بأس"(2) يعني في حديث الثوري.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: "أبو أحمد الزبيري صدوق، وهو في الطبقة الثالثة من أصحاب الثوري ما علمت إلا خيرا، مشهور بالطلب، ثقة صحيح الكتاب وكان صديق أبي نعيم، وسماعهما قريب، وأبو نعيم أسن منه وأقدم سماعاً"(3).
وقال أبو بكر محمد ابن أبي عتاب الأعين: "سمعت أحمد بن حنبل، وسألته عن أصحاب سفيان، قلت له: الزبيري ومعاوية ابن هشام، أيهما أحب إليك؟ قال: الزبيري. قلت له: زيد بن الحباب أو الزبيري؟ قال: الزبيري"(4).
وكان الزبيري يحفظ حديث سفيان الثوري كما نقل ذلك عنه نصر بن علي، قال: "سمعت أبا أحمد الزبيري يقول: "لا أبالي إن سرق مني كتاب سفيان، إني أحفظه كله"(5).
وقال ابن حجر: "احتج به الجماعة، وما أظن البخاري أخرج له شيئاً من أفراده عن سفيان، والله أعلم"(6)
__________
(1) المزي: تهذيب الكمال "3/ق 1293" وقد تقدم هذا النص بتمامه في ترجمة عبد الرزاق "ص 131".
(2) الدارمي: تاريخه عن ابن معين "رقم95".
(3) الخطيب: التاريخ "5/403".
(4) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "2/297".
(5) الخطيب: التاريخ "5/403".
(6) ابن حجر: هدي الساري "ص439-440".
وقد روى البخاري في صحيحه "2/548رقم 1064" من طريق أبي أحمد الزبيري عن الثوري عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة حديثا في صلاة الكسوف ولم يذكر المزي في تحفة الأشراف "12/426" ولابن حجر في الفتح "2/548" متابعا لأبي أحمد عن الثوري، إلا أن الثوري قد تابعه عدد من الحفاظ عن يحيى بن سعيد،به، كما في تحفة الأشراف "12/424".
وقد روى الذهبي في سير أعلام النبلاء "9/531-532" حديثا من طريق أبي أحمد الزبيري، وقد خولف فيه عن سفيان، لكنه قد توبع عليه كما بينه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على السير "9/532".(3/19)
.
ومما تقدم يتبين أن قول الإمام أحمد "كان كثير الخطأ في حديث سفيان" من قبيل التضعيف النسبي وهو نظير قوله في قبيصة: "كان كثير الغلط" وقد تقدم الكلام عليه(1).
ولذلك قال ابن حجر في أبي أحمد الزبيري: "ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري".كما تقدم.
المبحث الثالث: في من تُكُلِّم في حديثه عن قتادة بن دعامة السدوسي
وفيه مطلبان:
الأول: في ترجمة سليمان التيمي.
الثاني: في ترجمة عمرو بن الحارث المصري.
1- سليمان التيمي(2)
"سليمان بن طَرخان التيمي، أبو المعتمر البصري، نزل في التيم فنسب إليهم، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة ثلاث وأربعين، وهو ابن سبع وتسعين/ع"(3).
تكلم أبو بكر أحمد بن محمد الأثرم في حديثه عن قتادة:
فقال: "كان التيمي من الثقات، ولكن كان لا يقوم بحديث قتادة"(4).
وقال أيضا: "لم يكن التيمي من الحفاظ من أصحاب قتادة"(5). وقال: "حديثه عن قتادة مضطرب"(6).
وقد استدل أبو بكر الأثرم على أقواله السابقة بأحاديث ذكر أن سليمان التيمي وهم فيها عن قتادة، منها:
أنه روى عن قتادة أن أبا رافع حدثه. قال الأثرم: "ولم يسمع قتادة من أبي رافع شيئا"(7).
قال ابن رجب: "وحديث سليمان، عن قتادة، أن أبا رافع حدثه. قد خرجه البخاري في صحيحه، وهو حديث: "إن الله كتب كتابا فهو عنده، أن رحمتي سبقت غضبي"(8)
__________
(1) "ص 144".
(2) مصادر ترجمته: "ص 407".
(3) ابن حجر: التقريب "1/326"، وذكره ابن رجب "2/631".
(4) ابن رجب: شرح العلل "2/631".
(5) المصدر السابق.
(6) المصدر السابق "2/509".
(7) المصدر السابق "2/633" وأبو رافع: هو نفيع الصائغ، نزيل البصرة مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من الثانية، كما في التقريب لابن حجر "2/306".
(8) ابن رجب: شرح العلل "2/634".
والحديث في صحيح البخاري "13/522 رقم 7554" من طريق معتمر بن سليمان، سمعت أبي يقول: حدثنا قتادة، أن أبا رافع حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق…".(3/20)
.
وقد صرح عدد من الأئمة بأن قتادة لم يسمع من أبي رافع، فقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "سمعت أبي يقول: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبي رافع شيئا.قال أبي: أدخل بينه وبين أبي رافع خلاسا والحسن"(1).
وقال إسحاق بن منصور عن يحيى معين: "لم يسمع قتادة من حميد ابن عبد الرحمن الحميري…ولا من أبي رافع"(2).
وروى الفضل بن زياد عن الإمام أحمد أنه قال: "لم يسمع قتادة من أبي رافع"(3).
وكذا نقل عنه أبو طالب أحمد بن حميد(4) وأبو بكر الأثرم(5).
وروى أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي عن أبي داود السجستاني قال: "لم يسمع قتادة من أبي رافع"(6).
وفي رواية أبي الحسن علي بن محمد بن العبد عنه: "يقال لم يسمع قتادة من أبي رافع شيئا"(7).
فقد اتفق هؤلاء الأئمة الخمسة: شعبة وابن معين وأحمد وأبو داود وأبو بكر الأثرم على أن قتادة لم يسمع من أبي رافع.
وخالفهم أبو عبد الله البخاري حيث روى في "صحيحه" حديث سليمان التيمي عن قتادة أن أبا رافع حدثه…"(8).
وهذا يقتضي سماع قتادة من أبي رافع عنده، لأن من شرطه ثبوت اللقي بين الراوي وشيخه، ولا يكتفي بمجرد المعاصرة(9).
قال ابن حجر: "وأما دعوى الانقطاع فمدفوعة عمن أخرج لهم البخاري لما علم من شرطه"(10).
__________
(1) العلل ومعرفة الرجال: "1/188".
وأدخل قتادة بينه وبين أبي رافع أيضا بكر بن عبد الله المزني روى حديثه النسائي في الكبرى "كما في تحفة الأشراف6/471".
(2) العلائي: جامع التحصيل "ص312".
(3) الفسوي: المعرفة والتاريخ "2/141".
(4) ابن أبي حاتم: المراسيل "ص172".
(5) ابن رجب: شرح العلل "2/634".
(6) أبو داود: السنن "5/376".
(7) ابن حجر: فتح الباري "11/31" وقد أخذ أبو داود هذا القول عن الإمام أحمد كما في مسائل الإمام أحمد له "ص204".
(8) الحديث المتقدم "ص 158".
(9) انظر: "السنن الأبين في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن" لابن رشيد "ص31-48".
(10) هدي الساري: "385".(3/21)
ولهذا اعتمد كل من المزي والذهبي وابن حجر على هذا الحديث الذي رواه البخاري في إثبات سماع قتادة من أبي رافع، فقال المزي - تعقيبا على قول أبي داود السابق -: "في صحيح البخاري حديث التيمي، عن قتادة، سمعت أبا رافع عن أبي هريرة، حديث "إن رحمتي غلبت غضبي"(1).
وقال الذهبي: "بل سمع منه، ففي صحيح البخاري(2)…" فذكر مثل ما ذكره المزي.
وقال ابن حجر في "التهذيب" - بعد ذكر قول أبي داود-: "كأنه يعني حديثا مخصوصا وإلا ففي صحيح البخاري تصريح بالسماع منه"(3).
وقد تعقب ابن حجر أبا داود أيضا في "الفتح" - بعد أن ذكر قوله السابق في شرح حديث رواه البخاري تعليقا، من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي رافع(4) - فقال: "كذا قال، وقد ثبت سماعه منه في الحديث الذي سيأتي في البخاري في كتاب التوحيد من رواية سليمان التيمي عن قتادة أن أبا رافع حدثه…"(5).
ثم قال ابن حجر: "واعتمد المنذري على كلام أبي داود فقال: أخرجه البخاري تعليقا لأجل الانقطاع. كذا قال، ولو كان عنده منقطعا لعلقه بصيغة التمريض كما هو الأغلب من صنيعه"(6).
__________
(1) تهذيب الكمال "2/ق1122" وليس في نسخ البخاري التي رجعت إليها لفظ "سمعت" وإنما فيها: "عن قتادة أن أبا رافع حدثه" كما تقدم.
(2) سير أعلام النبلاء "5/283".
(3) "8/354".
(4) ذكره البخاري في الاستئذان، باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن؟ "11/31" قال البخاري: وقال سعيد عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هو إذنه" وانظر: تغليق التعليق لابن حجر "5/123".
(5) فتح الباري "11/31".
(6) المصدر السابق "11/32" وكلام المنذري ذكره في مختصر سنن أبي داود "7/16".(3/22)
ولم ينفرد سليمان التيمي برواية تصريح قتادة بالتحديث عن أبي رافع، بل تابعه سعيد بن أبي عروبة؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده من طريق روح بن عبادة: "ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، ثنا أبو رافع، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن يأجوج ومأجوج ليحفرن السد كل يوم…"(1).
ورواه ابن ماجه من طريق أزهر بن مروان: "ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد، عن قتادة، قال: حدثنا أبو رافع، عن أبي هريرة…"(2).
ورواه ابن حبان في صحيحه، قال: "أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير، حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، ثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدث عن قتادة، أن أبا رافع حدثه عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يحفرون في كل يوم…"الحديث مختصرا(3).
فهذان إمامان جليلان، سعيد بن أبي عروبة، وسليمان التيمي اتفقا على رواية تصريح قتادة بالتحديث عن أبي رافع.
__________
(1) "2/510" وهكذا نقله ابن كثير في تفسيره "3/104" وفي البداية والنهاية "2/122" وكذا في النهاية في الفتن والملاحم "1/196" بإسناده ومتنه من المسند.
(2) السنن: "رقم4080" وكذا في النسخة المطبوعة في الهند سنة 1342هـ باهتمام السيد محمد ميان "ص309" وكذا في النسخة التي عليها حاشية السندي "2/516". ولم يذكره البوصيري في الزوائد "ق255"، وما نقل - عن الزوائد - في نسختي السندي وعبد الباقي وَهَمٌ، وإنما هو خاص بالحديث الذي قبله برقم "4079"، وقد ترتب على هذا الوهم خطأ وقع فيه الكشناوي الذي نشر مصباح الزجاجة حيث أضاف هذا الحديث - عفا الله عنه - إلى طبعته "4/200-201" من غير إشارة إلى ذلك.
(3) الهيثمي: موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان "رقم 1908".(3/23)
وسعيد بن أبي عروبة وإن كان قد اختلط(1)، إلا أنه ليس لاختلاطه تأثير في هذا الحديث، لأنه من رواية روح بن عبادة، وعبد الأعلى السامي، وهما ممن سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل اختلاطه(2)،وقد اتفق البخاري ومسلم على تخريج أحاديثهما عن سعيد بن أبي عروبة(3).
وسليمان التيمي قال فيه شعبة: "شك ابن عون وسليمان التيمي يقين"(4).
وقال ابن حبان: "كان من عباد أهل البصرة وصالحيهم ثقة واتقانا وحفظا وسنة"(5).
فيبعد جدا أن يتكرر منه الوهم في تصريح قتادة بالتحديث عن أبي رافع، فكيف وقد تابعه سعيد بن أبي عروبة؟.
لكن وقع في بعض نسخ سنن ابن ماجه في سند هذا الحديث: "عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة قال: حدث أبو رافع، عن أبي هريرة…"(6).
وقد قال شعبة: "كنت أتفقد فم قتادة، فإذا قال "سمعت" و"حدثنا" تحفظته، فإذا قال: حدث فلان. تركته"(7).
__________
(1) ابن رجب: شرح العلل "2/565".
(2) نقل ابن حجر في التهذيب "3/295" عن روح أنه قال: "سمعت من سعيد قبل الاختلاط…". وقال الإمام أحمد: "روح حديثه عنه صالح" كما في شرح العلل لابن رجب "2/566". وذكر ابن الكيال في الكواكب النيرات "ص 196" عبد الأعلى فيمن سمع من سعيد قبل الاختلاط.
(3) ابن الكيال: الكواكب النيرات "ص 197".
(4) ابن أبي حاتم: تقدمة المعرفة "ص143" والذهبي: السير "6/196".
(5) الثقات: "4/300".
(6) كما في كتاب الفتن باب طلوع الشمس من مغربها في النسخة الخطية المصورة بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية رقم "1327" ميكروفيلم والأصل محفوظ في المكتبة الأهلية بباريس، وقد كتبت سنة 730هـ. وعليها سماعات، وكذا في النسخة المطبوعة بتحقيق د.محمد مصطفى الأعظمي "2/402".
وهكذا في تحفة الأشراف للمزي "10/392" وتفسير ابن كثير"3/105" والبداية والنهاية له أيضا "2/122" نقلا عن ابن ماجة.
(7) ابن أبي حاتم: تقدمة المعرفة "ص 169".(3/24)
وقد روى أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا الحديث من طريق أبي بكر الشافعي عن محمد بن يونس، عن هشام بن عبد الملك،عن أبي عوانة،عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن أبي رافع، عن أبي هريرة…(1) فأدخل بين قتادة وأبي رافع خلاس بن عمرو، فهذا يدل على أن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي رافع.
ويجاب عن ذلك: بأن قول قتادة حدث أبو رافع "لفظ مجمل لا يدل على سماعه من أبي رافع ولا ينفيه. وقد صرحت رواية روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عند الإمام أحمد بقول قتادة: "حدثنا أبو رافع" وقد تابع سعيدا في تصريح قتادة بالتحديث عن أبي رافع سليمان التيمي عند ابن حبان كما تقدم.
فهذه الألفاظ المصرحة بالتحديث تبين اللفظ المجمل عند ابن ماجه. وقول شعبة يطرد في قول قتادة: "حدث فلان" في ما لم تقم قرينة على سماعه منه.
وأما الإسناد الذي رواه ابن مردويه فلا تقوم به حجة، لأنه من رواية محمد بن يونس الكديمي، وهو ضعيف(2)،بل كذبه غير واحد من أهل العلم(3).
وقد أخرجه الترمذي قال: "حدثنا محمد بن بشار، وغير واحد -واللفظ لابن بشار- قالوا: حدثنا هشام بن عبد الملك حدثنا أبو عوانة، عن قتادة،عن أبي رافع، عن أبي هريرة…"(4).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه مثل هذا".
وكذلك أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أبي عوانة عن قتادة، عن أبي رافع، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"(5).
فظهر بذلك أن ذكر خلاس في سند ابن مردويه وهم من محمد بن يونس الكديمي.
ومما تقدم يتبين أن قتادة قد ثبت سماعه من أبي رافع في الحديثين السابقين، حديث "إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق"، وحديث يأجوج ومأجوج.
__________
(1) ابن حجر: النكت الظراف "10/392".
(2) ابن حجر: التقريب "2/222".
(3) انظر: الميزان للذهبي "4/74".
(4) الجامع: "5/313-314 رقم 3153".
(5) "4/488".(3/25)
ومما يعضد ذلك: أن أبا رافع كان من أهل المدينة، ثم تحول إلى البصرة فروى عنه أهلها، ولم يرو عنه أهل المدينة شيئا، لأنه خرج من عندهم قديما(1) وتوفي سنة نيف وتسعين(2).
وقتادة بصري(3)، ولد سنة إحدى وستين(4)، فيكون عمره عند وفاة أبي رافع أكثر من ثلاثين سنة، وقد عاشا في بلدة واحدة فهذه قرينة قوية تؤيد سماع قتادة منه.
وقد قال الإمام أحمد في نصر بن باب الخراساني: "إنما عابوا عليه أنه حدث عن إبراهيم الصائغ، وإبراهيم من أهل بلده لا ينكر أن يكون سمع منه"(5).
وكذلك قتادة لا ينكر سماعه من أبي رافع لأنه من أهل بلده كما تقدم.
وأول من نفى سماع قتادة من أبي رافع شعبة بن الحجاج ثم نقله الإمام أحمد عنه، ثم أخذه أبو بكر الأثرم وأبو داود عن الإمام أحمد كما تقدم، ولم يذكروا حجة في ذلك إلا أن قتادة روى بعض الأحاديث عن أبي رافع بواسطة، مع أن الإمام أحمد لم يجزم - في رواية أبي داود - بعدم سماع قتادة من أبي رافع، حيث سئل: سمع قتادة من أبي رافع؟ فقال: "لا يشبه، لأنه يدخل بينهما رجلين الحسن وخلاسا" (6)وكون قتادة روى بعض الأحاديث عن أبي رافع بواسطة لا يمنع سماعه منه لأحاديث أخرى، كما تقدم إثبات سماعه منه في الحديثين السابقين.
وبهذا تتضح براءة سليمان التيمي من الوهم الذي نسبه إليه أبو بكر الأثرم في روايته عن قتادة تصريحه بالتحديث عن أبي رافع، وتبين أنه لم ينفرد بذلك، بل تابعه سعيد بن أبي عروبة.
__________
(1) ابن سعد: الطبقات "7/122".
(2) الذهبي: السير "4/415".
(3) ابن سعد: الطبقات "7/229".
(4) ابن حبان: الثقات "5/322"، ابن حجر: التهذيب "8/355".
(5) المسند: "3/310" وعنه الخطيب في تاريخه "13/279".
(6) أبو داود: مسائل الإمام أحمد "ص325".(3/26)
وهذا يدل أيضا على سعة اطلاع الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - وطول باعه في معرفة أحوال الرجال، كيف لا يكون كذلك وهو القائل: "لا أجيء بحديث عن الصحابة والتابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم…"(1).
ولذلك أورد في صحيحه حديث "سليمان التيمي عن قتادة أن أبا رافع حدثه…" مخالفا بذلك قول من قال: إن قتادة لم يسمع من أبي رافع. وقد تبين بما تقدم صحة تصرفه رحمه الله تعالى.
ومما ذكر أبو بكر الأثرم أن سليمان التيمي وهم فيه عن قتادة: حديثه عن قتادة عن يونس بن جبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، "أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فاهتز الجبل…"(2). قال الأثرم: "وإنما رواه قتادة عن أنس"(3).
وهذا الحديث ذكره ابن أبي حاتم في العلل فقال: "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سعيد بن أبي عروبه وعمران القطان عن قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على أحد، فرجف بهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان". قال أبي: قد خالفهما سليمان التيمي، رواه ابنه عنه، عن قتادة، عن أبي غلاَّب، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) ابن حجر: هدي الساري "ص 487".
(2) رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة "2/621"، عبد الله بن أحمد في زوائد فضائل الصحابة لأبيه "حديث رقم 255" من طريق سليمان التيمي، عن قتادة، عن أبي غلاب…به.
وأبو غلاب هو: يونس بن جبير الباهلي.
(3) ابن رجب: شرح العلل "2/633".
والحديث رواه البخاري "7/22، 42، 53، رقم 3675، 3686، 4699"، وأبو داود "5/40 رقم 4651"، والترمذي "5/624 رقم 3697" كلهم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس.
ورواه الطيالسي في مسنده "رقم 1985"، وابن أبي عاصم في كتاب السنة "2/621" من طريق عمران القطان، عن قتادة، عن أنس، وانظر السلسلة الصحيحة للألباني "2/558".(3/27)
قال أبي: هذا أشبه بالصواب، وإن كان سعيد حافظا، إلا أن يكون عند قتادة الإسنادان جميعا. قال أبو زرعة: سعيد بن أبي عروبه أحفظ من التيمي.
قلت: فذاك الصحيح؟ قال: أجل"(1).
فقد رجح أبو حاتم حديث سليمان التيمي، وخالفه أبو زرعة فرجح حديث سعيد بن أبي عروبة، ومما يقوى قول أبي زرعة أن الحديث قد رواه شعبة عن قتادة، عن أنس(2)، فتابع سعيدَ بن أبي عروبة وعمران القطان.
إلا أنه يمكن الجمع بين القولين بما أشار إليه أبو حاتم وهو: أن الحديث عند قتادة بالإسنادين جميعا، ومن القرائن التي تدل على ذلك.
أولا: أن الحديث مروي عن عدد من الصحابة غير أنس، منهم: عثمان بن عفان وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبو هريرة، وبريدة، وسهل بن سعد، وابن عباس، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح رضي الله عنهم(3).
وقتادة كان واسع الحديث كما قال أبو حاتم الرازي(4).
وقد قال ابن رجب - في قاعدة إذا روى الحفاظ الأثبات حديثا بإسناد واحد، وانفرد واحد مهم بإسناد آخر. قال-: "وقد تردد الحفاظ كثيرا في مثل هذا، هل يُردّ قول من تفرّد بذلك الإسناد لمخالفة الأكثرين له؟ أم يقبل قوله لثقته وحفظه؟ ويقوى قبول قوله: إن كان المروي عنه واسع الحديث، يمكن أن يحمل الحديث من طرق عديدة، كالزهري والثوري وشعبة والأعمش"(5).
وكذلك قتادة كان واسع الحديث كما تقدم عن أبي حاتم، وهذا يقوى صحة الإسناد الذي رواه سليمان التيمي عن قتادة. وكذلك الإسناد الآخر الذي رواه سعيد بن أبي عروبه وغيره.
__________
(1) العلل: "2/379-380"، وفيه: "عن غالب" وهو تصحيف. والصواب: عن أبي غلاب كما تقدم. وفيه أيضا "فإن عليك نبي…" والصواب ما أثبته كما في فتح الباري "7/38".
(2) رواه الإمام أحمد في المسند "3/112".
(3) أخرج أحاديثهم: الإمام أحمد في فضائل الصحابة "1/112-114، 217-220" وابن أبي عاصم في كتاب السنة "2/621-622".
(4) ابن أبي حاتم: العلل "1/85".
(5) شرح علل الترمذي "2/719".(3/28)
ثانيا: "قتادة عن أنس" إسناد مشهور، تسبق إليه الأسنة لشهرته. أما قتادة، عن أبي غلاّب، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" فهو إسناد غريب لا يحفظه إلا حافظ، فلو سمع سليمان التيمي هذا الحديث من قتادة عن أنس لكان أسهل عليه في الحفظ من الإسناد الذي ذكره(1).
ولهذا السبب - والله أعلم - رجح أبو حاتم حديث التيمي على حديث سعيد بن أبي عروبة، كما تقدم. لأن أبا حاتم كثيرا ما يعلل الأحاديث بمثل هذا(2) وكذلك غيره من الأئمة كما قال ابن رجب(3).
فهذه قرينة أخرى تدل على أن الحديث عند قتادة بالإسنادين جميعا كما قال أبو حاتم الرازي. فلا ينبغي أن يحكم بأحد الإسنادين على الآخر إلا إذا تعذر الجمع بينهما وهنا الجمع ممكن كما تقدم(4).
ومن أحاديث التيمي التي ذكرها أبو بكر الأثرم. حديثه عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به…" وفيه: "وإذا قرأ فأنصتوا".
قال الأثرم: "لم يذكر هذه اللفظة أحد من أصحاب قتادة الحفاظ"(5).
__________
(1) انظر: المعرفة والتاريخ للفسوي "2/707"، وشرح العلل لابن رجب "2/725-729".
(2) انظر: العلل لابن أبي حاتم "2/249، 266-267، 354".
(3) شرح العلل: "2/719".
(4) انظر: العلل لابن أبي حاتم "2/60-61".
(5) ابن رجب: شرح العلل "2/632".(3/29)
وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه(1) وقد اختلف العلماء في هذه الزيادة ما بين مصحح لها ومضعف، ولا يمكن الترجيح بين القولين إلا بعد دراسة كلام العلماء في هذا الحديث ولا يتسع المقام لذلك(2).
وحديثه عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم "أوصى عند موته بالصلاة وما ملكت أيمانكم"(3).
قال الأثرم: "إنما رواه قتادة، عن أبي الخليل، عن سفينة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا خطأ فاحش"(4).
وخطؤه في هذا الحديث - إن سلم به - لا يضره، ومن يسلم من الخطأ؟
وقد قال سفيان الثوري: "ليس يكاد يفلت من الغلط أحد إذا كان الغالب على الرجل الحفظ فهو حافظ وإن غلط، وإن كان الغالب عليه الغلط ترك"(5).
__________
(1) "1/304 رقم 404" ورواه الإمام أحمد في المسند "4/415" وغيرهما.
(2) لمعرفة ما قيل في هذا الحديث انظر: جزء القراءة خلف الإمام البخاري "ص63"، وكتاب التتبع للدارقطني "ص 211"، والسنن له "1/331"، وكتاب القراءة خلف الإمام للبيهقي "ص128"، ومختصر سنن أبي داود للمنذري "1/313"، وشرح صحيح مسلم للنووي "4/122"، ونصب الراية للزيلعي "2/14"، وإرواء الغليل للألباني "2/38، 121"، وبين الإمامين مسلم والدارقطني لشيخنا ربيع بن هادي المدخلي "ص123".
(3) رواه النسائي في سننه الكبرى "كما في تحفة الأشراف1/320" وابن ماجة "رقم2697" كلاهما من طريق سليمان التيمي عن قتادة عن أنس به.قال البوصيري في مصباح الزجاجة "3/139": "هذا إسناد حسن لقصور أحمد بن المقدام عن درجة أهل الحفظ والضبط، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين…".
(4) ابن رجب: شرح العلل "2/632".
والحديث رواه ابن ماجة "رقم 1625" من طريق همام، عن قتادة عن أبي الخليل، عن سفينة، عن أم سلمة…به. وانظر مصباح الزجاجة للبوصيري "2/55-56".
(5) الخطيب: الكفاية "ص 228".(3/30)
وقال ابن حبان: "وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صحة عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري، وابن جريج والثوري وشعبة، لأنهم أهل حفظ وإتقان، وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات…"(1).
والخلاصة:
أن سليمان التيمي ثقة حافظ، قال فيه شعبة: "لم أر أحدا قط أصدق من سليمان التيمي(2) وقد تقدم قول شعبة أيضا: "شك ابن عون وسليمان التيمي يقين"(3). وما ذكره أبو بكر الأثرم من أوهام سليمان التيمي في حديثه عن قتادة لا يسلم له في كل ما قال، وقد تقدم الجواب عن بعضها.
وقد أطبق الأئمة على توثيق سليمان التيمي مطلقا(4) واتفق البخاري ومسلم على تخريج حديثه عن قتادة(5) ولم يذكره ابن حجر فيمن طعن فيه من رجال البخاري.
2- عمرو بن الحارث(6)
"عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم، المصري أبو أمية، ثقة فقيه حافظ، من السابعة، مات قديما، قبل الخمسين ومائة/ع"(7).
تكلم الإمام أحمد في حديثه عن قتادة:
__________
(1) الثقات: "7/97".
(2) أبو نعيم: حلية الأولياء "3/13".
(3) "ص 163".
(4) انظر تهذيب التهذيب لابن حجر "4/201-202".
(5) انظر تحفة الأشراف للمزي "1/319-320".
(6) مصادر ترجمته: "ص 408".
(7) ابن حجر: التقريب "2/67" وفيه: "أبو أيوب" وكذا في نسخة ابن حجر التي بخطه ص217. والصواب ما أثبته كما في الكنى للإمام مسلم "ق7"، والمعرفة والتاريخ للفسوي "1/133"، والكنى للدولابي "1/113"، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم: "2/225" وتهذيب الكمال للمزي "2/ق1028" والمقتنى في سرد الكنى للذهبي"رقم504" وتهذيب التهذيب لابن حجر "8/14" وغيرها. ولم أر من كناه بأبي أيوب.(3/31)
فقد قال أبو بكر الأثرم: "عمرو بن الحارث حمل عليه(1) حملا شديدا، قال: يروي عن قتادة أحاديث يضطرب فيها ويخطئ"(2).
وقال الأثرم أيضا عن أحمد: "عمرو بن الحارث يروى عن قتادة مناكير"(3).
وقال: "سمعت أبا عبد الله يقول: ما في هؤلاء المصريين أثبت من الليث بن سعد، لا عمرو بن الحارث ولا أحد، وقد كان عمرو بن الحارث عندي، ثم رأيت له أشياء مناكير"(4).
وعمرو من الثقات الحفاظ قال فيه أبو حاتم الرازي: "كان أحفظ الناس في زمانه، ولم يكن له نظير في الحفظ في زمانه"(5).
وقد أثنى عليه الإمام أحمد أيضا فيما رواه أبو داود عنه حيث قال: "ليس منهم - يعني أهل مصر - أصح حديثا من الليث، وعمرو بن الحارث يقاربه.."(6).
وعمرو بن الحارث روى عن قتادة وروى قتادة عنه(7)، ولم أجد كلاما في رواية عمرو عن قتادة غير كلام الإمام أحمد.
ونقل العيني عن الإسماعيلي أنه قال: "تكلم أحمد في حديث عمرو، عن قتادة، أن أنس بن مالك رضي الله حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم(8) "يعني حديث" أنه صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمُحصَّب، ثم لكب إلى البيت فطاف به".
__________
(1) يعني الإمام أحمد فقط.
(2) المزي: تهذيب الكمال "2/ق1029"، وفي تهذيب التهذيب "8/15" جعل هذا النص والنص الثالث الآتي من رواية أبي داود عن أحمد، ولعله سبق نظر، أو حصل سقط، لأن المزي ذكر قبلهما نصا عن أحمد من طريق أبي داود وسيأتي.
(3) ابن رجب: شرح العلل "2/509".
(4) الخطيب: التاريخ "13/12" وابن عبد الهادي: بحر الدم ق 52.
(5) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "6/225".
(6) الخطيب: التاريخ "13/12" وابن عبد الهادي: بحر الدم ق 52.
(7) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "6/225".
ورواية قتادة عن عمرو من رواية الأكابر عن الأصاغر، لأن قتادة من شيوخ عمرو.
(8) العيني: عمدة القاري "10/95".(3/32)
وهذا الحديث رواه البخاري في صحيحه من طريق عمرو بن الحارث عن قتادة به. ثم قال البخاري: "تابعه الليث، حدثني خالد، عن سعيد، عن قتادة، أن أنسا حدثه به"(1). وهذه المتابعة تدفع الإنكار عن عمرو بن الحارث أثبت المصريين كما تقدم، ثم لما رأى له بعض الأخطأ قدم الليث بن سعد عليه، فذكر ما تقدم في مجال تعداد أخطاء عمرو التي جعلته يقدم الليث بن سعد عليه.
وقوله: "يروى عن قتادة مناكير" يعني به مطلق التفرد(2)، وقد فسره بذلك ابن رجب، حيث قال - في الكلام على المنكر عند الإمام أحمد -: "وكذلك قال في عمرو بن الحارث: له مناكير. وفي الحسين بن واقد وخالد بن مخلد، وفي جماعة خُرِّج لهم في الصحيح بعض ما يتفردون به"(3).
ولم يذكر ابن حجر عمرو بن الحارث في مقدمة الفتح فيمن تُكلِّم فيهم من رجال البخاري مع أن البخاري روى عنه عن قتادة كما تقدم.
والخلاصة:
أن عمرو بن الحارث من الثقات الأثبات، وقول الإمام أحمد: "يروى عن قتادة أحاديث يضطرب فيها ويخطئ" لا يقدح في روايته عن قتادة، لأن الإمام أحمد إنما قاله في مجال تعداد أخطاء عمرو التي جعلته يفضل الليث بن سعد عليه، بعد أن كان عمرو أثبت المصريين عنده، ولم يرد بذلك تضعيفه في قتادة.
__________
(1) البخاري: الصحيح "3/585 رقم 1756" من طريق اصبغ بن الفرج عن ابن وهب عن عمرو به. وأعاده في "3/590 رقم 1764" من طريق عبد المتعال بن طالب عن ابن وهب به.
والمتابعة المذكورة وصلها سمّوية فوائده، والبزار في مسنده، والطبراني، كلهم من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن الليث بن سعد به. وخالد هو ابن يزيد الجمحي، وسعيد هو ابن أبي هلال. ذكر ذلك ابن حجر في تغليق التعليق "3/110-111" وفي مقدمة الفتح "ص 38" صرح بأن الطبراني رواه في الأوسط.
(2) تقدم الكلام على مراد الإمام أحمد بإطلاق هذه العبارة ونحوها "ص 34-36".
(3) شرح علل الترمذي: "1/456".(3/33)
تابع (4) الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم
صالح بن حامد الرفاعي
المبحث الرابع: في من تكلم في حديثه عن عبد الملك بن جريج
وفيه مطلبان:
الأول: في ترجمة إسماعيل ابن عليّة.
الثاني: في عبد الله بن وهب المصري.
1- إسماعيل ابن عليّة (1)
"إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن عُليّة، ثقة حافظ، من الثامنة، مات سنة ثلاث وتسعين، وهو ابن ثلاث وثماثين/ع" (2).
تُكلِّم في حديثه عن ابن جريج:
فقد قال الترمذي في جامعه: "قال يحيى بن معين: سماع إسماعيل بن إبراهيم من ابن جريج ليس بذاك، إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد ما سمع من ابن جريج. وضعف يحيى رواية إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج"(3).
وقد بيّن ابن معين السبب في كون سماع إسماعيل من ابن جريج ليس بذاك، وهو: أن إسماعيل صحح كتبه التي سمعها من ابن جريج على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد.
وهذا الذي ذكره ابن معين لا يقدح في رواية إسماعيل عن ابن جريج للأمور الآتية:
أولا: أن هذا الفعل من إسماعيل من باب زيادة التثبّت فيما كتبه عن ابن جريج، وهذه طريقة معروفة عند المحدثين، وتأخذ صورا مختلفة، منها هذه الصورة التي ذكرها ابن معين عن إسماعيل، وهي: أن يأتي الراوي ويقابل كتبه بكتب أحد زملائه الذين سمعوا معه من شيخه لزيادة التثبّت.
__________
(1) مصادر ترجمته: (ص 409).
(2) ابن حجر: التقريب (1/65).
(3) 3/401).
ورواه عباس الدوري عن ابن معين كما في تاريخه (3/86) إلا أنه لم يذكر تضعيف إسماعيل في ابن جريج. ورواه أيضا البيهقي في سننه (7/106) من طريق جعفر الطيالسي عن ابن معين. وسيأتي نصه.(4/1)
ومن أمثلة ذلك أيضا: ما ذكره عباس الدوري قال: "قلت ليحيى: فزائدة بن قدامة؟ قال: هو أثبت من زهير. فقلت له: إنهم يقولون: إن زائدة عرض كتبه على سفيان. فقال يحيى: وما بأس بذاك؟ كان يلقي السقط ولا يقبل منه شيئا يزيده في كتبه. أو نحو هذا من الكلام قاله يحيى"(1).
ومن تلك الصور أيضا: أن يجتمع التلاميذ - بعد فراغهم من السماع من الشيخ - حول أتقنهم وأحفظهم فيسألونه عما قال الشيخ. ومن أمثلة ذلك: ما رواه يعقوب الفسوي عن عليّ بن المديني قال: "كان يحيى وإسماعيل ووهيب وعبد الوهاب يجلسون إلى أيوب، وإذا قاموا جلسوا كلهم حول إسماعيل يسألونه كيف قال. وابن عُليّة يردّ"(2).
ومنها طريقة المراجعة؛ مثالها: ما رواه يعقوب بن شيبة في مسنده، قال: "لي محمد بن المنهال: قال لي يزيد بن زريع: قال لي حماد بن زيد: سمعت حديث عمرو بن دينار بيننا وراجعة.
قال محمد بن المنهال: مراجعة: تذاكر بينهم، يذكر هذا نصف الحديث وهذا نصفه، يسمعون من عمرو بن دينار فيحفظ بعضهم نصفا، وبعضهم ثلثا، فيتذاكرونها بينهم، ثم يكتبونها(3).
وهناك صور أخرى لا يتسع المقام لذكرها، والمقصود منها: تثبيت المحفوظ، أو زيادة التثبت في المكتوب.
ثانيا: أن عبد المجيد بن أبي روّاد من أعلم الناس بحديث ابن جريج، بشهادة ابن معين نفسه؛ فقد روى عباس الدوري عنه أنه قال: "و ابن عُليّة عرض كتب ابن جريج على عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد فأصلحها له. قلت ليحيى: ما كنت أظن أن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد هكذا!.
__________
(1) تاريخ ابن معين: (3/441).
(2) المعرفة والتاريخ: (2/130) وعنه الخطيب في تاريخه (6/232). ويحيى القطان ووهيب بن خالد وعبد الوهاب الثقفي، هؤلاء من كبار أصحاب السختياني، انظر تاريخ الدارمي عن ابن معين (ص 54-55).
وهذا النص يدل على علو مرتبة إسماعيل بن عليّة وإتقانه.
(3) الجزء العاشر من المسند: (ص 32).(4/2)
قال: كان أعلم الناس بحديث ابن جريج، ولكنه لم يكن يبذل نفسه للحديث"(1).
فتصحيح إسماعيل ابن عليّة كتبه التي سمعها من ابن جريج على كتب عبد المجيد تزيدها صحة وإتقانا.
ثالثا: كان إسماعيل ابن عُليّة مشهورا بالحفظ والإتقان، ولم يكن يعتمد على كتبه.
قال زياد بن أيوب: "ما رأيت لابن عُليّة كتابا قط"(2).
وقال وهيب بن خالد: "حِفظُ إسماعيل ابن عُليّة، وكتاب عبد الوهاب"(3).
وقال علي بن المديني: "ما رأى عبد الرحمن لإسماعيل ابن عُليّة كتابا قط"(4).
وقال الإمام أحمد: "إسماعيل ابن عليّة إليه المنتهى في التثبت بالبصرة"(5).
فكون إسماعيل صحح كتبه التي سمعها من ابن جريج على كتب عبد المجيد لا يضره؛ لأنه حافظ، واعتماده في الرواية على حفظه لا على كتبه.
رابعا: شهادات الأئمة لإسماعيل ابن عُليّة بسلامته من الخطأ في الرواية؛ فقد قال علي بن المديني: "المحدِّثون صحفوا وأخطئوا ما خلا أربعة: يزيد بن زريع، وابن عُليّة، وبشر بن المفضّل، وعبد الوارث بن سعيد"(6).
وقال أبو داود السجستاني: "ما أحد من المحدثين إلا وقد أخطأ، إلا إسماعيل ابن عُليّة، وبشر بن المفضّل"(7).
وقال أحمد بن سعيد الدارمي: "لا يُعرف لابن عُليّة غلط إلا في حديث جابر، حديث المدبَّر، جعل اسم الغلام اسم المولى واسم المولى اسم الغلام"(8)
__________
(1) التاريخ: (3/86).
(2) الخطيب: التاريخ (6/232).
(3) المصدر السابق، وعبد الوهاب: هو الثقفي.
(4) الفسوي: المعرفة والتاريخ (2/134، 242) وعبد الرحمن: هو ابن مهدي.
(5) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (2/154).
(6) الخطيب: التاريخ (6/233).
(7) الخطيب: التاريخ (6/233).
(8) المصدر السابق . والمدبَّر: من التدبير، وهو: أن يعلِّق السيد عتق عبده بموته، فإذا مات السيد عُتِق العبد. انظر: النهاية لابن الأثير (2/98).
والحديث رواه مسلم في (صحيحه) (رقم 997)، قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا إسماعيل - يعني ابن عُليّة - عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر أن رجلا من الأنصار يقال له: أبو مذكور، اعتق غلاما له عن دبر، يقال له: يعقوب…)، ورواه أحمد في المسند (3/305) من طريق إسماعيل به.
والحديث رواه البخاري في صحيحه في عدة مواضع من غير هذا الطريق، انظر (4/354 رقم 2141). وقال ابن حجر: في (الفتح) (5/166): "لم يقع واحد منهما مسمى في شيء من طرق البخاري" ثم ذكر رواية مسلم هذه مستشهدا بها على تسمية الرجلين. ولم يشر النووي ولا ابن حجر إلى قول الدارمي السابق.
وهذا الذي رواه إسماعيل ابن عُليّة هو الصواب وليس كما قال الدارمي - رحمه الله - ومن الأدلة على ذلك:
أ- ما رواه الإمام الشافعي في كتاب (الأم) (8/15) قال: (أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "إن أبا مذكور رجلا من بني عذرة كان له غلام قبطي فاعتقه".
ب- وروى عبد الرزاق في (مصنفه) (9/140)، ومن طريقه الإمام أحمد في (المسند) (3/369) عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: "أعتق أبو مذكور غلاما له يقال له: يعقوب القبطي".
جـ- وروى عبد الرزاق أيضا (9/139) عن ابن جريج. والإمام الشافعي في (الأم) (8/15)، والحميدي في (مسنده) (2/513)، وسعيد بن منصور في (سننه) (1/153)، عن سفيان بن عيينة. كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر. وفيه التصريح بأن اسم الغلام يعقوب القبطي.
د- وروى الإمام أحمد في (مسنده) (3/371) من طريق محمد بن عبيد، ثنا محمد ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: "كان رجل من بني عذرة يقال له: أبو مذكور، وكان له عبد قبطي فاعتقه…".
فقد بيّنت هذه الروايات - بما لا يدع مجالا للشك - أن اسم المولى هو أبو مذكور، واسم الغلام يعقوب. وهذا موافق لما رواه إسماعيل ابن عُليّة.(4/3)
.
فأقوال هؤلاء الأئمة – وإن كانت لا تسلم لهم على إطلاقها(1)-تدل على صحة أحاديث إسماعيل واستقامتها سواء رواها عن ابن جريج أو عن غيره.
خامسا: قول الترمذي: "وضعف يحيى رواية إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج". المقصود بذلك رواية واحدة رواها إسماعيل عن ابن جريج، وذلك أن أصحاب ابن جريج - ومنهم إسماعيل - رووا عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل…"(2). وزاد إسماعيل: "قال ابن جريج: فلقيت الزهري، فسألته عن هذا الحديث، فلم يعرفه. قال: وكان سليمان بن موسى، وكان. فأثنى عليه"(3). فتكلم ابن معين في إسماعيل بسبب هذه الزيادة.
قال جعفر الطيالسي: "سمعت يحيى بن معين يوهن رواية ابن عُليّة، عن ابن جريج: أنه أنكر معرفة حديث سليمان بن موسى. وقال: لم يذكره عن ابن جريج غير ابن عُليّة وإنما سمع ابن عليّة من ابن جريج سماعا ليس بذاك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز. وضعّف يحيى بن معين رواية إسماعيل، عن ابن جريج جدا"(4) يعني: الرواية المتقدمة.
__________
(1) ذكر يحيى بن معين في تاريخه (4/273-274) بعض أخطاء إسماعيل، ثم عقب عليها بقوله: "من لا يخطئ في الحديث فهو كذاب". وليس فيها شيء من رواية ابن عُليّة عن ابن جريج.
(2) رواه عبد الرزاق في مصنفه (6/195). وسعيد بن منصور في سننه (1/175) وغيرهما من طريق ابن جريج…به.
وانظر بقية تخريجه في إرواء الغليل للألباني (6/243) فقد ذكر له ستة عشر مصدرا.
(3) هذه الزيادة رواها الإمام أحمد في المسند (6/47).
(4) البيهقي: السنن (7/106).(4/4)
وقد أشار عدد من العلماء إلى أن الزهري نسي هذا الحديث الذي حدَّث به سليمان بن موسى، منهم ابن معين نفسه، فقد كتب إليه يحيى بن أكثم: "هل يصح عندك حديث الزهري عن عروة، عن عائشة: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل"؟ فكتب إليه: "نعم، هو صحيح، سليمان بن موسى ثقة، ولعل الزهري نسيه بعد"(1).
وقال ابن حبان: "وقد أوهم هذا الخبر من لم يُحكم صناعة الحديث أنه منقطع، بحكاية حكاها ابن عُليّة، عن ابن جريج، أنه قال: ثم لقيت الزهري فسألته عن ذلك فلم يعرفه. وليس هذا مما يقدح في صحة الخبر، لأن الضابط من أهل العلم قد يحدث بالحديث، ثم ينساه، فإذا سئل عنه لم يعرفه، فلا يكون نسيانه دالا على بطلان الخبر…"(2).
وقال أبو عبد الله الحاكم - بعد أن ساق بعض طرق حديث عائشة المتقدم -: "فلا تُعلَّل هذه الروايات بحديث ابن عُليّة وسؤاله ابن جريج عنه، وقوله: إني سألت الزهري عنه فلم يعرفه. فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن حدّث به، وقد فعله غير واحد من حفاظ الحديث"(3).
__________
(1) السيوطي: تذكرة المؤتسي فيمن حدث ونسي (ص 21-22).
وقال ابن حجر في (التلخيص الحبير) (3/157): "وقد تكلم عليه أيضا الدارقطني في جزء (من حدث ونسي)، والخطيب بعده".
(2) الزيلعي: نصب الراية (3/185) ولم يذكره الهيثمي في (موارد الظمآن)، مع أنه ذكر الحديث السابق (رقم 1248).
(3) المستدرك: (2/168).
وقد توسع البهقي وغيره في الكلام على هذا الحديث، وذكروا متابعات لسليمان بن موسى عن الزهري.
انظر: سنن البهقي (7/105-107)، ونصب الراية (3/185-187)، والتلخيص الحبير (3/157)، وإرواء الغليل (6/243-247).(4/5)
وأما قول الإمام أحمد: "إن ابن جريج له كتب مدونة، وليس هذا في كتبه"(1) - يعني: الزيادة التي زادها إسماعيل – فلا يدل على وهم إسماعيل، لأن ابن جريج كان كثير العلم، ولا يلزم أن يكون كل علمه مدوّنا في كتبه(2).
والظاهر: أن ابن جريج لم يُثْبتْ هذه الزيادة في كتبه لأنه تبين له أن الزهري نسي فأنكر، ولهذا لم يحدث ابن جريج بهذه الزيادة إلا ابن علية(3)، ثم أثنى على سليمان بن موسى لينفي عنه تهمة الغلط على الزهري.
وعلى فرض وهم إسماعيل في ذكر هذه الزيادة، فلا يقدح ذلك في رواياته الأخرى عن ابن جريج، لأن الثقة قد يهم، وليس من الإنصاف الطعن في رواياته لوَهَمٍ وَهِمَ فيه.
والخلاصة:
أن إسماعيل بن علية ثقة حافظ، إليه المنتهى في التثبيت بالبصرة، كما تقدم عن الإمام أحمد، وما ذكره ابن معين في روايته عن ابن جريج لا يقدح فيه. وقد روى عنه مسلم في صحيحه عن ابن جريج(4).
"2" عبد الله بن وهب(5)
"عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد المصري، الفقيه، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين، وله اثنتان وسبعون سنة/ع"(6).
تكلم في حديثه عن ابن جريج:
فقد قال أبو عوانة يعقوب بن إسحاق: "قال أحمد بن حنبل في حديث ابن وهب عن ابن جريج شيئ".
__________
(1) الحاكم: المستدرك (2/169).
(2) قيل لليث بن سعد: "أمتع الله بك، إنا نسمع منك الحديث ليس في كتبك. فقال: أو كل ما في صدري في كتبي؟ لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذا المركب". ذكره الذهبي في السير (8/153). وابن جريج لا يقل عن الليث في سعة العلم.
(3) تابع ابن علية على هذه الزيادة بشر بن المفضل عند ابن عدي في الكامل (3/1115)، لكن في إسناده الشاذكوني، وقد كذبه ابن معين كما في ترجمته في (الكامل) (3/1142).
(4) صحيح مسلم: (رقم396) وانظر رجال مسلم لابن منجويه (ق/11/أ).
(5) مصادر ترجمته: (ص 409).
(6) ابن حجر: التقريب (1/460).(4/6)
قال أبو عوانة: "صدق لأنه يأتي عنه بأشياء لا يأتي بها غيره"(1).
ونقل الذهبي عن عبد الله بن أحمد الدورقي أنه قال: "سمعت ابن معين يقول: "ابن وهب ليس بذاك في ابن جريج، كان يستصغر"(2).يعني: سمع منه وهو صغير.قاله ابن رجب(3).
وعبد الله بن وهب من الحفاظ المكثرين، قال أحمد بن صالح المصري "صنف عبد الله بن وهب مائة ألف حديث وعشرين ألف حديث"(4)، وقال أيضا: "ما رأيت حجازيا ولا شاميا، ولا مصريا أكثر حديثا من ابن وهب"(5).
ومع هذه الكثرة فقد صرح عدد من الأئمة بصحة حديثه، فقال الإمام أحمد: "عبد الله بن وهب صحيح الحديث، يفصل السماع من العرض، والحديث من الحديث، ما أصح حديثه وأثبته.
قيل له: أليس كان يسيء الأخذ؟ قال: قد كان يسيء الأخذ، ولكن إذا نظرت في حديثه وما روى عن مشايخه وجدته صحيحا"(6).
وقال أيضاً: "بلغني أنه لم يكن يدخل في تصنيفه من تلك شيئا"(7).
وقال أيضاً: "ابن وهب صحيح الحديث عن مشايخه الذين روى عنهم، يفصل السماع من العرض، والحديث من الحديث، ما أصح حديثه، وأعرفه بالأسامى إلا أن الذين حملوا عنه لم يضبطوا إلا هارون بن معروف"(8).
__________
(1) ابن حجر: التهذيب (6/73) قال: (قال أبو عوانة في كتاب الجنائز من (صحيحه) ولم أجد كتاب الجنائز في المطبوع من مسند أبي عوانة لأنه ناقص.
(2) الذهبي: السير (9/231)، والميزان (2/522) وكذا في شرح علل الترمذي لابن رجب (2/492).
(3) شرح علل الترمذي (2/492).
(4) ابن عدي: الكامل (4/1520).
(5) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (5/189).
(6) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (5/189) من طريق أبي طالب عن الإمام أحمد، وروى يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/183) من طريق الفضل بن زياد عن الإمام أحمد نحوه.
(7) العلل (1/346) وقوله: (تلك) إشارة إلى الأحاديث التي أخذها بطريق الإجازة.
(8) القاضي عياض: ترتيب المدارك (3/231).(4/7)
وهذه الأقوال تعارض ما نقله أبو عوانة، ويجمع بينها بحمل قول الإمام أحمد: "في حديث ابن وهب عن ابن جريج شيء" على أنه أراد حديثا واحدا بعينه.
ومع هذا أشار الإمام أحمد إلى أن ما حصل من أخطاء في حديث ابن وهب إنما حدث من تلاميذه الذين حملوا عنه.
وأما كون ابن وهب يأتي عن ابن جريج بأشياء لا يأتي بها غيره فلا يستغرب هذا منه لأنه مكثر، وقد قال أبو زرعة الرازي: "نظرت في نحو ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر، فلا أعلم أني رأيت حديثا له لا أصل له، وهو ثقة"(1).
وقال النسائي: "ابن وهب ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثا منكرا"(2).
وقال ابن عدي: "عبد الله بن وهب من أجلة الناس ومن ثقاتهم، وحديث الحجاز ومصر وما والَى تلك البلاد يدور على رواية ابن وهب، وجمع لهم مسندهم ومقطوعهم، وقد تفرد عن غير شيخ بالرواية عنهم مثل: عمروبن الحارث، وحيوة بن شريح، ومعاوية بن صالح، وسليمان بن بلال، وغيرهم من ثقات الناس، ومن ضعفائهم، ومن يكون له من الأصناف مثل ما ذكرته استغنى أن يُذكَر له شيء. ولا أعلم له حديثا منكرا إذا حدث عنه ثقة من الثقات"(3).
فهذه شهادات الأئمة بصحة حديث ابن وهب عامة، ولو كان في حديثه عن ابن جريج شيء من الضعف لما أهملوا التنبيه على ذلك.
وأما ما ذكره الذهبي وغيره عن ابن معين أنه قال: "ابن وهب ليس بذاك في ابن جريج، كان يستصغر". فقد روى هذا القول ابن عدي من طريق الدروقي بلفظ: "ابن وهب ليس بذاك، وابن جريج كان يستصغره"(4). وهو بهذا اللفظ لا يدل على ضعف ابن وهب في ابن جريج.
__________
(1) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (5/190).
(2) الذهبي: السير (9/228).
(3) الكامل: (4/1518).
(4) المصدر السابق (4/ 1518) وكذا في النسخة الظاهرية (ق434). ونسخة أحمد الثالث (2/ق 525/أ) الخطيتين.(4/8)
ولعل الذهبي اعتمد في نقل هذا القول على ما جاء في حاشية النسخة الظاهرية من الكامل، حيث علق الناسخ على العبارة السابقة فقال: "كذا هنا، ولعل الصواب: في ابن جريج كان يستصغر"(1).
وهذا احتمال ليس له مستند، ولا تقبل مثل هذه الاحتمالات في تجريح العدول الضابطين. فإن صحت العبارة التي ذكرها الذهبي عن ابن معين فيجاب عنها: بأن ابن معين قد بين السبب في كون ابن وهب ليس بذاك في ابن جريج، وهو: أنه كان صغيرا حين سمع منه. وهذا مخالف للواقع. فقد قال يونس بن عبد الأعلى: "قال لي عبد الله بن وهب ولدت سنة خمس وعشرين ومائة، وهي السنة التي توفي فيها ابن شهاب، وطلبت العلم وأنا ابن سبع عشرة"(2).
وقال محمد بن وضَّاح القرطبي: "حج ابن وهب سنة أربع وأربعين، وفيها لقي مالكا أولا، ولم يسمع منه إلا مسألة واحدة، وسمع من المثنى بن الصبّاح بمكة"(3).
وفي هذه السنة - سنة أربع وأربعين ومائة - بلغ ابن وهب التاسعة عشرة من عمره، ومع هذا لم يُذكر سماعه من ابن جريج في هذه السنة، والظاهر أنه سمع منه بعد هذا التاريخ، فكيف يقال: إنه سمع من ابن جريج وهو صغير؟!
ومن الأحاديث التي أُنكرت على ابن وهب:
حديثه عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، "أن رجلا زنى بامرأة، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فجلد الحد، ثم أُخبر أنه محصن، فأمر به فرجم"(4).
__________
(1) ق 434).
(2) ابن عدي: (4/1520) وقال ابن عبد البر في الانتقاء، (ص 48): (وقيل بل ولد سنة أربع وعشرين ومائة، وفي هذا العام مات ابن شهاب رضي الله عنه).
(3) القاضي عياض: ترتيب المدارك (3/230).
(4) أبو داود: السنن (4/586 رقم 4438) من طريق قتيبة ابن سعيد، وأبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهب به. ورواه النسائي في الكبرى، في الرجم (كما في تحفة الأشراف 2/323) من طريق قتيبة به.(4/9)
قال أبو داود: "روى هذا الحديث محمد بن بكر البرساني، عن ابن جريج، موقوفا على جابر، ورواه أبو عاصم، عن ابن جريج بنحو ابن وهب، لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم".
قال: "إن رجلا زنى فلم يُعلم بإحصانه فجلد، ثم عُلم بإحصانه فرجم"(1).
وقال النسائي: "لا أعلم أن أحدا رفع هذا الحديث غير ابن وهب".
ثم روى الحديث من طريق أبي عاصم به موقوفا، ثم قال: "هذا هو الصواب، والذي قبله خطأ"(2).
وهذا الخطأ ونحوه لا يضر ابن وهب، إذ لم يسلم من مثل هذا كبار الحفاظ.
قال الحافظ الذهبي: "وعبد الله بن وهب حجة مطلقا، وحديثه كثير في الصحاح، وفي دواوين الإسلام، وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد حيث يقول: وابن وهب ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثا منكرا" (3).
وقال الذهبي أيضا: "وقد تَمَعْقَلَ بعض الأئمة على ابن وهب في أخذه للحديث وأنه كان يترخص في الأخذ. وسواء ترخص ورأى ذلك سائغا، أو تشدد، فمن يروى مائة ألف حديث، وَيندُرُ المنكر في سَعَة ما روى فإليه المنتهى في الإتقان"(4).
والخلاصة:
أن عبد الله بن وهب ثقة حجة مطلقا، ولم يثبت تضعيفه في ابن جريج، وقد روى الليث بن سعد - على جلالة قدره - أحاديث ابن جريج من طريق ابن وهب(5).
وقد روى البخاري ومسلم من طريق وهب عن ابن جريج في صحيحيهما(6).
المبحث الخامس: في من تكلِّم في حديثه عن شعبة بن الحجاج
وفيه مطلبان:
الأول: في ترجمة عفان بن مسلم الصفّار .
الثاني: في ترجمة عليّ بن الجَعْد الجوهري .
1- عفان بن مسلم(7)
__________
(1) السنن: (4/586) وحديث أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل أخرجه أبو داود أيضا (4/587) رقم 4439).
(2) المزي: تحفة الأشراف (2/323).
(3) سير أعلام النبلاء (9/228).
(4) المصدر السابق.
(5) ابن عدي: الكامل (4/1519).
(6) ابن طاهر: الجمع بين رجال الصحيحين (1/314).
(7) مصادر ترجمته: (ص 410).(4/10)
"عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار البصري، ثقة ثبت، قال ابن المديني: كان إذا شك في حرف من الحديث تركه. وربما وهم، وقال ابن معين: أنكرناه في صفر سنة تسع عشرة، ومات بعدها بيسير. من كبار العاشرة/ع"(1).
تكلم سليمان بن حرب في حديثه عن شعبة:
قال ابن عدي: "حدثنا عليّ بن إبراهيم بن الهيثم ثنا إبراهيم بن أبي داود قال: سمعت سليمان بن حرب يقول: أَتُرى عفان بن مسلم كان يضبط عن شعبة؟ والله لو جهد جهده أن يضبط عن شعبة حديثا واحدا ما قر عليه، كان بطيئا رديء الحفظ بطيء الفهم.
قال سليمان: وحدثني حجاج الفساطيطي أنه كان يُملي عليهم أحاديث شعبة.
قال سليمان: والله لقد دخل عفان قبره وهو نادم على رواياته عن شعبة"(2).
وهذا القول في عفان مردود جملة وتفصيلا؛ فَيُرد جملة من وجهين:
الأول: أن هذا لا يثبت عن سليمان بن حرب، لأن ابن عدي رواه من طريق علي بن إبراهيم بن الهيثم أبي الحسن البلدي، وقد قال فيه السمعاني: "كان يُتهم بوضع الحديث"(3).
وقال الذهبي: "اتهمه الخطيب"(4) فهذا لا يقبل نقله في الجرح والتعديل.
الثاني: أن هذا القول من سليمان – إن صح عنه – هو من كلام الأقران.
قال الذهبي: "عفان أجل وأحفظ من سليمان، أو هو نظيره، وكلام النظير والأقران ينبغي أن يُتأمل ويُتأنى فيه، فقد قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، سمعت أبي يقول: ما رأيت أحدا أحسن حديثا عن شعبة من عفان"(5).
__________
(1) ابن حجر: التقريب (2/25) وقد تعقب الذهبي قول ابن معين هذا في سير أعلام النبلاء (10/254).
(2) ابن عدي: الكامل (5/2021).
(3) الأنساب (2/310).
(4) الميزان (3/111) وترجمته في تاريخ بغداد (11/337).
وروى الخطيب من طريقه حديثا ثم قال: (هذا الحديث منكر جدا، ورجال إسناده كلهم مشهورون بالثقة سوى أبي الحسن البلدي).
وقال ابن حجر في اللسان (4/191) (وهو موضوع بلا ريب).
(5) الذهبي: الميزان (3/81).(4/11)
وقد توقف العلماء في قبول قول القرين في قرينه إذا كان المتكلِّم فيه قد ثبتت عدالته وإمامته(1).
وأما رد قول سليمان تفصيلا. فقد تضمن كلامه أمرين مهمين:
1- أن عفان كان لا يضبط عن شعبة.
2- أنه كان رديء الحفظ بطيء الفهم.
فأما الأمر الأول: فهو مردود بشهادات الأئمة لعفان ووصفهم له بالتثبت والإتقان في حديثه عامة، وفي حديث شعبة خاصة، وقد تكاثرت أقوال الأئمة في ذلك(2) ومن هذه الأقوال:
1- قول الحسين بن حِبان: "سألت أبا زكريا - يعني يحيى بن معين - قلت إذا اختلف أبو الوليد وعفان في حديث عن حماد بن سلمة فالقول قول مَن هو؟ قال: القول قول عفان. قلت: فإذا اختلفوا في حديث شعبة؟ قال: القول قول عفان. قلت: وفي كل شيء؟ قال: نعم عفان أثبت منه وأكيس، وأبو الوليد ثقة ثبت. قلت: فأبو نعيم الأحول فيما حدَّث به، وعفان فيما حدث به من أثبت؟ قال: عفان أثبت"(3).
2- قال حنبل بن إسحاق: "سألت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل – عن عفان فقال: عفان وحَبّان وبَهز وهؤلاء المثبتون. قال: قال عفان: كنت أوقف شعبة على الأخبار.
قلت له: فإذا اختلفوا في الحديث يُرجع إلى مَن منهم؟ قال: إلى قول عفان،هو في نفسي أكبر، وبهز أيضا، إلا أن عفان أضبط للأسامي، ثم حَبان"(4).
3- وقال عبد الله بن أحمد: "سمعت أبي يقول: ما رأيت أحدا أحسن حديثا عن شعبة من عفان، يقول(5): أبو إسحاق "أنبأنا" والحكم "أنبأني" وقتادة "أخبرني" و"أنبأني عمرو بن مرة".
__________
(1) انظر: ابن عبد البر: جامع بيان العلم وفضله (2/184-200) وقاعدة في الجرح والتعديل للسبكي.
(2) وقد سرد الخطيب في تاريخه (12/269-277) جملة من هذه الأقوال.
(3) الخطيب: التاريخ (12/272)، وأبو الوليد هو: هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو نعيم هو: الفضل بن دُكين.
(4) الخطيب: التاريخ (12/273).
(5) يعني: يقول عفان عن شعبة. وهذا النص يوضح المراد من قول عفان: (كنت أوقف شعبة على الأخبار).(4/12)
قلت له: ولا يحيى بن سعيد؟ قال: ولا يحيى بن سعيد، وربما قال لي أبو الأحوص: هو أثبت من عبد الرحمن بن مهدي – يعني في حديث شعبة – فأقول له: نعم. قال: فيعجبه ذاك"(1).
فإذا كان عفان أثبت من أبي الوليد الطيالسي مع كونه ثقة ثبتا، وأثبت من أبي نعيم الفضل بن دُكين الذي قال فيه يعقوب بن سفيان: "أجمع أصحابنا على أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان"(2).
بل أثبت في شعبة من يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وهما مَن هما، فكيف يقال فيه أنه لا يقدر أن يضبط عن شعبة حديثا واحدا"؟!
وأما الأمر الثاني: وهو أن عفان كان رديء الحفظ بطيء الفهم. فسببه: أن عفان كان يستوقف شعبة ويتثبت من الألفاظ، ويتكرر ذلك منه في المجلس الواحد عدة مرات، حتى يغضب منه شعبة، فيقيمه من المجلس(3) ولم يكن هذا من عفان لرداءة حفظه وبطء فهمه - كما ظن به - بل يدل ذلك على تثبته وتحريه كما صرح به الذهبي(4) وابن حجر(5).
وقد شهد ابن معين لعفان بالضبط والفطنة حيث قال: "كان عفان وبهز وحبان يختلفون إلي، فكان عفان أضبط القوم للحديث، وأمكرهم، عملت عليهم في شيء فما فطن لي أحد منهم إلا عفان"(6).
وقال يحيى بن سعيد القطان: "ما أحد يخالفني في الحديث أشد علي من عفان"(7).
فلو كان عفان رديء الحفظ بطيء الفهم لما خاف يحيى القطان من مخالفته.
وخلاصة ما تقدم:
أن قول سليمان بن حرب في عفان لم يثبت عنه. وإن ثبت عنه فيدل على تعنته، وقد صرح بذلك ابن حجر حيث قال: "عفان بن مسلم تكلم فيه سليمان بن حرب بعنت"(8).
__________
(1) العلل: (1/378).
(2) المزي: تهذيب الكمال (2/ق 1097).
(3) الذهبي: الميزان (3/81).
(4) المصدر السابق.
(5) ابن حجر: هدي الساري (ص425).
(6) الخطيب: التاريخ (12/273) والمزي في تهذيب الكمال (2/ق942) وفيه: (أنكرهم) وعند الذهبي في السير (10/247): (أنكدهم).
(7) الخطيب: التاريخ (12/275).
(8) ابن حجر: هدي الساري (ص463).(4/13)
وهو قول مردود بكل حال، قال ابن عدي: "وعفان أشهر وأوثق وأصدق من أن يقال فيه شيء مما ينسب إلى الضعف"(1).
2- علي بن الجعد(2)
"علي بن الجعد بن عبيد الجوهري، البغدادي، ثقة ثبت، رمي بالتشيع، من صغار التاسعة، مات سنة ثلاثين ومائتين/خ د"(3).
تكلم في حديثه عن شعبة:
فقال عبد الله بن أحمد: "حدثني بعض أصحابنا، عن علي بن المديني قال: وممن ترك حديثه عن شعبة علي بن الجعد. وعدد جماعة. فقالوا لعلي ابن المديني فعلي بن الجعد ماله؟ قال: رأيت ألفاظه عن شعبة تختلف"(4).
وهذا القول فيه نظر من وجوه:
أولا: أن راويه عن علي بن المديني مبهم لم يصرح عبد الله بن أحمد باسمه، والمحدثون يضعفون الحديث الذي في إسناده راو مبهم، فكيف يقبل نقل مبهم يترتب عليه رد أكثر من ألف حديث رواها علي بن الجعد عن شعبة(5).
__________
(1) ابن عدي: الكامل (5/2021).
(2) مصادر ترجمته: (ص 411).
(3) ابن حجر: التقريب (2/33).
(4) العقيلي: الضعفاء (3/225).
(5) روى الخطيب في تاريخه (11/363) عن عبدوس بن هانئ النيسابوري قال: (كان عند علي بن الجعد عن شعبة نحو من ألف ومائتي حديث…). وقد جمع عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي (المتوفى سنة 317هـ) حديث علي بن الجعد في كتاب، عرف عند العلماء باسم (الجعديات) وقد طبع باسم (مسند ابن الجعد)، وقد جمع البغوي أحاديث كل شيخ من شيوخ ابن الجعد على حدة، فكانت النصوص الواردة ضمن حديث ابن الجعد عن شعبة تمثل نصف الكتاب (من رقم60-1810)، إلا أنه لا يمكن تحديد عدد الأحاديث التي رواها ابن الجعد عن شعبة إلا باستقراء هذه النصوص لأن بعضها من زيادات البغوي.(4/14)
ثانيا: قوله: "وممن ترك حديثه عن شعبة علي بن الجعد" فإن الواقع يخالف هذا القول، حيث روي عن علي بن الجعد من كبار الأئمة: يحيى ابن معين، والبخاري، وأبو داود، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وغيرهم(1). وقد كتب عنه أحمد بن حنبل(2) ثم ضرب على حديثه(3) ومنع ابنه عبد الله من الكتابة عنه، لما بلغه أنه تكلم في بعض الصحابة، وأنه قال: "القرآن كلام الله، ومن قال مخلوق لم أعنفه"(4) ولم يتركه من أجل شيء آخر. بل قال محمد بن يوسف بن الطباع: سألت أحمد بن حنبل عن علي بن الجعد؟ فقال: ثقة أكتب عنه…"(5) ولعله قال هذا قبل أن يبلغه عن ابن الجعد ما تقدم.
ثالثا: قوله: "رأيت ألفاظه عن شعبة تختلف" فقد خالفه أبو حاتم الرازي حيث قال في علي بن الجعد: "كان متقنا صدوقا، لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري، ويحيى الحماني في شريك، علي بن الجعد في حديثه"(6). وأبو حاتم من تلاميذ علي بن الجعد، أما ابن المديني فلم يذكره المزي في تلاميذ ابن الجعد.
وقال خلف بن سالم - وهو ثقة حافظ(7)-: "صرت أنا ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل إلى علي بن الجعد، فأخرج إلينا كتبه، وألقاها بين أيدينا، وذهب، فظننا أنه يتخذ لنا طعاما، فلم نجد في كتابه إلا خطأ واحدا، فلما فرغنا من الطعام قال: هاتوا فحدث بكل شيء كتبناه حفظا"(8). فهذا يدل على ضبطه وإتقانه، وصحة كتابه، وقد كان عنده عن شعبة أكثر من ألف حديث كما تقدم، فأين اختلاف ألفاظه التي تجعله في عداد المتروكين عن شعبة؟.
__________
(1) الخطيب: التاريخ (11/360) وتهذيب الكمال للمزي (2/ق957).
(2) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (6/178).
(3) الخطيب: التاريخ (11/365).
(4) العقيلي: الضعفاء (3/225-226).
(5) ابن عدي: الكامل (5/1856).
(6) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (6/178).
(7) ابن حجر: التقريب (1/225).
(8) الخطيب: التاريخ (11/361).(4/15)
رابعا: لو ثبت هذا القول عن علي بن المديني فهو معارض بتوثيق ابن معين لعلي بن الجعد في شعبة، وهو أعرف به من ابن المديني، لأنه بلديه وتلميذه، وقد قال ابن معين: "كتبت عن علي بن الجعد منذ أكثر من ثلاثين سنة". وكان هذا الكلام في سنة خمس وعشرين ومائتين(1). أي قبل وفاة علي بن الجعد بخمس سنين.
وقال أبو علي الحسين بن فهم: "سمعت يحيى بن معين في جنازة علي بن الجعد يقول: ما روى عن شعبة - أراه يعني: من البغداديين - أثبت من هذا - يعني: علي بن الجعد- فقال له رجل: ولا أبو النضر؟ قال: ولا أبو النضر. فقال له: ولا شبابة؟ قال: خرب الله بيت أمه إن كان مثل شبابة"(2).
مع أن ابن معين قد نقل عنه عثمان الدارمي - عند ذكر أصحاب شعبة - قوله في شبابة: ثقة(3).
وقول ابن المديني - إن صح عنه - معارض أيضا برواية البخاري عن علي بن الجعد في صحيحه، حيث روى عنه ثلاثة عشر حديثا عن شعبة(4).
وقال ابن عدي: "والبخاري مع شدة استقصائه يروي عنه في صحاحه"(5).
وقال الحافظ ابن حجر: - تعقيبا على قول ابن المديني - "فإن ثبت هذا فلعله كان في أول الحال لم يضبط فضبط"(6). وفي هذا نظر، لأن ابن معين كتب عنه قديما، وقد تقدم توثيقه لعلي بن الجعد، وكذا أبو حاتم الرازي كتب عنه في الرحلة الأولى سنة أربع عشرة ومائتين(7). أي قبل وفاة ابن الجعد بست عشرة سنة.
__________
(1) الخطيب: التاريخ (11/361).
(2) المصدر السابق: (11/365) وقد تقدم هذا النص (ص 56).
(3) الدارمي: تاريخه عن ابن معين (رقم 108).
(4) ابن حجر: التهذيب (7/293)، وقال ابن حجر في هدي الساري (ص430): (روى عنه البخاري من حديثه عن شعبة فقط أحاديث يسيرة).
(5) ابن عدي: الكامل (5/1857).
(6) ابن حجر: التهذيب (7/292). وفيه: (لم يثبت) بدل (لم يضبط).
(7) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (6/178).(4/16)
وبهذا يتبين أن علي بن الجعد ثقة ثبت في شعبة وغيره كما قال ابن معين وأبو حاتم وغيرهما، وما نقل عن علي بن المديني من الكلام في روايته عن شعبة لا يثبت عنه.
المبحث السادس: فيمن تكلم في حديثهم عن شيوخ آخرين (1)
وفيه أربعة مطالب:
الأول: في ترجمة الحكم بن نافع أبي اليمان الحمصي.
الثاني: في ترجمة عبد الواحد بن زياد البصري.
الثالث: في ترجمة علي بن المبارك الهنائي.
الرابع: في ترجمة محمد بن بشار "بُنْدَار".
1- أبو اليمان الحمصي(2)
"الحكم بن نافع البهراني - بفتح الموحدة - أبو اليمان الحمصي مشهور بكنيته، ثقة ثبت، يقال: إن أكثر حديثه عن شعيب مناولة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وعشرين/ع"(3).
تكلم بعض العلماء في الطريقة التي تحمل بها أبو اليمان الحديث عن شعيب بن أبي حمزة:
فقال أبو بكر الأثرم: "سمعت أبا عبد الله(4) يقول - وسئل عن أبي اليمان، وكان الذي سأله عنه قد سمع منه، فقال له: أي شيء تنبش على نفسك؟! ثم قال أبو عبد الله: هو يقول: أخبرنا شعيب. واستحل ذلك بشيء عجيب. قال أبو عبد الله: كان أمر شعيب في الحديث عسرا جدا، وكان علي بن عياش سمع منه، وذكر قصة لأهل حمص، أراها: أنهم سألوه أن يأذن لهم أن يرووا عنه، فقال لهم: أُرووا تلك الأحاديث عني".
__________
(1) تقدم الكلام على رواية سفيان بن عيينة عن أيوب السختياني (ص 89)، ورواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير (ص 95)، ورواية الليث بن سعد عن بكير بن الأشج وعبيد الله بن أبي جعفر (ص 114-120) ورواية عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر العمري (ص 131).
(2) مصادر ترجمته: (ص 412).
(3) ابن حجر: التقريب (1/193).
(4) يعني الإمام أحمد .(4/17)
قلت لأبي عبد الله: مناولة؟ فقال: لو كان مناولة، كان لم يعطهم كتبا ولا شيئا، إنما سمع هذا فقط، فكان ابن شعيب يقول: إن أبا اليمان جاءني فأخذ كتب شعيب مني بعد، وهو يقول: "أخبرنا" فكأنه استحل ذلك بأن سمع شعيبا يقول لقوم: ارووه عني"(1).
وقال أبو زرعة الرازي: "لم يسمع أبو اليمان من شعيب بن أبي حمزة إلا حديثا واحدا، والباقي إجازة"(2).
وقال أبو زرعة أيضا: "بشر بن شعيب بن أبي حمزة سماعه كسماع أبي اليمان، إنما كان إجازة"(3).
وقال أبو جعفر محمد بن عوف الطائي: "لم يسمع أبو اليمان من شعيب بن أبي حمزة إلا كلمة"(4).
وقال عبد المؤمن بن خلف النسفي: "سألت أبا علي صالح بن محمد البغدادي عن أحاديث أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري فقال: يقال: لم يسمع أبو اليمان من شعيب، ولا شعيب من الزهري، ولكنه كان كتابا. فقلت لأبي عليّ: يصحح الحديث من هذا الوجه؟ فقال: نعم"(5).
وقال أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي: "سماعه من شعيب بن أبي حمزة مناولة"(6).
__________
(1) ابن عساكر: التاريخ (5/1/118/ب).، وتهذيب الكمال: (7/149).
(2) أجوبته على أسئلة البرذعي: (2/465)، وعنه الخطيب في الكفاية (ص 462).
(3) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (2/359)، وقد رد ابن حجر في التهذيب (1/452) على القول بعدم سماع بشر من أبيه.
(4) الذهبي: الميزان (1/482).
(5) الخطيب: الكفاية (ص 498)، وقول أبي علي: (ولا شعيب من الزهري) مردود، فقد كان شعيب كاتبا للزهري، صرح بذلك ابن معين والخليلي، كما في ترجمة شعيب في تهذيب التهذيب (4/351-352). وصرح ابن معين أيضا بأن شعيبا شهد الإملاء من الزهري، كما في سؤالات ابن الجنيد (ق/62/ب).
(6) ابن خلفون: المعْلم بأسامي شيوخ البخاري ومسلم (1/65/أ).(4/18)
وقال الذهبي: "وفي الصحيحين نحو من أربعين حديثا عند البخاري عن أبي اليمان، قد أخرجها مسلم عن الدارمي عن أبي اليمان، وجميعها يقول فيها: "أخبرنا شعيب" ما قال قط "حدثنا"، فهذا يوضح لك أنها بالإجازة"(1).
وقال في "تذكرة الحفاظ": "ومع روايته لذلك عن شعيب بالإجازة فاحتَجَّ بها صاحبا الصحيحين لثقته وإتقانه"(2).
__________
(1) السير: (10/325).
وفي صحيح البخاري (2/290رقم 803) قال البخاري: (حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا شعيب، عن الزهري، قال أخبرني أبو بكر عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة…). وهكذا ورد تصريح أبي اليمان بالتحديث عن شعيب في النسخة المطبوعة في (دار الشعب بالقاهرة) على نسخة شديدة الضبط بالغة الصحة من فروع النسخة اليونانية - نسبة إلى أبي الحسين علي بن محمد اليوناني - كما في مقدمة الطبعة المذكورة. وفي حاشية هذه النسخة (1/202) رموز تشير إلى أنه ورد في نسخة كل من: أبي ذر الهروي، وعبد الله بن إبراهيم الأصيلي، وابن عساكر (أخبرنا) بدل (حدثنا).
وكذلك وردت صيغة (حدثنا) في المتن المطبوع مع شرح العيني (عمدة القاري) (6/79)، لكن كلام العيني يدل على أن في النسخة التي شرح عليها (أخبرنا) حيث قال في لطائف الإسناد: (فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد). والإخبار كذلك في موضع، والإخبار بصورة الإفراد في موضع، وفيه العنعة في موضع واحد).
ولم يشر الحافظ ابن حجر في (الفتح) (2/291) إلى هذا الاختلاف لأنه اعتمد في شرحه على رواية أبي ذر الهروي، كما صرح بذلك في الفتح (1/7)، وقد تقدم أن في نسخة أبي ذر أخبرنا.
ومن الجدير بالذكر: أن المتن المطبوع مع فتح الباري إنما هو من إضافة الناشرين في أصل الفتح، كما نُبِّه على ذلك في الحاشية (1/5).
(2) 1/412).(4/19)
أما في "الميزان" فلم يجزم بكونها إجازة بل قال: "وأُكثرَ في "الصحيحين" الرواية عنه مع احتمال أن يكون ذلك بالإجازة من شعيب"(1).
فهذه الأقوال تدل على أن أبا اليمان لم يسمع من شعيب إلا حديثا واحدا، والباقي أخذه عنه إجازة، ولذلك قال الحافظ ابن حجر: "إن صح ذلك فهو حجة في صحة الرواية بالإجازة، إلا أنه كان يقول في جميع ذلك: "أخبرنا" ولا مشاححة في ذلك إن كان اصطلاحا له"(2).
لكن ذلك لم يصح، ومن الأدلة على ذلك:
1- قد صرح عدد من العلماء بسماع أبي اليمان من شعيب من غير تقييد بحديث واحد، منهم: البخاري(3)، ومسلم(4)، وأبو أحمد الحاكم(5)، وأحمد بن محمد الكلاباذي(6) ومحمد بن طاهر المقدسي(7)، إسماعيل بن خلفون(8).
ولما نقل ابن خلفون قول أبي زرعة: "لم يسمع أبو اليمان من شعيب…" عقّب عليه بقوله: "لا أدري ما هذا!"، ثم نقل عن البخاري وأبي أحمد الحاكم تصريحهما بسماع أبي اليمان من شعيب(9).
وقال الحافظ ابن حجر: "بالغ أبو زرعة الرازي فقال: لم يسمع أبو اليمان من شعيب إلا حديثا واحدا"(10).
__________
(1) 1/582).
(2) هدي الساري (ص 399).
(3) التاريخ الكبير: (2/344).
(4) الكنى والأسماء: (ق 122).
(5) ابن خلفون: المُعْلِم (1/65/أ).
(6) ابن عساكر: التاريخ (5/1/102).
(7) الجمع ين رجال الصحيحين (1/102).
(8) المُعْلم: (1/65/أ).
(9) المعْلِم: (1/65/أ).
(10) هدي الساري ؛ (ص 399).(4/20)
2- قد صرح أبو اليمان بالتحديث عن شعيب بن أبي حمزة في عدة أحاديث رواها عنه الإمام أحمد(1) ويعقوب الفسوي(2) وأبو زرعة الدمشقي(3) - وهم من تلاميذه - وعمر بن شَبَّه النميري(4) وأبو بكر البزار(5)، ومحمد بن خلف المعروف بوكيع(6)، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق(7)، والطبراني(8) ومحمد بن إسحاق بن مندة(9).
3- تصريح البخاري ومسلم بسماع أبي اليمان من شعيب بن أبي حمزة وروايتهما أحاديثه عن شعيب في صحيحيهما(10) يدل على أنه سمع تلك الأحاديث من شعيب، ولا يقال إنها إجازة إلا بأدلة قاطعة بعدم سماعه لها من شعيب.
4- قد صرح أبو اليمان بالتحديث عن شعيب في طرق بعض الأحاديث التي رواها عنه البخاري ومسلم بصيغة "أخبرنا" فمن هذه الأحاديث:
أ- حديثه عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، أن عروة بن الزبير أخبره، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته قالت: "جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني…". أخرجه البخاري ومسلم عن أبي اليمان قال: "أخبرنا شعيب"(11) وأخرجه اليعقوب الفسوي قال: "حدثنا أبو اليمان، حدثني شعيب"(12).
__________
(1) المسند: (1/330)، (2/121، 122، 149، 264)، (3/449)، (5/208، 215، 432).
(2) المعرفة والتاريخ (1/244، 260، 292، 324، 379).
(3) التاريخ: (رقم 975، 977، 980، 981، 1061).
(4) تاريخ المدينة (1/80، 356)، (2/691).
(5) الهيثمي: كشف الأستار (1/22 (حديث رقم 25).
(6) أخبار القضاة: (1/126).
(7) المسند (وهو المستخرج على صحيح مسلم): (1/60).
(8) المعجم الكبير: (7/177رقم 6658).
(9) كتاب الإيمان: (رقم 894، 902).
(10) قال ابن حجر في (هدي الساري) (ص 399): (مجمع على ثقته، اعتمده البخاري، وروى عنه الكثير…) وقد تقدم قول الذهبي: إن له نحوا من أربعين حديثا في الصحيحين عن شعيب.
(11) البخاري: (10/426رقم 5995)، ومسلم: (رقم 2629).
(12) المعرفة والتاريخ: (1/379).(4/21)
ب- حديثه عن شعيب، عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير، أن المسور بن مخرمة أخبره أن عمرو بن عوف أخبره…" الحديث في قصة بعث أبي عبيدة إلى البحرين. أخرجه البخاري ومسلم عن أبي اليمان "أخبرنا شعيب"(1). وأخرجه يعقوب الفسوي أيضا فقال: "حدثنا أبو اليمان، حدثني شعيب"(2).
5- قال إبراهيم بن الحسين بن ديزيل: "سمعت أبا اليمان الحكم بن نافع يقول: قال لي أحمد بن حنبل: كيف سمعت الكتب من شعيب بن أبي حمزة؟ قلت:قرأت عليه بعضه، وبعضه قرأه علي، وبعضه أجازه لي، وبعضه مناولة. فقال: قل في كله: أخبرنا شعيب"(3).
وقال أبو اليمان: "كان شعيب بن أبي حمزة عسرا في الحديث، ودخلنا عليه حين حضرته الوفاة، فقال: هذه كتبي قد صححتها، فمن أراد أن يأخذها فليأخذها، ومن أراد أن يعرض فليعرض، ومن أراد أن يسمعها من ابني فليسمعها فإنه قد سمعها مني"(4).
وقال علي بن عياش: "لما حضرت شعيب بن أبي حمزة الوفاة قال: اعرضوا علي كتبي، فعرض عليه كتاب نافع وأبي الزناد"(5).
وقال يحيى بن معين: "سألت أبا اليمان عن حديث شعيب بن أبي حمزة، فقال: ليس هو مناولة، المناولة لم أخرجها"(6).
__________
(1) البخاري: (6/257رقم 3157)، ومسلم: (رقم 2961).
(2) المعرفة والتاريخ: (1/324).
(3) الخطيب: الكفاية (ص 476) من طريقين عن إبراهيم، وقال في الطريق الثاني: (قل في كله: حدثنا). وروى ابن عساكر هذه القصة في تاريخه (5/1/118/أ) بمثل ما رواه الخطيب.
(4) أبو زرعة الدمشقي: التاريخ (1/434، 2/716).
(5) المصدر السابق.
(6) ابن طاهر: الجمع بين رجال الصحيحين (1/102)، ورواه ابن عساكر في تاريخه (5/1/118/أ) بلفظ: (قال لي: لم أخرج من المناولة إلى أحد شيئا).(4/22)
فهذه النصوص تدل على أن أبا اليمان قد جالس شعيبا وسمع منه. وأما ما رواه الأثرم عن الإمام أحمد – فيما تقدم - فقد اعتمد فيه الإمام أحمد على قول بشر بن شعيب بن أبي حمزة؛ فقد روى عنه الإمام أحمد أنه قال: "جاء إلي أبو اليمان بعد موت أبي فأخذ كتابه، والساعة يقول: أخبرنا شعيب، كيف يستحل هذا؟!"(1).
وبشر بن شعيب لم يعلم بسماع أبي اليمان من أبيه، لأنه لم يكن يحضر مجلس أبيه؛ فقد قال علي بن عياش: "قيل لشعيب بن أبي حمزة: يا أبا بشر، ما لبشر لا يحضر معنا؟ قال: شغله الطب"(2).
وقد سأل علي بن عياش بشرا عن حديث من أحاديث أبيه، فقال: "أنتم أعلم بأبي مني"(3).
وكان من عادة أهل الشام أنهم لا يكتبون عند المحدثين، وإنما يسمعون من المحدث، ثم يجيئون إليه فيأخذون سماعهم(4) منه. وهذا الذي فعله أبو اليمان. ولمّا لم يعلم بشر بسماعه قال ما تقدم، ولا يقبل هذا القول من بشر بعد ما ثبت سماع أبي اليمان من شعيب.
والظاهر أن الإمام أحمد قال هذا القول في أبي اليمان قبل أن يسأله عن كيفية سماعه من شعيب، لأن بشرا قد توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين(5) قبل أبي اليمان بتسع سنين.
وقد رحل الأئمة يحيى بن معين والبخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهم إلى أبي اليمان، وتقدم سؤال ابن معين أبا اليمان عن حديثه عن شعيب.
وسأل سعيد بن عمرو البرذعي محمد بن يحيى الذهلي عن رحلته إلى أبي اليمان فقال له: "يحيى بن معين رحل إليه قبلك أو بعدك؟ فقال: رحل إليه بعدي. قلت: فيقال: إنه لم يسمع من شعيب بن أبي حمزة غير حديث واحد والبقية عرض؟ قال: لا أعلمه"(6).
__________
(1) الذهبي: الميزان (1/582)، وقد تقدم بمعناه فيما رواه الأثرم عن الإمام أحمد (ص 209).
(2) أبو زرعة الدمشقي: التاريخ (1/434، 2/716).
(3) المصدر السابق.
(4) انظر: تاريخ ابن معين (4/459).
(5) أبو زرعة الدمشقي: التاريخ (1/281).
(6) ابن عساكر: التاريخ (5/1/117/أ).(4/23)
فلو أن أبا اليمان لم يسمع من شعيب بن أبي حمزة لما خفي على هؤلاء الأئمة الذين رحلوا إليه وسمعوا منه.
ومما سبق يتبين أن أبا اليمان قد سمع من شعيب بن أبي حمزة، وأن القول بأنه لم يأخذ أحاديثه عن شعيب إلا إجازة لم يثبت.
2- عبد الواحد بن زياد(1)
"عبد الواحد بن زياد العبدي مولاهم، البصري، ثقة في حديثه عن الأعمش وحده مقال، من الثامنة، مات سنة ست وسبعين، وقيل بعدها/ع"(2).
تكلم يحيى بن سعيد القطان وأبو داود الطيالسي في حديثه عن الأعمش:
فقال يحيى بن القطان: "ما رأيت عبد الواحد بن زياد يطلب حديثا قط بالبصرة ولا بالكوفة، وكنا نجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة، أذاكره حديث الأعمش، لا يعرف منه حرفا"(3).
وقال عمرو بن علي الفلاّس: "سمعت أبا داود - وذُكِرَ عنده عبد الواحد بن زياد - فقال: عهد إليّ نقل أحاديث كان يرسلها الأعمش، فوصلها كلها، يقول: حدثنا الأعمش، قال حدثنا مجاهد في كذا وكذا"(4).
وقد خالفهما يحيى بن معين وابن عدي حيث وثقاه في الأعمش، فقال معاوية بن صالح: "قلت ليحيى بن معين: من أثبت أصحاب الأعمش؟ قال: بعد سفيان وشعبة أبو معاوية الضرير وبعده عبد الواحد؟ بن زياد"(5).
__________
(1) مصادر ترجمته: (ص 412).
(2) ابن حجر: التقريب (1/526).
(3) العقيلي: الضعفاء (3/55).
(4) المصدر السابق.
(5) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (6/21).(4/24)
وقال عثمان الدارمي: "سألت يحيى بن معين عن أصحاب الأعمش…قلت: فأبو عوانة أحب إليك فيه أو عبد الواحد؟ فقال: أبو عوانة أحب إليّ، وعبد الواحد ثقة"(1).
وقال ابن عدي: "وعبد الواحد من أجلة أهل البصرة، وقد حدث عنه الثقات المعروفون بأحاديث مستقيمة عن الأعمش وغيره، وهو ممن يصدق في الروايات"(2).
وما ذكره يحيى القطان قد أجاب عنه ابن حجر فقال: "هذا غير قادح، لأنه كان صاحب كتاب، وقد احتج به الجماعة"(3).
وقال أيضا: "تكلم القطان في حفظه، وأثنوا كلهم على كتابه"(4).
وأما ما ذكره أبو داود فلا يقدح في عبد الواحد أيضا، لأن الرواة كثيرا ما يروون بعض الأحاديث مرسلة، ثم ينشطون فيروونها موصولة، فيحمل عنهم بعض تلاميذهم المرسلة، ويحمل آخرون الموصولة(5).
وكلام أبي داود - أيضا - مبني على الخلاف في عدد الأحاديث التي سمعها الأعمش من مجاهد، فقد قال هُشيم: "لم يسمع الأعمش من مجاهد إلا أربعة أحاديث". وقال وكيع بن الجراح: "هي سبعة أو ثمانية". وكذا قال يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وعلي بن المديني(6).
__________
(1) تاريخه عن ابن معين (رقم 52) وسقطت منه كلمة (إليك) واستدركتها من الجرح والتعديل (6/21). وأما ما رواه العقيلي في الضعفاء (3/55) ونقله الذهبي في الميزان (2/672)، والسير (9/8) عن عثمان الدارمي قال: "سألت ابن معين عن عبد الواحد بن زياد، فقال: ليس بشيء". فهذا القول قاله ابن معين في عبد الواحد ابن زيد وليس في ابن زياد كما في تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 506) وقد أوضح ذلك. د. أحمد نور سيف في تعليقه على تاريخه الدارمي (ص 148).
(2) الكامل: (5/1938).
(3) هدي الساري: (ص422).
(4) المصدر السابق (ص 462).
(5) انظر: مقدمة صحيح مسلم (1/31) وشرح العلل (2/488).
(6) ذكر ذلك ابن رجب في شرح العلل (2/744) وقول وكيع رواه ابن أبي حاتم في تقدمة المعرفة (ص 227) وقول هشيم رواه الترمذي في علله الكبير (ق 75/أ).(4/25)
ولا يبعد أن يكون أبو داود الطيالسي يرى هذا الرأي أيضا، فلما وجد الأحاديث التي وصلها عبد الواحد عن الأعمش عن مجاهد تزيد على هذا العدد تكلم فيه.
وخالفهم أبو عبد الله البخاري في عدد الأحاديث التي سمعها الأعمش من مجاهد، فقد قال له الترمذي: "يقولون: لم يسمع الأعمش من مجاهد إلا أربعة أحاديث. قال: ريح ليس بشيء، لقد عددت له أحاديث كثيرة نحوا من ثلاثين أو أقل أو أكثر، يقول فيها: حدثنا مجاهد"(1).
وقال الذهبي: "احتجا به في الصحيحين، وتجنبا تلك المناكير التي نقمت عليه، فيحدث عن الأعمش – بصيغة السماع – عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح، فليضطجع على يمينه""(2).
__________
(1) العلل الكبير للترمذي: (ق/75/أ).
(2) الميزان: (2/672).
والحديث أخرجه أحمد (2/415) وأبو داود (2/47 رقم 1261)، والترمذي (1/281 رقم 420)، وابن خزيمة (2/167)، وابن حبان (ص 162 رقم 612 موارد الظمآن) والبيهقي (3/45)، وابن حزم في المحلى (3/255) والبغوي في شرح السنة (3/460) كلهم من طريق عبد الواحد عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة.
ولم يُذْكَر في المصادر السابقة تصريح الأعمش بالسماع من أبي صالح، فقول الذهبي: (بصيغة السماع) سبق قلم منه رحمه الله تعالى.(4/26)
ولم أجد من الأحاديث التي أشار إليها الذهبي وقال: إنها نقمت على عبد الواحد إلا هذا الحديث، ومع ذلك فقد قال فيه الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"(1). ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما - كما تقدم - وصححه النووي(2)، وابن حجر(3)، والسيوطي(4)، والشوكاني(5)، وشمس الحق العظيم آبادي(6)، والمباركفوري(7)، وأحمد شاكر(8)، والألباني(9).
وخالفهم الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما، فقال الإمام أحمد: "ليس هذا أمرا من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم"(10).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا باطل وليس بصحيح، وإنما الصحيح عنه الفعل لا الأمر بها، والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد، وغلط فيه"(11).
وقد رد الفريق الأول على شيخ الإسلام؛ فقال ابن حجر: "طعن ابن تيمية ومن تبعه في صحة هذا الحديث لتفرد عبد الواحد بن زياد به، وفي حفظه مقال، والحق أنه تقوم به الحجة"(12).
وقال شمس الحق العظيم آبادي: "ليس الأمر كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وليس فيه لائحة البطلان، بل قوله – رضي الله عنه – بعيد عن الصواب، وهذا خطأ اجتهادي منه، والحق أن الحديث صحيح من جهة الإسناد، وعبد الواحد بن زياد قد وثقه جماعة من الحفاظ والنقاد…"(13).
وقد رد عليه أيضا المباركفوري في تحفة الأحوذي(14).
__________
(1) الجامع: (1/281).
(2) شرح صحيح مسلم: (6/19)، ورياض الصالحين (ص 449).
(3) فتح الباري: (3/44).
(4) الجامع الصغير: (1/30).
(5) نيل الأوطار: (3/27).
(6) إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر: (ص 57-63).
(7) تحفة الأحوذي: (1/322).
(8) في تعليقه على جامع الترمذي: (1/281).
(9) صحيح الجامع الصغير: (رقم 655).
(10) مسائل الإمام أحمد: رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ (1/106، 108).
(11) ابن القيم: زاد المعاد (1/170) قال: (سمعت ابن تيميه…) فذكره.
(12) فتح الباري: (3/44).
(13) إعلام أهل العصر: (ص 62).
(14) 1/322).(4/27)
ومما يقوي قول الإمام أحمد ومن تبعه: أن الحديث قد رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع"(1).
وقد تابع سهيلا محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي صالح قال: "سمعت أبا هريرة يحدث مروان بن الحكم - وهو على المدينة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يفصل بين ركعتيه من الفجر ومن الصبح بضجعة على شقه الأيمن"(2).
فهذان ثقتان: سهيل بن أبي صالح(3) ومحمد بن إبراهيم التيمي، اتفقا على رواية الحديث عن أبي صالح، من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله.
قال البيهقي - بعد رواية حديث التيمي -: "هذا أولى أن يكون محفوظا لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس"(4)
__________
(1) هذا الحديث مروي عن سهيل من طريقين:
الأولى: رواها ابن ماجة (رقم 1199) من طريق عمر بن هشام ثنا النضر بن شميل، أنبأنا شعبة، حدثني سهيل بن أبي صالح به.
الثانية: رواها أبو طالب أحمد بن حميد قال: حدثنا أبو الصلت، عن أبي كدينة يحيى بن المهلب، عن سهيل به. كما في زاد المعاد لابن القيم (1/172).
وعمر بن هشام قال عنه ابن حجر في التقريب(2/64): (مقبول).لكنه قد توبع كما تقدم.
(2) رواه الإمام أحمد في مسائل ابن هاني النيسابوري (1/107) من طريق يعقوب بن إبراهيم قال: (حدثني أبي، عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن إبراهيم…)به.
و رواه البيهقي في سننه (3/45) من هذا الطريق أيضا. وتصريح أبي صالح بالسماع من أبي هريرة يرد قول أبي بكر بن العربي في عارضة الأحوذي (2/217): (لم يسمعه أبو صالح من أبي هريرة).
(3) تكلم في سهيل من جهة حفظه بآخره كما في الميزان (2/243)، لكن الراوي عنه في هذا الحديث شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم كما قال ابن حجر في الفتح (1/300).
(4) السنن الكبرى: (3/45).
وحديث عائشة رواه البخاري (3/43رقم1160) ومسلم (رقم743) ولفظه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" واللفظ للبخاري.
وحديث ابن عباس رواه ابن خزيمة في صحيحه (2/157، 168) من طريق أبي نضرة عن ابن عباس. وإسناده صحيح.(4/28)
.
وهذا الحديث سمعه أبو صالح من أبي هريرة بحضور مروان بن الحكم، كما تقدم في رواية التيمي. وقد ذكر الأعمش في روايته عن أبي صالح ردّ مروان بن الحكم على أبي هريرة، فدل ذلك على أن الحديث واحد، خلافا لقول الشوكاني: "عند أبي هريرة حديثان: حديث الأمر به، وحديث ثبوته من فعله صلى الله عليه وسلم"(1).
وأما قول شيخ الإسلام ابن تيمية في حديث الأعمش: أن عبد الواحد غلط فيه. فليس بمتعين أن يكون الغلط فيه من عبد الواحد، بل العلة فيه من جهة الأعمش، حيث رواه عن أبي صالح بالعنعنة، وهو مدلس، وقد أعله بذلك أبو بكر بن العربي(2). فإعلال الحديث بعنعنة الأعمش أولى من تغليظ الثقة.
وأما قول المباركفوري: "عنعنة الأعمش عن أبي صالح محمولة على الاتصال"(3) واحتجاجه بقول الذهبي في الأعمش: "وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يُدْرَى به، فمتى قال "حدثنا" فلا كلام، ومتى قال: "عن" تطرّق إليه احتمال التدليس، إلا في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم النخعي وأبي وائل وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال"(4).
فهذا القول مقبول فيما لم يخالف فيه الأعمش، فأما إذا خالفه غيره فلا تحمل عنعنته على الاتصال، لأن المخالفة تقوى احتمال التدليس. وقد ذكر العلائي أمثلة من تدليس الأعمش عن إبراهيم النخعي وأبي وائل وأبي صالح السمان(5)، فدل ذلك على أن قول الذهبي السابق ليس على إطلاقه، وإنما هو على الغالب، فمتى وجدت قرينة تدل على تدليسه فلا تحمل عنعنته على الاتصال.
__________
(1) نيل الأوطار: (3/27).
(2) عارضة الأحوذي (2/217).
(3) تحفة الأحوذي (1/322).
(4) الميزان: (2/224).
(5) جامع التحصيل: (ص 230).(4/29)
ومما تقدم يتبين رجحان ما ذهب إليه الإمام أحمد ومن تبعه، من أن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاضطجاع بعد ركعتي الفجر من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله، وأن العلة في حديث الأمر إنما جاءت من جهة الأعمش، وليس الغط فيه من عبد الواحد بن زياد.
وخلاصة القول في عبد الواحد:
أنه ثقة في الأعمش وفي غيره، وما ذكره يحيى القطان وأبو داود الطيالسي لا يقدح فيه، وقد احتج البخاري بروايته عن الأعمش(1).
3- علي بن المبارك(2)
"علي بن المبارك الهُنائي - بضم الهاء وتخفيف النون ممدودا - ثقة، كان له عن يحيى ابن أبي كثير كتابان أحدهما سماع، والآخر إرسال، فحديث الكوفيين عنه فيه شيء، من كبار السابعة/ع"(3).
تكلم يعقوب بن شيبة السدوسي في روايته عن يحيى بن أبي كثير فقال: "رواية علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير خاصة فيها وهي(4)، وقد سمع من يحيى، وكان يحدث عنه بما سمع منه، ويحدث عنه بما كتب به إليه، ويحدث عنه من كتاب كان يحيى تركه عنده"(5).
قال يعقوب: "سمعت ابن المديني يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: قال علي بن المبارك: كتاب يحيى بن أبي كثير هذا بعث به إليّ من اليمامة، أو خلفه عندي - شك يحيى بن سعيد - قال: ولم أسمعه من يحيى بن أبي كثير"(6).
__________
(1) انظر صحيح البخاري: (1/223 رقم 125، 368 رقم 257، 2/131، رقم 647، 5/34 رقم 2358، 12/97 رقم 6799).
وروى له مسلم عن الأعمش في كتاب الصلاة، كما في رجال مسلم لابن منجوية (ق 111/أ).
(2) مصادر ترجمته: (ص 413).
(3) ابن حجر: التقريب (2/43).
(4) يعني: فيها ضعف قال ابن منظور في لسان العرب (15/417): (وَهَى الشيء والسقاء، ووَهِيَ يَهِي، فيهما جميعا، وَهْياً، فهو واهٍ: ضَعُف).
(5) يعقوب بن شيبة: المسند (ص 60 مسند عمر بن الخطاب).
(6) مسند عمر بن الخطاب (ص 61).(4/30)
وقال أيضا: "سمعت عليا وقيل له: سماع علي بن المبارك من يحيى بن أبي كثير؟ فقال علي: قال يحيى - يعني ابن سعيد -: كان عنده كتابان واحد سمعه من يحيى، والآخر تركه عنده. قيل لعلي: فرواية يحيى بن سعيد عنه – يعني عن علي بن المبارك -؟ فقال علي: لم يسمع يحيى بن سعيد منه إلا ما سمع من يحيى بن أبي كثير"(1).
وقال يعقوب الفسوي: "حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان، وذكر علي بن المبارك فقال: كان له كتابان، أحدهما سمعه، والآخر لم يسمعه، فأما ما رويناه نحن عنه فمما سمع، وأما ما رواه الكوفيون عنه فالكتاب الذي لم يسمعه"(2).
وقول يعقوب بن شيبة: "ويحدث عنه بما كتب به إليه، ويحدث عنه من كتاب كان يحيى تركه عنده" يدل على أن علي بن المبارك فعل الأمرين معا، وليس كذلك، لأن يحيى بن سعيد شك هل بعث يحيى بن أبي كثير بالكتاب إلى علي بن المبارك، أو خلّفه عنده، فجعل يعقوب بن شيبة من هذا الشك واقعتين منفصلتين، وقد جزم يحيى القطان في الرواية الثانية بأن يحيى بن أبي كثير ترك الكتاب عند علي بن المبارك، فزال الشك الذي في الرواية الأولى.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "قلت لأبي: كيف علي بن المبارك؟ قال: ثقة. قلت: كيف سماعه من يحيى بن أبي كثير؟ قال: كانت عنده كتب، بعضها سمعها وبعضها عرض. ثم قال أبي…. ما رأيت أحدا أروى عنه من وكيع"(3).
وقول الإمام أحمد: "وبعضها عرض" بين المراد من قول علي بن المبارك: "ولم أسمعه من يحي بن أبي كثير". أي أنه عرض الكتاب الآخر على يحيى بن أبي كثير، ولم يأخذه عنه سماعا كما أخذ الكتاب الأول.
ويؤيد ذلك قول يحيى بن معين: "قال بعض البصريين: علي بن المبارك عرض على يحيى بن أبي كثير عرضا، وهو ثقة"(4).
__________
(1) يعقوب بن شيبة: (المسند (ص 61).
(2) المعرفة والتاريخ: (3/183).
(3) العلل: (1/189) وروى صالح بن أحمد نحو ذلك عن أبيه كما في الجرح والتعديل (6/203).
(4) تاريخ ابن معين: (4/180).(4/31)
ويُجمع بين هذا القول وقول يحيى القطان السابق: بأن علي بن المبارك عرض على يحيى بن أبي كثير الكتاب أولا، ثم ترك يحيى الكتاب عنده بعد ذلك.
وهذا لا يؤثر في رواية علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير، لأن العرض - وهو القراءة على الشيخ - طريق من طرق التحمل، وهو بمنزلة السماع عند كثير من أهل العلم"(1).
وقال أبو داود السجستاني: "كان عند علي بن المبارك كتابان عن يحيى بن أبي كثير، كتاب سماع، وكتاب إرسال فقلت لعباس العنبري: كيف تعرف كتاب الإرسال؟ فقال: الذي عند وكيع عن علي، عن يحيى، عن عكرمة، قال: هذا من كتاب الإرسال. قال: وكان الناس يكتبون كتاب السماع"(2).
فالظاهر أن قوله: "كتاب سماع وكتاب إرسال" مأخوذ من قول يحيى القطان: "كان له كتابان أحدهما سمعه والآخر لم يسمعه". وسبق أن الذي لم يسمعه قد عرضه على يحيى بن أبي كثير كما أشار إلى ذلك الإمام أحمد.
وقول عباس العنبري يخصص قول يحيى القطان المتقدم: "وأما ما رواه الكوفيون عنه فالكتاب الذي لم يسمع". فقد بين عباس العنبري أن الذي روى من الكوفيين عن علي بن المبارك من الكتاب الذي لم يسمعه من يحيى بن أبي كثير إنما هو وكيع، وأن غيره من الناس كانوا يكتبون كتاب السماع(3).
وبين أيضا: أن الأحاديث التي عند وكيع عن علي بن المبارك من الكتاب الذي لم يسمعه هي ما رواه يحيى بن أبي كثير عن عكرمة فقط.
__________
(1) انظر: المحدث الفاصل (ص 420)، والكفاية (ص 373)، والالماع (ص 70)، وفتح المغيث (ص 404).
(2) سؤالات الآجري (ص 308).
(3) رواية البصريين عن علي بن المبارك أشهر من رواية الكوفيين عنه، حيث لم يذكر المزي ف تهذيب الكمال (2/ق 989) في تلاميذ علي بن المبارك من الكوفيين إلا ثلاثة: وكيعا وأبا نعيم الفضل بن دكين، وزيد بن الحسن الأنماطي، وهذا الأخير ضعيف كما في التقريب.(4/32)
ومما يدل على ذلك أن وكيعا قد روى عن علي بن المبارك عن يحيى ابن أبي كثير عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة، العقرب والحية"(1).
وهذا الحديث رواه يحيى بن سعيد القطان عن علي بن المبارك، قال حدثني يحيى، قال: حدثني ضمضم بن جوس…"به(2).
فتبين أن هذا الحديث رواه وكيع عن علي بن المبارك من الكتاب الذي سمعه من يحيى بن أبي كثير.
وروى وكيع أيضا عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني وعليكم السكينة"(3).
ورواه البخاري من طريق أبي قتيبة - سَلْم بن قتيبة نزيل البصرة - عن علي بن المبارك به(4).
فهذا الحديث أيضا من الأحاديث التي سمعها علي بن المبارك من يحيى بن أبي كثير.
__________
(1) الإمام أحمد: المسند (2/475).
(2) المصدر السابق (2/473) ورواه أيضا الإمام أحمد (2/475)، وأبو داود في سننه (1/566) رقم 921)، والترمذي (2/233) رقم 390) من طريق مسلم بن إبراهيم عن علي بن المبارك به، وقال الترمذي: (حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح).
وقد تابع علي بن المبارك معمرٌ عند الإمام أحمد (2/233، 248، 284، 490)، والنسائي (3/10)، وابن ماجة (رقم 1245).
وهشامُ الدستوائي عند الإمام أحمد (2/255) كلاهما عن يحيى بن أبي كثير به.
(3) رواه ابن حبان في صحيحه (3/188 من الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان).
(4) 2/390 رقم 909).
وقد روى البخاري ومسلم من طريق وكيع عن علي بن المبارك كما نص على ذلك ابن طاهر في الجمع بين رجال الصحيحين (1/355) وابن منجويه في رجال مسلم (ق/126/أ). وقال ابن حجر في هدي الساري(ص430) في ترجمة علي بن المبارك: (أخرج له البخاري من رواية البصريين عنه خاصة، وأخرج من رواية وكيع عنه حديثا واحدا توبع عليه).(4/33)
وقد وثق عدد من الأئمة علي بن المبارك وأثنوا على روايته عن يحيى بن أبي كثير، وقد تقدم قول ابن معين و الإمام أحمد(1).
وقال ابن معين أيضا: "علي بن المبارك في يحيى ليس به بأس"(2).
وقال أيضا: "ليس أحد في يحيى بن أبي كثير مثل هشام الدستوائي والأوزاعي، وعلي بن المبارك بعد هؤلاء"(3).
وقال عثمان الدارمي: "سألت يحيى بن معين عن علي بن المبارك فقال: ثقة. قلت: فكيف حديثه؟ قال: ثقة"(4).
وقال أبو زرعة الدمشقي: "سمعت أحمد بن حنبل يسأل: من أثبت الناس في يحيى بن أبي كثير؟ قال: هشام الدستوائي. ثم قال: هؤلاء الأربعة: علي بن المبارك، وأبان، وهشام، وحرب بن شداد. يعني بعد هشام"(5).
وقال ابن حبان: "كان راويا ليحيى بن أبي كثير…وكان متقنا ضابطا"(6).
وقال ابن عدي: "هو ثبت في يحيى بن أبي كثير ومقدم في يحيى، وهو عندي لا بأس به"(7).
وخلاصة القول:
__________
(1) هذه المتابعة لوكيع تدل على أن حديثه الذي توبع عليه من كتاب السماع.
(ص 229).
(2) تاريخ ابن معين: (4/458) ولم يذكره.د.أحمد نور سيف في ترتيبه لتاريخ ابن معين في ترجمة علي بن المبارك.
(3) المصدر السابق (4/180).
(4) تاريخه عن ابن معين: (رقم 500) وقوله: (قلت: فكيف حديثه) استدركتها من كامل ابن عدي (5/1827).
(5) التاريخ: (1/452). وأبان هو: ابن يزيد العطار، وقوله: (وهشام) الذي يظهر لي أنه تصحيف، والصواب: (وهمام) وهو ابن يحيى العوذي، فقد قال فيه الإمام أحمد: (هو أثبت من أبان العطار في يحيى بن أبي كثير) رواه ابن عدي عنه، وقال ابن عدي: (هو مقدم في يحيى بن أبي كثير) كما في الكامل (7/2591، 2592).
وفي الرواة عن يحيى بن أبي كثير: هشام بن حسان، واستبعد أن يكون هو، لأنه لم يشتهر بالرواية عن يحيى بن أبي كثير كاشتهار من قرن معه، ولذلك لم يذكره ابن رجب في شرح العلل (2/486) في أصحاب يحيى بن أبي كثير.
(6) الثقات: (7/213).
(7) الكامل: (5/1828).(4/34)
أن علي بن المبارك ثقة، وقول يعقوب بن شيبة: "رواية علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير فيها وهيٌ" تعنت منه رحمه الله، وما تقدم عن ابن معين و الإمام أحمد وغيرهما يرد هذا القول.
وقول ابن حجر رحمه الله: "حديث الكوفيين عنه فيه شيء"(1) اعتمد فيه على قول يحيى القطان: "وأما ما رواه الكوفيون عنه فالكتاب الذي لم يسمع".
وقد تقدم أن الكتاب الذي لم يسمعه من يحيى بن أبي كثير قد عرضه عليه، كما قال الإمام أحمد.
4- محمد بن بشار(2)
"محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، أبو بكر، بندار، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين وله بضع وثمانون سنة/ع"(3).
تكلم في حديثه عن يحيى بن سعيد القطان:
فقال عبد الله بن محمد بن سيار: "سمعت أبا حفص عمرو بن علي يحلف أن بندار يكذب فيما يروي عن يحيى"(4).
إلا أن العلماء لم يلتفتوا إلى قول أبي حفص الفلاس هذا، بل ردوه؛ فقال الذهبي في"المغني في الضعفاء": "ثقة حجة، كذبه الفلاس…"ثم قال: "لم أذكر بندارا وأمثاله في كتابي للين فيه عندي، ولكن لئلا يتعقب علي فيهم فيقول قائل: فيهم مقال"(5).
وقال في "الميزان": "كذبه الفلاس، فما أصغى أحد إلى تكذيبه، لتيقنهم أن بندارا صادق أمين…قد احتج به أصحاب الصحاح كلهم، وهو حجة بلا ريب"(6).
وقال الذهبي - أيضا - في "تذكرة الحفاظ": "ولا عبرة بقول من ضعفه"(7).
وقال الحافظ ابن حجر: "وضعفه عمرو بن علي الفلاس ولم يذكر سبب ذلك، فما عرجوا على تجريحه"(8).
وقال أيضا: "تكلم فيه الفلاس فلم يلتفت إليه"(9).
__________
(1) تقدم: (ص 227).
(2) مصادر ترجمته: (ص 414).
(3) ابن حجر: التقريب (2/147).
(4) الخطيب: التاريخ (2/103).
(5) 2/559).
(6) 3/490).
(7) 2/511).
(8) هدي الساري: (ص437).
(9) المصدر السابق: (ص463).(4/35)
وقد ترجم المعلمي في كتابه "التنكيل" لمحمد بن بشار، وذكر قول أبي حفص الفلاس، وأجاب عنه إجابة شافية، بين فيها: أن الكذب الذي ذكره الفلاس ليس هو الكذب بالمعنى المتبادر، وإنما هو بمعنى الوهم والخطأ، بدليل أن الدارقطني ذكر أن الفلاس سئل عن محمد بن المثنى أبي موسى الزمن وعن بندار، فقال: "ثقتان، يقبل منهما كل شيء إلا ما تكلم به أحدهما في الآخر".
ثم قال المعلمي: "وقد كانت بين عمرو بن علي وبندار مخاشنة(1)…فإذا قضى عمرو بن علي على بندار وأبي موسى أن لا يقبل كلام كل منهما في الآخر فقد قضى على نفسه. والحق أنه إنما أراد الوهم والخطأ"(2).
وقد رد المعلمي على طعون أخرى وجهت لبندار، فأجاد وأفاد، رحمه الله تعالى.
وقد روى البخاري عن بندار مائتي حديث وخمسة أحاديث، وروى مسلم عنه أربع مائة وستين حديثا. كما نقله ابن حجر في "التهذيب" عن كتاب "الزهرة"(3).
وكفى بندارا بذلك فخرا…
__________
(1) الخشونة: ضد اللين، والمخاشنة في الكلام ونحوه، كما في لسان العرب (13/140)، والمعنى: صدر من كل منهما كلام غليظ في حق الآخر.
(2) التنكيل: (1/430-432).
(3) 9/73).(4/36)
الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم
صالح بن حامد الرفاعي
الفصل الثاني: في الثقات الذين خُرِّج لهم في الصحيحين أو أحدهما عن غير من ضُعفوا فيهم
وفيه تسعة مباحث:
الأول: في ترجمة أسباط بن محمد بن محمد القرشي مولاهم.
الثاني: في ترجمة بَدَل بن المُحبَّر البصري.
الثالث: في ترجمة حبيب بن أبي ثابت الكوفي.
الرابع: في ترجمة داود بن الحصين المدني.
الخامس: في ترجمة سلاّم بن أبي مطيع البصري.
السادس: في ترجمة عبد الكريم بن مالك الجزري.
السابع: في ترجمة عبيد الله بن موسى العبسي.
الثامن: في ترجمة عمرو بن علي الفلاس البصري.
التاسع: في ترجمة عمرو بن أبي عمرو المدني.
1- أسباط بن محمد(1)
"أسباط بن محمد بن عبد الرحمان بن خالد بن ميسرة القرشي مولاهم، أبو محمد الكوفي، ثقة، ضعف في الثوري، من التاسعة، مات سنة مائتين/ع"(2).
تكلم يحيى بن معين في حديثه عن الثوري:
فقال عباس الدوري: "سمعت يحيى يقول: أسباط ليس به بأس، وكان يخطئ عن سفيان"(3).
وقد وثق ابن معين أسباط بن محمد توثيقا مطلقا في عدة روايات عنه؛ فقال عباس الدوري: "سمعته يقول: أسباط بن محمد ثقة"(4).وكذا قال ابن أبي خيثمة(5) وعبد الله بن شعيب(6) عن ابن معين.
وقال ابن الجنيد: "سألته عن أسباط بن محمد؟ فقال: ثقة"(7).
__________
(1) مصادر ترجمته: (ص 414).
(2) ابن حجر: التقريب (1/53). و"أسباط" بفتح الهمزة وسكون المهملة، بعدها موحدة. كما في فتح الباري (8/246).
(3) تاريخ ابن معين: (4/49). قال ابن حجر في "الفتح" - بعد ذكر قول ابن معين هذا (8/246)-: "فذكره لأجل ذلك ابن الجوزي في الضعفاء". ولم أجد ترجمة لأسباط في ضعفاء ابن الجوزي فيمن يسمى أسباطا.
(4) تاريخ ابن معين: (3/271).
(5) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (2/333).
(6) الخطيب: التاريخ (7/46).
(7) سؤالات ابن الجنيد: (ق 82/ب).(5/1)
وقال عثمان الدارمي: "قلت ليحيى: فأسباط بن محمد كيف حديثه؟ قال: ليس به بأس"(1).
وقد رد ابن معين على من ضعف أسباطا: فقد روى المفضل بن غسان الغلابي عن ابن معين أنه قال: "أسباط بن محمد ثقة، وأهل الكوفة يضعفونه"(2).
وروى ابن البرقي عن ابن معين قال: "الكوفيون يضعفونه، وهو عندنا ثبت فيما يروي عن مطرف والشيباني، وقد سمعت أنا منه"(3).
فهذه الروايات تدل على أن قول ابن معين: "كان يخطئ عن سفيان" ليس المراد منه تضعيف أسباط في سفيان، إذ لو كان مراد ابن معين تضعيفه في سفيان لما أهمل التنبيه على ذلك في هذه الروايات المتقدمة.
ولعل ابن معين قال ذلك في حديث واحد بعينه، أو قاله في أسباط بالنسبة لكبار أصحاب الثوري، لأن أسباط ليس من كبار أصحاب الثوري المشهورين بالأخذ عنه(4).
وقد أرشد وكيع بن الجراح تلاميذه - وفيهم محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي - إلى الذهاب إلى أسباط وسماع أحاديثه، قال ابن عمار: "فذهبنا، فسمعناها منه، وكان حديثه ثلاثة آلاف"(5).
ووكيع بن الجراح من أهل الجرح والتعديل(6)،ومعاصر لأسباط بن محمد وبلديه، وهو من كبار أصحاب الثوري، ومن أعلم الناس بحديثه(7)، فلو علم في أسباط بن محمد ضعفا لما أرشدهم إلى الذهاب إليه والسماع منه من غير تنبيه منه على ذلك.
__________
(1) تاريخه عن ابن معين: (رقم 169).
(2) الخطيب: التاريخ (7/46).
(3) مغلطاي: إكمال تهذيب الكمال (1/85/أ)، وذكره الباجي في التعديل والتجريح (ق 53) مختصرا.
(4) انظر: المعرفة والتاريخ للفسوي (1/716-717).
(5) المزي: تهذيب الكمال (2/355).
(6) الذهبي: ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل (ص164).
(7) انظر: تاريخ ابن معين (3/564).(5/2)
وأسباط من أقران الثوري، حيث إن الثوري ولد سنة سبع وتسعين(1). وولد أسباط سنة خمس ومائة(2)، وقد اشتركا في الرواية عن بعض الشيوخ(3). ولهذا لم يخرج البخاري ومسلم من رواية أسباط عن الثوري شيئا، وأخرجا له عن غير الثوري(4).
والخلاصة:
أن أسباط بن محمد ثقة، وقول ابن حجر: "ضعف في الثوري" اعتمد فيه على قول ابن معين: "كان يخطئ عن سفيان". وهذا القول من ابن معين لا يدل ضعف أسباط في الثوري.
وقد خطّأ ابن معين أسباط بن محمد في بعض الأحاديث التي رواها عن أبي إسحاق الشيباني(5)، ومع هذا قال عنه: "هو عندنا ثبت فيما يروى عن مُطرف والشيباني" كما تقدم.
2- بَدَل بن المُحبّر(6)
"بَدَل - بفتحتين - ابن المُحَبَّر - بالمهملة ثم الموحدة - أبو المُنيِر - بوزن مُطيع - التميمي، البصري، أصله من واسط، ثقة ثبت إلا في حديثه عن زائدة، من التاسعة، مات سنة بضع عشرة/خ4"(7).
وقد تابع الخزرجي ابن حجر في تضعيف بَدَل بن المُحبَّر في حديثه عن زائدة بن قدامة الثقفي، فقال: "صدوق، أرجح من عفان، وضُعّف في زائدة"(8).
وهذا التضعيف الذي ذكره ابن حجر لا يسلّم له، لما يأتي:
__________
(1) ابن سعد: الطبقات (6/371).
(2) الخطيب: التاريخ (7/47).
(3) ذكر ابن حجر في "التهذيب" (1/211) أربعة من شيوخ أسباط ثلاثة منهم ذكرهم في شيوخ الثوري (4/111).
(4) انظر: "التعديل والتجريح" للباجي (ق 53)، و"رجال مسلم" لابن منجويه (ق17/أ)، وحديثه في صحيح البخاري رقم (4579-6948) من روايته عن أبي إسحاق الشيباني.
(5) تاريخ ابن معين: (4/49-50).
(6) مصادر ترجمته: (ص 415).
(7) ابن حجر: التقريب (1/94) و"المُحَبَّر" بتشديد الموحدة المفتوحة، كما في الإكمال لابن ماكولا (7/209).
(8) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال: (1/142).(5/3)
1- اعتمد ابن حجر في تضعيف بَدَل بن المُحبَّر في حديثه عن زائدة على ما ذكره أبو عبد الله الحاكم عن الدارقطني، حيث قال في بَدَل: "ضعيف، حدَّثَ عن زائدة بحديث لم يتابَع عليه، حديث لعبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن عمر، عن عمر"(1).
فهذا التضعيف الذي ذكره الدارقطني تضعيف عام، وليس مخصوصا بحديث بَدَل عن زائدة، وهو معارض بتوثيق غيره من الأئمة، فقد روى البخاري عنه في صحيحه(2)، ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: "بدل بن المحبر صدوق، أرجح من أمية بن خالد وبهز بن أسد وحبان بن هلال وعفان"(3).
وقال ابن أبي حاتم أيضا: "سمعت أبا زرعة يقول: بدل بن المحبر ثقة"(4).
وذكره ابن حبان في "الثقات"(5)، ووثقه مسلمة بن قاسم وأبو عمر ابن عبد البر الأندلسيان، كما نقله عنهما ابن خلفون(6).
وقد تعجب الذهبي من تضعيف الدارقطني بدل بن المحبر فقال -تعقيبا على قول الدارقطني-: "وهذا عجب! فقد قال أبو حاتم: هو أرجح من بهز وحبان وعفان"(7).ولهذا قال الذهبي في "الكاشف": "ثقة"(8).
2- أن الدارقطني إنما تكلم في حديث واحد من أحاديث بَدَل بن المُحبَّر، عن زائدة حيث روى بَدَل عن زائدة عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن عمر، عن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في الناس أن مَنْ يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة…"(9)
__________
(1) سؤالات الحاكم للدارقطني: (رقم 291).
(2) ذكر الباجي في "التعديل والتجريح" (ق 63) أن البخاري روى عنه حديثين في الصلاة والفتن، عن شعبة. وكذا قال ابن حجر في "هدي الساري" (ص 392).
(3) الجرح والتعديل: (2/439).
(4) المصدر السابق.
(5) 8/153).
(6) المعلم بأسامي شيوخ البخاري ومسلم: (1/ق54/أ).
(7) الميزان: (1/300).
(8) 1/79).
(9) رواه البزار في مسنده (كما في كشف الأستار 1/12). وقال الهيثمي في مجمع الزاوائد (1/17): "في إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ضعيف لسوء حفظه".
ووقع في كشف الأستار بَدَل بن المُحبَّر ثنا أبو المنير"، وهو خطأ، لأن أبا المنير هو بَدَل، وأُقحِمَ بينهما (ثنا).(5/4)
.
فقد خالفه حسين بن علي الجعفي، فرواه عن زائدة عن ابن عقيل عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناد يا عمر في الناس أنه من مات يعبد الله مخلصا من قلبه أدخله الله الجنة، وحرم عليه النار…"(1).
قال أبو بكر أحمد بن عمر البزار: "لا نعلم روى ابن عقيل عن ابن عمر إلا هذا، ولا روى عنه إلا زائدة، وقد رواه حسين بن علي، عن زائدة، عن ابن عقيل، عن جابر. فخالف بدلا في روايته، وحسين أحفظ من بدل، ولكنه سلك الجادة"(2).
فالبزار يشير إلى ترجيح رواية بدل على رواية حسين الجعفي. وعلى فرض وَهَم بَدَل في هذا الحديث، فلا يُوجب ذلك تضعيف في روايته عن زائدة، فضلا عن تضعيفه مطلقا، وقد بيّن هذا الحافظ ابن حجر فقال في ترجمة بَدَل: "وثقه أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهما، وضعفه الدارقطني في روايته عن زائدة، قاله الحاكم. وذلك بسبب حديث واحد خالف فيه حسين بن علي الجعفي صاحب زائدة، وهو في مسند ابن عمر من مسند البزار. قلت: هو تعنت…"(3).
ثم ذكره ابن حجر في فصل "من ضُعِّف بأمره مردود" فقال: "بَدَل بن المُحبَّر، تُكلّم فيه بسبب حديث واحد عن زائدة"(4).
وبهذا يتبيّن أن بَدَل بن المُحبَّر ثقة ثبت مطلقا، وأن كلام الدارقطني فيه قد ردَّه الحافظ ابن حجر، واعتبر ذلك تعنتا من الدارقطني.
3- حبيب بن أبي ثابت(5)
__________
(1) رواه أبو يعلى في مسنده (3/352).
(2) الهيثمي: كشف الأستار (1/12) إلى قوله: فخالف بدلا" وتتمة الكلام من "زوائد البزار" لابن حجر (حديث رقم 1). وقد حقق قسما منه الشيخ عبد الله مراد وحصل به على درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
(3) هدي الساري: (ص 392).
(4) المصدر السابق: (ص 461).
(5) مصادر ترجمته: (ص 416).(5/5)
"حبيب بن أبي ثابت: قيس، ويقال: هند بن دينار الأيدي مولاهم، أبو يحيى الكوفي، ثقة جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، مات سنة تسع عشرة ومائة/ع"(1).
تُكلّم في حديثه عن عطاء بن أبي رباح:
فقال العقيلي: "حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليست بمحفوظة. سمعته يقول: إن كانت محفوظة فقد نزل عنها. يعني: عطاء نزل عنها"(2).
وروى العقيلي حديثه عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة، قالت: "سرق لها شيء، فجعلت تدعو عليه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبخي عنه". يعني: لا تخففي".
ثم قال العقيلي: "وله عن عطاء غير حديث لا يتابع عليه"(3)
__________
(1) ابن حجر: التقريب (1/148)، وذكره ابن رجب في شرح العلل (2/650).
(2) الضعفاء: (1/263).
(3) المصدر السابق.
والحديث رواه الإمام أحمد في المسند (6/45، 136)، ولفظه في الموضع الأول: "قالت: سرقها سارق، فدعت عليه…"، ورواه أبو داود في سننه (2/168رقم1497، 5/212رقم 4909)، والنسائي في سننه الكبرى (كما في تحفة الأشراف12/236)، والعسكري في تصحيفات المحدثين (1/60)، كلهم من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها. قال العسكري - في معنى: لا تسبخي-: "لا تخففي عنه بدعائك عليه".
وهذا الحديث رواه حبيب عن عطاء بالعنعنة، ولم يصرح فيه بالسماع، وهو مدلس، لذلك ذكره الألباني في ضعيف الجامع الصغير (رقم 6233) وقال: "ضعيف".
وقال العسكري في تصحيفات المحدثين (1/61): "ووجدت الحديث في كتاب عبدان القاضي في مسند عائشة رضي الله عنها، رواه عن سهل بن بحر، عن محمد بن الصباح، عن هشيم، عن حجاج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُسَبِّخي عنه حتى توفين أجرك يوم القيمة). وهذا خطأ وليس بشيء".
ورواه الإمام أحمد في مسنده (6/215) من طريق إبراهيم بن مهاجر البجلي، عن إبراهيم النخعي، عن عائشة. ورجاله ثقات غير إبراهيم بن مهاجر "صدوق لين الحفظ" فهو يحتمل في الشواهد والمتابعات، لكن إبراهيم النخعي لم يسمع من عائشة، قاله أبو حاتم وأبو زرعة، كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 9، 10).(5/6)
.
و حبيب بن أبي ثابت معروف بالتدليس، ذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب الموصوفين بالتدليس، فقال: "تابعي مشهور يكثر التدليس، وصفه بذلك ابن خزيمة والدارقطني وغيرهما، ونقل أبو بكر بن عياش عن الأعمش عنه أنه كان يقول: لو أن رجلا حدثني عنك ما باليت أن رويته عنك. يعني: وأسقطته من الوسط"(1).
وأصحاب المرتبة الثالثة قال عنهم ابن حجر: "من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقا، ومنهم من قبلهم، كأبي الزبير المكي"(2).لذلك لا يقبل من حديث حبيب بن أبي ثابت إلا بما صرح فيه بالسماع. وقد وثق العلماء حبيب بن أبي ثابت(3)، وذكره ابن عدي والذهبي للدفاع عنه، فقال ابن عدي - بعد أن ذكر له عدة أحاديث ليس منها شيء عن عطاء-: "و حبيب بن أبي ثابت هو أشهر وأكثر حديثا من أن احتاج أن أذكر من حديثه شيئا، وإنما ذكرت هذا المقدار من رواية الثوري وشعبة عنه، وهو بشهرته مستغن عن أن أذكر من أخباره أكثر من هذا.
وقد حدث عنه الأئمة مثل الأعمش والثوري وشعبة وغيرهم، وهو ثقة حجة، كما قاله ابن معين، ولعل ليس في الكوفيين كبير أحد مثله لشهرته وصحة حديثه، وهو في أئمتهم يجمع حديثه"(4).
__________
(1) تعريف أهل التقديس (ص84) وقول حبيب المذكور رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص 455-456).
(2) تعريف أهل التقديس: (ص 23).
(3) انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر (2/178-179) فقد ذكر توثيق العلماء له، ولم ينكروا عليه إلا التدليس، وأنكر يحيى القطان والإمام أحمد حديثين رواهما حبيب عن عروة، عن عائشة. وقد اختلف العلماء في عروة المذكور: هل هو عروة بن الزبير أم عروة المزني. انظر أقوالهم في ذلك في: المراسيل لابن أبي حاتم (ص 192)، ونصب الراية (1/71-72)، وشرح علل الترمذي لابن رجب(2/651-654) وتعليق أحمد شاكر على جامع الترمذي (1/133-138).
(4) الكامل: (2/815).(5/7)
وقال الذهبي: "وثقه يحيى بن معين وجماعة، واحتج به كل من أفرد الصحاح بلا تردد، وغاية ما قال فيه ابن عون: كان أعور. وهذا وصف لا جرح، ولولا أن الدولابي وغيره ذكروه لما ذكرته"(1).
وقول يحيى القطان: "حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليست بمحفوظة". يحتمل أنه عنى بذلك أحاديث مخصوصة، ومع ذلك لم يجزم جزما قاطعا بأنها غير محفوظة عن عطاء.
والقطان معروف بتشدده حتى أنه ربما أنكر بعض الأحاديث لورودها من وجه واحد. كما تقدمت الأمثلة على ذلك(2).
وخلاصة القول:
أنه لا ينبغي أن يخدش في توثيق الأئمة المطلق لحبيب بن أبي ثابت بمثل هذا القول المحتمل الذي ذكره القطان، إلا أنه يرد من رواية حبيب بن أبي ثابت عن عطاء وعن غيره ما لم يصرح فيه بالسماع، لأنه مدلس كما تقدم. أما إذا صرح بالسماع فروايته مقبولة ما لم يتبين خطأه.
4- داود بن الحصين(3)
"داود بن الحصين الأموي مولاهم أبو سليمان المدني، ثقة إلا في عكرمة، ورمي برأي الخوارج، من السادسة، مات سنة خمس وثلاثين/ع"(4).
تكلم علي بن المديني وأبو داود السجستاني في أحاديثه عن عكرمة:
فقد سئل علي بن المديني عن داود بن الحصين فقال: "ما روى عن عكرمة فمنكر الحديث، ومالك روى عن داود بن الحصين عن غير عكرمة"(5).
وقال أيضا: "مرسل سعيد بن المسيب الشعبي أحب إليّ من داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس"(6).
__________
(1) الميزان: (1/451)، وقال الذهبي في السير (5/291): "وهو ثقة بلا تردد، وقد تناكد الدولابي بذكره في الضعفاء له…".
(2) انظر ما تقدم (ص 33-34).
(3) مصادر ترجمته: (ص 416).
(4) ابن حجر: التقريب (1/231)، وذكر ابن رجب في شرح العلل (2/644). وقد ردّ ابن حبان في الثقات (6/284) قول من رد حديث داود بسبب اتهامه برأي الخوارج.
(5) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (3/409).
(6) الفسوي: المعرفة والتاريخ (3/47).(5/8)
وقال أبو داود: "أحاديثه عن عكرمة مناكير، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة"(1).
وقد دافع ابن عدي وابن القيم عن داود بن الحصين ووثقاه في روايته عن عكرمة؛ فقال ابن عدي - بعد أن روى حديثا من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عنه، عن عكرمة -: "وهذا الحديث ليس البلاء من داود، فإن داود صالح الحديث إذا روى عنه ثقة. والراوي عنه ابن أبي حبيبة، وقد مر ذكره في هذا الكتاب في ضعفاء الرجال"(2).
وداود هذا له حديث صالح، وإذا روى عنه ثقة فهو صحيح الرواية، إلا أن يروى عنه ضعيف، فيكون البلاء منهم لا منه، مثل ابن أبي حبيبة هذا، وإبراهيم بن أبي يحيى، كان عند إبراهيم عنه نسخة طويلة"(3).
وقال ابن القيم: "وأما تضعيف حديث داود بن الحصين عن عكرمة فمما لا يُلتفت إليه، فإن هذه الترجمة عند أئمة الحديث صحيحة لا مطعن فيها…"(4).
وقال أيضا: وأما داود بن الحصين عن عكرمة، فلم تزل الأئمة تحتج به. وقد احتج أحمد بإسناده في مواضع، وقد صحح هو وغيره بهذا الإسناد بعينه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّ زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول، ولم يحدث شيئا"(5).
وقد تتبعت أحاديث داود بن الحصين عن عكرمة، فوقفت على أكثر من أربعين حديثا، رواها عنه سبعة من تلاميذه، هم:
1- إبراهيم إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصاري الأشهلي مولاهم، أبو إسماعيل المدني، ضعيف(6)
__________
(1) المزي: تهذيب الكمال (ق 384).
(2) الكامل: (1/234).
(3) المصدر السابق (3/959).
(4) تهذيب مختصر سنن أبي داود: (3/154).
(5) انظر زاد المعاد: (4/116) والحديث يأتي تخريجه.
(6) ابن حجر: التقريب (1/31)، وكذلك تراجم من يأتي من تلاميذ داود مأخوذة من التقريب أيضا.
روى أحاديث إبراهيم عن داود: الإمام أحمد (1/300)، والترمذي (رقم 1462، 2075)، وابن ماجة (رقم 2564، 2568، 3526) والطبري في تهذيب الآثار (مسند ابن عباس 1/554-556)، مسند علي (ص 269)، العقيلي في الضعفاء (1/44)، وابن حبان في المجروحين (1/109)، والطبراني في المعجم الكبير (11/223-232)، وابن عدي في الكامل (1/235، 3/959)، والدارقطني في سننه (4/228)، والبيهقي في السنن (8/232، 234).(5/9)
.
2- إبراهيم بن إسماعيل بن مجمِّع الأنصاري، أبو إسحاق المدني، ضعيف(1).
3- إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، أبو إسحاق المدني، متروك(2).
__________
(1) أخرج حديثه الطبري في تهذيب الآثار (مسند ابن عباس 1/555، 2/777)، وقد صرح في الموضع الأول بأنه ابن مجمّع، لكن الشيخ محمود شاكر توقف في ذلك في تعليقه على تهذيب الآثار وخشي أن يكون وهم فيه أبو جعفر الطبري لاشتباهه بابن أبي حبيبة، لكنه في الموضع الثاني جزم بأنه ابن مجمع. ويؤيده: أن الراوي عنه في الموضعين عبيد الله بن موسى العبسي، وقد ذكره المزي في التهذيب في تلاميذ ابن مجمع، وذكر ابن مجمع في شيوخه.
(2) روى أحاديثه: عبد الرزاق في المصنف (1/59، 2/398، 7/364)، وابن حبان في المجروحين (2/166)، والطبراني في المعجم الكبير (19/202رقم454)، وابن عدي في الكامل (1/223، 225)، والبيهقي في السنن (8/232).
وله نسخة عن داود، أخذها عنه عباد بن منصور فاسقط إبراهيم وداود، ورواها عن عكرمة. كما في المجروحين لابن حبان (2/166)، وقد دافع أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - عن عباد بن منصور وأسهب في ذلك في تعليقه على المسند (حديث رقم 2131، 3316) ونفى هذا القول، بل نفى التدليس عن عباد، وفي بعض ما قاله نظر، فقد وصف عباداً بالتدليس الإمام أحمد والبخاري والساجي، كما في ترجمته في الميزان (2/376)، وانظر - فيما يتعلق بروايته عن عكرمة - العلل لابن أبي حاتم (1/447، 467، 2/260، 316).(5/10)
4- خارجة بن عبد الله بن سليمان الأنصاري، صدوق له أوهام(1).
5- سعيد بن أبي أيوب الخزاعي مولاهم، المصري، ثقة ثبت(2). لكن الراوي عنه روح بن صلاح المصري، ضعفه ابن عدي(3) والدارقطني وغيرهما(4). والراوي عن روح أحمد بن رشدين وهو: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين أبو جعفر المصري كذبه أحمد بن صالح المصري(5).
6- محمد بن خالد القرشي، مجهول(6).
__________
(1) روى عن داود عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عرفة كلها موقف، وارفعوا عن الصفاح). رواه الطبراني في الكبير (11/226رقم 11570) من طريق أبي مسلم المستملي عبد الرحمن بن يونس، ثنا معن بن عيسى، ثنا خارجة. والصفاح: بكسر الصاد وتخفيف الياء، موضع بين حنين وأنصاب الحرم، يسرة الداخل إلى مكة. كما في النهاية لابن الأثير (3/35) ومعجم البلدان لياقوت (3/412).
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (2/72) من طريق أبي معبد عن ابن عباس بلفظ: (عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة). وإسناده صحيح. انظر السلسلة الصحيحة للألبان ي (4/47).
(2) روى أحاديثه الطبراني في الكبير (11/228، 229) وفي الأوسط (1/195، 196) من طريق أحمد بن رشدين عن روح به وروى الخطيب في الموضح الأوهام الجمع والتفريق (2/96) أحدها من طريق يعقوب الفسوي عن روح بن سيابه. وهو ابن صلاح. قاله الخطيب.
(3) الكامل: (3/1005).
(4) لسان الميزان: (2/465).
(5) الكامل: (1/201).
(6) له حديث واحد عن داود، عن عكرمة، رواه الترمذي (1/272رقم145) قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب صحيح". وسكت الشيخ أحمد شاكر على تصحيح الترمذي. وهذا من تساهلهما - رحمهما الله تعالى - لأن محمد بن خالد مجهول كما تقدم، وهو أيضا من رواية هشيم عن محمد بن خالد، وهشيم مدلس، ولم يصرح بالتحديث.(5/11)
7- محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم، صدوق مدلس، ذكره العلائي(1) وابن حجر(2) في المرتبة الرابعة من مراتب الموصوفين بالتدليس. وقد اتفق الأئمة على أنه لا يحتج بشيء من أحاديث أهل هذه المرتبة إلا بما صرحوا فيه بالسماع(3).
وقد وقفت على سبعة أحاديث رواها ابن إسحاق عن داود، عن عكرمة(4)،صرح ابن إسحاق بالتحديث عن داود في أربعة منها، هي:
1- حديثه عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين كصلاة أحراسكم هؤلاء اليوم خلف أئمتكم…"(5). قال ابن حجر: "إسناده حسن"(6).
2-حديثه عن داود، عن عكرمة عن ابن عباس قال: "رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول، ولم يحدث شيئاً"(7).قال الترمذي: "هذا حديث ليس بإسناده بأس، ولكن لا نعرف وجه هذا الحديث، ولعله قد جاء هذا من قبل داود من قبل حفظه"(8).
__________
(1) جامع التحصيل: (ص131).
(2) تعريف أهل التقديس: (ص132).
(3) جامع التحصيل: (ص 130)، وتعريف أهل التقديس (ص 24).
(4) سيرة ابن إسحاق (ص 186)، وأبو داود (4/17رقم 3591)، والنسائي (8/19)، والطبراني في الكبير (11/227، 228)، والحاكم في المستدرك (3/238)، ويأتي تخريج الأحاديث التي صرح ابن إسحاق فيها بالتحديث عن داود.
(5) رواه الإمام أحمد (1/265)، والنسائي (3/170)، والبيهقي في سننه (3/258)، من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، قال: "حدثني داود…"به.
(6) التلخيص الحبير (2/75).
(7) رواه الإمام أحمد (1/217، 351)، وأبو داود (2/675رقم2240)، والترمذي (3/439رقم 1143)، وابن ماجه (رقم 2009) وغيرهم. وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند ابن هشام في السيرة (2/658)، والترمذي (3/439)، والحاكم في المستدرك (3/237)، والبيهقي (7/187). وانظر: إرواء الغليل (6/339).
(8) الجامع: (3/439).(5/12)
وقد صححه الإمام أحمد(1)، والدارقطني(2) والحاكم(3) والذهبي(4)وابن القيم(5), وقال ابن كثير: "هو حديث جيد قوي"(6).ورجحه يزيد بن هارون(7).
والبخاري(8)، وابن حجر(9) على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ ابنته على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد، ونكاح جديد"(10).
3- حديثه عن داود عن عكرمة عن ابن عباس، قال: "طلق ركانة بن عبد يزيد - أخو بني عبد المطلب - امرأته ثلاثا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنا شديدا…"(11)
__________
(1) المسند: (2/208).
(2) السنن (3/253).
(3) المستدرك: (3/639)، قال: "هذا إسناد صحيح على شرط مسلم".فتعقبه الذهبي فقال: "لا". لأن مسلما لم يرو عن عكرمة إلا مقرونا، كما قال الذهبي في الكاشف(2/241).
(4) تلخيص المستدرك: (2/200)قال: "صحيح". ولا تعارض بين هذا القول وقوله السابق، لأنه نفى أن يكون على شرط مسلم ولم ينف صحته.
(5) تهذيب مختصر سنن أبي داود: (3/151، 154).
(6) المباركفوري: تحفة الأحوذي: (2/196).
(7) الترمذي الجامع (3/440) قال: "سمعت عبد بن حميد يقول: سمعت يزيد بن هارون يذكر عن محمد بن إسحاق هذا الحديث وحديث الحجاج، عن عمرو بن شعيب…فقال يزيد بن هارون: حديث ابن عباس أجود إسنادا، والعمل على حديث عمرو بن شعيب".
وقد وقع هذا الكلام في النسخة المطبوعة بعد حديث آخر لابن عباس رواه الترمذي بعد حديث ابن إسحاق، والصواب إلحاقه بحديث ابن إسحاق، كما في التحفة الأشراف (5/130)، وقد نبّه على ذلك أيضا المباركفوري في تحفة الأحوذي (2/196).
(8) الترمذي: العلل الكبير (ق 30/ب).
(9) فتح الباري: (9/423-424).
(10) رواه الإمام أحمد في المسند (2/207) وقال: "هذا حديث ضعيف - أو قال: واه - ولم يسمعه الحجاج من عمرو بن شعيب، إنما سمعه من محمد بن عبيد الله العرزمي، والعرزمي لا يساوي حديثه شيئا".
(11) رواه الإمام أحمد (1/265) من طريق سعد بن إبراهيم ثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني داود بن الحصين…به.
وانظر: إعلام الموقعين: (3/32)، وتعليق أحمد شاكر على المسند: (4/123)، وإرواء الغليل: (7/144).(5/13)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هذا الحديث قال فيه ابن إسحاق: "حدثني داود". وداود من شيوخ مالك ورجال البخاري(1)، وابن إسحاق إذا قال: "حدثني" فهو ثقة عند أهل الحديث، وهذا إسناد جيد…"(2).
وقال ابن القيم: "نظرنا في حديث سعد بن إبراهيم فوجدناه صحيح الإسناد، وقد زالت علة تدليس محمد بن إسحاق بقوله: "حدثني داود بن الحصين". وقد احتج أحمد بإسناده في مواضع، وقد صحح هو وغيره بهذا الإسناد بعينه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد زينب ابنته على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول، ولم يحدث شيئا"(3). ...
وقال الحافظ ابن حجر - في الكلام على هذا الحديث -: "وقد أجابوا عنه بأربعة أشياء، أحدها: أن محمد بن إسحاق وشيخه مختلف فيهما. وأجيب بأنهم احتجوا في عدة من الأحكام بمثل هذا الإسناد، كحديث "أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على أبي العاص بن الربيع زينب ابنته بالنكاح الأول" وليس كل مختلف فيه مردودا…" ثم ذكر بقية الاعتراضات وأجاب عنها(4).
4- حديثه عن داود عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: "كان بنو الضير إذا قتلوا قتيلا من بني قريظة أدوا إليهم نصف الدية"(5). قال الشيخ أحمد شاكر: "إسناده صحيح"(6).
وقد تابع داود سماك بن حرب(7)، وتابع عكرمة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود(8).
__________
(1) قال ابن حجر في هدي الساري (ص 401): "روى عنه البخاري حديثا واحدا من رواية مالك عنه عن مولى ابن أبي أحمد…".
(2) مجموع الفتاوى: (33/85)، وانظر أيضا (33/13، 67، 73).
(3) زاد المعاد: (4/116).
(4) فتح الباري: (9/ 362).
(5) رواه الإمام أحمد (1/363)، وأبو داود (4/17 رقم 3591)، والنسائي (8/19)، وفيه تصريح ابن إسحاق بالتحديث عن داود، وانظر: الصحيح المسند من أسباب النزول للوادعي (59-60).
(6) تعليقه على مسند الإمام أحمد (5/144 حديث رقم 3434).
(7) رواه النسائي (8/18)، وابن الجارود (رقم 772)، وابن حبان (رقم 1738 موارد الظمآن).
(8) رواه الإمام أحمد (1/246).(5/14)
ومما تقدم يتبين أن أكثر الأحاديث التي وردت من طريق داود بن الحصين عن عكرمة لم تصح أسانيدها إلى داود، والأحاديث التي صحت أسانيدها إليه قبلها العلماء، وحكموا لها بالصحة أو بالحسن، كما تقدمت الأمثلة على ذلك.
فالمناكير التي انتقدت على داود لم تكن من قبله، وإنما من قبل الرواة عنه.
وأخلُص بعد هذا إلى النتيجة التي ذكرها ابن عدي رحمه الله تعالى وهي:
أن داود بن الحصين إذا روى عنه ثقة فهو صحيح الرواية سواء روى عن عكرمة أو عن غيره.
وقول ابن حجر: "ثقة إلا في عكرمة" اعتمد فيه على قول ابن المديني وأبي داود، وقد احتج ابن حجر نفسه بهذا الإسناد كما تقدم في الحديث الأول والثالث من أحاديث ابن إسحاق عن داود.
وقد اعتمد شيخنا الألباني قول ابن حجر في داود: "ثقة إلا في عكرمة" فضعف بعض الأحاديث التي وردت من هذا الطريق(1). والحق أن هذا الإسناد صحيح، قد احتج به الأئمة كما تقدم.
5- سلاّم بن أبي مطيع(2)
"سلاّم بن أبي مطيع، أبو سعيد الخزاعي مولاهم، البصري ثقة، صاحب سنة، في روايته عن قتادة ضعف، من السابعة، مات سنة أربع وستين، وقيل بعدها/خ م ل ت س ق"(3).
تكلم ابن عدي في روايته عن قتادة فقال:
__________
(1) إرواء الغليل: (6/340) حديث رد زينب على أبي العاص و(7/145) حديث طلاق ركانة امرأته. لكنه ذكر شواهد لهذين الحديثين فصحح الأول وحسن الثاني. وانظر أيضا: غاية المرام (ص 21).
(2) مصادر ترجمته: (ص 417).
(3) ابن حجر: التقريب (1/342).(5/15)
"ليس بمستقيم الحديث عن قتادة خاصة"(1). وساق عدة أحاديث من طريقه عن قتادة وغيره، ثم قال في آخر ترجمته: "ولسلاّم أحاديث حسان غرائب وإفرادات، وهو يُعدّ من خطباء أهل البصرة ومن عقلائهم، وكان كثير الحج، ومات في طريق مكة، ولم أر أحدا من المتقدمين نسبه إلى الضعف، وأكثر ما في حديثه أن روايته عن قتادة فيها أحاديث ليست بمحفوظة لا يرويها عن قتادة غيره. ومع هذا كله فهو عندي لا بأس به وبرواياته"(2).
وقد نقل الذهبي كلام ابن عدي ملخصا فقال: "قال ابن عدي: لا بأس به وليس بمستقيم الحديث عن قتادة خاصة"(3).
فابن عدي حكم على سلاّم بن أبي مطيع بأنه ليس بمستقيم الحديث عن قتادة خاصة، وحجته في ذلك: أن روايته عن قتادة فيها أحاديث ليست بمحفوظ، لا يرويها عن قتادة غيره، منها: حديث "نعم الإدام الخل"(4). وحديث "إن أعمى تردّى في بئر، فضحك ناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة"(5). وحديث "المستشار مؤتمن"(6).وهذه الأحاديث رواها ابن عدي وغيره من طريق عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة الباهلي، عن سلاّم بن أبي مطيع عن قتادة.
__________
(1) الكامل: (3/1153).
(2) المصدر السابق: (3/1155).
(3) المغني في الضعفاء: (1/272، والميزان: (2/181).
(4) ابن عدي: الكامل (3/1154)، من طريق سلام عن قتادة عن أنس. والحديث رواه مسلم في صحيحه (رقم 2051، 1052) من حديث جابر وعائشة رضي الله عنهما.
(5) الكامل: (3/1154)، ورواه الدارقطني في سننه (1/162) سيأتي كلامه على هذا الحديث.
(6) ذكره ابن عدي (3/1154) معلقا، ورواه الطبراني في الكبير (7/266 رقم 6914)، وأبو نعيم في الحلية (6/190) من طريق عبد الرحمن بن عمرو، عن سلام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة. والحديث صحيح من غير هذا الطريق، انظر: السلسلة الصحيحة (4/193).(5/16)
وعبد الرحمن ذكره البرذعي فقال: "قلت لأبي زرعة: عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة؟ قال: يحدث بأحاديث أباطيل عن سلاّم بن أبي مطيع"(1).
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه فقال كتبت عنه بالبصرة، وكان يكذب، فضربت على حديثه. قلت: فإن ابن مسلم يحدث عنه. قال: الله المستعان على ذلك"(2).
وقال الدارقطني - بعد روايته حديث الأعمى -: "لم يروه عن سلاّم غير عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، وهو متروك يضع الحديث. ورواه داود بن المُحَبَّر - وهو متروك يضع الحديث - عن أيوب بن خوط - وهو ضعيف أيضا - عن قتادة عن أنس"(3).
فظهر بذلك: أن سلاّم بن أبي مطيع بريء من عهدة هذه الأحاديث، وإنما العهدة فيها على عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة(4).
وقد انتقد العلماء ابن عدي في مثل صنيعه هذا، فقال: الذهبي في ترجمة عبد العزيز بن أبي روّاد - تعقيبا على حديث ساقه ابن عدي في ترجمته -: "هذا من عيوب كامل ابن عدي، يأتي في ترجمة الرجل بخبر باطل لا يكون حدّث به قط، وإنما وُضعَ من بعده"(5).
وقال الذهبي أيضا في ترجمة مطرّف بن عبد الله اليساري - تعقيبا على أحاديث أوردها ابن عدي في ترجمته -: "هذا أباطيل حاشا مطرّفا من روايتها، وإنما البلاء من أحمد بن داود، فكيف خفي هذا على ابن عدي؟! فقد كذبه الدارقطني…"(6).
__________
(1) أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي: (2/399).
(2) الجرح والتعديل: (5/267).
(3) السنن: (1/163).
(4) وقد روى الطبراني في الكبير (8/266)، وأبو نعيم في الحلية (6/190-191) أحاديث أخرى من طريق عبد الرحمن بن عمرو عن سلام، عن قتادة، لم يذكرها ابن عدي.
(5) الميزان: (2/629).
(6) المصدر السابق: (4/125).(5/17)
وقال ابن حجر في ترجمة غالب القطان: "قال أحمد: ثقة ثقة. ووثقه ابن معين والنسائي وأبو حاتم وابن سعد وغيرهم، وأما ابن عدي فذكره في الضعفاء، وأورد له أحاديث الحمل فيها على الراوي عنه عمر بن مختار البصري، وهو من عجيب ما وقع لابن عدي، والكمال لله…"(1).
وما وقع لابن عدي في هذه الأمثلة وقع له أيضا في ترجمة سلام بن أبي مطيع كما تقدم.
ولم يتعقبه الذهبي ولا ابن حجر في هذه الترجمة كما فعلا في التراجم السابقة، بل تابعاه على ذلك كما تقدم.
مع أن الذهبي قد تعقب ابن حبان في إيراده حديثا في ترجمة بشر بن حرب، رواه ابن حبان من طريق عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، عن بشر بن حرب(2). فقال الذهبي: "هذا باطل، والآفة من عبد الرحمن، فإنه كذاب"(3). وتابعه ابن حجر في لسان الميزان(4).
ومن أحاديث سلاّم التي ساقها ابن عدي: حديثه عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح يوم سابعه، ويحلق رأسه ويُسمَّى"(5).
__________
(1) هدي الساري (ص 434).
(2) المجروحين: (1/191).
(3) الميزان: (1/315).
(4) 2/21).
(5) الكامل: (3/1154) والحديث رواه الطبراني في الكبير (7/243 رقم 6829) من طريق سلاّم به.(5/18)
وهذا الحديث لم ينفرد به سلاّم عن قتادة، بل تابعه جماعة عن قتادة: غيلان بن جامع، وشعبة، وحماد بن سلمة، وسعيد بن أبي عروبة، وهمام بن يحيى، وعمر بن إبراهيم. قاله أبو نعيم الأصبهاني(1).
فكيف يُعدّ هذا من مناكير سلاّم عن قتادة مع متابعة هؤلاء الأئمة له؟!
وخلاصة القول:
أن سلاّم بن أبي مطيع قد وثقه ابن معين(2)، والإمام أحمد(3)، وأبو داود(4) وغيرهم، وقد صرح ابن عدي بأنه لم ير أحدا من المتقدمين نسبه إلى الضعيف. وغالب الأحاديث التي أوردها مستدلا بها على أن سلاّما ليس بمستقيم الحديث عن قتادة لم يصب في إيرادها، لأن منها ما كان الحمل فيها على غيره، ومنها ما توبع عليه كما تقدم.
والصواب أنه ثقة مطلقا في قتادة وفي غيره كما تقدم عن ابن معين والإمام أحمد وأبي داود.
وأما ذكْر ابن حبان له في "المجروحين" وقوله فيه: "كان رديء الأخذ، سيئ الحفظ لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به"(5). فلم يكن له في هذا القول سلف، وإنما بنى قوله هذا على واقعة ذكرها في ترجمته، حاصلها: أن سلاّما نام في مجلس هشام بن حسان وهو يملي، ثم استيقظ ونسخ ما أملاه هشام.
__________
(1) الحلية: (6/191)، والحديث رواه أبو داود (3/260 رقم 2838)، والترمذي (4/101 رقم 1522)، والنسائي (7/166)، وابن ماجة (رقم 3165) كلهم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة. ورواه أبو داود (3/259 رقم 2837) من طريق همام بن يحيى عن قتادة به. إلا أنه قال: (ويدمى) بدل (ويسمى)، قال أبو داود: "ويسمى" أصح، كذا قال سلام بن أبي مطيع، عن قتادة". وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح" ورواه الطبراني في المعجم الكبير (7/242-243 رقم 6827-6832) من طريق حماد بن سلمة وهمام وغيلان بن جامع وسعيد بن أبي عروبة كلهم عن قتادة به.
(2) ابن شاهين: الثقات (رقم 470).
(3) العلل ومعرفة الرجال: (1/60، 225).
(4) المزي تهذيب الكمال (1/ق 564).
(5) 1/341).(5/19)
ومثل هذا يحتمل له - بعد ما ثبتت عدالته - ولا يوجب الطعن فيه، ولم يورد ابن حبان من مناكيره شيئا كما هي عادته مع غيره.
وأبعد من هذا القول الذي قاله ابن حبان ما نقله الذهبي عن أبي عبد الله الحاكم قال: "منسوب إلى الغفلة وسوء الحفظ"(1). فإن سلاّما كان من عقلاء أهل البصرة كما تقدم عن ابن عدي، بل قال أبو داو: "كان يقال: هو أعقل أهل البصرة"(2) والظاهر أن الحاكم اعتمد على قول شيخه ابن حبان المتقدم، واعتبر نومه عند شيخه - وهو يملي - غفلة منه.
وقال المعلمي: "منسوب إلى العقل لا إلى الغفلة، فكأن الحاكم صحّف"(3).
6- عبد الكريم الجزري(4)
"عبد الكريم بن مالك الجزري، أبو سعيد، مولى بني أمية وهو الخِضْرمي - بالخاء والضاد المعجمتين - نسبة إلى قرية من اليمامة، ثقة [متقن] مات سنة سبع وعشرين/ع"(5).
تكلم في حديثه عن عطاء بن أبي رباح:
فقد أورده ابن رجب فيمن ضُعِّف حديثهم عن بعض الشيوخ فقال: "ثقة كبير، روى عنه مالك وغيره، ولكن أحاديثه عن عطاء تُكلِّم فيها، قال ابن معين: أحاديثه عن عطاء رديئة".
__________
(1) الميزان: (2/181).
(2) سؤالات الآجري: (ص 418).
(3) التنكيل: (1/265).
(4) مصادر ترجمته: (ص 418).
(5) ابن حجر: التقريب (1/516) وما بين المعقوفتين أثبته من نسخة ابن حجر الخطية (ص 177) ووقع في المطبوع: "الخضري" والصواب ما أثبته. وهو منسوب إلى "الحِضْرِمَه" بكسر الخاء وسكون الضاد، وكسر الراء، وفتح الميم. وهي قرية تقع أسفل وادي الخرج في الموضع الذي تقوم فيه بلدة اليمامة في العهد الحاضر، أو قريب من ذلك الموضع. كما في: "معجم اليمامة" لعبد الله بن محمد بن خميس (1/388) وانطر: الإكمال لابن ماكولا (3/259) والأنساب للسمعاني (5/154) ومعجم البلدان (2/377).(5/20)
هكذا نقل ابن رجب قول ابن معين(1)، والظاهر أنه وقع تصرف في نقل عبارة ابن معين، والصواب في ذلك ما جاء في النسخة الظاهرية من كامل ابن عدي، حيث قال ابن عدي: "حدثنا عبد الملك، ثنا عباس، سمعت يحيى يقول: حديث عبد الكريم عن عطاء رديء"(2).
ويدل على ذلك أيضا كلام ابن عدي بعد رواية قول ابن معين، حيث قال: "وهذا الحديث الذي ذكره يحيى بن معين، عن عبد الكريم، عن عطاء، هو ما رواه عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن عائشة قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها ولا يحدث وضوءاً". إنما أراد ابن معين هذا الحديث، لأنه ليس بمحفوظ"(3).
__________
(1) شرح العلل (2/655)، وهكذا وقع في النسخة المطبوعة من كامل ابن عدي (5/1979) تبعا لنسخة أحمد الثالث الخطية (2/ق 706/ب) وكذا في الميزان للذهبي (2/645)، ونهاية السول لسبط ابن العجمي (1/219/أ) ومختصر الكامل للمقريزي (لوحة 157/ب).
(2) ق 623) وكذلك رواه ابن عساكر في تاريخه (10/2/21/ب) من طريق ابن عدي. وكذا نقله عبد الحق الأشبيلي في الأحكام الوسطى (1/لوحة 22)، والمزي في تهذيب الكمال (2/ق 848) والذهبي في السير (6/82)، وابن حجر في التهذيب (6/374)، وهدي الساري (ص 421).
(3) الكامل: (5/1979) وحديث عائشة رواه البزار في مسنده من طريق محمد بن موسى بن أعين، عن أبيه عن عبد الكريم به (كما في الأحكام الكبرى لعبد الحق الأشبيلي (3/لوحة 271).
ورواه الدارقطني في سننه (1/137) من طريق الوليد بن صالح، عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم به.
وذكر الدارقطني أن الوليد بن صالح وهم فيه… لكن الإسناد الذي رواه البزار يدفع قول الدارقطني. وقد اختلف العلماء في تصحيح هذا الحديث وأطالوا الكلام فيه، انظر التفصيل: في الخلافيات للبيهقي (1/ق 16-17) ونصب الراية للزيلعي (1/71-75)، وتعليق أحمد شاكر على جامع الترمذي (1/133-142).(5/21)
فكلام ابن عدي هذا يوضح أن ابن معين إنما تكلم في حديث واحد من أحاديث عبد الكريم عن عطاء، ووصفه بأنه رديء، ولم يتكلم في كل ما رواه عبد الكريم عن عطاء.
وكذا قال عبد الحق الإشبيلي - بعد ذكر الحديث السابق -: "ولا أعلم لهذا الحديث علة توجب تركه، ولا أعلم فيه مع ما تقدم أكثر من قول يحيى بن معين: حديث عبد الكريم عن عطاء حديث رديء، لأنه غير محفوظ. وانفراد الثقة بالحديث لا يضره، فإما أن يكون قبل نزول الآية(1)، أو تكون الملامسة الجماع. كما قال ابن عباس"(2).
وأما قول ابن عدي - بعد روايته حديث عبد الكريم عن عطاء، عن جابر "كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"-: "وهذا عطاء، هو من جملة ما قال ابن معين: إن أحاديثه عن عطاء رديئة"(3).
فَيُحمل على أن مراده أن هذا الحديث رديء كما قال ابن معين في حديث عبد الكريم عن عطاء عن عائشة. وليس المراد أن ابن معين تكلم في هذا الحديث كما تكلم في حديث عائشة السابق، وإلا كان هذا القول من ابن عدي مناقضا لقوله المتقدم: "إنما أراد ابن معين هذا الحديث لأنه ليس بمحفوظ".
__________
(1) يعني: آية رقم 6 من سورة المائدة، أو رقم 43 من سورة النساء.
(2) الأحكام الوسطى: (1/لوحة 22).
(3) الكامل: (5/1980).
وحديث جابر رواه عبد الرزاق (4/527)، وابن أبي شيبة (8/259) والنسائي (7/201، 202). وابن ماجة (رقم 3197) وغيرهم، من طريق عبد الكريم عن عطاء به.(5/22)
ومما يدل على ذلك أيضا: أن ابن معين لم ينكر حديث عطاء، عن جابر في لحوم الخيل، فقد قال عباس الدوري: "سألت يحيى عن حديث عبيد الله بن عمرو الرقي، عن معمر، عن عطاء، عن جابر قال: "كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشرب ألبانها". فلم ينكره"(1).
ثم إن عبد الكريم لم ينفرد بهذا الحديث عن عطاء عن جابر، بل تابعه ابن أبي نجيح(2)، وابن جريج(3) كلاهما عن عطاء عن جابر به. رواه البخاري ومسلم من طريق محمد بن علي عن جابر(4).
وقال علي بن المديني: "قلت ليحيى بن سعيد: حديث عبد الكريم عن عطاء في لحم البغل؟ فقال: قد سمعته. وأنكره يحيى وأبى أن يحدثني به"(5).
__________
(1) تاريخ ابن معين (4/456). وقول الدوري: "عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن معمر، عن عطاء" في النفس منه شيء، لأن هذا الحديث رواه عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم الجزري عن عطاء، عند النسائي (7/201) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/211). ورواه معمر عن عبد الكريم، عن عطاء أيضا، عند عبد الرزاق (4/527)، وابن ماجة (رقم 3197) ثم إن المزي لم يذكر في تهذيب الكمال عطاء بن أبي رباح في شيوخ معمر، ولم يذكر معمرا في تلاميذ عطاء، فلعله حصل سقط في الإسناد في تاريخ ابن معين.
وهذا النص - على كل حال - دال على أن ابن معين لا ينكر هذا الحديث عن عطاء عن جابر.
(2) رواه النسائي (7/201).
(3) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/205).
(4) رواه البخاري (7/481 رقم 4219)، 9/648 رقم 5520، 5524)، ومسلم (رقم 1941) من طريق محمد بن علي وأبي الزبير، عن جابر.
(5) ابن عساكر: التاريخ (10/2/22/أ)، والمزي في التهذيب (2/ق 848) واللفظ له.(5/23)
فالظاهر أنه أراد حديث جابر السابق، فقد ورد في بعض طرقه: "عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر: كنا نأكل لحوم الخيل. قلت: فالبغال؟ قال: لا"(1).
وقد تقدم أن عبد الكريم الجزري لم ينفرد به عن عطاء وقد حدث به عبد الرحمن بن مهدي - وهو قرين يحيى القطان - عن سفيان الثوري، عن عبد الكريم الجزري به(2).
ومما تقدم يتبين ما يلي:
1-لم يعتمد من تكلم في أحاديث عبد الكريم الجزري عن عطاء إلا على قول ابن معين: "أحاديث عبد الكريم عن عطاء رديئة".
2- عبارة ابن معين صوابها: "حديث عبد الكريم عن عطاء رديء".
3- ويعني بذلك حديثا واحدا. فليس في هذه العبارة حجة لمن تكلم في أحاديث عبد الكريم عن عطاء عامة.
ورحم الله سفيان الثوري حيث قال لابن عيينة: "أرأيت عبد الكريم الجزري، وأيوب، وعمرو بن دينار، فهؤلاء ومن أشبههم ليس لأحد فيهم مُتكلَّم"(3).
7- عبيد الله بن موسى(4)
"عبيد الله بن موسى بن أبي المختار باذام العبسي، الكوفي، أبو محمد، ثقة، كان يتشيع، من التاسعة. قال أبو حاتم: كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم. واستُصغِر في سفيان الثوري، مات سنة ثلاث عشرة على الصحيح/ع"(5).
تكلم عثمان بن أبي شيبة وابن عدي في حديثه عن الثوري:
فقال عثمان: "صدوق ثقة، وكان يضطرب في حديث سفيان اضطرابا قبيحاً"(6).
__________
(1) رواه عبد الرزاق (4/527). وابن أبي شيبة (8/259)، والنسائي (7/202)، وابن ماجة (رقم 3197) كلهم من طريق عبد الكريم عن عطاء به.
(2) رواه النسائي (7/202).
(3) المزي: تهذيب الكمال (2/ق 848).
(4) مصادر ترجمته: (ص 419).
(5) ابن حجر: التقريب (1/539).
(6) ابن شاهين: الثقات (رقم 958).(5/24)
وقال ابن عدي: "عنده جامع الثوري، ويُستصغَر فيه"(1).
وقد خالفهما يحيى بن معين حيث وثق عبيد الله بن موسى في سفيان الثوري؛ قال الدارمي: سألت يحيى بن معين عن أصحاب سفيان قلت: … فعبيد الله بن موسى؟ فقال: ثقة، ما أقربه من ابن اليمان"(2).
وقال الدارمي أيضا: "قلت: ما حال المؤمل في سفيان؟ قال: هو ثقة، قلت: هو أحب إليك أو عبيد الله؟ فلم يفضل أحدهما على الآخر"(3).
وتقدم قول ابن معين - فيما رواه عنه ابن أبي خيثمة -: … وأما الفريابي… وعبيد الله، وأبو عاصم… وطبقتهم فهم كلهم في سفيان بعضهم قريب من بعض، وهم ثقات كلهم دون أولئك في الضبط والمعرفة".(4) وقد فهم ابن عدي - رحمه الله تعالى - من قول ابن معين: "ما أقربه من ابن اليمان" أن عبيد الله ليس بالقوي في سفيان وهذا الفهم تردده هذه النصوص التي ينص فيها ابن معين على توثيق عبيد الله في سفيان. وقد سبق إيضاح ذلك في ترجمة عبد الرزاق(5).
__________
(1) أسامي من روى عنهم البخاري (ق/94/ب) ونقله عنه الباجي في التعديل والتجريح (ق 229)، وفي تهذيب التهذيب (7/53): "قال ابن عدي: قال البخاري…" فجُعِلَت هذه العبارة من قول البخاري. وفي هدي الساري (ص 423) تحرفت هذه العبارة فكتبت بلفظ: "قال ابن معين: كان عنده جامع سفيان الثوري، وكان يستضعف فيه". وهذه من تحريفات النساخ، والصواب ما أثبته.
(2) تاريخه عن ابن معين (رقم 99).
(3) ابن رجب: شرح العلل (2/541) وقد ذكر هذا النص. د. أحمد نور سيف في مقدمة تاريخ الدارمي (ص 22) ضمن النصوص الساقطة من النسخة المخطوطة. إلا أنه وقع عنده: "عبيد الله بن عمر" وقوله: "ابن عمر" ليست في شرح العلل، وإنما هو سبق قلم منه. والسياق يدل على أنه عبيد الله بن موسى.
(4) تقدم (ص 131).
(5) ص 132-133).(5/25)
وقول عثمان بن أبي شيبة في عبيد الله: "يضطرب في حديث سفيان اضطرابا قبيحا" من قبيل الجرح المجمل حيث لم يبين مقدار الأحاديث التي اضطرب فيها. وقوله هذا يصدق على حديث واحد من أحاديث عبيد الله عن سفيان.
ومع هذا فهو معارض بتوثيق ابن معين لعبيد الله في سفيان، كما تقدم.
وهو ابن معين مقدم على قوله، لإمامته في هذا الشأن، ومعرفته بعبيد الله معرفة تامة، لأنه من شيوخه، وقد سمع منه جامع سفيان الثوري(1).
وقد اعتمد الترمذي في أكثر ما نقله في جامعه من أقوال سفيان الثوري على عبيد الله بن موسى كما صرح بذلك في كتاب "العلل" في آخر جامعه حيث قال: وما ذكرنا في هذا الكتاب من اختيار الفقهاء، فما كان منه من قول سفيان الثوري فأكثره ما حدثنا به محمد بن عثمان الكوفي، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن سفيان(2).
وأما قول ابن عدي: "كان عنده جامع الثوري ويستصغر فيه "فهو قول غريب، لأن عبيد الله بن موسى ولد سنة ثمان وعشرين ومائة(3)، وتوفي سفيان سنة إحدى وستين ومائة(4) وعبيد الله حينئذ ابن ثلاث وثلاثين سنة.
وقد قال البخاري في ترجمة عبيد الله: "سمع من الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد"(5).
وروى في صحيحه من طريق عبيد الله عنهما(6).
والأعمش توفي سنة ثمان وأربعين ومائة(7)،وتوفي إسماعيل سنة ست وأربعين ومائة(8)، فكيف يستصغر عبيد الله في سفيان وقد سمع ممن مات قبل سفيان بخمس عشرة سنة؟
__________
(1) ابن معين: التاريخ (3/528).
(2) 5/736).
(3) ابن حجر: التقريب (7/52).
(4) ابن سعد: الطبقات (6/371).
(5) التاريخ الكبير: (5/401).
(6) ابن طاهر: الجمع بين رجال الصحيحين (/1304).
(7) ابن سعد: الطبقات (6/343).
(8) المصدر السابق: (6/344).(5/26)
وروى الخطيب البغدادي من طريق جعفر بن محمد الفريابي قال: "سألت محمد بن عبد الله بن نمير، فقلت: "جامع سفيان" له أصل؟ فقال: نعم، ولكنه قراءة على سفيان قال: وكان وكيع يقول: إن عبيد الله بن موسى لم يسمع "جامع سفيان" من سفيان. قال: وكان عبيد الله يقول: ثنا سفيان. قال: وكان يعجب منه، حتى كان باخرة، قال عبيد الله: لم أسمع من سفيان، ولكن قرأنا عليه".
قال الخطيب: "وهذا يدل على أن مذهب وكيع فيما سمع قراءة ألا يقال فيه: "حدثنا"، ومذهب عبيد الله إجازة ذلك"(1).
فوكيع وابن نمير إنما أنكرا أن يكون عبيد الله سمع "الجامع" من لفظ سفيان، ولم يطعنا فيه من جهة الصغر، ولا من جهة الضبط(2).
ومن الأحاديث التي أنكرت على عبيد الله:
ما ذكره عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: "عرضت على أبي حديث عبيد الله بن موسى، عن سفيان، عن حكيم بن الديلم، عن أبي بردة، عن أبيه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع فقال: "إن الله لا ينام". فقال أبي: هذا حديث الأعمش، عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، هذا لفظ حديث عمرو بن مرة، أراه دخل لعبيد الله بن موسى إسناد حديث في إسناد حديث"(3).
وهذا الحديث رواه الأعمش وشعبة كلاهما عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبي موسى(4).
ورواه وكيع عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن عمرو بن مرة. به(5).
__________
(1) الكفاية: (ص432).
(2) يحتمل أن يكون حصل تصحيف في عبارة ابن عدي السابقة فوقع "يستصغر فيه" بدل "يستضعف فيه"، وحينئذ يعود الضمير على الجامع أي: أن عبيد الله استضعف في روايته جامع الثوري، وفي كلام وكيع ما يؤيد هذا الاحتمال. فإن صح الاحتمال المذكور فيجاب عنه بما تقدم في الصفحات السابقة.
(3) العلل: (1/201).
(4) رواه مسلم (رقم 179) وفي حديث شعبة ورواية عن الأعمش: "بخمس كلمات…".
(5) رواه الإمام أحمد (4/401) وابن ماجة (رقم196) مختصرا.(5/27)
أما الإسناد الذي ساقه عبيد الله بن موسى فهو لحديث أبي موسى: "كانت اليهود تعاطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله".
هكذا رواه وكيع(1) وعبد الرحمن بن مهدي(2) ويحيى القطان(3) وأبو نعيم(4)، ومعاذ بن معاذ(5)، وقبيصة بن عقبة(6) ومحمد بن يوسف الفريابي(7) كلهم عن سفيان الثوري عن حكيم بن الديلم، عن أبي بردة، عن أبي موسى.
فظهر بذلك مصداق ما ذكره الإمام أحمد - رحمه الله.
والخلاصة:
أن عبيد الله بن موسى ثقة في سفيان كما تقدم عن ابن معين، إلا أنه دون الطبقة الأولى من أصحاب سفيان، فليس هو مثل وكيع وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان وأبي نعيم.
وقد عيب عليه التشيع، ومع هذا فقد دافع عنه ابن معين؛ فقال أبو بكر بن أبي خيثمة: "سمعت يحيى بن معين - وقيل له: إن أحمد بن حنبل قال: إن عبيد الله بن موسى يرد حديثه للتشيع. فقال: كان - والله الذي لا إله إلا هو - عبد الرزاق أغلى في ذلك منه مائة ضعف، ولقد سمعت من عبد الرزاق أضعاف ما سمعت من عبيد الله"(8).
وأما ما نقله ابن حجر في التهذيب عن يعقوب الفسوي قال: "شيعي، وإن قال قائل: رافضي لم أنكر عليه وهو منكر الحديث"(9).
فهذا القول لم يقله الفسوي في عبيد الله بن موسى وإنما قاله في جلد الأودي.
ولفظه: "جلد الأودي، حدثنا عنه عبيد الله، وهو شيعي…"(10).
__________
(1) رواه الإمام أحمد (4/400)، وأبو داود (5/291رقم 5038).
(2) الإمام أحمد (4/400)، والترمذي (5/82رقم2739) وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(3) البخاري في الأدب المفرد (رقم943).
(4) الحاكم في المستدرك (4/268) وقال: "هذا حديث متصل الإسناد…".
(5) النسائي في عمل اليوم والليلة: (ص243رقم232).
(6) الحاكم في المستدرك (4/268).
(7) البخاري: الأدب المفرد (رقم943).
(8) المزي: تهذيب الكمال (2/ق830).
(9) 7/53).
(10) المعرفة والتاريخ (3/140).(5/28)
فالضمير "هو" يعود على جلد كما يفهم من سياق كلامه في المعرفة والتاريخ(1).
8- أبو حفص الفلاس(2)
"عمرو بن علي بن بحر بن كنيز، بنون وزاي، أبو حفص الفلاس، الصيرفي الباهلي البصري، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة تسع وأربعين/ع"(3).
تكلم في روايته عن يزيد بن زريع:
فقال مسلمة بن قاسم الأندلسي: "ثقة حافظ، وقد تكلم فيه علي بن المديني وطعن في روايته عن يزيد بن زريع"(4).
قال الحافظ ابن حجر: "إنما طعن في روايته عن يزيد لأنه استصغره فيه"(5).
وعمرو بن علي وعلي بن المديني قرينان، وقد حدث بينهما ما يحدث بين الأقران، فتكلم كل منهما في الآخر(6).
قال أبو عبد الله الحاكم: "وكان عمرو بن علي أيضا يقول في علي بن المديني، وقد أجلَّ الله تعالى محلهما جميعا عن ذلك"(7).
"يعني أن كلام الأقران غير معتبر في حق بعضهم بعضا، إذا كان غير مفسر لا يقدح". قاله ابن حجر(8).
وما نقله مسلمة بن قاسم عن علي بن المديني هو من هذا النوع الذي لا يقدح، لأنه غير مفسر.
وأما قول الحافظ ابن حجر: "إنما طعن في روايته عن يزيد لأنه استصغره فيه". فالظاهر أن هذا استنتاج من الحافظ رحمه الله تعالى.
__________
(1) قال يعقوب قبل ترجمة جلد: "محمد بن غنيم روى عنه معتمر، وهو ضعيف متروك الحديث…، ومطر بن ميمون يروي عنه عبيد الله بن موسى، وهو ضعيف. جلد الأودي …".
فهذا يوضح أن قوله: "روى عنه معتمر" و"يروي عنه عبيد الله" ونحو ذلك إنما هي جمل معترضة فقط.
(2) مصادر ترجمته: (ص 419).
(3) ابن حجر: التقريب (2/75) وكنيز بفتح الكاف كما في المشتبه للذهبي (2/545) وتبصير المنتبه لابن حجر (3/1118)، وفي الخلاصة للخزرجي (2/292) بضم الكاف، وكذا في (1/118).
(4) ابن حجر: التهذيب (8/82).
(5) المصدر السابق، وهدي الساري (ص 431).
(6) انظر: تاريخ بغداد (11/472، 12/209).
(7) ابن حجر: التهذيب (8/81).
(8) ابن حجر: التهذيب (8/81).(5/29)
وقد كان عمرو بن علي وعلي بن المديني متقاربين في السن، حيث إن علي بن المديني ولد سنة إحدى وستين ومائة(1)، وولد عمرو بن علي بُعيد الستين ومائة كما قال الذهبي(2). وقد سمع كل منهما يزيد بن زريع.
والعبرة في سماع الصبي بتمييزه، فمتى كان مميزا حين سمع من شيخه صح سماعه. كما هو مذهب جمهور المحدثين(3).
وقد توفي يزيد بن زريع(4) ولعمرو بن علي من العمر عشرون سنة تقريبا، ولعلي بن المديني إحدى وعشرون سنة، فكيف يَستصغِر ابن المديني عمرا وهو قرينه في السماع من يزيد بن زريع؟.
وقول الحافظ ابن حجر في: "مقدمة الفتح": "لم يخرج البخاري عنه من روايته عن يزيد بن زريع شيئا"(5). لا يضر عمرو بن علي، لأن البخاري قد أدرك عددا من كبار أصحاب يزيد بن زريع: قتيبة بن سعيد، ومحمد بن المنهال، ومسددا، وعبد الله بن مسلمة القعنبي(6)، فاستغنى بروايات هؤلاء وأمثالهم عن غيرهم من أصحاب يزيد بن زريع، وليس من شرط صاحبي الصحيحين التخريج عن كل عدل(7) فضلا عن استيعاب تخريج مرويات الثقة عن جميع شيوخه.
والخلاصة:
أن عمرو بن علي الفلاس ثقة حافظ إمام، وما نقله مسلمة بن قاسم عن علي بن المديني - إن صح عنه - هو من قبيل كلام الأقران بعضهم في بعض، وهو غير مفسر فلا يعتبر كما تقدم عن الحافظ ابن حجر.
9- عمرو بن أبي عمرو(8)
"عمرو بن أبي عمرو ميسرة، مولى المُطّلِب، المدني، أبو عثمان، ثقة ربما وهم، من الخامسة مات بعد الخمسين/ع"(9).
تُكلِّم في حديثه عن عكرمة:
__________
(1) الخطيب: التاريخ (11/459).
(2) تذكرة الحفاظ: (2/487).
(3) انظر: مقدمة ابن الصلاح (ص 243)، وشرح العراقي على الفيته (2/20-21).
(4) توفي يزيد سنة اثنتين وثمانين ومائة، كما في طبقات ابن سعد (7/289).
(5) ص 431).
(6) انظر: الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (2/575).
(7) ابن التركماني: الجوهر النقي (2/78).
(8) مصادر ترجمته: (ص 420).
(9) ابن حجر: التقريب (2/75) وذكره ابن رجب في شرح العلل (2/643).(5/30)
فقال ابن معين - فيما رواه ابن أبي مريم عنه - "عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ثقة، يُنكر عليه حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الفاعل والمفعول به"(1).
وقال الإمام أحمد: "كل أحاديثه عن عكرمة مضطربة"(2).
وقال البخاري: "هو صدوق، لكن روى عن عكرمة مناكير، ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمع من عكرمة"(3).
وقال أيضا: "روى عن عكرمة في قصة البهيمة، فلا أدري سمع أم لا"(4).
وقال العجلي: "ثقة يُنكر عليه حديث البهيمة"(5).
ويجاب عن الأقوال المتقدمة بما يلي:
أولا: قول الإمام أحمد: "كل أحاديثه عن عكرمة مضطربة" قد نسب الإمام أحمد هذا الاضطراب إلى عمرو كما نص على ذلك ابن رجب(6).
ثانيا: قول الإمام البخاري في سماع عمرو من عكرمة: "لا أدري سمع أم لا" هذا على مذهبه في اشتراط اللقي بين الراوي وشيخه ولو مرة واحدة، ولا يكتفي بالمعاصرة، لكنه هنا لم يجزم بعدم سماع عمرو من عكرمة.
وقال أبو حاتم الرازي: "روى عن أنس وسمع منه الكثير وعكرمة"(7).
ولم يذكر ابن أبي حاتم في المراسيل ولا العلائي في جامع التحصيل أن عمرا أرسل عن عكرمة.
وقال الشيخ أحمد شاكر- تعقيبا على قول البخاري المتقدم-: هذا تشكيك، وعمرو سمع من أنس، وهو أقدم موتا من عكرمة، والمعاصرة تكفي في صحة الرواية، وتحمل على السماع، إلا من المدلس"(8).
__________
(1) ابن عدي: الكامل (5/1768) وسيأتي الكلام على الحديث المذكور.
(2) ابن رجب: شرح العلل (2/644).
(3) الترمذي: العلل الكبير (ق 42/ب).
(4) المزي: تهذيب الكمال (2/ق 1045) والحديث يأتي تخريجه.
(5) الثقات: (ص 367 ترتيب الهيثمي).
(6) شرح العلل: (2/644) وانظر أيضا (1/325-326).
(7) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (6/253).
(8) تعليقه على مسند الإمام أحمد: (4/136).(5/31)
ولا بد مع المعاصرة من إمكان اللقي وهو متحقق بين عكرمة وعمرو لأنهما مدنيان ذكرهما ابن سعد في تابعي أهل المدينة(1)، فلا ينكر سماع عمرو من عكرمة.
ثالثا: قول البخاري: "روى عن عكرمة مناكير" قد أنكر ابن معين والعجلي وغيرهما حديثين من أحاديثه عن عكرمة:
الأول: حديثه عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الفاعل والمفعول به"(2).
وهذا الحديث لم ينفرد به عمرو بن أبي عمرو، بل تابعه عليه غيره عن عكرمة، ومن الذين تابعوه:
الأول: عباد بن منصور الناجي(3)، وهو صدوق، لكنه مدلس(4)، وقد عنعن. وقد تقدم كلام ابن حبان في روايته عن عكرمة ورد الشيخ أحمد شاكر على ذلك(5).
الثاني: داود بن الحصين (6). رواه عنه ثلاثة من تلاميذه:
1- إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي(7).
__________
(1) ذكر ابن سعد عكرمة في الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة (5/287).
وذكر عمرو بن أبي عمرو في الطبقة الخامسة منهم (ص 341 من القسم المتمم لتابعي أهل المدينة…).
(2) رواه الإمام أحمد (1/300) وأبو داود (4/607رقم 4462)، والترمذي (4/57رقم 1456) وابن ماجة (رقم 2561) وغيرهم. انظر: إرواء الغليل (8/17).
وقد أنكره النسائي (كما في التلخيص الحبير 4/54) وضعفه ابن حزم في كتاب الإيصال (كما في القطعة المختصرة منه التي أكمل بها أبو رافع ولد ابن حزم كتاب أبيه المحلى، وطبعت مع المحلى (13/450).
(3) ذكره أبو داود (4/608) تعليقا) ورواه الطبري في تهذيب الآثار (1/550) مسند ابن عباس) والبيهقي (8/332) كلهم من طريق عباد عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا.
(4) ذكره ابن حجر في المرتبة الرابعة من مراتب الموصوفين بالتدليس (ص129).
(5) انظر: (ص 254-255).
(6) تقدمت ترجمته (ص 252)
(7) رواه عبد الرزاق في مصنفه (7/364)، والطبراني في الكبير (11/226رقم11569)، وابن عدي في الكامل (1/223) والبيهقي (8/332).(5/32)
2- إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة(1).
3- إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع(2).
والأول متروك والآخران ضعيفان كما تقدم(3).
الثالث: حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس(4): لكنه ضعيف(5)، وفي إسناده، أيضا عبد العزيز بن يحيى المدني متروك. وكذبه إبراهيم بن المنذر(6).
وهذه المتابعات وإن كانت كلها ضعيفة إلا أنها إذا ضمت إلى الشواهد المروية عن أبي هريرة وعلي بن أبي طالب وجابر رضي الله عنهم(7). دلت على أن للحديث أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لذلك فقد صحح هذا الحديث جماعة من العلماء منهم:
أبو جعفر الطبري(8)، والحاكم(9)، ومحمد بن فرج ابن الطَّلاع القرطبي(10)، والذهبي(11)، وأشار الصنعاني إلى أنه قوي(12)، وقال الشوكاني بعد ذكر بعض طرقه:
__________
(1) رواه الإمام أحمد (1/300) والطبري في تهذيب الآثار(1/556)، والطبراني في الكبير (11/226رقم 11568) وابن حزم (13/457)، والبيهقي (8/332).
(2) رواه الطبري في تهذيب الآثار (1/556) وانظر ما تقدم (ص155 حاشية رقم 7).
(3) ص 254).
(4) رواه الطبراني في الكبير (11/212 رقم 11527) من طريق عبد العزيز بن يحيى المديني، ثنا سليمان بن بلال، عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا.
(5) ابن حجر: التقريب (1/176).
(6) المصدر السابق: (1/513).
(7) أنظر تخريج أحاديثهم والكلام عليها في إرواء الغليل للألباني (8/17-18).
(8) تهذيب الآثار: (1/551).
(9) المستدرك: (4/355).
(10) أقضية الرسول صلى الله عليه وسلم (ص 159).
(11) تلخيص المستدرك: (4/355).
(12) سبل السلام: (4/1285).(5/33)
"إذا عرفت هذا تبين لك أنه لم يتفرد برواية الحديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة كما قال الترمذي، بل رواه عن عكرمة جماعة كما بينا، وقد قال البيهقي: رويناه عن عكرمة من أوجه. مع أن تفرد عمرو بن أبي عمرو لا يقدح في الحديث، فقد قدمنا أنه احتج به الشيخان ووثقه يحيى بن معين، وقال البخاري: عمرو صدوق، ولكنه روى عن عكرمة مناكير"(1). والحديث صححه أيضا أحمد شاكر(2)، والألباني(3).
الثاني: حديثه عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: "من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه"(4).
وهذا الحديث والذي قبله حديث واحد، وقد ورد في بعض الروايات في سياق واحد، أورده كذلك المزي في تحفة الأشراف(5). فتعقبه مغلطاي بأن أبا داود أخرج كلا منهما في باب وكان ينبغي للمزي أن ينبه على ذلك(6). فرد عليه ابن حجر بأن غيره جمعهما لكونه حديثا واحدا…"(7).
وقد روى ابن أبي النجود عن أبي رَزين - مسعود بن مالك الأسدي - عن ابن عباس قال: "ليس على الذي يأتي البهيمة حد"(8).
قال أبوداود: "حديث عاصم يضعف حديث عمرو ابن أبي عمرو"(9).
__________
(1) نيل الأوطار: (7/134).
(2) تعليقه على مسند الإمام أحمد (4/258).
(3) إرواء الغليل: (8/16-18)، وصحيح الجامع الصغير (رقم 6465).
(4) رواه الإمام أحمد (1/269)، وأبو داود (4/609 رقم 4464)، والترمذي (4/56 رقم 1455) وغيرهم، انطر إرواء الغليل (8/13).
(5) 5/157).
(6) ابن حجر: النكت الظراف (5/157).
(7) المصدر السابق.
(8) رواه أبو داود (4/610 رقم 4465)، والترمذي: (4/57) وغيرهما وابن أبي النجود هو: عاصم بن بهدلة، قال فيه الحافظ ابن حجر في التقريب (1/383): "صدوق له أوهام، حجة في القراءة…".
(9) السنن: 4/610).(5/34)
وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس". ثم روى حديث عاصم السابق، ثم قال: "وهذا أصح من الأول"(1). والحديث ضعفه ابن حزم أيضا(2).
لكن عمرو بن أبي عمرو لم يتفرد به بل تابعه عليه عن عكرمة عباد ابن منصور(3) وداود بن الحصين(4).
وقد صححه الطبري(5)، والحاكم(6)، ووافقه الذهبي(7)، وقال البهقي - تعقيباً على قول أبي داود: "حديث عاصم يضعف حديث عمرو"-: "وقد رويناه من أوجه عن عكرمة، ولا أرى عمرو بن أبي عمرو يقصر عن عاصم ابن بهدلة في الحفظ، كيف، وقد تابعه على روايته جماعة، وعكرمة عند أكثر الأئمة من الثقات الأثبات"(8).
وقد تكلم على هذا الحديث أحمد شاكر(9) والألباني(10) وحكما بصحته.
أن عمرو بن أبي عمرو صدوق وحديثه صالح حسن كما قال الذهبي(11).
__________
(1) الجامع: (4/57).
(2) في الإيصال (كما في مختصره المطبوع مع المحلى (13/457).
(3) رواه الطبري في تهذيب الآثار (1/550)، والحاكم (4/355) وابن حزم (13/456)، والبيهقي (8/233) كلهم من طريق عباد عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا.
... ورواه الإمام أحمد (1/300) من طريق عباد عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا.
... ورواه الطبري في تهذيب الآثار (1/551) من طريق عباد عن الحكم عن ابن عباس موقوفا أيضا.
(4) رواه عبد الرزاق (7/364) وابن أبي شيبة (10/8) والإمام أحمد (1/300) وابن ماجة (رقم 2564) وغيرهم.
(5) تهذيب الآثار: (1/551).
(6) المستدرك: (4/355).
(7) تلخيص المستدرك: (4/355).
(8) السنن الكبرى: (8/234).
(9) في تعليقه على مسند الإمام أحمد: (4/137-138).
(10) إرواء الغليل: (8/13-15) وصحيح الجامع الصغير (رقم 5814).
(11) الميزان: (3/281-282) وتمام عبارة الذهبي: "منحط عن الدرجة العليا من الصحيح" فتعقبه ابن حجر في التهذيب (8/84) فقال: "كذا قال وحق العبارة أن يحذف العلياء".(5/35)
والأحاديث التي أنكرت عليه عن عكرمة قد تابعه غيره عليها، وقبلها كثير من أهل العلم كما تقدم، وقد أخرج له الشيخان في الأصول(1)، إلا أنهما تجنبا أحاديثه عن عكرمة(2)، لأن البخاري شك في سماعه من عكرمة كما تقدم، أما مسلم فقد تجنب الرواية عن عكرمة ولم يرو عنه إلا حديثا واحدا مقرونا بغيره(3).
الفصل الثالث: في الذين لم يُخرَّج لهم في الصحيحين أو أحدهما.
وفيه أربعة مباحث:
الأول: في ترجمة إبراهيم بن بشَّار الرمادي.
الثاني: في ترجمة إسحاق بن إسماعيل الطالقاني.
الثالث: في ترجمة الربيع بن سليمان المرادي.
الرابع: في ترجمة عبد الرحمن بن مَغْرا الدوسي.
1- إبراهيم بن بشار(4)
"إبراهيم بن بشَّار الرمادي، أبو إسحاق البصري، حافظ له أوهام، من العاشرة، مات في حدود الثلاثين/دت"(5).
تُكلم في حديثه عن سفيان بن عيينة:
فقال عباس الدوري: "سمعت يحيى يقول: رأيت الرمادي – يعني: إبراهيم بن بشَّار، جَرجَرائي - ينظر في كتاب، - وابن عيينة يقرأ – ولا يُغيّر شيئا، ليس معه ألواح ولا دواة"(6).
وقال معاوية بن صالح: "سألت يحيى بن معين عن إبراهيم بن بشار الرمادي؟ فقال: ليس بشيء، لم يكن يكتب عند سفيان، وما رأيت في يده قلما قط، وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان"(7).
__________
(1) الذهبي: الميزان (3/281).
(2) ابن حجر: هدي الساري (ص 432).
(3) المصدر السابق (ص 425).
(4) مصادر ترجمته (421).
(5) ابن حجر: التقريب (1/32).
(6) تاريخ ابن معين: (3/86).
والجرجرائي نسبة إلى جَرجَرايا: بالراء الساكنة بين الجيمين المفتوحين، وراء أخرى بعدها، وهي بلدة قريبة من دجلة، بين بغداد وواسط. ذكره السمعاني في الأنساب (3/240). وياقوت في معجم البلدان (2/123). وتقع على ضفة دجلة الشرقين، عند صدر نهر الشاعورة الحديث. كما في حاشية كتاب بلدان الخلافة الشرقية (56).
(7) العقيلي: الضعفاء (1/47).(5/36)
وقال عبد الله أحمد بن حنبل: "سمعت أبي يقول: كأن سفيان الذي يروى عنه إبراهيم بن بشار ليس هو سفيان بن عيينة"(1). يعني: مما يُغرب عنه. قاله الذهبي(2).
وقال عبد الله أيضا: "سمعت أبي ذكر إبراهيم بن بشار الرمادي، فقال: كان يحضر معنا عند سفيان بن عيينة، فكان يملي على الناس ما يسمعون من سفيان, وكان ربما أملى عليهم ما لم يسمعوا. - يقول: كأنه يغير الألفاظ، فيكون زيادة في الحديث. أو كما قال أبي - فقلت له يوما: ألا تتقي الله ويحك! تملي عليهم ما لم يسمعوا؟! ولم يَحْمَده أبي في ذلك، وذمه ذما شديدا"(3).
وحاصل ما تقدم عن ابن معين والإمام أحمد يتلخص في أمرين:
الأول: أن إبراهيم كان يملي على الناس أحاديث ابن عيينة، وربما أملى عليهم ألفاظا لم يسمعوها من سفيان في ذلك المجلس.
الثاني: أنه لم يكن يكتب في مجلس سفيان بن عيينة، وكان ينظر في كتاب - وابن عيينة يقرأ - ولا يغير شيئاً.
ويضاف ذلك إلى أمر آخر وهو: أنه كان ينام في مجلس سفيان(4).
فأما الأمر الأول: فقد قال المعلمي اليماني في الإجابة عليه: "إن إبراهيم كان قد سمع من سفيان بن عيينة قديما، وكان يحضر مجالسه، فربما حدث سفيان ببعض تلك الأحاديث، فربما أبدل كلمة بأخرى أو نحو ذلك، على ما هو معروف من عادة سفيان في الرواية بالمعنى وكان بعض الحاضرين لا يتمكنون من الحفظ، أو الكتابة وقت السماع، فإذا فرغ المجلس رغبوا إلى إبراهيم فيملي عليهم ذاك المجلس، فربما أملى عليهم كما حفظ سابقا، ويكون في ذلك ألفاظ مغايرة للألفاظ التي عبر بها سفيان في ذاك المجلس، فذاك الذي أنكره عليه يحيى وأحمد"(5).
وتكون المغايرة في ما يمليه إبراهيم على وجهين:
__________
(1) المصدر السابق.
(2) سير أعلام النبلاء: (10/511).
(3) العقيلي: الضعفاء (1/47)، والجرح والتعديل (2/89).
(4) ابن حبان: الثقات (8/72) وسيأتي نص كلامه قريبا.
(5) التنكيل: (1/85).(5/37)
الوجه الأول: أن يحدث سفيان بالحديث قديما فيحفظه إبراهيم، ثم يحدث به سفيان مرة أخرى باختلاف في الألفاظ مع اتحاد المعنى، فيمليه إبراهيم كما حفظ سابقا.
وكان ابن عيينة ممن يجيزون الرواية بالمعنى، قال علي بن خشرم: "كان ابن عيينة يحدثنا، فإذا سئل عنه بعد ذلك حدثنا بغير لفظه الأول، والمعنى واحد"(1).
وقد أجاز الرواية بالمعنى جمهور المحدثين(2).
الوجه الثاني: أن يروي ابن عيينة الحديث تاما، فيحفظه إبراهيم، ثم يرويه ابن عيينة بعد ذلك فينقص منه بعض الألفاظ فيمليه إبراهيم كما حفظه من ابن عيينة أولا.
وهذا الفعل تكرر من ابن عيينة، لاسيما في شيخوخته.
قال رباح بن خالد الكوفي: "سألت ابن عيينة فقلت: يا أبا محمد، إن أبا معاوية يحدث عنك بشيء ليس تحفظه اليوم، وكذلك وكيع؟ فقال: صدقهم، فإني كنت قبل اليوم أحفظ مني اليوم". قال محمد بن المثنى العنزي: "سمعت ابن عيينة يقول ذلك لرباح في سنة إحدى وتسعين ومائة"(3).
وقال يحيى بن سعيد القطان: "قلت لابن عيينة: كنت تكتب الحديث، وتحدث اليوم وتزيد في إسناده، أو تنقص منه؟ فقال: عليك بالسماع الأول فإني قد سئمت"؟(4).
__________
(1) الخطيب: الكفاية (ص316).
(2) انظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/31-33)، والكفاية (ص308-317).
(3) الذهبي: سير أعلام النبلاء (8/459-460).
(4) ابن حجر: التهذيب (4/121).
وليس هذا من الاختلاط في شيء، وإنما هو أمر معتاد في كبر السن، قال الذهبي: "الحافظ قد يتغير إذا كبر، وتنقص حدة ذهنه، فليس هو في شيخوخته كهو في شبيبته، وما ثم أحد بمعصوم من السهو والنسيان، وما هذا التغير بضار أصلا، وإنما الذي يضر الاختلاط". قاله في السير (6/35-36) في ترجمة هشام بن عروة. وانظر رد الذهبي على من قال باختلاط ابن عيينة في الميزان (2/171)، والسير (8/465-466).(5/38)
وإبراهيم بن بشار قال فيه أبو عوانة الاسفراييني: "كان ثقة، من كبار أصحاب سفيان وممن سمع قديما منه"(1).
وقال أبو عبد الله الحاكم: "ثقة، من الطبقة الأولى من أصحاب ابن عيينة، جالس ابن عيينة نيفا وأربعين سنة"(2).
فعلى ذلك يكون إبراهيم بن بشار قد سمع من ابن عيينة قبل أن يولد يحيى بن معين والإمام أحمد(3)، فلا يستغرب أن يسمع من ابن عيينة ما لم يسمعه المتأخرون من أصحابه.
وأما الأمر الثاني: وهو أن إبراهيم لم يكن يكتب في مجلس سفيان…فيجاب عنه: بأن إبراهيم جالس ابن عيينة نيفا وأربعين سنة كما تقدم، فسمع أحاديثه فحفظها، وقد قال ابن معين: "كان الحميدي لا يكتب عند سفيان بن عيينة، وإبراهيم بن بشار أحفظهما"(4).
فكان إبراهيم يحضر عند سفيان رجاء أن يسمع ما لم يسمعه من قبل، أو يتثبت في ما سمع، فيشرع سفيان في التحديث وإبراهيم ينظر في كتابه الذي سمعه من سفيان قبل، ولما علم إبراهيم عادة شيخه في الرواية بالمعنى لم يلتفت إلى اختلاف بعض الألفاظ، فلذلك لا يغير شيئا في سماعه القديم(5).
وربما شرع سفيان في التحديث من جزء قد سمعه إبراهيم مرارا، بل ربما عشرات المرات، فيرى إبراهيم أنه لا يحتاج إلى سماعه فينام.
__________
(1) مسند أبي عوانة: كتاب الصلاة، بيان صفة وقت صلاة العشاء (1/365).
(2) الزيلعي: نصب الراية (1/403) ولم أقف عليه في مستدرك الحاكم.
(3) توفي ابن عيينة سنة ثمان وتسعين ومائة، كما تقدم في ترجمته (ص 79)، فيكون إبراهيم قد سمع منه قبل سنة ثمان وخمسين ومائة، وابن معين ولد سنة ثمان وخمسين ومائة، كما في تاريخ بغداد (14/117)، وولد الإمام أحمد سنة أربع وستين ومائة، كما في المعرفة والتاريخ للفسوي (2/197).
(4) ابن حبان: الثقات (8/73).
(5) انظر: التنكيل للمعلمي (1/86).(5/39)
قال ابن حبان: "كان متقنا ضابطا، صحب ابن عيينة سنين كثيرة، وسمع أحاديثه مرارا، ومن زعم أنه كان ينام في مجلس ابن عيينة فقد صدق، وليس هذا مما يجرح مثله في الحديث، وذاك أنه سمع حديث ابن عيينة مرارا، والقائل لهذا رآه ينام في المجلس حيث كان يجئ إلى سفيان ويحضر مجلسه للإستئناس لا للسماع، فنوم الإنسان عند سماع شيء قد سمعه مرارا ليس مما يقدح فيه. ولقد حدثنا أبو خليفة، ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، قال: ثنا سفيان بمكة وعبادان وبين السماعين أربعون سنة"(1).
وقد أنكر العقيلي على إبراهيم ثلاثة أحاديث رواها عن ابن عيينة، منها:
حديثه عن ابن عيينة، عن بُريد بن عبد الله بن أبي بُرْدَة، عن أبي بُرْدَة، عن أبي موسى، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته". قال العقيلي: "هذا ليس له أصل، ولم يتابعه عليه أحد عن ابن عيينة"(2).
__________
(1) الثقات: (8/72-73) وعنه السمعاني في الأنساب (6/163)، ومنه صححتبعض التصحيفات التي وقعت في النص.
وأبو خليفة: الفضل بن الحباب، وصفه الذهبي في السير (14/8) بقوله: "كان ثقة صدوقا مأموناً…" وهذا النص الذي رواه عن إبراهيم يرد ما نقله الآجري في سؤالاته (ص234) عن أبي داود قال: "ولد إبراهيم بن بشار الرمادي بعد موت سفيان الثوري". يعني بعد سنة إحدى وستين ومائة.
(2) الضعفاء: (1/49).(5/40)
وهذا الإطلاق من العقيلي - رحمه الله - بأن الحديث ليس له أصل فيه نظر، فقد روى هذا الحديث الترمذي من طريق البخاري، عن إبراهيم بن بشار به. ثم قال البخاري: "روى غير واحد عن سفيان، عن بُريد، عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وهذا أصح"(1).
فالحديث له أصل عن ابن عيية، لكنه مرسل، فوهم إبراهيم فوصله. ولذلك قال ابن عدي - بعد أن رواه من طريق البخاري عن إبراهيم -: "وهو وهم، وكان ابن عيينة يرويه مرسلا".
ثم قال ابن عدي: "وإبراهيم بن بشار هذا لا أعلم أُنكِر عليه إلا هذا الحديث الذي ذكره البخاري، وباقي حديثه عن ابن عيينة وأبي معاوية وغيرهما من الثقات مستقيم، وهو عندنا من أهل الصدق"(2).
والخلاصة:
__________
(1) قال الترمذي في جامعه (4/208): "حديث أبي موسى غير محفوظ…حكاه إبراهيم بن بشار الرمادي عن سفيان بن عيينة، عن بُريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخبرني بذلك [محمد عن إبراهيم] ابن بشار…". وما بين المعقوفتين سقط من المطبوعة واستدركته من تحفة الأشراف (6/446)، وتحفة الأحوذي (3/34).
والحديث صحيح من غير هذا الطريق، فقد رواه البخاري في صحيحه في عدة مواضع منها (13/111 رقم 7138) ومسلم (رقم 1829) كلاهما من حديث ابن عمر.
(2) الكامل: (1/265)، وقد وقع في المطبوعة أخطاء تُخل بالمعنى صححتها من نسخة الكامل الخطية المحفوظة بالمكتبة الظاهرية (ق 12).(5/41)
أن إبراهيم بن بشار ثقة كما قال أبو عوانة وابن حبان وابن عدي والحاكم، وهو ممن سمع من ابن عيينة قديما، ولازمه سنين عديدة، ولذلك يلجأ إليه بعض من كان يحضر مجلس ابن عيينة ليملي عليهم ما سمعوه من ابن عيينة، لكن إبراهيم لم يراع في إملائه لفظ سفيان في المجلس الذي حضروه، وإنما كان يملي عليهم ما حفظه من ابن عيينة قديما، فهذا الذي أنكره عليه ابن معين والإمام أحمد، ولذلك قال ابن رجب: "وممن كان يستملي استملاء سيئا إبراهيم بن بشار الرمادي كان يملي على الناس ما يحدث به سفيان بن عيينة بزيادة وتغير، ولكن لا أعلم من كتب بإملائه"(1).
وهذا الفعل من إبراهيم - وإن كان مؤثرا في رواية من كتبوا بإملائه لأنه يترتب عليه روايتهم عن ابن عيينة ما لم يسمعوه منه مباشرة - إلا أنه لا يؤثر في قبول رواية إبراهيم عن ابن عيينة ما لم يخالفه من هو أوثق منه.
وأما قول الكوثري في "مقدمة نصب الراية": "وكم اختلق إبراهيم بن بشار الرمادي على لسان ابن عيينة من الروايات"(2). ففيه تصريح بأن إبراهيم كان يضع الحديث، ولم أر أحدا سبق الكوثري إلى هذا القول، ولعله أخذه مما تقدم عن ابن معين والإمام أحمد، كما هي عادته في تحميل نصوص أئمة الجرح والتعديل ما لا تحتمل، ولذلك قال المعلمي اليماني في "طليعة التنكيل":
"ومن غرائبه تحريف نصوص أئمة الجرح والتعديل، تجيء عن أحدهم الكلمة فيها غض من الراوي بما لا يضره أو بما فيه تليين خفيف لا يعد جرحا، فيحتاج الكوثري إلى الطعن فيمن قيلت فيه، فيحكيها بلفظ آخر يفيد الجرح…"(3).
وما قاله في إبراهيم هو من هذا النوع الذي أشار إليه المعلمي رحمه الله تعالى. وقوله هذا مردود لا يلتفت إليه.
2- إسحاق بن إسماعيل(4)
__________
(1) شرح علل الترمذي: (2/705-706).
(2) ص 58).
(3) ص 48 من النسخة المطبوعة في أول كتابه التنكيل).
(4) مصادر ترجمته: (ص 421).(5/42)
"إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، أبو يعقوب، نزيل بغداد، يعرف باليتيم، ثقة تُكلم في سماعه من جرير وحده، من العاشرة، مات سنة ثلاثين أو قبلها/د"(1).
تكلم علي بن المديني في سماعه من جرير بن عبد الحميد الضبي:
فقال عبد الله بن علي بن المديني: "سمعت أبي يقول: كان إسحاق بن إسماعيل معنا عند جرير، وكانوا ربما قالوا - يعني البغداديين - جئنا بتراب(2) - وجرير يقرأ - فيقوم. وضعفه"(3).
وقال أيضا: "سمعت أبي وسئل عن إسحاق بن إسماعيل صاحب جرير فقال: كان غلاما. وذهب إلى أنه لم يضبط"(4).
وكلام ابن المديني - فيما يبدو لي - يتضمن أمرين:
الأول: أن إسحاق لم يضبط أحاديث جرير بن عبد الحميد، لأنه كان صغيرا حينما سمع منه.
الثاني: أنه كان يقوم من مجلس جرير – وجرير يقرأ – ليحضر لهم ترابا، فيفوت عليه سماع بعض الأحاديث.
فأما الأمر الأول:
__________
(1) ابن حجر: التقريب (1/56)، وفيه: "سنة ثلاث" والصواب ما أثبته، كما في النسخة الخطبة من التقريب (ق 17).
والطالقاني: بفتح المهملة وتشديدها وسكون اللام، بعدها قاف مفتوحة، وفي آخرها نون، نسبة إلى طالقان. قاله السمعاني في الأنساب (9/8)، وهكذا ضُبط في اللباب (2/269)، والقاموس المحيط (3/151)، وتاج العروس (6/427)، وضبطه ياقوت في معجم البلدان (4/6) بفتح اللام.
وهي بلدة بين بلخ ومرو الرّود، تبعد (45) ميلا شرق مرو الرّود، المعروف عند الفرس باسم "بالأمر غاب". انظر: كتاب "بلدان الخلافة الشرقية" (466).
(2) كانوا يستعملون التراب لتجفيف الأوراق بعد الكتابة عليها مباشرة، حتى لا تنطمس الكتابة بسبب طراوة الحبر.
انظر: "كتاب الكتاب" لابن درستويه (ص156)، و"الجامع" للخطيب البغدادي (1/278)، و"أدب الإملاء والاستملاء" للسمعاني (ص173). وقد وردت أحاديث في تتريب الكتاب كلها ضعيفة، كما قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص43).
(3) الخطيب: التاريخ (6/335).
(4) المصدر السابق.(5/43)
فقد أجاب عنه الإمام أحمد، فيما رواه أبو بكر المروذي قال: "سمعت أبا عبد الله يُسأل عن إسحاق بن إسماعيل، فقال: لا أعلم إلا خيرا. قلت: إنهم يذكرون أنه كان صغيرا. قال: قد يكون صغيرا يضبط"(1).
وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: "سئل يحيى بن معين – وأنا أسمع – عن إسحاق بن إسماعيل، فقال: كان عندي لا بأس به صدوق، ولكنه يُبْلَى من الناس، ولقد كلمني أن أكلم أمه تأذن له في الخروج إلى جرير، فكلمتها، فأجابتني، فخرج معي اثنا عشر رجلا مشاة، ولم يكن له تلك الأيام شيء.
قلت ليحيى: فما بُلِيَ به من الناس؟ قال: يكذبونه وهو صدوق(2).
قلت: كان يتهم تلك الأيام بالكذب أو الآن بعد ما حدّث؟. قال: لا، الآن بعد ما حدّث. ثم قال يحيى: ما كان به بأس(3).
وهذا النص يدل على أمور منها:
1- بلوغ إسحاق بن إسماعيل مرحلة الفهم والضبط، يدل على ذلك؛ طلبه من ابن معين أن يكلم أمه في أن تأذن له في الخروج إلى جرير للسماع منه، وهذا لا يتأتى من طفل صغير لا يضبط.
__________
(1) الخطيب: التاريخ (6/335)، و"الكفاية" (ص 114)، و"كان" - هنا - تامة، و"صغير" فاعل.
(2) قال ابن حبان في "الثقات" (8/113) في ترجمة إسحاق: "من ثقات أهل العراق ومتقنيهم،. حسده بعض الناس، فحلف أن لا يحدث حتى يموت، وذاك في أول سنة خمس وعشرين ومائتين، ومات في آخرها مستقيم الحديث جدا".
والصحيح في سنة وفاته ما ذكره ابن حجر فيما تقدم، ويؤيده ما ذكره أبو القاسم البغوي في "وفيات شيوخه الذين أدركهم" (ق 170/أ) حيث قال "مات بغداد في شهر رمضان سنة ثلاثين، وكتبت عنه سنة خمس وعشرين، وقطع قبل أن يموت بخمس سنين".
(3) سؤالات ابن الجنيد: (ق 67/ب).(5/44)
2- شفاعة ابن معين له عند أمه في الإذن له بالخروج تدل على استعداده للتحمل والضبط، ولو كان صغيرا لا يضبط لما فعل ذلك ابن معين. بل تدل على أن إسحاق كان في سن لا يقلّ عن خمس عشرة سنة؛ لأن ابن معين يرى أن حدّ الغلام في كتابة الحديث وسماعه هو: خمس عشرة سنة(1). ومن المستبعد أن يشفع ابن معين لغلام ويكلفه عناء السفر من بغداد إلى الري(2) وهو لم يبلغ السن الذي يؤهله لسماع الحديث وكتابته في نظره.
3- ثناء ابن معين عليه وتوثيقه – وهو الخبير به، المطّلع على أحواله منذ بدئه في طلب الحديث، واصطحابه له في السفر، مع علم ابن معين بما يقال فيه، ويثار حوله، فهذا التوثيق من ابن معين – أولى بالاعتماد عليه، والأخذ به، خاصة إذا كان مسوقا للدفاع عنه(3).
وأما الأمر الثاني:
__________
(1) الخطيب: الكفاية (ص 113).
وروى الخطيب أيضا عن عبد الله بن أحمد قال: "بلغني عن رجل أنه قال: لا يجوز سماعه حتى يكون له خمس عشرة سنة…". وهذا الرجل الذي عناه عبد الله هو ابن معين، كما قال السخاوي في "فتح المغيث" (ص 389).
(2) تقع "الري" في الجنوب الشرقي من العاصمة الإيرانية "طهران" وتبعد عنها بضعة أميال، وقد اجتاز ياقوت الحموي بمدينة "الري" سنة 617هـ وهي خاوية على عروشها. انظر: معجم البلدان لياقوت (3/117)، وبلدان الخلافة الشرقية (ص 252 والخارطة رقم 5).
(3) وقد وردت عدة روايات أخرى عن ابن معين في توثيق إسحاق؛ فقال الدارمي في "تاريخه عن ابن معين" (رقم 180): "وسألته عن إسحاق بن إسماعيل؟ قال: أرجو أن يكون صدوقا".
وقال يعقوب بن شيبة: "كان يحيى بن معين يوثق إسحاق بن إسماعيل جدا". وقال ابن معين أيضا - في رواية عبد الخالق بن منصور-: "صدوق". روى ذلك الخطيب في "تاريخه" (6/336).(5/45)
وهو كون إسحاق يقوم من مجلس جرير - وجرير يقرأ - فليس بقادح في ضبط إسحاق، وغايته: أن يكون إسحاق قد فاته سماع بعض أحاديث جرير، وهذا ليس عيبا قادحا؛ لأنه لم يقم من المجلس تلاعبا، وإنما قام للضرورة، وهي إحضار التراب تلبية لطلب رفقائه في الرحلة.
وهذا يدل على أدب إسحاق وبره برفقته؛ لأنه آثر تقديم مصلحتهم على مصلحته، بالرغم من رغبته الشديدة في السماع من جرير، الذي تحمل المشاق من أجله.
والذين أمروه بإحضار التراب - وفيهم ابن معين - يعلمون أن هذا لا يؤثر في سماعه كثيرا، إذ مصلحة المحافظة على الأحاديث الكثيرة - التي كتبوها عن جرير - من الطمس مقدم على المفسدة التي تحصل بعدم سماع إسحاق لعدد قليل من الأحاديث بسبب ذهابه لإحضار التراب.
ولم يثبت أن إسحاق حدّث عن جرير بحديث لم يسمعه منه، وإلا لَعُدَّ مدلسا، ولم يثبت عليه شيء من ذلك(1).
والظاهر أن ابن المديني رأى إسحاق بن إسماعيل فاستصغره وظن أنه لا يضبط، وترجح لديه هذا الظن لما رآه يقوم من مجلس جرير، فضعفه.
وابن المديني بصري، وإسحاق بغدادي، ويبعد أن يكون ابن المديني على معرفة به قبل التقائهما عند جرير، فأجرى حكمه على إسحاق على ما شاهده منه في ذلك اللقاء.
وخالفه يحيى بن معين والإمام أحمد حيث وثقا إسحاق، فقولهما أولى بالقبول، لأن بلدي الرجل أعرف به من غيره.
3- الربيع بن سليمان(2)
__________
(1) لم يذكره العلائي في أسماء المدلسين الذين أوردهم في "جامع التحصيل"، ولا سبط ابن العجمي في "التبيين لأسماء المدلسين" ولا بن حجر في "تعريف أهل التقديس" ولا السيوطي في "أسماء المدلسين" ولم يذكره أيضا صاحب "الجوهر النفيس فيمن رمي بالتدليس" وهذا الكتاب الأخير منه نسخة خطية مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية، والأصل محفوظ في المكتبة الملكية بالرباط، ولم يذكر اسم مؤلفه.
(2) مصادر ترجمته (422).(5/46)
"الربيع بن سليمان عبد الجبار المرادي، أبو محمد المصري، المؤذّن، صاحب الشافعي، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة سبعين، وله ست وتسعون سنة/4"(1).
تُكلِّم في سماعه من الإمام الشافعي:
فقال أبو يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي(2): "سماع الربيع بن سليمان من الشافعي ليس بالثبت، وإنما أخذ أكثر الكتب من آل البويطي بعد موت البويطي"(3). وهذا الكلام يتضمن أمرين:
الأول: أن سماع الربيع من الشافعي ليس بالثبت.
الثاني: أن الربيع أخذ أكثر الكتب من آل البويطي بعد موت البويطي.
فأما الأمر الأول: فلا يُقبل من أبي يزيد، ويدل على ذلك ما يلي:
1-كان الربيع بن سليمان ملازما للشافعي أثناء وجوده بمصر، وقد أوقف نفسه لخدمته، فكان الشافعي يقول:
"ما خدمني أحد مثل ما خدمني الربيع بن سليمان"(4).
فهذه الملازمة مكنت الربيع من سماع كتب الشافعي وإتقانها.
2-كان الشافعي يُعني بالربيع عناية خاصة ويحبه ويقربه(5)، ويحرص على تعليمه، فكان يقول له: "لو أستطيع أن أطعمك العلم أطعمتك"(6).
"وكان الربيع على حوائج الشافعي، فربما غاب في حاجة فيُعلِّم له، فإذا رجع قرأ الربيع عليه ما فاته"(7).
وقد أثنى الشافعي على الربيع فقال: "الربيع روايتي"(8). وقال أيضا: "الربيع أحفظ أصحابي"(9).
__________
(1) ابن حجر: التقريب (1/245)، ووقع في المطبوع: "س ق". وكذا في تهذيب التهذيب (3/345)، والصواب روى له الأربعة كما في تهذيب الكمال (1/ق404)، وسير أعلام النبلاء (12/588). ونسخة التقريب الخطية (ص 78).
(2) الأموي مولاهم، المصري، ثقة، توفي سنة 289هـ. قاله ابن حجر في التقريب (2/383).
(3) ابن حجر: التهذيب (3/346).
(4) ابن أبي حاتم: مناقب الشافعي (ص 274).
(5) البيهقي مناقب الشافعي (2/260).
(6) المصدر السابق: وجامع بيان العلم لابن عبد البر (1/142).
(7) ابن أبي حاتم: مناقب الشافعي (71).
(8) الشيرازي: طبقات الفقهاء (ص 98).
(9) الأسنوي: طبقات الشافعية (1/39).(5/47)
3- اعتراف كبار أصحاب الشافعي بمكانة الربيع وإتقان روايته عن الشافعي، فهذا أبو يعقوب يوسف بن يحيى البوطي يقول: "الربيع في الشافعي أثبت مني"(1).
وهذا إسماعيل بن يحيى المزني - على جلالة قدره - استعان على ما فاته عن الشافعي بكتاب الربيع(2).
4- رحلات الناس من أقطار الأرض إلى الربيع ليأخذوا عنه علم الشافعي ويرووا عنه كتبه(3)، وكان منهم: أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وغيرهما من كبار الحفاظ(4). وقد أخذ عنه أبو زرعة كتب الشافعي في حياة البويطي(5).
وذكر أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي: أن عدد من أخذ عن الربيع كتب الشافعي ورحل إليه فيها من الآفاق بلغ مائتي رجل(6).
فهذا الإقبال على الربيع - في حياة أقرانه من كبار أصحاب الشافعي - يدل على تقدمه وإتقانه لكتب الشافعي.
5- ردّ أبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي على أبي يزيد القراطيسي فقال: "وهذا لا يقبل من أبي يزيد، بل البويطي كان يقول: الربيع أثبت في الشافعي مني. وقد سمع أبو زرعة الرازي كتب الشافعي كلها من الربيع قبل موت البويطي بأربع سنين"(7).
وأما الأمر الثاني وهو: قول أبي يزيد: "إنما أخذ أكثر الكتب من آل البويطي بعد موت البويطي فليس بصحيح لأن الربيع قد جلس لقراءة كتب الشافعي على الناس قبل موت البويطي بأكثر من عشرين سنة(8)، وقد تقدم أن أبا زرعة الرازي أخذ كتب الشافعي عن الربيع في حياة البويطي.
__________
(1) البيهقي: مناقب الشافعي (2/359).
(2) ابن حجر: التهذيب (3/346).
(3) البيهقي: مناقب الشافعي (2/359).
(4) المزي: التهذيب (1/ق 405).
(5) ابن أبي حاتم: مناقب الشافعي (ص 75)، وتقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل (ص 340، 345).
(6) ابن عبد البر: الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة (ص 115).
(7) ابن حجر: التهذيب (3/346)، و كان سماع أبي زرعة من الربيع سنة ثمان وعشرين ومائتين. كما في مناقب الشافعي لابن أبي حاتم (ص 75).
(8) انظر: مناقب الشافعي للبيهقي (2/359).(5/48)
قال البيهقي: "والربيع هو الراوي للكتب الجديدة(1) على الصدق والإتقان، وربما فاتته صفحات من كتاب، فيقول فيها: قال الشافعي. أو يرويها عن البويطي عن الشافعي(2).
وهذا يدل على أمانة الربيع وورعه وإتقانه.
وقد سرد البيهقي أسماء كتب الشافعي فبلغت واحدا وخمسين ومائة كتاب، منها: ثمانية وعشرون ومائة اشتمل عليها كتاب "الأم". وذكر البيهقي أن الربيع بن سليمان رواها عن الشافعي، غير أنه لم يسمع منه عدة كتب منها: كتاب الوصايا الكبير، وكتاب علي وعبد الله رضي الله عنهما، كتاب إحياء الموات، كتاب الطعام والشراب، وكتاب ذبائح بني إسرائيل، وكتاب غسل الميت، فيقول فيها: "قال الشافعي رحمه الله تعالى"(3).
وهذه الكتب التي لم يسمعها الربيع من الإمام الشافعي تمثل نسبة ضئيلة بالمقارنة مع الكتب التي سمعها منه.
وخلاصة القول:
أن الربيع بن سليمان ثقة، وعليه اعتمد الناس في رواية أكثر الكتب التي صنفها الإمام الشافعي، حتى وُصفَ بناقل علم الشافعي(4). فلا يلتفت إلى قول القراطيسي فيه، لأنه مخالف لأقوال الأئمة في توثيق الربيع في الشافعي.
وأبعد من هذا القول الذي قاله القراطيسي ما ذكره أبو طالب محمد بن علي الحارثي المكي في كتابه "قوت القلوب في معاملة المحبوب" حيث ذكر أن البويطي هو الذي صنف كتاب "الأم" فقال: "وصنف كتاب الأم الذي يُنسب الآن إلى الربيع بن سليمان ويُعرف به، وإنما هو جمع البويطي، لم يذكر نفسه فيه، وأخرجه إلى الربيع فزاد فيه وأظهره، وسُمع منه"(5).
__________
(1) هي التي صنفها الإمام الشافعي بمصر: انظر: مناقب الشافعي للبيهقي (1/237، 240).
(2) المصدر السابق: (2/359).
(3) انظر: المصدر السابق (1/246-254).
(4) الذهبي: تذكرة الحفاظ (2/586).
(5) 4/135).(5/49)
وقد نقل هذا القول أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين"(1). ثم جاء الدكتور زكي مبارك فتلقّف هذا القول وأصدر كتابا بعنوان: "إصلاح أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي: كتاب "الأم" لم يؤلفه الشافعي، وإنما ألفه البويطي وتصرف فيه الربيع بن سليمان(2).
وقد تلقى العلماء كتابه هذا بالنقد والتزييف، منهم: الشيخ أحمد شاكر(3)، وأحمد صقر(4)، والدكتور فؤاد سزكين(5) وغيرهم.
4- عبد الرحمن بن مغرا(6)
"عبد الرحمن بن مَغْرا - بفتح الميم وسكون المعجمة ثم راء، مقصورا - الدوسي، أبو زهير الكوفي نزيل الري، صدوق، تُكلّم في حديثه عن الأعمش، من كبار التاسعة، مات سنة بضع وتسعين،/بخ4"(7).
قال ابن عدي: "ثنا ابن أبي عصمة ومحمد بن خلف، قالا: ثنا محمد بن يونس، سمعت علي بن عبد الله يقول: عبد الرحمن بن مغرا أبو زهير ليس بشيء، كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث، تركناه، لم يكن بذاك".
قال ابن عدي: "وهذا الذي قاله علي بن المديني هو كما قال، إنما أنكرت على أبي زهير هذا أحاديث يرويها عن الأعمش، لا يتابعه الثقات عليها، وله عن غير الأعمش غرائب، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم"(8) .
__________
(1) 2/185).
(2) صدر في القاهرة سنة 1934م، كما في تاريخ التراث العربي لسزكين (1/3/184)، ولم يتيسر لي الاطلاع عليه.
(3) مقدمته لرسالة الشافعي: (9، 10).
(4) مقدمتة لمناقب الشافعي للبيهقي: (1/31-42).
(5) تاريخ التراث العربي: (1/3/184).
(6) مصادر ترجمته (422).
(7) ابن حجر: التقريب (1/499)، ووقع في المطبوع: أبو "نصير" و"بخ ع" وهو تصحيف، والصواب ما أثبته، كما في النسخة الخطية من التقريب (ق 170).
(8) الكامل لابن عدي: (4/1599).(5/50)
وقد وثق أبا زهير عدد من الأئمة؛ فقال ابن معين: "لم يكن به بأس، مات قبل أن ندخل نحن الري، فلم نكتب عنه شيئاً"(1) .
وقال أبو زرعة الرازي: "صدوق"(2) . ووثقه أبو خالد سليمان بن حيان الأحمر(3)، وأبو يعلى الخليلي، وغيرهما(4).
وما ذكره ابن عدي فيه نظر من وجوه:
1- قول علي بن المديني من رواية محمد بن يونس الكديمي عنه، والكديمي أطلق عليه أبو داود الكذب(5)، ورماه ابن حبان بوضع الحديث(6)، وقال ابن عدي: "اتهم بوضع الحديث وبسرقته…وترك عامة مشايخنا الرواية عنه"(7).
فمن كان بهذه الصفة لا يقبل منه ما ينقله في تجريح الرواة. وقد رد ابن عدي كلام علي بن المديني في خليفة بن خياط، لأنه من رواية الكديمي هذا، فقال: "إنما يروي عن علي بن المديني الكديمي، والكديمي لا شيء"(8).
2- قول ابن المديني - إن صح عنه - يدل على تضعيف عبد الرحمن بن مغرا تضعيفا مطلقا، ولم يخص ضعفه بروايته عن الأعمش. وتضعيفه معارض بتوثيق غيره له كما تقدم.
3- كلام ابن عدي في عبد الرحمن بن مغرا مبني على ما نقله عن علي بن المديني، وقد تقدم بيان عدم صحته عنه.
__________
(1) ابن محرز: معرفة الرجال (ق/8/أ) وقد تقدم في ترجمة إسحاق بن إسماعيل الطالقاني (ص 305) ذكر رحلة ابن معين إلى الري، وكانت في حياة جرير بن عبد الحميد المتوفى سنة ثمان وثمانين ومائة. والظاهر أن هذه الرحلة التي أشار إليها ابن معين هنا، رحلة أخرى متأخرة عن الأولى.
(2) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (5/291).
(3) المصدر السابق، وتهذيب الكمال للمزي (2/ق818).
(4) ابن حجر: التهذيب (6/274-275).
(5) المصدر السابق (9/541).
(6) المجروحين (2/313).
(7) الكامل: (6/2294).
(8) المصدر السابق: (3/935).(5/51)
ومن منهج ابن عدي في كامله أنه يذكر بعض الأحاديث التي أنكرت على الراوي الذي يترجم له، وقد نص على ذلك في مقدمة الكتاب(1). لكنه في هذه الترجمة خالف منهجه، فلم يذكر شيئا من الأحاديث التي أنكرت على عبد الرحمن.
ومما وقفت عليه من أحاديث أبي زهير عن الأعمش:
ما ذكره ابن أبي حاتم قال: "سألت أبي عن حديث رواه عبد الرحمن بن مغرا، عن الأعمش، عن أنس قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر، وكان من صام منا في أنفسنا أفضل، وكان المفطرون هم الذين يعملون ويعينون، ويستقون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذهب المفطرون بالأجر". قال أبي هذا حديث منكر"(2).
وليست العهدة في هذا الحديث على عبد الرحمن، لأن الأعمش لم يسمع من أنس، قال ابن المديني: "الأعمش لم يسمع من أنس بن مالك، إنما رآه رؤية بمكة يصلي خلف المقام. فأما طرق الأعمش عن أنس فإنما يرويها عن يزيد الرقاشي عن أنس"(3). ويزيد بن أبان الرقاشي ضعيف(4).
وخلاصة القول:
في عبد الرحمن بن مغرا: أنه صدوق، كما قال ابن حجر، لم يثبت تضعيفه في روايته عن الأعمش.
__________
(1) الكامل: (1/15).
(2) العلل: (1/256)، والحديث رواه البخاري (6/84رقم2890)، ومسلم (رقم1119) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، عن مورق العجلي، عن أنس.
(3) ابن أبي حاتم: المراسيل (ص82).
(4) ابن حجر: التقريب (2/361).(5/52)
تابع (5) الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم
صالح بن حامد الرفاعي
الباب الثاني: الثقَاتُ الذين ضُعِّفوا في بَعْض شيُوخهم
بمَا يَقْدَحُ في رِوَايتِهِم عَمَّن ضُعِّفُوا فيهمْ
وفيهم ثلاثة فصول:
الأول: من خُرِّج لهم في الصحيحين أوحدهما عمن ضعفوا فيهم.
الثاني: من خُرِّج لهم في الصحيحين أوحدهما عن غير من ضعفوا فيهم.
الثالث: من لم يخرج لهم في الصحيحين أوحدهما.
الفصل الأول: الثقات الذين خرج لهم في الصحيحين أو أحدهما عمن ضعفوا فيهم.
وفيه ثلاثة مباحث:
الأول: في ترجمة إسحاق بن راشد الجزري.
الثاني: في ترجمة جرير بن حازم البصري.
الثالث: في ترجمة سليمان بن كثير العبدي.
1- إسحاق بن راشد(1)
"إسحاق بن راشد الجزري، أبو سليمان، ثقة، في حديثه عن الزهري بعض الوهم، من السابعة، مات في خلافة أبي جعفر/خ4"(2) .
تكلم يحيى بن معين ومحمد بن يحيى الذهلي والنسائي في حديثه عن الزهري:
وقبل الخوض في الكلام في حديثه عن الزهري لا بد من معرفة صحة سماعه من الزهري؛ فقد سأل أبو عبد الله الحاكم الدارقطني عن إسحاق بن راشد، فقال: "تكلموا في سماعه من الزهري، وقالوا: إنه وجده في كتاب، والقول عندي قول مسلم بن الحجاج فيه"(3).
__________
(1) مصادر ترجمته "423".
(2) ابن حجر: التقريب "1/57"، وذكره ابن رجب "2/664"، والجزري: نسبة إلى الجزيرة الواقعة بين نهري دجلة والفرات، في العراق، وهي منطقة واسعة، تقع فيها عدة مدن مشهورة، منها: الموصل، ونينوي، والرقة، وحران، وغيرها.
انظر: معجم البلدان "2/134"، وبلدان الخلافة الشرقية "ص 114"، وقد ورد في نسب إسحاق أنه حراني، وقيل رقي، كما في تهذيب الكمال "2/419"، وحران والرقة من مدن الجزيرة كما تقدم.
وأبو جعفر المنصور بويع بالخلافة سنة "136هـ"، وتوفي سنة "158هـ" كما في تاريخ خليفة بن خياط "ص429".
(3) سؤالات الحاكم: "رقم 279"، ولم أقف على قول الإمام مسلم الذي أشار إليه الدارقطني.(6/1)
وقال أبو عبد الله الحاكم في كتابه "معرفة علوم الحديث": "الجنس السادس من التدليس: قوم رووا عن شيوخ لم يروهم قط، ولم يسمعوا منهم(1)، إنما قالوا: قال فلان. فحمل ذلك عنهم على السماع، وليس عندهم عنهم سماع عال ولا نازل.
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب(2) بهمذان، قال: حدثنا إبراهيم بن نصر(3) ، قال: ثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثني صاحب لي من أهل الري يقال له: أشرس، قال: قدم علينا محمد بن إسحاق، فكان يحدثنا عن إسحاق بن راشد، فقدم علينا إسحاق بن راشد، فجعل يقول: ثنا الزهري، وحدثنا الزهري. قال فقلت له: أين لقيت ابن شهاب؟ قال: لم ألقه، مررت ببيت المقدس فوجدت كتابا له ثم"(4).
وقد تبع القاضي عياض أبا عبد الله الحاكم فأورد هذه القصة مثالا للتدليس بإطلاق "أخبرنا" في الوجادة(5).
ولهذه القصة طريق أخرى رواها ابن عساكر من طريق أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، نا عبد الله بن محمد بن مسلم، نا أيوب بن إسحاق بن سافري، نا علي- يعني ابن المديني - نا أبو داود الطيالسي، حدثني صاحب لنا، يقال له. أشرس من أهل الري ثقة…"(6) فذكر القصة.
__________
(1) نوزع الحاكم هذا الجنس من التدليس، انظر التمهيد لابن عبد البر "1/15-16" وجامع التحصيل للعلائي "ص 110-113".
(2) قال الديلمي: "كان صدوقا قدوة". وقال صالح بن أحمد الهمداني: "سماع القدماء منه أصح، ذهب عامة كتبه في المحنة وكف بصره". ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "15/477".
(3) أبو إسحاق الكندي، وثقه أبو العباس بن عقدة. كما في تاريخ بغداد "6/196".
(4) معرفة علوم الحديث: "ص 109-110"ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه "2/2/378/أ".
(5) الالماع إلى معرفة أصول الرواية "ص 119".
(6) تاريخ دمشق: "2/2/378/ب",(6/2)
وقد اعتمد ابن حجر على هذه القصة فذكر إسحاق في المدلسين فقال: "إسحاق بن راشد الجزري، كان يطلق "حدثنا" في الوجادة، فإنه حدث عن الزهري، فقيل له: أين لقيته؟ قال مررت ببيت المقدس، فوجدت كتابا له. حكى ذلك الحاكم في علوم الحديث عن الإسماعيلي"(1).
وتبعهم السخاوي فقال في "فتح المغيث": "ووَصَف غيرُ واحد بالتدليس مَنْ روى عمن رآه ولم يجالسه بالصيغة الموهمة، بل وُصِف به من صرح بالإخبار في الإجازة كأبي نعيم، أو بالتحديث في الوجادة كإسحاق بن راشد الجزري"(2).
فهذه الأقوال تدل على أن إسحاق لم يسمع من الزهري. إلا أنني لم أجد لهذه الأقوال مستندا إلا ما حكاه أبو الوليد وأبو داود الطيالسيان في القصة المتقدمة.
وهذه القصة مدارها على رجل من أهل الري يقال له: أشرس، وهو غير معروف بين أهل العلم، يدل على ذلك وصف كل من أبي الوليد وأبي داود له، ومن الجدير بالذكر: أن أبا الوليد وأبا داود الطيالسيين كانا رفيقين في الرحلة إلى الري(3)، فاشتركا في سماع هذه القصة من أشرس.
وقد بحثت في كتب الرجال-التي أطلعت عليها-فلم أجد ممن يقال له أشرس من يصلح أن يكون صاحب هذه القصة.
ولا يكفي توثيق أبي داود الطيالسي له، لأنه لم يذكر إلا اسمه الأول، وهذا لا يكفي في التعريف به، فتوثيقه هذا يشبه قول الراوي: "حدثني الثقة" وهو غير معتمد في التوثيق على الصحيح من أقوال أهل العلم، كما حكاه السخاوي في "فتح المغيث"(4).
وقد أشار كل من ابن عساكر وابن حجر إلى ضعف هذه القصة، فقال ابن عساكر: "وقد قيل: إن إسحاق لم يلق الزهري…"(5).
__________
(1) تعريف أهل التقديس: "ص 31"، وتقدمت رواية الحاكم، وليست من طريق الإسماعيلي، والذي روى القصة من طريق الإسماعيلي إنما هو ابن عساكر كما تقدم.
(2) "ص 178"، وأبو نعيم هو: أحمد بن عبد الله الأصبهاني المتوفى سنة ثلاثين وأربع مائة.
(3) الخطيب: التاريخ "7/256".
(4) "ص 308".
(5) تاريخ دمشق: "2/2/378/ب".(6/3)
وقال ابن حجر: "ورُوي عن ابن المديني عن الطيالسي عن أشرس - رجل من أهل الري - ما يدل على أنه لم يلق الزهري. ورَوَى ابن أبي خيثمة بإسناد جيد عن إسحاق أنه لقي الزهري"(1).
ومما يدل على عدم صحة هذه القصة – أيضا - ثبوت ما يعارضها؛ فقد قال ابن سعد: "أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، قال: قال لي إسحاق بن راشد: كان الزهري إذا ذكر أهل العراق ضعف علمهم. - قال - قلت: إن بالكوفة مولى لبني أسد يروي أربعة آلاف حديث. قال: أربعة آلاف! - قال - قلت: نعم، إن شئت جئتك ببعض علمه. قال: فجيء به. فأتيته به،- قال- فجعل يقرأ، وأعرف التغيير فيه، وقال: والله إن هذا لعلم، ما كنت أرى أحدا يعلم هذا"(2).
وقال علي بن المديني: "أخبرني عبد الجبار الخطابي قال: أخبرني مولانا إسحاق بن راشد قال: قال لي ابن شهاب: هل بقي أحد عنده علم؟…"(3). فذكر نحو القصة المتقدمة.
__________
(1) هدي الساري: "ص389".
(2) الطبقات: "6/342-343"، وعبد الله وعبيد الله الرقيان ثقتان، ومولى بني أسد الذي عناه إسحاق هو: الأعمش سليمان بن مهران، كما صرح به إسحاق في الرواية الآتية.
(3) الفسوي: المعرفة والتاريخ "3/17"، وعبد الجبار هو: ابن محمد العدوي، من ذرية زيد بن الخطاب، ذكره ابن حبان في الثقات "8/418". ووصفه أبو بكر محمد بن إبراهيم العاصمي بأنه جليل، قال: "ورأيت أبا عروبة يثني عليه خيرا".كما في سؤالات السهمي للدارقطني "رقم 41، 328"، وترجم له ابن حجر في تعجيل المنفعة "ص 163". فالقصة ثابتة.(6/4)
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: "نا عبد الله بن جعفر، قال: سمعت عبيد الله بن عمرو وأبا المليح يقولان: قال إسحاق بن راشد: بعث محمد ابن علي زيد بن علي إلى الزهري، قال: يقول لك أبو جعفر استوص بإسحاق خيرا، فإنه منا أهل البيت…"(1). وهذا إسناد جيد كما قال ابن حجر(2).
وقال في "تهذيب التهذيب" - بعد ذكر هذه الحكاية -: "وهذا يدل على أنه لقي الزهري"(3).
ومما يدل - أيضا - على سماع إسحاق من الزهري: رواية البخاري في "صحيحه" تصريح إسحاق بالتحديث عن الزهري: فقد روي من طريق موسى بن أعين "حدثنا إسحاق بن راشد، أن الزهري حدثه، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: سمعت أبي كعب بن مالك…"(4). فذكر قصة تخلف كعب عن غزوة تبوك.
والبخاري - رحمه الله تعالى - معروف بتحريه وشدة تنقيره عن أحوال الرجال، فصنيعه هذا يدل على ثبوت سماع إسحاق من الزهري.
وبهذه الأدلة يتبين أن إسحاق بن راشد قد سمع من الزهري، وأن القصة التي نُقلت عنه بأنه لم يسمع من الزهري غير صحيحة. وتقدم أن الذين وصفوه بالتدليس لم يذكروا لذلك مستندا إلا تلك القصة، وقد ثبت عدم صحتها، وبذلك يخرج إسحاق بن راشد من جماعة الموصوفين بالتدليس.
وأما حديثه عن الزهري:
فقد تقدم في أول الترجمة أنه تكلم فيه ابن معين والذهلي والنسائي؛ فقال ابن معين: "ليس هو في الزهري بذاك".
قال إبراهيم بن الجنيد: "قلت: ففي غير الزهري؟ قال: ليس بإسحاق بأس"(5).
وقال محمد بن يحيى الذهلي: "هو مضطرب في حديثه الزهري"(6).
__________
(1) ابن عساكر: التاريخ "2/2/378/ب". وأبو المليح هو: الحسن بن عمر الرقي، ثقة كما في التقريب "1/169"، وأبو جعفر، هو: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بالباقر.
(2) هدي الساري: "ص389" وقد تقدم نص كلامه قريبا.
(3) "1/231".
(4) "8/342 رقم الحديث 4677".
(5) سؤالات ابن الجنيد: "ق 81/أ".
(6) ابن حجر: هدي الساري "ص 389".(6/5)
وقال النسائي: "إسحاق بن راشد في الزهري ليس بذاك القوي"(1).
وقد أخرج البخاري من طريق إسحاق بن راشد عن الزهري عدة أحاديث(2)، لكن قال ابن حجر: "غالب ما أخرج له البخاري ما شاركه فيه غيره عن الزهري، وهي مواضع يسيرة…"(3).
والخلاصة:
أن إسحاق بن راشد ثقة، وقد ثبت سماعه من الزهري، لكن في حديثه عن الزهري بعض الوهم، كما قال ابن حجر، لذلك لا يقبل من حديثه عن الزهري إلا ما وافقه عليه غيره.
2- جَرير بن حَازم(4)
"جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضر البصري، والد وهب، ثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه، وهو من السادسة، مات سنة سبعين بعد ما اختلط، لكن لم يحدِّث في الحال اختلاطه/ع"(5).
تكلم بعض العلماء في حديثه عن قتادة:
فقال عبد الرحمن بن مهدي: "يضعّف في حديثه عن قتادة"(6).
وقال عبد الله بن أحمد: "سألت يحيى بن معين عن جرير بن حازم، فقال: ليس به بأس. فقلت له: إنه حدث عن قتادة، عن أنس أحاديث مناكير. فقال: ليس بشيء، هو عن قتادة ضعيف"(7).
وروى أبو بكر الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال: "أشياء يسندها عن قتادة بواطيل"(8).
__________
(1) المزي: تحفة الأشراف "12/28".
(2) تقدم قبل صفحة حديث كعب بن مالك وهو من رواية إسحاق عن الزهري، ومن أحاديثه عن الزهري عند البخاري: "10/171 حديث رقم 5718"، "13/313 رقم 7347"، وقد علق عنه في مواضع، منها: "8/226، 10/167".
(3) هدي الساري: "ص 389".
(4) مصادر ترجمته "423".
(5) ابن حجر: التقريب "1/258"، وذكر ابن رجب "2/624".
(6) ابن رجب: شرح العلل "2/624".
(7) العقيلي: الضعفاء "1/198" مختصرا، وابن عدي في الكامل "2/549" واللفظ له.
(8) الذهبي: السير "7/103" وفيه: "باطل" وما أثبته من شرح علي بن الجعد الترمذي "2/624".(6/6)
وقال عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: ذكر أبو عبد الله حديثه عن قتادة، فقال: كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس، يوقف أشياء ويسند أشياء"(1).
وقال الإمام أحمد أيضا: "إن جريرا وهم في أحاديث قتادة"(2).
وذكر أبو أحمد بن عدي جرير بن حازم في كتابه "الكامل" وأورد له عدة أحاديث من روايته عن قتادة، ثم قال في آخر ترجمته: "وجرير بن حازم له أحاديث كثيرة عن مشايخه وهو مستقيم الحديث، صالح فيه، إلا روايته عن قتادة، فإنه يروى أشياء عن قتادة لا يرويها غيره. وجرير عندي من ثقات المسلمين، حدث عنه الأئمة من الناس…"(3).
ومن الأحاديث التي أُنكرت على جرير بن حازم:
ما رواه البخاري من طريقه عن قتادة، عن أنس رضي الله قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم ضخم اليدين والقدمين حسن الوجه، لم أر بعده ولا قبله مثله، وكان بَسِط الكفين"(4).
فقد سئل أبو حاتم الرازي عن هذا الحديث فقال: "هذا خطأ، إنما هو على ما رواه همام عن قتادة عن رجل حدثه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"(5).
__________
(1) العقيلي: الضعفاء "1/199".
(2) الفسوي: المعرفة والتاريخ "2/197".
(3) "2/548-554".
(4) أخرجه البخاري من ثلاث طرق، كلها عن جرير، عن قتادة عن أنس "10/356-357" رقم 5905-5907"، وهو حديث واحد، اختلفت رواته بالزيادة فيه والنقض، كما قال ابن حجر في الفتح "10/360"، وقد صرح قتادة بسماعه من أنس في الطريق الأولى. ورواه مسلم "رقم 2338" عن جرير أيضا، لكنه اقتصر فيه على وصف شعره صلى الله عليه وسلم.
وقول: "بَسِط الكفين"، قال القاضي عياض في مشارق الأنوار "1/101": "كذا لأكثرهم، ولبعضهم سَبط بتقديم السين… وكلاهما صحيح، لأنه روى "شَثْنِ الكفين" أي: غليظهما، وهذا يدل على سعتهما وكبرهما".
(5) ابن أبي حاتم: العلل "2/393".(6/7)
وحديث همام بن يحيى العَوذى الذي أشار إليه أبو حاتم رواه البخاري أيضا، من طريق معاذ بن هانيء، "حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك - أو عن رجل عن أبي هريرة - قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم ضخم القدمين حسن الوجه، لم أر بعده مثله"(1).
وقوله: "أو عن رجل عن أبي هريرة" قد أجاب عنه الحافظ ابن حجر فقال: "هذه الزيادة لا تأثير لها في صحة الحديث، لأن الذين جزموا بكون الحديث عن قتادة، عن أنس أضبط وأتقن من معاذ بن هانيء، وهم: حَبان بن هلال وموسى بن إسماعيل كما هنا (2).
وكذا جرير بن حازم كما مضى(3)، معمر كما سيأتي(4). حيث جزما به عن قتادة، عن أنس".
ثم قال ابن حجر: "والحق أن التردد فيه من معاذ بن هانئ، هل حدثه به همام عن قتادة، عن أنس، أو عن قتادة عن رجل عن أبي هريرة، وبهذا جزم أبو مسعود(5) والحميدي(6) والمزي، وغيرهم من الحفاظ"(7).
__________
(1) "10/357 حديث رقم 5908".
(2) يعني في صحيح البخاري، فقد رواه البخاري "10/356 رقم 5903، 5904" من طريق حَبان وموسى، وكلاهما عن همام، عن قتادة، عن أنس، ورواه مسلم "2338" من طريق حَبان وعبد الصمد بن عبد الوارث، عن همام به.
(3) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(4) ذكر البخاري "10/357 رقم 5910" تعليقا، وقد وصله يعقوب الفسوي في تاريخه، والإسماعيلي. قاله ابن حجر في الفتح "10/359" وتغليق التعليق "5/74".
ووصله أيضا البيهقي في دلائل النبوة "1/243"، من طريقين، إحداهما من طريق الفسوي.
(5) إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي، توفي سنة إحدى وأربع مائة، تاريخ بغداد "6/172".
(6) محمد بن أبي نصر الأندلسي، توفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. الصلة لابن بشكوال "2/560".
(7) فتح الباري: "10/358-359"، وقد تابع قتادة حميد الطويل عند مسلم "رقم 2338"، عن أنس مختصرا.(6/8)
والقول بأن التردد فيه من معاذ بن هانئ فيه نظر، لأن معاذا قد توبع على الزيادة المذكورة، فقد تابعه عمرو بن عاصم القيسي عند ابن سعد(1)، وهدبة بن خالد القيسي عند البيهقي(2)، وهما ثقتان كما قال ابن حجر في التقريب(3).
وبهذا يظهر أن التردد فيه من همام وليس من معاذ بن هانئ.
وقد بين ابن حجر مراد البخاري من سياق هذه الروايات فقال: "وكأن المصنف أراد بسياق هذه الطرق بيان الاختلاف فيه على قتادة، وأنه لا تأثير له، ولا يقدح في صحة الحديث…"(4).
وقد روى البخاري من طريق جرير بن حازم عن قتادة غير هذا الحديث(5). لكن قال ابن حجر: "ما أخرج له البخاري من روايته عن قتادة إلا أحاديث يسيرة توبع عليها"(6).
وروى مسلم في صحيحه حديثا من طريق جرير بن حازم وهمام، كلاهما عن قتادة عن أنس. فقدم رواية جرير على رواية همام، والظاهر أنه إنما قدمها لعلو إسنادها(7).
والخلاصة:
أن جرير بن حازم ثقة، إلا في حديثه عن قتادة فإن فيه ضعفا، وله أوهام إذا حدث من حفظه، كما تقدم عن ابن حجر، وقد حدث بمصر بأحاديث من حفظه فوهم فيها، كما نقله مغلطاي عن الساجي والأزدي(8) ، ولهذا أنكرت عليه أحاديث رواها عن أيوب السختياني ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهما، أوردها ابن عدي في ترجمته(9) ، وأشار إلى ذلك ابن رجب أيضا(10). لكن قال الذهبي: "اغتفرت أوهامه في سعة ما روي…"(11).
3- سليمان بن كثير(12)
__________
(1) الطبقات: "1/414" قال: "أخبرنا عمرو بن عاصم".
(2) دلائل النبوة: "1/243"، من طريق أبي بكر الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان، عن هدبة به، وإسناده صحيح.
(3) "1/72/315".
(4) فتح الباري: "10/359".
(5) انظر: "9/91 حديث رقم 5045"، وقد تابعه عليه همام عند البخاري أيضا "رقم 5046".
(6) هدي الساري "ص395".
(7) انظر: صحيح مسلم "حديث رقم 2338".
(8) إكمال تهذيب الكمال: "2/68/أ".
(9) الكامل: "2/548/554".
(10) شرح علل الترمذي: "2/628-629".
(11) سير أعلام النبلاء: "7/100".
(12) مصادر ترجمته "424".(6/9)
"سليمان بن كثير العبدي، البصري، أبو داود وأبو محمد، لا بأس به في غير الزهري، من السابعة، مات سنة ثلاث وستين/ع"(1).
تكلم بعض العلماء في حديثه عن الزهري:
فقال محمد بن يحيى الذهلي: "ما روى عن الزهري فإنه قد اضطرب في أشياء منها، وهو في غير الزهري أثبت"(2).
وقال الجوزجاني: "سفيان بن حسين وصالح بن أبي الأخضر وسليمان بن كثير متقاربون في الزهري"(3).يعني في الضعف، قاله ابن رجب(4).
وقال النسائي: "لا بأس به إلا في الزهري، فإنه يخطيء عليه"(5).
وقال ابن حبان: "أما روايته عن الزهري، فقد اختلطت عليه صحيفته"(6). ومن أحاديثه التي وهم فيها:
حديثه عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. في ذكر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقات(7).
__________
(1) ابن حجر: التقريب "1/329" وفيه: "سنة ثلاث وثلاثين"، وكذا في نسخة ابن حجر الخطية "ص 108" في تاريخ وفاته، وكذا في المجروحين لابن حبان "1/334"، وتهذيب التهذيب "4/216"، والخلاصة الخزجي "1/18"، وهو وَهَم، لأن من تلاميذه أخاه محمد بن كثير، وأبا الوليد الطيالسي، وقد ولدا سنة ثلاث وثلاثين ومائة، كما في ترجمتيهما في تهذيب التهذيب "9/418، 11/47". والصواب ما ذكره الذهبي في السير "7/295"، والميزان "2/221" حيث قال: "مات سنة ثلاث وستين ومائة.
(2) العقيلي: الضعفاء "2/137".
(3) ابن رجب: شرح العلل "2/482"، وسفيان بن حسين تأتي ترجمته "376"، وصالح بن أبي الأخضر ضعيف يعتبر به كما في التقريب "1/358".
(4) شرح العلل: "2/482".
(5) المزي: تهذيب الكمال "1/ق 545".
(6) المجروحين: "1/334".
(7) رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الأموال" "ص 449 حديث رقم 937"، وابن ماجة "رقم 1798، 1805"، وابن عدي في "الكامل" "3/1136"، كلهم من طريق سليمان بن كثير عن الزهري به. إلا أنه وقع عند أبي عبيد: "عن سالم أحسبه عن أبيه".(6/10)
وقد وهَّم الأئمة سليمانَ بن كثير، وكذا سفيان بن حسين حيث رويا هذا الحديث عن الزهري، عن سالم عن أبيه، موصولا(1)، والصواب إرساله، كما رواه جماعة عن الزهري مرسلا(2).
ولم يرو البخاري من حديث سليمان بن كثير عن الزهري إلا تعليقا(3) أما مسلم فقد روى له عن الزهري في المتابعات(4).
والخلاصة: أن سليمان بن كثير العبدي لا بأس به في غير الزهري، كما قال ابن حجر، وسبب ضعفه في الزهري هو: أن أحاديثه عن الزهري قد اختلط عليه، فصار يروينا على التوهم فاضطرب فيها كما تقدم.
وأما ما رواه ابن عدي من طريق عبد الله الدورقي قال: "سمعت يحيى بن معين يقول: هشيم وسليمان بن كثير سمعا من الزهري وهما صغيران"(5). فهو غريب. وذلك: أن المزي ذكر في ترجمة سليمان أنه أكبر من أخيه محمد بخمسين سنة(6). وتقدم أن محمدا ولد سنة ثلاث وثلاثين ومائة(7). فيكون مولد سليمان سنة ثلاث وثمانون، وقبل وفاة الزهري بإحدى وأربعين سنة.
الفصل الثاني: في الثقات الذين خُرِّج لهم في الصحيحين أو أحدهما عن غير من ضُعفوا فيهم
__________
(1) حديث سفيان بن حسين رواه أبو داود "2/225" رقم 1568"، والترمذي "3/8 رقم 621" وغيرهما.
(2) قال الترمذي - بعد رواية حديث سفيان بن حسين السابق -: "حديث ابن عمر حديث حسن، والعمل على هذا الحديث عند عامة الفقهاء، وقد روى يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهري، عن سالم بهذا الحديث ولم يرفعوه، وإنما رفعه سفيان بن حسين".
قال بن حجر في تغليق التعليق "3/16": "وقول الترمذي: لم يرفعوه، إنما مراده لم يرفعوا إسناده إلى منتهاه، وكان ينبغي أن يعبر باصطلاح القوم بأن يقول: فأرسلوه. أو لم يسندوه".
وانظر: نصب الراية "2/338"، والتلخيص الحبير "2/151"، وفتح الباري "3/314"، وتغليق التعليق "3/14-18".
(3) ابن حجر: هدي الساري "ص 408".
(4) انظر: صحيح مسلم "حديث رقم 1684، 2269".
(5) الكامل: "3/1135".
(6) تهذيب الكمال: "1/ق 545".
(7) تقدم "ص 335" حاشية رقم "5".(6/11)
وفيه ستة مباحث:
الأول: في ترجمة جعفر بن بُرقان الرقي.
الثاني: في ترجمة زيد بن الحُبَاب العُكْلي.
الثالث: في ترجمة سِمَاك بن حرب الذهلي.
الرابع: في ترجمة عبد الله بن أبي الأسود البصري.
الخامس: في ترجمة عثمان بن غِيَاث البصري.
السادس: في ترجمة محمد بن عجلان المدني.
1- جعفر بن بُرقان(1)
"جعفر بن بُرْقان - بضم الموحدة، وسكون الراء بعدها قاف - الكلابي، أبو عبد الله الرقي، صدوق، يهم في حديث الزهري، من السابعة، مات سنة خمسين، وقيل بعدها/بخ م4"(2).
تكلم العلماء في حديثه عن الزهري:
فقد قال الدوري: سمعت يحي يقول: جعفر بن برقان كان أميا -وذكره بخير - وليس هو في الزهري بشيء"(3).
وقال ابن الجنيد: "سمعت يحي يقول: جعفر بن برقان ثقة فيما روى عن غير الزهري، وأما ما روى عن الزهري فهو فيه ضعيف، وكان أميا لا يكتب، وليس هو مستقيم الحديث عن الزهري، وهو في غير الزهري أصح حديثا"(4).
وقال في موضع آخر: قال يحي بن معين - وأنا أسمع -: جعفر بن برقان ضعيف فيما روى عن الزهري، كان أميا"(5).
وقال عثمان الدارمي: "سألت يحي بن معين عن أصحاب الزهري قلت له: …فجعفر بن برقان؟ فقال: ضعيف في الزهري"(6).
وقال المفضل الغلابي عن ابن معين: "ثقة، ويضعف في روايته عن الزهري".
وقال في موضع آخر: "ليس بذاك في الزهري"(7).
__________
(1) مصادر ترجمته "425".
(2) ابن حجر: التقريب "1/129" وذكره ابن رجب في من ضعف في بعض شيوخه "2/635" وقد تقدم ذكر الرقة "ص 196".
(3) ابن معين: التاريخ "4/419رقم 5067" وعنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل "2/474" وفيه: "ويذكر بخير".
(4) سؤالات ابن الجنيد: "ق/73/أ".
(5) سؤالات ابن الجنيد: "ق/74/أ".
(6) تاريخه عن ابن معين: "رقم14".
(7) المزي: تهذيب الكمال "5/14".(6/12)
وقال يعقوب بن شيبة: "سمعت يحي بن معين يقول: كان جعفر بن برقان أميا فقلت له: جعفر بن برقان كان أميا؟ قال: [نعم] فقلت[له]: فكيف روايته؟ قال: كان ثقة صدوقا، وما أصح روايته عن ميمون وأصحابه. فقلت له: أما روايته عن الزهري ليست بمستقيمة؟ قال: نعم. وجعل يضعف روايته عن الزهري"(1).
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: "جعفر بن برقان، ثقة، أحاديثه عن الزهري مضطربة"(2).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "سألت أبي عن جعفر بن برقان، قال: "إذا حدث عن غير الزهري فلا بأس" ثم قال: "في حديث الزهري يخطيء"(3).
وقال الميموني عن الإمام أحمد: "أبو المليح أضبط من جعفر بن برقان، وجعفر ثقة ضابط لحديث ميمون وحديث يزيد بن الأصم، وهو في حديث الزهري يضطرب ويختلف فيه"(4).
وقال أبو عبد الرحمن النسائي: "جعفر بن برقان في الزهري ضعيف، وفي غيره لا بأس به"(5).
وقال أبو جعفر العقيلي: "هو ضعيف في روايته عن الزهري"(6).
وقال أبو أحمد بن عدي: "وجعفر بن برقان هذا مشهور معروف في الثقات، وقد روى عنه الناس، الثوري فمن دونه، وله نسخ يرويها عن ميمون بن مهران والزهري وغيرهما، وهو ضعيف في الزهري خاصة، وكان أميا، ويقيم روايته عن غير الزهري، ثبتوه في ميمون بن مهران وغيره.
__________
(1) ابن عدي: الكامل "2/563" وما بين المعقوفين زيادة من تهذيب الكمال "5/14".
(2) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "2/475".
(3) العقيلي: الضعفاء "1/184"، وابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "2/474".
(4) محمد بن سعد القشيري: تاريخ الرقة "ص61" ولم يذكر الميموني، وذكره المزي في تهذيب الكمال "5/13".
(5) النسائي: عمل اليوم والليلة "ص 233".
(6) الضعفاء: "1/184".(6/13)
وأحاديثه مستقيمة حسنة، وإنما قيل: ضعيف في الزهري، لأن غيره عن الزهري أثبت منه، أصحاب الزهري المعروفين: مالك، وابن عيينة، ويونس، وشعيب، وعُقيل، ومعمر، فإنما أرادوا أن هؤلاء أخص بالزهري، وهم أثبت من جعفر، لأن جعفرا ضعيف في الزهري لا غير"(1).
وقال البَرقاني في سؤالاته للدارقطني: "قلت له - وأبو الحسن بن مظفر حاضر-: جعفر بن برقان؟ فقالا جميعا: قال أحمد بن حنبل: يؤخذ من حديثه ما كان عن غير الزهري، فأما عنه فلا. قلت: قد لقيه فما بلاؤه؟ قال الدارقطني: ربما حدث الثقة عن ابن برقان عن الزهري، ويحدثه الآخر عن ابن برقان، عن رجل، عن الزهري. أو يقول: بلغني عن الزهري، فأما حديثه عن ميمون بن مهران، ويزيد بن الأصم فثابت صحيح"(2).
فهؤلاء الأئمة الذين سبق ذكرهم، أجمعوا على ضعف جعفر بن برقان في الزهري لاضطرابه في حديث الزهري ومخالفته للثقات.
فمن أحاديثه التي خالف فيها الثقات: ما ذكره ابن أبي حاتم في العلل، قال: "سألت أبي عن حديث رواه جعفر بن برقان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني هلكت، وقعت على أهلي في رمضان. قال أبي: هذا خطأ، إنما هو الزهري عن حُميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم"(3).
فقد خالف جعفر بن برقان أصحاب الزهري في هذا الحديث، حيث رواه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلا، ورووه عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا.
قال ابن حجر: "هكذا توارد عليه أصحاب الزهري، وقد جمعت منهم في جزء مفرد لطرق هذا الحديث أكثر من أربعين نفسا…"(4)
__________
(1) الكامل: "2/564" ووقع فيه: "لأن جعفر ضعيف في الزهري وغيره" وهو تحريف والصواب "لا غير" كما في نسخة الظاهرية "ق 110".
(2) سؤالات البرقاني "رقم 81".
(3) علل الحديث "1/254".
(4) ابن حجر: الفتح "4/463".
وسماه: "نزهة الناظر والسامع في طرق حديث الصائم المجامع" وهو محفوظ في المكتبة الأزهرية مجموع رقم "109 مصطلح الحديث" ذكر ذلك. د. شاكر عبد المنعم في كتابه ابن حجر ودراسة مصنفاته "ص 346"، ولم يتسير لي الاطلاع عليه.(6/14)
.
وقد تتبعت طرق هذا الحديث فوقفت على ثلاثة وأربعين رجلا كلهم رووه عن الزهري عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، رتبت أسماءهم على حروف المعجم مع الإشارة إلى من أخرج طرقهم:
1- إبراهيم بن سعد الزهري: البخاري كتاب الأدب "10/503 رقم 6087".
2- إسحاق بن يحي العوضي: ابن حبان "كما في النكت الظراف "9/238" والدارقطني "2/209" تعليقا.
3- إسماعيل بن أمية: الدارقطني "2/209" تعليقا.
4- بحر السقاء: الدارقطني "2/209" تعليقا.
5- ثابت بن ثوبان: الدارقطني "2/209" تعليقا.
6- جعفر بن ربيعة: النسائي في الكبرى "كما في تحفة الأشراف "9/327" وابن حبان "كما في النكت الظراف "9/328".
7- حجاج بن أرطأة: أحمد "2/208" والبيهقي "4/226".
8- زمعة بن صالح: الدارقطني "2/209" تعليقا.
9- سفيان بن عيينة: البخاري - كفارات الإيمان "11/595 رقم 6709" ومسلم في الصيام "2/781 رقم 1111" والحميدي في مسنده "رقم 1008" وابن خزيمة "3/216".
10- شبل بن عباد المكي: الدارقطني "2/209" تعليقا.
11- شعيب بن أبي حمزة: البخاري في الصوم "4/163 رقم 1936" والبيهقي "4/224" وغيرهما.
12- شعيب بن خالد: الدارقطني "2/209" تعليقا.
13- صالح بن أبي الأخضر: الدارقطني "2/209" تعليقا.
14- عبد الله بن أبي بكر: الدارقطني "2/209" تعليقا.
15- عبد الله بن عبد الله أبو أويس: الدارقطني "2/210" والبيهقي "4/226".
16- عبد الله بن عيسى: الدارقطني "2/209" تعليقا.
17- عبد الجبار بن عمر الأيلي: أبو عوانة. كما في فتح الباري "4/163" والبيهقي "4/226".
18- عبد الرحمن بن خالد بن مسافر: البخاري تعليقا "10/552" ووصله الطحاوي في شرح معاني الآثار "2/61".
19- عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي: البخاري في الأدب "10/552 رقم 6164" والبيهقي "4/224".
20- عبد الرحمن بن نَمِر: البيهقي "4/224" تعليقا.(6/15)
21- عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: مسلم في الصوم "2/782 رقم 1111" وابن خزيمة "3/216" والطحاوي "2/60" والبيهقي "4/225".
22- عبيد الله بن عمر: الدارقطني "2/209" تعليقا.
23- عراك بن مالك: النسائي في الكبرى باب ما ينقص الصوم "كما في التحفة 9/327" وأبو داود "2/785" تعليقا.
24- عُقيل بن خالد الأيلي: ابن خزيمة "3/221".
25- عمر بن عثمان المخزومي: الدارقطني "2/209" تعليقا.
26- فُليح بن سليمان: الدرقطني "2/209" تعليقا.
27- قُرَّة بن عبد الرحمن: الدارقطني "2/209" تعليقا.
28- الليث بن سعد: البخاري في الحدود "5/131 رقم 6821"، مسلم في الصيام "2/782 رقم 1111".
29- مالك بن أنس: الموطأ في الصيام "1/296" ومسلم الصيام "2/782 رقم 1111".
30- محمد بن إسحاق: الدارقطني "2/209" تعليقا، وعزاه ابن حجر في الفتح "4/163" للبزار.
31- محمد بن أبي حفصة: أحمد "2/516" وتصحف فيه حميد إلى محمد والطحاوي "2/61" والدارقطني "2/210".
32- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب: البيهقي "4/224" تعليقا.
33- محمد بن أبي عتيق: الدارقطني "2/209" تعليقا.
34- معمر بن راشد: البخاري في الهبة "5/223 رقم 2600"، وكفارات الأيمان "11/596 رقم 6710"، ومسلم في الصوم "2/783 رقم 1111".
35- منصور بن المعتمر: البخاري في الصوم "4/173 رقم 1937"، ومسلم في الصوم "2/782 رقم 1111"، والبيهقي "4/222".
36- موسى بن عقبة: الدارقطني "2/209" تعليقا.
37- النعمان بن راشد: الطحاوي "2/61".
38- نوح بن أبي مريم: الدارقطني "2/209" تعليقا.
39- الوليد بن محمد: الدارقطني "2/209" تعليقا.
40- هبار بن عقيل: الدارقطني "2/209" تعليقا.
41- يحيى بن سعيد: النسائي في الصوم من الكبرى كما في تحفة الأشراف "9/328".
42- يزيد بن عياض: الدارقطني "209" تعليقا.
43- يونس بن يزيد الأيلي: البخاري "10/552" تعليقا. ووصله البيهقي "4/224".(6/16)
فاتفاق هؤلاء من أصحاب الزهري على رواية الحديث عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، يقضي بخطأ من خالفهم.
وقد خطَّأ البزار وابن خزيمة وأبو عوانة هشام بن سعد حيث روى هذا الحديث عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة(1).
وحكم ابن حجر بالشذوذ على رواية مهران بن أبى عمر الرازي لهذا الحديث عن سفيان الثوري عن منصور عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة(2).
ومن أحاديث جعفر بن برقان التي اضطرب فيها عن الزهري:
حديثه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مطعمين، عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه"(3).
قال أبو داود: "هذا الحديث لم يسمعه جعفر من الزهري وهو منكر.
حدثنا هارون بن يزيد بن أبي الزرقاء، حدثنا أبي، حدثنا جعفر بن برقان، أنه بلغه عن الزهري، بهذا الحديث"(4).
__________
(1) ابن حجر: الفتح "4/163" وحديث هشام بن سعد رواه أبو داود في الصوم "2/786"، وابن خزيمة "في صحيحه "3/224" وقال: "هذا الإسناد وهم…" وكذلك عَدَّه أبو عثمان سعيد بن عمرو البرذعي من أوهام هشام بن سعد، كما في أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي "2/392".
(2) ابن حجر: الفتح "4/173" وحديث مهران رواه ابن خزيمة "3/222"، وأشار ابن حجر إلى أن الوهم فيه من مهران، لأن أكثر أصحاب منصور رووه عن الزهري عن حميد، وكذا رواه ابن خزيمة "3/221" من طريق مؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن منصور عن الزهري، عن حميد.
(3) أبو داود: السنن، كتاب الأطعمة "4/143"، وابن ماجة في الأطعمة رقم "3370" مختصرا، والعقيلي في الضعفاء مطولا "1/185" وقال: "ولا يتابع عليه من حديث الزهري، وأما الكلام فيُروى من غير طريق الزهري، كله بأسانيد صالحة، خلا الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر فالرواية فيها لين".
(4) أبو داود: السنن "4/143" ورواه النسائي في البيوع "7/261" من طريق هارون بن يزيد به مختصرا.(6/17)
وهذا الاختلاف من جعفر بن برقان يؤيد ما قاله الدارقطني سابقا، من أنه ربما حدث الثقة عن ابن برقان، عن الزهري ويحدثه الآخر عن ابن برقان، عن رجل، عن الزهري، أو يقول: بلغني عن الزهري.
وهذا الفعل من جعفر بن برقان وإن كانت صورته صورة تدليس إلا أنه لا يُعد من التدليس، لأنه ناشيء عن الاضطراب في الرواية وعدم الضبط، أما التدليس، فهو: تعمد إسقاط الواسطة بين المدلِّس والمدلَّس عنه.
ولذلك لم يذكر ابن حجر جعفرا في مراتب الموصوفين بالتدليس.
وبعد هذا نخلص إلى أن جعفر بن برقان ضعيف في الزهري، فلا يقبل ما تفرد به عن الزهري. والله أعلم…
2- زيد بن الحُبَاب(1)
"زيد بن الحُباب - بضم المهملة وموحدتين - أبو الحسين العُكلي - بضم المهلمة وسكون الكاف - أصله من خراسان، وكان بالكوفة، ورحل في الحديث فأكثر منه، وهو صدوق، يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومائتين/م 4"(2).
تكلم يحيى بن معين في حديثه عن الثوري:
فقال أيوب بن إسحاق بن سافر: "سمعت يحيى بن معين يقول: أحاديث زيد بن الحباب عن سفيان الثوري مقلوبة"(3).
وقال ابن الغلابي: "قال أبو زكريا - وذكر زيد بن الحُباب العُكْلي فقال-: كان يقلب حديث الثوري، لم يكن به بأس"(4).
وقال ابن عدي: "وزيد بن الحباب له حديث كثير، وهو من أثبات مشايخ الكوفة ممن لا يُشك في صدقه، والذي قاله ابن معين: أن أحاديثه عن الثوري مقلوبة. إنما له عن الثوري أحاديث تشبه بعض تلك الأحاديث(5)، تستغرب بذلك الإسناد، وبعضه يرفعه ولا يرفعه [غيره]، والباقي عن الثوري وعن غير الثوري مستقيمة كلها"(6).
__________
(1) مصادر ترجمته "425".
(2) ابن حجر: التقريب "1/273"، وذكره ابن رجب "2/671".
(3) الخطيب: التاريخ "8/444".
(4) ابن عدي: الكامل "3/1065".
(5) يعني: الأحاديث التي ذكرها في ترجمته.
(6) الكامل: "3/1066"، وما بين المعقوفتين سقط من المطبوعة، واستدركته من النسخة الخطية المصورة عن نسخة أحمد الثالث "1/368/ب".(6/18)
ومن الأحاديث التي وهم فيها:
حديثه عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالشفائين: العسل والقرآن"(1).
قال ابن عدي: "وهذا مرفوع عن الثوري يُعرف من حديثه زيد بن حباب عنه، وقد حدث به أبو عبد الرحمن الأَذْرَمي، عن زيد - أيضا - مرفوعا، وأظن القاسم بن زكريا المقرئ حدثناه عن الأذْرمي، وقد رفعه سفيان بن وكيع، عن أبيه عن الثوري، وسفيان فيه ما فيه، ولا يعتمد على روايته، ولا نحفظه عن وكيع ولا عن غيره من أصحاب الثوري إلا موقوفا(2).
ورواه ابن عدي أيضا في ترجمة سفيان بن وكيع، ثم قال: "وهذا يعرف عن الثوري مرفوعا من رواية زيد بن الحباب، عن سفيان. وأما من حديث وكيع مرفوعا لم يروه عنه غير ابنه سفيان، والحديث في الأصل عن الثوري بهذا الإسناد موقوف"(3).
وقال البيهقي: "رفعه غير معروف، والصحيح موقوف، ورواه وكيع عن سفيان موقوفا"(4).
__________
(1) رواه ابن ماجة "3452"، وابن عدي في الكامل "3/1066"، والحاكم في المستدرك "4/200، 403"، والبيهقي في سننه "9/344"، والخطيب في تاريخه "11/385" كلهم من طريق زيد بن الحباب به.
(2) الكامل: "3/1066"، والأَذْرَمي: عبد الله بن محمد بن إسحاق الجزري، أبو عبد الرحمن الأذرمي - بفتح الهمزة وسكون المعجمة وفتح الراء - الموصلي، ثقة. كما في التقريب لابن حجر "1/446".
(3) الكامل: "3/1253".
(4) السنن الكبرى: "9/344"، وحديث وكيع رواه الحاكم في المستدرك "4/200" من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن الثوري، به موقوفا على ابن مسعود بلفظ: "الشفاء شفاءان: قراءة القرآن وشرب العسل".(6/19)
فتعقبه ابن التركماني فقال: "زيد بن الحباب وثقه ابن المديني وابن معين وغيرهما، وقد زاد الرفع فوجب قبوله، وقد جاء من وجه آخر مرفوعا، أخرجه صاحب المستدرك، من حديث عبد الله بن محمد بن إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالشفائين…" الحديث. ثم قال: صحيح على شرط الشيخين"(1).
ويجاب عن هذا التَّعقُّب: بأن زيد بن الحباب وإن وثقه ابن المديني وابن معين وغيرهما، إلا أن ابن معين قد تكلم في حديثه عن الثوري كما تقدم. وقد خالف زيد بن الحباب مَنْ هو أوثق منه وأخص منه بالثوري وهو وكيع بن الجراح، حيث رواه عن الثوري موقوفا. وزيد بن الحباب ليس من أصحاب الثوري المعروفين بطول الملازمة له حتى يقال إنه حفظ ما لم يحفظ غيره، وإنما كان مُولعا بالرحلة في طلب الحديث وتحصيل الأسانيد العالية فلم يصبر على ملازمة الثوري(2).
__________
(1) الجوهر النقي: "9/344".
(2) انظر: الرحلة في طلب الحديث للخطيب "ص 157-159". وروى الخطيب في تاريخه "8/443" عن أبي بكر المروذي أن أبا عبد الله أحمد بن حنبل ذكر زيد بن الحباب، فقال: "كان صاحب حديث كيسا، قد دخل إلى مصر، وخراسان في الحديث، وما كان أصبره على الفقر! كتبت عنه بالكوفة وهاهنا، وقد ضرب في الحديث إلى الأندلس" ووهَّمَ الخطيب الإمام أحمد في قوله: "ضرب في الحديث إلى الأندلس". وأخطأ الخطيب - رحمه الله - في هذا التوهيم، وقد رد عليه تلميذه أبو عبد الله الحميدي الأندلسي في جذوة المقتبس "ص 220"، إلا أن الحميدي لم يجزم بدخول زيد الأندلس.
وقد ثبت دخول زيد الأندلس بأدلة صحيحة – لا يتسع المقام لذكرها – تؤيد ما ذكره الإمام أحمد، وقد ذكر المؤلفون الأندلسيون زيدا في الغرباء الذين دخلوا الأندلس. انظر: قضاة قرطبة للخشني "ص 16"، وتاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/156"، وبغية الملتمس للضبي "ص 295"، ونفح الطيب للمقري "3/57".(6/20)
والإسناد الذي ذكره ابن التركماني - على أنه طريق آخر للحديث - وقع فيه سقط في النسخة التي نقله منها، وكذا في النسخة المطبوعة من المستدرك(1)، وصوابه: "عبد الله بن محمد بن إسحاق، عن زيد بن الحباب، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص…".
ومن الأدلة على ذلك:
1- ذكره الذهبي في "تلخيص المستدرك" على الصواب، فقال: "زيد بن الحباب، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص…"(2).
2- ذكره ابن حجر في "إتحاف المهرة" على الصواب وعزاه للمستدرك(3).
3- رواه الخطيب البغدادي من طريق القاسم بن يحيى بن نصر، أخبرنا أبو عبد الرحمن الأذرمي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان…"(4) فذكره.
وقد أشار ابن عدي إلى هذا الطريق – أيضا – فقال: "وقد حدث به أبو عبد الرحمن الأذرمي عن زيد أيضا مرفوعا(5).
وأبو عبد الرحمن الأذرمي هو: عبد الله بن محمد بن إسحاق المذكور في الإسناد الذي أورده ابن التركماني، فرجع الحديث إلى زيد بن الحباب(6).
والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود كما قال ابن عدي والبيهقي، وقد رواه ابن أبي شيبة(7) والحاكم(8) عن الأسود، عن ابن مسعود موقوفا أيضا.
والخلاصة:
أن زيد بن الحباب صدوق، إلا أنه يخطيء في حديث الثوري، كما قال ابن حجر. فينبغي التوقف في ما ينفرد عن الثوري خشية أن يكون مما أخطأ فيه.
3- سِمَاك بن حرب(9)
__________
(1) "4/403".
(2) المصدر السابق "في الحاشية".
(3) إتحاف المهرة: "7/46/ب".
(4) تاريخ بغداد: "11/385".
(5) الكامل: "3/1066"، وقد تقدم نصه بتمامه.
(6) وقد ذكره الألباني في ضعيف الجامع الصغير "رقم 3769" وقال: "ضعيف".
(7) المصنف: "8/87".
(8) المستدرك: "4/200".
(9) مصادر ترجمته "426".(6/21)
"سماك - بكسر أوله وتخفيف الميم - ابن حرب ابن أوس بن خالد الذهلي، البكري، الكوفي، أبو المغيرة، صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة، فكان ربما يُلقَّن، من الرابعة، مات سنة ثلاث وعشرين/خت م 4"(1).
تكلم بعض العلماء في روايته عن عكرمة:
فقال شعبة بن الحجاج: "كانوا يقولون لسماك: عن ابن عباس. فيقول: نعم. وكنت أنا لا أفعل ذلك به"(2).
وقال يحيى بن معين: "سماك ثقة، وكان شعبة يضعفه، وكان يقول في التفسير: عكرمة. [قال شعبة]: ولو شئت أن أقول له: ابن عباس، لقاله.
قال يحيى بن معين: فكان شعبة لا يروى تفسيره إلا عن عكرمة"(3).
فشعبة يشير إلى أن سماكا كان يُلَقَّن فيتلقن، فربما كان الحديث عنده عن عكرمة، فيقولون له: "عن ابن عباس" فيتابعهم في ذلك، ويقول: "نعم" فيصبح الحديث عن عكرمة، عن ابن عباس، وهو في الأصل عن عكرمة فقط.
وقال ابن أبي خيثمة: "سمعت يحيى بن معين سئل عن سماك بن حرب، فقال: ثقة. فقيل: ما الذي عيب عليه؟ قال: أسند أحاديث لم يسندها غيره"(4).
وقال يعقوب بن شيبة: "قلت لعلي بن المديني: رواية سماك عن عكرمة؟ فقال: مضطربة، سفيان وشعبة يجعلونها عن عكرمة، وغيرهما - إسرائيل وأبو الأحوص - يقول: عن ابن عباس"(5).
__________
(1) ابن حجر: التقريب "1/332" وذكره ابن رجب "2/643" التلقين: هو أن يحدث الشيخ فيتوقف فيه، ويتغلط، فيردون عليه، فيقول بما قالوا. ذكر ذلك الذهبي في سير أعلام النبلاء "10/210".
(2) الإمام أحمد: العلل "1/127"، ونحوه في مسائل الإمام أحمد لأبي داود "ص 318"، إلا أن فيه "شريكا" بدل "شعبة"، ولعله تحريف.
(3) ابن عدي: الكامل "3/1299"، والخطيب في تاريخه "9/215"، وما بين المعقوفين أضفته لإيضاح المعنى.
(4) البغوي: الجعديات "1/408"، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل "4/279"، واللفظ له.
(5) المزي: تهذيب الكمال "1/ق 550".(6/22)
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: "كفي تابعي، جائز الحديث، إلا أنه في حديث عكرمة ربما وصل الشيء عن ابن عباس، [وربما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما كان عكرمة يحدث عن ابن عباس] وكان سفيان الثوري يضعفه بعض الضعف، وكان جائز الحديث، لم يترك حديثه أحد، ولم يرغب عنه أحد، وكان عالما بالشعر وأيام الناس، وكان فصيحا"(1).
وقال يعقوب بن شيبة: "قال زكريا بن عدي عن ابن المبارك: سماك ضعيف الحديث (2). قال يعقوب: وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وهو في غير عكرمة صالح وليس من المتثبتين، ومن سمع من سماك قديما مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح مستقيم. والذي قاله ابن المبارك إنما نرى أنه فيمن سمع منه بآخرة"(3).
وقال الذهبي: "سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس، نسخة عدة أحاديث، فلا هي على شرط مسلم لإعراضه عن عكرمة، ولا هي على شرط البخاري لإعراضه عن سماك، ولا ينبغي أن تُعدَّ صحيحة، لأن سماكا إنما تُكلِّم فيه من أجلها"(4).
ومن أمثلة اضطراب سماك في روايته عن عكرمة:
حديثه عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، فقال: "أتشهد أن لا إله إلا الله". قال: نعم…".
__________
(1) الثقات: "ترتيب السبكي ق 18/أ"، وما بين المعقوفين أضفته من ترتيب ثقات العجلي للهيثمي "ص 207".
(2) هذا القول أخذه ابن المبارك عن سفيان الثوري، فقد رواه ابن عدي في الكامل "3/1299" من طريق زكريا بن عدي، عن ابن المبارك عن الثوري.
(3) المزي: تهذيب الكمال "1/ق 550".
(4) سير أعلام النبلاء: "5/248".(6/23)
رواه زائدة بن قدامة(1)، وحازم بن إبراهيم(2)، والوليد بن أبي ثور(3)، عن سماك عن عكرمة، عن ابن عباس.
ورواه سفيان الثوري وغيره عن سماك، عن عكرمة، مرسلا. وقد اختلف فيه على الثوري، فرواه الفضل بن موسى السِيْنَاني عنه، عن سماك به موصولا(4). ورواه عبد الله بن المبارك(5)، وأبو داود الحَفَري(6) عنه عن سماك عن عكرمة، مرسلا.
وقال أبو داود السجستاني: "رواه جماعة عن سماك، عن عكرمة مرسلا"(7).
وقال الترمذي: "وأكثر أصحاب سماك رووه عن سماك عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلا"(8).
وقال النسائي - بعد رواية حديث الثوري المرسل-: "هذا أولى بالصواب من حديث الفضل بن موسى، لأن سماك بن حرب كان ربما لُقِن، فقيل له ابن عباس. وابن المبارك أثبت في سفيان من الفضل بن موسى، وسماك إذا تفرد بأصل لم يكن حجة، لأنه كان يُلقَّن فيتلقن"(9).
فهذا الحديث من الأحاديث التي اضطرب فيها سماك بن حرب عن عكرمة، لأن سفيان الثوري وزائدة بن قدامة من الثقات الأثبات،وكل منهما قد توبع، فدل ذلك على اضطراب سماك فيه.
__________
(1) رواه أبو داود "2/754 رقم 2340"، والترمذي "3/65 رقم 691"، والنسائي "4/132"، وابن ماجة "رقم 1652"، وغيرهم.
(2) رواه الطبراني في الكبير "11/295 رقم 11786" من طريق مسلم بن إبراهيم، عن حازم به. وحازم ذكره ابن عدي في الكامل ولم يذكره فيه تضعيفا، ثم قال: "أرجو أنه لا بأس به". وقال ابن حجر في لسان الميزان "2/162": "كان ثقة كثير العبادة".
(3) رواه أبو داود "2/754 رقم 2340"، والترمذي "3/65 رقم 691" والوليد ضعيف كما قال ابن حجر في التقريب "2/333".
(4) رواه النسائي "4/131"، والبيهقي "4/212".
(5) رواه النسائي "4/132"، والطبري في تهذيب الآثار "2/757".
(6) رواه النسائي "4/132".
(7) السنن: "2/755".
(8) الجامع: "3/66".
(9) المزي: تحفة الأشراف "5/137".(6/24)
ويتضح مما تقدم أن رواية سماك بن حرب عن عكرمة مضطربة سبب اضطرابه فيها هو من التلقين حيث كان يُلقَّن فيتلقَّن.
وقد قال أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي: "وكذلك من لُقِّن فتلقّن التلقين يُرَدُّ حديثه الذي تلقَّن فيه، وأُخذ عنه ما أتقن حفظه، إذا عُلم أن ذلك التلقين حادث في حفظه لا يعرف به قديما، فأما من عُرف به قديما في جميع حديثه فلا يقبل حديثه، ولا يُؤْمَن أن يكون ما حفظه مما لُقِّن"(1).
وسماك بن حرب ممن عرف بالتلقين قديما، لكنه إنما حصل ذلك منه في حديثه عن عكرمة فقط وليس في جميع حديثه. وأما قول يعقوب بن شيبة: "ومن سمع من سماك قديما مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح مستقيم، والذي قاله ابن المبارك إنما نرى أنه فيمن سمع منه بأخرة".
وكذا قول الحافظ ابن حجر: "وقد تغير بأخرة، فكان ربما يلقن". ففيهما نظر.
وذلك أن سماكا كان يلقن قديما في وقت سماع شعبة منه، كما يدل عليه كلام شعبة المتقدم، ولو كان التلقين حادثا في حفظه بأخرة لظهر أثره في حديثه عن عكرمة وغيره ولم يذكر العلماء التلقين إلا في حديثه عن عكرمة خاصة.
وقد اختلف شعبة وسفيان في عدة أحاديث من أحاديث سماك عن عكرمة، سفيان الثوري يرويها عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس. وشعبة يرويها عن سماك عن عكرمة مرسلة(2). فدل ذلك على أن الاضطراب فيها من عكرمة.
وهذا يؤكد أن التلقين لم يكن حادثا في حفظه، وإنما هو قديم.
__________
(1) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "2/34".
(2) انظر: تهذيب الآثار للطبري "2/691-697، 772-775".(6/25)
ثم إن الذين قالوا بتغيُّر سماك في آخر عمره لم يذكروا لذلك مستندا إلا قول جرير بن عبد الحميد: "أتيته فرأيته يبول قائما، فرجعت ولم أسأله عن شيء قلت: قد خرف"(1). وقد ذكر العلماء قول جرير هذا في أمثلة الجرح الذي إذا استفسر قائله ذكر ما لا يقدح(2).
وخلاصة القول:
أنه ينبغي التوقف فيما ينفرد به سماك عن عكرمة، خشية أن يكون مما لُقِّنه، إلا ما كان من رواية شعبة عنه، فإنه لم يكن يلقنه، كما تقدم.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في حديث "الماء لا ينجسه شيء": "وقد أعله قوم بسماك بن حرب رواية عن عكرمة لأنه كان يقبل التلقين. لكن قد رواه عنه شعبة، وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم"(3).
4- عبد الله بن أبي الأسود(4)
"عبد الله بن محمد بن أبي الأسود البصري، أبو بكر، وقد ينسب إلى جده، ثقة حافظ، سماعه من أبي عوانة وهو صغير، من العاشرة، مات سنة ثلاث وعشرين/خ د ت"(5).
استصغره يحيى بن معين وعلي بن المديني في أبي عوانة، فقال ابن محرز: "سألت يحيى بن معين عن أبي بكر بن أبي الأسود ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي، فقال: ما أرى به بأساً، لكنه سمع من أبي عوانة وهو صغير، وقد كان يطلب الحديث"(6).
__________
(1) ابن حجر: التهذيب "4/234"، ورواه البغوي في الجعديات "1/408" مختصرا.
(2) الخطيب: الكفاية "ص 182"، والسخاوي في فتح المغيث "ص 301".
(3) فتح الباري: "1/300".
(4) مصادر ترجمته "427".
(5) ابن حجر: التقريب "1/260"، وأبو عوانة هو وضاح اليشكري.
(6) معرفة الرجال "ق7/ب". وعنه الخطيب في تاريخه "10/63"، وذكره المزي في تهذيب الكمال "2/ق 734"، والذهبي في السير "10/648"، وابن حجر في التهذيب "6/6" فجعلوه من رواية عبد الخالق بن منصور عن ابن معين، وإنما روى عبد الخالق عن ابن معين قوله: "لا بأس به" فقط، كما في تاريخ بغداد "10/63".(6/26)
وقال عبد الله بن علي بن المديني: "سمعت أبي يقول: مات أبو عوانة وأنا في الكتَّاب، وبيني وبين ابن أبي الأسود ستة أشهر. وذهب إلى أن سماعه من أبي عوانة ضعيف، لأنه كان صغيرا"(1).
وعلي بن المديني ولد سنة إحدى وستين ومائة(2)، وقد قال: إن بينه وبين ابن أبي الأسود ستة أشهر.
وأبي عوانة توفي سنة ست وسبعين ومائة(3)، فعلى هذا يكون سن عبد الله حين وفاة أبي عوانة في حدود الخامسة عشرة. والغالب فيمن يبلغ هذا السن أن يكون مميزا، ولعل عبد الله سمع من أبي عوانة في سن مبكر، فقد قال الذهبي: "سمع وهو حدث باعتناء خاله"(4). يعني: عبدالرحمن بن مهدي.
والذي دفعني إلى هذا القول هو أنني لم أجد ما يعارض قول ابن معين وابن المديني، فإعمال قوليهما أولى من إهماله.
وتقدم أنه روى عنه البخاري وأبو داود والترمذي، لكن ما أخرج له عن أبي عوانة أحد منهم(5).
لذلك ينبغي التوقف فيما ينفرد به عبد الله عن أبي عوانة.
5- عثمان بن غياث(6)
"عثمان بن غِيَاث - بمعجمة ومثلثة - الراسبي، أو الزهراني، البصري، ثقة رمي بالإرجاء، من السادسة/خ م د س"(7).
تكلم يحيى القطان في حديثه عن عكرمة:
فقال علي بن المديني: "سمعت يحيى يقول: "كان عند عثمان بن غياث كتاب عن عكرمة فلم يصححه لنا"(8).
وقال يحيى بن معين: "عثمان بن غياث ثقة، وكان يحيى بن سعيد يضعف حديثه في التفسير"(9).
__________
(1) الخطيب: التاريخ "10/63"، وذكره الذهبي في الميزان "2/491" بالمعنى، فقال: "وقال ابن المديني: سماعه من أبي عوانة ضعيف، لأنه كان صغيرا".
(2) كما تقدم "ص 281".
(3) البخاري: التاريخ الصغير "2/210".
(4) سير أعلام النبلاء: "10/648".
(5) ابن حجر: هدي الساري "ص 416".
(6) مصادر ترجمته "427".
(7) ابن حجر: التقريب "2/13".
(8) العقيلي: الضعفاء "3/213".
(9) تاريخ ابن معين: "4/186".(6/27)
وقد جمع الحافظ ابن حجر بين هذين القولين، فقال: "قال ابن معين وابن المديني: كان يحيى بن سعيد يضعف حديثه في التفسير عن عكرمة"(1).
وليس لعثمان بن غياث في الكتب الستة عن عكرمة عن ابن عباس إلا حديث واحد(2), ذكره البخاري معلقا فقال: "قال أبو كامل فضيل ابن حسين البصري: حدثنا أبو معشر، حدثنا عثمان بن غياث، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن متعة الحج، فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهللنا…"(3).
وهذا الحديث وصله الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما من طريق القاسم بن زكريا المُطَرِّز، ثنا أحمد بن سنان، ثنا أبو كامل…به. إلا أنه وقع عندهما: "عثمان بن سعد" بدل عثمان بن غياث، وكلاهما بصري، ولكل منهما رواية عن عكرمة، إلا أن ابن غياث ثقة، وابن سعد ضعيف.
لكن أشار الإسماعيلي إلى أن شيخه المطرِّز وهم في قوله: "عثمان بن سعد". ويؤيده أن أبا مسعود الدمشقي ذكر في "الأطراف" أنه وجده من رواية مسلم بن الحجاج – خارج الصحيح – عن أبي كامل، كما ساقه البخاري. ويؤيد ذلك أيضا: أن أبا معشر البرّاء لا يُعرف بالرواية عن عثمان بن سعد. ويجوز أن يكون لعثمان بن غياث جدّ يقال له: سعد، فنسب إليه(4).
والخلاصة:
أن عثمان بن غياث ثقة إلا في ما رواه من أحاديث التفسير عن عكرمة، فقد ضعفها يحيى القطان كما تقدم.
6- محمد بن عجلان(5)
"محمد بن عجلان المدني، صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة ثمان وأربعين/خت م 4"(6).
__________
(1) هدي الساري: "ص 424".
(2) انظر تحفة الأشراف للمزي "5/150".
(3) صحيح البخاري: "3/433 رقم 1572"، أبو معشر هو: يوسف بن يزيد البراء.
(4) هذا خلاصة ما ذكره ابن حجر في فتح الباري "3/434"، وتغليق التعليق "3/62-64"، وتهذيب التهذيب "7/147" حول هذا الحديث.
(5) مصادر ترجمته "428".
(6) ابن حجر: التقريب "2/190"، وذكره ابن رجب "2/629".(6/28)
اختلطت على ابن عجلان أحاديث أبي هريرة، التي سمعها من سعيد المقبري، وتُكلِّم في حديثه عن نافع أيضا.
فقد قال يحيى بن سعيد القطان: "لا أعلم إلا أني سمعت ابن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه عن أبي هريرة، وعن رجل عن أبي هريرة، فاختلطت عليّ، فجعلتها عن أبي هريرة"(1).
وذكر ابن حبان هذا النص عن القطان بلفظ: "سمعت محمد بن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه عن أبي هريرة، وعن أبي هريرة، فاختلطت عليّ، فجعلتها كلها عن أبي هريرة"(2) .
وقال حنبل بن إسحاق "سئل أبو عبد الله(3)، ابن أبي ذئب أحب إليك عن المقبري، أو ابن عجلان عن المقبري؟ قال: ابن عجلان اختلط عليه سماعه مع سماع أبيه…"(4).
وقال الإمام أحمد أيضا: "كان ثقة، إلا أنه اختلط عليه حديث المقبري، كان عن رجل، جعل يصيّره عن أبي هريرة"(5).
وقال الذهبي: "وقد أورد البخاري في كتاب "الضعفاء" له في محمد بن عجلان قول القطان في محمد، وأنه لم يتقن أحاديث المقبري عن أبيه، وأحاديث المقبري عن أبي هريرة. يعني: أنه ربما اختلط عليه هذا بهذا"(6).
__________
(1) البخاري: التاريخ الكبير "1/197"، والصغير "2/75"، ورواه الترمذي في جامعه "5/87، 745" دون قوله: "عن أبيه" ويؤيده ما يأتي عن الإمام أحمد وابن حبان، وأخشى أن تكون عبارة "عن أبيه" مقحمة في تاريخي البخاري. وانظر العلل للإمام أحمد "1/99، 107".
(2) الثقات: "7/386".
(3) يعني: الإمام أحمد.
(4) الخطيب: التاريخ "13/12-13"، يعني: سماع سعيد المقبري مع سماع أبي سعيد.
(5) ابن رجب: شرح العلل "1/124".
(6) سير أعلام النبلاء "6/322"، وانظر: الميزان "3/645"، ولم أجد ترجمة لابن عجلان في ضعفاء البخاري المطبوع.(6/29)
وقد فصل ابن حبان القول في صنيع محمد بن عجلان، وبيّن الحكم المترتب على ذلك، فقال: "عنده صحيفة عن سعيد المقبري، بعضها عن أبيه عن أبي هريرة، وبعضها عن أبي هريرة، فلما اختلط على ابن عجلان صحيفته ولم يميّز بينهما، احتاط فيها، وجعلها كلها عن أبي هريرة، وليس هذا مما يَهِي(1) الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، فما قال ابن عجلان: عن سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة، فذلك حُمِل عنه قديما قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال: عن سعيد عن أبي هريرة، فبعضها متصل صحيح، وبعضها منقطع لأنه أسقط أباه منها، فلا يجب الاحتجاج - عند الاحتياط - إلا بما يروى الثقات المتقنون عنه، عن سعيد، عن أبيه عن أبي هريرة.
وإنما كان يَهِي أمره ويضعف لو قال في الكل: سعيد عن أبي هريرة(2). فإنه لو قال ذلك لكان كاذبا في البعض لأن الكل لم يسمعه سعيد من أبي هريرة. فلو كان ذلك لكان الاحتجاج به ساقطا، على حسب ما ذكرناه"(3).
ومن أمثلة ما اختلط على ابن عجلان:
ما رواه الترمذي من طريق ابن عجلان، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العطاس من الله، والتثاؤب من الشيطان…"(4).
ورواه الترمذي أيضا من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه عن أبي هريرة به(5).
ثم قال الترمذي: "هذا حديث صحيح، وهذا أصح من حديث ابن عجلان، وابن أبي ذئب أحفظ لحديث سعيد المقبري وأثبت من محمد بن عجلان.
ثم ساق الترمذي قول يحيى القطان بنحو ما تقدم(6).
__________
(1) انظر: "ص 227 حاشية رقم 3".
(2) يعني: جعلها كلها من سماع سعيد عن أبي هريرة.
(3) الثقات: "7/386-387".
(4) الجامع: "5/86 رقم 2746"، وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وفي التحفة الأشراف "9/494": "حسن".
(5) الجامع: "5/87 رقم 2746".
(6) الجامع: "5/87"، وانظر العلل التي في آخر الجامع "5/745".(6/30)
ويَرِدُ على ما تقدم: أن أحاديث ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة، وإن كان بعضها منقطعا، إلا أن الواسطة بين سعيد المقبري وأبي هريرة أبو سعيد المقبري، فلا يضر هذا الانقطاع بعد معرفة الواسطة. وقد صرح ابن حبان بأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، كما تقدم.
ويجاب عن هذا الإيراد: بأن الاختلاط الذي حصل في حديث ابن عجلان عن سعيد المقبري لم يقتصر على أحاديث سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، بل تجاوز ذلك إلى أحاديث سعيد المقبري عن شيوخه الآخرين عن أبي هريرة.
ومما يدل على ذلك قول أبي عبد الرحمن النسائي: "ابن عجلان اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري، ما رواه سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وسعيد عن أخيه عن أبي هريرة، وغيرهما من مشايخ سعيد، فجعلها ابن عجلان كلها عن سعيد عن أبي هريرة. وابن عجلان ثقة، والله أعلم"(1).
ومن الأمثلة على ما ذكره النسائي: ما رواه ابن عجلان عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يُسمع"(2).
قال النسائي: "سعيد لم يسمعه من أبي هريرة، بل سمعه من أخيه عن أبي هريرة. أخبرنا عبيد الله بن فضالة بن إبراهيم، قال: أنبأنا يحيى – يعني: ابن يحيى – قال: أنبأنا الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أخيه عباد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة…"(3).
وعباد بن أبي سعيد قال عنه ابن حجر في "التقريب": "مقبول"(4).
وخلاصة القول:
__________
(1) عمل اليوم والليلة: "ص 179".
(2) رواه النسائي في سننه "8/284"، وابن ماجة "رقم 250"، كلاهما من طريق ابن عجلان به.
(3) السنن: "8/284"، ورواه أبو داود "2/192 رقم 1548"، وابن ماجة "رقم 3837" من طريق سعيد عن أخيه عباد به. وله شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن، انظر: جامع الأصول لابن الأثير "4/355-356".
(4) "1/392".(6/31)
أنه ينبغي أن يُتوقف في ما ينفرد به محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، حتى يتابعه عليه غيره، خشية أن يكون مما اختلط عليه(1).
لكن تقدم عن ابن حجر قوله - في ابن عجلان-: "اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة".
وفي هذا القول إشكال، وهو أنه يشمل كل ما رواه ابن عجلان من حديث أبي هريرة سواء كان من طريق سعيد المقبري أو غيره.
والذي دلت عليه النصوص المتقدمة هو أن الاختلاط إنما حصل في أحاديث أبي هريرة التي رواها ابن عجلان من طريق سعيد المقبري خاصة.
ويمكن أن يُحمل قول ابن حجر على هذا الذي دلت عليه النصوص المتقدمة، فَيُحل الإشكال.
وأما حديث ابن عجلان عن نافع مولى ابن عمر فقد تكلم فيه يحيى بن سعيد القطان؛ فروى العقيلي عن أبي بكر بن خَلاّد قال: "سمعت يحيى يقول: كان ابن عجلان مضطرب الحديث في حديث نافع. ولم تكن له تلك القيمة عنده"(2).
ولعل هذا من قبيل التضعيف النسبي، لأن علي بن المديني والنسائي ذكرا محمد بن عجلان في الطبقة الخامسة من طبقات أصحاب نافع.
وقد قسم كل منهما أصحاب نافع إلى تسع طبقات، وزاد النسائي طبقة عاشرة، هي طبقة المتروك حديثهم(3).
وقد روى مسلم في صحيحه عن محمد بن عجلان عن نافع متابعة(4).
الفصل الثالث: الثقات الذين لم يُخرَّج لهم في الصحيحين أو أحدهما.
وفيه ثلاث مباحث:
الأول: في ترجمة الحسن بن أحمد الكرماني.
الثاني: في ترجمة سفيان بن حسين الواسطي.
__________
(1) تتبعت أحاديث محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، وأحاديثه عن سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة في تحفة الأشراف "9/492-498، 10/310"، فلم أجد له شيئا في الصحيحين إلا حديثين من روايته عن سعيد، عن أبي هريرة، ذكرهما البخاري تعليقا.
(2) العقيلي: الضعفاء "4/118"، والضمير في قوله "عنده" يرجع إلى يحيى القطان.
(3) كلام ابن المديني ذكره ابن رجب في شرح العلل "1/401"، وكلام النسائي في طبقاته "ص 15".
(4) انظر: صحيح مسلم "حديث رقم 1399".(6/32)
الثالث: في ترجمة عمر بن إبراهيم العبدي.
1- الحسن بن أحمد(1)
"الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني، أبو عليّ نزيل طرسوس، لا بأس به إلا في حديث مسدَّد، قاله النسائي من الثانية عشرة، مات سنة إحدى وتسعين ومائتين/س"(2).
وقال ابن حجر في التهذيب: "سمع الناس منه مسند مسدد وغير ذلك، ثقة صالح، مذكور بالخير. كذا قاله ابن المنادِي(3) في الوفيات. وقال النسائي: لا بأس به إلا في حديث مسدد. كذا رأيت في أسماء شيوخه. وقال مسلمة: لا بأس به ، يخطيء في حديث مسدد. والله أعلم"(4).
ولم يذكره أبو بكر محمد بن عبد الغني ابن نقطة في كتابه "التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد" في رواة المسند عن مسدد(5)، وهذا يدل على عدم انتشار مسند مسدد من طريقه، ولعل السبب في ذلك هو ما أشار إليه النسائي ومسلمة بن قاسم الأندلسي من ضعف روايته عن مسدد.
2- سفيان بن حسين(6)
__________
(1) مصادر ترجمته "428".
(2) ابن حجر: التقريب "1/162"، والطرسوسي - نسبة إلى طرسوس وهي مدينة حلب وانطاكية كما في معجم البلدان - "4/28".
(3) أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد البغدادي "توفي سنة 336هـ" تاريخ بغداد "4/69". وقد فقدت سائر مصنفات ابن المنادي سوى كتابه "متشابه القرآن" ذكر ذلك. د. اكرم العمري في كتابه "موارد الخطيب البغدادي" ص 284.
(4) "2/253-254".
(5) وقال في ترجمة مسدد "ق 155/ب": "روى عنه المسند أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمعي، ومعاذ بن المثنى بن معاذ العنبري". وقال الذهبي في السير "10/594": "ولمسدد مسند في مجلد رواه عنه معاذ بن المثنى، ومسند آخر صغير يرويه عنه أبو خليفة".
(6) مصادر ترجمته "428".(6/33)
"سفيان بن حسين بن حسن، أبو محمد، أو أبو الحسن، الواسطي، ثقة في غير الزهري باتفاقهم، من السابعة، مات بالري مع المهدي، وقيل في أول خلافة الرشيد/خت م4"(1).
تكلم العلماء في حديثه عن الزهري:
فقد سئل يحيى بن معين عنه فقال: "ليس به بأس، وليس هو من أكابر أصحاب الزهري…"(2).
وقال ابن أبي خيثمة: "سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان بن حسين الواسطي ثقة، وكان يؤدب المهدي، وهو صالح، حديثه عن الزهري - فقط - ليس بذاك، إنما سمع من الزهري بالموسم"(3).
وقال ابن معين أيضا - في رواية الدارمي عنه: "ثقة، وهو ضعيف الحديث عن الزهري"(4).
وقال - في رواية الدقاق-: "ثقة في غير الزهري"(5).
وروى أبو داود عن ابن معين - أيضا - أنه قال: "سفيان بن حسين ليس بالحافظ، وليس بالقوي في الزهري وهو أحب إليّ من صالح بن أبي الأخضر"(6).
__________
(1) ابن حجر: التقريب "1/310"، وذكره ابن رجب "2/663". هكذا رُمِزَ له في نسخة ابن حجر الخطية من التقريب "ق 101"، وكذا في التهذيب "4/107"، والخلاصة "1/395"، وفي المغني في الضعفاء "1/268": "م تبعاً…". ورمز له في تهذيب الكمال "1/ق510" والميزان "2/165": بـ "مق" بدل "م" أي أن مسلما روى عنه في مقدمة صحيحه، وقد صرح بذلك ابن القيم في الفروسية "ص 45"، ولم يذكره ابن طاهر في الجمع بين رجال الصحيحين، وروايته في مقدمة مسلم "1/11". وقد تولى المهدي محمد بن عبد الله الخلافة سنة "158هـ" وتوفي سنة "169هـ"، وتولى الرشيد هارون بن محمد الخلافة "170هـ" كما في تاريخ خليفة بن خياط "ص 436، 439، 447".
(2) تاريخ ابن معين: "3/205".
(3) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل "4/228".
(4) تاريخ الدارمي عن ابن معين: "رقم 19".
(5) "رقم 176"، وروى ابن عدي في الكامل "3/1251" نحو ذلك من طريق ابن أبي مريم عن ابن معين.
(6) ابن عدي: الكامل "3/1251".(6/34)
وروى أبو بكر الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال: "ليس هو بذاك في حديثه عن الزهري"(1).
وقال يعقوب بن شيبة: "سفيان بن حسين مشهور. وقد حمل الناس عنه، وفي حديثه ضعف ما روى عن الزهري"(2).
وقال النسائي: "سفيان بن حسين في الزهري ضعيف، وفي غيره لا بأس به"(3).
وقال ابن حبان: "يروى عن الزهري المقلوبات، وإذا روى عن غيره أشبه حديثه حديث الأثبات، وذاك أن صحيفة الزهري اختلطت عليه، فكان يأتي بها على التوهم، فالإنصاف في أمره تَنكُّب ما روى عن الزهري، والاحتجاج بما روى عن غيره"(4).
ثم ذكره في الثقات فقال: "وأما روايته عن الزهري فإن فيها تخاليط، يجب أن يُجانَب، وهو ثقة في غير حديث الزهري، مات في ولاية هارون، يجب أن يُمحى اسمه من كتاب المجروحين"(5).
وقال ابن عدي: "ولسفيان بن حسين أحاديث عن الزهري وغيره، وهو في غير الزهري صالح الحديث كما قال ابن معين. وعن الزهري يروى عنه أشياء خالف فيها الناس من باب المتون ومن الأسانيد"(6).
فمن أحاديثه التي خالف فيها الناس في المتن:
حديثه عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الرِجل جُبَار"(7).
__________
(1) الخطيب: التاريخ "9/150".
(2) المصدر السابق: "9/151".
(3) المزي: تحفة الأشراف "12/35"، وانظر تهذيب التهذيب "1/480، 4/108".
(4) المجروحين: "1/358".
(5) "6/404".
(6) الكامل: "3/1251".
(7) رواه أبو داود "4/714 رقم 4592"، والطبراني في المعجم الصغير "1/262"، وابن عدي في الكامل "3/1251"، والدارقطني في سننه "3/152"، والبيهقي في سننه "8/343" كلهم من طريق سفيان بن حسين عن الزهري به، ومعنى "الرجل جبار": أي ما تتلفه الدابة برجلها حين يكون صاحبها راكبا عليها. والجبار: الهَدَر. انظر: سنن أبي داود "4/715"، ومعالم السنن للخطابي "6/483"، والنهاية لابن الأثير "1/236".(6/35)
قال الإمام الشافعي: "وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من "الرّجْل جُبَار" فهو غلط - والله أعلم - لأن الحفاظ لم يحفظوا هكذا"(1).
وقال ابن عدي: "لم يأت به عن الزهري غير سفيان بن حسين فيما علمت"(2).
وكذا قال الطبراني(3)، وابن عبد البر، وزاد ابن عبد البر: "وهو عندهم في ما يتفرد به لا تقوم به حجة"(4).
وقال الدارقطني: "لم يُتَابع سفيان بن حسين على قوله: "الرجل جبار"، وهو وهم، لأن الثقات الذين قدمنا أحاديثهم خالفوه، ولم يذكروا ذلك"(5).
وقال البيهقي: "هذه الزيادة ينفرد بها سفيان بن حسين عن الزهري، وقد رواه مالك بن أنس والليث بن سعد وابن جريج ومعمر وعُقيل وسفيان بن عيينة وغيرهم، عن الزهري. لم يذكر أحد منهم فيه الرجل"(6).
وقال الحافظ ابن حجر: "اتفق الحفاظ على تغليط سفيان بن حسين، حيث روى عن الزهري…"الرجل جبار"، -بكسر الراء، وسكون الجيم - وما ذاك إلا أن الزهري مكثر من الحديث والأصحاب، فتفرَّد سفيان عنه بهذا اللفظ فَعُدَّ منكرا"(7).
ومن أحاديث سفيان التي خالف فيها الناس في الإسناد:
__________
(1) البيهقي: السنن "8/343".
(2) الكامل: "3/1251".
(3) المعجم الصغير: "1/262".
(4) التمهيد: "7/25".
(5) السنن: "3/152".
(6) السنن الكبرى: "8/343".
... وأصل الحديث الذي أشار إليه البيهقي ورد بلفظ: "العجماء جرحها جُبار، والبئر جُبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس". أخرجه البخاري "12/254رقم6912"، ومسلم "رقم1710"، وغيرهما، وقد رواه الدارقطني في سننه "3/149-152" من تسع طرق عن الزهري
(7) فتح الباري: "12/256": وعُدَّ منكرا، لأن سفيان بن حسين ضعيف في الزهري، وقد تفرد بهذه الزيادة. قال ابن حجر في النكت على ابن صلاح "2/675": "وأما إذا انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ، أو المضعَّف في بعض مشايخه دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي المنكر الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث".(6/36)
حديثه عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فلا بأس به، ومن أدخل فرسا بين فرسين قد أمِن أن يسبق فهو قمار"(1).
قال ابن أبي خيثمة: "سألت يحيى بن معين عن حديث سفيان بن حسين عن الزهري، عن سعيد المسيب، عن أبي هريرة…، فقال: باطل. وخطَّ على أبي هريرة"(2).
وقال أبو داود السجستاني: "رواه معمر وشعيب وعُقيل عن الزهري، عن رجال من أهل العلم. وهذا أصح عندنا"(3).
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه يزيد بن هارون وغيره، عن سفيان بن حسين… قال أبي: هذا خطأ، لم يعمل سفيان بن حسين شيئا، لا يشبه أن يكون عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأحسن أحواله أن يكون عن سعيد بن المسيب، قوله. وقد رواه يحيى بن سعيد، عن سعيد قوله"(4).
وقال ابن القيم: "سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم خطأ، وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب…، ورفعه سفيان بن حسين الواسطي، وهو ضعيف لا يحتج بمجرد روايته عن الزهري لغلطه في ذلك"(5).
__________
(1) رواه الإمام أحمد "2/505- واللفظ له- وأبو داود "3/66 رقم 2579"، وابن ماجة "رقم 2876"، والدارقطني في سننه "4/305"، والحاكم "2/114"، وغيرهم، كلهم من طريق سفيان به.
(2) ابن القيم: الفروسية "ص 41" وفيه: "وخطأ" بدل "وخطَّ" والصواب ما أثبته، كما في تهذيب ابن القيم لمختصر سنن أبي داود "3/401"، ويؤيده ما ورد في التلخيص الحبير "4/163": "وضرب على أبي هريرة".
(3) السنن: "3/67".
(4) العلل: "2/252"، وانظر أيضا: "2/268".
(5) الفروسية: "ص 42".(6/37)
وقد ضعف هذا الحديث - أيضا - ابن التركماني(1)، وابن القيم(2)، وابن حجر(3).
والخلاصة:
أن سفيان بن حسين ثقة في غير الزهري، وسبب ضعفه في الزهري هو أنه لم يسمع منه إلا في موسم الحج، فلم يتمكن من حفظ أحاديثه وضبطها، فحدث بها على التوهم، فمن ثم وقعت المناكير في حديثه عن الزهري، كما أشار إلى ذلك ابن معين وابن حبان في ما تقدم.
3- عمر بن إبراهيم(4)
"عمر بن إبراهيم العبدي البصري، صاحب الهَرَوي – بفتح الهاء والراء، صدوق في حديثه عن قتادة ضعف، من السابعة/قد، ت س ق"(5).
تكلم بعض العلماء في حديثه عن قتادة:
فقال الإمام أحمد: "يروى عن قتادة أحاديث مناكير، ويخالف"(6).
__________
(1) الجوهر النقي: "10/20"، وقد تناقض كلام ابن التركماني - رحمه الله - حيث ضعف هذا الحديث لأنه من رواية سفيان بن حسين عن الزهري، وقوى الحديث السابق "الرجل جبار" "8/344" وهو من رواية سفيان عن الزهري أيضا! مع اتفاق الحفاظ على تغليط سفيان، كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر فيما تقدم.
(2) تهذيب مختصر سنن أبي داود: "3/400-402"، وقد بسط ابن القيم الكلام على هذا الحديث في كتاب الفروسية في ست عشرة صفحة "ص 41-56" وأتى فيه بفرائد الفوائد.
(3) التلخيص الحبير: "4/163".
وقد تابع سفيان بن حسين سعيد بن بشير عن الزهري، روى حديثه أبو داود "3/66"، والحاكم "2/114"، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد…". ووافقه الذهبي، وقواه - أيضا - الشيخ أحمد شاكر - في تعليقه على تهذيب مختصر السنن لابن القيم "3/402" بمتابعة سفيان بن حسين. وهذا من تساهلهم - رحمهم الله - لأن سعيد بن بشير ضعيف، كما قال ابن حجر في التقريب "1/292"، وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري. وانظر إرواء الغليل "5/340".
(4) مصادر ترجمته "429".
(5) ابن حجر: التقريب "2/51"، وذكره ابن رجب "2/660".
(6) العقيلي: الضعفاء "3/146".(6/38)
وقال العقيلي: "له غير حديث عن قتادة أحاديث مناكير لا يتابع منها على شيء"(1).
وقال ابن حبان: "كان ممن ينفرد عن قتادة بما لا يشبه حديثه، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، فأما فيما وافق الثقات فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأسا"(2).
وقال ابن عدي: "يروى عن قتادة أشياء لا يوافق عليها"(3).
وروى ابن عدي من طريقه عدة أحاديث عن قتادة ثم قال: "ولعمر بن إبراهيم غير ما ذكرت من الأحاديث، وحديثه عن قتادة خاصة مضطرب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه"(4).
1- وقد أُنكرت عليه بعض الأحاديث التي رواها عن قتادة منها:
حديثه عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "من وجد متاعه عند مفلس بعينه فهو أحق به"(5).
__________
(1) المصدر السابق "3/146".
(2) ابن حبان: المجروحين "2/89"، وقد ذكر ابن حجر في التهذيب "7/426" أن ابن حبان ذكره في الثفات وقال: "يخطيء ويخالف" ولم أجده في النسخة المطبوعة من ثقات ابن حبان، ويُستغرب ذكر ابن حبان له في الثقات لأنه قال في ترجمة ابنه الخليل بن عمر "8/231": "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه، لأن أباه كان واهيا، والمناكير في أخباره من ناحية أبيه لا من ناحيته".
(3) ابن عدي: الكامل "5/1700".
(4) المصدر السابق "5/1701".
(5) رواه أحمد "5/10" وابن عدي "5/1700" من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن عمر بن إبراهيم به، وعند ابن عدي قال عبد الصمد: "حدثنا عمر بن إبراهيم وهو ثقة فوق الثقة".(6/39)
فقد خالفه شعبة، وهشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وجرير بن حازم، وهمام، وأبان بن يزيد، وحماد بن سلمة فرووه عن قتادة عن النضر بن أنس عن بَشير بن نَهِيك عن أبي هريرة(1).
وروى موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيِّع من باعه"(2).
قال محمد بن يحيى الذهلي: "هما حديثان عندي من حديث قتادة، فلعل عمر سمع من قتادة فاختلط عليه. فأما هذا الحديث - يعني حديث المُفْلس - فإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس، عن بشير بن نَهيك، عن أبي هريرة… والحديث الآخر فهو ما روى موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا في السرقة، وذاك في التفليس"(3).
__________
(1) رواه مسلم "1559" من طريق شعبة وسعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي كلهم عن قتادة. وأحمد في المسند "2/347، 385، 410، 413، 468، 508" من طريق همام، وحماد بن سلمة وشعبة وأبان بن يزيد وسعيد بن أبي عروبة كلهم عن قتادة به. وحديث جرير بن حازم ذكره المزي في تحفة الأشراف "4/71".
(2) رواه أحمد "5/13" وأبو داود "3/802 رقم 3531"، والنسائي "7/313" من طريق موسى بن السائب، عن قتادة به. وفيه عنعنة قتادة والحسن البصري وهما مدلسان لكن الحديث جاء من طرق أخرى عن سمرة بمعناه رواه أحمد "5/13" وابن ماجة رقم "2331" من طريق سعيد بن زيد بن عقبة عن أبيه عن سمرة، ورواه الطبراني في الكبير "7/308، رقم 7039" من طريق حبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن سمرة، وانظر تحفة الأشراف للمزي "4/81" ومصباح الزجاجة للبوصيري "3/45".
(3) المزي: تحفة الأشراف "4/71".
وقال الخطابي في معالم السنن "5/184" في شرح حديث موسى بن السائب: "هذا في الغصوب ونحوها، إذا وجد ماله المغصوب والمسروق عند رجل كان له أن يخاصمه فيه، ويأخذ عين ماله منه، ويرجع المأخوذ منه على من باعه إياه".(6/40)
2- حديثه عن قتادة عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم"(1).
فقد أنكره الإمام أحمد على عمر بن إبراهيم فقال: "وقد روى عنه عباد بن العوام حديثا منكرا، رواه إنسان من أهل الري عنه"(2).
قال العقيلي: "وهذا الحديث حدثناه محمد بن أيوب وجعفر بن محمد الزعفراني قالا: حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء، قال: حدثنا عباد بن العوام، عن عمر بن إبراهيم عن قتادة…" به(3).
__________
(1) رواه الدارمي في سننه "1/220" من طريق إبراهيم بن موسى عن عباد بن العوام عن عمر بن إبراهيم به.
ووقع في المطبوع: "عمرو" وهو تصحيف. ورواه ابن ماجة "رقم 689" عن محمد بن يحيى عن إبراهيم بن موسى به، ثم قال ابن ماجة: "سمعت محمد بن يحيى يقول: اضطرب الناس في هذا الحديث ببغداد، فذهبت أنا وأبو بكر الأعين إلى العوام بن عباد بن العوام فأخرج إلينا أصل أبيه فإذا الحديث فيه".
ورواه الحاكم في المستدرك "1/191" من طريق عباد بن العوام فأخرج عن عمر بن إبراهيم ومعمر عن قتادة به، وقال "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي. ورواه البيهقي "1/448" من طريق الحاكم ووقع عنده: "عن عمر بن إبراهيم عن معمر عن قتادة".
والظاهر أن ذكر معمر في هذا الإسناد خطأ لأن الحديث انفرد به عمر بن إبراهيم عن قتادة كما قال ابن عدي وكذا قال البزار كما في مصباح الزجاجة "1/87"، ومما يدل على ذلك أيضا أنه لم يُذكر معمر في أصل عباد بن العوام كما أشار إلى ذلك محمد بن يحيى الذهلي فيما تقدم، والحديث رواه بحشل في تاريخ واسط "ص 140، 141" ولم يذكر فيه معمر.
(2) العقيلي: الضعفاء "3/146".
(3) العقيلي: الضعفاء "3/147".(6/41)
ثم قال العقيلي: "وله غير حديث عن قتادة مناكير لا يتابع منها على شيء، فأما "لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب" فقد رُوِي بإسناد غير هذا أصلح من هذا"(1).
وقال ابن عدي: "وهذا لا أعلم رواه عن قتادة بهذا الإسناد غير عمر بن إبراهيم"(2).
3- حديثه عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما حملت حواء كان لا يعيش لها ولد فقال لها الشيطان: سميه عبد الحارث"(3).
قال ابن عدي: "وهذا لا أعلم يرويه عن قتادة غير عمر بن إبراهيم"(4).
وقد ضعف ابن كثير هذا الحديث في تفسيره، وتوسع في الكلام عليه، ورجح أنه موقوف على الصحابي قال: "ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب…"(5).
__________
(1) مروي من حديث أبي أيوب الأنصاري ومن حديث السائب بن يزيد، فأما حديث أبي أيوب فرواه أحمد "4/147، 5/417، 422"، وأبو داود "1/291 رقم 418" والحاكم "1/190" ومن طريقه البيهقي "1/370" وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، وانظر نصب الراية "1/246"، وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم "7162" وقال: "صحيح" وقال في إرواء الغليل "4/33": "سنده جيد". وأما حديث السائب فرواه الإمام أحمد في المسند "3/449" والطبراني في الكبير "7/182-183 رقم 6671"، قال الهيثمي في مجمع الزوائد "1/310"- بعد أن عزاه لأحمد والطبراني – رجاله موثقون. ورواه البيهقي في سننه "1/448" أيضا.
(2) ابن عدي: الكامل "5/1701".
(3) رواه أحمد "5/11" والترمذي "5/267 حديث رقم 3077"، والحاكم "2/545" كلهم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن عمر بن إبراهيم به، ورواه ابن عدي "5/1700" من طريق شاذ بن فياض عن عمر بن إبراهيم.
(4) ابن عدي: الكامل "5/1700".
(5) ابن كثير: التفسير "2/274-275" تفسير الآية رقم "190" من سورة الأعراف.(6/42)
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة، ورواه بعضهم عن عبد الصمد، ولم يرفعه"(1).
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"(2). ووافقه الذهبي.
وهذا من تساهلهم رحمهم الله، لأن الحديث فيه- بالإضافة إلى تفرد عمر بن إبراهيم – عنعنة قتادة والحسن البصري وهما مدلسان، وهو أيضا من رواية الحسن البصري عن سمرة وفي سماعه منه خلاف مشهور(3).
وقد وثق ابن معين عمر بن إبراهيم في روايته عن قتادة، حيث ذكره عثمان الدارمي في أصحاب قتادة وسأل ابن معين عنه فقال: ثقة"(4).
وقد خالفه الإمام أحمد والعقيلي، وابن حبان، وابن عدي فتكلموا في روايته عن قتادة كما تقدم، وقولهم هو الراجح، لأن عمر بن إبراهيم روى عن قتادة أحاديث مناكير، وخالف الثقات في أحاديث أخرى كما تقدمت الأمثلة على ذلك".
ولذا قال ابن حجر في التقريب: "صدوق، في روايته عن قتادة ضعف"(5).
الخاتمة
وبعد: فقد انتهيت - بفضل الله عزوجل وعونه - من إعداد هذا البحث، الذي اشتمل على ترجمة ستة وأربعين راويا ممن ضعفوا في بعض شيوخهم، وقد مهدت له تمهيد تضمن مباحث دقيقة في اعتبارات الأئمة النقاد في إطلاق ألفاظ الجرح والتعديل.
__________
(1) الترمذي: الجامع "267".
(2) الحاكم: المستدرك "2/545".
(3) انظر: المراسيل لابن أبي حاتم "ص 31-45"، وجامع التحصيل للعلائي "ص 198-199"، وتعليق حمدي عبد المجيد السلفي على المعجم الكبير للطبراني "7/331-236".
والحديث ذكره الألباني في السلسلة الضعيفة رقم 342 وقال: "ضعيف".
(4) الدارمي: تاريخه عن ابن معين رقم "41" ورواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل "6/98": عن عثمان الدارمي قال: "قلت ليحيى بن معين: فعمر بن إبراهيم في قتادة؟ قال ثقة".
(5) ابن حجر: التقريب "2/51".(6/43)
وقد حرصت - في هذا البحث - على التقيد بالمنهج العلمي، والالتزام بالقواعد التي قعدها علماء الحديث، وبذلت جهدي في التنقيب عن كل ما يتصل بالجانب الذي بحثته من تراجم أولئك الرواة.
إلا أن المدة المقررة لهذا البحث قد انتهت قبل استكمال تراجم جميع من ضعفوا في بعض شيوخهم فاضطررت إلى الاقتصار على العدد الذي سبق ذكره، راجيا من الله العون في استكمال تراجم الآخرين(1).
وقد وفقني الله عز وجل إلى التوصل إلى بعض النتائج المهمة في هذا البحث، ومن هذه النتائج:
1- أضفت إلى ما ذكره ابن رجب - في مبحث الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم - تسعة وعشرين راويا.
2- توصلت إلى أن التضعيف الوارد في أربعة وثلاثين راويا - ممن ترجمت لهم - لا يقدح فيهم، مستدلا على ذلك بأقوال الأئمة النقاد وما قعدوه من قواعد في علم الجرح والتعديل.
3- لم يخرج البخاري ومسلم لمن ضعفوا بتضعيف قادح عن شيوخهم الذين ضعفوا فيهم إلا ما توبعوا عليه.
4- وقفت على جملة كبيرة من أقوال أئمة الجرح والتعديل - في الرواة الذين ترجمت لهم - لم يذكرها ابن رجب ولا ابن حجر في "التهذيب" في تراجمهم، مع أنه كان لتلك الأقوال أثر كبير في الحكم عل بعض أولئك الرواة.
__________
(1) من هؤلاء الرواة سبعة ممن ذكرهم ابن رجب، هم: حماد بن زيد، محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وهشام بن حسان، والمغيرة بن مسلم القسملي، وورقاء بن عمر اليشكري، ويزيد بن إبراهيم التستري، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وممن لم يذكرهم ابن رجب رحمه الله تعالى:
أحمد بن جميل المروزي، ودرَّاج بن سمعان أبو السمح المصري، وعبد العزيز بن أبي حازم المدني، وعمر بن رؤبة التغلبي، ومحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم، ومحمد بن يوسف الفريابي، وموسى بن سليمان المَنْبجي، وهشيم بن بشير الواسطي، ووضاح بن عبد الله اليشكري، ويحي بن عثمان الحربي.(6/44)
5- حررت بعض أقوال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - التي ذكرها في "التقريب" - في بعض من ترجمت لهم - على ضوء أقواله في مصنفاته الأخرى، وأقوال أِئمة الجرح والتعديل وما قعدوه من قواعد في هذا الفن.
ومن أمثلة ذلك ما ورد في تراجم: بَدَل بن المُحَبَّر، وسلام بن أبي مُطيع، وعبد الرحمن بن نَمِر، وعبد الرحمن بن مغرا وغيرهم.
6- رددت بعض المطاعن التي وجِّهت لبعض من ترجمت لهم بما لم أسبق إليه - فيما علمت - ومن أمثلة ذلك ما ورد في ترجمة إسحاق بن راشد الجزري، وإسماعيل بن عُليَّة، وسلام بن أبي مطيع، وسليمان التيمي وغيرهم.
وقد توصلت إلى نتائج أخرى عامة منها.
1- علم الجرح والتعديل من العلوم التي اختصت بها الأمة الإسلامية، وقد بذل فيه العلماء جهودا عظيمة، وتركوا لنا ثروة هائلة من المصنفات في هذا الفن ومع ذلك، فهو لا يزال بحاجة إلى جهود أخرى لتحرير بعض قضاياه، وتقريبها إلى طلبة العلم.
2- طريقة سبر مرويات الراوي من الطرق التي استخدمها الأئمة النقاد لمعرفة أحوال الرجال، ولا يزال استخدام هذه الطريقة ممكنا في هذا الوقت للخبير المتمرس. بل يمكن الاعتماد عليها – بعد أقوال أئمة الجرح والتعديل – في الحكم على الرجال. ويمكن بواسطتها الترجيح بين الأقوال المتعارضة الواردة في بعض الرجال.
3- أقوال أئمة الجرح والتعديل التي ظاهرها التعرض يمكن التوفيق بين كثير منها، وقد وفقت - في ثنايا هذا البحث - بين عدد من هذه الأقوال.
4- ضرورة مراعاة اعتبارات الأئمة النقاد في إطلاق ألفاظ الجرح والتعديل وأن إهمال تلك الاعتبارات يؤدي إلى خلل كبير في الحكم على الرواة.
الاقتراحات
أهيب بالمشتغلين بالدراسات الحديثية إلى العناية بعلم الرجال، ومواصلة الجهود التي بذلها أئمة الحديث في هذا الشأن، إذ توجد مباحث كثيرة في هذا العلم لا تزال بحاجة إلى مزيد اهتمام، فمن هذه المباحث:(6/45)
1- العناية بدراسة مناهج أئمة الجرح والتعديل، ومعرفة مدلولات ألفاظ كل واحد منهم، والاعتبارات التي يراعونها في إطلاق تلك الألفاظ.
2- دراسة طبقات الرواة عن الأئمة المكثرين، مثل طبقات الرواة عن الزهري، والثوري وغيرهما، ومعرفة تفاوت مراتب هؤلاء الرواة على ضوء المقارنة بين مروياتهم.
3- العناية بنشر كتب الرجال - وخاصة "تهذيب التهذيب" لابن حجر - نشرة علمية محققة، يتم فيها عزو الأقوال إلى مظانها، مع إضافة ما يمكن إضافته من أقوال أئمة الجرح والتعديل مما لم يذكره الحافظ ابن حجر.
4- القيام بمشروع شامل لخدمة علم الرجال، تستخدم فيه أجهزة "الكمبيوتر"، ويتم تنفيذه على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: يتم فيها جمع أسماء الرواة من كتب الرجال والعلل وغيرها، مع ذكر ما قيل في كل واحد منهم.
المرحلة الثانية: يتم فيها جمع مرويات هؤلاء الرواة من الكتب التي تُعنى بذكرها الأسانيد، مع الإشارة إلى شيخ الراوي وتلميذه في كل حديث بحيث يمكن الحصول على أحاديث الراوي عن أي شيخ من شيوخه عند الطلب، وكذا تلاميذه.
المرحلة الثالثة: يتم فيها دراسة ما ورد من ألفاظ الجرح والتعديل في كل راو من هؤلاء الرواة مع تطبيقها على مروياتهم، من قبل نخبة من العلماء المتخصصين في هذا المجال، بحيث يصلون إلى نتيجة محددة في كل راو، على غرار ما فعل الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب.
وهناك جوانب أخرى في علوم الحديث عامة، وعلم الرجال خاصة لا تزال بحاجة إلى مزيد بحث وتنقيب، ولذلك قال الحافظ أبو بكر الحازمي - رحمه الله -: "علم الحديث يشتمل على أنواع كثيرة تقرب من مائة نوع… وكل نوع منها علم مستقل، لو أنفذ الطالب فيه عمره لما أدرك نهايته"(1).
__________
(1) عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب "ص 3".(6/46)
تابع (6) الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم
صالح بن حامد الرفاعي
الملحقان
الأول: في ذكر مصادر تراجم الرواة الذين ضعفوا في بعض شيوخهم.
الثاني: في ذكر الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم مرتبين على حروف المعجم مع ذكر خلاصة ما قيل في ترجمة كل واحد منهم.
الملحق الأول: مصادر تراجم الرواة الذين ضُعِّفوا في بعض شيوخهم
لا تخفى أهمية الوقوف على ترجمة الراوي في مصادر متعددة فقد يجد الباحث في بعضها ما لا يجده في البعض الآخر، وقد يحصل تحريف في نص من النصوص في مصدر، يُذكر على الصواب في مصدر آخر، إلى غير ذلك من الفوائد...
إلا أنه قد يحول دون الوقوف على ترجمة الراوي في مصادر متعددة بعض الصعوبات، منها:
صعوبة العثور على التراجم في بعض المصادر التي لم ترتّب تراجمها ترتيبا دقيقا، فيضع جزء من وقت الباحث قبل العثور على الترجمة المطلوبة.
ومنها: أن بعض المصادر قد تغيب عن ذهن الباحث في أثناء بحثه عن ترجمة الراوي. وهناك مصادر أخرى قد يستبعد الباحث العثور فيها على معلومات تتصل بصاحب الترجمة المطلوبة مثل: كتب السؤالات، والعلل، وبعض كتب المتون، لذلك رأيت من المفيد أن أذكر بعض مصادر الرواة الذين ترجمت لهم، ليستفيد من يرغب التوسع في تراجمهم. ولم أستقص جميع المصادر في كل ترجمة، لأن استقصاء ذلك يطول.
إلا أن هذه المصادر في مجموعها تشكل معظم الكتب التي يمكن أن تُستمد منها معلومات عن رجال القرون الثلاثة الأولى.
وقد رتبت التراجم على حسب ورودها في البحث.
ورتبت المصادر في كل ترجمة على ترتيب وفيات أصحابها.
إبراهيم بن سعد أبو إسحاق الزهري:(7/1)
طبقات ابن سعد (7/322) و(ص 456) من القسم المتمم لتابعي أهل المدينة. تاريخ ابن معين (2/9)(1)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم7). تاريخ البخاري الكبير (1/288)، والصغير (2/231). ثقات العجلي (ص 52 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي (2/174). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/101). ثقات ابن حبان (6/7). الكامل لابن عدي (1/245). ثقات ابن شاهين (رقم 34). رجال مسلم لابن منجويه (ق 5/ب). تاريخ بغداد للخطيب (6/81). الجمع بين الصحيحين لابن طاهر (1/16). تهذيب الكمال للمزي (2/88). وتذهيب تهذيب الكمال (1/1/35/ب)، وسير أعلام النبلاء (8/304)، والميزان (1/33)، ومن تُكلِّم فيه وهو موثق (ق1) والثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم للذهبي (ص 3). إكمال تهذيب الكمال لمغلطاى (1/ق 52)، شرح علل الترمذي لابن رجب (2/595). نهاية السول لسبط بن العجمي (1/ق 31). تهذيب التهذيب (1/121)، وهدي الساري لابن حجر (ص 388، 460). الخلاصة للخزرجي (1/45).
سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي، أبو محمد الكوفي ثم المكي:
__________
(1) العزو هنا إلى ترتيب تاريخ ابن معين لسهولة الوقوف على ما قيل في الراوي.(7/2)
طبقات ابن سعد (5/497). تاريخ ابن معين (2/216)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 4، 67، 68، 372). العلل للإمام أحمد (1/33، 370). تاريخ البخاري الكبير (4/94) والصغير (2/283). ثقات العجلي (ص 194 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/185-188). الجعديات لأبي القاسم البغوي (2/660). مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (ص 32-54) والجرح والتعديل (4/225). ثقات ابن حبان (6/403)، ومشاهير علماء الأمصار (رقم 1181). الكامل لابن عدي (1/107 المقدمة). ثقات ابن شاهين (رقم 496). تاريخ بغداد (9/174) الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/95). وفيات الأعيان (2/391). تهذيب الكمال (1/ق 514). سير أعلام النبلاء (8/454)، والميزان (2/170). العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين للفاسي (4/591). تهذيب التهذيب (4/117). الخلاصة للخزرجي (1/397). الكواكب النيرات لابن الكيال (ص 220).
عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي:
طبقات ابن سعد (7/488). تاريخ ابن معين (2/353) وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 22)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 400). العلل للإمام أحمد (1/87). التاريخ الكبير للبخاري (5/326)، والصغير (2/124-125). ثقات العجلي (ص 296 ترتيب الهيثمي). (مسند يعقوب بن شيبة (ص 61-70). مسائل الإمام أحمد لأبي داود (ص 307-309). المعرفة والتاريخ للفسوي (2/390-393، 408-409). تاريخ أبي زرعة الدمشقي (2/720). مقدمة الجرح والتعديل (ص 184) الجرح والتعديل (5/266). ثقات ابن حبان (7/62). الكامل لابن عدي (1/99 المقدمة) ثقات ابن شاهين (رقم 821). الحلية لأبي نعيم (6/135) الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/286). تاريخ دمشق لابن عساكر (10/1/34/أ). تهذيب الكمال (2/ق 807). سير أعلام النبلاء (7/107)، والميزان (2/580). شرح العلل لابن رجب (1/186، 2/644). تهذيب التهذيب (6/238).(7/3)
محاسن المساعي في مناقب الإمام أبي عمرو الأوزاعي لأبي العباس أحمد بن محمد الموصلي الحنبلي، حققه وعلق عليه الأمير شكيب أرسلان. ونشرته دار مكتبة الحياة - بيروت-. الخلاصة للخزرجي (2م146).
عبد الرحمن بن نَمِر اليحصبي:
تاريخ ابن معين (2م361). التاريخ الكبير للبخاري (5/357). الضعفاء للعقيلي (2/349). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/295). ثقات ابن حبان (7/82). الكامل لابن عدي (4/1602). رجال مسلم لابن منجويه (ق 105/ب). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/288). تاريخ دمشق لابن عساكر (10/1/117/أ). الكمال للمقدسي (3/ق281/ب)، تهذيب الكمال (2/ق 822) الميزان (2/595)، والكاشف (2/167)، والمغني في الضعفاء (2/388) تهذيب التهذيب (6/287)، هدي الساري (ص 419، 462). الخلاصة للخزرجي (2/155).
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج:
طبقات ابن سعد (5/491). تاريخ ابن معين (2/371). تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 13، 385). العلل للإمام أحمد (1/349). التاريخ الكبير للبخاري (5/422) والصغير (2/98). ثقات العجلي (ص 310 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/135، 681، 2/21، 25، 53). تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/252، 260، 533). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/356). ثقات ابن حبان (7/93). ثقات ابن شاهين (رقم 898). رجال مسلم لابن منجوية (ق 109/أ). تاريخ بغداد (10/400) الجمع ين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/314). تهذيب الكمال (2/ق 856). سير أعلام النبلاء (6/325)، والميزان (2/659). جامع التحصيل للعلائي (ص 123، 280) العقد الثمين للفاسي (5/508). تهذيب التهذيب (6/402)، تعريف أهل التقديس (ص 95). الخلاصة للحزرجي (2/178).
الليث بن سعد أبو الحارث المصري:(7/4)
طبقات ابن سعد (7/517). تاريخ ابن معين (2/501)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم7، 524، 719)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 297، 316، 369) العلل للإمام أحمد (1/352). التاريخ الكبير للبخاري (7/246)، والصغير (2/209) ثقات العجلي (ص 399 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (2/441). الجرح والتعديل (7/180). ثقات ابن حبان (7/360)، ومشاهير علماء الأمصار (رقم 1536). ثقات ابن شاهين (رقم 1188). رجال مسلم لابن منجوية (ق 151/ب) حلية الأولياء لأبي نعيم (7/318). تاريخ بغداد (13/3). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (2/433). تهذيب الكمال (3/ق 1152). سير أعلام النبلاء (8/136)، والميزان (3/423). تذكرة الحفاظ (1/224). تهذيب التهذيب (8/459)، وقد ترجم له ابن حجر ترجمة مفردة سماها ((الرحمة الغيثية بالترجمة الليثية)) نشرها محمد منير الدمشقي سنة 1343ه ضمن الرسائل المنيرية (2/235-265). الخلاصة للخزرجي (2/371).
إسحاق بن يوسف الأزرق:
طبقات ابن سعد (7/315). تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 139، 140). العلل للإمام أحمد (1/221)، التاريخ الكبير للبخاري (1/406)، والصغير (2/276)، ثقات العجلي (ص 62 ترتيب الهيثمي). تاريخ واسط لبحشل (ص 140-141). الجرح والتعديل (2/238)، ثقات ابن حبان (6/52) رجال مسلم لابن منجوية (ق 10/ب) تاريخ بغداد (6/319)، الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/30). تهذيب الكمال (2/496)، تذكرة الحفاظ (1/320). سير أعلام النبلاء (9/171)، الكاشف (1/66). غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري (1/158). تهذيب التهذيب (1/257). الخلاصة للخزرجي (1/78).
الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل:(7/5)
طبقات ابن سعد (7/295). وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 444، 653). التاريخ الكبير للبخاري (4/336) والصغير (2/324). ثقات العجلي (ص 231 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/198). الضعفاء للعقيلي (2/222). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/463). ثقات ابن حبان (6/483). رجال مسلم لابن منجويه (ق 81/ب). السابق واللاحق للخطيب (ص 247). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/228). المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 146). تهذيب الكمال (2/ق 617). سير أعلام النبلاء (9/480)، والميزان (2/325)، تهذيب التهذيب (4/450). الخلاصة للحزرجي (2/4).
عبد الرزاق بن همام الصنعاني:
طبقات ابن سعد (5/548). تاريخ ابن معين (2/362)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 102) سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني (رقم 203). العلل للإمام أحمد (1/70، 233، 377). التاريخ الكبير للبخاري (6/130)، والصغير (2/320). ثقات العجلي (ص 302 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/721، 3/16). الضعفاء والمتروكين للنسائي (رقم 379). الضعفاء للعقيلي (3/107). الجرح والتعديل (6/38). ثقات ابن حبان (8/412). الكامل لابن عدي (5/1948). ثقات ابن شاهين (رقم 1092). رجال مسلم لابن منجويه (ق 113/ب). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/328). طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى الفراء (1/209) تاريخ دمشق لابن عساكر (10/1/149/أ). طبقات فقهاء اليمن لابن سمرة الجعدي (ص 67) تهذيب الكمال (2/ق 829). سير أعلام النبلاء (9/563)، والميزان (2/609). شرح العلل لابن رجب (2/577، 585، 606، 665). تهذيب التهذيب (6/310)، هدي الساري (ص 419). الخلاصة للخزرجي (2/161). الكواكب النيرات لابن الكيال (ص266).
قبيصة بن عقبة السوائي:(7/6)
طبقات ابن سعد (6/403). تاريخ ابن معين (2/484)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم/100). العلل للإمام أحمد (1/124). التاريخ الكبير للبخاري (7/177)، والصغير (2/333). ثقات العجلي (ص 388 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/717). تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/580). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/126)، والعلل (2/246). ثقات ابن حبان (9/21). ثقات ابن شاهين (رقم 1176). رجال مسلم لابن منجويه (ق 148/أ). تاريخ بغداد (12/473). الجمع بين رجال الصحيحين (2/422). المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 217). الأنساب للسمعاني (7/288). تهذيب الكمال (2/ق 1119). سير أعلام النبلاء (10/130)، والميزان (3/383)، وتذكرة الحفاظ (1/373). والمغني في الضعفاء (2/522). شرح العلل لابن رجب (2/668). تهذيب التهذيب (8/347)، هدي الساري (ص 436). الخلاصة للخزرجي (2/349).
محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري:
طبقات ابن سعد (6/402)، تاريخ ابن معين (2/523)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 95)، التاريخ الكبير للبخاري (1/133)، والصغير (2/298). ثقات العجلي (ص 406 ترتيب الهيثمي). الجرح والتعديل (7/297). ثقات ابن شاهين (رقم 1262). رجال مسلم لابن منجويه (ق 157/ب). تاريخ بغداد (5/402) الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (2/441). تهذيب الكمال (3/ق 1219). سير أعلام النبلاء (9/529)، والميزان (3/595). وتذكرة الحفاظ (1/357). تهذيب التهذيب (9/245)، هدي الساري (ص 439، 463). الخلاصة للخزرجي (2/421).
سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر البصري:(7/7)
طبقات ابن سعد (7/252). تاريخ ابن معين (2/232)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 36)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 239). التاريخ الكبير للبخاري (4/20)، والصغير (2/74). ثقات العجلي (ص 203 ترتيب الهيثمي). الجعديات جمع أبي القاسم البغوي (1/592-596). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/124). ثقات ابن حبان (4/300). رجال مسلم لابن منجويه (ق 65/ب). الحلية لأبي نعيم (3/27). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/178). تهذيب الكمال (1/ق 540). سير أعلام النبلاء (6/195)، والميزان (2/212). شرح العلل لابن رجب (2/631). تهذيب التهذيب (4/201)، وتعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس (ص 66). الخلاصة للخزرجي (1/414).
عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري أبو أمية المصري:
طبقات ابن سعد (7/515). تاريخ ابن معين (2/441)، العلل للإمام أحمد (1/225). التاريخ الكبير للبخاري (6/320)، والصغير (2/96، 98). الكنى والأسماء لمسلم (ق 7). ثقات العجلي (ص 362 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/133، 427، 2/485، 487). تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/258). الكنى للدولابي (1/113). الجرح والتعديل (6/225). ثقات ابن حبان (7/228). رجال مسلم لابن منجويه (ق/128/أ). السابق واللاحق للخطيب (ص281). التعديل والتجريح للباجي (ق 260). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/364). تهذيب الكمال (2/ق 1028). سير أعلام النبلاء (6/349). الميزان (3/252). تذكرة الحفاظ (1/183). تهذيب التهذيب (8/14). بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم لابن عبد الهادي (ق 52). حسن المحاضرة للسيوطي (1/279، 300، 346). الخلاصة للخزرجي (2/282).
إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليّة:(7/8)
طبقات ابن سعد (7/325). تاريخ ابن معين (2/30، 3/86)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 60)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 19، 234، 401). العلل للإمام أحمد (1/55، 65، 367، 379، 385). التاريخ الكبير للبخاري (1/342)، والصغير (2/275). جامع الترمذي (3/401) المعرفة والتاريخ للفسوي (1/181، 182، 2/130-134، 159، 168، 242، 258). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/153). ثقات ابن حبان (6/44)، ومشاهير علماء الأمصار (رقم 1277)، ثقات ابن شاهين (رقم 16). رجال مسلم لابن منجويه (ق 10/ب)، السنن الكبرى للبيهقي (7/106). تاريخ بغداد (6/229). التعديل والتجريح للباجي (ق 36). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/23). طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/99)، تهذيب الكمال (3/23). سير أعلام النبلاء (9/107)، والميزان (1/216)، وتذكرة الحفاظ (1/322). تهذيب التهذيب (1/275). والخلاصة للخزرجي (1/83).
عبد الله بن وهب أبو محمد المصري:
طبقات ابن سعد (7/518). تاريخ ابن معين (2/336). وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 630). العلل للإمام أحمد (1/346). التاريخ الكبير للبخاري (5/218). ثقات العجلي (ص 283 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (2/183). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/189). ثقات ابن حبان (8/346). الكامل لابن عدي (4/1518). ثقات ابن شاهين (رقم 641). رجال مسلم لابن منجويه (ق 99/ب). الحلية لأبي نعيم (8/324). الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر (ص 148). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/260). ترتيب المدارك للقاضي عياض (3/228). تهذيب الكمال (2/ق 753). سير أعلام النبلاء (9/223) والميزان (2/521). الديباج المذهب لابن فرحون (1/413). تهذيب التهذيب (6/71) تعريف أهل التقديس (ص 40). حسن المحاضرة للسيوطي (1/302، 346، 446). الخلاصة للخزرجي (2/110).
عفان بن مسلم أبو عثمان البصري:(7/9)
طبقات ابن سعد (7/336). تاريخ ابن معين (2/407)، تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 200)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 392). العلل للإمام أحمد (1/285، 367، 378). التاريخ الكبير للبخاري (7/72) والصغير (2/342). ثقات العجلي (ص 336 ترتيب الهيثمي). الجرح والتعديل (7/30). ثقات ابن حبان (8/522). الكامل لابن عدي (5/2021). رجال مسلم لابن منجويه (ق 144/أ). تاريخ بغداد (12/269). التعديل والتجريح للباجي (ق 286). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/407). المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 186). تهذيب الكمال (2/ق 941). سير أعلام النبلاء (10/242). الميزان (3/81). تهذيب التهذيب (7/230). هدي الساري (ص 425، 463). الخلاصة للخزرجي (2/234).
عليّ بن الجعد الجوهري:
طبقات ابن سعد (7/338). التاريخ الكبير للبخاري (6/266)، والصغير (2/267). سؤالات الآجري (ص 254). الجعديات لأبي القاسم البغوي (2/1188). الضعفاء للعقيلي (3/224). الجرح والتعديل (6/178). ثقات ابن حبان (8/466). الكامل لابن عدي (5/1856). سؤالات الحاكم للدارقطني (رقم 411). تاريخ بغداد (11/360). التعديل والتجريح للباجي (ق 255). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/355). المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 188) المعْلِم بأسامي شيوخ البخاري ومسلم لابن خلفون (1/ق 48/أ). تهذيب الكمال (2/ق 957). سير أعلام النبلاء (10/459)، والميزان (3/116) والمغني في الضغفاء (2/444)، تهذيب التهذيب (7/289)، هدي الساري (ص 430، 460). بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم لابن عبد الهادي (ق 49). الخلاصة للخزرجي (2/243).
وقد ترجم له ترجمة مطولة. د.عبد المهدي بن عبد القادر في مقدمته لكتاب الجعديات الذي حققه وطبعه باسم ((مسند ابن الجعد)) سنة 1405ه ونشرته مكتبة الفلاح بالكويت.
الحكم بن نافع أبو اليمان الحمصي:(7/10)
طبقات ابن سعد (7/472). تاريخ ابن معين (2/127) التاريخ الكبير للبخاري (2/344)، والصغير (2/346). والكنى لمسلم (ق 122) وثقات العجلي (ص 127 ترتيب الهيثمي). أجوبة أبي زرعة الرازي (2/465). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/205). تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/434، 2/716). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/129). رجال مسلم لابن منجويه (ق 34/أ). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/102). تاريخ دمشق لابن عساكر (5/1/17/أ). والمعجم المشتمل (ص 110). المُعْلِم بأسامي شيوخ البخاري ومسلم لابن خلفون (1/65/أ). تهذيب الكمال (7/146). سير أعلام النبلاء (10/325)، والميزان (1/581). شرح علل الترمذي لابن رجب (1/264). تهذيب التهذيب (2/441). وهدي الساري (ص 399، 461). الخلاصة للخزرجي (1/247).
عبد الواحد بن زياد العبدي:
طبقات ابن سعد (7/289)، تاريخ ابن معين (2/377)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 52). التاريخ الكبير للبخاري (6/59)، والصغير (2/218). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/168، 3/122). الضعفاء للعقيلي (3/55) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/20). ثقات ابن حبان (7/123). الكامل لابن عدي (5/1938). رجال مسلم لابن منجويه (ق 111/أ). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/319). تهذيب الكمال (2/ق 865). سير أعلام النبلاء (9/7)، الميزان (2/672). تهذيب التهذيب (6/434)، هدي الساري (ص 422، 462). الخلاصة للخزرجي (2/183).
علي بن المبارك الهنائي:(7/11)
تاريخ ابن معين (2/422، 4/180)، تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 500)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 122). العلل للإمام أحمد (1/135، 189). التاريخ الكبير للبخاري (6/295). مسند يعقوب بن شيبة (ص 60-61) ثقات العجلي (ص 349 ترتيب الهيثمي). سؤالات الآجري (ص 287، 308). المعرفة والتاريخ للفسوي (3/183). تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/452، 2/686). الجرح والتعديل (6/203). ثقات ابن حبان (7/213). ثقات ابن شاهين (رقم 752)، رجال مسلم لابن منجويه (ق 126/أ). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/355). الأنساب للسمعاني (13/430). تهذيب الكمال (2/ق 989). الميزان (3/152). تهذيب التهذيب (7/375). هدي الساري (ص 430، 463). بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم لابن عبد الهادي (ق 50). الخلاصة للخزرجي (2/255).
محمد بن بشار أبو بكر البصري ((بُنْدار)):
التاريخ الكبير للبخاري (1/49)، والصغير (2/396). ثقات العجلي (ص 401 ترتيب الهيثمي). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (7/214). ثقات ابن حبان (8/111). رجال مسلم لابن منجويه (ق 153/ب). تاريخ بغداد (2/101). الجمع بين رجال الصحيحين (2/435). المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 228) تهذيب الكمال (3/ق 1177) سير أعلام النبلاء (12/144)، الميزان (3/490). تذكرة الحفاظ (2/511)، تهذيب التهذيب (9/70) هدي الساري (ص 437، 463). الخلاصة للخزرجي (2/384). التنكيل للمعلمي اليماني (1/430).
أسباط بن محمد القرشي مولاهم أبو محمد الكوفي:(7/12)
طبقات ابن سعد (6/393). تاريخ ابن معين (2/23) وسؤالات ابن الجنيد (ق/82/ب)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 169). التاريخ الكبير للبخاري (2/53) سؤالات الآجري أبا داود (ص 159). الضعفاء للعقيلي (1/119). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/333). تاريخ الموصل لأبي زكريا الأزدي (ص 341). ثقات ابن حبان (6/85). تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر محمد بن عبد الله الربعي (ص 380 من النسخة المطبوعة على الآلة الكاتبة)(1). ثقات ابن شاهين (رقم 102). رجال مسلم لابن منجويه (ق 17/أ). تاريخ بغداد (7/46). التعديل والتجريح للباجي (ق 53). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/45). تهذيب الكمال (2/354). التذهيب (1/51/ب)، والميزان (1/175)، والسير (9/355)، والكاشف للذهبي (1/57). إكمال مغلطاي (1/85/أ). نهاية السول لسبط ابن العجمي (1/45/أ). تهذيب التهذيب (1/211)، وهدي الساري (ص 389) وفتح الباري لابن حجر (8/246). والخلاصة للخزرجي (1/67).
بَدَل بن المُحبَّر أبو المنير البصري:
التاريخ الكبير للبخاري (2/150)، والكنى للدولابي (2/130)، والجرح والتعديل (2/439)، ثقات ابن حبان (8/153)، سؤالات الحاكم للدارقطني (رقم 291)، التعديل والتجريح للباجي (ق 63)، الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/63)، المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 85). تهذيب الكمال (4/28)، الميزان (1/300) والمغني في الضعفاء (1/101)، الكاشف (1/97)، تهذيب التهذيب (1/423). الخلاصة للخزرجي (142).
حبيب بن أبي ثابت الأسدي أبو يحيى الكوفي:
__________
(1) حققه الباحث عبد الله بن أحمد الحمد ونال به درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة عام 1401ه.(7/13)
طبقات ابن سعد (6/320). تاريخ ابن معين (2/96). التاريخ الكبير للبخاري (2/323). ثقات العجلي (ص 104 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (2/204). الجعديات للبغوي (1/406). الضعفاء للعقيلي (1/263). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/107). والمراسيل (ص 28، 192). ثقات ابن حبان (4/137) ومشاهير علماء الأمصار له (رقم 823). الكامل لابن عدي (2/815). رجال مسلم لابن منجويه (ق 36). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/97). تهذيب الكمال (5/358)، سير أعلام النبلاء (5/288)، والميزان للذهبي (1/451). جامع التحصيل للعلائي (ص 120، 190) شرح علل الترمذي لابن رجب (2/651). تهذيب التهذيب (2/178)، وهدي الساري (ص 395، 461). وتعريف أهل التقديس لابن حجر (ص 84). الخلاصة (1/191).
داود بن الحصين أبو سليمان المدني:
طبقات ابن سعد (ص 317 القسم المتمم لتابعي أهل المدينة). تاريخ ابن معين (2/152)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 337). طبقات خليفة بن خياط (ص 259)، وتاريخه (ص 411). التاريخ الكبير للبخاري (3/231)./ ثقات العجلي (ص 147 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (3/47). الضعفاء للعقيلي (2/35). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/408). ثقات ابن حبان (6/284)، ومشاهير علماء الأمصار (رقم 1061). الكامل لابن عدي (3/959). ثقات بن شاهين (رقم 340). رجال مسلم لابن منجويه (ق 38/أ). التعديل والتجريح للباجي (ق 54/أ). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/129). تهذيب الكمال (1/ق 383). سير أعلام النبلاء (6/106)، والميزان (2/5)، والمغني في الضعفاء (1/217). وديوان الضعفاء (ص 91). شرح علل الترمذي لابن رجب (2/644). نهاية السول 1/88/ب). تهذيب التهذيب (3/181)، وهدي الساري (401، 459). التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة للسخاوي (2/29). الخلاصة للخزرجي (1/301).
سلام بن أبي مطيع الخزاعي:(7/14)
تاريخ ابن معين (2/221). العلل للإمام أحمد (1/60، 225). التاريخ الكبير للبخاري (4/134)، والصغير (2/159). سؤالات الآجري (ص 309). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/165، 168). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/258). المجروحين لابن حبان (1/341). الكامل لابن عدي (3/1153). ثقات ابن شاهين (رقم 468، 470). رجال مسلم لابن منجوية (69/أ). حلية الأولياء لأبي نعيم (6/188). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/196). تهذيب الكمال (1/ق 564). سير أعلام النبلاء (7/428)، والميزان (2/181)، والكاشف (1/331). تهذيب التهذيب (4/282). هدي الساري (ص 408). الخلاصة للخزرجي (1/434). التنكيل للمعلمي اليماني (1/265).
عبد الكريم بن مالك الجزري:
طبقات ابن سعد (7/481) تحرّف فيه عبد الكريم إلى عبد الله). تاريخ ابن معين (2/369) تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 310، 492)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 251). العلل للإمام أحمد (1/299، 380). التاريخ الكبير للبخاري (6/88) والصغير (2/6). ثقات العجلي (ص 307 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (2/175). تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/551). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/58). المجروحين لابن حبان (2/145). الكامل (لابن عدي (5/1979). ثقات ابن شاهين (رقم 979). سؤالات البرقاني للدارقطني (رقم 305). رجال مسلم لابن منجويه (ق 111/ب). التعديل والتجريح للباجي (ق241). الجمع بين رجال الصحيحين (1/324). تاريخ دمشق لابن عساكر (10/2/218/أ). الكمال للمقدسي (3/ق 294/ب). تهذيب الكمال (2/848). سير أعلام النبلاء (6/80). والميزان (2/645)، والتذهيب (2/3/246) شرح العلل لابن رجب (2/655). نهاية السول (1/219/أ). مختصر كامل ابن عدي للمقريزي (لوحة 157/ب) تهذيب التهذيب (6/375)، هدي الساري (ص 421) الخلاصة للخزرجي (2/173).
عبيد الله بن موسى العبسي:(7/15)
طبقات ابن سعد (6/400). تاريخ ابن معين (2/384)، وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 99). العلل للإمام أحمد (1/201). التاريخ الكبير للبخاري (5/401) والصغير (2/326). أحوال الرجال للجوزجاني (رقم 107). ثقات العجلي (ص 319 ترتيب الهيثمي) سؤالات الآجري (ص 150، 152). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/198، 717). الضعفاء للعقيلي (3/127). الجرح والتعديل (5/334). ثقات ابن حبان (7/152)، ومشاهير علماء الأمصار (رقم 1385). أسامي من روى عنهم البخاري لابن عدي (ق 94/ب). ثقات ابن شاهين (رقم 957-958). رجال مسلم لابن منجويه (ق 116/أ) التعديل والتجريح للباجي (ق 229) الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/304). تهذيب الكمال (2/ق 889). سير أعلام النبلاء (9/553)، الميزان (3/16). والمغني في الضعفاء (2/418). شرح العلل لابن رجب (2/541). تهذيب التهذيب (7/50)، هدي الساري (ص 423). الخلاصة للخزرجي (2/199).
عمرو بن علي أبو حفص الفلاس:
التاريخ الصغير للبخاري (2/388)، والكنى والأسماء لمسلم (ق 23). الجرح والتعديل (6/249). ثقات ابن حبان (8/487). الكامل لابن عدي (1/138 المقدمة). رجال مسلم لابن منجوية (ق 130/أ). تاريخ بغداد (12/207). والسابق واللاحق (ص 282). التعديل والتجريح للباجي (ق 265). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/367). الأنساب للسمعاني (10/270). تهذيب الكمال (2/ق 1044). سير أعلام النبلاء (11/470)، والكاشف (2/290). تهذيب التهذيب (8/80). هدي الساري (ص 431، 463). الخلاصة للخزرجي (2/292). طبقات المفسرين للداودي (2/17).
عمرو بن أبي عمرو مولى المطَّلب، أبو عثمان المدني:(7/16)
طبقات ابن سعد (ص 341 القسم المتمم لتابعي أهل المدينة) تاريخ ابن معين (2/450). العلل للإمام أحمد (1/229). التاريخ الكبير للبخاري (6/359). أحوال الرجال للجوزجاني (رقم 206). ثقات العجلي (ص 367 ترتيب الهيثمي). الضعفاء للعقيلي (3/288). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/252). والمراسيل (ص 147). ثقات ابن حبان (5/185). الكامل لابن عدي (5/1767). رجال مسلم لابن منجويه (ق 130/ب) التعديل والتجريج للباجي (ق 262). الجمع بين رجال الصحيحين (1/369). تهذيب الكمال (2/ق 1045). سير أعلام النبلاء (6/118). والميزان (3/281)، والكاشف (2/291). جامع التحصيل للعلائي (ص 301). شرح العلل لابن رجب (2/643) تهذيب التهذيب (8/82). هدي الساري (ص 432، 463). التحفة اللطيفية للسخاوي (2/305). بحر الدم لابن عبد الهادي (ق 53). إسعاف المبطأ برجال الموطأ للسيوطي (ص 23). الخلاصة للخزرجي (2/292).
إبراهيم بن بشار الرمادي:
طبقات ابن سعد (7/308). تاريخ ابن معين (2/7) التاريخ الكبير للبخاري (1/277) والصغير (2/330). سؤالات الآجري أبا داود (ص234). ضعفاء العقيلي (1/47). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/89). ثقات ابن حبان (8/72). الكامل لابن عدي (1/265). المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 64). الأنساب للسمعاني (6/163). تهذيب الكمال (2/56). سير أعلام النبلاء (10/510)، والتذهيب (1/33/ب)، والميزان (1/23)، والكاشف (1/34)، والمغني في الضعفاء (1/11). إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (1/ق 49). شرح علل الترمذي (2/705). تهذيب التهذيب (1/108). بحر الدم لابن عبد الهادي (ق 6). الخلاصة للخزرجي (1/41). التنكيل للمعلمي اليماني (1/85).
إسحاق بن إسماعيل الطالقاني:(7/17)
سؤالات ابن الجنيد (ق 67/ب). تاريخ وفيات الشيوخ الذين أدركهم أبو القاسم البغوي ترتيب أحمد بن منيع (ق 170/أ). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/212). ثقات ابن حبان (8/113). تاريخ بغداد (6/335). الأنساب للسمعاني (9/9) واللباب لابن الأثير (2/269). تهذيب الكمال (2/409). التذهيب (1/54/ب)، والكاشف للذهبي (1/60). وإكمال مغلطاي (1/89/أ). ونهاية السول (1/ق 47). والتهذيب لابن حجر (1/227). والخلاصة للخزرجي (1/71).
الربيع بن سليمان المرادي:
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/464) ومناقب الشافعي له (ص 71، 75، 274). ثقات ابن حبان (8/240). مناقب الشافعي للبيهقي (2/358). الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر (ص 112). طبقات الفقهاء للشيرازي (ص 98). المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 119). وفيات الأعيان لابن خلكان (2/291). تهذيب الكمال (1/ق 404). سير أعلام النبلاء (12/587). طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (2/232). طبقات الشافعية للأسنوي (1/39). تهذيب التهذيب (3/245). الخلاصة للخزرجي (1/319). طبقات الشافعية لابن هداية الله الحسيني (ص 24). التنكيل للمعلمي اليماني (1/252).
عبد الرحمن بن مَغْرا أبو زهير الدوسي:
معرفة الرجال رواية ابن محرز عن ابن معين (ق 8/أ) التاريخ الكبير للبخاري (5/355). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/290). ثقات ابن حبان (7/92). الكامل لابن عدي (4/1599). تهذيب الكمال (2/ق 818). سير أعلام النبلاء (9/300)، والميزان (2/592)، والكاشف (2/165). تهذيب التهذيب (6/274). الخلاصة للخزرجي (2/153).
إسحاق بن راشد الجزري، أبو سليمان:(7/18)
تاريخ ابن معين (2/24). التاريخ الكبير للبخاري (1/386). والمعرفة والتاريخ للفسوي (1/345، 434). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/219). ثقات ابن حبان (6/51). ثقات ابن شاهين (رقم 59). سؤالات الحاكم للدارقطني (رقم 279). تسمية من أخرج لهم البخاري ومسلم لأبي عبد الله الحاكم (ق 5/ب). التعديل والتجريح للباجي (ق 22/أ). تاريخ دمشق لابن عساكر (2/2/377/ب). تهذيب الكمال (2/419). والتذهيب (1/55/أ)، والميزان (1/190)، والكاشف (1/61) والمغني للذهبي (1/70). وإكمال مغلطاي (1/90/أ). ونهاية السول (1/ق 48). والتهذيب لابن حجر (1/230). وتعريف أهل التقديس له (ص 31). والخلاصة للخزرجي (1/72).
جرير بن حازم أبو النضر البصري:
طبقات ابن سعد (7/278). تاريخ ابن معين (2/80) تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 220).سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني (رقم 22، 23). العلل للإمام أحمد (1/53). التاريخ الكبير للبخاري (3/213)، والصغير (2/25، 181). ثقات العجلي (ص 96 ترتيب الهيثمي). المعرفة والتاريخ للفسوي (2/167). الجعديات للبغوي (2/1111). ضعفاء العقيلي (1/198). الجرح والتعديل (2/505). ثقات ابن حبان (6/144) الكامل لابن عدي (2/548). ثقات ابن شاهين (رقم 172). رجال مسلم لابن منجويه (ق 28/أ). التعديل والتجريح للباجي (ق 71). الفوائد المؤرخة من الصحاح والغرائب لعلي بن المحسِّن التنوخي (ص 97). الجمع بين رجال الصحيحين (1/74)، تهذيب الكمال (4/524)، سير أعلام النبلاء (7/103). تذكرة الحفاظ (1/199)، والميزان (1/392). شرح علل الترمذي لابن رجب (2/624). نهاية السول لسبط ابن العجمي (1/ق 97)، تهذيب التهذيب (2/69). هدي الساري (ص 394، 461). الخلاصة للخزرجي (1/162). الكواكب النيرات لابن الكيال (ص 111).
سليمان بن كثير العبدي:(7/19)
التاريخ الكبير للبخاري (4/33). الضعفاء للعقيلي (2/137). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/138). المجروحين لابن حبان (1/334). الكامل لابن عدي (3/1135). سؤالات البَرقاني للدارقطني (رقم 195). رجال مسلم لابن منجويه (ق 69/أ). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/180). تهذيب الكمال (1/ق 545). سير أعلام النبلاء (7/294)، والميزان (2/220)، والكاشف (1/319). تهذيب التهذيب (4/215)، هدي الساري (ص 408). الخلاصة للخزرجي (1/418).
جعفر بن بُرقان أبو عبد الله الرقي:
طبقات ابن سعد (7/382). تاريخ ابن معين (2/84) وسؤالات ابن الجنيد (ق 73/أ، 74/أ). وتاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 14، 210). العلل للإمام أحمد (1/217). التمييز لمسلم بن الحجاج (ص 171). ثقات العجلي (ص 96 ترتيب الهيثمي). سؤالات الآجري (ص 202). المعرفة والتاريخ للفسوي (1/184، 2/455). عمل اليوم والليلة للنسائي (ص 233). الضعفاء للعقيلي (1/184). الجرح والتعديل (2/474)، والعلل لابن أبي حاتم (1/254). تاريخ الرقة لمحمد ابن سعيد القشيري (ص 61). ثقات ابن حبان (6/136). ومشاهير علماء الأمصار (رقم 1480). الكامل لابن عدي (2/563). سؤالات البَرقاني للدارقطني (رقم 81) والعلل (3/21) ثقات ابن شاهين (رقم 159). رجال مسلم لابن منجويه (ق 29/أ). تهذيب الكمال (5/11). الميزان للذهبي (1/403). جامع التحصيل للعلائي (ص 185). شرح علل الترمذي لابن رجب (2/635). التهذيب لابن حجر (2/84). الخلاصة للخزرجي (1/166).
زيد بن الحُبَاب أبو الحسين العُكْلي:(7/20)
طبقات ابن سعد (6/402). تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 342). العلل للإمام أحمد (1/248، 251). ثقات العجلي (ص 171 ترتيب الهيثمي). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/561). تاريخ الموصل لأبي زكريا الأزدي (ص 353). ثقات ابن حبان (8/250). الكامل لابن عدي (3/1065). ثقات ابن شاهين (رقم 391). تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (1/156). تاريخ بغداد (8/442). الإكمال لابن ماكولا (2/143). جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس للحميدي (ص 220). بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس للضبي (ص 295). تهذيب الكمال (1/ق 450). سير أعلام النبلاء (9/393)، والميزان (2/100)، والكاشف (1/265)، وتذكرة الحفاظ (1/350)، وتذهيب التهذيب (2/66/ب). شرح العلل لابن رجب (2/671). تهذيب التهذيب (3/402). الخلاصة للخزرجي (1/350). نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب للمقري (3/57).
سِمَاك بن حرب أبو المغيرة الكوفي:
طبقات ابن سعد (6/323). تاريخ ابن معين (2/239). التاريخ الكبير للبخاري (4/173). ثقات العجلي (ص 207 ترتيب الهيثمي) و(ق 18/أ ترتيب السبكي). الجعديات للبغوي (1/408). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/279). ثقات ابن حبان (4/339). والكامل لابن عدي (3/1299). ثقات ابن شاهين (رقم 505، 508). رجال مسلم لابن منجويه (ق 73/ب) تاريخ بغداد (9/214). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/204). تهذيب الكمال (1/ق 549). سير أعلام النبلاء (5/245)، والميزان (2/232). شرح العلل لابن رجب (2/643) تهذيب التهذيب (4/233). الخلاصة للخزرجي (1/421). الكواكب النيرات لابن الكيال (ص 237).
عبد الله بن محمد بن أبي الأسود أبو بكر البصري:(7/21)
التاريخ الكبير للبخاري (5/189). الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/159). ثقات ابن حبان (8/348). تاريخ بغداد (10/62). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (1/266). المعجم المشتمل لابن عساكر (ص 159). تهذيب الكمال (2/ق 734). سير أعلام النبلاء (10/648)، تذكرة الحفاظ (2/493)، والميزان (2/491)، والكاشف (2/111). تهذيب التهذيب (6/6)، وهدي الساري (ص 416). طبقات الحفاظ للسيوطي (ص 215). الخلاصة للخزرجي (2/94).
عثمان بن غِيَاث الراسبي:
تاريخ ابن معين (2/395). التاريخ الكبير للبخاري (6/245). أحوال الرجال للجوزجاني (رقم 204). سؤالات الآجري (ص 292، 353). الضعفاء للعقيلي (3/213). الجرح والتعديل (6/164). ثقات ابن حبان (7/199). ثقات ابن شاهين (رقم 733). رجال مسلم لابن منجويه (ق 123/أ). الجمع بين رجال الصحيحين (1/349). تهذيب الكمال (2/ق 918). الميزان (3/51). تهذيب التهذيب (7/146). هدي الساري (ص 424). الخلاصة للخزرجي (2/219).
محمد بن عجلان المدني:
طبقات ابن سعد (ص 355 القسم المتمم لتابعي أهل المدينة). تاريخ ابن معين (2/531). العلل للإمام أحمد (1/19، 273). التاريخ الكبير (1/196). ثقات العجلي (ص 410 ترتيب الهيثمي). عمل اليوم والليلة للنسائي (ص 179). الضعفاء للعقيلي (4/118). الجرح والتعديل (8/49). ثقات ابن حبان (7/386) ثقات ابن شاهين (رقم 1344). رجال مسلم لابن منجويه (ق 160/ب). الجمع بين رجال الصحيحين لابن طاهر (2/475). تهذيب الكمال (3/ق 1242). سير أعلام النبلاء (6/317). الميزان (3/644)، والمغني في الضعفاء (2/613). والكاشف (3/69). شرح العلل لابن رجب (1/123). تهذيب التهذيب (9/341). هدي الساري (ص 458). التحفة اللطيفة للسخاوي (3/667). الخلاصة للخزرجي (2/438).
الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني:(7/22)
المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل لابن عساكر (ص 96). تهذيب الكمال (6/47). الكاشف للذهبي (1/158). التهذيب لابن حجر (2/253). الخلاصة للخزرجي (1/208).
سفيان بن حسين الواسطي:
طبقات ابن سعد (7/312). تاريخ ابن معين (2/210)، تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 19)، ورواية أبي خالد الدقاق (رقم 176). التاريخ الكبير للبخاري (4/89). ثقات العجلي (ص 189 ترتيب الهيثمي) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/228). ثقات ابن حبان (6/404)، والمجروحين (1/358). الكامل لابن عدي (3/1250). ثقات ابن شاهين (رقم 497). تاريخ بغداد (9/149). تهذيب الكمال (1/ق 510). سير أعلام النبلاء (7/302)، والميزان (2/165)، والكاشف (1/300). شرح العلل لابن رجب (2/663). تهذيب التهذيب (4/107)، هدي الساري (ص 457). الخلاصة للخزرجي (1/395).
عمر بن إبراهيم العبدي:
تاريخ الدارمي عن ابن معين (رقم 41) التاريخ الكبير للبخاري (6/141). الضعفاء للعقيلي (3/146). الجرح والتعديل (6/98). المجروحين لابن حبان (2/89)، والثقات (8/231) ذكره في ترجمة ابنه الخليل، وضعفه) الكامل لابن عدي (5/1700). سؤلات البَرقاني للدارقطني (رقم 349). تهذيب الكمال (2/ق 1002). الميزان (3/178). والمغني في الضعفاء (2/462)، والكاشف (2/264). شرح العلل لابن رجب (2/660). تهذيب التهذيب (7/425). الخلاصة للخزرجي (2/265).
الملحق الثاني: الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم مرتبين على حروف المعجم مع خلاصة ما قيل في كل واحد منهم:
إبراهيم بن بشار الرمادي: تكلم ابن معين والإمام أحمد في روايته عن سفيان بن عيينة، وهو ممن سمع من ابن عيينة قديما ولازمه سنين عديدة فحفظ أحاديثه، وقد شهد له ابن معين بأنه أحفظ من الحميدي، ووثقه أبو عوانة الاسفرائيني وابن حبان وابن عدي وأبو عبد الله الحاكم ووصفوه بأنه من كبار أصحاب ابن عيينة، وما ذكره ابن معين والإمام أحمد لا يقدح في روايته عنه.(7/23)
إبراهيم بن سعد أبو إسحاق الزهري: تكلم الحافظ صالح جزرة في روايته عن الزهري ، وخالفه الأئمة ابن معين والإمام أحمد وغيرهما فوثقوه في الزهري، واحتج البخاري ومسلم بروايته عنه.
أسباط بن محمد الكوفي: روى عباس الدوري عن ابن معين أن أسباطا كان يخطيء عن سفيان الثوري، وهذا إنما قاله ابن معين بالنسبة لغيره من كبار أصحاب الثوري، وقد روى عدد من تلاميذ ابن معين عنه توثيق أسباط توثيقا مطلقا.
إسحاق بن إسماعيل الطالقاني: استصغره علي بن المديني في جرير بن عبد الحميد، وذهب إلى أنه لم يضبط عنه، وخالفه ابن معين والإمام أحمد فوثقاه، وهما أعرف به من ابن المديني، فتوثيقهما أولى بالقبول.
إسحاق بن راشد الجزري: ذكره بعض العلماء في المدلسين بسبب تصريحه بالتحديث عن الزهري بما لم يسمع منه، إلا أن هذا لم يثبت عنه بل ثبت خلافه، فانتفت تهمة التدليس عنه، ومع ذلك فقد تكلم ابن معين والذهلي والنسائي في روايته عن الزهري فلا يقبل منها إلا ما وافقه عليه غيره.
إسحاق بن يوسف الأزرق: تكلم الإمام أحمد في روايته عن الثوري، وكلامه فيه إنما هو بالنسبة لغيره من كبار أصحاب الثوري، وقد وثقه هو وغيره توثيقا مطلقا، وروايته عن الثوري في الصحيحين.
إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عُليّة: تكلم ابن معين في روايته عن ابن جريج بسبب لفظة زادها في حديث واحد، وقد وثق الأئمة ابن عُليّة توثيقا مطلقا، وخُرِّج حديثه عن ابن جريج في الصحيحين.
بَدَل بن المُحبَّر البصري: تُكلِّم في روايته عن زائدة بن قدامة بسبب حديث واحد، وضعفه لأجل ذلك الدارقطني، وقد رد الحافظ ابن حجر في ((مقدمة الفتح)) قول الدارقطني ووصفه بأنه تعنت.
جرير بن حازم البصري: ضعفه عبد الرحمن بن مهدي وابن معين والإمام أحمد وغيرهم في روايته عن قتادة.
جعفر بن بُرقان الرقي: ضعفه عدد من الأئمة في روايته عن الزهري.(7/24)
حبيب بن أبي ثابت الكوفي: تكلم يحيى القطان في روايته عن عطاء بن أبي رباح بأمر محتمل لا يخدش في توثيق الأئمة المطلق له، إلا أنه مشهور بالتدليس فلا يقبل من حديثه عن عطاء وغيره إلا بما صرح فيه بالسماع.
الحسن بن أحمد الكرماني: ضعفه النسائي ومسلمة بن قاسم الأندلسي في روايته عن مسدد.
الحكم بن نافع أبو اليمان الحمصي: تُكلِّم في طريقة تحمله عن شعيب بن أبي حمزة، فقيل: إنها إجازة، وقيل: إنها مناولة. وقد ثبت سماعه من شعيب، وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما نحو أربعين حديثا من روايته عنه.
داود بن الحصين المدني: تكلم علي بن المديني وأبو داود السجستاني في روايته عن عكرمة بسبب أحاديث مناكير وقعت في روايته، العهدة فيها على غيره.
الربيع بن سليمان المرادي: تكلم أبو زيد القراطيسي في روايته عن الإمام الشافعي، ولم يلتفت العلماء إلى قوله، واعتمدوا على الربيع في رواية أكثر كتب الإمام الشافعي.
زيد بن الحُبَاب العكْلي: تكلم ابن معين في روايته عن سفيان الثوري، ووصف أحاديثه عنه بأنها مقلوبة.
سفيان بن حسين الواسطي: ((ثقة في غير الزهري باتفاقهم)).
سفيان بن عيينة الهلالي: تكلم الجوزجاني في روايته عن الزهري، وتكلم سليمان بن حرب في روايته عن أيوب السختياني، وخالفهما الأئمة، ولم يلتفتوا إلى قوليهما، وقد احتج البخاري ومسلم بروايته عنهما.
سلاّم بن أبي مطيع البصري: تكلم ابن عدي في روايته عن قتادة بسبب أحاديث أنكرها عليه العهدة فيها على غيره.
سليمان بن طرخان التيمي: تكلم أبو بكر الأثرم في روايته عن قتادة بسبب أحاديث أنكرها عليه، وخالفه غيره فصحح بعض تلك الأحاديث، وقد أطبق الأئمة على توثيق التيمي مطلقا، واتفق البخاري ومسلم على تخريج حديثه عن قتادة.
سليمان بن كثير العبدي: لا بأس به في غير الزهري.(7/25)
سماك بن حرب الذهلي: تكلم شعبة وغيره في روايته عن عكرمة لاضطرابه فيها بسب التلقين،إلا أن شعبة لم يكن يلقنه، فروايته عنه عن عكرمة مقبولة بخلاف رواية غيره.
الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل: تكلم ابن معين في روايته عن سفيان الثوري، وكلامه فيه إنما هو بالنسبة إلى أقرانه من كبار أصحاب الثوري، وحديثه عن الثوري مخرج في الصحيحين.
عبد الله بن محمد بن أبي الأسود البصري: استصغره ابن معين وعلي بن المديني في أبي عوانة اليشكري.
عبد الله بن وهب المصري: لم يثبت عن ابن معين تضعيفه في ابن جريج، وتكلم الإمام أحمد في روايته عن ابن جريج بكلام محتمل، وحديثه عنه مخرج في الصحيحين.
عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي: تكلم بعض العلماء في روايته عن الزهري ويحيى بن أبي كثير، وكلامهم فيه إنما هو بالنسبة إلى أقرانه من كبار أصحابهما، وحديثه عنهما مخرج في الصحيحين.
عبد الرحمن بن مغرا أبو زهير الكوفي: لم يثبت عن ابن المديني تضعيفه في الأعمش.
عبد الرحمن بن نمر الدمشقي: ضعفه ابن معين في الزهري بسب لفظة زادها في حديث واحد، وخالفه من هو أعرف بعبد الرحمن وأعلم بحديث الزهري منه فوثقه.
عبد الرزاق بن همام الصنعاني: تكلم ابن معين في روايته عن الثوري عبيد الله بن عمر العمري، وكلامه فيه إنما هو بالنظر إلى كبار أصحابهما، وحديثه عن الثوري مخرج في الصحيحين، واحتج مسلم بروايته عن عبيد الله.
عبد الكريم بن مالك الجزري: تلكم ابن معين في حديث واحد من روايته عن عطاء بن أبي رباح، ولم يثبت عنه تضعيفه في عامة حديثه عن عطاء.
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: تكلم بعض العلماء في حديثه عن الزهري بسبب روايته عنه بالإجازة، لكنه لم يقتصر على الإجازة، بل سمع من الزهري وقرأ عليه، فما صرح فيه بالتحديث أو الإخبار فهو محتج به كما صرح بذلك يحيى القطان والإمام أحمد وغيرهما، وقد احتج البخاري ومسلم بروايته عن الزهري.(7/26)
عبد الواحد بن زياد العبدي مولاهم: تكلم يحيى القطان وأبو داود الطيالسي في روايته عن الأعمش بما لايقدح فيه وحديثه عن الأعمش مخرج في الصحيحين.
عبيد الله بن موسى العبسي: تكلم عثمان بن أبي شيبة وابن عدي في روايته عن الثوري، وخالفهما يحيى بن معين فوثقه وهو أعرف به منهما.
عثمان ب غياث البصري: ضعف يحيى القطان أحاديثه في التفسير عن عكرمة.
عفان بن مسلم الصفار: لم يثبت تضعيف سليمان بن حرب له في شعبة.
علي بن الجعد الجوهري: لم يثبت تضعيف علي بن المديني له في شعبة.
علي بن المبارك الهنائي: تعنت يعقوب بن شيبة فتكلم في روايته عن يحيى بن أبي كثير، وخالفه ابن معين والإمام أحمد فوثقاه، وحديثه عنه مخرج في الصحيحين.
عمر بن إبراهيم العبدي: صدوق، في حديثه عن قتادة ضعف.
عمرو بن الحارث المصري: تكلم الإمام أحمد في روايته عن قتادة بما لا يقدح، وحديثه عن قتادة مخرج في الصحيحين.
عمرو بن علي الفلاس: طعن علي بن المديني في روايته عن يزيد ابن زريع بما لم يفسر، وابن المديني والفلاس قرينان، وقد تكلم كل منهما في الآخر، فلا يقبل قول كل منهما في الآخر إلا مفسرا.
عمرو بن أبي عمرو المدني: تُكلِّم في روايته عن عكرمة، وقال الذهبي: ((صدوق، وحديثه صالح حسن)).
قبيصة بن عقبة السوائي: تكلم ابن معين والإمام أحمد في روايته عن سفيان الثوري، وكلامهما فيه إنما هو بالنسبة إلى كبار أصحاب الثوري، وقد احتج به الجماعة في الثوري وغيره.
الليث بن سعد أبو الحارث المصري: تكلم في حديثه عن الزهري وبكير بن الأشج وعبيد الله بن أبي جعفر بما لا يقدح في روايته عنهم، وحديثه عنهم مخرج في الصحيحين.
محمد بن بشّار العبدي ((بندار)): تكلم عمرو بن علي الفلاس في روايته عن يحيى القطان ولم يلتفت العلماء إلى قوله.(7/27)
محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري: تكلم الإمام أحمد في روايته عن سفيان الثوري، وكلامه فيه إنما هو بالنظر إلى أقرانه من كبار أصحاب الثوري، وخُرِّج حديثه عن الثوري في الصحيحين.
محمد بن عجلان المدني: اختلطت عليه أحاديثه أبي هريرة التي سمعها من سعيد المقبري، فينبغي التوقف في ما ينفرد به بهذا الإسناد. وتكلم يحيى القطان في روايته عن نافع مولى ابن عمر، وكلامه فيه بالنظر إلى أقرانه من كبار أصحابه نافع.(7/28)
تابع (7) الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم
صالح بن حامد الرفاعي
فهرس المصادر والمراجع
يشتمل على ما يلي:
أولا: المخطوطات.
ثانيا: الرسائل العلمية التي لم تنشر.
ثالثا: المطبوعات.
وقد راعيت في هذا الفهرس الأمور الآتية:
1- رتبت كل مجموعة من المجموعات السابقة على حروف المعجم.
2- رقمت المصادر والمراجع في المجموعات الثلاث ترقيما تسلسليا.
3- إذ تكرر اسم الكتاب - كأن أذكره في المخطوطات؛ ثم أذكره مرة أخرى في المطبوعات، أو أذكره باسم ثم أذكره مرة أخرى باسم آخر - فإنني أكتفي بالترقيم في الموضع الأول، وأضع مكان الرقم في الموضع الثاني علامة *.
4- لم أدخل في هذا الفهرس المصادر والمراجع التي ذكرتها في المحق الأول ولم استعملها في صلب الرسالة، وقد بلغ عددها ستة وعشرين مصدرا.
أولا: المخطوطات
إتحاف المهرة بأطراف العشرة: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية عن الأصل المحفوظ بالمكتبة الآصفية بالهند.
الأحكام الكبرى: لعبد الحق الأشبيلي (ت 581هـ). مصورة بالجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ بدار الكتب المصرية بالقاهرة.
الأحكام الوسطى: لعبد الحق الأشبيلي (ت 581هـ). مصورة بالجامعة الإسلامية عن الأصل المحفوظ بالمكتبة الملكية بالمغرب.
أسامي من روى عنهم البخاري: لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (ت 365هـ). مصورة بالجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في المكتبة الظاهرية بدمشق.
إكمال تهذيب الكمال: لمغلطاي بن قليج (ت 762هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في المكتبة الأزهرية بالقاهرة.
بحر الدم فيمن تكلم فيه أحمد بمدح أو ذم: ليوسف بن حسن بن عبد الهادي (ت 909هـ). مصورة(1) عن الأصل المحفوظ في مكتبة برلين بألمانيا الغربية.
__________
(1) المخطوطات التي لم أذكر مكان مصورتها فهي موجودة عندي.(8/1)
تاريخ دمشق: لأبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر (ت 571هـ) مصورة بالجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في المكتبة الظاهرية بدمشق.
تذهيب تهذيب الكمال: لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في المكتبة الأحمدية بحلب.
التعديل والتجريح لمن خرج لهم البخاري في الجامع الصحيح: لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت 474هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في مكتبة نور عثمانية بتركيا.
تقريب التهذيب: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني: (ت 852هـ). مصورة عن الأصل المحفوظ في دار الكتب المصرية في القاهرة بخط المؤلف.
التقييد لرواة السنن والمسانيد: لمحمد بن عبد الغني بن نقطة (ت 629هـ). مصورة في مكتبة الشيخ حماد الأنصاري، عن الأصل المحفوظ في المتحف البريطاني بلندن.
تهذيب الكمال في أسماء الرجال: لأبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت742هـ). مصورة عن الأصل المحفوظ في دار الكتب المصرية نشرت مصورتها دار المأمون للتراث، دمشق.
الثقات: لأبي الحسن أحمد بن عبد الله العجلي (ت 261هـ). ترتيب تقي الدين السبكي. مصورة عن الأصل المحفوظ في المكتبة الحمدية بحلب.
الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم: لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية، عن نسخة الشيخ حماد الأنصاري بخطه كتبها من نسخة مطبوعة بمطبعة الظاهر بمصر سنة 1324هـ.
الخلافيات: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ). مصورة في مكتبة الدكتور محمود أحمد ميرة.
رجال مسلم: لأبي بكر أحمد بن علي بن منجويه (ت 428هـ). مصورة عن الأصل المحفوظ في مكتبة البلدية بالإسكندرية.
السنن: لأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة (ت 273هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية على ميكروفيلم، عن الأصل المحفوظ في المكتبة الأهلية في باريس.(8/2)
سؤالات إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد ليحيى بن معين: مصورة عن الأصل المحفوظ في مكتبة أحمد الثالث باستانبول، بخط محمد ابن أحمد المظفري.
علل الترمذي الكبير: لأبي عيسى محمد بن عيسى بن الترمذي (ت 279هـ) ترتيب أبي طالب القاضي. نسخة مصورة عن الأصل المحفوظ في مكتبة أحمد الثالث بتركيا.
الكامل في ضعفاء الرجال: لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (ت 365هـ). مصورة عن الأصل المحفوظ في المكتبة الظاهرية ونسخة أخرى مصورة عن الأصل المحفوظ في مكتبة أحمد الثالث باستانبول.
الكنى والأسماء: لأبي الحسين محمد بن الحجاج (ت 261هـ). نشرت مصورتها دار الفكر بدمشق عن الأصل المحفوظ في المكتبة الظاهرية.
مختصر كامل ابن عدي: لأحمد بن علي المقريزي (ت 845هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية على ميكروفيلم عن الأصل المحفوظ بمكتبة مراد ملا، بتركيا.
مسند أبي يعلى الموصلي: أحمد بن علي التميمي (ت 307هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في مكتبة الفاتح بتركيا.
مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة: لشهاب الدين أحمد بن أبي بكر البوصيري (ت 840هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في المكتبة الأحمدية، بحلب.
معرفة الرجال: لأبي زكريا يحيى بن معين (ت 233هـ). رواية أبي العباس أحمد بن محمد بن محرز. مصورة في الجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في المكتبة الظاهرية.
المُعْلِم بأسامي شيوخ البخاري ومسلم: لأبي بكر محمد بن إسماعيل بن خلفون (ت 636هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية، عن الأصل المحفوظ في المكتبة الأزهرية بالقاهرة.
من تُكلِّم فيه وهو موثق: لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية، عن المحفوظ في المكتبة السليمانية بتركيا.
المنتخب من مسند عبد بن حميد: لأبي أحمد عبد بن حميد الكشي (ت 249هـ). نسخة مصورة في الجامعة الإسلامية عن الأصل المحفوظ في مكتبة أحمد الثالث باستانبول.(8/3)
نهاية السول في رواة الستة الأصول: لبرهان الدين إبراهيم ابن محمد ((سبط بن العجمي)) (ت 841هـ). مصور في الجامعة الإسلامية عن الأصل المحفوظفي في مكتبة رضا رامفور، بالهند.
وفيات شيوخ أبي القاسم البغوي: لعبد الله بن محمد البغوي (ت 317هـ). مصورة في الجامعة الإسلامية عن الأصل المحفوظ في المكتبة الظاهرية.
ثانيا: البحوث العلمية التي لم تنشر
أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري: لأبي سليمان حمد بن محمد الخطابي (ت 388هـ). حققه الباحث محمد بن سعد آل سعود، ونال به درجة الدكتوراه، من جامعة أم القرى سنة 1406هـ بأشراف الدكتور أحمد محمد نور سيف.
زوائد البزار: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). حقق قسما منه الباحث عبد الله مراد، ونال به درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1405هـ، بأشراف الشيخ حماد الأنصاري.
المقتنى في سرد الكنى: لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). حققه الباحث صالح بن عبد العزيز المراد، ونال به درجة الماجستير من جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض بإشراف الدكتور حسين قاسم.
النكت على ابن صلاح: لبدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (ت 794هـ). حقق قسما منه الباحث زين العابدين فريج ونال به درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1406هـ، بإشراف الدكتور سعدي الهاشمي.
ثالثا: المطبوعات
ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته…: الدكتور محمود عبد المنعم.نشر وزارة الأوقاف - العراق. طبع: دارالرسالة بغداد - سنة 1978م جـ1.
أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي: لعبيد الله بن عبد الكريم الرازي (ت 264هـ) ضمن كتاب (أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية). تحقيق الدكتور سعدي الهاشمي. نشر المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ط الأولى سنة 1402هـ (جـ1- 3).(8/4)
الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: ترتيب الأمير علاء الدين الفارسي (ت 739هـ). تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان. نشر المكتبة السلفية بالمدينة، طبع مطبعة المجد. القاهرة، ط الأولى سنة 1390هـ (جـ1-3).
إحياء علوم الدين: لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي (ت 505هـ). طبع مصطفى البابي الحلبي وأولاده - بمصر عام 1358هـ.
أخبار القضاة: لوكيع محمد بن خلف بن حيّان (ت 306هـ). نشر عالم الكتب - بيروت (جـ1-3).
أدب الإملاء والاستملاء: لأبي سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني (ت 562هـ). نشر: دار الكتب العلمية- بيروت سنة 1401هـ).
الأدب المفرد: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256هـ). مع شرحه (فضل الله الصمد…). طبع مطبعة المدني- القاهرة سنة 1394هـ (جـ1-8).
الأربعون النووية: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 676هـ).
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: لمحمد ناصر الدين الألباني. طبع المكتب الإسلامي - بيروت عام 1399هـ (جـ1-8).
الإصابة في تمييز الصحابة: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تحقيق علي محمد البجاوي. طبع دار نهضة مصر للطباعة - القاهرة عام 1392هـ (جـ1-8).
إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر: لأبي الطيب شمس الحق العظيم آبادي (ت 1329هـ) تصحيح إرشاد الحق الأثري. نشر إدارة العلوم الأثرية- لائلبور- طبع مطبة المكتبة العلمية - لاهور.
إعلام الموقعين عن رب العالمين: لأبي عبد الله محمد بن قيّم الجوزية (ت 751هـ). مراجعة طه عبد الرؤوف سعد - نشرمكتبة الكليات الأزهرية. طبع مطابع الإسلام - القاهرة عام 1388هـ (جـ1-4).
الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ: لأبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902هـ) ضمن كتاب (علم التاريخ عند المسلمين - لفرانزروزنثال). طبع مؤسسة الرسالة - بيروت ط2 عام 1403هـ.(8/5)
أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم: لمحمد فرج الطّلاع القرطبي (ت 497هـ). تحقيق الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي. نشر دار الكتاب المصري - القاهرة عام 1398هـ.
الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب: لأبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا (ت475هـ). تحقيق عبد الرحمن المعلمي ونايف العباس. نشر محمد أمين دمج - بيروت (جـ1-7).
الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع: للقاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت 544هـ). تحقيق السيد أحمد صقر - نشر دار التراث - القاهرة، والمكتبة العتيقة - تونس - ط1 عام 1389هـ.
الأم: لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت 204هـ). تصحيح محمد زهري النجار. نشر: دار المعرفة- بيروت- ط2 عام 1393هـ (جـ1-8).
الأموال: لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ). تحقيق محمد خليل هراس - نشر مكتبة الكليات الأزهرية، ودار الفكر - ط2 عام 1395هـ.
الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء: لأبي عمر يوسف بن عبدالبر النمري (ت 463هـ). تعليق زاهد الكوثري - نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
الأنساب: لأبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني (ت 562هـ). تصحيح وتعليق عبد الرحمن المعلمي وآخرين. طبع: مجلس دائرة المعارف العثمانية - بالهند. ط1 عام 1382-1402هـ (جـ1-13).
الإيمان: لأبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده (ت 395هـ). تحقيق الدكتور علي بن محمد الفقيهي. نشر: المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. طبع مطابع الجامعة. ط1 عام 1401هـ (جـ1-3).
بحوث في تاريخ السنة المشرفة: للدكتور أكرم ضياء العمري. ط 4 عام 1405هـ.
البداية والنهاية في التاريخ: لعماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير (ت 774هـ). تصحيح محمد عبد العزيز النجار. طبع مطبعة الفجالة الجديدة - القاهرة (جـ1-14).(8/6)
بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس: لأحمد بن يحيى الضبي (ت 599هـ). نشر: دار الكتاب العربي - طبع مطابع سجل العرب. القاهرة عام 1967م.
بقي بن مخلد القرطبي ومقدمة مسنده: للدكتور أكرم ضياء العمري. ط1 عام 1404هـ.
بلدان الخلافة الشرقية: كي لسترنج - ترجمة بشير فرنسيس وكوركيس عواد. طبع: مؤسسة الرسالة - بيروت ط2 عام 1405هـ.
بلوغ المرام من أدلة الأحكام: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تصحيح محمد حامد الفقي. نشر: دار الفكر.
بين الإمامين ((مسلم والدارقطني)): للدكتور ربيع بن هادي المدخلي. نشر: إدارة البحوث الإسلامية - بنارس - الهند. ط1 عام 1402هـ.
تاج العروس من جواهر القاموس: لأبي الفيض محمد المرتضى الزبيدي (ت 1205هـ). طبع المطبعة الوهبية - القاهرة عام 1286هـ (جـ1-10).
تاريخ أسماء الثقات: لأبي حفص عمر بن شاهين (ت 385هـ). تحقيق صبحي السامرائي - نشر: الدار السلفية - الكويت، ط1 عام 1404هـ.
تاريخ أصبهان: نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430هـ). نشر: دار العلمية - دلهي الهند - ط2 عام 1405هـ (جـ1-2).
تاريخ بغداد: لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463هـ). نشر: دار الكتاب العربي - بيروت (جـ1-14).
تاريخ التراث العربي: للدكتور فؤاد سزكين - ترجمة: محمود حجازي. نشر وطبع: جامعة الإمام محمد بن سعود- الرياض عام 1403-1404هـ (10 أجزاء).
تاريخ خليفة بن خياط: لأبي عمرو خليفة بن خياط العصفري (ت 240هـ). تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري. نشر: مؤسسة الرسالة ودار القلم- بيروت. ط2 عام 1397هـ.
تاريخ الرقة: لأبي علي محمد بن سعيد القشيري (ت 334هـ). تحقيق طاهر النعساني.
تاريخ أبي زرعة الدمشقي: لأبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري (ت 281هـ). تحقيق: شكر الله بن نعمة الله القوجاني. نشر مجمع اللغة العربية بدمشق.(8/7)
التاريخ الصغير: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256هـ). تحقيق محمود إبراهيم زايد - نشر: دار الوعي - حلب، ومكتبة دار التراث - القاهرة’ ط1 عام 1397هـ.
تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي عن ابن معين: تحقيق الدكتور أحمد محمد نور سيف. نشر: مركز البحث العلمي بجامعة الملك عبد العزيز بمكة. طبع دار المأمون - دمشق، ط1 عام 1400هـ.
تاريخ علماء الأندلس: لأبي الوليد عبد الله بن محمد بن الفرضي (ت 403هـ). نشر: الدار المصرية للتأليف والترجمة عام 1966م.
التاريخ الكبير: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (256هـ). نشر: دار الكتب العلمية - بيروت (جـ1-9).
تاريخ ابن معين: لأبي زكريا يحيى بن معين (ت 233هـ). رواية عباس بن محمد الدوري عنه ضمن كتاب (يحيى بن معين وكتابه التاريخ) دراسة وترتيب وتحقيق الدكتور أحمد محمد نور سيف. نشر: مركز البحث العلمي - جامعة الملك عبد العزيز بمكة. طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة. ط1 عام 1399هـ (جـ1-4).
تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تحقيق علي محمد البجاوي. طبع دار القومية العربية للطباعة - القاهرة. نشر: الدار المصرية للتأليف والترجمة سنة 1386هـ. (جـ1-4).
التتبع: لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني (ت 385هـ). تحقيق مقبل بن هادي الوادعي. نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. طبع مطبعةالمعرفة - القاهرة.
تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: لعبد الرحمن المباركفوري (ت 1352هـ). سلسلة مطبوعات نشر السنة - ملتان - باكستان.
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: لأبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت 742هـ). تحقيق عبد الصمد شرف الدين - نشر: الدار القيمة - الهند. ط1 عام 1384-1401هـ (جـ1-13).
تحفة المودود بأحكام المولود: لأبي عبد الله محمد بن قيّم الجوزية (ت 751هـ). تحقيق عبد القادر الأرناؤوط. نشر: مكتبة دار البيان- دمشق ط1 عام 1391هـ.(8/8)
تذكرة الحفاظ: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). تحقيق عبد الرحمن المعلمي. نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت (ج1-4).
تذكرة المؤتسي في من حدث ونسي: لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت 911هـ). تحقيق صبحي السامرائي - نشر: الدار السلفية. الكويت. ط1 عام 1404هـ.
ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك: للقاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت 544هـ). تحقيق مجموعة من الباحثين. نشر: وزارة الأوقاف بالمملكة المغربية. عام 1385هـ - 1403هـ (جـ1-8).
تصحيفات المحدثين: لأبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري (ت 382هـ). تحقيق الدكتور محمود أحمد ميرة. طبع: المطبعة العربية الحديثة - القاهرة ط1 عام 1402هـ (جـ1-3).
تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تصحيح ونشر: عبد الله هاشم اليماني بالمدينة المنورة. طبع دار المحاسن - القاهرة عام 1386هـ.
تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تحقيق عبد الغفار البندار وزميله. نشر: دار الكتب العلمية – بيروت - ط1 عام 1405هـ.
تغليق التعليق: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تحقيق سعيد عبد الرحمن القزقي. نشر: المكتب الإسلامي - بيروت، ودار عمار - الأردن، ط1 عام 1405هـ (جـ1-5).
تفسير القرآن العظيم: لعماد الدين إسماعيل بن كثير (ت 774هـ). طبع دار إحياء الكتب العربية - القاهرة.
تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل: لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327هـ). نشر: دار الكتب العلمية - (ضمن كتاب الجرح والتعديل).
** - تقريب التهذيب: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف. نشر: دار المعرفة- بيروت (جـ1-2).(8/9)
التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح: لزين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت 806هـ). تحقيق محمد راغب الطباخ - نشر: دار الحديث بيروت. ط2 عام 1405هـ.
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: لأبي الفضل أحمد بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تصحيح عبد الله هاشم اليماني. طبع شركة الطباعة الفنية المتحدة - القاهرة. عام 1384هـ (جـ1-4).
تلخيص المستدرك: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). نشر: دار الكتاب العربي - بيروت (على حاشية كتاب المستدرك للحاكم).
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر (ت 463هـ). تحقيق: مجموعة من الباحثين. نشر: وزارة الأوقاف بالمملكة المغربية - سنة 1387-1405هـ (جـ1-16).
التمييز: لأبي الحسين مسلم بن الحجاج (ت 261هـ). تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي. نشر: جامعة الرياض.
التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل: لعبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (ت 1386هـ). تحقيق محمد ناصر الدين الألباني. نشر: حديث أكادمي - فيصل آباد - باكستان عام 1401هـ (جـ1-2).
تهذيب ابن القيم لمختصر سنن أبي داود: لأبي عبد الله محمد بن قيّم الجوزية (ت 751هـ). تحقيق محمد حامد الفقي وأحمد شاكر. نشر: مكتبة السنة المحمدية- القاهرة (مع مختصر المنذري ومعالم السنن للخطابي) (جـ1-8).
تهذيب الآثار: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310هـ). قرأه وخرج أحاديثه: محمود شاكر. طبع مطبعة المدني - بمصر عام 1402هـ (جـ1-4).
تهذيب التهذيب: لأبي الفضل أحمد بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). نشر: دار الفكر العربي - بيروت (جـ1-12).
** - تهذيب الكمال في أسماء الرجال: لأبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت 742هـ). تحقيق الدكتور بشار عواد معروف - نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - ط1 عام 1400-1405هـ (جـ1-7).(8/10)
الثقات لابن حبان: لأبي حاتم محمد بن حبان البستي (ت 354هـ). طبع: مجلس دائرة المعارف العثمانية - الهند. ط1 عام 1393-1403هـ (جـ1-9).
** - الثقات لابن شاهين: انظر تاريخ أسماء الثقات.
** - الثقات للعجلي: أبو الحسن أحمد بن عبد الله العجلي (ت 261هـ). ترتيب: نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي. تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي - طبع دار الكتب العلمية - بيروت - ط1 عام 1405هـ.
جامع الأصول في أحاديث الرسول: لأبي السعادات المبارك بن محمد بن الأثير (ت 606هـ). تحقيق عبد القادر الأرناؤوط. نشر مكتبة الحلواني وشركاه عام 1390هـ (جـ1-11).
جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله: لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري (ت 463هـ). تصحيح عبد الرحمن محمد عثمان - نشر: المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. عام 1388هـ (جـ1-2).
جامع التحصيل في أحكام المراسيل: لصلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي (ت 761هـ). تحقيق حمدي السلفي - نشر: وزارة الأوقاف العراقية، طبع الدار العربية للطباعة - بغداد.ط1 سنة 1398هـ.
جامع الترمذي: لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (ت 279هـ). تحقيق أحمد شاكر وغيره - طبع مصطفى البابي الحلبي - القاهرة. ط2 عام 1398هـ (جـ1-5).
الجامع الصحيح: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256هـ) ضمن كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري). تصحيح عبد العزيز بن باز ومحب الدين الخطيب. نشر: دار المعرفة - بيروت (جـ1-13).
الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير: لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي: طبع مصطفى الحلبي - القاهرة - ط4 سنة 1373هـ (جـ1-2).
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463هـ). تحقيق الدكتور محمود الطحان- نشر: مكتبة المعارف - الرياض - عام 1403هـ (جـ1-2).(8/11)
جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس: لأبي محمد بن أبي نصر الحميدي (ت 488هـ) نشر: الدار المصرية للتأليف والترجمة عام 1966م.
الجرح والتعديل: لعبد الرحمن بن أبى حاتم الرازي (ت 327هـ). نشر دار الكتب العلمية - بيروت (جـ1-9).
جزء القراءة خلف الإمام: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256هـ). تحقيق فضل الرحمن الثوري - نشر: المكتبة السلفية - لاهور - باكستان. ط1 عام 1400هـ.
الجعديات: جمع أبى القاسم عبد الله بن محمد البغوي (ت 317هـ). نُشِر باسم (مسند ابن الجعد). تحقيق عبد المهدي بن عبد القادر - نشر: مكتبة الفلاح - الكويت. ط1 عام 1405هـ (جـ1-2).
الجمع بين رجال الصحيحين: لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي (ت 507هـ) - نشر: دار الكتب العلمية - بيروت. ط2 عام 1405هـ (جـ1-2).
الجوهر النقي: لعلاء الدين علي بن التركماني (ت 754هـ). طبع: مجلس دائرة المعارف النظامية - الهند. ط1 عام 1344هـ (على حاشية السنن الكبرى للبيهقي).
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (430هـ) - نشر: دار الكتاب العربي - بيروت. ط2 عام 1400هـ (جـ1-10).
خلاصة تذهيب تهذيب الكمال: لصفي الدين أحمد بن عبد الله الخزرجي (ت بعد 923هـ). تحقيق: محمود فايد - نشر مكتبة القاهرة - طبع مطبعة الفجالة الجديدة - القاهرة - عام 1392هـ (جـ1-3).
دلائل النبوة: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ). تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي - نشر: دار الكتب العلمية - بيروت. ط1 عام 1405هـ (جـ1-7).
دلائل النبوة: لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت 430هـ). حققه محمد رواس قلعجي. وخرج أحاديثه عبد البر عباس. نشر: المكتبة العربية - حلب سنة 1390هـ.
ذكر من يعتد قوله في الجرح والتعديل: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). تحقيق عبد الفتاح أبي غدة - نشر: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب. ط1 عام 1400هـ.(8/12)
الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة: لأبي عبد الله محمد بن محمد المراكشي (ت 743هـ). تحقيق الدكتور إحسان عباس وزميله - نشر: دار الثقافة - بيروت وأكاديمية المملكة المغربية ط1 عام 1973-1984م (8 أجزاء).
الرحلة في طلب الحديث: لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 743هـ). تحقيق الدكتور نور الدين عتر - نشر: دار الكتب العلمية - بيروت. ط1 عام 1395هـ.
الرسالة: لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت 204هـ). تحقيق أحمد شاكر.
الرفع والتكميل في الجرح والتعديل: لأبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي (ت 1304هـ). تحقيق عبد الفتاح أبي غدة - نشر: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب. ط2.
رواية أبي خالد الدقاق عن يحيى بن معين: (من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال). تحقيق الدكتور أحمد نور سيف - نشر: مركز البحث العلمي بجامعة الملك عبد العزيز بمكة. طبع دار المأمون للتراث. ط1 عام 1400هـ.
رياض الصالحين: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 656هـ). تحقيق عبد العزيز رباح وزميله - نشر: دار المأمون للتراث - دمشق - بيروت. ط2.
زاد المعاد في هدي خير العباد: لأبي عبد الله محمد بن قيّم الجوزية (ت 751هـ). تحقيق محمد حامد الفقي - طبع مطبعة السنة المحمدية - القاهرة (جـ1-4).
سبل السلام شرح بلوغ المرام: لمحمد بن إسماعيل الصنعاني (ت 1182هـ). تصحيح محمد عبد العزيز الخولي - نشر: دار الجيل - بيروت عام 1400هـ (جـ1-4).
سلسلة الأحاديث الصحيحة: لمحمد ناصر الدين الألباني - نشر: المكتب الإسلامي - بيروت، والدار السلفية - الكويت (جـ1-4).
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة: لمحمد ناصر الدين الألباني - طبع المكتب الإسلامي - بيروت، ومطبعة الصفدي، سنة 1392-1399هـ (جـ1-2).
السنن: لسعيد بن منصور (ت 227هـ). تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي - نشر: الدار السلفية - الهند عام 1403هـ.(8/13)
السنن: لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275هـ). تعليق عزت عبيد الدعاس وزميله - نشر: محمد علي السيد - حمص. ط1 1388هـ (جـ1-5).
السنن: لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني (ت 385هـ) - نشر: عبد الله هاشم اليماني - المدينة المنورة. طبع شركة الطباعة الفنية - القاهرة (جـ1-4).
السنن: لأبي محمد عبد الله بن عبدالرحمن الدارمي (ت 255هـ). نشر: عبد الله هاشم اليماني - المدينة المنورة. طبع دار المحاسن - القاهرة عام 1386هـ (جـ1-2).
*** - السنن: لأبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة (ت 273هـ). تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.طبع عيسى الحلبي وشركاه - القاهرة (جـ1-2).
السَنَن الأبين في المحاكمة بين الإمامين في السند المعنعن: لأبي عبد الله محمد بن عمر بن رُشيد الفهري (ت 721هـ). تحقيق محمد الحبيب بن الخوجة. طبع الدار التونسية للنشر عام 1397هـ - تونس.
السنن الصغرى (المجتبى): لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت 303هـ). نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت (جـ1-8).
السنن الكبرى: لأبي أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ). نشر: دار المعرفة - بيروت.
السنة: لأبي بكر أحمد بن عمرو أبي عاصم النبيل (ت 287هـ). خرج أحاديثه محمد ناصر الدين الألباني. نشر:- المكتب الإسلامي - بيروت. ط1 عام 1400هـ (جـ1-2).
سؤالات الآجري أبا داود السجستاني في الجرح والتعديل: تحقيق محمد علي العمري - نشر: المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1399هـ.
سؤالات البرقاني للدارقطني: تحقيق الدكتور عبد الرحيم القشقري - نشر: أحمد ميان تهانوي - لاهور - باكستان. ط1 عام 1404هـ.
سؤالات الحاكم للدارقطني: تحقيق موفق بن عبد الله - نشر: مكتبة المعارف – الرياض ط1 - عام 1404هـ.
سؤالات حمزة بن يوسف السهمي للدارقطني وغيره من المشايخ: تحقيق موفق ابن عبد الله - نشر: مكتبة المعارف - الرياض. ط1 عام 1404هـ.(8/14)
سير أعلام النبلاء: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي: (ت 748هـ). تحقيق مجموعة من الباحثين بإشراف شعيب الأرناؤوط - نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت. ط1 عام 1401-1405هـ (جـ1-23).
سيرة ابن إسحاق: لأبي محمد بن إسحاق المدني (ت 150هـ). تحقيق محمد حميد الله - نشر: معهد الدراسات والأبحاث للتعريب - الرباط - المغرب عام 1396هـ.
السيرة النبوية: لأبي محمد عبد الملك بن هشام الحميري. تحقيق مصطفى السقا وزملائه (جـ1-4).
شرح أصول اعتقاد أهل السن والجماعة: لأبي القاسم هبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي (ت 418هـ). تحقيق أحمد سعد حمدان. نشر: دار طيبة - الرياض.
شرح ألفية العراقي: لزين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت 806هـ). تصحيح محمد بن الحسين العراقي. طبع المطبعة الجديدة - فاس - المغرب عام 1354هـ (جـ1-3)..
شرح السنة: لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت 510هـ). تحقيق شعيب الأرناؤوط والشاويش - طبع المكتب الإسلامي. ط1 عام 1400هـ - (جـ1-15).
شرح صحيح مسلم: لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 676هـ). طبع المطبعة المصرية - القاهرة (جـ1-18).
شرح علل الترمذي: لزين الدين عبد الرحمن بن رجب الحنبلي (ت 795هـ). تحقيق الدكتور نور الدين عتر. نشر: دار الملاح للطباعة والنشر. ط1 عام 1398هـ (جـ1-2).
شرح معاني الآثار: لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (ت 321هـ). تحقيق محمد زهري النجار. نشر: مطبعة الأنوار المحمدية - القاهرة (جـ1-4).
شروط الأئمة الخمسة: لأبي بكر محمد بن موسى الحازمي (ت 584هـ). نشر: حديث أكادمي - باكستان. طبع المطبعة العربية - لاهور - باكستان عام 1402هـ.
الشريعة: لأبي بكر محمد الحسين الآجري (ت 360هـ). تحقيق محمد حامد الفقي. نشر: حديث أكادمي - باكستان سنة 1403هـ.
الصحاح: لإسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393هـ). تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. ط2 عام 1402هـ.
*** - صحيح البخاري: انظر الجامع الصحيح.(8/15)
صحيح الجامع الصغير وزيادته: لمحمد ناصر الدين الألباني- نشر: المكتب الإسلامي - بيروت عام 1388هـ (جـ1-6).
صحيح ابن خزيمة: لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت 311هـ). تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي. نشر: المكتب الإسلامي- بيروت (جـ1-5).
صحيح مسلم: لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري (ت 261هـ). تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. نشر دار إحياء التراث العربي- بيروت (جـ1-5).
الصحيح المسند من أسباب النزول: لأبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي. طبع شركة المدينة للطباعة - جدة.
الصلة: لأبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال (ت 578هـ). نشر: الدار المصرية للتأليف والترجمة. طبع مطابع سجل العرب - القاهرة عام 1966م (جـ1-2).
الضعفاء: لأبي جعفر محمد بن عمرو العقيلي (ت 322هـ). تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي. نشر: دار الكتب العلمية - بيروت ط1 عام 1404هـ (جـ1-4).
ضعيف الجامع الصغير وزيادته: لمحمد بن ناصر الدين الألباني. نشر: المكتب الإسلامي - بيروت (جـ1-6).
الطبقات: لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت 303هـ). ضمن (مجموعة رسائل في علوم الحديث). تحقيق صبحي السامرائي - نشر: المكتبة السلفية بالمدينة المنورة - طبع مطابع المجد- القاهرة. ط1 عام 1389هـ.
طبقات الشافعية: لعبد الرحيم بن الحسن الأسنوي (ت 772هـ). تحقيق عبد الله الجبوري - نشر: رئاسة ديوان الأوقاف - بغداد عام 1391هـ (جـ1-2).
طبقات الفقهاء: لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي (ت 476هـ). تحقيق إحسان عباس- نشر: دار الكتب العلمية - بيروت عام 1978م.
الطبقات الكبرى: محمد بن سعد البصري (ت 230هـ). دار صادر - بيروت (جـ1-9) و(القسم المتمم لتابعي أهل المدينة). تحقيق زياد محمد منصور - نشر: المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ط1 عام 1403هـ.(8/16)
طليعة التنكيل: لعبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (ت 1386هـ). تحقيق محمد ناصر الدين الألباني - نشر: حديث أكادمي - باكستان عام 1401هـ. (مع كتاب التنكيل).
عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي: لأبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي (ت 543هـ). نشر دار الوحي المحمدي - القاهرة.
عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب: لأبي بكر محمد بن موسى الحازمي (ت 584هـ). تحقيق عبد الله كنون. نشر: مجمع اللغة العربية بالقاهرة - طبع الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية بالقاهرة - الطبعة الثانية - عام 1393هـ.
العلل: لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني (ت 385هـ). تحقيق الدكتور محفوظ الرحمن السلفي - نشر: دار طيبة - الرياض. ط1 عام 1405هـ (جـ1-3).
علل الحديث: لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327هـ) - نشر: مكتبة المثنى - بغداد (جـ1-2).
العلل في الحديث ((دراسة منهجية في ضوء شرح علل الترمذي)): للدكتور همام عبد الرحيم سعيد - نشر: دار العدوي للتوزيع - الأردن عام 1400هـ.
العلل ومعرفة الرجال: للإمام أحمد بن حنبل الشيباني (ت 241هـ). تحقيق طلعت قوج وزميله - أنقره - تركيا عام 1963م.
عمدة القاري شرح صحيح البخاري: لبدر الدين محمود بن أحمد العيني (ت 855هـ). نشر دار الفكر - بيروت عام 1399هـ (جـ1-25).
عمل اليوم والليلة: لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت 303هـ). تحقيق الدكتور فاروق حمادة - نشر: رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء - الرياض. طبع مطبعة النجاح - الدار البيضاء - المغرب. ط1 عام 1401هـ.
علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح): لأبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن الصلاح (ت 642هـ). تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطيء). نشر: مركز تحقيق التراث التابع للهيئة المصرية العامة للكتاب - طبع: مطبعة دار الكتب - القاهرة ط1 عام 1974م.(8/17)
غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام: لمحمد ناصر الدين الألباني. طبع المكتب الإسلامي - بيروت عام 1400هـ.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تصحيح عبد العزيز بن باز ومحب الدين الخطيب. نشر: دار المعرفة - بيروت (جـ1-13).
فتح المغيث بشرح ألفية الحديث: لأبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902هـ). تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي - نشر: المكتبة العلمية بالمدينة المنورة - طبع مطبعة الأعظمي - الهند. وتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان. نشر: المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. ط2 عام 1388هـ. (جـ1-3).
الفروسية: لأبي عبد الله محمد بن قيّم الجوزية (ت 751هـ). نشر دار الكتب العلمية - بيروت.
فضائل الصحابة: لأبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني (ت 241هـ). تحقيق وصي الله بن محمد عباس - نشر: مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى بمكة. طبع مؤسسة الرسالة - بيروت عام 1403هـ (جـ1-2).
قائدة في الجرح والتعديل: لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي (ت 771هـ). تحقيق عبد الفتاح أبي غدة - نشر: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب - ط3 سنة 1400هـ.
القاموس المحيط: مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي (817هـ). نشر: مكتبة البابي الحلبي - القاهرة ط2 عام 1371هـ (جـ1-4).
القراءة خلف الإمام: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ). تصحيح أبي هاجر محمد السعيدي بسيوني. نشر: دار الكتب العلمية - بيروت ط1 عام 1405هـ.
قضاة قرطبة: لأبي عبد الله محمد بن حارث الخشني (ت 361هـ). نشر: الدار المصرية للتأليف والترجمة - عام 1966م.
قوت القلوب في معاملة المحبوب: لأبي طالب محمد بن علي المكي (ت 386هـ). نشر: المكتبة الحسينية المصرية بالأزهر. طبع المطبعة المصرية - القاهرة عام 1351هـ.(8/18)
الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). نشر: دار الكتب العلمية - بيروت ط1 عام 1403هـ (جـ1-3).
***- الكامل في ضعفاء الرجال: لأبي عبد الله بن عدي الجرجاني (ت 365هـ). نشر: دار الفكر - بيروت ط1 عام 1404هـ (جـ1-7).
كتاب الكُتّاب: لعبد الله بن جعفر بن درستوية (ت 347هـ). تحقيق إبراهيم السامرائي وزميله. نشر: دار الكتب الثقافية- الكويت عام 1397هـ.
كشف الأستار عن زوائد البزار: لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807هـ). تحقيق حبيب الأعظمي - نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - ط1 عام 1399-1405هـ. (جـ1-4).
الكفاية في علم الرواية: لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463هـ). تصحيح عبد الحليم محمد عبد الحليم وزميله. نشر: دار الكتب الحديثة - طبع: مطبعة السعادة. القاهرة - ط1 عام 1972م.
الكنى والأسماء: لأبي بشر محمد بن أحمد الدولابي (ت 310هـ). نشر: دار الكتب العلمية - بيروت ط2 عام 1403هـ.
والكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات: لمحمد بن أحمد بن الكيال (ت 939هـ). تحقيق: عبد القيوم عبد رب النبي - نشر: مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى بمكة ط1 عام 1401هـ.
اللباب في تهذيب الأنساب: لعلي بن محمد بن الأثير الجزري: (ت 630هـ). نشر: مكتبة المثنى - بغداد (جـ1-3).
لسان العرب: لأبي الفضل محمد بن مكرم بن منظور (ت 711هـ). نشر: دار صادر - بيروت (جـ1-15).
لسان الميزان: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). نشر: مؤسسة الأعلمي - بيروت ط2 عام 1390هـ (جـ1-7).
المجروحين من المحدثين: لأبي حاتم محمد بن حبان البستي (ت 354هـ). تحقيق محمود إبراهيم زايد - نشر: دار الوعي – حلب - ط1 عام 1396هـ). (جـ1-3).
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807هـ). نشر: دار الكتاب العربي - بيروت - ط3 عام 1402هـ (جـ1-10).(8/19)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد وابنه. طبع: دار العربية - بيروت - ط2 عام 1398هـ (جـ1-37).
المحدث الفاصل بين الراوي والواعي: للحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي (ت 360هـ. تحقيق الدكتور محمد عجاج الخطيب. نشر: دار الفكر - بيروت - ط1 عام 1391هـ.
المحلى: لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم (ت 456هـ). تحقيق أحمد شاكر وغيره. نشر: مكتبة الجمهورية العربية - القاهرة عام 1387هـ (جـ1-13).
مختار الصحاح: لمحمد بن أبي بكر الرازي (ت 666هـ). نشر: دار الكتاب العربي - بيروت عام 1979م.
مختصر سنن أبي داود: لأبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت 656هـ). تحقيق محمد حامد الفقي وأحمد شاكر. نشر مكتبة السنة المحمدية - القاهرة. (جـ1-8 مع معالم السنن وتهذيب ابن القيّم).
مختصر من كتاب الإيصال إلى فهم الخصال الجامعة لشرائع الإسلام: لأبي رافع ابن أبي محمد بن حزم (ت 479هـ). اختصره من كتاب الإيصال لوالده، وكمّل به المحلى، وطبع مع المحلى - بتحقيق حسن زيدان طلبه. نشر: مكتبة الجمهورية - القاهرة عام 1391هـ.
المَدْرَج إلى المُدْرَج: لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت 911هـ). تحقيق صبحي السامرائي. نشر: الدار السلفية - الكويت.
المراسيل: لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327هـ).تحقيق شكر الله قوجاني. نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - ط1 عام 1397هـ.
مسائل الإمام أحمد: رواية إسحاق بن إبراهيم بن هاني (ت 275هـ). تحقيق زهير الشاويش. طبع المكتب الإسلامي - بيروت - عام 1400هـ (جـ1-2).
مسائل الإمام أحمد: لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275هـ). تصحيح محمد رشيد رضا. نشر: دار المعرفة - بيروت.
المستدرك على الصحيحين: لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (ت 405هـ). نشر: دار الكتاب العربي - بيروت (جـ1-4).(8/20)
المسند: لأبي عبد الله أحمد بن حنبل (ت 241هـ). نشر دار صادر والمكتب الإسلامي - بيروت (جـ 1-6). وتعليق أحمد شاكر. نشر: دار المعارف - بمصر - ط 4 عام 1373-1392هـ (جـ1-16).
المسند: لأبي داود سليمان بن داود الطيالسي (ت 204هـ). نشر: دار الكتاب اللبناني ودار التوفيق. طبع مجلس دائرة المعارف النظامية - بالهند عام 1321هـ.
المسند: لأبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي (ت 219هـ). تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. نشر: المكتبة السلفية - بالمدينة المنورة.
*** - مسند ابن الجعد: انظر الجعديات.
مسند أبي عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفراييني (ت 316هـ): طبع دائرة المعارف العثمانية - بالهند عام 1362-1386هـ (جـ1-5).
مسند يعقوب بن شيبة السدوسي (ت 216هـ): تحقيق الدكتور سامي حداد. طبع المطبعة الاميركانية - بيروت ط1 عام 1359م.
مشارق الأنوار على صحاح الآثار: للقاضي عياض بن موسى اليحصبي - نشر: المكتبة العتيقة - تونس، ودار التراث - القاهرة (جـ1-2).
المشتبه في الرجال: أسمائهم وأنسابهم: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). تحقيق علي محمد البجاوي - طبع دار إحياء الكتب العربية – القاهرة - ط1 عام 1962م.
مشكل الآثار: لأبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي (ت 321هـ). طبع مجلس دائرة المعارف النظامية - بالهند عام 1333هـ (جـ1-4).
***- مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة: تحقيق محمد المنتقي الكشناوي. طبع دار العربية - بيروت - ط1 عام 1402هـ (جـ1-4).
المصنف: لعبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت 211هـ). تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. طبع: المكتب الإسلامي - بيروت ط1 عام 1390هـ (جـ1-11).
المصنف: لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (ت 235هـ). تحقيق عبد الخالق الأفغاني ومختار الندوي.نشر: الدار السلفية- الهند - عام 1399-1402هـ (جـ1-15).(8/21)
معالم السنن: لأبي سليمان حمد بن محمد الخطابي (ت 388هـ). تحقيق محمد حامد الفقي وأحمد شاكر. نشر: مكتبة السنة المحمدية - القاهرة (جـ1-8 مع مختصر المنذري وتهذيب ابن القيم).
المعجم الأوسط: لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360هـ). تحقيق الدكتور محمود الطحان. نشر: مكتبة المعارف - الرياض - ط1 عام 1405هـ.
معجم البلدان: لياقوت بن عبد الله الحموي (ت 626هـ). نشر: دار الكتاب العربي - بيروت (جـ1-5).
المعجم الصغير: لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360هـ). تصحيح عبد الرحمن محمد عثمان - نشر: المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. طبع دار النصر- القاهرة عام 1388هـ (جـ1-2).
المعجم الكبير: لأبي القاسم الطبراني (ت 360هـ). تحقيق حمد السلفي- نشر: وزارة الأوقاف العراقية - طبع الدار العربية ومطبعة الأمة بغداد عام 1978-1983م (19 جزءاً).
معجم مقاييس اللغة: لأبي الحسين أحمد بن فارس (ت 395هـ). تحقيق عبد السلام هارون. نشر: مصطفى الحلبي - مصر ط2 عام 1389هـ (جـ1-6).
معجم اليمامة: لعبد الله بن محمد بن خميس. طبع مطبعة الفرزدق - الرياض - عام 1399هـ (جـ1-2).
المعرفة والتاريخ: ليعقوب بن سفيان الفسوي (ت 277هـ). تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري. نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت. ط2 عام 1401هـ (جـ1-3).
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). تحقيق الدكتور بشار عواد وزملائه. نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت - ط1 عام 1404هـ (جـ1-2).
المغني في الضعفاء: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). تحقيق نور الدين عتر (1-2).
المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: لأبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902هـ). تصحيح عبد الله بن الصديق. نشر: دار الكتب العلمية - بيروت ط1 عام 1399هـ.
*** - مقدمة الجرح والتعديل: انظر تقدمة المعرفة.(8/22)
*** - مقدمة ابن الصلاح: انظر علوم الحديث.
مقدمة فتح الباري (هدي الساري): لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تصحيح محب الدين الخطيب - نشر: دار المعرف - بيروت.
مناقب الشافعي: لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458هـ). تحقيق أحمد صقر - نشر: مكتبة دار التراث. طبع دار النصر - ط1 عام 1391هـ (جـ1-2).
مناقب الشافعي: لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327هـ). تحقيق عبد الغني عبد الخالق. نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
المنتقي من السنن المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأبي محمد عبد الله بن علي بن الجارود (ت 307هـ). تعليق عبد الله هاشم اليماني. طبع مطبعة الفجالة الجديدة - القاهرة عام 1382هـ.
*** - من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال: انظر رواية أبي خالد الدقاق عن ابن معين.
موارد الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: للدكتور أكرم ضياء العمري. نشر: دار القلم - بيروت - طبع مطبعة محمد هاشم الكتبي - ط1 عام 1395هـ.
موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت 807هـ). تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة. نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
الموضح لأوهام الجمع والتفريق: لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغداد (ت 463هـ). تصحيح عبد الرحمن المعلمي. نشر: دار الفكر الإسلامي - الهند - عام 1405هـ (جـ1-2).
الموطأ: لأبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي (ت 179هـ). ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي. نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت (جـ1-2).
ميزان الاعتدال في نقد الرجال: لأبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي (ت 748هـ). تحقيق علي محمد البجاوي. نشر: دارالمعرفة - بيروت ط1 عام 1382هـ. (جـ1-4).
نصب الراية لأحاديث الهداية: لأبي محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي (762هـ). طبع المكتب الإسلامي - بيروت. الطبعة الثانية سنة 1393هـ (جـ1-4).(8/23)
نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب: لأحمد بن محمد المقّري التلمساني (ت 1041هـ). تحقيق الدكتور إحسان عباس. نشر: دار صادر- بيروت عام 1388هـ (جـ1-8).
النكت الظراف على الأطراف: للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تحقيق عبد الصمد شرف الدين. نشر: الدار القيّمة - الهند عام 1384-1403هـ (على حاشية تحفة الأشراف للمزي).
النكت على كتاب ابن الصلاح: لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ). تحقيق الدكتور ربيع بن هادي المدخلي. نشر: المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ط1 عام 1404هـ (جـ1-2).
النهاية في غريب الحديث: لأبي السعادات مبارك بن محمد بن الأثير (ت 606هـ). تحقيق أحمد الزاوي وزميله. نشر: المكتبة الإسلامية.
النهاية في الفتن والملاحم: لإسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (ت 774هـ). تحقيق طه محمد الزينبي - نشر: دار الكتب الحديثة - القاهرة عام 1388-1389هـ (جـ1-2).
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار: لمحمد بن علي الشوكاني (ت 1250هـ). نشر: مصطفى الحلبي - بمصر (جـ1-8).
- هدي الساري مقدمة فتح الباري: انظر مقدمة فتح الباري.
- يحيى بن معين وكتابه التاريخ: انظر تاريخ يحيى بن معين.(8/24)