الفصل الأول
مولدة ونشأته وطلبه للعلم
مولده ونشأته :
…في شنشور إحدى قري محافظة المنوفية في مصر ؛ ولد شاب من خيرة شباب مصر وهو الشيخ عبد الرازق بن عفيفي بن عطية بن عبد البر بن شرف الدين النوبي عام 1323ه ، من أسرة كريمة هي أسرة النوبي ، وهي من الأسر العريقة في تلك المحافظة .
…عاش - رحمه الله - في أسرة محافظة علي تعاليم الإسلام ، وقد كان والدة يتصف بصفات كريمة وفاضلة انطبعت تلك الصفات وزادت في نجله عبد الرازق .
دراسته وطلبه للعلم :
درس الشيخ عبد الرازق - رحمه الله - في الكتاتيب وتخرج منها مبكراَ وقد كان لهذه الكتاتيب نظام تسير عليه ؛ فقد كان الطالب ييتخرج منها في حدود السنة العاشرة إلي الثانية عشرة ، أما المواد التي تدرس فيها ؛ فهي القرآن الكريم قراءة وحفظاَ ، والكتاب ( الخط والأملاء ) ، والرياضيات ( النسب الأربع : الجمع ، والطرح ، والقسمة ، والضرب ) .
وإذا كان الطالب حافظاَ للقرأن ، وعندة ضعف في بعض المواد ة؛ تجوز معه ، ولا يتجوز معه إذا كان الضعف في حفظ القرآن الكريم .
ولما أتم الشيخ - رحمه الله - الكتاتيب رام السفر إلي القاهرة ليواصل ما بدأ به من طلب العلم ، فمنعه والدة إلي الأزهر ، وذلك بسبب الفتن والمغريات والتى خاف علي ابنه من الوقوع فيها .
وفي عام 1340ه تيسر للشيخ - رحمه الله - الذهاب غلي القاهرة والألتحاق باا لأزهر ، في ذلك الوقت علي نظام محمد شاكر - والد المحدث أحمد شاكر - ، وكانت الدراسة مقسمة على النحو التالي :
- أربع سنوات للمرحلة الأبتدائيه .
- وأربع سنوات للمرحلة الثانوية .
- ثم أربع سنوات للقسم العالي .
- ثم أربع سنوا للتخصص .
وهو يعادل الأن الشهادة العلميه العاليه .
فأقبل - رحمة الله - علي طلب العلم في هذه السنوات وخاصة الخمس الأولى إقبا لاَ منقطع النظير ، وكان همه أولا التأصيل والتأسيس للعلم الذي يطلبه .(1/1)
ولم يكن - رحمه الله - طالبا لشهادة أو مكنصب ، يظهر ذلك جلياَ في شيرتهخ ؛ فقد كان ينتقل من شيخ إلي آخر إذا شعر أنه لن يستفيد من الشيخ الأول ، وهذا بالطبع يؤخره عن التخرج ، ومع ذلك ؛ فقد كان - رحمه الله - منذ صغره متفوقاَ علي أقرانه في حفظ القرأن وفي طلب العلم .
يقول الشيخ عبد الله السعد - وفقه الله - : " كان - رحمه الله - معروفاَ بعلمه منذ بداية حياته العلمية ؛ فقد حدثني الشيخ عبد القادر شيبه الحمد عنه - رحمه الله - ، فقال : " كنا ونحن ندرس بالأزهر وكان عبد الرزاق العفيفي له صيت " ، وكان الشيخ - رحمه الله تعالى - وهو علي مقاعد الدراسة يشرح لبعض زملائه الطلاب بعض الدروس ومن بينهم الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق ".
…استمر الشيخ - رحمه الله - في طلب العلم حتي منح الشهادة العلمية عام 1351ه ، ثم درس مرحلة التخصص في شعبة الفقه وأصوله ، بعدها منح - رحمه الله - شهادة التخصص في الفقه وأصوله ، ومما ذكر في حرص الشيخ - رحمه الله - علي طلب العلم ؛ أنه ظل عازفاَ عن الزواج حتي بلغ من العمر خمسااَ وثلاثين .…
الفصل الثاني
جهود في الدعوة إلي الله في مصر
نشاطه في الدعوة إلي الله :
…بعد أن منح الشيخ الشهادة العلمية العاليه درس في المعاهد الدينية ، ولم يقتصر علي ذلك بل أخذ يدعو إلي الله في مساجد أنصار السنة العامة ؛ امتثالاَ لقوله تعالي ( )
وكان رحمه الله في محافظة المنوفية يذهب إلي الجمعية الشرعية ، فيلقي في مساجدها دروساَ بصفة منتظمة .
…ثم بعد ذلك ، نقل الشيخ - رحمه الله - إلي الإسكندرية وعين وكيلا للمعهد الديني ، فاستمر رحمه الله في لبدعوة إلي الله لا في المعهد الديني فحسب ، بل وفي جل المدينة والتي تزخر بالأضرحة العديدة ؛ مثل أبي العباس ، وجابر ،وتتمراز ، والشاطبي ، وبشر الأباصيرى ، وأبي الدرداء ، والنبي دنيال ، وياقوت العرش ....وغيرهم .(1/2)
وقد استمر رحمة الله في الإسكندرية كما كان يفعل في المنوفية ؛ حيث يقضى وقته من ص لاة العصر إلي ما بعد صلاة العشاء.
وكان هذا الرجل صاحب مقهى ، ويتبعه زبانية من الرجال المعتادي الإجرام ، وكانواى يهابونه ولا يجرؤ أحد منهم أن يرفض له طلب ، وبعد هذه المحاورة بقليل حضر الشيخ عبد الرزاق وصلي بنا صلاة العصر، وبعد التسليم مباشرة أخبره الحاج عبده بما حدث ،ن وانصرفت ألي ورشة أبي وأخذت أعمل كعادتي وإذا بالشيخ ومعه
اربعة من جماعة المسجد يذهبون إلي المقهى ويقابلون ذلك الرجل ويسلمون علية ويجلسون معه ، ويتحدث الشيخ عبد الرازق وأنا أراقبه من بعد ، وصمم الشيخ أن يدفع ثمن المشروب الذي أتي به عامل المقهي ، واستمر الشبخ في حديثه وكنت في هذه الحالة الحرجة أطلب من الله تبارك وتعالي السلامة لفضيلة الشيخ والإخوة الأربعة ، ومرت العشرون دقيقة وكأنها سنة ، وقاموا جميعغاَ وأنصرفوا ، وفرحت بأنها مرت بسلام وعدت إلي العمل لأجد أبى في أنتظاري ، فقال لي : أين كنت ؟ فأخبرته بما حدث ، فدعا للشيخ ما شاء الله أن يدعو .
وجاء وقت المغرب وسمعت الأذان ، ولكن في هذة المرة لم أستطع التعرف علي المؤذن ؛ فقلت في نفسي : من أين جاؤوا بهذا المؤذن الجديد ؟ فأسرعت الخطى حتي لحقته بالمسجد وهو يوذن ، وكانت دهشتى عظيمة اذ ان الذى يوذن الان هو ذلك الرجل الذى كان يريد ان يغلق علينا المسجد وسبحان مغير الاحوال ودخلنا جميعا الى المسجد وصلى بنا فضيلة الشيخ الفريضة وكان من عاده ان يلقى درسا من المغرب الى العشاء فجعل هذا الدرس عن صاحبنا الذى جلس الذكر وعندما بدا فضيلته بالكلام قال ان الهداية من الله تبارك وتعالى وان الله اذا اراد ان يهدى رجلا ارسل اليه من يراه اهلا للدعوة ولذلك كان علينا جميعا ان نعيش دروس الهداية ولا نقصر فى الحضور حتى ياتى الناس لنا بل لابد ان نخرج اليهم وهو امر واجب على كل داعية.(1/3)
أما ذلك الرجل الذى كان يريد اغلاق المسجد لما سئل وقيل له ماذا قال لك الشيخ ؟ قال : لقد احسست وانا استمع الى كلماته كاننى كنت فى حاجة شديدة الى هذا النوع من النصح والارشاد وكانت الكلمات ترن فى اذنى فتدخل الى قلبى الذى فتح فورا مستجيبا لها ويريد المزيد حتى انتهى الشيخ ووقف مستأذنا فى العودة وانا فى حاجة شديدة الى المزيد فقال لى : ان المسجد مفتوح وقلوبنا مفتوحة لك ايضا فلما قال الشيخ هذا القول اسرعت بالاذان فى المسجد حتى يزداد احساسى وقد كان لى ما اردت فلما أذنت المغرب ورايت جميع الاخوة ينظرون الى ويبتسمون اعطتنى هذه الابتسامة كل الفئة فى ان هذه الأخوة والمحبة نابعة من القلب .
وقد أعفى هذا الرجل فيما بعد لحيته وربى ابناءة تربية صالحة ثم تطور الأمر الىان اصبح اماما وبعد ذلك اصبح خطيبا فى ذلك المسجد ".
ومن الأعمال التى قام بها الشيخ - رحمه الله - انه اتخذ مكانا لايواء ضيوفه ومحبيه من خ ارج القرية وهى مضيفة الشيخ عبود عافية فى الصيف والشتاء وكانت تسمى ( الزاوية ) لاقامة الندوات وشرح السنة النبوية المطهرة ومعه لفيف من محبيه كالشيخ محمد عبود عافية والشيخ مصطفى سيد أحمد عافية .
يقول الشيخ مناع القطان : " كانت معظم المساجد لا تخلو من البدع ويجهل عامة الناس مسائل العقيدة الصحيحة فقد ركز - غفر الله له - على الجوانب العقدية والعودة الى منابع اصولها الصافية والتمسك بالسنة الصحيحة وما كان عليه أمر المسلمين فى القرون المشهودة لها بالخبرة واذا تعذر عليه التغيير سعى الى اقامة مسجد خاص يقوم عليه من هداهم الله ويتخذون منه منطلقا للدعوة وله فى هذا مواقف شتى ".(1/4)
ويقول الدكتور محمد الصباغ : " وقد حدثنى - رحمه الله - انه اراد ان يحذر اخوانه فى مصر من الدجالين ومن القصاص والوعاظ الذين ياتون فى دروسهم بالاقاصيص الممتعة التى تشد السامعين وتمتعهم وتستحوذ على اعجابهم ولا اصل لها والعامة هذا شانهم فى اغلب البلاد فالقى عليهم درسا ملأه بمثل تلك الاقاصيص الغريبة فاعجبوا بالدرس واستمتعوا فلما رأى ذلك باديا على وجوههم سألهم : ما رايكم ؟ اهذا الدرس احسن ام الدرس السابقة ؟ قالوا : بل هذا انه درس جميل وممتع فقال لهم : هذا كله غير صحيح وما كنا عليه فى دروسنا السابقة هو الصواب .
فأفهمهم بهذه الطريقة العملية انه ليس عاجزا على ان ياتى فى دروسه بما يستحوذ على اعجابهم ولكن الحق هو الذى ينبغى ان يكون رائدا الموجه والعالم .
ان العالم ينبغى ان يكون مريبا ومرشدا يقول الحق ولا يخشى فى الله لومة لائم لا يدارى ولا يتكلف التأويل ليسوغ للناس ما يحبون منالخرافات والاباطيل .
وقد ابتلى المسلمون من زمن بعيد بالقصاص الذين يملؤون مواعظهم بالاحاديث الموضوعة الواهية وياتون بالقصص الغريبة ولو كانت باطلة ليجعلوا الناس يقبلون عليهم فكان الشيخ يحذر الناس من الوقوع فى احابيلهم .
وهكذا كان - رحمه الله - بعد قدومه للملكة حريصا على هداية الناس ، وداعيا الى الله على بصيرة وبرهان ".
يقول تلميذ الشيخ وخاصته الشيخ العلامة عبد الله بن قعوج - حفظه الله - واصفا شيخه : " كان كل ما يطرحه منطرفة ونحوها يقصد بها الدعوة الى الله - عز وجل ".
* عنايته ببناء المساجد :
ومن اهتمامه - رحمه الله - بالدعوة الىالله انه كان حريصا كل الحرص على بناء المساجد وجعلها تابعة لجماعة أنصار السنة حتى يتمكن من خلالها من ارشاد الناس وتوجيههم .(1/5)
ومن ذلك انه فى يوم من ايام الصيف عام 1942 م مر فضيلته رجل بينى بيتا كبيرا وهو ما يزال فى الطابق الاول فقال له الشيخ عبد الرازق بعد ان بدأه محييا بالسلام :" هل لك شريك فى هذا العمل ( بقصد بناء البيت ) ؟ فقال الرجل : هو لى وحدى ورثت الارض عن ابى واقوم الان بالبناء فرد عليه الشيخ : هل تسمح لنا بتأجير الدور الارضى لنتخذه مسجدا على ان نعطيك ما تشاء ؟فقال الرجل - وكان كبير السن وقورا - : انا لا امانع فى ذلك ابدا وبدون اجر البته بل وسارعى هذا البناء بنفسى فاكمل البناء وادخل الماء والكهرباء وبنى بالمسجد كل ما يلزم المصلين .
وفى يوم من الايام والشيخ يمر كعادته مستفسرا : ماذا تم ؟ اذا بالحاج عبده - وهو صاحب المنزل - يخرج المفتاح ويقول : ادع الله ان يتقبل منى هذا العمل فدعا له الشيخ .
وفى اليوم الثانى افتتح الشيخ المسجد بصلاة العصر وبعد الصلاة القى الشيخ - رحمه الله - موعظة وقص على المصلين قصة اسلام سلمان الفارسى وجعلها نبراسا يضئ الطريق للمصلين وختم الدرس قائلا : استمعتم الى قصة سلمان الفارسى الذى كان صغيرا ولم يقتنع بما يعبد ابواه اذ كانا من المجوس ويعبدون النار ".
ثم قال الشيخ - رحمه الله - " : انتم اسعدحظا من هذا وهو غلام ، لانكم ولدتم على الاسم وتربيتم على الاسم والان تدرسون الاسلام فما مدى هذه السعادة التى اعطاكم الله اياها ؟ الا تحسون من قولى هذا انكم محظوظون فى جميع اطوار حياتكم ؟ اذا فلابد من ان تركسوا جهودكم فىالدعوة الى عبادة من وهبكم كل هذه النعم ".
وقد ساهم الشيخ - رحمه الله رحمة واسعة - فى بناء واقامة عدة مساجد منها : مسجد القطان ومسجد ابو عافية ومسجد التقوى ومسجد الصحابة ومسجد شروة حسن ومسجد عمر بان الخطاب ومسجد فجر الاسلام .(1/6)
ومن جهوده - رحمه الله : - انشاء المركز الاسلامى الكبير الذى يتصدر مدخل قرية الشيخ من الجهة القبلية ويضم فى جنباته مسجدا واسعا ودارا للمناسبات ومستوصفا خيريا ومكتبة كبيرة ومرافق اخرى عديدة بعضها يزال تحت الانشاء والاستكمال .
وقد كان لدروس الشيخ - رحمه الله - اثر كبير فى تغييره لكثير من المنكرات .
يقول احد انبائه : " كان لوالدى الفضل بعد الله تعالى فى تغيير الكثير من العادات والتقاليد المنكرة ، وخاصة في قريته الصغيرة ؛ فبعد تخرجه من الأزهر عاد إلي القريه ليقوم بتطبيق ما تعلمه علي أرض الواقع ؛ فبدأ ينشر العلم وإسداء النصح للناس بأسلوبه الهادىء الرصين " .
* عنايته بإقامة المعاهد الدينيه :
ومن الأعمال التي اعتني بها الشيخ وساهمت في النهضة الدينية والعلمية التي تشهدها قرية شنشور : إقامة المعاهد الدينية .
ومن الأعمال التي اعتني بها الشيخ وساهمت في النهضة الدينية والعلمية التي تشهدها قرية شنشور : إقامة المعاهد الدينية .
وكان الشيخ عبد الحميد عبد المطلب الهلالي رفيق دراسته عوناَ له علي ذلك ؛ فقد ساهم مادياَ ومعنوياَ في إنشاء كل من المعهد الديني الأبتدائي الأزهري بشنشور ، والمدرسة الثانوية العامة ، والمدرسة الثانوية التجارية ، والتي تم افتتاحها علي الترتيب عام 1985م، 1983م، 1993م، ثم المعهد الديني الإعدادي الثانوي للفتيات المنشأ حديثاَ ، وهو تابع أيضاَ للأزهر الشريف ، وكذلك مدرسة شروة حسن الأبتدائية المشتركة .
وبالأضافة إلي النشاطات المضيئة السابقة ؛ فقد كان الشيخ - رحمه الله - يذهب إلي جماعة الإخوان المسلمين بمقرها الرئيسى بشارع الاسكندرانى يلقى دروسا فى العقيدة وكان يجتمع هناك الحشد الهائل ويمتلئ المقر على اتساعه ويقف او يجلس الناس بالشوارع حول هذا المقر للسماع والاستفادة من هذا العالم السفلى الجليل فيتخرج من هذه الجماعة دعاة لانصار السنة والاخوان.(1/7)
ويصدق فى الشيخ - رحمه الله - قول الشاعر :
لقد سار فى درب الشريعة يافعا ……يطير به عزم له وأباء
وانفق فى بسط الشريعة عمره ……يسير به خوف له ورجاء
الثمرات التى جناها من دعوته :
وقد أثمرت جهوده فىالغاء الاحتفالات بالمولد النبوى والغاء نوع مستحدث من الاذان كان سائدا ، كما كانت له مساهمة فى محاربة عادة الحلف بغير الله التى كانت سائدة فى القرية وغير ذلك من البدع التى حرص - رحمه الله - على محاربتها وتخليص الناس من آثامها .
يقول أحد ابناء الشيخ - رحمه الله - : " كان لوالدى القدح المعملى فى تخليص قريته من العادات التى كانت تنافى الدين الحنيف كالنوح على الموتى ولطم الخدود وزيادة النساء للقبور والاضرحة وكانت دعوته فى تلك المجالات لارساء قواعد الدين الصحيحة لها صدى مسموع لما له من مكانة بارزة بين اهلها فى داخلها وخارجها ".
***********************
الفصل الثالث
قدومه للملكة وجهوده العلمية فيها
ــــــــ
قدومه للملكة العربية السعودية :
بسبب ما راى الشيخ من تضييق على المسلمين فى دينهم قرر الهجرة الى ارض الاسلام وكان مما ساعد الشيخ على اتخاذ قراره هو ما وجده من صديقيه - لاحمهما الله - : الشيخ عبد العزيز بن راشد ، والشيخ عبد الله بن على بن يابس ، لمعرفتهما عن الشيخ انه لن يصمت عن كلمة الحق مهما كان الثمن .(1/8)
وكان اول قدوم الشيخ للملكة عام 1353هـ حاجا وقد ذكر انه درس فىالحجاز فى ذلك الوقت ثم عاد الى مسقط راسه ثم طلب للعمل فى السعودية عام 1368هـ واراد بعض المسؤولين فى الازهر وقتئذ منعه حسدا وحقدا رغم صدور امر ملكى من الممالك عبد العزيز آل سعود رحمه الله - موجه الى الشيخ محمد خضر الحسين ووكيليه الشيخ محمد عبد اللطيف والشيخ محمد نور الحسن بيد ان مساعى والد جمال عبد الناصر نجحت فعاد الشيخ عبد الرازق لمواصلة رسالته فىالسعودية واولاه المسؤولون فيها جميعا ثقتهم وتقديرهم وعهدوا اليه بالاسهام فى احياء النهضة العلمية فى معاهد بريدة وعنيزة بعد عمله فى دار التوحيد بالطائف وكان قبله الانظار فى تلقى وبسط التعاليم الدينية على المذهب السلفى الذى ارسى اسسه المصلح الشيخ محمد عبد الوهاب - رحمه الله - .
وازاء تلك الثقة من الملك عبد العزيز والامراء ممن ابنائه والمشرفين على التعليم اثر الاستقاله من الازهر وظفر بالجنسية السعودية واصبح استاذا بالكليات ثم جعل مديرا للمعهد العالى للقضاء ثم نائبا لرئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء على ما سياتى تفصيله ان شاء الله .
جلوسه للتدريس فى المملكة :
يقول شيخنا العلامة عبد الله بن جبرين - حفظه الله - : " أما تدريسه فقد افنى حياته فى وظيفة التدريس فى مصر ثم فى المملكة فى دار التوحيد بالطائف ثم فى معهد الرياض العلمى ثم فى كلية الشريعة وكلية اللغة العربية بالرياض ثم فى معهد القضاء العالى مديرا ومدرسا حتى احيل للتقاعد ثم عمل متعاقدا فى رئاسة البحوس العلمية والافتاء بقية حياته حتى وافاه الاجل وهو على راس العمل فى هذه الرئاسة وقد تتلمذ عليه اكابر العلماء فى هذه المملكة واعترفوا بفضل علمه وافتخروا بالانتماء الى تعليمه فى اغلب المراحل كما انتفع الكثير بالوفوائد التى تلقوها عنه فى دروسه فى المسجد وغيره ".(1/9)
يقول الدكتور محمد الصباغ : " وكان - رجمه الله - مدرسا ناجحا سواء كان درسه فى الجامع او فى الجامعة فقد كان له درس اسبوعى فى مسجد الشيخ محمد بن ابراهيم - رحمه الله - ثم لما انتقل الى بيته فى شارع الخزان كان يؤم الناس فى المسجد الذى يقابل بيته وكان يلقى بين الفينة والاخرى دروسا تأخذ الالباب فى روعتها وعمق معانيها وغزارة ادلتها " .
وكان - رحمه الله - يحج كل عام منذ ان هاجر الى المملكة يدرس فى الحرم ويفتى الناس فى شؤون دينهم ولا سيما فى امر المناسك وله اقتراحات نافعة ببعضها بالنسبة الى الضحايا والهدى .
وقد ابدع - رحمه الله - فى جميع العلوم التى درسها .
يقول الشيخ صالح الاطرم - حفظه الله - " درسنا الشيخ عبد الرازق فى معهد الرياض العلمى وفى كليه الشريعة وفى المعهد العالى للقضاء فى التفسير وفى التوحيد العبادة فة العقيدة وفى الفقه وفى البلاغة وفى النحو وفى اصول الفقه فما درس مادة الا ابدع فيها :".
منهجه فى التدريس :
كان - رحمه الله - له منهجية متميزة فى تدريسه للطلاب مما جعل كل من درس على يديه يشهد له بانه افضل معلم .
وقد تميزت دروسه بعدة مميزات منها :
1- التفنن فى ايصال ما يريد الى اذهان الطلاب باخضر اشارة واحسن عبارة .
2- فهمه لعبارة المؤلفين واصول مذاهبهم .
3- تنظيم المعلومات وعنايته بالسبر والتقسيم
4- الفصاحة والبلاغة التى من الله بها عليه وقد كان بعض طلاب كلية الشريعة يتعجبون من ذلك اثناء ما كان يدرسهم التفسير فسألوه عن ذلك ؟ فقال : " ان هذا من تفسير ابى السعود ".
يقول الشيخ صالح السدلان : " كنت معجبا جدا بطريقة الشيخ عبد الرازق فى التدريس حيث المادة العلمية لديه - يرحمه الله - خالية من الحشو مرتبة مركزة متسقة معروضة باسلوب شيق قشيب ".
ويقول الشيخ صالح الاطرم - حفظه الله " : اما منهجيته فتمتاز بوضوح الكلام وقلته وتكييف المادة بحيث تصل الى الاذهان من اول وهله .(1/10)
وكان - رحمه الله - بديعا فى تفكيك عبارة المؤلفين على اختلاف المواد واذا استغربنا ما سمعنا من المعانى التى لا ندركها بمجرد قراءة الكتاب وسألناه من اين هذا قال : " فى كتابكم لم أت بغريب ".
وكانت دراسته فى الفقه على مذهب مالك ويدرسنا فى " المقنع " على مذهب احمد بكل سهولة وكان للخلاف فى الفقه عندنا روعة واستعظام حتى سالناه : من اين تاتى بهذا الكلام ؟ قال : " ما قرأت غير كتابكم الذى بين ايديكم ( وهو المقنع ) ثم اخذ يشرح لنا فقال : " التدريس فهم الكتاب واهدافه ومنهجيته واصول مذهبه " وضرب لنا مثلا فى القصاص من السكران عند قول المؤلف وفى القصاص من السكران روايتان اذا تعمد السكر فعند من قال فيه القصاص لاحظ انه تعمد ازالة عقله ومن قال انه ليس فيه قصاص الحقه بمن زال عقله بعذر ومن هنا نشأ الخلاف .
قال - رحمه الله - : " هكذا كل خلاف يكون له مأخذان من الادلة والتنفيذ يكون بحسب ما تسير عليه دراسة الفقه فى البلد من المذاهب الفقهية ".
يقول تلميذه الفاضل الشيخ عبد الله السعيد :" وكان - رحمه الله - يتميز بتسهيل المادة التى يدرسها لطلابه بحيث اذا شرح الموضوع فهمه اكثر من سمعه وزقد حدثنى بهذا اكثر من واحد من طلابه الذين درسوا عليه وقد سألت شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك عن اكثر من استفادوا منه فى دراستهم فى كلية الشريعة فقال : الشيخ عبد الرازق العفيفى فقلت له : والشيخ محمد الامين الشنقيطى ؟ فقال : الشيخ محمد الامين ياتنى الينا وينفجر علينا .(1/11)
قلت : ويقصد الشيخ عبد الرحمن ان الشيخ محمد الامين بسبب قوة حافظته وسعة علمهع يلقى المعلومات الكثيرة فى الفترة القصيرة كانه ينفجر عليهم من سعة معلوماته وهذا ( لا يستفيد منه كل طالب ) فكثير منهم تفوته هذه المعلومات بخلاف الشيخ عبد الرازق فانه كان - رحمه الله - معروفا بتنظيم المعلومات وبالسبر والتقسيم فلذلك كانت استفادتهم منه اكثر وهذا ما اتى الا من قوة فهم وذكاء وتحليل للمعلومات والا لما استطاع ان يعلمها لغيره بهذه الطريقة " .
* عنايته بالطلبة :
كان الشيخ - رحمه الله - عناية فائقة بطلبته سواء كان فى فترة وجودهه فى مصر او فى السعودية وكان - رحمه الله - يقول : " همى ان اربى طلاب علم ينفع بهم الاسلام والمسلمين ".
يقول الشيخ مناع القطان : " وفى رحلته العلمية كانت عنايته الفائقة بتربية تلاميذه على العقيدة السلفية ونبذ البدع والخرافات والأخذ بدهم الى هدى الكتاب والسنة وسلف هذه الامة فاحتضن نبخة متميزة وتعهدها منذ الطفولة بالرعاية واصطحباها معه حتى نمت وشبت عن الطرق ونهجت نهجه ".
ويقول الشيخ عبد الله بن قعود - حفظ الله - :" كان اذا راى فى احد الطلبة توجها دينيا وعقديا حثه على العلم وعلى السعى فى تحصيله ".
ويقول الشيخ صالح الاطرم - حفظه الله : " كان - رحمه الله - ثاقب النظر عارفا بطلابه واتجاهاتهم ومن يصلح للقضاء او التدريس فى حقول التعليم او فى الوظائف الادارية وكان حريصا على تأهيل من يتولون المسؤليات من قضاء وتدريس واعمال ادارية ".
يقول الشيخ صالح بن غانم السدلان : " ولم يكن يدرس مادة الا واكملها وكان - رحمه الله - من المفيدين فى التدريس وغير المتخوفين فىالامتحانات وكان يصنف الطلاب على مستوى الدرجات العلمية ومن شدة دقته فى التصحيح لم يكن يساوى بين طالبين بدرجة واحدة ... "(1/12)
ومن عنايته - رحمه الله - بطلبته بذلة النصح لهم وقد تقدم معنا جملة من ذلك ومنها ايضا ما ذكره الشيخ على اليحي حيث قال - وفقه معنا جملة من ذلك ومنها ايضا ما ذكره الشيخ على اليحيى حيث قال وفقه الله - : " وقد كنت اسأل شيخنا فاكثر بسبب كثرة لقائة به ولا اريد ان يفوت المجلس بلا فائدة فقال لى : يا شيخ على ! ما كنت انا اسأل مشايخى كثيرا كان اذا اشكل على شيء بحثت فاذا لم يزل الاشكال سالت فان السؤال بعد البحث يكون عندك حصيلة عن الموضوع واطلاعا ".
ويقول الدكتور محمد بن لطفى الصباغ :" صحبته ما يزيد على اثنين وثلاثبن عاما ما تركت مجلسه فى اسبوع الا ان يكون احدنا مسافرا وقلما كانت سفراتنا تطول وقد جاورته سنين عديدة فكان نعم الاستاذ والبحار ولقد تعلمت منه فى هذه الصحبة امورا كثيرة منها ما يتعلق بالناحية السلوكية ومنها ما يتعلق بالناحية الشخصية ... لقد كنت الجأ اليه فى كل امر من هذه الامور وكان - رحمه الله - يمدنى بالراى السديد والتوجيه القويم لقد اكرمه الله بالعقل المسدد والعلم الواسع والراى المحكم وعلى الرغم من تتلمذى عليه ما كان يعاملنى الا على انى زميل له تواضعا منه وكرما احسن الله اليه وجواه عنا الخير ".
وقال ايضا : " منذ طفولتى الى هذه الساعة وانا اعاشر العلماء أتتتلمذ على ايديهم واتلقى منهم ابحاثهم ولا والله لم الق عالما مثل فى سعة اطلاعه ودقة استحضاره وحفظه وسلامة منهجه واستقامة حياته وجولان ذهنة وقدرته على اعطاء الحكم الدقيق فى المسألة المطروحة ومعصرته لاحداث زمانه لقد كان يعيش عصره ويدرك بعمق شراسة الغزو الفكرى والاستعمارى للمسلمين ويعرف التيارات الفكرية والسياسة التى تسود العالم وتغزو بلاد المسلمين يعرفها تمام المعرفة وهذه صفة لم تكن موجودة فى مثير من علماء عصره ".
تلاميذ الشيخ رحمه الله :(1/13)
تخرج عل يديه اجيال من طلبة العلم الذين يكنون له التقدير والاحترام ويعترفون بما لع من تفوق فى الحياة العلمية والمترجم له - رحمه الله - يعتبر شيخا لجل كبار علماء المملكة .
ومن تلاميذه :
1- الشيخ عبد العزيز عبد الله آل الشيخ .
2- الشيخ عبد الله بن غديان .
3- الشيخ صالح اللحيدان .
4- الشيخ صالح الفوزان .
5- الشيخ عبد الله بن حسن بن قعود
6- الشيخ ابراهيم بن محمد آل الشيخ .
7- الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين .
8- الشيخ صالح الاطرم .
9- الشيخ عبد الله التركى .
10- الشيخ صالح بن غانم السدلان .
11- الشيخ راشد بن خنين .
12- الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وقرأ عليه فى باب الاضافة فى النحو .
13- الشيخ على الرومى .
14- الشيخ عبد العزيز بن عبد المنعم .
15- الشيخ سعود الفنيسان .
16- الشيخ حمود بن عقلا .
17- الشيخ مناع القطان .
18- الشيخ حمد الجنيدل .
19- الشيخ حمد الشتوى .
20- الشيخ على اليحي.
21- الشيخ عبد الله السعد .
22- الشيخ محمد بن لطفى الصباغ .
وغيرهم كثير .
المناصب التى تقلدها رحمه الله :
عين مدرسا بالمعاهد العلمية التابعة للازهر فدرس بها عدة سنوات كما اختير - رحمه الله - نائبا لرئيس جماعة انصار السنة المحمدية فىفترة اقامته بالاسكندرية وذلك فقى يوم السبت التاسع والعشرين من شهر صفر من عام 1365هـ ثم اختير رئيسا عاما للجماعة فى مساء السبت الرابع والعشرين من شهر صفر من عام 1379هـ .(1/14)
انتقل الشيخ - رحمه الله - من مصر سنة 1368هـ للعمل بوزارة المعارف السعودية ثم جعل مدرسا بدار التوحيد بالطائف ثم نقل منها بعد سنتين الى معهد عنيزة العلمى فى شهر محرم عام 1370هـ ثم نقل الى الرياض فى اخر شهر شوال عام 1370هـ للتدريس بالمعاهد العلمية التابعة لسماحة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ وكان للشيخ - رحمه الله - دور كبير فى المعاهد العلمية وفى تحديد مستويات الطلاب وكان عدد المدرسين فى اول افتتاحه سبعه منهم المترجم له والشيخ محمد الامين الشنقيطى ثم نقل للتدريس بكليتى الشريعة واللغة .
وكان الشيخ يستشار فى من يتعاقد معه من المدرسين من مصر ويصدلا عن راية فى ذلك كما كان راى فى اختيار الكتب الدراسية ولما انشئ المعهد العالى للقضاء عين مديرا له بأمر من سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ - رحمه الله - وذلك فى عام 1385هـ فاقترح تأخير فتحه سنة لاجل حضور اشخاص عينهم للتدريس فيه من الازهر وعددهم سته منهم الشيخ حسين مخلوف .
وفى سنة 1391هـ انتقل - رجمه الله - الى ادراة البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد وصار نائبا لسماحة والدنا وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله - فى رئاسه اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الافتاء مع جملة عضوا فى مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وقد بقى عضوا فيها حتى اعفى لحالته الصحية التى فرضها كبر سنة قبل عامين اما اللجنة الدائمة فلافتاء فلم يزل يشارك فيهت ما اقيمت بالرياض حتى وفاته رحمه الله بل لقد كان يباشر علمه مفتيا ومجيبا عن مسائل العامة فى مكتبه بادارة البحوث العلمية والافتاء مدفوعا بالعربة لصعوبة المشى - رحمه الله - .
وكان - رحمه الله - عضوا فى اللجنة التى وضعت مناهج الجامعة الاسلامية فى المدينة المنورة .
* مؤلفات الشيخ رحمه الله :(1/15)
يقول الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - : " اما التاليف فلم يكن يرغب فيه ولا يجب الكتابة فى اى فن من الفنون بل يرى اتن هذه الكتب والمؤلفات الحديثة لا فائدة فيها فيكتفى بما كتبه وجمعه العلماء السابقون حيث انهم تطرقوا الى كل فن واوضحوا ما يحتاج الى توضيح فمن جاء بعدهم لا يستطيع ان يضيف الى علومهم زيادة ولقد ضرب مثلا باحضار مجموعة من التفاسير وقارن بينها فاظهر ان الاخر عيال على الاول وان المتاخرين انما توسعوا فى الكلام بما لا فائدة فيه وكان ينهى عن الاشتغال كتب المعاصرين التى كتبوها فى الاصول او التفسيلا او الادب او الفقه ونحو ذلك حيث انهم لا يزيدون على من سبقهم ومع ذلك فقد اشرف على رسالتى فى اخبار الاحاد التى قدمتها لنيل درجة الماجستير وعلى رسالة الدكتور عبد الله بن عبدالمحسن التركى وغيرهما .
وكان يولى التلميذ توجيهات ودلالة على المواضع واماكن البحث ونحو ذلك مما يدل على قدرته على الكتابة لو اراد ذلك فهو من حملة العلوم المتعددة واى فن يتطرق اليه يوسعه بحثا فرحمه الله واكرم مثواه ".
وكان - رحمه الله - يقول : " لم ار لى اكثر المؤلفين فى العصور المتأخرة جديدا بل تكرار لما ذكره من سبقهم سوى شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - فانك تجد فى مؤلفاته الكثير من العلم مما لم يسبق اليه " ا هـ .
يقول الدكتور محمد الصباغ : " العلماء نوعان :
1- علماء ينعزلون عن الناس ويتفرغون لكتبة الكتب ةالمصنفات .
2- علماء يعنون ببناء النفوس وتوجيه العامة وارشادهم وبالاجابة عن أسئلتهم وحل مشكلاتهم .
وقد كان المترجم له - رحمه الله - من النوع الثاني وقد انتفع بعلمه وتوجيهه خلق كثير وهناك عدد من مشايخنا كانوا من النوع الثاني وهم جبال من العلم ،وكذلك فى العصور السابقة كان اكثر العلماء من هذا القبيل واحسب ان فقيدنا كان يحمله على ترك التأليف عامل اخر وهو زهده فى الشهرة والسعة والمنصب ".(1/16)
ويقول الاستاذ زهير الشاويش : " كان - رحمه الله - يرى ان فى ثروتنا العلمية التى تركها لنا الاجداد - رحمهم الله - ما يكفى ، واذا كان ولابد من مؤلف فيكون لسد الحاجات الطارئة علينا من امور استجدت وقال لى مرة : يا زهير ! ان حسن اخراج الكتب وتحقيقها وحسن عرضها افضل من التاليف ولذلك صرف جهوده الى وضع المناهج للجامعات والمعاهد ورسم الخطط لها من غير ان يؤلف كتابا .."
وكان - رحمه الله - اذا رأى كتابا خفيفا لأحد المحدثين ليس فيه اصله ولا دقة ولا استيفاء قال : يا ليته ما ألف أو يا ليته اقتصر على الانتفاع بما كتب الأئمة!
ومع ذلك ، فقد كتب - رمحه الله - وعلق على بعض الكتب فله :
1- مذكرة فى التوحيد .
2- تحقيق وتعليق على كتاب " الاحكام فى اصول الاحكام " للامدى .
3- تعليق على الجزء المقرر فى التفسير من " تفسير الجلالين " لطلاب المعاهد العلمية " فقد كان - رحمه الله - يثنى على الكتاب من حيث الموضوعية اما من جانب العقيدة قد كان المفسران اشعريان ".
4- تعليق على رسالة لشيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهى رسالته الى جماعة مسافر بن عدى اخبرنى بها الشيخ العلامة عبد الله بن قعود - حفظه الله - .
5- تعليق على كتاب " الفتوى الحمومية الكبرى " لشيخ الاسلام ابن تيمية .
6- تعليق على كتاب " التدمرية " لشيخ الاسلام ابن تيمية .
7- تعليق على كتاب " الرسالة التبوكية " لابن القيم .
8- تعليق على " الفية العراقي ".
9- تعليق على " شرح العقيدة الواسطية " الشيخ محمد خليل هراس - رحمه الله _ .
10- حاشية على " شرح العقيدة الطحاوية " لابن ابى العز اتلحنفى فى ذكر احالات شرحة على كتب الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله - .
11- تعليق على كتاب " الاعتقاد " للبيهقي .
12- مذكرة فى حكم البورصة كتبها باسم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء .(1/17)
13- له تعليقات يسيرة على كتاب " المستصفى " للغزالى " و " الاعتصام " و " الموافقات " للشاطبى افاد ذلك ابن الشيخ محمود .
وقد كتب - رحمه الله - عددا من الفتاوى والبحوث وذلك من خلال عمله فى اللجنة الدائمة اثبت بعضها فى هذا الكتاب .
وكتب عددا فى المقدمات لكتب علمية ورسائل جامعية .
*********************
الفصل الرابع
مواهبه وامكاناته العلمية
ــــــ
رزق الشيح - رحمه الله - مواهب عظيمة من وة الحافظة والملاحظة وفقه النفس وقد كرس جهوده لطلب العلم خارج اروقة الأزهر وعنى بعلوم اللغة والتفسير والأصول والعقائد والسنة والفقه حتى اصبح اذا تحدث فى علم من هذه العلوم ظن السامع انه تخصصه الذى شغل فيه كامل وقته وقد كان له عناية خاصة فى دراسة أحوال الفرق وهذه الأمور جعلت طلاب العلم يقصدونه فى كل وقت ويسمعون منه وانتفع بعلمه خلق كثير .
وكان - رحمه الله - يشرف على رسال بعض الدارسين فى الدراسات العليا ويشترك مع لجان مناقشة بعض الرسائل ويلقى بعض الدروس فى المسجد لطلبة العلم حسبما يتيسر ويلقى المحاضرات ويشارك فى اعمال التوعية فى موسم الحج وكان الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ - رحمه الله - مفتى المملكة سابقا يقدره ويستشيره ويعتمد عليه فى كثير من الامور تقديرا لعلمه الواسع ورأيه الصائب واخلاصه الجم .
يقول احد اولاد الشيخ : " كان والدى حافظا متقنا واذا ما سئل عن مسألة وما كانت موجودة فى احد الكتب أحال السائل الى الكتاب محددا عنوانه ورقم الجزء والصفحة والسطر ".
يقول شيخنا العلامة عبد الله بن جبيرين : " كان دراسته - الشيخ عبد الرازق - فى العلوم كالحديث واللغة والتفسير والأحكام حتى تفوق على زملائه وبعض مشايخه .. اما علمه فهو بحر لا ساحل له فى اغلب العلوم التى يتناولها بالبحث والشرح ".(1/18)
وقال الشيخ عبد الله الحكمى : " لقد عرفت فى فضيلته الدقة العلمية والاستيعاب الواسع لجوانب المباحث المطروحة متميزا - رحمه الله - بدقه فهمه لمختلف مسائل العلم الشرعية واستيعابه للاصول والقواعج التى تصدر عنها الاحكام وسرعة استحضاره لكلام اهل العلم من قراءاته فى المراجع المختلفة ".
ويقول الشيخ عبد الله السعد : ط تميز - رحمه الله - بالقوة العلمية وبالذكاء البين وسعة الاطلاع على علوم الشريعة سواء كان ذلك فى علم العقائد فى معرفة عقيدة السلف الصالح ومعرفة اقوال الفرق الاخرى وشبهاتهم او الفقة واصوله او فى علوم التفسير وغير ذلك من علوم الشريعة فهو من كبار أهل العلم فى هذا العصر .. وقد حدثنا الشيخ عبد الله بن عقيل عن الشيخ عبد الرازق : انه كان اذا اراد ان يكتب لا يعرف مسودة ولا مبيضة ( يعنى انه كان يكتب الموضوع مرة واحدة ) وهذا يدل على قوته العلمية ".
وبهذا يتبين للاخ القارئ العمق العلمى الذى بلغ اليه الشيخ وقد نقل من عاصر الشيخ وتتلمذ عليه نبوغ الشيخ - رحمه الله - وقدرته العلمية فى اكثر من فن ومن ذلك :
اولا : سعة معرفته فى علم التوحيد :
علم العقيدة والتوحيد من اهم العلوم التى يجب على طالب العلم ان يصرف فيها جل وقته ويبحث من اجل هذا العلم عن العالم الذى حسنت عقيدته وسار على منهج السلف الصالح اهل السنة والجماعة حتى ياخذ عنه وهو منشرح البال واسع الصدر دون ان يقول : لعله يقصد كذا او يدعوا لكذا .
وبالرغم من ان الشيخ عبد الرازق - رحمه الله - درس فى الازهر الا انه لم يتأثر بالعقائد الاشعرية والتى تدرس فى مصر بل حماه الله من شر هذه العقيدة ووفقه لسلوك منهج اهل السنة والجماعة قولا وعملا واعتقادا .(1/19)
يقول الدكتور محمد لطفى الصباغ : " كان من كبار علماء التوحيد على مذهب السلف - رحمهم الله - يعرض القضايا القيقة فيه باسلوب ميسر واضح وقد كان - رحمه الله - واقفا على كلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فى هذا العلم ولقد استطاع ان يرد ما جاء فى الشرح الطحاوية " وهو مقتبس من كلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الى مواضعه فى كتبها ، وقد تضمنت طبعه المكتب الاسلامى الاخيرة للكتاب هذه الاحالات ".
ويقول الشيخ عبد الله الحكمى : " كان - رحمه الله - واسع العلم بمسائل العقيدة شديد التمسك بمذهب السلف الصالح مع المعرفة التامة بالملل والنحل المختلفة واصولها التى تصدر عنها عالما بعوارها ومواطن دحضها ".
ويقول الشيخ صالح الاطرم - حفظه الله - : " كانت عقيدة الشيخ عبد الرازق فى اسماء الله وصفاته وتوحيد العبادة عقيدة السلف الصالح فيفسر " لا إله إلا الله " بلا معبود بحق الا الله وهذا التفسير هو الحق وكان - رحمه الله - فى الاسماء والصفات على طريقة السلف الصالح فهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل على حد قوله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ( الشورى : 11 ) .
وكان كثيرا ما ينبهنا على دقائق ولطائف فمن ذلك ان احد مدرسى التفسير الفخر الرازى وكان عند احد الكتبيين فى الرياض منه نسختان فسارعت لشراء واحدة وقرأت فيها ثم ذهبت الى الشيخ عبد الرازق واثنيت على ذلك التفسير وقلت له : لكنى لم اسمع مشايخنا يذكرونه او يقرؤنه عل الناس ! فقال لى بغضب : ألا تدرى لماذا ؟ !الا تعرف منهجه ؟ ثم قال : مشايخك مشايخ عقيدة سلفية وتفسير الفخر الرازى فيه شوك ولا يصلح ان يقرأ على العامة ولا يصلح للمبتدئين فى التعليم فاستفدت من هذه اللفته من الشيخ : اختلاف المنهجيات وبيان المراد بها " .(1/20)
وقد كتب - رحمه الله - عدة مباحث فى العقيدة ، منها :
*******************
1- مبحث فى مذهب المعتزلة
ـــــــ
كان واصل بن عطاء تلميذا للحسن البصرى وبينما هو جالس فى درسه سأل سائل الحسن البصرى عن مرتكب الكبيرة : أهو كافر كما يقول وعيديه للخوارج أو مؤمن لا يضره مع الايمان ذنب كما يقول مرجئة الأمة ؟ فتعجل واصل فى الجواب وقال : لا هو فى منزلة بين المنزلتين مؤمن ولا كافر وخالف بذلك اهل السنة من السلف فانهم لا يحكمون بخروج المؤمن من الايمان بارتكابه الكبيرة واعتزل مجلس الحسن وجلس الى اسطوانه يقرر مذهبه واجتمع اليه التلاميذ فقال الحسن : اعتزلنا واصل فسمى من تبعه فى ذلك المعتزلة وقيل : سموا بذلك لاعتزالهم رأى الفريقين الخوارج والمرجئة وليس صحيحا فان أهل السنة توسطوا بين الفريقين ولا يسمون بذلك .
الاصول المشتركة بين فرق المعتزلة فى الجملة :للمعتزلة اصول اشتركت فيها فرقهم ولكل فرقة مسائل تميزت بها عن غيرها فمن اصول المعتزلة المشتركة بين طوائفهم :
قولهم : ان أخص أوصاف الله القدم وبذلك نفوا عنه الصفات خشية تعدد القدماء فقالوا : الله عالم لذاته قادر لذاته ... الى اخره او عالم بعلم هو عين ذاته وقادر بقدرة هى ذاته لا يعنى قائم بالذات .
وقالوا : ان كلام الله مخلوق فى محل .
وقالوا بأن الله لا يرى بالابصال يوم القيامة وتأولوا كل ما ورد فى ذلك وردوا فى اثبات صفات قائمة بذات الله وفى اثبات رؤيته من النصوص او تأولوه على ما يوافق اصلهم واخضعوا فى ذلك الشرع للعقل وبذلك خالفوا اهل السنة فى الرؤية واثبات الصفات وكأنهم اخذوا ذلك عن الفلاسفة والجهم بن صفوان زعيمن المعطلة وسموا ذلك التعطيل توحيدا .
ومن اقوالهم نفى القدر بمعنى انكار عموم مشيئته وشمول قدرته سبحانه فالعبد مريد لفعل نفسه الاختيارى خالق له بقدرته التى اودعها الله فيه .(1/21)
وقال : ان الله حكيم فلا يفعل الا الصلاح واوجبوا عليه بالعقل رعاية ذلك اما الاصلح فقد اختلفوا فى وجوبه وسموا ذلك عدلا وكانهم اخذوا هذا الاصل عن زعماء القدرية كمعبد الجهنى وغيرن وبذلك خالفوا اهل السنة ايضا الذين يثبتون القدر بجميع مراتبه .
ومن اصولهم ان الله يجب عليه عقلا ان يدخل من مات على الايمان والطاعة والتوبة مما قد يكون فرط فيه من الذنوب الجنة ويجب عليه عقلا ان يدخل من ارتكب كبيرة النار ويخلده فيها وسموا هذا وعدا ووعيدا وكأنهم أخذوا هذا عن الخوارج .
ومن اصولهم ان العقل يدرك حسن الحسن وقبح القبيح فيمكنه ومعرفة قبل ورود الشرع ويوجب ذلك ويوجب شكره ويحرم الكذب والكبر ونحو ذلك .
وقالوا : ارسال الرسل بالشرائع الى العباد إلطاف من الله بهم ليختبرهم فيهلك من هلك عن بينه ويحيى من حلا عن بينه ولو لم يرد الشرع لوجب بالعقل فعل الحسن وترك القبيح .
اما فرق المعتزلة فكثيرة ، اذكر منها الفرق المشهورة وما تتميز به كل منها عن الاخرى باختصار .
الواصلية هم اتباع ابى حذيفة واصل بن عطاؤ الغزال وكان فى أيام عبد الملك وابنه هشام وكان من المولى ولد بالمدينة سنة 80هـ ومات سنة 131هـ وقرأ كثيرا منالعلوم على الحسن البصرة واليه تنسب الواصلية ( الذى اسس مذهب الاعتزال ) ومن بدعهم انهم تهجموا علىخيار الصحابة فقالوا فى عثمان وقاتلية : أحد الفريقين مخطى فاسق وكذا قالوا فى على ومقاتلية طلحة والزبير فى واقعة الجمل ومعاوية وعمرو وغيرهما فى واقعة صفين وبنوا على ذلك أن عليا لو شهد ومعه رجل من اتباعه ردت شهادته وكذلك قالوا برد شهادة طلحة والزبير ولو على شيء تافه كالمتلاعنين .
2-مبحث تقديم نصوص الكتاب والسنة على العقل
الحمد لله،والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه،وبعد:
فإن نبينا محمد (ص) قد أيده الله بروح من عنده،أيده فى التشريع بالوحى(1/22)
لقد أنزل الله عليه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وأوحى من الأحاديث ما فيه بيان لما أجمل فى القرآن وتفصيل لقواعده وشرح للعقائد والشرائع،فضلا من الله ورحمة الله عليم حكيم.قال تعالى(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44))النحل فوجب تصديق ما جاء فى كتاب الله وما صح من الأحاديث عن رسول الله (ص)وتحكيمها فى كل شأن من الشئؤون
والرضا والتسليم لحكمها دون حرج أو ضيق فى الصدور تحقيقا للإيمان وتطهيرا للقلوب من درب الشرك والنفاق.
قال الله تعالى( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)النساء
ولا يغتر إنسان بما آتاه الله من قوة في العقل وسعة في التفكير وبسطة في العلم فيجعل عقله أصلاً ونصوص الكتاب والسنة الثابتة فرعاً فما وافق منهما عقله قبله واتخذه ديناً وما خالفه منهما لوى به لسانه وحرفه عن موضعه وأوله على غير تأويله إن لم يسعه إنكاره وإلا رده ما وجد في ظنه إلى ذلك سبيلاً ثقة بعقله واطمئناناً إلى القواعد التي أصلها بتفكيره واتهاماً لرسول الله ( أو تحديد مهمة رسالته وتضيق دائرة ما يجب اتباعه فيه واتهاماً لثقاة الأمة وعدولها وأئمة العلم وأهل الأمانة الذين نقلوا إلينا نصوص الشريعة ووصلت إلينا عن طريقهم إلى تفويض دعائم الشريعة المفضية إلى القضاء على أصولها إذ طبائع الناس مختلفة واستعدادهم الفكري متفاوت وعقولهم متباينة وقد تتسلط عليهم الأهواء ويشوب تفكيرهم الأغراض فلا يكادون يتفقون على شئ اللهم إلا ما كان من الحسيات أو الضروريات .(1/23)
فأي عقل من العقول يجعل أصلاً يحكم في نصوص الشريعة فترد أو تنزل على مقتضاه فهماً وتأويلاً أعقل الخوارج في الخروج على الولاة ، وإشاعة الفوضى وإباحة الدماء ؟ ام عقل الجهمية في تأويل نصوص الأسماء والصفات وتحريفها عن موضعها ؟ أم عقل المعتزلة ومن نصوص الأسماء والصفات وتحريفها عن موضعها ؟ ام عقل المعتزلة ومن وافقهم في تأويل نصوص أسماء الله وصفاته ونصوص القضاء والقدر وإنكار رؤية المؤمنين أين ربهم يوم القيامة ؟ أم عقل الغلاة في إثبات الأسماء والصفات والغلاة في سلب المكلفين المشيئة والقدرة على الأعمال ؟ أو عقل من قالوا بوحدة الوجود ......الخ .
ولقد أحسن العلامة أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - رحمه الله - إذ يقول " المخالفون للكتاب والسنة وسلف الأمة من المتأولين في هذا الباب في أمر مريج ، فإن من ينكر الرؤية يزعم أن العقل يحيلها وانه مضطر فيها إلى التأويل ومن يحيل أن لله علماً وقدرة وأن يكون كلامه غير مخلوق ونحو ذلك يقول إن العقل أحاد ذلك فاضطر إلى التأويل بل من ينكر حشر الأجساد والأكل والشرب الحقيقيين في الجنة يزعم أن العقل أحال ذلك وانه مضطر إلى التأويل ومن يزعم أن الله ليس فوق العرش يزعم أن العقل أحال ذلك وانه مضطر إلى التأويل "
ويكفيك دليلاً على فساد قول هؤلاء أنه ليس لواحد منهم قاعدة مستمرة فيما يحيله العقل بل منهم من يزعم أن العقل جوز وأوجب ما يدعي الآخر أن العقل أحاله فياليت شعري بأي عقل يوزن الكتاب والسنة فرضي الله عن الإمام مالك بن أنس حيث قال : أو كلما جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد ( لجدل هؤلاء ، انتهى .(1/24)
هذا وإن فريقاً ممن قدسوا وخدعتهم أنفسهم واتهموا سنة نبيهم قد أنكروا رفع الله نبيه عيسى بن مريم عليه السلام إلى السماء حياً بدناً وروحاً ونزوله آخر الزمان حكماً عدلاً لا لشئ سوى اتباع ما تشابه من الآيات دون ردها إلى المحكم منها اتباعاً لما ظنوه دليلاً عقلياً وما هو إلا وهم وخيال وردوا ما ثبت من سنة النبي ( نزولاً على ما أصلوه من عند أنفسهم من ان العقائد لا يستدل عليها بأحاديث الآحاد واتهاماً لبعض الصحابة فيما نقلوا من الأحاديث وفي ذلك جرأة منهم على التقاة الأمناء من أهل العلم والعرفان دون حجة أو برهان وتطاولوا على علماء الأحاديث وتناولوا رجال الجرح والتعديل بألسنة حداد جهلاً منهم بما قدموه من خدمة للدين وحفظ الأصل الثاني من أصول الإسلام وهو السنة النبوية وعجزاً منهم عن أن يهضموا ما دون أولئك الأمة الأخيار من كتب في قواعد علوم الحديث ودواوين في تاريخ رواة الحديث وبيان درجاتهم ومراتبهم في الرواية وطبقاتهم ومواليدهم ووفايتهم ولقاء بعضهم بعضاً أو سماعه تمييزاً لمن تقبل روايته ممن ترد روايته وما يقبل من الأحاديث وما يرد وذباً عن السنة النبوية وحفاظاً عليها .
3-بحث فى الحكم بغير ما أنزل الله
قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) .(1/25)
أمر الله جل شأنه جميع الناس أن يرد كل منهم ما لديه من الأمانة إلي أهلها ، أياً كانت تلك الأمانة ، فعم سبحانه بأمره كل مكلف ، وكل أمانة ، سواء كان ما ورد في نزول الآية صحيحاً أم غير صحيح ، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
- ثم أوصى سبحانه من وكل إليه الحكم في خصومه أو الفصل بين الناس في أمر ما ان يحكم بينهم بالعدل، سواء كان محكماً أو ولى أمر عام أو خاص ، ولا عدل إلا ما جاء في كتاب الله أو سنة أسداه إلي عباده من الموعظة إغراء لهم بالقيام بحقها والوقوف ةعند حدودها ، وختم الآية بالثناء على نفسه بما هو أهله من كمال السمع والبصر ترغيباً في امتثال أمره رجاء ثوابه ، وتحذيراً من مخالفة شرعه خوف عقابه ، ثم أمر تعالى المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله ( مطلقاً ، لأن الوحى وكله حق ، وأمر بطاعة أولى الأمر فيما وضح أمره من المعروف لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما دلت عليه النصوص الثابتة الصريحة في ذلك ، فإن اشتبه الأمر ووقع النزاع وجب الرجوع في بيان الحق والفصل فيما اختلف فيه إلي الكتاب والسنة لقوله سبحانه : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ).
…وقوله (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).(1/26)
وأمثال ذلك من نصوص الكتاب والسنة فإن الرجوع إليهما عند الحيرة أو النزاع خير عاقبة وأحسن مالاً ، وهذا إنما يكون فيما فيه مجال للنظر والاجتهاد ، فمن بذل جهده ونظر في أدلة الشرع وأخذ بأسباب الوصول إلي الحق ، فهو مأجور ، أجران إن أصاب حكم الله ، ومعذور مأجور أجراً واحداً إن أخطأه ، وله أن يعمل بذلك في نفسه وأن يحكم به بين الناس ، ويعمله الناس مع بيان وجهة نظره المستمدة من أدلة الشرع على كلتا الحالتين بناء على قاعدة التيسير ورفع الحرج وعملاً بقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ).
وبقول النبي ( " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " ولقوله ( " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد " رواه أحمد والبخارى ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذى وابن ماجه. ومن لم يبذل جهده في ذلك ولم يسأل أهل العلم وعبد الله على غير بصيره ، أو حكم بين الناس في خصومة فهو آثم ضال مستحق العذاب إن لم يتب ويتغمده الله برحمته قال تعالى : (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).
وكذا من علم الحق ورضي بحكم الله لكن غلبه هواه أحياناً فعمل في نفسه ، أو حكم بين الناس في بعض المسائل أو القضايا على خلاف ما علمه من الشرع لعصبية أو لرشوة مثلاً فهو آثم لكنه غير كافر كفراً يخرج من الإسلام ، إذا كان معترفاً بأنه أساء ولم ينتقص شرع الله ولم يسيء الظن به بل يجز في نفسه ما صدر منه ويرى أن الخير والصلاح في العمل بحكم الله تعالى ، روى الحاكم عن بريدة رضي الله عنه عن النبى ( أنه قال : " قاضيان في النار وقاض في الجنة ، قاض عرف الحق فقضي به فهو في الجنة ، وقاض عرف الحق فجار متعمداً ، أو قضي بغير علم فهو في النار ... ".(1/27)
إن من كان منتسباً للإسلام عالماً بأحكامه ، ثم وضع للناس أحكاماً وهيأ لهم نظماً ليعلموا بها ويتحاكموا إليها ، وهو يعلم أنها تخالف أحكام الإسلام ، فهو كافر خارج من ملة الإسلام ، وكذا الحكم فيمن أمر بتشكيل لجنة أو لجان لذلك.
ومن أمر الناس بالتحاكم إلي تلك النظم والقوانين أو حملهم على التحاكم إليها وهو يعلم أنها مخالفة لشريعة الإسلام ، وكذا من يتولى الحكم بها ويطبقها فيلا القضايا ، ومن أطاعهم في التحاكم إليها باختياره مع علمه بمخالفتها للإسلام فجميع هؤلاء في الإعراض عن حكم الله ، لكن بعضهم بوضع تشريع يضاهى به تشريع الإسلام ويناقضه على علم منه وبينة ، وبعضهم بالأمر بتطبيقة أو حمل الأمة على العمل به أو ولى الحكم به بين الناس أو تنفيذ الحكم بمقتضاه ، وبعضهم بطاعة الولاة والرضا بما شرعوا لهم بما لم يأذن به الله ويم ينزل به سلطاناً ، فكلهم قد اتبع هواه بغير هدى من الله ، وصدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه وكانوا شركاء في الزيغ والألحاد والكفر والطغيان ، ولا ينفعهم علمهم بشرع الله واعتقادهم ما فيه من إعراضهم عنه وتجافيهم لأحكامه وإتيانهم بتشريع من عند أنفسهم وتطبيقه والتحاكم إليه ، كما لم ينفع إبليس علمه بالحق واعتقاده إياه مع إعراضه عنه وعدم الاستسلام والانقياد له.
وبهذا قد اتخذوا هواهم إلهاً فصدق فيهم قوله تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(1/28)
وقوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ). الآيات إلي قوله سبحانه (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) إلي قوله تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
وقوله سبحانه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً* وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً). إلي قوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(1/29)
إن هؤلاء قد صدوا عن تحكيم شرع الله انتقاصاً له وإساءة للظن بربهم الذي شرعه له ، وابتغاء الكمال فيما سولته لهم أنفسهم وأوحى به إليهم شياطينهم ، كأن لسان حالهم يقول : " إن شريعة الكتاب والسنة نزلت لزمان غير زماننا ليعالج مشاكل قوم تختلف أحوالهم عن أحوالنا وقد يجدى في إصلاحهم ما لا يناسب أهل زماننا ، فلكل عصر شأنه ، ولكل قوم حكم يتناسب مع ظروفهم ونوع حضارتهم وثقافتهم" فكانوا كمن أمر الله رسوله أن ينكر عليهم ويبكتهم بقوله : (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً ) إلي قوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
وكانوا ممن حقت عليهم كلمة العذاب وحكم الله عليهم بأن لا خلاق لهم فى الآخرة بقوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
لقد استهوى الشيطان هؤلاء المغرورين فزين لهم أن يسنوا قوانين من عند أنفسهم ليتحاكموا إليها ويفصلوا بها فيم خصوماتهم ، وسول لهم أن يضعوا قواعد بمدى تفكيرهم القاصر وهواهم الجائر لينظموا بها اقتصادهم وسائر معاملاتهم ، محادة لكتاب الله واعتقاداً منهم أنه لا يصلح للتطبيق والعمل به في عهدهم ، ولا يكفل لهم مصالحهم ، ولا يعالج ما جد من مشاكلهم ، حيث اختلفت الظروف والأحوال عما كانت عليه أيام نزول الوحى ، واتسع نطاق المعاملات وكثرت المشكلات ، فلا بد لتنظيم المعاملات ، الفصل في الخصومات من قوانين وقواعد جديدة يضعها المفكرون من أهل العصر ، والواقفون على أحوال أهله ، المطلعون على المشاكل ، العارفون بأسبابها وطرق حلها لتكون مستمدة من واقع الحياة فتتناسب مع أحوال الناس وظروفهم الحاضرة ومع مستوى ثقافتهم وحضارتهم.(1/30)
فهؤلاء وقد طغى عليهم الغرور الفكرى ، فركبوا رؤوسهم ولم يقدروا عقولهم قدرها ولم ينزلونها منزلتها ، ولم يقدروا الله حق قدره ، ولم يعرفوا حقيقة شرعه ، ولا طريق تطبيق مناهجه وأحكامه ، ولم يعلموا أن الله قد أحاط بكل شيء علماً ، فعلم ما كان وما سيكون من اختلاف الأحوال ، وكثرة المشاكل ، وأنه أنزل شريعة عامة شاملة ، وقواعد كلية محكمة وقدرها بكامل علمه وبالغ حكمته فأحسن تقديرها ، وجعلها صالحة لكل وقدرها بكامل علمه وبالغ حكمته فأحسن تقديرها ، جعلها صالحة لكل زمان ومكان ، فمهما اختلفت الطبائع والحضارات ، وتباينت الظروف والأحوال ، فهى صالحة لتنظيم معاملات العباد وتبادل المنافع بينهم والفصل في خصوماتهم وحل مشاكلهم ، وصلاح جميع شؤونهم في عباداتهم ومعاملاتهم.
إن العقول التى منحها الله عباده ليعرفوه بها ، وليهتدوا بفهمها لتشريعه إلي ما فيه سعادتهم في العاجل والآجل ، قد اتخذوا منها خصماً لدوداً لله فأنكروا حكمته وحسن تدبيره وتقديره ، وضاقوا ذرعاً بتشريعه وأساءوا الظن به فانتقصوه وردوه ، وقد يصابون بذلك وهم لا يدرون لأنهم بغرورهم بفكرهم عميت عليهم معالم الحق والعدل فكانوا من الأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. وكانوا ممن بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار.(1/31)
إن الله وسبحانه كثيراً ما يذكر الناس في القرآن بأحوال المعتدين الهالكين ، ويحثهم على أن يسيروا في الأرض لينظروا ما كانوا فيه من قوة ورغد عيش وحضارة وبسطة في العلم ، نظر عظة واعتبار ، ليتذكروا طريقهم ، إتقاء لسوء مصيرهم ، ولفت النظر في بعض الأمور إلي جريمة الغرور الفكرى ، لشدة خطره ، وبين أنه الفتنة الكبرى التى دفعوا بها في صدور الرسل ، وردوا بها دعوتهم ليعرفنا بقصور عقول البشر ، أنها لا تصلح لمقاومة دعوة الرسل ، وليحذرنا من خطر الغرور الفكرى الذي هلك به قاوم المرسلين.
قال تعالى (َفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ *فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ).
ثالثا : سعة معرفته فى علوم الحديث :
ـــــ
سنة النبى صلى الله عليه وسلم هى المصدر الثانى من مصادر التشريع ولا غرو اننرى اهتمام العلماء من عهد النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعده بالبحديث وتمييز الصحيح من الضعيف وقد قام العلماء بجهود عظيمة فى خدمة الحديث وعلومه ولهذا السبب جد الشيخ عبد الرازق بن عفيفى - رحمه الله - فى هذا الفن حتى برز فيه وكان له عنايبة فائقة بعلم العلل وهو علم عظيم لا يجيده الا جهابذة العلماء .(1/32)
قال شيخنا العلامة عبد العلامة عبد الله بن جبرين : " عرفت الشيخ عبد الرازق لأول مرة عام 1374هـ وكان يزور بعض المشايخ كالشيخ عبد العزيز بن محمد الشثرى ونقرأ عليه فى المجلس حديثا من أول " صحيح البخارى " فيشرحه " شرحا موسعا بحيث يستغرق شرح الحديث الواحد أكثر الجلسة ".
قال الدكتور محمد لطفى الصباغ : " كان محدثا كبيرا قل ان يخفى عليه حديث وكانت له مقدرة متميزة فى تخريج الحديث والحكم عليه وقد يرى فى بعض الأحاديث من الراى الصحيح ما لا تجده عند غيره سواء فى تحديد درجته ام فى فهمه والوقوف على دلالته وله عناية خاصة بكتب الرجال وقد بلغ من عنايته انه فقد جزء من كتب الرجال فكتبه بخطه وجلده ولما رآه بعض الولوعين بحفظ آثار عظماء العلماء استهداه هذا الجزء فاهداه اياه " .
وله عدة مباحث تتعلق بعلم الحديث ومنها شروح لبعض الاحاديث ومنها دراسة لبعض الاسانيد مثل دراسة جمع فبها طرق قصة الغارانيق وما فيهخا من علل ختمها بقول ابن خزيمة - رحمه الله - : " ان هذه القصة من وضع الزنادقة " .
رابعا : سعة معرفته فى الفقة واصوله :
علم الفقه علم شريف ومهم ، ولا ينكر فضله وشرفه الا جاهل به لان الانسان عدو لما يجهله .
وفى اهمية الفقه يقول ابن الجوزى - رحمه الله - : " الفقه عليه مدار العلوم ... فان اتسع الزمان للتزيد من علم فليكن من الفقه فانه الانفع " .
كان للشيخ - رحمه الله - عناية خاصة بكتب الفقهاء ومعرفة تامة باقوال العلماء وهو من العلماء المعدودين فى هذه البلاد الذين يفرقون فى تدريسهم بين علم الفقه والحديث فيقصرون درس الفقه على تصويرالمسألة وتقرير المذهب وذكر الراجح بدليلة اما فى درس الحديث فتأتى الخلافات وبيان المفردات والادلة والاعتراضات وهى من انفع أساليب التعلم .(1/33)
يقول الشيخ عبد الله الحكمي : " كان - رحمه الله - فى علم الفقه سريع الاستحضار للاحكام الشرعية محيطا بادلتها عالما بقواعدها واصولها مدركا لاشباه المسائل ونظائرها سديد الرأى صائب الاجتهاد يفتى السائل حسب مستواه من الجهل والعلم ".
يقول الدكتور محمد الصباغ : " كان رحمه الله - فقيها مجتهدا وما كان يرضى التعصب لمذهب من المذاهب مع احاطة بها لم أر مثلها بل كان يمشى مع الدليل وقد تكونت لديه ملكة فقهية عظيمة .
وكان - رحمه الله - اذا سئل لا يتسرع بالاجابة بل يسأل عن دقائق الموضوع المطروح حتى يستوعبه ويقوم عنده تصور صحيح للموضوع ثم يجيب .
اما فهمه لعبارات الاقدمين فى كتبهم فقد كان شيئا مدهشا حقا وبعض العبارات بالغة التعقيد بسبب الرغبة عند هؤلاء المتقدمين فى الفقه تحميل الالفاظ القليلة المعانى الكثيرة .. لقد كان ينظر فى العبارة العويصة فيحلها ويشير الى مراميها ومقاصد كاتبها على نحو لا تجده الا عند قليل من اهل العلم " .
وللشيخ - رحمه الله - مجموعة من الابحاث الفقهية ومنها :
1- " حكم البيع فى البورصة " : مذكرة كتبها باسم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء .
2- " وجهة نظر فى تحديد نهاية ذبح هدى التمتع والقرآن " .
3- " الوقوف بعرفة والنزول بمزدلفة " .
4- " عدد صلاة التراويح " .
وله تقارير عن بعض الكتب الفقهية ، مثل :
1- كتاب " الكافى " لابن عبد البر " .
2- كتاب " فقه السنة " لسيد سابق .
اما فى اصول الفقه فقد كان - رحمه الله - اصوليا متبحرا فى هذا العلم العظيم ( علم أصول الفقه ) واقفا علىدقائقه مطلعا على كتبه مستحضرا لما فيها فاذا سألته عن كتاب من كتب الأصول ذكر لك خصائصه ومزاياه وطرقته والمأخذ التى قد تؤخذ عليه وقد كان معجبا بكتاب " المستصفى " الغزالى وبكتاب " الموافقات " للشاطبى .(1/34)
وقد كتب - رحمه الله - كلمة موجزة عن تاريخ أصول الفقه جعلها فى مقدمه كتاب " الأحكام فى اصول الاحكام " الذى قام بتحقيقه والتعليق عليه يقول رحمه الله :
*************
( بسم الله الرحمن الرحيم )
كلمة موجزة عن تاريخ اصول الفقه :
احمدك اللهم حمدا يليق بجلالتك واشكرك شكرا يوافى نعمك ويكافئ مزيدك سبحانك لا نحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت علىنفسك واشهد ان لا إله الا انت وحدك لا شريك لك شهادة تكفر بها عنا السيئات وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات واشهد ان محمدا عبدك المرتضى ونبيك المجتبي ورسولك المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وبعد :
فاصول الفقه من العلوم التى عم نفعها وعظمت فائدتها فقد استطاع به المجتهدون فطرة واستعداد او دراسة واكتسابا ان يستثمروا نصوص الشريعة وان يستنبطوا بها الاحكام من ادلتها التفصيلية على اكمل وجه واتقنه واوضح طريق وابينه ووقف من عنى بدراسته من العلماء المقلدين على مأخذ الائمة المجتهدين ومداركهم وعرفوا طريقهم فى اجتهادهم ومذاهبهم فى استنباطهم فطبقوا قواعدهم على ما جد من اقضة واستخرجوا على اصولهم احكاما فى كثير من المسائل نسبوها اليهم تخريجا حيث لم يثبت عنهم فيها حكم نصا .
وقد يبلغ من يعنى بعلم الاصول وياخذ نفسه بدراسته قواعده استدلالا عليها وتطبيقا لها على نهج من تقدمه من الائمة ان يكون مجتهدا مطلقا يعتمد فى بحثه على اصول الشريعة ويرجع الى ادلتها ويستنبط منها الاحكام وربما كان هذا ايسر له واعم نفعا واسلم عاقبة من اجتهاده فى المسائل على مقتضى اصول امام معين واستخراج الفورع على اصوله .(1/35)
وقد كانت العربية سليقة للصحابة رضى الله عنهم ويلغتهم نزل القرآن وبها بينه النبى صلى الله عليه وسلم فكانوا يعرفون مقصد الكلام ومغزاه من لحن القول وفحواه وقد شهدوا عهد الوحى والتنزيل ولزموا النبى صلى الله عليه وسلم فى سفره واقامته وكانوا مع ذلك على جانب عظيم من الفطنة والذكاء وسلامة الذوق ونور البصيرة والحرص على التشريع علما وعملا فوقفوا على اسرار الشريعة ومقاصدها ولم يجدوا فى انفسهم حاجة الى دراسة قواعد يسنعينون بها فى استثمار نصوص الشريعة ولا ضرورة تلجئهم الى تدوين اصول يرجع اليها فى استنباط الاحكام من الادلة .
وقد سار التابعون على مدرجتهم وسلكوا سبيله فاستغنوا غناهم لقرب العهد بالوحى وقوة الصلة بالصحابة وكثرة الأخذ عنهم والمخالطة لهم وغليه السلامة على اللغة العربية من الكلمات الدخيلة .
ولما بعد العهد بزمن النبوة وكثر اختلاط العرب بغيرهم من الفرس والروم وترجم كثير من الكتب اليونانية وغيرها الى اللغة العربية أيام الدولة العباسية استعجم كثير من العرب فى لغتهم واساليب كلامهم وتأثروا اذواقهم واختلفت مناهجهم وتغيرت اغؤاضهم فى نثرهم وشعرهن واللغة العربية لغة الكتاب والسنة اسلوبا ومنهجا ومقصدا ومغزى فهى الطريق الى فهمها والعمدة فى ادراك اسشرارها وعليها يتوقف معرفة كثيرة من وجوه اعجاز القرآن فلذا عنى العلماء بحفظها فى جوانبها المختلفة بشتى الوسائل وتوسعوا فى تدوين قواعدها وبدؤوا يضعون قواعد اصول الفقه وساعدهم على ذلك ما وقفوا عليه فى الكتب المترجمة من صناعة التأليف ونظام التقعيد وحسن التبويب والترتيب .
وزاد تدوين اصول الفقه سهولة ان قواعده عند علماء الحديث فى الحجاز وعلماء الرأى فى العراق بدأت تتمايز فى نقاش المجتهدين من الفريقين وتظهر فى حجابهم واستدلالهم وان لم تكن مدونه لديهم .(1/36)
وكان أول من عنى بتدوين اصول الفقه فيما اشتهر بين العلماء ابو عبج الله محمد بن ادريس الشافعى فاملى كتابه المعروف بـ " الرسالة " وكتبه عنه الربيع بن سلمان المرادة وقد جمع فى املاء الرسالة بين امرين اجمالا :
دالاول : تحرير القواعدج الاصولية واقامة الادلة عليها من الكتاب واتلسنة وايضاح منهجه فى الاستدلال وتأييده بالشواهد فى اللغة العربية .
الثاني : الاكثار من الامثلة لزيادة الايضاح والتطبيق لكثير من الادلة على قضايا فى اصول الشريعة وفروعها مع نقاش للمخالفين تزيده جزالة العبارة قوة وتكسبه جمالا فكان كتابه قاعدة محكمة بنى عليها من جاء بعده ومنهجه فيه طريقا واضحا سلكه من الف فى هذا العلم وتوسع فيه .
وقد تبعه فى الامرين ابو محمد على بن حزم فى كتابه " الاحكام فى اصول الاحكام " بل كان اكثر منه سردا للادلة النقلية مع نقدها وايراجا للفروع الفقهية مع ذكره مذاهب العماء فيها وما احتجوا به عليه ثم يوسع ذلك نقدا ونقاشا ويرجح ما يراه صوابا .
غير ان ابا محمد - وان كان غير مدافع فى سعة علمه واطلاعه على النصوص وتمييز صحيها من سقيمها والمعرفة بمذاهب العلماء وادلتها وايراد ذلك فى اسلوب رائع وعبارات سهلة واضحة لم يبلع مبلغ الشافعى فقد كان الشافعى اخبر منه بالنقل واعرف بطرقه واقدر على نقده واعد فى حكمه وادرى بمعانى النصوص ومغزاها وارعى لمقاصد الشريعة واسرارها وبناء الاحكام عليها مع جزالة فى العبارة تذكر بالعربية فى عهدها الاول ومع حسن أدب فى النقد وعفة لسان فى نقاش الخصوم والرد على المخالفين .(1/37)
ولو سلك المؤلفون فى الاصول بعد الشافعى طريقته فى الامرين تقعيدا واستدلالا وتطبيقا وايضاحا بكثرة الامثلة وتركوا الخيال وكثرة الجدل والفروض واطرحوا العصبية فى النقاش والحجاج ولم يزيدوا الا ما تقتضى طبيعة النماء فى العلوم اضافته من مسائل وتفاصيل لما اصل فى الابواب والا ما تدعو اليه الحاجة من التطبيق والتمثيل من واقع الحياة للايضاح كما فعل ابن حزم لسهل هذا العلم على طالبيه ولانتهى بمن اشتغل به الى صفوف المجتهدين من قريب .
ولكن اختلفوا فأخذ كل جانبا فمنهم من عنى بالقواعد واثباتها بالادلة عقلا ونقلا مع بسط القول ووضوح العبارة فى سوق الادلة ونقاشها وضوحا لا يعوز القارئ الى شرح او بيان .
غير انهم قصروا فى جانب الامثلة والتطبيق فلا يوجد فى كتبهم من ذلك الا النزر اليسير ثم هو تقليدي يرثه الاخر عن الاول فلا تنوع ولا تجديد ولا تطبيق لما جد من القضايا فىالعهود المختلفة واكثروا مع ذلك من الجدل والخيال والفروض والوان الاحتمال وذكر مسائل لا تدعو لها الحاجة وقد عرفت هذه الطريقة علماء الكلام وممن نسخ على منوالها فى تأليفه : ابو الحسين محمد بن على البصرى المعتزلى الشافعى فى كتابه " المعتمد " وابو المعالى عبد الملك بن عبد الله الجوينى الاشعرى الشافعى الشهير بامام الحرمين فى كتابه " البرهان " وابو حامد بن محمد الغزالى الاشعرى الشافعى فى كتابه " المستصفى " فهؤلاء ومن سلك سبيلهم لم يرعوا فى تأليفهم فروع مذهب معين انما همهم تفصيل القواعد الاصولية وايضاحها بالامثلة وذكر خلاف العلماء فيها والاستدلال عليها ومناقشة الادلة وترجيح ما يرونه .
وقد جمع ما فى هذه الكتب فخر الدين محمد بن عمر الرازى الاشعرى الشافعي فى كتابه " المحصول " وابو الحسن على بن ابى على محمد بن سالم السيف الامدى الاشعرى الشافعى فى كتابه " الاحكام " مع بسط فى القول ووضوح فى العبارة .(1/38)
ومنهم من اكثر من المسائل الفقهية وعنى فيها بالانتصار لمذهب معين وقرر الى جاتنبها قواعد اصولية على ضوء ما حكم به امامه فى هذه المسائل فكان صنيعة مجتهد المذهب اشبه بصنيع فى تأليف الذى يعنى بمعرفة اصول امامه من الفروع التى نص على حكمها لا صنيع المجتهد المطلق او العالم الاصولى المنصف الذى يعنى ببحث القواعد الاصولية على ضوء اصول السريعة والاستدلالا عليها بالكتاب والسنة دون ميل الى نصرة مذهب معين فى الفروع الفقهية .
وتسمى هذه الطريقة طريقة الحنفية لشيوعها فيهم وممن نهج سبيلها : ابو زيد عبيد الله بن عمر الدبوسى ومحمد بن احمد السرخسى وعلى بن محمد البزودى .
ولو سلك هؤلاء طريق الاستقراء فاكثروا المسائل الفقهية من ابواب شتى على ان يجمعها وحد اصولية كما فعل ذلك الشاطبى احيانا فى كتاب " الموافقات " وقصدوا بذلك الشرح والايضاح والارشاد الى ما بينها من معنى جامع يقتضى اشتراكها فى الحكم دون تقيد بمذهب معين ليخلصوا الى القاعدة الاصولية واتبعوا ذلك ما يؤيد الاستقراء من ادلة العقل والنقل لكان طريقا طبيعيا تألفة الفطر السليمة وتعتمده عقول الباحثين المنصفين ولاكسبوا من قرأ فى كتبهم استقلالا فى الحكم وفتحوا امامهم باب البحث والتنقيب ويسروا لهم تطبيق القواعد الاصولية على ما جد ويجد من قضايا فى مختلف العصور .
واكتفى من جاء بعد هؤلاء باختصار كتب من سبقهم وتلخيصها على احدى الطريقتين كالبيضاوى فى " المنهاج " وربما جمع بعضهم فى مختصره بين الطريقين كابن المهام فى " تحريره " وقد بلغ كثير من المختصرات حد الالغاز فاضطر من يقرؤها ان يرجع الى الاصول التى منها اختصرت ليتمكن من فهمها او شرحها .(1/39)
وخير لمن يريد فهم علم الاصول على وجهه ويرسخ فيه ان يرجع فى قراءته الى كتب الاوائل فانها أقعد وعبارتها أدق وأوضح وتحريرهم لمحل النزاع وحكايتهم للخلاف أوفق لأنهم بذلك أعرف ونقاشهم للادلة جار على اصول النقد وقواعد الجدل والمناظرة عند العلماء .
خامسا : سعة معرفته ى علوم اللغة العربية .
علم اللغة العربية من علوم الآلة التى يستعان بها على فهم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذه العلاقة الوطيدة بينها وبين الوحيين جد الشيخ فى علوم اللغة حتى برز فها جميعها ولكن مع ذلك لم يصرف فيها جل وقته ولما استشار أحد تلاميذه فى ان يتخصص فى علم اللغة أشار عليه بأن يطلب العلم الشرعى لان الاصل وذلك فرع .
يقول الدكتور الصباغ واصفا نبوغ الشيخ فى هذا الفن : " كان فى علوم العربية متمكنا فقد كان فى النحو مرجعا تراه يورد فى حديثه القعادة النحوية اذا اقتضاه التوضيح ان يوردها وكانه من المتخصصين فى النحو وكان ذواقة للنصوص الجميلة وهذا يدل على موهبة بيانية اكرمه الله بها وعلى تمكنه من علوم البلاغة .
وكان فى الكتابة ذا اسلوب متين جزل بليغ لا يقل عن اساليب كبار الكتاب والادباء تتصف عبارته بالايجاز والاحكام والبيان والوضوح والجزالة ولدى عدد من رسائله الشخصية الى وهى نماذج على ذاك الاسلوب العالى .
وكان - رحمه الله - ذا بيان مشرق متدفق اذا تكلم أو درس لا يتلعثم ولا يتوقف ولا يلحن .
وكان - رحمه الله - مناظرا قوى الحجة مستحضرا الدليل يحيط بأطراف الموضوع الذى يناقشه .
وكانت إحاطته - رحمه الله - بمفردات اللغة العربية تكاد العربية تكاد تكون احاطة شاملة فلقد كان يصحب القاموس المحيط وقد حدثنى انه يجد فى قراءة مواده والناس عادة لا يرجعون الى القاموس الا عندما يريدون معرفة معنى الكلمة أما الشيخ - رحمه الله - فقد كان يقرأ فيه كما يقرأ اى كتاب من الكتب .
*********************
الفصل الخامس(1/40)
نماذج من فتاوى الشيخ رحمه الله
ــــــ
منهج الشيخ رحمه الله فى الفتوى :
كان - رحمه الله - حريصا على التثبيت ومراعاة الدقة وفهم المسألة من المسائل بشكل صحيح حدث ذات مرة أن تناقش شخصان احدهما يقول : ان الاصل فى الاسلام هو الزواج من اربع ويقول الأخر : بل الاصل الزواج من واحدة واحتد النقاش بينهما فلجأ الى الشيخ الذى لم يزد فى جوابه على ان قال : " ان الاصل فى الاسلام مشروعية النكاح " فسكت الاثنان واقتنعا بما قاله الشيخ رحمه الله رحمة واسعة .
اتباعه للدليل :
" وكان - رحمه الله - متبعا للدليل فى فتواه وينتقد من يتعصب لمذهب معين مع امكانه ان يتبع الدليل وكان اذا سأله احد طلبة العلم ذكر له القولين او الاقوال فى المسألة فاذا ما سأله الطالب عن الراجح قال له : تريد ان تقلدنى ؟ .!
وايلك بعض النماذج من فتاويه رحمه الله :
1- فتوى فى القراءات :(1/41)
1- اراد ابو بكر بن مجاهد ان يجمع المشهور من قراءات قراء العراقين والحرمين والشام لانهم الذين عنوا اكثر من غيرهم بنصوص الشريعة حفظا لها وفهما لفقهها واعداد للوسائل التى يتوقف فهمها عليها بهذه الامطار ليوافق عدد الحروف التى فى حديث " أنزل القرآن على سبعة أحرف " وكان اول من جمع قراءة هؤلاء ولو يعتقد هو لا غيره ان هذه القراءات هى الاحرف السبعة ولا منع احد اذ ذاك القراءة بغير قراءتهم بل قال بعض أئمة القراءات : لولا ان ابن مجاهد سبقنى الى حمزة لجعلت مكانة يعقوب الحضرمى امام جامع البصرة وامام قرائها فى زمانه فى راس المئتين بل يجوز لمن يثبت عنده قراءة الاعمش شيخ حمزة الزيات او قراءة يعقوب بن اسحاق الحضرمى ونحوهما ككما ثبتت لديه قراءة حمزة ان يقرأ بها بلا نزاع من العلماء المعتبرين بل اكثر العلماء الذين ادركوا قراءة حمزة كأحمد بن حنبل وسفيان بن عيينه كانوا يختارون قراءة ابى جعفر بن القعقاع ونحوه من اهل المدينة وقراءة يعقوب الحضرمى ونحوه من اهل البصرة على قراءة حمزة وكان الائمة من قراء العراق الذين ثبت لديهم قراءة العشرة يجمعون ذلك فى الكتب تاليفا ويقرؤون ( بها ) فى الصلاة وفى غيرها وهذا متفق عليه بين العلماء وانما ينكر على من قرأ بقراءة لم تثبت عنده اولم يكن عالما بها فان القراءة سنة متبعة فمن علم منها شيئا قرأ به وليس لاحد ان ينكر عليه ذلك ومن جهل منها شيئا حرم عليه القراءة به " سواء " كان السبعة او غيرها .
2- ان الاحرف السبعة لا تتناقض بل تتحد فى اصل معناها احيانا وتختلف اتخلافا تنوع احيانا لا اختلاف تضاد فتفيد كل أية حكما وتكون كل قراءة بالنسبة للاخرى كالآية بالنسبة لاية اخرى والجميع حق فيما افاد من الاحكام لا يجوز لاحد ان ينكره او يترك العمل به .(1/42)
3- مصحف عثمان رضى الله عنه هو أحد الاحرف السبعة وهو موافق للعرضة الاخيرة وقال طوائف من القرء والفقهاء وعلماء الكلام : ان مصحف عثمان مشتمل على الاحرف السبعة اذ لا يجوز ان تهمل الأمة نقل شيء من هذه الأحرف وحيث اتفقوا فى خلافة عثمان على نقل المصحف دون سواه دل ذلك على أنه مشتمل على الأحرف السبعة وايضا لو كانت خارجه عن رسم المصحف لنهى عن القراءة بها لكن لم ينه عن القراءة بأى حرف منها فكان داخلا فى رسم المصحف .
وأجيب عن ذلك بما ذكراه ابن جرير فى مقدمة " تفسيره " من انه ليس من الواجب نقل كل حرف من الاحرف السبعة بل يكفى حفظ القرآن فى حرف منها وقد اختير الحرف الموافق للعرضة الاخيرة ولم تكن القراءة بالاحرف السبعة واجبة على كل واحد من الأمة ولا على كل الامة بحيث لا يفوتها فى جملتها حرف منها فان القراءات نزلبت رخصة لهم وتسهيلا عليهم فلما سهلت عليهم القراءة بحرف واحد اتفقوا على حرف منها دفعا لخطر الفرقة .
4- ترتيب السور لم يكن واجبا عليهم منصوصا بل كان باجتهاد الصحابة بخلاف ترتيب الآيات فى السورة فانه توفيقى .
5- أمثلة للقراءات :
أ- والليل اذا يغشى ، والنهار إذا تجلى ، والذكر والأنثى .
ب- إن كان الا زقية واحدة .
ج- فصيان ثلاثة ايام متتابعات .
ثلاثتها عن ابن مسعود رضى الله عنه .
6- الخلاف فى القراءة بما خرج عن رسم المصحف العثمانى :
روى عن كل من مالك وأحمد روايتان :
- جواز القراءة بها فى الصلاة وغيرها لان الصحابة والتابعين كانوا يقرؤو بها فى الصلاة .
- والمنع لانها ليست من الحروف السبعة لانها لم تثبت متواترة وبتقدير ثبوتها متواترة فهى منسوخة بالعرضة الاخيرة التى روعيت ى مصحف عثمان رضى الله عنه .
ونقل عن ابى البركات بت تيمية المنع من القراءة بها فى القراءة الواجبة والجواز فى غير الواجبة وبذلك تعرف الرد على من يدعى الاتفاق على المنع من القراءة بما خرج عن رسم المصحف .(1/43)
قال القاضى ابو بكر الباقلانى : يجب القطع بنفى قرآنية ما لم يثبت من القراءات انه من الاحرف السبعة وجمهور العلماء على انه لا يجب القطع بالنفى ولذلك جوزوا القراءة بها فىالصلاة مطلقا او فى غير الواجب ولم يكن من اثبت البسملة قرآنا بين كل سورتين للفصل او على انها آية او بعض آية من كل سورة .
**************************
الفصل السادس
نماذج من رسائله وآثاره العلمية
ـــــــ
كتب الشيخ - رحمه الله - مجموعة من المقالات وحرر بعض المسائل العلمية وهى كتابات نافعة وقد اخترت بعضا منها ورتبت علىالنحو التالى :
اولا : مقالات متنوعة .
ثانيا : المسائل العلمية .
ثالثا : تقريرات عن بعض الكتب المطبوعة .
رابعا : تقريرات عن بعض الاشخاص ذكرت واحدا منهم .
خامسا : التراجم .
سادسا : الرسائل وقد اخترت منها رسالة واحدة ارسلها للاديب سعد ابى معطى .
اولا : مقالات متنوعة .
ـــــــ
1- " فضل العلم " .
الحمد لله مولى النعم واسع الجود والكرم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، دافع النقم وكاشف الغمم بيده ملكوت السماوات والأرض واليه يرجع الأمر كله وهو على كل شيء قدير وأشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله ارسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا وصلوات الله وسلامة عليه وعلى آله وصحبه وبعد :
فالعلم نور يتبين به الضار من النافع ويتميز به الخبيث من الطيب فمن أخذ به أخذ بحظ وافر سيما علوم الدين التى يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلال فتبصر العبد بربه وتعرفه بحقه سبحانه وحق عباده تكسبه رشدا بعد فنى وتفتح منه اعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا وبذلك ينعم فى دنياه ويسعد السعادة الابدية فى اخراه ولا يكاد يعرف انسانا ناجح فى الحياة العلمية من عبادة او دراسة او كتابة او سياسة او صناعة او زراعة او غير ذلك الا من كان على بينه وبصيرة بالوسائل العلمية التى يتوقف عليه عمله .(1/44)
من هذا كان للعلم مزيته وفضيلته ومكانته فى الحياة العاجلة والاجلة ولهذا سارع فى طلبه العقلاء وتنافس فيه المتنافسون وبه تفاوت الكثير من الناس فى منازلهم ودرجاتهم حسب تفاوتهم فى مداركهم وتحصيلهم وانتاجهم وبه انتظم الكون ونهضت الكون ونهضت الأمم وكان لمن برز فيه القدح المعلى والمقام الأسمى .
وإنما يكون ذلك لمن سدد الله خطاه وبصره بشؤون دينه ودنياه فعلم وعلم وكان مثالا يحتذى فى قوله وعمله وسيرته وخلقه .
قال تعالى : () قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).
وقال : ()وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) [ فاطر : 19 : 22 ]
وقال : ( أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) الآيات [ الرعد : 19 : 22 ] .(1/45)
وليست منافع العلم وآثاره وأره وثوابه وقفا على من علم وعلم وألف ودون بل ينال ذلك بفضل الله ورحمته من أعان عليه بوسالئه المتنوعة واسبابه الكثيرة من طلع الكتب النافعة والرسائل المفيدة ونشهرا بين طلاب العلم وتيسير طريق وصولها الى ايديهم وانشاء المبانى المناسبة لدراستهم وسكانهم وبذل ما يلزم لفقرائهم من النفقات والسخاء بما يكفل لهم راحة بالهم وتفرغهم لما قصدوا اليه ليتوفروا على الدراسة والتحصيل ويتمكنوا من تأليف والتبليغ فإن للوسائل حكم مقاصدها والساعى فى الخير كفاعله " وانما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
وفى الحديث : " لا حسد إلا فىاثنتين : رجل أتاه الله مالا فسلطه على هلكته بالخير ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقتضى بها ويعلمها الناس " .
6- " من أسباب الانحراف والصدود عن الحق " .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين الفكرى والتقليد عن غير بينه وبصيرة وتحكم العادات السيئة فى النفوس والأنفة والاستكبار والحسد الممقوت وطاغوت الافتتان بالمركز والجاه وكثرة المال وما الى ذلك وكلها أمراض أخلاقية وبيلة وأدواء مستعصية فتاكة والحديث عنها يطول فليكن حدثنى فى هذه الحلقة عن الغرور الفكرى .
الغرور الفكرى هو إعجاب الانسان بعقله وافتتانه برأيه وانزاله فوق منزلته وإعطاؤه من القداسة ما ليس بأهل له حتى يتدخل فيما لا بعينه وما ليس فى وسعه وحدود طاقته فيعارض العبد ربه فىخلقه وتشريعه فضلا عن معارضته لنظرائه ومنهو أوسع منه فكرا وأكثر تجربة منالعلماء .(1/46)
لقد وجد الشيطان منفذا لوسوته فى اغترار قوم بعقولهم وعلومهخم استهواهم وزين لهم ان يخوضوا فيما ليس منشأنهم وان يهجموا على بحث ما ليس فى وسعهم بحثه من ذلك تفاصيل القضاء والقدر وكنه الله وصفاته وكيفيات ذلك فاضطربت افكارهم وتفرقت بهم السبل عن الجادة والصراط المستقيم فمنهم من غلا فى نفى ذلك زعما منه انه سلك مسلك العدل والتنزيه لله عن الظلم والجود وعارضوا نصوص الإثبات للقضاء والدر ومنه من غلا فى الاثبات حتى سلب المكلفين اختيارهم واعمالهم زعما منهم ان نصوص عموم مشيئة الله واقتداره تنافى ثبوت الاختيار والكسب للمكلفين فعارضوا بذلك الحس وادلة الشرع والعقل ولم يكن من اقتحم باب البحث فى كنة الله وكيفية صفاته فغلوا فى ذلك نفيا او اثباتا باهدى سبيلا من هؤلاء بل وقع الجميع فى حيرة ومتاهات لا جاة لهم منها الا بمعرفتهم قدر انفيهم والحدود التى يجب ان تنتهى اليها أفكارهم ويعلموا انهم لم يؤتوا من العلم إلا قليلا ويلزموا ما جاء فىشريعة الله فما تبين من ذلك وجب اعتقاده وما لم يتبين من التفاصيل والكيفيات وجب التسليم له والقول بما قال الراسخون فى العلم : () آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) [ آل عمران : 7 ] .
وحرم الخوض فيه لقوله : ()وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [ الإسراء : 36 ] .(1/47)
واستهوى الشيطان من هؤلاء المغرورين طائفة اخرى فزين لها ان تسن قوانين من عند انفسها لتحاك اليها وتفضل بها فى خصوماتها وسول لها ان تضع قواعد بمحض تفكيرهم وهواها تنظم بها اقتصادها وسائر معاملاتها محادة لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاصا لنشريعهما وزعما منها ان تشريع اتلله لا يصلح للتطبيق والعمل به فى عهدهم ولا يكفل لهم مصالحهم ولا يعالج ما جد من مشاكلهم حيث اختلفت الظروف والأحوال عما كانت عليه أيام نزول الوحى واتسع نطاق المعاملات وكثرت المشكلات فلابد لتنظيم المعاملات والفصل فى الخصومات من قواعد وقوانين جديدة يضعها المفكرون من أهل العصر الواقفون على أحوال اهله المطلعون على المشاكل العارفون باسباها وطرق حلها لترتكز على واقع الحياة وتتناسب مع أحوال الناس وظروفهم الحاضرة ومع مستوى ثقافتهم وحضارتهم الراهنة .
فهؤلاء لم يقدروا عقولهم قدرها ولم ينزلوها منزلتها ولم يقدروا اتلله حق قدره ولم يعرفوا حقيقة شرعه ولا طريق تطبيق منهجه وأحكامه ولم يعلموا ان الله قد احاط بكل شيء علما فعلم ما كان وما سيكون من اختلاف الاحوال وكثرة المشاكل وانه انزل شريعة عامة شاملة وقواعد كلية محكمة وقدرها بكامل علمه وبالغ حكمته فأحسن تقديرها فقد جعلها صالحة لكل زمان ومكان فمهما اختلفت الطبائع والحضارات وتباينت الظروف والأحوال فهى صالحة لتنظيم معاملات العباد وتبادل المنافع بينهم والفصل فى خصوماتهم وحل مشاكلهم وصلاح جميع شؤونهم فى عباداتهم ومعاملاتهم .(1/48)
اتن العقول التى منحها الله عباده ليعرفوا بها وليهتدوا بفهمها لتشريعه الى ما فيه سعادتهم فى العاجل والاجل قد اتخذوا منها خصما لدودا لله فانكر حكمته وحسن تدبيره وتقديره وضاق صدره ذرعا بتشريعه وأساء الظن به فانتقصه ورده وقد يصابون بذلك وهم لا يدرون لانهم مغرورن بفكرهم عميت عليهم معالم الحق والعدل فكانوا من الأخسرين أعمالا ()الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [ الكهف : 104 ] وكانوا ممن (بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) [ ابراهين : 28 ، 29 ] .(1/49)
ان الله سبحانه كثيرا ما يذكر الناس فى الرآن بأحوال المعتدين الهالكين ويحثهم على أن يسروا فى الأرض لينظروا ما كانوا فيه من قوة ورغد عيش وحضارة وبسطة فى العلم نظرا عظة واعتبار ليتنكبوا طريقهم اتقاء لسوء مصيرهم ولفت النظر فىبعض السور الى جريمة الغرور الفكرى لشدة خطره وبين انه الفتنة الكبرى التى دفعوا با فى صدور الرسل وردوا بها دعوتهم ليعرفنا بقصور عقول البشر وانها لا تصلح لمقاومة دعوة الرسل وليحذرنا من خطر الغرور الفكرى الذى هلك به من قاوم المرسلين قال تعالى : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ) [ غافر : 82 - 75 ] .(1/50)
ان اعتبار الانسان لفكرة واعتداده به درجات منها المحمود ومنها المذموم فيها جاوز الحد وبلغ درجة الاعجاب بالرأى والعصبية له ودفع الحق به بعد ان تبين على نحو ما مضى الحديث عنه فهو الممقوت وما وقف بالمفكر عند حد فاعتقد ما فهم من الدليل عن بينه وبصيرة واعتز به لكونه الحق فى نظرة دون ان يعارض به صريح كتبا ولا صحيح سنة ولا اجماع امة فليس بممقوت بل هو الواجب عليه وعلى تمسكه به يحمد لكن ينبغى له ان ينصف مناظرة من نفسه ويحترم فكر صاحبه كما يجب ان يقابله بمثل هذا الاحترام ليستمر البحث والمناظرة وتبين الحق من قريب مع المحافظة على الاخوة واواصر المحبة والوئام .
والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
8- " نبذة عن حال المسلمين فى العصور الأولى :"
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد :
فتنه بمناسبة صدور اول عدد من هذه المجلة المباركة نقدم لحضرات قرائنا الافاضل نبذة من حالة المسلمين فىعصورهم الاولى ليرجعوا الى سبيل اسلافهم وينتهجوا طريق اجدادهم الذين سطر لهم التاريخ صحائف من نور لم تكن لاحد قبلهم .
عرف الأوائل منهذه الامة شرائع الاسلام وتبينوا حدوده ومعالمه وعرفوا كيف يرجعون فيما ياتون ويذرون من امر دينهم الى المنبع الوحيد الصافى فاعتصموا بحبل الله المتين كتاب الله الذى لا يضل من استمسك به وسار على ضوئه وبسنه نبيه الكريم المعصوم الذى قال الله تعالى فيه : ()وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)[ النجم : 3-4] كما اخذوا انفسهم بالعمل بهما حتى صفت ارواحهم وطهرت نفوسهم وخالط دين الله بشاشة قلوبهم فكان شعرهم فى جميع شؤونهم .(1/51)
فالعالم منهم يجد نفسه وقد انعم الله عليه بنعمة العلم وعهد اليه ان يبلغه الناس مضطرا الى القيام بهذا العبء فلا يعتريه فى نشر الثقافة الدينية والمبادئ الإسلامية فتور ولا خور ولا يقعده عن البلاغ رغبة ولا رهبة ولا خوف من سلطان لان القلب الذى اشرب حلاوة الايمان يكتسب قوة روحية وحصانة دينية ونورا ربانيا فلا يجد احد الى اغوائه سبيلا فمهما جاهد الشيطان هذا المخلص فلن يتاح له ان يوهن عزيته او يمس عقيدته .
وان اقلبا قد صبغ الله وتشبع بتعاليم الاسلام حتى ملكت سويداءه ليألبى ان يخضع لسلطة قاهر او يرهب بطش جبار فى الجهر بكلمة الحق بعدما خضع لسلطان ربه واشتد خوفا منه وعلم انه ملك قهار جبار بيده نواصى العباد وان ذلك ليخلق منه سيفا مصلتا ونارا متأججة يقذف بها من عادى الله وبارزه بعصيان لا يخاف فى الله لومة لائم كان العلماء بذلك قوامين علىا لدين حفظا ونشرا وبلاغا ونصيحة وارشادا وكانوا خير قدوة للناس ومثلا عليا واصابة الحق وتأييده وكشف الباطل وازهاقه قولا وعملا يقصدهم الناس ليكشوفوا لهم وجه الصواب بما ورثوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم فيجدوا لديهم ما يورى غلتهم ويزيل شبهتهم ويزيد يقينهم وايمانهم وتعلقهم بشريعة سيد المرسلين ولم يكن يدخل فى امنر الفتيا من ليس من اهله فعرفغ كل قدره ووقف عند حده .
اما رجال الادارة من حكام وخلفاء فكانوا ايقاظا فطناء يرقبون حركة الامة ويتفقدون الرعية فى شدة ورخاء ووهن وعزة فيعملون على رفع مستواها وسد عوزها ويرأبون ما فى عورتها من انحلال او تفكك بل كانوا يسدون منافذ الفساد والشر .(1/52)
ومكنهم من القيام بمهمتهم على اكمل وجه اتساع قلوبهم لنصائح العلماء وتفتح أسماعهم لارشاد الحكماء فاعتصموا بذلك من الخطل والزيغ وكانوا على جانب عظيم من المعرفة والأمانة ومراقبة الله فلم يمتنعوا عن الإصغاء للحق وقبوله ولم تأخذهم رأفة بمجرم فيخلص بذلك من الحد وتجروا من كل عصبية اوهوى فأمن البريء من الإدانة وأيس المريب من البراءة فانتظمت حال الأمة واطمأنت الى حكومتها وأذعنت لسلطانها عن رضى واسلمت لها قيادتها وألقت زمامها بايديها فسادوا امم الارض وارتفع لواء الاسلام وخفق علم الحق فىكل أنحاء العالم .
وبالجملة فقد حققوا السيرة المثلى سيرة القرآن وخلق النبي عليه الصلاة والسلام وكانت نتيجة ذلك ما امتلأت به كتب السيرة والتاريخ من مجد وفخار حتى ذل أعداء الاسلام وقضى على قواهم المادية والمعنوية فاستكانوا واخفوا غيظهم فى صدورهم .
فلما اعيتهم الحيل للنيل من الاسلام واهله بالقوة والسيف او بالحجة واللسان عمدوا اتل الى السلاح النسوى سلاح الدس البغيض والتلبيس فلبسوا لذلك لامة النفاق وتدرعوا بدروع التقية خشية الظنون والريب وخشية اسياف الغيورين من المجاهدين مستبطنين الكفر والعدوان فاوضعوا خلال المسلمين يبغونهم الفتنة فاوغروا صدور الرعية على الرعاة وملؤوا قلوبهم ضغينةبأولياء الأمور واحتالوا على تحطيم روابط الأخاء ورفع الثقة بالحكام بضروب شتى من الفتن وساعدهم على ذلك من الأغرار والأحداث وسفهاء الاحلام من لا تخلو أمة من امثالهم .(1/53)
وما زالت وثباتهم وهجماتهم على الاسلام واهله تترى فمرة يغزون بسلاح الشبه التى يزينونها للناس ليوقعوهم فى حرج الشك وظلام الحيرة مثل ابتداع القول لخلق كلام الله تعالى وتعطيل صفاته وانكار رؤيته فىالاخرة ونفى شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها من الشبة الت زانوها واستدلوا بها على عقول البسطاء واحيانا ينتحلون أحاديث ينسبوناها زوارا الى رسول الله عليه الصلاة ولاسلام ويلقونها على مسامع الاغارا واهل الغفلة والجهل بفن الحديث منالذين لا يستطيعون من الذين لا يستطيعون التمييز بين صحيحة ومكذوبة بل يصغون لكل ما نسب اليه صلى الله عليه وسلم لحسن ظنهم بالوراة وظنهم انه لا يجرؤ احد على الكذب على المشرع ولكن يابى الله تعالى الا ان ينصر دينه وينجز وعده ، ()إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [ الحجر : 9 ] ويابى الحق الا ان يصرع الباطل على يد النقاد من رجال الحديث وعلماء الرواية بكلاءة هذا الفن وحفظه بتدوينه وتمييز الاصيل من الدخيل والكشف عن أحوال الرجال جرحا وتعديلا يقظة وغفلة الا ان بعض رجال العلم من بعد اهملوا هذا الميراث الثمين ولم يسلكوا سبل سلفهم فى رد الفروع الى الاصول ولم يسيروا على ضوء مباحث الاولين فى رد الشبه والاحاديث المفتراة فغمرهم ظلام الافك وطغى عليهم التلبيس فتخبطوا فىكثير من مباحثهم واكثروا من الاحتمالا التى لا داعى لها ولا حاجة اليها فضعفت كلمتهم امام المحرفين والمشبهين والملحدين .
وان ما تزرح تحته الامم الاسلامية اليوم من تفرق فى الكلمة وانحراف فى الرأى وضعف فى الدفاع وتأخر الى الوراء حين يتقدم غيرهم ليس كل ذلك الا نتيجة غفلتهم عن تراث السلف الصالح وسلوكهم لغير خطتهم علما وعملا .(1/54)
ولقد راجت شبه الملحدين من جديد رواجا مخيفا جمد ازاءه المسلمون ولو انهم رجعوا الى اقوال سلفهم الصالح وسلكوا طريقهم لردوا كيد الكائدين الى نحورهم فانه ما من شبهة تذاع اليوم والا وقد سبق اليها شياطين الملحدين السابقين فىالعصور الاولى ووقفها وردها وابطلها اجله علماء السلف ببراعة فائقة فلاسبيل ارشد من سبيلهم ولا هدى اقوم مما كانوا عليه فالخير كل الخير فى العودة الى كتاب الله تعالى تلاوة وله تفقها فيه والى احاديث المصطفى صاحب جوامع الكلم صلى الله عليه ويلم دراية ورواية والفتيا بهذين الاصلين وعرض اعمال الناس عليهما فهذا هو الفلاح والرشاد الذى ليس بعده رشاد .
هذا وان جماعة انصار السنة المحمدية لممن شعر بهذا منذ زمن بعيد وعرفت مصدره وعلاجه فبدأت الجماعة تكافح الخرافات لا سيما ما كان متعلقا منها بالعقائد وترجع باعضائها وكل من يشرفها الى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وطريق السلف الصالح وتنيرهم بالمعارف النبوية وتنشئهم على حب الكتاب والسنة وتمرنهم على النزول على حكمها من غير عصبية .
فنمت الجماعة بانارة القلوب بالنور المحمدى غير ان عملها كان بطريق الدروس والمحاضرات والمناظرات التى تلقى فىانديتها المختلفة بالقاهرة وضواحيها وذلك كما ترى غير كاف ولا واف بالحاجة فى هذا العصر الذى عم فيه الجهل بالدين وظفر فيه الالحاد وانتشرت الخرافات وطبق الفساد اصقاع الارض فرأت الجماعة ان لابد لها من الامعان فى الطريق الاخرى طريق النشر والتأليف فاختارت لذلك " مجلة الهدى النبوي " مستعينة بالله وستنهج ان شاء الله نهج الكتاب والسنة وتقوم على بيانها خير قيام مترسمة طريق السلف من رجال الحديث مستعينة بما وضعوا من القواعد واسسوا من القوانين على اداء هذه الرسالة وتبليغ الدين على الوجه الاكمل المرضى والله سبحانه وتعالى الهادى الى سواء السبيل وحسبنا الله ونعم الوكيل .
2- حكم كتابه المصحف بالحروف اللاتينية :(1/55)
مقدمة فى تكييف الموضوع وتصويره .
تمهيد : لما كان الحكم على كتابة المصحف بالحروف اللاتينية بالجواز او المنع قد يتوقف على معرفة كيفية كتابته بها بدلا من الحروف العربية ولعى معرفة رسم ما يتبع ذلك من شكل ومد وتنوين وغنه ونحو ذلك كان لزاما علينا ان نثبت اولا التعليمات التى وضعت لتراعى فى كتابته وقراءته بالحروف اللاتينية صورة للحروف والرموز التى تستعمل فى الكتابة وتراعى فىالقراءة وان نذكر البديل من الحروف اللاتينية عن الحروف العربية التى ليس لها بديل مقابل فىالحروف اللاتينية وان نذكر ثانيا امثلةلبعض الفروق فى كتابة الحروف والكلمات فىالنسخة الهندية التى نشرها محمد عبد الحليم الباسى والنسخة الاندونيسية الاولى التى نشرها بحر العلوم والنسخة الثانية له لتبين مدى ما فى ذلك من تسهيل قراءة القرآن على كثير من الاعاجم أو صعوبتها وليتبين ايضا مدى ما فى ذلك من الخطر فى كتابه القرآن بالحروف اللاتينة وبذلك يمكن ذكر دواعى الجواز ودواعى المنع وترجيح ما يتقضى النظر ترجيحه ولنبدأ بعرض ما ذكر فيما ياتى :
اختلف اصطلاح من كتبوا القرآن بالحروف اللاتينية فى البديل من الحروف اللاتينية عن الحروف العربية التى لايوجد لها مقابل فى اللاتينية يتبين ذلك بالمقارنة فيما ياتى بين ما اقترح من الحروف اللاتينية مقابلا الحروف العربية فى كتابة القرآن بالحروف اللاتينية لعدم وجود مثيل لها فى اللاتينية .
حروف عربية
ما جعل مقابلا لها فى كتابة القرآن بالحروف اللاتينية
النسخة الهندية
النسخة الإندونيسية (1)
النسخة الإندونيسية (2)
0
ث
ح
خ
ذ
ش
ص
ض
ط
ظ
ح
خ
ق
و
6
h
kh
z
sh
s
z
t
z
g
q
1
ts
h
eh
dz
sy
sh
dh
th
zha
gh
q
1
Ts
H
Kh
Dz
Sy
Sh
Dh
Th
Th
L
Gh
q(1/56)
اختلفت اصطلاح من كتبوا القرآن بالحروف اللاتينية فى رسم الكلمات وتأليفها من الحروف عند البدء وعند وجود غنة او اخفاء او اقلاب او مد ونحو ذلك وفى حذف أل القمرية والشمسية واثباتها وفى الكلمة الاخيرة من الآية اذا كانت منونة يتبين ذلك بالتطبيق والمقارنة بين النسخ فى كتابة السور السبع الاخيرة من القرآن بالحروف اللاتينية .
بيان الموانع التى تمنع شرعا كتابة المصحف بحروف لاتينية ونحوها وبيان ما فيها من الخطر .
أ- ثبت ان كتابة المصحف فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفى جمعه فى عهد ابى بكر وجمعه فىعهد عثمان رضى الله عنهما كانت بالحروف العربية بل قصد عثمان رضى الله عنه رسما معينا امر بكتابته به عند اختلاف كتبه المصحف من الانصار والقرشيين فى رسم الحروف ووافقه على ذلك الصحابة رضى الله عنهم واجمع عليه التابعون ومن بعدهم الى عصرنا رغم وجود لغات وحروف غير عربية ووجود كتبه مسلمين من غير العرب ووجود من يحتاج الى تسهيل القراءة فى المصحف بحروف غير عربية .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى ، فكانت المحافظة على كتابة المصحف بالحروف العربية واجبة عملا بما كان فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وسائر الصحابة رضى الله عنهم والقرون المشهود لها بالخير وعملا باجماع الأمة .(1/57)
ب- ان الحروف اللاتينية نوع من الحروف المصطلح على الكتابة بها عند اهلها فهى قابلة للتغيرر والتبديل بحروف لغة اخرى بل حروف لغات اخرى مرة بعد مرة فاذا فتح هذا الباب تسهيلا للقراءة فقد يفضى ذلك الى التغيير كلما تغيرن اللغة واختلف الاصطلاح فى الكتابة لنفس العلة وقد يؤدى ذلك الى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف من بعض والزيادة عليها والنقص منها ويخشى ان تختلف القراءة تبعا لذلك ويقه فيها التخليط على مر الايام والسنين ويجد عدو الاسلام مدخلا للطعن فى القرآن باختلاف والاضطراب بين نسخة وهذا من جنس البلاء الذى اصيبت به الكتب الالهية الاولى حينما عبثت بها الأيدي والأفكار وقد جاءت شريعة الاسلام بسد ذرائع الشر والقضاء عليها محافظة على الدين ومنعا للشر والفساد .
ج- يخشى اذا رخص فىذلك او أقر أن يصيلا كتاب الله - والقرأن - العوبة بايدى الناس كلما عن لانسان فكرة فى كتابة القرآن اقترح تطبيقها فيه فيقترح بعضهم كتابته بالعبرية واخرون كتابته بالسريانية وهكذا مستندين فى ذلك ما استند اليه من كتبه بالحروف اللاتينية من التيسير ورفع الحرج والتوسع فى الاطلاع والبلاغ واقامة الحجة وفى هذا ما فيه من الخطر العظيم وقد نصح مالك بن أنس الرشيد أو جده المنصور الا يهدم الكعبة الذى اقامه عبد الملك بن مروان ليعيدها الى بنائها الذى بناه عبد الله بن الزبير رضى الله عنه على قواعد ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام خشية ان تصير الكعبة العوبة بايدى الولاة .
قال تقى الدين الفاسى فى كتابه " شفاء الغرام " : ويروى ان الخليفة الرشيد او جده المنصور اراد ان يغير ما صنعه الحجاج بالكعبة وان يردها الى ما صنعه ابن الزبير فنهاه عن ذلك الامام بن انس رحمه الله وقال له : نشدتك الله لا تجعل بيت الله ملعبه للملوك لا يشاء احد منهم ان يغيره الا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس . انتهى بالمعنى .(1/58)
ثم قال : وكان فى ذلك الحظ ان درء المفاسد اولى من جلب المصالح وهى قاعدة مشهورة معتمدة أ ه .
د- ان الذين كتبوا القرآن بالحروف اللاتينية احسوا بأن الذين يعرفون الحروف اللاتينية واعتادوا القراءة بها يشق عليهم ان يقرؤوا القرآن بها لوجود حروف فى اللغة العربية ليس لها نظير فى اللاتينية فاضطروا ان يضعوا لها مقابلا واضطروا لذلك ان يضعوا تعليمات تتكون من عشر صفحات جعلوها مقدمة لما كتبوه من القرآن بالحورف اللاتينية لتسهيل قراءاته بها على من يعرف تلك الحروف وتعود القراءة بها وهذه التعليمات يحتاج تعليمها والمران عليها الى مدة وجهد ، ان لم يزد ذلك على تعلم الحروف العربية والقراءة بها فهو لا ينقص عنه وعلىذلك تكون كتابه القرآن بالعربية ارجخ واسلم لكونها اللغة التى بها نزل ولبعدها عن مظان التحريف والتبديل .
هـ- ان التجزئة فى كتابة كلمات الاية وضم جزء من حروفها الى ما سبق وأخر الى ما لحق تشبه تقطيع كلمات البيت من الشعر حسب الاوزان المعروفة عند علماء اللعروض ليعرف البحر الذى هو منه ويتبع ذلك صفة نطق القارئ وتشبه ايضا النوته الموسيقية التى يراعى فيها مطابقة الصوت للمقطع والسلم الموسيقي وهذا من البدع التى تسئ الى القرآن الكريم .(1/59)
و - ان كاتب القرآن بالحروف اللاتينية لم يلتزم ما تعهد به فى تعليماته فى كيفية الرسم الكتابي فملا نجده احيانا يثبت الحرف اللاتينى الذى جعله عو… عوضا عن الحركة فى الكتابة العربية واحيانا يتركه ، ونجده احيانا يثبت خطا افقيا بين حرفى المضعف واحيانا يتركه من ذلك ما وقع فى كتابه سورة الناس بالحروف اللاتينية فىالنسخة الهندية والنسخة الاندونيسية ... الى غير ذلك ىمما ينذر بالخطر ويفضى الى التلاعب بالقرآن الكريم وتحريفه والالحاد فيه ويفتح بابا لاهل الزيغ والزندقة والكفر يدخلون منه للطعن فى كتاب الله ويشبهون على المسلمين ويصيب القرآن بما اصيبت به التوراة والانديل من قبل من التغيير والتبديل وتحريف الكلم عن مواقعه .
ولبعض العلماء كلام فى بيان حكم كتاب القرآن بغير العربية نثبته فيما يلىي :-
ذكر جلال الدين السيوطي فى " الاتقان " مسألة كتابه القرآن بغير العربية ونقل فيها عن الزركشي احتمال الجواز وترجيح المنع من كتابة القرآن بغير الحروف العربية ، قال : قال : الزركشي : هل تجوز كتابته بقلم غير عربي ؟ هذا مما لم أر فيه كلاما لاحد من العلماء ويحتمل الجواز لانه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية والاقرب المنع كما تحرم قراءاته بغير لسان العرب وزلقولهم : القلم أحد السانين والعرب لا تعرف قلما غير العربي وقد قال تعالى : ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) أ ه ولم يعل السيوطي على ذلك فكأنه رضيه .
وقد ذكر الشيخ محمد رشيد رضا فى مجلة " المنار " ان بعض المسلمين الترنسفال كتب الى جريدة فى مصر ثلاثة لعرضها على بعض علماء الازهر فعرضتها على الشيخ محمد بخيت فاجاب عنها ونشرت الجريدة اجوبته .
احد الاسئلة عن التزوج بأخت الرضيعة ، وجوابه معروف وهو انه لا يحرم على الرجل الا من رضعت هى واياه من امرأة واما اخت الرضيعة فلا تحرم .(1/60)
والسؤال الثاني : يتعلق بالاقتداء بالمخالف وبينا الراجح فيه عندنا فى اخر الجزء الماضى ، وان فى المسألة قولين مصححين ولكن الشيخ ذكر ان الاصح خلاف ما رجحناه وهو المذكور فى كتب الفقه وهم اسرى تلك الكتب .
واما السؤال المهم فهو ما جعلنا عنوانا لهذه النبذة ( اى : كتاب القرآن بالحروف الانكليزية ) وقد اجاب الشيخ بجواب ننقله عن تلك الجريدة مع السؤال ثم نبين راينا فيه وهو :
" اضف الى ما تقدم اقتراحا اخر فى كتابه القرآن بالحروف اللاتينية فان الكاتب فى محاولته لضبط القراءة وتسهيل النطق بالكلمات قد جزأ بعض الكلمات العربية الى مقطعتين بينها خط الفقى كالفتحة وجعل حروف المقطع الاول مع حروف الكلمة السابقة وحروف المقطع الثاني مع الكلمة اللاحقة او بعضها مثال ذلك ما اقترحة فى كتابه قوله تعال : ()قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْب ... ) الآية [ الانعام : 50 ] فانه كتبها بالحروف اللاتينية على النحو التالي :
50- Qul-Laaa'aquulu Lakum ndii khazaaa - inul-aahi wa Laaa a-Lamul-gayba wa Laaa aquulu Lakum innii malak ln attabi - u illaa maa youhaa ilayy . Qul hal yasts-wil- a - maa wal - basiir ? Afalaa tatafak-karuun ? ( Section
وفيما سبق من صور كتابة السور السبع بالحروف اللاتينية كثير من الامقلة لذلك .
الخلاصة :
1- ذكر ناشرو نسخ المصاحف التى كتبوها بالحروف اللاتينية مقدمات بينوا فيها الحروف اللاتينية ورمزوا لما يتبعها من شكل ومد وعنه ووقف ووصل وذكروا معها توجيهات لكيفية استعمالها كتبة وقراءة تسهيلا فى نظرهم على من يريد كتابة القرآن وقراءته على هذه الطريقة ومحافظة على القرآن من دخول اى تغيير عليه .
2- تيبين بالمقارنه بين النسخة الهنديى والنسخة والاندونيسية الاولى والثانية ان بينها اختلافا فيما ياتى :(1/61)
أ- فىالحروف اللاتينية التى اقترحت لتكون بديلا عن الحروف العربية التى ليس لها مقابل فى اللاتينية .
ب- فى حذف أل القمرية وأل الشمسية من النسخة الهندية واثباتها فى الاندونيسية وحذف الحرفين اللذين جعلا علامة على التنوين مطلقا من اخر الكلمة الاخيرة من كل آية م النسخة الهندية والاندونيسية الثانية واثباتها فى النسخة الاندونيسية الاولى وحذف بديل النون والتنوين فى بعض انواع الادغام من النسخة الهندية والاندونيسية الثانية واثباتهما فى الاندونيسية الاولى ... الى غير ذلك من الحذف فى بعضها والاثبات فى اخر .
ج- فى رسم الكلمة بتجزئتها الى مقطعين وعدم تجزئتها والفصل بين حرفى المضعف بخط كالفتحة وعدم الفصل .. الخ .
وكل ذلك يتبين بمراجعة السور السبع فى النسخ الثلاث المكتوبة بالحروف اللاتينية والمقارنة بينهما .
3- لكتابة القرآن بالحروف اللاتينية مبررات :
أ- منها تسهيل كتابته وقراءتة على كثير من الاعاجم وتيسير طريق البلاغ والدعوة الى الاسلام واقامة الحجج وتعميم ذلك فى الوساد الاعظم من غير العرب ولا شك ان هذا من مقاصد الشريعة ونظيره جمع ابى بكر رضى الله عنه القرآن خشية ضياعه بموت القراء وجمع عثمان رضى الله عنه القرآن على قراءة واحدة من السبع التى بها نزل القرآنخسية الاختلاف ونقط القرآن وشكله فى عهد بنى أمية تسهيلا لقرءته على من استعجمت السنتهم من ابناء العرب وصيانه لهم من اللحن فى التلاوة وكل ذلك ليس بمنكر بل فيه تحقيق مقاصد الشريعة ودعوة وحفظا للقرآن وصيانه له ، فيرخص فى كتابته بالحروف اللاتينية لمثل ذلك .
ب- ومنها ان القرآن لم ينزل مكتوبا بل نزل ملتوا فكتبه الصحابة بما كان معهود لديهم من الحروف وليس ها نص من الكتاب او السنة يلزم الامة بذلك فلم لا يجوز كتابة المصحف بحروف لاتينية مثلا لوجود الداعى الى ذلك مع عدم الضرر ؟ ونتوقش ذلك بأمور :(1/62)
أ - منها ان تعلم الاعاجم اللغة العربية سهل لا حرج فيه ولا خطر ، فان عهد ان كثيرا من الناس يتعلمون غير لغتهم حبا للاستطلاع ووسيلة لدراسة بعض العلوم وحرصا على تبادل المنافع وان كثيرا من الاعاجم الذين اسلموا تعلموا اللغة العربية وخدموا الاسلام ، بل تحولت دول عن لغتها الى اللغة العربية بخلاف ما ما ذكر من جمع القرآن ونقطة وشكله فان المصلحة لا تتحقق الا بذلك ولا يدفع الخطر المتوقع الا به وعلى هذا لا اعتبار بما ادعى انه نظائر ولا للاشتشهاد به للترخيص فى كتابه القرآن بحروف غير عربية لوجود الفارق .
ب- كان من اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم من يعرف غير العربية والوحى ينزل ولم يتخذ منهم من يكتب القرآن بغير العربية من الفارسية والحبشية والرسريانية ونحوها تيسيرا على الامة واعانه على تعميم البلاغ واقامة الحجة مع علمه بعموم الرسالة وعلم الله تعالى بأحوال الأمم واختلاف لغاتها فاعراضه صلى الله عليه وسلم عما سمى دواعى ومبررات لكتابة القرآن بالحروف اللاتينية وتقرير الله له على ذلك فيه الغاء لتلك المبررات واهدار لها فلا يصح بناء الترخيص عليها .
ج- ان الذين كتبوا المصحف بالحروف اللاتينية احسوا بان مجرد كتابته بها لا يحقق التسهيل لوجود حروف عربية ليس لها مقابل من الحروف اللاتينية فاضطروا ان يقترحوا لها مقابلا واضطروا ان يقارنوا بين الحروف العربية وتوابعها من الشكل والمد ونحوها وبين الحروف اللاتينية والرموز التى وضعت للتوابع واضطروا ان يضعوا ارشادات قد وصلت فى بعض النسخ اربع عشرة صفحة وهذا يحتاج تعليمة والمران عليه كتابه وقراءة الى جهد ان لم يزد على العربية كتابة وقراءة فهو لا ينقص عنه واذن ، فكتابه بالعربية ارجح واسلم لكونها اللغة التى بها نزل ولبعدها عن مظان التحريف والتبديل .(1/63)
د- ان التجزئة فى كتابة كلمات الاية وضم جزء من حروفها الى ما سبق واخر الى ما لحق تشبه تقطيع كلمات البيت من الشعر حسب الاوزان المعروفة عند علماء العروض ليعرف البحر الذى هو منه ويتبع ذلك صفة نطق القارئ وتشبه ايضا النوتة الموسيقية التى يراعى فيها مطابقة الصوت للمقطع والسلم الموسيقي وهذا من البدع الت تسئ الى القرآن الكريم .
هـ- ان كاتب القرآن بالحروف اللاتينية لم يلتزم ما تعهد به فى تعليماته فى كيفية الرسم الكتابي فمثلا نجده احيانا يثبت الحروف اللاتيني الذى جعله عوضا عن الحركة فىالكتابة العربية واحيانا يتركه ونجده احيانا يثبت خطا افقيا بين حرفى المضعف واحيانا يتركه من ذلك ما وقع منه فى كتابه سورة الناس بالحروف اللاتينية فى النسخة الهندية والنسخة الاندونيسية الثانية الى غير ذلك مما ينذر بخطر ويفضى الى التلاعب بالقرآن الكريم وتحريفه والالحاد فيه ويفتح بابا لاهل الزيغ والزندقة والكفر يدخلون منه للطعن فى كتاب الله ويشبهون على المسلمين ويصيب القر، بما اصيبت به التوراة والانجيل من قبل من التغيير والتديل وتحريف الكلم عن مواضعه .
4- هناك امور تقتضى كتابه القرآن بالحروف العربية خاصة منها :
أ - انه كتب حين نزوله وفى جمع ابى بكر وعثمان رضى الله عنهما إياه بالحروف العربية ووافق على ذلك سائر الصحابة رضى الله عنهم واجمع عليه التابعون ومن بعدهم الى عصرنا رغم وجود الأعاجم وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان انه قال : " عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ... " الحديث فوجبت المحافظة على ذلك عملا بما كان فى عهده صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضى الله عنهم وعملا باجماع الآية .(1/64)
…ب- أن حروف اللغات من الامور المصطلح عليها فهى قابلة للتغيير مرات بحروف اخرى فيخشى اذا فتح هذا الباب ان يفضى الى التغيير كلما اختلف الاصطلاح ويخشى ان تختلف القراءة تبعا لذلك ويحصل التخليط على مر الايام ويجدر عدو الاسلام مدخلا للطعن فى القرآن بالاختلاف والاضطراب كما حصل بالنسبة للكتب السابقة فوجب ان يمنع ذلك محافظة على اصل الاسلام وسد الذريعة الى الشر والفساد .
ج- يخشى اذا رخص فى ذلك او أقر ان يصير الرآن العوبة بايدى الناس فيقترح كل ان يكتب بلغته وبما يجد من اللغات ولا شك ان ذلك مثار اختلاف وضياع فيجب ان يصان كتاب الله عن ذلك صيانة للاسلام وقد تنبه علماء الاسلام لذلك فحرموا كتابته بغير العربية حفظا للقرآن وصيانة له من العبث والاضطراب .
وليس فيما ذكر استقصاء لمكامن الشر ومثار الخطر وانما هى نماذج مما وقع من الاختلاف والخلط والاخطاء وتمثيل لما يخشى منه وقوع البلاء .
هذا ولم تتعرض اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء لما جاء فى مقدمة النسخة الهندية من الكذب فى الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم فىتفصيل حبر العالم على دم الشهيد ومن الغلو فى الثناء على محمد عبد الحليم الياسي بجعل ما اقترحه ونشره من كتابة القرآن بالحروف اللاتينية مما يتحدى به كما يتحدى بالقرآن كما لم ننعرض اللجنة لما قد يكون من اخطاء فى ترجمة معانى القرآن المطبوعة مع الترجمة الصوتية فى النسخة الهندية والنسخة الاندونيسية الثانية فان ذلك ليس من موضوع بحثها الذى كلفت به ثم ان ترجمة معانى القرآن موضوع مستقبل يحتاج الى بحث خاص فى حكمه وفى طريق تطبيقه وفيما وقع منه وقد خاض العلماء فيه من قبل ونرجو ان يوفقهم الله تعالى لاكمال ما بدؤوه والله المستعان .(1/65)
واخيراا فالبحث فى هذا الموضوع للكشف عن جوانبه وايضاح الحق فيه وان كان مهما فاهم منه اللقاء بمن نشروا نسخا من الترجة الصوتية للقرآن ومن اثنوا عليها من العلماء والبحث معهم فى الموضوع واهم من الامرين قيام الحكام فى الدول الاسلامية بواجبهم نحو حفظ كتاب الله بعد ظهور الحق ..
والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحله وسلم .
3 - حكم عقد تأسيس الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على سوله وآله وصحبه وبعد : فبناء على ما رآه مجلس هيئة كبار العلماء فى دروته السادسة عشرة المنعقدة فى شهر شوال عام 1400 هـ بمدينة الطائف من ابداء اللجنتة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء ما قد يرد من ملحوظات على عقد تأسيس الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي ونظامها الاساسى ونظامها الداخلي وعلى شركات المضاربة التى تقوم بها ، والمذكرة التوضيحية المتعلقة بذلك وان تنظر فيها رآه أصحاب الفضيلة اعضاء المجلس من الملحوظات اعدت اللجنة الدائمة ملحوظات فى ذلك لعرضها على المجلس لدراستها واصدار قرار بما يراه .
وفيما يلى ذكر الملحوظات بعد تمهيد فى بيان امر عام مهم فى الموضوع :
اولا : تمهيد فى بيان الفرق بين الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي وانواع شركة المضاربة الاسلامية .
قد ذكر الدكتور ابراهيم كامل مندوب الشركة لايضاح ما قد يخفى من مصطلحات بيان الفرق بينهما من وجوه فنكتفي ببيانه طلبا للاختصار قال ما نصه :
" مقدمة توضيحية : التفريق بين الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي ( المضارب وحده ) وبين شركة المضاربة الاسلامية ( الاولى والثانية ، والثالثة .. الخ ) والتى يجتمع فيهات ارباب المال من جانب والمضارب من جانب اخر .(1/66)
الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي : هى شركة مساهمة يشترك فيها المؤسسون باموالهم فى صورة اسهم ويستعمل راس مال هذه الشركة فىمواجهة مصاريفها الادارية الخاصة بها والمصاريف الخاصة بدورها كمضارب والتى تخصم فيما بعد من شركات المضاربةالمستقلة كل على حدة حسب نصيبها فيها كما يقوم رأس مالها بضمان التزامات المضارب فى شركات المضاربة المستقلة حسب المقرر شرعا اذا قصر فى حفظ المال او خالف شروط المضاربة .
وهذه الشركة مؤسسة حسب القانون المعمول به فى دولة الامارات العربية المتحدة وعقد تأسيسها مطابق لنموذج هذا النوع من الشركات حسب قانون الشركات فى دولة الامارات .
اما اما شركات المضاربة الاسلامية فكل منها شركة مستقلة تماما يمثل جمهور ارباب المال ( حملة الصكوك ) طرفا منها باموالهم والشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي بصفتها المضارب الطرف المشترك بعمله وهذه الشركة مؤسسة حسب الشريعة الاسلامية بموجب مرسوم اميري وشروطها المسجلة فى دولة الامارات هى نس الشروط الموضحة بالصك .
اجاب الدكتور ابراهيم كامل :
اولا : بان الشركة لم تستأثر بالمقتطع ولا بارباح 5% من الجميع لغرض الاحتياط بل تعاد ليستفيد من ارباحها كل من ارباب المال والمضارب وهى ملك لاطراف شركة المضاربة .
ثانيا : قد يجاب بأن الاصل فى الشركة انها عقد اختياري لكل من اطرافها الانسحاب متى اراد لكن قد يطرا عليها ما يجعل العقد لازما فلذلك اشترط منع الانسحاب فى السنتين الاولى والثانية لان اطلاق الحرية فى الانسحاب قد يعرقل بقاءها واستمرارها فى علمها .
1 - جاء فى صفحة (6) سطر (4) مما قدم ابراهيم كامل مذكرة توضيحية مؤرخة 9 ربيع الاول 1400 هـ ما نصه :
" وتتمتع المؤسسات حاملة الصك بعائد استثمار يدفع يدفع شهريات " ا ه .
فى هذا نظر حيث ان من دفع ماله الى شركة الاستثمار باس المضاربة ياخذ فوائد شهرية باسم عائد استثمارى فليحرر .(1/67)
2 - كما جاء بهد هذا بنحو سطر ما نصه : كما تستطيع الحصول على خطابات للاعتماد بحد اقصى اربعة اضعاف مبلغ صكوكها .
فى هذا تأمل حيث يأخذ المضارب اربعة اضعاف مبلغ صكوكها .
3 - وفى الصفحة المذكورة سطر (10) ما نصه : " المكضاربة الربع سنوية للؤسسات المالية الاسلامية يوليو 1979م وهى مشابهة للمضاربة الشهرية سابقة الذكر الا ان ارباحها تدفع كل ربع سنة " .انتهى .
وفى المضاربة الشهرية السابق بيانها من التنظير مثل ما فى تلك المضاربة ربع سنة حيث يدفع لاصحاب المؤسسات حاملة الصكوك بعائد استثمارى يدفع كل ربع سنة فليتأمل .
وقد اجاب عن ذلك الدكتور ابراهيم كامل بما ياتى :
أ - العائد الاستثمارى الشهرى او الربع سنوى هو ( نظر الشرط رقم 6 فى شروط مضاربة المؤسسات )ما يرزق الله به من ربح حلال ان وجد يوزع بنسبة التسعة اعشار لرب المال والعشر للمضارب اما الاستثمار المنصوص عليها فى الشرط ( رقم 4 ) من الشروط الخاصة بالمضاربة فى إطار ما أحلته الشريعة الاسلامية .
ب- اما التسهيلات الممنوحة من شركة المضاربة هذه الى ارباب المال فيها بهدف تقديم الخدمات الت ترفع الربا المحرم عن التجار المسلمين فهى مذكورة تحت العنوان السابق فى ظهر الصك فقرة ( رقم 1 ) والتى تقوم الشركة بناء عليها باصدار اعتمادات مستندية ( تعهد مالى بدفع قيمة البضائع المشحونة من الخارج فى مقابل مستندات شحنها لطالبيها ) وبتم ذلك من قبل الشركةى كخدمة للعميل دون ان تخرب امواله من المضاربة وتدفع الشركة قيمة البضائع ثم تسددها من المؤسسة التى طلبتها مقابل تسليمها البضائع .
جاء فى الشرط الرابع من شروط المضاربة الثالثة ما نصه : " تتكون اموال شركة المضاربة من الاقساط السنوية المحصلة من المشتركين وما يرزق الله به من ربح بخصهم سيعاد استثماره لصالح شركة المضاربة " .(1/68)
وجاء فى الشرط السابع منها ما نصه : " ما يرزق الله به من ربح خلال اى ربع سنة يكون استحقاقه كالاتى :
أ - عشر الربح للمضارب .
ب - تسعة أعشار الربح يعاد استثمار لصالح جميع المشتركين كاصول المضاربة بما فى ذلك الاحتياطى المنوه عنه بالشرط السادس البندج " .
وجاء فى بيان شروط التكافل ما نصه :
" 11 - لما كانت الشريعة الاسلامية الغراء قد حثت على التكافل والترابط والتعاون بين المسلمين فقد اتفق المشتركون فى هذه المضاربة فيما بينهم علىان يقوموا بتخصيص جزء من ارباح المضاربة لتحقيق هذا التكافل حسب الحاجة .
12- من اجل قبل المشتركون عن طيب خاطر ورضا نفس وتنازل كل منهم عن بعض ربحه بنسبة مشاركته تبرعا دون مقابل لدفع الاقساط المتبقية على من فاجاته المنية من المشتركين ققبل ان يكمل ما تعهد بسداده من اقساط فى هذه المضاربة حتى تاريخ الاستحقاق يدفعونها لورثة المتوفى تكافلا اسلاميا بالشروط الاتية " ا ه .
مما سبق يمكن توضيح الفرق بين الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي وشركات المضاربة الاسلامية كالاتى :
أ - لكل منهما كيان اقتصادى مستقل فالشركة الاسلامية للاستثمار شركة ادارة اموال وشركة المضاربة محدد هدفها الاقتصادى حسب الهدف المعلن لكل مضاربة مثلا مشروعات عقارية او زراعية او صناعية ... الخ .
ب- لكل منهما رقم تجارى مستقل ، انظر الصك ز
ج - لا تخلط اموال احدهما بالاخرى انظر المادة رقم1 من شروط جميع الصكوك .(1/69)
د- نظام الادارة فى الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي اسامة القانون العام الوضعى المطبق فى دولة الامارات العربية المتحدة ( جمعية عمومية لمساهمين - مجلس الادارة ) الامتثال بقوانين البلاد ومحاكمها المدنية والمسؤولية المحددة رأس المال اما بالنسبة لشركة المضاربة فهى مؤسسة حسب الشريعة الاسلامية ينفرد المضارب فيها بالادارة فى اطار شروط الصك وتخضع فى حالة المنازعات لهيئة التحكيم الاسلامية المنصوص عليها فى الصك
تعليق على المقدمة :
اولا : اذا كان واقع الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي ما ذكر من ان نظامها الادارى اساسه القانون الوضعى وانها تخضع لقوانين البلاد ومحاكمها المدنية وان مسؤوليتها بقدر رأس مالها فكيف توصف بانها اسلامية ! فالواجب تعديل ما يخالف الشرع من موادها حتى يصح ان توصف بانها اسلامية .
ثانيا : اذا كان واقع هذه الشركة ما ذكر فهل يجوز ان تدفع اليها اموال المسلمين لتعمل فيها مضاربة ما دامت اموالها مستقلة عن اموال شركة المضاربة وعملها فى اموالهم التى دفعوها اليها متفق مع الشريعة الاسلامية تحاكمها فيما قد يكون من نزاع يتعلق بشركة المضاربة الى هيئة تحكيم شرعية اعتبارا بعقد المضاربة بينها وبين ارباب رؤوس المضاربة او يمنع نظرا الى ما جاء فى نظامها وعقد تأسيسها المستقل والذى التزم به المؤسسون لها المساهمون فيها ؟ .
وقد يقال : نعم يجوز لان النبى صلى الله عليه وسلم قد وقع بينه وبين الكفار عقود فى المعاملات متنوعة كالبيع والشراء والاجارة مع العلم بانهم يتعاملون بالربا والعقود الفاسدة دون مراعاة لاحكام الشريعة الاسلامية ... الخ .
ثانيا : ما قد يرد من المأخذ على عقد التأسيس والنظام الاساسى وانواع شركة المضاربة والمذكرة التوضيحية .(1/70)
أ - جاء ذكر العبارة الاتية : " الشركة الاسلامية للاستثمار المحدودة " مرات فى ( ص 2-4 ) من عقد تاسيس الشركة وفى المادة ( 4 ص 2 ) من النظام الاساسى للشركة .
ومعنى كونها محدودة ان مسؤوليتها محددة فى راس مالها الذى تكونت منه الشركة فلا يحق لاحد ان يرجع على مساهيمها بصفتهم الشخصية لاستقلالها بصفتها الاعتبارية عن صفتهم الشخصية وعن شركات المضاربة ومسؤولة براس مالها فقط عن شركات المضاربة المستقلة عنها ى حالة تقصيرها فى حفظها او الاخلال بشرط من شروطها المسجلة فى الصك .
وعلى هذا يمكن ان يقال : اذا كانت مسؤولة شركة الاستثمار محصورة فى رأس مالها لا تتجاوزها الىاموال المساهمين الشخصية كانت حقوق الذين يحملون صكوك شركة المضاربة عرضة للضياع على تقدير افلاس شركة الاستثمار وخسارة شركات المضاربة خسارة تزيد على ما بقى من اموال شركات الاستثمار بسبب تقصيرها فىحفظ اموال شركات المضاربة او شوء ادارتها فالواجب ان يرجع ىالخسارة الى ذمم المساهمين فى شركة الاستثمار حتى يضمنوا ما وقع من الخسارة بتفريطهم او سوء اداراتهم فى جميع اموالهم لا فى حدود راس مال الشركة .
ب - جاء فى المادة ( 13 ص 4 ) من النظام الاساسى انه صدرت اسهم جديدة باكثر نم القيمة الاسمية للسهم اضيف الفرق حتما الى الاحتياطى الاجبارى بعد وفاء مصروفات الاصدار " ا ه .
فلماذا اضيف الفرق الى الاحتياطى الاجبارى حتما ؟ وهل له ان ينسحب من الشركة ؟ واذا انسحب فهل يحرم من هذا الفرق او يعطاه ؟ .
ج - جاء فى ( ص 6 ) ضمن المادة ( 30 ) من النظام الاساسي ما نصه : " لكل مساهم عدد من الاصوات تعادل عدد اسهمه " .
فلماذا كانت الاصوات بعدد الاسهم دون عدد المساهمين ؟(1/71)
قد يقال فى تعليل ذلك : ان المساهم كلما كان اكثر سهاما كان احرص على مصلحة الشركة وامعن فكرا فىتحقيق النجاح لها واستمرارها فى عملها ثم ذلك امر ادارى قد جرى العمل به كما جرى بما هو قريب منه وهو الاخذ باكثرية الاصوات منالاعضاء فى المجالس الدينية وغير الدينية مع ان الاقلية قد يكون فيها من هو ارجح عقلا واوسع علما وادرى بالمصلحة .
جاء فى ( ص4-6 ) من النظام الداخلي ما نصه :
" 4 - الاجراءات الادارية والعملية :
1 - طرق البيع :
يقوم المساهم بتوقيع طلب اشتراك على نموذج مطبوع خصيصا لذلك ويرسله الى مكتب الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي ( المكتب الرئيسي ) او لمصرف التوزيع المحدد ويقوم المستثمر بسداد قيمة الصك بشيك او امر دفع مصرفى الى مصرف الشارقة باعتباره مصرف التحصيل او الى مصرف التوزيع المحلي ومصارف التوزيع ملزمة بتحويل الاموال الى مصرف التحصيل وليس الى الشركة ذاتها .
2 - طرق الاصدار .
يقوم مصرف التجميع باعداد جداول لجميع المبالغ التى استلمها ويقيدها لحساب الشركة الاسلامية للاستثمار فى حساب دائن مغلق خاص بالمضارب ويقوم كل اسبوع بارسال تلكس للوكيل الادارى ( وهو مصرف تجارى اوروبى لديه القدرة على القيام بهذه الاعباء ) يخطره برصيد الحساب الاسبوعى للشركة الاسلامية ويحدد النسب الخاصة لكل سند على حدة ( اى : نسبة سند الامانة الى نسبة سند المشارمكة ) وذلك عن كل الصكوك التى يتعين اصدارها فىالاسبوع نفسه وينشأ سجل اصدار يمسكه الوكيل الادارى يسجل فيه رقم كل صك وتاريخ اصداره وقيمته ونسبة سند الامانه الى سند المشاركة منه .
وتطبع الصكوك فىاوروبا بمعرفة الوكيل الادارى ثم ترسل الى مصرف التحصيل صاحب التوقيع المعتمد الوحيد على الصكوك وبذلك يراقب ويتأكد ان المبالغ التى صدرت بها الصكوك تتماصل وتتعادل تماما مع المبالغ التى استلمت وقيدت فىالحساب المغلق .
3 - تسليم الشهادات ( الصكوك ) .(1/72)
صكوك الشركة الاسلامية للاستثمار والمنقذة بمعرفة الوكيل الادارى ترسل الى مصرف التحصيل لتسليمها الى المستثمر بالاسم المحدد فى طلب الشراء او تحفظ لدى مصرف التحصيل .
4 - التحويلات من مصارف التحصيل .
سيزود مصرف التحصيل بتعليمات غير قابلة للالغاء بالتةقيع المعتمد لمراقب حسابات الاستثمار تفيد المبالغ المحصلة فى الحساب المغلق للمضارب علىالنحو التالى فقط :
أ - للحساب العام للشركة فى مصرف التحصيل وذلك لخصم مبالغ متساوية للنسبة المئوية المقررة عن عمولة اصدار الصكوك المشتحقة لمصارف التوزيع اذا لم تكن قد احتجزت بمعرفة هذه المصارف .
ب - يحول الباقى لحساب الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي لدى مصرف التحصيل بصفتها مضارب ,
هذا الحساب العام سوف يستخدم من قبل الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي فى سداد قيمة عمولات الاصدار التى قد تستحق لمصارف التوزيع .
5 - التحويلات الت تجرى من حساب الشركة الاسلامية للاستثمار _ ( المضارب ) بمعرفة مصرف التحصيل مصرف التحصيل لديه تعليمات مكتوبة غير قابلة للالغاء بان يحول اسبوعيا اى رصيد دائن فى حساب المضارب الخاص بالشركة الاسلامية للاستثمار فى عملية الاصدار الاول الى حساب اخر يحمل نفس الاسم فى مصرف اوروبى معين يقوم بعمل الوكيل الادارى وغير مسموح باجراء اى تحويل اخر من مصرفالتحصيل .
6 - حساب الشركة الاسلامية للاستثمار ( المضارب ) فى المصرف الاوربى ,(1/73)
سوف يفتح حسبا لصندوق الشركة الاسلامية للاستثمار لدى الوكيل الادارى ، وذلك لتجميع كل المبالغ النقدية باعتباره مركز لادارو نقود الصندوق وذلك فى مواجهة تلك التى تستثمر وسوف يفتح هذا الحساب بموجب خطاب تعليمات لا يمكن تعديله الا بتوقيعين معتمدين : لمراقب حسابات الاستثمار يحدد فيه كيفية التحويلات النقدية التى تجرى للمصارلاف الاستثمارية وللسماسرة المعينين فى هذا الحساب باسيم الوكيسل الادارى ولكن لحساب شركة المضاربة ولمدفوعات للغير عن المصروفات الخاصة بشركة المضاربة او لسداد المصاريف او ارباح المشاركة فى الشركة تتطلب موافقة مسبقة من مراقب حسابات الشركوة .
ب- استثمار الشركة الاسلامية للاستثمار للاموال :
1 - الحسابات الاستثمارية .
ستفتح حسابات مع المصارف الاستثمارية السماسرة المشتركين باسم الوكيلب الاجارى وستحدد التعليمات الخاصة بهذا الحساب ان المبالغ المودعة فيه خاضعة للاوامر استثمار معطاه من اثنين مفوضين بالتوقيع من المكتب الاساسى الاوربى للشركة وانه لا يجوز اجراء تحويلات المبالغ النقدية او الاصول الا باضافتها لحساب الشركة الاسلامية للاستثمار المضارب لدى الوكيل الادارى وهذه التعليمات غير قابلة للالغاء الا بتوقيع مراقب حسابات للاستثمار .
2 - اجراءات التجارة .
ان المكتب الاساسى الاوربى للشركة الاسلامية للاستثمار والوكيل الادارى سوف يكون فى دفاترهم حسابا مستقلا يمثل مجموع المبالغ المحولة الى الشركة الاسلامية للاستثمار حساب ( صندوق الاستثمار ) المضارب لدى الوكيل الادارى وذلك عن جميع الاستثمار التى تمت فى نسب مضمونة من صكوك الشركة الاسلامية للاستثمار - الاصدار الاول ، بالاضافة الى حساب مستقل خاص بنسبة سندات الامانة وكل مصرف استثمارى مشارك او سمسار سوف يمسك حسابان داخليان متطابقان .(1/74)
وسوف يتم الاتفاق بين المكتب الرئيسي الاوربى للشركة الاسلامية للاستثمار وبين باقى المصارف الاستثمارية والسماسرة المشتركين على نماذج معينة تضمن وحدة الحسابات بينهم جميعا وذلك قبل بدء العملات ولن يسمح بالاستثمار الا عندما تتأكد الشركة الاسلامية للاستثمار من هيئة الرقابة الشرعية كتابة ان هذه الاستثمار من نوعيات مقبولة شرعا .
ولما كانت اشعارات الاضافة من الوكيل الادارى سوف يتسلمها المكتب الرئيسي الاوربى ويصدر بسانها تعليمات للوكيل الادارى لتحويل مبالغ معينة الى سماسرة مشاركين معينين او مصارف استثمارية كما سيقوم المكتب الاوربى الرئيس باصدار التعليمات التجارية اللازمة اليهم بواسطة التلكس فضلا عن صورة بالتلكس للوكيل الادارى وعلى السماسرة المشاركين والمصارف الاستثمارية ان ترسل بواسطة البريد تاكيدا يوميا لكل ما تقوم به من اعمال الى كل من المكتب الرئيسي الاوربى والوكيل الادارى على اسس ربع سنوية ستجمع كل محفظة الخاصة بالصندوق الخاص بحملة صكوك الشركة الاسلامية للاستثمار الخاصة بذات الاصدار وتاريخ الاستحقاق وسوف تجرى نفس التقييم طبقا للمابدئ التى يتم ايضاحها فيما بعد بخصوص التقييم على اس محاسبية بمعرفة احد المراجعين القانونيين بمكتب مراقب حسابات الاستثمار .
ج- سداد استحقاقات الصكوك وتوزيع الاموال .
جميع الاستثمارات سيتم تصفيتها نقدا فى تاريخ الاستحقاق بعد تقديم الحسابات الخاصة بكيفية حساب سعر السداد بما فى ذلك حساب المصروفات وكذلك تحديد انصبة المشاركة فى الارباح الواجبة الدفع للشركة والتى يكو ن مراقب حسابات الاستثمار والوكيل الادارى قد وافق عليها فانه يتم تحويل حصيلة جميع مستحقات الصكوك لحساب المضاربة الخاص بالشركة الاسلامية للاستثمار لدى المصارف المعينة للعمل كمصارف معتمدة للسداد او تحفظ بمثل هذه المبالغ لصالح المصارف المعتمدة للسداد .(1/75)
الوكيل الادارى سوف يصدر تعليمات يطلب فيها من مصرف الدفع بان يدفع المبالغ المستحقى لحامل صكوك الشركة الاسلامية للاستثمار فى تاريخ استحقاقتها بالقيمة المحسوبة والمحددة فى هذا الخطاب وقبل السداد سيقوم السداد سيقوم مصرف الدفع بالتحقق من كل صك من صكوك الشركة تقدم اليه للتاكد من جديتها وسلامتها وذلك بمضاهاتها على صورة من سجل الاصدار الذى سيقدمه الوكيل الادارى.
ويقوم مصرف الدفع بالغاء هذه الشهادة من سجلات الاصدار . كما سيقوم هذا المصرف بارسال كافة التقارير الأسبوعية المثبت فيها الدفع وكذلك الالغاءات الى التوكيل الادارى مصحوبة بالصكوك الملغاة .
ويقوم الوكيل الادارى بمراجعة هذه التقارير على الشهادات او الصكوك الملغاة الخاصة بالشركة الاسلامية للاستثمار ويجرى القيد بالغائها كذلك فى سجلات الاصدار .
تعليق :
اولا : قد يقال : ان فى هذه الاجراءات الادارية والعلمية تمكنا للبنك من استثمار الاموال المتجمعة من اثمان الصكوك وقد يستعملها فى عمل ربوى او ينتفع من ورائها فيه باى وجه من الوجوه وفى ذلك تعاون على الاثم والعدوان وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله : () وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ).
وقد أجاب عن ذلك الدكتور ابراهيم كامل بقوله : المبلغ المرسل للبنك الاوربى يستثمر من قبل شركة المضاربة فورا ولا يبقى فى البنك زمنا يستفيد منها البنك من ورائه ولا يدفع للبنك الا اجرة عن تحويل المال فقط .
ثانيا " قد يقال : اذا كان القصد مما ذكر من الاجراءات الاستيثاق والتحقق من صحة الحساب وضمان السلامة من الخطأ او الخيانة ليطمئن حملة الصكوك ارباب رؤوس اموال المضاربات على حقوقهم فمن الممكن ان يؤلف جهاز من الخبراء الموثوق بهم من المسلمين ليقوم بهذه المهمة بديلا عن الوكيل الادارى ( اى : المصرف الاوربى ) دفعا للريبة وضمانا تاما للسلامة من الربا .(1/76)
جاء فى صفحة (3) من شروط شركة المضاربة سطر (1) ما نصه :
أ - سوف تتحمل شركة المضاربة مصاريفها الفعلية الخاصة بها تحت اشراف وموافقة مراقب الاستثمار وهذه المصاريف تشمل المصاريف الادارية العامة او المباشرة للمصاريف التى يجوز تحميلها لشركة المضاربة وتكاليف توزيع الصكوك المضاربة او تكاليف ادارة اموال شركو اتلمضاربة والقيام بالسداد للمشتركين فى شركة المضاربة طبقا لشروط المضاربة على ان لا تتجاوز كل هذه المصروفات (3) دولارات امريكية لكل مئة دولار فى كل من السنتين الاولى والثانية (2) دولار امريكي فى كل من السنوات من الثالثة الى العاشرة ودولار امريكى واحد فى كل من السنوات من الحادية عشر الى العشرين فان زادت فى نهاية المضاربة فى جملتها عن ذلك تحمل المضارب قيمة المصريف الزائدة عما ذكر خصما من نصيبة من الارباح انتهى .
فى هذا نظر اذ ان الدولارات المخصومة مقابل تلك الاعمال هى زائدة عما يستحقه المضارب من الربح سواء كان من جهة رب المال اوالعامل والمعروف ان ما ينفقه العامل او الشركة المضاربة يكون من راس الربح قبل القسمة قلت المصارف او كثرت ما دام انها صرفت لاجل تنمية والتحديد بمقدار معين من اعمال الشركة المضاربة واختلاف هذا المقدار باختلاف السنين يحتاج الى نظر وكلام العلماء معروف فى هذا .
وقولهم : فان زادت فى نهاية المضاربة فى جملتها ( أى : بعد العشرين ) عن ذلك تحمل المضارب قيمة المصاريف الزائدة عما ذكر خصكا من نصيبه فى الارباح .
وفى هذا نظر حيث خصص ذلك من نصيب المضارب دون الطرف الثانى والمعروف ان الربح بين العامل والمالك والخسارة من الربح بين الجميع لا يختص به احد الطرفين عن الاخر ما دام انها لم تقسم .
واجاب عن ذلك الدكتور ابراهيم كامل بما ياتى : نود ان نركز الانظار على ان المصاريف المذكورة فى هذه الفترة هى المصاريف الفعلية وان الحد الاقصى قد تم تحديده بهذه الصورة للاسباب الاتية :(1/77)
1- الاستثمارات الطويلة الاجل فى المشروعات العقارية والزراعية والصناعية تحتاج فى سنواتها الاولى الى مصاريف مرتفعة وفى السنوات التالية تقل المصاريف تدريجيا لتنحصر فى الادارة العادية للمشروع .
2- حسب القوانين المحاسبية المعترف بها دوليا فان مراقبى الحسابات يلتزمون بتحديد حد اقصى من المصاريف حتى لا يحمل الجمهور بمصاريف بمبالغ فيها .
3- انالشركة الاسلامية تقوم بدور الداعية للاقتصاد الاسلامى فى خمسة عشر دولة وتتحمل نظير ذلك من راس مالها ( راس مال شركة المساهمة المقامة فى دولة الامارات ) تكاليف الدعاية والاعلان والدراسات .. الخ ، وقد راينا ان نطمئن الجمهور بان هذه المصاريف لن تحمل لحساب المضاربات التى يشتركون فيها .
اما الشق الثاني من السؤال فان زادت المصاريف عن الحد الاقصى المحدد لها عند تصفية المضاربة فى السنة العشرين قد يرجع سبب هذه الزيادة الى صعوبة التقييم الحقيقي الدقيق لممتلكات شركة المضاربة من عقار او مشروعات صناعية او زراعية والتى تقوم بصورة تقريبية دفتريا كل عام فيحق فى هذه الحالة لمراقب الاستثمار ان يعدل مجمل المصاريف خلال مدة المضاربة ليتاكد من تحمل المضاربة لمصاريف ادارتها .
أ- اذا قلت المصاريف عن الحد الاقصى المربوط فىالصك فلا غبار على ذلك .
ب- اما اذا زادت المصاريف فقد وافق المضارب ان تخصم هذه الزيادة من ارباحهالمستحقة فى السنة الاخيرة حيث انه قد تم تعويضه فى السنوات السابقة عن مصاريفه بقدر اكبر من الحد الاقصى المذكور ويهدف ذلك الى اعطائه الطمأنينة لأرباب الاموال حملة الصكوك من جمهور المسلمين لجذبهم للمؤسسات المالية الاسلامية ورفع الربا عنهم .
واجاب عن ذلك الدكتور ابراهيم كامل بما ياتى :
5- جاء فى صفحة (3) سطر (16)ما نصه :(1/78)
ج- تجنب شركة المضاربة دفتريا 5% من اموال المضاربةكاحتياطى لشركة المضاربة لمواجهة ما قد ينجم من الانسحاب المفاجئ لبعض المشتركين وعلى ان يعاد استثمار هذا الاحتياطى لصالح شركة المضاربة انتهى .
وفى هذا تأمل حيث استأثرت بارباح 5% المقتطعة من الكل لغرض الاحتياط وهل لو اشترط العامل او الشركة على ان يكون له ربح خاص لجزء من راس المال كأن يقول العامل : ربح نصف العشر من راس المال يكون لى ثم الباقى يوزع بين العامل او الشركة او بين راس المال مع ملاحظة ان الشركة اشترطت بان تاخذ مبلغا معينا ثلاثة دولارات من كل مئة مقابل ما تقوم به من اعمال فى السنة الاولى والثانية ... الى اخره كما سبق ؟
6 -جاء فىصفحة (4) مادة (9) : لا يجوز للمشترك الانسحاب من المضاربة فىالسنتين الاوليين من تاريخ الاشتراك الموضح بالصك .
فى هذا نظر اليست المضاربة عقدا جائزا يجوز لكل منهما فسخها متى شاء ؟
وقد راى ثلاثة من اللجنى المؤلفة لدراسة النظام الاساسى للشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي وعقد التأسيس وشركات المضاربة جواز عقد المضاربة الثالثة وفيما يلى النص التفصيلى لرأيهم :
قالوا : بعد تداول الراى فى المجتمعين لم يتضح لهم ما يقتضى بطلان عقد الشركة المذكورة غير انه استوقف نظرهم امران :
احدهما : كون الشركة تقبض حصتها من الربح بعد كل ثلاثة اشهر ولا تسمح للمساهم ان يقبض نصيبه من الربح الا ان يفسخ العقد او تنتهى مدتة الا انها تجعل حصته من الربح تابعة لراس ماله مستقبلا .(1/79)
الامر الثانى : موافقة الشركة على اعطاء ورثة من مات من المساهمين بقية الاقساط التى لم يدفعها من باب التكافل الاسلامى الا انها لا تدفعها له من راس مال الشركة وانما تدفعها له من الارباح ان وجدت وبعد مناقشة الامرين المذكورين ومراجعة ما تيسر من كلام اهل العلم فى باب المشاركة وملاحظة ان كل امر يعين المسلمين على السلامة من المعاملات الربوية ويقضى عليها فانه يجب على اهل الحل والعقد الاخذ به والتسهيل فى اجراءاته ما لم يتضح ان شيئا من ذلك مخالف مخالفة واضحة للشرع المطهر لان الاصل فى عقود المعاملات الحل والاباحة الا ما حظره الشرع منها بالنص عليه ولا سيما عقود التبرع فانها اوسع فى الحل من عقود المعاوضات كما صرح به اهل العلم رحمهم الله تعالى .
ولهذا راى الحاضرون الموقعون ادناه ان كل واحد من الامرين لا يقدح فى صحة هذه الشركة لان الاول بمثابة عقد المشاركة وان الامر الثانى مبنى على ان المساهمين قد سمحوا بنصيبهم من الربح من باب التكافل المذكور ومعلوم ان المشارك له ان يتبرع بربع حصته من الشركة فيما شاء من الامور المشروعة او المباحة .
والله ولى التوفيق وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
1- محمد بن ابراهيم بن جبير
2- راشد بن صالح بن خنين
3- عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
وقد خالف فى ذلك عضو هذه اللجنة فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع وفيما يلي تفصيل رايه بنصه قال :
جرى منى دراسة عقد تأسيس الشركة الاسلامية للاستثمار الخليجي ونظامها الداخلى والقواعد والاسس التى تسير عليها فى مضارباتها كما جرى استعراض المذكرة التفسيرية التى تقدم بها الدكتور ابراهيم كامل وقد ظهر لة من ذلك ما يلى :
…اولا : عقد تأسيس الشركة ونظامها .(1/80)
…بداستى لعقد تاسيس الشركة ونظامها الداخلى لم يظهر لى ما يوجد الاعتراض عليها من الناحية الشرعية لاسيما اذا حمل الاطلاق فى بعض موادها الى القيد العام الصريح بان تكون متفقة ومتمشية مع القواعد والاصول الشرعية واذا كان لى عليها بعض الملاحظات الهامشية فهى تنحصر فى التكرار وفى الصياغة وعدم مراعاة الدقة فى مدلول بعض المواد .
ثانيا : طريقتها فى المضاربة .
اتاحت الشركة لمن يريد التعامل معها بطريق المضاربة الدخول معها فى مضاربات متفاوتة الزمن فلديها المضاربة لسنة او ثلاث سنوات وخمس سنوات وعشرين سنة وخمسين سنة والباب مفتوح لايجاد مضاربات لمدد اخرى اذا وجد المقتضى لذلك سواء كان رب المال فردا او مؤسسة مالية او حكومية من الحكومات القائمة .
وقد جاء فى شروطها وقواعد قيامها ان المحاسبةتتم بعد كل ثلاثة اشهر وان للشركة المضاربة عشر الربح جاء النص على اقتطاعه فى شركة المضاربة الثالثة واعادة المضاربة ومعها نصيب من راس المال من الربح حتى انتهاء المضاربة او رغبة رب المال فى سحب ماله منها .
والملاحظة على هذا الطريقة تتضح فيما يلى :
1- اخذ الشركة المضاربة نصيبها من الربح بعد كل ثلاثة اشهر خلال المدة المضاربة وعدم تمكين رب المال من اخذ نصيبه من الربح اسوة بها للثلاثة الاشهر نفسها الا ان يقرر رب المال انسحابه منها فياخذه مع راس ماله .
2- بعد تنضيض شركة المضاربة وافتراض خسارتها لا تعيد الشركة ما سبق لها اخذه من الارباح لكل ثلاثة اشهر من مدة المضاربة المحددة بسنة او بثلاث او خمس او غير ذلك من المدد المتفق عليها .
ولا شك ان العلم اليقين بخسارة الشركة ورحها لا يتضح تنضيض الشركة وان المضاربة الخاسرة ليس للعامل من راس المال شيء فيه البتة فكيف يسوغ لها ان تأخذ ما لا يحق لها اخذه من اموال عباد الله ؟ !
ثالثا : المضاربة الثالثة للاستثمار والادخار والتكافل .(1/81)
يلاحظ على هذا النوع من التعامل وجود الجهالة فيما يامل ورثة المتوفى اخذه من اقساط توفى مورثهم دون سدادها وفيما يامل رب المال اخذه من ارباح لاله المستثمر بعد انتهاء مدة المضاربة يتضح ذلك فيما يلى :
اولا : ليس هناك ذمو قائمة يتعلق بها حق الورثة فى الاقساط الواجبة لهم بعد وفاة مورثهم وانما حقهم قاغئم فى الارباح المظنون وجودها فاذا لم توجد ارباح فلا يحق لهم فى المطالبة بتلك الاقساط المتبقية .
بهذا نستطيع القول : ان حقهم فى تلك الاقساط ظنى وان التكافل بهذا لا تتوفر الثقة فى اعتباره ففيه اذا تقرير المتعلمين مع الشركة وجهالة فيما ياخذون من اقساط حيث يحتمل ان ياخذ الورثة كامل الاقساط ويحتمل ان ياخذوا بعضها ويحتمل الا يجدوا شيئا ياخذونه .
وليس هذا النوع من قبيل التأمين التعاونى او التعادلى لان المبلغ المستحق لقاء التامين فى اى نوع من انواعه مضمون على الجهة المؤمن لديها .
ثانيا : ان قواعد التكافل مع المضاربة صريحة فى ان مبالغ التكافل مقتطعة من ارباب المال وهذا يعنى ان رب المال يعد ان يعرف ان الشركة رابحو لا يضمن استلامه ربح ماله الا بعد اقتطاع مستحقات التكافل من هذا الربح وهذه المستحقات مجهولة قد تاتى على كل الربح فلا يكون لرب المال بعد مدة المضاربة مع ان المضاربة رابحة حس الافتراض .
ثم بين ما يجب ان تكون عليه المضاربة فى نظرة فقال : الراى فىتصحيح المضاربة ان تلتزم الشركة المضاربة بما يلزم به رب المال بحيث لا يسوغ لها ان تأخذ حصتها من ارباح المال الا بعد انتهاء مدة المضاربة وتنصيص المال او رغبة احد طرفى شركة المضاربة فى انهاء عقدها فاذا ظهر للشركة بعد ذلك ربح كان للشركة المضاربةالحق فى اخذ نصيبها منه وان يمكن رب المال من أخذ نصيبة من الربح بعد كل ثلاثة اشهر اسوة بالشركة فى ذلك.(1/82)
الراى فى تصحيح التكافل ان تقوم الشركة المضاربة بضمان الاقساط الواجب دفعها لورثة المتوفى بغض النظر عن ربح الشركة او خسارتها .
ودفعا للاعتراض بان ذلك مضر على الشركة المضاربة وقد ياتى على اموالها تقوم الشركة باقتطاع نسبة معينة من كامل ربح كل مضاربة تكون تلك النسبة ملكا لها وفى مقابل التزامها بدفع الاقساط الواجبة عليها وبهذا تنتفى الجهالة فيما ياخذه رب المال من ارباح وفيما ياخذه ورثة المتوفى من اقساط واجبة .
هذا ما ظهر لى والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم .
عضو هيئة كبار العلماء
عبد الله بن سليمان بن منيع
وكتب فضيلة الشيخ محمد خاطر كلمة تحت عنوان : " أثر الغرر فى عقود التبرعات " هذا نصها :
مذهب المالكية يقرر فقهاء المالكية قاعدة عامة بالنسبة للغرر فى عقود التبرعات وهى ان جميع عقود التبرعات لا يؤثر الغرر فى صحتها.
وقد قرر القرافى ذلك فى كتابه " الفروق " ( ج 1 ص 150 - 151) الفرق الرباع والعشرون وسنجمل ما سجله القرافى فيما يلى :
لقد فصل مالك بين قاعدة ما يحتنب فيه الغرر والجهالة وقاعد ما لا يجتنب فيه الغرر والجهالة وانقسمت التصرفات عنه ثلاثة اقسام طرفان وواسطة .
فالطرفان : احدهما معاوضة صرفة فيجتنب فيها ذلك الا ما دعت الضرورة اليه عادة .
ثانيها ما هو احسان صرف لا يقصد به تنمية المال كالصدقة والهبة فان هذه التصرفات ان قامت على من احسن اليه بها لا ضرر عليه لانه لم يبذل شيئا بخلاف القيم الاول اذا فات بالغرر والجهالة ضاع المال المبذول فى مقابلته فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الاحسان التوسعة فيه بكل طريق بالمعلوم والمجهول فان ذلك ايسر لكثرة وقوعه قطعا وفى المنع من ذلك وسيلة الى تقليله فاا وهب له بعيره الشارد جاز ان يجده فيحصل له ما ينتفع به ولا ضرر عليه ان لم يجده لانه لم يبذل شيئا .(1/83)
والحق مالك الخلع بهذا الطرف لان العصمة واطلاقها ليست من باب ما يقصد للمعاوضة بل شأن الطلاق ان يكون بغير شيء فهو كالهبة ثم ان الاحاديث لم يرد فيها ما يعم هذه الاقسام حتى تقول يلزم منه مخالفة نصوص صاحب الشرع بل انما وردت فىالبيع ونحوه .
واما الواسطة بين الطرفين فهو النكاح وقد اجاز فيهالمالكية . جاء فى الشروط الاساسية لشركة المضاربة الاسلامية الثالثة ما نصه :
2- المشتركين فى شركة المضاربة هذه يقتصرون على المسلمين المتزوجين الذين بلغوا سن العشرين ولم يبلغوا سن الاربعين فى اول اكتوبر 1979م . ا ه .
أجاب عن ذلك الدكتور ابراهيم كامل بما ياتى :
اما بالنسبة لشرط الزواج فمرجعه الى امرين :
أ- استكمال حياة الرجل والمرأة الدينية والدنيوية بالزواج فهو توجيه اسلامى .
ب- الزواج يعنى المسؤوليات التى تؤثر على تصرفات الرجل والاحصائيات تثبت ارتفاع الحوادث على انواعها بالنسبة لغير المتزوج .
واما بالنسبة لتحديد سن العشرين الى الاربعين سنة للمشتركين فاسباب ذلك :
أ- احتمالات الوفاة بالنسبة لهذه المرحلة من العمر حسب الاحصائيات متساوية .
ب- العدالة بين المشتركين فى تحملهم المخاطر لتسديد نصيبهم فى اموال التكافل .
ج- العدالة الاقتصادية حيث يتحمل كل جيل تبعات التكافل لاخوانه من نفس الجيل علما بان التضخم الكائن بالاقتصاد العالمى ينتج عنه فوارق كبيرة بالنسبة لدخل كل جيل اذا قورن بالجيل الذى يسبقه .
سؤال : لماذا يخصم 5% للاحتياطى ويحرم منها المنسحب من المضاربة الاسلامية الثالثة للاستثمار والادخار والتكافل بين المسلمين ؟
جواب : يرجع ذلك الى :(1/84)
أ- استحالة تصفية اموال شركة المضاربة من العقارات او عمليات التجارة كلما انسحب منها شخص ففى هذه الحالة يتم حسبا ما يستحق من ارباح اوة خسائر لحامل الصك المنسحب القيمة التقديرية ( الدفترية ) لهذه الممتلكات ويخصم 5% من هذه المبالغ احتياطيا لتغطية التقييم الدفترى سابق الذكر وحتى لا يضر ذلك باموال باقى المشتركين فىالمضاربة .
ب- يشكل هذا الاحتياط الدفترى مصدرا لشركة المضاربة يمكنها من خلاله تغطية احتياطها الطارئ حيث يعاد استثمار هذا الاحتياطى لصالح كل المشتركين فى المضاربة .
سؤال : جاء فى شروط المصاربة لحامله لمدة سنة او ثلاث او خمس ما نصه :
مسؤولية حملة صكوك المضاربة محدودة بقدر مساهمة كل منهم فىشركة المضاربة وقد يقال : ان معنى محدودة ان مسؤوليتها محصورة فى راس مالها الذى تكونت منه فلا يحث لاحد دائن لشركة المضاربة ان يرجع على حملة صكوكها فى اموالهم الشخصية لاستقلالها بصفتها الاعتبارية عنهم بصفتهم الشخصية وفى ذلك اضاعة لحقوق دائنيها فالواجب تعلق حقوق دائنيها بذمم حملة الصكوك - ارباب رؤوس اموال شركات المضاربة - حتى يرجع دائن اى شركة منها بحقة على ارباب رؤوس اموالها فى اموالهم جميعها التى فى الشركة وغيرها .
جواب : وقد يجاب عن ذلك بان المستثمر لاموال اى مضاربة من مضارباتها لا يجوز له التصرف فى الاستثمار الا فى حدود اموالها وعلى ذلك فلا يمكن ان تكون مدينة لاحد الا بما يمكن سداده من مالها اصلا وربحا هذا ما تيسرت كتابته فى الموضوع مع المناقشة .
وصلى الله على نبينا محمد وعلىآله وصحبه وسلم .
2- تقرير عن كتاب " العقيدة والسلوك فى ضوء الكتاب والسنة والسيرة لابى الحسن النحوى " :
سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد الموقر ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :(1/85)
قال - رحمه الله - : فبناء على كتاب سماحتك فى 14/12/1403هـ الذى تطلب فيه مراجعة كتاب " العقيدة والسلوك فى ضوء الكتاب والسنة والسيرة النبوية " الذى الفه الاخ الكريم والشيخ ابو الحسن الندوى والافادة عما اراه بنا على ذلك قرأت الكتاب فوجدته سهل العبارة نافعا فى الجملة غير ان لى عليه مأخذ اجملها فيما يلى :
اولا : اطراؤه الغزالى وافراطه فىالثناء عليه وعلى كتابه " احياء علوم الدين " ومعلوم ان هذا الكتاب - وان كان فيه فوائد جمه - فيه كثير من البدع والخرافات والدعاية الى التصرف والتركيز على مبادئه كما ان فيه التركيز على مذهب التفويض فى توحيد الاسماء والصفات الخبرة ودعوى انه مذهب السلف وشرح مذهب اهل التأويل باعتباره مذهب الخلف واعتماده اياه بالنسبة لطوائف قد لا تقنع عقولهم بالتفويض - كسائر الاشعرية - والتزامه مذهب ابن كلاب فى صفات الافعال كصفةالكلام والرضى والحب والغضب والسخط ... الخ .
ولا يخفى ان فى اطرائه بالثناء عليه وعلى هذا الكتاب اغراء بقراءة مؤلفاته عامة وكتابه " احياء علوم الدين " خاصة وقراءة مختصراته مع ما فيها جميعا من الاحاديث والاثار الضعيفة والموضوعة التى لا يدرك حالها الا العلماء انظر : ( ص 5-7 ) من الكتاب .(1/86)
ثانيا : اطراؤه اشيخ عبد القادر الجيلانى والافراط فىالثناء على كتبه وطريقته ( ص 8-10) والشيخ عبد لاقادر - وان كان فى رايه فى استواء الله على عرشه ونحوه من صفات الله سديدا - لا يلزم ان يكون رايه فى سائر ما يراه فىالدين سديدا فقد عرف عنه انه قال : " قدمى هذه على رقبة كل ولى لله " وروى عنه ذلك من طرق عدة وتاوله له من يحسن الظن به ! من ذلك من ذكره الشيخ ابو حفص السهرودى فى " عوارفه " انه من شطحات الشيوخ التى لا يقتدىبهم فيها ولا يقدح فى مقاماتهم ولا فى منازلهم فكل احد يؤخذ من كلامه ويترك الا المعصوم صلى الله عليه وسلم وقد قيل : ان أبا الفرج ابن الجوزى صنف كتابا ينقم فيه على الشيخ عبد القادر اشياء كثيرة .
انظر : ترجمة ( ص 290-299 ) من كتاب " ذيل طبقات الحنابلة " لابن رجب .
فاذا كان هذا حاله ففى الافراط فى الثناء عليه تغرير بالناس وحث لهم على التزام وقراءة كتبه واكثر الناس لا يميز بين الح والباطل والسنة والبدعة فيقع بذلك فيما لا تحمد عقباه .
وكذات الحال فى اطرائه الشيخ محمد بن ابى بكر السمرقندى وكتابه " شرعة الاسلام الى دار السلام " ( ص 12 ) .
ثالثا : عدم الدقة فى نقل الاحاديث والاثار والقصور فى الحكم عليها .
انظر ( ص 28 - 40 - 62 - 109 - 112 - 114 - 118 - 124 - 127 - 129 - 131 - 135 - 151- 165 - 192 )
رابعا : خطأ فى العقيدة وفى الاحكام وتساهل فى الحكم على بعض العلماء بانه سلفى او من اهل السنة والجماعة ( ص 13-15-45-75-77-203-217 ) .
خامسا : ضعف فىالتعبير احيانا ( ص 11-32-34-35-46-63-91-39-102-104-120 9 ) .
واخيران ارى ان غير هذا الكتاب مما هنو انفع للناس اولى بالشراء منه تيسيرا لحصول الناي عليه ونشره بين الجمهور .
والله الموزفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
3- تقرير عن ثلاثة كتب ,
سماحةالرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد - رعاه الله :-(1/87)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ، وبعد :
فبناء على كتاب سماحتكم ( رقم 1464 / 1 / ك ) فى 6/8/1403 هـ حول طلبك مراجعة الكتب الثلاثة الاولى المسفوعة بالمعاملة ( رقم 965 / 5 ) وتاريخ 27/7/1403 هـ الواردة اليكم من مراقبة الكتب وهى : كتاب " الزهد " للحافظ ابى بكر احمد الشيبانى المتوفى سنة 387هـ " ومسانيد امهات المؤمنين " لجلال الدين السيوطى " وغزوات النبى صلى الله عليه وسلم فى ضوء القرآن والحديث " للدكتور محمد غوث الندوى وطلبكم الافادة عن رايى فيها بناء على ذلك راجعت هذه الكتب فوجدتها كما يلى :
اولا : كتاب " الزهد ".
أ- ذكر مؤلفة احاديث باسانيدها فى الدنيا والزهد فيها وفى الصمت وحفظاللسان والعزلة وقام بنشرة الشيخ مختار احمد الندوى وحققه الدكتور عبد العلة بن عبد الحميد وخرج احاديثه وترجم لاكثر رجال اسانيده وبين درجة الاحاديث مقلا عن العراقى والمنذرى فىة " الترغيب والترهيب " والهيثمى فى " مجمع الزوائد " والسخاوى والعجلونى ، وشيخه الشيخ محمد ناصر الالبانى .
ب- الطباعة جيدة ومعتنى بها وقل ان يوجد فها خطأ مطبعة او سقوط كلمة مثل ما جاء فى التعليق ( ص 615 ) : فاقبل نضر - بالضاد - والوصاب : نفر - بالفاء ومثل ما جاء فى الحديث " وككنكم غثاء السيل " والصواب : " ولكنكم غثاء كغثاء السيل " .
ج- الكتابى يشتمل على احاديث صحيحة واخرى ضعيفة وقد كشف المحقق عن اكثر ذلك يترجمته للرواة وبيان درجة الحديث فجزاه الله خيرا .
د- الكتاب نافع ويصلح مرجعا فى موضوعه للوعاظ وغيرهم .
ثانيا : " مسانيد امهات المؤمنين ".
أ- هذا الكتاب فيه ما ذكر فضيلة مدير ادارة مراقبة الكتب من اسقاط جمل فى مواضع عدة ومن قصص خرافية وبدع محدثة منقولة عن عبد القادر الشاذلى والشعراوى ونحوهما من المبتدعة .(1/88)
ب- كما فى الحث على اعتقاد التفويض فى اسماء الله تعالى وصفاته او تاويلها ( ص 25 ) ولم يذكر مؤلفة من الاسانيد سوى الصحابية ولم يستدرك ذلك المحقق ولم يخرج الاحاديث .
ج- فيه عجمة فى التعبير وضعف فى تراكيبة واخطاء نحوية واملائية ومطبعية كثيرة يتبين ذلك لمن راجع ما تحته خط فى كثير من صفاحات .
د- اخيرا ارى ان هذا الكتاب غير صالح لنشرة بين طلبه العلم فضلا عن العامة لما تقدم بيانه محافظة على سلامة العقيدة وبعدا عن مصادر البدع والخرافات وفى غيره من الكتب المؤلفة فى الموضوع ما يغنى عنه مع السلامة من أفاته .
ثالثا : " غزوات النبى صلى الله عليه وسلم فى ضوء القرآن والاحاديث " .
أ- هذا الكتاب اختصره مؤلفة اختصارا يكاد يذهب بالفائدة المنشودة من قراءته وليس فيه دقة فى التعبير ولا تحرير للمطلوب ولم يخرج ما فيه من الاحاديث .
ب- فى عبارته عجمة وضعف فى التراكيب والاساليب وكثير من الاخطاء النحوية والمطبعية والاملائية وفى ذلك ما فيه من التأثير على قارئة .
ج- ارى الا يساعد على نشر هذا الكتاب ولا يوجه احد من الطلبة الى قراءته .
والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبة وسلم
4- تقرير عن كتاب " الدعاء المستجاب " لاحمد عبد الجواد :
سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد الموقر :
السلام عليك ورحمه الله وبركاته وبعد :
فبناء على طلب سماحتك سفويا يوم الثلاثاء الموافق 27/5/1404هـ قراءة كتاب " الدعاء المستجاب " جمع وترتيب احمد عبد الجواد قرأت هذا الكتاب فوجدته كما يلى :
اولا : انه اشتمل على كثيلا من الاحاديث الضعيفة وبعض احاديث موضوعة وقد بينت ذلك بعلامة فى الصفحات التالية : ( 11-14-18-24-30-39-41-45-104-109-110-112-115-117-118-120-157-160-162-171-175-180 ) .(1/89)
ثانيا : جعل المؤلف سبعةاوراد تبدأ من ( ص 121) وتنتهى فى ( ص 197) لكل يوم من ايام الاسبوع ورد يبدأ كل ورد منها بقراءة سورة الفاتحة مرة وقراءة الحمد لله وسلام على عبادة الذين اصطفى ثلاث مرات ثم الصلاة علىالنبى صلى الله عليه وسلم عشر مرات ثم يقول : سبحان ربى العلى الاعلى الوهاب ثلاث مرات ويختم كل ورد بآيات وببعض آياتمعينة ويكرر ذلك فى كل ورد بدء وختما مع تكرار بعضها ثلاث مرات او سبع مرات وبين ما بدأ به وما ختم به اذكار واحاديث كثيرى منها ضعيف وهذا من البدع المحدثة .
ثالثا : ليس عند المؤلف دقة فى التعبير انظر : المقدمة ( ص3 واخيرا ارى الا يشترى منه للمستوودع ولا غيره والا يساعد على نشرة صيانه للناي من البدع ومن التعبد بالاحاديث الضعيفة وتلموضوعة وفيما سواه من الكتب السليمة من ذلك غنى للمسلمين .
والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم .
6- تقرير عن كتاب " حكم القراءة على الاموات " :
سماحة الرئيس العام لادارت البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد الموقر :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
فبناء على كتاب فضيلتكم الى بتاريخ 28/4/1403هـ بشأن قراءة الرسالة المرفقة لكتابك " حكم قراءة القرآن للاموات " وافادتكم افيد سماحتكم انى قرأت هذه الرسالة ومقدمتهات ولم اجد فيها ما يخالف الشرع غير ان مقدمة الطبعة الرابعة التى كتبها الاخ عبد العزيز الجهنى فيها صعف فى التعبير وتخلخل فى الربط بين التراكيب وهذا عيب لا ترد الرسالة من اجلة .(1/90)
ثم هو لم يبعه على المستودع ولا اشترى للمستودع كما تبين ذلك من الاوراق المشفوعة به وانما جعل عند فضيلة مدير المستودع ليوزعه على من طلبه وذلك بغير الطريقة التى رسمت للتوزيع من المستودع لانه لم يدخل فيه رسميا وليس الحال كما ذكره الاخ المكرم محمدو الاستانبولى وان كان للاخ الشيخ محمود حق فى منعه من طبع هذه الرسالة فيمنعه عن طريق الجهات الرسمية لا عن طريق هذه الرئاسة المعاقبة هذا ...
والله الموفق والهادى الى سواء السبيل وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
8- ملاحظات على تتمة " اضواء البيان " التى كتبها فضيلة الشيخ عطية سالم :
1- كان المتوقع ان تكون تتمة " اضواء البيان " من مذكرات فضيلة الشيخ محمد الامين الشنقيطى التى املاها على كلابه وهو يدرس لهم التفسير بمعهد الرياض العلمى وان تصاغ على منهجه فى الاجزاء السبعة الاولى التى كتبها ورتبها بنفسه ايام حياته ولكن لم يتم ذلك بل جاءت التتمة على خلاف المطلوب يتبين ذلك لمن قرأ الصفحات التى تبدأ من 572 وتنتهى بـ ( 591 ) من الجزء الثامن مثلا .
2- الخطأ فى جعل حديث " من صلى فى مسجدى اربعين صلاة لا تفوتة صلاة كتب له براءة ونجاة من العذاب ..." الخ وحديث " من صلى اربعين يوما فى جماعة يدرك التكبيرة الاولى كتب له براءتان ... الخ " حديثا واحدا مرويا بروايتين مع انهما حديثان بالاضافة الى قلق فىالعبارة وضعف فى الاسلوب انظر : ( ص 572 م ج 8) .
3- اعتماده على غيره من المعاصرين فى الحكم بقبول حديث " من صلى فى مسجى اربعين صلاة ... الخ " ويعمل به دون مناقشة الى المسجد عن زيارة النبى صلى الله عليه وسلم ولا لزيارته عن المسجد فلا موجب للنزاع ( ص 583) .
4- تكلف الحكمة فى الحث على الاربعين صلاة فى المسجد النبوى فى ثمانية ايام ( ص 574 ) .(1/91)
5- حكمة بان الزيادة تتركب من تحية المسجد البنوى والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضى الله عنهما والدعاء لنفسه وللمسلمين بالخير ( ص 575 ) .
6- اقحامه زيارة القبر والدعاء عنده لنفسه وللمسلمين فى تفسير آية ()وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) دون ان يتكلم بكلمة عن واقع الناس عند القبر وما فيه من بدع شركية مع ان مقصود الاية بيان التوحيد ولا يدعى الا الله والقضاء على الشرك رحم الله الشيخ الشنقيطى لقد مرت به مناسبات فى سورة الحج والنور والحجرات ولم يتكلم فيها بما يثير البدع فى المساجد او غيرها او يؤيد خرافة من الخرافات بل تكلم فى تفسير سورة الحجرات بما يحفظ للامة عقيدتها فبين فيها حق الله وحق العباد وبين فيها حدود الادب مع الله ومع رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لا يصرف الانسان حق احدهما للاخر .
7- اقحامه الكلام على حديث شد الرحال فى تفسير آية (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ... ) الاية [ الجن : 185 ] وعاتماده فى ذلك على النقل عن الشي السبكى والشيخ ابن حجر كل الاعتماد دون ان يعطى للطرف المقابل حقه فى النقل عنهه والانتصار له بالنقل المماثل التفصيلى عن شيخ الاسلام ابن تيمية وعن الشيخ ابن عبد الهادى من كتابه والصارم المنكى " وذلك مما يشعر بعصبية ممقوته فىالمسائل الخلافية واتجاه مريب .
8- زعمه ان النزاع بينالشيخ الاسلام ابن تيمية ومخالفية فى مسألة شد الرحال شكلى لا حقيقى وانه لا وجود له عمليا ( ص 582- 583 ).
9- زعمه ان المسجد النبوى ما هو الا بيته صلى الله عليهوسلم وان الزيارة السنية لا تكون الا من داخل المسجد بعد التحية وانه لا انفكاك لشد الرحال الى المسجد عن زيادرة النبى صلى الله عليهوسلم ولا لزيارته عن المسجد فلا موجب للنزاع ( ص583),(1/92)
10- زعمه ان الخلاف جاء من تقول الناس على ابن تيمية ما لم يقله صراحة فافتروا بذلك خلافا فى موضوع حديثه شد الرحال ولو فهموا كلامه على وجهه لم يكن خلاف ( ص 586 - 591 ).
ملاحظات شكلية على ما كتبه الشيخ عبد العزيز الربيعان فى نقده لما كتبه الشيخ عطية سالم :
1- ينقصه التنسيق وسط القول اكثر فى رسالة " البحث الامين فى حديث الاربعين ".
2- فيه الاكثار من ذكر كلمة فضيلته والشيخ حفظه الله ونحو ذلك والمطلوب التقليل من ذلك .
3- غلوة فى مدح فضيلة الشيخ محمد الامين الشنقبطى - رحمه الله - فى مدح كتابه بانه فى اعتقاده لا يماثله كتاب فى هذا الفن مما سبقه من كتب التفسير وقد يكون معذورا لعدم معرفته مراجعة واصوله التى يعتمد عليها فى كتابه " اضواء البيان " انظر صفحة الخطبة .
ينبغى ان تطصبع الرسالتان مع الجزء التاسع استدراكا لما فات التنبيه عليه فىالجزء الثامن والا يجلد الجزء التاسع ولا يغلف حتى ترسل منه نسخة وتقرأ حتى اذا كان هناك مأخذ تدرك وينبه عليها قبل التجليد والتوزيع فى نفس الجزء .
فهرس لكتاب " الحموية " وبعض التعليقات عليه وزضعه الشيخان عبد العزيز بن باز وعبد اللرازق العفيفى :
صفحة
84
ترك الرسول بيان آيات واحاديث الاسماء والصفات يلزمه ان لا يكون سراجا منيرا ولا مخرجا للناس من الظلمات الى النور ولا داعيا الى الله على بصيرة وذلك باطل بشهادة النصوص واجماع الامة .
85
يستحيل ان يكون الرسول بين فروع الدين وفصلها واهمل اصل الايمان وخلاصة التوحيد .
85
من المحال ان يكون خير القروون قصروا فى نقل البيان لنصوص الصفات
86
يسنحيل ان تكون القرون الاولى غير عالمة بالحق فى باب التوحيد وغير قائلة به مع بيان وجه ذلك
86
منع ان يكون الخلف اعلم من السلف
86
منشأ خطأ من فضل طريقة الخلف على طريقة السلف
87
منشأ خطئهم فى فهم مذهب السلف
87(1/93)
اضطراب المتأخرين فى مباحث الايمان بالله واقرارهم على انفسهم بالحيرة فىذلك يبطل الحسم بان الخلف اعلم من السلف
88
لا يعتمد المتألون على نقل صحيح ولا عقل صريح فليسوا باعلم من السلف الذين شهد لهم العقل والنقل .
89
يستحيل ان يكون من ورث اوهام الفلاسفة والمجوس واليهود وخيالاتهم وفسدتلذلك فطرته خيرا فى العلم والحكمة ممن ورث علم الكتاب والسنة فسلمت بذلك فطرته .
89
سبب ضلال كثير من المتأخرين اعراضهم عن الكتاب والسنة والتماسهم الحق من غيرهما .
89
ادلة متنوعة من القرآن على اثبات علو الله على خلقه .
90
ادلة متنوعة من السنة على اثبات علو الله على خلقه واستوائه على عرشه
91
لم يأت فى القرآن ولم يثبت فى السنة ولا عنالسلف نقل واحد يفيد نصا او ظاهرا نفى ان يكون الله عاليا على خلقه فوق عرشه
92
ما نفاه العقل من الصفات بنفى وان جاء به الكتاب والسنة وما لم يثبته العقل ولم ينفه ينفى ايضا او يقول فيه
93
ما جاء فى الكتاب والسنة مما يخالف دليل العقل قصد منه عند النفاة الامتحان والاختبار وكسب الثواب بالاجتها فى تأويله او تفويض علمه الى الله بعد نفى حقيقته .
93
ردهم كل ما تنازعوا فيه الى العقل وتحاكمهم اليه عند الاختلاف وان كان لا يزيدهم الا خلافا .
93
النفاة المتألون والمفوضون يشبهون المنافقين فى الاعراض عن الكتاب والسنة فى دعوى الاحسان والتوفيق بين العقل والنقل
93
بيان من ورثوا عنه هذه المقالة تقليدا له
94
بيان ما يلزم من قول النفاة المتألون او المفوضين وتعليل ذلك
94
مستندهم من القرآن مع بيان استنتاجهم منه وبيان ما يلزم من الباطل .
94
ترك الرسول وسلف الامة الارشاد لطريقة المتأولين والمفوضين وحثهم على لزوم الكتاب والسنة دليل على بطلان طرقتهم .
95
نبذة تاريخية عن اصل مقالة التعطيل واول من قالها من هه الامة واول من اظهرها .
96
شرورة تعريب الكتب الرومية واليونانية فىالعقائد وغيرها
96(1/94)
نشر بشر المريسى لمقالة الجهمية فى المئة الثالثة ,
97
من راجع كتاب الدرامى فى الرد على بشر الرميسى عرف ان اكثر التاويلات التى بايدة الناس اليوم مأخوذة عن بشر المريسي
97
ذكر كتب السلف التى افصحت عن مذهبهم فى نصوص الاسماء والصفات
98
يبعد ان يتبع عاقل طريقة النفاة ويدع طريقة السلف بعد ان يعرف اصل كل منهما .
98
بيان عقيدة اهل السنة فى الصفات اجمالا
99
مذهب اهل السنة فى الصفات وسط بين التعطيل والتمثيل
99
توضيح كون كل من اهل التعطيل والتمثيل جامعا بينهما .
100
اثبات مذهب اهل السنة فى استواء الله على عرشة حقيقة دون تمثيل
100
العقل لا يكفى مستندا فى بيان اسماء الله وصفاته وسائر التشريع دون ان يستنير بنور الكتاب والسنة لاضطرابه فقد احال عقل طائفة ما اجازه عقل الاخرى بل ما اوجبه .
101
الوام اهل السنة لكل طائفة من النفاة بما الزمت به خصومها فى مباحث الصفات ونحوها وتوضيح ذلك باربعة وجوه
102
كمال الرسولا فى علمه بربه فى مصحه لامته وفى فصاحة لسانه يمنع تقصيره فىبلاغة ويحيل ان يكون ملغزا فى تشريعه
102
حكم من انتقض الريول فى شيء من هذه الصفات
102
المنحرفون عن طريقة السلف ثلاث طوائف
102
مذهب اهل التخييل فى الصفات ونصوص المعاد وفى الاعمال وانقسامهم الى قسمين
103
مذهب اهل التأويل فى نصوص الصفات
103
القصد من هذه الفتيا الرد على المتأولين من جهمية ومعتزلة ومن فى حكمهم من علماء الكلام لتظاهرهم بنصر السنة دون اهل التخييل لنفرة المسلمسن منهم
104
الزام الفلاسفة لاهل التأويل بتأويل نصوص المعاد كما أولوا نصوزص الصفات بل نصوص المعاد اولى لقتلها بالنسبة لنصوص الصفات .
104
الزام اهل السنة لاهل التأويل باجراء نصوص الصفات على ظاهرها كما اجروا نصوص المعادج على ظاهرها وبيان ان نصوص الصفات اولى لانها اكثر .
104
مهب اهل التجيل ان الرسول وجبريل والسابقين الاولين لا يعرفون معانى نصوص الصفات.
105(1/95)
احتجاجهم بالوقف على لفظ الجلالة فى أية : () وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ) والرد عليهم .
105
معانى التأويل الثلاثة معناه عند المتأخرين معناه عند جمهور المفسرين .
106
معنى التأويل فىلغة القرآن والتمثيل له بما يوضحه
106
ان وقف فىآية آل عمران على () وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) فالتأويل بمعنى التفسير لما يخطر من معانى النصوص فى الاذهان وان وقف على قوله ( الا الله ) التأويل بمعن الحقائق الموجودة فى الاعيان وكنة ذات الله وكيفية صفاته ونحو ذلك من الغيبيات التى لا يعلمها الا الله .
107
الامر بتدبر القرآن والانكار على من لم يتدبره دليل على ان الرسول وخير القرون تدبره وعلموا معناه وخاصة نصوص اصول الدين .
107
تعليم الرسول لاصحابه ما فى القرآن من العلم والعمل وتعليم اصحابة لمن بعدهم كذلك صريح فى علمهم بمعانيه وخاصة ما يتصل منه بأصول الدين
107
تجهيلهم للرسول والسلف فى التعقليات ومعانى السمعيات
108
حكاية الاوزاعى شهرة القول بأن الله فوق عرشه ومتى حكاه والحامل له على ذلك
108
قول ربيعة ومالك واخرون فى استواء الله على عرشه
109
نفى العلم بكيفية الاستواء دليل على العلم بأصل معنى الاستواء واثباته صفة لله .
109
امرار نصوص الصفات كما جاءت يوجب اثبات معانيها التى جاءت دالة عليها على ما يليق بجلالة الله .
110
استدل ابم الماجشون على عجز العباد عن ادراك كنه الذات وكيفية الصفات بعجزهم عن ادراك كنه وتفاصيل اصغر خلقة ثم بين ان عجزهم عن ان يصفوا الله بما لم يصف به نفسه اولى من ذلك مع عدم حاجتهم اليه حيث لا يتعلق به تكليف .
111
اثبت ابن الماجشون رؤية المؤمنون لربهم يوم القيامة وجملة من الصفات كالضحك والقدم والسمع والبصر واليدين والعينين واتبع كلا من ذلك دليله .
112
ذكر القاعدة العامة فى اثبات ما يجب اثباته ونفى ما يجب نفيه وترك الخوض فيما يجب الاعراض عنه
113(1/96)
اثبات ابى حنيفه للقدر ومولاة الصحابة جميعا وان لا يكفر مؤمن بذنب لم ينص على انه كفر
113
اتخذ بعض الطوائف الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وسيلة للخروج على الولاة فافسدوا اكثر مما اصلحوا
114
كفر ابو حنيفة من انكر ان الله عال على خلقه فوق عرشه واستدل على ذلك بالنقل والفطرة والعقل
115
ذكر محمد بن الحسن تلميذ ابى حنيفة اتفاق جميع الفقهاء على اثبات ما جاءت به النصوص من صفات الله من غير تشبيه ولا تأويل .
115
يترك تدريس مانقل عن عمرو بن عثمان المكى
126
يترك تدريس ما نقل عن ابى عبد الله المحاسبى كله
130
يقرأ من كلام ابى عبد الله محمد بن خفيف الى قوله : اعلم ان لفظ الصوفية وعلومهم تختلف ويترك باقيه .
151
يترك ما نقل عن ابى المعالي الجويني كله
152
ابن تيمية لا يقول بكل ما قاله من نقل مقالتهم من المتكلمين وغيرهم فى باب الصفات وغيره ولكنه يقبل من كان من ذلك حقا
152
ليس فى الكتاب والسنة تناقض بل فيهما الهدى والنور لمن تدبرهما وفتح لهما قلبه .
153
نصوص الفوقية لا تناقض نصوص المعية وبيان ذلك
153
اذا اطلقت كلمة مع عن التقييد فمعناها مطلق المقارنة وان قيدت فسرت بمعنى يناسب ما قيدت به ودل عليه السياق
154
كلمة ما اما ان يكون معناها المقارنة وما يتبعها من المعانى كالعلم والتأييد والنصر يسمى مقتضاها وحكمها ولازمها وليس معناها واما ان تكون موضوعة لقدر مشترك ويستدل على المراد منها فى كل موضوع بالقرائن والسياق ووضح ذلك المؤلف بما ذكره فى كلمة رب وعبد .
154
الفرق بين المتواطئ والمشكك والشترك اللفظى وترجيح ان مع ونحوها من المتواطئ .
155
من فسر ()أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )بأن السماء تحتوى رب العاملين فقد أخطأ ومن جعل ذلك ظاهر الآية ثم تأويلها فقد تكلف والصواب ان فى بمعنى على او السماء بمعنى العلو وكلمة فى على حقيقتها .
155(1/97)
الاخبار بان الله قبل وجه المصلى لا ينافى استوائه على العرش حقيقة وتوضيح ذلك بالمثال .
156
قول المتكلمين ظاهر نصوص الصفات غير مراد كلام مجمل يستفسر قائلة بينه بحق قبل والا رد
157
بيان خطأ المتكلمين فى فهم ان السلف والخلف منفقون على نفس حقيقة ما دلت عليه نصوص الصفات الا ان الخلف يعينون المكعنى المجازى والسلف لا يعينونه
157
لم يعرف عن احد من السلف انكار الصفات انكار الصفات الخيرية بل عرف عنهم اثبات جنسها فى الجملة والانكار على من شبه او نفى
158
الجهمية يسمون أئمو السلف مشبهة وغلاتهم يسمون الانبياء مشبهة
158
كل طائفة من المبتدعة لقبت اهل السنة بلق مفترى كما لقب المشركون الرسول بألقاب مختلفة مفتراة
159
مستند المبتدعة الخاطئ فيما لقبوا به اهل السنة من الالقاب المفتراة
159
الاقسام الممكنة فى نصوص الاسماء والصفات ثلاثة اجمالا وستة تفصيلا .
159
مذهب المشبهة اجراء النصوص على ظاهرها اللائق بالمخلوق
160
مذهب السلف اجراء النصوص على ظاهرها اللائق بالله وعمادهم فى ذلك النقل والعقل وجعل بحث صفات الله نظير البحث فى ذاته ونظير البحث فى ارواح المخلوقات وفى نعيم الجنة .... الخ .
161
كل من المؤولة والمفوضة قال بنفى ما دلت عليه النصوص من الصفات الا المؤولة عينت المعنى المجاوى المراد فى اعتقادهم والمفوضة لم تعين .
162
من نصوص الصفات ما هو قطعى الدلالة على الصفات كنصوص علو الله على عرشة ومنها ما يفيد غليه الظن بالصفة وذلك مختلف باختلاف ما يؤتي العبد من نور الله
162
ان لم يزل الاشتباه بالعبث فى النصوص وجب الفزع الى الله بالدعاء رجاء ان يزيله .
162
من عرف طريقة المتفلسفة والمتكلمين تبين له بطلانها وانها شبه لا ادلة ووضح له الحق بما جاء فىالكتاب والسنة وطريقة السلف .
163
من قرأ فى كتب الكلام ولم يسبر غور المتكلمين خيف عليه الحيرة والضلال .
163
من لم يقرأ فى كتب المتفلسفة وعلماء الكلام فهو فى غافية(1/98)
163
استحقاقهم للتنكيل من وجه والرفق من وجه
163
ذم السلف لعلم الكلام وتحذيرهم من الخوض فيه وسبب ذلك .
انتهت التعليقات .
وصلى الله على محمد وآله وسلم .
رابعا : تقريرات عن بعض الاشخاص :
تقرير عن الشيخ مصطفى درويش :
قال - رحمه الله - : سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد الموقرة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
فيناء على كتاب سماحتك الذى تطلب فيه الافادة عما اذا كان الشيخ مصطفى درويش لا يزال على عقيدته فى انكار السنة النبوية كما ذكر عنه ذلك الاستاذ رشاد الشافعى بناء على ذلك قرأت خمس رسائل من مؤلفاته :
1 رسالة بعنوان : " السقطات التشريعية فى تعديل قانون الاحوزال الشخصية " وهى مفيدة فى بابها وان كان فيها تساهل فى التعبير .
2- ورسالة بعنوان :" القرآن والنصرانية " .
3- ورسالة بعنوان : " الخرافات المقدسة اقلام السياطين فى اسقار الاسرائيليين ".
كلتاهما مفيدة فى الرد على مزاعم شنودة والقسس وغيرهم من المبشرين بالنصرانية والدعاة اليها وتناقض الاناجيل وفى رسالة " الخرافات المقدسة " كلمات لاذعة واستهزأ بالاناجيل المحرفة وسخرية من عقول من يؤمن بما يها من خرافات فى العقائد والاحكام وبمن يبرر عقيدة التلثيث ويضرب الامثال لجعل الثلاثة واحدا والواحد ثلاثة .
4- والرسالة الرابعة بعنوان : " محمد الرسول فى التوارة والاىنجيل " وقدد اجاد فى هذه الرسالة واستدل فيها على رسالة خاتم النبيين بنصوص من التوراة والانجيل وبنصوصو من القرآن والاحاديث وظهر من كتابه اعتبار السنة اصلا ثانيا فى الاسلاملان للمسلمين التمسك به .(1/99)
انظر ( ص 9 - 15 - 30- 46 - 48 - 52 - 55 - 56 - 62 - 75 - 76 ) ففى هذه الصفحات الاحتجاج بالاحاديث وان طريق الحق لا يزال مفتوحا امامنا لا ينتظر الا الايدى الامينة التى لا تعرف الا الاخلاص لله وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وان التمسك بها عماد سعادتهم والذى يظهر لى ان بعض اخواننا انصار السنة المحمدية ينكر بعض الاحاديث لشبهة تمكنت من نفسه لشبهة تمكنت من نفسه او قلد فيها بعض من سبقه كحديث الذباب وفقء موسى عين ملك الموت وحديث سحر النبى صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك لا انه ينكر كل الاحاديث وهؤلاء يجدى معهم ان شاء الله المناقشة الهادئة والجدال بالتى هى احسن ، نسأل الله ان يحفظنا من الزيغ ويهدينا سواء السبيل .
5- اما الرسالة الخامسة فهى بعنوان :" نداء الى الفاتيكان .. راجعوا اسفاركم المقدسة " وهى مفيدة ايضا فى بابها الا ان فيها حديثا عن دوران الارض والاستدلال على ذلك بالقرآن وانفصال الارض ونحوها عن الشمس والاستدلال على ذلك بالقرآن ايضا ( ص 9 : 10 ) وفى ذلك ونحوه ما فيه بالاضافى الى التساهل فىالتعبير وضعف بعض التراكيب .
والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
2- ترجمة الشيخ العلامة محمد الصنعانى رحمه الله :
هو العالم ، الفاضل ، محدث وقته ، وفقيه زمانه ، الشيخ محمد بن اسماعيل بن صلاح ، الامير ،الكحلانى ، ثم الصناعنى ،(1/100)
ولد بكحلان عام 1059 هـ وحببت اليه الرحلة فى طلب العلم وانتقل الى صنعاء وأخذ عن علمائها ثم رحل الى الحجاز واخذ عن كبار علماء مكة والمدينة ثم عاد الى صنعاء لنشر العلم واحياء السنة والقضاء على البدعة فجلس للتدريس وبذل فيه جهده حتى اشتهر ارمه وعلا قدره وارتفع سهمه وصار مرجعا لاهل العلم ببلاده ونهض بالدعوة الى الاصلاح فامر بالمعروف ونهى عن المنكر وصدع بالحق وشدد فىالنكير على المبتدعة والمنحرفين لا يبالى بما يصيبه من اذاهم ولا يخشىفى الله لومة لائم فكفاه الله غائلتهم واجتمع حوله خلق كثير وكان له من الأثر المحمود ما نرجو ان يجزيه الله به خير الجزاء .
والى جانب ما قام به بعد التدريس والوعظ والاصلاح الف كتبا ورسائل كثيرة منها : " سبل السلام شرح بلوغ المرام " و " العدة " - وهى تعليقات حشى بها " الاحكام " لابن دقيق العيد على " عمدة الاحكام " - " وقصب السكر نظم نخبة الفكر " لابن حجر وشرحه بكتاب سماه " اسبال المطر وارشاد النقاد الى تيسير الاجتهاد " و " وتطهير الاعتقاد عن ادران الالحاد " .
تعريف بكتاب " تطهير الاعتقاد " :
ان هذا الكتاب - " تطهير الاعتقاد " - مع صغر حجمه عظم نفعه وعمت فائدته وقد ربته المؤلف على مقدمة وخمسة اوصول وجملة فصول .
اما لاقمدمة فذكر فيها ما حمله على تأليفه من انتشار الشرك فى الامطار ولابلاد بتعضيم السواد الاعظم منالناس للقبور ومن فيها تعظيما لا ينبغى ان يكون الا لله وحده واعتقادهم فى الكهنة الذن يزعمون الكشف وعلم الغيب وتصديقهم اياهم فى ذلك .
واما الاصول ففى بيان ان القرآن حق وقول صدق وان الرسل انما بعثوا بتوحيد الالوهية وانه اساس صحة العبادة وقبولها اما توحيد الربوبية فهو مركوز فى الفطر وقد اقر به المشركون ولكنه لا يغنى عنهم شيئا لاخلاصهم بتوحيد العبادة .(1/101)
واما الفصول فقد فصل فيها ما اجملة فى الاصول الخمسة من انواع العبادة والاستدلال عليها وذكر فيها كثيرا من الشبة التى يتعلل بها المبتدعة لشركهم واجبا عنها وجعل ذلك على صور السؤال والجواب تحديدا للمطلوب وتيسيرا للفهم حتى تقوم الحجو ويتم الاعذار .
فالله اسأل ان يغفر لنا وله ويفيض علينا من رحمته ويسكننا فسيح جناته ... انه مجيب الدعاء .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
3- ترجمة الشيخ العلامة محمد الشوكانى رحمه الله :
هو العالم الفاضل الشيخ محمد بن على بن محمد بن عبد الله الشوكاني ثم الصنعانى .
ولد فى ذى القعدة عام 1172 هـ وتوفى فى جمادى الاخرة عام 1250هـ - رحمه الله - حفظ القرآن وجوده على جماعة منالمعلمين بصنعاء وحفظ كثيرا من المتون فىالفقة واصوله وفى النحو والبلاغة والمنطق وأدب البحث والمناظرة ... وغيرها من الفنون المختلفة .
ثم حضر مجالس العلماء فتلقى عنهم شروح هذه المتون وغيرها من المؤلفات وبذل جهده فى ذلك حتى تفوق فى كثير من علوم الشريعة واللغة العربية .
واشتغل بالتدريس والتأليف حتى لقى ربه فانتفع به خلق كثير وانتشرت مؤلفاته بين المتعلمين فىالامطار والبلاد وهى كثيرة منها : " نيل الاوطار شرح منتقى الاخبار " و ارشاد الفحول فى علم الاصول 3و " والدر النضيد فى اخلاص كلمةالتوحيد " و " مفيد المستفيد فى الرد على من انكر الاجتهاد مناهل التقليد " و " رسالة شرح الصدور فى تحريم رفع القبور عى :
تعريف بكتاب " شرح الصدور " .
بدأ المؤلف هذه الرسالة - " شرح الصور " - ببيان وجوب الرد عند الاختلاف الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وانهما الحكم العدل الذى يفصل بين الحف والباطل عند الاختلاف واستدل على ذلك بالكتاب والسنة والاجماع .(1/102)
واذن فى العلماء وان تفاوتوا فى تحمل المسؤولية وفى الفصل والجزاء تبعا لتفاوتهم فى العلم والامامة والوجاهة ولا يصح ان يتعلل بذلك فى جعل بعضهم حجة بعض عند التنازع فىالمسائل العلمية ، وانما يوجب ذلك التعاون بينهم فيأخذ القوى بيد الضعيف ويكشف عن غامض المسائل وادلتها ويدله على طرق الاستدلال حتى ينهض ويصير فى عداد العلماء .
من ذكر مسالى التحريم ورفع القبور والبناء عليها على سبيل المثال ليوضح بذلك طريقة العلماء فىالرجوع عند التنازع الى الكتاب والنسة فذكر الاحاديث الكثيرة فى تحريم رفع القبور والنباء عليها ووجوب هدم ما كان مبينا عليها وتحريم اتخاذ قبور الانبياء والصالحين مساجد ولعن من فعل ذلك وبين وجه الاستدلال بها على المطلوب والحكمة التى روعيت فى ذلك وافاض فى ذكر الفتن التى تنشأ عن هذه البدع وانها ذريعة الى الشرك الاكبر .
فجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خبر الجزاء وجمعنا واياه فى دار كرامته .
وصلى الله وسلمك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين :
4- ترجمة الشيخ العلامة احمد بن ابراهيم بن عيسى رحمه الله
هو العالم ، الفاضل ، الشيخ احمد بن ابراهيم بن عيس النجدى ، من قائل بنى ويد ومساكنهم الوشم .
اخذ العلم عن كبار علماء نجد منهم : الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العائذى الحنبلى المعروف ماسلافة بابى بطين ، والشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب وابنه الشيخ عبد اللطيف .(1/103)
واخذ عنه العلم ابن عمه الشيخ ابراهيم بن صالح بن ابراهيم بن عيسى الذى ذيل كتال " عنوان المجد فى تاريخ نجد ، بكتابه " عقد الدرر " واخذ عنه ايصضا لما سكن مكة الشيخ عبد القادر التلمسانى وحصلت بينهما مناظرات فى مسائل من علم التوحيد انتهت باقتناع الشيخ عبد القادر بما بينه له الشيج احمد وعن الشيخ عبد القادر اخذ الشيخ محمد نصيف وجيه جده ونفع الله بهما فى نشر عقيدة السلف بمكة وجده وغيرها من البلاد عن طريق الدعوة والارشاد وعن طريق طباعة الكتب السلفية ونشرها بين الناس .
ومن مؤلفاته : " توضيح المقاصد وتصحيح القواعد " فى شرح قصيدة ابنالقيم الموسومة بـ " الكافية الشافية فى الانتصار للفرقة الناجية " ومناها " الرد علىشبهات المستغيثين بغير الله " وله رسالة كتبها عام 1302 هـ وارسلها الى أل سعود حين تفرقواواختلفت كلمتهم وكثر النزاع بينهم يحضهم فيها على الاجتماع وينهاهم عن التفرق والاختلاف ويذكرهم لما حصل عليهم بسبب ذلك من الذل والهوان وخروج بلادهم من ايديهم وطمع اعدائهم فيها وارسل منها قصيدة فى هذا المعنى تبلغ زهاء ( 37) بيتا مطلعها :
متى يتجلى هذا الدجى والدياجر ……متى ينتهض للحق منكم عساكر
متى تنتهوا منغمرة النوم والدرى ……وينهض لنصر الدين منكم اكابر
متى تتجدد دعوة حنفية ………يكون لها بالصداع ناه وامر
متى ترعوى منك قلوب عن الردى …متى ينقضى هذا القلا والتهاجر
وقد اتصل ايام اقامته فى مكة المكرمة بالشريف عون وكان له عنده كلمة مسوعة فنصحة فى انكار جملة من البدع الشركية فاستجاب لها ومحا كثيرا منها احياء للسنة وصيانه للتوحيد .
توفى بالمجمعة عام 1329هـ بعد ان ترك اثرا حميدا رحمه الله وجمعنا به فى جار كرامته .
5- ترجمة سماحةالشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله :
هو فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز.(1/104)
ولد فى الرياض فى شهر ذى الحجة عام 1330 هـ وحفظه فيها القرآن وجوده على الشيخ سعد وقاص البخارى بمكة المكرمة .
اخذ علومة فىالشريعة واللغة العربية عن مشاهير علماء نجد منهم : الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ، والشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين آل الشيخ ، والشيخ سعد بن حمد بن على بن ابراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ .
وكان اكثر ما تلقاه عن سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم وعليه تخرج فىعلوم الشريعة واللغة العربية ورأى ان من الغبن لنفسه أن يكتفى بما حصلهخ من تلك العلوم أيام طله تلقيه عن مشايخة لما فى ذلك من هضمها حقها وحرمانها من الحظ الوافر فى العلم والدين فتابع الاطلاع والبحث ودأب فى التحصيل وبذل جهده فى تحقيق المسائل بالرجوع الى مظانها فى امهات تالكتب كلما دعت الحاجة الى ذلك فىتدريسه وفيما يعرض له من القضايا المشكلة ايام تولية القضاء وفى اجابته عما يوجه البه من اسئلة تحتاج الى بحث وتنقيب وفى رده على ما ينشر من اقوال باطلة واراء منحرفة فازداد بذلك تحصيلة ورسوخه ونبغ فى كثير من علوم الشريعة وخاصة الحديث متنا وسندا والتوحيد علىطريقة السلف والفقة على مذهب الحنابلة حتى صار فيها من العلماء المبرزين .
وقد ولى القضاء اول عهده بالحياة العلمية اربعة عشر عاما تقريبا ابتداء من 1357 هـ ثم دعى الى التدريس بالكليات والمعاهد العلمية فى الرياض أول عام 1372 هـ فكان مثالا للعالم المحقق المخلص فىعمله فنهض بطلانه واستفادوا منها كثيرا .
واستمر على ذلك الى ان انشئت الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة فعين نائبا لرئيسها العام فضيلة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ فاحسن قيادتها والاشراف عليها .(1/105)
والى جانب ما كلف به اعمال وحمله من اعباء ومسؤوليات كان ينتهز الفرصة لوعظ الناس وارشادهم فىالمساجد ويغشى النوادى لالقاء المحاضرات ويحرص على قراءة الكتب النافعة مع اخوانه ويستجيب لمن رغب اليه من طلبة العلم فى دراسة بعض الكتب عليه فيحقق لهم امنيتهم بصدر رحب ورغبة صادقة .
ولم يحرم نفسه مع نفع الناس مع قلى فراغة فألف جملة من الكتب والرسائل فىمناسبات وظروف تدعو الى ذلك منها الوائد الجلية فى المباحث الفرضية " و " نقد القومية العربية " وتوضيح المناسك " ورالسة فى نكاح الشغرا ورسالة فى" التبرج والحجاب " و " الجواب المفيد فى حكم التوير " ومقال نشر فىالصحف تحت عنوان " ما هكذاتعظيم الاثار ": وهو الرسالة التى طبعت ضمن رسائل وكتب " الجامع الفريد ".
ويغلب على مؤلفاته وضوح المعانى وسهولة العبارة وحسن الاختيار مع قوة الحجة والاستدلال وغير ذلك مما يدل على النصح وصفاء النفس وسعة الافق والاطلاع وحدة الذكاء وسيلان الذهن.
وبالجملة فالشيخ وهب نفسه للعلم والمتعلمين وبذل جهده فى تحقيق المصالح لمن قصده ممن عرفه او عرف به مع رحابه صدر وسماحة خاطر فجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير الجزاء .
وارجو ان اكون صادقا فيما ذكرت من الحديث عنه والا يكون ذلك فتنة لى ولا له وان يزيده الله بع رغبة فى الخيروقوة فى الاقدم عليه انه مجيب الدعاء .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
سادسا : الرسائل
نموذجمن رسائله للاديب سعد ابو معطى :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبج الرازق عفيفي الى حضرة الاديب المحترم سعد ابى معطى الموقر :
السلام عليك وعلى والدك واخوتك وانجالك ورحمته وبركاته ... وبعد .(1/106)
فكل عام وانتم بخير واعاد الله على وعليكم ركمضان والعيد بخير وسلام ... شاء الله ان أراك قريبا وامتع نفسى بحديثك الشيق وجلساتك المباركة فقد كتب الى الشيخ محمد بن ابراهيم بأن حلاله الميك امر المعارف بانتدابى الى الرياض على ان احضر فى غرية شوال سنة 1370هـ فعسى ان يكت الله لى اللقاء وان يكون سفرى الى نجد صحبتك .
لعلك قضيت ايام رمضان بالطائف فى قربة وعبادة وصحة وعافية فتمتعت بهوائه العليل ووفيت لرمضان بحقة وما اخالك الا فعلت : فان ذلك العهد بك .
اولادى كلهم بخير الا ابراهيم فعنده ضعف وهم يسلمون عليك ويقرؤونك السلام .
اما الشيخ عبد الله وعلى فقد سألا عنك وعن نتيجتك فبشرتهما مقدما وهما بخير ولايزالان يكرانك بالخير وقد ارسلت الخطاب اليهما وساكون معها قريبا لعمل اجراءات السفر للرياض ان شاء الله .. ارجو ان تسمح بتبليغ سلامى والدك واخاك ومن لديك من الاخوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1370 من رمضان
من عند عبد الرازق عفيفى
*********************
الفصل السابع
صفاته واخلاقه
ـــــ
اولا: التمسك بالكتاب والسنة .
التمسك بالوحيين والاصليين منبعا النور والهداية ومصدر الخير والرشد هو سمة العلماء الربانيين .
وقد كان الشيخ عبد الرازق - رحمه الله - متمسكا بهما قولا وعملا .
يقول الشيخ عبد الله السعد : " تميز - رحمه الله - بالتمسك بالكتاب والسنة قولا وعملا وقد حدثنا - رحمه الله = انه عندما كان بالازهر وكان مقررا عليهم مختصر " صحيح البخاري " كان رحمه الله - يكتفى بالوقوف عند النصوص الشرعية وبالاستباط منها ويستعين يتراجم الابواب الموجود فىالمختصر ولا يرجع الى الشروح ,...."
ثانيا : دماثة خلقة رحمه الله .(1/107)
كان - رحمه الله - ذا روح خفيفة لا يخلو مجلسة منالقاء نكته مهذبة واقعية تنشيط السامع وتسره وتؤدى غرضا وتوجيها وكان بعيد النظر عميق الفكر له جولات نقدية موجزة يدركها الواعون من جلسائه ولا يذكر فى مجلسه احدا بسوء وكانت معرفته بالرجال المعاصرين من الاعلام معرفة دقيقة وكان حكمة عليهم حكما سديدا يعرف اوضاعهم الاجتماعية وعادات بيئاتهم ومدى تأثرهم بذلك كله وكان كريما كرما اصلا لا يتكلف ما يتيسر وما كان اعاده لنفسه وكان مع ذلك قادرا علىان يقيم فىكل يوم وليمة وكان اذا علم بمجئ عالم يعرفه دعاه الى الطعام وقد حضرت الكثير من هذه الولائم وبيته مفتوح كل ليلة للزائرين وطلاب العلم والمستفتين والذين يبغون الشفاعة فى امر من امورهم " .
يقول الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين : " اما اخلاقه فقد عرف منه لين الجانب واطلاقةالوجه وحسن الملاطفة فهو امام الزوار والتلاميذ والزملاء دائما يظهر الفرح والسرور والانبساط فىالكلام والاجابة على الاسئلو بدون غضب او ملل او تبرم او رد شديد للسائل فجليسة يلقى منه كل المؤانسة والتبسم بحيث لا يمل جليسة ولا يزال يتلقة عنه انواعا من الفوائد واللطائف والمعارف وغرائب المسائل كما انه يكرم من زاره ويقدم ماحضر بدون تكلف ويجود بما يقدر عليه دون ان يمن بما عكاه او يرد من مسألة وهكذا دابه مع العلماء وطلبة العلم والاصحال والزملاء فهو جواد كريم بما اعتادهومجيب لمن دعاه بدون تكلف او تشدد " .
ويقول الشيخ الدكتور عبد الله بن حافظ الحككمى : " وكان - رحمه الله - فىاخلاقه محل القدوة والاسوة ، شديد التواضع تغلب عليه البساطة فى مجلسه اذا ارتاح لمحدثه استرسل فى ذكر بعض الاحداث والمواقف ونزل معه على قدرة صغيرا كان فى سنة او منزلتة .(1/108)
ولذا كان - رحمه الله - محبوبا من كحل من قعرفه ممن عمل معه او تتلمذ عليه محل الاجلال من الجميع والتقدير ، شديد الزهد فى اعراض الدنيا يلبس الخشن من ثياب فىاخر حياته ويرتاح لذلك ويعلله بانه يناسب بدنه صحيا وكان يكره الجدل والمراء وقل ان يسمح لمحدثه بالاستمرار فى ذلكم او ينساق له " ا ه .
وقال ايضا : " كان يعرف للناس اقدراهم ولا سيما ان كانوا غرباء ، وكان متواضعا يكرم الصبيان والفتيان ولا يدعوهم الا بالقاب التكريم ويتودد اليهم وقد رايته ويم ان جاء الشيخ حسن حنبكة احد كبار علماء الشام لزيارة مفتى المملكة محمد بن ابراهيم - رحمه الله - رأيته فى قمة التواضع اذ كان يؤثر الكثيرين فىالجلوس فىالمقاعد المتقدمة مع انه اجدر منهم بهذا التقديم .
وكان حكيما فى تثرفاته يفرض احترامه على الاخرين مهما كان رايهم فيه فما يقدرم على تصرف يعرضه الى الحرج والانقاد .
وكان بعيدا عن المراء والجدل الذى لا طائل من ورائه ولا يخوض فى الموضوعات التى لها حساسية ويتركها للاخرين ".
ولما سألت الشيخ العلامة ابن قعود - حفظه الله - عن الاخلاق التى كان بتصف بها - حمه الله - اجمل الجواب بعبارة جميلة فقال " اما عن الاخقه - رحمه الله - فهى اخلاق المؤمن " .
ثالثا : زهده فى الدنيا .
كان - حمه الله - متقللا من الدنيا زاهدا فيها راغبا فيما عند الله .
يقول الشيخ عبد الله الحكمى : " كان الشيخ عبد الرازق عفيفي - رحمه الله - متواضعا زاهدا فى متاع الدنيا وممنصابها لا يغشى منازل الوجهاء والاغنياء الا اذا دعى وكان بتعفف ان حضر ولا يقول الا ما يرضى ضميره ولعل زهده هذا هو السبب فى عزوفه عن القاء المحاضرات وحضورها ، وكان حاجة يستطيع ان يقضيها له ... "
ويقول الدكتور محمد الصباغ : " كان مما يمتاز به : سعة صدره وبعد نظره وزهده فىالدنيا ومتعها وحبه الخير للناس جميعا وبذله جاهة فى مساعدة الاخرين " .
رابعا : الورع .(1/109)
مان الشيخ عبد الرازق عفيفى عفيفا ورعا ومن صور ورعه التى نقلت عنه انه كان يأخذ الكتب التى توزعها ادارة البحوث العلمية والافتاء بل كان يهديها وكأن هذا تورعا من الشيخ - رحمه الله .
خامسا : اتساع صدره للمسائل الخلافية .
يقول الدكتور محمد الصباغ : " كان - رحمه الله - يتصف بسعة الصدر وحسن المناقشة والحلم والانة القول لمن يأله ويناقشة فقد ذكر لى الشيخ ناصر الدين الالبانى - حفظه الله - انه فى اول قدمه جاء فيها الى المملكة من بضع واربعين سنة قابل عددا من المشايخ وذاكرهم فى مسألة قررها شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهى مشكلة فى نزرة وقد انكرها قاشتدوا عليه الا واحدا وكان هو الشيخ عبد الرازق عفيفى الذى تلطف به وناقشه فىالموضوع وكان الشيخ الالبانى يذكر هذه القصة مشيدا بالصفات الكريمة التى تميز بها الشيخ - رحمه الله - " .
ويقول الشسيخ عبد الله الحكمى : " كانت له اراء خاصة ، فى بعض المسائل العلمية لا يذكرها الا للخاصة من اصحابه ولا يسؤوه ان يكون هناك من يخالفه فيها واذا ذكرت الاراء المخالفة له امامه لا بنفعل ولا يتشنج لانها تخالفه بل يقول : ط لكل رأية " وهذا خلق عظيم ما احوج العلماء اليه ! لماذا نمنع ان يكون للعالم المؤهل للاجتهاد والنظر أراء تخالفنا ؟ ان الحق ليس مقصورا على مذهب معين ولا يحتكره ناس معينون وقد يدرك المتأخ امرا لم ينتبه اليه المتقدم ".
سادسا : عبادته .
يقول الشيخ الحكمى : " وقد حججت معه واشهد انه كان فى المواقف ولا سيما فى عرفات كثير التضرع يدعو ربه ويجتهد فى الدعاء والدموع تنهمر على لحيته يسأل الله المغفرة والرضوان واصلاح احوال المسلمين ويطيل فى ذلك وقد حد فى هذا الموسم الاخير -1414 هـ على الرغم من ضعفه بسبب الشيخوخة واصابته ببعض الأمراض ".
سابعا : صبره .(1/110)
ومن أبرز الصفات والاخلاق الحميدة التى تميز بها الشيخ - رحمه الله - الصبر فقد كان - رحمه الله صابرا محتسبا ... نزلت به كوارث شديدة فلم تضعفة ولم تخرجه عن اتزانه وخلقه اصيب فىعام 1376هـ بشلل نصفى وعافاهالله منه واصيب بعدد من الامراض كان فيها نعم العبد الصابر وقتل ولده الكبير احمد - رحمه الله - فى حرب 1967م التى قامت بين اليهود ومصر فتلقى الخبر صابرا وكان فى مجلسه يلهج بالحمد والثناء على الله - سبحانه وتعالى - ثم توفى ولده الاصغر عبد الرحمن - رحمه الله - فكان ذلك فىغاية الصبر والرضى بقضاء الله وقدره ثم توفى ابنه عبد الله فى 30/6/1413 هـ فجأة فى جدةفكان ايضا مثالا يحتذى به فى الصبر والاحتساب والتسليم .
وسافرت زوجته الى مصر وعندما ارادات ان تعود الى الرياض الى زوجها واولادها منعت من العودة مدة طويلة لمضايقة الشيخ وايذائه فصبر وصابر حتى اذن الله بالفرج وعادت الى بيتها .
يقول الدكتور صالح بن سعود الى على : " كان الشيخ صابرا مجتسبا فبالاضافة الى الامراض التى عرضت له فى العقد الاخير من عمره اصيب باثنين من ابنائه وهما فى ريعان الشباب : عبد الرحمن الذى كان يلازمه فى شيخوخته كظله يخدمه ويساعده فاذا به يفاجأ بوفاته بسبب انفجار اسطوانه غاز ومن قبله أحمد اكبر ابنائه الذى جاء نعية قتيلا فى حرب الدبابات مع اسرائيل " فى سيناء عام 1973م .(1/111)
ومما بلفت النظر فى جلد الشيخ - حمه الله - وصبره انه لما جاءه خبر وفاة ابنه احمد وهو مدير ومحاضر فىالمعهد العالى للقضاء لم يتوقف عن برنامجه فقد جاء الى طلابه فىمرحلة الماجستير وكنت واحدا منهم والقى المحاضرة كالعهد به دون اثرا او تلعثم وكانت من بعد صلاة العصر الى المغرب وكان الطلاب كعادتهم بعد ان ينتهى منالمحاضرة يوجهون الاسئلة سؤالا تلو الاخر واذا به يجيب عنها دون ان يظهر عليه ما بلفت النظر ومع انتهاء المحاضرة خرج من القاعة ونحن وراءه واذا نحن الطلاب نفاجأ " بطابور " من الاساتذه وطلاب اخرين يقلبونه معزين بوفاة ابنه ولا تسأل عن ذهولنا نحن ! ليس من الوفاة ولكن لان الشيخ لم يترك المحاضرة بل لم يخبرنا ولم يظهر عليه اى أثر للصدمة :!
ثامنا : حبة للنفع وبذل النصيحة .
ومن الاخلاق الت تميز بها - رحمه الله - حبة للنفع وبذل النصح .
يقول الشيخ صالح الاطرم - حفظه الله - : " وقد اشتهر الشيخ عبد الرازق بحبه للنفع وبذل النصح فهو المستشار الناصح لكل من استشارة من مسؤول او من سائر الافراد .
ومما استحضره من نصحه لما اقترح من اقترح اختبار نصف العام جاءت مشكلة المكفوفين فحل المشكلة بان يختبروا شفويا فكان المكفوفين لم يرغبوا فما زاد علىكلمة واحدة وهى قوله : انه ارفق بكن فليس لك واحد سيجد كاتبا وبعد خروج النتيجة حصل الرضا فادرك المكفوفون نصح الشيخ .(1/112)
ومن نصحه لى شخصيا لما درست السنة الاولى فىالمعهد العالى للقضاء لم ادخل الاختبار فغلظ على اللوم فاعتذرت بعدم المذاكرة فقال لى : ادخل الاختبار واجب بما عنك فلم افعل ولما بدأت الدراسة فىالعام الثانى بالمعهد العالى للقضاء اعد على النصح لمواصلة الدراسة فلبيت الرغبة فاستشرت الشيخ عبد الرازق عمن اذاكر معه وذكرت له شخصا فقال : اعزم على مواصلة الدراسة وانا اعرف من يناسبك وتناسبه فىالمذاكرة فحقق ما قال غفر الله له وجزاه اتلله عنى وعن الاسلام والمسلمين خيرا وكان نصحه مع كل احد ولكنى ذكرت نموذجا مما يتصل بى ".
يقول الشيخ علىاليحية : " ذكر لى - المترجم له - ان الشيخ مناع القطان لما ارد ان يدخل الجامعة استشار الشيخ ان يدخل فى كلية اللغة العربية فاشار الشيخ عليه بان يدرس العلم الشرعى ومثل له علم اللغة بمن عنده عدد البناء ولا يعرف يبنى وذكر لى - رحمه الله - ان الشيخ صالح بم محمد اللحيدان لما تولى امامه احد المساجد استشارة فى ان يقرأ على جماعة مسجده رياض الصالحين فقال له الشيخ : " لا أقرأ عليهم فى الكتب الستة وتحضر قبل القراءة عليهم وما كان من حديث ضعيف اولا يناسب العامة تستفيد بحثه ولا تقرأ به على الجماعة " .
ولما تولى الاستاذ محمد صفوت نور الدين رئاسة جماعة انصار السنة بعث له بخطاب يهنئه على هذا المنصب ويدعو له بالتوفيق والهداية وينصحه فىالالتزام بالكتاب والينة قولا وعملا .
والى القارئ الكرم نص الخطاب :
من عبد الرازق بن عفيفى الى الاخ الكريم الاستاذ محمد صفوت نور الدين :
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته وبعد :
فأبارك لك فى هذا المنصب تولى جماعة انصار السنة المحمدية وارجو الله ان يوفقك للقيام بوابه وان يسدد خطاك فى نصرة الحق وانى انصحك بالتزام الكتاب الكريم والسنة المحمدية والله معك ويؤيدك بفضله وتوفيقه انه سميع مجيب الدعاء .(1/113)
اسأل الله ان ينفع بك الجماعة وينفعك بهم فهو نصير للحق جل شأنه وتعالى جده بلغ سلامى لجميع الاعضاء .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
أخوك فىالله
عبد الرازق بن عفيفى
ومن ذلك تلك الوصية العظيمة الت اوصى بها - رحمه الله - قبل وفاته ومرشدا الناس الى توقى الله وانها خير زاد يتزود به المسلم فرحمه الله رحمه واسعة واسكنه فسيح جنانه .
تاسعا : رجوعه للحق .
كان - رحمه الله - رجاعا الى الحق فاذا ذكر له ان القول الذى قاله مخالف للدليل قال : هات الدليل فاذا احضر الدليل ورأى الشيخ صحته ودلالته اتبعه ورجع عن قوله .
يقول الشيخ على اليحي : " واذكر فى هذا قضيتين :
الاولى : قضية ذكرها لى الشيخ حمد العبيدان اثناء تدريس الشيخ لهم فى كلية الشريعة رجع فيها الشيخ الى قول تلميذه حمدا وكانت فيما اذكر مسألة اصولية .
والثانية : حدثنى بها احد تلاميذ الشيخ وهو الشيخ عبد الله السعد قال : ذهبنا الى الشيخ فىالافتاء فسألنا عن مسألة فقال : هاتوا الدليل اقول به قال : فاحضرنا له الدليل من " صحيح مسلم " فلما اطلع الشيخ عليه قال : انا اقول به وارجع عن قولى الاول " .
عاشرا : موقفة من قضايا المسلمين .
كان - رحمه الله - يحمل هموم الامة فى قلبه ومن ذلك دعمه المادى والمعنوى لقضية المجاهدين الافغان حتى فتح كابل فلما اختلفوا احجم عن الحديث عنهم وكان لا يخوض فى خلافهمويترك امرهم الىالله تعالى كما انه كان شديد الحرقة والالم لما يتعر له المسلمون فى الويسنة والهرسك والصومال وغيرها من الاماكن التى يضطهد فيها المسلمون .
حادى عشر : موقفة من وسائل الاعلام .
من المعروف ان وسائل الاعلام سلاح ذو حدين فان استعمل فى الخير كان مقبولا وان استعمل فى خلافه كان مرفوضا .(1/114)
يقول احد ابناء الشيخ : " كان والدى - رحمه الله - يغضبه حقا الاستغلال السيء لوسائل الاعلام من بعض اعداء الاسلام سواء المسموعة او المقروءةاو المرئية ونظرا لخوفه على اهله من التأثر بما يرد فيها من مخالفات فقد منع دخول التلفاز والراديو الى منزلة ".
***********************
الفصل الثامن
معاناته ن مرضه ، وفاته ، واثاره الصالحة
ــــــ
أبناء الشيخ :تزوج - رحمه الله - من سيدة فاضلة من اسرة كريمة من الاسكندرية وهى من اصل صعيدى من سينا وهى اسرة سالم ، وانجب منها عشرة ابناء وثلاثا من النبات وتوفى بعضهم فى حياة الشيسخ فكان صابرا محتسبا .
ولقد كان - رحمه الله - يقول : " لقد ابتليت بفقد الابناء فاسأل الله ان يصبرنى " فاستجاب له رب العالمين فصبروا واحتسب .
اما ابناؤه فهم :
الاسم
تاريخ الولادة
تاريخ الوفاة
محمود
1939م
1940م
ابراهيم
1940م
1941م
محمد رشاد
1941م
1942م
سعاد
1943م
-
احمد عاصم
1944م
حرب رمضان 1973م
الاسم
تاريخ الولادة
تاريخ الوفاة
محمد وسمية (توأمان )
1946م
-
محمود
1949م
-
ابراهيم
1951م
1952م
مجيدة
1952م
-
على
1954م
1955م
عبد الله
1957م
1992م
عبد الرحمن
1960م
1988م
والذى حدى بى لذكر تاريخ الولادة والوفاة ليعلم القارئ لسيرة الشيخ رحمه الله ما واجهه من مصائب فقد كان بعض ابنائه لا يعيش اكثر من عام واحد ومع ذلك كان راضيا بقضاء الله وقدره فاسأل الله ان يعوضه عما اصابه بجنات ونهر فى وقعد صدق عند مليك مقتدر
وفاته يرحمه الله :
بدأ الشيخ فىالضعف فى نهاية عام 1411هـ وكان يشكو من البروستات منذ سنين وقد اجرى عملية فى نستشفى الملك خالد عام 1407هـ واستؤصل بعضها ولكن لم يتماثل الشيخ للشفاء بل استمر معه المرض .(1/115)
واقترح عليه طبيب استشلرى فى مستشفى الشميسى بالرياض باستئصال الجزء المتبقى فآثر الصبر ورفض راى الطبيب لانه يعلم قول النبى صلى الله عليه وسلم : " ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ولا سقم ولاحزن حتى الهم يهمه الا كفر الله به سيئاته .
ثم لا زالت الام البروستات تعاوده حتى حصل له نزيف مع البول عدة مرات ...
وفىالساعة الواحدة بعد الظهر من يوم الثلاثاء الموافق 16/3/1415هـ ادخل الشيخ رحمه الله العناية المركزة بالمستشفى العسكرى بالرياض ثم اخرج من ذلك القسم فى يوم الاحد 21/3/1415 هـ وهوة يعانى من الم شديد ايضا فىالكبد وضعف فى الكلي ووجود سوائل فىالرئتين وهبوط فى ضربات القلب وظل بالمستشفى حتى وافاه الأجل المحتوم فى يوم الخميس 25 / 3 / 1415هـ فىحوالى الساعة السابعة صباحا .
وكان - رحمه الله - قبل وفاته فى كامل وعيه وفى حالة ذكر الله عز وجل حتى ازداد ضيق نفسه وهبط الضغط لتخرج روحه الى بارئها .
وقد صلى على جنازته عقب صلاة الجمعة فى 26/3/1415هـ فى جامع الامام تركى بن عبد الله - الجامع الكبير - بالرياض وكان امام المسلمين ىالصلاة على جنازته تلميذ الشيخ - رحمه الله - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء وكان ذلك اليوم يوما عظيما مشهودا حيث امتلأ الجامع الكبير بالمسلمين واكتظت المواقف والشوارع المؤدية الى المقبرة بمشيعى الشيخ - رحمه الله - وحضر دفنه بمقبرة العود بالرياض جمع كبير من العلماء وطلبه العلم وتلامذة الفقيد يغمرهم الحزن علىفراقه داعين الله جل وعلا ان يغفر له ويرحمه .
يقول الشيخ عبد الله بن حافظ الحكى حفظه الله : " وان كانت وفاته - رحمه الله - بعد ان جاوزالتسعين عاما فقد كان رغم ما توالى عليه فى السنين الاخيرة من العلل والامراض مع كبر سنة تام الحواس سليم الادارك لم يتغير فىعلمه ".
وصيته يرحمه الله :(1/116)
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
فأوصيتكم اولادى واقربائى واخوانى بتوقى الله وطاعتهخ والوقوف عند حدود شريعته وان تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وان تتمسكوا بما صح من سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وزاياكم ومحدثات الامور فان كل بدعة ضلالة واباكم والذوذ فان من شذ ، شذ فى النار واياكم ومخالطى الاشرار فانها عار وشنار وتعاونوا علىالبر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله اخوانا فىالله مكتحابين يكتب الله لكم العزة والقوة ،ويمددكم برحمة منه وفضل وصلوا الارحام واجتبوا القطيعة فان من وصل الرحم وصله الله ومن قطعها قطعه الله واقيموا الصلاة ، واتوا الزكاة واكرموا الضيف وارحموا الضعيف ، وافعلوا الخير لعلكم ترحمون ،
اهلى ! اولادى !
اذا أنا مت فاياكم والنياحة ،والندب ، والصياح ، ولطم الخدود وشق الجيوب ، ودعوى الجاهلية ، فانها مسخطة للرب ، مضرة للعبد .
أولادي !
إذ أنا مت فليغسلنى رجل من اخوانى أهل الخير وليصل على أهل التقوى والصلاح وليعجل بدفنى فى الدولة التى اموت فيها ومن احبنى ، فليخلص لى الدعاء بالمغفرة ورحمه الله ورضوانه وان احب ان يتصدق بشيء لله من ماله فليفعل عسى الله أن ينفعنى بذلك وينفعه به .
أولادي !
ليرحم كبيركم صغيركم وليوقر صغيركم كبيركم ، والحذر الحذر من الأثرة والتكالب علىالدنيا ، فان متاعها قليل وحطامها الى الفناء والاخرة هى دار القرار .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
اعماله الخيرة يرحمه الله :
قال عليه الصلاة والسلام : " اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له " .
واحسب ان الشيخ - رحمه الله - قد خلف هذه الاشياء الثلاث جميعا .
وللشيخ - رحمه الله - أعمال خيرية كثيرة منها ما عرف فى حياته ومنها ما لم يعرف الا بعد وفاته .(1/117)
وقد اخرنى من لازم الشيخ - رحمه الله - عن كثير من اعماله الخيرية ومن اعماله الخيرية - رحمه الله - التى لا تنسى ما قام به من وقف منزلة الواقع فى مكة على دار الحديث الخيرية وقد وقع فى يدى صورة للوقف الذى وقفه الشيخ وفيما يلى ذكره :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبة .. وبعد :
فقد وقفت انا عبد الرازق بن عفيفى بن عطية بيتى بحي السبهان التابع لمكة امركة المبنى من طبقتين على دار الحديث الخيرية بشارع جياد بمكة المكرمة واستثنى من ذلك سكناى ومعى اسرتى فى الطبقة الاولى منه مادمت حيا .
ارجو ثوابه من الله تعالى لى ولوالدى ولزوجتى ولاولادى الذكور والاناث الاحياء منهم والاموات .
وقعت على ذلك بشهادة الشهود والله خير الشاهدين اسأله سبحانه ان يتقبل ذلك منى وينفع به طلبة العلم انه سميع مجيب
تحريرا فى 6 من شهر محرم 1411 هـ .
الحمد لله وحده وبعد :
اتلوقف المذكور صحيح موافق للقواعد الشرعية وقد اعترف به عندى الواقف الشيخ عبد الرازق المذكور حال كونه صحيح العقل والبدن تقبل الله منه وضاعف مثوبته .
قاله واثبته الفقير الى عفو ربه عبد العزيز بن عبد العزيز بن باز غفر الله له وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
حرر فى 8/1/1411 هـ
صورة لفضيلة مدير دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة للاحاطة والحفظ والعمل بمقتضى الوقف .
وقد ارسل الشيخ على بن عامر بن عقلان الاسدى مدير دارالحديث الخيرية الرسالة التالية :
فضيلة والدنا الشيخ عبد الرازق بن عفيفى بن عطية وقه الله ومتعه بالصحة والعافية وزاده من فضله توفيقا فى الخير امين :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :
فقد تسلمت صورة من وقفيتكم لدار العامر بمكة المكرمة بحي السبهان على دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة التى يشرف عليها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله تعالى بموجب الشروط التى ذكرتموها .(1/118)
اسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يتقبل منكم ويجعل ذلك من الصدقة الجارية التى لا ينقطع عنكم ولكم اجرها وثوابها وان يضاعف لكم الاجر والمثوبة كما اسأله ان يوفقنا ومن جاء بعدنا فى دار الحديث الخيرية للعمل على الانتفاع من هذا الوقف لصالح دار الحديث الخيرية وطلاب العلم فيها انه سبحانه سميع مجيب .
بارك الله فى حياتكم فى صحة وعافية وزيادة فى الخير ونفع بعلمكم وجزاكم الله عن العلم وطلابه خير الجزاء آمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وكان الشيخ - رحمه الله - فى نهاية حياته يوقف بعض كتبه خدمة المسلمين واعانة على نشر العلم .
كما كان له - رحمه الله - مساهمات فى اقامة المكتبات الثقافية ومن ذذلك هذه الرسالة العجيبة التى ارسلها سماحة والدنا وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز - وفقه اللهومنعنا بحياته - الى سماحة الشيخ عبد الرازاق ، وفيما يلى نص الرسالة .
من عبد العزيز عبد الله بن باز الى حضرة فضيلة الشيخ عبد الرازق عفيفي وفقه الله امين :
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد يا محب :
قد عزمنا هذا الايام على فتح مكتبة تجارية مساهمة بعنوان دار الثقافة الاسلامية ونحن فى حاجة الى قرض "(7000 ) سبعة الاف ريال لتسديد اجرة محل المكتبة وبعض لوازمها فنرجوا منكم قرض النبلغ المذكور وتسليمه بيد مدير المكتبة الشيخ محمد رشدى مفتى بن مصطفى ،وعن قريب - ان شاء الله - تعاد اليكم .
شكر الله سعيكم ، والله يتولاكم ، والسلام .
وقد تم تسديد سماحة الشيخ عبد الرازق - رحمه الله - هذا المبلغ وفيما يلى رسالة الشيخ عبد الرازق يفر فيها بانه استلم المبلغالذى ادانه للشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله :-
بسم الله الرحمن الرحيم(1/119)
تسلمت انا عبد الرازق عفيفي من الاخ الشيخ عبد الرحمن بن مقرن بصفته وكيل عن الشيخ عبد العزيز بن باز فى شؤون دار الثقافة وتسديد المبالغ التى عليها من ثمن مبيعاتهامبلغا وقدره ( 5000 ) خمسة الاف ريال سعودى من اصل مبلغى طرف الشيخ باعتباره مشرفا على الدار .
ثم تسلمت الباقى من ثمن الكتب ايضا وصار المبلغ خالصا .
تحريرا فى 19/7/1383هـ
المقر بما فيه
عبد الرازق عفيفى
ومن الاعمال التى تسجل فى فضائل تسجل فى فضائل الشيخ - رحمه الله - انه فى اثناء اداراته للمعهد العالي للقضاء كان هناك نقص فى عدد المحاضرين فقام - رحمه الله - بالتدريس بالاضافة الى ادارته للمعهد وكان النظام ينص على ان المحاضر يتقاضى راتب معين ولكن لم يعلم احد ان الشيخ لا يتقاضى على تدريسه راتب الا بعد سنوات ولما نقل الخبر الى سماحه الشيخ محمد بن ابراهيم عمد الجهات المسؤولة بصرف راتب للشيخ وفيما يلى نص خطاب سماحة الشيخ :
عدد ( 5356 )
15 / 10 / 1388 هـ
من محمد بن ابرهيم الى فضيلة نائينا لشؤون الكليات والمعاهد العلمية :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
نظرا لعدم استكمال المعهد العالي للقضاء نصابه من المدرسين المتفرغين وحاجته الى اساتذةمن ذوى المؤهلات العلمية العالية لالقاء محاضرات على الطلاب فى حدود ما هو مقرر نظاما ولمسيس الحاجة الى تكليف فضيلة الشيخ عبد الرازق عفيفى مدير المعهد بالمشاركة فى هذا المجال فقد عهدنا بالقاء محاضرات فىالمدة من 207/55هـ الى اول رمضان 88هـ وبلغ ما القاه خلال تلك المدة سبعة واربعين محاضرة يستحق عليها مبلغ صافيا مقداره الفان وتسع مئة وواحد ريال وخمسا وسبعين هللة بموجب البيانات المشفوعة بهذه فعمدوا الجهة المختصة بصرفها له ، والسلام عليكم .
الرئيس العام
الفصل العاشر
ثناء أهل العلم عليه
يقول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - حفظه الله - :(1/120)
" الشيخ احد الاعلام الفضلاء الذين هيأ الله لهم فرصة تربية الاجيال وهو احد العلماء الذين عرفوا بالجد والاجتهاد والاخلاص فى اداء الواجب وهو ذو علم واسع وله اطلاع فى الحديث والتفسير والفقه واصول اللغة العربية وقد تخرج على يديه افواج كثيرة ويذكر له طلابه اخلاصه ومحافظته على اداء الواجب وجده واجتهادة ولقد كان الشيخ عبد الرازق يلقى دروسا بعد العشاء فى مسجد الشيخ محمد بن ابراهيم فى التفسير وكانت دروسه نافعى وتوجيهاته قيمة ".
يقول الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الالبانى - حفظه الله - عن الشيخ عبد الرازق عفيفي - رحمه الله -: " انه من افاضل العلماء ومن القلائل الذى نرى منهم سمت اهل العلم وادبهم ولطفهم واناتهم ووفقههم ." .
وقال فيه :" التقيت به غير مرة فى مراسم الحج وكنت استمع احيانا الى اجابته العلمية على ايتفتاءات الحجاج المتنوعة فكانت اجابات محكمة تدل على فقه دقيق واتباع ظاهر لمنهج السلف " .
ويقول الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - " ان شيخنا عبد الرازق عفيفى - برحمه الله - شخصية علمية فذة فهو شيخ المدرسين وقدوة العلماء السلفيين فى هذا الوقت فله الفضل بعد الله على كل متعلمى هذاالجيل ممن تخرجوا فى الدراسات الشرعية فى التفسير والحديث والعقيدة والاصول فقد درس فى كل مراحل التعليم من الثانوى والعالي والتخصصي وكانت طريقته فى الترديس طريقة فة نادرة وقد اعطاهالله القدرة على ايصال المعلومات الى اذهان الطلاب بطريقة سهلة جذابة مع جدية حازمة وظرافة مليحة وحفظ للوقت .(1/121)
وقد تأثر بهذه الطريقة كل من تتلمذ فصاروا يتميزون عن غيرهم من المدرسين ولقد افنى عمره المبارك فى التدريس والافتاء وعضوية هيئة كبار العلماء والدعوة الى الله اذ لا يقتصر نشاطه على التدريس المنهجي بل كان يدرس فىالمسجد الحرام فى اوقات المواسم وفى غيره من المساجد ويحضر دروسه الجم الغفير من الناس وكان يشارك المحاضرات والندوات فى مختلف الاماكن وكان يشرف على الرسائل العلمية فى الماجستير والدكتوراه ويشارك فى مناقشتها وهكذا كان كل وقته يصرفه فى نشر العلم والافادة حتى فى اخر ايامه وهو يعانى من مرض كان يستقبل الزائرين ويجيب على تساؤلاتهم ويرد على اسئلة المستفتين عن طريق الهاتف والان ولقد لقى ربه من ذا سيسد ثلمته ؟ !
سيذكرنى قومى اذا جد جدهم …وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر
ان مصابنا فيه كبير وواحبنا ان نقول : " انا لله وانا الي راجعون " رحم الله شيخنا ابا احمد واسكنه فسيح جناته والهم اولاده واهله الصبر واحتساب الاجر ".
وقال الشيخ ابراهيم بن محمد بن ابراهيم ال الشيخ : " والشيخ - ريحمه الله - ممن عرف علمه وفضله وورعه وهو اول من عمل فى المعاهد العلمية وكان وجوده فيها كسبا لها لماله من سعة علم واطلاع وخبره وفهم وهى الان خسرت خيرة الرجال والعلماء فىالداخل والخالاج وقد لازمت الشيخ طويلا واستفدت منه كثيرا " .
وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد المنعم : " درسنى الشيخ فى دار التوحيد عام 1369هـ ثم درست فىالمعهد العالى للقضاء عندما كان مديرا له وعملت معه فىالتدريس بالمعاهد وكان - يرحمه اله - مثالا للعالم الباذل لجهده ووقته فى الفتاوى والبحوث العلمية كما كان دمث الاخلاق طيبا والكل يألفة ويحبه وبحسن خلقه نال ثقة الشيخ محمد بن ابراهيم وكان يانس برايى فيما يتعلق بالمناهج ",.(1/122)
وقال الشيخ صالح بن غانم السدلان - حفظه الله - :" واعتبره - الشيخ عبد الرازق - كما يقول المثل : قلبه فوق لسانه فهو لا يتكلم الابعد معرفته ابعاد ما يقول ويعتبر من العلماء الاوائل ولا تكاد تجلس معه قليلا من الوقت الا وتخرج بفائدة علمية اواجبية او خلقية .. واعرفة لا يحب الكلام فى احد كما تميز - رحمه الله - بوضوح العبارة ولم أر مدرسا مثله فى ايصال المعلومات وقلة احشو ... "
وقال الشيخ على الرومى - حفظه الله - :" كان الشيخ أول من باشر فى المعهد العلمى بالرياض منذ اول يوم لافتتاحه فى عام 1371هـ وله اطلاع واسع - يرحمه الله - فى الفقه والحديث والتفسير والتأريخ وله علم ىالتاريخ والجغرافيا وبرغم كبر سنة فقد بقى فى وعيه وذكائه وعلمه .
وقال الشيخ ابراهيم بن محمد عثمان - حفظه الله : " كان الشيخ عبد الرازق عميق التفكير مطلعا يلب الافكار بعضها مع بعض كما كان مفسرا من الطراز الاول حتى انك لتشعر ان الشيخ يستلهم التفسير استلهاما ".
وقال الشيخ سعود الفنيسان - حفظه الله : " كان لى الشرف بان قام الشيخ بالاشراف علىرسالة الدكتوراة حيث استفتدت منه فى اثناء جلسات عدة معه من خلال ما لديه من معلومات وملاحظات ما لم استفدة فى سنى دراستى الجامعية كلها وما دونها وما بعدها وقد كان للشيخ فضل فى توحيد وتاسيس منهج الدراسات العليا فى الجامعة وبالاخص فى تخصيص التفسير واصول الفقه وكان من المقربين والمحبوبين جدا من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه اله - الى اخر لحظة فى حياته ؟.(1/123)
وقال الشيخ حمد الجنيدل - حفظه الله : " كان - يرحمه الله من العلم بمكان وله طريقة مميزة فىالقاء الدروس وتأثير عجيب على مستمعية باسلوب سهل متين وعلم جم وجوامع كلم يتقن عدة علوم من ابرزها : علم التفسير والعقيجة والفقه واصوله وعلم المنطق وشيء\ئا منعلم الحديث كان فىعلم التفسير استاذا وفى كل ما اشرت اليه قمة بتمنى كل طالب علم ان يسمع له وكان لا يدرس عن كتاب بل له حافظة قوية جدا ، كما كانت له نكتة حلوة طريفة يعرفها كلمن عاشرة مع صراحة تامة ببارءة وطهر .
وعندى من املائه ما يزيد عن مئة ورقة من التفسير كتبتها بقلمى فى اثناء تدريسه لنا فى المعهد العهالى للقضاء اعتبرها انفس ما لدى فى مكتبتى الخاصة ولعل الله ان يسهل لنا اخراجها وطبعاها " .
" رحم الله الوالد الشيخ عبدالرازق فقد كان بحر علم زاخر صدر عنه الكثير من طلبه العلم الشرعى ولا سيما فىهذه البلاد بخاصة وان فقده مما يؤلم ولكن سنة الله ماضية وكل نفس ذائقة الموت ... نسأل الله ان يسكنه فسيح جناتهخ وان يغفر له وان يجزيه على ما قدم لامة محمد خير الجزاء ويرفع درجته مع الصالحين من عباده وان يخلفه على السلمين بخير الخلف انه سميع قريب ... "
ويقول الدكتور محمد بن لطفى الصباغ : " صحبته ما يزيد على اثنين وثلاثين عاما ، ما تركت مجلسة فى اسبوع الا ان يكون احدنا مسافرا وقلما كانت سفراتنا تطول وقد جاروته سنين عديدة فكان نعم الاستاذ والجار .
ولقد تعلمت منه فى هذه الصحبة امورا كثيرة منها ما يتعلق بالناحية السلوكية ومنها ما يتعلق بالناحية الشخصية .. لقد كنت ألجأ اليه فى كل امر من الامور وكان - رحمه الله - يمدنى بالراى السديد والتوجيه القويم لقد اكرمه الله بالعقل المسدد والعلم الواسع والرأى المحكم .
وعلى الرغم من تلمذتي عليه ما كان يعاملنى الاعلى انني زميل له تواضعا منه كرما احسن الله اليه وجزاه عنا الخير " .(1/124)
وقال ايضا : " منذ طفولتى الى هذه الساعة وانا اعاشر العلماء اتتلمذ على ايديهم واتلقى فهم ابحاثهم ولا والله لم الق عالما مثله فى سعة اطلاعه ودقة استحضار وحفظه وسلامة منهجه ، واستقامة حياته ، وجولان ذهنخ ، وقدرته على اعطاء الحكم الدقيق فىالمسألة المطروحة ،ومعاصرته لاحداث زمانه لقد كان يعيش عصره ، ويدرك بعمق شراسة الغزو الفكرى والاستعمارى للمسلمين ، ويعرف التيارات الفكرية ، والسياسات التى تسود العالم وتغزو بلاد المسلمين ، ويعرفها تمام المعرفة ، وهذه صفة لم تكن موجودة فىكثير منعلماء عصره " .
يقول الشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركى : " ان فضيلة الشيخ عبدالرازق عفيفي يتصف بصفات يندر ان تجتمع فى شخص : غزارة العلم ، ورجاحة العقل ، والزهد فى الدنيا ومظاهرها ، وحب الخير للاخرين ،وبذل جاهه وماله فى ذلك .
لقد امتاز - رحمه الله - عن غالب زملائه واقرانه الذين درسوا فى الازهر وفى غيره من المؤسسات العلمية بشدة متابعته لسلف الامة الصالح وتركيزه فى ارائه وتدريسه على العقيدة الاسلامية الصافية المرتبطة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولقد كان يقوم كل بحث او رأى فى ضوء الاسس والاصول الصحيحة التى التزمها السلف الصالح والائمة الكبار حينما واجهوا الفلسفات المادية والاختلافات فى الاصول والفروع " .
ويقول الاستاذ محمد بن عبد الله الشريف : " كان - رحمه الله - يتميز بطيب المعشر ، والزهد فى الدنيا والبعد عن مباهجها ومظاهرها وبالتواضع واحترام وتقدير غيره مهما كانت منزلته وقد حبه ذلك الى كل من عرفه او جالسة او درس على يديه ونهل من مناهل علمه الغزير ".(1/125)
ويقلو الشيخ عبد الله بن محمد العجلان : " لقد عرفت هذا الرجل استاذا فى علوم الشريعة واستمعت لدروسه وتلقيت عنه فى فترات مختلفة فأدركت مكانته العلمية وصدق لهجته وسداد توجيهه وجاورته فى السكن فكان خير جار ورافقته فى السفر فكان نعم الرفيق والمؤانس وجالسته فرأيت فيها حسن الادب وصواب الراى وتعرفت على بعض مراجعة فى الدراسة واعجابة ببعض العلماء وبعض الائمة فى بعض الامور كان تلميذا مخلصا على مؤلفات شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية قرأ نتاجها العلمى قراءة مكررة حتى وعلا ما فيهما عن قناعة وتشرب فقههما ومنحاهما فى الاجتهاد واستغلالهما فى اخذ الاحكام من الادلة الشرعية وهو يظهر الاعجاب بهما ولا يخفى على مجالسة تقديره لهذين الامامين الجليلين .
كما كان معجبا بحركة الاصلاح والتجديد فى نجد على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومنهجه فى الدعوة وحسن معالجته للمشكلات التى تواجهه فى دعوته " .
يقول الاستاذ زهير الشاويش : " عرفت استاذنا وفقيد الامة الاسلامية قبل خمسين سنة وتوثقت صلتى به منذ اربعين سنة على امتن ما تكون الصلة تغمده الله برحمته ومنذ عرفته حتى يوم فقدته ما رأيت منه الا العلم الغرير والاخلاق السامية ، والنبرة الصادقة ، والعقل الراجح ، والورع الحقيقي ، والترفع عن سفسف الامور ، والصبر عند الملمات مما لا تكاد تجده مجموعا عند غيره من الرجال .
كان عالما ، عاملا ، ينشر العقيدة الصحيحة والتربية السليمة والاخلاق المحمدية فكان مدرسة فريدة فى جمع الناس على الخير " .(1/126)
ويقول الشيخ صالح بن عبد الرحمن الاطرم - حفظه الله - : " وصفات السيخ عبد الرازق عفيفى - رحمه الله - صفات العلماء الافذاذ ، الذين مضوا وسجل التاريخ لهم ما يبقى فىالمحاسن الى يوم القيامة والذين شملهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتى على الحق منصورة " لانهم ورثة الانبياء ، والانبياء لم يورثوا دينارا ولا رهما ، وانما ورثوا العلم تعليما وتدوينا .
والشيخ عبد الرازق عفيفى - رحمه الله - جمع العلم والعقل ، فيا سعادة من جمع العلم والعقل اذ لا يستغنى احدهما عن الاخر فالعقل يزن به ما يقول ويفعل ويتامل فى العواقب ، والعلم الشرعى يعرف به احكام التصرفات فى الاقوال والافعال ، والشيخ عبد الرازق عفيفى نفع الله به فى جميع مستويات الدراسة النظامية منذ ان بدأت النهضة العلمية النظامية فى المملكة العرية السعودية مع انه شارك فى حلق التدريس فى مساجد سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم الى الشيخ - رحمه الله - أول ما قدم الى الرياض فىسنة احدى وسبعين وثلاث مئة والف ".
ويقول الشيخ عبد الله بن قعود - حفظه الله - : " منذ رأته عناى وانا لم انقطع عنه وهذه مما احتسبها عند الله - جل وعلا - " .
********************
الفصل الحادى عشر
بعض الاقوال المأثورة عنه رحمه الله
ـــــــ
يقول الشيخ عبد الله الحكمى - حفظه الله : - " كان - رحمه الله - شديد الاعجاب بشيخ الاسلام ابن تيمية كثير الرجوع الى مؤلفاته وكان مما سمعته منه قوله : " لم أر لدى اكثر المؤلفين فى العصور المتأخرة جديدا بل تكرار لما ذكره من سبقهم ، سوى شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله فانك تجد فى مؤلفاته الكثير من العلم مما يم يسبق اليه " .
وكان يقول عن بعض العلماء فى بعض البلاد : " الطيب منهم اشعرى الا من تتلمذ على تب شيخ الاسلام " .(1/127)
وفى نقاش فى حكم بعض المخدرات ذكر احدهم بان المشاهد فىمن يستعمل هذا انه لا يغيب عقله ولا تتغير تصرفاته قال : " هذا لا يقدح اذا ثبت تغيير فى بعض الحالات فقد رأيت فى شبابى من المدمنين للخمر من يشرب الكثير منه ولا يتغير فيه شيء ".
وكان - رحمه الله - يقول : " لو لى من الامر شيء احرقت بعض كتب المذاهب " .
يقول الشيخ ابن قعود - حفظه الله - : " لما اتى - رحمه الله - الى المملكة اعجب به الشيخ محمد بن ابراهيم - رحمه الله - وقال له يأعطيك كتاب " الانصاف " - واراد ان يعرف مذهبه - فقال : " انا اعرف الانصاف ليس فيه ( صلى الله عليه وسلم ) الا فىثلاث مواضع " .
وكان - رحمه الله - من اه الحديث وكان - رحمه الله - يقول فى وصف تغير العصر وانقلاب المفاهيم : " بعض الناس الان كنبت البصل : رأسه الى اسفل ورجلاه الى اعلى " .
ويقول الشيخ عبد الله بن حافظ الحكمى - حفظه الله - ايضا : ط سمعت منه كلاما فىعدم الجهل بما يحل ويحرم ، وان الانسان يعرف ذلك غالبا من نفسه قال : " حتى الحيوان قد يدرك ذلك الا ترى الهرة اذا ناولتها قطعة اللحم اكلتها وهى بجوارك امنة واذا غافلتك وخطفتها من غير رضى منك ، هربت بها بعيدا عنك " .
يقول الشيخ العلامة ابن قعود - حفظه الله - " كنا ندرس قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا تجعل قبرى وثنا يعبد " وان قبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يعبد فلما شرح الشيخ عبدالرازق - رحمه الله - هذا الحديث قال : " الصحيح ان قبر النبي صلى الله عليه وسلم عبد والواقع شاهد على ذلك " ا هـ
***********************
الفصل الثانى عشر
دروس مستفادة من حياة الشيخ - رحمه الله -
ــــــــ(1/128)
المتأمل فى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجد فيهما قصصا كثيرة وقد بين سبحانه ان الغرض من ذكر القصص وحياة الامم واخبار الماضيين هو اخذ العظة والعبرة قال تعالى : ()لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) [ يوسف : 11 ] .
فأولو الالباب الذين يستفيدون من القصص وبذلك يفهم ما روى عن بعض السلف من كلمات تدل على اهتمامهم بالسير والتراجم .
يقول ابو حنيفة - رحمه الله - : " الحكايات عن العلماء ومحاسنهم احب الى من كثير من الفقه لانها اداب القوم " .
وقد بينت هذا الامر فى الجزء الاول من هذا الكتاب .
والمتأمل فى حياة الشيخ عبد الرازق - رحمه الله - يجد انها حياة متكاملة من عدة جوانب ولذلك استنبطت بعض الدروس المفيدة لطلبة العلم من حياى هذا العلم الفذ الهمام ومنها :
اولا : الصبر : الصبر منزلة عظيمة من منازل اياك نعبد واياك نستعين يتحلى بهذه الحيلة اولو الالباب والعقول وحقيقته انه خلق فاضل من اخلاق النفس يبعثها ويحملها على كل ما يجمل ويزين ويصدها ويصرفها عن كل ما يقبح ويشين .
وقد بين العلماء - رحمهم الله - ان الصبر على ثلاثة اقسام :
الاول : الصبر على طاعة الله .
الثانى : الصبر على معصية الله .
الثالث : الصبر على اقدار الله .
والناس يتفاوتون فى هذه المراتب بتفاوت الايمان فى قلوبهم فتجد من الناس من عنده صبر علىطاعة الله فيقوم مثلا فى الليلة المطيرة الباردة من الفراس الدافئ الوثير من اجل ان يصلى صلاة الفجر مثلا ومع ذلك لا تجد عنده صبر على معصية الله فتجده يقترف الفواحش ولا يصبر عنها ، ومن الناس من هو بالعكس ، واكملهم من عمل هذه المراتب الثلاث .(1/129)
ولا يستكملها الا من وقر الايمان فى قلبه ، وذلك ان القالب اذا تعلق بالله سبحانه وتعالى ، واحب الله - جل وعلا - اصبحت النقم عنده نعما والبلا عافية ،والمصائب محاسن يحمد الله سبحانه وتعالى عليها ولذا كان بعض السلف يتلذذ بالبلاء كما نتلذذ بالعافية وبعضهم اذا طال عليه الزمن ولم يصب بمصيبة ، خشة علىنفسه من عذاب الله سبحانه وتعالى وظن اتنه استدراج من الله .
وقد اقنى الله سبحانه وتعالى على الصابرين فقال : " () وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : "الصبر ضياء ... " يستضئ به المؤمن فىعقبات الطريق .
وقال بعضهم :
صبرت فكان الصبر خير مغبة ……وهل جزع يجدى علىفأجزع
ملكت دموع العين حتى رددتها ……الى ناظرى فالعين فى القلب تدمع
ولما كان الصبر بهذه المنزلة العظيمة والرتبة الرفيعة كان الشيخ عبد الرازق - رحمه الله - من الصابرين المحتسبين - نحسبه كذلك والله حسيبه -
والمتأمل فى حياة الشيخ يجد ان هذه الصفة شملت جوانب حياته كلها ونذكر لذلك بعض الامثلة :
اولا : الصبر فىطلب العلم .
احترق الشيخ - رحمه الله - فى اول حياته فأشرق فى اخرها يقول بعض العلماء : " من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة " وطلب العلم لا يأتى براحة الاجساد بل لابد فيه من سهر الليالى واتعاب الجسد ومن ظن ان العلم يأتى فى يوم وليلة او فى سنة او فى عشر سنوات ، او ظن انه بقراءته لكتاب او كتابين انه سيصبح شيخا للاسلام والمسلمين فهو مخطئ فى ظنه هذا .(1/130)
فالشيخ - رحمه الله - كان صابرا فى طلب العلم منذ بدأ فى الطلب وحينما انتقل الى الازهر فقد كان ينتقل من شيخ لاخر حتى يثبت عند عالم يشعر انه يستفيد منه وكان هذا يؤخره عن التخرج ومع ذلك فقد كان صابرا لانه لم ين طالبا للشهادة بل طالبا للعلم .
ثانيا : الصبر فى الدعوة الى الله .
الصبر من اهم صفات الداعية فلا اتستمرار للدعوة بدون الصبر ومن العوامل التى تثبت دعوة الانبياء عليهم الصلاة والسلام هو صبرهم على اممهم فقد مكث نوح عليه السلام فى قومه تسع مئة وخمسين عاما كما قال سبحانه : () فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً ... ) [ العنكبوت : 14 ] كلها من اجل ان يدعوهم الى الله سبحانه وتعالى كذلك نبينا صلى الله عليه وسلم والامثلة الدالة على صبره اشهر من ان تشهر وابين من ان تبين .
والداعية الى الله سبحانه وتعالى تواجهه فى طريق دعوته بعض العقبات التى تعوقه عن الاستمرار فى الدعوة الى الله سبحانه وتعالى فان لم يكن متسلحا بهذا السلاح والا وقع فىزلات الطيق وتوقفت دعوته.
لقد كان الشيخ - رحمهاله - يدعو الى الله ويصبره على ما يصيبه من العوائق التى تصده عن ذلك كما كان - رحمهالله - يواجه بعض الجفاة والاعراب فكان يدعوهم ابللين وبالكلمة الطيبة اقتاداء بامام الدعاة صلى الله عليه وسلم فكان لكلماته المنورة بنور الكتاب والسنة وقع فى قلوب الخاصة والعامة وذلك بما حباه الله من فصاحة فى اللسان وحجة فى الكلام والقصص التى ذكرتها فى صنايا الكتاب دالة على ما ذكرت .
ثالثا : الصبرعلى المصائب .(1/131)
يتعرض المسلم فى حياته لبعض المصائب والابتلاءات حتى يمتحن بها الصادق من الكاذب فى دعوى الايمان قال سبحانه وتعالى فى اول سورة العنكبوت : ( آلم .أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ .وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [ العنكبوت : 1 : 3 ] .
وقد تكون هذه المصائب تكفيرا للسيئات او رفعا للدرجات وقد تكون ابتلاء واختبارا من رب البريات وخالق الأرض والسماوات .
تعرض الشيخ - رحمه الله - لمصائب فى بدنه واهله وولده فكان فيها نعم العبد الصبر الشاكر لله سبحانه وتعالى .
ففى اخر حياته ااصبح لا يقوى على المشى فكان - رحمه الله يدفع بالعربة الى لامسجد ومقر عمله .
اما اصابته فى اهله ففى احدى الزيارات التى قامت بها زوجته لمصر منعت من العودة الى ارض الاسلام نكاية بالشيخ - رحمه الله - فصبر حتى انفرجت هذه الازمة وهاجرت زوجته الى ارض الاسلام ودار السلام .
اما اصابته فى اولاده وابنائه فكاب - حمه الله - يجمل الول فى هذه البلية ويقول : " ان الله ابتلانى فى اولادى فأسأله ان يصبرنى على ذلك فقد كان بعضهم لا يتم له سنة واحدة حتى يتوفى ومنهم من توفى اثناء حرب مصر ومنهم من توفى فىحادث انفجار غاز .
ومعلوم ان فقد الولد ليس بالامر السهل على النفس ومع هذه المصائب كلها فقد كان الشيخ - رحمه الله - صابرا محتسبا راضيا بقضاء الله وقدره .
وأسأل الله ان يكون صبره هذا من اسباب دخوله الجنة فقد اخرج البخاري عن ابى هريرة - رضىالله عنه - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعال ( ما لعبدى المؤمن عندى جزاء إذا قبضت صفية من أهل الدنيا ثم احتسبه الا الجنة ) .(1/132)
وروى البخاري ايضا عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من الناس من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم بلغوا الحنث الا ادخله الله الجنة بفضل رحمته اياهم ) .
ثانيا : الدعوة الى الله :
من الدروس المستفادة من حياته - رحمه الله - الحرص على هداية الناس وارشادهم ومعلوم ان الدعوة الى الله فضلها عظيم واجرها كبير عند الله سبحانه وتعالى يقول تعالى : ()وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [ فصلت : 33] .
يقول الشيخ جمال الدين القاسمى فىتفسير الآية : " اى : لا احد احسن مقالا ممن دعا الناس الى عبادة الله وكان من الصالحين المؤتمرين والمسلمين وجوههم اليه تعالى فىالتوحيد ) .
ولذا فانه يجب على طالب العلم ان يكون حريصا على القيام بهذه الشعيرة العظيمة - الدعوة الىالله - فانها شعار الانبياء والصالحين .
ومعلوم ان الاسلام رفض فكرة الاهتمام بالنفس وقال صلى الله عليه وسلم " حب لاخيك ما تحب لنفسك " فطالب العلم حينمات يجد الراحة واللذة فى التزامه بشرع الله سبحانه وتعالى فانه يحب ان يكون المسلمون كلهم ذلك الرجل امتثالا لقول النبى صلى الله عليه وسلم .
والشيخ - رحمه الله - سلك هذا السبيل بالحكمو والموعظة الحسنة امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى : ()ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [ النحل : 25 ] فكان - رحمه الله - يخاطب كل انسان على قدر فهمه وكان يعامل كل انسان بما يليق به وبمكانته وهذه لفتى عظيمة لطالب العلم ينبغى له ان يراعيها اذا تصدى للدعوة الى الله سبحانه .(1/133)
كما انه - رحمه الله - كان داعية هدى وخير فىكل قطر حل فيه او ارتحل فكان فى مصر يحرص علىالقاء المواعظ النافعة فى المساجد ومجتمعات المسلمين كما انه - رحمه الله - كان حريصا على اقامة المعاهد الدينية لتكون عونا له فى الدعوة الىالله سبحانه ونشر العلم بين المسلمين .
ثالثا : الاذعان للدليل والرجوع للحق :
هذه الصفة لا يتحلى بها الاالعظماء ومن له قدم راسخة فى العلم وذلك ان الانسان قد يخالف الدليل لانه لم يبلغه او غير ذلك من الاسباب فاذا ما عرف بالدليل ، انقاد له واذعن وهذا ماكان عليه السلف الصالح من جمع بين القول والعمل لذا كان الائمة الاربعة - ابو حنيفة ، ومالك ، والشافعى ، وأحمد - ومن انتهج نهجهم واقتفى اثرهم ولحق بركبهم يقولولن: ( ان صح الدليل فهو مذهبنا) .
كذلك من رسخ العلم فىهذا الزمان نجده كثيرا ما يرددها وقد يمعت هذه الكلمة كثيرا فى دروس سماحة والدنا وشيخنا شيخ الاسلام والمسلمين عبد العزيز بن بتز وشيخنا العلامة عبد الله بم جبرين والشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين .
وكلما كان الانسان فى العلم ارسخ كلما كان للدليل وللحق ارجع لانه يعلم ان الفتوى بلا دليل جرمها عظيم ()وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) [ النحل : 116 ] .
اما بعض طلبة العلم ، فنجد انه اذا عرف مسألة وتبين له فيما بعد انه أخطأ فانه لا يتوب ولا يرجع لانه يخشى ان يظهر فى وجوه الناس صغيرا او حقيرا وهذه من الاملاءات التى يمليها الشيطان لنى آدم ليغويهم ويصدهم عن دين الله ، نعوذ بالله منه .
ومن هنا يعلم أهمية أن كون طالب العلم ملازما لشيخ عالم حكيم ورع لانه يأخذ من أدبه قبل علمه ومن خلفه قبل درره .
والشيخ - رحمه الله - كان رجاعا للحق ، اوابا اليه متى ظهر له وقد ذكرت فى ثنايا الترجمة شيئا من هذا .(1/134)
فعلى طالب العلم ان يكون حريصا على التحلى بهذه الصفة فهى سمة من سمات المتقين وخصلة من خصال عباد الله الخيرين والرجوع الى الحق خير من التمادى فى الباطل .
رابعا : احترامه لاراء العلماء والمجتهدين :
قد يجتهد العالم فى مسألة من المسائل فيخالف غيره من العلماء وهذا كثير فى الفروع الفقهية ، والواجب ان لا يثرب بعضهم على بعض لأن كل واحد منهم لم يحكم فى المسألة الا بعد تروى وتفكير لذا نجد ان العلماء الربانيين يحتلامون أراء بعضهم البعض .
اما بعض طلبه العلم فللأسف جلبون بخيلهم ورجلهم فى التقليل من العالم الذى يفتى بخلاف ما يرمون ود يكون بعضهم لم يمض له فى الطلب الا سنة او سنتين ومع ذلك ترى بعض الالفاظ التى تدل على ما ذكرته مثل : " ما كنت اظن ان العالم الفلانى يفتى بهذا القول " أو " هداه الله " يقصد بها الحط منه أو " كل يخطئ ويصيب " أو هذه من شطحاته " أو " هو وشأنه أو " أنا لا أدرى كيف يفتى الشيخ بهذه الفتوى لعله سها لعله أجبر ؟ ونحو ذلك وتجد أكثر من يتلفظ بهذه الالفاظ هم من المبتدئين فى طلب العلم .
وهناك بعض القضايا الكبار التى لا يتصدى لها الا جهابذة العلماء ولكن الناظر يرى ان بعض صغار طلبة العلم - لا اقصد فى سنهم فحسب ، بل فى علمهم ايضا - يتصدون لها ويردون على اكابر العلماء .
وتجد ان بعض المسائل تعقد من اجلها المؤتمرات وتؤجل اكثر من مرة حتى يفصل فيها ومع ذلك تجد ان بعض المبتدئين يتصدى لها ويرد على اولئك العلماء الذين قد يكون اجتماعهم على حكم معين اجماعا لا تجوز مخالفته .
فعلى طالب العلم ان يحرص على ان ينقى لسانه من الكلام فى العلماء والتنقص منهم ومن علمهم فان لحومهم مسمومة وعادة الله فى هتك منتقصهم معلومة .(1/135)
واذا تأمل طالب العلم فى السبب الذى صد بعض الناس عن الاستفادة من علم ابن حزم الظاهرى - رحمه الله - عرف انه لسانه فق كان سليطا على العماء ومن يخالفهم فى الراى لذا قال ابو العباس ابن العريف : " كان لسان ابن جزم وسيف الحجاج شقيقين " مع انه كان كما قال ابو القاسم صاعد بن احمد : " كان ابن حزم اجمع اهل الاندلس قابة لعلوم الاسلام واوسعهم معرفة مع توسعة فى علم اللسان ووفور حظة من البلاغة والشعر والمعرفة بالسير والاخبار ".
قال الذهبى - رحمه الله - " وقد امتحن لتطويل لسانه فى العلماء وشرد عن وطنه فنزل بقرية له وجرت له امور وقام عليه جماعة من المالكية وجرت بينه وبين ابى الوليد الباجى مناظرات ومنافرات ونفروا منه ملوك الناحية فاقصته الدولة واحرقت مجلدات من كتبه وتحول الى بادية كبلة فى قرية ".
اما الشيخ عبد الرازق - رحمه الله - فلم يكن متعصبا لرأى معين بل كمان يقول : " فى الامر سعة وكل له مأخذ من دليل " .
فيا طلبة العلم ! اجعلوا الفتوى للعلماء والمسائل الكبار للكبار .
خامسا : البعد عن الشهوة الخفية :
العلم كأى عبادة من العبادات يفتقر الى اخلاص النية لله جل وعلا والعلم اذا افتقد الاخلاص : " انتقل من افضل الطاعات الى احط المخالفات ".
ومن اعظم الامور التى تفسد على العالم علمه وتفسد عليه اخلاصه وطلب الشهرة بعلمه فانه اشد افسادا لعلم العالم من افساد النار للهشيم ومحبة الشهرة علامة نقص الايمان وقاصمة للظهر فى الدنيا والاخرة .
وقد بين المصطفى صلى الله عليه وسلم خطر الشهرة على العالم بتشبيه عظيم يجعل من يسمعه او يقرأ يحذر على نفسه من هذا الدراء الخطير فعنكعب بن مالك الأنصارى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال : " ما ذئبان جائعان أرسلا فى غنم بافسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه ".(1/136)
قال ابن رجب - رحمه الله - فى شرح الحديث : " هذا مثل عظيم جدا ضربه النبى صلى الله عليه وسلم لفساد دين المسلم بالحرص على المال والشرف فى الدنيا وان فساد الدين بذلك ليس بدون فسان الغنم بذئبين جائعين ضاربين باتا فى الغنم قد غاب عنها رعاؤها ليلا فهما يأكلان من الغنم ويفترسان فيها معلوم انه لا ينجو من الغنم من افساد الذئبين المذكورين والحالة هذه الا قليل فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم ان حرص المرء على امال والشرف افساد لدينه ليس باقل من افساد الذئبين لهذه الغنم بل اما ان يكون مساويا واما اكثر يشير الى انه لا يسلم من دين المسلم مع حرصه على المال والشرف فىالدنيا الا قليل كما انه لا يسلم من الغنم مع افساد الذئبين المذكورين فيها الا القليل فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف فى الدنيا " .
وهذه الشهرة التى هذا وصفها هى الشهرة الخفية يقول خالد بن نزار بن سفيان - رحمه الله - " اشهوة الخفية : الذى هو يحب ان يحمد على البر " .
قال ابن رجب - رحمه الله - " القسم الثانى : طلب الشرف والعلو على على الناس بالامور الدينية كالعلم والعمل ، والزهد فهذا أفحش من الأول واقبح واشد فسادا وخطرا فان العلم والعمل والذهد انما يطلب به ما عند الله من الدرجات العلى والنعيم المقيم والقرب منه والزلفى لديه ".
قال الثورى - رحمه الله - : " انما فضل العلم لانه يتقى به الله والا كان كسائر الاشياء فاذا طلب بشء من هذا عرض الدنيا الفانى فهو ايضا نوعان :
احدهما : ان يطلب به المال فهذا من نوع الحرص على المال وطلبه بالأسباب المحرمة وفى هذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من تعلم علما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه الا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعني : ربحها ..(1/137)
وسبب هذا - والله اعلم - ان فى الدنيا جنة معجلة وهى معرفة الله ومحبته والأنس به والشوق الى لقائه وخشيته وطاعته والعلم النافع ل على ذلك فمن دله علمه على دخول هذه الجنة المعجلة فى الدنيا دخل الجنة فى الاخرة ومن لم يشم رائحتها لم يشم رائحة الجنة فى الأخرة ..
وكان ابو سليمان الداراني يعيب على من لبس عباءة وفى قلبه شهوة من شهوات الدنيا تساوى اكثر من قيمة العباءة يشير الى ان اظهار الزهد فى الدنيا باللباس الديني انما يصلح لمن فرغ قلبه من التعلق بها بحيث لا يتعلق قلبه بها بأكثر من قيمة ما لبسه فى الظاهر حتى يستوى ظاهرة وباطنة فى الفراغ من الدنيا ...
النوع الثانى : من يطلب بالعلم والعمل والزهد الرياسة على الخلق والتعاظم عليهم وان ينقاد الخلق ويخضعون له ويصرفون وجوههم اله وان يظهر للناس زيادة علمه علىالعلماء ليعلو به عليهم ونحو ذلك فهذا موعده النار لان قصد التكبر على الخلق محرم فى نفسه فاذا استعمل فيه آله الاخرة كانت اقبح وافحش من ان يستعمل فيه آلات الدنيا من المال والسلطان .
وفى " السنن " عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من طلب العلم ليمارى به السفهاء او يجازى به العلماء او يصرف وجوه الناس اليه ادخله الله النار ".
وقال بعض السلف : " بلغنا ان الذى يطلب الاحاديث ليتحدث بها لا يجد ريح الجنة يعنى : من ليس له غرض فى طلبها الا ان يحدث بها دون العلمل بها ".
والشيخ عبد الرازق - رحمه الله - كان من العلماء العاملين - نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكى على الله احدا - من البعدين عن الاضواء والشهرة ومحبة ان يراه الناس ويعرفوه .
ولست اقصد من هذا ال\ الدرس الى اخذ من سيرة الشيخ - رحمه الله - ان طالب العلم يترك الناس وينطوى على نفسه ولا ينصحهم ولا ينفعهم بل قصدت ان السائر فى الطلب والدعوة يكون على بصيرة من امره حتى لا ياتيه الشيطان من مدخل يجهل كونه يحبط عمله .(1/138)
وإلا لو قعد كل انسان عن نفع الناس لما كان للنبوة فائدة ولما ظهر فى الامة علماء بارزون امثال الائمة الأربعة وشيخ الاسلام وابن القيم ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب ، والشيخ محمد بن ابراهيم ، والشيخ عبد العزيز بن باز ، وغيرهم من العلماء الربانيين الذين نفعواالبلاد والعباد وكانوا كالغيث ، وكلما حلو أرضا مجدبة أحيوها بنور العلم والايمان .
سادسا : الالمام باكثر من فن :
طالب العلم الذى يروم ان يكون من العلماء المجتهدين لابد له ان يأخذ من كل علم ولا يقتصر على علم واحد ولا يفعل ما يسمى بالتخصص ، بحيث ياخذ بعلم ويترك كل ما سواه ، وهذا ما أفسج حقيقة العلماء فى هذا العصر .
قال بعض العلماء / " ومن أراد أن يكون عالما أخذ من كل علم بنصيب " .
وممن عرف من العلماء يتبرحه فى العلوم ابن الجوزى - رحمكه الله - يقول فى نصيحة الولد :" ولم أقنع بفن من العلوم بل كانت اسمع الفقه والوعظ والحديث واتبع الزهاد ثم قرأت اللغة .. "
والشيخ عبد الرازق - رحمه الله - كان موسعى المعرفة فكان له مع كل علم شأن فهو عالم بالتفسير والأصول والفقه والحديث واللغة وسائر العلوم وكان - رحمه الله - يطلع على ما عند غير المسلمين من علوم من خلال قراءته لكتبهم ، كذلك كان - رحمه الله - يقرأ فىالتوراة والانجيل ليرد على اليهود والنصارى كما اخبرنى بعض المقربين له .
سابعا : اعتناؤه بتلاميذه :
كانت عنايته - رحمه الله - بتلاميذه منقطعة النظير وذلك من عدة جوانب:
اولا : ارشادهم للمذهب السلفى :
كان - رحمه الله - يحثهم على مذهب أهل السنة والجماعة وعلى قراءة كتبهم وخاصة شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكان يحذرهم من سلوك المناهج النحرفة او القراءة فى كتب المبتدعة .(1/139)
ثانيا : اذا رأى من أحد الطلاب تجازا مع زملائه أو مع الشيخ نفسه زجره وأنبه ومن ذلك أن أحد التلاميذ ناقشة فى مسألة فأكثر من ذكر الأدلة فبين الشيخ - رحمه الله - فراسته ان هذه الادلة التى تستدل بها أخذتها من كتاب ابن كثير فنهاه عن هذا الاسلوب وذلك أن بعض الطلبة يريد أن يوقع شيخة او يظهر له انه على علم غزير فيحضر لمسألة من المسائل ثم يبا> فى السؤال وكل ما يجيب الشيخ يعرض عليه باعتراض حتى يفحم الشيخ ، وهذا سوء أدب مع النفس ومع الشيخ ومع طلبه الشيخ .
وهنا لفته لمن تصدى للتدريس وارشاد الناس ، ان يتقى الله فى طلابه ومن قنوا انفسهم عند ركبتيه فينبغى له ان يحذرهم ويرشدهم ويقول للمخطئ : اخطأت وللمصيب : أصبت ولا يكون كبعضهم يخشى اذا وجه لتلميذه نصيحة اوعنفه ان ينصرف عنه فلابد من الحزم والرفق بالطالب .
وينبغى للمعلم ايضا ان يبين للطلاب ان من اسباب الاستمرار فى طلب العلم الصبر على نصائح المعلم وان كانت قاسية وان ذلك فى مصلحتهم كما ينبغى له ان يظهر أنه مشفق عليهم وما قسا عليهم إلا شفقة بهم ,
قسا ليزدجروا ومن يكن حازما ……فليقس احيانا على من يرحم
وعلى الطالب العلم ان يصبر على التعلم من شيخه ولو كان الشيخ جافيا .
يقول بعض السلف : " من لم يصبر على ذل التعليم ساعة بقى عمره فى عماية الجهالة ومن صبر عليه ، وآل امره الى عز الدنيا والاخرة ".
قال بعضهم :"
اصبر لدائك ان جفوت طبيبة ……واصبر لجهلك ان جفوت معلما
وقال الشافعى - رحمه الله - : " قيل لسفيان بن عيينه : ان قوما ياتونك من اقطار الارض تغضب عليهم يوشك ان يذهبوا ويتركوك فقال للائل : هم حمقى اذا مثلك ان تركوا ما ينفعهم لسوء خلقي " .
ثامنا : من المهد الى اللحد :
طلب العلم ليس له وقت محدد بل هو يطلبه من المهد الى اللحد ومن ظن ان للعلم وقتا محددا فهو جاهل كما قال ابو غسان - رحمه الله - " : لا تزال عالما ما كنت متعلما فإذا استغنيت ، كنت جاهلا : "(1/140)
وقيل لابن المبارك - رحمه الله - الى متى تطلب العلم ؟ قال : " حتى الممات ان شاء الله " .
وقيل له مرة اخرى مثل ذلك فقال : " لعل الكلمة التى تنفعنى لم أكتبها بعد " .
وقال ابن المناذر : سألت ابا عمرو بن العلاء : " حتى متى يحسن بالمرء ان يتعلم ؟ فقال : ما دام تحسن به الحياة " .
وهكذا كان الشيخ عبد الرازق - رحمه الله - كما وصفه من لازمة حريصا على استغلال وقته فيما يعود عليه بالنفع واستمرت معه هذه الملازمة حتى توفاه رب العالمين سبحانه وتعالى .
تاسعا : تأثره بقضايا المسلمين :
المسلم الحق هو الى يتفقد احوال اخوانه المسلمين فى شتى مشارق الأرض ومغاربها ، لان المسلمين لا تحدهم حدود جغرافية ولا تفرق بينهم الجنسيات لانهم كالجسد الواحد كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم .
كان الشيخ - رحمه الله - حريصا على ا لتعرف على أحوال المسلمين فى كل قطر من اقطار الدنيا وكان يدعم من يستطيع بماله كما كان - رحمه الله - يبين للناس خطر اليهود والنصارى على المسلمين ويحذر من مخططاتهم .
وهذا هو حال المسلم يهتم بشؤونالمسلمين ويحرص على ان يرتقوا الى أعلى المستويات .
عاشرا : نفعه للمسلمين :
كان منزلة - رحمه الله - مفتوحا لكل من اراد فائدة او فتوى تتعلق بأمور الدين أو الدنيا ولم يكن نفعه خاصا بطلبه العلم فحسب بل لكل طبقات المجتمع .
كان - رحمه الله - يبذل جاهه وماله من أجل شفاعة حسنة يرجو ثوابها عند الله ولدى فى مذكراتى الخاصة نماذج من هذه الشفاعات .
****************
الخاتمة
ـــ
هذه الترجمة التى قدمتهات عن حياة الشيخ عبد الرازق بن عفيفى - رحمه الله- ما هى الا جزء يسير من سيرة هذا العالم الفذ الهمام ، والذى فقد المسلمون بموته شخصية عظيمة تنفعهم من حيث لا يشعرون .
فعلى المسلمين ان يعرفوا لعمائهم حقهم ، وان يكرموهم فبهم تحفظ الشريعة وموتهم ثلمة فى الاسلام .(1/141)
وأنا علىاليقين بأن هذه الترجمة لن تقى بحق شخصية عظيمة ضحت بالنفس والنفيس خدمة للاسلام والمسلمين ولكن ما لا يدرك جله لا يترك كله ,
أسأل الله ان يرحم الشيخ عبد الرازق بن عفيفي رحمه واسعة وان يسكنه فسيح جناته وان ينزله منزلة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
??
??
??
??
اتحاف النبلاء بسيرة العلامة عبد الرزاق عفيفى رحمه الله
12(1/142)