نفر من عرينة كانوا مجهودين مضرورين فأنزلهم عنده وسألوه أن ينجيهم من المدينة فأخرجهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى لقاح له بفيف الخبار وراء الحمى، قال ابن إسحاق: وفي جمادى الأولى غزا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قريشا فسلك على نقب بني دينار من بني النجار ثم على فيفاء الخيّار، قال الحازمي: كذا وجدته مضبوطا بخط أبي الحسن ابن الفرات بالحاء المهملة والياء المشددة، والمشهور هو الأول.
خَبائِرُ:
من أعمال ذي جبلة باليمن.
خَباش:
نخل لبني يشكر باليمامة.
خَباقُ:
بفتح أوله، وآخره قاف: من قرى مرو، وهي قرب جيرنج، نسب إليها أبو الحسن عليّ بن عبد الله الخباقي الصوفي، كان عابدا، سمع الحديث بالشام والعراق، روى عن أبي سعيد إسمعيل بن عبد القاهر الجرجاني وأبي الحسين الطيوري، ذكره أبو سعد في شيوخه، ومات سنة 519.
خُبّانُ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه ويخفف، وآخره نون، ويجوز أن يكون فعلان من الخبّ: وهي قرية باليمن في واد يقال له وادي خبان قرب نجران، وهي قرية الأسود الكذاب، وفي كتاب الفتوح:
كان أول ما خرج الأسود العنسي واسمه عبهلة بن كعب أن خرج من كهف خبان، وهي كانت داره وبها ولد ونشأ.
خَبّانُ:
بالفتح ثم التشديد، قال نصر: خبان جبل بين معدن النّقرة وفدك، وقيل: حبان وحيان.
الخِبُّ:
بكسر أوله، والخب الرجل الخدّاع، يقال:
خببت يا رجل تخبّ خبّا، وقد يروى بفتح الخاء، وهما لغتان فيه، وقد بسطت شرحه في الخبيب فيما بعد: اسم موضع ذكره أسماء بن خارجة:
عيش الخيام ليالي الخبّ
وفي شعر أبي دواد: الخب اسم موضع، ولا أدري أهو المقدم ذكره أم غيره، قال:
أقفر الخبّ من منازل أسما ... ء، فجنبا مقلّص فظليم
وقال نصر: الخب ماء لبني غني قرب الكوفة.
خَبْتٌ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره تاء مثناة، وهو في الأصل المطمئن من الأرض فيه رمل، وقال أبو عمرو: الخبت سهل في الحرّة، وقال غيره:
هو الوادي العميق الوطيء ينبت ضروب العضاه، وقيل: الخبت ما تطامن من الأرض وغمض، فإذا خرجت منه أفضيت إلى سعة، والجمع الخبوت، وهو علم لصحراء بين مكة والمدينة يقال له خبت الجميش. وخبت أيضا: ماء لكلب. وخبت البزواء:
بين مكة والمدينة. وخبت: من قرى زبيد باليمن.
خُبْتَعٌ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه ثم تاء منقطة باثنتين من فوقها، وآخره عين مهملة، هكذا ضبطه العمراني وقال: هو بوزن طحلب: اسم موضع، ولا أدري ما أصله.
خَبْجَبَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه ثم جيم مفتوحة ثم باء أخرى، بقيع الخبجبة: موضع جاء ذكره في سنن أبي داود، والخبجبة: شجر يعرف بها.
خُبَجُ:
بوزن زفر: قرية من أعمال ذمار باليمن.
خَبْراء العِذَقِ:
والخبراء: القاع الذي ينبت السدر والعضاه، وقال صاحب كتاب العين: الخبراء شجر في بطن روضة يبقى الماء فيها إلى القيظ، وفيها ينبت الخبر، وهو شجر السدر والأراك، وحولها عشب(2/343)
كثير، وتسمى الخبرة أيضا، والجمع الخبر، هكذا وصف أهل اللغة الخبراء، فأما عرب هذا العصر فإن الخبراء عندهم الماء المحتقن كالغدير يردون إليه، ولا أصل له عند العرب، وقال ابن الأعرابي: عذق الشحير وهو نبات إذا طال نبته وثمرته عذقه. وخبراء العذق: معروفة بناحية الصمان، عن أبي منصور.
ويوم الخبراء: من أيام العرب، وخبراء صائف:
بين مكة والمدينة، قال معن بن أوس:
ففدفد عبّود فخبراء صائف ... فذو الجفر أقوى منهم فقدافده
خَبْرٌ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره راء، والخبر في لغة العرب السدر والأراك، وأنشدوا:
فجادتك أنواء الربيع، فهلّلت ... عليك رياض من سلام ومن خبر
والخبر: موضع على ستة أميال من مسجد سعد بن أبي وقاص، فيها بركة للخلفاء وبركة لأم جعفر وبئران رشاؤهما خمسون ذراعا وهما قليلتا الماء عذبتان، وفيها قصور على طريق الحاج، وكان الخبر من مناقع المياه ما خبّر المسيل في الرؤوس فيخوض الناس إليه، كذا قال أبو منصور. وخبر: علم لبليدة قرب شيراز من أرض فارس، بها قبر السعيد أخي الحسن ابن أبي الحسن البصري، ينسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم: الفضل بن حماد الخبري صاحب المسند الكبير، حدث عن سعيد بن أبي مريم وسعيد بن عفير وغيرهما، وأبو العباس الفضل بن يحيى بن إبراهيم الخبري ابن بنت الفضل بن حماد أبو حكيم، وله كتاب في الفرائض كبير سماه التلخيص، وله تصنيف مثله، قال ابن طاهر: فأما الحسن بن الحسين بن عليّ ابن محمد الخبري فلقب بذلك وهو شيرازيّ، وعبد الله بن إبراهيم الخبري الفرضي الأديب جد محمد بن ناصر السلّامي لأمه.
خَبِرَةُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وراء مهملة، وهو لغة في الخبراء، يقال خبراء وخبرة للأرض التي تنبت السدر: وهو علم لماء بني ثعلبة بن سعد من حمى الرّبذة، وعنده قليب لأشجع، وأول أخيلة هذا الحمى من ناحية المدينة الخبرة.
خَبْرِينُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وراء بعدها ياء مثناة من تحتها، ونون: قرية من أعمال بست، بالسين، ينسب إليها أبو عليّ الحسين بن الليث بن مدرك الخبريني البستي، توفّي حاجّا سنة 377.
خُبزَةُ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وزاي: حصن من أعمال ينبع من أرض تهامة قرب مكة.
الخَبَطُ:
بفتح أوله وثانيه، وآخره طاء مهملة، وهو اسم لما يخبط من شجر بالعصا وغيره ويجمع فيعلف الدوابّ مثل النّفض من النّفض: وهو علم لموضع في أرض جهينة بالقبلية، وبينها وبين المدينة خمسة أيام، وهي بناحية ساحل البحر.
خَبْقٌ:
قال الرّهني وذكر خبيصا من نواحي كرمان ثم قال: وفي ناحيتها خبق وببق.
خَبَنْك:
بفتح أوله وثانيه، وسكون النون: قرية من قرى بلخ يقال لها الخورنق، ذكرت في الخورنق.
خَبُوشانُ:
بفتح أوله، وضم ثانيه، وبعد الواو الساكنة شين معجمة، وآخره نون: بليدة بناحية نيسابور، وهي قصبة كورة أستوا، منها أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم بن الحسن بن سليمان الخبوشاني الحافظ الأستواي، رحل وسمع الكثير من أبي عليّ زاهر بن أحمد السرخسي وأبي الهيثم محمد بن مكي الكشميهني وغيرهما، روى عنه أبو إسمعيل بن عبد(2/344)
الله الجرجاني، مات سنة نيف وثلاثين وأربعمائة.
الخبيءُ:
بوزن فعيل، بفتح أوله، من خبأت الشيء خبأ: وهو موضع قريب من ذي قار كمنت فيه بنو بكر بن وائل للأعاجم في وقعة ذي قار كأنهم اختبؤوا فيه.
خُبَّةُ:
أرض ذات رمل بنجد، عن نصر، قال الأخطل:
فتنهنهت عنه، وولّى يقتري ... رملا بخبّة تارة ويصوم
خُبَيْبٌ:
تصغير خبّة أو خبّ، فأما خبّة، بالكسر، فقال ابن شميل: طريقة لينة منبات ليست بحزنة ولا سهلة وهو إلى السهولة أدنى، وأنكره أبو الرقيش، وقال الأصمعي: الخبّة طرائق من رمل وسحاب، قال أبو عمرو: الخبّ، بالفتح، سهل بين حزنين تكون فيه الكمأة، وأنشد قول عديّ بن زيد:
تجني لك الكمأة ربعيّة، ... بالخبّ، تندى في أصول القصيص
وقيل غير ذلك، وهو علم لموضع بعينه، وأنشدوا:
أتجزع أنّ اطلال حنّت، وشاقها ... تفرّقنا يوم الخبيب على ظهر؟
وقال نصر: خبيب موضع بمصر، قال كثيّر:
إليك، ابن ليلى، تمتطي العيس صحبتي، ... ترامى بنا من مبركين المناقل
تخلّل أحواز الخبيب كأنها ... قطا قارب أعداد حلوان ناهل
رواه أبو عمرو الخبيت، قال ابن السكّيت: هو تصحيف إنما هو الخبيب، بالباء الموحدة، وهو أسفل سيل ينبع حيث واجه البحر، وحلوان بمصر.
خُبَيتٌ:
تصغير خبت، آخره تاء، وقد تقدم تفسيره:
وهو ماء بالعالية يشترك فيه أشجع وعبس، وفي شعر نابغة بني ذبيان:
إلى ذبيان حتى صبّحتهم، ... ودونهم الربائع والخبيت
وقال أبو عبيدة: هما ماءان لبني عبس وأشجع، قال كثير:
وفي اليأس عن سلمى، وفي الكبر الذي ... أصابك شغل للمحبّ المطالب
فدع عنك سلمى، إذ أتى النأي دونها، ... وحلّت بأكناف الخبيت فغالب
الخَبِيرَاتُ:
قال ابن الأعرابي: هي خبراوات بالصلعاء صلعاء ماويّة، وإنما سمّين خبيرات لأنهن خبرن في الأرض بمعنى انخفضن واطمأننّ فيها، وأنشد للجهيمي:
ليست من اللاتي تلهّى بالطّنب، ... ولا الخبيرات مع الشاء المغبّ
حيث ترى إبل بني زيد بن ضبّ، ... ترعى نصيّا كثعابين الخرب
أحماه أيام الثريّا، فعذب، ... شمس صموح وحرور كاللهب
الخبيصُ:
بلفظ الخبيص المأكول، بفتح أوله، وبكسر ثانيه: مدينة بكرمان وحصن ذات تمور، وماؤها من القنيّ، قال حمزة: خبيص تعريب هبيج، وذكر ابن الفقيه أنه لم يمطر داخلها قط وإنما تكون الأمطار حواليها، قال: وربما أخرج الرجل يده من السور فيصيبها ولا يصيب بقية بدنه، وهذا من العجب الخارج عن العادات، والعهدة في هذه الحكاية عليه، وقال الرّهني: ويكتنف جانبي كرمان عرضان القفص من جانب البحر وخبيص من جانب البرّ،(2/345)
وخبيص طرف بلاد فهلو، وقد مسخ الله لسانهم وغيّر بلادهم، وبناحيتها خبق وببق.
خَبيٌّ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وتشديد يائه: موضع بين الكوفة والشام. وخبي الوالج وخبي معتور:
خبراوان في الملتقى بين جراد والمرّوت لبني حنظلة من تميم. والخبي أيضا: موضع قريب من ذي قار، عن نصر كله.
باب الخاء والتاء وما يليهما
خُتَّا:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، مقصور: مدينة بالدّربند وهو باب الأبواب.
خَتٌّ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه: مدينة من نواحي جبال عمان، والختّ عند العرب: الطعن والاستحياء والشيء الخسيس كأنه لغة في خسّ.
خَنْرَبُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وراء مفتوحة ثم باء: موضع، عن العمراني.
خَتْلانُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره نون:
بلاد مجتمعة وراء النهر قرب سمرقند، وبعضهم يقوله بضم أوله وثانيه مشدد، والصواب هو الأول، وإنما الختّل قرية في طريق خراسان إذا خرجت من بغداد بنواحي الدّسكرة قاله السمعاني، وفيه نظر لما يأتي وينسب إليها السمعاني نصر بن محمد الختلي الفقيه الحنفي شارح كتاب القدوري على مذهب أبي حنيفة، كان من قرية يقال لها قراسو من محلة خم ميانه من قرى ختلان، قال: كذا كتبه لي بعض الفقهاء الحنفية وكان من ختلان وذكر أن النسبة إليها الختلي.
الخُتَّلُ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه وفتحه، قال البشاري:
كورة واسعة كثيرة المدن، منهم من ينسبها إلى بلخ وذاك خطأ لأنها خلف جيحون وإضافتها إلى هيطل، وهو ما وراء النهر، أوجب، وهي أجل من صغانيان وأوسع خطة وأكبر مدنا وأكثر خيرا، وهي على تخوم السند يقال لقصبتها هلبك، ولها من المدن قرية بنجاراع وهلاورد ولاوكند وكاوند وتمليات وإسكندره ومنك، وقال الإصطخري:
أول كورة على جيحون من وراء النهر الختّل والوخش وهما كورتان غير أنهما مجموعتان في عمل واحد، وهما بين جرياب ووخشاب، وقال المرادي في الختل وصاحبها:
أيها السائلي عن الحارث النذ ... ل، وعن أهل ودّه الأرجاس
عدّ من ختّل، فختّل أرض ... عرفت بالدوابّ لا بالناس
وقد نسب إليها قوم من أهل العلم، منهم: عباد بن موسى الختّلي وابنه إسحاق بن عباد وعمران بن الحسن ابن يوسف أبو الفرج الختّلي الخفّاف، سمع أبا الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن عبدون وأبا بكر أحمد بن سليمان بن زيّان وأبا الحسن عليّ بن داود ابن أحمد الورثاني ومحمد بن بكّار بن يزيد السكسكي وجماعة كثيرة، روى عنه عليّ بن محمد الحنّائي وأبو العباس أحمد بن محمد بن يوسف بن فروة الأصبهاني وعليّ بن الحسن الربعي ورشا بن نظيف والحسن بن عليّ الأهوازي وغيرهم، ومات في سنة أربعمائة، كله عن الحافظ أبي نعيم، وقال أيضا: إسحاق بن عباد بن موسى أبو يعقوب المعروف بالختّلي البغدادي، حدث عن هوذة بن خليفة وهاشم بن القاسم بن محمد ابن إسمعيل الخشوعي وحفص بن سعيد الدمشقي وعباد بن مسلم ويعقوب بن محمد الزهري، روى عنه(2/346)
إبراهيم بن عبد الرحمن وأبو الحسن بن جوصا وأبو الدّحداح وأحمد بن أنس بن مالك، ومات سنة 251.
خُتَنُ:
بضم أوله، وفتح ثانيه، وآخره نون: بلد وولاية دون كاشغر ووراء يوزكند، وهي معدودة من بلاد تركستان، وهي في واد بين جبال في وسط بلاد الترك، وبعض يقوله بتشديد التاء، وينسب إليه سليمان بن داود بن سليمان أبو داود المعروف بحجاج الختني، سمع أبا عليّ الحسين بن عليّ بن سليمان المرغيناني، ذكره أبو حفص عمر بن أحمد النسفي وقال: قصدني سنة 523.
خُتَّى:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، والقصر: من مدن باب الأبواب، والله أعلم.
باب الخاء والثاء وما يليهما
الخَثْماءُ:
موضع من نواحي اليمامة، عن ابن أبي حفصة، قال عمارة بن عقيل:
ولا تخل ذات السرّ ما دام منهم ... شريد، ولا الخثماء ذات المخارم
[1]
باب الخاء والجيم وما يليهما
خُجادَةُ:
بضم أوله، قال العمراني: قرية ببخارى، وذكر غيره بتقديم الجيم، ينسب إليها أبو عليّ محمد ابن عليّ بن إسمعيل الخجادي، كان ثقة حافظا، روى عن أحمد بن عليّ الأستاذ وغيره، روى عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمد النّخشبي، ولد سنة 417.
خُجُستانُ:
من جبال هراة، منها كان أحمد بن عبد الله الخجستاني الخارج بنيسابور، مات سنة 264، قال الإصطخري: خجستان من أعمال باذغيس وأهل باذغيس أهل جماعة إلا خجستان قرية أحمد بن عبد الله فإن أهلها شراة.
خُجَنْدَةُ:
بضم أوله، وفتح ثانيه، ونون ثم دال مهملة، في الإقليم الرابع، طولها اثنتان وتسعون درجة ونصف، وعرضها سبع وثلاثون درجة وسدس:
وهي بلدة مشهورة بما وراء النهر على شاطئ سيحون، بينها وبين سمرقند عشرة أيام مشرقا، وهي مدينة نزهة ليس بذلك الصّقع أنزه منها ولا أحسن فواكه، وفي وسطها نهر جار، والجبل متصل بها، وأنشد ابن الفقيه لرجل من أهلها:
ولم أر بلدة بإزاء شرق، ... ولا غرب، بأنزه من خجنده
هي الغرّاء تعجب من رآها، ... وهي بالفارسية دل مزنده
وكان سلم بن زياد لما ورد خراسان ليزيد بن معاوية ابن أبي سفيان أنفذ جيشا وهو نازل بالصغد إلى خجندة وفيهم أعشى همدان فهزموا، فقال الأعشى:
ليت خيلي يوم الخجندة لم ته ... زم، وغودرت في المكرّ سليبا
وقال الإصطخري: خجندة متاخمة لفرغانة وقد جعلناها في جملة فرغانة وإن كانت مفردة في الأعمال عنها، وهي في غربي نهر الشاش، وطولها أكثر من عرضها، تمتد أكثر من فرسخ، كلها دور وبساتين، وليس في عملها مدينة غير كند، وهي بساتين ودور مفترشة، ولها قرى يسيرة ومدينة وقهندز، وهي مدينة نزهة فيها فواكه تفضل على فواكه سائر النواحي، وفي أهلها جمال ومروءة، وهو بلد يضيق عما يمونهم من الزروع فيجلب إليها من سائر النواحي من فرغانة وأشر وسنة أكثر من سنة ما يقيم أودهم، تنحدر السفن إليهم في نهر الشاش، وهو نهر يعظم من أنهار تجتمع إليه من حدود الترك والإسلام،
__________
[1] وفي رواية اخرى: وان لا تحلّوا السرّ إلخ بدل ولا تخل إلخ.(2/347)
وعموده نهر يخرج من بلاد الترك في حد أوزكند ثم يجتمع إليه نهر خوشاب ونهر أوش وغير ذلك فيعظم ويمتد إلى أخسيكث ثم على خجندة ثم على بنكث ثم على بيسكند فيجري إلى فاراب فإذا جاوز صبران جرى في بريّة تكون على جانبيه الأتراك الغزية فيمتد على الأتراك الغزية الحديثة حتى يقع في بحيرة خوارزم، وينسب إليها جماعة وافرة من أهل العلم، منهم: أبو عمران موسى بن عبد الله المؤدب الخجندي، كان أديبا فاضلا صاحب حكم وأمثال مدونة مروية، حدث عن أبي النضر محمد بن الحكم البزاز السمرقندي وغيره.
باب الخاء والدال وما يليهما
خَدَا:
بفتح أوله، والقصر، قال العمراني: هو موضع، وفي كتاب الجمهرة: خدّاء، بتشديد الدال والمد، موضع، ولعلهما واحد.
خُدَاباذ:
بضم أوله: من قرى بخارى على خمسة فراسخ منها على طرف البرّية، وهي من أمهات القرى، كان منها جماعة من أهل العلم، منهم: أبو إسحاق إبراهيم بن حمزة بن ينكى بن محمد بن علي الخداباذي، كان إماما فاضلا صالحا عالما عاملا بعلمه، خرج إلى مكة وعاد إلى المدينة وتوفي بها سنة 501، وكان معه ابنه أبو المكارم حمزة فعاد إلى خراسان وتفقه على الإمام إبراهيم بن أحمد المروروذي الشافعي، وسمع الحديث من أبي القاسم علي بن أحمد بن إسماعيل الكلاباذي وغيره، وذكره أبو سعد في شيوخه وقال: كان مولده سنة 486 ببخارى.
خِدَاد:
بكسر أوله ويروى بفتحها، لعلّه من الخدّ وهو الشق في الأرض، قال أبو دؤاد يصف حمولا:
ترقى، ويرفعها السراب كأنها ... من عمّ موثب، أو ضناك خداد
خِدار:
قلعة بينها وبين صنعاء يوم، ويقال لها ذو الخدار، وذو الجدار غيرها.
خَدَدُ:
حصن في مخلاف جعفر باليمن.
خُدَدُ:
بضم أوله، وفتح ثانيه، كأنه جمع خدّة وهو الشق في الأرض: وهو موضع في ديار بني سليم.
وخدد أيضا: عين بهجر.
خَدُّ العَذْراء:
في كتاب الساجي: كانوا يسمّون الكوفة خدّ العذراء لنزاهتها وطيبها وكثرة أشجارها وأنهارها.
خَدْعَة:
بفتح أوله، واحدة الخدع، وطريق خدوع إذا كان يبين مرّة ويخفى أخرى. وخدعة: ماء لغنيّ ثم لبني عتريف بن سعد بن حلّان بن غنم بن غنيّ.
خُدْفَرَانُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وفتح الفاء ثم راء، وآخره نون: من قرى صغد سمرقند بما وراء النهر، منها الدّهقان الإمام الحجاج محمد بن أبي بكر بن أبي صادق الخدفراني، كان فقيها مدرّسا، يزوي بالاجازة عن جده لأمه أبي بكر محمد بن محمد ابن المفتي القطواني، ولد في شوّال سنة 483.
الخُدُودُ:
مخلاف من مخاليف الطائف، وعن نصر:
الخدود صقع تجديّ قرب الطائف.
خَدوراءُ:
موضع في بلاد بني الحارث بن كعب، قال جعفر بن علبة الحارثي وهو في السجن:
فلا تحسبي أني تخشّعت بعدكم
(الأبيات) وبعدها:
ألا هل إلى ظلّ النضارات، بالضحى، ... سبيل، وتغريد الحمام المطوّق(2/348)
وشربة ماء من خدوراء بارد، ... جرى تحت أفنان الأراك المسوّق
وسيري مع الفتيان، كل عشيّة، ... أباري مطاياهم بأدماء سملق
خُدِيسَرُ:
بضم أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وسين مهملة، وراء: بلد بما وراء النهر من ثغر أشروسنة، منها أبو القاسم حمد بن حميد الخديسري، روى عن عبد بن حميد، روى عنه أبو يحيى أحمد بن يحيى الفقيه السمرقندي.
خُديمَنْكَنُ:
بضم أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة ساكنة وبعد الميم المفتوحة نون ساكنة، وكاف مفتوحة، وآخره نون: من قرى كرمينية من نواحي سمرقند تختصّ بأصحاب الحديث، وبها جامع ومنبر، ومنها الخطيب أبو نصر أحمد بن أبي بكر محمد بن أبي عبيد أحمد بن عروة الخديمنكني، سمع أبا أحمد محمد بن أحمد بن محفوظ عن الفربري صحيح البخاري، روى عنه عبد العزيز بن محمد النّخشبي.
باب الخاء والذال وما يليهما
خُذَابانُ:
بضم أوله، وبعد الألف باء موحدة، وآخره نون: من نواحي هراة.
خُذَارِقُ:
بضم أوله، وبعد الألف راء، وقاف، رجل مخذرق أي سلّاح: وهو ماءة بتهامة ملحة، سميت بذلك لأنها تسلّح شاربها حتى يخذرق أي يسلح عنه، وقال الأصمعي: ولكنانة بالحجاز ماء يقال له خذارق وهو لجماعة كنانة.
خِذَامُ:
بكسر الخاء، سكة خذام: بنيسابور، ينسب إليها إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الفقيه النيسابوري أبو إسحاق الخذامي حنفيّ المذهب، وأخوه أبو بشر الخذامي، سمع الكثير بالعراق وخراسان، روى عنه أحمد بن شعيب بن هارون الشعبي. وخذام أيضا: واد في ديار همدان. وخذام أيضا: ماء في ديار بني أسد بنجد.
خُذانْد:
بضم أوله، وبعد الألف نون: قرية على فرسخ ونصف من سمرقند، منها أحمد بن محمد المطّوّعي الخذاندي، وقيل: محمد بن أحمد، يروي عن عتيق بن إبراهيم بن شمّاس السمرقندي، روى عنه أبو محمد الباهلي، وكان الباهلي كذّابا وضّاعا.
خَذْقَدُونَةُ:
ويقال خلقدونة: وهو الثغر الذي منه المصيصة وطرسوس وأذنة وعين زربة، وفيه يقول يزيد بن معاوية:
وما أبالي بما لاقى جموعهم ... بالخذقدونة من حمّى ومن موم
إذا اتكأت على الأنماط، مرتفقا، ... في دير مرّان عندي أمّ كلثوم
وكان بلغه عن المسلمين أنهم في غزاتهم الصائفة قد لاقوا جهدا، فلما بلغ هذان البيتان إلى معاوية قال:
لا جرم والله ليلحقنّ بهم راغما، ثم جهّزه إليهم، وقد روي بالغذقدونة أيضا، بالغين المعجمة.
الخَذَوَاتُ:
بفتح أوله وثانيه، وآخره تاء مثناة من فوقها، أتان خذواء: رخوة الأذن منكسرتها:
موضع جاء ذكره في الأخبار.
خَذِيفَةُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وبعد الياء المثناة من تحت فاء، ووجدتها في كتاب نصر بالقاف:
ماء لكعب بن عبد بن أبي بكر بن كلاب ثم ماء يقال له لحيظ وهو ثميد إزاء الخذيفة، وهي ملحة في وسط حمض، فإذا شرب إنسان منها سلح عنها، قاله الحازمي ونصر، والخذف: رميك بحصاة أو(2/349)
نواة تأخذها بين سبّابتيك أو تجعل مخذفة من خشب ترمي به من السبّابة والإبهام، وقد نهى عنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكأنه فعيلة منه بالسلح.
باب الخاء والراء وما يليهما
خَرَابٌ:
بلفظ ضد العمارة، خراب المعتصم: موضع كان ببغداد، ينسب إليه أبو بكر محمد بن الفرج البغدادي يعرف بالخرابي، حدث عن محمد بن إسحاق المسيّبي وغيره، وحدّث عنه أبو بكر بن مجاهد وأبو الحسين بن المنادي.
خَرَاجَرَى:
هو على قبح اسمه: قرية من فراوز العليا على فرسخ من بخارى، اسم أعجميّ، ينسب إليها جماعة من الفقهاء من أصحاب أبي حفص الكبير.
خَرَادين:
بفتح أوله، وكسر داله، وصورة الجمع:
من قرى بخارى، اسم أعجمي، ينسب إليها أبو موسى هارون بن أحمد بن هارون الرازي الحافظ الخراديني، روى عن محمد بن أيوب الرازي، مات في ربيع الأول سنة 343 ببخارى.
الخَرَّارُ:
الخرير صوت الماء، والماء خرّار، بفتح أوله وتشديد ثانيه: وهو موضع بالحجاز يقال هو قرب الجحفة، وقيل: واد من أودية المدينة، وقيل:
ماء بالمدينة، وقيل: موضع بخيبر، وفي حديث السرايا قال ابن إسحاق: وفي سنة إحدى، وقيل سنة اثنتين، بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سعد بن أبي وقّاص في ثمانية رهط من المهاجرين فخرج حتى بلغ الخرّار من أرض الحجاز ثم رجع ولم يلق كيدا.
الخرَّارَةُ:
تأنيث الذي قبله: موضع قرب السّيلحون من نواحي الكوفة، له ذكر في الفتوح.
خُراسَانُ:
بلاد واسعة، أول حدودها مما يلي العراق أزاذوار قصبة جوين وبيهق، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان وغزنة وسجستان وكرمان، وليس ذلك منها إنما هو أطراف حدودها، وتشتمل على أمّهات من البلاد منها نيسابور وهراة ومرو، وهي كانت قصبتها، وبلخ وطالقان ونسا وأبيورد وسرخس وما يتخلل ذلك من المدن التي دون نهر جيحون، ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها ويعدّ ما وراء النهر منها وليس الأمر كذلك، وقد فتحت أكثر هذه البلاد عنوة وصلحا، ونذكر ما يعرف من ذلك في مواضعها، وذلك في سنة 31 في أيام عثمان، رضي الله عنه، بإمارة عبد الله بن عامر ابن كريز، وقد اختلف في تسميتها بذلك فقال دغفل النسابة: خرج خراسان وهيطل ابنا عالم بن سام بن نوح، عليهما السلام، لما تبلبلت الألسن ببابل فنزل كل واحد منهما في البلد المنسوب إليه، يريد أن هيطل نزل في البلد المعروف بالهياطلة، وهو ما وراء نهر جيحون، ونزل خراسان في هذه البلاد التي ذكرناها دون النهر فسمّيت كل بقعة بالذي نزلها، وقيل: خر اسم للشمس بالفارسية الدّريّة وأسان كأنه أصل الشيء ومكانه، وقيل: معناه كل سهلا لأن معنى خر كل وأسان سهل، والله أعلم، وأما النسبة إليها ففيها لغات، في كتاب العين: الخرسي منسوب إلى خراسان، ومثله الخراسي والخراساني ويجمع على الخراسين بتخفيف ياء النسبة كقولك الأشعرين، وأنشد:
لا تكرمن من بعدها خرسيّا
ويقال: هم خرسان كما يقال سودان وبيضان، ومنه قول بشار في البيت:
من خرسان لا تعاب(2/350)
يعني بناته، وقال البلاذري: خراسان أربعة أرباع، فالربع الأول إيران شهر وهي نيسابور وقهستان والطّبسان وهراة ويوشنج وباذغيس وطوس واسمها طابران، والربع الثاني مرو الشاهجان وسرخس ونسا وأبيورد ومرو الروذ والطالقان وخوارزم وآمل وهما على نهر جيحون، والربع الثالث، وهو غربي النهر وبينه وبين النهر ثمانية فراسخ، الفارياب والجوزجان وطخارستان العليا وخست واندرابة والباميان وبغلان ووالج، وهي مدينة مزاحم بن بسطام، ورستاق بيل وبذخشان، وهو مدخل الناس إلى تبّت، ومن اندرابة مدخل الناس إلى كابل، والترمذ، وهو في شرقي بلخ، والصغانيان وطخارستان السّفلى وخلم وسمنجان، والربع الرابع ما وراء النهر بخارى والشاش والطّراربند والصّغد، وهو كسّ، ونسف والروبستان وأشروسنة وسنام، قلعة المقنع، وفرغانة وسمرقند، قال المؤلف: فالصحيح في تحديد خراسان ما ذهبنا إليه أوّلا وإنما ذكر البلاذري هذا لأن جميع ما ذكره من البلاد كان مضموما إلى والي خراسان وكان اسم خراسان يجمعها، فأما ما وراء النهر فهي بلاد الهياطلة ولاية برأسها وكذلك سجستان ولاية برأسها ذات نخيل، لا عمل بينها وبين خراسان، وقد روي عن شريك بن عبد الله أنه قال:
خراسان كنانة الله إذا غضب على قوم رماهم بهم، وفي حديث آخر: ما خرجت من خراسان راية في جاهلية وإسلام فردّت حتى تبلغ منتهاها، وقال ابن قتيبة: أهل خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة ولم يزالوا في أكثر ملك العجم لقاحا لا يؤدّون إلى أحد إتاوة ولا خراجا، وكانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ حتى نزلوا بابل ثم نزل أردشير بن بابك فارس فصارت دار ملكهم وصار بخراسان ملوك الهياطلة، وهم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، وكان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك سبيلا معطشة يعني مهلكة، ثم خرجوا إليه فأسروه وأكثر أصحابه معه، فسألهم أن يمنّوا عليه وعلى من أسر معه من أصحابه وأعطاهم موثقا من الله وعهدا مؤكّدا لا يغزوهم أبدا ولا يجوز حدودهم، ونصب حجرا بينه وبينهم صيره الحدّ الذي حلف عليه وأشهد الله عز وجل على ذلك ومن حضره من أهله وخاصة أساورته، فمنّوا عليه وأطلقوه ومن أراد ممن أسر معه، فلما عاد إلى مملكته دخلته الأنفة والحميّة مما أصابه وعاد لغزوهم ناكثا لأيمانه غادرا بذمته وجعل الحجر الذي كان نصبه وجعله الحدّ الذي حلف أنه لا يجوزه محمولا أمامه في مسيره يتأول به أنه لا يتقدّمه ولا يجوزه، فلما صار إلى بلدهم ناشدوه الله وأذكروه به فأبى إلا لجاجا ونكثا فواقعوه وقتلوه وحماته وكماته واستباحوا أكثرهم فلم يفلت منهم إلّا الشريد، وهم قتلوا كسرى بن قباذ، ثم أتى الإسلام فكانوا فيه أحسن الأمم رغبة وأشدّهم إليه مسارعة منّا من الله عليهم وتفضّلا لهم، فأسلموا طوعا ودخلوا فيه سلما وصالحوا عن بلادهم صلحا، فخفّ خراجهم وقلّت نوائبهم ولم يجر عليهم سباء ولم تسفك فيما بينهم دماء، وبقوا على ذلك طول أيام بني أميّة إلى أن أساعوا السيرة واشتغلوا باللّذات عن الواجبات، فانبعث عليهم جنود من أهل خراسان مع أبي مسلم الخراساني ونزع عن قلوبهم الرحمة وباعد عنهم الرأفة حتى أزالوا ملكهم عن آخرهم رأيا وأحنكهم سنّا وأطولهم باعا فسلّموه إلى بني العباس، وأنفذ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الأحنف بن(2/351)
قيس في سنة 18 فدخلها وتملّك مدنها فبدأ بالطّبسين ثم هراة ومرو الشاهجان ونيسابور في مدّة يسيرة، وهرب منه يزدجرد بن شهريار ملك الفرس إلى خاقان ملك الترك بما وراء النهر، فقال ربعي بن عامر في ذلك:
ونحن وردنا، من هراة، مناهلا ... رواء من المروين، إن كنت جاهلا
وبلخ ونيسابور قد شقيت بنا، ... وطوس ومرو قد أزرنا القنابلا
أنخنا عليها، كورة بعد كورة، ... نفضّهم حتى احتوينا المناهلا
فلله عينا من رأى مثلنا معا، ... غداة أزرنا الخيل تركا وكابلا
وبقي المسلمون على ذلك إلى أن مات عمر، رضي الله عنه، وولي عثمان، فلما كان لسنتين من ولايته ثرا بنو كنازا، وهم أخوال كسرى، بنيسابور وألجئوا عبد الرحمن بن سمرة وعمّاله إلى مرو الروذ وثنّى أهل مرو الشاهجان وثلّث نيزك التركي فاستولى على بلخ وألجأ من بها من المسلمين إلى مرو الروذ وعليها عبد الرحمن بن سمرة، فكتب ابن سمرة إلى عثمان بخلع أهل خراسان فقال أسيد بن المتشمّس المرّيّ:
ألا أبلغا عثمان عني رسالة، ... فقد لقيت عنّا خراسان بالغدر
فأذك، هداك الله، حربا مقيمة ... بمروي خراسان العريضة في الدّهر
ولا تفترز عنّا، فإن عدوّنا ... لآل كنازاء الممدّين بالجسر
فأرسل إلى ابن عامر عبد الله بن بشر في جند أهل البصرة، فخرج ابن عامر في الجنود حتى تولّج خراسان من جهة يزد والطّبسين وبثّ الجنود في كورها وساروا نحو هراة فافتتح البلاد في مدّة يسيرة وأعاد عمال المسلمين عليها، وقال أسيد بن المتشمّس بعد استرداد خراسان:
ألا أبلغا عثمان عنّي رسالة، ... لقد لقيت منّا خراسان ناطحا
رميناهم بالخيل من كلّ جانب، ... فولّوا سراعا واستقادوا النوائحا
غداة رأوا خيل العراب مغيرة، ... تقرّب منهم أسدهنّ الكوالحا
تنادوا إلينا واستجاروا بعهدنا، ... وعادوا كلابا في الديار نوابحا
وكان محمد بن عليّ بن عبد الله بن العباس قال لدعاته حين أراد توجيههم إلى الأمصار: أما الكوفة وسوادها فهناك شيعة عليّ وولده والبصرة وسوادها فعثمانية تدين بالكفّ، وأما الجزيرة فحرورية مارقة وأعراب كأعلاج ومسلمون أخلاقهم كأخلاق النصارى، وأما الشام فليس يعرفون إلا آل أبي سفيان، وطاعة بني مروان عداوة راسخة وجهل متراكم، وأما مكة والمدينة فغلب عليهما أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بأهل خراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسّمها الأهواء ولم تتوزعها النّحل ولم يقدم عليهم فساد، وهم جند لهم أبدان وأجسام ومناكب وكواهل وهامات ولحى وشوارب وأصوات هائلة ولغات فخمة تخرج من أجواف منكرة، فلما بلغ الله إرادته من بني أمية وبني العباس أقام أهل خراسان مع خلفائهم على أحسن حال وهم أشدّ طاعة وأكثر تعظيما للسلطان وهو أحمد سيرة في رعيته(2/352)
يتزين عندهم بالجميل ويستتر منهم بالقبيح إلى أن كان ما كان من قضاء الله ورأي الخلفاء الراشدين في الاستبدال بهم وتصيير التدبير لغيرهم فاختلّت الدولة وكان من أمرها ما هو مشهور من قبل الخلفاء في زمن المتوكل وهلمّ جرّا ما جرى من أمر الديلم والسلجوقية وغير ذلك، وقال قحطبة بن شبيب لأهل خراسان: قال لي محمد ابن عليّ بن عبد الله أبى الله أن تكون شيعتنا إلا أهل خراسان لا ننصر إلا بهم ولا ينصرون إلّا بنا، إنه يخرج من خراسان سبعون ألف سيف مشهور، قلوبهم كزبر الحديد، أسماؤهم الكنى وأنسابهم القرى، يطيلون شعورهم كالغيلان، جعابهم تضرب كعابهم، يطوون ملك بني أمية طيّا ويزفّون الملك إلينا زفّا، وأنشد لعصابة الجرجاني:
الدار داران: إيوان وغمدان، ... والملك ملكان: ساسان وقحطان
والناس فارس والإقليم بابل وال ... إسلام مكة والدنيا خراسان
والجانبان العلندان، اللذا خشنا ... منها، بخارى وبلخ الشاه داران
قد ميز الناس أفواجا ورتّبهم، ... فمرزبان وبطريق ودهقان
وقال العباس بن الأحنف:
قالوا خراسان أدنى ما يراد بكم ... ثم القفول، فها جئنا خراسانا
ما أقدر الله أن يدني على شحط ... سكان دجلة من سكان سيحانا
عين الزمان أصابتنا، فلا نظرت، ... وعذّبت بفنون الهجر ألوانا
وقال مالك بن الرّيب بعد ما ذكرناه في ابرشهر:
لعمري لئن غالت خراسان هامتي، ... لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة ... بجنب الغضا أزجي القلاص النّواجيا؟
فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه، ... وليت الغضا ماشى الركاب لياليا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى، ... وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا؟
وما بعد هذه الأبيات في الطّبسين قال عكرمة وقد خرج من خراسان: الحمد لله الذي أخرجنا منها ليطوي خراسان طيّ الأديم حتى يقوّم الحمار الذي كان فيها بخمسة دراهم بخمسين بل بخمسمائة.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إن الدّجّال يخرج من المشرق من أرض يقال لها خراسان يتبعه قوم كأنّ وجوههم المجان المطرقة، وقد طعن قوم في أهل خراسان وزعموا أنهم بخلاء، وهو بهت لهم ومن أين لغيرهم مثل البرامكة والقحاطبة والطاهرية والسامانية وعلي بن هشام وغيرهم ممن لا نظير لهم في جميع الأمم، وقد نذكر عنهم شيئا مما ادعي عليهم والردّ في ترجمة مرو الشاهجان إن شاء الله. فأما العلم فهم فرسانه وساداته وأعيانه، ومن أين لغيرهم مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومثل مسلم بن الحجاج القشيري وأبي عيسى الترمذي وإسحاق ابن راهويه وأحمد بن حنبل وأبي حامد الغزّالي والجويني إمام الحرمين والحاكم أبي عبد الله النيسابوري وغيرهم من أهل الحديث والفقه، ومثل الأزهري والجوهري وعبد الله بن المبارك، وكان يعدّ من أجواد الزّهاد والأدباء، والفارابي صاحب ديوان(2/353)
الأدب والهروي وعبد القاهر الجرجاني وأبي القاسم الزمخشري، هؤلاء من أهل الأدب والنظم والنثر الذين يفوت حصرهم ويعجز البليغ عن عدّهم، وممن ينسب إلى خراسان عطاء الخراساني، وهو عطاء بن أبي مسلم، واسم أبي مسلم ميسرة، ويقال عبد الله ابن أيوب أبو ذؤيب، ويقال أبو عثمان، ويقال أبو محمد، ويقال أبو صالح من أهل سمرقند، ويقال من أهل بلخ مولى المهلّب بن أبي صفرة الأزدي، سكن الشام، وروى عن ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن مسعود وكعب بن عجرة ومعاذ بن جبل مرسلا، وروى عن أنس وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير وأبي مسلم الخولاني وعكرمة مولى ابن عباس وأبي إدريس الخولاني ونافع مولى ابن عمر وعروة بن الزبير وسعيد العقبري والزّهري ونعيم بن سلامة الفلسطيني وعطاء بن أبي رباح وأبي نصرة المنذر بن مالك العبدي وجماعة يطول ذكرهم، روى عنه ابنه عثمان والضحاك بن مزاحم الهلالي وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر والأوزاعي ومالك بن أنس ومعمر وشعبة وحماد بن سلمة وسفيان الثوري والوضين وكثير غير هؤلاء، وقال ابنه عثمان: ولد أبي سنة خمسين من التاريخ، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما مات العبادلة: عبد الله بن عباس وعبد الله ابن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي، فصار فقيه أهل مكة عطاء بن أبي رباح وفقيه أهل اليمن طاووس وفقيه أهل اليمامة يحيى بن أبي كثير وفقيه أهل البصرة الحسن البصري وفقيه أهل الكوفة النخعي وفقيه أهل الشام مكحول وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني إلا المدينة فإن الله تعالى خصها بقرشيّ، فكان فقيه أهل المدينة غير مدافع سعيد بن المسيّب، وقال أحمد ابن حنبل: عطاء الخراساني ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: عطاء الخراساني مشهور، له فضل وعلم، معروف بالفتوى والجهاد، روى عنه مالك بن أنس، وكان مالك ممن ينتقي الرجال، وابن جريج وحماد ابن سلمة والمشيخة، وهو ثقة ثبت.
خَرَاسَكانُ:
بفتح أوله، وبعد الألف سين، وآخره نون: من قرى أصبهان، منها أبو جعفر أحمد بن المفضّل المؤدّب الخراسكاني الأصبهاني، روى عن حبّان بن بشير، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم المقري الأصبهاني.
خِراص:
بكسر أوله، يجوز أن يكون من الخرص وهو الكذب: اسم موضع.
خَرَانْدِيز:
قال ابن الفرات: توفي أبو العباس محمد ابن صالح الخرانديزي في شعبان سنة 295، قلت:
أظنه قرية بخراسان.
الخَرانِق:
كأنه جمع خرنق، وهو الأنثى من الثعالب: بين الملا وأجإ جلد من الأرض يسمّى الخرانق، وأنشد ابن الأعرابي في نوادره للفرزدق:
أنيخت إلى باب النّميري ناقتي ... نميلة ترجو بعض ما لم يوافق
فقلت، ولم أملك: أمال بن حنظل! ... متى كان مشبور أمير الخرانق؟
وقال ابن الأعرابي: مشبور اسم أبي نميلة، والخرانق ماء لبني العنبر.
خَرِبٌ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وآخره باء موحدة:
موضع بين فيد وجبل السعد على طريق يسلك إلى المدينة. وخرب أيضا: جبل قرب تعار في قبلي أبلى في ديار سليم لا ينبت شيئا، قاله الكندي،(2/354)
وأنشد لبعضهم:
وما الخرب الداني كأنّ قلاله ... بخات، عليهنّ الأجلّة هجّد
وخرب أيضا: اسم للأرض العريضة بين هيت والشام.
ودور الخرب: من نواحي سرّ من رأى، يقال:
خرب الموضع فهو خرب.
خَرَبٌ:
بالتحريك، وآخره باء أيضا، والخرب في اللغة ذكر الحبارى، والخرب أيضا مصدر الأخرب، وهو الذي فيه شقّ أو ثقب مستدير، وهو خرب العقاب: أبرق بين السّجا والثّعل في ديار بني كلاب.
خَرْبا:
موضع كان ينزله عمرو بن الجموح.
خَرِبْتا:
هكذا ضبط في كتاب ابن عبد الحكم وقد ضبطه الحازمي خرنبا بالنون ثم الباء، وهو خطأ، قال القضاعي: وهو يعدّ كور مصر ثم كور الحوف الغربي، وهو حوالي الإسكندرية: وخربتا سألت عنه كتّاب مصر فمنهم من قال بفتح الخاء ومنهم من قال بكسرها، وله ذكر في حديث محمد ابن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة المتغلّب على مصر المملوك لعثمان ومعاوية وحديج، وهو الآن خراب لا يعرف.
الخَرَبَةُ:
بالتحريك، هو من الذي قبله، قال أبو عبيدة: لما سار الحارث بن ظالم فلحق بالشام بملوك غسّان وطلبت امرأته منه الشحم فأخذ ناقة الملك، يعني النعمان بن الأسود، فأدخلها بطن واد من الخربة، قال أبو عبيدة: والخربة أرض مما يلي ضرية به معدن يقال له معدن خربة، قال أبو المنذر: سمّي بذلك لأن خربة بنت قنص بن معدّ بن عدنان أم بكر بنت ربيعة بن نزار نزلته فسمّي بها.
الخُرْبَة:
قال الحفصي: إذا خرجت من حجر وطئت السّليّ، فأول ما تطأ هو موضع يقال له الخربة، وهو جبل فيه خرق نافذ بالنبك، قال نصر: خربة، بالضم، ماء في ديار بني سعد بن ذبيان بن بغيض، بينه وبين ضرية ستة أميال، وقيل فيه خربة.
الخَرِبَةُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، تأنيث الخرب، قال الأصمعي: وفوق الغرقدة ماء يقال له الخربة، وهي لنفر من بني غنم بن دودان يقال لهم بنو الكذاب، وفوقها ماءة يقال لها القليب.
خَرِبَةُ الملكِ:
مال أحمد بن واضح: إن معدن الزّمرّد في خربة الملك على ست مراحل من قفط، وهي مدينة على شرقي النيل، وإن هناك جبلين يقال لأحدهما العروس وللآخر الخصوم، وإن فيهما معادن الزمرد، وزعم أن هناك معادن لهذا الجوهر تسمى بكوم الصاوي وكوم مهران وبكابو وشقيد، كلّها معادن الزمرد، وليس على وجه الأرض معدن الزمرد إلا هناك، وربما وقعت فيه القطعة التي تساوي ألف دينار.
خَرْتَبِرْتُ:
بالفتح ثم السكون، وفتح التاء المثناة، وباء موحدة مكسورة، وراء ساكنة، وتاء مثناة من فوقها، هو اسم أرمنيّ: وهو الحصن المعروف بحصن زياد الذي يجيء في أخبار بني حمدان في أقصى ديار بكر من بلاد الروم، بينه وبين ملطية مسيرة يومين، وبينهما الفرات، وذكره أسامة بن منقذ في شعر له لكنه أسقط التاء ضرورة فقال:
بيوت الدّور في خربرت سود، ... كستها النار أثواب الحداد
فلا تعجب، إذا ارتفعت علينا، ... فللحظّ اعتناء بالسواد(2/355)
بياض العين يكسوها جمالا، ... وليس النّور إلا في السواد
ونور الشّعر مكروه، ويهوى ... سواد الشعر أصناف العباد
وطرس الخط ليس يفيد علما، ... وكلّ العلم في وشي المداد
خَرْتَنْكُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وفتح التاء المثناة من فوق، ونون ساكنة، وكاف: قرية بينها وبين سمرقند ثلاثة فراسخ، بها قبر إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، ينسب إليها أبو منصور غالب بن جبرائيل الخرتنكي، وهو الذي نزل عليه البخاري ومات في داره، حكى عن البخاري حكايات.
خَرَّتِيرُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه، ثم تاء مثناة من فوقها مكسورة، وياء مثناة من تحتها ساكنة، وآخره راء: من قرى دهستان، ينسب إليها أبو زيد حمدون بن منصور الخرّتيري الدهستاني، روى عن أحمد بن جرير الباباني، روى عنه إبراهيم ابن سليمان القومسي.
الخَرْجاءُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وجيم، وألف ممدودة: ماءة احتفرها جعفر بن سليمان قريبا من الشجي بين البصرة وحفر أبي موسى في طريق الحاج من البصرة، وبين الأخاديد وبينها مرحلة، سميت بذلك لأنها أرض تركبها حجارة بيض وسود، وأصله من الشاة الخرجاء، وهي التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين، عن أبي زيد. وخرجاء عبس: موضع آخر، قال الحكم الخضري:
لو ان الشّمّ من ورقان زالت، ... وجدت مودّتي بك لا تزول
فقل لحمامة الخرجاء: سقيا ... لظلّك حيث أدركك المقيل
وقال ابن المقبل:
يذكّرني حبّي حنيف كليهما ... حمام ترادى، في الركيّ، المعوّرا
وما لي لا أبكي الديار وأهلها ... وقد رادها روّاد عكّ وحميرا؟
وإن بني الفتيان أصبح سربهم ... بخرجاء عبس آمنا أن ينفّرا
خَرْجانُ:
بفتح أوله وقد يضم، وتسكين ثانيه ثم جيم، وآخره نون: محلّة من محالّ أصبهان، وقال الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني الإمام: خرجان من قرى أصبهان، وهو أعرف ببلده وأتقن لما يقول، وقد نسب إليها قوم من رواة الحديث، منهم: أبو محمد عبد الله بن إسحاق ابن يوسف الخرجاني، يحدث عن أبيه عن حفص بن عمر العدني، روى عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني وغيره، ومحمد بن عمر بن محمد بن عبد الرحمن الخرجاني المقري أبو نصر يعرف بابن تانه، شيخ ثقة صالح، سمع ببغداد أبا علي بن شاذان وأقرانه، وبأصبهان أبا بكر بن مردويه وطبقته، وكان له مجلس إملاء بأصبهان، وقال أبو سعد:
روى لنا عنه إسماعيل بن محمد بن الفضل وأبو نصر أحمد بن محمد الغازي، ومات ابن تانه في رابع رجب سنة 475 بأصبهان، وأبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن الحسين الخرجاني، محدّث ابن محدّث، حدّث عن القاضي أحمد بن محمود خرزاد وله رحلة، روى عنه أبو الحسن أحمد بن محمد بن المعلّم الصوفي.(2/356)
الخُرْجَانِ:
تثنية خرج: من نواحي المدينة، قال بعضهم:
بروضة الخرجين من مهجور ... تربّعت في عازب نضير
مهجور: ماء قرب المدينة.
الخَرْجُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره جيم: واد فيه قرى من أرض اليمامة لبني قيس بن ثعلبة بن عكابة من بكر بن وائل في طريق مكة من البصرة، وهو من خير واد باليمامة، أرضه أرض زرع ونخل قليل، قال ذو الرّمة:
بنفحة من خزامى الخرج هيّجها
وقال جرير:
آلوا عليها يمينا لا تكلّمنا، ... من غير سوء ولا من ريبة حلفوا
يا حبّذا الخرج، بين الدام والأدمى، ... فالرّمث من برقة الرّوحان فالغرف
وقال غيره:
يضربن بالأحقاف قاع الخرج، ... وهنّ في أمنيّة وهرج
الخُرْجُ:
بلفظ الخرج وعاء المسافر، بضم أوله، قال الحازمي: واد في ديار بني تميم لبني كعب بن العنبر بأسافل الصّمّان، وقيل: في ديار عدي من الرّباب، وقيل: هو عند يلبن، قال كثيّر:
أأطلال دار من سعاد بيلبن، ... وقفت بها وحشا كأن لم تدمّن
إلى تلعات الخرج، غيّر رسمها ... همائم هطّال من الدّلو مدجن
وخرج هجين: موضع آخر، أنشد ابن الأعرابي عن أبي المكارم الزبيري قال:
تبصّر خليلي! هل ترى من ظعائن ... بروض القطا يشعفن كل حزين؟
جعلن يمينا ذا العشيرة كله، ... وذات الشمال الخرج خرج هجين
خَرْجِرْدُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه ثم جيم مكسورة، وراء ساكنة، ودال: بلد قرب بوشنج هراة، ينسب إليها أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إبراهيم بن مسلم بن بشّار أبو بكر البوشنجي الخرجردي البشّاري، سكن نيسابور، وكان إماما ورعا فاضلا متفنّنا، تفقّه أولا على أبي بكر الشاشي بهراة ثم تلمذ لأبي المظفّر السمعاني وعلق عليه الخلاف والأصول وكتب تصانيفه بخطّه، ومن المذهب على الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد الزاز السرخسي بمرو، ثم عاد إلى نيسابور واشتغل بالعبادة وأعرض عن الخلق، سمع بهراة أبا بكر محمد بن علي بن حامد الشاشي وأبا عبد الله محمد بن علي العميري، وبمرو أبا المظفر السمعاني وأبا نصر إسماعيل بن الحسين بن إسماعيل المحمودي وأبا الفرج عبد الرحمن بن أحمد ابن محمد السرخسي وأبا القاسم إسماعيل بن محمد بن أحمد الزاهري الزندقاني، وبسرخس أبا العباس زاهر بن محمد بن الفقيه الزاهري، وبنيسابور أبا تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي وأبا الحسن المبارك ومحمد بن عبد الله الواسطي وأبا الحسن علي بن أحمد ابن محمد المديني وأبا العباس المفضّل بن عبد الواحد التاجر، وبجرجان أبا الغيث المغيرة بن محمد الثقفي وأبا عمرو ظفر بن إبراهيم بن عثمان الخلالي وأبا عمرو عبد القادر بن عبد القاهر بن عبد الرحمن النحوي وجماعة كثيرة سواهم، ذكره أبو سعد في التحبير،(2/357)
وكانت ولادته في سنة 463، ومات بنيسابور في سابع شهر رمضان سنة 543، وأبو نصر عبد الرحمن ابن محمد بن أحمد بن منصور بن حرمل الخطيب، سكن مرو، وكان فاضلا عارفا بالتواريخ والأخبار، فقيها فاضلا، علق المذهب على أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المرورّوذي، وسمع الحديث على أبي نصر عبد الكريم بن عبد الرحيم القشيري وأمثاله، ولما وردت الغزّ صعد في جماعة إلى المنارة فأضرم الغزّ فيها النار فاحترق أبو نصر الخرجردي وابنه عبد الرزاق، وذلك في ثاني عشر شهر رجب سنة 548.
خَرْجُوشُ:
بفتح أوله، وبعد الراء جيم، وآخره شين معجمة، والخراسانيون يقولونه بالكاف: وهي سكة بنيسابور، نسب إليها أبو سعد الخرجوشي، قال ابن طاهر المقدسي: فأما أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن محمد بن عبيد الله بن جعفر بن أحمد بن خرجوش ابن عطية بن معن بن بكر بن شيبان الشيرازي الخرجوشي سكن بغداد وحدّث بها، حكى عنه الخطيب ووثّقه، فهو منسوب إلى الجدّ لا إلى هذه البقعة.
خَرَجَةُ:
بالتحريك، والجيم، قال العمراني: اسم ماء، عن الفرّاء ذكره في باب الخاء.
خُرْخَانُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه ثم خاء أيضا معجمة، وآخره نون، كذا ضبطه السمعاني، وقال الحازمي: بضم أوله، قالا: وهي قرية من قرى قومس، ينسب إليها أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن الحسين الفرائضي الخرخاني، كان من فقهاء الشافعية، روى بخرخان عن أبي القاسم البغوي وغيره، روى عنه أبو نصر الإسماعيلي.
خُرٌّ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه: ماء في ديار بني كلب ابن وبرة بالشام قريب من عاسم ماء آخر لكلب، وقال ابن العدّاء الأجداري ثم الكلبي:
وقد يكون لنا بالخرّ مرتبع، ... والروض حيث تناهى مرتع البقر
وفي طريق ديار مصر في الرمال منزل يقال له الخرّ دون الأعراس، وبعده أبو عروق ثم الخشبيّ ثم العباسية ثم بلبيس ثم القاهرة، وأصل الخرّ الموصل الذي تلقي فيه الحنطة بيدك في الرحى.
خُرَّزاد أَرْدَشِير:
مدينة بنواحي الموصل.
خَرْزَةُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، ثم زاي، كذا ضبطه الحازمي، ولعله المرّة الواحدة من الخرز، فأما الخرزة، بالتحريك، فهو صنف من الحمض، فإن كان قد خفف منه جاز: وهو ماء لفزارة بين أرضهم وأرض بني أسد، وذكر الحفصي الخرزة، بالتحريك، من نواحي نجد أو اليمامة، ولا أدري أهي الأولى أم غيرها.
خِرْسُ:
بكسر أوله، وتسكين ثانيه، وسين مهملة:
حصن بأرمينية على البحر متصلة بشروان، كان مروان بن محمد قد صالح عليه أهله.
خُرُسْتَاباذ:
بضم الخاء والراء، وسكون السين المهملة، والتاء فوقها نقطتان: قرية في شرقي دجلة من أعمال نينوى، ذات مياه وكروم كثيرة، شربها من فضل مياه رأس الناعور المسمّى بالزّرّاعة، وإلى جانبها مدينة يقال لها صرعون خراب.
الخُرْسِيُّ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وبعد السين المهملة ياء النسبة، مربّعة الخرسيّ: محلة ببغداد نسبت إلى الخرسي صاحب شرطة بغداد في أيام المنصور، ذكرت في مربّعة.(2/358)
خِرْشافُ:
بكسر أوله، وتسكين ثانيه، وشين معجمة، وآخره فاء: موضع بالبيضاء من بلاد بني جذيمة بسيف البحرين في رمال وعثة تحتها أحساء عذبة الماء عليها نخل بعل.
خَرْشانُ:
بفتح أوله، وبعد الزاء الساكنة شين معجمة:
موضع.
خَرَشْكَتْ:
بفتح أوله وثانيه، وشين معجمة ساكنة، وكاف مفتوحة، وتاء مثناة من فوقها: من بلاد الشاش شرقي سمرقند بما وراء النهر، خرج منها جماعة من العلماء، منهم أبو سعيد سعد بن عبد الرحمن بن حميد الخرشكتي، روى عن يوسف بن يعقوب القاضي ومحمد بن عبد الله الحضرمي، روى عنه أبو سعد الحسن بن محمد بن سهل الفارسي، ومات سنة 340.
خَرْشَنُون:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وشين معجمة، ونون ثم واو ثم نون: كورة ببلاد الروم منها خرشنة.
خَرْشَنَةُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وشين معجمة، ونون: بلد قرب ملطية من بلاد الروم، غزاه سيف الدولة بن حمدان، وذكره المتنبي وغيره في شعره، وقالوا: سمي خرشنة باسم عامرة، وهو خرشنة بن الروم بن اليقن بن سام بن نوح، عليه السلام، قال أبو فراس:
إن زرت خرشنة أسيرا، ... فلكم حللت بها مغيرا
وقد نسبت إليها عبيد الله بن عبد الرحمن الخرشني، روى عن مصعب بن ماها صاحب الثّوري، روى عنه محمد بن الحسن بن الهيثم الهمذاني بحرّان، وعبد الله ابن بسيل أبو القاسم الخرشني، حدث عن عبد الله بن محمد البزاز فردان، حدث عنه عمر بن نوح البجلي.
خُرْشِيد:
بليدة بسواحل فارس يدخل إليها في خليج من البحر نحو فرسخ في المراكب، وهي كبيرة ذات سوق، رأيتها، وهي بين سينيز وسيراف.
الخِرْصانُ:
جمع خرص، وهو الرمح اللطيف: قرية بالبحرين سميت لبيع الرماح، كما سميت الرماح الخطية بالخط، وهو موضع بالبحرين أيضا.
خَرْطَط:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وطاءان مهملتان: من قرى مرو على ستة فراسخ منها في الرمل، ويقولون لها خرطة، ينسب إليها حبيب بن أبي حبيب الخرططي المروذي، روى عن أبي حمزة محمد بن ميمون السكري وابن المبارك، روى عنه أهل مرو، وكان يضع الحديث على الثقات، لا يحلّ كتب حديثه والرواية عنه إلا على سبيل القدح فيه.
خَرْعونُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وعين مهملة، وآخره نون: من قرى سمرقند من ناحية أبغر، منها أبو عبد الله محمد بن حامد بن حميد الخرعوني، يروي عن عليّ بن إسحاق الحنظلي وقتيبة بن سعيد، روى عنه جماعة، منهم حافده إسمعيل بن عمر بن محمد بن حامد الخرعوني تكلموا فيه، توفي سنة 301.
خَرْغانْكَث:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وغين معجمة، وبعد الألف نون، وبعد الكاف المفتوحة ثاء مثلثة: موضع بما وراء النهر، وذكرها السمعاني بالعين المهملة وقال: هي قرية من بخارى.
وخرغانكث: بحذاء كرمينية على فرسخ من وراء الوادي، منها أبو بكر محمد بن الخضر بن شاهويه الخرغانكثي، سمع عبد الله بن محمد بن البغوي، روى عنه الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد الغنجار، توفي في رجب سنة 357.(2/359)
الخَرْفاءُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه ثم قاف، وألف ممدودة، وأصلها المرأة التي لا تحسن شيئا، وهي ضد الرفيقة، قال أبو سهم الهذلي:
غداة الرّعن والخرقاء تدعو، ... وصرّح باطن الكف الكذوب
قال السكري: الخرقاء والرعن موضعان.
خَرَقانُ
بالتحريك، وبعد الراء قاف، وآخره نون:
قرية من قرى بسطام على طريق استراباذ، بها قبر أبي الحسن عليّ بن أحمد، له كرامات، وقد مات يوم عاشوراء سنة 425 عن 73 سنة، وقال السمعاني: خرقان اسم قرية رأيتها، وهي في سفح جبل، ذات أشجار ومياه جارية وفواكه حسنة، وقال الحازمي: هو خرّقان، بالتشديد.
خَرْقانُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وقاف، وآخره نون، قال السمعاني: هي من قرى سمرقند على ثمانية فراسخ منها، وينسب إليها الأديب أبو الفتح أحمد ابن الحسين بن عبد الرحمن بن عبد الرزاق العبسي الشاشي الخرقاني الفرابي، كان والده من الشاش وولد هو بخرقان وسكن قرية فراب في جبال سمرقند، قرأ عليه السمعاني بسمرقند كتبا من تصانيف السيد أبي الحسن محمد بن محمد العلوي الحافظ البغدادي بالإجازة عنه، ومات في سنة 505، ومولده في سنة 469.
خَرْقانُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه، وقاف، وآخره نون: قرية من قرى همذان ثم أضيفت إلى قزوين. وخرّقان: مدينة قرب تبريز بأذربيجان، وأصلها ده نخيرجان، وكان نخيرجان صاحب بيت مال كسرى.
خَرَقانَةُ:
بالتحريك، وباقيه مثل الأول: موضع، عن العمراني.
خَرَق:
بالتحريك، ويقال خره بلفظ العجم: قرية كبيرة عامرة شجيرة بمرو، إذا نسبوا إليها زادوا قافا، أخرجت جماعة من أهل العلم، وممن ينسب إليها أبو بكر محمد بن أحمد بن بشر الخرقي، كان فقيها فاضلا متكلما يعرف الأصول، أقام مدة بنيسابور فسمع أحمد بن خلف الشيرازي، ذكره أبو سعد في معجم شيوخه وقال توفي سنة نيف وثلاثين وخمسمائة، وزهير بن محمد أبو المنذر التميمي العنبري الخراساني المروذي الخرقي، ويقال: إنه هرويّ، ويقال: نيسابوريّ، سكن مكة والشام، وحدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري وأبي محمد عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وزيد بن أسلم وعبد الله بن محمد بن عقيل وهشام بن عروة وأبي حازم الأعرج ومحمد بن المنكدر وجعفر بن محمد الصادق وأبي إسحاق السبيعي وحميد الطويل وجماعة من المشهورين، روى عنه ابن مهدي وعبد الله بن عمرو العقدي وأبو داود الطيالسي وجماعة كثيرة سواهم.
خَرْقٌ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره قاف:
قرية من أعمال نيسابور.
خَرْكَن:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وفتح الكاف، وآخره نون: قرية من قرى نيسابور في ظنّ أبي سعد، منها أبو عبد الله محمد بن حمويه الخركني النيسابوري، حدث عن محمد بن صالح الأشجّ، روى عنه أبو سعيد بن أبي بكر بن عثمان الخيري.
خَرْكُوشُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره شين، وتفسيرها بالفارسية أذن الحمار: وهي سكة كبيرة بنيسابور، نسب إليها طائفة من أهل العلم، منهم: أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم(2/360)
الخركوشي الزاهد الواعظ الفقيه الشافعي المعروف بأعمال البرّ والخير والزهد في الدنيا، وكان عالما فاضلا، رحل إلى العراق والحجاز ومصر وجالس العلماء وصنّف التصانيف المفيدة في علوم الشريعة ودلائل النبوة وسير العبّاد والزهّاد وغيرها، روى عن أبي عمر ونجيد السّلمي وأبي سهل بشر بن أحمد الأسفراييني، روى عنه الحاكم أبو عنبسة وأبو محمد الخلّال وغيرهما، وتفقّه على أبي الحسن الماسرجسي:
وجاور بمكة عدّة سنين وعاد إلى نيسابور وبذل بها نفسه وماله للغرباء والفقراء، وبنى بيمارستان ووقف عليه الوقوف الكثيرة، وتوفي سنة 406 بنيسابور، وقد ذكرناه في الخرجوش، وقال أبو سعد: وقبره بسكة خركوش بنيسابور، ولا أدري أنسب هذا إلى هذه السكة أم نسبت السكة إليه.
الخَرْماءُ:
تأنيث الأخرم، وهو المشقوق الشفة:
موضع عربي، والخرماء رابية تنهبط في وهدة، وهو الأخرم أيضا، قال ابن السكيت: الخرماء عين بالصّفراء لحكم بن نضلة الغفاري، قال كثيّر:
كأنّ حمولهم لما تولّت ... بيليل، والنّوى ذات انتقال،
شوارع في ثرى الخرماء ليست ... بجاذية الجذوع، ولا رقال
وقال أبو محمد الأسود: الخرماء أرض لبني عبس بن ناج من عدوان، وأنشد أبو الشعشاع الناجي العبسي:
يا ربّ وجناء حلال عنس، ... ومجمر الخفّ جلال جلس،
منيته، قبل طلوع الشمس، ... أجبال رمل وجبال طلس
حتى ترى الخرماء أرض عبس، ... أهل الملاء البيض والقلنس
وقال ابن مقبل:
كأنّ سخالها، بلوى سمار ... إلى الخرماء، أولاد السّمال
خُرَّماباذ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، وبعد الألف باء، وآخره ذال: قرية من قرى بلخ، منها أبو الليث نصر بن سيّار الخرّم آباذي الفقيه العابد، سافر إلى العراق والحجاز وديار مصر وحدث بها.
وخرّماباذ أيضا: من قرى الري، ينسب إليها أبو حفص عمر بن الحسين الخرّم آباذي خطيب جامع أصحاب الحديث بالري، روى عنه السلفي وقال:
سألته عن مولده فقال: سنة 442 تخمينا، وقد سمع الحديث ورواه.
خُرْمارُوذ:
بضم الخاء المعجمة، والراءين المهملتين، وآخره ذال معجمة: عقبة ونهر في طريق ما بين بسطام وجرجان، رأيتها.
خُرْمانُ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وآخره نون، وهو جمع خرم، وهو ما خرم السيل أو طريق في قفّ أو رأس جبل، واسم ذلك الموضع إذا اتسع مخرم، والخرم: أنف الجبل. وخرمان:
جبل على ثمانية أميال من العمرة التي يحرم منها أكثر حاجّ العراق، وعليه علم ومنظرة كان يوقد عليها لهداية المسافرين، ومنها يعدل أهل البصرة عن طريق أهل الكوفة.
خُرْمانُ:
كذا ضبطه الحازمي وقال: حائط خرمان بمكة عند السباب.
الخُرْمُقُ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وضم الميم، وآخره قاف: موضع بفارس.(2/361)
خَرْمَلاءُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، والمدّ، بوزن كربلاء، يقال امرأة خرمل أي حمقاء، وقيل عجوز متهدّمة: اسم موضع في البلاد الغربية.
خُرْمٌ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، والخرم أنف الجبل، وجمعه خرم مثل سقف وسقف، وقال أبو منصور: الخرم بكاظمة جبيلات وأنوف جبال.
خُرَّمُ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، وتفسيره بالفارسية المسرور: وهو رستاق بأردبيل، قال نصر: وأظنّ الخرّميّة الذين كان منهم بابك الخرّمي نسبوا إليه، وقيل: الخرّمية فارسيّ معناه الذين يتّبعون الشهوات ويستبيحونها.
خُرَّمَةُ:
قال نصر: ناحية من نواحي فارس قرب إصطخر.
خَرْمَيْثَن:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وفتح ميمه، وتسكين الياء المثناة من تحت، وثاء مثلثة مفتوحة، وآخره نون: من قرى بخارى وقد نسب إليها قوم من الرّواة، منهم: أبو الفضل داود بن جعفر بن الحسن الخرميثني البخاري، روى عن أحمد بن الجنيد الحنظلي، روى عنه أبو نصر أحمد بن سهل البخاري.
خَرَنْباءُ:
قال نصر: موضع من أرض مصر، لأهلها حديث في قصّة عليّ ومحمد بن أبي بكر، وهو خطأ، وقد سألت عنه أهل مصر فلم يعرفوا إلا خربتا، وقد ذكرت، وقال نصر: وخرنباء أيضا صقع في الطريق بين حلب والروم.
خَرَّنُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه ويقال بتخفيفه، وآخره نون: من قرى همذان، ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن محمود بن طاهر الخرّني، سمع منه أبو عبد الله الدبيثي بواسط الأربعين للسلفي سنة 587.
خِرْنِق:
بكسر أوله، وتسكين ثانيه، وكسر نونه، وآخره قاف، وهو ولد الأرنب، وأنشدوا:
ليّنة المسّ كمسّ الخرنق
قال أبو منصور: الخرنق اسم حمّة، وأنشد:
بين عنيزات وبين الخرنق
وقال غيره: الخرنق موضع بين مكة والبصرة به قتل بشر بن عمرو بن مرثد.
خَرُّوبُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وآخره باء موحدة، وهي شجرة الينبوت: وهو اسم موضع، قال الجميح:
أمست أمامة صمتي ما تكلّمني، ... مجنونة أم أحسّت أهل خرّوب؟
مرّت براكب سلهوب فقال لها: ... ضرّي الجميح ومسّيه بتعذيب
ولو أصابت لقالت وهي صادقة: ... إنّ الرياضة لا تنضيك كالشيب
الخرُّوبَةُ:
مثل الذي قبلها، وهي واحدته: حصن بسواحل بحر الشام مشرف على عكا.
خَرْوُ الجبل:
قرية كبيرة بين خابران وطوس، ينسب إليها محمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن طاهر الحاكمي الخروي الجبلي أبو جعفر، شيخ صالح من أهل العلم، خطيب قريته وفقيهها، سمع أبا بكر أحمد بن عليّ الشيرازي وأبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي، سمع منه السمعاني بقريته، وكانت ولادته سنة 451، ومات في رمضان سنة 532.
خَرُورُ:
بفتح أوله، وراءان بينهما واو، إن كان عربيّا فهو الماء الخرور أي المصوّت: وهي من قرى(2/362)
خوارزم من نواحي ساوكان، ينسب إليها أبو طاهر محمد بن الحسين الخروري الخوارزمي شاعر، روى عنه الخطيب عن عاصم هذين البيتين:
هذا هلال الفطر، حالي حاله، ... والناس في ملهّى لديه وملعب
هو في الهواء شبيه جسمي في الهوى، ... ولهم به كمسرّة الواشين بي
خَرُورَنْج:
مثل الذي قبله، وزيادة نون ساكنة، وجيم: من قرى خلم من نواحي بلخ في ظنّ السمعاني، وقد نسب إليها بعض الرّواة، منهم: أبو جعفر محمد بن عبد الوارث بن الحارث بن عبد الملك الخرورنجي، روى عن أبي أيوب أحمد بن عبد الصمد بن عليّ الأنصاري النهرواني، روى عنه أبو عبد الله محمد بن جعفر الورّاق، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة 297.
خَرُونُ:
ناحية من خراسان، بها مات المهلّب.
وخرون أيضا: ناحية بدارابجرد، بها صارت وقعة للخوارج.
الخُرَيبَةُ:
بلفظ تصغير خربة: موضع بالبصرة، وسميت بذلك فيما ذكره الزّجاجي لأن المرزبان كان قد ابتنى به قصرا وخرب بعده، فلما نزل المسلمون البصرة ابتنوا عنده وفيه أبنية وسموها الخريبة، وقال حمزة: بنيت البصرة سنة 14 من الهجرة على طرف البرّ إلى جانب مدينة عتيقة من مدن الفرس كانت تسمى وهشتاباذ أردشير فخرّبها المثنّى بن حارثة الشيباني بشنّ الغارات عليها، فلما قدمت العرب البصرة سموها الخريبة، وعندها كانت وقعة الجمل بين عليّ وعائشة، ولذلك قال بعضهم:
إني أدين بما دان الوصيّ به، ... يوم الخريبة، من قتل المحلّينا
وقال العمراني: سمعته من شيخنا، يعني الزمخشري، بالراء، قال: وقال الغوري خزيبة، بالزاي، موضع بالبصرة تسمّى بصيرة الصّغرى، وهذا وهم لا ريب فيه لأن الموضع إلى الآن معروف بالبصرة، بالراء المهملة، وقد نسب إليها قوم من الرّواة، منهم: عبد الله بن داود بن عامر بن الربيع أبو عبد الرحمن الهمداني ثم الشعبي المعروف بالخريبي، كوفي الأصل سكن الخريبة بالبصرة، وسمع بالشام وغيره سعيد بن عبد العزيز والأوزاعي وعاصم بن رجاء بن حيوة وطلحة بن يحيى وبدر بن عثمان وجعفر بن برقان وفضيل بن غزوان الأعمش وإسماعيل بن خالد وهشام ابن عروة وعثمان بن الأسود وسلمة بن نبيط وفطر ابن خليفة وهشام بن سعد وإسرائيل بن يونس وشريك ابن عبد الله القاضي ويحيى بن أبي الهيثم وعاصم بن قدامة، روى عنه سفيان بن عيينة والحسن بن صالح ابن حيّ، وهما أسنّ منه، ومسدّد بن مسرهد ونصر بن عليّ الجهضمي وعمرو بن عليّ القلّاس والقواريري وزيد بن أخرم وإبراهيم بن محمد بن عرعرة ومحمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي وعليّ ابن حرب الطائي وفضل بن سهل ومحمد بن يونس الكديمي والقاسم بن عبّاد المهلبي ومحمد بن أبي بكر المقدسي وعليّ بن نصر بن عليّ الجهضمي ومحمد بن عبد الله بن عمّار الموصلي، وعن عباس بن عبد العظيم العنبري سمعت الخريبي يقول: ولدت سنة 126، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: قلت ليحيى بن معين:
فعبد الله بن داود الخريبي؟ فقال: ثقة مأمون، قلت: وأبو عاصم النبيل؟ فقال: ثقة، فقلت:
أيّهما أحبّ إليك؟ فقال أبو سعد: الخريبى أعلى،(2/363)
وعن أبي جعفر الطحاوي قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: كان يحيى بن أكثم وهو يتولى القضاء بين أهل البصرة يختلف إلى عبد الله بن داود الخريبي يسمع منه، فقدم رجلان إلى يحيى بن أكثم في خصومة فتربّع أحدهما فأمر به أن يقوم من تربّعه ويجلس جاثيا بين يديه، فبلغ ذلك عبد الله بن داود فلما جاء يحيى إليه ليحدّثه كما كان يجيء إليه لذلك من قبل قال له عبد الله بن داود: متعت بك، وكانت كلمة تعرف منه، لو أن رجلا صلى متربّعا؟ فقال يحيى:
لا بأس بذلك، فقال له عبد الله بن داود: فحال يكون عليها بين يدي الله لا يكرهها منه فتكرهها أنت أن يكون الخصم بين يديك على مثلها! ثم ولى ظهره وقال: عزم لي أن لا أحدّثك، فقام يحيى ومضى، ومات الخريبي سنة 211. وخريبة الغار:
حصن بساحل بحر الشام. وخريبة: ماء قرب القادسية نزلها بعض جيوش سعد أيام القوادس.
الخُرَيجَةُ:
من مياه عمرو بن كلاب، عن أبي زياد، وقال في موضع آخر من كتابه: ولبني العجلان الخريجة.
خَريرٌ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه ثم ياء مثناة من تحت، من خرير الماء وهو صوته: موضع من نواحي الوشم باليمامة.
الخُرَيرِيُّ:
براءين وضم أوله: بئر في وادي الحسنين وهو من مناهل أجإ العظام، عن نصر.
الخُرَيْزَةُ:
تصغير الخرزة، آخره زاي: ماءة بين الحمض والعزاة.
خريشيم:
قال الحفصي: وبالصمّان دحل يقال له دحل خريشيم.
خَرِيقٌ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه: واد عند الجار متصل بينبع، قال كثيّر:
أمن أمّ عمرو بالخريق ديار، ... نعم دارسات قد عفون قفار
وأخرى بذي المشروح من بطن بيشة، ... بها لمطافيل النعاج جوار
تراها وقد خفّ الأنيس كأنها ... بمندفع الخرطومتين إزار
فأقسمت لا أنساك ما عشت ليلة، ... وإن شحطت دار وشطّ مزار
خُرَيْمٌ:
بلفظ تصغير خرم، وقد ذكر في خرمان:
وهو ثنية بين جبلين بين الجار والمدينة، وقيل: بين المدينة والرّوحاء، كان عليها طريق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عند منصرفه من بدر، قال كثيّر:
فأجمعن بينا عاجلا، وتركنني ... بفيفا خريم قائما أتبلّد
قال نصر: خريم ماء قرب القادسية.
باب الخاء والزاي وما يليهما
خُزارُ:
بضم أوله، وآخره راء مهملة: موضع بقرب وخش من نواحي بلخ، وقال أبو يوسف: خزار موضع بقرب نسف بما وراء النهر، إن كان عربيّا فهو من الخزر وهو ضيق العين وصغرها، ونسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم: أبو هارون موسى ابن جعفر بن نوح بن محمد الخزاري، رحل إلى العراق والحجاز وسمع من محمد بن يزيد، وروى عنه حماد بن شاكر.
خَزاز وخَزَازَى:
هما لغتان، كلاهما بفتح أوله وزاءين معجمتين، قال أبو منصور: وخزازى شكل(2/364)
في النحو وأحسنه أن يقال هو جمع سمّي به كعراعر ولا واحد له كأبابيل، وقال الحارث بن حلّزة:
فتنوّرت نارها من بعيد ... بخزازى، هيهات منك الصلاء!
واختلفت العبارات في موضعه، فقال بعضهم: هو جبل بين منعج وعاقل بإزاء حمى ضرية، قال:
ومصعدهم كي يقطعوا بطن منعج، ... فضاق بهم ذرعا خزاز وعاقل
وقال النميري: هو رجل من بني ظالم يقال له الدهقان فقال:
أنشد الدار، بعطفي منعج ... وخزاز، نشدة الباغي المضل
قد مضى حولان مذ عهدي بها، ... واستهلّت نصف حول مقتبل
فهي خرساء، إذا كلّمتها، ... ويشوق العين عرفان الطّلل
وقال أبو عبيدة: كان يوم خزاز بعقب السّلّان، وخزاز وكير ومتالع أجبال ثلاثة بطخفة ما بين البصرة إلى مكة، فمتالع عن يمين الطريق للذاهب إلى مكة وكير عن شماله وخزاز بنحر الطريق، إلا أنها لا يمر الناس عليها ثلاثتها، وقيل: خزاز جبل لبني غاضرة خاصة، وقال أبو زياد: هما خزازان وهما هضبتان طويلتان بين أبانين جبل بني أسد وبين مهبّ الجنوب على مسيرة يومين بواد يقال له منعج، وهما بين بلاد بني عامر وبلاد بني أسد، وغلط فيه الجوهري غلطا عجيبا فإنه قال: خزاز جبل كانت العرب توقد عليه غداة الغارة، فجعل الإيقاد وصفا لازما له وهو غلط، إنما كان ذلك مرّة في وقعة لهم، قال القتّال الكلابي:
وسفع كدور الهاجريّ بجعجع ... تحفّر، في أعقارهنّ، الهجارس
موائل، ما دامت خزاز مكانها ... بجبّانة كانت إليها المجالس
تمشّى بها ربد النّعام كأنها ... رجال القرى تمشي، عليها الطيالس
وهذا ذكر يوم خزاز بطوله مختصر الألفاظ دون المعاني عن أبي زياد الكلابي، قال: اجتمعت مضر وربيعة على أن يجعلوا منهم ملكا يقضي بينهم، فكلّ أراد أن يكون منهم، ثم تراضوا أن يكون من ربيعة ملك ومن مضر ملك، ثم أراد كلّ بطن من ربيعة ومن مضر أن الملك منهم، ثم اتفقوا على أن يتخذوا ملكا من اليمن، فطلبوا ذلك إلى بني آكل المرار من كندة، فملّكت بنو عامر شراحيل ابن الحارث الملك بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار وملّكت بنو تميم وضبّة محرّق بن الحارث وملّكت وائل شرحبيل بن الحارث، وقال ابن الكلبي: كان ملك بني تغلب وبكر بن وائل سلمة ابن الحارث، وملّكت بقية قيس غلفاء، وهو معدي كرب بن الحارث، وملّكت بنو أسد وكنانة حجر بن الحارث أبا امرئ القيس، فقتلت بنو أسد حجرا، ولذلك قصة، ثم قصص امرئ القيس في الطلب بثأر أبيه، ونهضت بنو عامر على شراحيل فقتلوه، وولي قتله بنو جعدة بن كعب بن ربيعة بن صعصعة، فقال في ذلك النابغة الجعدي:
أرحنا معدّا من شراحيل بعد ما ... أراهم مع الصّبح الكواكب، مصحرا
وقتلت بنو تميم محرّقا وقتلت وائل شرحبيل، فكان حديث يوم الكلاب ولم يبق من بني آكل المرار(2/365)
غير سلمة، فجمع جموع اليمن وسار ليقتل نزارا، وبلغ ذلك نزارا فاجتمع منهم بنو عامر بن صعصعة وبنو وائل تغلب وبكر، وقال غير أبي زياد:
وبلغ الخبر إلى كليب وائل فجمع ربيعة وقدّم على مقدّمته السّفّاح التغلبي واسمه سلمة بن خالد وأمره أن يعلو خزازى فيوقد بها النار ليهتدي الجيش بناره وقال له: إن غشيك العدوّ فأوقد نارين، وبلغ سلمة اجتماع ربيعة ومسيرها فأقبل ومعه قبائل مذحج وكلما مرّ بقبيلة استفزّها، وهجمت مذحج على خزازى ليلا فرفع السّفّاح نارين، فأقبل كليب في جموع ربيعة إليهم فصبّحهم فالتقوا بخزازى فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزمت جموع اليمن، فلذلك يقول السفاح التغلبي:
وليل، بتّ أوقد في خزازى، ... هديت كتائبا متحيّرات
ضللن من السهاد، وكنّ لولا ... سهاد القوم، أحسب، هاديات
وقال أبو زياد الكلابي: أخبرنا من أدركناه من مضر وربيعة أن الأحوص بن جعفر بن كلاب كان على نزار كلها يوم خزاز، قال: وهو الذي أوقد النار على خزاز، قال: ويوم خزاز أعظم يوم التقته العرب في الجاهلية، قال: وأخبرنا أهل العلم منا الذين أدركنا أنه على نزار الأحوص ابن جعفر، ثم ذكرت ربيعة ههنا أخيرا من الدهر أن كليبا كان على نزار، وقال بعضهم: كان كليب على ربيعة والأحوص على مضر، قال ولم أسمع في يوم خزاز بشعر إلا قول عمرو بن كلثوم التغلبي:
ونحن، غداة أوقد في خزازى، ... رفدنا فوق رفد الرافدينا
برأس من بني جشم بن بكر ... ندقّ به السّهولة والحزونا
تهدّدنا وتوعدنا، رويدا! ... متى كنا لأمّك مقتوينا؟
قال: وما سمعناه سمّى رئيسا كان على الناس، قلت: هذه غفلة عجيبة من أبي زياد بعد إنشاده:
برأس من بني جشم بن بكر
وكليب اسمه وائل بن ربيعة بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل، وهل شيء أوضح من هذا؟ قال أبو زياد: وحدثنا من أدركنا ممن كنا نثق به بالبادية أن نزارا لم تكن تستنصف من اليمن ولم تزل اليمن قاهرة لها في كل شيء حتى كان يوم خزاز فلم تزل نزار ممتنعة قاهرة لليمن في يوم يلتقونه بعد خزاز حتى جاء الإسلام، وقال عمرو بن زيد: لا أعرفه لكن ابن الحائك كذا قال في يوم خزاز، وفيه دليل على أن كليبا كان رئيس معدّ:
كانت لنا بخزازى وقعة عجب، ... لما التقينا، وحادي الموت يحديها
ملنا على وائل في وسط بلدتها، ... وذو الفخار كليب العزّ يحميها
قد فوّضوه وساروا تحت رايته، ... سارت إليه معدّ من أقاصيها
وحمير قومنا صارت مقاولها، ... ومذحج الغرّ صارت في تعانيها
وهي طويلة، وقال في آخرها: وكثير من الناس بذكر أن خزاز هي المهجم من أسفل وادي سردد.
خَزّازُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وآخره زاي أيضا: نهر كبير بالبطيحة بين البصرة وواسط.(2/366)
خُزَاقٌ:
بضم أوله، وآخره قاف، والخازق: السهم النافذ، وخزاق: اسم موضع بعينه في بلاد العرب، قال الشاعر:
برمل خزاق أسلمه الصريم
ويروى لقسّ بن ساعدة الإيادي من قطعة يذكر فيها راوند لرواية فيها:
ألم تعلما ما لي براوند كلها، ... ولا بخزاق من صديق سواكما؟
خَزَالى:
بوزن سكارى: اسم موضع، والخزل من الانخزال في المشي كأن الشوك شاك قدمه، قال الأعشى:
إذا تقوم يكاد الخصر ينخزل
والأخزل: الذي في وسط ظهره كسر كأنه سرج.
الخَزّامِين:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وهو جمع خزّام، وتركوا إعرابه ولزموا طريقة واحدة فيه لكثرة الاستعمال، والخزم شجر يتخذ من لحائه الحبال، والسوق منسوب إلى عمله: وهو سوق بالمدينة مشهور.
خُزَامٌ:
بضم أوله، والخزامى بقلة، وهذا مخفف منه:
وهو واد بنجد.
خُزَانْد:
بضم أوله، وبعد الألف نون التقى فيها ساكنان على لغة العجم، وآخره دال مهملة: قرية بينها وبين سمرقند فرسخان، منها أبو بكر محمد بن أحمد الخزاندي، روى عن سعيد بن منصور، روى عنه عصمة بن مسعود التميمي السمرقندي.
خَزَبُ:
جبل أسود قريب من الخزبة التي بعده.
خَزَباتُ دَوٍّ:
هو الذي بعده، خزبة بالتحريك، وبعد الزاي باء موحدة، والخزب في لغتهم شيء يظهر في الجلد كالورم من غير ألم: وهو موضع في أرض اليمامة لبني عقيل، وقال الحازمي: خزبة معدن لبني عبادة بن عقيل بين عمايتين والعقيق من ناحية اليمامة، وبها أمير هو منبر، ويقال فيه خزبات دوّ.
خَزْبَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وباء موحدة:
معدن، وأظنه الذي قبله.
خَزَرُ:
بالتحريك، وآخره راء، وهو انقلاب في الحدقة نحو اللّحاظ، وهو أقبح الحال: وهي بلاد الترك خلف باب الأبواب المعروف بالدّربند قريب من سدّ ذي القرنين، ويقولون: هو مسمى بالخزر ابن يافث بن نوح، عليه السلام، وقال في كتاب العين: الخزر جيل خزر العيون، وقال دعبل بن عليّ يمدح آل عليّ، رضي الله عنه:
وليس حيّ من الأحياء نعرفه ... من ذي يمان، ولا بكر، ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهم، ... كما تشارك أيسار على جزر
قتل وأسر وتحريق ومنهبة، ... فعل الغزاة بأهل الروم والخزر
وقال أحمد بن فضلان رسول المقتدر إلى الصقالبة في رسالة له ذكر فيها ما شاهده بتلك البلاد فقال: الخزر اسم إقليم من قصبة تسمّى إتل، وإتل اسم لنهر يجري إلى الخزر من الروس وبلغار، وإتل مدينة، والخزر اسم المملكة لا اسم مدينة، والإتل قطعتان: قطعة على غربي هذا النهر المسمّى إتل وهي أكبرهما، وقطعة على شرقيّه، والملك يسكن الغربي منهما، ويسمى الملك بلسانهم ويلك ويسمّى أيضا باك، وهذه القطعة الغربية مقدارها في الطول نحو فرسخ ويحيط بها سور إلّا أنه مفترش البناء، وأبنيتهم خركاهات(2/367)
لبود إلّا شيء يسير بني من طين، ولهم أسواق وحمّامات، وفيها خلق كثير من المسلمين يقال إنهم يزيدون على عشرة آلاف مسلم ولهم نحو ثلاثين مسجدا، وقصر الملك بعيد من شطّ النهر، وقصره من آجر وليس لأحد بناء من آجر غيره، ولا يمكّن الملك أن يبنى بالآجر غيره، ولهذا السور أربعة أبواب:
أحدها يلي النهر وآخرها يلي الصحراء على ظهر هذه المدينة، وملكهم يهوديّ، ويقال: إنّ له من الحاشية نحو أربعة آلاف رجل، والخزر مسلمون ونصارى وفيهم عبدة الأوثان، وأقل الفرق هناك اليهود على أن الملك منهم، وأكثرهم المسلمون والنصارى إلّا أنّ الملك وخاصته يهود، والغالب على أخلاقهم أخلاق أهل الأوثان، يسجد بعضهم لبعض عند التعظيم، وأحكام مصرهم على رسوم مخالفة للمسلمين واليهود والنصارى، وجريدة جيش الملك اثنا عشر ألف رجل، فإذا مات منهم رجل أقيم غيره مقامه، فلا تنقص هذه العدة أبدا، وليست لهم جراية دائرة إلّا شيء نزر يسير يصل إليهم في المدة البعيدة إذا كان لهم حرب أو حزبهم أمر عظيم يجمعون له، وأما أبواب أموال صلات الخزر فمن الأرصاد وعشور التجارات على رسوم لهم من كل طريق وبحر ونهر، ولهم وظائف على أهل المحالّ والنواحي من كل صنف مما يحتاج إليه من طعام وشراب وغير ذلك، وللملك تسعة من الحكام من اليهود والنصارى والمسلمين وأهل الأوثان، إذا عرض للناس حكومة قضى فيها هؤلاء، ولا يصل أهل الحوائج إلى الملك نفسه وإنما يصل إليه هؤلاء الحكام، وبين هؤلاء الحكام وبين الملك يوم القضاء سفير يراسلونه فيما يجري من الأمور ينهون إليه ويردّ عليهم أمره ويمضونه.
وليس لهذه المدينة قرى إلّا أن مزارعهم مفترشة، يخرجون في الصيف إلى المزارع نحوا من عشرين فرسخا فيزرعون ويجمعونه إذا أدرك بعضه إلى النهر وبعضه إلى الصحاري فيحملونه على العجل والنهر، والغالب على قوتهم الأرز والسمك وما عدا ذلك مما يوجد عندهم يحمل إليهم من الروس وبلغار وكويابه، والنصف الشرقي من مدينة الخزر فيه معظم التجار والمسلمون والمتاجر، ولسان الخزر غير لسان الترك والفارسية ولا يشاركه لسان فريق من الأمم، والخزر لا يشبهون الأتراك، وهم سود الشعور، وهم صنفان: صنف يسمون قراخزر، وهم سمر يضربون لشدة السمرة إلى السواد كأنهم صنف من الهند، وصنف بيض ظاهر والجمال والحسن، والذي يقع من رقيق الخزر وهم أهل الأوثان الذين يستجيزون بيع أولادهم واسترقاق بعضهم لبعض، فأما اليهود والنصارى فإنهم يدينون بتحريم استرقاق بعضهم بعضا مثل المسلمين.
وبلد الخزر لا يجلب منه إلى البلاد شيء، وكل ما يرتفع منه إنما هو مجلوب إليه مثل الدقيق والعسل والشمع والخز والأوبار. وأما ملك الخزر فاسمه خاقان، وإنه لا يظهر إلّا في كلّ أربعة أشهر متنزها، ويقال له خاقان الكبير ويقال لخليفته خاقان به، وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ويظهر ويغزو وله تذعن الملوك الذين يصاقبونه، ويدخل في كل يوم إلى خاقان الأكبر متواضعا يظهر الإخبات والسكينة ولا يدخل عليه إلّا حافيا وبيده حطب، فإذا سلم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب، فإذا فرغ من الوقود جلس مع الملك على سريره عن يمينه، ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان ويخلف هذا أيضا رجل يقال له جاويشغر، ورسم الملك الأكبر أن لا يجلس للناس ولا يكلمهم ولا يدخل عليه أحد(2/368)
غير من ذكرنا، والولايات في الحل والعقد والعقوبات وتدبير المملكة على خليفته خاقان به، ورسم الملك الأكبر إذا مات أن يبنى له دار كبيرة فيها عشرون بيتا ويحفر له في كل بيت منها قبر وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل وتفرش فيه وتطرح النورة فوق ذلك، وتحت الدار والنهر نهر كبير يجري، ويجعلون النهر فوق ذلك القبر ويقولون حتى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام، وإذا دفن ضربت أعناق الذين يدفنونه حتى لا يدرى أين قبره من تلك البيوت، ويسمى قبره الجنّة، ويقولون: قد دخل الجنة، وتفرش البيوت كلها بالديباج المنسوج بالذهب.
ورسم ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة، كل امرأة منهن ابنة ملك من الملوك الذين يحاذونه يأخذها طوعا أو كرها، وله من الجواري السراري لفراشه ستون، ما منهن إلا فائقة الجمال، وكل واحدة من الحرائر والسراري في قصر مفرد لها قبة مغشاة بالساج، وحول كل قبة مضرب، ولكل واحدة منهن خادم يحجبها، فإذا أراد أن يطأ بعضهن بعث إلى الخادم الذي يحجبها فيوافي بها في أسرع من لمح البصر حتى يجعلها في فراشه ويقف الخادم على باب قبة الملك، فإذا وطئها أخذ بيدها وانصرف ولم يتركها بعد ذلك لحظة واحدة. وإذا ركب هذا الملك الكبير ركب سائر الجيوش لركوبه، ويكون بينه وبين المواكب ميل، فلا يراه أحد من رعيته إلّا خرّ لوجهه ساجدا له لا يرفع رأسه حتى يجوزه.
ومدة ملكهم أربعون سنة، إذا جاوزها يوما واحدا قتلته الرعية وخاصته وقالوا: هذا قد نقص عقله واضطرب رأيه. وإذا بعث سرية لم تولّ الدّبر بوجه ولا بسبب، فإن انهزمت قتل كل من ينصرف إليه منها، فأما القواد وخليفته فمتى انهزموا أحضرهم وأحضر نساءهم وأولادهم فوهبهم بحضرتهم لغيرهم وهم ينظرون وكذلك دوابهم ومتاعهم وسلاحهم ودورهم، وربما قطع كل واحد منهم قطعتين وصلبهم، وربما علقهم بأعناقهم في الشجر، وربما جعلهم إذا أحسن إليهم ساسة.
ولملك الخزر مدينة عظيمة على نهر إتل، وهي جانبان:
في أحد الجانبين المسلمون وفي الجانب الآخر الملك وأصحابه، وعلى المسلمين رجل من غلمان الملك يقال له خز، وهو مسلم، وأحكام المسلمين المقيمين في بلد الخزر والمختلفين إليهم في التجارات مردودة إلى ذلك الغلام المسلم، لا ينظر في أمورهم ولا يقضي بينهم غيره، وللمسلمين في هذه المدينة مسجد جامع يصلون فيه الصلاة ويحضرون فيه أيام الجمع، وفيه منارة عالية وعدة مؤذنين، فلما اتصل بملك الخزر في سنة 310 أن المسلمين هدموا الكنيسة التي كانت في دار البابونج أمر بالمنارة فهدمت وقتل المؤذنين وقال: لولا أني أخاف أن لا يبقى في بلاد الإسلام كنيسة إلا هدمت لهدمت المسجد. والخزر وملكهم كلهم يهود، وكان الصقالبة وكل من يجاورهم في طاعته، ويخاطبهم بالعبودية ويدينون له بالطاعة، وقد ذهب بعضهم إلى أن يأجوج ومأجوج هم الخزر.
الخزَفُ:
بالتحريك، بلفظ الخزف من الجرار، ساباط الخزف: ببغداد، نزله أبو الحسن محمد بن الفضل بن عليّ بن العباس بن الوليد بن الناقد فنسب إليه، حدث عن البغوي وابن صاعد، روى عنه أبو القاسم الأزهري، وكان ثقة، مات سنة 302.
خُزْمانُ:
أمّ خزمان: موضع، والخزمان في لغتهم الكذب، قال العمراني: وسمعته عن الزمخشري بالراء.(2/369)
خَزْوانُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره نون:
من قرى بخارى، ينسب إليها أبو العلاء محمد بن محمد ابن أحمد بن الحسين الخزواني البخاري، سمع أبا طاهر إبراهيم بن أحمد بن سعيد المستملي وغيره، روى عنه أبو عمرو عثمان بن عليّ البيكندي، توفي سنة 480.
خَزَوْزَى:
بفتح أوله وثانيه، وبعد الواو زاي أخرى، مقصور: موضع، عن ابن دريد.
خُزَيبَةُ:
اسم معدن، أنشد الفراء في أماليه:
لقد نزلت خزيبة كل وغد ... يمشّى كل خاتام وطاق
قال: خزيبة معدن، ولم يزد.
الخُزَيميَّة:
بضم أوله، وفتح ثانيه، تصغير خزيمة، منسوبة إلى خزيمة بن خازم فيما أحسب: وهو منزل من منازل الحاج بعد الثعلبية من الكوفة وقبل الأجفر، وقال قوم: بينه وبين الثعلبية اثنان وثلاثون ميلا، وقيل: إنه الحزيمية بالحاء المهملة.
باب الخاء والسين وما يليهما
خُسافُ:
بضم أوله، وتخفيف ثانيه، وآخره فاء، قال العمراني: مفازة بين الحجاز والشام، قلت أنا:
والصواب أنها برية بين بالس وحلب، مشهورة عند أهل حلب وبالس، وكان بها قرى وأثر عمارة، وهي تمتد خمسة عشر ميلا، قال الأعشى:
من ديار بالهضب هضب القليب ... فاض ماء الشئون فيض الغروب
أخلفتني به قتيلة ميعا ... دي وكانت للوعد غير كذوب
ظبية من ظباء بطن خساف ... أمّ طفل بالجوّ غير ربيب
كنت أوصيتها بألّا تطيعي ... في قول الوشاة والتخبيب
خسْت:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره تاء مثناة من فوق: ناحية من بلاد فارس قريبة من البحر.
خُسْراباذ:
من قرى مرو على فرسخين منها.
خُسرَاهاباذ:
من مشاهير قرى الريّ كبيرة كالمدينة.
خُسْراوِيَةُ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه: قرية من قرى واسط، قال ابن بسام يهجو حامدا:
نعم ولأرجعنه صاغرا ... إلى بيع رمان خسراويه
وهي خسروسابور.
خُسْرُوجِرْدُ:
بضم أوله، وجرد بالجيم المكسورة، والراء الساكنة، والدال، وجيمه معرّبة عن كاف، ومعناه عمل خسرو لأن كرد بمعنى عمل: مدينة كانت قصبة بيهق من أعمال نيسابور بينها وبين قومس، فالآن قصبة بيهق سابزوار، قال العمراني:
خسروجرد من أعمال أسفرايين، خرج منها جماعة من الأئمة عامتهم منسوبون إلى بيهق، منهم: الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين وتلميذه الحسين بن أحمد ابن فطيمة قاضي خسروجرد، وقد ذكرتهما في بيهق، وأبو سليمان داود بن الحسين بن عقيل بن سعيد الخسروجردي البيهقي وكان مكثرا، سمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر والشام من إسحاق بن راهويه ونصر بن عليّ الجهضمي وغيرهما، روى عنه أبو حامد بن الشرقي وأبو يوسف يعقوب بن أحمد بن محمد الأزهري الخسروجردي وغيرهما، توفي في خسروجرد سنة 299، وقيل سنة 300، وكان مولده سنة 200.(2/370)
خُسْرُوسابور:
والعامة تقول خسّابور: قرية معروفة قرب واسط، بينهما خمسة فراسخ، معروفة بجودة الرمان، ينسب إليها من المتأخرين أحمد بن مبشر بن يزيد بن عليّ المقري أبو العباس الواسطي، صحب صدقة بن الحسين بن وزير الواسطي وقدم معه إلى بغداد واستوطنها إلى أن توفي بها، سمع بالبصرة أبا إسحاق إبراهيم بن عطية المقري وأبا الحسن بن المعين الصوفي، وبواسط من أبي الفرج بن السوادي وأبي الحسين عليّ بن المبارك الشاهد، وببغداد من أبي الوقت عبد الأوّل السجزي والنقيب أبي جعفر المكي، وبالكوفة من أبي الحسن بن غبرة الحارثي وغيرهم وحدث عنهم، سمع منه الدبيثي وغيره، ومولده في سنة 525، ومات في بغداد في جمادى الآخرة سنة 609، وأحمد بن أبي الهياج بن عليّ أبو العباس الواسطي الخسروسابوري، قدم أيضا مع شيخه صدقة بن وزير إلى بغداد في سنة 553، وسمع بها من المشايخ الذين قبله، وقرأ الأدب على ابن الخشاب وابن العطار وإسمعيل بن الجواليقي، وتولى خدمة الفقراء برباط صدقة بعد وفاته، وكان صالحا، ومات في ذي القعدة سنة 579، ودفن بالرباط مع شيخه صدقة.
خُسْرُوشاذ فيرُوز:
كورة حلوان، وهي خمسة طساسيج، ويقال لها استان خسروشاذ فيروز.
خُسْرُوشاذ قُباذ:
منسوب إلى قباذ بن فيروز الملك:
وهي كورة بسواد العراق ستة طساسيج بالجانب الشرقي.
خُسْرُوشاذ هُرْمُز:
منسوب أيضا إلى ملك من ملوك الفرس: وهي كورة أيضا من أعمال السواد، بالجانب الشرقي منها جلولاء وهي قصبتها.
خُسْرُوشاه:
قرية بينها وبين مرو فرسخان، ينسب إليها أبو سعد محمد بن أحمد بن عليّ بن مجاهد الخسروشاهي، كان شيخا صالحا، سمع أبا المظفر السمعاني، وذكره أبو سعد في شيوخه وقال: ولد سنة 472. وخسروشاه أيضا: بليدة بينها وبين تبريز ستة فراسخ، فيها سوق وعمارة.
خِسْفين:
بكسر أوله، وفاء مكسورة، وياء مثناة من تحت، ونون: قرية من أعمال حوران بعد نوى في طريق مصر بين نوى والأردن، وبينها وبين دمشق خمسة عشر فرسخا.
الخمسة:
من قرى اليمن من مخلاف صداء من أعمال صنعاء، والله أعلم بالصواب.
باب الخاء والشين وما يليهما
خَشَا:
بفتح أوله، مقصور: موضع ينسب إليه النخل، وقيل جبل في ديار محارب، قال ابن الأعرابي: الخشا الزرع الذي قد اسودّ من البرد، عن أبي منصور، والخشو: الحشف من التمر، يقال: خشت النخلة إذا أحشفت.
خُشَابُ:
من قرى الري، معناه بالفارسية الماء الطيب، ينسب إليها حجّاج بن حمزة الخشابي العجلي الرازي، روى عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، روى عن جماعة، وقال أبو سعد الخشّابي وذكر حجّاجا: وما أراه إلّا غلطا منه.
خُشّاب:
قرية من قرى الري، وعرف بها حجاج بن حمزة الخشابي الرازي، حدث عنه محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك، روى عنه صالح بن محمد الرسي.
خَشَاخِش:
قد وصف في ترجمة الدّهناء إلى الحفر ثم يقع في معبّر والحماطان وجبل السّرسر وجرعاء العكن من جبال الدهناء.(2/371)
الخُشَارِمُ:
موضع في قول قيس بن العيزارة الهذلي:
أحار بن قيس! إن قومك أصبحوا ... مقيمين بين السّرو حتى الخشارم
خَشَاشُ:
بفتح أوله، وتكرير الشين: موضع، وأصله أن الخشاش حيّة الجبل، والأفعى حية السهل، وقال ابن شميل: الخشاش من دواب الأرض والطير ما لا دماغ له، فالحية والكروان والنّعام والحبارى لا دماغ لهنّ، والخشاشان: جبلان قريبان من الفرع من أراضي المدينة قرب العمق، وله شاهد في العمق.
الخَشَاشَة:
بفتح أوله، وتكرير الشين، وقد تقدم معناه: وهو موضع، قال بعضهم:
تحنّ قلوصي، بعد ما كمل السّرى، ... بنخلة، والصّهب الحراجيج ضمّر
تحنّ إلى ورد الخشاشة، بعد ما ... ترامى بنا خرق من الأرض أغبر
وباتت تجوب البيد، والليل ما ثنى ... يديه لتعريس، تحنّ وأزفر
وبي مثل ما تلقى من الشوق والهوى، ... على أنني أخفي الذي بي وتظهر
وقلت لها لما رأيت الذي بها: ... كلانا إلى ورد الخشاشة أصور
خشاغر:
من قرى بخارى فيما أحسب، منها أبو إسحاق إبراهيم بن زيد بن أحمد الخشاغري، روى عنه محمد ابن علي بن محمد أبو بكر النوجاباذي.
الخَشّالُ:
باللام: اسم موضع، كذا قال العمراني، فهو على هذا غير الحشّاك، بالحاء المهملة والكاف، الذي ذكره الأخطل في شعره، والله أعلم، والخشل:
المقل، واحدته خشلة.
خُشَاوِرَةُ:
بضم أوله، وبعد الألف واو مكسورة بعدها راء: سكة بنيسابور، عن أبي سعد، نسب إليها إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم القاري الخشاوري، كان ينزل برأس سكة خشاورة من أهل نيسابور ويعرف بإبرهيمك، سمع أبا زكرياء يحيى بن محمد ابن يحيى، ومات في شهر ربيع الآخر سنة 338 عن ثلاث وتسعين سنة، وقد احدودب كثيرا.
الخَشْباءُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وباء موحدة، والمدّ: جبل على غربي طريق الحاج قرب الحاجر ودون المعدن، يقال: أرض خشباء للتي كانت حجارتها منثورة متدانية، قال رؤبة:
بكلّ خشباء وكلّ سفح
خُشْبانُ:
في كتاب نصر: بضم الخاء المعجمة، وبعده شين معجمة ثم باء موحدة: موضع بخط ابن الكوفي صاحب أبي العباس، أحكم ضبط الاسم في قوله:
هوت أمّهم! ماذا بهم يوم صرّعوا ... بخشبان من أسباب مجد تصرّما؟
خُشُبٌ:
بضم أوله وثانيه، وآخره باء موحدة: واد على مسيرة ليلة من المدينة، له ذكر كثير في الحديث والمغازي، قال كثيّر:
وذا خشب من آخر الليل قلّبت، ... وتبغي به ليلى على غير موعد
وقال قوم: خشب جبل، والخشب: من أودية العالية باليمامة، وهو جمع أخشب، وهو الخشن الغليظ من الجبال، ويقال: هو الذي لا يرتقى فيه، وقال شاعر:
أبت عيني بذي خشب تنام، ... وأبكتها المنازل والخيام(2/372)
وأرّقني حمام بات يدعو ... على فنن، يجاوبه حمام
ألا يا صاحبيّ دعا ملامي، ... فإنّ القلب يغريه الملام
وعوجا تخبرا عن آل ليلى، ... ألا إني بليلى مستهام
خَشَبٌ:
بالتحريك، ذو خشب: من مخاليف اليمن.
خِشب:
بالكسر: جبل بأرضهم.
الخَشَبيُّ:
بينه وبين الفسطاط ثلاث مراحل، فيه خان، وهو أول الجفار من ناحية مصر وآخرها من ناحية الشام، قال أبو العزّ مظفّر بن إبراهيم بن جماعة بن علي الضرير العيلاني معتذرا عن تأخّره لتلقّي الوزير الصاحب صفيّ الدين بن شكر وكان قد تلقي إلى هذا الموضع:
قالوا: إلى الخشبيّ سرنا على لهف، ... نلقى الوزير جموعا من ذوي الرتب
ولم تسر، قلت: والمولى ونعمته، ... ما خفت من تعب ألقى ولا نصب
وإنما النار في قلبي لغيبته، ... فخفت أجمع بين النار والخشب
الخَشَبيّةُ:
بلفظ النسبة إلى الخشب: جبل قرب المصّيصة بالثغور، كان به مصلحة للمسلمين، وهي مسلحة الثغور، كذا نقلته من خط ابن كوجك عن أحمد بن الطيّب.
الخُشْرَبُ:
بوزن الطّحلب، آخره باء موحدة:
موضع، عن العمراني.
خُشُرْتي:
بضم أوله وثانيه، وراء ساكنة، وتاء مكسورة، قال ابن ماكولا: قرية ببخارى.
الخَشْرَمَةُ:
واد قرب ينبع يصب في البحر.
خُشُّ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه: من قرى أسفرايين من أعمال نيسابور، ويقال لها أيضا خوش، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أسد النيسابوري، سمع ابن عيينة والفضيل بن عياض والوليد بن مسلم وابن المبارك وغيرهم، روى عنه علي بن الحسن الهلالي ومحمد بن عبد الوهّاب العبدي ومحمد بن إسحاق الصغاني، وكان ثقة، وقال نصر: خشّ ناحية بأذربيجان.
خشعان:
من قرى اليمن.
خُشْكِرد:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وكسر كافه، وسكون رائه، وآخره دال: موضع.
خُشْكروذ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وآخره ذال معجمة، ومعناه بالفارسية نهر يابس: موضع بغزنة.
خُشْك:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وكاف: باب من أبواب هراة يقال له در خشك، كان أول من دخله من المسلمين أيام فتحها رجل يقال له عطاء بن السائب مولى بني ليث فسمّي عطاء الخشك إلى الآن، ومعناه اليابس بلسانهم وليس الأمر كذلك الآن فإن عند هذا الباب عدّة أنهر.
خُشَّك:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، وآخره كاف: اسم بلدة من نواحي كابل قرب طخارستان، والله أعلم.
خُشْمِنْجَكَث:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وكسر ميمه، ونون، وجيم مفتوحة، وكاف مفتوحة، وآخره ثاء: قرية من قرى كسّ بما وراء النهر، ينسب إليها يحيى بن هارون بن أحمد بن ميكال بن جعفر الميكالي الخشمنجكثي الصّرّام، سمع من أبي عبد الله محمد وأبي الحسن أحمد ابني عبد الله بن إدريس الإستراباذي وغيرهما، روى عنه أبو العباس المستغفري، وهو من شيوخه، وتوفي سنة 420.(2/373)
خُشْمِيثَن:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وكسر ميمه ثم ياء مثناة من تحتها ساكنة، وثاء مثلثة مفتوحة، وآخره نون، قال العمراني: موضع، ولم يفصح، وأنا أظنه من أعمال خوارزم.
خُشَنُ:
على وزن زفر: موضع بإفريقية.
خَشُوبُ:
بفتح أوله، وآخره باء موحدة: جبل في ديار مزينة، وقد ذكر معناه في خشب.
خُشُوفَغَن:
بضم أوله وثانيه، وبعد الواو فاء مفتوحة، وغين معجمة مفتوحة، ونون: من قرى الصّغد بما وراء النهر بين إشتيخن وكشانية، كثيرة الخير، تعرف الآن برأس القنطرة، منها الإمام أبو حفص عمر بن محمد بن بحير بن خازم البحيري الخشوفغني مصنف كتاب الصحيح، توفي سنة 311، وحفيده أبو العباس أحمد بن أبي الحسن محمد بن أبي حفص عمر الصّغدي الخشوفغني، سمع من جده كتاب الصحيح من تصنيفه، وسمع منه خلق كثير، وتوفي سنة 372.
خَشُونَنْجَكَث:
بفتح أوله، وبعد الواو الساكنة نونان الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، وجيم مفتوحة، وكان مفتوحة وآخره ثاء مثلثة: من قرى كسّ متصلة بقرى سمرقند وكانت من أعمال سمرقند، منها أبو أحمد الخشوننجكثي لا يعرف اسمه، روى عن أبي الحكم البجلي، روى عنه أبو أحمد حاضر بن الحسن بن زياد السمرقندي.
خُشَيْبَةُ:
بالتصغير: أرض قريبة من اليمامة، كانت بها وقعة بين تميم وحنيفة.
خَشِينَانُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه ثم ياء مثناة من تحت، ونون، وبعد الألف نون أخرى: محلة بأصبهان وقد يزيدون لها واوا فيقولون خوشينان، ينسب إليها أبو يحيى غالب بن فرقد الخشيناني، يروي عن مبارك بن فضالة، روى عنه عقيل بن يحيى وإسماعيل ابن يزيد.
خَشْيَنْدِيزَه:
بفتح أوله، وسكون ثانيه ثم ياء آخر الحروف، ونون ساكنة، ودال، وياء مثناة من تحتها أخرى، وزاي مفتوحة، وهاء: من قرى نسف بما وراء النهر، منها إسماعيل بن مهران الخشينديزي، ختن أبي الحسن العامري، سمع أحمد ابن حامد بن طاهر المقري.
خُشَينٌ:
تصغير خشن: جبل، وفي المثل: إن خشينا من أخشن، وهما جبلان أحدهما أصغر من الآخر، كما قيل: العصا من العصيّة، قال ابن إسحاق، وعدّد غزوات النبي، صلى الله عليه وسلم: وغزوة زيد بن حارثة جذام من أرض خشين، قال ابن هشام:
من أرض حسمى.
باب الخاء والصاد وما يليهما
خُصَا:
بالضم، والتخفيف: موضع في ديار يربوع بن حنظلة بين أفاق وأفيق من أرض نجد.
خُصَّا:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، مقصور: قرية كبيرة في طرف دجيل بنواحي بغداد بين حربى وتكريت، وقد ذكرها الشعراء الخلعاء والمحدثون، فمن ذلك:
خصّا بخصّا سلامي كل مخمور، ... بين الدّنان طريحا والمعاصير
قوم، إذا نفخ الناي الطويل لهم، ... قاموا كما قامت الأجداث للصّور
ينسب إليها الشيخ محمد بن عليّ بن محمد بن المهنّد السّقّاء الحريمي الخصّي، ولد بخصّا ثم انتقل عنها إلى(2/374)
الحريم فسكنها، حدث عن أبي القاسم بن الحصين، وابنه أبو الحسن عليّ بن محمد المقري، حدث عن أحمد بن الأشقر الدّلّال والمبارك بن أحمد الكندي وغيرهما، توفي سنة 618 بحربى. وخصّا أيضا: قرية شرقي الموصل كبيرة، فيها جمّالون يسافرون إلى خراسان.
الخَصاصةُ:
بلفظ التي تذكر في قوله تعالى: ولو كان بهم خصاصة: بليد في ديار بني زبيد وبني الحارث ابن كعب بين الحجاز وتهامة، فتح في أيام أبي بكر الصدّيق، رضي الله عنه، سنة 12 للهجرة على يدي عكرمة بن أبي جهل، وأما الخصاصة في لغة العرب والآية فقالوا هي الخلّة والحاجة، وذو الخصاصة ذو الفقر، وأصله من الخصاص، وهو كل خلل أو خرق يكون في منخل أو باب أو سحاب أو برقع، والواحدة خصاصة، وبعض يجعل الخصاص للضيّق والواسع، حتى قالوا لخروق المصفاة خصاص.
الخِصافَةُ:
بكسر أوله، وبعد الألف فاء: ماء للضّباب عليه نخل كثير، وقال الأصمعي: قال العامري غول والخصافة جميعا للضّباب، عليه نخل كثير، وكلاهما واد، والخصاف في اللغة: جلال التمر تعمل من الخوص، وهو جمع خصفة، وهو الحصير يعمل من الخوص أيضا.
خَصْرٌ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره راء:
جبل خلف شابة، وهما بين السليلة والرّبذة، ويروى الحضر، بالحاء المهملة والضاد المعجمة، قال عامر الخناعي:
ألم تسل عن ليلى وقد نفد العمر ... وقد أوحشت منها الموازج والحضر
والخصر: وسط الإنسان ما بين الحرقفة والقصيرى.
وخصر الرّجل: أخمصها.
الخُصُّ:
قرية قرب القادسية، قال عدي بن زيد الطائي:
تأكل ما شئت، وتعتلّها ... خمرا من الخصّ كلون الفصوص
خَصَفى:
بالتحريك، مقصور: موضع، مثل جفلى، من الخصف وهو خرز النعل وخياطته وترك بعضه على بعض، ويجوز أن يكون من قولهم نعجة خصفاء إذا ابيضّت خاصرتاها، يعني أن فيه سوادا وبياضا.
خُصْلَةُ:
بضم أوله، بلفظ الخصلة من الشعر وغيره:
ماء لبني أبي الحجّاج بن منقذ بن طريف من بني أسد، وقال الأصمعي: من مياه ثادق النّميلة، وخصلة، وبخصلة معدن حذاءها كان به ذهب، قال:
وخصلة لبني أعيار رهط حماس.
الخُصُوصُ:
بضم أوله، وصادين مهملتين: موضع قريب من الكوفة، تنسب إليه الدّنان فيقال:
دنّ خصّيّ، وهو مما غيّر في النسب، وكذا رواه الزمخشري والحازمي بضم أوله كأنه جمع الخصيص.
والخصوص، بالضم أيضا: قرية من أعمال صعيد مصر شرقي النيل، كلّ من فيها نصارى، وقال ابن الكلبي: اجتمعت قسر على عرينة فأخرجوهم من ديارهم وذلك في الإسلام، فقال عوف بن مالك بن ذبيان القسري وبلغه أمرهم:
أتاني، ولم أعلم به حين جاءني، ... حديث بصحراء الخصوص عجيب
تصاممته لما أتاني يقينه، ... وأفرع منهم مخطئ ومصيب
وحدّثت قومي أحدث الدهر بينهم، ... وعهدهم بالنائبات قريب(2/375)
فقيرهم مبدي الغنى، وغنيّهم ... له ورق للسائلين رطيب
وحدّثت قوما يفرحون بهلكهم ... سيأتيهم، م المنديات، نصيب
هكذا رواه ابن الكلبي في أوراق العرب، وفي الحماسة: إنه لجزء بن ضرار أخي الشماخ، وقال:
حديث بأعلى القنّتين عجيب
وقال عدي بن زيد:
أبلغ خليلي عند هند، فلا ... زلت قريبا من سواد الخصوص
الخَصوفُ:
موضع باليمن قرب صعدة، قال ابن الحائك: الخصوف قرية تحكم على وادي جلب باليمن، وبها أشراف بني حكم بن سعد العشيرة.
الخُصيتانِ:
تثنية خصية: أكمتان صغيرتان في مدفع شعبة من شعاب نهي بني كعب عن يسار الحاجّ إلى مكة من طريق البصرة.
خُصَيْلٌ:
بالتصغير: موضع بالشام.
الخَصِيّ:
بلفظ الخصيّ الخادم: موضع في أرض بني يربوع بين أفاق وأفيق.
باب الخاء والضاد وما يليهما
خُضابُ:
بضم أوله، وآخره باء موحدة: موضع باليمن.
الخَضارِمُ:
بفتح أوله، وكسر رائه: واد بأرض اليمامة أكثر أهله بنو عجل، وهم أخلاط من حنيفة وتميم، ويقال له جوّ الخضارم، قال ابن الفقيه:
حجر مصر اليمامة ثم جوّ وهي الخضرمة، وهي من حجر على يوم وليلة، وبها بنو سحيم وبنو ثمامة من حنيفة، والخضارم جمع خضرم، وهو الرجل الكثير العطية، مشبّه بالبحر الخضرم وهو الكثير الماء، وأنكر الأصمعي الخضرم في وصف البحر، وكلّ شيء واسع كثير خضرم، وقال طهمان:
يدي، يا أمير المؤمنين، أعيذها ... بحقويك ان تلقى بملقى يهينها
ولا خير في الدنيا، وكانت حبيبة، ... إذا ما شمال زايلتها يمينها
وقد جمعتني وابن مروان حرّة ... كلابيّة، فرع كرام غصونها
ولو قد أتى الأنباء قومي لقلّصت ... إليك المطايا، وهي خوص عيونها
وإنّ بحجر والخضارم عصبة ... حروريّة، حبنا عليك بطونها
إذا شبّ منهم ناشئ شبّ لاعنا ... لمروان، والملعون منهم لعينها
لعِينٌ:
بمعنى لاعن، وكان قد وجب عليه قطع فأعفاه، ولها قصّة وقد رويت لغير طهمان.
خَضْراءُ:
موضع باليمامة، وهي نخيلات وأرض لبني عطارد، قال الشاعر:
إلى الله أشكو ما ألاقي من الهوى، ... عشيّة بانت زينب ورميم
فبانوا من الخضراء شزرا فودّعوا، ... وأمّا نقا الخضراء فهو مقيم
والخضراء واليابس: حصن باليمن في جبل وصاب من عمل زبيد. والجزيرة الخضراء: بالأندلس، ذكرت في الجزيرة. والمدينة الخضراء: بلدة بينها وبين مليانة يوم واحد، وهي مدينة جليلة كثيرة البساتين على شاطئ نهر من أخصب مدن إفريقية.(2/376)
الخَضْرُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، قال الشاعر:
أتعرف أطلالا بوهبين فالخضر
ويروى بالصاد غير المنقوطة.
خِضْرِمَةُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وكسر رائه، الخضرمة ومخضوراء: ماءتان لبني سلول.
والخضرمة: بلد بأرض اليمامة لربيعة، وقال الحازمي:
جوّ اليمامة قصبة اليمامة، ويقال لبلدها خضرمة، بكسر الخاء والراء، وينسب إليها نفر، منهم:
خصيف بن عبد الرحمن الخضرمي وأخوه خصّاف، وفي كتاب دمشق: خصيف بن عبد الرحمن ويقال ابن يزيد أبو عون الجزري الحرّاني الخضرمي مولى بني أمية أخوه خصّاف، وكانا توأمين، وخصيف أكبرهما، حدّث عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير ومجاهد وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ومقسم بن عكرمة مولى ابن عباس وعمر بن عبد العزيز، روى عنه عبد الله بن أبي نجيح المكي ومحمد بن إسحاق صاحب المغازي وابن جريج وإسرائيل بن يونس وسفيان الثوري وعتاب بن بشير ومعمر بن سليمان الرّقّي ومروان بن حيّان الرقي وشريك بن عبد الله القاضي ومحمد بن فضيل وابن غزوان وغير هؤلاء كثير، وقدم على عمر بن عبد العزيز، وقال يحيى ابن معين: خصيف ثقة، وقال أحمد بن حنبل:
خصيف ليس بحجة في الحديث، وعباس بن الحسن الخضرمي، يروي عن الزهري، حدث عنه ابن جريج، قال أبو بكر المقري الأصبهاني، وهو محمد بن إبراهيم العاصمي: سألت أبا عروبة عن العباس بن الحسن الخضرمي فقال: كان لا شيء، وفي رجله خيط، والله أعلم.
خَضِرة:
بفتح أوله، وكسر ثانيه: أرض لمحارب بنجد، وقيل: هي بتهامة من أعمال المدينة.
خَضِلاتُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه: نخيلات لبني عبد الله بن الدؤل باليمامة، عن الحفصي.
الخَضِمَاتُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، جمع خضمة، وهي المرأة التي تخضم بأقصى أضراسها ما تأكله:
نقيع الخضمات، وقال السّهيلي: معنى الخضمات من الخضم وهو الأكل بالفم كله والقضم بأطراف الأسنان، ويقال: هو أكل اليابس، والخضم: أكل الرطب، فكأنه جمع خضمة، وهي الماشية التي تخضم، فكأنه سمي بذلك للخصب فيه.
خُضُمّانِ:
بضم أوله وثانيه، وتشديد الميم، بلفظ التثنية: موضع، عن ابن دريد، والخضمّ: معظم كلّ أمر في اللغة.
خَضَّمُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه: اسم موضع، قال الراجز:
لولا الإله ما سكنّا خضّما ... ولا ظللنا بالمشائي قيّما
يقال: أخذوا مشائيهم، واحدتها مشآة وهي كالزبيل، وقيل: هي ماءات، ولم يجيء على هذا البناء إلّا خضّم وعثّر اسم ماء وبقّم وشمّر اسم فرس وشلّم موضع بالشام وبذّر اسم ماء من مياههم. وخضّم أيضا اسم للعنبر بن عمرو بن تميم، وبالفعل سمي أكثر ذلك، وهو من الخضم وهو المضغ، وخوّد أيضا اسم موضع وخمّر اسم موضع من أراضي المدينة.
خَضُوراءُ:
اسم ماء.
الخُضَيرِيّةُ:
بلفظ تصغير خضرة، منسوب: محلة كانت ببغداد تنسب إلى خضير مولى صالح صاحب الموصل، وكانت بالجانب الشرقي، وفيها كان سوق(2/377)
الجرار، سكنها محمد بن الطيب بن سعد الصباغ فنسب إليها فقيل الخضيري، كان ثقة، حدث عن أحمد بن سلمان النجار وأبي بكر الشافعي وأحمد بن يوسف بن خلّاد وغيرهم.
باب الخاء والطاء وما يليهما
خُطَى:
بضم أوله، والقصر، جمع خطوة: موضع بين الكوفة والشام.
الخَطّابَةُ:
موضع في ديار كريب من ديار تميم.
الخطامة:
من قرى اليمامة، روي عن الحفصي.
الخَطَائِمُ:
قال أبو زياد الكلابي: ومن الأفلاج باليمامة الخطائم، وهو كثير الزرع والأطواء ليس فيه نخل.
خُطَرْنِيَةُ:
بالضم ثم الفتح، وبعد الراء الساكنة نون مكسورة، وياء آخر الحروف مخففة: ناحية من نواحي بابل العراق.
الخَطُّ:
بفتح أوله، وتشديد الطاء، في كتاب العين:
الخط أرض تنسب إليها الرماح الخطّيّة، فإذا جعلت النسبة اسما لازما قلت خطيّة ولم تذكر الرماح، وهو خط عمان، وقال أبو منصور: وذلك السّيف كله يسمى الخط، ومن قرى الخط القطيف والعقير وقطر، قلت أنا: وجميع هذا في سيف البحرين وعمان، وهي مواضع كانت تجلب إليها الرماح القنا من الهند فتقوّم فيه وتباع على العرب، وينسب إليها عيسى بن فاتك الخطي أحد بني تيم الله بن ثعلبة، كان من الخوارج الذين كانوا مع أبي بلال مرداس بن أديّة، وهو القائل:
أألفا مسلم فيما زعمتم، ... ويهزمهم بآسك أربعونا؟
الخُطُّ:
بضم الخاء، وتشديد الطاء: جبل بمكة، وهو أحد الأخشبين في رواية عليّ العلوي، قال: هو الأخشب الغربي، وقالوا في تفسير قول الأعشى:
فإن تمنعوا منا المشقّر والصفا، ... فإنّا وجدنا الخطّ جمّا نخيلها
الخطّ: خطّ عبد القيس بالبحرين، وهو كثير النخل.
الخطط:
موضع فيه نخل باليمامة، عن الحفصي.
خَطُّ الاستواءِ:
الذي يعتمد عليه المنجمون، قال أبو الريحان: إنه يبتدئ من المشرق في جنوب بحر الصين والهند ويمر ببعض الجزائر التي فيه حتى إذا جاوز حدود الزنج الذهبية من الأرض يمر على جزيرة كله، وهي فرضة على منتصف ما بين عمان والصين، ويمر على جزيرة سربزه في البحر الأخضر في المشرق، ويمر على جنوب جزيرة سرنديب وجزائر الديبجات ويجتاز على شمال الزنوج وشمال جبال القمر، وقيل: الخط إحدى مدينتي البحرين والأخرى هجر، وقيل:
الخط سيف للبحرين وعمان، وقيل: جزيرة ترفأ إليها السفن التي فيها الرماح الهندية فتثقف بها، ويمتد على براري سودان المغرب الذين منهم الخدم وينتهي إلى البحر المحيط بالمغرب، فمن سكن هذا الخط لم يختلف عليه الليل والنهار واستويا أبدا، وكان قطب الكلّ على أفقه فقامت المدارات وسطوحها عليه ولم تمل واجتازت الشمس على سمت رأسه في السنة مرّتين عند كون الشمس في رأس الحمل والميزان ثم مالت منه نحو الشمال ونحو الجنوب بمقدار واحد، ويسمى خط الاستواء والاعتدال بسبب تساوي النهار والليل فقط، فأما ما يسبق في أوهام بعض الناس منه أنه معتدل المزاج فباطل، يشهد بخلافه احتراق أهله ومن قرب منهم لونا وشعرا وخلقا وعقلا، وأين يعتدل(2/378)
مزاج موضع تغلي الشمس أدمغة أهله بالمسامتة حتى إذا مال عنها في الوقتين اللذين نعرفهما بالشتاء والصيف تروّحوا يسيرا واستروحوا قليلا، وقال غيره: خط الاستواء من المشرق إلى المغرب وهو أطول خط في كرة الأرض كما أن منطقة البروج أطول خط في الفلك.
خَطْمٌ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه: موضع دون سدرة آل أسيّد. وخطم الحجون أيضا: موضع يقال له الخطم، وليس الذي عناه الشاعر بقوله:
أقوى من آل ظليمة الحزم، ... فالعيرتان، فأوحش الخطم
إنما عنى به الخطم الذي دون سدرة آل أسيّد، كذا قال العمراني نقلا، وقال أبو خراش:
غداة دعا بني جشع وولى ... يؤمّ الخطم لا يدعو مجيبا
خَطْمَةُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه: موضع في أعلى المدينة، والخطام: حبل يجعل في طرفه حلقة ثم يقلد البعير ثم يثنى على مخطمه، وقد خطمت البعير خطما، والمرة خطمة، قال طهمان:
ما صبّ بكريّا على كعبيّة ... تحتلّ خطمة، أو تحلّ قفالا
إلّا المقادر، فاستهيم فؤاده ... من أن رأى ذهبا يزين غزالا
رئما أغنّ يصيد حسن دلاله ... قلب الحليم، ويطّبي الجهّالا
نظرت إليك، غداة أنت على حمّى، ... نظر الدوى ذكر الوصاة فمالا
وخَطْمةُ:
جبل يصب رأسه في وادي أوعال ووادي القرى، كذا قال ابن الحائك.
الخِطْمِيّ:
ذات الخطميّ: موضع فيه مسجد لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، بناه في مسيره إلى تبوك من المدينة، والله الموفق للصواب.
باب الخاء والظاء وما يليهما
الخِظَا:
بالكسر: ثنية أو أرض بالسراة، عن نصر.
باب الخاء والفاء وما يليهما
خُفَافٌ:
بضم أوله، وفاءين: من مياه عمرو بن كلاب بحمى ضرية، وهو يسرة وضح الحمى، وهو في اللغة:
الخفيف القلب المتوقّد، ينعت به الرجل كأنه أخف من الخفيف، قال الراعي:
رعت من خفاف حيث نقّ عبابه، ... وحلّ الروايا كل أسحم ماطر
خَفّانُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وآخره نون:
موضع قرب الكوفة يسلكه الحاج أحيانا، وهو مأسدة، قيل هو فوق القادسية، قال أبو عبيدة السكوني: خفّان من وراء النّسوخ على ميلين أو ثلاثة عين عليها قرية لولد عيسى بن موسى الهاشمي تعرف بخفان، وهما قريتان من قرى السواد من طفّ الحجاز، فمن خرج منها يريد واسطا في الطّفّ خرج إلى نجران ثم إلى عبدينيا وجنبلاء ثم قناطر بني دارا وتل فخار ثم إلى واسط، وقال السكري: خفّان وخفيّة أجمتان قريبتان من مسجد سعد بن أبي وقاص بالكوفة، وأنشد:
من المحميات الغيل غيل خفيّة، ... ترى تحت لحييه الفريس المعفّرا
خُفْتِيَانُ:
بالضم ثم السكون، والتاء مثناة من فوقها، وياء مثناة من تحتها، وآخره نون: قلعتان عظيمتان(2/379)
من أعمال إربل، إحداهما على طريق مراغة يقال لها خفتيان الزّرزاري على رأس جبل من تحتها نهر عظيم جار وسوق وواد عظيم، والأخرى خفتيان سرخاب بن بدر في طريق شهرزور من إربل، وهي أعظم من تلك وأفخم، ويكتب في الكتب خفتيذكان.
خُفُتِيذْكان:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وتاء مثناة من فوقها، وياء مثناة من تحتها، وذال معجمة، وكاف، وآخره نون: وهو الصحيح في اسم القلعتين المذكورتين قبل.
خَفَدَانُ:
بالتحريك: اسم موضع، يقال: أخفدت الناقة فهي مخفد إذا أظهرت أن بها حملا ولم يكن بها.
خَفَينَن:
بفتح أوله وثانيه ثم ياء آخر الحروف ساكنة، ونونان الأولى مفتوحة: وهو واد بين ينبع والمدينة، قال كثير:
وهاج الهوى أظعان عزّة غدوة، ... وقد جعلت أقرانهنّ تبين
فلما استقلّت من مناخ جمالها، ... وأشرفن بالأحمال قلت: سفين
تأطّرن بالميثاء ثم تركنه، ... وقد لاح من أثقالهنّ شجون
فأتبعتهم عينيّ، حتى تلاحمت ... عليها قنان من خفينن جون
وقيل: خفينن قرية بين ينبع والمدينة، وهما شعبتان:
واحدة تدفع في ينبع والأخرى تدفع في الخشرمة والخشرمة تدفع في البحر.
خَفِيَّةُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مشددة:
أجمة في سواد الكوفة، بينها وبين الرّحبة بضعة عشر ميلا، ينسب إليها الأسود فيقال أسود خفية، وهي غربي الرحبة، ومنها إلى عين الرّهيمة مغربا، وقيل عين خفيّة، وقال ابن الفقيه: في أرض العقيق بالمدينة خفية، وأنشد:
وينزل من خفية كل واد، ... إذا ضاقت بمنزله النعيم
وذكر محمد بن إدريس بن أبي حفصة في نواحي اليمامة خفيّة.
باب الخاء والكاف وما يليهما
خَكَنْجَه:
بفتح أوله وثانيه، ونون ساكنة، وجيم مفتوحة: من قرى بخارى.
باب الخاء واللام وما يليهما
خُلادُ:
بالضم، وتخفيف اللام، ودال مهملة: أرض في بلاد طيّء عند الجبلين لبني سنبس، كانت بئرا ثم غرست هناك نخل وحفرت آبار فسمّيت الأقيلبة.
خُلّارُ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، وآخره راء:
موضع بفارس يجلب منه العسل، ومنه حديث الحجّاج حين كتب إلى عامله بفارس: ابعث إليّ من عسل خلّار من النحل الأبكار من الدستفشار الذي لم تمسه النار.
خلاطا:
موضع يشرف على الجمرة بمكة.
خِلاطُ:
بكسر أوله، وآخره طاء مهملة: البلدة العامرة المشهورة ذات الخيرات الواسعة والثمار اليانعة، طولها أربع وستون درجة ونصف وثلث، وعرضها تسع وثلاثون درجة وثلثان، في الإقليم الخامس، وهي من فتوح عياض بن غنم، سار من الجزيرة(2/380)
إليها فصالحه بطريقها على الجزية ومال يؤدّيه ورجع عياض إلى الجزيرة، وهي قصبة أرمينية الوسطى، فيها الفواكه الكثيرة والمياه الغزيرة، وببردها في الشتاء يضرب المثل، ولها البحيرة التي ليس لها في الدنيا نظير، يجلب منها السمك المعروف بالطّرّيخ إلى سائر البلاد، ولقد رأيت منه ببلخ، وبلغني أنه يكون بغزنة، وبين الموضعين مسيرة أربعة أشهر، وهي من عجائب الدنيا، قال ابن الكلبي:
من عجائب الدنيا بحيرة خلاط فإنها عشرة أشهر لا يكون فيها ضفدع ولا سرطان ولا سمكة ثم يظهر بها السمك مدة شهرين في كل سنة، ويقال: إن قباذ الأكبر لما طلسم آفاق بلاده وجّه بليناس صاحب الطلسمات إلى أرمينية فلما صار إلى بحيرة خلاط فطلسمها فهي عشرة أشهر على ما ذكرناه.
الخِلاقَى:
من مياه الجبلين، قال زيد الخيل:
نزلنا، بين فتك والخلاقى، ... بحيّ ذي مدارأة شديد
خِلالُ:
بكسر أوله، بلفظ الخلال الذي يستخرج به قذى الأسنان: موضع بحمى ضرية في ديار بني نفاثة ابن عدي من كنانة.
الخَلائقُ:
قال أبو منصور: رأيت بذروة الصمّان قلاتا تمسك ماء السماء في صفاة خلقها الله تعالى فيها تسمّيها العرب الخلائق، الواحدة خليقة، قال صخر ابن الجعد الخضري:
كفى حزنا، لو يعلم الناس أنني ... أدافع كأسا عند أبواب طارق
أتنسين أيّاما لنا بسويقة، ... وأيامنا بالجزع جزع الخلائق
ليالي لا نخشى انصداعا من الهوى، ... وأيام جرم عندنا غير لائق
جرم: رجل كان يعاديه ويشي به، وكان لعبد الله ابن أحمد بن جحش أرض يقال لها الخلائق بنواحي المدينة، فقال فيها الحزين الدّؤلي:
لا تزرعن من الخلائق جدولا، ... هيهات إن ربعت وإن لم تربع
أما إذا جاد الربيع لبئرها ... نزحت، وإلا فهي قاع بلقع
هذي الخلائق قد أطرت شرارها، ... فلئن سلمت لأفزعنّ لينبع
خُلائلُ:
بالضم: موضع بنواحي المدينة، قال ابن هرمة:
احبس على طلل ورسم منازل ... أقوين، بين شواحط وخلائل
خِلِبتَا:
بكسر الخاء، واللام مكسورة أيضا خفيفة، والباء موحدة ساكنة، وتاء فوقها نقطتان: قرية كبيرة في شرقي الموصل من نواحي المرج على سفح جبل، طيبة الهواء صحيحة التربة، وبها جامع حسن وفيها عين فوّارة باردة، وبساتينها عشرية، وهي تتاخم الشّوش.
خَلْج:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره جيم:
موضع قرب غزنة من نواحي زابلستان.
خلْخَالُ:
بلفظ واحد خلاخيل النسوان: مدينة وكورة في طرف أذربيجان متاخمة لجيلان في وسط الجبال، وأكثر قراهم ومزارعهم في جبال شاهقة، بينها وبين قزوين سبعة أيام وبين أردبيل يومان، وفي هذه الولاية قلاع حصينة، وردتها عند انهزامي(2/381)
من التتر بخراسان في سنة 617.
الخُلْدُ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه: قصر بناه المنصور أمير المؤمنين ببغداد بعد فراغه من مدينته على شاطئ دجلة في سنة 159، وكان موضع البيمارستان العضديّ اليوم أو جنوبيه، وبنيت حواليه منازل فصارت محلة كبيرة عرفت بالخلد، والأصل فيها القصر المذكور، وكان موضع الخلد قديما ديرا فيه راهب، وإنما اختار المنصور نزوله وبنى قصره فيه لعلة البقّ، وكان عذبا طيب الهواء لأنه أشرف المواضع التي ببغداد كلها، ومرّ بالخلد عليّ بن أبي هاشم الكوفي فنظر إليه فقال:
بنوا وقالوا: لا نموت، ... وللخراب بنى المبنّي
ما عاقل، فيما رأيت، ... إلى الخراب بمطمئنّ
وقد نسب إلى هذه المحلّة جماعة من أهل العلم والزهّاد، منهم: جعفر الخلدي الزاهد، وقد روى بعض الصوفيّة أن جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم أبا الخوّاص المعروف بجعفر الخلدي لم يسكن الخلد قط، وكان السبب في تسميته بذلك أنه سافر الكثير ولقي المشايخ الكبراء من الصوفية والمحدثين ثم عاد إلى بغداد واستوطنها فحضر عند الجنيد وعنده جماعة من أصحابه، فسئل الجنيد عن مسألة فقال: يا أبا محمد أجبهم، فقالوا: أين نطلب الرزق؟ فقال: إن علمتم أيّ موضع هو فاطلبوه، فقالوا: نسأل الله ذلك؟ فقال: إن علمتم أنه نسيكم فذكّروه، فقالوا: ندخل البيت ونتوكل، فقال:
أتختبرون ربكم بالتوكل؟ هذا شك! فقالوا: كيف الحيلة؟ فقال: ترك الحيلة، فقال الجنيد: يا خلديّ من أين لك هذه الأجوبة؟ فجرى اسم الخلدي عليه، قال: والله ما سكنت الخلد ولا سكنه أحد من آبائي! ومات الخلدي في شهر رمضان سنة 348، وقال ابن طاهر: الخلدي لقب لجعفر بن نصير وليس بنسبة إلى هذا الموضع، ومن المنسوبين إليه صبيح بن سعيد النجاشي الخلدي المرّاق، كان يضع الأحاديث، قال يحيى بن معين: كان كذابا خبيثا، وكان ينزل الخلد، وكان المبرّد محمد بن يزيد النحوي ينزله فكان ثعلب يسميه الخلدي لذلك، وسماه المنصور بذلك تشبيها له بالخلد اسم من أسماء الجنة، وأصله من الخلود وهو البقاء في دار لا يخرج منها. والخلد أيضا: ضرب من الفيران خلقه الله أعمى لا يرى الدنيا قط ولا يكون إلا في البراري المقفرة.
الخَلْصَاء:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، والصاد مهملة، والمدّ، قال أبو منصور: بلد بالدّهناء معروف، وقال غيره: الخلصاء أرض بالبادية فيها عين، وقال الأصمعي: الخلصاء ماء لعبادة بالحجاز، والصحيح ما ذهب إليه الأزهري لأنه رأى تلك المواضع، وقد ذكره ذو الرّمة والدهناء منازله فقال:
ولم يبق بالخلصاء مما عنت به ... من الرّطب، إلا يبسها وهشيمها
وقال أيضا:
أشبهن من بقر الخلصاء أعينها، ... وهن أحسن من صيرانها صورا
خَلْصٌ:
موضع بآرة بين مكة والمدينة واد فيه قرى ونخل، قال الشاعر:
فإنّ بخلص فالبريراء فالحشا ... فوكد إلى النّهيين من وبعان(2/382)
جواري من حيّ عداء كأنها مها الرمل ذي الأزواج، غير عوان جننّ جنونا من بعول كأنها قرود تنادي في رباط يمان
وقال ابن هرمة:
كأنك لم تسر بجنوب خلص، ... ولم تربع على الطلل المحيل
ولم تطلب ظعائن راقصات ... على أحداجهن مها الدبيل
والخلص عند العرب: نبت له عرف.
خُلْصٌ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، هكذا وجدته مضبوطا في النقائض، قال جرير حيث خاطب الراعي فزجره جندل ابنه جاء ابن بروع برواحله من أهله بخلص وهبّود يكسبهم عليهن: أما والله لأوقرنهنّ له ولأهله خزيا ... بروع: اسم ناقة الراعي نسبه إليها. وخلص وهبّود: ماءان لأهل بيت الراعي، عن أبي عبيدة.
الخَلَصَةُ:
مضاف إليها ذو، بفتح أوله وثانيه، ويروى بضم أوله وثانيه، والأول أصح، والخلصة في اللغة:
نبت طيب الريح يتعلّق بالشجر له حبّ كعنب الثعلب، وجمع الخلصة خلص: وهو بيت أصنام كان لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، وهو صنم لهم فأحرقه جرير بن عبد الله البجلي حين بعثه النبي، صلى الله عليه وسلم، وقيل:
كان لعمرو بن لحيّ بن قمعة نصبه، أعني الصنم، بأسفل مكة حين نصب الأصنام في مواضع شتّى، فكانوا يلبسونه القلائد ويعلّقون عليه بيض النعام ويذبحون عنده، وكان معناهم في تسميتهم له بذلك أن عبّاده والطائفين به خلصة، وقيل: هو الكعبة اليمانية التي بناها أبرهة بن الصباح الحميري، وكان فيه صنم يدعى الخلصة فهدم، وقيل: كان ذو الخلصة يسمّى الكعبة اليمانية، والبيت الحرام الكعبة الشامية، وقال أبو القاسم الزمخشري: في قول من زعم أن ذا الخلصة بيت كان فيه صنم نظر لأن ذو لا يضاف إلا إلى أسماء الأجناس، وقال ابن حبيب في مخبره: كان ذو الخلصة بيتا تعبده بجيلة وخثعم والحارث بن كعب وجرم وزبيد والغوث بن مرّ بن أدّ وبنو هلال ابن عامر، وكانوا سدنته بين مكة واليمن بالعبلاء على أربع مراحل من مكة، وهو اليوم بيت قصّار فيما أخبرت، وقال المبرّد: موضعه اليوم مسجد جامع لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم، وقال أبو المنذر: ومن أصنام العرب ذو الخلصة، وكانت مروة بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج، وكانت بتبالة بين مكة واليمن على مسير سبع ليال من مكة، وكان سدنتها بني أمامة من باهلة بن أعصر، وكانت تعظّمها وتهدي لها خثعم وبجيلة وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب ومن هوازن، ففيها يقول خداش بن زهير العامري لعثعث بن وحشيّ الخثعمي في عهد كان بينهم فغدر بهم:
وذكّرته بالله بيني وبينه، ... وما بيننا من مدّة لو تذكّرا
وبالمروة البيضاء ثم تبالة ... ومجلسة النعمان حيث تنصّرا
فلما فتح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مكة وأسلمت العرب ووفدت عليه وفودها قدم عليه جرير بن عبد الله مسلما، فقال له: يا جرير ألا تكفيني ذا الخلصة؟ فقال: بلى، فوجّهه إليه فخرج حتى أتى بني أحمس من بجيلة فسار بهم إليه، فقاتلته(2/383)
خثعم وقتل مائتين من بني قحافة بن عامر بن خثعم وظفر بهم وهزمهم وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار فاحترق، فقالت امرأة من خثعم:
وبنو أمامة بالوليّة صرّعوا ... شملا، يعالج كلّهم أنبوبا
جاءوا لبيضتهم، فلاقوا دونها ... أسدا يقبّ لدى السيوف قبيبا
قسم المذلّة، بين نسوة خثعم، ... فتيان أحمس قسمة تشعيبا
قال: وذو الخلصة اليوم عتبة باب مسجد تبالة، قال: وبلغنا أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: لا تذهب الدنيا حتى تصطكّ أليات نساء بني دوس على ذي الخلصة يعبدونه كما كانوا يعبدونه. والخلصة: من قرى مكة بوادي مرّ الظهران، وقال القاضي عياض المغربي: ذو الخلصة بالتحريك وربما روي بضمها والأول أكثر، وقد رواه بعضهم بسكون اللام، وكذا قاله ابن دريد، وهو بيت صنم في ديار دوس، وهو اسم صنم لا اسم بنية، وكذا جاء في الحديث تفسيره، وفي أخبار امرئ القيس: لما قتلت بنو أسد أباه حجرا وخرج يستنجد بمن يعينه على الأخذ بثأره حتى أتى حمير فالتجأ إلى قيل منهم يقال له مرثد الخير بن ذي جدن الحميري، فاستمدّه على بني أسد، فأمدّه بخمسمائة رجل من حمير مع رجل يقال له قرمل ومعه شذّاذ من العرب، واستأجر من قبائل اليمن رجالا فسار بهم يطلب بني أسد، ومرّ بتبالة وبها صنم للعرب تعظمه يقال له ذو الخلصة فاستقسم عنده بقداحه، وهي ثلاثة:
الآمر والناهي والمتربّص، فأجالها فخرج الناهي، ثم أجالها فخرج الناهي، ثم أجالها فخرج الناهي، فجمعها وكسرها وضرب بها وجه الصنم وقال:
مصصت بظر أمك لو قتل أبوك ما نهيتني! فقال عند ذلك:
لو كنت يا ذا الخلص الموتورا ... مثلي، وكان شيخك المقبورا،
لم تنه عن قتل العداة زورا
ثم خرج فظفر ببني أسد وقتل عليّا قاتل أبيه وأهل بيته وألبسهم الدروع البيض محماة وكحلهم بالنار، وقال في ذلك:
يا دار سلمى، دارسا نؤيها، ... بالرمل والجبتين من عاقل
وهي قصيدة، فيقال: إنه ما استقسم عند ذي الخلصة بعدها أحد بقدح حتى جاء الإسلام وهدمه جرير بن عبد الله البجلي، وفي الحديث: أن ذا الخلصة سيعبد في آخر الزمان، قال: لن تقوم الساعة حتى تصطفق أليات نساء بني دوس وخثعم حول ذي الخلصة.
الخَلْقَدُونة:
ويروى الخذقدونة: هو الصقع الذي منه المصّيصة وطرسوس، وقد ذكر في موضع قبل هذا، وهو في الإقليم السادس، طوله خمسون درجة، وعرضه سبع وأربعون درجة.
الخَلُّ:
بلفظ الخلّ الحامض الذي يؤتدم به، والخلّ أيضا: الرجل القليل اللحم، وقد خلّ جسمه خلّا، وخللت الكساء أخلّه خلّا، والخلّ: الطريق في الرمل، قال الشاعر:
يعدو الجواد بها في خلّ خيدبة ... كما يشقّ إلى هدّابه السّرق
والخلّ ههنا: يرحل حاجّ واسط من لينة اليوم الرابع فيدخلون في رمال الخلّ إلى الثعلبية، وهو أن تعارض الطريق إلى الثعلبية، ولينة أقرب إلى(2/384)
الثعلبية. والخلّ: موضع آخر بين مكة والمدينة قرب مرجح، قال المكشوح المرادي:
نحن قتلنا الكبش، إذ ثرنا به ... بالخلّ من مرجح، إذ قمنا به
وقال القتّال الكلابي:
لكاظمة الملاحة، فاتركيها ... وذمّيها إلى خلّ الخلال
ولاقي من نفاثة كل خرق ... أشمّ سميدع مثل الهلال
كأن سلاحه في جذع نخل، ... تقاصر دونه أيدي الرجال
والخلّ: موضع باليمن في وادي رمع، قال أبو دهبل يمدح ابن الأزرق:
أين الذي ينعش المولى، ويحتمل ال ... جلّى، ومن جاره بالخير منفوح
كأنني، حين جاز الخلّ من رمع، ... نشوان أغرقه الساقون، مصبوح
وقال أيضا:
ماذا رزئنا، غداة الخلّ من رمع ... عند التفرّق، من خيم ومن كرم
والخلّ: ماء ونخل لبني العنبر باليمامة. وخلّ الملح:
موضع آخر في شعر يزيد بن الطّثريّة، قال:
لو انك شاهدت الصبا، يا ابن بوزل، ... بجزع الغضا، إذ واجهتني غياطله
بأسفل خلّ الملح، إذ دين ذي الهوى ... مؤدّى، وإذ خير القضاء أوائله
لشاهدت يوما، بعد شحط من النّوى ... وبعد تنائي الدار، حلوا شمائله
خُلْمُ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، إن كان عربيّا فهو أن الخلم شحوم ثرب الشاة، والخلم الأصدقاء، فأما الموضع فخلم: بلدة بنواحي بلخ، على عشرة فراسخ من بلخ، وهي بلاد للعرب نزلها الأسد وبنو تميم وقيس أيام الفتوح، وهي مدينة صغيرة ذات قرى وبساتين ورساتيق وشعاب، وزروعها كثيرة، وليس تكاد الريح تسكن بها ليلا ولا نهارا في الصيف، ينسب إليها أبو العوجاء سعيد ابن سعيد الخلمي المعروف بسعيدان، يروي عن سليمان التيمي، روى عنه إبراهيم بن رجاء بن نوح وجماعة سواه نسبوا إلى هذا المكان، وعثمان بن محمد بن أحمد الخليلي الخلمي أبو عمرو إمام فاضل فقيه مفت مناظر، ولي الخطابة ببلخ وصار شيخ الإسلام بها، تفقّه على الإمام أبي بكر محمد بن أحمد ابن عليّ القزّاز وسمع منه الحديث ومن القاضي أبي سعيد الخليل بن أحمد السجزي وأبي بكر محمد بن عبد الملك الماسكاني الخطيب وأبي المظفر منصور بن أحمد بن محمد البسطامي، أجاز لأبي سعد في ذي القعدة سنة 529.
خَلَّةُ:
بفتح الخاء، وتشديد اللام: قرية باليمن قرب عدن أبين عند سبا صهيب لبني مسيلمة، ينسب إليها نحويّ بمصر يخدم الملك الكامل ابن الملك العادل بن أيوب يقال له الخلّي، والله أعلم.
خِلّيبٌ:
بكسر أوله، وتشديد ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وآخره باء موحدة، على مثال سكّير وخمّير من الخلب، وهو مزق الجلد بالناب: موضع، عن ابن دريد.
خِلّيتٌ:
بكسر أوله وثانيه، بوزن الذي قبله إلا أن آخره تاء مثناة، وهو اسم للأبلق الفرد الذي بتيماء:(2/385)
بلد بأطراف الشام.
الخَلِيجُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وآخره جيم:
بحر دون قسطنطينية، وجبل خليج: أحد جبال مكة. وخليج أمير المؤمنين بمصر، قال القضاعي:
أمر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عمرو بن العاص عام الرّمّادة بحفر الخليج الذي في حاشية الفسطاط فساقه من النيل إلى بحر القلزم فلم يأت عليه الحول حتى سارت فيه السفن وحمل فيه ما أراد من الطعام إلى مكة والمدينة فنفع الله بذلك أهل الحرمين فسمي خليج أمير المؤمنين، وذكر الكندي أنه حفر في سنة 23 وفرغ منه في ستة أشهر وجرت فيه السفن ووصلت إلى الحجاز في الشهر السابع، قال: ولم يزل تحمل فيه الولاة إلى أن حمل فيه عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، ثم أضاعته الولاة بعد ذلك وسفت عليه الرمال فانقطع وصار منتهاه إلى ذنب التمساح من ناحية بطحاء القلزم، وقال ابن قديد: أمر أبو جعفر المنصور بسدّ الخليج حين خرج عليه محمد بن عبد الله ابن حسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، بالمدينة ليقطع عنه الميرة فسدّ إلى الآن، قلت أنا: وأثر هذا الخليج إلى الآن باق عند الخشبيّ منزل في طريق مصر من الشام، وهذا الخليج أراد أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ بن الساعاتي بقوله:
قف بالخليج، فإنه ... أشهى بقاع الأرض ربعا
رقصت له الأغصان، إذ ... أثنى الحمام عليه سجعا
متعطف كالأيم ذع ... را، حين خيف فضاق ذرعا
وإذا تمرّ به الصّبا، ... فاطرب بسيف صار درعا
متساويات سفنه ... خفضا، براكبها، ورفعا
مثل العقارب أقبلت ... فوق الأراقم، وهي تسعى
وقال أيضا:
نزلنا بمصر، وهي أحسن كاعب، ... فقيدة مثل زانها كرم البعل
فلم أر أمضى من حسام خليجها ... يموج، على إفرندها، صدأ الطّلّ
إذا سال، لا بل سلّ في متهالك ... من الأرض جدب، طلّ فيه دم المحل
غداة جلا تبر الشعاع متونه، ... ولا شك أن الماء والنار في النصل
ولا شك أعطاف الغصون كأنها ... شمائل معشوق تثنّى من الدّلّ
ينظم تعويذا لها سبج الدجى، ... وينثر إعجابا بها لؤلؤ الطلّ
وخليج بنات نائلة، قال مصعب الزبيري: منسوب إلى ولد نائلة بنت الفرافصة الكلبية امرأة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وكان عثمان اتخذ هذا الخليج وساقه إلى أرض استخرجها واعتملها بالعرصة.
الخُلَيْصَاءُ:
تصغير الخلصاء: موضع، قال عبد الله ابن أحمد بن الحارث شاعر بني عبّاد:
لا تستقرّ بأرض، أو تسير إلى ... أخرى بشخص قريب عزمه نائي
يوم بحزوى، ويوم بالعقيق، ويو ... م بالعذيب، ويوم بالخليصاء
وتارة تنتحي نجدا، وآونة ... شعب العقيق، وطورا قصر تيماء(2/386)
خُلَيْصٌ:
حصن بين مكة والمدينة.
الخَلِيفُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه: شعب في جبلة الجبل الذي كانت به الوقعة المشهورة، قال أبو عبيد:
لما دخلت بنو عامر ومن معهم من عبس وغيرهم جبل جبلة من خوفهم من الملك النعمان وعساكر كسرى اقتسموا شعوبه بالقداح فولجت بارق وبنو نمير الخليف، والخليف: الطريق الذي بين الشعبين يشبه الزقاق، لأن سهمهم تخلّف، وفي ذلك يقول معقّر بن أوس ابن حمار البارقي:
ونحن الأيمنون بنو نمير ... يسيل بنا أمامهم الخليف
وقال الحفصي: خليف صماخ قرية، وصماخ: جبل.
وخليف عشيرة: وهو نخل، ومحارث وعشيرة:
أكمة لبني عدي التيم، قال عبد الله بن جعفر العامري:
فكأنما قتلوا بجار أخيهم، ... وسط الملوك على الخليف، غزالا
خليفَةُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، بلفظ الخليفة أمير المؤمنين: جبل بمكة يشرف على أجياد الكبير.
خَلِيقَةُ:
مثل الذي قبله إلّا أنه بالقاف: منزل على اثني عشر ميلا من المدينة بينها وبين ديار سليم.
والخليقة أيضا: ماءة على الجادّة بين اليمامة ومكة لبني العجلان، وهو عبد الله بن كعب بن ربيعة بن عقيل، والخليقة في اللغة: لغة في الخلق، وجمعها الخلائق.
خَلِيقى:
قال أبو زياد: هضبة في بلاد بني عقيل، يقول:
يفعت خليقى، بعد ما امتدت الضحى، بمرتقب عالي المكان رفيع
الخَليلُ:
اسم موضع وبلدة فيها حصن وعمارة وسوق بقرب البيت المقدس، بينهما مسيرة يوم، فيه قبر الخليل إبراهيم، عليه السلام، في مغارة تحت الأرض، وهناك مشهد وزوّار وقوّام في الموضع وضيافة للزوّار، وبالخليل سمّي الموضع واسمه الأصلي حبرون، وقيل حبرى، وفي التوراة: أن الخليل اشترى من عفرون بن صوحار الحيثي موضعا بأربعمائة درهم فضة ودفن فيه سارة، وقد نسب إليه قوم من أصحاب الحديث، وهو موضع طيب نزه روح، أثر البركة ظاهر عليه، ويقال: إن حصنه من عمارة سليمان بن داود، عليه السلام، وقال الهروي: دخلت القدس في سنة 567 واجتمعت فيه وفي مدينة الخليل بمشايخ حدثوني أن في سنة 513 في أيام الملك بردويل انخسف موضع في مغارة الخليل فدخل إليها جماعة من الفرنج بإذن الملك فوجدوا فيها إبراهيم وإسحاق ويعقوب، عليهم السلام، وقد بليت أكفانهم وهم مستندون إلى حائط وعلى رؤوسهم قناديل ورؤوسهم مكشوفة، فجدد الملك أكفانهم ثم سد الموضع، قال: وقرأت على السلفي أن رجلا يقال له الأرمني قصد زيارة الخليل وأهدى لقيّم الموضع هدايا جمّة وسأله أن يمكنه من النزول إلى جثة إبراهيم، عليه السلام، فقال له: أما الآن فلا يمكن لكن إذا أقمت إلى أن ينقطع الجثل وينقطع الزوّار فعلت، فلما انقطعوا قلع بلاطة هناك وأخذ معه مصباحا ونزلا في نحو سبعين درجة إلى مغارة واسعة والهواء يجري فيها وبها دكة عليها إبراهيم، عليه السلام، ملقّى وعليه ثوب أخضر والهواء يلعب بشيبته وإلى جانبه إسحاق ويعقوب، ثم أتى به إلى حائط المغارة فقال له: إن سارة خلف هذا الحائط، فهمّ أن ينظر إلى ما وراء الحائط فإذا بصوت يقول:
إياك والحرم! قال: فعدوت من حيث نزلت.
والخليل أيضا: موضع من الشق اليماني، نسب إليه(2/387)
أحد الأذواء، عن نصر.
الخُلَيْل:
تصغير الخلّ: موضع، قال أبو أحمد:
ألست بفارس يوم الخليل، ... غداة فقدناك من فارس؟
باب الخاء والميم وما يليهما
خَمّاءُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه: موضع جاء في أشعار بني كلب بن وبرة.
خِمَارٌ:
بكسر أوله، وآخره راء مهملة: موضع بتهامة، ذكره حميد بن ثور فقال:
وقد قالتا: هذا حميد، وأن يرى ... بعلياء أو ذات الخمار عجيب
ويجوز أن يكون من الخمر وهو ما واراك من شجر أو غيره من واد أو جبل، وفي كتاب أبي زياد:
ذات الخمار، بكسر الخاء، وأنشد لحميد بن ثور:
وقائلة: زور مغبّ، وأن يرى ... بحلية أو ذات الخمار عجيب
زور: يعني نفسه، مغبّ: لا عهد له بالزيارة.
خَمَاسَاءُ:
بفتح أوله، وبعد الألف سين مهملة، ممدود، بوزن براكاء: اسم موضع، كأنه من التخمّس من القتال أي يصيرون خميسا خميسا كما أن البراكاء من البروك في القتال.
خُمَاصَةُ:
بضم أوله، وبعد الألف صاد مهملة: موضع في قول ابن مقبل:
فقلت، وقد جاوزن بطن خماصة: ... جرت دون بطحاء الظباء البوارح
خَمّانُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه: من نواحي البثنية من أرض الشام، يجوز أن يكون فعلان من خمّ الشيء إذا تغير عن أصله لنداوة نالته أو حرّ لم يبلغ أن يجيف.
خِمَانُ:
بكسر أوله، وآخره نون، وتخفيف ثانيه:
جبال في بلاد قضاعة على طريق الشام، كذا قاله العمراني، وأخاف أن يكون الذي قبله وقد صحّفه على أنه ذكرهما جميعا.
خُمَايْجانُ:
بضم أوله، وبعد الألف ياء ثم جيم، وآخره نون: قرية من قرى كارزين من بلاد فارس، منها أبو عبد الله محمد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن سفيان الخمايجاني الفقيه، حدث عن الحسن بن علي بن الحسن بن حمّاد المقري، سمع منه ابن عبد الوارث الشيرازي الحافظ.
خُمْخَيْسَرَة:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وفتح الخاء المعجمة أيضا، وتسكين الياء المثناة من تحت، وسين مهملة، وراء: قرية من قرى بخارى، منها الفقيه أبو سهل أحمد بن محمد بن الحسين بن نهي بن النضر الخمخيسري، يروي عن أبي عبد الله وأبي بكر الرّازيّين، سمع منه أبو كامل البصيري.
خَمْرا:
باخمرا المذكورة في بابها.
خُمْرَانُ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وراء، وآخره نون: من بلاد خراسان تذكر مع نيسابور وطوس وأبيورد ونسا وخمران في الفتوح، وهذه البلاد فتحها عبد الله بن عامر بن كريز عنوة حتى انتهى إلى سرخس، ويقال: إنه فتح بعض هذه البلاد صلحا، وذلك في سنة 31 للهجرة.
خَمَّرُ:
شعب من أعراض المدينة، وهو ملحق بوزن بقّم وشلّم وخضّم وبذّر.
خَمْرَبرت:
بلد من نواحي خلاط غير خرتبرت.(2/388)
خُمْرَك:
بضم أوله، وتسكين ثانيه: بليد بأرض الشاش من نواحي ما وراء النهر، ينسب إليها أبو الرجاء المؤمّل بن مسرور الشاشي الخمركي، روى عن أبي المظفر السمعاني، سمع منه خلق كثير، وتوفي بمرو سنة 516.
خمْطَةُ:
موضع بنجد، والله أعلم.
خَمِقْاباذ:
أوله مفتوح وروي بكسره، وبعد الميم قاف: قرية من قرى مرو ويقال لها خنقاباذ على طرف كوال حفصاباذ، منها إسحاق بن إبراهيم بن الزّبرقان الخمقاباذي، شيخ لا بأس به.
خَمْقُرَى:
بالفتح ثم السكون، وضم القاف، وراء، وألف مقصورة، اسم مركب معناه خمس قرى:
يراد به پنجده التي بخراسان، ينسب إليها هكذا أبو المحاسن عبد الله بن سعيد بن محمد بن موسى بن سهل الخمقري، كان من المشهورين بالفضل، سمع هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، ذكره أبو سعد في شيوخه، مات سنة 545.
خمْليخ:
مدينة ببلاد الخزر، قال البحتري يمدح إسحاق بن كنداجيق:
لم تنكر الخزرات إلف ذؤابة ... يحتلّ، في الخزر، الذوائب والذّرى
شرف تزيّد في العراق إلى الذي ... عهدوه في خمليخ، أو ببلنجرى
خُمٌّ:
اسم موضع غدير خمّ، خمّ في اللغة: قفص الدجاج، فإن كان منقولا من الفعل فيجوز أن يكون مما لم يسمّ فاعله من قولهم خمّ الشيء إذا ترك في الخمّ، وهو حبس الدجاج، وخمّ إذا نطف، كله عن الزهري، قال السّهيلي عن ابن إسحاق:
وخمّ بئر كلاب بن مرّة، من خممت البيت إذا كنسته، ويقال: فلان مخموم القلب أي نقيّه، فكأنها سميت بذلك لنقائها، قال الزمخشري: خمّ اسم رجل صبّاغ أضيف إليه الغدير الذي هو بين مكة والمدينة بالجحفة، وقيل: هو على ثلاثة أميال من الجحفة، وذكر صاحب المشارق أن خمّا اسم غيضة هناك وبها غدير نسب إليها، قال: وخمّ موضع تصب فيه عين بين الغدير والعين، وبينهما مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال عرّام:
ودون الجحفة على ميل غدير خمّ وواديه يصب في البحر، لا نبت فيه غير المرخ والثّمام والأراك والعشر، وغدير خمّ هذا من نحو مطلع الشمس لا يفارقه ماء المطر أبدا، وبه أناس من خزاعة وكنانة غير كثير، وقال معن بن أوس المزني:
عفا، وخلا ممن عهدت به خمّ، ... وشاقك بالمسحاء من شرف رسم
عفا حقبا، من بعد ما خفّ أهله، ... وحنّت به الأرواح والهطّل السّجم
وقال الحازمي: خمّ واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير، عنده خطب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة.
وخمّ أيضا ورمّ: بئران حفرهما عبد شمس بن عبد مناف، وقال:
حفرت خمّا، وحفرت رمّا، ... حتى ترى المجد لنا قد تمّا
وهما بمكة، وقال محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكة: بئر خمّ قريبة من الميثب حفرها مرّة بن كعب بن لؤيّ، قال: وكان الناس يأتون خمّا في الجاهلية والإسلام في الدهر الأول يتنزهون به(2/389)
ويكونون فيه، حدثنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعت عبد الله بن عمر وهو بخمّ يقول: بكاء الحيّ على الميت عذاب للميت، وقال:
لا نستقي إلا بخمّ والحفر
خَمّة:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه: ماء بالصمان لبني عبد الله بن دارم، ويقال: ليس لهم بالبادية إلا هذه، والقرعاء هي بين الدّوّ والصّمّان.
خُمِيثَن:
بضم أوله، وكسر ثانيه، وبعد الياء المثناة من تحت ثاء مثلثة، وآخره نون: قرية من قرى سمرقند، منها أبو يعقوب يوسف بن حيدر الخميثني السمرقندي، كان إماما فاضلا في الفرائض وغيرها، سمع أبا الفضل عبد السلام بن عبد الصمد البزّاز وغيره، روى عنه ابنه محمد بن يوسف.
خُمَيْرٌ:
بلفظ تصغير خمر: ماء فويق صعدة لبني ربيعة بن عبد الله، وذكر في صعدة.
خَمِيلٌ:
موضع في قول جرير:
ألا حيّ الديار، وإن تعفّت، ... وقد ذكّرن عهدك بالخميل
وكم لك بالمجيمر من محلّ، ... وبالعزّاف من طلل محيل
باب الخاء والنون وما يليهما
خَنَّابُ:
بالفتح، وتشديد النون: ناحية بكرمان لها رستاق وقرّى.
خَناثا:
موضع بنجد، عن نصر.
خُناجِنُ:
بضم أوله، وبعد الألف جيم بعدها نون، قال السمعاني: من قرى المعافر باليمن، منها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن أبي الصّقر الدوري الخناجني، حدث عن أبي العباس أحمد بن إبراهيم، روى عنه أبو القاسم الشيرازي.
خُناسُ:
بضم أوله: من مخاليف اليمن.
خُناصِرَةُ:
بليدة من أعمال حلب تحاذي قنّسرين نحو البادية، وهي قصبة كورة الأحصّ التي ذكرها الجعدي فقال:
فقال تجاوزت الأحصّ وماءه
وقد ذكرها عدي بن الرقاع فقال:
وإذا الربيع تتابعت أنواؤه، ... فسقى خناصرة الأحصّ وزادها
قيل: بناها خناصرة بن عمرو بن الحارث بن كعب ابن عمرو بن عبد ودّ بن عوف بن كنانة ملك الشام، كذا ذكره ابن الكلبي، وقال غيره: عمرها الخناصر ابن عمرو خليفة الأشرم صاحب الفيل، وينسب إليها أبو يزيد بن خالد بن محمد بن هاني الخناصري الأسدي، حدث بحلب عن المسيّب بن واضح، روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي نزيل حلب، وذكرها المتنبي فقال:
أحبّ حمصا إلى خناصرة، ... وكلّ نفس تحبّ محياها
حيث التقى خدّها وتفّاح لب ... نان وثغري على حميّاها
وصفت فيها مصيف بادية ... شتوت بالحصحصان مشتاها
إن أعشبت روضة رعيناها، ... أو ذكرت حلّة غزوناها
وقال جران العود وجعلها خناصرات كأنه جعل(2/390)
كل موضع منها خناصرة فقال:
نظرت وصحبتي بخناصرات ... ضحيّا، بعد ما متع النهار
إلى ظعن لأخت بني نمير ... بكابة، حيث زاحمها العقار
العقار: الرمل.
الخَنافِسُ:
أرض للعرب في طرف العراق قرب الأنبار من ناحية البردان، تقام فيه سوق للعرب، أوقع عندها بالمسلمين في أيام أبي بكر، رضي الله عنه، وأميرهم من قبل خالد بن الوليد، رضي الله عنه، أبو ليلى بن فدكي فقال:
وقالوا: ما تريد؟ فقلت: أرمي ... جموعا بالخنافس بالخيول
فدونكم الخيول، فألجموها ... إلى قوم بأسفل ذي أثول
فلما أن أحسّوا ما تولوا، ... ولم يغررهم ضبح الفيول
وفينا بالخنافس باقيات ... لمهبوذان في جنح الأصيل
ثم كانت بها وقعة أخرى في أيام عمر، رضي الله عنه، وإمارة المثنّى بن حارثة كبسهم يوم سوقهم وقتلهم وأخذ أموالهم، فقال المثنّى في ذلك:
صبحنا بالخنافس جمع بكر، ... وحيّا من قضاعة غير ميل
بفتيان الوغى من كلّ حيّ ... تباري، في الحوادث، كلّ جيل
نسفنا سوقهم، والخيل رود ... من التّطواف والشرب البخيل
خُنامَتَى:
بضم أوله، وبعد الميم تاء مثناة من فوق:
من قرى بخارى، ينسب إليها أبو صالح الطيب بن مقاتل بن سليمان بن حمّاد الخنامتيّ البخاري، يروي عن إبراهيم بن الأشعث، روى عنه أبو الطيب طاهر بن محمد بن حموية البخاري.
خُنانُ:
بضم أوله، وبعد الألف نون أخرى: مدينة من بلاد جرزان من فتوح حبيب بن مسلمة، قال الإصطخري: خنان قلعة تعرف بقلعة التراب لأنها على تلّ عظيم.
خَنْبُونُ:
بفتح أوله، وبعد النون الساكنة باء موحدة، وآخره نون: من قرى بخارى بما وراء النهر، بينها وبين بخارى أربعة فراسخ على طريق خراسان، ينسب إليها أبو القاسم واصل بن حمزة بن عليّ بن نصر الصوفي الخنبوني أحد الرّحّالين في طلب الحديث، وكان ثقة صالحا، سمع ببخارى أبا سهل عبد الكريم ابن عبد الرحمن الكلاباذي، وبأصبهان أبا بكر بن زبدة الضّبي، وبغيرهما من البلاد، سمع منه أبو بكر الخطيب وقاضي المارستان محمد بن عبد الباقي.
خَنْثَلُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وثاء مثلثة مفتوحة: برث من الأرض في ديار بني كلاب أبيض مستو بإزاء حزيز الحوأب، قال الأسود الأعرابي:
كان سعد بن صبيح النهشلي نزل بمربع بن وعوعة بن ثمامة بن الحارث بن سعد بن قرط بن عبد بن أبي بكر ابن كلاب، فمرض سعد وخرج مربع يأتي أهله بماء، فوثب سعد على امرأة مربع فاستغاثت، فجاء مربع فضربه بالسيف حتى قتله، فقال عند ذلك:
فزعت إلى سيفي، فنازعت غمده، ... حساما به أثر قديم مسلسل
فغادرت سعدا، والسباع تنوبه، ... كما ابتدر الورّاد جمّة منهل(2/391)
دعا نهشلا، إذ حازه الموت، دعوة، ... وأجلين عنه كالحوار المجدّل
فإنك قد أوعدتني غضب الحصى، ... وأنت بذات الرّمث من بطن خنثل
ولكنّما أوعدتني ببسيطة ال ... عراق الذي بين المضلّ وحومل
وقلت لأصحابي: النجاء فإنما ... مع الصبح، إن لم تسبقوا جمع نهشل
فأصبحن يركضن المحاجن، بعد ما ... تجلّى من الظّلماء ما هو منجلي
فاستعدت بنو تميم على مربع عند عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فأحلفه خمسين يمينا أنه ما قتله فحلف، فخلّى سبيله، فقال الفرزدق:
بني نهشل! هلّا أصابت رماحكم، ... على خنثل فيما يصادفن، مربعا
وجدتم زمانا كان أضعف ناصرا، ... وأقرب من دار الهوان وأضرعا
قتلتم به ثول الضباع، فغادرت ... مناصلكم منه خصيلا مرصّعا
فكيف ينام ابنا صبيح، ومربع ... على خنثل يسقى الحليب المقنّعا؟
وقال جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا، ... أبشر بطول سلامة يا مربع!
خَنْجَرَةُ:
بلفظ تأنيث الخنجر، وهو السكّين:
ماء من مياه نملي، وقال نصر: خنجرة ناحية من بلاد الروم.
خُنْداذ:
بالضم ثم السكون، وآخره ذال معجمة:
قرية بين همذان ونهاوند.
خَنْدَرُوذ:
بالفتح ثم السكون، وفتح الدال، وراء، وآخره ذال معجمة: موضع بفارس.
الخَنْدق:
بلفظ الخندق المحفور حول المدينة: محلّة كبيرة بجرجان، وقد نسب إليها قوم، منهم: أبو تميم كامل بن إبراهيم الخندقي الجرجاني، سمع منه زاهر ابن أحمد الحليمي وأبو عبد الله النيلي وغيرهما.
والخندق: قرية كبيرة في ظاهر القاهرة بمصر يقال هي ثنيّة الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان، ينسب إليها أبو عمران موسى بن عبد الرحمن الخندقي ثم الرّميسي لسكناه ببركة رميس من الفسطاط، روى عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم المقري المعروف بالكيراني، روى عنه جماعة، وأقرأ القرآن مدّة، سمع الإمام الزكيّ أبا محمد عبد العظيم بن عبد القوي ابن عبد الله المنذري عن أصحابه. وخندق سابور:
في برية الكوفة، حفره سابور بينه وبين العرب خوفا من شرّهم، قالوا: كانت هيت وعانات مضافة إلى طسوج الأنبار، فلما ملك أنوشروان بلغه أن طوائف من الأعراب يغيرون على ما قرب من السواد إلى البادية فأمر بتجديد سور مدينة تعرف بالنّسر كان سابور ذو الأكتاف بناها وجعلها مسلحة تحفظ ما قرب من البادية وأمر بحفر خندق من هيت يشقّ طفّ البادية إلى كاظمة مما يلي البصرة وينفذ إلى البحر، وبنى عليه المناظر والجواسق ونظمه بالمسالح ليكون ذلك مانعا لأهل البادية من السواد، فخرجت هيت وعانات بسبب ذلك الخندق من طسوج شاه فيروز لأن عانات كانت قرى مضمومة إلى هيت.
خَندَمَةُ:
بفتح أوله: جبل بمكة، كان لما ورد النبي، صلى الله عليه وسلم، عام الفتح جمع صفوان بن أميّة وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو جمعا(2/392)
بالخندمة ليقاتلوه، وكان حماس بن قيس بن خالد أحد بني بكر قد أعدّ سلاحا، فقالت له زوجته: ما تصنع بهذا السلاح؟ فقال: أقاتل به محمدا وأصحابه، فقالت: والله ما أرى أن أحدا يقوم لمحمد وأصحابه! فقال: والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم! وخرج فقاتل مع من بالخندمة من المشركين فمال عليهم خالد ابن الوليد فقتل بعضهم وانهزم الباقون وعاد حماس منهزما وقال لامرأته: أغلقي عليّ بابي، فقالت:
أين ما كنت تقول؟ فقال:
إنّك لو شهدت يوم الخندمة، ... إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمه،
وحيث زيد قائم كالمؤتمه، ... واستقبلتنا بالسيوف المسلمه
يقطعن كلّ ساعد وجمجمة ... ضربا، فلا تسمع إلا غمغمه،
لم تنطقي باللّوم أدنى كلمه
وقال بديل بن عبد مناة بن أمّ أصرم يخاطب أنس بن زنيم الديلي:
بكى أنس رزنا، فأعوله البكا، ... فالّا عديّا إذ تطلّ وتبعد
أصابهم يوم الخنادم فتية ... كرام، فسل، منهم نفيل ومعبد
هنالك، إن تسفح دموعك، لا تلم، ... عليهم، وإن لم تدمع العين تكمد
ومنها حجارة بنيان مكة ومنها شعب ابن عامر، وجبال مكة الخندمة وجبال أبي قبيس.
خُنْزُبُ:
بضم أوله وزايه، وآخره باء: موضع.
الخَنزَةُ:
بالفتح، والزاي: هضبة في ديار بني عبد الله بن كلاب.
خَنزَجُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وزاي مفتوحة، وآخره جيم، وروي بالباء: موضع.
خَنزَرُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح الزاي، وراء: موضع ذكره الجعدي في قوله:
ألمّ خيال من أميمة موهنا ... طروقا، وأصحابي بدارة خنزر
وقد ذكر في الدارات، قال السّكّري: خنزر هضبة في ديار بني كلاب، قال عبد الله بن نوالة:
أيمنعني التقوى، إذا ما أردتها، ... سديف بجنبي خنزير فجباجب؟
الجباجب: شيء يصنع من الجلد.
خَنزَرَةُ:
مثل الذي قبله وزيادة الهاء، يقال: خنزر الرجل خنزرة إذا نظر بمؤخر عينه، وهو فنعل من الأخزر: وهو هضبة طويلة عظيمة في ديار الضّباب، عن أبي زياد، وهو غير خنزر الذي قبله، قال الأعور بن براء الكلبي يهجو أمّ زاجر وهما عبدان:
أنعت عيرا من حمير حنزره، ... في كلّ عير مائتان كمره
لاقين أمّ زاجر بالمزدره، ... وكمنها مقبلة ومدبره
كذا وجدته بالحاء المهملة.
خِنزِيرُ:
بلفظ واحد الخنازير: ناحية باليمامة، وقيل:
جبل بأرض اليمامة ذكره لبيد، وقال الأعشى:
فالسفح يجري فخنزير فبرقته، ... حتى تدافع منه السّهل والجبل
وأنف خنزير: هو أنف جبل بأرض اليمامة، عن الحفصي.(2/393)
خَنْعَسُ:
جبل قرب ضرية من ديار غنيّ بن أعصر.
خَنْفَرُ:
قال ابن الحائك: أبين بها مدينة حنفر والرواع وبها بنو عامر بن كندة قبيلة عرنين.
الخَنْفَسُ:
يوم الخنفس: من أيام العرب، قال: وهو ماء لهم، بخط أبي الحسن بن الفرات.
خَنفَسُ:
قال نصر: ناحية من أعمال اليمامة قريبة من خزالا ومريفق بين جراد وذي طلوح، بينها وبين حجر سبعة أيام أو ثمانية، كذا قيل.
خُنْلِيق:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وكسر لامه، وياء مثناة من تحت، وآخره قاف: بلد بدربند خزران عند باب الأبواب، ينسب إليها حكيم بن إبراهيم بن حكيم اللّكزي الخنليقي الدربندي، كان فقيها شافعيّا فاضلا ثقة، تفقّه ببغداد على الغزّالي وسمع الحديث الكثير وسكن بخارى إلى أن توفي بها في شعبان سنة 538.
الخَنَقُ:
بالتحريك: أرض من جبال بين الفلج ونجران، يسكنها أخلاط من همدان ونهد بن زيد وغيرهم من اليمانية.
خَنُّور:
ذكر في أمّ خنّور.
خَنُوقاءُ:
في نوادر الفرّاء: خنوقاء أرض، ولا يحدّد.
الخَنُوقةُ:
واد لبني عقيل، قال القحيف العقيلي:
تحمّلن من بطن الخنوقة، بعد ما ... جرى للثريّا، بالأعاصير، بارح
خُنَيسٌ:
تصغير الخنس، وهو انقباض قصبة أرنبة الأنف كالتّرك، ورحبة خنيس: بالكوفة، تذكر في الرحبة.
الخُنَيْفغان:
بضم أوله، وفتح ثانيه، وياء مثناة من تحت، وفاء، وغين معجمة، وآخره نون: رستاق بفارس.
خِنْيَةُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وياء مثناة من تحت: من نواحي قسطنطينية.
باب الخاء والواو وما يليهما
خُوارُ:
بضم أوله، وآخره راء: مدينة كبيرة من أعمال الريّ بينها وبين سمنان للقاصد إلى خراسان على رأس الطريق تجوز القوافل في وسطها، بينها وبين الريّ نحو عشرين فرسخا، جئتها في شوال سنة 613، وقد غلب عليها الخراب، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم، منهم: أبو يحيى زكرياء بن مسعود الأشقر الخواري، حدث عن عليّ بن حرب الموصلي.
وخوار أيضا: قرية من أعمال بيهق من نواحي نيسابور، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم، منهم:
أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري البيهقي، إمام مسجد الجامع بنيسابور أحد الأئمة المشهورين، حدث عن الإمامين أبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي وأبي الحسن عليّ بن أحمد الواحدي بقطعة من تصانيفهما، روى عنه جماعة من الأئمة، آخرهم شيخنا المؤيد بن محمد بن عليّ الطوسي وغيره، فإنه حدث عنه بالوسيط وغيره، ومات في تاسع عشر شعبان سنة 536، وأخوه عبد الحميد بن محمد الخواري، حدث عن الحافظ أبي بكر البيهقي، حدث عنه أبو القاسم بن عساكر. وخوار أيضا:
قرية من نواحي فارس. والخوار: قرية في وادي ستارة من نواحي مكة قرب بزرة، فيها مياه ونخيل.
الخَوَّارُ:
بتشديد الواو في شعر كثيّر:
ونحن منعنا، من تهامة كلها، ... جنوب نقا الخوّار فالدّمث السّهلا(2/394)
بكل كميت مجفر الدّفّ سابح، وكل مزاق وردة تعلك النّكلا
خَوارِجُ:
بلفظ جمع الخارجي، قال السكري:
اسم قلّتين باليمامة بين وادي العرض ووادي قرّان، قال جرير:
ولقد جنبنا الخيل، وهي شوازب، ... متسربلين مضاعفا مسرودا
ورد القطا زمرا يبادر منعجا، ... أو من خوارج حائرا مورودا
وقال أيضا:
قومي الألى ضربوا الخميس وأوقدوا، ... فوق المنيفة من خوارج، نارا
قال: خوارج مأواة لبني سدوس باليمامة، قال:
وهذا يوم مثلهم.
خُوارِزْم:
أوله بين الضمة والفتحة، والألف مسترقة مختلسة ليست بألف صحيحة، هكذا يتلفظون به، هكذا ينشد قول اللحّام فيه:
ما أهل خوارزم سلالة آدم، ... ما هم، وحقّ الله، غير بهائم
أبصرت مثل خفافهم ورؤوسهم ... وثيابهم وكلامهم في العالم
إن كان يرضاهم أبونا آدم، ... فالكلب خير من أبينا آدم
قال ابن الكلبي: ولد إسحاق بن إبراهيم الخليل الخزر والبزر والبرسل وخوارزم وفيل، قال بطليموس في كتاب الملحمة: خوارزم طولها مائة وسبع عشرة درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها خمس وأربعون درجة، وهي في الإقليم السادس، طالعها السماك ويجمعها الذراع، بيت حياتها العقرب، مشرقة في قبة الفلك تحت ثلاث وعشرين درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، وقال أبو عون في زيجه: هي في آخر الإقليم الخامس، وطولها إحدى وتسعون درجة وخمسون دقيقة، وعرضها أربع وأربعون درجة وعشر دقائق، وخوارزم ليس اسما للمدينة إنما هو اسم للناحية بجملتها، فأما القصبة العظمى فقد يقال لها اليوم الجرجانية، وقد ذكرت في موضعها، وأهلها يسمونها كركانج، وقد ذكروا في سبب تسميتها بهذا الاسم أن أحد الملوك القدماء غضب على أربعمائة من أهل مملكته وخاصة حاشيته فأمر بنفيهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون بينهم وبين العمائر مائة فرسخ، فلم يجدوا على هذه الصفة إلا موضع مدينة كاث، وهي إحدى مدن خوارزم، فجاؤوا بهم إلى هذا الموضع وتركوهم وذهبوا، فلما كان بعد مدة جرى ذكرهم على بال الملك فأمر قوما بكشف خبرهم، فجاؤوا فوجدوهم قد بنوا أكواخا ووجدوهم يصيدون السمك وبه يتقوّتون وإذا حولهم حطب كثير، فقالوا لهم: كيف حالكم؟ فقالوا: عندنا هذا اللحم، وأشاروا إلى السمك، وعندنا هذا الحطب فنحن نشوي هذا بهذا ونتقوّت به، فرجعوا إلى الملك وأخبروه بذلك فسمى ذلك الموضع خوارزم لأن اللحم بلغة الخوارزمية خوار والحطب رزم، فصار خوارزم فخفف وقيل خوارزم استثقالا لتكرير الراء، وقد جاء به بعض العرب على الأصل، فقال الأسدي:
أتاني، عن أبي أنس، وعيد، ... فسلّ تغيّظ الضحّاك جسمي
ولم أعص الأمير، ولم أربه، ... ولم أسبق أبا أنس بوغم(2/395)
ولكنّ البعوث جرت علينا، ... فصرنا بين تطويح وغرم
وخافت من رمال السّغد نفسي، ... وخافت من رمال خوارزم
فقارعت البعوث وقارعتني، ... ففاز بضجعة في الحيّ سهمي
وأعطيت الجعالة، مستميتا، ... خفيف الحاذ من فتيان جرم
وأقرّ أولئك الذين نفاهم بذلك المكان وأقطعهم إياه وأرسل إليهم أربعمائة جارية تركية وأمدهم بطعام من الحنطة والشعير وأمرهم بالزرع والمقام هناك، فلذلك في وجوههم أثر الترك وفي طباعهم أخلاق الترك وفيهم جلد وقوة، وأحوجهم مقتضى القضية للصبر على الشقاء، فعمّروا هناك دورا وقصورا وكثروا وتنافسوا في البقاع فبنوا قرى ومدنا وتسامع بهم من يقاربهم من مدن خراسان فجاؤوا وساكنوهم فكثروا وعزّوا فصارت ولاية حسنة عامرة، وكنت قد جئتها في سنة 616، فما رأيت ولاية قط أعمر منها، فإنها على ما هي عليه من رداءة أرضها وكونها سبخة كثيرة النزوز متصلة العمارة متقاربة القرى كثيرة البيوت المفردة والقصور في صحاريها، قلّ ما يقع نظرك في رساتيقها على موضع لا عمارة فيه، هذا مع كثرة الشجر بها، والغالب عليه شجر التوت والخلاف لاحتياجهم إليه لعمائرهم وطعم دود الإبريسم، ولا فرق بين المارّ في رساتيقها كلها والمارّ في الأسواق، وما ظننت أن في الدنيا بقعة سعتها سعة خوارزم وأكثر من أهلها مع أنهم قد مرنوا على ضيق العيش والقناعة بالشيء اليسير، وأكثر ضياع خوارزم مدن ذات أسواق وخيرات ودكاكين، وفي النادر أن يكون قرية لا سوق فيها مع أمن شامل وطمأنينة تامة.
والشتاء عندهم شديد جدّا بحيث أني رأيت جيحون نهرهم وعرضه ميل وهو جامد، والقوافل والعجل الموقرة ذاهبة وآتية عليه، وذلك أن أحدهم يعمد إلى رطل واحد من أرز أو ما شاء ويكثر من الجزر والسلجم فيه ويضعه في قدر كبيرة تسع قربة ماء ويوقد تحتها إلى أن ينضج ويترك عليه أوقية دهنا ثم يأخذ المغرفة ويغرف من تلك القدر في زبدية أو زبديتين فيقنع به بقية يومه، فإن ثرد فيه رغيفا لطيفا خبزا فهو الغاية، هذا في الغالب عليهم، على أن فيهم أغنياء مترفهين إلّا أن عيش أغنيائهم قريب من هذا ليس فيه ما في عيش غيرهم من سعة النفقة وإن كان النزر من بلادهم تكون قيمته قيمة الكثير من بلاد غيرهم، وأقبح شيء عندهم وأوحشه أنهم يدوسون حشوشهم بأقدامهم ويدخلون إلى مساجدهم على تلك الحالة لا يمكنهم التحاشي من ذلك لأن حشوشهم ظاهرة على وجه الأرض، وذلك لأنهم إذا حفروا في الأرض مقدار ذراع واحد نبع الماء عليهم، فدروبهم وسطوحهم ملأى من القذر، وبلدهم كنيف جائف منتن، وليس لأبنيتهم أساسات إنما يقيمون أخشابا مقفصة ثم يسدونها باللبن، هذا غالب أبنيتهم، والغالب على خلق أهلها الطول والضخامة، وكلامهم كأنه أصوات الزرازير، وفي رؤوسهم عرض، ولهم جبهات واسعة، وقيل لأحدهم: لم رؤوسكم تخالف رؤوس الناس؟ فقال: إن قدماءنا كانوا يغزون الترك فيأسرونهم وفيهم شية من الترك فما كانوا يعرفون، فربما وقعوا إلى الإسلام فبيعوا في الرقيق، فأمروا النساء إذا ولدن أن يربطن أكياس الرمل على رؤوس الصبيان من الجانبين حتى ينبسط الرأس، فبعد ذلك(2/396)
لم يسترقّوا وردّ من وقع منهم إليهم إلى الكوفة، قال عبد الله الفقير إليه: وهذا من أحاديث العامة لا أصل له، هب أنهم فعلوا ذلك فيما مضى فالآن ما بالهم؟ فإن كانت الطبيعة ورثته وولدته على الأصل الذي صنعه بهم أمهاتهم كان يجب أن الأعور الذي قلعت عينه أن يلد أعور وكذلك الأحدب وغير ذلك، وإنما ذكرت ما ذكر الناس.
قال البشاري: ومثل خوارزم في إقليم الشرق كسجلماسة في الغرب، وطباع أهل خوارزم مثل طبع البربر، وهي ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا، آخر كلامه، قلت: ويحيط بها رمال سيّالة يسكنها قوم من الأتراك والتركمان بمواشيهم، وهذه الرمال تنبت الغضا شبه الرمال التي دون ديار مصر، وكانت قصبتها قديما تسمى المنصورة، وكانت على الجانب الشرقي فأخذ الماء أكثر أرضها فانتقل أهلها إلى مقابلها من الغربي، وهي الجرجانية، وأهلها يسمونها كركانج، وحوّطوا على جيحون بالحطب الجزل والطرفاء يمنعونه من خراب منازلهم يستجدّونه في كل عام ويرمّون ما تشعث منه، وقرأت في كتاب ألفه أبو الريحان البيروني في أخبار خوارزم ذكر فيه أنّ خوارزم كانت تدعى قديما فيل، وذكر لذلك قصة نسيتها فإن وجدها واحد وسهل عليه أن يلحقها بهذا الموضع فعل مأذونا له في ذلك عنّي، قال محمد بن نصر بن عنين الدمشقي:
خوارزم عندي خير البلاد، ... فلا أقلعت سحبها المغدقه
فطوبى لوجه امرئ صبّحت ... هـ، أوجه فتيانها المشرقة
وما ان نقمت بها حالة، ... سوى أن أقامت بها مقلقه
وكان المؤذّن يقوم في سحرة من الليل يقارب نصفه فلا يزال يزعق إلى الفجر قامت، وقال الخطيب أبو المؤيد الموفّق بن أحمد المكي ثم الخوارزمي يتشوّقها:
أأبكاك لمّا أن بكى في ربى نجد ... سحاب ضحوك البرق منتحب الرعد
له قطرات كاللآلئ في الثرى، ... ولي عبرات كالعقيق على خدّي
تلفّتّ منها نحو خوارزم والها ... حزينا، ولكن أين خوارزم من نجد؟
وقرأت في الرسالة التي كتبها أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة ذكر فيها ما شاهده منذ خرج من بغداد إلى أن عاد إليها فقال بعد وصوله إلى بخارى، قال: وانفصلنا من بخارى إلى خوارزم وانحدرنا من خوارزم إلى الجرجانية، وبينها وبين خوارزم في الماء خمسون فرسخا، قلت: هكذا قال ولا أدري أي شيء عنى بخوارزم لأن خوارزم هو اسم الإقليم بلا شك، ورأيت دراهم بخوارزم مزيفة ورصاصا وزيوفا وصفرا، ويسمون الدرهم طازجه، ووزنه أربعة دوانق ونصف، والصيرفي منهم يبيع الكعاب والدوامات والدراهم، وهم أوحش الناس كلاما وطبعا، وكلامهم أشبه بنقيق الضفادع، وهم يتبرؤون من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في دبر كل صلاة، فأقمنا بالجرجانية أياما وجمد جيحون من أوله إلى آخره، وكان سمك الجمد تسعة عشر شبرا، قال عبد الله الفقير: وهذا كذب منه، فإنّ أكثر ما يجمد خمسة أشبار وهذا يكون نادرا، فأما العادة فهو شبران أو ثلاثة، شاهدته وسألت عنه أهل تلك البلاد، ولعله(2/397)
ظنّ أنّ النهر يجمد كلّه وليس الأمر كذلك، إنما يجمد أعلاه وأسفله جار، ويحفر أهل خوارزم في الجليد ويستخرجون منه الماء لشربهم، لا يتعدّى الثلاثة أشبار إلّا نادرا، قال: وكانت الخيل والبغال والحمير والعجل تجتاز عليه كما تجتاز على الطريق، وهو ثابت لا يتحلحل، فأقام على ذلك ثلاثة أشهر فرأينا بلدا ما ظننا إلّا أنّ بابا من الزمهرير فتح علينا منه، ولا يسقط فيه الثلج إلّا ومعه ريح عاصف شديدة، قلت: وهذا أيضا كذب فإنه لولا ركود الهواء في الشتاء في بلادهم لما عاش فيها أحد، قال: وإذا أتحف الرجل من أهله صاحبه وأراد بره قال: تعال إليّ حتى نتحدّث فإن عندي نارا طيبة، هذا إذا بلغ في برّه وصلته، إلّا أنّ الله عز وجلّ قد لطف بهم في الحطب وأرخصه عليهم، حمل عجلة من حطب الطاغ وهو الغضا بدرهمين يكون وزنها ثلاثة آلاف رطل، قلت: وهذا أيضا كذب لأن العجلة أكثر ما تجرّ على ما اختبرته، وحملت قماشا لي عليها، ألف رطل لأن عجلتهم جميعها لا يجرها إلّا رأس واحد إما بقر أو حمار أو فرس، وأما رخص الحطب فيحتمل ان كان في زمانه بذلك الرخص، فأما وقت كوني بها فإن مائة من كان بثلث دينار ركنيّ، قال: ورسم سؤالهم أن لا يقف السائل على الباب بل يدخل إلى دار الواحد منهم فيقعد ساعة عند ناره يصطلي ثم يقول:
پكند، وهو الخبز، فإن أعطوه شيئا وإلّا خرج، قلت أنا: وهذا من رسمهم صحيح إلّا أنه في الرستاق دون المدينة شاهدت ذلك، ثم وصف شدة بردهم الذي أنا شاهدته من بردها أنّ طرقها تجمد في الوحول ثم يمشى عليها فيطير الغبار منها، فإن تغيّمت الدنيا ودفئت قليلا عادت وحولا تغوص فيها الدواب إلى ركبها، وقد كنت اجتهدت أن أكتب شيئا بها فما كان يمكنني لجمود الدواة حتى أقرّبها من النار وأذيبها، وكنت إذا وضعت الشربة على شفتي التصقت بها لجمودها على شفتي ولم تقاوم حرارة النفس الجماد، ومع هذا فهي لعمري بلاد طيبة وأهلها علماء فقهاء أذكياء أغنياء، والمعيشة بينهم موجودة وأسباب الرزق عندهم غير مفقودة، وأما الآن فقد بلغني أن التتر صنف من الترك وردوها سنة 618 وخرّبوها وقتلوا أهلها وتركوها تلولا، وما أظنّ أنه كان في الدنيا لمدينة خوارزم نظير في كثرة الخير وكبر المدينة وسعة الأهل والقرب من الخير وملازمة أسباب الشرائع والدين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
والذين ينسبون إليها من الأعلام والعلماء لا يحصون، منهم: داود بن رشيد أبو الفضل الخوارزمي، رحل فسمع بدمشق الوليد بن مسلم وأبا الزرقاء عبد الله بن محمد الصغاني، وسمع بغيرها خلقا، منهم بقية بن الوليد وصالح بن عمرو وحسان بن إبراهيم الكرماني وأبو حفص عمر بن عبد الرحمن الأمار وغيرهم، روى عنه مسلم بن الحجاج وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وصالح بن محمد جزرة، روى البخاري عن محمد بن عبد الرحيم في كفّارات الأيمان، وقال البخاري:
مات في سنة 239، وآخر من روى عنه أبو القاسم البغوي.
خُوَاشُ:
مدينة بسجستان، وأهلها يقولون خاش، على يسار الذاهب إلى بست، بينها وبين سجستان مرحلة، وبها نخل وأشجار وقنيّ ومياه.
خُواشْت:
بضم أوله ويفتح، وبعد الألف الساكنة شين معجمة ساكنة أيضا: من قرى بلخ، ينسب إليها أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله بن علي الخواشتي، فقيه محدث، روى عن علي بن عبد العزيز البغوي وعبد الصمد بن المفضّل.(2/398)
خَوافُ:
بفتح أوله، وآخره فاء: قصبة كبيرة من أعمال نيسابور بخراسان، يتصل أحد جانبيها ببوشنج من أعمال هراة والآخر بزوزن، يشتمل على مائتي قرية، وفيها ثلاث مدن: سنجان وسيراوند وخرجرد، ينسب إليها جماعة من أهل العلم والأدب، منهم: أبو المظفر أحمد بن محمد بن المظفر الخوافي الفقيه الشافعي من أصحاب الإمام أبي المعالي الجويني، كان أنظر أهل زمانه وأعرفهم بالجدل وكان الجويني معجبا به، وولي قضاء طوس ونواحيها في آخر أيامه وبقي مدة ثم عزل عنها من غير تقصير بل قصد وحسد، ومات بطوس سنة 500 ودفن بها، قال عبد الغافر: ولم يخلف مثله، وأبو الحسن علي بن القاسم بن علي الخوافي الأديب الشاعر، سمع محمد بن يحيى الذّهلي وأقرانه، روى عنه أبو الطيب أحمد الذهلي، وله مختصر كتاب العين.
خُوَاقَنْد:
بضم أوله، وبعد الألف قاف مفتوحة ثم نون ساكنة، وآخره دال: بلد بفرغانة، منها الأديب المقري أبو الطيب طاهر بن محمد بن جعفر ابن الخير المخزومي الخواقندي، سمع عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد، سكن سمرقند، روى عنه ابنه محمد بن طاهر، وتوفي في صفر سنة 501.
الخَوَّانِ:
تثنية خوّ، والخوّ: الجوع، وكل واد واسع في جو سهل فهو خوّ وخويّ، والخوّان:
واديان معروفان في بلاد بني تميم، وقال نصر:
الخوان غائطان بين الدّهناء والرّغام وليسا بالخوّ الذي نحن نذكره بعد، قال رافع بن هزيم:
ونحن أخذنا ثار عمّك بعد ما ... سقى القوم، بالخوّين، عمّك حنظلا
الخوَانِقُ:
موضع في قول قيس بن العيزارة:
أبا عامر ما للخوانق أوحشت ... إلى بطن ذي ينجا، وفيهنّ أمرع؟
قال نصر: الخوانق موضع عند طرف أجإ ملتقى الرمل والجلد.
خُوَايَة:
بضم أوله، وبعد الألف ياء مثناة من تحت:
من أعمال الري على ثمانية فراسخ، عن الزمخشري.
خُوبَذانُ:
بضم أوله، وبعد الواو الساكنة باء موحدة، وذال معجمة، وآخره نون: موضع بين أرّجان والنوبندجان من أرض فارس، وهناك قنطرة عجيبة الصنع عظيمة القدر، عن نصر.
خُوجانُ:
بضم أوله، وبعد الواو جيم، وآخره نون:
قصبة كورة أستوا من نواحي نيسابور، وأهلها يسمونها خبوشان، بالشين، ينسب إليها جماعة وافرة من العلماء، ومن المتأخرين: الأمير أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الفراتي الخوجاني أخو الأمير سعيد من أهل خوجان نيسابور من أولاد العلماء، وكان فاضلا، ولي القضاء بقصبة خوجان وحمدوا سيرته، وذكره أبو سعد في التحبير وقال:
ولد في سنة 465، ومات بقرية زاذيك من نواحي استوا في شوال سنة 544. وخوجان أيضا: قرية بالمغرب.
خُوَجّان:
مثل الذي قبله غير أن جيمه مشددة: من قرى مرو، وأهلها يقولون خجّان، ينسب إليها أبو الحارث أسد بن محمد بن يحيى الخوجّاني، سمع ابن المقري، وكان عالما فاضلا، ومن خوجّان محمد بن علي بن منصور بن عبد الله بن أحمد بن أبي العباس بن إسماعيل أبو الفضل السنجيّ ثم الخوجّاني أخو المقري عقيق الأكبر، كان يسكن قرية خوجان من قرى مرو، شيخ صدوق ثقة، سمع الحديث ونسخ بخطه(2/399)
وطلب بنفسه الحديث، وله رحلة إلى نيسابور، سمع بمرو أبا المظفر السمعاني وأبا القاسم إسماعيل بن محمد الزاهري وأبا عبد الله محمد بن جعفر الكتبي، وبنيسابور أبا بكر أحمد بن سهل بن محمد السّرّاج وأبا الحسن علي بن أحمد المديني وغيرهما، قرأ عليه أبو سعد، وكانت ولادته ليلة نصف شعبان سنة 469 بمرو، ومات سنة 538.
خَوخَةُ الأَشْقَر:
موضع بمصر، كان لأبي ناعمة مالك ابن ناعمة الصّدفي فرس أشقر لا يجارى، وكان يقال له أشقر الصدف، فلما مات الفرس دفنه صاحبه بذلك الموضع فسمّي به.
خَوَّدُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وآخره دال، بوزن شمّر: اسم موضع في قول ذي الرّمّة:
وأعين العين، بأعلى خوّدا، ... ألفن ضالا ناعما وغرقدا
خَوْرٌ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره راء مهملة، وهو عند عرب السواحل كالخليج يندّ من البحر، قال حمزة: وأصله هور فعرّب فقيل خور ثم جمع على الأخوار مثل ثوب وأثواب، وقد أضيف إلى عدة مواضع، منها: خور سيف، وهو موضع دون سيراف إلى البصرة، وهي مدينة فيها سويق يتزوّد منه مسافر البحر، فهذا علم لهذا الموضع، وكلّ ما على ساحل البحر من ذلك فهو خور إلا أنها ليست بأعلام: كخور جنّابة وخور نابند وغيرهما، ومما لم أشاهده خور الدّيبل من ناحية السند، والدّيبل:
مدينة على ساحل بحر الهند، ووجّه إليه عثمان بن أبي العاصي أخاه الحكم ففتحه. وخور فوفل: موضع في بلاد الهند يجلب مه القنا السّباط والسيوف الهندية الفائقة في الجودة، وليس في الهند أجود من سيوف هذا الخور، وفيه عقّار يسمى الفوفل، والموضع إليه ينسب. وخور فكّان: بليد على ساحل عمان، يحول بينه وبين البحر الأعظم جبل، وبه نخل وعيون عذبة. وخور بروص، وبروص: أجود بلاد تلك الناحية، منها يجلب النيل الفائق، وإليها يسافر أكثر التجار، وهي على ما حكي لي طيبة.
وفي بلاد العرب أيضا موضع يقال له الخور بأرض نجد من ديار بني كلاب، وفي شعر حميد بن ثور:
رعى السّدرة المحلال، ما بين زابن ... إلى الخور، وسمّي البقول المديّما
قال الأودي: الخور واد، وزابن جبل. والخور:
ساحل حرض باليمن، بينه وبين زبيد خمسة أيام.
خُورٌ:
بضم أوله، وآخره راء أيضا: قرية من قرى بلخ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم الخوري، يروي عن علي بن خشرم، روى عنه أبو عبد الله محمد بن جعفر الورّاق، مات سنة 305.
خُورُ سَفَلْقَ:
بفتح السين والفاء، وآخره قاف:
قرية من قرى أستراباذ في ظنّ أبي سعد، منها أبو سعيد محمد بن أحمد الخورسفلقي الأستراباذي، روى عن أبي عبيدة أحمد بن جوّاس، روى عنه أبو نعيم عبد الملك بن محمد الأستراباذي. وخور التي في الحديث يراد بها أرض فارس كلّها.
خُورَزْن:
جبل بباب همذان، منه قطع الأسد الذي يزعم أهل همذان أنه طلسم لهم من الآفات، وقد ذكرته في همذان.
خَوْرَمُ:
هكذا هو في كتاب نصر فقال: ينبغي أن يكون موضعا ذكره في كتاب محارب بن خصفة.(2/400)
الخَوَرْنَقُ:
بفتح أوله وثانيه، وراء ساكنة، ونون مفتوحة، وآخره قاف: بلد بالمغرب، قرأت في كتاب النوادر الممتعة لأبي الفتح بن جنّي: أخبرنا أبو صالح السليل بن أحمد عن أبي عبد الله محمد بن العباس اليزيدي قال: قال الأصمعي سألت الخليل ابن أحمد عن الخورنق فقال ينبغي أن يكون مشتقّا من الخرنق الصغير من الأرانب، قال الأصمعي:
ولم يصنع شيئا إنما هو من الخورنقاه، بضم الخاء وسكون الواو وفتح الراء وسكون النون والقاف، يعني موضع الأكل والشرب بالفارسية، فعرّبته العرب فقالت الخورنق ردّته إلى وزن السّفرجل، قال ابن جنّي: ولم يؤت الخليل من قبل الصنعة لأنه أجاب على أن الخورنق كلمة عربية، ولو كان عربيّا لوجب أن تكون الواو فيه زائدة كما ذكر لأن الواو لا تجيء أصلا في ذوات الخمسة على هذا الحدّ فجرى مجرى الواو كذلك، وإنما أتي من قبل السماع، ولو تحقق ما تحققه الأصمعي لما صرف الكلمة، أنّى وسيبويه إحدى حسناته؟
والخورنق أيضا: قرية على نصف فرسخ من بلخ، يقال لها خبنك، وهو فارسيّ معرب من خرنكاه، تفسيره موضع الشرب، ينسب إليها أبو الفتح محمد ابن محمد بن عبد الله بن محمد البسطامي الخورنقي، وهو أخو عمر البسطامي الخورنقي، كان يسكن الخورنق فنسب إليها، سمع أباه أبا الحسن بن أبي محمد وأبا هريرة عبد الرحمن بن عبد الملك بن يحيى ابن أحمد القلانسي وأبا حامد أحمد بن محمد الشجاعي السرخسي وأبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني التاجر، وكانت له إجازة من أبي علي السرخسي، كتب عنه أبو سعد، وكانت ولادته في العشر الأخير من شهر رمضان سنة 468 ببلخ، ووفاته بالخورنق في السابع عشر من رمضان سنة 551، وأما الخورنق الذي ذكرته العرب في أشعارها وضربت به الأمثال في أخبارها فليس بأحد هذين إنما هو موضع بالكوفة، قال أبو منصور: هو نهر، وأنشد:
وتجبى إليه السّيلحون ودونها ... صريفون في أنهارها والخورنق
قال: وهكذا قال ابن السكّيت في الخورنق، والذي عليه أهل الأثر والأخبار أن الخورنق قصر كان بظهر الحيرة، وقد اختلفوا في بانيه فقال الهيثم بن عدي:
الذي أمر ببناء الخورنق النعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نصر بن الحارث بن عمرو بن لخم ابن عدي بن مرّة بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ ابن يعرب بن قحطان، ملك ثمانين سنة وبنى الخورنق في ستين سنة، بناه له رجل من الروم يقال له سنمّار، فكان يبني السنتين والثلاث ويغيث الخمس سنين وأكثر من ذلك وأقل، فيطلب فلا يوجد، ثم يأتي فيحتجّ، فلم يزل يفعل هذا الفعل ستين سنة حتى فرغ من بنائه، فصعد النعمان على رأسه ونظر إلى البحر تجاهه والبرّ خلفه فرأى الحوت والضبّ والضبّي والنخل فقال: ما رأيت مثل هذا البناء قط! فقال له سنمّار: إني أعلم موضع آجرّة لو زالت لسقط القصر كله، فقال النعمان: أيعرفها أحد غيرك؟ قال:
لا، قال: لا جرم لأدعنّها وما يعرفها أحد! ثم أمر به فقذف من أعلى القصر إلى أسفله فتقطع، فضربت العرب به المثل، فقال شاعر:
جزاني، جزاه الله شرّ جزائه، ... جزاء سنمّار، وما كان ذا ذنب
سوى رمّه البنيان، ستين حجّة، ... يعلّ عليه بالقراميد والسكب(2/401)
فلما رأى البنيان ثمّ سحوقه، ... وآض كمثل الطّود والشامخ الصّعب
فظنّ سنمّار به كلّ حبوة، ... وفاز لديه بالمودّة والقرب
فقال: اقذفوا بالعلج من فوق رأسه! ... فهذا، لعمر الله، من أعجب الخطب
وقد ذكرها كثير منهم وضربوا سنمّار مثلا، وكان النعمان هذا قد غزا الشام مرارا وكان من أشدّ الملوك بأسا، فبينما هو ذات يوم جالس في مجلسه في الخورنق فأشرف على النّجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان والأنهار مما يلي المغرب وعلى الفرات مما يلي المشرق والخورنق مقابل الفرات يدور عليه على عاقول كالخندق فأعجبه ما رأى من الحضرة والنور والأنهار فقال لوزيره: أرأيت مثل هذا المنظر وحسنه؟
فقال: لا والله أيها الملك ما رأيت مثله لو كان يدوم! قال: فما الذي يدوم؟ قال: ما عند الله في الآخرة، قال: فبم ينال ذلك؟ قال: بترك هذه الدنيا وعبادة الله والتماس ما عنده، فترك ملكه في ليلته ولبس المسوح وخرج مختفيا هاربا، ولا يعلم به أحد ولم يقف الناس على خبره إلى الآن، فجاؤوا بابه بالغداة على رسمهم فلم يؤذن لهم عليه كما جرت العادة، فلما أبطأ الإذن أنكروا ذلك وسألوا عن الأمر فأشكل الأمر عليهم أياما ثم ظهر تخلّيه من الملك ولحاقه بالنّسك في الجبال والفلوات، فما رؤي بعد ذلك، ويقال: إن وزيره صحبه ومضى معه، وفي ذلك يقول عدي بن زيد:
وتبيّن ربّ الخورنق، إذ ... أشرف يوما، وللهدى تفكير
سرّه ما رأى وكثرة ما يم ... لك والبحر، معرضا، والسدير
فارعوى قلبه وقال: فما غب ... طة حيّ إلى الممات يصير!
ثم بعد الفلاح والملك والإم ... مة وارتهم هناك القبور
ثم صاروا كأنهم ورق جف ... ف، فألوت به الصّبا والدّبور
وقال عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة عند غلبة خالد ابن الوليد على الحيرة في خلافة أبي بكر، رضي الله عنه:
أبعد المنذرين أرى سواما ... تروّح بالخورنق والسدير
تحاماه فوارس كلّ حيّ، ... مخافة ضيغم عالي الزّئير
فصرنا، بعد هلك أبي قبيس، ... كمثل الشاء في اليوم المطير
تقسّمنا القبائل من معدّ ... كأنّا بعض أجزاء الجزور
وقال ابن الكلبي: صاحب الخورنق والذي أمر ببنائه بهرام جور بن يزدجرد بن سابور ذي الأكتاف، وذلك أن يزدجرد كان لا يبقى له ولد وكان قد لحق ابنه بهرام جور في صغره علّة تشبه الاستسقاء فسأل عن منزل مريء صحيح من الأدواء والأسقام ليبعث بهرام إليه خوفا عليه من العلّة، فأشار عليه أطبّاؤه أن يخرجه من بلده إلى أرض العرب ويسقى أبوال الإبل وألبانها، فأنفذه إلى النعمان وأمره أن يبني له قصرا مثّله على شكل بناء الخورنق، فبناه له وأنزله إياه وعالجه حتى برأ من مرضه، ثم استأذن أباه في(2/402)
المقام عند النعمان فأذن له، فلم يزل عنده نازلا قصره الخورنق حتى صار رجلا ومات أبوه فكان من أمره في طلب الملك حتى ظفر به ما هو متعارف مشهور، وقال الهيثم بن عدي: لم يقدم أحد من الولاة الكوفة إلا وأحدث في قصرها المعروف بالخورنق شيئا من الأبنية، فلما قدم الضّحّاك بن قيس بني فيه مواضع وبيّضه وتفقّده، فدخل إليه شريح القاضي فقال:
يا أبا أميّة أرأيت بناء أحسن من هذا؟ قال: نعم، السماء وما بناها! قال: ما سألتك عن السماء، أقسم لتسبّن أبا تراب، قال: لا أفعل، قال: ولم؟
قال: لأنا نعظم أحياء قريش ولا نسب موتاهم، قال: جزاك الله خيرا! وقال علي بن محمد العلوي الكوفي المعروف بالحمّاني:
سقيا لمنزلة وطيب، ... بين الخورنق والكثيب
بمدافع الجرعات من ... أكناف قصر أبي الخصيب
دار تخيّرها الملو ... ك، فهتّكت رأي اللبيب
أيام كنت، من الغواني، ... في السواد من القلوب
لو يستطعن خبأنني ... بين المخانق والجيوب
أيام كنت، وكنّ لا ... متحرّجين من الذنوب
غرّين يشتكيان ما ... يجدان بالدمع السّروب
لم يعرفا نكدا سوى ... صدّ الحبيب عن الحبيب
وقال علي بن محمد الكوفي أيضا:
كم وقفة لك بالخور ... نق ما توازى بالمواقف
بين الغدير إلى السدي ... ر إلى ديارات الأساقف
فمدارج الرهبان في ... أطمار خائفة وخائف
دمن كأن رياضها ... يكسين أعلام المطارف
وكأنما غدرانها ... فيها عشور في مصاحف
وكأنما أغصانها ... تهتزّ بالريح العواصف
طرر الوصائف يلتقين ... بها إلى طرر المصاحف
تلقى أواخرها أوا ... ئلها بألوان الرّفارف
بحريّة شتواتها، ... برّيّة منها المصائف
درّيّة الصهباء كا ... فوريّة منها المشارف
خُوزانُ:
بضم أوله، وبعد الواو زاي، وآخره نون: قرية من نواحي هراة. وخوزان أيضا: قرية من نواحي پنج ده كثيرة الخير والخضرة، وهاتان من نواحي خراسان، قال الحازمي: وخوزان من قرى أصبهان ورأيتها، قال: وقال لي أبو موسى الحافظ وينسب إليها أحمد بن محمد الخوزاني شاعر متأخر، روى عنه أبو رجاء هبة الله بن محمد بن عليّ الشيرازي، قال: أنشدني أحمد بن محمد الخوزاني لنفسه:(2/403)
خذ في الشباب من الهوى بنصيب، ... إنّ المشيب إليه غير حبيب
ودع اغترارك بالخضاب وعاره، ... فالشيب أحسن من سواد خضيب
وفي التحبير: محمد بن عليّ بن محمد المعلّم أبو سحمة الصوفي الخوزاني من أهل مرو، وكان شيخا فقيرا صالحا، سمع أبا الفتح عبد الرزاق بن حسان المنيعي، وسمع منه أبو سعد بالدرق، وكانت ولادته في حدود سنة 470، ومات في سنة 532 أو 533.
خُوزُ:
بضم أوله، وتسكين ثانيه، وآخره زاي:
بلاد خوزستان يقال لها الخوز، وأهل تلك البلاد يقال لهم الخوز وينسب إليه، ومنهم: سليمان بن الخوزي، روى عن خالد الحذّاء وأبي هاشم الرّماني، حدث عنه عبد الله بن موسى، وعمرو بن سعيد الخوزي، حدث عنه عباد بن صهيب. والخوز أيضا، شعب الخوز: بمكة، قال الفاكهي محمد بن إسحاق: إنما سمّي شعب الخوز لأن نافع بن الخوزي مولى عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث الخزاعي نزله وكان أول من بنى فيه، ويقال شعب المصطلق، وعنده صلّي على أبي جعفر المنصور، ينسب إليه أبو إسماعيل إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي مولى عمر ابن عبد العزيز، حدّث عن عمرو بن دينار وأبي الزبير وغيرهما بمناكير كثيرة وكان ضعيفا، روى عنه المعتمر بن سليمان والمعافى بن عمران الموصلي، وقال التّوزّي: الأهواز تسمّى بالفارسية هرمشير وإنما كان اسمها الأخواز فعرّبها الناس فقالوا الأهواز، وأنشد لأعرابي:
لا ترجعنّ إلى الأخواز ثانية، ... فعيقعان الذي في جانب السوق
ونهر بطّ الذي أمسى يؤرّقني ... فيه البعوض بلسب غير تشفيق
والخوز الأمّ الناس وأسقطهم نفسا، قال ابن الفقيه قال الأصمعي: الخوز هم الفعلة وهم الذين بنوا الصّرح واسمهم مشتقّ من الخنزير، ذهب أن اسمه بالفارسية خوه فجعله العرب خوز، زادوه زايا كما زادوها في رازي ومروزي وتوزي، وقال قوم: معنى قولهم خوزيّ أي زيّهم زيّ الخنزير، وهذا كالأول، وروي أن كسرى كتب إلى بعض عمّاله: ابعث إليّ بشرّ طعام على شرّ الدوابّ مع شرّ الناس، فبعث إليه برأس سمكة مالحة على حمار مع خوزيّ، وروى أبو خيرة عن عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: ليس في ولد آدم شرّ من الخوز ولم يكن منهم نجيب، والخوز: هم أهل خوزستان ونواحي الأهواز بين فارس والبصرة وواسط وجبال اللور المجاورة لأصبهان.
والخوزيّون: محلّة بأصبهان نزلها قوم من الخوز فنسبت إليهم فيقال لها درخوزيان، نسب إليها أبو العباس أحمد بن الحسن بن أحمد الخوزي يعرف بابن نجوكه، سمع أبا نعيم الحافظ، وقيل إنه آخر من حدّث عنه السمعاني منه إجازة، ومات في سنة 517 أو 518، وأحمد بن محمد بن أبي القاسم بن فليزة أبو نصر الأمين الخوزي الأصبهاني، سكن سكة الخوزيين، بها سمع أبا عمرو بن مندة وأبا العلاء سليمان بن عبد الرحيم الحسناباذي، مات يوم الأربعاء ثالث عشر شوّال سنة 531، ذكره في التحبير.
خُوزِسْتانُ:
بضم أوله، وبعد الواو الساكنة زاي، وسين مهملة، وتاء مثناة من فوق، وآخره نون:
وهو اسم لجميع بلاد الخوز المذكورة قبل هذا،(2/404)
واستان كالنسبة في كلام الفرس، قال شاعر يهجوهم:
بخوزستان أقوام ... عطاياهم مواعيد
دنانيرهم بيض ... وأعراضهم سود
وقال المضرّجي بن كلاب السعدي أحد بني الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم شهدوا وقائع المهلّب بن أبي صفرة للخوارج فقال:
ألا يا من لقلب مستجنّ ... بخوزستان قد ملّ المزونا
لهان على المهلّب ما ألاقي، ... إذا ما راح مسرورا بطينا
ألا ليت الرياح مسخّرات ... لحاجتنا، يرحن ويغتدينا
قال أبو زيد: وليس بخوزستان جبال ولا رمال إلا شيء يسير يتاخم نواحي تستر وجنديسابور وناحية إيذج وأصبهان، وأما أرض خوزستان فأشبه شيء بأرض العراق وهوائها وصحتها، فإن مياهها طيبة جارية ولا أعرف بجميع خوزستان بلدا ماؤهم من الآبار لكثرة المياه الجارية بها، وأما تربتها فإن ما بعد عن دجلة إلى ناحية الشمال أيبس وأصحّ، وما كان قريبا من دجلة فهو من جنس أرض البصرة في السّبخ وكذلك في الصحة، قال: وليس بخوزستان موضع يجمد فيه الماء ويروح فيه الثلج، ولا تخلو ناحية من نواحيها المنسوب إليها من النخل، وهي وخمة والعلل بها كثيرة خصوصا في الغرباء المتردّدين إليها، وأما ثمارهم وزروعهم فإن الغالب على نواحي خوزستان النخل ولهم عامة الحبوب من الحنطة والشعير والأرز فيخبزونه وهو لهم قوت كرستاق كسكر من واسط، وفي جميع نواحيها أيضا قصب السكر إلا أن أكثره بالمسرقان ويرفع جميعه إلى عسكر مكرم، وليس في قصبة عسكر مكرم شيء كثير من قصب السكر وكذلك بتستر والسوس وإنما يحمل إليها القصب من نواح أخر، والذي في هذه الثلاثة بلاد إنما يكون بحسب الأكل لا أن يستعصر منه سكر، وعندهم عامّة الثمار إلّا الجوز وما لا يكون إلا ببلاد الصّرود.
وأما لسانهم فإن عامتهم يتكلمون بالفارسية والعربية، غير أن لهم لسانا آخر خوزيّا ليس بعبراني ولا سرياني ولا عربي ولا فارسي، والغالب على أخلاق أهلها سوء الخلق والبخل المفرط والمنافسة فيما بينهم في النزر الحقير، والغالب على ألوانهم الصّفرة والنّحافة وخفّة اللحى ووفور الشعر، والضخامة فيهم قليل، وهذه صفة لعامّة بلاد الجروم، والغالب عليهم الاعتزال، وفي كورهم جميع الملل، وتتصل زاوية خوزستان هذه بالبحر فيكون له هور، والهور كالنهر يندّ من البحر ضاربا في الأرض تدخله سفن البحر إذا انتهت إليه، فإنه يعرض وتجتمع مياه خوزستان بحصن مهدي وتنفصل منه إلى البحر فتتصل به ويعرض هناك حتى ينتهي في طرفه المدّ والجزر ثم يتسع حتى لا يرى طرفاه، قالوا: وغزا سابور ذو الأكتاف الجزيرة وآمد وغير ذلك من المدن الرومية فنقل خلقا من أهلها فأسكنهم نواحي خوزستان فتناسلوا وقطنوا بتلك الديار، فمن ذلك الوقت صار نقل الديباج التّستري وغيره من أنواع الحرير بتستر والخزّ بالسوس والسّتور والفرش ببلاد بصنا ومتّوث إلى هذه الغاية، والله أعلم.
خُوزِيَانُ:
بعد الزاي المكسورة ياء مثناة من تحتها، وآخره نون: قصر من نواحي نسف بما وراء النهر، ينسب إليه أبو العباس المهدي بن سفيان بن حامد(2/405)
الزاهد الخوزياني، مات ثالث شعبان سنة 398.
خَوْسْت:
بفتح أوله، والتقاء الساكنين الواو والسين المهملة، وآخره تاء مثناة من فوق، وربما قالوا خست:
ناحية من نواحي أندرابة بطخارستان من أعمال بلخ، وهي قصبة تفضي إلى أربع شعاب نزهة كثيرة الشجر، ينسب إليها أبو عليّ الحسن بن أبي عليّ بن الحسين الخوستي الطخارستاني، سكن سمرقند، روى عن السيد أبي الحسن محمد بن محمد بن زيد الحسيني العلوي، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النّسفي، وتوفي سنة 518.
خَوْسَرُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وسين مهملة، وراء: واد في شرقي الموصل يفرغ ماؤه بدجلة، كان مجراه من باجبّارة القرية المعروفة مقابل الموصل تحت قناطر فيه إلى الآن، وعلى تلك القناطر جامعها والمنارة إلى الآن.
خُوش:
بضم أوله، وشين معجمة: قرية من نواحي أسفرايين، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أسد النيسابوري الخوشي، سمع ابن عيينة والمبارك والفضيل بن عياض وغيرهم.
خَوْشَب:
من قلاع ناحية الزّوزان.
خَوْصاءُ:
تأنيث الأخوص، وهو ضيق العين وغؤورها: موضع عربيّ أظنّه بالبحرين.
خَوْضُ الثَّعْلب:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وضاد معجمة: موضع وراء هجر، قال مقاتل بن رياح الدّبيري، وكان سرق إبلّا أيام حطمة المهدي حتى باعها بهجر فقال عند ذلك:
إذا أخذت إبلا من تغلب، ... فلا تشرّق بي ولكن غرّب،
وبع بقرحى أو بخوض الثّعلب ... وإن نسبت، فانتسب ثم أكذب،
ولا ألومنّك في التّنقّب
وقال ابن مقبل:
أجبت بني غيلان، والخوض دونهم، ... بأضبط جهم الوجه مختلف الشّحر
كان الأصمعي وأبو عمرو يقولان في هذا البيت له معنى الخوض خوض الحرب، وقال خالد بن كلثوم: الخوض بلد.
خُوطُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وطاؤه مهملة، وقد يقال له قوط: من قرى بلخ، والخوط في لغة العرب: الغصن الناعم.
خَوْعٌ:
بفتح أوله: جبل أو موضع قرب خيبر معروف، والخوع في لغتهم جبل، قال رؤبة يصف ثورا:
كما يلوح الخوع بين الأجبل
والخوع: منعرج الوادي، ويقال: جاء السيل فخوّع الوادي أي كسر جانبيه، وقال حميد ابن ثور:
ألثّت عليه كلّ سحّاء وابل، ... فللجزع من خوع السيول قسيب
وقال أبو أحمد: يوم الخوع، الخاء معجمة والواو ساكنة والعين غير معجمة، وفي هذا اليوم أسر شيبان ابن شهاب وهو فارس مودون، ومودون اسم فرسه، وهو سيّدهم في زمانه، وسمّاه ذو الرّمّة شيخ وائل وافتخر به فقال:
أنا ابن الذين استنزلوا شيخ وائل ... وعمرو بن هند، والقنا يتكسّر
أسره ربعيّ بن ثعلبة التميمي، وفي ذلك يقول شاعرهم:(2/406)
ونحن، غداة بطن الخوع، أبنا ... بمودون وفارسه جهارا
خَوْلانُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره نون:
مخلاف من مخاليف اليمن منسوب إلى خولان بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرّة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ، فتح هذا المخلاف في سنة ثلاث أو أربع عشرة في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأميره يعلى بن منية وقتل وسبى، وفي خولان كانت النار التي تعبدها اليمن، ويجوز أن يكون فعلان من الخول وهم الأتباع. وخولان: قرية كانت بقرب دمشق خربت، بها قبر أبي مسلم الخولاني وبها آثار باقية.
خُولَنْجَانُ:
بضم الخاء، وسكون ثانيه، وبعد اللام المفتوحة نون ثم جيم، وآخره نون: اسم موضع، وهو في الأصل اسم عقّار هنديّ.
خُومِينُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وكسر ميمه، وآخره نون: من قرى الري، منها أبو الطيب عبد الباقي ابن أحمد بن عبد الله الخوميني الرازي، سمع أبا بكر الخطيب بن ثابت وكان صدوقا.
خُونَا:
بضم أوله، وبعد الواو الساكنة نون، مقصور، والصواب في تسميتها وذكرها في الكتابة خونج:
بلد من أعمال أذربيجان بين مراغة وزنجان في طريق الري، وهو آخر ولاية أذربيجان تسمّى الآن كاغدكنان أي صنّاع الكاغد، وأهل هذه المدينة يكرهون تسميتها بخونا لقرينة قبيحة تقرن بهذا الاسم، رأيتها وهي بلدة صغيرة خراب فيها سوق حسن.
خُوْنْت:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وسكون النون أيضا، يلتقي فيه ساكنان، وتاء مثناة:
صقع قرب أرزن الروم فيه جبال معدودة في أعمال أرمينية.
خُونَج:
وهو خونا الذي قدمنا ذكره، غيّره عامة العجم وهو الصواب، بينها وبين زنجان يومان.
خُونَجَانُ:
بضم أوله، وبعد الواو الساكنة نون مفتوحة بعدها جيم، وآخره نون: قرية من قرى أصبهان، منها أبو محمد بن أبي نصر بن الحسن بن إبراهيم الخونجاني، شابّ فاضل، سمع الحافظ أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني وغيره.
خُونِيَانُ:
قلعة حسنة قريبة من نخشب بما وراء النهر، يسكنها قوم يقال لهم علجة من الأراذل.
خَوٌّ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، كل واد واسع في جوّ سهل يقال له خوّ وخويّ، ويوم خوّ: من أيام العرب كان لبني أسد على بني يربوع قتل فيه ذؤاب بن ربيعة عتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي، وقيل: خوّ واد بين التينين، قال مالك بن نويرة:
وهوّن وجدي، إذ أصابت رماحنا، ... عشيّة خوّ، رهط قيس بن جابر
عميد بني كوز وأفناء مالك ... وخير بني نصر وخير الغواضر
وقيل: خوّ كثيب معروف بنجد، وقال الحازمي:
خوّ واد في ديار بني أسد يفرغ ماؤه في ذي العشيرة، وقال يعثر بن لقيط الفقعسي:
ألا حيّ لي من ليلة القبر إنّه ... مآب، وإن أكرهته أنا آئبه
وتارك خوّ ينسج الريح متنه، ... إذا اطّردت قريانه ومذانبه
إذا أفأمت فيه الجنوب كأنما ... يدقّ به قرف القرنفل ناجبه(2/407)
إذا نوّرت غرّاؤه ودماثه، ... وزين بقلح الأيهقان أخاشبه
كأنّ به عيرا من المسك حلّها ... دهاقين ملك تجتني ومرازبه
وتارك ريعان الشباب لأهله ... تروح له أصحابه وصواحبه
وقال الأسود: خوّ واد لبني أسد ثمّ قتل عتيبة بن الحارث بن شهاب، وقال الراجز:
وبين خوّين زقاق واسع، ... زقاق بين التين والربائع
الربائع: أكناف من بلاد بني أسد، وفي كتاب الأصمعي: ما والى قطن الشمالي بين حبجرى وجانب قطن الشمالي جبلان تسمّيهما الناس التينين لبني فقعس وبينهما واد يقال له خوّ، قال الشاعر:
وهوّن وجدي إذ أصابت رماحنا، ... عشية خوّ، رهط قيس بن جابر
وخوّ: واد يصبّ في ذي العشيرة بن نخل من ديار بني أسد. وخوّ أيضا: لبني أبي بكر بن كلاب، والله أعلم.
الخَوَّةُ:
بلفظ واحدة التي قبله أو تأنيثه: ماء لبني أسد في شرقي سميراء والنبهانية من شرقي سميراء، بينها وبين الخوّة يومان، وبين المرة والخوّة يوم.
خُوَيْثٌ:
آخره ثاء مثلثة، وهو بلفظ تصغير الخوث، وهو عظم البطن: بلد في ديار بكر.
خُوَيْلَفَة:
موضع بنواحي فلسطين.
الخُوَيْلاءُ:
بلفظ التصغير: موضع.
خُوَيٌّ:
بلفظ تصغير خوّ، وقد تقدم تفسيره: يوم من أيامهم في هذا الموضع، ويقال: هو واد من وراء نهر أبي موسى، قال وائل بن شرحبيل:
وغادرنا يزيد لدى خويّ، ... فليس بآئب أخرى الليالي
وقال أبو أحمد العسكري [1] : يوم خويّ يوم بين تميم وبكر بن وائل وهو اليوم الذي قتل فيه يزيد بن القحارية فارس بني تميم، قتله شيبان بن شهاب المسمعي، قال عامر بن الطّفيل:
هلّا سألت، إذا اللّقاح تراوحت، ... هدج الرئال، ولم تبلّ صرارا
إنا لنعجل بالعبيط لضيفنا، ... قبل العيال، ونطلب الأوتارا
ونعدّ أياما لنا ومآثرا ... قدما تبذّ البدو والأمصارا
منها خويّ والذّهاب، وبالصفا ... يوم تمهّد مجد ذاك فسارا
وفي كتاب نصر: خويّ واد يفرغ من فلج من وراء حفر أبي موسى. وخويّ أيضا: بلد مشهور من أعمال أذربيجان حصن كثير الخير والفواكه، ينسب إليها الثياب الخوية، وينسب إليها أيضا أبو معاد عبدان الطبيب الخويّ، يروي عن الجاحظ، روى عنه أبو عليّ القالي ويوسف بن طاهر بن يوسف ابن الحسن الخويّ الأديب أبو يعقوب من أهل خوي، أديب فاضل وفقيه بارع، حسن السيرة رقيق الطبع مليح الشعر مستحسن النظم، كتب لأبي سعد الإجازة وقد كان سكن نوقان طوس وولي نيابة القضاء بها وحمدت سيرته في ذلك، وله تصانيف، من جملتها رسالة تنزيه القرآن الشريف عن وصمة اللحن والتحريف، وقال أبو سعد: وظني أنه قتل في وقعة العرب بطوس سنة 549 أو قبلها بيسير،
__________
[1] وفي رواية: أبو حامد العسكري.(2/408)
وينسب إليها أيضا أبو بكر محمد بن يحيى بن مسلم الخوي، حدث عن جعفر بن إبراهيم المؤذّن، روى عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن إدريس الشافعي وغيره.
خَوِيٌّ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وتشديد يائه:
واد بناحية الحمى، قال نصر: خوي ماؤه المعين رداه في جبال وهضب المعا وهي جبال حلّيت من ضريّة، قال كثيّر:
طالعات الغميس من عبّود، ... سالكات الخويّ من إملال
والخوّ والخويّ بمعنى واحد، وقد شرح آنفا، وقال العمراني: الخوي بطن واد، وأنشد:
كأنّ الآل يرفع، بين حزوى ... ورايته الخويّ، بهم سيالا
شبه الأظعان بهذا الشجر.
باب الخاء والياء وما يليهما
خَيَابِرُ:
جمع خيبر، كأنها جمعت بما حولها، ويذكر معناه عنده، قال ابن قيس الرقيّات:
أتاني رسول من رقيّة فاضح ... بأنّ قطين الحيّ بعدك سيّرا
أقول لمن يحدى بهم حين جاوزوا ... بها فلج الوادي وأجبال خيبرا:
قفوا لي أنظر نحو قومي نظرة، ... ولم يقف الحادي بهم وتغشمرا
خَياذانُ:
بالذال المعجمة، وآخره نون، قال ابن مندة في تاريخ أصبهان: محمد بن علي بن جعفر بن محمد ابن نجبة بن واصل بن فضالة التميمي الخياذاني أبو بكر، وخياذان: قرية من قرى المدينة، كتب عنه جماعة من أهل البلد، قلت: يريد بالمدينة شهرستان أصبهان، والله أعلم.
خِيازَجُ:
بكسر الخاء ثم ياء، وفتح الزاي، وجيم:
من قرى قزوين، ينسب إليها إسكندر بن حاجي بن أحمد بن علي بن أحمد الخيازجي أبو المحاسن، ذكره أبو زكرياء بن مندة، قال: قدم أصبهان وحدث عن هبة الله بن زاذان وغيره، سمع منه كهول بلدنا.
خِيَارَةُ:
قرية قرب طبريّة من جهة عكّا قرب حطّين بها قبر شعيب النبي، عليه السلام، عن الكمال بن العجمي.
الخَيَالُ:
بلفظ الخيال الشخص والطيف: أرض لبني تغلب، قال الشاعر:
لمن طلل تضمّنه أثال، ... فسرحة فالمرانة فالخيال؟
خِيام:
بلفظ جمع خيمة، يوم ذات خيام: من أيام العرب.
خَيبرُ:
الموضع المذكور في غزاة النبي، صلى الله عليه وسلم، وهي ناحية على ثمانية برد من المدينة لمن يريد الشام، يطلق هذا الاسم على الولاية وتشتمل هذه الولاية على سبعة حصون ومزارع ونخل كثير، وأسماء حصونها: حصن ناعم وعنده قتل مسعود بن مسلمة ألقيت عليه رحى، والقموص حصن أبي الحقيق، وحصن الشّقّ، وحصن النّطاة، وحصن السّلالم، وحصن الوطيح، وحصن الكتيبة، وأما لفظ خيبر فهو بلسان اليهود الحصن، ولكون هذه البقعة تشتمل على هذه الحصون سمّيت خيابر، وقد فتحها النبي، صلى الله عليه وسلم، كلها في سنة سبع للهجرة وقيل سنة ثمان، وقال محمد بن موسى الخوارزمي: غزاها النبي صلى الله عليه وسلم، حين(2/409)
مضى ست سنين وثلاثة أشهر وأحد وعشرون يوما للهجرة، وقال أحمد بن جابر: فتحت خيبر في سنة سبع عنوة، نازلهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قريبا من شهر ثم صالحوه على حقن دمائهم وترك الذرّية على أن يخلّوا بين المسلمين وبين الأرض والصفراء والبيضاء والبزّة إلا ما كان منها على الأجساد وأن لا يكتموه شيئا ثم قالوا: يا رسول الله إن لنا بالعمارة والقيام على النخل علما فأقرّنا، فأقرّهم وعاملهم على الشطر من التمر والحب، وقال:
أقرّكم ما أقرّكم الله، فلما كانت خلافة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ظهر فيهم الزنا وتعبّثوا بالمسلمين فأجلاهم إلى الشام وقسم خيبر بين من كان له فيها سهم من المسلمين وجعل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فيها نصيبا وقال: أيّتكنّ شاءت أخذت الثمرة وأيتكن شاءت أخذت الضيعة فكانت لها ولعقبها، وإنما فعل عمر، رضي الله عنه، ذلك لأنه سمع أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب، فأجلاهم، وقسم النبي، صلى الله عليه وسلم، خيبر لما فتحها على ستة وثلاثين سهما وجعل كل سهم مائة سهم فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به وقسم الباقي بين المسلمين، فكان سهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مما قسم الشق والنطاة وما حيز معهما، وكان فيما وقف على المسلمين الكتيبة وسلالم، وهي حصون خيبر، ودفعها إلى اليهود على النصف مما أخرجت فلم تزل على ذلك حياة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، رضي الله عنه، فلما كان عمر، رضي الله عنه، وكثر المال في أيدي المسلمين وقووا على عمارة الأرض وسمع أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال في مرض موته: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب، فأجلى اليهود إلى الشام وقسم الأموال بين المسلمين، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعث عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر ليخرص عليهم فقال: إن شئتم خرصت وخيّرتكم وإن شئتم خرصتم وخيرتموني، فأعجبهم ذلك وقالوا: هذا هو العدل، هذا هو القسط وبه قامت السموات والأرض، وذكر أبو القاسم الزجاجي أنها سمّيت بخيبر بن قانية بن مهلائيل بن إرم بن عبل، وعبيل أخو عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، وهو عم الرّبذة وزرود والشّقرة بنات يثرب وكان أول من نزل هذا الموضع، وخيبر موصوفة بالحمّى، قال شاعر:
كأنّ به، إذ جئته، خيبريّة ... يعود عليه وردها وملالها
وقدم أعرابيّ خيبر بعياله فقال:
قلت لحمّى خيبر: استعدّي! ... هاك عيالي فاجهدي وجدّي
وباكري بصالب وورد، ... أعانك الله على ذا الجند
فحمّ ومات وبقي عياله، واشتهر بالنسبة إليها جماعة، منهم: ابن القاهر الخيبري اللخمي الدمشقي، ولا أدري أهو اسم جده أم نسبه إلى هذا الموضع، روى عنه أبو القاسم الطبراني، ومات بعد سنة 559، وقال الأخنس بن شهاب:
فلابنة حطّان بن قيس منازل ... كما نمّق العنوان في الرّقّ كاتب
ظللت بها أعرى وأشعر سخنة ... كما اعتاد محموما بخيبر صالب
وهي أيضا موصوفة بكثرة النخل والتمر، قال حسان ابن ثابت:(2/410)
أتفخر بالكتّان لمّا لبسته، ... وقد تلبس الأنباط ريطا مقصّرا
فلا تك كالعاوي، فأقبل نحره، ... ولم تخشه سهما من النّبل مضمرا
فإنّا، ومن يهدي القصائد نحونا، ... كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا
خِيت:
بكسر أوله، وآخره تاء مثناة، ويقال خيط بالطاء: اسم قرية ببلخ.
خَيْدَبٌ:
بفتح أوله، وبعد الدال المهملة باء موحدة:
موضع في رمال بني سعد، والخيدب في كلامهم:
الطريق الواضح، قال:
يعدو الجواد بها في خلّ خيدبة ... كما يشقّ إلى هدّابه السّرق
والخلّ: الطريق في الرمل، وقال نصر: خيدب جبل نجديّ.
خَيْدَشتَر:
بفتح أوله، شك السمعاني في ثانيه أهو نون أم ياء وههنا ذكره: من قرى إشتيخن من نواحي الصغد، قال: ذكر هذه الصورة أبو سعد الإدريسي، ينسب إليها أبو بكر بلال بن رميار ابن ربابة الإشتيخني الخيدشتري، روى عن الحسين ابن عبد الله البرسخي، روى عنه عبد الله بن محمد بن الفضل السرخسي، وليست روايته بالقوية.
خَيْرٌ:
ضدّ الشرّ، خطة بني خير: بالبصرة منسوبة إلى فخذ من اليمن يلي بلعم.
خَيْرانٌ:
بالفتح: من قرى البيت المقدس، نسب إليها بعضهم يقال لها بيت خيران، قال أبو سعد:
وما عرفت هذه النسبة إلا في تاريخ الخطيب في ترجمة أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن طوق الربعي الخيراني الموصلي. وخيران: حصن باليمن أظنه من أعمال صنعاء.
خِير:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره راء، وهو في اللغة عبارة عن الكرم: موضع.
خَيْرَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وراء: جبلان، خيرة الأصفر وخيرة الممدرة من جبال مكة، ما أقبل منهما على مرّ الظهران حلّ، وما أقبل على المديرا حرم، والخيرة: المرأة الفاضلة، وكذلك من كل شيء.
خَيْرَجٌ:
بفتح أوله، وبعد الراء المهملة جيم: موضع.
خِيرَةُ:
بكسر الخاء، وفتح الياء: من ضياع الجند بمكة.
خَيرِين:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وكسر الراء، وسكون الياء الثانية، وآخره نون: قرية من أعمال نينوى من أعمال الموصل تسمى قصور خيرين.
خَيزَاخُزَا:
بفتح أوله، وبعد الألف خاء مضمومة، وزايان: قرية بينها وبين بخارى خمسة فراسخ بقرب الزّندنى، ينسب إليها أبو محمد عبد الله بن الفضل الخيزاخزي، كان مفتي بخارى، يروي عن أبي بكر أحمد بن محمد من بني جنب وأبي بكر بن مجاهد القطّان البجلي وغيرهما، روى عنه ابنه أبو نصر أحمد بن عبد الله.
خَيزَارُ:
بالفتح ثم السكون، وزاي، وآخره راء:
من نواحي أرمينية لها ذكر في الفتوح.
الخَيزُرَان:
قرية ينسب إليها، ذكرها في مجموع النسب.
الخِيس:
بالكسر: من نواحي اليمامة.
خَيسُ:
بفتح أوله ويكسر، وسكون ثانيه، وسين مهملة: من كور الحوف الغربي بمصر من فتوح(2/411)
خارجة بن حذافة، وكان أهلها ممن أعان على عمرو ابن العاص فسباهم ثم أمر عمر بردهم إلى بلادهم على الجزية أسوة بالقبط، وإليها ينسب البقر الخيسية، فإن كانت عربية فهي مصدر خاست الجيفة خيسا إذا أروحت، ومنه قيل: خاس البيع والطعام كأنه كسد حتى فسد.
خَيْسارُ:
بفتح الخاء، وسكون الياء، وسين مهملة، وآخره راء: من مدن الثغور التي بين غزنة وهراة، أخبرني بعض أهل الغور.
خَيْسَقٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وسين مهملة، وآخره قاف: اسم لابة أي حرّة معروفة، وبئر خيسق: بعيدة القعر، وفي كتاب العين: ناقة خسوق سيئة الخلق تخسق الأرض بمناسمها إذا مشت انقلب منسمها فخدّ في الأرض.
خَيْشٌ:
هو الجبل المسمى حيضا، وقد ذكر، سماه عمر بن أبي ربيعة خيشا في قوله:
تركوا خيشا على أيمانهم، ... ويسوما عن يسار المنجد
وهو من جبال السراة، وقال نصر: خيش جبل بنخلة قرب مكة يذكر مع يسوم.
خَيْشَانُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وشين معجمة، وآخره نون، قال الحازمي: موضع أظنه في سمرقند، وقد نسب إليه أبو الحسن الخيشاني السمرقندي، روى جامع الترمذي عن أبي بكر أحمد بن إسماعيل بن عامر السمرقندي.
خَيْصَلٌ:
بالفتح ثم السكون، وفتح الصاد المهملة، ولام: موضع في جبال هذيل عند ماء قيلهم، عن نصر.
خَيْفٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره فاء، والخيف: ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، ومنه سمي مسجد الخيف من منى، وقال ابن جنّي: أصل الخيف الاختلاف، وذلك أنه ما انحدر من الجبل فليس شرفا ولا حضيضا فهو مخالف لهما، ومنه: الناس أخياف أي مختلفون، قال:
الناس أخياف وشتّى في الشّيم، ... وكلهم يجمعهم بيت الأدم
وقال نصيب، وقيل للمجنون:
ولم أر ليلى، بعد موقف ساعة، ... بخيف منى ترمي جمار المحصّب
ويبدي الحصى منها، إذا قذفت به، ... من البرد أطراف البنان المخضّب
وأصبحت من ليلى، الغداة، كناظر ... من الصبح في أعقاب نجم مغرّب
ألا إنما غادرت، يا أم مالك، ... صدى أينما تذهب به الريح يذهب
وقال القاضي عياض: خيف بني كنانة هو المحصّب، كذا فسر في حديث عبد الرزاق، وهو بطحاء مكة، وقيل: مبتدأ الأبطح، وهو الحقيقة فيه لأن أصله ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل، وقال الزهري: الخيف الوادي، وقال الحازمي: خيف بني كنانة بمنى نزله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والخيف: ما كان مجنبا عن طريق الماء يمينا وشمالا متسعا. وخيف سلّام: بلد بقرب عسفان على طريق المدينة فيه منبر وناس كثير من خزاعة، ومياهها قني وباديتها قليلة من جشم وخزاعة. وخيف الحميراء:
في أرض الحجاز، قال ابن هرمة:(2/412)
كأن لم تجاورنا بنعف رواوة ... وأخزم، أو خيف الحميراء ذي النّخل
وقيل: إنما سماه خيف سلام، بالتخفيف، الرشيد كما ذكرناه في لويّة. وخيف الخيل: موضع آخر جاء في شعر سويد بن جدعة القسري، فقال:
ونحن نفينا خثعما عن بلادها ... تقتّل، حتى عاد مولى سنيدها
فريقين: فرق باليمامة منهم، ... وفرق بخيف الخيل تبرى حدودها
وخيف ذي القبر: أسفل من خيف سلام، وليس به منبر وإن كان آهلا، وبه نخيل كثير وموز ورمان، وسكانه بنو مسروح وسعد كنانة وتجار الفاق، وماؤه من القنيّ وعيون تخرج من ضفتي الوادي، وبقبر أحمد بن الرضا سمي خيف ذي القبر وهو مشهور به، وسلّام هذا كان من أغنياء هذا البلد من الأنصار، بتشديد اللام، قاله أبو الأشعث الكندي، وقال: أسفل منه خيف النّعم به منبر وأهله غاضرة وخزاعة وتجار بعد ذلك وناس، وبه نخيل ومزارع، وهو إلى عسفان، ومياهه خرّارة كثيرة.
خَيْفَقٌ:
بفتح أوله، وبعد الياء المثناة من تحت فاء ثم قاف: يوم العصا وخيفق لا أدري أهو موضع أم غير موضع.
خَيْقَمانُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح قافه، وآخره نون، قال أبو منصور: خيقم حكاية صوت، ومنه قوله يدعو خيقما خيقما، قال: ورأيت في بلاد بني تميم ركية عادية تسمى خيقمان، وأنشدني بعضهم ونحن نستقي منها:
كأنما نطفة خيقمان ... صبيب حنّاء وزعفران
وكان ماء هذه الركية شديد الصفرة.
خَيْلامُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه: بلدة بما وراء النهر من أعمال فرغانة، ينسب إليها الشريف حمزة ابن عليّ بن المحسن بن محمد بن جعفر بن موسى الخيلامي من ولد أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، كان فقيها فاضلا، روى عن القاضي أبي نصر أحمد بن عبد الرحمن بن إسحاق الرّيغذموني، روى عنه عمر بن محمد ابن أحمد النسفي، مات بسمرقند في ذي الحجة سنة 523.
خَيْلَعٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح اللام، وآخره عين مهملة: اسم موضع، قال أبو عمرو:
الخيعل قميص لا كمّي له، وقال غيره: وقد يقلب فيقال له الخيلع، وربما كان غير منصوح الفرجين.
خَيْلٌ:
بلفظ الخيل التي تركب: كورة وبليدة بين الري وقزوين محسوبة من أعمال الري، وهي إلى قزوين أقرب، بينها وبين قزوين عشرة فراسخ، ولها عدة قرى ومنبر وأسواق، وقال نصر:
بقيع الخيل موضع بالمدينة عند دار زيد بن ثابت دفن به عامة قتلى أحد، قال نصر: وأظنه بقيع الغرقد، وأيضا جبل الخيل: قرب المدينة بين محنّب وصرار له ذكر في المغازي. وروضة الخيل: نجدية.
خِيَمَاءُ:
بكسر أوله، وفتح ثانيه، والمد: ماء لبني أسد، ويروى بالقصر.
خِيَمٌ:
بكسر أوله، وفتح ثانيه، جمع خيمة، قال العمراني: خيم بوزن قيم اسم جبل بعمايتين، وأنشد لابن مقبل:
حتى تنوّر بالزّوراء من خيم
وقال نصر: خيم جبل من عماية على يسار الطريق إلى اليمن وجبالها حمر وسود كثيرة يضل الناس فيها.(2/413)
وخيم: موضع بالجزيرة يذكر مع عرعر يشرفان على القبلة من حماس. ويوم ذي خيم: من أيام العرب، قال المرقّش الأكبر:
هل تعرف الدار بجنبي خيم ... غيّرها بعدك صوب الديم؟
خَيمٌ:
بوزن غيم: جبل، عن الغوري، قال: ويقال إن ذا خيم موضع آخر، وقال الحازمي: ذات خيم موضع بين المدينة وديار غطفان.
خِيمٌ:
بكسر أوله، وتسكين ثانيه، بلفظ الخيم الذي هو الشيمة: جبل في بلادهم، عن صاحب كتاب الجامع. وذات الخيم: من بلاد مهرة بأقصى اليمن.
خَيْمَرٌ:
من بلاد غطفان، قال عوف بن مالك القسري يخاطب عيينة بن حصن بن حذيفة الفزاري وقد أعاد الحلف بين طيّء وغطفان في أيام طليحة:
أبا مالك! إن كان ساءك ما ترى، ... أبا مالك! فانطح برأسك كوثرا
وإني لحام بين شوط وحيّة ... كما قد حميت الخيمتين وخيمرا
وبرّكت حولي للأصمّ فوارسا، ... وللغوث قوما دارعين وحسّرا
الخَيْماتُ:
قال أبو زياد: ولبني سلول ببطن بيشة الخيمات نخل وقد يزرع في بعضها الحب، قال: وما حدثت أن لقوم نخلا ببلد من البلدان أفضل من الخيمات.
الخَيْمَةُ:
بلفظ واحدة الخيام، قال الأصمعي: وفيما بين الرّمّة من وسطها فوق أبانين بينها وبين الشمال أكمة يقال لها الخيمة بها ماءة يقال لها الغبارة لبني عبس، وقال بعض الأعراب:
خير الليالي، إن سألت بليلة، ... ليل بخيمة بين بيش وعثّر
بضجيع آنسة، كأنّ حديثها ... شهد يشاب بمزجه من عنبر
وضجيج لاهية ألاعب مثلها، ... بيضاء واضحة كظيظ المئزر
ولأنت مثلهما، وخير منهما ... بعد الرّقاد، وقبل أن لم تسحري
والخيمة: من مخاليف الطائف.
خَيْمَة أُمِّ مَعْبَدٍ:
ويقال بئر أمّ معبد: بين مكة والمدينة، نزله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في هجرته ومعه أبو بكر، رضي الله عنه، وقصته مشهورة، قالوا: لما هاجر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يزل مساحلا حتى انتهى إلى قديد فانتهى إلى خيمة منتبذة، وذكروا الحديث، وسمع هاتف ينشد:
جزى الله خيرا، والجزاء بكفه، ... رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد
هما نزلا بالهدي ثم تروّحا، ... فأفلح من أمسى رفيق محمد
ليهنأ بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها، للمؤمنين، بمرصد
وخيمة أم معبد، ويقال لها بئر أم معبد أيضا، كان علي بن محمد بن علي الصّليحي الذي استولى على اليمن في سنة 473 عزم على التوجه إلى مكة في ألفي فارس حتى إذا كان بالمهجم ونزل بظاهر مصنع يقال له أمّ الدهيم وبئر أم معبد وخيّمت عساكره والملوك الذين كانوا معه من حوله فكبسه الأحول بن نجاح صاحب زبيد، فقال عبد الله بن محمد أخو الصليحي:(2/414)
إن الأحول قد دهمنا، فقال: لا تخف فإني لا أموت إلا بالدّهيم وبئر أم معبد، معتقدا أنها أمّ معبد التي نزل بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين هاجر ومعه أبو بكر، رضي الله عنه، فقال له مشعل بن فلان العكّي: قاتل عن نفسك، فهذه والله بئر الدهيم بن عنس وهذا المسجد موضع خيمة أمّ معبد بنت الحارث العنسي، وقتل الصليحي يومئذ.
خَيْنَفٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ونون مفتوحة وبعدها فاء: واد بالجزيرة، قال الأخطل:
هل تعرف اليوم من ماويّة الطّللا؟ ... تحمّلت إنسه عنه، وما احتملا
ببطن خينف من أم الوليد، وقد ... تامت فؤادك، أو كانت له خبلا
خِينٌ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
بلدة من نواحي طوس، ينسب إليها أبو الفضل المظفّر ابن منصور الخيني، ذكره الإدريسي في تاريخ سمرقند، ثم فارقها إلى طبرستان فمات بها، وكان أديبا شاعرا.
خَيْوَانُ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره نون:
مخلاف باليمن ومدينة بها، قال أبو علي الفارسي:
خيوان فيعال منسوب إلى قبيلة من اليمن، وقال ابن الكلبي: كان يعوق الصنم بقرية يقال لها خيوان من صنعاء على ليلتين مما يلي مكة.
خَيْوَق:
بفتح أوله وقد يكسر، وسكون ثانيه، وفتح الواو، وآخره قاف: بلد من نواحي خوارزم وحصن، بينهما نحو خمسة عشر فرسخا، وأهل خوارزم يقولون خيوه وينسبون إليه الخيوقي، وأهلها شافعية دون جميع بلاد خوارزم فإنهم حنفية، وهو من شذوذ الكلام لأن الواو صحت فيه وقبلها ياء ساكنة والأصل أن تقلب وتدغم، ومثله في الشذوذ حيوة اسم رجل، والله أعلم.(2/415)
د
باب الدال والألف وما يليهما
دَءّاثٌ:
بفتح أوله، وهمز ثانيه وتشديده، وبعده ألف ساكنة، وآخره ثاء مثلثة، بوزن الدّعّاث:
اسم موضع، قال:
أصدرها عن طثرة الدّءّاث
وهو فعّال من دأثت الطعام دأثا إذا أكلته، والأدآث: الأثقال. وفي كتاب الجزيرة للأصمعي:
وفوق متالع صحراء يقال لها المنتهبة فيما بينه وبين المغرب، وبغربيّها واد يقال له الدّءّاث به مياه لبني أسد، وفوق الدّءّاث مما يلي الغرب حزيز يقال له صفيّة، وفي كتاب نصر: الدّءّاث ماءة للضباب.
دَآثُ:
مثل الذي قبله إلا أنه بالتخفيف: موضع بتهامة، قال كثيّر:
إذا حلّ أهلي بالأبرقي ... ن أبرق ذي جدد، أو دآثا
الدَّآلُ:
بوزن الدعال كالذي قبله: موضع، وهو فعال من دأل يدأل إذا قارب المشي وهو الدّألان.
دَاءةُ:
بوزن داعة: اسم للجبل الذي يحجز بين نخلتين الشامية واليمانية من نواحي مكة، قال حذيفة بن أنس الهذلي:
هلمّ إلى أكناف داءة دونكم ... وما أغدرت من خسلهن الحناظب
والدّأيات: خرز العنق.
دَابِقٌ:
بكسر الباء وقد روي بفتحها، وآخره قاف:
قرية قرب حلب من أعمال عزاز، بينها وبين حلب أربعة فراسخ، عندها مرج معشب نزه كان ينزله بنو مروان إذا غزا الصائفة إلى ثغر مصيصة، وبه قبر سليمان بن عبد الملك بن مروان، وكان سليمان قد عسكر بدابق وعزم أن لا يرجع حتى يفتح القسطنطينية أو تؤدي الجزية، فشتى بدابق شتاء بعد شتاء إذ ركب ذات عشيّة من يوم جمعة فمرّ بالتل الذي يقال له تلّ سليمان اليوم، فرأى عليه قبرا فقال: من صاحب هذا القبر؟ قالوا: هذا قبر عبد الله بن مسافع بن عبد الله الأكبر بن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصيّ بن كلاب القرشي الحجبي فمات هناك،(2/416)
فقال سليمان: يا ويحه لقد أمسى قبره بدار غربة! قال: ومرض سليمان في أثر ذلك ومات ودفن إلى جانب قبر عبد الله بن مسافع في الجمعة التي تليه أو الثانية، وبقربها قرية أخرى يقال لها دويبق بالتصغير، وقال الجوهري: دابق اسم بلد والأغلب عليه التذكير والصرف لأنه في الأصل اسم نهر وقد يؤنث، وقد ذكره الشعراء فقال عيسى بن سعدان عصريّ حلبيّ:
ناجوك من أقصى الحجاز، وليتهم ... ناجوك ما بين الأحصّ ودابق
أمفارقي حلب وطيب نسيمها، ... يهنيكم أنّ الرّقاد مفارقي
والله ما خفق النسيم بأرضكم، ... إلا طربت إلى النسيم الخافق
وإذا الجنوب تخطّرت أنفاسها ... من سفح جوشن كنت أول ناشق
وأنشد ابن الأعرابي:
لقد خاب قوم قلّدوك أمورهم ... بدابق، إذ قيل العدوّ قريب
رأوا رجلا ضخما، فقالوا مقاتل، ... ولم يعلموا أن الفؤاد نجيب
وقال الحارث بن الدؤلي:
أقول: وما شأني وسعد بن نوفل، ... وشأن بكائي نوفل بن مساحق
ألا إنما كانت سوابق عبرة ... على نوفل من كاذب غير صادق
فهلّا على قبر الوليد وبقعه ... وقبر سليمان الذي عند دابق
وقبر أبي عمرو وقبر أخيهما ... بكيت لحزن في الجوانح لاصق
داثِر:
بعد الألف ثاء مثلثة مكسورة، وآخره راء:
ماء لبني فزارة.
داثِن:
بعد الثاء المثلثة المكسورة نون: ناحية قرب غزّة بأعمال فلسطين بالشام، وبها أوقع المسلمون بالروم وهي أول حرب بينهم، قال أحمد بن جابر:
لما فرغ أبو بكر، رضي الله عنه، من أهل الرّدة عقد ثلاثة ألوية بالترتيب: أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص، فساروا إلى الشام، فأول وقعة كانت بين المسلمين وعدوّهم بقرية من قرى غزّة يقال لها دائن، فقاتلهم الكفار ثم أظفر الله المسلمين، وذلك في سنة اثنتي عشرة.
دَاجُونُ:
بالجيم، وآخره نون: قرية من قرى الرملة بالشام، ينسب إليها أبو بكر محمد بن أحمد بن عمر ابن أحمد بن سليمان الداجوني الرملي المقري، وذكر في إيضاح الأهوازي، روى عن أبي بكر أحمد بن عثمان بن شبيب الرازي، روى عنه أبو القاسم زيد ابن علي الكوفي، قال الحافظ أبو القاسم: محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن سليمان الرملي الداجوني المقري المكفوف قرأ القرآن على عليّ بن محمد بن موسى ابن عبد الرحمن المقري الدمشقي صاحب ابن ذكوان وأبي محمد عبد الله بن جبير الهاشمي بحرف ابن كثير وعلى عبد الله بن أحمد بن سليمان بن سلكويه والعباس بن الفضل بن شاذان الرازي وعبد الرّزّاق ابن الحسن وعلي بن أبي بكر محمد بن أحمد بن عثمان ابن شبيب الرازي، روى عنه هارون بن موسى الأخفش وأبو نعيم محمد بن أحمد بن محمد الشيباني وأبو الحسن محمد بن ماهويه القزّاز، وحدث عن أبي بكر أحمد بن محمد بن عثمان الرازي ومحمد بن يونس بن هارون القزويني والعباس بن الفضل بن(2/417)
شاذان، قرأ عليه أبو القاسم زيد بن علي بن أحمد بن بلال العجلي الكوفي، قدم الكوفة سنة 306، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن فورك القيّاف وأبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله العجلي، روى عنه أبو محمد ابن عبد الله بن علي بن محمد الصيدلاني والحسن بن رشيق العسكري وأبو بكر بن مجاهد ولم يصرح باسمه، وكان مقرئا حافظا ثقة، حكى أبو عمرو عثمان بن سعيد المقري عن فارس بن أحمد قال: قدم الداجوني بغداد وقصد حلقة ابن مجاهد فرفعه ابن مجاهد وقال لأصحابه: هذا الداجوني اقرؤوا عليه.
داحية:
ذكر مع دحيّ بعد.
دَادِمٌ:
من ثغور الروم، غزاها سيف الدولة فقال شاعره أبو العباس الصّفري:
في دادم، لما أقمت بدادم، ... حصبت ذويه من عذاب واصب
داذُوما:
بعد الألف ذال معجمة ثم واو ساكنة:
من قرى قوم لوط، ولعلها داروما.
داراءُ:
بعد الألف راء وألف ممدودة، وربما قيل دار بغير ألف ممدودة في آخره: موضع مشهور ومنزل للعرب معمور، جاء ذكره في وفد عبد القيس على النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو من نواحي البحرين يقال له جوف داراء، وإياه أراد الشاعر بقوله:
لعمرك! ما ميعاد عينيك والبكا ... بداراء، إلّا أن تهبّ جنوب
أعاشر في داراء من لا أودّه، ... وبالرمل مهجور إليّ حبيب
إذا هبّ علويّ الرياح وجدتني ... كأنّي، لعلويّ الرياح، نسيب
وهذا موضع استصعب علينا معرفته وكثر تفتيشنا إياه وظنّه شارحو الحماسة دارا التي ببلاد الجزيرة فغلطوا حتى وجده الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني القفطي، أطال الله بقاءه، بخط أبي عبد الله المرزباني فيما كتبه عن الحسن بن عليل العنزي فأفادناه فأحسن الله جزاءه، وقال الأجدع بن الأيهم البلوي:
خرجن لهم من شقّ داراء بعد ما ... ترفّع قرن الشمس عن كل نائم
فأصبحن بالأجزاع، أجزاع يرثم، ... يقلّبن هاما في عيون سواهم
دَارَا:
مثل الذي قبله إلّا أنه مقصور: وهي بلدة في لحف جبل بين نصيبين وماردين، قالوا: طول بلد دارا سبع وخمسون درجة ونصف وثلث، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف، وإنها من بلاد الجزيرة ذات بساتين ومياه جارية، ومن أعمالها يجلب المحلب الذي تتطيّب به الأعراب، وعندها كان معسكر دارا بن دارا الملك ابن قباذ الملك لما لقي الإسكندر ابن فيلفوس المقدوني فقتله الإسكندر وتزوّج ابنته وبنى في موضع معسكره هذه المدينة وسمّاها باسمه، وإياها أراد الشاعر بقوله أنشده أبو الندى اللغوي:
ولقد قلت لرجلي ... بين حرّان ودارا:
اصبري يا رجل، حتى ... يرزق الله حمارا
ودارا أيضا: قلعة حصينة في جبال طبرستان.
ودارا: واد في ديار بني عامر، قال حميد بن ثور:
وقائلة، زور مغبّ وأن يرى ... بحلية، أو ذات الخمار عجيب(2/418)
بلى! فاذكرا عام انتجعنا وأهلنا مدافع دارا، والجناب خصيب ليالي أبصار الغواني وسمعها إليّ، وإذ ريحي لهنّ جنوب وإذ ما يقول الناس شيء مهوّن علينا، وإذ غصن الشباب رطيب
زور: يريد نفسه، مغبّ: لا عهد له بالزيارة.
دارابْجِرْد:
بعد الألف الثانية باء موحدة ثم جيم ثم راء، ودال مهملة: ولاية بفارس، ينسب إليها كثير من العلماء، منهم: أبو علي الحسن بن محمد بن يوسف الدارابجردي الخطيب. ودارابجرد: قرية من كورة إصطخر، وبها معدن الزيبق. ودارابجرد أيضا: موضع بنيسابور، ينسب إليه أبو الحسن علي ابن الحسن بن موسى بن ميسرة الدارابجردي، ويقال دارابجرد، ويذكر هناك إن شاء الله تعالى.
دَارُ البطِّيخِ:
محلّة كانت ببغداد كان يباع فيها الفواكه، قال الهيثم بن فراس: قبل أن تنقل إلى الكرخ في درب يعرف بدرب الأساكفة وإلى جانبه درب يعرف بدرب الخير فنقلت من هذا الموضع إلى مكانها بالكرخ في أيام المهدي، وإياها أراد محمد ابن محمد بن لنكك البصري:
أنت ابن كل البرايا لكن اقتصروا ... على اسم حمزة وصفا، غير تشميخ
كدار بطّيخ تحوي كلّ فاكهة، ... وما اسمها الدهر إلّا دار بطّيخ
دَارَتانِ:
اسم لموضع بعينه، قال ميدان بن صخر:
ويل لعينك، يا ابن دارة، كلّما ... يوما عرفت بدارتين خيالا
دَارُ البُنُود:
دار السلاح بمصر للذين كانوا يزعمون أنهم خلفاء علويّون، وكان يحبس فيها من يراد قتله، وحبس فيها علي بن محمد التهامي، فقال وهو محبوس فيها:
طرقت خيالا بعد طول صدودها، ... وفرت إليه السجن ليلة عيدها
أنّى اهتدت، لا التّيه منشأها ولا ... سفح المقطّم من مجرّ برودها؟
أسرت إليه من وراء تهامة، ... وجفاه داني الدار غير بعيدها
مستوطنا دار البنود، وقلبه ... للرعب يخفق مثل خفق بنودها
دار تحطّ بها المنون سنانها، ... فتروح، والمهجات جلّ صيودها
دار جين:
قال العمراني: اسم موضع، وفيه نظر.
دَارُ الحَكِيمِ:
محلّة بالكوفة مشهورة منسوبة إلى الحكيم بن سعد بن ثور البكّائي من بني البكّاء بن عامر ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
دارُ الخَيل:
من دور الخلافة المعظمة ببغداد، كانت دارا عظيمة الأرجاء عادية البناء لها صحن عظيم ألف ذراع في ألف ذراع، كان يوقّف فيها في الأعياد وعند ورود الرسل من البلاد، في كلّ جانب منها خمسمائة فرس بالمراكب الذهب والفضة، كلّ فرس منها على يد شاكريّ.
دارُ دِينار:
محلّتان ببغداد يقال لإحداهما الكبرى وللأخرى دار دينار الصغرى، وهي في الجانب الشرقي قرب سوق الثلاثاء بينه وبين دجلة، منسوبة إلى دينار ابن عبد الله من موالي الرشيد، وكان عظيما في أيام المأمون، وعاضد الحسن بن سهل على حروب الفتنة لإبراهيم بن المهدي وغيره، وإيّاها عنى المؤيد الألوسي:(2/419)
نهر المعلّى الشاطي دار دينار، ... مجامع العيس أوطاني وأوطاري
حيث الصّبا ناعم والدار دانية، ... والدهر يأتي على وقفي وإيثاري
والليل بين الدّمى والغيد مختصر، ... قصير ما بين روحاتي وإبكاري
وقد تطاول، حتى ما تخيل لي ... أن الزمان لياليه بإسحاري
وكان دينار من أجلّ القوّاد في زمن المأمون، وكان ولي كور الجبل وغيره ثم سخط عليه المأمون فاقتصر به على ماه الكوفة، فأراد أن يمتنع من قبوله ذلك، ثم عرض له أن شاور المؤيد فقال له المؤيد:
إن الحركة من دلائل الحياة والسكون من دلائل الموت، وإن تتحرك حركة ضعيفة تؤمل أن تقوى أحبّ إليّ من أن تسكن، فقبل العمل وأحمد الرأي فيه، وكان لدينار أخ اسمه يحيى، وفيهما يقول دعبل بن عليّ:
ما زال عصياننا لله يرذلنا، ... حتى دفعنا إلى يحيى ودينار
إلى عليجين لم يقطع ثمارهما، ... قد طال ما سجدا للشمس والنار
وفيه وفي رجاء بن أبي الضحّاك وابنيه والحسن بن سهل يقول دعبل:
ألا فاشتروا منّي ملوك المخرّم ... أبع حسنا وابني رجاء بدرهم
وأعط رجاء فوق ذاك زيادة، ... وأسمح بدينار بغير تندّم
فإن ردّ من عيب عليّ جميعهم، ... فليس يردّ العيب يحيى بن أكثم
دارُ الرَّقيقِ:
محلّة كانت ببغداد متصلة بالحريم الطاهري من الجانب الغربي، ينسب إليها الرقيقيّ ويقال لها شارع دار الرقيق أيضا، وقال بعض الظرفاء من أبيات كتبها على حصن أبي جعفر المنصور فقال:
إني بليت بظبي ... من الظباء رشيق
رأيته يتثنّى ... بقرب دار الرقيق
فقلت: مولاي زرني ... فقد شرقت بريقي
فقال لي: رمت أمرا ... أعلى من العيّوق
دارُ الرَّيحانيينَ:
وهي دار في دار الخلافة ببغداد مشرفة على سوق الرّيحان، استجدّها المستظهر بالله ابن المقتدي، نقض دار خاتون التي بباب الغربة ودار السيدة بنت المقتدي وكان بالريحانيين سوق للسّفطيين فأخربه وأضافه إليها، وكان اثنان وعشرون دكانا وهناك خان يعرف بخان عاصم وثلاثة وعشرون دكانا من ورائه وسوق للعطارين فيه ثلاثة وأربعون دكانا وستة عشر دكانا كان فيها مدّاد الذهب وعدّة آدر من دار الحرم وعمل الجميع دارا واحدة ذات وجوه أربعة متقابلة، وسعة صحنها ستمائة ذراع، وفي وسطها بستان، وفيها ما يزيد على ستين حجرة ينتهي آخرها إلى الباب المعروف بدركاه خاتون من باب الحرم قرب باب النوبى، وابتدئ بعملها في سنة 503 وفرغ منها في سنة 507.
الدَّار:
علم لموضع بين البصرة والبحرين. ودار:
موضع في شعر نهشل بن حرّيّ:(2/420)
ونحن منعنا الحيّ أن يتقسّموا ... بدار، وقالوا: ما لمن فرّ مقعد
قال ابن دريد في الملاحم: دار موضع بالبحرين معروف، وإليه ينسب الداريّ العطار.
دار رزين:
من نواحي سجستان، وقال الرّهني: من نواحي كرمان.
دارَزَنْج:
بعد الراء المفتوحة زاي مفتوحة أيضا بعدها نون، وآخره جيم: من قرى الصغانيان، منها أبو شعيب صالح بن منصور بن نصر بن الجرّاح الدارزنجي الصغاني، يروي عن قتيبة بن سعيد، روى عنه عبيد الله بن محمد بن يعقوب بن البخاري وغيره، ومات قبل سنة 300 أو حدودها، والله أعلم.
دارُ السلام:
ومدينة السلام: هي بغداد، وسيذكر سبب تسميتها بذلك في مدينة السلام إن شاء الله تعالى، ودار السلام: الجنة، ولعلّ بغداد سميت بذلك على التشبيه.
دارُ سُوقِ التمرِ:
وهي الدار التي قرب باب الغربة من مشرعة الإبريّين ذات الباب العالي جدّا، وهو الآن مسدود، وتعرف بالدار القطنية.
دارُ الشجرة:
دار بالدار المعظمة الخليفية ببغداد من أبنية المقتدر بالله، وكانت دارا فسيحة ذات بساتين مونقة، وإنما سميت بذلك لشجرة كانت هناك من الذهب والفضة في وسط بركة كبيرة مدوّرة أمام إيوانها وبين شجر بستانها، ولها من الذهب والفضة ثمانية عشر غصنا، لكل غصن منها فروع كثيرة مكلّلة بأنواع الجواهر على شكل الثمار وعلى أغصانها أنواع الطيور من الذهب والفضة، إذا مرّ الهواء عليها أبانت عن عجائب من أنواع الصفير والهدير، وفي جانب الدار عن يمين البركة تمثال خمسة عشر فارسا على خمسة عشر فرسا، ومثله عن يسار البركة، قد ألبسوا أنواع الحرير المدبّج مقلّدين بالسيوف وفي أيديهم المطارد يتحرّكون على خطّ واحد فيظنّ أن كلّ واحد منهم إلى صاحبه قاصد.
دارُ شِرشِير:
بكسر الشين، وراءين مهملتين: محلّة كانت ببغداد لا تعرف اليوم، ذكرها جحظة البرمكي في أشعاره، ولعله كان ينزلها، فقال:
سلام على تلك الطلول الدواثر، ... وإن أقفرت بعد الأنيس المجاور
غرائر، ما فتّرن في صيد غافل ... بألحاظهنّ الساجيات الفواتر
سقى الله أيامي برحبة هاشم ... إلى دار شرشير محلّ الجآذر
سحائب يسحبن الذيول على الثّرى، ... ويضحي بهنّ الزّهر رطب المحاجر
منازل لذّاتي، ودار صبابتي ... ولهوي بأمثال النجوم الزواهر
رمتنا يد المقدور عن قوس فرقة، ... فلم يخطنا للحين سهم المقادر
ألا هل إلى فيء الجزيرة بالضحى ... وطيب نسيم الروض بعد الظهائر،
وأفنانها، والطير تندب سجوها ... بأشجارها بين المياه الزواخر،
ورقّة ثوب الجوّ، والريح لدنة ... تساق بمبسوط الجناحين ماطر،
سبيل وقد ضاقت بي السبل حيرة ... وشوقا إلى أفيائها بالهواجر؟(2/421)
دارُ الطَّواوِيسِ:
بدار الخلافة المعظمة ببغداد من بناء المطيع لله.
دارُ عُمارةَ:
في موضعين ببغداد، إحداهما في شارع المخرّم من الجانب الشرقي منسوبة إلى عمارة بن أبي الخصيب مولى روح بن حاتم، وقيل مولى المنصور، وكان أبو الخصيب أحد حجّاب المنصور، ودار عمارة أيضا بالجانب الغربي منسوبة إلى عمارة بن حمزة مولى المنصور وهو من ولد أبي لبابة مولى النبي، صلى الله عليه وسلم، إقطاع من المنصور، وكانت من قبل أن تبنى بغداد بستانا لبعض ملوك الفرس ويتصل بها ربض أبي حنيفة ثم ربض عثمان بن نهيك، وهو ما بين دار عمارة ومقابر قريش.
دارُ العَجَلَة:
قال أحمد بن جابر: حدثني العباس ابن هشام الكلبي قال: كتب بعض الكنديين إلى أبي يسأله عن دار العجلة بمكة إلى من تنسب، فكتب:
دار العجلة هي دار سعيد بن سعد بن سهم وبنو سعد يدّعون أنها بنيت قبل دار الندوة ويقولون هي أول دار بنت قريش بمكة.
دارُ علقمة:
بمكة تنسب إلى طارق بن المعقّل، وهو علقمة بن عريج بن جذيمة بن مالك بن سعد بن عوف بن الحارث بن عبد مناة بن كنانة.
دارُ فرَج:
محلّة كانت ببغداد بالجانب الشرقي فوق سوق يحيى، وكان فرج مملوكا لحمدونة بنت غضيض أم ولد الرشيد ثم صار ولاؤه للرشيد وداره إقطاع من الرشيد، ولم يكن على شاطئ دجلة أحكم بناء من داره، ثم هدمت فيما هدم من منازل ابنه عمر بن فرج لما قبضت.
دارُ القَزّ:
محلّة كبيرة ببغداد في طرف الصحراء، بين البلد وبينها اليوم نحو فرسخ، وكلّ ما حولها قد خرب ولم يبق إلا أربع محالّ متصلة: دار القزّ والعتّابيّين والنصرية وشهارسوك، والباقي تلول قائمة، وفيها يعمل اليوم الكاغد، ينسب إليها أبو حفص عمر بن محمد بن المعمر بن أحمد بن يحيى ابن حسان بن طبرزد المؤدّب الدّارقزّي، سمع الكثير بإفادة أخيه أبي البقاء محمد بن محمد بن طبرزد وعمّر حتى روى ما سمعه، وطلبه الناس، وحمل إلى دمشق بالقصد إلى السماع عليه، حمله الملك المحسّن أحمد بن الملك الناصر من بغداد فسمع عليه هو وخلق كثير من أهل دمشق، وكان قد انفرد بكثير من الكتب، ولم يكن يعرف شيئا من أبي الحصين ومن أبي المواهب وأبي الحسن الزاغوني وغيرهم وعاد إلى بغداد، وكان مولده في ذي الحجة سنة 516، ومات في تاسع رجب سنة 607، ودفن بباب حرب ببغداد.
دارُ القضاء:
هي دار مروان بن الحكم بالمدينة وكانت لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فبيعت في قضاء دينه بعد موته، وقد زعم بعضهم أنها دار الإمارة بالمدينة، وهو محتمل لأنها صارت لأمير المدينة.
دارُ القُطْنِ:
محلّة كانت ببغداد من نهر طابق بالجانب الغربي بين الكرخ ونهر عيسى بن عليّ، ينسب إليها الحافظ الإمام أبو الحسن عليّ الدّارقطني، رحمه الله، وغيره الحافظ المشهور، روى عن أبي القاسم البغوي وأبي بكر بن أبي داود وخلق لا يحصون، وكان أديبا يحفظ عدّة من الدواوين، منها ديوان السيد الحميري فنسب إلى التشيّع، وتفقّه على مذهب الشافعي، رضي الله عنه، وأخذ الفقه عن أبي سعيد الإصطخري، وقيل عن صاحب أبي سعيد، ومولده في ذي القعدة سنة 306، ومات في ذي القعدة سنة 385، ودفن قريبا من معروف الكرخي.(2/422)
دارُ قُمَامَ:
بالكوفة منسوبة إلى قمَام بنت الحارث ابن هانئ الكندي عند دار الأشعث بن قيس، والله أعلم.
دَارُ القَوارير:
قال أحمد بن جابر: حدثني العباس بن هشام الكلبي قال: كتب بعض الكنديّين إلى أبي يسأله عن مواضع منها دار القوارير بمكة، فكتب:
فأما دار القوارير فكانت لعتبة بن ربيعة بن عبد شمس ابن عبد مناف ثم صارت للعباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب ثم صارت لأم جعفر زبيدة بنت أبي الفضل بن المنصور فاستعملت في بنائها القوارير فنسبت إليها، وكان حماد البربري بناها قريبا من خلافة الرشيد وأدخل بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف إليها.
دَارَكان:
بعد الراء كاف، وآخره نون: قرية من قرى مرو، بينها وبين مرو فرسخ واحد، خرج منها طائفة من أهل العلم، منهم: عليّ بن إبراهيم السلمي أبو الحسن المروزي الداركاني، صحب عبد الله بن المبارك، وحدث ببغداد عن أبي حمزة السكري وعبد الله بن المبارك والنصر بن محمد الشيباني، روى عنه أحمد بن حنبل وعباس الدوري وأحمد بن الخليل البرجلاني وغيرهم، وكان ثقة، مات سنة 213.
دَارَك:
بعد الراء كاف: من قرى أصبهان، نسب إليها قوم من أهل العلم، منهم: أبو القاسم عبد العزيز ابن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز الداركي من كبار الفقهاء الشافعية، سكن بغداد ودرّس بها وكان أبوه محدث أصبهان في وقته، وتوفي أبو القاسم ببغداد سنة 375.
دَارُ المُثَمَّنَة:
بدار الخلافة، وهي من عمارة المطيع لله تعالى.
دَارُ المُرَبَّعَة:
بدار الخلافة ببغداد، وهي من بناء المطيع لله أيضا.
دَارُ النّدْوَة:
بمكة أحدثها قصيّ بن كلاب بن مرة لما تملك مكة، وهي دار كانوا يجتمعون فيها للمشاورة، وجعلها بعد وفاته لابنه عبد الدار بن قصيّ، ولفظه مأخوذ من لفظ النديّ والنادي والمنتدى، وهو مجلس القوم الذين يندون حوله أي يذهبون قريبا منه ثم يرجعون، والنادية في الجمال: أن تصرف عن الورد إلى المرعى قريبا ثم تعاد إلى الشرب وهو المندّى، صارت هذه الدار إلى حكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ فباعها من معاوية بمائة ألف درهم، فلامه معاوية على ذلك وقال:
بعت مكرمة آبائك وشرفهم، فقال حكيم: ذهبت المكارم إلا التقوى، والله لقد اشتريتها في الجاهلية بزقّ خمر وقد بعتها بمائة ألف درهم وأشهدكم أن ثمنها في سبيل الله تعالى، فأيّنا المغبون؟ وقال ابن الكلبي: دار الندوة أول دار بنت قريش بمكة وانتقلت بعد موت قصيّ إلى ولده الأكبر عبد الدار ثم لم تزل في أيدي بنيه حتى باعها عكرمة بن عامر ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار من معاوية بن أبي سفيان فجعلها دار الإمارة.
دار المقَطِّعِ:
بالكوفة، تنسب إلى المقطّع الكلبي، وله يقول عديّ بن الرقاع:
على ذي منار، تعرف العين متنه ... كما تعرف الأضياف دار المقطّع
دارُ نخلة:
مضافة إلى واحد النخل، جاء ذكرها في الحديث: وهو موضع سوق المدينة.
دارُ واشكيذان:
بعد الواو والألف شين معجمة، وآخره نون: قرية من قرى هراة، ينسب إليها(2/423)
داريّ، وفيها يقول الشاعر:
يا قرية الدار هل لي فيك من دار
دَارُوما:
إحدى مدن قوم لوط بفلسطين، ولعلها الداروم المذكورة بعد هذه.
الدَّارُومُ:
قال ابن الكلبي: قال الشرقي نزل بنو حام مجرى الجنوب والدّبور ويقال لتلك الناحية الداروم فجعل الله فيهم السواد والأدمة وأعمر بلادهم وسماءهم وجرت الشمس والنجوم من فوقهم ورفع عنهم الطاعون. والداروم: قلعة بعد غزة للقاصد إلى مصر الواقف فيها يرى البحر إلا أن بينها وبين البحر مقدار فرسخ، خربها صلاح الدين لما ملك الساحل في سنة 584، ينسب إليها الخمر، قال إسمعيل بن يسار:
يا ربع رامة بالعلياء من ريم، ... هل ترجعنّ، إذا حيّيت، تسليمي؟
ما بال حيّ غدت بزل المطيّ بهم ... تحدى لفرقتهم سيرا بتقحيم
كأنني يوم ساروا شارب شملت ... فؤاده قهوة من خمر داروم
إني وجدّك ما عودي بذي خور، ... عند الحفاظ، ولا حوضي بمهدوم
وغزاها المسلمون في سنة ثلاث عشرة وملكوها، فقال زياد بن حنظلة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... شدّ الخيول على جموع الروم
يضربن سيّدهم ولم يمهلنهم، ... وقتلن فلّهم إلى داروم
ويقال لها الدارون أيضا، وينسب إليها على هذا اللفظ أبو بكر الداروني، روى عن عبد العزيز العطار عن شقيق البلخي، روى عنه أبو بكر الدينوري بالبيت المقدس سنة ثمان وثلاثمائة.
الدَّارَةُ:
بعد الألف راء كالذي قبله: مدينة من أعمال الخابور قرب قرقيسياء.
دارَاتُ العرَب:
وهي تنيّف على ستين دارة استخرجتها من كتب العلماء المتقنة وأشعار العرب المحكمة وأفواه المشايخ الثقات واستدللت عليها بالأشعار حسب جهدي وطاقتي، والله الموفق، ولم أر أحدا من الأئمة القدماء زاد على العشرين دارة إلا ما كان من أبي الحسين بن فارس، فإنه أفرد له كتابا فذكر نحو الأربعين فزدت أنا عليه بحول الله وقوته نحوها، فأقول: الدارة في أصل كلام العرب كل جوبة بين جبال في حزن كان ذلك أو سهل، وقال أبو منصور حكاية عن الأصمعي: الدارة رمل مستدير في وسطه فجوة وهي الدورة، وتجمع الدارة دارأت كما قال زهير:
تربّص، فإن تقو المرورات منهم ... وداراتها، لا تقو منهم إذا نخل
قال ابن الأعرابي: الدير الدارات في الرمل، والدارة أيضا دارة القمر، وكل موضع يدار به شيء يحجره فاسمه دارة، نحو الدارات التي تتخذ في المباطخ ونحوها ويجعل فيها الخمر، وأنشد:
ترى الإوزّين في أكناف دارتها ... فوضى، وبين يديها التبر منثور
ويقال لمسكن الرجل دارة ودار، قال أمية بن أبي الصلت يمدح عبد الله بن جدعان:
له داع بمكة مشمعل، ... وآخر فوق دارته ينادي(2/424)
إلى ردح من الشّيزى ملاء لباب البرّ يلبك بالشّهاد
قال ابن دريد وقد ذكر اثنتي عشرة دارة لم يزد عليهن، ثم قال: وجميع هذه الدارات بروث بيض تنبت النصيّ والصّلّيان وأفواه العشب ولا يكاد ينبت فيها من حرية النبت شيء، وحرية النبت:
البقل والقرّاص والمكنان، والبرث: الأرض السهلة اللينة.
دَارَةُ:
جاءت في شعر الطّرمّاح غير مضافة، فقال:
ألا ليت شعري! هل بصحراء دارة ... إلى واردات الأريمين ربوع
دَارَةُ أُجُد:
عن ابن السكيت، ولم أظفر لها بشاهد.
دَارَةُ الأَرْآم:
أرآم جمع رئم: الظّبي الأبيض الخالص البياض، قال برج بن خنزير المازني مازن بن تميم وكان الحجاج ألزمه الخروج إلى المهلب لقتال الأزارقة:
أيوعدني الحجاج، إن لم أقم له ... بسولاف حولا في قتال الأزارق
وإن لم أرد أرزاقه وعطاءه، ... وكنت امرأ صبّا بأهل الخرانق
فأبرق وأرعد لي، إذ العيس خلّفت ... بنا دارة الأرآم ذات الشقائق
وحلّف على اسمي بعد أخذك منكبي، ... وحبّس عريفي الدردقيّ المنافق
دَارَةُ الأَسوَاط:
الأسواط: بظهر الأبرق بالمضجع تناوحه جمة، وهي برقة بيضاء لبني قيس بن جزء بن كعب بن أبي بكر، والأسواط: مناقع المياه.
دَارَةُ الأَكوار:
في ملتقى دار ربيعة بن عقيل ودار نهيك، والأكوار: جبال.
دَارَةُ أَهوَى:
من أرض هجر، قال الجعدي:
تدارك عمران بن مرّة سعيهم ... بدارة أهوى، والخوالج تخلج
عن ثعلب: أهوى بفتح الهمزة وكسرها في قول الراعي:
تهانفت، واستبكاك رسم المنازل ... بدارة أهوى، أو بسوقة حائل
وقال: أهوى ماء لبني قتيبة الباهليين.
دَارَةُ باسِلٍ:
عن ابن السكيت، ولم أظفر لها بشاهد وما أظنّها إلا دارة مأسل، وقد ذكرت بعد هذا.
دارَةُ بُحتر:
وسط أجإ أحد جبلي طيّء قرب جوّ، وبحتر بن عتود بن عنين بن سلامان بن ثعل بن عمرو ابن الغوث بن جلهمة وهو طيّء.
دَارَةُ بَدوتين:
لربيعة بن عقيل، وبدوتان: هضبتان، وهما هضبتان بينهما ماء.
دَارَةُ البيضاءِ:
تذكر مع دارة الجثوم.
دَارَةُ تَيْل:
ذكرت في تيل.
دارَةُ الجأبِ:
الجأب: المغرة، والجأب: الحمار الغليظ، دارة الجأب: لبني تميم، قال جرير:
ما حاجة لك في الظّعن التي بكرت ... من دارة الجأب كالنخل المواقير
كاد التذكر يوم البين يشعفني، ... إن الحليم بهذا غير معذور
ماذا أردت إلى ربع وقفت به، ... هل غير شوق وأحزان وتذكير؟
هل في الغواني لمن قتّلن من قود، ... أو من ديات لقتلى الأعين الحور؟
يجمعن خلفا وموعودا بخلن به ... إلى جمال وإدلال وتصوير(2/425)
وقال جرير:
أصاح! أليس اليوم منتظري صحبي، ... نحيّي ديار الحيّ من دارة الجأب؟
وقال أيضا:
إنّ الخليط أجدّ البين يوم غدوا ... من دارة الجأب، إذ أحداجهم زمر
لما ترفّع من هيج الجنوب لهم، ... ردّوا الجمال لإصعاد وما انحدروا
دَارَةُ الجُثوم:
لبني الأضبط بن كلاب، والجثوم:
ماء لهم يصدر في دارة البيضاء.
دارَةُ جُدَّى:
قال الأفوه الأودي:
بدارات جدّى أو بصارات جنبل ... إلى حيث حلّت من كثيب وعزهل
دَارة جُلْجُل:
قال ابن السكيت في تفسير قول امرئ القيس:
ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح، ... ولا سيّما يوم بدارة جلجل
قال: دارة جلجل بالحمى ويقال بغمر ذي كندة، وقال عمرو بن الخثارم البجلي:
وكنّا كأنّا يوم دارة جلجل ... مدلّ على أشباله يتهمهم
وقال ابن دريد في كتاب البنين والبنات: دارة جلجل بين شعبى وبين حسلات وبين وادي المياه وبين البردان، وهي دار الضباب ممّا يواجه نخيل بني فزارة، وفي كتاب جزيرة العرب للأصمعي: دارة جلجل من منازل حجر الكندي بنجد.
دَارَةُ الجُمْد:
قال الفراء: الجماد الحجارة، واحدها جمد، قال عمارة:
ألا يا ديار الحيّ من دارة الجمد، ... سلمت على ما كان من قدم العهد
دَارَةُ جُهْدٍ:
كذا وجدته في شعر الأفوه الأودي حيث قال:
فردّ عليهم، والجياد كأنها ... قطا سارب يهوي هويّ المحجّل
بدارات جهد، أو بصارات جنبل ... إلى حيث حلّت من كثيب وعزهل
دارةُ جَوْداتٍ:
قال الجميح:
إذا حللت بجودات ودارتها، ... وحال دوني من حواء عرنين،
عرفتم أن حقي غير منتزع، ... وأن سلمكم سلم لها حين
دارةُ الخَوْجِ:
والخرج خلاف الدخل، وهو لغة في الخراج، ومنه: اجعل لنا خرجا، ذكر في الخرج، قال المخبّل:
محبّسة في دارة الخرج لم تذق ... بلالا، ولم يسمح لها بنجيل
دارة الخَلاءة:
وهو الحران في الناقة كما يقال في غيرها حرن.
دارة الخنَازيرِ:
ولا أبعد أن تكون التي بعدها إلّا أنّ العجير هكذا جاء بها فقال:
ويوما بدارات الخنازير لم يئل ... من الغطفانيّين إلا المشرّد
دَارة خِنزَرٍ:
ويقال خنزر، بالفتح والكسر، قال الجعدي:
ألمّ خيال من أميمة موهنا ... طروقا، وأصحابي بدارة خنزر(2/426)
وقال الحطيئة:
إنّ الرّزيّة، لا أبا لك، هالك ... بين الدّماخ وبين دارة خنزر
ورواه ثعلب دارة منزر، وقال العجير:
ويوم ادّركنا، يوم دارة خنزر ... وحمّاتها، ضرب رحاب مسايره
دارةُ الخَنْزَرَيْن:
من مياه حمل بن الضباب في الأرطاة، ويقال دارة الخنزيرتين، وقال ابن دريد:
الخنزرتين وربما قالوا في الشعر دارة الخنزر، وهي لبني حمل من الضباب، والأرطاة تصدر فيها، وهي ماءة للضباب.
دارة داثِرٍ:
في أرض فزارة، وداثر ماء لهم، قال حجر بن عقبة الفزاري:
رأيت المطيّ، دون دارة داثر، ... جنوحا أذاقته الهوان خزائمه
دارةُ دَمُّون:
قال الشاعر:
إلى دارة الدّمّون من آل مالك
دارة الدُّورِ:
وضبطها الهنائي في كتاب المنضّد بتشديد الواو، ورأيتها بخط يده، وما أراه صنع شيئا، وكان بين حجر بن عقبة وبين أخيه شيء فأراد أن ينتقل فأتى أخاه يسلم عليه، فخرج إليه في السلاح، فقال له: ليس لهذا جئت، فبكى أخوه، فقال حجر:
ألم يأت قيسا كلها أنّ عزّها، ... غداة غد، من دارة الدّور ظاعن
هنالك جادت بالدموع موانع ال ... عيون، وشلّت للفراق الظعائن
دارَة الذئب:
بنجد في ديار بني كلاب، والله أعلم بالصواب.
دارة الذُّؤيْب:
لبني الأضبط، وهما دارتان.
دارة الرَّدْم:
في أرض بني كلاب، قال بعضهم:
لعن سخطة من خالقي، أو لشقوة، ... تبدّلت قرقيساء من دارة الردم
دارة رُمْح:
في ديار بني كلاب لبني عمرو بن ربيعة ابن عبد الله بن أبي بكر وعنده البتيلة ماء لهم باليمامة، قال جران العود:
وأقبلن يمشين الهوينا تهاديا، ... قصار الخطى، منهن راب ومزحف
كأنّ النّميريّ، الذي يتّبعنه ... بدارة رمح، ظالع الرجل أحنف
يطفن بغطريف كأنّ حبيبه ... بدارة رمح، آخر الليل، مصحف
ويروى دارة رمخ عن أبي زياد.
دارة رَفرَفٍ:
بالفتح ويروى بالضم والتكرير، وله عدة معان: الرفرف كسر الخباء وخرقة تخاط في أسفل الفسطاط، والرفرف الذي في التنزيل قيل:
هو رياض الجنة، وقيل المجالس، وقيل الفرش والبسط، وقيل الوسائد، والرفرف في هذا: الرفّ تجعل عليه طرائف البيت، والرفرف: الرّوشن، والرفرف: ضرب من السمك، والرفرف: شجر مسترسل ينبت باليمن، قال الراعي:
فدع عنك هندا والمنى، إنما المنى ... ولوع، وهل ينهى لك الزجر مولعا؟
رأى ما أرته، يوم دارة رفرف، ... لتصرعه يوما هنيدة مصرعا
قال ثعلب: رواية ابن الأعرابي رفرف، بالضم، وغيره رفرف، بالفتح.(2/427)
دارة الرِّمْرِم:
قال الغامدي:
أعد نظرا، هل ترى ظعنهم، ... وقد جاوزت دارة الرّمرم؟
دارةُ الرُّها:
قال المرّار الأسدي:
برئت من المنازل، غير شوق ... إلى الدار التي بلوى أبان
ومن وادي القنان، وأين منّي ... بدارات الرّها وادي القنان؟
دارة رَهبَى:
قال جرير:
بها كلّ ذيّال الأصيل كأنه، ... بدارة رهبى، ذو سوارين رامح
دارة سَعْرٍ:
وقيل سعر بالكسر، قال ابن دريد:
دارأت الحمى ثلاث: دارة عوارم ودارة وسط، وقد ذكرتا، ودارة سعر، وهي لبني وقّاص من بني أبي بكر، بها الشّطون بئر زوراء يستسقى منها بشطنين أي بحبلين.
دارة السَّلَم:
قال البكّاء بن كعب بن عامر الفزاري، وسمّي البكّاء بقوله هذا:
ما كنت أوّل من تفرّق شمله، ... ورأى الغداة من الفراق يقينا
وبدارة السّلم التي شرقيّها ... دمن، يظلّ حمامها يبكينا
دارة شُبيْث:
تصغير شبث، وهي دويبّة كثيرة الأرجل: وهي دارة لبني الأضبط ببطن الجريب، والله أعلم.
دارة صَارَةَ:
من بلاد غطفان، قال ميدان ابن صخر:
عقلت شبيبا يوم دارة صارة، ... ويوم نضاد النّير أنت جنيب
دَارة الصفائح:
بناحية الصّمّان، قال الأفوه:
فسائل جمعنا عنّا وعنهم، ... غداة السيل بالأسل الطويل
ألم نترك سراتهم عيامى ... جثوما، تحت أرجاء الذّيول
تبكّيها الأرامل بالمآلي ... بدارات الصفائح والنصيل
دارة صُلْصُلٍ:
لعمرو بن كلاب وهي بأعلى دارها، وصلصل ذكر في موضعه، قال أبو ثمامة الصّبّاحي:
هم منعوا ما بين دارة صلصل ... إلى الهضبات من نضاد وحائل
وقال جرير:
إذا ما حلّ أهلك، يا سليمى، ... بدارة صلصل شحطوا المزارا
أبيت الليل أرقب كلّ نجم ... تعرّض ثم أنجد ثم غارا
يحنّ فؤاده، والعين تلقي ... من العبرات حولا وانحدارا
دارة عَسْعَسٍ:
لبني جعفر، وعسعس: جبل طويل أحمر على فرسخ من وراء ضرية لبني جعفر، وقد ذكر عسعس في موضعه، وقال جهم بن سبل الكلابي:
تهدّدني وأوعدني مريد ... بنخوته، وأفرده الضّجاج
فلما أن رأى البزرى جميعا، ... بدارة عسعس، سكت النباج
بمرهفة ترى السّفراء فيها ... كأنّ وجوههم عصب نضاج(2/428)
حلفت، لأنتجنّ نساء سلمى ... نتاجا كان أكثره الخداج
دَارَةُ عَوَارِمَ:
قال ابن دريد: دارأت الحمى ثلاث إحداهنّ دارة عوارم، وعوارم: هضب وماء للضباب ولبني جعفر.
دَارَةُ عُوَيْج:
تصغير عوج أو عاج، وكله معروف.
دَارَةُ غُبيْر:
بالغين معجمة، وهو تصغير غبرة أو غبار أو غابر، وهو الماضي والباقي، تصغير الترخيم في الجميع: وهو لبني الأضبط، ولهم بها ماء يقال له غبير.
دَارَةُ الغُزَيِّل:
تصغير الغزال: لبني الحارث بن ربيعة بن أبي بكر بن كلاب.
دَارَةُ فَرْوَع:
موضع في بلاد هذيل، قال:
رأيت الألى يلحون في جنب مالك ... قعودا لدينا، يوم دارة فروع
ويروى راحة فروع، وقد ذكر بقية هذه الأبيات في راحة فروع.
دارَةُ القَدَّاح:
بالفتح، وتشديد الدال: موضع في ديار بني تميم، عن الحازمي، ووجدته عن غيره دارة القداح، بكسر أوله وتخفيف الدال، كأنه جمع قدح، عن ابن السكّيت.
دَارَةُ قُرْح:
بوادي القرى، وأنشد أبو عمرو:
حبسن، في قرح وفي داراتها، ... سبع ليال غير معلوماتها
وقرح: هو الوادي الذي هلك فيه قوم عاد قرب وادي القرى.
دَارَةُ القَلْتَين:
في ديار نمير من وراء ثهلان، قال بشر بن أبي خازم:
ألمّ خيالها بلوى حبيّ، ... وصحبي بين أرحلهم هجوع
فهل تقضي لبانتها إلينا، ... بحيث انتابنا منها سريع
سمعت بدارة القلتين صوتا ... لحنتمة، الفؤاد به مضوع
دَارَةُ كَبد:
لبني أبي بكر بن كلاب، وكبد:
هضبة حمراء بالمضجع.
دَارَةُ الكَبَشات:
بالتحريك: للضباب وبني جعفر، وكبشات: أجبل في ديار بني ذؤيبة بهنّ هراميت، وهي ماء لهم، وبها البكرة، والله أعلم بالصواب.
دَارَة الكَور:
بفتح الكاف في شعر الراعي، قال:
خبّرت أن الفتى مروان يوعدني، ... فاستبق بعض وعيدي أيها الرجل
وفي تدوم إذ اغبرّت مناكبه، ... أو دارة الكور عن مروان معتزل
رواه ابن الأعرابي بفتح الكاف وغيره بضمها.
دَارَة ماسَل:
في ديار بني عقيل، ومأسل: نخل وماء لعقيل، قال عمرو بن لجإ:
لا تهج ضبّة، يا جرير، فإنهم ... قتلوا من الرؤساء ما لم يقتل
قتلوا شتيرا بابن غول وابنه ... وابني هشيم، يوم دارة مأسل
وقال ذو الرّمّة:
هجائن من ضرب العصافير ضربها، ... أخذنا أباها يوم دارة مأسل
العصافير: إبل كانت للنعمان بن المنذر، ويقال كانت أولا لقيس.(2/429)
دَارَةُ مِحْصَرٍ:
ويقال محصن: في ديار بني نمير في طرف ثهلان الأقصى، وقد ذكر اشتقاق محصن في موضعه.
دَارَةُ المَرْدَمَة:
لبني مالك بن ربيعة بن عبد الله بن أبي بكر، ويصدر فيها مريخة، ومريخة ماء لهم عذب، والمردمة: جبل لبني مالك، وهو أسود عظيم يناوحه سواج.
دَارَةُ المَرَوراتِ:
قال زهير:
تربّص فإن تقو المرورات منهم ... وداراتها لا تقو منهم إذا نخل
دَارَةُ مَعْرُوف:
بالحمى.
دَارَةُ المكامن:
لبني نمير في ديار بني ظالم.
دَارَةُ مَكْمِنٍ:
في بلاد قيس، وقد ذكر مكمن في موضعه، فيها يقول الراعي:
عرفت بها منازل آل حبّي، ... فلم تملك من الطّرب العيونا
بدارة مكمن، ساقت إليها ... رياح الصيف أرآما وعينا
دَارَةُ مَلْحُوبٍ:
قال الشاعر:
إن تقتلوا ابن أبي بكر، فقد قتلت ... حجرا، بدارة ملحوب، بنو أسد
دارَةُ مَنزَرٍ:
في قول الحطيئة:
إن الرّزيّة لا رزيّة مثلها، ... فاقني حياءك، لا أبا لك، واصبري
إن الرزية لا، أبا لك، هالك ... بين الدّماخ وبين دارة منزر
دَارَةُ مواضيع:
هكذا ضبطه العمراني، ولم يذكر موضعها.
دَارَةُ مَوْضوع:
قال الحصين بن الحمام المرّي:
جزى الله أفناء العشيرة كلّها، ... بدارة موضوع، عقوقا ومأثما
بني عمنا الأدنين منهم ورهطنا ... فزارة، إذ أرمت من الأمر معظما
فلما رأيت الودّ ليس بنافعي، ... وإن كان يوما ذا كواكب مظلما
صبرنا، وكان الصبر منا سجيّة ... بأسيافنا يقطعن كفّا ومعصما
يفلّقن هاما من رجال أعزّة ... علينا، وهم كانوا أعقّ وأظلما
دَارَةُ النّصاب:
قال الأفوه:
تركنا الأزد يبرق عارضاها ... على ثجر، فدارات النصاب
دَارةُ واسِط:
قال بعضهم:
بما قد أرى الدارات، دارأت واسط، ... فما قابلت ذات الصليل فجلجل
وقال أعرابيّ وقتل ذئبا:
أقول له، والنبل تكوي إهابه ... إلى جانب المعزاء: يا آل ثارات
قلائص أصحابي وغيري، فلم أكن، ... إذا ما كبا، الرّعديد ذا كبوات
فأنقذت منه أهل دارة واسط، ... وأنصله ينصلن منحدرات
دَارَةُ وَسط:
وقد تحرك السين وتسكن، قال ابن دريد: دارأت الحمى ثلاث، إحداهن دارة عوارم، وقد ذكرت، ودارة وسط: وهو جبل عظيم طويل على أربعة أميال من وراء ضرية لبني جعفر، ويقال(2/430)
دارة وسط، بالتحريك، وقال:
دعوت الله، إذ شقيت عيالي ... ليرزقني لدى وسط طعاما
فأعطاني ضريّة، خير أرض، ... تمجّ الماء والحبّ التّؤاما
دارَةُ وشْجى:
بفتح الواو وقد تضم، قال المرّار:
حيّ المنازل! هل من أهلها خبر ... بدور وشجى، سقى داراتها المطر
وقال سماعة أو هذيل ابنه:
لعمرك! إني، يوم أسفل عاقل ... ودارة وشجيّ الهوى، لتبوع
دَارَةُ هَضْبٍ:
ويقال لها دارة هضب القليب، قال جميل:
أشاقك عالج فإلى الكثيب ... إلى الدارات من هضب القليب
وقال الأفوه الأودي:
ونحن الموردون شبا العوالي ... حياض الموت بالعدد المثاب
تركنا الأزد يبرق عارضاها ... على ثجر، فدارات الهضاب
وثجر: بأرض اليمن قرب نجران لبني الحارث بن كعب.
دَارَةُ اليَعْضيدِ:
قال بعضهم:
أو ما ترى أظعانهم مجرورة ... بين الدّخول، فدارة اليعضيد؟
وقال آخر:
واحتثّها الحادي بهيد هيد، ... كذا لقرب قسقس كؤود
فصبّحت من دارة اليعضيد، ... قبل هتاف الطائر الغرّيد
دارَةُ يَمْعونَ:
بالنون وقد يروى بالزاي، وهو جيّد، قال:
بدارة يمعون إلى جنب خشرم
داريّا:
قرية كبيرة مشهورة من قرى دمشق بالغوطة، والنسبة إليها داراني على غير قياس، وبها قبر أبي سليمان الداراني وهو عبد الرحمن بن أحمد بن عطيّة الزاهد، ويقال أصله من واسط، روى عن الربيع ابن صبيح وأهل العراق، روى عنه صاحبه أحمد بن أبي الحواري والقاسم الجوعي وغيرهما، وتوفي بداريّا سنة 235، وقبره بها معروف يزار، وابنه سليمان من العبّاد والزهاد أيضا، مات بعد أبيه بسنتين وشهر في سنة 237، قال أحمد بن أبي الحواري:
اجتمعت أنا وأبو سليمان الداراني ومضينا في المسجد فتذاكرنا الشّهوات من أصابها عوقب ومن تركها أثيب، قال: وسليمان بن أبي سليمان ساكت، ثم قال لنا: لقد أكثرتم منذ العشية ذكر الشهوات أما أنا فأزعم أن من لم يكن في قلبه من الآخرة ما يشغله عن الشهوات لم يغن عنه تركها، وأيضا من داريّا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أبو عتبة الأزدي الداراني، روى عن أبي الأشعث الصنعاني وأبي كبشة السلولي والزهري ومكحول وغيرهم كثير، روى عنه ابنه عبد الله بن عبد الرحمن وعبد الله بن المبارك والوليد بن مسلم وعبد الله بن كثير العاقل الطويل وخلق كثير سواهم، وكان يعدّ في الطبقة الثانية من فقهاء الشام من الصحابة، وكان من الأعيان المشهورين، وسليمان بن حبيب أبو بكر، وقيل أبو ثابت، وقيل أبو أيوب المحاربي الداراني قاضي دمشق(2/431)
لعمر بن عبد العزيز ويزيد وهشام ابني عبد الملك قضى لهم ثلاثين سنة، روى عن أنس بن مالك وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وأبي أسامة الباهلي وغيرهم، روى عنه عمر بن عبد العزيز، وهو من رواة الأوزاعي، وبرد بن سنان وعثمان بن أبي العاتكة وغيرهم، وكان ثقة مأمونا، ومن داريّا عبد الجبار بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم، ويقال عبد الرحمن بن داود أبو علي الخولاني الداراني يعرف بابن مهنّا، له تاريخ داريّا، روى عن الحسن بن حبيب وأحمد ابن سليمان بن جزلة ومحمد بن جعفر الخرائطي وأحمد ابن عمير بن جوصا وأبي الجهم بن طلّاب وغيرهم، روى عنه أبو الحسن علي بن محمد بن طوق الطبراني وتمام بن محمد وأبو نصر المبارك وغيرهم ولم يذكر وفاته.
دارِينُ:
فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند، والنسبة إليها داريّ، قال الفرزدق:
كأنّ تريكة من ماء مزن ... وداريّ الذكيّ من المدام
وفي كتاب سيف: أن المسلمين اقتحموا إلى دارين البحر مع العلاء بن الحضرمي فأجازوا ذلك الخليج بإذن الله جميعا يمشون على مثل رملة ميثاء فوقها ماء يغمر أخفاف الإبل، وإن ما بين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفر البحر في بعض الحالات، فالتقوا وقتلوا وسبوا فبلغ منهم الفارس ستة آلاف والراجل ألفين، فقال في ذلك عفيف بن المنذر:
ألم تر أن الله ذلّل بحره، ... وأنزل بالكفّار إحدى الجلائل؟
دعونا الذي شق البحار، فجاءنا ... بأعجب من فلق البحار الأوائل
قلت أنا: وهذه صفة أوال أشهر مدن البحرين اليوم، ولعل اسمها أوال ودارين، والله أعلم، فتحت في أيام أبي بكر، رضي الله عنه، سنة 12، وقال محمد ابن حبيب: هي الداروم، وهي بليدة بينها وبين غزة أربعة فراسخ، فتكون غير التي بالبحرين.
الدَّارَين:
هو ربض الدارين بحلب، ذكر في ربض الدارين، وقد ذكره عيسى بن سعدان الحلبي في مواضع من شعره فقال:
يا سرحة الدارين! أيّة سرحة ... مالت ذوائبها عليّ تحنّنا
أرسى بواديك الغمام، ولا غدا ... نفس الخزامى الحارثيّ وحوشنا
أمنفّرين الوحش من أبياتكم ... حبّا لظبيكم أسا، أو أحسنا
أشتاقه، والأعوجيّة دونه، ... ويصدّني عنه الصوارم والقنا
وقال الأعشى:
وكأس كعين الديك باكرت خدرها ... بفتيان صدق، والنواقيس تضرب
سلاف كأن الزعفران وعند ما ... يصفّق في ناجودها ثم يقطب
لها أرج في البيت عال كأنه ... ألمّ به من بحر دارين أركب
دَاسِرُ:
مدينة بينها، بين زبيد اليمن ليلة، كان بها عليّ بن مهدي الحميري الخارجي على زبيد والمتملّك لها وهي بخولان.
دَاسِنُ:
بالنون: اسم جبل عظيم في شمالي الموصل من جانب دجلة الشرقي، فيه خلق كثير من طوائف الأكراد يقال لهم الداسنية.(2/432)
داشيلوا:
قرية بينها وبين الريّ اثنا عشر فرسخا، بها كان مقتل تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان في صفر سنة 488، والله أعلم.
داعِيَةُ:
في كتاب دمشق: عثمان بن عنبسة بن أبي محمد ابن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي كان من ساكني كفر بطنا من إقليم داعية، ذكره ابن أبي العجائز فيمن كان يسكن الغوطة من بني أمية.
الدّالِيَةُ:
واحدة الدوالي التي يستقى بها الماء للزرع:
مدينة على شاطئ الفرات في غربيه بين عانة والرحبة صغيرة، بها قبض على صاحب الخال القرمطي الخارجي بالشام، لعنه الله.
دَامانُ:
قرية قرب الرافقة بينهما خمسة فراسخ، وهي بإزاء فوهة نهر النّهيا، وإليها ينسب التفّاح الداماني الذي يضرب بحمرته المثل، يكون ببغداد، قال الصريع:
وحياتي ما آلف الداماني، ... لا ولا كان في قديم الزمان
ينسب إليها أحمد بن فهر بن بشير الداماني مولى بني سليم يقال له فهر الرّقّي، روى عن جعفر بن رفال، روى عنه أيوب الوزّان وأهل الجزيرة، وتوفي بعد المائتين.
دَامَغانُ:
بلد كبير بين الريّ ونيسابور، وهو قصبة قومس، قال مسعر بن مهلهل: الدامغان مدينة كثيرة الفواكه وفاكهتها نهاية، والرياح لا تنقطع بها ليلا ولا نهارا، وبها مقسم للماء كسرويّ عجيب، يخرج ماؤه من مغارة في الجبل ثم ينقسم إذا انحدر عنه على مائة وعشرين قسما لمائة وعشرين رستاقا لا يزيد قسم على صاحبه، ولا يمكن تأليفه على غير هذه القسمة، وهو مستطرف جدّا ما رأيت في سائر البلدان مثله ولا شاهدت أحسن منه، قال: وهناك قرية تعرف بقرية الجمّالين فيها عين تنبع دما لا يشك فيه لأنه جامع لأوصاف الدم كلها، إذا ألقي فيه الزيبق صار لوقته حجرا يابسا صلبا متفننا، وتعرف هذه القرية أيضا بغنجان وبالدامغان، فيها تفاح يقال له القومسي، جيد حسن أحمر يحمل إلى العراق، وبها معادن زاجات وأملاح ولا كباريت فيها، وفيها معادن الذهب الصالح، وبينها وبين بسطام مرحلتان، قلت أنا: جئت إلى هذه المدينة في سنة 613 مجتازا بها إلى خراسان، ولم أر فيها شيئا مما ذكره لأني لم أقم بها، وبينها وبين كردكوه قلعة الملاحدة يوم واحد، والواقف بالدامغان يراها في وسط الجبال، وقد نسب إلى الدامغان جماعة وافرة من أهل العلم، منهم: إبراهيم ابن إسحاق الزّرّاد الدامغاني، روى عن ابن عيينة، روى عنه أحمد بن سيار، وقاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن عليّ بن محمد بن الدامغاني حنفيّ المذهب، تفقه على أبي عبد الله الضميري ببغداد وسمع الحديث من أبي عبد الله محمد بن عليّ الصوريّ، روى عنه عبد الله الأنماطي وغيره، وكانت ولادته بالدامغان سنة 400، وقد ولي قضاء القضاة ببغداد غير واحد من ولده.
الدَّامُ:
والأدمى والرّوحان: من بلاد بني سعد، قاله السكري في شرح قول جرير:
يا حبذا الخرج، بين الدام والأدمى، ... فالرّمث من برقة الرّوحان فالغرف
وقال أيضا:
قد غيّر الرّبع بعد الحيّ إقفار، ... كأنه مصحف يتلوه أحبار
ما كنت جرّبت من صدق ولا صلة ... للغانيات، ولا عنهنّ إقصار(2/433)
أسقى المنازل، بين الدام والأدمى، ... عين تحلّب بالسعدين مدرار
قال الحفصي: الدام والأدمى من نواحي اليمامة.
دَاموس:
بلد بالمغرب من بلاد البربر من البرّ الأعظم قرب جزائر بني مزغنّاي، منه أبو عمران موسى بن سليمان اللخمي الداموسي، سكن المريّة وكان من القراء، قرأ على أبي جعفر أحمد بن سليمان الكاتب المعروف بابن الربيع.
دَانَا:
قرية قرب حلب بالعواصم في لحف جبل لبنان قديمة، وفي طرفها دكّة عظيمة سعتها سعة ميدان منحوتة في طرف الجبل على تربيع مستقيم وتسطيح مستو، وفي وسط ذلك التسطيح قبة فيها قبر عاديّ لا يدرى من فيه.
دانيث:
بلد من أعمال حلب بين حلب وكفر طاب.
دانِيةُ:
بعد الألف نون مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت مفتوحة: مدينة بالأندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقا مرساها عجيب يسمى السّمّان، ولها رساتيق واسعة كثيرة التين والعنب واللوز، وكانت قاعدة ملك أبي الجيش مجاهد العامري، وأهلها أقرأ أهل الأندلس لأن مجاهدا كان يستجلب القراء ويفضل عليهم وينفق عليهم الأموال، فكانوا يقصدونه ويقيمون عنده فكثروا في بلاده، ومنها شيخ القراء أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني صاحب التصانيف في القراءات والقرآن، قال عليّ بن عبد الغني الحصري يرثي ولديه:
أستودع الله لي، بدانية ... وسيّة، فلذتين من كبدي
خير ثواب ذخرته لهما ... توكّلي فيهما على الصّمد
داوَرُ:
وأهل تلك الناحية يسمونها زمنداور ومعناه أرض الداور: وهي ولاية واسعة ذات بلدان وقرى مجاورة لولاية رخّج وبست والغور، قال الإصطخري:
الداور اسم إقليم خصيب وهو ثغر الغور من ناحية سجستان ومدينة الداورتل ودرغور، وهما على نهر هندمند، ولما غلب عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب على ناحية سجستان في أيام عثمان سار إلى الداور على طريق الرّخّج فحصرهم في جبل الزّون ثم صالحهم على أن عدة من معه من المسلمين ثمانية آلاف، ودخل على الزّون وهو صنم من ذهب عيناه ياقوتتان فقطع يديه وأخذ الياقوتتين، ثم قال للمرزبان: دونكم الذهب والجواهر وإنما أردت أن أعلمك أنه لا ينفع ولا يضرّ، وينسب إليه عبد الله بن محمد الداوري، سمع أبا بكر الحسين بن عليّ بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن الزيات، وأبو المعالي الحسن بن عليّ بن الحسن الداوري، له كتاب سماه منهاج العابدين، وكان كبيرا في المذهب فصيحا له شعر مليح، فأخذه من لا يخاف الله ونسبه إلى أبي حامد الغزّالي فكثر في أيدي الناس لرغبتهم في كلامه، وليس للغزّالي في شيء من تصانيفه شعر، وهذا من أدل الدليل على أنه كتاب من تصنيف غيره، وما حكي في المصنف عن عبد الله بن كرّام فقد أسقط منه لئلا يظهر للمتصفح كتبه في سنة 445 بالقدس، قال ذلك السلفي.
داوردَانُ:
بفتح الواو، وسكون الراء، وآخره نون: من نواحي شرقي واسط بينهما فرسخ، قال ابن عباس في قوله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا من دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ 2: 243، قال: كانت قرية يقال لها داوردان وقع بها الطاعون فهرب عامة أهلها فنزلوا ناحية منها فهلك بعض من أقام في(2/434)
القرية وسلم الآخرون، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فقال من بقي ولم يمت في القرية: أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا، لو صنعنا كما صنعوا سلمنا ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن، فوقع الطاعون فيها قابلا فهربوا وهم بضعة وثلاثون ألفا حتى نزلوا ذلك المكان، وهو واد أفيح، فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه أن موتوا فماتوا، فأحياهم الله تعالى بحزقيل في ثيابهم التي ماتوا فيها، فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى حتى ماتوا بآجالهم التي كتبت عليهم، وبني في ذلك الموضع الذي حيوا فيه دير يعرف بدير هزقل، وإنما هو حزقيل، وينسب إلى داوردان من المتأخرين أحمد بن محمد ابن عليّ بن الحسين الطائي أبو العباس يعرف بابن طلامي، شيخ صالح من أهل القرآن، قدم بغداد وسمع بها من أبي القاسم إسمعيل بن أحمد السمرقندي وغيره، ورجع إلى بلده فأقام به مشتغلا بالرياضة والمجاهدة، مات في سابع شهر رمضان سنة 554، وحضر جنازته أكثر أهل واسط.
داوُودَان:
بلدة من نواحي البصرة، يكثر فيها هذا الوزن كزيادان وعبد اللان بأن ينسبوا إليها بالألف والنون، منها محمد بن عبد العزيز الداووداني، روى عن عيسى بن يونس الرملي، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الرّصافي.
الدَّاهِرِيّة:
قرية ببغداد يضرب بها المثل في الخصب والرّيع، لأن عامة بغداد كثيرا ما يقول بعضهم لبعض إذا بالغ: لو أن لك عندي الداهرية ما زاد! وأيش لك عندي خراج الداهرية! وما ناسب ذلك القول، وهي ما بين المحوّل والسندية من أعمال بادوريا، قال ابن الصابي في كتاب بغداد: كنت أعرف مما بين المحوّل والسندية والمسافة خمسة فراسخ أكثر من عشرة آلاف رأس نخلا، منها بالداهرية وحدها ألفان وثمانمائة، ولم يبق الآن إلا شيء يسير متفرق متبدد لا يجمع منه مائتا رأس، وقد نسب إليها من المتأخرين عبد السلام بن عبد الله بن أحمد بن بكران الداهري، روى عن سعيد بن البنّاء وأبي بكر الزاغوني وأبي الوقت وهو حيّ في وقتنا هذا سنة 620، وأبوه عبد الله يروي أيضا عن أبي محمد عبد الله بن عليّ المقري المعروف بابن بنت الشيخ وغيره، ومات في محرم سنة 575.
دَايانُ:
حصن من أعمال صنعاء باليمن.
باب الدال والباء وما يليهما
دَبا:
بفتح أوله، والقصر، والدّبا: الجراد قبل أن يطير، قال الأصمعي: سوق من أسواق العرب بعمان وهي غير دما، ودما أيضا من أسواق العرب، كلاهما عن الأصمعي، وبعمان مدينة قديمة مشهورة لها ذكر في أيام العرب وأخبارها وأشعارها، وكانت قديما قصبة عمان، ولعلّ هذه السوق المذكورة فتحها المسلمون في أيام أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، عنوة سنة 11 وأميرهم حذيفة بن محصن فقتل وسبى، قال الواقدي: قدم وفد الأزد من دبا مقرّين بالإسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبعث عليهم مصدقا منهم يقال له حذيفة بن محصن البارقي ثم الأزدي من أهل دبا، فكان يأخذ صدقات أغنيائهم ويردها إلى فقرائهم، وبعث إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بفرائض لم يجد لها موضعا، فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ارتدّوا فدعاهم إلى النزوع فأبوا وأسمعوه شتما لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، فكتب حذيفة بذلك إلى أبي بكر، رضي الله عنه، فكتب أبو بكر إلى(2/435)
عكرمة بن أبي جهل وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، استعمله على صدقات عامر، فلما مات النبي، صلى الله عليه وسلم، انحاز عكرمة إلى تبالة أن سر فيمن قبلك من المسلمين، وكان رئيس أهل الردّة لقيط بن مالك الأزدي، فجهز لقيط إليهم جيشا فالتقوا فهزمهم الله وقتل منهم نحو مائة حتى دخلوا مدينة دبا فتحصنوا بها وحاصرهم المسلمون شهرا أو نحوه ولم يكونوا استعدوا للحصار، فأرسلوا إلى حذيفة يسألونه الصلح، فقال: لا أصالح إلا على حكمي، فاضطروا إلى النزول على حكمه، فقال:
اخرجوا من مدينتكم عزلا لا سلاح معكم، فدخل المسلمون حصنهم، فقال: إني قد حكمت فيكم أن أقتل أشرافكم وأسبي ذراريكم، فقتل من أشرافهم مائة رجل وسبى ذراريهم وقدم بسبيهم المدينة فاختلف المسلمون فيهم، وكان فيهم أبو صفرة أبو المهلّب غلام لم يبلغ، فأراد أبو بكر، رضي الله عنه، قتل من بقي من المقاتلة، فقال عمر، رضي الله عنه:
يا خليفة رسول الله هم مسلمون إنما شحّوا بأموالهم والقوم يقولون ما رجعنا عن الإسلام، فلم يزالوا موقوفين حتى توفي أبو بكر فأطلقهم عمر، رضي الله عنه، فرجع بعضهم إلى بلاده وخرج أبو المهلّب حتى نزل البصرة وأقام عكرمة بدبا عاملا لأبي بكر، رضي الله عنه.
دُبَّا:
بضم أوله، وتشديد ثانيه: من نواحي البصرة فيها أنهار وقرى، ونهرها الأعظم الذي يأخذ من دجلة حفره الرشيد، والدّبّاء: القثّاء، ممدود، وبالقصر: الشاة تحبس في البيت للّبن.
دَبابُ:
بفتح أوله، وتخفيف ثانيه، وآخره باء موحدة أيضا: جبل في ديار طيّء لبني شيعة بن عوف بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل، وفيهم المثل: عمل عمل شيعة. ودباب أيضا: ماء بأجإ، والدّبّة:
الكثيب من الرمل، ولعله منه.
دِبابٌ:
بكسر أوله، وبعد الألف باء موحدة: موضع بالحجاز كثير الرمل، والدّبّة: الكثيب من الرمل، والدّباب جمعه فيما أحسب، قال أبو محمد الأعرابي في قول الرّاجز:
يا عمرو! قارب بينها تقرّب، ... وارفع لها صوت قويّ صلّب
واعص عليها بالقطيع تغضب، ... ألا ترى ما حال دون المقرب
من نعف فلّا فدباب المعتب
قال: فلّا من دون الشام، والمعتب واد دون مآب بالشام، ومآب كورة من كور الشام، ودباب ثنايا يأخذها الطريق، والله أعلم.
دَبَّابُ:
بالتشديد في شعر الراعي: موضع، عن نصر.
دَبالَةُ:
بفتح أوله: موضع بالحجاز، قال الحازمي:
وقد يختلف في لفظه.
دَباوَنْد:
بفتح أوله ويضم، وبعد الواو المفتوحة نون ساكنة، وآخره دال، ويقال دنباوند أيضا بنون قبل الباء، ويقال دماوند بالميم أيضا: كورة من كور الري بينها وبين طبرستان، فيها فواكه وبساتين وعدّة قرى عامرة وعيون كثيرة، وهي بين الجبال، وفي وسط هذه الكورة جبل عال جدّا مستدير كأنه قبة، رأيته ولم أر في الدنيا كلها جبلا أعلى منه يشرف على الجبال التي حوله كإشراف الجبال العالية على الوطاء، يظهر للناظر إليه من مسيرة عدّة أيام، والثلج عليه ملتبس في الصيف والشتاء كأنه البيضة، وللفرس فيه خرافات عجيبة وحكايات غريبة، هممت بسطر شيء منها ههنا فتحاشيت من القدح في(2/436)
رأيي فتركتها، وجملتها أنهم يزعمون أن أفريدون الملك لما قبض على بيوراسف الجبار سجنه في السلاسل على صفة عجيبة وأنه حبسه في هذا الجبل وقيده وأنه إلى الآن حيّ موجود فيه لا يقدر أحد أن يصعد إلى الجبل فيراه وأنه يصعد من ذلك الجبل دخان يضرب إلى عنان السماء وأنه أنفاس بيوراسف وأنه رتب عليه حرّاسا يضربون حوله بالمطارق على السنادين إلى الآن وأشياء من هذا الجنس ما أوردته بأسره وتركت الباقي تحاشيا، وسنذكر شيئا من خبره في دنباوند، وقال: ولد بها تابعيّ مشهور رأى أنس بن مالك ولم يسمع منه وسمع من التابعين الكبار.
دَبَاها:
قرية من نواحي بغداد من طسّوج نهر الملك، لها ذكر في أخبار الخوارج، قال الشاعر:
إن القباع سار سيرا ملسا، ... بين دبيرا ودباها خمسا
دِبْثَا:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وثاء مثلثة، مقصور: قرب واسط، يقال دبيثا أيضا، نسبوا إليها أبا بكر محمد بن يحيى بن محمد بن روزبهان يعرف بابن الدّبثاني، سمع أبا بكر القطيعي وغيره، روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب، ومات في صفر سنة 432، ومولده في محرم سنة 348.
الدَّبْرُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وراء، ذات الدّبر: ثنية، قال ابن الأعرابي: وصحّفه الأصمعي فقال ذات الدّير بنقطتين من تحت. ودبر أيضا:
جبل جاء ذكره في الحديث، قال السكوني: هو بين تيماء وجبلي طيّء.
دَبَرُ:
بفتح أوله وثانيه: قرية من نواحي صنعاء باليمن، عن الجوهري، ينسب إليها أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عبّاد الدّبري الصنعاني، حدث عن عبد الرزاق بن همام، روى عنه أبو بكر بن المنذر والطبراني وجماعة.
دُبْزَنُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه ثم زاي مفتوحة، وآخره نون، والصحيح دبزند: من قرى مرو عند كمسان على خمسة فراسخ من البلد، ينسب إليها أبو عثمان قريش بن محمّد الدّبزني، كان أديبا فاضلا، حدث عن عمّار بن مجاهد الكمساني، وتوفي سنة 248.
دُبزَنْدُ:
مثل الذي قبلها بزيادة دال: وهي القرية التي قبلها بعينها من أعمال مرو.
دَبْقا:
من قرى مصر قرب تنّيس، تنسب إليها الثياب الدّبيقية على غير قياس، كذا ذكره حمزة الأصبهاني، وسألت المصريّين عنها فقالوا: ديبق بلد قرب تنّيس بينها وبين الفرما خرب الآن.
دُبُّلُ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه: موضع في شعر العجّاج.
دَبُوبُ:
آخره مثل ثانيه، وأوله مفتوح: موضع في جبال هذيل، قال ساعدة بن جؤيّة الهذلي:
وما ضرب بيضاء يسقي دبوبها ... دفاق فعروان الكراث فضيمها
ويروى دبورها جمع دبر وهو النحل، رواهما السكّري.
دَبُّورِيَةُ:
بليد قرب طبرية من أعمال الأردنّ، قال أحمد بن منير:
لئن كنت في حلب ثاويا، ... فنجني الغبير بدبّوريه
دَبُوسِيَةُ:
بليد من أعمال الصّغد من ما وراء النهر، منها أبو زيد الدّبوسي، وهو عبيد الله بن عمر بن عيسى صاحب كتاب الأسرار وتقويم الأدلة، وكان من كبار فقهاء أبي حنيفة وممن يضرب به المثل،(2/437)
مات ببخارى سنة 403، ومنها أبو الفتح ميمون بن محمد بن عبد الله بن بكر مجّ الدّبوسي، سكن مرو، كان شيخا صالحا من فقهاء الشافعية، تفقه على أبي المظفر السمعاني، وتوفي سنة نيف وثلاثين وخمسمائة بمرو، وابنه أبو القاسم محمود بن ميمون، تفقه هو وأبو زيد السمعاني مشتركين في الدرس، وسمع الحديث من أبي عبد الله الفراوي وأبي المظفر عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري، ومنها أبو القاسم علي ابن أبي يعلى بن زيد بن حمزة بن محمد بن عبد الله الحسيني العلوي الدبوسي الفقيه الشافعي، ولي التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد، وكان إماما في الفقه والأصول والأدب، وكان من فحول المناظرين، سمع أبا عمرو القنطري وأبا سهل أحمد بن علي الأبيوردي وغيرهما، روى عنه أبو الفضل محمد بن أبي الفضل المسعودي وعبد الوهاب الأنماطي وغيرهما، توفي ببغداد سنة 432، وأما أحمد بن عمر بن نصير ابن حامد بن أحيد بن دبوسة الدّبوسي فمنسوب إلى جده، أسلم دبوسة على يد قتيبة بن مسلم الباهلي سنة 93.
الدَّبَةُ:
بفتح أوله، وتخفيف ثانيه: بلد بين الأصافر وبدر، وعليه سلك النبي، صلى الله عليه وسلم، لما سار إلى بدر، قاله ابن إسحاق وضبطه ابن الفرات في غير موضع، وقال قوم: الدّبة بين الرّوحاء والصفراء، وقال نصر: كذا يقوله أصحاب الحديث، والصواب الدّبّة لأن معناه مجتمع الرمل، وقد جاء دباب ودبّاب في أسماء مواضع، قلت أنا: قال الجوهري الدّبّة التي يحط فيها الدّهن، والدّبّة أيضا الكثيب من الرمل، والدّبّة، بالضم، الطريق.
دَبَيثا:
بفتح أوله وثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وثاء مثلثة، مقصور: من قرى النهروان قرب باكسايا، خرج منها جماعة من أهل العلم، ينسب إليها دبيثاي ودبيثي، وربما ضمّ أوله.
دَبيرا:
قرية من سواد بغداد، قال بعضهم:
إن القباع سار سيرا ملسا، ... بين دبيرا ودباها خمسا
دَبِيرٌ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وراء: قرية بينها وبين نيسابور فرسخ، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يوسف ابن خرشيد الدبيري، سمع قتيبة بن سعيد ومحمد بن أبان وإسحاق بن راهويه وجماعة، روى عنه أبو حامد والشيوخ، توفي سنة 307.
الدَّبيرة:
قرية بالبحرين لبني عامر بن الحارث بن عبد القيس.
دبيق:
بليدة كانت بين الفرما وتنّيس من أعمال مصر، تنسب إليها الثياب الدبيقية، والله أعلم.
الدَّبِيقيَّة:
بالفتح ثم الكسر، وياء مثناة من تحتها ساكنة، وقاف، وياء نسبة: من قرى بغداد من نواحي نهر عيسى، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن يحيى بن بركة بن محفوظ الدّبيقي البزّاز البغدادي من دار القزّ، كان كثير السماع والرواية، سمع قاضي المارستان محمد بن عبد الباقي وغيره، ومات في شهر ربيع الآخر سنة 612، تكلموا فيه أنه كان يثبت اسمه فيما لم يسمع مع كثرة مسموعاته.
دَبِيلٌ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، بوزن زبيل، قال أبو زياد الكلابي: وفي الرمل الدّبيل وهو ما قابلك من أطول شيء يكون من الرمل إذا واجه الصّحراء التي ليس فيها رمل فذلك الدّبيل، وجمعها الدّبل، وهو الكثيب الذي يقال له كثيب الرمل، قال الشاعر:
وفحل، لا يديّثه برحل ... أخو الجعدات كالأجم الطويل(2/438)
ضربت مجامع الأنساء منه، ... فخرّ الساق آدم ذا فضول
كأنّ سنامه، إذ جرّدوه، ... نقا العزّاف قاد له دبيل
موضع يتاخم أعراض اليمامة، قال مروان بن أبي حفصة يمدح معن بن زائدة وكان قد قصده من اليمامة إلى اليمن:
لولا رجاؤك ما تخطّت ناقتي ... عرض الدبيل، ولا قرى نجران
وقيل: هو رمل بين اليمامة واليمن، وقال أبو الشليل النّفاثي:
كأنّ سنامه، إذ جرّدوه ... نقا العزّاف قاد له دبيل
قال السكري: العزّاف رمل معروف يسمع فيه عزيف الجن، والنّقا: جبيل من الرمل أبيض.
ودبيل: اسم رمل معروف يقال اتصل هذا بهذا.
ودبيل أيضا: مدينة بأرمينية تتاخم أرّان، كان ثغرا فتحه حبيب بن مسلمة في أيام عثمان بن عفان، رضي الله عنه، في إمارة معاوية على الشام ففتح ما مرّ به إلى أن وصل إلى دبيل فغلب عليها وعلى قراها وصالح أهلها وكتب لهم كتابا، نسخته: هذا كتاب من حبيب بن مسلمة الفهري لنصارى أهل دبيل ومجوسها ويهودها شاهدهم وغائبهم. إني أمنتكم على أنفسكم وأموالكم وكنائسكم وبيعكم وسور مدينتكم فأنتم آمنون وعلينا الوفاء لكم بالعهد ما وفيتم وأديتم الجزية والخراج، شهد الله وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً 4: 79، وختم حبيب بن مسلمة، قال الشاعر:
سيصبح فوقي أقتم الريش كاسرا ... بقاليقلا، أو من وراء دبيل
ينسب إليها عبد الرحمن بن يحيى الدبيلي، يروي عن الصبّاح بن محارب وجدار بن بكر الدبيلي، روى عن جده، روى عنه أبو بكر محمد بن جعفر الكناني البغدادي، وقال أبو يعقوب الخريمي يذكرها:
شقّت عليك بواكر الأظعان، ... لا بل شجاك تشتّت الجيران
وهم الألى كانوا هواك، فأصبحوا ... قطعوا ببينهم قوى الأقران
ورأيت، يوم دبيل، أمرا مفظعا ... لا يستطيع حواره الشفتان
ودبيل من قرى الرملة، ينسب إليها أبو القاسم شعيب ابن محمد بن أحمد بن شعيب بن بزيع بن سنان، ويقال له ابن سوّار العبدي البزّاز الدبيلي الفقيه المعروف بابن أبي قطران، روى عن أبي زهير أزهر بن المرزبان المقري، حدث بدمشق ومصر عن عبد الرحمن بن يحيى الأرمني صاحب سفيان بن عيينة وسهل بن سفيان الخلاطي وأبي زكرياء يحيى بن عثمان بن صالح السهمي المصري، روى عنه أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن يونس بن عبد الأعلى الحافظ ومحمد بن علي الذهبي وأبو هاشم المؤدّب والزبير بن عبد الواحد الأسداباذي ومحمد بن جعفر بن يوسف الأصبهاني وأبو أحمد محمد ابن أحمد بن إبراهيم الغسّاني وأسد بن سليمان بن حبيب الطهراني والحسن بن رشيق العسكري وأبو بكر محمد ابن أحمد المفيد.
باب الدال والثاء وما يليهما
دَثَرُ:
بالتحريك: من حصون مشارق ذمار باليمن.
دَثِينٌ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: اسم جبل، يقال: دثّن الطائر تدثينا(2/439)
إذا طار وأسرع السقوط في مواضع متقاربة، قال القتال الكلابي:
سقى الله ما بين الشّطون وغمرة ... وبئر دريرات وهضب دثين
الدَّثِينَة:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، ونون: ناحية بين الجند وعدن، وفي حديث أبي سبرة النخعي قال: أقبل رجل من اليمن فلما كان ببعض الطريق نفق حماره فقام وتوضأ ثم صلى ركعتين ثم قال: اللهم إني جئت من الدثينة مجاهدا في سبيلك وابتغاء مرضاتك وأنا أشهد أنك تحيي الموتى وتبعث من في القبور، لا تجعل اليوم لأحد عليّ منّة، أطلب إليك اليوم أن تحيي لي حماري، قال: فقام الحمار ينفض أذنيه، وقال الزمخشري: الدثينة والدفينة منزل لبني سليم، وقال أبو عبيد السكوني: الدثينة منزل بعد فلجة من البصرة إلى مكة، وهي لبني سليم ثم وجرة ثم نخلة ثم بستان ابن عامر ثم مكة، وقال الجوهري: الدثينة ماء لبني سيار بن عمرو، وأنشد للنابغة:
وعلى الرّميثة من سكين حاضر، ... وعلى الدثينة من بني سيار
قال: ويقال كانت تسمّى في الجاهلية الدفينة فتطيروا منها فسموها الدثينة، وذكرها ابن الفقيه في أعمال المدينة، وقد نسبوا إليها عروة بن غزيّة الدثيني، روى عن الضحاك بن فيروز.
الدُّثَينَةُ:
بالتصغير، هكذا ذكره الحازمي وجعله غير الذي قبله وقال: الدثينة ماء لبعض بني فزارة، وأنشد بيت النابغة:
وعلى الدثينة من بني سيار
قال: هكذا هو في رواية الأصمعي، وفي رواية أبي عبيدة الرميثة، قال: هي ماء لبني سيار بن عمرو بن جابر من بني مازن بني فزارة، والله أعلم بالصواب.
باب الدال والجيم وما يليهما
دُجاكَنُ:
بضم أوله، وفتح الكاف: من قرى نسف بما وراء النهر، منها إسماعيل بن يعقوب المقري الدجاكني النسفي، روى عن القاضي أبي نصر أحمد ابن محمد بن حبيب الكشاني، توفي بنسف في شعبان سنة 482.
دَجِرْجَا:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وبعد الراء الساكنة جيم أخرى، مقصور: بليدة بالصعيد الأدنى عليها سور، وهي في غربي النيل، قد خرج منها شاعر متأخر يعرفه المصريون يقال له المشرف، وله شعر جيد، منه:
قاض، إذا انفصل الخصمان ردّهما، ... إلى الخصام، بحكم غير منفصل
يبدي الزهادة في الدنيا وزخرفها ... جهرا، ويقبل سرّا بعرة الجمل
دِجْلَةُ:
نهر بغداد، لا تدخله الألف واللام، قال حمزة: دجلة معرّبة على ديلد، ولها اسمان آخران وهما: آرنك روذ وكودك دريا أي البحر الصغير، أخبرنا الشيخ مسمار بن عمر بن محمد أبو بكر المقري البغدادي بالموصل أنبأنا الشيخ الحافظ أبو الفضل محمد ابن ناصر بن محمد بن عليّ السّلامي أنبأنا الشيخ العالم أبو محمد جعفر بن أبي طالب أحمد بن الحسين السّرّاج القارئ أنبأنا القاضي أبو الحسين أحمد بن عليّ بن الحسين التّوّزي في شهر ربيع الآخر سنة 440، قال أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني قال: دفع إليّ أبو الحسن عليّ بن هارون ورقة ذكر أنها بخط(2/440)
عليّ بن مهدي الكسروي، ووجدت فيها أول مخرج دجلة من موضع يقال له عين دجلة على مسيرة يومين ونصف من آمد من موضع يعرف بهلورس من كهف مظلم، وأول نهر ينصبّ إلى دجلة يخرج من فوق شمشاط بأرض الروم يقال له نهر الكلاب، ثم أول واد ينصبّ إليه سوى السواقي والرواضع والأنهار التي ليست بعظيمة وادي صلب، وهو واد بين ميّا فارقين وآمد، قيل: إنه يخرج من هلورس، وهلورس الموضع الذي استشهد فيه عليّ الأرمني، ثم ينصبّ إليه وادي ساتيدما وهو خارج من درب الكلاب بعد أن ينصبّ إلى وادي ساتيدما وادي الزور الآخذ من الكلك، وهو موضع ابن بقراط البطريق من ظاهر أرمينية، وينصبّ أيضا من وادي ساتيدما نهر ميّافارقين ثم ينصب إليه وادي السّربط، وهو الآخذ من ظهر أبيات أرزن، وهو يخرج من خوويت وجبالها من أرض أرمينية، ثم توافي دجلة موضعا يعرف بتلّ فافان فينصب إليها وادي الرّزم، وهو الوادي الذي يكثر فيه ماء دجلة، وهذا الوادي مخرجه من أرض أرمينية من الناحية التي يتولّاها موشاليق البطريق وما والى تلك النواحي، وفي وادي الرّزم ينصب الوادي المشتق لبدليس، وهو خارج من ناحية خلاط، ثم تنقاد دجلة كهيئتها حتى توافي الجبال المعروفة بجبال الجزيرة فينصب إليها نهر عظيم يعرف بيرنى يخرج من دون أرمينية في تخومها ثم ينصب إليها نهر عظيم يعرف بنهر باعيناثا ثم توافي أكناف الجزيرة المعروفة بجزيرة ابن عمر فينصب إليها واد مخرجه من ظاهر أرمينية يعرف بالبويار ثم توافي ما بين باسورين والجزيرة فينصب إليها الوادي المعروف بدوشا، ودوشا يخرج من الزوزان فيما بين أرمينية وأذربيجان، ثم ينصب إليها وادي الخابور، وهو أيضا خارج من الموضع المعروف بالزّوزان وهو الموضع الذي يكون فيه البطريق المعروف بجرجيز، ثم تستقيم على حالها إلى بلد والموصل فينصب إليها ببلد من غربيها نهر ربما منع الراجل من خوضه، ثم لا يقع فيها قطرة حتى توافي الزاب الأعظم مستنبطه من جبال أذربيجان يأخذ على زركون وبابغيش فتكون ممازجته إياها فوق الحديثة بفرسخ، ثم تأتي السّنّ فيعترضها الزاب الأسفل مستنبطه من أرض شهرزور، ثم توافي سرّ من رأى، إلى هنا عن الكسروي. وقيل: إن أصل مخرجه من جبل بقرب آمد عند حصن يعرف بحصن ذي القرنين من تحته تخرج عين دجلة، وهي هناك ساقية، ثم كلما امتدّت انضمّ إليها مياه جبال ديار بكر حتى تصير بقرب البحر مدّ البصر، ورأيته بآمد وهو يخاض بالدواب، ثم يمتدّ إلى ميّافارقين ثم إلى حصن كيفا ثم إلى جزيرة ابن عمر، وهو يحيط بها، ثم إلى بلد والموصل ثم إلى تكريت، وقيل: بتكريت ينصب فيه الزابان:
الزاب الأعلى من موضع يقال له تلّ فافان والزاب الصغير عند السنّ، ومنها يعظم، ثم بغداد ثم واسط ثم البصرة ثم عبّادان ثم ينصب في بحر الهند، فإذا انفصل عن واسط انقسم إلى خمسة أنهر عظام تحمل السّفن، منها: نهر سياسي ونهر الغرّاف ونهر دقلة ونهر جعفر ونهر ميسان، ثم تجتمع هذه الأنهار أيضا وما ينضاف إليها من الفرات كلها قرب مطارة، قرية بينها وبين البصرة يوم واحد.
وروي عن ابن عباس، رضي الله عنه، أنه قال:
أوحى الله تعالى إلى دانيال، عليه السلام، وهو دانيال الأكبر، أن احفر لعبادي نهرين واجعل مفيضهما البحر فقد أمرت الأرض أن تطيعك، فأخذ خشبة وجعل يجرها في الأرض والماء يتبعه وكلما مرّ بأرض يتيم أو(2/441)
أرملة أو شيخ كبير ناشدوه الله فيحيد عنهم، فعواقيل دجلة والفرات من ذلك، قال في هذه الرواية:
ومبتدأ دجلة من أرمينية.
ودجلة العوراء: اسم لدجلة البصرة علم لها، وقد أسقط بعض الشعراء الهاء منه ضرورة، قال بعض الشعراء:
روّاد أعلى دجل يهدج دونها ... قربا يواصله بخمس كامل
وقال أبو العلاء المعرّي:
سقيا لدجلة، والدنيا مفرّقة، ... حتى يعود اجتماع النجم تشتيتا
وبعدها لا أحبّ الشرب من نهر ... كأنما أنا من أصحاب طالوتا
ذمّ الوليد، ولم أذمم بلادكم، ... إذ قال ما أنصفت بغداد حوشيتا
وقال أبو القاسم عليّ بن محمد التنوخي القاضي:
أحسن بدجلة والدّجى متصوّب، ... والبدر في أفق السماء مغرّب
فكأنها فيه بساط أزرق، ... وكأنه فيها طراز مذهب
ولابن التمّار الواسطي يصف ضوء القمر على دجلة:
قم فاعتصم من صروف الدهر والنّوب، ... واجمع بكأسك شمل اللهو والطرب
أما ترى الليل قد ولّت عساكره ... مهزومة، وجيوش الصبح في الطلب
والبدر في الأفق الغربيّ تحسبه ... قد مدّ جسرا، على الشطّين، من ذهب
ودجلة: موضع في ديار العرب بالبادية، قال يزيد ابن الطّثرية:
خلا الفيض ممن حله فالخمائل ... فدجلة ذي الأرطى فقرن الهوامل
وقد كان محتلّا، وفي العيش غرّة، ... لأسماء مفضى ذي سليل وعاقل
فأصبح منها ذاك قفرا وسامحت ... لك النفس، فانظر ما الذي أنت فاعل
الدَّجنتَين:
موضع في بلاد تيم ثم بلاد الرباب منهم.
الدَّجْنِيَّتان:
قال نصر: ماءتان عظيمتان عن يسار تعشار، وهو أعظم ماء لضبة ليس بينهما ميل، إحداهما لبكر بن سعد بن ضبّة والأخرى لثعلبة بن سعد، إحداهما دجنيّة والأخرى القيصومة تسميان الدجنيّتين كل واحدة أكثر من مائة ركية، بينهما حجبة إذا علوتها رأيتهما وتعشار فوقهما أو مثلهما، وهو ماء لبني ثعلبة بن سعد في ناحية الوشم، والدجنيتان وراء الدهناء قريب، هذا لفظه إلا أن الوشم موضع باليمامة في وسطها والدهناء في وسط نجد فكيف يتفق؟
دَجُوجٌ:
رمل متصل بعلم السعد: جبلان من دومة على يوم. ودجوج: رمل مسيرة يومين إلى دون تيماء بيوم يخرج إلى الصحراء بينه وبين تيماء، وهو في شعر هذيل، قال أبو ذؤيب:
صبا قلبه بل لجّ وهو لجوج، ... ولاحت له بالأنعمين حدوج
كما زال نخل بالعراق مكمّم ... أمدّ له، من ذي الفرات، خليج
كأنك عمري أيّ نظرة ناظر ... نظرت، وقدس دونها ودجوج
وقال الراعي:(2/442)
إلى ظعن كالدّوم، فيها تزايل، ... وهزة أجمال لهن وسيج
فلما حبا، من خلفها، رمل عالج ... وجوش بدت أعناقها ودجوج
وقال الغوري: هو رمل في بلاد كلب، وليلة دجوج مظلمة، قال الراجز:
أقربها البقّار من دجوجا، ... يومين، لا نوم ولا تعريجا
وقال الأسود: دجوج رمل، وجرع ومناة حمص بفلاة من أرض كلب.
دُجْوَةُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه: قرية بمصر على شط النيل الشرقي على بحر رشيد، بينها وبين الفسطاط ستة فراسخ من كورة الشرقية، وبعضهم يقولها بكسر الدال.
دُجَيْل:
اسم نهر في موضعين أحدهما مخرجه من أعلى بغداد بين تكريت وبينها مقابل القادسية دون سامرّا فيسقي كورة واسعة وبلادا كثيرة، منها: أوانا وعكبرا والحظيرة وصريفين وغير ذلك، ثم تصب فضلته في دجلة أيضا، ومن دجيل هذا مسكن التي كانت عندها حرب مصعب ومقتله، وإياها عنى علي ابن الجهم السامي بقوله، وكان قدم الشام فلما قرب حلب خرجت عليه اللصوص وجرّحوه وأخذوا ما معه وتركوه على الطريق فقال:
أسال بالليل سيل ... أم زيد في الليل ليل؟
يا إخوتي بدجيل، ... وأين مني دجيل!
وينسب إليه أبو العباس أحمد بن الفرج بن راشد بن محمد المدني الدجيلي الورّاق من أهل النصرية محلة ببغداد، ولي القضاء بدجيل وسمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي، ذكره أبو سعد في شيوخه، وإياه عنى البحتري بقوله:
ولولاك ما أسخطت عمّى وروضها ... ونهر دجيل للذي رضي الثغر
ودجيل الآخر: نهر بالأهواز حفره أردشير بن بابك أحد ملوك الفرس، وقال حمزة: كان اسمه في أيام الفرس ديلدا كودك ومعناه دجلة الصغيرة فعرّب على دجيل، ومخرجه من أرض أصبهان ومصبه في بحر فارس قرب عبّادان، وكانت عند دجيل هذا وقائع للخوارج، وفيه غرق شبيب الخارجي.
باب الدال والحاء وما يليهما
الدَّحادح:
حصن من أعمال صنعاء اليمن.
الدَّحائلُ:
قال أبو منصور: رأيت بالخلصاء ونواحي الدّهناء دحلانا كثيرة وقد دخلت غير دحل منها، وهي خلائق خلقها الله عز وجلّ تحت الأرض يذهب الدحل منها سكّا في الأرض قامة أو قامتين أو أكثر من ذلك ثم يتلجّف يمينا وشمالا، فمرة يضيق ومرة يتسع في صفاة ملساء، ولا تحيك فيها المعاول المحدودة لصلابتها، وقد دخلت منها دحلا فلما انتهيت إلى الماء إذا جوّ من الماء الراكد فيه لم أقف على سعته وعمقه وكثرته لإظلام الدحل تحت الأرض، فاستقيت أنا مع أصحابي من مائه فإذا هو عذب زلال لأنه من ماء السماء يسيل إليه من فوق ويجتمع فيه، قال: وأخبرني جماعة من الأعراب أن دحلان الخلصاء لا تخلو من الماء ولا يستقى منها إلا للشفاء من الخبل لتعذر الاستسقاء منها وبعد الماء فيها من فوهة الدحل، وسمعتهم يقولون دحل فلان الدحل، بالحاء، إذا دخله، والدحائل جمع الجمع، وهو موضع فيما(2/443)
أحسب بعينه، قال الشاعر:
ألا يا سيالات الدحائل باللوى! ... عليكنّ من بين السيال سلام
ولا زال منهلّ الربيع، إذا جرى ... عليكنّ منه وابل ورهام
أرى العيس آحادا إليكنّ بالضحى، ... لهنّ إلى أطلالكنّ بغام
وإني لمجلوب لي الشوق كلما ... ترنم، في أفنانكنّ، حمام
الدُّحْرُضُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وراء مضمومة، وآخره ضاد معجمة: ماء بالقرب منه ماء يقال له وسيع فيجمع بينهما فيقال الدّحرضان كما يقال القمران للشمس والقمر والعمران لأبي بكر وعمر، وهذان الماءان بين سعد وقشير، وقال نصر: دحرض ووسيع ماءان عظيمان وراء الدهناء لبني مالك بن سعد يثنى الدحرضين، ثم قال على أثر ذلك: ودحرض ماء لآل الزبرقان بن بدر بن بهدلة بن عوف بن كعب ابن سعد، ووسيع لبني أنف الناقة واسمه قريع بن عوف بن كعب بن سعد، فهذا كلام مختل ولكنه لو كان قال في الأول الدحرضان ماءان لبني كعب بن سعد لاستقام الكلام، والله أعلم، وأما مالك بن سعد فهو محل الإشكال، وقال أبو عمرو: الدحرضان بلد، وإياهما عنى عنترة العبسي بقوله:
شربت بماء الدحرضين، فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الدّيلم
وقال الأفوه الأودي:
لنا بالدحرضين محل مجد، ... وأحساب مؤثلة طماح
دَحْلٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ولام، قد ذكر تفسيره في الدحائل: وهو موضع قريب من حزن بني يربوع، عن نصر. ودحل: ماء نجدي أظنه لغطفان، وقال الأصمعي: الدّحل موضع، قال لبيد:
فبيّت زرقا من سرار بسحرة، ... ومن دحل لا نخشى بهنّ الحبائلا
وقال أيضا:
حتى تهجّر بالرواح وهاجها، ... طلب المعقّب حقه المظلوم
فتصيّفا ماء بدحل ساكنا، ... يستنّ، فوق سراته، العلجوم
دُحْلٌ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، جمع للذي قبله، وقد ذكر تفسيره: وهي جزيرة بين اليمن وبلاد البجة بين الصعيد وتهامة، تغزى البجة من هذه الناحية.
دَحْنَا:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ونون، وألفه يروى فيها القصر والمد: وهي أرض خلق الله تعالى منها آدم، قال ابن إسحاق: ثم خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين انصرف عن الطائف إلى دحنا حتى نزل الجعرانة فيمن معه من الناس فقسم الفيء واعتمر ثم رجع إلى المدينة، وهي من مخاليف الطائف، والدحن في اللغة: السمين العظيم البطن، ودحنا مؤنثة.
دَحُوضٌ:
بفتح أوله، وآخره ضاد معجمة: موضع بالحجاز، قال سلمى بن المقعد الهذلي:
فيوما بأذناب الدحوض، ومرة ... أنسّئها في رهوة والسوائل
وقال السكري: الدحوض موضع، وأذنابه:
مآخيره، وأنسّئها: أسوقها، وأصل الدّحض في كلامهم الزّلق، والدّحوض الموضع الكثير الزلق.(2/444)
الدَّحُولُ:
بفتح أوله: ماء بنجد في ديار بني العجلان من قيس بن عيلان، ذكره نصر وقرنه بالدّخول هكذا، ولم أجد لغيره، والله أعلم بصحّته.
دَحِيضَةُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وضاد معجمة، قال أبو منصور: ماء لبني تميم، وقد جاء في شعر الأعشى دحيضة مصغرا، قال:
أترحل من ليلى ولمّا تزوّد، ... وكنت كمن قضّى اللّبانة من دد
أرى سفها بالمرء تعليق قلبه ... بغانية خود متى تدن تبعد
أتنسين أياما لنا بدحيضة، ... وأيامنا بذي البديّ وثهمد؟
دُحَيٌّ:
وداحية: ماءان بين الجناح جبل لبني الأضبط ابن كلاب والمرّان، وهما اللذان يقال لهما التّليّان، والله أعلم بالصواب.
باب الدال والخاء وما يليهما
دَخْفَنْدُون:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفاء مفتوحة بعدها نون ساكنة، ودال مهملة، ونون:
من قرى بخارى، منها أبو إبراهيم عبد الله بن جنجه الدخفندوني ولقبه حمول، سمّته أمه حمول وسماه أبوه عبد الله، روى عن محمد بن سلّام وأبي جعفر السندي، روى عنه محمد بن صابر وغيره، ومات سنة 273.
دَخْكَث:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح كافه، وثاؤه مثلثة: من قرى إيلاق.
دُخَّلُ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه وفتحه: موضع قرب المدينة بين ظلم وملحتين.
دَخْلَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه: قرية توصف بكثرة التمر أظنها بالبحرين.
دَخْميسُ:
من قرى مصر في ناحية الغربية، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن أبي الفضل بن أبي المجد بن أبي المعالي ابن وهب الدخميسي، مولده في إحدى الجماديين من سنة 602 بحماة، مات والده بحماة وهو وزير صاحبها الملك المنصور أبي المعالي محمد بن الملك المظفر، توفي في سابع وعشرين من شهر رمضان سنة 617.
الدَّخُول:
بفتح أوله في شعر امرئ القيس: اسم واد من أودية العليّة بأرض اليمامة، وقال الخارزنجي:
الدّخول بئر نميرة كثيرة المياه، وحكى نصر أن الدخول موضع في ديار بني أبي بكر بن كلاب، وقال أبو سعيد في شرح امرئ القيس: الدخول وحومل والمقراة وتوضح مواضع ما بين إمّرة وأسود العين، وقال: الدخول من مياه عمرو بن كلاب، وقال أبو زياد: إذا خرج عامل بني كلاب مصدّقا من المدينة فأول منزل ينزل عليه ويصدّق عليه أريكة ثم العناقة ثم مدعى ثم المصلوق ثم الرّنية ثم الحليف ثم يرد الدخول لبني عمرو بن كلاب فيصدّق عليه بطونا من عمرو بن كلاب وحلفائهم بني دوفن، قال أبو زياد:
ومن مياه بني العجلان الدخول، وفي شعر حذيفة بن أنس الهذلي:
فلو أسمع القوم الصّراخ لقوربت ... مصارعهم بين الدخول وعرعرا
عرعر: موضع بنعمان الأراك فهو غير الأول. وذات الدخول: هضبة في ديار بني سليم، وقال جحدر اللّصّ:
يا صاحبيّ، وباب السجن دونكما، ... هل تونسان بصحراء اللّوى نارا؟(2/445)
لوى الدّخول إلى الجرعاء موقدها، ... والنار تبدي لذي الحاجات أذكارا
لو يتبع الحقّ فيما قد منيت به، ... أو يتبع العدل ما عمّرت دوّارا
إذا تحرّك باب السجن قام له ... قوم يمدّون أعناقا وأبصارا
باب الدال والدال وما يليهما
دَدٌ:
واد بعينه في شعر طرفة بن العبد:
كأنّ حدوج المالكية، غدوة، ... خلايا سفين بالنواصف من دد
دَدَنُ:
موضع في قول ابن مقبل:
يثنين أعناق أدم يختلين بها ... حبّ الأراك وحبّ الضال من ددن
ويروى من دنن، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
باب الدال والراء وما يليهما
دَرابْجِرْد:
كورة بفارس نفيسة عمّرها دراب بن فارس، معناه دراب كرد، دراب: اسم رجل، وكرد: معناه عمل، فعرّب بنقل الكاف إلى الجيم، قال الإصطخري: ومن مدن كورة درابجرد فسا، وهي أكبر من درابجرد وأعمر غير أن الكورة منسوبة إلى دار الملك ومدينته التي ابتناها لهذه الكورة درابجرد فلذلك تنسب الكورة إليها، وبها كان المصر في القديم وكان ينزلها الملوك، قال الزجاجي: النسبة إليها على غير قياس، يقال في النسبة إلى درابجرد دراوردي، وقال أبو البهاء الإيادي إياد الأزد وكان من أصحاب المهلّب في قتال الخوارج:
نقاتل عن قصور درابجرد، ... ونحمي للمغيرة والرّقاد
المغيرة بن المهلّب، والرقاد بن عبيد العلي صاحب شرطة المهلب، وكان من أعيان الفرس، وهي كثيرة المعادن جليلة الخصائص طيبة الهواء قصبتها على اسمها، ومن مدنها طمستان والكردبان كرم يزد خواست إيك، ومن شيراز إلى دارابجرد قال الإصطخري:
خمسون فرسخا، وقال البشاري والإصطخري: بها قنّة الموميا وعليها باب حديد وقد وكل به رجل يحفظه، فإذا كان شهر تير ماه صعد العامل والقاضي وصاحب البريد والعدول وأحضرت المفاتيح وفتح الباب ثم يدخل رجل عريان فيجمع ما ترقّى في تلك السنة، ولا يبلغ رطلا على ما سمعته من بعض العدول، ثم يجعل في شيء ويختم عليه ويبعث مع عدّة من المشايخ إلى شيراز ثم يغسل الموضع، فكل ما يرى في أيدي الناس إنما هو معجون بذلك الماء، ولا يوجد الخالص إلا في خزائن الملك، وذكر ابن الفقيه أن هذا الكهف بأرّجان، وقد ذكرته هناك، وقال الإصطخري: وبناحية درابجرد جبال من الملح الأبيض والأسود والأخضر والأصفر والأحمر، ينحت من هذه الجبال موائد وصحون وزبادي وغير ذلك وتهدى إلى سائر البلدان، والملح الذي في سائر البلدان إنما هو باطن الأرض وماء يجمد وهذا جبل ملح ظاهر، وقد نسب إلى درابجرد هذه جماعة من العلماء.
ودرابجرد أيضا: محلة من محالّ نيسابور بالصحراء من أعلى البلد، منها علي بن الحسن بن موسى بن ميسرة النيسابوري الدرابجردي، روى عن سفيان بن عيينة، روى عنه أبو حامد الشرقي ومن ولده الحسن بن علي ابن أبي عيسى المحدث ابن المحدث ابن المحدّث.(2/446)
الدَّرّاجُ:
بفتح الدال، وتشديد الراء، وآخره جيم:
موضع في قصيدة زهير.
الدَّرّاجيّة:
رج الدّرّاجيّة: على باب توما من أبواب دمشق، كان لعبد الرحمن ويقال لعبد الله بن درّاج مولى معاوية بن أبي سفيان وكاتبه على الرسائل في خلافته.
دَرَادِرُ:
في أخبار هذيل وفهم: فسلكوا في شعب من ظهر الفرع يقال له درادر حتى تذرّوا ذنب كراث موضع، فسلكوا ذا السمرة حتى قدموا الدار من بني قديم بالسّرو.
دَرْإِسْفِيد:
ومعناه بالفارسية باب أبيض، قال حمزة:
هو اسم مدينة البيضاء التي بفارس في أيام الفرس، وقد ذكرت في البيضاء مشبعة.
دَرَاوَرْد:
قال أبو سعد: قولهم في نسب عبد العزيز ابن محمد بن عبيد بن أبي عبيد من أهل المدينة الدّراوردي فأصله درابجرد فاستثقلوه فقلبوه إلى هذا، وقيل: إنه نسب إلى اندرابة، وقيل: إنه أقام بالمدينة فكانوا يقولون للرجل إذا أراد أن يدخل إليه أندرون فقلب إلى هذا، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري وعمرو بن أبي عمرو، روى عنه أحمد ابن حنبل وابن معين، ومات في صفر سنة 186، وقال أبو بكر أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني يعرف بابن فنجويه في كتاب شيوخ مسلمة من تصنيفه يقال: إن دراورد قرية بخراسان، ويقال هي درابجرد، ويقال: دراورد موضع بفارس.
دُرُبَّا:
بضم أوله وثانيه، وتشديد الباء الموحدة:
ناحية في سواد العراق شرقي بغداد قريبة منها، عن نصر ذكرها في قرينة درتا ودرنا.
دَرْباشيا:
ويقال ترباسيا: قرية جليلة من قرى النهروان ببغداد.
الدَّرْبُ:
بالفتح، والدرب: الطريق الذي يسلك:
موضع ببغداد، نسب إليه عمر بن أحمد بن علي القطّان الدّربي، حدث عن الحسن بن عرفة ومحمد ابن عثمان بن كرامة، روى عنه الدارقطني. والدّرب أيضا: موضع بنهاوند، نسب إليه أبو الفتح منصور ابن المظفّر المقري النهاوندي، حدّث عنه، وإذا أطلقت لفظ الدرب أردت به ما بين طرسوس وبلاد الروم لأنه مضيق كالدّرب، وإياه عنى امرؤ القيس بقوله:
بكى صاحبي لما رأى الدّرب دونه، ... وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عينك، إنما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
والدرب: قرية باليمن أظنها من قرى ذمار.
دَرْبُ دَرَّاجٍ:
محلة كبيرة في وسط مدينة الموصل يسكنها الخالديّان الشاعران، وقد قال فيه أحدهما يصف دير معبد:
وقولتي والتقاني عند منصرفي، ... والشوق يزعج قلبي أيّ إزعاج،
يا دير! يا ليت داري في فنائك ذا، ... أو ليت أنك لي في درب درّاج
دَرْبٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره باء موحدة: موضع كان ببغداد، ينسب إليه أحمد بن علي بن إسماعيل القطّان الدّربي، حدّث عن محمد ابن يحيى بن أبي عمرو العدني، روى عنه الطبراني وعبد الصمد بن علي الطستي. والدّرب أيضا: موضع آخر بنهاوند، ينسب إليه أبو الفتح منصور بن المظفر المقري الدربي.(2/447)
دَرْبُ الزَّعْفران:
بكرخ بغداد، كان يسكنه التجار وأرباب الأموال وربما يسكنه بعض الفقهاء، قال القاضي أبو الحسن عليّ بن الحسن بن علي الميانجي الفقيه الشافعي، وكان رفيقا لأبي إسحاق الشيرازي في القراءة على أبي الطيب الطبري، يذكر هذا الدرب ويصف ماوشان همذان فقال:
إذا ذكر الحسان من الجنان، ... فحيّ هلا بوادي الماوشان
تجد شعبا تشعّب كلّ همّ، ... وملهى ملهيا عن كلّ شان
ومغنى مغنيا عن كلّ ظبي، ... وغانية تدلّ على الغواني
بروض مؤنق وخرير ماء ... ألذّ من المثالث والمثاني
وتغريد الهزار على ثمار ... تراها كالعقيق وكالجمان
فيا لك منزلا، لولا اشتياقي ... أصيحابي بدرب الزعفران
أنشدت هذه الأبيات بين يدي أبي إسحاق الشافعي وكان متّكئا، فلما بلغ إلى البيت الأخير جلس مستويا وقال: المراد بأصيحاب درب الزعفران أنا، ما أحسن عمده اشتاق إلينا من الجنّة.
دربُ السِّلْق:
ببغداد، ينسب إليه السّلقيّ.
دَرْبُ سُليمانَ:
درب كان ببغداد كان يقابل الجسر في أيام المهدي والهادي والرشيد وأيام كون بغداد عامرة، وهو درب سليمان بن جعفر بن أبي جعفر المنصور، وفيه كانت داره، ومات سليمان هذا سنة 199.
دَرْبُ القُلَّةِ:
بضم القاف، وتشديد اللام: أظنه في بلاد الروم، ذكره المتنبي فقال:
لقيت بدرب القلّة، الفجر، لقية ... شفت كمدي، والليل فيه قتيل
دَرْبُ الكلابِ:
عند جبل ساتيدما بديار بكر قرب ميّا فارقين، سمّي بذلك لأن قيصر انهزم من أنوشروان بحيلة عملها عليه فاتبعه إياس بن قبيصة بن أبي غفر الطائي فأدركهم بساتيدما مرعوبين مفلولين من غير قتال، فقتلوا قتل الكلاب ونجا قيصر في خواصّ من أصحابه، فسمي ذلك الموضع بدرب الكلاب لذلك.
دَرْبُ المُجيزِينَ:
قال الفرزدق وقد هرب من الحجاج:
هل الناس، إن فارقت هندا وشفّني ... فراقي هندا، تاركيّ لما بيا؟
إذا جاوزت درب المجيزين ناقتي، ... فكاست، أبى الحجاج إلّا تنائيا
أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي، ... وخلفي تميم والفلاة أماميا؟
دَرْبُ المُفَضَّل:
محلّة كانت بشرقي بغداد منسوبة إلى المفضل بن زمام مولى المهدي.
دَرْبُ مُنيرَةَ:
محلّة بشرقي بغداد في أواخر السوق المعروف بسوق السلطان مما يلي نهر المعلّى، وهو عامر إلى الآن منسوب إلى منيرة مولاة لمحمد بن عليّ ابن عبد الله بن عباس.
درْبُ النّهرِ:
ببغداد في موضعين: أحدهما بنهر المعلّى بالجانب الشرقي، والثاني بالكرخ، ولد فيه أبو الحسن عليّ بن المبارك النهري فنسب إليه، وكان فقيها حنبليّا، مات في سنة 487.(2/448)
دَرْبَند:
هو باب الأبواب، وقد ذكر، ينسب إليه الحسن بن محمد بن عليّ بن محمد الصوفي البلخي أبو الوليد المعروف بالدّربندي، وكان قديما يكنى بأبي قتادة، وكان ممن رحل في طلب الحديث وبالغ في جمعه وأكثر غاية الإكثار، وكانت رحلته من ما وراء النهر إلى الإسكندرية، وأكثر عنه أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب في التاريخ مرة يصرّح بذكره ومرة يدلّس ويقول: أخبرنا الحسن بن أبي بكر الأشقر، وكان قرأ عليه تاريخ أبي عبد الله غنجار، ولم يكن له كثير معرفة بالحديث غير أنه كان مكثرا رحّالا، لم يذكره الخطيب في تاريخه وذكره أبو سعد، سمع ببخارى أبا عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الحافظ غنجار ومن في طبقته في سائر البلاد، قال أبو سعد: وروى عنه أبو عبد الله محمد بن الفضل الفزاري وأبو القاسم زاهر بن طاهر الشّحّامي، قال أبو سعد: وذكر بعضهم أنّ أبا الوليد الدربندي توفي في شهر رمضان سنة 456.
دُرْبِيقَانُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وكسر الباء الموحدة، وياء مثناة من تحت ساكنة، وقاف، وآخره نون: من قرى مرو على خمسة فراسخ منها، ينسب إليها حريب الدربيقاني، سمع أبا غانم يونس ابن نافع المروزي، روى عنه محمد بن عبيدة النافقاني، مات قبل الثلاثمائة.
دُرْتا:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وتاء مثناة من فوق: موضع قرب مدينة السلام بغداد مما يلي قطربّل، وهناك دير للنصارى نذكره في الديرة إن شاء الله تعالى، قال الشاعر:
ألا هل إلى أكناف درتا وسكره، ... بحانة درتا، من سبيل لنازح؟
وهل يلهينّي، بالمعرّج، فتية ... نشاوى على عجم المثاني الفصائح
فأهتك من ستر الضمير كعادتي، ... وأمزج كأسي بالدموع السوافح
وهل أشرفن بالجوسق الفرد ناظرا ... إلى الأفق، هل ذرّ الشروق لصابح؟
وقال آخر:
يا سقى الله منزلا بين درتا ... وأوانا، وبين تلك المروج
قد عزمنا على الخروج إليه، ... إنّ ترك الخروج عين الخروج
وذكر الصابي في كتاب بغداد حدودها من أعلى الجانب الغربي فقال: من موضع بيعة درتا التي هي أوّله وأعلاه، نقلته من خطه بالتاء، وقول عميرة ابن طارق:
رسالة من لو طاوعوه لأصبحوا ... كساة نشاوى بين درتا وبابل
قال الحازمي: وجدته في أكثر النسخ بالنون، والله أعلم، وقال هلال بن المحسن، ومن خطه نقلته وضبطه في كتاب بغداد من تصنيفه، قال: ومن نواحي الكوفة ناحية درتا، وكان فيها من الناس الأعداد المتوافرة ومن النخل أكثر من مائة وعشرين ألف رأس ومن الشجر المختلف إليها الأصناف الجربان العظيمة، وها هي اليوم ما بها نخلة قائمة ولا شجرة ثابتة ولا زرع ولا ضرع ولا أهل أكثر من عدد قليل من المكارية، وينسب إليها أبو الحسن عليّ بن المبارك بن عليّ بن أحمد الدرتائي، وبعض المحدثين يقول الدّردائي، كان رئيسا متموّلا، سمع أبا القاسم بن البسري البندار وغيره، روى عنه 1 29- 2 معجم البلدان دار صادر(2/449)
أبو المعمّر الأنصاري وأبو القاسم الدمشقي الحافظ وغيرهما، وتوفي قبل سنة 530، والله أعلم.
دُرْبيشِيَةُ:
بضم أوله، وسكون الراء، وباء موحدة مكسورة، وياء ساكنة، وشين معجمة، وياء خفيفة:
قرية تحت بغداد، ينسب إليها هلال بن أبي الهيجان ابن أبي الفضل أبو النجم المقري، قرأ على أبي العز القلانسي وأقرأ عنه، روى عنه أبو بكر بن نصر قاضي حرّان.
دَرْخُشْك:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وضم الخاء المعجمة، والشين المعجمة، وآخره كاف: باب من أبواب مدينة هراة تنسب إليه محلّة، ومعناه الباب اليابس، وهو بضدّ ذلك لأن أمامه نهرين جاريين، رأيته بهذه الصفة.
دَرْخيد:
موضع أظنه بما وراء النهر، والله أعلم.
دَرْدَشْت:
محلة بأصبهان، كأنه يريد باب دشت، ينسب إليها أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد ابن سياه الدّشتي المذكور، سمع إبراهيم بن زهير الجلودي، روى عنه أبو بكر بن مردويه الحافظ، توفي سنة 346.
دَرُّ:
بفتح الدال، وتشديد الراء: غدير في ديار بني سليم يبقى ماؤه الربيع كله، وهو بأعلى النقيع، وهو كثير السّلم بأسفل حرّة بني سليم، قال كثيّر:
فأروى جنوب الدّونكين، فضاجع ... فدرّ فأبلى، صادق الرّعد أسحما
دُرْدؤرُ:
موضع في سواحل بحر عمان مضيق بين جبلين يسلكه الصغار من السّفن.
دِرِزْدَه:
بكسر أوله وثانيه ثم زاي ساكنة، ودال مفتوحة، والنسبة إليه درزدهيّ: من قرى نسف بما وراء النهر، منها أبو عليّ الحسين بن الحسن بن عليّ ابن الحسن بن مطاع الفقيه الدرزدهي، سمع أبا عمرو محمد بن إسحاق بن عامر العصفري وأبا سلمة محمد بن بكر الفقيه وعليه درس الفقه، سمع منه إبراهيم بن عليّ بن أحمد النسفي.
الدُّرْزَبينيَّةُ:
من قرى نهر عيسى من أعمال بغداد، ينسب إليها الحسن بن عليّ بن محمد أبو عليّ المقري الضرير الدّرزبيني، سكن بغداد وقرأ القرآن على أبي الحسن عليّ بن عساكر بن مرحب البطائحي، وكان حسن القراءة والتلاوة، يدخل دار الخلافة ويقرأ بها ويؤمّ بمسجد الحدّادين، وسمع الحديث، ومات في منتصف شهر رمضان سنة 597، ودفن بباب حرب.
دَرْزِيجانُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وزاي مكسورة، وياء مثناة من تحت، وجيم، وآخره نون: قرية كبيرة تحت بغداد على دجلة بالجانب الغربي، منها كان والد أبي بكر أحمد بن ثابت الخطيب البغدادي، وكان أبوه يخطب بها، ورأيتها أنا، وقال حمزة: كانت درزيجان إحدى المدائن السبع التي كانت للأكاسرة، وبها سميت المدائن المدائن، وأصلها درزيندان فعرّبت على درزيجان.
دَرْزِيو:
بوزن الذي قبله إلى الواو: قرية على ثلاثة فراسخ من سمرقند، وقد ينسبون إليها درزبوني بالنون، ينسب إليها أبو الفضل العباس بن نصر بن جري الدرزيوني، يروي عن نعيم بن ناعم السمرقندي، روى عنه محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي.
دَرْسِينانُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وسين مهملة مكسورة، وياء ساكنة، ونون، وفي آخره نون(2/450)
أخرى: قرية بينها وبين مرو أربعة فراسخ بأعلى البلد، ينسب إليها عبدان بن سنان الدرسيناني.
دَرْعَةُ:
مدينة صغيرة بالمغرب من جنوب الغرب، بينها وبين سجلماسة أربعة فراسخ، ودرعة غربيّها، أكثر تجارها اليهود، وأكثر ثمرتها القصب اليابس جدّا، ينسحق إذا دقّ، ينسب إليها أبو زيد نصر ابن عليّ بن محمد الدّرعي، سمع سعد بن عليّ بن محمد الزنجاني بمكة، ومنها أيضا أبو الحسن الدرعي الفقيه.
دَرْغانُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وغين معجمة، وآخره نون: مدينة على شاطئ جيحون، وهي أول حدود خوارزم من ناحية أعلى جيحون دون آمل وعلى طريق مرو أيضا، وهي مدينة على جرف عال، وذلك الجرف على سنّ جبل، بناحية البرّ منها رمال، وبينها وبين جيحون مزارع وبساتين لأهلها، وبينها وبين نهر جيحون نحو ميلين، رأيتها في رمضان سنة 616 عند قصدي لخوارزم من مرو، منها أبو بكر محمد بن أبي سعيد بن محمد الدّرغاني، روى عن المظفّر السمعاني، حدثنا عنه أبو المظفر عبد الرّحيم بن أبي سعد.
دَرْغَمُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وغين معجمة مفتوحة: بلدة وكورة من أعمال سمرقند تشتمل على عدّة قرى متصلة بأعمال ما يمرغ سمرقند، وقال خالد بن الربيع المالكي:
بوادي درغم شقيت كرام، ... أريق دماؤهم بيد اللّئام
بكيت لهم، وحقّ لهم بكائي، ... بأجفان مؤرّقة دوام
فتحسبها، وقطر الدمع فيها، ... غداة المزن، أذيال الخيام
ينسب إليها الواعظ صابر بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن إسماعيل الدّرغمي، روى عن أبي نصر أحمد ابن الفضل بن يحيى البخاري، روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النّسفي، توفي سنة 518.
دَرْغُوز:
بالفتح ثم السكون، وغين معجمة، وآخره زاي: مدينة بسجستان.
دَرْغِينَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وكسر الغين المعجمة، وياء باثنتين من تحتها، ونون: ما ذكر أي شيء هو.
دَرَق:
بلدة قرب سمرقند، وهي درق السفلى والعليا.
دَرْقيط:
نهر درقيط: كورة ببغداد من جهة الكوفة.
دَرْكَجين:
بالجيم: من قرى همذان، وما أحسبها إلا دركزين المذكورة بعدها، نسب إليها شيرويه ابن شهردار قاسم بن أحمد بن القاسم بن محمد بن إسحاق الدركجيني أبا أحمد الأديب وقال: دركجين من قرى همذان، سمع من أبي منصور القومساني وروى عن أبي حميد، سمعت منه وكنت في مكتبه، والله أعلم.
دَرْكَزين:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح الكاف، وزاي مكسورة، وياء، ونون، قال أنوشروان بن خالد الوزير: هي بليدة من إقليم الأعلم، ينسب إليها أبو القاسم ناصر بن علي الدركزيني وزير السلطان محمود ابن السلطان محمد السلجوقي ثم وزير أخيه طغرل، وهو قتله في سنة 521، وأصله من قرية من هذا الإقليم يقال لها أنساباذ فنسب نفسه إلى دركزين لأنها أكبر قرى تلك الناحية، قال: وأهل هذا الإقليم كلهم مزدكيّة ملاحدة، قلت أنا: رأيت رجلا من أهل دركزين وسألته عن(2/451)
هذه الناحية فذكر لي أنها من نواحي همذان وأنها بينها وبين زنجان، قال: وهو رستاق المر، تلفّظ لي به بالراء في آخره بغير عين.
الدَّرَكُ:
بالتحريك، وآخره كاف، ويوم الدّرك:
بين الأوس والخزرج، وقال أبو أحمد العسكري:
الدّرك، بسكون الراء، يوم كان بين الأوس والخزرج في الجاهلية. ودرك: قلعة من نواحي طوس أو قهستان. ودرك: مدينة بمكران، بينها وبين قنزبور ثلاث مراحل وبينها وبين رأسك ثلاث مراحل.
دَرْكُوش:
حصن قرب أنطاكية من أعمال العواصم.
دُرْنا:
بلفظ حكاية لفظ الجمع من دار يدور: من نواحي اليمامة، عن الحازمي فيما أحسب، قال الأعشى:
حلّ أهلي ما بين درنا فبادو ... لي، وحلّت علويّة بالسّخال
هكذا قال الجوهري، والصواب درتا لأن درتا وبادولي موضعان بسواد بغداد، وبالنون روي قول عميرة بن طارق اليربوعي حيث قال:
ألا أبلغا أبا حمار رسالة، ... وأخبرا أني عنكما غير غافل
رسالة من لو طاوعوه لأصبحوا ... كساة نشاوى بين درنا وبابل
وهذا يدلّ على أنها من نواحي العراق، وقال أبو عبيدة في قول الأعشى:
فقلت للشّرب في درنا، وقد ثملوا: ... شيموا، وكيف يشيم الشارب الثّمل!
هكذا روي بالنون، وقيل: درنا كانت بابا من أبواب فارس، وهي دون الحيرة بمراحل، وكان فيها أبو ثبيت الذي قال القصيدة فيها، وقال غيره:
درنا باليمامة، هكذا في شرح هذا البيت، والصحيح أن درتا، بالتاء، في أرض بابل ودرنا، بالنون، باليمامة، ومما يدل على أن درنا باليمامة قول الأعشى أيضا:
فإن تمنعوا منا المشقّر والصفا، ... فإنا وجدنا الخطّ جمّا نخيلها
وإنّ لنا درنا، فكلّ عشيّة ... يحطّ إلينا خمرها وخميلها
الخميل: كل ما كان له خمل من النبات، وكانت منازل الأعشى اليمامة لا العراق، وقال مالك بن نويرة:
فما شكر من أدّى إليكم نساءكم ... مع القوم قد يمّمن درنا وبارقا
وقال الحفصي: درنا نخيلات لبني قيس بن ثعلبة بها قبر الأعشى، وذكر الهمداني أن أثافت التي باليمن كان يقال لها في الجاهلية درنا، وقد ذكر في أثافت، ومنه قول الآخر:
أإن طحنت درنيّة لعيالها ... تطبطب ثدياها، فطار طحينها
دَرَنُ:
بالتحريك: جبل من جبال البربر بالمغرب فيه عدة قبائل وبلدان وقرى.
دَرْنَةُ:
موضع بالمغرب قرب انطابلس، قتل فيه زهير بن قيس البلوي وجماعة من المسلمين وقبورهم هناك معروفة، وذلك في سنة 76، وهي من عمل باجة بينها وبين طبرقة.
دَرْوَازَق:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وبعد الألف زاي، وآخره قاف، وأصله دروازه ماسرجستان، ودروازه بلسانهم يراد به باب المدينة: قرية على فرسخ من مرو عند الدّيوقان، وهي قرية قديمة نزل بها المسلمون لما قدموا مرو لفتحها، منها أبو المثيّب(2/452)
عيسى بن عبيد بن أبي عبيد الكندي الدّروازقي، حدث عن عكرمة القرشي مولاهم والفرزدق بن جوّاس وغيرهما، روى عنه الفضل بن موسى الشيباني.
دَرْوَتُ سَرَبام:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، وتاء، وسين مهملة، وباء موحدة:
قرية كثيرة البساتين والنخل، أنشأ فيها الشريف بن ثعلب جامعا على فم المنهي. ودروت: من الصعيد بمصر.
دَرْوَذُ:
آخره ذال معجمة، وباقيه مثل الذي قبله:
واد لبني سليم، ويقال ذو دروذ، قال أبو تمام:
فهم لدروذ والظلام موالي
عن العمراني، وشعر أبي تمام يدل على أنه موضع في ثغر أذربيجان لأنه يمدح أبا سعيد الثغري فقال:
وبالهضب من أبرشتويم ودروذ ... علت بك أطراف القنا، فاعل وازدد
وأبرشتويم هناك، والقصيدة يذكر فيها حربه مع بابك الخرّمي، وقال في قصيدة أخرى يمدح المعتصم:
وبهضبتي أبرشتويم ودروذ ... لقحت لقاح النّصر بعد حيال
يوم أضاء به الزمان، وفتّحت ... فيه الأسنّة زهرة الآمال
لولا الظلام وقلّة علقوا بها ... باتت رقابهم بغير قلال
فليشكروا جنح الظلام ودروذا، ... فهم لدروذ والظلام موالي
الدَّرَوْقَرَةُ:
بلد كان بالعراق خرّبه الحجاج ونقل آلته إلى عمل واسط.
دَرَوْقَةُ:
بفتح أوله وثانيه، وسكون الواو، وقاف:
بلدة أو قرية بالأندلس، ينسب إليها أبو زكرياء يحيى بن عبد الله بن خيرة الدروقي المقري، قال السلفي: قدم علينا الإسكندرية سنة 529، وسألته عن مولده فقال: سنة 464 بدروقة، وقرأت القرآن على أبي الحسين يحيى بن إبراهيم البسار القرطبي بمرسية وسمعت الحديث على أبي محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل القاضي بسرقسطة، ومات بقفط من الصعيد سنة 530.
دَرَولِيَّةُ:
بفتح أوله وثانيه، وسكون الواو، وكسر اللام، وتشدّد ياؤه وتخفف: مدينة في أرض الروم، عن الأزهري، قال أبو تمّام:
ثم ألقى على دروليّة البر ... ك محلّا باليمن والتوفيق
فحوى سوقها، وغادر فيها ... سوق مزن مرت على كل سوق
دَرَه:
بلد بين هراة وسجستان، وهي آخر عمل هراة، ومن هراة إلى أسفزار ثلاث مراحل، ومن أسفزار إلى دره مرحلتان، ومن دره إلى سجستان سبعة أيام.
الدَّرْهَمَةُ:
أرض باليمامة، عن ابن أبي حفصة.
دُرَيْجَةُ:
تصغير درجة في شعر كثيّر:
ولقد لقيت، على الدريجة، ليلة ... كانت عليك أيامنا وسعودا
دَرِيجَه:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وجيم: قرية كبيرة، بينها وبين مرو ميلان أو أقل، والنسبة إليها دريجقي بزيادة القاف، نزل بها عبد العزيز بن حبيب الأسدي الدريجقي فنسب إليها، وكان من التابعين، روى عن ابن عباس وابن عمرو وأبي سعيد الخدري وغيرهم.(2/453)
دُرَيْراتُ:
موضع في قول القتّال الكلابي:
سقى الله ما بين الشّطون وغمرة ... وبئر دريرات وهضب دثين
الدُّرَيْعَاءُ:
قرية من قرى زبيد باليمن، والله أعلم.
باب الدال والزاي وما يليهما
دِزاه:
من مشاهير قرى الري كالمدينة كبرا، وهما دزاه قصران ودزاه ورامين.
دزباز:
ربما كانت دزبار: قرية خارجة من نيسابور على طريق هراة.
دزبز:
اسم قلعة مدينة سابور خواست دزبز، ومنها أخذ فخر الملك أبو غالب أموال بدر بن حسنويه المشهورة.
دِزَقُ:
أصله دزه يزيدون فيه القاف إذا أرادوا النسبة: وهي قرى في عدة مواضع، منها: دزق حفص بمرو، ينسب إليها علي بن خشرم، ودزق شيرازاد: بمرو أيضا، ودزق باران، ودزق مسكين، كل هذه بمرو الشاهجان، ودزق العليا: من قرى مرو الروذ، وإلى هذه ينسب أبو المعالي الحسن بن محمد ابن أبي جعفر البلخي الدزقي القاضي بها، ذكره أبو سعد في التحبير، ومات في سنة 548، ودزق السفلى:
من قرى پنج ده، ودزق أيضا: قرية كبيرة على طريق الشاش بما وراء النهر بين زامين وسمرقند، يقال لها دزق وساباط، نسب إليها جماعة، منهم:
أبو بكر أحمد بن خلف الدزقي يعرف بابن أبي شعيب.
دِزَّمار:
بكسر أوله، وتشديد ثانيه: قلعة حصينة من نواحي أذربيجان قرب تبريز.
باب الدال والسين وما يليهما
دسبندس:
من قرى مصر القديمة، لها ذكر في الفتوح.
دَسْتَبى:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح التاء المثناة من فوق والباء الموحدة المقصورة، وقد ذكرت لما سميت دستبى في دنباوند: كورة كبيرة كانت مقسومة بين الري وهمذان، فقسم منها يسمّى دستبى الرازي وهو يقارب التسعين قرية، وقسم منها يسمى دستبى همذان وهو عدة قرى، وربما أضيف إلى قزوين في بعض الأوقات لاتصاله بعملها، قال ابن الفقيه: ولم تزل دستبى على قسميها بعضها للري وبعضها لهمذان إلى أن سعى رجل من سكان قزوين من بني تميم يقال له حنظلة بن خالد ويكنى أبا مالك في أمرها حتى صيرت كلها إلى قزوين، فسمعه رجل من أهل بلده يقول: كوّرتها وأنا أبو مالك، فقال: بل أتلفتها وأنت أبو هالك.
دَسْتَجِرْد:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح التاء المثناة من فوق ثم جيم مكسورة بعدها راء ساكنة، ودال مهملة، قال السمعاني: عدة قرى في أماكن شتى، منها:
بمرو قريتان وبطوس قريتان وبسرخس دستجرد لقمان وببلخ دستجرد جموكيان، قال أبو موسى الحافظ: دستجرد جموكيان ببلخ، منها أبو بكر محمد بن الحسن الدستجردي، حدث عنه أبو إسحاق المستملي، قال أبو إسحاق المستملي أيضا: سمعت أبا عمرو محمد ابن حامد الدستجردي، قال أبو موسى: وبأصبهان عدة قرى تسمى كل واحدة دستجرد، رأينا غير واحد منهم يطلبون العلم والسماع، قال البشاري:
دستجرد مدينة بالصغانيان، وقال مسعر: نسير من قنطرة النعمان قرب نهاوند إلى قرية تعرف بدستجرد كسرويّة، فيها أبنية عجيبة من جواسق وإيوانات كلها من الصخر المهندم، لا يشك الناظر إليها أنها من صخرة واحدة منقورة، وينسب إلى دستجرد مرو أبو محمد سعد بن محمد بن أبي عبيد الدستجردي، قرية(2/454)
عند الرمل من نواحي مرو، روى الحديث وسمعه، ومات بدستجرد في شهر رمضان سنة 552، ومولده سنة 477، كان صوفيّا فقيها صالحا، ولي الخطابة والوعظ بقريته، سمع أبا الفتح عبد الله بن محمد بن أردشير الهشامي وأبا منصور محمد بن إسمعيل اليعقوبي وأبا منصور محمد بن عليّ بن محمود الكراعي، سمع منه أبو سعد.
دَستُمِيسَانُ:
بفتح الدال، وسين مهملة ساكنة، وتاء مثناة من فوقها، وميم مكسورة، وياء مثناة من تحت، وسين أخرى مهملة، وآخره نون: كورة جليلة بين واسط والبصرة والأهواز وهي إلى الأهواز أقرب، قصبتها بسامتى، وليست ميسان لكنها متصلة بها، وقيل: دستيمسان كورة قصبتها الأبلّة فتكون البصرة من هذه الكورة.
دَسْتَوَا:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وتاء مثناة من فوق: بلدة بفارس، عن العمراني، وقال حمزة:
المنسوب إلى دستبى دستفائي ويعرّب على الدستوائي، وفي أخبار نافع بن الأزرق لما خرج إليه مسلم بن عبيس:
نزل نافع رستقباذ من أرض دستوا من نواحي الأهواز، وقال السمعاني: بلدة بالأهواز، وقد نسب إليها قوما من العلماء، وإليها تنسب الثياب الدّستوائية، منها أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن الحسن الدستوائي الحافظ، سكن تستر، روى عن الحسن بن عليّ بن عثمان، روى عنه أبو بكر بن المقري الأصبهاني، وأما أبو بكر هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري البكري فهو بصريّ، كان يبيع الثياب الدستوائية فنسب إليها، روى عن قتادة، روى عنه يحيى القطّان، ومات سنة 152.
الدَّسْكَرَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح كافه:
قرية كبيرة ذات منبر بنواحي نهر الملك من غربي بغداد، ينسب إليها أبو منصور منصور بن أحمد بن الحسين بن منصور الدسكري أحد الرؤساء، روى عنه أبو سعد شيئا من الشعر. والدّسكرة أيضا:
قرية في طريق خراسان قريبة من شهرابان، وهي دسكرة الملك، كان هرمز بن سابور بن أردشير ابن بابك يكثر المقام بها فسميت بذلك، ينسب إليها الحافظ النّشتبري ثم الدسكري، وذكر في بابه، والحافظ لقب له وليس لحفظه الحديث، وينسب إليها أبو العباس أحمد بن بكرون بن عبد الله العطار الدسكري، سمع أبا طاهر المخلص، روى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب، وتوفي سنة 431.
والدسكرة: قرية مقابل جبّل، منها كان أبان بن أبي حمزة جدّ محمد بن عبد الملك بن أبان بن أبي حمزة ابن الزيات الوزير، وفي أخبار نافع بن الأزرق أنه من نواحي الأهواز. والدسكرة أيضا: قرية بخوزستان، عن البشاري، والدسكرة في اللغة: الأرض المستوية.
دُسْمانُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
موضع.
دَسْمٌ:
بفتح أوله ثم السكون: موضع قرب مكة به قبر ابن سريج المغني، قال فيه عبد الله بن سعيد ابن عبد الملك بن مروان وهو يرثيه:
وقفنا على قبر بدسم فهاجنا، ... وذكّرنا بالعيش، إذ هو مصحب
فجالت بأرجاء الجفون سوافح ... من الدمع، تستتلي التي تتعقّب
إذا أبطأت عن ساحة الخدّ ساقها ... دم بعد دمع إثره يتصبب
فإن تسعدا نندب عبيدا بعولة، ... وقلّ له منّا البكا والتحوّب(2/455)
باب الدال والشين وما يليهما
الدَّشْتُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره تاء مثناة من فوق: قرية من قرى أصبهان، منها القاضي أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن بن جرير بن سويد الدشتي، روى عن أبي بكر عبد الرحيم وغيره.
والدشت أيضا: بليدة في وسط الجبال بين إربل وتبريز، رأيتها عامرة كثيرة الخير، أهلها كلهم أكراد. ودردشت: محلة بأصبهان، ينسب إليها أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن سياه الدشتي المذكّر، روى عنه أبو بكر بن مردويه، مات سنة 376، وأما أبو بكر محمد بن أحمد بن شعيب الدشتي الكرابيسي النيسابوري فإنما نسب بهذه النسبة لسكناه خان الدشت، سمع أبا بكر بن خزيمة، سمع منه الحاكم أبو عبد الله وقال: توفي في محرم سنة 349.
دَشْتُ الأَرْزَن:
بأرض فارس، ذكره المتنبي في قوله:
سقيا لدشت الأرزن الطّوال
وهو قريب من شيراز فيه هذه العصيّ الأرزن التي تعمل نصبا للدبابيس، كان عضد الدولة خرج إليه يتصيد وأمر المتنبي أن يقول فيه شعرا فقال هذه القصيدة.
دَشْتُ بارِين:
مدينة من أعمال فارس لها رستاق، ولكن ليس بها بساتين ولا نهر، شربهم من مياه رديئة، قال البشاري: وكان فيه وقعة للمهلب بالأزارقة، وذكر كعب الأشقري فقال:
بدشت بارين يوم الشعب، إذ لحقت ... أسد بسفك دماء الناس قد دبروا
لاقوا فوارس ما يخلون ثغرهم، ... فيهم على من يقاسي حربهم صعر
المقدمين، إذا ما خيلهم وردت، ... والطاعنين، إذا ما ضيّع الدّبر
وقال النعمان بن عقبة العتكي:
وبدشت بارين شددنا شدة ... مذكورة كانت تسمّى الفيصلا
إذ لا ترى إلّا صريع كتيبة ... لا يتقي قصد القنا والجندلا
دَشْتَك:
مثل الذي قبله وزيادة كاف، قال ابن طاهر:
قرية من قرى أصبهان، منها أحمد بن جعفر بن محمد المدني مدينة أصبهان يعرف بالدّشتكي، روى عنه أبو بكر بن مردويه، قال أبو موسى الحافظ الأصبهاني رادّا على المقدسي: لا يعرف دشتك في قرى أصبهان وإنما هو الدشتي المذكور آنفا، وقال الحازمي: قال البخاري دشتك قرية بالريّ، ينسب إليها أبو عبد الرحمن عبد الله بن سعيد الدشتكي الرازي الأصل، روى عن مقاتل بن حيّان وغيره، يروي عنه محمد ابن حميد الرازي. ودشتك أيضا: محلة بأستراباذ، منها زكرياء بن ريحان الدشتكي، يروي عن يحيى بن عبد الحميد الحمّاني وينزل محلة دشتك.
دَشْتِيه:
بعد الشين الساكنة تاء فوقها نقطتان، وياء ساكنة، وهاء: من قرى أصبهان، كذا قرأته بخط يحيى بن مندة.
دِشِنْتَة:
بكسر أوله وثانيه، ونون ساكنة، وتاء:
حصن بالأندلس من أعمال شنتمرية.
دِشْنى:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، ونون مفتوحة، مقصور: بلد بصعيد مصر بشرقي النيل ذو بساتين ومعاصر للسكر، ودشنى بلغة القفط: معناها المبقلة.(2/456)
باب الدال والعين وما يليهما
دَعانُ:
بالفتح، قال يعقوب: دعان واد به عين للعثمانيين بين المدينة وينبع على ليلة، قال كثيّر عزّة:
ثم احتملن غديّة وصرمنه، ... والقلب رهن، عند عزّة، عان
ولقد شأتك حمولها، يوم استوت ... بالفرع بين حفيتن ودعان
فالقلب أصور عندهن كأنما ... يجذبنه بنوازع الأشطان
دَعانيم:
ماء لبني الحليس من خثعم، وهم جيران لبني سلول بن صعصعة بالحجاز.
دَعْتب:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وتاء مثناة من فوق، وباء موحدة: موضع في قوله:
حلّت بدعتب أم بكر
أنشده عثمان.
الدَّعجاءُ:
من قولهم عين دعجاء أي سوداء: هضبة في بلادهم.
دُعمانُ:
موضع في قول الشاعر، أنشده اللحياني:
هيهات مسكنها من حيث مسكننا، ... إذا تضمّنها دعمان فالدور
دُعْمَةُ:
ماء بأجإ أحد جبلي طيّء، وهو ملح، بين مليحة والعبد.
دَعْنَجُ:
ساحل من سواحل بحر اليمن، جاء في حديث عبد الله بن مروان الحمار لما هرب من عبد الله بن عليّ، قرأته بخط السكري مضبوطا كذا مفسرا، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
باب الدال والغين وما يليهما
دَغانين:
هضبات من بلاد عمرو بن كلاب، وقيل:
أبي بكر بن كلاب، وقال الأصمعي: دغانين في طرف البتر، وفيه جبال كثيرة، وهي بلاد بني عمرو بن كلاب.
دَغْنانُ:
بنونين: جبيل بحمى ضرية لبني وقّاص من بني أبي بكر بن كلاب، وهناك هضبات يقال لها دغانين المذكورة قبل، قال سرية الفزاري، وقيل ابن ميّادة:
يا صاحب الرّحل توطّأ واكتفل، ... واحذر بدغنان مجانين الإبل
كلّ مطار طامح الطرف رهل ... ألزمه الراعي صرارا لا يحلّ
أي غرزها حتى سمنت، وقال أبو زياد: ومن ثهلان ركن يسمى دغنان وركن يسمى مخمّرا الذي يقول فيه القائل يذكر عنزا من الأروى رماها:
من الأعنز اللائي رعين مخمّرا ... ودغنان لم يقدر عليهنّ قانص
دَغُوثُ:
بلد بنواحي الشحر من أرض عمان، والله أعلم بالصواب.
باب الدال والفاء وما يليهما
دُفاقٌ:
موضع قرب مكة، قال الفضل اللهبي:
ألم يأت سلمى نأينا ومقامنا ... ببطن دفاق في ظلال سلالم؟
فدلّ على أنه بخيبر لأن سلالم من حصونها المشهورة كان، ولعله موضعان لأن ساعدة بن جؤية الهذلي يقول:(2/457)
وما ضرب بيضاء يسقي دبوبها ... دفاق فعروان الكراث فضيمها
وقال السكري: هذه أودية كلها.
دَفَا:
بلد باليمن من بلاد خولان، قال بعضهم:
ويسنم رأس العزّ من ذمّتي دفا ... إلى أسفل العشّار فرع الدعائم
الدُّفُّ:
بلفظ الدُّفّ الذي ينقر به: موضع في جمدان من نواحي المدينة من ناحية عسفان.
الدَّفَنُ:
قال السمعاني في قولهم فلان الدفني: منسوب إلى موضع بالشام، منها محارف بن عبد الرحمن الشامي الدّفني، كان ينزل هذا الموضع، وقيل: هو منسوب إلى الدفينة وهي المذكورة بعده، روى عن حبّان بن جزي، روى عنه أبو سلمة موسى بن إسماعيل.
الدَّفِينُ:
موضع في قول عبيد بن الأبرص:
تغيّرت الديار بذي الدفين، ... فأودية اللّوى فرمال لين
وقال أيضا:
ليس رسم من الدفين ببالي، ... فلوى ذروة فجنبي ذيال
دفون:
موضع، عن الحازمي.
الدَّفينَةُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، ونون: مكان لبني سليم، ويروى بالقاف، قال السكري في قول جرير:
ورّعت ركبي بالدفينة بعد ما ... ناقلن، من وسط الكراع، نقيلا
من كل يعملة النّجاء تكلّفت ... جوز الفلاة تأوّها وذميلا
قال: الدفينة، بالفاء، ماء لبني سليم على خمس مراحل من مكة إلى البصرة، نقلته من خط ابن أخي الشافعي، وكان فيه يوم من أيامهم، وقال أنس ابن عباس الرّعلي في يوم الدفينة وكان لبني مازن بن عمرو بن تميم على بني سليم:
أغرّك مني أن رأيت فوارسي ... ثوى منهم، أعلى الدفينة، حاضر
أتاني برجل فوق أخرى يعدّنا ... عديد الحصى ما إن يزال يكاثر
وأمّكم تزجي التّؤام لبعلها، ... وأمّ أبيكم كزّة الرحم عاقر
باب الدال والقاف وما يليهما
دُقاتِش:
بالضم، وبعد القاف ألف، وتاء مثناة من فوقها، وآخره شين معجمة: موضع بصعيد مصر من كورة البهنسا، كان فيه وقعة بين معاوية بن حديج وأصحاب محمد بن أبي حذيفة في مقتل عثمان، رضي الله عنه.
دَقَانِيَةُ:
من قرى دمشق، قال أبو القاسم بن عساكر:
يحيى بن عبد الرحمن بن عمارة بن معلّى بن زكرياء الهمداني الدّقاني من أهل قرية دقانية من قرى دمشق، حدث عن محمد بن إسحاق الأشعري الصيني وإسمعيل ابن حصن الجبيلي وشعيب بن شعيب بن إسحاق بن أسلم بن يحيى الجخراوي خال شعيب بن عمر البزّاز والحصين بن نصر بن المبارك ومحمد بن عبد الرحمن بن الحسن الجعفي والعباس بن الوليد بن مزيد وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، روى عنه أبو بكر محمد بن سليمان ابن يوسف الربعي، مات في شعبان سنة 315.
دَقَدُوس:
بوزن قربوس: بليدة من نواحي مصر في كورة الشرقية.(2/458)
دَقْرانُ:
بفتح أوله، وآخره نون: واد بالصفراء، وقيل: شعب ببدر، والدّقرة: الروضة، وتفسيرها في دقرى بأتمّ من هذا، والدّقران، بالضم:
الخشب التي تنصب في الأرض تعرش عليها الكروم.
دَقَرَى:
بفتح أوله وثانيه والراء المهملة، والقصر:
اسم روضة بعينها، قال أبو منصور: قال ابن الأعرابي الدّقر الروضة الحسناء وهي الدّقرى:
وكأنها دقرى تخيّل نبتها ... أنف يغمّ الضال نبت بحارها
وقيل: هي روضة بعينها، وقوله تخيّل أي تلوّن أي تربّل ألوانا، وقال أبو عمرو: هي الدّقرى والدّقرة والدقيرة الروضة، وفعلى بناء يختص بالمؤنث، وقد ذكر في أجلى.
دَقَلَةُ:
اسم موضع فيه نخل لبني غبر باليمامة، عن الحفصي.
دَقَهْلةُ:
بلدة بمصر على شعبة من النيل، بينها وبين دمياط أربعة فراسخ، وبينها وبين دميرة ستة فراسخ، ذات سوق وعمارة، ويضاف إليها كورة فيقال كورة الدقهلية.
دَقُوقاءُ:
بفتح أوله، وضم ثانيه، وبعد الواو قاف أخرى، وألف ممدودة ومقصورة: مدينة بين إربل وبغداد معروفة، لها ذكر في الأخبار والفتوح، كان بها وقعة للخوارج فقال الجعدي بن أبي صمام الذهلي يرثيهم:
شباب أطاعوا الله حتى أحبّهم، ... وكلهم شار يخاف ويطمع
فلما تبوّوا من دقوقا بمنزل ... لميعاد إخوان تداعوا فأجمعوا
دعوا خصمهم بالمحكمات وبيّنوا ... ضلالتهم، والله ذو العرش يسمع
بنفسي قتلى في دقوقاء غودرت، ... وقد قطعت منها رؤوس وأذرع
لتبك نساء المسلمين عليهم، ... وفي دون ما لاقين مبكّى ومجزع
باب الدال والكاف وما يليهما
دَكّالَةُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه: بلد بالمغرب يسكنه البربر.
الدُّكّان:
قرية قرب همذان، ذكرت في قرية أخرى يقال لها با أيوب فيما تقدم.
دَكْمَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه: بلدة بالمغرب من أعمال بني حمّاد.
الدَّكَّةُ:
موضع بظاهر دمشق في الغوطة، والله أعلم بالصواب.
باب الدال واللام وما يليهما
دَلاصُ:
بفتح أوله، وآخره صاد مهملة: كورة بصعيد مصر على غربي النيل أخذت من البر تشتمل على قرى وولاية واسعة، ودلاص مدينتها معدودة في كورة البهنسا، منها أبو القاسم حسان بن غالب بن نجيح الدلاصي، يروي عن مالك بن أنس والليث بن سعد، وكان ثقة، توفي بدلاص سنة 223.
أَبو دُلامَةَ:
بضم أوله: جبل مطلّ على الحجون بمكة، والأدلم من الرجال: الطويل الأسود، ومن الجبال كذلك في ملوسة الصخر غير حدّ السواد، وأبو دلامة: اسم شاعر.
دلاميس:
ماء باليمامة في ناحية البياض.(2/459)
دَلانُ وذَمُورانُ:
قريتان قرب ذمار من أرض اليمن يقال إنه ليس في أرض اليمن أحسن وجوها من نسائهما، والزنا بهما كثير، يقصدهما الناس من الأماكن البعيدة للفجور، ويقال: إن دلان وذموران كانا ملكين وكانا أخوين وكل واحد منهما في القرية المسماة به، وكانا يختاران النساء وينافسان في الجمال ويستحضرانهن من البلاد البعيدة، فمن هناك أتاهنّ الجمال.
دلايَةُ:
بلد قريب من المرية من سواحل بحر الأندلس، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث بن أنس بن فلهدان بن عمران بن منيب بن زغبة ابن قطبة العذري المري، وزغبة هو الداخل إلى الأندلس وأحد من قام بدعوة اليمانية أيام العصبية، وعمران أحد القائمين على الحكم بالربض من قرطبة سنة 202، رحل مع أبويه إلى المشرق سنة 407 فوصل إلى مكة في رمضان سنة ثمان وجاور بمكة إلى سنة 416، فسمع بالحجاز سماعا كثيرا من أبي العباس الرازي وأبي الحسن بن جهضم وأبي بكر بن نوح الأصبهاني وجماعة من أهل العراق وخراسان والشام الواردين مكة، وصحب الشيخ أبا ذرّ، ولم يكن له بمصر سماع، وعاد إلى الأندلس، وكان له من الأندلسيين سماع من ابن عبد البرّ وغيره، وكان شيخا ثقة واسع الرواية عالي السند عنده غرائب وفوائد، سمع منه الناس بالأندلس قديما وحديثا وطال عمره حتى شارك الأصاغر فيه الأكابر، وتدبج مع بعض من سمع منه أبو عمر بن عبد البرّ الحافظ، وحدّث عنه في كتاب الصحابة وغيره من تصانيفه وأبو محمد ابن حزم الطاهري، وقد سمع هو منهما، وسمع منه أبو عبد الله الحميدي وأبو عبيد البكري وجماعة من الأعيان، وألّف كتابه المسمّى بأعلام النبوة ونظام المرجان في المسالك والممالك، كان مولده فيما ذكر الحيّاني في ذي القعدة سنة 393، ومات فيما قال القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن فيره الصدفي سنة 478.
دَلْجَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وجيم: قرية بصعيد مصر من غربي النيل في الجبل بعيدة عن الشاطئ.
دَلْغاطانُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وغين معجمة، وطاء مهملة، وآخره نون: قرية من قرى مرو، ويقال دلغاتان، على أربعة فراسخ من البلد، ينسب إليها الزاهد أبو بكر محمد بن الفضل بن أحمد الدلغاطاني، ويسمى أيضا أحمد، روى عن أبيه أبي العباس الفضل، روى عنه جماعة، منهم: أبو المظفر محمد بن أحمد الصابري الواعظ بهراة، مات بقريته سنة 488، وفضل الله بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي عبد الله أبو بكر الدلغاطاني، كان فقيها فاضلا عارفا بالأدب والحساب، حسن السيرة متابعا في الاحتياط حريصا على جمع العلوم من الحديث والتفسير والفقه، كانت له إجازة من أبي عمرو عثمان بن إبراهيم ابن الفضل وأبي بكر محمد بن علي الزّرنجري، سمع منه أبو سعد، وكانت ولادته بدلغاطان في سنة 485، ومات بمرو في الحادي والعشرين من محرم سنة 557.
دُلُوثُ:
قال سيف عن رجل من عبد القيس يدعى صحارا قال: قدمت على هرم بن حيّان أيام حرب الهرمزان بنواحي الأهواز، وهو فيما بين دلوث ودجيل بخلال من تمر، وذكر خبرا، وسماها في موضع آخر دلث، وقال الحصين بن نيار الحنظلي:
ألا هل أتاها أن أهل مناذر ... شفوا غللا لو كان للنفس زاجر(2/460)
أصابوا لنا، فوق الدّلوث، بفيلق له زجل ترتدّ منه النظائر
دُلُوكُ:
بضم أوله، وآخره كاف: بليدة من نواحي حلب بالعواصم، كانت بها وقعة لأبي فراس بن حمدان مع الروم، وقال بعضهم يذكرها:
وإني إن نزلت على دلوك ... تركتك غير متصل النظام
وقال عدي بن الرقاع:
أهمّ سرى أم غار للغيث غائر، ... أم انتابنا من آخر الليل زائر
ونحن بأرض قلّ ما يجشم السّرى، ... بها العربيات الحسان الحرائر
كثير بها الأعداء، يحصر دونها ... بريد الإمام المستحثّ المثابر
فقلت لها: كيف اهتديت ودوننا ... دلوك وأشراف الجبال القواهر
وجيحان، جيحان الجيوش، وآلس ... وحزم خزازى والشعوب القواسر
دُلَيْجانُ:
بضم أوله، وفتح ثانيه: بليدة بنواحي أصبهان، ويقال دليكان، ينسب إليها جماعة، منهم:
أبو العباس أحمد بن الحسين بن المطهر الدليجاني يعرف بالخطيب وبناته أمّ الوليد ولامعة وضوء الصباح، سمعن الحديث وروينه.
باب الدال والميم وما يليهما
دَمَا:
بفتح أوله، وتخفيف ثانيه: بلدة من نواحي عمان، وقيل: مدينة تذكر مع دبا، كانت من أسواق العرب المشهورة، منها أبو شداد، قال: جاءنا كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، في قطعة من أديم إلى عمان، روى عنه عبد العزيز بن زياد الخبطي.
دُمَّا:
بضم أوله، وتشديد الميم ممالة: موضع تحت بغداد أسفل من كلواذا وناحية أخرى تحت جرجرايا.
الدِّماج:
بكسر أوله، وآخره جيم، قال العمراني:
موضع ذكره الحطيئة فيه نظر.
دُماحُ:
موضع في قول جرير:
تقول العاذلات: علاك شيب، ... أهذا الشيب يمنعني مراحي؟
يكلّفني فؤادي، من هواه، ... ظعائن يجتزعن على دماح [1]
ظعائن لم يدنّ مع النصارى، ... ولا يدرين ما سمك القراح
الدِّماخُ:
بكسر أوله، وآخره خاء معجمة: جبال بنجد، ويقال أثقل من دمخ الدماخ، قيل: هو جبل من جبال ضخام في حمى ضريّة، فالدماخ اسم لتلك الجبال، ودمخ مضاف إليها، وقال الأصمعي في قول النابغة:
وأبلغ بني ذبيان أن لا أخا لهم ... بعبس، إذا حلّوا الدماخ فأظلما
يجمع كلون الأعبل الجون لونه، ... ترى في نواحيه زهيرا وحذيما
هم يردون الموت عند لقائه، ... إذا كان ورد الموت لا بدّ أكرما
وروى ثعلب قول الحطيئة:
إن الرّزية، لا أبا لك، هالك ... بين الدّماخ وبين دارة منزر
__________
[1] في ديوان جرير: على رماح(2/461)
دماخ، بضم الدال والخاء معجمة، وقال أبو زياد:
دماخ جبال أعظمها دمخ وهي أوطان عمرو بن كلاب، لم يدخل مع عمرو بن كلاب في دماخ أحد إلا حلفاؤهم من عادية بجبيلة، قال: وهي دماخ أوشال، منها وشلان لا يؤبيان كلاهما يسقى به النّعم، وأوشال سوى ذلك لا يسقي بها الناس شاءهم ولا يقدر عليها النعم، أما الذي يمنع النعم منها فصعوبة الجبل، وأما الذي يمنع الشاء فالأباء لأنها تشرب بها الأروى وإذا شربت منه النعم في مشارب الأروى وشمّت أبعارها أخذها داء الأباء فقتلها وإنما يضرّ بالمعزى، وأما الضأن فلا يكاد يضرّها. ودمخ:
جبل فنسب إليه بما حوله، وقال أبو عبيدة: الدماخ وأظلم جبلان، قال أبو منصور: قال ثعلب عن ابن الأعرابي الدّمخ الشّدخ، قال: ولم أسمعه لغيره.
دُماطُ:
قرية بمصر من كورة الغربية.
دَمامِين:
بفتح أوله، وبعد الألف ميم أخرى مكسورة، وياء تحتها نقطتان، ونون: قرية كبيرة بالصعيد شرقي النيل على شاطئه فوق قوص، وعليها بساتين ونخل كثير.
دُمانِس:
مدينة من نواحي تفليس بأرمينية يجلب منها الإبريسم، قال أبو القاسم: أخبرني به رجل منها.
دُماوَنْد:
لغة في دنباوند ودباوند: جبل قرب الري وكورة.
دَمْحٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره حاء مهملة:
جبل في ديار عمرو بن كلاب، قال طهمان:
كفى حزنا أني تطاللت كي أرى ... ذرى قلّتي دمح كما تريان
ويوم دمح: من أيام العرب، هكذا رواه الحازمي بالحاء المهملة وما أراه إلا خطأ، وصوابه بالخاء المعجمة، كذا ذكره الأزهري والجوهري والسكّري وغيرهم، ويقال: دمّح ودبّح إذا طأطأ رأسه، وليس فيه غيرها.
دَمْخٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره خاء معجمة: اسم جبل كان لأهل الرّسّ مصعده في السماء ميل، وقيل: جبل لبني نفيل بن عمرو بن كلاب فيه أوشال كثيرة لا تكاد تؤتى من أن يكون فيها ماء، قال:
بركنه أركان دمخ لا تقر
وقد ذكرت لغته في الدماخ، وقال طهمان بن عمرو الدارمي:
ألا يا أسلما بالبئر من أمّ واصل، ... ومن أمّ جبر أيها الطّللان!
وهل يسلم الرّبعان يأتي عليهما، ... صباح مساء، نائب الحدثان؟
ألا هزئت مني بنجران، إذ رأت ... عثاري، في الكبلين، أمّ أبان
كأن لم تر قبلي أسيرا مكبّلا، ... ولا رجلا يرمي به الرّجوان
عذرتك يا عيني الصحيحة والبكا، ... فما لك يا عوراء والهملان؟
كفى حزنا أني تطاللت كي أرى ... ذرى قلّتي دمخ كما تريان
كأنهما، والآل يجري عليهما ... من البعد، عينا برقع خلقان
ألا حبّذا، والله لو تعلمانه، ... ظلالكما يا أيها العلمان
وماؤكما العذب الذي لو وردته، ... وبي نافض حمّى، إذا لشفاني(2/462)
وإنّي والعبسيّ، في أرض مذحج، ... غريبان شتّى الدار مختلفان
غريبان مجفوّان، أكثر همّنا ... وجيف مطايانا بكل مكان
فمن ير ممسانا وملقى ركابنا، ... من الناس، يعلم أننا سبعان
خليليّ ليس الرأي في صدر واحد، ... أشيرا عليّ اليوم ما تريان؟
أأركب صعب الأمر، إنّ ذلوله ... بنجران لا يرجى لحين أوان
وما كان غضّ الطرف منا سجيّة، ... ولكننا في مذحج غربان
وقال آخر:
أمغتربا أصبحت في رامهرمز؟ ... نعم كلّ نجديّ هناك غريب
فيا ليت شعري! هل أسيرنّ مصعدا، ... ودمخ لأعضاد المطيّ جنيب
دَمْدَمُ:
بدالين على وزن زمزم بزايين في شعر أميّة حيث قال:
ولطت حجاب البيت من دون أهلها، ... تغيّب عنهم في صحاريّ دمدم
قال الحازمي: نقلته من خط السيرافي، قال: لطت سترت، ودمدم: موضع.
دُمَّرٌ:
عقبة دمّر مشرفة على غوطة دمشق، لها ذكر في حديث الإسكندر وغيره، وهي من جهة الشمال في طريق بعلبكّ.
دَمْسيس:
بالفتح ثم السكون، وسينين مهملتين بينهما ياء مثناة: قرية من قرى مصر، بينها وبين سمنّود أربعة فراسخ، وبينها وبين برا فرسخان، يضاف إليها كورة فيقال كورة دمسيس ومنوف.
دِمَشْقُ الشّام:
بكسر أوله، وفتح ثانيه، هكذا رواه الجمهور، والكسر لغة فيه، وشين معجمة، وآخره قاف: البلدة المشهورة قصبة الشام، وهي جنة الأرض بلا خلاف لحسن عمارة ونضارة بقعة وكثرة فاكهة ونزاهة رقعة وكثرة مياه ووجود مآرب، قيل: سميت بذلك لأنهم دمشقوا في بنائها أي أسرعوا، وناقة دمشق، بفتح الدال وسكون الميم: سريعة، وناقة دمشقة اللحم: خفيفة، قال الزّفيان:
وصاحبي ذات هباب دمشق
قال صاحب الزيج: دمشق طولها ستون درجة، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة ونصف، وهي في الإقليم الثالث، وقال أهل السير: سمّيت دمشق بدماشق بن قاني بن مالك بن أرفخشد بن سام بن نوح، عليه السلام، فهذا قول ابن الكلبي، وقال في موضع آخر: ولد يقطان بن عامر سالف وهم السلف وهو الذي بنى قصبة دمشق، وقيل: أول من بناها بيوراسف، وقيل: بنيت دمشق على رأس ثلاثة آلاف ومائة وخمس وأربعين سنة من جملة الدهر الذي يقولون إنه سبعة آلاف سنة، وولد إبراهيم الخليل، عليه السلام، بعد بنائها بخمس سنين، وقيل:
إن الذي بنى دمشق جيرون بن سعد بن عاد بن إرم ابن سام بن نوح، عليه السلام، وسماها إرم ذات العماد، وقيل: إن هودا، عليه السلام، نزل دمشق وأسس الحائط الذي في قبلي جامعها، وقيل: إن العازر غلام إبراهيم، عليه السلام، بنى دمشق وكان حبشيّا وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار، وكان يسمّى الغلام دمشق فسماها باسمه،(2/463)
وكان إبراهيم، عليه السلام، قد جعله على كلّ شيء له، وسكنها الروم بعد ذلك، وقال غير هؤلاء:
سميت بدماشق بن نمرود بن كنعان وهو الذي بناها، وكان معه إبراهيم، كان دفعه إليه نمرود بعد أن نجّى الله تعالى إبراهيم من النار، وقال آخرون: سميت بدمشق بن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، وهو أخو فلسطين وأيلياء وحمص والأردنّ، وبنى كلّ واحد موضعا فسمي به، وقال أهل الثقة من أهل السير: إن آدم، عليه السلام، تكان ينزل في موضع يعرف الآن ببيت انات وحوّاء في بيت لهيا وهابيل في مقرى، وكان صاحب غنم، وقابيل في قنينة، وكان صاحب زرع، وهذه المواضع حول دمشق، وكان في الموضع الذي يعرف الآن بباب الساعات عند الجامع صخرة عظيمة يوضع عليها القربان فما يقبل منه تنزل نار تحرقه وما لا يقبل بقي على حاله، فكان هابيل قد جاء بكبش سمين من غنمه فوضعه على الصخرة فنزلت النار فأحرقته، وجاء قابيل بحنطة من غلّته فوضعها على الصخرة فبقيت على حالها، فحسد قابيل أخاه وتبعه إلى الجبل المعروف بقاسيون المشرف على بقعة دمشق وأراد قتله، فلم يدر كيف يصنع فأتاه إبليس فأخذ حجرا وجعل يضرب به رأسه فلما رآه أخذ حجرا فضرب به رأس أخيه فقتله على جبل قاسيون، وأنا رأيت هناك حجرا عليه شيء كالدم يزعم أهل الشام أنه الحجر الذي قتله به، وأن ذلك الاحمرار الذي عليه أثر دم هابيل، وبين يديه مغارة تزار حسنة يقال لها مغارة الدم، لذلك رأيتها في لحف الجبل الذي يعرف بجبل قاسيون.
وقد روى بعض الأوائل أن مكان دمشق كان دارا لنوح، عليه السلام، ومنشأ خشب السفينة من جبل لبنان وأنّ ركوبه في السفينة كان من عين الجرّ من ناحية البقاع، وقد روي عن كعب الأحبار:
أن أوّل حائط وضع في الأرض بعد الطوفان حائط دمشق وحرّان، وفي الأخبار القديمة عن شيوخ دمشق الأوائل: أن دار شدّاد بن عاد بدمشق في سوق التين يفتح بابها شأما إلى الطريق وأنه كان يزرع له الريحان والورد وغير ذلك فوق الأعمدة بين القنطرتين قنطرة دار بطّيخ وقنطرة سوق التين، وكانت يومئذ سقيفة فوق العمد، وقال أحمد بن الطيب السرخسي: بين بغداد ودمشق مائتان وثلاثون فرسخا.
وقالوا في قول الله عز وجل: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ 23: 50، قال: هي دمشق ذات قرار وذات رخاء من العيش وسعة ومعين كثيرة الماء، وقال قتادة في قول الله عز وجل والتين قال: الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون: الجبل الذي عليه بيت المقدس، وطور سينين: شعب حسن، وهذا البلد الأمين: مكة، وقيل: إرم ذات العماد دمشق، وقال الأصمعي: جنان الدنيا ثلاث: غوطة دمشق ونهر بلخ ونهر الأبلّة، وحشوش الدنيا ثلاثة:
الأبلّة وسيراف وعمان، وقال أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر الأديب: جنان الدنيا أربع: غوطة دمشق وصغد سمرقند وشعب بوّان وجزيرة الأبلّة، وقد رأيتها كلها وأفضلها دمشق، وفي الأخبار: أنّ إبراهيم، عليه السلام، ولد في غوطة دمشق في قرية يقال لها برزة في جبل قاسيون، وعن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إنّ عيسى، عليه السلام، ينزل عند المنارة البيضاء من شرقي دمشق، ويقال: إنّ المواضع الشريفة بدمشق التي يستجاب فيها الدعاء مغارة الدم في جبل قاسيون،(2/464)
ويقال: إنها كانت مأوى الأنبياء ومصلّاهم، والمغارة التي في جبل النّيرب يقال: إنها كانت مأوى عيسى، عليه السلام، ومسجدا إبراهيم، عليه السلام، أحدهما في الأشعريّين والآخر في برزة، ومسجد القديم عند القطيعة، ويقال: إن هنا قبر موسى، عليه السلام، ومسجد باب الشرقي الذي قال النبي، صلى الله عليه وسلّم: إن عيسى، عليه السلام، ينزل فيه، والمسجد الصغير الذي خلف جيرون يقال إنّ يحيى بن زكرياء، عليه السلام، قتل هناك، والحائط القبلي من الجامع يقال إنه بناه هود، عليه السلام، وبها من قبور الصحابة ودورهم المشهورة بهم ما ليس في غيره من البلدان، وهي معروفة إلى الآن.
قال المؤلف: ومن خصائص دمشق التي لم أر في بلد آخر مثلها كثرة الأنهار بها وجريان الماء في قنواتها، فقلّ أن تمرّ بحائط إلّا والماء يخرج منه في أنبوب إلى حوض يشرب منه ويستقي الوارد والصادر، وما رأيت بها مسجدا ولا مدرسة ولا خانقاها إلّا والماء يجري في بركة في صحن هذا المكان ويسحّ في ميضأة، والمساكن بها عزيزة لكثرة أهلها والساكنين بها وضيق بقعتها، ولها ربض دون السور محيط بأكثر البلد يكون في مقدار البلد نفسه، وهي في أرض مستوية تحيط بها من جميع جهاتها الجبال الشاهقة، وبها جبل قاسيون ليس في موضع من المواضع أكثر من العبّاد الذين فيه، وبها مغاور كثيرة وكهوف وآثار للأنبياء والصالحين لا توجد في غيرها، وبها فواكه جيدة فائقة طيبة تحمل إلى جميع ما حولها من البلاد من مصر إلى حرّان وما يقارب ذلك فتعمّ الكل، وقد وصفها الشعراء فأكثروا، وأنا أذكر من ذلك نبذة يسيرة، وأما جامعها فهو الذي يضرب به المثل في حسنه، وجملة الأمر أنه لم توصف الجنة بشيء إلا وفي دمشق مثله، ومن المحال أن يطلب بها شيء من جليل أعراض الدنيا ودقيقها إلا وهو فيها أوجد من جميع البلاد، وفتحها المسلمون في رجب سنة 14 بعد حصار ومنازلة، وكان قد نزل على كلّ باب من أبوابها أمير من المسلمين فصدمهم خالد بن الوليد من الباب الشرقي حتى افتتحها عنوة، فأسرع أهل البلد إلى أبي عبيدة بن الجرّاح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة، وكان كل واحد منهم على ربع من الجيش، فسألوهم الأمان فأمنوهم وفتحوا لهم الباب، فدخل هؤلاء من ثلاثة أبواب بالأمان، ودخل خالد من الباب الشرقي بالقهر، وملكوهم وكتبوا إلى عمر ابن الخطاب، رضي الله عنه، بالخبر وكيف جرى الفتح، فأجراها كلها صلحا.
وأما جامعها فقد وصفه بعض أهل دمشق فقال:
هو جامع المحاسن كامل الغرائب معدود إحدى العجائب، قد زوّر بعض فرشه بالرخام وألّف على أحسن تركيب ونظام، وفوق ذلك فصّ أقداره متفقة وصنعته مؤتلفة، بساطه يكاد يقطر ذهبا ويشتعل لهبا، وهو منزه عن صور الحيوان إلى صنوف النبات وفنون الأغصان لكنها لا تجنى إلا بالأبصار ولا يدخل عليها الفساد كما يدخل على الأشجار والثمار بل باقية على طول الزمان مدركة بالعيان في كلّ أوان، لا يمسها عطش مع فقدان القطر ولا يعتريها ذبول مع تصاريف الدهر، وقالوا: عجائب الدنيا أربع: قنطرة سنجة ومنارة الإسكندرية وكنيسة الرّها ومسجد دمشق، وكان قد بناه الوليد بن عبد الملك بن مروان، وكان ذا همّة في عمارة المساجد، وكان الابتداء بعمارته في سنة 87، وقيل سنة 88، ولما أراد بناءه جمع نصارى دمشق وقال لهم: إنّا نريد أن نزيد في مسجدنا كنيستكم، يعني كنيسة يوحنا، ونعطيكم 30- 2 معجم البلدان دار صادر(2/465)
كنيسة حيث شئتم وإن شئتم أضعفنا لكم الثمن، فأبوا وجاءوا بكتاب خالد بن الوليد والعهد وقالوا:
إنّا نجد في كتبنا أنه لا يهدمها أحد إلا خنق، فقال لهم الوليد: فأنا أول من يهدمها، فقام وعليه قباء أصفر فهدم وهدم الناس ثم زاد في المسجد ما أراده واحتفل في بنائه بغاية ما أمكنه وسهل عليه إخراج الأموال وعمل له أربعة أبواب: في شرقيه باب جيرون وفي غربيه باب البريد وفي القبلة باب الزيادة وباب الناطفانيين مقابله وباب الفراديس في دبر القبلة، وذكر غيث بن علي الأرمنازي في كتاب دمشق على ما حدثني به الصاحب جمال الدين الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني، أدام الله أيامه:
أن الوليد أمر أن يستقصى في حفر أساس حيطان الجامع، فبينما هم يحفرون إذ وجدوا حائطا مبنيّا على سمت الحفر سواء فأخبروا الوليد بذلك وعرّفوه إحكام الحائط واستأذنوه في البنيان فوقه، فقال: لا أحب إلا الإحكام واليقين فيه ولست أثق بإحكام هذا الحائط حتى تحفروا في وجهه إلى أن تدركوا الماء فإن كان محكما مرضيّا فابنوا عليه وإلا استأنفوه، فحفروا في وجه الحائط فوجدوا بابا وعليه بلاطة من حجر مانع وعليها منقور كتابة، فاجتهدوا في قراءتها حتى ظفروا بمن عرّفهم أنه من خط اليونان وأن معنى تلك الكتابة ما صورته: لما كان العالم محدثا لاتصال أمارات الحدوث به وجب أن يكون له محدث لهؤلاء كما قال ذو السنين وذو اللحيين فوجدت عبادة خالق المخلوقات حينئذ أمر بعمارة هذا الهيكل من صلب ماله محبّ الخير على مضي سبعة آلاف وتسعمائة عام لأهل الأسطوان فإن رأى الداخل إليه ذكر بانيه بخير فعل والسلام، وأهل الأسطوان:
قوم من الحكماء الأول كانوا ببعلبك، حكى ذلك أحمد بن الطيب السرخسي الفيلسوف، ويقال: إن الوليد أنفق على عمارته خراج المملكة سبع سنين وحملت إليه الحسبانات بما أنفق عليه على ثمانية عشر بعيرا فأمر بإحراقها ولم ينظر فيها وقال: هو شيء أخرجناه لله فلم نتبعه، ومن عجائبه أنه لو عاش الإنسان مائة سنة وكان يتأمله كل يوم لرأى فيه كل يوم ما لم يره في سائر الأيام من حسن صنائعه واختلافها، وحكي أنه بلغ ثمن البقل الذي أكله الصنّاع فيه ستة آلاف دينار، وضج الناس استعظاما لما أنفق فيه وقالوا: أخذ بيوت أموال المسلمين وأنفقها فيما لا فائدة لهم فيه، قال: فخاطبهم وقال بلغني أنكم تقولون وتقولون وفي بيت مالكم عطاء ثماني عشرة سنة إذا لم تدخل لكم فيها حبة قمح، فسكت الناس، وقيل: إنه عمل في تسع سنين، وكان فيه عشرة آلاف رجل في كل يوم يقطعون الرخام، وكان فيه ستمائة سلسلة ذهب، فلما فرغ أمر الوليد أن يسقّف بالرصاص فطلب من كل البلاد وبقيت قطعة منه لم يوجد لها رصاص إلا عند امرأة وأبت أن تبيعه إلا بوزنه ذهبا فقال: اشتروه منها ولو بوزنه مرتين، ففعلوا فلما قبضت الثمن قالت: إني ظننت أن صاحبكم ظالم في بنائه هذا، فلما رأيت إنصافه فأشهدكم أنه لله! وردّت الثمن، فلما بلغ ذلك إلى الوليد أمر أن يكتب على صفائح المرأة لله ولم يدخله فيما كتب عليه اسمه، وأنفق على الكرمة التي في قبلته سبعين ألف دينار، وقال موسى بن حمّاد البربري: رأيت في مسجد دمشق كتابة بالذهب في الزجاج محفورا سورة:
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ 102: 1 إلى آخرها، ورأيت جوهرة حمراء ملصقة في القاف التي في قوله تعالى: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ 102: 2، فسألت عن ذلك: فقيل لي إنه كانت للوليد بنت وكانت هذه الجوهرة لها فماتت فأمرت أمها أن تدفن(2/466)
هذه الجوهرة معها في قبرها، فأمر الوليد بها فصيرت في قاف المقابر من: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ 102: 1- 2، ثم حلف لأمها أنه قد أودعها المقابر فسكتت.
وحكى الجاحظ في كتاب البلدان قال: قال بعض السلف ما يجوز أن يكون أحد أشدّ شوقا إلى الجنة من أهل دمشق لما يرونه من حسن مسجدهم، وهو مبنيّ على الأعمدة الرخام طبقتين، الطبقة التحتانية أعمدة كبار والتي فوقها صغار في خلال ذلك صورة كلّ مدينة وشجرة في الدنيا بالفسيفساء الذهب والأخضر والأصفر، وفي قبليّه القبّة المعروفة بقبة النسر، ليس في دمشق شيء أعلى ولا أبهى منظرا منها، ولها ثلاث منائر إحداها، وهي الكبرى، كانت ديدبانا للروم وأقرت على ما كانت عليه وصيّرت منارة، ويقال في الأخبار: إن عيسى، عليه السلام، ينزل من السماء عليها، ولم يزل جامع دمشق على تلك الصورة يبهر بالحسن والتنميق إلى أن وقع فيه حريق في سنة 461 فأذهب بعض بهجته، وهذا ما كان في صفته، قال أبو المطاع بن حمدان في وصف دمشق:
سقى الله أرض الغوطتين وأهلها، ... فلي بجنوب الغوطتين شجون
وما ذقت طعم الماء إلّا استخفني ... إلى بردى والنّيربين حنين
وقد كان شكّي في الفراق يروعني، ... فكيف أكون اليوم وهو يقين؟
فو الله ما فارقتكم قاليا لكم، ... ولكنّ ما يقضى فسوف يكون
وقال الصّنوبري:
صفت دنيا دمشق لقاطنيها، ... فلست ترى بغير دمشق دنيا
تفيض جداول البلّور فيها ... خلال حدائق ينبتن وشيا
مكللة فواكههنّ أبهى ال ... مناظر في مناظرنا وأهيا
فمن تفاحة لم تعد خدّا، ... ومن أترجّة لم تعد ثديا
وقال البحتري:
أمّا دمشق فقد أبدت محاسنها، ... وقد وفى لك مطريها بما وعدا
إذا أردت ملأت العين من بلد ... مستحسن وزمان يشبه البلدا
يمسي السحاب على أجبالها فرقا، ... ويصبح النبت في صحرائها بددا
فلست تبصر إلا واكفا خضلا، ... أو يانعا خضرا أو طائرا غردا
كأنما القيظ ولّى بعد جيئته، ... أو الربيع دنا من بعد ما بعدا
وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الحسين بن النّقّار يمدح دمشق:
سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها، ... فما أطيب اللذات فيها وأهناها!
نزلنا بها واستوقفتنا محاسن ... يحنّ إليها كلّ قلب ويهواها
لبسنا بها عيشا رقيقا رداؤه، ... ونلنا بها من صفوة اللهو أعلاها
وكم ليلة نادمت بدر تمامها ... تقضّت، وما أبقت لنا غير ذكراها
فآها على ذاك الزمان وطيبه، ... وقلّ له من بعده قولتي واها!(2/467)
فيا صاحبي إمّا حملت رسالة ... إلى دار أحباب لها طاب مغناها
وقل ذلك الوجد المبرِّح ثابت، ... وحرمة أيام الصّبا ما أضعناها
فإن كانت الأيام أنست عهودنا، ... فلسنا على طول المدى نتناساها
سلام على تلك المعاهد، إنها ... محطّ صبابات النفوس ومثواها
رعى الله أياما تقضّت بقربها، ... فما كان أحلاها لديها وأمراها!
وقال آخر في ذمّ دمشق:
إذا فاخروا قالوا مياه غزيرة ... عذاب، وللظامي سلاف مورّق
سلاف ولكن السراجين مزجها، ... فشاربها منها الخرا يتنشق
وقد قال قوم جنة الجلد جلّق، ... وقد كذبوا في ذا المقال ومخرقوا
فما هي إلا بلدة جاهليّة، ... بها تكسد الخيرات والفسق ينفق
فحسبهم جيرون فخرا وزينة، ... ورأس ابن بنت المصطفى فيه علّقوا
قال: ولما ولي عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، قال: إني أرى في أموال مسجد دمشق كثرة قد أنفقت في غير حقها فأنا مستدرك ما استدركت منها فردت إلى بيت المال، أنزع هذا الرخام والفسيفساء وأنزع هذه السلاسل وأصيّر بدلها حبالا، فاشتدّ ذلك على أهل دمشق حتى وردت عشرة رجال من ملك الروم إلى دمشق فسألوا أن يؤذن لهم في دخول المسجد، فأذن لهم أن يدخلوا من باب البريد، فوكل بهم رجلا يعرف لغتهم ويستمع كلامهم وينهي قولهم إلى عمر من حيث لا يعلمون، فمروا في الصحن حتى استقبلوا القبلة فرفعوا رؤوسهم إلى المسجد فنكس رئيسهم رأسه واصفرّ لونه، فقالوا له في ذلك فقال: إنّا كنّا معاشر أهل رومية نتحدث أن بقاء العرب قليل فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدّة لا بدّ أن يبلغوها، فلما أخبر عمر بن عبد العزيز بذلك قال: إني أرى مسجدكم هذا غيظا على الكفار، وترك ما همّ به، وقد كان رصّع محرابه بالجواهر الثمينة وعلّق عليه قناديل الذهب والفضة.
وبدمشق من الصحابة والتابعين وأهل الخير والصلاح الذين يزارون في ميدان الحصى، وفي قبلي دمشق قبر يزعمون أنه قبر أمّ عاتكة أخت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وعنده قبر يروون أنه قبر صهيب الرومي وأخيه، والمأثور أن صهيبا بالمدينة، وأيضا بها مشهد التاريخ في قبلته قبر مسقوف بنصفين وله خبر مع عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفي قبلي الباب الصغير قبر بلال بن حمامة وكعب الأحبار وثلاث من أزواج النبي، صلى الله عليه وسلّم، وقبر فضّة جارية فاطمة، رضي الله عنها، وأبي الدرداء وأمّ الدرداء وفضالة بن عبيد وسهل بن الحنظليّة وواثلة ابن الأسقع وأوس بن أوس الثقفي وأمّ الحسن بنت جعفر الصادق، رضي الله عنه، وعليّ بن عبد الله بن العباس وسلمان بن عليّ بن عبد الله بن العباس وزوجته أم الحسن بنت عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، وخديجة بنت زين العابدين وسكينة بنت الحسين، والصحيح أنها بالمدينة، ومحمد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، وبالجابية قبر أويس القرني، وقد زرناه بالرّقّة، وله مشهد بالإسكندرية وبديار بكر(2/468)
والأشهر الأعرف أنه بالرقة لأنه قتل فيما يزعمون مع عليّ بصفّين، ومن شرقي البلد قبر عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب، وهذه القبور هكذا يزعمون فيها، والأصحّ الأعرف الذي دلّت عليه الأخبار أن أكثر هؤلاء بالمدينة مشهورة قبورهم هناك، وكان بها من الصحابة والتابعين جماعة غير هؤلاء، قيل إن قبورهم حرثت وزرعت في أول دولة بني العباس نحو مائة سنة فدرست قبورهم فادّعى هؤلاء عوضا عما درس، وفي باب الفراديس مشهد الحسين بن عليّ، رضي الله عنهما، وبظاهر المدينة عند مشهد الخضر قبر محمد بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، رضي الله عنه، وبدمشق عمود العسر في العليين يزعمون أنهم قد خرّبوه وعمود آخر عند الباب الصغير في مسجد يزار وينذر له، وبالجامع من شرقيه مسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ومشهد عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، ومشهد الحسين وزين العابدين، وبالجامع مقصورة الصحابة وزاوية الخضر، وبالجامع رأس يحيى بن زكرياء، عليه السلام، ومصحف عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قالوا إنه خطه بيده، ويقولون إن قبر هود، عليه السلام، في الحائط القبلي، والمأثور أنه بحضرموت، وتحت قبة النسر عمودان مجزّعان زعموا أنهما من عرش بلقيس، والله أعلم، والمنارة الغربية بالجامع هي التي تعبّد فيها أبو حامد الغزّالي وابن تومرت ملك الغرب، قيل إنها كانت هيكل النار وإن ذؤابة النار تطلع منها، وسجد لها أهل حوران، والمنارة الشرقية يقال لها المنارة البيضاء التي ورد أن عيسى بن مريم، عليه السلام، ينزل عليها، وبها حجر يزعمون أنه قطعة من الحجر الذي ضربه موسى بن عمران، عليه السلام، فانبجست منه اثنتا عشرة عينا، ويقال إن المنارة التي ينزل عندها عيسى، عليه السلام، هي التي عند كنيسة مريم بدمشق، وبالجامع قبة بيت المال الغربية يقال إن فيها قبر عائشة، رضي الله عنها، والصحيح أن قبرها بالبقيع، وعلى باب الجامع المعروف بباب الزيادة قطعة رمح معلّقة يزعمون أنها من رمح خالد ابن الوليد، رضي الله عنه، وبدمشق قبر العبد الصالح محمود بن زنكي ملك الشام وكذلك قبر صلاح الدين يوسف بن أيوب بالكلاسة في الجامع.
وأما المسافات بين دمشق وما يجاورها فمنها إلى بعلبكّ يومان وإلى طرابلس ثلاثة أيام وإلى بيروت ثلاثة أيام وإلى صيدا ثلاثة أيام وإلى أذرعات أربعة أيام وإلى أقصى الغوطة يوم واحد وإلى حوران والبثنيّة يومان وإلى حمص خمسة أيام وإلى حماة ستة أيام وإلى القدس ستة أيام وإلى مصر ثمانية عشر يوما وإلى غزّة ثمانية أيام وإلى عكا أربعة أيام وإلى صور أربعة أيام وإلى حلب عشرة أيام، وممن ينسب إليها من أعيان المحدّثين عبد العزيز بن أحمد ابن محمد بن سلمان بن إبراهيم بن عبد العزيز أبو محمد التميمي الدمشقي الكناني الصوفي الحافظ، سمع الكثير وكتب الكثير ورحل في طلب الحديث، وسمع بدمشق أبا القاسم صدقة بن محمد بن محمد القرشي وتمّام بن محمد وأبا محمد بن أبي نصر وأبا نصر محمد بن أحمد بن هارون الجندي وعبد الوهاب ابن عبد الله بن عمر المرّي وأبا الحسين عبد الوهاب ابن جعفر الميداني وغيرهم، ورحل إلى العراق فسمع محمد بن مخلّد وأبا عليّ بن شاذان وخلقا سواهم، ونسخ بالموصل ونصيبين ومنبج كثيرا، وجمع جموعا، وروى عنه أبو بكر الخطيب وأبو نصر الحميدي وأبو القاسم النسيب وأبو محمد الأكفاني(2/469)
وأبو القاسم بن السمرقندي وغيرهم، وكان ثقة صدوقا، قال ابن الأكفاني: ولد شيخنا عبد العزيز بن الكناني في رجب سنة 389، وبدأ بسماع الحديث في سنة 407، ومات في سنة 466، وقد خرّج عنه الخطيب في عامّة مصنفاته، وهو يقول: حدثني عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي، وأبو زرعة عبد الرحمن ابن عمرو بن عبد الله بن صفوان بن عمرو البصري الدمشقي الحافظ المشهور شيخ الشام في وقته، رحل وروى عن أبي نعيم وعفان ويحيى بن معين وخلق لا يحصون، وروى عنه من الأئمة أبو داود السجستاني وابنه أبو بكر بن أبي داود وأبو القاسم بن أبي العقب الدمشقي وعبدان الأوزاعي ويعقوب بن سفيان الفسوي، ومات سنة 281، وينسب إليها من لا يحصى من المسلمين، وألّف لها الحافظ ابن عساكر تاريخا مشهورا في ثمانين مجلدة، وممن اشتهر بذلك فلا يعرف إلا بالدمشقي، يوسف بن رمضان بن بندار أبو المحاسن الدمشقي الفقيه الشافعي، كان أبوه قرقوبيّا من أهل مراغة، وولد يوسف بدمشق وخرج منها بعد البلوغ إلى بغداد، وصحب أسعد الميهني وأعاد له بعض دروسه، ثم ولي تدريس النظامية ببغداد مدّة وبنيت له مدرسة بباب الأزج، وكان يذكر فيها الدرس، ومدرسة أخرى عند الطّيوريّين ورحبة الجامع، وانتهت إليه رياسة أصحاب الشافعي ببغداد في وقته، وحدث بشيء يسير عن أبي البركات هبة الله بن أحمد البخاري وأبي سعد إسماعيل بن أبي صالح، وعقد مجلس التذكير ببغداد، وأرسله المستنجد إلى شملة أمير الأشتر من قهستان، فأدركته وفاته وهو في الرسالة في السادس والعشرين من شوال سنة 563.
دِمَشْقِين:
مثل جمع دمشق جمع تصحيح: من قرى مصر في الفيوم، بها بصل كالبطيخ لا حرافة فيه، وحدثني من دخلها أنه شقّ بصلة وأخرج وسطها فكانت كالصّحفة فأخذ فيها لبنا وأكله بها.
الدِّمْعَانَةُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، والعين مهملة، وبعد الألف نون: ماء لبني بحر من بني زهير بن جنّاب الكلبيّين بالشام.
دِمَقْرَاتُ:
بكسر أوله، وفتح ثانيه، وسكون القاف، وراء مهملة، وآخره تاء: قرية كبيرة مشهورة في الصعيد الأعلى قرب إسنا، وقد ذكرت، وهي على غربي النيل، وجميع أهلها نصارى، وفيها نخل وكروم كثيرة.
دِمَقْشُ:
بوزن دمشق، إلّا أن القاف مقدّم على الشين:
من قرى مصر في الغربية.
دُمْقُلةُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وضم قافه، ويروى بفتح أوله وثالثه أيضا: مدينة كبيرة في بلاد النوبة، وإذا استقبلت الغرب كانت على يسارك في الجنوب، وهي منزلة ملك النوبة على شاطئ النيل، ولها أسوار عالية لا ترام مبنية بالحجارة، وطول بلادها على النيل مسيرة ثمانين ليلة، غزاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح في سنة 31 في خلافة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وأصيبت يومئذ عين معاوية بن حديج، وقاتلهم قتالا شديدا ثم سألوه الهدنة فهادنهم الهدنة الباقية إلى الآن، وقال شاعر المسلمين:
لم تر عيني مثل يوم دمقله ... والخيل تعدو بالدروع مثقلة
وقال يزيد بن أبي حبيب: ليس من أهل مصر والأساود عهد إنما هو أمان بعضنا من بعض نعطيهم شيئا من قمح وعدس ويعطوننا دقيقا، قال ابن لهيعة: وسمعت يزيد بن أبي حبيب يقول كان أبي من(2/470)
سبي دمقلة، والله أعلم.
الدُّمْلُوَةُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وضم اللام، وفتح الواو: حصن عظيم باليمن كان يسكنه آل زريع المتغلبون على تلك النواحي، قال ابن الدمينة:
جبل الصّلو جبل أبي المعلّس، فيه قلعة أبي المعلّس التي تسمى الدملوة، تطلع بسلمين، في السلّم الأسفل منهما أربعة عشر ضلعا والثاني فوق ذلك أربعة عشر ضلعا، بينهما المطبق، وبيت الحرس على المطبق بينهما، ورأس القلعة يكون أربعمائة ذراع في مثلها، فيه المنازل والدور وفيه شجرة تدعى الكهملة تظلل مائة رجل، وهي أشبه الشجر بالشّمار، وفيها مسجد جامع فيه منبر، وهذه القلعة بثنية من جبل الصلو، يكون سمكها وحدها من ناحية الجبل الذي هو منفرد منه مائة ذراع عن جنوبيها وهي عن شرقيها من حدره إلى رأس القلعة مسير سدس يوم ساعتين، وكذلك هي من شمالها مما يلي وادي الجنّات وسوق الجرّة، ومن غربيها بالضعف مما هي في يمانيها في السمك، مربط خيل صاحبها وحصنه في الجبل هي منفردة منه، أعني الصلو، بينهما غلوة سهم، ومنهلها الذي يشرب منه أهل القلعة مع السّلّم الأسفل عين ماء عذب خفيف غذي لا يعدوه وفيه كفايتهم، وباب القلعة في شمالها، وفي رأس القلعة بركة لطيفة، ومياه هذه القلعة تهبط إلى وادي الجنات من شماليها، وقال محمد بن زياد المازني يمدح أبا السعود بن زريع:
يا ناظري قل لي تراه كما هوه، ... إني لأحسبه تقمّص لؤلؤه
ما إن نظرت بزاخر في شامخ، ... حتى رأيتك جالسا في الدّملوه
دَمٌ:
مضاف إليه ذو في شعر كثيّر حيث قال:
أقول وقد جاوزن أعلام ذي دم ... وذي وجمى، أو دونهن الدّوانك
دِمِمَّا:
بكسر أوله وثانيه: قرية كبيرة على الفرات قرب بغداد عند الفلوجة، ينسب إليها جماعة من أهل الحديث وغيرهم، منهم: أبو البركات محمد بن محمد ابن رضوان الدممي صاحب محمد التميمي، سمع أبا عليّ شاذان، روى عنه أبو القاسم بن السمرقندي، توفي سنة 493 في رجب.
دَمِنْدانُ:
مدينة كبيرة بكرمان واسعة، وبها أكثر المعادن معدن الحديد والنحاس والذهب والفضة والنوشاذر والتوتيا، ومعدنه بجبل يقال له دنباوند شاهق، ارتفاعه ثلاثة فراسخ، بالقرب من مدينة يقال لها جواشير على سبعة فراسخ منها، وفي هذا الجبل كهف عظيم مظلّ يسمع من داخله دويّ خرير من خرير الماء، ويرتفع منه بخار مثل الدخان فيلصق حواليه، فإذا كثف وكثر خرج إليه أهل المدينة وما قاربها فيقلع في كل شهر أو شهرين، وقد وكل السلطان به قوما حتى إذا اجتمع كله أخذ السلطان الخمس وأخذ أهل البلد باقيه فاقتسموه بينهم على سهام قد تراضوا بها، فهو النوشاذر الذي يحمل إلى الآفاق، هذا كله منقول من كتاب ابن الفقيه.
دَمَنْش:
كذا وجدت صورة ما ينسب إليه: الحسين ابن عليّ أبو عليّ المقري المعروف بابن الدّمنشي، ذكره الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق وقال:
سمع أبا الحسن بن أبي الحديد، قال: وبلغني أنه كان رافضيّا، وهو الذي سعى بأبي بكر الخطيب إلى أمير الجيوش، وقال: هو ناصبيّ يروي أخبار الصحابة وخلفاء بني العباس في الجامع، وكان ذلك(2/471)
سبب إخراج أبي بكر الخطيب من دمشق.
دَمُنَّش:
بتشديد النون: من مدن صقلية على البحر.
دَمَنْهورُ:
بفتح أوله وثانيه ثم نون ساكنة، وهاء، وواو ساكنة، وآخره راء مهملة: بلدة بينها وبين الإسكندرية يوم واحد في طريق مصر متوسطة في الصغر والكبر، رأيتها، وقد ذكرها أبو هريرة أحمد بن عبد الله المصري في قوله:
شربنا بدمنهور ... شراب المزر ممزور
إذا ما صبّ في الكأس ... رأيت النور في النور
ويكسو شارب الشا ... رب تغليفا بكافور
وقال معلّى الطائي يخاطب عبيد بن السري بن الحكم وقد واقع خالد بن يزيد بن مزيد بدمنهور فهزمه:
فيا من رأى جيشا ملا الأرض فيضه ... أطلّ عليهم بالهزيمة واحد
تبوّا دمنهور فدمّر جيشه، ... وعرّد تحت الليل، والليل راكد
ودمنهور أيضا: قرية يقال لها دمنهور الشهيد، بينها وبين الفسطاط أميال.
دِمْنُو:
بكسر أوله، وسكون ثانيه: قرية بالصعيد من غربي النيل، فيها كنيسة عظيمة عند النصارى يجتمعون بها للزيارة.
دَمُّونُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، قال امرؤ القيس:
تطاول الليل علينا دمّون ... دمّون إنّا معشر يمانون
وإننا لأهلنا محبّون
قال ابن الحائك: عندل وخودون ودمّون مدن للصدف، وقال في موضع آخر: وساكن خودون الصدف وساكن دمّون هو الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار، قال: وكان امرؤ القيس بن حجر قد زاد الصدف إليها، وفيها يقول:
كأني لم أسمر يدمّون مرة، ... ولم أشهد الغارات يوما بعندل
دَمِيرَةُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وراء مهملة: قرية كبيرة بمصر قرب دمياط، ينسب إليها أبو تراب عبد الوهاب بن خلف ابن عمرو بن يزيد بن خلف الدميري المعروف بالخفّ، مات بدميرة سنة 270، وهما دميرتان إحداهما تقابل الأخرى على شاطئ النيل في طريق من يريد دمياط، وإليها ينسب الوزير الجليل القدر صفي الدين عبد الله ابن علي بن شكر، وشكر عمه، نسب إليه، كان وزير العادل أبي بكر بن أيوب ملك مصر والشام والجزيرة ثم وزير ولده الملك الكامل، مات بعد أن أضرّ وهو على ولايته في سنة 622، ونسب إلى دميرة أيضا أبو غسان مالك بن يحيى بن مالك الدميري، يروي عن يزيد بن هارون، روى عنه أبو الحسين محمد ابن علي بن جعفر بن خلّاد بن يزيد التميمي الجوهري، وأبو العباس محمد بن إسماعيل بن المهلّب الدميري القاضي، يروي عن جيرون بن عيسى البلوي، روى عنه أبو الحسن بن جهضم الصوفي.
دِمْيَاطُ:
مدينة قديمة بين تنّيس ومصر على زاوية بين بحر الروم الملح والنيل، مخصوصة بالهواء الطيب وعمل ثياب الشرب الفائق، وهي ثغر من ثغور الإسلام، جاء في الحديث عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله، صلى الله(2/472)
عليه وسلم: يا عمر إنه سيفتح على يديك بمصر ثغران الإسكندرية ودمياط، فأما الإسكندرية فخرابها من البربر، وأما دمياط فهم صفوة من شهداء من رابطها ليلة كان معي في حظيرة القدس مع النبيّين والشهداء، ومن شمالي دمياط يصبّ ماء النيل إلى البحر الملح في موضع يقال له الأشتوم، عرض النيل هناك نحو مائة ذراع، وعليه من جانبيه برجان بينهما سلسلة حديد عليها حرس لا يخرج مركب إلى البحر الملح ولا يدخل إلّا بإذن، ومن قبلها خليج يأخذ من بحرها سمت القبلة إلى تنّيس، وعلى سورها محارس ورباطات، قال الحسن بن محمد المهلبي: ومن طريف أمر دمياط وتنيس أنّ الحاكة بها الذين يعملون هذه الثياب الرفيعة قبط من سفلة الناس وأوضعهم وأخسهم مطعما ومشربا، وأكثر أكلهم السمك المملوح والطريّ والصّير المنتن، وأكثرهم يأكل ولا يغسّل يده ثم يعود إلى تلك الثياب الرفيعة الجليلة القدر فيبطش بها ويعمل في غزولها ثم ينقطع الثوب فلا يشك مقلّبه للابتياع أنه قد بخر بالندّ، قال:
ومن طريف أمر دمياط في قبليّها على الخليج مستعمل فيه غرف تعرف بالمعامل، يستأجرها الحاكة لعمل ثياب الشرب فلا تكاد تنجب إلّا بها، فإن عمل بها ثوب وبقي منه شبر ونقل إلى غير هذه المعامل علم بذلك السمسار المبتاع للثوب فينقص من ثمنه لاختلاف جوهر الثوب عليه، وقال ابن زولاق: يعمل بدمياط القصب البلخي من كل فنّ، والشرب لا يشارك تنيس في شيء من عملها، وبينهما مسيرة نصف نهار، ويبلغ الثوب الأبيض بدمياط وليس فيه ذهب ثلاثمائة دينار، ولا يعمل بدمياط مصبوغ ولا بتنيس أبيض، وهما حاضرتا البحر، وبهما من صيد السمك والطير والحيتان ما ليس في بلد، وأخبرني بعض وجوه التجار وثقاتهم أنه بيع في سنة 398 حلّتان دمياطيتان بثلاثة آلاف دينار، وهذا مما لم يسمع بمثله في بلد، وبها الفرش القلموني من كل لون المعلم والمطرّز ومناشف الأبدان والأرجل، وتتحف لجميع ملوك الأرض، وفي أيام المتوكل سنة 238 وولاية عنبسة بن إسحاق الضبي على مصر تهجّم الروم على دمياط في يوم عرفة فملكوها وما فيها وقتلوا بها جمعا كثيرا من المسلمين وسبوا النساء والأطفال وأهل الذمة فنفر إليهم عنبسة بن إسحاق عشية يوم النحر في جيشه ومعه نفر كثير من الناس فلم يدركوهم ومضى الروم إلى تنيس فأقاموا بأشتومها فلم يتبعهم عنبسة، فقال يحيى بن الفضيل للمتوكل:
أترضى بأن يوطأ حريمك عنوة، ... وأن يستباح المسلمون ويحربوا؟
حمار أتى دمياط، والروم رتّب ... بتنيس، منه رأي عين وأقرب
مقيمون بالأشتوم يبغون مثل ما ... أصابوه من دمياط، والحرب ترتب
فما رام من دمياط سيرا، ولا درى ... من العجز ما يأتي وما يتجنّب
فلا تنسنا، إنا بدار مضيعة ... بمصر، وإن الدين قد كاد يذهب
فأمر المتوكل ببناء حصن دمياط، ولم يزل بعد في أيدي المسلمين إلى أن كان شهر ذي القعدة سنة 614 فإن الأفرنج قدموا من وراء البحر وأوقعوا بالملك العادل أبي بكر بن أيوب وهو نازل على بيسان فانهزم منهم إلى خسفين، فعاد الأفرنج إلى عكا فأقاموا بها أياما وخرجوا إلى الطور فحاصروه، وكان قد عمّر فيه الملك المعظم ابن الملك العادل قلعة(2/473)
حصينة غرم فيها مالا وافرا، فحاصروه مدة فقتل عليه أمير من أمراء المسلمين يعرف ببدر الدين محمد ابن أبي القاسم الهكّاري وقتل كند من أكناد الأفرنج كبير مشهور فيهم، فتشاءموا بالمقام على الطور ورجعوا إلى عكا واختلفوا هناك، فقال ملك الهنكر: الرأي أنا نمضي إلى دمشق ونحاصرها فإذا أخذناها فقد ملكنا الشام، فقال الملك النّوّام، قالوا: إنما سمي بذلك لأنه كان إذا نازل حصنا نام عليه حتى يأخذه أي أنه كان صبورا على حصار القلاع، واسمه دستريج ومعناه المعلم بالريش لأن أعلامه كانت الريش، فقال: نمضي إلى مصر فإن العساكر مجتمعة عند العادل ومصر خالية، فأدّى هذا الاختلاف إلى انصراف ملك الهنكر مغاضبا إلى بلده، فتوجه باقي عساكرهم إلى دمياط فوصلوها في أيام من صفر سنة 615 والعادل نازل على خربة اللّصوص بالشام وقد وجه بعض عساكره إلى مصر، وكان ابنه الملك الأشرف موسى بن العادل نازلا على مجمع المروج بين سلمية وحمص خوفا من عادية تكون منهم من هذه الجهة، واتفق خروج ملك الروم ابن قليج ارسلان إلى نواحي حلب وأخذ منها ثلاثة حصون عظيمة: رعبان وتل باشر وبرج الرّصاص، كلها في ربيع الأول من السنة، وبلغ عسكره إلى حدود بزاعة، وانتهى ذلك إلى الملك الأشرف فجاء فيمن انضم إليه من عساكر حلب فواقعه بين منبج وبزاعة فكسره وأسر أعيان عسكره ثم من عليهم وذلك في ربيع الآخر، وبلغ خبر ذلك إلى ملك الروم وهو قيقاوس بن قليج أرسلان وهو نازل على منبج فقلق لذلك حتى قال من شاهده إنه رآه يختلج كالمحموم ثم تقيّأ شيئا شبيها بالدم ورحل من فوره راجعا إلى بلده والعساكر تتبعه، وكان انفصاله في الحادي عشر من جمادى الأولى سنة 615، وقد استكمل شهرين بوروده، واستعبد على الفور تل باشر ورعبان وبرج اللصوص، ورجع إليه أصحابه الذين كانوا مقيمين بهذه الحصون الثلاثة وكانوا قد سلموها بالأمان، جمع منهم متقدما وتركهم في بيت من بيوت ربض ترتوش وأضرم فيه النار فاحترقوا، وكان فيهم ولد إبراهيم خوانسلار صاحب مرعش، فرجع إلى بلده وأقام يسيرا ومات واستولى على ملكه أخوه وكان في حبسه، ولما استرجع الملك الأشرف من هذه الحصون الثلاثة ورجع قاصدا إلى حلب ودخل في حدها ورد عليه الخبر بوفاة أبيه الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وكانت وفاته بمنزلة على خربة اللصوص وإنما كانت في يوم الأحد السابع من جمادى الأولى سنة 615، فكتم ذلك ولم يظهره إلى أن نزل بظاهر حلب وخرج الناس للعزاء ثلاثة أيام، وأما الأفرنج فإنهم نزلوا على دمياط في صفر سنة 15 وأقاموا عليها إلى السابع والعشرين من شعبان سنة 16 وملكوها بعد جوع وبلاء كان في أهلها وسبوهم، فحينئذ أنفذ الملك المعظم وخرّب بيت المقدس وبيع ما كان فيها من الحليّ وجلا أهلها، وبلغ ذلك الملك الأشرف فمضى إلى الموصل لإصلاح خلل كان فيه بين لؤلؤ ومظفّر الدين بن زين الدين، فلما صلح ما بينهما توجه إليها وكان أخوه الملك الكامل بإزاء الأفرنج في هذه المدة، فقدمها الملك الأشرف وانتزعها من أيديهم في رجب سنة 18 ومنّوا على الأفرنج بعد حصولهم في أيديهم، وكان قد وصل في هذا الوقت كند من وراء البحر وحصل في دمياط وخافوا إن لم يمنّوا على الأفرنج أن يتخذوا بحصول ذلك الكند الواصل شغل قلب فصانعوهم بنفوسهم عن دمياط فعادت إلى المسلمين.(2/474)
وطول دمياط ثلاث وخمسون درجة ونصف وربع، وعرضها إحدى وثلاثون درجة وربع وسدس، وينسب إلى دمياط جماعة، منهم: بكر بن سهل ابن إسماعيل بن نافع أبو محمد الدمياطي مولى بني هاشم، سمع بدمشق صفوان بن صالح، وببيروت سليمان بن أبي كريمة البيروتي، وبمصر أبا صالح عبد الله ابن صالح كاتب الليث وعبد الله بن يوسف التنيسي وغيرهم، وروى عنه أبو العباس الأصمّ وأبو جعفر الطحاوي الطبراني وجماعة سواهم، قال أبو سليمان ابن زبر: مات بدمياط في ربيع الأول سنة 289، وذكر غير ابن زبر أنه توفي بالرملة بعد عوده من الحجّ، وأن مولده سنة 196.
دِمْيانَةُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وياء مثناة من تحت، وبعد الألف نون: من أقاليم أكشونية بالأندلس.
دُمَيْنَةُ:
تصغير دمنة، وهو ما سوّد من آثار القوم:
جبل للعرب.
دُمَيْنِكَةُ:
قرية من قرى مصر غربي النيل، والله أعلم بالصواب.
باب الدال والنون وما يليهما
دَنا:
بلفظ ماضي يدنو: موضع بالبادية، وقيل: في ديار بني تميم بين البصرة واليمامة، قال النابغة:
أمن ظلّامة الدّمن البوالي ... بمرفضّ الحبيّ إلى وعال
فأمواه الدّنا فعويرضات ... دوارس، بعد أحياء حلال
ذكره المتنبي بما يدلّ على أنه قرب الكوفة فقال:
وغادي الأضارع ثم الدّنا
والأضارع: من منازل الحاجّ.
الدِّناحُ:
بكسر أوله، وآخره حاء مهملة: موضع ذكر شاهده في الثعلبية فقال:
إذا ما سماء بالدناح تخايلت، ... فإني على ماء الزّبير أشيمها
الدَّنَّانُ:
جبلان كأنه تثنية دنّ.
دُنْباوَنْد:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وبعده باء موحدة، وبعد الألف واو ثم نون ساكنة، وآخره دال، لغة في دباوند: وهو جبل من نواحي الرّيّ، وقد ذكر في دباوند، ودنباوند في الإقليم الرابع، طولها خمس وسبعون درجة ونصف، وعرضها سبع وثلاثون درجة وربع. ودنباوند أيضا:
جبل بكرمان ذكرته في بلد يقال له دمندان، فأما الذي في الريّ فقال ابن الكلبي: إنما سمي دنباوند لأن أفريدون بن اثفيان الأصبهاني لما أخذ الضحّاك بيوراسف قال لأرمائيل وكان نبطيّا من أهل الزاب اتخذه الضحاك على مطابخه فكان يذبح غلاما ويستحيي غلاما ويسم على عنقه ثم يأمره فيأتي المغارة فيما بين قصران وخويّ ويذبح كبشا فيخلطه بلحم الغلام، فلما أراد أفريدون قتله قال:
أيها الملك إن لي عذرا، وأتى به المغارة وأراه صنيعه فاستحسن أفريدون ذلك منه وأراد قتله بحجة فقال: اجعل لي غذاء لا تجعل لي فيه بقلا ولا لحما، فجعل فيه أذناب الضأن وأحضر له وهو بدنباوند لحبس الضحّاك به، فاستحسن أفريدون ذلك منه وقال له: دنباوندى أي وجدت الأذناب فتخلّصت بها مني، ثم قال أفريدون: يا أرمائيل قد أقطعتك صداء الخيل ووهبت لك هؤلاء الذين وسمت، فأنت وسمان، وسمى الأرض التي وجد(2/475)
فيها القوم دشت پي أي سمة وعقب، فسميت دست پي الكورة المعروفة بين الري وهمذان وقزوين، وقرأت في رسالة ألّفها مسعر بن مهلهل الشاعر ووصف فيها ما عاينه في أسفاره فقال: دنباوند جبل عال مشرف شاهق شامخ لا يفارق أعلاه الثلج شتاء ولا صيفا ولا يقدر أحد من الناس أن يعلو ذروته ولا يقاربها، ويعرف بجبل البيوراسف، يراه الناس من مرج القلعة ومن عقبة همذان، والناظر إليه من الرّيّ يظن أنه مشرف عليه، وأن المسافة بينهما ثلاثة فراسخ أو اثنان، وزعم العامّة أن سليمان بن داود، عليه السلام، حبس فيه ماردا من مردة الشياطين يقال له صخر المارد، وزعم آخرون أن أفريدون الملك حبس فيه البيوراسف، وأن دخانا يخرج من كهف في الجبل يقول العامة إنه نفسه، ولذلك أيضا يرون نارا في ذلك الكهف يقولون إنها عيناه وإن همهمته تسمع من ذلك الكهف، فاعتبرت ذلك وارتصدته وصعدت في ذلك الجبل حتى وصلت إلى نصفه بمشقّة شديدة ومخاطرة بالنفس وما أظن أن أحدا تجاوز الموضع الذي بلغت إليه بل ما وصل إنسان إليه فيما أظن، وتأملت الحال فرأيت عينا كبريتية وحولها كبريت مستحجر، فإذا طلعت عليه الشمس والتهبت ظهرت فيه نار، وإلى جانبه مجرى يمر تحت الجبل تخترقه رياح مختلفة فتحدث بينها أصوات متضادّة على إيقاعات متناسبة فمرّة مثل صهيل الخيل ومرّة مثل نهيق الحمير ومرّة مثل كلام الناس، ويظهر للمصغي إليه مثل الكلام الجمهوريّ دون المفهوم وفوق المجهول يتخيل إلى السامع أنه كلام بدويّ ولغة إنسيّ، وذلك الدخان الذي يزعمون أنه نفسه بخار تلك العين الكبريتية، وهذه حال تحتمل على ظاهر صورة ما تدعيه العامة، ووجدت في بعض شعاب هذا الجبل آثار بناء قديم، وحولها مشاهد تدل على أنها مصايف بعض الأكاسرة، وإذا نظر أهل هذه الناحية إلى النّمل يدّخر الحبّ ويكثر من ذلك علموا أنها سنة قحط وجدب، وإذا دامت عليهم الأمطار وتأذّوا بها وأرادوا قطعها صبّوا لبن المعز على النار فانقطعت، وقد امتحنت هذا من دعواهم دفعات فوجدتهم فيه صادقين، وما رأى أحد رأس هذا الجبل في وقت من الأوقات منحسرا عن الثلج إلّا وقعت الفتنة وهريقت الدماء من الجانب الذي يرى منحسرا، وهذه العلامة أيضا صحيحة بإجماع أهل البلد، وبالقرب من هذا الجبل معدن الكحل الرازي والمرتك والأسرب والزاج، هذا كله قول مسعر، وقد حكي قريبا من هذا علي بن زين كاتب المازيار الطبري، كان حكيما محصّلا وله تصانيف في فنون عدّة، قريبا من حكاية مسعر قال: وجّهنا جماعة من أهل طبرستان إلى جبل دنباوند وهو جبل عظيم شاهق في الهواء يرى من مائة فرسخ وعلى رأسه أبدا مثل السحاب المتراكم لا ينحسر في الصيف ولا في الشتاء ويخرج من أسفله نهر ماؤه أصفر كبريتي زعم جهال العجم أنه بول البيوراسف، فذكر الذين وجهناهم أنهم صعدوا إلى رأسه في خمسة أيام وخمس ليال فوجدوا نفس قلّته نحو مائة جريب مساحة، على أن الناظر ينظر إليها من أسفل الجبل مثل رأس القبة المخروطة، قالوا: ووجدنا عليها رملا تغيب فيه الأقدام، وإنهم لم يروا عليها دابة ولا أثر شيء من الحيوان، وإنّ جميع ما يطير في الجوّ لا يبلغها، وإنّ البرد فيها شديد والريح عظيمة الهبوب والعصوف، وإنهم عدّوا في كوّاتها سبعين كوّة يخرج منها الدخان الكبريتي، وإنه كان معهم رجل من أهل تلك الناحية فعرّفهم أنّ ذلك الدخان تنفس البيوراسف، ورأوا(2/476)
حول كل نقب من تلك الكوى كبريتا أصفر كأنه الذهب، وحملوا منه شيئا معهم حتى نظرنا إليه، وزعموا أنهم رأوا الجبال حوله مثل التلال وأنهم رأوا البحر مثل النهر الصغير، وبين البحر وبين هذا الجبل نحو عشرين فرسخا.
ودنباوند من فتوح سعيد بن العاصي في أيام عثمان لما ولي الكوفة سار إليها فافتتحها وافتتح الرّويان، وذلك في سنة 29 أو 30 للهجرة، وبلغ عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، أنّ ابن ذي الحبكة النّهدي يعالج تبريحا فأرسل إلى الوليد بن عقبة وهو وال على الكوفة ليسأله عن ذلك فإن أقرّ به فأوجعه ضربا وغرّبه إلى دنباوند، ففعل الوليد ذلك فأقرّ فغرّبه إلى دنباوند، فلما ولي سعيد ردّه وأكرمه فكان من رؤوس أهل الفتن في قتل عثمان، فقال ابن ذي الحبكة:
لعمري! إن أطردتني، ما إلى الذي ... طمعت به من سقطتيّ سبيل
رجوت رجوعي يا ابن أروى، ورجعتي ... إلى الحق دهرا، غال حلمك غول
وإنّ اغترابي في البلاد وجفوتي ... وشتمي في ذات الإله قليل
وإن دعائي، كلّ يوم وليلة، ... عليك بدنباوند كم لطويل
وقال البحتري يمدح المعتزّ بالله:
فما زلت حتى أذعن الشّرق عنوة، ... ودانت على ضغن أعالي المغارب
جيوش ملأن الأرض، حتى تركنها ... وما في أقاصيها مفرّ لهارب
مددن وراء الكوكبيّ عجاجة ... أرته، نهارا، طالعات الكواكب
وزعزعن دنباوند من كل وجهة، ... وكان وقورا مطمئنّ الجوانب
دَنْجُويَةُ:
قرية بمصر كبيرة معروفة من جهة دمياط يضاف إليها كورة يقال لها الدّنجاوية.
دَنْدَانَقَانُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ودال أخرى، ونون مفتوحة، وقاف، وآخره نون أيضا:
بلدة من نواحي مرو الشاهجان على عشرة فراسخ منها في الرمل، وهي الآن خراب لم يبق منها إلّا رباط ومنارة، وهي بين سرخس ومرو، رأيتها وليس بها ذو مرأى غير حيطان قائمة وآثار حسنة تدلّ على أنها كانت مدينة سفا عليها الرمل فخرّبها وأجلى أهلها، وقال السمعاني في كتاب التحبير: أبو القاسم أحمد بن أحمد بن إسحاق بن موسى الدندانقاني الصوفي، ودندانقان: بليدة على عشرة فراسخ من مرو خربها الأتراك، المعروفة بالغزّيّة، في شوال سنة 553، وقتلوا بعض أهلها وتفرق عنها الباقون لأنّ عسكر خراسان كان قد دخلها وتحصن بها، وينسب إليها فضل الله بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحسن بن روح الخطيبي أبو محمد الدندانقاني، سكن بلخ وكان فقيها فاضلا مناظرا حسن الكلام في الوعظ والفقه، وسافر إلى بخارى وأقام بها مدة يتفقه على البرهان ثم انتقل إلى بلخ وسكنها إلى أن مات، سمع بمرو أبا بكر السمعاني وجدّه أبا القاسم إسماعيل ابن محمد الخطيب، كتب عنه السمعاني أبو سعد في بلخ، وكانت ولادته بدندانقان في سنة 488 تقديرا، ومات ببلخ في رمضان سنة 552.
دَنْدَرَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ودال أخرى مفتوحة، ويقال لها أيضا أندرا: بليد على غربي(2/477)
النيل من نواحي الصعيد دون قوص، وهي بليدة طيبة ذات بساتين ونخل كثيرة وكروم، وفيها برابي كثيرة، منها بربا فيه مائة وثمانون كوة تدخل الشمس كل يوم من كوة واحدة بعد واحدة حتى تنتهي إلى آخرها ثم تكرّ راجعة إلى الموضع الذي بدأت منه، وتضاف إلى دندرة كورة جليلة، حدثني السديد محمد ابن عليّ الموصلي الفاضل قال: حدثني القاضي أبو المعالي محمد قاضي دندرة قال: كان عمّي القاضي الأسعد حسن قد لحقه قولنج فوصف له الطبيب حقنة فهيئت له فأخذ بعض الحاضرين آلة الحقنة يتأملها وضحك فأحدث في ثيابه، فقلت أو قال فقال عمّي:
إنّ قاض بدندرا ... قال بيتين سطّرا:
مخرج البول والخرا ... حيّرا كل من يرى
وهما آفة الورى، ... عسرا أو تيسّرا
دَنْدَنَةُ:
بدالين مفتوحتين، ونونين الأول منهما ساكن: قرية من نواحي واسط، والدندنة:
صوت لا يفهم.
دَنديل:
من قرى مصر في كورة البوصيرية.
دُنْقُلةُ:
هي دمقلة، وقد ذكرت، وبخط السكري دنكلة مضبوط موجود.
دَنّ:
بلفظ الدّنّ الذي يعمل فيه الخلّ، نهر دن:
من أعمال بغداد بقرب إيوان كسرى، كان احتفره أنوشروان العادل. والدّنان: جبلان يقال لكل واحد منهما دن في البادية.
دَنَنُ:
بفتحتين، ونونين: اسم بلد بعينه، قال ابن مقبل يعنيه:
يثنين أعناق أدم يفتلين بها ... حبّ الأراك وحبّ الضال من دنن
ويروى ددن. والدنن: قصر في يد الفرس، قال أبو زياد الكلابي: دنن ماء قرب نجران، وأنشد:
يا دننا يا شرّ ما باليمن ... قد عاد لي تقاعسي عن دنن
وما وردت دننا مذ زمن
دَنْوَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه: من قرى حمص بها قبر عوف بن مالك الأشجعي من الصحابة، رضي الله عنه، فيما يقال، والله أعلم، وقال القاضي عبد الصمد بن سعيد الحمصي في تاريخ حمص: كان أبو أمامة الباهلي قد نزل حمص فسلس بوله فاستأذن الوالي في المسير إلى دنوة فأذن له، فسار إليها، ومات في سنة 81، وخلّف ابنا يقال له المعلّس طويل اللحية قتلته المبيضة بقرية يقال لها كفرنغد، وخلّف بنتين يقال لهما صليحة ومعيّة فأعقبت إحداهما وهم بنو أبي الربيع ولم تعقب الأخرى.
دُنَيْسِرُ:
بضم أوله: بلدة عظيمة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب ماردين بينهما فرسخان، ولها اسم آخر يقال لها قوج حصار، رأيتها وأنا صبيّ وقد صارت قرية، ثم رأيتها بعد ذلك بنحو ثلاثين سنة وقد صارت مصرا لا نظير لها كبرا وكثرة أهل وعظم أسواق، وليس بها نهر جار إنما شربهم من آبار عذبة طيبة مرية، وأرضها حرّة، وهواؤها صحيح، والله الموفق للصواب.
باب الدال والواو وما يليهما
دَوَّارُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وآخره راء:
سجن باليمامة، قال أبو أحمد العسكري: قال جحدر(2/478)
وكان إبراهيم بن عربي قد حبسه بدوار:
إني دعوتك يا إله محمد ... دعوى، فأولها لي استغفار
لتجيرني من شرّ ما أنا خائف، ... ربّ البريّة! ليس مثلك جار
تقضي ولا يقضى عليك، وإنما، ... ربي، بعلمك تنزل الأقدار
كانت منازلنا التي كنا بها ... شتى، وألّف بيننا دوّار
سجن يلاقي أهله من خوفه ... أزلا، ويمنع منهم الزوار
يغشون مقطرة كأنّ عمودها ... عنق يعرّق لحمها الجزّار
وقال جحدر أيضا:
يا ربّ دوّار أنقذ أهله عجلا، ... وانقض مرائره من بعد إبرام
ربّ ارمه بخراب، وارم بانيه ... بصولة من أبي شبلين ضرغام
وقال عطارد اللصّ:
ليست كليلة دوّار يؤرّقني ... فيها تأوّه عان من بني السيّد
ونحن من عصبة عضّ الحديد بهم، ... من مشتك كبله فيهم ومصفود
كأنما أهل حجر ينظرون متى ... يرونني جارحا طيرا أباديد
[1]
دُوَّارُ:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، وآخره راء:
اسم واد، وقيل جبل، قال النابغة الذبياني:
لا أعرفن ربربا حورا مدامعها ... كأنهن نعاج حول دوّار
وقال أبو عبيدة في شرح هذا البيت: دوّار موضع في الرمل، بالضم، ودوّار، بالفتح: سجن، وقال جرير:
أزمان، أهلك في الجميع تربّعوا ... ذا البيض ثم تصيّفوا دوّارا
كذا ضبطه ابن أخي الشافعي، وكذا هو بخط الأزدي في شعر ابن مقبل:
أإحدى بني عبس ذكرت، ودونها ... سنيح ومن رمل البعوضة منكب
وكتمى ودوّار كأنّ ذراهما، ... وقد خفيا إلا الغوارب، ربرب
وهذا يدل على أنه جبل.
الدُّوَاعُ:
بضم أوله، وآخره عين مهملة: موضع كانت فيه وقعة للعرب، ومنه يوم الدواع.
دُوَافٌ:
بضم أوله، وآخره فاء: موضع في قول ابن مقبل:
فلبّده مسّ القطار ورخّه ... نعاج دواف قبل أن يتشددا
رخّه: وطئه، وهو فعال من الدوف وهو السحق، وقيل البل.
الدَّوانِكُ:
موضع في قول متمم بن نويرة:
وقالوا: أتبكي كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللّوى فالدوانك؟
فقلت لهم: إن الشجا يبعث الشجا، ... دعوني فهذا كله قبر مالك
وقال الحطيئة:
أدار سليمى بالدوانك فالعرف! ... أقامت على الأرواح فالديم الوطف
__________
[1]- في هذا البيت إقواء.(2/479)
وقفت بها واستنزفت ماء عبرتي ... من العين، إلا ما كففت به طرفي
دَوَّانُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وآخره نون:
ناحية من أرض فارس توصف بجودة الخمر.
دُوَانُ:
بضم أوله، وتخفيف ثانيه: ناحية بعمان على ساحل البحر.
دُوبانُ:
بالضم ثم السكون، وباء موحدة، وآخره نون: قرية بجبل عاملة بالشام قرب صور، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن سالم بن عبد الله الدوباني، يروي عنه الحافظ السلفي في تعاليقه.
الدُّودَاءُ:
بالمد: موضع قرب المدينة.
دُودَانُ:
بدالين مهملتين الأولى مضمومة: واد في شعر حميد، وقد ذكر في جمال. ودودان:
قبيلة من بني أسد، وهو دودان بن أسد بن خزيمة.
دَورَانُ:
ذو دوران، بفتح أوله، وبعد الواو راء مهملة، وآخره نون: موضع بين قديد والجحفة.
وذو دوران: واد يأتي من شمنصير وذروة، وبه بئران يقال لإحداهما رحبة وللأخرى سكوبة، وهو لخزاعة، قال الأصمعي ونصران: غزت بنو كعب بن عمير من خزاعة بني لحيان بأسفل من ذي دوران فامتنعت منهم بنو لحيان، فقال مالك بن خالد الخناعي الهذلي يفتخر بذلك، ورواها ابن حبيب لحذيفة بن أنس الهذلي:
فدّى لبني لحيان أمي وخالتي ... بما ماصعوا بالجزع ركب بني كعب
ولما رأوا نقرى تسيل إكامها ... بأرعن جرّار وحامية غلب
تنادوا فقالوا: يال لحيان ماصعوا ... عن المجد حتى تثخنوا القوم بالضرب
فضاربهم قوم كرام أعزّة ... بكل خفاف النصل ذي ربد عضب
أقاموا لهم خيلا تزاور بالقنا، ... وخيلا جنوحا، أو تعارض بالرّكب
فما ذرّ قرن الشمس، حتى كأنهم ... بذات اللظى خشب تجرّ إلى خشب
كأن بذي دوران، والجزع حوله ... إلى طرف المقراة، راغية السّقب
وقال أيضا:
أباح زهير بن الأغرّ ورهطه ... حماة اللواء والصفيح القواضب
أتى مالك يمشي إليه كما مشى ... إلى خيسه سيّد بخفّان قاطب
فزال بذي دوران منكم جماجم ... وهام، إذا ما جنّه الليل صاخب
وقال أيضا:
وجاوزن ذا دوران في غيطل الضحى، ... وذو الظل مثل الظل ما زاد إصبعا
وقال عمر بن أبي ربيعة:
وليلة ذي دوران جشّمتني السّرى، ... وقد يجشم الهول المحبّ المغرّر
وقال ابن قيس الرقيّات:
نادتك، والعيس سراع بنا ... مهبط ذي دوران فالقاع
دُورَانُ:
بضم أوله، وباقيه كالذي قبله: موضع خلف جسر الكوفة كان به قصر لإسماعيل القسري أخي خالد بن عبد الله القسري أمير الكوفة. وذو دوران: بأرض ملهم من أرض اليمامة كانت به وقعة في أيام أبي بكر، رضي الله عنه، بين ثمامة بن(2/480)
أثال ومسيلمة الكذاب، كانت لمسيلمة على المسلمين، فقال رجل من بني حنيفة:
ألم ترنا على عهد أتانا ... بملهم، والخطوب لها انتهاء
فشلّ الجمع، جمع أبي فضيل، ... بذي دوران إذ كره اللقاء
أبو فضيل: يريد به أبا بكر، رضي الله عنه، فأجابه عمر بن أبي ربيعة السّلمي:
أبا حنفيّ! لا تفخر بقرء ... أتانا بغتة، ولنا العلاء
فما نلتم، ولا نلنا كبيرا ... بذي دوران، إذ جدّ النّجاء
دَوَّرانُ:
بتشديد الواو، وفتح الراء: من قرى فم الصلح من نواحي واسط، ينسب إليها الشيخ مصدّق ابن شبيب بن الحسين الواسطي النحوي، مات ببغداد سنة خمس وستمائة.
الدُّورُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه: سبعة مواضع بأرض العراق من نواحي بغداد، أحدها دور تكريت وهو بين سامرّا وتكريت، والثاني بين سامرّا وتكريت أيضا يعرف بدور عربايا، وفي عمل الدّجيل قرية تعرف بدور بني أوقر وهي المعروفة بدور الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة وفيها جامع ومنبر، وبنو أوقر كانوا مشايخها وأرباب ثروتها، وبنى الوزير بها جامعا ومنارة، وآثار الوزير حسنة، وبينها وبين بغداد خمسة فراسخ، قال هبة الله بن الحسين الإصطرلابي يهجو ابن هبيرة:
قصوى أمانيك الرجو ... ع إلى المساحي والنيّر
متربّعا وسط المزا ... بل، وسط دور بني أقر
أو قائدا جمل الزبي ... ديّ اللعين إلى سقر
والدّور أيضا: قرية قرب سميساط. والدّور أيضا:
محلّة بنيسابور، وقد نسب إلى كل واحد منها قوم من الرّواة، فأما دور سامرّا فمنها: محمد بن فرّوخان بن روزبه أبو الطيب الدوري، حدث عن أبي خليفة وغيره أحاديث منكرة، روى عن الجنيد حكايات في التصوّف، وأما دور بغداد فينسب إليها: أبو عبد الله محمد بن مخلد الدوري والهيثم بن محمد الدوري، قال ابن المقري: حدثنا هيثم ببغداد في الدور، وبالقرب منها قرية أخرى تسمّى دور حبيب من عمل دجيل أيضا، وفي طرف بغداد قرب دير الروم محلة يقال لها الدور، خربت الآن، وأما دور نيسابور فينسب إليها: أبو عبد الله الدوري، له ذكر في حكاية أحمد بن سلمة. ودور الراسبي: قرية من الأهواز بلد مشهور، ينسب إلى دور بغداد: محمد بن عبد الباقي بن أبي الفرج محمد ابن أبي اليسري بن عبد العزيز بن إبراهيم بن إسحاق بن نجيب الدوري البغدادي أبو عبد الله، حدث عن أبي بكر محمد بن عبد الملك بن بكران وأبي محمد الحسن ابن عليّ الجوهري ومحمد بن الفتح العشاري، قال ابن شافع: وكان شيخا صالحا خيّرا مولده في شعبان سنة 434، توفي سحرة يوم الأربعاء سابع عشر محرّم سنة 513، وقد خالف أبو سعد السمعاني ابن شافع في غير موضع من نسبه، والأظهر قول ابن شافع لأنه أعرف بأهل بلده.
دُورُ الرَّاسِبيِّ:
كأنه منسوب إلى بني راسب بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث: بين(2/481)
الطيب وجنديسابور من أرض خوزستان، منه كان أبو الحسين عليّ بن أحمد الراسبي، ولست أدري هل الدور منسوب إليه أو هو منسوب إلى الدور، وكان من عظماء العمّال وأفراد الرجال، توفي ليلة الأربعاء لليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة 301 في أيام المقتدر ووزارة عليّ بن عيسى، ودفن بداره بدور الراسبي، وخلّف ابنة لابنة كانت له وأخا، وكان يتقلد من حدّ واسط إلى حدّ شهرزور وكورتين من كور الأهواز جنديسابور والسوس وبادرايا وباكسايا، وكان مبلغ ضمانه ألف ألف وأربعمائة ألف دينار في كل سنة، ولم يكن للسلطان معه عامل غير صاحب البريد فقط، لأن الحرث والخراج والضياع والشجر وسائر الأعمال كان داخلا في ضمانه، فكان ضابطا لأعماله شديد الحماية لها من الأكراد والأعراب واللصوص، وخلّف مالا عظيما، وورد الخبر إلى بغداد من حامد بن العباس بمنازعة وقعت بين أخي الراسبي وبين أبي عدنان زوج ابنته، وأنّ كل واحد منهما طلب الرياسة لنفسه وصار مع كلّ واحد منهما طائفة من أصحاب الراسبي من غلمانه، فتحاربا وقتل بينهما جماعة من أصحابهما وانهزم أخو الراسبي وهرب وحمل معه مالا جليلا، وأنّ رجلا اجتاز بحامد بن العباس من قبل أبي عدنان ختن الراسبي ومعه كتاب إلى المعروف بأخي أبي صخرة وأنفذ إليه عشرين ألف دينار ليصلح بها أمره عند السلطان، وأنّ حامدا أنفذ جماعة من الفرسان والرّجالة لحفظ ما خلّفه الراسبي إلى أن يوافي رسول السلطان، فأمر المقتدر بالله مؤنسا الخادم بالخروج لحفظ تركته وتدبير أمره، فشخص من بغداد وأصلح بين أبي عدنان وأخي الراسبي وحمل من تركته ما هذه نسخته:
العين أربعمائة ألف وخمسة وأربعون ألفا وخمسمائة وسبعة وأربعون دينارا، الورق ثلاثمائة ألف وعشرون ألفا ومائتان وسبعة وثلاثون درهما، وزن الأواني الذهبية ثلاثة وأربعون ألفا وتسعمائة وسبعون مثقالا، آنية الفضة ألف وتسعمائة وخمسة وسبعون رطلا، ومما وزن بالشاهين من آنية الفضة ثلاثة عشر ألفا وستمائة وخمسة وخمسون درهما، ومن الندّ المعمول سبعة آلاف وأربعمائة وعشرون مثقالا، ومن العود المطرّى أربعة آلاف وأربعمائة وعشرون مثقالا، ومن العنبر خمسة آلاف وعشرون مثقالا، ومن نوافج المسك ثمانمائة وستون نافجة، ومن المسك المنثور ألف وستمائة مثقال، ومن السّكّ ألفا ألف وستة وأربعون مثقالا، ومن الغالية ثلاثمائة وستة وستون مثقالا، ومن الثياب المنسوجة بالذهب ثمانية عشر ثوبا قيمة كل واحد ثلاثمائة دينار، ومن السروج ثلاثة عشر سرجا، ومن الجواهر حجرا ياقوت، ومن الخواتيم الياقوتية خمسة عشر خاتما، خاتم فصّه زبرجد، ومن حبّ اللؤلؤ سبعون حبّة وزنها تسعة عشر مثقالا ونصف، ومن الخيل الفحول والإناث مائة وخمسة وسبعون رأسا، ومن الخدم السودان مائة وأربعة عشر خادما، ومن الغلمان البيض مائة وثمانية وعشرون غلاما، ومن خدم الصقالبة والروم تسعة عشر خادما، ومن الغلمان الأكابر أربعون غلاما بآلاتهم وسلاحهم ودوابهم، ومن أصناف الكسوة ما قيمته عشرون ألف دينار، ومن أصناف الفرش ما قيمته عشرة آلاف دينا، ومن الدواب المهارى والبغال مائة وثمانية وعشرون رأسا، ومن الجمّاز والجمّازات تسعة وتسعون رأسا، ومن الحمير النقالة الكبار تسعون رأسا، ومن قباب الخيام الكبار مائة وخمس وعشرون خيمة، ومن الهوادج السروج أربعة عشر هودجا،(2/482)
ومن الغضائر الصيني والزجاج المحكم الفاخر أربعة عشر صندوقا.
دَوْرَقُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وراء بعدها قاف: بلد بخوزستان، وهي قصبة كورة سرّق يقال لها دورق الفرس، قال مسعر بن المهلهل في رسالته: ومن رامهرمز إلى دورق تمرّ على بيوت نار في مفازة مقفرة فيها أبنية عجيبة، والمعادن في أعمالها كثيرة، وبدورق آثار قديمة لقباذ بن دارا، وبها صيد كثير إلّا أنه يتجنب الرعي في أماكن منها لا يدخلها بوجه ولا بسبب، ويقال إنّ خاصية ذلك من طلسم عملته أمّ قباذ لأنه كان لهجا بالصيد في تلك الأماكن، فربما أخلّ بالنظر في أمور المملكة مدة فعملت هذا الطلسم ليتجنب تلك الأماكن، وفيها هوامّ قتالة لا يبرأ سليمها، وبها الكبريت الأصفر البحري، وهو يجري الليل كله، ولا يوجد هذا الكبريت في غيرها، وإن حمل منها إلى غيرها لا يسرج، وإذا أتي بالنار من غير دورق واشتعلت في ذلك الكبريت أحرقته أصلا، وأما نارها فإنها لا تحرقه، وهذا من طريق الأشياء وعجيبها لا يوقف على علّته، وفي أهلها سماحة ليست في غيرهم من أهل الأهواز، وأكثر نسائها لا يرددن كفّ لامس، وأهلها قليلو الغيرة، وهي مدينة وكورة واسعة، وقد نسب إليها قوم من الرّواة، منهم: أبو عقيل الدورقي الأزدي التاجي واسمه بشير بن عقبة يعدّ في البصريين، سمع الحسن وقتادة وغيرهما، روى عنه مسلمة بن إبراهيم الفراهيدي وهشيم ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، وأبو الفضل الدورقي، سمع سهل بن عمارة وغيره، وهو أخو أبي عليّ الدورقي، وكان أبو عليّ أكبر منه، ومحمد بن شيرويه التاجي الدورقي أبو مسلم، روى عنه أبو بكر بن مردويه الحافظ الأصبهاني، وقد نسب قوم إلى لبس القلانس الدّورقيّة، منهم: أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح أبو عبد الله الدورقي أخو يعقوب، وكان الأصغر، وقيل: إن الإنسان كان إذا نسك في ذلك الوقت قيل له دورقيّ، وكان أبوهما قد نسك فقيل له دورقيّ فنسب ابناه إليه، وقيل: بل كان أصله من دورق، روى أحمد عن إسماعيل بن عليّة ويزيد بن هارون ووكيع وأقرانهم، روى عنه أبو يعلى الموصلي وعبد الله بن محمد البغوي، توفي في شعبان سنة 246.
والدورق: مكيال للشراب، وهو فارسيّ معرّب، وقال الأحيمر السعدي، وكان قد أتى العراق فقطع الطريق وطلبه سليمان بن عليّ وكان أميرا على البصرة فأهدر دمه، فهرب وذكر حنينه إلى وطنه فقال:
لئن طال ليلي بالعراق لربما ... أتى لي ليل، بالشآم، قصير
معي فتية بيض الوجوه كأنهم ... على الرحل، فوق الناعجات، بدور
أيا نخلات الكرم! لا زال رائحا ... عليكنّ منهلّ الغمام مطير
سقيتنّ، ما دامت بكرمان نخلة، ... عوامر تجري بينهنّ بحور
وما زالت الأيام، حتى رأيتني ... بدورق ملقى بينهنّ أدور
تذكّرني أطلالكنّ، إذا دجت ... عليّ ظلال الدّوم، وهي هجير
وقد كنت رمليّا، فأصبحت ثاويا ... بدورق ملقى بينهنّ أدور
عوى الذئب، فاستأنست بالذئب إذ عوى، ... وصوّت إنسان فكدت أطير(2/483)
رأى الله أني للأنيس لشانئ، وتبغضهم لي مقلة وضمير
دَوْرَقِستان:
هذه بليدة رأيتها أنا ترفأ إليها سفن البحر التي تقدم من ناحية الهند، وهي على ضفة نهر عسكر مكرم تتصل بالبحر، لا طريق للمراكب الواردة من كيش إلا إليها، فأما المنفصلة عن البصرة إلى كيش فتمضي على طريق أخرى وهي طريق عبّادان، وإذا أرادوا الرجوع لا يهتدون لتلك الطريق بسبب يطول ذكره فيقصدون طريق خوزستان لأن هورها متصل بالبرّ فهو أيسر عليهم.
دورقة:
مدينة من بطن سرقسطة بالأندلس، ينسب إليها جماعة، منهم: أبو محمد عبد الله بن حوش الدورقي المقري النحوي، كان آية في النحو وتعليل القراءات وله شعر حسن، وسكن شاطبة وبها توفي سنة 512، وأبو الأصبغ عبد العزيز بن محمد بن سعيد ابن معاوية بن داود الأنصاري الدورقي الأطروشي، سمع الخولاني بإشبيلية وابن عتّاب بقرطبة وابن عطية بغرناطة وابن الخيّاط القروي بالمرية وابن سكّرة السرقسطي بمرسية وآخرين من شيوخ الأندلس، وكان من أهل المعرفة بالحديث والحفظ والمذاكرة به والرحلة فيه، روى عنه أبو الوليد الدبّاغ اللّخمي وغيره، ومات سنة 524 بقرطبة، وله تآليف من جملتها شرح الشهاب، وكان عسرا ميّء الأخلاق قلّ ما يصبر على خدمة أحد، وله ولد من أهل الفقه والمعرفة يقال له محمد بن عبد العزيز الدورقي، مات قبل أبيه، وأبو زكرياء يحيى بن عبد الله بن خيرة الدّورقي المقري، بلغ الإسكندرية وحضر عند السلفي وكتب عنه.
دُورْيَسْت:
بضم الدال، وسكون الواو والراء أيضا يلتقي فيه ساكنان ثم ياء مفتوحة، وسين مهملة ساكنة، وتاء مثناة من فوقها: من قرى الرّي، ينسب إليها عبد الله بن جعفر بن محمد بن موسى بن جعفر أبو محمد الدوريستي، وكان يزعم أنه من ولد حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، أحد فقهاء الشيعة الإمامية، قدم بغداد سنة 566 وأقام بها مدة وحدث بها عن جده محمد بن موسى بشيء من أخبار الأئمة من ولد عليّ، رضي الله عنه، وعاد إلى بلده، وبلغنا أنه مات بعد سنة 600 بيسير.
دَوْسَرُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وسين مهملة، وراء: قرية قرب صفّين على الفرات، وذكر لي من أعتمد على رأيه أنها قلعة جعبر نفسها أو ربضها، والدّوسر في لغة العرب: الجمل الضخم، والأنثى دوسرة. ودوسر أيضا: كتيبة كانت للنعمان بن المنذر، قال المرّار بن منقذ العدوي:
ضربت دوسر فيهم ضربة ... أثبتت أوتاد ملك فاستقرّ
دُوسَرْكان:
من قرى جوزجان من أرض بلخ، لها ذكر في مصنف يحيى بن زيد، وتعرف بقرية غزوة السعود.
دَوْعَنُ:
موضع بحضرموت، قال ابن الحائك: وأما موضع الإمام الذي تأمّر في الإمامية بناحية حضرموت ففي مدينة دوعن.
دَوْغانُ:
قرية كبيرة بين رأس عين ونصيبين، كانت سوقا لأهل الجزيرة يجتمع إليها أهلها في كل شهر مرة، وقد رأيتها أنا غير مرة ولم أر بها سوقا.
دَوْقَرَةُ:
مدينة كانت قرب واسط خربت بعمارة واسط للحجاج.(2/484)
دَوْقَةُ:
بأرض اليمن لغامد، وقال نصر: دوقة واد على طريق الحاج من صنعاء إذا سلكوا تهامة، بينه وبين يلملم ثلاثة أيام، قال زهير الغامدي:
أعاذل منا المصلتون خلالهم ... كأنّا، وإياهم، بدوقة لاعب
أتيناهم من أرضنا وسمائنا، ... وأنّى أتى للحجر أهل الأخاشب؟
الحجر بن الهنو بن الأزد.
دَوْلابُ:
بفتح أوله، وآخره باء موحدة، وأكثر المحدثين يروونه بالضم وقد روي بالفتح، وهو في عدة مواضع منها: دولاب مبارك في شرقي بغداد، ينسب إليه أبو جعفر محمد بن الصّبّاح البزاز الدولابي، سمع إبراهيم بن سعد وإسماعيل بن جعفر وشريكا وغيرهم، روى عنه أحمد بن حنبل وابنه عبد الله وإبراهيم الحربي وأصله من هراة مولى لمزينة، سكن بغداد إلى أن مات، وابنه أحمد بن محمد بن الصباح الدولابي، حدث عن أبيه وغيره. ودولاب: من قرى الري، ينسب إليها قاسم الرازي من قدماء مشايخ الري، قدم مكة ومات بها، وحدث محمد ابن منصور الطوسي قال: جئت مرة إلى معروف الكرخي فعضّ أنامله وقال: هاه لو لحقت أبا إسحاق الدولابي كان ههنا الساعة أتى يسلم عليّ، فذهبت أقوم فقال لي: اجلس لعله قد بلغ منزله باري، قال: وكان أبو إسحاق الرازي من جملة الأبدال، ذكر ذلك أبو بكر الخطيب في تاريخه. ودولاب الخازن: موضع، نسب أبو سعد السمعاني إليه أبا محمد أحمد بن محمد بن الحسن الخرقي يعرف بأحمد جنبه الدولابي، قال: وتوفي بهذا الدولاب في جمادى الأخرى سنة 546، قال: وسمعت عليه مجلسا سمعه من أبي عبد الله الدقّاق، قال أبو سعد في ترجمة الثابتي:
أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الثابتي الصوفي سمع الحديث الكثير، قتله الغز سنة 548 بدولاب الخازن على وادي مرو. ودولاب أيضا: قرية بينها وبين الأهواز أربعة فراسخ، كانت بها وقعة بين أهل البصرة وأميرهم مسلم بن عبيس بن كريز بن حبيب ابن عبد شمس وبين الخوارج، قتل فيها نافع بن الأزرق رئيس الخوارج وخلق منهم وقتل مسلم بن عبيس، فولوا عليهم ربيعة بن الأجذم وولى الخوارج عبد الله ابن الماخور فقتلا أيضا، وولى أهل البصرة الحجاج بن ثابت وولى الخوارج عثمان بن الماخور ثم التقوا فقتل الأميران، فاستعمل أهل البصرة حارثة بن بدر الغداني واستعمل الخوارج عبيد الله بن الماخور، فلما لم يقدم بهم حارثة قال لأصحابه: كرنبوا ودولبوا وحيث شئتم فاذهبوا، وكرنبا: موضع بالأهواز أيضا، وذلك في سنة 65، فقال عمرو القنّاء:
إذا قلت يسلو القلب، أو ينتهي المنى ... أبى القلب إلّا حبّ أمّ حكيم
وأول القطعة يروى لقطريّ أيضا رواها المبرّد:
لعمرك إني في الحياة لزاهد، ... وفي العيش ما لم ألق أم حكيم
من الخفرات البيض لم ير مثلها ... شفاء لذي داء، ولا لسقيم
لعمرك! إني، يوم ألطم وجهها ... على نائبات الدهر، جدّ لئيم
إذا قلت يسلو القلب، أو ينتهي المنى ... أبى القلب إلّا حبّ أم حكيم
منعّمة صفراء حلو دلالها، ... أبيت بها بعد الهدوّ أهيم
قطوف الخطى مخطوطة المتن زانها، ... مع الحسن، خلق في الجمال عميم(2/485)
ولو شاهدتني يوم دولاب أبصرت ... طعان فتى، في الحرب، غير ذميم
قال صاحب الأغاني: هذه الثلاثة الأبيات ليست من هذه القطعة.
غداة طفت ع الماء بكر بن وائل، ... وعجنا صدور الخيل نحو تميم
فكان لعبد القيس أوّل حدّنا، ... وولّت شيوخ الأزد، وهي تعوم [1]
وكان لعبد القيس أوّل حدّها ... وأحلافها من يحصب وسليم
وظلّت شيوخ الأزد في حومة الوغى ... تعوم، وظلنا في الجلاد نعوم [2]
فلم أر يوما كان أكثر مقعصا ... يمج دما من فائظ وكليم
وضاربة خدّا كريما على فتى ... أغرّ نجيب الأمهات كريم
أصيب بدولاب، ولم تك موطنا ... له أرض دولاب ودير حميم
فلو شهدتنا يوم ذاك وخيلنا ... تبيح من الكفار كل حريم
رأت فتية باعوا الإله نفوسهم ... بجنات عدن عنده ونعيم
قال المبرّد: ولو شهدتنا يوم دولاب لم يصرف وإنما ذاك لأنه أراد البلد ودولاب أعجميّ معرّب، وكل ما كان من الأسماء الأعجمية نكرة بغير ألف ولام فإذا دخلته الألف واللام فقد صار معرّبا وصار على قياس الأسماء العربية لا يمنعه من الصرف إلا ما يمنع العربي، فدولاب فوعال مثل طومار وسولاف، وكل شيء لا يخص واحدا من الجنس من دون غيره فهو نكرة نحو رجل، لأن هذا الاسم يلحق كل ما كان على بنيته وكذلك جمل وجبل وما أشبهه، فإن وقع الاسم في كلام العجم معرفة فلا سبيل إلى إدخال الألف واللام عليه لأنه معرفة، ولا فائدة في إدخال تعريف آخر فيه فذلك غير منصرف نحو فرعون وهارون وإبراهيم وإسحاق.
دُولانُ:
بضم أوله، وآخره نون: موضع، عن العمراني.
دَوْلَتَاباذ:
موضع ظاهر شيراز قرية أو غير ذلك، تسير إليه العساكر إذا أرادوا الأهواز.
الدَّوْلَعِيَّةُ:
بفتح أوله، وبعد الواو الساكنة لام مفتوحة، وعين مهملة: قرية كبيرة بينها وبين الموصل يوم واحد على سير القوافل في طريق نصيبين، منها خطيب دمشق وهو أبو القاسم عبد الملك بن زيد ابن ياسين الدّولعي، ولد بالدولعية سنة 507 وتفقه على أبي سعد بن أبي عصرون وسمع الحديث بالموصل من تاج الإسلام الحسين بن نصر بن خميس، وببغداد من عبد الخالق بن يوسف والمبارك بن الشّهرزوري والكروخي، وكان زاهدا ورعا، وكان للناس فيه اعتقاد حسن، مات بدمشق وهو خطيبها في ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة 598.
دُومَا:
بالكوفة والنجف محلة منها، ويقال: اسمها دومة لأن عمر لما أجلى أكيدر صاحب دومة الجندل قدم الحيرة فبنى بها حصنا وسماه دومة أيضا.
دُومانُ:
بضم أوله، وآخره نون: موضع، عن العمراني.
دُومَةُ:
بالضم: من قرى غوطة دمشق غير دومة الجندل، كذا حدثني المحب عن الدمشقيين، منها عبد الله بن هلال بن الفرات أبو عبد الله الرّبعي الدومي
__________
[1] في هذين البيتين إقواء.
[2] في هذين البيتين إقواء.(2/486)
الدمشقي، سكن بيروت وكان أحد الزهاد، حدث عن إبراهيم بن أيوب الحوراني وأحمد بن عاصم الأنطاكي وأحمد بن أبي الحوارى وهشام بن عمار، روى عنه أبو حاتم الرازي وأبو العباس الأصم ومحمد ابن المنذر شكّر الهروي وأبو نعيم الأستراباذي وعبد الرحمن بن داود بن منصور، ذكره أبو القاسم، وينسب إلى دومة جماعة من رواة الحديث، منهم:
شجاع بن بكر بن محمد أبو محمد التميمي الدومي، حدث عن أبي محمد هشام بن محمد الكوفي، روى عنه عبد العزيز الكناني.
دَوْمَ الإيادِ:
بفتح أوله، والإياد بالياء المثناة من تحت وكسر الهمزة، والدّوم عند العرب: شجر المقل، والدوم أيضا الظل الدائم: وهو موضع في شعر ابن مقبل:
قوم محاضرهم شتى، ومجمعهم ... دوم الإياد وفاثور، إذا اجتمعوا
دُومَةُ الجندَل:
بضم أوله وفتحه، وقد أنكر ابن دريد الفتح وعدّه من أغلاط المحدّثين، وقد جاء في حديث الواقدي دوماء الجندل، وعدّها ابن الفقيه من أعمال المدينة، سمّيت بدوم بن إسماعيل بن إبراهيم، وقال الزّجاجي: دومان بن إسماعيل، وقيل: كان لإسماعيل ولد اسمه دما ولعله مغير منه، وقال ابن الكلبي: دوماء بن إسماعيل، قال:
ولما كثر ولد إسماعيل، عليه السلام، بتهامة خرج دوماء بن إسماعيل حتى نزل موضع دومة وبنى به حصنا فقيل دوماء ونسب الحصن إليه، وهي على سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلّم، وقال أبو سعد: دومة الجندل في غائط من الأرض خمسة فراسخ، قال: ومن قبل مغربه عين تثجّ فتسقي ما به من النخل والزرع، وحصنها مارد، وسميت دومة الجندل لأن حصنها مبنيّ بالجندل، وقال أبو عبيد السكوني: دومة الجندل حصن وقرى بين الشام والمدينة قرب جبلي طيّء كانت به بنو كنانة من كلب، قال: ودومة من القريات، من وادي القرى إلى تيماء أربع ليال، والقريات: دومة وسكاكة وذو القارة، فأما دومة فعليها سور يتحصن به، وفي داخل السور حصن منيع يقال له مارد، وهو حصن أكيدر الملك بن عبد الملك بن عبد الحيّ بن أعيا بن الحارث بن معاوية بن خلاوة بن أبامة بن سلمة بن شكامة بن شبيب بن السكون بن أشرس بن ثور بن عفير وهو كندة السكوني الكندي، وكان النبي، صلى الله عليه وسلّم، وجّه إليه خالد بن الوليد من تبوك وقال له ستلقاه يصيد الوحش، وجاءت بقرة وحشية فحكّكت قرونها بحصنه فنزل إليها ليلا ليصيدها فهجم عليه خالد فأسره وقتل أخاه حسان بن عبد الملك وافتتحها خالد عنوة، وذلك في سنة تسع للهجرة، ثم إن النبي، صلى الله عليه وسلّم، صالح أكيدر على دومة وآمنه وقرّر عليه وعلى أهله الجزية، وكان نصرانيّا فأسلم أخوه حريث فأقرّه النبي، صلى الله عليه وسلّم، على ما في يده ونقض أكيدر الصلح بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، فأجلاه عمر، رضي الله عنه، من دومة فيمن أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحيرة فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى به منازل وسمّاها دومة، وقيل: دوماء باسم حصنه بوادي القرى، فهو قائم يعرف إلا أنه خراب، قال: وفي إجلاء عمر، رضي الله عنه، أكيدر يقول الشاعر:
يا من رأى ظعنا تحمّل غدوة ... من ال أكدر، شجوه يعنيني(2/487)
قد بدّلت ظعنا بدار إقامة، ... والسير من حصن أشمّ حصين
وأهل كتب الفتوح مجمعون على أن خالد بن الوليد، رضي الله عنه، غزا دومة أيام أبي بكر، رضي الله عنه، عند كونه بالعراق في سنة 12، وقتل أكيدر لأنه كان نقض وارتدّ، وعلى هذا لا يصح أن عمر، رضي الله عنه، أجلاه وقد غزي وقتل في أيام أبي بكر، رضي الله عنه، وأحسن ما ورد في ذلك ما ذكره أحمد بن جابر في كتاب الفتوح له وأنا حاك جميع ما قاله على الوجه، قال: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، خالد بن الوليد، رضي الله عنه، سنة تسع إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل فأخذه أسيرا وقتل أخاه وقدم بأكيدر على النبي، صلى الله عليه وسلّم، وعليه قباء ديباج بالذهب، فأسلم أكيدر وصالح النبي، صلى الله عليه وسلّم، على أرضه وكتب له ولأهل دومة كتابا، وهو: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب محمد رسول الله لأكيدر حين أجاب إلى الإسلام وخلع الأنداد والأصنام، ولأهل دومة. إن لنا الضاحية من الضّحل والبور والمعامي وأغفال الأرض والحلقة والسلاح والحافر والحصن، ولكم الضامنة من النخل والمعين من المعمور لا تعدل سارحتكم ولا تعدّ فاردتكم ولا يحظر النبات، تقيمون الصلاة لوقتها وتؤتون الزكاة لحقها، عليكم بذلك عهد الله والميثاق ولكم به الصدق والوفاء، شهد الله ومن حضر من المسلمين، قيل: الضاحي البارز، والضّحل الماء القليل، والبور الأرض التي لم تستخرج، والمعامي الأرض المجهولة، والأغفال التي لا آثار فيها، والحلقة الدروع، والحافر الخيل والبراذين والبغال والحمير، والحصن دومة الجندل، والضامنة النخل الذي معهم في الحصن، والمعين الظاهر من الماء الدائم، وقوله: لا تعدل سارحتكم أي لا يصدّقها المصدّق إلا في مراعيها ومواضعها ولا يحشرها، وقوله: لا تعد فاردتكم أي لا تضم الفاردة إلى غيرها ثم يصدق الجميع فيجمع بين متفرّق الصدقة، ثم عاد أكيدر إلى دومة، فلما مات رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، منع أكيدر الصدقة وخرج من دومة الجندل ولحق بنواحي الحيرة وابتنى قرب عين التمر بناء وسماه دومة، وأسلم حريث بن عبد الملك أخوه على ما في يده فسلم له ذلك، فقال سويد بن الكلبي:
فلا يأمنن قوم زوال جدودهم ... كما زال عن خبث ظعائن أكدرا
وتزوّج يزيد بن معاوية ابنة حريث، وقيل إن خالدا لما انصرف من العراق إلى الشام مرّ بدومة الجندل التي غزاها أولا بعينها وفتحها وقتل أكيدر، قال: وقد روي أن أكيدر كان منزله أولا بدومة الحيرة، وهي كانت منازله، وكان يزورون أخوالهم من كلب، وإنه لمعهم وقد خرجوا للصيد إذ رفعت لهم مدينة متهدّمة لم يبق إلا حيطانها وهي مبنية بالجندل فأعادوا بناءها وغرسوا فيها الزيتون وغيره وسموها دومة الجندل تفرقة بينها وبين دومة الحيرة، وكان أكيدر يتردد بينها وبين دومة الحيرة، فهذا يزيل الاختلاف، وقد ذهب بعض الرواة إلى أن التحكيم بين عليّ ومعاوية كان بدومة الجندل، وأكثر الرواة على أنه كان بأذرح، وقد أكثر الشعراء في ذكر أذرح وأن التحكيم كان بها، ولم يبلغني شيء من الشعر في دومة إلا قول الأعور الشنّيّ وإن كان الوزن يستقيم بأذرح، وهو هذا:
رضينا بحكم الله في كل موطن، ... وعمرو وعبد الله مختلفان(2/488)
وليس بهادي أمّة من ضلالة، ... بدومة، شيخا فتنة عميان
بكت عين من يبكى ابن عفّان، بعد ما ... نفا ورق الفرقان كلّ مكان
ثوى تاركا للحقّ متّبع الهوى، ... وأورث حزنا لاحقا بطعان
كلا الفتنتين كان حيّا وميّتا، ... يكادان لولا القتل يشتبهان
وقال أعشى بني ضور من عنزة:
أباح لنا، ما بين بصرى ودومة، ... كتائب منا يلبسون السّنورا
إذا هو سامانا، من الناس، واحد ... له الملك خلّا ملكه وتفطّرا
نفت مضر الحمراء عنا سيوفنا، ... كما طرد الليل النهار فأدبرا
وقال ضرار بن الأزور يذكر أهل الرّدة:
عصيتم ذوي ألبابكم وأطعتم ... ضجيما، وأمر ابن اللّقيطة أشأم
وقد يمّموا جيشا إلى أرض دومة، ... فقبّح من وفد وما قد تيمّموا
وقرأت في كتاب الخوارج: قال حدثنا محمد بن قلامة بن إسماعيل عن محمد بن زياد قال حدثنا محمد ابن عون قال حدثنا عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال مررت مع أبي موسى بدومة الجندل فقال: حدثني حبيبي أنه حكم في بني إسرائيل في هذا الموضع حكمان بالجور وأنه يحكم في أمتي في هذا المكان حكمان بالجور، قال: فما ذهبت إلا أيام حتى حكم هو وعمرو بن العاص بما حكما، قال:
فلقيته فقلت له يا أبا موسى قد حدثتني عن رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، بما حدثتني، فقال: والله المستعان.
دُومَةُ خَبْتٍ:
موضع آخر، قال الأخطل:
ألا يا أسلما على التقادم والبلى ... بدومة خبت، أيها الطّلان!
فلو كنت محصوبا، بدومة، مدنفا ... أداوى بريق من سعاد شفاني
دَوْمَرِيّةُ:
بفتح أوله، وبعد الميم راء مهملة وياء النسبة: جزيرة في وسط نيل مصر، فيها قرية غنّاء شجراء تلقاء الصعيد، والله أعلم.
دوميس:
ناحية بأرّان بين برذعة ودبيل.
دَوْمين:
بصيغة الجمع وقد روي بصيغة التثنية، وقع في قصر الصلاة من حديث مسلم: وهي قرية على ستة فراسخ من حمص، عن القاضي عياض.
دَوْنَقُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ونون مفتوحة:
قرية بنهاوند ذات بساتين، بينها وبين نهاوند ميلان، منها عمير بن مرداس الدّونقي، حدث عن عبد الله ابن نافع صاحب مالك بن أنس، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عيسى بن ديزك البروجردي وغيره، وبدونق رباط للصوفية بناه أبو القاسم نصر بن منصور بن الحسن الدونقي، لقيه السلفي، وهو صاحب عبد الله بن علي ابن موسى الحنفي الزّزّي، وكان بمصر من أبناء النعم والحال الواسعة.
الدَّوْنَكان:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
بلدان من وراء فلج، ذكرهما ابن مقبل في قوله:
يكادان، بين الدّونكين وألوة ... وذات القتاد الخضر، يعتلجان
قال ابن السكّيت: الدونكان واديان في بلاد بني سليم، وقال الأزدي: الدونكان اسم لموضع واحد.(2/489)
دُونُ:
بضم أوله، وآخره نون: قرية من أعمال دينور، ينسب إليها أبو محمد عبد الرحمن بن محمد ابن الحسن بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن إسحاق ابن وشية الدوني الصوفي رواية كتب أبي بكر السنّي الدينوري، حدث عنه أبو طاهر بن سلفة وقال:
سألته عن مولده فقال سنة 427 في رمضان، وهو آخر من حدث في الدنيا بكتاب أبي عبد الرحمن النسوي بجلّق، وإليه كان الرحلة، قال: وقرأته أنا عليه سنة 500 بالدون، وتوفي في رجب سنة 501.
دُونَة:
بضم أوله، وبعد الواو الساكنة نون: قرية من قرى نهاوند، وقد نسب إليها بعض الصالحين، ذكره والذي قبله الحازمي كما كتبناه سواء. ودونة أيضا: بهمذان قرية والنسبة إليها دونيّ، وقد نسب إلى التي بنهاوند دونقي كما ذكرنا قبل، وقال أبو زكرياء بن مندة: دونة قرية بين همذان ودينور على عشرة فراسخ من همذان، وقيل: على خمسة عشر فرسخا، ومنها إلى الدينور عشرة فراسخ، وقيل: هي من رستاق همذان، وقال شيرويه:
أحمد بن الحسين بن عبد الرحمن الصوفي أبو الفرج الدوني قدم علينا في رجب سنة 459، روى عن أبي السكار من كتب أبي بكر السنّي، لم أزرق منه السماع، وكان صدوقا فاضلا، وعمر بن الحسين بن عيسى بن إبراهيم أبو حفص الدوني الصوفي، سكن صور وسمع أبا محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع بصيداء وأبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن برهان العرّاف بصور، حدث عنه غيث بن علي، وسئل عن مولده فقال في سنة 400، ومات سنة 481، وكان يذهب مذهب سفيان، ومنها أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن علي ابن أحمد بن إسحاق الدوني الصوفي الزاهد، قال أبو زكرياء: وكان من بيت الزهد والستر والعبادة، مولده في سنة 427، ومات سنة 501، وروى الكثير وسمع كتبا كثيرة.
الدَّوُّ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه: أرض ملساء بين مكة والبصرة على الجادّة مسيرة أربع ليال، ليس فيها جبل ولا رمل ولا شيء، هكذا قال نصر، وأنا أرى أنه صفة وليس بعلم، فإنّ الدّوّ فيما حكاه الأزهري عن الأصمعي الأرض المستوية وإليها تنسب الدّوّيّة، فإنما سميت دوية لدويّ الصوت أي يسمع فيها، وقال الأزهري عن بعضهم: الدّوّ أرض مسيرة أربع ليال شبه ترس خاوية يسار فيها بالنّجوم ويخاف فيها الضلال، وهي على طريق البصرة إذا أصعدت إلى مكة تياسرت، وإنما سميت الدّوّ لأنّ الفرس كانت لطائمهم تجوز فيها فكانوا إذا سلكوها تحاضّوا فيها الجد فقالوا بالفارسية دو دو أي أسرع، قال: وقد قطعت الدّوّ مع القرامطة، أبادهم الله، وكانت مطرقهم قافلين من الهبير فسقوا ظهرهم بحفر أبي موسى فاستقوا وفوّزوا بالدّوّ ووردوا صبيحة خامسة ماء يقال له ثبرة، وعطب فيها نجب كثيرة من نجب الحاجّ.
دَوَّة:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه: موضع من وراء الجحفة بستة أميال، قال كثير:
إلى ابن أبي العاصي بدوّة أرقلت، ... وبالسّفح من ذات الرّبى فوق مظعن
الدُّويرَةُ:
بضم أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت: اسم قرية على فرسخين من نيسابور، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يوسف بن خرشيد الدويري النيسابوري، حدث عن إسحاق بن راهويه وقتيبة بن سعيد ومحمد بن رافع، روى عنه(2/490)
أبو عمرو بن حمدان النيسابوري، ومات سنة 307.
الدُّوَيرَةُ:
بلفظ تصغير دار: محلة ببغداد، نسب إليها قوم من أهل العلم، منهم: أبو محمد حماد بن محمد بن عبد الله الفراوي الأزرق الدويري أصله من الكوفة، سكن الدويرة ببغداد، حدث عن محمد بن طلحة ومقاتل بن سليمان، روى عنه صالح جزرة وعباس الدويري وغيرهما، مات سنة 230.
الدُّوَيسُ:
بلفظ التصغير: من قرى بيهق، ينسب إليها جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس الفقيه أبو عبد الله الدّويسي، حدث عن محمد بن بكران عن المحاملي، سئل عن مولده فقال في سنة 380.
الدومية:
من قرى عثّر من جهة القبلة.
دَوِينُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وآخره نون: بلدة من نواحي أرّان في آخر حدود أذربيجان بقرب من تفليس، منها ملوك الشام بنو أيوب، ينسب إليها أبو الفتوح نصر الله بن منصور بن سهل الدّويني الجيزي، كان فقيها شافعي المذهب، تفقه ببغداد على أبي حامد الغزّالي وسافر إلى خراسان وأقام بنيسابور مدة ثم انتقل إلى بلخ، وسمع الحديث على أبي سعد عبد الواحد بن عبد الكريم القصري وعبد الرزاق بن حسان المنيعي وغيرهما، ذكره أبو سعد في شيوخه فقال: مات ببلخ في سنة 546. ودوين أيضا: من قرى أستوا من أعمال نيسابور، قال أبو الحسن محمد بن محمد الخاوراني:
سمعت بقرية دوين من ناحية أستوا من الفقيه محمد الجويني جزءا يشتمل على ما ورد من الأخبار في الصلاة على رسول الله، صلى الله عليه وسلّم.
باب الدال والهاء وما يليهما
الدَّهَاسَةُ:
بفتح أوله، وتخفيف ثانيه، وبعد الألف سين مهملة: ماءة في طريق الحاج عن يسار سميراء للمصعد إلى مكة، والدهس: لون كلون الرمل، والدّهاس: ما كان من الرمل لا ينبت شيئا وتغيب فيه القوائم، وقال الأصمعي: الدهاس كل ليّن لا يبلغ أن يكون رملا وليس بتراب ولا طين.
الدَّهالِكُ:
موضع في شعر كثير: قرية بالدهناء، فقال:
كأنّ عدوليّا زهاء حمولها، ... غدت ترتمي الدّهنا بها والدهالك
ده بالا:
قرية بماسبذان بناحية الجبل قرب البندنيجين، بها قبر أمير المؤمنين المهدي بن المنصور، وبه مشهد وعليه قوّام يقال لهم الجراية، وزاده المستند في سنة 564 وفرق على سكانه أموالا جمة.
الدَّهْثَمُونُ:
قرية بالحوف الشرقي بمصر.
دِهْجِيَةُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وجيم مكسورة، وياء مثناة من تحت مخففة: قرية على باب أصبهان، منها أبو صالح محمد بن حامد الدهجي، روى عن أبي علي الثقفي.
دِهْدايَه:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، ودال مهملة أخرى، وياء مثناة من تحت خفيفة، ومعناه بالفارسية قرية الداية: وهي قرية بينها وبين الدامغان مرحلة خفيفة مما يلي الغرب، وهي منزل القوافل، وهي للملاحدة مقابل قلعتهم المشهورة المعروفة بكردكوه، وبها يمسكون الحاج والقوافل فيأخذون من كل جمل ثمن دينار ويتبعونه بما يستمدّون ويؤذون.
دَهْوانُ:
فتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره نون: من قرى اليمن، ينسب إليها محمد بن أحمد بن محمد أبو(2/491)
يحيى الدهراني المقري، سمع أبا عبد الله محمد بن جعفر، سمع منه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي.
دَهْرٌ:
واد دون حضرموت.
دَهْرُوطُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره طاء مهملة: بليد على شاطئ غربي النيل من ناحية الصعيد قرب البهنساء.
دِهِسْتَانُ:
بكسر أوله وثانيه: بلد مشهور في طرف مازندران قرب خوارزم وجرجان، بناها عبد الله ابن طاهر في خلافة المهدي، كذا ذكر وليس بصحيح لأن عبد الله بن طاهر لم يكن في أيام المهدي، ينسب إليها عمر بن عبد الكريم بن سعدويه أبو الفتيان، ويقال أبو حفص بن أبي الحسن الروّامي الدهستاني الحافظ، قدم دمشق فسمع بها عبد الدائم بن الحسن وأبا محمد الكناني وأبا الحسن بن أبي الحديد وأبا نصر ابن طلّاب، وببغداد جابر بن ياسين وأبا الغنائم بن المأمون، وبمرو وهراة ونيسابور، وبصور أبا بكر الخطيب، وحدث بدمشق وصور وغير ذلك، وقال البشاري: دهستان مدينة بكرمان. ودهستان:
ناحية بجرجان، وهي المذكورة آنفا. ودهستان:
ناحية بباذغيس من أعمال هراة، منها محمد بن أحمد ابن أبي الحجاج الدهستاني الهروي.
دَهْشُور:
قرية كبيرة من أعمال مصر في غربي النيل من أعمال الجيزة، منها أبو الليث عبد الله بن محمد بن الحجاج بن عبد الله بن مهاجر الرّعيني الدّهشوري، روى عن يونس بن عبد الأعلى، وتوفي في ربيع الأول سنة 322.
دِهْقانُ:
بكسر أوله، وبعد الهاء قاف، وآخره نون، وهو بالفارسية التاجر صاحب الضياع: اسم موضع في شعر الأعشى، وقال ابن الأعرابي: هي رملة في قول الراعي:
فظلّ يعلو لوى الدّهقان معترضا ... في الرمل أظلافه صفر من الزهر
دَهَكُ:
بفتح أوله وثانيه: قرية بالريّ، ينسب إليها قوم من الرواة، منهم: عليّ بن إبراهيم الدهكي، والسندي بن عبدويه الدهكي، يروي عن أبي أويس وأهل المدينة والعراق، روى عنه محمد بن حماد الطهراني، كذا ذكره السمعاني ووجدته بخط عبد السلام البصري الدّهكي، بكسر أوله وفتح ثانيه.
دَهْلَك:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ولام مفتوحة، وآخره كاف، اسم أعجمي معرب، ويقال له دهيك أيضا: وهي جزيرة في بحر اليمن، وهو مرسى بين بلاد اليمن والحبشة، بلدة ضيّقة حرجة حارة كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها، وقال أبو المقدام:
ولو أصبحت بنت القطاميّ، دونها ... جبال بها الأكراد صمّ صخورها
لباشرت ثوب الخوف، حتى أزورها ... بنفسي، إذا كانت بأرض تزورها
ولو أصبحت خلف الثريّا لزرتها ... بنفسي، ولو كانت بدهلك دورها
وقال أبو الفتح نصر الله بن عبد الله بن قلاقس الإسكندري يذكر دهلك وصاحبه مالك بن الشدّاد:
وأقبح بدهلك من بلدة، ... فكلّ امرئ حلّها هالك
كفاك دليلا على أنها ... جحيم وخازنها مالك
دَهْماءُ مَرْضوض:
موضع في بلاد مزينة من نواحي المدينة، قال معن بن أوس المزني:(2/492)
تأبّد لأي منهم فعتائده، ... فذو سلم أنشاجه فسواعده
فذات الحماط خرجها فطلولها، ... فبطن البقيع قاعه فمرابده
فدهماء مرضوض كأنّ عراضها ... بها نضو محذوف جميل محافده
الدَّهنَاءُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ونون، وألف تمد وتقصر، وبخط الوزير المغربي: الدهناء عند البصريين مقصور وعند الكوفيين يقصر ويمد، والدّهان:
الأمطار اللينة، واحدها دهن، وأرض دهناء مثل الحسن والحسناء، والدهان: الأديم الأحمر، قالوا في قوله تعالى: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ 55: 37، قالوا: شبهها في اختلاف ألوانها من الفزع الأكبر بالدهن واختلاف ألوانه أو الأديم واختلاف ألوانه، ولعل الدهناء سميت بذلك لاختلاف النبت والأزهار في عراضها، قال الساجي: ومن خط ابن الفرات نقلت: بنى عتبة بن غزوان دار الإمارة بالبصرة في موضع حوض حماد وهو حوض سليمان بن عليّ في رحبة دعلج، وهي رحبة بني هاشم، وكانت الدار تسمى الدهناء، قال أبو منصور: الدهناء من ديار بني تميم معروفة، تقصر وتمدّ، والنسبة إليها دهناويّ، قال ذو الرّمة:
أقول لدهناويّة ...
قال: وهي سبعة أجبل من الرمل في عرضها، بين كل جبلين شقيقة، وطولها من حزن ينسوعة إلى رمل يبرين، وهي من أكثر بلاد الله كلأ مع قلة أعذاء ومياه، وإذا أخصبت الدهناء ربّعت العرب جمعا لسعتها وكثرة شجرها، وهي عذاة مكرمة نزهة، من سكنها لا يعرف الحمّى لطيب تربتها وهوائها، آخر كلامه، وقال غيره: إذا كان المصعد بالينسوعة، وهو منزل بطريق مكة من البصرة، صبحت به أقماع الدهناء من جانبه الأيسر واتصلت أقماعها بعجمتها وتفرعت جبالها من عجمتها، وقد جعلوا رمل الدهناء بمنزلة بعير وجعلوا أقماعها التي شخصت من عجمتها نحو الينسوعة ثفنا كثفن البعير، وهي خمسة أجبل على عدد الثفنات: فالجبل الأعلى منها الأدنى إلى حفر بني سعد واسمه خشاخش لكثرة ما يسمع من خشخشة أموالهم فيه، والجبل الثاني يسمى حماطان، والثالث جبل الرمث، والرابع معبّر، والخامس جبل حزوى، وقال الهيثم بن عديّ:
الوادي الذي في بلاد بني تميم ببادية البصرة في أرض بني سعد يسمونه الدّهناء، يمر في بلاد بني أسد فيسمونه منعج ثم في غطفان فيسمونه الرّمّة، وهو بطن الرمة الذي في طريق فيد إلى المدينة، وهو وادي الحاجر، ثم يمر في بلاد طيّء فيسمونه حائل، ثم يمر في بلاد كلب فيسمونه قراقر، ثم يمر في بلاد تغلب فيسمونه سوى، وإذا انتهى إليهم عطف إلى بلاد كلب فيصير إلى النيل، ولا يمر في بلاد قوم إلا انصبّ إليهم كلها، هذا قول الهيثم، وقد أكثر الشعراء من ذكر الدهناء وعلى الخصوص ذو الرمة فقال أعرابي حبس بحجر اليمامة:
هل الباب مفروج، فأنظر نظرة ... بعين قلت حجرا فطال احتمامها؟
ألا حبذا الدّهنا وطيب ترابها، ... وأرض خلاء يصدح الليل هامها
ونصّ المهارى بالعشيات والضحى ... إلى بقر، وحي العيون كلامها
وقالت العيوف بنت مسعود أخي ذي الرّمّة:
خليليّ قوما فارفعا الطرف وانظرا ... لصاحب شوق منظرا متراخيا(2/493)
عسى أن نرى، والله ما شاء فاعل، ... بأكثبة الدّهنا من الحيّ باديا
وإن حال عرض الرمل والبعد دونهم، ... فقد يطلب الإنسان ما ليس رائيا
يرى الله أن القلب أضحى ضميره ... لما قابل الروحاء والعرج قاليا
دُهُنَّا:
بضم أوله وثانيه، وتشديد نونه، مقصور:
ناحية من السواد قرب المدائن.
دِهْنَخِيرْجان:
مدينة كبيرة بأذربيجان، بينها وبين تبريز يومان وبينها وبين مراغة يومان، وبعضهم يسميها حرّقان، والذي ترجم ههنا معناه قرية النخيرجان، والنخيرجان كان خازن كسرى، وهذه البلدة مضافة إليه.
الدُّهَيمُ:
تصغير ترخيم أدهم: أظنه موضعا كان فيه يوم للعرب.
باب الدال والياء وما يليهما
ديارُ بَكْرٍ:
هي بلاد كبيرة واسعة تنسب إلى بكر ابن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان، وحدّها ما غرّب من دجلة إلى بلاد الجبل المطلّ على نصيبين إلى دجلة، ومنه حصن كيفا وآمد وميّافارقين، وقد يتجاوز دجلة إلى سعرت وحيزان وحيني وما تخلل ذلك من البلاد ولا يتجاوز السهل، وقال أبو الفرج عبد الواحد بن محمد المخزومي الببغاء يمدح سيف الدولة في ضمن رسالة، وكان سيف الدولة قد انصرف من بعض غزواته إليها، فقال:
وكيف يقهر من لله ينصر من ... دون الورى، وبعزّ الله يعتصم
إن سار سار لواء الحمد يقدمه، ... أو حلّ حلّ به الإقبال والكرم
يلقى العدى بجيوش لا يقاومها ... كثر العساكر، إلّا أنها همم
لما سقى البيض ريّا، وهي ظامئة ... من الدماء، وحكم الموت يحتكم
سقت سحائب كفيه بصيّبها ... ديار بكر، فهانت عندها الدّيم
ينسب إليها من المحدثين عمر بن علي بن الحسن الدياربكري، سمع الجبّائي بحلب.
دِيارُ رَبيعَةَ:
بين الموصل إلى رأس عين نحو بقعاء الموصل ونصيبين ورأس عين ودنيسر والخابور جميعه وما بين ذلك من المدن والقرى، وربما جمع بين ديار بكر وديار ربيعة وسميت كلها ديار ربيعة لأنهم كلهم ربيعة، وهذا اسم لهذه البلاد قديم، كانت العرب تحله قبل الإسلام في بواديه، واسم الجزيرة يشمل الكلّ.
ديار مُضَرَ:
ومضر، بالضاد المعجمة: وهي ما كان في السهل بقرب من شرقي الفرات نحو حرّان والرّقّة وشمشاط وسروج وتلّ موزن.
دِيافُ:
بكسر أوله، وآخره فاء، قال ابن حبيب:
دياف من قرى الشام، وقيل: من قرى الجزيرة، وأهلها نبط الشام، تنسب إليها الإبل والسيوف، وإذا عرضوا برجل أنه نبطيّ نسبوه إليها، قال الفرزدق:
ولكن ديافيّ، أبوه وأمه ... بحوران يعصرن السليط أقاربه
وقال الأخطل:
كأنّ بنات الماء، في حجراته، ... أباريق أهدتها دياف بصرخدا(2/494)
فهذا يدل على أنها بالشام لأنّ حوران وصرخد من رساتيق دمشق، وقال جرير:
إنّ سليطا كاسمه سليط، ... لولا بنو عمرو وعمرو عيط،
قلت: ديافيّون أو نبيط
قال ابن حبيب: دياف قرية بالشام، والعيط: الضخام، واحدهم أعيط، يقول: هم نبيط الشام أو نبيط العراق، قال ابن الإطنابة أو سحيم:
كأن الوحوش به عسقلان ... صادف في قرن حجّ ديافا
يريد أهل عسقلان صادفوا أهل دياف فتناشروا ألوان الثياب.
دَيَالَةُ:
موضع بالحجاز.
دَيَالى:
بفتح أوله، وإمالة اللام: نهر كبير بقرب بغداد، وهو نهر بعقوبا الأعظم يجري في جنبها، وهو الحدّ بين طريق خراسان والخالص، وهو نهر تامرّا بعينه.
الدِّيبَجات:
في أقصى بحر الهند جزائر متصلة نحو ألف جزيرة يقال لها الدّيبجات، عامرة كلها، من الجزيرة إلى الجزيرة الميلان والثلاثة أميال وأكثر من ذلك.
الدَّيبُلُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وباء موحدة مضمومة، ولام: مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند، والدّيبل في الإقليم الثاني، طولها من جهة المغرب اثنتان وتسعون درجة وعشرون دقيقة، وعرضها من جهة الجنوب أربع وعشرون درجة وثلاثون دقيقة، وهي فرضة، وإليها تفضي مياه لهور ومولتان فتصب في البحر الملح، وقد نسب إليها قوم من الرواة، منهم: أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي، جاور مكة، روى عن أبي عبد الله سعيد ابن عبد الرحمن المخزومي وحسين بن حسن المروزي وابنه إبراهيم بن محمد الديبلي، يروي عن موسى ابن هارون.
دَيبُورُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وباء موحدة، وآخره راء: ناحية من عمل جزيرة ابن عمر.
الدّيْدَان:
مدينة حسنة كانت في طريق البلقاء من ناحية الحجاز خربت.
الدّيْرتَان:
روضتان لبني أسيّد بمفجر وادي الرّمّة من التنعيم عن يسار طريق الحاجّ المصعد.
القول في ذكر الدَّيرة
الدّير:
بيت يتعبد فيه الرهبان ولا يكاد يكون في المصر الأعظم إنما يكون في الصحاري ورؤوس الجبال، فإن كان في المصر كانت كنيسة أو بيعة، وربما فرّق بينهما فجعلوا الكنيسة لليهود والبيعة للنصارى، قال الجوهري: ودير النصارى أصله الدار، والجمع أديار، والديرانيّ صاحب الدير، وقال أبو منصور: صاحبه الذي يسكنه ويعمره ديرانيّ وديّار، وقال أيضا أبو منصور: قال سلمة عن الفرّاء يقال دار وديار ودور، وفي الجمع القليل أدور وأدور وديران، ويقال آدر على القلب، ويقال دير وديرة وأديار وديران ودارة ودارأت وأديرة ودير ودور ودوران وأدوار ودوار وأدورة، هكذا ذكره على نسق، وهذا يشعر بأن الدير من اللغات في الدار ولعله بعد تسمية الدار به خصص الموضع الذي تسكنه الرهبان به وصار علما له، والله أعلم، ولما كان استيعاب ذكر جميع الديرة متعذرا ههنا ذكرنا ما هو منها مشهور وفي كتب اللغة وأهل الأدب مسطور.
دَيْرُ أَبَان:
من قرى غوطة دمشق، قال ابن عساكر في تاريخه: عثمان بن أبان بن عثمان بن حرب بن عبد(2/495)
الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي بن أمية كان يسكن دير أبان عند قرحتاء، وهو منسوب إلى أبيه أبان، ذكره ابن أبي العجائز.
دَير أَبْشِيَا:
بفتح أوله، وباء موحدة ساكنة، وشين معجمة مكسورة، وياء مثناة من تحت: دير بنواحي الصعيد ثم بأسيوط من ديار مصر، والله أعلم.
دَيْرُ الأَبْلَق:
بفتح أوله، وباء موحدة ساكنة، ولام، وقاف: دير بالأهواز ثم بكوار من ناحية أردشير خرّه، وفيه يقول حارثة بن بدر الغداني:
ألم تر أن حارثة بن بدر ... أقام بدير أبلق من كوارا
مقيما يشرب الصهباء صرفا، ... إذا ما قلت تصرعه استدارا
دَير أبي مينا:
قرية معروفة بمصر.
دَيرأَبُّونَ:
ويقال أبيون وهو الصحيح: بقردى بين جزيرة ابن عمر وقرية ثمانين قرب باسورين، وهو دير جليل عندهم فيه رهبان كثيرة، ويزعمون أن به قبر نوح، عليه السلام، تحت أزج عظيم لاطئ بالأرض يشهد لنفسه بالقدم، وفي جوفه قبر عظيم في صخر زعموا أنه لنوح، عليه السلام، وفيه يقول بعضهم يذكر محبوبة له كردية عشقها بقربه:
فيا ظبية الوعساء! هل فيك مطمع ... لصاد إلى تقبيل خدّيك ظمآن؟
وإنّي الى الثرثار والحضر حلّتي ... ودارك دير أبّون أو برزمهران
سقى الله ذاك الدير غيثا لأهله، ... وما قد حواه من قلال ورهبان
دَير ابنِ بَرّاقِ:
بظاهر الحيرة، قال الثرواني:
يا دير حنّة عند القائم الساقي ... إلى الخورنق من دير ابن برّاق
وقد ذكر في دير حنة.
دَير ابن عامر:
لا أعرف موضعه إلا أنه جاء في شعر عياش الضّبّي اللّص، وقيل التّيّحان العكلي:
ألم ترني بالدير، دير ابن عامر، ... زللت، وزلّات الرجال كثير
فلولا خليل خانني وأمنته، ... وجدّك، لم يقدر عليّ أمير
فإني قد وطّنت نفسي لما ترى، ... وقلبك يا ابن الطّيلسان يطير
كفى حزنا في الصدر أن عوائدي ... حجبن، وأني في الحديد أسير
فأجابه ابن الطيلسان بأبيات، منها:
وأحموقة وطّنت نفسك خاليا ... لها، وحماقات الرجال كثير
دَيرُ ابنِ وضَّاح:
بنواحي الحيرة، وفيه يقول بكر ابن خارجة:
إلى الدّساكر فالدّير المقابلها، ... إلى الأكيراح أو دير ابن وضّاح
دَير أبي بخُوم:
بضم الباء الموحدة، وخاء معجمة، وواو ساكنة، وميم: دير بصعيد مصر بقرية يقال لها فاو، بالفاء والواو، وهو دير أزليّ له حرمة عندهم.
دَير أَبي سَويِرِس:
بفتح السين المهملة، وكسر الواو، وسكون الياء المثناة من تحت، وراء مكسورة، وآخره سين مهملة: على شاطئ النيل بمصر شرقيه من جهة الصعيد. ودير سويرس أيضا: بأسيوط منسوب إلى رجل.(2/496)
دَير أَبي هُور:
ذكر الشّابشتي أنه بسرياقوس من أعمال مصر، وهي بيعة عامرة كثيرة الرهبان فيها أعجوبة، وهو أنّ من كانت له خنازير قصد هذا الموضع للتعالج أخذه رئيس الموضع وأضجعه وجاءه بخنزير وأرسله على موضع العلة فيختلس الخنزير موضع الوجع ويأكل الخنازير التي فيه ولا يتعدّى إلى موضع الصحيح، فإذا تنظف الموضع ذرّ عليه رماد خنزير فعل مثل هذا الفعل من قبل ومن زيت قنديل البيعة فيبرأ، ثم يؤخذ ذلك الخنزير ويذبح ويحرق ويعد رماده لمثل هذا العلاج.
دَيرُ أَبي يُوسُف:
فوق الموصل ودون بلد، بينه وبين بلد فرسخ واحد، وهو دير كبير فيه رهبان ذوو جدة، وهو على شاطئ دجلة في ممر القوافل.
دَيرُ الأَبيض:
في موضعين: أحدهما في جبل مطلّ على الرّها فإذا ضرب ناقوسه سمع بالرها وهو يشرف على بقعة حرّان، والآخر بالصعيد يقال له أيضا دير الأبيض.
دَيرُ أَتْريبَ:
بأرض مصر، ويعرف بمارت مريم، وله عيد في الحادي والعشرين من بؤونه، يذكرون أنّ حمامة بيضاء تجيئهم ولا يرونها إلّا يوم مثله وتدخل المذبح ولا يدرون من أين جاءت.
دَيرُ أَحوِيشَا:
وأحويشا بالسريانية الحبيس: وهو بإسعرت مدينة بديار بكر قرب أرزن الروم وحيزان، وهو مطل على أرزن، وهو كبير جدّا فيه أربعمائة راهب في قلال وحوله البساتين والكروم، وهو في نهاية العمارة، ويحمل خمره إلى ما حوله من البلدان لجودته، وإلى جنبه نهر يعرف بنهر الروم، وفيه يقول أبو بكر محمد بن طنّاب اللّبّادي لأنه كان يلبس لبدا أحمر:
وفتيان كهمل من أناس ... خفاف في الغدوّ، وفي الرّواح
نهضت بهم، وستر الليل ملقى، ... وضوء الصبح مقصوص الجناح
نؤم، بدير أحويشا، غزالا ... غريب الحسن كالقمر اللّياح
وكابدنا السّرى شوقا إليه، ... فوافينا الصّباح مع الصّباح
نزلنا منزلا حسنا أنيقا ... بما نهواه، معمور النواحي
قسمنا الوقت فيه لاغتباق ... على الوجه المليح، ولاصطباح
وظلنا بين ريحان وراح ... وأوتار تساعدنا فصاح
وساعفنا الزمان بما أردنا، ... فأبنا بالفلاح وبالنجاح
دَيرُ أَرْوَى:
لم أجده إلّا في شعر لجرير، وهو قوله:
هل رام جوّ سويقتين مكانه، ... أو حلّ، بعد محلّنا، البردان؟
هل تونسان، ودير أروى بيننا، ... بالأعزلين بواكر الأظعان؟
دَير أَروى:
ذكره جرير في شعره، وأظنه بالبادية، فقال:
سألناها الشفاء فما شفتنا، ... ومنّتنا المواعد والخلابا
لشتّان المجاور دير أروى، ... ومن سكن السليلة والجنابا
أسيلة معقد السّمطين منها، ... وريّا حيث تعتقد الحقابا(2/497)
دِيارَاتُ الأَسَاقِفِ:
الديارات جمع دير، والأساقف جمع أسقف، وهم رؤساء النصارى: وهذه الديارات بالنجف ظاهر الكوفة وهو أول الحيرة، وهي قباب وقصور بحضرتها نهر يعرف بالغدير، عن يمينه قصر أبي الخصيب وعن شماله السّدير، وفيه يقول علي بن محمد ابن جعفر العلوي الحمّاني:
كم وقفة لك بالخور ... نق ما توازى بالمواقف
بين الغدير إلى السّدي ... ر إلى ديارات الأساقف
فمدارج الرهبان في ... أطمار خائفة وخائف
دمن كأنّ رياضها ... يكسين أعلام المطارف
وكأنما غدرانها ... فيها عشور في مصاحف
بحريّة شتواتها، ... برّيّة فيها المصائف
دَيرُ إِسحاقَ:
بين حمص وسلمية في أحسن موضع وأنزهه، وبقربه ضيعة كبيرة يقال لها جدر التي ذكرها الأخطل فقال:
كأنّني شارب، يوم استبدّ بهم، ... من قرقف ضمّنتها حمص أو جدر
ولأهل القصف والشعراء فيه أشعار كثيرة.
دَير الأَسْكُون:
بفتح الهمزة، وسكون السين المهملة، وكاف مضمومة، وآخره نون: وهو بالحيرة راكب على النجف، وفيه قلالي وهياكل، وفيه رهبان يضيّفون من ورد عليهم، وعليه سور عال حصين، وعليه باب حديد، ومنه يهبط الهابط إلى غدير بالحيرة، أرضه ورضراض ورمل أبيض، وله مشرعة تقابل الحيرة لها ماء إذا انقطع النهر كان منها شرب أهل الحيرة، قلت: هكذا وصف مصنفو الديارات هذا الدير، ورأيت أنا في طريق واسط قرب دير العاقول موضعا يقال له الأسكون، فإن كان الذي بالحيرة غيره وإلا فالصواب أنه في طريق واسط.
دَيرُ أَشمُوني:
وأشموني امرأة بني الدير على اسمها ودفنت فيه، وهو بقطربّل، وكان من أجلّ متنزهات بغداد، وفيه يقول الثّرواني:
اشرب، على قرع النواقيس، ... في دير أشموني بتفليس
لا تخل كأس الشرب والليل ... في حدّ نعمى، لا ولا بوس [1]
إلا على قرع النواقي ... س، أو صوت قسّان وتشميس
وهكذا فاشرب، وإلا فكن ... مجاورا بعض النواويس
وعيد أشموني ببغداد معروف، وهو في اليوم الثالث من تشرين الأول.
دَير الأَعلى:
بالموصل في أعلاها على جبل مطلّ على دجلة، يضرب به المثل في رقة الهواء وحسن المستشرف، ويقال إنه ليس للنصارى دير مثله لما فيه من أناجيلهم ومتعبداتهم، وظهر تحته في سنة 301 عدة معادن كبريتية ومرقشيثا وقلقطار، ويزعم أهل الموصل أنها تبرئ من الجرب والحكة والبثور وتنفع المقعدين والزّمنى، وإلى جانب هذا الدير مشهد عمرو بن الحمق الخزاعي صحابيّ، وتضمّنه قوم من السلطان فصانع الديرانيون عنه حتى أبطل، وفيه يقول أبو الحسين بن أبي البغل الشاعر وقد اجتاز
__________
[1] قوله: والليل، هكذا في الأصل، بالوقوف على الحركة.(2/498)
به يريد الشام:
أنظر إليّ بأعلى الدير مشترفا، ... لا يبلغ الطرف من أرجائه طرفا
كأنما غريت غرّ السحاب به، ... فجاء مختلفا يلقاك مؤتلفا
فلست تبصر إلا جدولا سربا، ... أو جنّة سدفا، أو روضة أنفا
كما التقت فرق الأحباب من حرق ... من الوشاء، فأبدى الكلّ ما عرفا
باحوا بما أضمروا، فاخضرّ ذا حسدا، ... واحمرّ ذا خجلا، واصفرّ ذا أسفا
هذي الجنان، فإن جاءوا بآخرة، ... فلست أترك وجها ضاحكا ثقفا
وفيه يقول الخالدي:
قمر بدير الموصل الأعلى، ... أنا عبده وهواه لي مولى
لثم الصليب فقلت من حسد: ... قبل الحبيب فمي بها أولى
جد لي بإحداهنّ تحويها، ... قلبي محبّته على المقلى
فاحمرّ من خجل، وكم قطفت ... عيني شقائق وجنة خجلى
وثكلت صبري عند فرقته، ... فعرفت كيف مصيبة الثكلى
دَيرُ الأَعْوَرِ:
هو بظاهر الكوفة بناه رجل من إياد يقال له الأعور من بني حذافة بن زهر بن إياد.
دَيرُ أكْمُنَ:
بالفتح ثم السكون، وضم الميم، وآخره نون، وقيل باللام عوضا عن النون: على رأس جبل بالقرب من الجوديّ، ينسب إليه الخمر الموصوف فهو النهاية في الجودة، وقيل إنه لا يورث الخمار، وحوله من المياه والشجر والبساتين كثير جدّا.
دَيرُ أيَّا:
بفتح أوله، والياء المثناة من تحت، قال الواقدي: مات أبو قلابة الجرمي بالشام بدير أيّا في سنة 104.
دَير أَيُّوبَ:
قرية بحوران من نواحي دمشق، بها كان أيوب، عليه السلام، وبها ابتلاه الله، وبها العين التي ركضها برجله والصخرة التي كانت عليها، وبها قبره.
دَيرباثاوَا:
بالباء الموحدة، وبعد الألف ثاء مثلثة، وواو: بالقرب من جزيرة ابن عمر، بينهما ثلاثة فراسخ.
دير بَاشَهْرا:
قال الشابشتي: على شاطئ دجلة بين سامرّا وبغداد، وأنشد فيه لأبي العيناء، فإن صحّ فهو غريب لأنّ أبا العيناء قليل الشعر جدّا لم يصحّ عندي له شيء من الشعر البتّة:
نزلنا دير باشهر ... اعلى قسّيسه ظهرا
على دين يشوعيّ، ... فما أسنى وما أمرا
فأولى من جميل الفع ... ل ما يستعبد الحرّا
وسقّانا وروّانا ... من الصافية العذرا
فطاب الوقت في الدي ... ر، ورابطنا به عشرا
دَير باعَرْبَا:
هو بين الموصل والحديثة على شاطئ دجلة، والحديثة بين تكريت والموصل، والنصارى يعظمونه جدّا، وله حائط مرتفع نحو مائة ذراع في السماء، وفيه رهبان كثيرون وفلاحون، وله مزارع، وفيه بيت ضيافة ينزله المجتازون فيضافون فيه.
دَير البَاعِقَى:
قبليّ بصرى من أرض حوران، وهو دير بحيرا الراهب صاحب القصّة مع رسول الله، صلى الله عليه وسلّم.(2/499)
دير باعنتل:
من جوسية على أقل من ميل، وجوسية من أعمال حمص على مرحلة منها من طريق دمشق، وهو على يسار القاصد لدمشق، وفيه عجائب، منها:
آزج أبواب فيها صور الأنبياء محفورة منقوشة فيها، وهيكل مفروش بالمرمر لا تستقرّ عليه القدم، وصورة مريم في حائط منتصبة كلما ملت إلى ناحية كانت عينها إليك.
دير بَاغُوث:
دير كبير كثير الرهبان على شاطئ دجلة بين الموصل وجزيرة ابن عمر.
دير بَاطَا:
بالسنّ بين الموصل وتكريت وهيت، وهو دير نزه في أيام الربيع، ويسمّى أيضا دير الحمار، بينه وبين دجلة بعد، وله باب حجر، يذكر النصارى أن هذا الباب يفتحه الواحد والاثنان، فإن تجاوزوا السبعة لم يقدروا على فتحه البتّة، وفيه بئر تنفع من البهق، وفيه كرسيّ الأسقف.
دير بانخايال:
في أعلى الموصل، وله ثلاثة أسام: المذكور ودير مار نخايال، وسأذكره، ودير ميخائيل، وسأذكره أيضا.
دير البتُول:
وهو دير كبير مشهور بصعيد مصر قرب أنصنا يقولون إنّ مريم، عليها السلام، وردته.
دَير البُخْتِ:
على فرسخين من دمشق، كان يسمّى دير ميخائيل، وكان عبد الملك بن مروان قد ارتبط عنده بختا، وهي جمال الترك، فغلب عليها، وكان لعليّ بن عبد الله بن عباس، رضي الله عنه، عنده جنينة وكان يتنزه فيها.
دَيْرُ بَرْصُومَا:
هو الدير الذي ينادى له بطلب نذره في نواحي الشام والجزيرة وديار بكر وبلاد الروم، وهو قرب ملطية على رأس جبل يشبه القلعة، وعنده متنزّه، وفيه رهبان كثيرة يؤدّون في كل عام إلى ملك الروم للمسلمين من نذوره عشرة آلاف دينار على ما بلغني، حدثني العفيف مرجّا الواسطي التاجر قال: اجتزت به قاصدا إلى بلاد الروم فلما قربت منه أخبرت بفضله وكثرة ما ينذر له وأنّ الذين ينذرون له قلّ ما يخالف مطلوبهم وأنّ برصوما الذي فيه أحد الحواريّين، فألقى الله على لساني أن قلت إنّ هذا القماش الذي معي مشتراه بخمسة آلاف درهم فإن بعته بسبعة آلاف درهم فلبرصوما من خالص مالي خمسون درهما، فدخلت ملطية وبعته بسبعة آلاف درهم سواء، فعجبت فلما رجعت سلمت إلى رهبانه خمسين درهما وسألتهم عن الحواريّ الذي فيه، فزعموا أنه مسجّى فيه على سرير وهو ظاهر لهم يرونه وأنّ أظافيره تطول في كل عام وأنهم يقلّمونها بالمقصّ ويحملونها إلى صاحب الروم مع ماله عليهم من القطيعة، والله أعلم بصحته، فإن صحّ فلا شيء أعجب منه.
دَيْرُ بَسّاك:
بفتح الباء الموحدة، وتشديد السين المهملة، وآخره كاف: هو حصن وليس بدير، تسكنه النصارى، قرب أنطاكية، وهو من أعمال حلب، وأظنّه مركّبا.
دَيْرُ بِشْرٍ:
عند حجيرا بغوطة دمشق، ينسب إلى بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أميّة أمير المؤمنين من قبل أخيه عبد الله بن مروان.
دَيْرُ بُصْرَى:
بضم أوله، وسكون الصاد المهملة، والقصر، بصرى: بليدة بحوران، وهي قصبة الكورة من أعمال دمشق، وبه كان بحيرا الراهب الذي بشّر بالنبي، صلى الله عليه وسلّم، وقصته مشهورة. وحكى المازني أنه قال: دخلت دير بصرى فرأيت في رهبانه فصاحة، وهم عرب متنصّرة من بني الصادر، وهم أفصح من رأيت، فقلت: ما لي لا أرى فيكم شاعرا(2/500)
مع فصاحتكم؟ فقالوا: والله ما فيه أحد ينطق بالشعر إلا أمة لنا كبيرة السنّ، فقلت: جيئوني بها، فجاءت فاستنشدتها فأنشدتني لنفسها:
أيا رفقة من دير بصرى تحمّلت ... تؤمّ الحمى، ألقيت من رفقة رشدا
إذا ما بلغتم سالمين، فبلّغوا ... تحية من قد ظنّ أن لا يرى نجدا
وقولوا: تركنا الصادريّ مكبّلا ... بكل هوى من حبكم مضمرا وجدا
فيا ليت شعري! هل أرى جانب الحمى، ... وقد أنبتت أجراعه بقلا جعدا؟
وهل أردنّ الدهر يوما وقيعه ... كأنّ الصّبا تسدى، على متنه، بردا
دَيرُ البَلَّاص:
بالصاد المهملة: بالصعيد قرب دمياط، والله أعلم.
دَيرُ بلاض:
بالضاد المعجمة: من أعمال حلب مشرف على عمّ، فيه رهبان لهم مزارع، وهو دير قديم مشهور.
دَيْرُ البَلُّوط:
قرية من أعمال الرملة، ينسب إليها عبد الله بن محمد بن الفرج بن القاسم أبو الحسن اللّخمي الدّير بلّوطي المقري الضرير، قدم دمشق وحدث بها عن أبي زكرياء عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري سمعه ببيت المقدس، سمع منه أبو محمد بن صابر وذكر أنه سأله عن مولده فقال: في دير بلّوط ضيعة من ضياع الرملة.
دَيْرُ بني مَرِينا:
بظاهر الحيرة، وكان من حديثه أن قيس بن سلمة بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار أغار على ذي القرنين المنذر بن النعمان ابن امرئ القيس بن عمرو بن عدي فهزمه حتى أدخله الخورنق ومعه ابناه قابوس وعمرو ولم يكن ولد له يومئذ المنذر بن المنذر، فجعل إذا غشيه قيس بن سلمة يقول: يا ليت هندا ولدت ثالثا! وهند عمّة قيس وهي أمّ ولد المنذر، فمكث ذو القرنين حولا ثم أغار عليهم بذات الشّقوق فأصاب منهم اثني عشر شابّا من بني حجر بن عمرو كانوا يتصيّدون وأفلت امرؤ القيس على فرس شقراء فطلبه القوم كلّهم فلم يقدروا عليه، وقدم المنذر الحيرة بالفتية فحبسهم بالقصر الأبيض شهرين ثم أرسل إليهم أن يؤتى بهم فخشي أن لا يؤتى بهم حتى يؤخذوا من رسله، فأرسل إليهم أن اضربوا أعناقهم حيث ما أتاكم الرسول، فأتاهم الرسول وهم عند الجفر فضربوا أعناقهم به، فسمي جفر الأملاك، وهو موضع دير بني مرينا، فلذلك قال امرؤ القيس يرثيهم:
ألا يا عين بكّي لي شنينا، ... وبكّي لي الملوك الذاهبينا
ملوك من بني حجر بن عمرو ... يساقون العشيّة يقتلونا
فلو في يوم معركة أصيبوا، ... ولكن في ديار بني مرينا
فلم تغسل جماجمهم بسدر، ... ولكن بالدماء مرمّلينا
تظلّ الطير عاكفة عليهم، ... وتنتزع الحواجب والعيونا
دَيرُ بَوْلس:
بنواحي الرملة نزله الفضل بن إسماعيل ابن صالح بن عليّ بن عبد الله بن علي بن العباس وقال فيه شعرا لم يسمّه فيه، أوّله:
عليك سلام الله يا دير من فتى ... بمهجته شوق إليك طويل(2/501)
ولا زال من جوّ السّماكين وابل ... عليك، لكي تروي ثراك، هطول
دَيرُ بَوَنَّا:
بفتح أوله وثانيه، وتشديد النون، مقصور: بجانب غوطة دمشق في أنزه مكان، وهو من أقدم أبنية النصارى، يقال إنه بني على عهد المسيح، عليه السلام، أو بعده بقليل، وهو صغير ورهبانه قليلون، اجتاز به الوليد بن يزيد فرأى حسنه فأقام به يوما في لهو ومجون وشرب، وقال فيه:
حبّذا ليلتي بدير بونّا، ... حيث نسقي شرابنا ونغنّى
كيف ما دارت الزجاجة درنا، ... يحسب الجاهلون أنّا جننّا
ومررنا بنسوة عطرات، ... وغناء وقهوة، فنزلنا
وجعلنا خليفة الله فطرو ... س مجونا، والمستشار يحنّا
فأخذنا قربانهم ثم كفّر ... نا لصلبان ديرهم، فكفرنا
واشتهرنا للناس حيث يقولو ... ن، إذا خبّروا بما قد فعلنا
وفيه يقول أبو صالح عبد الملك بن سعيد الدمشقي:
تملّيت طيب العيش في دير باونّا، ... بندمان صدق كمّلوا الظّرف والحسنا
خطبت إلى قسّ به بنت كرمة ... معتّقة قد صيّروا خدرها دنّا
ديرُ التجلّي:
على الطور، زعموا أن عيسى، عليه السلام، علا عليهم فيه، وقد ذكر في الطور.
دَيرُ تِنادَةَ:
بتاء مكسورة، ونون: دير مشهور بالصعيد في أرض أسيوط وتحته قرى ومتنزّه حسن وفيه رهبان كثيرون.
دَيرُ توما:
قال فيه المرّار الفقعسي:
أحقّا يا حريز الرّهن منكم، ... فلا إصعاد منك ولا قفولا
تصيح، إذا هجعت، بدير توما ... حمامات يزدن الليل طولا
إذا ما صحن قلت: أحسّ صبحا، ... وقد غادرن لي ليلا ثقيلا
خليليّ اقعدا لي علّلاني، ... وصدّا لي وسادي أن يميلا
دَيرُ الثعالِبِ:
دير مشهور، بينه وبين بغداد ميلان أو أقلّ في كورة نهر عيسى على طريق صرصر، رأيته أنا، وبالقرب منه قرية تسمى الحارثية، وذكر الخالدي أنه الدير الذي يلاصق قبر معروف الكرخي بغربي بغداد، وقال: هو عند باب الحديد وباب بنبرى، وهذان البابان لم يعرفا اليوم، والمشهور والمتعارف اليوم ما ذكرناه، وبين قبر معروف ودير الثعالب أكثر من ميل، وإلى جانب قبر معروف دير آخر لا أعرف اسمه، وبهذا الدير سميت المقبرة مقبرة باب الدير، وقال فيه ابن الدهقان وهو أبو جعفر محمد بن عمر من ولد إبراهيم بن محمد بن عليّ ابن عبد الله بن عباس:
دير الثعالب مألف الضّلّال، ... ومحلّ كل غزالة وغزال
كم ليلة أحييتها، ومنادمي ... فيها أبحّ مقطّع الأوصال
سمح يجود بروحه، فإذا مضى ... وقضى سمحت له وجدت بمالي(2/502)
ومنعّم دين ابن مريم دينه، ... غنج يشوب مجونه بدلال
فسقيته وشربت فضلة كاسه، ... فرويت من عذب المذاق زلال
ديرُ جابيلَ:
ضبطته هكذا من خط الساجي في تاريخ البصرة، وقال أبو اليقظان: كان أهل البصرة يشربون قبل حفر الفيض من خليج يأتي من دير جابيل إلى موضع نهر نافذ.
دَيرُ الجاثَلِيقِ:
دير قديم البناء رحب الفناء من طسّوج مسكن قرب بغداد في غربي دجلة في عرض حربي، وهو في رأس الحدّ بين السواد وأرض تكريت، وعنده كانت الحرب بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير، وكان الجيشان على شاطئ دجلة وإلى ذلك الموضع في العرض، وعنده قتل مصعب بن الزبير، فقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات يرثيه:
لقد أورث المصرين حزنا وذلة ... قتيل، بدير الجاثليق، مقيم
فما قاتلت في الله بكر بن وائل، ... ولا صدقت عند اللقاء تميم
فلو كان في قيس تعطّف حوله ... كتائب يعلى حميها ويدوم
ولكنه ضاع الزمان، ولم يكن ... بها مضريّ، يوم ذاك، كريم
جزى الله كوفيّا بذاك ملامة ... وبصريّهم، إن الكريم كريم
وقال الشابشتي: دير الجاثليق عند باب الحديد قرب دير الثعالب في وسط العمارة بغربي بغداد، وأنشد لمحمد بن أبي أميّة فيه:
تذكّرت دير الجاثليق وفتية ... بهم تمّ لي فيه السرور وأسعفا
بهم طابت الدنيا وأدركني المنى، ... وسالمني صرف الزمان وأتحفا
ألا ربّ يوم قد نعمت بظلّه ... أبادر من لذّات عيشي ما صفا
أغازل فيه أدعج الطرف أغيدا، ... وأسقى به مسكيّة الريح قرقفا
فسقيا لأيام مضت لي بقربهم! ... لقد أوسعتني رأفة وتعطّفا
وتسعا لأيام رمتني ببينهم، ... ودهر تقاضاني الذي كان أسلفا!
دَيرُ الجُبّ:
دير في شرقي الموصل بينها وبين إربل مشهور، يقصده الناس لأجل الصرع فيبرأ منه بذلك كثير.
دَير الجَرَعَة:
بالتحريك، قال أبو منصور: قال ابن السكّيت الجرع جمع جرعة، وهي دعص من الرمل لا ينبت شيئا، قال: والذي سمعت من العرب أن الجرعة الرملة العذاة الطيبة المنبت التي لا وعوثة فيها، والجرعة ههنا: موضع بعينه، والدير مضاف إليه، وهو بالحيرة، وهو دير عبد المسيح فيما أحسب، وقد ذكرته في موضعه، قال عبد المسيح بن بقيلة:
كم تجرّعت بدير الجرعة ... غصصا كبدي بها منصدعه
من بدور فوق أغصان على ... كثب زرن، احتسابا، بيعه
دَيرُ الجماجم:
بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر للسالك إلى البصرة، قال أبو عبيدة:
الجمجمة القدح من الخشب، وبذلك سمي دير(2/503)
الجماجم لأنه كان يعمل فيه الأقداح من الخشب، والجمجمة أيضا: البئر تحفر في سبخة، فيجوز أن يكون الموضع سمي بذلك، قال ابن الكلبي: إنما سمي دير الجماجم لأنّ بني تميم وذبيان لما واقعت بني عامر وانتصرت بنو عامر وكثر القتلى في بني تميم بنوا بجماجمهم هذا الدير شكرا على ظفرهم، وهذا عندي بعيد من الصواب، وهو مقول على ابن الكلبي وليس يصح عنه فإنه كان أهدى إلى الصواب من غيره في هذا الباب، لأن وقعة بني عامر وبني تميم وذبيان كانت بشعب جبلة وهو بأرض نجد وليس بالكوفة، ولعل الصواب ما حكاه البلاذري عن ابن الكلبي أنّ بلادا الرّمّاح، وبعضهم يقول بلال الرّمّاح وهو أثبت، ابن محرز الإيادي قتل قوما من الفرس ونصب رؤوسهم عند الدير فسمي دير الجماجم، وقرأت في كتاب أنساب المواضع لابن الكلبي قال: كان كسرى قد قتل إيادا ونفاهم إلى الشام فأقبل ألف فارس منهم حتى نزلوا السواد، فجاء رجل منهم وأخبر كسرى بخبرهم، فأنفذ إليهم مقدار ألف وأربعمائة فارس ليقتلوهم، فقال لهم ذلك الرجل الواشي: انزلوا قريبا حتى أعلم لكم علمهم، فرجع إلى قومه وأخبرهم فأقبلوا حتى وقعوا بالأساورة فقتلوهم عن آخرهم وجعلوا جماجمهم قبة، وبلغ كسرى خبرهم فخرج في أهليهم يبكون، فلما رآهم اغتمّ لهم وأمر أن يبنى عليهم دير وسمي دير الجماجم، وقال غيره: إنه وقعت بين إياد وبين بني نهد حرب في مكانه فقتل فيها خلق من إياد وقضاعة ودفنوا قتلاهم هناك، فكان الناس إذا حفروا استخرجوا جماجمهم فسمي بذلك، وإياد كانت تنزل الريف معروف ذلك عند أهل هذا الشأن، وعند هذا الموضع كانت الوقعة بين الحجاج بن يوسف الثقفي وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل القرّاء، وفي ذلك يقول جرير:
ولم تشهد الجونين والشّعب ذا الصّفا، ... وشدّات قيس يوم دير الجماجم
تحرّض، يا ابن القين، قيسا ليجعلوا ... لقومك يوما مثل يوم الأراقم
ديْر الجودِيّ:
والجودي: هو الجبل الذي استقرّت عليه سفينة نوح، عليه السلام، وبين هذا الجبل وجزيرة ابن عمر سبعة فراسخ، وهذا الدير مبنيّ على قلة الجبل، ويقال إنه مبنيّ منذ أيام نوح، عليه السلام، ولم يتجدد بناؤه إلى هذا الوقت، ويقال إن سطحه يشبر فيكون عشرين شبرا ثم يشبر فيكون ثمانية عشر شبرا ثم يشبر فيكون اثنين وعشرين شبرا، وكلما شبر اختلف شبره.
دَيرُ حافِرٍ:
قرية بين حلب وبالس، ذكرها أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني في قوله يمدح عليّ بن مالك بن سالم العقيلي صاحب قلعة جعبر:
ألا كم ترامت بالس بمسافر، ... وكم حافر أدميت يا دير حافر
وبين قباب المنجبين مجبة ... أبت أن تطأ إلّا بأجفان ساهر
وعند الفرات من يمين ابن مالك ... فرات ندّى لا تختطى بالمعابر
إذا أوجه الفتيان غارت مياهها، ... فوجه عليّ ماؤه غير غائر
دَيرُ حبيبٍ:
لا أعرف موضعه إلّا أنه جاء في شعر عربي، وهو قول ورد بن الورد الجعدي:
ألا حبذا الإصعاد لو تستطيعه، ... ولكن أجل لا ما أقام عسيب(2/504)
وإن مرّ ركب مصعدين، فقلبه ... مع الرائحين المصعدين جنيب
سل الريح، إن هبّت شمالا ضعيفة: ... متى عهدها بالدير دير حبيب [1]
متى عهدها بالنّوفليّات، حبّذا ... شواكل ذاك العيش حين يطيب!
دَيرُ حَرَجَةَ:
بالتحريك، والحرجة في الأصل:
الموضع الكثير الشجر الذي لا تصل إليه الراعية، ومنه حرج الصدر أي ضيقه: وهو دير بالصعيد في شرقي قوص بني على اسم مار جرجس، والحرجة:
كورة هناك ذكرت في موضعها، وعنده قرية تسمى العباسية ربما أضيف هذا الدير إليها.
دَيرُ الحرِيقِ:
سمي بذلك لأنه أحرق في موضعه قوم ثم دفن فيه قوم من أهل من احرق هناك وعمل ذرى، وهو بالحيرة قديم، ووجدته بخط ابن حمدون بالخاء المعجمة في الشعر والترجمة، فيه يقول الثرواني:
دير الحريق، فبيعة المزعوق، ... بين الغدير، فقبّة السنّيق
أشهى إليّ من الصّراة ودورها، ... عند الصباح، ومن رحى البطريق
فاغدوا نباكر من ذخائر عتبة ال ... خمّار من صافي الدّنان رحيق
يا صاح واجتنب الملام، أما ترى ... سمجا ملامك لي، وأنت صديقي؟
دَيرُ حِزقِيَالَ:
قال أبو الفرج: حدثني جعفر بن قدامة قال: حدثني شريح الخزاعي قال: اجتزت بدير حزقيال فبينما أنا أدور به إذا بسطرين مكتوبين على أسطوانة منه فقرأته، فإذا هو:
ربّ ليل أمدّ من نفس العا ... شق طولا قطعته بانتحاب
ونعيم كوصل من كنت أهوى ... قد تبدلته ببؤس العتاب
نسبوني إلى الجنون ليخفوا ... ما بقلبي من صبوة واكتئاب
ليت بي ما ادّعوه من فقد عقلي، ... فهو خير من طول هذا العذاب
وتحته مكتوب: هويت فمنعت، وشردت وطردت، وفرّق بيني وبين الوطن، وحجبت عن الإلف والسكن، وحبست في هذا الدير ظلما وعدوانا، وصفّدت في الحديد زمانا.
وإني، على ما نابني وأصابني، ... لذو مرّة باق على الحدثان
فإن تعقب الأيام أظفر بحاجتي، ... وإن أبق مرميّا بي الرّجوان
فكم ميّت همّا بغيظ وحسرة، ... صبور بما يأتي به الملوان
هو الحبّ أفنى كلّ خلق بجوره ... قديما، ويفتي بعدي الثقلان
قال: فدعوت برقعة وكتبت ذلك أجمع وسألت عن صاحب القضية فقالوا: رجل هوى ابنة عمه فحبسه عمه في هذا الدير وعزم على حمله إلى السلطان خوفا من أن تفتضح ابنته، فمات عمه فورثه هو وابنته، فجاء أهله وأخرجوا الفتى من الدير وزوّجوه ابنة عمه.
دَير حَشْيان:
بالحاء المهملة، والشين المعجمة الساكنة، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: بنواحي حلب من العواصم، ذكره حمدان بن عبد الرحيم فقال:
__________
[1]- في هذا البيت إقواء.(2/505)
يا لهف نفسي مما أكابده، ... إن لاح برق من دير حشيان
وإن بدت نفحة من الجانب ال ... غربيّ فاضت غروب أجفاني
وما سمعت الحمام في فنن ... إلا وخلت الحمام فاجاني
ما اعتضت مذ غبت عنكم بدلا، ... حاشا وكلّا! ما الغدر من شاني
كيف سلوّي أرضا نعمت بها، ... أم كيف أنسى أهلي وجيراني؟
لا خلق رقن لي معالمها، ... ولا اطّبتني أنهار بطنان
ولا ازدهتني في منبج فرص ... راقت لغيري من آل حمدان
لكن زماني بالجزر أذكرني ... طيب زماني به فأبكاني
دَيرُ حَميمٍ:
من قولهم ماء حميم أي حارّ: موضع بالأهواز جاء في شعر قطريّ:
أصيب بدولاب، ولم يك موطنا ... له أرض دولاب ودير حميم
وقد ذكرت القطعة بتمامها في دولاب.
دَير حَنْظَلَة:
بالقرب من شاطئ الفرات من الجانب الشرقي بين الدالية والبهسنة أسفل من رحبة مالك بن طوق معدود من نواحي الجزيرة، منسوب إلى حنظلة بن أبي غفر بن النعمان بن حية بن سعنة ابن الحارث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سفر بن هنيّ بن عمرو بن الغوث بن طيّء، وحنظلة هو عم إياس بن قبيصة بن أبي غفر الذي كان ملك الحيرة ومن رهطه أبو زبيد الطائي الشاعر، وحنظلة هذا هو القائل، وكان قد نسك في الجاهلية وتنصّر وبنى هذا الدير فعرف به إلى الآن:
ومهما يكن من ريب دهر، فإنني ... أرى قمر الليل المعذب كالفتى
يهلّ صغيرا ثم يعظم ضوؤه ... وصورته، حتى إذا ما هو استوى
وقرّب يخبو ضوؤه وشعاعه، ... ويمصح حتى يستسرّ فما يرى
كذلك زيد الأمر ثم انتقاصه، ... وتكراره في إثره بعد ما مضى
تصبّح فتح الدار والدار زينة، ... وتؤتى الجبال من شماريخها العلى
فلا ذا غنى يرجين من فضل ماله، ... وإن قال أخّرني وخذ رشوة أبى
ولا عن فقير يأتجرن لفقره، ... فتنفعه الشكوى إليهن إن شكا
وفي هذا الدير يقول عبد الله بن محمد الأمين بن الرشيد وقد نزل به فاستطابه:
ألا يا دير حنظلة المفدّى، ... لقد أورثتني سقما وكدّا
أزفّ من الفرات إليك دنّا، ... وأجعل حوله الورد المندّى
وأبدأ بالصّبوح أمام صحبي، ... ومن ينشط لها فهو المفدّى
ألا يا دير جادتك الغوادي ... سحابا حمّلت برقا ورعدا
يزيد بناءك النامي نماء، ... ويكسو الروض حسنا مستجدّا(2/506)
دَير حَنْظَلَة:
آخر وهو بالحيرة منسوب إلى حنظلة بن عبد المسيح بن علقمة بن مالك بن ربى بن نمارة بن لخم بن عديّ بن الحارث بن مرة بن أدد، وفيه يقول الشاعر:
بساحة الحيرة دير حنظله، ... عليه أذيال السرور مسبله
أحييت فيه ليلة مقتبله، ... وكأسنا بين الندامى معمله
والراح فيها مثل نار مشعله، ... وكلنا منتقد ما خوّله
فما يزال عاصيا من عذله، ... مبادرا قبل تلاقي آجله
دَيرُ حَنَّة:
هو دير قديم بالحيرة منذ أيام بني المنذر لقوم من تنوخ يقال لهم بنو ساطع تقابله منارة عالية كالمرقب تسمى القائم لبني أوس بن عمرو بن عامر، وفيه يقول الثرواني:
يا دير حنّة، عند القائم الساقي، ... إلى الخورنق من دير ابن برّاق
ليس السلوّ، وإن أصبحت ممتنعا، ... من بغيتي، فيك من شكلي وأخلاقي
سقيا لعافيك من عاف معالمه ... قفر، وما فيك مثل الوشم من باق
ودير حنّة بالأكيراح الذي قيل فيه:
يا دير حنّة من ذات الأكيراح
هذا أيضا بظاهر الكوفة والحيرة، لا أدري أهو هذ المذكور هنا أم غيره، وقد ذكر شاهده في الأكيراح.
دَيرُ خُناصِرَةَ:
قد ذكرنا خناصرة في موضعها وهي بلد في قبلي حلب، وأما هذا الدير فوجدت ذكره في شعر بني مازن في قول حاجب بن ذبيان المازني مازن بني تميم من عمرو بن تميم لعبد الملك بن مروان في جدب أصاب العرب فقال:
وما أنا يوم دير خناصرات ... بمرتدّ الهموم، ولا مليم
ولكني ألمت بحال قومي ... كما ألم الجريح من الكلوم
بكوا لعيالهم من جهد عام ... خريق الريح، منجرد الغيوم
أصابت وائلا والحيّ قيسا، ... وحلّت بركها ببني تميم
أقاموا في منازلهم، وسيقت ... إليهم كلّ داهية عقيم
سواء من يقيم لهم بأرض، ... ومن يلقى اللّطاة من المقيم
أعنّي من جداك على عيال ... وأموال تساوك كالهشيم
أصدّت، لا تسيم لها حوارا ... عقيلة كلّ مرباع رؤوم؟
دَيرُ خالِدٍ:
وهو دير صليبا بدمشق مقابل باب الفراديس، نسب إلى خالد بن الوليد، رضي الله عنه، لنزوله فيه عند حصاره دمشق، وقال ابن الكلبي: هو على ميل من الباب الشرقي.
الدَّيرُ الخَصِيبُ:
بفتح الخاء المعجمة، وكسر الصاد المهملة، والباء الموحدة: قرب بابل عند بزيقيا وهو حصن.
دَيرُ الخِصْيانِ:
هو بغور البلقاء بين دمشق والبيت المقدس، ويعرف أيضا بدير الغور، وسمّي بدير(2/507)
الخصيان لأن سليمان بن عبد الملك نزل فيه فسمع رجلا يشبّب بجارية له في قصة فيها طول فخصاه هناك فسمّي الدير بذلك.
دَيرُ خِندِفَ:
في نواحي خوزستان، وخندف:
أمّ ولد إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان واسمها ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، والخندف: ضرب من المشي، وبه سميت، وما هذا موضع بسط ذلك.
دَيرُ الخَلّ:
موضع قرب اليرموك نزله عساكر المشركين يوم وقعة اليرموك.
دَيرُ الخَواتِ:
جمع أخت: بعكبرا، وأكثر أهله نساء، ولعله دير العذارى أو غيره، وهو في وسط البساتين نزه جدّا، وعيده الأحد الأول من الصوم، يجتمع إليه كل من قرب من النصارى، قال الشابشتي: وفي هذا العيد ليلة الماشوش، وهي ليلة يختلط فيها الرجال والنساء فلا يردّ أحد يده عن شيء، وفيه يقول أبو عثمان الناجم:
آح قلبي من الصبابة، آح ... من جوار مزيّنات ملاح
أهل دير الخوات بالله ربي، ... هل على عاشق قضى من جناح؟
وفتاة كأنها غصن بان ... ذات وجه كمثل نور الصّباح
دَيْرُ الخنافِسِ:
قال الخالدي: هذا الدير بغربي دجلة على قلّة جبل شامخ، وهو دير صغير لا يسكنه أكثر من راهبين فقط، وهو نزه لعلوّه على الضياع وإشرافه على أنهار نينوى والمرج، وله عيد يقصده أهل الضياع في كل عام مرّة، وفيه طلسم ظريف، وهو أن في كلّ سنة ثلاثة أيام تسودّ حيطانه وسقوفه من الخنافس الصغار اللواتي كالنمل، فإذا انقضت تلك الأيام لا يوجد في تلك الأرض من تلك الخنافس واحدة البتّة، فإذا علم الرهبان بمجيء تلك الأيام الثلاثة أخرجوا جميع ما لهم فيه من فرش وطعام وأثاث وغير ذلك هربا من الخنافس، فإذا انقضت الأيام عادوا، قلت أنا: وهذا شيء رأيت من لا أحصي يذكره، ولم أر له منكرا في تلك الديار، والله أعلم.
دَيْرُ دُرْتا:
في غربي بغداد، وقد تقدّم ذكر درتا، وهو دير يحاذي باب الشّمّاسيّة راكب على دجلة حسن العمارة كثير الرهبان، وله هيكل في نهاية العلوّ، قال فيه أبو الحسين أحمد بن عبيد الله البديهي:
قد أدرنا بدير درتا، وقدّس ... نا مجونا، إذا قدّست رهبانه
وسقانا فيه المدامة ظبي ... بابليّ، ألحاظه أعوانه
ماس منه عليّ غصن من البا ... ن يضاهي تفاحه رمّانه
وقال أبو علي محمد بن الحسين بن الشبل النحوي يذكر دير درتا في قطعة طويلة ذكرتها بجملتها استحسانا لها وكان محسنا فيما يقول:
بنا إلى الدير من درتا صبابات، ... فلا تلمني فما تغني الملامات
يا حبّذا السّحر الأعلى، وقد نشرت ... نسيمه الغضّ روضات وجنّات
وأظهر الصبح رايات مخلّقة ... زرقا، وولّت من الظلماء رايات
لا تبعدنّ، وإن طال الغرام بها، ... أيام لهو عهدناها وليلات(2/508)
فكم قضيت لبانات الشباب بها ... غنما، وكم بقيت عندي لبانات
ما أمكنت دولة الأفراح مقبلة، ... فأنعم ولذّ فإن العيش تارات
قبل ارتجاع الليالي كلّ عارية، ... فإنما لذّة الدنيا إعارات
قم فاجل في حلل الألاء شمس ضحى، ... بروجها الزهر كاسات وطاسات
لعلّنا، إن دعا داعي الحمام بنا، ... نمضي وأنفسنا منها رويّات
فما التعلل لولا الكأس في زمن، ... أحياؤه باعتياد الهمّ أموات
دارت تحيّي، فقابلنا تحيتها، ... وفي حشاها لقرع المزج روعات
عذراء أخفى كرور العصر صورتها، ... لم يبق من روحها إلا حشاشات
مدّت سرادق برق من أبارقها، ... على مقابلها منها ملاءات
فلاح في أذرع الساقين أسورة ... تبر، وفوق نحور الشّرب حانات
قد وقّع الدهر سطرا في صحيفتها: ... لا فارقت شارب الراح المسرّات
خذ ما تعجّل واترك ما وعدت به، ... فعل الأديب، وفي التأخير آفات
دَيْرُ دَرْمالِسَ:
قال الشابشتي: هذا الدير في رقة باب الشمّاسيّة ببغداد قرب الدار المعزّيّة، وهو نزه كثير الأشجار والبساتين، بقربه أجمة قصب، وهو كبير آهل معمور بالقصف والتنزه والشرب، وأعياد النصارى ببغداد مقسومة على ديارات معروفة، منها:
أعياد الصوم الأحد الأول في دير العاصية، والثاني في دير الزّريقية، والثالث دير الزّندورد، والرابع دير درمالس هذا يجتمع إليه النصارى والمتفرجون، وفيه يقول أبو عبد الله أحمد بن حمدون النديم:
يا دير درمالس ما أحسنك، ... ويا غزال الدير ما أفتنك!
لئن سكنت الدير يا سيدي، ... فإن في جوف الحشا مسكنك
ويحك يا قلب! أما تنتهي ... عن شدة الوجد لمن أحزنك؟
ارفق به بالله يا سيدي، ... فإنه من حتفه مكّنك
دَيْرُ الدِّهْدَارِ:
بنواحي البصرة في طريق القاصد لها من واسط، وإليه ينسب نهر الدير، وقد ذكرته في موضعه، وهو دير قديم أزليّ كثير الرّهبان معظم عند النصارى، وبناؤه من قبل الإسلام، وفيه يقول محمد بن أحمد المعنوي البصري الشاعر:
كم بدير الدهدار لي من صبوح ... وغبوق، في غدوة ورواح
وإليه ينسب مجاشع الدّيري البصري، وكان عبدا صالحا، حكى عن أبي حبيب محمد العابدي، روى عنه العباس بن الفضل الأزرق، والله أعلم.
دَيْرُ دينار:
ناحية بجزيرة أقور لا أدري أين موقعه منها، قال ابن مقبل:
يا صاحبيّ انظراني، لا عدمتكما، ... هل تؤنسان بذي ريمان من نار؟
نار الأحبّة شطّت بعد ما اقتربت، ... هيهات أهل الصفا من دير دينار!(2/509)
دَيرُ الرُّصافَة:
هو في رصافة هشام بن عبد الملك التي بينها وبين الرقّة مرحلة للحمالين، وسنذكرها في بابها، وأما هذا الدير فأنا رأيته، وهو من عجائب الدنيا حسنا وعمارة، وأظن أنّ هشاما بنى عنده مدينته وأنه قبلها، وفيه رهبان ومعابد، وهو في وسط البلد، وقد ذكر صاحب كتاب الديرة أنه بدمشق ما أرى إلّا أنه غلط منه، وبين الرصافة هذه ودمشق ثمانية أيام، وقد اجتاز أبو نواس بهذا الدير وقال فيه:
ليس كالدير بالرّصافة دير، ... فيه ما تشتهي النفوس وتهوى
بتّه ليلة، فقضّيت أوطا ... را، ويوما ملأت قطريه لهوا
وكان المتوكل على الله في اجتيازه إلى دمشق قد وجد في حائط من حيطان الدير رقعة ملصقة مكتوب فيها هذه الأبيات:
أيا منزلا بالدير أصبح خاليا، ... تلاعب فيه شمأل ودبور
كأنك لم تسكنك بيض أوانس، ... ولم تتبختر في فنائك حور
وأبناء أملاك غياشم سادة، ... صغيرهم عند الأنام كبير
إذا لبسوا أدراعهم فعنابس، ... وإن لبسوا تيجانهم فبدور
على أنهم يوم اللقاء ضراغم، ... وأنهم يوم النّوال بحور
ولم يشهد الصهريج، والخيل حوله، ... عليه فساطيط لهم وخدور
هذا شاهد على أنّ هذا الدير ليس بدمشق لأن دمشق أكثر بلاد الله أمواها، فأي حاجة بهم إلى الصهريج وإنما الصهريج في الرصافة التي قرب الرّقة، شاهدت بها عدة صهاريج عادية محكمة البناء، ويشرب أهل البلد والدير منها، وهي في وسط السور.
وحولك رايات لهم وعساكر، ... وخيل لها بعد الصهيل شخير
ليالي هشام بالرصافة قاطن، ... وفيك ابنه، يا دير، وهو أمير
إذا العيش غضّ والخلافة لدنة، ... وأنت طرير والزمان غرير
وروضك مرتاض، ونورك نيّر، ... وعيش بني مروان فيك نضير
بلى! فسقاك الله صوب سحائب، ... عليك بها بعد الرواح بكور
تذكّرت قومي بينها فبكيتهم ... بشجو، ومثلي بالبكاء جدير
لعلّ زمانا جار يوما عليهم ... لهم بالذي تهوى النفوس يدور
فيفرح محزون وينعم بائس، ... ويطلق من ضيق الوثاق أسير
رويدك! إنّ اليوم يتبعه غد، ... وإن صروف الدائرات تدور
فارتاع المتوكل عند قراءتها واستدعى الديرانيّ وسأله عنها، فأنكر أن يكون علم من كتبها، فهمّ بقتله فسأله الندماء فيه وقالوا: ليس ممن يتّهم بميل إلى دولة دون دولة، فتركه، ثم بان أنّ الأبيات من شعر رجل من ولد روح بن زنباع الجذامي من أخوال ولد هشام بن عبد الملك.(2/510)
دَيْرُ الرُّمَّان:
مدينة كبيرة ذات أسواق للبادية بين الرّقّة والخابور تنزلها القوافل القاصدة من العراق إلى الشام.
دَيْرُ الرُّمَّانِينَ:
جمع رمّان، بلفظ جمع السلامة، يعرف أيضا بدير السابان: وهو بين حلب وأنطاكية مطلّ على بقعة تعرف بسرمد، وهو دير حسن كبير، وهو الآن خراب وآثاره باقية، وفيه يقول الشاعر:
ألف المقام بدير رمّانينا ... للروض إلفا والمدام خدينا
والكاس والإبريق يعمل دهره، ... وتراه يجني الآس والنسرينا
ديْرُ الرومِ:
وهو بيعة كبيرة حسنة البناء محكمة الصنعة للنسطورية خاصة، وهي ببغداد في الجانب الشرقي منها، وللجاثليق قلّاية إلى جانبها، وبينه وبينها باب يخرج منه إليها في أوقات صلاتهم وقربانهم، وتجاور هذه البيعة بيعة لليعقوبية مفردة لهم حسنة المنظر عجيبة البناء مقصودة لما فيها من عجائب الصور وحسن العمل، والأصل في هذا الاسم أن أسرى من الروم قدم بهم إلى المهدي وأسكنوا دارا في هذا الموضع فسميت بهم وبنيت البيعة هناك وبقي الاسم عليها، ولمدرك بن علي الشيباني وكان يطرق هذه البيعة في الآحاد والأعياد للنظر إلى من فيها من المردان والوجوه الحسان من الشمامسة والرّهبان في خلق ممن يقصد الموضع لهذا الشأن فقال:
وجوه بدير الروم قد سلبت عقلي، ... فأصبحت في خبل شديد من الخبل
فكم من غزال قد سبى العقل لحظه، ... ومن ظبية رامت بألحاظها قتلي
وكم قدّ من قلب بقدّ، وكم بكت ... عيون لما تلقى من الأعين النّجل
بدور وأغصان غنينا بحسنها ... عن البدر في الإشراق، والغصن في الشكل
فلم تر عيني منظرا قطّ مثلهم، ... ولم تر عين مستهاما بهم مثلي
إذا رمت أن أسلو أبى الشوق والهوى، ... كذاك الهوى يغري المحبّ ولا يسلي
وقال أيضا:
رئم بدير الروم رام قتلي ... بمقلة كحلاء لا عن كحل
وطرّة بها استطار عقلي، ... وحسن دلّ وقبيح فعل
دَيْرُ الزُّرنُوق:
بالزاي ثم الراء الساكنة، ونون، وآخره قاف: في جبل مطلّ على دجلة، بينه وبين جزيرة ابن عمر فرسخان، وهو معمور إلى الآن، وهو ذو بساتين وخمر كثير ويعرف بعمر الزرنوق، وإلى جانبه دير آخر يعرف بالعمر الصغير، كثير الرهبان والمتنزهات، قال الشابشتي: كان هذا الدير يسمّى باسم دير بطيزناباذ بين الكوفة والقادسية على وجه الطريق، بينه وبين القادسية ميل.
دَيْرُ الزَّعْفَرَان:
ويسمّى عمر الزّعفران: قرب جزيرة ابن عمر تحت قلعة أردمشت، هو في لحف جبل والقلعة مطلّة عليه، وبه نزل المعتضد لما حاصر هذه القلعة حتى فتحها، ولأهله ثروة وفيهم كثرة، ودير الزّعفران أيضا: بقربه على الجبل المحاذي لنصيبين كان يزرع فيه الزعفران، وهو دير نزه فرح لأهل اللهو به مشاهد، ولهم فيه أشعار، وفي جبل نصيبين عدّة أديرة أخر، ولمصعب الكاتب في(2/511)
دير الزعفران:
عمرت بقاع عمر الزعفران ... بفتيان غطارفة هجان
بكلّ فتًى يحنّ إلى التصابي، ... ويهوى شرب عاتقة الدّنان
ظللنا نعمل الكاسات فيه ... على روض كنقش الخسروان
وأغصان تميل بها ثمار ... قريبات من الجاني دوان
وغزلان مراتعها فؤادي، ... شجاني منهم ما قد شجاني
وينجوهم ويوحنّا..... ... ذوا الإحسان والصّور الحسان
رضيت بهم من الدنيا نصيبا، ... غنيت بهم عن البيض الغواني
أقبّل ذا وألثم خدّ هذا، ... وهذا مسعد سلس العنان
فهذا العيش لا حوض ونؤي، ... ولا وصف المعالم والمغاني
دَيْرُ زَكَّى:
بفتح أوله، وتشديد الكاف، مقصور:
هو دير بالرّها بإزائه تلّ يقال له تل زفر بن الحارث الكلابي، وفيه ضيعة يقال لها الصالحية اختطها عبد الملك بن صالح الهاشمي، كذا قال الأصبهاني، وقال الخالدي: هو بالرّقة قريب من الفرات، قال الشابشتي: هو بالرقة وعلى جنبيه نهر البليخ، وأنشد للصّنوبري:
أراق سجاله، بالرّقّتين، ... جنوبيّ صحوب الجانبين
ولا اعتزلت عزاليه المصلّى، ... بلى خرّت على الخرّارتين
وأهدى للرضيف رضيف مزن، ... يعاوده طرير الطّرّتين
معاهد بل مآلف باقيات ... بأكرم معهدين ومألفين
يضاحكها الفرات بكلّ فنّ، ... فتضحك عن نضار أو لجين
كأن الأرض من حمر وصفر ... عروس تجتلى في حلّتين
كأن عناق نهري دير زكّى، ... إذا اعتنقا، عناق متيّمين
وقت ذاك البليخ يد الليالي، ... وذاك النيل من متجاورين
أقاما كالشّواريز استدارت ... على كتفيه، أو كالدّملجين
أيا متنزّهي في دير زكّى، ... ألم تك نزهتي بك نزهتين؟
أردّد بين ورد نداك طرفا ... تردّد بين ورد الوجنتين
ومبتسم كنظمي أقحوان ... جلاه الطلّ بين شقيقتين
ويا سفن الفرات بحيث تهوي ... هويّ الطير بين الجلهتين
تطارد مقبلات مدبرات ... على عجل تطارد عسكرين
ترانا واصليك كما عهدنا ... بوصل لا ننغّصه ببين
ألا يا صاحبيّ خذا عناني ... هواي، سلمتما من صاحبين(2/512)
لقد غصبتني الخمسون فتكي ... وقامت بين لذّاتي وبيني
كأن اللهو عندي كابن أمّي، ... فصرنا بعد ذاك كعلّتين
وفي هذا الدير يقول الرشيد أمير المؤمنين:
سلام على النازح المغترب ... تحية صبّ به مكتئب
غزال مراتعه بالبليخ ... إلى دير زكّى فجسر الخشب
أيا من أعان على نفسه ... بتخليفه طائعا من أحبّ
سأستر، والستر من شيمتي، ... هوى من أحبّ لمن لا أحبّ
ودير زكّى: قرية بغوطة دمشق معروفة، وقد مرّ بهذا الدير عبد الله بن طاهر ومعه أخ له فشربا فيه وخرجا إلى مصر فمات أخوه بها وعاد عبد الله بن طاهر فنزل في ذلك الموضع فتشوّق أخاه فقال:
أيا سروتي بستان زكى سلمتما، ... وغال ابن أمي نائب الحدثان
ويا سروتي بستان زكى سلمتا، ... ومن لكما أن تسلما بضمان
دَيرُ الزَّنْدَوَرْد:
قال الشابشتي: هو في الجانب الشرقي من بغداد، وحدّها من باب الأزج إلى السفيعي، وأرضها كلها فواكه وأترج وأعناب وهي من أجود الأعناب التي تعصر ببغداد، وفيها يقول أبو نواس:
فسقّني من كروم الزّندورد ضحى ... ماء العناقيد في ظلّ العناقيد
قلت أنا: والمعروف المشهور أن الزندورد مدينة كانت إلى جنب واسط في عمل كسكر، ذكره ابن الفقيه وغيره، وقد ذكر في بابه، قال: فقد قال جحظة في دير الزندورد:
سقيا ورعيا لدير الزندورد وما ... يحوي ويجمع من راح وغزلان
دير تدور به الأقداح مترعة ... بكفّ ساق مريض الطرف وسنان
والعود يتبعه ناي بواقعه، ... والشّدو يحكمه غصن من البان
والقوم فوضى فضا، هذا يقبّل ذا، ... وذاك إنسان سوء فوق إنسان
دَيرُ زُور:
بتقديم الزاي، وسكون الواو، وراء، مضبوط بخط ابن الفرات، هكذا قال الساجي، وقال المدائني عن أشياخه: بعث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في سنة 14 شريح بن عامر أخا سعد ابن بكر إلى البصرة وقال له: كن ردءا للمسلمين، فسار إلى الأهواز فقتل بدير زور.
دَيرُ سابا:
قرية بالموصل.
دَيرُ السَّابان:
وهو دير رمّانين، وقد ذكر، قالوا:
وتفسيره بالسريانية دير الشيخ.
دَيرُ سابُر:
قرب بغداد بين قرية يقال لها المزرفة وأخرى يقال لها الصالحية، وفي الجانب الغربي من دجلة قرية يقال لها بزوغى، وهي قرية عامرة نزهة كثيرة البساتين، وقد ذكر هذا الدير الحسين بن الضحاك الخليع فقال:
وعواتق باشرت بين حدائق ... ففضضتهنّ وقد عنين محاحا
أتبعت وخزة تلك وخزة هذه ... حتى شربت دماءهنّ جراحا(2/513)
أبرزتهنّ من الخدور حواسرا، ... وتركت صون حريمهنّ مباحا
في دير سابر والصباح يلوح لي، ... فجمعت بدرا والصباح وراحا
ومنعّم نازعت فضل وشاحه ... وكسوته من ساعديّ وشاحا
ترك الغيور يعضّ جلدة زنده، ... وأمال أعطافا عليّ ملاحا
ففعلت ما فعل المشوق بليلة ... عادت لذاذتها عليّ صباحا
فاذهب بظنك كيف شئت وكلّه ... مما اقترفت تغطرسا وجماحا
ودير سابر: من نواحي دمشق، سكنها عمر بن محمد ابن عبد الله بن زيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي، سماه ابن أبي الفجار وذكر أنه كان يسكن دير سابر من إقليم خولان، ذكره في تاريخ دمشق وذكره أيضا عتبة بن معاوية بن عثمان بن زيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي.
دَيْرُ سَرْجِس وبكُّس:
وهو منسوب إلى راهبين بنجران، وفيهما يقول الشاعر:
أيا راهبي نجران ما فعلت هند، ... أقامت على عهدي فإنّي لها عبد
إذا بعد المشتاق رثّت حباله، ... وما كلّ مشتاق يغيّره البعد
وقال الشابشتي: كان هذا الدير بطيزناباذ بين الكوفة والقادسية على وجه الأرض، بينه وبين القادسية ميل، وكان محفوفا بالكروم والأشجار والحانات، وقد خرب وبطل ولم يبق منه إلّا خرابات على ظهر الطريق يسميها الناس قباب أبي نواس، وفيه يقول الحسين ابن الصمّان:
أخويّ حيّ على الصّبوح صباحا، ... هبا ولا بعد النديم صباحا
هذا الشميط كأنه متحيّر ... في الأفق سدّ طريقه فألاحا
مهما أقام على الصّبوح مساعد ... وعلى الغبوق فلن أريد براحا
عودا لعادتنا صبيحة أمسنا، ... فالعود أحمد مغتدى ومراحا
هل تعذران بدير سرجس صاحبا ... بالصحو أو تريان ذاك جناحا؟
إنّي أعيذكما بعشرة بيننا ... أن تشربا بقرى الفرات قراحا
عجّت قوافزنا وقدّس قسّنا ... هزجا وأصبح ذا الدّجاج صياحا
للجاشريّة فضلها فتعجّلا ... إن كنتما تريان ذاك صلاحا
يا ربّ ملتمس الجنون بنومة ... نبّهته بالراح حين أراحا
فكأن ريّا الكأس حين ندبته ... للكأس أنهض في حشاه جناحا
فأجاب يعثر في فضول ردائه ... عجلان يخلط بالعثار مراحا
ما زال يضحك بي ويضحكني به ... ما يستفيق دعابة ومزاحا
فهتكت ستر مجونه بتهتّك ... في كل ملهية وبحت وباحا
دَيْرُ سعد:
بين بلاد غطفان والشام، عن الحازمي، قال أبو الفرج عليّ بن الحسين: أخبرنا الحرمي بن(2/514)
أبي العلاء قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال: وجدت في كتاب بخط الضحاك قال: خرج عقيل بن علفّة وجثّامة وابنته الجرباء حتى أتوا بنتا له ناكحا في بني مروان بالشامات، ثم إنهم قفلوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال عقيل بن علّفة:
قضت وطرا من دير سعد وطالما ... على عرض ناطحنه بالجماجم
إذا هبطت أرضا يموت غرابها ... بها عطشا أعطينهم بالخزائم
ثم قال: أنفذ يا جثّامة، فقال جثّامة:
فأصبحن بالموماة يحملن فتية ... نشاوى من الإدلاج ميل العمائم
إذا علم غادرنه بتنوفة ... تذارعن بالأيدي لآخر طاسم
ثم قال: أنفذي يا جرباء، فقالت:
كأنّ الكرى سقّاهم صرخديّة ... عقارا تمطّى في المطا والقوائم
فقال عقيل: شربتها ورب الكعبة! لولا الأمان لضربت بالسيف تحت قرطك! أما وجدت من الكلام غير هذا؟ فقال جثّامة: وهل أساءت؟ إنما أجادت وليس غيري وغيرك! فرماه عقيل بسهم فأصاب ساقه وأنفذ السهم ساقه والرجل ثم شدّ على الجرباء فعقر ناقتها ثم حملها على ناقة جثّامة وتركه عقيرا مع ناقة الجرباء ثم قال: لولا أن تسبّني بنو مرّة لما عشت، ثم خرج متوجها إلى أهله وقال: لئن أخبرت أهلك بشأن جثامة أو قلت لهم إنه أصابه غير الطاعون لأقتلنك! فلما قدموا على أهل أبير، وهم بنو القين، ندم عقيل على فعله بجثامة فقال لهم: هل لكم في جزور انكسرت؟ قالوا: نعم، قال: فالزموا أثر هذه الراحلة حتى تجدوا الجزور، فخرج القوم حتى انتهوا إلى جثّامة فوجدوه قد أنزفه الدم، فاحتملوه وتقسموا الجزور وأنزلوه عليهم وعالجوه حتى برأ وألحقوه بقومه، فلما كان قريبا منهم تغنّى:
أيعذر لا حينا ويلحين في الصّبا ... وما هنّ والفتيان إلّا شقائق
فقال له القوم: إنما أفلتّ من الجراحة التي جرحك أبوك آنفا وقد عاودت ما يكرهه فأمسك عن هذا ونحوه إذا لقيته لا يلحقك منه شرّ وعرّ، فقال: إنما هي خطرة خطرت والراكب إذا سار تغنّى.
دير سعيد:
بغربي الموصل قريب من دجلة حسن البناء واسع الفناء وحوله قلالي كثيرة للرهبان، وهو إلى جانب تلّ يقال له تلّ بادع يكتسي أيام الربيع طرائف الزهر، وكانت عنده وقعة بين مونس الخادم وبين بني حمدان، وفيها قتل داود بن حمدان سنة 320، وهو منسوب إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان، وكان يتقلد إمارة الموصل في أيام أبيه فاعتلّ وكان له طبيب يقال له سعيد أيضا نصرانيّ، فلما برأ قال له: اختر ما شئت، فقال: أحب أن أبتني ديرا بظاهر الموصل وتهب لي أرضه، فأجابه إلى ذلك فبنى، وقال الخالدي: هذا محال، والصحيح أنّ ثلاثة من رهبان النصارى اجتازوا بالموصل قبل الإسلام بأكثر من مائة سنة فاستطابوا أرضها فبنى كل واحد منهم ديرا نسب إليه، وهم: سعيد وقنّسرين وميخائيل، وهذه الثلاثة معروفة، وكل واحد منها متقارب من الآخر، وقد قال النصارى: ولتراب دير سعيد هذا خاصية في دفع أذى العقارب وإذا(2/515)
رشّ بترابه بيت قتل عقاربه.
دَير سُلَيمانَ:
بالثغر قرب دلوك مطلّ على مرج العين، وهو غاية في النزاهة، قال أبو الفرج: أخبرني جعفر بن قدامة قال: ولي إبراهيم بن المدبر عقيب نكبته وزوالها عنه الثغور الجزريّة وكان أكثر مقامه بمنبج، فخرج في بعض ولايته إلى نواحي دلوك برعبان وخلّف بمنبج جارية كان يتحظاها يقال لها غادر فنزل بدلوك على جبل من جبالها بدير يعرف بدير سليمان من أحسن بلاد الله وأنزهها ودعا بطعام خفيف فأكل وشرب ثم دعا بدواة وقرطاس فكتب:
أيا ساقيينا وسط دير سليمان ... أديرا الكؤوس فانهلاني وعلّاني
وخصّا بصافيها أبا جعفر أخي، ... فذا ثقتي دون الأنام وخلصاني
وميلا بها نحو ابن سلّام الذي ... أودّ وعودا بعد ذاك لنعمان
وعمّا بها النعمان والصحب، إنني ... تنكّرت عيشي بعد صحبي وإخواني
ولا تتركا نفسي تمت بسقامها ... لذكرى حبيب قد سقاني وغنّاني
ترحّلت عنه عن صدود وهجرة، ... فأقبل نحوي وهو باك فأبكاني
وفارقته، والله يجمع شملنا، ... بلوعة محزون وغلّة حرّان
وليلة عين المرج زار خياله ... فهيّج لي شوقا وجدّد أحزاني
فأشرفت أعلى الدير أنظر طامحا ... بألمح آماق وأنظر إنسان
لعلِّي أرى أبيات منبج رؤية ... تسكّن من وجدي وتكشف أشجاني
فقصّر طرفي واستهلّ بعبرة، ... وفدّيت من لو كان يدري لفدّاني
ومثّله شوقي إليه مقابلي، ... وناجاه عني بالضمير وناجاني
دَير سَمالُو:
في رقة الشّمّاسية ببغداد مما يلي البردان، وينجز بين يديه نهر الخالص وهو نهر المهدي، ذكر البلاذري في كتاب الفتوح أن الرشيد غزا في سنة 163 أهل صمالو، فسألوا الأمان لعشرة أبيات فيهم القومس وأن لا يفرق بينهم، فأجابهم إلى ذلك، فأنزلوا بغداد على باب الشّمّاسية فسمّوا موضعهم سمالو، غيّروا الصاد بالسين، وبنوا هناك ديرا، وهو دير مشيد البناء كثير الرهبان وبين يديه أجمة قصب يرمي فيها الطير، قال أحمد بن عبيد الله البديهي يذكره:
هل لك في الرّقّة والدير، ... دير سمالو مسقط الطير
وقال أيضا فيه:
الدير دير سمالو للهوى وطر، ... بكّر فإن نجاح الحاجة البكر
أما ترى الغيم ممدودا سرادقه ... على الرياض ودمع المزن ينتثر
والدير في لبس شتى مناكبه، ... كأنما نشرت في أفقه الحبر
تألّفت حوله الغدران لامعة ... كما تألّف في أفنائه الزهر
أما ترى الهيكل المعمور في صور ... من الدّمى بينها من إنسه صور(2/516)
دير سِمْعان:
يقال بكسر السين وفتحها: وهو دير بنواحي دمشق في موضع نزه وبساتين محدقة به وعنده قصور ودور وعنده قبر عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وقال فيه بعض الشعراء يرثيه:
قد قلت إذ أودعوه الترب وانصرفوا: ... لا يبعدنّ قوام العدل والدين
قد غيّبوا في ضريح الترب منفردا ... بدير سمعان قسطاس الموازين
من لم يكن همه عينا يفجّرها ... ولا النخيل ولا ركض البراذين
وروي أن صاحب الدير دخل على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه بفاكهة أهداها له فأعطاه ثمنها، فأبى الدّيراني أخذه فلم يزل به حتى قبض ثمنها، ثم قال: يا ديراني إني بلغني أن هذا الموضع ملككم، فقال: نعم، فقال: إني أحب أن تبيعني منه موضع قبر سنة فإذا حال الحول فانتفع به، فبكى الديرانيّ وحزن وباعه فدفن به، فهو الآن لا يعرف، وقال كثيّر:
سقى ربّنا من دير سمعان حفرة ... بها عمر الخيرات رهنا دفينها
صوابح من مزن ثقال غواديا ... دوالح دهما ما خضات دجونها
وقال الشريف الرضي الموسوي:
يا ابن عبد العزيز لو بكت العي ... ن فتى من أميّة لبكيتك
أنت أنقذتنا من السبّ والشت ... م، فلو أمكن الجزا لجزيتك
دير سمعان لا عدتك الغوادي! ... خير ميت من آل مروان ميتك
وفيه يقول أبو فراس بن أبي الفرج البزاعي وقد مرّ به فرآه خرابا فغمّه:
يا دير سمعان قل لي أين سمعان، ... وأين بانوك خبّرني متى بانوا؟
وأين سكّانك اليوم الألى سلفوا، ... قد أصبحوا وهم في الترب سكان
أصبحت قفرا خرابا مثل ما خربوا ... بالموت ثم انقضى عمرو وعمران
وقفت أسأله جهلا ليخبرني، ... هيهات من صامت بالنطق تبيان
أجابني بلسان الحال: إنهم ... كانوا، ويكفيك قولي إنهم كانوا
وأما الذي في جبل لبنان فمختلف فيه، وسمعان هذا الذي ينسب الدير إليه أحد أكابر النصارى ويقولون إنه شمعون الصّفا، والله أعلم، وله عدة ديرة، منها هذا المقدّم ذكره وآخر بنواحي أنطاكية على البحر، وقال ابن بطلان في رسالته: وبظاهر أنطاكية دير سمعان وهو مثل نصف دار الخلافة ببغداد يضاف به المجتازون وله من الارتفاع كلّ سنة عدة قناطير من الذهب والفضة، وقيل إن دخله في السنة أربعمائة ألف دينار، ومنه يصعد إلى جبل اللّكّام، وقال يزيد بن معاوية:
بدير سمعان عندي أمّ كلثوم
هذه رواية قوم، والصحيح أن يزيد إنما قال بدير مرّان، وقد ذكر في موضعه. ودير سمعان أيضا:
بنواحي حلب بين جبل بني عليم والجبل الأعلى.
دَيْرُ السَّوَا:
بظاهر الحيرة، ومعناه دير العدل لأنهم كانوا يتحالفون عنده فيتناصفون، وقال الكلبي: هو منسوب إلى رجل من إياد، وقيل: هو منسوب إلى(2/517)
بني حذافة، وقيل: السوا امرأة منهم، وقيل:
السوا أرض نسب الدير إليها، وذكر في شعر أبي دواد الإيادي حيث قال:
بل تأمّل، وأنت أبصر مني، ... قصد دير السّوا بعين جليّه
لمن الظّعن بالضحى واردات ... جدول الماء ثم رحن عشيه
مظهرات رقما تهال له العي ... ن وعقلا وعقمة فارسيه
دَيرُ السوسِيِّ:
قال البلاذري: هو دير مريم بناه رجل من أهل السوس وسكنه هو ورهبان معه فسمي به، وهو بنواحي سرّ من رأى بالجانب الغربي، ذكره عبد الله بن المعتز فقال:
يا لياليّ بالمطيرة فالكر ... خ ودير السوسيّ بالله عودي
كنت عندي أنموذجات من الج ... نة لكنها بغير خلود
أشرب الراح وهي تشرب عقلي، ... وعلى ذاك كان قتل الوليد
دَيرُ الشاءِ:
بأرض الكوفة على رأس فرسخ وميل من النخيلة، والله أعلم.
دَيرُ الشَّمَع:
دير قديم معظّم عند النصارى بنواحي الجيزة من مصر، بينه وبين الفسطاط ثلاثة فراسخ مصعدا على النيل، وبه كرسي البطريك بمصر وبه مستقرّه ما دام بمصر.
دَيرُ الشياطينِ:
بين مدينة بلد والموصل، وهو بين جبلين في فم الوادي بالقرب من أوسل مشرف على دجلة في موضع حسن الهواء والرواء، وفيه يقول السري الرفاء:
عصى الرشاد وقد ناداه مذ حين، ... وراكض الغيّ في تلك الميادين
ما حنّ شيطانه الآتي إلى بلد ... إلا ليقرب من دير الشياطين
وفتية زهَّر الآداب بينهم ... أبهى وأنضر من زهر البساتين
مشوا إلى الراح مشي الرّخّ وانصرفوا، ... والراح تمشي بهم مشي الفرازين
تفرّغوا بين أعطان الهياكل في ... تلك الجنان وأقمار الدواوين
حتى إذا أنطق الناقوس بينهم ... مزنّر الخصر روميّ القرابين
يرى المدامة دينا، حبّذا رجل ... يعتدّ لذة دنياه من الدين
وقال فيه الخباز البلدي:
رهبان دير سقوني الخمر صافية ... مثل الشياطين في دير الشياطين
غدوا سراعا كأمثال السهام بدت ... من القسيّ وراحوا كالعراجين
دَيرُ شيخٍ:
وهو دير تل عزاز، وعزاز: مدينة لطيفة من أعمال حلب، بينها وبين حلب خمسة فراسخ، وفيه يقول إسحاق الموصلي:
وظبي فاتن في دير شيخ ... سحور الطرف ذي وجه مليح
وفيه يقول أيضا:
إن قلبي بالتل تل عزاز ... عند ظبي من الظباء الجوازي
دَيرُ صباعى:
في شرقي تكريت مقابل لها مشرف على دجلة، وهو نزه مليح عامر وفيه مقصد لأهل الخلاعة،(2/518)
وفيه يقول بعضهم:
حنّ الفؤاد إلى دير بتكريت ... إلى صباعى وقسّ الدير عفريت
دَيرُ صَلوبَا:
من قرى الموصل، والله أعلم.
دَيرُ صَلِيبا:
بنواحي دمشق مقابل باب الفراديس ويعرف بدير خالد أيضا لأن خالد بن الوليد، رضي الله عنه، لما نزل محاصرا لدمشق كان نزوله به، وفيه يقول أبو الفتح محمد بن علي المعروف بأبي اللقاء:
جنة لقّبت بدير صليبا، ... مبدعا حسنه كمالا وطيبا
جئته للمقام يوما فظلنا ... فيه شهرا، وكان أمرا عجيبا
شجر محدق به ومياه ... جاريات والروض يبدو ضروبا
من بديع الألوان يضحي به الثا ... كل مما يرى لديه طروبا
كم رأينا بدرا به فوق غصن ... مائس قد علا بشكل كثيبا
وشربنا به الحياة مداما ... تطلع الشمس في الكؤوس غروبا
فكأن الظلام فيها نهار ... لسناها تسرّ منّا القلوبا
لست أنسى ما مرّ فيه ولا أج ... عل مدحي إلا لدير صليبا
دَيرُ طَمْوَيه:
وطمويه: قرية بالمغرب من النيل بمصر بإزاء موضع يقال له حلوان، والدير راكب النيل وقد أحدقت به الأشجار والنخيل والكروم، وهو دير نزه عامر آهل، وهو أحد متنزهات مصر، وقد قال فيه ابن عاصم المصري:
أقصرا عن ملامي اليوم، إني ... غير ذي سلوة ولا إقصار
فسقى الله دير طمويه غيثا ... بغواد موصولة بسوار
وله أيضا:
واشرب بطمويه من صهباء صافية، ... تزري بخمر قرى هيت وعانات
على رياض من النّوّار زاهرة، ... تجري الجداول منها بين جنات
كأن نبت الشقيق العصفريّ بها ... كاسات خمر بدت في إثر كاسات
كأن نرجسها من حسنه حدق ... في خفية يتناجى بالإشارات
كأنما النيل في مرّ النسيم به ... مستلئم في دروع سابريات
منازلا كنت مفتونا بها يفعا، ... وكنّ قدما مواخيري وحاناتي
إذ لا أزال ملحّا بالصّبوح على ... ضرب النواقيس صبّا في الديارات
دَيرُ الطوَاوِيسِ:
جمع طاووس هذا الطير المنمق الألوان: وهو بسامرا متصل بكرخ جدّان يشرف عند حدود آخر الكرخ على بطن يعرف بالنبّى، فيه مزدرع يتصل بالدور وبنيانها، وهي الدور المعروفة بدور عربايا، وهو قديم كان منظرة لذي القرنين ويقال لبعض الأكاسرة فاتخذه النصارى ديرا في أيام الفرس.
دَيرُ الطُّورِ:
الطور في الأصل: الجبل المشرف، وقد ذكرته في بابه، وأما الطور المذكور ههنا:(2/519)
فهو جبل مستدير واسع الأسفل مستدير الرأس لا يتعلق به شيء من الجبال وليس له إلا طريق واحد، وهو ما بين طبرية واللّجون مشرف على الغور ومرج اللّجون، وفيه عين تنبع بماء غزير كثير، والدير في نفس القبلة مبنيّ بالحجر وحوله كروم يعتصرونها، فالشراب عندهم كثير، ويعرف أيضا بدير التّجلي لأن المسيح، عليه السلام، على زعمهم تجلى فيه لتلامذته بعد أن رفع حتى أراهم نفسه وعرفوه، والناس يقصدونه من كل موضع فيقيمون به ويشربون فيه، وموضعه حسن يشرف على طبرية والبحيرة وما والاها وعلى اللجون، وفيه يقول مهلهل بن عريف المزرع:
نهضت إلى الطور في فتية ... سراع النهوض إلى ما أحبّ
كرام الجدود حسان الوجوه، ... كهول العقول شباب اللعب
فأيّ زمان بهم لم يسرّ، ... وأيّ مكان بهم لم يطب؟
أنخت الركاب على ديره، ... وقضّيت من حقه ما يجب
دَيْرُ طورِ سِينا:
ويقال كنيسة الطور: وهو في قلّة طور سينا وهو الجبل الذي تجلى فيه النور لموسى، عليه السلام، وفيه صعق، وهو في أعلى الجبل مبنيّ بحجر أسود، عرض حصنه سبعة أذرع، وله ثلاثة أبواب حديد، وفي غربيه باب لطيف وقدّامه حجر إذا أرادوا رفعه رفعوه وإذا قصدهم قاصد أرسلوه فانطبق على الموضع فلم يعرف مكان الباب، وداخلها عين ماء وخارجها عين أخرى، وزعم النصارى أنّ بها نارا من أنواع النار الجديدة التي كانت ببيت المقدس يوقدون منها في كلّ عشية، وهي بيضاء ضعيفة الحرّ لا تحرق ثم تقوى إذا أوقد منها السرج، وهو عامر بالرهبان والناس يقصدونه، وقال فيه ابن عاصم:
يا راهب الدير ماذا الضوء والنور، ... فقد أضاء بما في ديرك الطور
هل حلّت الشمس فيه دون أبرجها، ... أم غيّب البدر عنه فهو مستور؟
فقال: ما حلّه شمس ولا قمر، ... لكنما قرّبت فيه القوارير
دَيرُ الطِّينِ:
بأرض مصر على شاطئ نيل مصر في طريق الصعيد قرب الفسطاط متصل ببركة الحبش عند العدوية.
دَيرُ الطَّيْرِ:
بنواحي إخميم دير عامر يقصدونه من كل موضع، وهو بقرب الجبل المعروف بجبل الكهف، وفي موضع من الجبل شقّ فإذا كان يوم عيد هذا الدير لم يبق بوقير، وهو صنف من الطيور، في البلد إلّا ويجيء إلى الموضع فيكون أمرا عظيما بكثرتها واجتماعها وصياحها عند الشقّ، ثم لا يزال الواحد بعد الواحد يدخل رأسه في ذلك الشقّ ويصيح ويخرج ويجيء غيره إلى أن ينشب رأس أحدها في الشقّ فيضطرب حتى يموت وتنصرف البقيّة ولا يبقى منها طائر، ذكره الشابشتي كما ذكرته سواء.
دَيْرُ العَاقُولِ:
بين مدائن كسرى والنّعمانية، بينه وبين بغداد خمسة عشر فرسخا على شاطئ دجلة كان، فأمّا الآن فبينه وبين دجلة مقدار ميل، وكان عنده بلد عامر وأسواق أيام كان النهروان عامرا، فأمّا الآن فهو بمفرده في وسط البريّة وبالقرب منه دير قنّى، وفيه يقول الشاعر:(2/520)
فيك دير العاقول ضيّعت أيّا ... مي بلهو وحثّ شرب وطرف
ونداماي كلّ حرّ كريم ... حسن دلّه بشكل وظرف
بعد ما قد نعمت في دير قنّى ... معهم قاصفين أحسن قصف
بين ذين الدّيرين جنّة دنيا ... وصفها زائد على كلّ وصف
وينسب إلى دير العاقول الذي بنواحي بغداد جماعة، منهم: أبو يحيى عبد الكريم بن الهيثم بن زياد بن عمران القطّان الدير عاقولي، روى عن أبي اليمان الحمصي والفضل بن دكين ومسدّد وغيرهم، روى عنه أبو إسماعيل الترمذي وعبد الله البغوي وغيرهما، وكان ثقة، مات سنة 278. ودير العاقول: موضع بالمغرب، منه أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن خلف الدير عاقولي المغربي، روى الحديث بمكة، حدثني بذلك المحب أبو عبد الله محمد بن محمود النجار قال:
وجدته بخط الحافظ محمد بن عبد الواحد الدّقاق الأصبهاني وقد كتب على الحاشية بخطه: سئل الشيخ عن دير العاقول هذا فقال موضع بالمغرب، قال:
وقد ذكرته في كتابي هذا المتّفق خطّا وضبطا وذيّلت به على ابن طاهر المقدسي بأكثر من هذا الشرح.
دَيْرُ عَبْدِ المَسيح:
بن عمرو بن بقيلة الغساني، وسمّي بقيلة لأنه خرج على قومه في حلّتين خضراوين فقالوا: ما هذا إلّا بقيلة، وكان أحد المعمرين، يقال إنه عمّر ثلاثمائة وخمسين سنة: وهذا الدير بظاهر الحيرة بموضع يقال له الجرعة، وعبد المسيح هو الذي لقي خالد بن الوليد، رضي الله عنه، لما غزا الحيرة وقاتل الفرس فرموه من حصونهم الثلاثة حصون آل بقيلة بالخزف المدوّر، وكان يخرج قدّام الخيل فتنفر منه فقال له ضرار بن الأزور:
هذا من كيدهم، فبعث خالد رجلا يستدعي رجلا منهم عاقلا، فجاءه عبد المسيح بن عمرو وجرى له معه ما هو مذكور مشهور، قال: وبقي عبد المسيح في ذلك الدير بعد ما صالح المسلمين على مائة ألف حتى في ذلك الدير بعد ما صالح المسلمين على مائة ألف حتى مات وخرب الدير بعد مدّة فظهر فيه أزج معقود من حجارة فظنوه كنزا ففتحوه فإذا فيه سرير رخام عليه رجل ميت وعند رأسه لوح فيه مكتوب: أنا عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة:
حلبت الدهر أشطره حياتي، ... ونلت من المنى فوق المزيد
فكافحت الأمور وكافحتني، ... فلم أخضع لمعضلة كؤود
وكدت أنال في الشرف الثّريّا، ... ولكن لا سبيل إلى الخلود
دَيْرُ عَبْدُون:
هو بسرّ من رأى إلى جنب المطيرة، وسمي بدير عبدون لأنّ عبدون أخا صاعد بن مخلد كان كثير الإلمام به والمقام فيه فنسب إليه، وكان عبدون نصرانيّا وأسلم أخوه صاعد على يد الموفّق واستوزره، وفي هذا الدير يقول ابن المعتزّ الشاعر:
سقى المطيرة ذات الظلّ والشجر ... ودير عبدون هطّال من المطر
يا طالما نبّهتني للصّبوح به ... في ظلمة الليل والعصفور لم يطر
أصوات رهبان دير في صلاتهم ... سود المدارع نعّارين في السّحر
34- 2 معجم البلدان دار صادر(2/521)
مزنّرين على الأوساط قد جعلوا ... على الرّؤوس أكاليلا من الشّعر
كم فيهم من مليح الوجه مكتحل ... بالسحر يطبق جفنيه على حور
لاحظته بالهوى حتى استقاد له ... طوعا وأسلفني الميعاد بالنظر
وجاءني في ظلام الليل مستترا، ... يستعجل الخطو من خوف ومن حذر
فقمت أفرش خدّي في التراب له ... ذلّا وأسحب أذيالي على الأثر
فكان ما كان مما لست أذكره، ... فظنّ خيرا ولا تسأل عن الخبر
ودير عبدون أيضا: قرب جزيرة ابن عمر وبينهما دجلة، وقد خرب الآن وكان من أحسن مستنزهاتها.
دَيْرُ العَجَّاج:
بين تكريت وهيت، وفي ظاهره عين ماء وبركة فيها سمك، وحوله مزارع وحصن.
دَيْر العَذَارى:
قال أبو الفرج الأصبهاني: هو بين أرض الموصل وبين أرض باجرمى من أعمال الرّقة، وهو دير عظيم قديم، وبه نساء عذارى قد ترهَّبن وأقمن به للعبادة فسمي به لذلك، وكان قد بلغ بعض الملوك أنّ فيه نساء ذوات جمال، فأمر بحملهنّ إليه ليختار منهنّ على عينه من يريد، وبلغهنّ ذلك فقمن ليلتهنّ يصلّين ويستكفين شرّه، فطرق ذلك الملك طارق فأتلفه من ليلته فأصبحن صياما، فلذلك يصوم النصارى الصوم المعروف بصوم العذارى إلى الآن، هكذا ذكر، والشعر المنقول في دير العذارى يدلّ على أنه بنواحي دجيل ولعلّ هذا غير ذلك، وقال الشابشتي: دير العذارى بين سرّ من رأى والحظيرة، وقال الخالدي: وشاهدته وبه نسوة عذارى وحانات خمر، وإنّ دجلة أتت عليه بمدودها فأذهبته حتى لم يبق منه أثر، وذكر أنه اجتاز به في سنة 320 وهو عامر، وأنشد أبو الفرج، والخالدي لجحظة فيه:
ألا هل إلى دير العذارى ونظرة ... إلى الخير من قبل الممات سبيل؟
وهل لي بسوق القادسية سكرة ... تعلّل نفسي والنسيم عليل؟
وهل لي بحانات المطيرة وقفة ... أراعي خروج الزّقّ وهو حميل
إلى فتية ما شتّت العزل شملهم، ... شعارهم عند الصباح شمول
وقد نطق الناقوس بعد سكوته، ... وشمعل قسّيس ولاح فتيل
يريد انتصابا للمقام بزعمه، ... ويرعشه الإدمان فهو يميل
يغنّي وأسباب الصواب تمدّه، ... وليس له فيما يقول عديل
ألا هل إلى شمّ الخزامى ونظرة ... إلى قرقرى قبل الممات سبيل؟
وثنّى يغنّي وهو يلمس كأسه، ... وأدمعه في وجنتيه تسيل
سيعرض عن ذكري وينسى مودّتي، ... ويحدث بعدي للخليل خليل
سقى الله عيشا لم يكن فيه علقة ... لهمّ ولم ينكر عليه عذول
لعمرك ما استحملت صبرا لفقده، ... وكلّ اصطبار عن سواه جميل
وقال أبو الفرج: ودير العذارى بسرّ من رأى إلى(2/522)
الآن موجود يسكنه الرواهب فجعلهما اثنين، وحدّث الجاحظ في كتاب المعلّمين قال: حدثني ابن فرج الثعلبي أن فتيانا من بني ملّاص من ثعلبة أرادوا القطع على مال يمرّ بهم قرب دير العذارى فجاءهم من خبّرهم أن السلطان قد علم بهم وأن الخيل قد أقبلت تريدهم فاستخفوا في دير العذارى فلما حصلوا فيه سمعوا أصوات حوافر الخيل التي تطلبهم وهي راجعة من الطلب فأمنوا فقال بعضهم لبعض: ما الذي يمنعكم أن تأخذوا القسّ وتشدّوه وثاقا ثم يخلو كل واحد منكم بواحدة من هذه الأبكار فإذا طلع الفجر تفرّقنا في البلاد وكنا جماعة بعدد الأبكار اللواتي كنّ أبكارا في حسابنا، ففعلنا ما اجتمعنا عليه فوجدنا كلّهنّ ثيّبات قد فرغ منهنّ القسّ قبلنا، فقال بعضنا:
ودير العذارى فضوح لهنّ، ... وعند القسوس حديث عجيب
خلونا بعشرين صوفيّة، ... ونيك الرواهب أمر غريب
إذا هنّ يرهزن رهز الظراف، ... وباب المدينة فجّ رحيب
لقد بات بالدير ليل التّمام ... أيور صلاب وجمع مهيب
سباع تموج وزاقولة ... لها في البطالة حظّ رغيب
وللقسّ حزن يهيض القلوب، ... ووجد يدلّ عليه النحيب
وقد كان عيرا لدى عانة، ... فصبّ على العير ليث هيوب
وقال الشابشتي: دير العذارى أسفل الحظيرة على شاطئ دجلة، وهو دير حسن حوله بساتين، قال:
وببغداد أيضا دير يقال له دير العذارى في قطعة النصارى على نهر الدّجاج، وسمّي بذلك لأن لهم صوم ثلاثة أيام قبل الصوم الكبير يسمى صوم العذارى فإذا انقضى الصوم اجتمعوا على الدير فتقرّبوا فيه أيضا، وهو مليح طيب، قال: وبالحيرة أيضا دير العذارى. ودير العذارى أيضا: موضع بظاهر حلب في بساتينها ولا دير فيه، ولعلّه كان قديما.
دَير العَسَل:
على غربي شاطئ نيل مصر من نواحي الصعيد، وهو دير مليح عجيب نزه عامر بالرهبان.
دَير العَلّثِ:
زعم قوم أنه دير العذارى بعينه، وقال الشابشتي: العلث قرية على شاطئ دجلة من الجانب الشرقي في قرب الحظيرة دون سامرّا، وهذا الدير راكب دجلة وهو من أنزه الديارات وأحسنها، وكان لا يخلو من أهل القصف، وفيه يقول جحظة البرمكي:
يا طول شوقي إلى دير ومسطاح، ... والسكر ما بين خمّار وملّاح
والريح طيبة الأنفاس فاغمة، ... مخلوطة بنسيم الورد والراح
سقيا ورعيا لدير العلث من وطن، ... لا دير حنّة من ذات الأكيراح
أيّام أيّام لا أصغي لعاذلة، ... ولا تردّ عناني جذبة اللاحي
وفيه دليل على أنه دير العذارى لأن الشعر في ذكر النساء، وقال أيضا:
أيها الجاذفان بالله جدّا، ... وأصلحا لي الشّراع والسكّانا(2/523)
بلّغاني، هديتما، البردانا، ... وانزلا لي من الدّنان دنانا
واعدلا بي إلى القبيصة الزّه ... راء حتى أفرج الأحزانا
فإذا ما تممت حولا تماما ... فاعدلا بي إلى كروم أوانا
واحططا لي الشراع بالدير بالعل ... ث لعلّي أعاشر الرهبانا
وظباء يتلون سفرا من الإن ... جيل باكرن سحرة قربانا
لابسات من المسوح ثيابا ... جعل الله تحتها أغصانا
خفرات، حتى إذا دارت الكأ ... س كشفن النّحور والصّلبانا
دَيرُ عَلْقَمَةَ:
بالحيرة، منسوب إلى علقمة بن عدي ابن الرميك بن ثوب بن أسس بن ربّى بن نمارة بن لخم، وفيه يقول عدي بن زيد العبادي:
نادمت في الدير بني علقما، ... عاطيتهم مشمولة عندما
كأنّ ريح المسك من كأسها ... إذا مزجناها بماء السما
علقم ما بالك لم تأتنا، ... أما اشتهيت اليوم أن تنعما؟
من سرّه العيش ولذّاته ... فليجعل الراح له سلّما
دَيْرُ عَمَانَ:
بنواحي حلب، وتفسيره بالسريانية دير الجماعة، قال فيه حمدان بن عبد الرحيم الحلبي:
دير عمان ودير سابان ... هجن غرامي وزدن أشجاني
إذا تذكّرت منهما زمنا ... قضّيته في عرام ريعاني
ومرّ به أبو فراس بن أبي الفرج البزاعي فقال ارتجالا:
قد مررنا بالدير دير عمانا، ... ووجدناه دائرا فشجانا
ورأينا منازلا وطلولا ... دارسات ولم نر السّكّانا
وأرتنا الآثار من كان فيها ... قبل تفنيهم الخطوب عيانا
فبكينا فيه، وكان علينا ... لا عليه لمّا بكينا بكانا
لست أنسى يا دير وقفتنا في ... ك وإن أورثتني النسيانا
من أناس حلّوك دهرا فخلّو ... ك وأمسوا قد عطّلوك الآنا
فرّقتهم يد الخطوب فأصبح ... ت خرابا من بعدهم أسيانا
وكذا شيمة الليالي، تميت ال ... حيّ منا وتهدم البنيانا
حربا ما الذي لقينا من الده ... ر وماذا من خطبها قد دهانا؟
نحن في غفلة بها وغرور، ... وورانا من الردى ما ورانا
دَير عَمرِو:
جبال في طيّء قرب قرية لهم يقال لها جوّ، قال زهير:
لئن حللت بجوّ في بني أسد ... في دير عمرو وحالت بيننا فدك
ليأتينّك مني منطق قذع ... باق كما دنّس القبطيّة الودك(2/524)
دَير الغادِرِ:
بالقرب من حلوان العراق على رأس جبل، وسمّي بهذا الاسم لأن قوما يزعمون أن أبا نواس خرج من العراق يريد خراسان فوصل إلى هذا الدير وكان فيه راهب مسلف حسن الوجه ظريف الهيئة فأضاف أبا نواس وقراه ولم يبق في أمره غاية، فلما شربا دعاه أبو نواس إلى البدال فأجابه، فلما قضى حاجته من أبي نواس غدر به وامتنع عليه، فقتله أبو نواس وانصرف ولم يكن بعده راهب بها لكنه مركز طوّاف حلوان يشربون فيها لهذه العلة ولأن موضعها طيب نزه، وعليها مكتوب بخط يزعمون أنه خط أبي نواس هذا البيت:
لم ينصف الراهب من نفسه، ... إذ ينكح الناس ولا ينكح
دَير الغَرْس:
بالغين معجمة، وآخره سين بينهما راء مهملة: قريب من جزيرة ابن عمر بينهما ثلاثة عشر فرسخا على رأس جبل عال كثير الرهبان.
دَير فاخُور:
بالأردنّ وهو الموضع الذي تعمّد فيه المسيح من يوحنا المعداني كعب بن مرة البهري ومعاذ بن جبل، وقيل غير ذلك، والله أعلم.
ديرُ الفَأرِ:
دير بأرض مصر على شاطئ النيل شاهق البناء إلى جانب دير الكلب، وهو حسن نزه كثير النخل والشجر إلّا أنه كثير الفأر جدّا مشهور بذلك قديما.
دير فَثيونَ:
أوله فاء ثم ثاء مثلثة، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: وهو دير بسرّ من رأى حسن نزه مقصود لطيبه وحسن موقعه، يقول فيه بعض الكتّاب:
يا ربّ دير عمرته زمنا ... ثالث قسّيسه وشمّاسه
لا أعدم الكاس من يدي رشإ ... يزري على المسك طيب أنفاسه
كأنه البدر لاح في ظلم اللي ... ل إذا حلّ بين جلّاسه
كأنّ طيب الحياة واللهو وال ... لذّات طرّا جمعن في كاسه
في دير فثيون ليلة الفص ... ح والليل بهيم ناء بحرّاسه
دَير فَطْرُس ودير بَوْلُس:
قال أبو الفرج: هذان الديران بظاهر دمشق بنواحي بني حنيفة في ناحية الغوطة، والموضع حسن عجيب كثير البساتين والأشجار والمياه، قال جرير:
لما تذكّرت بالدّيرين أرّقني ... صوت الدجاج وضرب بالنواقيس
فقلت للركب إذ جدّ الرحيل بنا: ... يا بعد يبرين من باب الفراديس!
وفيه يقول أيضا يرثي ابنه:
أودى سوادة يبدي مقلتي لحم ... باز يصرصر فوق المرقب العالي
إلّا تكن لك بالديرين باكية، ... فربّ باكية بالرمل معوال
قالوا: نصيبك من أجر، فقلت لهم: ... كيف القرار وقد فارقت أشبالي؟
دَير فِيقٍ:
هو في ظهر عقبة فيق، بكسر الفاء، وياء مثناة من تحت، وآخره قاف: وهي عقبة تنحدر إلى الغور من أرض الأردنّ ومن أعلاها تبين طبرية وبحيرتها، وهذا الدير فيما بين العقبة وبين البحيرة في لحف الجبل يتصل بالعقبة منقور في الحجر، وكان عامرا بمن فيه من الرّهبان ومن يطرقه من السّيّار،(2/525)
والنصارى يعظمونه، واجتاز به أبو نواس وفيه غلام نصرانيّ فقال فيه قصيدة، منها:
بحجّك قاصدا ما سرجسانا ... فدير النوبهان فدير فيق
وبالمطران إذ يتلو زبورا ... يعظّمه ويبكي بالشهيق
دَير قانون:
من نواحي دمشق، قال ابن منير يذكر متنزهات الغوطة:
فالماطرون فداريا فجارتها ... فآبل فمغاني دير قانون
دير القائم الأقصى:
على شاطئ الفرات من الجانب الغربي في طريق الرّقة من بغداد، قال أبو الفرج:
وقد رأيته وإنما قيل له القائم لأنّ عنده مرقبا عاليا كان بين الروم والفرس يرقب عليه على طرف الحدّ بين المملكتين شبه تل عقرقوف ببغداد وإصبع خفّان بظهر الكوفة، وعنده دير هو الآن خراب، وفيه يقول عبد الله بن مالك المغنّي، وقال الخالدي:
هو لإسحاق الموصلي:
بدير القائم الأقصى ... غزال شادن أحوى
برى حبي له جسمي، ... ولا يدري بما ألقى
وأكتم حبه جهدي، ... ولا والله ما يخفى
دير القِبابِ:
من نواحي بغداد، قال ابن حجاج:
يا خليليّ صرّفا لي شرابي ... بين درتا والدير دير القباب
أسفر الصبح فاسقياني وقد كا ... ن من الليل وجهه في نقاب
وانظرا اليوم كيف قد ضحك الزه ... ر إلى الروض من بكاء السحاب
إن صحوي، وماء دجلة يجري ... تحت غيم يصوب، غير صواب
أتركاني ممن يعيّر بالشي ... ب وينعى إليّ عهد الشباب
فبياض البازيّ أحسن لونا، ... إن تأملت، من سواد الغراب
ولعمر الشباب ما كان عنّي ... أول الراحلين من أحبابي
دير قُرَّة:
دير بإزاء دير الجماجم، وفيه نزل الحجّاج لما نزل ابن الأشعث بدير الجماجم، وقرّة الذي نسب إليه رجل من لخم بناه على طرف من البر في أيام المنذر بن ماء السماء وهو ملاصق لطرف البرّ ودير الجماجم مما يلي الكوفة، وقال ابن الكلبي: هو منسوب إلى قرّة، وهو رجل من بني حذافة بن زهر بن إياد، وكان ابن الأشعث احتاز دير الجماجم لتأتيه الميرة من الكوفة، ولما نزل الحجاج بدير قرّة قال: ما اسم هذا الموضع الذي نزل فيه ابن الأشعث؟
قيل له: دير الجماجم، فقال: تكثر فيه جماجمهم، وما هذا الذي نزلناه؟ قيل: دير قرّة، قال: يستقرّ فيه أمرنا وتقرّ فيه أعيننا، فكان الأمر كما قال.
دير القُصَير:
في ديار مصر في طريق الصعيد بقرب موضع هناك يقال له حلوان، وهو على رأس جبل مشرف على النيل في غاية النزاهة والحسن، وفيه صورة مريم وفي حجرها المسيح في غاية إتقان الصنعة، وكان خمارويه بن أحمد بن طولون يكثر غشيانه وتعجبه تلك الصورة ويشرب عليها، وبنى لنفسه في أعلاه قبة ذات أربع طاقات هي مشهورة به، وأهل مصر ينتابونه ويتنزهون فيه لقربه من الفسطاط، وقد ذكره الخالدي في أديرة العراق فغلط لكون كشاجم(2/526)
ذكره ونسبه إلى حلوان فظنّ أنه ليس في الدنيا موضع يقال له حلوان إلا التي في العراق، وفيما بلغني ثلاث وقد ذكرناها في موضعها، ومما يحقق كونه بمصر بعد أن ذكره الشابشتي في ديرة مصر قول كشاجم:
سلام على دير القصير وسفحه ... فجنات حلوان إلى النّخلات
منازل كانت لي بهنّ مآرب، ... وكنّ مواخيري ومنتزهاتي
إذا جئتها كان الجياد مراكبي، ... ومنصرفي في السفن منحدرات
ولحمان مما أمسكته كلابنا ... علينا ومما صيد بالشبكات
وأين الصيد بالشبك والانحدار في السفن من حلوان إلى العراق؟ ولمحمد بن عاصم المصري فيه:
إن دير القصير هاج ادّكاري ... لهو أيامنا الحسان القصار
وزمانا مضى حميدا سريعا، ... وشبابا مثل الرداء المعار
ولو ان الديار تشكو اشتياقا ... لشكت جفوتي وبعد مزاري
ولكادت تسير نحوي لما قد ... كنت فيها سيّرت من أشعاري
وكأني إذ زرته بعد هجر ... لم يكن من منازلي ودياري
إذ صعودي على الجياد إليه، ... وانحداري في المعتقات الجواري
بصقور إلى الدماء صواد، ... وكلاب على الوحوش ضوار
منزلا لست محصيا ما لقلبي ... ولنفسي فيه من الأوطار
منزلا من علوّه كسماء، ... والمصابيح حوله كالدراري
وكأنّ الرهبان في الشعر الأس ... ود سود الغربان في الأوكار
كم شربنا على التصاوير فيه ... بصغار محثوثة وكبار
صورة في مصوّر فيه ظلّت ... فتنة للقلوب والأبصار
أطربتنا بغير شدو فأغنت ... عن سماع العيدان والمزمار
لا وحسن العينين والشفة اللم ... ياء منها وخدها الجلّنار
لا تخلّفت عن مزاري دهرا ... هي منه ولو نأى بي مزاري
وقال كشاجم فيه أيضا:
ويوم على دير القصير تجاوبت ... نواقيسه لما تداعت أساقفه
جعلت ضحاه للطّراد وظهره ... بمجلس لهو معلنات معازفه
وأغيد معتمّ العذار بجمّة ... أخالسه أثمارها وأخاطفه
أما تريان الروض كيف بكى الحيا ... عليه فأضحت ضاحكات زخارفه
تسربل موشيّ البرود وأعلمت ... حواشيه من نوّاره ومطارفه
وناسب محمرّ الخدود بورده، ... وللصبّ منه منظر هو شاعفه(2/527)
وقد نثر الوسميّ بالطلّ فوقه ... لآلئ كالدمع الذي أنا ذارفه
وأعرس فيه بالشقيق نهاره، ... فأشبع من صبغ العذارى ملاحفه
ولاحظه بالنرجس الغضّ أعين ... فواتر إيماض الجفون ضعائفه
يغار على الصّفر التي هي شكله، ... وللحمرة الفضل الذي هو عارفة
دَيرُ القَلَمُون:
بأرض مصر ثم بأرض الفيوم مشهور عندهم معروف.
دَيرُ قُنَّى:
بضم أوله، وتشديد ثانيه، مقصور، ويعرف بدير مرماري السليخ، قال الشابشتي:
هو على ستة عشر فرسخا من بغداد منحدرا بين النّعمانية، وهو في الجانب الشرقي معدود في أعمال النهروان، وبينه وبين دجلة ميل، وعلى دجلة مقابله مدينة صغيرة يقال لها الصافية وقد خربت، ويقال له دير الأسكون أيضا، وبالقرب منه دير العاقول، وهو دير عظيم شبيه بالحصن المنيع وعليه سور عظيم عال محكم البناء وفيه مائة قلّاية لرهبانه وهم يتبايعون هذه القلالي بينهم من ألف دينار إلى مائتي دينار، وحول كل قلاية بستان فيه من جميع الثمار، وتباع غلة البستان منها من مائتي دينار إلى خمسين دينارا، وفي وسطه نهر جار، هذه صفته قديما، وأما الآن فلم يبق من ذلك غير سوره وفيه رهبان صعاليك كأنه خرب بخراب النهروان، وقد نسب إليه جماعة من جلة الكتّاب، منهم: فلان القنّائي، قرأت بخط أبي بكر محمد بن عبد الملك التاريخي حدثني محمد بن إسحاق البغوي قال: حدثني أبي قال: كان مالك بن شاهي يقرأ ذات يوم على يحيى بن خالد كتابا فجعل يعرب وجعفر بن يحيى حاضر فقال لابنه: ألا ترى إلى مالك كيف يعرب وهو من أهل دير قنّى؟
فقال مالك: أيما أقرب إلى البادية دير قنى أو بلخ؟
يريد أن البرامكة من بلخ وبسببهم كانت عمارته وهم الذين كانوا يتنافسون به، والمنحدر في دجلة يرى نوره من بعد، وقد وصفته الشعراء فقال ابن جمهور وهو أبو عليّ محمد بن الحسن القمّي وهو صاحب النوادر مع زادمهر جارية المنصور:
يا منزل اللهو بدير قنّى ... قلبي إلى تلك الربى قد حنّا
سقيا لأيامك لما كنا ... نمتار منك لذة وحسنا
أيام لا أنعم عيش منا ... إذا انتشينا وصحونا عدنا
وإن فنى دنّ نزلنا دنّا ... حتى يظن أننا جننّا
ومسعد في كل ما أردنا ... يحكي لنا الغصن الرطيب اللّدنا
أحسن خلق الله إذ تحنّا ... وجسّ زير عوده وغنّى
بالله يا قسيس يا با قنّا ... متى رأيت الرشأ الأغنّا
متى رأيت فتنتي تجنّا ... آه إذا ما ماس أو تثنى
أسأت إذ أحسنت فيك الظنّا
وله أيضا:
وكم وقفة في دير قنّى وقفتها ... أغازل ظبيا فاتر الطرف أحورا
وكم فتكة لي فيه لم أنس طيبها، ... أمتّ به حقّا وأحييت منكرا(2/528)
أغازل فيه شادنا أو غزالة، ... وأشرب فيه مشرق اللون أحمرا
دَيرُ قِنِّسْري:
على شاطئ الفرات من الجانب الشرقي في نواحي الجزيرة وديار مضر مقابل جرباس، وجرباس شامية، وبين هذا الدير ومنبج أربعة فراسخ، وبينه وبين سروج سبعة فراسخ، فهو دير كبير كان فيه أيام عمارته ثلاثمائة وسبعون راهبا، ووجد في هيكله مكتوبا:
أيا دير قنسري كفى بك نزهة ... لمن كان بالدنيا يلذّ ويطرب
فلا زلت معمورا ولا زلت آهلا، ... ولا زلت مخضرّا تزار وتعجب
دَيرُ قوطَا:
بالبردان من نواحي بغداد على شاطئ دجلة بين البردان وبغداد، وهو نزه كثير البساتين والمزارع، وفيه يقول عبد الله بن العباس بن الفضل ابن الربيع:
يا دير قوطا لقد هيّجت لي طربا ... أزاح عن قلبي الأحزان والكربا
كم ليلة فيك واصلت السرور بها ... لما وصلت به الأدوار والنّخبا
في فتية بذلوا في القصف ما ملكوا ... وأنفقوا في التصابي العرض والنّشبا
وشادن ما رأت عيني له شبها ... في الناس لا عجما منهم ولا عربا
إذا بدا مقبلا ناديت وا طربا، ... وإن مضى معرضا ناديت وا حربا
أقمت بالدير حتى صار لي وطنا ... من أجله ولبست المسح والصّلبا
وصار شمّاسه لي صاحبا وأخا، ... وصار قسيسه لي والدا وأبا
دَير القَيَّارَة:
وهو لليعقوبية على أربعة فراسخ من الموصل في الجانب الغربي من أعمال الحديثة مشرف على دجلة وتحته عين القار، وهي عين تفور بماء حارّ وتصب في دجلة، وقد ذكرناها سابقا في الحمامات، ويخرج معه القار، فما دام القير في مائه فهو لين ممتدّ، فإذا فارق الماء وبرد جفّ، وهناك قوم يجمعون هذا القير ويغرفونه من مائه بالقفاف ويطرحونه على الأرض، ولهم قدور حديد مركبة على مستوقدات فيطرح القير في القدور وينحلّ له ويطرح عليه بمقدار يعرفونه ويوقد تحته حتى يذوب ويختلط بالرمل، وهم يحركونه تحريكا فإذا بلغ حدّ استحكامه صبّ على وجه الأرض، ويقصدون هذا الموضع للتنزه والشرب، ويستحمون من ذلك الماء الذي يخرج مع القار لأنه يقوم مقام الحمامات في قلع البثور وغيرها من الأدواء، وله قائم، وكل دير لليعقوبية والملكانية فعنده قائم، وديارات النسطورية لا قائم لها.
دَيرُ كاذي:
بحرّان.
دَيرُ قَيس:
في كتاب الشام: خالد بن سعيد بن محمد ابن أبي عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ذكره وأباه ابن أبي العجائز في تسمية من كان بالغوطة من بني أمية وأنهما كانا يسكنان دير قيس من خولان.
دَير كَرْدَشيرَ:
هو في المفازة التي بين الريّ وقمّ، ذكره مسعر في رسالته، وهو حصن عظيم عاديّ هائل البناء له أبرجة مفرطة الكبر والعلوّ وسوره عال مبنيّ بالآجرّ الكبار وداخله أبنية وآزاج وعقود، ويكون تقدير صحنه جريبين مساحة وأكثر، وعلى بعض أساطينه مكتوب: تقوّم الآجرّة من آجرّ هذا(2/529)
بدرهم وثلاثة أرطال خبز ودانق توابل وقنينة خمر صاف فمن صدّق بذلك وإلا فلينطح رأسه بأي أركانه شاء، وحوله صهاريج منقورة في الحجارة واسعة.
دَيرُ الكلب:
هو بنواحي الموصل بينها وبين جزيرة ابن عمر من ناحية باعذرا من أعمال الموصل، له قلالي ورهبان كثير، فمن عضه الكلب الكلب وبودر بالحمل إليه وعالجه رهبانه برئ، وإن تجاوز الأربعين يوما فلا حيلة لهم فيه، وله رستاق ومزارع، وفيه يقول السفاح:
سقى ورعى الله دير الكلا ... ب ومن فيه من راهب ذي أدب
دَيرُ كومَ:
بضم الكاف، وسكون الواو: قريب من العمادية من بلاد الهكّارية من أعمال الموصل بالقرب منه قرية يقال لها كوم نسب إليها الدير، وهو عامر إلى الآن.
دَيرُ لُبَّى:
بضم اللام، ورواه ابن المعلّى الأزدي بالكسر وتشديد الباء الموحدة والقصر، ذكره أبو الفرج، ويروى لبنى بالنون، قال: وهو دير قديم على جانب الفرات بالجانب الشرقي منها، وهو من منازل بني تغلب، ذكره الأخطل فقال:
عفا دير لبّى من أميمة فالحفر، ... وأقفر إلّا أن يلمّ به ركب
قضين من الديرين همّا طلبنه، ... فهنّ إلى لهو وجارتها سرب
وهناك كانت وقائع بين بني تغلب وبني شيبان ومغالبة على تلك البلاد، قال ابن مقبل:
كأنّ الخيل إذ صبّحن كلبا ... يرين وراءهم ما يبتغينا
سخطن فلا يزينهم بواء، ... فلا ينزعن حتى يعتدينا
ولو كحلت حواجب آل قيس ... بتغلب بعد كلب ما قرينا
فما تسلم لكم أفراس قيس، ... ولا ترجو البنات ولا البنينا
أثرن عجاجة في دير لبّى، ... وبالحضرين شيّبن القرونا
دَيرُ اللُّجّ:
هو بالحيرة بناه النعمان بن المنذر أبو قابوس في أيام مملكته ولم يكن في ديارات الحيرة أحسن بناء منه ولا أنزه موضعا، وفيه قيل:
سقى الله دير اللجّ غيثا، فإنه، ... على بعده مني، إليّ حبيب
قريب إلى قلبي، بعيد محله، ... وكم من بعيد الدار وهو قريب
يهيّج ذكراه غزال يحلّه ... أغنّ سحور المقلتين ربيب
إذا رجّع الإنجيل واهتزّ مائدا ... تذكّر محزون وحنّ غريب
وهاج لقلبي عند ترجيع صوته ... بلابل أسقام به ووجيب
وفيه يقول إسماعيل بن عمّار الأسدي:
ما أنس سعدة والزّرقاء يومهما ... باللّجّ شرقيّه فوق الدكاكين
وذكر جرير فقال: نقلته من خط ابن أخي الشافعي، وقال: هو بظاهر الحيرة:
يا ربّ عائذة بالغور لو شهدت ... عزّت عليها بدير اللّجّ شكوانا(2/530)
إنّ العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لا يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللّبّ حتى لا حراك به، ... وهنّ أضعف خلق الله أركانا
يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم ... لاقى مباعدة منكم وحرمانا
دَير مارْت مَرُوثا:
هذا دير كان في سفح جبل جوشن مطلّ على مدينة حلب مطلّ على العوجان، وقال الخالدي: هو صغير وفيه مسكنان أحدهما للنساء والآخر للرجال ولذلك سمّي بالبيعتين، وقلّ ما مرّ به سيف الدولة إلّا نزل به، وكان يقول:
كانت والدتي محسنة إلى أهله وتوصيني به، وفيه بساتين قليلة وزعفران، وفيه يقول الحسين بن علي التميمي:
يا دير مارت مروثا، ... سقيت غيثا مغيثا
فأنت جنة حسن، ... قد حزت روضا أثيثا
قال عبد الله الفقير إليه: ذهب ذلك الدير ولا أثر له الآن وقد استجد في موضعه الآن مشهد زعم الحلبيون أنهم رأوا الحسين بن علي، رضي الله عنهما، يصلي فيه فجمع له المتشيعون بينهم مالا وعمروه أحسن عمارة وأحكمها، وفيه أيضا يقول بعض الشاميّين:
بدير مارت مروثا ال ... شريف ذي البيعتين
والرّاهب المتحلّي ... والقسّ ذي الطّمرين
إلّا رثيت لصبّ ... مشارف للحسين
قد شفّه منك هجر ... من بعد لوعة بين
دَير مارت مَرْيَمَ:
دير قديم من بناء آل المنذر بنواحي الحيرة بين الخورنق والسدير وبين قصر أبي الخصيب مشرف على النجف، وفيه يقول الثرواني:
بمارت مريم الكبرى ... وظلّ فنائها فقف
فقصر أبي الخصيب المش ... رف الموفي على النجف
فأكناف الخورنق وال ... سدير ملاعب السلف
إلى النخل المكمم وال ... حمائم فوقه الهتف
وبنواحي الشام دير آخر يقال له مارت مريم، وفيه يقول الشاعر:
نعم المحلّ لمن يسعى للذّته ... دير لمريم فوق الظهر معمور
ظلّ ظليل وماء غير ذي أسن، ... وقاصرات كأمثال الدّمى حور
قال الخالدي: وبالشام دير آخر يقال له مارت مريم، وهو من قديم الديرة، ونزله الرشيد، وفيه يقول بعض شعراء الشام:
بدير مارت مريم ... ظبي مليح المبسم
قال الشابشتي: ودير أتريب بمصر يقال له دير مارت مريم.
دير مارْفايثون:
بالحيرة أسفل النجف، شاهده قد ذكر في دير ابن المزعوق.
دير مانَخايال:
وهو دير بانخايال: وهو بأعلى الموصل على ميل منها مشرف على دجلة ذو كروم ونزه حسن، وهو دير ميخائيل أيضا، وله ثلاثة أسام، وقد قال فيه الخالدي:
بمانخايال إن حاولتما طلبي ... فأنتما تجداني ثمّ مطروحا
يا صاحبيّ هو العمر الذي جمعت ... فيه المنى فاغدوا بالدير أو روحا
دير ماسَرْجَبيس:
قال أبو الفرج والخالدي: هو بالمطيرة قرب سامرّا، وفيه يقول عبد الله بن العباس(2/531)
ابن الفضل:
ربّ صهباء من شراب المجوس ... قهوة بابلية خندريس
وغزال مكحّل ذي دلال ... ساحر الطرف بابليّ عروس
قد خلونا بظبية نجتليه، ... يوم سبت إلى صباح الخميس
بين آس وبين ورد جنيّ ... وسط دير القسيس ما سرجبيس
يتثنّى بحسن جيد غزال ... وصليب مفضض آبنوس
كم لثمت الصليب في الجيد منه ... كهلال مكلّل بشموس
وقال الشابشتي: دير ماسرجبيس بعانة، وعانة:
مدينة على الفرات عامرة والدير فيها، وهو دير حسن نزه كثير الرهبان، والناس يقصدونه من هيت وغيرها للنزهة، ثم أنشد الأبيات التي أولها:
ربّ صهباء من شراب المجوس
وزعم أنها لأبي طالب الواسطي المكفوف، قال:
وبهذا الموضع قبر أمّ الفضل بن يحيى بن برمك وكانت أرضعت الرشيد بلبن الفضل وكان يحبها ويكرمها، وكانت قد صحبته في نفوذه إلى الرقّة فماتت بهذا الموضع فاشترى لها عشرة أجربة عند وادي القناطر على شاطئ الفرات ودفنت هناك وبنى عليها قبة فهي تعرف بقبة البرمكية.
دير الماطِرُونِ:
قد ذكرنا الماطرون في موضعه، وقال أبو محمد حمزة بن القاسم: قرأت على حائط من بستان الماطرون هذه الأبيات:
أرقت بدير الماطرون كأنني ... لساري النجوم آخر الليل حارس
وأعرضت الشّعرى العبور كأنها ... معلّق قنديل عليها الكنائس
ولاح سهيل عن يميني كأنه ... شهاب نجاة وجهه الريح قابس
وهذه أبيات قديمة تروى لأرطأة بن سهيّة.
دير مَتَّى:
بشرقي الموصل على جبل شامخ يقال له جبل متّى، من استشرفه نظر إلى رستاق نينوى والمرج، وهو حسن البناء وأكثر بيوته منقورة في الصخر، وفيه نحو مائة راهب لا يأكلون الطعام إلا جميعا في بيت الشتاء أو بيت الصيف، وهما منقوران في صخرة كل بيت منهما يسع جميع الرهبان، وفي كلّ بيت عشرون مائدة منقورة من الصخر، وفي ظهر كل واحدة منهنّ قبالة برفوف وباب يغلق عليها، وفي كل قبالة آلة المائدة التي تقابلها من غضارة وطوفريّة وسكرّجة لا تختلط آلة هذه بآلة هذه، ولرأس ديرهم مائدة لطيفة على دكان لطيف في صدر البيت يجلس عليها وحده وجميعها حجر ملصق بالأرض، وهذا عجيب أن يكون بيت واحد يسع مائة رجل وهو وموائده حجر واحد، وإذا جلس رجل في صحن هذا الدير نظر إلى مدينة الموصل، وبينهما سبعة فراسخ، ووجد على حائط دهليزه مكتوبا:
يا دير متّى سقت أطلالك الدّيم، ... وانهلّ فيك على سكانك الرّهم
فما شفى غلّتي ماء على ظمإ ... كما شفى حرّ قلبي ماؤك الشبم
ديرُ المُحَرَّقِ:
في غربي النيل بمصر على رأس جبل من الصعيد الأدنى مليح نزه حسن العمارة لم ير(2/532)
أحسن منه ولا أحكم عمارة، والنصارى يعظمونه ويزعمون أن المسيح، عليه السلام، لما ورد مصر كان نزوله به ومستقرّه فيه.
دير محمد:
من نواحي دمشق، قال الحافظ أبو القاسم:
محمد بن الوليد بن عبد الله بن مروان بن الحكم بن أبي العاصي بن أميّة الأموي أمّه أمّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان كان عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، يراه أهلا للخلافة، وإليه تنسب المحمديات التي فوق الأرزة ودير محمد الذي عند المنيحة من إقليم بيت الآبار، وتزوّج محمد هذا ابنة عمه يزيد بن عبد الملك.
دير المُحَلّى:
بساحل جيحان من الثغر قرب المصّيصة حسن مشرف على رياض وأزهار وأثمار، وقد قيل فيه أشعار، قال ابن أبي زرعة الدمشقي الشاعر:
دير محلّى محلّة الطرب، ... وصحنه صحن روضة الأدب
والماء والخمر فيه قد سكبا ... للضيف من فضة ومن ذهب
دير مخراق:
من أعمال خوزستان.
دير مِدْيانَ:
على نهر كرخايا قرب بغداد، وكرخايا:
نهر يشق من المحوّل الكبير ويمرّ على العباسية ويشق الكرخ ويصب في دجلة، وكان قديما عامرا وكان الماء فيه جاريا ثم انقطعت جريته بالبثوق التي انفتحت في الفرات، وقد ذكر في بابه، وهو دير حسن نزه يقصده أهل اللهو، وفيه يقول الحسين الخليع:
حثّ المدام فإن الكأس مترعة ... بما يهيج دواعي الشوق أحيانا
إني طربت لرهبان مجاوبة، ... بالقدس بعد هدوّ الليل، رهبانا
فاستنفرت شجنا مني ذكرت به ... كرخ العراق وأحزانا وأشجانا
فقلت، والدمع من عينيّ منحدر، ... والشوق يقدح في الأحشاء نيرانا:
يا دير مديان لا عرّيت من سكن ... ما هجت من سقم يا دير مديانا
هل عند قسك من علم فيخبرني ... أن كيف يسعد وجه الصبر من بانا
سقيا ورعيا لكرخايا وساكنه ... بين الجنينة والروحاء من كانا
وروى غير الشابشتي هذا الشعر في دير مرّان وأنشده كذا، والصواب ما كتب لتقارب هذه الأمكنة المذكورة بعضها من بعض، والله أعلم.
دير مُرَّان:
بضم أوله، بلفظ تثنية المرّ، والذي بالحجاز مرّان، بالفتح، قال الخالدي: هذا الدير بالقرب من دمشق على تل مشرف على مزارع الزّعفران ورياض حسنة، وبناؤه بالجصّ وأكثر فرشه بالبلاط الملوّن، وهو دير كبير وفيه رهبان كثيرة، وفي هيكله صورة عجيبة دقيقة المعاني، والأشجار محيطة به، وفيه قال أبو بكر الصّنوبري:
أمرّ بدير مرّان فأحيا، ... وأجعل بيت لهوي بيت لهيا
ويبرد غلّتي بردى فسقيا ... لأيام على بردى ورعيا
ولي في باب جيرون ظباء ... أعاطيها الهوى ظبيا فظبيا
ونعم الدار داريّا، ففيها ... حلالي العيش حتى صار أريا(2/533)
سقت دنيا دمشق لنصطفيها، ... وليس نريد غير دمشق دنيا
تفيض جداول البلور فيها ... خلال حدائق ينبتن وشيا
مظللة فواكهها بأبهى ال ... مناظر في نواضرها وأهيا
فمن تفاحة لم تعد خدّا، ... ومن رمانة لم تخط ثديا
وله فيه:
متى الأرحل محطوطه ... وعير الشوق مربوطه
بأعلى دير مرّان ... فداريّا إلى الغوطة
فشطّي بردى في جن ... ب بسط الروض مبسوطه
رباع تهبط الأنها ... ر منها خير مهبوطه
وروض أحسنت تكتي ... به المزن وتنقيطه
ومدّ الورد والآس ... لنا فيه فساطيطه
ووالى طيره ترجي ... عه فيه وتمطيطه
محلّ لا ونت فيه ... مزاد المزن معطوطه
قال الطبراني: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: سمعت أبا مسهر يقول: كان يزيد بن معاوية بدير مرّان فأصاب المسلمين سباء وقتل بأرض الروم فقال يزيد:
وما أبالي بما لاقت جموعهم ... بالغذقدونة من حمّى ومن موم
إذا اتكأت على الأنماط مرتفقا ... بدير مرّان عندي أمّ كلثوم
وأم كلثوم هي بنت عبد الله بن عامر بن كريز زوجته، فبلغ معاوية ذلك فقال: لا جرم ليلحقنّ بهم ويصيبه ما أصابهم وإلا خلعته، فتهيّأ للرحيل وكتب إليه:
تجنّى لا تزال تعدّ ذنبا ... لتقطع حبل وصلك من حبالي
فيوشك أن يريحك من بلائي ... نزولي في المهالك وارتحالي
ودير مرّان أيضا: على الجبل المشرف على كفر طاب قرب المعرّة يزعمون أن فيه قبر عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وهو مشهور بذلك يزار إلى الآن.
دَيْرُ مَرتُومَا:
هذا الدير بميّافارقين على فرسخين منها على جبل عال له عيد يجتمع الناس إليه، وهو مقصود لذلك وتنذر له النذور وتحمل إليه من كل موضع ويقصده أهل البطالة والخلاعة، وتحته برك يجتمع فيها ماء الأمطار، ومرتوما شاهد فيه تزعم النصارى أن له ألف سنة وزيادة، وأنه شاهد المسيح، عليه السلام، وهو في خزانة خشب له أبواب تفتح أيام أعيادهم فيظهر منه نصفه الأعلى، وهو ظاهر قائم وأنفه وشفته مقطوعان، وذلك أن امرأة احتالت به حتى قطعت أنفه وشفته ومضت بهما فبنت عليهما دارا في البريّة في طريق تكريت، قاله الشابشتي.
دَيْرُ مَرْجُرْجِسَ:
بالمزرفة، بينه وبين بغداد أربعة فراسخ مصعدا، والمزرفة: قرية كبيرة(2/534)
وكانت قديما ذات بساتين عجيبة وفواكه غريبة، وكان هذا الدير من متنزهات بغداد لقربه وطيبه، وفيه يقول أبو جفنة القرشي:
ترنّم الطير بعد عجمته، ... وانحسر البرد في أزمّته
وأقبل الورد والبهار إلى ... زمان قصف يمشي برمّته
ما أطيب الوصل إن نجوت ولم ... يلسعني هجره بحمّته
ومثل لون النجيع صافية ... تذهب بالمرء فوق همته
نازعته من سداه لي أبدا ... في العشق والعشق مثل لحمته
في دير مرجرجس وقد نفح ال ... فجر علينا أرواح زهرته
وفى بميعاده وزورته ... وكنت أوفي له بذمته
دَير مَرْجُرجِيس:
فوق بلد بينها وبين جزيرة ابن عمر على ثلاثة فراسخ وأزيد من بلد على جبل عال يبصره المتأمل من فراسخ كثيرة، وعلى بابه شجرة لا يدرى ما هي، ثمرها شبه اللوز طيب الطعم، وبها زرازير كثيرة لا تفارقه شتاء ولا صيفا، ولا يقدر أحد من الصيادين على صيد شيء من طيره نهارا، وأما الليل ففي جبله أفاع لا يستطيع أحد أن يسير فيه ليلا من أجلها، قاله الخالدي.
دَيْرُ مَرْحَنَّا:
بمصر على شاطئ بركة الحبش بينه وبين الفسطاط قريب من النيل، وإلى جانبه بساتين ومجلس على عمد رخام مليح البناء جيد الصنعة أنشأه تميم بن المعزّ، وبقرب الدير بئر تعرف ببئر مماتي عليها شجرة جمّيز يجتمع إليها الناس ويتنزهون عندها، وهو نزه طيب خصوصا إذا زاد النيل وامتلأت البركة فهو أحسن متنزه بمصر، وفيه يقول ابن عاصم:
عرّج بجمّيزة العرجا مطيّاتي ... وسفح حلوان والمم بالتّويثات
والمم بقصر ابن بسطام فربّتما ... سعدت فيه بأيامي وليلاتي
واقرأ على دير مرحنّا السلام، فقد ... أبدى تذكره مني صباباتي
وبركة الحبش اللاتي ببهجتها ... أدركت ما شئت من لهوي ولذّاتي
كأنّ أجبالها من حولها سحب ... تقشّعت بعد قطر عن سماوات
كأن أذناب ما قد صيد فيه لنا ... من ابرميس ورأي بالشّبيكات
أسنّة خضبت أطرافها بدم، ... أو راشح نزعوه من جراحات
منازلا كنت أغشيها وأطرقها، ... وكنّ قدما مواخيري وحاناتي
وقال أميّة بن أبي الصلت المغربي يذكر دير مرحنّا:
يا دير مرحنّا لنا ليلة ... لو شريت بالنفس لم تبخس
بتنا به في فتية أعربت ... آدابهم عن شرف الأنفس
والليل في شملة ظلمائه ... كأنه الراهب في البرنس
نشربها صهباء مشمولة ... تغني عن المصباح في الحندس(2/535)
وهي إذا نفّس عن دنّها ... أذكى من الرّيحان في المجلس
يسعى بها أهيف طاوي الحشا، ... يرفل في ثوب من السندس
تجنيك خدّاه وألحاظه ... نوعين من ورد ومن نرجس
قد عقد المئزر من خصره ... على قضيب البانة الأملس
يفعل في الشّرب بألحاظه ... أضعاف ما يفعل بالأكؤس
دَيْر مَرْقُس:
من نواحي الجزر من نواحي حلب، قال حمدان بن عبد الرحيم يذكره:
ألا هل إلى حثّ المطايا إليكم ... وشمّ خزامى حربنوش سبيل؟
وهل غفلات الدهر في دير مرقس ... تعود وظلّ اللهو فيه ظليل؟
إذا ذكرت لذّاتها النفس عندكم ... تلاقى عليها وجدة وعويل
بلاد بها أمسى الهوى، غير أنني ... أميل مع الأقدار حيث تميل
دَيرُ مَرْعَبْدَا:
بذات الأكيراح من نواحي الحيرة، منسوب إلى مرعبدا بن حنيف بن وضّاح اللحياني كان مع ملوك الحيرة، وهو دير ابن وضّاح.
دَيرُ مَرْمَاجُرْجُس:
دير بنواحي المطيرة، قال فيه أبو الطيب القاسم بن محمد النّميري صديق ابن المعتزّ وذكره الشابشتي مع دير مرجرجس ولعله هو هو:
نزلت بمرماجرجس خير منزل، ... ذكرت به أيام لهو مضين لي
تكنّفنا فيه السرور وحفّنا، ... فمن أسفل يأتي السرور ومن عل
وسالمت الأيام فيه وساعدت ... وصارت صروف الحادثات بمعزل
يدير علينا الكأس فيه مقرطق ... يحثّ به كاساته ليس يأتلي
فيا عيش ما أصفى ويا لهو دم لنا، ... ويا وافد اللذات حيّيت فانزل
دَيرُ مَرْمَاري:
من نواحي سامرّا عند قنطرة وصيف، وكان عامرا كثير الرهبان، ولأهل اللهو به إلمام، وفيه يقول الفضل بن العباس بن المأمون:
أنضيت في سرّ من را خيل لذّاتي، ... ونلت منها هوى نفسي وحاجاتي
عمّرت فيها بقاع اللهو منغمسا ... في القصف ما بين أنهار وجنّات
بدير مرمار إذ نحيي الصّبوح به، ... ونعمل الكاس فيه بالعشيّات
بين النواقيس والتقديس آونة، ... وتارة بين عيدان ونايات
وكم به من غزال أغيد غزل ... يصيدنا باللحاظ البابليّات
قال الشابشتي: ودير قنّى يقال له دير مرماري.
ديرُ مَرْماعُوث:
على شاطئ الفرات من الجانب الغربي في موضع نزه إلا أن العمارة حوله قليلة، وللعرب عليه خفارة، وفيه جماعة من الرهبان لهم حوله مزارع ومباقل، وفي صدره صورة حسنة عجيبة، وفيه يقول الشاعر الكندي المنبجي:
يا طيب ليلة دير مرماعوث، ... فسقاه ربّ الناس صوب غيوث(2/536)
وسقى حمامات هناك صوادحا ... أبدا على سدر هناك وتوث
ومورّد الوجنات من رهبانه، ... هو بينهم كالظبي بين ليوث
ذي لثغة فتانة فيسمّي الط ... اووس حين يقول بالطاووث
حاولت منه قبلة فأجابني: ... لا والمثيح وحرمة الناقوث
أتراك ما تخشى عقوبة خالق ... تعثيه بين شمامث وقثوث
حتى إذا ما الراح سهّل حثّها ... منه العسير برطلة المحثوث
نلت الرّضا وبلغت قاصية المنى ... منه برغم رقيبه الدّيّوث
ولقد سلكت مع النصارى كلّ ما ... سلكوه غير القول بالثالوث
بتناول القربان والتكفير للص ... لبان والتمسيح بالطّيبوث
ورجوت عفو الله متكلا على ... خير الأنام نبيّه المبعوث
دَيرُ مَرْيُحنَّا:
إلى جانب تكريت على دجلة، وهو كبير عامر كثير القلّايات والرهبان مطروق مقصود وينزل به المجتازون ولهم فيه ضيافة، وله غلّات ومزارع، وهو للنسطورية، وعلى بابه صومعة عبدون الراهب رجل من الملكانية بنى الصومعة ونزلها فصارت تعرف به، وفيه يقول عمر بن عبد الملك الورّاق العنزي:
أرى قلبي قد حنّا ... إلى دير مريحنّا
إلى غيطانه الفسخ ... إلى بركته الغنّا
إلى ظبي من الإنس ... يصيد الإنس والجنّا
إلى غصن من الآس ... به قلبي قد حنّا
إلى أحسن خلق الله ... إن قدّس أو غنّى
فلما انبلج الصبح ... نزلنا بيننا دنّا
ولما دارت الكاس ... أدرنا بيننا لحنا
ولما هجع السّمّا ... رنمنا وتعانقنا
دَيْرمَرْيونانَ:
ويقال عمر ماريونان: بالأنبار على الفرات كبير وعليه سور محكم والجامع ملاصقه، وفيه يقول الحسين بن الضحاك:
آذنك الناقوس بالفجر، ... وغرّد الراهب في العمر
واطرّدت عيناك في روضة ... تضحك عن حمر وعن صفر
وحنّ مخمور إلى خمره، ... وجاءت الكاس على قدر
فارغب عن النّوم إلى شربها ... ترغب عن الموت إلى النشر
دَيْرُ المَزْعُوق:
ويقال دير ابن المزعوق: وهو قديم بظاهر الحيرة، قال محمد بن عبد الرحمن الثّرواني:
قلت له والنجوم طالعة ... في ليلة الفصح أول السحر:
هل لك في مارفايثون وفي ... دير ابن مزعوق غير مقتصر
يقتصّ منه النسيم عن طرق الش ... ام وريح النّدى عن المدر
ونسأل الأرض عن بشاشتها ... وعهدها بالربيع والمطر
في شرب خمر وصدع محسنة ... تلهيك بين اللسان والوتر
35- 2 معجم البلدان دار صادر(2/537)
دَيْرُ مسحل:
بين حمص وبعلبكّ، ذكر في الفتوح.
دَيْرُ المُغان:
بحمص في خربة بني السّمط تحت تلّهم، وهو دير عظيم الشأن عندهم كبير القدر فيه رهبان كثيرة، وترابه يختم عليه للعقارب ويهدى إلى البلاد قاطبة، وتتنافس النصارى في موضع مقبرته.
دَيْرُ ميخائيلَ:
في موضعين: بالموصل وبدمشق، وله غير أسماء: اسم الذي في الموصل يقال له دير مار نخايال، وفي دمشق يقال له دير البخت، وقد ذكر.
دَيرُ مَلْكِيسَاوَا:
بالفتح ثم السكون، وكسر الكاف، وياء مثناة من تحتها، وسين مهملة: مطلّ على دجلة فوق الموصل بينهما نحو فرسخ ونصف، وهو دير صغير.
دَيرُ مَنْصور:
في شرقي الموصل مطلّ على نهر الخابور، وهو دير كبير عامر في أيامنا هذه.
دَيرُ مِيمَاسَ:
بين دمشق وحمص على نهر يقال له ميماس، وإليه نسب، وهو في موضع نزه، وبه شاهد على زعمهم من حواريّي عيسى، عليه السلام، زعم رهبانه أنه يشفي المرضى، وكان البطين الشاعر قد مرض فجاؤوا به إليه يستشفي فيه فقيل إنّ أهله غفلوا عنه فبال قدّام قبر الشاهد، واتفق أن مات عقيب ذلك، فشاع بين أهل حمص أنّ الشاهد قتله وقصدوا الدير ليهدموه وقالوا: نصرانيّ يقتل مسلما لا نرضى! أو تسلموا إلينا عظام الشاهد حتى نحرقها، فرشا النصارى أمير حمص حتى رفع عنهم العامة، فقال شاعر يذكر ذلك:
يا رحمتا لبطين الشعر إذ لعبت ... به شياطينه في دير ميماس
وافاه وهو عليل يرتجي فرجا، ... فردّه ذاك في ظلمات أرماس
وقيل شاهد هذا الدير أتلفه ... حقّا مقالة وسواس وخنّاس
أأعظم باليات ذات مقدرة ... على مضرّة ذي بطش وذي باس!
لكنهم أهل حمص لا عقول لهم، ... بهائم غير معدودين في الناس
دَيرُ نجْرَانَ:
في موضعين: أحدهما باليمن لآل عبد المدان بن الدّيّان من بني الحارث بن كعب ومنه جاء القوم الذين أرادوا مباهلة النبي، صلى الله عليه وسلّم، وكان بنو عبد المدان بن الدّيّان بنوه مربّعا مستوي الأضلاع والأقطار مرتفعا من الأرض يصعد إليه بدرجة على مثال بناء الكعبة، فكانوا يحجونه هم وطوائف من العرب ممن يحلّ الأشهر الحرم ولا يحج الكعبة ويحجه خثعم قاطبة، وكان أهل ثلاثة بيوتات يتبارون في البيع وربها أهل المنذر بالحيرة وغسان بالشام وبنو الحارث بن كعب بنجران، وبنوا دياراتهم في المواضع النزهة الكثيرة الشجر والرياض والغدران ويجعلون في حيطانها الفسافس وفي سقوفها الذهب والصّور، وكان بنو الحارث بن كعب على ذلك إلى أن جاء الإسلام فجاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلّم، العاقب والسيد وإيليا أسقف نجران للمباهلة ثم استعفوه منها من قبل أن تتم، وكانوا يركبون إليها في كل يوم أحد وفي أيام أعيادهم في الديباج المذهب والزنانير المحلاة بالذهب وبعد ما يقضون صلاتهم ينصرفون إلى نزههم ويقصدهم الوفود والشعراء فيشربون ويستمعون الغناء ويهنون ويسكرون، وفي ذلك يقول الأعشى:
وكعبة نجران حتم علي ... ك حتى تناخي بأبوابها
تزور يزيدا وعبد المسيح ... وقيسا هم خير أربابها(2/538)
إذا الحبرات تلوّت بهم ... وجرّوا أسافل هدّابها
وشاهدنا الجلّ والياسمي ... ن والمسمعات بقصّابها
وبربطنا معمل دائم، ... فأي الثلاثة أزرى بها؟
ودير نجران أيضا: بأرض دمشق من نواحي حوران ببصرى، وإليه ورد النبي، صلى الله عليه وسلّم، وعرفه الراهب بحيرا في القصة المشهورة في أخبار معجزات النبي، صلى الله عليه وسلّم، وهو دير عظيم عجيب العمارة، ولهذا الدير ينادى في البلاد من نذر نذرا لنجران المبارك، والمنادي راكب فرس يطوف عامة نهاره، في كل مدينة مناد، وللسلطان على الدير قطيعة يأخذها من النذور التي تهدى إليه، وأما نجران فأذكرها في بابها وأصفها.
دَيرُ نُعْمٍ:
أظنه قرب رحبة مالك بن طوق لأن هناك موضعا هكذا اسمه، قال:
قضت وطرا من دير نعم وطالما
دَيرُ النَّقِيرَةِ:
في جبل قرب المعرة يقال به قبر عمر ابن عبد العزيز، رضي الله عنه، والصحيح أنه في دير سمعان كما ذكرناه، وبهذا الموضع قبر الشيخ أبي زكرياء يحيى المغربي، وكان من الصالحين يزار في أيامنا عن قرب نحو سنة 600.
دَيرُ النمل:
بالقرب من مدينة بلد شماليّا بينهما نحو فرسخ.
دَيرُ نَهيَا:
ونهيا بالجيزة من أرض مصر، وديرها هذا من أحسن الديارات بمصر وأنزهها وأطيبها موضعا وأجلّها موقعا، عامر برهبانه وسكانه، وله في النيل منظر عجيب لأن الماء يحيط به من جميع جهاته فإذا انصرف الماء وزرع أظهرت أراضيه أنواع الأزهار، وله خليج يجتمع فيه أنواع الطيور فهو متصيّد أيضا، ولابن البصري فيه يذكره:
يا من إذا سكر النديم بكأسه ... غريت لواحظه بسكر الفيّق
طلع الصباح فأسقني تلك التي ... ظلمت فشبّه لونها بالزيبق
والق الصّبوح بنور وجهك، إنه ... لا يلتقي الفرحان حتى يلتقي
قلبي الذي لم يبق فيه هواكم ... إلا صبابة نار شوق قد بقي
أو ما ترى وجه الربيع وقد زهت ... أزهاره ببهاره المتألق
وتجاوبت أطياره وتبسمت ... أشجاره عن ثغر دهر مونق
والبدر في وسط السماء كأنه ... وجه منير في قباء أزرق
يا للديارات الملاح وما بها ... من طيب يوم مرّ لي متشوق
أيام كنت وكان لي شغل بها، ... وأسير شوق صبابتي لم يطلق
يا دير نهيا ما ذكرتك ساعة ... إلا تذكرت السواد بمفرقي
والدهر غضّ والزمان مساعد، ... ومقامنا ومبيتنا بالجوسق
يا دير نهيا إن ذكرت فإنني ... أسعى إليك على الخيول السّبّق
وإذا سئلت عن الطيور وصيدها ... وجنوسها فاصدق وإن لم تصدق(2/539)
فالغرّ فالكروان فالفارور إذ ... يشجيك في طيرانه المتحلق
أشهدت حرب الطير في غيطانه ... لما تجوّق منه كلّ مجوّق
والزمج والغضبان في رهط له ... ينحطّ بين مرعّد ومبرّق
ورأيت للبازيّ سطوة موسر، ... ولغيره ذلّ الفقير المملق
كم قد صبوت بغرّني في شرّتي، ... وقطعت أيامي برمي البندق
وخلعت في طلب المجون حبائلي ... حتى نسبت إلى فعال الأخرق
ومهاجر ومنافر ومكابر ... قلق الفواد به وإن لم يقلق
لو عاين التّفاح حمرة خده ... لصبا إلى ديباج ذاك الرّونق
يا حامل السيف الغداة وطرفه ... أمضى من السيف الحسام المطلق
لا تقطعنّ يد الجفاء حبائلي ... قطع الغلام العود بالإستبرق
ديرُ الوليدِ:
بالشام لا أدري أين هو، إلا أن مفسري قول جرير قالوا: إياه أراد بقوله:
لما تذكرت بالديرين أرّقني ... صوت الدجاج وضرب بالنواقيس
ديرُ وَنَا:
قال العمراني: هو موضع بمصر.
دَيرُ هُرْمِسَ:
بكسر ويضم: بمنف من أرض مصر وعنده هرم قيل إن فيه مدفونا رجلا كان يعدّ بألف فارس على ما ذكروه، وهو غربي الأهرام المشهورة، وذكرته في الأهرام.
دَيرُ هِزْقِلَ:
بكسر أوله، وزاي معجمة ساكنة، وقاف مكسورة، وأصله حزقيل ثم نقل إلى هزقل، وفي هذا الموضع كان قصة الذين قال الله عز وجل فيهم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا من دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ 2: 243، لحزقيل في هذا الموضع، وقد ذكرت المواضع بتمامها في داوردان وفي البطائح فأغنت عن الإعادة: وهو دير مشهور بين البصرة وعسكر مكرم، ويقال إنه المراد بقوله تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِها 2: 259، ذكره بعض المفسرين قال: وعندها أحيا الله حمار عزير، عليه السلام، حدث أبو بكر الصولي عن الحسين بن يحيى الكاتب قال: غضب أبو عباد ثابت ابن يحيى كاتب المأمون يوما على بعض كتّابه فرماه بدواة كانت بين يديه، فلما رأى الدم يسيل ندم وقال: صدق الله عز وجل والذين إذا ما غضبوا هم يتجاوزون، فبلغ ذلك المأمون فانتبه وعتب عليه وقال: ويحك أنت أحد أعضاد المملكة وكتّاب الخليفة ما تحسن تقرأ آية من كتاب الله؟ فقال: بلى يا أمير المؤمنين إني لأقرأ من سورة واحدة ألف آية وأكثر، فضحك المأمون وقال: من أي سورة؟
قال: من أيها شئت، فازداد ضحكه وقال: قد شئتت من سورة الكوثر، وأمر بإخراجه من ديوان الكتابة، فبلغ ذلك دعبلا الشاعر فقال:
أولى الأمور بضيعة وفساد ... أمر يدبره أبو عبّاد
خرق على جلسائه فكأنّهم ... خضروا لملحمة ويوم جلاد
فكأنه من دير هزقل مفلت ... حرد بجرّ سلاسل الأقياد(2/540)
وقيل يوما للمأمون: إن دعبلا هجاك، فقال: من جسر أن يهجو أبا عباد مع عجلته وسرعة انتقامه جسر أن يهجوني أنا مع أناني وعفوي، وبهذا الدير كانت قصة المبرد، وهي رواية الخالدي، قال المبرد:
اجتزت بدير هزقل فقلت لأصحابي أحبّ النظر إليه فاصعدوا بنا، فدخلنا فرأينا منظرا حسنا وإذا في بعض بيوته كهل مشدود حسن الوجه عليه أثر النعمة فدنونا منه وسلمنا عليه فرد علينا السلام وقال: من أين أنتم؟ قلنا: من البصرة، قال: فما أقدمكم هذا البلد الغليظ هواؤه الثقيل ماؤه الجفاة أهله؟ قلنا:
طلب الحديث والأدب، قال: حبذا! تنشدوني أو أنشدكم؟ فقلنا: أنشدنا، فقال:
الله يعلم أنني كمد، ... لا أستطيع أبثّ ما أجد
روحان لي، روح تضمّنها ... بلد، وأخرى حازها بلد
وأرى المقيمة ليس ينفعها ... صبر وليس يضرها جلد
وأظن غائبتي كشاهدتي ... بمكانها تجد الذي أجد
ثم أغمي عليه فتركناه وانصرفنا، فأفاق وصاح بنا فعدنا إليه وقال: تنشدوني أو أنشدكم؟ قلنا:
أنت أنشدنا، فقال:
لما أناخوا، قبيل الصبح، عيسهم، ... وثوّروها فثارت بالهوى الإبل
وأبرزت من خلال السّجف ناظرها ... ترنو إليّ ودمع العين ينهمل
وودّعت ببنان خلته عنما، ... فقلت: لا حملت رجلاك يا جمل
ويلي من البين ماذا حلّ بي وبها ... من نازح الوجد حلّ البين فارتحلوا
إني على العهد لم أنقض مودّتكم، ... يا ليت شعري بطول العهد ما فعلوا؟
فقال له فتى من المجّان كان معنا: فماتوا! قال له: أفأموت أنا؟ قال: مت راشدا، فتمطّى وتمدّد ومات، فما برحنا حتى دفنّاه، وبهذا الدير كانت قصة أبي الهذيل العلّاف.
ديرُ هِندٍ الصُّغْرَى:
بالحيرة يقارب خطة بني عبد الله ابن دارم بالكوفة مما يلي الخندق في موضع نزه، وهو دير هند الصغرى بنت النعمان بن المنذر المعروفة بالحرقة، قال هشام الكلبي: كان كسرى قد غضب على النعمان بن المنذر فحبسه فأعطت بنته هند عهدا لله إن ردّه الله إلى ملكه أن تبني ديرا تسكنه حتى تموت، فخلّى كسرى عن أبيها النعمان فبنت الدير وأقامت به إلى أن ماتت ودفنت فيه، وهي التي دخل عليها خالد بن الوليد، رضي الله عنه، لما فتح الحيرة فسلمت عليه فقال لها لما عرفها:
أسلمي حتى أزوجك رجلا شريفا مسلما، فقالت له: أما الدين فلا رغبة لي فيه غير دين آبائي، واما التزويج فلو كانت في بقية لما رغبت فيه فكيف وأنا عجوز هرمة أترقّب المنيّة بين اليوم وغد! فقال: سليني حاجة، فقالت: هؤلاء النصارى الذين في ذمتكم تحفظونهم، قال: هذا فرض علينا أوصانا به نبينا محمد، صلى الله عليه وسلّم، قالت: ما لي حاجة غير هذا فإني ساكنة في هذا الدير الذي بنيته ملاصقا لهذه الأعظم البالية من أهلي حتى ألحق بهم، قال: فأمر لها بمعونة ومال وكسوة، قالت: أنا في غنى عنه، لي عبدان يزرعان مزرعة لي أتقوّت بما(2/541)
يخرج منها ويمسك الرمق وقد اعتددت بقولك فعلا وبعرضك نقدا، فقال لها: أخبريني بشيء أدركت، قالت: ما طلعت الشمس بين الخورنق والسدير إلا على ما هو تحت حكمنا فما أمسى المساء حتى صرنا حولا لغيرنا، ثم أنشأت نقول:
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا، ... إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف
فتبا لدنيا لا يدوم نعيمها ... تقلّب تارات بنا وتصرّف
ثم قالت: اسمع منّي دعاء كنا ندعو به لأملاكنا:
شكرتك يد افتقرت بعد غنى ولا ملكتك يد استغنت بعد فقر، وأصاب الله بمعروفك مواضعه ولا أزال عن كريم نعمة إلا جعلك سببا لردّها إليه ولا جعل لك إلى لئيم حاجة، قال: فتركها وخرج، فجاءها النصارى وقالوا: ما صنع بك الأمير؟
فقالت:
صان لي ذمتي وأكرم وجهي، ... إنما يكرم الكريم الكريم
وقد أكثر الشعراء من ذكر هذا الدير، فقال فيه معن بن زائدة الشيباني الأمير وكان منزله قريبا منه:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... لدى دير هند والحبيب قريب
فتقضي لبانات ونلقى أحبّة، ... ويورق غصن للسرور رطيب
وهند هذه صاحبة القصة مع المغيرة بن شعبة.
دَيْرُ هَنْدٍ الكُبَرى:
وهو أيضا بالحيرة بنته هند أمّ عمرو بن هند، وهي هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي، وكان في صدره مكتوب: بنت هذه البيعة هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر الملكة بنت الأملاك وأمّ الملك عمرو ابن المنذر أمة المسيح وأمّ عبده وبنت عبيده في ملك ملك الأملاك خسرو أنوشروان في زمن مار افريم الأسقف، فالإله الذي بنت له هذا الدير يغفر خطيئتها ويترحم عليها وعلى ولدها، ويقبل بها وبقومها إلى إقامة الحق ويكون الله معها ومع ولدها الدهر الداهر، حدث عبد الله بن مالك الخزاعي قال:
دخلت مع يحيى بن خالد لما خرجنا مع الرشيد إلى الحيرة وقد قصدناها لنتنزه بها ونرى آثار المنذر فدخل دير هند الصغرى فرأى آثار قبر النعمان وقبرها إلى جنبه ثم خرج إلى دير هند الكبرى وهو على طرف النجف فرأى في جانب حائطه شيئا مكتوبا، فدعا بسلّم وأمر بقراءته، وكان فيه مكتوب:
إنّ بني المنذر عام انقضوا ... بحيث شاد البيعة الراهب
تنفح بالمسك ذفاريهم ... وعنبر يقطبه القاطب
والقزّ والكنّان أثوابهم ... لم يجب الصوف لهم جائب
والعزّ والملك لهم راهن، ... وقهوة ناجودها ساكب
أضحوا وما يرجوهم طالب ... خيرا ولا يرهبهم راهب
كأنهم كانوا بها لعبة ... سار إلى أين بها الراكب
فأصبحوا في طبقات الثرى ... بعد نعيم لهم راتب
شرّ البقايا من بقي بعدهم ... قلّ وذلّ جدّه خائب(2/542)
قال: فبكى حتى جرت دموعه على لحيته وقال:
نعم هذا سبيل الدنيا وأهلها.
دَيْرُ هِنْدٍ:
من قرى دمشق، قال ابن أبي العجائز وهو يذكر من كان من بني أمية بدمشق: عبد الكريم بن أبي معاوية بن أبي محمد بن عبد الله بن يزيد ابن معاوية بن أبي سفيان كان يسكن بدير هند من إقليم بيت الآبار.
دَيْرُ يُحَنّس:
قال الشابشتي: هذا الدير بسمنود من أعمال حوف مصر، إذا كان يوم عيده أخرج شاهده في تابوت فيسير التابوت على وجه الأرض لا يقدر أحد أن يمسكه ولا يحبسه حتى يرد البحر فيغطس ثم يرجع إلى مكانه، قلت أنا: وهذا من تهاويل النصارى ولا أصل له، والله أعلم.
دَيْرُ يونُسَ:
ينسب إلى يونس بن متّى، عليه السلام، وهو في جانب دجلة الشرقي مقابل الموصل، وبينه وبين دجلة فرسخان وأقلّ، وموضعه يعرف بنينوى، ونينوى هي مدينة يونس، عليه السلام، وتحت الدير عين تعرف بعين يونس يقصدها الناس للاغتسال منها، ولأبي شأس فيه:
يا دير يونس جادت سفحك الدّيم ... حتى يرى ناضر بالروض يبتسم
لم يشف في ناجر ماء على ظمأ ... كما شفى حرّ قلبي ماؤك الشّبم
ولن يحلّك محزون به سقم ... إلا تحلّل عنه ذلك السّقم
أستغفر الله من فتكي بذي غنج ... جرى عليّ به في ربعك القلم
الدِّيَرَةُ البيضُ:
بالصعيد من غربي النيل، وهما ديران نزهان فيهما رهبان كثيرة.
دِيزَك:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وزاي، وآخره كاف: من قرى سمرقند، قال الإصطخري:
ديزك من مدن أشر وسنة بها مرابط أهل سمرقند ودور ورباطات للسّبل، بها رباط حسن بناه بدر قشير، ولها نهر جار، ينسب إليها عبد العزيز بن محمد الديزكي، ويقال الديزقيّ، الواعظ السمرقندي، سمع أبا بكر محمد بن سعيد البخاري، مات في طريق مكة قبل 308.
دِيْسان:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وسين مهملة وآخره نون: من قرى هراة.
دَيْسَقَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وسين مهملة مفتوحة، وقاف: اسم موضع كانت به وقعة، قال النابغة الجعدي:
نحن الفوارس يوم ديسقة ال ... مغشي الكماة غوارب الأكم
والدّيسق في لغتهم: الصحراء الواسعة والسّراب والحوض الملآن.
ديشان:
بالشين معجمة، وآخره نون: من قرى مرو.
ديصا:
بليدة قديمة بأرض مصر تضاف إليها كورة من كور أسفل الأرض.
الدِّيكْدانُ:
بلفظ الديكدان الذي يطبخ عليه، وهو فارسي، معناه موضع القدر: قلعة عظيمة على سيف البحر قريبة من جزيرة هرمز المقابلة لجزيرة قيس بني عميرة تعرف بقلعة بني عمارة وتنسب إلى الجلندى، ولا يقدر أحد أن يرتقي إليها بنفسه إلّا أن يرتقي في شيء من المحامل، ولم تفتح قط عنوة، وهي مرصد لآل عمارة في البحر يعشرون فيها المراكب، قال الإصطخري وذكر بيوتات فارس فقال: منهم آل عمارة يعرفون بآل الجلندى، ولهم(2/543)
مملكة عريضة وضياع كثيرة على سيف البحر بفارس متاخمة لحدّ كرمان، ويزعمون أن ملكهم هناك قبل موسى بن عمران، عليه السلام، وأن الذي قال الله تبارك وتعالى: وكان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا، هو الجلندي، وهم قوم من أزد اليمن، ولهم إلى يومنا هذا منعة وحدّ وبأس وعدد لا يستطيع السلطان قهرهم، وإليهم أرصاد البحر وعشور السّفن، وقد كان عمرو بن الليث ناصب حمدان بن عبد الله بن الحارث الحرب نحو سنتين فما قدر عليه حتى استعان عليه بابن عمه العباس بن أحمد ابن الحسن الذي نسب إليه رمّ الكاريان، وهو من آل الجلندى، وفيهم منعة إلى يومنا هذا.
دَيْلَمَان:
كأنه نسبة إلى الدّيلم أو جمعه بلغة الفرس: من قرى أصبهان بناحية خرجان، ينسب إليها أبو محمد عبد الله بن إسحاق بن يوسف الدّيلماني، روى عن أبيه، روى عنه أبو عمرو بن حكيم المدني.
دَيْلَمِستَان:
قرية قرب شهرزور بينهما تسعة فراسخ، كان الديلم في أيام الأكاسرة إذا خرجوا للغارة عسكروا بها وخلّفوا سوادهم لديها وانتشروا في الأرض غائبين، فإذا فرغوا من غاراتهم عادوا إليها ورحلوا إلى مستقرّهم.
دَيْلَمِيٌّ:
قال الأصمعي وهو يذكر جبال مكة:
جبل شيبة متصل بجبل ديلميّ وهو المشرف على المروة.
دَيْلَمٌ:
الديلم: الموت، والديلم: الأعداء، والديلم:
النمل الأسود، والديلم: جيل سمّوا بأرضهم في قول بعض أهل الأثر وليس باسم لأب لهم، قال المنجمون: الديلم في الإقليم الرابع، طولها خمس وسبعون درجة، وعرضها ست وثلاثون درجة وعشر دقائق. وديلم: اسم ماء لبني عبس، فقال عنترة:
زوراء تنفر من حياض الديلم
وقال الحفصي: في العرمة من أرض اليمامة ماء يقال له الديلم وثم الدّحرضان، وهما ماءان لبني حدّان ابن قريع، وأنشد قول عنترة، وفي كتاب التصحيف والتحريف لحمزة: حدثني ابن الأنباري قال: حدثني أحمد بن يحيى ثعلب قال: لقيني أبو محلم على باب أحمد بن سعيد ومعه أعرابيّ فقال:
جئتكم بهذا الأعرابي لتعرفوا كذب الأصمعي، أليس يقول في عنترة:
زوراء تنفر من حياض الديلم
إن الديلم الأعداء فسلوا هذا الأعرابي، فسألناه فقال: هي حياض بالغور قد أوردتها إبلي غير مرّة.
دِيماسُ:
بكسر أوله، وآخره سين مهملة: سجن كان للحجاج بواسط، قال جحدر اللّص وقد حبس فيه:
إنّ الليالي نجت بي فهي محسنة ... لا شكّ فيه من الديماس والأسد
وأطلقتني من الأصفاد مخرجة ... من هول سجن شديد الباس ذي رصد
كأنّ ساكنه حيّا حشاشته ... ميت تردّد منه السّمّ في الجسد
والدّيماس: موضع في وسط عسقلان عال يطلع إليه وفيه عمد بقرب الجامع، ينسب إليه أبو الحسن محمد بن عمر بن عبد العزيز الديماسي، روى عن أبي عثمان سعد ابن عمرو الحمصي وغيره من أصحاب بقية بن الوليد، روى عنه أبو أيوب محمد بن عبد الله بن أحمد بن(2/544)
مطرّف المديني بعسقلان.
دِيمَرْتِيان:
كذا وجدته بخط يحيى بن مندة في تاريخ أصبهان: فقال محمد بن صالح بن محمد بن عيسى بن موسى الديمرتياني حدث عن الطبراني كتب عنه سعيد البقّال وسمع منه أحمد بن محمد البيّع، قلت: ما أظنها إلا قرية من قرى أصبهان.
دَيْمَرْت:
بكسر أوله وفتحه، وسكون ثانيه، وفتح ميمه، وسكون الراء، وآخره تاء مثناة من فوق:
من نواحي أصبهان، قال الصاحب أبو القاسم إسماعيل ابن عبّاد:
يا أصبهان سقيت الغيث من بلد، ... فأنت مجمع أوطاري وأوطاني
ذكرت ديمرت إذ طال الثواء بها، ... وأين ديمرت من أكناف جرجان
ينسب إليها أبو محمد القاسم بن محمد الديمرتي الأديب، روى عنه إبراهيم بن متّونه.
دِيمَس:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره سين مهملة: من قرى بخارى، منها الحاكم أبو طاهر محمد بن يعقوب الديسمي البخاري، يروي عن أبي بكر محمد بن عليّ الأبيوردي، روى عنه أبو الحسن عليّ بن محمد بن الحسين بن جذام البخاري الجذامي، مات في حدود سنة 430.
دِيناراباذ:
بلفظ الدينار الذي هو المثقال مضاف إليه آباذ: من قرى همذان قرب أسدآباذ، خرج منها جماعة من أصحاب الحديث ينسبون الديناريّ، قال شيرويه: الحسن بن الحسين بن جعفر أبو عليّ الخطيب الديناراباذي قدم همذان مرّات، وآخرها في جمادى الأولى سنة 483، روى عن القاضي أبي محمد عبد الله ابن محمد التميمي الأصبهاني وغيره، قال شيرويه:
سمعت منه بهمذان وبدينارآباذ، وكان شيخا ثقة صدوقا فاضلا متديّنا، توفي في شعبان سنة 485.
دِينار:
سكّة دينار: بالرّيّ، منها الحسين بن عليّ الديناري الرازي، ذكره ابن أبي حاتم. ودرب دينار: ببغداد، نسب إليها أبو سعد شابّا كان يسمع الحديث معه على أبي عبد الله الفراوي وغيره.
الدَّينَباذ:
بفتح أوله وكسره، وسكون ثانيه، وبعد النون باء موحدة، وآخره ذال معجمة: من قرى مرو عند ريكنج عبدان، منها القاسم بن إبراهيم.
دِينَوَرُ:
مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين، ينسب إليها خلق كثير، وبين الدينور وهمذان نيف وعشرون فرسخا، ومن الدينور إلى شهرزور أربع مراحل، والدينور بمقدار ثلثي همذان، وهي كثيرة الثمار والزروع ولها مياه ومستشرف، وأهلها أجود طبعا من أهل همذان، وينسب إلى الدينور جماعة كثيرة من أهل الأدب والحديث، منهم:
عبد الله بن محمد بن وهب بن بشر بن صالح بن حمدان أبو محمد الدينوري الحافظ، سمع عباس بن الوليد بن مزيد البيروتي وعبد الله بن محمد الفريابي ببيت المقدس وأبا عمير عيسى بن محمد بن النحاس وأبا زرعة وأبا حاتم الرازيّين وأبا سعيد الأشجّ ويعقوب الدّورقي ومحمد بن الوليد البسري ويونس بن عبد الأعلى وغيرهم، روى عنه جعفر بن محمد الفريابي الحافظ، وهذا أكبر منه، وأبو عليّ الحسين بن عليّ وأبو بكر ابن الجعابي وعتّاب بن محمد بن عتّاب الوراميني الحافظ ويوسف بن القاسم الميانجي وعبيد الله بن سعيد البروجردي، وهذا آخر من حدث عنه، قال أبو عبد الله الحاكم: سألت أبا عليّ الحافظ عن عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري قال: كان صاحب حديث(2/545)
حافظا، قال أبو عليّ: بلغني أن أبا زرعة كان يعجز عن مذاكرته، وقال أبو عبد الله السّلمي: سألت الدارقطني عن عبد الله بن وهب الدينوري فقال:
يضع الحديث، وقال الحاكم أبو عبد الله: سمعت أبا عبد الله الزبير بن عبد الواحد الحافظ بأسداباذ يقول: ما رأيت لأبي عليّ زلّة قط إلا روايته عن عبد الله بن وهب الدينوري وأحمد بن عمير بن جوصا.
دِينَه مَزْدَان:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، ونون، وثاني الكلمة الثانية زاي، ودال، وآخره نون: قرية من قرى مرو عند ريكنج عبدان، منها القاسم ابن إبراهيم الدينمزداني الزاهد، روى عنه عبد الله بن محمود السعدي.
دِيوَانْجَه:
بكسر أوله، وبعد الألف نون، وجيم:
قرية بهراة، والنسبة إليها ديوقاني وديوانجي، نسب إليها أبو سعد أبا عبد الله رحمة الله بن عبد الرحمن بن الموفّق بن أبي الفضل الحنفي الديوقاني، سمع أبا نصر محمد بن مضر بن بسطام الشامي وقال:
مات بالديوقان من قرى هراة في ذي القعدة سنة 505.
ديوان:
بلفظ الديوان الذي للجيش وغيره: وهي سكّة بمرو، والديوان أصله دوّان فعوّض من إحدى الواوين ياء لأنه يجمع على دواوين، ولو كانت الياء أصليّة لقالوا دياوين، وقد دوّنت الدواوين.
دِيْوَرَة:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وبعد الواو راء: من نواحي نيسابور، ينسب إليها أبو عليّ أحمد ابن حمدويه بن مسلم البيهقي الديوري، كان من العلماء الفضلاء، رحل لطلب الحديث مع إسحاق بن راهويه وطبقته، روى عنه المؤمّل بن الحسن بن عيسى، مات سنة 289.
دِيوَقان:
بالكسر، وبعد الواو المفتوحة قاف، وآخره نون: قرية بهراة، وهي التي قبلها بعينها، كذا ذكره السمعاني، ونسب إليها عبد الرحمن بن الموفّق بن أبي الفضل الحنفي أبا الفضل الديوقاني، سمع أبا عطاء عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن الجوهري وأبا القاسم أحمد بن محمد العاصمي، سمع منه أبو سعد آداب المسافر لأبي عمر النّوقاتي بروايته عن العاصمي عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن منصور الخطيب عن المصنف، وهذا ما ذكره السمعاني انتهى.
انتهى المجلد الثاني- حرف التاء والثاء والجيم والحاء والخاء والدال(2/546)
[المجلد الثالث]
ذ
باب الذال والألف وما يليهما
ذَاتُ أبواب:
قالوا في قول زهير:
عهدي بهم يوم باب القريتين وقد ... زال الهماليج بالفرسان واللّجم
باب القريتين التي بطريق مكّة فيها ذات أبواب:
وهي قرية كانت لطسم وجديس، قال الأصمعي:
حدّثني أبو عمرو بن العلاء قال: وجدوا في ذات أبواب دراهم في كلّ درهم ستة دراهم من دراهمنا ودانقان، فقلت: خذوا منّي بوزنها وأعطونيها، فقالوا: نخاف السلطان لأنّا نريد أن ندفعها إليهم، والله أعلم.
ذَاتُ المَنَار:
موضع في أول أرض الشام من جهة الحجاز نزله أبو عبيدة في مسيره إلى الشام.
ذَاذِيخُ:
بذالين معجمتين، وياء باثنتين من تحت، وآخره خاء معجمة: قرية قرب سرمين من أعمال حلب، كانت بها وقعة لسيف الدولة بيونس المؤنسي.
ذَاقن:
بعد الألف قاف، وآخره نون: موضع، وذقن الإنسان: مجمع اللحيين.
ذَاقِنَةُ:
موضع في قول عمرو بن الأهتم:
محاربيّين حلّوا بين ذاقنة، ... منهم جميع ومنهم حولها فرق
باب الذال والباء وما يليهما
ذِباب:
ذكره الحازمي بكسر أوّله وباءين وقال:
جبل بالمدينة له ذكر في المغازي والأخبار، وعن العمراني: ذباب بوزن الذّباب الطائر جبل بالمدينة.
وروضات الذباب: موضع آخر.
الذُّبابَة:
بلفظ واحدة الذباب: موضع بأجإ.
ذَبْذَبُ:
ركيّة في موضع يقال له مطلوب في ديار أبي بكر بن كلاب، قال بعضهم:
لولا الجذوب ما وردت ذبذبا ... ولا رأيت خيمها المنصّبا
ولا تهنّيت عليه حوشبا
قال: حوشب ربّ الركيّة، وتهنيت. ترفّقت.(3/3)
ذَبْل:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: جبل، قال:
إلى مؤنق من جنبه الذّبل راهن راهن أي دائم.
ذَبُوب:
حصن باليمن من عمل عليّ بن أمين.
ذِبْيانُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، بلفظ القبيلة بلد قاطع الأردنّ ممّا يلي البلقاء.
باب الذال والحاء وما يليهما
الذَّحْلُ:
بلفظ الوتر: موضع، قال الشاعر:
عفا الذّحل من ميّ فعفّت منازله
وفي رواية عليّ بن عيسى قال مالك بن الريب:
أتجزع أن عرفت ببطن قوّ ... وصحراء الأديم رسم دار
وأن حلّ الخليط، ولست فيهم، ... مراتع بين ذحل إلى سرار
إذا حلّوا بعائجة خلاء ... يقطّف نور حنوتها العرار
باب الذال والخاء وما يليهما
ذَخيرة:
بلفظ واحدة الذخائر: موضع ينسب إليه التمر.
ذَخْكَث:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: من قرى أسفيجاب، قال أبو سعد: هي قرية بالروذبار وراء نهر سيحون وراء بلاد الشاش، منها أبو نصر أحمد ابن عثمان بن أحمد المستوفي الذخكثي أحد الأئمة، سكن بسمرقند، حدث بها عن الشريف محمد بن محمد الزينبي البغدادي، روى عنه أبو حفص عمر ابن محمد بن أحمد النسفي الحافظ، مات سنة 506 بسمرقند.
ذَخِينَوَى:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وبعد الياء المثناة من تحت نون وواو، مقصور: قرية على ثلاثة فراسخ من سمرقند، منها أبو محمد عبد الوهاب بن الأشعث بن نصر بن سورة بن عرفة الحنفي الذخينوي، رحل وروى عن أبي حاتم الرازي والحسين بن عرفة، ومات قبيل الثلاثمائة.
باب الذال والراء وما يليهما
ذَرّاحٌ:
بفتح أوّله: حصن من صنعاء اليمن.
ذِرَاعانِ:
بلفظ تثنية الذراع: هضبتان، وقالت امرأة من بني عامر بن صعصعة:
سقيا ورعيا لأيّام تشوّقنا ... من حيث تأتي رياح الهيف أحيانا
تبدو لنا من ثنايا الضّمر طالعة ... كأنّ أعلامها جلّلن سيجانا
هيف يلذّ لها جسمي إذا نسمت ... كالحضرميّ هفا مسكا وريحانا
يا حبّذا طارق وهنا ألمّ بنا ... بين الذّراعين والأخراب من كانا
شبّهت لي مالكا، يا حبّذا شبها ... إمّا من الإنس أو ما كان جنّانا!
ماذا تذكّر من أرض يمانية ... ولا تذكّر من أمسى بجوزانا
عمدا أخادع نفسي عن تذكّركم، ... كما يخادع صاحي العقل سكرانا
الذَّرَانِحُ:
بعد الألف نون، وآخره حاء مهملة، أظنّه مرتجلا: موضع بين كاظمة والبحرين، قال المثقّب العبدي:(3/4)
لمن ظعن تطالع من صبيب ... كما خرجت من الوادي لجين
مررن على شراف فذات رجل، ... ونكّبن الذّرانح باليمين
هكذا وجدته وأنا شاكّ فيه، ولعلّ الذرايح جمع ذريحة وهي الهضبة.
ذَراةُ:
حصن في جبل جحاف باليمن.
الذَّرَائِبُ:
جمع ذريبة أو جمع ذريب، وهو الحادّ:
وهو موضع بالبحرين.
ذَرْبانُ:
بفتح الذال، وسكون الراء، والباء موحدة، وألف، ونون: موضع في قوله:
أجل لو رأى دهماء يوم رأيتها ... بذربان وعل الحالق المتألّس
أخو حلب لا يبرح الدّهر عاقلا ... على رأس نيق عارد القرن أحلس
يحكّ بروقيه البشام كأنّما ... قفاه وذفراه بدهن مدنّس
لأقبل يمشي مطرقا لا يردّه ... ضراء ولا ذو وفرة متحلّس
الضراء: الكلاب، والمتحلس: الشهوانيّ للصيد، والمتألّس: الخائف.
الذَّرَبّةُ:
من مياه بني عقيل بنجد، عن أبي زياد.
ذَرْعَيْنَةُ:
فتح أوّله، وسكون ثانيه، والعين مهملة:
من قرى بخارى، منها أبو زيد عمران بن موسى بن غرامش الذرعيني البخاري، روى عن إبراهيم بن فهد روى عنه أبو بكر بن أحمد بن سعد بن نصر الزاهد.
ذَرْوَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وواو، وآخره نون: بئر لبني زريق بالمدينة يقال لها ذروان، وفي الحديث: سحر النبيّ، صلى الله عليه وسلم، بمشاطة رأسه وعدّة أسنان من مشطه ثمّ دسّ في بئر لبني زريق يقال لها ذروان، وكان الذي تولّى ذلك لبيد ابن الأعصم اليهودي، قال القاضي عياض: ذروان بئر في بني زريق، كذا جاء في الدّعوات عن البخاري، وفي غير موضع: بئر أروان، وعند مسلم: بئر ذي أروان، وقال الأصمعي: هو الصّواب وقد صحّف بذي أوان، وقد ذكر في بابه، وذو ذروان في شعر كثيّر:
طاف الخيال لآل عزّة موهنا ... بعد الهدوّ فهاج لي أحزاني
فألمّ من أهل البويب خيالها ... بمعرّس من أهل ذي ذروان
وذروان أيضا: حصن باليمن من حصون الحقل قريب من صنعاء.
ذِرْوَةُ:
بفتح أوّله ويكسر، وذروة كل شيء: أعلاه، قال نصر: ذروة مكان حجازيّ في ديار غطفان، وقيل: ماء لبني مرّة بن عوف، وعن الأزهري:
ذروة، بكسر أوّله، اسم أرض بالبادية، وعن بعضهم: ذروة اسم جبل، وأنشد لصخر بن الجعد:
بليت كما يبلى الرّداء ولا أرى ... جنانا ولا أكناف ذروة تخلق
وذروة: بلد باليمن من أرض الصّيد، قال الصليحي من قصيدة يصف خيله:
وطالعت ذروة منهنّ عادية، ... وانصاعت الشيعة الشنعاء شرّادا
ذَرْوٌ:
قال ابن الفقيه: ذات ذرو، من غير هاء، من أودية العلاة باليمامة، وقال الصّمّة بن عبد الله القشيري:(3/5)
خليليّ قوما اشرفا القصر فانظرا ... بأعيانكم هل تونسان لنا نجدا
وإنّي لأخشى إن علونا علوّه ... ونشرف أن نزداد، ويحكما! بعدا
نظرت وأصحابي بذروة نظرة، ... فلو لم تفض عيناي أبصرتا نجدا
إذا مرّ ركب مصعدين فليتني ... مع الرّائحين المصعدين لهم عبدا
ذِرْوَد:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، وآخره دال مهملة: اسم جبل، عن الجوهري، قال ابن القطّاع: ولم يأت على هذا الوزن إلّا ذرود اسم جبل، وعتود اسم واد، وخروع اسم نبت.
ذَرَةُ:
بفتح أوّله، وتخفيف ثانيه، قال عرّام بن الأصبغ السّلمي: ثم يتصل بخلص آرة ذرة، وهي جبال كثيرة متصلة ضعاضع ليست بشوامخ، في ذراها المزارع والقرى، وهي لبني الحارث بن بهثة ابن سليم، وزروعها أعذاء، ويسمّون الأعذاء العشريّ، وهو الذي لا يسقى، وفيها مدر، وأكثرها عمود، ولهم عيون في صخور لا يمكنهم أن يجروها إلى حيث ينتفعون بها، ولهم من الشجر العفار والقرظ والطلح، والسدر بها كثير، وتطيف بذرة قرية من القرى يقال لها جبلة في غربيّه والستارة قرية تتصل بجبلة واديهما واحد يقال له لحف، ويزعمون أن جبلة أوّل قرية اتخذت بتهامة، وبجبلة حصون منكرة مبنية بالصخر لا يرومها أحد.
ذِرّيحٌ:
اسم لصنم كان بالنّجير من ناحية اليمن قرب حضرموت.
باب الذال والعين وما يليهما
ذُعاط:
بضم أوّله: موضع، والذعط: الذبح.
باب الذال والفاء وما يليهما
ذَفِرَانُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ راء مهملة، وآخره نون: واد قرب وادي الصفراء، قال ابن إسحاق في مسير النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، إلى بدر: استقبل الصفراء وهي قرية بين جبلين، ترك الصفراء يسارا وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران. والذّفر: كل ريح ذكية من طيب أو نتن.
باب الذال والقاف وما يليهما
ذِقَانٌ:
بكسر أوّله: موضع، وقيل: جبل، والذّقن:
أصل اللحية، وقال أبو زياد: ذقانان جبلان في بلاد بني كعب، وإيّاهما عنى الشاعر حيث قال:
أللبرق بالمطلا تهبّ وتبرق، ... ودونك نيق من ذقانين أعنق؟
قال أبو حفص الكلابي:
ولولا بنو قيس بن جزء لما مشت ... بجنبي ذقان صرمتي وأدلّت
فأشهد ما حلّت به من ظعينة ... من الناس إلّا أومنت حين حلّت
باب الذال واللام وما يليهما
ذَلْقَامَان:
واديان باليمامة إذا التقى سيلهما فصارا واحدا سمّي ملتقاهما الرّيب.
باب الذال والميم وما يليهما
ذَمَّى:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه والفتح والقصر: من قرى سمرقند، ينسب إليها أحمد بن محمد السقر الدهقان، يروي عن محمد بن الفضل البلخي، روى عنه محمد بن مكي الفقيه.(3/6)
ذِمارِ:
بكسر أوّله وفتحه، وبناؤه على الكسر وإجراؤه على إعراب ما لا ينصرف، والذمار: ما وراء الرجل ممّا يحقّ عليه أن يحميه، فيقال: فلان حامي الذمار، بالكسر والفتح، مثل نزال بمعنى انزل وكذلك ذمار أي احفظ ذمارك، قال البخاري:
هو اسم قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء، ينسب إليها نفر من أهل العلم، منهم: أبو هشام عبد الملك ابن عبد الرحمن الذماري ويقال عبد الملك بن محمد، سمع الثوري وغيره، وقال أبو القاسم الدمشقي:
مروان أبو عبد الملك الذماري القاري يلقب مزنة، زاهد دمشق، قرأ القرآن على زيد بن واقد ويحيى ابن الحارث وحدّث عنهما وولي قضاء دمشق، روى عنه محمد بن حسان الأسدي وسليمان بن عبد الرحمن ونمران بن عتبة الذماري، قال ابن مندة: هو دمشقيّ، روى عن أمّ الدّرداء، روى عنه ابن أخيه رباح بن الوليد الذماري، وقيل الوليد بن رباح، وقال قوم: ذمار اسم لصنعاء، وصنعاء كلمة حبشيّة أي حصين وثيق، قاله الحبش لما رأوا صنعاء حيث قدموا اليمن مع أبرهة وارياط، وقال قوم:
بينها وبين صنعاء ستة عشر فرسخا، وأكثر ما يقوله أصحاب الحديث بالكسر، وذكره ابن دريد بالفتح، وقال: وجد في أساس الكعبة لما هدمتها قريش في الجاهليّة حجر مكتوب عليه بالمسند: لمن ملك ذمار لحمير الأخيار، لمن ملك ذمار للحبشة الأشرار، لمن ملك ذمار لفارس الأحرار، لمن ملك ذمار لقريش التجار، ثمّ حار محار، أي رجع مرجعا.
ذَمَرْمَر:
من حصون صنعاء اليمن.
ذَمُوران:
قرية باليمن لها خبر ذكر مع دلان.
ذَمُّون:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وسكون الواو، وآخره نون: هو الموضع الذي كان فيه امرؤ القيس يشرب فجاءه الوصّاف رجل بنعي أبيه، فقال امرؤ القيس:
تطاول اللّيل عليّ ذمّون ... ذمّون إنّا معشر يمانون
وإنّنا لأهلنا محبّون
ثم قال: ضيّعني صغيرا وحمّلني دمه كبيرا، لا صحو اليوم ولا سكر غدا، اليوم خمر وغدا أمر، فذهبت مثلا.
باب الذال والنون وما يليهما
الذِّنَاب:
بكسر أوّله، وهو في اللغة عقب كل شيء، وذنابة الوادي: الموضع الذي ينتهي إليه سيله، وكذلك ذنبة، وذنابة أكثر من ذنبة، وقيل: هو واد لبني مرّة بن عوف كثير النخل غزير الماء، وهو اسم مكان في قول بعضهم:
إذا حلّوا الذناب فصرخدا
الذِّنابة:
بكسر أوّله أيضا: موضع باليمن.
الذُّنابة:
بالضم: موضع بالبطائح بين البصرة وواسط، بالضم سمعتهم يقولونه، والله أعلم.
الذنائِبُ:
جمع أذنبة، وأذنبة جمع ذنوب، وهي الدلو الملأى ماء، وقيل قريبة من الملء: ثلاث هضبات بنجد، قال: وهي عن يسار فلجة مصعدا إلى مكّة، وفي شرح قول كثيّر:
أمن آل سلمى دمنة بالذّنائب ... إلى الميث من ريعان ذات المطارب
الذنائب: في أرض بني البكّاء على طريق البصرة إلى مكّة، والمطارب: الطرق الصغار.
يلوح بأطراف الأجدّة رسمها ... بذي سلم أطلالها كالمذاهب(3/7)
ذو سلم: واد ينحدر على الذنائب. وسوق الذنائب:
قرية دون زبيد من أرض اليمن وبه قبر كليب وائل، قال مهلهل يرثي أخاه كليبا:
أليلتنا بذي حسم أنيري، ... إذا أنت انقضيت فلا تحوري
فإن يك بالذنائب طال ليلي، ... فقد أبكي من اللّيل القصير
فلو نبش المقابر عن كليب ... فتخبر بالذّنائب أيّ زير
بيوم الشّعثمين أقرّ عينا، ... وكيف لقاء من تحت القبور
وإني قد تركت بواردات ... بجيرا في دم مثل العبير
فلولا الرّيح أسمع من بحجر ... صليل البيض تقرع بالذكور
وقال أبو زياد: الذنائب من الحمى حمى ضرية من غربي الحمى، والله أعلم.
ذَنَبَان:
بفتح أوّله وثانيه ثمّ باء موحدة، بلفظ تثنية الذنب إلّا أنّه أعرب إعراب ما لا ينصرف: ماء بالعيص، وقد ذكر العيص.
ذَنَبُ الحُلَيف:
من مياه بني عقيل.
ذَنَبُ سحل:
يوم ذنب سحل: من أيّام العرب.
الذَّنَبَةُ:
بالتحريك: ماءة بين إمّرة وأضاخ لبني أسد، وعن نصر: كانت لغنيّ ثمّ لتميم. وذنبة أيضا: موضع بعينه من أعمال دمشق. وفي البلقاء ذنبة أيضا.
الذَّنُوبُ:
بفتح أوّله، الدلو الملأى: وهي موضع بعينه، قال عبيد:
أقفر من أهله ملحوب ... فالقطّبيّات فالذّنوب
وقال بشر بن أبي خازم:
أيّ المنازل بعد الحيّ تعترف، ... أم هل صباك وقد حكّمت مطرّف
كأنّها بعد عهد العاهدين بها ... بين الذّنوب وحزمي واهب صحف
باب الذال والواو وما يليهما
ذُوال:
وادي ذوال: باليمن، أمّ بلاده القحمة بليد شامي وزبيد، بينهما يوم وفشال بينهما.
ذَوْرَةُ:
بفتح الذال، وسكون الواو: موضع، عن ابن دريد وصاحب التكملة، وأنشدا لمزرّد:
فيوم بأرمام ويوم بذورة، ... كذاك النّوى حوساؤها وعنودها
أي ما استقام منها وما جار، كذا ذكره العمراني، وقال نصر: ذورة، بتقديم الواو على الراء، ناحية من شمنصير، وهو جبل بناحية حرة بني سليم، وقيل: واد يفرغ في نخل ويخرج من حرة النار مشرقا تلقاء الحرة فينحدر على وادي نخل، وقال ابن الأعرابي: ذورة ثماد لبني بدر وبني مازن بن فزارة، وقال ابن السكيت: ذورة واد ينحدر من حرة النار على نخل فإذا خالط الوادي شدخا سقط اسم ذورة وصار الاسم لشدخ، قال كثير:
كأنّ فاها لمن توسّمها، ... أو هكذا موهنا ولم تنم،
بيضاء من عسل ذورة ضرب ... شجّت بما في الفلاة من عرم
ذُوفَةُ:
بالضم، والفاء، قال نصر: موضع في شعر اللص.(3/8)
الذُّؤيْبَان:
تثنية ذؤيب: ماءان لبني الأضبط حذاء الجثوم، وهو ماء يصدر في دارة بيضاء ينبت الصّلّيان والنّصيّ، والله أعلم.
الذُّؤيب:
ماء بنجد لبني دهمان بن نصر بن معاوية، قال عدي بن الرقاع:
ألمم على طلل عفا متقادم ... بين الذؤيب وبين غيب الناعم
بمجرّ غزلان الكناس تلفّعت ... بعدي بمنكر تربها المتراكم
باب الذال والهاء وما يليهما
الذُّهَابُ:
بضم أوّله، وآخره باء موحدة، وقرأت بخط ابن نباتة السعدي الشاعر في شعر لبيد: الذّهاب، بكسر أوّله، والضم أكثر: وهو غائط من أرض بني الحارث بن كعب أغار عليهم فيه عامر بن الطفيل وعلى أحلافهم من اليمن، قال لبيد:
حتى نهجّر في الرواح وهاجها ... طلب المعقّب حقّه المظلوم
إني امرؤ منعت أرومة عامر ... ضيمي وقد حنقت عليّ خصوم
منها حويّ والذّهاب وقبله ... يوم ببرقة رحرحان كريم
ذَهْبَانُ:
بالفتح ثمّ السكون، وباء موحدة، وآخره نون، قال ابن السكيت: ذهبان جبل لجهينة أسفل من ذي المروة بينه وبين السّقيا، قال: وذهبان أيضا قرية بالساحل بين جدّة وبين قديد، قال كثير:
وأعرض من ذهبان معروف الذرى، ... تربّع منه بالنّطاف الحواجر
وذهبان أيضا: قرية من قرى الجند باليمن.
ذَهَبَانُ:
بالتحريك: موضع قريب من البحرين قريب من الراحة، والراحة: قرية بينها وبين حرض يوم، وهي من نواحي زبيد باليمن، وقد جاء في شعرهم مسكّنا، قال:
القائد الخيل من صنعاء مقربة، ... يقطعن للطعن أغوارا وأنجادا
يخالها ناظروها حين ما جزعت ... ذهبان والغرّة السوداء أطوادا
الذَّهْبَانِيّةُ:
موضع قرب الرقّة فيه مشهد يزار وينذر له وعليه وقوف، وعنده عين نهر البليخ الذي يجري في بساتين الرافقة.
الذُّهْلُولُ:
بضم أوّله، وتكرير اللام: اسم جبل أسود، وأنشد الأصمعي:
إذا جبل الذّهلول زال كأنّه ... من البعد زنجيّ عليه جوالق
والذهلول: موضع يقال له معدن الشجرتين ماؤه البردان وهو ملح.
ذَهْوَطُ:
بوزن قسور: موضع، عن ابن دريد.
ذِهْيَوْط:
بوزن عذيوط: موضع، قال النابغة:
فداء ما تقلّ النّعل مني ... لما أعلى الذؤابة للهمام
ومغزاه قبائل غائظات ... على الذّهيوط في لجب لهام
باب الذال والياء وما يليهما
ذِيادٌ:
ماء بدمخ لبني عمرو بن كلاب يلي مهب الشمال، وهو وشل، وروي أنّه من خيار مياه هذا الجبل.(3/9)
ذَيَالٌ:
آخره لام في شعر عبيد بن الأبرص حيث قال:
تغيرت الديار بذي الدفين ... فأودية اللّوى فرمال لين
فخرجي ذروة فلوى ذيال ... يعفّي آيه سلف السّنين
ذَيالة:
أنشد أبو عبد الله بن الأعرابي في نوادره:
ألا إن سلمى مغزل بتبالة
وردّ عليه أبو محمد الأسود وقال: إنّما هو بذيالة، وقال: ذيالة خلاه من خلاء الحرة بين نخل وخيبر لبني ثعلبة، وأعيار أيضا خليات لهم، والخلاة أضخم من القنّة، وأنشد باقي الشعر:
ألا إن سلمى مغزل بذيالة ... خذول تراعي شادنا غير توأم
متى تستثره من منام ينامه ... لترضعه تنعم إليه وتنغم
هي الأم ذات الودّ أو يستزيدها ... من الودّ والرّئمان بالأنف والفم
الذّئْبُ:
موضع في بلاد كلاب، قال القتال:
فأوحش بعدنا منها حبرّ ... ولم توقد لها بالذّئب نار
ذِيبَدْوان:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه ثمّ باء موحدة مفتوحة، ودال مهملة، وآخره نون: من قرى بخارى، منها أبو أحمد عبد الوهّاب بن عبد الواحد ابن أحمد بن أبي نوش الذيبدواني، سمع أبا عمرو عثمان ابن إبراهيم بن محمد الفضلي، ذكره أبو سعد في شيوخه.
الذّئبَة:
تأنيث الذئب: ماء لبني ربيعة بن عبد الله، وقال أبو زياد: هي ماء من مياه أبي بكر بن كلاب، وهي في رملة ينزلها بنو ربيعة بن عبد الله بن أبي بكر.
الذّئبَين:
بلفظ تثنية الذئب من السباع، قال النابغة الجعدي:
أنامت بذي الذئبين في الصيف جؤذرا
ذَيْمون:
بفتح أوّله، وآخره نون: قرية على فرسخين ونصف من بخارى، ينسب إليها أبو القاسم عبد العزيز ابن أحمد بن محمد بن عبد الله بن زيد بن محمد بن عبد الله بن مرثد بن مقاتل بن حيان النبطي البخاري الذيموني الفقيه الشافعي، كان فاضلا، سمع أبا عمرو محمد بن صابر وجماعة، سمع منه أبو محمد النخشبي وغيره، والله أعلم.(3/10)
ر
باب الراء والألف وما يليهما
رابِخٌ:
بعد الألف باء موحدة مكسورة، وآخره خاء معجمة: موضع بنجد في حسبان ابن دريد، ويقال: مشى حتى تربّخ أي استرخى.
رابِغٌ:
بعد الألف باء موحّدة، وآخره غين معجمة:
واد يقطعه الحاج بين البزواء والجحفة دون عزور، قال كثير:
أقول وقد جاوزن من صدر رابغ ... مهامه غبرا يفرع الأكم آلها:
أألحيّ أم صيران دوم تناوحت ... بتريم قصرا واستحثت شمالها
أرى حين زالت عير سلمى برابغ ... وهاج القلوب السّاكنات زوالها
كأنّ دموع العين لما تخلّلت ... مخارم بيضا، من تمنّي، جمالها
تمنّي: موضع، وقال ابن السكيت: رابغ بين الجحفة وودّان، وقال في موضع آخر: رابغ واد من دون الجحفة يقطعه طريق الحاجّ من دون عزور، وقال الحازميّ: بطن رابغ واد من الجحفة له ذكر في المغازي وفي أيّام العرب، وقال الواقدي: هو على عشرة أميال من الجحفة فيما بين الأبواء والجحفة، قال كثير:
ونحن منعنا يوم مرّ ورابغ ... من النّاس أن يغزى وأن يتكنّفا
يقال: أربغ فلان إبله إذا تركها ترد أيّ وقت شاءت من غير أن يجعل لها ظمأ معلوما، وهي إبل مربغة أي هاملة، والرابغ: الذي يقيم على أمر ممكن له، والرابغ: العيش الناعم.
رابِغَةُ:
بعد الألف باء موحدة مكسورة، وغين معجمة: من منازل حاجّ البصرة، وهو متعشّى بين إمّرة وطخفة، وقيل: رابغة ماء لبني الحليف من بجيلة جيران بني سلول. ورابغة أيضا: جبل لغنيّ، وقد ذكرت لغته في الذي قبله، وروي رايغة، بالياء تحتها نقطتان وغين معجمة.
رابَةُ:
بعد الألف باء موحدة مخفّفة: بلدة في وسط جزيرة صقلية.(3/11)
راتِجٌ:
بعد الألف تاء مثناة من فوق مكسورة، وجيم: أطم من آطام اليهود بالمدينة وتسمى الناحية به، له ذكر في كتب المغازي والأحاديث، قال قيس بن الخطيم:
ألا إنّ بين الشّرعبيّ وراتج ... ضرابا كتجذيم السّيال المصعّد
قال ابن حبيب: الشرعبي وراتج ومزاحم آطام بالمدينة وهو لبني زعورا بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو وهو النبيت بن مالك بن الأوس.
والمراتج: الطرق الضيقة، وأرتجت الباب أي أغلقته، والرتاج: الباب المغلق.
راجِلٌ:
بلفظ واحد الرّجّالة: واد بنجد، وقيل:
حرّة راجل بين السرّ ومشارف حوران. وراجل:
واد ينحدر من حرّة راجل حتى يدفع في السرّ.
الرّاحَةُ:
موضع في أوائل أرض اليمن أظنّها قرية.
وراحة فروع: موضع في بلاد خزاعة لبني المصطلق منهم كان فيه وقعة لهم مع هذيل، فقال الجموح، رجل من بني سليم:
رأيت الألى يلحون في جنب مالك ... قعودا لدينا يوم راحة فروع
تخوت قلوب القوم من كل جانب ... كما خات طير الماء ورد ملمّع
فإن تزعموا أنّي جبئت فإنّكم ... صدقتم، فهلّا جئتم يوم ندّعي
عجبت لمن يلحاك في جنب مالك ... وأصحابه حين المنيّة تلمع [1]
راحٌ:
قاع في طريق اليمامة إلى البصرة بين بنبان والجرباء، والجرباء: ماءة لبني سعد بن زيد مناة بن تميم.
راخٌ:
حصن باليمن من عمل الجند.
رادِس:
قال أبو عبيد البكري: البحر الذي على ساحله تونس بإفريقية يقال له رادس، وبذلك سمي ميناؤها ميناء رادس، وخبّرني رجل من أهل تونس أن رادس اسم موضع كالقرية يتعبّد فيه قوم.
رَارانُ:
بتكرير الراء المهملة، وآخره نون: قرية من قرى أصبهان، ينسب إليها جماعة من الرواة، منهم: أبو الحسين وقيل أبو الخير أحمد بن محمد بن عبد الله الراراني، حدث عن عبد الله بن جعفر وأبي القاسم الطبراني، روى عنه سعيد بن محمد بن عبدان، ومن المتأخرين أبو الرجاء بدر بن ثابت بن روح بن محمد بن عبد الواحد الصوفي الراراني من بيت الحديث، سمع الحديث ورواه، ذكره أبو سعد في شيوخه وقال: مات سنة 532، وميلاده في نيف وستين وأربعمائة.
رَاذانُ:
بعد الألف ذال معجمة، وآخره نون، راذان الأسفل وراذان الأعلى: كورتان بسواد بغداد تشتمل على قرى كثيرة، وقد نسب إليها قوم من المتأخرين، وقال عبيد الله بن الحرّ:
أقول لأصحابي بأكناف جازر ... وراذانها: هل تأملون رجوعا؟
وقال مرّة بن عبد الله النهدي في راذان المدينة فيما أحسب:
أيا بيت ليلى إنّ ليلى مريضة ... براذان لا خال لديها ولا عمم
ويا بيت ليلى لو شهدتك أعولت ... عليك رجال من فصيح ومن عجم
ويا بيت ليلى لا بئست ولا تزل ... بلادك يسقيها من الواكف الديم
__________
[1] في هذا البيت إقواء.(3/12)
وراذان أيضا: قرية بنواحي المدينة جاءت في حديث عبد الله بن مسعود، وينسب إلى راذان العراق جماعة، منهم: أبو عبد الله بن محمد بن الحسن الراذاني الزاهد، مات سنة 480، وإلى راذان المدينة ينسب:
أبو سعيد الوليد بن كثير بن سنان المدني الراذاني، سكن الكوفة وهو مدنيّ الأصل، روى عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن، روى عنه زكرياء بن عدي.
راذَكانُ:
قرية من قرى طوس، وقيل: بليدة، بعد الألف ذال معجمة، وآخره نون، خرج منها جماعة وافرة من أهل العلم، ويقال: إن الوزير نظام الملك كان منها، ينسب إليها أبو محمد عبد الله ابن هاشم الطوسي الراذكاني، سكن نيسابور، روى عن يحيى بن سعيد القطان ووكيع وغيرهما، روى عنه عبد الله بن محمد بن شيرويه وكان ثقة، والحسن بن أحمد بن محمد الراذكاني أبو الأزهر الطوسي من أهل الطابران قصبة طوس، كان فقيها فاضلا عفيفا منقطعا، سمع أبا الفضل محمد بن أحمد ابن الحسن العارف وأبا عليّ الفضل بن محمد بن علي الفارمذي، قرأ عليه أبو سعد في داره بالطابران، قال: وصلت إليه بعد جهد جهيد، وكانت ولادته قبل سنة 470، ووفاته في سنة نيف وثلاثين وخمسمائة.
رَازَانُ:
بعد الألف زاي، وآخره نون: قرية من قرى أصبهان بحومة التجار، ينسب إليها أبو عمرو خالد بن محمد الرازاني، حدث عن الحسن بن عرفة وغيره، روى عنه أبو الشيخ الحافظ. ورازان أيضا:
محلّة ببروجرد، ينسب إليها أبو النجم زيد بن صالح بن عبد الله الرازاني من أهل الفقه، سمع أبا نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن الصباغ وغيره، ذكره أبو سعد في شيوخه وقال: مات غرّة المحرم سنة 547.
رَأسُ الإنسان:
قال الأصمعي: الجبل الذي بين أجياد الصغير وبين أبي قبيس.
رأسُ الحمارِ:
مدينة بحضرموت قريبة منها، والله الموفق للصواب.
رَاسِبُ:
أرض في شعر القطامي، ومعناه رسب الشيء في الماء إذا سفل فيه، فهو راسب، وقال عرّام: بين مكّة والطائف قرية يقال لها راسب لخثعم.
رَأسُ صَليع:
بفتح الصاد، وكسر اللام، وآخره عين مهملة: لعلّه موضع كان فيه يوم من أيّام العرب، والله أعلم.
رَأسُ عَيْنٍ:
ويقال رأس العين، والعامة تقوله هكذا، ووجدتهم قاطبة يمنعون من القول به، وجاء في شعر لهم قديم قاله بعض العرب في يوم كان برأس العين بين تميم وبكر بن وائل، قتل فيه فارس بكر بن وائل معاوية بن فراس، قتله أبو كابة جزء ابن سعد، فقال شاعرهم:
هم قتلوا عميد بني فراس ... برأس العين في الحجج الخوالي
روى ذلك أبو أحمد، وقال الأسود بن يعفر:
فإن يك يومي قد دنا وإخاله ... لوارده يوما إلى ظلّ منهل
فقبلي مات الخالدان كلاهما ... عميد بني جحوان وابن المضلّل
وعمرو بن مسعود وقيس بن خالد ... وفارس رأس العين سلمى بن جندل(3/13)
وأسبابه أهلكن عادا وأنزلت ... عزيزا يغنّي فوق غرفة موكل
وهي مدينة كبيرة مشهورة من مدن الجزيرة بين حرّان ونصيبين ودنيسر، وبينها وبين نصيبين خمسة عشر فرسخا وقريب من ذلك بينها وبين حرّان، وهي إلى دنيسر أقرب، بينهما نحو عشرة فراسخ، وفي رأس عين عيون كثيرة عجيبة صافية تجتمع كلّها في موضع فتصير نهر الخابور، وأشهر هذه العيون أربع: عين الآس وعين الصرار وعين الرياحية وعين الهاشمية، وفيها عين يقال لها خسفة سلامة، فيها سمك كبار ينظره الناظر كأنّ بينه وبينه شبرا ويكون بينه وبينه مقدار عشر قامات، وعين الصرار: هي التي نثر فيها المتوكل عشرة آلاف درهم ونزل أهل المدينة فأخذوها لصفاء الماء ولم يفقد منها شيء، فإنّه يبين مع عمقها ما في قعرها للناظر من فوقها، وعمقها نحو عشرة أذرع، وربّما أخذ منها الشيء اللطيف لصفائها، كذا قال أحمد بن الطيب لكنّي اجتزت أنا برأس عين ولم أر هذه الصفة، وتجتمع هذه العيون فتسقي بساتين المدينة وتدير رحيّها ثمّ تصبّ في الخابور، وقال أحمد بن الطيب أيضا: وفيها عين ممّا يلي حرّان تسمّى الزاهرية، كان المتوكل نزلها وبنى بها بناء، وكانت الزواريق الصغار تدخل إلى عين الزاهرية وإلى عين الهاشمية، وكان الناس يركبون فيها إلى بساتينهم وإلى قرقيسياء إن شاءوا، قلت أنا:
أمّا الآن فليس هناك سفينة ولا يعرفها أهل رأس عين ولا أدري ما سبب ذلك، فإن الماء كثير وهو يحمل سفينة صغيرة كما ذكروا، ولعل الهمم قصرت فعدم ذلك، قال: وبالقرب من عين الزاهرية عين كبريت يظهر ماؤها أخضر ليس له رائحة فيجري في نهر صغير وتدور به ناعورة يجتمع مع عين الزاهرية في موضع واحد فيصبان جميعا من موضع واحد في نهر الخابور، والمشهور في النسبة إليها الرّسعني، وقد نسب إليها الراسي، فممن اشتهر بذلك أبو الفضل جعفر بن محمد بن الفضل الراسي، يروي عن أبي نعيم، روى عنه أبو يعلى الموصلي وغيره، وهو مستقيم الحديث، وقال أبو القاسم الحافظ: جعفر بن محمد بن الفضل أبو الفضل الرّسعني، سمع بدمشق أبا الجماهير محمد بن عثمان التّنوخي وسليم بن عبد الرحمن الحمصي ومحمد بن حميد وعلي بن عياش وأبا المغيرة الحمصيّين وإسحاق بن إبراهيم الحنيني ومحمد بن كثير المصيصي وسعيد بن أبي مريم المصري ومحمد بن سليمان بن أبي داود الحرّاني وعبد الله بن يوسف التنيسي وجماعة سواهم، روى عنه عبد الله ابن أحمد بن حنبل وأبو بكر الباغندي وزكرياء بن يحيى السجزي وأبو جعفر أحمد بن إسحاق البهلول وأبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدان بن عيسى الورّاق الرسعني ومحمد بن العبّاس بن أيوب الأصبهاني الحافظ وغيرهم، قال علي بن الحسن بن علّان الحرّاني الحافظ: هو ثقة، وقال البشاري: لبّس القول.
رَأسُ ضَان:
بالضاد المعجمة: جبل في بلاد دوس له ذكر في حديث أبي هريرة.
رَأسُ القنطرة:
قد ذكر في القنطرة لأن النسبة إليه قنطريّ.
رَأس الكلب:
جبل باليمامة، ويقال: إنّما هي قارات تسمى رأس الكلب وقلعة بقومس أيضا تسمّى رأس الكلب على يسار القاصد إلى نيسابور.
رَأس كيفا:
من ديار مضر بالجزيرة قرب حرّان، كان عبرته على السلطان ثلاثمائة ألف وخمسين ألف درهم، فتحها عياض بن غنم على مثل صلح الرّها بعد(3/14)
أن غلب على أرضها في أيّام عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، وكان هشام بن عبد الملك قد أقطع ابنته عائشة قطيعة برأس كيفا تعرف بها قبضت أيّام بني العبّاس.
رَأس وريسان:
حصن في جبل وصاب من أعمال زبيد باليمن.
رَاسِك:
مدينة من أشهر مدن مكران ولها رستاق يقال له الخروج، وهي جروم حارّة.
رَاسَةُ:
من قرى اليمن.
رَاشْت:
بالشين المعجمة، وآخره تاء: بلد بأقصى خراسان، وهو آخر حدود خراسان، بينه وبين ترمذ ثمانون فرسخا، وهي بين جبلين، وكان منها مدخل الترك إلى بلاد الإسلام للغارة عليهم فعمل الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك هناك بابا محكما.
رَاشْتِيْنان:
الشين معجمة ثمّ التاء المثناة من فوقها، وياء آخر الحروف ساكنة، ونون، وآخره نون:
من قرى أصبهان، ينسب إليها أبو بكر أحمد بن محمد ابن جعفر بن أحمد بن إسحاق بن حمّاد، سمع أبا القاسم الحسن بن موسى الطبري بتستر وله أمالي، ومنها أيضا أبو طاهر إسحاق بن أبي بكر أحمد بن محمد بن جعفر الراشتيناني ولعلّه ولد الذي قبله، والله أعلم، روى عنه الحافظ أبو موسى الأصبهاني.
الرّاشديّة:
قرية من قرى بغداد.
راطية:
موضع، إن كان مأخوذا من الأرطى فهو نبت وإلّا فهو مرتجل.
راعب:
تنسب إليها الحمام الراعبيّة.
راغسرسنة:
بعد الألف غين معجمة، والسين مهملة مكررة، وراء، ونون: من قرى نسف.
رَاغَن:
بعد الألف غين معجمة مفتوحة، وآخره نون:
من قرى صغد سمرقند من الدّبوسية، والله أعلم.
الرّافِدان:
تثنية الرافد، وهو العطيّة والحباء: دجلة والفرات، وقيل البصرة والكوفة.
رَافٌ:
بعد الألف فاء: اسم رملة، قال بعضهم:
وتنظور من عيني لياح تصيّفت ... مخارم من أجواز أعفر أو رأفا
أي تنظر فأشبع الضمّ فتولد منه واو، والرّأف والرّأفة في لغتهم الرحمة.
الرّافِقَةُ:
الفاء قبل القاف، قال أحمد بن الطيب:
الرافقة بلد متصل البناء بالرقّة وهما على ضفة الفرات وبينهما مقدار ثلاثمائة ذراع، قال: وعلى الرافقة سوران بينهما فصيل، وهي على هيئة مدينة السلام، ولها ربض بينها وبين الرقّة وبه أسواقها، وقد خرب بعض أسوار الرقة، قلت: هكذا كانت أوّلا فأما الآن فإن الرقة خربت وغلب اسمها على الرافقة وصار اسم المدينة الرقة، وهي من أعمال الجزيرة مدينة كبيرة كثيرة الخير، قال أحمد بن يحيى: لم يكن للرافقة أثر قديم إنّما بناها المنصور في سنة 155 على بناء مدينة بغداد، ورتب بها جندا من أهل خراسان، وجرى ذلك على يد المهدي وهو ولي عهده، ثمّ إن الرشيد بنى قصورها، وكان فيما بين الرقة والرافقة فضاء وأرض مزارع، فلمّا قام علي بن سليمان بن علي واليا على الجزيرة نقل أسواق الرقة إلى تلك الأرض، وكان سوق الرقة الأعظم فيما مضى يعرف بسوق هشام العتيق، فلمّا قدم الرشيد الرقة استزاد في تلك الأسواق، وكان يأتيها ويقيم بها فعمرت مدة طويلة.
والرافقة: من قرى البحرين، عن نصر، وقد خرج منها جماعة من أهل العلم ولهم تاريخ، منهم: محمد(3/15)
ابن خالد بن بجيلة الرافقي كان ينزلها، ويقال: إن محمد بن إسماعيل البخاري روى عن الرافقي هذا في الصحيح، روى عنه عبد الله بن موسى.
راكسة:
من مياه عمرو بن كلاب، عن أبي زياد.
رَاكِسٌ:
واد، وقال العبّاس بن مرداس السلمي:
لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا، ... وأوحش إلّا رحرحان فراكسا
وقال داود بن عوف أخو بني عامر بن ربيعة:
وإنّا ذممنا الأعلم بن خويلد ... وحلم عقال إذ فقدنا أبا حرب
إذا ما حللتم بالوحيد وراكس ... فذلك نصر طائش عن بني وهب
راكَةُ:
موضع أغارت فيه خثعم ومسلية على بني عكّ فهزمتهم عكّ، فقال حوذان العكّيّ:
صبرنا يوم راكة حين شالت ... علينا خثعم ركنا صليبا
لقيناهم بكلّ أفلّ عضب ... تخال شهابه قبسا ثقيبا
رَالانُ:
اسم جبل، وأنشدوا فيه:
أو ما أقام مكانه رالان
قال أبو الفتح: من همز رألان فهو فعلان من لفظ الرّأل، ومن لم يهمز احتمل أمرين: أحدهما أن يكون تخفيف رألان كقولك في تخفيف رأس راس، والآخر أن يكون فعلان من روّلت الخبز في السمن ونحوه إذا أشبعته منه، وكان قياسه رولان كالجولان غير أنّه أعلّ على ما جاء من نحو داران وماهان.
رَام أرْدَشير:
قال حمزة: هي مدينة ت ج التي بين أصبهان وخوزستان في الجبال.
رَاماشَاه:
من قرى مرو الشاهجان.
رَامَان:
آخره نون: ناحية من بلاد الفرس بالأهواز.
رَامَتَيْن:
هو تثنية رامة يثنّى كما قيل عمايتين وهو واحد، وهو رامة بعينه، وقد ذكرناه بعد، قال جرير:
يجعلن مدفع عاقلين أيامنا، ... وجعلن أمعز رامتين شمالا
وعاقلين أيضا أراد به عاقلا، وفي هذا الموضع جاء:
تسألني برامتين سلجما
رَامَجِرْد:
بعد الميم جيم مكسورة، وآخره دال مهملة: قرية من قرى فارس قتل بها عبد الله بن معمر، وكان قدمها غازيا مع عبد الله بن عامر بن كريز فدفن في بستان من بساتينها.
رامحٌ:
من منازل إياد بالعراق، قال أبو دؤاد الإيادي:
أقفر الدير فالأجارع، من قو ... مي، فروق فرامح فخفيّه
كلّها نحو الحيرة من أرض العراق.
رامَران:
بفتح الميم ثمّ راء مهملة، وآخره نون: قرية على فرسخ من نسا من خراسان.
رَأمٌ:
مهموز ويخفف، والرأم في الأصل البوّ أو ولد ظأرت عليه غير أمّه، قال بعضهم:
كأمّهات الرأم أو مطافلا
وهو جبل باليمامة تقطع منه الأرحاء، قال الشاعر:
كأن حفيف الخصيتين على استها ... حفيف رحى راميّة ضاع بوقها
وهذا الجبل معترض مطلع اليمامة يحول بينها وبين(3/16)
يبرين والبحرين والدهناء.
رامسٌ:
بالسين المهملة: موضع في ديار محارب، ورامس، فاعل من الرمس: وهو التراب تحمله الريح فترمس به الآثار أي تعفوها. حدث عبد الملك ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جدّه عمرو بن حزم قال: كتب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: هذا كتاب من محمد رسول الله لعظيم بن الحارث المحاربي أن له الجمعة من رامس لا يحاقّه أحد، وكتب الأرقم.
رَامُش:
بضم الميم، وآخره شين: قرية من أعمال بخارى، ينسب إليها أبو إسحاق إبراهيم الرامشي، يروي عن أبي عمرو محمد بن محمد بن صابر البخاري وغيره، روى عنه أبو محمد النخشبي.
رامَشَهْرِستان:
قال الإصطخري: ويقال إن المدينة القديمة بسجستان في أيّام العجم الأول كانت فيما بين كرمان إلى ثلاث مراحل من زرنج وأبنيتها وبعض بيوتها قائمة إلى هذه الغاية، واسم هذه المدينة رام شهرستان، ويقال إن نهر سجستان كان يجري عليها فانقطع ثبق كان سكر من هندمند فانخفض الماء عنها ومال فتعطّلت فتحول الناس عنها وبنوا زرنج، فهي اليوم مدينة سجستان.
رَامَشِين:
أظنّها من قرى همذان، قال شيرويه:
مظفّر بن الحسن بن الحسين بن منصور الرامشيني الشافعي، روى عن أبي محمد الحسن بن أحمد بن محمد الأبهري الصفّار، سمع منه المعداني، وكان صدوقا، وأميري بن محمد بن منصور بن أبي أحمد ابن جيك بن بكير بن أخرم بن قيصر بن يزيد بن عبد الله بن مسرور أبو المعالي الرامشيني، قال شيرويه:
قدم علينا مرارا، روى عن أبي منصور المقوّمي وأبي الفضائل عبد السلام الأبهري وأبي محمد الحسن ابن محمد بن كاكا الأبهري المقري، وكان فقيها أديبا فاضلا فهما متورّعا صائما، وكان خادم الفقراء برامشين صدوقا اسمه أميري.
رَامَن:
بليدة بينها وبين همذان سبعة فراسخ وبينها وبين بروجرد أحد عشر فرسخا.
رَامَني:
بعد الميم المفتوحة نون مكسورة، بلفظ نسبة اللفظ إلى نفسك من رام يروم: قرية على فرسخين من بخارى عند خنبون، وقد خربت الآن، وقد نسب إليها قوم من العلماء، منهم: أبو أحمد بن حكيم بن لقمان الرامني، روى عن أبي عبد الله بن حفص البخاري وغيره، روى عنه أبو الحسن علي بن الحسن بن عبد الرحيم القاضي.
رامُوسَة:
من ضياع حلب على فرسخين تلقاء قنّسرين.
رامَهُرْمُز:
ومعنى رام بالفارسيّة المراد والمقصود، وهرمز أحد الأكاسرة، فكأنّ هذه اللفظة مركبة معناها: مقصود هرمز أو مراد هرمز، وقال حمزة: رامهرمز اسم مختصر من رامهرمز أردشير، وهي مدينة مشهورة بنواحي خوزستان، والعامّة يسمونها رامز كسلا منهم عن تتمة اللفظة بكمالها واختصارا، ورامهرمز من بين مدن خوزستان تجمع النخل والجوز والأترنج، وليس ذلك يجتمع بغيرها من مدن خوزستان، وقد ذكرها الشعراء فقال ورد بن الورد الجعدي:
أمغتربا أصبحت في رامهرمز؟ ... ألا كلّ كعبيّ هناك غريب
إذا راح ركب مصعدون فقلبه ... مع المصعدين الرائحين جنيب(3/17)
وإن القليب الفرد من أيمن الحمى إليّ، وإن لم آته، لحبيب ولا خير في الدنيا إذا لم تزر بها حبيبا ولم يطرب إليك حبيب
وقال كعب الأشقري يذكر وفاة بشر بن مروان:
حتى إذا خلّفوا الأهواز واجتمعوا ... برامهرمز من وافى به الخبر
نعيّ بشر فحال القوم وانصدعوا ... إلّا بقايا إذا ما ذكّروا ذكروا
رامَةُ:
قد ذكرت لغتها في رام: وهي منزل بينه وبين الرّمّادة ليلة في طريق البصرة إلى مكّة ومنه إلى إمّرة، وهي آخر بلاد بني تميم، وبين رامة وبين البصرة اثنتا عشرة مرحلة، وفيها جاء المثل:
تسألني برامتين سلجما وقيل: رامة هضبة، وقيل: جبل لبني دارم، قال جرير:
حيّ الغداة برامة الأطلالا ... رسما تحمّل أهله فأحالا
إنّ السّواري والغوادي غادرت ... للريح مخترقا به ومجالا
لم ألق مثلك بعد عهدك منزلا، ... فسقيت من سبل السّماك سجالا
أصبحت بعد جميع أهلك دمنة ... قفرا وكنت مربّة محلالا
ورامة أيضا: من قرى البيت المقدس، بها مقام إبراهيم الخليل، عليه السلام، وقال بشر بن أبي خازم:
عفت من سليمى رامة فكثيبها، ... وشطّت بها عنك النّوى وشعوبها
وغيّرها ما غيّر النّاس قبلها، ... فبانت وحاجات النّفوس نصيبها
وقال الحرمازي: سألت امرأة من أهل البادية زوجها فقالت: أطعمني سلجما، فقال: من أين سلجم هناك؟ وأنشأ يقول:
تسألني برامتين سلجما ... يا هند لو سألت شيئا أمما
جاء به الكريّ أو تيمّما
فنمى هذا الكلام إلى محمد بن سليمان فأمر بالرامتين فزرعتا عن آخرهما سلجما.
رامِيشَن:
بكسر الميم، وسكون الياء، وثاء مثلثة، وآخره نون: قرية ببخارى، ينسب إليها روح بن المستنير أبو إبراهيم الراميثني البخاري، روى عن المختار بن سابق وغيره، روى عنه محمد بن هاشم بن نعيم، وذكرها العمراني بالزاي.
رامِي:
بلفظ واحد الرماة: جزيرة في بحر شلاهط في أقصى بلاد الهند عظيمة، يقولون إنّها ثمانمائة فرسخ وبها عدّة ملوك لا يدين بعضهم لبعض، ولعلّها الجزيرة المعروفة بسيلان، فإن سيلان خبّرت بمثل هذه الصفة.
الرّانُ:
مدينة بين مراغة وزنجان، قيل: فيها معدن ذهب ومعدن الأسرب، قال مسعر: واستعملت منه مرداسنجا فحصل لي من كلّ منا دانق ونصف فضّة، ووجدت فيه اليبروح كثيرا عظيم الخلقة يكون الواحد منه عشرة أذرع وأكثر من ذلك، وفي هذه المدينة نهر من شرب منه أمن الحصاة أبدا، وبها حشيشة تضحك من تكون معه حتى يخرج به الضحك إلى الرّعونة وإن سقطت منه أو شيء منها اعتراه حزن لذلك وبكاء، وبها حجارة بيض غير(3/18)
شفافة تقيم الرصاص، ويقع بها من السحاب دويبّة تنفع من داء الثعلب باللّطوخ، هكذا ذكره مسعر ابن مهلهل، والذي عندي أن الرّان وأرّان واحد، وهي ولاية واسعة من نواحي أرمينية، قال عمر بن محمد الحنفي يمدح محمد بن عبد الواحد اليمامي:
حتى أتى بجبال الرّان منتجعا ... من وابل غيث جود ينعش البشرا
وأحكم الرّان حتى نام صاحبها ... أمنا وشرّد عنها من بغى أشرا
وقال أيضا:
يا ويح نفس سرت طوارقها ... بالهمّ فالهمّ لا يفارقها
وويح نجديّة منعّمة ... أضحى مقيما بالرّان وامقها
فكم أتى الآن دون مطلبها ... من عرض قد بدت مهارقها
ومن جبال بالرّان قد قرنت ... إلى جبال اخرى تساوقها
فليت عيني ترى، إذا نظرت، ... نجدا وقد أينعت حدائقها
والرّانُ:
حصن ببلاد الروم في الثغر قرب ملطية، وبالقرب منه حصن كركر، ذكره المتنبي في مدح سيف الدولة حيث قال:
وبتن بحصن الرّان رزحى من ال جى، ... وكلّ عزيز للأمير ذليل
وقال أيضا:
فكأنّ أرجلها بتربة منبج ... يطرحن أيديها بحصن الرّان
رانني:
بنونين: اسم موضع.
رانُوناءُ:
بعد الألف نون، وواو ساكنة، ونون أخرى، وهو ممدود، قال ابن إسحاق في السيرة: لما قدم النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، المدينة أقام بقباء أربعة أيّام وأسس مسجده على التقوى وخرج منها يوم الجمعة فأدركت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، الجمعة في بني سالم بن عوف وصلّاها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء، فكانت أوّل جمعة صلّاها بالمدينة، وهذا لم أجده في غير كتاب ابن إسحاق الذي لخّصه ابن هشام، وكلّ يقول صلّى بهم في بطن الوادي في بني سالم، ورانوناء بوزن عاشوراء وخابوراء.
راوَر:
بتكرير الراء، وفتح الواو: مدينة كبيرة بالسند من فتوح محمد بن القاسم الثقفي.
راوَسان:
بسين مهملة، وآخره نون: من قرى نيسابور.
رُؤوس الشياطين:
قال ابن قتيبة في المشكل: هو جبل بالحجاز متشعّب شنع الخلقة.
راوَنج:
ويقال ريونج، وقد ذكرت هناك.
الرّاوَنْدَان:
قلعة حصينة وكورة طيبة معشبة مشجرة من نواحي حلب.
راوَنْد:
بفتح الواو، ونون ساكنة، وآخره دال مهملة: بليدة قرب قاشان وأصبهان، قال حمزة:
وأصلها راهاوند، ومعناه الخير المضاعف، قال بعضهم:
وراوند مدينة بالموصل قديمة بناها راوند الأكبر بن بيوراسف الضحاك، وذكر أن رجلين من بني أسد خرجا إلى أصبهان فآخيا دهقانا بها في موضع يقال له راوند ونادماه فمات أحدهما وبقي الأسدي الآخر والدهقان، فكانا ينادمان قبره ويشربان كأسين(3/19)
ويصبّان على قبره كأسا، ثمّ مات الدهقان فكان الأسدي الغابر ينادم قبريهما ويترنم بهذا الشعر، وقال بعضهم: إن هذا الشعر لقسّ بن ساعدة الإيادي في خليلين كانا له وماتا، وقال آخرون: هذا الشعر لنصر بن غالب يرثي أوس بن خالد وأنيسا:
نديميّ هبّا طالما قد رقدتما، ... أجدّكما لا تقضيان كراكما
أجدّكما ما ترثيان لموجع ... حزين على قبريكما قد رثاكما
ألم تعلما ما لي براوند كلّها ... ولا بخزاق من صديق سواكما
جرى النوم بين العظم والجلد منكما ... كأنّكما ساقي عقار سقاكما
أصبّ على قبريكما من مدامة، ... فإلّا تذوقاها تروّ ثراكما
ألم ترحماني أنّني صرت مفردا ... وأنّي مشتاق إلى أن أراكما
فإن كنتما لا تسمعان فما الذي ... خليليّ عن سمع الدّعاء نهاكما؟
أقيم على قبريكما لست بارحا ... طوال اللّيالي أو يجيب صداكما
وأبكيكما طول الحياة، وما الذي ... يردّ على ذي عولة إن بكاكما؟
وينسب إلى راوند زيد بن عليّ بن منصور بن عليّ بن منصور الراوندي أبو العلاء المعدّل من أهل الريّ، سمع أبا القاسم إسماعيل بن حمدون بن إبراهيم المزكّي الرازي وأبا نصر أحمد بن محمد بن صاعد القاضي وأبا محمد عبد الواحد بن الحسن بن الصفّار وأجازه السمعاني، وكان مولده في سنة 472.
راوَن:
بفتح الواو، وآخره نون: بليدة من نواحي طخارستان شرقي بلخ ليست بالكبيرة، كانت ليحيى ابن خالد بن برمك، كثيرة الخير، ليس يسلم على أهلها وال، قال الكعبي أبو القاسم البلخي: ونحن ممّن ابتلي بهم ولكن سلّم الله منهم، ينسب إليها عبد السلام بن الراوني، ولي القضاء براون، وكان فقيها مناظرا، سمع أبا سعد أسعد بن الظهير، ذكره أبو سعد في شيوخه.
راوَنْسَر:
بفتح الواو، وسكون النون، وسين مهملة مفتوحة، وآخره راء: من قرى أرغيان، ينسب إليها محمد بن عبد الله الراونسري.
راوَنِير:
الواو مفتوحة، وآخره راء مهملة: من قرى أرغيان كبيرة، وقد نسب إليها قوم من العلماء، منهم: عمر بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله الخطيب الأرغياني أبو العباس من أهل راونير إحدى قرى أرغيان أخو الإمام أبي نصر الأرغياني الأكبر منه، كان فقيها صالحا سديدا حسن السيرة كثير الخير، ورد نيسابور وتفقّه على الإمام أبي المعالي الجويني وأقام بها مدّة ثمّ رجع إلى الناحية وسمع الأستاذ أبا القاسم القشيري وأبا الحسن عليّ بن أحمد الواحدي وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري وأبا نصر أحمد بن محمد بن محمد بن المسيب الارغياني وأبا القاسم المطهر بن محمد البحيري وأبا بكر محمد بن القاسم الصفّار، كتب عنه أبو سعد وأبو القاسم الدمشقي، وتوفي بنيسابور في الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة 534.
راوِيَةُ:
بكسر الواو، وياء مثناة من تحت مفتوحة، بلفظ راوية الماء: قرية من غوطة دمشق بها قبر أمّ كلثوم وقبر مدرك بن زياد الفزاري صحابي، قدم(3/20)
الشام مع أبي عبيدة فمات بدمشق فدفن براوية، وهو أوّل مسلم دفن بها، عن ابن عساكر، والمصّا ابن عيسى الكلاعي الزاهد كان يسكن راوية من قرى دمشق وصحب سليمان الخوّاص وحدث عن شعبة، حكى عنه القاسم بن عثمان الجوعي وأحمد بن أبي الحواري وعبيد بن عصام الخراساني.
راهِصٌ:
قال أبو زياد الكلابي: راهص من جبال أبي بكر بن كلاب، وأنشد أبو الندى:
رويت جريرا يوم أذرعة الهوى ... وبصرى وقادتك الرياح الجنائب
سقى الله نجدا من ربيع وصيّف، ... وخصّ بها أشرافها فالجوانب
إلى أجلى فالمطلبين فراهص، ... هناك الهوى لو أنّ شيئا يقارب
وفي كتاب الأصمعي: ولبني قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب راهص أيضا، وهي حرّة سوداء، وهي آكام منقادة تسمّى نعل راهص ثمّ الجفر جفر البعر.
راهِطٌ:
بكسر الهاء، وطاء مهملة: موضع في الغوطة من دمشق في شرقيه بعد مرج عذراء إذا كنت في القصير طالبا لثنية العقاب تلقاء حمص فهو عن يمينك، وسمّاها كثيّر نقعاء راهط، قال:
أبوكم تلاقى يوم نقعاء راهط ... بني عبد شمس وهي تنفى وتقتل
راهط: اسم رجل من قضاعة، ويقال له مرج راهط، كانت به وقعة مشهورة بين قيس وتغلب، ولما كان سنة 65 مات يزيد بن معاوية وولي ابنه معاوية بن يزيد مائة يوم ثمّ ترك الأمر واعتزل وبايع الناس عبد الله بن الزبير، وكان مروان بن الحكم بن أبي العاصي بالشام فهمّ بالمسير إلى المدينة ومبايعة عبد الله ابن الزبير، فقدم عليه عبيد الله بن زياد فقال له:
استحييت لك من هذا الفعل إذ أصبحت شيخ قريش المشار إليه وتبايع عبد الله بن الزبير وأنت أولى بهذا الأمر منه؟ فقال له: لم يفت شيء، فبايعه وبايعه أهل الشام وخالف عليه الضحاك بن قيس الفهري وصار أهل الشام حزبين: حزب اجتمع إلى الضحاك بمرج راهط بغوطة دمشق كما ذكرنا، وحزب مع مروان بن الحكم ووقعت بينهما الواقعة المشهورة بمرج راهط قتل فيها الضحاك بن قيس واستقام الأمر لمروان، وقال زفر بن الحارث الكلابي وكان فرّ يومئذ عن ثلاثة بنين له وغلام فقتلوا:
لعمري لقد أبقت وقيعة راهط ... لمروان صدعا بيننا متنائيا
أريني سلاحي، لا أبا لك! إنّني ... أرى الحرب لا تزداد إلّا تماديا
أبعد ابن عمرو وابن معن تتابعا ... ومقتل همّام أمنّى الأمانيا
وتذهب كلب لم تنلها رماحنا، ... وتترك قتلى راهط هي ما هيا
فلم تر مني نبوة قبل هذه، ... فراري وتركي صاحبيّ ورائيا
عشية أجرى بالقرينين لا أرى ... من النّاس إلّا من عليّ ولا ليا
أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيّامي وحسن بلائيا؟
فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنا ... وتثأر من نسوان كلب نسائيا
فقد ينبت المرعى على دمن الثّرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا(3/21)
قال ابن السكيت: فراقد هضبة حمراء بالحرة بواد يقال له راهط.
رَاهُونُ:
رستاق بالسند مجاورة للمنصورة وزروعها مباجس قليلة الثمر إلّا أن لهم مواشي كثيرة.
رَأيَان:
بلفظ تثنية رأي: جبل بالحجاز. ورايان:
من قرى ناحية الأعلم من نواحي همذان، قال شيرويه: مطهر بن أحمد بن عمر بن محمد بن صالح أبو الفرج روى عن أبي طالب بن الصباح وهرون بن طاهر وعامة مشايخنا، وكان ثقة صدوقا حسن السيرة فاضلا، مات برأيان الأعلم في جمادى الآخرة سنة 500
رَائِسٌ:
بعد الألف ياء مثناة من تحت، كأنّه فاعل من الرياسة: بئر لبني فزارة وجبل في البحر الشامي، قال النعمان بن بشير:
كيف أرعاك بالمغيب ودوني ... ذو ضفير فرائس فمغان؟
وقال النعمان أيضا:
أمن أن ذكرت ديار الحبي ... ب عاد لعينيك تسكابها
فبتّ العميد ونام الخل ... يّ واعتاد نفسك أطرابها
إذا ما دمشق قبيل الصّبا ... ح غلّق دونك أبوابها
وأمست ومن دونها رائس، ... فأيّان من بعد تنتابها؟
رَائِعٌ:
يقال: فرس رائع أي جواد، وشيء ربائع أي حسن كأنّه يروع لحسنه أي يبهت ويشغل عن غيره: وهو فناء من أفنية المدينة.
الرّائِعَةُ:
تأنيث الذي قبله، دار رائعة: موضع بمكّة فيه مدفن آمنة بنت وهب أم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقيل: بل دفنت بالأبواء بين مكّة والمدينة، وقيل: بمكّة في شعب أبي دبّ، وقيل: رائعة ماء على متن الطريق لبني عميلة، وقال السّكوني: الرائعة منزل في طريق البصرة إلى مكّة بعد إمّرة وقبل ضرية، وقد ذكرناه فيما تقدم.
الرّائِغَةُ:
بالغين المعجمة، قال الحفصي: الرائغة نخل لبني العنبر باليمامة، وبالغين المعجمة والباء الموحدة رواية فيه، وهو غلط يحتاج إلى كشف، وفي كتاب أبي زياد: الرايغة، بالياء والغين معجمة، ماء لبني غنيّ بن أعصر بعد إمّرة وسواج جبل لهم، والرائغة تنسب إلى سواج.
الرّايَةُ:
هي محلة عظيمة بفسطاط مصر، وهي المحلة التي في وسطها جامع عمرو بن العاص، إنّما سميت الراية لأن عمرو بن العاص لما نزل محاصرا للحصن، كما ذكرنا في الفسطاط، وكان في صحبته قبائل كثيرة من العرب واختطت كل قبيلة خطة بأرض مصر هي معروفة بهم إلى الآن وكان في صحبته قوم من قريش والأنصار وخزاعة وغفار وأسلم ومزينة وأشجع وجهينة وثقيف ودوس وعبس وجرش والليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة والعنقاء فلم يكن لكل بطن من هؤلاء من العدد ما ينفرد بدعوة في الديوان، وكره كل بطن أن يدعى باسم قبيل غيره وتشاحّوا في ذلك، فقال عمرو بن العاص: فأنا أجعل راية ولا أنسبها إلى واحد منكم ويكون موقفكم تحتها وتسمون منزلكم بها، فأجابوه إلى ذلك، فكانت الراية لهم كالنسب الجامع وكان ديوانهم عليها واختطوا كلهم في موضع واحد، فسميت هذه الخطة بهم لذلك.
وراية القلزم: كورة من كور مصر القبليّة. وراية:(3/22)
موضع في بلاد هذيل، قال قيس بن العيزارة الهذلي وهو في أسرهم:
وقال نساء: لو قتلت نساءنا، ... سواكنّ ذو البثّ الذي أنا فاجع
رجال ونسوان بأكناف راية ... إلى حثن، تلك العيون الدوامع
باب الراء والباء وما يليهما
الرُّبَا:
بضم أوّله، وتخفيف ثانيه، مقصور، جمع ربوة، وهو ما علا من الأرض: وهو موضع بين الأبواء والسّقيا من طريق الجادّة بين مكّة والمدينة، وفي شعر كثيّر:
وكيف ترجّيها ومن دون أرضها ... جبال الرّبا تلك الطوال البواسق؟
رَبَابٌ:
بفتح أوّله، وتخفيف ثانيه، وتكرير الباء الموحدة، وهو في اللغة السحاب الأبيض، وقيل:
السحاب الذي تراه كأنّه دون السحاب قد يكون أبيض وقد يكون أسود: وهو موضع عند بئر ميمون بمكّة. ورباب أيضا: جبل بين المدينة وفيد على طريق كان يسلك قديما يذكر مع جبل آخر يقال له خولة مقابل له، وهما عن يمين الطريق ويساره.
رُبَابٌ:
بضم أوّله، وتخفيف ثانيه، وتكرير الباء أيضا، وهو في اللغة جمع ربّى، وهي الشاة إذا ولدت، وهو ما بين الولادة إلى شهرين، وقال الأصمعي: جمع الرّبّى رباب، قال بعضهم:
خليل خود غرّها شبابه، ... أعجبها إذ كبرت ربابه
ويقال: كان ذلك في ربّى شبابه وربّانه وربّانه أي أوّله: وهو أرض بين ديار بني عامر وبلحارث ابن كعب، قيل: الرباب في ديار بني عامر في منتهى سيل بيشة وغيرها من الأودية في نجد، وقال عبد الله ابن العجلان النهدي:
ألا إنّ هندا أصبحت عامريّة، ... وأصبحت نهديّا بنجدين نائيا
تحلّ الرّياض في نمير بن عامر ... بأرض الرباب أو تحلّ المطاليا
وقال جابر بن عمرو المرّي:
كأنّ منازلي وديار قومي ... جنوب قنا وروضات الرّباب
وهذه منازل مرّة بن غطفان بنواحي الحجاز، وقال:
وحلّت روض بيشة فالرّبابا
رَبَاحٌ:
بفتح أوّله، وآخره حاء مهملة، الرّبح والرّبح، مثل شبه وشبه: اسم ما ربحه التاجر وكذلك الرّباح بالفتح، والرّباح: دويبة كالسّنّور، ورباح في قول الشاعر:
هذا مقام قدمي رباح
فهو اسم ساق، وأمّا المقصود ههنا فهو قلعة رباح:
مدينة بالأندلس من أعمال طليطلة استولى عليها الأفرنج منذ سبعين سنة أو نحوها، وهي غربي طليطلة وبين المشرق والجوف من قرطبة، ولها عدّة قرى ونواح ويسمونها الأجزاء يقوم مقام الإقليم كما ذكرنا في اصطلاحهم في لفظة الإقليم في أوّل الكتاب منها جزء البكريّين وجزء اللخميّين وغير ذلك، وقد نسب إلى هذه المدينة قوم، منهم: محمد بن سعد الرباحي صاحب نحو ولغة وشعر ويقال له الجياني أيضا نسب إلى مدينة جيان، والفقيه المحدث محمد ابن أبي سهلويه الرباحي، وقاسم بن الشارح الرباحي المحدث الفقيه.(3/23)
رِبَاعٌ:
بكسر أوّله، وآخره عين مهملة، جمع ربع: موضع، عن ابن دريد.
الرُّبّانُ:
بضمّ أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره نون، وربّان الشيء: أوّله، ومنه ربّان الشباب: وهو ههنا ركن ضخم من أركان أجإ.
الرُّبّانِيّة:
بالضم: من مياه بني كليب بن يربوع بأرض اليمامة، عن محمد بن إدريس بن أبي حفصة.
الرَّبايضُ:
جمع ربيضة، كأنّه واحدة مرابض الإبل والغنم: وهو وادي ربايض في شعر عبدة بن الطبيب.
الرَّبَايعُ:
جمع ربيعة، وهي بيضة الحديد، والربيعة أيضا: الحجر يرتبع أي يشال، قال السكوني: إذا صدرت عن سميراء تقاودت لك أعلام يقال لها الرّبايع شرقي الطريق مصعدا، وقال الأسود: الربايع أكناف من بلاد بني أسد، قال: وأنشدنا أبو الندى:
وبين خوّين زقاق واسع ... زقاق بين التين والربايع
وقالت امرأة:
لعمرك للغمران غمرا مقلّد ... فذو نجب غلّانه ودوافعه
وخوّ إذا خوّ سقته ذهابه ... وأمرع منه تينه وربايعه
أحبّ إلينا من فراريج قرية ... تزاقى ومن حيّ تنقّ ضفادعه
وقال الأصمعي: الربايع بينه وبين حبشي، وهو جبل يشترك فيه الناس.
رَبَبٌ:
بباءين موحدتين: واد بنجد من ديار عمرو ابن تميم، وقيل: من بلاد عذرة ممّا يلي الشام من وراء أيلة، عن نصر.
رُبَخُ:
آخره خاء معجمة، وهو بوزن زفر، وهو معدول من رابخ، وهي المرأة التي يغشى عليها عند الجماع أي تفتر حواسها، ولعلّ الماشي في هذا الموضع يتعب حتى يربخ: وهو جبل.
رَبَذُ:
بالتحريك، والذال معجمة: جبل عند الرّبذة، قالوا: وبه سميت الربذة.
الرَّبَذَةُ:
بفتح أوّله وثانيه، وذال معجمة مفتوحة أيضا، قال أبو عمرو: سألت ثعلبا عن الربذة اسم القرية فقال ثعلب: سألت عنها ابن الأعرابي فقال:
الربذة الشدة، يقال: كنّا في ربذة فانجلت عنا، وفي كتاب العين: الربذ خفة القوائم في المشي وخفة الأصابع في العمل، تقول: إنّه لربذة، والربذات: العهون التي تعلق في أعناق الإبل، الواحدة ربذة، وقال ابن الكلبي عن الشرقي: الربذة وزرود والشقرة بنات يثرب بن قانية بن مهليل بن إرم بن عبيل بن أرفخشد ابن سام بن نوح، عليه السلام. والربذة: من قرى المدينة على ثلاثة أيّام قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكّة، وبهذا الموضع قبر أبي ذر الغفاري، رضي الله عنه، واسمه جندب ابن جنادة، وكان قد خرج إليها مغاضبا لعثمان بن عفان، رضي الله عنه، فأقام بها إلى أن مات في سنة 32، وقرأت في تاريخ أبي محمد عبيد الله بن عبد المجيد بن سيران الأهوازي قال: وفي سنة 319 خربت الربذة باتصال الحروب بين أهلها وبين ضرية ثمّ استأمن أهل ضرية إلى القرامطة فاستنجدوهم عليهم فارتحل عن الربذة أهلها فخربت، وكانت من أحسن منزل في طريق مكّة، وقال الأصمعي يذكر نجدا:
والشرف كبد نجد، وفي الشرف الربذة، وهي الحمى الأيمن، وفي كتاب نصر: الربذة من منازل(3/24)
الحاج بين السليلة والعمق، وينسب إلى الربذة قوم، منهم: أبو عبد العزيز موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي، وأخواه محمد وعبد الله، روى عبد الله عن جابر عن عقبة بن عامر، روى عنه أخوه موسى، وقتله الخوارج سنة 130، وغيره، وفي تاريخ دمشق:
عبد الله بن عبيدة بن نشيط الربذي مولى بني عامر بن لؤي، وفد على عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وروى عنه وعن عبيد الله بن عتبة وعن جابر بن عبد الله مرسلا، روى عنه عمر بن عبد الله بن أبي الأبيض وصالح بن كيسان وأخوه موسى بن عبيدة، قال محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: وروى موسى ابن عبيدة الرّبذي، وهو ضعيف الحديث جدّا وهو صدوق، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، وهو ثقة وقد أدرك غير واحد من الصحابة، كذا فيه سواء ضعيف الحديث ثمّ قال صدوق.
الرَّبَضُ:
بالتحريك، وآخره ضاد معجمة، وهو في الأصل حريم الشيء، ويقال لزوجة الرجل ربضه وربضه، قال أبو منصور: الرّبض فيما قال بعضهم أساس المدينة والبناء، والرّبض ما حوله من خارج، الأوّل مضموم والثاني بالتحريك، وقال بعضهم:
هما لغتان، الأرابض كثيرة جدّا وقلّ ما تخلو مدينة من ربض، وإنّما نذكر ما أضيف فصار كالعلم أو نسب إليها أحد من العلماء.
رَبَضُ أبي عَوْن:
واسمه عبد الملك بن يزيد: ببغداد في شارع دار الرقيق في الدرب النافذ إلى دار عبد الله بن طاهر، وكان أبو عون من موالي المنصور، وكان يتولى له مصر ثمّ عزل عنها.
رَبَض أصبهان:
ويقال له ربض المدينة، ينسب إليه أبو شكر أحمد بن محمد بن علي الربضي، سمع الأصبهانيين، حدث عنه سليمان بن أحمد الأصبهاني.
رَبَضُ أبي حنيفة:
محلة كانت ببغداد قرب الحريم الطاهري بالجانب الغربي تتصل بباب التّين من مقابر قريش، ينسب إلى أبي حنيفة أحد قواد المنصور وليس بصاحب المذهب.
رَبَضُ حَرْب:
هي المحلة المعروفة اليوم بالحربية، وقد ذكرت.
رَبَض حَمْزَة بن مالك بن الهيثم الخزاعي:
بالجانب الغربي كانت وخربت.
رَبَض حُمَيد بن قحطبة الطائي:
ببغداد متصل بالنصرية والنّصرية اليوم عامرة، وربض حميد خراب ويتصل به ربض الهيثم بن سعيد بن ظهير، وكان حميد أحد النقباء في دولة بني العباس.
ربض الخوارِزْمِيّة:
يتصل بربض الفرس بالجانب الغربي، كان ينزلها الخوارزمية من جند المنصور، وفي هذا الربض درب النجّارية أيضا.
ربض الدّارَين:
بحلب أمام باب أنطاكية في وسطه قنطرة على قويق، قال أحمد بن الطيب الفيلسوف:
كان محمد بن عبد الملك بن صالح بناه وبنى فيه دارا، أعني الربض، ولم يستتمه وأتمه سيما الطويل ورمّ ما كان استهدم منه وصيّر عليه باب حديد حذاء باب أنطاكية أخذه من قصر بعض الهاشميين بحلب يسمى قصر البنات وسمّى الباب باب السلامة وبنى سيما فيه دارا أيضا مقابلة لدار عبد الملك بن صالح فسمّي ربض الدارين لذلك.
ربض الرّافِقَة:
قد نسب إليه، وهو الذي يسمّى الرّقة، وهو كان ربضا للرافقة فغلب الآن على اسم المدينة.(3/25)
ر
بض رُشَيْد:
متصل بربض الخوارزمية ببغداد، ورشيد مولى للمنصور، وهو والد داود بن رشيد المحدث.
ربض زِيادٍ:
بشيراز، ينسب إليه أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عثمان بن المثنى أبو المثنّى الباهلي الشيرازي، كان ينزل ربض شيراز فنسب إليه، روى عنه سلمة ابن شبيب وطبقته.
ربض سعيد بن حُمَيد:
متصل بربض رشيد الذي قبله.
ربض زُهير بن المسيب:
متصل أيضا بربض سعيد ابن حميد ببغداد.
ربضُ سُلَيمان بن مجالد:
أحد موالي المنصور، وقد ولي له الولايات الجليلة.
ربض عُثمان بن نُهيك:
متصل بربض الخوارزمية، وكان عثمان بن نهيك على حرس المنصور.
ربض قُرْطُبَةَ:
محلّة بها، قال الحميدي: يوسف بن مطروح منسوب إلى الربض المتصل بقرطبة فقيه مذكور من فقهاء مذهب مالك.
ربض مَرْوَ:
ينسب إليه أحمد بن بكر بن يونس بن خليل أبو بكر المؤدب الربضي، مروزي الأصل، حدث عن علي بن الجعد وغيره.
ربض نَصْر بن عبد الله:
وهو الشارع النّافذ إلى دجيل من شارع باب الشام، هكذا كانت صفته أوّلا، وأمّا الآن فأمامه، بينه وبين الدجيل ثلاث محال: چهار سوج العتابيّين ومحلّة أخرى وعن يمينه قطائع السرجسية، وهو المعروف اليوم بالنصريّة، عامرة إلى الآن.
ربض هَيْلانَةَ:
بين باب الكرخ وباب محوّل، وهيلانة إحدى حظايا الرشيد.
الرَّبَعَةُ:
من حصون ذمار باليمن للعبيد.
رِبْقُ الدّاهِيَةِ:
من مياه بني عدي بن عبد مناة باليمامة، عن ابن أبي حفصة.
الرَّبْوُ:
بلفظ الرّبو ضيق النفس: موضع.
رُبْوَةُ:
بضم أوّله وفتحه وكسره، والضم أجود، وأصله ما ارتفع من الأرض، وجمعها ربى، قال المفسرون في قوله عزّ وجل: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ 23: 50، إنّها دمشق، وذات قرار أي قرار من العيش، وبدمشق في لحف جبل على فرسخ منها موضع ليس في الدنيا أنزه منه لأنّه في لحف جبل تحته سواء نهر بردى، وهو مبنيّ على نهر ثوري، وهو مسجد عال جدّا وفي رأسه نهر يزيد يجري ويصبّ منه ماء إلى سقايته وإلى بركة، وفي ناحية ذلك المسجد كهف صغير يزار يزعمون أنّه المذكور في القرآن وأن عيسى، عليه السلام، ولد فيه.
الرُّبَّةُ:
بلفظ واحدة الرباب، عين الربة: قرية في طرف الغور بين أرض الأردنّ والبلقاء، قال ابن عبّاس، رضي الله عنه: لما خرج لوط، عليه السلام، من دياره هاربا ومعه ابنتاه يقال لإحداهما ربّة وللأخرى زغر فماتت الكبرى، وهي ربّة، عند عين فدفنت عندها وسمّيت العين باسمها عين ربّة وبنيت عليها فسمّيت ربة، وماتت زغر بعين زغر فسمّيت بها.
رَبَيْخَن:
بفتح أوّله وثانيه، وياء ساكنة، وخاء معجمة ونون، وقيل أربيخن: بليدة من صغد سمرقند.
الرّبِيعُ:
بلفظ ربيع الأزمنة: موضع من نواحي المدينة، قال قيس بن الخطيم:
ونحن الفوارس يوم الربي ... ع قد علموا كيف فرسانها(3/26)
قال ابن السّكيت: يوم الربيع يوم من أيّام الأوس والخزرج، والربيع: الجدول الصغير.
رَبيعة:
قرية بني ربيعة في أقصى الصعيد بين أسوان وبلاق، وهي قرية كبيرة جامعة.
رَبِيق:
واحد الأرباق، وهي عرى تكون في حبل يشدّ فيها البهم، وأمّ الرّبيق الداهية: وهو واد بالحجاز، والله أعلم بالصواب.
باب الراء والتاء وما يليهما
رَتَمُ:
بالتحريك: موضع في بلاد غطفان، والرّتم جمع رتمة: وهو ضرب من الشجر، وكان الرجل إذا أراد سفرا عمد إلى شجرة منها فشدّ غصنين منها فإن رجع ووجدهما على حالهما قال إن أهله لم تخنه وإلّا فقد خانته، قال الراجز:
هل ينفعنك اليوم إن همّت بهم ... كثرة من توصي وتعقاد الرّتم؟
باب الراء والجيم وما يليهما
رَجا:
مقصور، والرّجا جمعه أرجاء: نواحي البئر وحافاتها، وكلّ ناحية رجا: وهو موضع قريب من وجرة والصرائم. والرّجا أيضا: قرية من قرى سرخس، ينسب إليها عبد الرشيد بن ناصر الرجائي واعظ نزل أصبهان، قاله أبو موسى الأصبهاني الحافظ.
الرَّجّازُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره زاي، والرّجز، بكسر الراء وسكون الجيم: القذر، والرّجز والرّجز، بالفتح والتحريك: داء يصيب الإبل في أعجازها فإذا قامت الناقة ارتعشت فخذاها ساعة ثمّ تنبسط، قالوا: ومنه سمّي الرّجز من الشعر، والرّجّاز ههنا يجوز أن يكون فعالا من كل واحد منهما: وهو اسم واد بعينه بنجد عظيم، وأنشد ابن دريد:
أسد تفرّ الأسد من عروائه ... بمدافع الرّجّاز أو بعيون
الرِّجَازُ:
بكسر أوّله، وتخفيف ثانيه، وآخره زاي، بوزن القتال: موضع آخر، وأصله جمع رجازة، وهو مركب من مراكب النساء أصغر من الهودج، وقيل: كساء تجعل فيه أحجار تعلّق في أحد جانبي الهودج إذا مال.
رِجَامٌ:
بكسر أوّله وتخفيف ثانيه، وهي في لغتهم حجارة ضخام دون الرّضام وربّما جمعت على القبر فسنّم بها، والرجام: حجر يجعل في عرقوة الدّلو فتكون أسرع لانحدارها، والرّجام: جبل طويل أحمر يكون له رداه في أعراضه، نزل به جيش أبي بكر، رضي الله عنه، يريدون عمان أيّام الردّة، ويوم الرجام: من أيّامهم، وقال الضبابي: أنشدني الأصمعي فقال:
وغول والرّجام وكان قلبي ... يحبّ الراكزين إلى الرجام
الراكزين: الذين هم نزول ثمّ يركزون أرماحهم، وقال آخر:
كأنّ فوق المتن من سنامها ... عنقاء من طخفة أو رجامها
مشرفة النّيق على أعلامها
وقال العامري: الرجام هضبات حمر في بلادنا نسميها الرجام وليست بجبل واحد، وأنشد:
وطخفة ذلّت والرجام تواضعت ... ودعسقن حتى ما لهنّ جنان
دعسقن أي وطئن أي غزتهم الخيل فدعسقت(3/27)
تلك المواضع أي حتى لم يبق لهنّ شيء ولم يتحنّن عليهن أحد، قال الأصمعي: وقال آخر الرجام جبال بقارعة الحمى حمى ضرية، قال لبيد:
عفت الدّيار محلّها فمقامها ... بمنى تأبّد غولها فرجامها
وقال أيضا:
فتضمّنتها فردة فرخامها ... ولا يبعد أن يكون أراد الحجارة.
رَجّانُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره نون، يجوز أن يكون فعلان من الرجّ، وهو الحركة والزلزلة، فلا ينصرف على هذا، وأن يكون فعّالا من رجن بالمكان رجونا إذا أقام به، فهو على هذا منصرف:
وهو واد عظيم بنجد. ورجّان أيضا: بلدة ينسب إليها نفر من الرواة، وأظنّها أرّجان التي بين الأهواز وفارس، فإنّه يقال: الرجان وأرّجان على الإدغام كما قالوا الأرض والرض.
الرَّجْرَاجَةُ:
بفتح أوّله، وتكرير الجيم: قرية لعبد القيس بالبحرين، وأصله من الرّجرجة وهو الاضطراب.
الرَّجْلاءُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، والمدّ: ماء إلى جنب جبل يقال له المردة لبني سعيد بن قرط يسمى صلب العلم، قال أبو منصور: حرّة رجلاء مستوية الأرض كثيرة الحجارة، وقال أبو الهيثم في قولهم حرّة رجلاء: الحرّة أرض حجارتها سود، والرجلاء الصلبة الخشنة لا تعمل فيها خيل ولا إبل ولا يسلكها إلّا راجل.
الرِّجَلُ:
بكسر أوّله، وفتح ثانيه: موضع بشق اليمامة، قال الأعشى:
قالوا نمار فبطن الخال جادهما ... فالعسجدية فالأبلاء فالرّجل
قال الحفصي: يريد رجلة الشعور ورجلة أخرى لا أدري لمن هي.
رِجْلٌ:
بكسر أوّله، بلفظ إحدى القدمين، ذات رجل: موضع في ديارهم، قال المثقّب العبدي:
مررن على شراف فذات رجل، ... ونكّبن الذّرانح باليمين
وقال نصر: رجل موضع قرب اليمامة. وذو الرجل:
صنم حجازيّ. وذات رجل: من أرض بكر بن وائل من أسافل الحزن. وذو الرجل: موضع من ديار كلب.
رِجْلَةُ أحْجارٍ:
موضع كأنّه ببادية الشام، قال الراعي:
قوالص أطراف المسوح كأنّها ... برجلة أحجار نعام نوافر
رِجْلَتَا بَقَرٍ:
بأسفل حزن بني يربوع، وبها قبر بلال ابن جرير بن الخطفى، والرجل جماعة رجلة:
وهي مسايل المياه في الأودية، قال جرير:
ولا تقعقع ألحي العيس قاربة ... بين المزاج ورعني رجلتي بقر
رِجْلَةُ التّيْسِ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وأمّا المضاف إليها فهو بلفظ فحل الشاة: وهو موضع بين الكوفة والشام، والرجلة واحدة الرجل، وهي مسايل المياه، والرجلة: بقلة الحمقاء نفسها، وقال الحفصي:
الرجل في بيت الأعشى المذكور آنفا هي رجلة الشعور ورجلة أخرى لا أدري لمن هي.
رَجَمَانُ:
بفتح أوّله، فعلان من الرّجم: قرية بالخابور من نواحي الجزيرة.(3/28)
رَجَم:
بالتحريك، وهو القبر بلغتهم، قال زهير:
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته، ... ولم أخزه حتى تغيّب في الرّجم
وهو جبل بأجإ أحد جبلي طيّء لا يرقى إليه أحد كثير النمران.
رُجَيْجٌ:
تصغير رجّ أي تحرّك: موضع في بلاد العرب.
رَجيعٌ:
على فعيل، ورجيع الشيء: رديئه، والرجيع: الرّوث، والرجيع من الدوابّ: ما رجعته من سفر إلى سفر وهو الكالّ، وكل شيء يردّد فهو رجيع لأن معناه مرجوع، والرجيع:
هو الموضع الذي غدرت فيه عضل والقارة بالسبعة نفر الذين بعثهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، معهم، منهم: عاصم بن ثابت حميّ الدّبر وخبيب ابن عدي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي، وهو ماء لهذيل، وقال ابن إسحاق والواقدي: الرجيع ماء لهذيل قرب الهدأة بين مكّة والطائف، وقد ذكره أبو ذؤيب فقال:
رأيت، وأهلي بوادي الرّجي ... ع من أرض قيلة، برقا مليحا
وبه بئر معاوية وليس ببئر معونة، بالنون، هذا غير ذاك، وذكر ابن إسحاق في غزاة خيبر أنّه، عليه الصلاة والسلام، حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر فبني له فيها مسجد ثمّ على الصهباء ثم أقبل حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر فعسكر به، وكان يروح لقتال خيبر منه، وخلّف الثقل بالرجيع والنساء والجرحى، وهذا غير الأوّل لأن ذاك قرب الطائف وخيبر من ناحية الشام خمسة أيام عن المدينة فيكون بين الرجيعين أكثر من خمسة عشر يوما، وبئر معاوية قد ذكرت في الآبار، وقال حسان ابن ثابت:
أبلغ بني عمرو بأنّ أخاهم ... شراه امرؤ قد كان للشرّ لازما
شراه زهير بن الأغرّ وجامع، ... وكانا قديما يركبان المحارما
أجرتم فلمّا أن أجرتم غدرتم، ... وكنتم بأكناف الرّجيع لهاذما
فليت خبيبا لم تخنه أمانة، ... وليت خبيبا كان بالقوم عالما
وقال حسان بن ثابت أيضا:
صلّى الإله على الذين تتابعوا ... يوم الرّجيع فأكرموا وأثيبوا
رأس السريّة مرثد وأميرهم ... وابن البكير إمامهم وخبيب
وابن لطارق وابن دثنة منهم ... وافاه ثمّ حمامه المكتوب
والعاصم المقتول عند رجيعهم ... كسب المعالي، إنّه لكسوب
منع المقادة أن ينالوا ظهره ... حتى يجالد، إنّه لنجيب
إنّما ذكرت هذه القطعة وإن كانت ساقطة لأن ذكر أصحاب الرجيع جميعهم فيها.
الرَّجيعة:
تأنيث الذي قبله: ماء لبني أسد.
الرُّجيلاءُ:
تصغير رجلاء: في بلاد بني عامر، قال بعضهم:
فأصبحت بصعنبى منها إبل ... وبالرّجيلاء لها نوح زجل(3/29)
رُجِينَةُ:
بضم أوّله، وكسر ثانيه، وبعد الياء المثناة من تحت الساكنة نون: إقليم من أقاليم باجة بالأندلس، والإقليم ههنا هو الذي ذكرنا في تفسير الإقليم.
باب الراء والحاء وما يليهما
رَحاً:
بلفظ الرحا التي يطحن فيها: جبل بين كاظمة والسيدان عن يمين الطريق من اليمامة إلى البصرة، قال حميد بن ثور:
وكنت رفعت الصوت بالأمس رفعة ... بجنب الرّحا لما اتلأبّ كؤودها
ونزل بالراعي النّميري رجل من بني عمرو بن كلاب ليلا في سنة مجدبة وقد عزبت عن الراعي إبله فنحر لهم نابا من رواحلهم وصبحت الراعي إبله فأعطى ربّ الناب نابا مثلها وزاده ناقة ثنيّة وقال:
عجبت من السارين، والرّيح قرّة، ... إلى ضوء نار بين فردة فالرّحا
إلى ضوء نار يشتوي القدّ أهلها، ... وقد يكرم الأضياف والقدّ يشتوى
فلمّا أتونا واشتكينا إليهم ... بكوا وكلا الحيّين ممّا به بكى
بكى معوز من أن يلام وطارق ... يشدّ من الجوع الإزار على الحشا
فأرسلت عيني هل أرى من سمينة ... تدارك فيها نيّ عامين والصّرى
فأبصرتها كوماء ذات عريكة ... هجانا من اللّاتي تمتعن بالصّوى
فأومأت إيماء خفيّا لحبتر ... ولله عينا حبتر أيّما فتى
وقلت له: الصق بأيبس ساقها، ... فإن يجبر العرقوب لا يرقأ النّسا
فيا عجبا من حبتر! إنّ حبترا ... مضى غير منكوب ومنصله انتضى
كأنّي وقد أشبعتهم من سنامها ... جلوت غطاء عن فؤادي فانجلى
فبتنا وباتت قدرنا ذات هزّة ... لنا قبل ما فيها شواء ومصطلى
فقلت لربّ الناب: خذها ثنية، ... وناب عليها مثل نابك في الحيا
وقال معاوية بن عادية الفزاري وهو لصّ حبس في المدينة على إبل اطّردها:
أيا واليي أهل المدينة رفّعا ... لنا غرفا فوق البيوت تروق
لكيما نرى نارا يشبّ وقودها ... بحزم الرحا أيد هناك صديق
تؤرّثها أمّ البنين لطارق ... عشيّ السّرى بعد المنام طروق
يقول بريّ وهو مبد صبابة:
ألا إنّ إشراف البقاع يشوق ... عسى من صدور العيس تنفخ في البرى
طوالع من حبس وأنت طليق
ورحا: موضع بسجستان، ينسب إليه محمد بن أحمد ابن إبراهيم الرّحائي السجستاني، روى عن أبي بشر أحمد بن محمد المروزي والحسن بن نفيس بن زهير السجزي وغيرهما.
رُحاب:
بالضم: من عمل حوران، قال كثيّر:
سيأتي أمير المؤمنين، ودونه ... رحاب وأنهار البضيع وجاسم(3/30)
ثنائي تنمّيه عليّ ومدحتي ... سمام على ركبانهنّ العمائم
الرّحاب:
هي ناحية بأذربيجان ودربند، وأكثر أرمينية كلّها يشتملها هذا الاسم.
رَحا بِطانٍ:
موضع في بلد هذيل، وأنشدوا لتأبّط شرّا:
ألا من مبلغ فتيان قومي ... بما لاقيت عند رحا بطان؟
فإنّي قد لقيت الغول تهوي ... بسهب كالصحيفة صحصحان
فقلت لها: كلانا نضو دهر ... أخو سفر، فخلّي لي مكاني
فشدّت شدّة نحوي فأهوى ... لها كفّي بمصقول يماني
فأضربها بلا دهش فخرّت ... صريعا لليدين وللجران
فقالت: عد، فقلت لها: رويدا ... مكانك إنّني ثبت الجنان
فلم أنفكّ متّكئا لديها ... لأنظر مصبحا ماذا أتاني
إذا عينان في رأس قبيح ... كرأس الهرّ مشقوق اللّسان
وساقا مخدج وشواة كلب، ... وثوب من عباء أو شنان
رَحا البِطْريق:
ببغداد على الصّراة، حدث أبو زكرياء، ولا أعرفه، قال: دخلت على أبي العبّاس الفضل بن الربيع يوما فوجدت يعقوب بن المهدي عن يمينه ومنصور بن المهدي عن يساره ويعقوب بن الربيع عن يمين يعقوب بن المهدي وقاسما أخاه عن يسار منصور بن المهدي، فسلّمت فأومأ بيده إليّ بالانصراف، وكان من عادته إذا أراد أن يتغدّى معه أحد من جلسائه أو أهل بيته أمر غلاما له يكنى أبا حيلة أن يردّه إلى مجلس في داره حتى يحضر غداؤه ويدعو به، قال: فخرجت فردّني أبو حيلة فدخلت فإذا عيسى بن موسى كاتبه قاعد فجلسنا حتى حضر الغداء فأحضرني وأحضر كتّابه وكانوا أربعة: عيسى ابن موسى بن أبيروز وعبد الله بن أبي نعيم الكلبي وداود بن بسطام ومحمد بن المختار، فلمّا أكلنا جاءوا بأطباق الفاكهة فقدّموا إلينا طبقا فيه رطب فأخذ الفضل منه رطبة فناولها ليعقوب بن المهدي وقال له:
إن هذا من بستان أبي الذي وهبه له المنصور، فقال له يعقوب: رحم الله أباك فإنّي ذكرته أمس وقد اجتزت على الصراة برحا البطريق فإذا أحسن موضع فإذا الدور من تحتها والسوق من فوقها وماء غزير حادّ الجرية، فقال له: فمن البطريق الذي نسبت هذه الرحا إليه، أمن موالينا هو أم من أهل دولتنا أم من الغرب؟ فقال له الفضل: أنا أحدّثك حديثه:
لما أفضت الخلافة إلى أبيك المهدي، رضي الله عنه، قدم عليه بطريق كان قد أنفذه ملك الروم مهنّئا له فأوصلناه إليه وقرّبناه منه فقال المهدي للربيع:
قل له يتكلّم، فقال الربيع للترجمان ذلك، فقال البطريق: هو بريّ من دينه وإلّا فهو حنيف مسلم إن كان قدم لدينار أو لدرهم ولا لغرض من أغراض الدنيا ولا كان قدومه إلّا شوقا إلى وجه الخليفة، وذلك أنّا نجد في كتبنا أن الثالث من آل بيت النبي، صلّى الله عليه وسلّم، يملأها عدلا كما ملئت جورا فجئنا اشتياقا إليه، فقال الربيع للترجمان:
تقول له قد سرّني ما قلت ووقع مني بحيث أحببت(3/31)
ولك الكرامة ما أقمت والحباء إذا شخصت وبلادنا هذه بلاد ريف وطيب فأقم بها ما طابت لك ثمّ بعد ذلك فالإذن إليك، وأمر الربيع بإنزاله وإكرامه، فأقام أشهرا ثمّ خرج يوما يتنزّه ببراثا وما يليها، فلمّا انصرف اجتاز إلى الصراة فلمّا نظر إلى مكان الأرحاء وقف ساعة يتأمّله، فقال له الموكلون به:
قد أبطأت فإن كانت لك حاجة فأعلمنا إيّاها، فقال: شيء فكّرت فيه، فانصرف، فلمّا كان العشي راح إلى الربيع وقال له: أقرضني خمسمائة ألف درهم، قال: وما تصنع بها؟ قال: أبني لأمير المؤمنين مستغلّا يؤدّي في السنة خمسمائة ألف درهم، فقال له الربيع: وحقّ الماضي، رحمه الله، وحياة الباقي، أطال الله بقاءه، لو سألتني أن أهبها لغلامك ما خرجت إلّا ومعه، ولكن هذا أمر لا بدّ من إعلام الخليفة إيّاه وقد علمت أن ذاك كذلك.
ثمّ دخل الربيع على المهدي وأعلمه فقال: ادفع إليه خمسمائة ألف وخمسمائة ألف وجميع ما يريد بغير مؤامرة، قال: فدفع ذلك الربيع إليه فبنى الأرحاء المعروفة بأرحاء البطريق، فأمر المهدي أن تدفع غلّتها إليه، وكانت تحمل إليه إلى سنة 163، فإنّه مات فأمر المهدي أن تضمّ إلى مستغلّه، وقال: كان اسم البطريق طارات بن الليث بن العيزار بن طريف بن القوق بن مروق، ومروق كان الملك في أيّام معاوية، وقال كاتب من أهل البندنيجين يذم مصر بأبيات ذكرت في مصر وبعدها:
يا طول شوقي واتّصال صبابتي، ... ودوام لوعة زفرتي وشهيقي
ذكر العراق فلم تزل أجفانه ... تهمي عليه بمائها المدفوق
ونعيم دهر أغفلت أيّامنا ... بالكرخ في قصف وفي تفنيق
وبنهر عيسى أو بشاطئ دجلة ... أو بالصّراة إلى رحا البطريق
سقيا لتلك مغانيا ومعارفا ... عمرت بغير البخل والتضييق
ما كان أغناه وأبعد داره ... عن أرض مصر ونيلها الممحوق
لا تبعدنّ صريم عزمك بالمنى، ... ما أنت بالتقييد بالمخفوق
فز بالرّجوع إلى العراق وخلّها، ... يمضي فريق بعد جمع فريق
رَحا جابرٍ:
موضع ذكر في جابر، وأنشد أبو الندى:
ذكرت ابنة السعديّ ذكرى ودونها ... رحا جابر واحتلّ أهلي الأداهما
الرُّحابَةُ:
بضم أوّله، وبعد الألف باء موحدة: أطمّ بالمدينة ومخلاف باليمن، والرّحاب: الواسع، وقدر رحاب أي واسعة، بالضم.
رَحا عُمارَةَ:
محلّة بالكوفة تنسب إلى عمارة بن عقبة بن أبي معيط.
رُحا المِثْلِ:
موضع، قال مالك بن الرّيب بعد ما أوردنا في الشبيك من قصيدته المشهورة:
فيا ليت شعري هل تغيّرت الرّحا، ... رحا المثل، أو أمست بفلج كما هيا
إذا القوم حلّوها جميعا وأنزلوا ... بها بقرا حمّ العيون سواجيا
رعين وقد كاد الظّلام يجنّها، ... يسفن الخزامى غضّة والأقاحيا(3/32)
وهل ترك العيس المراسيل بالضحى ... تعاليها تعلو المتان القواقيا
وما بعد هذه الأبيات من هذه القصيدة يذكر في بولان.
رحايا:
قال ابن مقبل:
رعت برحايا في الخريف وعادة ... لها برحايا كلّ شعبان تخرف
قال ابن المعلّى الأزدي: رحايا موضع، قال: وكان خالد يروي برحايا يعني أنّه لم يجعل الباء زائدة للجرّ.
رُحْبٌ:
موضع في بلاد هذيل، قال ساعدة بن جؤيّة:
فرحب فأعلام القروط فكافر، ... فنخلة تلّى طلحها فسدورها
وفي قول أبي صخر الهذلي حيث قال:
وماذا ترجّي بعد آل محرّق، ... عفا منهم وادي رهاط إلى رحب
مضبوط بالضم.
رُحبَةُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحدة:
ماء لبني فرير بأجإ. والرّحبة أيضا: قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحجّاج إذا أرادوا مكّة، وقد خربت الآن بكثرة طروق العرب لأنّها في ضفّة البرّ ليس بعدها عمارة، قال السكوني:
ومن أراد الغرب دون المغيثة خرج على عيون طفّ الحجاز فأوّلها عين الرّحبة، وهي من القادسية على ثلاثة أيّام، ثمّ عين خفيّة، والرّحب، بالضم، في اللغة: السعة، والرّحب، بالفتح: الواسع. ورحبة:
قرية قريبة من صنعاء اليمن على ستة أيّام منها، وهي أودية تنبت الطلح وفيها بساتين وقرى، لها ذكر في حديث العنسي. والرّحبة: ناحية بين المدينة والشام قريبة من وادي القرى، عن نصر، وقال لي الصاحب الأكرم، أحسن الله رعايته: في طرف اللّجاة من أعمال صلخد قرية يقال لها الرّحبة» .
رَحبَةُ حامر:
يوم رحبة حامر، وقد ذكر حامر في موضعه.
رحبةُ خالدٍ:
بدمشق، تنسب إلى خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، ذكر ذلك الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق.
رَحبَةُ خُنَيس:
محلّة بالكوفة، تنسب إلى خنيس ابن سعد أخي النعمان بن سعد جدّ أبي يوسف يعقوب ابن إبراهيم بن حبيب بن خنيس القاضي، والأصل في الرّحبة الفضاء بين أفنية البيوت أو القوم والمسجد، ويقال رحبة أيضا، وقيل: رحبة اسم ورحبة نعت، وبلاد رحبة: واسعة، ولا يقال رحبة، بالتحريك، وقال ابن الأعرابي: الرّحبة ما اتّسع من الأرض، وجمعها رحب، وهذا يجيء نادرا في باب النّاقص وأمّا السالم فما سمعت فعلة جمعت على فعل، وابن الأعرابي ثقة لا يقول إلّا ما سمعه، قال ذلك أبو منصور رحمه الله.
رَحْبَةُ دِمَشْقَ:
قرية من قراها، قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: محمد بن يزيد أبو بكر الرّحبي من أهل دمشق، والرّحبة: قرية من قرى دمشق فخربت، وروي عن أبي إدريس وأبي الأشعث الصنعاني وعروة ابن رويم ومغيث بن سميّ وأبي خنيس الأسدي وعمر بن ربيعة وسعد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان والهيثم بن حميد ومحمد بن المهاجر وإسماعيل بن عيّاش وعبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون مولى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وأيوب ابن حيان، وعمرو بن مرثد ويقال عمرو بن أسماء(3/33)
أبو أسماء الرحبي من أهل دمشق، روى عن ثوبان وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وشدّاد بن أوس وأوس بن أوس الثقفي وأبي ثعلبة الخشني وعمر البكالي، روى عنه أبو قلابة الجرمي وأبو الأشعث الصنعاني وأبو سلّام الأسود وربيعة بن يزيد، قال أبو سليمان بن زبر: أبو أسماء الرحبي من رحبة دمشق قرية بينها وبين دمشق يوم، رأيتها عامرة.
رحبة صنعاء:
سمّيت باسم صاحبها الرحبة بن الغوث ابن سعد بن عوف بن حمير، وقال الكلبي: رحبة بن زرعة بن سبإ الأصغر، وجعلها رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، للحاملة والعاملة ثمّ للشاء، وقد روي أنّه نهى عن عضد عضاهها، وكان قدماء المسلمين يتوقّون ذلك ثمّ انهمك الناس في قطعها، وهي على ستة أيّام من صنعاء، وهي أودية تنبت الطلح وفيها بساتين وقرى، ذكرها في حديث العنسي.
رحبَةُ مالك بن طَوْقٍ:
بينها وبين دمشق ثمانية أيّام ومن حلب خمسة أيّام وإلى بغداد مائة فرسخ وإلى الرّقة نيف وعشرون فرسخا، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات أسفل من قرقيسيا، قال البلاذري:
لم يكن لها أثر قديم إنّما أحدثها مالك بن طوق بن عتّاب التغلبي في خلافة المأمون، قال صاحب الزيج:
طولها ستون درجة وربع، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة، قد ذكر من لغة هذه اللفظة في الترجمة قبله ويزيد ههنا، قال النضر بن شميل: الرّحاب في الأودية، الواحدة رحبة، وهي مواضع متواطئة ليستنقع الماء فيها وما حولها مشرف عليها، وهي أسرع الأرض نباتا، تكون عند منتهى الوادي في وسطه وتكون في المكان المشرف ليستنقع الماء فيها، وإذا كانت في الأرض المستوية نزلها الناس وإذا كانت في بطن المسيل لم ينزلها الناس وإذا كانت في بطن الوادي فهي أقنة أي حفرة تمسك الماء ليست بالقعيرة جدّا وسعتها قدر غلوة، والناس ينزلون في ناحية منها، ولا تكون الرحاب في الرمل وتكون في بطون الأرض وظواهرها، وقد نسبت إلى مالك بن طوق كما ترى.
وفي التوراة في السفر الأوّل في الجزء الثاني: إن الرحبة بناها نمرود بن كوش، حدث أبو شجاع عمر ابن أبي الحسن محمد بن أبي محمد عبد الله البسطامي فيما أنبأنا عنه شيخنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن أبي بكر محمد بن منصور السمعاني المروزي بإسناد له طويل أوصله إلى عليّ بن سعد الكاتب الرحبي رحبة مالك بن طوق قال: سألت أبي لم سميت هذه المدينة رحبة مالك بن طوق ومن كان هذا الرجل، فقال: يا بنيّ اعلم أن هارون الرشيد كان قد اجتاز في الفرات في حرّاقة حتى بلغ الشّذا ومعه ندماء له أحدهم يقال له مالك بن طوق، فلمّا قرب من الدواليب قال مالك بن طوق: يا أمير المؤمنين لو خرجت إلى الشطّ إلى أن تجوز هذه البقعة، فقال له هارون الرشيد: أحسبك تخاف هذه الدواليب، فقال مالك: يكفي الله أمير المؤمنين كلّ محذور ولكن إن رأى أمير المؤمنين ذلك رأيا وإلّا فالأمر له، فقال الرشيد: قد تطيرت بقولك، وقدّم السفينة وصعد الشطّ، فلمّا بلغت الحرّاقة موضع الدواليب دارت دورة ثمّ انقلبت بكلّ ما فيها، فعجب من ذلك هارون الرشيد وسجد لله شكرا وأمر بإخراج مال عظيم يفرّق على الفقراء في جميع المواضع وقال لمالك: وجبت لك عليّ حاجة فسل، فقال: يقطعني أمير المؤمنين في هذا الموضع أرضا أبنيها مدينة تنسب إليّ، فقال الرشيد: قد فعلت، وأمر أن يعان في بنائها بالمال والرجال، فلمّا عمرها واستوسقت له(3/34)
أموره فيها وتحوّل الناس إليها أنفذ إليه الرشيد يطلب منه مالا فتعلّل عليه بعلّة ودافعه عن حمل المال ثمّ ثنّى الرسول إليه وكذلك راسله ثالثا وبلغ هارون الرشيد أنّه قد عصى عليه وتحصن فأنفذ إليه الجيوش إلى أن طالت بينهما المحاربة والوقائع ثمّ ظفر به صاحب الرشيد فحمله مكبّلا بالحديد فمكث في حبس الرشيد عشرة أيّام لم يسمع منه كلمة واحدة وكان إذا أراد شيئا أومأ برأسه ويده، فلمّا مضت له عشرة أيّام جلس الرشيد للناس وأمر بإخراجه فأخرج من الحبس إلى مجلس أمير المؤمنين والوزراء والحجّاب والأمراء بين يدي الرشيد، فلمّا مثل بين يديه قبّل الأرض ثمّ قام قائما لا يتكلّم ولا يقول شيئا ساعة تامة، قال: فدعا الرشيد النّطع والسيف وأمر بضرب عنقه، فقال له يحيى: ويلك يا مالك لم لا تتكلّم؟ فالتفت إلى الرشيد فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته! الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلالة من طين. يا أمير المؤمنين جبر الله بك صدع الدين ولمّ بك شعث المسلمين وأخمد بك شهاب الباطل وأوضح بك سبل الحقّ! إن الذنوب تخرس الألسنة وتصدع الأفئدة. وايم الله لقد عظمت الجريرة فانقطعت الحجة فلم يبق إلّا عفوك أو انتقامك. ثمّ أنشأ يقول:
أرى الموت بين السيف والنطع كامنا ... يلاحظني من حيث ما أتلفّت
وأكثر ظني أنّك اليوم قاتلي، ... وأيّ امرئ ممّا قضى الله يفلت
وأيّ امرئ يدلي بعذر وحجّة ... وسيف المنايا بين عينيه مصلت؟
يعزّ على الأوس بن تغلب موقف ... يهزّ عليّ السيف فيه وأسكت
وما بي خوف أن أموت وإنّني ... لأعلم أن الموت شيء موقّت
ولكنّ خلفي صبية قد تركتهم ... وأكبادهم من خشية تتفتّت
كأنّي أراهم حين أنعى إليهم ... وقد خمّشوا تلك الوجوه وصوّتوا
فإن عشت عاشوا خافضين بغبطة ... أذود الرّدى عنهم، وإن متّ موّتوا
وكم قائل: لا يبعد الله داره، ... وآخر جذلان يسرّ ويشمت
قال: فبكى الرشيد بكاء تبسم ثمّ قال: لقد سكتّ على همّة وتكلّمت على علم وحكمة وقد وهبناك للصبية فارجع إلى مالك ولا تعاود فعالك، فقال:
سمعا لأمير المؤمنين وطاعة! ثمّ انصرف من عنده بالخلع والجوائز، وقد نسب إلى رحبة مالك جماعة، منهم: أبو عليّ الحسن بن قيس الرّحبي، روى عن عكرمة وعطاء، روى عنه سليمان التيمي، ومن المتأخرين أبو عبد الله محمد بن عليّ بن محمد بن الحسن الرحبي الفقيه الشافعي المعروف بابن المتفنّنة، تفقه على أبي منصور بن الرزاز البغدادي ودرّس ببلده وصنّف كتبا ومات بالرحبة سنة 577 وقد بلغ ثمانين سنة، وابنه أبو الثناء محمود، كان قد ورد الموصل وتولى بها نيابة القضاء عن القاضي أبي منصور المظفر بن عبد القاهر بن الحسن بن عليّ بن القاسم الشهرزوري وبقي مدّة ثمّ صرف عنها وعاد إلى الرحبة، وكان فقيها عالما، وكان أسد الدين شيركوه وليّ الرحبة يوسف ابن الملّاح الحلبي وآخر معه من بعض القرى فكتب إليه يحيى بن النقاش الرحبي:(3/35)
كم لك في الرّحبة من لائم، ... يا أسد الدين، ومن لاح
دمّرتها من حيث دبّرتها ... برأي فلّاح وملّاح
وله فيه:
يا أسد الدين اغتنم أجرنا، ... وخلّص الرحبة من يوسف
تغزو إلى الكفر وتغزو به ... الإسلام، ما ذاك بهذا يفي
رَحبَةُ الهَدّار:
باليمامة، قال الحفصي: الأبكّين جبلان يشرفان على رحبة الهدار ثمّ تنحدر في النقب، وهو الطريق في الجبل، فإذا استويت تل الرحبة فهي صحراء مستوية وفي أطرافها قطع جبل يدعى زغرب والمردغة وذات أسلام والنوطة وغيطلة، قال مخيّس بن أرطاة:
تبدلت ذات أسلام فغيطلة
ثمّ تمضي حتى تخرج من الرحبة فتقع في العقير.
رَحْبَةُ يَعقُوبَ:
ببغداد منسوبة إلى يعقوب بن داود مولى بني سليم وزير المهدي بن المنصور، يقول فيه الشاعر:
بني أميّة هبّوا طال نومكم، ... إنّ الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا ... خليفة الله بين الناي والعود
رُحَبَى:
بضم أوّله، وفتح ثانيه، بوزن شعبى: موضع.
رَحْرَحانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وتكرير الراء والحاء المهملة، وآخره نون، وشيء رحراح أي فيه سعة ورقّة، وعيش رحراح أي واسع، ورحرحان: اسم جبل قريب من عكاظ خلف عرفات قيل هو لغطفان، وكان فيه يومان للعرب أشهرهما الثاني، وهو يوم لبني عامر بن صعصعة على بني تميم أسر فيه معبد بن زرارة أخو حاجب بن زرارة رئيس بني تميم، وكان سببه أن الحارث بن ظالم قتل خالد بن جعفر ثمّ أتى بني فزارة بن عدس فاستجارهم فأجاره معبد بن زرارة فخرج الأحوص ابن جعفر ثائرا بأخيه خالد فالتقوا برحرحان فهزم بنو تميم، وقال عوف بن عطيّة التميمي:
هلّا فوارس رحرحان هجرتهم ... عشرا تناوح في سرارة وادي
يعني لقيط بن زرارة وكان قد انهزم عن أخيه يومئذ، قال جرير:
أتنسون يومي رحرحان كليهما، ... وقد أشرع القوم الوشيج المؤمّرا
تركتم بوادي رحرحان نساءكم، ... ويوم الصّفا لاقيتم الشعب أوعرا
سمعتم بني مجد دعوا يال عامر، ... فكنتم نعاما بالحزيز منفّرا
وأسلمتم لابني أسيدة حاجبا، ... ولاقى لقيطا حتفه فتقطّرا
وأسلمت القلحاء للقوم معبدا ... يجاذب مخموسا من القدّ أسمرا
ومعبد أسر يوم رحرحان الثاني فمات في أيدي بني عامر أسيرا لم يفلت، فعيرت العرب حاجبا وقومه لذلك.
رُحَيْضَةُ:
بالتصغير: ماء في غربي ثهلان وهو من جبال ضرية، ويقال بفتح الراء وكسر الحاء.(3/36)
الرِّحْضيّةُ:
بالكسر ثمّ السكون، وضاد معجمة، وياء مشددة: من نواحي المدينة قرية للأنصار وبني سليم من نجد، وبها آبار عليها زرع كثير ونخيل، وحذاءها قرية يقال لها الحجر.
رُحْقانُ:
بالضم ثمّ السكون، وقاف، وآخره نون، لم يجيء في كلامهم إلّا رحيق، وهو الخمر، سلكه النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، في غزوة بدر، ذكر في النازية.
الرَّحُوبُ:
بفتح أوّله، وآخره باء موحدة، وقد ذكرنا أن الرحب الواسع، وهذا فعول منه: موضع بالجزيرة، وهو ماء لبني جشم بن بكر رهط الأخطل، أوقع به الجحّاف بقوم الأخطل وقعة عظيمة وأسر الأخطل وعليه عباءة فظنوه عبدا، وسئل فقال: أنا عبد، فخلّي سبيله فخشي أن يعرف فيقتل فرمى نفسه في جبّ من جبابهم فلم يزل فيه حتى انصرف القوم فنجا وقتل أبوه غياث يومئذ، وقال الجحاف:
مرّوا على صهيا بليل دامس، ... رقد الدّثور وليلهم لم يرقد
فصبحن عاجنة الرّحوب بغارة ... شعواء ترفل في الحديد الموجد
فتركن حيّ بني الفدوكس عصبة ... نفدوا وأيّ عدوّنا لم ينفد
ويوم الرحوب ويوم البشر ويوم مخاشن واحد كان للجحاف على بني تغلب، قال جرير:
ترك الفوارس من سليم نسوة ... عجلا لهنّ من الرحوب عويل
إذ ظلّ يحسب كل شخص فارسا، ... ويرى نعامة ظلّه فيجول
ويروى نعامة ظلّه، جعل اسمه نعامة، ونعامة ظلّه: شخصه، يريد أنّه يفرق من ظلّه.
رقصت بعاجنة الرحوب نساؤكم ... رقص الرّئال وما لهنّ ذيول
أين الأراقم إذ تجرّ نساءهم ... يوم الرحوب محارب وسلول؟
رُحَيّاتُ:
موضع في قول امرئ القيس:
خرجنا نريغ الوحش، بين ثعالة وبين رحيّات، إلى فجّ أخرب
الرّحيب:
اشتقاقه من الرحوب، وهو الواسع: اسم موضع عربي أيضا.
الرُّحَيِّب:
تصغير رحيب: موضع من نواحي المدينة في قول كثير:
وذكرت عزّة، إذ تصاقب دارها ... برحيّب، فأرابن، فنخال
الرُّحَيْلُ:
بضم أوّله، كأنّه تصغير رحل: منزل بين البصرة والنباج بينه وبين الشّجي أربعة وعشرون يوما، وهو عذب بعيد الرشاء، بينه وبين البصرة عشرون فرسخا، قال:
كأنّها بين الرّحيل والشّجي ... ضاربة بخفّها والمنسج
رُحَيّةُ:
تصغير رحى: بئر في وادي دوران قرب الجحفة.
باب الراء والخاء وما يليهما
رخّاءُ:
بتشديد الخاء، والمدّ: موضع بين أضاخ والسّرّين تسوخ فيه أيدي البهائم، وهما رخّاوان.
رُخَام:
بضم أوّله، وهو في اللغة حجر أبيض: موضع في جبال طيّء، وقيل: موضع بأقبال الحجاز أي(3/37)
الأماكن التي تلي مطلع الشمس، قال لبيد:
فتضمّنتها فردة فرخامها
رُخّانُ:
بضمّ أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره نون:
من قرى مرو على ستة فراسخ منها، ينسب إليها أبو عبد الله أحمد بن محمد الخطّاب الرّخّاني، روى عن عبدان بن محمد وأمثاله.
رُخَّجُ:
مثال زمّج، بتشديد ثانيه، وآخره جيم، تعريب رخّو: كورة ومدينة من نواحي كابل، قال أبو غانم معروف بن محمد القصري، شاعر متأخر من قصر كنكور:
ورد البشير مبشّرا بحلوله ... بالرّخّج المسعود في استقراره
وينسب إلى الرّخج فرج وابنه عمر بن فرج وكانا من أعيان الكتّاب في أيّام المأمون إلى أيّام المتوكل شبيها بالوزراء وذوي الدواوين الجليلة، وكان عبد الصمد ابن المعذّل يهجو عمر بن فرج، فمن قوله فيه:
إمام الهدى أدرك وأدرك وأدرك ... ومر بدماء الرّخّجيّين تسفك
ولا تعد فيهم سنّة كان سنّها ... أبوك أبو الأملاك في آل برمك
وله يخاطب نجاح بن سلمة:
أبلغ نجاحا فتى الكتّاب مألكة ... تمضي بها الرّيح إصدارا وإيرادا
لا يخرج المال عفوا من يدي عمر ... أو تغمد السّيف في فوديه إغمادا
الرّخّجيّون لا يوفون ما وعدوا، ... والرّخّجيّات لا يخلفن ميعادا
الرُّخّجيّة:
مثل الذي قبله منسوب: قرية على فرسخ من بغداد وراء باب الأزج.
رُخّ:
بضمّ أوّله، وتشديد ثانيه: ربع من أرباع نيسابور، والعامة تقول ريخ، وقال أبو الحسن البيهقي: سمّيت رخّ لصلابة أرضها وحمرتها، والرستاقيّون يسمّون الأرض إذا كانت كذلك رخّا، وهي كورة تشتمل على مائة قرية وست قرى وقصبتها بيشك، فيه سوق حسن إلّا أنّه ليس فيه جامع ولا منبر، ينسب إليها أبو موسى هارون بن عبدوس بن عبد الصمد بن حسّان الرخّي النيسابوري، سمع يحيى بن يحيى وعلي بن المديني وغيرهما، روى عنه أبو حامد بن الشرقي وغيره، ومات سنة 285.
رَخْش:
بفتح أوّله، وخاء ساكنة، وشين، خان رخش: بنيسابور، ينسب إليه أبو بكر محمد بن أحمد بن عمرويه التاجر الرخشي، كان يسكن هذا الخان فنسب إليه، سمع أبا بكر بن خزيمة وأبا العبّاس السّرّاج، ومات سنة 353.
رُخْشَيُوذ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وشين معجمة مفتوحة، وياء مثناة من تحت، وآخره ذال معجمة:
من قرى ترمذ.
رَخْمانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
موضع في ديار هذيل عنده قتل تأبّط شرّا، فقالت أمّه تبكيه:
نعم الفتى غادرتم برخمان ... من ثابت بن جابر بن سفيان
يجدّل القرن ويروي النّدمان ... ذو مأقط يحمي وراء الإخوان
وهو فعلان من الرّخم اسم طائر أو من الرّخمة، وذكره العمراني بالزاي.(3/38)
رَخَمٌ:
بفتح أوّله وثانيه، شعب الرّخم: بمكّة بين أصل ثبير غيناء وبين القرن المعروف بالرّباب. والرخم أيضا: أرض بين الشام ونجد. والرخم: طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة، وهو اسم جنس، وواحدته رخمة.
رَخْمَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وهو قريب من الرّخمة، قال أبو زيد: رخمة ورخمة ورخمة بمعنى، قال أبو عبد الله بن إبراهيم الجمحي: رخمة والهزوم وألبان بلاد لبني لحيان من هذيل.
رُخْمَةُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه: موضع بالحجاز، عن الحازمي.
بلفظ واحدة الرّخم: ماء بتهامة، وقال الأصمعي: رخمة ماء لبني الدئل خاصة، وهو بجبل يقال له طفيل، ولا أبعّد أن يكون الذي قبله إلّا أنّني هكذا وجدته. ورخمة: من قرى ذمار باليمن.
رَخيم:
واد فيه مزارع ونخيل وقرى من جملته ذرة.
الرّخيمَةُ:
ماء لبني وعلة الجرميّين في طرف اليمامة الغربي، وهو إلى جبل طويل يسمّى رخيما.
الرُّخَيخُ:
بالتصغير، كأنّه تصغير رخّ، وهو نبات هشّ، عن ابن حمّاد: موضع قرب المكيمن وحبران والرّوحاء، وقيل بدال وحاء وجيم، عن نصر.
رَخِينُون:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة ثمّ نون مكررة: قرية على ثلاثة فراسخ من سمرقند، والله الموفق للصواب.
باب الراء والدال وما يليهما
رَدَاعُ:
بالفتح: مدينة وهي ووثات كانتا مدينتي أهل فارس باليمن، عن نصر.
رِدَاعٌ:
الرّداع، بالكسر، والرّدع: اللطخ، يقال: به ردع من زعفران أو دم، والرّدع: العنق، ورداع جمع ذلك مثل ربع ورباع: وهو اسم ماء، قال أبو عبيدة: الرداع واد يدفع في ذات الرّئال، فقلت: الرداع واد وذات الرئال صحراء، قال الأعشى:
فإنّا قد أقمنا إذا فشلتم، ... وإنّا بالرّداع لمن أتانا
من النعم التي كخراج أبلى ... تحشّ الأرض شيما أو هجانا
وفي كتاب الكلبي: رداغ، بالغين المعجمة، وقال نصر: رداع، بالضم، ماء لبني الأعرج بن كعب بن سعد، وقيل بالكسر، وقال عنترة العبسي:
بركت على ماء الرّداع كأنّما ... بركت على قصب أجشّ مهضّم
وبهذا الموضع مات عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب، قال لبيد:
وصاحب ملحوب فجعنا بموته، ... وعند الرّداع بيت آخر كوثر
أي كبير عظيم.
رُدَاعٌ:
بضم أوّله، وأصله النّكس من المرض، ويقال: وجع الجسد أجمع، وأنشدوا:
صفراء من بقر الجواء كأنّما ... ترك الحياء بها رداع سقيم
ورداع: مخلاف من مخاليف اليمن، وهو مخلاف خولان، وهو بين نجد وحمير الذي عليه مصانع رعين وبين نجد مذحج الذي عليه ردمان وقرن، وقال الصليحي اليمني يصف خيلا:
حتى إذا جزنا رداع ألانها ... بلّ الجلال بماء ركض مرهج(3/39)
وبه وادي النمل المذكور في القرآن المجيد، وخبرني بعض أهل اليمن أنّه بكسر الراء، ومنها أحمد بن عيسى الخولاني له أرجوزة في الحجّ تسمّى الرداعية.
الرداعة:
من الأوّل: هو اسم ماءة.
الرّدّ:
موضع في قول بشر:
فمن يك سائلا عن دار بشر ... فإنّ له بجنب الرّدّ بابا
رَدْعانُ:
حصن أو قرية باليمن من أعمال مخلاف سنحان.
رَدَفانُ:
بالتحريك، هو فعلان من الرّدف، وهو الذي يركب خلف الراكب: موضع.
رِدْفَةُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وفاء، يحتمل أن يكون الذي قبله وأن يكون من الرّدف وهو العجز.
رَدْمَانُ:
بفتح أوّله، وهو فعلان من الرّدم، يقال:
ردمت الشيء إذا سددته وألقيت بعضه على بعض أردمه، بالكسر، ردما: وهو باليمن، وفي الحديث: أملوك ردمان أي مقاولها، وقال اليمني الصليحي يصف خيلا:
فكأنّ قسطلها بردمان التي ... غبرت على غيري دخان العرفج
وقال مطرود بن كعب الخزاعي يمدح بني عبد مناف قطعة فيها:
أخلصهم عبد مناف فهم ... من لوم من لام بمنجاة
قبر بردمان وقبر بسل ... مان وقبر عند غزّات
وميت مات قريبا من ال ... حجون من شرق البنيّات
فالذي بردمان المطّلب بن عبد مناف، والذي بسلمان نوفل بن عبد مناف، والقبر الذي عند غزّة هاشم بن عبد مناف، والذي بقرب الحجون عبد شمس بن عبد مناف.
رَدْم:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، قد ذكر معناه في الذي قبله: وهو ردم بني جمح بمكّة، قال عثمان بن عبد الرحمن: الردم يقال له ردم بني جمح بمكّة لبني قراد الفهريّين، وله يقول بعض شعراء أهل مكّة:
سأحبس عبرة وأفيض أخرى ... إذا جاوزت ردم بني قراد
وقال سالم بن عبد الله بن عروة بن الزبير: كانت حرب بين بني جمح بن عمرو وبين محارب بن فهر فالتقوا بالردم فاقتتلوا قتالا شديدا فقاتلت بنو محارب بني جمح أشدّ القتال ثمّ انصرف أحد الفريقين عن الآخر، وإنّما سمّي ردم بني جمح بما ردم منهم يومئذ عليه، قال قيس بن الخطيم:
ألا أبلغا ذا الخزرجيّ وقومه ... رسالة حقّ ليس فيها مفنّدا
فإنّا تركناكم لدى الرّدم غدوة ... فريقين: مقتولا به ومطرّدا
وصبّحكم منّا به كلّ فارس ... كريم الثنا يحمي الذّمار ليحمدا
والردم أيضا: قرية لبني عامر بن الحارث العبقسيّين بالبحرين، وهي كبيرة، قال:
كم غادرت بالرّدم يوم الردم ... من مالك أو سوقة سيدمي
الرُّدوفُ:
جبال من هجر واليمامة.(3/40)
الرَّدْهُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وهاء خالصة، والرّدهة: نقرة في صخرة يستنقع فيها الماء، والجمع رده، بالضم، ورداه، وقال الخليل:
الرّدهة شبه أكمة كثيرة الحجارة: وهو موضع في بلاد قيس دفن فيه بشر بن أبي خازم الشاعر، وقال وهو يجود بنفسه:
فمن يك سائلا عن بيت بشر ... فإنّ له بجنب الرّده بابا [1]
ثوى في مضجع لا بدّ منه، ... كفى بالموت نأيا واغترابا
رُدَيْنَةُ:
تصغير الرّدن، وهو الغزل، وقال ابن حبيب في شرح قول النابغة:
أثيث نبته جعد ثراه ... به عوذ المطافل والمتالي
يكشّفن الألاء مزيّنات ... بغاب ردينة السّحم الطّوال
قال: ردينة جزيرة ترفأ إليها السّفن، ويقال:
ردينة امرأة والرماح منسوبة إليها، ويقال: ردينة قرية تكون بها الرماح، ويقال: هو رجل كان يثقف الرماح، أراد أن العوذ هي التي تكشفها عن الشجر بقرونها يعني الأغصان، ثمّ قال السّحم وهي السود، نعت للقرون، وقال أبو زياد: ردينة كورة تعمل بها الرماح.
باب الراء والذال وما يليهما
رُذامٌ:
بضم أوّله، وآخره ميم، وهو فعال من الرذم:
وهو السيلان من الشيء بعد الامتلاء، ومنه جفنة رذوم: وهو اسم موضع في قول قيس بن الحنّان الجهني:
أفاخرة عليّ بنو سليم ... إذا حلّوا الشّربّة أو رذاما
وكنت مسوّدا فينا حميدا، ... وقد لا تعدم الحسناء ذاما
رَذَانُ:
بفتح أوّله، وثانيه مخفّف، وآخره نون:
قرية بنواحي نسا، ينسب إليها أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي جعفر عون الرّذاني النّسوي، سمع بنيسابور حميد بن زنجويه وأقرانه، وبالعراق إبراهيم بن سعيد الجوهري وأحمد بن إبراهيم الدّورقي، روى عنه يحيى بن منصور القاضي ومحمد ابن مخلّد الدوري وابن قانع الطبراني وجماعة سواهم، توفي سنة 313.
الرَّذُّ:
قرية بماسبذان قرب البندنيجين، بها قبر أمير المؤمنين المهدي بن المنصور، والله الموفق للصواب.
باب الراء والزاي وما يليهما
رَازَاباذ:
بفتح أوّله، وبعد الألف باء موحّدة، وآخره ذال: سكة بمرو.
رِزَامٌ:
بكسر أوّله، حوض رزام: محلّة بمرو الشاهجان منسوبة إلى رزام بن أبي رزام المطوّعي الرزامي غزا مع عبد الله بن المبارك واستشهد قبل موت ابن المبارك بسنتين.
رَزْبِيط:
بعد الزاي الساكنة باء موحدة مكسورة، وياء مثناة من تحت: مدينة بالمغرب، عن العمراني.
الرِّزْقُ:
بكسر الراء، وسكون الزاي، كذا ذكره ابن الفرات في تاريخ البصرة للساجي وقال: مدينة الرزق إحدى مسالح العجم بالبصرة قبل أن يختطها المسلمون.
__________
[1] في الصفحة السابقة: بجنب الرّد.(3/41)
رَ
زْجاه:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ جيم: قرية من نواحي بسطام من قومس.
رُزْماباذ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ ميم، وبعد الألف باء موحدة، وآخره ذال معجمة: من قرى أصبهان، منها محمد بن عبد الله بن أحمد بن علي الراعي الرّزماباذي، سمع الحافظ إسماعيل إملاء سنة 528.
رَزْماز:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره زاي أيضا: قرية من نواحي صغد سمرقند بين إشتيخن وكشانية على سبعة فراسخ من سمرقند، ينسب إليها أبو بكر محمد بن جعفر بن جابر بن فرقان الرزمازي الصّغدي الدهقان، روى عن عبد الملك ابن محمد الإستراباذي وغيره، روى عنه أبو سعيد الإدريسي، مات سنة 379.
رَزْمان:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره نون، ذكره والذي قبله العمراني وقال في هذا: إنّه موضع بينه وبين سمرقند ستة فراسخ.
رَزْمٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وأظنّه من رازمت الإبل إذا رعت مرّة حمضا ومرّة خلّة، وفعلها ذلك هو الرّزم، قال الراعي:
كلي الحمض عام المقمحين ورازمي ... إلى قابل ثمّ اغدري بعد قابل
وهو موضع في بلاد مراد، وكان فيه يوم بين مراد وهمدان والحارث بن كعب في اليوم الذي كانت فيه وقعة بدر، وقال مالك بن كعب بن عامر الشاعر الجاهلي:
كفينا غداة الرّزم همدان آتيا ... كفاه وقد ضاقت برزم دروعها
ووادي الرّزم في أرض أرمينية فيه ماء كثير يصب في دجلة عند تلّ فافان، وبماء هذا الوادي يكثر ماء دجلة حتى تحمل السّفن وتخرج من أرض أرمينية من الناحية التي كان يتولّاها موشاليق البطريق وما والى تلك النواحي، وفي وادي الرزم ينصب النهر المشتق لبدليس وهو خارج من ناحية خلاط.
رِزَه:
بكسر أوّله، وفتح ثانيه: موضع قرب هراة.
ورزه أيضا: في عدّة أماكن من بلاد العجم.
رَزِيقٌ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وآخره قاف: نهر بمرو عليه قبر بريدة الأسلمي صاحب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وذكره الحازمي بتقديم الزاي على الراء وهو خطأ منه فإنّي رأيت أهل مرو يسمّونه كما ذكرناه وكذا أثبته السمعاني في كتاب النسب له بتقديم الراء المهملة وكذا ذكره العمراني أيضا بتقديم المهملة، وقال الحازمي: الزريق نهر بمرو وعليه محلّة كبيرة وفيها كانت دار أحمد بن حنبل وهو الآن خارجها وليس عليه عمارة، وينسب إليه أحمد بن عيسى الجمّال المروزي الرزيقي من كبار أصحاب ابن المبارك، وحدث عن نفر من المراوزة عن الفضل بن موسى ويحيى بن واضح، قال ابن الفقيه: وبمرو الرزيق والماجان وهما نهران كبيران حسنان منهما سقي أكثر ضياعهم ورساتيقهم، وأنشد لعليّ بن الجهم:
جاوز النّهرين والنّهروانا، ... أجلولا يؤمّ أم حلوانا؟
ما أظنّ النّوى يسوّغه القر ... ب ولم تمخض المطيّ البطانا
نشطت عقلها فهبّت هبوب ال ... رّيح خرقاء تخبط البلدانا
أوردتنا حلوان ظهرا وقرمي ... سين ليلا وصبّحت همذانا(3/42)
أنظرتنا إذا مررنا بمرو ... ووردنا الرزيق والماجانا
إن نجيء ديار جهم وإدري ... س بخير ونسأل الإخوانا
وكان مقتل يزدجرد بن شهريار بن كسرى ملك الفرس في طاحونة على الرزيق، فقال أبو نجيد نافع ابن الأسود التميمي:
ونحن قتلنا يزدجرد ببعجة ... من الرّعب إذ ولّى الفرار وغارا
غداة لقيناهم بمرو نخالهم ... نمورا على تلك الجبال وبارا
قتلناهم في حربة طحنت بهم ... غداة الرّزيق إذ أراد حوارا
ضممنا عليهم جانبيهم بصادق ... من الطّعن ما دام النهار نهارا
فو الله لولا الله لا شيء غيره ... لعادت عليهم بالرزيق بوارا
رُزَيْقٌ:
نحو تصغير رزق: من حصون اليمن، والله أعلم بالصواب.
باب الراء والسين وما يليهما
رُسْتَاقُ:
الرستاق: مدينة بفارس من ناحية كرمان وربّما جعل من نواحي كرمان.
رَسْتَغْفِر:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ تاء مثناة من فوق مفتوحة، وغين معجمة ساكنة، وفاء مكسورة ثمّ راء: من قرى إشتيخن من صغد سمرقند.
رُسْتَغْفَن:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وتاء مثناة من فوق مفتوحة، وغين معجمة ساكنة، وفاء مفتوحة، وآخره نون: من قرى سمرقند أيضا.
رُسْتَقُباذ:
في أخبار الأزارقة: لما خرج مسلم بن عبيس من حبس أهل البصرة لقتالهم انتقل نافع إلى رستقباذ من أرض دستوا فقتل نافع وابن عبيس هناك.
رُسْتَماباذ:
بالضم ثمّ السكون، والتاء المثناة من فوق:
أرض بقزوين ابتاعها موسى الهادي ووقفها على مصالح مدينة قزوين والغزاة بها.
رُسْتَمْكُويَه:
قلعة حصينة بنواحي قزوين في جبال الطّرم.
الرُّسْتَمِيّةُ:
منسوبة إلى رستم: منزل من طريق مكّة بين الشّقوق وبطان في طريق الحاجّ من الكوفة فيه بركة لأمّ جعفر وقصر ومسجد.
الرَّسْتَنُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وتاء مثناة من فوق، وآخره نون: بليدة قديمة كانت على نهر الميماس، وهذا النهر هو اليوم المعروف بالعاصي الذي يمرّ قدّام حماة، والرستن بين حماة وحمص في نصف الطريق بها آثار باقية إلى الآن تدلّ على جلالتها، وهي خراب ليس بها ذو مرعى، وهي في علو يشرف على العاصي، وقد نسب إليها أبو عيسى حمزة بن سليم العنبسي الرستني، سمع عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي ونفرا من التابعين، روى عنه عمر بن الحارث.
الرَّسّ:
بفتح أوّله، والتشديد: البئر، والرّس:
المعدن، والرس: إصلاح ما بين القوم، قال أبو منصور: قال أبو إسحاق الرس في القرآن بئر يروى أنّهم قوم كذبوا نبيهم ورسّوه في بئر أي دسّوه فيها، قال: ويروى أن الرس قرية باليمامة يقال لها فلج، وروي أن الرس ديار لطائفة من ثمود، وكلّ بئر رسّ، ومنه قول الشاعر:
تنابيله يحفرون الرساسا(3/43)
وقال ابن دريد: الرّس والرّسيس بوزن تصغير الرس واديان بنجد أو موضعان، وبعض هذه أرادت ابنة مالك بن بدر ترثي أباها إذ قتلته بنو عبس بمالك ابن زهير فقالت:
ولله عينا من رأى مثل مالك ... عقيرة قوم، إن جرى فرسان
فليتهما لم يشربا قطّ شربة، ... وليتهما لم يرسلا لرهان
أحلّ به أمس جنيدب نذره، ... فأيّ قتيل كان في غطفان
إذا سجعت بالرّقمتين حمامة، ... أو الرّسّ، تبكي فارس الكتفان
وقال الزمخشري: قال عليّ الرّس من أودية القبلية، وقال غيره: الرسّ ماء لبني منقذ بن أعياء من بني أسد، قال زهير:
لمن طلل كالوحي عاف منازله، ... عفا الرّسّ منه فالرّسيس فعاقله
وقال أيضا:
بكرن بكورا واستحرن بسحرة، ... فهنّ لوادي الرّسّ كاليد للفم
وقال الأصمعي: الرس والرسيس، فالرس لبني أعياء رهط حمّاس، والرسيس لبني كاهل، وقال آخرون في قوله عزّ وجل: وأصحاب الرسّ وقرونا بين ذلك كثيرا، قال: الرس وادي أذربيجان وحد أذربيجان ما وراء الرّسّ، ويقال إنّه كان بأرّان على الرّس ألف مدينة فبعث الله إليهم نبيّا يقال له موسى، وليس بموسى بن عمران، فدعاهم إلى الله والإيمان به فكذّبوه وجحدوه وعصوا أمره فدعا عليهم فحوّل الله الحارث والحويرث من الطائف فأرسلهما عليهم فيقال أهل الرس تحت هذين الجبلين، ومخرج الرس من قاليقلا ويمرّ بأرّان ثمّ يمرّ بورثان ثمّ يمرّ بالمجمع فيجتمع هو والكرّ وبينهما مدينة البيلقان ويمرّ الكر والرسّ جميعا فيصبّان في بحر جرجان، والرس هذا واد عجيب فيه من السمك أصناف كثيرة، وزعموا أنّه يأتيه في كلّ شهر جنس من السمك لم يكن من قبل، وفيه سمك يقال له الشورماهي لا يكون إلّا فيه، ويجيء إليه في كلّ سنة في وقت معلوم صنف منه، وقال مسعر بن المهلهل وقد ذكر بذّ بابك ثمّ قال: وإلى جانبه نهر الرس وعليه رمان عجيب لم أر في بلد من البلدان مثله، وبها تين عجيب، وزبيبها يجفّف في التنانير لأنّه لا شمس عندهم لكثرة الضباب ولم تصح السماء عندهم قطّ، ونهر الرس يخرج إلى صحراء البلاسجان، وهي إلى شاطئ البحر في الطول من برزند إلى برذعة، ومنها ورثان والبيلقان، وفي هذه الصحراء خمسة آلاف قرية، وأكثرها خراب إلّا أن حيطانها وأبنيتها باقية لم تتغير لجودة التربة وصحتها، ويقال إن تلك القرى كانت لأصحاب الرس الذين ذكرهم الله في القرآن المجيد، ويقال إنّهم رهط جالوت قتلهم داود وسليمان، عليهما السلام، لما منعوا الخراج، وقتل جالوت بأرمية.
رَسكَن:
بلد بطخارستان فتحه الأحنف سنة اثنتين وثلاثين عنوة.
الرُّسَيْسُ:
تصغير الرّسّ: واد بنجد، عن ابن دريد، لبني كاهل من بني أسد بالقرب من الرّسّ، وقول القتّال الكلابي يدلّ على أنّه قرب المدينة:
نظرت وقد جلّى الدجى طاسم الصّوى ... بسلع وقرن الشّمس لم يترجّل
إلى ظعن بين الرّسيس فعاقل ... عوامد للشّيقين أو بطن خنثل(3/44)
ألا حبّذا تلك البلاد وأهلها لو انّ غدا لي بالمدينة ينجلي
وقال الحطيئة:
كأنّي كسوت الرّحل جونا رباعيا ... شنونا تربّته الرّسيس فعاقل
الرَّسِيعُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وآخره عين مهملة، وأصله سير يخرق ويجعل فيه سير آخر كما يفعل بسير المصاحف، قال:
وعاد الرّسيع نهية للحمائل
يقول: انكبّت سيوفهم فصارت أسافلها أعاليها:
وهو ماء من مياه العرب، وقال ابن دريد: هو اسم موضع.
باب الراء والشين وما يليهما
الرِّشاءُ:
بوزن رشاء البئر: موضع.
الرُّشاءُ:
بضم أوّله، والمد، قال ابن خالويه في شرح المقصورة: الرّشا جمع رشوة، والرّشاء، ممدود:
اسم موضع، وهو حرف غريب نادر ما قرأته إلّا في شعر عوف بن عطية:
نقود الجياد بأرسانها ... يضعن ببطن الرّشاء المهارا
وفي كتاب نصر: الرّشاء ماء له جبل أسود لبني نمير.
رَشاياتُ بني جعفر:
موضع كانت فيه وقعة للعرب ويوم من أيّامهم.
رُشاطَةُ:
أظنّها بلدة بالعدوة، قال ابن بشكوال:
منها عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن خلف بن أحمد بن عمر اللخمي يعرف بالرشاطي من أهل المريّة أبو محمد روى عن أبوي عليّ الغساني والصدفي وله عناية تامة بالحديث ورجاله والتاريخ، وله كتاب حسن سمّاه اقتباس الأنوار من التماس الأزهار، ومولده في جمادى الآخرة سنة 466، وتوفي سنة 540.
رِشتانُ:
بكسر الراء، وبعد الشين تاء مثناة من فوقها، وآخره نون: من قرى مرغينان، ومرغينان من قرى فرغانة بما وراء النهر، ينسب إليها شيخ الإسلام بخوارزم المعروف بالرشتاني.
رَشيدُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، بلفظ الرشيد ضدّ الغوي: بليدة على ساحل البحر والنيل قرب الإسكندريّة، خرج منها جماعة من المحدثين، منهم:
عبد الوارث بن إبراهيم بن فرّاس الرشيدي المرادي قاضي رشيد، ويحيى بن جابر بن مالك الرشيدي القاري من القارة قاضي رشيد أيضا، وسعيد بن سابق الأزرق الرشيدي مولى عبيد الله بن الحبحاب مولى بني سلول يكنى أبا عثمان، سمع عبد الله بن لهيعة، روى عنه أبو إسماعيل الترمذي ومحمد بن زيدان بن سويد الكوفي ساكن مصر وسواهم، ومحمد بن الفرج ابن يعقوب أبو بكر الرشيدي يعرف بابن الأطروش، سمع أبا محمد بن أبي نصر بدمشق وأبا حفص عمر بن أحمد بن عثمان البزاز وأبا عليّ الحسن بن شهاب العكبري بعكبرا وكتب كثيرا وحدّث بالمعرّة وكفر طاب سنة 417، روى عنه القاضيان أبو سعد عبد الغالب وأبو حمزة عبد القاهر ابنا عبد الله بن المحسن بن أبي حصين التنوخيان المعريّان وابنه محمد ابن سعيد، وإبراهيم بن سليمان بن داود الرشيدي ويعرف بالبرلُّسي، والبرلّس: بلد مقابل لرشيد.
رُشَيْن:
بضم أوّله، وفتح ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وآخره نون: من قرى جرجان، والله أعلم بالصواب.(3/45)
باب الراء والصاد وما يليهما
رُصاغٌ:
بضم أوّله، وآخره غين معجمة، ويروى بالسين المهملة أيضا: اسم موضع، وهو مهمل ليس فيه إلّا رصغ بمعنى رسغ، والله أعلم.
رِصاف:
بكسر أوّله، وآخره فاء: موضع، والرّصاف جمع رصفة: وهي حجارة مرصوف بعضها إلى بعض، والرصاف أيضا جمع رصفة: وهو العقب الذي يلوى فوق الرّعظ، والرعظ: مدخل سنخ النصل.
الرُّصافَةُ:
بضم أوّله، مشهور إن لم يكن اشتقاقه من الرّصف وهو ضمّ الشيء إلى الشيء كما يرصف البناء فلا أدري ما اشتقاقه، ويقول الأخنس بن شهاب:
وبهراء حيّ قد علمنا مكانهم، ... لهم شرك حول الرّصافة لاحب
لا أدري موضعها.
رُصافَةُ أبي العباس:
روي عن عمر بن شبّة عن مشايخه قالوا: لما بنى أبو العبّاس بناءه بالأنبار الذي يدعى رصافة أبي العبّاس قال لعبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب: ادخل وانظر،
فدخل معه فلمّا رآه تمثل: ... ألم تر حوشبا أمسى يبنّي
بناء نفعه لبني نفيله ... يؤمّل أن يعمّر عمر نوح،
وأمر الله يطرق كلّ ليله
رُصافَةُ البَصْرَة:
مدينة صغيرة، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الرصافي، روى عن محمد بن عبد العزيز الدراوردي، روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي، وأبو القاسم الحسن بن عليّ بن إبراهيم المقري الرصافي، روى عن إبراهيم بن الحجّاج بن هارون الموصلي الكاتب، سمع منه بالموصل.
رُصافَةُ بَغدادَ:
بالجانب الشرقي، لما بنى المنصور مدينته بالجانب الغربي واستتمّ بناءها أمر ابنه المهدي أن يعسكر في الجانب الشرقي وأن يبني له فيه دورا وجعلها معسكرا له فالتحق بها الناس وعمّروها فصارت مقدار مدينة المنصور، وعمل المهدي بها جامعا أكبر من جامع المنصور وأحسن، وخربت تلك النواحي كلّها ولم يبق إلّا الجامع وبلصقه مقابر الخلفاء لبني العبّاس وعليهم وقوف وفرّاشون برسم الخدمة ولولا ذلك لخربت، وبلصقها محلّة أبي حنيفة الإمام وبها قبره، وهناك محلّة وسويق ويلاصقها دار الروم لم يبق شيء غير هذا، وفي هذه الرصافة يقول عليّ بن الجهم:
عيون المها بين الرّصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
وكان فراغ المهدي من بناء الرصافة والجامع بها في سنة 159، وهي السنة الثانية من خلافته، وحدث جماعة من أهل هذه الرصافة، منهم: يوسف بن زياد الرصافي المخزومي، ومحمد بن بكّار بن الرّيّان أبو عبد الله الرصافي مولى بني هاشم، وجعفر بن محمد بن عليّ أبو الحسن السمسار الرصافي، وأبو إسحاق إبراهيم ابن محمد بن عبد الله بن الرّوّاس الرصافي البزاز، وبرصافة بغداد مقابر جماعة الخلفاء من بني العبّاس وعليهم تربة عظيمة بعمارة هائلة المنظر عليها هيبة وجلالة إذا رآها الرائي خشع قلبه، وعليها وقوف وخدم مرتبون للنظر في مصالحها، وبها من الخلفاء الراضي بن المقتدر، وهو في قبة مفردة في ظاهر سور الرصافة وحده، وفي التربة قبر المستكفي والمطيع(3/46)
والطائع والقادر والقائم والمقتدي والمستظهر والمقتفي والمستنجد، وأمّا المستضيء فعليه تربة مفردة في ظاهر محلّة قصر عيسى بالجانب الغربي من بغداد معروفة، وقبر المعتضد والمكتفي والقاهر ابنيه بدار طاهر بن الحسين وبها المتقي أيضا، وفي رصافة بغداد يقول الشاعر:
أرى الحبّ يبلي العاشقين ولا يبلى، ... ونار الهوى في حبّة القلب ما تطفى
تهيّجني الذكرى فأبكي صبابة، ... وأيّ محبّ لا تهيّجه الذكرى؟
أقول وقد أسكبت دمعي، وطالما ... شكوت الهوى مني فلم تنفع الشكوى:
أيا حائطي قصر الرصافة خليّا ... لعيني عساها أن ترى وجه من تهوى
رُصافَةُ الحِجازِ:
قال أمية بن أبي عائذ:
يؤمّ بها وأنتجت للنجاء ... عين الرّصافة ذات النجال
قالوا في تفسيره: عين الرصافة موضع فيه نزّ، وقال الجمحي: عين الرصافة والنجال ماء قليل، واحدها نجل.
رُصافَةُ الشام:
الرصافة في مواضع كثيرة، منها:
رصافة هشام بن عبد الملك في غربي الرقّة بينهما أربعة فراسخ على طرف البريّة، بناها هشام لما وقع الطاعون بالشام وكان يسكنها في الصيف، كذا ذكره بعضهم، ووجدت في أخبار ملوك غسان: ثمّ ملك النعمان بن الحارث بن الأيهم وهو الذي أصلح صهاريج الرصافة وصنع صهريجها الأعظم، وهذا يؤذن بأنّها كانت قبل الإسلام بدهر ليس بالقصير، ولعلّ هشاما عمّر سورها أو بنى بها أبنية يسكنها، وقال أحمد بن يحيى: وأما رصافة الشام فإن هشام بن عبد الملك أحدثها وكان ينزل فيها الزيتونة، قال الأصمعي: الزّوراء رصافة هشام وفيها دير عجيب وعليها سور، وليس عندها نهر ولا عين جارية إنّما شربهم من صهاريج عندهم داخل السور، وربّما فرغت في أثناء الصيف فلأهل الثروة منهم عبيد وحمير يمضي أحدهم إلى الفرات العصر فيجيء بالماء في غداة غد لأنّه يمضي أربعة فراسخ أو ثلاثة ويرجع مثلها، وعندهم آبار طول رشاء كلّ بئر مائة وعشرون ذراعا وأكثر وهو مع ذلك ملح رديء، وهي في وسط البريّة، ولبني خفاجة عليهم خفارة يؤدّونها إليهم صاغرين، وبالجملة لولا حبّ الوطن لخربت، وفيها جماعة من أهل الثروة لأنّهم بين تاجر يسافر إلى أقطار البلاد وبين مقيم فيها يعامل العرب، وفيها سويق عدّة عشرة دكاكين، ولهم حذق في عمل الأكسية، وكلّ رجل فيها غنيّهم وفقيرهم يغزل الصوف ونساؤهم ينسجن، وهذه الرصافة عنى الفرزدق بقوله:
إلام تلفّتين وأنت تحتي، ... وخير النّاس كلّهم أمامي؟
متى تردي الرصافة تستريحي ... من الأنساع والجلب الدوامي
ولما قال الفرزدق هذين البيتين قال: كأنّي بابن المراغة وقد سمع هذين البيتين فقال:
تلفّت إنّها تحت ابن قين ... حليف الكير والفاس الكهام
متى تأت الرصافة تخز فيها، ... كخزيك في المواسم كلّ عام
وكان الأمر كذلك لم يخرم جرير حرفا ولا زاد ولا نقص لما بلغه معناه، وذكرها ابن بطلان الطبيب في رسالته إلى هلال بن المحسن فقال: وبين الرصافة والرحبة مسيرة أربعة أيّام، قال: وهذا القصر،(3/47)
يعني قصر الرصافة، حصن دون دار الخلافة ببغداد مبني بالحجارة وفيه بيعة عظيمة ظاهرها بالفصّ المذهّب أنشأه قسطنطين بن هيلانة وجدّد الرصافة وسكنها هشام بن عبد الملك وكان يفزع إليها من البقّ في شاطئ الفرات، وتحت البيعة صهريج في الأرض على مثل بناء الكنيسة معقود على أساطين الرّخام مبلّط بالمرمر مملوء من ماء المطر، وسكّان هذا الحصن بادية أكثرهم نصارى، معاشهم تخفير القوافل وجلب المتاع والصعاليك مع اللصوص، وهذا القصر في وسط بريّة مستوية السطح لا يردّ البصر من جوانبها إلّا الأفق، ورحلنا منها إلى حلب في أربع رحلات، وكان ابن بطلان كتب هذه الرسالة في سنة 440، وحدّث برصافة الشام أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، فروى عنه من أهلها أبو منيع عبيد الله بن أبي زياد الرصافي، وكان الحجّاج من العلماء، كان أعلم الناس بخلق الفرس من رأسه إلى رجله وبالنبات، روى عنه هلال بن العلاء الرقي وغيره، وكان ثقة ثبتا حديثه في الصحيح، ومات في سنة 221، قاله ابن حباب. وقال محمد بن الوليد:
أقمت مع الزهري بالرصافة عشر سنين، وقال مدرك ابن حصين الأسدي وكان قدم الشام هو ورجل من بني عمّه يقال له ابن ماهي وطعن ابن ماهي فكبر جرحه فقال:
عليك ابن ماهي ليت عينك لم ترم ... بلادي وإن لم يرع إلّا درينها
ويا ذكرة والنفس خائفة الرّدى ... مخاطرة والعين يهمي معينها
ذكرت وأبواب الرصافة بينها ... وبيني وجعديّاتها وقرينها
وصفّين والنّهي الهنيء ولجّة ... من البحر موقوف عليها سفينها
بدائبة للحفر فيها عجاجة، ... وللموت أخرى لا يبلّ طعينها
وقال جرير:
طرقت جعادة بالرّصافة أرحلا ... من رامتين لشطّ ذاك مزارا
وإذا نزلت من البلاد بمنزل ... وقي النّحوس وأسقي الأمطارا
رُصَافَةُ قُرْطُبَةَ:
وهي مدينة أنشأها عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، وهو أوّل من ملك الأندلس من الأمويّة بعد زوال ملكهم، أنشأها وسماها الرصافة تشبيها، ونظر فيها إلى نخلة منفردة فقال:
تبدت لنا وسط الرصافة نخلة ... تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
فقلت: شبيهي بالتغرّب والنّوى ... وطول التنائي عن بنيّ وعن أهلي
نشأت بأرض أنت فيها غريبة، ... فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي
سقتك غوادي المزن من صوبها الذي ... يسحّ ويستمري السّماكين بالوبل
وقال ابن الفرضي: هذه الأبيات لعبد الملك بن بشر ابن عبد الملك بن مروان، وكان قد دخل الأندلس أيّام عبد الملك بن مروان، وقال أبو الوليد بن زيدون يذكر رصافة قرطبة:
على المنعت السعديّ مني تحيّة ... زكت، وعلى وادي العقيق سلام(3/48)
ولا زال نور في الرصافة ضاحكا ... بأرجائها تبكي عليه غمام
معاهد لهو لم نزل في ظلالها ... تدور علينا للسّرور مدام
زمان، رياض العيش خضر نواعم ... ترفّ وأمواه النّعيم جمام
تذكّرت أيّامي بها فتبادرت ... دموعي كما خان الفريد نظام
ومن أجلها أدعو لقرطبة المنى ... بسقي ضعيف الطلّ وهو رهام
محلّ نعمنا بالتّصابي خلاله ... فأسعدنا والحادثات نيام
وقد نسب إلى هذه الرصافة قوم من أهل العلم، منهم: يوسف بن مسعود الرصافي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن ضيفون الرصافي، ذكرهما الحميدي، وقال أبو عامر العبدري وهو محمد بن سعدون: حدّثنا أبو عبد الله الحميدي الرصافي من رصافة قرطبة، فنسب الحميدي إلى الرصافة، وأنشدني مخلص بن إبراهيم الرعيني الغرناطي الأندلسي، والله المستعان على روايته، ومات في حلب سنة 622، قال: أنشدني أبو عبد الله محمد الرفاء الرصافي الشاعر من هذه الرصافة أعني رصافة قرطبة لنفسه:
سلي خميلتك الرّيّا بآية ما ... كانت ترفّ بها ريحانة الأدب
عن فتية نزلوا أعلى أسرّتها، ... عفت محاسنهم إلّا من الكتب
محافظين على العليا وربّتما ... هزّوا السجايا قليلا بابنة العنب
حتى إذا ما قضوا من كأسها وطرا ... وضاحكوها إلى حدّ من الطرب
راحوا رواحا وقد زيدت عمائمهم ... حملا ودارت على أبهى من الشهب
لا يظهر السكر حالا من ذوائبهم ... إلّا التفاف الصّبا في ألسن العذب
رُصَافَةُ الكُوفة:
أحدثها المنصور أمير المؤمنين، وقد ذكرها الحسين بن السري الكوفي فقال:
ولقد نظرت إلى الرّصا ... فة فالثنيّة فالخورنق
جرّ البلى أذياله في ... ها فأدرسها وأخلق
رُصافَة نيسابور:
ذكر عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر في تاريخه قال: قال عبد العزيز بن سليمان: لما ولدت كتب أبي إلى عبد الله بن أحمد بن طاهر يخبره بمولدي وأنّه قد أخّر تسميتي إلى أن يختار لي الأمير الاسم، فكتب إليه: إنّي قد سميته عبد العزيز وقد أقطعته الرصافة ضيعة بنيسابور، فلم يزل التوقيع عند أبي، رحمه الله، ذكر ذلك في أخبار سنة 296.
رُصافةُ واسِطٍ:
هي قرية بالعراق من أعمال واسط بينهما عشرة فراسخ، ينسب إليها حسن بن عبد المجيد الرصافي، سمع شعيب بن محمد الكوفي، روى عنه عبد الملك بن محمد بن عثمان الحافظ الواسطي وقال:
الرصافي رصافة واسط، وكان أبو طاهر عبد العزيز ابن حامد المعروف بسندوك الشاعر هوي امرأة برصافة واسط فقال:
يقرّ بعيني أن تغازلني الصّبا ... إذا مسّ جدران الرصافة لينها(3/49)
وأن يبسم البرق الذي من بلادها ... على كبد أبكى الظّلام أنينها
أهيم بها واللّيل معتكر الدّجى، ... وأهدا وبنت الصّبح باد جبينها
ولي كبد حرّى عليك شجيّة، ... لجوج إذا رام الفكاك رهينها
إذا عزّني السّلوان منها وغرّني ... هواها جرى من مقلتي ما يشينها
الرُّصِّد:
بضم أوّله، وكسر الصاد وتشديدها: قرية من مخلاف بعدان باليمن.
رُصْفَةُ:
بضم الراء: كورة على ساحل البحر بإفريقية، كذا ضبطه من خط حسن بن رشيق في الأنموذج، وبها خدّوج، قال: وهذا لقب لها، واسمها خديجة بنت أحمد بن كلثوم المعافري، وهي شاعرة حاذقة.
الرُّصَيْعِيّةُ:
بلفظ التصغير منسوب: بئر بين الحاجر ومعدن النّقرة في طريق الحاجّ.
باب الراء والضاد وما يليهما
رُضاءٌ:
بضم أوّله، يمد ويقصر: وهو صنم وبيت كان لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وقد عمّر، وكان بعث إليها في الإسلام فهدمها، وقال:
ولقد شددت على رضاء شدة ... فتركتها قفرا بقاع أسحما
وأعان عبد الله في مكروها، ... وبمثل عبد الله أغشى محرما
وإنّما سمّي المستوغر لقوله:
ينشّ الماء في الرّبلات منها ... نشيش الرّضف في اللّبن الوغير
والوغير: الحارّ.
الرضابُ:
أوقع خالد بأهل البشر في أيّام أبي بكر، رضي الله عنه، ثمّ عطف من البشر إلى الرضاب، وهو موضع الرصافة قبل بناء هشام إيّاها، فانقشع من بها من بني تغلب فلم يلق كيدا، فقال:
طلبنا بالرضاب بني زهير ... وبالأكناف أكناف الجبال
فلم يزل الرضاب لهم مقاما ... ولم يؤنسهم عند الرمال
فإن تثقف أسنّتنا زهيرا ... يكفّ شريدهم أخرى اللّيالي
رُضامُ:
اسم موضع، عن الأزهري، وأنشد غيره للبيد:
وأصبح راسيا برضام، دهرا، ... وسال به الحمائل في الرّمال
وقال تميم بن مقبل:
أرقت لبرق آخر اللّيل دونه ... رضام وهضب دون رمّان أفيح
ورواه الأزدي رضام، وهي الحجارة المرضومة، والله أعلم.
الرَّضراضَةُ:
بتكرير الراء وفتحها، وتكرير الضاد المعجمة، والرضراضة في اللغة ما دقّ من الحصى:
وهو موضع بسمرقند، ويعرف بالفارسيّة بسنك ريزه، ومعناه بالفارسيّة والعربيّة واحد.
الرَّضْمُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وأصله في اللغة حجارة تجمع عظام وترضم بعضها على بعض في الأبنية:(3/50)
وهو موضع على ستة أيّام من زبالة بينها وبين الشقوق فيه بركة، وعلى يمين المصعد منه بركة أخرى للسلطان. وذات الرضم: من نواحي وادي القرى وتيماء، وقال عمرو بن الأهتم.
قفا نبك من ذكرى حبيب وأطلال ... بذي الرّضم فالرّمّانتين فأوعال
الرَّضْمَةُ:
من نواحي المدينة، قال ابن هرمة:
سلكوا على صفر كأنّ حمولهم ... بالرّضمتين ذرى سفين عوّم
رَضْوَى:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، قال أبو منصور:
ومن أسماء النساء رضيّا وتكبيرها رضوى: وهو جبل بالمدينة، والنسبة إليه رضويّ، بالفتح والتحريك، وقال النبيّ، صلى الله عليه وسلّم: رضوى، رضي الله عنه، وقدس، قدّسه الله، وأحد جبل يحبنا ونحبّه جاءنا سائرا متعبّدا له تسبيح يزفّ زفّا، وقال عرّام بن الأصبغ السّلمي: رضوى جبل، وهو من ينبع على مسيرة يوم ومن المدينة على سبع مراحل، ميامنه طريق مكّة ومياسره طريق البريراء لمن كان مصعدا إلى مكّة، وهو على ليلتين من البحر ويتلوه عزور، وبينه وبين رضوى طريق المعرقة تختصره العرب إلى الشام ووادي الصفراء منه من ناحية مطلع الشمس على يوم، وقال ابن السكيت: رضوى قفاه حجارة وبطنه غور يضربه الساحل، وهو جبل عند ينبع لجهينة بينه وبين الحوراء، والحوراء:
فرضة من فرض البحر ترفأ إليها سفن مصر، وقال أبو زيد: وقرب ينبع جبل رضوى، وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية، ورأيته من ينبع أخضر، وأخبرني من طاف في شعابه أن به مياها كثيرة وأشجارا، وهو الجبل الذي يزعم الكيسانية أن محمد بن الحنفيّة به مقيم حيّ يرزق، ومن رضوى يقطع حجر المسنّ ويحمل إلى الدنيا كلّها، وبقربه فيما بينه وبين ديار جهينة ممّا يلي البحر ديار للحسينيين حزرت بيوت الشعر التي يسكنونها نحوا من سبعمائة بيت، وهم بادية مثل الأعراب ينتقلون في المياه والمراعي لا يميز بينهم وبين بادية الأعراب في خلق ولا خلق، وتتصل ديارهم ممّا يلي الشرق بودّان.
باب الراء والطاء وما يليهما
الرَّطُّ:
قال نصر: الرط منزل بين رامهرمز وأرّجان، قال الإصطخري وهو يذكر نواحي خوزستان: وأما الرط والخابران فهما كورتان على نهرين جاريين.
بالتصغير والمد: اسم موضع في زعمهم، والله الموفق للصواب.
باب الراء والعين وما يليهما
رِعانٌ:
بالكسر، وهو جمع رعن، وهو أنف الجبل العالي: اسم لموضع فيه عين ونخيل بين الصفراء وينبع، قال كثير:
وحتى أجازت بطن ضاس ودونها ... رعان فهضبا ذي النّجيل فينبع
رَعْبَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحدة، وآخره نون: مدينة بالثغور بين حلب وسميساط قرب الفرات معدودة في العواصم، وهي قلعة تحت جبل خرّبتها الزلزلة في سنة 340 فأنفذ سيف الدولة أبا فراس بن حمدان في قطعة من الجيش فأعاد عمارتها في سبعة وثلاثين يوما، فقال أحد شعرائه يمدحه:
أرضيت ربك وابن عمك والقنا، ... وبذلت نفسا لم تزل بذالّها(3/51)
ونزلت عبانا بما أوليتها، تثني عليك سهولها وجبالها
وفي كتاب الفتوح: بعث أبو عبيدة بن الجرّاح في سنة 16 بعد فتح منبج عياض بن غنم إلى رعبان ودلوك فصالحه أهلها على مثل صلح منبج واشترط عليهم أن يبحثوا عن أخبار الروم ويكاتبوا بها المسلمين.
الرَّعْشَاء:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وشين معجمة، والمد: بلدة بالشام، والرّعش، بالتحريك:
الرّعدة، ونعامة رعشاء لاهتزازها في السير.
الرَّعْشَنَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وشين معجمة، ونون، جمل رعشن لاهتزازه في السير، والنون زائدة في كتاب الأصمعي، وعن يمين العلم بين صعق ومغيب الشمس أو عن يمين ذاك ماءة تسمّى الرعشنة: وهي ركيتان لبني عمرو بن قريط وسعيد ابن قريط من بني أبي بكر بن كلاب.
رَعْلٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره لام:
موضع، عن ابن دريد، والرّعلة: القطعة من الخيل والعوالي من النخل.
رَعْمٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وهو في الأصل الشحم، والرّعام مخاط الشاة: وهو اسم جبل في ديار بجيلة وفيه روضة ذكرت، وقال ابن مقبل:
هل عاشق نال من دهماء حاجته ... في الجاهليّة قبل الدّين مرحوم
بيض الأنوق برعم دون مسكنها ... وبالأبارق من طلخام مركوم
وقال أيضا:
فصبّحن من ماء الوحيدين نقرة ... بميزان رعم إذ بدا ضدوان
بميزان رعم أي بما يوازنه.
الرَّعْنَاء:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ نون، وألف ممدودة: اسم من أسماء البصرة شبّهت برعن الجبل، وقال الجاحظ: من عيوب البصرة اختلاف هوائها في يوم واحد لأنّهم يلبسون القميص مرّة والمبطنات مرّة والجباب مرّة لاختلاف جواهر الساعات ولذلك سمّيت الرعناء، قال الفرزدق وأنشده ابن دريد:
لولا أبو مالك المرجو نائله ... ما كانت البصرة الرعناء لي وطنا
وقال أبو منصور: الرّعن الأنف العظيم من الجبل تراه متقدّما، ومنه قيل للجيش العظيم أرعن، قال:
وكان يقال للبصرة الرّعناء لما يكثر بها من مدّ البحر وعكيكه، والعكة والعكيك: شدّة الحرّ، والرّعناء: الحمقاء، وعندي أن بها سمّيت البصرة لعلّ بعضهم أنكر فيها شيئا فسمّاها بذلك.
رَعْنٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وقد ذكر معناه في الذي قبله: وهو موضع من نواحي البحرين.
ورعن أيضا: موضع بنواحي الحجاز من ديار اليمانيين، عن نصر.
رُعْن:
بالضم: موضع على طريق حاجّ البصرة بين حفر أبي موسى وماوية، وتفسيره قبله.
رُعَيْنٌ:
هو تصغير الذي قبله، وهو أنف الجبل:
مخلاف من مخاليف اليمن سمّي بالقبيلة، وهو ذو رعين، واسمه يرين (بياءين مثناتين) بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير ابن الهميسع بن حمير. ورعين أيضا: قصر عظيم باليمن، وقيل: جبل باليمن فيه حصن، وبه سمّي ذو رعين، قلل امرؤ القيس:(3/52)
ودار بني سواسة في رعين ... تخرّ على جوانبه الشمال
باب الراء والغين وما يليهما
رُغَاطٌ:
بضم أوّله، وآخره طاء مهملة، وهو مرتجل مهمل في كلامهم، قال ابن دريد: اسم موضع.
رُغافَةُ:
قرية على مرحلة من صعدة باليمن فيها معدن حديد ونحو خمسة عشر كيرا يسبك فيه حديد معدنها.
رَغالٌ:
بفتح أوّله، والرغال في لغتهم: الأمة، والرغال: البهيمة ترضع أمّها، وأرغلت الأمة ولدها إذا أرضعته، وأرغلت الأرض إذا أنبتت الرّغل، وهو جنس من النبت: وهو جبلان يقال لهما ابنا رغال قرب ضريّة.
رِغالٌ:
بكسر أوّله، وآخره لام، كأنّه جمع رغل:
وهو نبت من الحمض ورقه مفتول، وقال الليث:
الرّغل نبات تسمّيه الفرس السّرمق، وقبر أبي رغال يرجم قرب مكّة، وكان وافد عاد جاء إلى مكّة يستسقي لهم وله قصة، وقيل: إن أبا رغال رجل من بقية ثمود وإنّه كان ملكا بالطائف وكان يظلم رعيته فمرّ بامرأة ترضع صبيّا يتيما بلبن عنز لها فأخذها منها فبقي الصبي بلا مرضعة فمات، وكانت سنة مجدبة فرماه الله بقارعة أهلكته فرجمت العرب قبره وهو بين مكّة والطائف، وقيل: بل كان قائد الفيل ودليل الحبشة لما غزوا الكعبة فهلك فيمن هلك منهم فدفن بين مكّة والطائف فمرّ النبيّ، صلى الله عليه وسلّم، بقبره فأمر برجمه فصار ذلك سنّة، وقيل: إن ثقيفا واسمه قسي كان عبدا لأبي رغال وأصله من قوم نجوا من ثمود فهرب من مولاه ثمّ ثقفه فسمّاه ثقيفا وانتمى ولده بعد ذلك إلى قيس، وقال حمّاد الراوية: أبو رغال أبو ثقيف كلّها وإنّه من بقيّة ثمود، ولذلك قال حسّان بن ثابت يهجو ثقيفا:
إذا الثّقفيّ فاخركم فقولوا ... هلمّ فعدّ شأن أبي رغال
أبوكم أخبث الأحياء قدما، ... وأنتم مشبهوه على مثال
عبيد الفزر أورثه بنيه ... وولّى عنهم أخرى اللّيالي
وكان الحجّاج يقول: يقولون إنّنا بقية ثمود وهل مع صالح إلّا المقرّبون؟ وقال السكري في شرح قول جرير:
إذا مات الفرزدق فارجموه ... كما ترمون قبر أبي رغال
قال: أبو رغال اسمه زيد بن مخلف، كان عبدا لصالح النبيّ، صلى الله عليه وسلّم، بعثه مصدّقا، وإنّه أتى قوما ليس لهم لبن إلّا شاة واحدة ولهم صبيّ قد ماتت أمّه فهم يعاجونه بلبن تلك الشاة، يعني يغذونه، والعجيّ: الذي يغذى بغير لبن أمّه، فأبى أن يأخذ غيرها، فقالوا: دعها تحايي هذا الصبي، فأبى، فيقال: إنّه نزلت به قارعة من السماء، ويقال: بل قتله ربّ الشاة، فلمّا فقده صالح، عليه السلام، قام في الموسم فنشد الناس فأخبر بصنيعه فلعنه، فقبره بين مكّة والطائف ترجمه الناس، وقد ذكر ابن إسحاق في أبي رغال ما هو أحسن من جميع ما تقدم: وهو أن أبرهة بن الصباح صاحب الفيل لما قدم لهدم الكعبة مرّ بالطائف فخرج إليه مسعود بن معتّب في رجال ثقيف فقالوا له: أيّها الملك إنّما نحن عبيدك سامعون(3/53)
لك مطيعون وليس لك عندنا خلاف وليس بيتنا هذا الذي تريده، يعنون اللات، إنّما تريد البيت الذي بمكّة ونحن نبعث معك من يدلّك عليه، فتجاوز عنهم وبعثوا معه بأبي رغال رجل منهم يدلّه على مكّة، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله بالمغمّس، فلمّا نزله مات أبو رغال هناك فرجم قبره العرب، فهو القبر الذي يرجم بالمغمّس، وفيه يقول جرير بن الخطفى:
إذا مات الفرزدق فارجموه ... كما ترمون قبر أبي رغال
الرَّغَامُ:
بفتح أوّله، وهو دقاق التراب، ومنه أرغمته أي أهنته وألزقته بالتراب، وقال الأصمعي:
الرغام من الرمل الذي لا يسيل من اليد، وقال الفرزدق في جرير:
تبكي المراغة بالرغام على ابنها، ... والناهقات يصحن بالإعوال
وهو اسم رملة بعينها من نواحي اليمامة بالوشم، قالت امرأة من بني مرّة:
أيا جبلي وادي عزيّزة التي ... نأت عن ثوى قومي وحمّ قدومها
ألا خلّيا تجري الجنوب لعلّه ... يداوي فؤادي من جواه نسيمها
وقولا لركبان تميميّة غدت ... إلى البيت ترجو أن تحطّ جرومها
فإنّ بأكناف الرّغام قريبة ... مولّهة ثكلى طويل نئيمها
رَغْبَاء:
اسم بئر في شعر كثيّر حيث قال:
أبت إبلي ماء الرّداه وشفّها ... بنو العمّ يحمون النّضيح المبرّدا
إذا وردت رغباء في يوم وردها ... قلوصي دعا إعطاشه وتبلّدا
فإنّي لأستحييكم أن أذمّكم، ... وأكرم نفسي ان تسيئوا وأحمدا
رَغْبَانُ:
بفتح أوّله، وبعد ثانيه الساكن باء موحدة، وآخره نون، مسجد ابن رغبان: كان ببغداد وكان مشهورا باجتماع أهل العلم والفضل فيه.
رَغْمَانُ:
فعلان من الرغم، وهو الإهانة: اسم رمل.
رَغْوَانُ:
اسم موضع في شعر أعشى باهلة حيث قال:
وأقبل الخيل من تثليث مصغبة، أو ضمّ أعينها رغوان أو حضر
رُغْوَةُ:
بضم أوّله، بلفظ رغوة اللبن وغيره: ماء بأجإ أحد جبلي طيّء.
رُغَيْمَان:
بلفظ تصغير الرغم وتثنيته: موضع، قال:
أحسّ قنيصا بالرّغيمين خاتلا
باب الراء والفاء وما يليهما
رَفَحٌ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره حاء مهملة: منزل في طريق مصر بعد الداروم بينه وبين عسقلان يومان للقاصد مصر، وهو أوّل الرمل، خرب الآن، تنسب إليه الكلاب، وله ذكر في الأخبار، قال أبو حاتم: من قرون البقر الأرفح، وهو الذي يذهب قرناه قبل أذنيه، قال المهلبي: ورفح مدينة عامرة فيها سوق وجامع ومنبر وفنادق، وأهلها من لخم وجذام، وفيهم لصوصية وإغارة على أمتعة الناس حتى إن كلابهم أضرّ كلاب أرض بسرقة ما يسرق مثله الكلاب، ولها والي معونة برسمه عدة من الجند، ومن رفح إلى مدينة غزة ثمانية عشر(3/54)
يوما، وعلى ثلاثة أيّام من رفح من جنب هذه غزة شجر جميز مصطفّ من جانبي الطريق عن اليمين والشمال نحو ألف شجرة متصلة أغصان بعضها ببعض مسيرة نحو يومين، وهناك منقطع رمل الجفار، ويقع المسافرون في الجلد.
الرَّفْدَةُ:
ماء في سبخة بالسوارقيّة.
رَفْرَفٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وتكرير الراء والفاء، وقد ذكرت تفسيره في دارة رفرف:
وهو موضع في ديار بني نمير. وذات رفرف:
واد لبني سليم.
رَفَنِيّةُ:
بفتح أوّله وثانيه، وكسر النون، وتشديد الياء المنقوطة من تحت باثنتين: كورة ومدينة من أعمال حمص يقال لها رفنية تدمر، وقال قوم:
رفنية بلدة عند طرابلس من سواحل الشام، ينسب إليها محمد بن نوار الرّفني، سمع حيان الرفني صاحب رفنية.
الرُّفُونُ:
بضم أوّله، وآخره نون: من قرى سمرقند، عن السمعاني.
الرَّفِيفُ:
بفتح الراء، وكسر الفاء، وياء ساكنة.
قصر كان في أوّل العراق من ناحية الموصل لم يكن أحد يجوزه إلّا بخاتم المتوكل، وإياه أراد البحتري بقوله:
سلكت بدجلة ساريات ركابنا ... يرصدنها للورد إغباب السّرى
فإذا طلعن من الرّفيف فإنّنا ... خلقاء أن ندع العراق ونهجرا
قلّ الكرام فصار يكثر فذّهم، ... ولقد يقلّ الشيء حتى يكثرا
إن يتن إسحاق بن كنداجيق في ... أرض فكلّ الصيد في جوف الفرا
باب الراء والقاف وما يليهما
رَقّادَةُ:
بلدة كانت بإفريقية بينها وبين القيروان أربعة أيّام، وكان دورها أربعة وعشرين ألف ذراع وأربعين ذراعا، وأكثرها بساتين، ولم يكن بإفريقية أطيب هواء ولا أعدل نسيما وأرق تربة منها، ويقال: إن من دخلها لا يزال مستبشرا من غير سبب، وذكروا أن أحد بني الأغلب أرق وشرد عنه النوم أيّاما فعالجه إسحاق المتطبّب الذي ينسب إليه اطريفل إسحاق فلم ينم فأمره بالخروج والمشي، فلمّا وصل إلى موضع رقادة نام فسمّيت رقادة يومئذ واتخذها دارا ومسكنا وموضع فرجة للملوك، وقيل في تسميتها برقّادة: إن أبا الخطّاب عبد الأعلى بن السمح المعافري القائم بدعوة الإباضية بأطرابلس لما نهض إلى القيروان لقتال رنجومة وكانوا قد تغلّبوا على القيروان مع عاصم بن جميل التقى بهم بموضع رقادة وهي إذ ذاك منية، فقتلهم هناك قتلا ذريعا فسمّيت رقادة لرقاد قتلاهم بعضهم فوق بعض، والمعروف أن الذي بنى رقادة إبراهيم بن أحمد بن الأغلب وانتقل إليها من مدينة القصر القديم وبنى بها قصورا عجيبة وجامعا وعمرت الأسواق والحمامات والفنادق فلم تزل بعد ذلك دار ملك لبني الأغلب إلى أن هرب عنها زيادة الله من أبي عبد الله الشيعي وسكنها عبيد الله إلى أن انتقل إلى المهدية سنة 308، وكان ابتداء تأسيس إبراهيم بن أحمد لها سنة 263، فلمّا انتقل عنها عبيد الله إلى المهدية دخلها الوهن وانتقل عنها ساكنوها ولم تزل تخرب شيئا بعد شيء إلى أن ولي معدّ بن إسماعيل فخرب ما بقي من آثارها ولم يبق(3/55)
منها شيء غير بساتينها، ولما بناها إبراهيم وجعلها دار مملكته منع بيع النبيذ بمدينة القيروان وأباحه بمدينة رقادة، فقال بعض ظرفاء أهل القيروان:
يا سيّد النّاس وابن سيّدهم، ... ومن إليه الرّقاب منقاده
ما حرّم الشرب في مدينتنا ... وهو حلال بأرض رقّاده؟
وكان تغلّب عبيد الله الملقب بالمهدي على رقادة وطرد بني الأغلب عنها في شهر ربيع الأوّل من سنة 297، واستقرّ بها ملكه فمدحه الشعراء وقالوا فيه حتى قال بعضهم أخزاه الله:
حلّ برقّادة المسيح، ... حلّ بها آدم ونوح
حلّ بها الله ذو المعالي، ... وكلّ شيء سواه ريح
الرَّقاشان:
بفتح أوّله، وبعد الألف شين، وآخره نون، تثنية رقاش: قال ابن الأعرابي: الرّقش الخط الحسن، ورقاش: اسم امرأة، ورقاش هذا يجوز أن يكون من ذلك: وهما جبلان، وقال العمراني: ذو الرّقاشين اسم موضع. وفي كتاب اللّصوص: الرقاشان جبلان بأعلى الشّريف في ملتقى دار كعب وكلاب، وهما إلى السواد، وحولهما براث من الأرض بيض فهي التي رقشتهما، قال طهمان:
سقى دار ليلى بالرّقاشين مسبل ... مهيب بأعناق الغمام دفوق
أغرّ سماكيّ كأنّ ربابه ... بخاتيّ صفّت فوقهنّ وسوق
كأنّ سناه، حين تقدعه الصّبا ... وتلحق أخراه الجنوب، حريق
وقال أبو زياد: ومن جبال عمرو بن كلاب الرقاشان وهما عمودان طويلان من الهضب، قال الشاعر:
سمعت وأصحابي تخبّ ركابهم ... لهند بصحراء الرّقاشين داعيا
صويتا خفيّا لم يكد يستبين لي، ... على أنّني قد راعني من ورائيا
الرِّقاعُ:
بكسر أوّله، وآخره عين مهملة، جمع رقعة، وهو ذو الرّقاع، غزاه النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قيل: هي اسم شجرة في موضع الغزوة سميت بها، وقيل: لأن أقدامهم نقبت من المشي فلفوا عليها الخرق، وهكذا فسرها مسلم بن الحجاج في كتابه، وقيل: بل سميت برقاع كانت في ألويتهم، وقيل: ذات الرقاع جبل فيه سواد وبياض وحمرة فكأنّها رقاع في الجبل، والأصحّ أنّه موضع لقول دعثور:
حتى إذا كنّا بذات الرّقاع
وكانت هذه الغزوة سنة أربع للهجرة، وقال محمد بن موسى الخوارزمي: من مهاجرة النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، إلى غزاة ذات الرقاع أربع سنين وثمانية أيّام ثمّ بعد شهرين غزا دومة الجندل، وفي ذات الرقاع صلى النبيّ، صلى الله عليه وسلم، صلاة الخوف، وفيها كانت قصة دعثور المحاربي، وقال الواقدي:
ذات الرقاع قريبة من النّخيل بين السعد والشّقرة وبئر أرما على ثلاثة أيّام من المدينة، وهي بئر جاهليّة، وقال: إنّما سميت بذات الرقاع لأنّه كان في تلك الأرض بقع حمر وبيض وسود، وقال ابن إسحق: رقّعوا راياتهم ذوات الرقاع، قال الأصمعي يذكر بلاد بني بكر بن كلاب بنجد فقال:
ذات الرقاع، وقال نصر: ذوات الرقاع مصانع(3/56)
بنجد تمسك الماء لبني أبي بكر بن كلاب، ووادي الرقاع بنجد أيضا.
الرَّقاقُ:
بفتح أوّله، والتكرير: موضع في عامر، وأصله الأرض المستوية اللينة التراب تحتها صلابة، والله أعلم.
الرَّقْبَتان:
تثنية الرّقبة، وكأنّها فعلة من الرقبة، وهي الانتظار والحراسة: وهما جبلان أسودان بينهما ثنية يطلعان إلى أعلى بطن مرّ إلى شعيبات يقال لهن الضرائب.
الرَّقّتان:
تثنية الرّقّة، أظنهم ثنّوا الرقة والرافقة كما قالوا العراقان للبصرة والكوفة، وقال عبيد الله ابن قيس الرّقيّات:
أتيناك نثني بالذي أنت أهله ... عليك كما أثنى على الروض جارها
تقدّت بي الشّهباء نحو ابن جعفر، ... سواء عليها ليلها ونهارها
تزور فتى قد يعلم الله أنّه ... تجود له كفّ بعيد غرارها
فو الله لولا أن تزور ابن جعفر ... لكان قليلا في دمشق قرارها
فإن متّ لم يوصل صديق ولم يقم ... طريق من المعروف أنت منارها
ذكرتك أن فاض الفرات بأرضنا، ... وجاش بأعلى الرّقّتين بحارها
وعندي ممّا خوّل الله هجمة ... عطاؤك منها شولها وعشارها
مباركة كانت عطاء مباركا ... تمانح كبراها وتنمى صغارها
رَقْد:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، أظنّه مرتجلا:
وهو اسم جبل أو واد في بلاد قيس، وأنشد أبو منصور:
كأرحاء رقد زلّمتها المناقر
وقال الأصمعي في كتاب الجزيرة: قال العامري رقد هضبة مجلندة مطمئنة غير مرتفعة بين ساق الفروين وبين حبس القنان، وهي بأطراف العرف بينهنّ وبين القنان وبين أبان الأسود، وهي مشرفة على جبال لأنّها فوق حزم من الأرض، وكلّ هذه الأماكن من بلاد بني أسد، وقال الجوهري:
رقد جبل تنحت منه الأرحية، قال لبيد:
فأجماد ذي رقد فأكناف ثادق، ... فصارة توفي فوقها فالأعابلا
وقال أبو زياد: رقد من بلاد غطفان، قال الشاعر:
أحقّا عباد الله أن لست سائرا ... بصحراء شرج في مواكب أو فردا
وهل أرينّ الدّهر عبلاء عاقر ... ورقدا إذا ما الآل شبّ لنا رقدا
وقال الصّمّة الأكبر، وهو مالك بن معاوية بن جداعة بن غزية بن جشم بن بكر بن هوازن:
جلبنا الخيل من تثليث حتى ... أصبنا أهل صارات فرقد
ولم نجبن ولم ننكل ولكن ... فجعناهم بكلّ أشمّ جعد
ألا أبلغ بني جشم رسولا، ... فإنّ بيان ما تبغون عندي
الرَّقْراقُ:
ماء قرب القادسيّة نزله بعض جيش الإسلام أيّام الفتوح.(3/57)
الرَّقْعَةُ:
بالفتح ثمّ السكون: موضع قرب وادي القرى من الشّقّة شقّة بني عذرة، فيه مسجد للنبيّ، عليه الصلاة والسلام، عمّره في طريقه إلى تبوك سنة تسع للهجرة.
الرُّقْعَةُ:
بالضم: موضع باليمامة، وهي التي اختصم فيها ابن بيض الشاعر وأبو الحويرث السّحيمي إلى المهاجر بن عبد الله فقال أبو الحويرث:
أنت ابن بيض لعمري لست أنكره ... حقّا يقينا ولكن من أبو بيض؟
فسل سحيما إذا لاقيت جمعهم ... هل كان بالبير حوض قبل تحويضي؟
إن كنت خضخضت لي وطبا لتسقيني ... لأسقينّك محضا غير ممخوض
أو كنت وتّرت لي قوسا لترميني ... لأرمينّك رميا غير تنبيض
الرُّقَقُ:
من بلاد بني عمرو بن كلاب.
الرَّقْمَتَان:
تثنية الرّقمة، وهو مجتمع الماء في الوادي، وقال الفرّاء: يقال عليك بالرّقمة ودع الضفة، ورقمة الوادي: حيث الماء، وضفتاه: ناحيتاه، وفي كتاب الصحاح: الرقمة جانب الوادي، وقيل:
الروضة، قال السّكوني: الرقمتان قريتان بين البصرة والنباج بعد ماوية تلقاء البصرة وبعد حفر أبي موسى تلقاء النباج، وهما على شفير الوادي، وهما منزل مالك بن الريب المازني، وفيهما يقول:
فلله درّي يوم أترك طائعا ... بنيّ بأعلى الرّقمتين وماليا
وقال أبو منصور: الرقمتان النكتتان السوداوان على عجزي الحمار وهما الجاعرتان. والرقمتان:
روضتان بناحية الصّمّان، ذكرهما زهير فقال:
ودار لها بالرّقمتين كأنّها ... مراجيع وشم في نواشر معصم
وقال العمراني: الرقمتان روضتان إحداهما قريبة من البصرة والأخرى بنجد، وقال الأصمعي:
الرقمتان إحداهما قرب المدينة والأخرى قرب البصرة، وأما التي في شعر زهير: ودار لها بالرقمتين، فقال الكلابي: الرقمتان بين جرثم ومطلع الشمس بأرض بني أسد، قال: والرقمتان أيضا بشط فلج من أرض بني حنظلة. والرقمتان: قريتان على شفير وادي فلج بين البصرة ومكّة، وقيل: الرقمتان روضتان في بلاد بني العنبر. والرقمتان أيضا: موضع قرب المدينة نهيان من أنهاء الحرّة.
رَقَمٌ:
بفتح أوّله وثانيه: موضع بالمدينة تنسب إليه الرّقميّات، وفي كتاب نصر: الرّقم جبال دون مكّة بديار غطفان وماء عندها أيضا، والسهام الرقميات منسوبة إلى هذا الموضع صنعت ثمّه، ويوم الرقم: من أيّامهم معروف لغطفان على عامر، وربّما روي بسكون القاف، منها كان حزام بن هشام الخزاعي القديدي، روى عنه عمر بن عبد العزيز، وذكر في قديد.
رُقُنُ:
موضع في شعر زهير، قال:
كم للمنازل من عام ومن زمن ... لآل أسماء بالقفّين فالرّقن
رَقَوْبل:
بفتح أوّله وثانيه، وبعد الواو الساكنة باء موحدة، وآخره لام: مدينة بين شنت برية ومدينة سرتّة بالأندلس قديمة البناء.
الرَّقّةُ:
بفتح أوّله وثانيه وتشديده، وأصله كل أرض إلى جنب واد ينبسط عليها الماء، وجمعها رقاق، وقال غيره: الرقاق الأرض اللينة التراب، وقال(3/58)
الأصمعي: الرقاق الأرض اللينة من غير رمل، وأنشد:
كأنّها بين الرّقاق والخمر، ... إذا تبارين، شآبيب مطر
وهي مدينة مشهورة على الفرات، بينها وبين حرّان ثلاثة أيّام، معدودة في بلاد الجزيرة لأنّها من جانب الفرات الشرقي، طول الرّقّة أربع وستون درجة، وعرضها ست وثلاثون درجة، في الإقليم الرابع، ويقال لها الرقة البيضاء، أرسل سعد بن أبي وقّاص والي الكوفة في سنة 17 جيشا عليه عياض بن غنم فقدم الجزيرة فبلغ أهل الرقة خبره فقالوا: أنتم بين العراق والشام وقد استولى عليها المسلمون فما بقاؤكم مع هؤلاء! فبعثوا إلى عياض بن غنم في الصلح فقبله منهم، فقال سهيل بن عدي:
وصادمنا الفرات غداة سرنا ... إلى أهل الجزيرة بالعوالي
أخذنا الرقّة البيضاء لمّا ... رأينا الشّهر لوّح بالهلال
وأزعجت الجزيرة بعد خفض ... وقد كانت تخوّف بالزّوال
وصار الخرج ضاحية إلينا ... بأكناف الجزيرة عن تقالي
وقال ربيعة الرقي يصفها:
حبّذا الرّقة دارا وبلد! ... بلد ساكنه ممّن تودّ
ما رأينا بلدة تعدلها، ... لا ولا أخبرنا عنها أحد
إنّها برّيّة بحريّة، ... سورها بحر وسور في الجدد
تسمع الصّلصل في أشجارها ... هدهد البرّ ومكّاء غرد
لم تضمّن بلدة ما ضمّنت ... من جمال في قريش وأسد
وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
لم يصح هذا الفؤاد عن طربه ... وميله في الهوى وعن لعبه
أهلا وسهلا بمن أتاك من ال ... رّقّة يسري إليك في شجبه
وقال أيضا عبيد الله بن قيس الرّقيّات لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
أتيناك نثني بالذي أنت أهله ... عليك كما أثنى على الرّوض جارها
تقدّت بي الشّهباء نحو ابن جعفر، ... سواء عليها ليلها ونهارها
فو الله لولا أن تزور ابن جعفر ... لكان قليلا في دمشق قرارها
فإن متّ لم يوصل صديق ولم يقم ... سبيل من المعروف أنت منارها
ذكرتك أن فاض الفرات بأرضنا، ... وجاش بأعلى الرّقّتين بحارها
وعندي ممّا خوّل الله هجمة ... عطاؤك منها شولها وعشارها
قال بطليموس: الرّقة البيضاء طولها ثلاث وسبعون درجة وست دقائق، وعرضها خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، طالعها الشّولة، بيت حياتها القوس تحت إحدى عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، ارتفاعها ثمان(3/59)
وسبعون درجة، قال: والرّقّة الوسطى طولها ثلاث وسبعون درجة واثنتا عشرة دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وسبع عشرة دقيقة، طالعها الشولة في الإقليم الرابع، وقيل: طالعها الذابح، بيت حياتها ثلاث درج من الحوت وخمس وأربعون دقيقة تحت إحدى عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، وكان بالجانب الغربي مدينة أخرى تعرف برقّة واسط، كان بها قصران لهشام ابن عبد الملك كانا على طريق رصافة هشام وأسفل من الرقة بفرسخ الرّقّة السوداء: وهي قرية كبيرة ذات بساتين كثيرة وشربها من البليخ والجميع متصل. والرّقتان: الرقّة والرافقة، وقد ذكرت الرافقة، وفي الرقتين شاهد في الشاذياخ. والرّقّة أيضا: مدينة من نواحي قوهستان، عن البشاري.
والرّقة: البستان المقابل للتاج من دار الخلافة ببغداد وهي بالجانب الغربي، وهو عظيم جدّا جليل القدر، وينسب إلى الرقة المذكورة أوّلا جماعة من أهل العلم وافرة، منهم: أبو عمرو هلال بن العلاء بن هلال ابن عمرو بن هلال الرّقّي، قال ابن أبي حاتم:
هلال بن عمرو الرقي جد هلال بن العلاء، روى عن أبيه عمرو بن هلال، سألت عنه أبي فقال: ضعيف الحديث، مات في سنة 270، ومحمد بن الحسن الرقي شاعر يعرف بالمعوّج، مات في سنة 307.
الرُّقَيْبَةُ:
ذو الرّقيبة تصغير رقبة، وقال نصر:
رقيبة، بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت ساكنة، وباء موحدة، قال: جبل مطلّ على خيبر، له ذكر في قصة لعيينة بن حصن بن حذيفة الفزاري، وأنشد راوي التصغير:
وكأنّما انتقلت، بأسفل معتب ... من ذي الرقيبة أو قعاس، وعول
الرُّقَيْداتُ:
جمع تصغير رقدة: وهو ماء لبني كلب.
الرُّقَيْعيّ:
ماء بين مكّة والبصرة لرجل من تميم يعرف بابن الرّقيع.
الرَّقيقُ:
شارع دار الرقيق: محلّة كانت ببغداد خربت، وكانت متصلة بالحريم الطاهري، وقد بقي منها بقية يسيرة، وينسب إليها الرقيقي.
الرَّقيمُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وهو الذي جاء ذكره في القرآن، والرّقم والترقيم: تعجيم الكتاب ونقطة وتبين حروفه، وكتاب رقيم أي مرقوم، فعيل بمعنى مفعول، قال الشاعر:
سأرقم في الماء القراح إليكم، ... على بعدكم، إن كان للماء راقم
وبقرب البلقاء من أطراف الشام موضع يقال له الرقيم، يزعم بعضهم أن به أهل الكهف، والصحيح أنّهم ببلاد الروم كما نذكره، وهذا الرقيم أراد كثيّر بقوله، وكان يزيد بن عبد الملك ينزله، وقد ذكرته الشعراء:
أمير المؤمنين إليك نهوي ... على البخت الصّلادم والعجوم
إذا اتخذت وجوه القوم نصبا ... أجيج الواهجات من السّموم
فكم غادرن دونك من جهيض ... ومن نعل مطرّحة جذيم
يزرن، على تنائيه، يزيدا ... بأكناف الموقّر والرّقيم
تهنّئه الوفود إذا أتوه ... بنصر الله والملك العظيم(3/60)
قال الفرّاء في قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا من آياتِنا عَجَباً 18: 9، قالوا: هو لوح رصاص كتبت فيه أنسابهم وأسماؤهم ودينهم ومما هربوا، وقيل: الرقيم اسم القرية التي كانوا فيها، وقيل: إنّه اسم الجبل الذي فيه الكهف، وروى عكرمة عن ابن عبّاس، رضي الله عنه، أنّه قال: ما أدري ما الرقيم أكتاب أم بنيان، وروى غيره عن ابن عبّاس: أصحاب الرقيم سبعة، وأسماؤهم:
يمليخا، مكسملينا، مشلينا، مرطونس، دبريوس، سرابيون، افستطيوس، واسم كلبهم قطمير، واسم ملكهم دقيانوس، واسم مدينتهم التي خرجوا منها أفسس ورستاقها الرّسّ، واسم الكهف الرقيم، وكان فوقهم القبطيّ دون الكرديّ، وقد قيل غير ذلك في أسمائهم، والكهف المذكور الذي فيه أصحاب الكهف بين عمورية ونيقية، وبينه وبين طرسوس عشرة أيام أو أحد عشر يوما، وكان الواثق قد وجّه محمد بن موسى المنجّم إلى بلاد الرّوم للنظر إلى أصحاب الكهف والرقيم، قال: فوصلنا إلى بلد الروم فإذا هو جبل صغير قدر أسفله أقلّ من ألف ذراع وله سرب من وجه الأرض فتدخل السرب فتمرّ في خسف من الأرض مقدار ثلاثمائة خطوة فيخرجك إلى رواق في الجبل على أساطين منقورة وفيه عدّة أبيات، منها: بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليها باب حجارة فيه الموتى ورجل موكل بهم يحفظهم معه خصيّان، وإذا هو يحيدنا عن أن نراهم ونفتّشهم ويزعم أنّه لا يأمن أن يصيب من التمس ذلك آفة في بدنه، يريد التمويه ليدوم كسبه، فقلت: دعني أنظر إليهم وأنت بريء، فصعدت بمشقّة عظيمة غليظة مع غلام من غلماني فنظرت إليهم وإذا هم في مسوح شعر تتفتت في اليد، وإذا أجسادهم مطليّة بالصبر والمرّ والكافور ليحفظها، وإذا جلودهم لاصقة بعظامهم، غير أني أمررت يدي على صدر أحدهم فوجدت خشونة شعره وقوّة ثيابه، ثمّ أحضرنا المتوكّل بهم طعاما وسألنا أن نأكل منه، فلمّا أخذناه منه ذقناه وقد أنكرت أنفسنا وتهوّعنا وكأن الخبيث أراد قتلنا أو قتل بعضنا ليصحّ له ما كان يموّه به عند الملك أنّه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرقيم، فقلنا له: إنّا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى وليس هؤلاء كذلك، فتركناه وانصرفنا، قال غيرهم: إن بالبلقاء بأرض العرب من نواحي دمشق موضعا يزعمون أنّه الكهف والرقيم قرب عمّان، وذكروا أن عمّان هي مدينة دقيانوس، وقيل: هي في أفسس من بلاد الروم قرب أبلستين، قيل: هي مدينة دقيانوس، وفي برّ الأندلس موضع يقال له جنان الورد به الكهف والرقيم، وبه قوم موتى لا يبلون كما ذكر أهلها، وقيل: إن طليطلة هي مدينة دقيانوس، وذكر عليّ ابن يحيى أنّه لما قفل من غزاته دخل ذلك الموضع فرآهم في مغارة يصعد إليها من الأرض بسلّم مقدار ثلاثمائة ذراع، قال: فرأيتهم ثلاثة عشر رجلا وفيهم غلام أمرد عليهم جباب صوف وأكسية صوف وعليهم خفاف ونعال، فتناولت شعرات من جبهة أحدهم فمددتها فما منعني منها شيء، والصحيح أن أصحاب الكهف سبعة وإنّما الروم زادوا الباقي من عظماء أهل دينهم وعالجوا أجسادهم بالصبر وغيره على ما عرفوه، وروي عن عبادة بن الصامت قال:
بعثني أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، سنة استخلف إلى ملك الروم أدعوه إلى الإسلام أو أوذنه بحرب، قال: فسرت حتى دخلت بلد الروم فلمّا دنوت إلى قسطنطينية لاح لنا جبل أحمر قيل(3/61)
إن فيه أصحاب الكهف والرقيم، ودفعنا فيه إلى دير وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل، فقلنا لهم: إنّا نريد أن ننظر إليهم، فقالوا: أعطونا شيئا، فوهبنا لهم دينارا، فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب وكان عليه باب حديد ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود وعلى كل واحد منهم جبّة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم، فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أو وبر أم غير ذلك إلّا أنّها كانت أصلب من الديباج وإذا هي تقعقع من الصفاقة والجودة، ورأينا على أكثرهم خفافا إلى أنصاف سوقهم وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله، فكشفنا عن وجوههم رجلا بعد رجل فإذا بهم من ظهور الدم وصفاء الألوان كأفضل ما يكون للأحياء وإذا الشيب قد وخط بعضهم وبعضهم شبّان سود الشعور وبعضهم موفورة شعورهم وبعضهم مطمومة وهم على زي المسلمين، فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف وكأنّه في ذلك اليوم ضرب، فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم فأخبرونا أنّهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن والقرى إلى باب هذا الكهف فنقيمهم أيّاما من غير أن يمسّهم أحد فننفض جبابهم وأكسيتهم من التراب ونقلّم أظافيرهم ونقصّ شواربهم ثمّ نضجعهم بعد ذلك على هيئتهم التي ترونها، فسألناهم من هم وما أمرهم ومنذ كم هم بذلك المكان، فذكروا أنّهم يجدون في كتبهم أنّهم بمكانهم ذلك من قبل مبعث المسيح، عليه السلام، بأربعمائة سنة وأنّهم كانوا أنبياء بعثوا بعصر واحد وأنّهم لا يعرفون من أمرهم شيئا غير هذا، قال عبد الله الفقير إليه: هذا ما نقلته من كتب الثقات، والله أعلم بصحته.
الرُّقِيُّ:
بلفظ الرقيّ بمعنى الصعود: موضع في شعر ليلى:
فآنست خيلا بالرّقيّ مغيرة
وقال ابن مقبل:
حتى إذا هبطت مدافع راكس ... ولها بصحراء الرّقيّ توالي
باب الراء والكاف وما يليهما
الرِّكاء:
بوزن جمع الركوة، وهو سقاء الماء:
موضع، عن ابن دريد، وابن فارس يفتح الراء، وأنشد:
إذا بالرّكاء مجالس فسّح
وقيل: هو واد في ديار بني العجلان، وقال ثعلب:
الركا، مقصور، في قول الراعي:
وشاقتك بالخبتين دار تنكّرت ... معارفها إلّا الرّسوم البلاقعا
تلوح كوشم في يدي حارثية ... بنجران أدمت للنّسور الأشاجعا
بميثاء سالت من عسيب فخالطت ... ببطن الركاء برقة وأجارعا [1]
قال: هو واد أكثر ابن مقبل من ذكره، ومن قوله:
أأنت محيّي الرّبع أم أنت سائله ... بحيث أفاضت في الركاء مسايله؟
سلا القلب عن أهل الركاء فإنّه ... على ما سلا خلّانه وحلائله
__________
[1] لا يمكن قصر الركاء، كما يقول المؤلف، لئلا يختل الوزن.(3/62)
وبدّل حالا بعد حال وعيشة ... بعيشتنا ضيق الركاء فعاقله
ألا ربّ عيش صالح قد شهدته ... بضيق الركاء إذ به من نواصله
إذ الدّهر محمود السجيّات تجتنى ... ثمار الهوى منه ويؤمن غائلة
رَكّاء:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، والمد: موضع آخر، قال زهير:
جنبي عماية فالرّكاء فالعمقا
وأصلحه من الرّكّ وهو المكان المضعوف الذي لم يمطر، ومطر ركّ أي قليل، عن ابن شميل.
الرِّكابِيّةُ:
كأنّه منسوب إلى الركاب، وهي الإبل خاصة: وهو موضع منه إلى المدينة عشرة أيّام، وقد ذهب بعضهم إلى أن الزيت الركابيّ منسوب إلى هذا الموضع، وأراه وهما لأن تلك النواحي قليلة الزيت إنّما يجلب إليها من الشام على الركاب فهو منسوب إلى الركاب، هكذا قال الأزهري إنّه منسوب إلى الركاب.
رَكاحُ:
بالفتح، وآخره حاء مهملة، في شعر لبيد بن ربيعة حيث قال:
وأسرع فيها قبل ذلك حقبة ... ركاح فجنيا نقدة فالمغاسل
رُكانَةُ:
مدينة لطيفة من عمل بلنسية بالأندلس، قال ابن سقاء: أنشدني أبو محمد عبد الله بن محمد بن معدان الرّكاني اليحصبي وهو من أهل الأدب وله به عناية وكتب غير مقطّعات من شعر وحجّ مرّات هو وأخوه عليّ الركاني، لقيه السلفي أيضا.
الرَّكايَا:
جمع ركيّة: موضع بعينه بنجد وبه مياه لبني نصر بن معاوية، وقيل: الركايا جمع ركية مياه لبني دهمان، وقال ابن جنّي: لام الركية واو، وهي فعيلة في معنى مفعولة، قيل: ركوت الحوض أي أصلحته، قال:
قد ركّت المركوّ حتى ابلندكا
الرَّكْبُ:
من مخاليف اليمن.
رَكَبَان:
بالتحريك: قرب وادي القرى.
رُكْبة:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحدة، بلفظ الركبة التي في الرجل من البعير وغيره، وقال ابن بكير: هي بين مكّة والطائف، وقال القعنبي:
هو واد من أودية الطائف، وقيل: من أرض بني عامر بين مكّة والعراق، وقيل: ركبة جبل بالحجاز، وقال الزمخشري: هي مفازة على يومين من مكّة يسكنها اليوم عدوان، وعن الأصمعي أن ركبة بنجد، وهي مياه لبني نصر بن معاوية، قال الأصمعي:
ولبني عوف بن نصر بنجد بركبة الركايا يقول لهم:
بركبة هذه المياه، يعني الركايا أي لهم مياه يقال لها الركايا، وهي بينهم وبين بطون نصر كلّها، وهي عوف وهمدان والمدركاء بركبة لهم جميعا، قال الواقدي: هو إذا رحت من غمرة تريد ذات عرق، وقال الحفصي: ركبة بناحية السّيّ، ويقال: إن ركبة أرفع الأراضي كلّها، ويقال:
إن التي قال ابن نوح: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء، يعني ركبة، في كتاب فضائل مكّة لأبي سعيد المفضل بن محمد بن تميم الجندي الهمداني بإسناد له أن عمر بن الخطّاب قال: لأن أخطئ سبعين خطيئة بركبة أحبّ إليّ من أن أخطئ خطيئة واحدة بمكّة.
: بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وضاد معجمة، وهي ركضة جبرائيل: من أسماء زمزم، والركض:
الدفعة بالرجل على الفرس والأرض وغير ذلك.(3/63)
رَكَكٌ:
بفتح أوّله وثانيه، وتكرير الكاف، وهو فك ركّ، والرك المطر الضعيف: وهي محلة من محالّ سلمى أحد جبلي طيّء، قال الأصمعي:
قلت لأعرابي أين ركك؟ قال: لا أعرفه ولكن ههنا ماء يقال له ركّ، فاحتاج ففكّ تضعيفه زهير:
ردّ القيان جمال الحيّ فاحتملوا ... إلى الظّهيرة أمر بينهم لبك
يغشى الحداة بهم وعث الكثيب كما ... يغشي السفائن موج اللجّة العرك
ثمّ استمرّوا وقالوا إنّ موعدكم ... ماء بشرقيّ سلمى فيد أو ركك
وقد جاء في شعر عبيد كذلك فقال:
تغيرت الدّيار بذي الدّفين ... فأودية اللّوى فرمال لين
تبيّن صاحبي أترى حمولا ... يشبّه سيرها عوم السّفين
جعلن الفلج من ركك شمالا ... ونكّبن الطويّ عن اليمين
رَكٌّ:
هو الذي قبله فكّ تضعيفه فأظهر وقال ركك، وقد ذكرته قبل هذا.
ركلة:
من عمل سرقسطة بالأندلس، ينسب إليها عبد الله بن محمد بن دريّ التّجيبي الركلي أبو محمد، روى عن أبي الوليد الباجي وأبي مروان بن حيان وأبي زيد عبد الرحمن بن سهل بن محمد وغيرهم، وكان من أهل الأدب قديم الطلب، مات سنة 513.
الركنُ اليمانيّ:
من أركان الكعبة، إنّما ذكر فيما ذكره ابن قتيبة أن رجلا من اليمن يقال له أبيّ بن سالم بناه، وأنشد لبعض أهل اليمن:
لنا الركن من بيت الحرام وراثة ... بقية ما أبقى أبيّ بن سالم
رُكُنٌ:
بضمتين: موضع باليمامة في شعر زهير، وقد يسكّن ثانيه، قال زهير:
كم للمنازل من عام ومن زمن ... لآل أسماء بالقفّين فالرّكن
رَكُوبَةُ:
بفتح أوّله، وبعد الواو باء موحدة، والرّكوب والرّكوبة: ما يركب، يقال: ما له ركوبة ولا حمولة: وهي ثنية بين مكّة والمدينة عند العرج صعبة سلكها النبيّ، صلى الله عليه وسلّم، عند مهاجرته إلى المدينة قرب جبل ورقان وقدس الأبيض وكان معه، صلّى الله عليه وسلّم، ذو البجادين فحدا به وجعل يقول:
تعرّضي مدارجا وسومي ... تعرّض الجوزاء للنجوم
هذا أبو القاسم فاستقيمي
وقال بشر بن أبي خازم:
سبته ولم تخش الذي فعلت به ... منعّمة من نشء أسلم معصر
هي الهمّ لو أن النّوى أصقبت بها، ... ولكنّ كرّا في ركوبة أعسر
قالوا في تفسيره: ركوبة ثنية شاقة شديدة المرتقى، وقال الأصمعي: ركوبة عقبة يضرب بها المثل فيقال:
طلب هذه المرأة كالكرّ في ركوبة، والكر:
الرجوع كما يكرّ الشيء عن الشيء، وقال الأصمعي في موضع آخر: ركوبة عقبة عند العرج سلكها رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وكان دليله إليها عبد الله ذو البجادين، فيقول: هذه المرأة مثلها لمن أرادها مثل ركوبة فمن يستطيع أن يعود إلى(3/64)
ركوبة، وأبو عمرو لا يعرف ركوبة، والله أعلم.
رُكَيْحٌ:
تصغير ركح: وهو ركن من الجبل، وركح كلّ شيء: جانبه، وهو اسم موضع في شعر كثير:
من الروضتين فجنبي ركيح ... كلفظ المضلّة حليا مباثا
رَكِيّةُ لُقْمانَ:
هو لقمان بن عاد: وهي ركية بثاج قريب من البحرين بين البحرين واليمامة كانت لبني قيس بن ثعلبة ولعنزة فغلبت عليها بنو سعد، وهي مطوية بحجارة الحجر أكبر من ذراعين، قال الفرزدق من أبيات:
ولولا الحياء زدت رأسك هزمة ... إذا سبرت ظلّت جوانبها تغلي
بعيدة أطراف الصّدوع كأنّها ... ركية لقمان الشّبيهة بالدّحل
باب الراء والميم وما يليهما
رَمَا:
موضع في أرض بني عامر، عن نصر، قال ابن مقبل:
أحقّا أتاني أن عوف بن عامر ... ببين رما يهدي إليّ القوافيا؟
البين: قطعة من الأرض قدر مد البصر.
رِماح:
ذات الرماح: موضع قريب من تبالة، وقارة الرماح في خبر، وذات الرماح: إبل لبعض الأحياء سميت بذلك لعزها، عن نصر.
الرُّمَاحَةُ:
ماءة في الرمل لقريط عند أجإ، عن نصر.
رُمَاخ:
بضم أوّله، وتخفيف ثانيه، وآخره خاء معجمة، والرّمخ، بكسر أوّله وفتح ثانيه: من أسماء الشجر المجتمع، من كتاب العين، وقال ابن الأعرابي: الشاة الرمخاء الكلفة بأكل الرمخ، وهو الخلال بلغة طيء: وهو موضع بالدهناء، وقال العمراني: يقال بالحاء المهملة، وقد جاء به ذو الرمة بالمهملة فقال:
وفي الأظعان مثل مها رماح ... عليه الشمس فادّرع الظّلالا
وأنشد على الخاء:
وقد باتت عليه مها رماخ ... حواسر ما تنام ولا تنيم
قلت أنا: إن صحّ رماخ، بالخاء، بالدهناء، فرماح، بالحاء، في موضع آخر، وذلك لأن الدهناء كلّها رمال، وقد جاء في شعر أعرابية أن الرماح حرّتان والحرار لا تكون في الرمال، قالت:
خليليّ إن حانت بمورة ميتتي، ... وأزمعتما أن تحفرا لي بها قبرا
ألا فاقريا مني السّلام على فتى ... وحرّة ليلى لا قليلا ولا نزرا
سلام الذي قد ظنّ أن ليس رائيا ... رماحا ولا من حرّتيه ذرى خضرا
وقال كثير:
كأنّ القيان الغرّ وسط بيوتهم ... نعاج بجوّ من رماح خلالها
لهم أنديات بالعشيّ وبالضّحى، ... بهاليل يرجو الرّاغبون نوالها
قال ابن حبيب في تفسير رماخ: بنجد، قال ابن السكيت: رماخ نقا بالدهناء، ويقال: نقا آخر برمل الوركة، وهي عن يسار أضاخ من شرقيها، والصحيح أن رماح، بالحاء، اسم موضع لا شك فيه لقول جرير حيث قال:(3/65)
أتصحو أم فؤادك غير صاح، ... عشيّة همّ صحبك بالرّواح؟
تقول العاذلات علاك شيب، ... أهذا الشيب يمنعني مراحي؟
يكلّفني فؤادي من هواه ... ظعائن يجتزعن على رماح
ظعائن لم يدنّ مع النّصارى، ... ولا يدرين ما سمك القراح
رَمَادانُ:
تثنية رماد ثمّ عرب: جفر في الطريق لبني المرقع من بني عبد الله بن غطفان عند القصيم، قال جرير:
أخو اللّؤم ما دام الغضا حول عجلز، ... وما دام يسقى في رمادان أحقف
وفي رواية ثعلب: رمادان، بالضم، في قول الراعي:
فحلّت نبيّا أو رمادان دونها ... رعان وقيعان من البيد سملق
الرَّمادَةُ:
اشتقاقه معروف، وهي في عدة مواضع، منها: رمادة اليمن، ينسب إليها أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي صاحب عبد الرزاق وأبا داود الطيالسي، روى عنه عبد الله البغوي وابن صاعد، رحل إلى الشام والعراق والحجاز، وكان ثقة، توفي سنة 265 عن 83 سنة. ورمادة فلسطين: وهي رمادة الرملة، ينسب إليها عبد الله بن رماحس القيسي الرمادي، روى عن أبي عمرو زياد بن طارق روى عنه أبو القاسم الطبراني. ورمادة المغرب، ينسب إليها أبو عمرو يوسف بن هارون الكندي الرمادي الشاعر القرطبي، والرّمادة: بلدة لطيفة بين برقة والإسكندرية قريبة من البحر لها سور ومسجد جامع وبساتين فيها أنواع الثمار، وهي قريبة من برقة. والرمادة أيضا: بلدة من وراء القريتين على طريق البصرة وهو نصف الطريق من البصرة إلى مكّة.
والرّمادة أيضا: محلّة كبيرة كالمدينة في ظاهر مدينة حلب متصلة بالمدينة لها أسواق ووال برأسه. والرّمادة أيضا: محلّة أو قرية من نواحي نيسابور. والرّمادة أيضا: قرية من قرى بلخ معروفة. والرّمادة أيضا:
موضع في شق بني تميم ولعلّها في طريق البصرة، وقال الحفصي: الرمادة وقرماء من قرى امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم باليمامة ذات نخيل. ورمادة أبيط:
سبخة بحذاء القصيبة بينها وبين الجنوب تفضي إليها أودية الرغام ويؤخذ منها الملح، قال ذو الرّمّة:
أصيداء هل قيظ الرّمادة راجع ... لياليه أو أيّامهنّ الصّوالح؟
رُمَاعٌ:
بضم أوّله، وتخفيف ثانيه، وآخره عين مهملة، وهو من اليرمع، وهو الحصى البيض التي تلألأ في الشمس، الواحدة رمعة، قال: والرماع بلفظ هذا وجع يعترض في ظهر الساقي حتى يمنعه من السقي:
وهو موضع، عن ابن دريد.
رُمّاغُ:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره غين معجمة، وهو في اللغة مرتجل لهذا الموضع، عن ابن دريد.
رُمّانُ:
بلفظ الرمّان الفاكهة التي تؤكل، وسيبويه يحكم في رمّان بزيادة النون حملا على الأكثر وهو الزيادة، وقياسه أنه من رممت الشيء إذا جمعت أجزاءه، ويقول: كلّ ما كان على حرفين ثانيهما مضاعف وبعده ألف ونون فهما زائدتان، قصر الرمان: بنواحي واسط القصب التي بكسكر وهو واسط العراق، ينسب إليه أبو هاشم يحيى بن دينار الرماني يعد في التابعين، رأى أنس بن مالك وسمع جماعة من التابعين، كذا قاله أسلم بن سهل بحشل الواسطي في تاريخ(3/66)
واسط، وهو أعرف بأهل بلده، وقد نسب إليه الأمير ابن ماكولا وتبعه أبو سعد السمعاني أبا الحسن علي بن عيسى الرمّاني النحوي.
الرّمّانتان:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه، في قول عرقل ابن الحطيم العكلي:
لعمرك للرّمان إلى بثاء ... فحزم الأشيمين إلى صباح [1]
قال السكّري: هذه المواضع دون هجر في بلاد سعد وكانت قبل لعبد القيس، وتمامها:
وأودية بها سلم وسدر، ... وحمض هيكل هدب النواحي
أسافلهنّ ترفض في سهوب، ... وأعلاهنّ في لجف وراح
نحلّ بها وننزل حيث شئنا ... بما بين الطّريق إلى رماح
أحبّ إليّ من آطام جو ... ومن أطوابها ذات المناحي
ورمان أيضا في بعض الروايات: موضع يعرف برمانتين، وهما هضبتان في بلاد بني عبس، قال:
على الدار بالرمانتين تعوّج
كذا قال العمراني.
رَمّان:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وهو فعلان من رممت الشيء أرمّه وأرمّه رمّا ومرمّة إذا أصلحته: وهو جبل في بلاد طيّء في غربيّ سلمى أحد جبلي طيّء، وإليه انتهى فلّ أهل الردّة يوم بزاخة فقصدهم خالد بن الوليد، رضي الله عنه، فرجعوا إلى الإسلام، وهو جبل في رمل، وهو مأسدة، قال الأسدي:
وما كلّ ما في النفس للناس مظهر، ... ولا كلّ ما لا نستطيع نذود
فكيف طلابي ودّ من لو سألته ... قذى العين لم يطلب وذاك زهيد
ومن لو رأى نفسي تسيل لقال لي:
أراك صحيحا والفؤاد جليد ... فيا أيّها الرّيم المحلّى لبانه
بكرمين كرمي فضّة وفريد ... أجدّي لا أمشي برمّان خاليا
وغضور إلّا قيل أين تريد
وقال طفيل الغنوي:
وكان هريم من سنان خليفة ... وحصن، ومن أسماء لما تغيّبوا
ومن قيس الثاوي برمّان بيته، ... ويوم حقيل فاد آخر معجب
قيس الثاوي هو قيس بن جندع وهي أمّه، وهو قيس ابن يربوع بن طريف بن خرشبة بن عبيد بن سعد بن كعب بن حلّان بن غنم بن غني، وقال الكلبي: هو قيس الندامى بن عبد الله بن عميلة بن طريف بن خرشبة، وكان فارسا جيّدا قاد ورأس فكان قدم على بعض الملوك فقال الملك: لأضعن تاجي على رأس أكرم العرب، فوضعه على رأس قيس وأعطاه ما شاء ثمّ خلّى سبيله فلقيته طيّء برمان راجعا إلى أهله فقتلوه ثمّ عرفوه بعد وذكروا أيادي كانت له عندهم فندموا ودفنوه برمّان وبنوا عليه بيتا، قال أبو صخر الهذلي في بعض الروايات:
ألا أيّها الرّكب المخبّون هل لكم ... بساكن أجراع الحمى بعدنا خبر؟
__________
[1] الرّمان مخفف في هذا البيت لا مشدّد(3/67)
فقالوا: طوينا ذاك ليلا وإن يكن ... به بعض من تهوى فما شعر السّفر
خليليّ هل يستخبر الرّمث والغضا ... وطلح الكدى من بطن رمّان والسّدر
الرِّمْثُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وآخره ثاء مثلثة: مرعى من مراعي الإبل وهو من الحمض، واسم واد لبني أسد، قال دريد بن الصّمّة:
ولولا جنون اللّيل أدرك ركضنا ... بذي الرّمث والأرطى عياض بن ناشب
وقال لبيد:
بذي شطب أحداجها قد تحمّلوا، ... وحثّ الحداة النّاعجات الذّواملا
بذي الرّمث والطّرفاء لمّا تحمّلوا ... أصيلا وعالين الحمول الحوافلا
رِمْثَةُ:
ماء ونخل لبني ربيعة، عن الحفصي، باليمامة.
رَمْجَارُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وجيم، وآخره راء: محلّة من نواحي نيسابور، ينسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم: أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح القاري الرّمجاري، ذكره أبو سعد في التحبير وروى عنه، ومات بنيسابور في رمضان سنة 531.
رُمْحٌ:
بلفظ الرمح الذي يطعن به، ذات رمح: قرية بالشام، وذات رمح: أبرق أبيض في ديار بني كلاب لبني عمرو بن ربيعة، وعنده البتيلة ماء لهم، ودارة رمح منسوبة إليه، قال ذلك نصر، وقال ناهض بن ثومة وثنّاه على عادتهم في مثل ذلك:
فما العهد من أسماء إلّا محلّة، ... كما خطّ في ظهر الأديم الرّواقش
برمحين أو بالمنحنى دبّ فوقها ... سفا الريح أو جذع من السيل خادش
الرَّمْدُ:
رمال بإقبال الشّيحة، وهي رملة بين ذات العشر وبين الينسوعة.
الرَّمَصُ:
بفتح أوّله وثانيه، وصاد مهملة، وهو وسخ يجتمع في الموق: وهو موضع، عن ابن دريد.
رَمْطَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وطاء مهملة:
اسم أعجمي لقلعة حصينة بجزيرة صقلية بينهما ثمانية أيّام، هي بعيدة من البحر فوق جبل وفيها آثار الماء، كان فتحها الحسن في سنة 354 وسكنها المسلمون وأقام محاصرا لها واحدا وعشرين شهرا.
رِمَعٌ:
بكسر أوّله، وفتح ثانيه، وعين مهملة، مرتجل: موضع باليمن، وقيل: هو جبل باليمن، وقال نصر: رمع قرية أبي موسى ببلاد الأشعريّين من اليمن قرب غسّان وزبيد، وقال ابن الدّمينة:
يتلو وادي زبيد رمع، وهو واد حارّ ضيّق، أوّله من أشراف جمران وغربي ذي خشران إلى وادي الشّجنة ويهريق فيه من يمينه جنوب ألهان وأنس ومن شماليّه شماليّ بلد جمع وسرية حتى يرد سحنان فسلك بين جبلين العركة وجبلان ريمة فظهر فذوال فسقى مزارعها إلى البحر، وفي أسفل رمع موضع الماء الذي كان يسمّى غسّان، قال أبو دهبل الجمحي يمدح الأزرق ابن عبد الله المخزومي وقد عزل عن اليمن:
ماذا رزئنا، غداة الخلّ من رمع ... عند التفرّق، من خيم ومن كرم
ظلّ لنا واقفا يعطي فأكثر ما ... قلنا وقال لنا في بعده نعم [1]
__________
[1] في هذا البيت إقواء.(3/68)
ثمّ انتحى غير مذموم وأعيننا ... لمّا تولّى، بدمع واكف سجم
رَمَكانُ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره نون، يقال:
رمك بالمكان يرمك رموكا أقام به، وأرمكته أنا: وهو موضع، عن ابن دريد.
الرَّمْلُ:
قال العمراني: الرمل موضع بعينه في شعر زهير. ورمل مسهّل: موضع في قول طفيل الغنوي:
تضلّ المداري في ضفائرها العلى ... إذا أرسلت أو هكذا غير مرسل
كأنّ الرّعاث والسّلوس تصلصلت ... على خششاوي جابة القرن معزل
أملّت شهور الصّيف بين إقامة ... دلولا لها الوادي ورمل مسهّل
الرَّمْلَةُ:
واحدة الرّمل: مدينة عظيمة بفلسطين وكانت قصبتها قد خربت الآن، وكانت رباطا للمسلمين، وهي في الإقليم الثالث، طولها خمس وخمسون درجة وثلثان، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وثلثان، وقال المهلبي: الرملة من الإقليم الرابع، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم. والرملة: محلة خربت نحو شاطئ دجلة مقابل الكرخ ببغداد. والرملة أيضا:
قرية لبني عامر من بني عبد القيس بالبحرين. والرملة:
محلة بسرخس، ينسب إليها جماعة، منهم: أبو القاسم صاعد بن عمر الرملي شيخ عالم، سمع السيد أبا المعالي محمد بن زيد الحسيني والسيد أبا القاسم علي ابن موسى الموسوي وغيرهما، ذكره أبو سعد في مشيخته قال: توفي في حدود سنة 570. ورملة بني وبر: في أرض نجد، ينسب إلى وبر بن الأضبط بن كلاب، فأما رملة فلسطين فبينها وبين البيت المقدس ثمانية عشر يوما، وهي كورة من فلسطين، وكانت دار ملك داود وسليمان ورحبعم بن سليمان، ولما ولي الوليد بن عبد الملك وولّى أخاه سليمان جند فلسطين نزل لدّ ثمّ نزل الرملة ومصّرها، وكان أوّل ما بنى فيها قصره ودارا تعرف بدار الصباغين واختط المسجد وبناه، وذكر البشاري أن السبب في عمارته لها أنّه كان له كاتب يقال له ابن بطريق سأل أهل لدّ جارا كان للكنيسة أن يعطوه إيّاه ويبني فيه منزلا له فأبوا عليه، فقال: والله لأخربنها، يعني الكنيسة، ثمّ قال لسليمان: إن أمير المؤمنين، يعني عبد الملك، بنى في مسجد بيت المقدس على هذه الصخرة قبّة فعرف له ذلك وإن الوليد بنى مسجد دمشق فعرف له ذلك فلو بنيت مسجدا ومدينة ونقلت الناس إلى المدينة، فبنى مدينة الرملة ومسجدها فكان ذلك سبب خراب لدّ، فلمّا مات الوليد واستخلف سليمان بن عبد الملك وكان موضعها رملة، فسليمان اختطها وصار موضع بلد الرملة بعد الصباغين آبارا عذبة ولم تكن الرملة قبل سليمان بن عبد الملك، أذن للناس أن يبنوا فبنوا مدينة الرملة واحتفر لهم القناة التي تدعى بردة واحتفر أيضا آبارا عذبة وصارت بعد ذلك لورثة صالح بن علي لأنّها قبضت مع أموال بني أميّة، وكان بنو أمية ينفقون على آبار الرملة وقناتها، فلمّا استخلف بنو العبّاس أنفقوا عليها أيضا، وكان الأمر في تلك النفقة يخرج في كلّ سنة من خليفة بعد خليفة، فلمّا استخلف المعتصم أسجل بذلك سجلا فانقطع الاستئمار وصارت النفقة يحتسب بها للعمّال، وشربهم من الآبار الملحة، والمترفون لهم بها صهاريج مقفلة، وكانت أكثر البلاد صهاريج مع كثرة الفواكه وصحة الهواء، واستنقذها صلاح الدين يوسف بن أيّوب في سنة 583 من الأفرنج وخرّبها خوفا من استيلاء الأفرنج عليها مرّة أخرى(3/69)
في سنة 587، وبقيت على ذلك الخراب إلى الآن، وكان أبو الحسن علي بن محمد التهامي الشاعر أقام بها وصار خطيبها وتزوّج بها وولد له ولد فمات بها فقال يرثيه:
أبا الفضل طال اللّيل أم خانني صبري ... فخيّل لي أن الكواكب لا تسري؟
أرى الرملة البيضاء بعدك أظلمت ... فدهري ليل ليس يفضي إلى فجر
وما ذاك إلّا أن فيه وديعة ... أبى ربّها أن تستردّ إلى الحشر
بنفسي هلال كنت أرجو تمامه، ... فعاجله المقدار في غرّة الشّهر
وهي قصيدة ذكرتها في كتابي في أخبار الشعراء مع أختها:
حكم المنيّة في البريّة جاري
وقد سكن الرملة جماعة من العلماء والأئمة فنسبوا إليها، منهم: أبو خالد يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني، روى عن اللّيث ابن سعد والمفضّل بن فضالة، وروى عنه أبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني وأبو زرعة الرازي، ومات سنة 232، وموسى بن سهل بن قادم أبو عمران الرملي أخو علي بن سهل، سمع يسرة بن صفوان وأبا الجماهر وآدم بن أبي إياس وجماعة غيرهم من هذه الطبقة، روى عنه أبو داود في سننه وأبو حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن وأبو بكر بن خزيمة وغيرهم، مات بالرملة سنة 262 في جمادى الأولى، وعبد الله بن محمد بن نصر بن طويط، ويقال طويث، أبو الفضل البزّاز الرملي الحافظ، سمع بدمشق هشام بن عمار ودحيما وهشام بن خالد ابن أحمد بن ذكوان ووارث بن الفضل العسقلاني ونوح بن حبيب القومسي وغيرهم، روى عنه أبو أحمد بن عدي وأبو سعيد بن الأعرابي وأبو عمرو فضالة وأبو بكر عبد الله بن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي وسليمان بن أحمد الطبراني وغيرهم، وهذه الرملة أراد كثيّر بقوله:
حموا منزل الأملاك من مرج راهط ... ورملة لدّ أن تباح سهولها
لأن لدّ مدينة كانت قبل الرملة خربت بعمارتها.
رِمَمُ:
بكسر أوّله، وفتح ثانيه، جمع رمّة، وهي العظام البالية، والرمّ واحدته رمّة والجمع رمم:
ما في البرّ من النبات وغيره، ومن هذا مأخوذ اسم هذا الوادي، وقرأته في شعر مضرّس رمم بفتح أوّله، قال مضرّس بن ربعي:
ولم أنس من ريّا غداة تعرّضت ... لنا دون أبواب الطّراف من الأدم
تعرّض حوراء المدامع ترتعي ... تلاعا وغلّانا سوائل من رمم
عشيّة تبليغ المودّة بيننا ... بأعيننا من غير عيّ ولا بكم
رُمٌّ:
بضم أوّله، قال ابن السّكّيت في قوله: ما له ثمّ ولا رمّ، الثمّ: قماش البيت، والرّم: مرمّة البيت، قال أبو عبيدة: رمّ، بضم الراء، بئر بمكة من حفائر مرّة بن كعب ثمّ من حفائر كلاب من مرّة حفر رمّ والحفر، وهما بئران بظاهر مكّة ومنهما كانوا يشربون قبل أن يهبطوا إلى البطحاء ثمّ سموا برمّ وبالحفر بعد ذلك غيرهما حين احتفروا(3/70)
بالبطحاء، وهي عند دار خديجة زوجة النبي، صلّى الله عليه وسلّم.
رِمٌّ:
بكسر أوّله، وتشديد ثانيه، وهو ما في البرّ من النبات وغيره، والرّمّ أيضا: بناء بالحجاز في شعر هذيل، قال حذيفة بن أنس الهذلي:
ونحن جزرنا نوفلا فكأنّما ... جزرنا حمارا يأكل القرف أصحرا
جزرنا حمارا يأكل القرف صادرا، ... تروّح عن رمّ وأشبع غضورا
الغضور: شجر.
رَمٌّ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وجمعه رموم، وتفسير الرّموم محالّ الأكراد ومنازلهم بلغة فارس:
وهي مواضع بفارس، منها: رمّ الحسن بن جيلويه يسمّى رمّ البازنجان، وهو من شيراز على أربعة عشر فرسخا. ورمّ أردام بن جوانابه: من شيراز على ستة وعشرين فرسخا. ورمّ القاسم بن شهريار ويسمى الكوريان: من شيراز على خمسين فرسخا. ورمّ الحسن بن صالح ويسمّى رمّ السوران:
من شيراز على سبعة فراسخ، قال ذلك ابن الفقيه، ولعلّ هذه الإضافة قد زالت بزوال من أضيف إليه، وقال البشاري: بفارس رمّ الأكراد ولها رستاق ونهر وهي وسط الجبال ذات بساتين ونخيل وفواكه وخيرات، قال: ورمّ أحمد بن صالح ويسمّى الزّيزان، وقال الإصطخري: رموم فارس خمسة، ولكلّ واحد منها مدن وقرى مجتمعة قد تضمّن خراج كلّ ناحية رئيس من الأكراد وألزموا إقامة رجال لبذرقة القوافل وحفظ الطريق ولنوائب السلطان إذا عرضت، وهي كالممالك: الأوّل رمّ جيلويه يعرف برمّ الزنيجان اسم قبيلة من الأكراد فإن مكانه في الناحية التي تلي أصبهان وهي تأخذ طرفا من كورة إصطخر وطرفا من كورة أرّجان فحدّ ينتهي إلى البيضاء وحدّ ينتهي إلى حدود أصبهان وحدّ ينتهي إلى حدود خوزستان وحدّ ينتهي إلى ناحية سابور، وكلّ ما وقع في هذه من المدن والقرى فمن هذا الرمّ ويتاخمهم في عمل أصبهان، الثاني رمّ شهريار وهو رمّ البازنجان وهو رمّ جيل من الأكراد وهم من البازنجان رهط شهريار وليس من البازنجان هؤلاء أحد في عمل فارس إلّا أن لهم بها ضياعا وقرى كثيرة، الثالث رمّ الزيزان للحسن بن صالح وهو في كورة سابور فحدّ منه ينتهي إلى أردشير خرّه وتليه حدود تطيف بها كورة سابور، وكلّ ما كان من المدن والقرى في أضعافها فهي منها، الرابع رمّ الريحان لأحمد بن الليث وهي في كورة أردشير خرّه فحدّ منه يلي البحر ويحيط بثلاثة حدوده الأخر كورة أردشير خرّه، وما وقع في أضعافه من المدن والقرى فهي منه، الخامس رمّ الكاريان فحدّ منه ينتهي إلى سيف بني الصفار وحدّ منه ينتهي إلى رمّ الريحان وحدّ يتصل بحدود كرمان ومنه إلى أردشير خرّه وهي كلّها في أردشير خرّه.
الرُّمّةُ:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه وقد يخفّف، ولفظ الأصمعي في كتابه: ما ارتفع من بطن الرمّة، يخفف ويثقّل هذا لفظه، فهو نجد، والرمة: فضاء، وقد ذكرنا أن الرمة ما بقي من الحبل بعد تقطّعه، وجمعه رمم، ومنه سمّي ذو الرمّة لأنّه قال في أرجوزة له:
أشعث مضروب القفا موتود ... فيه بقايا رمّة التقليد
يعني ما بقي في رأس الوتد من رمّة الطّنب المعقود(3/71)
فيه، ومن هذا يقال: أعطيته الشيء برمّته أي بجماعته، وأصله الحبل يقلّد به البعير، يعني أعطاه البعير بحبله، وأما الرّمة، بالتخفيف، فذكره أبو منصور في باب ورم وخفّفه ولم يذكر التشديد وقال: بطن الرّمّة واد معروف بعالية نجد، وقال أبو عبيد السكوني: في بطن الرمّة منزل لأهل البصرة إذا أرادوا المدينة بها يجتمع أهل الكوفة والبصرة ومنه إلى العسيلة، وقال غيره: أصل الرمة واد يصب من الدهناء، وقد ذكر في الدهناء، وقال ابن دريد: الرّمة قاع عظيم بنجد تنصبّ فيه أودية، ويقال بالتخفيف، وقال العاصمي: سمعت أبا المكارم الأعرابي وابن الأعرابي يقولان الرمة طويلة عريضة تكون مسيرة يوم تنزل أعاليها بنو كلاب ثمّ تنحدر فتنزل عبس وغيرهم من غطفان ثم تنحدر فتنزل بنو أسد، وفي كتاب نصر: الرمة، بتخفيف الميم، واد يمرّ بين أبانين يجيء من المغرب، أكبر واد بنجد يجيء من الغور والحجاز أعلاه لأهل المدينة وبني سليم ووسطه لبني كلاب وغطفان وأسفله لبني أسد وعبس ثمّ ينقطع في رمل العيون ولا يكثر سيله حتى يمدّه الجريب واد لكلاب، وقال الأصمعي: الرّمّة واد يمرّ بين أبانين يستقبل المطلع ويجيء من المغرب وهو أكبر واد بعمله. والرمة، يخفف ويثقل: فضاء تدفع فيه أودية كثيرة وهي أوّل حدود نجد، وأنشد:
لم أر ليلة كليل مسلمه ... أنّى اهتديت والفجاج مظلمة
لراكبين نازلين بالرّمه
فهذا شاهد على التخفيف وهو أشيع وأكثر، قال الأصمعي: بطن الرمة واد عظيم يدفع عن يمين فلجة والدّثينة حتى يمرّ بين أبانين الأبيض والأسود وبينهما نحو ثلاثة أيّام، قال: ووادي الرمة يقطع بين عدنة والشربّة فإذا جزعت الرمة مشرقا أخذت في الشربّة وإذا جزعت الرمة في الشمال أخذت في عدنة، وبين الرمة والجريب واد يصبّ في الرمة، والذي قرأته في كتاب الأصمعي في جزيرة العرب رواية ابن دريد عن عبد الرحمن بن عمة وقد ذكر نجدا فقال: وما ارتفع من بطن الرمة، يخفف ويثقل هذا لفظه، فهو نجد، قال: والرمة فضاء تدفع فيه أودية كثيرة، وتقول العرب على لسان الرمّة:
كلّ بنيّ فإنّه يحسيني ... إلّا الجريب فإنه يرويني
وبين أسفل الرمة وأعلاها سبع ليال من الحرة حرّة فدك إلى القصيم وحرّة النار، قال: والرمة تجيء من الغور والحجاز، فأعلى الرمة لأهل المدينة وبني سليم ووسطها لبني كلاب وغطفان وأسفلها لبني أسد وعبس ثمّ ينقطع في الرمل رمل العيون، وما بين الرمة والجريب يقال له الشربّة كما يذكره، وقال أبو مهدي الأعرابي: تقول العرب قالت الرّمة حيث كانت تتكلّم:
كلّ بنيّ يسقين ... حسيّة فيهنين
غير الجريب يروين
قال: وذاك أن الرمة لا يكثر ماؤها وسيلها حتى يمدّها الجريب، وقالت امرأة كانت تنسج:
لشقّتي أعظم من بطن الرّمه ... لا تستطيع مثلها بنت أمه
إلّا كعاب طفلة مقوّمه
رِمِّيّا:
بكسر أوّله وثانيه وتشديد ميمه ويائه المعجمة باثنتين من تحت: موضع.(3/72)
رَمْيَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، قال العمراني:
موضع، فيه نظر، عن ابن دريد.
رميتان:
ماء ونخل باليمامة لعمارة بن عقيل بن بلال بن جرير الشاعر.
الرُّمَيْشَةُ:
ماء لبني سيار بن عمرو بن جابر من بني مازن بن فزارة، قال النابغة:
وعلى الرّميثة من سكين حاضر، ... وعلى الدّثينة من بني سيار
رُمَيْصٌ:
بالصاد المهملة، وضم أوّله، وفتح ثانيه، كأنّه تصغير رمص، وهو قذى العين: اسم بلد.
رُمَيْلَةُ:
تصغير رملة، قال السّكوني: هو منزل في طريق البصرة إلى مكّة بعد ضريّة نحو مكّة ومنها إلى الأبرقين. والرّميلة أيضا: قرية بالبحرين لبني محارب بن عمرو بن وديعة العبقسيين، قال السمعاني:
الرميلة من قرى بيت المقدس، وقد نسب إليها أبو القاسم مكّيّ بن عبد السلام المقدسي الرميلي، رحل إلى الشام والعراق والبصرة وأكثر السماع من الشيوخ، سمع ببغداد من أصحاب المخلص وعيسى الوزير ورجع إلى بيت المقدس فأقام إلى أن مضى شهيدا على يد الأفرنج، خذلهم الله تعالى، يوم دخولهم بيت المقدس سنة 492.
رُمَيٌّ:
كأنّه تصغير الرّمي، ياؤه مشددة، وأوّله مضموم، وثانيه مفتوح: موضع.
باب الراء والنون وما يليهما
رُنَانُ:
بضم أوّله، وتخفيف ثانيه، وآخره أيضا نون:
قرية من قرى أصبهان، ينسب إليها أبو نصر إسماعيل ابن محمد بن أحمد بن أبي الحسن الرناني الصوفي الأصبهاني، سافر وسمع الحديث، وسمع بأصبهان أبا العلاء محمد بن عبد الجبّار الفرساني وغيره، توفي سنة 531، وأبو العباس أحمد بن محمد بن هالة الرناني، كان مقرئا فاضلا، قرأ القرآن على أبي عليّ الحدّاد وأبي العزّ الواسطي وختم عليه خلق كثير، سمع الحديث الكثير من الحافظ إسماعيل بن محمد ابن الفضل وغانم بن أبي نصر البرجي وغيرهما، وتوفي عائدا من مكّة بالحلة المزيدية سنة 535، وأحمد بن محمد بن أحمد الرناني استجازه السمعاني.
رَنْبُويَه:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ باء موحدة، وبعد الواو ياء مثناة من تحت مفتوحة: وهي قرية قرب الري، بها مات عليّ بن حمزة الكسائي النحوي ومحمد بن حسن الشيباني صاحب أبي حنيفة فدفنا بها، وكانا خرجا صحبة الرشيد فقال: اليوم دفنت الفقه والنحو برنبويه، وقيل: إن الكسائي دفن بسكة حنظلة بالري في سنة 182، وقيل: سنة 189، عن محمد بن الجهم السمري عن الفرّاء.
رَنْدٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: اسم نبت طيب الريح، وذو رند: موضع بين فلجة والزّجيج على جادّة حاجّ البصرة، عن نصر.
رَنْدَوَرْد:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الدال المهملة، وفتح الواو، وسكون الراء: موضع قرب بغداد، وقد روي بالزاي وهو الصحيح، وقد رواه العمراني بالراء، قال: ويروى بالزاي.
رُنْدَةُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه: معقل حصين بالأندلس من أعمال تاكرنّا، وهي مدينة قديمة على نهر جار وبها زرع واسع وضرع سابغ، قال السلفي: أبو الحسن سقي بن خلف بن سليمان الأسدي الرّندي كان يتردّد إليّ بعد رجوعه من الحجاز سنة 530، وقال: إن رندة حصن بين إشبيلية ومالقة(3/73)
وكان ظاهر الخير سمع بالأندلس ورجع إلى بلده، وأبو عليّ عمر بن محمد الرندي الأديب، حدث عن محمد بن إبراهيم الفخّاري وأبي زيد السّهيلي، وكان شيخا فاضلا من أهل مالقة.
الرَّنْقَاء:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ قاف، وألف ممدودة، وهو تأنيث الرّنق، وهو الكدر: وهو موضع في بلاد بني عامر بن صعصعة، وقيل: الرّنقاء قاع لا ينبت شيئا بين دار خزاعة ودار سليم، وقال السكري في فسر قول القتّال:
عفت أجلى من أهلها فقليبها ... إلى الدّوم، فالرّنقاء قفرا كثيبها
الرنقاء: ماء لبني تيم الأدرم بن غالب بن فهر بن مالك من قريش، وهذه الأبيات بعد البيت المذكور:
وقد ينتحيني الخيل يوما فأنتحي ... كواعب أترابا مراضا قلوبها
بهنّ من الدّاء الذي أنا عارف، ... ولا يعرف الأدواء إلّا طبيبها
سمعت وأصحابي بذي النخل نازلا ... وقد يشعف النفس الشعاع حبيبها
دعاء بذي البردين من أمر طارق ... فيا عمرو! هل تدنو لنا فنجيبها؟
وقال الأصمعي: في جبال مكّة جبل رنقاء هو المتصل بجبل نبهان إلى حائط عوف.
رَنُومٌ:
بفتح أوّله، وهو فعول من الرّنم، وهو الصّوت، وقد رنم، بالكسر، وقد ترنم إذا رجّع الصوت: موضع.
رَنّةُ:
قال العمراني: هو أعظم بلد بالأندلس، وأظنّه غلطا إنّما هو ريّة.
رَنْيَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت خفيفة، يقال: رنا إليه يرنو رنوّا إذا أدام النظر، يقال: ظلّ رانيا وأرناه غيره، فيجوز أن يكون رنية من ران كأنّه مرّة واحدة: وهي قرية من حدّ تبالة، عن أبي الأشعث الكندي، يسكنها بنو عقيل، وهي قرب بيشة وتثليث وببمبم وعقيق تمرة، وكلّها لبني عقيل، ومياهها بثور، والبثور: الأحساء تجري تحت الحصى على مقدار ذراعين وذراع وربّما أثارته الدوابّ بحوافرها.
باب الراء والواو وما يليهما
الرَّواءُ:
بفتح الراء، والمدّ، يقال: ماء رواء أي عذب، قال الزّفيان:
يا إبلي ما ذامه قناتيه ... ماء رويّ ونصيّ حوليه
وإذا كسرت رواء قصرته وكتبته بالياء فقلت ماء روى، والرّواء: من أسماء بئر زمزم، روي عن عبد المطلب: أرى في المنام أن احفر الرواء على رغم الأعداء.
روابي بني تميم:
من نواحي الرّقّة، عن نصر.
الرَّوَاحُ:
بفتح أوّله، وآخره حاء، وهو نقيض الغدوّ:
اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل، وقد يكون مصدر راح يروح رواحا، وهو نقيض قولك غدا يغدو غدوّا: وهو اسم موضع بعينه.
الرَّواطي:
بفتح أوّله، مرتجل: اسم مواضع.
رُؤَافٌ:
اسم ضفيرة، وهو شيء كالمسنّاة على شفير الوادي أعني الضفيرة، وأما رؤاف فيجوز أن يكون من راف البدويّ إذا سكن الريف، قال ابن مقبل:(3/74)
فلبّده مرّ القطار ورخّه ... نعاج رؤاف قبل أن يتشدّدا
وبرد ورؤاف: جبلان مستديران في مفازة بين تيماء وجفر عنزة، قال قيس بن الخطيم:
ألفيتهم يوم الهياج كأنّهم ... أسد بيشة أو بغاب رؤاف
رُؤامٌ:
بضم أوّله، وتخفيف ثانيه، وهو من أبنية الأدواء كسعال وهيام وهزال، قال عبيد بن الأبرص:
حلّت كبيشة بطن ذات رؤام ... وعفت منازلها بجوّ برام
بادت معالمها وغيّر رسمها ... هوج الرّياح وحقبة الأيّام
وقال الراعي:
فكتلة فرؤام من مساكنها، ... فمنتهى السّيل من بنيان فالحبل
رُوَاوَةُ:
بضم أوّله، وتكرير الواو، بوزن زرارة:
موضع في جبال مزينة، قال ابن السكيت: رواوة والمنتضى وذو السلائل أودية بين الفرع والمدينة، قال كثيّر:
وغيّر آيات ببرق رواوة ... تنائي اللّيالي والمدى المتطاول
ظللت بها تغضي على حدّ عبرة، ... كأنّك من تجريبك الدّهر جاهل
وقال ابن هرمة:
حيّ الدّيار بمنشد فالمنتضى، ... فالهضب هضب رواوتين إلى لأى
ثنّاه لإقامة الوزن، وهم يفعلون ذلك كثيرا جدّا
رُؤْبٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره باء موحدة:
موضع بقرب سمنجان من نواحي بلخ، ينسب إليه إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله الرؤبي، روى عنه وكيع وعباس بن بكار.
رُوبَا:
قرية من قرى دجيل بغداد، ينسب إليها أبو حامد طيب بن إسماعيل بن عليّ بن خليفة بن حبيب ابن طيب بن محمد بن إبراهيم الروبائي الحربي، حدث عن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي قاضي المارستان وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف النجّار، توفي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 600، ومولده سنة 524، وكان سماعه صحيحا، وأبو عبد الله محمد بن عمر بن خليفة العطار الحربي الروبائي، سمع من أبي المظفّر هبة الله بن أحمد الشبلي وأبي عليّ أحمد بن محمد الرحبي وعبد الأوّل وعبد الرحمن ابن زيد الورّاق وأجاز له محمد بن ناصر الحافظ، قال ابن نقطة: ذكر لي أن أصله من واسط قرية بدجيل، ثمّ قال بعد سنين: إنّه من روبا، وهي من قرى دجيل، والله أعلم.
رُوبانْجاه:
بضم أوّله، وبعد الواو باء موحدة، وبعد الألف نون ثمّ جيم: قرية من بلخ، ينسب إليها روبانجاهي وروبانشاهي وروبنشاهي، كلّه واحد، عن السمعاني.
رُوبَنْج:
بضم أوّله، وبعد الواو الساكنة باء موحدة ثمّ نون، وآخره جيم: موضع بفارس.
رُوتَنْك:
بلدة من نواحي مكران، والله أعلم.
رَوْثانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وثاء مثلثة، وآخره نون: موضع جاء في الشعر، قيل أراد به الرّوثة المذكورة بعد.
رَوْثَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وثاء مثلثة:
اسم بلد في ديار بني أسد له ذكر في أشعارهم، والرّوث(3/75)
من الدوابّ معروف، والرّوثة: أرنبة الأنف أيضا أي طرفه.
الرُّوجُ:
بالضم، والجيم: كورة من كور حلب المشهورة في غربيها بينها وبين المعرّة، ولها ذكر في الأخبار.
الرَّوْحاء:
الرّوح والراحة من الاستراحة، ويوم روح أي طيب، وأظنه قيل للبقعة روحاء أي طيبة ذات راحة، وقدر روحاء: في صدرها انبساط، وقصعة روحاء: قريبة القعر، ويعضد ما قلناه ما ذكره ابن الكلبي قال: لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكّة نزل بالرّوحاء فأقام بها وأراح فسماها الروحاء، وسئل كثير لم سميت الروحاء روحاء فقال: لانفتاحها ورواحها: وهي من عمل الفرع على نحو من أربعين يوما، وفي كتاب مسلم بن الحجاج: على ستة وثلاثين يوما، وفي كتاب ابن أبي شيبة: على ثلاثين يوما، وقالت أعرابية من شعر قد ذكر في الدّهناء:
وإن حال عرض الرمل والبعد دونهم ... فقد يطلب الإنسان ما ليس رائيا
يرى الله أن القلب أضحى ضميره ... لما قابل الرّوحاء والعرج قاليا
والنسبة إليها روحاوي، وقال بعض الأعراب قيل هو ابن الرّضيّة:
أفي كلّ يوم أنت رام بلادها ... بعينين إنساناهما غرفان
إذا اغرورقت عيناي قال صحابتي ... لقد أولعت عيناك بالهملان
ألا فاحملاني، بارك الله فيكما، ... إلى حاضر الروحاء ثمّ ذراني
والرّوحاء: قرية من قرى بغداد على نهر عيسى قرب السّنديّة، والله أعلم.
رَوْحَا:
قرية من قرى الرحبة لا يقول أهلها إلّا مقصورا، ينسب إليها أبو الحسن عليّ بن محمد بن سلامة الروحاني المقري الرحبي، كان موصوفا بجودة القراءة والمعرفة بوجوهها، وصحب الصوفية ورحل في طلب الحديث ثمّ استوطن مصر إلى أن مات بها، ولم يزل يسمع إلى أن مات، ذكره السلفي في معجم السفر وأثنى عليه كثيرا.
الرَّوْحَانُ:
وإليه تضاف برقة وقد ذكرت، وهو بفتح أوّله، وبعد الواو حاء مهملة، قال السكري:
الروحان أقصى بلاد بني سعد، وقال الحفصي:
الروحان أرض وواد باليمامة في شرح قول جرير:
ترمي بأعينها نجدا وقد قطعت ... بين السّلوطح والرّوحان صوّانا
يا حبّذا جبل الريان من جبل، ... وحبّذا ساكن الرّيّان من كانا!
رُوحِين:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وكسر الحاء المهملة، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: قرية من جبل لبنان قريبة من حلب وفي لحف الجبل مشهد مليح يزار، يقال إن فيه قسّ بن ساعدة الإيادي، وهو مشهد مقصود للزيارة وينذرون له نذورا وعليه وقف، وقيل في روحين قبر شمعون الصفا وليس بثبت، فإن قبر شمعون اتفقوا على أنّه في رومية الكبرى في كنيستها العظمى في تابوت من فضة معلق بسلاسل في سقف الهيكل، قال البحتري:
قل للأرند إذا أتى روحين لا ... تقر السّلام على أبي ملبوس(3/76)
دار بها جهل السّماح فأنكر ال ... معروف بين شمامس وقسوس
آذانهم وقر عن الدّاعي إلى ال ... هيجاء مصغية إلى النّاقوس
رَوْحَةُ:
من قرى القيروان، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أبي السرور الروحي، سمع أبا الربيع الأندلسي وابن أبي داود المصري وآخرين، وكان من أهل الفقه والفرائض والقراءات، وكان مولد أبيه في روحة وهو من الإسكندرية، قاله السلفي.
رُوذَانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وذال معجمة، وآخره نون: بليدة قريبة من أبرقويه بأرض فارس، قال ابن البناء: روذان كانت من نواحي كرمان وكان لها ثلاث مدن: أناس وأذكان وأبان، فأمّا أناس فقد بقيت على رأس الحد ومدينتها الكرّان ليعتدل حدود الإقليمين وتستوي التّخوم، وقد اعتدل هذا الإقليم وتربّع بهذه الناحية من هذا الجانب وبأصبهان من الجانب الآخر وبقيت أكثر كور إصطخر بينها، وعلى قصبة الرّوذان حصن منيع بثمانية أبواب وبها جامع لطيف، وهي معدن القصّارين والحاكة، وحولها بساتين حسنة ومقابر عامرة، وهناك عين يستشفى بها، وهي خفيفة الأهل، والرمال محيطة بها، وطول هذه الناحية نحو ستين فرسخا، قاله الإصطخري، وأمّا روذان فإنّها بليدة قريبة في الشبه من أبرقويه إلّا أن لها مياها وثمارا كثيرة تفضل عن أهلها فتحمل إلى النواحي. وروذان أيضا: قرية من قرى خوارزم، عن العمراني. وروذان أيضا:
بلد قرب بست.
رُوذَبار:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وذال معجمة، وباء موحدة، وآخره راء مهملة، وهو في عدة مواضع، وكأن معناه بالفارسية موضع النهر، قال أبو موسى الحافظ الأصبهاني: هي ناحية من طسوج أصبهان، وهي تشتمل على قرى كثيرة فيها جماعة كثيرة من أهل العلم، قال: وروذبار قرية من قرى بغداد، ينسب إليها أحمد بن عطاء الروذباري ابن أخت أبي عليّ الروذباري، قال: قال الباطرقاني في طبقات الصوفية عقيب ذكره: وروذبار قرية من قرى بغداد، ولعلّه أخذه عن أبي العبّاس النّسوي فإنّه قاله أيضا، وقال السمعاني: الروذبار لفظة لمواضع عند الأنهار الكبيرة في بلاد متفرقة، منها:
موضع على باب الطابران بطوس يقال له الروذبار، ينسب إليه أبو عليّ الحسين بن محمد بن نجيب بن عليّ الروذباري، سمع منه الحاكم أبو بكر البيهقي، ومات سنة 403، وأبو عليّ محمد بن أحمد بن القاسم الروذباري الصوفي، سكن مصر وله تصانيف حسن في التصوّف وكان من أولاد الرؤساء والوزراء صحب الجنيد وكان فقيها محدثا نحويّا وله شعر حسن رقيق، مات سنة 323، وقد نسبه السمعاني إلى روذبار طوس وأبو موسى إلى روذبار قريبة من بغداد، والأوّل أصحّ لأن الخطيب قال هو بغداديّ، وقال الباطرقاني وأبو العباس النسوي: روذبار ببلخ وبنواحي مرو الشاهجان روذبار، وهي دواليب بين بركدز وجيرانج، وبالشاش أيضا قرية يقال لها روذبار من وراء نهر جيحون، وقال أبو سعد الآبي في تاريخه:
روذبار قصبة بلاد الديلم. وروذبار: محلة بهمذان، خرج منها جماعة وافرة من أهل العلم والحديث منهم: عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبدوس أبو الفتح الهمذاني الروذباري، روى عن أبيه وعمّ أبيه أبي الحسين عليّ بن عبد الله وعن خلق(3/77)
سواهما من أهل همذان والغرباء يطول تعدادهم، ذكره شيرويه بن شهردار وقال: سمعت منه عامة ما مرّ له، وكان صدوقا ذا منزلة وحشمة، وصمّ في آخر عمره وعمي، ومات في سنة 490، ومولده في سنة 395، ودفن في خانجاه بروذبار.
رُوذ دشْت:
ويقال رويدشت ويقال رودشت:
كلّه لقرية من قرى أصبهان.
رُوذرَاور:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وذال معجمة، وراء، وبعد الواو المفتوحة راء أخرى: كورة قرب نهاوند من أعمال الجبال، وهي مسيرة ثلاثة فراسخ فيها ثلاث وتسعون قرية متصلة بجنان ملتفة وأنهار مطّردة منبتها الزعفران، وفي أشجارها جميع أنواع الفواكه، والمنبر من نواحي روذراور بموضع يقال له الكرج كرج روذراور، وهي مدينة صغيرة بناؤها من طين حصينة، لها مروج وثمار وزروع، ويرتفع بها من الزعفران شيء كثير يجهز إلى البلاد، وبينها وبين همذان سبعة فراسخ، وبينها وبين نهاوند سبعة فراسخ، وينسب إليها أحمد بن عليّ بن أحمد بن محمد بن الفرج الروذراوري أبو بكر، انتقل إلى همذان فأقام بها، روى عن أبيه عليّ بن أحمد وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وخلق كثير يطول تعدادهم، روى عنه أبو بكر الشيرازي الحافظ وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي النيسابوري وكثير سواهما، وكان أوحد زمانه ثقة صدوقا مفتي همذان، وله معرفة بعلوم الحديث وله مصنفات في علومه، وقال شيرويه: رأيت له كتاب السنن ومعجم الصحابة وما رأيت شيئا أحسن منهما، ولد سنة 308، ومات يوم الاثنين السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة 398، ودفن في مقابر نشيط، وقبره يزار.
رُودِس:
قال القاضي عياض: هو بضم أوّله، ضبطناه عن الصدفي والأسدي وغيرهما إلّا الخشني والتميمي فإنّه عندهما بفتح الراء ولم يختلفوا في الدال أنّها مكسورة، وقيدناه عن بعضهم في غير الصحيحين بفتح الدال، وكلّهم قالوا بسين مهملة إلّا الصدفي عن العذري فإنّه قال بشين معجمة، وقيدناه في كتاب أبي داود من طريق الرملي بذال معجمة، قال:
وهي جزيرة ببلاد الروم، وفي الحديث: غزا معاوية قبرس ورودس، وهي في الإقليم الرابع، وطولها من جهة المغرب خمسون درجة، وعرضها خمس وثلاثون درجة ونصف. ورودس: جزيرة مقابل الإسكندرية على ليلة منها في البحر، وهي أوّل بلاد أفرنجة، قال المسعودي: وهذه الجزيرة في وقتنا هذا، وهو سنة 332، دار صناعة الروم وبها تبنى المراكب البحرية، وفيها خلق من الروم، ومراكبهم تقارب بلاد الإسكندرية وغيرها من بلاد مصر فتغير وتسبي وتأخذ.
رُوذفَغْكَد:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وذال معجمة، وفتح الفاء، والغين الساكنة معجمة، وكاف مفتوحة، وآخره دال: قرية من قرى سمرقند.
رُوذَك:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وذال معجمة مفتوحة، وآخره كاف: من قرى سمرقند.
رُوذه:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وذال معجمة، وآخره هاء: محلة بالريّ. وروذه أيضا: قرية بالرّي، قالوا: وبروذه مات عمرو بن معدي كرب منصرفا عن الريّ، فدل على أن روذه ليست محلّة إنّما هي قرية من قراها، قالوا: ودفن في موضع يقال له كرمانشاه، وكذا قال أبو عبيدة:
روذه من قرى الري، وقالت امرأة عمرو:(3/78)
لقد غادر الركبان حين تحمّلوا ... بروذة شخصا لا ضعيفا ولا غمرا
والمتواتر عن العلماء أنّه مات في الطريق ودفن بروذه على قارعة الطريق، وقد نسب إلى هذه القرية الحارث ابن مسلم الروذي الرازي، روى عنه الحسين بن علي ابن مرداس الخرّاز، قال أبو سعد: روذه محلّة بالريّ، ينسب إليها أبو عليّ الحسن بن المظفر بن إبراهيم الرازي الروذي، روى عن أبي سهل موسى ابن نصر الرازي، روى عنه أبو بكر المقري.
الرورُ:
براءين مهملتين: ناحية من نواحي الأهواز أو قربها. والرور أيضا: ناحية بالسند تقرب من الملتان في الكبر وعليها سوران، وهي على شاطئ نهر مهران على البحر، وهي من حدود المنصورة والديبل، وهي متجر وفرضة بهذه البلاد، وزروعهم مباخس وليس لهم كثير شجر ولا نخل، وهو بلد قشف وإنّما يقيمون به للتجارة، وبينه وبين الملتان أربع مراحل، بالقرب منه بلد يقال له بغرور، ذكر في فتوح السند.
رُوستُقْبَاذ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وسين مهملة ساكنة التقى فيها ساكنان، ولا يكون ذلك في كلام العرب، وتاء مثناة من فوق مضمومة، وقاف ساكنة، وباء موحدة، وآخره ذال معجمة:
وهو طسّوج من طساسيج الكوفة في الجانب الشرقي من كورة استان شاذقباذ، وكانت عنده وقعة للحجاج، وهو بين بغداد والأهواز، والحجاج نزله لما ولي العراق ليقرب من المهلب ويقصده بالرجال في قتال الخوارج، فقال يوما وهو هناك: ألا وإن الملحد ابن الزبير قد زادكم في عطائكم مائة مائة، ألا وإني لا أمضيها، فقال له عبد الله بن الجارود العبدي: ليست بزيادة ابن الزبير إنّما هي زيادة عبد الملك أمير المؤمنين أمضاها منذ قتل مصعبا وإلى الآن، فأعجب قوله المصريين فخرجوا معه على الحجاج وواقعوا فجاء عبد الله بن الجارود سهم فقتله واستقام أمر الحجاج في قصة فيها طول.
رُوس:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وسين مهملة، ويقال لهم رسّ، بغير واو، أمّة من الأمم بلادهم متاخمة للصقالبة والترك ولهم لغة برأسها ودين وشريعة لا يشاركهم فيها أحد، قال المقدسي: هم في جزيرة وبئة يحيط بها بحيرة وهي حصن لهم ممّن أرادهم، وجملتهم على التقدير مائة ألف إنسان، وليس لهم زرع ولا ضرع، والصقالبة يغيرون عليهم ويأخذون أموالهم، وإذا ولد لأحدهم مولود ألقى إليه سيفا وقال له: ليس لك إلّا ما تكسبه بسيفك، وإذا حكم ملكهم بين خصمين بشيء ولم يرضيا به قال لهما:
تحاكما بسيفيكما، فأيّ السيفين كان أحدّ كانت الغلبة له، وهم الذين استولوا على برذعة سنة فانتهكوها حتى ردّها الله منهم وأبادهم، وقرأت في رسالة أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر إلى ملك الصقالبة حكى فيها ما عاينه منذ انفصل عن بغداد إلى أن عاد إليها فحكيت ما ذكره على وجهه استعجابا به، قال: ورأيت الروسيّة وقد وافوا بتجاراتهم فنزلوا على نهر إتل فلم أر أتمّ أبدانا منهم كأنّهم النخل شقر حمر لا يلبسون القراطق ولا الخفاتين ولكن يلبس الرجل منهم كساء يشتمل به على أحد شقّيه ويخرج إحدى يديه منه، ومع كلّ واحد منهم سيف وسكّين وفأس لا تفارقه، وسيوفهم صفائح مشطبة أفرنجية، ومن حدّ ظفر الواحد منهم إلى عنقه محضر شجر وصور وغير ذلك، وكلّ امرأة(3/79)
منهم على ثديها حقة مشدودة إمّا من حديد وإمّا من نحاس وإمّا من فضة وإمّا من ذهب على قدر مال زوجها ومقداره، في كل حقة حلقة فيها سكين مشدودة على الثدي أيضا، وفي أعناقهنّ أطواق ذهب وفضة لأنّ الرجل إذا ملك عشرة آلاف درهم صاغ لامرأته طوقا وإن ملك عشرين ألفا صاغ لها طوقين وكلّما زاد عشرة آلاف درهم يزيد لها طوقا آخر، فربّما كان في عنق الواحدة منهن أطواق كثيرة، وأجلّ الحلي عندهم الخرز الأخضر من الخزف الذي يكون على السفن يبالغون فيه ويشترون الخرزة منه بدرهم وينظمونه عقدا لنسائهم، وهم أقذر خلق الله لا يستنجون من غائط ولا يغتسلون من جنابة كأنّهم الحمير الضالة، يجيئون من بلدهم فيرسون سفنهم بإتل، وهو نهر كبير، ويبنون على شاطئه بيوتا كبارا من الخشب ويجتمع في البيت الواحد العشرة والعشرون والأقل والأكثر، ولكلّ واحد منهم سرير يجلس عليه ومعه جواريه الرّوقة للتجار، فينكح الواحد جاريته ورفيقه ينظر إليه، وربّما اجتمعت الجماعة منهم على هذه الحالة بعضهم بحذاء بعض، وربّما يدخل التاجر عليهم ليشتري من بعضهم جارية فيصادفه ينكحها فلا يزول عنها حتى يقضي أربه، ولا بدّ لهم في كلّ يوم بالغداة أن تأتي الجارية ومعها قصعة كبيرة فيها ماء فتقدمها إلى مولاها فيغسل فيها وجهه ويديه وشعر رأسه، فيغسله ويسرحه بالمشط في القصعة ثمّ يمتخط ويبصق فيها ولا يدع شيئا من القذر إلّا فعله في ذلك الماء فإذا فرغ ممّا يحتاج إليه حملت الجارية القصعة إلى الذي يليه فيفعل مثل ما فعل صاحبه، ولا تزال ترفعها من واحد إلى واحد حتى تديرها على جميع من في البيت، وكل واحد منهم يمتخط ويبصق فيها ويغسل وجهه وشعره فيها، وساعة موافاة سفنهم إلى هذا المرسى يخرج كل واحد منهم ومعه خبز ولحم ولبن وبصل ونبيذ حتى يوافي خشبة طويلة منصوبة لها وجه يشبه وجه الإنسان وحولها صور صغار وخلف تلك الصور خشب طوال قد نصبت في الأرض فيوافي إلى الصورة الكبيرة ويسجد لها ثمّ يقول: يا ربّ قد جئت من بعد ومعي من الجواري كذا وكذا رأسا ومن السمور كذا وكذا جلدا، حتى يذكر جميع ما قدم معه من تجارته ثمّ يقول: وقد جئتك بهذه الهدية، ثمّ يترك ما معه بين يدي الخشبة ويقول: أريد أن ترزقني تاجرا معه دنانير ودراهم فيشتري مني كلّ ما أريد ولا يخالفني في جميع ما أقول، ثمّ ينصرف، فإن تعسر عليه بيعه وطالت أيّامه عاد بهدية أخرى ثانية وثالثة، فإن تعذّر عليه ما يريد حمل إلى صورة من تلك الصور الصغار هدية وسألها الشفاعة وقال: هؤلاء نساء ربنا وبناته، ولا يزال إلى صورة صورة يسألها ويستشفع بها ويتضرّع بين يديها فربّما تسهّل له البيع فباع فيقول: قد قضى ربي حاجتي وأحتاج أن أكافئه، فيعمد إلى عدّة من البقر والغنم على ذلك ويقتلها ويتصدّق ببعض اللحم ويحمل الباقي فيطرحه بين يدي تلك الخشبة الكبيرة والصغار التي حولها ويعلق رؤوس البقر والغنم على ذلك الخشب المنصوب في الأرض، فإذا كان اللّيل وافت الكلاب فأكلت ذلك فيقول الذي فعله: قد رضي عني ربي وأكل هديتي، وإذا مرض منهم الواحد ضربوا له خيمة ناحية عنهم وطرحوه فيها وجعلوا معه شيئا من الخبز والماء ولا يقربونه ولا يكلّمونه بل لا يتعاهدونه في كل أيّامه لا سيما إن كان ضعيفا أو كان مملوكا، فإن برأ وقام رجع إليهم وإن مات أحرقوه وإن كان مملوكا تركوه على حاله تأكله الكلاب وجوارح(3/80)
الطير، وإذا أصابوا سارقا أو لصّا جاءوا به إلى شجرة طويلة غليظة وشدوا في عنقه حبلا وثيقا وعلّقوه فيها ويبقى معلّقا حتى يتقطّع من المكث إمّا بالرياح أو الأمطار، وكان يقال لي: إنّهم كانوا يفعلون برؤسائهم عند الموت أمورا أقلّها الحرق، فكنت أحب أن أقف على ذلك حتى بلغني موت رجل منهم جليل فجعلوه في قبره وسقّفوا عليه عشرة أيّام حتى فرغوا من قطع ثيابه وخياطتها، وذلك أن الرجل الفقير منهم يعملون له سفينة صغيرة ويجعلونه فيها ويحرقونها، والغنيّ يجمعون ماله ويجعلونه ثلاثة أثلاث: فثلث لأهله وثلث يقطعون له به ثيابا وثلث يشترون به نبيذا يشربونه يوم تقتل جاريته نفسها وتحرق مع مولاها، وهم مستهترون بالخمر يشربونها ليلا ونهارا، وربّما مات الواحد منهم والقدح في يده، وإذا مات الرئيس منهم قال أهله لجواريه وغلمانه:
من منكم يموت معه؟ فيقول بعضهم: أنا، فإذا قال ذلك فقد وجب عليه لا يستوي له أن يرجع أبدا، ولو أراد ذلك ما ترك، وأكثر ما يفعل هذا الجواري، فلمّا مات ذلك الرجل الذي قدمت ذكره قالوا لجواريه: من يموت معه؟ فقالت إحداهن:
أنا، فوكلوا بها جاريتين تحفظانها وتكونان معها حيث ما سلكت حتى إنّهما ربّما غسلتا رجليها بأيديهما، وأخذوا في شأنه وقطع الثياب له وإصلاح ما يحتاج إليه والجارية في كل يوم تشرب وتغنّي فارحة مستبشرة، فلمّا كان اليوم الذي يحرق فيه هو والجارية حضرت إلى النهر الذي فيه سفينته فإذا هي قد أخرجت وجعل لها أربعة أركان من خشب الخلنج وغيره وجعل حولها أيضا مثل الأناس الكبار من الخشب ثمّ مدت حتى جعلت على ذلك الخشب وأقبلوا يذهبون ويجيئون ويتكلّمون بكلام لا أفهمه وهو بعد في قبره لم يخرجوه ثمّ جاءوا بسرير فجعلوه على السفينة وغشّوه بالمضرّبات الديباج الرومي والمساند الديباج الرومي ثمّ جاءت امرأة عجوز يقولون لها ملك الموت ففرشت على السرير الذي ذكرناه، وهي وليت خياطته وإصلاحه، وهي تقتل الجواري، ورأيتها حوّاء نيّرة ضخمة مكفهرّة، فلمّا وافوا قبره نحّوا التراب عن الخشب ونحّوا الخشب واستخرجوه في الإزار الذي مات فيه فرأيته قد اسودّ لبرد البلد، وقد كانوا جعلوا معه في قبره نبيذا وفاكهة وطنبورا فأخرجوا جميع ذلك وإذا هو لم يتغير منه شيء غير لونه، فألبسوه سراويل ورانا وخفّا وقرطقا وخفتان ديباج له أزرار ذهب وجعلوا على رأسه قلنسوة من ديباج سمور وحملوه حتى أدخلوه القبة التي على السفينة وأجلسوه على المضرّبة وأسندوه بالمساند وجاءوا بالنبيذ والفواكه والريحان فجعلوه معه وجاءوا بخبز ولحم وبصل فطرحوه بين يديه وجاءوا بكلب فقطعوه نصفين وألقوه في السفينة ثمّ جاءوا بجميع سلاحه فجعلوه إلى جانبه ثمّ أخذوا دابّتين فأجروهما حتى عرقتا ثمّ قطعوهما بالسيوف وألقوا لحمهما في السفينة ثمّ جاءوا ببقرتين فقطعوهما أيضا وألقوهما في السفينة ثمّ أحضروا ديكا ودجاجة فقتلوهما وطرحوهما فيها والجارية التي تقتل ذاهبة وجائية تدخل قبّة قبة من قبابهم فيجامعها واحد واحد، وكلّ واحد يقول لها: قولي لمولاك إنّما فعلت هذا من محبتك، فلمّا كان وقت العصر من يوم الجمعة جاءوا بالجارية إلى شيء عملوه مثل ملبن الباب فوضعت رجلها على أكفّ الرجال وأشرفت على ذلك الملبن وتكلّمت بكلام لها، فأنزلوها ثمّ أصعدوها ثانية ففعلت كفعلها في المرّة الأولى ثمّ أنزلوها وأصعدوها ثالثة ففعلت فعلها في المرّتين ثمّ(3/81)
دفعوا لها دجاجة فقطعت رأسها ورمت به فأخذوا الدجاجة وألقوها في السفينة، فسألت الترجمان عن فعلها فقال: قالت في المرّة الأولى هو ذا أرى أبي وأمّي، وقالت في المرّة الثانية: هو ذا أرى جميع قرابتي الموتى قعودا، وقالت في المرّة الثالثة: هو ذا أرى مولاي قاعدا في الجنة والجنة حسنة خضراء ومعه الرجال والغلمان وهو يدعوني فاذهبوا بي إليه، فمرّوا بها نحو السفينة فنزعت سوارين كانا معها فدفعتهما إلى المرأة العجوز التي تسمى ملك الموت وهي التي تقتلها، ونزعت خلخالين كانا عليها ودفعتهما إلى الجاريتين اللتين كانتا تخدمانها وهما ابنتا المعروفة بملك الموت، ثمّ أصعدوها إلى السفينة ولم يدخلوها إلى القبة وجاء الرجال ومعهم التراس والخشب ودفعوا إليها قدحا من نبيذ فغنّت عليه وشربته، فقال لي الترجمان: إنّها تودّع صواحباتها بذلك، ثمّ دفع إليها قدح آخر فأخذته وطولت الغناء والعجوز تستحثها على شربه والدخول إلى القبة التي فيها مولاها، فرأيتها وقد تبلّدت وأرادت الدخول إلى القبة فأدخلت رأسها بين القبة والسفينة فأخذت العجوز رأسها وأدخلتها القبة ودخلت معها العجوز وأخذ الرجال يضربون بالخشب على التراس لئلا يسمع صوت صياحها فيجزع غيرها من الجواري فلا يطلبن الموت مع مواليهنّ، ثمّ دخل القبّة ستة رجال فجامعوا بأسرهم الجارية ثمّ أضجعوها إلى جنب مولاها الميت وأمسك اثنان رجليها واثنان يديها وجعلت العجوز التي تسمى ملك الموت في عنقها حبلا مخالفا ودفعته إلى اثنين ليجذباه وأقبلت ومعها خنجر عظيم عريض النصل فأقبلت تدخله بين أضلاعها موضعا موضعا وتخرجه والرجلان يخنقانها بالحبل حتى ماتت، ثمّ وافى أقرب الناس إلى ذلك الميت فأخذ خشبة فأشعلها بالنار ثمّ مشى القهقرى نحو قفاه إلى السفينة والخشبة في يده الواحدة ويده الأخرى على استه وهو عريان حتى أحرق ذلك الخشب الذي قد عبوه تحت السفينة من بعد ما وضعوا الجارية التي قتلوها في جنب مولاها، ثمّ وافى الناس بالخشب والحطب ومع كلّ واحد خشبة وقد ألهب رأسها فيلقيها في ذلك الخشب فتأخذ النار في الحطب ثمّ في السفينة ثمّ في القبّة والرجل والجارية وجميع ما فيها، ثمّ هبت ريح عظيمة هائلة فاشتدّ لهب النار واضطرم تسعّرها، وكان إلى جانبي رجل من الروسية فسمعته يكلم الترجمان الذي معه، فسألته عمّا قال له، فقال:
إنّه يقول أنتم معاشر العرب حمقى لأنكم تعمدون إلى أحبّ الناس إليكم وأكرمهم عليكم فتطرحونه في التراب فتأكله الهوام والدود ونحن نحرقه بالنار في لحظة فيدخل الجنة من وقته وساعته، ثمّ ضحك ضحكا مفرطا وقال: من محبة ربّه له قد بعث الريح حتى تأخذه في ساعته، فما مضت على الحقيقة ساعة حتى صارت السفينة والحطب والرجل الميت والجارية رمادا رمددا، ثمّ بنوا على موضع السفينة، وكانوا أخرجوها من النهر، شبيها بالتل المدوّر ونصبوا في وسطه خشبة كبيرة وكتبوا عليها اسم الرجل واسم ملك الروس وانصرفوا، قال:
ومن رسم ملوك الروس أن يكون معه في قصره أربعمائة رجل من صناديد أصحابه وأهل الثقة عنده فهم يموتون بموته ويقتلون دونه، ومع كلّ واحد منهم جارية تخدمه وتغسل رأسه وتصنع له ما يأكل ويشرب وجارية أخرى يطؤها، وهؤلاء الأربعمائة يجلسون تحت سريره، وسريره عظيم مرصّع بنفيس الجواهر، ويجلس معه على السرير أربعون جارية لفراشه، وربّما وطئ الواحدة منهن بحضرة أصحابه(3/82)
الذين ذكرنا، ولا ينزل عن سريره، فإذا أراد قضاء حاجة قضاها في طشت، وإذا أراد الركوب قدموا دابته إلى السرير فركبها منه، وإذا أراد النزول قدم دابّته حتى يكون نزوله عليه، وله خليفة يسوس الجيوش ويواقع الأعداء ويخلفه في رعيته، هذا ما نقلته من رسالة ابن فضلان حرفا حرفا وعليه عهدة ما حكاه، والله أعلم بصحته، وأمّا الآن فالمشهور من دينهم دين النصرانيّة.
رُوسِيس:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، والسين الأولى مهملة، وياء ساكنة: كورة من كور العواصم راكبة البحر بين أنطاكية وطرسوس.
رُوشَانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ شين معجمة:
اسم عين.
رَوْضَتان:
تثنية روضة في شعر كثيّر، والله أعلم بالصواب.
بيان الرياض التي ببلاد العرب
مرتّب ما أضيفت إليه على حروف المعجم، عددها مائة وست وثلاثون روضة، روى أبو عبيد عن الكسائي: استراض الوادي إذا استنقع فيه الماء، قال شمر: وإنّما سميت روضة لاستراضة الماء فيها، وقال غيره: أراض الوادي إراضة إذا استراض الماء فيه أيضا، وأراض الحوض إذا اجتمع فيه الماء، ويقال لذلك الماء روضة، قال الراجز:
وروضة سقيت منها نضوي
ورياض الصّمّان والحزن: في البادية قيعان وسلقان واسعة مطمئنة بين ظهراني قفاف وجلد من الأرض يسيل إليها ماء سيولها فيستريض فيها فتنبت ضروبا من العشب والبقول ولا يسرع إليها الهيج والذّبول، وإذا أعشبت تلك الرياض وتتابع عليها الوسمي ربعت العرب ونعمها جمعاء، وإذا كانت الرياض في أعالي البراق والقفاف فهي السّلقان، واحدها سلق، وإذا كانت في الوطأة فهي الرياض، وفي بعض الرياض حرجات من السدر البرّي، وربّما كانت الروضة واسعة يكون تقديرها ميلا في ميل، فإذا عرضت جدّا فهي قيعان وقيعة، واحدها قاع، وكلّ ما يجتمع في الآخاذ والمساكات والتّناهي فهي روضة عند العرب، هذا قول محمد بن أحمد بن طلحة على ما شاهده في بلاد العرب، وقال النضر بن شميل:
الروضة قاع من أرض فيه جراثيم ورواب، والرابية والجرثومة: سهلتان عرضهما عشرة أذرع أو نحوها وطولهما قليل، وفي سرار الروضة تصوّب على ما حولها، وهي أرض طين وحده يستنقع فيه الماء يتحيّر، يقال: استراض الماء فيها أي تحيّر فيها، وقد تكون الروضة وهدة، وعرضها وطولها سواء، وأصغر الرياض مائة ذراع ونحو ذلك، وليست روضة إلّا لها احتقان، واحتقانها أن جوانبها تشرف على سرارها فذاك احتقانها، وربّ روضة مستوية لا يشرف بعضها على بعض فتلك لا احتقان لها، وكل روض يفرغ إمّا في روض وإمّا في واد أو في قفّ فتلك الأرض أبدا روضة كل زمان كان فيها عشب أو لم يكن، ومن تلك الجراثيم التي في الروضة ما يعلوه الماء ولكن ربّما هضمت عليه الروضة منها، وأما مذانب الروضة، والواحد مذنب، فكهيئة الجدول يسيل عن الروضة ماؤها إلى غيرها فيتفرّق ماؤها فيها، والتي يسيل الماء عليها أيضا مذانب الروضة سواء، وأمّا حدائق الروض فهو ما أعشب منه والتفّ، يقال: روضة بني فلان ما هي إلّا حديقة لا يجوز فيها شيء، وقد أحدقت الروضة عشبا، وإذا لم يكن(3/83)
فيها عشب فهي روضة، فإذا كان فيها عشب ملتف فهي حديقة، وإنّما سموها حديقة من الأرض لأن النبت في غير الروضة متفرّق وهو في الروضة ملتفّ متكاوس فالروضة حينئذ حديقة الأرض وهما حديقة حينئذ، والرياض المجهولة كثيرة جدّا، إنّما نذكر ههنا الأعلام منها وما أضيف إلى قوم أو موضع تجاوره أو واد أو رجل بعينه، واعلم أنّهم يقولون روضة وروضتان ورياض وروضات، كلّ ذلك لضرورة الشعر فاعرفه، والله الموفق للصواب.
رَوْضَةُ آجام:
قال ابن حبيب: هي من جانب ثاقل وروضة الدبوب معها، قال كثيّر:
لعزّة من أيّام ذي الغصن هاجني ... بضاحي قرار الروضتين رسوم
فروضة آجام تهيّج لي البكا، ... وروضات شوطى عهدهن قديم
هي الدار وحشا غير أن قد يحلّها ... ويغنى بها شخص عليّ كريم
رَوْضَةُ آلِيتَ:
بالهمزة المفتوحة ثمّ ألف ساكنة، ولام مكسورة بعدها ياء آخر الحروف، وتاء مثناة من فوق، وزنه فاعيل من ألته إذا نقصه أو من الألت وهو القسم: روضة بالحجاز، ويقال: روضة ألية، وعلى كلتا الروضتين أنشد قول كثير:
وخوص خوامس أوردتها ... قبيل الكواكب وردا ملاثا
من الرّوضتين فجنبي ركيح، ... كلفظ المضلّة حليا مباثا
لوى ظمؤها تحت حرّ النّجو ... م يحبسها كسلا أو عباثا
فلما عصاهنّ خابثنه ... بروضة آليت قصرا خباثا
رَوْضَةُ ابن مَدَى:
في قول الشاعر:
وابن مدى روضاته تأنّس
رَوْضَةُ أُثال:
بضم الهمزة، والثاء مثلثة، وقد ذكر في أثال، وهو علم مرتجل: وهو عدّة مواضع مسمّاة بهذا الاسم ولا أدري إلى أيّها أضيفت الروضة، قال نابغة بني شيبان:
خرجوا أن رأوا مخيلة عشب ... من قصور إلى رياض أثال
رَوْضَةُ الأجاوِلِ:
ذكر اشتقاقه في الأجاول: وهي روضة بنواحي ودّان منازل نصيب، وفيها يقول:
عفا الحبج الأعلى فروض الأجاول، ... فميث الرّبى من بيض ذات الخمائل
رَوْضَةُ الأجْداد:
ببلاد غطفان، وهي جمع جدّ، وهي البئر الجيدة الموضع من الكلإ، قال ابن الأعرابي:
الأجداد حدائق تكون فيها المياه أو آبار ممّا حوت عاد، قال مرداس بن حشيش التغلبي:
إن الدّيار بروضة الأجداد ... عفّت سوار رسمها وغواد
من كلّ سارية وغاد مدجن ... حنق البوارق مونق الرّوّاد
وقال لي الصاحب الوزير الأكرم: أنا رأيتها وهي قريبة من وادي القصيبة قبلي عرض خيبر وشرقي وادي عصر، قال الهيثم بن عدي: خرج عروة الصعاليك العبسي وأصحابه إلى خيبر يمتارون منها فعشّروا وهو أنّهم يرون أنّهم إذا خافوا وباء مدينة وأرادوا دخولها وقفوا على بابها وعشّروا كما تعشّر الحمير، والتعشير: نهاق الحمير، فيرون أنّه يصرف(3/84)
عنهم وباءها، قال: فعشروا خوفا من وباء خيبر وأبى عروة أن يعشر، فقال:
وقالوا أحب وانهق لا تضرّك خيبر، ... وذلك من دين اليهود ولوع
لعمري لئن عشّرت من خشية الرّدى ... نهاق الحمير إنّني لجزوع
فلا وألت تلك النّفوس ولا أتت ... على روضة الأجداد وهي جميع
فكيف وقد ذكّيت واشتدّ جانبي ... سليمى وعندي سامع ومطيع
لسان وسيف صارم وحفيظة، ... ورأي لآراء الرّجال صروع
تخوّفني ريب المنون وقد مضى ... لنا سلف قيس معا وربيع
قال: فدخلوا وامتازوا ورجعوا، فلمّا بلغوا إلى روضة الأجداد ماتوا إلّا عروة، انتهى.
رَوْضَةُ الأجْزال:
بالجيم، والزاي، وآخره لام، قال نابغة بني جعدة:
هل ترى عيرها تطالع من بط ... ن حبّي فروضة الأجزال
هذه رواية الأصمعي، قال: والجزل أن تصيب الغارب دبرة فيخرج منه عظم ويشد حتى يرى مكانه مطمئنّا، وجمع ذلك أجزال، وروى أبو عمرو الشيباني الأجرال وقال: واحدها جرل، وهو ثني الوادي، وقال غيره: واد جرل إذا كان كثير الجرفة، ويروي آخرون الأحزال، بالحاء المهملة والزاي، والحزل: الارتفاع في السير.
رَوْضَةُ أُحَامِرَ:
بضم أوّله، والحاء مهملة، وميم ثمّ راء، وقد ذكر في موضعه: وهو اسم جبل، قال حفص الأموي:
تذكّر ماء الروض روض أحامر، ... فرفّع تحدوه نحائص رشّق
رَوْضَةُ الأحْفار:
بالحاء المهملة الساكنة، والفاء، وآخره راء، كأنّه جمع حفر، قال المخبل السعدي:
غرد تربّع في ربيع ذي ندى، ... بين الصّليب وروضة الأحفار
رَوْضَةُ الأخْرَمَيْن:
في شعر المسيّب بن علس:
ترعى رياض الأخرمين له ... فيها موارد ماؤها غدق
رَوْضَةُ الأدْحال:
الدال ساكنة مهملة، والحاء مهملة، وآخره لام، وقد شرح الدحل في موضعه في الدحائل، قال الجعدي:
أقفرت منهم الأحارب والنّه ... ي وحوضي فروضة الأدحال
رَوْضَةُ الأزْوَرَيْن:
تثنية الأزور، وهو المائل، قال مزاحم العقيلي:
لهنّ على الرّيّان في كلّ صيفة ... فما ضمّ روض الأزورين فصلصل
رَوْضَةُ الأشاءة:
الشين معجمة، وبعد الألف همزة، وهاء، وهو صغار النخل: موضع باليمامة فيما أحسب، قال معن بن أوس:
تجرّ بروضات الأشاءة أرحلا ... رمتها أنابيش السّفا ونواصله
رَوْضَةُ أُعامق:
ذكر أعامق في موضعه، قال عدي ابن الرقاع:
نفشت رياض أعامق حتى إذا ... لم يبق من شمل النّهاء ثميل(3/85)
يقال: نفشت الإبل إذا رعت ليلا، والشمل:
البقية، والنهاء: الغدران، والثميل: ما يبقى من الماء والعلف في جوف الدابة.
رَوْضَةُ الأعراف:
والأعراف ما ارتفع من الرمل:
في بلاد بني عامر، قال لبيد:
هلكت عامر فلم يبق منها ... في رياض الأعراف إلّا الدّيار
غير آل وعنّة وعريس ... زعزعتها الرّياح والأمطار
رَوْضَةُ أَلجام:
بفتح الألف، وسكون اللام، والجيم، ويقال روضة آجام: نحو البقيع، رواه ابن السكيت في قول كثير حيث قال:
فروضة ألجام تهيّج لي البكا، ... وروضات شوطى عهدهنّ قديم
رَوْضَةُ أَمْراش:
قال بعض بني نمير:
بروضة أمراش رمتنا بطرفها ... أناة الضحى كسلى القيام عروب
رَوْضَةُ ألْيَةَ:
بلفظ ألية الحمل، وهي رواية في الروضة التي ذكرت أوّل هذه الرياض في قول كثير:
فلمّا عصاهنّ خابثنه ... بروضة ألية قصرا خباثا
رَوْضَةُ البَرَدَانِ:
وقد ذكرنا البردان في عدّة أمكنة وشرحناه، قال ابن ميادة:
ظلّت بروض البردان تغتسل، ... تشرب منه نهلات وتعلّ
رَوْضَةُ بُصْرَى:
بضم أوّله: وهي قرية بالشام ذكرت في موضعها، قال كثير:
سيأتي أمير المؤمنين ودونه ... صماد من الصّوّان مرّت سيولها
فبيد المنقّى فالمشارف دونه، ... فروضة بصرى أعرضت فنسيلها
ثنائي تؤدّيه إليك ومدحتي ... صهابية الألوان باق ذميلها
رَوْضَةُ بَطن الحريم:
لبني أبي بكر بن كلاب، قال عبد العزيز بن سليمان الكلابي:
تربّع الروض في وحف له أرج، ... بطن الحريم إلى الأستار من شطب
شهري ربيع جميعا ثمّ بعدهما، ... حتى انقضت عدّة الأيّام من رجب
رَوْضَةُ بطنِ خُوَيٍّ:
وقد ذكر خويّ، بضم الخاء المعجمة، في موضعه، قال الطّفيل بن عليّ الحنفي:
فمنعرج الأفهار قفر بسابس، ... فبطن خويّ ما بروضته سفر
رَوْضَةُ بطن عِنانٍ:
بكسر العين، قال المخبل السعدي:
عفا العرض بعدي من سليمى فحائله، ... فبطن عنان روضه فأفاكله
رَوْضَةُ بطن اللّكاكِ:
بكسر اللام، وآخره كاف أخرى: في بلاد بني نمير من بني عامر، قال الراعي النّميري:
إذا هبطت بطن اللّكاك تجاوبت ... به واطّباها روضة وأبارقه
رَوْضَةُ البلاليق:
باليمامة، عن محمد بن إدريس بن أبي حفصة، قال الفرزدق:
وربّ ربيع بالبلاليق قد رعت(3/86)
رَوْضَةُ بُلْبُول:
بتكرير الباء وضمّها واللام وسكون الأولى، وبينهما واو: جبل بالوشم من أرض اليمامة، قال أعشى باهلة:
كأنّ بقاياهم صبيحة غيّهم ... بروضة بلبول نعام مشرّد
رَوْضَةُ بِيشَةَ:
قد ذكرت بيشة في موضعها، قال الحارث بن ظالم:
وحلّ النّعف من قنوين أهلي، ... وحلّت روض بيشة فالرّبابا
رَوْضَةُ تِبْرَاكَ:
بكسر التاء المثناة من فوق، وباء موحدة ساكنة، وآخره كاف: هي من بلاد بني عمرو بن كلاب، قال سفيح بن زائدة الكلابي من بني عمرو بن كلاب:
ونحن حمينا روض تبراك بالقنا ... لنرعى به خيلا عتاقا وجاملا
رَوْضَةُ التَّريكِ:
بفتح التاء، وكسر الراء، وياء آخر الحروف، وكاف: في أسافل بلاد اليمن وهو مفايض، قال أبو الهول الحميري:
فأحبب إلينا بالتّريك وروضه ... وغدرانه اللاتي لنا أصبحت حمى
رَوْضَةُ التّسريرِ:
يجوز أن يكون تفعيلا من السرور أو من السرار: واد في بلادهم، قال الأخزر بن يزيد القشيري:
فإن تهبطي برد الشّريف ولن تري ... بعينيك ما غنّى الحمام الصّوادح
ولا الرّوض بالتّسرير والسّرّ مقبلا ... إذا مجّ في قريانهنّ الأباطح
رَوْضَةُ تَفْسَرّى:
بفتح التاء المثناة من فوقها، وسكون الفاء، وفتح السين المهملة، والراء المشددة، وآخره مقصور، قال شريح بن خليفة:
تدقّ الحصى والمرو دقّا كأنّه ... بروضة تفسرّى سمامة موكب
رَوْضَةُ التّناضُب:
قال الأعشى:
مليكيّة جاورت بالحجا ... ز قوما عداة وأرضا شطيرا
بما قد تربّع روض القطا ... وروض التناضب حتى تصيرا
كبرديّة الغيل وسط الغريف ... إذا ما أتى الماء منه السّريرا
رَوْضَةُ تَوَم:
قال:
يا وقعة بين الرّياض من توم
رَوْضَةُ الثَّلَبُوت:
بالثاء المثلثة مفتوحة، وباء موحدة، وآخره تاء مثناة، وقد ذكر في موضعه: وهو بالحجاز في نواحي الجبلين، قال أحد بني جديلة من طيّء:
فإنّ بجانب الثلبوت روضا ... زرابيّ الربيع به كثير
رَوْضَةُ الثّمد:
في بطن مليحة.
رَوْضَةُ الثُّوَير:
تصغير ثور، قال الحزنبل بن سلامة الكلبي:
فروض الثّوير عن يمين رويّة ... كأن لم تديّره أوانس حور
رَوْضَةُ الجُوَالقيّة:
بأرض اليمامة.
رَوْضَةُ الجَوْف:
وقد ذكر الجوف في موضعه، قال حفص الأموي:
رعى الرّبيع، فلمّا هاج بأرضه، ... وأبصر الرّوض روض الجوف قد نضبا(3/87)
سما إلى غدر قد كان أوطنها ... بالغمر فانقضّ في غاباته جنبا
رَوْضَةُ حَجْرَةِ دَوْس:
دوس قبيلة من الأزد، منها أبو هريرة، ولهم موضع يقال له حجرة دوس، كان بين بني كنانة ودوس فيه وقعة، وهو إلى اليوم يعرف بحجرة دوس، قال ابن وهب الدوسي:
إن تؤت حجرتنا نعقد نواصيها، ... ثمّ نكن كالذي بالأمس يعتدل
تحبّ روضاتنا جدبا وممرعة، ... كما تحبّ إذا ما صحّت الإبل
نحن حفرنا بها حفراء راسية ... في الجاهليّة أعلى حوضها طحل
رَوْضَةُ الحدّاد:
كذا وجدته في كتاب الخالع بالحاء وعندي أنّه الجدّاد، بالجيم والضم، والجدّاد:
صغار الطلح، قال: الحدّاد واد عظيم، قال إياس ابن الأرتّ:
حيّ الجميع بروضة الحدّاد ... من كلّ ذي كرم يزين النادي
رَوْضَةُ الحَزْم:
بفتح الحاء المهملة، وزاي ساكنة، وهو المرتفع من الأرض، ويروى الحزن: وهو ماء لبني أسد، قال مضرّس بن ربعيّ:
تربّعن روض الحزم حتى تعاورت ... سهام السّفا قريانه وظواهره
وقال أبو صخر الهذلي:
لمن الدّيار تلوح كالوشم ... بالجابتين فروضة الحزم
فبرملتي فردي فذي عشر ... فالبيض فالبردان فالرّقم
رَوْضَةُ حَزْن لِيّة وسَيْحان:
ليّة بكسر اللام، وتشديد الياء آخر الحروف، وقد ذكرنا ليّة وسيحان في موضعهما، وقال الأصمعي: الحزن في أرض بني يربوع، قال كعب بن زهير:
تربّعن روض الحزن ما بين ليّة ... وسيحان مستكّا بهنّ حدائقه
رَوْضَةُ الحَزيزِ:
بالحاء المهملة، وزاي مكرّرة وبينهما ياء آخر الحروف: حزيز عكل، قال العكلي أنشده ابن حبيب فقال:
ألا إنّ الحزيز حزيز عكل ... به روض به كلأ وماء
ترى ذبّانه مثل النّشاوى ... إذا ما هاج بينهم الغثاء
رَوْضَةُ حَقْل:
موضع في ديار سليم، قال العباس بن مرداس السلمي:
وما روضة من روض حقل تمتّعت ... عرارا وطبّاقا وبقلا توائما
رَوْضَةُ الحِمَى:
قال محمد بن عبد الله بن عوف السّلامي:
كأن لم تجاورنا رميم ولم تقم ... بروض الحمى إذ أنت بالعيش قانع
رَوْضَةُ حنبل:
ذكرها نصر في قرينة حنبل وقال في ديار بني تميم.
رَوْضَةُ خاخ:
خاء معجمة مكرّرة، ذكر في موضعه، وشاهده:
ولها مربع بروضة خاخ، ... ومصيف بالقصر قصر قباء
رَوْضَةُ خَبْت:
بفتح الخاء المعجمة، والباء الموحدة، وتاء مثناة، ذكر في موضعه، قال الأخطل:(3/88)
فما زال يسقي روض خبت وعرعر ... وأرضهما حتى اطمأنّ جسيمها
وعمّمها بالماء حتى تواضعت ... رؤوس المتان سهلها وحزومها
رَوْضَةُ الخُرْج:
بضم الخاء، وسكون الراء، وجيم:
من نواحي المدينة، قال حصن بن مدلج الخثعمي:
ولم أنس منها نظرة أسرت بها، ... بروضة خرج، قلب صبّ متيّم
رَوْضَةُ الخُرْجَين:
تثنية الذي قبله، ولعلّه الذي هو بعينه، قال: أنشد أبو العباس أحمد ثعلب:
بروضة الخرجين من مهجور ... تربّعت في عازب نضير
ومهجور: ماء بنواحي المدينة.
رَوْضَةُ الخُرّ:
بضم الخاء، وتشديد الراء: في ديار كلب، قال ابن العدّاء الاجداري ثمّ الكلبي:
روضة الخرّ لنا مرتبع ... نرتعي فيها ونروي النّعما
رَوْضَةُ الخَزْرَج:
بلفظ القبيلة من الأنصار: بنواحي المدينة، قال حفص الأموي:
فالمح بطرفك هل ترى أظعانهم ... بالبارقية أو بروض الخزرج؟
رَوْضَةُ الخُضر:
جمع أخضر من الألوان، قال قرّة بن هبيرة يصف ناقة ولها خبر:
حباها رسول الله إذ نزلت به، ... وأمكنها من نائل غير منفذ
فمرّت بروض الخضر وهي حثيثة ... وقد أنجحت حاجاتها من محمّد
رَوْضَةُ الخَيل:
لبني يربوع، بلفظ الخيل التي تركب، قال أبو عمرو بن العلاء: المنجشانيّة على ستة أيّام من البصرة وفوق ذلك روضة الخيل كانت مهارة قيس بن مسعود بن قيس بن خالد الشيباني ذي الجدّين صاحب مسلحة كسرى على الطّفّ ترعى فيها، قال الشمردل بن شريك اليربوعي:
دار الجميع بروضة الخيل اسلمي، ... وسقيت من بحر السّحاب مطيرا
رَوْضَة الدَّبوب:
قال ابن حبيب: روضة آجام وروضة الدّبوب متقاربتان، قال ذلك في قول كثير:
لعزّة من أيّام ذي الغصن هاجني، ... بضاحي قرار الروضتين، رسوم
رَوْضَة دُعْمِيّ:
اسم جبل في بلاد بني عقيل، قاله السكري، وأنشد لطرفة بن العبد:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد، ... تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم، ... يقولون لا تهلك أسى وتجلّد
بروضة دعميّ فأكناف حائل ... ظللت بها أبكي وأبكى إلى الغد
رَوْضَة الزَّبْرَتَين:
لبني أسيد بمفجر وادي الرّمة من التنعيم عن يسار طريق الحاجّ المصعد.
رَوْضَة ذاتِ بَيضٍ:
قال منذر بن درهم:
وروض من رياض ذوات بيض، ... به دهنا مخالطها كثيب
رَوْضَة ذات الحَمَاط:
بالفتح: في نواحي المدينة، أنشد الزبير بن بكار لبعض المدنيين:
وحلّت بروضة ذات الحماط، ... وغدرانها فائضات الجهام(3/89)
رَوْضَة ذات كهف:
حجازية بنواحي المدينة، قال جبلة بن جريس الحلّابي:
وقلت لهم بروضة ذات كهف: ... أقيموا اليوم ليس أوان سير
رَوْضَةُ ذي الغُصْن:
بضم الغين المعجمة، قال الزبير:
هو بنواحي المدينة، ذكره في كتاب العقيق، قال كثير:
لعزّة من أيّام ذي الغصن هاجني، ... بضاحي قرار الروضتين، رسوم
رَوْضَةُ ذي هاشٍ:
بالشين المعجمة، وقد ذكرت في بابها، قال عياض بن نصر المرّي:
بروضة ذي هاش تركنا قتيلهم ... عليه ضباع عكّف ونسور
رَوْضَةُ الرُّباب:
بضم الراء، وقد ذكرت أيضا في بابها، قال رجل من خثعم:
وفارسكم يوم روض الرّباب ... قتيل على جنبه نضخ دم
وقال القتّال:
ميمّمة روض الرّباب على هوى، ... فمنها مغان غمرة فسيالها
وقال الشماخ:
نظرت وسهب من بوانة دوننا، ... وأفيح من روض الرّباب عميق
رَوْضَةُ رَعْم:
في ديار بجيلة، قال شراحيل بن قيس ابن جعّال البجلي:
عفا من سليمى روض رعم فجبجب، ... ففيض أثال فالزّميل فأخرب
رَوْضَةُ الرِّمْثِ:
بكسر أوّله، وآخره ثاء مثلثة، وهو نبت، قال جعدة بن سالم الأزدي:
بروضة الرّمث التي حلّت بها ... شبه الجداية أرشقت تستأنس
رَوْضَةُ رُمْحٍ:
قال جران العود في رواية ابن دريد:
يطفن بغطريف كأنّ حبيبه ... بروضة رمح آخر اللّيل مصحف
رَوْضَةُ الزَّيْديّ:
باليمامة، عن محمد بن إدريس.
رَوْضَةُ ساجِرٍ:
بالجيم: وهو ماء، وقيل موضع، قال أعشى باهلة، وقيل شقيق بن جزء الباهلي:
أقرّ العين ما لاقوا بسلّى، ... وروضة ساجر ذات العرار
وقال أبو الندى: سلّى وساجر روضتان باليمامة لبني عكل، وإيّاها عنى سويد بن كراع:
أشتّ فؤادي من هواه بساجر ... وآخر كوفي هوى متباعد
رَوْضَةُ السِّتَارِ:
بالحجاز جبل معروف، قال نصيب:
فأضحت بروضات السّتار يجوزها ... مشيح عليها خائف يترقّب
رَوْضَةُ السِّخالِ:
بكسر أوّله، والخاء معجمة، وآخره لام: بنواحي اليمامة، قال البعيث بن حريث الحنفي:
لمن طلل بروضات السّخال ... تأبّد كالمهاريق البوالي؟
رَوْضَةُ سَرْبَخ:
بفتح السين المهملة، وسكون الراء، والباء موحدة، والخاء معجمة: ببلاد اليمن، قال رجل من الأزد:
وهل أردنّ الدّهر روضة سربخ، ... وهل أرعين ذودي بمخصبها الأحوى؟(3/90)
رَوْضَةُ السُّقْيا:
بالضم ثمّ السكون والقاف، وياء آخر الحروف، قال أوس بن مغراء السعدي:
عفت روضة السّقيا من الحيّ بعدنا، ... فأوقتها فكتلة فجدودها
فروض القطا بعد التّساكن حقبة ... قفارا كأن لم تلق حيّا يرودها
رَوْضَةُ السُّلّانِ:
بالضم: جبل بإزاء خزاز كانت فيه وقائع للعرب، وقد ذكر في السّلّان بأتمّ من هذا، قال عمرو بن معذي كرب الزبيدي، ويروى للنجاشي الحارثي:
لمن الدّيار بروضة السّلّان، ... فالرقمتين فجانب الصّمّان؟
وقال الأفوه:
وبروضة السّلّان منها مشهد، ... والخيل شاحية وقد عظم الثّبى
رَوْضَةُ سَلْهب:
بدومة الجندل التي بالعراق، قال عاصم بن عمرو يذكر غزوة خالد بن الوليد، رضي الله عنه، بدومة الجندل:
شفى النفس قتلى بين روضة سلهب ... وغرّهم فيما أراد المنجّب
وجدنا لجوديّ بضربة ثائر، ... وللجمع بالسّمّ الذّعاف المقنّب
تركناهم صرعى لخيل تنوبهم، ... تنافسهم فيها سباع المرحّب
رَوْضَةُ السُّوبَان:
بالضم، وبعد الواو الساكنة باء موحدة، وآخره نون، قال العجاج:
بروضة السّوبان ذات العشرق
وهو واد، وقيل: موضع.
رَوْضَةُ سُوَيْس:
في بطن السّليّ من أرض اليمامة.
رَوْضَة السَّهباء:
باليمامة، عن الحفصي، قال: فيها تصبّ أودية اليمامة.
رَوْضَة سَهْب:
بالفتح ثمّ السكون، والباء موحدة، وذكرت في موضعه، قال عقال بن هشام القيني:
يسكّنها طلا برياض سهب ... إذا فزعت وأجمعت النّفارا
رَوْضَة الشُّبيكة:
بضم الشين المعجمة، ويقال روض الشّبيك، وقد ذكر الشبيك في موضعه: من نواحي الجوف بين قراقر وأمرّ شمالي بسيطة.
رَوْضَة الشُّقوق:
باليمامة، عن ابن أبي حفصة.
رَوْضَة شُنْطُب:
بضم الشين المعجمة، والنون، والظاء معجمة، والباء موحدة، قال بعض الرّباب:
تربّعي وارعي بروض شنظب، ... بين المواضي والقنا المعلّب
رَوْضَة شَوطى:
من حرّة بني سليم، قاله ابن حبيب في قول كثير:
فروضة آجام تهيّج لي البكا، ... وروضات شوطى عهدهنّ قديم
رَوْضَة الشَّهْلاء:
بالمد، والشين معجمة، قال أبو زياد الكلابي في نوادره: الشهلاء ماء من مياه بني عمرو بن كلاب، قال عامر بن العضب العمري بن بني عمرو بن كلاب:
سقى جانب الشهلاء فالروضة التي ... به كلّ يوم هاطل الودق وابل
رَوْضَة صايب:
بعد الألف ياء مثناة من تحتها، وآخره باء موحدة، قال الأزدي:(3/91)
ألا ليت شعري هل أقول لعامر، ... على ماء مرخ: قد دنا الصّبح فاركب
وهل أردنّ البئر أو روض صايب، ... وهل أردن ماء الحمى غير مجدب
رَوْضَة ابن صَعْفوق:
من أرض اليمامة.
رَوْضَة الصُّلب:
بالضم، وآخره باء موحدة، قال عريف بن ناشب السعدي:
ليالي ترعى الحزم حزم عنيزة ... إلى الصّلب يندى روضه فهو يأرج
رَوْضَة الصُّها:
على رأس وادي سبخة في شمالي المدينة بينهما ثلاثة أيّام، والصّها: جمع صهوة، وهي أجبال هناك في قلّة كل واحدة بنية قديمة، وربّما سموها رياض الصها.
رَوْضَة ضاحِكٍ:
باليمامة، عن ابن أبي حفصة، قال بعضهم:
ألا حبذا حوذان روضة ضاحك، ... إذا ما تعالى بالنّبات تعاليا
رَوْضَة الطُّنْب:
ببطن السّليّ من أرض اليمامة.
رَوْضَة عُرَيْنَةَ:
بواد من أودية المدينة ممّا كان محمى للخيل في الجاهليّة والإسلام، بأسفلها قلهى، وهي ماء لبني جذيمة بن مالك.
رَوْضَة عُرَيْنات:
بضم أوّله، وفتح الراء ثمّ ياء آخر الحروف ساكنة، ونون، وآخره تاء، جمع تصغير عرنة، وقد ذكر في موضعه، قال المخبل السعدي:
فروض عرينات به كلّ منزل ... كوشم الفزاري ما يكلّم سائله
قال الحزنبل: أراد عرينيات، وقال غيره: روض عرينات في بلاد بني سعد.
رَوْضَة العَزَاز:
بالفتح، وتكرير الزاي: وهو حزن باليمن، قال شاعر من حضرموت:
وباتت على روض العزاز جيادنا ... بألبادها يعلكن صمّ الحدائد
رَوْضَة العَقيق:
بالعقيق، وأنشد الزبير بن بكّار:
عج بنا يا أنيس قبل الشّروق، ... نلتمسها على رياض العقيق
بين أترابها الحسان اللّواتي ... هنّ برء لكلّ قلب مشوق
رَوْضَة عَمايات:
جمع عماية، وقد ذكر في موضعه، قال الراعي:
تهوي بهنّ من الكدريّ ناجية ... بالروض روض عمايات لها ولد
رَوْضَة عَمْق:
بالحجاز، قال مليح الهذلي:
جزعت غداة نشّصت الخدور، ... وجدّ بأهل نائلة البكور
تنادوا بالرّحيل فأمكنتهم ... فحول الشول والقطم الهجير
تربّعت الرّياض رياض عمق ... وحيث تضجّع الهطل الجرور
رَوْضَة العنز:
بلفظ العنز من الشاء، قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:
إلى روضة العنز التي سال سيلها ... عليها من البلقاء والأرعن الحمر
رَوْضَة العَنْك:
قال عمرو بن الأهتم:
قفا نبك من ذكرى حبيب وأطلال ... بذي الرّضم فالرّمانتين فأوعال
إلى حيث حال الميث في كلّ روضة ... من العنك حوّاء المذانب محلال(3/92)
رَوْضَة عُنَيزَةَ:
تصغير الذي قبله، وقد ذكر في موضعه، وأنشدوا لبعضهم:
خليليّ إنّا يوم روض عنيزة ... رأينا الهوى من كلّ جفن ومحجر
رَوْضَة عَوهق:
قال ابن هرمة:
طرقت عليه صحبتي وركابي، ... أهلا بطيف عليّة المنتاب!
طرقت وقد خفق العتوم رحالنا ... بتنوفة يهماء ذات خراب
فكأنّما طرقت بريّا روضة ... من روض عوهق طلّة معشاب
رَوْضَة غسل:
بين النباج واليمامة، عن الحفصي.
رَوْضَة الغُضار:
قال حميد بن ثور:
على طللي جمل وقفت ابن عامر، ... وقد كنت تعلى والمزار قريب
بعلياء من روض الغضار كأنّما ... لها الريم من طول الخلاء نسيب
رَوْضَة الغائط:
غائط بني يزيد فيها نخل باليمامة.
رَوْضَة الفِلاج:
بكسر الفاء، وآخره جيم، قال أبو الندى: تقتد قرية بالحجاز بينها وبين قلهى جبل يقال له أديمة، وبأعلى هذا الوادي رياض تسمّى الفلاج، بالجيم، جامعة للناس أيّام الربيع، وبها مسك كثير لماء السماء يكتفون به صيفهم وربيعهم إذا مطروا، قال أبو وجزة:
فذي حلف فالروض روض فلاجة، ... فأجزاعه من كلّ عيص وغيطل
رَوْضَةُ الفَقِيّ:
باليمامة أيضا.
رَوْضَة الفُورَة:
باليمامة أيضا.
رَوْضَة قُبْلَى:
بضم القاف، وإسكان الباء الموحدة، والقصر: في ديار بني كلب، وقد ذكر في موضعه، قال جوّاس بن القعطل الحنّائي:
تعفّى من جلالة روض قبلي، ... فأقرية الأعنّة فالدّخول
رَوْضَةُ القِذَاف:
بكسر القاف، والذال معجمة، وآخره فاء، قال ذو الرمة:
جاد الرّبيع له روض القذاف إلى ... قوّين وانعدلت عنه الأصاريم
وقال أيضا:
برهبى إلى روض القذاف إلى المعا، ... إلى واحف تزورها ومجالها
رَوْضَةُ قُراقِرٍ:
بضم أوّله، وتكرير القاف والراء:
رياض الجبلين، قال عمرو بن شاس الأسدي:
وأنت تحلّ الروض روض قراقر، ... كعيناء مرباع على جؤذر طفل
رَوْضَة القَطَا:
من أشهر رياض العرب وأكثرها دورا في أشعارهم: وهي بناحية كتلة وجدود، قال الحارث بن حلّزة:
فرياض القطا فأودية الشّر ... بب والشّعبتان والأبلاء
وقال الخطيم العكلي:
وهل أهبطن روض القطا غير خائف، ... وهل أصبحن الدهر وسط بني صخر؟
وقال عمرو بن شاس الأسدي:
غشيت خليلي بين قوّ وضارج ... فروض القطا رسما لأمّ المسيّب
وقال الأخطل:(3/93)
وبالمعرسانيّات حلّ وأرزمت ... بروض القطا منه مطافيل حفّل
وقال أعشى بني تغلب:
عفا لعلع فرياض القطا ... فجنب الأساود من زينب
وقال الأخطل:
عفا واسط من أهله فمذانبه، ... فروض القطا صحراؤه فنصائبه
قال الخالع: فهذا روض القطا وقد وصفته شعراء القبائل على اختلاف أنسابها وباعدوا بين ذكر مواضعه، فمنهم من يصفه أنّه بالحجاز ومنهم من يصفه أنّه بطريق الحجاز ومنهم أنّه بطريق الشام ولا أدري كيف هذا، إلّا أنّي كذا وجدته ولم أجد أحدا ذكر موضعه وبيّنه، ولعل القطا تكثر بالرياض فنسبت إليها، قلت أنا: وجدت في كتاب أبي جعفر محمد بن إدريس بن أبي حفصة في مناهل اليمامة قال فيه: إذا خرجت من حجر تريد البصرة فأوّل ما تطأ السفح ثمّ الخربة ثمّ قارات الحبل ثمّ بطن السّليّ ثمّ طار ثمّ عيّان ثمّ روض القطا ثمّ العرمة، وهذه كلّها من أرض اليمامة.
رَوْضَة القَعْدَات:
قال محمد بن إدريس بن أبي حفصة:
بأسفل الحريم من أرض اليمامة روضة يقال لها القعدات لبني الحارث بن امرئ القيس.
رَوْضَة القَمْعَة:
ذكرها ابن أبي حفصة أيضا: في نواحي اليمامة.
رَوْضَة قَوّ:
وقد ذكر في موضعه، قال أبو الجويرية العبدي:
فسفحا حزرم فرياض قوّ، ... فبولة بعد عهدك فالكلاب
رَوْضَة الكَريّةِ:
قال أبو عذّام بسطام بن شريح الكلبي وهي في بلادهم:
لما توازوا علينا قال صاحبنا: ... روض الكريّة غال الحيّ أو زفر
رَوْضَة الكُلاب:
بضم الكاف، وقد ذكر في موضعه، قال طفيل الغنوي:
فلو كنّا نخافك لم ننلها ... بذي بقر فروضات الكلاب
هذه رواية أبي ليلى، وأبو زيد يروي فروضات الرباب.
رَوْضَة لُقاع:
باليمامة أيضا.
رَوْضَة اللِّكَاكِ:
قال الراعي:
إذا هبطت روض اللّكاك تجاوبت ... به واطّباها روضه وأبارقه
رَوْضَة لَيلَى:
قال أبو قيس بن الأسلت:
إلى روضات ليلى مخصبات ... عواف قد أصات بها الذّباب
عواف: طال عشبها وعفا.
رَوْضَة ماوِيّةَ:
بتشديد الياء آخر الحروف، وأنشد ابن الأعرابي:
فيا روضتي ماويّة ارتبّ فيكما ... على مرّ أيّام الزّمان نبات
رَوْضَة المَثْرِيّ:
بالثاء المثلثة ويروى بالمثناة، وأوّله مفتوح، قال منذر بن درهم الكلبي أنشد أبو النّدى:
سقى روضة المثريّ عنّا وأهلها ... ركام سرى من آخر الليل رادف
أمن حبّ أمّ الأشيمين وحبّها ... فؤادك معمود له أو مقارف؟(3/94)
تمنّيتها حتى تمنّيت أن أرى ... من الوجد كلبا للوكيعين آلف
وكيع بن أبي طفيل الكلبي وابنه.
أقول وما لي حاجة هي تردّني ... سواها بأهل الروض: هل أنت عاطف؟
وهدّت عويد من أمينة نظرة ... على جانب العلياء هل أنا واقف
تقول حنان: ما أتى بك ههنا، ... أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف؟
فقلت: أنا ذو حاجة ومسلّم، ... فضمّ علينا المأزق المتضايف
كأنّه يرجع المجتمع الذي أضيف بعضه على بعض.
رَوْضَة المَخابطِ:
بالفتح، والخاء معجمة، والباء موحدة مكسورة: في نواحي حضرموت، قال أبو شمر الحضرمي:
عفا عن سليمى روضتا ذي المخابط ... إلى ذي العلاقى بين خبت خطايط
رَوْضَة مُخاشِن:
بالخاء المعجمة والشين كذلك، والنون، قال الأخطل:
لها مربع بالروض روض مخاشن، ... ومنزلة لم يبق إلّا طلولها
ويروى: بالثّني ثني مخاشن.
رَوْضَة مُخَطِّطٍ:
بضم الميم، والخاء معجمة، والطاء الأولى مشددة، قال امرؤ القيس:
وقد عمر الرّوضات حول مخطط ... إلى اللّخّ مرأى من سعاد ومسمعا
رَوْضَة المَرَاضِ:
بفتح الميم ويروى بكسرها، وآخره ضاد معجمة، قال الشمّاخ:
وأحمى عليها ابنا يزيد بن مسهر ... رياض المراض كلّ حسي وساجر
الساجر: المسجور وهو المملوء، ويروى ببطن المراض، وقال آخر:
هفا بلبّك من روض المراض هوى ... يهيجه ذكر تبقى به ندبا
رَوْضَة مَرَخٍ:
بالتحريك، وآخره خاء معجمة:
بالمدينة، قال ابن المولى المدني:
هل تذكرين بجنب الروض من مرخ، ... يا أملح النّاس، وعدا شفّني كمدا؟
رَوْضَة مُرْفِقٍ:
بضم الميم، وسكون الراء، والفاء مكسورة، قال رجل من خثعم:
وقد طالعتنا يوم روضة مرفق ... برود الثّنايا بضّة المتجرّد
رَوْضَة المَضْجَع:
بفتح الميم، وسكون الضاد المعجمة، وفتح الجيم: في بلاد أبي بكر بن كلاب، قال بعضهم:
قفا نحيّ روضة بالمضجع ... قد حدّقت بنبتها الموشّع
رَوْضَة مَعْرُوف:
قال سويد بن أبي كاهل:
كأحقب موشيّ القوائم لاحه ... بروضة معروف ليال صوارد
ويروى بوعساء معروف.
رَوْضَة مُلْتَذّ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، والتاء مثناة من فوقها مفتوحة، والذال معجمة، قال عروة بن أذينة:
فروضة ملتذّ فجنبا منيرة ... فوادي العقيق انساح فيهنّ وابله
كل ذلك بنواحي المدينة فيما روي عن الزبير بن بكار.
رَوْضَة مُلَيص:
بالتصغير: موضع في ديار بكر، عن ابن حبيب عن ابن الأعرابي، وأنشد لدرهم بن(3/95)
ناشرة الثعلبي:
بروضة من مليص ساح سائحها ... إلى مذانب أخرى نبتها خضل
رَوْضَة الممالح:
جمع مملحة: في بلاد كلب، قال مكيث بن معاوية الكلبي:
إلى هزمتي ليلى فما سال فيهما ... وروضيهما والروض روض الممالح
رَوْضَة مَنْصَح:
بفتح الميم، وسكون النون، وفتح الصاد المهملة، ووجد بخطّ بعض الفضلاء روضة منضح، بضم الميم والضاد المعجمة، قال: وروضة منضح لبني وكيعة من كندة، وأمّا استشهاد المنصح فقول امرئ القيس بن عابس السّكوني:
ألا ليت شعري هل أرى الورد مرّة ... يطالب سربا موكلا بغرار
أمام رعيل أو بروضة منصح ... أبادر أنعاما وأجل صوار
وهل أشربن كأسا بلذّة شارب ... مشعشعة أو من صريح عقار
إذا ما جرت في العظم خلت دبيبها ... دبيب صغار النّمل وهي سوار
رَوْضَة النَّجُود:
بفتح أوّله، والجيم، قال حابس ابن درهم الكلبي:
ألا قد أرانا والجميع بغبطة ... نفوّز من روض النّجود إلى الرّجل
ويروى نغوّر، وهو أجود.
رَوْضَة النُّخَيلَة:
تصغير نخلة، قال مكيث بن درهم:
فقلّة أرواض النّخيلة عرّيت ... فقيعان ليلى بعدنا فهزومها
رَوْضَة نَسْر:
بنواحي المدينة، قال أبو وجزة السعدي:
بأجماد العقيق إلى مراخ ... فنعف سويقة فرياض نسر
رَوْضَة نُعْمِيّ:
قال النابغة الذبياني:
أشاقك من سعداك مغنى المنازل ... بروضة نعميّ فذات الأجاول؟
رَوْضَة النُّوّار:
بالضم، وتشديد الواو: بنواحي مكّة، قال سديف:
حيّ الدّيار بروضة النّوّار ... بين السراج فمدفع الأغوار
رَوْضَة واحِد:
جبل لكلب، قال منذر بن درهم الكلبي:
لتخرجني عن واحد ورياضه ... إلى عنصلاء بالزّميل وعاسم
رَوْضَة واقِصات:
جمع واقصة، وقد ذكرت، قال الشمّاخ يصف حمار وحش:
وسقن له بروضة واقصات ... سجال الماء في حلق منيع
رَوْضَةُ الوَكيع:
بفتح الواو، وكسر الكاف: موضع في بلاد طيّء، قال ثمامة بن سواد الطائي:
يا حبّذا لذاذة الهجوع ... وهي ترعى روضة الوكيع
مبتقلات خضر الرّبيع ... لا تحوج الرّاعي إلى الترفيع
أي رفعها من موضع إلى موضع آخر. ... وما لها سقي سوى التّشريع
رَوْضَة الهَوَابِجِ:
باليمامة، عن الحفصي.
رُوطَة:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وطاء مهملة:
حصن من أعمال سرقسطة بالأندلس، وهو حصين(3/96)
جدّا على وادي شلون.
الرَّوْعُ:
بلفظ الروع الذي هو الفزع: بلد من نواحي اليمن قرب لحج، وفيه يقول الشاعر:
فما نعمت بلقيس في ملك مأرب ... كما نعمت بالرّوع أمّ جميل
رَوْق:
موضع بنواحي العراق من جهة البادية، قال أبو دؤاد الإيادي:
أقفر الدّير بالأجارع من قو ... مي فروق فرامح فخفيّه
فتلال الملا إلى جرف سندا ... د فقوّ إلى نعاف طميّه
رُوقٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره قاف:
من قرى جرجان.
رَوْلانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
وهو واد من أودية بني سليم، قال عرّام وقد ذكر نواحي المدينة: وهناك واد يقال له ذو رولان لبني سليم به قرى كثيرة تنبت النخل منها قلهى، وهي قرية كبيرة.
رُومَانُ:
فعلان من الرّوم وهو الطلب: موضع في بلاد العرب.
الرُّومَانيّ:
هكذا منسوب: باليمامة أو بالقرب منها.
الرُّومَقَانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وبعد الميم المفتوحة قاف، وآخره نون: طسّوج من طساسيج السواد في سمت الكوفة.
الرُّومُ:
جيل معروف في بلاد واسعة تضاف إليهم فيقال بلاد الروم، واختلفوا في أصل نسبهم فقال قوم: إنّهم من ولد روم بن سماحيق بن هرينان بن علقان بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم، عليه السلام، وقال آخرون: إنّهم من ولد روميل ابن الأصفر بن اليفز بن العيص بن إسحاق، قال عدي ابن زيد العبّادي:
وبنو الأصفر الكرام ملوك ال ... رّوم لم يبق منهم مذكور
وقال ابن الكلبي: ولد لإسحاق بن إبراهيم الخليل، عليهما السلام، يعقوب، وهو إسرائيل، عليه السلام، والعيص، وهو عيصو وهو أكبرهم، وقد ولدا توأمين وإنّما سمّي يعقوب لأنّه خرج من بطن أمّه آخذا بعقب العيص، فولد العيص روم القسطنطينية وملوك الروم، وقال آخرون: سمّي يعقوب لأنّه هو والعيص وقت الولادة تخاصما في الولادة فكلّ أراد الخروج قبل صاحبه وكان إسحاق، عليه السلام، حاضرا وقت الولادة فقال اعقب يا يعقوب، فأمّا الذين هم الروم فهم بنو رومي ابن بزنطي بن يونان بن يافث بن نوح، عليه السلام، وقال أهل الكتاب: إنّما سمّي عيصو بهذا الاسم لأنّه عصى في بطن أمّه وذاك أنّه غلب على الخروج قبله مثل ما ذكرناه وخرج يعقوب على أثره آخذا بعقبه فلذلك سمّي يعقوب، قالوا: وتزوّج عيصو بسمة بنت إسماعيل وكان رجلا أشقر فولدت له الروم، قال الأزهري: الروم جيل ينتمون إلى عيصو بن إسحاق بن إبراهيم، عليهم السلام، وقال الجوهري:
الروم من ولد روم بن عيص، يقال: روميّ وروم كما يقال زنجيّ وزنج، فليس بين الواحد والجمع إلّا الياء المشددة كما قالوا تمرة وتمر فلم يكن بين الواحد والجمع إلّا الهاء، وقال ابن الكلبي عن أبي يعقوب التّدمري: إنّما سميت الروم لأنّهم كانوا سبعة راموا فتح دمشق ففتحوها وقتلوا أهلها وكان سكانها سكرة للعازر بن نمرود بن كوش بن حام بن نوح،(3/97)
عليه السلام، والسّكرة الفعلة، واسم السبعة:
لوطان وشوبال وصيفون وغاود وبشور وآصر وريضان، ثمّ جعلوا يتقدمون حتى انتهوا إلى أنطاكية ثمّ جاءت بنو العيص فأجلوهم عمّا افتتحوا وسكنوه حتى انتهوا إلى القسطنطينيّة فسكونها فسموا الروم بما راموا من فتح هذه الكور، وبنى القسطنطينيّة ملك من بني العيص يقال له بزنطي، ويقال:
سميت الروم بروم بن بزنطي، وعندي أنّهم إنّما سمّوا بني الأصفر لشقرتهم لأن الشقرة إذا أفرطت صارت صفرة صافية، وقيل: إن عيصو كان أصفر لمرض كان ملازما له، وقال جرير بن الخطفى الشاعر اليربوعي يفتخر على اليمن بالفرس والروم ويقول إنّهم من ولد إسحاق:
وأبناء إسحاق اللّيوث إذا ارتدوا ... حمائل موت لابسين السّنورا
إذا افتخروا عدّوا الصبهبذ منهم ... وكسرى وعدّوا الهرمزان وقيصرا
وكان كتاب فيهم ونبوّة، ... وكانوا بإصطخر الملوك وتسترا
أبونا أبو إسحاق يجمع بيننا، ... وقد كان مهديّا نبيّا مطهّرا
ويعقوب منّا، زاده الله حكمة، ... وكان ابن يعقوب أمينا مصوّرا
فيجمعنا والغرّ أبناء سارة ... أب لا نبالي بعده من تعذّرا
أبونا خليل الله، والله ربّنا، ... رضينا بما أعطى الإله وقدّرا
بنى قبلة الله التي يهتدى بها، ... فأورثنا عزّا وملكا معمّرا
وأمّا حدود الروم فمشارقهم وشمالهم الترك والخزر ورسّ، وهم الروس، وجنوبهم الشام والإسكندرية ومغاربهم البحر والأندلس، وكانت الرّقّة والشامات كلّها تعدّ في حدود الروم أيّام الأكاسرة، وكانت دار الملك أنطاكية إلى أن نفاهم المسلمون إلى أقصى بلادهم، قال أحمد بن محمد الهمذاني: وجميع أعمال الروم التي تعرف وتسمى وتأتينا أخبارها على الصحة أربعة عشر عملا، منها ثلاثة خلف الخليج وأحد عشر دونه، فالأوّل من الثلاثة التي خلف الخليج يسمّى طلايا وهو بلد القسطنطينيّة، وحدّه من جهة المشرق الخليج الآخذ من بحر الخزر إلى بحر الشام، ومن القبلة بحر الشام، ومن المغرب سور ممدود من بحر الشام إلى بحر الخزر ويسمّى مقرن تيخس، وتفسيره السور الطويل، وطوله مسيرة أربعة أيّام، وهو من القسطنطينيّة على مسيرة مرحلتين، وأكثر هذا البلد ضياع للملك والبطارقة ومروج لمواشيهم ودوابّهم، وفي أخبار بلاد الروم أسماء عجزت عن تحقيقها وضبطها فليعذر الناظر في كتابي هذا، ومن كان عنده أهلية ومعرفة وقتل شيئا منها علما فقد أذنت له في إصلاحه مأجورا، ومن وراء هذا العمل عمل تراقية، وحدّه من وجه المشرق هذا السور الطويل، ومن القبلة عمل مقدونية، ومن المغرب بلاد برجان مسيرة خمسة عشر يوما، وعرضه من بحر الخزر إلى حدّ عمل مقدونية مسيرة ثلاثة أيّام، ومنزل الاصطرطغوس الوالي حصن يسمى أرقدة على سبع مراحل من القسطنطينيّة، وجنده خمسة آلاف، ثمّ عمل مقدونية، وحدّه من المشرق السور الطويل، ومن القبلة بحر الشام، ومن المغرب بلاد الصقالبة، ومن ظهر القبلة بلاد برجان، وعرضه مسيرة خمسة أيّام، ومنزل الاصطرطغوس، يعني(3/98)
الوالي، حصن يسمى بابدس، وجنده خمسة آلاف، فهذه الثلاثة بلدان التي خلف الخليج ومن دون الخليج أحد عشر عملا، فأوّلها ممّا يلي بحر الخزر إلى خليج القسطنطينيّة عمل أفلاجونية، وأوّل حدوده على الانطماط والثاني بحر الخزر والثالث على الأرمنياق والرابع على البقلار، ومنزل الاصطرطغوس ايلاي، وهو رستاق وقرية تدعى نيقوس، وله منزل آخر يسمّى سواس، وجنده خمسة آلاف، وإلى جانبه عمل الانطماط، وحده الأوّل الخليج، وجنده أربعة آلاف، وأهل هذا العمل مخصوصون بخدمة الملك وليسوا بأهل حرب، وإلى جانبه عمل الأبسيق، وحده الأول الخليج والثاني الانطماط والثالث عمل الناطلقوس والرابع عمل ترقسيس، ومنزل الاصطرطغوس حصن بطنة، وجنده ستة آلاف، وإلى جانبه عمل ترقسيس، وحده الأوّل الخليج والثاني الابسيق والثالث عمل الناطلقوس والرابع بحر الشام، ومنزل الاصطرطغوس في حصن الوارثون، واسمه قانيوس، والوارثون: اسم البلد، وجنده عشرة آلاف، وإلى جانبه عمل الناطلقوس وتفسيره المشرق، وهو أكبر أعمال الروم، وحدّه الأوّل الأبسيق والترقسيس والثاني عمل البقلار، ومنزل الاصطرطغوس مرج الشحم، وجنده خمسة عشر ألفا ومعه ثلاثة طرموخين، وفي هذا العمل عمّورية، وهي الآن خراب، وبليس ومنبج ومرعش، وهو حصن برغوث، وإلى جانبه من ناحية البحر عمل سلوقية، وحده الأوّل بحر الشام والثاني عمل ترقسيس والثالث عمل الناطلقوس والرابع دروب طرسوس من ناحية قلمية واللامس، واسم صاحب هذا العمل كيليرج، ومرتبته دون مرتبة الاصطرطغوس، وتفسيره صاحب الدروب، وقيل: تفسيره وجه الملك، ومنزله سلوقية إلى أنطاكية ثمّ يتصل به عمل القباذق، وحده الأوّل جبال طرسوس وأذنة والمصيصة والثاني عمل سلوقية والثالث عمل طلغوس والرابع عمل السملار وخرشنة، ومنزل الكيليرج حصن قره، وجنده أربعة آلاف، وفيه حصون كثيرة قويّة، ومن بلاده قورية أو قونية وملقونية وجرديلية وغير ذلك، ويتصل به عمل خرشنة، وحده الأوّل عمل القيار والثاني درب ملطية والثالث عمل الارمنياق والرابع عمل البقلار، ومنزل الكيليرج حصن خرشنة، وجنده أربعة آلاف، وفيه من الحصون خرشنة وصارخة ورمحسو وباروقطة وماكثيرى ثمّ يتصل به عمل البقلار، وحده الأوّل عمل الناطلقوس والثاني القباذق وخرشنة والثالث عمل الارمنياق والرابع عمل أفلاجونية، ومنزل الاصطرطغوس أنقرة التي بها قبر امرئ القيس، وقد ذكر في موضعه، وجندها ثمانية آلاف، ومع صاحبها طرموخان، وفيه حصون وعدّة بلاد ثمّ يتصل به عمل الأرمنياق، وحده الأوّل عمل أفلاجونية والثاني عمل البقلار والثالث خرشنة والرابع جلدية وبحر الخزر، ومنزل الاصطرطغوس حصن أماسية، وجنده تسعة آلاف ومعه ثلاثة طرموخين، وفيه عدّة بلاد وحصون ثمّ يتصل به عمل جلدية، وحدّه الأوّل بلاد أرمينية، وأهله مخالفون للروم متاخمون لأرمينية، والثاني بحر الخزر والثالث عمل الارمنياق والرابع أيضا عمل الارمنياق، ومنزل الاصطرطغوس اقريطة، وجنده عشرة آلاف ومعه طرموخان، وفيه بلاد وحصون، قال الهمذاني: فهذه جميع أعمال الروم المعلومة لنا في البرّ على كلّ عمل منها وال من قبل الملك الذي يسمى الاصطرطغوس إلّا صاحب الأنماط فإنّه يسمى الدمستق، وصاحب سلوقية وصاحب خرشنة فإن(3/99)
كلّ واحد منهما يسمّى الكيليرج، وعلى كل حصن من حصون الروم رجل ثابت فيه يسمّى برقليس يحكم بين أهله، قلت أنا: وهذا فيما أحسب رسوم وأسماء كانت قديما ولا أظنّها باقية الآن وقد تغيرت أسماء البلاد وأسماء تلك القواعد، فإن الذي نعرف اليوم من بلاد الروم المشهورة في أيدي المسلمين والنصارى لم يذكر منها شيء مثل قونية وأقصرى وأنطاكية وأطرابزندة وسيواس إلى غير ذلك من مشهور بلادهم، وإنّما ذكرت كما ذكر، والله أعلم، وقال بعض الجلساء: سمعت المعتز بالله يقول لأحمد ابن إسرائيل: يا أحمد كم خراج الروم؟ فقال: يا أمير المؤمنين خرجنا مع جدك المعتصم في غزاته فلمّا توسط بلد الروم صار إلينا بسيل الخرشني وكان على خراج الروم فسأله محمد بن عبد الملك عن مبلغ خراج بلدهم فقال خمسمائة قنطار وكذا وكذا قنطارا، فقال: حسبنا ذلك فإذا هو أقل من ثلاثة آلاف ألف دينار، فقال المعتصم: اكتب إلى ملك الروم أني سألت صاحبك عن خراج أرضك فذكر أنّه كذا وكذا وأخسّ ناحية في مملكتي خراجها أكثر من خراج أرضك فكيف تنابذني وهذا خراج أرضك! قال: فضحك المعتز وقال: من يلومني على حبّ أحمد بن إسرائيل؟ ما سألته عن شيء إلّا أجابني بقصته، وينسب إلى الروم وصيف بن عبد الله الرومي أبو عليّ الحافظ الأنطاكي الأشروسني، قال الحافظ أبو القاسم: قدم دمشق وحدث بها عن أبي يعقوب إسحاق بن العنبر الفارسي وعليّ بن سرّاج وسهل بن صالح وأحمد بن حرب الموصلي ومحفوظ بن بحر وأبي عليّ الحسن بن عبد الرحمن الجروي وسليمان بن عبد الله بن محمد ومحمد بن عبد الله القردواني الحرّاني وعبد الله بن محمد بن سعيد الحراني ومحمد بن عليّ الأفطح وعبد الحميد بن محمد بن المستام وإبراهيم ابن محمد بن إسحاق وعليّ بن بكار المصيصي، روى عنه أبو زرعة وأبو بكر ابنا أبي دجانة وأبو عليّ بن آدم الفزاري وأبو محمد الحسن بن سليمان بن داود بن بنوس البعلبكّي وأبو عليّ الحسن بن منير التنوخي وأبو عبد الله بن مروان وأبو أحمد بن عدي وأبو سعيد بن عبد الله الأعرابي وأبو الحسن بن جوصا وسليمان الطبراني وأبو مروان عبد الملك بن محمد بن عمر الطحان وأبو القاسم حمزة بن محمد بن عليّ الكناني الحافظ وأبو جعفر محمد بن أبي الحسن اليقطيني.
رُومِيَةُ:
بتخفيف الياء من تحتها نقطتان، كذا قيّده الثقات، قال الأصمعي: وهو مثل أنطاكية وأفامية ونيقية وسلوقية وملطية، وهو كثير في كلام الروم وبلادهم، وهما روميتان: إحداهما بالروم والأخرى بالمدائن بنيت وسمّيت باسم ملك، فأمّا التي في بلاد الروم فهي مدينة رياسة الروم وعلمهم، قال بعضهم: هي مسماة باسم رومي بن لنطي بن يونان بن يافث بن نوح، عليه السلام، وذكر بعضهم: إنّما سمّي الروم روما لإضافتهم إلى مدينة رومية واسمها رومانس بالروميّة، فعرّب هذا الاسم فسمّي من كان بها روميّا، وهي شمالي وغربي القسطنطينيّة بينهما مسيرة خمسين يوما أو أكثر، وهي اليوم بيد الأفرنج، وملكها يقال له ملك ألمان، وبها يسكن البابا الذي تطيعه الفرنجية، وهو لهم بمنزلة الإمام، متى خالفه أحد منهم كان عندهم عاصيا مخطئا يستحق النفي والطرد والقتل، يحرّم عليهم نساءهم وغسلهم وأكلهم وشربهم فلا يمكن أحدا منهم مخالفته، وذكر بطليموس في كتاب الملحمة قال: مدينة رومية طولها خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، وعرضها إحدى وأربعون درجة وخمسون دقيقة، في(3/100)
الإقليم الخامس، طالعها عشرون درجة من برج العقرب تحت سبع عشرة درجة من برج السرطان، يقابلها مثلها من برج الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، لها شركة في كفّ الجذماء، حولها كل نحو عامر، وفيها جاءت الرواية من كلّ فيلسوف وحكيم، وفيها قامت الأعلام والنجوم، وقد روي عن جبير بن مطعم أنّه قال: لولا أصوات أهل رومية وضجّهم لسمع الناس صليل الشمس حيث تطلع وحيث تغرب، ورومية من عجائب الدنيا بناء وعظما وكثرة خلق وأنا من قبل أن آخذ في ذكرها أبرأ إلى الناظر في كتابي هذا ممّا أحكيه من أمرها، فإنّها عظيمة جدّا خارجة عن العادة مستحيل وقوع مثلها، ولكني رأيت جماعة ممّن اشتهروا برواية العلم قد ذكروا ما نحن حاكوه فاتبعناهم في الرواية، والله أعلم، روي عن ابن عباس، رضي الله عنه، أنّه قال: حلية بيت المقدس أهبطت من الجنة فأصابتها الروم فانطلقت بها إلى مدينة لهم يقال لها رومية، قال: وكان الراكب يسير بضوء ذلك الحلي مسيرة خمس ليال، وقال رجل من آل أبي موسى: أخبرني رجل يهودي قال:
دخلت رومية وإن سوق الطير فيها فرسخ، وقال مجاهد: في بلد الروم مدينة يقال لها رومية فيها ستمائة ألف حمّام، وقال الوليد بن مسلم الدمشقي:
أخبرني رجل من التجار قال: ركبنا البحر وألقتنا السفينة إلى ساحل رومية فأرسلنا إليهم إنّا إيّاكم أردنا، فأرسلوا إلينا رسولا، فخرجنا معه نريدها فعلونا جبلا في الطريق فإذا بشيء أخضر كهيئة اللّجّ فكبّرنا فقال لنا الرسول: لم كبّرتم؟ قلنا:
هذا البحر ومن سبيلنا أن نكبّر إذا رأيناه، فضحك وقال: هذه سقوف رومية وهي كلّها مرصّصة، قال: فلمّا انتهينا إلى المدينة إذا استدارتها أربعون ميلا في كلّ ميل منها باب مفتوح، قال: فانتهينا إلى أوّل باب وإذا سوق البياطرة وما أشبهه ثمّ صعدنا درجا فإذا سوق الصيارفة والبزّازين ثمّ دخلنا المدينة فإذا في وسطها برج عظيم واسع في أحد جانبيه كنيسة قد استقبل بمحرابها المغرب وببابها المشرق، وفي وسط البرج بركة مبلّطة بالنحاس يخرج منها ماء المدينة كلّه، وفي وسطها عمود من حجارة عليه صورة رجل من حجارة، قال: فسألت بعض أهلها فقلت ما هذا؟ فقال: إن الذي بنى هذه المدينة قال لأهلها لا تخافوا على مدينتكم حتى يأتيكم قوم على هذه الصفة فهم الذين يفتحونها، وذكر بعض الرهبان ممن دخلها وأقام بها أن طولها ثمانية وعشرون ميلا في ثلاثة وعشرين ميلا، ولها ثلاثة أبواب من ذهب، فمن باب الذهب الذي في شرقيّها إلى البابين الآخرين ثلاثة وعشرون ميلا، ولها ثلاثة جوانب في البحر والرابع في البرّ، والباب الأوّل الشرقيّ والآخر الغربي والآخر اليمني، ولها سبعة أبواب أخر سوى هذه الثلاثة الأبواب من نحاس مذهّب، ولها حائطان من حجارة رخام وفضاء طوله مائتا ذراع بين الحائطين، وعرض السور الخارج ثمانية عشر ذراعا، وارتفاعه اثنان وستون ذراعا، وبين السورين نهر ماؤه عذب يدور في جميع المدينة ويدخل دورهم مطبق بدفوف النحاس كلّ دفّة منها ستة وأربعون ذراعا، وعدد الدفوف مائتان وأربعون ألف دفة، وهذا كلّه من نحاس، وعمود النهر ثلاثة وتسعون ذراعا في عرض ثلاثة وأربعين ذراعا، فكلّما همّ بهم عدوّ وأتاهم رفعت تلك الدفوف فيصير بين السورين بحر لا يرام، وفيما بين أبواب الذهب إلى باب الملك اثنا عشر ميلا وسوق مادّ من شرقيّها إلى غربيّها بأساطين النحاس(3/101)
مسقّف بالنحاس وفوقه سوق آخر، وفي الجميع التجار، وبين يدي هذا السور سوق آخر على اعمدة نحاس كل عمود منها ثلاثون ذراعا، وبين هذه الأعمدة نقيرة من نحاس في طول السوق من أوّله إلى آخره فيه لسان يجري من البحر فتجيء السفينة في هذا النقير وفيها الأمتعة حتى تجتاز في السوق بين يدي التجار فتقف على تاجر تاجر فيبتاع منها ما يريد ثمّ ترجع إلى البحر، وفي داخل المدينة كنيسة مبنية على اسم ماربطرس وماربولس الحواريين، وهما مدفونان فيها، وطول هذه الكنيسة ألف ذراع في خمسمائة ذراع في سمك مائتي ذراع، وفيها ثلاث باسليقات بقناطر نحاس، وفيها أيضا كنيسة بنيت باسم اصطفانوس رأس الشهداء، طولها ستمائة ذراع في عرض ثلاثمائة ذراع في سمك مائة وخمسين ذراعا، وثلاث باسليقات بقناطرها وأركانها، وسقوف هذه الكنيسة وحيطانها وأرضها وأبوابها وكواها كلّها وجميع ما فيها كأنّه حجر واحد، وفي المدينة كنائس كثيرة، منها أربع وعشرون كنيسة للخاصة، وفيها كنائس لا تحصى للعامّة، وفي المدينة عشرة آلاف دير للرجال والنساء، وحول سورها ثلاثون ألف عمود للرهبان، وفيها اثنا عشر ألف زقاق يجري في كل زقاق منها نهران واحد للشرب والآخر للحشوش، وفيها اثنا عشر ألف سوق، في كلّ سوق قناة ماء عذب، وأسواقها كلّها مفروشة بالرخام الأبيض منصوبة على أعمدة النحاس مطبقة بدفوف النحاس، وفيها عشرون ألف سوق بعد هذه الأسواق صغار، وفيها ستمائة ألف وستون ألف حمّام، وليس يباع في هذه المدينة ولا يشترى من ستّ ساعات من يوم السبت حتى تغرب الشمس من يوم الأحد، وفيها مجامع لمن يلتمس صنوف العلم من الطبّ والنجوم وغير ذلك يقال إنّها مائة وعشرون موضعا، وفيها كنيسة تسمّى كنيسة الأمم إلى جانبها قصر الملك، وتسمّى هذه الكنيسة صهيون بصهيون بيت المقدس، طولها فرسخ في فرسخ في سمك مائتي ذراع، ومساحة هيكلها ستة أجربة، والمذبح الذي يقدّس عليه القربان من زبرجد أخضر طوله عشرون ذراعا في عرض عشرة أذرع يحمله عشرون تمثالا من ذهب طول كل تمثال ثلاثة أذرع أعينها يواقيت حمر، وإذا قرّب على هذا المذبح قربان في الأعياد لا يطفأ إلّا يصاب، وفي رومية من الثياب الفاخرة ما يليق به، وفي الكنيسة ألف ومائتا أسطوانة من المرمر الملمّع ومثلها من النحاس المذهب طول كلّ أسطوانة خمسون ذراعا، وفي الهيكل ألف وأربعمائة وأربعون أسطوانة طول كلّ أسطوانة ستون ذراعا لكل أسطوانة رجل معروف من الأساقفة، وفي الكنيسة ألف ومائتا باب كبار من النحاس الأصفر المفرّغ وأربعون بابا كبارا من ذهب سوى أبواب الآبنوس والعاج وغير ذلك، وفيها ألف باسليق طول كل باسليق أربعمائة وثمانية وعشرون ذراعا في عرض أربعين ذراعا، لكل باسليق أربعمائة وأربعون عمودا من رخام مختلف ألوانه، طول كل واحد ستة وثلاثون ذراعا، وفيها أربعمائة قنطرة تحمل كلّ قنطرة عشرون عمودا من رخام، وفيها مائة ألف وثلاثون ألف سلسلة ذهب معلّقة في السقف ببكر ذهب تعلّق فيها القناديل سوى القناديل التي تسرج يوم الأحد، وهذه القناديل تسرج يوم أعيادهم وبعض مواسمهم، وفيها الأساقفة ستمائة وثمانية عشر أسقفا، ومن الكهنة والشمامسة ممن يجري عليه الرزق من الكنيسة دون غيرهم خمسون ألفا، كلما مات واحد أقاموا مكانه آخر، وفي المدينة كنيسة الملك وفيها خزائنه التي فيها أواني الذهب والفضة مما قد جعل للمذبح، وفيها عشرة(3/102)
آلاف جرّة ذهب يقال لها الميزان وعشرة آلاف خوان ذهب وعشرة آلاف كأس وعشرة آلاف مروحة ذهب ومن المنائر التي تدار حول المذبح سبعمائة منارة كلها ذهب، وفيها من الصلبان التي تخرج يوم الشعانين ثلاثون ألف صليب ذهب ومن صلبان الحديد والنحاس المنقوشة المموّهة بالذهب ما لا يحصى ومن المقطوريّات عشرون ألف مقطوريّة، وفيها ألف مقطرة من ذهب يمشون بها أمام القرابين، ومن المصاحف الذهب والفضة عشرة آلاف مصحف، وللبيعة وحدها سبعة آلاف حمّام سوى غير ذلك من المستغلّات، ومجلس الملك المعروف بالبلاط تكون مساحته مائة جريب وخمسين جريبا، والإيوان الذي فيه مائة ذراع في خمسين ذراعا ملبّس كلّه ذهبا وقد مثّل في هذه الكنيسة مثال كلّ نبيّ منذ آدم، عليه السلام، إلى عيسى ابن مريم، عليه السلام، لا يشكّ الناظر إليهم أنّهم أحياء، وفيها ثلاثة آلاف باب نحاس مموّه بالذهب، وحول مجلس الملك مائة عمود مموّهة بالذهب على كل واحد منها صنم من نحاس مفرّغ في يد كلّ صنم جرس مكتوب عليه ذكر أمّة من الأمم وجميعها طلسمات، فإذا همّ بغزوها ملك من الملوك تحرّك ذلك الصنم وحرّك الجرس الذي في يده فيعلمون أن ملك تلك الأمة يريدهم فيأخذون حذرهم، وحول الكنيسة حائطان من حجارة طولهما فرسخ وارتفاع كل واحد منهما مائة ذراع وعشرون ذراعا لهما أربعة أبواب، وبين يدي الكنيسة صحن يكون خمسة أميال في مثلها في وسطه عمود من نحاس ارتفاعه خمسون ذراعا، وهذا كله قطعة واحدة مفرّغة، وفوقه تمثال طائر يقال له السوداني من ذهب على صدره نقش طلسم وفي منقاره مثال زيتونة وفي كلّ واحدة من رجليه مثال ذلك، فإذا كان أوان الزيتون لم يبق طائر في الأرض إلّا وأتى وفي منقاره زيتونة وفي كل واحدة من رجليه زيتونة حتى يطرح ذلك على رأس الطلسم، فزيت أهل رومية وزيتونهم من ذلك، وهذا الطلسم عمله لهم بليناس صاحب الطلسمات، وهذا الصحن عليه أمناء وحفظة من قبل الملك وأبوابه مختومة، فإذا امتلأ وذهب أوان الزيتون اجتمع الأمناء فعصروه فيعطى الملك والبطارقة ومن يجري مجراهم قسطهم من الزيت ويجعل الباقي للقناديل التي للبيع، وهذه القصة، أعني قصة السوداني، مشهورة قلّما رأيت كتابا تذكر فيه عجائب البلاد إلّا وقد ذكرت فيه، وقد روي عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أنّه قال: من عجائب الدنيا شجرة برومية من نحاس عليها صورة سودانية في منقارها زيتونة فإذا كان أوان الزيتون صفرت فوق الشجرة فيوافي كل طائر في الأرض من جنسها بثلاث زيتونات في منقاره ورجليه حتى يلقي ذلك على تلك الشجرة فيعصر أهل رومية ما يكفيهم لقناديل بيعتهم وأكلهم لجميع الحول، وفي بعض كنائسهم نهر يدخل من خارج المدينة، في هذا النهر من الضفادع والسلاحف والسراطين أمر عظيم، فعلى الموضع الذي يدخل منه الكنيسة صورة صنم من حجارة وفي يده حديدة معقفة كأنّه يريد أن يتناول بها شيئا من الماء، فإذا انتهت إليه هذه الدوابّ المؤذية رجعت مصاعدة ولم يدخل الكنيسة منها شيء البتة، قال المؤلف: جميع ما ذكرته ههنا من صفة هذه المدينة هو من كتاب أحمد بن محمد الهمذاني المعروف بابن الفقيه وليس في القصة شيء أصعب من كون مدينة تكون على هذه الصفة من العظم على أن ضياعها إلى مسيرة أشهر لا تقوم مزدرعاتها بميرة أهلها، وعلى ذلك فقد حكى جماعة من بغداد أنّها كانت من العظم والسعة وكثرة الخلق والحمّامات(3/103)
ما يقارب هذا وإنّما يشكل فيه أن القارئ لهذا لم ير مثله، والله أعلم، فأمّا أنا فهذا عذري على أنني لم أنقل جميع ما ذكر وإنّما اختصرت البعض.
رُومَةُ:
بضم الراء، وسكون الواو: أرض بالمدينة بين الجرف وزغابة نزلها المشركون عام الخندق، وفيها بئر رومة، اسم بئر ابتاعها عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وتصدّق بها، وقد أشبع القول فيها في البئر.
رَوْنَاتُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ونون، وآخره تاء مثناة من فوق: موضع في شعر ابن مناذر.
رُونَاش:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، ونون، وآخره شين معجمة، وقيل بالسين المهملة، قصر روناش:
من كور الأهواز، والله أعلم.
رُؤيَا:
بلفظ الرؤيا من المنام: اسم موضع.
رُويَانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: مدينة كبيرة من جبال طبرستان وكورة واسعة، وهي أكبر مدينة في الجبال هناك، قالوا: أكبر مدن سهل طبرستان آمل وأكبر مدن جبالها رويان، ورويان في الإقليم الرابع، طولها ست وسبعون درجة وخمس وثلاثون دقيقة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق، وبين جيلان ورويان اثنا عشر فرسخا، وقد ذكر بعضهم أن رويان ليست من طبرستان وإنّما هي ولاية برأسها مفردة واسعة محيط بها جبال عظيمة وممالك كثيرة وأنهار مطّردة وبساتين متّسعة وعمارات متصلة، وكانت فيما مضى من مملكة الديلم فافتتحها عمرو بن العلاء صاحب الجوسق بالرّي وبنى فيها مدينة وجعل لها منبرا، وفيما بين جبال الرويان والديلم رساتيق وقرى، يخرج من القرية ما بين الأربعمائة رجل إلى الألف ويخرج من جميعها أكثر من خمسين ألف مقاتل، وخراجها على ما وظف عليها الرشيد أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم، وفي بلاد الرويان مدينة يقال لها كجّة بها مستقر الوالي، وجبال الرويان متصلة بجبال الريّ وضياعها ومدخلها ممّا يلي الري، وأوّل من افتتحها سعيد بن العاصي في سنة 29 أو 30 وهو والي الكوفة لعثمان سار إليها فافتتحها، وقد نسب إلى هذا الموضع طائفة من العلماء، منهم:
أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد الروياني الطبري القاضي الإمام أحد أئمة الشافعية ووجوه أهل عصره ورؤوس الفقهاء في أيّامه بيانا وإتقانا، وكان نظام الملك عليّ بن إسحاق يكرمه، تفقه على أبي عبد الله محمد بن بيان الفقيه الكازروني وصنف كتبا كثيرة، منها: كتاب التجربة وكتاب الشافي، وصنف في الفقه كتابا كبيرا عظيما سماه البحر، رأيت جماعة من فقهاء خراسان يفضلونه على كل ما صنف في مذهب الشافعي، وسمع الحديث من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي ومن شيخه ابن بيان الكازروني، روى عنه زاهر بن طاهر الشحامي وإسمعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني وغيرهما، وقتل بسبب التعصب شهيدا في مسجد الجامع بآمل طبرستان في محرم سنة 501 وقيل سنة 502، عن السلفي، ومولده سنة 415، وعبد الكريم بن شريح بن عبد الكريم بن أحمد بن محمد الروياني الطبري أبو معمر قاضي آمل طبرستان، إمام فاضل مناظر فقيه حسن الكلام، ورد نيسابور فأقام بها مدة وسمع ببسطام أبا الفضل محمد بن عليّ بن أحمد السهلكي، وبطبرستان الفضل بن أحمد بن محمد البصري وأبا جعفر محمد بن عليّ بن محمد المناديلي وأبا الحسين أحمد بن الحسين بن أبي خداش الطبري، وبساوة أبا عبد الله محمد بن أحمد(3/104)
ابن الحسن الكامخي، وبأصبهان أبا المظفر محمود بن جعفر الكوسج، وبنيسابور أبا بكر محمد بن إسماعيل التفليسي وفاطمة بنت أبي عثمان الصابوني وأبا نصر محمد بن أحمد الرامش إجازة ... [1] ، وفوّض إليه القضاء بآمل في رمضان سنة 531، وبندار بن عمر بن محمد ابن أحمد أبو سعيد التميمي الروياني، قدم دمشق وحدث بها وبغيرها عن أبي مطيع مكحول بن علي ابن موسى الخراساني وأبي منصور المظفر بن محمد النحوي الدينوري وأبي محمد عبد الله بن جعفر الجباري الحافظ وعلي بن شجاع بن محمد الصيقلي وأبي صالح شعيب بن صالح، روى عنه الفقيه نصر بن سهل بن بشر وأبو غالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الشيرازي ومكي بن عبد السلام المقدسي وأبو الحسن عليّ بن طاهر النحوي، قال عبد العزيز النخشبي وسئل عنه فقال: لا تسمع منه فإنّه كذاب. ورويان أيضا: من قرى حلب قرب سبعين عندها مقتل آق سنقر جدّ بني زنكي أصحاب الموصل، وقال العمراني: بالريّ محلة تسمى رويان أيضا.
رُؤَيَّتَان:
في قول جرير:
هل رام بعد محلّنا روض القطا ... فرؤيّتان إلى غدير الخانق
الرُّوَيتجُ:
موضع في قول بحير بن لأي التغلبي:
تبيّن رسوما بالرويتج قد عفت ... لعزّة قد عرّين حولا حلاحلا
تعاورها صفق الرّياح فأصبحت ... كما ردّ أيدي الطاحنات المناخلا
الرُّوَيثاتُ:
جمع الذي بعده: جبال من أرض بني سليم فيها قنة خشناء.
الرُّوَيثَةُ:
تصغير روثة، واحدة روث الدواب أو روثه الأنف وهو طرفه، قال ابن الكلبي: لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكّة نزل الرويثة وقد أبطأ في مسيره فسماها الرويثة من راث يريث إذا أبطأ: وهي على ليلة من المدينة، وقال ابن السكيت:
الرويثة معشى بين العرج والروحاء، قال السلفي:
الرويثة ماء لبني عجل بين طريق الكوفة والبصرة إلى مكّة، وقال الأزهري: رويثة اسم منهلة من المناهل التي بين المسجدين، يريد مكّة والمدينة.
الرُّوَيحان:
كأنّه تصغير مثنى الريح: موضع بفارس.
رُويندز:
قلعة حصينة من أعمال أذربيجان قرب تبريز.
رُوَيدَشت:
بضم أوّله، وفتح ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت، ودال مهملة، وشين معجمة، وتاء مثناة من فوق: قرية من قرى أصبهان وعمل من أعمالها يشتمل على قرى وضياع كثيرة، وهي روذدشت، وقد تقدم ذكرها، وقال الحافظ في تاريخ دمشق: أحمد ابن عبد الله أبو العباس ويقال أبو بكر الرويدشتي الأصبهاني، حدث بدمشق سنة 459 عن سعد بن عليّ الزنجاني نزيل مكّة وأبي سعد عليّ بن عثمان بن جنّي نزيل صور، سمع منه شيخنا أبو الحسن بن قيس مع أبيه بدمشق وأبو البركات عبد المنعم بن محمد حافظ الحفاظ البقلي بمكّة، والله أعلم.
الرُّوَيلُ:
واد قرب الحاجر ينزله الحاج، وهو في ديار بني كلاب، عن أبي زياد، وأنشد:
لياح له بطن الرويل مجنّة، ... ومنه بأبقاء الحريداء مكنس
رُوِين:
بضم أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: من قرى جرجان.
رُوَيّةُ:
بضم أوّله، وفتح ثانيه، وتشديد الياء المثناة من تحت، كأنّه تصغير ريّة واحدة الريّ من
__________
[1] هكذا بياض بالأصل.(3/105)
العطش، وقيل: رؤيّة، بالهمز، ماء في بلادهم، قال الفرزدق:
هل تعلمون غداة يطرد سبيكم ... بالصمد بين رويّة وطحال
وقال الأخطل يصف سحابا:
وعلا البسيطة والشقيق بريّق ... فالضّوج بين رؤيّة وطحال
وثنّاه لإقامة الوزن على طريقتهم في مثل ذلك أيضا فقال:
أعرفت بين رويّتين فحنبل ... دمنا تلوح كأنّها أسطار؟
وبنو الروية: من قرى اليمن.
رُؤيَةُ:
بلفظ رؤية البصر، إقليم الرؤية: من أعمال بطليوس، والله أعلم.
باب الراء والهاء وما يليهما
الرُّهاء:
بضم أوّله، والمدّ، والقصر: مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام بينهما ستة فراسخ سميت باسم الذي استحدثها، وهو الرهاء بن البلندى بن مالك ابن دعر، وقال الكلبي في كتاب أنساب البلاد بخط حجحج: الرهاء بن سبند بن مالك بن دعر بن حجر ابن جزيلة بن لخم، وقال قوم: إنّها سمّيت بالرّها ابن الروم بن لنطي بن سام بن نوح، عليه السلام، قال بطليموس: مدينة الرها طولها اثنتان وسبعون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، طالعها سعد الذابح لها شركة في النسر الطائر تحت ثلاث عشرة درجة من السرطان، بيت ملكها مثلها من الحمل في الإقليم الرابع، وقال يحيى ابن جرير النصراني: الرها اسمها بالرومية أذاسا، بنيت في السنة السادسة من موت الإسكندر، بناها الملك سلوقس كما ذكرنا في أذاسا، والنسبة إليها رهاويّ، وكذلك النسبة إلى رهاء قبيلة من مذحج، وقد نسب إليها جماعة من المتقدمين والمتأخرين، فمن المتقدمين يحيى بن أبي أسد الرهاويّ أخو زيد، يروي عن الزهري وعمرو بن شعيب وغيرهما، كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل لا يجوز الاحتجاج به، روى عنه أهل بلده وغيرهم، ومات سنة 146، ومن المتأخرين الحافظ عبد القادر بن عبد الله بن عبد الرحمن الرهاوي أبو محمد، ولد بالرها ونشأ بالموصل وكان مولى لبعض أهل الموصل وطلب العلم وسمع الكثير، رحل في طلب الحديث من الجزيرة إلى الشام ومصر، وسمع بالإسكندرية من الحافظ أبي طاهر السلفي ودخل العراق وسمع من ابن الخشّاب وخلق كثير من تلك الطبقة ومضى إلى أصبهان ونيسابور ومرو وهراة وسمع من مشايخها وقدم واسطا وسمع بها وعاد إلى الموصل وأقام بها بدار الحديث المظفرية مدة يحدث وسكن بآخره بحرّان، ومات في جمادى الأولى سنة 612، وكان يقول إن مولده سنة 536، وكان ثقة صالحا، وأكثر سفره في طلب الحديث والعلم كان على رجله، وخلف كتبا وقفها بمسجد كان سكنه بحرّان، وقال أبو الفرج الأصبهاني:
حدثني أبو محمد حمزة بن القاسم الشامي قال: اجتزت بكنيسة الرها عند مسيري إلى العراق فدخلتها لأشاهد ما كنت أسمعه عنها، فبينما أنا أطوف إذ رأيت على ركن من أركانها مكتوبا فقرأته فإذا هو بحمرة:
حضر فلان بن فلان وهو يقول: من إقبال ذي الفطنة إذا ركبته المحنة انقطاع الحياة وحضور الوفاة، وأشد العذاب تطاول الأعمار في ظل الإقتار، وأنا القائل:(3/106)
ولي همّة أدنى منازلها السّها، ... ونفس تعالت بالمكارم والنّهى
وقد كنت ذا آل بمرو سريّة ... فبلّغت الأيّام بي بيعة الرّها
ولو كنت معروفا بها لم أقم بها، ... ولكنّني أصبحت ذا غربة بها
ومن عادة الأيّام إبعاد مصطفى، ... وتفريق مجموع وتبغيض مشتهى
قال: فاستحسنت النظم والنثر وحفظتهما، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
فلو ما كنت أروع أبطحيّا، ... أبيّ الضّيم مطّرح الدّناء
لودّعت الجزيرة قبل يوم ... ينسّي القوم أطهار النّساء
فذلك أم مقامك وسط قيس ... ويغلب بينها سفك الدّماء
وقد ملأت كنانة وسط مصر ... إلى عليا تهامة فالرّهاء
وقد نسب ابن مقبل إليها الخمر فقال:
سقتني بصهباء درياقة ... متى ما تليّن عظامي تلن
رهاويّة مترع دنّها ... ترجّع من عود وعس مرنّ
رُهاطٌ:
بضم أوّله، وآخره طاء مهملة: موضع على ثلاث ليال من مكّة، وقال قوم: وادي رهاط في بلاد هذيل، وقال عرّام فيما يطيف بشمنصير: وهو جبل قرية يقال لها رهاط بقرب مكّة على طريق المدينة، وهي بواد يقال له غران، وبقرب وادي رهاط الحديبية، وهي قرية ليست كبيرة، وهذه المواضع لبني سعد وبني مسروح، وهم الذين نشأ فيهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، ينسب إليها سهيل بن عمرو الرّهاطي، سمع عائشة، رضي الله عنها، روى حديثه أبو عاصم عن يزيد بن عمرو التّيمي، وقال ابن الكلبي: اتخذت هذيل سواعا ربّا برهاط من أرض ينبع، وينبع عرض من أعراض المدينة.
الرُّهافَةُ:
بضم أوّله، وبعد الألف فاء، على فعالة:
موضع.
رُهاوَةُ:
بضم أوّله، وبعد الألف واو: موضع جاء في الأخبار.
رَهْبَا:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وبعد الهاء باء موحدة: خبراء في الصمّان في ديار بني تميم، قال بعضهم:
على جمد رهبا أو شخوص خيام
الجمد: شبيه بالجبل الصغير، ورهبا قالوا في قول العجّاج:
تعطيه رهباها إذا ترهّبا
قال: رهباها الذي ترهبه مثل هالك وهلكى، ويقال:
رهباك خير من رغباك أي فرقه خير من حبّه وأحرى أن يعطيك عليه، ويقال: فعلت ذلك من رهباك ورهباك، بالفتح والضم، هذا بالقصر، والرهباء، ممدود، اسم من الرهب، تقول: الرّهباء من الله والرّغباء إليه، وقال جرير:
ألا حيّ رهبا ثمّ حيّ المطاليا، ... فقد كان مأنوسا فأصبح خاليا
فلا عهد إلّا أن تذكّر أو ترى ... ثماما حوالي منصب الخيم باليا(3/107)
إلى الله أشكو أن بالغور حاجة، ... وأخرى إذا أبصرت نجدا بدا ليا
إذا ما أراد الحيّ أن يتزيّلوا، ... وحنّت جمال الحيّ حنّت جماليا
ألا أيّها الوادي الذي ضمّ سيله ... إلينا هوى ظمياء حييت واديا
نظرت برهبا والظّعائن باللّوى، ... فطارت برهبا، شعبة من فؤاديا
رَهْجَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، واد يصبّ في نعمان فيه عسل كثير.
رَهْطٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره طاء مهملة، ورهط الرجل: قومه وقبيلته، والرهط:
ما دون العشرة من الرجال ليس فيهم امرأة، قال الله تعالى: وَكانَ في الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ 27: 48، وليس لهم واحد من لفظهم، والجمع أرهط وأرهاط وأراهط، والرّهط: جلد يشقّق سيورا، كانوا في الجاهلية يطوفون عراة وكانت النساء يشددن ذلك في أوساطهن: وهو موضع في شعر هذيل، قال أبو قلابة الهذلي:
يا دار أعرفها، وحشا منازلها ... بين القوائم، من رهط فألبان
رُهْنَانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وتكرير النون، ويجوز أن يكون تثنية رهن جمع رهن كما يقال إبلان وخيلان ثمّ خفف وأعرب بعد طول الاستعمال:
وهو موضع.
رُهْنَةُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه: قرية من قرى كرمان، ينسب إليها محمد بن بحر يكنّى أبا الحسن الرّهني أحد الأدباء العلماء، قرأ على ابن كيسان كتاب سيبويه وروى كثيرا من حديث الشيعة وله في مقالاتهم تصانيف.
رُهُوطٌ:
جمع رهط، وقد تقدم: وهو اسم موضع.
رَهْوَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، والرّهو الكركيّ، ويقال: طير من طيور الماء يشبه الكركي، والرهو مشي في سكون، وقوله تعالى: وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً 44: 24، أي ساكنا، وقيل يبسا، وقيل مفلوقا، ورهوة واحدة ما ذكرناه، وقال أبو عبيد: الرهوة الارتفاع والانحدار، قال أبو العبّاس النّميري:
دلّيت رجليّ في رهوة
فهذا انحدار، وقال عمرو بن كلثوم:
نصبنا مثل رهوة ذات حدّ ... محافظة، وكنّا السّابقينا
فهذا ارتفاع، وقال أبو عبيد: الرهوة الجوبة تكون في محلّة القوم يسيل إليها ماء المطر، وقال أبو معبد:
الرّهوة ما اطمأنّ وارتفع ما حوله، قال: والرهوة شبه تلّ يكون في متون الأرض على رؤوس الجبال ومساقط الطيور الصقور والعقبان: وهو طريق بالطائف، وقيل: هو جبل في شعر خفاف بن ندبة، وقيل: عقبة في مكان معروف، وقال أبو ذؤيب:
فإن تمس في قبر برهوة ثاويا، ... أنيسك أصداء القبور تصيح
ولا لك جيران ولا لك ناصر، ... ولا لطف يبكي عليك نصيح
وقال الأصمعي: رهوة في أرض بني جشم ونصر ابني معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة، والرهوة: صحراء قرب خلاط، قال أحمد بن يحيى بن جابر: كان مالك بن عبد الله الخثعمي ويقال له الصوائف الفلسطيني غزا بلاد الروم(3/108)
سنة 146 في أيّام المنصور فغنم غنائم كثيرة ثمّ قفل، فلمّا كان من درب الحدث على خمسة عشر ميلا بموضع يقال له الرهوة فأقام ثلاثا فباع الغنائم وقسم سهام الغنيمة فسمّيت رهوة مالك به.
رَهْوَى:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، مقصور، في كتاب العين: المرأة الرّهو والرّهوى لغتان المرأة الواسعة: وهو اسم موضع.
الرُّهَيْمَةُ:
بلفظ التصغير، ويجوز أن يكون تصغير رهمة، وهي المطرة الضعيفة الدائمة، والرّهام من الطير كلّ شيء لا يصطاد: وهو ضيعة قرب الكوفة، قال السكوني: هي عين بعد خفيّة إذا أردت الشام من الكوفة، بينها وبين خفيّة ثلاثة أميال، وبعدها القطيّفة مغربا، وذكرها المتنبي فقال:
فيا لك ليلا على أعكش، ... أحمّ البلاد خفيّ الصّوى
وردن الرّهيمة في جوزه، ... وباقيه أكثر ممّا مضى
فزعم قوم أن المتنبي أخطأ في قوله جوزه ثمّ قوله وباقيه أكثر ممّا مضى لأن الجوز وسط الشيء، ولتصحيحه تأويل وهو أن يكون أعكش اسم صحراء والرهيمة عين في وسطه فتكون الهاء في جوزه راجعة إلى أعكش فيصحّ المعنى، والله أعلم بالصواب.
باب الراء والياء وما يليهما
رَيّا:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وأصله من رويت من الماء أروى ريّا وروى، ويكون الذي في قول جرير حيث قال:
أمّا لقلبك لا يزال موكّلا ... بهوى جمانة، أو بريّا العاقر
قال عمارة بن عقيل: هما موضعان عن يمين خيمة جرير ويسارها، قال العمراني: هو موضع بالحجر وأخاف أن يكون اشتبه عليه حننت إلى ريّا فظنّه موضعا.
رِيَاحٌ:
بكسر أوّله، والتخفيف، محلّة بني رياح:
منسوبة إلى القبيلة، وهم رياح بني يربوع بن حنظلة ابن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ، وهي بالبصرة، وقد نسب إليها قوم من الرّواة.
الرِّياحِيّةُ:
كأنّها منسوبة إلى رياح جمع ريح أو إلى بني رياح: وهي ناحية بواسط.
رياض الروضة: موضع بأرض مهرة من أقصى اليمن، له ذكر في الردّة.
رياض القَطا:
موضع وهو جمع روضة، قال الشاعر:
فما روضة من رياض القطا ... ألثّ بها عارض ممطر
ولعلّه ليس يعلم أن القطا يكون في الرياض والرياض: علم لأرض باليمن بين مهرة وحضرموت كانت بها وقعة للبيد بن زياد البياضي بردّة كندة أيّام أبي بكر الصدّيق، رضي الله عنه.
رِيَاعٌ:
بكسر أوّله، وتخفيف ثانيه، وآخره عين مهملة وأصله من الرّيع، بالكسر، وهو المرتفع من الأرض، وقال عمارة: هو الجبل الواحد ريعة والجمع رياع، ومنه قوله تعالى: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ 26: 128، وقال ابن دريد: رياع اسم موضع.
الرِّئالُ:
بكسر أوّله، وهمز ثانيه، وآخره لام، وهو جمع رأل، وهو ولد النعام، ذات الرئال:
روضة.
رِئامٌ:
بكسر أوّله، كأنّه جمع رأم، يقال: أرأمت الناقة عطفت على الرأم وهو ولدها أو البو الذي ترأمه(3/109)
أي تحبّه وتعطف عليه: وهو موضع ينسج فيه الوشي، وقال ابن إسحاق: رئام بيت كان باليمن قبل الإسلام يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون منه إذ كانوا على شركهم، قال السهيلي: وهو فعال من رأمت الأنثى ولدها ترأمه رئمانا ورئاما، فهو مصدر، إذا عطفت عليه ورحمته، فاشتقوا لهذا البيت اسما لموضع الرحمة الذي كانوا يلتمسونه في عبادته، وكان تبّع تبان لما قدم المدينة صحبه حبران من اليهود وهما اللّذان هوّداه وردّا النار التي كانت تخرج من أرض باليمن في قصة فيها طول، فقال الحبران لتبّع:
إنّما يكلمهم من هذا الصنم شيطان يفتنهم فخلّ بيننا وبينه، قال: فشأنكما، فدخلا إليه فاستخرجا منه فيما زعم أهل اليمن كلبا أسود فذبحاه ثمّ هدما ذلك البيت، فبقاياه إلى اليوم، كما ذكر ابن إسحاق عمّن أخبره، بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه، وفي رواية يونس عن ابن إسحاق: أن رئاما كان فيه شيطان وكانوا يملؤون له حياضا من دماء القربان فيخرج فيصيب منها ويكلّمهم، وكانوا يعبدونه، فلمّا جاء الحبران مع تبّع نشرا التوراة عنده وجعلا يقرآنها فطار ذلك الشيطان حتى وقع في البحر، وقيل:
رئام مدينة الأود، قال الأفوه الأودي:
إنّا بنو أود الذي بلوائه ... منعت رئام وقد غزاها الأجدع
قال ابن الكلبي: ولم أسمع في رئام وحده شعرا وقد سمعت في البقية، ولم تحفظ العرب من أشعارها إلّا ما كان قبل الإسلام.
رَيَانُ:
بفتح أوّله، وتخفيف ثانيه، وآخره نون: قرية بنسإ، وقد قيل بالتشديد، وأذكره بعد هذا.
رَيّانُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره نون، والرّيّان ضد العطشان: وهو جبل في ديار طيّء لا يزال يسيل منه الماء، وهو في مواضع كثيرة، منها: الرّيّان قرية من قرى نسا بلدة بخراسان قرب سرخس، ولا يعرفها أهلها إلّا بالتخفيف إلّا أن أبا بكر بن ثابت نصّ على التشديد وربّما قالوا الرّذاني، وقد ذكر في موضعه. والرّيّان أيضا: اسم أطم من آطام المدينة، قال بعضهم:
لعلّ ضرارا أن يعيش يباره ... وتسمع بالرّيّان تبنى مشاربه
والرّيّان أيضا: واد في ضريّة من أرض كلاب أعلاه لبني الضباب وأسفله لبني جعفر، وقال أبو زياد:
الريان واد يقسم حمى ضرية من قبل مهبّ الجنوب ثمّ يذهب نحو مهبّ الشمال، وأنشد لبعض الرّجّاز:
خليّة أبوابها كالطّيقان ... أحمى بها الملك جنوب الرّيّان
فكبشات فجنوب إنسان
وقالت امرأة من العرب:
ألا قاتل الله اللّوى من محلّة، ... وقاتل دنيانا بها كيف ولّت
غنينا زمانا بالحمى ثمّ أصبحت ... بزلق الحمى من أهله قد تخلّت
ألا ما لعين لا ترى قلل الحمى ... ولا جبل الرّيّان إلّا استهلّت؟
وريّان: اسم جبل في بلاد بني عامر، وإيّاه عنى لبيد بقوله:
فمدافع الرّيّان عرّي رسمها ... خلقا كما ضمن الوحيّ سلامها
وعلى سبعة أميال من حاذة صخرة عظيمة يقال لها صخرة ريّان. والريّان: جبل في طريق البصرة(3/110)
إلى مكّة. والريّان أيضا: جبل أسود عظيم في بلاد طيّء إذا أوقدت النار عليه أبصرت من مسيرة ثلاثة أيّام، وقيل: هو أطول جبال أجإ، قال جرير إمّا فيه أو في غيره:
يا حبّذا جبل الرّيان من جبل، ... وحبّذا ساكن الرّيان من كانا
وحبّذا نفحات من يمانية ... تأتيك من قبل الرّيان أحيانا
والرّيان أيضا: موضع على ميلين من معدن بني سليم كان الرشيد ينزله إذا حجّ، به قصور، وقال الشريف الرضي في بعض هذه المواضع:
أيا جبل الرّيّان إن تعر منهم ... فإنّي سأكسوك الدّموع الجواريا
ويا قرب ما أنكرتم العهد بيننا، ... نسيتم وما استودعتم السرّ ناسيا
فيا ليتني لم أعل نشزا إليكم ... حراما ولم أهبط من الأرض واديا
والرّيّان أيضا: محلّة مشهورة ببغداد كبيرة عامرة إلى الآن بالجانب الشرقي بين باب الأزج وباب الحلبة والمأمونية، ينسب إليها أبو المعالي هبة الله بن الحسين ابن الحسن بن أبي الأسود المعروف بابن البلّ، حدث عن القاضي أبي بكر الأنصاري قاضي المارستان، وعبد الله بن معالي بن أحمد الرّيّاني، سمع شهدة وأبا الفتح بن المنّي وغيرهما، سمع منه ابن نقطة.
والرّيّان: قرية بمرّ الظهران من نواحي مكّة.
الريب:
ناحية باليمامة فيها قرى ومزارع لبني قشير.
رَيْث:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره ثاء مثلثة، وهو خلاف العجلة: موضع في ديار طيّء حيث يلتقي طيّء وأسد. والريث أيضا: جبل لبني قشير على سمت حائل والمرّوت بين مرأة والفلج إذا خرجت من مرأة معترضا في ديار بني كعب، وبالرّيث منبر، عن نصر.
رِيحاء:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وحاء مهملة، وألف ممدودة، أظنه مرتجلا من الريح أو من الروح:
وهي مدينة قرب بيت المقدس من أعمال الأردن بالغور، بينها وبين بيت المقدس خمسة فراسخ، ويقال لها أريحا أيضا، وهي ذات نخل وموز وسكّر كثير، وله فضل على سائر سكّر الغور، وهي مدينة الجبارين، وقد ذكرت في أريحا. وأمّا ريحاء، بغير ألف: فهي بليدة من نواحي حلب أنزه بلاد الله وأطيبها، ذات بساتين وأشجار وأنهار، وليس في نواحي حلب أنزه منها، وهي في طرف جبل لبنان، وربّما فرق بين الموضعين بالألف التي في أوّل الأولى.
رَيْحَانُ:
بلفظ الريحان الذي يشمّ، سوق الريحان:
في مواضع كثيرة، وريحان: من مخاليف اليمن.
رِيخُ:
موضع بخراسان، ينسب إليها الكافي وأخوه عمر ابنا علي الريخيّان، وكان الكافي وزيرا بنيسابور لعلاء الدين محمد بن تكش، قتله التتر في شهر صفر سنة 618.
رِيخَشْن:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وخاء معجمة مفتوحة، وشين معجمة ساكنة، ونون: من قرى سمرقند، عن السمعاني.
رَيْدَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة، وآخره نون: حصن باليمن في مخلاف يحصب، يزعم أهل اليمن أنّه لم يبن قطّ مثله، وفيه قال امرؤ القيس:
تمكّن قائما وبنى طمرّا ... على ريدان أعيط لا ينال
وقال الأصمعي: الرّيدانة الريح الليّنة، وقال نصر:(3/111)
ريدان قصر عظيم بظفار بلد باليمن يجري مجرى غمدان وأشكاله. وريدان أيضا: أطم بالمدينة لآل حارثة بن سهل من الأوس.
رَيْدَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة، يقال: ريح ريدة لينة الهبوب، وأنشد:
إذا ريدة من حيث ما نفحت له ... أتاه بريّاها خليل يواصله
وهي مدينة باليمن على مسيرة يوم من صنعاء ذات عيون وكروم، قال طرفة:
لهند بحرّان الشّريف طلول، ... تلوح وأدنى عهدهنّ محيل
وبالسّفح آيات كأنّ رسومها ... يمان وشته ريدة وسحول
أراد وشته أهل ريدة وأهل سحول، فحذف المضاف، وقال أبو طالب بن عبد المطلب يرثي أبا أميّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم:
ألا إنّ خير النّاس حيّا وميّتا ... بوادي أشيّ غيّبته المقابر
ترى داره لا يبرح الدّهر وسطها ... مكلّلة أدم سمان وباقر
فيصبح آل الله بيضا كأنّما ... كستهم حبورا ريدة ومعافر
وقال الهمذاني: ثمّ بعد صنعاء من قرى همدان في نجد بلد ريدة، وبها البئر المعطلة والقصر المشيد وهو تلفم، وقال وهو يذكر مدن حضرموت:
وريدة العباد وريدة الحرمية.
رِيذَمون:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وذال معجمة، وميم مضمومة، وآخره نون: موضع، قصعة رذوم إذا امتلأت دسما، وقد رذم يرذم إذا سال.
رَيْسُوتُ:
قال ابن الحائك: وفي منتصف الساحل ما بين عمان وعدن ريسوت وهو موئل كالقلعة بل قلعة مبنية بنيانا على جبل والبحر محيط بها إلّا من جانب واحد، فمن أراد عمان فطريقه عليها، فإن أراد أن يدخل دخل وإن أراد جاز الطريق ولم يلو عليها، وبين الطريق التي يفرق إليها وبين الطريق المسلوك إلى ظفار نحو ميل، وبها سكن من الأزد.
رَيْسونُ:
آخره نون: قرية بالأردنّ كانت ملكا لمحمد بن مروان فولّاه أخوه هشام مصر فاشترط محمد على أخيه أنّه متى ما كرهها عاد إلى مكانه، فلمّا ولي شهرين جاءه ما كره فترك مصر وقدم إلى ريسون ضيعته وكتب إلى أخيه: ابعث إلى عملك واليا، فكتب إليه أخوه هشام:
أتترك لي مصرا لريسون حسرة؟ ... ستعلم يوما أيّ بيعيك أربح
فقال محمد: إنني لا أشك أنّ أربح البيعين ما صنعت.
رَيْشَانُ:
حصن باليمن من ناحية أبين، وفي كتاب ابن الحائك: ملحان بن عوف بن عدل بن مالك بن سدد بن حمير وإليه ينسب جبل ملحان المطلّ على تهامة والهجم، واسم الجبل ريشان.
رِيشَهْر:
قال حمزة: هو مختصر من ريو أردشير:
وهي ناحية من كورة أرّجان كان ينزلها في الفرس كشته دفتران، وهم كتّاب كتابة الجستق، وهي الكتابة التي كان يكتب بها كتب الطب والنجوم والفلسفة، وليس بها اليوم أحد يكتب بالفارسيّة ولا بالعربية، وكان سهرك مرزبان فارس وواليها أعظم ما كان من قدوم العرب إلى أرض فارس،(3/112)
وذلك أن عثمان بن أبي العاصي الثقفي والي البحرين وجّه أخاه الحكم في البحر حتى فتح توّج وأقام بها ونكأ فيما يليها، فأعظم سهرك ذلك واشتدّ عليه وبلغته نكايتهم وبأسهم وظهورهم على كلّ من لقوه من عدوّهم فجمع جمعا عظيما وسار بنفسه حتى أتى ريشهر من أرض سابور وهي بقرب من توّج، فخرج إليه الحكم وعلى مقدّمته سوّار بن همّام العبدي فاقتتلوا قتالا شديدا، وكان هناك واد قد وكل به سهرك رجلا من ثقاته وجماعة وأمره أن لا يجتازه هارب من أصحابه إلّا قتله، فأقبل رجل من شجعان الأساورة مولّيا من المعركة فأراد الرجل الموكل بالموضع قتله فقال له: لا تقتلني فإنّنا إنّما نقاتل قوما منصورين وإن الله معهم، ووضع حجرا فرماه ففلقه، ثمّ قال: أترى هذا السهم الذي فلق الحجر؟ والله ما كان ليخدش بعضهم لو رمي به! قال: لا بدّ من قتلك، فبينما هو كذلك إذ أتاه الخبر بقتل سهرك، وكان الذي قتله سوّار بن همّام العبدي، حمل عليه فطعنه فأذراه عن فرسه فقتله، وحمل ابن سهرك على سوّار فقتله، وهزّم الله المشركين وفتحت ريشهر عنوة، وكان يومها في صعوبته وعظيم النعمة على المسلمين فيه كيوم القادسية، وتوجّه بالفتح إلى عمر عمرو بن الأهتم التميمي فأشار يقول:
جئت الإمام بإسراع لأخبره ... بالحقّ عن خبر العبديّ سوّار
أخبار أروع ميمون نقيبته، ... مستعمل في سبيل الله مغوار
ثمّ ضعفت فارس بعد قتل سهرك حتى تيسّر فتحها، كما نذكره في موضعه.
رَيْعَانُ:
ظ ريعان الشباب والمطر وكلّ شيء أوّله: موضع في شعر هذيل، قال ربيعة الكودن من شعراء هذيل:
وفي كلّ ممسى طيف شمّاء طارقي، ... وإن شحطتنا دارها، فمؤرّقي
نظرت، وأصحابي بريعان موهنا، ... تلألؤ برق في سنا متألّق
وقال كثيّر عزّة:
أمن آل سلمى دمنة بالذّنائب ... إلى الميث من ريعان ذات المطارب؟
الرَيْغَذْمُون:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وغين معجمة مفتوحة، وذال معجمة ساكنة، وآخره نون:
قرية بينها وبين بخارى أربعة فراسخ من أعمالها.
رِيغ:
ويقال ريغة: إقليم بقرب من قلعة بني حمّاد بالمغرب، وقلعة بني حمّاد هي أشير، وقال المهلّبي:
بين ريغة وأشير ثمانية فراسخ، قال أبو طاهر بن سكينة: سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن يوسف الزناتي الضرير بالثغر يقول: حضرت هارون بن النضر الريغي بالريغ في قراءة كتاب البخاري والموطّإ وغيرهما عليه وكان يتكلّم على معاني الحديث وهو أمّيّ لا يقرأ ولا يكتب ورأيته يقرأ كتاب التلقين لعبد الوهّاب البغدادي في مذهب مالك من حفظه كما يقرأ الإنسان فاتحة الكتاب ويحضر عنده دوين مائة طالب لقراءة المدوّنة وغيرها من كتب المذهب عليه، وقال في موضع آخر: بالمغرب زابان الأكبر، ووصفه كما نصفه في موضعه، والأصغر يقال له ريغ، وهي كلمة بربرية معناها السبخة، فمن يكون منها يقال له الريغي.
ريكنج:
من قرى مرو، وهي التي بعدها.(3/113)
رِيكَنز:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الكاف، ونون ساكنة بعدها زاي: من قرى مرو يقال لها ريكنج عبدان.
رَيْمَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
مخلاف باليمن وقيل قصر، قال الأعشى:
يا من يرى ريمان أم ... سى خاويا خربا كعابه
أمسى الثّعالب أهله ... بعد الذين هم مآبه
من سوقة حكم ومن ... ملك يعدّ له ثوابه
بكرت عليه الفرس بع ... د الحبش حتى هدّ بابه
وتراه مهدوم الأعا ... لي وهو مسحول ترابه
ولقد أراه بغبطة ... في العيش مخضرّا جنابه
فخوى وما من ذي شبا ... ب دائم أبدا شبابه
وقال ابن مقبل:
لم تسر ليلى ولم تطرق لحاجتها ... من أهل ريمان إلّا حاجة فينا
من سرو حمير أبوال البغال به ... أنّى تسدّيت وهنا ذلك البينا
وقرية بالبحرين لعبد القيس، وهو فعلان من الريم، وهو القبر والفضل والدّرجة والظّراب، وهو الجبال الصغار، قال الراعي:
وصهباء من حانوت ريمان قد غدا ... عليّ ولم ينظر بها الشرق ضابح
وقال الأزدي بن المعلّى: ريمان أرض بين بحران والفلج، فبحران لبني الحارث بن كعب والفلج يسكنه قوم من جعدة وقشير.
رُئم:
بضم أوّله، وهمزة مكسورة، بوزن دئل، والنحويّون يقولون: لم يجيء على فعل اسم غير دئل، وهذا إن صحّ فهو آخر مستدرك عليهم، ويجوز أن يكون أصله فعل ممّا لم يسمّ فاعله من رئمت الناقة ولدها إذا حنّت عليه وأحبّته، سمّي به وهو فعل ثمّ أعرب بعد التسمية لكثرة الاستعمال: وهو موضع جاء في شعرهم.
رِئمٌ:
بكسر أوّله، وهمز ثانيه وسكونه، واحد الآرام، وقيل بالياء غير مهموزة، وهي الظباء الخالصة البياض: وهو واد لمزينة قرب المدينة يصبّ فيه ورقان، له ذكر في المغازي وفي أشعارهم، قال كثيّر:
عرفت الدّار قد أقوت برئم ... إلى لأي فمدفع ذي يدوم
وقيل: بطن ريم على ثلاثين ميلا من المدينة، وفي رواية كيسان: على أربعة برد من المدينة، وهو عن مالك بن أنس، وفي مصنف عبد الرزّاق: ثلاثة برد، وقال حسان:
لسنا برئم ولا حمت ولا صورى، ... لكن بمرج من الجولان مغروس
يغدى علينا براووق ومسمعة ... ان الحجاز رضيع الجوع والبوس
رِيمَةُ:
بكسر أوّله، بوزن ديمة: واد لبني شيبة قرب المدينة بأعلاه نخل لهم، قال كثير:
اربع فحيّ معالم الأطلال ... بالجزع من حرض فهنّ بوال(3/114)
فشراج ريمة قد تقادم عهدها بالسّفح بين أثيّل فبعال
وريمة أيضا: ناحية باليمن، ينسب إليها محمد بن عيسى الريمي الشاعر، ومن شعره:
لبس البهاء بسعيك الإسلام، ... وتجمّلت بفعالك الأيّام
فتّ الملوك فضائلا وفواضلا ... وعزائما عزّت فليس ترام
خطبوا العلاء وقد بذلت صداقها ... فنكاحها، إلّا عليك، حرام
رَيمَةُ:
بفتح الراء، ريمة الأشابط: مخلاف باليمن كبير. وريمة أيضا: من حصون صنعاء لبني زبيد غير الأوّل.
رِيوْدَد:
بكسر أوّله، والتقاء الساكنين في الياء والواو، ودال مكررة: قرية بينها وبين سمرقند فرسخ، عن تاج الإسلام.
رِيوْدَى:
بالتقاء الساكنين في الياء والواو أيضا، وكسر الأول أيضا: من قرى بخارى، ينسب إليها أبو سعيد بشر بن إلياس الريودي، يروي عن حاتم ابن شبيب الأزدي والطبيب بن مقاتل وغيرهما.
رِيْوَذ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، وذال معجمة: من قرى بيهق من نواحي نيسابور، ينسب إليها أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب بن موسى بن زهير الشعراني الريوذي، سمع إسماعيل بن أبي أويس وأبا توبة الربيع بن نافع ويحيى بن معين وإسحاق بن محمد الفروي وعيسى بن مينا وإبراهيم بن المنذر الحزامي، روى عنه محمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو العبّاس السّرّاج وغيرهما، تفرّد برواية كتب كثيرة، ومات سنة 282 في محرّمها، قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم: فضل بن محمد بن المسيب بن موسى بن هارون بن زيد بن كيسان بن باذان، وهو ملك اليمن الذي أسلم بكتاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، ومحمد الشعراني النيسابوري، وكان يرسل شعره، وهو من قرى بيهق، وكان أديبا فقيها عابدا كثير الرحلة في طلب الحديث فهما عارفا بالرجال، سمع بالشام والعراق والحجاز وما بين ذلك وخراسان، وكان يقول: ما بقي في الدنيا مدينة لم يدخلها الفضل في طلب الحديث، وقال أحمد ابن عليّ بن سحنويه: حدثني أبو الحسين محمد بن زياد القناني سئل عنه فرماه بالكذب، وقال مسعود بن عليّ السجزي: سألت الحاكم أبا عبد الله عن الفضل الشعراني فقال: ثقة مأمون لم يطعن في حديثه بحجة.
رِيْوَرْثُون:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، وسكون الراء، وثاء مثلثة، وآخره نون:
من قرى بخارى، والله أعلم.
رِيْوَقان:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، وقاف، وآخره نون: من قرى مرو.
رِيوَنْج:
ويقال راونج: من قرى نيسابور.
رِيْوَنْد:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، والنون ساكنة، وآخره دال مهملة: كورة من نواحي نيسابور، وهي أحد أرباعها، ينسب إليها أبو سعيد سهيل بن أحمد بن سهل الريوندي النيسابوري، سمع أبا محمد جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ وأبا جعفر الطبري وغيرهما، روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، مات سنة 350، أحدثها ريوندويه بن فرّخزاد من آل ساسان، تشتمل على مائتين واثنتين وثلاثين قرية، هكذا قال أبو الحسن البيهقي، وقال السمعاني: ريوند أحد رباع نيسابور، وهي قرى(3/115)
كثيرة، قيل: هي أكثر من خمسمائة قرية، أوّلها من الجامع القديم إلى أحمداباذ، وهو أوّل حدود بيهق، وهو على قدر ثلاثمائة وعشرين فرسخا، وعرضه من حدود طوس إلى حدود بشت، بالشين المعجمة، وهي خمسة عشر فرسخا.
رِيْو:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وآخره واو:
محلّة ببخارى، ينسب إليها الريويّ.
رَيُو:
بفتح أوّله، وضم ثانيه، وواو ساكنة:
مدينة للروم مقابل جزيرة صقلية من ناحية الشرق على برّ قسطنطينية.
رَيّةُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، ينسب إليها ريّيّ، قال أبو عبيد: الراوية هو البعير الذي يستقى عليه الماء، والرجل المستقي أيضا راوية، ويقال:
رويت على أهلي أروي ريّة: كورة واسعة بالأندلس متصلة بالجزيرة الخضراء وهي قبلي قرطبة، وهي كثيرة الخيرات، ولها مدن وحصون ورستاق واسع ذكر متفرّقا، ولها من الأقاليم نحو من الثلاثين كورة، يسمي أهل المغرب الناحية إقليما، وفيها حمّة، يعني عينا تخرج حارّة، وهي أشرف حمّات الأندلس لأن فيها ماء حارّا وباردا، والنسبة إليها ريّيّ، منها إسحاق بن سلمة بن وليد بن زيد بن أسد بن مهلهل بن ثعلبة بن مودوعة بن قطيعة القيني من أهل ريّة يكنى أبا عبد الحميد، سمع وهب بن مسرّة الحجازي وغير واحد، وكان حافظا لأخبار أهل الأندلس معتنيا بها، وجمع كتابا في أخبار أهل الأندلس أمره بجمعه المستنصر وقد كتب عنه، ولم يكن من طبقة أهل الحديث.
الرَّيّ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، فإن كان عربيّا فأصله من رويت على الراوية أروي ريّا فأنا راو إذا شددت عليها الرّواء، قال أبو منصور:
أنشدني أعرابي وهو يعاكمني:
ريّا تميميّا على المزايد
وحكى الجوهري: رويت من الماء، بالكسر، أروى ريّا وريّا وروى مثل رضى: وهي مدينة مشهورة من أمّهات البلاد وأعلام المدن كثيرة الفواكه والخيرات، وهي محطّ الحاجّ على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا ومن قزوين إلى أبهر اثنا عشر فرسخا ومن أبهر إلى زنجان خمسة عشر فرسخا، قال بطليموس في كتاب الملحمة: مدينة الريّ طولها خمس وثمانون درجة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وست وثلاثون دقيقة، وارتفاعها سبع وسبعون تحت ثماني عشرة درجة من السرطان خارجة من الإقليم الرابع داخلة في الإقليم الخامس، يقابلها مثلها من الجدي في قسمة النسر الطائر ولها شركة في الشعرى والغميصاء رأس الغول من قسمة سعد بلع، ووجدت في بعض تواريخ الفرس أن كيكاوس كان قد عمل عجلة وركّب عليها آلات ليصعد إلى السماء فسخر الله الريح حتى علت به إلى السحاب ثمّ ألقته فوقع في بحر جرجان، فلمّا قام كيخسرو بن سياوش بالملك حمل تلك العجلة وساقها ليقدم بها إلى بابل، فلمّا وصل إلى موضع الريّ قال الناس: بريّ آمد كيخسرو، واسم العجلة بالفارسيّة ريّ، وأمر بعمارة مدينة هناك فسميت الريّ بذلك، قال العمراني: الرّي بلد بناه فيروز ابن يزدجرد وسمّاه رام فيروز، ثمّ ذكر الرّي المشهورة بعدها وجعلهما بلدتين، ولا أعرف الأخرى، فأمّا الرّي المشهورة فإنّي رأيتها، وهي مدينة عجيبة الحسن مبنية بالآجر المنمق المحكم الملمع بالزرقة(3/116)
مدهون كما تدهن الغضائر في فضاء من الأرض، وإلى جانبها جبل مشرف عليها أقرع لا ينبت فيه شيء، وكانت مدينة عظيمة خرب أكثرها، واتفق أنّني اجتزت في خرابها في سنة 617 وأنا منهزم من التتر فرأيت حيطان خرابها قائمة ومنابرها باقية وتزاويق الحيطان بحالها لقرب عهدها بالخراب إلّا أنّها خاوية على عروشها، فسألت رجلا من عقلائها عن السبب في ذلك فقال: أمّا السبب فضعيف ولكن الله إذا أراد أمرا بلغه، كان أهل المدينة ثلاث طوائف: شافعية وهم الأقل، وحنفية وهم الأكثر، وشيعة وهم السواد الأعظم، لأن أهل البلد كان نصفهم شيعة وأما أهل الرستاق فليس فيهم إلّا شيعة وقليل من الحنفيين ولم يكن فيهم من الشافعيّة أحد، فوقعت العصبيّة بين السنّة والشيعة فتضافر عليهم الحنفية والشافعيّة وتطاولت بينهم الحروب حتى لم يتركوا من الشيعة من يعرف، فلمّا أفنوهم وقعت العصبيّة بين الحنفية والشافعيّة ووقعت بينهم حروب كان الظفر في جميعها للشافعيّة هذا مع قلّة عدد الشافعيّة إلّا أن الله نصرهم عليهم، وكان أهل الرستاق، وهم حنفية، يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاك ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئا حتى أفنوهم، فهذه المحالّ الخراب التي ترى هي محالّ الشيعة والحنفية، وبقيت هذه المحلة المعروفة بالشافعية وهي أصغر محالّ الرّيّ ولم يبق من الشيعة والحنفية إلّا من يخفي مذهبه، ووجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض ودروبهم التي يسلك بها إلى دورهم على غاية الظلمة وصعوبة المسلك، فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات ولولا ذلك لما بقي فيها أحد، وقال الشاعر يهجو أهلها:
الرّيّ دار فارغه ... لها ظلال سابغة
على تيوس ما لهم ... في المكرمات بازغه
لا ينفق الشّعر بها ... ولو أتاها النّابغه
وقال إسماعيل الشاشي يذمّ أهل الرّيّ:
تنكّب حدّة الأحد ... ولا تركن إلى أحد
فما بالرّيّ من أحد ... يؤهل لاسم الأحد
وقد حكى الاصطخري أنّها كانت أكبر من أصبهان لأنّه قال: وليس بالجبال بعد الريّ أكبر من أصبهان، ثمّ قال: والرّيّ مدينة ليس بعد بغداد في المشرق أعمر منها وإن كانت نيسابور أكبر عوصة منها، وأمّا اشتباك البناء واليسار والخصب والعمارة فهي أعمر، وهي مدينة مقدارها فرسخ ونصف في مثله، والغالب على بنائها الخشب والطين، قال: وللرّيّ قرى كبار كلّ واحدة أكبر من مدينة، وعدّد منها قوهذ والسّدّ ومرجبى وغير ذلك من القرى التي بلغني أنها تخرج من أهلها ما يزيد على عشرة آلاف رجل، قال: ومن رساتيقها المشهورة قصران الداخل والخارج وبهزان والسن وبشاويه ودنباوند، وقال ابن الكلبي: سميت الريّ بريّ رجل من بني شيلان ابن أصبهان بن فلوج، قال: وكان في المدينة بستان فخرجت بنت ريّ يوما إليه فإذا هي بدرّاجة تأكل تينا، فقالت: بور انجير يعني أن الدّرّاجة تأكل تينا، فاسم المدينة في القديم بورانجير ويغيره أهل الرّيّ فيقولون بهورند، وقال لوط بن يحيى:
كتب عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، إلى عمار بن ياسر وهو عامله على الكوفة بعد شهرين من فتح(3/117)
نهاوند يأمره أن يبعث عروة بن زيد الخيل الطائي إلى الرّيّ ودستبى في ثمانية آلاف، ففعل وسار عروة لذلك فجمعت له الديلم وأمدوا أهل الرّيّ وقاتلوه فأظهره الله عليهم فقتلهم واستباحهم، وذلك في سنة 20 وقيل في سنة 19، وقال أبو نجيد وكان مع المسلمين في هذه الوقائع:
دعانا إلى جرجان والرّيّ دونها ... سواد فأرضت من بها من عشائر
رضينا بريف الرّيّ والرّيّ بلدة ... لها زينة في عيشها المتواتر
لها نشز في كلّ آخر ليلة ... تذكّر أعراس الملوك الأكابر
قال جعفر بن محمد الرازي: لما قدم المهديّ الرّيّ في خلافة المنصور بنى مدينة الرّيّ التي بها الناس اليوم وجعل حولها خندقا وبنى فيها مسجدا جامعا، وجرى ذلك على يد عمار بن أبي الخصيب، وكتب اسمه على حائطها، وتمّ عملها سنة 158، وجعل لها فصيلا يطيف به فارقين آجر، والفارقين: الخندق، وسمّاها المحمديّة، فأهل الرّيّ يدعون المدينة الداخلة المدينة ويسمون الفصيل المدينة الخارجة والحصن المعروف بالزينبدى في داخل المدينة المعروفة بالمحمدية، وقد كان المهدي أمر بمرمّته ونزله أيّام مقامه بالرّيّ، وهو مطلّ على المسجد الجامع ودار الإمارة، ويقال: الذي تولّى مرمّته وإصلاحه ميسرة التغلبي أحد وجوه قواد المهدي، ثمّ جعل بعد ذلك سجنا ثمّ خرب فعمره رافع بن هرثمة في سنة 278 ثمّ خرّبه أهل الرّيّ بعد خروج رافع عنها، قال:
وكانت الرّيّ تدعى في الجاهليّة أزارى فيقال إنّه خسف بها، وهي على اثني عشر فرسخا من موضع الرّيّ اليوم على طريق الخوار بين المحمدية وهاشمية الرّيّ، وفيها أبنية قائمة تدل على أنّها كانت مدينة عظيمة، وهناك أيضا خراب في رستاق من رساتيق الرّيّ يقال له البهزان، بينه وبين الرّيّ ستة فراسخ يقال إن الرّيّ كانت هناك، والناس يمضون إلى هناك فيجدون قطع الذهب وربّما وجدوا لؤلؤا وفصوص ياقوت وغير ذلك من هذا النوع، وبالرّيّ قلعة الفرّخان، تذكر في موضعها، ولم تزل قطيعة الرّيّ اثني عشر ألف ألف درهم حتى اجتاز بها المأمون عند منصرفه من خراسان يريد مدينة السلام فلقيه أهلها وشكوا إليه أمرهم وغلظ قطيعتهم فأسقط عنهم منها ألفي ألف درهم وأسجل بذلك لأهلها، وحكى ابن الفقيه عن بعض العلماء قال: في التوراة مكتوب الرّيّ باب من أبواب الأرض وإليها متجر الخلق، وقال الأصمعي: الرّيّ عروس الدنيا وإليه متجر الناس، وهو أحد بلدان الأرض، وكان عبيد الله ابن زياد قد جعل لعمر بن سعد بن أبي وقاص ولاية الرّيّ إن خرج على الجيش الذي توجّه لقتال الحسين ابن عليّ، رضي الله عنه، فأقبل يميل بين الخروج وولاية الرّيّ والقعود، وقال:
أأترك ملك الرّيّ والرّيّ رغبة، ... أم ارجع مذموما بقتل حسين
وفي قتله النار التي ليس دونها ... حجاب وملك الرّيّ قرّة عين
فغلبه حبّ الدنيا والرياسة حتى خرج فكان من قتل الحسين، رضي الله عنه، ما كان. وروي عن جعفر الصادق، رضي الله عنه، أنّه قال: الرّيّ وقزوين وساوة ملعونات مشؤومات، وقال إسحاق بن سليمان: ما رأيت بلدا أرفع للخسيس من الرّيّ،(3/118)
وفي أخبارهم: الريّ ملعونة وتربتها تربة ملعونة ديلمية وهي على بحر عجاج تأبى أن تقبل الحق، والرّيّ سبعة عشر رستاقا منها دنباوند وويمة وشلمبة، حدث أبو عبد الله بن خالويه عن نفطويه قال: قال رجل من بني ضبّة وقال المدائني:
فرض لأعرابي من جديلة فضرب عليه البعث إلى الري وكانوا في حرب وحصار، فلمّا طال المقام واشتدّ الحصار قال الأعرابي: ما كان أغناني عن هذا! وأنشأ يقول:
لعمري لجوّ من جواء سويقة ... أسافله ميث وأعلاه أجرع
به العفر والظّلمان والعين ترتعي ... وأمّ رئال والظّليم الهجنّع
وأسفع ذو رمحين يضحي كأنّه ... إذا ما علا نشزا، حصان مبرقع
أحبّ إلينا أن نجاور أهلنا ... ويصبح منّا وهو مرأى ومسمع
من الجوسق الملعون بالرّيّ كلّما ... رأيت به داعي المنيّة يلمع
يقولون: صبرا واحتسب! قلت: طالما ... صبرت ولكن لا أرى الصبر ينفع
فليت عطائي كان قسّم بينهم ... وظلّت بي الوجناء بالدّوّ تضبع
كأنّ يديها حين جدّ نجاؤها ... يدا سابح في غمرة يتبوّع
أأجعل نفسي وزن علج كأنّما ... يموت به كلب إذا مات أجمع؟
والجوسق الملعون الذي ذكره ههنا هو قلعة الفرّخان، وحدث أبو المحلّم عوف بن المحلم الشيباني قال: كانت لي وفادة على عبد الله بن طاهر إلى خراسان فصادفته يريد المسير إلى الحجّ فعادلته في العماريّة من مرو إلى الريّ، فلمّا قاربنا الرّيّ سمع عبد الله بن طاهر ورشانا في بعض الأغصان يصيح، فأنشد عبد الله بن طاهر متمثلا بقول أبي كبير الهذلي:
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر، ... وغصنك ميّاد، ففيم تنوح؟
أفق لا تنح من غير شيء، فإنّني ... بكيت زمانا والفؤاد صحيح
ولوعا فشطّت غربة دار زينب، ... فها أنا أبكي والفؤاد جريح
ثمّ قال: يا عوف أجز هذا، فقلت في الحال:
أفي كلّ عام غربة ونزوح؟ ... أما للنّوى من ونية فنريح؟
لقد طلّح البين المشتّ ركائبي، ... فهل أرينّ البين وهو طليح؟
وأرّقني بالرّيّ نوح حمامة، ... فنحت وذو الشجو القديم ينوح
على أنّها ناحت ولم تذر دمعة، ... ونحت وأسراب الدّموع سفوح
وناحت وفرخاها بحيث تراهما، ... ومن دون أفراخي مهامه فيح
عسى جود عبد الله أن يعكس النوى ... فتضحي عصا الأسفار وهي طريح
فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه، ... وعدم الغنى بالمقترين نزوح
فأخرج رأسه من العمارية وقال: يا سائق ألق زمام البعير، فألقاه فوقف ووقف الخارج ثمّ دعا بصاحب(3/119)
بيت ماله فقال: كم يضمّ ملكنا في هذا الوقت؟
فقال: ستين ألف دينار، فقال: ادفعها إلى عوف، ثمّ قال: يا عوف لقد ألقيت عصا تطوافك فارجع من حيث جئت، قال: فأقبل خاصة عبد الله عليه يلومونه ويقولون أتجيز أيّها الأمير شاعرا في مثل هذا الموضع المنقطع بستين ألف دينار ولم تملك سواها! قال: إليكم عني فإنّي قد استحييت من الكرم أن يسير بي جملي وعوف يقول: عسى جود عبد الله، وفي ملكي شيء لا ينفرد به، ورجع عوف إلى وطنه فسئل عن حاله فقال: رجعت من عند عبد الله بالغنى والراحة من النوى، وقال معن بن زائدة الشيباني:
تمطّى بنيسابور ليلي وربّما ... يرى بجنوب الرّيّ وهو قصير
ليالي إذ كلّ الأحبّة حاضر، ... وما كحضور من تحب سرور
فأصبحت أمّا من أحبّ فنازح ... وأمّا الألى أقليهم فحضور
أراعي نجوم اللّيل حتى كأنّني ... بأيدي عداة سائرين أسير
لعلّ الذي لا يجمع الشمل غيره ... يدير رحى جمع الهوى فتدور
فتسكن أشجان ونلقى أحبّة، ... ويورق غصن للشّباب نضير
ومن أعيان من ينسب إليها أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي الحكيم صاحب الكتب المصنفة، مات بالرّيّ بعد منصرفه من بغداد في سنة 311، عن ابن شيراز، ومحمد بن عمر بن هشام أبو بكر الرازي الحافظ المعروف بالقماطري، سمع وروى وجمع، قال أبو بكر الإسماعيلي: حدّثني أبو بكر محمد بن عمير الرازي الحافظ الصدوق بجرجان، وربّما قال الثقة المأمون، سكن مرو ومات بها في سنة نيف وتسعين ومائتين، وعبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد ابن أبي حاتم الرازي أحد الحفّاظ، صنف الجرح والتعديل فأكثر فائدته، رحل في طلب العلم والحديث فسمع بالعراق ومصر ودمشق، فسمع من يونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والربيع بن سليمان والحسن بن عرفة وأبيه أبي حاتم وأبي زرعة الرازي وعبد الله وصالح ابني أحمد بن حنبل وخلق سواهم، وروى عنه جماعة أخرى كثيرة، وعن أبي عبد الله الحاكم قال: سمعت أبا أحمد محمد بن محمد ابن أحمد بن إسحاق الحاكم الحافظ يقول: كنت بالرّيّ فرأيتهم يوما يقرؤون على محمد بن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل، فلمّا فرغوا قلت لابن عبدويه الورّاق: ما هذه الضحكة؟ أراكم تقرؤون كتاب التاريخ لمحمد بن إسماعيل البخاري عن شيخكم على هذا الوجه وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم! فقال: يا أبا محمد اعلم أن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما هذا الكتاب قالا هذا علم حسن لا يستغنى عنه ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا، فأقعدا أبا محمد عبد الرحمن الرازي حتى سألهما عن رجل معه رجل وزادا فيه ونقصا منه، ونسبه عبد الرحمن الرازي، وقال أحمد بن يعقوب الرازي: سمعت عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي يقول: كنت مع أبي في الشام في الرحلة فدخلنا مدينة فرأيت رجلا واقفا على الطريق يلعب بحيّة ويقول: من يهب لي درهما حتى أبلع هذه الحيّة؟ فالتفت إليّ أبي وقال: يا بني احفظ دراهمك فمن أجلها تبلع الحيّات! وقال أبو يعلى الخليل بن عبد الرحمن بن أحمد الحافظ القزويني: أخذ عبد الرحمن بن أبي حاتم علم أبيه وعلم أبي زرعة وصنّف(3/120)
منه التصانيف المشهورة في الفقه والتواريخ واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار، وكان من الأبدال ولد سنة 240، ومات سنة 327، وقد ذكرته في حنظلة وذكرت من خبره هناك زيادة عمّا ههنا، وإسماعيل بن عليّ بن الحسين بن محمد بن زنجويه أبو سعد الرازي المعروف بالسمّان الحافظ، كان من المكثرين الجوّالين، سمع من نحو أربعة آلاف شيخ، سمع ببغداد أبا طاهر المخلص ومحمد بن بكران بن عمران، روى عنه أبو بكر الخطيب وأبو علي الحداد الأصبهاني وغيرهما، مات في الرابع والعشرين من شعبان سنة 445، وكان معتزليّا، وصنف كتبا كثيرة ولم يتأهّل قط، وكان فيه دين وورع، ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد أبو الحسين الرازي والد تمام بن محمد الرازي الحافظان ويعرف في الرّيّ بأبي الرستاقي، سمع ببلده وغيره وأقام بدمشق وصنف، وكان حافظا ثقة مكثرا، مات سنة 347، وابنه تمام بن محمد الحافظ، ولد بدمشق وسمع بها من أبيه ومن خلق كثير وروى عنه خلق، وقال أبو محمد بن الأكفاني: أنبأنا عبد العزيز الكناني قال: توفي شيخنا وأستاذنا تمام الرازي لثلاث خلون من المحرم سنة 414، وكان ثقة مأمونا حافظا لم أر أحفظ منه لحديث الشاميّين، ذكر أن مولده سنة 303، وقال أبو بكر الحداد: ما لقينا مثله في الحفظ والخبر، وقال أبو علي الأهوازي:
كان عالما بالحديث ومعرفة الرجال ما رأيت مثله في معناه، وأبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم ابن الحكم بن عبد الله الحافظ الرازي، قال الحافظ أبو القاسم: قدم دمشق سنة 347 فسمع بها أبا الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر بن الجنيد الرازي والد تمام، وبنيسابور أبا حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال وأبا الحسن علي بن أحمد الفارسي ببلخ وأبا عبد الله بن مخلد ببغداد وأبا الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين الصابوني بمصر وعمر بن إبراهيم بن الحدّاد بتنّيس وأبا عبد الله المحاملي وأبا العباس الأصمّ، وحدث بدمشق في تلك السنة فروى عنه تمام وعبد الرحمن بن عمر بن نصر والقاضيان أبو عبد الله الحسين بن محمد الفلّاكي الزّنجاني وأبو القاسم التنوخي وأبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد الجارودي الحافظ وحمزة بن يوسف الخرقاني وأبو محمد إبراهيم بن محمد بن عبد الله الزنجاني الهمداني وعبد الغني بن سعيد والحاكم أبو عبد الله وأبو العلاء عمر بن علي الواسطي وأبو زرعة روح بن محمد الرازي ورضوان بن محمد الدّينوري، وفقد بطريق مكّة سنة 375، وكان أهل الريّ أهل سنّة وجماعة إلى أن تغلب أحمد بن الحسن المارداني عليها فأظهر التشيع وأكرم أهله وقرّبهم فتقرّب إليه الناس بتصنيف الكتب في ذلك فصنف له عبد الرحمن بن أبي حاتم كتابا في فضائل أهل البيت وغيره، وكان ذلك في أيّام المعتمد وتغلبه عليها في سنة 275، وكان قبل ذلك في خدمة كوتكين ابن ساتكين التركي، وتغلب على الرّيّ وأظهر التشيع بها واستمرّ إلى الآن، وكان أحمد بن هارون قد عصى على أحمد بن إسماعيل الساماني بعد أن كان من أعيان قواده وهو الذي قتل محمد بن زيد الراعي فتبعه أحمد بن إسماعيل إلى قزوين فدخل أحمد بن هارون بلاد الديلم وأيس منه أحمد بن إسماعيل فرجع فنزل بظاهر الري ولم يدخلها، فخرج إليه أهلها وسألوه أن يتولّى عليهم ويكاتب الخليفة في ذلك ويخطب ولاية الرّيّ، فامتنع وقال: لا أريدها لأنّها(3/121)
مشؤومة قتل بسببها الحسين بن علي، رضي الله عنهما، وتربتها ديلمية تأبى قبول الحقّ وطالعها العقرب، وارتحل عائدا إلى خراسان في ذي الحجة سنة 289، ثمّ جاء عهده بولاية الرّيّ من المكتفي وهو بخراسان، فاستعمل على الرّيّ من قبله ابن أخيه أبا صالح منصور بن إسحاق بن أحمد بن أسد فوليها ستّ سنين، وهو الذي صنف له أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي الحكيم كتاب المنصوري في الطبّ، وهو الكنّاشة، وكان قدوم منصور إليها في سنة 290، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.(3/122)
ز
باب الزاي والألف وما يليهما
زَابَاتُ:
بعد الثاني باء موحدة، وآخره تاء مثناة:
قرى على زاب الموصل يقال لها الزابات، وأذكر تفسير الزاب فيما بعد.
الزَّابُ:
بعد الألف باء موحدة، إن جعلناه عربيّا أو حكمنا عليه بحكمه، فقد قال ابن الأعرابي: زاب الشيء إذا جرى، وقال سلمة: زاب يزوب إذا انسلّ هربا، والذي يعتمد عليه أنّ زاب ملك من قدماء ملوك الفرس، وهو زاب بن توركان بن منوشهر ابن إيرج بن أفريدون حفر عدّة أنهر بالعراق فسمّيت باسمه، وربما قيل لكل واحد زابي، والتثنية زابيان، قال أبو تمّام وكتب بها من الموصل إلى الحسن بن وهب:
قد أثقب الحسن بن وهب للندى ... نارا جلت إنسان عين المجتلي
ما أنت حين تعدّ نارا مثلها ... إلّا كتالي سورة لم تنزل
قطعت إليّ الزّابيين هباته ... والتاث مأمول السّحاب المسبل
ولقد سمعت فهل سمعت بموطن ... أرض العراق يضيف من بالموصل
وقال الأخطل وهو بزاذان:
أتاني، ودوني الزّابيان كلاهما ... ودجلة، أنباء أمرّ من الصّبر
أتاني بأن ابني نزار تناجيا، ... وتغلب أولى بالوفاء وبالعذر
وإذا جمعت قيل لها الزوابي: وهي الزاب الأعلى بين الموصل وإربل ومخرجه من بلاد مشتكهر، وهو حد ما بين أذربيجان وبابغيش، وهو ما بين قطينا والموصل من عين في رأس جبل ينحدر إلى واد، وهو شديد الحمرة ويجري في جبال وأودية وحزونة وكلّما جرى صفا قليلا حتى يصير في ضيعة كانت لزيد ابن عمران أخي خالد بن عمران الموصلي، بينها وبين مدينة الموصل مرحلتان وتعرف بباشزّا، وليست التي في طريق نصيبين، فإذا وصل إليها صفا جدّا، ثمّ يقلب في أرض حفيتون من أرض الموصل حتى يخرج في كورة المرج من كور الموصل ثمّ يمتد حتى يفيض في دجلة على فرسخ من الحديثة، وهذا هو(3/123)
المسمّى بالزاب المجنون لشدّة جريه، وأمّا الزاب الأسفل فمخرجه من جبال السّلق سلق أحمد بن روح بن معاوية من بني أود ما بين شهرزور وأذربيجان ثمّ يمرّ إلى ما بين دقوقا وإربل، وبينه وبين الزاب الأعلى مسيرة يومين أو ثلاثة ثمّ يمتدّ حتى يفيض في دجلة عند السنّ، وعلى هذا الزاب كان مقتل عبيد الله بن زياد ابن أبيه، فقال يزيد بن مفرغ يهجوه:
أقول لمّا أتاني ثمّ مصرعه ... لابن الخبيثة وابن الكودن النابي:
ما شقّ جيب ولا ناحتك نائحة، ... ولا بكتك جياد عند أسلاب
إنّ الذي عاش ختّارا بذمّته ... ومات عبدا قتيل الله بالزّاب
العبد للعبد لا أصل ولا ورق ... ألوت به ذات أظفار وأنياب
إنّ المنايا إذا حاولن طاغية ... ولجن من دون أستار وأبواب
وبين بغداد وواسط زابان آخران أيضا ويسميان الزاب الأعلى والزاب الأسفل، أمّا الأعلى فهو عند قوسين وأظن مأخذه من الفرات ويصبّ عند زرفامية وقصبة كورته النعمانية على دجلة، وأمّا الزاب الأسفل من هذين فقصبته نهر سابس قرب مدينة واسط، وزاب النعمانية أراد الحيص بيص أبو الفوارس الشاعر بقوله:
أجأ وسلمى أم بلاد الزّاب، ... وأبو المظفّر أم غضنفر غاب؟
وعلى كلّ واحد من هذه الزوابي عدّة قرى وبلاد، وإلى أحد هذين نسب موسى الزابي له أحاديث في القراءات، قال السلفي: سمعت الأصمّ المنورقي يقول:
الزاب الكبير منه بسكرة وتوزر وقسنطينية وطولقة وقفصة ونفزاوة ونفطة وبادس، قال:
وبقرب فاس على البحر مدينة يقال لها بادس، قال:
والزاب أيضا كورة صغيرة يقال لها ريغ، كلمة بربريّة معناها السبخة، فمن كان منها يقال له الريغي. والزاب أيضا: كورة عظيمة ونهر جرّار بأرض المغرب على البرّ الأعظم عليه بلاد واسعة وقرى متواطئة بين تلمسان وسجلماسة والنهر متسلط عليها، وقد خرج منها جماعة من أهل الفضل، وقيل: إن زرعها يحصد في السنة مرّتين، ينسب إليها محمد بن الحسن التميمي الزابي الطّبني كان في أيّام الحكم المستنصر، وقال مجاهد بن هانئ المغربي يمدح جعفر بن علي صاحب الزاب:
ألا أيّها الوادي المقدس بالنّدى ... وأهل الندى، قلبي إليك مشوق
ويا أيّها القصر المنيف قبابه ... على الزّاب لا يسدد إليك طريق
ويا ملك الزّاب الرفيع عماده، ... بقيت لجمع المجد وهو نزيق
على ملك الزّاب السّلام مردّدا، ... وريحان مسك بالسّلام فتيق
ويوم الزاب: بين مروان الحمار بن محمد وبني العباس كان على الزاب الأعلى بين الموصل وإربل.
الزَّابجُ:
بعد الألف باء موحدة تفتح وتكسر، وآخره جيم: هي جزيرة في أقصى بلاد الهند وراء بحر هركند في حدود الصين، وقيل: هي بلاد الزنج، وبها سكّان شبه الآدميّين إلّا أن أخلاقهم بالوحش أشبه، وبها نسناس لهم أجنحة كأجنحة الخفافيش،(3/124)
وقد ذكر عنها عجائب دوّنها الناس في كتبهم، وبها فأر المسك والزّباد دابة شبه الهرّ، يجلب منها الزباد، والذي بلغني من جهة المسافرين إلى تلك النواحي أن الزباد عرق دابّة إذا حمي الحرّ عليها عرقت الزباد فجرد عنها بالسكين، والله أعلم.
زَابُلِستان:
بعد الألف باء موحدة مضمومة، ولام مكسورة، وسين مهملة ساكنة، وتاء مثناة من فوق، وآخره نون: كورة واسعة قائمة برأسها جنوبي بلخ وطخارستان وهي زابل، والعجم يزيدون السين وما بعدها في أسماء البلدان شبيها بالنسبة، وهي منسوبة إلى زابل جدّ رستم بن دستان، وهي البلاد التي قصبتها غزنة البلد المعروف العظيم.
زَابُل:
هي التي قبلها بعينها، وقد جاء ذكرها في السير، وفتح عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب زابل بعهد، وكان محمد بن سيرين يكره سبي زابل ويقول: إن عثمان بن عفّان ولث عليهم ولثا، أي عقد عقدا، وهو دون العهد.
زَابِن:
بعد الألف باء موحدة مكسورة، وآخره نون، والزّبن: الدفع، ومنه الزبانية وهم الشّرط، ولذلك سمّي بعض الملائكة الزبانية لدفعهم الكفار إلى النار، قال بعضهم: واحدهم زابن على مثال اسم هذا الموضع: وهو جبل في شعر حميد بن ثور الهلالي:
رعى السّروة المحلال ما بين زابن ... إلى الخور وسميّ البقول المديّما
الزَّابُوقَة:
بعد الألف باء موحدة، وبعد الواو قاف، يقال: زبق شعره يزبق أي نتفه، ولعلّ هذا الموضع قلع نبته فسمّي بذلك أو يكون من انزبق الشيء في الشيء إذا دخل فيه، وهو مقلوب انزقب:
وهو موضع قريب من البصرة كانت فيه وقعة الجمل أوّل النهار، وهو مدينة المسامعة بنت ربيعة بالبصرة، وهم بنو مسمع بن شهاب بن بلع بن عمرو بن عباد ابن ربيعة بن جحدر بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل، وفي أخبار القرامطة: الزابوقة موضع قرب الفلّوجة من سواد الكوفة.
زَابِيَا:
بكسر الباء الموحدة، وياء: نهر احتفره الحجّاج فوق واسط وسمّاه بذلك لأخذه من الزّابين تثنية الزاب.
زَابِيَان:
بعد الألف باء موحدة، وياء آخر الحروف، وآخره نون: اسم لنهر بين واسط وبغداد قرب النعمانية، وأظنّها نهر قوسان، ويقال للنهرين من قرب إربل الزابيان، وقد ذكرهما عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
أرّقتني بالزّابيين هموم ... يتعاورنني كأنّي غريم
ومنعن الرّقاد منّي حتى ... غار نجم واللّيل ليل بهيم
وذكرهما أبو سعيد بعد قتل بني أميّة وكان قتلهم على زاب الموصل فقال:
وبالزّابيين نفوس ثوت، ... وأخرى بنهر أبي فطرس
في قطعة ذكرتها في اللابتين.
زاحد:
حصن باليمن من أعمال زبيد في جبل وصاب.
زَاذانُ:
بعد الألف ذال معجمة، وآخره نون، تلّ زاذان: موضع قرب الرّقة في ديار مضر، عن نصر، وهو في شعر الأخطل.
زَاذَقانُ:
قرية، ينسب إليها عبيد الله بن أحمد بن محمد الزاذقاني أبو بكر الإمام الفقيه، قال شيرويه:(3/125)
قدم علينا في صفر سنة 444، روى عن أبي الصلت وابن بشران وأحمد بن عمر بن عبد العزيز بن الواثق بالله وغيرهم من مشايخ العراق، وكان ثقة صدوقا زاهدا ورعا، قال شيرويه: بلغني أنّه حمل معه من الكرخ الخبز اليابس وكان يأكل منه مدة مقامه عندنا.
زَاذَك:
بعد الألف ذال معجمة مفتوحة ثمّ كاف:
من قرى كشّ بما وراء النهر، وبطوس من أرض خراسان قرية أخرى يقال لها زاذك، وربّما قيل لهذه زايك، بعد الألف ياء مثناة من تحت، كلّه عن السمعاني.
زاذيك:
من قرى أستوا من أعمال نيسابور.
زار:
بعد الألف راء، قال أبو سعد: قرية من قرى إشتيخن من نواحي سمرقند، ينسب إليها يحيى بن خزيمة الزاري الإشتيخي، سمع عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي، روى عن الطيب بن محمد ابن حشوية السمرقندي، قال الإدريسي: والزار موضع في قول عدي بن زيد العبادي:
كلّا يمينا بذات الروع لو حدثت ... فيكم وقابل قبر الماجد الزّارا
قيل في تفسير الزار: إنّه موضع كانوا يقبرون فيه.
زارجان:
من قرى أصبهان أو محالّها، ينسب إليها محمد بن أحمد بن عليّ بن الحسين بن ممشاذ بن فنّاخشيش الزارجاني أبو منصور، روى عن أبي بكر محمد بن علي المقري.
زاريان:
بعد الراء ياء مثناة من تحت، وآخره نون:
قرية على فرسخ من مرو.
الزَّارَةُ:
بلفظ المرة من الزار، قال أبو منصور:
عين الزارة بالبحرين معروفة، والزارة: قرية كبيرة بها، ومنها مرزبان الزارة، وله ذكر في الفتوح، وفتحت الزارة في سنة 12 في أيّام أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وصولحوا، قال أبو أحمد العسكري:
الخطّ والزارة والقطيف قرى بالبحرين وهجر.
والزارة أيضا: من قرى طرابلس الغرب، نسب إليها السلفيّ إبراهيم الزاري، وكان من أعيان التجار المتموّلين، قدم إسكندرية. والزارة أيضا: كورة بالصعيد قرب قفط.
زاشت:
بعد الألف شين معجمة، وتاء مثناة: موضع.
زاعورة:
بعد الألف عين مهملة، وبعد الواو راء:
موضع.
زَاغَرْسَوْسَن:
بعد الألف غين معجمة، وراء ساكنة، وسين مفتوحة، وبعد الواو سين أخرى، وآخره نون: من قرى نسف أو سمرقند.
زَاغُول:
بعد الألف غين معجمة، وآخره لام: من قرى مرو الروذ، بها قبر المهلّب بن أبي صفرة العتكي أمير خراسان، وكان المهلب بعد فراغه من قتل الأزارقة ولّاه عبد الملك خراسان فقدّم ابنه حبيبا بعد عشرة أشهر خليفة وعزل عنها أميّة بن عبد الله بن خالد بن أسيد ثمّ قدمها المهلب في صفر سنة 76 فأقام بها إلى أن توفي بقرية زاغول من قرى مرو الروذ، وقد خرج غازيا في ذي الحجة سنة 82 وله ست وسبعون سنة، وكانت مدة ولايته على خراسان مع ولاية ابنه حبيب سبع سنين.
زَاغُونَى:
قرية ما أظنّها إلّا من قرى بغداد، ينسب إليها أحمد بن الحجّاج بن عاصم الزاغوني أبو جعفر، يروي عن أحمد بن حنبل، أنبأنا الحافظ عبد العزيز ابن محمود بن الأخضر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد ابن أحمد أخبرنا أبو زكرياء يحيى بن عبد الوهّاب(3/126)
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد أنبأنا أبو سعيد النقّاش أنبأنا أبو النصر محمد بن أحمد بن العباس قال: حدثني جدّي العباس بن مهيار أنبأنا أبو جعفر أحمد بن حجاج بن عاصم من قرية زاغونى أنبأنا أحمد بن حنبل أنبأنا خلف بن الوليد أنبأنا قيس بن الربيع عن الأشعث بن سوّار عن عدي بن ثابت عن أبي ظبيان عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: يا عليّ إن وليت الأمر من بعدي فأخرج أهل نجران من جزيرة العرب، ومنها فيما أحسب أبو بكر محمد وأبو الحسن عليّ ابنا عبيد الله بن نصر بن السريّ الزاغونيّان الحنبليّان، مات أبو الحسن في محرّم سنة 527، وهو صاحب التاريخ وشيخ ابن الجوزي ومربّيه، ومولده سنة 455، ومات أبو بكر وكان مجلّدا للكتب أستاذا حاذقا في سنة 551، ومولده في سنة 468، روى الحديث.
زَافُونُ:
بعد الفاء واو ساكنة، ونون: ولاية واسعة في بلاد السودان المجاورة للمغرب متّصلة ببلاد الملثّمين، لهم ملك ذو قوّة وفيه منعة وله حاضرة يسمونها زافون، وهو يرتحل وينتجع مواقع الغيوث، وكذا كان الملثمون قبل استيلائهم على بلاد المغرب، وملك الزافون أقوى منهم وأعرف بالملك والملثمون يعترفون له بالفضل عليهم ويدينون له ويرتفعون إليه في الحكومات الكبار، وورد هذا الملك في بعض الأعوام إلى المغرب حاجّا على أمير المسلمين ملك المغرب اللّمتوني الملثم فتلقّاه أمير المسلمين راجلا ولم ينزل زافون له عن فرسه، قال من رآه بمرّاكش يوم دخوله إليها: وكان رجلا طويلا أسود اللون حالكه منقّبا أحمر بياض العينين كأنّهما جمرتان أصفر باطن الكفين كأنّما صبغتا بالزعفران عليه ثوب مقطوط متلفّع برداء أبيض، دخل قصر أمير المسلمين راكبا وأمير المسلمين راجل بين يديه.
زَاقِفُ:
قرية من نواحي النيل من ناحية بابل، نسب إليها ابن نقطة أبا عبد الله محمد بن محمود الأعجمي الزاقفي، قرأ الأدب على شيخنا أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري وسافر في طلب العلم، وكان صالحا.
زَالِقُ:
لامه مكسورة، وقاف: من نواحي سجستان، وهو رستاق كبير فيه قصور وحصون، أرسل عبد الله بن عامر بن كريز الربيع بن زياد الحارثي إلى زالق في سنة 30 فافتتحها عنوة وسبى منها عشرة آلاف رأس وأصاب مملوكا لدهقان زرنج وقد جمع ثلاثمائة ألف درهم ليحملها إلى مولاه فقال له: ما هذه الأموال؟ فقال: من غلّة قرى مولاي، فقال له الربيع: أله مثل هذا في كلّ عام؟ قال:
نعم، قال: فمن أين اجتمع هذا المال؟ فقال:
يجمعه بالفؤوس والمناجل، قال المدائني: وكان من حديث فتح زالق أن الربيع أغار عليهم يوم المهرجان فأخذ دهقان زالق فقال له: أنا أفدي نفسي وأهلي وولدي، فقال: بكم تفديهم؟ فقال: اركز عنزة وأطمها لك بالذهب والفضة، فأدّاه وأعطاه ما ضمن له، ويقال: سبى منهم ثلاثين ألفا.
زَامُ:
إحدى كور نيسابور المشهورة، وقصبتها البوزجان، وهو الذي يقال له جام، بالجيم، سميت بذلك لأنّها خضراء مدوّرة، شبهت بالجام الزجاج، وهي تشتمل على مائة وثمانين قرية، ذكر ذلك أبو الحسن البيهقي، وقال السمعاني: زام قصبتان معروفتان يقال لهما جام وباخرز فقيل زام، والأوّل أصحّ لأن باخرز قصبة برأسها مشهورة لا عمل بينها وبين زام.(3/127)
زَامِيثَن:
بكسر الميم ثمّ ياء مثناة من تحت ثمّ ثاء مثلثة مفتوحة، ونون: من قرى بخارى.
زَامِيثَنَة:
مثل الذي قبله سواء ليس غير الهاء: من قرى بخارى أيضا غير التي قبلها، ذكرهما وفصل بينهما العمراني.
زَامِينُ:
بعد الميم المكسورة ياء ساكنة، ونون: من قرى بخارى أيضا، وقال أبو سعد: زامين بليدة من نواحي سمرقند، وربّما زيد فيها عند النسبة جيم فقيل زامينجي، وهي من أعمال أشروسنة، قال الإصطخري: أكبر مدن أشروسنة بنجيكت وتليها في الكبر زامين، وهي في طريق فرغانة إلى الصّغد، ولها اسم آخر وهو سبذه، ولها منزل للسابلة من الصغد إلى فرغانة، ولها مياه جارية وبساتين وكروم، وهي مدينة ظهرها جبال أشروسنة ووجهها إلى بلاد الغزيّة صحراء ليس بها جبال، وقد نسب إليها طائفة من أهل العلم، بينها وبين ساباط فرسخان، وبينها وبين أشروسنة سبعة فراسخ، وقال ابن الفقيه: من سمرقند إلى زامين سبعة عشر فرسخا، وزامين مفرق طريقين إلى الشاش والترك وفرغانة، فمن زامين إلى الشاش خمسة وعشرون فرسخا، ومن الشاش إلى معدن الفضة سبعة فراسخ، وإلى باب الحديد ميلان، ينسب إليها أبو جعفر محمد بن أسد ابن طاووس الزاميني رفيق أبي العباس المستغفري في الرحلة إلى خراسان وفارقه وسافر إلى العراق والحجاز والموصل، قال المستغفري: وهو حصّل إلى الإجازة عن أبي المرجّى صاحب أبي يعلى الموصلي، سمع بزامين أبا الفضل إلياس بن خالد بن حكيم الزاميني وغيره، سمع منه المستغفري وقال: مات سنة 415.
زَاوَرُ:
بعد الواو المفتوحة راء: من قرى العراق يضاف إليها نهر زاور المتّصل بعكبرا، عن نصر، وقال أبو سعد: زاور من قرى إشتيخن في الصغد.
زَاوَطا:
بعد الواو المفتوحة طاء مهملة مقصورة، لفظة نبطية: وهي بليدة قرب الطيب بين واسط وخوزستان والبصرة، وقد نسب إليها قوم من الرواة، وربّما قيل زاوطة.
زَاوَه:
بعد الواو المفتوحة هاء: من رساتيق نيسابور وكورة من كورها، قال البيهقي: سميت بذلك لأن المدخل إليها من كلّ ناحية من الشعاب، تشتمل على مائتين وعشرين قرية، وقد حوّل كثير من قراها إلى الرّخّ وربع الشامات، وقصبتها بيشك، وينسب إليها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن المثنّى بن سعيد الزاوهي، سمع إسحاق الحنظلي وعلي بن حجر وجماعة من الأئمة، وقال أبو سعد: زاوه من قرى بوشنج بين هراة ونيسابور عند البوزجان، ينسب إليها أبو الحسن جميل بن محمد بن جميل الزاوهي، سمع حاتم بن محبوب وغيره، سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ.
الزَّاوِيَةُ:
بلفظ زاوية البيت، عدة مواضع، منها:
قرية بالموصل من كورة بلد. والزاوية: موضع قرب البصرة كانت به الوقعة المشهورة بين الحجاج وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث قتل فيها خلق كثير من الفريقين، وذلك في سنة 83 للهجرة، وبين واسط والبصرة قرية على شاطئ دجلة يقال لها الزاوية ومقابلها أخرى يقال لها الهنيئة. والزاوية أيضا: موضع قرب المدينة فيه كان قصر أنس بن مالك، رضي الله عنه، وهو على فرسخين من المدينة.
والزاوية أيضا: من أقاليم أكشونية بالأندلس.
الزَّاهريّة:
عين في رأس عين لا ينال قعرها، وقد ذكرت في رأس عين.(3/128)
زَاه:
بهاء خالصة: من قرى نيسابور، والنسبة إليها زاهيّ وأزاهيّ، ينسب إليها محمد بن إسحاق بن شيرويه الزاهد الزاهي، سمع أبا العباس بن منصور وأقرانه، ومات سابع عشر ربيع الآخر سنة 338.
باب الزاي والباء وما يليهما
الزَّبّاء:
ممدود، بلفظ تأنيث الأزبّ، وهو الكثير الشعر على الجسد، وسنة زبّاء: خصبة، وعام أزبّ: كثير النبت، على التشبيه بالأزبّ الكثير الشعر على الجسد: وهي ماء لبني سليط، قال غسّان ابن ذهل يهجو جريرا:
أمّا كليبا فإنّ اللّؤم حالفها ... ما سال في حفلة الزّبّاء واديها
قال: الزّبّاء ماء لبني سليط، وحفلة السيل: كثرته واجتماعه، قال أبو عثمان سعيد بن المبارك: قال لي عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير كلّ ماء من مياه العرب اسمه مؤنث كالزّبّاء جعلوه ماءة وإن كان مذكّرا جعلوه ماء. والزّبّاء أيضا: عين باليمامة منها شرب الخضرمة والصّعفوقة لآل حفصة. والزباء:
ماء لبني طهيّة من تميم. والزبّاوان: روضتان لآل عبد الله بن عامر بن كريز بين الحنظلة والتنومة بمهبّ الشمال من النباج عن يمين المصعد إلى مكّة من طريق البصرة من مفضى أودية حلّة النباج. والزباء أيضا: مدينة على شاطئ الفرات، سميت بالزبّاء صاحبة جذيمة الأبرش، عن الحازمي، وقال القاضي محمد بن علي الأنصاري الموصلي: أنشدنا أبو بكر عبيد الله بن عثمان المقري الدمشقي خطيب الزبّاء بها قال: والزباء معقل في عنان السماء ومدينة قديمة حسنة الآثار، وقال أبو زياد الكلابي: الزباء من مياه عمرو بن كلاب ملحة بدماخ وهي جبال.
زَبابٌ:
بفتح أوّله، وتكرير الباء، وهو في اللغة جمع زبابة، وهي فأرة صمّاء تضرب بها العرب المثل فيقولون: أسرق من زبابة، ويشبه بها الجاهل، قال الحارث بن حلّزة:
وهم زباب حائر ... لا تسمع الآذان رعدا
وقال نصر: نهيا زباب ماءان لبني أبي بكر بن كلاب.
زَبادُ:
موضع بالمغرب بإفريقية، عن أبي سعد، ونسب إليها مالك بن حبر الزبادي الإسكندراني، روى عن أبي فيل المعافري وغيره، روى عنه حيوة ابن شريح وأبو حاتم بن حبّان، ونسب الحازمي هذا إلى ذي الكلاع، وذكر ابن ماكولا في باب الزبادي: خالد بن عامر الزبادي، إفريقي، حدث عنه عيّاش بن عبّاس، روى عن خالد بن يزيد بن معاوية، قاله ابن يونس.
زبارا: موضع أظنه من نواحي الكوفة، ذكر في قتال القرامطة أيّام المقتدر.
زُبالَةُ:
بضم أوّله: منزل معروف بطريق مكّة من الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية، وقال أبو عبيد السّكوني: زبالة بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق، فيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد. ويوم زبالة: من أيّام العرب، قالوا: سمّيت زبالة بزبلها الماء أي بضبطها له وأخذها منه، يقال: إن فلانا شديد الزبل للقرب والزمل إذا احتملها، ويقال: ما في الإناء زبالة أي شيء، والزّبال: ما تحمله النملة بفيها، وقال ابن الكلبي: سميت زبالة باسم زبالة بنت مسعر امرأة من العمالقة نزلتها، وإليها ينسب أبو بكر(3/129)
محمد بن الحسن بن عيّاش الزّبالي، يروي عن عياض بن أشرس، روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، وقال بعض الأعراب:
ألا هل إلى نجد وماء بقاعها ... سبيل، وأرواح بها عطرات؟
وهل لي إلى تلك المنازل عودة ... على مثل تلك الحال قبل مماتي
فأشرب من ماء الزّلال وأرتوي، ... وأرعى مع الغزلان في الفلوات
وألصق أحشائي برمل زبالة، ... وآنس بالظّلمان والظّبيات
زَبّانُ:
موضع بالحجاز، عن نصر.
زُبانَى:
بضم أوّله، وبعد الألف نون مفتوحة، مقصور، بلفظ زبانى العقرب الكوكب في السماء وهو قرناها: موضع في قول الهذلي:
ما بين عين في زبانى الأثأب
الزَّبَحُ:
بالتحريك، والحاء مهملة، قال أبو سعد:
ظنّي أنّها قرية بنواحي جرجان، ينسب إليها أبو الحسن عليّ بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن زكرياء الزّبحي الجرجاني، سمع القاضي أبا بكر الحيري وأبا القاسم حمزة بن يوسف السّهمي وغيرهما، وتوفي بهراة سنة 408.
زُبْدانُ:
قال نصر: بعد الزاي المضمومة باء موحدة ساكنة: موضع بين دمشق وبعلبكّ، كذا قال، وأظنّه سهوا إنّما هو الزّبداني، كما نذكره تلو هذا.
الزَّبَدَانِيّ:
بفتح أوّله وثانيه، ودال مهملة، وبعد الألف نون ثمّ ياء مشددة كياء النسبة: كورة مشهورة معروفة بين دمشق وبعلبكّ منها خرج نهر دمشق، وإليها ينسب العدل الزبداني الذي كان يترسل بين صلاح الدين يوسف بن أيّوب والفرنج، فلفظ الموضع والنسبة إليه واحد كقولنا رجل شافعيّ في النسبة إلى مذهب الشافعي، ولم يكن محمودا في طريقته، فقال الشهاب الشاغوري الدمشقي يهجوه:
بالعدل تزدان الملوك، وما ... شان ابن أيّوب سوى العدل
هو دلو دولته بلا سبب، ... فمتى أرى ذا الدّلو في الحبل؟
زَبْدَقانُ:
من قرى عربان على نهر الخابور، ينسب إليها أبو الحصيب الربيع بن سليمان بن الفتح الزبدقاني، روى عنه السلفي شعرا، وأبو الوفاء سعد الله بن الفتح الزبدقاني، شاعر أيضا، روى السلفي عن أبي الخير سلامة بن المفرّج التميمي رئيس عربان عنه.
زُبْدٌ:
ذو زبد: في آخر حدود اليمامة.
زَبَدٌ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره دال مهملة، بلفظ زبد الماء والبعير وغيرهما، قال نصر: قيل هما جبلان باليمن، وقيل: قرية بقنّسرين لبني أسد، قال محمد بن موسى: زبد، بفتح الزاي والباء الموحدة، في غربي مدينة السلام، له ذكر في تاريخ المتأخرين.
زُبْدَةُ:
قال نصر: بالضم، والهاء زائدة: مدينة بالروم من فتوح أبي عبيدة بن الجرّاح، رضي الله عنه.
زَبراء:
موضع في بادية الشام قرب تيماء، له ذكر في الفتوح أيّام أبي بكر.
زَبَرَانُ:
من قرى الجند باليمن على أكمة قريبة من الجند.
زِبَطْرَةُ:
بكسر الزاي، وفتح ثانيه، وسكون الطاء المهملة، وراء مهملة: مدينة بين ملطية(3/130)
وسميساط والحدث في طرف بلد الروم، سمّيت بزبطرة بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح، عليه السلام، عن الكلبي، وطول زبطرة في الإقليم الخامس من جهة المغرب ثمان وخمسون درجة وثلث، وعرضها ثمان وثلاثون درجة، وقال أبو تمام يمدح المعتصم:
لبّيت صوتا زبطريّا هرقت له ... كأس الكرى ورضاب الخرّد العرب
زَبَغْدُوان:
بفتح أوّله وثانيه ثمّ غين معجمة ساكنة، ودال مهملة مضمومة، وآخره نون: قرية من قرى بخارى.
زُبُنّةُ:
موضع من كور رصفة بالساحل، منها أبو حاتم الزّبنّيّ الذي قال فيه محمد بن أبي معتوج يهجوه:
وإذا مررت بباب شيخ زبنّة ... فاكتب عليه قوارع الأشعار
يؤتى وتؤتى شيخه وعجوزه ... وبناته وجميع من في الدّار
واسمه محمد بن أبي المنهال بن دارة الأزدي، وفيه يقول:
أبا حاتم سدّ من أسفلك ... بشيء هو الشطر من منزلك
قال ابن رشيق: وكان قاضيا بمكانه من الساحل من كورة رصفة يسمّى زبنّة، قال: وكان أبو حاتم شاعرا مشهورا بالشعر فارغا من غيره من العلوم، وابنه عبد الخالق بن أبي حاتم أشهر من أبيه بالشعر وأعرف.
زَبُويَةُ:
بفتح أوّله، وضم ثانيه، وسكون الواو، وياء مثناة من تحت مفتوحة: من قرى مرو، والنسبة إليها زبويييّ، بثلاث ياءات، ينسب إليها أبو حامد أحمد بن سرور الزبوييي، حدث عن إبراهيم بن الحسين وإسحاق بن إبراهيم السرخسي، روى عنه أبو إسحاق المذكور المعروف بالعبد الذليل، ولم يكن به بأس.
الزَّبِيبيّةُ:
منسوب إلى الزبيب الذي من العنب:
محلّة ببغداد يقال لها تلّ الزبيبية، ينسب إليها أبو بكر عبد الله بن أبي طالب المقري الزبيبي الخلّال البغدادي، كان من هذه المحلّة، حدث عن شهدة بنت الإبريّ وأبي ساكن صاحب ابن بالان، وسمع من سعيد بن صافي الحمالي في خلق كثير، وسماعه صحيح، طلب الحديث بنفسه، وله مشيخة، سمع منه محمد بن عبد الغني بن نقطة.
زُبَيْدَانُ:
بضم أوّله، وفتح ثانيه، وآخره نون:
موضع.
زَبِيدٌ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت:
اسم واد به مدينة يقال لها الحصيب ثمّ غلب عليها اسم الوادي فلا تعرف إلّا به، وهي مدينة مشهورة باليمن أحدثت في أيّام المأمون وبإزائها ساحل غلافقة وساحل المندب، وهو علم مرتجل لهذا الموضع، ينسب إليها جمع كثير من العلماء، منهم: أبو قرّة موسى بن طارق الزبيدي قاضيها، يروي عن الثوري وابن جريج وربيعة وغيرهم، روى عنه إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وأثنى عليه خيرا، وجماعة سواه، وأبو حمّة محمد بن يوسف بن محمد ابن أسوار بن سيّار بن أسلم الزبيدي، كنيته أبو يوسف وأبو حمّة كاللقب له، حدث عن أبي قبّرة موسى بن طارق الزبيدي بكتاب السنن له، روى عنه المفضل بن محمد الجندي وموسى بن عيسى الزبيدي(3/131)
ومحمد بن سعيد بن حجاج الزبيدي، وكان المأمون قد أتى بقوم من ولد زياد ابن أبيه وقوم من ولد هشام وفيهم رجل من بني تغلب يقال له محمد بن هارون فسألهم عن نسبهم فأخبروه وسأل التغلبي عن نسبه فقال: أنا محمد بن هارون، فبكى وقال: ما لي بمحمد بن هارون! ثمّ قال: أما التغلبي فيطلق كرامة لاسمه واسم أبيه وأمّا الأمويون والزياديون فيقتلون، فقال ابن زياد: ما أكذب الناس يا أمير المؤمنين! إنّهم يزعمون أنّك حليم كثير العفو متورّع عن الدماء بغير حقّ، فإن كنت تقتلنا عن ذنوبنا فإنّا والله لم نخرج أبدا عن طاعة ولم نفارق في تبعيد الجماعة، وإن كنت تقتلنا عن جنايات بني أميّة فيكم فالله تعالى يقول: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى 6: 164، قال: فاستحسن المأمون كلامه وعفا عنهم جميعا، وكانوا أكثر من مائة رجل، ثمّ أضافهم الحسن بن سهل، فلمّا بويع إبراهيم بن المهدي في سنة 202، ورد في كتاب عامل اليمن خروج الأعاشر بتهامة عن الطاعة، فأثنى الحسن بن سهل على الزيادي، وكان اسمه محمد بن زياد، وعلى المرواني والتغلبي عند المأمون وأنّهم من أعيان الرجال، فأشار إلى إرسالهم إلى اليمن فسيّر ابن زياد أميرا وابن هشام وزيرا والتغلبي قاضيا، فمن ولد محمد بن هارون التغلبي من قضاة زبيد بنو أبي عقامة، ولم يزالوا يتوارثون ذلك حتى أزالهم ابن مهدي حين أزال دولة الحبشة وحجّ الزيادي سنة ثلاث ومائتين ومضى إلى اليمن وفتح تهامة واختط زبيد في سنة 204.
زُبَيْدٌ:
بضم أوّله، وفتح ثانيه، كأنّه تصغير زبد أو زبد، وهو بلفظ القبيلة، قال العمراني: موضع.
الزُّبَيْدِيّةُ:
مثل الذي قبله منسوب نسبة المؤنث:
اسم بركة بين المغيثة والعذيب وبها قصر ومسجد عمرته زبيدة أمّ جعفر زوجة الرشيد وأمّ الأمين فنسب إليها. والزّبيدية أيضا: قرية بالجبال بين قرميسين ومرج القلعة، بينها وبين كلّ واحد منهما ثمانية فراسخ، وأخرى قرب واسط بينهما نحو فرسخين أو ثلاثة، ومحلّة ببغداد في الجانب الغربي قرب مشهد موسى بن جعفر في قطيعة أم جعفر.
والزبيدية أيضا: محلّة أخرى أسفل مدينة السلام منسوبة إليها أيضا وهي في الجانب الغربي أيضا.
الزَّبِيرُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت، وآخره راء مهملة، قال ابن جنّي: الزبير الحمأة، وأنشد:
وقد خرّب النّاس آل الزّبير ... فلاقوا من آل الزّبير الزّبيرا
قال: والزّبير أيضا الكتاب المزبور أي المكتوب، وأنشد:
كم رأيت المهرق الزّبيرا
والجبل الذي كلّم الله تعالى عليه موسى بن عمران، عليه السلام، اسمه الزبير. والزبير: اسم موضع آخر في البادية قرب الثعلبية، قال أعرابيّ:
إذا ما سماء بالدّناح تخايلت ... فإنّي على ماء الزّبير أشيمها
في أبيات ذكرت في الثعلبية.
الزَّبِيرَتانِ:
ماءتان لطهيّة من أطراف أخارم خفاف حيث أفضى في الفرع، وهو أرض مستوية.
زُبِيلاذَان:
بضم أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت ساكنة، وبعد اللام ألف وذال معجمة، وآخره نون: من قرى بلخ.
زَبِين:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وآخره نون:
موضع.(3/132)
زَبْيَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ ياء آخر الحروف، قال الواقدي: تربة وزبية واديان بعجز هوازن، وقال عرّام: وفي حدّ تبالة قرية يقال لها زبيّة، كذا هو مضبوط في كتاب عرّام، وفيه عقيق تمرة.
باب الزاي والجيم وما يليهما
زِجاجٌ:
بكسر أوّله، وتكرير الجيم، كأنّه جمع زجّ الرّمح، وهو الحديدة التي في أسفل الرمح، والجمع زججة وزجاج: وهو موضع بالدهناء، قال ذو الرّمة:
فظلّت بأجماد الزّجاج سواخطا
أي الحمر، والأجماد جمع جمد: وهو ما غلظ من الأرض وارتفع، وسواخطا أي سخطن المرتفع لما يبس عليهنّ الكلأ.
الزَّجّاجَةُ:
بلفظ صاحبة الزّجّاج، كما يقال عطّارة وخبّازة: قرية بصعيد مصر قرب قوص ذات بساتين ونخل كثير وهي بين قوص وقفط، ينسب إليها أبو شجاع الزّجّاجي، له وقعة في أيّام صلاح الدين يوسف بن أيّوب، وذلك أنّه أظهر رجلا من بني عبد القوي داعي المصريين وادّعى أنّه من أولاد الخلفاء الذين كانوا بمصر حتى جاءه الملك العادل أبو بكر بن أيّوب في عسكر كثير فقتله، ومنها أيضا أبو الحلي سوار الزّجّاجي، كان ذا فضل وأدب، وله تصانيف حسنة في الأدب.
الزجاجلة:
محلّة ومقبرة بقرطبة، منها عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الزجاجلي أبو بكر من أهل قرطبة، استوزره الحكم المستنصر، وكان خيّرا فاضلا حليما أديبا طاهرا كثير الخير والمعروف طويل الصلاة والنسك، مات سنة 375 ودفن بالمقبرة المنسوبة إلى الزجاجلة، والناس كلّهم متفقون على الثّناء عليه.
الزُّجّ:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه، بلفظ زجّ الرمح:
موضع ذكره المرقش في قوله:
أبلغا المنذر المنقّب عنّي ... غير مستعتب ولا مستعين
لات هنّا وليتني طرف الزّجّ ... وأهلي بالشام ذات القرون
وقال نصر: زجّ لاوة موضع نجديّ، وفي المغازي:
بعث رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، الأصيد بن سلمة بن قرط مع الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب إلى القرطاء، وهم قرط وقريط وقريط بنو عبد بن أبي بكر بن كلاب، ولهم يقول معاوية بن مالك بن جعفر:
تفاخرني بكثرتها قريط ... وقتلك والدم الخجل الصّقور
يدعوهم إلى الإسلام فدعوهم فأبوا، فقاتلوهم فهزموهم فلحق الأصيد أباه سلمة على فرس له إلى غدير بزجّ بناحية ضرية، وذكر القصة. والزّج أيضا:
ماء يذكر مع لواثة أقطعه رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، العدّاء بن خالد من بني ربيعة بن عامر.
زُجَيْجٌ:
منقول عن لفظ تصغير الزّجّ للرمح: منزل للحاجّ بين البصرة ومكّة قرب سواج، عن نصر، وقرأته في قول عديّ بن الرقاع:
أطربت أم رفعت لعينك غدوة ... بين المكيمن والزّجيح حمول؟
بالحاء المهملة.
زُجَيّ:
بالضم، وفتح الجيم، وتشديد الياء: واد من أودية عمّان على فرسخ منها.(3/133)
باب الزاي والحاء وما يليهما
الزَّحْرُ:
من قرى مشرق جهران باليمن.
الزَّحْفُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره فاء، يوم الزحف: للأحنف بن قيس.
زَحْكٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره كاف، يقال: زحك بعيره زحكا إذا أعيا: وهو موضع في شعر رويشدة:
ويبلغ بها زحكا ويهبطن ضرغدا ... ووجدت في كتاب الحفصي زحل، باللام، في
ناحية اليمامة، ولا أدري أهو تصحيف أم غيره.
زُحَيْرِية:
أرض ونخل لبني مسلمة بن عبيد من حنيفة باليمامة، عن الحفصي.
زُحَيْفٌ:
تصغير زحف: ماء بين ضرية ومغيب الشمس، ويقال بئر زحيف، قال الراجز:
نحن صبحنا قبل من يصبّح ... يوم زحيف والأعادي جنّح
كتائبا فيها بنود تلمح
وقال الأصمعي: زحيف جبل وماء.
باب الزاي والخاء وما يليهما
زُخٌّ:
قال محمد بن موسى: زخّ، بالزاي والخاء، بلاد خراسان، ينسب إليها الرواة، وهذا سهو منه إنّما هو رخّ، بالراء المضمومة المهملة والخاء المنقوطة كما ذكر في بابه.
زَخْمَانُ:
هذا أيضا سها العمرانيّ فيه وذكره بالزاي، وأنشد:
نعم الفتى غادرتم بزخمان
والصواب بالراء، وقد ذكر في موضعه، وإنّما أذكر مثل هذا تنبيها لئلّا يغتر به مغترّ ويظنّ أنّني لم أقف عليه ولم أحققه.
زُخْمٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وقال ابن دريد:
زخم مثل زفر كأنّه في الأصل جمع زخمة، قال ابن شميل: الزّخمة الرائحة الكريهة، يقال:
أتانا بطعام له زخمة: وهو موضع قرب مكّة، عن نصر، وقال طرفة، وقيل المخبّل السعدي:
لم تعتذر منها مدافع ذي ... ضال ولا عقب ولا الزّخم
ووجدته بخط بعض الفضلاء بفتح أوّله.
زَخّةُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وقال الأصمعي:
الزّخّة الغيظ، وأنشد:
فلا تقعدنّ على زخّة ... وتضمر في القلب وجدا وخيفا
وزخّة الرجل: زوجته، وزخّة: اسم موضع في بلاد طيّء منقول من أحدهما، ويوم زخّة: من أيّام العرب، قال بهنكة الفزاري يخاطب عامر بن الطفيل:
أحسبت أن طعان مرّة بالقنا ... حلب الغزيرة من بنات الغيهب
عصبا دفعن من الأبارق من قنا ... فجنوب زخّة فالرّقاق فينقب
يقطعن أودية الذّباب بساطع ... مسط كأنّ به دواخر تنضب
زُخَيْخٌ:
تصغير زخّ، وزخّ يزخّ إذا دفع في قفا رجل: وهو موضع كانت به وقعة لتميم، وهو على مرحلتين من فلج على جادّة الحاج، قال زيد الخيل:(3/134)
غدت من زخيخ ثمّ راحت عشيّة ... بحبران إرقال العتيق المجفّر
باب الزاي والراء وما يليهما
زُرّا:
قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: علي بن الحسين ابن ثابت بن جميل أبو الحسن الجهني الزرّي الإمام من أهل زرّا التي تدعى اليوم زرع من حوران، هذا لفظه بعينه، روى عن هشام بن عمار وهشام بن خالد وأحمد بن أبي الحواري، روى عنه أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد المؤدّب وأبو بكر محمد بن سليمان الربعي وأبو يعلى عبد الله بن محمد بن حمزة ابن أبي كثير الصيداوي ومحمد بن حميد بن معيوف وجمح بن القاسم المؤذن.
الزِّرابُ:
موضع فيه مسجد رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بناه في مسيره إلى تبوك من المدينة.
الزراب:
جبال عالية بين فيد والجبلين، عن بدويّ من أهل تلك البلاد أخبرنا بها.
زُرَاباذ:
بضم أوّله، وبعد الألف باء موحدة، وآخره ذال معجمة: موضع بسرخس.
زُرَارَةُ:
محلّة بالكوفة سمّيت بزرارة بن يزيد بن عمرو بن عدس من بني البكار، وكانت منزله فأخذها معاوية منه ثمّ أصفيت حتى أقطعها أبو جعفر محمد بن الأشعث بن عقبة الخزاعي، وكان زرارة على شرطة سعيد بن العاص إذ كان بالكوفة، وفي الحديث: نظر عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، إلى زرارة فقال: ما هذه القرية؟ قالوا: قرية تدعى زرارة يلحم فيها ويباع فيها الخمر، فعبر إليها الفرات على الجسر ثمّ قال: عليّ بالنيران أضرموا فيها فإن الخبيث يأكل بعضه بعضا، قال: فاحترقت من غربيّها حتى بلغت بستان خواستابر حيرونا.
الزَّرّاعَةُ:
عدّة مواضع بالشام من فلسطين والأردنّ، منها زرّاعة الضحاك التي يقول فيها عمرو بن مخلاة الكلبي يخاطب بني أميّة ويذكر مقامات قومه في حروبهم:
ضربنا لكم عن منبر الملك أهله ... بجيرون إذ لا تستطيعون منبرا
وأيّام صدق كلّها قد علمتم، ... ويوما لنا بالمرج نصرا مؤزّرا
فلا تنكروا حسنى مضت من بلائنا ... ولا تمنحونا بعد لين تجبّرا
فكم من أمير قبل مروان وابنه ... كشفنا غشاء الجهل عنه فأبصرا
ومستلئم نفّست عنه وقد بدت ... نواجذه حتى أهلّ وكبّرا
إذا افتخر القيسيّ فاذكر بلاءه ... بزرّاعة الضحّاك شرقيّ جوبرا
والزرّاعة أيضا: قرية من حرّان بينها وبين قلعة جعبر فيها مياه كثيرة وصيد كثير، يأوي إليها الأشرف في أكثر أوقاته. والزّرّاعة أيضا: قرية يقال لها رأس الناعور وهي قرية كبيرة فيها عين فوّارة غزيرة الماء ينبت فيها اللينوفر من شرقي الموصل من أعمال نينوى قرب باعشيقا. وزرّاعة زفر:
قرب بالس من أرض حلب.
زَرّافاتُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وبعد الألف فاء، والزّرّافة: الجماعة، وجمع الجمع الزرافات:
وهو اسم موضع، عن العمراني، قال لبيد:
وإذا حرّكت غرزي أجمزت ... وقرا بي عدو جون قد أبلّ(3/135)
بالغرابات فزرّافاتها، ... فبخنزير فأطراف حبل
زَرَاوَنْد:
بفتح أوّله، وبعد الواو المفتوحة نون ساكنة، وآخره دال مهملة، قال مسعر بن مهلهل وقد ذكر البحيرة المرّة بأرمية قال: وعلى هذه البحيرة قلاع حصينة، وجانب من هذه البحيرة يأخذ إلى موضع يقال له وادي الكرد فيه طرائف من الأحجار وعليه ممّا يلي سلماس حمّة شريفة جليلة نفيسة الخطر كثيرة المنفعة وهي بالإجماع والموافقة خير ما يخرج من كلّ معدن في الأرض، يقال لها زراوند، وإليها ينسب البورق الزراوندي، وذلك أن الإنسان أو البهيمة يلقى فيها وبه كلوم قد اندملت وقروح قد التحمت ودونها عظام موهنة وأزجّة كامنة وشظايا غامضة فتتفجر أفواهها ويخرج ما فيها من قيح وغيره وتجتمع على النظافة ويأمن الإنسان غائلتها، وعهدي بمن توليت حمله إليها وبه علل من جرب وسلع وقولنج وحزاز وضربان في الساقين واسترخاء في العصب وهمّ لازم وحزن دائم وبه سهم قد نبت اللحم على نصله وغار في كبده، وكنا نتوقع صدع قلبه صباح مساء فأقام بها ثلاثة أيّام فخرج السهم من خاصرته لأنّه أرقّ موضع وجد فيه منفذا، قال: ولم أر مثل هذا الماء إلّا في بلد التيز ومكران، قال: ومن شرف الحمّة أن مع ذلك مجراها مجرى ماء عذب زلال بارد، فإذا شرب منه إنسان أمن الخوانيق ووسع عروق الطحال الدقاق وأسهل السوداء من غير مشقة، وذكر غير ذلك من خواصّ هذه الحمة، والله أعلم بصحته.
زَرَاوَةُ:
بفتح الواو: من نواحي طوس بخراسان.
الزَّرَائِبُ:
بليد في أوائل بلاد اليمن من ناحية زبيد، وإليه ينسب عمارة اليمني الشاعر فيما قيل، وقال ربيعة اليمني يهنئ الصليحيّ بفتحه:
فصبّحت بيشا والزرائب والقنا، ... وكلّ كميّ في رضاك مسارع
زَرْبَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحدة، عين زربة: من الثغور قرب المصيصة، تذكر في العين، والله أعلم.
زَرْجِين:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، والجيم مكسورة ثمّ ياء مثناة من تحت، وآخره نون: محلّة كبيرة بمرو، نسب إليها طائفة من أهل العلم، منهم:
رزين بن أبي رزين السرّاج الزرجيني، روى عن عكرمة مولى ابن عبّاس، رضي الله عنه، روى عنه عبد الله بن المبارك.
زَرَخْش:
بفتح أوّله وثانيه، وخاء معجمة ساكنة، وشين معجمة: من قرى بخارى، ينسب إليها أبو داود سليمان بن سهل بن ظفر الزرخشي البخاري، روى عن عبد الله بن أبي حفص الكبير، ومات سنة 328.
زَرْد:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة، ومعناه بالفارسية الأصفر: وهي من قرى أسفرايين من أعمال نيسابور، ينسب إليها أحمد بن محمد الزردي اللغوي الأديب.
زرْدَنَا:
بليدة من نواحي حلب الغربية.
زِرْزَا:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وزاي أخرى:
قرية من الصعيد الأدنى، بينها وبين الفسطاط يومان، وهي في غربي النيل.
زَرْزَم:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وزاي أخرى مفتوحة: من قرى مرو على ستة فراسخ قرب كمسان، وقد خربت لم يبق منها إلّا مزرعتها.(3/136)
زُرْفامِيَةُ:
ويقال زرفانية، بضم أوّله، وسكون ثانيه، وفاء، وبعد الألف ميم أو نون ثمّ ياء مثناة من تحت: قرية كبيرة من نواحي قوسان، وهي نواحي الزاب الأعلى الذي بين واسط وبغداد وليس بالزاب الذي بين إربل والموصل، وهي من غربي دجلة على شاطئها، وهي الآن خراب ليس إلّا آثارها عند مصبّ الزاب الأعلى، وفيها يقول علي ابن نصر بن بسّام:
ودهقان طيّ تولّى العراق ... وسقي الفرات وزرفاميه
ينسب إليها عبد الصمد بن يوسف بن عيسى النحوي الضرير، قرأ على ابن الخشاب وأقام بواسط يقرئ النحو ويفيد أهلها إلى أن مات في سنة 576.
الزّرْقاء:
بلفظ تأنيث الأزرق: موضع بالشام بناحية معان، وهو نهر عظيم في شعارى ودحال كثيرة، وهي أرض شبيب التّبّعي الحميري، وفيه سباع كثيرة مذكورة بالضراوة، وهو نهر يصبّ في الغور.
والزرقاء أيضا: بين خناصرة وسورية من أعمال حلب وسلمية، وهي ركيّة عظيمة إذا وردها جميع العرب كفتهم، وبالقرب منها موضع يقال له الحمّام، وهي حمّة حارة الماء.
زَرْقانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وقاف، وآخره نون، فعلان من الزّرق وهو شبه الخزر: موضع.
زُرْقانُ:
بضم الزاي، محجر الزرقان، والمحجر كالناحية للقوم: بأرض حضر موت أوقع فيه المهاجر ابن أبي أميّة بأهل الردّة، وقال:
كنّا بزرقان إذ نشرّدكم ... بحرا يزجّي في موجه الحطبا
نحن قتلناكم بمحجركم ... حتى ركبتم من خوفنا السّببا
إلى حصار يكون أهونه ... سبي الذّراري وسوقها خببا
زَرَّقانُ:
كذا هو مضبوط في تاريخ شيرويه، وينسب إليها محمد بن عبد الغفار الزّرّقاني، روى عن الربيع بن تغلب ونصر بن علي الجهمي وغيرهما، روى عنه أبو عمارة الكرخي الحافظ وغيره، وهو صدوق، ولعلّه نسبه إلى قرية لم تتحقق إلى الآن.
زُرَّقُ:
بالضم ثمّ الفتح والتشديد: قرية بمرو وواد بالحجاز أو اليمن، عن نصر.
زَرْقُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره قاف:
قرية من قرى مرو، بها قتل يزدجرد آخر ملوك الفرس، وينسب إليها أبو أحمد محمد بن أحمد بن يعقوب الزرقي المروزي، حدث عن أبي حامد أحمد ابن عيسى الكشميهني وروى عن عبد الله بن محمود الصّغدي المروزي، وعاش إلى بعد سنة 380.
زُرْق:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره قاف، مثال جمع أزرق: رمال بالدّهناء، وقيل: هي قرية بين النباج وسمينة، وهي صعبة المسالك، قال ذو الرّمّة:
فيا أكرم السّكن الذين تحمّلوا ... عن الدار، والمستخلف المتبدّل
كأن لم تحلّ الزّرق ميّ ولم تطأ ... بجرعاء حزوى ذيل مرط مرجّل
وقال:
ألا حييا بالزرق دار مقام
زَرْكَران:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وبعد الكاف المفتوحة راء، وآخره نون: من قرى سمرقند.(3/137)
زَرْكُون:
ناحية من أذربيجان يمرّ بها الزّاب الأعلى، والله أعلم.
زَرْمان:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
من قرى صغد سمرقند، بينها وبين سمرقند سبعة فراسخ، عن السمعاني، ينسب إليها أبو بكر محمد ابن موسى الزرماني، روى عن محمد بن المسبّح الكيشي، روى عنه محمد بن محمد بن حمّوية الكرجي الصغدي.
زَرْمٌ:
أوّله زاي مفتوحة بعدها راء ساكنة: اسم واد عظيم يصبّ في دجلة.
زَرَنْج:
بفتح أوّله وثانيه، ونون ساكنة، وجيم:
مدينة هي قصبة سجستان، وسجستان اسم الكورة كلّها، قال عبيد الله بن قيس الرّقيّات يمدح مصعب ابن الزبير:
ليت شعري أأوّل الهرج هذا، ... أم زمان من فتنة غير هرج
إن يعش مصعب فنحن بخير، ... قد أتانا من عيشنا ما نرجّي
ملك يطعم الطّعام ويسقي ... لبن البخت في عساس الخلنج
جلب الخيل من تهامة حتى ... بلغت خيله قصور زرنج
حيث لم تأت قبله خيل ذي ال ... أكتاف يزحفن بين قفّ ومرج
وافتتح سجستان في أيّام عمر، رضي الله عنه، عاصم ابن عديّ التميمي، وقال:
سائل زرنجا هل أبحت جموعها ... لما لقيت صقاعها بصقاعه
زَرَنْجَرَى:
بفتح أوّله وثانيه، ونون ساكنة، وجيم وراء مفتوحتين: من قرى بخارى، وربّما قيل لها زرنكرى، وهي على خمسة فراسخ من بخارى، وإليها ينسب أبو الفضل بكر بن محمد بن علي بن الفضل بن الحسن بن إبراهيم بن إسحاق بن عثمان بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن جابر بن عبد الله الأنصاري الزرنجري البخاري، كان إماما في مذهب أبي حنيفة، رضي الله عنه، لا يدافع يقرّ له بذلك المخالف والمؤالف حتى إن أهل بلده كانوا يسمّونه أبا حنيفة الأصغر، وجمع الحديث في صغره وتفرد في رواية كتب لم يروها غيره في زمانه كثيرة، وأجازه السمعاني، ومات في شعبان سنة 512، ومولده سنة 427، وابن أخيه أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن الفضل، روى الحديث عن عمّه، روى عنه محمد ابن أحمد الأوشي.
زَرَنْد:
بفتح أوّله وثانيه، ونون ساكنة، ودال مهملة: بليدة بين أصبهان وساوه، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن العبّاس بن أحمد بن محمد بن خالد ابن يزيد الزرندي الشيرازي النحوي، سمع أبا الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي بن طلحة العبقسي وأبا الحسين أحمد بن عبد الله الخركوشي وغيرهما، روى عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمد النّخشبي وغيره، قال السلفي: أنشدني القاضي أبو العميد عبد الكريم بن أحمد بن علي الجرجاني بمامونية زرند في مدرسته، وهي بين الري وساوه.
وزرند أيضا: مدينة قديمة كبيرة من أعيان مدن كرمان، بينها وبين جواسير أربعة أيّام.
زَرَنْدَر:
مثل الذي قبله إلّا أن بعد الدال راء، ينسب إليها الحسين بن محمد بن عبد الله الزرندري أبو عبد الله الصوفي، قال: ذكره القاضي عمر(3/138)
القرشي في معجم شيوخه وقال: سمعت منه، وكان سمع ببغداد من أبي منصور سعيد بن محمد بن الرّزّاز الفقيه، ومات ببغداد في ذي الحجّة سنة 562.
زَرَنرُوذ:
بفتح أوّله وثانيه، ونون ساكنة ثمّ راء مهملة، وآخره ذال معجمة: اسم لنهر أصبهان، وهو نهر موصوف بعذوبة الماء والصحة، مخرجه من قرية يقال لها بناكان ويمر بقرية يقال لها دريم ثمّ إلى أخرى يقال لها دبنا ويجتمع إليه في هذه القرية مياه كثيرة حتى يعظم أمره فيمتد منها فيسقي البساتين والرساتيق والقرى ويمرّ على المدينة ثمّ يغور في رمال هناك ويخرج بكرمان على ستين فرسخا من الموضع الذي يغور فيه فيسقي مواضع في كرمان ثمّ ينصبّ إلى بحر الهند، وقد ذكر أنّهم أخذوا قصبا وعلموه بعلائم وأرسلوه في تلك المواضع التي يغور فيها الماء فوجدوها وقد نبعت بعينها بأرض كرمان فاستدلوا على أنّه ماء أصبهان.
زَرَنْكَرَى:
هو زرنجرى المذكور آنفا.
زُرْنُوج:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، ونون، وآخره جيم: بلد مشهور بما وراء النهر بعد خوجند من أعمال تركستان، والمشهور من اسمه زرنوق، بالقاف.
زُرْنُوق:
هو المذكور قبله بعينه، قال أبو زياد الكلابي:
الزّرنوق موضع باليمامة فيه المياه والزروع وأطواء كثيرة وهو فلج من الأفلاج، وقد شرحنا الفلج في موضعه.
زِرْنيخ:
بلفظ هذا العقّار الأصفر: قرية من قرى الصعيد بأعلاه من شرقي النيل.
زَرُودُ:
يجوز أن يكون من قولهم: جمل زرود أي بلوع، والزّرد: البلع، ولعلّها سميت بذلك لابتلاعها المياه التي تمطرها السحائب لأنّها رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة، وقال ابن الكلبي عن الشرقي: زرود والشّقرة والرّبذة بنات يثرب بن قانية بن مهليل بن رخام بن عبيل أخي عوض بن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، وتسمى زرود العتيقة، وهي دون الخزيمية بميل، وفي زرود بركة وقصر وحوض، قالوا أوّل الرمال الشيحة ثمّ رمل الشقيق، وهي خمسة أجبل: جبلا زرود وجبل الغرّ ومربخ، وهو أشدّها، وجبل الطريدة، وهو أهونها، حتى تبلغ جبال الحجاز. ويوم زرود: من أيّام العرب مشهور بين بني تغلب وبني يربوع، وقد روي أن الرشيد حجّ في بعض الأعوام فلمّا أشرف على الحجاز تمثل بقول الشاعر:
أقول وقد جزنا زرود عشية، ... وراحت مطايانا تؤمّ بنا نجدا:
على أهل بغداد السلام، فإنّني ... أزيد بسيري عن بلادهم بعدا
وقال مهيار:
ولقد أحنّ إلى زرود وطينتي ... من غير ما جبلت عليه زرود
ويشوقني عجف الحجاز وقد طفا ... ريف العراق وظلّه الممدود
ويغرّد الشّادي فلا يهتزّ بي، ... وينال مني السّابق الغرّيد
ما ذاك إلّا أنّ أقمار الحمى ... أفلاكهنّ، إذا طلعن، البيد
زَرُوديزه:
بفتح أوّله، وبعد الواو دال مهملة، وياء مثناة من تحت، وزاي: قرية على أربعة فراسخ من سمرقند عند عقبة كشّ، ينسب إليها زروديزكي.(3/139)
زَرْهُون:
جبل بقرب فاس فيه أمّة لا يحصون، ينسب إليها أبو العبّاس أحمد بن الحسين بن علي ابن الأمير الزرهوني فقيه مكناسة الزيتون بالعدوة من أرض المغرب، وكذلك أبوه وجده حافظان لمذهب مالك، وكان يوصف بالحفظ والصلاح، قدم الإسكندرية وأقام بها ولقيه السلفي وكتب عنه وذكره في معجم السفر وقال: قرأ عليّ كثيرا من الحديث، وكتب في سنة 533.
الزَّرِيبُ:
يوم الزريب: من أيّام العرب، قال مسعود بن شدّاد العذري:
هم قتلوا منّا بظنّة عامر ... ثمانية قعصا كما تنحر الجزر
ومن قبل أصحاب الزريب جميعهم ... فمرّة إلّا تغزهم فهم الحمر
زَرِيران:
بفتح الزاي، وكسر الراء، وياء ساكنة، وراء أخرى، وآخره نون: قرية بينها وبين بغداد سبعة فراسخ على جادّة الحاجّ إذا أرادوا الكوفة من بغداد، بها قبر الشيخ الصالح الزاهد العابد علي بن أبي نصر الهيتيّ وعليه قبّة عالية تزار وينذر لها وله الكرامات، وكانت وفاته في جمادى الأولى سنة 564.
زَرِيق:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وقاف، قال الحازمي: نهر كان بمرو، وهذا غلط وتصحيف وصوابه رزيق، بتقديم الراء على الزاي، هكذا يقول أهل مرو وسمعته منهم، وذكره السمعاني بتقديم الراء المهملة أيضا، وهو أعرف ببلده، وإنّما ذكرته هكذا للتنبيه عليه لئلا يغتر بقول الحازمي.
زُرَيْق:
بلفظ تصغير أزرق مرخما، سكّة بني زريق: بالمدينة، وهم قبيلة من الأنصار، ينسب إليهم زرقيّ، وهم بنو زريق بن عبد حارثة بن مالك ابن غضب بن جشم بن الخزرج.
باب الزاي والزاي وما يليهما
الزَّزّ:
سألت عنها بعض أهل همذان من العقلاء فقال:
الزّزّ ولاية من ناحية لالستان بين أصبهان وجبال اللّرّ، وهي من نواحي أصبهان، وقال السلفي:
الزّزّ ناحية بهمذان مشهورة، ينسب إليها جماعة، قال السلفي: سمعت أبا محمد مازكيل بن محمد بن سليمان الزّزّي بالزّزّ، قال: سمعت خالي أبا الفوارس داود بن محمد بن عبد الله العجلي الززي، وكان داود هذا واعظا عند أهل ناحيته مبجّلا من أهل الدين والصلاح، قال السلفي: ولداود وأصحابه بالزز على ما قاله لي خمسة وخمسون رباطا وكلّها بحكم ولده محمد بن مازكيل، وذكر أبو سعد في التحبير أحمد بن محمد بن موسى أبا الفتح الززي الواعظ من أهل أصبهان قال: كتبت عنه أسانيده، وكان واعظا حسن الوعظ متحرّكا.
باب الزاي والشين وما يليهما
زُشْك:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره كاف:
من أعمال نيسابور، عن العمراني.
باب الزاي والطاء وما يليهما
الزُّطّ:
نهر الزّطّ: نهر قديم من أنهار البطيحة.
باب الزاي والعين وما يليهما
الزَّعابة:
من قرى اليمامة.
الزَّعازِعُ:
بلدة باليمن قرب عدن، قال عليّ بن محمد ابن زياد المازني:(3/140)
خلت الزّعازع من بني المسعود، ... فعهودهم منها كغير عهود
حلّت بها آل الزّريع وإنّما ... حلّت أسود في مكان أسود
زَعْبَلُ:
بالفتح ثمّ السكون، وباء موحدة، ولام، ويقال: زعبل فلان إذا أعطى عطيّة قليلة: وهو موضع قرب المدينة، قال أبو ذيّال اليهودي البلوي يبكي على اليهود:
ولم تر عيني مثل يوم رأيته ... بزعبل ما اخضرّ الأراك وأثمرا
وأيّامنا بالكبس قد كان طولها ... قصيرا وأيّاما بزعبل أقصرا
فلم تر من آل السّموأل عصبة ... حسان الوجوه يخلعون المؤزّرا
وزعبل، بالفتح: ماء ونخل لبني الخطفى.
الزَّعْبَلَةُ:
ماء ونخل لبني مازن باليمامة.
زَعْرٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره راء، كذا ضبطه نصر وقال: موضع بالحجاز، والزّعر، بالتحريك: قلة الشعر، ورجل أزعر، ولعله مخفف منه.
زَعْريماش:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وراء مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة ثمّ ميم، وآخره شين:
محلّة من محالّ سمرقند.
الزَّعْفَرانيّةُ:
عدّة مواضع تسمّى بهذا الاسم، منها:
الزعفرانية قرية على مرحلة من همذان، منها محمد ابن الحسين بن الفرج يعرف بأبي العلاء أبو ميسرة الزعفراني، روى عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد ابن سلمة الحرّاني وطالوت بن عبّاد، روى عنه محمد ابن سليمان الحضرمي وأبو سعيد أحمد بن محمد بن الأعرابي وغيرهما، وكان صدوقا عالما بالحديث، ومنها الزعفراني الشاعر الذي يقول:
إذا وردت ماء العراق ركائبي ... فلا حبّذا أروند من همذان
والزعفرانية: قرية قرب بغداد تحت كلواذى، منها الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، نزل بغداد وإليه ينسب درب الزعفراني وأكثر المحدّثين ببغداد منسوبون إلى هذا الدرب، وهو الذي قرأ على الشافعي محمد بن إدريس، رضي الله عنه، كتبه القديمة، قال له الشافعي: من أيّ العرب أنت؟ فقال: ما أنا بعربيّ إنّما أنا من قرية يقال لها الزعفرانية، قال:
فقال لي أنت سيد هذه القرية، وكان ثقة، ومات في سنة 260.
الزَّعْلاء:
من حصون اليمن فيما استولى عليه بنو حبيش، بينه وبين صنعاء نحو يومين.
الزَّعْلُ:
اسم موضع، بفتح أوّله، وسكون ثانيه، والزّعل، بالتحريك: النشاط والأشر.
باب الزاي والغين وما يليهما
زَغَابَةُ:
بالفتح في الأوّل، وبعد الألف باء موحدة، قال ابن إسحاق: ولما فرغ رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم، ورواه أبو عبيد البكري الأندلسي زعابة بضم الزاي وعين مهملة، وذكره الطبري محمد بن جرير فقال: بين الجرف والغابة، واختار هذه الرواية وقال: لأن زغابة لا تعرف، وليس الأمر كذلك فإنه قد روي في الحديث المسند أنّه، عليه الصلاة والسلام، قال في ناقة أهداها إليه أعرابيّ فكافأه بست بكرات فلم يرض فقال، عليه الصلاة والسلام: ألا تعجبون(3/141)
لهذا الأعرابي، أهدى إليّ ناقتي أعرفها بعينها ذهبت مني يوم زغابة وقد كافأته بست فسخط، الحديث، وقد جاء ذكر زغابة في حديث آخر فكيف لا يكون معروفا؟ فالأعرف إذا عندنا زغابة، بالغين معجمة.
زَغاوَةُ:
بفتح أوّله، وفتح الواو، قيل: هو بلد في جنوبي إفريقية بالمغرب، وقيل: قبيلة من السودان جنوبي المغرب، وفيهم يقول أبو العلاء المعرّي:
بسبع إماء من زغاوة زوّجت ... من الروم في نعماك سبعة أعبد
وقال أبو منصور: الزغاوة جنس من السودان، والنسبة إليهم زغاويّ، وقال ابن الأعرابيّ: الزغي رائحة الحبش، وقال المهلبي: ولزغاوة مدينتان يقال لإحداهما مانان وللأخرى ترازكي، وهما في الإقليم الأوّل، وعرضهما إحدى وعشرون درجة، قال: ومملكة الزغاوة مملكة عظيمة من ممالك السودان في حدّ المشرق منها مملكة النوبة الذين بأعلى صعيد مصر بينهم مسيرة عشرة أيام، وهم أمم كثيرة، وطول بلادهم خمس عشرة مرحلة في مثلها في عمارة متصلة، وبيوتهم جصوص كلّها وكذلك قصر ملكهم، وهم يعظمونه ويعبدونه من دون الله تعالى ويتوهمون أنّه لا يأكل الطعام، ولطعامه قومة عليه سرّا يدخلونه إلى بيوته لا يعلم من أين يجيئونه به، فإن اتفق لأحد من الرعية أن يلقى الإبل التي عليها زاده قتل لوقته في موضعه، وهو يشرب الشراب بحضرة خاصة أصحابه، وشرابه يعمل من الذّرة مقوّى بالعسل، وزيّه لبس سراويلات من صوف رقيق والاتشاح عليها بالثياب الرفيعة من الصوف الأسماط والخزّ السوسي والديباج الرفيع، ويده مطلقة في رعاياه ويسترقّ من شاء منهم، أمواله المواشي من الغنم والبقر والجمال والخيل، وزروع بلدهم أكثرها الذّرة واللوبياء ثمّ القمح، وأكثر رعاياه عراة مؤتزرون بالجلود، ومعايشهم من الزروع واقتناء المواشي، وديانتهم عبادة ملوكهم يعتقدون أنّهم الذين يحيون ويميتون ويمرضون ويصحّون، وهي من مدائن البلماء وقصبة بلاد كاوار على سمت الشرق منحرفا إلى الجنوب.
الزَّغْباء:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحدة ممدودة، بلفظ تأنيث الأزغب، والزّغب:
الشّعيرات الصفر على ريش الفرخ، وفراخ زغب، ورجل أزغب الشعر، ورقبة زغباء: وهو جبل من جبال القبلية، عن أبي القاسم الزمخشري.
زَغْبَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: اسم قرية بالشام، واشتقاقه من الذي قبله كأنّه نقل عن زغبة واحدة الزّغب ثمّ سكّن، قال الشاعر يذكره:
عليهن أطراف من القوم لم يكن ... طعامهم حبّا بزغبة أغبرا
عليهن أي على الخيل، أطراف، جمع طرف: وهو الكريم من الفتيان.
زَغْرَتان:
من قرى هراة، ينسب إليها أبو محمد خالد ابن محمد بن عبد الرحمن بن محمد المديني الهروي أحد الشهود المعدّلين بها، ذكره أبو سعد في شيوخه وقال: سمع أبا عبد الله محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسي، قال: وأجاز لي، وأبو عبد الله محمد بن الحسن الزغرتاني، سمع أحمد بن سعيد، روى عنه أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي الهروي.
زُغَرُ:
بوزن زفر، وآخره راء مهملة، قال أبو منصور: قال اللحياني زخرت دجلة وزغرت أي مدّت، وزغر كلّ شيء: كثرته والإفراط فيه، قال أبو صخر:(3/142)
بل قد أتاني ناصح عن كاشح ... بعداوة ظهرت، وزغر أقاول
كذا نقلته من خطه سواء، قال: وزغر قرية بمشارف الشام، وإياها عنى أبو دؤاد الإيادي حيث قال:
ككتابة الزّغريّ غشّا ... ها من الذّهب الدّلامص
قال: وقيل زغر اسم بنت لوط، عليه السلام، نزلت بهذه القرية فسميت باسمها، وقال حاتم الطائي:
سقى الله ربّ الناس سحّا وديمة ... جنوب السراة من مآب إلى زغر
بلاد امرئ لا يعرف الذّمّ بيته، ... له المشرب الصافي ولا يطعم الكدر
وجاء ذكر زغر في حديث الجسّاسة، وهي دابّة في جزائر البحر تتجسّس الأخبار وتأتي بها إلى الدّجّال وتسمّى دابّة الأرض، وعين زغر تغور في آخر الزمان، وهي من علامات القيامة، روى الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: خرج علينا رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، في حرّ الظهيرة فخطبنا وقال:
إني لم أجمعكم لرغبة ولا لرهبة ولكن لحديث حدّثينه تميم الداري منعني سروره القائلة، حدثني أن نفرا من قومه أقبلوا في البحر فأصابهم ريح عاصف فألجأتهم إلى جزيرة فإذا هم بدابّة، قالوا لها: ما أنت؟ قالت:
أنا الجسّاسة، قلنا: أخبرينا الخبر، قالت: إن أردتم الخبر فعليكم بهذا الدير فإن فيه رجلا بالأشواق إليكم، قال: فأتيناه، فقال: أنّى نبغتم؟ فأخبرناه، فقال: ما فعلت بحيرة طبرية؟ قلنا: تدفق بين جوانبها، قال: ما فعلت نخل عمّان وبيسان؟ قلنا: يجتنيها أهلها، قال: فما فعلت عين زغر؟ قلنا: يشرب منها أهلها، قال: فلو يبست نفذت من وثاقي فوطئت بقدمي كلّ منهل إلّا مكّة والمدينة، وحدثني الثقة أن زغر هذه في طرف البحيرة المنتنة في واد هناك، بينها وبين البيت المقدس ثلاثة أيّام، وهي من ناحية الحجاز، ولهم هناك زروع، قال ابن عبّاس، رضي الله عنه: لما هلك قوم لوط مضى لوط، عليه السلام، وبناته يريدون الشام فماتت الكبرى من بناته وكان يقال لها ريّة فدفنت عند عين هناك فسميت باسمها عين ريّة، ثمّ ماتت بعد ذلك الصغرى وكان اسمها زغر فدفنت عند عين فسميت عين زغر، وهذه في واد وخم رديء في أشأم بقعة إنما يسكنه أهله لأجل الوطن وقد يهيج فيهم في بعض الأعوام مرض فيفني كلّ من فيه أو أكثرهم، فحدثني الوزير الأكرم، أطال الله بقاءه، قال: بلغني أن في بعض الأعوام هاج بهم ذلك حتى أهلك أكثرهم، وكان هناك دار من أعيان منازلهم وفيها جماعة تزيد على العشرة أنفس فوقع فيهم الموت واحدا بعد واحد حتى لم يبق منهم إلّا رجل واحد فرجع يوما من المقبرة فدخل تلك الدار فاستوحش وحده فجلس على دكة هناك وأفكر ساعة ثمّ رفع رأسه قبل السماء وقال: يا ربيبي وعزّتك لئن استمررت على هذا لتفنينّ العالم في مدّة يسيرة ولتقعدن على عرشك وحدك، وقيل: قال لتقعدن على عرشك وحيدك، هكذا قال بالتصغير في ربي ووحدك لأن من عادة تلك البلاد إذا أحبّوا شيئا خاطبوه بالتصغير على سبيل التحنّن والتلطّف.
زَغَنْدانُ:
بفتح أوّله وثانيه، وسكون النون، ودال مهملة، وآخره نون: قرية قرب سنج من نواحي مرو على ستة فراسخ منها.
زغموا:
بلد قديم على غربي الفرات فيه آثار قلعة وعمارة عظيمة دثرت كلّها، بينها وبين البيرة ميل أو زيادة، وفيها آثار قنطرة كانت على الفرات بقي منها آثار(3/143)
كرسيها، وكان اسم المحدث كينوك.
زَغْوَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ واو، وآخره نون، قال ابن الأعرابي: الزغي رائحة الحبش، فإن كان عربيّا فهو فعلان منه، قيل: هو جبل بإفريقية، قال أبو عبيد البكري: بالقرب من تونس في القبلة جبل زغوان، وهو جبل منيف مشرف يسمى كلب الزقاق لظهوره وعلوّه واستدلال السائرين به أينما توجّهوا، فإنّه يرى على مسيرة الأيام الكثيرة، ولعلوّه يرى السحاب دونه، وكثيرا ما يمطر سفحه ولا يمطر أعلاه، وأهل إفريقية يقولون لمن يستثقلونه: أثقل من جبل زغوان وأثقل من جبل الرصاص! وهو على تونس، وقال الشاعر يخاطب حمامة أرسلها من القيروان إلى تونس:
وفي زغوان فاستعلي علوّا، ... وداني في تعاليك السحابا
ويزعمون أن فيه قرى كثيرة آهلة كثيرة المياه والثمار، وفيه مأوى الصالحين وخيار المسلمين، وبغربي جبل زغوان مدينة الأربس.
الزُّغَيْبَةُ:
بلفظ تصغير الزّغب، وقد تقدم تفسيره، وما أظن هذه المواضع سميت بذلك إلّا لقلّة نبتها كأنّهم شبّهوه بالزّغب وهو الشعر القليل والريش:
وهو ماء بشرقي سميراء في طريق الحاج.
باب الزاي والفاء وما يليهما
زِفْتَا:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وتاء مثناة من فوقها، مقصور: بلد بقرب الفسطاط من مصر، ويقال له منية زفتا أيضا، وقرب شطّنوف، ويقال لها زفيتة أيضا.
باب الزاي والقاف وما يليهما
زَقَا:
بفتح أوّله، والقصر، وهو منقول عن الفعل الماضي من زقا الصّدى يزقو أو يزقي زقاء إذا صاح:
وهو ماء لبني غنيّ بينه وبين ماء آخر لهم يقال له مذعا قدر ضحوة، قال شاعرهم:
ولن تردي مذعا ولن تردي زقا ... ولا النّقر إلّا أن تجدّي الأمانيا
الزُّقَاقُ:
بضم أوّله، وآخره مثل ثانيه، وهو في الأصل طريق نافذ وغير نافذ ضيق دون السكة، وأهل الحجاز يؤنثونه وبنو تميم يذكّرونه، والزقاق: مجاز البحر بين طنجة، وهي مدينة بالمغرب على البرّ المتصل بالإسكندرية والجزيرة الخضراء، وهي في جزيرة الأندلس، قال الحميدي: وبينهما اثنا عشر ميلا، وذلك هو المسمّى الزقاق، قال محمد بن طرخان بن بلتكين بن بجكم: قال لي الشيخ عفّان بن غالب الأزدي السبّي سعة البحر هناك ستة وثلاثون ميلا وهي اثنا عشر فرسخا، وهو أعلم به لأن سبتة على البحر المذكور وهي مولده وبها إقامته ومنشؤه، قال محمد بن طرخان: وقال لي أبو عامر العبدري وأبو بكر مكبول بن فتوح الزناتي وأبو محمد عبد الله بن محمد بن محرز الواحدي: قول الحميدي وسعة البحر هناك اثنا عشر ميلا صحيح وهو أضيق موضع فيه، وأوسع موضع فيه نحو ثمانية عشر ميلا، والذي ذكره عفان غلط، وقال الفقيه المرادي المتكلم القيرواني بعد خلاصه من بحر الزقاق ووصوله إلى مدينة سبتة:
سمعت التجار وقد حدّثوا ... بشدّة أهوال بحر الزّقاق
فقلت لهم: قرّبوني إليه ... أنشّفه من حرّ يوم الفراق(3/144)
فلمّا فعلت جرت أدمعي، ... فعاد كما كان قبل التّلاق
زُقاقُ ابن واقِفٍ:
في شعر هدبة بن خشرم العذري:
فلم تر عيني مثل سرب رأيته ... خرجن علينا من زقاق ابن واقف
تضمّخن بالجاديّ حتى كأنّما ال ... أنوف، إذا استعرضتهنّ، رواعف
خرجن بأعناق الظّباء وأعين ال ... جآذر وارتجّت لهنّ الرّوادف
فلو أنّ شيئا صاد شيئا بطرفه ... لصدن بألحاظ ذوات المطارف
قال: ومرّ أبو الحارث جمين يوما بسوق المدينة فخرج رجل من زقاق ابن واقف بيده ثلاث سمكات قد شقّ أجوافهنّ وقد خرج شحمهن، فبكى أبو الحارث وقال: تعس الذي يقول:
فلم تر عيني مثل سرب رأيته ... خرجن علينا من زقاق ابن واقف
وانتكس ولا انجبر، والله لهذه الثلاث سمكات أحسن من السرب الذي وصفه، وقال أبو الفرج الأصبهاني: أحسب هذا الخبر مصنوعا لأنّه ليس في المدينة زقاق يقال له زقاق ابن واقف ولا بها أيضا سمك كما وصف ولكني رويت كما روي، قلت: إن هذا تحكّم منه ودعوى وقد تتغيّر أسماء الأماكن حسب تغيّر أهلها وبين زمان أبي الحارث جمين وزمان أبي الفرج دهر، وعلى ذلك فقد روي هذا الخبر عن الحرمي بن أبي العلاء عن الزبير بن بكار عن عمّه.
زُقاقُ القنادِيلِ:
محلّة بمصر مشهورة فيها سوق الكتب والدفاتر والظرائف كالآبنوس والزجاج وغير ذلك ممّا يستظرف، قال أبو عبد الله القضاعي: قال الكندي: سمّي بذلك لأنّه كان منازل الأشراف وكانت على أبوابهم القناديل وكان يقال له زقاق الأشراف لأن عمرو بن العاص كان على طرفه ممّا يلي الجامع وكعب بن ضبة العبسي على طرفه الآخر ممّا يلي سوق بربر ودار نخلة داره، وكعب هذا هو ابن بنت خالد بن سنان العبسي، وقيل:
هو ابن أخيه، وهو الذي زعمت عبس أنّه كان نبيّا قبل محمد رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم.
زُقاقُ النارِ:
بمكة مجاور لجبل زرزر، وكلاهما يشرف على الدار المعروفة التي كانت ليزيد بن منصور الحميري خال المهدي.
زَقَوْقَا:
بفتح أوّله وثانيه، وبعد الواو الساكنة قاف أخرى، مقصور: ناحية بين فارس وكرمان، عن نصر.
باب الزاي والكاف وما يليهما
زَكَان:
بفتح أوّله، وبعد الألف نون: من قرى صغد سمرقند بين رزمان وكمرجة.
زِكْت:
بكسر الزاي، وسكون الكاف، وآخره تاء مثناة من فوق: موضع، عن العمراني.
زَكْرَام:
مدينة في جنوبي إفريقية سكانها من زناتة، وهي قصبة مملكة تادمك.
زَكْرَم:
إمّا قرية بإفريقية أو الأندلس وإمّا قبيلة من البربر، قال السلفي: أنشدني أبو القاسم ذربان بن عتيق بن تميم الكاتب قال: أنشدني أبو حفص العروضي الزكرمي بإفريقية ممّا قاله بالأندلس وقد طولب بمكس يتولاه يهوديّ:
يا أهل دانية لقد خالفتم ... حكم الشّريعة والمروّة فينا(3/145)
ما لي أراكم تأمرون بضدّ ما أمرت، ترى نسخ الإله الدينا كنّا نطالب لليهود بجزية، وأرى اليهود بجزية طلبونا ما إن سمعنا مالكا أفتى بذا لا لا ولا من بعده سحنونا هذا ولو أن الأئمة كلّهم حاشاهم بالمكس قد أمرونا ما راجب مثلي لوكس عدله لو كان يعدل وزنه قاعونا ولقد رجونا أن ننال بعدلكم رفدا يكون على الزمان معينا فالآن نقنع بالسّلامة منكم، لا تأخذوا منّا ولا تعطونا
زَكِيّةُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وتشديد ياء النسبة، يقال: زكا الزّرع يزكو زكاء، ممدود، أي نما، وغلام زكيّ وجارية زكيّة أي زاك: قرية جامعة من أعمال البصرة بينها وبين واسط، وقد نسب إليها نفر من أهل العلم عدادهم في البصريين، عن الحازمي.
باب الزاي واللام وما يليهما
الزَّلّاقَةُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وقاف، أصله من قولهم مكان زلق أي دحض، وزلقت رجله تزلق زلقا، والزّلّاقة: الموضع الذي لا يمكن الثبوت عليه من شدّة زلقه، والتشديد للتكثير، والزّلّاقة: أرض بالأندلس بقرب قرطبة كانت عندها وقعة في أيام أمير المسلمين يوسف بن تاشفين مع الأذفنش ملك الأفرنج مشهورة.
زَلّالَةُ:
مثل الذي قبله في الوزن، وعوض القاف لام، والمعنى أيضا متقارب كأن الأقدام تزلّ فيه كثيرا: وهو عقبة بتهامة على المناقب وبها صخرة اقتحمها العقيلي بناقته لأنّهم خاطروه على ذلك.
زُلْفَةُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وفاء، والزلفة والزّلفى القربة والمنزلة: وهو ماء شرقي سميراء، قال عبيد بن أيّوب اللّصّ:
لعمرك إنّي يوم أقواع زلفة ... على ما أرى خلف القنا لوقور
أرى صارما في كفّ أشمط ثائر ... طوى سرّه في الصدر فهو ضمير
وقال عبد الرحمن بن حزن:
سقى جدثا بين الغميم وزلفة ... أحمّ الذّرى واهي العزالي مطيرها
إذا سكنت عنها الجنوب تجاوبت ... جلاد مرابيع السّحاب وخورها
وإنّي لأصحاب القبور لغابط ... بسوداء إذ كانت صدى لا أزورها
كأنّ فؤادي يوم جاء نعيّها ... ملاءة قزّ بين أيد تطيرها
زَلَمُ:
بالتحريك، إن كان عربيّا فأصله أنّه منقول من الزلم وهو القدح، من قوله:
بات يقاسيها غلام كالزّلم
أو من الزّلم وهو الزّنم الذي يكون خلف الظلف:
وهو جبل قرب شهرزور ينبت فيه حبّ الزلم الذي يصلح لأدوية الباءة، ولا يوجد في غيره، وأظنّها معرّبة على هذا.
زَلُولُ:
بفتح أوّله، وتكرير اللام، وهو فعول من الزلل: مدينة في شرقي أزيلى بالمغرب.(3/146)
باب الزاي والميم وما يليهما
زَماخِيرُ:
بفتح أوّله، وبعد الألف خاء مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت، وراء مهملة، وهو جمع زمخرة، وهو النّشّاب الطويل، والزمخرة المرأة الزانية: وهي قرية على غربي النيل بالصعيد الأدنى من عمل إخميم.
زَمّارَاء:
موضع جاء به ابن القطاع في كتاب الأبنية.
زِمّانُ:
بكسر أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره نون، محلّة بني زمّان: بالبصرة منسوبة إلى القبيلة، وهو زمان بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ ابن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وأمّا اشتقاقه فيحتمل أن يكون من باب زممت الناقة فيكون فعلان، ويحتمل أن يكون فعّالا من باب الزمن، والأوّل أعلى على قياس مذهب سيبويه فيما فيه حرفان ثانيهما مضعّف وبعدهما الألف والنون فقياسه أن تكون الألف والنون زائدتين كرمّان وحمّان، وليس هذا كالذي يكون قبل الألف والنون ثلاثة أحرف أصول كحمدان وعثمان لأن هذا لا يختلف في زيادتهما فيه، وزمّان ممّا ارتجل للتعريف كحمدان وغطفان، وليس بمعروف زمّان في الأجناس.
زَمَخْشَرُ:
بفتح أوّله وثانيه ثمّ خاء معجمة ساكنة، وشين معجمة، وراء مهملة: قرية جامعة من نواحي خوارزم، إليها ينسب أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري النحوي الأديب، رحمه الله، وفيه يقول الأمير أبو الحسن عليّ بن عيسى بن حمزة بن وهاس الحسني العلوي يمدحه ويذكر قريته:
وكم للإمام الفرد عندي من يد ... وهاتيك ممّا قد أطاب وأكثرا
أخي العزمة البيضاء والهمّة التي ... أنافت به علّامة العصر والورى
جميع قرى الدنيا سوى القرية التي ... تبوّأها دارا فداء زمخشرا
وأحر بأن تزهى زمخشر بامرئ ... إذا عدّ في أسد الشّرى زمخ الشرا
فلولاه ما ضنّ البلاد بذكره، ... ولا طار فيها منجدا ومغوّرا
فليس ثناه بالعراق وأهله ... بأعرف منه بالحجاز وأشهرا
وحدث الزمخشري وقال: أمّا المولد فقرية من قرى خوارزم مجهولة يقال لها زمخشر، سمعت أبي قال:
اجتاز بزمخشر أعرابيّ فسأل عن اسمها واسم كبيرها فقيل له زمخشر والرّدّاء، فقال: لا خير في شرّ وردّ، ولم يلمم بها، وقد ذكرت الزمخشري وأخباره في كتاب الأدباء.
زَمْزَمُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وتكرير الميم والزاي: وهي البئر المباركة المشهورة، قيل: سميت زمزم لكثرة مائها، يقال: ماء زمزم وزمازم، وقيل: هو اسم لها وعلم مرتجل، وقيل: سميت بضمّ هاجر أم إسماعيل، عليه السلام، لمائها حين انفجرت وزمّها إيّاه، وهو قول ابن عبّاس حيث قال: لو تركت لساحت على الأرض حتى تملأ كل شيء، وقيل: سميت بذلك لأن سابور الملك لما حج البيت أشرف عليها وزمزم فيها، والزمزمة:
كلام المجوس وقراءتهم على صلاتهم وعلى طعامهم، وفيها يقول القائل:(3/147)
زمزمت الفرس على زمزم، ... وذاك في سالفها الأقدم
وقيل: بل سميت زمزم لزمزمة جبرائيل، عليه السلام، وكلامه عليها، وقال ابن هشام: الزمزمة عند العرب الكثرة والاجتماع، وأنشد:
وباشرت معطنها المدهثما، ... ويمّمت زمزومها المزمزما
وقال المسعودي: والفرس تعتقد أنّها من ولد إبراهيم الخليل، عليه السلام، وقد كانت أسلافهم تقصد البيت الحرام وتطوف به تعظيما لجدها إبراهيم وتمسكا بهديه وحفظا لأنسابها، وكان آخر من حجّ منهم ساسان بن بابك، وكان ساسان إذا أتى البيت طاف به وزمزم على هذه البئر، وفي ذلك يقول الشاعر في القديم من الزمان:
زمزمت الفرس على زمزم، ... وذاك في سالفها الأقدم
وقد افتخر بعض شعراء الفرس بعد ظهور الإسلام:
وما زلنا نحجّ البيت قدما، ... ونلقي بالأباطح آمنينا
وساسان بن بابك سار حتى ... أتى البيت العتيق بأصيدينا
وطاف به وزمزم عند بئر ... لإسماعيل تروي الشاربينا
ولها أسماء، وهي: زمزم وزمّم وزمّزم وزمازم وركضة جبرائيل وهزمة جبرائيل وهزمة الملك، والهزمة والركضة بمعنى، وهو المنخفض من الأرض، والغمزة بالعقب في الأرض يقال لها هزمة، وهي سقيا الله لإسماعيل، عليه السلام، والشّباعة وشباعة وبرّة ومضنونة وتكتم وشفاء سقم وطعام طعم وشراب الأبرار وطعام الأبرار وطيّبة، ولها فضائل كثيرة، روي عن جعفر الصادق، رضي الله عنه، أنّه قال: كانت زمزم من أطيب المياه وأعذبها وألذها وأبردها فبغت على المياه فأنبط الله فيها عينا من الصفا فأفسدتها، وروى ابن عباس عن النبيّ، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق، وماء زمزم لما شرب له، قال مجاهد: ماء زمزم إن شربت منه تريد شفاء شفاك الله وإن شربته لظمإ روّاك الله وإن شربته لجوع أشبعك الله، وقال محمد بن أحمد الهمذاني: وكان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعا، وفي قعرها ثلاث عيون: عين حذاء الركن الأسود، وأخرى حذاء أبي قبيس والصفا، وأخرى حذاء المروة ثمّ قلّ ماؤها جدّا حتى كانت تجمّ، وذلك في سنة 223 أو 224، فحفر فيها محمد بن الضحاك، وكان خليفة عمر بن فرج الرّخّجي على بريد مكّة وأعمالها، تسعة أذرع فزاد ماؤها واتسع ثمّ جاء الله بالأمطار والسيول في سنة 225 فكثر ماؤها، وذرعها من رأسها إلى الجبل المنقور فيه أحد عشر ذراعا وهو مطويّ والباقي فهو منقور في الحجر، وهو تسعة وعشرون ذراعا، وذرع تدويرها أحد عشر ذراعا، وسعة فمها ثلاثة أذرع وثلثا ذراع، وعليها ميلا ساج مربعان فيهما اثنتا عشرة بكرة ليستقى عليها، وأوّل من عمل الرخام عليها وفرش أرضها بالرخام المنصور، وعلى زمزم قبة مبنية في وسط الحرم عن باب الطواف تجاه باب الكعبة، وفي الخبر: أن إبراهيم، عليه السلام، لما وضع إسماعيل بموضع الكعبة وكرّ راجعا قالت له هاجر: إلى من تكلنا؟ قال:
إلى الله، قالت: حسبنا الله، فرجعت وأقامت عند ولدها حتى نفد ماؤها وانقطع درّها فغمها ذلك(3/148)
وأدركتها الحنة على ولدها فتركت إسماعيل في موضعه وارتقت على الصفا تنظر هل ترى عينا أو شخصا، فلم تر شيئا فدعت ربّها واستسقته ثمّ نزلت حتى أتت المروة ففعلت مثل ذلك، ثمّ سمعت أصوات السباع فخشيت على ولدها فأسرعت تشتد نحو إسماعيل فوجدته يفحص الماء من عين قد انفجرت من تحت خده، وقيل: بل من تحت عقبه، قيل: فمن ذلك العدو بين الصفا والمروة استنانا بهاجر لما عدت لطلب ابنها لخوف السباع، قالوا: فلمّا رأت هاجر الماء سرّت به وجعلت تحوطه بالتراب لئلا يسيل فيذهب ولو لم تفعل ذلك لكان عينا جارية، ولذلك قال بعضهم:
وجعلت تبني له الصفائحا، ... لو تركته كان ماء سافحا
ومن الناس من ينكر ذلك ويقول: إن إسماعيل حفره بالمعاول والمعالجة كسائر المحفورات، والله أعلم، وقد كان ذلك محفورا عندهم قبل الإسلام، وقالت صفية بنت عبد المطلب:
نحن حفرنا للحجيج زمزم ... سقيا نبيّ الله في المحرّم
ركضة جبريل ولمّا يفطم
قالوا: وتطاولت الأيّام على ذلك حتى غوّرت تلك السيول وعفتها الأمطار فلم يبق لزمزم أثر يعرف، فذكر محمد بن إسحاق فيما رفعه إلى عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، أن عبد المطلب بينما هو نائم في الحجر إذ أتي فأمر بحفر زمزم، فقال: وما زمزم؟ قالوا: لا تنزف ولا تهدم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدّم، عند نقرة الغراب الأعصم، فغدا عبد المطلب ومعه الحارث ابنه ليس له يومئذ ولد غيره فوجد الغراب ينقر بين إساف ونائلة، فحفر هنالك فلمّا بدا الطيّ كبّر فاستشركته قريش وقالوا: إنّها بئر أبينا إسماعيل ولنا فيها حق، فأبى أن يعطيهم حتى تحاكموا إلى كاهنة بني سعد بأشراف الشام، فركبوا وساروا حتى إذا كانوا ببعض الطريق نفد ماؤهم فظمئوا وأيقنوا بالهلكة فانفجرت من تحت خف عبد المطلب عين من ماء فشربوا منها وعاشوا وقالوا: قد، والله، قضي لك علينا أن لا نخاصمك فيها أبدا، إن الذي سقاك الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم، فانصرفوا، فحفر زمزم فوجد فيها غزالين من ذهب وأسيافا قلعية كانت جرهم دفنتها عند خروجهم من مكّة، فضرب الغزالين بباب الكعبة وأقام عبد المطلب سقاية زمزم للحاج، وفيه يقول حذيفة بن غانم:
وساقي الحجيج ثمّ للخير هاشم ... وعبد مناف ذلك السيّد الفهر
طوى زمزما عند المقام فأصبحت ... سقايته فخرا على كلّ ذي فخر
وفيه يقول خويلد بن أسد بن عبد العزّى وفيه ما يدل على أن زمزم أقدم من إسماعيل، عليه السلام:
أقول، وما قولي عليكم بسبّة:
إليك ابن سلمى أنت حافر زمزم ... حفيرة إبراهيم يوم ابن هاجر،
وركضة جبريل على عهد آدم
زُمَّزْمُ:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه وفتحه، وزاي أخرى ساكنة، وآخره ميم: موضع بخوزستان من نواحي جنديسابور، لفظة عجمية.
زُمُلْقُ:
بضم أوّله وثانيه، وسكون اللام، وآخره قاف: قرية قريبة من سنج من قرى مرو، وهي(3/149)
الآن خراب، وقد نسب إليها نفر من العلماء، عن السمعاني.
الزِّمْلِقَى:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وكسر اللام، وقاف، مقصور: من قرى بخارى، عن العمراني.
زَمْلَكَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح اللام، وآخره نون، قال السمعاني أبو سعد: هما قريتان إحداهما ببلخ والأخرى بدمشق، ونسب إليهما، وأمّا أهل الشام فإنّهم يقولون زملكا، بفتح أوّله وثانيه، وضم لامه، والقصر، لا يلحقون به النون:
قرية بغوطة دمشق، منها جماهير بن أحمد بن محمد ابن حمزة أبو الأزهر الزّملكاني الدمشقي شيخ أبي بكر المقري، قال الحافظ أبو القاسم: جماهير بن محمد بن أحمد بن حمزة بن سعيد بن عبيد الله بن وهيب بن عبّاد بن سمّاك بن ثعلبة بن امرئ القيس ابن عمرو بن مازن بن الأزد بن الغوث أبو الأزهر الغسّاني الزملكاني من أهل زملكا، حدث عن هشام بن عمار وعمرو بن محمد بن الغاز والوليد بن عتبة وأحمد بن الحواري ومحمود بن خالد ورحيم وإسماعيل بن عبد الله السكري القاضي والمؤمل بن إهاب، روى عنه الفضل بن جعفر وأبو علي الحسن ابن علي بن الحسن المري المعروف بالشحيمة وأبو سليمان بن زير وأبو بكر المقري وأبو نصر ظفر بن محمد بن ظفر الزملكاني الأزدي، وأبو زرعة وأبو بكر ابنا أبي دجانة وأبو بكر أحمد بن عبد الوهاب الصابوني وأبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السّني وأبو عمرو أحمد بن محمد بن علي بن مزاحم المزاحمي الصوري وإسماعيل بن أحمد بن محمد الخلّالي الجرجاني وجعفر بن محمد بن الحارث المراغي نزيل نيسابور ومحمد بن سليمان الربعي البندار وجمح ابن القاسم وعلي بن محمد بن سليمان الطوسي وعمر ابن علي بن الحسن العتيكي الأنطاكي، وهو هاشم المؤدب، ومولده سنة 213، ومات لثلاث بقين من المحرم سنة 313، وكان ثقة مأمونا، ومحمد بن أحمد بن عثمان بن محمد أبو الفرج الزملكاني الإمام، حدث عن أبي الحسين عبد الوهاب بن الحسن الكلابي وتمّام بن محمد الرازي وأبي بكر عبد الله بن محمد ابن هلال الجبّائي، روى عنه أبو عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء الأصبهاني الصوفي نزيل بيت المقدس وأبو الحسن علي بن الخضر السّلمي، وتوفي في جمادى الأولى سنة 421.
زَمَلُكَا:
هو الذي قبله.
زُمُّ:
بضم أوّله، وتشديد الميم، منقول عن فعل الأمر من زمّ البعير والناقة أي اخطمهما ثمّ أعرب، قيل:
هي بئر لبني سعد بن مالك، وقال أبو عبيدة السّكوني: زمّ ماء لبني عجل فيما بين أداني طريق الكوفة إلى مكّة والبصرة، قال عيينة بن مرداس المعروف بابن فسوة:
إذا ما لقيت الحيّ سعد بن مالك ... على زمّ فانزل خائفا أو تقدّم
أناس أجارونا فكان جوارهم ... شعاعا كلحم الجازر المتقسّم
لقد دنّست أعراض سعد بن مالك ... كما دنّست رجل البغيّ من الدّم
لهم نسوة طلس الثياب مواجن، ... ينادين: من يبتاع قردا بدرهم؟
وقال الأعشى:
وما كان ذلك إلّا الصّبا، ... وإلّا عقاب امرئ قد أثم(3/150)
ونظرة عين على غرّة ... محل الخليط بصحراء زمّ
زَمُّ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، قال أبو منصور:
الزّمّ فعل من الزّمام، يقال: زممت الناقة أزمّها زمّا، والصحيح أنّها كلمة عجمية عرّبت وأصلها التخفيف به يلفظ بها العجم: بليدة على طريق جيحون من ترمذ وآمل، نسب إليها نفر من أهل العلم، منهم: يحيى بن يوسف بن أبي كريمة أبو يوسف الزّمّي، حدث ببغداد عن شريك بن عبد الله وإسماعيل ابن عياش وسفيان بن عيينة وغيرهم، روى عنه محمد ابن إسماعيل البخاري وأبو حاتم الرازي وابن أبي الدنيا وغيرهم، وكان ثقة صدوقا، مات سنة 525، وقيل سنة 526، وقيل سنة 529. قال نصر: زمّ بلدة بحرية أظنها بين البصرة وعمان، كذا قال.
زِمِنْدَاوَر:
بكسر أوّله وثانيه، ونون، وفتح الواو، والراء: ولاية واسعة بين سجستان والغور، وهو المسمّى بالداور، وهذا اللفظ معناه أرض الداور، وقال بعضهم: إنّها مدينة ولها رستاق بين بست وبكراباذ، وهي كثيرة البساتين والمياه الجارية.
زَمْهَرُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الهاء، وآخره راء: واد في بلاد الهند.
زُمَّيْخُ:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه وفتحه، وياء مثناة من تحت، وآخره خاء معجمة، وعربيته من زمخ بأنفه إذا شمخ، وهو فعيّل على وزن سكّيت:
وهي كورة من بيهق من أعمال نيسابور.
الزُّمَيْلُ:
تصغير زمل: موضع في ديار بكر، قال:
إلى عنصلاء بالزّميل وعاسم وفي الفتوح: الزميل عند البشر بالجزيرة شرقي الرصافة أوقع فيه خالد ببني تغلب ونمير وغيرهم في سنة 12 أيّام أبي بكر، وقال أبو مقرّر:
ألا سالي الهذيل وما يلاقي ... على الحدثان من نعت الحروب
وعتّابا فلا تنسي وعمرا ... وأرباب الزميل بني الرّقوب
ألم نفتقهم بالبشر طعنا ... وضربا مثل تفتيق الضروب
وقال أيضا:
ويقبل بالزميل وجانبيه، ... وطاروا حيث طاروا كالدموك
وأجلوا عن نسائهم فكنّا ... بها أولى من الحيّ الرّكوك
باب الزاي والنون وما يليهما
الزَّنّاءُ:
بلفظ صفة الرجل الكثير الزناء: موضع ذكره أبو تمام في شعره عن العمراني.
زَنَاتَةُ:
بفتح أوّله، وبعد الألف تاء مثناة من فوق:
ناحية بسرقسطة من جزيرة الأندلس، عن الغرناطي الأنصاري من كتاب فرحة الأنفس في أخبار الأندلس ينسب إليها أبو الحسن علي بن عبد العزيز الزناتي، سمع كتاب الاستيعاب لابن عبد البر من أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن ثابت القرطبي سنة 533.
زُنّارُ ذِمار:
كورة من كور اليمن.
زَنَانِيرُ:
بلفظ جمع زنّار النصارى، قال أبو منصور:
قال أبو عمرو الزنانير الحصى الصغار، قال أبو زبيد:
ونحن للظمء ممّا قد ألمّ بها ... بالهجل منها كأصوات الزنانير
واحدها زنّير وزنّار، وقال العمراني: هي أرض قرب جرش، ذكره لبيد في شعره فقال:(3/151)
لهند بأعلى ذي الأغرّ رسوم ... إلى أحد كأنّهنّ وشوم
فوقف فسلّيّ فأكناف ضلفع ... تربّع فيه تارة وتقيم
بما قد تحلّ الواديين كليهما ... زنانير منها مسكن فتدوم
وقال ابن مقبل:
يا دار سلمى خلاء لا أكلّفها ... إلّا المرانة كيما تعرف الدينا
تهدي زنانير أرواح المصيف لها، ... ومن ثنايا فروخ الكور تأتينا
قالوا: الزنانير ههنا رملة، والكور جبل.
زَنْبَرُ:
بوزن عنبر: محلّة بمصر، عن العمراني، وإليها فيما أحسب ينسب أبو بكر أحمد بن مسعود بن عمرو ابن إدريس بن عكرمة الزّنبري مصريّ، روى عن الربيع بن سليمان ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، روى عنه أبو ذرّ عمّار بن محمد بن مخلد التميمي وأبو القاسم الطبراني، ومات سنة 333.
زُنْبَقُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحدة مفتوحة، وآخره قاف: صقع بالبصرة في جانب الفرات ودجلة، عن نصر، وهو على وزن غندر.
زَنْجَانُ:
بفتح أوّله وسكون ثانيه ثمّ جيم، وآخره نون: بلد كبير مشهور من نواحي الجبال بين أذربيجان وبينها، وهي قريبة من أبهر وقزوين، والعجم يقولون زنكان بالكاف، وقد خرج منها جماعة من أهل العلم والأدب والحديث، فمن المتقدمين: أحمد ابن محمد بن ساكن الزنجاني، روى عن إسماعيل بن موسى ابن بنت السري وغيره ممّن لا يحصى كثرة، وكان عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، سنة 24 ولّى البراء بن عازب الرّيّ فغزا أفتحها ثمّ قزوين وملكها ثمّ انتقل إلى زنجان ففتحها عنوة، وممّن ينسب إلى زنجان عمر بن علي بن أحمد أبو حفص الزنجاني الفقيه، قدم دمشق وسمع بها أبا نصر بن طلّاب وحدث بها عن أبي جعفر أحمد بن محمد السمناني قاضي الموصل وكان سمع منه ببغداد، روى عنه أبو علي الحسين بن أحمد بن المظفر بن جريضة المالكي، وكان قرأ الفقه على أبي الطيّب الطبري والكلام على أبي جعفر السمناني وصنّف كتابا سمّاه المعتمد، وذكر الشريف أبو الحسن الهاشمي أنّه كان يدّعي أكثر ممّا يحسن ويخطئ في كثير ممّا يسأل عنه، ومات ببغداد في جمادى الأولى سنة 459 ودفن إلى جنب ابن سريج، وممّن ينسب إلى زنجان سعد بن علي بن محمد بن عليّ بن الحسين الزنجاني أبو القاسم الحافظ، طاف في الآفاق ولقي الشيوخ بديار مصر والشام والسواحل وسكن في آخر عمره مكّة وجاور بها وصار شيخ الحرم، وكان إماما حافظا متقنا ورعا تقيّا كثير العبادة صاحب كرامات وآيات، وكان الناس يرحلون إليه ويتبركون به، وكان إذا خرج إلى الحرم يخلو للمطاف كانوا يقبلون يده أكثر ممّا كانوا يقبلون الحجر الأسود، سمع أبا بكر محمد بن عبيد الزنجاني بها وأبا عبد الله محمد بن الفضل بن مطيف الفراء وأبا علي الحسين بن ميمون ابن عبد الغفار بن حسنون الصدفي وأبا القاسم مكّيّ ابن علي بن بنان الحمال بمصر وأبا الحسن علي بن سلام ابن الإمام الغربي بها وأبا الحسن محمد بن علي بن محمد البصري الأزدي وغيرهم، روى عنه أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري وابن طاهر المقدسي، قال أبو الفضل بن طاهر المقدسي: سمعت الفقيه أبا محمد هيّاج بن عبيد الحطّيني إمام الحرم(3/152)
ومفتيه يقول: يوم لا أرى فيه سعد بن علي الزنجاني لا أعتقد أني عملت فيه خيرا، وكان هيّاج يعتمر كل يوم ثلاث عمر ويواصل الصوم ثلاثة أيام ويدرّس عدّة دروس ومع هذا كان يعتقد أن نظره إلى الشيخ سعد والجلوس بين يديه أفضل من سائر عمله، وذكر المقدسي قال: دخلت على الشيخ سعد بن علي وأنا ضيق الصدر من رجل من أهل شيراز لا أذكره فأخذت يده وقبلتها، فقال لي ابتداء من غير أن أعلمه بما أنا فيه: يا أبا الفضل لا تضيّق صدرك، عندنا في بلاد العجم مثل يضرب يقال: بخل أهوازيّ وحماقة شيرازيّ وكثرة كلام رازيّ، ومات بمكّة سنة 470.
زُنْجُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره جيم: من قرى نيسابور، عن العمراني، وقال أبو سعد في التحبير أبو نصر أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس الزنجي الصفّار من أهل نيسابور والد الإمام عمر الصفّار، سمعت منه ومن زوجته دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وكان شيخا متميّزا عالما سديدا بسيرة صالحة يسكن ناحية زنج من أرباع نيسابور، سمع أبا سهل محمد بن أحمد بن عبيد الله الحفصي الكشميهني وأبا سعد أحمد بن إبراهيم بن موسى المقري وأبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وذكر آخرين، وكانت ولادته في شعبان سنة 449 بنيسابور، وتوفي في طريق قرية زيروان من نواحي زنج في أوّل شهر رمضان سنة 533.
زَنْدَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة، وآخره نون، بلفظ تثنية الزند الذي للكفّ والزند الذي يقتدح به، قال نصر: ناحية بالمصيصة، ذكر خليفة بن خيّاط أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح غزاها في سنة 31، وقال العمراني: زندان قرية بمالين، وبمرو أيضا قرية تعرف بزندان.
زَنْدَجَانُ:
سمع فيها محبّ الدين بن النجار وعرفها بالجيم، كذا هو في التحبير، قال عبد الغني بن أحمد ابن محمد الدارمي الزندجاني الصوفي: أبو اليمن المعروف بكردبان من أهل زندجان إحدى قرى بوشنج، كان شيخا صالحا عفيفا، سمع بهراة أبا إسماعيل الأنصاري وأبا عطاء عبد الرحمن بن محمد الجوهري، كتب عنه ببوشنج، ومات بقرية زندجان يوم الأربعاء الثامن عشر من رجب سنة 545.
زَنْدَخانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الدال، وخاء معجمة، وآخره نون: قرية على فرسخ من سرخس حصينة، ينسب إليها جماعة، منهم: أبو حنيفة النعمان بن عبد الجبّار بن عبد الحميد بن أحمد الحنفي الزندخاني أبو أبي الحارث عبد الحميد، سمع محمد بن عبد الله العياضي، وكانت وفاته في حدود سنة 500، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن أبي نصر أبو عبد الله الزندخاني خال أبي سعد من أهل سرخس من بيت الرياسة والتفقه، سمع بمرو أبا علي إسماعيل ابن أحمد بن الحسن البيهقي، سمع منه أبو سعد وقال:
كان مولده في حدود سنة 490، وقتل في وقعة الغزّ بسرخس في ذي القعدة سنة 549، ومحمد بن أحمد ابن أبي حنيفة النعمان أبو الفتح بن أبي الفضل الزندخاني السرخسي، كان فقيها، سمع السيد أبا الحسن محمد ابن محمد بن زيد الحسيني الحافظ وأبا الفتح مسعود بن سهل بن حمك الحمكي وأبا منصور محمد بن عبد الملك ابن الحسن المظفّري، كتب عنه أبو سعد، ومولده في ثامن عشر ذي الحجة سنة 464.
زَنْدُ:
بلفظ زند الكف أو زند القداحة: قرية ببخارى، عن السمعاني، ينسب إليها أبو بكر محمد(3/153)
ابن أحمد بن حمدان بن عازم الزندي، عن ابن ماكولا وأبي سعد، وقيل: إنّه نسبة إلى زندنه اختصر منه، وقال نصر: زند، بعد الزاي نون ساكنة ودال مهملة، جبل نجديّ. وزند أيضا، قال العمراني: زند، بفتحتين، قرية بقنّسرين لبني أسد، وقيل بالباء، وقد ذكر، قلت: والنون خطأ وصوابه بالباء الموحدة من تحت وإنّما ذكر للتجنيب.
زَنْدَرامش:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، اسم مركب، وبعد الدال المفتوحة راء مهملة، وآخره شين معجمة.
زَنْدَرْمِيثن:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة مفتوحة، وراء ساكنة، وميم مكسورة، وياء مثناة من تحت ساكنة، وثاء مثلثة مفتوحة، وآخره نون: من قرى بخارى.
زَنْدَرُوذ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الدال المهملة، وراء مهملة مضمومة، وواو ساكنة، وآخره ذال معجمة: نهر مشهور عند أصبهان عليه قرى ومزارع، وهو نهر عظيم أطيب مياه الأرض وأعذبها وأغذاها.
زَنْدَوَرْد:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة، وواو مفتوحة، وراء ساكنة، ودال مهملة:
مدينة كانت قرب واسط مما يلي البصرة خربت بعمارة واسط، وينسب إليها طسّوج عمل بكسكر، وله ذكر في الفتوح، ويقال: إن سميّة أمّ زياد وأبي بكرة أصلها منه، عن ابن الكلبي، قال: كان النوشجاني قد جذم فعالجه أطبّاء الفرس فلم يصنعوا شيئا فقيل له إن بالطائف طبيبا للعرب، فحمل إليه هدايا منها سميّة أمّ زياد وأتى إليه، فداواه فبرأ فوهبها له مع الهدايا، وكانت سميّة من أهل زندورد، وإليها ينسب الحسن بن حيدرة بن عمر الزندوردي الفقيه، سمع أبا بكر محمد بن داود بن علي الأصبهاني وغيره، سمع منه الحاكم بمكّة، توفي سنة 353 في جمادى الأولى، وكان المنصور لما عمر بغداد نقل أبواب الزندورد فنصبها على مدينته، ودير الزندورد ببغداد مشهور، قد ذكر في الديرة، وقيل: إن الزندورد من بناء الشياطين لسليمان بن داود، عليه السلام، وأبوابها من صنعتهم، وكانت أربعة أبواب.
زَنْدَنَه:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة مفتوحة، ونون: قرية كبيرة من قرى بخارى بما وراء النهر، بينها وبين بخارى أربعة فراسخ في شمالي المدينة، ينسب إليها أبو جعفر محمد بن سعيد بن حاتم بن عطية بن عبد الرحمن البخاري الزّندني، حدث عن سعيد بن مسعود وعبيد الله بن واصل، روى عنه محمد بن حمزة بن يافث، ومات سنة 320، وإلى هذه القرية تنسب الثياب الزندنجية، بزيادة الجيم، وهي ثياب مشهورة.
زَنْدَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة:
مدينة بالروم من فتوح أبي عبيدة بن الجرّاح، رضي الله عنه.
زَنْدِينا:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وبعد الدال المهملة ياء مثناة من تحت ثمّ نون، وألف مقصورة:
قرية من قرى نسف بما وراء النهر.
زَنْقُ:
مدينة بالأندلس نسب إليها الزنقيّ المتكلم.
زُنْقُبٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وقاف، وآخره باء موحدة، علم مرتجل لا أصل له في النكرات:
وهو ماء لبني عبس، عن العمراني، وقال نصر:(3/154)
زنقب ماء ببلاد يربوع بالقوارة لبني سليط بن يربوع، وأنشد الأصمعي:
وليس لهم بين الجناب مفازة ... وزنقب إلّا كلّ أجرد عنتل
مع أبيات ذكرت في جوّ، ووجدتها في شعر بني مازن لابن حبيب زنقب، بضم الزاي، وهو قوله لمخارق بن شهاب:
كأنّ الأسود الزّرق في عرصاتها ... بأرماحنا بين القرين وزنقب
زُنَيْمٌ:
من نواحي اليمامة، عن الجوهري.
باب الزاي والواو وما يليهما
زَوَابي:
بعد الألف باء موحدة مكسورة، وياء منقوطة، في العراق أربعة أنهر: نهران فوق بغداد ونهران تحتها، يقال لكل واحد منها الزاب، وقد ذكرت في بابها، وتجمع الزوابي على غير قياس، وقياسه أزواب أو زيبان.
الزَّوَاخي:
بوزن القوافي، وهو مهمل في استعمالهم:
قرية من أعمال مخلاف حراز ثمّ من أعمال النجم في أوائل اليمن، وإليها ينسب عامر بن عبد الله الزواخي صاحب الدعوة، عن الصليحي.
زُوَاخُ:
بضم أوّله، وآخره خاء معجمة، إن كان عربيّا فهو مرتجل لأنّه مهمل في استعمالهم: موضع، عن ابن دريد، ووجدته عن الزمخشري بفتح أوّله.
زُوَاطُ:
بضم أوّله، وبعد الألف طاء، يقال: زوّطوا إذا عظّموا اللّقم، والزّياط الجلبة: وهو اسم موضع.
زَوَالَقَنْج:
بفتح أوّله، وبعد الألف لام مفتوحة، وقاف، ونون، وجيم: محلّة بقرية سنج من قرى مرو، والله أعلم.
زَوَاني:
بفتح أوّله، وبعد الألف نون، وياء منقوصة، بلفظ جمع زانية: ثلاث قارات قبل اليمامة، والقارة: الأكمة، عن نصر.
زَوَاوَةُ:
بفتح أوّله، وبعد الألف واو أخرى: بليد بين إفريقية والمغرب.
زَوْبَلَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحدة مفتوحة، ولام: موضع، عن العمراني وضبطه كذا.
زَوْخَةُ:
رملة في قول ابن مقبل:
ونخل بزوخة إذ ضمّه ... كثيبا عوير فضمّ الخلالا
زَوْراءُ:
تأنيث الأزور، وهو المائل، والازورار عن الشيء: العدول عنه والانحراف، ومنه سميت القوس الزوراء لميلها، وبه سميت دجلة بغداد الزوراء، والزوراء: أرض كانت لأحيحة بن الجلاح، وفيها يقول:
استغن أو مت ولا يغررك ذو نسب ... من ابن عمّ ولا عمّ ولا خال
يلوون ما عندهم عن حقّ جارهم ... وعن عشيرتهم والمال بالوالي
فاجمع ولا تحقرن شيئا تجمّعه، ... ولا تضيعنّه يوما على حال
إنّي أقيم على الزّوراء أعمرها، ... إنّ الحبيب إلى الإخوان ذو المال
بها ثلاث بناء في جوانبها، ... فكلّها عقب تسقى بإقبال
كلّ النّداء إذا ناديت يخذلني، ... إلّا ندائي، إذا ناديت، يا مالي
ما إن أقول لشيء حين أفعله ... لا أستطيع ولا ينبو على حال(3/155)
سميت ببئر كانت فيها، والزوراء: البئر البعيدة القعر، وأرض زوراء: بعيدة. والزوراء أيضا:
دار عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، بالمدينة، والزوراء: أرض بذي خيم في قول تميم بن مقبل:
من أهل قرن فما اخضلّ العشاء له ... حتى تنوّر بالزوراء من خيم
قال الأزهري: ومدينة الزوراء ببغداد في الجانب الشرقي، سمّيت الزوراء لازورار في قبلتها، وقال غيره: الزوراء مدينة أبي جعفر المنصور، وهي في الجانب الغربي، وهو أصحّ ممّا ذهب إليه الأزهري بإجماع أهل السير، قالوا: إنّما سميت الزوراء لأنّه لما عمّرها جعل الأبواب الداخلة مزورّة عن الأبواب الخارجة أي ليست على سمتها، وفيها يقول بعضهم:
ودّ أهل الزوراء زور فلا ... تغترر بالوداد من ساكنيها
هي دار السّلام حسب فلا ... يطمع منها بغير ما قيل فيها
والزوراء: دار بناها النعمان بن المنذر بالحيرة، قال ابن السكيت: وحدثني من رآها وزعم أن أبا جعفر المنصور هدمها، وفيها يقول النابغة:
وأنت ربيع ينعش النّاس سيبه، ... وسيف أعيرته المنيّة قاطع
وتسقي إذا ما شئت غير مصرّد ... بزوراء في أكنافها المسك كارع
والزوراء: موضع عند سوق المدينة قرب المسجد، قال الداودي: هو مرتفع كالمنارة، وقيل: بل الزوراء سوق المدينة نفسه، ومنه حديث ابن عبّاس، رضي الله عنه، أنّه سمع صياح أهل الزوراء، وإياه عنى الفرزدق:
تحنّ بزوراء المدينة ناقتي، ... حنين عجول تركب البوّ رائم
ويا ليت زوراء المدينة أصبحت ... بزوراء فلج أو بسيف الكواظم
قال ابن السكيت في قول النابغة:
ظلّت أقاطيع أنعام مؤبّلة ... لدى صليب على الزوراء منصوب
الزوراء: ماء لبني أسد، وقال الأصمعي: الزوراء هي رصافة هشام وكانت للنعمان وفيها كان يكون، وإليها كانت تنتهي غنائمه، وكان عليها صليب لأنّه كان نصرانيّا، وكان يسكنها بنو حنيفة، وكانت أدنى بلاد الشام إلى الشيح والقيصوم، قال:
وليس للزوراء ماء لكنهم سمعوا قول القائل:
ظلّت أقاطيع أنعام مؤبّلة ... لدى صليب على الزوراء منصوب
فظنوا أنّه ماء لهم وليس هناك ماء وإنما نصبوا الصليب تبركا به. وزوراء فلج، وفلج: ما بين الرّحيل إلى المجازة، وهي أوّل الدهناء. وزلفة وزوراء:
ماءان لبني أسد، وقال الحسين بن مطير:
ألا حبّذا ذات السّلام، وحبّذا ... أجارع ووعساء التّقيّ فدورها
ومن مرقب الزوراء أرض حبيبة ... إلينا محاني متنها وظهورها
وسقيا لأعلى الواديين وللرّحى ... إذا ما بدا يوما لعينك نورها
تحمّل منها الحيّ لما تلهّبت ... لهم وغرة الشعرى وهبّت حرورها
قال بطليموس في كتاب الملحمة: مدينة الزوراء(3/156)
طولها مائة وخمس درجات، وعرضها تسع وثلاثون درجة، وهي في الإقليم الخامس، طالعها تسع درجات من العقرب، لها شركة من الدبران تحت خمس عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، بيت ملكها مثلها من الحمل، قلت: لا أدري أنا هذه الزوراء أين موقعها وما أظنها إلّا في بلاد الروم.
زُورَابَذ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ راء مهملة، وبعد الألف باء موحدة مفتوحة ثمّ ذال معجمة: ناحية بسرخس تشتمل على عدّة قرى. وزورابذ أيضا:
قرية بنواحي نيسابور، قال السمعاني: وظني أنّها من طرثيث، وهي ناحية هناك تسمّيها الفرس ترشيش، بشينين، ينسب إليها أبو الفضل محمد بن أحمد بن الحسن بن زياد التميمي الزورابذي النيسابوري، سمع محمد بن يحيى الذّهلي وغيره، روى عنه أبو علي الحافظ وأبو أحمد الحاكم، وتوفي سنة 316.
الزَّوْرُ:
بفتح أوّله، وهو الميل والاعوجاج، والزور أيضا الصدر: موضع في شعر ابن ميّادة، وقال نصر: الزّور، بفتح الزاي، موضع بين أرض بكر ابن وائل وأرض بني تميم على ثلاثة أيّام من طلح.
والزور أيضا: جبل يذكر مع منور جبل في ديار سليم بالحجاز، قال ابن ميّادة:
وبالزور زور الرّقمتين لنا شجا ... إذا نديت قيعانه ومذاهبه
بلاد متى تشرف طويل جبالها ... على طرف يجلب لك الشوق جالبه
تذكّر عيشا قد مضى ليس راجعا ... لنا أبدا أو يرجع الدّرّ حالبه
زُورٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره راء، معناه الباطل: موضع، قال فيه شاعر يصف إبلا:
وتعالت زورا
والزّور: صنم كان في بلاد الدّاور من أرض السند من ذهب مرصع بالجواهر. والزور: نهر يصبّ في دجلة قرب ميّافارقين.
زَوْرَةُ:
بلفظ واحدة الزيارة، ومعناه البعد والموضع المخصوص بالازورار كأنّه بلفظ الواحد منه، وهو زورة بن أبي أوفى: موضع بين الكوفة والشام، وقرأته بخط بعض أعيان أهل الأدب زورة، بضم الزاي، وقال: هو موضع بالكوفة، وأنشد قول طخيم بن الطّخماء الأسدي يمدح قوما من أهل الحيرة من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم رهط عدي بن زيد العبادي:
كأن لم يكن يوم بزورة صالح، ... وبالقصر ظلّ دائم وصديق
ولم أرد البطحاء يمزج ماءها ... شراب من البرّوقتين عتيق
معي كلّ فضفاض القميص كأنّه ... إذا ما سرت فيه المدام فنيق
بنو السّمط والجدّاء كل سميذع ... له في العروق الصالحات عروق
وإني وإن كانوا نصارى أحبّهم، ... ويرتاح قلبي نحوهم ويتوق
وقال في كتاب الآمدي:
كأن لم يكن بالقصر قصر مقاتل ... وزورة ظلّ ناعم وصديق
زُوزَا:
من قرى حرّان، منها أبو عمران موسى بن عيسى الزوزاني ثقة يحدث عن الطرائقي، قاله عليّ ابن الحسن بن علّان الحافظ في تاريخ الجزريّين.(3/157)
زَوَزَانُ:
بفتح أوّله وثانيه ثمّ زاي أخرى، وآخره نون: كورة حسنة بين جبال أرمينية وبين أخلاط وأذربيجان وديار بكر والموصل، وأهلها أرمن وفيها طوائف من الأكراد، قال صاحب الفتوح:
لما فتح عياض بن غنم الجزيرة وانتهى إلى قردى وبازبدى أتاه بطريق الزّوزان فصالحه عن أرضه على إتاوة، وذلك في سنة 19 للهجرة، وقال ابن الأثير: الزّوزان ناحية واسعة في شرقي دجلة من جزيرة ابن عمر، وأوّل حدوده من نحو يومين من الموصل إلى أوّل حدود خلاط وينتهي حدّها إلى أذربيجان إلى أوّل عمل سلماس، وفيها قلاع كثيرة حصينة، وكلّها للأكراد البشنوية والبختية، فمن قلاع البشنوية قلعة برقة وقلعة بشير، وللبختية قلعة جرذقيل، وهي أجلّ قلعة لهم، وهي كرسي ملكهم، وآتيل وعلّوس، وبإزاء الحرّاء لأصحاب الموصل ألقي وأروخ وباخوخه وبرخو وكنكور ونيروه وخوشب.
زُوزَنُ:
بضم أوّله وقد يفتح، وسكون ثانيه، وزاي أخرى، ونون: كورة واسعة بين نيسابور وهراة، ويحسبونها في أعمال نيسابور، كانت تعرف بالبصرة الصغرى لكثرة من أخرجت من الفضلاء والأدباء وأهل العلم، وقال أبو الحسن البيهقي: زوزن رستاق وقصبته زوزن هذه، وقيل لها زوزن لأن النار التي كانت المجوس تعبدها حملت من أذربيجان إلى سجستان وغيرها على جمل فلمّا وصل إلى موضع زوزن برك عنده فلم يبرح، فقال بعضهم: زوزن أي عجّل واضرب لينهض، فلمّا امتنع من النهوض بني بيت النار هناك، وتشتمل على مائة وأربع وعشرين قرية، والمنسوب إليها كثير، وهذا الذي ذكره البيهقي يدل على ضم أوّلها، وأكثر أهل الأثر والنقل على الفتح، والله أعلم، وينسب إليها أبو حنيفة عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الزوزني، قال شيرويه: قدم علينا حاجّا في سنة 455، روى عن أبي بكر الحيري وأبي سعد الجبروذي وأبي سعد عليل وغيرهم، وما أدركته، وكان صدوقا يكتب المصاحف، سمعت بعض المشايخ يقول: كتب أبو حنيفة أربعمائة جامع للقرآن، باع كل جامع منها بخمسين دينارا، والوليد بن أحمد بن محمد بن الوليد أبو العباس الزوزني، رحل وسمع وحدث عن خيثمة ابن سليمان ومحمد بن الحسن، وقيل: محمد بن إبراهيم ابن شيبة المصري، وأبي حامد بن الشرقي وأبي محمد بن أبي حاتم وأبي عبد الله المحاملي ومحمد بن الحسين بن صالح السّبيعي نزيل حلب، روى عنه الحاكم أبو عبد الله وأبو عبد الرحمن السّلمي وأبو نعيم الحافظ، وكان سمع بنيسابور وبغداد والشام والحجاز، وكان من علماء الصوفية وعبّادهم، وتوفي سنة 376، وممّن ينسب إليها أبو نصر أحمد بن عليّ بن أبي بكر الزوزني القائل:
ولا أقبل الدّنيا جميعا بمنّة، ... ولا أشتري عزّ المراتب بالذلّ
وأعشق كحلاء المدامع خلقة ... لئلّا ترى في عينها منّة الكحل
وقدم بغداد وخدم عضد الدولة فاعتبط شابّا وكتب إلى أبيه وهو يجود بنفسه:
ألا هل من فتى يهب الهوينا ... لمؤثرها ويعتسف السّهوبا
فيبلغ، والأمور إلى مجاز ... بزوزن، ذلك الشيخ الأديبا
بأنّ يد الرّدى هصرت بأرض ال ... عراق من ابنه غصنا رطيبا(3/158)
زُوشُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره شين معجمة: من قرى بخارى بقرب النّور، عن أبي سعد.
زُولابُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره باء موحدة:
موضع بخراسان ينسب إليه، عن الحازمي.
زُولاه:
بضم أوّله، وسكون ثانيه: قرية بينها وبين مرو ثلاثة فراسخ، وقد نسب إليها بعض العلماء، منهم: محمد بن علي بن محمود بن عبد الله التاجر الزولاهي المعروف بالكراعي أبو منصور، ويقال اسمه أحمد وهو ابن بنت أبي غانم أحمد بن عليّ بن الحسين الكراعي، شيخ صالح من بيت الحديث، عمّر طويلا ورحل الناس إليه وكان آخر من روى عن جدّه أبي غانم، سمع منه أبو سعد، ومولده في العشرين من شوّال سنة 432 بمرو، ومات بقرية زولاه إمّا في أواخر سنة 524 أو أوائل سنة 525.
زَوْلٌ:
قرأت في كتاب العشرات لأبي عمر الزاهد:
الزّول الشدّة، والزول العجب، والزول الصقر، والزول الظريف، والزول فرج الرجل، والزول الشجاع، والزول الزّولان، والزول النساء المحرمات، وبعده قال ابن خالويه: الزول اسم مكان باليمن وجد بخط عبد المطّلب بن هاشم، وإنّهم وصلوا إلى زول صنعاء، قال: وكان علي بن عيسى يتعجب من هذا ويقول: ما عرفنا أن عبد المطلب كان يكتب إلّا من هذا الحديث.
زُومٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه: من نواحي أرمينية ممّا يلي الموصل، ولعل الجبن الزومي إليه ينسب، قال نصر: وزوم أيضا موضع حجازيّ، قلت:
إن صحّ فهو علم مرتجل، وقيل: الجبن الزوماني، وقيل: الزومي ينسب إلى زومان، وهم طائفة من الأكراد لهم ولاية.
زُونٌ:
بضم أوّله، وآخره نون: موضع تجمع فيه الأصنام وتنصب، قال رؤبة:
وهنانة كالزّون يجلى صنمه
هذا عن الليث، وقال غيره: كلّ ما عبد من دون الله فهو زون وزوان، وعن نصر: زون صنم كان بالأبلّة، وقيل: الزون بيت الأصنام أي موضع كان.
زَوٌّ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، الزّوّ: نوع من السفن عظيم، وكان المتوكل بنى في واحدة منها قصرا منيفا ونادم فيه البحتريّ، فله فيه شعر في قصيدة:
ألا هل أتاها بالمغيب سلامي
يقول فيه:
ولا جبلا كالزّوّ
والزّوّ في اللغة: الزوج، والتّوّ: الفرد. والزّوّ:
القدر. والزوّ: الذي يقص فيه شعر الضأن والمعز.
ومنه زوء المنية، بالهمز: ما يحدث من حوادث المنية.
زُوِيل:
بضم أوّله، وكسر ثانيه، ثمّ ياء مثناة من تحت، ولام: محلة بهمذان، نسب إليها قوم من المتأخرين.
زُوَيْل:
بضم أوّله، وفتح ثانيه، بلفظ تصغير زول، وهو الرجل الخفيف الظريف، والزول أيضا:
العجب، ذو الزّويل: موضع من ديار عامر بن صعصعة قرب الحاجر وهو من منازل الحاج من الكوفة، وفي شعر الحارث بن عمرو الفزاري:
حتى استغاثوا بذي الزّويل ولل ... عرجاء من كلّ عصبة جرز
زَوِيلَة:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وبعد الياء المثناة من تحت الساكنة لام: بلدان أحدهما زويلة السودان مقابل اجدابية في البرّ بين بلاد السودان(3/159)
وإفريقية، قال البكري: وزويلة مدينة غير مسورة في وسط الصحراء، وهي أوّل حدود بلاد السودان، وفيها جامع وحمام وأسواق تجتمع فيها الرفاق من كل جهة ومنها يفترق قاصدهم وتتشعب طرقهم، وبها نخيل وبساط للزرع يسقى بالإبل، ولما فتح عمرو برقة بعث عقبة بن نافع حتى بلغ زويلة وصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين، وبزويلة قبر دعبل بن عليّ الخزاعي الشاعر المشهور، قال بكر بن حماد:
الموت غادر دعبلا بزويلة ... في أرض برقة أحمد بن خصيب
والذي يذكره المؤرخون أن دعبلا لما هجا المعتصم أهدر دمه فهرب إلى طوس واستجار بقبر الرشيد فلم يجره المعتصم وقتله صبرا في سنة 220، وبين زويلة ومدينة اجدابية أربع عشرة مرحلة، ولأهل زويلة حكمة في احتراس بلدهم، وذاك أن الذي عليه نوبة الاحتراس منهم يعمد إلى دابة فيشد عليها حزمة كبيرة من جريد النخل ينال سعفها الأرض ثمّ يدور بها حوالي المدينة فإذا أصبح من الغد ركب ذلك المحترس ومن تبعه على جمال السروح وداروا على المدينة فإن رأوا أثرا خارجا من المدينة اتبعوه حتى يدركوه أينما توجه لصّا كان أو عبدا أو أمة أو غير ذلك. وزويلة: من أطرابلس بين المغرب والقبلة، ويجلب من زويلة الرقيق إلى ناحية إفريقية وما هنالك ومبايعاتهم بثياب قصار حمر، ومن بلد زويلة إلى بلد كانم أربعون مرحلة، وهم وراء صحراء من بلاد زويلة، يذكر خبرهم في كانم، والأخرى: زويلة المهدية، وهي مدينة بإفريقية بناها المهدي عبيد الله جد هؤلاء الذين كانوا بمصر إلى جانب المهدية، بينهما رمية سهم فقط، فسكن هو وعسكره بالمهدية، على ما نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه، وأسكن العامة في زويلة، وكانت دكاكينهم وأموالهم في المهدية وبزويلة مساكنهم، فكانوا يدخلون بالنهار للمعيشة ويخرجون بالليل إلى أهاليهم، فقيل للمهدي:
إن رعيتك في عناء من هذا، فقال: لكن أنا في راحة لأني بالليل أفرق بينهم وبين أموالهم وبالنهار أفرق بينهم وبين أهاليهم فآمن غائلتهم، وقال أبو لقمان شاعر الأنموذج يهجو رجلين:
لا بارك الله في دهر يكون به ... لابن المؤدب ذكر وابن حربون
ذا من زويلة لا دين ولا حسب، ... وذاك من أهل ترشيش المجانين
وترشيش: اسم لمدينة تونس. وزويلة: محلة وباب بالقاهرة، قال الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم العلوي أو أبوه إبراهيم بن محمد بن حمزة، وكان أقام بمصر مدّة فملّها ورحل عنها وقال ... [1]
زُوِين:
بضم أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة، وآخره نون: قرية بجرجان.
الزُّوَيّةُ:
موضع في بلاد عبس، قال رجل من بني عبس:
وكائن ترى، بين الزّويّة والصفا، مجرّ كميّ لا تعفّى مساحبه
باب الزاي والهاء وما يليهما
زُهَا:
بضم أوّله، وقصر ألفه، بلفظ قولهم القوم زها مائة: وهو موضع بالحجاز، عن نصر.
زُهَامُ:
بضم أوّله، وهو فعال من الزهمة، وهي الريح المنتنة: وهو موضع في حساب ابن دريد.
زَهْدَمُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة مفتوحة، وميم، وهو الصقر في اللغة واسم فرس،
__________
[1] هكذا بياض في الأصل.(3/160)
والزهدمان زهدم وكردم رجلان: وهو اسم أبرق، قال:
أشاقتك آيات بأخوار زهدم
والخور: المنخفض من الأرض بين نشزين، والخور: الرحبة.
الزَّهراء:
ممدود تأنيث الأزهر، وهو الأبيض المشرق، والمؤنثة زهراء، والأزهر: النّير، ومنه سمي القمر الأزهر، والزهراء: مدينة صغيرة قرب قرطبة بالأندلس اختطّها عبد الرحمن الناصر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، وهو يومئذ سلطان تلك البلاد في سنة 325، وعملها متنزها له وأنفق في عمارتها من الأموال ما تجاوز فيه عن حدّ الإسراف، وجلب إليها الرخام من أقطار البلاد وأهدى إليه ملوك بلاده من آلاتها ما لا يقدر قدره، وكان الناصر هذا قد قسّم جباية بلاده أثلاثا: ثلث لجنده، وثلث لبيت ماله، وثلث لنفقة الزهراء وعمارتها، وذكر بعضهم أن مبلغ النفقة عليها من الدراهم القاسمية، منسوبة إلى عامل دار ضربها وكانت فضة خالصة بالكيل القرطبي، ثمانون مديا وستة أقفزة وزائد أكيال، ووزن المدي ثمانية قناطير، والقنطار مائة رطل وثمانية وعشرون رطلا، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والستة أقفزة نصف مدي، ومسافة ما بين الزهراء وقرطبة ستة أميال وخمسة أسداس ميل، وقد أكثر أهل قرطبة في وصفها وعظم النفقة عليها وقول الشعراء فيها وصنفوا في ذلك تصانيف، وقال أبو الوليد بن زيدون يذكر الزهراء ويتشوقها:
ألا هل إلى الزهراء أوبة نازح ... تقضّت مبانيها مدامعه سفحا
مقاصر ملك أشرقت جنباتها ... فخلنا العشاء الجون أثناءها صبحا
يمثل قرطيها لي الوهم جهرة ... فقبّتها فالكوكب الرّحب فالسطحا
محلّ ارتياح يذكر الخلد طيبه ... إذا عزّ أن يصدى الفتى فيه أو يضحى
تعوّضت من شدو القيان خلالها ... صدى فلوات قد أطار الكرى صبحا
أجل إنّ ليلي فوق شاطئ نيطة ... لأقصر من ليلي بآنة فالبطحا
وقال أيضا:
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا، ... والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله، ... كأنّما رقّ لي فاعتلّ إشفاقا
والروض عن مائه الفضّيّ مبتسم، ... كما حللت عن اللّبّات أطواقا
يوم كأيّام لذّات لنا انصرمت، ... بتنا لها حين نام الدّهر سرّاقا
والزهراء أيضا: موضع آخر في قول مصعب بن الطفيل القشيري:
نظرت بزهراء المغابر نظرة ... ليرفع أجبالا بأكمة آلها
فلمّا رأى أن لا التفات وراءه ... بزهراء خلّى عبرة العين جالها
الزَّهَرِيّ:
منسوب إلى الزهراء مدينة السلطان بقرطبة من بلاد المغرب، إليها ينسب أبو علي الحسين بن محمد ابن أحمد الغساني الزهري ثمّ الجياني الحافظ نزيل قرطبة، سمع أبا عمر بن عبد القاسم وأبا الوليد(3/161)
الباجي وأبا عبد الله بن عتّاب وغيرهم، سمع منه جماعة من أهل المغرب، كان إمام أهل الأندلس في علم الحديث وأضبطهم لكتاب وأتقنهم لرواية وأوسعهم سماعا مع الحظ الوافر من الأدب وحفظ الرجال، وإليه كانت الرحلة، ثقة الثقات، سمع منه الناس من أهل الأندلس والمغرب ممّن لا يعدّون كثرة، وكان مولده سنة 427، وابتدأ بطلب الحديث سنة 444، وتوفي لعشر خلون من شعبان سنة 498.
زُهْلولُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، ولامين، وهو الأملس، وفرس زهلول: أملس الظهر، وزهلول:
اسم جبل أسود للضباب به معدن يقال له معدن الشجرتين، وماؤه البردان ماء ملح، كثير النخل، عن نصر.
زَهمانُ:
يروى بالضم والفتح، فعلان من الزهمة، وهي الريح المنتنة والزهومة من اللحم: وهو اسم موضع، قال عدي بن الرقاع العاملي:
توهم إبلاد المنازل عن حقب، ... فراجع شوقا ثمّت ارتد في نصب
بزهمان لو كانت تكلّم أخبرت ... بما لقيت بعد الأنيس من العجب
زَهْو:
موضع في ديار بني عقيل كانت فيه وقعة بينهم، قال الشّنان بن مالك من بني معاوية بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة:
ولو شهدتني أمّ سلم وقومها ... بعبلاء زهو في ضحى ومقيل
رأتني على ما بي لها من كرامة، ... وسالف دهر قد مضى ووسيل
أذلّ قيادا قومها وأذيقهم ... مناكب ضوجان لهن صليل
الزُّهَيرِيّة:
بلفظ التصغير: وهو ربض ببغداد يقال له ربض زهير بن المسيب في شارع باب الكوفة من بغداد قرب سويقة عبد الواحد بن إبراهيم. والزّهيرية أيضا: ببغداد قطيعة زهير بن محمد الأبيوردي إلى جانب القطيعة المعروفة بأبي النجم ممّا يلي باب التبن مع حد سور بغداد قديما إلى باب قطربّل، وكان عندها باب يعرف بالباب الصغير، وزهير هذا رجل من الأزد من عرب خراسان من أهل أبيورد، وهذا كلّه الآن خراب لا يعرفه أحد.
زِهْيَوْط:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وياء مثناة من تحت مفتوحة، وواو ساكنة، وآخرها طاء مهملة، قال الأزهري: اسم موضع لم يستعمل من وجوه تقلباته غير هذا اللفظ، والله أعلم.
باب الزاي والياء وما يليهما
زِيادانُ:
ناحية ونحر بالبصرة منسوبة إلى زياد مولى بني الهجيم جد يونس بن عمران بن جميع بن بشار ابن زياد وجد عيسى بن عمر النحوي وحاجب بن عمر لأمّهما.
زِيادَباذُ:
وهو باذ مضاف إلى زياد اسم رجل على عادة الفرس في إضافة القرى إلى ذلك، معناها عمارة زياد، قال السمعاني: أظنها من قرى فارس بنواحي شيراز.
الزِّيادِيّةُ:
محلّة بمدينة القيروان من أرض إفريقية سكنها محمد بن خالد الأندلسي ثمّ الإلبيري أحد رواة الحديث وبنى بها مسجدا يعرف به.
الزِّيبُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وآخره باء موحدة: قرية كبيرة على ساحل بحر الشام قرب عكّا، وقال أبو سعد: الزّيب، بفتح الزاي، قرية كبيرة على ساحل بحر الروم عند عكا المعروف بشارستان عكا، قلت(3/162)
هذا الموضع معروف وهو بالفتح لا غير، ينسب إليها القاضي أبو علي الحسن بن الهيثم بن علي التميمي الزيبي، سمع الحسن بن الفرج الغزي بغزة، روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي.
زَيتانُ:
بلفظ تثنية الزيت الدهن المعروف: بلدة بين ساحل بحر فارس وأرّجان.
الزَّيْتُ:
بلفظ الزيت الدهن المعروف، أحجار الزّيت:
بالمدينة موضع كان فيه أحجار علا عليها الطريق فاندفنت، وله ذكر في الحديث. وقصر الزيت:
بالبصرة صقع قريب من كلّائها، وجبل الزيت في شعر الفضل بن عبّاس اللهبي:
فوارع من جبال الزّيت مدّت ... بسافتها وأحمأت الجبابا
جمع جبّ.
الزَّيتونُ:
بلفظ الزيتون المذكور في القرآن مع التين:
ذكر بعض المفسرين أنّه جبل بالشام وأنّه لم يرد الزيتون المأكول. والزيتون أيضا: قرية على غربي النيل بالصعيد وإلى جانبها قرية يقال لها الميمون.
الزَّيتونةُ:
موضع كان ينزله هشام بن عبد الملك في بادية الشام فلمّا عمّر الرصافة انتقل إليها فكانت منزله إلى أن مات. وعين الزيتونة: بإفريقية على مرحلة من سفاقس، وفيها يقول الأعقب في الملاحم:
عند حلول الجيش بالزيتونه ... ثمّ تكون الوقعة الملعونه
زَيْدانُ:
بلفظ تثنية زيد اسم رجل، قال نصر:
صقع واسع من أعمال الأهواز يتصل بنهر موسى ابن محمد الهاشمي، وقال العمراني: زيدان اسم قصر، وقال السمعاني أبو سعد: زيدان موضع بالكوفة.
زَيْداوَن:
مثل الذي قبله إلّا أن بين الألف والنون واوا مفتوحة: قرية من قرى السوس من نواحي الأهواز في ظن أبي سعد السمعاني.
زَيدٌ:
بلفظ اسم العلم، وهو مصدر زاد يزيد زيدا، قال شاعر:
وأنتم معشر زيد على مائة
اسم موضع قرب مرج خساف الذي قرب بالس من أرض الشام، وقال نصر: موضع من مرج خساف الذي بالجزيرة وهو إلى جنب الحسا الذي كانت عنده الوقعة.
الزَّيدِيّةُ:
بلفظ النسبة إلى زيد اسم رجل: قرية من سواد بغداد من أعمال بادوريا، ينسب إليها أبو بكر محمد بن يحيى بن محمد الشّوكي الزيدي، سمع محمد ابن إسماعيل الورّاق وأبا حفص بن شاهين وغيرهما.
والزيدية: من مياه بني نمير في واد يقال له الحذيم.
الزَّيدِي:
قرية باليمامة فيها نخل وروض.
زِيرَباذ:
بكسر الزاي، وسكون الياء، وفتح الراء، والباء موحدة، وآخره ذال معجمة، جزيرة زيرباذ:
من نواحي فارس، قال ابن سيران في تاريخه: في سنة 309 توفي عبد الله بن عمارة صاحب جزيرة زيرباذ وقد ملكها خمسا وعشرين سنة وملكها بعده أخوه جعفر بن حمزة ستة أشهر وقتله غلمانه وملكها بعده بطّال بن عبد الله بن عمارة.
زِيرَكَجُّ:
بالكسر، وكجّ بالجيم المشدّدة، قال أبو موسى: قرية بخوزستان، وأظن أبا مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجّي البصري إليها ينسب.
الزِّيزيان:
بكسر أوّله، وبعد الزاي ياء أخرى، وآخره نون: موضع بفارس.
زَيزاء:
من قرى البلقاء كبيرة يطؤها الحاج ويقام بها لهم سوق وفيها بركة عظيمة، وأصله في اللغة المكان(3/163)
المرتفع، ولذلك قال ذو الرمّة:
تحدّر عن زيزائه القفّ وارتقى ... على الرّمل وانقادت إليه الموارد
وقال مليح:
تذكّرت ليلى يوم أصبحت قافلا ... بزيزاء، والذكرى تشوق وتشغف
غداة تردّ الدّمع عين مريضة ... بليلى وتارات تفيض وتذرف
ومن دون ذكراها التي خطرت لنا ... بشرقيّ نعمان الشّرى والمعرّف
وأعليت من طود الحجاز نجوده ... إلى الغور ما اجتاز الفقير ولفلف
زَيَغْدُوانُ:
بفتح أوّله وثانيه، وغين معجمة ساكنة، ودال مهملة مضمومة، وبعد الألف نون، ويقال بباء موحدة بعد أوّله: اسم موضع، عن العمراني.
زِيقُ:
بلفظ زيق القميص، وهو تعريب جيك: محلة بنيسابور، ينسب إليها أبو الحسن عليّ بن أبي علي الزيقي، سمع أحمد بن حفص ومحمد بن يزيد، حدث عنه أبو محمد الشيباني وذكر أنّه توفي سنة 317.
زَيْكُونُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره نون:
من قرى نسف، ونسف هي نخشب قرب سمرقند، والله أعلم بالصواب.
زَيْلَعُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح اللام، وآخره عين مهملة: هم جيل من السودان في طرف أرض الحبشة، وهم مسلمون وأرضهم تعرف بالزيلع، وقال ابن الحائك: ومن جزائر اليمن جزيرة زيلع فيها سوق يجلب إليه المعزى من بلاد الحبشة فتشتري جلودها ويرمى بأكثر مسائحها في البحر. وزيلع، بالعين المهملة: قرية على ساحل البحر من ناحية الحبش، حدثني الشيخ وليد البصري وكان ممّن جال في البلدان أن البربر طائفة من السودان بين بلاد الزنج وبلاد الحبش، قال: ولهم سنّة عجيبة مع كونهم إلى الإبطاء منسوبين وفي أهله معدودين، وهم طوائف يسكنون البرية في بيوت يصنعونها من حشيش، قال: فإذا أحبّ أحدهم امرأة وأراد التزوّج بها ولم يكن كفؤا لها عمد إلى بقرة من بقر أبي تلك المرأة ولا تكون البقرة إلّا حبلى فيقطع من ذنبها شيئا من الشعر ويطلقها في السّرح ثم يهرب في طلب من يقطع ذكره من الناس، فإذا رجع الراعي وأخبر والد الجارية أو من يكون وليّا لها من أهلها فيخرجون في طلبه فإن ظفروا به قتلوه وكفوا أمره، وإن لم يظفروا به مضى على وجهه يلتمس من يقطع ذكره ويجيئهم به، فإن ولدت البقرة ولم يجيء بالذكر بطل أمره ولا يرجع أبدا إلى قومه بل يمضي هاجّا حيث لا يعرفون له خبرا، فإنّه إن رجع إليهم قتلوه، وإن قطع ذكر رجل وجاءهم به تملّك تلك الجارية ولا يسعهم أبدا أن يمنعوه ولو كانت من كانت، قال: وأكثر من ترى من هذه البلاد من الطائفة المعروفة بالزيلع السودان، إنّما هم من الذين التمسوا قطع الذكر فأعجزهم فإذا حصلوا في بلاد المغرب التمسوا القرآن والزهد كما تراهم، قال: وزيلع قرية على ساحل البحر من ناحية الحبش فيها طوائف منهم ومن غيرهم، قال: وأكثر معيشة البربر من الصيد، وعندهم نوع من الخشب يطبخونه ويستخرجون منه ماء ثمّ يعقدونه حتى يبقى كأنّه الزّفت، فإذا أكل الرجل منه لا يضره، فإن جرح موضعا بمقدار غرز الإبرة وترك فيه أهلك صاحبه، وذلك أن الدم يهرب من ذلك السم حتى يصل إلى القلب ويجتمع فيه فيفجره، فإذا أراد أحدهم اختباره جرح برأس الإبرة ساقه فإذا سال منه الدم قرّب(3/164)
ذلك السمّ منه فإنّه يعود طالبا لموضعه، فإن لم يبادره بقطعه من أوّله وإلّا قتله، وهو من العجائب، وهم يجعلون منه قليلا في رأس السهم ويتوارون في بعض الأشجار فإذا مرّت بهم سباع الوحوش كالفيل والكركدن والزراف والنمر يرشقونه بذلك السهم، فإذا خالط دمه مات لوقته فيأخذون من الفيل أنيابه ومن الكركدن قرونه ومن الزراف والنمر جلده، والله أعلم.
زيلوش:
من قرى الرملة بفلسطين، ينسب إليها أبو القاسم هبة الله بن نعمة بن الحسين بن السري الكناني الزيلوشي، روى عن محمد بن عبد الله بن الحسن البصري، روى عنه السلفي، وفي تاريخ دمشق:
إبراهيم بن محمد بن أحمد أبو إسحاق القيسي المعلم الفقيه، أصله من زيلوش قرية من قرى الرملة، كان جنديّا ثمّ ترك ذلك وتعلّم القرآن والفقه، وسمع الحديث من أبي المعالي وأبي طاهر الحنّائي وأبي محمد بن الأكفاني والفقيهين أبي الحسن علي بن المسلم ونصر الله بن محمد وعبد الكريم بن حمزة وطاهر بن سهل وغيرهم من مشايخنا، وقرأ القرآن على ابن الوحشي، سمع من المسلم المقري وحدث ببعض مسموعاته، وكان ثقة مستورا، توفي في الحادي عشر من رجب سنة 553 بدمشق.
زَيْمُرَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وضم ميمه، وراء مهملة، وآخره نون، يجوز أن يكون فيعلان من الزّمرة وهي الجماعة من الناس، أو من الزّمر وهو القليل الشعر والقليل المروءة، أو من الزّمار، بالكسر، وهو صوت النعام: وهو موضع.
زَيْمَرُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الميم، وراء، واشتقاقه كالذي قبله: وهو موضع في جبال طيّء، يذكر مع بلطة ويضاف إليها، قال امرؤ القيس:
وكنت إذا ما خفت يوما ظلامة ... فإن لها شعبا ببلطة زيمرا
الزَّيْمَةُ:
قرية بوادي نخلة من أرض مكّة، فيها يقول محمد بن إبراهيم بن قربة شاعر عصري:
مرتعي من بلاد نخلة في الصّي ... ف بأكناف سولة والزّيمه
زِئْنَةُ:
بكسر أوّله، وهمز ثانيه، وقد لا يهمز، واشتقاقه من الزينة معروف، فأمّا من همزه فلا أعرفه، إلّا أن يقال: كلب زئنيّ وهو القصير، والظاهر أنّه غير مهموز، قال الأصمعي: قال لي بعض بني عقيل جميع خفاجة يجتمعون ببيشة وزينة، وهما واديان، أما بيشة فتصبّ من اليمن، وأمّا زينة فتصب من السراة سراة تهامة، وقال ابن الفقيه:
طوله عشرون يوما في نجد وأعلاه في السراة ويسمّى عقيق تمرة، وقيل: الذي فيه عقيق تمرة هو زبية، بتقديم الباء الموحدة، والله أعلم بالصواب.(3/165)
س
باب السين والألف وما يليهما
سَاباطُ كِسْرَى:
بالمدائن موضع معروف، وبالعجمية بلاس أباذ، وبلاس: اسم رجل، وقد ذكر في الباء، وقال أبو المنذر: إنّما سمّي ساباط الذي بالمدائن بساباط بن باطا كان ينزله فسمّي به، وهو أخو النخيرجان بن باطا الذي لقي العرب في جمع من أهل المدائن. والساباط عند العرب: سقيفة بين دارين من تحتها طريق نافذ، والجمع سوابيط وساباطات، وقيل فيه: أفرغ من حجّام ساباط، عن الأصمعي، وكان فيه حجام يحجم الناس بنسيئة فإن لم يجئه أحد حجم أمّه حتى قتلها، فضربه العرب مثلا، وإيّاه أراد الأعشى بقوله يذكر النعمان بن المنذر وكان أبرويز الملك قد حبسه بساباط ثمّ ألقاه تحت أرجل الفيلة:
ولا الملك النّعمان يوم لقيته ... بإمّته يعطي القطوط ويأفق
وتجبى إليه السّيلحون، ودونها ... صريفون في أنهارها، والخورنق
ويقسم أمر النّاس أمرا وليلة ... وهم ساكتون، والمنيّة تنطق
ويأمر لليحموم كلّ عشيّة ... بقتّ وتعليق فقد كاد يسنق
يعالى عليه الجلّ كلّ عشيّة، ... ويرفع نقلا بالضحى ويعرّق
فذاك، وما أنجى من الموت ربّه ... بساباط، حتى مات وهو محرزق
وقال عبيد الله بن الحرّ:
دعاني بشر دعوة فأجبته ... بساباط، إذ سيقت إليه حتوف
فلم أخلف الظّنّ الذي كان يرتجي، ... وبعض أخلّاء الرّجال خلوف
فإن تك خيلي يوم ساباط أحجمت ... وأفزعها من ذي العدوّ زحوف
فما جبنت خيلي، ولكن بدت لها ... ألوف أتت من بعدهنّ ألوف
وقال أبو سعد: وساباط بليدة معروفة بما وراء النهر(3/166)
قرب أشروسنة على عشرة فراسخ من خجند وعلى عشرين فرسخا من سمرقند، ينسب إليها طائفة من أهل العلم والرواية، منهم: أبو الحسن بكر بن أحمد الفقيه الساباطي الأشروسني، حدث عن الفتح بن عبيد السمرقندي، وروى عنه أبو ذرّ عثمان بن محمد بن مخلّد التيمي البغدادي، وقال أبو سعد: ظني أن منها أبا العباس أحمد بن عبد الله بن المفضل الحميري الساباطي، حدث عن علي بن عاصم ويزيد بن هارون وغيرهما.
سابُرَآباذ:
كأنّه مخفّف من سابور مضاف إلى أباذ على عادتهم: بلد.
سابَرُّوج:
بعد الألف باء موحدة ثمّ راء مشددة مضمومة ثمّ واو ساكنة، وآخره جيم: موضع بنواحي بغداد.
سَابُس:
بضم الباء الموحدة بعد الألف، نهر سابس:
قرية مشهورة قرب واسط على طريق القاصد لبغداد منها على الجانب الغربي.
سابور خُواسْت:
سابور: اسم ملك من ملوك الأكاسرة، ثمّ خاء معجمة، وواو خفيفة، وبعد الألف سين مهملة، وتاء مثناة من فوق: وهي بلدة ولاية بين خوزستان وأصبهان، وكان السبب في تسميتها بذلك أن سابور بن أردشير لما تخلّى عن مملكته وغاب عن أهل دولته لحكم المنجمين بقطع يكون عليه، كما نذكره، إن شاء الله تعالى، في منارة الحوافر، خرج أصحابه يطلبونه فلمّا انتهوا إلى نيسابور قالوا: نيست سابور، أي ليس سابور، فسميت نيسابور، ثمّ وقعوا إلى سابور خواست فسئلوا هنالك ما تصنعون فقالوا: سابور خواست، أي نطلب سابور، فسمي الموضع بذلك، ثمّ وقعوا إلى جنديسابور فوجدوه هنالك فقالوا: وندي سابور، أي وجد سابور، ثمّ عرّبت فقيل جنديسابور، كذا قيل، وسابور خواست بينها وبين نهاوند اثنان وعشرون فرسخا لأن من نهاوند إلى الأشتر عشرة فراسخ ومن الأشتر إلى سابور خواست اثنا عشر فرسخا ومن سابور خواست إلى اللور ثلاثون فرسخا لا قرية فيها ولا مدينة، واللور بين سابور خواست وخوزستان، وقال علي بن محمد بن خلف أبو سعد يمدح فخر الدولة أبا غالب خلف الوزير:
هو سيف دولتك الذي أغنيته ... بطويل باعك عن وسيع خطاه
فغدا بطول يديك لو كلّفته ... شقّ السّحاب ببرقه لغزاه
وإذا هتفت به لرأس متوّج ... بالرّوم من سابور خواست أتاه
سابورُ:
بلفظ اسم سابور أحد الأكاسرة، وأصله شاه بور أي ملك بور، وبور: الابن بلسان الفرس، قاله الأزهري، وقال الأعشى:
وساق له شاه بور الجنو ... د عامين يضرب فيه القدم
ومن سابور إلى شيراز خمسة وعشرون فرسخا، وسابور في الإقليم الثالث، وطولها ثمان وسبعون درجة وربع، وعرضها إحدى وثلاثون درجة: كورة مشهورة بأرض فارس ومدينتها النّوبندجان في قول ابن الفقيه، وقال البشّاري: مدينتها شهرستان، وقال الإصطخري: مدينتها سابور، وبهذه الكورة مدن أكبر منها مثل النوبندجان وكازرون، ولكن هذه كورة تنسب إلى سابور الملك لأنّه هو الذي بنى مدينة سابور، وهي في السعة نحو إصطخر إلّا(3/167)
أنّها أعمر وأجمع للبناء وأيسر أهلا، وبناؤها بالطين والحجارة والجصّ، ومن مدن هذه الكورة: كازرون وجره ودشت بارين وخمايجان السفلى والعليا وكندران والنوبندجان وتوّز ورموم الأكراد وجنبذ وخشت وغير ذلك، وبسابور الأدهان الكثيرة، ومن دخلها لم يزل يشم روائح طيبة حتى يخرج منها، وذلك لكثرة رياحينها وأنوارها وبساتينها، وقال البشاري:
سابور كورة نزهة قد اجتمع في بساتينها النخل والزيتون والأترج والخرّوب والجوز واللوز والتين والعنب والسدر وقصب السكر والبنفسج والياسمين، أنهارها جارية وثمارها دانية والقرى متصلة تمشي أياما تحت ظل الأشجار مثل صغد سمرقند، وعلى كلّ فرسخ بقّال وخبّاز، وهي قريبة من الجبال، وقال العمراني: سابور نهر، وأنشد:
أبيت بجسر سابور مقيما ... يؤرّقني أنينك يا معين
وقد نسبوا إلى سابور فارس جماعة من العلماء، منهم: محمد بن عبد الواحد بن محمد بن الحسن بن حمدان الفقيه أبو عبد الله السابوري، حدث بشيراز عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الملك، روى عنه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي وغيره، وكان للمهلّب وقائع بسابور مع قطريّ ابن الفجاءة والخوارج طويلة ذكرها الشعراء، قال كعب الأشقري:
تساقوا بكأس الموت يوما وليلة ... بسابور حتى كادت الشمس تطلع
بمعترك رضراضه من رحالهم، ... وعفر يرى فيه القنا المتجزّع
وسابور أيضا: موضع بالبحرين فتح على يد العلاء بن الحضرمي في أيّام أبي بكر، رضي الله عنه، عنوة في سنة 12، وقال البلاذري: فتح في أيّام عمر، رضي الله عنه.
السّابوريّةُ:
مثل الذي قبله وزيادة النسبة إلى مؤنث:
قرية على الفرات مقابل بالس.
سائِبَةُ:
من نواحي اليمن من مخلاف سنحان.
ساتِيدَما:
بعد الألف تاء مثناة من فوق مكسورة، وياء مثناة من تحت، ودال مهملة مفتوحة ثمّ ميم، وألف مقصورة، أصله مهمل في الاستعمال في كلام العرب، فإمّا أن يكون مرتجلا عربيّا لأنّهم قد أكثروا من ذكره في شعرهم وإمّا أن يكون عجميّا، قال العمراني: هو جبل بالهند لا يعدم ثلجه أبدا، وأنشد:
وأبرد من ثلج ساتيدما ما، ... وأكثر ماء من العكرش
وقال غيره: سمّي بذلك لأنّه ليس من يوم إلّا ويسفك فيه دم، كأنّه اسمان جعلا اسما واحدا ساتي دما، وساتي وسادي بمعنى، وهو سدّى الثوب، فكأنّ الدماء تسدّى فيه كما يسدّى الثوب، وقد مدّه البحتري فقال:
ولما استقلّت في جلولا ديارهم ... فلا الظهر من ساتيدماء ولا اللحف
وأنشد سيبويه لعمرو بن قمئة:
قد سألتني بنت عمرو عن ال ... أرض التي تنكر أعلامها
لما رأت ساتيدما استعبرت، ... لله درّ اليوم من لامها!
تذكّرت أرضا بها أهلها، ... أخوالها فيها وأعمامها(3/168)
وقال أبو النّدى: سبب بكائها أنّها لما فارقت بلاد قومها ووقعت إلى بلاد الروم ندمت على ذلك، وإنّما أراد عمرو بن قمئة بهذه الأبيات نفسه لا بنته فكنّى عن نفسه بها، وساتيدما: جبل بين ميّافارقين وسعرت، وكان عمرو بن قمئة قال هذا لما خرج مع امرئ القيس إلى ملك الروم، وقال الأعشى:
وهرقلا يوم ذي ساتيدما ... من بني برجان ذي الباس رجح
وقد حذف يزيد بن مفرغ ميمه فقال:
فدير سوى فساتيدا فبصري
قلت: وهذا يدلّ على أن هذا الجبل ليس بالهند وأن العمراني وهم، وقد ذكر غيره أن ساتيدما هو الجبل المحيط بالأرض، منه جبل بارما وهو الجبل المعروف بجبل حمرين وما يتصل به قرب الموصل والجزيرة وتلك النواحي، وهو أقرب إلى الصحة، والله أعلم، وقال أبو بكر الصولي في شرح قول أبي نواس:
ويوم ساتيدما ضربنا بني ال ... أصفر والموت في كتائبها
قال: ساتيدما نهر بقرب أرزن وكان كسرى أبرويز وجّه إياس بن قبيصة الطائي لقتال الروم بساتيدما فهزمهم فافتخر بذلك، وهذا هو الصحيح، وذكره في بلاد الهند خطأ فاحش، وقد ذكر الكسروي فيما أوردناه في خبر دجلة عن المرزباني عنه فذكر نهرا بين آمد وميّافارقين ثمّ قال: ينصبّ إليه وادي ساتيدما وهو خارج من درب الكلاب بعد أن ينصبّ إلى وادي ساتيدما وادي الزّور الآخذ من الكلك، وهو موضع ابن بقراط البطريق من ظاهر أرمينية، قال:
وينصب أيضا من وادي ساتيدما نهر ميّافارقين، وهذا كلّه مخرجه من بلاد الروم، فأين هو والهند؟ يا لله للعجب! وقول عمرو بن قمئة: لما رأت ساتيدما، يدل على ذلك لأنّه قاله في طريقه إلى ملك الروم حيث سار مع امرئ القيس، وقال أبو عبيدة: ساتيدما جبل يذكر أهل العلم أنّه دون الجبال من بحر الروم إلى بحر الهند.
ساجِرٌ:
بعد الألف جيم مكسورة ثمّ راء مهملة، قال الليث: الساجر السيل الذي يملأ كلّ شيء، وقال غيره: يقال وردنا ماء ساجرا إذا ملأه السيل، قال الشمّاخ:
وأحمى عليها ابنا يزيد بن مسهر ... ببطن المراض كلّ حسي وساجر
وهو ماء باليمامة بوادي السرّ، وقيل: ماء في بلاد بني ضبّة وعكل وهما جيران، قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:
فإنّي لعكل ضامن غير مخفر ... ولا مكذب أن يقرعوا سنّ نادم
وأن لا يحلوا السّرّ ما دام منهم ... شريد ولا الخثماء ذات المخارم
ولا ساجرا أو يطرحوا القوس والعصا ... لأعدلهم أو يوطؤوا بالمناسم
وقال سلمة بن الخرشب:
وأمسوا حلالا ما يفرّق بينهم ... على كلّ ماء بين فيد وساجر
وقال السّمهريّ اللّصّ:
تمنّت سليمى أن أقيم بأرضها، ... وإنّي وسلمى ويبها ما تمنّت
ألا ليت شعري هل أزورنّ ساجرا ... وقد رويت ماء الغوادي وعلّت؟(3/169)
الساجور:
بعد الألف جيم، وآخره راء، بلفظ ساجور الكلب، وهي خشبة تجعل في عنقه يقاد بها: وهو اسم نهر بمنبج، قال البحتري يذكره:
ما رأينا الحسين ألغى صوابا ... مذ شركت الحسين في التّدبير
بك أعطيت من مبرّ اشتياقي ... بردى زلفة على السّاجور
ساجُوم:
فاعول من سجم الدمع إذا هطل: اسم موضع، قال نصر: ساجوم، بالميم، واد.
ساجُو:
بنقص الميم عن الذي قبله: موضع، عن العمراني، والله أعلم.
الساجُ:
بالجيم، بلفظ الخشب المعروف بالساج: مدينة بين كابول وغزنين مشهورة هناك.
الساحلُ:
بعد الألف حاء مهملة، وآخره لام، بلفظ ساحل البحر وهو شاطئه: موضع من أرض العرب بعينه، قال ابن مقبل:
لمن الدّيار عرفتها بالسّاحل ... وكأنّها ألواح جفن ماثل؟
قال الأزدي: هو موضع بعينه ولم يرد به ساحل البحر.
سَاحُوقُ:
بعد الألف حاء مهملة، وآخره قاف، فاعول من السحق، قال بعضهم:
هرقن بساحوق جفانا كثيرة
موضع. ويوم ساحوق: من أيّام العرب.
السّادَةُ:
محرثة باليمامة، عن ابن أبي حفصة.
سَارَكُونُ:
بعد الألف راء مهملة، وكاف، وآخره نون: قرية من قرى بخارى، ينسب إليها أبو بكر محمد بن إسحاق بن حاتم الساركوني، يروي عن أبي بكر محمد بن أحمد بن حبيب، روى عنه أبو عبد الله بن مالك الخنامتي.
سَارَوَانُ:
بعد الألف راء ثمّ واو، وآخره نون:
موضع.
سَارُوقُ:
بعد الألف راء، وآخره قاف، فاعول من السرقة: موضع بأرض الروم، الساروق تعريب سارو، وهو من أسماء مدينة همذان، قالوا: أوّل من بناها جم بن نوجهان وسمّاها سارو فعرّبوها وقالوا ساروق، وفي أخبار الفرس بكلامهم: سارو جم كرد دارا كمر بست بهمن إسفنديار بسر آورد، أي الساروق بناها جم وشدّ منطقتها دارا أي عمل عليها سورا واستتمّه وأحسنه بهمن بن إسفنديار.
سارونِيّةُ:
بعد الألف راء ثمّ واو ثمّ نون مكسورة، وياء مثناة من تحت: عقبة قرب طبرية يصعد منها إلى الطور.
سارِيَةُ:
بعد الألف راء ثمّ ياء مثناة من تحت مفتوحة، بلفظ السارية، وهي الأسطوانة، والسارية أيضا:
السحابة التي تأتي ليلا، وأصله من سرى يسري سرى ومسرى إذا سار ليلا: وهي مدينة بطبرستان، وهي في الإقليم الرابع، طولها سبع وسبعون درجة وخمسون دقيقة، وعرضها ثمان وثلاثون درجة، قال البلاذري: كور طبرستان ثماني كور، سارية وبها منزل العامل في أيّام الطاهرية، وكان العامل قبل ذلك في آمل، وجعلها أيضا الحسن بن زيد ومحمد بن زيد العلويّان دار مقامهما، وبين سارية والبحر ثلاثة فراسخ، وبين سارية وآمل ثمانية عشر فرسخا، والنسبة إليها ساريّ، وطبرستان هي مازندران، قال محمد بن طاهر المقدسي: ينسب إلى سارية من طبرستان سرويّ، منهم: أبو الحسين(3/170)
محمد بن صالح بن عبد الله السروي الطبري، روى عنه محمد بن بشار بندار وزياد بن أيّوب ومحمد بن المثنّى وأبو كريب وخلق كثير يعسر تعدادهم، روى عنه أبو القاسم عليّ بن الحسن بن الربيع القرشي وأبو الحسين بن حازم الصّرّام وعبد الله بن محمد الخواري، قال شيرويه: قال أبو جعفر الحافظ انكشف أمره بالرّيّ عند ابن أبي حاتم ولما قدم الرّيّ ذكّرته ابن أبي حاتم ثمّ ظهر من أمره ما ظهر فأخرج من الريّ وساءت حاله، وروى حديث لا نكاح إلّا بوليّ حديث عائشة من طريق عروة، فأنكرت عليه وقصدته وقلت له: تخرج أصلك، فلم يكن له أصل وكان مخلّطا، وسار إلى الأهواز فانكشف أمره بها أيضا، وقال عبد الرحمن الأنماطي: سألت جعفر بن محمد الكرابيسي عن محمد بن صالح فقال:
ما سمعت أحدا يقول فيه شيئا.
سَارِي:
مخفّف الياء، هي سارية المذكورة قبل، وقال العمراني: الساري موضع، قال الشماخ:
حنّت إلى سكّة الساري تجاوبها ... حمامة من حمام ذات أطواق
والسكة: الطريقة الواضحة.
سَازَةُ:
بالزاي: قرية باليمن من نواحي بني زبيد.
سَاسَانُ:
بلفظ جدّ ملوك الأكاسرة الساسانية: محلة بمرو خارجة عنها من درب الفيروزية، عن أبي سعد، وينسب إليها بعض الرواة.
سَاسَكُونُ:
من قرى حماة، ينسب إليها المهذّب حسن الساسكوني، شاعر شابّ عصري، أنشدني له بعض أصحابنا أبياتا في الجبّول كتبت فيه.
سَاسَنْجِرْد:
بعد الألف سين أخرى مفتوحة ثمّ نون ساكنة، وجيم مكسورة ثمّ راء ودال مهملتان: قرية على أربعة فراسخ من مرو على طريق الرمل، وقد نسب إليها بعض الرواة.
سَاسِي:
بعد الألف سين أخرى، بلفظ النسبة إلا أن ياءه خفيفة: قرية تحت واسط الحجاج، ينسب إليها أبو المعالي بن أبي الرضا بن بدر الساسي، سمع أبا الفتح محمد بن أحمد بن بختيار المانداي الواسطي.
السّاعد:
من أرض اليمن لحكم بن سعد العشيرة:
وهي قرية.
سَاعِدَةُ:
وهو في الأصل من أسماء الأسد علم له، ذو ساعدة: في جبال أبلى، وقد ذكرت.
سَاعِيرُ:
في التوراة اسم لجبال فلسطين، نذكره في فاران، وهو من حدود الروم وهو قرية من الناصرة بين طبرية وعكّا، وذكره في التوراة: جاء من سينا، يريد مناجاته لموسى على طور سينا، وأشرق من ساعير: إشارة إلى ظهور عيسى بن مريم، عليه السلام، من الناصرة، واستعلن من جبال فاران:
وهي جبال الحجاز، يريد النبي، عليه الصلاة والسلام، وهذا في الجزء العاشر في السفر الخامس من التوراة، والله أعلم.
ساغَرْجُ:
بعد الألف غين معجمة مفتوحة، وراء ساكنة، وجيم، وقد يقال بالصاد: من قرى الصغد على خمسة فراسخ من سمرقند من نواحي إشتيخن، قد نسب إليها بعض الرّواة.
سَافَرْدز:
بعد الألف فاء ثمّ راء ساكنة ثمّ دال مهملة مكسورة، وآخره زاي: قرية على جيحون قريبة من آمل الماء على طريق خوارزم، نسب إليها بعض الرواة.
السّافِرِيّةُ:
قرية إلى جانب الرملة توفي بها هانئ بن كلثوم بن عبد الله بن شريك بن ضمضم الكندي،(3/171)
ويقال الكناني، الفلسطيني في ولاية عمر بن عبد العزيز، وروى عن عمر بن سلا وعبد الله بن عمر ومعاوية بن أبي سفيان.
سَاقٌ:
بلفظ ساق الرجل: هضبة واحدة شامخة في السماء لبني وهب، ذكرها زهير في شعره، وقال السّكوني: ساق ماء لبني عجل بين طريق البصرة والكوفة إلى مكّة. وذات الساق: موضع آخر، وساق الفريد في قول الحطيئة:
نظرت إلى فوت ضحيّ وعبرتي ... لها من وكيف الرأس شنّ وواشل
إلى العير تحدى بين قوّ وضارج ... كما زال في الصّبح الإشاء الحوامل
فأتبعتهم عينيّ حتى تفرّقت ... مع اللّيل عن ساق الفريد الجمائل
وساق الجواء: موضع آخر، والجواء: الواسع من الأودية، وساق الفرو أيضا: جبل في أرض بني أسد كأنّه قرن ظبي، ويقال له ساق الفروين، وأنشد الحفصي:
أقفر من خولة ساق فروين ... فالحضر فالركن من أبانين
السَّاقَةُ:
حصن باليمن من حصون أبين.
سَاقِطَةُ:
بعد الألف قاف مكسورة ثمّ طاء مهملة، بلفظ واحدة الساقط ضدّ المرتفع: موضع يقال له ساقطة النعل.
سَاقِيَةُ سُلَيمانَ:
قرية مشهورة من نواحي واسط، منها القاضي علي بن رجاء بن زهير بن عليّ أبو الحسن ابن أبي الفضل، أقام ببغداد مدّة يتفقّه في مذهب الشافعي، رضي الله عنه، ورحل إلى الرّحبة وواصل ابن المتقّنة وسمع ببغداد أبا الفضل بن ناصر وغيره ورجع إلى ناحيته فولّي القضاء بها، وكان أبوه قاضيا بها، وولي قضاء آمل أيضا، ومات بواسط منحدرا من بغداد سنة 594، ومولده في سنة 529.
سَاكَبْدِياز:
بعد الألف كاف مفتوحة ثمّ باء موحدة ساكنة، ودال مهملة مكسورة ثمّ ياء مثناة من تحت، وآخره زاي: من قرى نسف، نسب إليها بعض الرّواة.
سَالِحِين:
والعامة تقول صالحين، وكلاهما خطأ وإنما هو السّيلحين: قرية ببغداد نذكرها في بابها، إن شاء الله تعالى، وقد نسب إليها على هذا اللفظ أبو زكرياء يحيى بن إسحاق السالحيني البجلي، روى عن الليث بن سعد، روى عنه أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، وأهل العراق، توفي سنة 220.
سَالِمُ:
مدينة بالأندلس تتصل بأعمال باروشة، وكانت من أعظم المدن وأشرفها وأكثرها شجرا وماء، وكان طارق لما افتتح الأندلس ألفاها خرابا فعمّرت في الإسلام، وهي الآن بيد الأفرنج.
سالُوسُ:
ذكرت في الشين، وههنا أولى منها: وهي في الإقليم الرابع، طولها خمس وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وخمسون دقيقة.
سامَانُ:
آخره نون، قال الحازمي: سامان من محال أصبهان، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن عليّ الساماني الصّحّاف، حدث عن أبي الشيخ الحافظ وغيره، نسبه سليمان بن إبراهيم، وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد البنّاء البشّاري: سامان قرية بنواحي سمرقند، إليها ينسب ملوك بني سامان بما وراء النهر ويزعمون أنهم من ولد بهرام جور ويؤيد هذا أنهم يقولون سامان خداه بن جبا بن طمغاث بن نوشرد بن بهرام(3/172)
جور، واختلفوا في ضبطه ولفظ جبا على عدة أقوال، فالسمعاني ضبطه جبا، بضم أوّله والباء الموحدة، وضبطه المستغفري بالفتح وقال: يروى بالتاء ويروى بالحاء ويروى بالخاء، كذا قالوا، وقال الفرغاني في تاريخه: حدثني أبو العباس محمد بن الحسن بن العباس البخاري أن أصلهم من سامان، وهي قرية من قرى بلخ من البهارمة، ويمكن الجمع بين القولين لأن سامان خداه معناه المالك سامان لأن خداه بالفارسية الملك فيكون أرادوا ذلك ثمّ غلب عليهم هذا الاسم، وذلك كقولهم شاه أرمن لملك الأرمن، وخوارزم شاه لصاحب خوارزم، ويقولون لرؤساء القرى ده خدا لأن ده اسم القرية وخدا مالك كأنّه قال مالك القرية أو ربّ القرية.
سامُ:
من قرى دمشق بالغوطة، قال الحافظ أبو القاسم:
عثمان بن محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان كان يسكن قرية سام من إقليم خولان من قرى دمشق، وكانت لجدّه معاوية، وله ذكر.
سامُ بَني سِنَانٍ:
مضاف إلى بني سنان قبيلة لعلّها من البربر: وهي قلعة بالمغرب في جبال صنهاجة القبيلة وراء جبل درن، ويروى بتشديد الميم.
سامَرّاء:
لغة في سرّ من رأى: مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة وقد خربت، وفيها لغات: سامرّاء، ممدود، وسامرّا، مقصور، وسرّ من رأ، مهموز الآخر، وسرّ من را، مقصور الآخر، أمّا سامرّاء فشاهده قول البحتري:
وأرى المطايا لا قصور بها ... عن ليل سامرّاء تذرعه
وسرّ من را مقصور غير مهموز في قول الحسين بن الضحاك:
سرّ من را أسرّ من بغداد، ... فاله عن بعض ذكرها المعتاد
وسرّ من راء ممدود الآخر في قول البحتري:
لأرحلنّ وآمالي مطرّحة ... بسرّ من راء مستبطي لها القدر
وسامرّا، مقصور، وسرّ من رأى وساء من رأى، عن الجوهري، وسرّاء، وكتب المنتصر إلى المتوكل وهو بالشام:
إلى الله أشكو عبرة تتحيّر، ... ولو قد حدا الحادي لظلّت تحدّر
فيا حسرتا إن كنت في سرّ من رأى ... مقيما وبالشام الخليفة جعفر!
وقال أبو سعد: سامرّاء بلد على دجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال لها سرّ من رأى فخففها الناس وقالوا سامرّاء، وهي في الإقليم الرابع، طولها تسع وستون درجة وثلثا درجة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وسدس، تعديل نهارها أربع عشرة ساعة، غاية ارتفاع الشمس بها تسع وسبعون درجة وثلث، ظل الظهر درجتان وربع، ظل العصر أربع عشرة درجة، بين الطولين ثلاثون درجة، سمت القبلة إحدى عشرة درجة وثلث، وعن الموصلي ثلاث وثمانون درجة، وعرضها مائة وسبع عشرة درجة وثلث وعشر، وبها السرداب المعروف في جامعها الذي تزعم الشيعة أن مهديهم يخرج منه، وقد ينسبون إليها بالسّرّ مرّي، وقيل: إنّها مدينة بنيت لسام فنسبت إليه بالفارسية سام راه، وقيل: بل هو موضع عليه الخراج، قالوا بالفارسية: ساء مرّة أي هو موضع الحساب، وقال حمزة: كانت سامراء مدينة عتيقة من مدن الفرس تحمل إليها الإتاوة التي(3/173)
كانت موظفة لملك الفرس على ملك الروم، ودليل ذلك قائم في اسم المدينة لأن سا اسم الإتاوة، ومرّة اسم العدد، والمعنى أنّه مكان قبض عدد جزية الروم، وقال الشعبي: وكان سام بن نوح له جمال ورواء ومنظر، وكان يصيف بالقرية التي ابتناها نوح، عليه السلام، عند خروجه من السفينة ببازبدى وسماها ثمانين، ويشتو بأرض جوخى، وكان ممرّه من أرض جوخى إلى بازبدى على شاطئ دجلة من الجانب الشرقي، ويسمّى ذلك المكان الآن سام راه يعني طريق سام، وقال إبراهيم الجنيدي: سمعتهم يقولون إن سامراء بناها سام بن نوح، عليه السلام، ودعا أن لا يصيب أهلها سوء، فأراد السفاح أن يبنيها فبنى مدينة الأنبار بحذائها، وأراد المنصور بعد ما أسس بغداد بناءها، وسمع في الرواية ببركة هذه المدينة فابتدأ بالبناء في البردان ثمّ بدا له وبنى بغداد وأراد الرشيد أيضا بناءها فبنى بحذائها قصرا وهو بإزاء أثر عظيم قديم كان للأكاسرة ثمّ بناها المعتصم ونزلها في سنة 221، وذكر محمد بن أحمد البشّاري نكتة حسنة فيها قال: لما عمرت سامرّاء وكملت واتسق خيرها واحتفلت سميت سرور من رأى، ثمّ اختصرت فقيل سرّ من رأى، فلمّا خربت وتشوّهت خلقتها واستوحشت سميت ساء من رأى، ثمّ اختصرت فقيل سامراء، وكان الرشيد حفر نهرا عندها سمّاه القاطول وأتى الجند وبنى عنده قصرا ثمّ بنى المعتصم أيضا هناك قصرا ووهبه لمولاه أشناس، فلمّا ضاقت بغداد عن عساكره وأراد استحداث مدينة كان هذا الموضع على خاطره فجاءه وبنى عنده سرّ من رأى، وقد حكي في سبب استحداثه سرّ من رأى أنّه قال ابن عبدوس: في سنة 219 أمر المعتصم أبا الوزير أحمد بن خالد الكاتب بأن يأخذ مائة ألف دينار ويشتري بها بناحية سرّ من رأى موضعا يبني فيه مدينة وقال له: إني أتخوّف أن يصيّح هؤلاء الحربية صيحة فيقتلوا غلماني فإذا ابتعت لي هذا الموضع كنت فوقهم فإن رابني رائب أتيتهم في البر والبحر حتى آتي عليهم، فقال له أبو الوزير: آخذ خمسة آلاف دينار وإن احتجت إلى زيادة استزدت، قال: فأخذت خمسة آلاف دينار وقصدت الموضع فابتعت ديرا كان في الموضع من النصارى بخمسة آلاف درهم وابتعت بستانا كان في جانبه بخمسة آلاف درهم ثمّ أحكمت الأمر فيما احتجت إلى ابتياعه بشيء يسير فانحدرت فأتيته بالصكاك، فخرج إلى الموضع في آخر سنة 220 ونزل القاطول في المضارب ثمّ جعل يتقدّم قليلا قليلا وينتقل من موضع إلى موضع حتى نزل الموضع وبدأ بالبناء فيه سنة 221، وكان لما ضاقت بغداد عن عسكره وكان إذا ركب يموت جماعة من الصبيان والعميان والضعفاء لازدحام الخيل وضغطها، فاجتمع أهل الخير على باب المعتصم وقالوا: إمّا أن تخرج من بغداد فإن الناس قد تأذوا بعسكرك أو نحاربك، فقال: كيف تحاربونني؟ قالوا: نحاربك بسهام السحر، قال: وما سهام السحر؟ قالوا:
ندعو عليك، فقال المعتصم: لا طاقة لي بذلك، وخرج من بغداد ونزل سامراء وسكنها وكان الخلفاء يسكنونها بعده إلى أن خربت إلّا يسيرا منها، هذا كلّه قول السمعاني ولفظه، وقال أهل السير: إن جيوش المعتصم كثروا حتى بلغ عدد مماليكه من الأتراك سبعين ألفا فمدوا أيديهم إلى حرم الناس وسعوا فيها بالفساد، فاجتمع العامة ووقفوا للمعتصم وقالوا: يا أمير المؤمنين ما شيء أحبّ إلينا من مجاورتك لأنّك الإمام والحامي للدين وقد أفرط علينا أمر غلمانك وعمّنا أذاهم فإمّا منعتهم عنّا أو نقلتهم(3/174)
عنّا، فقال: أمّا نقلهم فلا يكون إلّا بنقلي ولكني أفتقدهم وأنهاهم وأزيل ما شكوتم منه، فنظروا وإذا الأمر قد زاد وعظم وخاف منهم الفتنة ووقوع الحرب وعاودوه بالشكوى وقالوا: إن قدرت على نصفتنا وإلّا فتحوّل عنّا وإلّا حاربناك بالدعاء وندعو عليك في الأسحار، فقال: هذه جيوش لا قدرة لي بها، نعم أتحوّل وكرامة، وساق من فوره حتى نزل سامرّاء وبنى بها دارا وأمر عسكره بمثل ذلك، فعمّر الناس حول قصره حتى صارت أعظم بلاد الله، وبنى بها مسجدا جامعا في طرف الأسواق، وأنزل أشناس بمن ضم إليه من القوّاد كرخ سامرّاء، وهو كرخ فيروز، وأنزل بعضهم في الدور المعروفة بدور العرباني، فتوفي بسامرّاء في سنة 227، وأقام ابنه الواثق بسامرّاء حتى مات بها ثمّ ولي المتوكل فأقام بالهاروني وبنى به أبنية كثيرة وأقطع الناس في ظهر سرّ من رأى في الحيّز الذي كان احتجره المعتصم، واتسع الناس بذلك، وبنى مسجدا جامعا فأعظم النفقة عليه وأمر برفع منارة لتعلو أصوات المؤذنين فيها وحتى ينظر إليها من فراسخ فجمع الناس فيه وتركوا المسجد الأوّل، واشتقّ من دجلة قناتين شتويّة وصيفيّة تدخلان الجامع وتتخلّلان شوارع سامرّاء، واشتقّ نهرا آخر وقدره للدخول إلى الحيّز فمات قبل أن يتمّم، وحاول المنتصر تتميمه فلقصر أيامه لم يتمم ثمّ اختلف الأمر بعده فبطل، وكان المتوكل أنفق عليه سبعمائة ألف دينار، ولم يبن أحد من الخلفاء بسرّ من رأى من الأبنية الجليلة مثل ما بناه المتوكل، فمن ذلك: القصر المعروف بالعروس أنفق عليه ثلاثين ألف ألف درهم، والقصر المختار خمسة آلاف ألف درهم، والوحيد ألفي ألف درهم، والجعفري المحدث عشرة آلاف ألف درهم، والغريب عشرة آلاف ألف درهم، والشيدان عشرة آلاف ألف درهم، والبرج عشرة آلاف ألف درهم، والصبح خمسة آلاف ألف درهم، والمليح خمسة آلاف ألف درهم، وقصر بستان الايتاخيّة عشرة آلاف ألف درهم، والتلّ علوه وسفله خمسة آلاف ألف درهم، والجوسق في ميدان الصخر خمسمائة ألف درهم، والمسجد الجامع خمسة عشر ألف ألف درهم، وبركوان للمعتز عشرين ألف ألف درهم، والقلائد خمسين ألف دينار، وجعل فيها أبنية بمائة ألف دينار، والغرد في دجلة ألف ألف درهم، والقصر بالمتوكلية وهو الذي يقال له الماحوزة خمسين ألف ألف درهم، والبهو خمسة وعشرين ألف ألف درهم، واللؤلؤة خمسة آلاف ألف درهم، فذلك الجميع مائتا ألف ألف وأربعة وتسعون ألف ألف درهم، وكان المعتصم والواثق والمتوكل إذا بنى أحدهم قصرا أو غيره أمر الشعراء أن يعملوا فيه شعرا، فمن ذلك قول عليّ بن الجهم في الجعفري الذي للمتوكل:
وما زلت أسمع أنّ الملو ... ك تبني على قدر أقدارها
وأعلم أنّ عقول الرّجا ... ل يقضى عليها بآثارها
فلمّا رأينا بناء الإما ... م رأينا الخلافة في دارها
بدائع لم ترها فارس ... ولا الرّوم في طول أعمارها
وللرّوم ما شيّد الأوّلون ... وللفرس آثار أحرارها
وكنّا نحسّ لها نخوة ... فطامنت نخوة جبّارها(3/175)
وأنشأت تحتجّ للمسلمين ... على ملحديها وكفّارها
صحون تسافر فيها العيون ... إذا ما تجلّت لأبصارها
وقبّة ملك كأنّ النجوم ... تضيء إليها بأسرارها
نظمن الفسافس نظم الحليّ ... لعون النّساء وأبكارها
لو انّ سليمان أدّت له ... شياطينه بعض أخبارها
لأيقن أنّ بني هاشم ... يقدّمها فضل أخطارها
وقال الحسين بن الضحاك:
سرّ من را أسرّ من بغداد، ... فاله عن بعض ذكرها المعتاد
حبّذا مسرح لها ليس يخلو ... أبدا من طريدة وطراد
ورياض كأنّما نشر الزّه ... ر عليها محبّر الأبراد
واذكر المشرف المطلّ من ال ... تلّ على الصّادرين والورّاد
وإذا روّح الرّعاء فلا تن ... س رواعي فراقد الأولاد
وله فيها ويفضلها على بغداد:
على سرّ من را والمصيف تحيّة ... مجلّلة من مغرم بهواهما
ألا هل لمشتاق ببغداد رجعة ... تقرّب من ظلّيهما وذراهما؟
محلّان لقّى الله خير عباده ... عزيمة رشد فيهما فاصطفاهما
وقولا لبغداد إذا ما تنسمت ... على أهل بغداد جعلت فداهما
أفي بعض يوم شفّ عينيّ بالقذى ... حرورك حتى رابني ناظراهما؟
ولم تزل كل يوم سر من رأى في صلاح وزيادة وعمارة منذ أيّام المعتصم والواثق إلى آخر أيّام المنتصر ابن المتوكل، فلمّا ولي المستعين وقويت شوكة الأتراك واستبدوا بالملك والتولية والعزل وانفسدت دولة بني العبّاس لم تزل سر من رأى في تناقص للاختلاف الواقع في الدولة بسبب العصبية التي كانت بين أمراء الأتراك إلى أن كان آخر من انتقل إلى بغداد من الخلفاء وأقام بها وترك سر من رأى بالكلية المعتضد بالله أمير المؤمنين كما ذكرناه في التاج وخربت حتى لم يبق منها إلا موضع المشهد الذي تزعم الشيعة ان به سرداب القائم المهدي ومحلّة أخرى بعيدة منها يقال لها كرخ سامراء وسائر ذلك خراب يباب يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلّها أحسن منها ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكا منها، فسبحان من لا يزول ولا يحول، وذكر الحسن بن أحمد المهلبي في كتابه المسمّى بالعزيزي قال: وأنا اجتزت بسر من رأى منذ صلاة الصبح في شارع واحد مادّ عليه من جانبيه دور كأن اليد رفعت عنها للوقت لم تعدم إلّا الأبواب والسقوف، فأمّا حيطانها فكالجدد، فما زلنا نسير إلى بعد الظهر حتى انتهينا إلى العمارة منها، وهي مقدار قرية يسيرة في وسطها، ثمّ سرنا من الغد على مثل تلك الحال فما خرجنا من آثار البناء إلى نحو الظهر، ولا شك أن طول البناء كان أكثر من ثمانية فراسخ،(3/176)
وكان ابن المعتز مجتازا بسامرّاء متأسفا عليها وله فيها كلام منثور ومنظوم في وصفها، ولما استدبر أمرها جعلت تنقض وتحمل أنقاضها إلى بغداد ويعمّر بها، فقال ابن المعتز:
قد أقفرت سرّ من را، ... وما لشيء دوام
فالنّقض يحمل منها ... كأنّها آجام
ماتت كما مات فيل ... تسلّ منه العظام
وحدثني بعض الأصدقاء قال اجتزت بسامرّاء أو قال أخبرني من اجتاز بسامرّاء: فرأيت على وجه حائط من حيطانها الخراب مكتوبا:
حكم الضّيوف بهذا الرّبع أنفذ من ... حكم الخلائف آبائي على الأمم
فكلّ ما فيه مبذول لطارقه، ... ولا ذمام به إلّا على الحرم
وأظنّ هذا المعنى سبق إليه هذا الكاتب فإذا هو مأخوذ من قول أرطاة بن سهية المري حيث قال:
وإنّي لقوّام لدى الضيف موهنا ... إذا أغدف الستر البخيل المواكل
دعا فأجابته كلاب كثيرة ... على ثقة مني بأنّي فاعل
وما دون ضيفي من تلاد تحوزه ... لي النّفس إلّا أن تصان الحلائل
وكتب عبد الله بن المعتز إلى صديق له يمدح سرّ من رأى ويصف خرابها ويذم بغداد وأهلها ويفضل سامراء: كتبت إليك من بلدة قد أنهض الدهر سكانها، وأقعد جدرانها، فشاهد اليأس فيها ينطق، وحبل الرجاء فيها يقصر، فكأن عمرانها يطوى، وكأنّ خرابها ينشر، وقد وكّلت إلى الهجر نواحيها، واستحثّ باقيها إلى فانيها، وقد تمزقت بأهلها الديار، فما يجب فيها حقّ جوار، فالظاعن منها ممحوّ الأثر، والمقيم بها على طرف سفر، نهاره إرجاف، وسروره أحلام، ليس له زاد فيرحل ولا مرعى فيرتع، فحالها تصف للعيون الشكوى، وتشير إلى ذمّ الدنيا، بعد ما كانت بالمرأى القريب جنة الأرض وقرار الملك، تفيض بالجنود أقطارها عليهم أردية السيوف وغلائل الحديد، كأنّ رماحهم قرون الوعول، ودروعهم زبد السيول، على خيل تأكل الأرض بحوافرها وتمدّ بالنقع حوافرها، قد نشرت في وجوهها غررا كأنّها صحائف البرق وأمسكها تحجيل كأسورة اللّجين ونوّطت عذرا كالشّنوف في جيش يتلقّف الأعداء أوائله ولم ينهض أواخره، وقد صبّ عليه وقار الصبر، وهبّت له روائح النصر، يصرفه ملك يملأ العين جمالا، والقلوب جلالا، لا تخلف مخيلته، ولا تنقض مريرته، ولا يخطئ بسهم الرأي غرض الصواب، ولا يقطع بمطايا اللهو سفر الشباب، قابضا بيد السياسة على أقطار ملك لا ينتشر حبله، ولا تتشظّى عصاه، ولا تطفى جمرته، في سن شباب لم يجن مأثما، وشيب لم يراهق هرما، قد فرش مهاد عدله، وخفض جناح رحمته، راجما بالعواقب الظنون، لا يطيش عن قلب فاضل الحزم بعد العزم، ساعيا على الحقّ يعمل به عارفا بالله يقصد إليه، مقرّا للحلم ويبذله، قادرا على العقاب ويعدل فيه، إذ الناس في دهر غافل قد اطمأنّت بهم سيرة لينة الحواشي خشنة المرام تطير بها أجنحة السرور، ويهب فيها نسيم الحبور، فالأطراف على مسرة، والنظر إلى مبرّة، قبل أن تخب مطايا الغير، وتسفر(3/177)
وجوه الحذر، وما زال الدهر مليئا بالنوائب، طارقا بالعجائب، يؤمّن يومه، ويغدر غدره، على أنّها وإن جفيت معشوقة السكنى، وحبيبة المثوى، كوكبها يقظان، وجوها عريان، وحصاها جوهر، ونسيمها معطّر، وترابها مسك أذفر، ويومها غداة، وليلها سحر، وطعامها هنيء، وشرابها مريء، وتاجرها مالك، وفقيرها فاتك، لا كبغدادكم الوسخة السماء، والومدة الهواء، جوها نار، وأرضها خبار، وماؤها حميم، وترابها سرجين، وحيطانها نزوز، وتشرينها تموز، فكم في شمسها من محترق وفي ظلّها من عرق، ضيقة الديار، قاسية الجوار، ساطعة الدخان، قليلة الضيفان، أهلها ذئاب، وكلامهم سباب، وسائلهم محروم، ومالهم مكتوم، لا يجوز إنفاقه، ولا يحل خناقه، حشوشهم مسايل، وطرقهم مزابل، وحيطانهم أخصاص، وبيوتهم أقفاص، ولكل مكروه أجل، وللبقاع دول، والدهر يسير بالمقيم، ويمزج البؤس بالنعيم، وبعد اللجاجة انتهاء والهم إلى فرجة، ولكل سابلة قرار، وبالله أستعين وهو محمود على كل حال.
غدت سر من را في العفاء فيا لها ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
وأصبح أهلوها شبيها بحالها ... لما نسجتهم من جنوب وشمأل
إذا ما امرؤ منهم شكا سوء حاله ... يقولون لا تهلك أسى وتجمّل
وبسامراء قبر الإمام علي بن محمد بن علي بن موسى ابن جعفر وابنه الحسن بن علي العسكريّين، وبها غاب المنتظر في زعم الشيعة الإمامية، وبها من قبور الخلفاء قبر الواثق وقبر المتوكل وابنه المنتصر وأخيه المعتز والمهتدي والمعتمد بن المتوكل.
السّامِرَةُ:
يجوز أن يكون جمع قوم سمرة الذين يسمرون بالليل للحديث: وهي قرية بين مكّة والمدينة.
سَامَةُ:
السام: عروق الذهب، والواحدة سامة، وبه سمّي سامة بن لؤي، وبنو سامة: محلّة بالبصرة سميت بالقبيلة، وهم سامة بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة من قريش، ينسب إلى المحلة بعض الرواة. وسامة العليا وسامة السفلى:
من قرى ذمار باليمن، وقال العمراني: سامة موضع.
سامٌ:
وقد ذكر معناه، قال العمراني: جبل.
سامِينُ:
من قرى همذان، قال شيرويه: حسن بن إبراهيم بن الحسن الضرير أبو علي الخطيب بسامين، روى عن جعفر الأبهري وابن عبدان وابن عيسى، وكان صدوقا شيخا، سمعت منه.
سانْجَن:
بعد الألف الساكنة نون ساكنة أيضا، وجيم مفتوحة، وآخره نون: من قرى نسف، قد نسب إليها أبو إسحاق إبراهيم بن معقل بن الحجّاج ابن خداش بن خديج السانجني النسفي الإمام المشهور، رحل في طلب العلم إلى الحجاز والعراق والشام ومصر، وروى عن قتيبة بن سعيد وأبي موسى الزمن وهشام بن عمّار وغيرهم، روى عنه ابنه سعيد وجماعة كثيرة، مات سنة 295 عن خمس وثمانين سنة.
سَانْقانُ:
بعد الألف نون ساكنة أيضا ثم قاف، وآخره نون: من قرى مرو على خمسة فراسخ منها، وقد نسب إليها طائفة من أهل العلم ذكرهم السمعاني في النسب.
سانْوَاجِرْد:
بعد الألف نون ساكنة، وبعد الواو ألف ثم جيم مكسورة وراء ودال مهملة: هذا اسم(3/178)
لعدة قرى بمرو وسرخس، وقد نسب إليها بعض أهل العلم.
السّانَةُ:
حصن في جبل وصاب من أعمال زبيد باليمن.
سَانُ:
بعد الألف نون: من قرى بلخ، ينسب إليها سانجيّ، يقال لها سان وجهاريك، وينسب إليها الفقيه أبو زكرياء حسن السانجي من أصحاب أبي معاذ، روى عن عبد الله بن وهب المصري وغيره.
سَانِيزُ:
قرية من قرى جبل شهريار بأرض الديلم، ينسب إليها أبو نصر السانيزي، وكان من أتباع شروين بن رستم بن قارن ملك الديلم ثم عظم شأنه وكثر أعوانه حتى غلب على الجبلين جبل الديلم وجبل الجيل وطبرستان بأسرها وقومس وما صاقبها، وعزم نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسد الساماني على قصد الري فجعل طريقه على جبل شهريار طمعا أن يستخلصه لشروين ويعيد الوارث فحصره أبو نصر هذا في موضع يقال له هزار كري أربعة أشهر لم يقدر على أن يجوز ولا على أن يتأخر عنه حتى بذل له ثلاثين ألف دينار حتى أفرج عنه الطريق.
سَاوَكَانُ:
بعد الألف واو مفتوحة، وكاف، وآخره نون: بليدة من نواحي خوارزم بين هزار اسب وخشميثن فيها سوق كبير وجامع حسن ومنارة، رأيتها في سنة 617 عامرة آهلة.
سَاوَهْ:
بعد الألف واو مفتوحة بعدها هاء ساكنة:
مدينة حسنة بين الري وهمذان في وسط، بينها وبين كل واحد من همذان والري ثلاثون فرسخا، وبقربها مدينة يقال لها آوه، فساوه سنّيّة شافعية، وآوه أهلها شيعة إمامية، وبينهما نحو فرسخين، ولا يزال يقع بينهما عصبية، وما زالتا معمورتين إلى سنة 617 فجاءها التتر الكفار الترك فخبّرت أنهم خربوها وقتلوا كل من فيها ولم يتركوا أحدا البتة، وكان بها دار كتب لم يكن في الدنيا أعظم منها بلغني أنهم أحرقوها، وأمّا طول ساوه فسبع وسبعون درجة ونصف وثلث وعرضها خمس وثلاثون درجة، وفي حديث سطيح في أعلام النبوة: وخمدت نار فارس وغارت بحيرة ساوه وفاض وادي سماوة فليست الشام لسطيح شاما، في كلام طويل، وقد ذكرها أبو عبد الله محمد بن خليفة السّنبسي شاعر سيف الدولة بن مزيد فقال:
ألا يا حمام الدّوح دوح نجارة، ... أفق عن أذى النّجوى فقد هجت لي ذكرا
علام يندّيك الحنين ولم تضع ... فراخا ولم تفقد، على بعد، وكرا
ودوحك ميّال الفروع كأنّما ... يقلّ على أعواده خيما خضرا
ولم تدر ما أعلام مرو وساوة، ... ولم تمس في جيحون تلتمس العبرا
والنسبة إلى ساوه ساويّ وساوجيّ، وقد نسب إليها طائفة من أهل العلم، منهم: أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل بن يوسف الساوي، رحل وسمع بدمشق وغيرها، سكن مرو وسمع أبا علي الحظائري وإسماعيل بن محمد أبا علي الصفار وأبا جعفر محمد بن عمرو بن البحتري وأبا عمرو الزاهد وأبا العباس المحبوبي الرّزّاز وخيثمة بن سليمان، سمع منه الحاكم أبو عبد الله، ومات سنة 346، وأبو طاهر عبد الرحمن ابن أحمد بن علك الساوي أحد الأئمة الشافعية، صحب أبا محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي وأخذ عنه علم الحديث وسمع جماعة طاهرة وافرة ببغداد وروى عنه أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل(3/179)
الحافظ وأبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن علي ابن محمد الأسفراييني، وتوفي ببغداد سنة 484 أو 485، وعبد الله بن محمد بن عبد الجليل القاضي، وكان أبوه وجدّه من الأعلام.
سَاوِينُ:
بعد الألف واو مكسورة ثمّ ياء مثناة من تحت، وآخره نون: موضع في قول تميم بن مقبل الشاعر:
أمست بأذرع أكباد فحمّ لها ... ركب بلينة أو ركب بساوينا
سَاو:
قرية صغيرة من نواحي البهنسا من الصعيد الأدنى.
السّاهِرَةُ:
موضع في البيت المقدّس، وقال ابن عباس:
الساهرة أرض القيامة أرض بيضاء لم يسفك فيها دم، عن البشّاري.
سَاهِمٌ:
بعد الألف هاء مكسورة وميم، من قولهم:
وجه ساهم أي ضامر متغيّر، قال سبيع بن الخطيم:
أرباب نخلة والقريظ وساهم ... أنّى كذلك آلف مألوف
في أبيات ذكرت في القريظ، والله أعلم.
سَاهُوقُ:
بعد الألف هاء ثمّ واو، وآخره قاف:
موضع.
السّائِبَةُ:
من قرى اليمامة.
سائرٌ:
من نواحي المدينة، قال ابن هرمة:
عفا سائر منها فهضب كتانة، ... فدار بأعلى عاقل أو محسّر
ومنها بشرقيّ المذاهب دمنة ... معطّلة آياتها لم تغيّر
سَايَةُ:
بعد الألف ياء مثناة من تحت مفتوحة، وهاء: اسم واد من حدود الحجاز، وهو يجري في الشذوذ مجرى آية وغاية وطاية، وذلك أن قياس أمثاله أن تنقلب لامه همزة لكنهم تجنّبوا ذلك لأنّهم لو همزوها لكان يجتمع على الحرف اعتلال العين واللام وذلك إجحاف وإن كان قد جاء فيما لا يعدّ نحو ماء وشاء، وقيل: ساية واد يطلع إليه من الشراة، وهو واد بين حاميتين، وهما حرّتان سوداوان، بها قرى كثيرة مسمّاة وطرق من نواح كثيرة، وفي أعلاها قرية يقال لها الفارع، ووالي ساية من قبل صاحب المدينة، وفيها نخيل ومزارع وموز ورمّان وعنب، وأصلها لولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفيها من أفناء الناس وتجّار من كلّ بلد، كذا قاله عرّام فيما رواه عنه أبو الأشعث، ولا أدري أهي اليوم على ذلك أم تغيرت، وقال ابن جنّي في كتاب هذيل: لقد قرأته بخطّه شمنصير جبل بساية، وساية واد عظيم به أكثر من سبعين عينا، وهو وادي أمج، وقال مالك بن خالد الخناعي الهذلي:
بودّك أصحابي فلا تزدهيهم ... بساية إذ دمّت علينا الحلائب
وقال المعطّل الهذلي:
ألا أصبحت ظمياء قد نزحت بها ... نوى خيتعور طرحها وشتاتها
وقالت: تعلّم أنّ ما بين ساية ... وبين دفاق روحة وغداتها
وقال أبو عمرو الخناعي:
أسائل عنهم كلّما جاء راكب ... مقيما بأملاح إذا ربط اليعر
وما كنت أخشى أن أعيش خلافهم ... بستّة أبيات كما نبت العتر(3/180)
والعتر: نبت على ست ورقات أي ستّ شعب لا يزيد ولا ينقص.
بما قد أراهم بين مرّ وساية ... بكل مسيل منهم أنس غبر
غبر: جمع غبير، وكان مثقلا فخفّف، يقال:
حيّ غبير أي كثير.
باب السين والباء وما يليهما
سَبَأ:
بفتح أوّله وثانيه، وهمز آخره وقصره: أرض باليمن مدينتها مأرب، بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاثة أيّام، فمن لم يصرف فلأنّه اسم مدينة، ومن صرفه فلأنّه اسم البلد فيكون مذكّرا سمّى به مذكرا، وسميت هذه الأرض بهذا الاسم لأنّها كانت منازل ولد سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ومن قحطان إلى نوح اختلاف نذكره في كتاب النسب من جمعنا، إن شاء الله تعالى، وكان اسم سبإ عامرا، وإنّما سمّي سبأ لأنّه أوّل من سبى السّبي، وكان يقال له من حسنه عب الشمس، مثل عبّ الشمس، بالتشديد، قاله ابن الكلبي، وقال أبو عمرو بن العلاء:
عبّ شمس أصله حبّ شمس، وهو ضوؤها، والعين مبدلة من الحاء، كما قالوا في عب قرّ وهو البرد، وقال ابن الأعرابي: هو عبء شمس، بالهمز، والعبء:
العدل، أي هو عدلها ونظيرها، وعلى قول ابن الكلبي فلا أدري لم همز بعد لأنّه من سبى يسبي سبيا، والظاهر أنّ أصله من سبأت الخمر أسبؤها سباء إذا اشتريتها، ويقال: سبأته النار سباء إذا أحرقته، وسمّي السفر البعيد سبأة لأن الشمس تحرق فاعله، وكأن هذا الموضع سمّي سبأ لحرارته، وأكثر القراء على صرفه وأبو عمرو بن العلاء لم يصرفه، والعرب تقول: تفرّقوا كأيدي سبا وأيادي سبا، نصبا على الحال، ولما كان سيل العرم، كما نذكره، إن شاء الله تعالى، في مأرب، تفرّق أهل هذه الأرض في البلاد وسار كلّ طائفة منهم إلى جهة فضربت العرب بهم المثل فقيل: ذهب القوم أيدي سبا وأيادي سبا أي متفرّقين، شبّهوا بأهل سبا لما مزّقهم الله تعالى كلّ ممزّق فأخذت كلّ طائفة منهم طريقا، واليد: الطريق، يقال: أخذ القوم يد بحر، فقيل للقوم إذا ذهبوا في طرق متفرّقة ذهبوا أيدي سبا أي فرّقتهم طرقهم التي سلكوها كما تفرّق أهل سبا في جهات متفرّقة، والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأنّه كثر في كلامهم فاستثقلوا ضغطة الهمز وإن كان سبأ في الأصل مهموزا، ويقال:
سبأ رجل ولد عشرة بنين فسمّيت القرية باسم أبيهم، والله أعلم، وإلى ههنا قول أبي منصور، وطول سبا أربع وستون درجة، وعرضها سبع عشرة درجة، وهي في الإقليم الأوّل. وسبا صهيب: موضع آخر في اليمن وفيه موضع يقال له أبو كندلة.
سبّا:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، والقصر، والأولى أن يكتب بالياء لأن كلّ ما كان على أربعة أحرف لا يجوز أن يكتب إلّا بالياء، وذلك أنّ الثلاثيّ من ذوات الواو إذا صار فيه حرف زائد حتى يصير إلى أربعة أحرف عاد إلى الياء، تقول: غزا يغزو، فإذا قلت أغزيت رجع إلى الياء كما ترى، ولكنا كتبناه بالألف على اللفظ للترتيب ويجوز أن يكون أصله من سبى يسبي وشدّد للكثرة، فيكون منقولا عن الفعل الماضي، ويجوز أن يكون فعلى من السبّ والألف للتأنيث كلغوى ورضوى: وهي ماء لبني سليم، وقال القتّال الكلابي:
وأدم كثيران الصريم تكلّفت ... لظبية حتى زرننا وهي طلّح(3/181)
سقى الله حيّا من فزارة دارهم ... بسبّى كراما حوث أمسوا وأصبحوا
ورواه أبو عبيد بسبّى، بكسر السين، وحوث:
لغة في حيث، وقال نصر: سبّى ماء في أرض فزارة، وفي شعر مروان بن مالك بن مروان المغنّي الطائي ما يدلّ على أن سبّى جبل، قال:
كلا ثعلبينا طامع بغنيمة، ... وقد قدّر الرّحمن ما هو قادر
بجمع تظلّ الأكم ساجدة له، ... وأعلام سبّى والهضاب النّوادر
سِبَابٌ:
بكسر أوّله، وتكرير الباء، وهو من السبّ ساببته سبابا: موضع بمكّة، ذكره كثير بن كثير السهمي فقال:
سكنوا الجزع جزع بيت أبي مو ... سى إلى النّخل من صفيّ السّباب
وقال الزبير: يريد بيت أبي موسى الأشعري، وصفيّ السباب: ماء بين دار سعيد الحرشي التي تناوح بيوت القاسم بن عبد الواحد التي في أصلها المسجد الذي صلّي عنده على أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور وكان به عدة نخل وحائط لمعاوية فذهب ويعرف بحائط خرمان.
سَبَاحُ:
بفتح أوّله، وآخره حاء مهملة: وهي علم لأرض ملساء عند معدن بني سليم.
سِبَارَى:
بكسر أوّله، وبعد الألف راء: قرية من قرى بخارى يقال لها سبيرى أيضا، وقد ذكرت في موضعها، وينسب بهذه النسبة الإمام أبو محمد عبد الملك بن عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن محمد بن فضالة السباري البخاري، روى عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن كامل غنجار، روى عنه أبو الفضل بكر بن محمد بن علي الزّرنجري وغيره.
سَبَا صُهَيْب:
بلد مشهور بناحية اليمن وفيه حصن حصين.
السِّبَاعُ:
جمع سبع، ذات السّباع: موضع، ووادي السباع إذا رحلت من بركة أم جعفر في طريق مكّة جئت إليه، بينه وبين الزبيدية ثلاثة أميال، كان فيه بركة وحصن وبئران رشاؤهما نيف وأربعون قامة وماؤهما عذب.
سَبَاقٌ:
بفتح أوّله، وتخفيف ثانيه، وآخره قاف:
واد بالدهناء، وروي بكسر السين، قال جرير:
ألم تر عوفا لا تزال كلابه ... تجرّ بأكماع السباقين ألحما؟
جرى على عادة الشعراء أن يسموا الموضع بالجمع والتثنية ليصححوا البيت، وقد روي أن السباقين وأديان بالدهناء.
سِبَالٌ:
بكسر أوله، وآخره لام، بلفظ السبال الذي هو الشارب: وهو موضع يقال له سبال أثال بين البصرة والمدينة، قال طهمان:
وبات بحوضى والسّبال كأنّما ... ينشّر ريط بينهنّ صفيق
وروى أبو عبيدة: بالشّبال، قال: وهو اسم موضع.
سَبْتُ:
بلفظ السّبت من أيّام الأسبوع، كفر سبت:
موضع بين طبرية والرملة عند عقبة طبرية.
سَبْتَةُ:
بلفظ الفعلة الواحدة من الإسبات، أعني التزام اليهود بفريضة السبت المشهور، بفتح أوّله، وضبطه الحازمي بكسر أوّله: وهي بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب ومرساها أجود مرسى على البحر، وهي على برّ البربر تقابل جزيرة الأندلس على طرف الزقاق الذي هو أقرب ما بين البرّ والجزيرة، وهي مدينة حصينة تشبه المهدية التي بإفريقية على ما قيل لأنّها(3/182)
ضاربة في البحر داخلة كدخول كفّ على زند، وهي ذات أخياف وخمس ثنايا مستقبلة الشمال وبحر الزقاق، ومن جنوبيها بحر ينعطف إليها من بحر الزقاق، وبينها وبين فاس عشرة أيّام، وقد نسب إليها جماعة من أعيان أهل العلم، منهم: ابن مرانة السبتي، كان من أعلم الناس بالحساب والفرائض والهندسة والفقه وله تلامذة وتآليف، ومن تلامذته ابن العربي الفرضي الحاسب، يقولون إنّه من أهل بلده، وكان المعتمد بن عباد يقول:
اشتهيت أن يكون عندي من أهل سبتة ثلاثة نفر:
ابن غازي الخطيب وابن عطاء الكاتب وابن مرانة الفرضي.
سَبَجُ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره جيم، وهو خرز أسود يعمل من الزجاج غاية في السواد: وهو خيال من أخيلة الحمى جبل فارد ضخم أسود في ديار بني عبس.
السَّبَخَةُ:
بالتحريك، واحدة السباخ، الأرض الملحة النازّة: موضع بالبصرة، ينسب إليه أبو يعقوب فرقد بن يعقوب السبخي من زهّاد البصرة، صحب أبا الحسن البصري وسمع نفرا من التابعين، وأصله من أرمينية وانتقل إلى البصرة فكان يأوي إلى السبخة، ومات قبل سنة 131، وأمّا أبو عبد الله محمد وأبو حفص عمر ابنا أبي بكر بن عثمان السبخي الصابونيان البخاريان فإنّهما نسبا إلى الدباغ بالسبخ، ذكرهما أبو سعد في شيوخه وحكى ذلك. والسّبخة: من قرى البحرين.
سَبَدُ:
بالتحريك: جبل أو واد بالحجاز في ظنّ نصر.
سُبَدُ:
آخره دال مهملة، بوزن زفر وصرد، والسّبد: طائر ليّن الريش إذا قطر من الماء قطرتان على ظهره سال، وجمعه سبدان، وقال ابن الأعرابي:
السبد مثل العقاب، وعن الأصمعي: السبد الخطّاف إذا أصابه الماء جرى عنه سريعا، قال:
أكلّ يوم عرشها مقيلي ... حتى ترى المئزر ذا الفضول
مثل جناح السّبد الغسيل
وهو موضع، قال ابن مناذر:
فبأوطاس فمرّ فإلى ... بطن نعمان فأكناف سبد
وهذه كلّها قرب مكّة.
سُبذانُ:
قال حمزة بن الحسن: وعلى أربعة فراسخ من البصرة مدينة الأبلّة على عبر دجلة العوراء، وكان سكانها قوما من الفرس يعملون في البحر فلمّا قرب منهم العرب نقلوا ما خفّ من متاعهم مع عيالاتهم على أربعمائة سفينة وأطلقوها فلمّا بلغت خور مدينة سبذان مالت بهم الريح عن البحر إلى نحو الخور فنزلوا سبذان وبنوا فيها بيوت النيران، وأعقابهم بها بعد، قلت: ولا أدري أين موضع سبذان هذه، وأنا أبحث عن هذه، إن شاء الله تعالى.
سَبَذْيُون:
بفتح أوّله وثانيه ثم ذال معجمة ساكنة وياء مثناة من تحت مضمومة، وآخره نون، ويقال سبذمون، بالميم: قرية على نصف فرسخ من بخارى، نسب إليها بعض الرّواة.
سُبْرانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ راء، وآخره نون: صقع عجميّ من نواحي الباميان بين بست وكابل، وبتلك الجبال عيون ماء لا تقبل النجاسات إذا ألقي فيها شيء منها ماج وغلى نحو جهة الملقي، فإن أدركه أحاط به حتى يغرقه، عن نصر.(3/183)
سَبْرَتُ:
كذا وجدته مضبوطا بخط من يرجع إليه في الصحة في عدة مواضع من كتاب ابن عبد الحكم، ذكر ابن عبد الحكم في كتابه أن أطرابلس اسم للكورة ومدينتها نبارة، وسبرت: السوق القديم، وإنّما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة 31 للهجرة.
سِبْرَاةُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه: ماء لتيم الرباب في رأسها ركيّة عادية يقال لها سبير.
سَبِّرُ:
بالفتح، وتشديد الباء وكسرها: كثيب بين بدر والمدينة، هناك قسم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، غنائم بدر، عن نصر.
سُبُرْنَى:
بضم أوّله وثانيه، وسكون الراء ثمّ نون، وآخره ألف مقصورة: بليدة بنواحي خوارزم وهي آخر حدودها من ناحية شهرستان، رأيتها عامرة في سنة 617.
سَبْرَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، بلفظ المرّة الواحدة من سبرت الجرح إذا قسته لتعرف غوره: وهو اسم مدينة بإفريقية فتحها عمرو بن العاص بن أطرابلس في سنة 23 وطرقها على غفلة وقد سرّحوا سرحهم فلم ينج منهم أحد، قلت:
وأنا أخاف أن يكون هذا غلطا من الناقل وإنّما هي سبرت التي تقدّم ذكرها أنها كانت سوق أطرابلس، والله أعلم، وسياق حديث الفتوح يدلّ على أنّهما واحد إلّا أنّه كذا ضبطها أوّلا مثل ما تقدّم في الموضعين ثمّ مثل ما ههنا، وكانت النسخة معتبرة جدّا وأنا أسوق الحديث، قال: إن عمرو بن العاص نزل على أطرابلس شهرا فحاصرها فلم يقدر منهم على شيء فخرج رجل من بني مدلج في سبعة نفر فرأى فرجة بين المدينة والبحر فدخل بها هو وأصحابه حتى أتوا ناحية الكنيسة فكبّروا فلم يبق للروم مفزع إلّا سفنهم، وسمع عمرو وأصحابه التكبير في جوف المدينة فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم فلم يفلت الروم إلّا بما خفّ لهم في مراكبهم وغنم عمرو ما كان في المدينة، وكان من بسبرة متحصنين، فلمّا بلغهم محاصرة عمرو أطرابلس، واسمها نبارة وسبرة السوق القديم وإنّما نقله إلى نبارة عبد الرحمن بن حبيب سنة 31، وأنه لم يصنع فيهم شيئا ولا طاقة له بهم أمنوا، فلمّا ظفر عمرو بن العاص بمدينة أطرابلس جرّد خيلا كثيفة من ليلته وأمرهم بسرعة السير، فصبحت خيله مدينة سبرة وكانوا قد غفلوا وفتحوا أبوابهم لتسرح ماشيتهم، فدخلوها فلم ينج منهم أحد واحتوى عمرو على ما فيها، هكذا هذا الخبر وما أظنهما إلّا واحدا.
سبرينة: بكسر أوّله، وسكون ثانيه، ثمّ راء مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة، ونون:
مدينة بمصر، ويقال سبريمنة، عن العمراني.
سَبَسْطِيَةُ:
بفتح أوّله وثانيه، وسكون السين الثانية، وطاء مكسورة، وياء مثناة من تحت مخفّفة، قال أحمد بن الطيّب السرخسي في رسالة وصف فيها رحلة مسير المعتضد لقتال خمارويه وعوده قال:
سبسطية مدينة قرب سميساط محسوبة من أعمالها على أعلى الفرات ذات سور، قلت: المشهور أن سبسطية بلدة من نواحي فلسطين بينها وبين البيت المقدس يومان، وبها قبر زكرياء ويحيى بن زكرياء، عليهما السلام، وجماعة من الأنبياء والصدّيقين، وهي من أعمال نابلس.
سَبْسِيرُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وسين أخرى.
ما أراه إلّا علما مرتجلا، يوم سبسير ذي طريف(3/184)
من أيّام العرب.
سَبُعانُ:
بفتح أوّله، وضم ثانيه، وآخره نون، منقول من تثنية السّبع، قال أبو منصور: هو موضع معروف في ديار قيس، قال نصر: السّبعان جبل قبل فلج، وقيل: واد شماليّ سلم عنده جبل يقال له العبد أسود ليست له أركان، ولا يعرف في كلامهم اسم على فعلان غيره، قال ابن مقبل، وقيل ابن أحمر:
ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان ... أملّ عليها بالبلى الملوان
ألا يا ديار الحيّ لا هجر بيننا ... ولكنّ روعات من الحدثان
نهار وليل دائم ملواهما ... على كلّ حال النّاس مختلفان
وقال رجل من بني عقيل جاهليّ:
ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان ... خلت حجج بعدي لهنّ ثمان
فلم يبق منها غير نؤي مهدّم ... وغير أثاف كالكميّ دفان
وآثار هاب أورق اللّون سافرت ... به الرّيح والأمطار كلّ مكان
قفار مروراة تجاوبها القطا ... ويضحي بها الجأبان يفترقان
يثيران من نسج الغبار عليهما ... قميصين أسمالا ويرتديان
زعموا أن أوّل من جعل الغبار ثوبا هذا الشاعر ثمّ تبعته الخنساء فقالت:
جارى أباه، فأقبلا وهما ... يتعاوران ملاءة الفخر
فأخذه عدي بن الرقاع فقال:
يتعاوران من الغبار ملاءة ... بيضاء محكمة هما نسجاها
السَّبْعُ:
بلفظ العدد المؤنث، قال ابن الأعرابي:
هو الموضع الذي يكون فيه المحشر يوم القيامة، وهو في برّيّة من أرض فلسطين بالشام، ومنه الحديث: أن ذئبا اختطف شاة من غنم فانتزعها الراعي منه، فقال الذئب: من لها يوم السبع؟ وقد روي في تأويل هذا الحديث غير هذا ليس ذا موضعه. والسّبع: قرية بين الرقّة ورأس عين على الخابور. والسبع: ناحية في فلسطين بين بيت المقدس والكرك فيه سبع آبار سمي الموضع بذلك وكان ملكا لعمرو بن العاص أقام به لما اعتزل الناس، وأكثر الناس يروي هذا بفتح الباء، قال أبو عمرو:
أتت سليمان بن عبد الملك الخلافة وهو بالسّبع، هكذا ضبطه بفتح الباء، وقد روي أن عبد الله بن عمرو بن العاص مات بالسبع من هذه الأرض، وقيل: مات بمكة، وكانت وفاته سنة 73.
سَبْعِين:
بلفظ العدد: قرية بباب حلب كانت إقطاعا للمتنبي من سيف الدولة، وإيّاها عنى بقوله:
أسير إلى إقطاعه في ثيابه ... على طرفه من داره بحسامه
السَّبُعِيّةُ:
ماء لبني نمير.
سُبْكٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره كاف علم مرتجل لاسم موضع.
سُبُلّاتُ:
بضمّتين، وتشديد اللام: جبل في جبال أجإ ومواسل أيضا، عن نصر.(3/185)
سَبَلانُ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره نون: جبل عظيم مشرف على مدينة أردبيل من أرض أذربيجان، وفي هذا الجبل عدّة قرى ومشاهد كثيرة للصالحين، والثلج في رأسه صيفا وشتاء، وهم يعتقدون أنّه من معالم الصالحين والأماكن المباركة المزارة.
سَبْلَلُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره لام:
موضع في شعر هذيل في قول صخر الغيّ يرثي ابنه تليدا:
وما إن صوت نائحة بليل ... بسبلل لا تنام مع الهجود
تجهنا غاديين وسايلتني ... بواحدة وأسأل عن تليد
سَبَلُ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره لام، قال ابن الأعرابي: السّبل أطراف السّنبل: وهو موضع في بلاد الرباب قرب اليمامة.
سُبُلَّةُ:
بضم أوّله وثانيه، وتشديد اللام المفتوحة، قال أبو عبيدة: يقال للرجل إذا ضلّ وأخطأ في مسألة سلكت لغانين سبلّة، وسبلّة زعموا:
موضع من جبال طيّء لا يسلك ولا يهتدى فيه.
سَبَنْج:
من قرى أرغيان، قال أبو حاتم: حدثني محمد بن المسيب بن إسحاق بأرغيان بقرية سبنج، وفي نسخة أخرى سنج.
سَبَنُ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره نون، قال الحازمي:
موضع ينسب إليه السّبنيّة ضرب من الثياب يتخذ من الثياب الكتان أغلظ ما يكون، وقال ابن الأعرابي: الأسبان المقانع الرقاق، ويعرف بهذه النسبة أحمد بن إسماعيل السّبني، يروي عن زيد ابن الحباب وعبد الرزاق بن همّام، روى عنه عبد الله بن إسحاق المديني وغيره.
سَبُوحَةُ:
بفتح أوّله، وضم ثانيه وتخفيفه ثمّ واو ساكنة، وحاء مهملة، والسّبح: الفراغ، ومنه قوله تعالى: إِنَّ لَكَ في النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا 73: 7، وفرس سبوح: الذي يمد يديه في الجري، وسبوحة إن أريد بهائه التأنيث فهو شاذّ لأن فعولا يشترك فيه المذكّر والمؤنّث فهو إذا علم مرتجل، وسبوحة:
من أسماء مكّة. وسبوحة أيضا: اسم واد يصبّ من نخلة اليمانية على بستان ابن عامر، قال ابن أحمر:
قالت له يوما ببطن سبوحة، ... في موكب زجل الهواجر مبرد
سَبُورَقانُ:
بعد الواو راء ثمّ قاف، وآخره نون:
موضع.
سَبُوكُ:
آخره كاف: موضع بفارس.
سُبُو:
بضم أوّله وثانيه: نهر بالمغرب قرب طنجة من أرض البربر.
سَبَهُ:
نهر.
سَبِيبَةُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت ساكنة ثمّ باء موحدة، والسبيب شعر الناصية:
وهو موضع في قول ذي الرمّة:
نظرت بجرعاء السّبيبة نظرة ... ضحى وسواد العين في الماء غامس
وسبيبة: ناحية من أعمال إفريقية ثمّ من أعمال القيروان، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن إبراهيم السبيبي الخطيب بالمهدية، قاله السلفي وقال إنّه سمع على المنبر وهو يخطب ويقول في أثناء خطبته يذكر النصارى: جعلوا المسيح ابنا لله وجعلوا الله له أبا، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلّا كذبا.(3/186)
سُبِيذغُك:
بضم أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء، وذال معجمة، وغين معجمة، وآخره كاف: من قرى بخارى.
سُبَيْرُ:
تصغير السبر وهو الاختبار: بئر عاديّة لتيم الرباب.
سَبِيرَى:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء ثمّ راء، وألف مقصورة، ويقال سبارى: قرية من نواحي بخارى، ينتسب إليها أبو حفص عمر بن حفص بن عمر بن عثمان السبيري البخاري، روى عن علي بن حجر وطبقته، روى عنه محمد بن صابر، ومات غرّة صفر سنة 294.
سُبَيْطِلَةُ:
بضم أوّله، وفتح ثانيه، وياء مثناة من تحت، وطاء مكسورة، ولام: مدينة من مدن إفريقية وهي كما يزعمون مدينة جرجير الملك الرومي، وبينها وبين القيروان سبعون ميلا.
السَّبيعُ:
محلّة السبيع، بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء، وآخره عين مهملة، والسبيع أيضا: السّبيع، وهو جزء من سبعة أجزاء: وهي المحلة التي كان يسكنها الحجاج بن يوسف، وهي مسماة بقبيلة السبيع رهط أبي إسحاق السبيعي، وهو السبيع بن السّبع ابن صعب بن معاوية بن كبير بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان (واسم همدان أوسلة) بن مالك بن زيد بن أوسلة بن زيد بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان، وقد نسب إلى هذه المحلة جماعة من أهل العلم.
سُبَيْعٌ:
تصغير سبع: موضع، وقال نصر: واد بنجد في قول عدي بن الرقاع العاملي.
كأنّها وهي تحت الرحل لاهية، ... إذا المطيّ على أنقابه ذملا
جونيّة من قطا الصّوّان مسكنها ... جفاجف تنبت القعفاء والنّقلا
باضت بحزم سبيع أو بمرفضه ... ذي الشّيح حيث تلاقى التلع فانسحلا
سبيع: موضع، ومرفضه: حيث انقطع الوادي، وإيّاها فيما أحسب عنى الراعي بقوله:
كأنّي بصحراء السّبيعين لم أكن ... بأمثال هند قبل هند مفجّعا
السُّبَيْلَةُ:
تصغير السّبلة، وهو مقدّم اللحية: موضع في أرض بني تميم لبني حمّان منهم، قال الراعي:
قبح الإله، ولا أقبّح غيرهم، ... أهل السّبيلة من بني حمّانا
متوسدون على الحياض لحاهم ... يرمون عن فضلائها فضلانا
سَبْيَةُ:
بوزن ظبية، كأنّها واحدة السبي: قرية بالرملة من أرض فلسطين، وقال الحازمي: سبية، بكسر أوّله، من قرى الرملة، ينسب إليها أبو طالب السّبييّ الرملي، روى عن أحمد بن عبد العزيز الواسطي نسخة عن أبي القاسم بن غصن، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن الحسين المصري السبيي، حدث بالإجازة عن أبي الفتح محمد بن عبد الله بن الحسن بن طلحة المعروف بابن النخاس، حدثنا عنه بمصر غير واحد، قاله ابن عبد الغني، والله أعلم.
سَبِيّةُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وياء آخر الحروف مشددة: رملة بالدهناء، عن الأزهري، وقال نصر:
سبيّة روضة في ديار بني تميم بنجد.
باب السين والتاء وما يليهما
السِّتَارُ:
بكسر أوّله، وآخره راء، قال أبو منصور:
السّترة ما استترت به من شيء كائنا ما كان، وهو(3/187)
أيضا الستار، قال أبو زياد الكلابي: ومن الجبال ستر، واحدها الستار: وهي جبال مستطيلة طولا في الأرض ولم تطل في السماء وهي مطرحة في البلاد، والمطرحة أنّك ترى الواحد منها ليس فيه واد ولا مسيل، ولست ترى أحدا يقطعها ويعلوها، وقال نصر: الستار ثنايا وأنشاز فوق أنصاب الحرم بمكّة لأنّها سترة بين الحلّ والحرم. والستار: جبل بأجإ. والستار: ناحية بالبحرين ذات قرى تزيد على مائة لبني امرئ القيس بن زيد مناة وأفناء سعد بن زيد مناة منها ثأج. والستار: جبل بالعالية في ديار بني سليم حذاء صفينة. والستار: جبل أحمر فيه ثنايا تسلك. والستار: خيال من أخيلة حمى ضرية بينه وبين إمّرة خمسة أميال. والستاران في ديار بني ربيعة: واديان يقال لهما السّودة يقال لأحدهما الستار الأغبر وللآخر الستار الجابريّ وفيهما عيون فوّارة تسقي نخيلا كثيرة زينة منها عين حنيذ وعين فرياض وعين حلوة وعين ثرمداء، وهي من الأحساء على ثلاثة أميال، قال الشاعر:
على قطن، بالشّيم، أيمن صوبه ... وأيسره عند الستار فيذبل
قال أبو أحمد: يوم الستار يوم بين بكر بن وائل وبني تميم قتل فيه قتادة بن سلمة الحنفي فارس بكر ابن وائل قتله قيس بن عاصم التميمي، وفي ذلك يقول شاعرهم:
قتلنا قتادة يوم السّتار، ... وزيدا أسرنا لدى معنق
وقال السكري في قول جرير:
إن كان طبّكم الدّلال فإنّه ... حسن دلالك، يا أميم، جميل
أمّا الفؤاد فليس ينسى حبّكم ... ما دام يهتف في الأراك هديل
أيقيم أهلك بالسّتار وأصعدت ... بين الوريعة والمقاد حمول؟
الستار: بالحمى، والوريعة: حزم لبني جرير بن دارم، والمقاد: رعن بين بني فقيم وسعد بن زيد مناة. والستار أيضا: ثنايا فوق أنصاب الحرم، سميت بذلك لأنّها سترة بين الحلّ والحرم، وقال الشاعر:
وجدت بني الجعراء قوما أذلّة، ... ومن لا يهنهم يمس وغدا مهضّما
وأحمق من راعي ثمانين يرتعي ... بجنب الستار بقل روض موسّما
والستار: أجبل سود بين الضيقة والحوراء، بينها وبين ينبع ثلاثة أيّام، وفي كتاب الأصمعي: الستار جبال صغار سود منقادة لبني أبي بكر بن كلاب.
السِّتَارَةُ:
مثل الذي قبله وزيادة هاء، معناه معلوم:
قرية تطيف بذرة في غربيها تتصل بجبلة وواديهما يقال له لحف.
سُتِيفَغْنه:
بضم أوّله، وكسر ثانيه، وياء آخر الحروف ساكنة، وفاء مفتوحة، وغين ساكنة، ونون: من قرى بخارى.
سُتِيكَن:
بضم أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وكاف، ونون أيضا: من قرى بخارى، قد نسب إليها بعض الرواة.
سِتّينُ:
بلفظ الستين من العدد، حصن ابن ستين:
من فتوح مسلمة بن عبد الملك بن مروان مقابل ملطية.(3/188)
باب السين والجيم وما يليهما
سَجَا:
مقصور، سجا الليل إذا أظلم وسكن، وسجا البحر إذا ركد، فيكون منقولا عن الفعل الماضي على هذا: وهو اسم بئر، ويروى بالشين، وقيل:
هو ماء لبني الأضبط، وقيل: لبني قوالة بعيدة القعر عذبة الماء، وقيل: ماء بنجد لبني كلاب، وقال أبو زياد: من مياه بني وبر بن الأضبط بن كلاب سجا، وفي كتاب الأصمعي: من مياه قوالة سجا، والثّعل وسجا لبني الأضبط إلّا أنّها مرتفعة في ديار بني أبي بكر ولم تزل في يد بني الأضبط وهي جاهلية، وقال العامري: سجا ماء لبني الأضبط بن كلاب، وهي في شعب جبل عال له سعر وهي في فلاة مدعى ماءة لبني جعفر وهي في فلاة المحدثة، وقال مرّة:
سنجا ماءة لنا وهي جرور بعيدة القعر، وأنشد:
ساقي سجا يميد ميد المحمور
المحمور: الذي قد أصابه الحمر، وهو داء يصيب الخيل من أكل الشعير.
ليس عليها عاجز بمذعور ... ولا حق حديدة بمذكور
ويقال: هذا الرجز لرجل ولم يعرفه العامري، وهو الذي يقول:
لا سلّم الله على خرقا سجا، ... من ينج من خرقا سجا فقد نجا
أنكد لا ينبت إلّا العرفجا، ... لم تترك الرمضاء مني والوجا
والنزع من أبعد قعر من سجا ... إلّا عروقا وعروقا خرّجا
يعني أنّها بارزة لا لحم عليها، وقال غيلان بن الربيع اللّص:
إلى الله أشكو محبسي في مخيّس ... وقرب سجا يا رب حين أقيل
وإنّي، إذا ما اللّيل أرخى ستوره ... بمنعرج الخلّ الخفيّ، دليل
سِجَارُ:
بكسر أوّله، وآخره راء: وهي قرية من قرى النور على عشرين فرسخا من بخارى يقال لها ججار أيضا، ينسب إليها أبو شعيب صالح بن محمد السجاري، رحل إلى خراسان والعراق والشام ومصر، سمع عبد العزيز بن علي أبا القاسم المصري وغيره، روى عنه أبو القاسم ميمون بن علي الميموني، ومات سنة 404، وكان زاهدا صالحا.
سِجَاسُ:
بكسر أوّله ويفتح، وآخره سين أخرى مهملة: بلد بين همذان وأبهر، قال عبد الله بن خليفة:
كأنّي لم أركب جوادا لغارة، ... ولم أترك القرن الكميّ مقطّرا
ولم أعترض بالسيف خيلا مغيرة ... إذا النّكس مشّى القهقرى ثم جرجرا
ولم أستحثّ الركب في إثر عصبة ... ميمّمة عليا سجاس وأبهرا
ينسب إليها أبو جعفر محمد بن علي بن محمد بن عبد الله ابن سعيد السجاسي الأديب، كتب عنه السلفي بسجاس أناشيد وفرائد أدبية ورواها عنه وذكر أن سجاس من مدن أذربيجان، والمعروف ما صدّر منه.
سَجْرٌ:
بالسكون: موضع بالحجاز.
سِجْزُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وآخره زاي:
اسم لسجستان البلد المعروف في أطراف خراسان، والنسبة إليها سجزيّ، وقد نسب إليها خلق كثير من الأئمة والرواة والأدباء، وأكثر أهل سجستان(3/189)
ينسبون هكذا، منهم: الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل بن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جنك أبو سعيد السجزي القاضي الحنفي، رحل إلى الشام والعراق وخراسان وأدرك الأئمة أبا بكر بن خزيمة وتلك الطبقة، ومات بفرغانة سنة 373 وهو على مظالمها، وقد ولي القضاء بعدّة نواح، وكان أديبا نحويّا.
سِجِسْتَانُ:
بكسر أوّله وثانيه، وسين أخرى مهملة، وتاء مثناة من فوق، وآخره نون: وهي ناحية كبيرة وولاية واسعة، ذهب بعضهم إلى أن سجستان اسم للناحية وأن اسم مدينتها زرنج، وبينها وبين هراة عشرة أيّام ثمانون فرسخا، وهي جنوبي هراة، وأرضها كلّها رملة سبخة، والرياح فيها لا تسكن أبدا ولا تزال شديدة تدير رحيّهم، وطحنهم كلّه على تلك الرحى. وطول سجستان أربع وستون درجة وربع، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وسدس، وهي من الإقليم الثالث. وقال حمزة في اشتقاقها واشتقاق أصبهان: إن أسباه وسك اسم للجند وللكلب مشترك وكل واحد منهما اسم للشيئين فسميت أصبهان والأصل أسباهان وسجستان والأصل سكان وسكستان لأنّهما كانتا بلدتي الجند، وقد ذكرت في أصبهان بأبسط من هذا، قال الإصطخري: أرض سجستان سبخة ورمال حارة، بها نخيل، ولا يقع بها الثلج، وهي أرض سهلة لا يرى فيها جبل، وأقرب جبال منها من ناحية فره، وتشتد رياحهم وتدوم على أنّهم قد نصبوا عليها أرحية تدور بها وتنقل رمالهم من مكان إلى مكان ولولا أنّهم يحتالون فيها لطمست على المدن والقرى، وبلغني أنّهم إذا أحبوا نقل الرمل من مكان إلى مكان من غير أن يقع على الأرض التي إلى جانب الرمل جمعوا حول الرمل مثل الحائط من حطب وشوك وغيرهما بقدر ما يعلو على ذلك الرمل وفتحوا إلى أسفله بابا فتدخله الريح فتطير الرمال إلى أعلاه مثل الزّوبعة فيقع على مدّ البصر حيث لا يضرّهم، وكانت مدينة سجستان قبل زرنج يقال لها رام شهرستان، وقد ذكرت في موضعها، وبسجستان نخل كثير وتمر، وفي رجالهم عظم خلق وجلادة ويمشون في أسواقهم وبأيديهم سيوف مشهورة، ويعتمّون بثلاث عمائم وأربع كلّ واحدة لون ما بين أحمر وأصفر وأخضر وأبيض وغير ذلك من الألوان على قلانس لهم شبيهة بالمكّوك ويلفونها لفّا يظهر ألوان على قلانس لهم شبيهة بالمكّوك ويلفونها لفّا يظهر ألوان كل واحدة منها، وأكثر ما تكون هذه العمائم إبريسم طولها ثلاثة أذرع أو أربعة وتشبه الميانبندات، وهم فرس وليس بينهم من المذاهب غير الحنفية من الفقهاء إلّا قليل نادر، ولا تخرج لهم امرأة من منزل أبدا وإن أرادت زيارة أهلها فبالليل، وبسجستان كثير من الخوارج يظهرون مذهبهم ولا يتحاشون منه ويفتخرون به عند المعاملة، حدثني رجل من التجار قال: تقدمت إلى رجل من سجستان لأشتري منه حاجة فماكسته فقال: يا أخي أنا من الخوارج لا تجد عندي إلّا الحق ولست ممن يبخسك حقك، وإن كنت لا تفهم حقيقة ما أقول فسل عنه، فمضيت وسألت عنه متعجبا، وهم يتزيون بغير زيّ الجمهور فهم معروفون مشهورون، وبها بليدة يقال لها كركويه كلّهم خوارج، وفيهم الصوم والصلاة والعبادة الزائدة، ولهم فقهاء وعلماء على حدة، قال محمد بن بحر الرّهني: سجستان إحدى بلدان المشرق ولم تزل لقاحا على الضيم ممتنعة من الهضم منفردة بمحاسن متوحدة بمآثر لم تعرف لغيرها من البلدان، ما في الدنيا سوقة أصح منهم معاملة ولا أقل منهم مخاتلة، ومن شأن سوقة البلدان أنّهم إذا باعهم أو اشترى منهم العبد أو الأجير أو الصبي كان أحبّ إليهم من(3/190)
أن يشتري منهم الصاحب المحتاط والبالغ العارف، وهم بخلاف هذه الصفة، ثمّ مسارعتهم إلى إغاثة الملهوف ومداركة الضعيف، ثمّ أمرهم بالمعروف ولو كان فيه جدع الأنف، منها جرير بن عبد الله صاحب أبي عبد الله جعفر بن محمد الباقر، رضي الله عنه، ومنها خليدة السجستاني صاحب تاريخ آل محمد، قال الرهني: وأجلّ من هذا كلّه أنّه لعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منبرها إلّا مرّة، وامتنعوا على بني أميّة حتى زادوا في عهدهم أن لا يلعن على منبرهم أحد ولا يصطادوا في بلدهم قنفذا ولا سلحفاة، وأي شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين مكة والمدينة؟ وبين سجستان وكرمان مائة وثلاثون فرسخا، ولها من المدن زالق وكركويه وهيسوم وزرنج وبست، وبها أثر مربط فرس رستم الشديد ونهرها المعروف بالهندمند، يقول أهل سجستان: إنّه ينصب إليه مياه ألف نهر فلا تظهر فيه زيادة وينشقّ منه ألف نهر فلا يرى فيه نقصان، وفي شرط أهل سجستان على المسلمين لما فتحوها أن لا يقتل في بلدهم قنفذ ولا يصطاد لأنّهم كثير والأفاعي والقنافذ تأكل الأفاعي، فما من بيت إلّا وفيه قنفذ، قال ابن الفقيه: ومن مدنها الرّخّج وبلاد الداور، وهي مملكة رستم الشديد، ملّكه إيّاها كيقاوس، وبينها وبين بست خمسة أيّام، وقال ابن الفقيه: بسجستان نخل كثير حول المدينة في رساتيقها وليس في جبالها منه شيء لأجل الثلج وليس بمدينة زرنج وهي قصبة سجستان لوقوع الثلج بها، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
نضّر الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات
كان لا يحرم الخليل ولا يع ... تلّ بالنّجل طيّب العذرات
وقال بعضهم يذمّ سجستان:
يا سجستان قد بلوناك دهرا ... في حراميك من كلا طرفيك
أنت لولا الأمير فيك لقلنا: ... لعن الله من يصير إليك!
وقال آخر:
يا سجستان لا سقتك السحاب، ... وعلاك الخراب ثمّ اليباب
أنت في القرّ غصّة واكتئاب، ... أنت في الصيف حيّة وذباب
وبلاء موكّل ورياح ... ورمال كأنّهنّ سقاب
صاغك الله للأنام عذابا، ... وقضى أن يكون فيك عذاب
وقال القاضي أبو علي المسبحي:
حلولي سجستان إحدى النّوب، ... وكوني بها من عجيب العجب
وما بسجستان من طائل ... سوى حسن مسجدها والرّطب
وذكر أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال: سمعت محمد بن أبي نصر قل هو الله أحد، خوان [1] ، يقول أبو داود السجستاني الإمام: هو من قرية بالبصرة يقال لها سجستان وليس من سجستان خراسان، وكذلك ذكر لي بعض الهرويين في سنة نيف وثلاثين وأربعمائة
__________
[1] قوله: قل هو الله أحد خوان، هو لقب محمد بن أبي نصر، ومعناه قارئ هذه السورة.(3/191)
قال: سمعت محمد بن يوسف يقول أبو حاتم السجستاني من كورة بالبصرة يقال لها سجستانة وليس من سجستان خراسان. وذكر ابن أبي نصر المذكور أنّه تتبع البصريين فلم يعرفوا بالبصرة قرية يقال لها سجستان غير أن بعضهم قال: إن بقرب الأهواز قرية تسمّى بشيء من نحو ما ذكره، ودرس من كتابي هذا لا أعرف له حقيقة لأنّه ورد أن ابن أبي داود كان بنيسابور في المكتب مع ولد إسحاق بن راهويه وأنّه أوّل ما كتب كتب عند محمد بن أسلم الطوسي وله دون عشر سنين، ولم يذكر أحد من الحفاظ أنّه من غير سجستان المعروف، وينسب إليها السجزي، منهم: أبو أحمد خلف بن أحمد بن خلف ابن الليث بن فرقد السجزي، كان ملكا بسجستان وكان من أهل العلم والفضل والسياسة والملك وسمع الحديث بخراسان والعراق، روى عن أبي عبد الله محمد بن علي الماليسي وأبي بكر الشافعي، سمع منه الحاكم أبو عبد الله وغيره، توفي في بلاد الهند محبوسا، وسلب ملكه في سنة 399 في رجب، ومولده في نصف محرم سنة 326، ودعلج بن علي السجزي، ومنها إمام أهل الحديث عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود أصله من سجستان، كتب من تاريخ الخطيب هو وأبوه وزاد ابن عساكر في تاريخه بإسناد إلى أبي عليّ الحسن بن بندار الزنجاني الشيخ الصالح قال: كان أحمد بن صالح يمتنع على المرد من رواية الحديث لهم تعفّفا وتنزها ونفيا للمظنة عن نفسه، وكان أبو داود يحضر مجلسه ويسمع منه، وكان له ابن أمرد يحب أن يسمع حديثه وعرف عادته في الامتناع عليه من الرواية فاحتال أبو داود بأن شد على ذقن ابنه قطعة من الشعر ليتوهم أنّه ملتح ثمّ أحضره المجلس وأسمعه جزءا، فأخبر الشيخ بذلك فقال لأبي داود: أمثلي يعمل معه هذا؟ فقال له: أيّها الشيخ لا تنكر عليّ ما فعلته واجمع أمردي هذا مع شيوخ الفقهاء والرواة فإن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمه حينئذ من السماع عليك، قال: فاجتمع طائفة من الشيوخ فتعرض لهم هذا الأمرد مطارحا وغلب الجميع بفهمه ولم يرو له الشيخ مع ذلك من حديثه شيئا وحصل له ذلك الجزء الأوّل وكان ليس إلّا أمرد يفتخر بروايته الجزء الأوّل.
سَجْكانُ:
قلعة حصينة بقومس.
سِجِلْماسَةُ:
بكسر أوّله وثانيه، وسكون اللام، وبعد الألف سين مهملة: مدينة في جنوبي المغرب في طرف بلاد السودان، بينها وبين فاس عشرة أيّام تلقاء الجنوب، وهي في منقطع جبل درن، وهي في وسط رمال كرمال زرود ويتصل بها من شماليها جدد من الأرض، يمر بها نهر كبير يخاض قد غرسوا عليه بساتين ونخيلا مدّ البصر، وعلى أربعة فراسخ منها رستاق يقال له تيومتين على نهرها الجاري فيه من الأعناب الشديدة الحلاوة ما لا يحد وفيه ستة عشر صنفا من التمر ما بين عجوة ودقل، وأكثر أقوات أهل سجلماسة من التمر وغلتهم قليلة، ولنسائهم يد صناع في غزل الصوف، فهن يعملن منه كلّ حسن عجيب بديع من الأزر تفوق القصب الذي بمصر يبلغ ثمن الإزار خمسة وثلاثين دينارا وأكثر كأرفع ما يكون من القصب الذي بمصر، ويعملون منه غفارات يبلغ ثمنها مثل ذلك ويصبغونها بأنواع الأصباغ، وبين سجلماسة ودرعة أربعة أيام، وأهل هذه المدينة من أغنى الناس وأكثرهم مالا لأنّها على طريق من يريد غانة التي هي معدن الذهب، ولأهلها جرأة على دخولها.(3/192)
سَجْلَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، والسجل: الدّلو إذا كان فيها ماء قلّ أو كثر، ولا يقال لها وهي فارغة سجل، وأسجلت الحوض إذا ملأته: وهي بئر حفرها هاشم بن عبد مناف فوهبها أسد بن هاشم لعدي بن نوفل ولم يكن لأسد بن هاشم عقب، وقالت خالدة بنت هاشم:
نحن وهبنا لعديّ سجله ... تروي الحجيج زغلة فزغله
وقيل: حفرها قصيّ.
سِجِلّينُ:
بكسر أوّله وثانيه، وتشديد لامه المكسورة وبعدها ياء مثناة من تحت، وآخره نون: قرية من قرى عسقلان من أعمال فلسطين، كذا ذكره السمعاني بالجيم وتشديد اللام، وهو خطأ إنما هو بالحاء المهملة واللام الخفيفة، إنّما ذكر ليجتنب، وينسب إليها عبد الجبار بن أبي عاصم الخثعمي السجليني، حدث عن محمد بن أبي السري العسقلاني ومؤمل بن إهاب، روى عنه أبو سعيد بن يونس وأبو القاسم الطبراني.
سِجْنُ ابن سِباع:
قال أحمد بن جابر: حدثني العباس ابن هشام الكلبي قال: كتب بعض الكنديّين إلى أبي يسأله عن سجن ابن سباع بالمدينة إلى من نسب، فكتب: فأمّا سجن ابن سباع فإنّه كان دارا لعبد الله بن سباع بن عبد العزّى بن نضلة بن عمرو بن غبشان الخزاعي، وكان سباع يكنى أبا نيار، وكانت أمّه قابلة بمكّة، فبارزه حمزة بن عبد المطلب يوم أحد فقال له: هلمّ إليّ يا ابن مقطعة البظور، فقتله حمزة وأكبّ عليه ليأخذ درعه فزرقه وحشيّ فقتله، وأمّ طريح بن إسماعيل الثقفي الشاعر بنت عبد الله بن سباع هذا، والله أعلم.
سِجْنُ يوسُف الصِّدّيق، عليه السلام:
هو ببوصير من أرض مصر وأعمال الجيزة في أوّل الصعيد من ناحية مصر، قال القاضي القضاعي: أجمع أهل المعرفة من أهل مصر على صحة هذا المكان، وفيه أثر نبيّين:
أحدهما يوسف، عليه السلام، سجن به المدّة التي ذكر أنّها سبع سنين وكان الوحي ينزل عليه فيه، وسطح السجن معروف بإجابة الدعاء وأهل تلك النواحي يعرفونه ويقصدونه بالزيارة، والنبيّ الآخر:
موسى، عليه السلام، وقد بني على أثره مسجد هناك يعرف بمسجد موسى، عليه السلام.
سِجْوانُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وآخره نون، والعامة يقولون سيوان: بليدة نزهة، بينها وبين تبريز نحو الفرسخ، والله أعلم.
سَجْسيجان:
ماء لبني عمرو بن كلاب بدماخ، عن أبي زياد.
سِجِّينُ:
بكسر أوّله وثانيه، يقال: ضرب سجّين أي شديد، وقيل: دائم، قال ابن مقبل:
ورجلة يضربون الهام عن عرض ... ضربا تواصت به الأبطال سجّينا
وسجّين: موضع فيه كتاب الفجّار ودواوينهم، قال أبو عبيد: هو فعّيل من السجن كالفسّيق من الفسق، وقال الأزهري: السجّين السّلتين من النخل بلغة أهل البحرين. وسجّين: من قرى مصر، والله أعلم بالصواب.
باب السين والحاء وما يليهما
سُحَامٌ:
بضم أوّله، والسّحام سواد كسواد الغراب الأسحم: وهو واد بفلج، قال امرؤ القيس:
لمن الدّيار غشيتها بسحام ... فعمايتين فهضب ذي إقدام(3/193)
وبلاد بني سحام: باليمن من ناحية ذمار.
سُحَامَةُ:
ماءة لبني كليب باليمامة، وقال أبو زياد:
ومن مياه عمرو بن كلاب سحامة رمح التي يقول فيها عامر بن الكاهن بن عوف بن الصّموت بن عبد الله ابن كلاب:
ومن يرنا يوم السّحامة فوقنا ... عجاجة أذواد لهنّ حوائر
إذا خرجت من محضر سدّ فرجها ... خفاف منيفات وجذع بهازر
دعوا الحرب لا تشجوا بها آل حنتر ... شجا الحلق، إن الحرب فيها تهابر
ولا توعدونا بالغوار، فإنّنا ... بنو عمّنا فيها حماة مغاور
على كلّ جرداء السّراة كأنّها ... عقاب، إذا ما حثّها الحرب، كاسر
محالفة للهضب صقعاء لفّها ... بطخفة يوم ذو أهاضيب ماطر
سَحْبَانُ:
كلفظ اسم الرجل البليغ: ماء، قال الشاعر:
لولا بنيّ ما حفرت سحبان، ... ولا أخذت أجرة من إنسان
سَحْبَلٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ثمّ باء موحدة مفتوحة، والسّحبل: العريض البطن، ويقال:
وعاء سحبل واسع: وهو موضع في ديار بني الحارث بن كعب، كان جعفر بن علبة الحارثي يزور نساء بني عقيل فنذر به القوم فقبضوه وكشفوا دبر قميصه وربطوه إلى خيمة وجعلوا يضربونه بالسياط ويقبلون ويدبرون به على النساء اللواتي قد كان يتحدّث إليهنّ حتى فضحوه وهو يستعفيهم ويقول: يا قوم القتل خير ممّا تصنعون! فلما بلغوا منه مرادهم أطلقوه فمضت أيّام وأخذ جعفر أربعة رجال من قومه ورصد العقيليّين حتى ظفر برجل ممّن كان يصنع به ذلك فقبضوا عليه وفعلوا به شرّا ممّا فعل بجعفر ثمّ أطلقوه، فرجع إلى الحيّ فأنذرهم فتبعهم سبعة عشر فارسا من بني عقيل حتى لحقوا بهم بواد يقال له سحبل فقاتلهم جعفر، فيقال إنّه قتّل فيهم حتى لم يبق من العقيليّين إلّا ثلاثة نفر وعمد إلى القتلى فشدّهم على الجمال وأنفذهم مع الثلاثة إلى قومهم، فمضى العقيليون إلى والي مكّة إبراهيم بن هشام المخزومي، وقيل: السري بن عبد الله الهاشمي، فطلب جعفرا ومن كان معه يومئذ حتى ظفر بهم وحبسهم، فذلك قول جعفر بن علبة في محبسه:
ألا لا أبالي بعد يوم بسحبل ... إذا لم أعذّب أن يجيء حماميا
تركت بأعلى سحبل ومضيقه ... مراق دم لا يبرح الدّهر ثاويا
شفيت به غيظي وحزت مواطني، ... وكان سناء آخر الدّهر باقيا
فدى لبني عمّي أجابوا لدعوتي ... شفوا من بني القرعاء عمّي وخاليا
كأنّ بني القرعاء يوم لقيتهم ... فراخ القطا لاقين صقرا يمانيا
أقول وقد أجلت من القوم عركة: ... ليبك العقيليين من كان باكيا
فإن بقرني سحبل لإمارة ... ونضح دماء منهم ومحابيا
ولم أر لي من حاجة غير أنّني ... وددت معاذا كان فيمن أتانيا
شفيت غليلي من حشينة بعد ما ... كسوت الهذيل المشرفيّ اليمانيا(3/194)
أحقّا عباد الله أن لست ناظرا صحاري نجد والرّياح الذّواريا ولا زائرا شمّ العرانين تنتمي إلى عامر يحللن رملا معاليا إذا ما أتيت الحارثيات فانعني لهنّ وخبّرهنّ أن لا تلاقيا وقوّد قلوصي بينهنّ فإنّها ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا أوصّيكم إن متّ يوما بعارم ليغني غنائي أو يكون مكانيا
عارم: ابنه، وبه كان يكنّى، ثمّ أخرج جعفر ابن علبة ليقتل فانقطع شسع نعله فوقف فأصلحه، فقال له رجل: أما يشغلك ما أنت فيه؟ فقال:
أشدّ قبال نعلي أن يراني عدوّي للحوادث مستكينا وقام أبوه إلى كل ناقة وشاة له فنحر أولادها وألقاها بين يديها وقال: ابكين معي على جعفر، فجعلت النوق ترغو والشاء تثغو والنساء يصحن ويبكين وأبوه يبكي معهن فما روي أن يوما كان أفظع ولا أقطع من يومئذ.
سَحْطَةُ:
حصن في جبال صنعاء كان بيد عبد الله بن حمزة الزيدي الخارجي.
سِحْلِينُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وقد رواه السمعاني بالجيم وتشديد اللام، وقد ذكر آنفا:
وهي من قرى عسقلان.
سَحْنَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ نون، بلفظ السحنة التي هي لون البشرة ونعمتها، قال الحازمي:
موضع بين بغداد وهمذان، وقال نصر: سحنة بلد بالقرب من همذان، قال ابن الكلبي: كانت عجلة وسحنة امرأتين بنتي عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة ابن الحارث بن مالك بن سعود بن عمم بن نمارة، وأظنها أنا قرب الأنبار لأن ابن الكلبي قال: وأهل الأنبار يقولون سيحنة، قال: وكانتا تشربان اللبن بها.
سُحُولُ:
بضم أوّله، وآخره لام، قال الليث:
السّحيل، والجمع السّحل، ثوب لا يبرم غزله أي لا يفتل طاقين، يقال: سحلوه أي لم يفتلوا سداه، وسحول: قبيلة من اليمن، وهو السحول بن سوادة ابن عمرو بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبإ: قرية من قرى اليمن يحمل منها ثياب قطن بيض تدعى السحولية، قال طرفة بن العبد:
وبالسّفح آيات كأنّ رسومها ... يمان وشته ريدة وسحول
ريدة وسحول: قريتان، أراد وشته أهل ريدة وسحول فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
سَحِيل:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت، وهو الغزل الذي لم يبرم، قال زهير:
على كل حال من سحيل ومبرم
وهي أرض بين الكوفة والشام وكان النعمان بن المنذر يحمي بها العشب لنجائبه.
السَّحِيلَةُ:
مثل الذي قبله، وزيادة هاء في آخره: اسم قلعة حصينة في قبلي بيت المقدس وهي من عمله.
سُحَيْمٌ:
موضع في بلاد هذيل، قال مرّة بن عبد الله اللحياني:
تركنا بالمراح وذي سحيم ... أبا حيّان في نفر منافي(3/195)
ينسب إلى بني سحيمة من حنيفة.
السُّحَيْمِيّةُ:
بلفظ النسبة إلى سحيم تصغير أسحم تصغير الترخيم، وهو الأسود: قرية في طريق اليمامة من النباج ثمّ القرية قرية بني سدوس ثمّ السحيمية أيضا، قال نصر: هي من نواحي اليمامة، والله أعلم بالصواب.
باب السين والخاء وما يليهما
سَخا:
مقصور، بلفظ السخاء، بقلة من بقول الربيع على ساقها كهيئة سنبلة فيها حبّات كحبّ الينبوت ولبّ حبّها دواء للجرح، الواحدة سخاة، وقال الأصمعي: السخاوية الأرض اللينة التربة مع بعد، وسخا: كورة بمصر وقصبتها سخا بأسفل مصر، وهي الآن قصبة كورة الغربية ودار الوالي بها، ذكر أن في جامع سخا حجرا أسود عليه طلسم يعلم إذا أخرج الحجر من الجامع دخلت إليه العصافير فإذا أعيد إلى الجامع خرجت منه كما ذكر، وسخا من فتوح خارجة بن حذافة بولاية عمرو بن العاص حين فتح مصر أيّام عمر، رضي الله عنه، ينسب إليها أبو أحمد زياد بن المعلّى السخاوي، ذكره ابن يونس وقال: مات سنة 255، وبدمشق رجل من أهل القرآن والأدب وله فيهما تصانيف اسمه علي بن محمد السخاوي، حيّ في أيّامنا، وهو أديب فاضل ديّن يرحل إليه للقراءة عليه.
سَخَاخُ:
بفتح أوّله، وخاء مكرّرة: موضع بالشاش ممّا وراء النهر.
سِخَالُ:
بكسر أوّله، بلفظ جمع السّخل من الشاة:
موضع باليمامة، عن الحازمي، قال:
حلّ أهلي بطن الغميس فبادو ... لي وحلّت علويّة بالسّخال
وقال ابن مقبل:
حيّ دار الحيّ لا دار بها ... بسخال فأثال فحرم
سِخَامُ:
يروى بكسر أوّله وفتحه: وهو موضع ذكره امرؤ القيس:
لمن الديار عرفتها بسخام ... فعمايتين فهضب ذي إقدام
سَخْبَرٌ:
بالفتح ثمّ السكون، وفتح الباء الموحدة:
موضع أظنّه قرب نجران، قال شبيب بن البرصاء:
إذا احتلّت الرّنقاء هند مقيمة ... وقد حان مني من دمشق خروج
وبدّلت أرض الشّيح منها وبدّلت ... تلاع المطالي سخبر ووشيج
فلا وصل إلّا أن تقرّب بيننا ... قلائص يجذبن المثاني عوج
السُّخُفُ:
بالتحريك، وآخره فاء، وهو رقّة العيش، والسخف ضعف العقل: وهو اسم موضع.
سُخْنَةُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ نون، بلفظ تأنيث السّخن وهو الحارّ: بلدة في بريّة الشام بين تدمر وعرض وأرك يسكنها قوم من العرب، وعلى التحديد بين أرك وعرض.
السَّخَّةُ:
ماءة في رمال عبد الله بن كلاب.
السُّخَيْبِرَةُ:
بالتصغير: ماء جامع ضخم لبني الأضبط ابن كلاب.
باب السين والدال وما يليهما
سِدادُ أبي جِرَابٍ:
قال محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكّة: هو في أسفل من عقبة منى دون القبور على يمين الذاهب إلى منى، منسوب إلى أبي(3/196)
جراب عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أميّة الأصغر عمله في ولاية إبراهيم بن هشام على مكّة والمدينة بغير إذنه فكتب إبراهيم إلى عامله أن يقف أبا جراب حتى يدفن بئره عند السّدّ، ففعل ذلك فاستعان أبو جراب بأهل مكّة فغوّروا تلك البئر ودفنوا ذلك السّدّ.
السُّدُّ:
بضم أوّله، وهو الجبل الحاجز بين الشيئين، والسّددة: أرض أودية فيها حجارة أو صخور يبقى الماء فيها زمانا، الواحد سدّ، بالضم، قال الحازمي: السّدّ ماء سماء في حزم بني عوال: جبل لغطفان يقال له السّدّ، وقال عرّام: السّدّ ماء سماء جبل شوران مطلّ عليه أمر رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بسدّه، ومن السّدّ قناة إلى قباء، قال الإصطخري: وبالرّيّ قرية تعرف بالسّدّ منها على فرسخين يقال إن مفاتيح بساتينها المعروفة اثنا عشر ألف مفتاح، وكان يذبح بهذه القرية كلّ يوم مائة وعشرون شاة واثنتا عشرة بقرة وثور. والسّدّ:
حصن باليمن من أعمال عبد عليّ بن عوّاض.
سَدَدُ:
موضع في شعر البحتري:
أهل فرغانة قد غنّوا به ... وقرى السّوس وألطا وسدد
سُدّ يأجُوجَ ومأجوجَ:
قيل: إن يأجوج ومأجوج ابنا يافث بن نوح، عليه السلام، وهما قبيلتان من خلق جاءت القراءة فيهما بهمز وبغير همز، وهما اسمان أعجميان، واشتقاق مثلهما من كلام العرب يخرج من أجّت النار ومن الماء الأجاج وهو الشديد الملوحة المحرق من ملوحته، ويكون التقدير يفعول ومفعول، ويجوز أن يكون يأجوج فاعولا وكذلك مأجوج، قال: هذا لو كان الاسمان عربيّين لكان هذا اشتقاقهما، فأمّا الأعجمية فلا تشتقّ من العربيّة، وروي عن الشعبي أنّه قال: سار ذو القرنين إلى ناحية يأجوج ومأجوج فنظر إلى أمّة صهب الشعور زرق العيون فاجتمع إليه منهم خلق كثير وقالوا له: أيها الملك المظفّر إنّ خلف هذا الجبل أمما لا يحصيهم إلّا الله وقد أخربوا علينا بلادنا يأكلون ثمارنا وزروعنا، قال: وما صفتهم؟ قالوا: قصار صلع عراض الوجوه، قال: وكم صنفا هم؟ قالوا: هم أمم كثيرة لا يحصيهم إلّا الله تعالى، قال: وما أساميهم؟
قالوا: أما من قرب منهم فهم ستّ قبائل: يأجوج، ومأجوج، وتاويل، وتاريس، ومنسك، وكمارى، وكلّ قبيلة منهم مثل جميع أهل الأرض، وأما من كان منّا بعيدا فإنّا لا نعرف قبائلهم وليس لهم إلينا طريق، فهل نجعل لك خرجا على أن تسدّ عليهم وتكفينا أمرهم؟ قال: فما طعامهم؟ قالوا: يقذف البحر إليهم في كلّ سنة سمكتين يكون بين رأس كلّ سمكة وذنبها مسيرة عشرة أيّام أو أكثر، قال:
ما مكّنني فيه ربي خير فأعينوني بقوّة تبذلون لي من الأموال في سدّه ما يمكن كلّ واحد منكم، ففعلوا، ثمّ أمر بالحديد فأذيب وضرب منه لبنا عظاما وأذاب النحاس ثمّ جعل منه ملاطا لذلك اللبن وبنى به الفجّ وسوّاه مع قلّتي الجبل فصار شبيها بالمصمت، وفي بعض الأخبار قال: السّدّ طريقة حمراء وطريقة سوداء من حديد ونحاس، ويأجوج ومأجوج اثنتان وعشرون قبيلة، منهم الترك قبيلة واحدة كانت خارج السدّ لما ردمه ذو القرنين فسلموا أن يكونوا خلفه، وسار ذو القرنين حتى توسط بلادهم فإذا هم على مقدار واحد، ذكرهم وأنثاهم، يبلغ طول الواحد منهم مثل نصف طول الرجل المربوع، لهم مخاليب في مواضع الأظفار ولهم أضراس وأنياب كأضراس السّباع(3/197)
وأنيابها وأحناك كأحناك الإبل، وعليهم من الشعر ما يواري أجسادهم، ولكل واحد أذنان عظيمتان إحداهما على ظاهرها وبر كثير وباطنها أجرد والأخرى باطنها وبر كثير وظاهرها أجرد يلتحف إحداهما ويفترش الأخرى، وليس منهم ذكر ولا أنثى إلّا ويعرف أجله والوقت الذي يموت فيه، وذلك أنّه لا يموت حتى يلد ألف ولد، وهم يرزقون التنّين في أيّام الربيع ويستمطرونه إذا أبطأ عنهم كما نستمطر المطر إذا انقطع فيقذفون في كلّ عام بواحد فيأكلونه عامهم كلّه إلى مثله من قابل فيكفيهم على كثرتهم، وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عواء الكلاب ويتسافدون حيث ما التقوا تسافد البهائم، وفي رواية أن ذا القرنين إنما عمل السدّ بعد رجوعه عنهم فانصرف إلى ما بين الصّدفين فقاس ما بينهما وهو منقطع أرض الترك ممّا يلي الشمس فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فحفر له أساسا بلغ به الماء وجعل عرضه خمسين فرسخا وجعل حشوه الصخور وطينه النحاس المذاب يصبّ عليه، فصار عرقا من جبل تحت الأرض ثمّ علّاه وشرّفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار كأنّه برد محبّر من صفرة النحاس وسواد الحديد، فلمّا أحكمه انصرف راجعا، وأمّا ذكر التنّين فرأينا منه بنواحي حلب ما ذكرته في ترجمة كلز وجعلته حجّة على ما أورده ههنا من خبره وشجّعني على كتابته، فإن الإنسان شديد التكذيب بخبر ما لم ير مثله، روي عن شدّاد بن أفلح المقري أنّه قال: عدت عمر البكاليّ فذكرنا لون التنّين فقال عمر البكاليّ: أتدرون كيف يكون التنّين؟ قلنا: لا، قال: يكون في البرّ حيّة متمرّدة فتأكل حيّات البرّ فلا تزال تأكلها وتأكل غيرها من الهوامّ وهي تعظم وتكبر ثمّ يزيد أمرها فتأكل جميع ما تراه من الحيوان فإذا عظم أمرها ضجّت دوابّ البر منها فيرسل الله تعالى إليها ملكا فيحتملها حتى يلقيها في البحر فتفعل بدوابّ البحر مثل فعلها بدوابّ البرّ فتعظم ويزداد جسمها فتضجّ دوابّ البحر منها أيضا فيبعث الله إليها ملكا حتى يخرج رأسها من البحر فيتدلّى إليها سحاب فيحتملها فيلقيها إلى يأجوج ومأجوج، وحدّث المعلّى بن هلال الكوفي قال: كنت بالمصيصة فسمعتهم يتحدثون أن البحر ربّما مكث أيّاما وليالي تصطفق أمواجه ويسمع لها دويّ شديد فيقولون ما هذا إلّا بشيء آذى دوابّ البحر فهي تضجّ إلى الله تعالى، قال:
فتقبل سحابة حتى تغيب في البحر ثمّ تقبل أخرى حتى تعدّ سبع سحابات ثمّ ترتفع جميعا في السماء وقد حملن شيئا يرون أنّه التنّين حتى يغيب عنّا ونحن ننظر إليه يضطرب فيها فربّما وقع في البحر فتعود السحابة إلى البحر بالرعد الشديد الهائل والبرق العظيم حتى تغوص في البحر وتستخرجه ثانية فتحمله، فربما اجتاز وهو في السحاب وذنبه خارج عنها بالشجر العادي والبناء الشامخ فيضربه بذنبه فيهدم البناء من أصله ويقلع الشجر بعروقه، ولقد احتمله السحاب من بحر أنطاكية فضرب بذنبه بضعة عشر برجا من أبراج سورها فرمى بها، ويقال: إن السحاب الموكّل به يختطفه حيثما رآه كما يختطف حجر المغناطيس الحديد، فهو لا يطلع رأسه من الماء خوفا من السحاب ولا يخرج إلّا في الفرط إذا صحت الدنيا، وذكر بقراط الحكيم اليوناني في كتاب الثراء أنّه كان في بعض السواحل فبلغه أن هناك قرى كثيرة قد فشا فيها الموت فقصدها ليعرف السبب في ذلك فلمّا فحص عن الأمر إذا هو بتنّين قد احتمله السحاب من البحر فوقع على نحو عشرين فرسخا من هذه القرى فنتن(3/198)
ففشا الموت فيها من نتنه فعمد ذلك الفيلسوف فجبا من أهل تلك القرى مالا عظيما واشترى به ملحا ثمّ أمر أهل تلك القرى أن يحملوه ويلقوه عليه ففعلوا ذلك حتى بطلت رائحته وكفّ الموتان عنهم، وروي عن بعضهم أنّه قصد موضعا سقط فيه فوجد طوله نحو الفرسخين وعرضه فرسخ ولونه مثل لون النمر مفلّس كفلوس السمك وله جناحان عظيمان كهيئة أجنحة السمك ورأسه مثل التلّ العظيم شبه رأس الإنسان وله أذنان مفرطتا الطول وعينان مدوّرتان كبيرتان جدّا ويتشعّب من عنقه ستّة أعناق طول كل عنق منها عشرون ذراعا في كل عنق رأس كرأس الحيّة، قلت: هذه صفة فاسدة لأنه قال أوّلا رأس كرأس الإنسان ثمّ قال ستة رؤوس كرءوس الحية، وقد نقلته كما وجدته ولكن تركه أولى، ومن مشهور الأخبار حديث سلّام الترجمان قال: إن الواثق بالله رأى في المنام أن السدّ الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج مفتوح، فأرعبه هذا المنام فأحضرني وأمرني بقصده والنظر إليه والرجوع إليه بالخبر، فضمّ إليّ خمسين رجلا ووصلني بخمسة آلاف دينار وأعطاني ديني عشرة آلاف درهم ومائتي بغل تحمل الزاد والماء، قال:
فخرجنا من سرّ من رأى بكتاب منه إلى إسحاق ابن إسماعيل صاحب أرمينية وهو بتفليس يؤمر فيه بإنفاذنا وقضاء حوائجنا ومكاتبة الملوك الذين في طريقنا بتيسيرنا، فلمّا وصلنا إليه قضى حوائجنا وكتب إلى صاحب السرير وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك اللّان وكتب ملك اللّان إلى فيلانشاه وكتب لنا فيلانشاه إلى ملك الخزر فوجه ملك الخزر معنا خمسة من الأدلّاء فسرنا ستّة وعشرين يوما فوصلنا إلى أرض سوداء منتنة الرائحة وكنّا قد حملنا معنا خلّا لنشمّه من رائحتها بإشارة الأدلّاء، فسرنا في تلك الأرض عشرة أيّام ثمّ صرنا إلى مدن خراب فسرنا فيها سبعة وعشرين يوما فسألنا الأدلّاء عن سبب خراب تلك المدن فقالوا: خرّبها يأجوج ومأجوج، ثمّ صرنا إلى حصن بالقرب من الجبل الذي السّدّ في شعب منه فجزنا بشيء يسير إلى حصون أخر فيها قوم يتكلمون بالعربيّة والفارسيّة وهم مسلمون يقرؤون القرآن ولهم مساجد وكتاتيب، فسألونا من أين أقبلتم وأين تريدون، فأخبرناهم أنا رسل أمير المؤمنين، فأقبلوا يتعجبون من قولنا ويقولون: أمير المؤمنين! فنقول:
نعم، فقالوا: أهو شيخ أم شاب؟ قلنا: شابّ، قالوا: وأين يكون؟ قلنا: بالعراق في مدينة يقال لها سرّ من رأى، قالوا: ما سمعنا بهذا قط، ثمّ ساروا معنا إلى جبل أملس ليس عليه من النبات شيء وإذا هو مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا، وإذا عضادتان مبنيتان ممّا يلي الجبل من جنبي الوادي عرض كلّ عضادة خمسة وعشرون ذراعا الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب، وكلّه مبني بلبن حديد مغيّب في نحاس في سمك خمسين ذراعا، وإذا دروند حديد طرفاه في العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعا قد ركّب على العضادتين على كلّ واحد مقدار عشرة أذرع في عرض خمسة أذرع، وفوق الدروند بناء بذلك اللبن الحديد والنحاس إلى رأس الجبل، وارتفاعه مدّ البصر، وفوق ذلك شرف حديد في طرف كلّ شرفة قرنان ينثني كلّ واحد إلى صاحبه، وإذا باب حديد بمصراعين مغلقين عرض كل مصراع ستون ذراعا في ارتفاع سبعين ذراعا في ثخن خمسة أذرع وقائمتاها في دوّارة على قدر الدروند، وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ باع، وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعا وفوق القفل نحو خمسة أذرع(3/199)
غلق طوله أكثر من طول القفل، وعلى الغلق مفتاح معلق طوله سبعة أذرع له أربع عشرة دندانكة أكبر من دستج الهاون معلّق في سلسلة طولها ثمانية أذرع في استدارة أربعة أشبار والحلقة التي فيها السلسلة مثل حلقة المنجنيق، وارتفاع عتبة الباب عشرة أذرع في بسط مائة ذراع سوى ما تحت العضادتين والظاهر منها خمسة أذرع، وهذا الذرع كلّه بذراع السواد، ورئيس تلك الحصون يركب في كلّ جمعة في عشرة فوارس مع كلّ فارس مرزبة حديد فيجيئون إلى الباب ويضرب كل واحد منهم القفل والباب ضربات كثيرة ليسمع من وراء الباب ذلك فيعلموا أن هناك حفظة ويعلم هؤلاء أن أولئك لم يحدثوا في الباب حدثا، وإذا ضربوا الباب وضعوا آذانهم فيسمعون من وراء الباب دويّا عظيما، وبالقرب من السدّ حصن كبير يكون فرسخا في مثله يقال إنّه يأوي إليه الصّنّاع، ومع الباب حصنان يكون كلّ واحد منهما مائتي ذراع في مثلها، وعلى بابي هذين الحصنين شجر كبير لا يدرى ما هو، وبين الحصنين عين عذبة، وفي أحدهما آلة البناء التي بني بها السدّ من القدور الحديد والمغارف وهناك بقيّة من اللبن الحديد قد التصق بعضه ببعض من الصدإ، واللبنة ذراع ونصف في سمك شبر، وسألنا من هناك هل رأوا أحدا من يأجوج ومأجوج فذكروا أنّهم رأوا منهم مرّة عددا فوق الشرف فهبّت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبنا فكان مقدار الواحد منهم في رأي العين شبرا ونصفا، فلمّا انصرفنا أخذ بنا الأدلّاء نحو خراسان فسرنا حتى خرجنا خلف سمرقند بسبعة فراسخ، قال: وكان بين خروجنا من سرّ من رأى إلى رجوعنا إليها ثمانية عشر شهرا، قد كتبت من خبر السدّ ما وجدته في الكتب ولست أقطع بصحة ما أوردته لاختلاف الروايات فيه، والله أعلم بصحته، وعلى كلّ حال فليس في صحة أمر السد ريب وقد جاء ذكره في الكتاب العزيز.
السِّدْرَتَان:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، تثنية السدرة، وهي شجرة النبق: وهو موضع، قال البعيث:
لمن طلل بالسدرتين كأنّه ... كتاب زبور وحيه وسلاسله
أي مسطوره، والله أعلم.
سَدْرٌ:
ذو سدر: موضع بعينه، قال أبو ذؤيب:
صوّح، من أمّ عمرو، بطن مرّ فأك ... ناف الرّجيع فذو سدر فأملاح
سُدُّ قَنَاة:
بضم أوّله، وبعد الدال المشدّدة قاف بعدها نون، كلمة مركبة من السدّ والقناة: وهو واد ينصبّ في الشعيبة.
سَدُومُ:
فعول من السّدم، وهو الندم مع غمّ، قال أبو منصور: مدينة من مدائن قوم لوط كان قاضيها يقال له سدوم، وقال أبو حاتم في كتاب المزال والمفسد: إنّما هو سذوم، بالذال المعجمة، قال: والدال خطأ، قال الأزهري: وهو الصحيح وهو أعجميّ، وقال الشاعر:
كذلك قوم لوط حين أضحوا ... كعصف في سدومهم رميم
وهذا يدلّ على أنّه اسم البلد لا اسم القاضي، إلّا أن قاضيها يضرب به المثل فيقال: أجور من قاضي سدوم.
وذكر الميداني في كتاب الأمثال أن سدوم هي سرمين بلدة من أعمال حلب معروفة عامرة عندهم، وكان من جوره أنّه حكم على أنّه إذا ارتكبوا الفاحشة من أحد أخذ منه أربعة دراهم، وقد ذكر أميّة بن(3/200)
أبي الصلت سدوم فقال:
ثمّ لوط أخو سدوم أتاها ... إذ أتاها برشدها وهداها
راودوه عن ضيفه ثمّ قالوا:
قد نهيناك أن تقيم قراها ... عرض الشيخ عند ذاك بنات
كظباء بأجرع ترعاها
غضب القوم عند ذاك وقالوا:
أيّها الشيخ خطّة نأباها ... أجمع القوم أمرهم وعجوز
خيّب الله سعيها ورجاها ... أرسل الله عند ذاك عذابا
جعل الأرض سفلها أعلاها ... ورماها بحاصب ثمّ طين
ذي حروف مسوّم إذ رماها
السَّديرُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت، وآخره راء: هو نهر، ويقال قصر، وهو معرّب وأصله بالفارسيّة سه دله، أي فيه قباب مداخلة مثل الجاري بكمّين، وقال أبو منصور: قال الليث السدير نهر بالحيرة، قال عدي بن زيد:
سرّه ماله وكثرة ما يم ... لك والبحر معرض والسدير
وقال ابن السكيت: قال الأصمعي السدير فارسية أصله سه دل، أي قبة فيها ثلاث قباب متداخلة، وهو الذي تسميه الناس اليوم سدلّى فعربته العرب فقالوا سدير، وفي نوادر الأصمعي التي رواها عنه أبو يعلى قال: قال أبو عمرو بن العلاء السدير العشب، انقضى كلام أبي منصور، وقال العمراني: السدير موضع معروف بالحيرة، وقال: السدير نهر، وقيل: قصر قريب من الخورنق كان النعمان الأكبر اتخذه لبعض ملوك العجم، قال أبو حاتم: سمعت أبا عبيدة يقول هو السّدليّ أي له ثلاثة أبواب، وهو فارسيّ معرّب، وقيل: سمي السدير لكثرة سواده وشجره، ويقال: إني لأرى سدير نخل أي سواده وكثرته، وقال الكلبي: إنّما سمي السدير لأن العرب حيث أقبلوا ونظروا إلى سواد النخل سدرت فيه أعينهم بسواد النخل فقالوا: ما هذا إلّا سدير، قال: والسدير أيضا أرض باليمن تنسب إليها البرود، قال الأعشى:
وبيداء قفر كبرد السدير ... مشاربها دائرات أجن
وقد ذكر بعض أهل الأثر أنّه إنّما سمّي السدير سديرا لأن العرب لما أشرفت على السواد ونظروا إلى سواد النخل سدرت أعينهم فقالوا: ما هذا إلّا سدير، وهذا ليس بشيء لأنّه سمّي سديرا قبل الإسلام بزمن، وقد ذكره عدي بن زيد، وكان هلاكه قبل الإسلام بمدة، والأسود بن يعفر، وهو جاهليّ قديم، بقوله:
أهل الخورنق والسّدير وبارق ... والقصر ذي الشرفات من سنداد
وقد ذكره عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة عند غلبة خالد بن الوليد والمسلمين على الحيرة في خلافة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه:
أبعد المنذرين أرى سواما ... تروّح بالخورنق والسّدير
تحاماه فوارس كلّ حيّ ... مخافة أغلب عالي الزّئير
فصرنا بعد ملك أبي قبيس ... كمثل الشاء في اليوم المطير(3/201)
تقسّمنا القبائل من معدّ ... كأنّا بعض أعضاء الجزور
وقال ابن الفقيه: قالوا السدير ما بين نهر الحيرة إلى النجف إلى كسكر من هذا الجانب. والسدير أيضا:
مستنقع الماء وغيضة في أرض مصر بين العباسية والخشبي تنصبّ فيه فضلات النيل إذا زاد واكتفي به أطلق إلى هذا الموضع مستنقعا فيه طول العام، رأيته، وهو أوّل ما يلقى القاصد من الشام إلى مصر من أرض مصر.
السُّدَير:
بضم أوّله، بلفظ تصغير سدر: قاع بين البصرة والكوفة وموضع في ديار غطفان، وقال الحفصي: ذو سدير قرية لبني العنبر، وقال في موضع آخر من كتابه: بظاهر السّخال واد يقال له ذو سدير، قال نابغة بني شيبان:
أرى البنانة أقوت بعد ساكنها، ... فذا سدير، وأقوى منهم أقر
وقال القتّال الكلابي:
لعمرك إنّني لأحبّ أرضا ... بها خرقاء لو كانت تزار
كأنّ لثاتها علقت عليها ... فروع السّدر عاطية نوار
أطاع لها بمدفع ذي سدير ... فروع الضال والسّلم القصار
وقال عمرو بن الأهتم:
وقوفا بها صحبي عليّ مطيهم، ... يقولون: لا تجهل ولست بجهّال
فقلت لهم: عهدي بزينب ترتعي ... منازلها من ذي سدير فذي ضال
السُّدَيرَةُ:
تصغير سدرة، وضبطه نصر بالفتح ثم الكسر:
ماء بين جراد والمروّت بأرض الحجاز أقطعه النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، حصين بن مشمّت لما قدم عليه مسلما بصدقته مع مياه أخر، قال سنان بن أبي حارثة:
وبضرغد وعلى السّديرة حاضر ... وبذي أمرّ حريمهم لم يقسم
في أبيات ذكرها في شجنة، وقال أبو زياد: ومن مياه بني قشير السّديرة التي يقول فيها القائل:
تسائلني: كم ذا كسبت؟ ولم أكد ... بنفسي من يوم السّديرة أفلت
السُّدَيْقُ:
علم مرتجل على التصغير: واد من أودية الطائف.
سِدِّينُ:
بكسرتين، والدال مشدّدة، وياء، ونون:
بلد بالساحل قريب تسكنه الفرس، كذا قاله نصر.
سَدِيوَر:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء آخر الحروف ساكنة، وواو مفتوحة، وآخره راء، ويقال سدوّر، بالفتح، وتشديد الواو: من قرى مرو، وقد نسب إليها بعض الرواة.
باب السين والذال وما يليهما
سَذَوَّر:
موضع بقومس التجأ إليه الخوارج وأميرهم عبيدة بن هلال بعد مهلك قطريّ بن الفجاءة بطبرستان فحصرهم فيه سفيان بن الأبرد مدة حتى قتلهم وحمل رؤوسهم إلى الحجّاج، فقال قيس بن الأصمّ يرثيهم:
ذكرت السّراة الصالحين وقد فنوا، ... وذكّرني أهل القران السّذوّر
بقومس فارفضّت من العين عبرة ... يجود بها ريعانها المتحدّر(3/202)
فقلت لأصحابي: قفوا، حين أشرفوا ... قليلا لكي نبكي وقوفا وننظر
إلى بلد الشارين أضحت عظامهم ... تضمّنها من أرض قومس أقصر
باب السين والراء وما يليهما
سَرّاء:
بالفتح، كذا مضبوط بخط ابن نباتة: كأنّه اسم هضبة، قال جميل:
وقال خليلي: طالعات من الصفا، ... فقلت: تأمّل لسن حيث تريني
قرضن شمالا ذا العشيرة كلّها ... وذات اليمين البرق برق هجين
وأصعدن في سرّاء حتى إذا انتحت ... شمالا نحا حاديهم ليمين
والسرّاء: أرض لبني أسد، قال ضرار بن الأزور الأسدي:
ونحن منعنا كلّ منبت تلعة ... من النّاس إلّا من رعاها مجاورا
من السّرّ والسّرّاء والحزن والملا، ... وكنّ مخنّات لنا ومصايرا
المخنات: الساحات.
سُرّاء:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه، والمد: اسم من أسماء سرّ من رأى. وسراء أيضا: برقة عند وادي أرك، وهي مدينة سلمى أحد جبلي طيّء. وسرّاء أيضا: ماءة عند وادي سلمى يقال لأعلاه ذو الأعشاش ولأسفله وادي الحفائر، قال زهير:
قف بالديار التي لم يعفها القدم، ... بلى وغيّرها الأرواح والدّيم
دار لأسماء بالغمرين ماثلة ... كالوحي ليس بها من أهلها أرم
بل قد أراها جميعا غير مقوية، ... سرّاء منها فوادي الحفر فالهدم
سَرَا:
بفتح أوّله، وتخفيف ثانيه، والقصر: أحد أبواب مدينة هراة، سمي بذلك لدار عنده لأن السّرا هو الدار الواسعة، وسرا من أجلّ موضع بهراة، منه دخل يعقوب بن الليث. وسرا: قرية على باب نهاوند، قال أبو الوفا سعد بن عليّ بن محمد السرائي بطرابلس أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم السرائي:
السرا قرية على باب نهاوند وقد رآها حديثا.
سَرَابيطُ:
قرأت بخط ابن برد الخياز في كتاب فتوح البلدان للبلاذري: نقل الحجّاج إلى داره والمسجد الجامع أبوابا من زندورد والدّروقرة ودراوساط ودير ماسرجان وسرابيط فضج أهل هذه المدن وقالوا:
قد أومنّا على مدننا وأموالنا، فلم يلتفت إلى قولهم.
سِرَاجُ طَيْر:
كذا ضبطه ابن برد الخيار: وهي كورة في أرمينية الثالثة، وقيل الثانية.
السَّرَارُ:
بالفتح، وتكرير الراء: واد في شعر الراعي، وسرارة الوادي: أفضل موضع فيه، والجمع السرار، قال بعضهم:
فإن أفخر بمجد بني سليم ... أكن منها التّخومة والسّرارا
قال جرير:
كأنّ مجاشعا بحتات نيب ... هبطن الحمض أسفل من سرارا
وقال أبو دؤاد:
إليك رحلت من كنفي سرار ... على ما كان من كلم الأعادي(3/203)
السَّرَارُ:
بكسر أوّله، وتكرير الراء أيضا، وسرار الشهر: آخر ليلة فيه، وكذلك سرره مشتق من استسرّ القمر إذا خفي، والسرار: واحد أسرار الكف والوجه، والجمع أسرّة وأسارير، وسارّه في أذنه سرارا: وهو وادي صنعاء الذي يشتقّها ويجري إذا جاءت الأمطار ويصبّ في سنوان فيكون كالبحيرة، قال الشاعر:
ويلي على ساكن شط السرار، ... يسكنه رئم شديد النّفار
سراسكبهر:
مقبرة بهمذان دفن فيها جماعة من العلماء والصلحاء.
سُرَاوِعُ:
بضم أوّله، وكسر الواو، وآخره عين مهملة: علم مرتجل لاسم موضع، قال قيس بن ذريح:
عفا سرف من أهله فسراوع ... فوادي قديد فالتّلاع الدوافع
فغيقة فالأخياف أخياف ظبية ... بها من لبينى مخرف ومرابع
سَرَاو:
بفتح أوّله، وآخره واو صحيحة: مدينة بأذربيجان بينها وبين أردبيل ثلاثة أيّام، وهي بين أردبيل وتبريز، خربها التتر، لعنهم الله، في سنة 617 وقتلوا كلّ من وجدوه فيها، وقال محمد بن طاهر المقدسي: السروي منسوب إلى سارية، وقد ذكر، والسروي منسوب إلى مدينة بأردبيل يقال لها سرو، هكذا ذكره بغير ألف، قال: ومنها نصر السروي الأردبيلي، ونافع بن عليّ بن بحر بن عمرو ابن حزم أبو عبد الله السروي الفقيه من أذربيجان، حدث عن أبي عياش الأردبيلي وعليّ بن محمد بن مهرويه وأبي الحسن عليّ بن إبراهيم القطّان القزوينيين، وقال أبو سعد: السروي، بالتسكين، نسبة إلى سرو أردبيل من أذربيجان، وذكر من ذكرنا قبل، والذي أراه أن النسبة إلى هذه المدينة سراويّ على الأصل وسرويّ، بالفتح، على الحذف، فأمّا التسكين فمنكر جدّا، والله أعلم بالصواب.
السَّرَاةُ:
بلفظ جمع السريّ، وهو جمع جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة ولا يعرف غيره، وكذا قاله اللغويون، وأمّا سيبويه فالسراة في السري هو عنده اسم مفرد موضوع للجمع كنفر ورهط وليس بجمع مكسر، وسراة الفرس وغيره: أعلى متنه، والجمع سروات، وكذا يجمع هذا الجبل بما يتوصل به، وسراة النهار: وقت ارتفاع الشمس، وسراة الطريق: متنه ومعظمه، وقال الأصمعي:
الطود جبل مشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء يقال له السراة، وإنّما سمّي بذلك لعلوّه، وسراة كل شيء:
ظهره، يقال: سراة ثقيف ثمّ سراة فهم وعدوان ثم سراة الأزد، وقال الأصمعي: السراة الجبل الذي فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية، وفي كتاب الحازمي: السراة الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن ولها سعة، وهي باليمن أخص، وقال أبو الأشعث الكندي عن عرّام: وادي تربة لبني هلال وحواليه بين الجبال السراة ويسوم وفرقد ومعدن البرم وجبلان يقال لهما شوانان واحدهما شوان، وهذه الجبال تنبت القرظ، وهي جبال متقاودة وبينها فتوق، وفي جبال السراة الأعناب وقصب السكر والقرظ والإسحل، قال شاعر يصف غيثا:
أنجد غوريّ وحنّ متهمة ... واستنّ بين ريّقيه حنتمه
وقلت أطراف السراة مطعمه(3/204)
وقال قوم: الحجاز هو جبال تحجز بين تهامة ونجد يقال لأعلاها السراة كما يقال لظهر الدابّة السراة، وهو أحسن القول، وقال الفضل بن العبّاس اللهبي:
وقافية عقام قلت بكرا ... تقلّ رعان نجد محكمات
يؤبن مع الركاب بكل مصر، ... ويأتين الأقاول بالسراة
غوائر لا سواقط مكفئات ... بإسناد ولا متنخّلات
وأمّا الشراة، بالمعجمة، فتذكر في موضعها، إن شاء الله تعالى، وقال سعيد بن المسيب: إن الله تعالى لما خلق الأرض مادت فضربها بهذا الجبل السراة وهو أعظم جبال العرب وأذكرها، أقبل من ثغرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام، فسمته العرب حجازا لأنّه حجز بين الغور وهو هابط وبين نجد وهو ظاهر، وقال الحسن بن عليّ بن أحمد بن يعقوب اليمني الهمداني: أمّا جبل السراة الذي يصل ما بين أقصى اليمن والشام فإنّه ليس بجبل واحد وإنّما هي جبال متصلة على شقّ واحد من أقصى اليمن إلى الشام في عرض أربعة أيّام في جميع طول السراة يزيد كسر يوم في بعض المواضع وقد ينقص مثله في بعضها، فمبدأ هذه السراة من أرض اليمن أرض المعافر فحيق بني مجيد ثغر عدن وهو جبيل يحيط البحر به، وهي تجمع مخلاف ديحان والجوّة وجبأ وصبر وذخر ويزداد وغير ذلك حتى بلغ الشام فقطعته الأودية حتى بلغ إلى النخلة فكان منها حيض ويسوم، وهما جبلان بنخلة ويسميان يسومين، ثمّ طلعت منه الجبال بعد فكان منها الأبيض جبل العرج وقدس وآرة، وهما جبلان لمزينة، والأسود والأجرد أيضا جبلان لجهينة، وحيض قد سمّاه عمر بن أبي ربيعة خيشا في قوله:
تركوا خيشا على أيمانهم ... ويسوما عن يسار المنجد
قالوا: والسروات ثلاث: سراة بين تهامة ونجد أدناها الطائف وأقصاها قرب صنعاء، والطائف من سراة بني ثقيف، وهو أدنى السروات إلى مكّة، ومعدن البرم هو السراة الثانية، وهو في بلاد عدوان، والسراة الثالثة أرض عالية وجبال مشرفة على البحر من المغرب وعلى نجد من المشرق. وسراة بني شبابة نسب إليها بعض الرواة ذكر في شبابة لأنّه نسب الشبابي، وبأسفل السروات أودية تصبّ إلى البحر، منها: اللّيث، وقد ذكر، وقنونى والحسبة وضنكان وعشم وبيش ومركوب ونعما، وهو أقربها إلى مكة، وهو وادي عرفات، وعليب من هذه الأودية، وقال أبو عمرو بن العلاء: أفصح الناس أهل السروات، وهي ثلاث، وهي الجبال المطلّة على تهامة ممّا يلي اليمن، أوّلها هذيل وهي تلي السهل من تهامة ثمّ بجيلة وهي السراة الوسطى وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها ثمّ سراة الأزد أزد شنوءة وهم بنو كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد.
سَرْبا:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ باء موحدة، وألف مقصورة، أظنّها التأنيث من السارب وهو الذاهب: موضع.
سَرْبار:
معناه رأس البار: من مدن مكران ولها بانيد جيد كثير.
سَرْبانُ:
مثل الذي قبله، وهو سربا وزيادة نون في آخره، والكلام فيهما واحد: وهو محلّة بالرّيّ،(3/205)
قال بعض أهل الأدب: أحسن الأرض مخلوقة الرّيّ، ولها السربان والسّرّ وأظنهما سوقين بالرّيّ، وكان الرشيد يقول: الدنيا أربع منازل وقد نزلت منها ثلاثا، إحداها دمشق والرّقة والرّيّ وسمرقند، وأرجو أن أنزل الرابعة، ولم أر في هذه المنازل الثلاث التي نزلتها موضعا أحسن من السربانى لأنّه شارع يشقّ مدينة الرّيّ في وسطه نهر جار عن جانبيه جميعا الأشجار ملتفة متصلة وبينها الأسواق محتفّة.
سَرْبَخٌ:
بالفتح ثمّ السكون، وباء موحدة، وخاء معجمة: موضع باليمن، قال خلف الأزدي:
وهل أردنّ الدّهر روضة سربخ، ... وهل أرعين ذودي محصّبها الأحوى؟
سُرَّبُرْد:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه، وضم الباء الموحدة، وراء ساكنة، ودال مهملة، كذا ضبطه عبد السلام البصري في أمالي جحظة، قال جحظة:
حدثني أبو جعفر بن موسى قال: تعشّق جعفر بن يحيى ابن خالد بن برمك جارية في أيام المهدي وهم منكوبون ولم يكن معه ثمنها فقال لأبيه: قد برّح بي عشق هذه الجارية ولست أقدر على شرائها وقد وعدتني مولاتها أن تحبسها إلى أن أمضي إلى بلخ وأستميح قرابتي وأعود، فقال له أبوه: امض راشدا، فلمّا بلغ إلى مكان يقال له سرّبرد ذكرها فقال:
إذا جزت حلوانا وجاوزت آبة ... إلى سرّبرد فالسلام على الودّ
رأيت الغنى بعدا فقلت: لعلّني ... أصير إلى قرب الأحبّة بالبعد
قال: ومات الهادي وصار الأمر إلى الرشيد فرد الأمر جميعه إلى يحيى بن خالد فسأله عن جعفر فعرّفه خبره، فأمر بابتياع الجارية وأمر بإنفاذ البريد ليردّه.
سَرْبُزَه:
جزيرة في أرض الهند موقعها من العمارة خط الاستواء يجلب منها الكافور.
سَرْبَطُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الباء الموحدة، والطاء: موضع في بلد أرمينية له نهر يعرف به ويصبّ في دجلة مأخذه من ظهر أبيات أرزن وهو يخرج من خونت وجبالها من أرض أرمينية.
سُرْتُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره تاء مثناة من فوق، علم مرتجل غير مستعمل في كلامهم:
مدينة على ساحل البحر الرومي بين برقة وطرابلس الغرب لا بأس بها، وفي سمتها من ناحية الجنوب في البر أجدابية ومنها يقصد إلى طرابلس الغرب، قال أبو الحسن عليّ بن المفضل المقدسي الحافظ من أصحاب السلفي: أنشدني أبو بكر عتيق بن القاسم السّرتي لنفسه:
أقول لعيني دائما، ولدمعها ... لسان بسرّ الحبّ في الخدّ ناطق:
أجدّك ما ينفكّ لي منك ضائر، ... بسرّي واش أو لحيني رامق
فلو لاك لمّا أعرف العشق أوّلا، ... ولولاه لم يعرف بأني عاشق
قال البكري: ومدينة سرت مدينة كبيرة على سيف البحر عليها سور من طوب وبها جامع وحمّام وأسواق، ولها ثلاثة أبواب: قبلي وجنوبي وباب صغير إلى البحر ليس حولها أرباض، ولهم نخل وبساتين وآبار عذبة وجباب كثيرة، وذبائحهم المعز طيب اللحم، وأهل سرت من أخسّ خلق الله خلقا وأسوئهم معاملة، لا يبيعون ولا يبتاعون إلّا بسعر قد اتفق جميعهم عليه، وربما نزل المركب بساحلهم بالزيت وهم أحوج الناس(3/206)
إليه فيعمدون إلى الزقاق الفارغة فينفخونها ويوكونها ثمّ يصفونها في حوانيتهم وأفنيتهم ليروا أهل المركب أن الزيت عندهم كثير، فلو أقام أهل المركب ما شاء الله أن يقيموا ما ابتاعوا منهم إلّا على حكمهم، وأهل سرت يعرفون بعبيد قرلّة، وهم يغضبون من ذلك، قال الشاعر يهجوهم:
عبيد قرلّة شرّ البرايا ... معاملة وأقبحهم فعالا
فلا رحم المهيمن أهل سرت ... ولا أسقاهم عذبا زلالا
وقال آخر:
يا سرت لا سرّت بك الأنفس، ... لسان مدحي فيكم أخرس
ألبستم القبح فلا منظر ... يروق منكم لا ولا ملبس
بخستم في كلّ أكرومة، ... وفي الشقا واللؤم لم تبخسوا
ولهم كلام يتراطنون به ليس بعربيّ ولا عجميّ ولا بربريّ ولا قبطيّ ولا يعرفه غيرهم، وهم على خلاف أخلاق أهل أطرابلس، فإن أهل أطرابلس من أحسن خلق الله معاشرة وأجودهم معاملة، ومن سرت إلى أطرابلس عشر مراحل وإلى أجدابية ست مراحل.
سُرِتّةُ:
بضم أوّله، وكسر ثانيه، وتاء مثناة من فوق مشددة، وهاء، اسم أعجميّ ليس من أوزان العرب مثله: وهي مدينة بالأندلس متصلة الأعمال بأعمال شنت بريّة، وهي شرقي قرطبة منحرفة نحو الجوف، بينها وبين طليطلة عشرون فرسخا، وأما المحدثون فإنّهم يقولون سرتة، بضم أوّله، وسكون ثانيه، وتخفيف التاء، ونسبوا إليها، وحكوا عن أبي الوليد يوسف بن عبد العزيز الأندي في كتاب مشتبه الأسماء قال: هو بلد في جوف الأندلس، ونسبوا إليه قاسم بن أبي شجاع السرتي، روى عن أبي بكر الآجرّي، ذكره ابن ميمون وابن شنظير في شيوخهما، وأمّا أبو القاسم عبد الله بن فتح بن أبي حامد السّرتي حدث عنه أبو إسحاق شنظير، وأنا لا أدري أهما منسوبان إلى التي بالأندلس أو بإفريقية، وهي بإفريقية أشبه.
سَرْجٌ:
بلفظ السرج الذي يركب عليه: موضع، عن العمراني.
سُرُجٌ:
بضم أوّله وثانيه، وآخره جيم، بلفظ جمع سراج: ماء لبني العجلان في واد، قال بعضهم:
قالت سليمى ببطن القاع من سرج: ... لا خير في العيش بعد الشيب والكبر
وأنا شاكّ في الجيم.
سَرْجَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وجيم، يشبه أن تكون كلمة فارسيّة من سروچهـ ومعناه رأس البئر:
وهو حصن بين نصيبين ودنيسر ودارا من بناء الروم القديم، وهو باق إلى الآن يسكنه الفلاحون، رأيته، في طوله ستة أبراج وفي عرضه ممّا يلي الطريق أربعة أبراج. وسرجة أيضا: موضع قرب سميساط على شاطئ الفرات. وسرجة: بأرض اليمن مدينة، ورواه بعضهم بالشين المعجمة، والصواب بالسين المهملة. وسرجة أيضا: قرية من قرى حلب ويقال لها سرجة بني عليم.
سَرْجَهانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وجيم، وآخره نون: قلعة حصينة على طرف جبال الديلم تشرف على قاع قزوين وزنجان وأبهر، والكائن فيه يرى زنجان، وهي من أحصن القلاع وأحكمها، رأيتها.(3/207)
سَرْحٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وآخره حاء مهملة، والسرح: المال يسام في المرعى من الأنعام، والسرح: شجر له حمل وهو الألاء، الواحدة سرحة، قال الأزهري: هذا غلط ليس السرح من الألاء في شيء، قال عنترة العبسي:
بطل كأنّ ثيابه في سرحة، ... يحذى نعال السّبت ليس بتوأم
فقد بيّن أن السرح من كبار الشجر، ألا ترى أنّه شبه الرجل بطوله والألاء لا ساق له؟ قال: والسرح كلّ شجرة لا شوك فيها، وقال عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه: إن بمكان كذا سرحة سرّ تحتها سبعون نبيّا، فهذا أيضا يدل على أن السرح شجر كبار. وذو السرح: واد بين مكّة والمدينة قرب ملل، قال الفضل بن عبّاس بن عتبة بن أبي لهب:
تأمّل خليلي هل ترى من ظعائن ... بذي السرح أو وادي غران المصوّب
جزعن غرانا بعد ما متع الضّحى ... على كلّ موّار الملاط مدرّب
وواد بأرض نجد وموضع بالشام عند بصرى.
سَرْحَةُ:
بلفظ واحدة السرح المذكور قبله: مخلاف باليمن، وهو أحد مراسي البحر هناك، وهو موضع بعينه ذكره لبيد:
لمن طلل تضمّنه أثال ... فسرحة فالمرانة فالخيال؟
فأمّا الذي في قول حميد بن ثور حيث قال:
أقول لعبد الله بيني وبينه: ... لك الخير خبّرني فأنت صديق
تراني إن علّلت نفسي بسرحة ... من السرح موجود عليّ طريق
أبى الله إلّا أنّ سرحة مالك ... على كلّ سرحات العضاه تروق
فقد ذهبت عرضا وما فوق طولها ... من السّرح إلّا عشّة وسحوق
فلا الظلّ من برد الضّحى تستظلّه، ... ولا الفيء من برد العشيّ تذوق
فإنّما هو كناية عن امرأة لأن عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، أنذر الشعراء وقال: والله لا شبّب رجل بامرأة إلّا جلدته. والسرحة: باليمامة موضع بعينه، عن الحفصي، وأنشد:
أيا سرحة الركبان ظلّك بارد، ... وماؤك عذب لا يحلّ لشاربه
ليس في البيت دليل على أنّه موضع ولكن كذا قال.
سَرْخ آباذ:
من قرى الرّيّ معروفة، والله أعلم.
سَرْخَس:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الخاء المعجمة، وآخره سين مهملة، ويقال سرخس، بالتحريك، والأوّل أكثر: مدينة قديمة من نواحي خراسان كبيرة واسعة وهي بين نيسابور ومرو في وسط الطريق، بينها وبين كل واحدة منهما ستّ مراحل، قيل: سميت باسم رجل من الذّعار في زمن كيكاوس سكن هذا الموضع وعمّره ثمّ تمّم عمارته وأحكم مدينته ذو القرنين الإسكندر، وقالت الفرس:
إن كيكاوس أقطع سرخس بن خوذرز أرضا فبنى بها مدينة فسمّاها باسمه، وهي سرخس هذه، وهي في الإقليم الرابع، طولها ثلاث وثلاثون درجة وثلث، وعرضها سبع وثلاثون درجة، وهي مدينة معطشة ليس لها في الصيف إلّا ماء الآبار العذبة وليس بها نهر جار إلّا نهر يجري في بعض السنة ولا يدوم ماؤه وهو فضل مياه هراة، وزروعهم مباخس، وهي مدينة(3/208)
صحيحة التربة، والغالب على نواحيها المراعي، قليلة القرى، وقد خرج منها كثير من الأئمة، ولأهلها يد باسطة في عمل المقانع والعصائب المنقوشة المذهبة وما شاكل ذلك، وقد نسب إليها من لا يحصى، ومن الفقهاء المتأخرين والعلماء الأفراد أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن يعرف بالزّاز، بزايين، السرخسي الفقيه الشافعي، له كتاب في الفقه كبير أكبر من الشامل لابن الصباغ، أجاد فيه جدّا، رأيت أهل مرو يفضلونه على الشامل وغيره، وسماه الإملاء، ومات بمرو في ثاني عشر ربيع الآخر سنة 494، ومن القدماء الإمام أبو علي زاهر بن أحمد بن محمد بن عيسى السرخسي الفقيه المحدث شيخ عصره بخراسان، تفقّه على أبي إسحاق المروزي وقرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد والأدب على أبي بكر بن الأنباري وسمع الحديث من أبي لبيد محمد بن إدريس وأقرانه بخراسان، وبالعراق من أبي القاسم البغوي وابن صاعد وغيرهما، وتوفي يوم الأربعاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة 389 عن 96 سنة.
سُرْخَكَت:
بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ خاء معجمة مفتوحة، وكاف مفتوحة أيضا: بليدة بغرجستان سمرقند، نسب إليها بعض الرواة، منهم: الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن فاعل السرخكتي، كان إماما فاضلا من مناظري البرهان ببخارى وخصومه، سمع أبا المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني، روى عنه جماعة كثيرة، توفي بسمرقند في ذي الحجّة سنة 518.
سُرْخَك:
بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ خاء معجمة مفتوحة، وآخره كاف، معناه بالفارسية الأحيمر مصغّر، لأن الكاف في آخر الكلمة عندهم بمنزلة التصغير عند العرب: وهي قرية على باب نيسابور، ينسب إليها أبو حامد أحمد بن عبد الرحمن النيسابوري السرخكي الفقيه الحنفي، سمع محمد بن مرثد السلمي وأبا الأزهر السعيدي، روى عنه أبو العباس أحمد ابن هارون الفقيه وغيره، توفي سنة 316.
سَرْدانِيَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ دال مهملة، وبعد الألف نون مكسورة، وياء آخر الحروف مفتوحة مخففة: جزيرة في بحر المغرب كبيرة ليس هناك بعد الأندلس وصقلية وأقريطش أكبر منها، وقد غزاها المسلمون وملكوها في سنة 92 في عسكر موسى بن نصير، وهي الآن بيد الأفرنج، ووجدت لبعضهم أن سردانية مدينة بصقلية، والله أعلم.
السَّرْدُ:
موضع في بلاد الأزد، قال الشنفري:
كأن قد، فلا يغررك مني تمكّثي، ... سلكت طريقا بين يربغ فالسّرد
وإنّي زعيم أن تلفّ عجاجتي ... على ذي كساء من سلامان أو برد
هم عرفوني ناشئا ذا مخيلة ... أمشّي خلال الدّار كالأسد الورد
كأنّي إذا لم أمس في دار خالد ... بتيماء لا أهدى سبيلا ولا أهدي
سُرْدُدُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة مكررة الأولى منهما مضمومة، ويروى بضم أوّله وفتح الدال الأولى: موضع في قول أبي دهبل:
سقى الله جارينا ومن حلّ وليه ... قبائل جاءت من سهام وسردد
وهي ولاية قصبتها المهجم من أرض زبيد، قال ابن الدمينة: يتلو وادي سهام وادي سردد ورأسه هجر شبام أقيان مساقط حضور وماطح وبلد الصّيد ثمّ يهريق في أيمنه جبل تيس ونضّار وبكيل ومن أيسره(3/209)
جبال حراز والأخروج ويظهر بالمهجم فيسقيها وما يليها إلى البحر، وأهل اليمن اليوم يقولون السّرددية، وقال أميّة بن أبي عائذ الهذلي:
أفاطم حيّيت بالأسعد ... متى عهدنا بك لا تبعدي
تصيّفت نعمان واصّيفت ... جنوب سهام إلى سردد
سَرْدَرُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ودال مهملة مفتوحة، وآخره راء: من قرى بخارى، وقد نسب إليها بعض العلماء.
سَرْدَرُوذ:
من قرى همذان معروفة، بها قوم من الفقهاء ينتمون إلى عبد الرحمن بن حمدان الحلّاب، والله أعلم.
سَرْدَن:
مثل الذي قبله إلّا أن آخره نون، كلمة مهملة في كلام العرب، وهو موضع جاء في قول الشاعر:
ليلتي بالسّردان ... كلّلت بالمحاسن
مع حور نواعم ... كالظّباء الشّوادن
جمع السّردن بما حوله من المواضع ضرورة: وهي كورة بين فارس وخوزستان من أعمال فارس فيها معدن صفر يحمل إلى سائر البلدان فيما زعموا.
سَرْدُوسُ:
قال ابن عبد الحكم: كانت خلجان مصر سبعة على جوانبها الجنات، منها خليج سردوس، قال عمرو بن العاص: استعمل فرعون هامان على حفر خليج سردوس، فلمّا ابتدأ حفره أتاه أهل كل قرية يسألونه أن يجري الخليج تحت قريتهم ويعطونه مالا، فكان يذهب إلى هذه القرية من نحو المشرق ثمّ يردّه إلى قرية من نحو دبر القبلة ثمّ يرده إلى قرية في المغرب ثمّ يردّه إلى قرية في القبلة ويأخذ من كلّ قرية مالا حتى اجتمع له في ذلك مائة ألف دينار فأتى بذلك يحمله إلى فرعون، فسأله فرعون عن ذلك فأخبره بما فعل في حفره، فقال له فرعون: ويحك إنّه ينبغي للسيّد أن يعطف على عباده ويفيض عليهم ولا يرغب فيما في أيديهم، ردّ عليهم أموالهم، فردّ على أهل كلّ قرية ما أخذ منهم جميعه، فلا يعلم في مصر خليج أكثر عطوفا من سردوس لما فعله هامان في حفره، وقال ابن زولاق: لما فرغ هامان من حفر خليج سردوس سأله فرعون عمّا أنفقه عليه فقال:
أنفقت عليه مائة ألف دينار أعطانيها أهل القرى، فقال له: ما أحوجك إلى من يضرب عنقك، آخذ من عبيدي مالا على منافعهم! ردّها عليهم، ففعل.
السِّرَرُ:
بكسر أوّله، وفتح ثانيه، وهو من السّرّة التي تقطعها القابلة، والمقطوع سرّ والباقي سرّة، والسّرر، بفتح السين وكسرها، لغة في السّرّ، والسّرر:
الموضع الذي سرّ فيه الأنبياء، وهو على أربعة أميال من مكّة، وفي بعض الحديث: أنّه بالمأزمين من منى كانت فيه دوحة، قال ابن عمر: سرّ تحتها سبعون نبيّا، أي قطعت سررهم، قال أبو ذؤيب:
بآية ما وقفت الرّكا ... ب بين الحجون وبين السّرر
وكان عبد الصمد بن عليّ اتخذ عليه مسجدا، قال الأزهري: قيل هو الموضع الذي جاء في حديث ابن عمر أنّه قال لرجل: إذا أتيت منى فانتهيت إلى موضع كذا فإنّ هناك سرحة لم تجرّد ولم تسرف سرّ تحتها سبعون نبيّا فانزل تحتها، فسمي سررا لذلك، وروى المغاربة: السرر واد على أربعة(3/210)
أميال من مكّة عن يمين الجبل، قالوا هو بضم السين وفتح الراء الأولى، قالوا: كذا رواه المحدثون بلا خلاف، قالوا: وقال الرياشي المحدثون يضمونه وهو إنما هو السّرر، بالفتح، وهذا الوادي هو الذي سرّ فيه سبعون نبيّا أي قطعت سررهم، بالكسر، وهو الأصحّ، هذا كلّه من مطالع الأنوار وليس فيه شيء موافق للإجماع، والله المستعان، قال نصر:
ذات السّرر موضع في ديار بني أسد، قال: والسّرر واد بين مكّة ومنى كانت فيه شجرة جاء في الحديث أنّه سرّ تحتها سبعون نبيّا.
سَرَرُ:
بالتحريك، يقال: قناة سرّاء أي جوفاء بينة السرر، قال نصر: السرر واد يدفع من اليمامة إلى أرض حضرموت، وبعير أسرّ بيّن السرر إذا كان بكركرته دبرة.
السُّرَرُ:
بوزن الصّرد والزّفر، جمع سرّة ممّا تقطعه القابلة من بطن الصبي، قال نصر: أرض بالجزيرة، قال العمراني: السّرر واد من مكّة على أربعة أميال، قال: وهو غير السّرر الذي سرّ تحته الأنبياء ولا كما قاله المغاربة، قال الأخطل:
فأصبحت منهم سنجار خالية ... فالمحلبيات فالخابور فالسّرر
ويروى السّرر.
السِّرّ:
بكسر أوّله، وتشديد آخره، بلفظ السّرّ الذي هو بمعنى الكتمان: اسم واد بين هجر وذات العشر من طريق حاجّ البصرة طوله مسافة أيّام كثيرة، وقيل: السّرّ واد في بطن الحلّة، والحلة:
من الشّريف، وبين الشّريف وأضاخ عقبة، وأضاخ بين ضرية واليمامة، والسّرّ أيضا: بنجد في ديار بني أسد، وقيل: السرّ من مخاليف اليمن ومقابله مرسى للبحر، وقال السكري في شرح قول جرير:
أستقبل الحيّ بطن السرّ أم عسفوا، ... فالقلب فيهم رهين أينما انصرفوا
قال: السر في بلاد تميم، وقال الأسدي: السّرّ والسّرّاء أرضان لبني أسد، قال ضرار بن الأزور، رضي الله عنه:
ونحن منعنا كلّ منبت تلعة ... من النّاس إلّا من رعاها مجاورا
من السّرّ والسّرّاء والحزن والملا، ... وكنّ مخنّات لنا ومصايرا
مخنّات: ساحات.
السُّرّ:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه، بلفظ السّرّ الذي تقطعه القابلة من السّرّة: قرية من قرى الرّيّ، ينسب إليها السّرّيّ، وقيل: السّرّ ناحية من نواحي الرّيّ فيها عدّة قرى، ينسب إليها جماعة، منهم: زياد بن عليّ الرازي السّرّي خال ولد محمد ابن مسلم ورفيقه بمصر، روى عن أحمد بن صالح، وكان ثقة صدوقا. وسرّ أيضا: موضع بالحجاز في ديار مزينة قرب جبل قدس.
سَرَسْنُ:
بلد في أقصى بلاد الترك فيه سوق لهم يباع فيها القندس والبرطاسي والسّمّور وغير ذلك.
سَرْسَنَا:
قرية كبيرة في الفيّوم من أعمال مصر.
سُرُعُ:
العين مهملة: من ناحية البحرين، قاله الحفصي وهو من اليسار، قال ابن مقبل:
قالت سليمى ببطن القاع من سرع: ... لا خير في المرء بعد الشّيب والكبر
سَرْغُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ غين معجمة، سروغ الكرم: قضبانه الرطبة، الواحد سرغ، بالغين، والعين لغة فيه: وهو أوّل الحجاز وآخر الشام(3/211)
بين المغيثة وتبوك من منازل حاجّ الشام، وهناك لقي عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، أمراء الأجناد، بينها وبين المدينة ثلاث عشرة مرحلة، وقال مالك ابن أنس: هي قرية بوادي تبوك، وهي آخر عمل الحجاز الأوّل، وهناك لقي عمر بن الخطّاب من أخبره بطاعون الشام فرجع إلى المدينة، وبها مات ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوّام في سبع أو ثمان وسبعين ومائة، وكان لسان آل الزبير، قال له عبد الملك وقد وفد عليه: أبوك كان أعلم بك حيث كان يشتمك، قال: يا أمير المؤمنين أتدري لم كان يشتمني؟ قال: لا والله، قال: لأني كنت نهيته أن يقاتل بأهل مكّة وأهل المدينة فإن الله عزّ وجل لا ينصر بهم أحدا، أمّا أهل مكّة فإنّهم أخرجوا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وأخافوه ثم جاءوا إلى المدينة فأخرجهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وسيرهم، يعرّض في قوله هذا بالحكم بن أبي العاصي جدّ عبد الملك حيث نفاه رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وأمّا أهل المدينة فخذلوا عثمان، رضي الله عنه، حتى قتل بينهم لم يروا أن يدفعوا عنه، فقال له عبد الملك: عليك لعنة الله! قال: يستحقّها الظالمون كما قال الله تعالى: أَلا لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمِينَ 11: 18، قال: فأمسك عنه.
سَرْغامَرْطا:
قرية بالجزيرة من ديار مضر، سمع بها أبو حاتم بن حبّان البستي أبا بدر أحمد بن خالد بن عبد الملك بن عبد الله بن مسرّح الحرّاني.
سَرِفٌ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وآخره فاء، قال أبو عبيد: السّرف الجاهل، وأنشد لطرفة بن العبد:
إنّ امرأ سرف الفؤاد يرى، ... عسلا بماء سحابة، شتمي
وهو موضع على ستّة أميال من مكّة، وقيل: سبعة وتسعة واثني عشر، تزوّج به رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، ميمونة بنت الحارث وهناك بنى بها وهناك توفّيت، وفيه قال عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
لم تكلّم، بالجلهتين، الرّسوم! ... حادث عهد أهلها أم قديم؟
سرف منزل لسلمة، فالظّه ... ران منّا منازل، فالقصيم
قال القاضي عياض: وأمّا الذي حمى فيه عمر، رضي الله عنه، فجاء فيه أنّه حمى السرف والربذة، كذا عند البخاري بالسين المهملة، وفي موطّإ ابن وهب الشرف، بالشين المعجمة وفتح الراء، وكذا رواه بعض رواة البخاري وأصلحه وهذا الصواب، وأمّا سرف فلا يدخله الألف واللام، وقال الحربي في تفسير الحديث: ما أحبّ أن أنفخ في الصلاة وإن لي ممر الشرف، بالشين المعجمة، كذا ضبطه وقال: خصّه بجودة نعمه، والله أعلم.
سُرْفَقَانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الفاء ثمّ قاف، وآخره نون: قرية بينها وبين سرخس ثلاثة فراسخ، نسب إليها قوم من أهل العلم والرواية، منهم: الفقيه أبو محمد بن أبي بكر بن محمد السرفقاني، وعمه أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد رويا الحديث.
سَرَقُسْطَةُ:
بفتح أوّله وثانيه ثمّ قاف مضمومة، وسين مهملة ساكنة، وطاء مهملة: بلدة مشهورة بالأندلس تتصل أعمالها بأعمال تطيلة، ذات فواكه عذبة لها فضل على سائر فواكه الأندلس، مبنية على نهر كبير، وهو نهر منبعث من جبال القلاع، قد انفردت بصنعة السّمّور ولطف تدبيره تقوم في طرزها(3/212)
بكمالها منفردة بالنسج في منوالها، وهي الثياب الرقيقة المعروفة بالسرقسطية، هذه خصوصية لأهل هذا الصقع، وهذا السّمّور المذكور هنا لا أتحقق ما هو ولا أيّ شيء يعنى به وإن كان نباتا عندهم أو وبر الدابّة المعروفة، فإن كانت الدابّة المعروفة فيقال لها الجندبادستر أيضا، وهي دابّة تكون في البحر وتخرج إلى البرّ وعندها قوّة ميز، وقال الأطباء:
الجندبادستر حيوان يكون في بحر الروم ولا يحتاج منه إلّا إلى خصاه فيخرج ذلك الحيوان من البحر ويسرح في البر فيؤخذ ويقطع منه خصاه ويطلق فربّما عرض له الصيادون مرّة أخرى فإذا علم أنّهم ماسكوه استلقى على ظهره وفرّج بين فخذيه ليريهم موضع خصيتيه خاليا فيتركوه حينئذ، وفي سرقسطة معدن الملح الذّرآني وهو أبيض صافي اللون أملس خالص، ولا يكون في غيرها من بلاد الأندلس، ولها مدن ومعاقل، وهي الآن بيد الأفرنج صارت بأيديهم منذ سنة 512، وينسب إلى سرقسطة أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن يوسف السرقسطي، قال السلفي: كان من أهل المعرفة والخط، وكان بيني وبينه مكاتبة، وهو الذي تولى أخذ إجازات الشيوخ بالأندلس سنة 512، وروى في تآليفه عن صهر أبي عبد الله بن وضّاح وغيره كثيرا، وصنّف كتابا في الحفّاظ فبدأ بالزهري وختم بي، كلّه عن السلفي، وأنبل من نسب إلى سرقسطة ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف بن سليمان بن يحيى العوفي من ولد عوف بن غطفان، وقيل: بل الرواية عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو القاسم، سمع بالأندلس من محمد بن وضّاح والخشني وعبد الله بن مرّة وإبراهيم بن نصر السرقسطي ومحمد بن عبد الله بن الفار بن الزبير بن مخلد، رحل إلى المشرق هو وابنه قاسم في سنة 288 فسمعا بمكّة من عبد الله بن عليّ بن الجارود ومحمد بن عليّ الجوهري وأحمد بن حمزة، وبمصر من أحمد بن عمر البزّاز وأحمد بن شعيب النسائي، وكان عالما متقنا بصيرا بالحديث والفقه والنحو والغريب والشعر، وقيل إنّه استقضى ببلده، وتوفي بسرقسطة سنة 313 عن 95 سنة، ومولده سنة 217، وابنه قاسم بن ثابت، كان أعلم من أبيه وأنبل وأروع، ويكنى أبا محمد، رحل مع أبيه فسمع معه وعني بجمع الحديث واللغة فأدخل إلى الأندلس علما كثيرا، ويقال إنّه أوّل من أدخل كتاب العين للخليل إلى الأندلس وألّف قاسم كتابا في شرح الحديث ممّا ليس في كتاب أبي عبيد ولا ابن قتيبة سمّاه كتاب الدلائل، بلغ فيه الغاية في الإتقان، ومات قبل كماله فأكمله أبوه ثابت بعده، قال ابن الفرضي: سمعت العبّاس بن عمرو الورّاق يقول سمعت أبا عليّ القالي يقول: كتبت كتاب الدلائل وما أعلم وضع في الأندلس مثله، ولو قال إنّه ما وضع في المشرق مثله ما أبعد، وكان قاسم عالما بالحديث والفقه متقدّما في معرفة الغريب والنحو والشعر، وكان مع ذلك ورعا ناسكا أريد على أن يلي القضاء بسرقسطة فامتنع من ذلك وأراد أبوه إكراهه عليه فسأله أن يتركه يتروّى في أمره ثلاثة أيّام ويستخير الله فيه، فمات في هذه الثلاثة أيّام، يقولون إنّه دعا لنفسه بالموت، وكان يقال إنّه مجاب الدعوة، وهذا عند أهله مستفيض، قال الفرضي: قرأت بخط الحكم المستنصر بالله توفي قاسم بن ثابت سنة 302 بسرقسطة، وابنه ثابت بن قاسم بن ثابت من أهل سرقسطة، سمع أباه وجدّه، وكان مليح الخط، حدث بكتاب الدلائل، وكان مولعا بالشراب، وتوفي سنة 352، قال: وجدته بخط المستنصر بالله(3/213)
أمير المؤمنين. وسرقسطة أيضا: بليد من نواحي خوارزم، عن العمراني الخوارزمي.
سُرَّقُ:
بضم أوّله، وفتح ثانيه وتشديده، وآخره قاف، لفظة عجميّة: وهي إحدى كور الأهواز نهر عليه بلاد حفره أردشير بهمن بن إسفنديار القديم ومدينتها دورق، وحدث إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: كان حارثة بن بدر الغداني مكينا عند زياد ابن أبيه فلمّا مات جفاه عبيد الله بن زياد فقال له حارثة: أيّها الأمير ما هذا الجفاء مع معرفتك بالحال عند أبي المغيرة؟ فقال عبيد الله: إن أبا المغيرة بلغ مبلغا لا يلحقه فيه عيب وأنا أنسب إلى ما يغلب على الشباب وأنت نديم الشراب وأنا حديث السن فمتى قربتك فظهرت منك رائحة لم آمن أن يظنّ في ذلك فدع الشراب وكن أوّل داخل وآخر خارج، فقال حارثة: أنا لا أدعه لمن يملك نفعي وضرّي، أدعه للحال عندك ولكن صرّفني في بعض أعمالك، فولّاه سرّق من أعمال الأهواز فخرج إليها فشيّعه الناس، وكان فيهم أبو الأسود الدّؤلي فقال له:
أحار بن بدر قد وليت ولاية، ... فكن جرذا فيها تخون وتسرق
فلا تحقرن يا حار شيئا تصيبه، ... فحظّك من ملك العراقين سرّق
فإنّ جميع الناس إمّا مكذّب ... يقول بما يهوى وإمّا مصدّق
يقولون أقوالا بظنّ وشبهة، ... فإن قيل: هاتوا حققوا، لم يحققوا
ولا تعجزن فالعجز أخبث مركب ... فما كل مدفوع إلى الرزق يرزق
وبارز تميما بالغنى، إن للغنى ... لسانا به المرء الهيوبة ينطق
فأجابه حارثة بن بدر بقوله:
جزاك مليك النّاس خير جزائه، ... فقد قلت معروفا وأوصيت كافيا
أمرت بحزم لو أمرت بغيره ... لألفيتني فيه لرأيك عاصيا
ستلقى أخا يصفيك بالودّ حاضرا ... ويوليك حفظ الغيب ما كان نائيا
وسرّق أيضا: موضع بظاهر مدينة سنجار، والآن يسمونه زرّق، بالزاي.
سَرَقُوسَةُ:
بفتح أوّله وثانيه ثمّ قاف، وبعد الواو سين أخرى: أكبر مدينة بجزيرة صقلية، وكان بها سرير ملك الروم قديما، قال بطليموس: مدينة سرقوسة طولها تسع وثلاثون درجة وثماني عشرة دقيقة، وعرضها تسع وثلاثون درجة، داخلة في الإقليم الخامس، طالعها الذراع، بيت حياتها السرطان تحت ثلاث عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قال ابن قلاقس يصف مركبا سار به إلى صقلية:
ثمّ استقلّت بي على علّاتها ... مجنونة سحبت على مجنون
هو جاء تقسم، والرّياح تقودها، ... بالنون إنّا من طعام النّون
حتى إذا ما البحر أبدته الصّبا ... ذا وجنة بالموج ذات غضون
ألقت به النكباء راحة عائث ... قلبت ظهور مشاهد لبطون
وتكلّفت سرقوسة بأماننا ... في ملجإ للخائفين أمين(3/214)
سَرَقَةُ:
بفتح أوّله وثانيه ثمّ قاف، والسّرق: شقق بيض من الحرير، الواحدة سرقة، قال أبو منصور:
وأحسب الكلمة فارسيّة أصلها سره ثمّ عرّبت بزيادة القاف، كما قالوا للخروف برق وأصله بره، وسرقة: أقصى ماء لضبّة بالعالية.
سِرْكانُ:
بالكسر ثمّ السكون، وآخره نون: قرية من أعمال همذان، تنسب إليها سكينة بنت أبي بكر محمد بن المظفر بن عبد الله السركاني، سمعت جزء أبي الجهم من عبد الأوّل وغير ذلك، وذكر إسحاق بن محمد بن المريد الهمذاني الأصل أنّها حدّثت عن أبي الوقت عبد الأوّل.
سَرْكَثُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وكاف مفتوحة، وآخره ثاء مثلثة: من قرى كشّ.
سَرْكُ:
بالفتح ثمّ السكون، وكاف: قرية من قرى طوس بخراسان، ينسب إليها أبو عبد الله محمد بن محمد بن إسحاق بن موسى المخزومي السركي، سمع من جماعة من المتأخرين وأكثر من الأشعار والطرف، روى عنه أبو القاسم أحمد بن منصور السمعاني وغيره، ومات في حدود سنة 520.
سَرْماجُ:
قلعة حصينة بين همذان وخوزستان في الجبال كانت لبدر بن حسنويه الكردي صاحب سابور خواست، وهي من أحصن قلاعه وأشدّها امتناعا.
سُرْمارَى:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وبعد الألف راء: قلعة عظيمة وولاية واسعة بين تفليس وخلاط مشهورة مذكورة. وسرمارى: قرية بينها وبين بخارى ثلاثة فراسخ.
سَرْمَدٌ:
بلفظ السرمد الدائم: موضع من أعمال حلب.
سَرْمَقَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الميم، وقاف، وآخره نون: قرية بهراة وأخرى بسرخس وأخرى بفارس.
السَّرْمَقُ:
بلدة بفارس من كور إصطخر ولها ولاية، وهي أكبر من أبرقوه وأخصب وأرخص سعرا، وهي كثيرة الأشجار.
سُرّ من رَأى:
قال الزجاجي: قالوا كان اسمها قديما ساميرا سميت بسامير بن نوح كان ينزلها لأن أباه أقطعه إيّاها فلمّا استحدثها المعتصم سماها سرّ من رأى، وقد بسط القول فيها بسامرّاء فأغنى، قال أبو عثمان المازني: قال لي الواثق كيف ينسب رجل إلى سرّ من رأى؟ فقلت: سرّيّ يا أمير المؤمنين انسب إلى أوّل الحرفين كما قالوا في النسب إلى تأبّط شرّا تأبّطيّ.
سَرْمِينُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وكسر ميمه ثمّ ياء مثناة من تحت ساكنة، وآخره نون: بلدة مشهورة من أعمال حلب، قيل: إنها سميت بسرمين ابن اليفز بن سام بن نوح، عليه السلام، وقد ذكر الميداني في كتاب الأمثال أن سرمين هي مدينة سدوم التي يضرب بقاضيها المثل، وأهلها اليوم إسماعيليّة.
سَرَنْجَا:
بفتح أوّله وثانيه، وسكون النون، وجيم:
بلدة في نواحي مصر من نواحي الشرقية.
سِرِنْدادُ:
بكسر أوّله وثانيه، وسكون نونه، ودال مكررة: علم لموضع بعينه، عن ابن دريد.
سَرَنْديبُ:
بفتح أوّله وثانيه، وسكون النون، ودال مهملة مكسورة، وياء مثناة من تحت، وباء موحدة، ديب بلغة الهنود: هو الجزيرة، وسرن لا أدري ما هو، قال الشاعر:
وكنت كما قد يعلم الله عازما ... أروم بنفسي من سرنديب مقصدا(3/215)
هي جزيرة عظيمة في بحر هركند بأقصى بلاد الهند، طولها ثمانون فرسخا في مثلها، وهي جزيرة تشرع إلى بحر هركند وبحر الأعباب، وفي سرنديب الجبل الذي هبط عليه آدم، عليه السلام، يقال له الرّهون، وهو ذاهب في السماء يراه البحريون من مسافة أيّام كثيرة، وفيه أثر قدم آدم، عليه السلام، وهي قدم واحدة مغموسة في الحجر طولها نحو سبعين ذراعا، ويزعمون أنّه خطا الخطوة الأخرى في البحر، وهو منه على مسيرة يوم وليلة، ويرى على هذا الجبل في كلّ ليلة كهيئة البرق من غير سحاب ولا غيم، ولا بد له في كل يوم من مطر يغسله يعني موضع قدم آدم، عليه السلام، ويقال: إن الياقوت الأحمر يوجد على هذه الجبال تحدره السيول والأمطار إلى الحضيض فيلقط، وفيه يوجد الماس أيضا، ومنه يجلب العود فيما قيل، وفيها نبت طيب الريح لا يوجد بغيرها، ولها ثلاثة ملوك كلّ واحد منهم عاص على صاحبه، وإذا مات ملكهم الأكبر قطع أربع قطع وجعل كلّ قطعة في صندوق من الصندل والعود فيحرقونه بالنار وامرأته أيضا تتهافت بنفسها على النار حتى تحترق معه أيضا.
سَرَنْدينُ:
قال يحيى بن مندة: سعد بن عبد الله السّرنديني أبو الخير قدم أصبهان وكتب عن عبد الوهاب الكلابي، روى عنه علي بن أحمد السّرنجاني وأبو علي اللّبّاد وغيرهما.
سُرْنُو:
بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ نون: من قرى أستراباذ من نواحي طبرستان، وقيل سرنه، ينسب إليها محمد بن إبراهيم بن محمد بن فرّخان الفرّخاني، قال أبو سعد الإدريسي في تاريخ أستراباذ: سمعته يذكره أنّه من رساتيق أستراباذ من حوالي سرنه أو من سرنه نفسها، كان شيخا فاضلا ورعا ثقة متقنا فقيها وأثنى عليه وقال: رحل إلى العراق وأقام سنين كثيرة ثمّ رجع إلى جرجان ومنها إلى سمرقند وأقام بها محمود الأثر إلى أن مات بها سنة 370 في ربيع الآخر، يروي عن أبي بكر بن أبي داود وعبد الله ابن محمد البغوي ويحيى بن صاعد وجماعة يكثر عددهم كتبوا عنه، والله أعلم.
سُرْنَةُ:
موضع بالأندلس، ينسب إليه فرج بن يوسف السّرني أبو عمر، روى عن يحيى بن محمد ابن وهب بن مرّة بمدينة الفرج وغيره، حدث عنه القاضي أبو عبد الله بن السقّاط.
سَرْوَانُ:
مدينة صغيرة من أعمال سجستان بها فواكه كثيرة وأعناب ونخل، وهي من بست على نحو مرحلتين أحد المنزلين فيروز كند والآخر سروان على طريق بلد الداور.
السَّرَوانُ:
كأنّه تثنية سراة، بفتح ثانيه: محلتان من محاضر سلمى أحد جبلي طيّء.
سَرُوجُ:
فعول، بفتح أوّله، من السرج، وهو من أبنية المبالغة: وهي بلدة قريبة من حرّان من ديار مضر، قالوا: طول سروج اثنتان وستون درجة ونصف وثلث، وعرضها ست وثلاثون درجة، غلب عياض بن غنم على أرضها ثمّ فتحها صلحا على مثل صلح الرها في سنة 17 في أيام عمر، رضي الله عنه، وهي التي يعيد الحريريّ في ذكرها ويبدي في مقاماته، وقيل لأبي حية النميري: لم لا تقول شعرا على قافية الجيم؟ فقال: وما الجيم، بأبي أنتم؟ فقيل له:
مثل قول عمّك الراعي:
ماؤهن يعيج فأنشأ يقول:(3/216)
ولمّا رأى أجبال سنجار أعرضت ... يمينا وأجبالا بهنّ سروج
ذرى عبرة لو لم تفض لتقضقضت ... حيازيم محزون لهنّ نشيج
وقد نسبوا إلى سروج أبا الفوارس إبراهيم بن الحسين ابن إبراهيم بن برية السروجي الخطيب، سمع أبا عبد الله محمد بن أحمد بن حمّاد البصري، روى عنه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي.
سُرُورُ:
مدينة بقهستان، منها أبو بكر محمد بن ياقوت السروري قاضي جنزة يروي عن أبي بكر البخاري المرندي، روى عنه السلفي والسروري الضرير، كتب عنه السلفي أيضا بسرور، قال:
والعجم يقولون جرور، بالجيم، وينسب إليها الجروري.
سَرُوسُ:
أوّله مثل آخره، يجوز أن يكون فعولا من سرس الرجل إذا صار عنّينا لا يأتي النساء، وسروس ربما قيل بالشين المعجمة في أوّله: مدينة جليلة في جبل نفوسة من ناحية إفريقية، وهي كبيرة آهلة، وهي قصبة ذلك الجبل، وأهلها إباضية خوارج، ليس بها جامع ولا فيما حولها من القرى، وهي نحو ثلاثمائة قرية لم يتفقوا على رجل يقدمونه للصلاة، وبين سروس وأطرابلس خمسة أيّام بينهما حصن لبدة.
سَرْوِسْتَانُ:
بكسر الواو: بلد من بلاد فارس يشتمل على قرى وبساتين ومزارع بين شيراز وفسا.
سَرُوعُ:
بخط أبي عامر العبدري: وأقبل أبو عبيدة حتى أتى وادي القرى ثمّ أخذ عليهم الجنينة والأقرع وتبوك وسروع ثمّ دخل الشام.
سَرْوَعَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، وعين مهملة، كذا وجدته مضبوطا، فإن صحّ فإنّه علم مرتجل غير منقول، وقد ذكر أبو منصور أن السّروعة بضم الراء وسكون الواو، وأنّها النّبكة العظيمة من الرمل، والنبكة: الرابية من الطين، هذا لفظه، وقال الأصمعي: سروعة جبل بعينه بتهامة لبني الدّؤل بن بكر، وخبرني من أثق به من أهل الحجاز أن سروعة، بسكون الراء، قرية بمرّ الظهران فيها نخل وعين جارية.
السَّرْوُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، على وزن الغزو، والسّرو: الشرف، والسرو من الجبل: ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل، ومنه سرو حمير لمنازلهم وهو النّعف والخيف، والسرو:
شجرة، الواحدة سروة، والسّرو سخاء في مروءة:
وهو منازل حمير بأرض اليمن، وهي عدة مواضع:
سرو حمير، قال الأعشى:
وقد طفت للمال آفاقه ... عمان فحمص فأوريشلم
فنجران فالسرو من حمير، ... فأيّ مرام له لم أرم؟
وقال عبد الله بن الحارث الهمداني:
وما رحلت من سرو حمير ناقتي ... ليحجبها من دون بيتك حاجب
وسرو العلاة، وسرو مندد، وسرو بين، وسرو سحيم، وسرو الملا، وسرو لبن، وسرو رضعا، ذكره ابن السكيت، وسرو السواد بالشام، وسرو الرّعل بالرمل بجهمة، بينها وبين الماء من كل جهة ثلاث ليال بين فلاة أرض طيّء وأرض كلب، والسرو:
قرية كبيرة ممّا يلي مكّة، وإلى هذه السروات ينسب القوم الذين يحضرون مكّة يجلبون الميرة، وهم قوم غتم بالوحش أشبه شيء، قال طرفة بن العبد يذكر(3/217)
قصة مرقّش:
وقد ذهبت سلمى بعقلك كلّه، ... فهل غير صيد أحرزته حبائله
كما أحرزت أسماء قلب مرقّش ... بحبّ كلمح البرق لاحت مخائله
وأنكح أسماء المراديّ، يبتغي ... بذلك عوف أن تصاب مقاتله
فلمّا رأى أن لا قرار يقرّه، ... وأنّ هوى أسماء لا بدّ قاتله
ترحّل عن أرض العراق مرقّش ... على طرب تهوي سراعا رواحله
إلى السرو، أرض قاده نحوها الهوى، ... ولم يدر أن الموت بالسرو غائلة
فغودر بالفردين، أرض نطيّة، ... مسيرة شهر دائب لا يواكله
فيا لك من ذي حاجة حيل دونها، ... وما كلّ ما يهوى امرؤ هو نائله
لعمري لموت لا عقوبة بعده ... لذي البثّ أشفى من هوى لا يزايله
فوجدي بسلمى مثل وجد مرقّش ... بأسماء إذ لا تستفيق عواذله
قضى نحبه وجدا عليها مرقّش، ... وعلّقت من سلمى خبالا أماطله
ومن حديث عمر، رضي الله عنه: لئن عشت إلى قابل لأسوّينّ بين الناس حتى يأتي الراعي حقه بسرو حمير لم يعرق فيه جبينه. والسرو أيضا: قرية بمصر من كور الدقهلية.
سِرْو:
بكسر أوّله، وباقيه مثل الذي قبله: من قرى مرو، عن العمراني. والسرو: بلد بمصر قرب دمياط عند مفرق النيل إلى أشموم ودمياط.
سِرْيا:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وياء مثناة من تحت: قرية قرب البصرة على طريق واسط في وسط القصب النبطي وفيها من البق ما يضرب به المثل بكثرته، ولولا أنّهم يتخذون الكلل، وهي ثياب كتان يعملونها شبه الخيمة ويشبكونها على الأرض، لتلفوا، ولا يظهر ذلك البق إلّا ليلا، وأما بالنهار فلا يرى، وقال نصر: سريا صقع بالعراق بالسواد قريب من بغداد وقرى وأنهار من طسوج بادوريا.
سَرْياقَوْس:
بليدة في نواحي القاهرة بمصر.
سُرَيجان:
بلفظ تثنية سريج تصغير سرج بالجيم:
من قرى أصبهان.
سرير:
بلفظ السرير الذي ينام عليه أو يجلس عليه:
موضع في ديار بني دارم من تميم باليمامة، قال الحازمي: السرير واد قرب جبل يقال له الغريف فيه عين يقال لها الغريفة، وهذا خطأ من الحازمي، وإنّما اسم الوادي الذي قرب غريف التسرير، أوّله التاء المثناة من فوقها، ذكر هنا ليحذر ولئلا يظن أنّنا أخللنا به، وقد ذكر التسرير بشاهده في موضعه، قال ابن السكيت قول عروة بن الورد:
سقى سلمى، وأين محلّ سلمى، ... إذا حلّت مجاورة السرير
وآخر معهد من أمّ وهب ... معرّسنا فويق بني النّضير
فقالت: ما تشاء؟ فقلت: ألهو ... إلى الإصباح، آثر ذي أثير
بآنسة الحديث، رضاب فيها ... بعيد النّوم كالعنب العصير
قال: السرير موضع في بلاد بني كنانة، وملك السرير(3/218)
مملكة واسعة بين اللان وباب الأبواب، وليس إليها إلّا مسلكين: مسلك إلى بلاد الخزر ومسلك إلى بلاد أرمينية، وهي ثمانية عشر ألف قرية في جبال، قال الإصطخري: والسرير اسم المملكة لا اسم المدينة، وأهل السرير نصارى، ويقال: إن هذا السرير كان لبعض ملوك الفرس، وهو سرير من ذهب، فلمّا زال ملكهم حمل سرير بعض ملوك الفرس، بلغني أنّه من بعض أولاد بهرام جور، والملك إلى يومنا هذا لهم، ويقال إن هذا السرير عمل لملك الفرس في سنين كثيرة، وبين ولاية السرير وسمندر مدينة ذكرت في موضعها نحو فرسخين بينهما هدنة، وكذلك بين السرير والمسلمين هدنة، وإن كان كل واحد منهما حذرا من صاحبه.
السُّرَيرُ:
تصغير السرّ: واد بالحجاز، قال نصر:
السرير قريب من المدينة، قال كثيّر:
حين ورّكن دوّة بيمين ... وسرير البضيع ذات الشّمال
والسّرير أيضا: موضع بقرب الجار، وهي فرضة أهل السفن الواردة من مصر والحبشة على المدينة، والجار بينه وبين المدينة يوم وليلة، وعندي أن كثيّرا أراد بقوله هذا السرير، قال ابن السكيت:
البضيع ظريب عن يسار الجار أسفل من عين الغفاريّين، والسّرير: واد بخيبر، وبخيبر واديان:
أحدهما السّرير والآخر خاص.
سَرِيشٌ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وسكون ثالثه، وآخره شين معجمة، مهمل في كلامهم: وهو اسم موضع، والله أعلم.
سَريعة:
بوزن اسم الفاعل المؤنث، ولفظه من سرع:
اسم عين.
سِرَّيْن:
بلفظ تثنية السرّ الذي هو الكتمان مجرورا أو منصوبا: بليد قريب من مكّة على ساحل البحر، بينها وبين مكّة أربعة أيّام أو خمسة قرب جدّة، ينسب إليها أبو هارون موسى بن محمد بن كثير السرّيني، روى عن عبد الملك بن إبراهيم الجدّي، روى عنه الطبراني وغيره، وفي أعمال صنعاء قرية يقال لها السرّين أيضا.
السُّرَيّةُ:
بضم أوّله، وفتح ثانيه، وياء مشددة: قرية من أغوار الشام.
السَّرِيّ:
بفتح أوّله، بلفظ السريّ الذي هو السخيّ ذو المروءة، السريّ والصفا، بالقصر: نهران يتخلجان من نهر محلّم الذي بالبحرين يسقي قرى هجر كلّها، والله الموفق للصواب.
باب السين والطاء وما يليهما
السِّطَاعُ:
بكسر أوّله، وآخره عين مهملة، وهو عمود البيت، قال القطامي:
أليسوا بالألى قسطوا جميعا ... على النّعمان وابتدروا السّطاعا؟
والسّطاع: موضع في شعر هذيل، وهو جبل بينه وبين مكّة مرحلة ونصف من جهة اليمن، قال صخر الغي يصف سحابا:
أسال من اللّيل أجفانه، ... كأنّ ظواهره كنّ جوفا
وذاك السّطاع خلاف النّجاء ... تحسبه ذا طلاء نتيفا
قالوا: السطاع جبل صغير، والنجاء: السحاب، شبهه بجمل نتف وطلي بالقطران.(3/219)
السّطْحُ:
موضع بين الكسوة وغباغب كانت فيه وقعة للقرمطي أبي القاسم صاحب الناقة في أيّام المكتفي والمصريين، قال بعض الشعراء:
سقى ما ثوى بالقلب من ألم النّزح ... دماء أريقت بالأفاعي وبالسطح
وقال الحافظ: السطح من إقليم بيت لهيا من أعمال دمشق، قال ابن أبي العجائز: كان يسكنه عبد الرحمن بن أبي سفيان بن عمرو، ويقال: عمرو بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب بن أميّة، وقال الحافظ في موضع آخر: عبد الله بن سفيان بن عمرو بن عتبة ابن أبي سفيان بن حرب بن أمية كان يسكن قرية من قرى دمشق تسمى السطح خارج باب توما كانت لجدّه عتبة.
سَطْرَا:
من قرى دمشق، قال ابن منير الطرابلسي يذكر متنزهات الغوطة:
فالقصر فالمرج فالميدان فالشّرف ال ... أعلى فسطرا فجرمانا فقلبين
وقال العرقلة:
سقى الله من سطرا ومقرا منازلا ... بها للنّدامى نضرة وسرور
سَطِيفُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه ثمّ ياء مثناة من تحت، وآخره فاء: مدينة في جبال كتامة بين تاهرت والقيروان من أرض البربر ببلاد المغرب، وهي صغيرة إلّا أنها ذات مزارع وعشب عظيم، ومنها خرج أبو عبد الله الشيعي داعية عبيد الله المسمى بالمهدي.
باب السين والعين وما يليهما
السُّعَافاتُ:
بضم أوّله، وبعد الألف فاء، وآخره تاء مثناة من فوق: موضع في قول المرّار: ألا قاتل الله الأحاديث والمنى وطيرا جرت بين السّعافات والحبر وباقيها في الحبر.
السَّعائِمُ:
محضر لعبشمس بن سعد، وهي نخيل بناحية الأحساء وهجر ممّا يلي السّهلة، وهي قرية لبني محارب من العمود.
السَّعْدانِ:
تثنية سعد ضد النحس: موضع ذكره القتال الكلابي في قوله:
دفعن من السّعدين حتى تفاضلت ... خناذيذ من أولاد أعرج قرّح
سُعْدٌ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وهو عرق نبت طيّب: جبل السّعد. والسّعد أيضا: ماء وقرية ونخل غربي اليمامة، وقال أبو زياد: سعد ماء وقرية ونخل من جانب اليمامة الغربي بقرقرى، وقد ذكره الشعراء فقال الصّمّة بن عبد الله القشيري وقد فارق أهله وافترض في الجند:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بسعد ولما تخل من أهلها سعد؟
وهل أقبلنّ النجد أعناق أينق ... وقد سار مسيا ثمّ صبّحها النّجد؟
وهل أخبطنّ القوم والرّيح طلّة ... فروع ألاء حفّه عقد جعد؟
وكنت أرى نجدا وريّا من الهوى، ... فما من هواي اليوم ريّا ولا نجد
فدعني من ريّا ونجد كليهما، ... ولكنّني غاد إذا ما غدا الجند
وقال جرير:
ألا حيّ الدّيار بسعد، إنّي ... أحبّ لحبّ فاطمة الدّيارا(3/220)
إذا ما حلّ أهلك يا سليمى ... بدارة صلصل شحطوا مزارا
أراد الظّاعنون ليحزنوني، ... فهاجوا صدع قلبي فاستطارا
سَعْدٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: وهو موضع معروف قريب من المدينة، بينهما ثلاثة أميال، كانت غزاة ذات الرقاع قريبة منه، قال نصر: سعد جبل بالحجاز بينه وبين الكيد ثلاثون ميلا وعنده قصر ومنازل وسوق وماء عذب على جادّة طريق كان يسلك من فيد إلى المدينة، قال: والكديد على ثلاثة أميال من المدينة، قال نصيب:
وهل مثل أيّام بنعف سويقة ... عوائد أيّام كما كنّ بالسّعد؟
تمنّيت أنّا من أولئك والمنى ... على عهد عاد ما نعيد ولا نبدي
ودير سعد: بين بلاد غطفان والشام. وحمّام سعد:
في طريق حاجّ الكوفة. ومسجد سعد: على ستة أميال من الزّبيدية بين القرعاء والمغيثة في طريق حاج الكوفة فيه بركة وبئر رشاؤها خمس وثمانون قامة ماؤها غليظ تشربه الإبل والمضطر، ينسب إلى سعد ابن أبي وقّاص، قال ابن الكلبي: وكان لمالك وملكان ابني كنانة بساحل جدّة وبتلك الناحية صنم يقال له سعد، وكان صخرة طويلة، فأقبل رجل منهم بإبل له ليقفها عليه يتبرك بذلك فيها، فلمّا أدناها منه نفرت منه فذهبت في كلّ وجه وتفرّقت عنه، فأسف وتناول حجرا فرماه به وقال: لا بارك الله فيك إلها أنفرت عليّ إبلي! ثمّ انصرف عنه وهو يقول:
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا، ... فشتتنا سعد فلا نحن من سعد
وهل سعد إلّا سخرة بتنوفة ... من الأرض لا تدعو لغيّ ولا رشد؟
سَعَد:
بفتحتين، يجوز أن يكون منقولا من الفعل الماضي من قولهم: سعدك الله لغة في أسعدك الله:
وهو ماء يجري في أصل أبي قبيس يغسل فيه القصّارون.
وسعد: ماء من عمان. وسعد: أجمة مستنقع ماء بين مكّة ومنى، عن نصر جميعه.
السَّعْدِيّةُ:
منزل منسوب إلى بني سعد بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد قرب نزف. والسعدية:
موضع آخر ذكر مع الشقراء فيما بعد، وقال نصر:
السعدية بئر لفئتين من بني أسد في ملتقى دار محارب ابن خصفة ودار غطفان من سرّة الشربّة. والسعدية أيضا: ماء في بلاد بني كلاب. والسعدية: ماء لبني قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب، قال محمد بن إدريس بن أبي حفصة: السعدية لبني رفاعة من التيم وهي نخل وأرض.
السّعْدِيِّينَ:
قرية قرب المهدية، ينسب إليها خلف بن أحمد الشاعر، شاعر مطبوع، تأدّب بإفريقية ودخل مصر، وله شعر معروف جيد، ثمّ مات بزويلة المهدية سنة 414 وقد بلغ ستّا وتسعين سنة، قاله ابن رشيق في الأنموذج.
سِعْرٌ:
بالكسر، والراء: جبل في شعر خفاف بن ندبة.
سَعَوَى:
بفتح أوّله، على وزن فعلى، يجوز أن يكون من قولهم مضت سعوة من اللّيل وسعواء من اللّيل يعني به فوق الساعة، والألف للتأنيث، قال الأعور الشّنّيّ:
على سعوى أو ساكنين الملاويا
سَعْيَا:
بوزن يحيى، يجوز أن يكون فعلى من سعيت:
وهو واد بتهامة قرب مكّة أسفله لكنانة وأعلاه(3/221)
لهذيل، وقيل جبل، قال ساعدة بن جؤيّة الهذلي يصف سحابا:
لمّا رأى نعمان حلّ بكرفئ ... عكر كما لبخ البزول الأركب
العكر: الخمسون من الإبل، ولبخ: ضرب بسنفه الأرض.
فالسدر مختلج وأنزل طافيا ... ما بين عين إلى نباتى الأثأب
الأثأب: شجر.
والأثل من سعيا وحلية منزل، ... والدّوم جاء به الشجون فعليب
أي أنزل السيل الأثأب والدوم والأثل، والشجون:
شعب تكون في الحرار، قال: ومنه الحديث ذو شجون أي ذو شعب، وقالت جنوب أخت عمرو ذي الكلب:
أبلغ بني كاهل عنّي مغلغلة، ... والقوم من دونهم سعيا ومركوب
سَعيد آبَاذ:
بليدة في جبال طبرستان تلي كلار، وكان بها منبر. وسعيدآباذ: قلعة بفارس من ناحية رامجرد من كورة إصطخر على جبل شاهق يسير المرتقي إليها فرسخا، وكانت في الشرك تعرف بقلعة إسفيدباذ، وبها تحصن زياد ابن أبيه أيّام عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، فنسبت إلى زياد مدة، ثمّ تحصن بها في آخر أيّام بني أميّة منصور بن جمهور وكان واليا على فارس فنسبت إليه مدّة فكان يقال لها قلعة منصور، ثمّ تعطّلت مدّة وخربت ثمّ استجدّ عمارتها محمد بن واصل الحنظلي فنسبت إليه وكان واليا على فارس، فلمّا ملك يعقوب بن الليث فارس لم يقدر على فتحها إلّا بأمر محمد بن واصل فخرّبها ثمّ احتاج إليها فأعاد بناءها وجعلها محبسا لمن يسخط عليه.
السّعيدَةُ:
بيت كانت العرب تحجّه، قال ابن دريد:
أحسبه قريبا من سنداد، وقال ابن الكلبي: وهو على شاطئ الفرات، والقولان متقاربان، وقال ابن حبيب: وكانت الأزد يعبدون السعيدة أيضا وكان سدنتها بني عجلان وكان موضعها بأحد.
سُعَيرٌ:
بلفظ التصغير، وآخره راء، قال أبو المنذر:
وكان لعنزة صنم يقال له سعير فخرج جعفر بن خلّاس الكلبي على ناقته فمرّت به وقد عترت عتيرة عنده فنفرت ناقته منه، فأنشأ يقول:
نفرت قلوصي من عتائر صرّعت ... حول السّعير يزوره ابنا يقدم
وجموع يذكر مهطعين جنابة، ... ما إن يجيز إليهم بتكلّم
ويقدم ويذكر: ابنا عنزة، فرأى بني هؤلاء يطوفون حول السعير.
باب السين والغين وما يليهما
سُغْدانُ:
بضمّ أوّله: قرية من نواحي بخارى، عن عليّ بن محمد الخوارزمي.
السُّغْدُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وآخره دال مهملة: ناحية كثيرة المياه نضرة الأشجار متجاوبة الأطيار مؤنقة الرياض والأزهار ملتفّة الأغصان خضرة الجنان تمتد مسيرة خمسة أيّام لا تقع الشمس على كثير من أراضيها ولا تبين القرى من خلال أشجارها، وفيها قرى كثيرة بين بخارى وسمرقند، وقصبتها سمرقند، وربّما قيلت بالصاد، وقد نسب إليه أبو العلاء كامل بن مكرم بن محمد بن عمر بن وردان التميمي السغدي، سكن بخارى وكان يورّق على باب صالح جزره، روى عن الربيع بن سليمان،(3/222)
وقال الشاعر:
وخافت من جبال السّغد نفسي، ... وخافت من جبال خوارزم
وذكر أبو عبد الله المقدسي أن بالسغد اثني عشر رستاقا:
ستة جنوبي النهر، وهي بنجكث ثمّ ورغسر ثمّ ما يمرغ ثمّ سحرقعر ثمّ درغم ثمّ أوفر، وأما الشمالية فأعلاها باركث ثم وريمد ثمّ بورماجر ثمّ كبوذنجكث ثمّ وذار ثمّ المرزبان، ومن مدنها:
كشانية وإشتيخن ودبوسية وكرمينية، والله أعلم.
باب السين والفاء وما يليهما
سَفَا:
موضع من نواحي المدينة، قال ابن هرمة:
أقصرت عن جهلي الأدنى وحلّمني ... زرع من الشّيب بالفودين منقود
حتى لقيت ابنة السعديّ يوم سفا، ... وقد يزيد صباي البدّن الغيد
فاستوقفتني وأبدت موقفا حسنا ... بها وقالت لقنّاص الصّبا: صيدوا
إنّ الغواني لا تنفكّ غانية ... منهنّ يعتادني من حبّها عيد
سَفَارِ:
بوزن قطام، اسم معدول عن مسافر:
منهل قبل ذي قار بين البصرة والمدينة، وهو لبني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، قاله ابن حبيب، قال الفرزدق:
متى ما ترد يوما سفار تجد بها ... أديهم يروي المستجيز المعوّرا
المستجيز: المستسقي، والمعوّر: الذي لا يسقى، وقال المنخّل بن سبيع العنزي في يوم سفار:
لقد نعبت طير الهديل وشحشحت ... غداة سفار بالنّحوس الأشائم
ولاقى بها مرعى الغنيمة مجدبا ... وخيما على المرتاد مرعى الغنائم
أتاها فلاقى بين أرجاء حفرها ... سهام المنايا الضّاريات الحوائم
وكان فيه يوم مشهور من أيّام العرب بين بكر بن وائل وبني تميم فرّ فيه جبر بن رافع فارس بكر ابن وائل فسلبه سلمة بن مرارة التميمي بزّه وقال:
ولما رأى أهل الطّويّ تبادروا ال ... نّجاء وألقى درعه شيخ وائل
وفي كتاب ابن الفقيه: سفار بلد بالبحرين.
سَفَاقُسُ:
بفتح أوّله، وبعد الألف قاف، وآخره سين مهملة: مدينة من نواحي إفريقية جلّ غلاتها الزيتون، وهي على ضفة الساحل، بينها وبين المهدية ثلاثة أيّام وبين سوسة يومان وبين قابس ثلاثة أيّام، وهي على البحر ذات سور، وبها أسواق كثيرة ومساجد وجامع، وسورها صخر وآجرّ، وفيها حمامات وفنادق وقرايا كثيرة وقصور جمّة ورباطات على البحر ومنائر يرقى إليها في مائة وستين درجة في محرس يقال له بطريّة، وهي في وسط غابة الزيتون، ومن زيتها يمتار أكثر أهل المغرب وكان يحمل إلى مصر وصقلية والروم ويكون فيها رخيصا جدّا، يقصدها التجار من الآفاق بالأموال لابتياع الزيت، وعمل أهلها القصارة والكمادة مثل أهل الإسكندرية وأجود، والطريق من سفاقس إلى قيروان ثلاثة أيام ومنها إلى المهدية يومان، ينسب إليها أبو حفص عمر ابن محمد بن إبراهيم البكري السفاقسي المتكلم، لقيه السلفي وأنشده وقال: كان من أهل الأدب وله(3/223)
بالكلام أنس تامّ وبالطب، انتقل إلى مصر وأقام بها إلى أن توفي في شهر ربيع الأوّل سنة 505، وكان يعرف بالذهبي، وكان مولعا بالردّ على أبي حامد الغزّالي ونقض كلامه.
سَفَالُ:
بفتح أوّله، وآخره لام، مشتق من السفل ضد العلو، ويجوز أن يكون مبنيّا مثل قطام، وهي ذو سفال: من قرى اليمن، وقد نسب إليها بعض أهل العلم، منهم: أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الوهاب بن أسعد السفالي، روى عنه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، رواه السمعاني سفال، بكسر أوّله، وبها مات يحيى بن أبي الخير العمراني الفقيه صاحب كتاب البيان في الفقه.
سُفَالَةُ:
آخر مدينة تعرف بأرض الزنج، والحكاية عنهم كما حكينا عن بلاد التبر بأرض جنوب المغرب من أنّهم يجلب إليهم الأمتعة ويتركها التجار ويمضون ثمّ يجيئون وقد تركوا ثمن كلّ شيء عنده، والذهب السفالي معروف عند تجار الزنج.
سَفّانُ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وآخره نون، قال نصر: هو صقع بين نصيبين وجزيرة ابن عمر في ديار ربيعة. وسفّان: ناحية بوادي القرى، وقيل بشين معجمة، عنه أيضا، يجوز أن يكون فعلان من سففت الدواء وأن يكون فعّالا من السفن وهو جلد التمساح، والسفّان: صاحب السفينة.
السَّفْحُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، بلفظ سفح الجبل، وهو أسفله حيث يسفح فيه الماء: وهو موضع كانت به وقعة بين بكر بن وائل وتميم.
وسفح أكلب: قرب اليمامة في حديث طسم وجديس.
سَفَرُ:
بالتحريك، بوزن السفر ضد الإقامة: موضع بعينه، عن أبي الحسن الخوارزمي.
سُفْرَادَن:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وبعد الألف دال مهملة ثمّ نون: من قرى بخارى.
سَفَرْمَرْطَى:
بفتح أوّله وثانيه، وسكون رائه، وفتح الميم، وراء أخرى ساكنة، وطاء مهملة بعدها ألف مقصورة: من قرى حرّان، عن السمعاني.
سَفْطُ أبي جَرْجا:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وجرجا بجيمين بينهما راء الأولى مكسورة: قرية بصعيد مصر في غربي النيل لها نهر مفرد وليست بشارفة على النيل، وكانت بها وقعة بين حباشة صاحب بني عبيد وبين أصحاب المقتدر في سنة 302، فقال فيه ابن مهران قصيدة أوّلها:
وأيّ وقائع كانت بسفط، ... ألا بل بين مشتول وسفط
وقد وافى حباشة في كتام ... بكلّ مهنّد وبكلّ خطّي
وقد حشدوا فمصر دون مصر ... له خرط القتاد وأيّ خرط
سَفْطُ العُرْفَا:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: قرية في غربي نيل مصر من جهة الصعيد ذات نهر مفرد كالتي قبلها.
سَفْطُ القُدورِ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، والقدور جمع قدر: وهي قرية بأسفل مصر، ينسب إليها عبد الله بن موسى السفطي مولى قريش، روى عن إبراهيم بن زبّان بن عبد العزيز، روى عنه ابنه وهب، قال أبو سعد: ورأيت في تاريخ مصر مضبوطا سقط القدور، بالقاف، وهو تصحيف.
سِفْلُ يَحْصِبَ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، ويحصب، بفتح الياء المثناة من تحت، والحاء المهملة(3/224)
الساكنة، والصاد المهملة المكسورة، وآخره باء موحدة، وعلو يحصب أيضا: مخلافان باليمن مضافة إلى يحصب، وهو يحصب بن مالك بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد ابن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب ابن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير.
سَفْعٌ:
من حصون حمير باليمن.
السِّفْلِيّون:
قال الحافظ أبو القاسم في تاريخه: العباس ابن الفضل بن العبّاس بن الفضل بن عبد الله أبو الفضل ابن فضلويه الدينوري سكن دمشق في قرية يقال لها السّفليين، مات في ذي الحجّة سنة 313، حدث عن أبي زرعة الدمشقي والقاسم بن موسى الأشيب وأحمد بن المعلّى بن يزيد ومحمد بن سنان الشيرازي وأحمد بن أصرم المعقلي ومحمد بن العباس السكوني الحمصي ووزيرة بن محمد الحمصي، روى عنه أبو سليمان بن زبر وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وسمع منه أبو الحسين الرازي، قلت أنا: ولعلّ هذه القرية منسوبة إلى سفل يحصب المذكور قبله.
سَفَوَى:
بوزن جمزى: اسم موضع.
سَفَوَانُ:
بفتح أوّله وثانيه، وآخره نون، كأنّه فعلان من سفت الريح التراب وأصله الياء إلّا أنّهم هكذا تكلّموا به، قال أبو منصور: سفوان ماء على قدر مرحلة من باب المربد بالبصرة وبه ماء كثير السافي وهو التراب، قال وأنشدني أعرابي:
جارية بسفوان دارها، ... تمشي الهوينا مائلا خمارها
وسفوان أيضا: واد من ناحية بدر، قال ابن إسحاق:
ولما أغار كرز بن جابر الفهري على لقاح رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وعلى سرح المدينة خرج رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر ففاته كرز ولم يدركه، وهي غزوة بدر الأولى في جمادى الأولى سنة اثنتين، وقال النابغة الجعدي يذكر سفوان وما أراها إلّا سفوان البصرة:
فظلّ لنسوة النّعمان منّا ... على سفوان يوم أرواني
فأردفنا حليلته وجئنا ... بما قد كان جمّع من هجان
السّفُوحُ:
جمع سفح الجبل، وهو عرضه المضطجع:
مدينة عرض اليمامة وما حولها.
سَفْيَانُ:
بوزن سكران: قرية من قرى هراة، قاله أبو الحسن الخوارزمي، وقال أبو سعد: سفيان، بكسر السين، من قرى هراة، ينسب إليها أبو طاهر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الصباح الهروي السفياني عن الحسن بن إدريس، روى عنه البرقاني، وقال ابن طاهر المقدسي: بضم السين من قرى هراة، روى عنه البرقاني والصوري الحافظان وقرأت بالنسبة إلى أبي سفيان بن حرب، وتوفي في حدود سنة 380، عن السمعاني.
سُفَيْرُ:
بلفظ تصغير سفر: قارة بنجد، عن نصر.
السَّفِيرُ:
موضع في شعر قيس بن العيزارة:
أبا عامر إنّا بغينا دياركم ... وأوطانكم بين السّفير وتبشع
سَفِيرَةُ:
بالفتح ثمّ الكسر: ناحية من بلاد طيّء، وقيل: صهوة لبني جذيمة من طيّء يحيط بها الجبل ليس لمائها منفذ بحصن بني جذيمة.
سُفِيُّ السِّبابِ:
بمكة قرب الحجون، والله أعلم بالصواب.(3/225)
باب السين والقاف وما يليهما
سَقَارُ:
بالفتح: منهل قبل ذي قار بين البصرة والمدينة، قاله نصر.
السَّقَاطِيَةُ:
ناحية بكسكر من أرض واسط وقع عندها أبو عبيد الثقفي بالنرسيان صاحب جيوش الفرس فهزّمه شرّ هزيمة.
سُقَامٌ:
يروى بالضم: اسم واد بالحجاز في شعر أبي خراش الهذلي:
أمسى سقام خلاء لا أنيس به ... إلّا السّباع ومرّ الرّيح بالغرف
وقال أبو المنذر: وكانت قريش قد حمت للعزّى شعبا من وادي حراض يقال له سقام يضاهون به حرم الكعبة فجاء به بضم السين، وأنشد لأبي جندب الهذلي ثمّ القردي في امرأة كان يهواها فذكر حلفها له بها:
لقد حلفت جهدا يمينا غليظة ... بفرع التي أحمت فروع سقام
لئن أنت لم ترسل ثيابي فانطلق ... أناديك أخرى عيشنا بكلام
يعزّ عليه صرم أمّ حويرث ... فأمسى يروم الأمر كلّ مرام
سِقَايَةُ رَيْدانَ:
بالراء: بمصر بين القاهرة وبلبيس
سَقْبَا:
بالفتح ثمّ السكون، وباء موحدة: من قرى دمشق بالغوطة، ينسب إليها أبو جعفر أحمد بن عبيد ابن أحمد بن سيف القضاعي السقباني، ذكره أبو القاسم الدمشقي الحافظ في تاريخه، ومات بدمشق سنة 321، كتب عنه أبو الحسين الرازي، وعبد الله بن الحسين بن هلال بن الحسن بن عبد الله بن محمد أبو القاسم بن أبي محمد الأزدي السقباني، سمع أبا عبد الله محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبيد بن سعدان وأبا علي الأهوازي وأبا محمد عبد الله بن الحسين بن عبدان وأبا القاسم بن الفرات ورشأ ابن نظيف وغيرهم، سمع منه أبو الحسين بن عساكر أخو الحافظ أبي القاسم، وذكر أبو محمد بن صابر أنّه صحيح السماع، ولم يكن الحديث من شأنه، وتوفي في ثاني ذي القعدة سنة 506 بقرية سقبا، قال الحافظ: وأجاز لي حديثه.
سَقْرَانُ:
بفتح أوّله، وثانيه ساكن ثمّ راء مهملة، وآخره نون: موضع عجميّ، عن أبي بكر بن موسى.
سَقَرُ:
بفتح أوّله وثانيه، سقرات الشمس شدّة وقعها وحرها: وهو جبل بمكة مشرف على الموضع الذي بنى فيه المنصور القصر، وأمّا سقر اسم النار فقال أبو بكر الأنباري: فيه قولان أحدهما أن نار الآخرة سميت سقر اسما أعجميّا لا يعرف له اشتقاق ويمنعه من الإجراء التعريف والعجمة، ويقال: سميت سقر لأنّها تذيب الأجساد والأرواح، والاسم عربيّ من قولهم: سقرته الشمس إذا أذابته، ومنه الساقور:
وهو حديدة تحمّى ويكوى بها الحمار، فمن قال سقر اسم عربيّ قال منعته الإجراء لأنّه معرفة مؤنث، قال الله تعالى: لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ 74: 28.
سَقَرْمَى:
بلدة بالمغرب قرب فاس، كذا ذكره أبو عبيد البكري، وكان على الحاشية بخط بعض المغاربة اسمها اليوم يقرمى، قال: ولما وصل موسى ابن نصير إلى طنجة مال عياض بن عقبة إلى قلعة يقال لها سقرمى على مقربة من فاس ومال معه سليمان بن أبي المهاجر وسألا موسى الرجوع معهما فأبى وقال:
هؤلاء قوم في الطاعة، فأغلظا له القول حتى رجع(3/226)
فقاتل أهل سقرمى فكان لهم على العرب ظهور، ثمّ تسوّر عليهم عياض بن عقبة من خلفهم في قلعتهم وانهزم القوم واشتدّ القتل فيهم فبادوا وقلّت أوربة، وهي قبيلة من البربر إلى اليوم، فذكر ابن أبي حسّان أن موسى بن نصير لما افتتح سقرمى كتب إلى الوليد بن عبد الملك: إنّه قد صار إليك يا أمير المؤمنين من سبي سقرمى مائة ألف رأس، فكتب إليه الوليد: ويحك أظنّها من بعض كذباتك فإن كنت صادقا فهذا محشر الأمم.
سَقْرَوَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه ثمّ راء مهملة، وواو، وآخره نون: من قرى طوس.
سُقُطْرَى:
بضم أوّله وثانيه، وسكون طائه، وراء، وألف مقصورة، ورواه ابن القطاع سقطراء، بالمدّ، في كتاب الأبنية: اسم جزيرة عظيمة كبيرة فيها عدّة قرى ومدن تناوح عدن جنوبيها عنها، وهي إلى برّ العرب أقرب منها إلى برّ الهند، والسالك إلى بلاد الزّنج يمرّ عليها، وأكثر أهلها نصارى عرب، يجلب منها الصبر ودم الأخوين، وهو صمغ شجر لا يوجد إلّا في هذه الجزيرة ويسمونه القاطر، وهو صنفان: خالص يكون شبيها بالصمغ في الخلقة إلّا أن لونه كأحمر شيء خلقه الله تعالى، والصنف الآخر مصنوع من ذلك، وكان أرسطاطاليس كتب إلى الإسكندر حين سار إلى الشام في أمر هذه الجزيرة يوصيه بها وأرسل إليه جماعة من اليونانيين ليسكنهم بها لأجل الصبر القاطر الذي يقع في الايارجات، فسيّر الإسكندر إلى هذه الجزيرة جماعة من اليونانيين وأكثرهم من مدينة أرسطاطاليس، وهي مدينة اسطاغرا، في المراكب بأهاليهم وسيّرهم في بحر القلزم فلمّا حصلوا بها غلبوا على من كان بها من الهند وملكوا الجزيرة بأسرها، وكان للهند بها صنم عظيم فنقل ذلك الصنم إلى بلاد الهند في أخبار يطول شرحها، فلما مات الإسكندر وظهر المسيح بن مريم، عليه السلام، تنصّر من كان بها من اليونانيّين وبقوا على ذلك إلى هذا الوقت، فليس في الدنيا موضع، والله أعلم، فيه قوم من اليونانيّين يحفظون أنسابهم ولم يداخلهم فيها غيرهم غير أهل جزيرة سقطرى، وكان يأوي إليها بوارج الهند الذين يقطعون على المسافرين من التجار، فأمّا الآن فلا، وقال الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني: وممّا يجاور سواحل اليمن من الجزائر جزيرة سقطرى وإليها ينسب الصبر السقطري، وهي جزيرة بربر ممّا يقع بين عدن وبلد الزنج، فإذا خرج الخارج من عدن إلى بلد الزنج أخذ كأنّه يريد عمان وجزيرة سقطرى تماشيه عن يمينه حتى ينقطع ثم التوى بها من ناحية بحر الزنج، وطول هذه الجزيرة ثمانون فرسخا، وفيها من جميع قبائل مهرة، وبها نحو عشرة آلاف مقاتل، وهم نصارى، ويذكرون أن قوما من بلد الروم طرحهم بها كسرى ثمّ نزلت بهم قبائل من مهرة فساكنوهم وتنصر معهم بعضهم، وبها نخل كثير، ويسقط بها العنبر، وبها دم الأخوين وهو الأيدع والصّبر الكثير، قال: وأما أهل عدن فإنّهم يقولون لم يدخلها من الروم أحد ولكن كان لأهلها الرهبانية ثمّ فنوا، وسكنها مهرة وقوم من الشراة، وظهرت فيها دعوة الإسلام ثمّ كثر بها الشراة فعدوا على من بها من المسلمين وقتلوهم غير عشرة أناسية، وبها مسجد بموضع يقال له السوق.
سَقْطَةُ آلِ أُبَيّ:
نقب في عارض اليمامة، عن الحفصي.
سَقْفٌ:
بلفظ سقف البيت: من جبال الحمى، قال: إلى سقف إلى برك الغماد.(3/227)
سَقْف:
بفتح أوّله، وكذا رأيته في كتاب السكوني مضبوطا، وقال: هو ماء في قبلة أجإ، وفي كتاب نصر: سقف جبل في ديار طيّء، وقيل: بضم السين، وقيل: هو منهل في ديار طيّء بوادي القصّة قاصدا لرمّان، وقيل: ماء لتميم، وقيل: ماء لطيّء بإزاء سميراء عن يسار المصعد إلى مكّة من الكوفة. وسقف أيضا: موضع بالشام، وقيل:
بالمضجع من ديار كلاب، وهو هضاب، كلّه عنه.
سَقْمانُ:
فعلان من السقم، بفتح أوّله، وسكون ثانيه: موضع، قال الشاعر:
رعى القسور الجونيّ من حول أشمس ... ومن بطن سقمان الدّعادع ديما
سُقْيَا:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، يقال: سقيت فلانا وأسقيته أي قلت له سقيا، بالفتح، وسقاه الله الغيث وأسقاه، والاسم السّقيا، بالضم، وسئل كثيّر لم سميت السقيا سقيا؟ فقال: لأنّهم سقوا بها عذبا، حدّثنا عبد العزيز بن الأخضر أنبأنا يحيى بن ثابت بن بندار قال: حدّثنا البرقاني قال: حدثني أبو بكر بن جميل الهروي أنبأنا عبد الله بن عروة أنبأنا صالح بن جزرة قال: قال أحمد بن حنبل عبد العزيز ابن محمد الدراوردي ضعيف الحديث روى عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، كان يستقي الماء العذب من بيوت السقيا، وفي حديث آخر: كان يستعذب الماء العذب من بيوت السقيا، والسقيا:
قرية جامعة من عمل الفرع، بينهما ممّا يلي الجحفة تسعة عشر ميلا، وفي كتاب الخوارزمي: تسعة وعشرون ميلا، وقال ابن الفقيه: السقيا من أسافل أودية تهامة، وقال ابن الكلبي: لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكّة فنزل السقيا وقد عطش فأصابه بها مطر فسماها السقيا، وقال الخوارزمي:
هي قرية عظيمة قريبة من البحر على مسيرة يوم وليلة، وقال الأصمعي في كتاب جزيرة العرب وذكر مكّة وما حولها فقال: السقيا المسيل الذي يفرغ في عرفة ومسجد إبراهيم، وفي كتاب أبي عبيد السكوني:
السقيا بركة وأحساء غليظة دون سميراء للمصعد إلى مكة، وبين السقيا وسميراء أربعة أميال. والسقيا:
قرية على باب منبج ذات بساتين كثيرة ومياه جارية، وهي وقف على ولد أبي عبادة البحتري إلى الآن، وقد ذكرها أبو فراس بن حمدان فقال:
قف في رسوم المستجاب، ... وحيّ أكناف المصلّى
فالجرس فالميمون فالسّق ... يا بها فالنّهر الأعلى
وقال أبو بكر بن موسى: السقيا بئر بالمدينة، يقال:
منها كان يستقى لرسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وسقيا الجزل: موضع آخر مات فيه طويس المخنّث المغني، قال يعقوب: سقيا الجزل من بلاد عذرة قريب من وادي القرى.
سقِيدُنْج:
بالفتح ثمّ الكسر: من قرى مرو، ينسب إليها أبو أحمد عبد الرحمن بن أحمد السقيدنجي، روى عن إبراهيم بن إسماعيل بن نبّال المحبوبي، روى عنه أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السّنجي شيخ شيخنا أبي المظفّر السمعاني.
السَّقيفتان:
قرية لحكم بن سعد العشيرة على أسفل وادي حرض باليمن.
سَقِيفَةُ بني ساعِدَةَ:
بالمدينة، وهي ظلّة كانوا يجلسون تحتها، فيها بويع أبو بكر الصديق، رضي(3/228)
الله عنه، قال الجوهري: السقيفة الصّفّة، ومنه سقيفة بني ساعدة، وقال أبو منصور: السقيفة كلّ بناء سقّف به صفّة أو شبه صفّة ممّا يكون بارزا، ألزم هذا الاسم للتفرقة بين الأشياء، وأما بنو ساعدة الذين أضيفت إليهم السقيفة فهم حيّ من الأنصار، وهم بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو، منهم سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة، وهو القائل يوم السقيفة: منّا أمير ومنكم أمير، ولم يبايع أبا بكر ولا أحدا، وقتلته الجنّ فيما قيل بحوران.
سُقَيّةُ:
بلفظ تصغير سقية، وقد رواها قوم شفيّة، بالشين المعجمة والفاء: وهي بئر قديمة كانت بمكة، قال أبو عبيدة: وحفرت بنو أسد شفية، فقال الحويرث بن أسد:
ماء شفيّة كصوب المزن، ... وليس ماؤها بطرق أجن
قال الزبير: وخالفه عمّي فقال: إنّما هي سقيّة، بالسين المهملة والقاف.
السَّقْيُ:
في تاريخ دمشق: توبة بن عمران الأسدي من ساكني السّقي: موضع: بظاهر دمشق له ذكر في كتاب ابن أبي العجائز، والله أعلم.
باب السين والكاف وما يليهما
سَكّاء:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، والمدّ، وهو في الأصل مؤنّث الأسكّ: وهو الأصمّ، وامرأة سكّاء وشاة سكّاء: لا أذن لها، وسكّاء بهذا اللفظ: اسم قرية بينها وبين دمشق أربعة أميال في الغوطة، قال الراعي يصف إبلا له:
فلا ردّها ربي إلى مرج راهط، ... ولا برحت تمشي بسكّاء في وحل
وقد قصره حسان بن ثابت في قوله:
لمن الدّار أقفرت بمعان، ... بين شاطي اليرموك فالخمّان
فالقريّات من بلاس فداريّا ... فسكّاء فالقصور الدّواني
فقفا جاسم فأودية الصّفّ ... ر مغنى قبائل وهجان
ذاك مغنى من آل جفنة في الده ... ر، وحقّ تعاقب الأزمان
ثكلت أمّهم وقد ثكلتهم ... يوم حلّوا بحارث الجولان
سَكَاب:
وقيل هو علم فرس بوزن قطام: جبل من جبال القبلية، عن الزمخشري.
السَّكَاسِكُ:
هو في لفظ جمع سكسك، ولا أدري ما هو، فهو إذا علم مرتجل لاسم هذه القبيلة التي نسب إليها: مخلاف باليمن، وهو آخر مخاليف اليمن، وهو السّكسك بن أشرس بن ثور، وهو كندة بن عفير ابن عدي بن الحارث بن مرّة بن أدد بن زيد ابن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبا.
سُكاكُ:
موضع باليمن من أرض حضرموت، قال بعض الحضرميين في قصة ذكرت في الأحقاف:
جاب التّنائف من وادي سكاك إلى ... ذات الأماحل من بطحاء أجياد
سُكاكَةُ:
بضم أوّله، قال أبو منصور: السّكاك والسّكاكة الهواء بين السماء والأرض، والسكاكة:
إحدى القريات التي منها دومة الجندل وعليها أيضا سور لكن دومة أحصن وأهلها أجلد.(3/229)
سَكَانُ:
بفتح أوّله، وآخره نون، وكافه مخففة: من قرى الصّغد من أربنجن، ينسب إليها أبو عليّ السكاني، يروي عن سعيد بن منصور، روى عنه إبراهيم بن حمدويه الفقيه الإشتيخني.
سَكْبِيانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحدة، وياء مثناة، وآخره نون: من قرى بخارى، ينسب إليها أبو سعيد سفيان بن أحمد بن إسحاق الزاهد السكبياني البخاري، يروي عن يعقوب بن أبي حيوان وأبي طاهر أسباط بن اليسع، روى عنه أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن أحيد الصّفّار.
سَكَجْكَث:
بفتح أوّله وثانيه، وجيم ساكنة، وكاف مفتوحة، وثاء مثلثة: قرية على أربعة فراسخ من بخارى على طريق سمرقند عند جرغ.
سَكْدَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: بلد على ساحل بحر إفريقية بقرب من قسطنطينية الهواء.
سَكْرَانُ:
بلفظ مذكّر سكرى: موضع في قول الأخطل:
فرابية السّكران قفر فما بها ... لهم شبح إلّا سلام وحرمل
وقال ابن السكيت: السكران واد بمشارف الشام، وقال نصر: السكران واد أسفل من أمج عن يسار الذاهب إلى المدينة، وقيل: السكران جبل بالمدينة.
والسكران: جبل أو واد بالجزيرة. والسكران:
واد بمشارف الشام من جهة نجد، وفيه يقول عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
زوّدتنا رقيّة الأحزانا ... يوم جازت حمولها سكرانا
إن تكن هي من عبد شمس أراها ... فعسى أن يكون ذاك وكانا
أنا من أجلكم هجرت بني بد ... ر ومن أجلكم أحبّ أبانا
ودخلنا الدّيار ما نشتهيها ... طمعا أن تنيلنا أو تدانا
سِكْرُ فَنّاخُسْرَه خُرّه:
من أعمال فارس، أنشأه عضد الدولة في النهر المعروف بالكرّ بين إصطخر وخرّمة على عشرة فراسخ من قصبة شيراز وأجراه على موات كثيرة من الأرض وبنى عليه قرى كثيرة وصيّره رستاقا وافر الدخل وسمّاه باسمه فناخسره خرّه ونقل إليه الناس وعظّمه وفخّمه.
سُكَرُ:
بوزن زفر: موضع بشرقية الصعيد، بينه وبين مصر يومان، كان عبد العزيز بن مروان يخرج إليه كثيرا، وبه مات عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان وأبو بكر بن عبد الله بن مروان، وقال نصيب يرثي عبد العزيز أو ابنه أبا بكر:
أصبت يوم الصّعيد من سكر ... مصيبة ليس لي بها قبل
تالله أنسى مصيبتي أبدا ... ما أسمعتني حنينها الإبل
ولا التبكّي عليه أتركه، ... كلّ المصيبات بعده جلل
لم يعلم النّعش ما عليه من ال ... عرف ولا الحاملون ما حملوا
حتى أجنّوه في ضريحهم ... حيث انتهى من خليله الأمل
والمشهور في الأخبار أن عبد العزيز مات بحلوان قرب مصر.(3/230)
السُّكَرّةُ:
ماء قرب القادسيّة نزله بعض جيش سعد أيّام الفتوح.
سِكْشُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وآخره شين معجمة: محلّة بنيسابور، نسبوا إليها أبا العبّاس حامد بن محمود بن محمد السكشي المعروف بأبي العباس بن كلثوم، سمع محمد بن يحيى الذّهلي وأحمد بن منصور الزّوزني وغيرهما، وتوفي في سنة 321.
سَكْلَكَنْد:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، ولام مفتوحة، وكاف مفتوحة، ونون ساكنة، وآخره دال مهملة: كورة بطخارستان كثيرة الخيرات عامرة الرساتيق، نسب إليها قوم من أهل العلم.
سُكُنْدانُ:
بضم أوّله وثانيه ثمّ نون ساكنة، ودال مهملة، وآخره نون: من قرى مرو.
سَكِنٌ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه: موضع بأرض الكوفة، عن العمراني، قال: وفيه نظر وأخاف أن يكون أراد مسكن.
سِكّةُ اصْطَفانُوس:
السكة لها ثلاثة معان: أولها قوله، عليه السلام: خير المال سكة مأبورة وفرس مأمورة، فالسكة ههنا الطريقة المستوية المصطفّة من النخل، وبذلك سميت الأزقّة سككا لاصطفاف الدور فيها كطريق النخل، والسكة: الحديدة التي يضرب عليها الدينار، والسكة: الحديدة التي تحرث بها الأرض، والمراد ههنا هو الأوّل لأنّه أراد المحلّة التي تصفّف الدور فيها عند عمارتها: وهذا الموضع في البصرة، وأمّا اصطفانوس فرووا عن ابن عباس أنّه قال: الحظوظ المقسومة لا يقدر أحد على صرفها ونقلها عن أماكنها، ألا ترى إلى سكة اصطفانوس كان يقال لها سكة الصحابة نزلها عشرة من أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فلم تضف إلى واحد منهم وأضيفت إلى كاتب نصراني من أهل البحرين وترك الصحابة؟
سكة العَقّار:
موضع في البادية من بلاد بني تميم.
سِكّةُ بني سَمُرَةَ:
بالبصرة منسوبة إلى عتبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، والله أعلم.
سِكّة صَدَقَةَ:
بمرو من محالّها.
سُكَيرُ العبّاس:
بلفظ تصغير السّكر، وهو اسم للسداد الذي تسدّ به فوهة الأنهر: وهي بليدة صغيرة بالخابور فيها منبر وسوق.
باب السين واللام وما يليهما
سَلا:
بلفظ الفعل الماضي من سلا يسلو: مدينة بأقصى المغرب ليس بعدها معمور إلّا مدينة صغيرة يقال لها غرنيطوف ثمّ يأخذ البحر ذات الشمال وذات الجنوب وهو البحر المحيط فيما يزعمون، وعلى ساحل جنوبيه وما سامته بلاد السودان، وسلا:
مدينة متوسطة في الصغر والكبر موضوعة على زاوية من الأرض قد حاذاها البحر والنهر، فالبحر شماليها والنهر غربيها جار من الجنوب وفيه نهر كبير تجري فيه السفن أقرب منه إلى البحر، وفي غربي هذا النهر اختط عبد المؤمن مدينة وسماها المهدية، كان ينزلها إذا أراد إبرام أمر وتجهيز جيش، ومنها إلى مراكش عشر مراحل، وهي من مراكش غربية جنوبيّة.
سِلّى:
بكسر أوّله، وتشديد ثانيه، وقصر الألف:
اسم ماء لبني ضبّة باليمامة، قال بعض الشعراء:
كأنّ غديرها بجنوب سلّى ... نعام قاق في بلد قفار(3/231)
غديرهم: حالهم، كقولهم: جاري لا تستنكري غديري، يريد حالي، وقال أبو الندى: أغار شقيق ابن جزء الباهلي على بني ضبّة بسلّى وساجر، وهما روضتان لعكل، وضبّة وعديّ وعكل وتيم حلفاء متجاورون، فهزمهم وأفلت عوف بن ضرار وحكيم بن قبيصة بن ضرار بعد أن جرح وقتلوا عبيدة بن قضيب الضبّي، وقال شقيق بن جزء:
لقد قرّت بهم عيني بسلّى ... وروضة ساجر ذات العرار
جزيت الملجئين بما أزلّت ... من البؤسى رماح بني ضرار
وأفلت من أسنّتنا حكيم ... جريضا مثل إفلات الحمار
كأنّ غديرهم بجنوب سلّى ... نعام قاق في بلد قفار
سِلّى وَسِلِّبْرَى:
بكسر أوّله وثانيه وتشديده، وقصر الألف، وعن محمد بن موسى: سلّى، بالضم، وفتح اللام: وهو جبل بمناذر من أعمال الأهواز، فذكرته فيما بعد مع سلّبرى، وكانت به وقعة للخوارج مع المهلّب بن أبي صفرة، وسلّبرى، بكسر أوّله وثانيه وتشديده، وباء موحدة، وراء مفتوحة، وألف مقصورة، وقد ذكر فيما بعد عند سليماناباذ إلّا أن هذا الموضع أولى به لأن مجموع اللفظين موضع واحد من نواحي خوزستان قرب جنديسابور، وهي مناذر الصغرى، والوقعة التي كانت بها كانت من أشد وقعة بين الخوارج والمهلّب، كانت أوّلا على المهلّب حتى بلغ فلّه البصرة ونعوه إلى أهلها وهرب أكثر أهل البصرة خوفا من ورود الخوارج عليهم ثمّ ثبت المهلب وضم إليه جمعه وواقعهم وقعة هائلة قتل فيها عبيد الله بن الماخور أمير الخوارج، وكانوا يسمّونه أمير المؤمنين، وسبعة آلاف منهم وبقي منهم ثلاثة آلاف لحقت بأصبهان، وفي ذلك يقول بعض الخوارج:
بسلّى وسلّبرى مصارع فتية ... كرام، وعقرى من كميت ومن ورد
وقال آخر:
بسلّى وسلّبرى مصارع فتية ... كرام، وقتلى لم توسّد خدودها
ووجد بعض بني تميم عبيد الله بن الماخور صريعا فعرفه فاحتزّ رأسه ولم يعلم به المهلّب وقصد به نحو البصرة وجاء المظفر بالبشارة فلقيه في الطريق قوم من الخوارج جاءوا مددا فسألوه عن الخبر وهو لا يعرفهم فأخبرهم بمقتل الخوارج وقال لهم: هذا رأس ابن الماخور في هذه المخلاة، فقتلوا التميميّ ودفنوا الرأس في موضعه وانصرفوا، وولّى الخوارج أخاه الزبير بن الماخور، وقال رجل من الخوارج:
فإن تك قتلى يوم سلّى تتابعت ... فكم غادرت أسيافنا من قماقم
غداة نكرّ المشرفيّة فيهم ... بسولاف يوم المأزق المتلاحم
وقال رجل من أصحاب المهلّب يذكر قتل عبيد الله ابن الماخور:
ويوم سلّى وسلّبرى أحاط بهم ... منّا صواعق لا تبقي ولا تذر
حتى تركنا عبيد الله منجدلا ... كما تجدّل جذع مال منقعر
سِلابُ:
موضع في قول حبيب الهذلي:
ولقد نظرت ودون قومي منظر ... من قيسرون فبلقع فسلاب(3/232)
سَلاحِ:
كأنّه بوزن قطام: موضع أسفل من خيبر، وكان بشير بن سعد الأنصاري لما بعثه النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، إلى يمن وجبار في سرية للإيقاع بجمع من غطفان لقيهم بسلاح. وسلاح أيضا: ماء لبني كلاب شبكة ملحة لا يشرب منها أحد إلّا سلح.
السَّلاسِلُ:
بلفظ جمع السلسة: ماء بأرض جذام، وبذلك سمّيت غزاة ذات السلاسل، وقال ابن إسحاق: اسم الماء سلسل، وبه سميت ذات السلاسل، وقال جران العود:
وفي الحيّ ميلاء الخمار كأنّها ... مهاة بهجل من أديم تعطّف
كأنّ ثناياها العذاب وريقها ... ونشوة فيها خالطتهنّ قرقف
يشبّهها الرّائي المشبّه بيضة ... غدا في الندى عنها الظليم الهجنّف
بوعساء من ذات السّلاسل يلتقي ... عليها من العلقى نبات مؤنّف
وقال الراعي:
ولما علت ذات السلاسل وانتحى ... لها مصغيات للفجاء عواسر
وفي حديث عاصم بن سفيان الثقفي أنّهم غزوا غزوة السلاسل ففاتهم العدوّ فأبطأ ثمّ رجعوا إلى معاوية، قال أبو حاتم بن حبّان عقيب هذا الحديث في كتاب الأنواع: غزوة السلاسل كانت في أيّام معاوية وغزوة ذات السلاسل كانت في أيّام النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قلت: ولا أعلم ما هذه السلاسل.
سُلاطِحُ:
اسم واد في ديار مراد، قال كعب بن الحارث المرادي:
طعنّا الطّعنة الحمراء فيهم، ... حرام رأيهم حتى الممات
عشيّة لا ترى إلّا مشيحا ... وإلّا عوهجا مثل القناة
أبانا بالطويّ طويّ قوم، ... وذكّرنا بيوم سلاطحات
السُّلالِمُ:
بضم أوّله، وبعد الألف لام مكسورة:
حصن بخيبر وكان من أحصنها وآخرها فتحا على رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وقال الفضل بن العباس اللهبي:
ألم يأت سلمى نأينا ومقامنا ... ببطن دفاق في ظلال سلالم؟
السُّلامَى:
بضم أوّله، وآخره مقصور، بلفظ السلامي وهو عظام الكف، قال أبو عبيد: السلامي في الأصل عظم يكون في فرسن البعير، ويقال:
إنّه آخر ما يبقى فيه المخ منه هو والعين: وهو اسم موضع مضافا إليه ذو.
سَلامانُ:
بعد الألف نون، اسم شجر، ويروى بكسر أوّله أيضا: وهو اسم موضع، قال عمرو ابن الأهتم:
فآنست بعد ما مال الرّقاد بنا ... بذي سلامان ضوءا من سنا نار
كلامح البرق أحيانا تطفّفه ... ريح خريق دبور بين أستار
سَلامٌ:
مدينة السلام بغداد، ودار السلام: الجنة، ويجوز أن تكون سميت بذلك على التشبيه أو التفاؤل لأن الجنّة دار السلامة الدائمة، والسلام في اللغة على أربعة معان: مصدر سلّمت سلاما، والسلام: جمع سلامة، والسلام: من أسماء الباري جلّ وعلا، والسلام: اسم شجر، قال ابن الأنباري: سميت بغداد مدينة السلام لقربها من دجلة، وكانت دجلة(3/233)
تسمى نهر السلام، وقد ذكر ما قيل في ذلك في ترجمة بغداد، ونسب إليها سلاميّ. وقصر السلام:
من أبنية الرشيد بالرقّة. وسلام أيضا: موضع قرب سميساط من بلاد الروم، وفي أخبار هذيل:
فخرج حذيفة بن أنس الهذلي بالقوم فطالع أهل الدار من قلّة السلام. والسلام: جبل بالحجاز في ديار كنانة. وذو سلام، وقيل بضم السين: من المواضع النجدية.
سِلامٌ:
بكسر أوّله، والتخفيف: وهو اسم شجر، قال بشر:
بصاحة في أسرّتها السّلام
وهو اسم جنس للحجر أيضا، قال:
تداعين باسم الشّيب في متثلّم ... جوانبه من بصرة وسلام
وقال أبو نصر: السّلام جماعة الحجارة الصغير منها والكبير لا يوحدونها: موضع ماء، قال بشر أيضا:
كأنّ قتودي على أحقب ... تريد نحوضا تؤمّ السّلاما
سُلامُ:
بضم أوّله، وهو مرتجل: موضع عند قصر مقاتل بين عين التمر والشام، عن نصر، وقال غيره:
السّلام منزل بعد قصر بني مقاتل للمغرّب الذي يطلب السماوة.
سَلّامُ:
بالتشديد، وأصله من السلام الذي ذكر آنفا، والتشديد للمبالغة في ذلك: وهو خيف سلّام، قد ذكر في خيف. وسلّام أيضا: قرية بالصعيد قرب أسيوط في غربي النيل، والله أعلم.
السَّلامَةُ:
بلفظ السلامة ضد العطب: قرية من قرى الطائف بها مسجد للنبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، وفي جانبه قبّة فيها قبر ابن عبّاس وجماعة من أولاده ومشهد للصحابة، رضي الله عنهم.
السَّلاميّةُ:
بفتح أوّله، منسوبة: ماء إلى جنب الثّلماء لبني حزن بن وهب بن أعيا بن طريف من أسد، قال أبو عبيد السكوني: السلاميّة ماء لجديلة بأجإ. والسّلاميّة أيضا: قرية كبيرة بنواحي الموصل على شرقي دجلتها، بينهما ثمانية فراسخ للمنحدر إلى بغداد مشرفة على شاطئ دجلة، وهي من أكبر قرى مدينة الموصل وأحسنها وأنزهها، فيها كروم ونخيل وبساتين وفيها عدّة حمّامات وقيساريّة للبز وجامع ومنارة، بينها وبين الزاب فرسخان، وبالقرب منها مدينة يقال لها أثور، خربت، ينسب إليها أبو العباس أحمد بن أبي القاسم بن أحمد السلامي المعروف بضياء الدين ابن شيخ السلامية، ولد بها سنة 546 أو 545 ونشأ بالموصل وتفقه بها وحفظ القرآن وتوجه إلى ديار بكر فصار وزيرا لصاحب آمد قطب الدين سليمان بن قرا أرسلان وبقي عليه مدة، وبنى بآمد مدرسة لأصحاب الشافعي ووقف عليها أملاكه هناك، وكان له معروف وفيه مقصد، وكانت الشعراء تنتابه فيحسن إليهم، ثمّ فسد ما بينه وبين قطب الدين ففارقه وقدم الموصل فأقام بها، وهو الآن حيّ في سنة 621، وعبد الرحمن بن عصمة السلامي، روى عن محمد بن عبد الله بن عمّار، ذكره أبو زكرياء في طبقات أهل الموصل، وأبو إسحاق إبراهيم بن نصر بن عسكر السلامي قاضي السلامية، أصله من العراق، حدّث عن أبي عبد الله الحسين بن نصر بن محمد بن خميس، سمع منه بعض الطلبة ونسبه كذلك، قاله ابن عبد الغنيّ.
السُّلّانُ:
بضم أوّله، وتشديد ثانيه، وهو فعلان من السّلّ، والنون زائدة، قال اللّيث: السلّان(3/234)