أكون أمامك، وأذكر الخوف والطلب فأحب أن أكون خلفك، وأحفظ الطريق يمينا وشمالا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حافيا يطأ الأرض بجميع قدمه، فحمله أبو بكر حتى انتهى إلى الغار فلما وضعه ذهب صلى الله عليه وسلم ليدخل، فقال أبو بكر: والذي بعثك بالحق لا تدخل حتى أدخله فأسبره، فدخل أبو بكر رضي الله عنه يلتمس بيده في ظلمة الغار مخافة أن يكون فيه شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ير شيئا، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانا فيه، فلما أسفر الصبح بعض الإسفار، رأى أبو بكر خرقا في الغار فألقمه قدمه حتى الصباح مخافة أن يخرج منه ما يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهوام وغيره، فلما جاء الطلب وخاف أبو بكر قدم صلى الله عليه وسلم اسم الله على اسمه، فقال:
إِنَّ اللَّهَ مَعَنا.
وموسى عليه السّلام لما قالوا له حين تراءى الجمعان: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) ، فقدم نفسه في الخطاب.
- باب ذكر الهجرة وحديث الغار.
قوله: «فقدم نفسه في الخطاب» :
قال الإمام العارف الشمس ابن اللبان الشافعي معلقا على هذا الشرف:
تأمل رحمك الله في قول موسى عليه السّلام لبني إسرائيل: كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ، وقول نبينا صلى الله عليه وسلم للصدّيق: إِنَّ اللَّهَ مَعَنا.
فموسى خص بشهود المعية ولم يتعد منه إلى أتباعه ونبينا تعدى منه إلى الصديق، ولم يقل معي لأنه أمد أبا بكر بنوره فشهد سر المعية، ومن ثم سرى سر السكينة على أبي بكر، وإلا لم يثبت تحت أعباء هذا التجلي والشهود، وأين معية الربوبية في قصة موسى عليه السّلام من معية الإلهية في قصة نبينا صلى الله عليه وسلم، ذكره القسطلاني في المواهب [1/ 297] .(4/115)
شرف آخر- 30 1382- وهو أنه سبحانه وتعالى ذكر القسم بثلاثة أشياء فقال:
ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (1) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) الاية، حتى قال:
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) الاية، قال صلى الله عليه وسلم: بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق، ولم يجعل ذلك لأحد قبله.
وقال لإبراهيم: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) الاية، وقال لإسماعيل:
إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا الاية، وقال لإدريس: إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا الاية، وقال ليونس: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) الاية، وقال ليحيى:
وَسَيِّداً وَحَصُوراً الاية، وقال: وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (40) الاية، وقال لأيوب: إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ الاية، ولم يذكر القسم على مدح أحد.
شرف آخر- 31 1383- وهو أن الله تعالى أقامه خليفة في أرضه، وقال: كل ممن بايعك فقد بايعني وقد رضيت عنه، قال عزّ وجلّ: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الاية، وكان بالحديبية، ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ الاية.
شرف آخر- 32 1384- وهو أن الله تعالى ذكره فعل فعلا على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسبه إليه من وجه وإلى نفسه من وجه، فقال تعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ
(1382) - قوله: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» :
الحديث يأتي تخريجه في صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1620.(4/116)
وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى، حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب ورمى بها إلى وجوهم وقال: شاهت الوجوه، يعني: قبّحت، فحمل الله ذلك إلى أعينهم وأعمالهم حتى اجتاز بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يروه.
قوله: «حتى اجتاز بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يروه» :
الاية التى أوردها المصنف رحمه الله وإن كان يدخل في معناها ما أورده ليلة خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا، إلّا أن المشهور أنها متعلقة بفعله يوم بدر.
أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1673] من حديث ابن زيد في قوله تعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ الاية، قال: هذا يوم بدر، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم، وحصاة في ميسرة القوم، وحصاة بين أظهرهم فقال: شاهت الوجوه، فانهزموا.
وأخرج ابن جرير في تفسيره [9/ 205] من حديث محمد بن قيس، ومحمد بن كعب القرظي قالا: لما دنا القوم بعضهم من بعض أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه، فدخلت في أعينهم كلهم، وأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلونهم ويأسرونهم، وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزّ وجلّ:
وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الاية.
وقد روي عن ابن المسيب والزهري أنها نزلت في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبي بن خلف بالحربة، أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وأخرجا من حديث عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه أنها نزلت يوم رمى ابن أبي الحقيق بقوسه وهو على فراشه، والاية تحتمل كل هذا.
فأما خروجه مهاجرا إلى المدينة فقد أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3188] رقم 18029، وأبو نعيم في الدلائل، وغيرهما، من حديث محمد ابن كعب القرظي قال: اجتمع قريش وفيهم أبو جهل على باب النبي صلى الله عليه وسلم-(4/117)
شرف آخر- 33 1385- ذكر الله أنبياءه عليهم السّلام فلم يقسم لأحد منهم اسما مشتقا من أسمائه تعالى ذكره، وشق اسم رسوله صلى الله عليه وسلم من الحميد والمحمود: محمّد صلى الله عليه وسلم.
ومدحه عمه أبو طالب، فقال:
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
فبين كرامته.
1386- وروي: أن الله بعث مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي صلى الله وسلم عليهم أجمعين، منهم: ثلثمائة وثلاثة عشر مرسلا، والرسول لا يكون إلّا نبيا، والنبي يكون ولا رسالة له.
- فقالوا على بابه: إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم وبعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده قال: نعم أقول ذلك، وأنت أحدهم، وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الايات: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إلى قوله:
فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ، حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الايات، فلم يبق رجل إلّا وضع على رأسه ترابا، فوضع كل رجل منهم يده على رأسه وإذا عليه تراب فقالوا: لقد كان صدقنا الذي حدثنا، تقدم تخريجه في المعجزات.
(1385) - قوله: «وشق اسم رسوله صلى الله عليه وسلم» :
تقدم ما يتعلق بذلك في باب نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم.
(1386) - قوله: «وروي أن الله بعث» :
روي من مسند أبي أمامة وأبي ذر الغفاري.
أما حديث أبي أمامة فله طريقان، فأخرجه الإمام أحمد [5/ 265- 266]-(4/118)
.........
- من حديث علي بن يزيد- وهو ضعيف لكنه توبع- عن القاسم، عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، وكانوا يظنون أنه ينزل عليه ... الحديث بطوله، وفيه: قال أبو ذر: فقلت يا نبي الله فأي الأنبياء كان أول؟ قال:
آدم عليه السّلام، قال: قلت: يا نبي الله أو نبي كان آدم؟ قال: نعم، نبي مكلم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه روحه، ثم قال له يا آدم قبلا، قال: قلت:
يا رسول الله كم وفّى عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلثمائة وخمسة عشر جما غفيرا، تابعه جعفر بن الزبير، عن القاسم، أخرجه ابن جرير في تاريخه [1/ 150] مختصرا، وقد روي بإسناد آخر على شرط مسلم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 139- 140] رقم 7545، وفي الأوسط- كما في مجمع الزوائد [1/ 196] ، وابن حبان في صحيحه- رقم 2085 موارد- وعثمان بن سعيد في الرد على الجهمية برقم 295، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 268] ، والحاكم في المستدرك [2/ 262] ، وقال: على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، جميعهم من حديث أبي توبة الربيع بن نافع، عن معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي أمامة: أن رجلا قال ولم يسمه، وبعضهم يزيد على بعض في اللفظ.
وبنحو حديث القاسم المتقدم رواه عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر، أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 178، 179] ، والبزار في مسنده [1/ 93 كشف الأستار] رقم 160، والطيالسي في مسنده برقم 478، وابن سعد في الطبقات [1/ 32] ، جميعهم من طرق عن المسعودي، عن أبي عمر الدمشقي، عنه، وبعضهم يزيد على بعض في اللفظ. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 160] : فيه المسعودي، وهو ثقة لكنه اختلط. اهـ.
قلت: رواية وكيع عنه عند الإمام أحمد، وهو ممن سمع منه قبل ذلك.(4/119)
شرف آخر- 34 1387- وهو أن الله تعالى جعله سعادة لأمته لقوله تعالى:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الاية، فجعل رضاه في مبايعة رسوله كما جعل محبته في متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال:
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية، وحين ذكر سبحانه الحواريين لم يذكر لهم فضيلة، ولما وصف أمة محمّد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المنزلة عليهم امتدحهم فقال: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ الاية.
شرف آخر- 35 1388- وهو أن دعوات الأنبياء أكثرها بر، كقول آدم: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا الاية، وكقول نوح: رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي الاية، ورَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً الاية.
فعلّم الله نبيّه صلى الله عليه وسلم فقال: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) الاية، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) الاية، ووَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114) ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) الاية، وزاده تعليما فقال: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ الاية، وقُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الاية.
فاللهمّ اسم يمتنع أن يدعى به غيره، وليس الرب كذلك، لأن العرب تقول: رب الدار، رب الدابة، ولذلك قال الصديق يوسف:
اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ الاية، فهذا تخصيص وشرف لا يشترك فيه غيره صلى الله عليه وسلم.(4/120)
شرف آخر- 36 1389- وهو أنه سبحانه لم يعط رسله إلّا بعد سؤالهم إياه، وأعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم وأمته بغير سؤال فقال: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) ، وقال موسى عليه السّلام: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي.
وجعل أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم وزراءه فقال: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ الاية، وقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ الاية.
1390- قال صلى الله عليه وسلم: لي وزيران في الأرض أبو بكر وعمر، وقال لعلي:
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، وسأل موسى ربه الوزير فقال: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) الاية.
(1389) - قوله: «وهو أنه سبحانه لم يعط رسله إلّا بعد سؤالهم» :
كأنه مكرر، انظر الشرف المتقدم برقم 21.
(1390) - قوله: «لي وزيران في الأرض» :
في الباب عن أبي سعيد الخدري، وابن عباس، وأبي ذر الغفاري، وأنس بن مالك.
أما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه الترمذي في المناقب برقم 3680، وابن عدي في الكامل [2/ 517] ، والحاكم في المستدرك [2/ 264] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 119- 120، 120 مرتين] من طرق عن عطية العوفي عنه مرفوعا: ما من نبي إلّا وله وزيران من أهل السماء، ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر.
قال الترمذي: حسن غريب.
وأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 264] ، وابن عساكر في تاريخه-(4/121)
شرف آخر- 37 1391- وهو أنه تعالى ذكره جعل فعل الرسول فعل نفسه، وفعل نفسه فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ الاية، وقال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ.
وقال: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى الاية، ثم جعل أمر التحريم والتحليل إليه ولم يجعل ذلك لأحد قبله، وهو أن الحرم أحل له حتى دخل محاربا وغير محارب.
-[30/ 119] من وجه آخر عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، وقال:
صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 179] رقم 11422، والخطيب في تاريخه [3/ 298] ، ومن طريقه ابن عساكر [44/ 62] ، كلاهما من حديث عطاء، عن ابن عباس، نحوه، وفي إسنادهما محمد بن مجيب الثقفي كذبه ابن معين.
وله طريق أخرى، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 167- 168 كشف الأستار] رقم 2491، وبحشل في تاريخ واسط [/ 185، 230- 231] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 121] ، [44/ 62- 63، 63] ، جميعهم من طرق ضعيفة عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، نحوه.
تابعه مالك بن مغول، عن مجاهد، أخرجه ابن عساكر [44/ 63- 64] ، بإسناد فيه عبد الرحمن بن مالك بن مغول اتهم بالكذب والوضع.
وأما حديث أبي ذر، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [44/ 65] من طريق سهل بن زنجلة، أنا عبد الرحمن بن عمر، أنا محمد بن علي بن الحسين الأزدي، حدثني الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن أبي ذر مرفوعا: إن-(4/122)
1392- قال صلى الله عليه وسلم: لم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من النهار.
1393- وحين قيل له إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة قال:
اقتلوه، فجعله حلّا وهو حول الكعبة.
1394- وجعل صلى الله عليه وسلم دار أبي سفيان حرما وهو بعيد من البيت فقال:
من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
- لكل نبي وزيرين، ووزيراي أبو بكر وعمر.
وأما حديث أنس فأخرجه ابن عساكر [44/ 65] من طريق محمد بن ثابت، عن أبيه، عن أنس مرفوعا: وزيراي من أهل السماء: جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض: أبو بكر وعمر.
(1392) - قوله: «وإنما أحلت لي ساعة» :
حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام عام الفتح فقال: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليهم رسوله والمؤمنين ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي ...
الحديث في الصحيحين، وقد خرجناه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 2763.
(1393) - قوله: «إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة» :
أخرجاه من حديث أنس، وخرجناه في فتح المنان تحت رقم 2069، 2070، 2613.
وتقدم تخريج حديث من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، عند الكلام على فتح مكة حرسها الله تعالى.
(1394) - قوله: «من دخل دار أبي سفيان» :
تقدم في فتح مكة من أبواب المغازي.(4/123)
شرف آخر- 38 1395- وهو أنه سبحانه فوض إليه صلى الله عليه وسلم بعض شرائعه بتسديد الله إياه في قوله: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ الاية، وقال للأمم السالفة: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا الاية، إلى قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ، ثم خاطب أهل الإنجيل فقال عزّ وجلّ:
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (47) ، فجعل تارك الحكم بالتوراة ظالما وبالإنجيل فاسقا وبالقرآن كافرا، فرقا بين الحكم بالقرآن والحكم بالتوراة والإنجيل.
شرف آخر- 39 1396- وهو أنه عزّ وجلّ جعل التشديد والثقل على الأمم المتقدمة، وجعل التسهيل والتيسير للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته فقال: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ الاية، وقال: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6) ، فجعل اليسرين مع عسر واحد.
(1396) - قوله: «فجعل اليسرين مع عسر واحد» :
قال الإمام البخاري رحمه الله في تفسير هذه الاية من صحيحه:
قال ابن عيينة: إن مع ذلك العسر يسرا آخر كقوله تعالى: هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ الاية، ولن يغلب عسر يسرين. اهـ.
قال الحافظ في الفتح: وهذا مصير من ابن عيينة إلى اتباع النحاة في قولهم إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وموقع التشبيه: أنه كما ثبت للمؤمنين تعدد الحسنى كذلك ثبت لهم تعدد اليسر، أو أنه ذهب إلى أن المراد بأحد اليسرين الظفر وبالاخر الثواب فلا بد للمؤمن من أحدهما.(4/124)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يغلب عسر يسرين، ذلك أن العسر ذكره مرتين ومعناه مرة واحدة، لذكره إياه معرفا بلام التعريف فهو مرة واحدة، أما اليسر فذكره منكرا، فيكون يسرين.
قوله: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» :
روي من حديث أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله موصولا، ومن حديث قتادة والحسن البصري مرسلا، وروي موقوفا من قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود.
أما حديث أنس، فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3446] رقم 19395 من طريق عائذ بن شريح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا وحياله حجر فقال: لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه، فأنزل الله عزّ وجلّ: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6) ، قال ابن كثير: قال أبو حاتم الرازي: عائذ في حديثه ضعف.
وأخرجه أيضا أبو بكر البزار في مسنده [3/ 81 كشف الأستار] رقم 2288، وقال: لا نعلم رواه عن أنس إلّا عائذ بن شريح، والطبراني في معجمه الأوسط [2/ 315] رقم 1548، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه عائذ بن شريح وهو ضعيف.
وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه ابن مردويه بإسناد ضعيف كما في الفتح [8/ 582] .
وأما المرسل: فأخرجه ابن جرير في تفسيره بإسناد على شرط الصحيح [30/ 236] من حديث قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشّر أصحابه بهذه الاية، فقال: لن يغلب عسر يسرين إن شاء الله.
وأخرج الحافظ عبد الرزاق في مصنفه [2/ 380 التفسير] ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [2/ 528] ، وابن جرير في تفسيره [30/ 236] ، بإسناد جيد من حديث عوف ومعمر ويونس، جميعهم عن الحسن في هذه-(4/125)
وقال عز ذكره في التشديد على الأمم المتقدمة لموسى: وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها الاية، ثم قال: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ الاية، وقال: يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ الاية.
وقال في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) ، وقال في شأن أمته: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الاية، ورفع عنهم تلك الشدائد والأغلال حيث قال:
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ الاية.
- الاية قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فرحا مسرورا وهو يقول: لن يغلب عسر يسرين، لن يغلب عسر يسرين: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6) ، وفي رواية: أبشروا أتاكم اليسر، لن يغلب عسر يسرين.
* خالفهم المبارك بن فضالة- وهو دونهم في الثقة- فأوقفه، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3446] رقم 19396.
وأما الموقوف: فقال الحاكم في المستدرك [2/ 528] : قد صحت الرواية عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب. اهـ.
قال الحافظ في الفتح: كتب عمر إلى أبي عبيدة: مهما ينزل بامرئ من شدة يجعل الله له بعدها فرجا، وإنه لن يغلب عسر يسرين، وهو في الموطأ عن عمر لكن من طريق منقطع.
وأخرجه عبد بن حميد في مسنده- كما في الفتح- من حديث معاوية ابن قرة، عن ابن مسعود، وابن جرير في تفسيره كذلك [30/ 236] ، وأخرجه من وجه آخر أيضا من حديث شعبة، عن رجل، عن ابن مسعود، جوّد الإسناد الأول الحافظ في الفتح.(4/126)
شرف آخر- 40 1397- وهو أنه سبحانه جعل رزقه طيبا مما أعطاه إياه، ولم يفرق بين ملكه وملك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ الاية، وقال: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ الاية، فجعل خمس الخمس من الغنيمة، وأربعة أخماس الفيء وخمس خمسه مخصوصان بطعمته صلى الله عليه وسلم، وهي من أطيب الوجوه.
1398- قال صلى الله عليه وسلم: جعل رزقي في ظل سيفي، وقال للأنبياء عليهم السّلام:
كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً، فبعضهم يكتسب وبعضهم يرعى بأجره، وغير ذلك.
(1398) - قوله: «جعل رزقي في ظل سيفي» :
روي من حديث ابن عمر، وأنس بن مالك، وأبي هريرة.
أما حديث ابن عمر، فعلقه البخاري في الجهاد، باب ما قيل في الرماح، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 50، 92] ، وأبو داود برقم 4031 بلفظ مختصر، وابن أبي شيبة في المصنف [5/ 313] ، وعبد بن حميد في مسنده [المنتخب- رقم 846] ، وابن الأعرابي في معجمه [2/ 577] رقم 1137، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 75] رقم 1199، جميعهم من حديث ابن ثوبان، ثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر به، وعزاه الحافظ ابن حجر أيضا: لأبي يعلى الموصلي، والطبراني.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 49] : فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وثقه ابن المديني وأبو حاتم، وضعفه أحمد وغيره، وباقي رجاله ثقات.
وأما حديث أنس، فأخرجه أبو نعيم في ترجمة أحمد بن محمود من تاريخ أصبهان [1/ 129] : ثنا الحجاج بن يوسف بن قتيبة، ثنا بشر بن الحسين الأصبهاني، ثنا الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك به، قال الحافظ ابن حجر: إسناده ساقط. -(4/127)
شرف آخر- 41 1399- وهو أن الملائكة كانت تنزل وتحارب العدو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- نعم، ورواه الأوزاعي فاختلف عليه فيه على ألوان:
1- فرواه عنه الوليد بن مسلم كرواية الجمهور، عن ابن ثوبان، عن حسان بن عطية، أخرجه الطحاوي في المشكل [1/ 213 سقط من المحقق المطبوع عبد الرحمن بن ثوبان] رقم 231.
2- ورواه ابن المبارك، عنه، عن سعيد بن جبلة، عن طاوس مرسلا، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [5/ 322] القضاعي في مسند الشهاب برقم 390 مقتصرا على طرفه الأخير الوارد في حديث أنس: من تشبه بقوم فهو منهم.
قال الحليمي في المنهاج [2/ 7] معلقا على الحديث: فلو كان انتظار الرزق بالصبر والصمت أفضل من طلبه- بما أذن الله تعالى فيه- لما حرم الله رسوله أفضل الوجهين.
وقال الإمام الغزالي رحمه الله معلقا: الأنبياء عليهم السّلام أشرف مخلوق على وجه الأرض، وقد هدى الله بهم سائر الخلق وتمم بهم حكمته، وأعلاهم رتبة نبيّنا صلى الله عليه وسلم إذ أكمل الله به الدين وختم به النبيين، قال: ويلي الأنبياء: العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، فإنهم في أنفسهم صالحون، وقد أصلح الله بهم سائر الخلق، قال: ثم يليهم السلاطين بالعدل لأنهم أصلحوا دنيا الخلق كما أصلح العلماء دينهم، قال: ولاجتماع الدين والملك والسلطنة لنبينا محمّد صلى الله عليه وسلم كان أفضل من سائر الأنبياء، فإنه أكمل الله به صلاح دينهم ودنياهم إذ لم يكن السيف والملك لغيره من الأنبياء. اهـ. باختصار.
(1399) - قوله: «وهو أن الملائكة كانت تنزل وتحارب» :
قال الحليمي رحمه الله في المنهاج في معرض بيان أدلة أفضليته: ووجه سادس وهو أن من ينزل عليه الملك كرامة له إذ كان أفضل ممن لم ينزل عليه، وحسب أن يكون من ينزل عليه فيتجاوز مكالمته إلى مقاتلة-(4/128)
وقد ذكر الله محاربة الأنبياء مع أعدائهم ولم يذكر إنزال الملائكة فقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إلى أن قال:
وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ الاية، وذكر موسى ولم يذكر إنزال الملائكة وأنها قاتلت معه.
وذكر محمّدا صلى الله عليه وسلم، فقال: يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ الاية، وقال في موضع آخر: إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ الاية، وقال جلّ ذكره: بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ الاية، وقال: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ الاية، وقال: وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها الاية، فذكر الملائكة ولم يكن ذلك إلّا له صلى الله عليه وسلم.
1400- وروي: أنه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحزاب وضع لأمته وسلاحه، فنزل جبريل عليه السّلام وقال: يا محمد، أتضع سلاحك ونحن معشر الملائكة لم نضع الأسلحة؟! فخرج إلى بني قريظة وبني النضير.
- المشركين عنه حتى يظفره الله عليهم أفضل ممن لا يكون من الملك إلّا إبلاغ الرسالة إياه ثم الانصراف عنه، ومعلوم أن هذا لم يكن إلّا لنبيّنا صلى الله عليه وسلم، فينبغي أن يكون لذلك أفضل الأنبياء صلوات الله عليهم.
وقال البيهقي في الشعب: أما قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم فإنها كرامة خالصة عرّضه الله لها بفضله دلالة على نفاسة قدره وعظيم منزلته.
(1400) - قوله: «وروي أنه لما رجع» :
أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب المغازي، باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، رقم 4117، وفي الجهاد، باب جواز قتل من نقض العهد، وأخرجه مسلم في الجهاد-(4/129)
1401- وروي أن بعض الصحابة قال: يا رسول الله شددت على رجل من المشركين لأقتله فسمعت صوتا من الهواء يقول: أقدم حيزوم، فسبقني وقتل الرجل، قلت: فمن حيزوم؟ فقال صلى الله عليه وسلم:..........
- والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، رقم 1769 كلاهما من حديث عائشة.
وأخرج البخاري في المغازي بعد روايته قول جبريل عليه السّلام للنبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس قال كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق بني غنم موكب جبريل حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة.
(1401) - قوله: «أقدم حيزوم» :
أخرج مسلم في الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة من حديث أبي زميل، عن ابن عباس في قصة بدر: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقت، ذلك مدد من السماء الثالثة، فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين، اختصره أبو داود، والترمذي، وأخرجه البيهقي في الدلائل [3/ 52] .
وقال ابن إسحاق في سيرته [1/ 633- ابن هشام] : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عمن حدثه عن ابن عباس عن رجل من بني غفار قال:
حضرت أنا وابن عم لي بدرا ونحن على شركنا، وإنا لفي جبل ننتظر الواقعة على من تكون الدائرة، فأقبلت سحابة فلما دنت من الجبل سمعنا منها حمحمة الخيل، وسمعنا قائلا يقول: أقدم حيزوم، قال: فأما صاحبي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه، وأما أنا فكدت أهلك، ثم تماسكت. أخرجه ابن جرير في تفسيره [4/ 77] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 53] ، وأبو نعيم برقم 403 جميعهم من طريق ابن إسحاق، به.(4/130)
حتى أسأل جبريل عليه السّلام، فلما نزل سأله عنه فقال: ما كل خلق الله أعرفه، فهذه منقبة ومنزلة لم تذكر لأحد من الأنبياء قبله دل على شرف منزلته.
1402- وروي عن بعض الصحابة أنه قال: كنا نقصد الرجل من المشركين فقبل أن تصل إليه سيوفنا نرى رأسه ملقى بين أيدينا.
قوله: «حتى أسأل جبريل» :
أخرجه الواقدي في مغازيه [1/ 77] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 57] ، من حديث خارجة بن إبراهيم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: من القائل يوم بدر من الملائكة: أقدم حيزوم؟ فقال جبريل:
يا محمد ما كل أهل السماء أعرف! فيحتمل أن يكون هذا قبل أن يعلمه الله، لما تقدم قبله في رواية مسلم والله أعلم.
(1402) - قوله: «وروي عن بعض الصحابة» :
أخرج الحاكم في المستدرك [3/ 409] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 56] ، وأبو نعيم- كما في الخصائص الكبرى [1/ 501]- من حديث أبي أمامة بن سهل، قال: قال لي أبي: يا بني لقد رأيتنا يوم بدر، وإن أحدنا يشير بسيفه إلى رأس الشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه، صححه الحاكم، وأقره الذهبي في التلخيص.
وأخرج ابن إسحاق في السيرة [1/ 633] ، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [5/ 450] ، وابن جرير في تفسيره [4/ 77] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 56- وتصحفت الكنية في المطبوع إلى: أبي واقد] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 404، قال ابن إسحاق: حدثني أبي:
إسحاق بن يسار، عن رجال من بني مازن بن النجار، عن أبي داود المازني- وكان شهد بدرا- قال: إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه إذ رفع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري. -(4/131)
شرف آخر- 42 1403- وهو انتصار الله له ممن يؤذيه- وإن كانت امرأة- لأن الله تعالى ذكر امرأة نوح وامرأة لوط فقال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً الاية، فذكر الله خيانتهما والأذى بلسانيهما، ولا يجوز لامرأة نبي أن ترتكب المحظور، أما امرأة نوح فكانت تقول: هذا مجنون، وأما امرأة لوط فكانت تخبر المشركين بأضيافه.
فلما ذكر الله تبارك وتعالى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (4) زجرا لنسائه عن التظاهر عليه، ومراجعته ومخالفته، ورفعة لمنزلته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ إلى قوله: وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً، وقال: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ إلى قوله: وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً الاية، وقال: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ الاية.
- وأخرج الواقدي في المغازي [1/ 78- 79] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 57- 58] ، من حديث رافع بن خديج، عن أبي بردة بن نيار، قال: جئت يوم بدر بثلاثة رؤوس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت:
يا رسول الله أما رأسان فقتلتهما، وأما الثالثة فإني رأيت رجلا أبيض طويلا ضربه، فأخذت رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك فلان من الملائكة.(4/132)
شرف آخر- 43 1404- في قوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) الاية، وقوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً الاية، يحمده الأولون والاخرون لأن ذلك مقام الشفاعة،.......
(1404) - قوله: «يحمده الأولون والاخرون» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 398] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 98- 99] ، وابن جرير في تفسيره [15/ 146] ، والحاكم في المستدرك [2/ 364] ، والبزار، جميعهم من حديث ابن مسعود- وهذا لفظ الإمام أحمد-: في حديث: وإني لأقوم المقام المحمود يوم القيامة، فقال الأنصاري: وما ذاك المقام المحمود؟ قال: ذاك إذا جيء بكم عراة حفاة غرلا، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السّلام يقول: اكسوا خليلي، فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما، ثم يقعد فيستقبل العرش، ثم أوتى بكسوتي فألبسهما، فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه أحد غيري فيغبطني الأولون والاخرون ... الحديث في إسناد الجميع عثمان بن عمير ضعفه الجمهور، قال الحافظ الذهبي: باقي رجاله ثقات.
قوله: «لأن ذلك مقام الشفاعة» :
روي هذا عن أبي هريرة، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 441، 442] ، والترمذي برقم 3137، وقال: حسن، وابن جرير في تفسيره [15/ 145، 146] .
وروي عن ابن عباس، أخرجه ابن جرير في تفسيره [15/ 144] ، والطبراني في معجمه كما في الدر المنثور [5/ 324] .
وأخرجه ابن مردويه من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الدر المنثور [5/ 325] .
وأخرج الإمام البخاري في التفسير من صحيحه، باب قوله تعالى: -(4/133)
والكوثر نهر في الجنة، وفيه أن بعض الكفار عابه بأنه أبتر وينقطع ذكره عند موته فأحزن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الاية تسلية له، ثم قال في آخر السورة بعد أن قال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ الاية، اشتغل بي، واشكر لي ولا تجبهم فإني أجيبهم عنك إن الذي عابك هو الأبتر، وهذا كما قال: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (1) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ الاية، لما عابوه بأنه كاهن ومجنون، وكما قال بعد القسم:
وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى الاية، وذلك حين زعمت الجهال عند انقطاع الوحي عنه أياما تأديبا له وتهذيبا لأخلاقه، قالوا: إنّ محمدا قلاه ربه فقال: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) ، فأجابهم كما شاء.
- عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً الاية، عن ابن عمر قال: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود، موقوف له حكم الرفع.
وانظر التعليق على النص رقم 1483.
قوله: «والكوثر نهر في الجنة» :
ورد وصفه في أحاديث مخرجة في الصحيحين وغيرهما، وألفت فيها الكتاب والرسائل، قال غير واحد: أحاديث الحوض بلغت حد التواتر.
قوله: «وفيه أن بعض الكفار عابه» :
راجع شرف رقم 26.
قوله: «حين زعمت الجهال عند انقطاع الوحي» :
تقدم الكلام على هذا في أول الكتاب عند مبتدأ الوحي والرسالة.(4/134)
1405- فمنهم أبو لهب حين قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة بمكة وجمع قريشا فقال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب:
ألهذا جمعتنا! تبا لك.
فأنزل الله تعالى وأجابه عنه فقال: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) ، فذكره وذكر امرأته وأجابه بواحدة ستة.
شرف آخر- 44 1406- وهو أن الله تعالى جعله رحمة للناس ورحمة للعالمين فقال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (107) الاية، وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً الاية، ثم بيّن ما للمؤمنين وما للكافرين فقال: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ الاية، وقال: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها الاية.
فجعله سببا لنجاة المؤمنين، ثم لما نجاهم وأنقذهم لا يردهم إلى النار، هذا للمؤمنين. وقال للكافرين: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) الاية، يعني: ما دمت نبيهم يا محمد فإن الله لا يعذبهم، ولا يعذبهم أيضا وفي أصلابهم (1405) - قوله: «فقال أبو لهب» :
أخرجه البخاري في تفسير سورة تبت، رقم 4971، 4972، ومسلم في الإيمان، باب قوله تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) رقم 355، 356، كلاهما من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس، بنحوه.(4/135)
مؤمن يستغفر، وذلك حين ذكر المتقدمين من الكفار فقال: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ الاية، وذكر موسى وما دعا على قومه: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ الاية، ففعل وجعل سكّرهم حجرا، وأنزل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع، فلما قال جهّال قريش: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ الاية، قال الله عزّ وجلّ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ الاية، وهذا بيّن في رحمته للمؤمنين والكافرين، وشرف لا يشاركه فيه أحد من الأنبياء.
قوله: «فلما قال جهال قريش» :
أخرج الإمام البخاري في التفسير من صحيحه من حديث أنس أن أبا لهب قال: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ الاية، قال: فنزلت: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ الاية.
قوله: «وشرف لا يشاركه فيه أحد من الأنبياء» :
ذلك أن الله تعالى عذب أمم من تقدم من الأنبياء في حياة رسلهم وأنبيائهم أمام أعينهم، وشرف نبيّه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يهلك أمته في حضرته، ولن يهلك جميعها بعده لأسباب إلهية رتبها بحكمته، وجعلها مرتبطة بنبيه لما منّ عليه بفضله وخصه بكرمه، بينت ذلك وأوضحته جملة من الأحاديث المروية:
منها: ما أخرجه الترمذي في التفسير من جامعه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ الاية، قال: أنزل الله عليّ أمانين لأمتي: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ
-(4/136)
.........
- فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) ، إذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة، قال الترمذي: غريب، وإسماعيل بن مهاجر يضعف في الحديث، وأخرجه موقوفا على أبي موسى بنحوه: ابن جرير في تفسيره، والحاكم في المستدرك، وموقوفا على أبي هريرة: الحاكم في المستدرك، والبيهقي في الشعب، وموقوفا على ابن عباس: البيهقي في الشعب.
ومنها: ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ثوبان: وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة، وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من أقطارها ... الحديث، وفي حديث عمرو بن قيس عند الدارمي: وإن الله وعدني في أمتي وأجارهم من ثلاث: لا يعمهم بسنة، ولا يستأصلهم عدو، ولا يجمعهم على ضلالة.
ومنها: ما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه من حديث أبي موسى مرفوعا:
إن الله إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا يشهد له ... الحديث.
ومنها: ما أخرجه البزار من حديث ابن مسعود مرفوعا: حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم، تعرض أعمالكم عليّ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم، جودّه الحافظ العراقي، في الجنائز من طرح التثريب، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد، والسيوطي في الخصائص وغيرهم.(4/137)
شرف آخر- 45 1407- قوله عزّ وجلّ: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (2) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (4) الاية، وذلك حين قالوا: إنه ليس بوحي وإنه لسحر، فأقسم سبحانه بالنجم الذي في السماء.
شرف آخر- 46 1408- وهو في قوله تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية، يعني: بل هو أدنى من ذلك، وهذه مرتبة خص الله بها محمّدا صلى الله عليه وسلم، لم يشركه فيها أحد من أنبيائه، وليس المراد هنا تقريب المكان وإنما هو تقريب الجاه، يقال: فلان قريب من فلان ينظره بعينه، أراد جاهه عنده.
(1407) - قوله: «فأقسم سبحانه بالنجم» :
انظر الشرف المتقدم برقم 23.
(1408) - قوله: «وإنما هو تقريب الجاه» :
روى نحوه عن جعفر بن محمد، ذكره القاضي عياض في الشفا فقال: قال جعفر بن محمد- يعني في قوله تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ الاية-: الدنو من الله لا حد له، انقطعت الكيفية عن الدنو، ألا ترى كيف حجب جبريل عن دنوه، ودنا محمد إلى ما أودع قلبه من المعرفة والإيمان، فتدلى بسكون قلبه إلى ما أدناه، وزال عن قلبه الشك والارتياب؟.
قال القاضي عياض: اعلم أن ما وقع من إضافة الدنو والقرب هنا من الله أو إلى الله فليس بدنو مكان ولا قرب مدى، بل كما ذكرنا عن جعفر بن محمد الصادق ليس بدنو حد، وإنما دنو النبي صلى الله عليه وسلم من ربه وقربه منه إبانة-(4/138)
شرف آخر- 47 1409- وهو أن الله تعالى حكم له بتمام الأعمال، وجعل الزيادة نافلة له فقال عز من قائل: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ الاية، والنافلة لا تكون إلّا زيادة على الفرض، وذكر إبراهيم فقال: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ الاية، وقال: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى الاية، ولم يذكر الإتمام لأحد غير إبراهيم وزاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
- عن عظيم منزلته وتشريف رتبته وإشراف أنوار معرفته ومشاهدة أسرار غيبه وقدرته، ومن الله تعالى مبرّة وتأنيس وبسط وإكرام، قال: ويتأول فيه ما يتأول في قوله صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا على أحد الوجوه، نزول إفضال وإجمال وقبول وإحسان، قال الواسطي: من توهم أنه بنفسه دنا جعل ثم مسافة، بل كل ما دنا بنفسه من الحق تدلى بعدا- يعني: عن درك حقيقته- إذ لا دنو للحق ولا بعد. اهـ.
وسيورد المصنف في الشرف رقم 56 سياقا آخر في هذا. انظر النص الاتي برقم 1436.
(1409) - قوله: «جعل الزيادة نافلة له» :
أخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 71- 72] رقم 4842، ومن طريقه الإمام أحمد [5/ 259] ، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 145، 330- 331] رقم 7561، 8060، وابن جرير في التفسير [15/ 143] ، وابن أبي حاتم [7/ 2342] رقم 13367، بأسانيد عن أبي أمامة قوله:
إنما كانت النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 265] : بعض أسانيد أحمد وغيره حسن.
وأخرج البيهقي في الدلائل [5/ 487] ، وابن جرير في التفسير [15/ 143] ، من حديث مجاهد في قوله تعالى: نافِلَةً لَكَ الاية، قال: لم تكن النافلة لأحد إلّا النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، من أجل أنه قد غفر له-(4/139)
شرف آخر- 48 1410- وهو أنه سبحانه أمر الأنبياء المتقدمين بالبشارة به قبل بعثته، وجعل نبوته ممتدة إلى قيام الساعة، فقال حاكيا عن عيسى عليه السّلام: وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ الاية، وقد علمنا أن نبوة النبي المتقدم تكون إلى خروج النبي المتأخر، ثم لما لم يكن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي لقوله تعالى: وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ، وقوله معلما رسوله: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ الاية، كان الإنذار قائما إلى يوم القيامة، قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ الاية.
شرف آخر- 49 1411- وهو أن الله تعالى جعل أمته خير الأمم لكون نبيها خير الأنبياء، فقال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ الاية، ولم يذكر هذا التفضيل لأمة من الأمم، وإن مدح قوما فإنما مدح طائفة فقال عزّ وجلّ: - ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل مع المكتوب فهو نافلة سوى المكتوب من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب، والناس يعملون ما سوى المكتوبة في كفارة ذنوبهم، فليس للناس نوافل، إنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن أبي حاتم برقم 13366، وابن جرير [15/ 143] ، عن قتادة، مثله.
وأخرج ابن المنذر- كما في الدر المنثور- عن الحسن، مثله.
(1410) - قوله: «أمر الأنبياء المتقدمين بالبشارة» :
للإعلام به، قال البيهقي رحمه الله في الشعب عند الكلام على بيان أفضليته:
ومنها أنه صلى الله عليه وسلم في الدنيا أكثر الأنبياء إعلاما، ومعلوم أن أقل الإعلام إذا كان يوجب الفضيلة فإن كثرة الإعلام توجب لصاحبها اسم الأفضل.(4/140)
وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ الاية، ولم يمدح الله عزّ وجلّ من مدح الأقوام إلّا على التخصيص، وعمّ بالفضل أمة محمّد صلى الله عليه وسلم ولم يخص، فصار ذلك فضيلة له على الأنبياء قبله.
شرف آخر- 50 1412- وهو أن الله تعالى جعل القرآن شرفا له ولقومه فقال:
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ الاية، وقال: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ الاية، يعني: شرفكم، ونزل القرآن بلسانهم فقال: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا الاية، وقال: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) الاية، إكراما له وإبانة لفضله ودرجته صلى الله عليه وسلم.
(1412) - قوله: «يعني: شرفكم» :
روى هذا عن ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [8/ 2446] رقم 13606، والبيهقي في الشعب [2/ 232] رقم 1616، وفي الدلائل [7/ 63- 64] ، وابن مردويه وعبد بن حميد كما في الدر المنثور [5/ 617] .
وأخرج ابن جرير في تفسيره [23/ 118] عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبي حصين، والسدي في قوله تعالى: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ الاية، قالوا:
ذي الشرف.
قوله: «ونزل القرآن بلسانهم» :
أي: بلسان قريش، ومن مرسل محمد بن إبراهيم التيمي أنهم كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم في يوم دجن فقال: كيف ترون بواسقها، الحديث وفيه: فقال رجل: يا رسول الله ما أفصحك؟ ما رأيت الذي هو أعرب منك؟ فقال:
حق لي، وإنما أنزل القرآن عليّ بلسان عربي مبين، أخرجه ابن أبي الدنيا في المطر والرعد برقم 12، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره والبيهقي-(4/141)
1413- ويروى عن سفيان بن عيينة في تفسير هذه الاية أنه قال:
يسأل الرجل فيقال: من أين أنت؟ فيقول: من العرب، فيقال: من أي قبيلة؟ فيقول: من حي من قريش، فيقال: كفى بقريش شرفا أن أنزل الله القرآن بلسانهم ولغتهم.
شرف آخر- 51 1414- وهو أن الله جعل أمته ذوي العقول والألباب ورسوله صلى الله عليه وسلم أكثرهم عقلا، قال تعالى: وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ، وقال: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ.
وذكر تعالى الأمم السالفة فقال في قصة أصحاب موسى: وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ الاية، - في الشعب [2/ 158] رقم 1431، والرامهرمزي في الأمثال [/ 155] ، وأبو الشيخ في العظمة [/ 254] رقم 720.
(1413) - قوله: «ويروى عن سفيان بن عيينة» :
هو هنا من تفسيره، وقد روي عنه، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله:
يقال: ممن هذا الرجل؟ يقال: من العرب، فيقال: من أي العرب؟ يقال:
من قريش، فيقال: من أي قريش؟ فيقال: من بني هاشم.
أخرجه الحافظ عبد الرزاق في جزء التفسير من المصنف [2 ق 2/ 199] ، وابن أبي حاتم [10/ 18509] ، وابن جرير [25/ 76] ، وعبد بن حميد، وسعيد بن منصور، وابن المنذر كما في الدر المنثور.
(1414) - قوله: «ورسوله صلى الله عليه وسلم أكثرهم عقلا» :
أخرج ابن عساكر في تاريخه [3/ 386] من حديث وهب بن منبه قال:
قرأت في واحد وسبعين كتابا فوجدت جميعها أن محمّدا صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا وأفضلهم رأيا.(4/142)
فكان ينزل عليهم الطير المشوي والترنجبين الأبيض، فقالوا: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قال موسى عليه السّلام: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ الاية، استصغر عقولهم، وقالوا حين رأوا الأصنام في قوله: وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قال موسى: إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ الاية، ولم ينكر الله على موسى عليه السّلام ولا رد عليه لأن الله تعالى أهلك عدوهم فرعون ونجاهم من الغرق فطلبوا بعد ذلك صنما يعبدونه.
ولما غاب موسى ووعدهم أربعين ليلة أخطأوا العدد، ولبّس عليهم السامري فقال: عشرين يوما وعشرين ليلة، واتخذ لهم العجل فعبدوه.
وكذلك لما أراد موسى عليه السّلام أن يدخل أرض العمالقة، وعلم أصحابه قوة بطش العدو، قالوا لموسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ الاية.
1415- ولم يحك الله عن أمة محمّد صلى الله عليه وسلم مثل هذا، بل لما أراد الخروج إلى الغزو قال له أصحابه: لا نقول لك اذهب أنت وربك كما قوله: «والترنجبين الأبيض» :
هو المن، فأخرج ابن جرير في تفسيره [1/ 296] ، وابن أبي حاتم [1/ 114] من حديث السدي في قوله تعالى: وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ الاية، قال: قالوا: يا موسى كيف لنا بماء ههنا؟ أين الطعام؟
فأنزل الله عليهم المن، فكان يسقط على شجر الترنجبين، والسلوى: طائر يشبه السماني.
(1415) - قوله: «لما أراد الخروج إلى الغزو» :
يعني: إلى بدر، أخرج الإمام البخاري في المغازي من صحيحه، باب-(4/143)
قال أصحاب موسى، بل نقول: نحن معك برا وبحرا، ونفديك بابائنا وأمهاتنا.
1416- ومن قوة عقولهم قول عمر رضي الله عنه لما أتى الحجر الأسود للاستلام قال: اللهمّ إني أعلم أن هذا الحجر لا يضر ولا ينفع ولولا إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّله ما قبّلته.
1417- ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام أبو بكر فقال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
وكانوا رضوان الله عليهم يبذلون أرواحهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حياتهم، فمن ذلك:
- قول الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ الاية، من حديث ابن مسعود قال:
شهدت من المقداد بن الأسود مشاهدا لأن أكون صاحبه أحب إليّ مما عدل به، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى المشركين فقال: لا نقول لك كما قال قوم موسى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا الاية، ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، وبين يديك، وخلفك، قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره يعني: قوله.
(1416) - قوله: «قول عمر رضي الله عنه لما أتى الحجر الأسود» :
أخرجاه في الصحيحين بنحوه.
(1417) - قوله: «قام أبو بكر فقال» :
أخرجه البخاري في الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت رقم 1241، 1242، والنسائي في الجنائز مختصر دون قول أبي بكر رقم 1841، وابن ماجه في الجنائز برقم 65، وقد تقدم في باب الوفاة مبسوطا.(4/144)
1418- نوم علي رضي الله عنه على فراشه لما قصده المشركون.
1419- وكان أصحابه صلى الله عليه وسلم يبايعونه في المنشط والمكره، والنساء يقدّمنه على آبائهن وأقاربهن، وفي قصة حمنة بنت جحش لما قتل أخوها وزوجها وأبوها يوم أحد أنها طلبت أباها فقيل: قتل، فطلبت أخاها فقيل:
قتل، فقالت: أين زوجي؟ فقيل: قتل، فقالت: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا:
ها هو هنا، فقالت: كل المصائب جلل بعد أن سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1418) - قوله: «نوم علي رضي الله عنه على فراشه» :
يعني ليلة الهجرة، وفيها قصة طلب قريش النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدمت.
(1419) - قوله: «وفي قصة حمنة بنت جحش» :
أخت عبد الله بن جحش، وكانت تحت مصعب بن عمير استشهد يوم أحد، خرجت معه فكانت تسقي العطشى وتداوي الجرحى، حديثها الذي أشار إليه المصنف عند ابن إسحاق في السيرة كما في سيرة ابن هشام [3/ 42] ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [3/ 302] من حديث إسماعيل بن محمد بن أبي وقاص قال: كانت امرأة من الأنصار من بني ذبيان أصيب زوجها وأخوها يوم أحد، فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرا يا أم فلان، فقالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشاروا لها إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل.
قال أبو عاصم: ما أظن أن الحديث حديث حمنة، ذلك أنها لم تكن ذبيانية قط، فهي حمنة بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد، وكان جحش بن رئاب حليف حرب بن أمية بن عبد شمس، فهذه امرأة أخرى غير حمنة.
ثم قد أخرج ابن إسحاق في سيرته [3/ 41 ابن هشام] ، وابن ماجه في سننه برقم 1590، وابن سعد في الطبقات [8/ 241]- واللفظ له- والبيهقي في الدلائل [3/ 301] : -(4/145)
شرف آخر- 52 1420- وهو أن الله تعالى ذكر أصحاب الجنة من الأمم التي تقدمت فقال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) ، فجعل أمته من أهل الجنة أقل من الأمم قبله.
1421- فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، أترضى أن يكون ثلة من الأولين وقليل من الاخرين؟ فراجع صلى الله عليه وسلم ربه حتى سوى الله أمته أمما قبلها، فقال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، ثم زاد له تعالى.
- أن النساء قمن حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد يسألن الناس عن أهليهن فلم يخبرن حتى أتين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تسأله امرأة إلّا أخبرها، فجاءته حمنة بنت جحش فقال: يا حمنة احتسبي أخاك عبد الله بن جحش، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفر له، ثم قال: يا حمنة احتسبي خالك حمزة بن عبد المطلب، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفر له، ثم قال: يا حمنة احتسبي مصعب بن عمير فقالت:
يا حرباه (وفي رواية: فصاحت وولولت) .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن للرجل لشعبة من المرأة ما هي له شيء (وفي رواية:
إن زوج المرأة منها لبمكان، لما رأى من صبرها عند أخيها وخالها وصياحها على زوجها) .
(1421) - قوله: «فقال عمر رضي الله عنه» :
أخرجه ابن مردويه، وابن عساكر- كما في الدر المنثور [8/ 7]- من طريق عروة بن رويم، عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1) ، وذكر فيها: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) ، قال عمر: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر، تعال فاستمع-(4/146)
1422- حتى قال صلى الله عليه وسلم: إن أهل الجنة مائة وعشرون صفّا، ثمانون منها من أمتي، وأربعون من سائر الأمم.
1423- وقال صلى الله عليه وسلم حين ذكر القيامة: أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة.
- ما قد أنزل الله عزّ وجلّ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، ألا وإن من آدم إليّ ثلة، وأمتي ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل، ممن يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له.
قال السيوطي: وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن عروة بن رويم مرسلا ولم أقف عليه في المطبوع من التفسير!
قال السيوطي: وأخرج الإمام أحمد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن أبي هريرة قال: لما نزلت: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، ثلث أهل الجنة، بل أنتم نصف أهل الجنة أو شطر أهل الجنة وتقاسمونهم الشطر الثاني.
قلت: هو في آخر كتاب الإيمان من صحيح مسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه إلّا أنه لم يذكر سبب نزول الاية، وأخرجه ابن حبان في صحيحه بطوله وذكر فيه نزول قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40) الاية.
(1422) - قوله: «إن أهل الجنة مائة وعشرون صفا» :
خرجناه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 3003، من حديث ابن بريدة، عن أبيه.
(1423) - قوله: «أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة» :
هو طرف من حديث خرجناه في شرحنا للمسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 54- فتح المنان، اختصر الدارمي لفظه، وأوله:
أنا أول شفيع في الجنة، وهو حديث أودعه مسلم صحيحه.(4/147)
شرف آخر- 53 1424- وهو فيما خصه الله من تعجيل العذاب على من يعاديه، قال تعالى: فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ، ودعاهم إلى شيء معاين ووعد كل طائفة من أعدائه نوعا من العذاب.
1425- فأما أبو جهل فإنه حلف لئن رأى محمّدا صلى الله عليه وسلم ليطأن على عنقه، فجاء جبريل عليه السّلام وقال: انطلق يا محمد علانية حتى تدخل الحجر فاقرأ: بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، فإذا قرأت وفرغت فاسجد ولا ترفع رأسك حتى يأتيك. فانطلق صلى الله عليه وسلم فقيل لأبي جهل: هذا محمد ساجد في الحجر، فقام مسرعا إلى باب الحجر فوقف ونكص رأسه، فقال له أصحابه: ما لك لا تتقدم؟ قال: إن بيني وبينه فحلا فاتح فاه لو دخلت لا لتقمني، ورجع هاربا، وقام صلى الله عليه وسلم وقال: لو دنا مني لا ختطفته الملائكة.
1426- وروي أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يدعو اليهود للمباهلة، قال الشعبي: (1425) - قوله: «لو دنا مني لا ختطفته الملائكة» :
تقدم في أبواب المعجزات، وخرجناه هناك.
(1426) - قوله: «وروي أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يدعو اليهود» :
ليست روي هنا للتضعيف، إذ الحديث في الصحيحين من غير هذا الوجه كما سيأتي.
قوله: «قال الشعبي» :
هو عامر بن شراحيل الإمام التابعي الجليل، وحديثه مرسل، أخرجه هكذا: ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 549] رقم 18860، وسعيد بن-(4/148)
كان أهل نجران من النصارى يجادلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ الاية، إلى قوله: فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ الاية، فتواعدوا أن يلاعنوه من الغد، فانطلق أهل نجران إلى السيد والعاقب- أحبارا لهم- فبايعوا وذهبوا إلى رجل من كبرائهم وذكروا القصة، فقال: لا تفعلوا، قالوا: كيف نفعل وقد وعدناه غدا؟ قال: إذا غدوتم عليه وعرض عليكم الذي فارقتموه عليه، فقولوا: نعوذ بالله، فلعله يعافيكم، فلما غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قام صلى الله عليه وسلم ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين رفعوا ظهور أكفهم إلى السماء، فقال أسقف للنصارى لمعشر أهل نجران: إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل الجبل من مكانه لفعل فلا تبتهلوا فتهلكوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق لو مضوا على الابتهال لمسخوا قردة وخنازير، ولقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تمموا الملاعنة.
- منصور [3/ 1044] رقم 500، وابن جرير في تفسيره [3/ 299] ، وابن أبي حاتم كذلك [2/ 667] رقم 3616، وبعضهم يزيد على بعض، وعزاه السيوطي في الدر المنثور [2/ 232] أيضا لعبد بن حميد، وأبي نعيم، وابن المنذر، وقد روي موصولا من حديث الشعبي، عن جابر بن عبد الله، أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 593] ، والواحدي في أسباب النزول [/ 99] ، وأبو نعيم في الدلائل برقم 244، وابن مردويه- كما في تفسير ابن كثير [1- 371]-.
وقد أخرجها الشيخان من غير هذا الوجه، من حديث حذيفة بن اليمان، فأخرجها البخاري في المغازي، باب قصة أهل نجران، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل أبي عبيدة.(4/149)
1427- وكذلك في قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ الاية، قال: ثم جاء جبريل عليه السّلام بقوله تعالى: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الاية، الوليد ابن المغيرة، والحارث بن عيطلة، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن عبد المطلب.
قال: أتاه جبريل، فشكاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراه الوليد بن المغيرة فأومأ جبريل عليه السّلام إلى أكحله، قال: ما صنعت؟ قال: كفيتكه، ثم أراه الأسود بن عبد المطلب، فأومأ إلى عينيه، فقال: ما صنعت؟
قال: كفيتكه.
قال: فأما الوليد بن المغيرة فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له فأصاب أكحله فقطعها، وأما الأسود بن عبد المطلب فمنهم من يقول:
عمي، ومنهم من يقول: نزل تحت شجرة فجعل يقول: يا بني ألا تدفعون عني؟ قد قتلت، ها هو ذا يطعن بالشوك في عيني، فجعلوا يقولون: ما نرى شيئا، فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه.
وأما الأسود بن عبد يغوث الزهري فخرجت في رأسه قروح فمات منها.
(1427) - قوله: «في قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ» :
هو في الأصول منثور في أبواب المعجزات، رأينا إثباته هنا للعلاقة.
قوله: «ثم جاء جبريل عليه السّلام بقوله» :
هذا التفسير منسوب لابن عباس، أخرجه عنه من طرق: الطبراني في الأوسط [5/ 515- 516] رقم 4983، وفي إسناده محمد بن عبد الحليم النيسابوري، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 47] : لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. -(4/150)
وأما الحارث بن عيطلة فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خراءه من فيه فمات منها.
وأما العاص بن وائل السهمي فبينما هو كذلك يوما إذ دخل في رأسه شبرقة حتى امتلأت منها، فمات منها.
شرف آخر- 54 1428- وهو أن الله تعالى أطلع نبيه على ما يحدث ويكون، قال تعالى: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ الاية، فأعلمه بما يكون، وقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ الاية، فأعلمه كيف يحارب من يرتد عن الإسلام، ثم أطلعه على ما لم يطلع عليه غيره، حتى قال صلى الله عليه وسلم لعلي: إنك تحارب المارقين والناكثين.
- قلت: تابعه عمر بن عبد الله بن رزين، عن سفيان بن حسين، أخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 316- 318] ، وهذا إسناد صحيح.
وتابع سفيان بن حسين، عن جعفر بن أبي بشر: أبو عوانة الوضاح بن عبد الله، أخرج حديثه ابن أبي حاتم في التفسير- كما في الجواب الصحيح للشيخ ابن تيمية [4/ 215] ، إذ ليس في المطبوع منه- وإسناده فيه على شرط الصحيحين.
وحسن إسناده السيوطي في الدر المنثور [5/ 101] ، بعد أن عزاه لابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل برقم 202، 203، والضياء في المختارة، ويستثنى من ذلك إسنادي أبي نعيم، ففي الاسناد الأول الكلبي، عن أبي صالح، والثاني مرسل.
(1428) - قوله: «حتى قال صلى الله عليه وسلم لعلي: إنك تحارب المارقين» :
في الباب عن علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبي أيوب الأنصاري. -(4/151)
.........
- أما حديث علي، فأخرجه البزار في مسنده [4/ 92] رقم 3269، من طريق علي بن ربيعة، والطبراني في الأوسط [9/ 198] رقم 8428، من طريق ربيعة بن ناجذ كلاهما عن علي قال: أمرت بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، لفظ الطبراني، وقال البزار: عهد إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه البزار أيضا برقم 3270 بإسناد آخر عن علي من حديث إبراهيم، عن علقمة، عنه به.
وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه الطبراني في الأوسط [10/ 198] رقم 9430، من حديث إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: أمر عليّ بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وأما حديث أبي أيوب، فأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 139] ، قال:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
قال الذهبي في التلخيص: ساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب ضعيفين، وقال الهيثمي في حديثي الطبراني المتقدمين: أحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعيد فوثقه ابن حبان.
قلت: وهذه الاثار وإن كان في أسانيدها ضعف إلّا أنها تشير إلى أمر الخوارج، وذلك مخرج في الصحيحين، أخرج الشيخان من حديث سويد بن غفلة عن علي رضي الله عنه قال: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إليّ من أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة.
وأخرجا من حديث أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال:
يا رسول الله اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت-(4/152)
1429- وقال صلى الله عليه وسلم: إنّ جبريل نفخ في روعي- يعني: - ففهمت كل شيء.
1430- وفي حديث: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
- وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله ايذن لي أن أضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه- وهو قدحه- فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس، قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته.
(1429) - قوله: «ففهمت كل شيء» :
أورد الإمام الرباني محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله في الرسالة في تفسيرها ومعناها أقوالا، فقال: منهم من قال: ألقي في روعه كل ما سن، وسنته: الحكمة، فكان ما ألقى في روعه سنته، ومنهم من قال: لم يسن سنة قط إلّا ولها أصل في الكتاب، كما كانت سنته لتبيين عدد الصلاة، وعملها على أصل جملة فرض الصلاة، وكذلك ما سن من البيوع وغيره من الشرائع..، فما أحل وحرم فإنما بين فيه عن الله كما بين الصلاة، قال: وكل جاءه من نعم الله كما أراد الله. اهـ. بتصرف واختصار يسير.
(1430) - قوله: «وفي حديث» :
أخرجه مطولا ومختصرا من حديث ابن مسعود جماعة بإسناد فيه انقطاع غير أن رجاله موثقون منهم: القضاعي في مسند الشهاب برقم 1151، -(4/153)
شرف آخر- 55 1431- وهو أن الله لعن من آذى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً الاية، فأخبر أن من آذى رسوله استحق اللعنة مع ما أعد له من العذاب في- والبغوي في شرح السنة [14/ 303- 305] رقم 4111، 4112، 4113، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 4] ، وأقره الذهبي في التلخيص.
وهذا لفظ حديث البغوي من طريق زبيد اليامي وعبد الملك بن عمير كلاهما عن ابن مسعود مرفوعا: أيها الناس إنه ليس من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلّا قد أمرتكم به، وإنه ليس شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلّا قد نهيتكم عنه، ألا وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوا بمعاصي الله، فإنه لا يدرك ما عند الله إلّا بطاعته.
نعم، وفي الباب عن جابر بن عبد الله، وأبي أمامة، وحذيفة.
أما حديث جابر، فأخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 4] ، وصححه وأقره الذهبي، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 264- 265، 265] ، وأبو نعيم في الحلية [3/ 156- 157، 7/ 158] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1152.
وأما حديث أبي أمامة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 194] رقم 7694، وأبو نعيم في الحلية [10/ 26- 27] ، وهذا لفظ الطبراني: نفث روح القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلّا بطاعته.
وفي إسناده عفير بن معدان، وهو ضعيف. -(4/154)
الاخرة، وذكر الأنبياء والأمم قبله، فقال: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا الاية، لم يذكر اللعنة.
1432- ولما قال بعض الصحابة: لأنكحن فلانة- لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته، أنزل الله سبحانه وتعالى الايات: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ الاية، - وأما حديث حذيفة، فأخرجه البزار في مسنده [2/ 81- 82 كشف الأستار] ، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه قدامة بن زائدة، لم أجد من ترجمه، وهذا لفظ الحديث: قام النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الناس فقال:
هلموا إليّ، فأقبلوا إليه، فجلسوا فقال: هذا رسول رب العالمين عليه السّلام نفث في روعي، أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها، وإن أبطأ عليها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلّا بطاعته.
قوله: «لم يذكر اللعنة» :
وأصرح من هذه الاية قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا الاية، لم يذكر سبحانه أنه لعنهم، ولا يشكل على هذا قوله سبحانه: آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ الاية، لأن لعنتهم كانت بسبب مخالفة أمر الله لا بسبب إيذائهم نبيهم موسى عليه السّلام.
(1432) - قوله: «لما قال بعض الصحابة» :
أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3150] رقم 17765، عن السدي، وعبد الرزاق في جزء التفسير من المصنف [2 ق 2/ 122] ، عن معمر، وابن سعد في الطبقات [8/ 201] ، عن أبي بكر بن حزم في هذه الاية قالوا:
نزلت في طلحة بن عبيد الله أنه قال: إن توفي النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ الاية.(4/155)
إلى قوله تعالى: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً ثم قال تعالى بعد ذلك: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) الايات، إلى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (57) .
1433- ومن فضله صلى الله عليه وسلم: أنه لما قذف المنافقون بعض أزواجه أنزل الله فيه ثمانية عشر آية، فقال عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ الاية، إلى قوله: أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.
شرف آخر- 56 1434- وهو أن الله تعالى خفف عن أمته ما لم يخفف عن سائر الأمم فقال: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ الاية، ثم جعل لهم العفو والترخص في شريعته عزّ وجلّ، فقال: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ الاية، فجعل للمجني عليه الخيار بين العفو والقتل وقبول الدية تبيينا لفضيلة محمّد صلى الله عليه وسلم وشريعته رحمة بهم، وقال سبحانه: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ الاية، ووصف رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ الاية.
1435- ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
(1435) - قوله: «إن الله تجاوز عن أمتي» :
أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 198] ، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان [16/ 202] رقم 7219. -(4/156)
1436- عن محمد بن كعب القرظي، قال: ما بعث الله نبيا مرسلا إلّا أمره أن يعرض على أمته: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الاية، فكان إذا عرض عليهم قالوا: لا نستطيع أن يؤاخذنا الله بما توسوس به قلوبنا، فلما بعث الله عزّ وجلّ محمّدا صلى الله عليه وسلم أنزلها عليه فامن بها، وعرضها على أصحابه فامنوا بها، فخفف الله تعالى عنهم.
- وأخرجه أيضا الطحاوي في شرح معاني الاثار [3/ 95] ، والطبراني في معجمه الصغير [1/ 270] ، والدارقطني [4/ 170- 171] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 356] .
وهو عند ابن ماجه كأن في إسناده سقطا من حديث الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن ابن عباس- كذا- قال البوصيري في الزوائد: وليس ببعيد أن يكون السقط من صنعة الوليد بن مسلم، فإنه كان يدلس تدليس التسوية.
(1436) - قوله: «عن محمد بن كعب القرظي» :
دخل حديثه في تفسير المصنف فحسن الإتيان بلفظه، قال السيوطي في الدر المنثور [2/ 129] : أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر، عن محمد بن كعب القرظي قال: ما بعث الله من نبي ولا أرسل من رسول أنزل عليهم الكتاب إلّا أنزل عليه هذه الاية: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
، فكانت الأمم تأبى على أنبيائها ورسلها، ويقولون: نؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا؟! فيكفرون ويضلون، فلما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم اشتد على المسلمين ما اشتد على الأمم قبلهم، فقالوا:
يا رسول الله أنؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا؟ قال: نعم، فاسمعوا وأطيعوا واطلبوا إلى ربكم، فذلك قوله: آمَنَ الرَّسُولُ الاية، فوضع الله عنهم حديث النفس إلّا ما عملت الجوارح لَها ما كَسَبَتْ من خير، وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ من شر رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا، -(4/157)
فلما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج وانتهى من القربى إلى الله بمكان كما قال عزت قدرته: ثُمَّ دَنا محمّد صلى الله عليه وسلم إلى ربه جلّ ذكره فَتَدَلَّى فقرب بالجاه لا بالمكان، فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ من قسي العرب أَوْ أَدْنى بل أدنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ
محمد صلى الله عليه وسلم ما أَوْحى. ما كَذَبَ الْفُؤادُ
فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ما رَأى الذي رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربّه بقلبه، ويقال: ببصره، وهذا جواب القسم.
فلما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كذّبوه، فنزل قوله تعالى: أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى أفتكذبونه على ما قد رأى محمد صلى الله عليه وسلم، وإن قرأت بالألف يقول:
أتجاحدونه على ما قد رأى؟ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى مرة أخرى غير التي أخبركم بها عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى التي ينتهي إليها كل ملك مقرّب ونبي مرسل، ويقال: ينتهي إليها علم كل ملك مقرب ونبي مرسل وعالم راسخ، عِنْدَها عند سدرة المنتهى جَنَّةُ الْمَأْوى تأوي إليها أرواح الشاهداء إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى ما يعلو: نور، ويقال: ملائكة، ما زاغَ الْبَصَرُ ما مال بصر محمد صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا مما رأى وَما طَغى ما تجاوز عما رأى.
فلما جاوز النبي صلى الله عليه وسلم السماوات السبع والحجب كان جبريل عليه السّلام معه في كل ذلك، وانتهى إلى حجاب موقف جبريل عليه السّلام، فوقف جبريل عليه السّلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما لك يا جبريل وقفت؟ فقال: يا محمد، وما منا إلا له مقام معلوم، قد جاوزت من مقامي لجلالتك مقدار خمسمائة عام، تقدم فإنك أكرم على الله مني، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى يمين العرش، فوق السماء السابعة، لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى من عجائب- قال: فوضع عنهم الخطأ والنسيان رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً الاية، قال: فلم يكلفوا ما لم يطيقوا، ولم يحمل عليهم الإصر الذي جعل على الأمم قبلهم، وعفا عنهم وغفر لهم ونصرهم.(4/158)
ربه العظمى، فقال له الجليل جل جلاله: يا محمد، هل تدري ما الدرجات والحسنات؟
فالدرجات: إسباغ الوضوء في السبرات، والمشي على الأقدام في الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
والحسنات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: فتدلى قطرة من العرش على لساني فما ذاق الذائقون قط أحلى منها، فاتاني الله بها بيان علم الأولين والاخرين، فنادى جبريل عليه السّلام: حيّ يا محمد ربك، فألهمني الله تعالى فقلت: التحيات لله والصلوات والطيبات، فأجابه الله تعالى بثلاث أجوبة، فقال:
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون له كرامة لا يشاركه فيها أمته، فقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فلما رأت الملائكة كرامته ومناجاته مع المولى بغير ترجمان قال كل واحد منهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
قال بعض العلماء: التحية: الملك، فمعنى التحيات لله، يعني:
الملك لله، والصلوات: الخمس، والطيبات: الزكوات.
ثم قال الله عزّ وجلّ: آمَنَ الرَّسُولُ أي: صدّق الرسول بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، إلى قوله: وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فرفع الله تعالى عن أمته حديث أنفسهم بالمعصية فقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ.(4/159)
1437- قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا به أو يتكلموا، ولم يرفع عن أمة غيرها.
قال الله تعالى: يا محمد سل تعطه، فدعا لنفسه ولأمته فقال: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا الطاعة، فقال الرب تبارك وتعالى: لا أؤاخذكم بالنسيان.
ألا ترى أن من أكل بالنسيان وهو لا يذكر لم يؤاخذ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَوْ أَخْطَأْنا، فقال الله تعالى: لا أؤاخذكم بالخطأ ولكن ما تتعمدون.
ألا ترى أن من قتل مؤمنا بالخطأ لم يقتص منه، لأنه مرفوع عنه، قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ الاية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان.
ثم قال عزّ وجلّ: يا محمد سل تعط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا يعني شدة وجهدا، فقال الله جل جلاله: قد رفعت الإصر والشك عن أمتك، وذلك قوله عزّ وجلّ: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، وقوله عزّ وجلّ: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.
(1437) - قوله: «إن الله تجاوز عن أمتي» :
أخرجه البخاري في العتق، باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، رقم 2528، وفي النكاح، باب الطلاق في الإغلاق والكره، رقم 5269، وفي الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر، رقم 6664، من حديث قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة، بنحوه.(4/160)
وكان الإصر على بني إسرائيل في عشرة أشياء:
الأول: كانوا إذا أذنبوا ذنبا حرم عليهم طعاما طيّبا كما قال جلّ جلاله: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ.
والثاني: كان عليهم خمسون صلاة.
والثالث: عليهم الزكاة ربع المال.
والرابع: إذا أصابهم حدث من جنابة أو حيض أو نفاس ولا يجدون الماء كانوا نجسا رجسا ولا يطهرهم غير الماء.
والخامس: كان عليهم فريضة أن يصلوا في المساجد، ولا يجوز لهم الصلاة في غير المساجد.
والسادس: كانوا في صيامهم إذا صلوا العتمة وناموا حرم عليهم الطعام والشراب إلى الليل القابل.
والسابع: كان عليهم الجماع حراما بعد صلاة العتمة والنوم.
والثامن: كان قبول صدقاتهم بالقربان مع الفضيحة إذا تصدقوا، إن قبله تعالى تجيء نار فتحرقه وإن لم يقبله الله لم تحرقه النار فيفتضح صاحبه.
والتاسع: كانت حسناتهم واحدة بواحدة.
والعاشر: كان فيهم مع الفضيحة، كانوا إذا أذنبوا ذنبا بالليل أصبحوا مكتوبا على باب دارهم وافتضحوا.
فكانت هذه الأشياء العشرة إصرا على بني إسرائيل.
فرفع الله جل جلاله عن هذه الأمة بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا.(4/161)
فقال عزّ وجلّ: يا محمد لا أحرم على أمتك الطيبات من الطعام بذنوبهم، بفضل دعوتك، كما حرمت على بني إسرائيل، وما حرمت على بني إسرائيل فقد حللته لك بفضلي، لقوله عزّ وجل: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ.
يا محمد: لا آمر أمتك بخمسين صلاة كما أمرت بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وأثيبهم بخمس صلوات ثواب خمسين صلاة بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها.
يا محمد: لا آمر أمتك بإخراج ربع المال وهي الزكاة كما أمرت بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وجعلت عليهم ربع عشر المال وأطهر مالهم بفضلي.
يا محمد: لا أدع أمتك في نجاسة الذنوب والحدث والجنابة والحيض والنفاس إذا لم يجدوا الماء كما كان لبني إسرائيل، بفضل دعوتك، جعلت طهارتهم من الجنابة والحدث بالتراب والتيمم بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
يا محمد: لا أفسد صلاة أمتك إذا صلوا في غير المساجد بفضل دعوتك، جعلت صلاتهم في غير المساجد مقبولة بفضلي، لقوله عزّ وجلّ:
فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.(4/162)
يا محمد: لا أحرم على أمتك الطعام والشراب بعد صلاة العشاء والنوم كما حرمت على بني إسرائيل بفضل دعوتك، ورخصت لهم الأكل والشرب بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ الاية، ورفعت أيضا الحساب لما تأكل أمتك من الفطور والسحور بفضلي.
يا محمد: لا أحرم على أمتك الجماع بعد صلاة العشاء كما حرمت على بني إسرائيل بفضل دعوتك ورخصت لهم الجماع إلى أن يتبين الصبح بفضلي لقوله عزّ وجلّ: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ الاية.
يا محمد: لا أجعل صدقات أمتك مع الفضيحة كما جعلت صدقات بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وآخذ صدقاتهم بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ.
يا محمد: لا أجعل حسنات أمتك واحدة بواحدة كما جعلت حسنات بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وأجعل حسنة واحدة عشرة وسبعين وألفي ألف بفضلي، لقوله عزّ وجلّ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها.
يا محمد: لا أفضح أمتك بكتب الذنوب على أبوابهم كما فضحت بني إسرائيل، بفضل دعوتك، وأستر ذنوبهم من الخلائق والملائكة بفضلي.
فلم يبق شيء مما أعطى الله الأمم المتقدمة إلا وأعطى هذه الأمة، وجعل لك فضلا وهو أن القرآن كتابك ظاهرا ولم تقرأ أمة كتابها ظاهرا، قال عزّ وجلّ: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.(4/163)
وجعل أيضا كتبهم منسوخة وكتابك ناسخا فقال: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ.
وأمرهم بالدعوة وأمرك بالدعوة أيضا حتى استويت معهم، ثم فضلك عليهم بالقتال، لقوله عزّ وجلّ: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ.
وأمرهم بالصلاة وأمرك أيضا بالصلاة حتى استويت معهم، ثم فضلك عليهم بالجماعة لقوله عزّ وجلّ: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ الاية، وفضل الجماعة إذا بلغوا اثني عشر نفسا لا يدري فضلها أحد إلا الله، وجعل علامة صلاتهم الناقوس وعلامة صلاتك الأذان والإقامة.
وأمرهم بالصيام وأمرك بالصيام حتى استويت معهم، ثم فضلك عليهم بليلة القدر.
وجعل قبلتهم بيت المقدس وجعل قبلتك في أول الإسلام بيت المقدس حتى استويت معهم، ثم فضلك عليهم بصرفك إلى الكعبة قبلة إبراهيم.
وأعطاهم عمرا طويلا، وعقلا قليلا، وأعطاك عمرا قصيرا، وعقلا كثيرا.
وأخبرك بمساوئهم، ولم يخبرهم بمساوئك حتى بان فضلك عليهم بقدرته، فرفع الشدائد عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم بدعوته قال: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا الاية.
قال له: يا محمد سل تعط، فقال: وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ(4/164)
كما حملت بني إسرائيل من أنواع الأشياء، مثل تعجيل العقوبة إذا أذنبوا، وكانوا إذا أصابت أعضاءهم وثيابهم قذارة كان عليهم القطع ولا يجوز غسلها، وكانت عقوبتهم إذا أذنبوا أن يقتلوا أنفسهم، يقول لهم عزّ وجلّ: لا أغفر لكم حتى تقتلوا أنفسكم، لقوله عزّت قدرته: فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، وقال لهذه الأمة: إن لم تقتلوا أنفسكم أغفر لكم، لقوله عزّ اسمه: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً.
فمعنى قوله تعالى: وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ الاية، أي لا تجعل توبة أمتي بالقتل، فقال: جعلت لأمتك الندامة بفضلي، ورفعت قطع الثياب والأعضاء بذلك، ولا أعجلهم بالعذاب بفضلي، لقوله تعالى: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ الاية.
ثم قال: يا محمد سل تعطه، فقال: وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا الاية، فدعا بثلاث دعوات: الأولى: العفو، والثانية:
المغفرة، والثالثة: بالرحمة، لأن الله عزّ وجلّ عذّب قبل أمته ثلاث أمم، واحدة بالخسف، وهو قارون، قال تعالى: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ الاية، وواحدة بالمسخ وهم قوم داود، لقوله عزّ وجلّ: وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ الاية، وواحدة بالقذف بالحجارة وهم قوم لوط، قال تعالى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ الاية.
فخاف النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الخصال على أمته، فقال: واعف عنا من الخسف، قال الله تبارك وتعالى: لا أخسف بذاتهم الأرض بسؤالك ودعوتك، وأخسف بذنوبهم بفضلي، حتى لا يرى الملائكة والادميون ذنوبهم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: واغفر لنا من المسخ، فقال الرب عزّ وجلّ:(4/165)
لا أمسخ أبدانهم ولا أحوالهم من حال الإنسانية، وأمسخ ذنوبهم أي:
أحولها إلى حسنات بفضلي، لقوله تعالى: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ الاية.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وارحمنا من القذف، فقال: لا أمطر عليهم الحجارة بدعوتك، وأمطر عليه الرحمة بفضلي.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ؛ لأنا قليل وهم كثير مثل الشعرة البيضاء، في جنب الثور الأسود، قال الله عزّ وجلّ: أنا ناصرك وناصر أمتك يا صفيّي وحبيبي، لقوله تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ الاية.
قوله: «مثل الشعرة البيضاء» :
أخرج البخاري في أحاديث الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج، رقم 3348، وفي التفسير، باب قوله تعالى: وَتَرَى النَّاسَ سُكارى
الاية، وفي الرقاق، باب قوله عزّ وجلّ: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الاية، رقم 6530، ومسلم في الإيمان، باب: يقول الله تعالى لادم: أخرج بعثا من النار، رقم 379 (222) ، كلاهما من حديث أبي صالح، عن أبي سعيد في حديثه الطويل في قصة يأجوج ومأجوج، وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج، ألفا ومنكم رجل، ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ربع أهل الجنة، فحمدنا الله وكبرنا، ثم قال:
والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فحمدنا الله وكبرنا، ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد- وفي رواية: في جنب- الثور الأسود، - أو كالرقمة في ذراع الحمار- لفظ مسلم.
تنبيه: وقع أثر محمد بن كعب وتفسيره في الأصول في موضع لا علاقة له بما قبله ولا بما بعده، وهو كالمنثور فيها، رأينا إثباته هنا لما ظهر لنا من العلاقة فيه، وبالله التوفيق.(4/166)
فأعطى الله عزّ وجلّ محمّدا صلى الله عليه وسلم ما سأل وما لم يسأله أعطاه إياه أيضا، فلم يدر النبي صلى الله عليه وسلم ما يسأل ربه من عبادة الملائكة القيام أم الركوع أم السجود أم التشهد.
فقال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: مر أمتك بالصلاة حتى يجتمع في صلواتهم عبادة الملائكة من العرش إلى الثرى إذا كبروا، فإذا كبروا أعطاهم الله ثواب المكبرين، وإذا ركعوا أعطاهم الله تعالى ثواب الراكعين، وهكذا في القيام، والقراءة، والسجود، والتشهد.
وبذلك أعطى الله النبي صلى الله عليه وسلم مراده وشهوته في أمته بفضله.
شرف آخر- 57 1438- وهو أن الله خصه بعلامة يعرف بها شرف رسوله صلى الله عليه وسلم عند الدعاء إلى الصلوات، ولم يكن ذلك لنبي من أنبياء الأمم المتقدمة، إنما كان لهم قرن أو ناقوس، قال تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4) الاية، تذكر حيث أذكر، وقال عزّ من قائل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً الاية.
(1438) - قوله: «تذكر حيث أذكر» :
أخرجه أبو يعلى في مسنده [2/ 522] رقم 1380، وابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3445] رقم 19393 معلقا، وابن جرير في تفسيره [30/ 235] من حديث دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: أتاني جبريل فقال: إن ربي وربك يقول: كيف رفعت ذكرك؟
قال: الله أعلم! قال: إذا ذكرت ذكرت معي، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 254] ، وقد أودعه ابن حبان صحيحه كما في الإحسان [8/ 175] رقم 3382. -(4/167)
شرف آخر- 58 1439- وهو أن الله تعالى غيّر قبلته عن قبلة الأنبياء قبله حيث غير، إذ قالوا: ألست تصلي إلى قبلتنا؟ فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء- وأخرج الشافعي في الرسالة [/ 16] ، وعبد الرزاق في المصنف [2/ 380- التفسير] ، وابن حبان في تفسيره [10/ 3454] رقم 19391، وابن جرير كذلك [30/ 235] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 63] ، جميعهم من حديث مجاهد في قوله تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4) الاية، قال:
لا أذكر إلّا ذكرت معي:
أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.
وأخرج ابن جرير في تفسيره [30/ 235] ، وابن أبي حاتم كذلك [10/ 3445] رقم 19392، والبيهقي في الدلائل [7/ 63] عن قتادة في هذه الاية قال:
رفع الله ذكره في الدنيا والاخرة، فليس من خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلّا ينادي بها:
أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.
وقد استشهد المصنف رحمه الله بقوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ الاية، لما جاء في تفسيرها وأنها نزلت في المؤذنين- أو أنهم الذين عنى الله-، روي هذا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، وابن أبي حاتم في التفسير، وعن عكرمة أخرجه عبد بن حميد كما في الدر المنثور.
(1439) - قوله: «إذ قالوا» :
يعني: اليهود، أخرج ابن جرير في تفسيره [2/ 20] عن مجاهد في سبب نزول قوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الاية، قال: قالت اليهود: يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا ... الحديث.(4/168)
منتظرا جبريل عليه السّلام أن ينزل فيخبره بما في قلبه، فنزل جبريل بقوله تعالى:
قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الاية، وقال: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ الاية، ولم يفعل ذلك بأحد قبله تبيانا لشرفه وحفظا لجاهه جعله متبوعا لا تابعا.
قوله: «منتظرا جبريل» :
أخرج ابن إسحاق في سيرته وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم في تفسيره كما في الدر المنثور [1/ 342] ، من حديث البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله، فأنزل الله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الاية.
هذا لفظهم، وأصله في الصحيحين، من حديث البراء أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه- وفي رواية: كان يحب- أن تكون قبلته قبل البيت ...
الحديث، لفظ البخاري في التفسير مختصرا.
وأخرج أبو داود في ناسخه ما في الدر المنثور [1/ 343] من حديث أبي العالية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل: وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها، فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك، ولا أملك لك شيئا إلّا ما أمرت، فادع ربك وسله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل، فأنزل الله: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ الاية، مرسل.
قوله: «ولم يفعل ذلك بأحد» :
أي أنه سبحانه لم يهتم لأمر نبي وهواه كما فعل مع حبيبه صلى الله عليه وسلم، ومنه يفهم معنى قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ما أرى ربك إلّا يسارع في هواك، وربما قالت: رضاك، أخرجه الشيخان وغيرهما.(4/169)
شرف آخر- 59 1440- حيث رضي الله تبارك وتعالى عن أمته، ذكر الله رضاه عن أمته في مواضع فقال: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا الاية، وقال: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ الاية، إلى قوله: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ الاية، وقال: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الاية، وهذه الدرجة مما تمنت الأنبياء ذلك، أخبر الله عن موسى عليه السّلام أنه قال حيث قيل له: وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (83) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (84) الاية، فأخبر الله عزّ وجلّ أنه عليه السّلام إنما عجل طلبا للرضى، ثم رأينا أن الله لم ينص في القرآن على إعطائه سؤله من الرضا، ولم يقل له إني قد رضيت عنك، كما فعل ذلك في سؤاله في غير الرضا حيث قال: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى، ونص في الرضا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم بمتابعتهم إياه من غير إظهار مسألة منهم بالقول بل لطفا منه بهم وفضلا منه عليهم.
شرف آخر- 60 1441- أعطى الله تبارك وتعالى محمدا وأمته فضلا منه وإكراما له ما تمنى موسى عليه السّلام أن يعطاه ذلك بالسؤال، وذلك في قوله عزّ وجلّ:
وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ إلى قوله: (1441) - قوله: «ما تمنى موسى عليه السّلام أن يعطاه» :
أخرج البزار في مسنده [3/ 49- 50 كشف الأستار] رقم 2213، من حديث ابن عباس في قوله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ، قال: سأل موسى ربه مسألة فأعطاها محمّدا صلى الله عليه وسلم، لفظ البزار، زاد في رواية أخرى: فأعطى-(4/170)
أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ الاية.
وذكر فضيلة أمة محمّد صلى الله عليه وسلم عقيبه فقال: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ الاية، إلى قوله: أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الاية.
- محمّدا صلى الله عليه وسلم كل شيء سأل موسى ربه في هذه الاية، عزاه في الدر المنثور [3/ 573] أيضا لابن المنذر، وابن أبي حاتم.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 24] : فيه عطاء وقد اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأخرج ابن جرير في تفسيره [9/ 79] ، وابن أبي حاتم كذلك [5/ 1580] رقم 9055، عن ابن عباس في قوله تعالى: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الاية، قال: كتبها الله لهذه الأمة.
وأخرج الحاكم في المستدرك [2/ 322] ، وابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1581] رقم 8333، عن ابن عباس قال: دعا موسى فبعث الله سبعين، فجعل دعاءه حين دعاه لمن آمن بمحمّد صلى الله عليه وسلم، وأتبعه قوله: فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ، فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ الاية، والذين يتبعون محمّدا صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ- كما في الدر المنثور [3/ 573]- عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الاية، قال: أمة محمّد صلى الله عليه وسلم، فقال موسى: يا ليتني أخرت في أمة محمد ... الحديث.
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1580] رقم 9054، من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس وهو الأولى. -(4/171)
شرف آخر- 61 1442- أن الله تعالى جعل لأنبيائه ورسله وأوليائه الاختيار لأنفسهم، أن يختاروا كيف شاءوا ولم يرض لنبيه محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته الاختيار، بل تولى الله عزّ وجلّ الاختيار لهم وذلك في شأن قتل حمزة فعزم صلى الله عليه وسلم على أن يمثل بأربعين منهم إن أظفره الله بهم، فخيّره الله بين العقوبة بالمثل أو الصبر وترك القود، ثم لم يتركه واختياره بل تولى له الاختيار فقال: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) الاية، ثم قال:
وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ الاية، فاختار له الصبر وترك القود.
- وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [5/ 1580] رقم 9059، من حديث علي بن أبي طالب: أنه سئل عن أبي بكر وعمر فقال: إنهما من الوفد السبعين الذين سأل موسى عليه السّلام فأعطيهما محمّد صلى الله عليه وسلم، زاد في رواية: وتلا وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا الاية.
عزاه في الدر المنثور أيضا [3/ 573] ، لابن المنذر وابن مردويه.
(1442) - قوله: «فعزم صلى الله عليه وسلم على أن يمثل بأربعين منهم» :
وفي رواية: بثلاثين، وفي رواية أخرى: بسبعين، فأخرج ابن سعد في الطبقات [3/ 13] ، والبزار في مسنده [2/ رقم 1795 كشف الاستار] ، والحاكم في المستدرك [3/ 197] ، وصححه، والبيهقي في الدلائل [3/ 288] ، جميعا من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد فنظر إلى منظر لم ير شيئا قط كان أوجع لقلبه منه، ونظر إليه وقد مثل به فقال: رحمة الله عليك، فإنك كنت ما علمت وصولا للرحم فعولا للخيرات، ولولا حزن من بعدك عليك لسرني أن أتركك حتى يحشرك الله من أرواح شتى، أما والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك، فنزل جبريل- والنبي صلى الله عليه وسلم واقف- بخواتيم النحل: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ الاية، فكفر النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه، وأمسك عن الذي أراد وصبر. -(4/172)
1443- وكذلك حين وقف على خيانة اليهود وما همّوا به، فاختار الله له العفو عنهم والصفح فقال: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ الاية، ثم ندبه إلى العفو فقال: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، - قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلّا من هذا الوجه، تفرد به عن سليمان: صالح بن بشير وقد تقدم- يعني: ضعفه-، وضعفه الهيثمي أيضا بصالح بن بشير في مجمع الزوائد [6/ 119] .
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [11/ 62- 63] رقم 11051، والبيهقي في الدلائل [3/ 288] ، من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله حين قتل حمزة ومثل به: لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين رجلا منهم، فأنزل الله: وَإِنْ عاقَبْتُمْ الايات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل نصبر يا رب، فصبر ونهى عن المثلى.
وأخرج ابن جرير في تفسيره [14/ 195- 196] ، من حديث عطاء بن يسار مرسلا قال: نزلت سورة النحل كلها بمكة وهي مكية إلّا ثلاث آيات في آخرها نزلت في المدينة بعد أحد حيث قتل حمزة ومثل به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بثلاثين رجلا منهم، فلما سمع المسلمون ذلك قالوا: والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا الايات إلى آخر السورة.
(1443) - قوله: «حين وقف على خيانة اليهود» :
أي: يهود بني النضير حين خرج إليهم صلى الله عليه وسلم يستعينهم على دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري فأوهموه بالترحيب والإعانة وأضمروا له الخيانة والغدر، وتامروا أن يطرحوا عليه صخرة من على ظهر بيتهم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الخبر فانصرف. -(4/173)
ولم نجد الله تعالى فعل ذلك بأحد من الأنبياء قبله، بل وجدناه خلّى بين الأنبياء وبين اختيارهم لأنفسهم فيما يعزمون عليه ويتخيرون فيه، فأخبر عن سليمان عليه السّلام في شأن غيبة الهدهد عنه في وقت الحاجة منه إليه، وعزمه على ما عزم عليه، فقال: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (21) الاية، ثم لم نجد الله اختار له ترك العقوبة ولا فرض عليه إيثار العفو بل وجدناه ساكتا عن الاختيار له في ذلك، وكذلك وجدناه فعل بنوح عليه السّلام في مقابلته فعل الكفرة بمثله، ولم نجده اختار له ترك ذلك فقال: وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ الاية، ولم نجده اختار له الكف عن مقابلتهم والميل إلى الأحسن من العفو والصفح فيهم، وكذلك وجدناه فعل بيوسف في قوله لإخوته: فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (60) الاية، ولم نجده اختار له ترك ذلك وأمره بإيفاء كيلهم إذ كان ذلك أحسن به وأجمل وأرفق بهم وأولى، بل تركهم كلهم، وإيثار ما يعزمون عليه من أفعالهم.
- أخرج القصة ابن جرير في تفسيره من حديث عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر [6/ 144] ، وأبو نعيم في الدلائل من حديث ابن عباس برقم 425، وابن جرير من حديث مجاهد [6/ 144، 156] .
وأخرج ابن جرير [6/ 157] ، من حديث قتادة في قوله تعالى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ الاية، قال: لم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأمره الله أن يعفو عنهم ويصفح، ثم نسخ ذلك في براءة فقال: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الاية.(4/174)
شرف آخر- 62 1444- وهو ما أحدث الله تعالى في السماوات من انشقاق القمر وإقامة الرصد من الشهب المانعة للجن والشياطين من استراق السمع، حكى الله عنهم في قوله عزّ وجلّ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (9) ، وانشقاق القمر يجيء في المعجزات.
شرف آخر- 63 1445- وهو أنه سبحانه زاده في النعم صلى الله عليه وسلم، فعلّمه الشكر زيادة على شكر الأنبياء، فقال فيما حكى الله تعالى عن إبراهيم عليه السّلام أنه قال:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ الاية، واقتصر على ذلك، ومدح نوحا فقال: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً الاية، وعلّمه فقال:
فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الاية.
ثم سوى الله بينه وبينهم فأعطاه ما أعطاهم فقال: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ الاية، ثم تمم له في مفتتح كتابه ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، فقال: وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الاية، وقال: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الاية، وقال: وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الاية.
(1444) - قوله: «وانشقاق القمر يجيء في المعجزات» :
تقدم باب المعجزات.(4/175)
شرف آخر- 64 1446- وهو أن الله تعالى ذكره خص كتابه بأسماء لم يجعل لكتب الأنبياء المتقدمين ذلك، فسماه قرآنا، وكتابا، وكلاما، وهدى، ورحمة، ونورا، وفرقانا، وشفاء، وذكرا، وتبيانا، وحبلا، وعهدا، وحكيما، وعلما، ومهيمنا، وصراطا مستقيما، وصحفا مطهرة، وبيانا، وبلاغا، وبشرى، وموعظة، ومباركا، وذكر كتب الأنبياء عليهم السّلام فقال: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (18) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى الاية، وقال تعالى: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً الاية، وقال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ، فلم يزد على اسم واسمين، فدلت كثرة الأسماء على جلالة الكتاب، وجلالة الكتاب بجلالة الرسول.
قال أبو سعد رحمه الله: فلا نقول بأن بعض الكلام أفضل من بعض، إلّا أن الله يثيب على البعض أكثر، وأما الفائدة في الاختصار ما روي أن بعض العلماء صنف في الحيض كتابا في قوله تعالى:
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً الاية، وقع في أجزاء، فبلغ ذلك بعض المجوس فقال: أعلم أن كتابهم حق؛ حيث جعل الله فيه من البركة ما يصنف في نصف آية كتابا مبسوطا، وأسلم.
(1446) - قوله: «فلا نقول بأن بعض الكلام أفضل من بعض» :
نعم، لا نقول ذلك من عند أنفسنا، بل نقوله تبعا لما جاء عن الله وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم تفضيله لايات وسور من كتاب الله، ومعلوم أن ذلك مرتبط بحب الله لتلك الايات والسور حتى رتب عليها الأجر العظيم لذاكرها وحافظها، وليس هذا محل بسط المسألة.(4/176)
شرف آخر- 65 1447- قوله عزّ وجلّ: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ الاية.
وكان صلى الله عليه وسلم أسر إلى حفصة كلمات منها: أن أباها وأبا عائشة يملكان من بعده أمته، فلم تتمالك من الفرح أن أخبرت عائشة سرا وأمرتها أن تكتمه فأظهره الله عليه وذلك قوله عزّ وجلّ: قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ الاية.
(1447) - قوله: «منها: أن أباها وأبا عائشة يملكان من بعده» : أخرج ابن عدي في الكامل [3/ 912] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [30/ 222] ، من حديث المخزومي- متهم بالوضع- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ الاية، قال: أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي.
وأخرج الطبراني في الأوسط [3/ 166] رقم 2337، والعقيلي في الضعفاء [4/ 155] ، من حديث موسى بن جعفر، عن عمه- قال الذهبي: مجهول وخبره ساقط- عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بمارية القبطية بيت حفصة.. فذكر القصة بطولها وفيها: ثم قال لي: يا حفصة ألا أبشرك؟ فقلت: بلى بأبي وأمي يا رسول الله، فأعلمني أن أباك يلي الأمر من بعده، وأن أبي يليه بعد أبيك ... الحديث بطوله.
وأخرج ابن عدي في الكامل [3/ 1272] ، من حديث سيف بن عمر الضبي- أحد المضعفين- بأسانيد عن علي وابن عباس قالا: والله إن-(4/177)
شرف آخر- 66 1448- قوله عزّ وجلّ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً الاية، فهذا برهان ظاهر ودليل باهر على صدق القرآن، فإنه يقول هذا وهم يومئذ قليلون ذليلون يخافون ولا يخافون، فصار الأمر كما قال، فاستخلفهم في الأرض وملكهم على العباد، ومكن لهم في البلاد، وأعز لهم دينهم الذي ارتضى لهم وأبدلهم بعد الخوف أمنا يخافهم الأمم ولا يخافون أحدا إلّا الله ويعبدونه ولا يشركون به شيئا.
1449- ولما قدمت الروم منهزمة على هرقل بأنطاكية، قال لهم:
أخبروني ويلكم: هؤلاء الذين يقاتلونكم أليسوا بشرا مثلكم؟ قالوا: - إمارة أبي بكر وعمر لفي الكتاب: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً الاية، وقال لحفصة: أبوك وأبو عائشة واليا الناس بعدي، ومن طريق ابن عدي أخرجه ابن عساكر في تاريخه [30/ 222] .
وأخرج ابن عساكر في تاريخه [30/ 222- 223] ، من حديث ميمون بن مهران في هذه الاية قال: أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي.
وأخرج أيضا عن حبيب بن أبي ثابت نحوه، أسانيدها ليست بشيء.
قال أبو عاصم: هذه الأخبار وإن طابقت الواقع الذي أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بوقوع كثير منه حتى كان الأمر كما أخبر، إلّا أن أسانيدها غير مستقيمة، فلا يستأنس بها ولا يفرح بها سيما وأنها مخالفة لما صح من تفسيرها. والله أعلم.
(1449) - قوله: «ولما قدمت الروم» :
هذه الجملة إلى قوله: صدقت، منثورة في الأصل ضمن ما فضله الله به النبي صلى الله عليه وسلم لا علاقة تربطها بما قبلها ولا بما بعدها، رأينا إثباتها هنا، وبالله التوفيق.(4/178)
بلى، قال: فما بالكم تنهزمون كلما لقيتموهم؟ فقال شيخ: من أجل أنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنّا نشرب الخمر، ونزني، ونرتكب الحرام، وننقض العهد، ونغصب ونظلم، ونأمر بما يسخط الله، وننهى عما يرضي الله، ونفسد في الأرض، قال: صدقت.
شرف آخر- 67 1450- قوله تعالى لليهود: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ الاية، ومصداق ذلك ما نراه عيانا في اليهود في كل مصر وفي كل عصر مذ قام الإسلام، فإنك تراهم أذل الكفار نفوسا، وأبذلهم هيبة، وقد كان لهم قبل ذلك ملك، كانوا يقتلون عند ذلك الأنبياء وزعموا أنهم قتلوا المسيح، ألا ترى أنهم كانوا في جزيرة العرب أعزّ من فيها كأهل خيبر وفدك وقريظة وغيرهم؟ ولا تراهم اليوم في أمة من الأمم إلّا وعليهم الصغار والحقار، وإن كانوا ذوي الأموال وعليهم الجزية يؤدونها عن يد وهم صاغرون.(4/179)
[229- باب ذكر ما أقسم الله تعالى بنبيّه في القرآن]
229- باب ذكر ما أقسم الله تعالى بنبيّه في القرآن قال الله عزّ وجلّ: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) الاية.
1451-- قال ابن عباس: ما خلق الله نفسا هي أكرم عليه من محمّد صلى الله عليه وسلم، وما أقسم بحياة أحد غيره.
(1451) - قوله: «قال ابن عباس» :
أخرجه جماعة أسانيد بعضهم على شرط مسلم، فأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [7/ 2269] رقم 12420، وابن جرير كذلك [14/ 44] ، وأبو يعلى في مسنده [5/ 139] رقم 2754، وأبو نعيم في الدلائل برقم 22، والبيهقي كذلك [5/ 488] ، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 871- 872] رقم 934، وغيرهم، وبعضهم يزيد على بعض.
قال أبو عاصم: لم ينفرد ابن عباس بقوله هذا في أن النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق على الله بل تابعه غير واحد من الصحابة:
منهم: ابن مسعود، فأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 455] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 484- 485] ، وابن عساكر- كما في الدر المنثور- من حديث المسعودي، عن عاصم، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله: إن الله اتخذ إبراهيم خليلا، وإن صاحبكم خليل الله، وإن محمدا أكرم الخلق على الله، ثم قرأ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً، فيه المسعودي يقال: اختلط بأخرة.
ومنهم: عبد الله بن سلام الصحابي الحبر، أخرج الحافظ أسد بن موسى في الزهد له [/ 38] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 485- 486] ، بإسناد رجاله عن آخرهم ثقات من حديث بشر بن شغاف، قال: كنا جلوسا مع-(4/180)
أقسم على هدايته فقال: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى الاية.
وأقسم على رسالته فقال: يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) الاية.
وأقسم على محبته فقال: وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) الاية.
وأقسم على شرف أخلاقه فقال: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ الاية، إلى قوله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ الاية.
- عبد الله بن سلام يوم الجمعة، فقال: إن أعظم أيام الدنيا يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة، وإن أكرم خليقة على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، قلت: رحمك الله فأين الملائكة؟ قال: فنظر إليّ وضحك، فقال: يا ابن أخي وهل تدري ما الملائكة؟ إنما الملائكة خلق كخلق الأرض وخلق السماء وخلق السحاب وخلق الجبال، وخلق الرياح وسائر الخلائق، وإن أكرم الخلائق على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ... الحديث.
قوله: «وإنك لعلى خلق عظيم» :
قال ابن عباس: على دين عظيم، قال ابن القيم رحمه الله في أقسام القرآن: سمى الدين خلقا لأن الخلق هيئة مركبة من علوم صادقة، وإرادات زاكية، وأعمال ظاهرة وباطنة، موافقة للعدل والحكمة والمصلحة، وأقوال مطابقة للحق، تصدر تلك الأقوال والأعمال عن تلك العلوم والإرادات، فتكتسب النفس المقتبسة من مشكاة القرآن، فكان كلامه مطابقا للقرآن تفصيلا له، وتبيينا، وعلومه علوم القرآن، وإراداته وأعماله ما أوجبه وندب إليه القرآن، وإعراضه وتركه لما منع منه القرآن، ورغبته فيما رغب فيه، وزهده فيما زهد فيه، وكراهته لما كرهه، ومحبته لما أحبه، وسعيه في تنفيذ أوامره، وتبليغه، والجهاد في إقامته. -(4/181)
1452- وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن.
1453- وبيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله عزّ وجلّ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (199) الاية، فقال: صل من قطعك، واعط من حرمك، واعف عمن ظلمك.
- وقال معلقا على قول أم المؤمنين الاتي: أجابت رضي الله عنها بحسن تعبيرها، وكمال معرفتها بالقرآن وبالرسول صلى الله عليه وسلم بما شفى وكفى.
قال: فإذا كانت أخلاق العباد، وعلومهم، وإراداتهم، وأعمالهم مستفادة من القلم وما يسطرون، وكان في خلق القلم والكتابة إنعام عليهم وإحسان إليهم، إذ وصلوا به إلى ذلك، فكيف ينكرون إنعامه وإحسانه على عبده ورسوله الذي أعطاه أعلى الأخلاق، وأفضل العلوم والأعمال والإرادات، التي لا تهتدي العقول إلى تفاصيلها من غير قلم ولا كتابة؟ فهل هذا إلّا من أعظم آيات نبوته وشواهد صدق رسالاته؟ وسيعلم أعداؤه المكذبون له أيهم المفتون هو أم هم؟ وقد علموا هم والعقلاء ذلك في الدنيا، ويزداد علمهم في البرزخ، وينكشف، ويظهر كل الظهور في الاخر، بحيث تتساوى أقدام الخلائق في العلم به.
(1452) - قوله: «وسئلت عائشة رضي الله عنها» :
أخرجه الشيخان.
(1453) - قوله: «واعف عمن ظلمك» :
في الباب عن عبد الله بن الزبير، وعلي، وعقبة بن عامر، وأنس، ومعاذ بن أنس، وأبي بن كعب، وأبي هريرة، وعامر الشعبي، وعائشة رضي الله عنها.
أما حديث عبد الله بن الزبير، فأخرجه البخاري في التفسير من صحيحه عن عبد الله بن الزبير قوله في هذه الاية: أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس. -(4/182)
.........
- وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه البيهقي في السنن الكبرى [10/ 235] ، والطبراني في الأوسط [6/ 264] ، ولفظه: ألا أدلك على أكرم أخلاق الدنيا والاخرة؟ أن تصل من قطعك، وأن تعطي من حرمك، وأن تعفو عمن ظلمك، وفي إسناده الحارث الأعور، وهو ضعيف.
وأما حديث عقبة بن عامر، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 148، 158] ، وهناد في الزهد له برقم 1014، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 269، 270] 739، 740، والحاكم في المستدرك [4/ 161- 162] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 31] رقم 3443، والبيهقي في الشعب [6/ 222] رقم 7959.
وأما حديث أنس، فأخرجه البيهقي في الشعب [6/ 222] رقم 7957.
وأما حديث معاذ بن أنس، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 438] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 188] رقم 413، 414 بإسناد فيه زبان بن فائد وهو ضعيف.
وأما حديث أبي بن كعب، فأخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 57، ولفظه: من سره أن يشرف له البنيان، وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه، وليعط من حرمه، وليصل من قطعه.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البيهقي في الشعب [6/ 261] رقم 8081 من حديث الحسن البصري عنه.
وأما حديث الشعبي، فأخرجه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا وأبو الشيخ وابن المنذر كما في الدر المنثور [3/ 628] : قوله في هذه الاية: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا جبريل! قال: لا أدري حتى أسأل العالم، فذهب ثم رجع فقال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك ... الحديث، وصله ابن مردويه فجعله عن جابر بن عبد الله.
وأما حديث عائشة، فأخرجه أيضا البيهقي في الشعب [6/ 261] رقم 8080.(4/183)
قال الأستاذ أبو سعد سلمه الله:
1454- سمعت أبا عبد الله- صاحب أبي عمرو الزجّاجي- في المسجد الحرام يقول: قال أبو عمرو: هذه الفضيلة أعظم من قوله:
لَعَمْرُكَ، لأن هذا مدح يرجع إلى صفته، وذلك ابتداء عطاء.
وأقسم على نزاهته من كل العلل، فقال جل جلاله وعظم شأنه:
فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (38) وَما لا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (42) الاية.
وأقسم أنه لم يكلّفه ما كان يتحمل من العبادة فقال: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) الاية.
وشهد له وأقسم على أنه رأى جبريل عليه السّلام في السماء السابعة فقال:
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ الاية.
وأقسم أنه ينتقم ممن يؤذونه فقال: كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (16) الاية.
وأقسم على أن عدوه لفي حزن وكيد فقال: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ الاية، (1454) - قوله: «وذلك ابتداء عطاء» :
وقال أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن: هي آية عظيمة في تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم فأكثر المفسرين على أنه قسم بحياة محمّد صلى الله عليه وسلم.(4/184)
قال: في أمر معاشه ومعاده.
وأقسم على بعد أعدائه من الله عزّ وجلّ فقال: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ الاية.
وأقسم على صحة شريعته فقال: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ.
قوله: «قال: في أمر معاشه ومعاده» :
القائل هو ابن عباس، أخرج قوله ابن جرير في تفسيره [30/ 197] ، وابن أبي حاتم [10/ 3433] رقم 19311، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر- كما في الدر المنثور [8/ 519]- من حديث عطاء، عنه، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 523] .(4/185)
[230- باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرّسول صلى الله عليه وسلم في القرآن]
230- باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرّسول صلى الله عليه وسلم في القرآن قال بعض أهل العلم:
1455- إن الله عزّ وجل ذكر أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن محبة له ومدحا.
فذكر نفسه فقال: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ الاية.
وذكر وجهه فقال عز من قائل: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الاية.
وذكر عينه فقال جل جلاله في سورة الحجر: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ.
قوله: «باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم» :
كذا في «ب» و «م» ، ووقع في ظ: باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن من قرنه إلى قدمه، وفيها تقديم وتأخير في ترتيب الأعضاء الشريفة.
(1455) - قوله: «محبة له ومدحا» :
قال السيوطي في الخصائص [3/ 170] : قال ابن سبع: ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى وصفه في كتابه عضوا عضوا.
قوله: «فذكر نفسه» :
أصرح مما ذكر وأحلى فيما أرى قوله سبحانه معتنيا بنفس نبيه مهتما لها:
فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ الاية، وقوله: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ الاية، وقوله: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ الاية.(4/186)
وذكر بصره فقال: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى الاية.
وذكر أذنه فقال: وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ الاية.
وذكر قلبه فقال: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ الاية.
وذكر نطقه فقال: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) الاية.
وذكر صدره فقال عزّ وجلّ: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ الاية، وقال تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) الاية.
وذكر فؤاده فقال: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (11) الاية.
وذكر لسانه فقال: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ الاية، وقال: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
الاية.
وذكر ظهره فقال: الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ الاية.
وذكر يده فقال: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ الاية.
وذكر يمينه فقال: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ الاية، وقال: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ الاية.
وذكر رجله فقال سبحانه: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى الاية.
قوله: «وذكر رجله» :
في توجيه قوله تعالى: طه بأن المراد رجله صلى الله عليه وسلم- نظر، اللهمّ إلّا أن يقال أنها نزلت بسبب قيامه صلى الله عليه وسلم الليل على قدميه؛ فأخرج البزار [3/ 58 كشف الأستار] بسند حسن- قاله السيوطي- عن علي رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يراوح بين قدميه، يقوم على كل رجل حتى نزلت:
طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) الاية، وأخرج البيهقي في الشعب [2/ 186] من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما أنزل عليه الوحي كان يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله عزّ وجلّ ... قال-(4/187)
وذكر صورته فقال: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ الاية.
وذكر خلقه فقال: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ الاية.
وذكر عمره فقال: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ الاية.
- السيوطي في الدر المنثور [5/ 549- 550] : وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله عزّ وجلّ: طه، يعني: طا الأرض يا محمد.
قال أبو عاصم: أولى الأقوال في هذا أن طه اسم من أسمائه صلى الله عليه وسلم كما تقدّم، والله أعلم.
قوله: «وذكر صورته» :
لم أر من وجه الإنسان في الاية المذكورة بأن المراد النبي صلى الله عليه وسلم وقد يشكل عليه ما بعدها.(4/188)
[جامع أبواب فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم]
جامع أبواب فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم(4/189)
[231- باب جامع في فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما ورد من الدّلالة على تفضيله على سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين]
231- باب جامع في فضل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما ورد من الدّلالة على تفضيله على سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين 1456- حدثنا أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي رضي الله عنه، أنا أبو العباس: محمد بن إسحاق السراج،........
(1456) - قوله: «المزكي» :
الإمام الحافظ: أبو إسحاق بن سختويه، شيخ بلده ومحدث وقته، سمع ابن خزيمة وابن أبي حاتم، قال الحاكم أحد تلاميذه: أملى عدة سنين، وكنا نعد في مجلسه أربعة عشر محدثا، منهم: أبو العباس الأصم ومحمد بن يعقوب الأخرم، وقال الخطيب: كان ثقة ثبتا مكثرا مواصلا للحج، انتخب عليه الدارقطني، توفي سنة اثنتين وستين وثلاث مائة.
سير أعلام النبلاء [16/ 163] ، تاريخ بغداد [6/ 168] ، الوافي بالوفيات [6/ 123] ، العبر [2/ 327] ، المنتظم [14/ 216] ، النجوم الزاهرة [4/ 69] ، مرآة الجنان [2/ 375] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 362- ص 288] .
قوله: «محمد بن إسحاق السراج» :
الثقفي مولاهم، الحافظ شيخ الإسلام ومحدث خراسان، صاحب المسند الكبير والتاريخ، حدث عنه الشيخان خارج الصحيح، قال الخطيب: كان من الثقات الأثبات، عني بالحديث، وصنف كتابا كثيرة، توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. -(4/191)
ثنا أحمد بن سعيد الدارمي، ومحمد بن عثمان بن كرامة، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى،............... ....
- تاريخ بغداد [1/ 248] ، الوافي بالوفيات [2/ 187] ، سير أعلام النبلاء [14/ 388] ، الجرح والتعديل [7/ 196] ، تذكرة الحفاظ [2/ 731] ، طبقات السبكي [3/ 108] ، طبقات الجزري [2/ 97] ، النجوم الزاهرة [3/ 214] ، المنتظم [13/ 252] .
قوله: «أحمد بن سعيد الدارمي» :
الحافظ الثبت: أبو جعفر السرخسي، أحد مشايخ الإسلام، روى عنه الجماعة سوى النسائي، ولي قضاء خراسان، وحدث بها، قال الإمام أحمد: ما قدم علينا خراساني أفقه بدنا منه، توفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين.
تهذيب الكمال [1/ 314] ، تهذيب التهذيب [1/ 28] ، الكاشف [1/ 18] ، سير أعلام النبلاء [12/ 233] ، الوافي بالوفيات [6/ 390] ، تذكرة الحفاظ [2/ 548] ، تاريخ بغداد [4/ 166] .
قوله: «ومحمد بن عثمان بن كرامة» :
الحافظ: أبو جعفر العجلي مولاهم، الكوفي الوراق- وراق عبيد الله بن موسى- روى عنه البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وكان ثقة، توفي سنة ست وخمسين ومائتين.
تهذيب الكمال [26/ 91] ، تهذيب التهذيب [9/ 301] ، الكاشف [3/ 68] ، سير أعلام النبلاء [12/ 296] ، الجرح والتعديل [8/ 25] ، تاريخ بغداد [3/ 40] ، الوافي بالوفيات [4/ 82] .
قوله: «حدثنا عبيد الله بن موسى» :
العبسي، الحافظ الثقة: أبو محمد الكوفي، أحد أصحاب إسرائيل الأثبات، حديثه عند الجماعة. -(4/192)
ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه قال:
- سير أعلام النبلاء [9/ 553] ، تهذيب الكمال [19/ 164] ، تهذيب التهذيب [7/ 46] ، الكاشف [2/ 205] ، التاريخ الكبير [5/ 401] ، الجرح والتعديل [5/ 334] ، طبقات ابن سعد [6/ 400] ، تذكرة الحفاظ [1/ 353] .
قوله: «ثنا إسرائيل» :
هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، الإمام الحجة، أحد مشايخ الإسلام وأوعية العلم والحديث، ممن اتفق على إمامته وجلالته.
سير أعلام النبلاء [7/ 355] ، تهذيب الكمال [2/ 515] ، تهذيب التهذيب [1/ 229] ، الكاشف [1/ 67] ، التاريخ الكبير [2/ 56] ، الجرح والتعديل [2/ 330] ، طبقات ابن سعد [6/ 374] ، تاريخ بغداد [7/ 20] ، تذكرة الحفاظ [1/ 214] .
قوله: «عن أبي إسحاق» :
السبيعي، اسمه: عمرو بن عبد الله الهمداني، الكوفي الإمام شيخ الكوفة، وعالمها ومحدثها، وأحد العلماء العاملين، رأى علي بن أبي طالب، وروى عن جماعة من الصحابة، وكان طلّابة للعلم كبير القدر، وكان ربما دلس في الحديث، مع ما له من الجلالة، له مناقب وفضائل مذكورة في مظان ترجمته.
سير أعلام النبلاء [5/ 392] ، طبقات ابن سعد [6/ 313] ، تهذيب الكمال [22/ 102] ، تهذيب التهذيب [8/ 56] ، الكاشف [2/ 288] ، التاريخ الكبير [6/ 347] ، الجرح والتعديل [6/ 242] .
قوله: «عن أبي بردة» :
هو ابن أبي موسى الأشعري، الكوفي، الإمام التابعي الفقيه، كان قاضيا على الكوفة للحجاج، ثم عزله بأخيه أبي بكر، وثقه الجماعة، وحديثه في-(4/193)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: بعثت إلى الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي كان قبلي، وأعطيت الشفاعة، وإنه ليس من نبي إلّا وقد سأل شفاعته، وإني أخرت شفاعتي فجعلتها لمن مات لا يشرك بالله شيئا.
- الكتاب الستة.
طبقات ابن سعد [6/ 268] ، والتاريخ الكبير [6/ 447] ، سير أعلام النبلاء [4/ 343] ، أخبار القضاة [2/ 408] ، تهذيب الكمال [33/ 66] ، تهذيب التهذيب [12/ 21] ، الكاشف [3/ 273] ، تذكرة الحفاظ [1/ 89] ، النجوم الزاهرة [1/ 252] .
قوله: «وإني أخرت شفاعتي» :
كذا في نسخة وهو موافق لما في المصادر، وفي نسخة: وإني ادخرت شفاعتي.
قوله: «لا يشرك بالله شيئا» :
رجال إسناده رجال الصحيح، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 416] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 433] رقم 11691، والطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [8/ 258]- قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
قلت: رواه أبو أحمد الزبيري، عن إسرائيل مرسلا، لم يذكر أبا موسى، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 416- 417] .
وهو في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله، أخرجه البخاري في التيمم برقم 335، وفي الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، رقم 438، وفي الجهاد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أحلت لكم الغنائم، رقم 3122، وأخرجه مسلم في المساجد برقم 521.(4/194)
قال أبو سعد صاحب الكتاب عفا الله عنه:
فمما فضله الله تعالى به:
أن أعطاه خمسا لم يعطها أحدا من الخلق: بعثه إلى الجن والإنس إلى يوم القيامة، وإنما كانت الأنبياء يبعثون إلى قومهم وأرضهم، وجعلت له الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت له الغنائم ولم تكن حلالا لمن قبله، ونصر على عدوه بالرعب مسيرة شهر، وأعطي الشفاعة دون النبيين في الاخرة، وذلك أن الله تعالى جعل لكل نبي دعوة في الدنيا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخرها إلى الاخرة لأمته، فهذه الخصال الخمس لم تكن لأحد من ولد آدم غيره.
كذلك مما فضله الله تعالى به مما لم يسبقه به نبي قبله:
1457- أنه أسرع الناس خروجا من الأرض إذا بعثوا، وسيد النبيين إذا حشروا، وإمامهم إذا سجدوا، ومبشرهم إذا أبلسوا، وقائدهم إلى الجنة إذا وفدوا، وأقربهم مجلسا إذا اجتمعوا، يتكلم عند الرب (1457) - قوله: «أسرع الناس خروجا من الأرض» :
أخرج أبو محمد الدارمي في مسنده من حديث الربيع بن أنس، عن أنس مرفوعا: أنا أولهم خروجا إذا بعثوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا مستشفعهم إذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا يئسوا، الكرامة والمفاتيح يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي، يطوف عليّ ألف خادم كأنهم بيض مكنون أو لؤلؤ منثور. فيه ليث بن أبي سليم وحديثه حسن في هذا الباب، وانظر تخريجه في كتابنا فتح المنان، تحت رقم 50، وخرجنا تحته حديث أم كرز الخزاعية مرفوعا: أنا سيد المؤمنين إذا بعثوا، وسائقهم إذا وردوا، ومبشرهم إذا أيسوا، وإمامهم إذا سجدوا، وأقربهم مجلسا من الرب تعالى إذا اجتمعوا، أتكلم فيصدقني، وأتشفع فيشفعني، وأسأل فيعطيني.(4/195)
فيصدقه، ويسأله فيعطيه، ويشفع فيشفعه، ويعطيه الحوض المورود، ويبعثه المقام المحمود، ومفاتيح الجنة بيده.
1458- روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون.
1459- وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأكملها إلّا في موضع لبنة، فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون من بنائه ويقولون: ما أحسن هذا القصر لو تمت هذه اللبنة، فكنت أنا تلك اللبنة.
ومما فضله الله تعالى به:
1460- أنه أول من يدعى، وأوّل من يشفّع، وأول من يأخذ بحلقة باب الجنة، قد غفر الله له ما عمل وما يعمل كما قال تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ الاية.
(1458) - قوله: «فضلت على الأنبياء بست» :
أسنده المصنف في باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الشريعة من طريق مسلم، ويأتي تخريجه هناك.
(1459) - قوله: «مثلي ومثل الأنبياء» :
أخرجه الشيخان، فأخرجه مسلم في الفضائل، باب ذكر كونه خاتم النبيين، رقم 2286، والبخاري في مناقب الأنصار، باب خاتم النبيين.
(1460) - قوله: «وأول من يأخذ بحلقة باب الجنة» :
انظر التعليق على الحديث التالي.(4/196)
1461- وعلمه السّيما كما أخبر سبحانه بقوله: وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ الاية، فلم يتكلم بعد ذلك عنده أحد إلّا عرفه بكلامه.
1462- أخبرنا أبو طاهر: أحمد بن محمد بن إسماعيل السفياني الهروي، نا أبو علي: الحسين بن إدريس الأنصاري، ثنا سليمان بن (1461) - قوله: «وعلمه السيما» :
الاية المذكورة متعلقة بمعرفته بحال المنافقين في الدنيا، وأما في الاخرة فقد أخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 199] ، بسند صحيح من حديث جبير بن نفير أنه سمع أبا ذر وأبا الدرداء قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف أمتي يوم القيامة من بين الأمم، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك؟ قال: أعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم.
(1462) - قوله: «السفياني» :
نسبة إلى سفيان من أعمال هراة، ذكره الأمير ابن ماكولا، وابن ناصر الدين وقالا: توفي سنة ثمان وستين وثلاث مائة، أما السمعاني فقال: في حدود سنة ثمانين وثلاث مائة.
الإكمال لابن ماكولا [4/ 544] ، توضيح المشتبه [5/ 111] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 380- ص 672] ، الأنساب [3/ 261] .
قوله: «الحسين بن إدريس الأنصاري» :
الإمام المحدث الثقة، الرحال، وقال الذهبي: كان صاحب حديث وفهم، له تاريخ كبير وتصانيف، وثقه الدارقطني، وأرخ موته أبو النضر الفامي سنة إحدى وثلاث مائة، ولعله جاوز التسعين.
سير أعلام النبلاء [14/ 113] ، الوافي بالوفيات [12/ 340] ، تذكرة-(4/197)
عبد العزيز المدني- من ولد عبد الرحمن بن عوف الزهري-، ثنا عبد الله بن نافع، ثنا المنكدر بن محمد، عن أبيه: عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أنا سيد الناس يوم القيامة، والذي نفس أبي القاسم بيده ولا فخر، وأنا والذي نفس أبي القاسم بيده أول من يستشفع الجنة ولا فخر- الحافظ [2/ 695] ، الجرح والتعديل [3/ 47] ، الميزان [1/ 530] ، النجوم الزاهرة [3/ 184] .
قوله: «من ولد عبد الرحمن بن عوف الزهري» :
الصحابي المشهور، وسليمان هذا لم أقف له على ترجمة له فيما لدي من المصادر.
قوله: «ثنا عبد الله بن نافع» :
الزبيري، الأسدي، الإمام العابد الناسك أبو بكر المدني، كان ممن يسرد الصوم ويجتهد في العبادة، توفي سنة ست عشرة ومائتين.
سير أعلام النبلاء [10/ 374] ، طبقات ابن سعد [5/ 439] ، تهذيب الكمال [16/ 203] ، تهذيب التهذيب [6/ 46] ، الكاشف [2/ 121] .
قوله: «ثنا المنكدر بن محمد» :
ابن المنكدر القرشي، التيمي، المدني، من رجال الترمذي والبخاري في الأدب المفرد، يقال: لم يكن بالحافظ، كان كثير الخطأ، ليس بالقوي في الحديث، قال ابن حبان: كان من خيار عباد الله، قطعته العبادة عن مراعاة الحفظ، فكان يأتي بالشيء توهما فبطل الاحتجاج بأخباره.
تهذيب الكمال [28/ 562] ، تهذيب التهذيب [10/ 281] ، الكاشف [3/ 156] ، الكامل [6/ 2446] ، الميزان [5/ 315] ، المجروحين [3/ 23] .(4/198)
وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر.
قوله: «وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر» :
إسناده ضعيف، وهو من هذا الوجه غريب جدّا، وأوله في الصحيحين من حديث أبي هريرة في حديث الشفاعة الطويل: أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر ... الحديث بطوله.
وأخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 144] ، وأبو محمد الدارمي كذلك برقم 55- فتح المنان من حديث عمرو بن أبي عمرو، عن أنس قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر، وأعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر، وآتي باب الجنة فاخذ بحلقتها فيقولون: من هذا؟ فأقول: أنا محمد فيفتحون لي ... الحديث بطوله.
رجاله رجال الصحيحين، انظر تخريجه في كتابنا: فتح المنان شرح المسند الجامع.
وأخرج مسلم برقم 2278، وأبو داود في السنة، باب التخيير بين الأنبياء برقم 4673 وغيرهما من حديث عبد الله بن فروخ، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع.
وأخرج مسلم في الفضائل برقم 2276، والإمام أحمد في المسند [4/ 107] ، والترمذي برقم 3605، 3606 من حديث واثلة بن الأسقع، وهذا لفظ ابن حبان وهو أتم: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع وأول مشفع.
وأخرج الترمذي في الفضائل برقم 3615، وأحمد في المسند [3/ 2] ، وابن ماجه برقم 4308، من حديث ابن جدعان- ممن يخرج له في-(4/199)
1463- وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون، فإذا بعضهم يقول: عجبا، إن الله اتخذ إبراهيم من خلقه خليلا، فإبراهيم خليل الله، وقال الاخر: ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليما، وقال الاخر: فعيسى كلمة الله وروحه، وقال آخر: وآدم اصطفاه الله.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم في إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى نجيه وهو كذلك، وعيسى كلمة الله وروحه وهو كذلك، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يحرك غلق الجنة ولا فخر، - الشواهد والمتابعات- عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا:
أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ: آدم فمن سواه إلّا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، قال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة برقم 793، وأبو يعلى في مسنده [13/ 481] رقم 7493، من حديث بشر بن شغاف، عن عبد الله بن سلام مرفوعا: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع ومشفع، بيدي لواء الحمد، تحتي آدم فمن دونه.
صححه ابن حبان كما في الموارد برقم 2127.
(1463) - قوله: «وقال عبد الله بن عباس» :
خرجنا حديثه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 49- فتح المنان، وفي إسناده زمعة بن صالح، وحديثه مقبول في الشواهد والمتابعات والفضائل والرقاق، أخرج له مسلم مقرونا بغيره.(4/200)
فيفتحها الله لي فأدخلها مع فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والاخرين ولا فخر.
1464- وروى كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل، فيكسوني ربي عزّ وجلّ حلّة خضراء فأقول: ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود.
1465- وعن جابر بن عبد الله قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: من أنا؟ قلنا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
نعم، ولكن من أنا؟ قلنا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال:
أنا سيد ولد آدم ولا فخر.
(1464) - قوله: «وروى كعب بن مالك» :
أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [3/ 456] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 72- 73] رقم 142، وفي مسند الشاميين [3/ 36] رقم 1759، وابن جرير في تفسيره [15/ 146- 147] ، وابن أبي داود في كتاب البعث رقم 27، وابن أبي حاتم في تفسيره [7/ 2342 بدون إسناد] رقم 13369، والطحاوي في مشكل الاثار [1/ 449] ، وصححه ابن حبان- كما في الموارد برقم 2579- والحاكم على شرط الشيخين [2/ 363] ، ووافقه الذهبي.
(1465) - قوله: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» :
أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 604- 605] ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: القاسم متروك تالف، وعبيد بن إسحاق العطار ضعفه غير واحد ومشاه أبو حاتم.
قلت: شاهده في الصحيحين كما تقدم ويأتي.(4/201)
1466- وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أنا قائد المرسلين، وأنا خاتم النبيين، وأنا أول شافع ومشفع ولا فخر.
1467- وعن مقاتل بن سليمان قال: فضل الله محمّدا صلى الله عليه وسلم على الناس، وفضل أمته على جميع الأمم لفضل منزلته عنده.
(1466) - قوله: «وروى جابر بن عبد الله» :
أخرج حديثه أبو محمد الدارمي في مسنده بإسناد مصري جيد، وخرجناه في كتابنا فتح المنان تحت رقم 51.
(1467) - قوله: «وعن مقاتل بن سليمان» :
تقدم، وقوله هذا ليس من رأيه ولا باجتهاد منه، بل هو مجموع أحاديث وردت في حقه صلى الله عليه وسلم، منها ما تقدم، ومنها ما سيأتي تخريجه.
قوله: «لفضل منزلته عنده» :
شاهده في صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم 522، من طريق ابن أبي شيبة- وهو في المصنف [11/ 435] برقم 11695- عن ابن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلت على الناس- وفي لفظ: فضلنا على الناس- بثلاث:
جعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وأوتيت هؤلاء الايات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعط مثله أحد قبلي ولا أحد بعدي.
لفظ ابن حبان- وفيه: العدد لا يوافق المعدود، وهكذا يزيد فيه بعضهم على بعض- الإحسان برقم 1697، 6400، وأخرجه النسائي في فضائل القرآن من السنن الكبرى [5/ 15] رقم 8022، والإمام أحمد في المسند [5/ 383] ، وابن خزيمة في صحيحه برقم 263، 264، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 213 مرتين، 223] ، وفي الدلائل [5/ 474- 475] ، وأبو عوانة في مستخرجه [1/ 303] .(4/202)
قال: فكان مما فضل الله به محمّدا صلى الله عليه وسلم: أنه أسرع الناس خروجا من الأرض يوم القيامة إذا بعثوا، وإمامهم إذا سجدوا، وخطيبهم إذا أنصتوا، وشافعهم إذا حبسوا، ومبشرهم إذا يئسوا، وقائدهم إلى الجنة إذا وفدوا، وأقربهم مجلسا من الرب إذا اجتمعوا، فيتكلم النبي صلى الله عليه وسلم عند الرب فيصدقه، ويعطيه الحوض المورود، والشفاعة المتقبلة، ويبعثه المقام المحمود، ولواء الكرامة ومفاتيح الجنة يومئذ بيده.
وقد اتخذه خليلا، وكلمه تكليما، وجعله حكيما، وبعثه نبيا، قوله: «ولواء الكرامة ومفاتيح الجنة يومئذ بيده» :
خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن من حديث الربيع ابن أنس، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولهم إذا بعثوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا ... الحديث، انظر تخريجنا له برقم 50- فتح المنان، باب ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الفضل، وخرجنا تحته حديث أم كرز الخزاعية في هذا الباب.
قوله: «وقد اتخذه خليلا» :
شاهده عند مسلم من حديث أبي الأحوص، عن ابن مسعود مرفوعا:
لو كنت متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله عزّ وجلّ صاحبكم خليلا، أخرجه الإمام أحمد والترمذي وغيرهم.
قوله: «وكلمه تكليما» :
يعني: ليلة الإسراء التي حصلت فيها مراجعته صلى الله عليه وسلم ربه عزّ وجلّ يسأله تخفيف الصلاة.
قوله: «وجعله حكيما» :
مستفاد من قوله عزّ وجلّ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ
الاية، -(4/203)
وجعله شاهدا وغفر له ما تقدم من ذنبه، وغفر له ما لم يعمل وما هو عامل، وعلّمه الأسماء، وزيّنه بالتقوى، ودنا إليه فتدلى- وقوله عزّ وجلّ: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ، وتقدّم في حديث الإسراء المخرج في الصحيحين بألفاظ من طرق: ثم أتيت بطست من ذهب مملوآ إيمانا وحكمة، فغسل قلبي، ثم حشي ... الحديث بطوله.
قوله: «وجعله شاهدا» :
أخرج البخاري في كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ
، وفي التفسير، باب قول الله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً الاية، وفي الاعتصام كذلك، باب قول الله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً الاية، من حديث أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟
فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته، فيشهدون أنه قد بلّغ، ويكون الرسول عليكم شهيدا، فذلك قوله جلّ ذكره: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً الاية.
قوله: «وعلمه الأسماء» :
مستفاد من قوله عزّ وجلّ: وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
الاية، وسيأتي في الموازاة حديث أبي رافع: مثلت لي أمتي في الماء والطين، وعلمت الأسماء، وإسناده مجهول.
قوله: «وزينه بالتقوى» :
مستفاد من قوله عزّ وجلّ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (132) ، مع آيات كثيرة فيها الأمر بالتقوى، وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، فهو متحقق بها ومزين بلا شك.(4/204)
عند سدرة المنتهى، ورآه بقلبه مرتين فذلك قوله عزّ وجلّ: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى الاية، وذلك بعد أن قال: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
الاية، وأعطاه مكان التوراة: السبع الطوال، ومكان الإنجيل: المثاني، ومكان الزبور: المئين، وفضله ربه بالحواميم والمفصل، وأعطاه جوامع الخير ومفاتحه،............... ..
قوله: «وأعطاه مكان التوراة» :
شاهده حديث أبي المليح، عن واثلة مرفوعا: أعطيت مكان التوراة:
السبع، ومكان الزبور: المئين، ومكان الإنجيل: المثاني، وفضلت بالمفصل. إسناده حسن، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 107] ، والطيالسي برقم 1012، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 75] برقم 186، 187، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن [/ 225] ، وابن جرير في تفسيره [1/ 44] ، والبيهقي في الشعب برقم 2415.
وفي الباب عن ابن مسعود عند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في المسند الجامع، باب فضائل الأنعام والسور، انظر تخريجنا له في كتابنا فتح المنان تحت رقم 3665.
قوله: «وأعطاه جوامع الخير ومفاتحه» :
أخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 408، 437] ، وابن ماجه في النكاح برقم 1892، وغيرهما من حديث أبي الأحوص، عن ابن مسعود قال:
أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم جوامع الخير وخواتمه- أو قال: فواتح الخير-، وفي رواية للإمام أحمد: إن محمّدا صلى الله عليه وسلم علم فواتح الخير وجوامعه وخواتمه، وفي رواية أخرى له: علم فواتح الخير وجوامعه، أو جوامع الخير وفواتحه.
وعند الإمام البخاري من حديث أبي هريرة: بعثت بجوامع الكلم، وفي رواية مسلم: أعطيت جوامع الكلم، زاد في رواية: وفواتحه. -(4/205)
واسمه الأعظم، وخواتيم سورة البقرة وهي من كنز الرحمن، - قال الحافظ في الفتح: قال غير واحد: جوامع الكلم: القرآن، بقرينة قوله: بعثت، والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني.
قوله: «واسمه الأعظم» :
أخرج ابن ماجه في الدعاء من سننه برقم 3859 من حديث أبي شيبة- مستور- عن عبد الله بن عكيم، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم: يا عائشة هل علمت أن الله دلني على الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب؟ قالت: فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فعلمنيه، قال: إنه لا ينبغي لك يا عائشة، قالت: فتنحيت وجلست ساعة، ثم قمت فقبلت رأسه ثم قلت: يا رسول الله علمنيه، قال: إنه لا ينبغي لك يا عائشة أن أعلمك، إنه لا ينبغي لك أن تسألي به شيئا من الدنيا ... الحديث.
قال الحافظ البوصيري: أبو شيبة لم أر من جرحه ولا من وثقه، وعبد الله بن عكيم وثقه الخطيب، وعده من الصحابة.
قلت: شواهده كثيرة، فقد ورد عن جماعة من الصحابة في إشارته صلى الله عليه وسلم لاسمه الأعظم جلّ وعلا.
فمنها: ما أخرجه الإمام أحمد وابن أبي شيبة، والترمذي والنسائي، وابن ماجه من حديث أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول:
اللهمّ إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، المنان بديع السموات والأرض، ذو الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد دعا باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب.
صححه ابن حبان، والحاكم في المستدرك.
قوله: «وهي من كنز الرحمن» :
تقدم قريبا.(4/206)
وأعطاه الكوثر وهو نهر في الجنة، حافتاه قباب الدر يكون أزواجه فيها، وذلك النهر يطرد مثل السهم، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، وطينته مسك أذفر.
قوله: «حافتاه قباب الدر يكون أزواجه فيها» :
أخرجه ابن المنذر- كما في الدر المنثور [8/ 649]- من حديث الضحاك، معضلا، وانظر ما بعده.
قوله: «وطينته مسك أذفر» :
أخرج البخاري في الرقاق، باب في الحوض، وفي التفسير من حديث قتادة، عن أنس، قال: بينا أنا أسير في الجنة، إذا بنهر حافتاه قباب الدر المجوّف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينه- أو: طينته- مسك أذفر.
وأخرج البخاري في التفسير من حديث عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) ، قالت: هو نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم، شاطئاه عليه در مجوف، آنيته كعدد النجوم.
وأخرج الإمام أحمد في المسند [2/ 158] ، وابن أبي شيبة في المصنف [13/ 144] رقم 15945، والترمذي في التفسير من جامعه برقم 3361، وابن ماجه في الزهد من سننه برقم 4334، من حديث عطاء بن السائب قال:
قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جبير في الكوثر؟ قلت: حدثنا عن ابن عباس أنه الخير الكثير، فقال: صدقت والله إنه للخير الكثير، ولكن حدثنا ابن عمر قال: نزلت إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، يجري على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل.
قال الترمذي: حسن صحيح.(4/207)
ومما فضله الله تعالى به:
1468- أن أعطاه الحكمة، وشرح له صدره، وحط عنه وزره، وبعثه في خير البقاع، ورفع له درجته في العالمين، فكلما ذكر الله تعالى ذكر صلى الله عليه وسلم معه يوم الجمعة، ويوم العيد، وفي مواقيت الحج والعمرة، وحول البيت، وفي السعي بين الصفا والمروة، وعند الجمار، وفي خطبة النساء، وفي الأذان والإقامة، وفي الصلاة في كل تشهد، وفي مشارق الأرض ومغاربها، وأنه لا يرد دعاء بين الصلاتين، وكلما ذكر الله ذكر معه فذلك قوله عزّ وجلّ: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4) الاية.
قال بعضهم: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم غير محصاة:
1469- فمنها: أنه سمي باسم مشتق من أسماء الله تعالى، وذلك يقتضي تفضيله على غيره، وفيه قد قيل:
(1468) - قوله: «أن أعطاه الحكمة» :
شاهده من التنزيل قوله تعالى: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ
الاية، ومن السنة ما تقدم في باب معاريجه صلى الله عليه وسلم من حديث مالك بن صعصعة عند الشيخين، وفيه: ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا وحكمة، فغسل قلبي، ثم حشي ... الحديث بطوله.
قوله: «وكلما ذكر الله ذكر معه» :
تقدم الكلام على هذا في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، الشرف رقم 57.
(1469) - قوله: «وفيه قد قيل» :
تقدم البيت في ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم وهو لعمه أبي طالب، وتقدم في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، وفي نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم عند الكلام على أسمائه صلى الله عليه وسلم، قال-(4/208)
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
وإنما سمي أحمد لأنه أحمد الأنبياء.
* ومنها: أنه خص في المعراج بأعلى درجة.
- البخاري في التاريخ الصغير [1/ 13] : حدثنا قتيبة، ثنا سفيان، عن علي بن زيد قال: كان أبو طالب يقول: فذكره، وعزاه السيوطي في الرياض لحسّان وهي في ديوانه، وأول الأبيات:
أغر عليه للنبوة خاتم ... من الله من نور يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي لاسمه ... إذ قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
قال الحافظ في الفتح في معرض شرحه لأسمائه صلى الله عليه وسلم: فأما محمد فمن باب التفعيل للمبالغة، وأما أحمد فمن باب التفضيل، قيل: سمي أحمد لأنه علم منقول من صفة أفعل التفضيل وهي: أحمد الحامدين، وسبب ذلك ما ثبت في الصحيح أنه يفتح عليه في المقام المحمود بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله، وقيل: الأنبياء حمادون وهو أحمدهم، أي: أكثرهم حمدا أو أعظمهم في صفة الحمد، قال عياض: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحمد قبل أن يكون محمدا كما وقع في الوجود، لأن تسميته أحمد وقعت في الكتاب السالفة.
قال: وأما محمد فهو منقول من صفة الحمد، وهو بمعنى محمود وفيه معنى المبالغة، والمحمد الذي حمد مرة بعد مرة أو الذي تكمّلت فيه الخصال المحمودة، فهو الذي حمد ربه قبل أن يحمده الناس، وكذلك في الاخرة يحمد ربه فيشفعه فيحمده الناس، وقد خص بسورة الحمد وبلواء الحمد وبالمقام المحمود، وشرع له الحمد بعد الأكل وبعد الشرب وبعد-(4/209)
1470-* ومنها: أنه خص- في قول بعض الصحابة- بالرؤية.
- الدعاء وبعد القدوم من السفر، وسميت أمته الحمادين، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه صلى الله عليه وسلم.
(1470) - قوله: «في قول بعض الصحابة» :
هو ابن عباس، روى الإمام أحمد في المسند من حديثه بإسناد على شرط الصحيح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم [1/ 285- 290] : رأيت ربي تبارك وتعالى.
وعلى هذا، ففي قول من قال أن ابن عباس إنما قال ذلك عن اعتقاد منه غير مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم نظر.
ولعل الإمام أحمد قد أخذ بما رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد حكى النقاش عنه أنه قال: أنا أقول بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم، رآه بعينه، رآه، رآه- حتى انقطع نفسه- يعني: نفس أحمد بن حنبل-، حكاه المقريزي في الإمتاع [8/ 299] .
وروي عن أنس نحو ما رواه ابن عباس، وإليه ذهب عامة أصحاب ابن عباس، وهو قول الحسن البصري، وعروة بن الزبير، والزهري، وجزم به كعب الأحبار، وابن خزيمة، ومعمر بن راشد، وبه يقول الشيخ أبو الحسن الأشعري.
وخالفهم من الصحابة ابن مسعود، وأبو هريرة، وعائشة، ولم يختلفوا في إمكانية ذلك وجوازه، لأن مرد أكثر من خالف كان إلى عدم وجود الدليل عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك بما لا يحتمل الشك والتأويل، والمسألة مبسوطة في الكتاب.
وقد أجاد في جمع ذلك وبسطه العلامة المقريزي في الإمتاع والشيخ الصالحي في سبل الهدى.(4/210)
* ومنها: أنه رفع مقامه عن مقام جبريل وعن مقام ميكائيل وإسرافيل عليهم السّلام.
* ومنها: أنه ما ناجى به موسى عليه السّلام صريح، وما ناجى به المصطفى صلى الله عليه وسلم مرموز، قال تعالى: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (10) الاية.
* ومن ذلك: أن الأرض كانت تطوى له صلى الله عليه وسلم، فيسرع أصحابه خلفه حتى تنقطع نعالهم، وتسقط أرديتهم، وإنه صلى الله عليه وسلم غير مكترث.
* ومنها: ما خص به من الإمداد بالملائكة والقتال بين يديه.
* ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه من الصفوف كما يرى من بين يديه، قوله: «أنه رفع مقامه» :
قد يستدل على هذا بما ذكره قبل بأنه خص في المعراج بأعلى درجة، ويجوز أن يقصد به يوم القيامة، روى عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: إن الله رفعني يوم القيامة في أعلى غرفة من جنات النعيم، ليس فوقي إلّا حملة العرش، في إسناده ابن لهيعة ورجل لم يسم.
قوله: «وإنه صلى الله عليه وسلم غير مكترث» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 350] ، والترمذي في المناقب، باب صفة صلى الله عليه وسلم، رقم 3648، وفي الشمائل برقم 118، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 268] ، جميعهم من حديث ابن لهيعة، عن أبي يونس سمع أبا هريرة، بنحوه.
تابعه عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 415] .
قوله: «كما يرى من بين يديه» :
سيعيده المصنف، وكذا ما بعده ويأتي تخريج كل.(4/211)
ولذا قال صلى الله عليه وسلم: أقيموا الركوع والسجود، فو الله إني لأراكم من بعدي إذا ركعتم وسجدتم.
* ومنها: أن شيطانه أسلم.
* ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم أعطي في الجماع قوة خمسة وأربعين رجلا.
* ومنها: أنه جعل خاتم الأنبياء.
1471- وقال بعض العلماء: أعطى الله عزّ وجلّ نبيّه صلى الله عليه وسلم سبعة في الدنيا، وسبعة في الاخرة، وخص بسبعة أشياء في الجنة:
فأما الذي أعطاه الله إياها في الدنيا:
فبعثته إياه إلى جميع خلقه.
والثاني: أنه ختم به النبوة.
الثالث: جعل كتابه أشرف كتاب نزل من السماء، معجزا في نظمه ومعناه، على قلة حروفه وصغر حجمه.
الرابع: جعل الله شريعته أيسر الشرائع.
1472- قال صلى الله عليه وسلم: بعثت بالحنيفية السمحة.
(1472) - قوله: «بعثت بالحنيفية السمحة» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 266] ، من حديث أبي أمامة وفيه قصة، وإسناده ضعيف، لكن أخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 236] ، واللفظ له، والبخاري في الأدب برقم 287، وأشار إليه بالترجمة في صحيحه- والبزار في مسنده [1/ 59 كشف الأستار] رقم 78، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 227] رقم 11571، 11572، جميعهم من حديث داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: الحنيفية السمحة، عنعنه محمد بن إسحاق، وحسن إسناده الحافظ في الفتح.(4/212)
الخامس: الجمعة والجماعات مثل العيدين ونحوهما.
السادس: الخطبة والاذان والإقامة.
السابع: كثرة الأمة.
وأما الذي أعطاه الله في الاخرة:
فمثل دخول الجنة، فهو صلى الله عليه وسلم أول من تنشقّ عنه الأرض، وأول شافع يوم القيامة.
وهو صلى الله عليه وسلم خطيبهم إذا أنصتوا، وإمامهم إذا سجدوا، وله الحوض، وبيده مفتاح الجنة ولواء الحمد.
وأما السبعة التي له في الجنة فأحدها:
1473- أن الجنة حرام على الأنبياء عليهم السّلام حتى يدخلها هو وأمته.
وثانيها: أن له نهر الكوثر في الجنة، له سيلان في كل قصر.
1474- وثالثها: يزوج مريم بنت عمران.
(1473) - قوله: «أن الجنة حرام على الأنبياء» :
أخرج الطبراني في الأوسط [1/ 512] رقم 946، من حديث سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا: الجنة حرمت على الأنبياء حتى أدخلها، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي، منقطع، سعيد بن المسيب لم يدرك عمر بن الخطاب، وفيه أيضا صدقة بن عبد الله السمين مختلف فيه.
وروى الطبراني أيضا في الأوسط [5/ 90] رقم 4165، من حديث عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: الجنة محرمة على جميع الأمم حتى أدخلها أنا وأمتي، الأول فالأول، فيه خارجة بن مصعب، وهو ضعيف.
(1474) - قوله: «يزوج مريم بنت عمران» :
أخرج ابن عدي في الكامل [7/ 2637] ، من طريق أبي يعلى: ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، ثنا عبد النور بن عبد الله، ثنا يونس بن شعيب، -(4/213)
رابعها: يزوج آسية امرأة فرعون
خامسها: يزوج أم كلثوم أخت موسى بنت عمران.
سادسها: يعطى الدرجة- الوسيلة-.
سابعها: له شجرة طوبى.
ومما فضله الله تعالى به:
1475- أنه ليلة أسري به مثل له النبيون فصلى بهم وهم خلفه يقتدون به.
- عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة علمت أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون؟ قلت: هنيئا لك يا رسول الله، أخرجه ابن السني كما في الكنز [12/ 145] ، رقم 34410.
قال ابن عدي: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: يونس بن شعيب، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في مريم بنت عمران: منكر الحديث.
قال ابن عدي: هذا الذي ذكره البخاري ليونس وأنكره عليه، وهو يعرف به.
وأخرج أبو نعيم في المعرفة [6/ 3206] ، رقم 7369، من طريق محمد بن الحسن بن زبالة- وهو ضعيف- عن يعلى بن المغيرة، عن ابن أبي رواد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة وهي في مرضها الذي توفيت فيه، فقال لها: بالكره مني، ما الذي أرى منك يا خديجة وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا، أما علمت أن الله عزّ وجلّ زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون؟ قالت: وقد فعل الله ذلك؟ قال: نعم، قالت: بالرفاء والبنين، مرسل، وإسناده ضعيف جدّا.
قوله: «يعطى الدرجة- الوسيلة-» :
يأتي تخريجه عند التعليق على النص رقم: 1482.
(1475) - قوله: «فصلى بهم» :
تقدم في معاريجه صلى الله عليه وسلم.(4/214)
ومما فضله الله عزّ وجلّ به:
1476- أنه عاين تلك الليلة الجنة والنار، وعرج به إلى السماء، وسلمت عليه الملائكة، وعاين قوم موسى الذين هم وراء ... وذلك أن بني إسرائيل حين عملوا المعاصي وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس دعوا ربهم وهم في الأرض المقدسة فقالوا: اللهمّ أخرجنا من بين أظهرهم، فاستجاب الله لهم فجعل لهم سربا في الأرض فدخلوه، وجعل معهم نهرا يجري، وجعل لهم مصباحا من نور بين أيديهم، فساروا فيه سنة ونصفا، وذلك ستة آلاف فرسخ من بيت المقدس إلى منزلهم الذي هم به، فأخرجهم إلى أرض يجتمع فيها الهوام والبهائم والسباع مختلطة لأنها ليست فيهم ذنوب ولا معاصي، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ومعه جبريل فعلّمهم الأذان والصلاة، وصدقوا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به، وأخبروه أن موسى عليه السّلام قد بشرهم به.
ومما فضله الله تعالى به:
1477- أن ملك الموت لما أتاه ليقبض روحه لم يدخل عليه إلّا بإذن، ثم أمر الله ملك الموت عليه السّلام أن يخيّر النبي صلى الله عليه وسلم بين تركه وقبض روحه (1476) - قوله: «الذين هم وراء» :
في الأصل: كلمة مبتورة.
(1477) - قوله: «لم يدخل عليه إلّا بإذن» :
تقدم في باب وفاته صلى الله عليه وسلم.
قوله: «أن يخير النبي صلى الله عليه وسلم» :
شاهده في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح: إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير، قالت: فلما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه على فخذي غشي عليه ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت وقال: اللهمّ في الرفيق-(4/215)
فاستنظره النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يلقى جبريل عليه السّلام، فخرج ملك الموت فلقيه جبريل فرده، فدخلا عليه جميعا فخيره عليه السّلام إما ميتة طيبة وإما حياة لا هرم فيها.
ومما فضله الله عزّ وجلّ به:
1478- أن إسرافيل هبط عليه ولم يهبط على أحد من الأنبياء، وكان جبريل عن يمينه فخيّره بين أن يكون نبيا ملكا أو عبدا، فأومأ إليه جبريل عليه السّلام أن تواضع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نبيا عبدا.
- الأعلى، فعرفت أنه الحديث الذي حدثنا وهو صحيح.
قوله: «وإما حياة لا هرم فيها» :
أخرج ابن سعد في الطبقات [2/ 257- 258] ، والبيهقي في الدلائل [7/ 210] كلاهما من طريق الواقدي: حدثنا الحكم بن القاسم، عن أبي الحويرث قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشتك شكوى إلّا سأل الله العافية، حتى كان في مرضه الذي مات فيه فإنه لم يكن يدعو بالشفاء ويقول: يا نفس ما لك تلوذين كل ملاذ، قال: وأتاه جبريل عليه السّلام في مرضه ويقول: إن الله يقرئك السلام ورحمة الله ويقول: إن شئت شفيتك وكفيتك وإن شئت توفيتك وغفرت لك، قال: ذلك إلى ربي يصنع بي ما يشاء، قال:
وكان لما نزل به دعا بقدح من ماء فجعل يمسح به وجهه ويقول: اللهمّ أعني على كرب الموت، ادن مني يا جبريل، ادن مني يا جبريل، ادن مني يا جبريل. قال البيهقي: إسناده منقطع يريد: مرسل، وفيه أيضا الواقدي.
(1478) - قوله: «ولم يهبط على أحد من الأنبياء» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 231] ، والبزار كذلك برقم 2462 كشف الأستار، وأبو يعلى الموصلي كذلك في مسنده [10/ 491] رقم 6105، ومن طريقه ابن حبان كما في الموارد برقم 2137- وهذا لفظه-، جميعهم من حديث أبي هريرة قال: جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل، فقال له جبريل: هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل-(4/216)
1479- وقال صلى الله عليه وسلم: رأيت بين عيني إسرافيل كل شيء أنزل عليّ قبل نزوله.
ومما فضله الله تعالى به:
1480- أنه رفع له الدنيا فنظر ما فيها إلى النفخة.
- الساعة، فلما نزل قال: يا محمد أرسلني إليك ربك: أملكا جعلك لهم أم عبدا رسولا؟ فقال له جبريل: تواضع لربك يا محمد، فقال صلى الله عليه وسلم: لا بل عبدا رسولا.
وأخرج البخاري في تاريخه [1/ 124] ، والنسائي في آداب الأكل من السنن الكبرى [4/ 171] رقم 6743، والبيهقي في الدلائل [1/ 344] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [5/ 213- 214] ، نحوه عن ابن عباس.
وله طريق أخرى عن ابن عباس عند الطبراني في الأوسط [7/ 474] رقم 6933، حسنها السيوطي في الخصائص [3/ 156] .
ونحوه من حديث ابن عمر عند الطبراني في المعجم الكبير [12/ 348] رقم 13309، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 19] : فيه يحيى البابلتي وهو ضعيف.
ونحوه من حديث عائشة عند ابن سعد في الطبقات [1/ 381] ، وأبي يعلى الموصلي [8/ 318] رقم 4921، ومن طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [5/ 213] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 247] رقم 3683.
وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 380] عن الزهري نحوه مرسلا.
(1479) - قوله: «رأيت بين عيني إسرافيل» :
لم أقف عليه.
(1480) - قوله: «رفع له الدنيا» :
تقدم حديث: إن الله زوى لي الأرض، وأحاديث إخباره بالحوادث والوقائع شاهدة على ذلك.(4/217)
ومما فضله الله تعالى به:
1481- أن السماء لم تكن تحرس، ولم تكن الشياطين ترم بالشهب قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، فلما بعث صلى الله عليه وسلم حرست السماء بالملائكة، ورميت الشياطين بالشهب.
ومما فضله الله تعالى به:
1482- أن في الجنة درجة تسمى الوسيلة في أعلى عليين من الجنان، هي له خاصة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الجنة درجة لا ينالها إلّا رجل واحد- يعني نفسه- وهي الوسيلة.
ومما دل على فضله صلى الله عليه وسلم:
1483- أنه سبحانه أعطاه الشفاعة، ووعده أن يبعثه يوم القيامة مقاما محمودا، يكون كل نبي مشغولا بنفسه، ويكون هو مهتما بغيره، متشفعا لأمته، قال تعالى: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) الاية، قال:..............
(1481) - قوله: «بأن السماء لم تكن تحرس» :
تقدم في أبواب بشائره صلى الله عليه وسلم.
(1482) - قوله: «أن في الجنة درجة» :
أخرج مسلم في الصلاة برقم 384، والإمام أحمد في مسنده [2/ 168] ، وأبو داود في الصلاة برقم 523، والترمذي في المناقب برقم 3614، والنسائي في الأذان [2/ 25، 26] ، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 226] ، وغيرهم، من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشرا، ثم سلوا لي الوسيلة فإن الوسيلة منزلة في الجنة لا تنبغي إلّا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة.(4/218)
هو مقام الشفاعة، وكذلك قوله عزّ ذكره: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً الاية.
1484- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المقام المحمود هو الشفاعة.
فأعطاه الله بذلك مقامين تخصيصا له: مقام قاب قوسين، والمقام المحمود لقوله عزّ وجلّ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً.
(1483) - قوله: «هو مقام الشفاعة» :
أخرج أبو نعيم في الحلية [3/ 179] ، من حديث حرب بن شريح قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين: جعلت فداك، أرأيت هذه الشفاعة الذي تحدث بها أهل العراق أحق هي؟ قال: شفاعة ماذا؟
قلت: شفاعة محمّد صلى الله عليه وسلم، قال: إي والله، حدثني عمي ابن محمد بن علي ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أشفع لأمتي حتى يناديني ربي عزّ وجلّ: أرضيت يا محمد؟ فأقول: نعم يا رب رضيت، ثم أقبل عليّ فقال: إنكم تقولون يا معشر أهل العراق إن أرجى آية في كتاب الله عزّ وجلّ: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ الاية، قلت: إنا لنقول ذلك، قال: كلنا أهل البيت نقول: إن أرجى آية في كتاب الله عزّ وجلّ: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) الاية، قال: وهي الشفاعة.
قال أبو نعيم: لم نكتبه إلّا من حديث حرب بن شريح، ولا رواه عنه إلّا عمرو بن عاصم، وهو بصري ثقة.
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 3443] ، من حديث الحسن البصري في هذه الاية قال: هي الشفاعة.
(1484) - قوله: «المقام المحمود هو الشفاعة» :
تقدم تخريجه في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، الشرف رقم 43.(4/219)
1485- قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة يوضع للأنبياء منابر، ولي منبرا، ومنبري أقرب إلى العرش من منابرهم، فتجلس الأنبياء صلوات الله عليهم على منابرهم، ولا أجلس على منبري لشغلي بأمتي، فيقال: أين النبي القرشي الأبطحي التهامي، صاحب التاج والباقة، صاحب الحوض والشفاعة، قم فتكلم في أمر أمتك حتى أعطيك ما وعدتك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأسجد عند عرش الرحمن، فأقول: يا رب أمتي أمتي، هب لي ... إلى آخر الحديث.
(1485) - قوله: «ولا أجلس على منبري لشغلي بأمتي» :
أخرجه باختلاف يسير: ابن خزيمة في التوحيد [/ 245] ، والطبراني في الأوسط [3/ 446- 447] رقم 2958، والحاكم في المستدرك [1/ 65- 66] ، والبيهقي- كما في الخصائص-[3/ 230- 231] ، جميعهم من حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس- وهذا لفظ ابن خزيمة- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للأنبياء منابر من ذهب، فيجلسون عليها، قال: ويبقى منبري لا أجلس عليه ولا أقعد عليه، قائم بين يدي الله ربي مخافة أن يبعث بي إلى الجنة وتبقى أمتي بعدي، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقول الله عزّ وجلّ: يا محمد ما تريد أن تصنع بأمتك؟ فيقول:
يا رب عجل حسابهم، فيدعى بهم فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله، ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي، فما أزال أشفع حتى أعطى صكاكا برجال قد بعث بهم إلى النار، وحتى إن مالكا خازن النار يقول:
يا محمد ما تركت لغضب ربك في أمتك من نقمة.
قال الحاكم: صحيح الإسناد، غير أن الشيخين لم يحتجا بمحمد بن ثابت البناني، وهو قليل الحديث، يجمع حديثه، والحديث غريب في أخبار الشفاعة، ولم يخرجاه.
وقال الحافظ الذهبي: محمد بن ثابت ضعفه غير واحد، والحديث منكر.(4/220)
1486- وقال صلى الله عليه وسلم: خيّرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفل، أترونها للمتقين؟ لا ولكنها للمذنبين الخطائين المتلوثين.
1487- وقال صلى الله عليه وسلم: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، نظرا منه صلى الله عليه وسلم لأمته وشفقة عليهم.
(1486) - قوله: «خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة» :
اختلف في إسناد هذا الحديث على زياد بن خيثمة:
فقال عبد السلام بن حرب، عنه: عن نعمان بن قراد، عن ابن عمر به مرفوعا، أخرجه الحسن بن عرفة في جزئه برقم 93.
وقال معمر بن سليمان، عنه، عن علي بن النعمان، عن رجل، عن ابن عمر، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 75] ، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 368] برقم 791.
وقال أبو بدر: شجاع بن البدر عنه: عن نعيم بن أبي هند، عن ربعي بن حراش، عن أبي موسى الأشعري به مرفوعا، أخرجه ابن ماجه في الزهد من سننه، باب ذكر الشفاعة رقم 4311.
وهذا المقدار من الاختلاف يوهن من قوة إسناده، ويجعل للكلام فيه مجالا.
وقد أورده الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 378] فوقع فيه عبد الله بن عمرو- آخره واو-! وقال: رواه أحمد والطبراني، ورجال الطبراني رجال الصحيح.
(1487) - قوله: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» :
في الباب عن:
1- أنس بن مالك عند الإمام أحمد [3/ 213] ، وأبي داود في السنة، باب الشفاعة، برقم 4739، والترمذي في صفة القيامة، باب ما جاء في-(4/221)
ومما فضله الله تعالى به:
1488- أن جعل نساءه وأولاده معه في الجنة، وجعل لهم الأجر مرتين، وضاعف حسناتهم فوق حسنات المؤمنات، وضرب عليهن الحجاب دون المسلمين.
ومما فضله الله تعالى به:
1489- أن الله تعالى صلّى عليه، وأمر ملائكته أن يصلوا عليه، وفرض على أوليائه الذين في الأرض الصلاة عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) .
- الشفاعة- وقال: حسن صحيح غريب- والطيالسي في مسنده برقم 2026، والبزار في مسنده [4/ 172 كشف الأستار] برقم 3469، والحاكم في المستدرك [1/ 69] ، وصحح ابن حبان منها طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت عنه برقم 6468.
2- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، أخرجه من طرق عنه: الإمام أحمد في مسنده [3/ 384، 396] ، والترمذي في صفة القيامة، باب ما جاء في الشفاعة، رقم 2436- وقال: حسن غريب- وابن ماجه في الزهد، باب ذكر الشفاعة رقم 4310، والحاكم في المستدرك [1/ 69] ، وصحح ابن حبان كما في الإحسان برقم 6467.
3- وعن ابن عمر أخرجه أبو يعلى في مسنده [10/ 185- 186] برقم 5813، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 398] رقم 830، وإسناده حسن من أجل حرب بن سريج المنقري تكلم فيه بعضهم.
وأخرجه الخطيب في تاريخه [8/ 11] من وجه آخر من حديث يحيى بن يحيى عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر ولا يعرف هذا من حديثه.
4- وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني في الأوسط [5/ 359- 360] رقم 4710، وفي الكبير [11/ 189] رقم 11454.(4/222)
ومما فضله الله تعالى به:
1490- أنه كان يستأذن رب العزة كل يوم سبعون ألف ملك ينظرون إليه في الأرض لما يعلمون من كرامته صلى الله عليه وسلم على الله تعالى.
ومما فضله الله تعالى به:
1491- أنه أتي بطعام من الجنة في قدر يقال له: الكفيت، فأكل منها أكلة فأعطي قوة أربعين.
(1490) - قوله: «يستأذن رب العزة كل يوم» :
أخرج أبو محمد الدارمي في مسنده باب ما أكرم الله تعالى نبيه بعد موته من حديث نبيه بن وهب أن كعب الأحبار دخل على عائشة رضي الله عنها فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كعب: ما من يوم يطلع إلّا نزل سبعون ألفا من الملائكة، حتى يحفوا بقبر النبي صلى الله عليه وسلم يضربون بأجنحتهم، ويصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك، حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يزفونه.
إسناده جيد جيد، وتمام تخريجه والكلام عليه في كتابنا فتح المنان، تحت رقم 100.
(1491) - قوله: «فأعطي قوة أربعين» :
أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 374] : أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن أسامة بن زيد، عن صفوان بن سليم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل بقدر فأكلت منها فأعطيت قوة أربعين رجلا في الجماع.
تابعه الواقدي عن أسامة، أخرجه ابن سعد [8/ 192] .
*- خالفه سفيان بن وكيع، عن أبيه فقال عنه: عن أسامة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة به، أخرجه أبو نعيم في الحلية [8/ 376] ، والخطأ فيه- والله أعلم- من سفيان فإنه ممن يضعف في الحديث، وعبيد الله بن موسى أوثق وأثبت، فالأول أشبه بالصواب، -(4/223)
.........
- وعليه فهو معضل برجال مسلم، فإنه أخرج لأسامة في الشواهد والمتابعات ومقرونا، وقد علق له البخاري.
وأخرج ابن سعد من طريق الواقدي- وحاله في الحديث مشهور- من مرسل الزهري: رأيت كأني أتيت بقدر فأكلت منها حتى تضلعت، فما أريد أن آتي النساء ساعة إلّا فعلت منذ أكلت منها.
والكفيت: قال ابن الأثير في الغريب [4/ 185] : قيل أراد القوة في الجماع، ثم أورد الحديث، قال: ويقال للقدر الصغيرة: كفت، قال:
وقيل للحسين: ما الكفيت؟ قال: البضاع.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف [7/ 507] برقم 14052، عن ابن جريج قال: أخبرت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت الكفيت، قيل: وما الكفيت؟ قال: قوة ثلاثين رجلا في البضاع، قال: وكان له تسع نسوة، وكان يطوف عليهن جميعا في ليلة، منقطع، لكن أصله في صحيح البخاري من حديثه: كنا نتحدث أنه صلى الله عليه وسلم أعطي قوة ثلاثين، وقال طاوس في مرسله: قوة أربعين، أخرجه ابن سعد [1/ 374] ، والحارث في مسنده [بغية الباحث 2/ 877] رقم 943، وقال ابن المسيب في مرسله: خمسة وأربعين، أخرجه عبد الرزاق [7/ 507] رقم 14050، 14051، وعن مجاهد مرسلا: قوة بضع وأربعين رجلا كل رجل من أهل الجنة، أخرجه الحارث في مسنده [2/ 878- بغية الباحث] رقم 944، وابن سعد في الطبقات [1/ 374] ، وأخرج الإسماعيلي في معجمه برقم 251، والطبراني في الأوسط [7/ 418] رقم 6812، والخطيب في تاريخه [8/ 69- 70] ، من حديث أنس بن مالك مرفوعا: فضلت على الناس بأربع: بالسخاء والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش إسناده على شرط مسلم.(4/224)
ومن ذلك:
1492- أن الرب عزّ وجلّ أطعمه بطعام من السماء، وما فضل منه رفع.
ومما فضله الله تعالى به:
1493- أنه بعث إليه وهو مسترضع في بني سعد بن بكر طائرين أبيضين، فوقع أحدهما على يمينه والاخر عن شماله، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: نعم، قال: ائتني بسجل من ثلج وسجل من برد وماء زمزم، فشق عن قلبه فغسله، ثم أعاده مكانه، فلم يجد النبي صلى الله عليه وسلم مما صنع ألما، والتأم وبرأ من ساعته.
ومما فضله الله تعالى به:
1494- أنه نعته في التوراة: ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب (1492) - قوله: «وما فضل منه رفع» :
قال أبو محمد الدارمي في المسند الجامع: حدثنا محمد بن المبارك، ثنا معاوية بن يحيى، ثنا أرطاة بن المنذر، عن ضمرة بن حبيب، قال:
سمعت مسلمة السكوني- وقال غير محمد: سلمة السكوني- قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال قائل: يا رسول الله هل أتيت بطعام من السماء؟ قال: نعم، قال: هل كان فيه من فضل؟ قال: نعم، قال: فما فعل به؟ قال: رفع إلى السماء ... الحديث.
خرجناه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع، وذكرنا تخريج الحاكم له وقوله: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقول الذهبي في التلخيص:
لم يخرجا لأرطاة بن المنذر وهو ثبت، قال: والحديث من غرائب الصحاح.
(1493) - قوله: «أنه بعث إليه وهو مسترضع» :
تقدمت القصة في باب رضاعه صلى الله عليه وسلم.
(1494) - قوله: «أنه نعته في التوراة» :
تقدم الكلام عليه في بابه في أول الكتاب.(4/225)
بالأسواق، ولا يجزئ بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، وأن مولده بمكة وهجرته إلى المدينة ومملكته إلى الشام.
ومما فضله الله تعالى به:
1495- أنه كان إذا حضرته الملائكة والمسلمون من الجن لا يعاينهم من الناس غيره.
(1495) - قوله: «لا يعاينهم من الناس غيره» :
أي فلا يرونهم على صورتهم كما يراهم هو صلى الله عليه وسلم، لكن قد يرونهم في صور أخرى كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا إذ جاء رجل شديد سواد اللحية شديد بياض الثياب ... الحديث، وفيه: ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، وسيأتي في مناقب ابن عباس أنه رأى جبريل مرتين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم مرتين.
أما الجن فقد كان صلى الله عليه وسلم مبعوثا إليهم، أخرج الإمام أحمد في المسند [2/ 399، 436] ، ومسلم في الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح، رقم 450، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 155] ، وأبو داود- وفي لفظه اختصار- برقم 39، 85، والترمذي في الطهارة، برقم 18، وفي تفسير سورة الأحقاف، برقم 4258، والنسائي في التفسير من السنن الكبرى [6/ 499] رقم 11623، والطيالسي في مسنده برقم 281، وأبو عوانة في مستخرجه [1/ 219] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 108- 109] ، وفي الدلائل [2/ 229] ، وابن خزيمة في صحيحه برقم 82، وابن حبان كذلك برقم 1432- الإحسان- والبغوي في شرح السنة برقم 180، جميعهم من طرق بألفاظ، وبعضهم يزيد على بعض، من حديث ابن مسعود قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب ... الحديث، وفيه: أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن ... الحديث، وفي لفظ آخر من حديثه أيضا: قدم وفد الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد إنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة، فإن الله جعل لنا فيها رزقا ... الحديث. -(4/226)
ومما فضله الله تعالى به:
1496- أن المنافقين كانوا يتغامزون به في الصلاة وهم خلفه، فجعل الله له بصرا في قلبه، حتى كان يرى من ورائه كما يرى من أمامه.
- وتقدم حديث أبي هريرة في باب عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم: إن عفريتا من الجن تفلّت علي البارحة ليقطع علي الصلاة فأمكنني الله منه ... الحديث.
ومن الشواهد الضعيفة المروية في هذا الباب ما أخرجه الواقدي في مغازيه [3/ 1015] ، ومن طريقه أبو نعيم- كما في الخصائص [2/ 110]- في سياق أحداث غزوة تبوك ومسيرهم، قال: وعارض الناس في مسيرهم حيّة ذكر من عظمها وخلقها، وانصاع الناس عنها، فأقبلت حتى واقفت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته طويلا والناس ينظرون إليها ... القصة، وفيها: فأقبل الناس حتى لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: هل تدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن هذا أحد الرهط الثمانية من الجن الذين يريدون أن يسمعوا القرآن وهو ذا يقرئكم السلام، فسلموا عليه ... الحديث.
(1496) - قوله: «كما يرى من أمامه» :
أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل ترون قبلتي هاهنا، فو الله لا يخفى عليّ ركوعكم ولا خشوعكم، وإني لأراكم من وراء ظهري.
وللبخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ثم رقي المنبر، فقال في الصلاة وفي الركوع: إني لأراكم من ورائي كما أراكم.
ثم اختلف العلماء في هذه الرؤية وكيفيتها، والذي ذكروه احتمالات واجتهادات مبسوطة في محلها من الشروح، وبعضها يذهب بهيبة هذه الفضيلة، وفي ترك الخوض فيها إبقاء لهيبتها، والله أعلم.(4/227)
ومما فضله الله تعالى به:
1497- أن الشيطان لم يسلط عليه.
ومما فضله الله تعالى به:
1498- أنه صلى الله عليه وسلم أمر جبريل عليه السّلام أن يأمر مالكا خازن النار أن يكشف بابا من أبواب النار فنظر إليها.
(1497) - قوله: «أن الشيطان لم يسلط عليه» :
أخرج مسلم في صحيحه برقم 2814 من حديث ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلّا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك؟ قال: وإياي، ولكن الله أعانني عليه فأسلم، لفظ أبي محمد الدارمي في المسند الجامع، وقد خرجناه فيه تحت رقم 2900- فتح المنان.
(1498) - قوله: «أمر جبريل» :
يعني ليلة الإسراء، تقدم في معاريجه صلى الله عليه وسلم، وقال السيوطي في الدر المنثور [8/ 434] : أخرج ابن المنذر عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل ليلة الإسراء: اكشف عن النار، فكشف عنها فنظر إليها، فذلك قوله تعالى: مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) الاية، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقالوا:
يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك ثم رأيناك كعكعت؟ قال: إني رأيت الجنة فتناولت عنقودا، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع منه، ورأيت أكثر أهلها النساء.
وأخرجا من حديث أسماء قالت: كسفت الشمس فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما من شيء لم أكن أريته إلّا رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار.
وأخرجا من حديث عمران بن حصين مرفوعا: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر-(4/228)
ومما فضله الله تعالى به:
1499- أن إبليس اللعين أمر ماردا من مردة الشياطين فتمثل له في صورة جبريل عليه السّلام ليوحي إليه، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه جبريل عليه السّلام دفعة بيده ووقع من مكة إلى أرض الهند، فأنزل الله تعالى: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) الاية، يعني: جبريل عليه السّلام حين أوقعه بتلك الدفعة إلى أرض الهند.
ومما فضله الله تعالى به:
1500- أنه جعل ليلة القدر خير من ألف شهر، يستبشر بها حملة ...
- أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء، وأخرج البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، ورأيت عمرا يجر قصبه، وهو أول من سيب السوائب.
(1499) - قوله: «أمر ماردا من مردة الشياطين» :
انظر حديث أنس المتقدم في باب عصمة الله نبيّه صلى الله عليه وسلم.
(1500) - قوله: «يستبشر بها حملة» :
بياض في الأصل بمقدار كلمة لعلها: القرآن.
قال الإمام النووي رحمه الله: ليلة القدر مختصة بهذه الأمة زادها الله شرفا، لم تكن لمن كان قبلنا.
قال مالك في الموطأ: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله- أو: ما شاء الله من ذلك- فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغه غيرهم بطول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.
وقد أخرج الديلمي في مسند الفردوس برقم 647 من حديث أنس مرفوعا:
إن الله وهب لأمتي ليلة القدر، ولم يعطها من كان قبلكم، في إسناده إسماعيل بن أبي زياد وهو متروك.(4/229)
ومما فضله الله تعالى به:
1501- أنه سبحانه أخذ ميثاقه قبل النبيين، وأخذ ميثاقهم بالرضا والتصديق به.
ومما فضله الله تعالى به:
1502- أنه لا يدخل جنات عدن أحد قبله، وهي دار الرحمن وموضع عرشه، وجنة عدن قصبة الجنة، وهي مشرفة على الجنان، ولباب جنة عدن مصراعان من زمرد من نور يضيء ما بين المشرق والمغرب.
ومما فضله الله تعالى به:
1503- أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وفتح له فتحا مبينا، ونصره نصرا عزيزا، وهداه صراطا مستقيما.
1504- عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السّلام، عن ربه تبارك وتعالى قال: إني مننت عليك بسبعة أشياء:
أولها: لم أخلق في السماوات والأرضين أكرم علي منك.
والثاني: أن مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي مشتاقون إليك وإلى أمتك.
والثالث: لم أعط أمتك مالا كثيرا حتى لا يطول عليهم الحساب.
والرابع: لم أطول أعمارهم حتى لا تجتمع عليهم الذنوب كثيرا.
(1501) - قوله: «أخذ ميثاقه قبل النبيين» :
تقدم في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن.
(1504) - قوله: «عن أنس بن مالك» :
لم أقف عليه.(4/230)
والخامس: لم أعطهم من القوة كما أعطيت من قبلهم حتى لا يدّعوا الربوبية، كما ادعت الأمم السابقة.
والسادس: أخرجتهم في آخر الزمان حتى لا يكون مقامهم تحت التراب كثيرا.
والسابع: لا أعاقب أمتك كما عاقبت بني إسرائيل، إذا أصابهم دم حيض في ثيابهم أمرت بقطعه ولا يجوز الغسل، وإذا أذنبوا ذنبا وجدوه مكتوبا على بابهم.
فالحمد لله الذي رفع عنا الإصر، وجعلنا من أمة محمّد صلى الله عليه وسلم.
1505- عن أنس بن مالك أنه قال: جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أنت أكرم الخلق على الله أم آدم؟
قال: أنا ورب الكعبة.
قال: قال اليهودي: كذبت ورب المتقدمين.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا يهودي إن الله تبارك وتعالى أعطاني في أمتي (1505) - قوله: «جاء رجل من اليهود» :
أورد نحو هذا الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة معلقا [5- ق- 1/ 232- 233] ، جعله من قول آدم عليه السّلام، ليس فيه قصة اليهودي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: وروي أن آدم عليه السّلام قال: إن الله أعطى أمة محمّد صلى الله عليه وسلم أربع كرامات ما أعطاني إحداهن: قبول توبتي كانت بمكة، وأمة محمّد صلى الله عليه وسلم يتوبون في كل مكان فتقبل توبتهم، والثانية: كنت لابسا فلما عصيت وأكلت من الشجرة جعلني عريانا، وأمة محمّد صلى الله عليه وسلم يعصون عراة فيسترهم، ولما عصيت فرق بيني وبين امرأتي حواء، وأمة محمّد صلى الله عليه وسلم يعصون فلا يفرق بينهم وبين أزواجهم، وإني عصيت في الجنة فأخرجت منها، وأمة محمّد صلى الله عليه وسلم يعصون خارج الجنة ويدخلونها.(4/231)
خمسا لم يعط آدم- وإن آدم أبي- ولكني أعطيت ما لم يعط، وأنا أفضل منه ولا فخر ولا عجب.
قال اليهودي: وما هذه الخمس؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن آدم لما عصى الله أخرجه الله من جواره طريدا عطشان عريانا، ولو عصى من أمتي أحدكم لم يمنعه من المساجد.
والثاني: سلب عنه الحلي والحلل، ولم يسلبها عن أمتي.
والثالث: فرق بينه وبين امرأته، ولم يفرق بين أمتي وبين أزواجهم.
والرابع: أظهر الله عليه خطيئته بقوله: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى الاية.
والخامس: لم يقبل الله توبته حتى بنى البيت المعمور، وطاف حوله، وإن من أمتي من ذنوبه أكثر من زبد البحر، وقطر المطر، إذا ندم عليها واستغفر غفر الله له.
قال: صدقت يا محمد، وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك رسوله.
قال أبو سعد رحمه الله: فاشكر الله أن لم يمنعك عن قول لا إله إلّا الله كما منع بني إسرائيل، وذلك أنهم لم يستطيعوا أن يقولوا:
لا إله إلّا الله حتى يعتزلوا النساء أربعين يوما، ومع هذا منعهم عن أكل اللحم أربعين يوما حتى يغسلوا أبدانهم، ويلبسوا لباسهم الجديد، ويخرجوا إلى الصحارى حتى أطلق الله ألسنتهم أن يقولوا: لا إله إلّا الله، موسى رسول الله، ونحن نرتكب المعاصي ونقول مع هذا- آناء الليل والنهار في السر والعلانية، في الخلأ والملأ: لا إله إلّا الله محمد رسول الله.
قال: أفيكون في الدنيا أحد أفضل منا؟ وبالله التوفيق.(4/232)
قال الله تعالى ذكره: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ الاية.
1506- قال يحيى بن معاذ رحمه الله: هذه مدحة، ولم يكن الله يمدح قوما ثم يعذبهم.
ومن فضل محمّد صلى الله عليه وسلم وأمته:
أن الله تبارك وتعالى لما خلق اللوح والقلم، وجرى القلم بما يكون من سائر الأمم، ثم جرى بما يكون من الله إليهم، حتى فرغ من الأمم السالفة، فكتب ما يكون من إحسان الله لهذه الأمة فضاعف إحسان الله إلى هذه الأمة وحدها من إحسانه إلى سائر الأمم، ثم كتب ما يكون من خطايا هذه الأمة وعصيانهم إلى الله تعالى، وكانت خطاياهم تضاعف على خطايا الأمم كلها حتى أمر الله تعالى أن يجري على اللوح: أنها أمة يقتل ولدا نبيها- يعني: الحسن والحسين- قال: فتعجب القلم وتحير، فنظر الرب تبارك وتعالى إلى القلم، فانشق رأس القلم هيبة من الله، فمن ذلك أن القلم يشق رؤوسها، قال: فلما كتب القلم الخطايا قال الله:
اكتب يا قلم: أمة مذنبة ورب غفور، قال القلم: إلهي لو علمت أنك تأمرني كتبة هذه الأحرف لم أبال كتبة الذنوب عليهم.(4/233)
[232- فصل: في تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء بأفضل الكتاب]
232- فصل:
في تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء بأفضل الكتاب 1507- ومما دل على فضل كتابه أنه عزّ وجلّ لم يصف كتابا من الكتاب بصفة الحق مثل ما وصف به هذا الكتاب.
ألا ترى إلى قوله تعالى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ الاية، وقال: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ الاية، وقال: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ الاية، وقال: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ الاية، فخص كتابه باسم الحق، ولم يفعل ذلك بما قبله من الكتاب، ألا ترى إلى قوله: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ الاية، وقال: وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ الاية، فلم يخص بصفة الحق في كثير من المواضع إلّا كتاب نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم، فكان في ذلك ما يدل على فضله على سائر الكتاب.
1508- ومما دل على فضله على سائر الكتاب أيضا: تسميته بالأسامي الرفيعة العالية منها:
1- أنه سمّاه قرآنا، لأنه يقرأ ويتلى، ويقال: القرآن: الجمع لقوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) الاية.
2- وسمّي فرقانا، لأنه فرق يبن الحق والباطل.
3- وسمّي روحا، لأن مكانه من الأرواح مكان الأرواح من الأجساد.(4/234)
4- وسمّي نورا، لأنه ضياء ونور القلوب، قال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ الاية.
5- وسمّاه كريما، لأنه لا يلحقه كلام الادميين.
6- وسمّاه عزيزا، لأنه ممتنع، لا ينقاد لأحد من الخلق.
7- وسمّاه مجيدا، لأنه منتسب إليه جلّ جلاله.
8- وسمّاه مباركا، لما فيه من عظيم البركة، قال تعالى: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ الاية.
9- وسمّاه حبل الله، فقال: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً الاية.
10- وسمّاه حقّا، فقال: وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ الاية، وقال: لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ الاية.
11، 12- وسمّاه فضلا ورحمة، فقال: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا الاية.
13- وسمّاه نعمة، فقال: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الاية.
14- وسمّاه نجما، فقال: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (2) الاية، وقال: * فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) الاية.
15- وسمّاه ذكرا، فقال: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ الاية.(4/235)
ومن الدلالة على فضله صلى الله عليه وسلم وفضل كتابه على سائر الكتاب: أنّ الله تبارك وتعالى تولى حفظه فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ الاية، فتعهد سبحانه بحفظه، ولم يجعل ذلك لكتاب نبي قط، بل إنه أمر سبحانه أهل الكتاب بحفظ كتبهم، ووكله إلى حفظهم فقال: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ الاية، فلما رد الحفظ إليهم وقع فيه التبديل والتغيير، قال عزّ وجلّ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الاية.
فضمن عزّ وجلّ لهذه الأمة أن يحفظ لها كتابها وقال: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) الاية، وقال:
عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (28) الاية.
1509- ومما فضله الله تعالى به: أن أعطاه اسمه وأعطاه جوامع الخير: خواتيم سورة البقرة من كنوز عرش الرحمن.
(1509) - قوله: «من كنوز عرش الرحمن» :
أخرج مسلم في الإيمان من صحيحه برقم 279 ومن طريقه المصنف (يأتي في باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الشريعة) من حديث ابن مسعود في قصة الإسراء وفيه: فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا:
المقحمات.
وهو عند الإمام أحمد في المسند [1/ 387، 422] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 460] ، والترمذي في التفسير برقم 3276، والنسائي في الصلاة [1/ 223- 224] ، وغيرهم. -(4/236)
.........
- وأخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 383] ، وابن أبي شيبة في المصنف [11/ 435] ، ومن طريقه مسلم في المساجد برقم 522، وأبو داود والطيالسي في مسنده برقم 418، والنسائي في فضائل القرآن من السنن الكبرى برقم 47 وغيرهم من حديث حذيفة بن اليمان مرفوعا: فضلت على الناس بثلاث: جعلت الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وأوتيت هؤلاء الايات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعطه أحد قبلي، ولا يعطي أحد بعدي.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 151، 180] ، والبيهقي في الشعب [2/ 461] رقم 2404، من حديث أبي ذر مرفوعا: أعطيت خواتيم سورة البقرة وهي من كنوز بيت تحت العرش، لم يعطهن أحد قبلي، رواه أبو محمد الدارمي في مسنده من حديث أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، مرسلا.
خرجناه في فتح المنان تحت رقم 3655.
وأخرج أبو محمد الدارمي في مسنده من حديث صفوان، حدثني أيفع بن عبد الكلاعي قال: قال رجل: يا نبي الله أي سور القرآن أعظم؟ قال:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الاية، قال: فأي آي القرآن أعظم؟ قال: آية الكرسي اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الاية، قال: فأي آية يا نبي الله تحب أن تصيبك وأمتك؟ قال: خاتمة سورة البقرة، فإنها من خزائن رحمة الله من تحت عرشه، أعطاها هذه الأمة، لم تترك خيرا من خير الدنيا والاخرة إلّا اشتملت عليه، مرسل جيد.
خرجناه في فتح المنان تحت رقم 3645.
وأخرج مسلم من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه ملك فقال:
أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة. -(4/237)
1510- وقال صلى الله عليه وسلم: أعطيت السبع الطوال مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الإنجيل، وأعطيت المئين مكان الزبور، وفضلت بالمفصل.
قال أبو سعد رحمه الله: وتصديق هذا في كتاب الله عزّ وجلّ في قوله تعالى: أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى الاية.
- وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [17/ 283] رقم 781، من حديث أبي الخير، عن عقبة بن عامر قال: ترددوا في الايتين من آخر سورة البقرة:
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ الاية إلى خاتمتها، فإن الله عزّ وجلّ اصطفى بها محمّدا صلى الله عليه وسلم، قال في مجمع الزوائد [6/ 312] : عمرو بن الحارث لم أعرفه!، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(1510) - قوله: «أعطيت السبع الطوال» :
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 1012، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [4/ 107] ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن [/ 225] ، وابن جرير الطبري في تفسيره [1/ 44] ، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 75- 76] الأرقام 185، 186، 187، والطحاوي في المشكل [2/ 154] ، والبيهقي في الشعب [2/ 465] رقم 2415، جميعهم من حديث واثلة بن الأسقع به.
وفي الباب عن أبي أمامة عند الطبراني كما في مجمع الزوائد [7/ 158] ، بإسناد فيه ليث بن أبي سليم وهو صالح في الشواهد والمتابعات.
وعن سعيد بن أبي هلال بلاغا عند أبي عبيد القاسم في فضائل القرآن [/ 225- 226] .
وعن أبي قلابة مرسلا بإسناد صحيح عند الطبري في التفسير [1/ 45] ، وابن الضريس في فضائل القرآن برقم 158.
وعن ابن مسعود قوله أخرجه أيضا ابن جرير.(4/238)
1511- ومما فضله الله تعالى به: أن جبريل عليه السّلام أتاه بسورة الأنعام ومعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح والتحميد حتى كادت الأرض ترتج بهم، فخرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا.
(1511) - قوله: «فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم» :
أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن برقم 202 عن إسماعيل بن عياش، عن أبان، عن شهر بن حوشب قال: سمعت ابن عباس يقول: أنزلت سورة الأنعام جميعا بمكة، فتبعها موكب من الملائكة يشيعونها، قد طبقوا ما بين السماء والأرض لهم زجل بالتسبيح حتى كادت الأرض أن ترتج من زجلهم بالتسبيح ارتجاجا، قال: فلما سمع النبي زجلهم بالتسبيح وهب من ذلك فخر ساجدا حتى أنزلت عليه، أبان هذا هو ابن أبي عياش ضعفه الجمهور لكن له طريق أخرى، فأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن [/ 240] ، وابن الضريس من حديث علي بن زيد بن جدعان- صالح في الشواهد- عن ميمون ابن مهران، عن ابن عباس نحوه ولفظه أخصر منه.
ورواه الطبراني في معجمه [12/ 215] رقم 12930، فقال: عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس.
ورواه أبو نعيم في الحلية [3/ 44] ، من حديث ابن عمر مرفوعا: نزلت عليّ سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد، وفي الإسناد يوسف بن عطية وهو ضعيف.
وأخرج الحاكم في المستدرك [2/ 314- 315] وصححه، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 470] رقم 2431، من حديث جابر بن عبد الله قال: لما نزلت سورة الأنعام سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق. -(4/239)
.........
- رواه البيهقي عن ابن المنكدر نحوه مرسلا، وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.
وأخرج الحافظ عبد الرزاق في التفسير من المصنف [2/ 203] ، من حديث فضيل الرقاشي، عن مجاهد قال: نزل مع سورة الأنعام خمسمائة ملك يزفونها ويحفونها.
وأخرج الطبراني في معجمه الأوسط [7/ 229] رقم 6443، والبيهقي في شعب الإيمان [2/ 470] رقم 2433، والإسماعيلي في مستخرجه [2/ 552] ، من حديث أنس مرفوعا: نزلت عليّ سورة الأنعام ومعها موكب من الملائكة يسد ما بين الخافقين، لهم زجل بالتسبيح والتقديس، والأرض ترتج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سبحان الله العظيم، سبحان الله العظيم.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 20] : شيخ الطبراني وشيخ شيخه لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات.
وأخرج البيهقي في الشعب [2/ 471] رقم 2435، والخطيب في تاريخه [7/ 271] ، كلاهما بإسناد ضعيف من حديث علي بن أبي طالب.. وفيه قال: أنزل القرآن خمسا خمسا، ومن حفظ خمسا خمسا لم ينسه إلّا سورة الأنعام فإنها نزلت جملة في ألف يشيعها من كل سماء سبعون ملكا حتى أدوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ما قرئت على عليل قط إلّا شفاه الله.(4/240)
[233- باب ما أعطي النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الخصال وما خصّ به من الشّريعة]
233- باب ما أعطي النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الخصال وما خصّ به من الشّريعة 1512- حدثنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن يحيى المتكلم رحمه الله قال: حدثنا أبو محمد: أحمد بن علي بن الحسين القلانسي، ثنا مسلم بن الحجاج قال: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن (1512) - قوله: «المتكلم» :
المعروف بالأشقر، ذكره الحافظ السمعاني في الأنساب فقال: من أهل نيسابور، شيخ أهل الكلام في عصره بنيسابور، من أهل الصدق في رواية الحديث، سمع جعفر بن محمد بن سوّار، وإبراهيم بن أبي طالب، ويوسف بن موسى، وإبراهيم بن محمد السكني وأقرانهم، سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وكان سمع المسند الصحيح- يعني: صحيح مسلم- من أحمد بن علي القلانسي، رواه عنه، وهو أحسن رواية لذلك الكتاب، توفي في ذي الحجة سنة تسع وخمسين وثلاث مائة.
وقال الذهبي في تاريخه: قال الحاكم: صدوق في الحديث.
الأنساب [5/ 190] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 359- ص 189] .
قوله: «القلانسي» :
ذكره الحافظ السمعاني، والذهبي في شيوخ أبي بكر المتكلم، وأشاروا إلى سماعه صحيح مسلم منه، ولم أر من أفرده بترجمة.
قوله: «ثنا مسلم بن الحجاج» :
الإمام العلم المشهور، وفي شهرته غنى عن ترجمته.
وحديثه هذا أخرجه في أول المساجد، برقم 523 (5) .(4/241)
حجر قالوا: حدثنا إسماعيل- وهو ابن جعفر- عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون.
1513- قال مسلم: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة، عن مالك بن مغول [ح] .
وحدثنا ابن نمير وأبو خيثمة: زهير بن حرب جميعا عن عبد الله بن نمير وألفاظهم متقاربة.
قال ابن نمير: ثنا أبي، ثنا مالك بن مغول، عن الزبير بن عدي، عن طلحة، عن مرة، عن عبد الله قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى- وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، قال سبحانه: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (16) الاية، قال: فراش من ذهب.
قوله: «وختم بي النبيون» :
وأخرجه من أصحاب الكتاب أيضا سوى مسلم: الإمام أحمد في المسند [2/ 411- 412] ، والترمذي في السير، باب ما جاء في الغنيمة، بعد رقم 1553، وابن ماجه في الطهارة، باب ما جاء في السبب، رقم 567.
(1513) - قوله: «قال مسلم» :
يعني بالإسناد الماضي قبله، وقد تقدم الحديث قريبا في فصل تفضيله صلى الله عليه وسلم بأفضل الكتاب، برقم 1509.(4/242)
قال: فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات.
قال أبو سعد رحمه الله:
خص النبي صلى الله عليه وسلم بستين خصلة فارق فيها جميع النبيين عليهم السّلام.
قوله: «خص النبي صلى الله عليه وسلم بستين خصلة» :
ذكرها عن المصنف: الحافظ ابن حجر في الفتح [1/ 524] ، عند شرحه لحديث جابر بن عبد الله مرفوعا: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ...
الحديث، قال: وقد ذكر أبو سعيد- كذا- النيسابوري في كتاب شرف المصطفى أن عدد الذي اختص به نبيّنا صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء ستون خصلة. اهـ.
وأوردها أيضا الخيضري في اللفظ المكرم [2/ 82] ، عند نقله كلام شيخه الحافظ ابن حجر في طريقة الجمع بين أحاديث الباب.
وذكرها أيضا السيوطي في الخصائص الكبرى [3/ 125] ، فقال: قال أبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى: الفضائل التي فضل بها النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء ستون خصلة، قال: ولم أقف على من عدها، وقد تتبعت الأحاديث والاثار فوجدت القدر المذكور ثلاثة أمثاله معه. اهـ.
قال أبو عاصم: قد يذكر بعض العلماء الفضائل ويريدون بها الخصائص ويعكسون ذلك أحيانا أخرى لما بينهما من القاسم المشترك في المعنى والعموم والخصوص، فإذا جمعت تلك الفضائل والخصائص في باب أو مؤلف واحد وجدت القدر لا كما ذكره السيوطي، فحسب بل ومثله معه، دليل ذلك قول المصنف في الباب المتقدم قبل هذا: قال بعضهم: خصائص النبي صلى الله عليه وسلم غير محصاة، وقد زاد المصنف خصالا وخصائص عما أورده تأتي هنا في: فصل جامع في خصائصه، فكأن السيوطي رحمه الله ذهل عن هذا، والله أعلم.(4/243)
فمنها: عشر خصال من أمر الاخرة وبعد الموت وهي:
1- أنه صلى الله عليه وسلم أفضل المرسلين.
2- وأنه صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء.
3- وأنه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض.
4- وأكثر النبيين أمة يوم القيامة.
5- وأنه صلى الله عليه وسلم يشهد لجميع الأنبياء بالأداء.
6- وله صلى الله عليه وسلم الشفاعة.
7- وله صلى الله عليه وسلم لواء الحمد.
8- وله صلى الله عليه وسلم الحوض المورود: نهر الكوثر.
9- وهو صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة.
10- وأنه صلى الله عليه وسلم يسأل عن غيره يوم القيامة، وكل الناس يسألون عن أنفسهم.
* ومنها عشر في باب النبوة، وهي:
11- تأييد شريعته صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة.
قوله: «ومنها عشر في باب النبوة» :
لم يذكر المصنف رحمه الله إلّا ثمان، وعند التحقيق إلّا سبع خصال، فسيأتي ذكر الجمعة، ولعل الباقي: كونه صلى الله عليه وسلم أفضلهم، وأنه أوتي من السنة مثل القرآن منزلة في التشريع، كما قال تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) ، وكما قال صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، وبالإسراء والمعراج، والله أعلم.(4/244)
12- وأنه صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الخلق كافة.
13- وكون كتابه صلى الله عليه وسلم معجز، لا يمكن الإتيان بمثله.
14- وخص بخروج الماء من بين أصابعه.
15- وبليلة القدر.
16- وبيوم الجمعة عيدا له ولأمته.
17- وأنه صلى الله عليه وسلم ممنوع من قول الشعر، فلا يتأتى له قوله ولا روايته.
قوله: «ممنوع من قول الشعر» :
لقوله تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ الاية، روى البيهقي من حديث عائشة رضي الله عنها: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط.
وقد تكلم أهل العلم في المسألة بما حاصله: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنشد شعرا فلا يخلو فعله من أمور: إما أن يكون مما قيل قبله، فإن كان كذلك فإن أتمه كسره، وإلا ذكر صدره أو عجزه، فإن لم يكن مما قيل قبله كان ذلك منه عن غير قصد، والحذاق من أهل هذا الفن لا يعدون ما قيل عن غير قصد شعرا، وقالوا: إن شرط الشعر قصده، ومن أتى بكلام موزون مقفى من دون قصد منه فلا يسمى شعرا.
وذكروا شواهد على ذلك منها: ما أخرجه ابن سعد في الطبقات [4/ 272] ، في قصة العباس بن مرداس وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: أرأيت قولك:
أصبح نهبي ونهب العبيد ... بين الأقرع وعيينة
فقال أبو بكر: بأبي وأمي يا رسول الله ليس هكذا، قال: فقال صلى الله عليه وسلم:
كيف؟ قال: فأنشده أبو بكر: بين عيينة والأقرع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سواء، -(4/245)
.........
- ما يضرك بدأت بالأقرع أو بعيينة، فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي، ما أنت بشاعر ولا راوية ولا ينبغي لك.. القصة، وفي الإسناد الواقدي وهو عن ابن أبي الزناد معضلا.
وله شاهد عند ابن أبي حاتم من حديث ابن جدعان، عن الحسن البصري مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت:
كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا
فقال أبو بكر رضي الله عنه:
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فأعادها صلى الله عليه وسلم كالأول، فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ الاية، ذكرها ابن حجر في التلخيص [3/ 129] .
قال أبو إسحاق الحربي الحافظ رحمه الله: لم يبلغني أنه صلى الله عليه وسلم أنشد بيتا كاملا، بل إما الصدر كقول لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل............... ............
وإما العجز كقول طرفة:
............... ............ ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وذكروا من شواهد ما أنشده من غير قصد الشعر، نحو رجزه صلى الله عليه وسلم يوم حنين:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
وقد قيل: أن غيره أنشده فقال: أنت النبي لا كذب، فغيره النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا حاصل ما ذكروه، وفي المسألة أقوال وتفصيلات مذكورة في مظانها من كتب التفسير والشمائل والخصائص، وبالله التوفيق.(4/246)
18- وأنه صلى الله عليه وسلم كان يرى ما خلفه كما يرى ما بين يديه.
* ومنها: عشر في باب الطهارة وهي:
19- كمال الوضوء.
قوله: «كان يرى ما خلفه» :
تقدم تخريجه قريبا في الباب الذي قبله.
قوله: «عشر في باب الطهارة» :
ذكر المصنف رحمه الله ثمان أو تسع خصال، ولعل تمام ذلك: عدم انتقاض وضوئه صلى الله عليه وسلم بالقبلة واللمس، وإباحة دخوله ومكثه في المسجد جنبا، وسيورد المصنف هذا في الفصل التالي.
قوله: «كمال الوضوء» :
قد يستدل له بحديث ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ واحدة واحدة، فقال: هذا الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة إلّا به، ثم توضأ اثنتين اثنتين فقال: هذا وضوء الأمم من قبلكم، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا، فقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 396- 397] برقم 3674، وضعف بابن لهيعة، وحديثه صالح في هذا الباب، قال الحافظ ابن حجر: على تقدير ثبوته يحتمل أن يكون الوضوء من خصائص الأنبياء دون أممهم إلّا هذه الأمة، وقال السيوطي: فيه تصريح بكون الوضوء للأمم السابقة، ثم فيه خصوصية لنا عنهم وهو التثليث كما كان الأنبياء.
الخصائص [3/ 182] .
وقد يعبر بعضهم بالكمال: الوضوء لكل صلاة؛ لحديث أنس عند البخاري:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة، قال عمرو بن عامر: قلت كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث، وقال بعضهم نسخ ذلك بحديث ابن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة حتى كان يوم الفتح-(4/247)
20- والتيمم.
21- ووجوب السواك عليه خاصة.
22 و 23- وجعلت له الأرض مسجدا، وترابها طهورا.
24- وكان صلى الله عليه وسلم ينام حتى يغط، ثم يصلي ولا يتوضأ، ويقول صلى الله عليه وسلم:
تنام عيناي ولا ينام قلبي.
- صلى الصلوات بوضوء واحد فقال بعضهم: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعمد المواظبة على ذلك طلبا للكمال، وقال الطحاوي: يحتمل أن ذلك كان واجبا عليه دون أمته ثم نسخ يوم الفتح، انظر تعليقنا على الحديثين في شرحنا لمسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 703، 765، وانظر التعليق التالي.
قوله: «ووجوب السواك عليه خاصة» :
أيضا في الباب أحاديث تكلم في أسانيدها، أحسنها حديث عبد الله بن حنظلة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة.
خرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 702- فتح المنان، وبينا أنه حسن لأن ابن إسحاق صرح بالتحديث عند غير الدارمي، لكن في إسناده اختلاف، أعله به بعضهم، والمصححون له أكثر، صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن كثير.
وله شاهد من حديث واثلة عند الإمام أحمد [3/ 490] : أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب عليّ، مداره على ليث بن أبي سليم، وحديثه صالح في الشواهد، وقد قوى الأمر بوجوب السواك عليه صلى الله عليه وسلم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح فقال: ترددوا في وجوب السواك عليه صلى الله عليه وسلم وقطعوا بوجوب الضحى والأضحى والوتر مع أن مستنده الحديث الضعيف، قال: ولو عكسوا فقطعوا بوجوب السواك وترددوا في الأمور الثلاثة لكان أقرب، ذكره ابن الملقن في غاية السول [/ 99] .(4/248)
25- وجعل له الماء مزيلا للنجاسة.
26- وإن كثر الماء لا يؤثر فيه النجاسة.
27- والاستنجاء بالحجارة.
* ومنها عشر في باب الصلاة، وهي:
28- أنه صلى الله عليه وسلم خص بصلاة العشاء الاخرة، ولم يكن لنبي قبله.
29- وبصلاة الجمعة.
قوله: «ومنها عشر في باب الصلاة» :
ذكر المصنف رحمه الله تسع خصال، فأما الكسوفان والاستسقاء فلم أر من ذكرهما، ولم أقف على دليل الاختصاص، وذكر غيره: التأمين، واستقبال الكعبة، والصف كصف الملائكة، وتحية السلام، وقول المصلي بعد الركوع: اللهمّ ربنا لك الحمد، والصلاة في النعلين.
قوله: «خص بصلاة العشاء الاخرة» :
استدل لذلك: بما رواه الإمام البخاري من حديث أبي موسى برقم 567، والإمام أحمد [1/ 396] ، والنسائي في التفسير من السنن الكبرى [6/ 313] برقم 11073، من حديث ابن مسعود، وأبو داود برقم 421، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 331] ، من حديث معاذ بن جبل، وهذا لفظه عند أبي داود: أعتموا بهذه الصلاة، فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم، ولم تصلها أمة قبلكم.
قوله: «وبصلاة الجمعة» :
استدل لذلك: بما أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث حذيفة وأبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة، فجعل يوم الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم-(4/249)
30- وبصلاة الجماعة.
31- وبصلاة العيدين.
32- وبصلاة الليل.
- القيامة، نحن الاخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق.
وأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 135] ، في قصة لعائشة مع يهودي وهي عند النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين، إسناده حسن.
قوله: «وبصلاة الجماعة» :
قال السيوطي في الخصائص [3/ 187] : ذكر ابن فرشة في شرح المجمع في قوله صلى الله عليه وسلم: من صلّى صلاتنا واستقبل قبلتنا فهو منّا، قال:
أراد بقوله: صلاتنا، الصلاة بالجماعة، لأن الصلاة منفردا موجودة فيمن كان قبلنا.
قوله: «وبصلاة الليل» :
احتج بعضهم لذلك بقوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ الاية، وبقوله تعالى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) الاية، وبأنه صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن وقد قال تعالى: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (17) الاية، وقال تعالى:
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (64) الاية، واستدل الرافعي رحمه الله بحديث عائشة مرفوعا: ثلاث هن علي فرائض وهن لكم سنة: الوتر، والسواك، وقيام الليل، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 13] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 39] ، وضعفه بموسى بن عبد الرحمن الصنعاني، ولذلك نص الإمام الشافعي رحمه الله على نسخ وجوبه عليه صلى الله عليه وسلم كأمته، وإليه ذهب ابن الصلاح، والنووي، وعامة الشافعية.(4/250)
33- وبصلاة الكسوفين.
34- وبصلاة الاستسقاء.
35- وبالأذان والإقامة.
36- وبالوتر.
* ومنها: عشر في باب الجهاد وغيره:
37- أنه صلى الله عليه وسلم خص بإباحة الغنيمة، وكانت حراما على من قبله.
قوله: «وبالأذان والإقامة» :
أخرج الشيخان من حديث أبي قلابة عن أنس قال: ذكروا النار والناقوس، فذكروا اليهود والنصارى، فأمر بلال أن يشفع الاذان وأن يوتر الإقامة، لفظ البخاري في الصحيح، قال الحافظ في الفتح:
أوضح منها رواية أبي الشيخ ولفظه: فقالوا: لو اتخذنا ناقوسا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقا، فقال: ذاك لليهود، فقالوا: لو رفعنا نارا، فقال: ذاك للمجوس، قال الحافظ: فعلى هذا ففي الرواية اختصار كأنه كان فيه: ذكروا النار والناقوس والبوق فذكروا اليهود والنصارى والمجوس، واللف والنشر فيه معكوس، فالنار للمجوس، والناقوس للنصارى، والبوق لليهود، قال: وفي حديث ابن عمر التنصيص على أن البوق لليهود، قال: وفيه نفي النداء للصلاة قبل ذلك.
قوله: «ومنها عشر في باب الجهاد» :
بقي لتمام العشر ذكر: نصره صلى الله عليه وسلم بالرعب مسيرة شهر، وإذا ربطنا قوله الاتي: وكان صلى الله عليه وسلم أفرس العالمين، بما بعدها؛ ليتضح المعنى، بقيت أخرى وهي تخميس الفيء.(4/251)
38- ونال صلى الله عليه وسلم صفية رضي الله عنها من رأس الغنيمة.
39- وأنه صلى الله عليه وسلم كان أفرس العالمين.
قوله: «ونال صلى الله عليه وسلم صفية من رأس الغنيمة» :
يعني قبل قسمتها، وهو الذي يعبر عنه بعضهم بالصفي وهو مما خص به صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم أن يصطفي من الغنيمة قبل قسمتها ما شاء ليس ذلك لغيره.
والحجة في ذلك ما رواه أبو داود برقم 2999، والنسائي برقم 4146 من حديث يزيد بن عبد الله قال: كنا بالمربد فجاء رجل أشعث الرأس، بيده قطعة أديم أحمر فقلنا: كأنك من أهل البادية، فقال: أجل، ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك، فناولناها فقرأناها فإذا فيها: من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أقيس، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأديتم الخمس من المغنم، وسهم النبي الصفي، أنتم آمنون بأمان الله ورسوله، فقلنا: من كتب لك هذا؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الخطابي رحمه الله: أما سهم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يسهم له كسهم رجل ممن شهد الوقعة حضرها النبي صلى الله عليه وسلم أو غاب عنها، وأما الصفي فهو ما يصطفيه من عرض الغنيمة من شيء قبل أن يخمس- عبد أو جارية أو فرس أو سيف أو غيرها- وكان النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك مع الخمس الذي كان له خاصة. اهـ.
وفيه أيضا حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كانت صفية من الصفي، رواه أبو داود، قال ابن عبد البر: سهم الصفي مشهور في صحيح الاثار، معروف عند أهل النقل، ولا يختلف أهل السير في أن صفية منه. اهـ.
وقال السيوطي في الخصائص [3/ 288] : وأجمع العلماء على أنه خاص به صلى الله عليه وسلم، وذكر الرافعي أن سيفه ذا الفقار كان من الصفي.(4/252)
40- وأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرجع إذا خرج للحرب.
41- وإذا لبس صلى الله عليه وسلم لأمته لم ينزعها حتى يقاتل.
42- ولا ينهزم إذا لقي العدو وإن كثر عليه العدد.
قوله: «إذا خرج للحرب» :
حتى يلقى العدو، وربما انتظر ثلاثا فإن لم يلق كيدا رجع، انظر التعليق التالي.
قوله: «لم ينزعها حتى يقاتل» :
والحجة في هذا: ما أخرجه الحافظ أبو محمد الدارمي في المسند الجامع من حديث جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا تنحر، فأولت أن الدرع: المدينة، وأن البقر نفر والله خير، فلو أقمنا بالمدينة، فإذا دخلوا علينا قاتلناهم، فقالوا: والله ما دخلت علينا في الجاهلية أفيدخل علينا في الإسلام؟ قال: فشأنكم إذا، وقالت الأنصار بعضها لبعض: رددنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه، فجاءوا فقالوا:
يا رسول الله شأنك، فقال: الان؟، إنه ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل. انظر تخريجه في كتابنا فتح المنان تحت رقم 2298.
قوله: «ولا ينهزم إذا لقي العدو» :
بل جيشه صلى الله عليه وسلم ينهزم إليه ويلوذ به، أخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 86] ، من حديث حارثة بن مضرب، عن علي رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا، ولفظ النسائي في السير من السنن الكبرى [5/ 191- 192] رقم 8639: كنا إذا حمي الباس- أو: احمر البأس- ولقي القوم القوم اتقينا- في المطبوع: بعثنا! - برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أدنى منا إلى القوم منه، وأخرج الشيخان من حديث البراء وقيل له:
أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ قال: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر، -(4/253)
43- وخص صلى الله عليه وسلم بالحمى، ويكون هو أفضل العالمين.
- إن هوازن كانوا قوما رماة، فلما التقيناهم وحملنا عليهم انهزموا، فأقبل الناس على الغنائم فاستقبلونا بالسهام فانهزم الناس، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام البغلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
قوله: «وخص صلى الله عليه وسلم بالحمى» :
والحجة في هذا ما رواه البخاري وغيره من أصحاب الكتاب من حديث الصعب ابن جثامة مرفوعا: لا حمى إلّا لله ولرسوله، وفيه: عن ابن شهاب قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع، وأخرج أبو محمد الدارمي في مسنده من حديث وائل ابن حجر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضا فأرسل معي معاوية، قال: أعطها إياه، خرجناه في فتح المنان تحت رقم 2772، 3773، وأخرج أيضا من حديث أبيض بن حمال أنه استقطع الملح من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقال له ملح شذاء الذي بمأرب فأقطعه- 2771 فتح المنان، وقد أقطع أيضا تميما الداري وذريته قرية ببيت المقدس قبل فتحه.
قال ابن الملقن في غاية السول: ذكر القضاعي هذه الخصيصة فيما خص به النبي صلى الله عليه وسلم دون من قبله من الأنبياء، قال ابن الملقن: وكان له صلى الله عليه وسلم أن يحمي لنفسه، ولم يقع ذلك منه، ولو وقع لكان ذلك لمصلحة المسلمين، لأن ما كان مصلحة له فهو مصلحة لهم، وليس للأئمة بعده ولا لغيرهم أن يحموا لأنفسهم كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه، قال: وما حماه للمسلمين لا ينقض بحال لأنه نص، وقيل: إن بقيت الحاجة التي حمى لها لم ينقض وإن زالت، فوجهان، والأصح: المنع أيضا لأنه تغيير المقطوع بصحته باجتهاد، أما الإمام بعده فله أن ينقض حماه للحاجة على الأصح. اهـ. -(4/254)
44- وأبيح له الوصال في الصوم.
45- ولم يكن له صلى الله عليه وسلم خائنة الأعين.
- وذكر السيوطي في الخصائص أن بعض الولاة أراد التشويش على ذرية تميم الداري فيما أقطعه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفتى الغزالي بكفره، قال:
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع أرض الجنة، فأرض الدنيا أولى.
قوله: «وأبيح له الوصال» :
لأنه قربة في حقه بما أهله الله ومكنه، بين ذلك صلى الله عليه وسلم في جوابه لما قيل له:
فإنك تواصل؟ قال: إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة.
قوله: «ولم تكن له صلى الله عليه وسلم خائنة الأعين» :
قال ابن الملقن في الغاية: اختلف في المراد بخائنة الأعين، فقيل: هي الإيماء بالعين، وقيل: مسارقة النظر، وعبارة الرافعي: هي الإيماء إلى مباح من ضرب أو قتل على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال، وإنما قيل لها خائنة الأعين تشبيها بالخيانة من حيث أنه يخفي خلاف ما يظهر، ولا يحرم ذلك على غيره إلّا في محظور، واستدل به صاحب التلخيص على أنه لم يكن له أن يخدع في الحرب وخالفه المعظم كما قال الرافعي معللا بأنه اشتهر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد سفرا ورى بغيره، وهو في الصحيح من حديث كعب، وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال: الحرب خدعة، والفرق أن الرمز يزري برامزه بخلاف الإيهام في الأمور العظام. اهـ.
والحجة في هذا ما رواه أبو داود في الجهاد برقم 2683، 4359، والنسائي في تحريم الدم [7/ 105- 106] ، وابن أبي شيبة في المصنف [14/ 491- 492] ، وغيرهم، من حديث سعد بن أبي وقاص في قصة الفتح وفيه: وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على-(4/255)
* ومنها: عشر في باب النكاح، وهي:
46- أنه أبيح له صلى الله عليه وسلم البضع بلفظ الهبة لقوله عزّ وجلّ: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ الاية، فله صلى الله عليه وسلم أن يعقد بلفظ الهبة.
- النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ قالوا:
ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك، هلا أو مأت إلينا بعينك؟ قال: لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين، صححه الحاكم [3/ 45] ووافقه الذهبي.
وأخرج القصة ابن سعد في الطبقات [2/ 141] ، من حديث ابن المسيب وفيها: أن رجلا كان قد نذر أن يقتل عبد الله بن سرح لأمر النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فلما جاء عثمان به وقف الأنصاري وقد أخذ بقائم السيف ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم متى يومي إليه أن يقتله، فشفع له عثمان حتى تركه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري: هلا وفيت بنذرك؟ فقال: يا رسول الله وضعت يدي على قائم السيف أنتظر متى تومي فأقتله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الإيماء خيانة، ليس لنبي أن يومي، مرسل، وفي الإسناد ابن جدعان.
قوله: «ومنها عشر في باب النكاح» :
لم يذكر المصنف اختصاصه صلى الله عليه وسلم بنكاح أكثر من أربع نسوة وهو إجماع.
فأما صحة نكاحه صلى الله عليه وسلم حال الإحرام فسيذكره المصنف في الفصل بعده.
قوله: «أن يعقد بلفظ الهبة» :
قال ابن الملقن: في انعقاد نكاحه بلفظ الهبة وجهان: أحدهما: لا كغيره، وأصحهما: نعم، وهو ما قطع به الغزالي، يعني: للاية المذكورة، قال:
وعلى هذا لا يجب المهر بالعقد ولا بالدخول كما هو مقتضى الهبة، قال:
وهل يشترط لفظ النكاح من جهته أو يكفي لفظ الاتهاب؟ فيه وجهان، أحدهما: لا يشترط كما في حق المرأة، وأصحهما في أصل الروضة وعند-(4/256)
47- وخص صلى الله عليه وسلم بإسقاط المهر، فأبيح له البضع بلا بدل.
48- وبالنكاح بلا ولي ولا شهود، لأن الشهود يحتاج إليهم للاستيثاق وثبوت النسب، ولما يفارق الزنا، وكان صلى الله عليه وسلم معصوما عن مثل ذلك.
49- وحرم الله نكاح أزواجه على الخلق من بعده، فقال عزّ وجلّ:
وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً الاية.
- الشيخ أبي حامد: يشترط لظاهر قوله تعالى: أَنْ يَسْتَنْكِحَها، فاعتبر في جانبه النكاح، وقال الرافعي: إنه أرجح.
قال ابن الملقن: قال القضاعي في عيون المعارف: إن مما خص به صلى الله عليه وسلم إباحة الموهوب له خاصة، وهو أن يتزوجها بلفظ الهبة، وإباحة النكاح بغير مهر، ولا يستقر عليه إلّا بالدخول قال: وهذا ليس بجيد منه، وذكر هذه الخصوصية في قسم ما خص به دون الأنبياء من قبله ودون أمته تشريفا له وتعظيما لشأنه صلى الله عليه وسلم.
قوله: «بلا ولي ولا شهود» :
استدلوا على ذلك بما ذكره المصنف، واحتجوا لذلك أيضا بما أشكل على الصحابة من أمر صفية- وقصتها في صحيح مسلم- حين بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد، وقالوا: إن حجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد، فلما أراد أن يركب حجبها فعرفوا أنه قد تزوجها.
قال ابن الملقن في الغاية: أما زينب فمنصوص عليها- يعني لقوله تعالى:
فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها الاية، فدخل عليها بلا إذن بتزويج الله تعالى-.
قال: والخلاف في غير زينب.
وقد ذكر القضاعي هذه الحقيقة فيما خص به صلى الله عليه وسلم دون الأنبياء من قبله.(4/257)
فإن قيل: حرم نساؤه على غيره، فلم أبيح بناته لغيره؟ الجواب:
أن الإنسان تلحقه غضاضة أن يتزوج نساؤه من بعده، ويلحقه غضاضة أن لا تخطب بناته، فهذا هو الفرق بين المرأة والابنة، وقد حرم على الابن التزوج بامرأة الأب، وحرمته صلى الله عليه وسلم آكد.
50- ووجبت لهن النفقة بعد موته.
51- وإذا ابتدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القسم لبعض نسائه فقيل: إن له ألا يقسم للباقيات.
قوله: «فلم أبيح بناته لغيره؟» :
أعاده المصنف هنا، وقد ذكره في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن.
قوله: «ووجبت لهن النفقة» :
قال النووي رحمه الله في الروضة [7/ 10] : وهل كان صلى الله عليه وسلم يلزمه نفقة زوجاته؟ فيه وجهان بناء على المهر، قلت: الصحيح الوجوب.
قوله: «له ألا يقسم للباقيات» :
قطع الأصطخري من الشافعية بأنه لا يجب عليه القسم، وصححه الغزالي في الخلاصة، واقتصر عليه في الوجيز، قالوا: وإنما كان يتطوع به، ولأنه في وجوبه عليه شغلا عن لوازم الرسالة، لقوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ الاية، أي: تبعد من تشاء فلا تقسم لها وتقرب من تشاء فتقسم لها.
ونقل ابن الجوزي عن أكثر العلماء أن الاية نزلت مبيحة ترك ذلك، قال ابن الملقن في الغاية: وأصحهما عند الشيخ أبي حامد والعراقيين وتابعهم البغوي وهو ظاهر نصه في الأم أنه يجب، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يطاف به في مرضه على نسائه حتى حللنه.
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثقل-(4/258)
52- وقيل: إذا وطئ صلوات الله وسلامه عليه جارية بملك اليمين لا تثبت الحرمة في أمها وابنتها حتى لا يجوز الجمع بينهما.
- برسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه واستأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذن له، وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهمّ هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك، أخرجه أصحاب السنن، وصححه ابن حبان والحاكم، ولما هم بطلاق سودة وهبت يومها لعائشة فجعل لها يومين.
قال: وأما الاية فمحمولة على إباحة التبدل بهن بعد التحريم، وقال القشيري في تفسيره إنه كان واجبا ثم نسخ، وذكر الماوردي في الاية تأويلين: أحدهما معناه: تعزل من شئت فلا تأتيها، وتأتي من شئت منهن، وهو قول قتادة ومجاهد ونقله البخاري عن ابن عباس. اهـ.
قوله: «حتى لا يجوز الجمع بينهما» :
لم أر من ذكر ذلك فيما يتعلق بملك اليمين، وذكروا في غير ذلك أنه لم يكن يحل له صلى الله عليه وسلم الجمع بين الأختين لأن خطاب الله تعالى يدخل فيه نبيه، قال ابن الملقن: وفيه وجه حكاه الحناطي وهو باطل قطعا لما ثبت في الصحيح عن أم حبيبة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لك في أختي بنت أبي سفيان؟ فقال: أفعل ماذا؟ قلت: تنكحها، قال: أو تحبين ذلك؟
قلت: لست لك بمخلية، وأحب من شركني في خير أختي، قال: فإنها لا تحل لي.
قال ابن الملقن: ولم يكن يحل له الجمع بين الأم وبنتها، وفيه وجه بعيد حكاه الحناطي، قال: وهل كان يحل له الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها؟ وجهان في الرافعي عن ابن القطان بناء على أن المخاطب هل يدخل في الخطاب أولا، قال صلى الله عليه وسلم: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها. اهـ، وقد ذهب إلى سريانه عليه صلى الله عليه وسلم جماعة لعدم ثبوت ما يخص حكمه وهو الأشبه والأولى.(4/259)
53- وكان له صلى الله عليه وسلم أن يخطب على خطبة أخيه، وكان له أن يتزوج بأكثر من أربع، وكان طلاقه زائدا.
54- وكان له صلى الله عليه وسلم إذا طلق امرأة بائنة ثم بدا له، كان لا يحتاج أن يتوسطه زوج آخر، وله أن يخطبها ثانيا قبل أن تزوج.
55- وفرض عليه صلى الله عليه وسلم التخيير بين أزواجه.
56- ثم حظر عليه التزوج عليهن والاستبدال بهن لقول الله تعالى:
لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ الاية، لأنهن خيّرن فاخترن المقام معه على الشدة والفقر، فعوضهن الله تعالى على ذلك قوله: «وكان له صلى الله عليه وسلم أن يخطب على خطبة أخيه» :
لأنه كما قال تعالى: أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الاية، وكذا إن كانت ذات زوج وجب على زوجها طلاقها لينكحها على الصحيح، فقد ثبت تنازل الأنصار لإخوانهم المهاجرين محبة وصدقا وإخلاصا، فلأن يكون ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى، وفي المتفق عليه: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله وولده ووالده والناس أجمعين.
قال الإمام الغزالي: لعل السر من جانب الزوج امتحان إيمانه بتكليفه النزول عن أهله- يعني: لهذا الحديث-، قال: ومن جانبه صلى الله عليه وسلم ابتلاؤه بالبلية البشرية، ومنعه من خائنة الأعين، ومن الإضمار الذي يخالف الإظهار. اهـ باختصار من غاية ابن الملقن.
قوله: «ثم بدا له» :
يعني: أن يعيدها إليه.
قوله: «لأنهن خيرن فاخترن المقام معه» :
هو تفسير أنس بن مالك عند البيهقي في السنن الكبرى [7/ 54] ، وعزاه أيضا في الدر المنثور [6/ 637] لأبي داود في الناسخ والمنسوخ وابن مردويه. -(4/260)
بأن حرم على النبي صلى الله عليه وسلم التزوج بغيرهن من أمثالهن على الغيرة، وقيل:
بل أبيح له بعد ذلك من العدد ما شاء.
57- وكان صلى الله عليه وسلم كفؤا لأي أحد وإن كانت شريفة، فإذا تزوج صلى الله عليه وسلم بولي فاسق أو أعمى جاز ذلك، وكذلك إذا كان أخرس.
58- ومما خص به صلى الله عليه وسلم أن حرم الله عليه نكاح الإماء أبدا.
- وكذلك فسرها ابن عباس عند ابن مردويه، وأبي أمامة بن سهل عند ابن سعد في الطبقات [8/ 195] ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومجاهد، والحسن عند ابن سعد أيضا [8/ 195] ، قالوا: لما خيرهن الله فاخترنه ورسوله حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه، وحرم عليه التزوج بغيرهن، وعلى هذا فالاية عندهم هي الناسخة.
وقال قوم: هي منسوخة، لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء لقوله تعالى: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ الاية، روي هذا عن عائشة، خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2383، وروي عن ابن عباس أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 194] ، وعن أم سلمة عند ابن سعد [8/ 194] ، وابن أبي حاتم في التفسير [10/ 3147] رقم 17748، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عند ابن سعد [8/ 194] ، وعن عطاء بن يسار عند ابن سعد أيضا.
قوله: «أن حرم الله عليه نكاح الإماء أبدا» :
وهو الصحيح من مذهب الشافعية؛ ذكره ابن الملقن في الغاية، وحجتهم:
بأن جوازه في حق أمته مشروط بخوف العنت، وهو صلى الله عليه وسلم معصوم، وبفقدان طول الحرة ونكاحه صلى الله عليه وسلم، غير مفتقر إلى المهر ابتداء وانتهاء، ولأن من نكح أمة كان ولده رقيقا، ومنصبه صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك، وبهذا قطع جماعة، وادعى الماوردي أنه لا خلاف فيه. اهـ. باختصار، وفي المسألة بحث مبسوط في مظانه من المطولات.(4/261)
59- وحرم عليه تزوج الذميات، لأن الله أخبر أن المشركين نجس، فحظر عليه معاشرتهن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: كل سبب ونسب ينقطع..
الحديث، والزوجة اتصالها بالنسب.
قوله: «كل سبب ونسب ينقطع» :
وتمامه: يوم القيامة إلّا سببي ونسبي، روي هذا ونحوه من حديث عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، والمسور بن مخرمة رضي الله عنه.
* أما حديث عمر، فروي منقطعا ومتصلا، رواه جعفر بن محمد فاختلف عليه فيه: فقال ابن إسحاق، عنه، عن أبيه، عن عمر- منقطع-، أخرجه في السيرة [/ 249] ، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 64] .
وتابعه:
1- وهيب بن خالد، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 142] ، وقال:
صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: منقطع.
2- أنس بن عياض الليثي، أخرجه ابن سعد في الطبقات [8/ 463] .
وخالفهم سفيان بن عيينة فقال عنه، عن أبيه، عن جابر، عن عمر، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 37] رقم 2635، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [7/ 314] ، قال في مجمع الزوائد [9/ 173] : رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو ثقة.
تنبيه: قال الدارقطني في العلل [2/ 190] ، معلقا على هذا الحديث:
هو حديث رواه محمد بن إسحاق عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عمر، قال: وخالفه الثوري وابن عيينة ووهيب وغيره فرووه عن جعفر.
قلت: ورواه كذلك: عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، أخرجه الحافظ عبد الرزاق [6/ 163] رقم 10352، ليس فيه الشاهد. -(4/262)
.........
- ورواه الحسن بن علي، عن عمر بن الخطاب، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 114] .
وروي عن ابن عمر، عن عمر، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 36- 37] رقم 2634، والبزار في مسنده [3/ 152 كشف الأستار] رقم 2455، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 199- 200] .
وممن رواه عن عمر أيضا:
1- عقبة بن عامر، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 270] ، والخطيب في تاريخه [6/ 182] ، بإسناد فيه إبراهيم بن رستم يقال: منكر الحديث عن الثقات.
2- زيد بن أسلم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 36] رقم 2633، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 34] ، والبزار في مسنده [3/ 152 كشف الأستار] رقم 2456، إسناد الطبراني جيد.
3- عكرمة الهاشمي، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [6/ 163] رقم 10354، وانقطاعه ظاهر.
4- سليمان الأعمش، أخرجه أيضا الحافظ عبد الرزاق برقم 10353 وليس فيه الشاهد وهو أيضا منقطع.
5- المستظل بن حصين، أخرجه أبو نعيم في المعرفة [1/ 56] رقم 215.
ورواه إبراهيم بن يزيد الخوزي- أحد الضعفاء- عن محمد بن عباد بن جعفر فتارة يقول: عن ابن عمر، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [67/ 21] ، وتارة يقول: عن عبد الله بن الزبير، أخرجه الطبراني في الأوسط [5/ 80] رقم 4144.
* وأما حديث عبد الله بن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 243] رقم 11621، والخطيب في تاريخه [10/ 271] ، قال في مجمع الزوائد [9/ 173] : رجاله ثقات. -(4/263)
قال بعض أهل النظر في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا الاية، قال: في هذه الاية دليل على أنه لا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بكافرة، لأنه سبحانه لم يرض لأزواجه أن يكن ممن يردن الحياة الدنيا وزينتها، فبأن لا يرض لهن الكفر والشرك من باب أولى، فكان في هذا ما دل على فضله صلى الله عليه وسلم على الأنبياء قبله إذ كانوا صلوات الله عليهم أجمعين غير ممنوعين من نكاح الكوافر، قال الله عزّ وجلّ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) الاية.
60- ومما خص به صلى الله عليه وسلم أن الواحدة من نسائه إذا أتت بفاحشة ضعف لها العذاب، قال أبو سعد: فذلك ستون خصلة باين بها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الخلق. والله أعلم.
-* وأما حديث المسور بن مخرمة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 323، 332] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 64] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 25، 27] رقم 30، 33، وصححه الحاكم [3/ 158] ، وقال الذهبي: صحيح.(4/264)
[234- فصل جامع في خصائصه صلى الله عليه وسلم]
234- فصل جامع في خصائصه صلى الله عليه وسلم 61- وكان يجب عليه صلى الله عليه وسلم حفظ أموال المسلمين إذا عدموا النفقة.
62- ووجب عليه صلى الله عليه وسلم صلاة الليل، والوتر، والسواك.
قوله: «إذا عدموا النفقة» :
استدل لذلك بما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء؟
فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته. لفظ مسلم في الفرائض من صحيحه.
قال النووي رحمه الله: قيل: كان هذا القضاء واجبا عليه صلى الله عليه وسلم، وقيل:
هو تبرع منه، قال: والخلاف وجهان لأصحابنا.
وقال الخيضري في اللفظ المكرم [1/ 128] : الصحيح عند الشيخين أنه يجب عليه، وحكي أيضا عن بعض الخراسانيين، وبه جزم البغوي في التعليق والتهذيب، وحكاه الإمام عن الجمهور، قال: والدليل عليه قوله: ... وذكر حديث أبي هريرة، قال: وظاهر كلام الشيخين وجوب الوفاء عليه سواء كان قادرا عليه أو لا، قال: وإنما وجب عليه صلى الله عليه وسلم الوفاء عند قدرته عليه بسبب الفتوحات واتساع المال، قال: فتكون الخصوصية بالنسبة إلى أواخر الحال.
قوله: «ووجب عليه صلى الله عليه وسلم صلاة الليل، والوتر، والسواك» :
أعاد المصنف هذه الخصائص، وقد تقدم الكلام عليها قريبا، انظر ما خص به في بابي الطهارة والصلاة.(4/265)
63- ويحرم عليه صلى الله عليه وسلم صدقة الفريضة، وصدقة التطوع، وخائنة الأعين.
64- ولم يكن له صلى الله عليه وسلم إذا سمع بمنكر ترك النكير،......
قوله: «ويحرم عليه صلى الله عليه وسلم صدقة الفريضة، وصدقة التطوع» :
استدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم للحسن رضي الله عنه: أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة، أخرجاه في الصحيحين، قال النووي رحمه الله في شرح مسلم تعليقا على قوله صلى الله عليه وسلم: إنا لا تحل لنا الصدقة: ظاهره تحريم صدقة الفرض والنفل، وقال الحافظ في الفتح: كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم صدقة الفرض والتطوع، كما نقل غير واحد منهم الخطابي الإجماع، قال: واختلف هل كان تحريم الصدقة من خصائصه صلى الله عليه وسلم دون الأنبياء أو كلهم سواء في ذلك؟.
قلت: قال ابن الملقن في الغاية: بالأول قال ابن عيينة، وبالثاني قال الحسن البصري.
قوله: «وخائنة الأعين» :
أعاد ذكرها المصنف، فقد أوردها قريبا فيما خص به صلى الله عليه وسلم في باب الجهاد، وتكلمنا عليها هناك.
قوله: «ولم يكن له صلى الله عليه وسلم إذا سمع بمنكر ترك النكير» :
قال الخيضري في اللفظ المكرم [1/ 114] : كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم إذا رأى منكرا أن ينكره ويغيره، قال: ووجهه كما قال القاضي أبو الطيب في تعليقه: إنما كان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم لشيئين: أحدهما: أن الله تعالى ضمن له النصرة والظفر، فقال تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ الاية، والثاني: أنه لو لم ينكره لكان يوهم ذلك أنه جائز وأن أمره بتركه منسوخ، قال: وكذلك علله ابن الصباغ في الشمائل. وانظر غاية السول لابن الملقن [/ 102] .(4/266)
وليس له صلى الله عليه وسلم نكير، ولا أن يتعلم الشعر.
65- وكلف وحده صلى الله عليه وسلم من العلم ما كلف الناس بأجمعهم.
66- وأن يستغفر الله في كل يوم سبعين مرة.
قوله: «ولا أن يتعلم الشعر» :
أعادها المصنف، فقد ذكرها قريبا فيما خص به صلى الله عليه وسلم من أمر الاخرة وبعد الموت، وعلقنا عليها هناك.
قوله: «وكلف وحده صلى الله عليه وسلم من العلم ما كلف الناس بأجمعهم» :
ذكر هذه الخصوصية والاثنين التي بعدها: ابن القاص، ونقلها عنه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 49] ، وبوب لذلك فقال: باب فضل علمه على علم غيره.
وممن نقلها عن ابن القاص أيضا: ابن الملقن في الغاية [/ 107، 304] ، فقال بعد أن ذكرها: ومنه نقلتها، قال: وعد أمورا أخرى منها: أن يدفع بالتي هي أحسن، ومنها: أنه يؤخذ عن الدنيا، ومنها: أنه نهي عن طعام الفجاءة وذكر أن هذا مما خص به دون سائر الأنبياء، ومنها: الأعلال الموجبة، وبعصمته صلى الله عليه وسلم من الناس اهـ. باختصار.
قوله: «وأن يستغفر الله في كل يوم سبعين مرة» :
ذكر هذه الخصوصية ابن القاص في الخصائص، وفي الباب عن أبي هريرة أيضا عند الشيخين مرفوعا: إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة، أخرجه البخاري في الدعوات، وأخرجه مسلم في الذكر والدعاء من حديث الأغر المزني، لكن قال الحافظ في الفتح معلقا: من ادعى الخصوصية كأنه حمل الاستغفار على الوجوب عند وجود الغين.
قال الخيضري: وقد جزم به البيهقي في السنن الكبرى. انظر:
السنن الكبرى [7/ 52] ، اللفظ المكرم [1/ 145] ، غاية السول [/ 108] .(4/267)
67- وكان صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.
68- وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل متكئا، وقال صلى الله عليه وسلم: أما أنا فلا آكل متكئا.
69- وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل الثوم والبصل والكراث، وقال صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى» :
ذكر هذه الخصوصية أبو العباس بن القاص في الخصائص وتبعه البيهقي في السنن الكبرى والقضاعي في العيون، واستدل لذلك بأحاديث، منها:
حديث ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي البقاع خير؟ ... الحديث.
قلت: مثل هذا لا يحتاج إلى دليل ولا تعليل للتصريح به في التنزيل.
وانظر:
اللفظ المكرم [2/ 211] ، السنن الكبرى [7/ 50] ، الجامع لأحكام القرآن [17/ 85] .
قوله: «أما أنا فلا آكل متكئا» :
انظر تخريجنا له تحت رقم 1574، 1570.
قال ابن الملقن في الغاية [/ 130] : وهل كان حراما عليه صلى الله عليه وسلم أو مكروها كما في حق الأمة؟ فيه وجهان، أشبههما كما قال الرافعي: الثاني، وجزم بالأول صاحب التلخيص، أي لما فيه من الكبر والعجب، وعلل الأول بأنه لم يثبت فيه ما يقتضي التحريم، واجتناب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيء واختياره غيره لا يدل على كونه محرما عنده.
قوله: «إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله، وهذا الشطر منه عند مسلم، اختصر البخاري لفظه، وأوله: من أكل من هذه البقلة الثوم، وقال مرة: من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة-(4/268)
70- وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل الضب، وقال صلى الله عليه وسلم: إني أعافه لأنه لم يكن بأرض قومي.
- تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. لفظ مسلم في المساجد، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها.
قال ابن الملقن في الغاية [/ 128] : وهل كان ذلك حرامأ عليه صلى الله عليه وسلم؟ فيه وجهان: أحدهما وبه جزم الماوردي: نعم، كيلا يتأذى به الملك، وأشبههما: لا، وإنما كان يمتنع منه صلى الله عليه وسلم ترفعا.
قلت: يدل على الثاني حديث أبي سعيد الخدري في هذا وقول النبي صلى الله عليه وسلم:
أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها، أخرجه مسلم.
وأخرج أيضا من حديث أبي أيوب الأنصاري في هذا وفيه: فسألته:
أحرام هو؟ قال: لا، ولكني أكرهه من أجل ريحه، قال: فإني أكره ما كرهت.
وبقول الكراهة في حقه صلى الله عليه وسلم جزم الإمام النووي في الروضة [5/ 384] ، وانظر: اللفظ المكرم للخيضري [1/ 205] .
قوله: «إني أعافه لأنه لم يكن بأرض قومي» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عباس وفيه قصة، أخرجها البخاري في الأطعمة، باب كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل حتى يسمى له فيعلم ما هو، رقم 5391، وفي الشواء، برقم 5400، وفي الذبائح، باب الضب، برقم 5537، ومسلم في الصيد، باب إباحة الضب رقم 1945، 1946.
قال أبو عاصم: إذا اتجه القول بأن البصل والثوم والكراث لم يكن حراما في حقه صلى الله عليه وسلم مع تأذي الملك منه، فيتجه القول بذلك في الضب من باب أولى، فكيف وقد نص صلى الله عليه وسلم بأنه يعافه، ثم بيّن صلى الله عليه وسلم العلة وهو أنه لم يكن بأرض قومه صلى الله عليه وسلم؟.(4/269)
71- ولا يصلّي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين.
قوله: «ولا يصلي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين» :
استدل لذلك بأحاديث منها: حديث سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه دين؟ قالوا:
لا، فصلى عليه، ثم أتي بأخرى فقال: هل عليه دين؟ قالوا:
نعم، فقال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: علي دينه يا رسول الله، فصلى عليه. أخرجه البخاري في الحوالة، باب إذا أحال على مليء فليس له رد، وفي الكفالة، باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع.
فاختلف أهل العلم هل كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم أن يصلي على من عليه دين؟ ذكر الرافعي عن أبي العباس الروياني وجهين: أحدهما:
الجواز كغيره من الأمة، فلا يكون من الخصائص، والثاني: لا يجوز، وفي جوازه مع وجود الضامن وجهان، وجزم النووي بأن الصواب جوازه مع الضامن، ثم نسخ التحريم فكان صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يصلي على من عليه دين ولا ضامن له، ويوفيه من عنده صلى الله عليه وسلم، قال: والأحاديث الصحيحة مصرحة بذلك.
قلت: منها ما أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالمتوفى عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته. وانظر:
الروضة للنووي [7/ 6] ، غاية السول لابن الملقن [/ 143] ، اللفظ المكرم للخيضري [1/ 252] .(4/270)
72- وأبيح له صلى الله عليه وسلم النكاح في الإحرام، والحمى له صلى الله عليه وسلم خاص.
73- وأحلت له صلى الله عليه وسلم مكة، وقال: لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من النهار.
قوله: «وأبيح له صلى الله عليه وسلم النكاح في الإحرام» :
عند بعض أهل العلم هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم؛ لحديث ابن عباس- ولم يشهد الواقعة-: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، أخرجاه في الصحيحين، وقد خالفه غيره من الصحابة ممن شهد الواقعة وباشرها، منهم: أم المؤمنين نفسها ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وأبو رافع مولاه: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تزوجها وهو حلال، لذلك كان للعلماء في المسألة كلام وتأويلات يطول المقام بنقلها، قال الزركشي: جعلهم هذه المسألة من الخصائص فيه نظر، فإن الشافعي رحمه الله رد رواية ابن عباس بحديث أبي رافع وميمونة، ولم يثبت الشافعي وقوع العقد حال إحرامه صلى الله عليه وسلم فالتجويز يحتاج إلى دليل. اهـ، لكن صحح النووي انعقاد النكاح حال إحرامه صلى الله عليه وسلم، وهو مما يرجح القول بثبوت الخصوصية، والله أعلم.
وانظر: الروضة للنووي [7/ 9- 10] ، غاية السول [/ 204] ، اللفظ المكرم [1/ 491] .
قوله: «والحمى له صلى الله عليه وسلم خاص» :
أعاد المصنف ذكر هذه الخصوصية هنا، وتقدمت قريبا فيما خص به من باب الجهاد، وعلقنا عليها هناك.
قوله: «لم تحل لأحد قبلي» :
هو طرف من حديث أبي هريرة الطويل، أوله: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليهم رسول الله والمؤمنين، ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي ... الحديث، أخرجه البخاري في غير موضع من صحيحه، في كتاب العلم، باب كتابة العلم، رقم 112، وغير ذلك. -(4/271)
74- وجعل له صلى الله عليه وسلم أن يحرم المدينة- ما بين لابتيها-.
75- وأحل له صلى الله عليه وسلم التقبيل والوصال في الصوم.
76- وكان صلى الله عليه وسلم ينام حتى يغط، ثم يصلي ولا يتوضأ.
- وأخرجه مسلم في الحج، باب تحريم مكة، رقم 1355.
قال الخيضري في اللفظ المكرم [1/ 313] : قال الشيخ البلقيني في خصائص التدريب: أحلت له صلى الله عليه وسلم مكة ساعة من نهار، وثبتت له صلى الله عليه وسلم الخصوصية بذلك عن الناس كلهم، وذكر القضاعي أنه صلى الله عليه وسلم خص بذلك من بين سائر الأنبياء، وذكر ابن القاص أن القتل في الحرم مما أبيح له صلى الله عليه وسلم، واستدل لذلك بقتله صلى الله عليه وسلم ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، قال ابن الملقن في الغاية: كذا رأيت في التلخيص لابن القاص.
قال ابن الملقن: وفي الخصوصية نظر لأن ابن خطل صاحب جرم، والحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة كما ثبت في الصحيح.
وقال غيره: لا حجة في قتله صلى الله عليه وسلم ابن خطل لأن ذلك كان في الوقت الذي أحلت فيه للنبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: الحجة في هذه الساعة التي خص بها حتى أحل له القتل فيها، وقد ثبتت.
قوله: «وأحل له صلى الله عليه وسلم التقبيل والوصال في الصوم» :
قال الخيضري في اللفظ المكرم [1/ 395] : قال بعض العلماء: كان التقبيل خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهل يكره لغيره أو يحرم أو يباح أو يبطل صوم من فعله، أو يفرق بين الشيخ والشاب؟ على أقوال للعلماء رضي الله عنهم.
وأما الوصال فقد ذكره المصنف قريبا فيما خص به صلى الله عليه وسلم من باب الجهاد، وعلقنا عليه هناك.
قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم ينام حتى يغط ثم يصلي ولا يتوضأ» :
أعاد المصنف هذه الخصوصية، وقد ذكرها قريبا فيما خص به من باب الطهارة.(4/272)
77- وكانت صلاة تطوعه صلى الله عليه وسلم قاعدا لغير علة كصلاته قائما، ولا ينقص من أجره شيء إن شاء الله.
قوله: «كصلاته صلى الله عليه وسلم قائما» :
قاله الرافعي: قال النووي في الروضة: وقاله صاحب التلخيص، وتابعه البغوي، وأنكره القفال وقال: لا نعرف هذا، بل هو كغيره، والمختار الأول، واستدل له بما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو قال:
حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة، قال فأتيته فوجدته يصلي جالسا فوضعت يدي على رأسه فقال: ما لك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حدثت يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة، وأنت تصلي قاعدا؟ قال: أجل، ولكني لست كأحد منكم.
خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، تحت رقم 1501.
قال الإمام النووي رحمه الله معلقا: هذا عند أصحابنا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، جعلت نافلته صلى الله عليه وسلم قاعدا مع القدرة على القيام كنافلته قائما تشريفا له صلى الله عليه وسلم، قال: قال القاضي عياض: معناه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لحقه مشقة من القيام لحطم الناس وللسن، فكان أجره صلى الله عليه وسلم تامّا بخلاف غيره ممن لا عذر له، قال النووي: هذا كلامه، وهو ضعيف باطل، لأن غيره صلى الله عليه وسلم إن كان معذورا فثوابه أيضا كامل، وإن كان قادرا على القيام فليس حاله كالمعذور فلا يبقى فيه تخصيص فلا يحسن على هذا التقدير:
لست كأحد منكم، وإطلاق هذا القول، فالصواب ما قاله أصحابنا:
أن نافلته صلى الله عليه وسلم قاعدا مع القدرة على القيام ثوابها كثوابه قائما، وهو من الخصائص. اهـ.
وانظر: اللفظ المكرم [2/ 124] .(4/273)
78- وأبيح له صلى الله عليه وسلم أن يدعو المصلي فيجيبه وهو في الصلاة.
79- وأن الميت يسأل عنه صلى الله عليه وسلم في القبر.
80- خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل يدعو ومعه أبو رافع، فدعا ما شاء الله، ثم انصرف منقلبا، فمر على قبر فقال: أف، أف، أف- ثلاثا- فقال أبو رافع: يا نبي الله بأبي وأمي ما بك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
لا، ولكني أففت من صاحب هذا القبر، سئل عني فشك!.
قوله: «فيجيبه وهو في الصلاة» :
استدل لهذه الخصيصة بما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد بن المعلى قال: مر بي رسول الله فقال: ألم يقل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ الاية ... الحديث، قال ابن الملقن في الغاية [/ 278] : ذكر القضاعي هذه الخصيصة فيما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من دون سائر الأنبياء.
قوله: «سئل عني فشك» :
روي هذا الحديث بأسانيد، ليس يخلو شيء منها من كلام، فأخرج البخاري في التاريخ [3/ 315] الترجمة رقم 1072- ولم يسق المتن- والطبراني في معجمه الكبير [1/ 302] رقم 961، كلاهما من حديث رباح بن صالح بن صالح بن عبيد الله- مجهول- عن أبيه، عن جده به.
صالح لم يرو عنه سوى ابنه رباح، ورواه عبادل- وقال بعضهم: عباد- ولعله تصحف في بعض المصادر إلى عبادة كما عند البيهقي- وهو عبادل بن عبيد الله بن أبي رافع، عن جدته، عن أبي رافع، أخرج حديثه البخاري في التاريخ الكبير [6/ 135] الترجمة رقم 1941، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 307] رقم 974، والبزار في مسنده [1/ 11 كشف الأستار] رقم 869، والبيهقي في إثبات عذاب القبر برقم 99، وفي إسناد الحديث اختلاف ذكره البخاري في تاريخه، والبيهقي في الموضع المشار-(4/274)
81- وكان صلى الله عليه وسلم لا يورث، كان ماله بعد موته صلى الله عليه وسلم صدقة.
- إليه، رواه الحماني، عن الدراوردي، فقال: عن أبيه، بدل: عن جدته- ولعله تصحيف-، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [1/ 304] رقم 968.
وأخرجه الروياني في مسنده وكأن في الإسناد سقطا، إذ فيه: عن عباد مولى أبي رافع، عن أبي رافع!.
وقد روي من حديث رافع بن أبي رافع، عن أبيه أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم البقيع فسمعته يقول: لا دريت ولا أفلحت، فقلت: بأبي وأمي، ما لي لا أدري ولا أفلح؟ قال: ليس لك، قلت: بأبي وأمي ليس معك غيري، قال: سمعت صاحب هذا القبر يسأل عني فقال:
لا أدري، فقلت: لا دريت ولا أفلحت، أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الدلائل برقم 96، وفي إسناده عبد المنعم بن بشير، عن أبي مودود كذبه غير واحد، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وعنده عن أبي مودود مناكير.
وأخرجه البزار في مسنده [1/ 411 كشف الأستار] رقم 870، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 327] رقم 2872، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 33] رقم 1237، ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة [1/ 407] رقم 1216، جميعهم من حديث عمر بن صهبان- وهو ضعيف جدا- عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن أيوب بن بشير، عن أبيه-، وليس في آحاد ابن أبي عاصم عن أبيه- قال: كانت ثائرة في بني معاوية فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم فالتفت إلى قبر، فقال: لا دريت، فقيل له، فقال: إن هذا يسأل عني، فقال: لا أدري.
قوله: «كان ماله بعد موته صلى الله عليه وسلم صدقة» :
يعني: لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا: لا نورث، ما تركناه صدقة، أخرجاه في الصحيحين.(4/275)
82- وأبيح له صلى الله عليه وسلم دخول المسجد جنبا.
83- وأبيح له صلى الله عليه وسلم الحكم لنفسه، وكذلك أبيح له أن يحكم لولده.
قوله: «وأبيح له صلى الله عليه وسلم دخول المسجد جنبا» :
ذكر هذه الخصيصة ابن القاص في الخصائص، ونقلها عنه البيهقي في كتاب الخصائص من السنن الكبرى، باب دخول المسجد جنبا، يعني للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال: كذا قال أبو العباس، والصواب إن صح الخبر فيه: لبثه في المسجد جنبا، فالعبور جائز للكافة مع الجنابة دون اللبث، ثم أخرج فيه أحاديث تكلم في أسانيدها منها: حديث جسرة عن أم سلمة مرفوعا: ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلا لرسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ... الحديث.
واحتج النووي في الروضة لصاحب التلخيص في المسألة بما رواه الترمذي من حديث عطية عن أبي سعيد مرفوعا: يا علي، لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك.
قال النووي: قد يقدح قادح في الحديث بسبب عطية فإنه ضعيف عند جمهور المحدثين، لكن قد حسنه الترمذي فلعله اعتضد بما اقتضى حسنه كما تقرر لأهل الفن، قال: فظهر ترجيح صاحب التلخيص.
وانظر: السنن الكبرى [7/ 65] ، اللفظ المكرم [1/ 378] ، الروضة للنووي [5/ 352] .
قوله: «وأبيح له صلى الله عليه وسلم الحكم لنفسه» :
بوب لذلك البيهقي في السنن الكبرى فقال: باب ما أبيح له صلى الله عليه وسلم من الحكم لنفسه وقبول شهادة من شهد له بقوله، وإن جاز له ذلك جاز أن يحكم صلى الله عليه وسلم لولده وولد ولده، ثم أخرج في الباب حديث ابتياعه صلى الله عليه وسلم الفرس الذي شهد له به خزيمة بن ثابت الذي خرجناه في غير هذا الموضع من الكتاب.
انظر: السنن الكبرى [7/ 66] ، واللفظ المكرم [1/ 340] .(4/276)
84- وقسم شعره صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وكان طاهرا.
85- وشرب بوله ودمه صلى الله عليه وسلم، فقال لصاحب البول: لا يتجع بطنك، وقال لصاحب الدم: حرم لحمك على النار، وقال: ويل لك من الناس، وويل للناس منك.
قوله: «وقسم شعره صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وكان طاهرا» :
بوب لذلك البيهقي في الخصائص من السنن الكبرى فقال: باب قسم شعره صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، ثم أخرج فيه حديث أنس بن مالك- وهو في الصحيحين- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رمى الجمرة ونحر هديه ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه فناوله أبا طلحة، ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه، وأمره أن يقسمه بين الناس.
قال ابن الملقن في الغاية [/ 276] ما حاصله: شعره صلى الله عليه وسلم طاهر وإن نجسنا شعر غيره من الناس، وكذلك بوله ودمه وسائر فضلاته صلى الله عليه وسلم، على أحد الوجهين لأصحابنا، قال: وينبغي اختياره، وقد صححه القاضي حسين من أصحابنا، ونقله الرافعي عن أبي جعفر الترمذي، قال: وقد كان يستشفى ويتبرك ببوله ودمه صلى الله عليه وسلم، وانظر فصل: 65- الاية في شعره صلى الله عليه وسلم المبارك، في باب صفته صلى الله عليه وسلم.
قوله: «وشرب بوله ودمه صلى الله عليه وسلم» :
تقدم في الباب حديث أم أيمن التي شربت بوله برقم 323، وحديث عبد الله ابن الزبير الذي شرب دمه برقم 546 وخرجناهما في الموضعين، حديث البول صححه الدارقطني، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص [1/ 31] : حديث البول صحيح وعليه يقاس سائر الفضلات.(4/277)
[235- فصل: ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من الفيء والغنيمة]
235- فصل:
ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من الفيء والغنيمة كان صلى الله عليه وسلم يأخذ خمس خمس الغنيمة والفيء، وذلك ما شاء: عبدا أو أمة أو فرسا أو غير ذلك، ثم يقسم الباقي.
وأما خمسه فكان يحبس منه لعياله قوت سنة، يدفع إلى كل امرأة من نسائه مائة وسق: ثمانين تمرا، وعشرين شعيرا.
وأما الفيء فكان صلى الله عليه وسلم يصرفه في مثل ذلك، فكان له صلى الله عليه وسلم أربعة أخماس الفيء مخصوصا به، وهو ما يقوم به الولاة من الأموال، وجملة ذلك ثلاثة: أموال الصدقات، والفيء، والغنائم.
فالصدقات لأهلها، وهي ثمانية أصناف:
فثلاثة يأخذون وإن كانوا أغنياء، وهم: العاملون، والمؤلفة، والغارمون إذا عملوا لإصلاح ذات البين وهم أغنياء، وقيل أيضا:
الغازي، والباقون يدفع إليهم إن كانوا فقراء.
قوله: «كان صلى الله عليه وسلم يأخذ خمس خمس الغنيمة والفيء» :
انظر عن هذا في: الأوسط لابن المنذر [11/ 85 وما بعده إلى 108] ، والأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام [/ 18 وما بعده] ، والأموال لابن زنجويه [2/ 717 وما بعده] ، والحاوي الكبير للماوردي [10/ 424] ، والسنن الكبرى [6/ 290] ، والوسيط للغزالي [4/ 519] ، والبيان للعمراني [12/ 205] ، وروضة الطالبين للنووي [6/ 354] ، وغاية السول [/ 162] ، واللفظ المكرم [1/ 306] .(4/278)
وثلاثة يدفع إليهم بغير بينة: وهم الفقراء، والمساكين، وابن السبيل.
والباقون لا يدفع إليهم إلا ببينة، ومن لم يوجد رجع سهمه على باقي أهل السهمان.
وأما الغنيمة فإنها تخمّس: فأربعة أخماسها للغانمين، وخمسها يقسم على خمسة أيضا، فيعزل سهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدفع الباقي إلى ذوي القربى: سهم وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب أغنياء كانوا أو فقراء، للذكر سهمان وللأنثى سهم، وسهم ليتامى المسلمين الفقراء، وسهم لمساكين المسلمين، وسهم لابن السبيل، وهم المسافرون الفقراء، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفد في جميع ما يتم به مصلحة المسلمين من المساجد وأرزاق الحكام والفقهاء والأئمة والمؤذنين، والقراء، والثغور، والحصون ونحو ذلك.
وأما الفيء فكل ما أخذ من مشرك أو تركه المشرك أو هرب ونحو ذلك.
قال الشافعي رحمه الله: يقسم خمسه، وخمس خمسه على خمسة كخمس الغنيمة.
وأما أربعة أخماسه فقال في أحد قوليه: أنه لأهل الفيء خاصة، لأنهم يقومون مقامه صلى الله عليه وسلم في خوف العدو وتهيبه.
والقول الثاني: أنه يجري مجرى سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا من أهل العلم ممن تقدم الشافعي خمّس الفيء أيضا.(4/279)
[236- باب الموازاة]
236- باب الموازاة 1515- أخبرنا أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكّي، قوله: «باب الموازاة» :
ويقصد به المفاضلة بين الأنبياء بذكر ما خص به كل واحد منهم من الشرف، بغرض التوصل لمعرفة أفضلهم وأكرمهم عند الله، والأصل فيه قوله تعالى:
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ الاية، ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم:
فضّلت على الأنبياء بست ... الحديث.
قال غير واحد من أهل العلم- منهم الحافظ المزي وابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ-: أول من تكلم في هذا المقام الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه قال: ما أعطى الله نبيّا مثل ما أعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر بن سوار: أعطى عيسى إحياء الموتى، فقال:
أعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يخطب إلى جانبه حين بنى له المنبر، فحن الجذع حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذلك.
وقد أورد البيهقي في هذا الباب حديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين:
ما من الأنبياء من نبي إلّا وقد أعطي من الايات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة.
وانظر عن هذا الباب في:
الدلائل لأبي نعيم الأصبهاني [/ 587- 625] ، دلائل البيهقي [7/ 129] ، الخصائص الكبرى للبيهقي [3/ 110- 125] ، جزء الشمائل من تاريخ ابن كثير [/ 497- 568] ، المواهب اللدنية [2/ 582- 597] ، سبل الهدى والرشاد [10/ 264- 273] .(4/280)
أنا أبو بكر: محمد بن حمويه بن عباد السراج، ثنا محمد بن الوليد بن أبان أبو جعفر بمكة، ثنا إبراهيم بن صرمة،.....
قوله: «محمد بن حمويه» :
الحافظ: أبو بكر السراج، النيسابوري، المعروف بالطهماني لجمعه حديث إبراهيم بن طهمان، كان ثقة، توفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة.
أنساب السمعاني [4/ 88] ، تاريخ بغداد [2/ 293] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 313- ص- 466] .
قوله: «محمد بن الوليد بن أبان» :
القلانسي، الهاشمي مولاهم، أحد المضعّفين في الحديث، المتهمين بسرقته، سمع منه أبو حاتم، وقال: لم يكن بصدوق، واتهمه ابن عدي بالوضع وقلب الأسانيد والمتون، وضعفه الدارقطني، وجمع الذهبي في ميزانه بينه وبين المخرمي، وقال في المغني: هما واحد، وفرق بينهما الخطيب، وهو الأولى والأشبه.
تاريخ بغداد [3/ 331] ، الميزان [5/ 184] ، الجرح والتعديل [8/ 113] ، المغني [2/ 641] ، ضعفاء ابن الجوزي [3/ 106] ، الديوان [2/ 44] ، الكامل لابن عدي [6/ 2287] .
قوله: «ثنا إبراهيم بن صرمة» :
الأنصاري، أبو إسحاق المدني، أحد الضعفاء، شيخه أبو حاتم، وقال ابن صاعد: انقلبت على إبراهيم بن صرمة نسخة ابن الهاد فجعلها عن يحيى بن سعيد في الأحاديث كلها، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه إما أن تكون مناكير المتن، أو تنقلب عليه الأسانيد، وبين على أحاديثه ضعفه.
وقال العقيلي: أحاديث هذا الشيخ عن يحيى ليست بمحفوظة من حديث يحيى، فيها شيء يحفظ من حديث ابن الهاد، وفيها مناكير، وليس هو ممن يضبط الحديث، وضعفه الدارقطني والجمهور. -(4/281)
عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكنّ أزواجي عونا لي، وكان شيطان آدم كافرا، وزوجته عونا على خطيئته.
- الكامل [1/ 251] ، الجرح والتعديل [2/ 106] ، الضعفاء للعقيلي [1/ 55] ، الميزان [1/ 38] ، المغني [1/ 17] ، الديوان [1/ 50] .
قوله: «عن يحيى بن سعيد» :
هو الأنصاري، أحد العلماء الأثبات المجمع عليهم، ونافع: هو أبو عبد الله، مولى ابن عمر أحد فقهاء التابعين.
قوله: «فضلت على آدم بخصلتين» :
إسناده ضعيف جدّا للراويين المتقدمين.
أخرجه من طريق المصنف: البيهقي في الدلائل [5/ 488] وقال: محمد بن الوليد بن أبان في عداد من يضع الحديث.
تابعه مكي بن علي الجريري، ومحمد بن أحمد بن الغطريف العبدي عن ابن حمويه، أخرج حديثهما الخطيب في تاريخه [3/ 330- 331] .
قال الزبيدي في الإتحاف [5/ 313] : ومن هذا الوجه أخرجه الديلمي. اهـ وهو في مسنده [3/ 123] رقم 4333.
* خالف صالح بن معاذ أبو بشر محمد بن الوليد فقال: عن إبراهيم بن صرمة، ثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن أبي هريرة به إلّا أنه ذكر خصلة وقال: ونسيت الخصلة الأخرى، أخرجه البزار في مسنده [3/ 146 كشف الأستار] رقم 2438 قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 225] :
فيه إبراهيم بن صرمة وهو ضعيف.
قال الزبيدي: الصحيح أن الحديث ضعيف ولا يدخل في حيز الموضوع.(4/282)
[237- فصل: فيما أوتيه آدم عليه السّلام]
237- فصل:
فيما أوتيه آدم عليه السّلام قال أبو سعد رحمه الله: ما من شرف خص الله به نبيا من أنبيائه إلّا وأعطى رسوله محمّدا صلى الله عليه وسلم من جنسه أفضل منه.
1516- ومنها: أنّ آية آدم عليه السّلام: في سجود الملائكة له، ولم يكن (1516) - قوله: «في سجود الملائكة» :
وقال غيره: خلقه الله تعالى بيده، وعلمه الأسماء كلها.
قال السيوطي في الخصائص: أما تعليم الله آدم أسماء كل شيء فأخرج الديلمي في مسند الفردوس [4/ 166] رقم 6519 عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثلت لي أمتي في الماء والطين، وعلمت الأسماء كلها. اهـ.
قلت: في إسناده كما في زهر الفردوس من لم أعرفه، لكن قد أطلع الله نبينا صلى الله عليه وسلم على كثير من المغيبات والحوادث والكوائن، وأطلعه ليلة الإسراء والمعراج على ملكوته، وأراه من صور القيامة ما هو أعظم وأجل من تعليم الأسماء.
وروى الطبراني في معجمه الكبير [3/ 202] رقم 3055 ما هو أمثل من حديث الديلمي إسنادا، فأخرج من حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد مرفوعا: عرضت عليّ أمتي البارحة لدى هذه الشجرة أولها وآخرها، فقال رجل: يا رسول الله هذا عرض عليك من خلق، فكيف عرض عليك من لم يخلق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: صوروا لي في الماء والطين حتى لأنا أعرف بالإنسان منهم من أحدكم بصاحبه، رجاله عن آخرهم ثقات؛ رواه الطبراني من طريق عبد الله ابن الإمام أحمد: ثنا عقبة بن مكرم، ثنا أبو بكر الحنفي- اسمه: عبد الكبير بن عبد المجيد من جلة-(4/283)
حقيقة السجود إلّا لله تعالى ذكره، وكان آدم كالقبلة لهم فيه، والذي أعطي محمّد صلى الله عليه وسلم من جنس ذلك أنه أمّ ثلاث مائة وعشر رسولا حتى صلوا خلفه ليلة المعراج ببيت المقدس.
- تلاميذ مالك- ثنا داود بن الجارود، عن أبي الطفيل به، وداود عداده في صغار التابعين لم أجد من ترجمه، هذه علة إسناده حسب، وقد ساقه بإسناد آخر، لكن الراوي عن أبي الطفيل- وهو زياد بن المنذر- ضعيف الحديث.
قوله: «وكان آدم كالقبلة لهم» :
حكى الرازي في تفسيره [2/ 230] الإجماع على أن هذا السجود لم يكن سجود عبادة، لأن سجود العبادة لغير الله كفر، والأمر لا يرد بالكفر، ثم حكى قول المصنف وقال: إن ذلك السجود كان لله تعالى، وكان آدم عليه السّلام كالقبلة.
قال الفخر في تفسيره- فيما ذكره القسطلاني وغيره- أن الملائكة إنما أمروا بالسجود لادم لأجل النور الذي كان في جبهته، قال القسطلاني:
وقال الفاكهاني: عن أبي عثمان الواعظ قال: سمعت سهل بن محمد يقول في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الاية، هذا التشريف الذي شرف الله به محمّدا صلى الله عليه وسلم أتم وأجمع من تشريف آدم عليه السّلام بأمره الملائكة بالسجود له، لأن الله لم يكن معهم في ذلك التشريف، فتشريف يصدر عنه سبحانه وعن ملائكته والمؤمنين أبلغ من تشريف تختص به الملائكة، زاد السيوطي في الخصائص: وهو أتم وأعم في الإكرام لاستمراره أبدا، أما ذاك فوقع وانقطع.
قوله: «أنه أمّ ثلاث مائة وعشر رسولا» :
في نسخة أنه أحيا له، وقال غيره: وتولى شرح صدره فتولى بذلك من سيدنا محمد الخلق النبوي، وتولى من آدم الخلق الوجودي. -(4/284)
1517- وقيل: إن الله تعالى فضله على آدم عليه السّلام، وأن آدم خلقه بلطفه، وخلق نور محمّد صلى الله عليه وسلم، فأمر الرب عزّ وجلّ النور فطاف حول عرشه قبل أن يخلق آدم بخمس مائة عام.
- وقد أورد البيهقي في الدلائل في موازاة ما أوتي آدم عليه السّلام حديث عمر بن الخطاب في توسل آدم عليه السّلام بالنبي صلى الله عليه وسلم لما ارتكب الخطيئة، وهو حديث ضعيف الإسناد، وقد تقدم الكلام عليه.
(1517) - قوله: «خلفه بلطفه» :
أي: أمره كما قال سبحانه: كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الاية.
قوله: «وخلق نور محمّد صلى الله عليه وسلم» :
يعني: قبل أن يخلق آدم، هذا مراد المصنف كما يتضح من آخر السياق، وتعبيره بقيل يكفيك عن مطالبته الدليل، لكن قد ذكرت لك حديثا قوي الإسناد في هذا الباب في أول أبواب ظهوره صلى الله عليه وسلم.
وقد أخرج الترمذي في التفسير من جامعه برقم 3076 وصححه، وابن سعد في الطبقات [1/ 28] ، والحاكم في المستدرك [2/ 325] ، وصححه من حديث أبي هريرة مرفوعا: لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو طالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال:
هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له:
داود ... الحديث.
ففيه إثبات النور الذي يرى في الجبهة وبين العينين، وأن وبيصه يختلف من نبي لاخر حسب فضله وأفضليته، وإذا ثبت ذلك للنبي داود عليه السّلام فهو في حق نبيّنا صلى الله عليه وسلم أثبت وأولى للإجماع على أفضليته على سائر الأنبياء.(4/285)
قالوا: وآدم عليه السّلام حين خلق علّم الأسماء كلها ولم يعلّم الملائكة، وجعل ذلك آية لسجود الملائكة.
قلنا: وكذلك محمّد صلى الله عليه وسلم كان أميا وأمته كاتبون، وكانت هذه آية له، وقد آتاه الله كتابا جمع له فيه خبر الأولين والاخرين، وفصل الخطاب وهو القضاء بين الناس، ثم أبقى آيته- وهو القرآن- تقرأ إلى يوم القيامة.(4/286)
[238- فصل: فيما أوتيه إدريس عليه السّلام]
238- فصل:
فيما أوتيه إدريس عليه السّلام ولئن رفع إدريس عليه السّلام إلى السماء، فقد رفع محمّد صلى الله عليه وسلم إلى الحجب، فشاهد ما لم يعاينه أحد، قال الله عزّ وجلّ: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ الاية، وقال: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ الاية.
1518- قالوا: قد أطعم إدريس بعد وفاته من الجنة، وقد أطعم محمّد صلى الله عليه وسلم في الدنيا، فقيل له: إنك تواصل يا رسول الله، قال: إني لست كأحدكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني، فكم بين من أطعم في حياته وبين من أطعم بعد وفاته.
(1518) - قوله: «بعد وفاته من الجنة» :
قد أعطي ذلك من هو أدنى مقاما من الأنبياء: الشاهداء، أخبر الله بذلك في كتابه فقال: بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ الاية.
قوله: «إني لست كأحدكم» :
تقدم تخريجه في خصائصه صلى الله عليه وسلم.(4/287)
[239- فصل: فيما أوتيه نوح عليه السّلام]
239- فصل:
فيما أوتيه نوح عليه السّلام وأعطى الله نوحا عليه السّلام جري السفينة على الماء، واليوم تجري السفينة للكافر والمؤمن، وأعطي نبينا محمّد صلى الله عليه وسلم جري الحجر على الماء، وذلك أبلغ في الأعجوبة.
1519- فروي: أنه صلى الله عليه وسلم دعا عكرمة بن أبي جهل إلى الإسلام فقال: لا حتى تريني آية- وكان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم غدير ماء حوله أحجار-، فقال صلى الله عليه وسلم: ائت ذلك الحجر، فقل: إن محمدا يدعوك، فذهب إليه وقال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم يدعوك، فجرى الحجر على وجه الماء حتى انتصب قائما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد علم أن جري الحجر على الماء أبلغ في باب الإعجاز من جري الخشب على الماء.
قالوا: إن قوم نوح لما بالغوا في إيذائه والاستخفاف به، وتركوا الإيمان به دعا عليهم نوح عليه السّلام فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ
(1519) - قوله: «إنه صلى الله عليه وسلم دعا عكرمة» :
تقدمت قصة إسلامه وأنه من مسلمة الفتح، وقد أورد القصة الشيخ القسطلاني في المواهب، وكأنه اقتبسها من المؤلف ولم أقف عليها مسندة، وفيما تقدم من الايات في تكليمه صلى الله عليه وسلم الأحجار، وإطاعة الأشجار من الأحاديث الصحيحة المسندة غنى وكفاية.
قوله: «دعا عليهم نوح عليه السّلام» :
قال أبو نعيم رحمه الله في الدلائل: وكم لنبيّنا صلى الله عليه وسلم من دعوة مجابة، منها-(4/288)
مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً الاية، فاستجاب الله دعوته وشفا غيظه بإهلاك قومه.
وقد نال محمّد صلى الله عليه وسلم من المحن والنكبات والاستخفاف حتى أنزل الله ملك الجبال وأمره أن يطيع محمّدا صلى الله عليه وسلم فيما يأمره به من إهلاك قومه، فاختار صلى الله عليه وسلم الصبر على أذاهم.
- دعوته على الذين وضعوا السلا على ظهره، وقد دعا بالمطر عند القحط فهطلت السماء بدعائه، قال: وزاد نبيّنا صلى الله عليه وسلم عن نوح عليه السّلام بأنه في مدة عشرين سنة آمن به ألوف كثيرة، ودخل الناس في دينه أفواجا، وأقام نوح في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما فلم يؤمن به إلّا دون المائة نفس.
قال السيوطي في الخصائص [3/ 112] : ومما أوتيه نوح عليه السّلام تسخير جميع الحيوانات له في السفينة، وقد سخرت أنواع الحيوانات لنبيّنا صلى الله عليه وسلم، ونوح كان السبب في نزول الحمى إلى الأرض، ونبينا صلى الله عليه وسلم نفى الحمى من المدينة إلى الجحفة.(4/289)
[240- فصل: فيما أوتيه إبراهيم الخليل عليه الصّلاة والسّلام]
239- فصل:
فيما أوتيه نوح عليه السّلام 1520- أعطي إبراهيم عليه السّلام تسخير النار، فكانت له معجزة، وروي عن الزهري قال: سخر لإبراهيم عليه السّلام نار الدنيا، ...
(1520) - قوله: «فكانت له معجزة» :
بأن جعلها الله بردا وسلاما عليه فلم تحرقه كما قال تعالى: قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ (69) الاية، والفرق بين ظاهر، بين ما أوتيه إبراهيم عليه السّلام وبين ما أوتيه نبيّنا صلى الله عليه وسلم، فإن الله باشر الأمر للنار بنفسه، ونبيّنا صلى الله عليه وسلم سخرت له المخلوقات فجعلت رهن إشارته وأمره، فكان يباشر الأمر بنفسه، كما سيأتي في التعليق التالي.
قوله: «وروي عن الزهري» :
لم أقف عليه.
قوله: «سخر لإبراهيم عليه السّلام نار الدنيا» :
وسخرها لنبيّنا صلى الله عليه وسلم أيضا، وطوعها له، وزاده عليه بأن جعله الله سبحانه الامر لها.
أخرج ابن سعد في الطبقات [3/ 248] ، قال: أخبرنا يحيى بن حماد، أنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون قال: أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به، ويمر يده على رأسه فيقول: يا نار كوني بردا وسلاما على عمار كما كنت على إبراهيم، تقتلك الفئة الباغية مرسل، رجاله ثقات، وأبو بلج الفزاري وسط لم يتفق على توثيقه، قال الحافظ في التقريب: صدوق ربما أخطأ.
وانظر التعليق التالي.(4/290)
ويقال لنار جهنم: كوني مطاوعا لمحمّد صلى الله عليه وسلم، أحرقي من يأمرك بإحراقه، وكفي عمن يأمرك بالكف عنه، فسخر الله لنبيّنا صلى الله عليه وسلم نار الاخرة، ونار الدنيا جزء من مائة جزء منها.
1521- وقيل: إن بإزاء إبراهيم حين ألقي في النار فبرد الله عليه النار، ما أعطي محمّدا صلى الله عليه وسلم حين امتحنه بالذراع المشوي المسموم فقال:
لا تأكلني يا رسول الله فإني مسموم.
قوله: «ويقال لنار جهنم» :
يعني حين يعطى النبي صلى الله عليه وسلم مقام الشفاعة يوم القيامة، ففي حديث أنس المخرج في الصحيحين: أن الله يحد له حدا فيخرجهم من النار ويدخلهم الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: ثم أعود فأقع ساجدا مثله في الثالثة أو الرابعة حتى ما يبقى في النار إلّا من حبسه القرآن؟ أي: وجب عليه الخلود- ... الحديث، وفي حديث سلمان عند ابن أبي شيبة أنه صلى الله عليه وسلم يشفع في كل من كان في قلبه مثقال حبة من حنطة من إيمان، أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان، فذلكم المقام المحمود، وفي حديث ابن عباس: حتى إن خازن النار ليقول يا محمد ما تركت لغضب ربك في أمتك من نقمة.. الحديث.
فمما أوردناه في التعليقين: هذا والذي قبله يتبين لك أن الله طوع له نار الدنيا والاخرة، والله أعلم.
قوله: «جزء من مائة جزء» :
كذا هنا، وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة بلفظ: «جزء من سبعين جزآ من نار جهنم» ، ولم أقف على اللفظ المذكور، لكن قال الحافظ في الفتح: هي رواية لأحمد، والجمع: بأن المراد المبالغة في الكثرة لا العدد الخاص، أو أن الحكم للزائد.
(1521) - قوله: «لا تأكلني يا رسول الله» :
تقدمت القصة في أبواب المعجزات.(4/291)
والقصة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من فتح خيبر أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مسمومة، وكانت قد سألت: أي عضو إلى رسول الله من الشاة أحب؟ فقيل لها: الذراع، فأكثرت فيها السم، وسمّت سائر الشاة، ثم جاءت بها فوضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتناول الذراع ثم قال: إن هذا الذراع ليخبرني إنه مسموم، ثم دعا بالمرأة فاعترفت، فقال لها: ما حملك على ذلك؟ قالت قلت: إن كنت نبيا لا يضرك ذلك، وإن كنت ملكا استراح الناس منك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند موته: ما زالت أكلة خيبر تعاودني، فهذا أوان انقطاع أبهري.
فقيل: إن هذه الاية بإزاء آية إبراهيم في تبريد النار عليه، لأنها منعت مضرة الإحراق، وهاهنا منع مضرة السم، ثم زيد له حتى كلمه الذراع المشوي، قالوا: فمنع النار الظاهرة عن خليله فقال: كُونِي بَرْداً وَسَلاماً الاية، ومنع نار الباطن عن حبيبه- وهو السم- فكلمه الذراع فقال: لا تأكلني فإني مسموم.
وقالوا: إن إبراهيم عليه السّلام خصّ بالخلّة، قال تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا الاية، فكان أفضل من محمّد صلى الله عليه وسلم.
قوله: «فقيل إن هذه الاية بإزاء» :
ذكر هذا الإمام الفقيه أبو محمد عبد الله بن حامد في دلائله في معرض كلامه في الموازاة، نقلها عنه الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ [/ 525] ، ولعل ابن حامد اقتبسها من المصنف لتقدمه عليه، وقصة الشاة المسمومة وإخبار الذراع مخرجة في الصحيحين كما تقدم.(4/292)
قلنا: وكذلك اتخذ الله محمدا حبيبا وخليلا، ومن جمع له بين الخلة والمحبة كان أفضل ممن خص بالخلة، والحبيب ألطف من الخليل، ولا شك أن الأنبياء كلهم عليهم السّلام وأممهم تحت رايته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وهو يشفع لهم.
واختلف الناس في الفرق بين الحبيب والخليل، فقال بعضهم:
الفرق بين الحبيب والخليل أنه لا يكون حبيبا حتى يكون خليلا، قوله: «اتخذ الله محمدا حبيبا وخليلا» :
لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس المتقدم في جامع أبواب فضله صلى الله عليه وسلم حين تسمّع صلى الله عليه وسلم قول الصحابة في مفاضلتهم بين الأنبياء وقولهم: عجبا إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله ... قال صلى الله عليه وسلم: ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وفي حديث عمرو بن قيس: إني قائل قولا غير فخر: إبراهيم خليل الله، وموسى صفي الله، وأنا حبيب الله ... الحديث.
خرجناهما في المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله ابن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 49، 57- فتح المنان- وتكلمنا على إسناديهما.
قال الحافظ البيهقي في الشعب [2/ 183] : اتخذ الله محمدا حبيبا بدلالة الكتاب، وهو قوله عزّ وجلّ: قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ الاية، قال: فإذا كان اتباعه يفيد للمتبع محبة الله عزّ وجلّ فالمتبع بها يكون أولى، ودرجة المحبة فوق درجة الخلة.
قوله: «تحت رايته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة» :
لحديث ابن عباس المشار إليه وحديث غيره أيضا: وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة، تحته آدم فمن دونه ولا فخر.
قوله: «لا يكون حبيبا حتى يكون خليلا» :
قال الإمام الحليمي رحمه الله في الشعب [2/ 119] في معرض مفاضلته:
درجة المحبة فوق درجة الخلة، فكل حبيب خليل، وليس كل خليل حبيبا، -(4/293)
وقد يكون خليلا غير حبيب، كما أن الرسول يكون نبيا، ويكون النبي نبيا غير رسول.
ويقال: الخليل الذي يكون فعله برضا الله كفعل إبراهيم، والحبيب الذي فعل الله برضاه ومراده، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد تحويل القبلة حول الله القبلة على مراده، قال تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها الاية، وقال تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) الاية.
ويقال: الخليل الذي يكون بعضه متعلقا بالدنيا، وبعضه متعلقا بالعقبى، وبعضه متعلقا بالمولى، والحبيب: الذي يكون بجملته متعلقا بالمولى.
ويقال: الخليل الذي يمتحنه ثم يجتبيه من قول الله عزّ وجلّ: - واتخاذ الله إبراهيم خليلا إنما هو على أعداء زمانه لا على غيره من النبيين، حين لم يكن في الدنيا نسمة تعرف الله، وحين كان الكفر قد طبق الأرض، فلما أمره ونهاه وظهرت منه الطاعة، وابتلاه فوجد منه الصبر، كان يومئذ خليله، وأهل الأرض كلهم أعداءه لأنه كان المطيع ومن سواه من الناس عصاة. اهـ بتصرف واختصار، حيث أطال البحث في هذا فأفاد وأجاد رحمه الله.
قوله: «ولسوف يعطيك ربك فترضى» :
وقال تعالى: وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى الاية، قرأ أبو بكر ابن عياش والكسائي: ترضى بضم التاء، وفيها معنى لا يخفى، ومن السنة قول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: ما أرى ربك إلّا يسارع في هواك، وذلك لما نزل قوله تعالى: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ الاية.(4/294)
وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ الاية، والحبيب: الذي اصطفاه أولا، من قوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ الاية، يعني به:
محمّدا صلى الله عليه وسلم.
ويقال: الخليل الذي أنس بذكر ربه، والحبيب الذي أنس بربه.
ويقال: الخليل الذي منه انتظار العطاء، والحبيب الذي منه انتظار اللقاء.
ويقال: الخليل الذي يصل إليه بالواسطة، من قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) الاية، والحبيب الذي يصل إليه بلا واسطة، من قوله تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية.
ويقال: الخليل الذي تكون مغفرته في حد الطمع، قال الله عزّ وجلّ حاكيا عن إبراهيم: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) الاية، والحبيب الذي تكون مغفرته في حد اليقين من غير سؤال، من قوله تعالى:
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ الاية.
وأيضا: فإن الخليل قال: وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) الاية، وقال الله للحبيب: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ الاية.
قوله: «والحبيب الذي منه انتظار اللقاء» :
ذكر هذا كله الإمام الفقيه أبو محمد عبد الله بن حامد في دلائل النبوة، فكأنه اقتبسه من المصنف رحمه الله لتقدمه عليه، نقله الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ [/ 520- 521] ، وروى البيهقي- في الشعب [2/ 184]- جزآ منه عن أبي عبد الرحمن السلمي وهو في طبقة المصنف.(4/295)
وأيضا: قال الخليل في حال المحنة: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ الاية، وقال الله للحبيب في حال المحنة: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) الاية.
وأيضا: فإن الخليل قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ الاية، وقال الله للحبيب: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (7) الاية.
وأيضا: فإن الخليل قال: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ الاية، وقال الله للحبيب بغير سؤال: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ الاية.
وأيضا: فإن الخليل قال: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ الاية، وقال الله للحبيب: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً الاية.
والخليل قال: وَأَرِنا مَناسِكَنا الاية، وقال للحبيب بغير سؤال:
لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا الاية.
وسأل الخليل فقال: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) الاية، وقال للحبيب: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) الاية.
وقال الله جلّ جلاله حاكيا عن إبراهيم عليه السّلام: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) الاية، قال بعض المفسرين: ثناء حسنا، وقال بعضهم:
خلقا صالحا، وقال بعضهم: ذكرا باقيا.
قوله: «أرنا مناسكنا» :
وفي صريح السنة وصحيحها يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: خذوا عني مناسككم، تقدم تخريجه.(4/296)
1522- فكان النبي صلى الله عليه وسلم الخلف الصدق من أبيه، والذكر الباقي لأسلافه كما قال جلّ جلاله: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ الاية، أي: شرف لك وصيت لهم.
وقيل: الفرق بين الحبيب والخليل: قال الخليل: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ الاية، وقال للحبيب: وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الاية.
ويقال: الخليل: الذي يعبده على الخوف مثل إبراهيم عليه السّلام كان إذا صلّى سمع وجيب قلبه من ميلين، قال تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ الاية.
والحبيب الذي يعبده على المحبة والروية.
ويقال: الخليل الذي يقول: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ الاية، (1522) - قوله: «أي: شرف لك» :
تقدم تخريجه في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، ووقع في نسخة: قضيت لهم، بدل: وصيت لهم.
قوله: «وجيب قلبه» :
أي خفقاته واضطرابه، وأصل الوجب: السقوط، والجبة: صوت الشيء إذا سقط كالهدّة.
قوله: «الذي يعبده على المحبة والروية» :
شاهده من السنة قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد أشفقت عليه طول قيامه صلى الله عليه وسلم:
أفلا أكون عبدا شكورا، أخرجاه في الصحيحين، وقال تعالى:
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (79) الاية.(4/297)
والحبيب يقول: لولا الله ما اهتدينا، وقال الله تعالى: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (7) الاية، وقال: إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ الاية.
والخليل الذي يكون مريدا، والحبيب الذي يكون مرادا.
والخليل عطشان، والحبيب ريّان، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأم من العبادة، قام حتى تورمت قدماه، فقيل له: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) الاية.
1523- وكان صلى الله عليه وسلم مشغوفا بقراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الاية، فقالت الجهلة: إن ابن أبي كبشة يحب مولاه أبدا بقراءة نسبته: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الاية.
وإن إبراهيم كان طالبا، قال: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ الاية، والحبيب كان مطلوبا، قال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ الاية، أسرى به من غير طلب.
فإن قيل: لم أظهر خلة إبراهيم ولم يظهر محبته رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قوله: «لولا الله ما اهتدينا» :
وفي التنزيل أيضا: قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً.
قوله: «فقيل له طه» :
تقدم في باب شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن.
(1523) - قوله: «كان مشغوفا بقراءة» :
لم أقف عليه هكذا، لكن قد حث صلى الله عليه وسلم على قراءتها وأخبر أنها تعدل ثلث القرآن، أخرج الإمام أحمد في المسند، والترمذي من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد انسب لنا ربك! فأنزل الله عزّ وجلّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الاية، صححه ابن خزيمة والحاكم وغيرهم.(4/298)
والجواب من وجهين:
أحدهما: أنه أثبت المحبة لمتبعه، فكيف للمتبوع؟ قال تعالى:
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية.
والجواب الثاني: ما قاله الجنيد: إذا أحببته شهرك ونادى عليك، وإذا أحبك سترك وغار عليك.
قالوا: إنّ إبراهيم كسر أصنام قومه غضبا لله عزّ وجلّ.
قلنا: ومحمّد صلى الله عليه وسلم كسر عن الكعبة ثلثمائة وستين صنما وأذلّ من عبدها بالسيف.
قوله: «والجواب من وجهين» :
روي هذا عن جعفر بن محمد، فأخرج البيهقي في الشعب [2/ 184] ، من حديث علي بن موسى الرضا، عن أبيه عنه في قوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا الاية، قال: أظهر اسم الخلة لإبراهيم عليه السّلام لأن الخليل ظاهر في المعنى، وأخفى اسم المحبة لمحمّد صلى الله عليه وسلم لتمام حاله، إذ لا يحب الحبيب إظهار حال حبيبه، بل يحب إخفاءه وستره لئلا يطلع عليه أحد سواه، ولا يدخل أحد بينهما، فقال لنبيه وصفيه محمّد صلى الله عليه وسلم لما أظهر له حال المحبة: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية، أي: ليس الطريق إلى محبة الله إلّا اتباع حبيبه، ولا يتوسل إلى الحبيب بشيء أحسن من متابعة حبيبه وطلب رضاه.
قال البيهقي: قال أبو عبد الرحمن السلمي: الحبيب يوجب لمتبعه اسم المحبة لذلك لم يوقع عليه هذا الاسم، فإن حاله أجل من أن يعبر عنه بالمحبة، لأن متبعيه استحقوا هذا الاسم بمتابعته، ألا ترى الله عزّ وجلّ يقول: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية، والخليل لا يوجب اتباعه الخلة لذلك أطلق له اسم الخلة.
قوله: «فكيف للمتبوع» :
يعني: هي له أثبت وهو بها أولى.(4/299)
[241- فصل: فيما أوتيه موسى عليه السّلام]
241- فصل:
فيما أوتيه موسى عليه السّلام قالوا: أعطى الله موسى عليه السّلام فلق البحر، والبحر من ملكوت الأرض الدنيا.
قلنا: وأعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم شق القمر، والقمر من أنوار الفلك، ومن ملكوت السماء، وذلك أبلغ في باب الإعجاز.
وأعطى موسى عليه السّلام انفجار الماء من الحجر، واليوم يتفجر الماء من الأحجار.
1524- ولكن قد روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر فأصابهم عطش فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بتور من ماء وجعل يده في وسطه، وجعل الماء ينبع من تحت أصابعه حتى استقى العسكر كلهم ورويت قوله: «أعطى الله موسى عليه السّلام فلق البحر» :
قال أبو نعيم: وقد أوتي نظيره بعض أمته من بعده- لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحتج إلى اجتياز بحر ... وهو العلاء بن الحضرمي لما كان بالبحرين واضطر إلى عبور البحر، فعبر هو وأصحابه مشيا على الماء ولم يبل لهم ثوب. اهـ. أخرجها الطبراني في معاجمه الثلاثة، قال في مجمع الزوائد [9/ 373] : في إسناده إبراهيم بن معمر الهروي والد إسماعيل لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
(1524) - قوله: «ولكن قد روى جابر» :
حديثه في الصحيحين، وانظر تخريجه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، تحت رقم 28.(4/300)
الدواب، فقيل لجابر: كم كنتم؟ قال: ألفا وستمائة، وهذا أعجب من تفجير الماء من الحجر، لأن انفجار الماء من اللحم والدم أعجب من خروجه من الحجر.
قالوا: إن موسى عليه السّلام أعطي اليد البيضاء.
1525- قلنا: قد أعطي محمّد صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل منه وهو أن نورا كان يضيء عن يمينه حيث ما جلس، فكان يراه الناس كلهم، وقد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة.
قالوا: وإن كان موسى عليه السّلام أكرمه الله بأن أنزل له عمودا من السماء يضيء لهم ليلهم ويرتفع نهارهم.
قوله: «أعجب من خروجه من الحجر» :
قال أبو نعيم في الدلائل: لأن نبع الماء من الحجر معهود، فالحجر سنخ من أسناخ الماء، مشهور في المعلوم، مذكور في المتعارف، لكن ما روي قط ولا سمع في ماضي الدهور بماء نبع وانفجر من آحاد بني آدم حتى صدر عنه الجم الغفير من الناس وحتى روي الحيوان، وانفجار الماء من الأحجار ليس بمنكر ولا بديع، وخروجه وتفجيره من بين الأصابع معجز بديع. اهـ. باختصار وتصرف يسير.
(1525) - قوله: «أن نورا كان يضيء عن يمينه» :
ذكر هذا الإمام الفقيه أبو محمد: عبد الله بن حامد في دلائل النبوة له- ولعله اقتبسه من المصنف لتقدمه عليه-، نقله عنه الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ وقال: هذا الذي ذكره من هذا النور غريب جدّا. اهـ.
قلت: وقد تقدم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها فقدت إبرة لها في ليلة مظلمة فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم التمستها فوجدتها، خرجناها في الاية في وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم. -(4/301)
1526- قلنا: ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى بعض أصحابه عصا يضيء أمامه وبين يديه، فأعطى قتادة بن النعمان عرجونا فكان العرجون يضيء أمامه عشرا.
وقالوا: قد كلم الله موسى تكليما وناجاه وخاطبه، وألقى الألواح إليه.
- وذكر الحافظ ابن كثير في المقابل قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم آية تكون له عونا على إسلام قومه فسطع نور بين عينيه كالمصباح فقال: اللهمّ في غير هذا الموضع فإنه يظنونه مثلة، فتحول النور إلى طرف سوطه، فجعلوا ينظرون إليه كالمصباح فهداهم الله على يديه ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدعائه لهم، وقوله: اللهمّ اهد دوسا وأت بهم، فكان يقال للطفيل: ذو النور لذلك.
وفي صحيح البخاري قصة أسيد بن حضير وعباد بن بشر وخروجهما من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما طرف عصا أحدهما، فلما افترقا أضاء لكل واحد منهما طرف عصاه.
قال الحافظ ابن كثير: وروى الحافظ أبو زرعة الرازي في دلائل النبوة من حديث محمد بن حمزة الأسلمي عن أبيه قال: سرنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء دحمسة فأضاءت أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم وإن أصابعي لتستنير.
(1526) - قوله: «يضيء أمامه عشرا» :
روى الحديث أبو سعيد الخدري في سياق طويل في فضل العراجين، وفي ساعة الجمعة، وفيه: ثم هاجت السماء من تلك الليلة، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الاخرة برقت برقة، فرأى قتادة بن النعمان فقال:
ما السرى يا قتادة؟ قال: علمت يا رسول الله أن شاهد الصلاة قليل، فأحببت أن أشهدها، قال: فإذا صليت فاثبت حتى أمر بك، فلما انصرف أعطاه العرجون، وقال: خذ هذا فسيضيء أمامك عشرا، وخلفك عشرا، فإذا دخلت البيت وترائيت سوادا في زاوية البيت فاضربه قبل أن يتكلم فإنه-(4/302)
قلنا: وقد دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من رب العزة دنوا لم يدن موسى ولا أحد من المرسلين عليهم السّلام ولا الملائكة المقربون لقوله عزّ وجلّ:
ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية.
قالوا: وأعطى الله موسى عليه السّلام إلقاء العصا فاستحالت حيّة.
قلنا: فقد نطقت الشاة المسمومة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمته أنها مسمومة، فمصير الشاة المشوية ناطقة أعجب من مصير العصاحية.
- شيطان، قال: ففعل ... الحديث.
أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 65] ، والبزار في مسنده [1/ 296 كشف الأستار] رقم 620، وأبو نعيم في الدلائل برقم 505، وصححه ابن خزيمة برقم 881.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 167] ، بعد أن عزاه لأحمد والبزار:
رجالهما رجال الصحيح.
وقد مضى الحديث في فصل آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات والكوائن، شاهده فيه إخباره صلى الله عليه وسلم بالشيطان في بيت قتادة، وأنه في إحدى زوايا بيته، وانظر التعليق المتقدم قبله.
قوله: «وقد دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من رب العزة» :
قال الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ: قال شيخنا- يعني:
ابن الزملكاني-: وأما أن الله كلم موسى تكليما فقد تقدم حصول الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء مع الرؤية، هو أبلغ. اهـ. قال ابن كثير معلقا:
ويشهد له: فنوديت يا محمد قد كلّفت فريضتين، وخففت عن عبادي ...
قال: وسياق بقية القصة يرشد لذلك، وقد حكى بعض العلماء الإجماع على ذلك، لكن رأيت في كلام القاضي عياض نقل خلاف فيه فالله أعلم، قال: وأما الرؤية ففيها خلاف مشهور بين الخلف والسلف، ونصرها من الأئمة: أبو بكر: محمد بن إسحاق بن خزيمة المشهور بإمام الأئمة، واختار ذلك القاضي عياض والشيخ محيي الدين النووي، وجاء-(4/303)
1527- وروي عن بعض الصحابة قال: بينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس يتذاكرون فضل النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاهم يهودي فقال: يا أمة محمّد صلى الله عليه وسلم ما تركتم للأنبياء درجة ولا للمرسلين فضيلة إلّا وجعلتموها لنبيكم صلى الله عليه وسلم، فقال علي رضي الله عنه: إن كنتم تزعمون أن موسى بن عمران كلمه ربه عزّ وجلّ على طور سيناء، فإن الله عزّ وجلّ كلّم محمّدا صلى الله عليه وسلم في السماء السابعة:
فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) .
قال: ولئن زعمت النصارى أن عيسى عليه السّلام أبرأ العميان وأحيا الموتى بإذن الله عزّ وجلّ، فإن محمّدا صلى الله عليه وسلم لما سألته قريش إحياء ميت نقيض عيسى ابن مريم إذ كان، دعاني النبي صلى الله عليه وسلم ثم وشحني ببرده السحاب، ثم قال:
يا علي، انطلق مع القوم إلى المقابر فأحيي لهم بإذن الله عزّ وجلّ ما سألوك من آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وعشائرهم، فانطلقت معهم، فدعوت الله عزّ وجلّ باسمه الأعظم، فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم بإذن الله عزّ وجلّ.
ثم قال: وإن محمّدا صلى الله عليه وسلم قد فعل ما هو أكثر من هذا، إن أبا قتادة بن ربعي الأنصاري شهد وقعة أحد،....
- عن ابن عباس تصديق الرؤية، وجاء عنه تفنيدها، وكلاهما في صحيح مسلم. اهـ. وقد تقدم البحث بأكثر من هذا.
(1527) - قوله: «فقال علي رضي الله عنه» :
في صحة نسبة هذا الخبر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب نظر، لما سيأتي، ولم أقف عليه عند غيره.
قوله: «إن أبا قتادة بن ربعي الأنصاري» :
اسمه: الحارث بن ربعي، وقيل: النعمان، وقيل: عمرو، وهو الذي قال فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة بن الأكوع، -(4/304)
فأصابته طعنة في عينه فبرزت حدقته، فأخذها بيده ثم أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن امرأتي الان تبغضني، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من يده ثم وضعها مكانها، فلم تكن تعرف إلّا بفضل حسنها وفضل ضوئها على العين الأخرى.
- أخرجه مسلم في الجهاد والسير من حديث سلمة الطويل في قصة خيبر.
قوله: «فأصابته طعنة في عينه» :
كذا يقول، وفيه نظر، فإن الذي أصابته عينه يوم أحد قتادة بن النعمان وقد تقدم ذلك في المعجزات، فأما أبو قتادة فإنما أصيب في وجهه، وكان ذلك يوم ذي قرد حين أغير على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصل القصة في صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع المشار إليه في التعليق قبل هذا، وأخرج القصة الواقدي في مغازيه [2/ 544- 545] ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [3/ 480] ، وأخرجها من طرق بألفاظ: الطبراني في معجمه الصغير [2/ 152] ، والبيهقي في الدلائل [4/ 190- 193] .
قال الواقدي: حدثنا يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن أبي قتادة قال: أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي قرد فنظر إليّ فقال: اللهمّ بارك في شعره وبشره، وقال: أفلح وجهك، قلت: ووجهك يا رسول الله، قال:
قتلت مسعدة؟ قلت: نعم، قال: فما هذا الذي بوجهك؟ قلت: سهم رميت به يا رسول الله، قال: فادن، فدنوت منه، فبصق عليه، فما ضرب علي قط ولا قاح.
الواقدي عمدة في الأخبار والمغازي، ولكنه متروك الحديث، وللقصة طرق أخرى تثبت صحتها، وإنما اخترت سياق الواقدي للفظه المختصر، والقصة مذكورة في ترجمته من كتب الصحابة.
انظر عن أبي قتادة بن ربعي في:
المعجم الكبير للطبراني [3/ 270] ، طبقات ابن سعد [6/ 15] ، تاريخ ابن-(4/305)
1528- وروي عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في نصف النهار إذ أقبل ثلاثة نفر من أصحابه فقالوا:
ندخل يا رسول الله؟ فصيّر ظهره إلى ظهري، ووجهه إليهم، فقال الأول منهم: يا محمد زعمت لنا أنك خير من إبراهيم، وإبراهيم اتخذه الله عزّ وجلّ خليلا، فأي شيء اتخذك الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ويحك! أكفر بعد إيمان؟ اتخذني الله عزّ وجلّ صفيّا، والصفي أقرب من الخليل.
قال: فقام الثاني فقال له: يا محمد زعمت لنا أنك خير من موسى، وموسى كلمه الله عزّ وجلّ تكليما، وأنت متى كلمك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
ويلك، موسى كلمه الله عزّ وجلّ في الأرض، من وراء حجاب، وأنا كلمني ربي تحت سرادق عرشه.
قال: فقام إليه الثالث فقال له: زعمت لنا أنك خير من عيسى، وعيسى أحيا الموتى، وأنت لم تحيي شيئا؟ قال: فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى تصابّ عرقا، وصفق بيديه وصاح: يا علي يا علي، فإذا علي رضي الله عنه مشتمل بشملة له وهو يقول: لبيك لبيك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أين كنت يا علي؟ فقال: كنت في بستان أنضح على نخلي إذ سمعت صوتك وتصفيقك، فقال له: ادن مني، فو الذي نفس محمد بيده ما ألقى الصوت- عساكر [67/ 141] ، أسد الغابة [6/ 250] ، الإصابة [11/ 320] ، مسند الإمام أحمد [4/ 383، 5/ 295] ، تهذيب الكمال [34/ 195] ، تهذيب التهذيب [12/ 224] ، المستدرك للحاكم [3/ 480] ، التاريخ الكبير [2/ 258- 259] ، الجرح والتعديل [3/ 74] ، كنز العمال [13/ 617] ، سير أعلام النبلاء [2/ 449] .
(1528) - قوله: «وروي عن أم سلمة» :
لم أقف عليه، والظاهر أنه موضوع، والله أعلم.(4/306)
في مسامعك إلّا جبريل، قال: فأقبل علي رضي الله عنه يدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيه حتى أدخله في قميصه، وأخرج رأسه من جيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كلمه بكلمات لم أسمعها، ثم قال له: قم يا حبيبي، والبس قميصي هذا، فانطلق بهم إلى قبر يوسف بن كعب فأحيه لهم بإذن محيي الموتى.
قالت أم سلمة: فخرجوا أربعة معا، واتبعت آثارهم حتى انتهى بهم إلى بقيع الغرقد، فانتهى بهم إلى قبر دارس، فدنا منه وتكلم بكلمات وأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصدّع القبر، ثم أمره الثالثة، وركله برجله، فقال له: قم بإذن محيي الموتى، فإذا شيخ ينفض التراب عن رأسه ولحيته وهو يقول: ويلكم! أكفر بعد إيمان؟ أنا يوسف بن كعب صاحب أصحاب الأخدود، أماتني الله منذ ثلثمائة وستين عاما حتى كانت الساعة، فإذا هاتف يهتف ويقول: قم فصدق سيد ولد آدم محمّد صلى الله عليه وسلم فقد كذب، فقال بعضهم لبعض: ارجع بنا لا يعلم بنا صبية قريش فيرجمونا بالحجارة، وقالوا: نشدناك يا علي لما رددته، قال: فتكلم بكلام لا أفهمه، فإذا الرجل قد رجع إلى قبره، وسوّي عليه التراب، ورجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.(4/307)
[242- فصل: فيما أوتيه داود عليه السّلام]
242- فصل:
فيما أوتيه داود عليه السّلام قالوا: إن داود عليه السّلام بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه.
1529- وقد أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل منه، وهو أنه كان إذا قام إلى صلاته سمع من صدره أزيز كأزيز المرجل، وقد أمّنه الله من عقابه، فأراد أن يخشع لربه ببكائه، ولكي يقتدى به، ولقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه من قيام الليل، وحتى عوتب عليه فأنزل الله تعالى: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) الاية.
(1529) - قوله: «كأزيز المرجل» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 25، 26] ، وأبو داود في الصلاة، باب البكاء في الصلاة، والترمذي في الشمائل برقم 315، والنسائي في السهو، باب البكاء في الصلاة، والبيهقي في الدلائل [1/ 357] ، جميعهم من حديث مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وهو قائم يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل، صححه ابن حبان، والحاكم، وابن خزيمة.
قوله: «فأنزل الله تعالى طه» :
تقدم نقل أقوال المفسرين في الاية في شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، لكن هذا الذي ذكره المصنف- من أنه صلى الله عليه وسلم كان يبكي حتى يغشى عليه- منكر جدا لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقالت عائشة: لم تصنع هذا-(4/308)
1530- وكان صلى الله عليه وسلم يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله، أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا.
قالوا: وليّن الله لدواد عليه السّلام الحديد حتى كان يأخذ الحديد فيمده كيف شاء، ثم يكون في يده مثل الشمع، فيجعل منه الحلق والبدن.
قلنا: فقد مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرع شاة أم معبد وهي يابسة فتخلصت لبنا.
- يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا؟ لفظ البخاري في التفسير، باب لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ الاية، وفيهما أيضا من حديث المغيرة قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقوم حتى ترم قدماه- أو ساقاه- فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا؟ لفظ البخاري في التهجد، باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذا ما روي في سبب سؤالهم لا لأجل أنه كان يبكي حتى يغشى عليه، وما في الصحيحين أصح وأولى بالإثبات، والله أعلم.
(1530) - قوله: «ضرع شاة أم معبد» :
تقدمت القصة في حديث الهجرة، وقد أجاب غيره بأن الله قد ألان له الصخر، وقد مرت قصة الكدية التي اعترضت الصحابة وهم يحفرون الخندق فلم يقدروا على كسرها، حتى قام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ربط على بطنه من شدة الجوع، فضربها ثلاث ضربات فعادت كثيبا أهيل، قال ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ: لا شك أن انسيال الصخر التي لا تنفعل ولا بالنار أعجب من الحديد الذي إن أحمي لان، كما قال الشاعر:
فلو أن ما عالجت لين فؤادها ... فقسا استلين به للان الجندل
والجندل: الصخر، فلو أنه أشد قوة من الصخر لذكره هذا الشاعر المبالغ، وقد قال تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ-(4/309)
1531- وقال الواقدي: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغار فبلغ الجبل وجده انفرج، حتى دخل النبي صلى الله عليه وسلم الغار، فهذا مثل فلق البحر وتليين الحديد.
- قَسْوَةً الاية، قال: وحاصله أن الحديد أشد امتناعا في الساعة الراهنة من الحجر ما لم يعالج، فإذا عولج انفعل الحديد ولا ينفعل الحجر. اهـ.
قوله: «مثل فلق البحر وتليين الحديد» :
أشار إلى هذا الحافظ أبو نعيم في الدلائل فقال: فإن قيل: فقد لين الله تعالى لداود الحديد حتى سرد منه الدروع السوابغ، قلنا: قد لينت لمحمّد صلى الله عليه وسلم الحجارة وصم الصخور فعادت له غارا استتر بها من أعين المشركين، ويوم أحد مال برأسه إلى الجبل ليخفي شخصه عنهم، فلين الله له الجبل حتى أدخل فيه رأسه، قال: وهذا أعجب لأن الحديد تلينه النار، ولم نر النار تلين الحجر، وكذلك في بعض شعاب مكة حجر من جبل أصم استروح في صلاته إليه فلان له الحجر حتى أثر فيه بذراعيه وساعديه وذلك مشهور يقصده الحجاج ويزورونه، وعادت الصخرة ببيت المقدس ليلة أسري به صلى الله عليه وسلم كهيئة العجين، فربط بها دابته البراق، يلمسه الناس إلى يومنا هذا باق. اهـ.
قال الحافظ ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ معلقا على هذا: هذا الذي أشار إليه من يوم أحد وبعض شعاب مكة غريب جدّا، ولعله قد أسنده هو فيما سلف، وليس ذلك بمعروف في السيرة المشهورة، وأما ربط الدابة في الحجر فصحيح، والذي ربطها جبريل كما هو في صحيح مسلم.(4/310)
[243- فصل: فيما أوتيه سليمان بن داود عليه السّلام]
243- فصل:
فيما أوتيه سليمان بن داود عليه السّلام قالوا: إن سليمان عليه السّلام أعطي مركبا من الريح.
قلنا: وأعطي نبيّنا صلى الله عليه وسلم من جنسه: البراق، حتى بلّغه في ساعة سدرة المنتهى فما فوقها، فهذا أعجب من ذهاب الريح لسليمان مقدار شهرين بيوم واحد.
وقالوا: إن سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.
قلنا: وقد أعطي محمّد صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل منه:
1532- عرضت عليه مفاتيح خزائن الدنيا فردها، فأعطاه الله الكوثر، وهو أصل حوضه لسقي الخلق منه، وأعطاه الشفاعة، وهي (1532) - قوله: «عرضت عليه مفاتيح خزائن الدنيا فردها» :
جاء هذا في حديث أبي مويهبة المتقدم في باب وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه: يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة، وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة، قال: قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، فقال: لا والله يا أبا مويهبة، لقد اخترت لقاء ربي والجنة ... الحديث، وقد تقدم.
وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعا: بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينا أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي، قال أبو هريرة: وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها، لفظ البخاري في الجهاد والسير، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وقد تقدم أيضا في الباب الذي قبله: جامع أبواب فضله صلى الله عليه وسلم. -(4/311)
أعظم من ملك الدنيا بأسرها سبعين مرة، ووعده الله المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والاخرون.
وقالوا: إن سليمان سخر له الجن، فقد علمنا أنها كانت مسخرة، وكانت مع ذلك تعتاص عليه حتى يصفدها ويعذبها.
قلنا: قد أتت الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم راغبة طائعة له معظمة لشأنه، فامنت به وصدقته واتبعت أمره وتضرعت إليه في الزاد حتى أجابهم إلى ذلك، قال الله عزّ وجلّ وقد قال تعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ الاية.
- وأخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 327- 328] ، من حديث أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: أوتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق عليه قطيفة سندس، صححه ابن حبان برقم 6364- الإحسان-.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 509- 510] رقم 11849، وابن أبي حاتم في التفسير [8/ 2666] رقم 14991، وابن جرير كذلك [18/ 186- وصورته عنده صورة المرسل] ، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن مردويه- كما في الدر المنثور [6/ 238]- من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن خيثمة قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت أعطيناك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك، ولا يعطاه أحد بعدك، ولا ينقصك ذلك مما لك عند الله شيئا، وإن شئت جمعتها لك في الاخرة؟ قال: اجمعها لي في الاخرة، فأنزل الله تبارك وتعالى: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10) الاية.
قوله: «قد أتت الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم» :
انظر التعليق على النص المتقدم برقم: 1495.(4/312)
نقول: إن كان سليمان عليه السّلام علمه الله منطق الطير، فقد علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاركه في علم ذلك.
1533- ألا ترى أنه قد جاءه بعير فشكى إليه أهله، فعلم شكواه.
1534- وكذلك روي أن بعض الطيور- وهي الحمرة- فجعت بأخذ ولدها، فجاءته وجعلت ترفرف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (1533) - قوله: «قد جاءه البعير فشكى إليه» :
تقدم ما يتعلق بهذا في أبواب الدلائل، فصل: ذكر آياته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات.
(1534) - قوله: «فجعت بأخذ ولدها» :
أخرج أبو داود في الجهاد، باب كراهية حرق العدو بالنار، رقم 2675، وأعاده في الأدب برقم 5268، والبيهقي في الدلائل [6/ 32] ، وأبو نعيم- وليس في المختصر المطبوع، وأبو الشيخ في العظمة فيما ذكره السيوطي في الخصائص- من حديث ابن مسعود قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فمررنا بشجرة فيها فرخا حمرة فأخذناهما، قال: فجاءت الحمرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي تعرض فقال: من فجع هذه بفرخيها؟ قال: فقلنا: نحن، قال: ردوهما، قال: فرددناهما إلى مواضعهما، صححه الحاكم في المستدرك [4/ 239] ، وأقره الذهبي في التلخيص.
قال البيهقي: كذا في كتابي: تعرض، وقال غيره: تفرش، يعني: تقرب للأرض وترفرف بجناحيها.
وفي مغازي الواقدي [1/ 398] ، من حديث جابر بن عبد الله قال: إنا لمع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من أصحابه بفرخ طائر ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فأقبل أبواه أو أحدهما حتى طرح نفسه بين يدي الذي أخذ فرخه، فرأيت-(4/313)
أيكم فجع هذه بفرخيها؟ فقال رجل من القوم: أنا أخذت فرخيها، فقال صلى الله عليه وسلم: ارددها.
- الناس عجبوا من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا الطائر؟
أخذتم فرخه فطرح نفسه رحمة لفرخه، والله لربكم أرحم بكم من هذا الطائر بفرخه.(4/314)
[244- فصل: فيما أوتيه صالح عليه السّلام]
244- فصل:
فيما أوتيه صالح عليه السّلام ومن معجزات صالح عليه السّلام أن خرجت له ناقة عشراء من بين صخرة صماء.
1535- وقد خرج لنبيّنا صلى الله عليه وسلم رجل من وسط الجبل يدعو له ويقول:
اللهمّ ارفع له ذكرا، اللهمّ أوجب له أجرا، اللهمّ احطط له وزرا.
وقالوا: أخرج الله تعالى لصالح ناقة فجعلها لقومه عبرة، لها شرب ولقومه شرب يوم معلوم.
قلنا: ومحمّد صلى الله عليه وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، وذلك أن ناقة صالح لم تكلم صالحا ولم تشهد له بالنبوة.
1536- ومحمّد صلى الله عليه وسلم بينما يسير في بعض غزواته إذا هو ببعير دنا منه فقال: يا رسول الله إن فلانا استعملني حتى إذا كبرت وعمرت (1535) - قوله: «وقد خرج لنبيّنا صلى الله عليه وسلم رجل» :
لم أقف عليه.
قوله: «ما هو أفضل من هذا» :
وقال أبو نعيم: بل هو أبلغ. اهـ. ثم ذكر نحو كلام المصنف من أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي شهادة الحيوانات له بالرسالة والنبوة، وقد تقدم قصة الذئب، والغزالة، والبعير الناد، والضب، وتقدم تسليم الأحجار له أيام بعثته صلى الله عليه وسلم، وإطاعة الأشجار له صلى الله عليه وسلم.
(1536) - قوله: «بينما يسير في بعض غزواته» :
تقدم في أبواب الدلائل، فصل: ذكر آياته صلى الله عليه وسلم مع الحيوانات.(4/315)
يريد ذبحي، فأنا أستعيذ بك منه، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوهبه فوهبه منه وخلاه.
1537- ومثله ما ذكر في قصة بئر رومة التي اشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه فاقتسمها بين المسلمين والمشركين على أن للمسلمين يوما ولهم يوم، فكان يستقي منها في يوم المسلمين ما يكفيهم ليومين، ولا يزيد في يوم المشركين على ما كان قبله.
(1537) - قوله: «في قصة بئر رومة» :
تنسب لصاحبها رومة الغفاري، قال ابن عبد البر: كانت ركية ليهودي يبيع ماءها من المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري رومة فيجعلها للمسلمين، يضرب لدلوه في دلائهم، وله بها شرب في الجنة؟ فأتى عثمان اليهودي فساومه بها، فأبى أن يبيعه كلها، فاشترى عثمان نصفها باثني عشر ألف درهم، فجعله للمسلمين، فقال له عثمان: إن شئت جعلت لنصيبي قربين، وإن شئت فلي يوم ولك يوم، فقال: بل لك يوم ولي يوم، فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين، فلما رأى اليهودي ذلك، قال: أفسدت علي ركيتي، فاشتر النصف الاخر، فاشتراه بثمانية آلاف درهم، [وفا السمهودي 2/ 970] ، وأصل قصة البئر في الصحيحين، تأتي في فضائله.(4/316)
[245- فصل: فيما أوتيه يحيى بن زكريّاء عليه السّلام]
245- فصل:
فيما أوتيه يحيى بن زكريّاء عليه السّلام قالوا: إن يحيى بن زكرياء أوتي الحكم صبيا وأوتي الفهم، وكان يبكي من غير ذنب، وكان يواصل الصوم.
قلنا: قد أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل، لأن يحيى عليه السّلام لم يكن في عصره أوثان ولا جاهلية، ومحمّد صلى الله عليه وسلم أوتي الحكم والفهم في صباه وهو بين الأوثان، فلم يرغب لهم في صنم، ولم يسمع منه كذب، وعرف فيما بينهم بالصدق والأمانة والحكم، وكان يواصل الصوم، وكان يبكي من خشية الله حتى يبتل مصلاه، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قوله: «أوتي الحكم صبيا» :
ذكر قريبا من كلام المصنف: أبو نعيم في الدلائل وزاد مسألة فقال: فإن قيل: فقد أثنى الله على يحيى فقال: وَسَيِّداً وَحَصُوراً الاية، والحصور:
الذي لا يأتي النساء، قلنا: إن يحيى كان نبيا ولم يكن مبعوثا إلى قومه، وكان منفردا بمراعاة شأنه، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم رسولا إلى كافة الناس ليقودهم ويحوشهم إلى الله عزّ وجلّ قولا وفعلا، فأظهر الله به الأحوال المختلفة والمقامات العالية المتفاوتة ليقتدي كل الخلق بأفعاله، فاقتدى به الصديقون في جلالتهم، والشاهداء في مراتبهم، والصالحون في اختلاف أحوالهم، ليأخذ العالي والداني والمتوسط والمسكين من فعاله قسطا وحظا، إذ النكاح من أعظم حظوظ النفس وأبلغ الشهوات، فأمر بالنكاح، وحث عليه لما جبل الله عليه النفوس. اهـ. باختصار.(4/317)
[246- فصل: فيما أوتيه عيسى بن مريم عليه السّلام]
246- فصل:
فيما أوتيه عيسى بن مريم عليه السّلام قالوا: وأعطى الله تعالى عيسى إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص.
قلنا: فقد أعطى نبيّنا صلى الله عليه وسلم إحياء الشاة المسمومة حتى كلمته وقالت:
لا تأكلني فإني مسمومة.
1538- وروي أن معاذ بن عفراء تزوج امرأة فقيل لها: إن بجنبه برصا، فكرهت المرأة أن تزف إليه، فجاء معاذ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكشف لي عن جنبك، فكشف له عن جنبه، فمسحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود فذهب البرص عنه.
1539- وجاءت امرأة ومعها عكة سمن وأقط، ومعها بنت فقالت:
يا رسول الله ولدت هذه كمهاء، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا فمسح به عينيها فأبصرتا.
(1538) - قوله: «وروي أن معاذ بن عفراء» :
كذا هنا، وأوردها القسطلاني في المواهب فقال: وروي أن امرأة معاذ بن عفراء- وكانت برصاء- فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليها بعصا فأذهب الله البرص منها، عزاه للرازي، ولعله الأولى لاتفاقهما على ذكر العصا في القصة.
(1539) - قوله: «ولدت هذه كمهاء» :
لم أقف عليه.(4/318)
وإن كان المسيح عليه السّلام أتي بطعام من السماء أكله الحواريون.
فقد أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام من الجنة فأكله، أتاه به جبريل عليه السّلام.
وإن كان المسيح عليه السّلام أبرأ الأكمه والأبرص.
1540- قلنا: فرسول الله صلى الله عليه وسلم أبرأ صاحب السّلعة.
قوله: «فقد أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام من الجنة» :
انظر النص المتقدم برقم: 1492 والتعليق عليه.
(1540) - قوله: «صاحب السّلعة» :
في الباب عن عبد الرحمن بن شرحبيل، وأبي سبرة.
أما حديث عبد الرحمن بن شرحبيل فأخرجه البخاري في تاريخه [4/ 250]- واللفظ له- ومن طريقه البيهقي في الدلائل [6/ 176] ، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 367] ، قال عبد الرحمن: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وبكفي سلعة، قلت: يا رسول الله هذه السّلعة قد آذتني، تحول بيني وبين قائم السيف أن أقبض عليه وعنان دابتي! فقال: ادن مني، فدنوت منه، فقال: افتحها، ففتحتها فنفث في كفي، ووضع كفه على السّلعة، فما زال يصلحها بكفه حتى رفع عنها وما أدري أين أثرها.
قلت: رجال إسناده مذكورون في الكتاب، ليس فيهم من يضعف في الحديث.
وأما حديث أبي سبرة فقال البيهقي في الدلائل [6/ 176] : قرأت في كتاب الواقدي أن أبا سبرة قال: يا رسول الله إن بظهر كفي سلعة قد منعتني من خطام راحلتي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فجعل يضرب على السّلعة ويمسحها، فذهبت، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ولإبنيه ... الحديث.
الواقدي حاله معروف مشهور في الحديث.
والسّلعة: غدة تظهر بين الجلد واللحم تتحرك إذا غمزت باليد وتشعر بالألم مع ذلك.(4/319)
1541- وأتاه رجل وبه أدرة فقال: إن هذه الأدرة تمنعني عن التطهر والوضوء، فدعا بماء فبرّك فيه وتفل فيه، ثم أمره أن يقبض منه عليه، ففعل الرجل فأغفى إغفاءة فانتبه فإذا هي قد تقلصت.
1542- وأصيبت عين قتادة بن النعمان في بعض غزواته مع النبي صلى الله عليه وسلم فسقطت عينه على وجنته فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت أحدّهما بصرا وأحسنهما عينا.
ويقال: إن كان المسيح عليه السّلام أحيا الميت بإذن الله عزّ وجلّ.
1543- فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحيي له النفر الذين قتلوا يوم بدر فخاطبهم وكلمهم وعيّرهم بكفرهم وطغيانهم، وناداهم بأسمائهم وأعيانهم وأسماء آبائهم.
(1541) - قوله: «وأتاه رجل وبه أدرة» :
الأدرة: فتق في إحدى الخصيتين، ويقال أيضا: انتفاخ في الخصية، وخصية أدراء: إذا كانت عظيمة.
والحديث أورده القاضي عياض في الشفاء بلا إسناد، وسكت السيوطي عنه فلم يعزه لأحد في المناهل، لكن أشار إليه ابن الأثير في الغريب [1/ 31] .
(1542) - قوله: «وأصيبت عين قتادة» :
تقدمت قصته في أبواب الدلائل برقم: 1244، 1264.
(1543) - قوله: «أحيي له النفر الذين قتلوا يوم بدر» :
أخرج البخاري في المغازي، ومسلم في صفة أهل الجنة والنار من حديث قتادة قال: ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان صلى الله عليه وسلم إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى واتّبعه-(4/320)
قالوا: إن عيسى عليه السّلام أمات شهوته في نفسه فأحيا الله ميتا بإذنه ودعوته.
قلنا: قد جعل الله للنبي صلى الله عليه وسلم حياة القلوب، قال تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ الاية.
وكما أن عيسى عليه السّلام يبرئ الأكمه، كذلك كان للنبي صلى الله عليه وسلم.
1544- وذلك أنه جاء إليه صلى الله عليه وسلم أخوان أحدهما أعمى والاخر أخرس فدعا لهما النبي صلى الله عليه وسلم فأبصر الأعمى وتكلم الأخرس.
- أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلّا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقّا؟ قال: فقال عمر: يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم.
قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقيمة وحسرة وندما، لفظ البخاري في المغازي، باب قتل أبي جهل، حديث رقم 3976.
(1544) - قوله: «أحدهما أعمى والاخر أخرس» :
لم أقف على هذا، لكن شواهده كثيرة مذكورة في باب آياته صلى الله عليه وسلم في إبراء المرضى.(4/321)
[247- فصل: فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام]
247- فصل:
فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام قالوا: فإن يعقوب عليه السّلام عظم في الخير نصيبه، وجعل الأسباط من سلالة صلبه، ومريم ابنة عمران من بناته، والهداة من ذريته، قال الله تعالى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ الاية.
قلنا: ومحمّد صلى الله عليه وسلم أعظم بالخير نصيبا، وأوفر حظّا وأرفع ذكرا:
1545- جعلت فاطمة سيدة نساء العالمين من بناته، والحسن والحسين من ذريته، وأعطي صلى الله عليه وسلم الكتاب المحفوظ، لا يغير ولا يبدل، وأوجب الله على الخلق الاقتداء بسنته، وفتح عليه باب الحكمة، فهل من فضيلة أعظم من هذه؟.
(1545) - قوله: «سيدة نساء العالمين» :
أخرج الشيخان من حديث عائشة أنها سألت فاطمة عما أسر إليها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أسر إليّ أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلّا قد حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي، فبكيت، فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة- أو: نساء المؤمنين-؟ فضحكت لذلك، لفظ البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.
قوله: «والحسن والحسين من ذريته» :
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بما أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 391] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 96] ، والترمذي في المناقب برقم 3783، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 95] رقم 8365، جميعهم من-(4/322)
وقالوا: إن يعقوب عليه السّلام صبر على فراق ولده حتى كاد أن يكون حرضا من الحزن.
قلنا: كان حزنه على ولده حزن تلاق ومضض واشتياق، ووجد وفراق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فجع بأولاده، خصوصا بقرّة عينه إبراهيم في حياته، فصبر محتسبا، ووفى بصدق الاختيار مستسلما:
1546- فقال صلى الله عليه وسلم: العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون.
في كل ذلك ينهج صلى الله عليه وسلم سبيل الرضا عن الله عزّ وجلّ والاستسلام له في جميع أحكامه وأحواله، يدلّك عليه قول الله عزّ وجلّ حكاية عن يعقوب عليه السّلام:
يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ الاية، فقد أصابه من الوجد ما أصابه بفقد ابن واحد من بنين كثيرة، ومحمّد صلى الله عليه وسلم فقد ابنه إبراهيم ولم يكن له سواه فلم يصبه مع ذلك جزع، وكان صلى الله عليه وسلم موصوفا بالرأفة والرحمة، فبان صبره على صبر يعقوب عليه السّلام.
- حديث حذيفة بن اليمان: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم اتبعه فإذا عارض قد عرض له، ثم ذهب فرآني فقال: حذيفة؟ فقلت: لبيك يا رسول الله، قال:
هل رأيت العارض الذي عرض لي؟ قلت: نعم، قال: فإنه ملك من الملائكة استأذن ربه ليسلم عليّ وليبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب الجنة، وأن فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة، صححه ابن حبان كما في الموارد برقم 2228.
(1546) - قوله: «وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون» :
أخرجاه في الصحيحين بنحوه من حديث أنس.(4/323)
[248- فصل: فيما أوتيه يوسف عليه السّلام]
247- فصل:
فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام قالوا: وقد أوتي يوسف عليه السّلام شطر الحسن.
قلنا: لم يكن جمال رسول الله صلى الله عليه وسلم دون جماله:
1547- ألا ترى إلى قول الربيع بنت معوذ بن عفراء حين سألها محمد بن عمار بن ياسر عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: لو رأيته لرأيت الشمس طالعة.
وقالوا: إن يوسف عليه السّلام قاسى مرارة الفرقة، وامتحن بالغربة، وابتلي بمفارقة أبويه وإخوته ووطنه.
قلنا: ورسول الله قاسى مرارة الغربة، وفارق الأهل والعشيرة، فخرج مهاجرا من حرم الله وأمنه ومسقط رأسه، وموطن آبائه اضطرارا لا اختيارا.
1548- وإنه صلى الله عليه وسلم وقف على الثنيّة وحوّل وجهه إلى مكة، وقال: إني لأعلم أنك أحب البقاع إلى الله عزّ وجلّ ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت.
(1547) - قوله: «لرأيت الشمس طالعة» :
أخرجه الحافظ أبو محمد الدارمي في المسند الجامع، باب: في حسن النبي صلى الله عليه وسلم.
وخرجناه في شرحنا له تحت رقم 63- فتح المنان، وانظر فصل: الاية في وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم في باب صفته صلى الله عليه وسلم.
(1548) - قوله: «إني لأعلم أنك أحب البقاع إلى الله» :
إسناده صحيح وهو في كتاب السير من مسند أبي محمد الدارمي، وخرجناه تحت رقم 2669- فتح المنان.(4/324)
1549- فلما بلغ صلى الله عليه وسلم الجحفة أنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ الاية.
وقالوا: فإن يوسف عليه السّلام ألقي في الجب.
قلنا: ورسول الله صلى الله عليه وسلم حبس نفسه في الغار مخافة عدوه، حتى قال لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا.
(1549) - قوله: «فلما بلغ الجحفة أنزل الله تعالى» :
قاله الضحاك، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [9/ 3026] رقم 17205.
ولفظه: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأنزل الله تبارك وتعالى عليه: لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ الاية، إلى مكة.
وأصله في صحيح البخاري، فأخرج في التفسير من حديث عكرمة، عن ابن عباس في هذه الاية قال: إلى مكة.
قوله: «مخافة عدوه» :
الذي أعتقده أن إطلاق مثل هذا اللفظ لا يليق ومقام النبوة، وما سمعنا قط أن النبي صلى الله عليه وسلم اختفى أو احتجب عن عدوه خوفا، وقد كان يتعبد الله أمامهم تجاه الكعبة يبصرهم ويبصرونه، وكيف يخاف صلى الله عليه وسلم وهو يقول لصاحبه:
لا تحزن إن الله معنا؟ إنما كان الغار محطة سفر له صلى الله عليه وسلم، وقد حجبه الله عن أعين المشركين وهو بينهم فأعمى أبصارهم.
وقد مر في باب عصمة الله نبيه قصة امرأة أبي لهب حين جاءت أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم معه فلم تره.
فتأمل مع ما خرجناه في الباب قبله بإسناد على شرط مسلم من حديث أنس مرفوعا: فضلت على الناس بأربع: بالسخاء والشجاعة وشدة البطش وكثرة الجماع.(4/325)
[249- فصل: فيما أعطى الله أنبياءه عليهم السّلام وما أعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم]
249- فصل:
فيما أعطى الله أنبياءه عليهم السّلام وما أعطى محمّدا صلى الله عليه وسلم اعلم أن الله تبارك وتعالى أعطى الصفوة لادم عليه السّلام، قال تعالى:
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً الاية.
وأعطى الرفعة لإدريس عليه السّلام، قال تعالى: وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا الاية.
وأعطى الإجابة لنوح عليه السّلام، قال الله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) الاية.
والفداء لإسماعيل عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ الاية.
والخلة لإبراهيم عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا الاية.
والحلم لإسحاق عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ الاية.
والعلم والحكم للوط عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً الاية.
وتعبير الرؤيا ليوسف عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ الاية.
والقرب لموسى عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا الاية.(4/326)
والخلافة لداود عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ الاية.
والفهم والعطاء لسليمان عليه السّلام، قال عزّ وجلّ: فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ الاية، وقال: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ الاية.
والحكمة ليحيى عليه السّلام، قال عزّ وجلّ: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا الاية.
وصحبة الملائكة والرفعة لعيسى عليه السّلام، قال الله عزّ وجلّ: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ الاية.
وأعطى محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين ستة أشياء:
أولها: حسن الخلق، قال الله عزّ وجلّ: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ الاية.
ثانيها: العصمة، قال الله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ الاية.
ثالثها: النصرة، قال الله عزّ وجلّ: وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً الاية.
رابعها: الفضل، قال الله عزّ وجلّ: وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً الاية.
خامسها: المحبة، قال الله عزّ وجلّ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ الاية.
سادسها: القرب والوصلة، قال الله عزّ وجلّ: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (8) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (9) الاية.(4/327)
1550- روي عن ابن عباس أن محمدا صلى الله عليه وسلم ويوسف عليه السّلام تقارعا في صلب آدم عليه السّلام.
فصار الحسن والجمال ليوسف عليه السّلام.
وصار البهاء والنور، والشرف، والقوة والشجاعة، والزهد والتواضع والخضوع، والشفاعة، والقرآن، والناقة، والهراوة، والسيف والقضيب، والنعل والغمامة، والرضا واليقين والقنوع، ولواء الحمد، والكرسي، والمنبر الرفيع، والحوض المورود، والكأس الأوفى، والاسم الحسن، والذكر الرفيع، والحسب الشريف، والنسل الكريم، والأزواج المطهرات، والوجه الصبيح، والقلب القنوع، والبدن الصابر، والكرم الظاهر، والايات الفاضلات، والكلمات المنزلات، والمعجزات الباهرات، والحج والإحرام، والجهاد والرباط، وصوم رمضان، والأشهر الحرم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، والكعبة والشفاعة، وكل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
1551- وقيل: ماء الصلابة لموسى عليه السّلام، ولبن المودة لسليمان عليه السّلام، وخمر العبرة لعيسى عليه السّلام، وعسل مصفى لمحمد صلى الله عليه وسلم، فكان للعسل فضل على جميع الحلوى، فكذلك فضل محمّد صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء، وهذا على قوله عزّ وجلّ: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى الاية.
(1550) - قوله: «روي عن ابن عباس» :
لم أقف عليه.
قوله: «والجهاد في سبيل الله» :
هكذا تكرر الجهاد وقد ذكر قبل مع الرباط.(4/328)
1552- وقيل: قرّب الله تعالى نبيه محمّدا صلى الله عليه وسلم منه، وبيّن في كتابه فقال: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى الاية، قال: من الوتر إلى العروة أو من القبضة إلى الوتر، جعل الإله محمّدا صلى الله عليه وسلم أقرب من ذلك حيث قال: أَوْ أَدْنى الاية، فلا يهتدي أحد قرب الخالق من محمّد صلى الله عليه وسلم إلّا الله تعالى، فإنه عرّف الخلق قربه ثم قال: أَوْ أَدْنى الاية، لئلا يعرف مخلوق كم قدر الأدنى.
وأيضا قال: خلقت شيئا خلفا بعد آدم لحفظ وصية آدم، يا محمد حفظتك وأمتك من شفير جهنم لئلا تقعوا فيها، قال تعالى: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها الاية، يا محمد حبست آدم في السماء الدنيا وقرّبتك، وجعلت لنوح الفلك وجعلت لك البراق، وجعلت إبراهيم خليلا وجعلتك حبيبا، والحبيب أقرب إلى الخليل، وجعلت الكبش فداء لإسماعيل، وأجعل يوم القيامة اليهود والنصارى والمجوس قوله: «وأيضا قال» :
يعني الله عزّ وجلّ، ولعل ذلك في الكتاب المتقدمة.
قوله: «وجعلتك حبيبا» :
ومن المرفوع في هذا المعنى ما جاء في حديث أبي هريرة في سياقه الطويل لقصة الإسراء عند ابن جرير في التفسير [15/ 6، 11] ، وابن أبي حاتم في التفسير [7/ 2309] رقم 13184، والبيهقي في الدلائل [3/ 397] ، والبزار [1/ 38 كشف الأستار] رقم 55، وفيه: فكلمه الله تعالى عند ذلك فقال له: سل، فقال صلى الله عليه وسلم: اتخذت إبراهيم خليلا وأعطيته ملكا عظيما، وكلمت موسى تكليما، وأعطيت داود ملكا عظيما، وألنت له الحديد وسخرت له الجبال، وأعطيت سليمان ملكا عظيما، وسخرت له الجن والإنس والشياطين وسخرت له الرياح وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد-(4/329)
فداك يا محمد، وكلمت موسى على طور سيناء وكلمتك من فوق العرش، وخلصت يونس من بطن الحوت، وخلصت أمتك من ظلمة القبر واللحد، وأنجيهم يوم القيامة من الظلمة، قال تعالى: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ الاية.
- من بعده، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل، فقال له ربه: وقد اتخذتك خليلا وحبيبا، وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن، وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وشرحت لك صدرك، ووضعت عنك وزرك، ورفعت لك ذكرك، فلا أذكر إلّا ذكرت معي، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس، وجعلت أمتك وسطا، وجعلت أمتك هم الأولين والاخرين، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي، وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم، وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم يقضى له، وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطها نبيا قبلك، وأعطيتك الكوثر، وأعطيتك ثمانية أسهم: الإسلام والهجرة والجهاد والصلاة والصدقة وصوم رمضان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعلتك فاتحا وخاتما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فضلني ربي: أرسلني رحمة للعالمين، وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وألقى في قلب عدوي الرعب مني مسيرة شهر، وأحل لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا، وأعطيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعرضت عليّ أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع.
2- ومن شواهده ما أخرجه أبو نعيم- كما في الخصائص الكبرى [3/ 163]-، من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما فرغت مما أمرني الله به من أمر السماوات، قلت: يا رب إنه لم يكن نبي قبلي-(4/330)
.........
- إلّا وقد أكرمته، جعلت إبراهيم خليلا، وموسى كليما، وسخرت لداود الجبال ولسليمان الريح والشياطين، وأحييت لعيسى الموتى، فما جعلت لي؟ قال: أوليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله؟ أن لا أذكر إلّا ذكرت معي، وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرأن القرآن ظاهرا ولم أعطها أمة، وأنزلت إليك كلمة من كنوز عرشي: لا حول ولا قوة إلّا بالله.
3- وأخرج ابن عساكر في تاريخه- كما في الخصائص الكبرى [3/ 151]-، من حديث سلمان قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: كلم الله موسى تكليما، وخلق عيسى من روح القدس، واتخذ إبراهيم خليلا، واصطفى آدم، فما أعطيت من الفضل؟ فهبط جبريل فقال: إن ربك يقول: إن كنت اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وإن كنت كلمت موسى في الأرض تكليما فقد كلمتك في السماء، وإن كنت خلقت عيسى من روح القدس فقد خلقت اسمك من قبل أن أخلق الخلق بألفي سنة، ولقد وطئت في السماء موطئا لم يطأه- كذا في المطبوع من الخصائص- أحد بعدك، وإن كنت اصطفيت آدم فقد ختمت بك الأنبياء، وما خلقت خلقا أكرم علي منك، وقد أعطيتك الحوض والشفاعة، والناقة والقضيب والتاج والهراوة والحج والعمرة وشهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عرشي في القيامة عليك ممدود، وتاج الحمد على رأسك معقود، وقرنت اسمك مع اسمي فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرّفهم كرامتك ومنزلتك عندي ولولاك ما خلقت الدنيا.
4- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم- كما في الخصائص الكبرى [3/ 134، 155] ، وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية [/ 92] ، عن عبادة ابن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فقال: إن جبريل أتاني فقال: اخرج فحدث بنعمة الله التي أنعم بها عليك، فبشرني بعشر لم يؤتها نبي قبلي: أن الله بعثني إلى الناس جميعا، وأمرني أن أنذر الجن، ولقاني-(4/331)
1553- قال ابن عباس: أعطى الله محمّدا صلى الله عليه وسلم خلق آدم عليه السّلام، ومعرفة شيث عليه السّلام، وشجاعة نوح عليه السّلام، وصفوة إبراهيم عليه السّلام، ورضا إسحاق عليه السّلام، وحسن يوسف عليه السّلام، وشدّة موسى عليه السّلام، وصبر أيوب عليه السّلام، وطاعة يونس عليه السّلام، وصوت داود عليه السّلام، وفصاحة صالح عليه السّلام، وزهد يحيى عليه السّلام، وعصمة عيسى عليه السّلام، ووقار إلياس عليه السّلام، وحب دانيال عليه السّلام، وجهاد يوشع بن نون عليه السّلام.
- كلامه وأنا أمي، قد أوتي داود الزبور، وموسى الألواح، وعيسى الإنجيل، وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، وأعطاني الكوثر، وأمدني بالملائكة، وآتاني النصر، وجعل بين يدي الرعب، وجعل حوضي أعظم الحياض، ورفع لي ذكري في التأذين، ويبعثني يوم القيامة مقاما محمودا، والناس مهطعين مقنعي رؤوسهم، ويبعثني في أول زمرة تخرج من الناس، وأدخل الجنة بشفاعتي سبعين ألفا من أمتي لا يحاسبون، ويرفعني في أعلى غرفة من جنات النعيم ليس فوقي إلّا الملائكة الذين يحملون العرش، وآتاني السلطان، وطيب الغنيمة لي وأمتي ولم تكن لأحد قبلنا.
في إسناده ابن لهيعة، وقد عنعنه، وفيه انقطاع بين علي بن رباح وعبادة بن الصامت برجل لم يسم.
(1553) - قوله: «قال ابن عباس» :
لم أقف عليه.(4/332)
[جامع أبواب صفة أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم]
جامع أبواب صفة أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم(4/333)
[250- باب: في صفة أخلاق النّبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ]
250- باب:
في صفة أخلاق النّبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 1554- كان صلى الله عليه وسلم رؤوف القلب، ...
قوله: «في صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» :
أورد فيه المصنف قوله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ، كالشاهد لكلامه الاتي، فجلّه مستفاد من القرآن، مع ما ورد في كتب السنة والسير والشمائل.
وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث سعد بن هشام- في حديث طويل- وفيه: فقلت: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله كان القرآن، قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت ...
الحديث.
(1554) - قوله: «كان صلى الله عليه وسلم رؤوف القلب» :
شاهده من القرآن قوله تعالى: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ، وقوله تعالى:
وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ، فعبّر سبحانه بلو لأنه لم يكن كذلك.
أخرج الشيخان من حديث مالك بن الحويرث قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي ونحن شببة فأقمنا عنده عشرين ليلة، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا ... الحديث.
لفظ أبي محمد الدارمي في المسند الجامع، في الصلاة، باب من أحق بالإمامة. -(4/335)
كثير الحياء، واسع الصدر دائم البكاء، طويل الحزن عظيم الرجاء، قليل المنّ كريم الوفاء، دائم الذكر أمين السماء، كاتم السر جزيل العطاء صلى الله عليه وسلم.
1555- وكان صلى الله عليه وسلم لين الجانب قليل الأذى، زين العالم، سراج الهدى صلى الله عليه وسلم.
- وخرجناه في شرحه تحت رقم 1365- فتح المنان، وذكرنا قول النووي رحمه الله: ضبطناه- يعني: قوله: رفيقا- في مسلم بقافين، وفي البخاري بوجهين: يعني: رفيقا ورقيقا.
قوله: «كثير الحياء» :
أخرج الشيخان: البخاري في الأدب برقم 6092، ومسلم في الفضائل من حديث أبي سعيد الخدري، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه صلى الله عليه وسلم.
قوله: «واسع الصدر» :
إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم سريع الغضب، ولا يعرف طريقه الضجر، وسيأتي في هذا الباب شواهد لذلك.
قوله: «قليل المن» :
ولو نفاه بالكلية لكان أولى لقوله تعالى: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ، أخرج الطبراني في معجمه الكبير [12/ 128] رقم 12672، من حديث عطية العوفي، عن ابن عباس في هذه الاية، قال: لا تعطي الرجل عطاء رجاء أن يعطيك أكثر منه، وقد كانت عطاياه صلى الله عليه وسلم على الدوام مما يعجز عن رد مثلها فضلا عن أن يؤمل بأكثر منها، انظر إلى عطاياه يوم هوازن، وتوزيعه مال البحرين وغيره، وإقطاعه القطائع، يتبين لك صحة ما ذكرناه، والله أعلم.
قوله: «دائم الذكر» :
سيذكر المصنف شواهد لكل ما أجمله بما يغني عن التعليق عليه هنا.(4/336)
1556- وكان صلى الله عليه وسلم ألوفا حليما، ودودا رحيما، مضيافا كريما، وفيا حكيما صلى الله عليه وسلم.
1557- وكان صلى الله عليه وسلم قائما بأمر الله، موفيا لوعد الله، مشمرا في عبادة الله، ملتمسا مرضاة الله صلى الله عليه وسلم.
1558- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاطع الشهوات، غافر العثرات، كاتم المصيبات صلى الله عليه وسلم.
1559- وكان صلى الله عليه وسلم صوّام النهار خاشعا منيبا، قوّام الليل خاضعا قريبا، راغبا في الخير منصفا رقيبا، زاهدا في الشر بين أهله رغيبا صلى الله عليه وسلم.
1560- وكان صلى الله عليه وسلم شريف الهمة حبيب الفقراء، لطيف الفطنة طبيب الأغنياء، جميل العشرة تقي الأتقياء، دليل الأئمة لبيب الألباء صلى الله عليه وسلم.
1561- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظم الكبير لعظم وقاره، ويقرب الصغير لشدة افتقاره، ويشكر اليسير لقلة اغتراره، ويرحم الأسير لرؤية اضطراره صلى الله عليه وسلم.
1562- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلا عند المصاحبة، عدلا عند المقاسمة، سباقا عند المعاملة، شجاعا عند المقاتلة صلى الله عليه وسلم.
1563- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم الخطر، طويل الصمت، هيوب المنظر، قليل الضحك، كثير الفكر، باسط الكف، شريف المخبر صلى الله عليه وسلم.
(1559) - قوله: «رغيبا» :
أصل الرغبة: طلب الشيء والحرص عليه والطمع فيه، وحق له صلى الله عليه وسلم أن يوصف بذلك، فقد كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن، وفيه يقول سبحانه: وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً الاية.(4/337)
1564- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيح الوجه، كثير التبسم، مليح القول، سجيّ الترنّم، سخيّ النفس، قليل التنعّم، بطيء الغيظ، سريع التحلّم صلى الله عليه وسلم.
1565- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رزين العقل، طيب الكلام، واسع الخلق، قليل الملام، عفيف النفس، بذول السلام، لطيف الطبع، طبيب الأنام صلى الله عليه وسلم.(4/338)
[251- فصل: روى سمرة بن جندب]
251- فصل: روى سمرة بن جندب 1566- روى سمرة بن جندب عن كعب الأحبار في ذكر الأنبياء قال:
كان محمّد صلى الله عليه وسلم حسن الوجه، حسن اللون، عربي اللسان، فصيح الكلام، بليغا في حاجته، منجحا إذا طلبها، وإذا طلبت إليه كان لها قاضيا.
كان صلى الله عليه وسلم يتيما فاواه الله، وضالّا فهداه الله.
وكان صلى الله عليه وسلم حسن الوجه، رفيقا في منطقه، رؤوفا رحيما بأمته، عزيزا عليه ما عنتم.
أول شافع يوم القيامة، وأول مشفع، وأول داخل الجنة، له صلى الله عليه وسلم دعوة مستجابة يدعو بها لأمته يوم القيامة.
وهو صلى الله عليه وسلم أول من يحاسب الحساب في الموقف بين يدي الله الجبار، وقد قال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) الاية.
1567- وكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس، فقد ملك من أقصى اليمن إلى (1567) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس» :
روي مطولا ومختصرا، فأخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 197- 198، 198، 203، 204] ، وابن حبان في صحيحه [14/ 291 الإحسان] رقم 6379، والحاكم في المستدرك [4/ 315، 326] ، والطبراني- كما في مجمع الزوائد [10/ 315]-، جميعهم من حديث علي بن رباح قال:
سمعت عمرو بن العاص يقول: ما أبعد هديكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا، وأنتم أرغب الناس فيها، زاد في رواية:
والله ما أتت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من دهره إلّا كان الذي عليه أكثر من الذي له، فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسلف. -(4/339)
شحر عمان إلى أقصى الحجاز، ثم توفي صلى الله عليه وسلم وعليه دين، ودرعه مرهونة في ثمن طعام أهله.
1568- ولم يترك صلى الله عليه وسلم عينا ولا دينارا، ولا بنى دارا، ولا شيّد قصرا، ولا غرس نخلا، ولا شق نهرا، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
1569- وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا، كان يأكل على الأرض، ويجلس على الأرض صلى الله عليه وسلم.
- قال الحاكم: صحيح على شرطهما، وقال المنذري في الترغيب والترهيب [4/ 205] : رواته رواة الصحيح، وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.
قوله: «ودرعه مرهونة في ثمن طعام أهله» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين- يعني: صاعا- من شعير، لفظ البخاري في المغازي، رقم 4467.
(1568) - قوله: «ولم يترك صلى الله عليه وسلم عينا ولا دينارا» :
أخرج البخاري في الوصايا، باب الوصايا، وفي الخمس، باب نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وفي الجهاد، باب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء، وفي المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث عمرو بن الحارث قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ولا دينارا، ولا عبدا ولا أمة، ولا شيئا إلّا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضا جعلها صدقة.
(1569) - قوله: «كان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا» :
شواهده الكثيرة تنبئ عن ذلك، منها حديث ابن أبي أوفى الاتي: كان صلى الله عليه وسلم لا يأنف ولا يستكبر- وفي رواية: لا يستنكف- أن يمشي مع العبد-(4/340)
1570- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إنما أنا عبد؛ آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد، وأجلس على الأرض.
- والأرملة حتى يقضي لهما حاجتهما، يأتي عن المصنف في هذا الباب، وأخرج أبو الحسن بن الضحاك في شمائله- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 102]- بسند ضعيف من حديث أبي سعيد الخدري في صفته صلى الله عليه وسلم:
متواضع في غير ذلة.
(1570) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إنما أنا عبد» :
في الباب عن عائشة رضي الله عنها، وعن ابن عمر، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وروي مرسلا ومعضلا عن أيوب ويحيى بن أبي كثير، والحسن البصري، وعمرو بن مرة، وعطاء بن أبي رباح.
أما حديث عائشة رضي الله عنها، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [8/ 318] رقم 4920، ومن طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 213] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 247] رقم 3683، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 19] .
وأما حديث ابن عمر، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 157 كشف الأستار] رقم 2469، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 273] .
وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1971] .
وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 212] .
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 212] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 329- 330] ، جوّد إسناده ابن كثير في تاريخه [6/ 47] .
وأما حديث أيوب ويحيى بن أبي كثير، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 415، 417] رقم 19543، 19554 معضلا. -(4/341)
1571- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: لو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدي إليّ ذراع لقبلت.
1572- وكان صلى الله عليه وسلم يتوسد يده،........
- وأما حديث الحسن، فأخرجه من طرق عنه: ابن المبارك في الزهد برقم 202، والمروزي في زوائد الزهد برقم 995، والإمام أحمد في الزهد برقم 21، وهناد كذلك برقم 799.
وأما حديث عمرو بن مرة، فأخرجه هناد في الزهد له برقم 800.
وأما حديث عطاء بن أبي رباح، فأخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 19.
(1571) - قوله: «لو دعيت إلى ذراع لأجبت» :
أخرج البخاري في الهبة، باب القليل من الهبة، وفي النكاح، باب من أجاب إلى كراع، من حديث أبي هريرة مرفوعا: لو دعيت على ذراع- أو: كراع- لأجبت، ولو أهدي إلى ذراع- أو: كراع- لقبلت.
وأخرج مسلم في النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي، من حديث ابن عمر:
إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا.
(1572) - قوله: «يتوسد يده» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 290، 298، 303] ، والترمذي في الدعوات، معلقا عقب رقم 3399، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1215، والنسائي في اليوم والليلة برقم 752، 753، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 251] رقم 9360، والطبراني في معجمه الأوسط [2/ 378] رقم 1658، وأبو يعلى في مسنده [3/ 243] رقم 1683، والطيالسي في مسنده برقم 709، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 178] ، جميعهم من حديث أبي إسحاق، عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن ثم قال: -(4/342)
.........
- اللهمّ قني عذابك يوم تبعث عبادك، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5522، 5523.
قال أبو عاصم: اختلف فيه على أبي إسحاق على ألوان:
1- فروي عنه، عن البراء كما تقدم.
2- وروي عنه، عن عبد الله بن يزيد، عن البراء، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 300، 301] ، وعلقه الترمذي عقب رقم 3399، وأخرجه كذلك في الشمائل برقم 252، والنسائي في اليوم والليلة برقم 755، والبغوي في شرح السنة برقم 1310.
3- وروي عنه، عن أبي بردة، عن البراء، أخرجه الترمذي برقم 3399، والنسائي في اليوم والليلة، برقم 758، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 179] .
4- وروي عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، فقيل: عن أبيه ابن مسعود، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 394، 400، 414، 443] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 756، وابن ماجه في الدعاء برقم 3877، وأبو يعلى في مسنده [3/ 243] رقم 1682، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 176] .
قال البوصيري في مصباح الزجاجة: رجاله ثقات إلّا أنه منقطع، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا قاله غير واحد.
* وقيل: عن أبي عبيدة، عن البراء، ورجل آخر عن البراء، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 281] ، والترمذي في الشمائل برقم 252، وعلقه في الدعوات، والنسائي في اليوم والليلة برقم 754، 757، وأبو يعلى [3/ 261] رقم 1711، 1712.
رواه أيضا الربيع بن لوط، عن البراء، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 760. -(4/343)
ويلعق أصابعه، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويصلح ما يخصه، ويمتهن أهله صلى الله عليه وسلم.
- وفي الباب أيضا: عن حذيفة بن اليمان، عند الترمذي في الدعوات برقم 3398.
قوله: «ويلعق أصابعه» :
أخرج مسلم- واللفظ له- في الأشربة، رقم 2032 (131، 132) ، وأبو داود في الأطعمة برقم 3848، وأحمد في المسند [3/ 454] ، والترمذي في الشمائل برقم 135 وغيرهم من حديث كعب بن مالك قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يلعق أصابعه الثلاث من الطعام، وفي لفظ آخر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، ويلعق يده قبل أن يمسحها، وفي لفظ آخر: كان يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها.
قوله: «ويرقع ثوبه، ويخصف نعله» :
أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 260] رقم 20492، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [6/ 167] .
وأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 106، 121، 260] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 539، 540، وأبو يعلى في مسنده [8/ 117] رقم 4653، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 20] ، جميعهم من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته- لفظ عبد الرزاق-، وأصله في صحيح البخاري من حديث الأسود قال: سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟
قالت: كان يكون في مهنة أهله- تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة، أخرجه في الأذان برقم 676، وفي النفقات برقم 5363.
وله طرق كثيرة عن عائشة رضي الله عنها، وفيما ذكرنا غنى وكفاية.(4/344)
1573- وكان صلى الله عليه وسلم يلبس العباء، ويجالس المساكين، ويمشي في الأسواق صلى الله عليه وسلم.
1574- ولا أكل صلى الله عليه وسلم متكئا قط، ولا أكل وحده قط صلى الله عليه وسلم.
1575- ولا ضرب صلى الله عليه وسلم عبده قط، ولا ضرب صلى الله عليه وسلم بيده إلّا في سبيل الله.
(1573) - قوله: «ويجالس المساكين» :
فيه حديث ابن أبي أوفى: كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع العبد والأرملة حتى يقضي لهما حاجتهما، يأتي.
وله شواهد أخرى تأتي في هذا الباب، منها ما أخرجه أبو الحسن بن الضحاك في شمائله بسند ضعيف- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 102]- من حديث أبي سعيد الخدري في صفته: متواضع في غير ذلة.
(1574) - قوله: «ولا أكل صلى الله عليه وسلم متكئا قط» :
أخرج البخاري في الأطعمة، باب الأكل متكئا من حديث أبي جحيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا آكل متكئا، وفي لفظ آخر: لا آكل وأنا متكئ.
قوله: «ولا أكل وحده قط» :
انظر النصين الاتيين برقم 1732، 1734 والتعليق عليهما.
(1575) - قوله: «ولا ضرب صلى الله عليه وسلم بيده إلّا في سبيل الله» :
أخرج البخاري في الحدود، باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله برقم 6786، وفي باب كم التعزير والأدب، رقم 6853، ومسلم في الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للاثام، رقم 2327 (79) ، 2328، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما إلّا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط-(4/345)
1576- وكان صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه، لم ير صلى الله عليه وسلم ضاحكا قط ملء فيه صلى الله عليه وسلم.
1577- وما عاب صلى الله عليه وسلم مضجعا، إن فرشوا له اضطجع ما يفرش له، وإن لم يفرش اضطجع على الأرض.
- فينتقم من صاحبه إلّا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عزّ وجلّ، لفظ مسلم، واقتصر البخاري منه على ما يتعلق بالحدود، وهو شطره الأخير.
(1576) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 41] ، وأبو داود في الديات، باب القود من الضربة، وقص الأمير من نفسه، رقم 4537، والنسائي في القسامة، باب القصاص من السلاطين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه، وأخرج أبو داود برقم 4536، والنسائي في القسامة، باب القود في الطعنة، من حديث أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسما، أقبل رجل فأكب عليه فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه، فخرج بوجهه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال فاستقد، فقال: بل عفوت يا رسول الله.
قوله: «لم ير صلى الله عليه وسلم ضاحكا قط ملء فيه» :
أخرج البخاري في تفسير سورة الأحقاف برقم 4828، وفي الأدب، باب التبسم والضحك، رقم 6092، ومسلم في الاستسقاء، 899 (16) من حديث عائشة رضي الله عنها قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يبتسم. واللهواة: جمع لهاة، وهي اللحمة المتعلقة في أعلى الحنك.
(1577) - قوله: «ما عاب صلى الله عليه وسلم مضجعا» :
بهذا اللفظ أورده الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 361] ، قال الحافظ-(4/346)
قالوا: وكان ذلك أمره صلى الله عليه وسلم: لا يعيب على أحد شيئا صنعه لم يكن يحب أن يصنعه، ولا في ترك شيء تركه أحد كان يحب أن لا يترك، فيما بينه وبين الناس، فأما في حقوق الله أو فيما بين الناس بعضهم في بعض فليس عنده صلى الله عليه وسلم هوادة، ولا عبرة لقريب ولا بعيد.
1578- روى مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت عليّ امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه عباءة مثناة، فانطلقت فبعثت إليّ بفراش حشوه الصوف، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: - العراقي في تخريجه: لم أجده بهذا اللفظ، والمعروف: ما عاب طعاما، ويؤخذ من عموم حديث علي بن أبي طالب: ليس بفظ ... إلى أن قال ولا عياب، قال: رواه الترمذي في الشمائل، والطبراني، وأبو نعيم في دلائل النبوة، قال: وروى ابن أبي عاصم في كتاب السنة من حديث أنس: ما أعلمه عاب شيئا قط. اهـ.
قلت: لو ثبت عن أنس بهذا اللفظ لكان عمومه أولى من عموم حديث علي بن أبي طالب المذكور، لكنه عند ابن أبي عاصم بلفظ: ما عاب عليّ شيئا قط، يعني من خدمته كما يفهم من أول سياقه إذ قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين ... الحديث.
(1578) - قوله: «روى مسروق عن عائشة» :
أخرج الحديث: الإمام أحمد في الزهد له برقم 76، والحسن بن عرفة في جزءه برقم 20، وابن سعد في الطبقات [1/ 465] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 345] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 166- 167] ، والخطيب في تاريخه [11/ 102] ، جميعهم من حديث عباد بن عباد المهلبي، عن مجالد، عن الشعبي، عنه به، وعده الحافظ الذهبي من مناكير مجالد، وأورده أيضا في ترجمة عباد من سير أعلام النبلاء، انظر: السير [6/ 286- 287، 8/ 295- 296] . -(4/347)
ما هذا يا عائشة؟ فقلت: فلانة الأنصارية دخلت عليّ فرأت فراشك فذهبت وبعثت إليّ بهذا، فقال صلى الله عليه وسلم: ردّيه، قالت: فلم أرده وأعجبني أن يكون في بيتي، حتى قال لي ذلك ثلاث مرات، فقال: ردّيه يا عائشة فو الله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة.
- وقد روي عن عائشة رضي الله عنها من وجه آخر، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [8/ 318] رقم 4920، ومن طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 213] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 247] رقم 3683، من حديث أبي معشر- واسمه نجيح بن عبد الرحمن، ضعف-، عن سعيد المقبري، عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني ملك إن حجزته لتساوي الكعبة فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت نبيا عبدا، وإن شئت نبيا ملكا ... الحديث، حسنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 19] .(4/348)
[252- فصل: وكان صلى الله عليه وسلم جامعا لكلّ خير من إنذار بعذاب أو تبشير برحمة]
252- فصل:
وكان صلى الله عليه وسلم جامعا لكلّ خير من إنذار بعذاب أو تبشير برحمة 1579- فكان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس غضبا وأسرع رضا.
1580- وكان صلى الله عليه وسلم أرأف الناس بالناس، وخير الناس للناس، وأنفع الناس للناس.
(1579) - قوله: «أبعد الناس غضبا» :
أي أنه لا يغضبه شيء، وهذا في حديث ابن أبي هالة الطويل المتقدم تخريجه، وفيه: كان لا يغضبه شيء ولا يستفزه شيء.. الحديث، وكيف لا يكون كذلك صلى الله عليه وسلم وهو القائل: ألا إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم، ألا ترون إلى جمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟ فإذا وجد أحدكم شيئا من ذلك فالأرض الأرض، ألا إن خير الرجال من كان بطيء الغضب سريع الرضا، وشر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا ... الحديث بطوله.
أخرجه الترمذي في الفتن برقم 2191، والإمام أحمد في المسند [3/ 19] ، كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري.
(1580) - قوله: «أرأف الناس» :
في «ب» : أرق الناس، وشاهد اللفظة في الصحيحين من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه المتقدم ذكره في أول الباب، واللفظ الوارد هنا أورده بتمامه الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 363] .
قال الحافظ العراقي في تخريجه: هذا من المعلوم، وقد رويناه في الجزء-(4/349)
1581- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إليه أحسنهم صنيعا إلى عياله.
- الأول من فوائد أبي الدحداح من حديث علي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
كأن الحافظ العراقي يشير إلى حديث علي بن أبي طالب الطويل وهو بنحو سياق حديث ابن أبي هالة، وفيه قوله: أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة ... الحديث بطوله، أخرجه مطولا ومفرقا جماعة، منهم: الترمذي في المناقب، باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3638، وقال: حسن غريب، ليس إسناده بمتصل، وابن سعد في الطبقات [1/ 411- 412] ، والبيهقي في الدلائل مفرقا [1/ 270- 271] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 261] ، والبغوي في الأنوار برقم 460، وفي شرح السنة برقم 3707.
وفي صحيح مسلم: كان أرحم الناس بالعيال، وفي رواية: بالصبيان، وفي رواية بجمعهما، قال الإمام النووي: وروي بالعباد، وكل منها صحيح وواقع.
(1581) - قوله: «الخلق كلهم عيال الله» :
في الباب عن أنس، وابن مسعود، وابن عباس، بأسانيده ضعيفة.
أما حديث أنس، فأخرجه البزار في مسنده [2/ 398 كشف الأستار] رقم 1949، والحارث في مسنده [2/ 857 بغية الباحث] رقم 911، وأبو يعلى الموصلي في مسنده [6/ 65، 106] رقم 3315، 3370، وابن عدي في الكامل [7/ 2610، 2611] ، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 24، والبيهقي في الشعب [6/ 43، 44] رقم 7445، 7446، 7447، والطبراني في مكارم الأخلاق رقم 87، 210، جميعهم من حديث يوسف بن عطية- ضعيف بمرة- عن ثابت، عن أنس.
وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [10/ 105] رقم 10033، وابن عدي في الكامل [5/ 1810] ، و [6/ 2340] ، -(4/350)
1582- وكان صلى الله عليه وسلم أفضل الناس خلقا، وأبسطهم وجها، وأطيب الناس نفسا بالخير، وأجود الناس كفا، ما سأله أحد شيئا فأباه، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده وعد.
- وأبو نعيم في الحلية [2/ 102، 4/ 237] ، والبيهقي في الشعب برقم 7448، 7449، والخطيب في تاريخه [6/ 334] ، جميعهم من حديث موسى بن عمير- ضعيف جدّا- عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود- وبعضهم يذكر علقمة- عن ابن مسعود به، وهو في مسند الديلمي [2/ 201] رقم 2995.
(1582) - قوله: «أفضل الناس خلقا» :
أخرج البخاري في المناقب من صحيحه، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3549، ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 2337 (92، 93) ، كلاهما من حديث البراء: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا، وقد تقدم حديث عائشة وغيرها في هذا.
قوله: «وأبسطهم وجها» :
تقدم في حديث هند بن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب ... الحديث.
قوله: «وأجود الناس كفا» :
أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس ... الحديث، واتفقا عليه من حديث ابن عباس.
قوله: «ما سأله أحد شيئا فأباه» :
أخرجاه من حديث ابن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا، قال ابن عيينة في حديثه عن ابن المنكدر، إذا لم يكن عنده وعد، وهو ما أشار إليه المصنف هنا، انظر تخريجنا للحديث في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، تحت رقم 74.(4/351)
1583- عن ابن عباس أنه قال: ما ولدت النساء أفصح ولا أشجع ولا أسمح من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما شجاعته صلى الله عليه وسلم: فيوم هوازن وقد انهزم الناس وهو يحمل ونحن نمنعه الحملة وهو يقول: لا أبرح حتى يحكم الله لي وهو خير الحاكمين.
وأما سماحته وجوده: فيوم هوازن لما استولى على أموالها فأعطاها كلها وفرقها بأجمعها ولم يدخر لنفسه شيئا.
وأما فصاحته ففي فصل من كتابه إلى النجاشي حيث يقول: كأنا في الثقة منا بك منك، وكأنك في الرقة علينا منا، لأنا ما رمناك لأمر إلّا نلنا، ولا خفناه إلّا أمنا.(4/352)
[253- فصل: ولم يكن صلى الله عليه وسلم:]
253- فصل: ولم يكن صلى الله عليه وسلم:
1584- بفظّ ولا عيّاب، ولا بغليظ ولا صخّاب، ولا بفحّاش ولا سبّاب، ولا طيّاش، ولا مغتاب صلى الله عليه وسلم.
1585- ولا حريص ولا جمّاع، ولا بخيل ولا منّاع، ولا مكّار ولا خدّاع، ولا مكثار ولا طمّاع صلى الله عليه وسلم.
1586- ولا نمّام ولا خيول، ولا منّان ولا أكول، ولا بكسلان ولا ملول، ولا طعّان ولا عجول، ولا مفتخر ولا ختّال صلى الله عليه وسلم.
(1584) - قوله: «ولا طياش» :
من الطيش: وهو خفة العقل، وطيش العقل ذهابه حتى لا يدري الرجل ما يحاول.
وقد كان صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا، وأكثرهم رزانة.
(1586) - قوله: «ولا خيول» :
غير متكبر، يقال: خال الرجل يخول خولا واختال إذا تكبر، فهو خيول وذو مخيلة.
قوله: «ولا ختال» :
الختل: الخدع عن غفلة، يقال: ختل الصياد صيده إذا صاده من حيث لا يشعر، والمخاتلة: مشي الصياد في خفية من فريسته حتى لا يسمع حسه فيتمكن منه على غفلة.(4/353)
1587- ولا حسود ولا ضرّار، ولا ختّار ولا غدّار، ولا مهذار ولا ثرثار صلى الله عليه وسلم.
1588- ولا جزوع ولا طنّاز، ولا متكبّر ولا همّاز، ولا متبختر ولا كنّاز، ولا محتكر ولا رمّاز.
فصلوات الله عليه في الأولين مبعوثا وبركاته عليه في الاخرين موروثا (1587) - قوله: «ولا ختار» :
الختر: الحال الذي يضعف عنده الإنسان عن الاجتهاد والإعمال فيه، ومنه قوله تعالى: وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ الاية.
قوله: «ولا مهذار» :
الهذر: الكلام الذي لا يعبأ به، يقال: هو سقط الكلام ورديئه، فإذا كثر ذلك من صاحبه قيل له: هذار ومهذار.
(1588) - قوله: «ولا طناز» :
الطنز: السخرية، والطناز: الكثير الاستهزاء بالناس عند كلامه لهم.
قوله: «ولا رماز» :
من الرمز: وهو الإشارة الخفية باليد أو العين أو تحريك الشفتين، ونحوه الغمز.(4/354)
[254- فصل: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر:]
254- فصل: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر:
1589- أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر رحمه الله، حدثنا إبراهيم بن علي، ثنا يحيى بن يحيى التميمي،.....
(1589) - قوله: «حدثنا إبراهيم بن علي» :
ابن محمد بن آدم الذهلي، الحافظ الثقة، أبو إسحاق النيسابوري، سمع يحيى الحماني، وابن راهويه وأبا مصعب الزهري والكبار، قال الحاكم:
سألت أبا زكرياء العنبري وعلي بن حمشاد عنه فوثقاه، توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
الوافي بالوفيات [6/ 56] ، تاريخ الإسلام [وفيات 293- ص 99] ، النجوم الزاهرة [3/ 195] .
قوله: «ثنا يحيى بن يحيى التميمي» :
قال الذهبي: هو شيخ الإسلام، وعالم خراسان، أبو زكرياء المنقري، النيسابوري، الحافظ، لقي صغارا من التابعين، منهم: كثير بن سليمان، وأخذ عنه وعن عبد الله بن جعفر المخرمي..
قال: يحيى بن محمد بن يحيى: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى، ولا أحسب أنه رأى مثل نفسه.
قلت: أخرج له الشيخان والترمذي والنسائي، وله مناقب وفضائل مذكورة في المطولات.
تهذيب الكمال [32/ 31] ، تهذيب التهذيب [11/ 259] ، الكاشف [3/ 237] ، سير أعلام النبلاء [10/ 512] ، التقريب [/ 598] .(4/355)
أنا هشيم، عن حميد، عن أنس قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كلّمه إنسان في حاجة لم ينصرف حتى يكون الاخر هو الذي ينصرف.
قوله: «أنا هشيم» :
هو ابن بشير الحافظ شيخ بغداد ومحدثها أبو معاوية السلمي مولاهم، الواسطي، سكن بغداد ونشر بها العلم، وكان رأسا في الحفظ، يقال:
كان عنده عشرون ألف حديث، إلّا أنه مشهور بالتدليس، معروف عنه ذلك، وحديثه في الكتاب الستة.
تهذيب الكمال [30/ 272] ، تهذيب التهذيب [11/ 53] ، سير أعلام النبلاء [8/ 287] ، الكاشف [3/ 198] ، التقريب [/ 574] .
قوله: «عن حميد» :
هو ابن أبي حميد الطويل الإمام الحافظ أبو عبيدة البصري، مولده عام موت ابن عباس سنة ثمان وستين، روى عن أنس فأكثر، ويقال: عامة ما يرويه عن أنس إنما سمعه من ثابت، وهو ثقة، بلا ريب، حديثه في الكتاب الستة.
تهذيب الكمال [7/ 355] ، سير أعلام النبلاء [6/ 163] ، تهذيب التهذيب [3/ 34] ، الكاشف [1/ 192] ، التقريب [/ 181] .
قوله: «لم ينصرف حتى يكون الاخر هو الذي ينصرف» :
رواه عن أنس بنحو هذا:
1- زيد العمي، أخرجه ابن المبارك في الزهد [1/ 132] رقم 392، ومن طريقه ابن عدي في الكامل [5/ 1744] ، والترمذي في الزهد من جامعه، باب (بدون ترجمة- 46) رقم 2490، وابن ماجه في الأدب، باب 21- إكرام الرجل جليسه، رقم 3716، وابن سعد في الطبقات [1/ 378] ، ويعقوب الفسوي في المعرفة [3/ 289] ، ومن طريقه البيهقي في السنن-(4/356)
1590- وروى عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يستنكف أن يمشي مع العبد والأرملة، حتى يقضي لهما حاجتهما.
-[10/ 192] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 56] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 320] ، وفي الشعب [6/ 273] رقم 8132، وفي الاداب برقم 209.
قال الترمذي: غريب، وزعم البوصيري أن مداره على زيد وهو ضعيف- كذا قال- وليس الأمر كذلك، فقد رواه عن أنس أيضا:
2- ثابت البناني، أخرجه أبو داود في الأدب من سننه، باب في حسن العشرة، رقم 4793، والبيهقي في الدلائل [1/ 320] ، وفي الشعب [6/ 273] رقم 8131.
3- يحيى بن سعيد الأنصاري، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 55] .
4- مولى لأنس بن مالك لم يسم، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 378] .
5- وروي عن العمي، عن معاوية بن قرة، عن أنس، أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 38- 39] .
ورواه جماعة عن هشيم بمعناه وفيه: أقيمت الصلاة ذات يوم فعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فكلمه في حاجة له هويا من الليل حتى نعس بعض القوم، أخرجه البخاري في الاذان، باب الكلام إذا أقيمت الصلاة، رقم 643، ومسلم في الطهارة، باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء، رقم 376 (126) .
(1590) - قوله: «وروى عبد الله بن أبي أوفى» :
صحابي من أهل بيعة الرضوان ممن فاز بالدعوة النبوية، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة والده فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهمّ صل على آل أبي أوفى، كف بصره في آخر عمره، وتوفي بالكوفة، وهو آخر من توفي بها من الصحابة.
أخرج حديثه الدارمي في مقدمة مسنده، باب في تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 78- فتح المنان- والترمذي في العلل [2/ 906] ، والنسائي-(4/357)
1591- وعن ابن بريدة، عن أبيه قال: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض مغازيه فجاءته جارية سوداء فقالت: يا نبي الله إني نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف، فقال لها: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، قالت: فجعلت تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحتها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب فلما دخلت ألقت الدف.
1592- وما يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد- حر أو عبد أو أمة- إلّا قام معه في حاجته.
- في الجمعة، باب ما يستحب من تقصير الجمعة، رقم 1414، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان رقم 6424، 6433- والحاكم في المستدرك [2/ 614] .
وانظر تمام تخريجه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، وكذا ما يتعلق بالحديث من المباحث.
(1591) - قوله: «ألقت الدف» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 353] ، والترمذي في المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رقم 3690، وقال: حسن صحيح غريب من حديث بريدة، والبيهقي في الشعب [10/ 77] .
(1592) - قوله: «إلا قام معه في حاجته» :
فيه حديث ابن أبي أوفى المتقدم، وأخرج مسلم في الفضائل، باب قرب النبي صلى الله عليه وسلم من الناس من حديث أنس أن امرأة عرضت للنبي صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان اجلسي في أي سكك المدينة شئت أجلس إليك، قال: ففعلت، فقعد إليها-(4/358)
1593- وجاءه رجل من أهل البادية فقال: إني قدمت بإبل أريد بيعها ولا أعرف السعر، وأنا أخاف أن أخدع، فلو قمت معي فبعتها لي؟
فقال صلى الله عليه وسلم: لا أعرف أثمان الإبل ولا بيعها، فألح عليه الأعرابي فقال: قرّب إبلك، فقرّبها، فقال: اعرضها بعيرا بعيرا، فجعل كلما مر ببعير قال: أما هذا فبعه بكذا وكذا حتى فرغ منها.
ثم مضى الأعرابي بها إلى السوق، فباع كل بعير بما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصاب مالا كثيرا، فجاء به يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نظرت إليّ وأرشدتني فأصبت أكثر من أمنيتي، فخذ من هذا المال ما أحببت، فقال صلى الله عليه وسلم: ما آخذ منه شيئا، قال: فاستهدني فإني كثير المال، قال: ولا أستهديك، فألحّ عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: إن كنت لا بد فاعلا فاهد لي ناقة ذات لبن، وإياك أن تهديها مولهة عن ولدها.
- رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قضت حاجتها، ولفظ البخاري في الأدب، باب الكبر: كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت.
(1593) - قوله: «إني قدمت بإبل أريد بيعها» :
في سياق المصنف طول، والذي وقفت عليه أخصر منه، فأخرج البزار في مسنده [2/ 89 كشف الأستار] رقم 1273، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 36] رقم 3560، وفي الأوسط [8/ 464- 465] رقم 961، من حديث نعيم بن حصين السدوسي قال: حدثني عمي- واسمه: زياد- عن جدي قال: أتينا المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بها ومعي إبل لي، فقلت:
يا رسول الله مر أهل الغائط أن يحسنوا مخالطتي وأن يعينوني، قال:
فقاموا معي، فلما بعت إبلي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: ادنه، فمسح على ناصيتي، ودعا لي ثلاث مرات. -(4/359)
1594- وتزوج بعض جلسائه صلى الله عليه وسلم من المقلين، فجاءه وذكر حاله له، فأحب أن يعينه، فدخل بيت عائشة رضي الله عنها فقال: ماذا عندك من خير حتى أعين صاحبنا هذا؟ فقالت: ما عندي شيء إلّا هذا المكتل الذي فيه الدقيق.
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك المكتل فدفعه إليه بما فيه ولم يكن عندهم غيره.
- قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 83] : في إسناده جماعة لم أجد من ترجمهم.
قلت: كذا قال رحمه الله، وقد بين الطبراني في روايته اسم العم والجد، فقال: لم يرو هذا الحديث عن نعيم بن حصين إلّا عبد الله بن معاوية وهو نعيم ابن فلان ابن حصين، وجده حصين السدوسي. اهـ. وبين أن عمه هو زياد بن حصين، وكلهم من رجال التهذيب خلا نعيم.
(1594) - قوله: «وتزوج بعض جلسائه» :
ممن يقوم على خدمته، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي، لازم النبي صلى الله عليه وسلم حتى قبض، فخرج إلى بئر بلاد أسلم على بريد من المدينة ومكث فيها حتى توفي أيام الحرة، حديثه عند الإمام أحمد في المسند [4/ 58] ، والطبراني في المعجم الكبير [5/ 53] ، والحاكم في المستدرك [2/ 172- 173] .
قال ربيعة: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا ربيعة ألا تتزوج؟
قال: فقلت لا والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج، ما عندي ما يقيم المرأة، وما أحب أن يشغلني عنك شيء، قال: فأعرض عني، قال:
ثم راجعت نفسي فقلت: والله يا رسول الله أنت أعلم بما يصلحني في الدنيا والاخرة، قال: وأنا أقول في نفسي: ليت قال لي: الثالثة، لأقولن نعم، قال: فقال لي الثالثة: يا ربيعة ألا تتزوج؟ قال: فقلت: بلى يا رسول الله، مرني بما شئت أو بما أحببت، قال: انطلق إلى آل فلان- إلى حي من-(4/360)
1595- وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانية دراهم يريد بها السوق، فمضى، فإذا هو بجارية على الطريق تبكي، فقال لها: ما يبكيك يا جارية؟ فقالت: بعثني أهلي بدرهمين لأشتري بهما حاجتهم فأضللتهما، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم درهمين من الثمانية ومضى إلى السوق بستة دراهم، فاشترى بأربعة دراهم قميصا ولبسه وانصرف، - الأنصار فيهم تراخ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرئكم السلام ويأمركم أن تزوجوا ربيعة فلانة- امرأة منهم-، قال: فأتيتهم، فقلت لهم ذلك، فقالوا: مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يرجع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا بحاجته، قال: فأكرموني وزوجوني، وألطفوني ولم يسألوني البينة، فرجعت حزينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما بالك؟ فقلت: يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجوني وأكرموني ولم يسألوني البينة، فمن أين لي الصداق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبريدة الأسلمي:
يا بريدة اجمعوا له وزن نواة من ذهب، قال: فجمعوا لي وزن نواة من ذهب، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب بهذا إليهم، وقل: هذا صداقها، فذهبت به إليهم، فقلت: هذا صداقها، قال: فقالوا: كثير طيب، فقبلوا ورضوا به، قال: فقلت: من أين أولم؟ قال: فقال: يا بريدة اجمعوا له في شاة، قال: فجمعوا لي في كبش عظيم سمين، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب إلى عائشة فقل: انظري المكتل الذي فيه الطعام، فابعثي به، قال: فأتيت عائشة رضي الله عنها، فقلت لها ذلك، فقالت: ها هو ذاك المكتل فيه سبعة آصع من شعير، وو الله إن أصبح لنا طعام غيره، قال: فأخذته فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اذهب به إليهم فقل: ليصلح هذا عنكم خبزا، قال: فذهبت به وبالكبش، قال: فقبلوا الطعام، وقال: اكفونا أنتم الكبش، قال: وجاء ناس من أسلم فذبحوا وسلخوا وطبخوا، قال: فأصبح عندنا خبز ولحم فأولمت ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا، وأعطى أبا بكر أرضا ... الحديث.(4/361)
فإذا هو بشيخ من شيوخ المسلمين قد يبس جلده على عظمه عاريا ما يستتر إلّا بنعليه وهو ينادي: من كساني كساه الله من خضر الجنة.
فلما رآه لم يتمالك صلى الله عليه وسلم أن ألقى الثوب عليه، ثم أقبل إلى السوق وهو يبادر الليل، فاشترى قميصا بدرهمين فلبسه، وأقبل فإذا هو بالجارية حيث تركها تبكي، فقال لها: ما شأنك؟ ألم أكن أعطيتك درهمين؟
فقالت: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله، اشتريت ما احتيج إليه ولكن طالت غيبتي عن أهلي فأشفقت من عقوبتهم، فقال صلى الله عليه وسلم: ألحقيني بأهلك، واتبعها حتى انتهى إلى دار من دور الأنصار، فإذا رجالهم خلوف ليس فيها إلّا النساء، فسلم عليهن وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فسمع النساء صوته فعرفنه فلم يجبنه، ثم ثنى مثلها فلم يجبنه، ثم سلّم الثالثة ورفع بها صوته فقلن بأجمعهن: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته بابائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أما سمعتن ابتداء سلامي؟ قلن: بلى، ولكن أحببنا أن نكثر لأنفسنا وذرارينا من تسليمك، قال: إن جاريتكم هذه أبطأت عليكم فخشيت عقوبتكم، فهبوا لي عقوبتها، فقلن جميعا: قد شفعناك بابائنا وأمهاتنا أنت، شفعناك فيها، ووهبنا عقوبتها لك، وأعتقناها لممشاك، فهي حرة لوجه الله تعالى.
قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ما رأيت ثمانية دراهم أعظم بركة من هذه الثمانية: آمن بها خائفا، وأعتق بها نسمة، وكسى بها عاريين- يعني نفسه والشيخ-.
قوله: «يعني نفسه والشيخ» :
في الباب عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وعن أبي الدرداء، وأبي ذر موقوفا. -(4/362)
.........
- أما حديث ابن عمر، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 441- 442] رقم 13607، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 14] : فيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف. اهـ.
وأورده الحافظ ابن كثير في الشمائل من تاريخه وقال: في إسناده أيوب بن نهيك ضعفه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: منكر الحديث.
وأما حديث أنس، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 89] ، وقال: هذا حديث منكر، والمحفوظ في هذا حديث أبي الدرداء، وأبي ذر، ثم ساق حديث أبي الدرداء في ترجمته من التاريخ [47/ 157] ، من طريق إبراهيم بن هشام، حدثني أبي، عن جدي، قال: خرج أبو الدرداء إلى السوق يشتري قميصا، فلقي أبا ذر، فقال: أين تريد يا أبا الدرداء؟
قال: أريد أن أشتري قميصا، قال: وبكم؟ قال: بعشرة دراهم، قال: فوضع يده على رأسه ثم قال: ألا إن أبا الدرداء من المسرفين، ألا إن أبا الدرداء من المسرفين.
قال: فالتمست مكانا أتوارى فيه، فلم أقدر، فقلت: يا أبا ذر لا تفعل، مر معي فاكسني أنت، قال: وتفعل؟ قلت: نعم، فأتى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم، قال: فانصرفت حتى إذا كنت بين منزلي والسوق لقيت رجلا لا يكاد يواري سوأته، فقلت له: اتق الله ووار سوءتك، فقال: والله ما أجد ما أواري به سوءتي، فألقيت إليه الثوب، ثم انصرفت إلى السوق، فاشتريت قميصا بأربعة دراهم، ثم انصرفت إلى منزلي، فإذا خادمة على الطريق تبكي قد اندق إناؤها، فقلت: ما يبكيك؟ فقالت:
اندق إنائي وأبطأت على أهلي، فذهبت معها إلى السوق، فاشتريت لها سمنا بدرهم، فقالت: يا شيخ أما إذا فعلت ما فعلت فامش معي إلى أهلي، فإني قد أبطأت وأخاف أن يضربوني، قال: فمشيت معها إلى مواليها، فدعوت، فخرج مولاها إليّ، فقال: ما عناك يا أبا الدرداء، -(4/363)
1596- وكان صلى الله عليه وسلم يعود أصحابه كما يعودونه، ويشيّعهم كما يشيّعونه، ويعتنقهم كما يعتنقونه، ويقبّل وجوههم كما يقبّلون وجهه، - فقال: خادمكم أبطأت عنكم وأشفقت أن تضربوها، فسألتني أن آتيكم لتكفوا عنها، قال: فأنا أشهدك أنها حرة لوجه الله عزّ وجلّ لممشاك معها، قال: فقلت: أبو ذر أرشد مني حين كساني قميصا وكسا مسكينا قميصا، وأعتق رقبة بعشرة دراهم.
(1596) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يعود أصحابه» :
أخرج الترمذي في الجنائز، باب آخر رقم 1017، وابن ماجه في الزهد، باب البراءة من الكبر والتواضع، رقم 4178، وابن سعد في الطبقات [1/ 371] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 241] رقم 3673، والحاكم في المستدرك [2/ 466] ، والبيهقي في الدلائل [4/ 204] ، جميعهم من حديث مسلم الأعور، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويشيع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك ويركب الحمار ... الحديث.
وأخرج مالك في الموطأ برقم 533، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 276] ، والطحاوي في شرح معاني الاثار [1/ 494] ، والحاكم في المستدرك [2/ 466] ، جميعهم من حديث أبي أمامة بن سهل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم- لفظ الحاكم-.
وأخرج أبو داود في الجهاد، باب في الدعاء عند الوداع، برقم 2601، والنسائي في اليوم والليلة، باب ما يقول للشاخص برقم 10341، كلاهما من حديث عبد الله بن يزيد الخطمي- وهذا لفظ النسائي- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شيع جيشا فبلغ عقبة الوداع قال: أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتم أعمالكم.
وأخرجه النسائي برقم 10340، وابن ماجه في الجهاد، باب تشييع الغزاة، برقم 2826 من حديث ابن عمر. -(4/364)
.........
- وأخرج ابن أبي شيبة في الجهاد من المصنف [12/ 535] ، باب تشييع الغزاة وتلقيهم من حديث ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: شيع النبي صلى الله عليه وسلم عليا ولم يتلقه- مرسل-.
وأخرج الترمذي في الاستئذان من جامعه، باب ما جاء في المعانقة والقبلة من حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله، قال الترمذي: حسن غريب، قلت: في اللفظ نكارة.
وأجود منه ما ورد في تقبيله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد ما مات حتى رؤيت دموعه صلى الله عليه وسلم تسيل على وجنته، أخرجه أبو داود في الجنائز، باب في تقبيل الميت برقم 3163، والترمذي كذلك في الجنائز، برقم 994، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه برقم 1456، وابن الأعرابي في جزء القبل والمعانقة برقم 28، وصححه الحاكم [3/ 190] ، وسيورده المصنف قريبا.
وأخرج أبو داود في الأدب، باب في المعانقة برقم 5214، والإمام أحمد في المسند [5/ 167- 168] ، من حديث رجل من عنزة لم يسم أنه سأل أبا ذر: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه؟ فقال: ما لقيته قط إلّا صافحني، وبعث إليّ يوما ولست في البيت فلما جئت أخبرت برسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو على سرير له فالتزمني، فكانت أجود وأجود، رجاله ثقات إلّا ما فيه من المبهم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 535] ، من حديث علي بن مسهر عن الأجلح، عن الشعبي أن جعفرا لما قدم تلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتزمه وقبل ما بين عينيه، وصله البغوي في معجم الصحابة بسند فيه محمد بن-(4/365)
ويفديهم بأبيه وأمه كما يفدونه بابائهم وأمهاتهم.
1597- وكان صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه، ويسأل عنهم، فمن كان مريضا عاده، ومن كان غائبا دعا له، ومن مات استرجع فيه وأتبعه بالدعاء، - عبد الله بن عبيد بن عمير وهو ضعيف، قاله الحافظ في الفتح [162/ 62] ، وقال: وأخرج قاسم بن أصبغ عن أبي الهيثم بن التيهان أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه فاعتنقه وقبله، قال: وسنده ضعيف.
قوله: «ويفديهم بأبيه وأمه» :
أخرج البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب سعد بن أبي وقاص، برقم 3725، ومسلم كذلك برقم 2412، واللفظ له، من حديث ابن المسيب قال: عن سعد قال: لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد.
وأخرج البخاري في الكتاب المذكور، باب مناقب الزبير بن العوام برقم 3720، ومسلم كذلك برقم 2416 من حديث ابن الزبير، عن أبيه في قصة الخندق، قال: أما والله لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبويه فقال: فداك أبي وأمي.
(1597) - قوله: «فمن كان مريضا عاده» :
شواهد هذا في الصحيحين، منها: زيارته صلى الله عليه وسلم لسعد، وجابر بن عبد الله ودخوله على الرجل الذي أصابته الحمى، وانظر ما بعده.
قوله: «ومن كان غائبا دعا له» :
ومنه افتقاده لأم معقل في الحج، وفيه قوله: ما منعك أن تخرجي معنا العام ... الحديث، لفظ الإمام أحمد [1/ 229] ، وأخرجه أيضا أبو داود برقم 1989، والترمذي والنسائي وابن ماجه بألفاظ.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده [6/ 349] ، وابن ماجه في المناسك، باب الشرط في الحج، رقم 2936، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة فقال:
ما يمنعك يا عمة من الحج؟ قالت: إني سقيمة.. الحديث، وإنما أوردت-(4/366)
ومن كان يتخوف أن يكون وجد في نفسه قال: لعل أبا فلان وجد علينا في شيء، أو رأى منا تقصيرا، انطلقوا بنا إليه، فينطلق حتى يأتيه في منزله.
1598- عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفقد أصحابه في كل ثلاث، فإن كان حاضرا زاره وإن كان مريضا عاده وإن كان غائبا دعا له.
وأنه صلى الله عليه وسلم افتقد بعض أصحابه ذات يوم فقيل: يا رسول الله إنه مريض حتى صار كأنه هامة، لا يأكل شيئا إلّا خرج من دبره، فقال صلى الله عليه وسلم:
امضوا بنا إليه، فلما دخل عليه رآه كما وصف له، فقال صلى الله عليه وسلم: ما بلغ بك- هذا لأن في إثبات افتقاده لنساء أصحابه وسؤاله عنهن إثبات ذلك لأصحابه من باب أولى، وقد اهتم للمرأة التي كانت تقم المسجد وأمر أصحابه أن يؤذنوه إذا ماتت، فلما دفنوها ليلا وبخهم على فعلتهم فاعتذروا بأن ذلك كان ليلا، فلم يهدأ باله بأبي هو وأمي حتى قام على قبرها وصلى عليها ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عزّ وجلّ ينورها بصلاتي عليهم، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 388] ، وهو في الموطأ وغيره.
قوله: «وجد علينا في شيء» :
وسيأتي في الباب بعد هذا حديث الذي غضب لما لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يعطيه.
(1598) - قوله: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفقد أصحابه في كل ثلاث» :
اختصر المصنف لفظه، وقد أورده أبو يعلى أطول منه في المسند [6/ 151- 152] رقم 3429 من حديث عباد بن كثير- ضعف في الحديث لغفلة فيه- عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام، سأل عنه، فإن-(4/367)
ما أرى؟ فقال: يا رسول الله إني مررت بك وأنت تقرأ القارعة فلما بلغت: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) الاية، قلت: اللهمّ إن كنت تعاقبني في الاخرة فعجله لي في الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم: بئس ما قلت، ألا قلت: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار، فأمره صلى الله عليه وسلم بالدعاء ودعا له، قال: فقام فكأنما نشط من عقال.
- كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده، ففقد رجلا من الأنصار في اليوم الثالث فسأل عنه فقيل: يا رسول الله تركناه مثل الفرخ لا يدخل في رأسه شيء إلّا خرج من دبره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: عودوا أخاكم، قال: فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعوده وفي القوم أبو بكر وعمر، فلما دخلنا عليه إذا هو كما وصف لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تجدك؟ قال: لا يدخل في رأسي شيء إلّا خرج من دبري، قال: ومم ذاك؟ قال: يا رسول الله:
مررت بك وأنت تصلي المغرب فصليت معك وأنت تقرأ هذه السورة:
الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ إلى آخرها: نارٌ حامِيَةٌ (11) ، قال: فقلت:
اللهمّ ما كان لي من ذنب أنت معذبي عليه في الاخرة، فعجل لي عقوبته في الدنيا، فنزل بي ما ترى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس ما قلت، ألا سألت الله أن يؤتيك في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة ويقيك عذاب النار؟ قال: فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بذلك، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقام كأنما نشط من عقال ... الحديث بطوله.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد في عباد بن كثير [2/ 295- 296] : كان رجلا صالحا، ولكنه ضعيف الحديث، وقال الحافظ في المطالب العالية حيث أورده برقم 3440: أول الحديث صحيح، ومن سؤال عمر إلى آخره تفرد به عباد بن كثير وهو واه، ثم زعم أن آثار الوضع لائحة على آخره (يعني: عند أبي يعلى) مع أن آخره مثل أوله من حيث وجود الشواهد-(4/368)
1599- وكان رجل يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ابنا له، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنه فقيل: يا رسول الله أصيب بابنه الذي كان يحمله، وهو حزين لا يكلم أحدا.
فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وعزاه ثم قال: أما تطيب نفسك أنك لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلّا وجدته بإزاء ذلك الباب يستفتح لك؟ فقال الرجل: وكذاك يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: هذا لي خاصة يا رسول الله أم للناس عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل للمسلمين عامة.
- عليه، ولذلك قال الحافظ البوصيري متعقبا ابن الجوزي لقوله: هذا خبر موضوع، قال: لم ينفرد به عباد، بل أصله صحيح، إتحاف الخيرة [5/ 494] ، وانظر تخريج محقق أبي يعلى لألفاظه في صحيح مسلم وغيره، فقد أفاد وأجاد جزاه الله خيرا.
(1599) - قوله: «وكان رجل يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 436، 5/ 34- 35، 35] ، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 354] ، والنسائي في الجنائز، باب الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبة، رقم 187، وفي باب التعزية، رقم 2088 بطوله، والطيالسي في مسنده برقم 1075، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 26] رقم 54، والدمياطي في التسلي والاغتباط، برقم 54، 55، 56، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 2947- والحاكم في المستدرك [1/ 384] ، وقال الذهبي: صحيح، جميعهم من حديث أبي إياس معاوية، عن أبيه قرة، وبعضهم يزيد على بعض.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة بنحو هذه القصة، منهم: بريدة بن الحصيب، وابن عمر، وحوشب الفهري.(4/369)
1600- وقبّل صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد موته.
1601- وكان صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر فيتلقاه الصبيان، فيقف، ثم يأمر بهم فيرفعوا إليه فيحملهم بين يديه، ويحمل وراءه، (1600) - قوله: «عثمان بن مظعون» :
الجمحي، الصحابي الجليل، أبو السائب، من سادة المهاجرين وأولياء الله المتقين، فازوا بوفاتهم في حياة نبيهم، إذ صلى عليهم ودعا لهم، وشهد لهم بالخير، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر الهجرتين، وتوفي بعد بدر، وكان عابدا مجتهدا ممن همّ بالاختصاء، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم، يقال:
هو أول من دفن بالبقيع فوضع النبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه حجرا وقال: هذا قبر فرطنا، وقال: ذهبت ولم تلبس منها شيء.
سير أعلام النبلاء [1/ 153] ، التاريخ الكبير [6/ 210] ، طبقات ابن سعد [3/ 393] ، حلية الأولياء [1/ 102] ، أسد الغابة [3/ 598] ، الإصابة [6/ 395] ، العقد الثمين [6/ 49] ، التجريد [1/ 375] ، الاستيعاب [8/ 60] .
قوله: «بعد موته» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 43، 55، 206] ، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 385] ، وعبد الرزاق كذلك [3/ 596] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 396] ، وأبو داود في الجنائز، باب تقبيل الميت، رقم 3163، والترمذي كذلك برقم 994، وابن ماجه برقم 1456، وأبو داود الطيالسي في مسنده برقم 1415، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 407] ، والبغوي في شرح السنة [5/ 302] ، وابن الأعرابي في جزء القبل والمعانقة برقم 28، والحاكم في المستدرك [1/ 361، 3/ 190] .
(1601) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر» :
أورده بلفظه الإمام الغزالي في الإحياء- فكأنه عن المصنف-، وهو ههنا بالمعنى. -(4/370)
ويأمر أصحابه أن يحملوا.
فربما تفاخر الصبيان بعد ذلك، فيقول بعضهم لبعض: حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه وحملك وراءه، ويقول بعضهم: حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه وأمر بعض أصحابه أن يحملك أنت.
1602- وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يرى الأنصار، فيتلقاه صبيانهم، فيمسح رؤوسهم ويسلم عليهم ويدعو لهم.
- وقد أخرجاه في الصحيحين، فأخرج البخاري في الجهاد، باب استقبال الغزاة، حديث رقم 3082، ومسلم في الفضائل، باب فضائل عبد الله بن جعفر، حديث رقم 2427 من حديث ابن أبي مليكة قال: قال ابن الزبير لابن جعفر: أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعم، فحملنا وتركك، لفظ البخاري، ووقع في رواية مسلم: قال عبد الله بن جعفر لابن زبير، وأخرج مسلم أيضا في فضائل عبد الله بن جعفر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته، قال: وإنه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه، قال: فأدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
لتمام تخريجه انظر: فتح المنان شرح المسند الجامع، حديث رقم 2830.
(1602) - قوله: «ويسلم عليهم ويدعو لهم» :
أخرجه بطوله النسائي في اليوم والليلة من السنن الكبرى [6/ 90] ، باب التسليم على الصبيان والدعاء لهم وممازحتهم، رقم 10161.
وهو عند الشيخين بلفظ أخصر منه، فأخرجه البخاري في الاستئذان باب التسليم على الصبيان، رقم 6247، ومسلم في السلام، باب استحباب السلام على الصبيان، رقم 2168 (14، 15) .(4/371)
1603- وكان صلى الله عليه وسلم إذا مر بالصبيان سلم عليهم وأتحفهم بما عنده.
1604- وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع أحدا يمشي معه إذا كان راكبا حتى يحمله، فإن أبى قال: تقدم أمامي وأدركني في المكان الذي تريد.
1605- وخرج صلى الله عليه وسلم إلى قباء على حمار عري وأبو هريرة معه، فقال: يا أبا هريرة أحملك؟ فقال: ما شئت يا رسول الله، قال: اركب (1603) - قوله: «وأتحفهم بما عنده» :
أخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن الحارث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفّ عبد الله وعبيد الله وكثيرا من بني العباس، ثم يقول: من سبق إليّ فله كذا وكذا، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم.
(1604) - قوله: «لا يدع أحدا يمشي معه إذا كان راكبا» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 421] ، وأبو داود في الأدب، باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان، رقم 5185، والنسائي في اليوم والليلة [6/ 89] رقم 10157، جميعهم من حديث قيس بن سعد الطويل، وفيه قصة زيارته صلى الله عليه وسلم لهم، وفي آخره: فلما أراد الانصراف قرب له سعد حمارا قد وطأ عليه بقطيفة، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد: يا قيس اصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قيس: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اركب، فأبيت، ثم قال: إما أن تركب وإما أن تنصرف، قال: فانصرفت.
(1605) - قوله: «على حمار عري» :
لم أقف عليه مسندا، لكن عزاه الزبيدي في الإتحاف [7/ 102] للطبري في مختصر السيرة.
قال أبو عاصم: وقع نحو هذه القصة لمعاذ بن جبل مع النبي صلى الله عليه وسلم، -(4/372)
- وكان في أبي هريرة ثقل- فوثب ليركب فلم يقدر فاستمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أبا هريرة أحملك؟ قال: ما شئت يا رسول الله، قال: اركب، فلم يقدر على ذلك فتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أبا هريرة أحملك؟ قال: لا والذي بعثك بالحق لا صرعتك ثالثا.
1606- وكان صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويحلب الشاة، ويلبس الصوف، ويقول: من فعل هذه الثلاث ذهب كبره.
- قال الإمام أحمد [5/ 238] : حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، حدثني عبد الله بن أبي حسين، حدثني شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم- وهو الذي بعثه عمر بن الخطاب إلى الشام يفقه الناس- أن معاذ بن جبل حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ركب يوما على حمار له يقال له: يعفور، رسنه من ليف، ثم قال: اركب يا معاذ، فقلت: سر يا رسول الله، فقال:
اركب، فردفته، فصرع الحمار بنا، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يضحك، وقمت أذكر من نفسي أسفا، ثم فعل ذلك الثانية ثم الثالثة.. الحديث.
(1606) - قوله: «من فعل هذه الثلاث» :
أخرجه الترمذي في البر والصلة من جامعه، باب ما جاء في الكبر، من حديث جبير بن مطعم قال: يقولون فيّ التيه، وقد ركبت الحمار ولبست الشملة، وقد حلبت الشاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء.
قال أبو عيسى: حسن غريب، وفي نسخة: حسن صحيح غريب.
وأخرجه أيضا: البيهقي في الشعب [6/ 290- 291] رقم 8195، وابن أبي الدنيا في التواضع والخمول برقم 228 إلّا أنه لم يذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم.(4/373)
1607- وكان صلى الله عليه وسلم إذا ركب الدابة يردف في بعض الأحايين.
1608- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: صاحب الدابة أحق بصدر الدابة.
(1607) - قوله: «يردف في بعض الأحايين» :
شواهد ذلك في الصحيحين كثيرة، منها ما تقدم قريبا من إردافه الصبيان، وأردف صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، والفضل بن العباس في الحج، وكل ذلك في الصحيحين.
(1608) - قوله: «أحق بصدر الدابة» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 353] ، وأبو داود في الجهاد، باب رب الدابة أحق بصدرها، رقم 2572، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في أن الرجل أحق بصدر دابته، رقم 2773- وقال: حسن غريب- وصححه ابن حبان برقم 4735.
وله طرق أخرى خرجنا منها في فتح المنان، تحت رقم 2831، حديث عبد الله بن حنظلة.(4/374)
[255- فصل: في تواضعه صلى الله عليه وسلم]
255- فصل:
في تواضعه صلى الله عليه وسلم 1609- كان صلى الله عليه وسلم يقول: لا ترفعوني فوق حقي، فإن الله تعالى خلقني عبدا، واتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا، ثم اتخذني عبدا وجعلني نبيا، ثم أنا نبي الله وعبده.
(1609) - قوله: «لا ترفعوني فوق حقي» :
أخرجه المروزي في زوائده على زهد ابن المبارك برقم 984، وهناد في الزهد برقم 797، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 138- 139] رقم 2889، من حديث يحيى بن سعيد عن علي بن الحسين، به، وبعضهم يزيد على بعض، ومنهم من يرويه عن علي بن الحسين، عن أبيه مرسلا وموصولا، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 21] : إسناده حسن. اهـ. وأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 179] ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي:
صحيح، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [4/ 76- مرتين] .
قوله: «ثم اتخذني عبدا وجعلني نبيا» :
يشبه أن تكون هذه الجملة والتي بعدها مدرجة من كلام سعيد بن المسيب كما يظهر من رواية الحاكم وابن عساكر وهناد، وفيها: قال علي بن الحسين: فذكرته لسعيد بن المسيب فقال: صدق، قبل أن كان نبيا كان عبدا، وفي رواية: وبعد ما اتخذه نبيا كان عبدا.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 153] ، والبيهقي في الدلائل [5/ 498] ، واللفظ له، وغيرهما من حديث ثابت عن أنس قال: يا أيها الناس أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عزّ وجلّ.(4/375)
1610- ولقد كان صلى الله عليه وسلم يضع الإناء للهرّة فما يرفع الإناء رحمة لها حتى تروي.
(1610) - قوله: «ولقد كان صلى الله عليه وسلم يضع الإناء للهرّة» :
يعني: يصغي لها الإناء كما ورد في الحديث من طرق- تكلم في جميعها- عن عائشة رضي الله عنها:
1- فأخرجه أبو داود في الطهارة، باب سؤر الهرة رقم 76، وأبو نعيم في الحلية [9/ 309] ، والطبراني في الأوسط [8/ 456] رقم 7945، والدارقطني في سننه [1/ 70] رقم 20، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 246] ، وهذا لفظ أبي نعيم: عن داود بن صالح التمار، عن أمه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي لها الإناء فتشرب، ثم يتوضأ بفضلها- يعني الهرة-.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن داود بن صالح إلّا الدراوردي، وقال الدارقطني: رفعه الدراوردي، وخالفه هشام بن عروة فأوقفه على عائشة، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 216] : رواه أبو داود خلا إصغاء الإناء لها.
2- ورواه عبد الله بن سعيد المقبري- أحد الضعفاء- فاختلف عليه فيه:
*- فقال يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف القاضي عنه- وسماه: عبد ربه بن سعيد- عن أبيه، عن عروة، عن عائشة نحوه، أخرجه الدارقطني [1/ 66- 67] .
وقال أبو بكر النيسابوري: عبد ربه هو: عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف.
قلت: تابعه مندل بن علي- أحد الضعفاء فلم يقوه-، أخرجه البزار في مسنده [1/ 44 كشف الأستار] رقم 275.
*- وقال أشعث بن عبد الرحمن اليامي، عنه، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة بنحوه، أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده [8/ 361- 362] رقم 4951. -(4/376)
1611- وكان صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب ويطرح النوى في يساره- ولا يلقيه في الأرض- فمرت شاة قريبا منه فأشار إليها بالنوى التي كانت في كفه، فدنت منه، فجعلت تأكل في كفه اليسرى، ويأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيمينه ويلقي إليها حتى فرغ فانصرفت الشاة.
- قال البزار عقب روايته: الوضوء بفضل الهر عند أبي داود من حديثها، وإصغاء الإناء لم أره.
3- وأخرجه ابن عدي في كامله [5/ 1882] ، من حديث محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة به، وفي إسناده عيسى بن ميمون، قال عنه: عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه.
4- ورواه البزار في مسنده [1/ 145 كشف الأستار] رقم 276، من حديث عمران بن أبي أنس، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة.
قال البزار: لا نعلم روى عمران ولا سعيد عن عروة إلّا هذا. اهـ.
قلت: في إسناده الواقدي، وحاله مشهور في الحديث.
(1611) - قوله: «فمرت شاة» :
قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: روينا هذه القصة في فوائد أبي بكر الشافعي، عن أنس بإسناد ضعيف. اهـ.
قال أبو عاصم: كأنه ما وقف على رواية ابن سعد في الطبقات [1/ 394] ، حيث قال: أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا أبو معشر، أخبرنا حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال:
أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طبق من رطب، فجثا على ركبتيه فأخذ يناولني قبضة قبضة يرسل به إلى نسائه، وأخذ قبضة منها فأكلها ويلقي النوى بشماله، فمرت به داجنة فناولها فأكلت.
أبو معشر صالح في هذا الباب، وحفص بن عمر ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وقال عن أبيه: صالح الحديث. -(4/377)
1612- وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بذبح شاة في سفر، فقال رجل من القوم: عليّ ذبحها، وقال آخر: عليّ سلخها، وقال آخر: عليّ قطعها، وقال آخر: عليّ طبخها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليّ أن ألقط لكم الحطب، فقالوا: لا تتعن بابائنا وأمهاتنا أنت نحن نكفيك، قال: قد عرفت أنكم تكفون، ولكن الله يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن يتميز من بينهم، فقام صلى الله عليه وسلم يلقط الحطب لهم.
1613- ودخل صلى الله عليه وسلم هو وصاحب له غيضة فافترقا في حاجتهما، فلما رجع مر بغصنين في شجرة فأعجبه اعتدالهما وطولهما فقطعهما، فلما لقيه صاحبه قال: أعجبني هذان الغصنان فاختر أعدلهما وأجودهما، قال: أجل، ولكن اختر أنت فإن كل صاحب مسئول عن صاحبه.
- نعم، وليست هذه بعادة إنما هذا من تواضعه، ولذلك فهو لا يعارض ما أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 120] ، من حديث شعيب بن الحبحاب، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الرطب ويلقى النوى على القنع، والقنع: الطبق، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
(1612) - قوله: «أن يتميز من بينهم» :
عزاه الزبيدي في الإتحاف [7/ 102] ، والعجلوني في المقاصد [/ 126] ، لأبي اليمن ابن عساكر في جزء تمثال نعله الشريف صلى الله عليه وسلم.
(1613) - قوله: «فإن كل صاحب مسئول عن صاحبه» :
قال ابن جرير في تفسيره [5/ 82] عند قوله تعالى: وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ الاية: حدثنا سهل بن موسى الرازي، ثنا ابن أبي فديك، عن فلان ابن عبد الله، عن الثقة عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم في غيضة طرفا، فقطع فصيلين-(4/378)
1614- وكان صلى الله عليه وسلم يوما يأكل التمر ويلقي الحشف فقال رجل:
يا رسول الله أعطني مما ألقيت، فقال: إني لا أرضى لكم ما أسخط لنفسي، ولكن كل مما آكل.
1615- وإن كان صلى الله عليه وسلم ليدعوه رجل من المسلمين شطر الليل على خبز الشعير فيجيبه.
- أحدهما معوج والاخر معتدل، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل، وأخذ لنفسه المعوج، فقال الرجل: يا رسول الله، بأبي وأمي أنت أحق بالمعتدل مني، فقال: كلا يا فلان، إن كل صاحب يصحب صاحبا مسئول عن صحابته ولو ساعة من نهار.
(1614) - قوله: «إني لا أرضى لكم ما أسخط لنفسي» :
أخرجه أبو نعيم في الحلية [7/ 256] ، من حديث علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة، ورجال إسناده ثقات، قال أبو نعيم: غريب من حديث مسعر، لم نكتبه إلّا من حديث محمد بن السمط. اهـ.
قلت: رواه أبو نعيم الفضل، عن مسعر فأرسله، لم يذكر أبا جحيفة، أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 393] .
(1615) - قوله: «وإن كان صلى الله عليه وسلم ليدعوه» :
أخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 188] برقم 257، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 20] ، رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله ثقات، قال: ورواه في الكبير باختصار وقال في موضع آخر من مجمع الزوائد [4/ 53] : فيه أبو مسلم قائد الأعمش وثقه ابن حبان وقال:
يخطئ وضعفه جماعة. -(4/379)
.........
- وباللفظ الذي أورده المصنف أخرجه هناد في الزهد برقم 803، والبيهقي في الشعب [6/ 290] رقم 290، عن مجاهد، به، مرسلا.
قلت: وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [12/ 67] رقم 2494، والبيهقي في الشعب [6/ 290] رقم 8193، من حديث عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض ويأكل على الأرض، ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير.
قال في مجمع الزوائد [9/ 20] : إسناده حسن.
تابعه مسلم الأعور، عن سعيد بن جبير، أخرجه ابن أبي الدنيا في التواضع والخمول برقم 111، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 63، 212- 213] ، والبغوي في شرح السنة [11/ 288] ، والبيهقي في الشعب [6/ 290] رقم 8192.
وأخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 180، 210- 211، 252، 270، 289- 290] ، من حديث قتادة، عن أنس: أن يهوديا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه، أخرجه الضياء في المختارة [7/ 86، 87] رقم 2493، 2494، 2495 وأصله في صحيح مسلم، وفيه: خياطا بدل يهوديا.(4/380)
[256- فصل: وقد جمع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مكارم أخلاق العرب ومكارم أخلاق العجم]
256- فصل:
وقد جمع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مكارم أخلاق العرب ومكارم أخلاق العجم 1616- وزاده أشياء ليست عندهم، وما جاء به الإسلام من مكارم الأخلاق أكثر من أن يحصى أو يحيط به علم عالم.
1617- وقد كان الله تبارك وتعالى أعلم بما اختار لوحيه وحلاله وحرامه وكريم أخلاقه ومحاسنها، اختاره من آدم وحواء إلى أبيه وأمه.
1618- فهو صلى الله عليه وسلم أكرم الناس نسبا، وأثبت الناس أصلا، وأطول الناس فرعا، وأكملهم دينا وخلقا.
1619- قال صلى الله عليه وسلم: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
1620- حدثنا أبو ذر: عمار بن محمد البغدادي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، (1620) - قوله: «حدثنا أبو ذر: عمار بن محمد البغدادي» :
هو الإمام المحدث الرحالة: عمار بن محمد بن مخلد بن جبير بن عبد الله بن إسماعيل بن سعد بن ربيعة بن كعب بن مرة، أبو ذر التميمي البغدادي، نزيل بخارى، حدّث عن ابن صاعد، وابن الأعرابي، ومحمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن مخلد، وابن عقدة وغيرهم.
وعنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو سهل الأبيوردي، وعبد الواحد بن محمد الخشاب، وغيرهم، وهو أحد الذين رحلوا في طلب الحديث، وثقه السمعاني وغيره، توفي ببخارى سنة 388، وانظر:
تاريخ ابن عساكر [43/ 340] ، تاريخ بغداد [12/ 256] ، العبر [3/ 36] ، -(4/381)
ثنا أبو العباس: أحمد بن محمد بن سعيد، ثنا محمد بن إسماعيل الراشدي، ثنا عمر بن إبراهيم الكردي،.....
- الشذرات [3/ 253] ، مختصر تاريخ دمشق [18/ 202] ، وانظر: تاريخ الذهبي [وفيات سنة 388- ص 151] .
قوله: «ثنا أبو العباس: أحمد بن محمد بن سعيد» :
الإمام الحافظ المشهور بابن عقدة، قال الحاكم أبو عبد الله: سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما رأيت أحدا أحفظ لحديث الكوفيين من أبي العباس ابن عقدة، وترجم له الحافظ الذهبي ترجمة جيدة في سيره، تشهد بعلو مقامه ورفعة درجته في المحدثين، حتى قال معلقا على قول الحاكم هذا: ويمكن أن يقال: لم يوجد أحفظ منه وإلى يومنا وإلى قيام الساعة بالكوفة، وانظر:
سير أعلام النبلاء [15/ 340] ، تذكرة الحفاظ [3/ 839] ، تاريخ بغداد [5/ 14] ، الوافي بالوفيات [7/ 395] ، المنتظم [6/ 336] ، النجوم الزاهرة [3/ 281] ، تاريخ الإسلام [11/ 209] ، الميزان [1/ 136] ، لسان الميزان [1/ 263] ، مرآة الجنان [2/ 311] ، العبر [2/ 230] .
قوله: «ثنا محمد بن إسماعيل الراشدي» :
لم أر من أفرده بترجمة، لكن ذكره الذهبي في جملة شيوخ ابن عقدة.
قوله: «ثنا عمر بن إبراهيم الكردي» :
الهاشمي مولاهم، أحد الضعفاء، كذبه الدارقطني، وقال الخطيب في تاريخه: كان غير ثقة، يروي المناكير عن الأثبات.
الجرح والتعديل [6/ 98] ، الترجمة 510، تاريخ بغداد [11/ 202] ، الضعفاء لابن الجوزي [2/ 204، ونقل فيه عن ابن حبان ما لم نجده في المجروحين ولا الثقات] ، الميزان [4/ 99] ، لسان الميزان [4/ 280] ، السابق واللاحق [/ 283] ، المغني في الضعفاء [2/ 462] ، تاريخ الذهبي [وفيات 220- 230 الترجمة 295] .(4/382)
ثنا يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وتمام محاسن الأفعال.
قوله: «ثنا يوسف بن محمد بن المنكدر» :
التيمي، من رجال ابن ماجه، ضعفه الجمهور.
تهذيب الكمال [32/ 456] ، تهذيب التهذيب [11/ 422] ، الكاشف [3/ 262] ، التقريب [/ 612] ، الميزان [6/ 146] ، لسان الميزان [7/ 448] ، المغني في الضعفاء [2/ 764] ، المجروحين [3/ 135] ، ضعفاء النسائي [/ 246] ، ضعفاء الدارقطني [/ 402] ، الخلاصة [/ 439] ، التاريخ الكبير [8/ 381] ، الجرح والتعديل [9/ 229] .
قوله: «عن أبيه» :
هو الإمام التابعي الحافظ: محمد بن المنكدر القرشي، أبو عبد الله المدني المقرئ، قال الإمام مالك: كان سيد القراء لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلّا بكى، وحديثه في الكتاب الستة.
سير أعلام النبلاء [5/ 353] ، تهذيب الكمال [26/ 503] ، تهذيب التهذيب [9/ 473- 475] ، الكاشف [3/ 88] ، التقريب [/ 508] ، الخلاصة [/ 360] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 121- 140 ص 533] ، التاريخ الكبير [1/ 219] ، الجرح والتعديل [8/ 97] .
قوله: «عن جابر» :
هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري، صحابي جليل، ولأبيه أيضا صحبة، كان مفتي المدينة في زمانه، غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، وله مناقب وفضائل مبسوطة في المطولات.
سير أعلام النبلاء [3/ 189] ، أسد الغابة [1/ 307] ، الإصابة [2/ 45] ، الاستيعاب [2/ 109] ، تجريد أسماء الصحابة [1/ 73] .
قوله: «لتمام مكارم الأخلاق» :
كذا في «ظ» ، وكذا في رواية البغوي من طريق المصنف، وفي «ب» : -(4/383)
.........
- بمكارم الأخلاق.
وقد روي أيضا بلفظ: لإتمام مكارم الأخلاق، وبلفظ: لأتمم مكارم الأخلاق، فقيل في شرحه: بعد ما كانت ناقصة، أو: لأجمعها بعد التفرقة، وقال بعضهم: أشار صلى الله عليه وسلم بهذا إلى أن الأنبياء قبله بعثوا بمكارم الأخلاق وبقيت بقية فبعث صلى الله عليه وسلم بإتمام ما بقي عليهم، ومن ثم قال الطيبي في شرح المشكاة: معنى هذا الحديث يلتقي وحديث أبي هريرة: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي ... إلى قوله:.. أنا سددت موضع اللبنة، يلتقيان في معنى إتمام الناقص. اهـ.
وقد أحسن أبو العتاهية حين قال:
ليس دنيا إلّا بدين ... وليس الدين إلّا مكارم الأخلاق
وفي إسناد الحديث من قد عرفت من الضعفاء، وهو مما يخرج في هذا الباب، وله من الشواهد ما يجعله حسنا فيه.
أخرجه من طريق المصنف الحافظ البغوي في تفسيره [2/ 224] ، وفي شرح السنة [13/ 202] ، رقم 3622.
تابعه عن عمر بن إبراهيم:
(1) - صالح بن بشير الطبراني، أخرجه من طريقه الطبراني في معجمه الأوسط [7/ 454] رقم 6891، وقال: لم يروه عن يوسف إلّا عمر، تفرد به صالح. اهـ. كذا قال رحمه الله، وقد تبين لك أن المصنف أخرجه من طريق الراشدي عن عمر، وقد رواه أيضا:
(2) - داهر بن نوح- أحد الضعفاء- أخرجه البيهقي في الشعب [6/ 231] برقم 7979 وضعفه، وتصحف اسم داهر إلى: زاهر بالزاي، والبغوي في شرح السنة [13/ 202] برقم 2623، وتصحف عنده اسم عمر إلى: محمد.
- خالفه المبارك بن فضالة عن ابن المنكدر في متنه، فرواه عنه، عن جابر بلفظ: إن الله يحب مكارم الأخلاق ويبغض سفسافها، إسناده جيد، -(4/384)
.........
- أخرجه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 10.
وفي الباب عن أبي هريرة، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أسلم مرسلا:
- أما حديث أبي هريرة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 381] رقم 8939، واللفظ له، والبخاري في التاريخ [7/ 188 الترجمة 835] ، وفي الأدب برقم 273، وابن سعد في الطبقات [1/ 192] ، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 13، والحاكم في المستدرك [2/ 613] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 192] ، وفي الشعب برقم 7978، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1165، والخرائطي في مكارم الأخلاق 1/ أ- ب، وفي المنتقى من المكارم برقم 1، وابن عبد البر في التمهيد [24/ 333- 334] ، والخطيب في الجامع [1/ 93] ، جميعهم من حديث أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا: إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق.
وأخرجه مالك في الموطأ بلاغا بلفظ: حسن الأخلاق، ومن طريقه ابن سعد في الطبقات [1/ 193] ، قال ابن عبد البر في التمهيد: هذا الحديث يتصل من طرق صحاح عن أبي هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- وأما حديث معاذ، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 65- 66] رقم 120، والبيهقي في الشعب [6/ 231] رقم 7980، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق، واللفظ له برقم 14، والبزار في مسنده [2/ 407 كشف الأستار] ، وسقط اسم مكحول من الإسناد في المطبوع منه، وابن عبد البر في التمهيد [24/ 334- 335] ، جميعهم من حديث شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رجل أحب أن أحمد- كأنه يخاف على نفسه-، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يمنعك أن تعيش حميدا وتموت فقيرا، وإنما بعثت على تمام محاسن الأخلاق. -(4/385)
1621- وقال له رجل: أوصني قال: أتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.
1622- وجاءه آخر فقال: أوصني وأوجز لي بشيء يوجب لي الجنة، قال: عليك بحسن الكلام وبذل الطعام.
1623- وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه.
-- وأما حديث زيد بن أسلم المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 500] رقم 11822، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم مرفوعا: إنما بعثت لأتمم صلاح [كذا في الأصل وصوبها المحقق إلى: صالح] الأخلاق.
(1621) - قوله: «وقال له رجل» :
هو أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، وقد خرجنا حديثه، وذكرنا الاختلاف فيه في كتابنا:
فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2957.
(1622) - قوله: «وجاءه آخر» :
هو هانئ بن يزيد أبو شريح الحارثي، من بني الحارث بن كعب، أخرج حديثه: ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 519] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 811، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 179- 180] الأرقام 467، 468، 496، 470، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 131، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1140، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 490، 504-، والحاكم في المستدرك [1/ 23] ، وأقره الذهبي.
(1623) - قوله: «أشد حياء من العذراء» :
أخرجاه في الصحيحين، أخرجه البخاري في المناقب، برقم 3562، ومسلم في الفضائل برقم 2320، كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري به، وتقدم في أول الباب.(4/386)
1624- وقال صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: إن فيك لخلتين يحبهما الله ورسوله، فقال: وما هما يا رسول الله؟ قال: الحلم والحياء، قال:
أقديما كانت فيّ أو حديثا؟ قال: لا بل قديما، قال: قلت: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله.
1625- عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال: سمعت الحسين بن علي رضي الله عنهما يقول: لو شتمني رجل في هذه الأذن- وأومأ إلى اليمنى- واعتذر لي في الأخرى لقبلت منه، وذلك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حدثني: أنه سمع جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا ورد عليّ الحوض من لم يقبل العذر من محق أو مبطل.
(1624) - قوله: «لبعض أصحابه» :
هو الأشج: أشج عبد القيس، أخرج قصته الجماعة كلهم مطولة ومختصرة من حديث نصر بن عمران أبي جمرة، عن ابن عباس، غير أن البخاري استثنى من القصة قوله: إن فيك لخلتين أو خصلتين وقد أخرجها الباقون.
(1625) - قوله: «من محق أو مبطل» :
في الباب عن جابر بن عبد الله عند الطبراني في الأوسط [2/ 21] رقم 1033، من طريق علي بن قتيبة الرفاعي- أحد الضعفاء-: حدثنا مالك بن أنس، عن أبي الزبير، عنه مرفوعا: من اعتذر إليه فلم يقبل، لم يرد عليّ الحوض.
وعن عائشة رضي الله عنها أيضا أخرجه في الأوسط [7/ 160] رقم 6291، من طريق خالد بن يزيد العمري- اتهم بالكذب-: حدثنا عبد الملك بن يحيى، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عنها مرفوعا: عفوا تعف نساؤكم، وبروا تبركم أبناؤكم، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء يبلغه عنه فلم يقبل عذره لم يرد عليّ الحوض.(4/387)
1626- ونهى صلى الله عليه وسلم عن الإساءة إلى أحد من الخدم وغيرهم، ما ضرب صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة، ولا ضرب شيئا بيده إلّا أن يحارب في سبيل الله عزّ وجلّ.
1627- قال أنس بن مالك: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين فلا والذي بعثه بالحق ما قال لي في شيء قط فعلته- وهو يكره ذلك-:
لم فعلت ذلك؟ وما تركت شيئا قط من خدمته كان يحب أن أفعله: ما لك لم تفعله؟ فضلا عن أن يلومني بشيء.
1628- وفي رواية: وما كان يلومني أحد من نسائه إلّا قال: دعوه فإنما كان هذا بكتاب وقدر.
(1626) - قوله: «إلا أن يحارب في سبيل الله عزّ وجلّ» :
تقدم تخريجه قريبا في أول الباب.
(1627) - قوله: «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين» :
أخرجاه في الصحيحين، أخرجه البخاري في الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، رقم 6038، ومسلم في الفضائل، باب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، رقم 2309 (51، 52، 53) .
(1628) - قوله: «وما كان يلومني أحد» :
بعضهم يرويه ضمن الأول، وبعضهم يفرقه، أخرج معنى هذا اللفظ ضمن الأول ومنفصلا: الإمام أحمد في مسنده [3/ 231] ، وابن أبي عاصم في السنة [1/ 156] رقم 355، وأبو نعيم في الحلية [6/ 179] ، من حديث عمران القصير، والطبراني في معجمه الصغير [2/ 243] برقم 1100، من حديث ابن عجلان، عن حميد، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [9/ 443] برقم 17947، والبيهقي في الشعب [6/ 258] ، رقم 8070، -(4/388)
1629- وما شتم صلى الله عليه وسلم أحدا من المؤمنين بشتيمة تعلم إلّا جعلها له كفارة ورحمة.
1630- وما لعن صلى الله عليه وسلم امرأة قط ولا خادما بلعنة تعلم.
1631- وقد قيل له صلى الله عليه وسلم وهو يوازي قوما للقتال: لو لعنتهم يا رسول الله؟ قال: إنما بعثت رحمة ولم أبعث لعانا.
- وابن حبان في صحيحه من حديث عزرة بن ثابت، عن ثمامة- كما في الإحسان برقم 7179-، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 35] ، من حديث ابن المسيب، وابن أبي الدنيا في الرضا برقم 4، من حديث فرات بن سليمان، جميعهم عن أنس بألفاظ، وبعضهم يزيد على بعض.
(1629) - قوله: «إلا جعلها له كفارة ورحمة» :
أخرج البخاري ومسلم- واللفظ له- من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ إنما أنا محمد بشر، يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.
(1630) - قوله: «بلعنة تعلم» :
أخرجه النسائي في الصوم، باب الفضل والجود في شهر رمضان، من حديث معمر والنعمان بن راشد رقم 2096، وابن سعد في الطبقات [1/ 367] ، وزاد الحاكم في الطريق: أيوب [2/ 613] ، جميعهم عن الزهري، عن عروة، عن عائشة- وهذا لفظ الحاكم- قالت: ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما من لعنة تذكر، ولا ضرب بيده شيئا قط إلّا أن يضرب بها في سبيل الله ... الحديث بطوله صححه على شرط الشيخين- وهو عندهما لكن بغير هذا السياق- وأقره الذهبي.
(1631) - قوله: «ولم أبعث لعانا» :
أخرجه مسلم في البر والصلة، باب النهي في لعن الدواب، برقم 2599، -(4/389)
1632- وما ضرب صلى الله عليه وسلم بيده أحدا قط إلّا أن يضرب بها في سبيل الله، وما انتقم صلى الله عليه وسلم شيئا صنع إليه إلّا أن يكون لله في ذلك حرمة تنتهك فيكون لله ينتقم، وما خيّر صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلّا اختار أيسرهما، إلّا أن يكون فيه قطيعة رحم فيكون أبعد الناس من ذلك.
1633- ولو لم يكن من حلمه صلى الله عليه وسلم وكرم عفوه إلّا ما كان يوم فتح مكة لكان من أعجب العجب.
ذلك أنه حين دخل مكة- وكان أهلها قد قتلوا أعمامه ورجاله وأولياءه وأنصاره، وعذبوهم بألوان العذاب، واستعدوا عليه، وأرادوا نفسه وقتا بعد وقت- فلما دخل جمعهم، ثم قام خطيبا فيهم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أقول كما قال أخي يوسف عليه السّلام: لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين، صلى الله عليه وسلم.
1634- يقال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع رجلا ينشد هذا البيت:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد
- والبخاري في الأدب المفرد، باب لعن الكافر، برقم 321، وأبو يعلى في مسنده [11/ 35] رقم 6174، والبغوي في الأنوار [1/ 208] .
(1632) - قوله: «فيكون أبعد الناس من ذلك» :
تقدم قريبا أنه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها.
(1634) - قوله: «متى تأته تعشو» :
البيت للحطيئة، وهو في ديوانه برواية ابن السكيت [/ 161] ، ونسبه له أبو عبيدة بن المثنى في مجاز القرآن [2/ 204] .(4/390)
فقال عمر رضوان الله عليه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1635- ويقال: أنشد شعر زهير في هرم بين يدي أبي بكر رضوان الله عليه:
دع ذا وعد القول في هرم ... خير الكهول وسيد الحضر
فقال أبو بكر رضي الله عنه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال:
حامي الذمار على محافظة ... الجلّى أمين مغيّب الصدر
فقال أبو بكر رضي الله عنه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال:
وإذا خلوت به خلوت إلى ... صافي الحقيقة طيب الخبر
قوله: «فقال عمر» :
أخرج ابن عساكر في تاريخه [3/ 358] أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان كثيرا ما ينشد قول زهير بن أبي سلمى حيث يقول لهرم بن سنان:
لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المضيء ليلة البدر
فيقول عمر ومن سمع ذلك: كان النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يكن كذلك غيره.
(1635) - قوله: «دع ذا وعد القول» :
الأبيات في ديوانه [/ 53- 55] .
قوله: «الجلّى» :
وزن فعلى، أي: الجماعة والعشيرة، وقيل: البلية النازلة، ووقع في الأصل: حامي الحقيقة في محافظة.
قوله: «وإذا خلوت» :
كذا في الأصل، وفي الديوان: وإذا برزت به برزت إلى.(4/391)
فقال أبو بكر رضي الله عنه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال:
متصرف للمجد معترف به ... للنائبات يراح للذكر
فقال أبو بكر رضي الله عنه: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومما يدل على ثبات قلبه صلى الله عليه وسلم وشجاعته وشدة بأسه أن الناس فرّوا عنه يوم حنين والعباس رضي الله عنه آخذ بحكمة بغلته، وهو صلى الله عليه وسلم ينادي:
يا أصحاب الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة إليّ أنا رسول الله.
قوله: «وهو صلى الله عليه وسلم ينادي» :
تقدم ما يتعلق بهذا في المغازي، فصل: في غزوة حنين، انظر النص رقم:
779.(4/392)
[257- باب: في آداب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسيرته في الأمر والنّهي وقول الله عزّ وجلّ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الاية]
257- باب:
في آداب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسيرته في الأمر والنّهي وقول الله عزّ وجلّ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الاية 1636- أخبرنا أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد الدينوري بمكة حرسها الله قال: أخبرنا أبو محمد: عبد الله بن وهب الحافظ الدينوري قال: حدثنا عباس قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن عجلان، (1636) - قوله: «حدثنا عباس» :
هو ابن الوليد النرسي، الإمام الحافظ الحجة: أبو الفضل الباهلي، البصري، ابن عم الحافظ عبد الأعلى بن حماد، وأحد مشايخ الشيخين الأثبات، انظر:
سير أعلام النبلاء [11/ 27] ، تهذيب الكمال [14/ 259] ، تهذيب التهذيب [5/ 116] ، الكاشف [2/ 62] ، التقريب [/ 294] الترجمة رقم 3193، إكمال مغلطاي [7/ 221] .
قوله: «حدثنا سفيان» :
هو ابن عيينة، الإمام الحجة.
تابعه عن القعقاع: جعفر بن عبد الله، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 355] ، ومسلم في الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وإغلاق الأبواب.. رقم 2014 (99) ، ومن طريق مسلم: البغوي في شرح السنة برقم 3061.
وأخرجه البخاري في بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم 3280، وفي باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، رقم 3304، وفي باب:
إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، رقم 3316، وفي الأشربة، باب-(4/393)
عن القعقاع بن حكيم، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفوا صبيانكم فحمة العشاء، فإنكم ما تدرون ما يبث الله من خلقه، أكفوا الإناء، وأوكوا السّقاء، وغلّقوا الأبواب، واطفئوا المصابيح.
1637- وقال صلى الله عليه وسلم: بلّوا الأرحام ولو بالسلام.
- تغطية الإناء رقم 5623، 5624، وفي الاستئذان، باب لا تترك النار في البيت عند النوم، رقم 6295، وفي باب غلق الأبواب بالليل، رقم 6296، ومسلم برقم 2012 (97) من حديث عطاء، عن جابر به.
وأخرجه مسلم برقم 2013 (98) من طريق أبي الزبير عن جابر.
(1637) - قوله: «بلّوا الأرحام» :
ذكر الحليمي في شعبه [3/ 256] عن بعضهم في معناه: أي صلوها، قال:
فكأنه جعل وصل الرحم كتسكين الحرارة بالماء.
والحديث أخرجه البيهقي في الشعب [6/ 227] رقم 7973 من حديث إسماعيل بن عياش، عن مجمع بن جارية، عن عمه (يعني: يزيد بن جارية) ، عن أنس بن مالك به وهو إسناد لا بأس به.
*- وخالفه جماعة عن مجمع، فقالوا: عنه، عن سويد بن عامر به- مرسل، وهو مرسل حسن، أخرجه هناد في الزهد [2/ 492] رقم 1011، ووكيع كذلك برقم 409، وابن حبان في الثقات [4/ 324] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 654، والبيهقي في الشعب [6/ 226- 227] رقم 7972.
ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في الغريب [1/ 207] من حديث مروان بن معاوية الفزاري، عن مجمع، عمن حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في مسند الفردوس [2/ 10] رقم 2087، وهكذا قال عيسى بن يونس، عن مجمع، أخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 653.
ورواه البزار في مسنده [2/ 373- كشف الأستار] رقم 1877 من حديث أبي جمرة عن ابن عباس به، وفي إسناده البراء بن يزيد الغنوي وهو ضعيف. -(4/394)
1638- وقال صلى الله عليه وسلم: ما زال جبريل يوصيني بحفظ الجار، حتى ظننت أنه سيورثه.
1639- وقال صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من جار السوء في دار الإقامة.
1640- وقال صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يؤذي جاره.
- قال الشيخ الغماري في فتح الوهاب [1/ 466] : ورواه الطبراني وابن لال من حديث أبي الطفيل: عامر بن واثلة، وفيه راو لم يسم، لكن بمجموع هذه الطرق يتقوى الحديث.
(1638) - قوله: «حتى ظننت أنه سيورثه» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهما وفيه:
يوصيني بالجار، بدل كلمة: بحفظ.
أخرجه البخاري في الأدب، باب الوصاة بالجار رقم 6014، 6015، ومسلم في البر والصلة برقم 2624، 2625.
(1639) - قوله: «في دار الإقامة» :
زاد في الرواية: فإن جار البادية يتحول، أخرجه بألفاظ: الإمام أحمد في المسند [2/ 346] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 117، والنسائي في الاستعاذة [8/ 274] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 359] رقم 5473، وأبو يعلى في مسنده [11/ 411] رقم 6536، جميعهم من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2056، والحاكم في المستدرك [1/ 532] ، وسكت عنه الذهبي.
(1640) - قوله: «فلا يؤذي جاره» :
أخرجاه من حديث أبي هريرة، فرقه البخاري في غير موضع من طرق عنه، منها: في النكاح، باب الوصاة بالنساء، رقم 5185، ومسلم في الإيمان رقم 47.(4/395)
1641- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على اصطناع المعروف، وقال: كل معروف صدقة.
1642- وقال صلى الله عليه وسلم: رأس العقل بعد الإيمان: مداراة الناس، ولن يهلك رجل بعد مشورة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الاخرة.
(1641) - قوله: «كل معروف صدقة» :
أخرجه البخاري في الأدب، باب كل معروف صدقة، من حديث جابر بن عبد الله برقم 6021، وأخرجه مسلم في الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، من حديث حذيفة، رقم 1005.
(1642) - قوله: «رأس العقل بعد الإيمان» :
يأتي في باب ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال برقم 2096، ويأتي تخريجه هناك.(4/396)
[258- فصل: ولما جعل الله فيه من الرّقّة:]
258- فصل:
ولما جعل الله فيه من الرّقّة:
1643- قال صلى الله عليه وسلم: ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا.
1644- وقال صلى الله عليه وسلم: فلأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة.
(1643) - قوله: «ادفعوا الحدود» :
أخرجه ابن ماجه في الحدود من حديث المقبري، عن أبي هريرة، باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات رقم 2545، وابن عدي في الكامل [1/ 232- 233] ، بإسناد فيه إبراهيم بن الفضل المخزومي، ضعفه الجمهور، وقال ابن عدي بعد أن أورد له هذا الحديث وأحاديث أخرى: لم أر أوحش منها، وكل ذلك غير محفوظ، وعندي أنه لا يجوز الاحتجاج به، وهو مع ضعفه يكتب حديثه.
(1644) - قوله: «فلأن يخطئ» :
سقط هذا الحديث من «ب» و «م» ، وهو منفصل في المصادر عما قبله، أدخل المصنف اللفظين معا، وأول هذا: «ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم مخرجا فخلوا سبيله» .
أخرجه الترمذي في الحدود، باب ما جاء في درء الحدود رقم 1424، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 123] ، والحاكم في المستدرك [4/ 384] جميعهم من حديث عروة، عن عائشة، وزعم أنه صحيح الإسناد، وقد قال الترمذي: يزيد ابن زياد الدمشقي ضعيف.
قال: ورواه وكيع عن يزيد ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح.
قلت: رواية وكيع أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 569- 570] . -(4/397)
1645- وقال صلى الله عليه وسلم: أقيلوا ذوي الهيئة عثراتهم.
فأمرهم صلى الله عليه وسلم بالكرم بإقالة ذوي الهيئة، لما جبله الله عليه، وجعله أولى خلقه بهم.
1646- وقال صلى الله عليه وسلم: تجافوا عن عقوبة ذوي المروآت إلّا في حد من حدود الله.
- وأخرجه من حديث عمرة عن عائشة الإمام أحمد في مسنده [6/ 181] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 465، وأبو داود في الحدود، باب في الحد يشفع فيه، برقم 4375، والنسائي في الرجم من السنن الكبرى، باب التجاوز عن ذلة ذي الهيئة، الأرقام 7293، 7294، 7295، 7296، 7297، 7298، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 334] وغيرهم، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 94.
(1645) - قوله: «ذوي الهيئة» :
كذا في «ظ» ، وفي «ب» و «م» : ذوي المروآت، وقد وردت الرواية باللفظين.
(1646) - قوله: «تجافوا عن عقوبة ذوي المروآت» :
فسره في حديث ابن عمر بأنه: ذو الصلاح.
أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق برقم 62، والطحاوي في المشكل [3/ 130] ، بإسناد فيه محمد بن عبد العزيز الزهري، ضعفه الجمهور.
وأخرجه الطبراني في الصغير برقم 883 بإسناد فيه محمد بن كثير بن مروان، وهو ضعيف أيضا.
لكن يشهد لحديث ابن عمر ما أخرجه أبو داود في الحدود، باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان، برقم 4376، واللفظ له، والنسائي كذلك، باب ما يكون حرزا وما لا يكون، رقم 4885، 4886، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 383] من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، -(4/398)
1647- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شفع شفاعة حالت دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في ملكه، ومن أعان على خصومة لا يعلم أحق أم باطل فهو في سخط الله حتى ينزع، ومن مشى مع قوم يري أنه شاهد وليس بشاهد فهو شاهد زور.
- عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب.
(1647) - قوله: «فهو شاهد زور» :
زاد الطبراني في الأوسط [9/ 251] رقم 8547: ومن تحلّم كاذبا كلف أن يعقد بين طرفي شعيرة، وسباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، أخرجه من حديث أبي يحيى: رجاء صاحب السقط- وهو ضعيف- قال: سمعت يحيى بن أبي كثير يحدث أيوب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعا.
وأخرجه أيضا: العقيلي في ترجمته من الضعفاء [2/ 60] ، وقال: هذا الحديث يروى بأسانيد مختلفة صالحة من غير هذا الطريق. اهـ.
قلت: يشير إلى طرق حديث ابن عمر، وهو بنحو الوارد هنا، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 70] ، وأبو داود برقم 3597، من حديث يحيى بن راشد عنه مرفوعا: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره، ومن مات وعليه دين فليس الدينار والدرهم، ولكنها الحسنات والسيئات، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال.
وأخرجه أبو داود برقم 3598، وابن ماجه برقم 2320 مختصرا، والطبراني في الأوسط [3/ 436- 437] رقم 2942 بطوله من حديث مطر الوراق، عن نافع، عن ابن عمر. -(4/399)
1648- وقال صلى الله عليه وسلم: لا تطرقوا الطير في أوكارها، فإن الليل أمان لها.
وذلك لما جبله عليه الله من الرحمة.
1649- وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا، فوجد امرأة تبكي فقال:
ما يبكيك؟ قالت: فرّق بيني وبين ابني ببيع بأرض بني عبس، فدعا بصاحب السبي- وهو: أبو أسيد الساعدي- فقال: أفرقت بينها وبين ولدها؟ قال: ضعف عن المشي ولم تقو هي على حمله فبعته بأرض بني عبس، فقال صلى الله عليه وسلم: لتذهبن أنت بنفسك حتى تأتي به، فذهب أبو أسيد حتى جاء بابنها فرده عليها.
- وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 270] رقم 13084، والحاكم في المستدرك [4/ 383] ، من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن ابن عمر بمعنى طرفه الأول، وفيه عبد الله بن جعفر المديني، والد علي بن المديني وهو ضعيف.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 82] ، والخطيب في الموضح [1/ 154] ، من طريق عطاء بن أبي مسلم، عن نافع، عن ابن عمر.
رواه القاسم بن أبي بزة، عن عطاء، عن حمران، عن ابن عمر، أخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 253- 254] رقم 6487.
(1648) - قوله: «لا تطرقوا الطير في أوكارها» :
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [3/ 142] برقم 2896، بإسناد فيه عثمان بن عبد الرحمن القرشي وهو ضعيف.
(1649) - قوله: «سبايا» :
من البحرين، جاء بهم أبو أسيد الساعدي، أخرج الحديث الحاكم في المستدرك [3/ 516] من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه به، وقال:
صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأنه مرسل، -(4/400)
1650- وقال صلى الله عليه وسلم: من فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة.
1651- وكان صلى الله عليه وسلم يفزعه الريح إذا هاجت، فإذا قطرت السماء سرّي ذلك عنه وفرح صلى الله عليه وسلم.
- وهو كذلك لكن قال البيهقي عقب إخراجه: مرسل حسن، السنن الكبرى [9/ 126] .
قال أبو عاصم: هذا الحديث رواه أنس بن عياض فأرسله، وخالفه ابن أبي ذئب- وهو ثقة وزيادته مقبولة- فوصله، بيّن ذلك البيهقي في السنن الكبرى، وعلى هذا فهو مسند بإسناد حسن أيضا.
(1650) - قوله: «من فرق بين والدة وولدها» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 412، 413، 414] ، وأبو محمد الدارمي في المسند الجامع كتاب السير باب النهي عن التفريق بين الوالدة وولدها، رقم 2636- فتح المنان-، والترمذي في البيوع، باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين أو بين الوالدة وولدها في البيع، رقم 1283، وقال: حسن غريب، والدارقطني [3/ 67] ، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 217] رقم 4080، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 126] ، وصححه الحاكم في المستدرك على شرط مسلم [2/ 55] ، وسكت عنه الذهبي.
(1651) - قوله: «يفزعه الريح إذا هاجت» :
أخرج البخاري في بدء الخلق، باب وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ الاية، برقم 3206، ومسلم في الاستسقاء باب التعوذ عند رؤية الريح، رقم 899 (15) ، كلاهما من حديث عطاء ابن أبي رباح عن عائشة أنها قالت: كان النبي إذا عصفت الريح قال: اللهمّ إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها-(4/401)
1652- وهبت ريح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشفت عن ثوب رجل فسبها ذلك الرجل، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تسبها فإنها مأمورة.
- وشر ما أرسلت به، قالت: وإذا تخيلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سري عنه فعرفت ذلك في وجهه، قالت: فسألته فقال: لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا الاية، لفظ مسلم، ولفظ البخاري دون الدعاء في أوله.
(1652) - قوله: «فكشفت عن ثوب رجل» :
وقال أبو داود في روايته: أن رجلا نازعته الريح رداءه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلعنها.. الحديث، أخرجه في الأدب، باب في اللعن، رقم 4908، وأخرجه الترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في اللعنة رقم 1978- وقال: حسن غريب-، والطبراني في معجمه الكبير رقم 12757، وفي الدعاء له [3/ 1718] رقم 2050، والبيهقي في الشعب [4/ 315- 316] رقم 5235، وفي الاداب له برقم 460، جميعهم من حديث بشر بن عمر الزهراني- ثقة-: حدثنا أبان بن يزيد، ثنا قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 5745، لوح أبو داود بأن بشرا هو الذي أسنده، وقال الترمذي: لا نعلم أحدا أسنده غير بشر بن عمر، وقال البيهقي عقب إخراجه له في الشعب: كذا رواه بشر، ثم أخرجه من طريق أبي داود المرسل برقم 5236.
وأخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 123] ، والترمذي في الفتن، باب ما جاء في النهي عن سب الريح، رقم 2252، والنسائي في عمل اليوم والليلة، رقم 934، 936، وعبد بن حميد في المنتخب برقم 167، والطحاوي في المشكل [2/ 380] رقم 918، وابن أبي الدنيا في المطر-(4/402)
.........
- والرعد برقم 128، جميعهم من حديث ابن أبي ثابت، عن زر، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي رفعه: لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهمّ إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به، قال الترمذي:
حسن صحيح.
وقد اختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت: فروي عنه موقوفا أيضا، ومنهم من يذكره عنه عن زر بينه وبين سعيد، ومنهم من يسقطه، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 217] رقم 9268، ومن طريقه البخاري في الأدب المفرد برقم 719، وأخرجه عبد الله ابن الإمام في زوائده [5/ 123] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 937، والطحاوي في المشكل [1/ 398] .
وتابعه على وقفه سلمة بن كهيل عن سعيد بن عبد الرحمن، أخرجه البيهقي في الشعب [4/ 315] رقم 5234.
وهكذا رواه موقوفا شعبة عن زر، عن سعيد، أخرجه النسائي في اليوم والليلة 938، 939.(4/403)
[259- فصل: إعفاء اللحى، وقص الشوارب]
259- فصل: إعفاء اللحى، وقص الشوارب 1653- وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإعفاء اللحى، وقص الشوارب، وقال:
انهكوا الشوارب واعفوا اللحى.
1654- وكان صلى الله عليه وسلم إذا اهتم أكثر من مس لحيته.
(1653) - قوله: «انهكوا الشوارب» :
أخرجه البخاري في اللباس، باب إعفاء اللحى، من حديث نافع عن ابن عمر به، رقم 5893.
(1654) - قوله: «أكثر من مس لحيته» :
أخرجه البزار في مسنده [1/ 96 كشف الأستار] رقم 165 من طريق رشدين بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلّا بهذا الإسناد. اهـ. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 160] : الجمهور على تضعيف رشدين بن سعد. اهـ.
تابعه أبو حريز: سهل مولى المغيرة، عن الزهري، أخرجه ابن حبان في المجروحين [1/ 348] ، وأبو حريز قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.
وتابعه عن الزهري أيضا: الأوزاعي، أخرجه تمام في فوائده برقم 666، لكن في إسناده أبو زيد الحوطي: أحمد بن عبد الرحيم، قال ابن القطان:
لا يعرف حاله، وفيه أيضا: محمد بن مصعب القرقساني، قال: ابن معين: ليس بشيء.
وله طريقان آخران، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 71] ، من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن-(4/404)
1655- وقال صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة: خمس في الرأس، وخمس في الجسد، فأما الذي في الرأس: فقص الشوارب والمضمضة والاستنشاق والسواك والفرق.
وأما التي في البدن: فالختان وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار وانتقاص الماء، وبعض الأخبار: غسل البراجم.
1656- ومن السنة: الترجل، أن يرجل غبا.
- عبد الرحمن بن حاطب، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد وجده أكثر مس لحيته، حسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 378] .
خالفه ابن أبي يحيى- وهو متروك، لكنه توبع-، عن محمد بن عمرو، فقال عنه: عن أبيه، عن جده، عن عائشة، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 225] ، وتابعه علي بن مسهر، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6439.
(1655) - قوله: «عشر من الفطرة» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 137] ، ومسلم في الطهارة، باب خصال الفطرة، رقم 261 (56) ، وأبو داود في الطهارة، باب السواك من الفطرة، رقم 53، والترمذي في الاداب، باب ما جاء في التوقيت في تقليم الأظفار، رقم 2758، والنسائي في الزينة، باب من السنن: الفطرة، رقم 5040، وابن ماجه في الطهارة، باب الفطرة، رقم 239 جميعهم من حديث ابن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها به.
(1656) - قوله: «أن يرجل غبا» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 86] ، وأبو داود في الترجل برقم 4159، والترمذي في اللباس، باب ما جاء في النهي عن الترجل إلّا غبا، رقم 1756، وفي الشمائل برقم 34، والنسائي في الزينة، باب الترجل-(4/405)
1657- وكان صلى الله عليه وسلم ينظر في المرآة، ويرجّل جمته ويمتشط، وربما نظر في الماء يسوي فيه جمته.
1658- ومن السنة الكحل واستعماله، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عليكم بالإثمد.
- غبا، برقم 5055 جميعهم من حديث الحسن، عن ابن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الترجل إلّا غبا، صححه ابن حبان برقم 5484.
وأخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 111] ، وأبو داود برقم 28، والنسائي برقم 5058 معناه من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، صححه الحافظ في الفتح.
(1657) - قوله: «ويرجل جمته ويمتشط» :
أعاده المصنف، وقد تقدم الكلام عليه في باب مرآته ومكحلته، انظر الحديث رقم 1077 وما بعده.
(1658) - قوله: «عليكم بالإثمد» :
زاد في الرواية: فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر، وفي رواية: إنه من خير أكحالكم، أخرجه مختصرا ومطولا من حديث ابن عباس: الإمام أحمد في المسند [1/ 247، 274، 328، 355، 363] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 6201، والحميدي في مسنده برقم 520، والطيالسي كذلك برقم 2681، وأبو داود في اللباس، باب في البياض، برقم 4061، وفي الطب، باب في الأمر بالكحل، برقم 3878، والترمذي في الجنائز، باب ما يستحب من الأكفان، برقم 994- وقال: حسن صحيح- وفي الشمائل برقم 65، والنسائي في الزينة [8/ 149- 150] ، وابن ماجه في اللباس، باب البياض من الثياب، رقم 3566، وفي الجنائز، باب ما جاء فيما يستحب من الكفن، رقم 1472، والشافعي في مسنده [/ 364- 365] ، وأبو يعلى في مسنده [4/ 300] رقم 2410، وصححه ابن حبان- كما في الموارد برقم 1439، والحاكم في المستدرك [1/ 354] .(4/406)
1659- وكان صلى الله عليه وسلم يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا، وفي اليسرى ثنتين.
1660- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: من شاء اكتحل ثلاثا في كل عين، ومن فعل دون ذلك أو فوقه فلا حرج.
(1659) - قوله: «وفي اليسرى ثنتين» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [7/ 379] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 484] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 183] ، والبغوي في شرح السنة [12/ 119] رقم 3205، وفي الأنوار برقم 1095 بإسناد حسن من حديث عبد الحميد بن جعفر، عن عمران بن أبي أنس عن أنس به، وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 364] رقم 13353- وهو عند البزار أيضا كما أفاده الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 96]- من حديث ابن عمر بمعناه، قال الهيثمي: فيه عقبة بن علي وهو ضعيف.
(1660) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يقول: من شاء اكتحل ثلاثا» :
أظنه بالمعنى إذ لم أجده هكذا، روي من حديث أبي هريرة مرفوعا: من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج، بسطنا تخريجه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 707، ورقم 2233، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اكتحل ثلاثا في كل عين، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 354] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 484] ، وابن أبي شيبة في المصنف [7/ 380، 8/ 411] ، والطيالسي في مسنده برقم 349، والترمذي في جامعه برقم 1757، وفي الشمائل برقم 49، وابن ماجه في الطب برقم 3947، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 161] ، والبغوي في الأنوار برقم 1093، جميعهم من حديث عكرمة، عن ابن عباس، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 408] وقال:
عبّاد لم يتكلم فيه بحجة، فرد الذهبي بقوله: ولا هو حجة، وقال البيهقي: -(4/407)
1661- وربما اكتحل صلى الله عليه وسلم وهو صائم، وكان كحله الإثمد.
1662- ومن السنة استعمال الطيب، لما روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف بريح الطيب إذا أقبل.
- هذا أصح ما روي عن اكتحال النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عاصم: ولحديث أبي هريرة الذي أشرت إليه، ولاختلاف الأحاديث الواردة في صفة اكتحاله صلى الله عليه وسلم اختلف أهل العلم في الوتر كيف يحصل؟ هل هو بالنسبة إلى العينين كلتيهما فيكون في هذه ثلاث وفي هذه اثنتان، أو هو بالنسبة إلى كل عين فيكون في هذه ثلاث وفي الأخرى ثلاث، قولان لأهل العلم، فكان ابن سيرين يقول: إذا اكتحلت ثلاثا وثلاثا فهو شفع ولكن اجعل الميل بينهما، وكان الحسن وقتادة يقولان:
هو وتر، وللإمام أحمد قولان.
(1661) - قوله: «وربما اكتحل صلى الله عليه وسلم وهو صائم» :
أحاديث الباب في أسانيدها كلام، لذلك ضعف الاحتجاج بها، بيّن ذلك المصنف بقوله: وربما.
نعم، وإنما احتجوا في هذا بفعل الصحابة والأئمة الفقهاء.
أخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 484] ، والبيهقي في الكبرى [4/ 262] ، من حديث محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد وهو صائم، في إسناده حبان بن علي العنزي وهو ضعيف.
وأخرج ابن ماجه برقم 1678، والبيهقي في الكبرى [4/ 262] ، من حديث عائشة قالت: اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم، وفي إسناده سعيد بن عبد الجبار الزبيدي وهو ضعيف، وقيل: من مجاهيل شيوخ بقية، يأتي بما لا يتابعه عليه الثقات.
(1662) - قوله: «كان يعرف بريح الطيب» :
وفي اللفظ بعد الاتي: يعرف في الليلة المظلمة، وقد خرجناهما-(4/408)
1663- وفي رواية: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بموضع عرف من طيبه.
وهذا مختص بالرجال.
1664- لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة خرجت متعطرة لعنتها الملائكة حتى ترجع.
1665- وكان صلى الله عليه وسلم يعرف في الليلة المظلمة قبل أن يرى بطيب ريحه صلى الله عليه وسلم.
1666- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عزّ وجلّ جعل لذتي في النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة.
- في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 69، 70 فتح المنان.
(1664) - قوله: «أيما امرأة خرجت متعطرة» :
خرجناه في المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي من حديث أبي موسى الأشعري، مرفوعا وموقوفا بلفظ: أيما امرأة استعطرت ثم خرجت ليوجد ريحها فهي زانية، رقم 2811- فتح المنان.
(1666) - قوله: «وجعل قرة عيني في الصلاة» :
أخرجه ابن سعد في الطبقات [2/ 219- 220] ضمن قصة مرضه وخروجه يوم الاثنين للصلاة، وفيه: فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر فرأى الناس يصلون فقال: إن الله جعل قرة عيني في الصلاة.. الحديث ليس فيه الشطر الأول، وفي إسناده الواقدي، وفيه الكلام المشهور، لكن أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 128، 199، 285] ، والنسائي في العشرة [7/ 61] باب حب النساء، رقم 3939، وابن سعد في الطبقات [1/ 298] ، وأبو يعلى في مسنده [6/ 199- 200] رقم 3482، وأبو الشيخ في-(4/409)
.........
- أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 247] ، جميعهم من حديث ثابت، عن أنس مرفوعا:
حبب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 160] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص، وزعم ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ أنه ليس بمحفوظ قال: لأن الصلاة ليست من أمور الدنيا، وإنما هي من أهم شؤون الاخرة. اهـ.
قال أبو عاصم: ابن كثير أجل من أن يقصر فهمه عن معنى مثل هذا، فإن مراده صلى الله عليه وسلم أن يفهم السامع أن ما حبب إليه من أمور الدنيا ليس يلهيه عن أمور الاخرة وطلبها، فأشار إلى أن الصلاة- المتضمنة لمناجاته ربه- تسمو على ما حبب إليه من أمور الدنيا فهي تشغله عن ذلك، لا أن الصلاة مما حبب إليه من أمور الدنيا فتأمل، شاهد هذا ما أخرجه ابن سعد في الطبقات [1/ 398] من حديث يونس، عن الحسن مرسلا: ما أحببت من عيش الدنيا إلّا الطيب والنساء، وأخرج أيضا من حديث عائشة: كان يعجب نبي الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ثلاثة أشياء: الطيب والنساء والطعام، فأصاب اثنتين ولم يصب واحدة، أصاب النساء والطيب ولم يصب الطعام، إسناده على شرط الصحيح إلّا أن فيه رجلا لم يسم.
وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 398] ، والإمام أحمد في المسند [5/ 27] ، وأبو يعلى في مسنده- ولعله في الكبير، أورده البوصيري في إتحاف الخيرة [6/ 299] رقم 5943- والبزار في مسنده- فيما ذكره البوصيري أيضا في الإتحاف-، جميعهم من حديث معقل بن يسار قال: ما كان شيء أعجب إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم من الخيل، ثم قال: اللهمّ غفرا بل النساء، وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 398] من حديث سلمة بن كهيل قال: لم يصب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الدنيا أحب إليه من النساء والطيب.(4/410)
1667- وعن سفيان الثوري رضي الله عنه، عن محمد بن المنكدر رحمه الله، عمن حدثه به عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: حباني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالورد بكلتا يديه، فلما أن قربته من أنفي، قال: أما إنه من سيد رياحين الجنة بعد الاس.
1668- وكان صلى الله عليه وسلم يتطيب بالمسك حتى يرى وبيصه في مفارقه، ويتطيب بذكارة الطيب، بالمسك والعنبر، ويتطيب بالغالية.
(1667) - قوله: «حباني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالورد» :
أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده المسماة بالغيلانيات، من حديث يحيى ابن عبد الله بن الحسين، عن أبيه عن جده الحسين بن علي به، رقم 1130، وفي إسناده من لا يعرف.
(1668) - قوله: «حتى يرى وبيصه في مفارقه» :
أخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطيب ما أجد، وفي رواية: بأطيب الطيب، ولمسلم أيضا:
كنت أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله أيضا مفسرا ذلك الطيب: كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: «ويتطيب بذكارة الطيب» :
قال ابن سعد في الطبقات [1/ 399] : أخبرنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا أبو بشر، أنا عبد الله بن عطاء المكي، عن محمد بن علي قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمه أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطيب؟ قالت: نعم، بذكارة الطيب، قلت: وما ذكارة الطيب؟ قالت: المسك والعنبر.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 31، 36، 40] ومسلم في الألفاظ برقم 2252، والترمذي في الجنائز برقم 991، 992، والنسائي فيه أيضا برقم 1905، وابن سعد في الطبقات [1/ 399] من حديث أبي سعيد-(4/411)
1669- ومن السنة ألا يبيت إلّا طاهرا، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بات طاهرا بات في شعاره ملك، كلما تعار من الليل يقول الملك: اللهمّ اغفر لعبدك فإنه بات طاهرا.
1670- وألا ينام وفي يده غمر، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
من نام وفي يده ريح غمر فأصابه لمم فلا يلومن إلّا نفسه.
- الخدري في ذكر المسك وبعضهم يذكره بتمامه وفيه قصة المرأة من بني إسرائيل وفيه: أطيب الطيب المسك، وفي أخرى: إن من خير طيبكم المسك، وأخرجه مالك أيضا في الموطأ.
وأخرج أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 104] ، والبغوي في الأنوار برقم 1066 كلاهما من حديث يوسف بن أبي بردة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان أحب الطيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العود.
(1669) - قوله: «فإنه بات طاهرا» :
أخرجه ابن المبارك في الزهد له برقم 1244، والبزار في مسنده [1/ 151 كشف الأستار] رقم 288، من حديث الحسن بن ذكوان- أخرج له البخاري في الرقاق ضعف شيئا-، عن الأحول، عن عطاء، عن ابن عمر به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 1051، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 226] : أرجو أنه حسن الإسناد.
قلت: في الباب عن عمرو بن عبسة عند الإمام أحمد [4/ 113] ، والطبراني في الأوسط [2/ 303] رقم 1528 وإسناده حسن، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 223] .
(1670) - قوله: «فلا يلومن إلّا نفسه» :
حديث حسن، وهو في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، خرّجته تحت رقم 2196- فتح المنان- قال الحافظ البيهقي في السنن الكبرى [7/ 276] :
الحديث في غسل اليد بعد الطعام حسن، وأما قبله فضعيف.(4/412)
1671- وكان صلى الله عليه وسلم إذا راعه الشيء في منامه قال: هو الله لا شريك له.
1672- وكان صلى الله عليه وسلم كثير الرؤيا، ولا يرى في منامه إلّا الخير.
ومن السنة ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم عند الاستيقاظ من النوم، وهي دعوات مشهورة ذكرتها في باب الدعاء من كتاب الفتوة.
1673- وكان صلى الله عليه وسلم يستاك في ليلة ثلاث مرات، واحدة قبل نومه، وواحدة إذا قام من نومه إلى ورده، وواحدة قبل خروجه إلى الصبح.
(1671) - قوله: «هو الله لا شريك له» :
وفي رواية: هو الله لا أشرك به شيئا، وفي أخرى: الله الله ربي لا شريك له، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 657، ومن طريقه ابن السني كذلك في اليوم والليلة برقم 335، وأبو نعيم في الحلية [5/ 218] جميعهم من حديث خالد بن معدان، عن ثوبان، قال أبو نعيم: غريب من حديث خالد وثور، لم يروه عن الثوري إلّا سهل بن هاشم، وقال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 199- 200] : سألت أبي عنه فقال: إنما يروونه عن ثوبان، موقوف.
(1672) - قوله: «كثير الرؤيا» :
لا تصال ذلك بالوحي وأمر النبوة، ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي: الرؤيا الصادقة يراها في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح ... الحديث.
(1673) - قوله: «يستاك في ليلة ثلاث مرات» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 417] ، وابن أبي شيبة في المصنف [1/ 170] والطبراني في معجمه الكبير [4/ 213] ، جميعهم من حديث واصل بن السائب- وهو ضعيف-، عن أبي سورة، عن أبي أيوب-(4/413)
1674- وكان صلى الله عليه وسلم يستاك بالأراك.
1675- ومن السنة: صلاة الليل: اثنتا عشرة ركعة.
- الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستاك من الليل مرتين أو ثلاثا ...
الحديث، ولفظ ابن أبي شيبة: مرارا.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [1/ 169] من حديث جابر: أنه كان يستاك إذا أخذ مضجعه، وإذا قام من الليل، وإذا خرج إلى الصبح، قال أبو عتيق: فقلت له: قد شققت على نفسك بهذا السواك؟ فقال: إن أسامة أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستاك هذا السواك.
(1674) - قوله: «يستاك بالأراك» :
وكان يجنيه له ابن مسعود كما جاء في الحديث عنه عند الإمام أحمد [1/ 420] ، وأبي داود الطيالسي برقم 355، وأبي يعلى الموصلي في مسنده [9/ 209] ، وابن سعد في الطبقات [3/ 155] رقم 5310، والبزار في مسنده [3/ 249] رقم 2678، وأبي نعيم في الحلية [1/ 127] ، والطبراني في معجمه [9/ 75] برقم 8452، وصحح ابن حبان منها طريق عاصم، عن زر، عن ابن مسعود برقم 7069 الإحسان.
وأخرج خليفة في طبقاته [/ 60] ومن طريقه البخاري في الكنى من تاريخه [9/ 28] ، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2877] رقم 6765، والطبراني [22/ 368] رقم 923، والدولابي في الكنى [1/ 27] من حديث أبي خبرة الصنابحي قال: كنت في الوفد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم من عبد القيس، فزودنا الأراك نستاك به، وقال: استاكوا بهذا.
(1675) - قوله: «صلاة الليل: اثنتا عشرة ركعة» :
بدون ركعة الوتر، لما أخرجاه من حديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثلاث عشرة ركعة بالليل، وفي صحيح مسلم من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة.(4/414)
1676- وكان صلى الله عليه وسلم يكثر تلاوة القرآن في غير صلاته.
1677- وكان صلى الله عليه وسلم أرق عباد الله في كتاب الله، وأطولهم فيه بكاء إذا خلا به،....
(1676) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يكثر تلاوة القرآن» :
في معناه حديث ابن أبي أوفى: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر وقد تقدم.
وأخرج أبو داود في الطهارة، باب في الجنب يقرأ القرآن رقم 229، والترمذي فيه، باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا، رقم 146، والنسائي فيه، باب حجب الجنب من قراءة القرآن، رقم 265، وابن ماجه فيه أيضا، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، رقم 594، والإمام أحمد في المسند [1/ 84] ، جميعهم من حديث عبد الله بن سلمة، عن علي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء فيقرأ القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه- أو قال: يحجزه- عن القرآن شيء ليس الجنابة.
وأخرج ابن سعد في الطبقات [1/ 376] من حديث عمرة عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث.
وأخرج ابن جرير في تفسيره [29/ 188] من حديث ابن عباس في قوله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ
الاية، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يفتر من قراءة القرآن مخافة أن ينساه، ومن حديث قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن فيكثر مخافة أن ينسى، ومن حديث مجاهد قال: كان يستذكر القرآن مخافة النسيان.
(1677) - قوله: «وأطولهم فيه بكاء» :
شاهده حديث ابن مسعود في الصحيحين لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن عليه فلما بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ الاية، قال ابن مسعود: قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك، قال ابن مسعود: فإذا عيناه تذرفان.(4/415)
وأشدهم به ترسلا.
1678- وقام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه.
1679- وكان يسمع لجوفه صلى الله عليه وسلم إذا قام بالليل إلى الصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
1680- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ترسلوا بالقرآن وقفوا على محاسنه، قوله: «وأشدهم به ترسلا» :
أخرج مسلم من حديث حفصة رضي الله عنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته وهو جالس فيرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها، خرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 1502 من كتابنا فتح المنان، وأخرج البخاري في فضائل القرآن من صحيحه- وفي غير موضع أيضا- من حديث ابن مغفل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته يقرأ سورة الفتح- أو من سورة الفتح- قراءة لينة وهو يرجّع، وأخرج أيضا من حديث أنس وسئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يمد مدا، وأخرج أبو داود في الصلاة برقم 1466، والترمذي في فضائل القرآن برقم 2923، والنسائي في الصلاة برقم 1022، والإمام أحمد في مسنده [6/ 294] من حديث أم سلمة ونعتت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا، صححه الحاكم على شرط مسلم [1/ 310] ووافقه الذهبي.
(1678) - قوله: «وقام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه» :
تقدم والذي بعده في باب الموازاة، انظر التعليق على النص رقم 1530.
(1680) - قوله: «ترسلوا بالقرآن» :
لم أره هكذا، وأورده الغزالي تبعا لصاحب القوت بلفظ: اقرأوا القرآن..، وقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 456] ، وأبو يعلى في مسنده [11/ 436] رقم 6560، والبيهقي في الشعب برقم 2291، -(4/416)
ولا تنثروه نثر الدقل.
1681- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لم يأذن لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن.
1682- قال صلى الله عليه وسلم: شيبتني هود وأخواتها.
- 2292، 2293، والخطيب في تاريخه [8/ 77] جميعهم من حديث المقبري عبد الله- وهو ضعيف-، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا:
اعربوا القرآن واتبعوا غرائبه، وصححه الحاكم [2/ 439] وتعقبه الذهبي بقوله: بل أجمع على ضعفه.
قوله: «ولا تنثروه نثر الدقل» :
أخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 353] رقم 5946، 5947، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 501] ، والطبراني في معجمه الكبير [9/ 154] رقم 8701، 8705، والبيهقي في الشعب برقم 2170، والفريابي في فضائل القرآن برقم 147 وغيرهم بإسناد رجاله رجال الصحيح من حديث ابن مسعود قال: من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز، هذّا كهذّ الشعر، ونثرا كنثر الدقل- موقوف-.
(1681) - قوله: «إن الله لم يأذن لشيء كإذنه لنبي» :
أخرجه الشيخان، انظر كتابنا: فتح المنان شرح مسند أبي محمد الدارمي، الأرقام 1609، 1612، 3762، 3763، 3769.
(1682) - قوله: «شيبتني هود وأخواتها» :
في الباب عن جماعة من الصحابة، نشير إلى رواية بعضهم إيجازا.
فأخرج البيهقي في الشعب [1/ 482] رقم 776 من حديث أبي الأحوص سلام بن سليم- وقد اختلف عليه فيه-، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال أبو بكر الصديق: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: ما شيبك؟ قال:
سورة هود، والواقعة، وعم يتساءلون، والمرسلات، وإذا الشمس كورت، صححه الحاكم في المستدرك [2/ 476] على شرط البخاري ووافقه الذهبي. -(4/417)
1683- ويقول: فابكوا في القرآن، فإن لم تبكوا فتباكوا.
- وتابعه شيبان، عن أبي إسحاق، أخرجه الترمذي في التفسير من جامعه برقم 3297، وابن سعد في الطبقات [1/ 435] ، والمروزي في مسند أبي بكر برقم 30، وأبو نعيم في الحلية [4/ 350] ، والبيهقي في الدلائل [1/ 357] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 372] ، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 341] .
* ورواه أبو الأحوص مرة فأسقط ابن عباس وجعل صورته صورة المنقطع، أخرجه كذلك ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 553- 554] ، وأبو يعلى في مسنده [1/ 102، 103] رقم 107، 108، والمروزي في مسند أبي بكر برقم 31، وابن سعد في الطبقات [1/ 436] .
وكذلك رواه أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 46، والترمذي عقب الأول.
ورواه علي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، أخرجه الترمذي في الشمائل برقم 41، وأبو يعلى في مسنده [2/ 184] رقم 880، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 123] رقم 318، وأبو نعيم في الحلية [4/ 350] .
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 286] رقم 790 من حديث عقبة بن عامر، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 37] : رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه الخطيب في تاريخه [3/ 145] من حديث عمران بن حصين بإسناد حسن.
وأخرجه البيهقي في الدلائل [1/ 358] من حديث أبي سعيد الخدري.
(1683) - قوله: «فإن لم تبكوا فتباكوا» :
أخرج ابن ماجه في إقامة الصلاة برقم 1337، وفي الزهد برقم 4196، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 231] وأبو يعلى في مسنده [2/ 49- 50] برقم 689، واللفظ له من حديث عبد الرحمن بن السائب، عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا-(4/418)
1684- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ ارزقني عينين هطالتين، تذرفان الدموع، تشفيان من مخافتك.
1685- وفي رواية أخرى: اللهمّ ارزقني عينين هطالتين تبكيان بذروف الدموع من خشيتك، ويشفيان من مخافتك، قبل أن تكون الدموع دما، والأضراس جمرا.
- قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، وفي إسناده إسماعيل بن رافع ضعف، لكن جود إسناده الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [1/ 284] .
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [13/ 156] رقم 15977، وابن ماجه في الزهد برقم 4324، وأبو يعلى في مسنده [7/ 161- 162] رقم 4134، جميعهم من حديث يزيد الرقاشي- وهو ضعيف- عن أنس مرفوعا: أوله عند أبي يعلى: يا أيها الناس ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا ... وأوله عند ابن أبي شيبة: يلقى البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنفد الدموع، ثم يبكون الدم ... الحديث.
وأخرج الإمام أحمد في الزهد برقم 1101، وابن أبي شيبة [13/ 156] رقم 15978، من حديث أبي موسى الأشعري أنه خطب الناس بالبصرة، فقال:
يا أيها الناس ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار ليبكون الدموع حتى تنقطع، ثم يبكون الدماء ... الحديث، موقوف بإسناد صحيح، ومثله لا يقال من قبيل الرأي.
(1685) - قوله: «والأضراس جمرا» :
أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 47، والحسين المروزي في زياداته على زهد ابن المبارك برقم 480، وأبو نعيم في الحلية [2/ 196] ، وابن عساكر في تاريخه [11/ 120، 121] جميعهم من حديث الوليد بن مسلم، ثنا ثابت أبو سلمة الدوسي، عن سالم بن عبد الله- وليس بابن عمر إنما هو سالم بن عبد الله المحاربي- به مرسلا. -(4/419)
1686- وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسمع ما أسمع؟
أطت السماء وحق لها أن تئط، والذي نفسي بيده ما منها موضع أربع أصابع إلّا وملك ساجد لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء، ولما تقارفتم على الفرش، ولصعدتم إلى الصعدات تجأرون: ربنا، ربنا.
قال أبو ذر: ليتني كنت شجرة تعضد.
- قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: رواه الطبراني في الكبير وفي الدعاء، وأبو نعيم في الحلية، من حديث ابن عمر بإسناد حسن.
قال: ورواه الحسين المروزي في زياداته على الزهد والرقائق لابن المبارك من رواية سالم بن عبد الله مرسلا دون ذكر أبيه، قال: وذكر الدارقطني في العلل أن من قال فيه عن أبيه وهم، وإنما هو عن سالم بن عبد الله مرسلا، قال: وسالم هذا يشبه أن يكون سالم بن عبد الله المحاربي وليس بابن عمر. اهـ. وما ذكر من أنه سالم المحاربي هو الذي يدل عليه كلام البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم، عن أبيه، ومسلم في الكنى، وأبي أحمد الحاكم، فإن الراوي عن سالم: ثابت بن سرج أبو سلمة، وإنما ذكروا له روايته عن سالم المحاربي والله أعلم، نعم حكى ابن عساكر في تاريخه الخلاف في أن الذي يروي عنه سالم المحاربي أو سالم بن عمر. لكن ممن جزم أنه سالم المحاربي لا ابن عمر: أبو زرعة، كما بخط الحافظ ابن حجر. اهـ. إتحاف السادة المتقين، وانظر الطرق التي أوردها ابن عساكر في تاريخه لهذا الحديث [11/ 120- 123] .
(1686) - قوله: «وعن أبي ذر» :
أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [5/ 173] ، والترمذي في الزهد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم، رقم 2312، وابن ماجه في الزهد، باب الحزن والبكاء، رقم 4190، والطحاوي في المشكل [2/ 44] ، -(4/420)
1687- وكان إذا أتاه المؤذن فاذنه بصلاة الصبح خرج وهو يقول:
اللهمّ اجعل في قلبي نورا، واجعل في لساني نورا، واجعل في بصري نورا، واجعل في سمعي نورا، واجعل أمامي نورا، واجعل خلفي نورا، واجعل عن يميني نورا، واجعل عن شمالي نورا، واجعل فوقي نورا، واجعل تحتي نورا، اللهمّ تمم لي النور.
1688- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ اجعلني من أفضل عبادك نصيبا في كل خير قسمته في هذا اليوم: من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو سوء تدفعه أو بلاء ترفعه أو ضر تكشفه.
ثم يستاك قبل أن يخرج إلى صلاة الصبح.
- وأبو نعيم في الحلية [2/ 238] ، وفي الدلائل برقم 360، والبيهقي في الشعب [1/ 484] رقم 783، 784، والبزار في مسنده [9/ 357] البحر الزخار] رقم 3924، 3925، وأبو الشيخ في العظمة برقم 509، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 510، 4/ 544، 579] ، وقال الذهبي في الموضع الأخير: على شرطهما، وقال البوصيري: صحيح، رجاله ثقات.
(1687) - قوله: «خرج وهو يقول» :
أخرجاه في الصحيحين، فرقه البخاري في غير موضع من صحيحه، وانظر كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه من الليل، رقم 6316، وهو عند مسلم في الصلاة، برقم 763.
(1688) - قوله: «أو ضر تكشفه» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 78] رقم 6594، وأبو نعيم في الحلية [1/ 304] ، كلاهما من حديث حصين، عن عبد الله بن سبرة، عن ابن عمر أنه كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى- موقوف-.(4/421)
1689- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على عتبة بابه ثم يقول: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلّا بالله.
1690- وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتعل بدأ باليمنى، وإذا خلع بدأ باليسرى.
1691- وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا لبس أحدكم نعليه فليلبس اليمنى ثم لينزع اليسرى قبل اليمنى.
1692- وكره صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل في نعل واحدة.
(1689) - قوله: «لا حول ولا قوة إلّا بالله» :
أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 1197، وابن ماجه في الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته، رقم 3885، وابن السني في اليوم والليلة برقم 177، والطبراني في الدعاء [2/ 984] رقم 406، وصححه الحاكم على شرط مسلم [1/ 519] ، ووافقه الذهبي مع أن في إسناده عبد الله ابن حسين بن عطاء؛ ضعف من غير واحد، قال الحافظ ابن حجر: في تصحيحه نظر لتفرد عبد الله بن حسين عن سهيل، وقد ضعفه أبو زرعة، قال: لكن اعتضد حديثه بشواهد فلذلك قلت: إنه حسن. اهـ.
(1690) - قوله: «إذا انتعل بدأ باليمنى» :
أخرجاه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره وترجله وتنعله.
(1691) - قوله: «إذا لبس أحدكم نعليه» :
هو في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا انتزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع، لفظ البخاري.
(1692) - قوله: «في نعل واحدة» :
أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعا: لا يمشي أحدكم في نعل واحدة، ليحفيهما أو لينعلهما جميعا.(4/422)
1693- وكان صلى الله عليه وسلم يذكر الله ويقول: إن الله يعجب من عبده إذا ذكره في السوق.
1694- وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل السوق قال: اللهمّ إني أسألك من خيره وخير ما فيه، وأعوذ بك من شره وشر ما فيه، اللهمّ إني أعوذ بك من يمين فاجرة ومن صفقة خاسرة.
1695- وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال أعرض عنه وقال: هلال رشد وخير، آمنت بالذي خلقك، الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وكذا وجاء بشهر كذا وكذا، اللهمّ أهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، (1693) - قوله: «يعجب من عبده» :
رواه ابن عبد البر في التمهيد بإسناده إلى أبي داود في المسائل قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، عن أحمد بن نصر أنه سأل سفيان بن عيينة قال: حديث عبد الله: إن الله عزّ وجلّ يجعل السماء على أصبع، وحديث: إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن، وحديث: إن الله يعجب- أو:
يضحك- ممن يذكره في الأسواق ... الحديث، وعزاه أيضا لأبي داود في المسائل: ابن كثير في البداية والنهاية [10/ 307] .
(1694) - قوله: «ومن صفقة خاسرة» :
أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 6] رقم 1157، وابن السني في اليوم والليلة برقم 181، والحاكم في المستدرك [1/ 539] وسكت عنه، وفيه محمد بن أبان الجعفي- وهو ضعيف- عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه به.
(1695) - قوله: «إذا رأى الهلال أعرض عنه وقال» :
في الباب عن جماعة من الصحابة بأسانيد تكلم فيها، ليس يسلم منها إلّا المرسل الذي سأذكره، حتى قال أبو داود في سننه: ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديث مسند صحيح. -(4/423)
الحمد لله الذي بدأك ثم يعيدك، آمنت بالذي خلقك وصوّرك وعدلك، ربي وربك الله، ثلاث مرات يرددها.
1696- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أحب أن يخرج يوم الخميس ويكون غدوا.
1697- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا صلى، ثم يقول: ما استخلف أحد على أهله خليفة إذا سافر مثل ركعتين يصليهما في أهله.
- فأما المرسل: فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [4/ 169] رقم 7353، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 400] رقم 9798، وأبو داود في الأدب برقم 5092، 5093، والبغوي في شرح السنة [5/ 129] رقم 1336 جميعهم من حديث قتادة به- مرسل-.
وأخرجه الحافظ عبد الرزاق برقم 7351، وابن أبي شيبة برقم 9794 من حديث ابن المسيب ببعضه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم 9793، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [5/ 329] من حديث عبادة بن الصامت وفي إسناده مبهم لم يسم، وأسنده الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 212] رقم 313، وابن السني في اليوم والليلة برقم 643 من حديث أنس بإسناد فيه أحمد بن عيسى، قال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: له مناكير، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 139] : وبقية رجاله ثقات. اهـ. ولعل هذا أمثل ما في الباب من المسند، والله أعلم.
(1696) - قوله: «أن يخرج يوم الخميس» :
أخرجه البخاري من حديث كعب بن مالك، وهو في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي وخرجناه تحت رقم 2593- فتح المنان.
(1697) - قوله: «ما استخلف أحد على أهله» :
أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 858، ومن طريقه الزبيدي في الإتحاف [6/ 403] ، وأخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور في ترجمة نصر بن-(4/424)
1698- وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل على أهله يقول: اللهمّ إني أسألك خير المدخل وخير المخرج، بسم الله خرجنا وبسم الله دخلنا، وعلى الله توكلنا، ثم ليسلم عليهم بعد ذلك.
1699- وكان صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلا أخذ بيده ثم يقول: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتم عملك.
- بابا، جميعهم من حديث سعيد بن مرتاش- لا يعرف-: عن إسماعيل بن محمد، عن أنس بن مالك: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت سفرا، وقد كتبت وصيتي، فإلى أي الثلاثة أدفعها: إلى أبي، أم إلى أخي، أم إلى ابني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب إلى الله عزّ وجلّ من أربع ركعات يصليهن العبد في بيته إذا شد عليه ثياب سفره، يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ثم يقول: اللهمّ إني افتقرت بهن إليك فاخلفني بهن في أهلي ومالي، فهن خليفة في أهله وما له ودور حول دوره حتى يرجع.
(1698) - قوله: «ثم ليسلم عليهم» :
أخرجه أبو داود في الأدب من سننه، باب ما يقول إذا خرج من بيته، رقم 5096، من حديث شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري به.
قال النووي: لم يضعفه أبو داود.
وتعقبه الحافظ ابن حجر في النتائج [1/ 172] بأنه تكلم في راويه محمد بن إسماعيل بن عياش في أسئلة الاجري فقال: ليس بذاك، وقال أبو حاتم:
لم يسمع من أبيه، ثم قال: لعله كانت له من أبيه إجازة فأطلق فيها الحديث. اهـ. ورواه الطبراني في معجمه الكبير برقم 3452، وفي مسند الشاميين برقم 1674.
(1699) - قوله: «وخواتم عملك» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 7، 38، 136] ، وأبو داود في-(4/425)
1700- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: زودك الله التقوى، وغفر ذنبك، ووجهك للخير حيث ما توجهت.
1701- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أحدث الله له نعمة- صغرت أو كبرت- قال: الحمد لله رب العالمين كثيرا الذي بنعمته تتم الصالحات.
- الجهاد، باب الدعاء عند الوداع، رقم 2600، والترمذي في الدعوات، باب ما يقول إذا ودع إنسانا، رقم 2442، 2443، والنسائي في اليوم والليلة الأرقام من 509- 523، والبخاري في تاريخه الكبير [8/ 260] ، وأبو يعلى في مسنده [9/ 472] ، والبيهقي في السنن- الكبرى [5/ 251] جميعهم من طرق عن ابن عمر، وصحح ابن حبان منها طريق الهيثم بن حميد، عن مطعم بن مقدام، عن مجاهد، عن ابن عمر كما في الموارد برقم 2376، والحاكم في المستدرك [1/ 442، 2/ 97] .
(1700) - قوله: «زودك الله التقوى» :
خرجناه في مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 2836- فتح المنان-.
(1701) - قوله: «الذي بنعمته تتم الصالحات» :
في الباب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وأبي هريرة، وعلي بن أبي طالب، وحبيب بن أبي ثابت مرسلا.
فأما حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فأخرجه ابن ماجه في الأدب من سننه، باب فضل الحامدين، رقم 3803.
قال الحافظ البوصيري في الزوائد [4/ 131] : إسناده صحيح، ورجاله ثقات.
وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك [1/ 499] وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي، ومن طريق الحاكم: البيهقي في الاداب برقم 1039، وفي الشعب برقم 4375.
وأخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 344] رقم 6659، وفي الدعاء [3/ 1595] رقم 1769، وابن السني في اليوم والليلة برقم 378، وجوّد إسناده النووي في الأذكار. -(4/426)
فإما أن يركع ركعتين، وإما أن يخر ساجدا شكرا لله، وإذا كان سوى ذلك مما يخالفه قال: الحمد لله على كل حال.
- وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه أبو نعيم في الحلية [3/ 157] بإسناد فيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو ضعيف، وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر عن أبي هريرة برقم 3804 بإسناد فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو أيضا ضعيف.
وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 68] من حديث محمد بن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه- كلاهما مستور- عن عمه عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وأما حديث حبيب بن أبي ثابت المرسل، فأخرجه الطبراني في الدعاء [3/ 1596] رقم 1770، والبيهقي في الأسماء والصفات [1/ 154] ، والخرائطي في فضيلة الشكر برقم 32.
قوله: «وإما أن يخر ساجدا شكرا لله» :
أخرج أبو داود في الجهاد، باب في سجود الشكر، رقم 2774، والترمذي في السير، باب ما جاء في سجدة الشكر، رقم 1578، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر، رقم 1394، والدارقطني [4/ 148] ، وابن أبي الدنيا في الشكر برقم 132، والخرائطي كذلك برقم 62، والخطيب في تاريخه [2/ 124] جميعهم من حديث أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا لله.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 45] ولفظه: أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه على حجر عائشة رضي الله عنها فقام فخر ساجدا، ثم أنشأ يسأل البشير فأخبره فيما أخبره أنه ولي أمرهم امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الان، هلكت الرجال إذا أطاعت النساء، -(4/427)
1702- وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه ما يحب قال: الحمد لله رب العالمين، وإذا جاء ما يكرهه قال: الحمد لله على كل حال.
1703- ومر صلى الله عليه وسلم بمبتلى- أحسبه مجذوما- فسجد شكرا لله على الذي عافاه مما ابتلاه به، فلما رفع رأسه قال: أما كان هذا يسأل الله العافية.
- هلكت الرجال إذا أطاعت النساء، ثلاثا، صححه الحاكم في المستدرك [4/ 291] ، وقال الذهبي: صحيح.
وأخرج ابن ماجه بسند ضعيف، برقم 1391، من حديث ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم بشر برأس أبي جهل ركعتين.
(1702) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه ما يحب» :
من ألفاظ الذي قبله.
(1703) - قوله: «أحسبه مجذوما» :
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 483] ، والدارقطني [1/ 410] ، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 371] ، والحاكم في المستدرك تعليقا [1/ 276] من حديث جابر الجعفي، عن محمد بن علي قال:
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا نغاشيا يقال له: زنيم، قصير، فخر النبي صلى الله عليه وسلم ساجدّا ثم قال: «أسأل الله العافية» هذا مرسل، وجابر ليس ممن يحتج به.
وله شاهد من حديث حفص بن غياث، عن مسعر، عن محمد بن عبيد الله، عن عرفجة أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا به زمانة فسجد، أخرجه البيهقي في إثر الذي قبله، وهذا قد رواه وكيع، عن مسعر، عن أبي عون عن يحيى الجزار به إلّا أنه قال: فسجد وأبو بكر وعمر، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 483] ويحيى الجزار تابعي، أخرج له الجماعة سوى البخاري وهو من غلاة الشيعة الموثقين. -(4/428)
1704- وكان صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا جديدا سمّاه باسمه، إن كان قميصا أو رداء أو إزارا أو عمامة، يقول: اللهمّ أنت كسوتني فلك الحمد، اللهمّ إني أسألك خير ما صنع له، وأعوذ بك من شر ما صنع له.
1705- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: بسم الله، الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في الناس.
- وأخرج الخرائطي في الشكر برقم 63 من حديث يوسف بن محمد بن المنكدر- ضعيف- عن أبيه، عن جده- كذا ولعل الصواب: عن جابر كما في الدر-: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى صاحب بلاء خر ساجدا.
(1704) - قوله: «من شر ما صنع له» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 30/ 50] ، وأبو داود في اللباس، برقم 4020، 4021، 4022، والترمذي كذلك، باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا برقم 1767، وفي الشمائل برقم 59، وابن سعد في الطبقات [1/ 460] ، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 309، 310، والبغوي في شرح السنة [12/ 40] رقم 3111، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 108] ، وأبو يعلى في مسنده [7/ 392] رقم 1079، والحاكم في المستدرك [4/ 192] جميعهم من حديث أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 1442.
(1705) - قوله: «الحمد لله الذي كساني» :
في الباب عن معاذ بن أنس، وفيه شطران: الأول فيما يقال بعد الطعام، والثاني فيما يقال بعد لبس الثوب، فمنهم من يورده بطوله ومنهم من يفرقه على الأبواب، وقد خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 2855، وفيه أيضا عن أبي أمامة، عن عمر بن الخطاب يأتي في الذي بعده.(4/429)
[260- فصل: ومن السّنّة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه:]
260- فصل: ومن السّنّة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه:
قال أبو سعد: ومن السّنّة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه:
1706- فكان صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا جديدا حمد الله، ثم يدعو مسكينا فيعطيه أخلاق ثيابه.
1707- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يكسو مسلما من سمل ثيابه لا يكسوه إلّا لله إلّا كان في ضمان الله وحرزه وخيره ما واراه حيا وميتا.
1708- وقال صلى الله عليه وسلم: وما من مسلم يكسو مسلما إلّا كان في حفظ الله ما دامت عليه من رقعة.
(1707) - قوله: «ما من مسلم يكسو مسلما» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 44] ، والترمذي في الدعوات، برقم 3560، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 265] ومن طريقه ابن ماجه في اللباس برقم 3557، وعبد بن حميد في المنتخب برقم 18، والحاكم في المستدرك [4/ 193] وقال: آثرت إخراجه لتفرد إمام خراسان عبد الله بن المبارك ليرغب المسلمون في استعماله، ولم يحتج الشيخان بإسناده. اهـ.
والبيهقي في الشعب [5/ 182] رقم 6286، 6287، وابن أبي الدنيا في كتاب الشكر له برقم 74.
وفي الباب عن ابن عباس، يأتي في التعليق التالي.
(1708) - قوله: «وما من مسلم يكسو مسلما» :
أخرجه الترمذي في صفة القيامة برقم 2484، والبخاري في تاريخه الكبير [3/ 9] ، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 97] رقم 12591، 12592، والبيهقي في الشعب [5/ 182] رقم 6288، وأبو الشيخ في الثواب، -(4/430)
1709- وجاءه صلى الله عليه وسلم ناس، قدموا عليه عراة يستكسونه فدخل فما وجد شيئا إلّا سترا لفاطمة رضي الله عنها قد لفته على بعض المتاع، فقال لها: يا فاطمة، هل لك أن تشتري نفسك بهذا الستر من النار؟
قالت: نعم، فأخذه فقطعه بينهم ذراعين في ذراعين فوارى سوآتهم وأعطى فاطمة رضي الله عنها أعظم الثمن وأجز له.
- وابن النجار فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [7/ 130] جميعهم من حديث حصين بن مالك، عن ابن عباس به مرفوعا، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 196] ، وتعقبه الحافظ الذهبي في التلخيص بأن خالد بن طهمان ضعيف.
(1709) - قوله: «فما وجد شيئا إلّا سترا لفاطمة» :
اختصر لفظه ومعناه، وأصله في صحيح البخاري، كتاب الهبة، باب هدية ما يكره لبسها، رقم 2612، أوردت لفظه في آداب الطعام والشراب برقم 1752، وأورد هنا لفظ ابن حبان جمعا بين الألفاظ، أخرجه من حديث إبراهيم بن القعيس، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج في غزاة كان آخر عهده بفاطمة، وإذا قدم من غزاة كان أول عهده بفاطمة رضوان الله عليها، فإنه خرج لغزوة تبوك ومعه علي رضوان الله عليه، فقامت فاطمة فبسطت في بيتها بساطا، وعلقت على بابها سترا، وصبغت مقنعتها بزعفران، فلما قدم أبوها صلى الله عليه وسلم ورأى ما أحدثت رجع فجلس في المسجد، فأرسلت إلى بلال فقالت: يا بلال اذهب إلى أبي فسله ما يرده عن بابي، فأتاه فسأله فقال صلى الله عليه وسلم: إني رأيتها أحدثت ثم شيئا، فأخبرها، فهتكت الستر، ورفعت البساط، وألقت ما عليها، ولبست أطمارها فأتاه بلال فأخبره، فأتاها فاعتنقها وقال: هكذا كوني فداك أبي وأمي.
وفي رواية البخاري أنها أرسلت علي بن أبي طالب، فلما أخبرها بما قال، قالت: ليأمرني فيه بما شاء، قال: ترسلي به إلى فلان- أهل بيت فيهم حاجة-. -(4/431)
1710- وقالت امرأة لابنها: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل: إن أمي تقرأ عليك السلام وتقول: أعطني ثوبا أقطعه درعا، فأتى الغلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أمي تقرأ عليك السلام وتقول: أعطني ثوبا أقطعه درعا، فقال: ليس عندنا حتى يجيئنا، فقال: إنها تقول: أعطني رداءك حتى أقطعه درعا، فقال صلى الله عليه وسلم: أنظرني حتى أدخل الحجرة، فلما توارى بالباب ألقى إليه رداءه فذهب به الغلام إلى أمه.
- وأخرج أبو داود في الخراج والأمارة، باب في الإمام يقبل هدايا المشركين، رقم 3055، والبيهقي في الدلائل [1/ 348] ، والطبراني في معجمه الكبير، رقم 1119، وابن حبان في صحيحه برقم 6351 في حديث بلال الطويل من رواية عبد الله الهوزني قال: لقيت بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا بلال أخبرني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان له من شيء، وكنت أنا الذي ألي ذلك منذ بعثه الله حتى توفي، فكان إذا أتاه الإنسان المسلم عاريا يأمرني فأنطلق فأستقرض فأشتري البردة أو التمرة فأكسوه وأطعمه ... الحديث الطويل.
(1710) - قوله: «أعطني ثوبا أقطعه درعا» :
في الباب عن ابن مسعود وجابر بن عبد الله والمنهال بن عمرو مرسلا.
أما حديث ابن مسعود، فأخرجه الواحدي في أسباب النزول [/ 217] ، وابن جرير في تفسيره- كما في الدر المنثور [5/ 276]- من حديث قيس بن الربيع- وهو ضعيف- عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: جاء غلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي تسألك كذا وكذا، فقال: ما عندنا اليوم شيء، قال: فتقول لك اكسني قميصك، قال:
فخلع قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت حاسرا، فأنزل الله عزّ وجلّ:
وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ الاية، علقه ابن دحية في الايات البينات [/ 205] . -(4/432)
.........
- وأما حديث جابر بن عبد الله، فعلقه الواحدي عقب حديث ابن مسعود، والزمخشري في الكشاف [2/ 447] ، وابن دحية في الايات البينات [/ 205] ، وهذا لفظ الواحدي: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فيما بين أصحابه أتاه صبي فقال: يا رسول الله إن أمي تستكسيك درعا- ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا قميصه- فقال: من ساعة إلى ساعة يظهر، فعد وقتا آخر، فعاد إلى أمه فقالت: قل له إن أمي تستكسيك القميص الذي عليك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم داره ونزع قميصه وأعطاه، وقعد عريانا، فأذن بلال للصلاة فانتظروه فلم يخرج، فشغل قلوب الصحابة، فدخل عليه بعضهم فرآه عريانا فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الاية.
قال الحافظ في تخريج أحاديث الكشاف: لم أجده.
وأما حديث المنهال بن عمرو، فأخرجه ابن أبي حاتم معلقا في تفسيره [7/ 2327] رقم 13256، قال: بعثت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابنها فقالت:
قل له اكسني ثوبا، فقال: ما عندي شيء، فقالت: ارجع إليه فقل له:
اكسني قميصك، فرجع إليه فنزع قميصه فأعطاه إياه، فنزلت: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ الاية.
قلت: له شاهد في الصحيح، فأخرج البخاري في الأدب من صحيحه، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل من حديث أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه فأكسنيها، فقال: نعم، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه، فقالوا:
ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجا إليها ثم سألته إياها وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلّي أكفن فيها.(4/433)
1711- وقالت عائشة رضي الله عنها: سأل سائل على بابي فقلت للجارية: أطعميه، فجاءت تريني ما تطعمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عليك.
1712- وقال صلى الله عليه وسلم: إنه ما طلعت الشمس يوما قط ولا غابت إلّا وعن يمينها وعن شمالها ملكان، فإذا طلعت نادى أحدهما: يا صاحب الشر أقصر ويا صاحب الخير أبشر، وإذا غابت قال أحد الملكين: اللهمّ أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا.
(1711) - قوله: «تريني ما تطعمه» :
زاد النسائي في روايته: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلّا بعلمك؟ قلت: نعم، قال: مهلا يا عائشة.. فذكره، أخرجه في الزكاة، باب الإحصاء في الصدقة من حديث أبي أمامة بن سهل، عنها، به، رقم 2549.
قوله: «فيحصي الله عليك» :
زاد العسكري في الأمثال له: فقالت عائشة: والله ما أردت ذلك، فقال: إن أكثركن في النار، قالت: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: لأنكن إذا شبعتن حجلتن، وإذا جعتن دقعتن، ولأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير وتغلبن ذا الرأي والدين على رأيه ناقصات الرأي والدين [الكنز برقم 46029] .
(1712) - قوله: «إنه ما طلعت الشمس يوما قط» :
أخرجه هكذا البيهقي في الشعب [3/ 386] رقم 3840 من حديث الزهري، عن عثمان بن محمد بن المغيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم طلعت شمسه ... الحديث معضل، قال البيهقي: هذا منقطع.
قلت: أخرجه جماعة بإسناد صحيح فذكروا بدل: يا صاحب الشر..
ويا صاحب الخير: هلموا إلى ربكم إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، والباقي سواء، وهذا يأتي تخريجه إن شاء الله في باب الأمثال.(4/434)
[261- فصل: ومن آداب المساجد]
261- فصل:
ومن آداب المساجد 1713- ولا يستحب أن يأخذ مكانا في المسجد يرجع إليه لوقت الصلاة للنهي الوارد فيه.
1714- ومن السنة لداخل المسجد أن لا يجلس حتى يصلي ركعتين، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسليك الغطفاني لما جلس: أركعت؟ قال: لا، قال: قم فصل.
وهذه مسألة فيها خلاف، إذا كان الإمام يخطب.
فأما إذا دخل المسجد الحرام:
(1713) - قوله: «للنهي الوارد فيه» :
فيه حديث عبد الرحمن بن شبل الأنصاري قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن افتراش السبع، ونقرة الغراب، وأن يوطن الرجل المكان كما يوطن البعير، وهو حديث صحيح خرجناه في فتح المنان تحت رقم 1439.
(1714) - قوله: «قال لسليك الغطفاني» :
أخرج حديثه الإمام البخاري في صحيحه، لكنه أبهمه، فقال في الجمعة، باب إذا رأى الإمام رجلا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين، من طريق عمرو بن دينار عن جابر قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال: أصليت ... الحديث، وكذلك أبهمه مسلم في رواية عمرو هذه، لكنه أخرجها من وجه آخر عن أبي سفيان وأبي الزبير كلاهما عن جابر قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ... الحديث، قال الحافظ في الفتح: تحرر من طرق هذا الحديث أن القصة لسليك.(4/435)
1715- فالسنة فيه أن يبدأ أولا بالطواف، ثم بالصلاة.
1716- ولا يجوز أن يتخذ المسجد طريقا لأنه- صلى الله عليه وسلم- قال:
لا تتخذوا المساجد طرقا.
1717- ومن السنة أن يبدأ برجله اليمنى إذا دخل، وبرجله اليسرى إذا خرج.
(1715) - قوله: «أن يبدأ أولا بالطواف» :
يعني لما أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: إن أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة أن توضأ ثم طاف ... الحديث، وبه يقول الشافعية، وهو المشهور عن الإمام أحمد، قالوا: لأن تحية البيت هي الطواف، فأما تحية المسجد فتحصل بركعتي الطواف إذا ركعهما عند المقام.
(1716) - قوله: «لا تتخذوا المساجد طرقا» :
أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 314] برقم 13219، وفي الأوسط [1/ 49] رقم 31 من حديث سالم، عن ابن عمر مرفوعا، قال في مجمع الزوائد [2/ 24] : ورجاله موثقون.
وأخرج ابن ماجه في المساجد، باب ما يكره في المساجد برقم 748 من حديث نافع عن ابن عمر مرفوعا: خصال لا تنبغي في المسجد: لا يتخذ طريقا.. الحديث، وفيه زيد بن جبيرة ممن يعتبر به لضعفه.
(1717) - قوله: «وبرجله اليسرى إذا خرج» :
أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 218] من حديث أنس: من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي في التلخيص.(4/436)
1718- وإن جلس في المسجد يجلس متوجها نحو القبلة، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: لكل شيء زينة، وزينة المجلس استقبال القبلة.
1719- ولا يرفع صوته في المسجد، ولا ينشد ضالته، لما قال عليه الصلاة والسلام لناشد: لا وجدت لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له.
1720- ولا يشهر السلاح؛ للنهي الوارد فيه.
1721- ولا يدع المجنون والصبيان يدخلوا المسجد؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: جنبوا المساجد الصبيان والمجانين.
(1718) - قوله: «لكل شيء زينة» :
يأتي في آداب المجلس برقم: 1904.
(1719) - قوله: «لا وجدت لا وجدت» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 360، 361] ، وعبد الرزاق في المصنف برقم 1721، ومن طريقه مسلم في المساجد، باب النهي عن إنشاد الضالة في المسجد، رقم 569، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 419] ، ومن طريقه مسلم، والنسائي في اليوم والليلة برقم 174، 175، وابن ماجه في المساجد، باب النهي عن إنشاد الضوال في المسجد برقم 765.
(1720) - قوله: «للنهي الوارد فيه» :
أخرج الشيخان من حديث سفيان قال: قلت لعمرو: أسمعت جابرا يقول:
مر رجل في المسجد ومعه سهام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك بنصالها؟
قال: نعم، وأخرجا من حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مر بشيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل فليأخذ على نصالها بكفه لا يعقر مسلما.
(1721) - قوله: «جنبوا المساجد الصبيان والمجانين» :
فيه اختلاف شديد على مكحول، فروي عنه عن معاذ، وعنه عن واثلة، -(4/437)
1722- ولا يبع ولا يشتر في المسجد، لما روي أنه لا يبارك فيه، على أن البيع يقع صحيحا.
1723- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ليليني منكم في الصلاة ذو الألباب ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.
- وعنه عن أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة جميعا، وعنه مرسلا، وروي عن أبي هريرة.
أما حديث معاذ، فأخرجه ابن ماجه في المساجد، باب ما يكره في المساجد، رقم 750، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 57] رقم 136، وفيه الحارث بن نبهان وهو ضعيف.
وأما حديث مكحول عن الثلاثة جميعا، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 156] رقم 7601، والعقيلي في الضعفاء [3/ 348] من حديث العلاء بن كثير- وبه أعلّ الحديث- عن مكحول.
وأما حديث مكحول المرسل، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [1/ 442] رقم 1727.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق [1/ 442] رقم 1727، وابن عدي في الكامل [4/ 1454] من حديث عبد الله بن محرر، قال ابن عدي: رواياته غير محفوظة.
تنبيه: الأحاديث المخرجة في بعض ألفاظها طول اختصرت المقام بعدم إيرادها.
(1722) - قوله: «لما روي أنه لا يبارك فيه» :
يعني لما في حديث أبي هريرة مرفوعا: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك ... الحديث.
خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع تحت رقم 1519.
(1723) - قوله: «ذو الألباب» :
في رواية: ذو الأحلام، وفي أخرى: أولو الأحلام، أخرجه مسلم في-(4/438)
1724- وأنه صلى الله عليه وسلم مرّ بزقاق من أزقة الأنصار، فأقيمت الصلاة في مسجدهم فدخل فصلى بهم، فلما سلم رأى النخامة في القبلة، فقال: أين إمامكم؟ قال: ها أنا ذا يا رسول الله، فقال: أما تفتقد مسجدك؟ أما ترى هذه النخامة في القبلة؟ قد عزلتك عن إمامتك، ثم قام فحكها، فلما كان بعدها ما شاء الله مر بذلك الزقاق فسمع الإقامة في مسجدهم، فدخل فصلى بهم فنظر إلى ذلك المكان عليه خلوق فقال: ما هذا؟ فقالوا: بابائنا وأمهاتنا لما خرجت أنت جاءت امرأة إمامنا فقالت: لم عزل رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجي عن إمامته؟ فأخبرناها، فذهبت فجاءت بماء فغسلت ذلك المكان ثم خلّقته، فقال صلى الله عليه وسلم: أين زوجها؟ قال: ها أنا ذا يا رسول الله، فقال: قد رددتك على إمامتك لما صنعت امرأتك.
- الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، رقم 432، والإمام أحمد في المسند [4/ 122] ، وأبو داود في الصلاة، باب من يستحب أن يلي الإمام، رقم 674، والنسائي في الإمامة، باب من يلي الإمام ثم الذي يليه، رقم 807، وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب من يستحب أن يلي الإمام، رقم 976.
وانظر تخريجه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن، تحت رقم 1380، وفي الباب عن ابن مسعود خرجناه تحت رقم 1381.
(1724) - قوله: «قد عزلتك عن إمامتك» :
أوردها السمهودي في الوفا [1/ 661] ، وعزاها للمجد، وما وقفت على إسنادها، لكن أخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 56] ، وأبو داود في الصلاة باب كراهية البزاق في المسجد، من حديث السائب بن خلاد أن رجلا أمّ قوما فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: لا يصلّ لكم، فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه، وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم، وحسبت أنه قال: إنك آذيت الله، زاد بعضهم:
ورسوله، صححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 1636.(4/439)
[262- فصل: في آداب الطّعام والشّراب]
262- فصل:
في آداب الطّعام والشّراب 1725- ومن السنة غسل اليد قبل الطعام وبعده، لما قال صلى الله عليه وسلم:
غسل اليد قبل الطعام يذهب الفقر،......
(1725) - قوله: «قبل الطعام وبعده» :
ويعبر عن غسل اليد في الحديث بالوضوء.
أخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 3441] ، وأبو داود في الأطعمة، باب في غسل اليد قبل الطعام، رقم 3761، والترمذي في الأطعمة، باب الوضوء قبل الطعام وبعده رقم 1847، جميعهم من حديث زاذان، عن سلمان مرفوعا: بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده، وفيه قيس بن الربيع قال المنذري: صدوق وفيه كلام لسوء حفظه، لا يخرج الإسناد عن حد الحسن. اهـ.
وأخرجه الحاكم في المستدرك مقرا بضعف قيس [4/ 106- 107] ، وقال الذهبي: وفيه أيضا إرسال. اهـ.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 275- 276] ، وقال: قيس بن الربيع غير قوي، ولم يثبت في غسل اليد قبل الطعام حديث.
وأخرج ابن ماجه في الأطعمة، باب الوضوء عند الطعام، رقم 3260، وابن أبي حاتم في العلل [2/ 11] رقم 1505، وابن عدي في الكامل [6/ 2084] من حديث كثير بن سليم، عن أنس: من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غذاؤه وإذا رفع.
قال أبو زرعة: هذا حديث منكر، وامتنع من قراءته.
وقال ابن عدي: عامة ما يروى عن كثير بن سليم عن أنس غير محفوظة.(4/440)
وبعد الطعام يذهب اللمم.
1726- وقال صلى الله عليه وسلم: غسل اليدين قبل الطعام يذهب الفقر، وبعده يذهب الدرن.
1727- ومن أدب الأكل أن يسمي الله، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك، وادن من الطعام.
1728- وقال صلى الله عليه وسلم: أكرموا الطعام.
قوله: «وبعد الطعام يذهب اللمم» :
زاد القضاعي: ويصح البصر، أخرجه في مسند الشهاب برقم 310 من حديث موسى بن جعفر عن أبيه عن جده متصلا مرفوعا وفي إسناده من لا يعرف، لكن قال الزبيدي في الإتحاف [5/ 212] ، والغماري في فتح الوهاب: له شواهد يتقوى بها- يعني بالمخرج قبله، وبالذي سيأتي بعده-، ثم ذكروا حديث نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس عند الطبراني في الأوسط [8/ 81] رقم 7162: الوضوء قبل الطعام وبعده مما ينفي الفقر، وهو من سنن المرسلين، ونهشل يكاد يترك، بل قال بعضهم أنه متروك، والضحاك لم يسمع من ابن عباس.
(1727) - قوله: «وادن من الطعام» :
أول الحديث في الصحيحين من رواية عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم دون هذه الزيادة، وهي مذكورة في بعض طرقه عند الإمام أحمد [4/ 27] وغيره.
(1728) - قوله: «أكرموا الطعام» :
اختصر لفظه ومعناه، فأخرج ابن ماجه في الأطعمة، باب النهي عن إلقاء الطعام برقم 3353، وابن عدي في الكامل [3/ 912] من حديث عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل فرأى كسرة ملقاة فقال: يا عائشة أكرمي-(4/441)
1729- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل على الأرض، ويقول: آكل كما يأكل العبد.
1730- وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما قال: اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا، وارزقنا خيرا منه، إلّا أنه كان إذا أكل لحما أو لبنا قال: وزدنا من فضلك، إنا إليك راغبون، ويغسل يده.
- جوار نعم الله فإنها قلما انكشفت عن أهل بيت فكادت تعود فيهم، لفظ ابن عدي، وقال ابن ماجه: أكرمي كريما، وقال غيرهما: يا عائشة أحسني جوار نعم الله، وجميع طرقه ضعيفة.
وأخرج البخاري في تاريخه [8/ 12] ، وابن أبي حاتم في التفسير [5/ 1528] من حديث موسى الطايفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكرموا الخبز فإن الله أنزله من بركات السماء، وأخرجه من بركات الأرض، أخرجه البزار في مسنده [3/ 334 كشف الأستار] رقم 2877، والخطيب في تاريخه [12/ 322] من وجه آخر من حديث عبد الله ابن أم حرام الأنصاري.
(1729) - قوله: «آكل كما يأكل العبد» :
تقدم تخريجه في أول هذا الباب برقم: 1570.
(1730) - قوله: «وارزقنا خيرا منه» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 225] ، وأبو داود في الأشربة، باب ما يقول إذا شرب اللبن برقم 3730، والترمذي في الدعوات، باب ما يقول إذا أكل طعاما، رقم 3451، والنسائي ببعضه في اليوم والليلة، رقم 286، وابن ماجه في الأطعمة، باب اللبن رقم 3322، جميعهم من حديث ابن عباس مرفوعا: من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهمّ بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل: اللهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا أعلم ما يجزي من الطعام والشراب إلّا اللبن.(4/442)
1731- وكان صلى الله عليه وسلم يقول في رجل رآه سمينا قال: ما تأكل؟ قال:
ليس بأرضي حبّ، وإنما آكل اللحم واللبن، فقال صلى الله عليه وسلم: جمعت بين اللحمين.
(1731) - قوله: «جمعت بين اللحمين» :
أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق- 1/ 20] ، وقد روى الترمذي في الأطعمة، باب ما جاء في إكثار ماء المرقة برقم 1833، والحاكم في المستدرك [4/ 130] وصححه، وابن عدي في الكامل [6/ 2179] ، والبيهقي في الشعب [5/ 95] رقم 5920، جميعهم من حديث محمد بن فضاء- وهو ضعيف-، عن أبيه، عن علقمة بن عبد الله المزني، عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اشترى أحدكم لحما فليكثر مرقته، فإن لم يجد لحما أصاب مرقه، وهو أحد اللحمين.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمي التمر واللبن الأطيبين، قال الإمام أحمد في مسنده [3/ 474] : حدثنا وكيع، ثنا ابن أبي خالد- وهو إسماعيل-، عن أبيه قال: دخلت على رجل وهو يتمجع لبنا بتمر، فقال: ادن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماهما الأطيبين.
قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: رجاله ثقات، وإبهام الصحابي لا يضر. اهـ.
قلت: تابعه عيسى، عن إسماعيل، أخرجه مسدد في مسنده- كما في إتحاف الخيرة للبوصيري [5/ 323] رقم 4885-.
وسماه يزيد بن هارون في روايته عن إسماعيل، فقال عنه، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذانك الأطيبان: التمر واللبن، أخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2728] .
ورواه زمعة بن صالح، عن محمد بن أبي سليمان، عن بعض أصحاب جابر، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل الخربز بالرطب، ويقول: -(4/443)
1732- وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده ما أمكنه.
1733- لما قال صلى الله عليه وسلم: طعام الواحد يكفي الاثنين.
1734- وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من أكل وحده، وضرب عبده، ومنع رفده.
- هما الأطيبان، أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 1762، ومن طريقه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 234] ، قال البوصيري في الاتحاف [5/ 323] : هذا إسناد ضعيف لجهالة التابعي أهـ.
قلت: وزمعة ممن يخرج له في الشواهد والمتابعات.
(1732) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده» :
أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث أنس برقم 320، وفي إسناده سعد بن سعيد، ضعفه غير واحد.
(1733) - قوله: «طعام الواحد يكفي الاثنين» :
أخرج مسلم في هذا الباب حديث جابر: طعام الواحد يكفي الاثنين، وأشار إليه البخاري فترجم له في الأطعمة، وأورد فيه حديث أبي هريرة:
طعام الاثنين كافي الثلاثة.. الحديث، قال ابن المنذر: يؤخذ من حديث أبي هريرة استحباب الاجتماع على الطعام، وألا يأكل المرء وحده، قاله في الفتح.
(1734) - قوله: «ألا أنبئكم بشراركم» :
اختصر المصنف لفظه، وأخرجه بطوله ابن عساكر في تاريخه [51/ 133] من حديث محمد بن عون- وهو متروك-، عن يحيى بن معين، عن يحيى بن أبي كثير، عن زائدة بن قدامة، عن أبيه، عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: ألا أنبئك بأشر الناس؟ قال: بلى يا رسول، قال: من أكل وحده، ومنع رفده، وسافر وحده، وضرب عبده، ثم قال: -(4/444)
1735- ومن السنة أن يتتبع ما يسقط من المائدة، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: من تتبع ما يسقط من المائدة فأكله نفي عنه الفقر وعن عياله وعن أهل بيته.
- يا علي ألا أنبئك بأشر من هذا؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: من يخشى شره، ولا يرجى خيره، ثم قال: يا علي ألا أنبئك بأشر من هذا؟ قال:
بلى يا رسول الله، قال: من باع آخرته بدنيا غيره، ثم قال: يا علي، ألا أنبئك بأشر من هذا؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: من أكل الدنيا بالدين.
قال ابن عساكر عقبه: كذا في الأصل، والصواب: بشر، في المواضع كلها، قال: وإسناد هذا الحديث مضطرب، فإن قدامة الثقفي لم يدرك معاذا وإنما يروي عن عبد الله بن أبي مليكة وطبقته، ويحيى الذي يروي عنه يحيى بن معين ويروي عن زائدة هو ابن أبي بكير الكرماني، فأما ابن أبي كثير فهو أقدم منه. اهـ.
قلت: وأخرجه ابن عساكر [55/ 132، 133] بإسناد آخر من حديث ابن عباس بطوله، وفي إسناده أيضا نظر.
(1735) - قوله: «نفي عنه الفقر» :
في الباب عن أبي أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، والحجاج بن علاط السلمي.
أما حديث أبي أيوب، فأورده المصنف بعد هذا.
وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 355] ، ومن طريقه الخطيب في المؤتلف والمختلف- كما في الإتحاف [5/ 224]- ومن طريق الخطيب ابن عساكر في تاريخه [33/ 318- 319] ، وأخرجه ابن عساكر [33/ 318] ، جميعهم من حديث أحمد بن مؤنس- من ولد شداد بن أوس- قال: سمعت هدبة بن خالد يقول: حضرت غداء أمير المؤمنين المأمون فلما رفعت المائدة جعلت ألتقط ما في الأرض، فنظر إليّ المأمون-(4/445)
.........
- فقال: أيها الشيخ أما شبعت؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، إنما شبعت في فنائك وكنفك، ولكن حدثني حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أكل مما تحت مائدته أمن من الفقر.. القصة، قال الحافظ في أطراف المختارة: مسنده من هدبة على شرط مسلم، والمتن منكر فينظر فيمن هو دون هدبة.
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الخطيب في تاريخه [4/ 91] ، وابن عساكر كذلك [69/ 170] ، وأبو الحسن بن معروف في فضائل بني هاشم، وابن النجار في تاريخه- كما في الإتحاف [5/ 224] من حديث زينب بنت سليمان الهاشمية قالت: حدثني أبي عن جدي عن عبد الله بن عباس قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أكل مما يسقط من الخوان نفي عنه الفقر وصرف عن ولده الحمق.
وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه أبو الشيخ في الثواب، قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: ولفظه: من أكل مما يسقط من المائدة أمن من الفقر والبرص والجذام، وصرف عن ولده الحمق، ولفظه قريب من لفظ حديث أبي أيوب الذي أورده المؤلف بعد هذا.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [51/ 249] من حديث إسحاق بن نجيح- كذبه غير واحد- عن عطاء بن ميسرة، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعا: من أكل ما يسقط من المائدة عاش في سعة، وعوفي من المحن في ولده، وفي جاره، وجار جاره ودويرات جاره.
وأما حديث الحجاج بن علاط السلمي، فأخرجه البارودي- كما في الإتحاف [5/ 224] ، ولفظه: من أكل ما يسقط من المائدة لم يزل في سعة من الرزق، ووقي الحمق في ولده وولد وولده.(4/446)
1736- ورأى صلى الله عليه وسلم أبا أيوب الأنصاري يلتقط نثارة المائدة فقال له:
بورك عليك، وبورك فيك، فقال له أبو أيوب: يا رسول الله وغيري؟
قال: نعم، من أكل ما أكلت فله ما قلت لك، وقال: من فعل هذا وقاه الله الجنون والجذام والبرص والفالج وذات الجنب والماء الأصفر والحمى والحمق.
1737- ورأى صلى الله عليه وسلم لقمة على الأرض فقال: يا عائشة أحسني جوار نعم الله، فإنها قلّ ما زالت عن قوم فعادت إليهم.
1738- ومنها إطعام الطعام، لما قال عليه الصلاة والسلام:
أطعموا الطعام.
1739- وأضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا كافرا وما عنده إلّا ست شياه، فأمر فحلبت له شاة شاة حتى شرب الضيف لبنها كلها، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي، فلما أصبح أسلم الضيف فكساه ثوبا وأمر أن تحلب له الست أيضا، فحلبت له شاة فروى منها ففضل الخمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكافر يشرب في سبعة أمعاء،.....
(1736) - قوله: «ورأى أبا أيوب الأنصاري» :
أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ق- 1/ 6/ 19- 20] ، ولم أقف عليه مسندا، وانظر ما قبله.
(1737) - قوله: «يا عائشة أحسني جوار نعم الله» :
تقدم قريبا تحت رقم 1728
(1738) - قوله: «أطعموا الطعام» :
حديث عبد الله بن سلام تقدم.(4/447)
والمؤمن يشرب في معى واحد.
1740- وقال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يطعم مسلما على جوع إلّا أطعمه الله من ثمار الجنة، ولا يسقي على ظمأ إلّا سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، وما من مسلم كسا مسلما إلّا كساه الله من خضر الجنة.
قوله: «والمؤمن يشرب في معى واحد» :
أخرجه مالك في الموطأ برقم 1673، ومن طريق مالك أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 375] ، ومسلم في الأشربة، باب المؤمن يأكل في معى واحد، رقم 2063، والترمذي في الأطعمة، باب ما جاء أن المؤمن يأكل في معى واحد، رقم 1819، والنسائي في الوليمة، من السنن الكبرى- كما في التحفة [9/ 416] رقم 12739، والبيهقي في الاداب برقم 695، وفي الدلائل [6/ 116- 117] ، وابن حبان في صحيحه- الإحسان- برقم 162، 5235، والطحاوي في المشكل [2/ 408] ، والبغوي في شرح السنة برقم 2880.
نعم، وقد قيل: إن الرجل هذا هو: جهجاه الغفاري ممن شهد بيعة الرضوان، حديثه عند البزار في مسنده [3/ 339 كشف الأستار] رقم 2891، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 307] رقم 2152، والطحاوي في مشكل الاثار [5/ 256] رقم 2021.
وأخرج بعضهم حديثه مقتصرا منه على الشاهد، منهم: ابن أبي شيبة [8/ 133- 134] رقم 4602، وأبو يعلى في مسنده [2/ 218] ، وفي إسنادهم موسى بن عبيدة الربذي- وهو ضعيف-.
(1740) - قوله: «ما من مسلم يطعم مسلما» :
أخرجه ابن عساكر في تاريخه [51/ 37] من طريق أبي نعيم: حدثنا محمد بن معمر، ثنا أبو بكر محمد بن أحمد المؤدب، ثنا هشام بن عمار، -(4/448)
1741- وقال صلى الله عليه وسلم: من لذّذ أخاه المسلم ما يشتهي كتب الله له ألف حسنة، ومحى عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة، وأطعمه الله من ثلاث جنان: من جنة الفردوس، وجنة عدن، ومن جنة الخلد.
- ثنا بقية، ثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كسا وليّا لله ثوبا كساه الله من خضر الجنة، ومن أطعمه على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقاه على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة.
إسناده جيد، هشام بن عمار علق له البخاري وهو صدوق في الحديث وليس بالمتن فيه، وبقية صرح بالتحديث وشيخه فيه ابن جريج أحد الأئمة غير أنه لم يصرح بالسماع وهو مذكور في المدلسين.
وفي الباب عن أبي سعيد من رواية أبي هارون العبدي عنه بشطره الأول:
من أطعم مسلما جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة، أخرجه أبو نعيم في الحلية [8/ 134] ، وفي أخبار أصبهان [2/ 268] .
قال أبو نعيم: غريب من حديث الفضيل وأبي هارون، تفرد به خالد بن يزيد. اهـ.
تنبيه: كذا جاء الحديث في الحلية، وأورده الزبيدي في الإتحاف بتمامه [4/ 174] ، وبنحو حديث ابن عباس، وعزاه لأبي نعيم في الحلية وأبي الشيخ في الثواب.
(1741) - قوله: «من لذّذ أخاه المسلم» :
قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء: ذكره ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 172] من رواية محمد بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر، وقال الإمام أحمد: هذا باطل كذب.(4/449)
1742- وقال صلى الله عليه وسلم: من أطعم مريضا شهوته أطعمه الله من ثمار الجنة.
1743- ومنها: ترك النفخ في الطعام والشراب وأكل الحار.
(1742) - قوله: «من أطعم مريضا شهوته» :
أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 295] من حديث عمرو بن خالد- وهو متروك- عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان به، رقم 6107.
(1743) - قوله: «ومنها ترك النفخ في الطعام والشراب» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [1/ 309، 357، 357- 358] قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن إسرائيل، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في الطعام والشراب، إسناده على شرط الصحيح، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 32] من حديث ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري مثله، مرسلا، وزاد:
ولم أر أحدا أشد في ذلك من عمر بن عبد العزيز.
قال الحليمي في الشعب [3/ 68] معلقا: وهذا لأن البخار الذي يرتفع من المعدة أو ينزل من الرأس- وكذلك رائحة الجوف- قد يكون بات كريها- كذا في شعب الحليمي، وفي شعب البيهقي نقلا عنه: قد يكونا كريهين- فإما أن يعلقا بالماء فيضرا، وإما أن يفسدا السؤر على غير الشارب لأنه قد يتقذر إذا علم به فلا يشرب، وذكر كليب الجرمي أنه شهد عليّا رضي الله عنه نهى القصابين عن النفخ في اللحم، قال: وهو نظير النفخ في الطعام والشراب الذي جاء النهي عنه، لأن النكهة ربما كانت كريهة، فكرهت اللحم وغيرت ريحه، وقد عرف ذلك بالتجارب.
قلت: وأحاديث النهي عن التنفس في إناء الشرب خاصة مخرجة في الصحيحين وغيرهما من كتب السنن والمسانيد.(4/450)
1744- وقال صلى الله عليه وسلم: الحار والقار منزوعا البركة.
(1744) - قوله: «منزوعا البركة» :
علقه أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق- 1/ 20] ، وأخرج أبو نعيم في الحلية [8/ 252] من حديث يوسف بن أسباط، عن العرزمي- وهو:
عبد الملك بن أبي سليمان- عن صفوان بن سليم، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الكي والطعام الحار، ويقول: عليكم بالبارد فإنه ذو بركة، ألا وإن الحار لا بركة فيه، يوسف بن أسباط اختلف في الاحتجاج به، ومن فوقه على شرط مسلم، خالفه محمد بن عبيد الله العرزمي، رواه عن أبيه، عن عطاء، عن جابر، أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 118] ، وسكت عنه هو والذهبي.
وأخرج الطبراني في الأوسط [7/ 117] رقم 6205 من حديث هشام بن عمار قال: حدثنا عبد الله بن يزيد البكري، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا: أبردوا الطعام فإن الطعام الحار غير ذي بركة.
قال عقبه: لم يروه عن ابن أبي ذئب إلّا عبد الله بن يزيد، تفرد به هشام، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 20] : عبيد الله بن يزيد البكري ضعفه أبو حاتم، وبقية رجاله ثقات.
قلت: خولف في سنده ومتنه فقال محمد بن نصر: عن هشام بن عمار، حدثنا عبد الله بن يزيد البكري، عن يعقوب بن عبد الله، عن بلال بن أبي هريرة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بصحفة تفور، فأشرع يده فيها ثم رفع يده فقال: إن الله لم يطعمنا نارا، أخرجه الطبراني في الأوسط [8/ 9] رقم 7008، وقال: لا يروى عن بلال، عن أبي هريرة إلّا بهذا الإسناد، تفرد به هشام بن عمار.
قلت: ووقع في الصغير [2/ 58] من طريق محمد بن نصر، عن هشام بن عمار، عن محمد بن يعقوب بن محمد بن طحلاء حدثنا بلال، والباقي-(4/451)
ومنها: إجابة الدعوة.
1745- قال صلى الله عليه وسلم: إذا دعي أحدكم فليجب.
1746- ثم لا يدخلنّ حتى يؤذن له،....
- سواء إلّا أنه قال: فرفع يده منها فقال: اللهمّ لا تطعمنا نارا، إن الله لم يطعمنا نارا.
وأخرج البيهقي في الشعب [5/ 93- 94] من حديث عبد الواحد بن معاوية بن حديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الطعام الحار حتى يبرد- مرسل-.
وأخرج البيهقي في السنن الكبرى [7/ 280] ، وفي الاداب برقم 583 بإسناد صحيح عن أبي هريرة قوله: لا يؤكل الطعام حتى يذهب بخاره.
وخرجنا في مسند أبي محمد الدارمي حديث أسماء بنت أبي بكر أنها كانت إذا أتيت بثريد أمرت به فغطي حتى يذهب فوره ودخانه وتقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هو أعظم للبركة، رقم 2180- فتح المنان-.
(1746) - قوله: «ثم لا يدخلن حتى يؤذن له» :
أخرج البخاري في الاستئذان، باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن، من حديث عمر بن ذر، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح فقال: يا أبا هر الحق أهل الصفة فادعهم إليّ، قال: فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا، وعلق في الباب حديث قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة مرفوعا: إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول فهو إذنه، ووصله في الأدب المفرد برقم 1075، وأخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند [2/ 533] ، وأبو داود في الأدب، باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه؟ برقم 5190، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 340] ، ورواه ابن سيرين أيضا عن أبي هريرة، ولفظه: رسول الرجل إلى الرجل إذنه، إسناده على شرط مسلم، أخرجه أبو داود برقم 5189، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1076، والبيهقي في السنن-(4/452)
فإن كان صائما دعا بالبركة، وليخفف ولا يقعد.
1747- قال صلى الله عليه وسلم ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله.
1748- ودعاه صلى الله عليه وسلم قوم من أهل المدينة إلى طعام صنعوه له ولأصحاب له خمسة فأجاب دعوتهم، فلما كان....
- الكبرى [8/ 240] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 5811-.
قوله: «فإن كان صائما دعا بالبركة» :
لحديث أبي هريرة- عند مسلم برقم 1431- مرفوعا: إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم، وأخرج ابن حبان في صحيحه برقم 5290- الإحسان- من حديث عمر بن محمد العمري أن نافعا حدثه أن ابن عمر حدثه كان إذا دعي ذهب إلى الداعي، فإن كان صائما دعا له بالبركة ثم انصرف، وإن كان مفطرا جلس فأكل، وفي رواية أبي داود رقم 3730 من حديث أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فليدع، دلت هذه الرواية على أن رواية ابن حبان مرفوعة.
(1747) - قوله: «ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:
ومن ترك الدعوة.
(1748) - قوله: «ودعاه صلى الله عليه وسلم قوم» :
الذي دعاه هو أبو شعيب الأنصاري، والقصة فرقها البخاري في صحيحه، أخرجها في البيوع، باب ما قيل في اللحام والجزار، رقم 2081، وفي المظالم، باب إذا أذن إنسان لاخر شيئا جاز، رقم 2456، وفي الأطعمة، باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه، رقم 5434، وفيه أيضا، باب الرجل يدعى إلى طعام فيقول: وهذا معي، رقم 5461. -(4/453)
في بعض الطريق أدركهم سادس، فقال: إن القوم لم يدعوك فاجلس حتى تذكر لهم مكانك ونستأذنهم لك.
1749- ويكره إجابة من يشهد وليمة يحضر فيها الأغنياء دون الفقراء.
1750- لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشهد وليمة يحضر فيها الأغنياء دون الفقراء.
1751- ولما روي أنه صلى الله عليه وسلم دعي إلى وليمة ختان فأبى أن يجيب.
- ورواها مسلم في الأطعمة، باب ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه، رقم 2036.
(1750) - قوله: «نهى أن يشهد وليمة يحضر فيها الأغنياء» :
مروي ضمن الأول، وهو أول لفظه، وتمام سياقه: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله.
(1751) - قوله: «فأبى أن يجيب» :
أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة 6- ق 1/ 66] ، لم يذكر صحابيه أو راويه، ولا وقفت عليه مسندا، لكن أخرج الإمام أحمد في المسند [4/ 217] ، والطحاوي في المشكل [4/ 149] من حديث عبيد الله بن طلحة بن كريز، عن الحسن قال: دعي عثمان بن أبي العاص إلى ختان فأبى أن يجيب وقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى إليه، رجاله ثقات غير أن فيه عنعنة ابن إسحاق، وعبيد الله بن طلحة ابن كريز روى عنه جماعة، ولم يوثقه سوى ابن حبان.(4/454)
1752- ودعي صلى الله عليه وسلم إلى وليمة، فلما دخل البيت إذا هم قد ستروا جدرانه وسقفه، فنظر إليه فقال: ما أدري، اشتكى بيتكم هذا العري فكسوتموه، أو شكى إليكم البرد فأدفيتموه؟!
قال: ثم خرج.
(1752) - قوله: «ما أدري اشتكى بيتكم هذا العري» :
أخرجه معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6- ق 1/ 66] ، لم يذكر صحابيه الراوي، ولا وقفت عليه مسندا.
لكن أخرج البخاري في الهبة، باب هدية ما يكره لبسها، رقم 2613 من حديث ابن عمر قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يدخل عليها، وجاء علي فذكرت له ذلك، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت على بابها سترا موشيا فقال: ما لي وللدنيا؟ فأتاها علي فذكر ذلك لها فقالت: ليأمرني فيه بما شاء، قال: ترسلي به إلى فلان- أهل بيت فيهم حاجة-.
أخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند [2/ 21] ، وابن أبي شيبة في المصنف [13/ 239] ، وأبو داود في اللباس، باب في الفرش برقم 4149، 4150.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 220، 221، 222] ، وأبو داود في الأطعمة، باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه رقم 3755، وابن ماجه في الأطعمة، باب إذا رأى الضيف منكرا رجع، رقم 3360، والطبراني في الكبير برقم 16446، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 267] من طرق بألفاظ وبعضهم يزيد على بعض، وصححه ابن حبان بلفظ مختصر برقم 6355- الإحسان-، والحاكم [2/ 186] ، جميعهم من حديث حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة- وهذا لفظ الحاكم- أن عليا أضاف رجلا وصنع له طعاما فقال: لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا، فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فرأى فراشا قد ضرب في ناحية البيت فرجع، -(4/455)
.........
- فقالت فاطمة: ارجع فقل له: ما رجعك يا رسول الله؟ فذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس لنبي أن يدخل بيتا مزوقا.
نعم، وقد ورد النهي عن ستر الجدر، ووردت كراهته عنه صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه صلى الله عليه وسلم لمعنى السرف والترف.
فمن ذلك: ما أخرجه أبو داود في الصلاة، باب الدعاء، رقم 1485، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 272] ، والعقيلي في الضعفاء [1/ 170] ، وابن عدي في الكامل [7/ 2564] ، وابن عساكر في تاريخه [55/ 132، 133] ، جميعهم من حديث محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس الحديث الطويل أوله: إن لكل شيء شرفا، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة.. الحديث، وفيه: ولا تستروا الجدر، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار.. الحديث، بطوله، قال أبو داود عقبه: روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد ابن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضا، وسيأتي في آداب المجلس برقم: 1904.
ومنها: ما رواه أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب أيضا قال: دعي عبد الله بن يزيد إلى طعام فلما جاء رأى البيت منجدّا فقعد خارجا وبكى، قال: فقيل له: ما يبكيك؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شيع جيشا فبلغ عقبة الوداع قال: أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم، قال:
فرأى رجلا ذات يوم قد رفع بردة له بقطعة، قال: فاستقبل مطلع الشمس وقال: هكذا- ومد يديه، ومد عفان يديه- وقال: تطلعت عليكم الدنيا- ثلاث مرات: أي أقبلت-، حتى ظننا أن يقع علينا، ثم قال: أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى، وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة؟ فقال عبد الله بن يزيد: أفلا أبكي وقد بقيت حتى تسترون بيوتكم كما تستر الكعبة؟ أخرجه البيهقي [7/ 272] . -(4/456)
.........
- وأخرج أيضا من حديث ابن وهب قال: أخبرني سفيان الثوري، عن حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تستر الجدر- مرسل ورجاله ثقات.
وأخرج أيضا من حديث ابن وهب قال: حدثني عبد الله بن عمر، عن ربيعة، عن عطاء- كذا ولعل الصواب: ربيعة بن عطاء- قال: عرست ابنا لي فدعوت القاسم بن محمد وعبيد الله بن عبد الله بن عمر فلما وقفا على الباب رأى عبيد الله البيت قد ستر بالديباج فرجع ودخل القاسم بن محمد، فقلت: والله لقد مقتني حين انصرف، فقلت: أصلحك الله والله إن ذلك لشيء ما صنعته، وما هو إلّا شيء صنعته النساء وغلبونا عليه، قال:
فحدثني أن عبد الله بن عمر زوج ابنه سالما فلما كان يوم عرسه دعا عبد الله بن عمر ناسا فيهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فلما وقف على الباب رأى أبو أيوب في البيت سترا من قز فقال: لقد فعلتموها يا أبا عبد الرحمن؟
قد سترتم الجدر؟! ثم انصرف.
قال البيهقي: وفي غير هذه الرواية قال: دعا ابن عمر أبا أيوب فرأى في البيت سترا على الجدار فقال ابن عمر: غلبنا عليه النساء، فقال: من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك، والله لا أطعم لك طعاما، فرجع.
وأخرج البيهقي من حديث سعيد بن منصور قال: أنا سفيان، عن ابن جريج قال: تزوج سلمان إلى أبي قرة الكندي فلما دخل عليها قال: يا هذه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني إن قضى الله لك أن تزوج فيكون أول ما تجتمعان عليه طاعة، فقالت: إنك جلست مجلس المرء المطاع أمرهن، فقال لها:
قومي نصلي وندعوا، ففعلا، فرأى في البيت سترا فقال: ما بال بيتكم محموم؟ أو تحولت الكعبة في كندة؟ فقالوا: ليس بمحموم ولم تتحول الكعبة في كندة، فقال: لا أدخله حتى يهتك كل ستر إلّا سترا على الباب- منقطع. -(4/457)
ومنها: أكل البقول.
1753- لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بالرجلة- وهي البقلة الحمقاء- ويقال لها: البقلة المباركة، وكان صلى الله عليه وسلم وجد في رجله حرارة فأخذ منها فعصرها على رجله فوجد لذلك راحة فقال: اللهمّ بارك فيها، إن فيها شفاء من تسعة وتسعين داء أدناه الصداع، انبتي حيث شئت.
- قال البيهقي: وروينا في كراهية ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويشبه أن يكون ذلك لما فيه من السرف.
(1753) - قوله: «من تسعة وتسعين داء» :
هكذا أورده أبو حفص الموصلي في الوسيلة تبعا له [6- ق 2/ 47] فقال:
ذكر أبو عثمان الواعظ في كتابه أن النبي مر بالرجلة ... فذكره، وأورده أيضا في موضع آخر من الوسيلة [6- ق 1/ 51] ووقع في رواية غيرهما:
سبعين داء، وانظر التعليق الاتي.
قوله: «انبتي حيث شئت» :
أورده الحافظ أبو حفص الموصلي في موضع آخر من الوسيلة معلقا أيضا [6 ق- 1/ 51] ، وقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 579، 597 بغية الباحث] رقم 535، 558: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، أنا محمد بن خالد القرشي، ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن ثور قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بالرجلة وفي رجله قرحة، فداواها بها فبرأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله فيك، انبتي حيث شئت فأنت شفاء من سبعين داء أدناه الصداع، فيه متروكان ومجهول، قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 31] :
مرسل بإسناد ضعيف.
قلت: ومن طريق الحارث أخرجه أبو نعيم في الطب [الورقة: 119] ، وأورده البوصيري في الإتحاف [5/ 541] رقم 5355 وسكت عنه.
نعم، وله إسناد آخر: فأخرجه السهمي في تاريخ جرجان [/ 242] بإسناده-(4/458)
ومنها: أكل الكرفس.
1754- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن أخي موسى صبر مع الخضر لأصاب منه ألف باب من العلم سوى خرقه السفينة وقتله الغلام وإقامته الجدار، فقال عبد الله بن سلام في كلام:
يا رسول الله ما كان ذلك العلم الذي علمه الخضر؟ قال: علم السماء السابعة، وما تحت العرش، وما في البيت المعمور، وما وراء سدرة المنتهى، وما في الهواء، وإن الخضر في البحر وإلياس في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان في كل عام ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل وطعامهما الكرفس.
- إلى إسماعيل بن مسلم، عن أبي المهاجر، عن رجل من أهل الشام من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أصابه وجع في رجله فمر ببقلة الحمقاء..
الحديث بنحوه، وهذا أيضا فيه من لم أعرفه.
قال الذهبي في طبه موردا الأثر في هذه البقلة: باردة رطبة، تنفع المواد الصفراوية، وخاصيتها بالخل أكلا وضمادا، وتنفع الضرس، وتقطع الباه، وتضعف شهوة الطعام، ومن رماها في فراشه لم ير مناما ولا حلما.
(1754) - قوله: «عن أنس بن مالك» :
أورده بطوله الحافظ أبو حفص الموصلي في كتابه الوسيلة [6 ق- 1/ 51- 52] معلقا، وأسنده ابن الجوزي في الموضوعات فقال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى- إذنا إن لم يكن سماعا- أنا أبو عبد الرحمن بن أبي عاصم الجوهري.
أنا أبو عبد الله: محمد بن محمد بن جعفر الماليني، ثنا أحمد بن محمد بن علي بن رزين النيسابوري، ثنا أبو محمد: عبد الرحيم بن حبيب-(4/459)
1755- وقال صلى الله عليه وسلم: من أكل الكرفس ثم نام عليه نام ونكهته طيبة، ونام آمنا من وجع الأضراس والأسنان.
- الفاريابي، حدثنا صالح ابن بيان، عن أسد بن سعيد، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر عنده الأدهان، فقال: فضل دهن البنفسج على سائر الأدهان كفضلنا أهل البيت على سائر الخلق، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدهن به ويتسعط، قال: وذكر عنده البقول، فقال: فضل الكراث على البقول كفضل الخبز على سائر الأشياء، وذكر له الحوك- وهو الباذروج- فقال: بقلي وبقل الأنبياء من قبلي، فإني أحبها وآكلها، وكأني أنظر إلى شجرتها نابتة في الجنة، وذكر له الجرجير فقال:
أكرهها ليلا ولا بأس بها نهارا، وكأني أنظر إلى شجرتها نابتة في جهنم، وذكر له الهندبا فقال: كلوا الهندبا من غير أن ينفض أو يغسل فإنه من الجنة، ليس فيها ورقة إلّا وفيها قطرة من الجنة، وذكر له الكمأة والكرفس فقال: الكمأة من الجنة وماؤها شفاء للعين وفيها شفاء من السم، وهما طعام إلياس واليسع يجتمعان كل عام بالموسم فيشربان شربة من ماء زمزم فيكتفيان بها إلى قابل، فيرد الله شبابهما في عام مرة، طعامهما الكمأة والكرفس ... الحديث.
قال ابن الجوزي عقبه: هذا حديث لا يشك في وضعه، والمتهم به عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي، قال أبو حاتم ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات، ولعله قد وضع أكثر من خمسمائة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الدارقطني: صالح ابن بيان متروك.
(1755) - قوله: «ونام آمنا من وجع الأضراس» :
أورده الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6 ق- 1/ 52] معلقا تبعا للمصنف، وعزاه له الذهبي [/ 170] ، والموفق [/ 147] ، كلاهما في الطب لهما.
وقال ابن القيم في طبه: لا يصح.(4/460)
ومنها: أكل الشذاب.
1756- قال صلى الله عليه وسلم: من أكل الشذاب ثم نام عليه نام آمنا من الداء والدمل وذات الجنب.
ومنها: ترك الكرّاث.
1757- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أكل الكراث ثم نام عليه نام آمنا من ريح البواسير ونكهته منتنة، واعتزله الملكان حتى يصبح.
ومنها: ترك الجرجير.
1758- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أكل الجرجير ثم نام عليه نام وعرق الجذام ينازعه في أنفه.
(1756) - قوله: «من أكل الشذاب» :
أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6 ق- 1/ 52] لم يذكر صحابيه الراوي، ولا وقفت عليه مسندا.
(1757) - قوله: «واعتزله الملكان حتى يصبح» :
أورده الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [ق- 1/ 6/ 52] ، وعنه الذهبي في طبه [/ 170] ، والموفق البغدادي في طبه [/ 147] ، ولم أقف عليه مسندا ولا عرفت صحابيه، وقال ابن القيم في طبه [/ 545] :
لا يصح، وانظر حديث أنس الطويل المتقدم قريبا.
قوله: «ومنها: ترك الجرجير» :
قال الذهبي: يسميه الأطباء: بقلة عائشة، وهو حار رطب، يحرك شهوة الجماع، وقال الموفق: الكثير منه يورث الهزال.
(1758) - قوله: «وعرق الجذام ينازعه» :
أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2386- 2387] من حديث مسعدة بن-(4/461)
.........
- اليسع- وهو آفته- عن جعفر بن محمد، عن أبيه مرفوعا:
من أكل الجرجير ثم بات، بات الجذام يتردد في جلده، كذبه- أعني: مسعدة- أبو داود، وقال الإمام أحمد: خرقنا حديثه.
وقال الحارث بن أبي أسامة في مسنده: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، أنا محمد بن خالد القرشي، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الشامي، عن عمرو بن موسى، عن واثلة بن الأسقع مرفوعا: الحوك بقلة طيبة، كأني أراها نابتة في الجنة، والجرجير بقلة خبيثة، كأني أراها نابتة في النار، لم أره في زوائد الحارث، ولا في إتحاف البوصيري، ولا في إتحاف الحافظ ابن حجر ولا في المطالب العالية، أورده السيوطي في اللالئ [2/ 223] مستشاهدا لحديث مسعدة المتقدم، وعبد الرحيم بن واقد متروك، وشيخه مجهول، وعمر بن موسى الوجيهي ليس بثقة، اتهم بالوضع وهو الوجيهي الشامي، ولم يدرك الصحابة بينه وبينهم واسطة، يروي عن مكحول والقاسم عن أبي أمامة، فأنى يصلح مثل هذا؟.
روى ابن عدي- كما في اللالئ [2/ 222]- وأبو القاسم السهمي في تاريخه [/ 243] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 299] من حديث محمد بن عبد المؤمن، ثنا عبد المؤمن بن عبد العزيز، ثنا أبو الحسن، عن أبي العلاء، عن مكحول، وعن عطية بن بسر مرفوعا: بئست البقلة الجرجير، من أكل منها ليلا حتى يتضلع بات ونفسه تنازعه، وتضرب بعرق الجذام من أنفه، كلوها بالنهار، وكفوا عنها ليلا.
قال ابن الجوزي: موضوع، وأكثر رواته مجاهيل، وانظر حديث أنس المتقدم في الكرفس.(4/462)
1759- وقال صلى الله عليه وسلم: رأيتها نابتة في النار.
ومنها: الهندباء.
1760- قال صلى الله عليه وسلم: من أكل الهندباء ثم نام عليه لم يحك فيه سحر ولا سم، ولا يقربه شيء من الدواب: حية ولا عقرب حتى يصبح.
1761- وقال صلى الله عليه وسلم: كلوا الهندباء ولا تنفضوه، فإنه ليس يوم من الأيام إلّا وقطرا من الجنة يقطرن عليه.
(1759) - قوله: «رأيتها نابتة في النار» :
مخرج ضمن الذي قبله.
(1760) - قوله: «لم يحك فيه سحر ولا سم» :
أورده ابن القيم في طبه وكذا الاتي بعده، وقال: لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يثبت مثلها، بل هي موضوعة. اهـ ولم أقف عليه مسندا.
(1761) - قوله: «فإنه ليس يوم من الأيام» :
جاء ذلك بأسانيد منكرة وتالفة، قال الحارث في مسنده [2/ 579 بغية الباحث] رقم 534: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن زكرياء الهاشمي، ثنا أبان بن المحبر، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس بن مالك مرفوعا: كلوا من الهندباء ولا تنفضوه، فإنه ليس يوم من الأيام إلّا وقطرا من الجنة تقطر عليه، ومن طريق الحارث أخرجه أبو نعيم في الطب [الورقة: 119] قال السيوطي في اللالئ [2/ 222] :
هذا الإسناد كله تالف.
وأخرج ابن عدي في الكامل [6/ 2387] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [5/ 105- 106] رقم 5965، وابن السني في الطب- كما في اللالئ [2/ 221]- من حديث مسعدة بن اليسع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده مرفوعا: على كل ورقة من الهندباء حبة من ماء الجنة، قال-(4/463)
.........
- البيهقي عقبه هذا مرسل، ومسعدة ضعيف بمرة. اهـ. وقال الإمام أحمد في مسعدة: خرقنا حديثه منذ دهر.
وقال أبو نعيم في الحلية [3/ 204] : حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر، ثنا محمد بن يونس الشامي، ثنا محمد بن إبراهيم بن الحسن العلاف، ثنا عمر ابن حفص المازني، عن بشر بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين مرفوعا: فضل البنفسج على الأدهان كفضل الإسلام على سائر الأديان، وما من ورقة من الهندباء إلّا عليها قطرة من ماء الجنة، قال أبو نعيم عقبه: غريب من حديث جعفر، لم نكتبه إلّا بهذا الإسناد، أفادنا الشيخ أبو الحسن الدارقطني عن هذا الشيخ. اهـ.
ومن طريق أبي نعيم أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 298] ثم قال: عمر بن حفص قال أحمد بن حنبل: خرقنا حديثه، وفيه محمد بن يونس الكديمي قال ابن حبان: كان يضع الحديث، وقال السيوطي في اللالئ عقب حديث أبي نعيم: وقد أخرجه الطبراني: حدثنا أحمد بن داود المكي، حدثنا حفص بن عمر المازني، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده مرفوعا به قال في اللسان: شيخ أرطاة مجهول، والحديث منكر.
وقال أبو نعيم في الطب [الورقة: 119] : حدثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى، ثنا صالح بن سهل، ثنا موسى بن معاذ، ثنا عمر بن عثمان بن أبي أسامة قال: حدثتني أم كلثوم بنت أبي سلمة، عن ابن عباس مرفوعا: ... فذكر مثل حديث أنس المتقدم، قال السيوطي في اللالئ [2/ 222] : إسناده كالذي قبله- يعني: كإسناد حديث أنس- تالف.
وأخرج ابن عدي في الكامل [4/ 1604] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 298] من حديث عنبسة بن عبد الرحمن، عن موسى بن-(4/464)
ومنها: ترك البقلة المنتنة والثوم والبصل.
1762- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره البقلة المنتنة، والثوم والبصل.
- عقبة، عن أنس بن مالك عن أبيه مرفوعا: الهندباء من الجنة، قال ابن الجوزي: عنبسة قال النسائي: متروك، وقال ابن معين: ليس بشيء.
(1762) - قوله: «كان يكره البقلة المنتنة» :
هو الكراث لما سيأتي.
قوله: «والثوم والبصل» :
أخرج مالك في الموطأ من حديث الزهري، عن سليمان بن يسار مرسلا:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل الثوم ولا الكراث ولا البصل من أجل أن الملائكة تأتيه، ومن أجل أنه يكلم جبريل عليه السّلام.
قال ابن عبد البر في التمهيد [6/ 419] : رواه عبد الله بن يوسف، والقعنبي وطائفة عن مالك في الموطأ هكذا، ورواه محمد بن إسحاق البكري، عن يحيى بن يحيى النيسابوري، عن مالك أنه قرأ عليه:
عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك به، قال الدارقطني: هذا مما انفرد به محمد بن إسحاق البكري بهذا الإسناد وهو ضعيف، وما جاء به وهم، لأنه في الموطأ عن الزهري، عن سليمان بن يسار- مرسل.
قلت: أخرج حديث البكري أيضا: أبو نعيم في الحلية [6/ 332] ، والخطيب في تاريخه [2/ 265] وقال: تفرد به محمد بن إسحاق البكري، وهو ضعيف.
وأخرج ابن أبي حاتم في العلل [1/ 101] من حديث أحمد بن عبد الله بن يونس، عن مندل، عن حصين، عن عمرو بن ميمون قال: قال عمر بن الخطاب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الكراث، فمن أكله منكم فلا يحضر المساجد وتلاوة القرآن، قال أبي: هذا خطأ، إنما هو حصين، عن هلال-(4/465)
1763- وقال صلى الله عليه وسلم: من أكل الثوم والبصل فلا يغشانا في مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى به كما يتأذى المسلم.
- ابن يساف، عن عمر بن الخطاب- مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: عمرو بن ميمون لقي عمر بن الخطاب؟ قال:
نعم، وهلال بن يساف لم يلق عمر.
(1763) - قوله: «من أكل الثوم والبصل» :
أخرجاه من حديث جابر بن عبد الله وأنس بن مالك، وابن عمر، وأبي هريرة من طرق بألفاظ بمعنى حديث الباب.
أما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه البخاري في الأذان، باب ما جاء في الثوم النّيء والبصل والكراث رقم 854، 855، وفي الأطعمة، باب ما يكره من الثوم والبقول، رقم 5452، وفي الاعتصام، باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، رقم 7359، وأخرجه مسلم في المساجد، باب نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا، رقم 564 (73، 74، 75) .
فتارة يذكر الثوم والبصل، وتارة يزاد إليهما الكراث مع بيان السبب وهو تأذي الملائكة منه، كما في حديث مسلم 564 (74) ، وتارة لا يذكر فيه إلّا الثوم ولا يذكر فيه تأذي الملائكة كما في حديث البخاري رقم 854، ومسلم 564 (75) .
ورواه مسلم من حديث أبي الزبير، عن جابر رقم 564 (72) فذكر النهي عن البصل والكراث ولم يذكر الثوم، وذكر أن الملائكة تتأذى منه.
وأما حديث أنس، فأخرجه البخاري في الأذان، برقم 856 بذكر الثوم حسب ولم يذكر تأذي الملائكة منه، وأخرجه كذلك مسلم برقم 562 (70) .
وأما حديث ابن عمر، فأخرجه البخاري في الاذان برقم 853 نحو سياق أنس المشار إليه، وأخرجه مسلم برقم 561 (68، 69) .
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه مسلم برقم 563 (71) مقتصرا فيه على الثوم.(4/466)
ومنها: الدباء.
1764- كان صلى الله عليه وسلم يحب الدباء بالعدس.
1765- وقال صلى الله عليه وسلم: من أكل الدباء بالعدس رق قلبه عند ذكر الله، وزاد في دماغه.
(1764) - قوله: «يحب الدباء بالعدس» :
أورده معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [6 ق- 1/ 29] ، ولم أقف عليه مسندا، وقد روي حبه صلى الله عليه وسلم للدباء- أو القرع- عن أنس صراحة وجاء عنه معناه، فأما الصريح منه ففيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 177، 274، 290] والنسائي في الأطعمة من السنن الكبرى [4/ 156] رقم 6664 من حديث قتادة، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الدباء- وفي رواية: القرع- قال: فأتي بطعام أو دعي له فجعلت أتتبعه فأضعه بين يديه لما أعلم أنه يحبه.
وأخرج الترمذي في الأطعمة من حديث أبي طالوت قال: دخلت على أنس بن مالك وهو يأكل القرع وهو يقول: يا لك من شجرة ما أحبك إلّا لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك، قال الترمذي: غريب من هذا الوجه، رقم (1849) .
وأخرج ابن ماجه في الأطعمة برقم 3302 من حديث حميد عن أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب القرع، إسناده على شرط الصحيح.
وأما حديث أنس في أكله صلى الله عليه وسلم الدباء وتتبعه لها في الصحفة، وأنها كانت تعجبه فمخرّج في الصحيحين من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأخرجه البخاري أيضا من حديث ثمامة بن أنس، وأخرجه مسلم أيضا من حديث ثابت جميعهم عن أنس بهذا المعنى.
(1765) - قوله: «وزاد في دماغه» :
لم أجده هكذا لكن أخرج الطبراني في معجمه الكبير [22/ 63]-(4/467)
.........
- رقم 152، وفي مسند الشاميين برقم 457، 3395، وأبو نعيم في الطب [الورقة 111] : حدثنا الحسين بن إسحاق، ثنا عمرو بن الحصين، ثنا محمد بن عبد الله بن علاثة، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن واثلة مرفوعا: عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ، وعليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين نبيا، قال السيوطي في اللالئ [2/ 213] : عمرو وشيخه متروكان.
وأخرج البيهقي في الشعب [5/ 102] رقم 5947 من حديث مخلد بن قريش، عن عبد الرحمن بن دلهم، عن عطاء مرفوعا: عليكم بالقرع فإنه يزيد في العقل ويكثر الدماغ، قال البيهقي: منقطع. اهـ.
قال البيهقي عقبه: وبهذا الإسناد: قدس العدس على لسان سبعين نبيا، منهم عيسى بن مريم عليه السّلام وهو يرق القلب ويسرع الدمعة.
خالفه حميد بن أبي حميد، فرواه عن ابن دلهم مرفوعا، أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 294- 295] ، وقال: موضوع، كافأ الله من وضعه، فإنه قصد شين الشريعة والتلاعب، فإن العدس من أردأ المأكولات، فإذا سمع من ليس من أهل شرعنا هذا، نسب نبينا إلى غير الحكمة، قال: فيه عيسى بن شعيب فحش خطؤه فاستحق الترك، والحديث مقطوع لأن ابن دلهم ليس بصحابي.
قال أبو أحمد بن عدي في الكامل [3/ 1173] : سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: سئل ابن المبارك عن الحديث في أكل العدس أنه قدس على لسان سبعين نبيا، فقال: ولا على لسان نبي واحد، إنه لمؤذ ينفخ، من حدثكم به؟ قالوا: سلم بن سالم، قال: عمن؟ قالوا:
عنك، قال: وعني أيضا؟! قال يحيى بن معين: سلم بن سالم ليس بشيء. اهـ. -(4/468)
.........
- وقال ابن السني في الطب- كما في اللالئ [2/ 213]- أخبرنا علي بن محمد، ثنا حسون بن أحمد بن سليمان، ثنا موسى بن محمد المرادي، ثنا يحيى بن حوشب الأسدي، عن صفوان بن عمرو، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعا: إن نبيا من الأنبياء اشتكى إلى الله قساوة قلوب قومه، فأوحى الله إليه وهو في مصلاه: أن مر قومك يأكلوا العدس فإنه يرق القلب ويدمع العينين ويذهب الكبر، وهو طعام الأبرار، قال السيوطي: يحيى منكر الحديث.
قال السيوطي: وقال الديلمي: أخبرنا محمد بن الحسين إذنا، أنا أبي، أنا أبو القاسم: عبد الرحمن بن يزيد الدقاق، ثنا محمد بن عبد العزيز، ثنا أبو يوسف: محمد بن أحمد الصيدلاني بالرقة، ثنا الوليد بن مسلمة الأزدي، ثنا عمر بن قيس، عن عطاء، عن ابن عباس رفعه: من أحب أن يرق قلبه فليدمن أكل البلس- يعني: العدس وقيل: التين-، عمر بن قيس متهم.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 294] : أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري، أنا إبراهيم بن عمر البرمكي، أنا أبو بكر بن بخيت، أنا أبو القاسم: عبد الله بن أحمد بن عامر، حدثني أبي، ثنا علي بن موسى الرضى، حدثني أبي: موسى بن جعفر، حدثني أبي: جعفر بن محمد، حدثني أبي: محمد بن علي، حدثني أبي: علي بن الحسين، حدثني أبي: الحسين بن علي، حدثني أبي: علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا: عليكم بالعدس فإنه مبارك، وإنه يرق القلب وتكثر له الدمعة، وإنه قد بارك فيه سبعون نبيا.
قال ابن الجوزي: المتهم به عبد الله بن أحمد بن عامر أو أبوه، فإنهما يرويان عن أهل البيت نسخة كلها موضوعة.(4/469)
ومنها: استعمال الملح.
1766- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أكل الملح أول كل شيء وآخر كل شيء دفع الله عنه ثلاثا وسبعين نوعا من البلاء أهونها:
الجذام.
(1766) - قوله: «من أكل الملح أول كل شيء» :
تبع أبو حفص الموصلي المصنف فأورده بهذا اللفظ في الوسيلة [6 ق- 1/ 20] ، لكن تصحف العدد إلى: ثلاثمائة، وأخرجه البيهقي في الشعب [5/ 103] رقم 5952 من حديث عيسى بن الأشعث- مجهول-، عن جويبر- متروك الحديث-، عن النزال بن سبرة، عن علي أنه قال: من ابتدأ غذاؤه بالملح أذهب عنه سبعين نوعا من البلاء.
وأخرج أبو عبد الله بن منده في أخبار أصبهان- كما في اللالئ [2/ 211]- أخبرنا عبد الله بن إبراهيم المقبري، ثنا عمرو بن مسلم بن الزبير، ثنا إبراهيم بن حبان بن حنظلة بن سويد، عن علقمة بن سعد بن معاذ، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده مرفوعا: استغنموا طعامكم بالملح، فوالذي نفسي بيده إنه ليرد ثلاثا وسبعين نوعا من البلاء- أو قال: من الداء- سكت عنه السيوطي.
وأخرج ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 289] من نسخة عبد الله بن أحمد بن عامر، حدثني أبي: أحمد بن عامر، حدثني علي بن موسى الرضى، حدثني أبي: موسى بن جعفر، حدثني أبي: جعفر بن محمد، حدثني أبي: محمد بن علي، حدثني أبي: علي بن الحسين، حدثني أبي: الحسين بن علي، حدثني أبي: علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا: يا علي عليك بالملح فإنه شفاء من سبعين داء: الجذام والبرص والجنون.
تقدم أن عبد الله بن أحمد وأباه يرويان عن آل البيت نسخة موضوعة.(4/470)
ومنها: ألا يشرب قائما.
1767- لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من شرب قائما فأصابه شيء من المرض لم يستشف أبدا.
(1767) - قوله: «لم يستشف أبدا» :
لم أقف عليه هكذا لكن قد ورد النهي عنه صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائما من حديث أنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة وكلها في صحيح مسلم فلا نطيل البحث في تخريجها.
أما حديث أنس بن مالك، فأخرجه في باب كراهية الشرب قائما رقم 2024 (112، 113) ففي حديث همام عن قتادة عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما، وفي حديث ابن أبي عروبة، عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائما، قال قتادة: فقلنا: فالأكل؟ فقال: ذاك أشر- أو: أخبث-.
وأما حديث أبي سعيد الخدري، فرواه همام، عن قتادة، عن أبي عيسى الأسواري، عنه، ولفظه فيه كلفظ همام، عن قتادة، عن أنس أخرجه برقم 2025 (114) .
ورواه شعبة، عن قتادة، عن أبي عيسى الأسواري ولفظه فيه كلفظ ابن أبي عروبة، عن قتادة.
وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقئ، رقم (2026- 116) .
ورواه بعضهم عن أبي هريرة بلفظ: لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاء، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 283] ، وعبد الرزاق في المصنف برقم 19588، 19589، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 288] ، والبزار في مسنده [برقم 2897، كشف الأستار] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 5324-.(4/471)
1768- على أنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتي بذنوب من ماء فكرع منه وهو قائم وشرب، ولكن الأحسن أن يشرب الماء جالسا ليأخذ بالأدب.
1769- وشرب رجل قائما فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
أيسرك أن يشرب معك الهر؟ قال: لا، قال: فقد شرب معك من هو شر منه: الشيطان.
1770- ومن السنة أن لا يشرب من الموضع المكسور.
(1768) - قوله: «فكرع منه وهو قائم» :
أخرجه البخاري في الأشربة، باب الشرب قائما من حديث النزال بن سبرة، قال: أتي علي رضي الله عنه على باب الرحبة بماء فشرب قائما فقال: إن ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم، وإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت، رقم (5615، 5616) .
وأخرجا من حديث الشعبي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما من زمزم.
(1769) - قوله: «أيسرك أن يشرب معك الهر» :
خرجناه في كتاب الأشربة من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، باب من كره الشرب قائما تحت رقم 2266- فتح المنان، وانظر تحته ما يتعلق بالمسألة من المباحث.
(1770) - قوله: «من الموضع المكسور» :
وهو المعبر عنه في الحديث بالثلمة، فأخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 80] ، وأبو داود في الأشربة، باب في الشرب من ثلمة القدح، رقم 3722، والبيهقي في الشعب [5/ 117] رقم 6019، جميعهم من حديث قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من ثلمة القدح، وأن-(4/472)
1771- ولا يشرب من إناء فضة أو ذهب، للنهي الوارد فيهما.
1772- ولو شرب من إناء له حلقة فضة جاز.
1773- ومن السنة أن يتنفس ثلاثة أنفاس،.....
- ينفخ في الشراب- لفظ ابن حبان في الإحسان.
وأخرج أبو نعيم في الحلية [9/ 38] من حديث ابن مهدي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن ابن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة قال: نهي عن الشرب من كسر القدح، إسناده جيد.
قال البيهقي في الشعب معللا: نهيه صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح لأن الماء لا ينزل منها كما ينزل من الموضع الصحيح، بل يتفرق فيصيب من حواشيها، فيبل ثوب الشارب فيتأذى منه.
(1771) - قوله: «للنهي الوارد فيهما» :
فمن ذلك: ما أخرجه الشيخان من حديث ابن أبي ليلى قال: خرجنا مع حذيفة وذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تلبسوا الحرير والديباج فإنها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة، لفظ البخاري في الأشربة.
(1772) - قوله: «له حلقة فضة جاز» :
لما أخرجه الشيخان من حديث أنس أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كان قد انصدع فسلسله بعضه.
(1773) - قوله: «أن يتنفس ثلاثة أنفاس» :
لما أخرجه الشيخان من حديث ثمامة بن عبد الله قال: كان أنس يتنفس في الإناء مرتين أو ثلاثا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس ثلاثا، لفظ البخاري.(4/473)
فإذا ابتدأ ذكر الله، وإذا فرغ حمده.
قوله: «فإذا ابتدأ ذكر الله» :
أخرج الترمذي في الأشربة برقم 1885، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 166] رقم 11378، والبيهقي في الشعب [5/ 116] رقم 6015، جميعهم من حديث أبي فروة الرهاوي- وهو يزيد بن سنان أحد الضعفاء- عن الزهري، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعا: لا تشربوا واحدة كشربة البعير، واشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا شربتم، واحمدوا إذا فرغتم، قال الترمذي: غريب.
وأخرج الطبراني في الأوسط [7/ 231] رقم 6448، وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 472، كلاهما من حديث شبل بن العلاء- وهو ضعيف- عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن نوفل بن معاوية الدؤلي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب بثلاثة أنفاس يسمي الله عزّ وجلّ في أوله، ويحمده في آخره.
وأخرج البزار في مسنده [3/ 344 كشف الأستار] رقم 2900، والطبراني في الكبير [10/ 253] رقم 10475، وفي الأوسط [10/ 134] رقم 9286، وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 471 جميعهم من حديث المعلى بن عرفان- وهو متروك- عن شقيق، عن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شرب في الإناء تنفس ثلاثة أنفاس يحمد الله عزّ وجلّ في كل نفس، ويشكره في آخرهن.
وأخرج الطبراني في الأوسط [1/ 465- 466] رقم 844 من حديث الدراوردي، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب في ثلاثة أنفاس، إذا أدنى الإناء إلى فيه سمى الله، فإذا أخره حمد الله، يفعل به ثلاث مرات، قال العراقي في تخريج الإحياء: رجاله ثقات، وقال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 81] : فيه عتيق ابن يعقوب لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.(4/474)
1774- ولا يتنفس في الإناء ولا ينفخ فيه.
1775- ونهى عليه الصلاة والسلام عن ثلاث نفخات: نفخة في الطعام، ونفخة في الشراب، ونفخة في السجود.
(1774) - قوله: «ولا ينفخ فيه» :
تقدم الكلام في النهي عن النفخ في الطعام والشراب في النص رقم:
1743.
(1775) - قوله: «عن ثلاث نفخات» :
لم أجده هكذا، لكن ورد النهي عن النفخ في الطعام والشراب وفي السجود، فتقدم قريبا الحديث في النهي عن النفخ في الطعام والشراب، فأما في السجود فأخرج الطبراني في معجمه الكبير [5/ 150] رقم 4870 من حديث زيد بن ثابت قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في السجود، وعن النفخ في الشراب.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 83] : فيه خالد بن إلياس وهو متروك.
وأخرج في الأوسط [1/ 183] رقم 244 من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليبدأ فليسوّ موضع سجوده، ولا يدعه حتى إذا هوى ليسجد نفخ ثم سجد، فلئن يسجد أحدكم على جمرة خير له من أن يسجد على نفخته.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 83] : فيه عبد المنعم بن بشير وهو منكر الحديث.
وأخرج الطبراني في الأوسط [2/ 288] رقم 1505 من حديث زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في السجود، والنفخ في الطعام.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 20] : إسناده منقطع، وفيه أيضا معلى بن عبد الرحمن وهو ضعيف جدّا، وأثنى عليه الدقيقي، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. -(4/475)
1776- ولو شرب في إناء من زجاج فقد ورد به الخبر.
1777- وأما الشرب من أذن القدح فإنه مخالف السنة.
1778- ومنها: أن يشرب مصّا، ولا يعب عبّا، لأنه صلى الله عليه وسلم قال:
الكباد من العب.
(1776) - قوله: «فقد ورد به الخبر» :
أخرجه ابن ماجه في الأشربة، باب الشرب في الزجاج، رقم 3435، وأبو نعيم في الطب [الورقة 126] كلاهما من حديث مندل بن علي العنزي- وهو ضعيف-، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدح قوارير يشرب فيه.
قال الموفق البغدادي في طبه: الزجاج فاضل للشرب، تفضله الملوك وتختاره على الذهب والياقوت لأنه قل ما يقبل الوضاءة ويرجع بالغسل جديدا، ويرى فيه كدر الماء وكدر المشروب، وقلما يقدر الساقي أن يدس السم فيه، وهذه أشرف الخلال التي دعت ملوك الهند إلى اتخاذه.
(1777) - قوله: «من أذن القدح» :
وهو المعبر عنه في الحديث بالاختناث، أن يثني رأس السقاء ويعطفه ويطويه، وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية- يعني: أن تكسر أفواهها فيشرب منها- كذا جاء مفسرا في رواية البخاري، وجاء في رواية مسلم من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، وفيه: واختناثها: أن يقلب رأسها ثم يشرب.
(1778) - قوله: «الكباد» :
بضم الكاف، ثم موحدة خفيفة- وجع الكبد، وقال الموفق البغدادي في طبه: ووقع في رواية البيهقي: الكنار، وهو أيضا وجع في الكبد، قال ابن القيم في طبه: قد علم بالتجربة أن ورود الماء جملة واحدة على الكبد-(4/476)
.........
- يؤلمها ويضعف حرارتها، وسبب ذلك المضادة التي بين حرارتها وبين ما ورد عليها من كيفية المبرود وكميته.
ولو ورد بالتدريج شيئا فشيئا لم يضاد حرارتها ولم يضعفها، ومثال هذا صب الماء البارد على القدر وهي تفور، لا يضرها قليلا قليلا.
والحديث أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 428] رقم 19594، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 284] ، وفي الاداب له برقم 603، وفي الشعب [5/ 115] ، رقم 6013، وسعيد بن منصور، وأبو نعيم، وابن السني كلاهما في الطب- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 125]-، عن معمر، عن ابن أبي حسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا شرب أحدكم فليمص مصا، ولا يعب عبا فإن الكباد من العبّ- مرسل-.
وفي الباب عن بهز- على خلاف يأتي-، وأنس بن مالك، وعلي بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رباح، وابن شهاب مرسلا، وعن أم سلمة، وميمونة رضي الله عنه.
حديث بهز روي عن سعيد بن المسيب، رواه عنه يحيى بن سعيد فلم يقم أصحابه إسناده.
* 1- رواه عن يحيى: ثبيت بن كثير الضّبي- وهو بصري منكر الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به- عن ابن المسيب، عن بهز، ومنهم من يقول عن ثبيت: القشيري بدل بهز، أو معاوية القشيري، أخرج حديث ثبيت: الطبراني في معجمه الكبير [2/ 35] رقم 1242- واللفظ له-، وابن عدي في الكامل [7/ 2639] ، وابن قانع في معجم الصحابة [3/ 826] رقم 183، وابن حبان في المجروحين [1/ 208] ، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 440] رقم 1277، وفي الطب، وابن السني كذلك، والبغوي في الصحابة- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 124- 125] ، وابن منده كما في الإصابة-، وابن عبد البر في التمهيد [1/ 394--(4/477)
.........
- 395] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 40] ، عن بهز قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك عرضا، ويشرب مصّا، ويتنفس ثلاثا ويقول: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ، قال الحافظ في الإصابة: قال البغوي: لا أعلم روى بهز إلّا هذا وهو منكر، وقال ابن منده: رواه عباد بن يوسف، عن ثبيت فقال: عن القشيري بدل بهز، ورواه محسن بن تميم، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده فقال: إن سعيد بن المسيب إنما سمعه من بهز بن حكيم فأرسله الراوي عنه فظنه بعضهم صحابيا، قلت- يعني: ابن حجر- لكن ذكر ابن منده أن سليمان بن سلمة الخبائري رواه عن اليمان بن عدي، عن ثبيت، عن يحيى، عن سعيد، عن معاوية القشيري، فعلى هذا لعل سعيدا سمعه من معاوية جد بهز بن حكيم فقال مرة: عن جد بهز، فسقط لفظ جد من بعض الرواة.
* 2- ثم رواه عن يحيى: علي بن ربيعة القرشي- أحد الضعفاء- فقال عنه، عن ابن المسيب، عن ربيعة بن أكثم بنحوه، أخرجه العقيلي في الضعفاء [3/ 229] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 40] ، وأبو نعيم في المعرفة [2/ 1098- 1099] رقم 2773، وابن عبد البر في التمهيد [1/ 395] ، وقال: هذان الحديثان- حديث بهز وابن أكثم- ليس لإسناديهما عن سعيد أصل، وليسا بصحيحين من جهة الإسناد عندهم، وقد جاء عن جماعة من السلف إجازة الشرب في نفس واحد. اهـ. وقال البيهقي: لا أحتج بمثله.
وأصل الحديث عند مسلم: من حديث عبد الوارث، عن أبي عصام، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشرب ثلاثا ويقول: إنه أروى وأبرأ وأمرأ، فالعب المذكور مستفاد من المعنى، وقد رواه جعفر بن محمد بن الليث الزيادي- ضعفه الدارقطني- عن عبيد الله بن محمد بن أبي عائشة، عن عبد الوارث، عن أبي عصام فقال: مصوه مصا ولا تعبوه-(4/478)
.........
- عبا، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 896] ، والبيهقي في الشعب [5/ 115] رقم 6009.
وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الديلمي في مسند الفردوس برقم 1070، ولفظه: إذا شربتم الماء فاشربوه مصا ولا تشربوه عبا، فإن العب يورث الكباد، وفسر العب: بأنه شرب بلا تنفس، وأن الكباد: داء يكون في الصدور، وفي إسناده: محمد بن خلف، فيه لين، وموسى المروزي قال الذهبي عن الدارقطني: متروك.
وأما حديث عطاء بن أبي رباح، فأخرجه أبو داود في المراسيل برقم 5، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [1/ 40] ، ولفظه: إذا شربتم فاشربوا مصا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضا، مرسل، وفيه محمد بن خالد القرشي وفيه جهالة.
وأما حديث ابن شهاب، فأخرجه البيهقي في الشعب [5/ 115] رقم 6011، وفي الاداب له برقم 602، ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب تنفس ثلاثة أنفاس، ونهى عن العب نفسا واحدا، ويقول: ذاك شرب الشيطان- مرسل- برجال ثقات رجال الصحيح.
وأما حديث أم سلمة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [23/ 332- 333] رقم 766، 767، من حديث الحماني: ثنا أبو بكر بن عياش، عن المعلى الأسدي، عن معاوية بن قرة، عن أم سلمة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بالشراب إذا كان صائما، وكان لا يعب، يشرب مرتين أو ثلاثا، في الإسناد الأول الحماني يحيى، وفي الثاني شيخ الطبراني أبو عمر الضرير، قال في مجمع الزوائد [5/ 80] : لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وأما حديث ميمونة، فعزاه الحافظ العراقي لأبي الشيخ وضعفه بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعب ولا يلهث.(4/479)
1779- ويستحب سقي الماء، لأنه صلى الله عليه وسلم قال: في كل ذات كبد حرّى أجر.
(1779) - قوله: «في كل ذات كبد حرّى أجر» :
في الباب عن أبي هريرة، وسراقة بن جعثم، ومخول السلمي.
حديث أبي هريرة، يأتي بعد هذا.
وحديث سراقة، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 457] برقم 19692، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [4/ 175] ، والطبراني في معجمه الكبير برقم 6587، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 186] ، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عنه، أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه، فقال: أرأيت ضالة ترد على حوض لطته فهل لي أجر إن سقيتها؟ فقال: نعم، في الكبد الحارة أجر.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 175] ، وابن ماجه في الأدب، باب فضل صدقة الماء، رقم 3686، والبيهقي في الاداب برقم 89، وفي الشعب [3/ 219] رقم 3373 من حديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك بن جعثم، عن أبيه، عن عمه سراقة.
تابعه موسى بن عقبة، عن الزهري، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [7/ 157- 159] رقم 6602.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 6595، 6599، من طريق بشر بن المفضل وخالد كلاهما عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن مالك، عن عمه سراقة.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 6600، والحاكم في المستدرك [3/ 619] من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه كعب بن مالك، عن سراقة.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان برقم 542- من حديث يونس، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع، أن سراقة. -(4/480)
1780- وقال صلى الله عليه وسلم: بينما رجل يمشي في الطريق إذ مر بكلب قد عطش على رأس بئر، فنزع الرجل خفيه، ثم ربطه بعمامته فدلاه البئر، فأخرج ماء وسقى ذلك الكلب، فشكر الله له ذلك وغفر له، فقيل: يا رسول الله ألنا أجر في البهائم؟ فقال: نعم، وفي كل ذات كبد رطب أجر.
- وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 112 من حديث سفيان، عن الزهري، عن ابن سراقة- أو غيره-، عن سراقة، والاختلاف فيه من الزهري، والله أعلم.
وأما حديث مخول، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [3/ 137- 138] رقم 1586، ومن طريقه ابن حبان في صحيحه برقم 5882- الإحسان- وابن الأثير في الأسد [5/ 129] .
وأخرجه البخاري في تاريخه الكبير [8/ 30] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 763] كلاهما من حديث محمد بن سليمان بن مسمول- أحد الضعفاء-، عن القاسم بن مخوّل، عن أبيه- وكان قد أدرك الجاهلية والإسلام- ... وفيه قصة، وفيها: قلت يا رسول الله الضوال ترد علينا هل لنا الأجر أن نسقيها؟ قال: نعم، في كل ذات كبد حرّى أجر.
(1780) - قوله: «بينما رجل يمشي» :
القصة أخرجها البخاري في الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان رقم 173، وفي المساقاة، باب فضل سقي الماء، رقم 2363، وفي المظالم، باب الابار التي على الطريق، رقم 2363، وفي الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم 6009، ومسلم في السلام، باب فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها، رقم 2244، من طرق عن أبي صالح بنحوها.(4/481)
[263- فصل: ومن فعله صلى الله عليه وسلم في الطّبّ]
263- فصل:
ومن فعله صلى الله عليه وسلم في الطّبّ 1781- كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي صدع، فغلف رأسه بالحناء.
1782- وكان صلى الله عليه وسلم يداوي ما يكون في جسده من بثر أو غيره بالحناء يضعه عليها.
(1781) - قوله: «إذا نزل عليه الوحي صدع» :
أخرجه البزار في مسنده [3/ 391 كشف الأستار] رقم 3028 من حديث الأحوص بن حكيم- وقد اختلف عليه فيه-، عن أبي عون، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به مرفوعا، وروي أيضا: عن الأحوص، عن راشد بن سعد، عن أبي هريرة، أخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 443] .
قال البزار: لا نعلمه يروى مرفوعا إلّا بهذا الإسناد، ولا أسند أبو عون، عن سعيد، عن أبي هريرة إلّا هذا.
وعزاه الذهبي في الطب [/ 253] لابن ماجه فوهم، وإنما أخرج الاتي بعده.
وعزاه ابن كثير في تاريخه [3/ 22] لأبي نعيم، زاد الزبيدي في الإتحاف [9/ 518] : في الطب، وعزاه لابن السني فيه أيضا.
قال ابن كثير: غريب جدّا، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 95] : فيه الأحوص بن حكيم فيه ضعف، وأبو عون لم أعرفه.
(1782) - قوله: «بالحناء يضعه عليها» :
أخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 462] ، وأبو داود برقم 3858، والترمذي برقم 2054، وابن ماجه برقم 3502، كلهم في الطب من حديث-(4/482)
1783- وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى شيئا جمع يديه وقرأ فيهما بالمعوّذات وتفل فيهما، ثم ردهما على وجهه.
1784- وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه من به قرحة قد أعياه برؤها، أخذ صلى الله عليه وسلم بإصبعه من ريقه فوضعها على الأرض فحملت من التراب ما حملت، فوضعها على القرحة ثم يقول: بسم الله، ريقة بعضنا، بتربة أرضنا، تشفي سقيمنا، بإذن الله.
1785- وكان صلى الله عليه وسلم ربما يأمر عائشة بأن تعوّذه فتقول: أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلّا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، ثم تمسح بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جسده رجاء بركتها.
1786- وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض لم يحضر أجله قال: - سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان لا يصيب النبي صلى الله عليه وسلم قرحة ولا شوكة إلّا وضع عليها الحناء، لفظ ابن ماجه، وقال الترمذي: حسن غريب.
(1783) - قوله: «وقرأ فيهما بالمعوّذات» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها.
(1784) - قوله: «بسم الله ريقة بعضنا» :
أخرجه البخاري في الطب، باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 5745، 5746، ومسلم في السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة، والحمى والنظرة، رقم 2194.
(1785) - قوله: «رجاء بركتها» :
أخرجاه في الصحيحين من حديثها رضي الله عنها.
(1786) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 239، 243، 352] ، والترمذي في-(4/483)
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، سبع مرات فعوفي.
وقلّ ما يقال عند مريض في أجله تأخير إلّا برأ.
1787- وكان صلى الله عليه وسلم يأكل هو وأصحابه تمرا، فجاء صهيب وقد غطى على عينه وهو أرمد فسلم، فأهوى فوضع يده في التمر يأكل، فقال صلى الله عليه وسلم:
تأكل الحلوى وأنت أرمد؟ فقال: يا رسول الله إنما آكل بشق عيني الصحيحة.
فضحك صلى الله عليه وسلم وتركه يأكل.
1788- وكان صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب يوما فجاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أرمد فدنا يأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتأكل الحلوى وأنت أرمد؟
فتنحى ناحية، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إليه فرمى إليه برطبة- الطب، باب 32، برقم 2083- وقال: حسن غريب- وأبو داود في الجنائز، باب الدعاء للمريض عند العيادة، رقم 3106، والبخاري في الأدب المفرد برقم 536، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 2978، 2975، والحاكم في المستدرك [1/ 343، 4/ 213] وقال في الموضع الثاني: شاهد صحيح غريب من رواية المصريين عن المدنيين، عن الكوفيين، لم نكتبه عاليا إلّا عنه (يريد: ابن وهب) ، وقد خالف الحجاج بن أرطاة الثقات في الحديث عن المنهال بن عمرو.
(1787) - قوله: «وتركه يأكل» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 61، 5/ 374] ، وابن ماجه برقم 3443، وابن سعد في الطبقات [3/ 228] ، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 344] ، وصححه الحاكم في المستدرك [3/ 399، 4/ 411] ، وقال الذهبي: صحيح، وقال البوصيري في الزوائد: رجاله ثقات.(4/484)
فأكلها، ثم أخرى حتى رمى إليه بسبع، ثم قال: حسبك فإنه لا يضر ما أكل من التمر وترا، وجاءوا ببقلة يقال لها: بقلة الأنصار، فوضعت بين أيديهم، فأكل هو وأصحابه ثم قال: يا أبا الحسن، إن كنت آكلا فمن هذه.
1789- وكان صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فيقول:
أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة.
قوله: «حسبك» :
أورده الحافظ الذهبي في طبه [/ 239] من حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، إلّا أنه قال: وعلي محموم، ثم قال الذهبي: وذلك لأن التمر فيه حرارة تضر أصحاب الحميات وتورثهم الصداع والعطش، فإذا أخذ منه القليل لم يكن له تلك المضرة.
وأخرج أبو نعيم في الطب [/ 121] من حديث ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار أخواله من الأنصار ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقدموا إليه قناعا من رطب فأهوى علي ليأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تأكل فإنك حديث عهد بالحمى، معضل، وله شاهد.
فأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 363- 364] ، وأبو داود في الطب برقم 3856، والترمذي كذلك برقم 2037، وابن ماجه كذلك برقم 3442 من حديث أم المنذر الأنصارية قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي، وعلي ناقه من مرض، ولنا دوال معلقة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها، وقام علي يأكل منها، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: مه إنك ناقه، حتى كف، قالت: وصنعت شعيرا وسلقا فجئت به، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: من هذا أصب، فهو أنفع لك.
(1789) - قوله: «ومن كل عين لامة» :
زاد بعضهم في هذا الحديث: وكان صلى الله عليه وسلم يقول: كان أبوكما يعوذ بهما-(4/485)
1790- وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل، ويكره الطيرة.
1791- ويقول: الطيرة شرك، وما منا إلّا (ويجد في نفسه) ولكن الله تعالى يذهبه بالتوكل (وما من عبد إلّا سيدخل قلبه طيرة) .
- إسماعيل وإسحاق، أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه دون الجزء الأخير، باب (بدون ترجمة) رقم 3371، وأبو داود في السنة، باب في القرآن، رقم 4737، والإمام أحمد في المسند [1/ 236، 270] ، والترمذي في الطب، رقم 2060، والنسائي في اليوم والليلة برقم 1006، 1007، وابن ماجه في الطب، باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم وما عوذ به، رقم 3525، وابن أبي شيبة في المصنف [7/ 48- 49، 10/ 315] وغيرهم.
(1790) - قوله: «يحب الفأل ويكره الطيرة» :
أخرجه من حديث أبي هريرة: ابن ماجه في الطب، باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة، رقم 3536.
قال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
وأخرجه أيضا: الإمام أحمد في مسنده [2/ 332] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6121.
(1791) - قوله: «ويجد في نفسه» :
تفسير من المصنف ليس من متن الحديث، وكذلك جملة قوله: وما من عبد إلّا سيدخل قلبه طيرة ليست من المتن، ولذلك وضعناهما بين حاصرتين.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن قوله في الحديث: وما منا إلا، أنه من قول ابن مسعود مدرج في الحديث قاله الترمذي عن البخاري، عن سليمان بن حرب، وقاله الخطابي في المعالم والبيهقي في الشعب أيضا، أما الحافظ ابن القطان فأنكر ذلك في بيان الوهم والإيهام [5/ 387] وقال: كل كلام مسوق في السياق لا ينبغي أن يقبل ممن يقول إنه مدرج إلّا أن يجيء بحجة، وهذا الباب معروف عند المحدثين. -(4/486)
1792- فإذا هو أحس بذلك فليقل: بسم الله ولا قوة إلّا بالله، أنا عبد الله، ما شاء الله، لا يأتي بالحسنات إلّا الله، ولا يذهب السيئات إلّا الله، لا حول ولا قوة إلّا بالله، أشهد أن الله على كل شيء قدير، ثم يمضي لوجهه.
1793- وفي بعض الأخبار: أن رجلا قام- حين ذكر عليه الصلاة والسلام: لا عدوى ولا طيرة ولا صفر، فقال: يا رسول الله البعير حين يكون فيه الجرب فيعدي الإبل؟ قال: ذلك القدر، فمن أجرب الأول.
- قال الخطابي في المعالم [4/ 232] في معنى قوله: وما منا إلا: معناه إلّا من يعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهية فيه، فحذف اختصارا للكلام واعتمادا على فهم السامع.
(1792) - قوله: «فليقل: بسم الله» :
هو منفصل عما قبله ولذلك فصلته، أخرج الدعاء: أبو داود في الطب من سننه، باب في الطيرة، رقم 3919، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 139] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 293 جميعهم من حديث عروة بن عامر ولا صحبة له.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف [10/ 406] من حديث معمر، عن الأعمش مرسلا.
(1793) - قوله: «فمن أجرب الأول» :
أخرجاه في الطب من الصحيحين من حديث أبي هريرة.
فأخرجه البخاري برقم 5717، ومسلم برقم 2220 (101، 102) إلّا أنهما قالا: فمن أعدى الأول.(4/487)
1794- على أنه روي أنه عليه الصلاة والسلام قال لمجذوم:
ارجع فقد بايعناك، ولم يصافحه.
قال أبو سعد رحمه الله: كان هذا في بدء الإسلام، فأراد صلى الله عليه وسلم بذلك أن يحفظ قلوب القوم مخافة أن يصافحهم فيدخلهم منه شيء ولم يخف على نفسه. والله أعلم.
ومن السنة أن يديم الحجامة، قال صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي، ما مررت بسماء إلّا قالوا: مر أمتك بالحجامة.
(1794) - قوله: «قال لمجذوم» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 390] ، ومسلم في السلام، باب اجتناب المجذوم، رقم 2231، والنسائي في البيعة، باب بيعة من به عاهة، رقم 4182، وابن ماجه في الطب، باب الجذام، رقم 3544، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 131- 132] رقم 4593، جميعهم من حديث عمر بن الشريد، عن أبيه به.
قوله: «مر أمتك بالحجامة» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 354] ، والترمذي في الطب من جامعه، برقم 2047، 2053، وابن ماجه في الطب أيضا برقم 3477، وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب، جميعهم من حديث عباد بن منصور- اختلف فيه، وبه أعل الحديث- عن عكرمة، عن ابن عباس، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 209، 409] .(4/488)
[264- فصل: ذكر آداب متفرّقة]
264- فصل:
ذكر آداب متفرّقة ومن السنة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه.
1795- لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفّس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الاخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة، ومن يسر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والاخرة، والله في عون عبده ما دام العبد في عون أخيه.
1796- ومن السنة أن لا يمنع الماعون- وهو: ما يحتاج إليه جيرانه وعدموه عند أنفسهم كالقدر والفأس، والمغرفة وأشباهها.
(1795) - قوله: «ما دام العبد في عون أخيه» :
أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، رقم 2699، والإمام أحمد في مسنده [2/ 252] ، وابن أبي شيبة في المصنف [9/ 85- 86] ، وأبو داود في الأدب، باب في المعونة للمسلم، رقم 4946، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في الستر على المسلم، رقم 1930، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم 225، وفي الصدقات، باب إنظار المعسر رقم 2417.
(1796) - قوله: «أن لا يمنع الماعون» :
أخرجه أبو داود في الزكاة، باب في حقوق المال برقم 1657، والنسائي في التفسير من السنن الكبرى [6/ 522] كلاهما من حديث أبي وائل، عن ابن مسعود قال: كل معروف صدقة، كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو والقدر، زاد الطبراني في معجمه الكبير-(4/489)
1797- ومن السنة أن لا يكتم علما ولا يمنعه عن أهله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان عنده علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار.
1798- ويخالط الناس، لما قال عليه الصلاة والسلام: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.
-[9/ 235] رقم 9014: الفأس.
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره [10/ 3469] من حديث عابد بن ربيعة- تصحف في المطبوع إلى: مائذ بن ربيعة- أنهم وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ما تعهد إلينا؟ قال: لا تمنعون الماعون، قالوا:
يا رسول الله وما الماعون؟ قال: في الحجر وفي الحديدة وفي الماء، قالوا: فأي الحديدة؟ قال: قدوركم النحاس، وحديد الفأس الذي تمتهنون به، قالوا: وما الحجر؟ قال: قدوركم الحجارة، رواه أبو نعيم في المعرفة [4/ 811- 812] من وجه آخر عن عابد بن ربيعة، حدثنا قرة بن دعموص ولم يسق المتن.
(1797) - قوله: «ألجمه الله بلجام من نار» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 43، 305، 344، 353، 495] ، وأبو داود في العلم، باب كراهية منع العلم، رقم 3658، والترمذي في العلم، باب ما جاء في كتمان العلم، رقم 2649، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب من سئل عن علم فكتمه، رقم 261، والطيالسي في مسنده برقم 2534، وابن أبي شيبة في المصنف [9/ 55] جميعهم من حديث أبي هريرة، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 95، 297، والحاكم في المستدرك [1/ 101] وأقره الذهبي في التلخيص.
(1798) - قوله: «المؤمن الذي يخالط الناس» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 43، 5/ 365] ، والبخاري في الأدب-(4/490)
1799- ولا يدخل على أحد إلّا بإذن.
1800- ومن السنة أن يسلّم قبل الدخول.
1801- ولا ينظر ولا يطّلع إلّا بإذنهم، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقأوا عينه فلا دية ولا قصاص.
- المفرد برقم 388، والترمذي في صفة القيامة برقم 2507، وابن ماجه في الفتن، برقم 4032، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 564] ، والطيالسي في مسنده برقم 1876، وأبو نعيم في الحلية [7/ 365] ، والبيهقي في الاداب برقم 218، وفي الشعب [6/ 266] رقم 8102، جميعهم من حديث ابن عمر وبعضهم يبهمه وبعضهم يتردد فيه.
(1799) - قوله: «ولا يدخل على أحد إلّا بإذن» :
فيه حديث أبي موسى في الاستئذان والسلام، وهو مخرج في الصحيحين، انظر كتابنا: فتح المنان، شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، حديث رقم 2793.
(1801) - قوله: «من اطلع في دار قوم» :
بهذا اللفظ أخرجه النسائي في القسامة، باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان، وابن الجارود في المنتقى برقم 790، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 338] ، والطحاوي في المشكل [1/ 405] ، جميعهم من حديث بشير بن نهيك، عن أبي هريرة به. وهو في الصحيحين من حديث الأعرج عنه.
أخرجه البخاري في الديات، باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان، رقم 6888، وفي باب من اطلع في بيت قوم ففقأوا عينه فلا دية له، رقم 6902، ومسلم في الاداب، باب تحريم النظر في بيت غيره، رقم 2158- بلفظ: لو أن امرآ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح.(4/491)
1802- ويجتنب أن يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يسمعه، لما روي أنه قال صلى الله عليه وسلم: من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
1803- ويجتنب الكذب واللهو والغيبة والنميمة والخوض في النجوم، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لست من دد ولا الدد مني، يعني اللهو والطرب.
(1802) - قوله: «من كذب عليّ متعمدا» :
خرجناه في فتح المنان من حديث جابر بن عبد الله تحت رقم 242، ومن حديث ابن عباس تحت رقم 243، ومن حديث الزبير بن العوام تحت رقم 244، ومن حديث يعلى بن مرة تحت رقم 245، ومن حديث أنس بن مالك تحت رقم 246، 250، 252، ومن حديث أبي قتادة تحت رقم 251.
(1803) - قوله: «لست من دد» :
فسره مالك باللهو واللعب، وفسره غيره بالباطل.
والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 785، والطبراني في معجمه الأوسط [1/ 262] رقم 451، والبزار في مسنده [3/ 129 كشف الأستار] رقم 2402، وابن عدي في الكامل [7/ 2698] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 217] ، وفي الاداب برقم 424، والعقيلي في الضعفاء [4/ 427] كلهم من حديث أبي زكير: يحيى بن محمد بن قيس، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس به.
قلت: يحيى بن محمد ممن يضعف في الحديث، وقد خالفه الدراوردي فقال: عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبد الله، عن معاوية به، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [19/ 343- 344] رقم 794.
قال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 266] : سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو زكير: يحيى بن محمد بن قيس، عن عمرو بن أبي عمرو، سمعت أنسا يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره، قالا: هكذا رواه أبو زكير، -(4/492)
1804- عن البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى صوته حتى أسمع العواتق في الخدور: يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان في قلبه، اتقوا الله ولا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته.
- ورواه الدراوردي عن عمرو، عن المطلب، عن معاوية قال: قلت لأبي زرعة أيهما عندك أشبه؟ قال: الله أعلم، ثم تفكر ساعة فقال:
حديث الدراوردي أشبه، وسألت أبي فقال: حديث معاوية أشبه.
(1804) - قوله: «عن البراء بن عازب» :
أصحاب الدلائل يوردون هذا الحديث فيما خص به صلى الله عليه وسلم من بلوغ صوته للقاصي.
أخرجه أبو يعلى في مسنده [3/ 237- 238] رقم 1675، وابن أبي الدنيا في الصمت، برقم 167، كلاهما من طريق حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 93] : رجاله ثقات.
وفي الباب: عن ابن عمر، وأبي برزة الأسلمي، وابن عباس، وبريدة بن الحصيب، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حديث ابن عمر، فأخرجه الترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في تعظيم المؤمن، رقم 2032، والبغوي في شرح السنة برقم 3526، من طريق أوفى بن دلهم، عن نافع، عنه بمثل حديث الباب، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5763.
وأما حديث أبي برزة، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 420- 421، 424] ، وأبو داود برقم 4880، وابن أبي الدنيا في الصمت برقم 168، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 247] .
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم-(4/493)
1805- وقال صلى الله عليه وسلم: الكذب مجانب الإيمان.
1806- وقال صلى الله عليه وسلم: من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر.
- 11444، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 94] : رجاله ثقات.
وأما حديث بريدة بن الحصيب، فأخرجه أيضا الطبراني في معجمه الكبير برقم 1155، وفي الإسناد مجهول.
وأما حديث ثوبان، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 279] .
(1805) - قوله: «الكذب مجانب الإيمان» :
روي من حديث أبي بكر الصديق رضى الله عنه مرفوعا وموقوفا.
أما المرفوع: فأخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 43] ولم يسق المتن، ومن طريقه البيهقي في الشعب [4/ 206] رقم 4804، وأخرجه أيضا البيهقي في الشعب مرفوعا [4/ 206] وقال: إسناده ضعيف، والصحيح أنه موقوف.
وأخرج الموقوف: الإمام أحمد في المسند [1/ 5] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 592] ، وابن المبارك في الزهد برقم 736 وهناد في الزهد له برقم 1368، ووكيع كذلك برقم 399، وابن أبي الدنيا في الصمت برقم 77، والخرائطي في مساوئ الأخلاق برقم 132، والدارقطني في العلل [1/ 285- 259] ، والبيهقي في الشعب برقم 4806، 4807، وفي السنن الكبرى [10/ 197] بأسانيد في غاية الجلالة.
قال الدارقطني في العلل [1/ 258] : اختلف فيه على إسماعيل، رواه جماعة عنه مرفوعا وموقوفا والصحيح منه قول من أوقفه. اهـ. باختصار.
(1806) - قوله: «شعبة من السحر» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 227، 311] ، وأبو داود في الطب، باب في النجوم، رقم 3905، وابن ماجه في الأدب، باب تعليم النجوم، رقم 3726، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 414] 5698، وعبد بن حميد-(4/494)
1807- ويكره المدح في الوجه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
احثوا في وجوه المدّاحين التراب.
1808- ويقول صلى الله عليه وسلم: إن كان أحدكم مادحا أخاه لا محالة فليقل:
أحسب، ولا أزكي على الله أحدا.
1809- ومن السنة أن يشاور في المهم، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لن يهلك رجل بعد مشورة.
- في المنتخب برقم 713، والطبراني في معجمه الكبير [11/ 135] رقم 11278، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 138] ، والخرائطي في مساوئ الأخلاق برقم 773، والبغوي في شرح السنة [12/ 182] ، والخطيب في القول في علم النجوم [/ 179] جميعهم من حديث ابن عباس به، وصححه النووي في رياض الصالحين، والذهبي في كتاب الكبائر، والعراقي في تخريج الإحياء [4/ 117] .
(1807) - قوله: «احثوا في وجوه المداحين التراب» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 5] ، ومسلم في الزهد والرقاق، برقم 3002 (68، 69) ، وأبو داود برقم 4804، والترمذي برقم 2393، وابن ماجه برقم 3742، والبخاري في الأدب المفرد برقم 339 جميعهم من حديث المقداد بن الأسود.
(1808) - قوله: «ولا أزكي على الله أحدا» :
أخرجه البخاري في الأدب، باب ما يكره من التمادح برقم 6061، ومسلم برقم 3000 (66) من حديث أبي بكرة.
(1809) - قوله: «لن يهلك رجل بعد مشورة» :
هو طرف من حديث ابن المسيب الاتي في باب ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال برقم 2096، أوله: رأس العقل بعد الإيمان ... الحديث، يأتي تخريجه هناك.(4/495)
1810- ومن السنة أن لا يسب شيئا ولا يلعن، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر فهبت ريح فكشفت عن رجل قطيفة فلعنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنتها؟ قال: يا رسول الله كشفت قطيفتي، فقال: إذا رأيتها فاسأل الله من خيرها، وتعوّذ من شرها، ولا تلعنها فإنها مأمورة.
1811- ويستحب أن لا يسافر وحده أو يبيت في بيت وحده، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم أحدكم ما له في الوحدة ما سار أحد بليل.
1812- ويكره التطير، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الطيرة.
1813- وقال صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك، وما منا إلّا (ويجد في نفسه) ولكن الله يذهبه بالتوكل.
1814- ومن السنة أن يؤخذ برخص الله، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.
(1810) - قوله: «فإنها مأمورة» :
هو مكرر، وقد تقدم برقم 1652، وخرجناه هناك.
(1811) - قوله: «لو يعلم أحدكم» :
خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن، تحت رقم 2844 من حديث ابن عمر.
(1812) - قوله: «ويكره التطير» :
هكذا تكرر والذي بعده في النسخ، وقد تقدما قريبا برقم 1792، 1791.
(1814) - قوله: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه» :
في الباب عن ابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنها. -(4/496)
.........
- أما حديث ابن عمر، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 108] ، وأبو يعلى في المسند- كما في إتحاف الخيرة [3/ 462] رقم 3112-، والبزار في مسنده [1/ 469 كشف الأستار] رقم 988، 989، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 140] ، وفي الشعب [3/ 403] رقم 3889، 3890، وابن الأعرابي في معجمه برقم 2237، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 145- 146] رقم 5298، والخطيب في تاريخه [10/ 347] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1078، وصححه ابن خزيمة برقم 2027، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 2724.
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه مسدد- كما في إتحاف الخيرة [1/ 509] رقم 1008- والطبراني في معجمه الكبير [11/ 323] رقم 11880، 11881، والبزار في مسنده [1/ 469 كشف الأستار] رقم 990، وأبو نعيم في الحلية [6/ 276] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 354.
وأما حديث ابن مسعود، فروي مرفوعا وموقوفا، فأخرجه مسدد- كما في إتحاف الخيرة [1/ 510] رقم 1009- موقوفا-، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 103] رقم 10030، وفي الأوسط [3/ 276] رقم 2602، وأبو نعيم في الحلية [2/ 101]-، والسهمي في تاريخ جرجان [/ 545] .
قال البو صيري في إسناد حديث مسدد: رجاله ثقات، وقال الهيثمي في رجال الطبراني [3/ 162] : فيه معمر بن عبد الله الأنصاري، قال العقيلي:
لا يتابع على رفع حديثه.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن أبي شيبة- كما في إتحاف الخيرة [2/ 469] رقم 2116، ومن طريقه ابن ماجه مقتصرا منه على ما يتعلق بالمسح، رقم 555. -(4/497)
1815- ومن السنة ألا يكون جبانا ولا بخيلا ولا منانا، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية، ويحب السماحة ولو على تمرة.
- قال البوصيري: سنده ضعيف، لضعف عمر بن عبد الله بن أبي خثعم.
وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه الدولابي في الكنى [2/ 42] .
وأما حديث عائشة رضي الله عنها، فأخرجه ابن حبان في الثقات [2/ 200] ، وابن عدي في الكامل [5/ 1718] ، والطبراني في الأوسط [7/ 153- 154] رقم 6278، وفي [9/ 16] رقم 8028 وفي إسناده عمر ابن عبيد، وهو ضعيف.
(1815) - قوله: «إن الله يحب الشجاعة» :
هو طرف من حديث الزبير بن العوام، أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1502] ، وأبو نعيم في الحلية [10/ 73] ببعضه، وبتمامه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول [/ 151، 308] فرقه.
وهذا لفظ ابن عدي: عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال لي الزبير بن العوام: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم فجذب عمامتي بيده فالتفت إليه، فقال:
يا زبير إن باب الرزق مفتوح من لدن العرش إلى قرار بطن الأرض، فيرزق الله كل عبد على قدر همته، يا زبير إن الله يحب السخاء ولو بفلقة تمرة، ويحب الشجاعة ولو بقتل الحية والعقرب، وفي إسناد هذا الحديث عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير بن العوام، ضعفه أبو حاتم الرازي، وقال ابن عدي: لم أجد من المتقدمين فيه كلاما، ولم أجد بدا من ذكره لما رأيت من أحاديثه أنها غير محفوظة.
وأورده الغزالي في الإحياء من وجه آخر [3/ 242] من حديث الواقدي، عن ابن إسحاق عن الزهري، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير بن العوام:
يا زبير اعلم أن مفاتح أرزاق العباد بإزاء العرش ... الحديث.
قال الحافظ العراقي: رواه الدارقطني، وفي إسناده الواقدي، عن محمد بن-(4/498)
1816- وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة منّان.
1817- وقال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، قال: فأتيته فلما نظرت إليه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته يقول: افشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام.
1818- وروي أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علمني عملا يدخلني الجنة وينجيني من النار، قال: تقول العدل، وتعطي- إسحاق، عن الزهري بالعنعنة ولا يصح. اهـ.
قال الزبيدي في الإتحاف [8/ 182] : رواه الدارقطني في المستجاد ...
قال: ورواه أيضا في الأفراد بلفظ: إن مفاتح الرزق متوجهة نحو العرش، فينزل الله تعالى على الناس أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثر كثر له، ومن قلل قلل له ... قال: وفيه أيضا عبد الرحمن بن حاتم المرادي، قال الذهبي: ضعيف، وقد رواه كذلك: ابن النجار، ولفظ المصنف (يعني:
الغزالي) رواه التيمي في الترغيب.
(1816) - قوله: «لا يدخل الجنة منان» :
سيعيده المصنف برقم 1876، ويأتي تخريجه هناك.
(1817) - قوله: «وصلوا بالليل والناس نيام» :
وتمامه: تدخلوا الجنة بسلام، خرجناه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 1581، 2796.
(1818) - قوله: «أن رجلا جاء» :
يقال: هذا الرجل هو كدير بن قتادة الضبي ولا يصح، لأنه قد اختلف في صحبته، أثبتها له أبو نعيم، والجمهور على خلافه، وأن حديثه مرسل، وإذا كان الأمر كذلك فلا يكون هو المبهم في الحديث، قال أبو داود في-(4/499)
الفضل، قال: ومن يطيق ذلك؟ قال: تطعم الطعام، وتفشي السلام، قال: ومن يطيق ذلك؟ قال: هل لك إبل؟ قال: نعم، قال: فانظر إلى بعير منها وسقاء وإلى أهل بيت لا يشربون الماء إلّا غبا، قال: فلعله أن لا يهلك بعيرك، ولا ينخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنة، فأدبر وهو يكبر.
- سؤالاته للإمام أحمد: قلت لأحمد بن حنبل: كدير له صحبة؟ قال: لا، قلت: إن زهيرا يقول: إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إنما سمع زهير من أبي إسحاق بأخرة. اهـ.
وقد أدخل البخاري كدير هذا في الضعفاء فلم يصب، قال ابن أبي حاتم، عن أبيه: لا صحبة له، وقال: يحول من كتاب الضعفاء، وقال الذهبي في الميزان: قواه أبو حاتم، وضعفه البخاري والنسائي، وكان من غلاة الشيعة.
انظر: المعرفة لأبي نعيم [5/ 2412] ، معجم ابن قانع [13/ 4478] ، الاستيعاب [9/ 296] ، مراسيل ابن أبي حاتم [/ 144] ، الإصابة [8/ 275] ، الميزان [4/ 330] ، اللسان [4/ 486] ، ضعفاء البخاري [/ 200] الترجمة رقم 308.
قوله: «ومن يطيق ذلك؟» :
وفي رواية أنه قال: هذا شديد، لا أستطيع أن أقول العدل كل ساعة ولا أن أعطي فضل مالي.
قوله: «فأدبر وهو يكبر» :
أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 456] رقم 19691، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [19/ 187] رقم 422، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 186] من حديث معمر، عن أبي إسحاق، عن كدير به. -(4/500)
1819- وروي: أن السلام اسم من أسماء الله تعالى مقدس، وضعه بين أهل الأرض، وما بينه وبين اسم الله الأعظم إلّا كقرب سواد العين من بياضها، وهو تحية الملائكة المقربين للمؤمنين، قال الله عزّ وجلّ: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ الاية.
- ومن طرق عن أبي إسحاق أخرجه هناد في الزهد برقم 655، 1063، والطيالسي في مسنده برقم 1361، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [4/ 463] ، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 199] رقم 2728، وابن قانع في معجمه [13/ 4478] رقم 1663، وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2412] رقم 5904، والبيهقي في الشعب [3/ 219] رقم 3374، وصححه ابن خزيمة برقم 2503، وقال: لم يتبين لي سماع أبي إسحاق من كدير، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 132] : رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح، وقول ابن خزيمة متعقب بما وقع في رواية شعبة عند الطيالسي وغيره وفيها التصريح بسماع أبي إسحاق من كدير، والله أعلم.
(1819) - قوله: «وروي: أن السلام اسم من أسماء الله» :
في الباب عن أبي هريرة، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأنس بن مالك.
أما حديث أبي هريرة، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 131] قال: أخبرنا بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن السلام اسم من أسماء الله فافشوه بينكم، أخرجه أيضا الطبراني في معجمه الأوسط [4/ رقم 3032] وابن عدي في الكامل [2/ 444] ، والعقيلي في الضعفاء [1/ 141] ، والبيهقي في الشعب [6/ 433] رقم 8784، 8785، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 29] : بشر بن رافع ضعيف.
وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 438، -(4/501)
1820- وقال ابن عباس: من كرم الرجل سلامه على من يعرفه ومن لا يعرفه، السلام أحب الأشياء إلى الله تبارك وتعالى، وهو سنة لادم وولده والأنبياء من بعده، وإن إبليس ليبكي من سلام ابن آدم على أخيه ويقول: يا ويله، لم يتفرقا حتى غفر لهما.
- 441 فرقه] رقم 5796، 5807، والبيهقي في الشعب [6/ 432] رقم 8779 من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب قال: قال عبد الله: إن السلام هو اسم من أسماء الله، وضعه الله في الأرض فافشوه بينكم، فإن الرجل إذا مر على القوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بأنه أذكرهم، وإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب- موقوف-، رفعه أيوب بن جابر- وهو ضعيف-، عن الأعمش، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [10/ 224] رقم 10391، والبيهقي في الشعب برقم 8781، 8783، وتابعه شريك، أخرجه البزار في مسنده [2/ 417 كشف الأستار] رقم 1999، والبيهقي في الشعب برقم 8782، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 29] : رواه البزار بإسنادين، والطبراني بأسانيد وأحدهما رجاله رجال الصحيح عند البزار والطبراني.
وأما حديث معاذ بن جبل، فأخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 381] من طريق ابن أبي ليلى، عن أبيه: أن معاذ بن جبل أتى الشام فرأى النصارى تسجد لبطارقتها قال: فقلت: لأي شيء تصنعون ذلك؟ قالوا: هذا كان تحية الأنبياء قبلنا، فقلت: نحن أحق أن نصنع هذا بنبينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
إنهم كذبوا على أنبيائهم وحرفوا كتابهم، إن الله عزّ وجلّ أبدلنا خيرا من ذلك: السلام تحية أهل الجنة.
وأما حديث أنس بن مالك فأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 989 من طريق حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه الله في الأرض، فافشوا السلام بينكم.(4/502)
1821- وقال صلى الله عليه وسلم: من سلم على أخيه المسلم كتب الله له عشرين حسنة، وكتب للراد عشر حسنات.
1822- وروي عنه صلى الله عليه وسلم إذ سئل: أينحني بعضنا لبعض إذا التقينا؟
قال: لا، قيل: أيصافح بعضنا بعضا؟ قال: نعم.
1823- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا التقى المسلمان فتصافحا، لم يفترقا حتى يغفر لهما.
(1821) - قوله: «كتب الله له عشرين حسنة» :
لم أجده هكذا، لكن روى عمران بن حصين قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه وقال: عشر، ثم جاء رجل فسلم فقال:
السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه وقال: عشرون، ثم جاء رجل فسلم فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه وقال: ثلاثون.
إسناده حسن، وقد خرجناه في مسند أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 2804- فتح المنان.
(1822) - قوله: «إذ سئل: أينحني بعضنا لبعض» :
تفرد بهذا الحديث حنظلة السدوسي، عن أنس، وحنظلة ضعفه الجمهور، وتركه يحيى القطان لاختلاطه.
أخرج حديثه: الإمام أحمد في المسند [3/ 198] ، والترمذي في الاستئذان، باب ما جاء في المصافحة، رقم 2729، وابن ماجه في الأدب، باب المصافحة، رقم 3702، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 431] رقم 5769، وأبو يعلى في مسنده [7/ 269، 270] رقم 4287، 4289، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 100] ، وفي الشعب [6/ 476] رقم 8962، 8963، والطحاوي في شرح معاني الاثار [4/ 281] .
(1823) - قوله: «حتى يغفر لهما» :
في الباب عن البراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وسلمان-(4/503)
.........
- الفارسي، وحذيفة بن اليمان.
(أ) أما حديث البراء، فرواه عنه جماعة منهم: أبو إسحاق السبيعي، وأبو الحكم بن أبي الشعثاء، ويزيد بن البراء، وأبو داود الأعمى، وأبو العلاء ابن الشخير، والربيع بن لوط.
1- أما حديث أبي إسحاق السبيعي، عن البراء- وهو بنحو سياق المصنف-، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 289، 303] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 431] رقم 5768، ومن طريقه أبو داود في الأدب، باب في المصافحة، رقم 5212، والترمذي في الستئذان، باب ما جاء في المصافحة، رقم 2728، وابن ماجه في الأدب، باب المصافحة، رقم 3703، والبيهقي في السنن الكبرى- من طريق أبي داود-[7/ 99] ، وفي الشعب [6/ 474] رقم 8954، والبغوي في شرح السنة [12/ 289] رقم 3326.
2- وأما حديث زيد بن أبي الحكم البصري، عن البراء، فأخرجه أبو داود- واللفظ له- برقم 5211، وأبو يعلى في مسنده [3/ 234] رقم 1673، والطيالسي في مسنده برقم 102، وابن أبي الدنيا في الإخوان برقم 112، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 99] ، وفي الشعب [6/ 474] رقم 8956 جميعهم من طريق أبي بلج عن زيد: إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله عزّ وجلّ واستغفراه، غفر لهما.
إسناده حسن، وزعم المنذري في الترغيب أن فيه اضطرابا.
3- وأما حديث يزيد بن البراء، عن أبيه، فأخرجه البيهقي في الشعب [6/ 475] رقم 8957.
4- وأما حديث أبي داود الأعمى- أحد الضعفاء- عن البراء، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 289] ، والطبراني في معجمه الأوسط [1/ 321] رقم 531، وابن أبي الدنيا في الإخوان برقم 111، قال أبو داود: -(4/504)
.........
- أخذ البراء بيدي، فقال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: ما من مؤمنين يلتقيان فيأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه- لا يأخذ بها حين يأخذ إلّا لمودة في الله- فيفترقا حتى يغفر لهما.
5- وأما حديث أبي العلاء بن الشخير، عن البراء، فأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [9/ 155- 156] رقم 8335، وابن أبي الدنيا في الإخوان برقم 110، وهذا لفظ الطبراني: قال البراء: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فصافحني، فقلت: يا رسول الله إن كنت أحسب المصافحة إلّا في العجم، قال: نحن أحق بالمصافحة منهم، ما من مسلمين يلتقيان فيأخذ أحدهما بيد صاحبه بمودة ونصيحة، إلّا ألقى الله ذنوبهما.
6- أما حديث الربيع بن لوط، عن البراء، فأخرجه البيهقي في الشعب [6/ 474] رقم 8955، إسناده حسن في الشواهد والمتابعات إذ فيه محمد بن عمرو أبو جعفر البغدادي لم أعرف حاله، وبقية رجاله مذكورون في الكتاب غير مضعفين.
(ب) وأما حديث أنس بن مالك، فرواه عنه قتادة، وميمون بن سياه.
1- أما حديث قتادة، عن أنس، فأخرجه البخاري في تاريخه الكبير [/ 252] ، وأبو يعلى في مسنده [5/ 334] رقم 2960، وابن السني في اليوم والليلة برقم 194، وابن حبان في المجروحين [1/ 288- 289] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 45] ، وابن عدي في الكامل [3/ 969] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [6/ 471، 472] رقم 8944، 8945، جميعهم من حديث درست بن حمزة- وهو ضعيف- عن مطر الوراق، عن قتادة، عن أنس مرفوعا: ما من عبدين- أو مؤمنين- متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيتصافحان ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلّا لم يفترقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر. ليس في كل الروايات ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال البخاري: لا يتابع عليه. -(4/505)
.........
- 2- وأما حديث ميمون بن سياه، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 142] ، وأبو يعلى كذلك [7/ 65- 166] رقم 4139، والبزار في مسنده [2/ 419- 420 كشف الأستار] رقم 2004، وابن عدي في الكامل [6/ 2409] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [6/ 472] رقم 8946، وهذا لفظه: ما من مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه إلّا كان حقّا على الله عزّ وجلّ أن يحضر دعاءهما، ولا يفرق بينهما حتى يغفر لهما، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 173] : رجال أحمد رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان، وثقه ابن حبان، ولم يضعفه أحد.
(ج) وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البزار في مسنده [2/ 420 كشف الأستار] رقم 2005، والبيهقي في الشعب [6/ 473] رقم 8951، كلاهما من طريق مصعب بن ثابت- ضعفه الجمهور-، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي حذيفة بن اليمان فأراد أن يصافحه فتنحى حذيفة، فقال: إني كنت جنبا، فقال: إن المسلم إذا صافح أخاه تحاتت خطاياهما كما يتحات ورق الشجر.
* رواه بعضهم عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة فذكر معاذا بدل حذيفة، علقه البيهقي في الشعب برقم 8952، وقال: حذيفة أشبه.
(د) وأما حديث سلمان الفارسي، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 315] رقم 6150، والبيهقي في الشعب [6/ 473] رقم 8950 كلاهما من طريق الجعد أبي عثمان قال: حدثني أبو عثمان النهدي، عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المسلم إذا لقي أخاه فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات الورق اليابس من الشجر في يوم عاصف وإلّا غفر لهما وإن كانت ذنوبهما مثل زبد البحر، حسنه المنذري في الترغيب، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 37] : رجاله رجال الصحيح.
(هـ) وأما حديث حذيفة بن اليمان، فأخرجه الطبراني في الأوسط-(4/506)
1824- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليصافحه، فإنه أثبت للمودة.
1825- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: المصافحة تسل السخيمة.
-[1/ 184] رقم 247، والبيهقي في الشعب [6/ 473] رقم 8953- وهو في مسند الديلمي [1/ 190] رقم 714- قال المنذري في الترغيب:
لا أعلم في رواته مجروحا.
(1824) - قوله: «فإنه أثبت للمودة» :
لم أقف عليه إلّا من قول الحسن وسيورده المصنف.
(1825) - قوله: «المصافحة تسل السخيمة» :
كذا في الأصل: المصافحة، والذي وقفت عليه من حديث أنس أن ذلك في الهدية، فعنه مرفوعا: يا معشر الأنصار تهادوا، فإن الهدية تسل السخيمة، لو أهدي إليّ كراع لقبلت، ولو دعيت إلى ذراع لأجبت، أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 316] رقم 1549، والبزار في مسنده [2/ 394 كشف الأستار] رقم 1937، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 91، 187] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 442، وابن حبان في المجروحين [2/ 183] ، وابن عدي في الكامل [2/ 693- 694] ، والبيهقي في الشعب [6/ 479] رقم 8977، 8978 جميعهم من حديث عائذ بن شريح- أحد الضعفاء- عن أنس به.
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [25/ 162- 163] رقم 393، والبيهقي في الشعب [6/ 480] رقم 8979، 8980، وأبو نعيم في المعرفة [6/ 3485] رقم 7904، وابن الأثير في الأسد [7/ 323] جميعهم من حديث أم حكيم بنت وداع الخزاعية أنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إيش الذي يصلح للغني من الفقير؟ قال: النصيحة والدعاء، قلت: نكره رد اللطف؟ قال: ما أقبحه، لو أهدي إلي كراع لقبلت، ولو دعيت إلى ذراع-(4/507)
1826- وروي عن الحسن أنه قال: تصافحوا فإنه يزيد في المودة.
1827- وروي أن الصحابة كانوا إذا صافح بعضهم بعضا قرأوا:
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) الاية، فروي أنها سنة.
1828- وروي عن بعضهم: أنه أمان من العذاب، ولم يفشه قوم إلّا أمنوا من العذاب.
- لأجبت، قالت: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تهادوا فإن الهدية تزيد في القلب حبا، وتذهب بغوائل الصدر- وهو في مسند الفردوس [2/ 46] رقم 2296-.
(1826) - قوله: «وروي عن الحسن» :
هو البصري، أورد قوله هذا الشيخ أبو طالب المكي في قوت القلوب، وتبعه الغزالي في الإحياء.
(1827) - قوله: «كانوا إذا صافح بعضهم بعضا» :
أخرجه أبو داود في الزهد برقم 409، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 55- 56] رقم 5120، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [3/ 214] ، والبيهقي في الشعب [6/ 501] رقم 9057، جميعهم من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي مدينة الدارمي- وكانت له صحبة- قال:
كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الاخر: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، ثم يسلم أحدهما على الاخر.
قال ابن المديني: اسم أبي مدينة: عبد الله بن حصن.
(1828) - قوله: «وروي عن بعضهم» :
أخرج الحكيم في نوادر الأصول [1/ 186] ، عن أبي بكر الصديق قوله:
السلام أمان للعباد فيما بينهم، وذكره في كشف الخفاء عن أنس بلفظ: -(4/508)
1829- وروى سويد بن علقمة بن الحارث، عن أبيه علقمة بن الحارث قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا سابع سبعة من قومي، فسلّمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّ علينا، فكلمناه فأعجبه كلامنا فقال: من أنتم؟ قلنا: مؤمنون، قال: لكل إيمان حقيقة، فما حقيقة إيمانكم؟ قلنا:
خمس عشر خصلة، خمس أمرتنا بها، وخمس أمرتنا بها رسلك، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية، ونحن عليها إلّا أن تنهانا يا رسول الله.
قال: وما الخمس التي أمرتكم بها؟ قالوا: أمرتنا أن نؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والقدر خيره وشره.
- السلام أمان الله في الأرض، وعزاه لأبي نعيم والديلمي في مسند الفردوس.
(1829) - قوله: «وروى سويد بن علقمة بن الحارث، عن أبيه» :
عزى هذا الحديث للمصنف: الحافظ ابن حجر في الإصابة [4/ 299] في ترجمة سويد بن الحارث فقال: روى حديثه أبو سعيد- كذا- النيسابوري في شرف المصطفى، عن أحمد بن أبي الحواري فقال: علقمة بن سويد بن علقمة بن الحارث، فذكره أبو موسى في الذيل: علقمة بن الحارث بسبب ذلك. اهـ.
قال أبو عاصم: كلام الحافظ يوهم أن الحديث عند المصنف في كتابه هذا كما يظهر من عبارته- وهو معلق عندنا كما ترى وقد أشكل علينا ذلك، لكن بالبحث وجدنا الحديث في تهذيب الأسرار للمصنف أيضا مسندا من الوجه الذي ذكره الحافظ في باب: في ذكر وصاياهم: قال أبو سعد: سمعت الشريف أبا الحسن: محمد بن علي بن الحسين الصوفي يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: سمعت علقمة بن يزيد بن سويد الأزدي يقول: سمعت أبي يقول:
سمعت جدي يقول: ... فذكره. -(4/509)
قال: وما الخمس التي أمرتكم بها رسلي؟ قلنا: أمرتنا رسلك أن نشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، ونقيم الصلاة المكتوبة، ونؤدي الزكاة المفروضة، ونصوم شهر رمضان، ونحج البيت إن استطعنا إليه سبيلا.
قال: وما الخصال التي تخلقتم بها في الجاهلية؟ قلنا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والصدق في مواطن اللقاء، والرضا لمر القضاء، وترك الشماتة إذا حلت بالأعداء.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقهاء، أدباء، كادوا يكونون أنبياء من خصال ما أشرفها، وتبسم إلينا ثم قال: وأنا أوصيكم بخمس خصال يكمل الله لكم خصال الخير: لا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا فيما غدا عنه تزولون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون، وعليه تقدمون، وارغبوا فيما إليه تصيرون، وفيه تخلدون.
- وفي إسناد حديثه اختلاف على أبي سليمان الداراني:
1- فمنهم من يقول: عن أحمد بن أبي الحواري، عن أبي سليمان الداراني، عن علقمة بن يزيد بن سويد: حدثني أبي، عن جدي سويد بن الحارث قال: وفدت على أبي ... الحديث.
أخرجه أبو موسى المديني، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [2/ 488] ، وأبو نعيم في الحلية [9/ 279] ، وابن عساكر في تاريخه [41/ 197- 198] ، وأبو أحمد العسكري، والرشاطي- كما في الإصابة [4/ 298]-.
2- ومنهم من يقول: عن أحمد بن أبي الحواري، عن أبي سليمان الداراني: سمعت علقمة بن يزيد بن سويد بن الحارث يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جدي علقمة بن الحارث يقول: قدمت على-(4/510)
1830- وكان صلى الله عليه وسلم يمنع عن الهجران، ويحث على التواصل، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
1831- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ومن بدأ السلام فهو أولى بالله ورسوله.
1832- وقال صلى الله عليه وسلم: من هجر أخاه فوق ثلاث فهو في النار.
- رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث.
أخرجه ابن عساكر [41/ 199] ، وانظر بقية الاختلاف في تاريخ ابن عساكر [41/ 197- 201] .
(1830) - قوله: «يمنع عن الهجران» :
في نسخة: عن هجر الأخ.
قوله: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس بن مالك، وأبي أيوب الأنصاري.
(1831) - قوله: «ومن بدأ السلام» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 245، 261، 264، 269] ، وأبو داود في الأدب برقم 5155، والترمذي في الأدب أيضا برقم 2694، وقال:
حسن، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 210، 237، 252] ، رقم 7743، 7814، 7858 من طرق عن أبي أمامة به.
(1832) - قوله: «فهو في النار» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 342] رقم 5423، والطبراني في معجمه الكبير [18/ 315] رقم 815 من حديث فضالة بن عبيد وزاد: إلّا أن يتداركه الله بكرمه، ورجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 67] ، ورواه أبو داود في الأدب، باب فيمن يهجر أخاه المسلم، من حديث أبي هريرة.(4/511)
1833- وكان صلى الله عليه وسلم يذم الغضب، وقال صلى الله عليه وسلم: ما تعدون الصرعة فيكم- أو الشدة-؟ قالوا: الذي لا يصرعه الرجال، قال: لا، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب.
1834- وتنازع رجلان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت أوداج أحدهما واحمرت عينه، فقال صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف كلمة لو قالها هذا الغضبان لذهب غضبه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
1835- وجاءه رجل فقال: علمني عملا أدخل به الجنة؟ قال:
لا تغضب.
(1833) - قوله: «الذي يملك نفسه عند الغضب» :
أخرجه مسلم في البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب، رقم 2608 (106) ، وأبو داود في الأدب، باب من كظم غيظا، رقم 4779، والإمام أحمد في مسنده [1/ 382] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 532] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 155 جميعهم من حديث الحارث بن سويد، عن ابن مسعود به.
(1834) - قوله: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» :
أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم 3282، وفي الأدب، باب ما ينهى عن السباب واللعن، رقم 6048، وفي باب الحذر من الغضب، رقم 6115، ومسلم في البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه، رقم 2610 (109، 110) .
(1835) - قوله: «أدخل به الجنة» :
هذا بهذا اللفظ عند أبي يعلى الموصلي في المسند [3/ 166] رقم 1593 من رواية الأعمش، عن أبي صالح به- مرسل-.
وأخرجه البخاري موصولا في الأدب، باب الحذر من الغضب من رواية-(4/512)
1836- وكان فعله صلى الله عليه وسلم الرفق، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الرفق في شيء إلّا زانه، ولا يفارق شيئا إلّا شانه.
1837- وقال في بعض كلامه لعائشة رضي الله عنها: اعلمي أن الرفق لم يدخل في شيء قط إلّا زانه، ولم يفارق شيئا قط إلّا شانه.
- أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به، إلّا أن السؤال:
أوصني ... الحديث، رقم 6116، كذلك أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 466] ، والترمذي في البر، باب ما جاء في كثرة الغضب، رقم 2021.
وقيل: إن السائل هو جارية بن قدامة، أخرج حديثه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 532- 533، 533] ، والإمام أحمد في المسند [5/ 34، 370، 372] ، وأبو يعلى في مسنده [12/ 226] رقم 6838، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 292- 295] الأرقام من 2093- 2107، والخطيب في تاريخه [3/ 108] ، وصحح حديثه ابن حبان- كما في الإحسان- رقم 5689، 5690.
(1837) - قوله: «وقال في بعض كلامه» :
ذكره المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة عند مسلم قال: ركبت عائشة بعيرا فكانت فيه صعوبة فجعلت تردده، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ...
فذكر نحوه، أخرجه في البر والصلة، باب فضل الرفق، رقم 2594 (79) ، وأخرجه بعضهم مختصرا منهم: الإمام أحمد في مسنده [6/ 85، 112، 206، 212] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 469، 475، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 510] ، وأبو داود في الجهاد، باب ما جاء في الهجرة وسكنى البدو برقم 2478، 24808 وغيرهم.(4/513)
1838- وروي أن جماعة من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك يا محمد، فقال صلى الله عليه وسلم: وعليكم، فسمعت عائشة رضي الله عنها فقالت: عليكم السام والبرسام، فقال صلى الله عليه وسلم: مهلا يا عائشة، فإن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وما دخل العنف شيء إلّا شانه.
1839- وحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جفنة من عند أم سلمة- ثريدا أو طعاما- فرمته عائشة وكسرتها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع ذلك في جفنة ويقول: غارت أمكم، غارت أمكم.
1840- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على الرفق بالولد وغيره، وقال: من كان له ثلاث بنات، يكفيهن ويرحمهن ويرفق بهن فهو في الجنة.
(1838) - قوله: «السام والبرسام» :
كذا في الأصول، وفي رواية البخاري: السام واللعنة، وفي رواية مسلم: السام والذام- لغة في الذم-، فأما البرسام فهي العلّة كما في اللسان، البرسام: علة معروفة، وقد برسم الرجل فهو مبرسم: إذا كان معلولا.
(1839) - قوله: «من عند أم سلمة» :
أبهم البخاري اسم المرسلة والتي كان عندها النبي صلى الله عليه وسلم يومها لتعدد القصة فيما يظهر، فأخرج في المظالم من حديث حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة ... الحديث، خرجنا طرقه وألفاظه في فتح المنان شرح مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 2761.
(1840) - قوله: «يكفيهن ويرحمهن» :
أخرجه بهذا اللفظ جماعة من حديث ابن المنكدر مرسلا وروي موصولا، والمرسل أصح، وفي الإسنادين علي بن زيد والاختلاف فيه منه. -(4/514)
1841- وقال صلى الله عليه وسلم: من كانت له أنثى فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده عليها- يعني: الذكور- أدخله الله الجنة.
1842- وقال صلى الله عليه وسلم: من كانت له أختان- أو بنتان- فأحسن إليهما كنت أنا وهو كهاتين- يعني: السبابة والوسطى-.
- فأما المرسل، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 458] رقم 19697، والبيهقي في الشعب [6/ 406] رقم 8685.
وأما المسند الموصول عن ابن المنكدر عن جابر، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 362] ، والإمام أحمد في المسند [3/ 303] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 78، وأبو يعلى في مسنده [4/ 147] رقم 2210، والبزار في مسنده [2/ 384 كشف الأستار] رقم 1908، والطبراني في الأوسط [5/ 381] رقم 4757.
قال أبو عاصم: ثم وقفت عليه من غير طريق ابن جدعان، عند البزار في مسنده [2/ 384 كشف الأستار] رقم 1908، من حديث سليمان التيمي، والطبراني في الأوسط [6/ 73] رقم 5153 من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن ابن المنكدر، والطريقان يشعران بأن له أصلا من حديث ابن المنكدر عن جابر فيما يخص اللفظ الوارد هنا، فأما معناه فثابت في الصحيحين، وأخرجه أصحاب السنن بألفاظ وأسانيد صحيحة.
(1841) - قوله: «من كانت له أنثى» :
أخرجه أبو داود في الأدب، باب في فضل من عال يتيما، من حديث ابن حدير- وليس بمشهور- عن ابن عباس به رقم 5146، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 177] وأقره الذهبي في التلخيص.
(1842) - قوله: «يعني: السبابة والوسطى» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 551، 552] ، والإمام أحمد في المسند [3/ 147، 148، 156] ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده [6/ 166]-(4/515)
1843- وفي بعض الأخبار: وإن كانت واحدة.
1844- وروي أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- أو غيره- رجع من اليمن، وكانوا قبل ذلك يتكلمون في الصلاة.
- رقم 3448 من حديث ثابت، عن أنس، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 447.
(1843) - قوله: «وفي بعض الأخبار» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 335] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 364- 365] ، والحاكم في المستدرك [4/ 176] ، والبيهقي في الشعب [6/ 405] رقم 8678 جميعهم من حديث عمر بن نبهان- وفيه جهالة- عن أبي هريرة: من كانت له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وعلى ضرائهن دخل الجنة، زاد في رواية محمد بن يونس: فقال رجل: يا رسول الله وابنتين؟
قال: وابنتين، قال: يا رسول الله وواحدة؟ قال: وواحدة.
قلت: حديث: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه، أخرجه مسلم في البر والصلة برقم 2631، وابن أبي شيبة [8/ 552] ، والترمذي في البر والصلة برقم 1914، والحاكم في المستدرك [4/ 177] ، والبغوي في شرح السنة برقم 1682 جميعهم من حديث عبيد الله ابن أبي بكر بن أنس، عن أنس به، قلب بعض الرواة اسم عبيد الله فقال فيه: عن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس.
(1844) - قوله: «وروي أن عبد الله بن مسعود» :
حديثه في النهي عن الكلام في الصلاة أخرجاه في الصحيحين وله طرق وألفاظ ليس فيها اللفظ المذكور هنا، أدرك ذلك المصنف فأعقبه بقوله:
أو غيره: وهو معاوية بن الحكم السلمي، والحديث حديثه، لكن ذهل المصنف بقوله: رجع من اليمن، لأن نسخ الكلام في الصلاة وقع بالمدينة وبعد رجوع من رجع من الصحابة منه- وفيهم ابن مسعود- من الحبشة.(4/516)
قال: أدركت الصلاة وهم يصلون، فقلت: كم صليتم؟ فجعلوا ينظرون إليّ شذرا، ويضربون أفخاذهم، فخشيت أنه نزل فيّ قرآن، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني فما ضربني ولا نهرني بأبي وأمي ما رأيت معلما أحسن تأديبا منه، فقال: إنما جعلت الصلاة للتهليل والتسبيح والتحميد.
1845- وروي أن بعض الأعراب دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال، فهمّ أصحابه بضربه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقطعوا عليه بوله وارفقوا به، قوله: «فقلت: كم صليتم» :
لم أقف عليه هكذا، وحديث معاوية عند مسلم نحو هذا، فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمّياه ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما نهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، لفظ مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة، رقم 537، وانظر تخريجه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع للإمام أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1623.
(1845) - قوله: «وروي أن بعض الأعراب» :
يقال: هو ذو الخويصرة التميمي: حرقوص بن زهير، الذي صار بعد ذلك من رؤوس الخوارج، وقيل: هو الأقرع بن حابس، وقيل: عيينة بن حصن.
قصته في الصحيحين من حديث أنس بن مالك وأبي هريرة، فرقهما البخاري في صحيحه، فأخرج حديث أبي هريرة في الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، برقم 220، وفي الأدب، باب رحمة الناس-(4/517)
فلما فرغ دعاه فقال: إنما بني هذا المسجد للصلاة فيه، فأمر بذنوب من ماء فصب على بوله، فخرج الرجل من عنده وقال: اللهمّ ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: لقد حجّرت واسعا.
- والبهائم، رقم 6010، وفيه أيضا، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، وكان يحب التخفيف والتيسير على الناس، برقم 6128، وأخرج حديث أنس في الوضوء، باب ترك النبي صلى الله عليه وسلم والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد، رقم 219 وفيه أيضا، باب صب الماء على البول في المسجد، رقم 221، وفي الأدب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:
يسروا ولا تعسروا، رقم 6125، وأخرجه مسلم في الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، رقم 284 (98، 99، 100) .
قوله: «فخرج الرجل من عنده» :
في رواية أبي هريرة عند البخاري في الأدب أنه قال ذلك وهو في الصلاة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: لقد حجّرت واسعا، بعد ما سلّم من الصلاة.(4/518)
[265- فصل: وما نقم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد من النّاس في شيء فعرف به]
265- فصل:
وما نقم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد من النّاس في شيء فعرف به 1846- ولقد كلمه عمه العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن حرب في العفو عن أهل مكة ليلة أسر أبو سفيان وأسلم، فقال العباس:
بأبي أنت وأمي هم عشيرتك وبيضتك التي تفلّقت عنك، وهم الأعمام والأخوال، والاباء والأبناء، لو قد بدأت بهم فعفوت عن وفدهم، وهذا أبو سفيان ذو شرف وسن فاصنع إليه شيئا ينال به ذكرا، فقال صلى الله عليه وسلم: مروا صائحا يصيح: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
فقال أبو سفيان: بأبي وأمي، وما داري؟ إنما هي مربض العنز، ولكن آمن قومك حيث كانوا، فقال صلى الله عليه وسلم: من وضع السلاح فهو آمن، ومن أتى المجلس فجلس فيه فهو آمن، ومن كف يده فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن.
فأعطاهما النبي صلى الله عليه وسلم كل ما طلباه.
(1846) - قوله: «ولقد كلمه عمه العباس بن عبد المطلب» :
انظر القصة في فتح مكة في: المصنف لابن أبي شيبة [14/ 480- 496] رقم 18748- 18769، سنن أبي داود، كتاب الخراج، باب ما جاء في خبر مكة، رقم 3021، 3022، مغازي الواقدي [2/ 814- 818] ، دلائل البيهقي [5/ 31- 35] ، سيرة ابن هشام [4/ 16] .(4/519)
[266- فصل: وكان صلى الله عليه وسلم أسرع النّاس إلى العفو والبرّ وأولاهم به صلى الله عليه وسلم]
266- فصل:
وكان صلى الله عليه وسلم أسرع النّاس إلى العفو والبرّ وأولاهم به صلى الله عليه وسلم 1847- روي أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمزود له فقال: املأ هذا تمرا وهذا سويقا، لست تعطي من مالك ولا من مال أبيك، فقال: أعد، كيف قلت؟ فأعاد الرجل كلامه، فقال صلى الله عليه وسلم: املأوا هذا تمرا وسويقا، لست أعطي من مالي ولا من مال أبي.
(1847) - قوله: «وروي أن رجلا» :
من الأعراب، جاف الخلق، حاد الطبع.
قوله: «بمزود له» :
على بعيرين، أخرجه أبو داود في الأدب، باب في الحلم وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم رقم 4775، والنسائي في القسامة من السنن الكبرى، باب القوة من الجبذة، رقم 6978، واللفظ له عن أبي هريرة قال: كنا نقعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فإذا قام قمنا معه، فقام يوما فقمنا معه، حتى لما بلغ وسط المسجد أدركه أعرابي فجبذ بردائه من ورائه، وكان رداؤه خشنا فحمّر رقبته فقال: يا محمد احمل لي على بعيري هذين، فإنك لا تحمل من مالك ولا مال أبيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وأستغفر الله، لا أحمل لك حتى تقيدني مما جبذت برقبتي، فقال الأعرابي: لا والله لا أقيدك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات كل ذلك يقول: لا والله لا أقيدك، فلما سمعنا قول الأعرابي أقبلنا إليه سراعا، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عزمت على من سمع كلامي أن لا يبرح مقامي حتى-(4/520)
1848- وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: احملني، فقال:
لا أحملك، قال: لا بد أن تحملني، فقال: والله لا أحملك.
فولى الرجل وآيس.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني به لأحمله، فقيل: يا رسول الله حلفت ألا تحمله.
قال: إني إذا حلفت على يمين فرأيت أن غيرها خيرا منها كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير.
1849- وسأله رجل فقال: ما أجد ما أعطيك، فولى الرجل عنه وهو مغضب وهو يقول: أما إنك تعطي من شئت، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على- آذن له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من القوم: يا فلان احمل له على بعير شعيرا وعلى بعير تمرا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصرفوا.
(1848) - قوله: «وجاء رجل» :
هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.
قوله: «لا بد أن تحملني» :
هذا بالمعنى، وفي رواية الحاكم وغيره أنه طلب منه ذلك ثلاثا كل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: والله لا أفعل.
قوله: «وأتيت الذي هو خير» :
أخرجه البخاري في المغازي، باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن، رقم 4385، وفي كفارات الأعيان، باب الاستثناء في الأعيان، رقم 6718، وفي باب الكفارة قبل الحنث وبعده، رقم 6721.
وأخرجه مسلم في الأعيان، باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير، رقم 1649 (7، 8، 9، 10) ، وانظر الحاكم في المستدرك [4/ 301] .(4/521)
الناس وقال: يغضب أحدكم إذا لم أجد ما أعطيه يوما.
1850- وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقال رجل: هذا قسم ما أريد به وجه الله تعالى، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نظر إلى الرجل فقال: يرحم الله أخي موسى، قد كان يؤذى بأشد من هذا فصبر.
1851- وخرج عكرمة بن أبي جهل حين افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة (1849) - قوله: «إذا لم أجد ما أعطيه» :
زاد مالك: من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا، أخرجه في الموطأ برقم 1837، ومن طريقه أبو داود في الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، رقم 1627، ومن طريق أبي داود البيهقي في الكبرى [7/ 24] ، ومن طريق مالك أيضا: النسائي في الزكاة، باب إذا لم يكن له دراهم وله عدلها، رقم 2596، والطحاوي في شرح معاني الاثار [2/ 21] .
(1850) - قوله: «هذا قسم ما أريد به وجه الله» :
أخرجه البخاري في غير موضع من صحيحه أذكر واحدا اختصارا، فأخرجه في الخمس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم، رقم 3150، وأخرجه مسلم في الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، وتصبر من قوي إيمانه، رقم 1062.
(1851) - قوله: «وخرج عكرمة بن أبي جهل» :
صحابي من مسلمة الفتح، قال الإمام الشافعي رحمه الله: عكرمة بن أبي جهل ابن هشام كان محمود البلاء في الإسلام، محمود الإسلام حين دخل فيه.
انظر أخباره في: تاريخ ابن عساكر [41/ 51- 72] ، سير أعلام النبلاء [1/ 323] ، طبقات ابن سعد [5/ 329] ، التاريخ الكبير [7/ 48] ، أسد الغابة [4/ 70] ، الإصابة [7/ 36] ، العقد الثمين [6/ 119] ، المعرفة لأبي نعيم [4/ 2171] ، الاستيعاب [3/ 190] .(4/522)
هاربا إلى اليمن، فخرج من أهله من يخبره بكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفوه، وأنه لا يثرّب على أحد شيئا ولا يؤاخذه بما مضى، فرجع حتى دخل المسجد الحرام وهو خائف، فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إليه ونشر رداءه حتى استقبله وقبّل بين عينيه، استئلافا وكرما وعفوا.
فقال عكرمة: ما فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أحب إليّ من النفس والولد والوالد، ثم أسلم وحسن إسلامه حتى استشهد يوم أجنادين.
1852- وروي أن بعض المتصلين بأبي جهل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنا نؤذى في الأسواق، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر وقال: لا تسبوا الأموات فتحزنوا به الأحياء.
قوله: «فخرج من أهله من يخبره» :
روى الواقدي في مغازيه [2/ 850] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه أن زوجته أم حكيم بنت الحارث بن هشام استأمنت له، فأمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركته باليمن فردته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له: يا ابن عم جئتك من عند أوصل الناس، وأبر الناس، وخير الناس ... الحديث.
قوله: «ونشر رداءه» :
في «ظ» : وبسط رداءه، وفي رواية ابن عساكر: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عكرمة وثب إليه وما على رسول الله صلى الله عليه وسلم رداء- كذا- فرحا بعكرمة ...
الحديث.
(1852) - قوله: «بعض المتصلين بأبي جهل» :
هو عكرمة بن أبي جهل، أخرج ابن عساكر في تاريخه [41/ 67] من طريق ابن سعد قال: أنا أبو سهل، أنا داود، عن هشام بن يحيى قال:
قال شيخ لنا: لما قدم عكرمة بن أبي جهل المدينة جعل الناس يتنادون:
هذا ابن أبي جهل، هذا ابن أبي جهل، فانطلق هو أولا حتى دخل على-(4/523)
.........
- أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له أم سلمة: ما لك، وما شأنك؟ قال:
ما شأني؟! لا أخرج في طريق ولا سوق إلّا تنادوا بي: هذا ابن أبي جهل، هذا ابن أبي جهل، قال: ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلال ذلك فذكرت ذلك له أم سلمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقالته: ما بال أقوام يؤذون الأحياء بشتم الأموات، ألا لا تؤذوا الأحياء بشتم الأموات.
وأخرج الحاكم في المستدرك [3/ 243] من حديث الزبير بن موسى، عن مصعب بن عبد الله بن أبي أمية، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت لأبي جهل عذقا في الجنة، فلما أسلم عكرمة قال:
يا أم سلمة هذا هو، قالت أم سلمة: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه عكرمة أنه إذا مر بالمدينة قيل له: هذا ابن عدو الله أبي جهل، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال: إن الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، لا تؤذوا مسلما بكافر، قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: لا بل فيه ضعيفان، وأخرج الواقدي في مغازيه [2/ 850] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [41/ 63] من حديث ابن الزبير في قصة مكة وفيه: فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال لأصحابه: يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي، ولا تبلغ الميت.
وأخرج ابن عساكر أيضا [41/ 67] من حديث سفيان عن عمرو بن دينار قال: لما قدم عكرمة بن أبي جهل المدينة اجتمع الناس فجعلوا يقولون:
هذا ابن أبي جهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات، مرسل.
فهذا ما يتعلق بالمتن المتصل بالقصة، وهو محفوظ بدونها أيضا، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 252] ، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في الشتم رقم 1982، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 420] رقم-(4/524)
1853- وأمر صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره بلالا أن يرقب لهم الفجر، فنام بلال، فلم يشعر النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه حتى أصابتهم الشمس، فقال الناس:
ماذا صنعت بنا يا بلال؟ فجعل صلى الله عليه وسلم يعذره ويقول: إن بلالا أتاه الشيطان وهو يرقب لكم الفجر فأخذ يهديه كما يهدي الصبي حتى نام، فقال أبو بكر: - 1013، من حديث المغيرة بن شعبة وصححه ابن حبان كما في الإحسان برقم 3022، وأخرج البخاري في الجنائز، باب ما ينهى عن سب الأموات، رقم 1393، وفي الرقاق، باب سكرات الموت، رقم 5616، والإمام أحمد في مسنده [6/ 180] ، والدارمي كذلك في السير، باب في النهي عن سب الأموات، رقم 2670 فتح المنان، والنسائي في الجنائز، باب النهي عن سب الأموات، رقم 1936 جميعهم من حديث مجاهد، عن عائشة مرفوعا: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.
(1853) - قوله: «في بعض أسفاره» :
بين مالك في روايته أن ذلك كان في طريق مكة، فالظاهر أنها غير القصة التي وقعت بعد رجوعهم من خيبر المخرجة في الصحيحين، لكن قال ابن عبد البر في التمهيد [5/ 205] : قول زيد بن أسلم في هذا الحديث أنها في طريق مكة ليس بمخالف لأن طريق خيبر وطريق مكة من المدينة يشبه أن يكون واحدا، وربما جعلته القوافل واحدا، قال: وأظن أن القصة لم تعرض له إلّا مرة واحدة فيما تدل عليه الاثار، والله أعلم، إلّا أن في بعضها فيه مرجعه من خيبر، كذا قال ابن شهاب عن سعيد بن المسيب في هذا الحديث، وهو أقوى ما يروى في هذا وهو الصحيح ... إن شاء الله.
وقال في الاستذكار [1/ 329] : ويحتمل أن يكون نومه- يعني عن صلاة الفجر- مرتين لأن في بعض الأحاديث أن ذلك النوم كان منه عليه الصلاة والسلام زمن الحديبية، وفي بعضها زمن خيبر، وفي بعضها بطريق مكة، ويشبه أن يكون كل واحدا، لأن عمرة الحديبية كانت زمن خيبر وهو طريق-(4/525)
أشهد أنك رسول الله.
1854- وكان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له صلى الله عليه وسلم بالبركة أو يسميه فيأخذه صلى الله عليه وسلم فيضعه في حجره تكرمة لأهله، فربما بال الصبي عليه فيصيح- مكة إن شاء الله، قال: وأما قول عطاء بن يسار أن ذلك كان في غزوة تبوك فليس بشيء وأحسبه وهما. اهـ. قال الإمام النووي في شرح مسلم:
ظاهر الأحاديث أنه مرتان، ومال إليه ابن حجر فقال في الفتح: ما حاوله ابن عبد البر من الجمع بين الحادثتين لا يخفى ما فيه من التكلف، ورواية غزوة تبوك ترد عليه. اهـ.
قلت: لا زال الأمر لم يتضح لأن ابن عبد البر أجاب باحتمال وقوع الوهم من عطاء في قوله أن ذلك كان في غزوة تبوك، فالله أعلم.
والحديث أخرجه مالك في الموطأ برقم 25، عن زيد بن أسلم معضلا، ومن طريقه البيهقي في الدلائل [4/ 273- 274] .
قال البيهقي: في هذا الحديث المرسل عن زيد بن أسلم أن ذلك كان في طريق مكة.
قوله: «أشهد أنك رسول الله» :
لعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نام ليسن لأمته من بعده، فهو من الباب الذي أخبر عنه صلى الله عليه وسلم: إني لأنسى أو أنسى لأسن، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي، قال ابن عبد البر: الذي كانت عليه جبلته وعادته صلى الله عليه وسلم أن لا يخامر النوم قلبه، ولا يخالط نفسه، إنما كانت تنام عينه، قال:
فلما أراد الله منه ما أراد ليبين لأمته صلى الله عليه وسلم قبض روحه وروح من معه ليبين لهم مراده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا التأويل جماعة أهل الفقه والأثر وهو واضح، والمخالف فيه مبتدع.
(1854) - قوله: «وكان يؤتى بالصبي الصغير» :
أخرج مسلم في الطهارة، باب حكم بول الطفل من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرّك عليهم ويحنكهم، فأتي بصبي فبال-(4/526)
بعض من رآه حين بال، فيقول: لا تزرموا الصبي، فيدعه حتى يقضي بوله، ثم يدعو له أو يسميه إياه فيبلغ سرور أهله فيه، ولا يرون أنه تأذى ببول صبيهم، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعد، وأتبع ذلك البول الماء.
1855- ومشى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن عباس حين ولد فأخذ بفقميه، ثم مج في فيه من ريقه صلى الله عليه وسلم ثم قال: اللهمّ فقهه في الدين وعلمه التأويل، فحنكه بأفضل ما حنك به أحد من الناس بريق النبوة.
وكان ابن عباس غاية في الفقه والمعرفة بالتأويل.
1856- وجاءت عائشة رضي الله عنها بابن الزبير حين ولد فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث لعق من عسل.
- عليه، فدعا بماء، فأتبعه بوله ولم يغسله، وهو عند الإمام البخاري في الوضوء، باب بول الصبيان بلفظ أخصر منه.
قوله: «لا تزرموا الصبي» :
الإزرام: القطع، يريد: لا تقطعوا عليه بوله، وهذه القصة بهذا السياق أوردها الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 194] .
(1855) - قوله: «اللهمّ فقهه في الدين» :
تقدم في أبواب الدلائل، فيمن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1238، 1240، وسيأتي في فضائله رضي الله عنه برقم: 2528، 2529، وانظر أيضا: 2530، 2533.
(1856) - قوله: «بثلاث لعق من عسل» :
كذا قال، وقد أخرج الإمام البخاري في مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة رقم 3909، وفي العقيقة، باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه، برقم 5469، ومسلم في-(4/527)
1857- وكان صلى الله عليه وسلم يحنك الصبيان بالتمر أيضا.
1858- وكان من أفعاله صلى الله عليه وسلم ألا يدع العقيقة عن المولود من أهله، ويأمر بثلاث: حلق رأس ذلك الصبي،....
- الاداب، باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته رقم 2146 (25، 26) وهذا لفظ البخاري عن أسماء رضي الله عنها أنها حملت بعبد الله بن الزبير قالت: فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حنكه بتمرة ثم دعا وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام.
(1857) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يحنك الصبيان بالتمر أيضا» :
شاهده في الصحيحين ما تقدم وفيه أيضا ما أخرجاه من حديث أبي موسى قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم، فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إليّ وكان أكبر ولد أبي موسى، وأخرجا من حديث أنس قصة وفاة ابن أبي طلحة ثم ما رزقهما الله ببركة دعوته صلى الله عليه وسلم حين ولدت له غلاما فقال أبو طلحة لأنس: احمله حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وبعثت معه بتمرات فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في فيّ الصبي، ثم حنكه وسماه عبد الله.
(1858) - قوله: «ويأمر بثلاث» :
أخرج البخاري في العقيقة من صحيحه، باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة رقم 5471، 5472 من حديث سلمان بن عامر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى، انظر تخريجه في كتابنا فتح المنان، شرح مسند أبي محمد الدارمي تحت رقم 1803، 1804، وانظر أيضا تعليقنا على حديث رقم 2099 في الكتاب المشار إليه.(4/528)
وأن يتصدق عنه بوزن شعره فضة.
1859- ولقد عق صلى الله عليه وسلم عن نفسه بعد ما جاءته النبوة.
قوله: «وأن يتصدق عنه بوزن شعره فضة» :
أخرج الترمذي في الأضاحي، باب العقيقة بشاة برقم 1519، والحاكم في المستدرك [3/ 179، 4/ 237] من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسين بشاة وقال: يا فاطمة احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة، قال: فوزنته فكان وزنه درهما أو بعض درهم، قال الترمذي: حسن غريب، وإسناده ليس بمتصل، وأبو جعفر محمد بن علي لم يدرك علي ابن أبي طالب.
قلت: وصله يعلى بن عبيد وهو ثقة، عن ابن إسحاق عند الحاكم، وله شاهد من حديث أبي رافع عند الإمام أحمد في المسند [6/ 390، 392] ، والبيهقي في السنن الكبرى [9/ 304] ، وابن أبي الدنيا في العيال برقم 53.
(1859) - قوله: «ولقد عق صلى الله عليه وسلم عن نفسه» :
هذا الحديث لم يثبته الحفاظ مع كونه روي بإسناد صحيح، ولعله من نتائج التتابع، تبع الحفاظ بعضهم بعضا في عدم إثباته، وأنا أورد ما وقفت عليه من الأسانيد الصحيحة ثم أورد لك كلام الحفاظ في هذا.
قال ابن أبي الدنيا في كتاب العيال [1/ 208] حديث رقم 66: حدثنا عمرو الناقد، ثنا الهيثم بن جميل، ثنا عبد الله بن المثنى قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد ما جاءته النبوة.
قال: وربما قال: حدثنيه رجل من آل أنس عن أنس. -(4/529)
.........
- قال أبو عاصم: فهذا الحديث رجاله عن آخرهم ثقات، ابن المثنى من رجال البخاري تكلم فيه بكلام لا ينزل به حديثه عن كونه حسنا، والبخاري فلا تسأل عن مثله في اعتماد الرجال.
قال ابن حجر في التقريب في عبد الله بن المثنى: صدوق كثير الغلط، وحمل عليه في الفتح فقال: عبد الله من رجال البخاري، وهذا الحديث- يعني: الذي نحن بصدده- قوي الإسناد ولولا ما في عبد الله بن المثنى من المقال لكان هذا الحديث صحيحا، لكن قد قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بقوي، وقال أبو داود: لا أخرج حديثه، وقال الساجي: فيه ضعف، لم يكن من أهل الحديث، روى مناكير، وقال العقيلي: لا يتابع على أكثر حديثه، وقال ابن حبان في الثقات: ربما أخطأ، ووثقه العجلي، والترمذي وغيرهما قال: فهذا من الشيوخ الذين إذا انفرد أحدهم بالحديث لم يكن حجة.
قلت: قد بين لنا إمام الأئمة البخاري طريقة الاحتجاج بحديثه وتتلخص في أمرين:
الأول: أن تكون روايته عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس.
الثاني: إذا روى عن غير عمه أن يتابعه عليه غيره.
وهذا الذي ذكرت مأخوذ من طريقة البخاري عند إخراجه لحديث عبد الله في صحيحه، فقد قال الحافظ في مقدمة الفتح: لم أر البخاري احتج به إلّا في روايته عن عمه ثمامة، فعنده عنه أحاديث، وأخرج له من روايته عن ثابت، عن أنس حديثا توبع فيه عنده وهو في فضائل القرآن، وأخرج له أيضا في اللباس عن مسلم بن إبراهيم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر في النهي عن القزع بمتابعة نافع وغيره عن ابن عمر قال: فالظاهر أن البخاري انتقى من حديثه الصحيح. اهـ.
فقد أقر الحافظ أن ما كان من روايته عن عمه ثمامة يكون صحيحا، -(4/530)
.........
- ولذلك رجع في الفتح فقال: ويحتمل أن يقال في هذا الخبر إن صح أنه من خصائصه، كما قالوا في تضحيته عمن لم يضح من أمته. اهـ.
وقد صح الخبر بحمد الله، وكأن الحافظ رحمه الله ما وقف على كلام الإمام أحمد في هذا، قال ابن القيم في زاد المعاد [2/ 332] قال أبو داود في مسائله: سمعت أحمد بن حنبل حدثهم بحديث الهيثم بن جميل، عن عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه، فقال أحمد: عبد الله بن محرر، عن قتادة، عن أنس، قال مهنا، قال أحمد: هذا منكر، وضعف عبد الله بن محرر. اهـ.
فقد ارتضى الإمام حديث ابن المثنى دون ابن المحرر وهذا هو الحق والتحقيق وبالله التوفيق.
ومن طريق عمرو الناقد المتقدم أخرجه الضياء في المختارة [5/ 205] رقم 1833.
وأخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 529] رقم 998: حدثنا أحمد، ثنا الهيثم، ثنا عبد الله، عن ثمامة، عن أنس به قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 59] : رجال الطبراني رجال الصحيح خلا الهيثم بن جميل وهو ثقة، وشيخ الطبراني أحمد ابن مسعود الخياط المقدسي ليس في الميزان.
قلت: فكان ماذا؟
نعم، بل الأولى أن يقال: لم أجده، وهو أحمد بن مسعود المقدسي، قال ابن عساكر في تاريخه [6/ 10] : قيل إنه دمشقي، روى عنه سليمان الطبراني ببيت المقدس سنة أربع وسبعين ومائتين فذكر حديثا. اهـ.
والظاهر أنه ثقة لأن أبا عوانة اعتمده في مستخرجه، وقد وصفه الحافظ الذهبي في سيره [13/ 244] بالمحدث الإمام، وقال في تاريخه [حوادث 261- 280 ص 283] : آخر من حدث عنه: الطبراني، وممن روى عنه:
أبو نعيم عبد الملك.(4/531)
[267- فصل: في كرمه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وإكرامه لهم ومكافأته لمحسنهم وتجاوزه عن المسيء منهم]
267- فصل:
في كرمه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وإكرامه لهم ومكافأته لمحسنهم وتجاوزه عن المسيء منهم 1860- ولقد كافأ صلى الله عليه وسلم الأنصار بإكرامهم إياه، فقال: إذا لقيتم الأنصار فأجلّوهم، فإنه طالما تنعمت بينهم.
1861- وقال: من ولي من أمور الناس شيئا فليحفظني في الأنصار، وليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، فكافأهم صلى الله عليه وسلم بأعظم المكافأة، وأبقاها لهم ذكرا وشرفا.
(1860) - قوله: «فإنه طالما تنعمت بينهم» :
لم أجده هكذا ولعله أورده بالمعنى، ووصيته صلى الله عليه وسلم بالأنصار مخرجة في الصحيحين وسيأتي من ذلك في فضائل الأنصار رضي الله عنه، أخرج الإمام أحمد في مسنده [3/ 76] من حديث أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في الأنصار فقال: يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلّالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟، قالوا: بل الله ورسوله أمنّ وأفضل، قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار، قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المن والفضل، قال: أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم وصدّقتم: أتيتنا مكذّبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فاويناك، وعائلا فأغنيناك ... الحديث.
(1861) - قوله: «فليحفظني في الأنصار» :
أخرج ابن سعد في الطبقات من حديث شيخه الواقدي (والمتن صحيح) عن أبي سعيد الخدري قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، وثاب الناس إليه-(4/532)
1862- وجاء عثمان بن عفان يوما يطلب النبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة:
ما أدري أين ذهب؟ ولقد خرج وإنه لمحتاج إلى الطعام، فذهب عثمان فاشترى كبشا سمينا، فأمر به فذبح وطبخ، وأمر بخبز فجعل في جفنتين ثم صب فيهما مرق ذلك الكبش ولحمه، ثم حملهما إلى عائشة رضي الله عنها، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محتاج إلى الطعام، والطعام على حاله، فكشفت له عائشة الجفنتين فقال: ما هذا؟ فأخبرته خبر عثمان، فتقدم إلى القبلة ورفع يديه مدا ويقول: اللهمّ لا تنساه، ثلاث مرات، فكافأه صلى الله عليه وسلم حين تفقد أمره بأعظم المكافأة.
1863- وساير رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر بن عبد الله على جمل له فقال: - حتى امتلأ المسجد، قال: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا فرغ قال: يا أيها الناس إن الأنصار عيبتي ونعلي وكرشي التي آكل فيها فاحفظوني فيهم، اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا من مسيئهم، أصله في الصحيحين كما تقدم في أبواب الوفاة وكما سيأتي في فضائل الأنصار.
(1862) - قوله: «اللهمّ لا تنساه» :
إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا لعثمان عندما جهز جيش العسرة، فأما في هذه القصة فكانت دعوته له: اللهمّ إن عثمان يترضاك فارض عنه، وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يدعو له من أول الليل حتى طلع الفجر، رافعا يديه يدعو:
اللهمّ عثمان رضيت عنه فارض عنه، أخرجه ابن عساكر في تاريخه من طرق [4/ 244، 39/ 52- 56] وفيه: أنه أول من خبص الخبيص في الإسلام.
(1863) - قوله: «وساير رسول الله صلى الله عليه وسلم» :
قصة جمل جابر بن عبد الله مخرجة في الصحيحين، وهذا لفظ مسلم في البيوع والمساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه: قال جابر: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاحق بي وتحتي ناضح لي قد أعيا ولا يكاد يسير، قال:
فقال لي: ما لبعيرك؟ قال: قلت: عليل، قال: فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فزجره-(4/533)
بعني جملك، فقال: هو لك بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال:
بل بعنيه، فباعه إياه، فأمر بلالا أن ينقده الثمن فنقده، ثم قال جابر: - ودعا له، قال: فما زال بين يدي الإبل قدامها يسير، قال: فقال لي: كيف ترى بعيرك؟ قال: قلت: بخير، قد أصابته بركتك، قال: أفتبيعنيه؟ قال:
فاستحييت، ولم يكن لنا ناضح غيره، قال: فقلت: نعم، فبعته إياه على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة ... الحديث، وفيه قصة زواجه ... الى أن قال: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة غدوت إليه بالبعير فأعطاني ثمنه ورده علي، وفي رواية أخرى عندهما: فلما قدمت المدينة أتيته به فزادني أوقية ثم وهبه لي، وفي رواية أخرى أيضا عندهما فقال: يا جابر أتوفيت الثمن؟
قال: قلت: نعم، قال: لك الثمن ولك الجمل، لك الثمن ولك الجمل، وفي رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: اعطه أوقية من ذهب وزده، فأعطاني أوقية من ذهب وزادني قيراطا، قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكان في كيس لي فأخذه أهل الشام يوم الحرة.
ووقع في رواية للإمام أحمد من طريق أبي هبيرة، عن جابر [3/ 303] قال: فمررت برجل من اليهود فأخبرته قال: فجعل يتعجب، فقال: اشترى منك البعير ودفع إليك الثمن ووهبه لك؟! قال: قلت: نعم.
وفي الحديث معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم لما حصل في الجمل وتغير حاله، قال الحافظ في الفتح: آل أمر جمل جابر لما تقدم له من بركة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مال حسن، فرأيت في ترجمة جابر من تاريخ ابن عساكر بسنده إلى أبي الزبير عنه قال: فأقام الجمل عندي زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فعجز فأتيت به عمر فعرّفت قصته، فقال: اجعله في إبل الصدقة وفي أطيب المراعي، ففعل به ذلك إلى أن مات. اهـ.
وفيه رفقه صلى الله عليه وسلم بحال جابر، وسخائه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه والناس.
انظر طرق الحديث وألفاظه في صحيح البخاري في الاستقراض، باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، رقم 2385، وفي كتاب الشروط، باب-(4/534)
قد أخذت الثمن بأبي وأمي أنت يا رسول الله فإلى من أدفع الجمل؟
فقال: اذهب بالجمل والثمن، بارك الله لك فيهما، مكافأة لقول جابر:
بل هو لك بأبي أنت وأمي، فأعطاه الثمن ورد إليه الجمل وزاده خيرا منهما: الدعاء فيهما.
1864- وكان رجل بالمدينة يقال له: عبد الله، ويلقب: حمار، يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالباكورة أول ما يدخل المدينة مثل اللبن والجبن والرطب أو الشيء الظريف أول ما يدرك فيقول: بأبي وأمي أنت، هذا أول ما يدخل المدينة فجئت به أهديه لك فيأمر به فيؤخذ، فإذا كان بالعشي حين يروح الركبان طلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا صاحب السلعة التي أهديت لك يطلب ثمنها وليس هو عندي، فيضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يأمر فيعطى ذلك عنه، حتى أتى به قد شرب شرابا فأمر به فصنع به مثل ما يصنع بمثله، فقال رجل من الناس: عليك غضب الله أبعد ما نزلت من رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز، رقم 2718، وفي الجهاد، باب من ضرب دابة غيره في الغزو، رقم 2861.
وفي الكتاب والباب المشار إليهما عند مسلم الأرقام 715 (109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117) .
وانظر ألفاظ القصة أيضا في ترجمة جابر عند ابن عساكر [11/ 208- 240] .
(1864) - قوله: «يقال له: عبد الله» :
صحابي، أخرج حديثه الإمام البخاري في الحدود، باب ما يكره من لعن شارب الخمر، رقم 6780، وأبو يعلى في مسنده [1/ 161] رقم 176، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1626] رقم 4092، 4093، ومن طريق البخاري أخرجه ابن الأثير في الأسد [3/ 216] .(4/535)
المنزلة صنعت هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا تؤذيه فإنه ما علمت، قد كان يحب الله ورسوله، فأخذ صلى الله عليه وسلم منه وحفظ حرمته، وأجمل المقال، ثم ما بكته بشيء من ذلك ولا أنكر في وجهه.
1865- ودعا للعباس بن عبد المطلب ليلة العقبة حين أخذ له العهد والعقد على الأنصار، ولم يكن معه من أهل بيته ولا من أصحابه أحد غيره، فشكر له ما كان من منابذته للناس فيه، فقال له: سرّك الله يا عم في الدنيا والاخرة، فكافأه في ساعة واحدة من الليل بأن دعا له بسرور الدنيا والاخرة.
1866- وجلس غليم من الأنصار على طريق النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مر إلى الصلاة مر معه، فلما وقف يصلي خلع نعله اليسرى برجله اليمنى فأخذها الصبي فمسحها بإزاره ثم نفخها، وكذلك فعل بنعله اليمنى، فلما فرغ من صلاته وأراد أن ينصرف ناوله الصبي نعله اليمنى فلبسها، ثم أعطاه اليسرى فلبسها، ثم فعل ذلك أياما، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت يا غليم؟ قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله من الأنصار، قال: فمن أمرك بهذا؟ قال: ما أمرني به أحد ولكني أحببت أن أتبع سرور رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده مدا ثم قال: إنه زعم أنه أراد اتباع سروري فسره في الدنيا والاخرة، يقولها ثلاثا.
(1866) - قوله: «ناوله الصبي نعله» :
أخرج البزار في مسنده [3/ 149 كشف الأستار] رقم 2449، والأصبهاني في دلائل النبوة برقم 260، والبيهقي في الشعب [7/ 463] رقم 11003 من حديث عمر بن أبي خليفة قال: سمعت أبا بدر، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في حلقة فأراد القيام فقام-(4/536)
1867- وجاءه أبو بكر رضي الله عنه بأبيه أبي قحافة يوم فتح مكة ليسلم، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لم عنيت الشيخ يا أبا بكر؟ ألا تركته حتى أنا آتيه في منزله؟ فقال له: بأبي أنت وأمي هو أولى أن يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكرم أبا بكر في أبيه، وكلمه بما يحب.
- غلام فناوله نعله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أردت رضا ربك رضي الله عنك، قال: فكان الغلام يجيء في المدينة حتى استشهد.
عمر بن أبي خليفة لم يعرفه الهيثمي كما في مجمع الزوائد [8/ 268] وهو من رجال النسائي، قال عنه أبو حاتم: صالح الحديث، وقال بعضهم: بل منكر الحديث، وقال الحافظ في التقريب: مقبول.
تابعه الحسن بن أبي جعفر- وهو ضعيف- عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لغلام من الأنصار: ناولني نعلي، فقال الغلام: يا نبي الله بأبي أنت وأمي اتركني حتى أجعلهما أنا في رجليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اللهمّ إن عبدك هذا يترضّاك، فارض عنه، أخرجه الطبراني في معجمه الصغير [2/ 283] رقم 1175، أعله الطبراني بأبي جابر: محمد بن عبد الملك، والهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 268] بالحسن بن أبي جعفر.
(1867) - قوله: «وجاءه أبو بكر رضي الله عنه بأبيه» :
قصة إسلام أبي قحافة رواها من طرق بألفاظ: الإمام أحمد في مسنده [6/ 349] ، وابن هشام في السيرة [4/ 48] ، وابن سعد في الطبقات [5/ 451] ، والطبراني في معجمه الكبير [24/] ، الأرقام 236، 237، 238، والبيهقي في الدلائل [5/ 95- 96] ، وابن الأثير في الأسد [3/ 582] من حديث أسماء بنت أبي بكر، صححها ابن حبان- كما في الإحسان برقم 7208-، والحاكم في المستدرك [3/ 46] .
وأخرجها باختصار الإمام أحمد في المسند [3/ 160] من حديث ابن سيرين، عن أنس.(4/537)
1868- ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم بن التيهان خادما، فأتي بثلاثة من السبي، فأعطى اثنين وبقيت واحدة، فجاءته فاطمة تطلب منه وهي تقول: ألا ترى أثر الرحى بيدي يا رسول الله؟ فذكر موعده أبا الهيثم حتى جاءه أبو الهيثم فاثره على فاطمة لما سبق من وعده له.
1869- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاع جملا من رجل ونقده ثمنه ثم خيره صلى الله عليه وسلم فقال: أيهما أحب إليك الجمل أو الدراهم؟ فقال الرجل:
عمّرك الله، ممن الرجل؟ فقال: امرؤ من قريش، فقال الرجل: ما رأيت كاليوم قط.
(1868) - قوله: «ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم» :
وذلك ليلة خروجهم من بيوتهم وقد شكوا الجوع، فأضافهم في حائطهم وأكرمهم غاية الإكرام، وأصل هذه القصة في صحيح مسلم، كتاب الأطعمة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، رقم 2038، وأخرجها غيره بطولها وفيها: فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي الهيثم:
إذا أتانا رقيق فأتنا حتى نأمر لك بخادم، قال: فلبث ما شاء الله ثم أتي بسبي، فأتاه أبو الهيثم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اختر منهم أيهم شئت ...
الحديث، يفرقه أصحاب الحديث، فأخرج البخاري في الأدب المفرد منه قوله صلى الله عليه وسلم: هل لك خادم؟ رقم 256، ورواه الترمذي من طريقه بطوله برقم 2474.
وأخرجه مطولا أيضا ابن جرير في تفسيره [30/ 287] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 251- 257] الأرقام 567، 568، 569، 570، 571، والطحاوي في مشكل الاثار [1/ 410- 411] .
(1869) - قوله: «ابتاع جملا من رجل» :
الظاهر أنها قصة جابر المتقدمة قريبا برقم 1863، والرجل المبهم هو جابر، غير أني لم أقف عليها باللفظ المذكور هنا.(4/538)
1870- وقالت عائشة رضي الله عنها: ولقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اثنين ما عفا أحد قط عن مثلهما، وما كانت لتحمل العفو عن مثل ذلك في نفسه، لقد سحرته اليهود وجعلت سحرها في بئر بني زريق، حتى أخذه من ذلك السحر، ثم أظهره الله تعالى على ذلك السحر، حتى كان هو الذي حل نفسه، وحتى اعترف بذلك لبيد بن الأعصم وأصحابه، فعفا عنهم.
والأخرى أنه عفا عن اليهودية التي سمته وأرادت نفسه:
1871- جعلت له زينب بنت الحارث اليهودية حين افتتح خيبر سما في شاة مصلية، فحملت إليه صلى الله عليه وسلم فقبل منها لأنها بنت خالة صفية، فلما تناول الذراع ناداه الذراع: إني مسموم، فألقاه وقال لأصحابه: ارفعوا أيديكم، ففعلوا، ثم أرسل فأتي بها فقال: سممتي هذه الشاة؟ فقالت:
نعم، قلت: إن كان نبيّا لم يضره السم، وإن كان ملكا استراح الناس منه، فإن كنت نبيا لا يضرك، وسوف يدفع عنك الذي أرسلك، فأمر بها صلى الله عليه وسلم فخلى سبيلها، وعفا عنها ما صنعت به.
(1871) - قوله: «وجعلت له زينب بنت الحارث» :
قصتها في الصحيحين، وخرجناها في شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 72، 73- فتح المنان-.
قوله: «فخلى سبيلها وعفا عنها» :
في ذلك اختلاف بين أهل العلم، يقال: إنه عفا عنها أولا، فلما توفي بشر بن البراء قتلها به، ويقال: عفا عنها لأنها أسلمت، والله أعلم.(4/539)
[268- فصل: وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم]
268- فصل: وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم 1872- وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم وحفظه الحرمة لأهلها أنه لقيته امرأة سوداء فوقف لها ورحب بها وألحف مسألتها، فقيل: من هذه يا رسول الله؟
قال: هذه امرأة كانت تأتينا أيام خديجة بمكة،
(1872) - قوله: «من تذممه» :
أي: مراعاته لأصحاب الحقوق، يقال: فلان له ذمة: أي حق، والذمام:
كل حرمة تلزمك إذا ضيعتها المذمة، ومنه قيل لأهل العهد: أهل الذمة.
قوله: «لقيته امرأة سوداء» :
سميت في بعض الروايات: جثامة، وفي أخرى: الحولاء، وفي بعضها أنها كانت عجوزا، وفي رواية: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قالت:
أنا حنانة المزنية، قال: بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم؟
كيف كنتم بعدنا؟ ... الحديث.
قوله: «وألحف مسألتها» :
أصل الإلحاف: شدة الإلحاح في المسألة، ومنه قوله تعالى: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً الاية، وكأنه صلى الله عليه وسلم ألح عليها ليكرمها، أو يجوز أن يكون الإلحاف هنا بمعنى الإيثار والفضل والكرم ومنه قول جرير:
كم قد نزلت بك ضيفا فتلحفني ... فضل اللحاف، ونهم الفضل يلتحف
أراد: أعطيتني فضل عطائك وجودك، يقال: لحفه فضل لحافه إذا أناله معروفه وفضله وزوده. والله أعلم.
قوله: «كانت تأتينا أيام خديجة» :
كذا في «ظ» ، وفي «م» و «ب» : كانت تدخل علينا بمكة، وكانت تمشط خديجة.(4/540)
وكانت تمشطها، وإن حسن العهد من الإيمان، وكانت تأتيه بعد ذلك في منزله صلى الله عليه وسلم.
قوله: وكانت تمشطها» :
قاله الزبير بن بكار في روايته عن سليمان بن عبد الله، عن شيخ من أهل مكة أنها أم زفر ماشطة خديجة.
قوله: «وإن حسن العهد من الإيمان» :
أشار إلى هذا الحديث البخاري في صحيحه فجعله ترجمة لأحد أبوابه في الأدب، فقال: باب: في حسن العهد من الإيمان، ثم أورد حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين ... الحديث، رقم 6004.
قال الحافظ في الفتح: جرى البخاري على عادته في الاكتفاء بالإشارة دون التصريح، فإن لفظ الترجمة قد ورد في حديث يتعلق بخديجة رضي الله عنها، وذكر الحديث.
قلت: رواه صالح بن رستم عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، به، أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في آداب الصحبة، وابن الأعرابي في معجمه [1/ 401] برقم 774، ومن طريقه القضاعي في مسند الشهاب برقم 971، والحاكم في المستدرك [1/ 15] وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة، وليس له علة. اهـ.
قلت: صالح بن رستم استشهد به البخاري، وحديثه من قبيل الحسن.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الشعب برقم 9121، وفي الاداب برقم 235، وابن عساكر في تاريخه [4/ 52] ، وابن الأثير في الأسد [7/ 47، 64] .
وأخرجه البيهقي أيضا في الشعب برقم 9123 من وجه آخر بإسناد رجاله-(4/541)
1873- وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالشاة فتذبح، ثم تقطع أعضاء أعضاء، ثم يتبع بها صدائق خديجة رضي الله عنها يهدي لهن بعد موتها بزمان مكافأة لهن.
1874- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على بر الولد، وحفظ الجار، وقال صلى الله عليه وسلم:
رحم الله والدا أعان ولده على برّه.
- ثقات، وقال عقبة: كذا وجدته وهو بهذا الإسناد غريب.
ومن طرق أخرجه البيهقي في الشعب برقم 9123، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 55، والديلمي في مسند الفردوس، والعسكري في الأمثال وابن عبد البر، والزبير ابن بكار كما في إتحاف الزبيدي [6/ 235- 236] .
(1873) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالشاة فتذبح» :
هو في الصحيحين في فضائل خديجة من حديث عائشة: إن كان صلى الله عليه وسلم ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن، لفظ البخاري في مناقب الأنصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها، رقم 3816، وقد فرقه في غير موضع أيضا، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها رقم 2435 (74) .
(1874) - قوله: «أعان ولده على برّه» :
قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 317] : رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث علي بن أبي طالب وابن عمر بسند ضعيف، ورواه النوقاني من رواية الشعبي مرسلا ... اهـ.
قال أبو عاصم: مرسل الشعبي أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 357] رقم 5467، وهناد في الزهد له [1/ 486] رقم 995، وابن أبي الدنيا في العيال برقم 150، وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق، من رجال أبي داود والترمذي ضعفوه.(4/542)
1875- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على بر الوالدين ويقول: لا يجزي ولد والده إلّا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه.
1876- وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن الخمر، ولا منان.
(1875) - قوله: «فيعتقه» :
أخرجه مسلم في العتق، باب فضل عتق الوالد، رقم 1510، وأبو داود في الأدب، باب بر الوالدين، رقم 5137، والترمذي في البر، باب في حق الوالدين، رقم 1907، وابن ماجه في الأدب، باب بر الوالدين، رقم 3659، والإمام أحمد في المسند [2/ 230] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 351] رقم 5450 جميعهم من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة به.
(1876) - قوله: «ولا منان» :
خرجناه وذكرنا الاختلاف في إسناده في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2229، 2230 حيث أخرجه من حديث عبد الله بن عمرو.(4/543)
[269- فصل: في آداب المجلس]
269- فصل:
في آداب المجلس 1877- ومن السنة إذا أتى مجلسا أن لا يتخطى الرقاب، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس حيث ما انتهى به مجلسه.
1878- ومن السنة أن يوسّع له في المجلس.
1879- ولا بأس أن يتحلحل عن مكانه إيجابا له، لما روي عن بعض الصحابة أنهم قالوا: أتى شاب مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه مسحة من الجمال (1877) - قوله: «حيث ما انتهى به مجلسه» :
لم أره هكذا، لكن أخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 91] ، وأبو داود في الأدب برقم 4825، والترمذي في الاستئذان برقم 2725، والنسائي في العلم من السنن الكبرى برقم 5899، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 224] ، والطيالسي في مسنده برقم 780، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1141، وعبد الله بن أحمد في زوائده [5/ 98] ، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 231] ، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 255] رقم 1951 جميعهم من حديث جابر بن سمرة قال: كنا إذا انتهينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي، صححه ابن حبان برقم 6433.
(1878) - قوله: «أن يوسع له في المجلس» :
أخرج الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر، ولكن تفسحوا وتوسعوا، وانظر ما بعده.
(1879) - قوله: «أن يتحلحل» :
في «م» : يتحرك.(4/544)
فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه حتى جلس عليه، وكان نصرانيا حينئذ ثم أسلم، وهو عدي بن حاتم.
1880- وربما جاءه صلى الله عليه وسلم بعض من يأتيه وهو على الوسادة جالس فلا يكون فيها سعة يجلس معه، فينزعها من تحته، ويضعها تحت الذي جلس إليه، فإن أبى أن يضعها له عزم عليه حتى يفعل.
قوله: «وهو عدي بن حاتم» :
وقع في الأصول: وهو جابر بن عبد الله، ولعله من خطأ النساخ.
قصة إسلام عدي بن حاتم وقدومه على النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجها من طرق بألفاظ: الإمام أحمد في المسند [4/ 257، 258، 377، 378] ، وأبو نعيم في المعرفة الترجمة رقم 2283، وابن الأثير في ترجمته من الأسد [4/ 8] وغيرهم.
ومن روايات أبي نعيم: من طريق الأعمش، عن خيثمة، عن عدي قال:
ما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قط إلّا توسع لي- أو تحرك لي-، فدخلت عليه ذات يوم وهو في بيت مملوء من أصحابه، فلما رآني توسع لي حتى جلست إلى جانبه، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 85] رقم 196.
(1880) - قوله: «ويضعها تحت الذي جلس إليه» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 96] من حديث ابن عمر أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فألقى له وسادة من أدم حشوها ليف، قال: فلم أقعد عليها، فبقيت بيني وبينه، إسناده صحيح.
وأخرج الطبراني في المعجم الكبير [6/ 278] رقم 6068 من حديث سلمان قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي ... الحديث.
سكت عنه الحاكم في المستدرك [3/ 599] ، وكذا الذهبي في التلخيص، -(4/545)
1881- وما جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد فيقوم حتى يقوم الذي جلس إليه إلّا أن يستعجله أمر فيستأذن.
1882- ومن السنة أن يسلم إذا أتاهم، وكذلك إذا قام من عندهم، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم من مجلسه منصرفا فليسلم، فليست الأولى بأولى من الأخرى.
1883- ولا يقم أخاه من مجلسه ثم يجلس هو فيه، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقيمن أحدكم أخاه من مجلسه، ثم يجلس فيه.
- أما الهيثمي فضعفه في مجمع الزوائد [8/ 174] بعمران بن خالد الخزاعي، وانظر الحديثين الاتيين برقم: 2099، 2100 والتعليق عليهما.
(1881) - قوله: «حتى يقوم الذي جلس إليه» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 418] من حديث ابن المنتشر، عن أنس قال: ما جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد فقام حتى يقوم، وقد روى معناه جماعة عن أنس تقدم مبسوطا برقم 1589.
(1882) - قوله: «بأولى من الأخرى» :
أخرجه مطولا ومختصرا الإمام أحمد في مسنده [2/ 287، 32، 439] ، وأبو داود في الأدب برقم 5208، والبخاري في الأدب برقم 1007، 1008، والترمذي في الاستئذان برقم 2706، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم 369، 370، والحميدي في مسنده [2/ 490] رقم 1162، وأبو يعلى في مسنده [11/ 440] رقم 6566، والبيهقي في الاداب برقم 271، وصححه ابن حبان برقم 493، 494، 495، 496.
(1883) - قوله: «لا يقيمن أحدكم أخاه» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر، وخرجناه في كتاب الاستئذان من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2818- فتح المنان.(4/546)
1884- وإذا قام من مجلسه ثم رجع فهو أولى بمكانه، وإذا سبق فليس لغيره أن ينازعه فيه، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منى مناخ من سبق.
1885- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن مجلسين وملبسين، فأما المجلسان: فجلوس بين الظل والشمس، وأن يحتبي في ثوب يفضي ببصره إلى عورته، وأما الملبسان: أن يصلي في سراويل ليس عليه رداء، - والاخر: أن يصلي في ملاءة لا يتوشح بها.
(1884) - قوله: «منى مناخ من سبق» :
قد يقال: هذا خاص بمنى، وفي الباب ما هو أصرح منه، فأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا: من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به، بقية تخريجه في فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2819، وحديث منى مناخ من سبق خرجناه أيضا في كتابنا المشار إليه تحت رقم 2068.
(1885) - قوله: «نهى عن مجلسين وملبسين» :
هو طرف من حديث طويل، بعضهم يختصره ويفرقه على الأبواب.
أخرجه بطوله: ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 298] رقم 5271: حدثنا زيد ابن الحباب، والحاكم في المستدرك [4/ 272] من طريق أبي تميلة:
يحيى بن واضح، كلاهما عن عبيد الله بن عبد الله أبي المنيب العتكي، ثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، به مرفوعا.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن ماجه في الأدب، باب الجلوس بين الظل والشمس، برقم 3722 الشطر المشار إليه في الترجمة، وحسنه الحافظ البوصيري في الزوائد.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الاثار [1/ 382] من طريق ابن وهب، عن زيد بن الحباب بشطره الأخير.(4/547)
1886- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا جلس أحدكم في الشمس فقلص عنه فليتحول.
1887- ولم تكن ركبتاه صلى الله عليه وسلم يتعديان ركبة جليس له.
- وأخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 250] من طريق أبي تميلة: يحيى بن واضح، ثنا أبو المنيب بالصلاة في السراويل، وعلقه الحافظ البيهقي في السنن الكبرى [3/ 237] مقتصرا على النهي في الجلوس بين الشمس والظل.
قال الحاكم: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد احتجا بأبي تميلة، وأما أبو المنيب فمن ثقات المراوزة، وممن يجمع حديثه في الخراسانيين.
(1886) - قوله: «فليتحول» :
زاد معمر، عن ابن المنكدر، عن أبي هريرة: فإنه مجلس الشيطان، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [3/ 237] .
تابعه سفيان، عن ابن المنكدر، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 383] ، وأبو داود في الأدب، باب في الجلوس بين الظل والشمس، رقم 4821، والحميدي في مسنده برقم 1138، والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 236، 237] ، ورواه البيهقي أيضا [3/ 237] من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن أبان، عن ابن المنكدر.
(1887) - قوله: «يتعديان ركبة جليس له» :
أخرج الترمذي في صفة القيامة برقم 2490، وابن ماجه في الأدب برقم 3716، وابن سعد في الطبقات [1/ 378] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 56] ، باب إكرام الرجل جليسه من حديث زيد العمي- ضعيف- عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقي الرجل فكلمه لم يصرف وجهه عنه حتى يكون هو الذي ينصرف ... الحديث، وفيه: ولم ير مقدما ركبتيه بين يدي جليس له، قال الترمذي: غريب.
قلت: هو عين حديثه الماضي برقم 1589.(4/548)
1888- وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تكرمة لأصحابه ورحمة، ما رؤي قط مادّا رجليه بين أصحابه حتى لا يضيّق بهما على أحد.
1889- ويتوسع للناس، إلّا أن يكون المكان واسعا لا ضيق فيه على أحد.
1890- وقبّلوا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليهم.
1891- وأن اليهود قبّلوا يده صلى الله عليه وسلم ورجله.
(1890) - قوله: «وقبلوا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم» :
أخرج الإمام أحمد في مسنده [2/ 7، 86] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 972، وأبو داود في الجهاد، باب التولي يوم الزحف رقم 2647، والترمذي في الجهاد، باب الفرار من الزحف رقم 1716، وابن ماجه في الأدب، باب الرجل يقبل يد الرجل، رقم 3704، جميعهم من حديث ابن عمر في قصة حيصتهم وقولهم: نحن الفرارون، قال: فأقبل إلينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بل أنتم العكارون، قال: فدنونا فقبلنا يده، فقال: أنا فئة المسلمين.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده [أطراف المسند المعتلي لابن حجر [5/ 445] رقم 7519، وأبو داود في الأدب، باب في قبلة الرجل من حديث الزارع العبدي- وكان في وفد عبد القيس- قال: لما قدمنا المدينة جعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله ... الحديث، جوده ابن حجر في الفتح.
وأخرج ابن الأعرابي في جزء القبل والمعانقة من حديث أسامة بن شريك قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه كأن على رؤوسهم الطير، فجاء الأعراب فسألوا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام الناس فجعلوا يقبلون يده، قال:
فأخذتها ووضعتها على وجهي فإذا هي أطيب من ريح المسك وأبرد من الثلج.
(1891) - قوله: «وأن اليهود قبلوا يده صلى الله عليه وسلم ورجله» :
أخرج الإمام أحمد [4/ 239- 240] ، والترمذي في الاستئذان، باب ما جاء في قبلة اليد والرجل، رقم 2733، والنسائي في السير من السنن-(4/549)
1892- ويكره القيام لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار.
1893- وقال صلى الله عليه وسلم: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم بعضهم لبعض.
- الكبرى [5/ 198- 199] رقم 8656، وابن ماجه في الأدب، باب الرجل يقبل يد الرجل، رقم 3705، جميعهم من حديث صفوان بن عسال أن يهوديا قال لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي.. الحديث، وفيه: وعليكم خاصة اليهود أن لا تعتدوا يوم السبت، قال: فقبلوا يده صلى الله عليه وسلم ورجله ...
الحديث، قال الترمذي: حسن صحيح.
(1892) - قوله: «من أحب أن يتمثل له الرجال قياما» :
أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 977، وأبو داود في الأدب، برقم 5229، والترمذي في الأدب رقم 2755، والإمام أحمد في مسنده [4/ 91، 100] ، وابن الجعد في مسنده [1/ 643- 644] رقم 1532، ومن طريقه البغوي في شرح السنة [12/ 295] رقم 3330، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 398] ، والبيهقي في المدخل برقم 720، وعبد بن حميد في مسنده [المنتخب- رقم 413] ، وهناد في الزهد برقم 837، ومن طريقه الترمذي عقب رقم 2755، جميعهم من حديث معاوية به.
(1893) - قوله: «كما تقوم الأعاجم» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 253، 256] ، وأبو داود في الأدب برقم 5230، ومن طريقه الخطيب في الجامع [1/ 399] رقم 938، وابن شيبة في المصنف [8/ 397- 398، 10/ 267] ومن طريقه البيهقي في المدخل برقم 719، وابن ماجه في الدعاء برقم 3836، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 334] ، جميعهم من طرق بإسناد فيه اضطراب عن أبي أمامة به.(4/550)
1894- وكان صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه القرآن أو يخطب بخطبة عظة أو يذكر الساعة.
1895- وكان ضحك أصحابه صلى الله عليه وسلم عنده التبسم اقتداء منهم لفعله صلى الله عليه وسلم وتوقيرا له.
1896- وجاءه صلى الله عليه وسلم أعرابي وهو متغير ينكره أصحابه، فأراد أن يسأله فقالوا: لا تفعل يا أعرابي فإننا ننكر لونه، فقال: دعوني فو الذي بعثه (1894) - قوله: «أو يذكر الساعة» : أخرج الإمام أحمد في المسند [3/ 338] ، ومسلم في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867، والنسائي في الصلاة، برقم 1578، وابن ماجه في السنة برقم 45، جميعهم من حديث جابر بن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب- وبعضهم يقول في روايته: إذا ذكر الساعة- احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم ...
الحديث، وأخرج الإمام أحمد في المسند [1/ 167] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 38] رقم 677 من حديث الزبير (عند الإمام أحمد على الشك علي أو الزبير) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فيذكرنا بأيام الله حتى نعرف ذلك في وجهه ... وفيه: وكان إذا كان حديث عهد بجبريل لم يبتسم ضاحكا حتى يرتفع عنه.
(1895) - قوله: «اقتداء منهم لفعله» : هو طرف من حديث ابن أبي هالة الطويل وقد مضى تخريجه برقم 310، وأخرج الإمام أحمد في مسنده [5/ 97] ، والترمذي في المناقب برقم 3645، والبيهقي في الدلائل [1/ 212] من حديث جابر بن سمرة قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلّا تبسما، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 606] ، وقال الذهبي: الحجاج بن أرطاة لين الحديث. قلت: هو ممن يعتبر به في الشواهد والمتابعات.(4/551)
بالحق لا أدعه حتى يبتسم، فقال: يا رسول الله إنه بلغنا أن المسيح الدجال يأتي الناس بالثريد وقد هلكوا جوعا، أفترى لي بأبي وأمي أن أكف عن ذلك تعففا وتنزّها حتى أهلك هزلا، أم أضرب في ثريده حتى إذا تضلعت شبعا آمنت بالله وكفرت به؟ قالوا: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: لا بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين يومئذ.
قوله: «بما يغني به المؤمنين يومئذ» : هكذا أورده الإمام الغزالي في الإحياء [2/ 366] ، قال الحافظ العراقي في تخريجه: هذا منكر، لم أقف له على أصل، ويرده قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المغيرة بن شعبة المتفق عليه حين سأله إنهم يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء، قال: هو أهون على الله من ذلك، وفي رواية لمسلم: إنهم يقولون إن معه جبالا من خبز ولحم. اهـ.
هكذا قال رحمه الله وغفر لنا وله، كأنه ما وقف على رواية الإمام أحمد في المسند [5/ 434، 435] ، بإسناد رجاله كلهم ثقات من حديث مجاهد، عن جنادة بن أبي أمية، عن رجل من الأنصار له صحبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فيهم خطيبا فقال: أنذركم المسيح الدجال ... الحديث، وفيه: يمكث في الأرض أربعين صباحا، معه جبال خبز وأنهار ماء، يبلغ سلطانه كل مستهل، الحديث بطوله، وعليه فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه أن معه جبال الخبز وأنهار الماء، فكيف يقال في حديثنا أنه منكر وقد ثبت من حديثه صلى الله عليه وسلم؟ وكأن الحافظ العراقي رحمه الله ما وقف كذلك على تفسير القاضي عياض لمعنى قوله: هو أهون على الله من هذا، وقد نقله النووي في شرح مسلم وابن حجر في الفتح، قال القاضي عياض: ليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك، بل معناه: أنه أهون على الله من أن يجعل شيئا من ذلك آية على صدقه يضل به المؤمنين ويشككهم بربهم الحق، سيما أن الله جعل فيه آية ظاهرة على كذبه وكفره-(4/552)
1897- ومن السنة أن يؤتى حق المجلس، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:
أعطوا المجالس حقها، قيل: وما حقها؟ قال: غضوا أبصاركم، وردوا السلام، وأرشدوا الأعمى، وأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر.
- يقرأها من يقرأ ومن لا يقرأ، وهي آية ناطقة شاهدة على كذبه من حدثه ونقصه.
وعلى هذا فالمتن مشهور لا مجال لرده، ومورده فمن أهل الرواية، وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده [6/ 75، 125] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 78] رقم 4607، من حديث الحسن البصري عن عائشة رضي الله عنها في ذكر الدجال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جهدا شديدا يكون بين يدي الدجال ... وفيه: قالت: فقلت: يا رسول الله وما يجزىء المؤمنين يومئذ من الطعام؟ قال: ما يجزىء الملائكة: التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل ... الحديث.
فتأمل هذا مع جوابه صلى الله عليه وسلم للأعرابي: لا بل يغنيك الله بما يغني به المؤمنين يومئذ.
(1897) - قوله: «أعطوا المجالس حقها» :
أخرجه مسلم في السلام، باب من حق الجلوس على الطريق رد السلام، من حديث أبي طلحة، رقم 2161.
وأخرجاه من حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه البخاري في المظالم، باب أفنية الدور والجلوس فيها، رقم 2465، وفي الاستئذان باب قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها الاية، رقم 6229، وأخرجه مسلم برقم 2121.
قلت: ليس في لفظيهما إرشاد الأعمى لكن في لفظ غيرهما من الزيادات ما ليس عندهما، وفي بعضهما إرشاد الضال بدل إرشاد الأعمى، قال الحافظ في الفتح: مجموع ما في طرق الحديث أربعة عشر أدبا نظمتها في ثلاثة أبيات وهي: -(4/553)
1898- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حق المسلم على المسلم ست، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: إذا لقيه يسلم عليه، وإذا دعاه أجابه، وإذا استنصحه نصحه، وإذا عطس فحمد الله شمّته، وإذا مرض عاده، وإذا مات صحبه.
1899- وكان صلى الله عليه وسلم طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، وكان إذا سكت تكلم جلساؤه، ولا ينازع عنده الحديث، فمتى تكلم أنصتوا له، لا يرد على أحد حديثه ولا يقطعه عليه.
- جمعت آدابا من رام الجلوس على ... الطريق من قول خير الخلق إنسانا
افش السلام وأحسن في الكلام ... وشمت عاطسا وسلاما رد إحسانا
في الحمل عاون ومظلوما أعن وأغث ... لهفان اهد سبيلا واهد حيرانا
بالعرف مر وانه عن نكر وكف أذى ... وغض طرفا وأكثر ذكر مولانا
(1898) - قوله: «وعن أبي هريرة» :
أخرج حديثه مسلم في السلام، باب من حق المسلم على المسلم رد السلام، رقم 2162، والبخاري في الأدب المفرد برقم 925، والإمام أحمد في المسند [2/ 372، 412] ، وابن حبان في صحيحه برقم 242- الإحسان-، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 347، 10/ 108] ، والبغوي في شرح السنة [5/ 210] رقم 1405، جميعهم من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه به.
وأخرجا معناه بنحوه من حديث ابن المسيب، عن أبي هريرة، أخرجه البخاري في الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، رقم 1240، ومسلم برقم 2162.
(1899) - قوله: «ولا يقطعه عليه» :
هو طرف من حديث ابن أبي هالة، وقد تقدم بطوله برقم 310.(4/554)
1900- وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تبسما في مجلسه وضحكا في وجوه أصحابه، وربما ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير قهقهة حتى تبدو نواجذه من الشيء إذا أعجبه.
1901- وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه يقول: سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، وهو السنة.
1902- وقال صلى الله عليه وسلم: إنها كفارة المجلس.
(1900) - قوله: «وضحكا في وجوه أصحابه» :
أخرج الشيخان من حديث جرير بن عبد الله: ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلّا تبسم في وجهي ... لفظ البخاري، وأخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 190- 191] ، وابن سعد في الطبقات [1/ 372] ، وابن عساكر في تاريخه [4/ 46] من حديث عبد الله بن الحارث: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرج مسلم في الصلاة برقم 670 من حديث جابر بن سمرة في جلوسه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح في مصلاه حتى تطلع الشمس وفيه: وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم، أخرج أبو داود طرفه الأول، وأخرجه النسائي برقم 1358.
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 396، وابن عساكر في تاريخه [4/ 46] من حديث عمرة عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من رجالكم إلّا أنه كان ضحاكا بساما، وأخرج الإمام أحمد [5/ 198] من حديث أبي الدرداء: ما رأيت- أو: ما سمعت- النبي صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا إلّا تبسم، وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [8/ 246] رقم 7838 من حديث القاسم عن أبي أمامة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أضحك الناس وأطيبه نفسا.
وانظر النص المتقدم برقم 1895 والتعليق عليه.
(1901- 1902) - قوله: «سبحانك الله وبحمدك» ، و «إنها كفارة المجلس» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 494- 495] ، والترمذي في الدعوات، -(4/555)
1903- وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه قال: سبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
1904- وكان صلى الله عليه وسلم أكثر ما يجلس تجاه القبلة.
- باب ما يقول إذا قام من مجلسه، رقم 3433- وقال: حسن صحيح غريب-، والنسائي في اليوم والليلة برقم 397 من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 594- والحاكم [1/ 536] ، وأقره الذهبي.
وأخرجه أبو داود في الأدب، باب في كفارة المجلس، برقم 4858 من حديث المقبري، عن أبي هريرة، وصححه ابن حبان برقم 593.
(1903) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا قام» :
هكذا تكرر في الأصول الخطية، لم نر بدا من إثباته كما جاء.
(1904) - قوله: «تجاه القبلة» :
لم أجده هكذا، لكن أخرج الطبراني في معجمه الأوسط [3/ 183] رقم 2375 من حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: إن لكل شيء سيدا وإن سيد المجالس قبالة القبلة، حسنه المنذري في الترغيب، والهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 52] .
وأخرج الحاكم في المستدرك [4/ 269- 270] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 272] ، وابن عساكر في تاريخه [55/ 132، 133] من حديث محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس مرفوعا: إن لكل شيء شرفا، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة، أخرج أبو داود في الصلاة الطرف الاخر من هذا الحديث، وفرقه ابن ماجه دون أوله، وهذان الحديثان أمثل شيء في هذا الباب، وفي الطريق الثاني أبو المقدام هشام ابن زياد تكلم فيه.(4/556)
1905- ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل المسجد- ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده- فتزحزح له صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: في المكان سعة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن من حق المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له.
1906- ولقد جاءت إليه ظئره التي أرضعته فبسط لها رداءه وقال لها: مرحبا بأمي، فأجلسها على ردائه.
1907- وربما بسط صلى الله عليه وسلم ثوبه لمن ليس بينه وبينه قرابة ولا رضاع، يجلسه عليه.
(1905) - قوله: «أن يتزحزح له» :
أخرجه هناد في الزهد [2/ 498] رقم 1025، والبيهقي في الشعب [6/ 467، 468] رقم 8932، 8933، وابن الأثير في الأسد [5/ 429] ، وأبو الشيخ- كما في الكنز [9/ 55] رقم 25497-، جميعهم من حديث واثلة بن الخطاب به، وفيه مجاهد بن فرقد تكلم فيه، قيل: هو منكر الحديث.
(1906) - قوله: «ظئره التي أرضعته» :
يقال: إنها حليمة السعدية، ولذلك أورد بعضهم هذا الحديث في ترجمتها، وأخرجه أبو داود في الأدب، باب بر الوالدين، رقم 5144، والبيهقي في الدلائل [5/ 199] ، وابن الأثير في الأسد [7/ 68- 69] من حديث أبي الطفيل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحما بالجعرانة وأنا يومئذ غلام أحمل عظم الجزور، إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه فجلست عليه، فقلت: من هذه؟ فقالوا: هذه أمه التي أرضعته. صححه الحاكم في المستدرك [4/ 164] ، وسكت عنه الذهبي.
(1907) - قوله: «وربما بسط صلى الله عليه وسلم ثوبه» :
في الباب عن: عدي بن حاتم تقدم قريبا برقم 1879، وعن جرير بن-(4/557)
1908- وكان الناس عنده صلى الله عليه وسلم في الحق سواء، معتدلين بالتقوى، متواضعين في مجلسه، يوقرون فيه الكبير، ويرحمون فيه الصغير.
1909- وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولم يوقر كبيرنا.
- عبد الله، وعيينة بن حصين يأتي حديثهما في باب ما ضربه النبي صلى الله عليه وسلم من الأمثال رقم 2099، 2100، وانظر التعليق على الحديث المتقدم برقم:
1880.
(1908) - قوله: «ويرحمون فيه الصغير» :
هو طرف من حديث ابن أبي هالة الطويل، وقد مضى في صفته صلى الله عليه وسلم.
(1909) - قوله: «ولم يوقر كبيرنا» :
أخرجه أبو داود، باب: في الرحمة، برقم 4943، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في رحمة الصبيان، رقم 1920- وقال: حسن صحيح- والبخاري في الأدب المفرد برقم 354 من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه الترمذي برقم 1921، والإمام أحمد في المسند [1/ 257] ، والبزار في مسنده [2/ 401 كشف الأستار] رقم 1955، 1956، والبغوي في شرح السنة [13/ 39] برقم 3452، والبيهقي في الشعب [7/ 458] رقم 10980 من حديث عكرمة، عن ابن عباس، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان برقم 458- وقد سقط من إسناده ليث بن أبي سليم وهو فيه.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 449] رقم 12276 من طريق المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مختصرا.
وأخرجه الترمذي برقم 1919، وأبو يعلى في مسنده [6/ 191] رقم 3476، والبيهقي في الشعب [7/ 458، 459] رقم 10981، 10982، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 254] بأسانيد ضعيفة من حديث أنس. -(4/558)
1910- ومن السنة إعظام الكبير، قال صلى الله عليه وسلم: إن من إعظام جلال الله:
إكرام حامل القرآن، وذي الشيبة المسلم.
1911- وبلغ من كرمه صلى الله عليه وسلم أن أشرك جلساءه في صنائعه، وأشركهم في أجرها.
- وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 353، والبيهقي في الشعب [7/ 458] رقم 10979، والخرائطي في مكارم الأخلاق رقم 341، وصححه الحاكم [4/ 178] ووافقه الذهبي من حديث أبي هريرة.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 323] وابنه عبد الله في زوائده من حديث عبادة بن الصامت بإسناد حسن بل صححه الحاكم [1/ 122] ووافقه الذهبي.
(1910) - قوله: «إكرام حامل القرآن» :
زاد أبو داود: غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط، أخرجه في الأدب، باب: في تنزيل الناس منازلهم، رقم 4843، ومن طريقه البيهقي في المدخل برقم 662، ورواه ابن صاعد في زوائده على زهد ابن المبارك برقم 389، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 163] جميعهم من طريق عبد الله بن حمران- لا بأس به- عن عوف الأعرابي، عن زياد بن مخراق، عن أبي كنانة، عن أبي موسى الأشعري به مرفوعا.
خالفه غير واحد عن عوف فأوقفه على أبي موسى، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 221] ، والبخاري في الأدب المفرد رقم 357، والمروزي في زوائد الزهد لابن المبارك برقم 388، والبيهقي في المدخل برقم 661.
(1911) - قوله: «وأشركهم في أجرها» :
هو طرف من حديث ابن أبي هالة المتقدم برقم 310.(4/559)
1912- ثم كان صلى الله عليه وسلم يقسم نظره بين أصحابه، حتى كان صلى الله عليه وسلم يقول:
من الإنصاف أني أخفيت لكم صوتي منذ ثلاث.
1913- ويستحب من طريق السنة أن يتردد إلى جلسائه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما جلس إليه أحد قط فقام هو حتى يقوم هو.
1914- وكان صلى الله عليه وسلم إذا عطس غض صوته، واستتر بيده أو بثوبه.
1915- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده رجلان فعطسا جميعا، (1912) - قوله: «يقسم نظره بين أصحابه» :
هو في حديث ابن أبي هالة الطويل، وقد تقدم، وفيه: فأما تقديره ففي تسويته النظر والاستماع بين الناس ... الحديث، وأما شطره الأخير فلم أقف عليه.
(1913) - قوله: «حتى يقوم هو» :
تقدم برقم 1881، وانظر أيضا المتقدم برقم 1589.
(1914) - قوله: «وكان صلى الله عليه وسلم إذا عطس غض صوته» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 439] ، والبخاري في تاريخه [9/ 9] ، وأبو داود في الأدب، باب في العطاس، رقم 5029، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في خفض الصوت وتخمير الوجه عند العطاس، رقم 2745، والبغوي في شرح السنة [12/ 314] رقم 3346، والحميدي في مسنده برقم 1157، وابن سعد في الطبقات [1/ 385] ، والطبراني في معجمه الصغير برقم 109 جميعهم من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة نحوه، قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم [4/ 293] : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
(1915) - قوله: «فعطسا جميعا» :
الحديث أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس، فأخرجه البخاري في الأدب، باب الحمد للعاطس، رقم 6221، وفي باب لا يشمت العاطس-(4/560)
فشمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما ولم يشمت الاخر، فقال الرجل: يا رسول الله شمت هذا ولم تشمتني؟ فقال: إن هذا حمد الله، وإنك لم تحمده.
1916- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يشمت العاطس ثلاثا فما زاد فهو مزكوم.
- إذا لم يحمد الله، رقم 6225، ومسلم في الزهد، باب تشميت العاطس، رقم 2991 (53 وما بعده) ، وخرجناه في مسند أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي تحت رقم 2825- فتح المنان، وخرجنا تحته حديث أبي موسى مرفوعا: إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه.
(1916) - قوله: «يشمت العاطس ثلاثا» :
في الباب عن سلمة بن الأكوع، وأبي هريرة، وعبيد بن رفاعة الزرقي، وأبي بكر بن عبد الله بن عمرو بن حزم.
أما حديث سلمة، فأخرجه مسلم في الزهد، باب تشميت العاطس، رقم 2993، من طريق عكرمة بن عمار قال: حدثني إياس بن سلمة أن أباه حدثه قال: عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يرحمك الله، ثم عطس أخرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل مزكوم، خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 2826- فتح المنان.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه أبو داود برقم 5035، ومن طريقه البيهقي في الشعب [7/ 32- 33] رقم 9358، 9359، وابن السني في اليوم والليلة برقم 250، وابن عدي في الكامل [6/ 2197] ، والطبراني في الدعاء برقم 1998، 1999، 2001 جميعهم من طرق عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة، مرفوعا: شمت أخاك ثلاثا فما زاد فهو زكام.
رواه يحيى القطان، عن ابن عجلان فجعله من قول أبي هريرة، أخرجه أبو داود برقم 5034. -(4/561)
1917- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أصدق الحديث ما عطس عنده.
- ورواه الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، أخرجه ابن السني في اليوم والليلة برقم 251.
وأما حديث عبيد بن رفاعة، فأخرجه أبو داود برقم 5036، والترمذي برقم 2744- وقال: غريب، وإسناده مجهول-، وابن السني في اليوم والليلة برقم 252، ولفظه عند أبي داود: تشمت العاطس ثلاثا، فإن شئت أن تشمته فشمته، وإن شئت فكف.
وأخرج الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 453] رقم 19682، ومالك في الموطأ، ومن طريق مالك البيهقي في الشعب [7/ 33] رقم 9364، والبيهقي أيضا برقم 9363 من حديث عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه يرفعه:
شمته ثلاثا، فما كان بعد ذلك فهو زكام، وفي رواية مالك: إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، فقل إنك مضنوك- مرسل-.
(1917) - قوله: «أصدق الحديث ما عطس عنده» : أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 216] رقم 3384 من حديث عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس به مرفوعا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 59] : فيه جعفر بن محمد بن ماجد لم أعرفه، وعمارة بن زاذان وثقه أبو زرعة وجماعة وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.
قلت: وفي الباب عن أبي هريرة، فأخرج أبو يعلى في مسنده [11/ 234] ، وابن عدي في الكامل [6/ 2397] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [7/ 33- 34] رقم 9365، والطبراني في الأوسط [7/ 263] رقم 6505، وتمام في فوائده برقم 1005، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 77] جميعهم من حديث معاوية بن يحيى الأطرابلسي، الشامي- لا الصدفي المضعّف-، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عنه مرفوعا: من حدث حديثا فعطس عنده فهو حق. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 59] : فيه معاوية بن يحيى وهو ضعيف.(4/562)
1918- ومنه أن يسبق العاطس بالحمد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سبق العاطس بالحمد وقي وجع الضرس.
- قلت: إنما قال ذلك تبعا لابن الجوزي حيث ظن أنه الصدفي، والأطرابلسي بشهادة الحافظ أوثق وأعلى من الصدفي، والحق أن علته بقية فقد عنعنه، ولذلك قال النووي حين سئل عنه قال: رويناه في مسند أبي يعلى برجال كلهم ثقات إلّا بقية بن الوليد فمختلف فيه، وأكثر الحفاظ الأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين، وقد روى هذا الحديث عن معاوية بن يحيى الشامي.
أما ابن أبي حاتم فذكره في العلل [2/ 342] ، وقال: سألت أبي عنه فقال:
هذا حديث كذب. اهـ. وقال البيهقي في الشعب: منكر، عن أبي الزناد.
نعم، وقد وجدت له متابعا لكن لم يفد شيئا في تقوية الحديث، فقد أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1496- 1497] من طريق عبد الله بن جعفر المدائني- ضعفه غير واحد وتركه النسائي- عن أبي الزناد به.
(1918) - قوله: «من سبق العاطس بالحمد» :
أخرج تمام في فوائده برقم 223، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [35/ 386] من حديث بقية بن الوليد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: من سبق العاطس بالحمد وقاه الله وجع الخاصرة، ولم ير في فيه مكروها حتى يخرج من الدنيا.
وأخرج الطبراني في الأوسط [8/ 69] رقم 7137، وفي الدعاء برقم 1987 من حديث أبي إسحاق عن الحارث، عن علي مرفوعا: من بادر العاطس بالحمد عوفي من وجع الخاصرة، ولم يشك ضرسه أبدا، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 57- 58] : فيه من لم أعرفهم، والحارث الأعور ضعفه الجمهور، وأخرج الحكيم الترمذي في النوادر [1/ 152] قال: حدثنا عمر بن أبي عمر السويقي، عن خالد بن عبد الله، عن سعيد بن العاص، ثنا بشر بن عبد الله، عن عمر بن عبد العزيز، عن بشر بن حبّان، -(4/563)
قال بعض الحكماء: للعاطس ست خلال: أن يخفض صوته إذا عطس، وأن يستتر بثوبه أو بيده، وأن لا يلوي عنقه إذا عطس، وأن يقول:
الحمد لله رب العالمين، وإذا قيل له: يرحمك الله، يجيب فيقول: - عن مكحول، عن واثلة ابن الأسقع مرفوعا: من بادر العاطس بالحمد لم يضره شيء من داء البطن.
قال السيوطي في اللالئ [2/ 285] : قال الحاكم في تاريخه: حدثنا محمد بن يوسف المؤذن، ثنا مكي، ثنا قطن بن إبراهيم، ثنا خالد بن يزيد المدني، ثنا ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: إذا عطس العاطس فابدؤوه بالحمد، فإن ذلك دواء من كل داء: من وجع العين، والخاصرة.
قال: وقال الديلمي: أخبرنا أبي، أنا الفضل القومساني، أنا أحمد بن المظفر الزنجاني، ثنا أبو بكر: أحمد بن علي الديلمي، ثنا محمد بن مسعود القزويني، ثنا عبد الله بن زياد، ثنا خلف بن خليفة، ثنا يحيى بن ثعلبة الأنصاري، عن أنس ابن مالك رفعه: من سبق العاطس بالحمد وقي وجع الرأس والأضراس.
قال أبو عاصم: أحسن شيء في الباب حديث البخاري في الأدب المفرد برقم- 929، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 422] رقم 9860 كلاهما من حديث شيبان، عن أبي إسحاق، عن خيثمة، عن علي رضي الله عنه قال: من قال عند عطسة سمعها: الحمد لله رب العالمين على كل حال، ما كان ليجد وجع الضرس ولا الأذن أبدا، سكت عنه الحاكم في المستدرك [4/ 414] ، وكذا الذهبي في التلخيص، وقال الحافظ في الفتح [10/ 615] : هذا موقوف، رجاله ثقات، ومثله لا يقال من قبل الرأي، فله حكم الرفع.
فائدة: أورد ابن الأثير في النهاية حديث الباب بلفظ: من سبق العاطس بالحمد أمن من: الشوص، واللوص، والعلوص، قال الزبيدي في الإتحاف: سنده ضعيف، وقد نظمه بعض الشعراء، أنشدناه شيخنا علي بن-(4/564)
يهديكم الله ويصلح بالكم.
1919- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: البسوا النعال الصفر، فإنه بهن تقضى الحوائج.
- موسى بن شمس الدين الحسيني، وكتبه من إملائه وخطه قال: أنشدنا شيخ الوقت: أحمد بن عبد الفتاح الملوي قدس الله روحهما في الجنة:
من يستبق عاطسا بالحمد يأمن من ... شوص ولوص وعلوص كذا وردا
عنيت بالشوص داء الضرس ثم بما ... يليه البطن والضرس اتبع رشدا
قوله: «يهديكم الله ويصلح بالكم» :
أخرج البخاري في الأدب من صحيحه، باب إذا عطس كيف يشمت؟
من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا عطس فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه- أو صاحبه- يرحمك الله، فإذا قال:
يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم.
(1919) - قوله: «فإنه بهن تقضى الحوائج» :
لم أجده هكذا، لكن أخرج العقيلي في الضعفاء [1/ 235، 3/ 446] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 319- 320] رقم 10612، والخطيب في الجامع برقم 915 جميعهم من حديث ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لا بسها، زاد في رواية: وذلك قوله تعالى: صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) الاية.
موقوف، قال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 319] : سألت أبي عن حديث رواه ابن العذراء، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ...
فذكره، قال أبي: هذا حديث كذب موضوع. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 139] : فيه ابن العذراء- غير مسمى- ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.(4/565)
1920- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من امتشط قائما ركبه الدّين.
(1920) - قوله: «من امتشط قائما ركبه الدين» :
أسنده ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 54] من طريق أحمد بن عبد الله الهروي، عن أبي البختري- قال: وهما كذابان-، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به مرفوعا.
وبه ينتهي الجزء الرابع في ترتيبنا، ويليه إن شاء الله الجزء الخامس، وأوله:
باب: ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمته بالليل والنهار والحمد لله رب العالمين(4/566)
فهرس موضوعات المجلد الرابع
الموضوع الصفحة [تابع] جامع أبواب الدلائل التي يستدل بها على نبوته صلى الله عليه وسلم فصل: في آيات إخباره صلى الله عليه وسلم بما أطلعه الله عليه من المغيبات والكوائن 7
فصل: ما جاء في مسارعة الله له صلى الله عليه وسلم في هواه 86
جامع أبواب شرف النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الشرف في القرآن 93
باب ذكر ما أقسم الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن 180
باب ما ذكر الله تعالى من أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن 186
جامع أبواب فضل النبي صلى الله عليه وسلم باب جامع في فضل النبي صلى الله عليه وسلم 191
فصل: في تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء بأفضل الكتاب 234
باب ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الخصال وما خص به من الشريعة 241
فصل جامع في خصائصه صلى الله عليه وسلم 265
فصل: ذكر ما كان له صلى الله عليه وسلم من الفيء والغنيمة 278
باب الموازاة 280
فصل: فيما أوتيه آدم عليه السّلام 283
فصل: فيما أوتيه إدريس عليه السّلام 287
فصل: فيما أوتيه نوح عليه السّلام 288
فصل: فيما أوتيه إبراهيم عليه السّلام 290
فصل: فيما أوتيه موسى عليه السّلام 300
فصل: فيما أوتيه داود عليه السّلام 308
فصل: فيما أوتيه سليمان بن داود عليه السّلام 311
فصل: فيما أوتيه صالح عليه السّلام 315(4/567)
فصل: فيما أوتيه يحيى بن زكرياء عليه السّلام 317
فصل: فيما أوتيه عيسى بن مريم عليه السّلام 318
فصل: فيما أوتيه يعقوب عليه السّلام 322
فصل: فيما أوتيه يوسف عليه السّلام 324
فصل: فيما أعطى الله أنبياءه عليهم السلام وما أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم 326
جامع أبواب صفة أخلاقه وآدابه صلى الله عليه وسلم باب: في صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم 335
فصل: روي سمرة بن جندب 339
فصل: وكان صلى الله عليه وسلم جامعا لكل خير 349
فصل: ولم يكن صلى الله عليه وسلم بفظّ ولا عيّاب 353
فصل: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عمر: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر 355
فصل: في تواضعه صلى الله عليه وسلم 375
فصل: وقد جمع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم مكارم أخلاق العرب والعجم 381
باب: في آداب النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته في الأمر والنهي 393
فصل: ولما جعل الله فيه صلى الله عليه وسلم من الرقة 397
فصل: وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإعفاء اللحى وغيرها من السنن 404
فصل: ومن السنة أن يأخذ بالفضل ما أمكنه 430
فصل: ومن آداب المساجد 435
فصل: في آداب الطعام والشراب 440
فصل: ومن فعله صلى الله عليه وسلم في الطب 482
فصل: ذكر آداب متفرقة 489
فصل: وما نقم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد من الناس في شيء فعرف به 519
فصل: وكان صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إلى العفو والبر وأولاهم به صلى الله عليه وسلم 520
فصل: في كرمه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وإكرامه لهم ومكافأته لمحسنهم وتجاوزه عن المسيء منهم 532
فصل: وبلغ من تذممه صلى الله عليه وسلم 540
فصل: في آداب المجلس 544(4/568)
الجزء الخامس
[جامع أبواب الأدعية والأذكار التي كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر أمته بها ومزاحه صلى الله عليه وسلم وما ضربه من الأمثال]
جامع أبواب الأدعية والأذكار التي كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر أمته بها ومزاحه صلى الله عليه وسلم وما ضربه من الأمثال(5/5)
[270- باب ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمّته باللّيل والنّهار، وأمر أن يدعى به]
270- باب ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمّته باللّيل والنّهار، وأمر أن يدعى به 1921- حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى العدل رحمه الله إملاء، أنا أبو محمد: الحسن بن محمد اللباد، ثنا أبو نصر: الليث بن الجنّية النيسابوري- وكان كتب عن النضر بن شميل- ثنا عبد الله بن مسلم الدمشقي، ثنا عبد الملك بن خصاف بن عبد الرحمن، (1921) - قوله: «الحسن بن محمد اللباد» :
هكذا في الأصول، ولعله أراد: أبا محمد بن محمد بن الحسن بن زنجويه اللباد الزاهد، من أهل نيسابور، وأحد المجتهدين في العبادة، قال عنه الحاكم: عهدت الحفاظ من مشايخنا كلهم يثنون عليه، انظر عنه في:
الأنساب [5/ 124] ، سير أعلام النبلاء [14/ 522] .
قوله: «ابن الجنية» :
هكذا بخط واضح بالنون المشددة، ولم أقف له على ترجمة فيما لدي من المصادر.
قوله: «ثنا عبد الله بن مسلم الدمشقي» :
ترجم له الخطيب في التلخيص [1/ 37] مفرقا بينه وبين ابن مسلم بن رشيد، وتبعه ابن عساكر في تاريخه [33/ 201] لكن قال في ترجمة هذا:
وعندي أنهما واحد.
قوله: «ثنا عبد الملك بن خصاف» :
ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [5/ 349] وسكت عنه، ووثقه ابن حبان [8/ 389] . -(5/7)
عن خصيف، عن أنس بن مالك قال:
قدمت على الحجاج بن يوسف في حاجة لي، فأقمت أياما أختلف إليه فلا يأذن لي، قال: فجئت يوما فوقفت على بابه فصحت: أنس بن مالك، فسمع صوتي فأدخلني، فإذا هو يعرض خيلا له، وإذا كراسي موضوعة، فأشار إلى كرسي منها، فجلست عليه، فما استقررت جالسا حتى قال لي: يا أنس أين هذا الخيل من خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال أنس:
فانتشر منخراي، وارتفعت قصبة أنفي من شدة الغضب، فقلت له: يا ابن أم الحجاج ما ذكرك خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كان يعدها لله عزّ وجلّ وللجهاد في سبيله مع خيلك هذه التي أعددتها للدنيا والسمعة، فقال لي:
والله لقد هممت أن آمر من يأخذ برجلك فيسحبك ظهرا لبطن حتى يأتي بك إلى الحبس، فقلت: والله ما أقدرك على ذلك، ولقد علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات إذا أنا قلتهن أمنت بإذن الله من شر الإنس والجن والهوام، ولقد قلتهن في يومي هذا فما جعل الله لك عليّ من سبيل.
قوله: «عن خصيف» :
عم المتقدم قبله، وهو خصيف بن عبد الرحمن الجزري، أبو عون الحراني، أخو خصاف بن عبد الرحمن، وكان توأما، قال الحافظ المزي: رأى أنس بن مالك، ولم يذكره في شيوخه، وخصيف ممن اختلف فيه، وهو من رجال الأربعة، وعداده فيمن يعتبر به. وانظر:
تهذيب الكمال [8/ 257] ، إكمال مغلطاي [4/ 191] ، تهذيب التهذيب [3/ 123] ، الكاشف [1/ 213] ، المجروحين لابن حبان [1/ 287] ، الكامل لابن عدي [3/ 940] ، سير أعلام النبلاء [6/ 145] ، الميزان [2/ 176] ، المغني في الضعفاء [1/ 209] ، الديوان [1/ 259] .(5/8)
قال: ثم نهضت وتركت حاجتي، وأتيت منزلي، فما استقررت فيه جالسا إلّا وإنسان يدق الباب، فقلت لابني: انظر من هذا؟
قال: فخرج ثم رجع إليّ فقال: هذا محمد بن حجاج، فقلت:
أدخله، قال: فدخل ومعه ثلاثون ألف درهم تحمل، فقال لي:
إن أبي وإن كان قد قال لك ما قال، فإنه يراجع إلى ما تحب، خذ هذه ثلاثين ألف درهم انتفع بها وعلمني الكلمات، فقلت له: أما الدراهم فلا حاجة لي بها، وأما الكلمات فو الله ما أنت ولا أبوك لها بأهل، والكلمات هذه:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي وولدي، بسم الله على كل شيء أعطانيه ربي.
بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي في جميع أسمائه الشفاء.
بسم الله افتتحت، وعلى الله توكلت.
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
الله الله الله ربي، لا أشرك به، الله أعظم وأجل وأعزّ، مما أخاف وأحذر.
حسبي الله لا إله إلّا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
اللهمّ إني أسألك من خيرك بخيرك الذي لا يملكه غيرك، عز جارك، اجعلني في عياذك وجوارك من كل سوء، ومن الشيطان الرجيم.(5/9)
اللهمّ إني أحترز بك من جميع ما خلقت، وأحترز بك منك، وأقدم بين يديّ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم تقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، والمعوذتين، ثم تقول إذا فرغت من قراءتهن: وعن يميني مثل ذلك، وعن يساري مثل ذلك، ومن فوقي مثل ذلك، ومن تحتي مثل ذلك.
1922- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض قوله: «ومن تحتي مثل ذلك» :
تابعه أبان بن أبي عياش- يكاد يترك- عن أنس، مع اختلاف يسير في اللفظ، أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات- كما في الخصائص [3/ 99- 100] ، والكنز [2/ 221- 222] رقم 3850، وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 346، وأبو الشيخ في الثواب- كما في الكنز [2/ 667- 668] ، رقم 5020، وقد عزاه فيه أيضا برقم 5021 للحاكم في المستدرك ولم أقف عليه فيه.
وله طريق أخرى، فأخرجه الطبراني في الدعاء [2/ 1294] رقم 1059 من حديث محمد بن سهل بن عمار، عن أبيه أنه كان في مجلس الحجاج بن يوسف ... وذكر القصة، وفي الإسناد من لا يعرف حاله.
(1922) - قوله: «اللهمّ لك الحمد» :
أسنده المصنف في كتابه تهذيب الأسرار فقال: حدثنا أبو عمرو بن نجيد، ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، ثنا أبو نصر، ثنا مالك، عن أبي الزبير، عن طاوس اليماني، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: ... فذكره إلى قوله: لا إله إلّا أنت، وهو في موطأ مالك من هذا الوجه، ومن طريقه أخرجه مسلم، وهو عند البخاري من وجه آخر عن طاوس كما بيناه في فتح المنان حيث أخرجه الحافظ أبو محمد الدارمي في مسنده برقم 1607.(5/10)
ومن فيهن، ولك الحمد أنت حق، ووعدك حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، اللهمّ لك أسلمت، وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلّا أنت، اللهمّ لك الحمد كله ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره، أهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير.
1923- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والاخرة.
(1923) - قوله: «اللهمّ أني أسألك العفو والعافية» :
رواه العلاء بن زياد فاختلف عليه فيه:
* فقال هشام الدستوائي: عن قتادة، عنه، عن أبي هريرة مرفوعا: ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من: اللهمّ إني أسألك المعافاة في الدنيا والاخرة.
* وقال عمران القطان عن قتادة عنه: عن معاذ بن جبل به إلّا أنه قال:
المعافاة أو العافية.
حديث هشام الدستوائي أخرجه ابن ماجه، في الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية، رقم 3851، قال الحافظ البوصيري في الزوائد:
إسناده صحيح، رجاله ثقات، والعلاء بن زياد ذكره ابن حبان في الثقات ولم أر من تكلم فيه، وباقي رجال الإسناد لا يسأل عن حالهم لشهرتهم.
وحديث عمران القطان أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 165] رقم 346، قال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح، غير العلاء بن زياد، وهو ثقة، ولكنه لم يسمع من معاذ.(5/11)
1924- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في أعلى درج الجنة، جنة الخلد.
1925- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني عبدك وابن عبدك، ابن أمتك، في قبضتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي.
(1924) - قوله: «إيمانا لا يرتد» :
أخرجه الإمام أحمد [1/ 386، 437، 445، 446، 454] ، وابن ماجه في المقدمة برقم 13، وأبو يعلى في مسنده [1/ 26، 27] رقم 16، 17، وفي [8/ 471] رقم 5058، والطيالسي في مسنده رقم 334، والطبراني في معجمه الكبير [9/ 60- 62] الأرقام 8413، 8414، 8416، وأبو نعيم في الحلية [1/ 127] ، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 201، من حديث زر، عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة بين أبي بكر وعمر، وعبد الله يصلي، فافتتح النساء فسحلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على ابن أم عبد، ثم قعد، ثم سأل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سل تعطه، سل تعطه، فقال: ففيم يسأل؟ قال: ...
فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- 7067.
(1925) - قوله: «اللهمّ إني عبدك» :
أخرجه الإمام أحمد [1/ 391، 452] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 253] رقم 9367، وأبو يعلى في مسنده [9/ 198] رقم 5297، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 209- 210] رقم 10352، والحارث بن أبي أسامة [2/ 957- بغية الباحث] رقم 1057، من حديث أبي سلمة-(5/12)
1926- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
1927- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني واجبرني.
- الجهني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود به مرفوعا، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- رقم 972، والحاكم في المستدرك [1/ 509- 510] على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن أبا سلمة لا يدرى من هو، ولا رواية له في الكتاب الستة، وقال في مجمع الزوائد [10/ 136] : رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح، غير أبي سلمة، وقد وثقه ابن حبان.
قلت: رواه عبد الرحمن بن إسحاق- ضعف- فتارة يقول: عن القاسم، عن أبيه، عن ابن مسعود، أخرجه البزار في مسنده [4/ 31 كشف الأستار] رقم 3122.
وتارة يسقط قوله: عن أبيه ويجعله عن القاسم، عن ابن مسعود، أخرجه ابن السني في اليوم والليلة برقم 340.
(1926) - قوله: «والنجاة من النار» :
أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 525]- وصححه على شرط مسلم- ومن طريقه البيهقي في الدعوات الكبير برقم 206 من حديث حميد الأعرج- ضعف- عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره.
(1927) - قوله: «اللهمّ اغفر لي» :
ورد عنه صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء في الجلسة بين السجدتين، أخرجه الترمذي في الصلاة، باب ما يقول بين السجدتين، رقم 284 من حديث كامل-(5/13)
.........
- أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين ... فذكره.
قال الترمذي: غريب، ورواه بعضهم عن كامل أبي العلاء مرسلا. اهـ.
وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 262] ، وأقره الذهبي في التلخيص.
نعم، وفي الباب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وطارق بن أشيم الأشجعي، وابن أبي أوفى دون قوله: واجبرني.
أما حديث عائشة، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [6/ 143] ، وأبو داود في الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، رقم 766، والنسائي في الصلاة، باب ما يستفتح به القيام، رقم 1617، وفي الاستعاذة، باب الاستعاذة من ضيق المقام، رقم 5535، وابن ماجه في الإقامة، باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل، رقم 1356، جميعهم من طريق عاصم بن حميد أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان رسول الله يستفتح به إذا قام من الليل؟ قالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح إذا قام من الليل يصلي يبدأ فيكبر عشرا، ثم يسبح عشرا، ويحمد عشرا، ويهلل عشرا، ويستغفر عشرا ويقول: اللهمّ اغفر لي واهدني وارزقني ... الحديث صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 2602.
وأما حديث طارق بن أشيم الأشجعي، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 207] رقم 9237، ومن طريقه ابن ماجه في الدعاء، باب الجوامع من الدعاء، رقم 3845، ومسلم في الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم 2697 (34، 35، 36) ، والإمام أحمد في المسند [3/ 472] ، والطبراني في معجمه الكبير [8/ 379- 380] رقم 8183، 8184، 8185، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل فقال: يا رسول الله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: قل اللهمّ اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، -(5/14)
1928- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
- وجمع أصابعه الأربع إلّا الإبهام، فإن هؤلاء يجمعن لك دينك ودنياك، صححه الحاكم في المستدرك على شرط مسلم [1/ 529- 530] وزعم أنه لم يخرجه، فتعقبه الذهبي في التلخيص بأنه أخرجه بسنده.
وأما حديث ابن أبي أوفى، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 353، 356] قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لا أستطيع أخذ شيء من القرآن فعلمني ما يجزئني، قال: قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، قال: يا رسول الله هذا لله عزّ وجلّ فما لي؟
قال: قل: اللهمّ اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني، ثم أدبر وهو ممسك كفيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد ملأ يديه من الخير.
وأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 2747، وأبو داود في الصلاة ما يجزىء الأمي والأعجمي من القراءة، رقم 832، والنسائي في الافتتاح، برقم 924، والحميدي في مسنده برقم 717، والدارقطني [1/ 313] ، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 381] ، وصححه ابن خزيمة برقم 544، وابن حبان- كما في الإحسان- الأرقام 1808، 1809، 1810، والحاكم في المستدرك [1/ 241] على شرط البخاري، ووافقه الذهبي في التلخيص.
(1928) - قوله: «اللهمّ آت نفسي تقواها» :
أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل، رقم 2722 (73) ، والإمام أحمد في المسند [4/ 371] ، والنسائي في الاستعاذة برقم 5458، 5538، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 186] رقم 9183، جميعهم من حديث عبد الله بن الحارث، عن زيد بن أرقم قال: لا أقول لكم إلّا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من العجز والكسل، والبخل والجبن، والهرم وعذاب القبر، -(5/15)
1929- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الاخرة.
1930- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو- اللهمّ آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهمّ إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها.
وفي الباب عن ابن عباس وعائشة يأتي تخريجهما عند التعليق على النص رقم 2000.
(1929) - قوله: «اللهمّ أحسن عاقبتنا» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 181] ، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 19] .
الأرقام 1196، 1197، 1198، وفي الدعاء له أيضا برقم 1436، وابن عدي في الكامل [2/ 438] ، والخطيب في تاريخه [4/ 237] ، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 238، جميعهم من حديث بسر بن أرطاة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 949، والحاكم في المستدرك [3/ 591] ، وقال في مجمع الزوائد [10/ 178] : رجال أحمد وأحد أسانيد الطبراني ثقات.
(1930) - قوله: «اللهمّ إني أسألك من الخير كله» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 263- 264] رقم 9394 ومن طريقه ابن ماجه في الدعاء، باب الجوامع من الدعاء رقم 3846، والإمام أحمد في المسند [6/ 134، 147] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 639، وأبو يعلى في مسنده [7/ 446- 447] رقم 4473 من حديث-(5/16)
عمل، وأعوذ بك من النار، وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك من خير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا.
1931- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيء، فالق الحبّ والنّوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الاخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين واغنني من الفقر.
- أم كلثوم بنت أبي بكر، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها أن تقول: ...
فذكره، وبعضهم يزيد فيه على بعض، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 869، والحاكم في المستدرك [1/ 521، 521- 522] ، وأقره الذهبي في التلخيص.
(1931) - قوله: «اللهمّ رب السماوات السبع» :
أخرجه مسلم في الذكر والدعاء برقم 2713 (62، 63) ، والإمام أحمد في المسند [2/ 381، 536] ، وأبو داود في الأدب، باب ما يقال عند النوم، رقم 5051، والترمذي في الدعوات، برقم 3400، والنسائي في اليوم والليلة، برقم 790، ومن طريقه ابن السني كذلك برقم 720، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 251] رقم 9362، وابن ماجه في الدعاء، باب ما يدعو به إذا أوى إلى فراشه، رقم 3873، وابن حبان في صحيحه برقم 5537- إحسان- من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه قال: ... فذكره.(5/17)
1932- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أعني ولا تعن عليّ، وانصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر عليّ، واهدني ويسر الهدى لي، وأعني على من بغى عليّ، اللهمّ اجعلني لك شكّارا، ذكّارا، رهّابا، إليك راغبا، ولك مطيعا مخبتا، إليك أوّاها منيبا، ربّ تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي.
1933- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك إيمانا صادقا، ويقينا ليس بعده كفر، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والاخرة، والفوز عند القضاء، ومنازل الشهداء، وعيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء، اللهمّ إنا ننزل بك حاجاتنا، وإن قصرت آراؤنا وضعفت أعمالنا وافتقرنا إلى رحمتك يا أرحم الراحمين، (1932) - قوله: «اللهمّ أعني ولا تعن عليّ» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 227] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 280] رقم 9439، وأبو داود في الصلاة، باب ما يقول الرجل إذا سلم، رقم 1510، 1511، والترمذي في الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3551، والنسائي في اليوم والليلة، رقم 607، وابن ماجه في الدعاء، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 3830، والبخاري في الأدب المفرد، رقم 664، 665.
وابن أبي عاصم في السنة برقم 384، والطبراني في الدعاء برقم 1411، 1412، والبغوي في شرح السنة، رقم 1375 من حديث طليق بن قيس الحنفي، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: ...
فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 947، 948، والحاكم في المستدرك [1/ 519- 520] وأقره الذهبي في التلخيص.(5/18)
نسألك يا قاضي الأمور، وشافي الصدور، كما تحجز بين الصخور، أن تجيرنا من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور، اللهمّ اجعلنا هادين مهديين غير ضالين ولا مضلين، حربا لأعدائك، سلما لأوليائك، نحب بحبك الناس، ونعادي بعداوتك من خالفك من خلقك، اللهمّ هذا الدعاء وعليك الاستجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
اللهمّ ذا الحبل الشديد، والأمر الرشيد، نسألك الأمن يوم الوعيد، والجنة يوم الخلود، مع المقربين الشهود، الركع السجود، الموفّين بالعهود، إنك رحيم ودود، وأنت تفعل ما تريد.
اللهمّ اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وفي لساني نورا، وعن يميني نورا وعن شمالي نورا، اللهمّ اجعل لي من فوقي نورا ومن تحتي نورا، واجعل لي أمامي نورا، وأعظم لي نورا، اللهمّ عافني في سمعي وبصري.
قوله: «اللهمّ عافني في سمعي وبصري» :
اختصره المصنف، وأوله: اللهمّ إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي، وترد بها ألفتي، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غايتي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء، ... الحديث.
أخرجه الترمذي في الدعوات، رقم 3419، ومحمد بن نصر في الوتر- كما في مختصر المقريزي برقم 77، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 343] رقم 10668، وفي الأوسط [4/ 422] رقم 3708، وفي الدعاء له أيضا برقم 482، وابن عدي في الكامل [3/ 957] ، وابن حبان في المجروحين [1/ 230] ، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 80، 204] ، وأبو نعيم في-(5/19)
1934- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، اللهمّ إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحكم في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا يبيد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهمّ زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين.
- الحلية [3/ 209- 210] ، جميعهم من حديث ابن أبي ليلى- سيء الحفظ- عن داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليلة حين فرغ من صلاته: ... فذكره، تفرد به ابن أبي ليلى، ومع هذا فقد صححه ابن خزيمة، برقم 1119!.
(1934) - قوله: «اللهمّ بعلمك الغيب» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 264] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 264، 265] رقم 9395، 9397، والنسائي في السهو برقم 1305، 1306، وأبو يعلى في مسنده [3/ 195] رقم 1624، وابن خزيمة في التوحيد [/ 12] ، وابن منده في الرد على الجهمية برقم 86، والدارمي كذلك [/ 60] ، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد رقم 845 جميعهم من حديث عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عمار بن ياسر أنه صلى صلاة فخففها فقيل له: يا أبا اليقظان، خففت الصلاة، قال: أو خففت؟ لقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام تبعه رجل من القوم هو أبي غير أنه كنى عن نفسه فسأله عن الدعاء، ثم جاء فأخبر به القوم قال: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 1971، والحاكم في المستدرك [1/ 524] ، وأقره الذهبي في التلخيص.(5/20)
1935- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره، أهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهمّ اغفر لي جميع ما مضى من ذنوبي، واعصمني في ما بقي من عمري، وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني، اللهمّ لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لما هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما أبعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهمّ إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهمّ إني أسألك النعيم يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهمّ عائذ بك من شر ما أعطيت وشر ما صنعت، اللهمّ حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهمّ توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين.
1936- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إله إلّا أنت سبحانك، اللهمّ (1935) - قوله: «اللهمّ لك الحمد كله» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 424] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 609، والبخاري في الأدب المفرد برقم 699، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 40] رقم 4549 جميعهم من حديث عبيد بن رفاعة بن رافع، عن أبيه قال: لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
استووا حتى أثني على ربي عزّ وجلّ، فصاروا خلفه صفوفا فقال: وأوله عند الجميع: اللهمّ لك الحمد كله، اللهمّ لا قابض لما بسطت، وبعضهم يزيد فيه على بعض.
(1936) - قوله: «لا إله إلّا أنت سبحانك» :
أخرجه أبو داود في الأدب، باب ما يقال عند النوم، برقم 5061، والنسائي-(5/21)
إني أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللهمّ زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
1937- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك تعجيل عافيتك، وصبرا على بليتك، وخروجا من الدنيا إلى رحمتك.
1938- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن يساري، ومن فوقي ومن تحتي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي.
- في اليوم والليلة برقم 865، وابن السني كذلك برقم 761، والطبراني في الدعاء برقم 762 من حديث ابن المسيب، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5531، والحاكم في المستدرك [1/ 450] ، وأقره الذهبي في التلخيص.
(1937) - قوله: «اللهمّ إني أسألك تعجيل عافيتك» :
أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم 922- إحسان-، والحاكم في المستدرك [1/ 522] وصححه، وأقره الذهبي في التلخيص، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 192 من حديث زهير بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يأمرك أن تدعو بهؤلاء الكلمات، فإنه معطيك إحداهن، قال: ... فذكره.
وفي الباب عن أنس، فأخرج ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات برقم 30 من حديث يوسف بن عطية- وهو متروك- قال: عادني أبو الحكم وأنا مريض فحدثني أنه دخل هو وثابت على أنس بن مالك فأخبرهم أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل وهو يشتكي فقال له: قل اللهمّ ... فذكره.
(1938) - قوله: «اللهمّ استر عوراتي» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 239- 240] رقم 9327، -(5/22)
1939- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ عافني في جسدي وسمعي وبصري ما أبقيتني، واجعله الوارث مني.
- 9328، والإمام أحمد في المسند [2/ 25] ، وأبو داود في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، رقم 5074، والنسائي في الاستعاذة برقم 5529، وفي اليوم والليلة برقم 566، وابن ماجه في الدعاء، باب ما يدعو الرجل إذا أصبح وإذا أمسى، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1200، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 32، وفي الأسماء والصفات [/ 172- 173] ، والطبراني في الدعاء برقم 305، وفي المعجم الكبير [12/ 343] رقم 13296، جميعهم من حديث جبير بن أبي سليمان أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح، وأوله عند الجميع: اللهمّ إني أسألك العافية في الدنيا والاخرة، اللهمّ إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، ... والباقي سواء، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 961، والحاكم في المستدرك [1/ 517- 518] ، وأقره الذهبي.
(1939) - قوله: «اللهمّ عافني في جسدي» :
أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات برقم 3476، وأبو يعلى في مسنده [8/ 145] برقم 4690، وابن عدي في الكامل [2/ 815] ، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 260، والخطيب في تاريخه [2/ 137] ، والشجري في أماليه [1/ 233] من حديث حبيب بن أبي ثابت، عن عروة- ولم يسمع منه-.
عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، وزاد في آخره:
لا إله إلّا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 530] بشرط سماع حبيب من عروة، وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن فيه بكر بن بكار، قال عنه النسائي: ليس بثقة. اهـ.(5/23)
1940- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، والعمل فيما تحب وترضى.
1941- وفي رواية: اللهمّ إني أسألك الهدى والتقى، والعفة والغنى.
- قلت: قد توبع عند غيره ممن ذكرنا أثناء التخريج فتبقى علة الانقطاع وهي مجبورة بما في الباب من الشواهد، وفيه عن أبي بكرة عند ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 205- 206] رقم 9233، والبخاري في الأدب المفرد برقم 701، والإمام أحمد في المسند [5/ 42] ، وأبو داود في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، رقم 5090، والنسائي في اليوم والليلة برقم 651 ومن طريقه ابن السني في اليوم والليلة برقم 68، والطبراني في الدعاء برقم 345، 1032، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 33، صححه ابن حبان- ولفظه مختصر- برقم 970 إحسان، وفي إسناد الجميع جعفر بن ميمون، عن ابن أبي بكرة، وليس بالقوي لكن حسنه الحافظ في النتائج فيما ذكره ابن علان في تخريج الأذكار [4/ 8] ، وحسنه قبل الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 137] .
(1940) - قوله: «اللهمّ إني أسألك الهدى» :
أخرجه مسلم في الذكر والدعاء برقم 2721، والإمام أحمد في المسند [1/ 411، 416، 437] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 208] رقم 9241، والترمذي في الدعوات برقم 3489، وابن ماجه في الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 3832، والبخاري في الأدب المفرد برقم 674، والطبراني في الدعاء برقم 1408، وفي الأوسط [6/ 411- 412] رقم 5878، وابن حبان برقم 900- إحسان- جميعهم من حديث أبي الأحوص عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء ...
فذكره.(5/24)
1942- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلّا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
1943- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأستغفرك لما تعلم، وأسألك خير ما تعلم.
(1942) - قوله: «اللهمّ إني ظلمت نفسي» :
أخرجه البخاري في الأذان، باب الدعاء قبل السلام، رقم 834، وفي الدعوات، باب الدعاء في الصلاة، رقم 3626، ومسلم في الذكر، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم 2705، من حديث أبي بكر الصديق، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال قل: ... فذكره.
(1943) - قوله: «اللهمّ إني أسألك الثبات في الأمر» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 123، 125] ، والترمذي في الدعوات، رقم 3407، والنسائي في السهو، رقم 1304، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 351- 353] الأرقام 7175، 7176، 7177، 7178، 7179، 7180 من حديث شداد بن أوس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اكتنز الناس الدنانير والدراهم، فاكتنزوا هؤلاء الكلمات: ... فذكره.
صححه ابن حبان- كما في الإحسان- رقم 935، والحاكم في المستدرك [1/ 508] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص.(5/25)
1944- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ ربنا وربّ كلّ شيء، أنا شهيد أنك أنت الربّ وحدك لا شريك لك، اللهمّ ربّنا وربّ كل شيء، أشهد أنّ محمدا عبدك ورسولك، أشهد أن العباد كلهم إخوة، اللهمّ ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصا لك في كل ساعة في الدنيا والاخرة، يا ذا الجلال والإكرام اسمع واستجب، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، نور السماوات والأرض، الله أكبر حسبي الله ونعم الوكيل، الله الأكبر الله الأكبر.
1945- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اغفر لي ذنبي، ووسع لي في رأيي، وبارك لي في رزقي.
(1944) - قوله: «اللهمّ ربنا ورب كل شيء» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 369] ، وأبو داود برقم 1508، والنسائي في اليوم والليلة رقم 101، وابن السني رقم 114، والشجري في أماليه [1/ 249] ، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 170- 171] من حديث داود الطفاوي- أحد الضعفاء- عن أبي مسلم البجلي- مستور- عن زيد ابن أرقم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول دبر كل صلاة: ... فذكره.
(1945) - قوله: «اللهمّ اغفر لي ذنبي» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 63، 5/ 367، 375] من حديث الجريري قال: سمعت عبيد بن القعقاع، يحدث رجلا من بني حنظلة قال:
رمق رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فجعل يقول في صلاته: اللهمّ اغفر لي ذنبي ... الحديث.
قوله: «ووسع لي رأيي» :
كذا عندنا بخط واضح، وهي رواية عند الإمام أحمد، وفي رواية أخرى عنده أيضا: في داري، لا أدري هي كذلك أو دخلها خطأ الطبع. -(5/26)
1946- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أجرني من النار سبع مرات.
- وفي الباب عن أبي موسى عند ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 281] رقم 9440، من حديث عباد بن عباد، عن أبي مجلز، عن أبي موسى قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ، وصلى، ثم قال: ... فذكره، إسناده صحيح.
وعن أبي هريرة عند الترمذي، من حديث أبي السليل، عن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله سمعت دعاءك الليلة، فالذي وصل إليّ منه إنك تقول: ... فذكره، قال صلى الله عليه وسلم: فهل تراهن تركن شيئا؟ قال الترمذي:
غريب، وأخرجه الطبراني في الصغير برقم 1019.
(1946) - قوله: «سبع مرات» :
عقب صلاة الغداة، وعقب صلاة المغرب، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 234] ، وأبو داود في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، رقم 5079، 5080، والنسائي في اليوم والليلة، برقم 111، والبخاري في تاريخه الكبير [7/ 253] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 139، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 433] رقم 1051، 1052، وابن سعد في الطبقات [7/ 419- 420]- الحديث بطوله ليس فيه الشاهد- وأبو نعيم في المعرفة [5/ 2486- 2487] رقم 6046، 6047، جميعهم من حديث عبد الرحمن بن حسان الكناني: حدثنا الحارث بن مسلم- ومنهم من يقول: مسلم بن الحارث- عن أبيه مطولا ومختصرا وفيه: إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدا: اللهمّ أجرني من النار سبع مرات، فإنك إن مت من يومك ذلك كتب الله عزّ وجلّ لك جوارا من النار، وإذا صليت المغرب فقل مثل ذلك، فإنك إن مت من ليلتك كتب الله عزّ وجلّ لك جوارا من النار، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 2022، وحسنه الحافظ في النتائج [80/ ب] .(5/27)
1947- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، لا إله إلّا الله، ولا نعبد إلّا إياه، له المنّ وله النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن الجميل، لا إله إلّا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
1948- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك رزقا طيبا، وعلما نافعا، وعملا متقبلا.
(1947) - قوله: «ولو كره الكافرون» :
أخرجه مسلم في المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، رقم 594 (139، 140، 141) ، والإمام أحمد في المسند [4/ 4، 5] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 232] رقم 9311، وأبو داود في الصلاة، باب ما يقول الرجل إذا سلم، رقم 1506، 1507، والنسائي في السهو رقم 1339، 1340، وأبو عوانة في المستخرج [2/ 245، 246] ، والشافعي في مسنده [1/ 93- 94] ، ومن طريقه البغوي في شرح السنة برقم 717، وابن خزيمة في صحيحه برقم 740، 741، وابن حبان كذلك- كما في الإحسان- الأرقام 2008، 2009، 2010، جميعهم من حديث أبي الزبير أن عبد الله بن الزبير كان يقول في دعائه: ... فذكره، وكان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هؤلاء الكلمات دبر كل صلاة.
(1948) - قوله: «وعملا متقبلا» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 294، 305، 318، 318، 322] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [2/ 234] ، رقم 3190، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 234] رقم 9314، ومن طريقه ابن ماجه في الإقامة، برقم 925، والنسائي في اليوم والليلة برقم 102، والحميدي في مسنده برقم 299، وابن السني في اليوم والليلة برقم 54، 110، والطبراني-(5/28)
.........
- في معجمه الكبير [23/ 305] رقم 685، 686، 687، 688، 689، والبيهقي في الدعوات الكبير له برقم 99، والخطيب في السابق واللاحق [/ 127- 128] ، جميعهم من حديث موسى بن أبي عائشة عن مولى لأم سلمة- وبعضهم يقول: عن رجل سمع أم سلمة- عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر الفجر إذا صلى: ... فذكره.
قال البوصيري في الزوائد: رجال إسناده ثقات، خلا مولى أم سلمة فإنه لم يسمع، ولم أر أحدا ممن صنف في المبهمات ذكره، ولا أدري ما حاله.
قال أبو عاصم: كذا قال رحمه الله وبتتبع طرقه وجدنا أن الاختلاف فيه جاء في طريق سفيان الثوري، فروي عنه عن موسى، وعنه عن منصور، عن موسى، وسمى مرة المولى سفينة.
وأخرجه الدارقطني في الأفراد- كما في النكت الظراف [13/ 46]- ومن طريقه الخطيب في تاريخه [4/ 39] من حديث شاذان عن الثوري، عن موسى، عن عبد الله بن شداد عن أم سلمة.
قال الحافظ في التهذيب: فإن كان عبد الله بن شداد غير الليثي فلا إشكال، وإن كان هو الليثي فيبعد أن يقال فيه مولى، فلعل ذلك من الاختلاف في الإسناد، فالموضع موضع احتمال، ولهذا أفرده بترجمة في الأسماء. اه.
قلت: ورواه الطبراني في الصغير برقم 735، ومن طريقه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 39] من وجه آخر من حديث سفيان عن منصور، عن الشعبي، عن أم سلمة به، وهذا إسناد صحيح جوده الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 111] .(5/29)
1949- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
1950- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني ضعيف فقوّ في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضاي، اللهمّ إني ضعيف فقوني، وإني ذليل فأعزني، وإني فقير فاغنني.
(1949) - قوله: «اللهمّ أعنّي على ذكرك» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 244- 245، 247] ، وأبو داود في الصلاة، باب: في الاستغفار، رقم 1522، والنسائي في اليوم والليلة برقم 109، 117، وفي السهو من المجتبى، باب نوع آخر من الدعاء [3/ 53] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ الأرقام 110، 218، 250] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 117، والبيهقي في الشعب برقم 4410، جميعهم من حديث عقبة بن مسلم قال: حدثني أبو عبد الرحمن المقرىء، عن الصنابحي، عن معاذ بن جبل أن رسول الله أخذ بيد معاذ فقال: يا معاذ والله إني لأحبك، فقال معاذ: بأبي أنت وأمي، والله إني لأحبك، فقال: يا معاذ أوصيك أن لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: ... فذكره، صححه ابن خزيمة برقم 751، وابن حبان- كما في الموارد- برقم 2511، 2345، والحاكم في المستدرك [1/ 273] على شرط الشيخين، وأقره الذهبي في التلخيص.
وروي من وجه آخر عن هشام بن عروة، عن ابن المنكدر قال: كان مما يدعو به صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، مرسلا، ورجاله ثقات، أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر برقم 4، والبيهقي في الشعب برقم 4411.
(1950) - قوله: «اللهمّ إني ضعيف» :
رواه أبو داود الأعمى- أحد المتروكين- على ألوان فتارة يجعله عن بريدة، وتارة عن ابن عمر، وروي عنه أيضا عن البراء، وعن عائشة. -(5/30)
1951- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ ارزقني حبّك، وحبّ من ينفعني حبه عندك، اللهمّ وما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فاجعله لي فراغا لي فيما تحب.
1952- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ نق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، اللهمّ باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت- حديث بريدة أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 268- 269] رقم 9402، والطحاوي في المشكل [1/ 64] ، عن بريدة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات من أراد الله به خيرا علمه إياها؟
قال: ... فذكرها، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 527] فتعقبه الذهبي بأن أبا داود الأعمى متروك.
وأما حديث ابن عمر فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 179]- وأعله الهيثمي أيضا بأبي داود هذا.
وأما حديث البراء فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [43/ 340] .
وأما حديث عائشة فعزاه المتقي الهندي في الكنز [2/ 216، 217] رقم 3831، 3833 للدارقطني في الأفراد.
(1951) - قوله: «اللهمّ ارزقني حبك» :
أخرجه الترمذي في الدعوات، برقم 3491- وقال: حسن غريب- وابن المبارك في الزهد برقم 430، والطبراني في الدعاء برقم 1403 من حديث محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن يزيد الخطمي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ... فذكره.
(1952) - قوله: «اللهمّ نق قلبي» :
اختصر المصنف لفظه الأول، وأورده بطوله الطبراني في معجمه الكبير [23/ 316- 317] رقم 717، وفي الأوسط- كما في مجمع البحرين [8/ 41] رقم 4676- من حديث سهيل بن أبي صالح، عن موسى بن-(5/31)
بين المشرق والمغرب، اللهمّ باعد بين الذنوب وبيني، اللهمّ إني أسألك خير المسألة، وخير الدعاء، وخير النجاح، وخير العمل، وخير الثواب، وخير الحياة، وخير الممات، وثبتني وثقل ميزاني، وحقق إيماني، وارفع درجتي، وتقبل صلاتي، واغفر خطيئتي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة، آمين، اللهمّ إني أسألك أن ترفع ذكري، وتضع وزري، وتصلح أمري، وتطهر قلبي، وتحفظ فرجي، وتنور قبري، وتغفر ذنبي.
1953- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك صحة في إيمان، وإيمانا في حسن خلق، ونجاحا يتبعه فلاح، ورحمة منك وعافية، ومغفرة منك ورضوانا.
- عقبة، عن عاصم بن أبي عبيدة، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهمّ أنت الأول لا شيء قبلك، وأنت الاخر لا شيء بعدك، أعوذ بك من كل دابة ناصيتها بيدك، وأعوذ بك من الإثم والكسل ومن عذاب النار ومن عذاب القبر، ومن فتنة الغنى وفتنة الفقر، وأعوذ بك من المأثم والمغرم، وأخرجه في [23/ 352] رقم 825 من طريق جنادة، عن عاصم لكن قال: عن أم سلمة أو: عن زينب عن أم سلمة، بالشك.
الطريق الأول صححه الحاكم في المستدرك [1/ 524] وأقره الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 177] : أحد أسانيد الكبير ورجال الأوسط ثقات. اه. يعني الموضع الأول.
(1953) - قوله: «اللهمّ إني أسألك صحة في إيمان» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 321] ، والطبراني في الأوسط [10/ 155] رقم 9329 من حديث ابن حجيرة عن أبيه، عن أبي هريرة قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم سلمان فقال: إن نبي الله يريد أن يمنحك كلمات من-(5/32)
1954- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
1955- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اجعلني صبورا، واجعلني شكورا، واجعلني في عيني صغيرا، وفي أعين الناس كبيرا.
- الرحمن ترغب إليه فيهن، وتدعو بهن في الليل والنهار، قال: ... فذكره، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 523] وسكت عنه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 174] : رجاله ثقات.
(1954) - قوله: «اللهمّ أصلح لي ديني» :
أخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل، رقم 2720 (71) ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 668، والطبراني في معجمه الصغير [2/ 127- 128] رقم 901، وفي الأوسط [8/ 129- 130] رقم 7257، وفي الدعاء له برقم 1455، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 214 من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ...
فذكره.
(1955) - قوله: «اللهمّ اجعلني صبورا» :
أخرجه البزار في مسنده [4/ 61 كشف الأستار] رقم 3198، وابن أبي حاتم في العلل برقم 1978، 2047 من حديث عقبة بن عبد الله الأصم- وهو ضعيف، وبه أعل الحديث- عن ابن بريدة عن أبيه لفظ البزار: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ... فذكره.
وفي رواية ابن أبي حاتم أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني دعوة، قال: ... فذكره.(5/33)
1956- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ هب لنا من رحمتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهمّ متعنا بأسماعنا وأبصارنا ما أبقيتنا، واجعلها الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.
1957- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساءوا استغفروا.
(1956) - قوله: «اللهمّ هب لنا» :
وقال غيره: اللهمّ اقسم لنا، أخرجه الترمذي في الدعوات برقم 3502- وقال: حسن غريب- والنسائي في اليوم والليلة برقم 401، 402، وابن المبارك في الزهد برقم 431، وابن السني في اليوم والليلة برقم 446، والبغوي في شرح السنة [5/ 174] رقم 1374، والشجري في أماليه [1/ 238] ، جميعهم من حديث عبيد الله بن زحر، عن خالد بن أبي عمران، أن ابن عمر قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: ... فذكره، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 528] على شرط البخاري، وسكت عنه الذهبي.
(1957) - قوله: «من الذين إذا أحسنوا استبشروا» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 129، 145، 188، 239] ، وابن ماجه في الأدب، برقم 3820، وأبو يعلى في مسنده [7/ 446] رقم 4472، والطيالسي في مسنده برقم 1533، ومن طريقه البيهقي في الشعب [5/ 371، 372] رقم 6992، 6996 من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد وثابت عن أبي عثمان، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، فقد توبع علي بن زيد وبقية رجاله ثقات.(5/34)
1958- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك الصحة والعفة والأمانة وحسن الخلق، والرضا بالقدر.
1959- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تتوب عليّ فتغفر لي وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون.
(1958) - قوله: «اللهمّ إني أسألك الصحة» :
أخرجه هناد في الزهد برقم 445، والبخاري في الأدب المفرد برقم 703، والبزار في مسنده [4/ 57 كشف الأستار] رقم 3187، والطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 173]-، وابن أبي عمر في مسنده كما في المطالب [3/ 229] رقم 3340، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 150، والخطيب في تاريخه [12/ 121] جميعهم من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم- وهو ضعيف- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ... فذكره، غير أن البزار قال:
العصمة بدل: الصحة.
(1959) - قوله: «فتوفني غير مفتون» :
في الباب عن عبد الرحمن بن عائش، وابن عباس، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ بن جبل.
أما حديث عبد الرحمن بن عائش، فقد أورد المصنف هنا طرفا منه، وتخريجه مبسوط في كتاب الرؤيا من المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي وأوله قوله صلى الله عليه وسلم: رأيت ربي في أحسن صورة قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ... الحديث بطوله، وقد ذكرنا هناك ما فيه من الاختلاف، وأخرج منه القدر المذكور هنا كالمصنف: الإمام أحمد في المسند [4/ 66] ، والحاكم في المستدرك [1/ 520] ، وانظر حديث رقم 2288- فتح المنان. لتمام تخريجه، وخرجنا تحته حديث ابن عباس. -(5/35)
1960- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.
1961- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدنا علما تنفعنا به، والحمد لله على كل حال.
- وأما حديث ثوبان، فأخرجه البزار في مسنده [4/ 60- 61 كشف الأستار] رقم 3197، ولفظه كاللفظ الوارد هنا، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 527] ، وسكت عنه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 181] : إسناده حسن.
وأما حديث معاذ بن جبل، فأخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 521] من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: أبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة الفجر ...
الحديث، وفيه: فنمت فرأيت ربي تبارك وتعالى فألهمني أن قلت: اللهمّ إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات ... الدعاء.
وفي الإسناد من العلل: ضعف عبد الرحمن بن إسحاق، وابن أبي ليلى كذلك، ولم يسمع هو من أبيه، ولا سمع عبد الرحمن بن معاذ كما في إتحاف المهرة للحافظ ابن حجر [13/ 265- 266] .
(1960) - قوله: «اللهمّ أحيني ما كانت» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، ومن حديث شعبة عن ثابت، وأخرجه مسلم من حديث حماد، عن ثابت كلاهما عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأوله: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: ... فذكره.
(1961) - قوله: «اللهمّ انفعني بما علمتني» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 281- 282] رقم 9442، ومن طريقه ابن ماجه في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، رقم 251، -(5/36)
1962- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اهدني وسددني.
- وفي الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 3833، والترمذي في الدعوات، رقم 3593، والبغوي في شرح السنة [5/ 173] رقم 1372، جميعهم من حديث موسى بن عبيدة- وهو ضعيف- عن محمد بن ثابت- مستور-، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... فذكره، وزادوا في آخره: وأعوذ بالله من حال أهل النار- أو من عذاب النار- قال الترمذي: حسن غريب.
وفي الباب عن أنس، أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 445] رقم 1769، والبيهقي في الدعوات الكبير رقم 210، من حديث سليمان بن موسى، عن مكحول أنه دخل على أنس قال: فسمعته يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: اللهمّ انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وارزقني علما تنفعني به، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 510] ، وسكت عنه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 181] ، من رواية إسماعيل بن عياش عن المديني، وهي ضعيفة.
(1962) - قوله: «اللهمّ اهدني وسددني» :
هو طرف من حديث أبي بردة، عن علي رضى الله عنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه أو التي تليها- وأشار إلى السبابة والوسطى- ونهاني عن القسي وعن الجلوس على المياثر ... الحديث، علق البخاري منه ما يتعلق باللباس، وأخرجه مسلم في اللباس، وأخرج ما يتعلق بالدعاء في الذكر والدعاء 2725 (78) وفيه: واذكر بالهدى: هدايتك بالطريق، والسداد: سداد السهم، وأخرجه أيضا أبو داود في الخاتم، باب ما جاء في خاتم الحديد، رقم 4225، والنسائي في الزينة، باب النهي عن الجلوس على المياثر، رقم 5378، والترمذي في اللباس، باب كراهية التختم في إصبعين، رقم 1787، وابن ماجه في اللباس، باب التختم بالإبهام، رقم 3648.(5/37)
1963- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
(1963) - قوله: «يا مقلب القلوب» :
رواه الأعمش، فاختلف عليه فيه:
* فروي عنه، عن أبي سفيان، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقالوا: يا رسول الله آمنا بك، وبما جئت فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها.
أخرجه الإمام أحمد [3/ 257] ، والترمذي في القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، رقم 2141، وأبو يعلى في مسنده [6/ 359] رقم 3687، 3688، والبغوي في شرح السنة [1/ 165] رقم 88، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 526] وأقره الذهبي في التلخيص.
* وروي عنه، عن أبي سفيان، عن جابر، أخرجه أبو يعلى [4/ 207] رقم 2318، وأشار إليه الترمذي عقب الذي قبله وقال: وحديث أبي سفيان عن أنس أصح.
* وروي عنه، عن يزيد الرقاشي- وهو ضعيف- عن أنس، أخرجه ابن ماجه في الدعاء برقم 3834.
وفي الباب عن أم سلمة عند الإمام أحمد [6/ 294، 301- 302، 315] ، والترمذي في الدعوات برقم 3517- وقال: حسن- وابن أبي عاصم في السنة برقم 223، والاجري في الشريعة [/ 316] .
وعن النواس بن سمعان، أخرجه الإمام أحمد [4/ 182] ، والنسائي في النعوت من السنن الكبرى [4/ 414] رقم 7738، وابن ماجه في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، برقم 199، والبغوي في شرح السنة برقم 89، وصححه ابن حبان برقم 943- إحسان- والحاكم في المستدرك [1/ 525] . -(5/38)
1964- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، واصرف عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا أبدا ما أبقيتنا.
1965- ومما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أنت أجلّ من ذكر، وأول- وعن عائشة رضي الله عنها أخرجه بأسانيد الإمام أحمد [6/ 91، 250- 251] ، والنسائي في اليوم والليلة من السنن الكبرى [6/ 83] رقم 10136، وفي النعوت [4/ 414] رقم 7737، وأبو يعلى في مسنده [8/ 128- 129] رقم 4669، وابن أبي عاصم في السنة برقم 224، والاجري في الشريعة [/ 317] .
(1964) - قوله: «اللهمّ ألف بين قلوبنا» :
أخرجه أبو داود في الصلاة، باب التشهد، رقم 969، والطبراني في الكبير برقم 10426 من حديث شريك بن عبد الله، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد في الصلاة كما يعلمنا السورة من القرآن، ويعلمنا ما لم يكن يعلمنا كما يعلمنا التشهد: اللهمّ ألف بين قلوبنا ... الحديث، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 996، والحاكم في المستدرك [1/ 265] على شرط مسلم، وأقره الذهبي في التلخيص، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 679] : إسناد الكبير جيد.
(1965) - قوله: «اللهمّ أنت أجل من ذكر» :
أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 316] رقم 8027 من طريق فضال بن جبير، عن أبي أمامة الباهلي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح وأمسى دعا بهذه الدعوات ... وقال في أوله: اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد ... الحديث. -(5/39)
من عبد، وأشكر من حمد، وأنصر من استغيث به، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى، أنت المليك لا شريك لك، وكل شيء هالك إلّا وجهك، لا تطاع إلّا بإذنك، ولا تعصى إلّا بعلمك، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى فتغفر، أنت أقرب حفيظ، وأدنى شهيد، أخذت بالنواصي، ونسخت الاثار والأعمال، فالسر عندك علانية، فالحلال ما حللت، والحرام ما حرمت، والأمر ما قضيت، والدين ما شرعت، والعباد عبادك، وأنت الرؤوف الرحيم، أسألك بوجهك الكريم الذي أشرقت له السماوات والأرض أن تدخلنا الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين.
- قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 117] : وفيه فضال بن جبير، مجمع على ضعفه.(5/40)
[271- باب ما جاء في استعاذته صلى الله عليه وسلم من أمور شتّى، وما كان يتعوّذ به صلى الله عليه وسلم]
271- باب ما جاء في استعاذته صلى الله عليه وسلم من أمور شتّى، وما كان يتعوّذ به صلى الله عليه وسلم 1966- حدثنا أبو الحسن: أحمد بن جعفر اليزيدي، ثنا أبو جعفر:
محمد بن عبد العزيز الأصفهاني، ثنا أبو بكر: عبيد الله بن محمد العمري، ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: ...
(1966) - قوله: «أحمد بن جعفر اليزيدي» :
لم أر من أفرده وشيخه محمد بن عبد العزيز بترجمة.
قوله: «عبيد الله بن محمد العمري» :
يغلب على ظني أنه عبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيس، القرشي، المخزومي، أبو بكر- ويقال: أبو يحيى- المكي، وإذا صح ظني ففي نسبته للعمري نظر، قال السمعاني: هذه النسبة إلى العمري، أحدهما: عمر بن الخطاب، والثاني: إلى عمر بن علي بن أبي طالب ثم ذكر بعض المنتسبين من أهل العلم إليهما، وليس في ترجمة المذكور ما يدل على انتسابه إلى أحدهما، ولا وجدت في تراجم العمريين من يروي عن ابن أبي أويس، وابن خنيس، فمشهور في الرواة عنه، فعندي أن المراد- والله أعلم- هو هذا، وفي النسبة إما تصحيف أو وهم.
وعبيد الله هذا روى عنه الأصبهانيون والنيسابوريون، وهو من رجال مسلم، انظر:
تهذيب الكمال [19/ 155] ، تهذيب التهذيب [7/ 43] ، الكاشف [2/ 204] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 307] ، التقريب [374] الترجمة رقم 4338.
قوله: «إسماعيل بن أبي أويس» :
هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك الأصبحي، الإمام-(5/41)
حدثني أخي، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة فيقول:
اللهمّ إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف.
- الحافظ أبو عبد الله بن أبي أويس المدني، حليف بني تيم بن مرة، وابن أخت مالك بن أنس، ومن مشايخ البخاري ومسلم في الصحيح، تكلم فيه شيئا لحكاية عند الدارقطني، ولعل رواية الشيخين عنه تقوي أمره.
تهذيب الكمال [3/ 124] ، الكاشف [1/ 75] ، تهذيب التهذيب [1/ 271] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 25] ، التقريب [/ 108] ، الترجمة رقم 460.
قوله: «حدثني أخي» :
هو أبو بكر: عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي أويس، أحد الثقات، حديثه عند الجماعة سوى ابن ماجه.
تهذيب الكمال [16/ 444] ، الكاشف [2/ 134] ، تهذيب التهذيب [6/ 107] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 318] ، التقريب [/ 333] ، الترجمة رقم 3767، الثقات [8/ 398] .
قوله: «عن سليمان بن بلال» :
هو ومن فوقه من رجال الصحيحين والحديث عندهما كما سيأتي في التعليق التالي.
قوله: «كان يدعو في الصلاة» :
أخرجه البخاري في الاستقراض، باب من استعاذ من الدين، رقم 2397:
حدثنا إسماعيل به، وله عندهما طرق أخرى عن الزهري، وعن هشام بن عروة، يأتي ذكرهما بعد ثلاثة أحاديث.(5/42)
ومما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ به:
1967- قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.
1968- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون.
(1967) - قوله: «أعوذ بكلمات الله التامات» :
أخرجه مسلم من حديث خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك، رواه يعقوب بن الأشج، واختلف عليه فيه، وقد بسطنا تخريجه والاختلاف فيه في شرحنا لمسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 2845- فتح المنان.
(1968) - قوله: «من غضبه وعقابه» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 364] رقم 9670، وأبو داود في الطب، باب: كيف الرقى؟ رقم 3893، والترمذي في الدعوات، رقم 3528، والنسائي في اليوم والليلة برقم 766، والطبراني في الدعوات برقم 1086، وابن السني برقم 748، جميعهم من حديث ابن إسحاق عنعنه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: إذا فزع أحدكم من نومه فليقل: ... فذكره، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 548] ، وأغفله الذهبي من تلخيصه، وحسنه الحافظ في النتائج.
وفي الباب عن الوليد بن الوليد، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 57] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 638 من طريق محمد بن يحيى بن حبان، عنه أنه قال: يا رسول الله إني أجد وحشة، قال: إذا أخذت مضجعك فقل: ... فذكره، وقال في آخره: فإنه لا يضرك، وبالحري أنه لا يقربك.(5/43)
1969- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجه الله العظيم، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلّا طارقا يطرق بخير يا رحمن.
1970- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بوجهك الكريم، وبكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهمّ لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك.
(1969) - قوله: «التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر» :
في الباب عن ابن مسعود، وخالد بن الوليد، وعن مكحول مرسلا، خرجناها في باب عصمة الله نبيه صلى الله عليه وسلم تحت رقم 187، 188.
(1970) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بوجهك الكريم» :
أخرجه أبو داود في الأدب، باب ما يقول عند النوم، رقم 5052، والنسائي في النعوت من السنن الكبرى [4/ 413] رقم 7732، وفي اليوم والليلة برقم 767، والطبراني في الصغير برقم 998، وابن السني في اليوم والليلة برقم 713، جميعهم من حديث أبي إسحاق عن الحارث وأبي ميسرة، عن علي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه: ... فذكره، فقد توبع الحارث، ولذلك حسنه الحافظ في النتائج.
وله طريق أخرى، فأخرجه الطبراني في الدعاء برقم 238، وفي الأوسط [7/ 398- 399] رقم 6775، من حديث حماد بن عبد الرحمن الكوفي- ضعيف- ثنا أبو إسحاق، عن أبيه قال: كتب إليّ علي بن أبي طالب كتابا وقال: أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أخذت مضجعك فقل: ... فذكره.(5/44)
1971- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من العجز والكسل، ومن فتنة القبر وعذاب القبر، ومن فتنة النار وعذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال، ومن فتنة الغنى وفتنة الفقر، وأعوذ بك من المأثم والمغرم.
1972- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك أن أظلم أو أظلم، أو اعتدي أو يعتدى عليّ، أو أكسب خطيئة أو ذنبا لا تغفره.
(1971) - قوله: «من العجز والكسل» :
في الصحيحين: الهرم بدل العجز، فرقه المصنف في هذا الباب، وهو حديث واحد، أخرجاه من حديث عائشة، فأخرجه البخاري مطولا ومختصرا في الاذان، باب الدعاء قبل السلام، رقم 832، وفي الاستقراض، باب من استعاذ من الدين، رقم 2397، وفي الدعوات، باب التعوذ من المأثم والمغرم، رقم 6368، وفي باب الاستعاذة من أرذل العمر، رقم 6375، وفي الاستعاذة من فتنة الغنى، رقم 6376، وفي باب التعوذ من فتنة الفقر، رقم 6377.
وأخرجه مسلم في المساجد، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، رقم 589 (129) ، وفي الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر الفتن.
(1972) - قوله: «أو أكسب خطيئة» :
لم أقف عليه بهذا اللفظ الوارد هنا، وفي الباب عن أم سلمة، رواه الشعبي عنها، وذكر الحافظ في النتائج عن ابن المديني في العلل قوله: لم يسمع الشعبي من أم سلمة، وليس له علة سوى الانقطاع، ومع هذا فقد صححه جماعة: أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 306، 318، 322] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 211] رقم 9249، 9250، وأبو داود في الأدب، باب ما جاء فيمن دخل بيته، رقم 5094، والترمذي في الدعوات، برقم 3427، والنسائي في اليوم والليلة برقم 86، 87، 88 وفي الاستعاذة-(5/45)
1973- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من يوم السوء، وساعة السوء، وجار السوء، وصاحب السوء.
1974- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من فجاءة الشر، وأسألك من فجاءة الخير.
- من المجتبى برقم 5486، وابن ماجه في الدعاء، باب ما يدعو به إذا خرج من بيته، رقم 3884، والطيالسي في مسنده برقم 1607، والحميدي في مسنده برقم 303، وابن السني في اليوم والليلة برقم 176، والطبراني في الدعاء، الأرقام: 411، 412، 413، 414، 415، 416، 417، 418، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 62، وفي السنن الكبرى [5/ 251] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1469، وأبو نعيم في الحلية [7/ 264- 265، 8/ 125] ، والخطيب في تاريخه [11/ 141] ، جميعهم من طرق عن الشعبي، عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته قال:
بسم الله توكلت على الله، اللهمّ إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ، قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 519] ، وخالف ما ذكره في علوم الحديث من عدم سماع الشعبي، فأثبت سماعه في المستدرك وتعقبه ابن حجر في النتائج بما تقدم، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
(1973) - قوله: اللهمّ إني أعوذ بك من يوم السوء» : أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 294] رقم 810 من طريق موسى بن علي، عن أبيه، عن عقبة ابن عامر به مرفوعا.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 220، 10/ 144] : رجاله رجال الصحيح غير بشر بن ثابت البزار وهو ثقة.
(1974) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من فجاءة الشر» : أخرجه أبو يعلى في مسنده [6/ 107] رقم 3371، ومن طريقه ابن السني-(5/46)
1975- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
1976- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال.
- في اليوم والليلة برقم 39، من حديث يوسف بن عطية- وهو متروك- عن ثابت، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوات إذا أصبح وإذا أمسى، ويقول: فإن العبد لا يدري ما يفجؤه إذا أصبح وإذا أمسى.
(1975) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء» : أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الدعوات، باب التعوذ من جهد البلاء، رقم 6347، وفي القدر، باب من تعوذ بالله من درك الشقاء، رقم 6616، ومسلم في الذكر والدعاء، باب التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء، رقم 2707 (53) ، كلاهما من حديث ابن عيينة، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
قال سفيان: الحديث ثلاث، زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن.
قال الحافظ في الفتح: أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن أبي عمر بين الخصلة المزيدة وهي شماتة الأعداء.
(1976) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من الهم» : أخرجاه في الصحيحين من حديث عمرو بن أبي عمرو عن أنس، وفيه قصة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة: التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر، قال: فخرج أبو طلحة مردفي وأنا غلام راهقت الحلم، فكنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل، فكنت أسمعه كثيرا يقول: ... فذكره. -(5/47)
1977- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع.
- أخرجه البخاري في الجهاد، باب من غزا بصبي للخدمة، رقم 2893، وفي الأطعمة، باب الحيس، رقم 28، وفي الدعوات، باب التعوذ من غلبة الرجال، رقم 6363، وفي باب الاستعاذة من الجبن والكسل، رقم 6369.
أما مسلم فأخرج القصة مختصرة ليس فيها الدعاء، في الحج، باب فضل المدينة، رقم 1365.
(1977) - قوله: «من علم لا ينفع» : أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 340، 365، 451] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 187] رقم 9175، ومن طريقه ابن ماجه في المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل، رقم 250، وأخرجه النسائي في الاستعاذة (من المجتبى) ، باب الاستعاذة من نفس لا تشبع، رقم 5467، وابن ماجه في الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 3837، والبخاري في تاريخه الكبير [6/ 36] ، والطيالسي في مسنده برقم 2323، وأبو يعلى في مسنده [11/ 412] رقم 6537، جميعهم من حديث المقبري، عن أبي هريرة قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، صححه الحاكم في المستدرك [1/ 104] وأقره الذهبي في التلخيص.
وفي الباب عن زيد بن أرقم، وأنس بن مالك، وابن مسعود، وعبد الله بن عمرو وغيرهم.
أما حديث زيد بن أرقم، فقد خرجناه تحت رقم 1928.
وأما حديث أنس، فرواه عنه جماعة وبعضهم يزيد فيه على بعض، رواية حفص ابن عمر مشتملة على المذكور هنا، وهي عند الإمام أحمد [3/ 283] ، والنسائي في الاستعاذة (من المجتبى) برقم 5470، وصححها الحاكم في المستدرك [1/ 104] وأقره الذهبي في التلخيص.(5/48)
1978- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، ومن الخيانة فإنها بئست البطانة.
- ورواه قتادة لم يذكر فيه النفس، أخرجه الإمام أحمد [3/ 192، 255] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 187- 188] رقم 9177، والطيالسي برقم 2007، وأبو يعلى في مسنده [5/ 232] رقم 2845، وأبو نعيم في الحلية [6/ 252] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 83.
وأما حديث ابن مسعود، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 187] رقم 9176.
وأما حديث عبد الله بن عمرو، فأخرجه ابن أبي شيبة [10/ 194] رقم 9199، والترمذي في الدعوات برقم 3482- وقال: حسن صحيح-، والنسائي في المجتبى برقم 5442.
(1978) - قوله: «فإنها بئست البطانة» : أخرجه أبو داود في الصلاة، باب في الاستعاذة، رقم 1547، والنسائي في المجتبى، كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الجوع، رقم 5468، وفي الاستعاذة من الخيانة، رقم 5469، وابن ماجه في الأطعمة، باب التعوذ من الجوع، رقم 3354، جميعهم من حديث ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 1029.
ورواه ليث فاختلف عليه:
*- فروي عنه، عن كعب، عن أبي هريرة، أخرجه ابن ماجه برقم 3354، وأبو يعلى في مسنده [11/ 297] رقم 6412.
*- وروي عنه، عن رجل، عن أبي هريرة، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 440] رقم 19636، ومن طريقه البغوي في شرح السنة [5/ 170] برقم 1370.(5/49)
1979- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من العجز والكسل والهرم، والجبن والبخل، وأن أردّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسق والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة، والشقاق والنفاق، وأعوذ بك من الرياء والسمعة، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجذام وسيء الأسقام.
1980- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من الشك بعد اليقين.
1981- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
(1979) - قوله: «وسيّىء الأسقام» : أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 530- 531] من حديث شيبان، عن قتادة عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: ... فذكره، وصححه على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي في التلخيص، مع كون الأمر كما قال:
فادم بن أبي إياس، ومن فوقه على شرطهما، وعزاه في الكنز [2/ 188] رقم 3681 للبيهقي في الدعوات الكبير.
(1980) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من الشك بعد اليقين» : وتمامه: وأعوذ بك من مقارنة الشياطين، وأعوذ بك من عذاب يوم الدين، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 192- 193] رقم 9- 193 من حديث المطلب بن زياد، عن جابر، عن أبي جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ... فذكره، مرسلا. وعزاه في الكنز [2/ 213] رقم 3817 لابن الصصرى في أماليه عن البراء.
(1981) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ برضاك» : أخرجه مالك في الموطأ، رقم 499، ومسلم في الصلاة، باب ما يقال في-(5/50)
1982- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع في غير مطمع، حين لا مطمع.
- الركوع والسجود، رقم 486، والإمام أحمد في المسند [6/ 58، 201] ، وأبو داود في الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود، رقم 879، والترمذي في الدعوات، رقم 3493، والنسائي في الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته، رقم 169، وفي التطبيق، باب نصب القدمين في السجود، رقم 1100، وفي الدعاء في السجود، رقم 1130، وعبد الرزاق في المصنف برقم 2881، وابن خزيمة في صحيحه برقم 655، 671، وابن حبان كذلك برقم 1932، 1933- إحسان-، والطحاوي في شرح معاني الاثار [1/ 234] ، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 127] ، والبغوي في شرح السنة [5/ 166] برقم 1366، جميعهم من حديث عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو ساجد.
(1982) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من طمع» : أخرج الإمام أحمد في المسند [5/ 232] ، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 93، 274] رقم 179، 647، والبزار في مسنده- كما في مجمع الزوائد [10/ 144]- والبغوي في شرح السنة [5/ 164] رقم 1363، وأبو نعيم في الحلية [5/ 136] ، جميعهم من حديث عبد الله بن عامر الأسلمي- وهو ضعيف- عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع ... الحديث، قال الحاكم في المستدرك [1/ 533] : مستقيم الإسناد، وأقره الذهبي في التلخيص!
* رواه إسماعيل بن عياش، عن سليمان بن أبي سليمان، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عوف بن مالك به مرفوعا، أخرجه ابن عساكر [22/ 325، وفي 64/ 101] .(5/51)
1983- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ إني أعوذ بك من مال يطغي، وفقر ينسي، وهوى يردي، وبوار الإثم.
1984- ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ أنت ربي، لا إله إلّا أنت (1983) - قوله: «اللهمّ إني أعوذ بك من مال يطغي» :
روي عن ابن مسعود من دعائه صلى الله عليه وسلم، أخرجه وكيع في الزهد له برقم 183- واللفظ له-، والطبراني في المعجم الكبير [9/ 226] رقم 8977، من طريق المسعودي- اختلط بأخرة-، عن عون- ولم يسمع من ابن مسعود-، قال: كان ابن مسعود يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من غنى يطغي، أو فقر ينسي، أو هوى يردي، أو عمل يخزي.
قال حنظلة: وكان عون يزيد فيه من قبله: أو جار يؤذي، أو صاحب يغوي.
وقد يكون من شواهده ما أخرجه الترمذي في الزهد، باب ما جاء في المبادرة بالعمل، رقم 2307، وأبو يعلى في مسنده [11/ 421] رقم 6542، والطبراني في الأوسط [9/ 226- 227] رقم 8493، وابن الجوزي في مشيخته [/ 196] من حديث أبي هريرة مرفوعا: بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلّا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر، قال الترمذي: حسن غريب.
وقد روي أيضا أن ذلك كان من دعاء داود عليه السلام، فأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 276] رقم 9427 من حديث علي الأزدي قال: حدثت أن داود عليه السلام كان يقول: اللهمّ إني أعوذ بك من غنى يطغي، ومن فقر ينسي، ومن هوى يردي، ومن عمل يخزي.
(1984) - قوله: «اللهمّ أنت ربي» : أخرج البخاري في الدعوات، باب: لكل نبي دعوة مستجابة، من حديث شداد ابن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سيد الاستغفار أن يقول: ... -(5/52)
خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت.
1985- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوما قال: اللهمّ إني أعوذ بك من شرورهم، وأدفع بك في نحورهم.
- فذكره، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة.
(1985) - قوله: «إذا خاف قوما قال» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [414، 414- 415] ، وأبو داود في الصلاة، باب ما يقول إذا خاف قوما، برقم 1537، والنسائي في اليوم والليلة برقم 601، والبيهقي في السنن الكبرى [5/ 253] ، والطبراني في معجمه الصغير برقم 996، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 359] ، جميعهم من حديث قتادة عن أبي بردة، عن أبيه به، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 4765، والحاكم في المستدرك [2/ 142] على شرط الشيخين، وأقره الذهبي في التلخيص.(5/53)
[272- فصل: ذكر أدعية مأثورة، وأذكار مشروعة]
272- فصل:
ذكر أدعية مأثورة، وأذكار مشروعة 1986- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء.
1987- عن واثلة بن الأسقع، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استعاذ بالله من الشيطان ثلاثا، وقرأ آخر سورة الحشر حين يصبح وحين يمسي، وكل به سبعون ألف ملك يحفظونه من شيطان الجن والإنس.
(1986) - قوله: «فليكثر الدعاء في الرخاء» :
أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 544] من حديث معاوية بن صالح، عن أبي عامر الألهاني، عن أبي هريرة، به مرفوعا، وقال: صحيح الإسناد، احتج البخاري بأبي صالح، وأبو عامر الألهاني، أظنه الهوزني وهو صدوق، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.
*- رواه أبان بن أبي عياش- وهو ضعيف- عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به، مرفوعا، أخرجه الخطيب في تاريخه [1/ 414، 8/ 399] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 359] رقم 1410.
*- ورواه عبيد بن واقد، عن سعيد بن عطية، عن شهر، عن أبي هريرة، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 29] ، وقال: قال عمرو بن علي:
لا أعلمه رواه غير عبيد بن واقد، وكان ثقة.
(1987) - قوله: «عن واثلة بن الأسقع» :
لم أقف على حديثه، وفي الباب عن معقل بن يسار، خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 3690- فتح المنان وفيه: وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن قالها مساء فمثل ذلك حتى-(5/54)
1988- وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال:
اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة.
1989- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من دخل إلى ذي سلطان يقول:
بسم الله، ربي الله، لا إله إلّا هو، لا حول ولا قوة إلّا بالله، وقاه الله شره، وسدّده في منطقه.
1990- وقال رجل: اللهمّ إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلّا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.
قال: فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لقد دعوت باسمه الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى.
- يصبح، قال الترمذي بعد إخراجه: غريب، وانظر تخريجه في فتح المنان.
(1988) - قوله: «وعن عبادة بن الصامت» :
أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 210]- بلفظ: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، قال الهيثمي: إسناده جيد.
وفي الباب عن أم سلمة، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [23/ 370] رقم 877، ولفظه: من قال كل يوم: اللهمّ اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات، ألحق به من كل مؤمن حسنة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 210] :
فيه أبو أمية ابن يعلى وهو ضعيف.
(1989) - قوله: «وسدده في منطقه» :
أخرجه الطبراني في الدعاء برقم 1063 من حديث المقري: ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم- وهو ضعيف- قال: بلغني أنه من دخل على ذي سلطان ...
الحديث، ولم يقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1990) - قوله: «لقد دعوت باسمه» :
أسنده من طريق المصنف الحافظ البيهقي في الدعوات الكبير له برقم 106، فقال: حدثنا أبو سعد: عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، -(5/55)
1991- وعن أنس قال: مر كلب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده فقال رجل: اللهمّ إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلّا أنت، المنان بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام أن تقتله.
قال: فخر ميتا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سأل أحدكم ربه فليبدأ بالمغفرة.
- أنا أبو القاسم: عبد الرحمن بن محمد بن متويه البلخي، ثنا محمد بن صالح بن سهل الترمذي، ثنا أبو معمر، ثنا خلف بن خليفة، عن حفص ابن أخي أنس، عن أنس بن مالك به.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 120، 158، 245، 265] ، وأبو داود في الصلاة، برقم 1495، والترمذي في الدعوات برقم 3544، والنسائي في السهو، باب الدعاء بعد الذكر، رقم 1300، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 272] رقم 9410، والبخاري في الأدب المفرد برقم 705، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 206] ، والبيهقي في الأسماء والصفات [/ 136] ، والخطيب في الأسماء المبهمة [/ 346] ، والبغوي في شرح السنة برقم 1258، جميعهم من طرق عن أنس بن مالك، وصحح ابن حبان طريق حفص بن عبد الله عن أنس برقم 893- إحسان- هو والحاكم في المستدرك [1/ 503- 504] ، وأقره الذهبي في التلخيص.
(1991) - قوله: «مر كلب» :
لم أقف عليه هكذا، لكن أخرج الطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 157]- من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وصلى بالناس العصر وهو قاعد في الركعتين الأوليين فمر كلب ليقطع عليه صلاته فأشفق أن يمر عليه فدعا سعد بن أبي وقاص على الكلب فأهلكه الله بقدرته، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته نظر إلى الكلب قد هلك فقال: من الداعي منكم على هذا الكلب، فلم يتكلم أحد، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال سعد عند ذلك: أنا الداعي يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أشفقت أن-(5/56)
1992- وجاء رجل إلى علي رضي الله عنه فقال: أعني على مكاتبتي، فقال: أعلمك كلمات علّمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل دينا لأداه الله عنك: اللهمّ اغنني بحلالك عن حرامك، واكفني بفضلك عمن سواك.
1993- وعن أنس بن مالك قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول: يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل تعط، فقد نظر الله إليك.
1994- وقال أبو أمامة الباهلي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملكا- يقطع عليك صلاتك، فدعوت عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كيف دعوت عليه يا سعد؟ فقال سعد: سبحانك لا إله إلّا أنت، يا ذا الجلال والإكرام أهلك هذا الكلب قبل أن يقطع على نبيك صلاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا سعد لقد دعوت في يوم وساعة بكلمات لو دعوت على من بين السماوات والأرض لا ستجيب لك، فابشر يا سعد.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه يحيى البابلتي، وهو ضعيف.
(1992) - قوله: «اللهمّ اغنني بحلالك» :
أخرج العسكري في المواعظ- كما في الكنز [2/ 672] رقم 5032 من حديث أبي مليكة عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يقول:
اللهمّ اغننا بحلالك عن حرامك، واغننا من فضلك عمن سواك.
(1993) - قوله: «سل تعط» :
أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 544] ولفظه: سل فقد نظر الله إليك، قال الذهبي في التلخيص: لم يصح هذا.
(1994) - قوله: «إن لله ملكا» :
أورده الحاكم عقب المتقدم شاهدا، وسكت عنه وفي إسناده فضال بن جبير، عن أبي أمامة، قال الذهبي في التلخيص: ليس بشيء.(5/57)
يقال له اليسع موكل بمن يقول: يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثا قال له الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك، فسل.
1995- وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهمّ إني أسألك أن تتم علينا النعم، فقال: أتدري ما تمام النعم؟ قال: لا، قال: الفوز بالجنة والنجاة من النار، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: يا ذا الجلال والإكرام، فقال: قد استجيبت دعوتك فسل.
1996- وعن حميد، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل قد عاد مثل الفرخ فقال: ما كنت تسأل؟ قال: كنت أقول: اللهمّ ما كنت معاقبي به في الاخرة فعجله في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، لا تطيق ذلك، فهلّا قلت: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفاء فعوفي.
(1995) - قوله: «اللهمّ إني أسألك أن تتم علينا النعم» :
أخرجه مطولا ومختصرا ببعضه: الإمام أحمد في المسند [5/ 231، 235] ، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 269- 270] رقم 9405، وعبد بن حميد في مسنده [/ 66 المنتخب] رقم 107، والترمذي في الدعوات، برقم 3527- وقال: حسن-، والبخاري في الأدب المفرد برقم 725، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 55- 56] الأرقام 97، 98، 99، 100، وفي الدعاء برقم 2020، 2021، وأبو نعيم في الحلية [6/ 204] ، والخطيب في تاريخه [3/ 126- 127] ، والبيهقي في الدعوات الكبير الأرقام 197، 256، 257، وفي الأسماء والصفات [/ 92] .
(1996) - قوله: «وعن حميد، عن أنس» :
روي عن حميد، عن أنس، وعن حميد، عن ثابت، عن أنس وكلاهما صحيح عنه، وأخرجه من طرق عن أنس: مسلم في الذكر والدعاء، باب-(5/58)
1997- وأتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الوحشة، فقال: أكثر من قول: سبحان الملك القدوس، رب الملائكة والروح، جللت السماوات والأرض بالعزة والجبروت، قال: ففعل الرجل فأذهب الله عنه الوحشة.
1998- وعن حجاج بن فرافصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مريض يقول: سبحان الملك القدوس الرحمن، الملك الديان، لا إله إلّا أنت، مسكن العروق الضارية، ومنيم العيون الساهرة، سكن عروقي الضارية، وأنم عيني الساهرة إلّا شفاه الله تعالى.
1999- وروي عن ابن مسعود أنه قال: إذا كان يوم القيامة قال الله- كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا، رقم 2688 (23، 24) ، والإمام أحمد في المسند [3/ 107، 288] ، والترمذي في الدعوات برقم 3487، والنسائي في اليوم والليلة برقم 1053، 1055، والبخاري في الأدب المفرد برقم 728، وابن أبي شيبة في المصنف [10/ 261] رقم 9389، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 258، والطبراني في الدعاء الأرقام 2016، 2017، 2018، 2019، وأبو يعلى وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب كما في الدر المنثور، وانظر الحديث المتقدم عن أنس في باب صفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1598.
(1997) - قوله: «فشكا إليه الوحشة» :
أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 9] رقم 1171 قال في مجمع الزوائد [10/ 128] : فيه محمد بن أبان الجعفي وهو ضعيف.
(1998) - قوله: «وعن حجاج بن فرافصة» :
من العباد أهل الصدق، أخرج حديثه هكذا معضلا: ابن أبي الدنيا في آخر كتاب المرض والكفارات برقم 256.
(1999) - قوله: «وروي عن ابن مسعود» :
أخرجه ابن أبي شيبة [10/ 329- 330] رقم 9575- بصورة الموقوف-(5/59)
عزّ وجلّ: من كان له عندي عهد فليقم، فيقوم من قال هذه الكلمات: اللهمّ فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا خائفا مستجيرا مستغفرا، راغبا راهبا إليك: إنك إن تكلني إلى نفسي وإلى عملي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وأنا لا أثق إلّا برحمتك، فاجعل لي عهدا تؤديه إليّ يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد.
2000- وقالت عائشة رضي الله عنها: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مضجعه، فنظرت فإذا هو ساجد يقول: رب أعط نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
- وابن أبي حاتم- كما في الدر المنثور [5/ 542]- والطبراني في معجمه الكبير [9/ 209] رقم 8918، جميعهم من حديث الأسود بن يزيد قال: قرأ عبد الله:
إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً، قال: يقول الله يوم القيامة: من كان له عندي عهد فليقم، قالوا: يا أبا عبد الرحمن فعلّمنا، قال: قولوا: ... فذكره، صحح إسناده الحاكم في المستدرك [2/ 377- 378] ، وأقره الذهبي في التلخيص وصورته عند الجميع صورة الموقوف، لكن مثل هذا لا يقال من قبيل الرأي، فله حكم المرفوع، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 184] :
فيه المسعودي وهو ثقة لكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات.
قلت: ومما يؤكد كونه مرفوعا ما أخرجه الحكيم الترمذي في النوادر [1/ 217] من حديث أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في دبر الصلاة بعد ما يسلم هؤلاء الكلمات، كتبه ملك في رق، فختم بخاتم ثم رفعها إلى يوم القيامة، فإذا بعث الله العبد من قبره جاءه الملك ومعه الكتاب ينادي: أين أهل العهود حتى يدفع إليه؟ ثم ذكر الكلمات.
(2000) - قوله: «وقالت عائشة» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 209] بإسناد صحيح من حديث صالح بن سعيد عن عائشة، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 110] : رواه أحمد، -(5/60)
2001- وعن ابن زمل الجهني قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال وهو ثان رجله: سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله، إن الله كان توابا، سبعين مرة ثم يقول: سبعين بسبعمائة، ولا خير فيمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة.
- ورجاله رجال الصحيح غير صالح بن سعيد وهو ثقة، وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني بإسناد حسن كما في مجمع الزوائد [7/ 138] ، وتقدم حديث زيد بن أرقم في أول الباب برقم 1928 وهو عند مسلم.
(2001) - قوله: «وعن ابن زمل الجهني» :
أكثر من أخرج حديثه لم يسمه، قال الحافظ في الإصابة: لم أره سمي في أكثر الكتاب. اه. وسماه ابن السكن وابن منده وأبو نعيم عبد الله بن زمل، وسماه الطبراني وغيره: الضحاك بن زمل، قال ابن الأثير في الأسد:
وكلاهما ليس بصحيح، والصحيح: ابن زمل غير مسمى، وهو غير عبد الله والضحاك، انظر:
المعرفة لأبي نعيم [3/ 1660] ، الإصابة [6/ 90] ، أسد الغابة [3/ 246، 6/ 339] ، معجم الطبراني الكبير [8/ 361] .
قوله: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح» :
هو طرف من حديث طويل، وفيه بعد قوله: أكثر من سبعمائة: ثم يقول صلى الله عليه وسلم ذلك مرتين، ثم يستقبل الناس بوجهه، وكان صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا فيقول: هل رأى أحد منكم شيئا؟ قال ابن زمل: فقلت: أنا يا نبي الله، قال: خيرا تلقاه، وشرا توقاه، وخير لنا، وشر على أعدائنا، والحمد لله رب العالمين، اقصص ...
الحديث بطوله، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 361- 363] رقم 8146، وأبو نعيم في المعرفة [3/ 1660- 1661] رقم 4166، ومن طريقه ابن الأثير في الأسد [6/ 339] ، وابن قتيبة في الغريب [1/ 199] ، واختصر لفظه مقتصرا على أوله: ابن السني في اليوم والليلة برقم 141.(5/61)
2002- وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: خرج بي خرّاج في عنقي، فتخوفت منه، فأخبرت به عائشة رضي الله عنها فقلت:
سلي النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فسألته، فقال: ضعي يدك عليه ثم قولي ثلاث مرات: بسم الله، أذهب عني ما أجد وأحسه بدعوة نبيك الطيب المبارك المكين عندك.
قالت: ففعلته، فانخفض.
قال الراوي: ما قلته على مريض لم يجىء أجله إلّا برأ بإذن الله تعالى.
- وفي إسناد حديثه سليمان بن عطاء القرشي الحراني- أحد الضعفاء، تفرد به- عن مسلم بن عبد الله الجهني، قال ابن حبان في الثقات: عبد الله بن زمل له صحبة، لكن لا أعتمد على إسناد خبره، وأعله الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 184] بسليمان هذا وقال: هو ضعيف.
وقد روي نحو هذا الاستغفار من وجه آخر عن أنس بن مالك، فأخرج البيهقي في الشعب [1/ 442] رقم 652، والخطيب في تاريخه [6/ 392] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 350] رقم 1397، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 205 من حديث الحسن بن أبي جعفر- أحد الضعفاء- عن محمد بن جحادة، عن الحر بن الصياح، عن أنس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فقال: استغفروا الله، فاستغفرنا، فقال: أتموها سبعين، قال: فأتممناها، فقال: ما من عبد ولا أمة يستغفر الله كل يوم سبعين مرة إلّا غفر الله له سبعمائة ذنب، وقد خاب عبد أو أمة عمل في يوم وليلة أكثر من سبعمائة ذنب.
(2002) - قوله: «وعن أسماء بنت أبي بكر» :
تقدم حديثها في أبواب الدلائل برقم 1272.(5/62)
[دعاء جامع]
دعاء جامع 2003- اللهمّ بنورك اهتديت، وبفضلك استغنيت، وبنعمتك أصبحت وأمسيت، ذنوبي بين يديك، أستغفرك وأتوب إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك الذي أرسلت، لك الحمد إن أطعتك، ولك الحمد إن عصيتك، يا عظيما يرجى لكل عظيم، اغفر لي الذنب العظيم، اللهمّ إن ذنوبنا عظمت وجلت، وأنت أعظم منها وأجل، افعل بنا ما أنت أهله، ولا تفعل بنا ما نحن أهله، يا عماد من لا عماد له، يا ذخر من لا ذخر له، يا حرز من لا حرز له، يا سند من لا سند له، يا غياث من لا غياث له، يا غياث المستغيثين، يا صريخ المستصرخين، يا مفرجا عن المكروبين، ويا أرحم الراحمين، يا كريم العفو، يا حسن البلاء، يا عظيم الرجاء، يا واسع العطاء، يا كنز الفقراء، يا عون الضعفاء، يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، يا محسن، يا مجمل، يا متفضل، يا منعم، يا الله، أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النهار ونور القمر وشعاع الشمس وحفيف السحر، أسألك يا الله أن تغفر ذنوبي كلها، وترحمني رحمة واسعة، وتعطيني خير الدنيا والاخرة، وأن تجيرني من كل سوء استجار به مستجير بك يا أرحم الراحمين.
اللهمّ إنك تملك ما لا أملك من نفسي، أنت خلقتني وتفردت بخلقي، ولم أرد شيئا إلّا بك، ولا أرجو الخير إلّا من عندك، ولا ينصرف عني من السوء إلّا ما صرفته عني، يا رب علمتني ما لا أعلم، ورزقتني ما لم أملك ولم أحتسب، وبلغتني ما لم أكن أرجو، وأعطيتني ما قصر عنه أملي، فلك الحمد كثيرا كما أنعمت عليّ، فاغفر لي ذنوبي، وهوّن عليّ أموري في الدنيا والاخرة.(5/63)
اللهمّ إني أصبحت وأمسيت في ذمتك وجوارك، فأجرني بحق لا إله إلّا أنت من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إنك على كل شيء قدير.
اللهمّ إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وأولادي وإيماني، وآخرتي ودنياي، وأمانتي، وإخواني في الله وخواتيم عملي، أستودعهم الحي الذي لا يموت، الذي لا تضيع ودائعه ولا يخيب سائله.
2004- اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بكنفك الذي لا يرام، وقوّنا بعزك الذي لا يضام، اللهمّ ارحمنا بقدرتك علينا، اللهمّ لا يهلك شيء مما استودعتك ولا يضيّع، وأنت ثقتنا ورجاؤنا، ولا حول ولا قوة بنا إلّا بك يا رب العالمين، عليك توكلت وأنت خير الحافظين.
(2004) - قوله: «اللهمّ احرسنا بعينك» :
روي نحو هذا عن إبراهيم بن أدهم، فأخرج أبو نعيم في الحلية [8/ 405] ، وابن عساكر في تاريخه [6/ 318- 319- 320] من طرق عن إبراهيم بن أدهم، أنه كان في سفر فعرض عليه أسد، فقيل له: هذا السبع قد ظهر لنا، قال: أرونيه، فلما رآه جاءه قال: يا قسورة إن كنت أمرت فينا بشيء فامض لما أمرت به، وإلّا فعودك على بدئك، قال: فولى السبع ذاهبا، قال: أحسبه يضرب بذنبه، قال: فتعجبنا كيف فهم السبع كلام إبراهيم بن أدهم، قال:
فأقبل علينا إبراهيم، قال: قولوا: اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت رجاؤنا.
قال خلف بن تميم: فما زلت أقول منذ سمعتها فما عرض لي لص ولا غيره.(5/64)
[273- باب ما جاء في التّسبيح والتّهليل]
273- باب ما جاء في التّسبيح والتّهليل 2005- وكان من فعله صلى الله عليه وسلم أن يسبح الله ثلاثا وثلاثين، ويحمد الله ثلاثا وثلاثين، ثم يقول: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، قال صلى الله عليه وسلم: من فعل ذلك غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر.
قال أبو سعد رحمه الله: وإن شئت سبح الله واحمده وكبّره وهلّله خمسا وعشرين مرة، حتى يكون تمام المائة.
2006- فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بذلك.
وقل أيضا: عشر مرات: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
(2005) - قوله: «وإن كانت مثل زبد البحر» :
أخرجه مسلم في المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، رقم 597، والإمام أحمد في مسنده [2/ 371، 483] ، والنسائي في اليوم والليلة برقم 142، 143، وابن خزيمة في صحيحه برقم 570، وأبو عوانة في مستخرجه [2/ 247، 248] ، وابن حبان في صحيحه برقم 2013، 2016- الإحسان- وغيرهم.
(2006) - قوله: «أنه أمر بذلك» :
خرجناه في مسند الحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1471- فتح المنان- من حديث ابن سيرين، عن كثير بن أفلح، عن زيد بن ثابت قال: -(5/65)
2007- فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قالها عشر مرات كتب الله له عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات، وكان له عدل عشر رقاب، وأجاره الله يومه من الشيطان، ومن قاله عشية كان له مثل ذلك.
- أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، ونحمده ثلاثا وثلاثين، ونكبره ثلاثا وثلاثين فأتى رجل- أو: أري رجل- من الأنصار في المنام فقيل: أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وتحمدوا ثلاثا وثلاثين وتكبروا أربعا وثلاثين؟ قال: نعم، قال:
فاجعلوها خمسا وعشرين، خمسا وعشرين، واجعلوا معها التهليل، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: افعلوها، تمام تخريجه فيه.
(2007) - قوله: «ومحى عنه عشر سيئات» :
اختصر المصنف اللفظ وتمامه: ورفع له عشر درجات، وكانت حرزا من كل مكروه، وحرزا من الشيطان الرجيم، ولم يلحقه في يومه ذلك ذنب إلّا الشرك، وكان من أفضل الناس عملا إلّا رجلا يفضله، يقول أفضل مما قال.
رواه شهر بن حوشب- والكلام فيه معروف مشهور- فاختلف عليه فيه:
1- فقيل عنه: عن عبد الرحمن بن غنم مرسلا، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 227] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [2/ 235] رقم 3192.
2- وقيل عنه: عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر، أخرجه الترمذي في الدعوات، برقم 3474- وقال: حسن صحيح-، والنسائي في اليوم والليلة برقم 127.
3- وقيل عنه: عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 126، وابن السني كذلك برقم 140، والطبراني في معجمه الكبير [20/ 65] رقم 119.(5/66)
2008- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر، أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس.
2009- وقال صلى الله عليه وسلم: لا إله إلّا الله، والله أكبر، وسبحان الله والحمد لله كثيرا، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، قال: من قالها كفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.
قال أبو سعد رحمه الله: وأكثروا من قول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
2010- فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنهما كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن.
(2008) - قوله: «أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [10/ 288] رقم 9461، ومسلم في الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم 2695، والترمذي في الدعوات، باب في العفو والعافية، رقم 3597، والنسائي في اليوم والليلة برقم 835 من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة به مرفوعا.
(2009) - قوله: «لا إله إلّا الله، والله أكبر» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 210] من حديث أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرو بنحوه مرفوعا.
(2010) - قوله: «كلمتان خفيفتان على اللسان» :
أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الدعوات، باب فضل التسبيح، برقم 6406، وفي الأعيان والنذور، باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى، رقم 6682، وفي التوحيد، باب قوله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ الاية، رقم 7563.
وأخرجه مسلم في الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم 2694 كلاهما من حديث أبي زرعة بن عمرو، عن أبي هريرة به مرفوعا.(5/67)
2011- وأكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلّا بالله.
2012- فإن الله عزّ وجلّ يقول إذا قالها العبد: أسلم عبدي واستسلم.
2013- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنها كنز من كنوز الجنة.
(2012) - قوله: «أسلم عبدي واستسلم» :
أخرجه الحاكم في المستدرك [1/ 20] من حديث عمرو بن ميمون، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أعلمك- أو قال: أدلك- على كلمة من تحت العرش من كنز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلّا بالله، فيقول الله عزّ وجلّ: أسلم عبدي واستسلم.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ولا يحفظ له علة، ولم يخرجاه، وقد احتج مسلم بيحيى بن أبي سليم، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح، لا علة له.
(2013) - قوله: «إنها كنز من كنوز الجنة» :
أخرج البخاري في المغازي، باب غزوة خيبر- واللفظ منه- وفي الدعوات، باب الدعاء إذا علا عقبة رقم 6384، وفي القدر، باب لا حول ولا قوة إلّا بالله، رقم 6610، وفي التوحيد، باب وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً، رقم 7386، ومسلم في الذكر والدعاء، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، رقم 2704 (45، 46، 47) من حديث أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري قال: لما عزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر- أو قال: لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم- أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم، وأنا خلف دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعني وأنا أقول: لا حول ولا قوة إلّا بالله، فقال لي: يا عبد الله بن قيس، قلت: لبيك رسول الله، قال: ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة؟
قلت: بلى يا رسول الله فداك أبي وأمي، قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله.(5/68)
2014- وقال صلى الله عليه وسلم: أكثروا من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، قيل: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله.
(2014) - قوله: «أكثروا من غراس الجنة» :
في الباب عن أبي أيوب الأنصاري، وابن عمر.
أما حديث أبي أيوب، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 418] ، ولفظه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على إبراهيم فقال: من معك يا جبريل؟
قال: هذا محمد، فقال له إبراهيم: مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة، قال: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 821، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب [2/ 445] ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 97] : رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر وهو ثقة، لم يتكلم فيه أحد، ووثقه ابن حبان.
وأما حديث ابن عمر، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 364] رقم 13354 من حديث عقبة بن علي- أحد الضعفاء- عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: أكثروا من غراس الجنة، فإنه عذب ماؤها، طيب ترابها، فأكثروا من غراسها، لا حول ولا قوة إلّا بالله، عزاه المنذري أيضا لابن أبي الدنيا في الذكر ولفظه الذي ساقه: قالوا: يا رسول الله وما غراسها؟ قال: ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلّا بالله.(5/69)
[274- باب فضل الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم]
274- باب فضل الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (56) .
قال أبو سعد صاحب الكتاب: فينوي العبد موافقة ربه، والاقتداء بملائكته في الصلاة على أكرم بريته طمعا أن يصلي الله عليه.
2015- روي في قوله تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ، قال: تذكر حيث أذكر، فظهر اسمه صلى الله عليه وسلم عند ملائكة السماوات، وملائكة الأرضين، وفي البحار والأودية والجبال.
2016- حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر صلى الله عليه وسلم، ثنا أبو القاسم: عبد الله بن محمد البغوي، ...
(2015) - قوله: «روي في قوله تعالى» :
خرجناه في باب شرفه صلى الله عليه وسلم في القرآن، شرف رقم 57.
(2016) - قوله: «ثنا أبو القاسم: عبد الله بن محمد البغوي» :
الإمام الحافظ الحجة، مسند العصر، صاحب معجم الصحابة، والجعديات، له سماع قديم حتى قال الرامهرمزي رحمه الله: لا يعرف في الإسلام محدث وازى البغوي في قدم السماع. انظر أخباره في:
سير أعلام النبلاء [14/ 440] ، تذكرة الحفاظ [2/ 737] ، تاريخ بغداد [10/ 111] ، المنتظم [13/ 286] ، النجوم الزاهرة [3/ 226] ، طبقات الحنابلة [1/ 190] ، الوافي بالوفيات [17/ 479] ، تاريخ الإسلام [وفيات 317- ص 538] ، البداية والنهاية [11/ 163] ، اللباب [1/ 133] ، المختصر في أخبار البشر [2/ 72] .(5/70)
ثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة، والحسن بن الصباح البزار، قالا:
ثنا خالد بن مخلد القطواني، ...
قوله: «ثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة» :
الإمام الحافظ صاحب التصانيف، أخو أبي بكر، وأحد رجال الصحيحين، حدثا عنه، واحتجا به، وهو ثقة عند الجمهور.
تهذيب الكمال [19/ 478] ، تهذيب التهذيب [7/ 135] ، الكاشف [2/ 223] ، سير أعلام النبلاء [11/ 151] ، تاريخ بغداد [11/ 283] ، تذكرة الحفاظ [2/ 444] ، التقريب [/ 386] الترجمة رقم 4513، طبقات المفسرين [1/ 379] .
قوله: «والحسن بن الصباح البزار» :
الحافظ: أبو علي الواسطي ثم البغدادي، من شيوخ البخاري في الصحيح، قال الإمام أحمد: ثقة، صاحب سنة، وقال أبو حاتم: كانت له ببغداد جلالة عجيبة، كان أحمد بن حنبل يرفع من قدره ويجله. انظر عنه في:
سير أعلام النبلاء [12/ 192] ، تهذيب الكمال [6/ 191] ، تهذيب التهذيب [2/ 252] ، الكاشف [1/ 162] ، الوافي بالوفيات [12/ 60] ، تاريخ بغداد [7/ 330] .
قوله: «ثنا خالد بن مخلد القطواني» :
الحافظ الصدوق: أبو الهيثم البجلي مولاهم، الكوفي، منسوب إلى قطوان موضع بالكوفة، حديثه عند الجماعة، يقال: كان يتشيع، وقال غير واحد:
لا بأس به. انظر:
تهذيب الكمال [8/ 163] ، تهذيب التهذيب [3/ 101] ، الكاشف [1/ 208] ، التقريب [/ 190] الترجمة رقم 1677، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 121] ، سير أعلام النبلاء [10/ 217] ، غاية النهاية [1/ 269] ، اللباب لابن الأثير [3/ 47] ، المعرفة والتاريخ [2/ 478] ، طبقات ابن سعد [6/ 406] .(5/71)
ثنا سليمان بن بلال، ثنا عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، ...
قوله: «ثنا سليمان بن بلال» :
القرشي، الحافظ الكبير أبو محمد- أو: أبو أيوب المدني- ممن اتفق على توثيقه والاحتجاج به، وحديثه في الكتاب الستة. انظر عنه في:
تهذيب الكمال [11/ 372] ، تهذيب التهذيب [4/ 154] ، الكاشف [1/ 311] ، سير أعلام النبلاء [7/ 425] ، تذكرة الحفاظ [1/ 234] ، طبقات ابن سعد [5/ 420] ، التقريب [/ 250] الترجمة رقم 2539.
قوله: «ثنا عمرو بن أبي عمرو» :
مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، القرشي، المخزومي، أبو عثمان المدني، من رجال الجماعة غير أنه اختلف في توثيقه، فوثقه أبو زرعة، وقال الإمام أحمد وأبو حاتم: لا بأس به، وضعفه يحيى بن معين، وتوسط فيه الذهبي فقال في الميزان: حديثه صالح حسن منحط عن الدرجة العليا من الصحيح. انظر عنه في:
تهذيب الكمال [22/ 168] ، تهذيب التهذيب [8/ 72] ، الكاشف [2/ 291] ، التقريب [/ 425] الترجمة رقم 5083، الميزان [4/ 201] ، الكامل لابن عدي [5/ 1768] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 369] ، الثقات لابن حبان [5/ 185] ، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 450] .
قوله: «عن عاصم بن عمر بن قتادة» :
ابن النعمان الظفري، الإمام التابعي الثقة: أبو عمر- أو: أبو عمرو- المدني، أحد المتفق عليه، وحديثه في الكتاب الستة.
تهذيب الكمال [13/ 528] ، تهذيب التهذيب [5/ 47] ، الكاشف [2/ 46] ، سير أعلام النبلاء [5/ 240] ، الثقات [5/ 234] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 383] ، التقريب [/ 286] الترجمة رقم 3071.(5/72)
عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، عن عبد الرحمن ابن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لقيت جبريل عليه السلام فبشرني قوله: «عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري» :
ليس له في الكتاب الستة شيء، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه، ووثقه ابن حبان وحده.
التاريخ الكبير [6/ 55] ، الجرح والتعديل [6/ 23] ، الثقات [5/ 127] .
قوله: «عن عبد الرحمن بن عوف الزهري» :
الصحابي المشهور، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، ومن السابقين البدريين، ومن الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام.
انظر سيرته وأخباره في:
مستدرك الحاكم [3/ 306] ، الإصابة [6/ 311] ، أسد الغابة [3/ 480] ، الاستيعاب [6/ 68] ، مسند الإمام أحمد [1/ 190] ، معجم الطبراني الكبير [1/ 88] ، كنز العمال [13/ 220] ، سير أعلام النبلاء [1/ 68] .
قوله: «إني لقيت جبريل» :
اختلف فيه على سليمان بن بلال، وعمرو بن أبي عمرو، وعبد الواحد بن محمد، ومحمد بن عبد الرحمن بن عوف.
1- أما حديث سليمان بن بلال:
فمن طريق البغوي، عن ابن أبي شيبة، أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 14، وأورده ابن القيم في جلاء الأفهام [/ 33] من حديث المخلص، عن البغوي به.
وعن ابن مخلد، أخرجه عبد بن حميد في المنتخب برقم 157، وأخرجه البخاري في تاريخه تعليقا [6/ 55] .
تابعه ابن أبي أويس عن سليمان، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [2/ 371] ، وصححه أبو حاتم الرازي فيما ذكره ابنه في الجرح والتعديل [7/ 316] ، والحاكم في المستدرك [1/ 550] ، وأقره الذهبي. -(5/73)
قال: إن الله عزّ وجلّ يقول: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلّم عليك سلمت عليه، فسجدت لله عزّ وجلّ شكرا.
-* خالفهما أبو سعيد الهاشمي مولاهم، عن سليمان بن بلال، فأسقط من الإسناد عاصم بن عمر بن قتادة، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 191] ، ومن طريقه الضياء في المختارة [3/ 125- 126] رقم 926، وعلقه البخاري في تاريخه [1/ 147- 148] .
2- وهكذا رواه سعيد بن سلمة بن أبي الحسام والدراوردي، عن عمرو، قاله الدارقطني في العلل [4/ 297] ، وقال: وهو الصواب.
* حديث الدراوردي أخرجه البخاري في تاريخه [6/ 55] تعليقا.
* ورواه الحماني في الدراوردي فلم يتقنه، تارة يقول: عنه، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الواحد، عن عبد الرحمن، أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 7.
وتارة يقول عنه: عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الواحد، عن أبيه، عن عبد الرحمن، قاله الدارقطني في العلل [4/ 298] ، وقال: ليس ذلك بمحفوظ.
* وله عن عمرو بن أبي عمرو إسناد آخر، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 191] ، ومن طريقه الضياء في المختارة [3/ 128- 129] ، رقم 930، 931، وأبو يعلى في مسنده [1/ 104] رقم 869، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 370- 371] من حديث يزيد بن الهاد، عنه، عن عبد الرحمن ابن الحويرث، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن عبد الرحمن بن عوف به، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 222- 223] .
3- وأما حديث محمد بن عبد الرحمن بن عوف، فرواه عبد الله المدني، عنه، عن أبي سعيد الخدري، علقه البخاري في تاريخه [1/ 147] ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل [7/ 315- 316] ، وفي العلل [1/ 196] رقم 562، وقال عن أبيه: هو وهم.(5/74)
2017- وفي رواية عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فسجد سجدة طويلة، فسألته، فقال: جاءني جبريل عليه السلام، وقال: إنه لا يصلي عليك أحد إلّا ويصلي عليه سبعون ألف ملك.
2018- ولقوله صلى الله عليه وسلم وقد رؤي في وجهه صلى الله عليه وسلم البشر: أتاني جبريل عليه السلام فقال: يقول الله عزّ وجلّ: من صلى عليك مرة صليت عليه عشرا، ومن صلى عليك عشرا صليت عليه مائة.
(2017) - قوله: «وفي رواية عن عبد الرحمن بن عوف» :
لم أقف عليه بهذا اللفظ، ولشطره الأول طرق أخرى سوى ما تقدم:
1- فأخرجه أبو يعلى في مسنده [2/ 158] رقم 847، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 57، والبيهقي في الشعب [2/ 210] رقم 1555 من طريق الوليد بن سعيد بن أبي سندر السلمي، عن مولى لعبد الرحمن بن عوف، عنه.
2- وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 517- 518، 11/ 506] ، ومن طريقه أبو يعلى [2/ 164- 165] رقم 858، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 10، والبزار في مسنده [3/ 219 البحر الزخار] رقم 1006، والعقيلي في الضعفاء [3/ 467- 468] ، وابن أبي عاصم في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 46، جميعهم من حديث سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن به، وفي الإسناد موسى بن عبيدة، وهو ضعيف.
(2018) - قوله: «وقد رؤي في وجهه صلى الله عليه وسلم البشر» :
هو من ألفاظ حديث عبد الرحمن بن عوف المتقدم، وانظر تخريج الاتي بعده.(5/75)
2019- وعن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه فقال: جاءني جبريل عليه السلام فقال: أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي عليك أحد من أمتك صلاة إلّا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك من أمتك أحد إلّا سلمت عليه عشرا؟ قال: قلت: بلى.
2020- وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى عليّ من أمتي صلاة مخلصا من قلبه، صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفع له بها عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، ومحى عنه بها عشر سيئات.
(2019) - قوله: «وعن أبي طلحة» :
خرجنا حديثه في كتاب الرقاق من المسند الجامع للحافظ أبي محمد:
عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، باب: في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، تحت رقم 2939.
(2020) - قوله: «مخلصا من قلبه» : وفي لفظ: صادقا من قلبه.
قوله: «ومحى عنه بها عشر سيئات» :
أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 65، والبزار في مسنده [4/ 46 كشف الأستار] رقم 3160، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 195- 196] رقم 513، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 156، جميعهم من حديث أبي أسامة، عن سعيد التغلبي- وسقط من المطبوع من المعجم الكبير- عن سعيد بن عمير بن عقبة بن نيار، عن عمه أبي بردة بن نيار به مرفوعا.
* خالفه وكيع فقال: عن سعيد التغلبي، عن سعيد بن عمير الأنصاري، عن أبيه- وكان بدريا- عن النبي صلى الله عليه وسلم به، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 64.
قال الحافظ في النكت: رواه عثمان بن أبي شيبة عن وكيع فذكر اسم-(5/76)
2021- وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى عليّ من أمتي صلاة مخلصا من قلبه، صلى الله عليه بها عشر صلوات، وكتبت له بها عشر حسنات، ومحي عنه بها عشر سيئات، ورفع له بها عشر درجات.
2022- وعن بكر بن عبد الله المزني رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلّى عليّ عشرا من أول النهار، وعشرا من آخر النهار نالته شفاعتي يوم القيامة.
- الصحابي بفتح العين غير مصغر- عمرو- فخالفهم في اسم الصحابي، أخرجه ابن منده.
وسئل أبو زرعة عن الحديثين فقال: حديث أبي أسامة أشبه، أفاده المزي في التحفة.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 161- 162] : رجال البزار ثقات.
(2021) - قوله: «وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم» :
الرواية الأولى مذكورة في الأصول في باب ما دعا به صلى الله عليه وسلم، والرواية الثانية مذكورة في هذا الباب، فأثبتناهما كما وجدنا هما في الأصول مكررة.
(2022) - قوله: «وعن بكر بن عبد الله المزني» :
حديثه مرسل، أورده الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 122] ، وقبله المجد اللغوي في الصلات والبشر [/ 87] معزوا للمصنف في كتابه هذا، ويعضده حديث أبي الدرداء عند الطبراني في الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 120] ، وجلاء الأفهام لابن القيم [/ 58] ، وداعي الفلاح للسيوطي برقم 86، والقول البديع للسخاوي [/ 121]-، قال الطبراني: حدثنا محمد بن علي بن حبيب الطرائفي الرقي، ثنا محمد بن علي بن ميمون، ثنا سليمان بن عبد الله الرقي، ثنا بقية بن الوليد، عن إبراهيم بن محمد بن زياد قال: سمعت خالد بن معدان يحدث عن أبي الدرداء قال: قال-(5/77)
2023- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مسلم يصلي عليّ صلاة إلّا صلّت عليه الملائكة ما صلى، فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر.
- رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى عليّ حين يصبح عشرا أو حين يمسي عشرا أدركته شفاعتي.
منقطع، خالد بن معدان لم يدرك أبا الدرداء، لكن جوّده الهيثمي والسخاوي، وحسنه السيوطي لكون رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، عن محمد بن علي بن ميمون به، رقم 61.
تابعه يزيد بن عبد ربه، عن بقية، وفيه تصريح بقية بالتحديث من إبراهيم بن محمد، أخرجه الطبراني أيضا- كما في جلاء الأفهام [/ 233]- وفيه:
قال أبو موسى المديني: رواه عن بقية غير واحد، ويزيد بن عبد ربه كان يسكن بحمص قرب كنيسة جرجس فنسب إليها.
قلت: وممن رواه عن بقية: عمرو بن عثمان، أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 61.
(2023) - قوله: «فليقل عبد من ذلك أو ليكثر» :
عزاه الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 122] للمصنف في كتابه هذا، وقد أخرجه ابن المبارك في الزهد له برقم 1026، والإمام أحمد في مسنده [3/ 445، 449] ، وابن ماجه في الإقامة برقم 907، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 516، 11/ 507] رقم 11840، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 36، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 6، والطيالسي في مسنده برقم 1288، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 120] ، وعبد بن حميد في مسنده برقم 317- المنتخب-، وأبو يعلى في مسنده [13/ 154] رقم 7196، والبغوي في الجعديات برقم 896، ومن طريقه الضياء في المختارة [8/ 189- 190] رقم 216، 217، 218، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم-(5/78)
2024- وقال صلى الله عليه وسلم: صلوا عليّ فإن الصلاة عليّ زكاة لكم.
- 37، وابن عدي في الكامل [5/ 1868] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب برقم 1652، 1662، والبيهقي في الشعب [2/ 211] رقم 1557، 1558، جميعهم من حديث شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، به مرفوعا.
تابعه عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد الله بن عامر، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [2/ 215] رقم 3115، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 180] .
* وخالف عبيد الله بن شريك شعبة، رواه عن عاصم، عن عامر، عن عمر بن الخطاب، أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 13، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 38، وابن بشكوال كما في القول البديع [/ 113] ، وقد حسنه المنذري في الترغيب [2/ 500] في المتابعات، وتبعه ابن القيم في جلاء الأفهام، والسخاوي في القول البديع.
(2024) - قوله: «صلوا عليّ» :
رواه ليث بن أبي سليم- صالح في الشواهد والاعتبار- فاختلف عليه فيه:
1- فقال محمد بن فضيل، عنه: عن كعب، عن أبي هريرة مرفوعا، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 365] ، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 217] ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 41، 72.
* وتابعه سعيد بن زيد، عن ليث، أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 46.
2- وخالفه المعتمر عن ليث، رواه عنه فأسقط أبا هريرة، وجعله في صورة المرسل، أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 47.
3- ورواه إبراهيم بن طهمان، عن ليث، عن نافع بن كعب، عن أبي هريرة به مرفوعا، أخرجه أبو الشيخ في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- كما في جلاء الأفهام [/ 234]-(5/79)
2025- وعن مقاتل بن سليمان قال: إن لله ملكا تحت العرش، على رأسه ذؤابة، قد أحاط بالعرش، ما من شعرة على رأسه إلّا مكتوب عليها:
لا إله إلّا الله محمد رسول الله، فإذا صلى العبد، ما بقيت شعرة إلّا استغفرت لصاحبها.
2026- وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى عليّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب.
- وفي الباب عن أنس بن مالك، أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 40، ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1669 من حديث أبي إسحاق السبيعي- ولم يلقه، ولا يثبت له سماع منه- عن أنس مرفوعا: صلوا عليّ، فإن الصلاة عليّ كفارة لكم، فمن صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشرا.
(2025) - قوله: «وعن مقاتل بن سليمان» :
أورد قوله الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 115] معزوا للمصنف في كتابه هذا، ثم قال بعد إيراده: وفي صحته نظر.
(2026) - قوله: «وعن أبي هريرة» :
أخرج حديثه من طرق بأسانيد: الطبراني في الأوسط [2/ 456] رقم 1856، وابن الجوزي في الموضوعات [1/ 228] ، والخطيب في شرف أصحاب الحديث [/ 36] ، والسمعاني في أدب الإملاء [/ 137] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1670، والرافعي في التدوين [4/ 107] ، وأبو القاسم بن بشكوال، وأبو الشيخ في الثواب، والمستغفري في الدعوات- أفاده السخاوي في القول البديع [/ 250] ، والزبيدي في إتحاف السادة [5/ 50]-.
قال ابن كثير في التفسير [3/ 524] : قد روي من طرق عن أبي هريرة ولا-(5/80)
2027- وروي أن جماعة شهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل بالسرقة، فأمر بقطع يده، وكان المسروق جملا، فصاح الجمل: لا تقطعوا يده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بم نجوت؟ قال: بصلاتي عليك كل يوم مائة مرة، فقال صلى الله عليه وسلم: نجوت من عذاب الدنيا والاخرة.
2028- وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق قد شهدوا عليه بالسرقة، وكان مع الرجل جمل، فأنطق الله عزّ وجلّ جمله، فقال: - يصح، قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: أحسبه موضوعا، وقال الحافظ في ترجمة بشر بن عبيد من لسان الميزان: الحديث موضوع لا يفرح بطرقه ولا بشاهده. اه.
لكن قال ابن القيم في الجلاء [/ 54] : وقد روي موقوفا من كلام جعفر بن محمد وهو أشبه، يرويه محمد بن حمير عنه قال: من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب صلت عليه الملائكة غدوة ورواحا، ما دام اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الكتاب.
(2027) - قوله: «نجوت من عذاب الدنيا والاخرة» :
أورده المجد الفيروز آبادي في الصلات والبشر [/ 80] ، والحافظ السخاوي في القول البديع [/ 241] ، وقالا: رواه ابن بشكوال في القربة بلا سند.
(2028) - قوله: «فأنطق الله عزّ وجلّ جمله» :
أخرجه الديلمي فيما ذكره الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 241] من حديث ابن عمر بلفظ: أنهم جاءوا برجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا عليه أنه سرق ناقة لهم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع، فقال: اللهمّ صل على محمد حتى لا يبقى من صلاتك شيء، وسلم على محمد حتى لا يبقى من سلامك شيء، وبارك على محمد حتى لا يبقى من بركاتك شيء، قال: فتكلم الجمل فقال: يا محمد إنه بريء من سرقتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يأتيني-(5/81)
لا تقطعوا يده فإنه بريء من ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما قلت حين حركت شفتيك؟ قال: قلت: اللهمّ صل على محمد وعلى آل محمد قد تعلم براءة ساحتي، فقال صلى الله عليه وسلم: قد برأك الله مما قيل فيك.
- بالرجل؟ فابتدره سبعون من أهل المسجد فجاءوا به، فقال صلى الله عليه وسلم: يا هذا ما قلت آنفا وأنت مدبر، فأخبره بما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لذلك نظرت إلى الملائكة محدقون سكك المدينة حتى كادوا يحولوا بيني وبينك، ثم قال:
لتردنّ على الصراط ووجهك أضوأ من القمر ليلة البدر.
قال السخاوي: ولا يصح.(5/82)
[275- فصل: في ذكر البخيل، وذمّ النّاسي والكاره للصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم]
275- فصل:
في ذكر البخيل، وذمّ النّاسي والكاره للصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم 2029- قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأبخل الناس؟ قالوا: بلى، قال: من ذكرت عنده فلم يصل عليّ.
(2029) - قوله: «ألا أنبئكم بأبخل الناس» :
هكذا هو في الأصول التي بين أيدينا، وفي القول البديع [/ 148] معزوا لكتاب المصنف بلفظ: ألا أدلكم على خير الناس وشر الناس، وأبخل الناس، وأكسل الناس، وألأم الناس، وأسرق الناس؟ قيل: يا رسول الله بلى، قال: خير الناس من انتفع به الناس، وشر الناس من يسعى بأخيه المسلم، وأكسل الناس من أرق ليلة فلم يذكر الله بلسانه وجوارحه، وألأم الناس من ذكرت عنده فلم يصل عليّ، وأبخل الناس من بخل بالتسليم على الناس، وأسرق الناس من سرق صلاته، قيل: يا رسول الله كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها.
والشطر الذي أورده المصنف هنا طرف من حديث أبي ذر الطويل، يورده بعضهم بطوله، وبعضهم يختصره، وله عن أبي ذر أسانيد متصلة ومنقطعة، في بعضها الشاهد، وبعضهم يورده بطوله بدون الشاهد.
فأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [1/ 296] رقم 513، [8/ 476] رقم 8435-، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [1/ 195، 334، 2/ 963 بغية الباحث] الأرقام 53، 223، 1064، وأبو يعلى في مسنده- كما في إتحاف الخيرة [1/ 296] رقم 516-، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 37، جميعهم من-(5/83)
2030- وقال صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ.
- حديث حماد بن سلمة، عن معبد بن هلال قال: حدثني رجل من أهل دمشق، عن أبي ذر بسياقه الطويل، وفي آخره الشطر المذكور عندنا، قال الحافظ البوصيري: إسناده ضعيف لجهالة التابعي.
ورواه ابن أبي عمر في مسنده بطوله- كما في إتحاف الخيرة [1/ 294] رقم 512 من طريق يزيد بن رومان، عمن أخبره عن أبي ذر وفي آخره الشطر المذكور هنا.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 29 من طريق علي ابن يزيد، عن القاسم، عن أبي ذر وهو بطوله عند الإمام أحمد [5/ 265] بدون الشاهد.
وله طرق عن أبي ذر بأسانيد متصلة بسياق طويل يزيد فيها بعضهم على بعض، أخرجها أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 478، وابن أبي شيبة- كما في إتحاف الخيرة [1/ 296] رقم 514-، والإمام أحمد في المسند [5/ 179] ، وصحح ابن حبان حديث هشام بن يحيى، عن أبيه، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر برقم 361- الإحسان-.
(2030) - قوله: «البخيل من ذكرت عنده» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 201] ، والترمذي في الدعوات، برقم 3546، وقال: حسن صحيح، والنسائي في اليوم والليلة برقم 55، 56، وابن السني كذلك برقم 384، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [1/ 311] رقم 432، وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 30، والبخاري في تاريخه الكبير [5/ 148] ، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الأرقام 32، 33، 34، 35، 36، وابن عدي في الكامل [2/ 906] ، وأبو يعلى في مسنده [12/ 147] رقم 6776، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 153، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 151، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب الترهيب برقم 518، 1666، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات-(5/84)
2031- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ذكرت عنده فلم يصل عليّ فقد أخطأ طريق الجنة.
2032- وفي رواية أخرى: من نسي الصلاة عليّ فقد أخطأ طريق الجنة.
- برقم 81 جميعهم من طرق عن عمارة بن غزية، وقد اختلف عليه فيه- عن عبد الله بن علي بن الحسين (منهم من يرسله، ومنهم من يوصله والجمهور على تصحيح المرسل) صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 909، والحاكم في المستدرك [1/ 549] وأقره الذهبي في التلخيص.
قال الدارقطني في العلل [2/ 102- 103] : رواه الدراوردي عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين مرسلا عن علي بن أبي طالب. اه.
قلت: يريد أنه منقطع بينه وبين علي، حديث الدراوردي أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 34.
قال الدارقطني: ورواه سليمان بن بلال، عن عمارة، عن عبد الله بن علي، عن أبيه، عن جده. اه. رواية سليمان بن بلال أخرجها الإمام أحمد والنسائي، وإسماعيل القاضي وقد أشرنا إلى مواضعها، قال الدارقطني:
وقول سليمان بن بلال أشبه بالصواب. اه يعني عن الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم- مرسل.
(2031) - (2032) - قوله: «وفي رواية أخرى» :
مخرجها مخرج الرواية التي قبلها، رويت باللفظين على ألوان:
1- أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 507- 508] رقم 11842، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 83.
* وهكذا رواها وهيب عن جعفر بن محمد، حديثه عند إسماعيل القاضي-(5/85)
2033- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: بحسب امرىء من البخل أن أذكر عنده ثم لا يصلي عليّ.
- في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 54، والبيهقي في الشعب [2/ 215] رقم 1573.
* وهكذا رواها عمرو بن دينار، عن محمد بن علي مرسلا، حديثه عند إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 42، 43، والطبراني في تهذيب الاثار [/ 358- من الجزء المفقود] .
2- خالفهما فطر بن خليفة، فرواه عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده حسين بن علي، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 138] رقم 2887، لكن في إسناده محمد بن بشير الكندي وهو ضعيف.
رجع إلى حديث حفص بن غياث 3- خالف عمر بن حفص أبا بكر بن أبي شيبة، فقال عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أخرجه ابن الأعرابي في معجمه برقم 354، والبيهقي في الشعب [2/ 216] رقم 1574، وفي الدعوات الكبير له برقم 154، وفي السنن الكبرى [9/ 286] ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1658.
وللحديث شاهد بإسناد ضعيف يتحسن بمجموعه ترغيبا، فأخرجه ابن ماجه في الصلاة برقم 908، وابن عدي في الكامل [2/ 603] من حديث ابن عباس بإسناد فيه جيارة بن المفلس وهو ضعيف.
(2033) - قوله: «بحسب امرىء من البخل» :
أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 38، وقاسم بن أصبغ- كما في جلاء الأفهام [/ 60]- كلاهما من طريق جرير بن حازم، عن الحسن البصري به مرسلا- رجال إسماعيل القاضي رجال-(5/86)
2034- وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يجلس قوم مجلسا لا يصلّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة، لما يرون من الثواب.
- الصحيح-، تابعه أبو حرة: واصل بن عبد الرحمن، عن الحسن، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 175] ، وسعيد بن منصور في سننه- كما في جلاء الأفهام والقول البديع [/ 148]- والطبري في تهذيب الاثار [/ 357- القسم المفقود]-، ولفظه: كفى به شحا أن يذكر في قوم فلا يصلون عليّ.
(2034) - قوله: «وروى أبو سعيد الخدري» :
صح من حديث الأعمش، عن أبي صالح عنه موقوفا ومرفوعا والوجهان صحيحان، ثم مثل هذا لو لم يرد مرفوعا لكان له حكمه لكونه مما لا مجال للرأي فيه.
وقد صح أيضا من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا.
حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه النسائي في اليوم والليلة برقم 409، 410، والبغوي في الجعديات برقم 761، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 55، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 16، والخطيب في الجامع [2/ 71] رقم 1213، وابن أبي عاصم في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 84، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات برقم 321، ومن طريقه الذهبي في معجم الشيوخ [1/ 67] ، والبيهقي في الشعب [2/ 215] رقم 1571، وصححه الضياء في المختارة كما في الدر المنثور.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 463] ، وفي الزهد له [/ 49] رقم 142، وأبو داود في الأدب من سننه، باب كفارة المجلس، رقم 4857، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 591، 592.(5/87)
2035- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تقبل الصلاة إلّا بالطهر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
(2035) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» :
أخرج حديثها الدارقطني [1/ 355] من طريق عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن الشعبي، عن مسروق، عنها ولفظه: لا يقبل الله صلاة إلّا بطهور وبالصلاة عليّ، عمرو وجابر لا يحتج بهما، لكن قال ابن القيم في جلاء الأفهام عند إيراده له: لا تقوم الحجة به عند انفراده وقد يقوي بعضها بعضا عند الاجتماع. اه.
وفي الباب عن سهل بن سعد، فأخرج ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 80 من حديث عبد المهيمن بن عباس، عن أبيه، عن جده مرفوعا: لا وضوء لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأصله عند جماعة بلفظ: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار.
أخرجه ابن ماجه برقم 400، والحاكم في المستدرك [1/ 269] ، والدارقطني [1/ 355] ، والطبراني في معجمه الكبير [6- رقم 5698] ، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 379] ، وابن عبد البر في التمهيد [16/ 196] ، وقد أعله الدارقطني وابن عبد البر والذهبي في التلخيص بعبد المهيمن.
وأخرج أبو الشيخ في الثواب وفضائل الأعمال- كما في جلاء الأفهام [/ 236]-، ومن طريقه أبو موسى المديني- كما في القول البديع [/ 171]- من طريق محمد بن جابر- ضعفه الجمهور-، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود مرفوعا: إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل عليّ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة.
وهذا قد رواه البيهقي في السنن الكبرى [1/ 44] ، وأبو القاسم الأصبهاني في-(5/88)
2036- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: آمين- ثلاث مرات- فقيل: يا رسول الله صنعت شيئا لم تصنعه؟ قال: نعم، جاءني جبريل عليه السلام فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين.
- الترغيب والترهيب برقم 1649 من طريق يحيى بن هاشم- متروك الحديث- عن الأعمش بلفظ: إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر أحدكم اسم الله على طهوره لم يطهر منه إلّا ما مر عليه الماء، فإذا فرغ أحدكم من طهوره فليشهد أن لا إله إلّا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل عليّ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة.
ضعفه البيهقي بيحيى بن هاشم.
(2036) - قوله: «وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر» :
روي هذا من حديث أبي هريرة، وكعب بن عجرة، وابن عباس، وأنس بن مالك، ومالك بن الحويرث، وعبد الله بن الحارث، وجابر بن سمرة، وعمار بن ياسر.
(أ) أما حديث أبي هريرة، فله طرق:
1- فأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 646، والبزار في مسنده [4/ 49 كشف الأستار] رقم 3169، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 66، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 18 من طريق كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عنه به، وصححه ابن خزيمة برقم 1888. -(5/89)
.........
- 2- وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 346] من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عنه به.
3- وأخرجه أبو يعلى في مسنده [10/ 328] رقم 5922 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 895.
4- وأخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 67 من طريق يحيى ابن يزيد النوفلي، عن أبيه، عن أبي سلمة ويزيد بن رومان كلاهما عنه به.
5- وأخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 254] ، والترمذي برقم 3545، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 16، 17، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 65، والبيهقي في الدعوات الكبير برقم 152 جميعهم من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا، وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 549] .
(ب) وأما حديث كعب بن عجرة، فأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 319] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 144] رقم 315، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 19، من طريق سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن هلال قال: حدثني سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عنه به، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 153] ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 166] : رواه الطبراني ورجاله ثقات، مع أن إسحاق بن كعب مستور.
(ج) وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 82] رقم 11115 من طريق يزيد بن أبي زياد- ضعيف- عن مجاهد، عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 165] : يزيد بن أبي زياد-(5/90)
.........
- اختلف فيه، وبقية رجاله ثقات.
وله طريق أخرى، فأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1672 بإسناد فيه كادح بن رحمة، عن شيخه نشهل بن سعيد، عن الضحاك، عنه به، وهذا إسناد ضعيف جدا بكادح وشيخه والانقطاع بين الضحاك وابن عباس.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [12/ 83- 84] رقم 12551، وابن شاهين في فضائل شهر رمضان برقم 1، من وجه آخر عن ابن عباس بإسناد فيه إسحاق بن عبد الله بن كيسان قال في مجمع الزوائد [10/ 165] : فيه ضعف.
(د) وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه البخاري في بر الوالدين- كما في تفسير القرطبي [10/ 242]-، وابن أبي شيبة في مسنده- كما في المطالب العالية [3/ 223] رقم 3319-، والبزار في مسنده [4/ 49 كشف الأستار] رقم 3168، وابن شاهين في فضائل شهر رمضان برقم 7، 8، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 15، وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات برقم 187، ومن طريقه الخطيب في الموضح [2/ 110] ، والسمعاني في أدب الإملاء [/ 137] جميعهم من حديث سلمة بن وردان- وهو ضعيف- عن أنس به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 166] : فيه سلمة بن وردان وقد قال البزار فيه: صالح، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(هـ) وأما حديث مالك بن الحويرث، فأخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 409، وابن عدي في الكامل [6/ 2378] من حديث عمران بن أبان، عن مالك بن الحسن- منكر الحديث-، عن أبيه، عن جده به.
(و) وأما حديث عبد الله بن الحارث بن جزء، فأخرجه الطبراني- كما في مجمع الزوائد [10/ 165]- والبزار في مسنده [4/ 48 كشف الأستار] رقم 3165، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 68، وفي إسناده-(5/91)
.........
- ابن لهيعة ضعفه به السخاوي في القول البديع [/ 145] ، أما الهيثمي فقال في مجمع الزوائد: فيه من لم أعرفه.
(ز) وأما حديث جابر بن سمرة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 271] رقم 2022، والبزار في مسنده [4/ 48 كشف الأستار] رقم 3166 من طريق إسماعيل بن أبان- ضعيف-، عن قيس بن الربيع- مثله- عن سماك، عنه به.
(ح) وأما حديث عمار بن ياسر، فأخرجه البزار في مسنده [4/ 48 كشف الأستار] رقم 3164، والطبراني- كما في القول البديع [/ 142- 143] ، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 164] : فيه من لم أعرفه، وقال السخاوي: محمد بن عمار ذكره ابن حبان في الثقات، وابنه أبو عبيدة وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث.(5/92)
[276- فصل: في أنّ الدّعاء محجوب عن السّماء لا يرفع حتّى يصلّى على النّبيّ صلى الله عليه وسلم]
276- فصل:
في أنّ الدّعاء محجوب عن السّماء لا يرفع حتّى يصلّى على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما من دعاء إلّا وبينه وبين الله عزّ وجلّ حجاب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء.
2037- حدثناه أبو الحسن: محمد بن أحمد بن حامد العطار:
ثنا علي بن سعيد، ثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثني الوليد بن بكير (2037) - قوله: «محمد بن أحمد بن حامد العطار» :
لم أقف عليه فيما لدي من المصادر.
قوله: «ثنا علي بن سعيد» :
هو ابن جرير بن ذكوان النسائي، الحافظ الثقة: أبو الحسن النيسابوري نزيلها، محدث مشهور، وصاحب رحلة، وكان من جلساء الإمام أحمد وأحد المتقنين، روى عنه النسائي وابن ماجه، أغفله الذهبي فلم يذكره في سيره وهو من شرطه، فكأنه ذهل عنه. انظر عنه في:
تهذيب الكمال [20/ 447] ، تهذيب التهذيب [7/ 286] ، الكاشف [2/ 248] ، المعجم المشتمل: الترجمة رقم 631، التقريب [/ 401] الترجمة رقم 4737، التاريخ الصغير [2/ 395] .
قوله: «ثنا الحسن بن عرفة» :
هو ابن يزيد العبدي، الحافظ الصدوق: أبو علي البغدادي، المؤدب، -(5/93)
أبو خبّاب التميمي، عن سلام الخزّاز، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2038- وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدعاء محجوب حتى يختم- صاحب الجزء المشهور، وهو من شيوخ الترمذي وابن ماجه في كتابيهما، وروى عنه النسائي بواسطة، أثنى عليه ابن معين، وقال أبو حاتم:
صدوق. انظر عنه في:
تهذيب الكمال [6/ 201] ، تاريخ بغداد [7/ 394] ، سير أعلام النبلاء [11/ 547] ، الوافي بالوفيات [12/ 103] ، تهذيب التهذيب [2/ 254] ، الكاشف [1/ 163] ، التقريب [/ 162] الترجمة رقم 1255.
قوله: «أبو خباب التميمي» :
تصحفت الكنية في الأصول، فوقع فيها: أبو حيان التميمي، وقد قيدها أصحاب المشتبه كما أثبتناها: بالخاء المعجمة ثم موحدة مشددة، ثم موحدة بعد الألف، وضبطها الحافظ في التقريب بنون بعد الجيم وهو غريب، والوليد بن بكير كوفي، شيخه أبو حاتم، وقال الذهبي في الميزان: ما رأيت من وثقه غير ابن حبان، وقال الحافظ في التقريب: لين الحديث.
انظر عنه في: توضيح المشتبه [1/ 349] ، المؤتلف لعبد الغني [/ 41] ، المؤتلف للدارقطني [1/ 473] ، الميزان [6/ 10] ، تهذيب الكمال [31/ 5] ، تهذيب التهذيب [11/ 115] ، الكاشف [3/ 209] ، التقريب [/ 581] الترجمة رقم 7417، الميزان [6/ 10] .
قوله: «عن سلام الخزاز» :
بمعجمات، مذكور في شيوخ الوليد بن بكير وأبي إسحاق السبيعي، ولم أر من أفرده بترجمة، فهذه علة أخرى تضاف للثلاث التي ذكرها ابن القيم في جلاء الأفهام في إسناد هذا الحديث، حيث أغفل الكلام على سلام هذا.
(2038) - قوله: «وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم» :
يأتي تخريجها أيضا.(5/94)
بالصلاة عليّ.
2039- وروى أبو عمرو بن العلاء، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كل دعاء محجوب عن السماء حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد.
(2039) - قوله: «وروى أبو عمرو بن العلاء» :
ابن عمار التميمي، المازني، البصري، الإمام المقرىء المشهور، أحد القراء السبعة، وأحد علماء العربية، اختلف في اسمه، وهو بكنيته أشهر.
انظر ترجمته في:
سير أعلام النبلاء [6/ 407] ، وفيات الأعيان [3/ 466] ، فوات الوفيات [2/ 28] ، التاريخ الكبير [9/ 55] ، طبقات القراء لابن الجزري [1/ 288] ، تهذيب الكمال [34/ 120] ، تهذيب التهذيب [12/ 197- 198] ، ذيل الكاشف [/ 337] الترجمة رقم 1903، التقريب [/ 660] الترجمة رقم 8271، العبر [1/ 223] .
قوله: «عن أبيه» :
لم أر من أفرده بترجمة، ولكنه مذكور في شيوخ ابنه.
قوله: «كل دعاء محجوب» :
أورده هكذا معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 203] ، ولم أقف عليه مسندا من هذا الوجه.
وفي الباب عن عبد الله بن بسر، ومعاذ بن جبل، وأبي سليمان الداراني، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب قوله.
أما حديث عبد الله بن بسر ومعاذ وقول أبي سليمان الداراني، فنخرّجه تحت الأثر الاتي بعد هذا.
وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 408] رقم 725، والحاكم في شعار أصحاب الحديث برقم 86، -(5/95)
.........
- والهروي في مقدمة ذم الكلام برقم 4، والبيهقي في الشعب [2/ 216] رقم 1576، والشجري في أماليه [1/ 122] ، جميعهم من حديث عبد الكريم بن عبد الرحمن الخزاز، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث- وبعضهم يقرنه بعاصم بن ضمرة- عن علي رضي الله عنه مرفوعا: ما من دعاء إلّا وبينه وبين السماء حجاب حتى يصلي على محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم انخرق الحجاب واستجيب الدعاء، وإذا لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم لم يستجب الدعاء.
هكذا روي مرفوعا، وأخرجه البيهقي أيضا من حديث عبد الكريم برقم 1575 موقوفا، وقال: كذا وجدته موقوفا، وقال المنذري في الترغيب والترهيب [2/ 505] : رفعه بعضهم والموقوف أصح، وكذا قال ابن القيم في جلاء الأفهام [/ 63] ، والسخاوي في القول البديع [/ 224] .
* ورواه نوفل بن سليمان- أحد الضعفاء- فسمى عبد الكريم ونسبه فقال:
الجزري يريد: عبد الكريم بن مالك الجزري- فظن بعض أهل العلم أنه كذلك- منهم ابن القيم في جلاء الأفهام [/ 63] حيث قال: رفعه سلام الخزاز وعبد الكريم بن مالك الجزري، عن أبي إسحاق، عن الحارث، وقد قال الحافظ في اللسان [4/ 53] : رواه نوفل بن سليمان- أحد الضعفاء- عن عبد الكريم هذا لكنه وهم فقال: عن عبد الكريم الجزري، والجزري ثقة لا يحتمل مثل هذا.
حديث نوفل أخرجه البيهقي في الشعب برقم 1576، والهروي في مقدمة ذم الكلام برقم 4.
* ورواه إسحاق بن بشر، عن عبد الكريم، عن أبي إسحاق، عن البراء، علقه الهروي في مقدمة ذم الكلام عقب حديث رقم 4.
وممن رواه عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي فرفعه: سلام الخزاز، -(5/96)
.........
- أخرجه الحسن بن عرفة- ولم أجده في جزئه- لكن أخرجه من طريقه المصنف في المتقدم قبله، ومن طريقه أيضا أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1650، وبيبي الهرثمية في جزئها برقم 35، وابن رشيد في ملء العيبة [3/ 381] ، وابن المستوفي في تاريخ إربل [1/ 238- 239] .
وقد أعله ابن القيم في جلاء الأفهام [/ 14] بثلاث علل: بأنه من رواية الحارث الأعور وهو ضعيف، وبأن شعبة قال: لم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلّا أربعة أحاديث ليس هذا منها، وبأن الثابت وقفه على علي رضي الله عنه. اه.
قلت: وهذه الثلاث تضاف إلى ما تقدم ذكره، ومنها جهالة سلام الخزاز.
وأما حديث عمر بن الخطاب، فأخرجه الترمذي في أبواب الصلاة من جامعه، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رقم 486 من طريق أبي قرة الأسدي- قال ابن خزيمة: لا أعرفه بجرح ولا تعديل- عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب: إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصليّ على نبيك صلى الله عليه وسلم، موقوف بإسناد منقطع، ولكن جوّد إسناده ابن كثير في مسند الفاروق [1/ 176] فقال: وهذا إسناد جيد، وكذا رواه أيوب بن موسى، عن سعيد بن المسيب، عن عمر قوله، ورواه معاذ بن الحارث، عن أبي قرة الأسدي، عن سعيد، عن عمر مرفوعا، والأول أصح. اه.
وعزاه السخاوي في القول البديع [/ 223] لابن راهويه، وابن بشكوال، والواحدي، ومن طريقه الرهاوي في الأربعين له.
قلت: ورواه عمرو بن مسافر- أحد الضعفاء- قال: حدثني شيخ من أهلي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما من دعوة لا يصلى على النبي قبلها إلّا كانت معلقة بين السماء والأرض، أخرجه القاضي إسماعيل في جزء-(5/97)
2040- وقال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: إذا دعا الرجل ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم رفرف الدعاء فوق رأسه، وإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم رفع الدعاء.
- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 74.
وأما حديث أنس بن مالك، فعلقه البيهقي في الشعب عقب حديث علي رضي الله عنه المتقدم فقال: رويناه من وجه آخر عن مالك بن دينار، عن أنس بن مالك مرفوعا- وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس، هكذا يقول السخاوي في القول البديع [/ 222] ، ولم أقف عليه عنده إلّا من حديث علي بن أبي طالب المتقدم قريبا، وفي الباب أيضا عن عبد الله بن بسر في التعليق على الأثر بعده.
(2040) - قوله: «رفرف الدعاء فوق رأسه» :
موقوف، وقد تقدم الكلام عليه، وأخرج النسائي- كما في جلاء الأفهام [/ 212] ، والقول البديع [/ 222]-، ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير- كما في مجمع الزوائد [10/ 112]-، ومن طريق الطبراني:
الضياء في المختارة [9/ 82] رقم 65- وليس في سياقه الشاهد-، وابن بشكوال من حديث الجراح بن يحيى- قال الهيثمي: لم أعرفه- قال: حدثني عمرو بن عمرو قال: سمعت عبد الله بن بسر رضي الله عنه يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله عزّ وجلّ وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو يستجاب لدعائه.
وأخرج ابن حبان في المجروحين [1/ 113] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 358] رقم 1409 من حديث إبراهيم بن إسحاق الواسطي- ضعيف، وبه أعل الحديث-، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعا: الدعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتابع إبراهيم أحد على روايته هذه. -(5/98)
.........
- وأخرج النميري- كما في القول البديع [/ 232] ، وجلاء الأفهام من حديث أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول:
من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وليسأل حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة، والله أكرم أن يرد ما بينهما.
قال ابن القيم بعد إيراد حديث أمير المؤمنين وعبد الله بن بسر: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء بمنزلة الفاتحة من الصلاة، فمفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن مفتاح الصلاة الطهور، فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.(5/99)
[277- فصل: في الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها]
277- فصل:
في الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها 2041- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصّعقة، فأكثروا عليّ الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ.
2042- وقال صلى الله عليه وسلم: أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة، فإنها تعرض عليّ.
(2041) - قوله: «فإن صلاتكم معروضة عليّ» :
رواه أبو الأشعث عن أوس بن أوس وتمام اللفظ: فقال رجل: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت- يعني: بليت-؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. حديث صحيح، وقد خرجناه في كتاب الجمعة، من المسند الجامع للحافظ أبي محمد الدارمي، تحت رقم 1698- فتح المنان.
(2042) - قوله: «أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة» :
فيه حديث أبي الدرداء خرجناه في باب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، في فصل: الأنبياء أحياء في قبورهم، وفيه حديث أبي أمامة، يأتي تخريجه في فصل: فضل الإكثار والمكثرين من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
وفيه حديث أبي مسعود الأنصاري أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 421] ، ومن طريقه البيهقي في حياة الأنبياء برقم 11، وفي الشعب [3/ 110] رقم 3030، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 64 من حديث أبي رافع: إسماعيل بن رافع- اختلف فيه- عن المقبري، عنه بنحوه مرفوعا. -(5/100)
2043- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغراء فإن صلاتكم تعرض عليّ- يعني: يوم الجمعة-.
- وفيه حديث أنس، رواه عنه جماعة، منهم:
1- يزيد الرقاشي- أحد الضعفاء- أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [3/ 944] ، وهو بنحو اللفظ الوارد، ورواه درست بن زياد، عن يزيد الرقاشي بلفظ: أكثروا من الصلاة عليّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة فمن فعل ذلك كنت له شهيدا- أو: شافعا- يوم القيامة، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 968- 969] ، والبيهقي في الشعب [3/ 110- 111] رقم 3033.
2- أبو ظلال: هلال بن أبي هلال- أحد الضعفاء- أخرجه الطبراني- كما في الترغيب والترهيب للمنذري [2/ 498]- ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1651، وأبو يعلى الصابوني وابن أبي عاصم- كما في القول البديع للسخاوي [/ 111، 194] .
3- أبو إسحاق السبيعي، عن أنس، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [3/ 249] ، ولفظه: أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة، فمن صلى عليّ صلاة صلى الله عليه عشرا، وإسناده حسن.
4- قتادة، عن أنس، أخرجه ابن السني في اليوم والليلة برقم 379، والطبراني في مسند الشاميين برقم 2610، وابن عدي في الكامل [3/ 1039] من طريق رواد بن الجراح، عن سعيد بن بشير، عنه بلفظ:
أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة، رواد ضعيف جدا، ولذلك عده أبو حاتم فيما رواه ابنه عنه في العلل [1/ 205] منكرا.
(2043) - قوله: «في الليلة الغراء» :
عزاه الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 195] للمصنف، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 182- 183] رقم 243 بلفظ: أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الزهراء واليوم الأزهر- وفي القول البديع عن الطبراني: -(5/101)
2044- وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى عليّ يوم الجمعة مائة صلاة غفرت له خطيئة ثمانين سنة، قال أبو الحجاج: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت يا رسول الله: حدثني أبو مقاتل عنك أنه من صلى عليك يوم الجمعة مائة صلاة غفر له خطيئة ثمانين سنة، قال: صدق أبو مقاتل.
- واليوم الأغر-، فإن صلاتكم تعرض عليّ، أخرجه من حديث عبد المنعم بن بشير- وهو ضعيف- عن أبي مودود: عبد العزيز بن أبي سليمان المدني، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة به مرفوعا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 169] : فيه عبد المنعم بن بشير، وهو ضعيف.
وأخرج البيهقي في الشعب [3/ 111] رقم 3034 من طريق عمرو بن شمر- ضعيف بمرة- عن محمد بن سوقة، عن عامر الشعبي، عن ابن عباس مرفوعا: أكثروا الصلاة على نبيكم في الليلة الغراء واليوم الأزهر ليلة الجمعة ويوم الجمعة، وأخرج السلفي- كما في القول البديع [/ 195] مثله من حديث ابن عمر، قال الحافظ السخاوي: وفي إسناده قاسم الملطي وهو كذاب.
(2044) - قوله: «خطيئة ثمانين سنة» :
عزاه الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 120، 196] للمصنف، وقد روي من حديث أبي هريرة أخرجه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 22، ومن طريقه ابن بشكوال كما في القول البديع [/ 195] ، والديلمي في مسند الفردوس برقم 3814، بإسناد فيه متروك وضعيفان، وعزاه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [1/ 193] للدارقطني في الأفراد وقال: حديث غريب، وقال ابن النعمان: حديث حسن، وقال السخاوي في القول البديع [/ 195] : ومن طريقه- أي الدارقطني-: أبو الشيخ في الثواب، والضياء المقدسي، وعزاه أيضا لأبي نعيم قال: وهو عند الأزدي في الضعفاء- ولم أقف عليه في المطبوع منه- قال: وسنده ضعيف. اه. -(5/102)
قال: فكان أبو الحجاج يقول: أنا أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحدثكم عن أبي مقاتل، لأن الشيطان لا يقدر على أن يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- قال السخاوي [/ 196] : وأخرجه ابن بشكوال أيضا من حديث أبي هريرة بلفظ: من صلى صلاة العصر من يوم الجمعة فقال قبل أن يقوم من مكانه:
اللهمّ صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاما، وكتبت له عبادة ثمانين سنة.
وأخرج الخطيب في تاريخه [13/ 459] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 468] رقم 796، والذهبي في الميزان [4/ 351] من حديث أنس مرفوعا مثله، وفي إسناده وهب بن داود، قال الخطيب: لم يكن ثقة.
قوله: «فكان أبو الحجاج» :
ما عرفته، ولا عرفت أبا مقاتل، وقد ذكر الأثر والقصة الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 194] وذكر أنه مما لم يقف على أصله، والله أعلم.(5/103)
[278- فصل: ذكر بعض الصّيغ الواردة في الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم]
278- فصل:
ذكر بعض الصّيغ الواردة في الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم 2045- روي أنهم سألوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالوا: كيف نصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قولوا: صلوات الله البرّ الرحيم، والملائكة المقربين، والنبيّين والصدّيقين، والشهداء والصالحين، وما سبّح لك من شيء يا رب العالمين، على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الشاهد المبشر، الداعي إليك بإذنك السراج المنير.
(2045) - قوله: «روي أنهم سألوا علي بن أبي طالب» :
أورد هذه الصيغة منسوبة لأمير المؤمنين رضي الله عنه جماعة، منهم:
القاضي عياض في الشفاء [2/ 72] وذكر في أولها الاية: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الاية، وفي أولها: لبيك ربي وسعديك، صلوات الله ... وقال في آخرها: وعليه السلام، ومنهم الإمام مجد الدين الفيروز آبادي صاحب القاموس في كتابه الصلات والبشر [/ 168- 169] ، ومنهم الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 44] ، وقال: لم أقف على أصله.
قلت: مما يروى عن أمير المؤمنين مسندا موقوفا عليه في هذا الباب، ما أخرجه الطبراني في الأوسط [10/ 35- 36] رقم 9085، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 23، وسعيد بن منصور، والطبري في مسند طلحة من تهذيب الاثار، وأبو الحسن بن فارس في جزء فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وابن سنان القطان في مسنده، ومن طريقه يعقوب بن شيبة في أخبار علي رضي الله عنه، وابن عبد البر، وابن فارس، -(5/104)
2046- وروى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أصبح وأمسى وقال: - والنخشبي في العاشر من الحنانيات، وابن بشكوال- كما في القول البديع للسخاوي [/ 45] ، جميعهم من حديث سلامة الكندي- قال الحافظ المزي: ليس بمعروف، ولم يدرك عليا- قال: كان علي بن أبي طالب يعلم الناس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: اللهمّ داحي المدحوات، وبارىء المسموكات، وجبار القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، ورأفة تحننك- في بعض المصادر:
ورافع تحيتك- على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما أغلق، والمعلن الحق بالحق، والدافع لجيشات الأباطيل، كما حمل فاضطلع بأمرك لطاعتك، مستوفزا في مرضاتك بغير نكل عن قدم، ولا وهن في عزم، داعيا لوجهك، حافظا لعهدك، ماضيا على نفاذ أمرك، حتى أورى قبسا لقابس، به هديت القلوب بعد خوضات الفتن والاثام، أبهج موضحات الأعلام، ومنيرات الإسلام، ونائرات الأحكام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين، ومبعوثك نعمة، ورسولك بالحق رحمة، اللهمّ افسح له متفسحا في عدنك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك، مهنات له غير مكدرات، من فوز ثوابك المعلوم، وجزيل عطائك المجزول، اللهمّ أعل على بناء البنائين بناءه، وأكرم مثواه لديك ونزله، وأتم له نوره، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة، ومرضي المقالة، ذا منطق عدل، وكلام فصل، وحجة وبرهان عظيم صلى الله عليه وسلم.
قال الطبراني: لا يروى عن علي إلّا بهذا الإسناد، تفرد به نوح بن قيس الطائي.
(2046) - قوله: «وروى جابر بن عبد الله» :
في الباب عن ابن عباس، فأخرج الطبراني في معجمه الكبير [11/ 206]-(5/105)
اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد، واعط محمدا الدرجة الوسيلة في الجنة، اللهمّ يا رب محمد وآل محمد، صلّ على محمد وعلى آل محمد، واجز عنا محمدا صلى الله عليه وسلم ما هو أهله، أتعب سبعين كاتبا ألف صباح، ولم يبق لنبيه حق إلّا أدّاه، وغفر له ولوالديه، وحشر مع محمد وآل محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله.
- رقم 11509، وفي الأوسط [1/ 180] رقم 237، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [3/ 206] ، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 15، والخطيب في تاريخه [8/ 338] ، والخلعي في فوائده، وأبو القاسم ابن بشكوال، والرشيد العطار، وأبو الشيخ، وأبو الحسين ابن عبد الله القرشي، وابن النجار- كما أفاده المجد اللغوي في الصلات والبشر [/ 75] ، والسخاوي في القول البديع [/ 43] ، والسيوطي في الجامع الكبير [1/ 809]-، جميعهم من حديث هانىء بن المتوكل الإسكندراني- وهو ضعيف-: أنا معاوية بن صالح، عن جعفر بن محمد، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا: من قال: جزى الله محمدا عنا ما هو أهله، أتعب سبعين كاتبا ألف صباح.
تابعه رشدين بن سعد- وهو ضعيف أيضا- عن معاوية، أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم 1673، وعنه أبو القاسم بن عساكر في تاريخه، ومن طريقه أبو اليمن بن عساكر- كما أفاده السخاوي في القول البديع [/ 43]-.
قلت: فإذا تبين أن رشدين بن سعد قد تابع هانىء بن المتوكل فقول الطبراني وغيره أنه تفرد به هانىء ليس بمتجه، وقد قال السخاوي:
وتابعهما أيضا أحمد بن حماد وغيره، فالأولى أن يقال حينئذ: تفرد به معاوية بن صالح- أحد رجال مسلم في الصحيح-، لكن في الطريق إليه ضعف، والله أعلم.(5/106)
2047- وعن بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال: لا تقولوا:
اللهمّ صل على محمد وتمسكوا، بل قولوا: اللهمّ صل على محمد وآل محمد.
(2047) - قوله: «لا تصلوا عليّ» :
لم أقف عليه مسندا، لكن أورده الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 46] وعزاه للمصنف، وقال: وهو مما لم أقف على سنده. اه. وأورده الفقيه الهيثمي في الصواعق المحرقة [/ 146] بصيغة: ويروى، والبتراء:
الناقصة، أو المنقوصة من الخير والبركة.(5/107)
[279- فصل: في فضل الإكثار والمكثرين من الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم]
279- فصل:
في فضل الإكثار والمكثرين من الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم قال أبو سعد رحمه الله تعالى ورضي عنه: وأكثروا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم آناء الليل والنهار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم روي عنه أنه قال:
2048- أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة.
(2048) - قوله: «أولى الناس بي يوم القيامة» :
رواه موسى بن يعقوب الزمعي، عن عبد الله بن شداد فاختلف عليه فيه.
فقال خالد بن مخلد عنه: عن عبد الله بن شداد، عن أبيه، عن ابن مسعود به، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [11/ 505] رقم 11836، ومن طريقه البخاري في تاريخه الكبير [5/ 177] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 427- 428] رقم 5011، والبزار في مسنده [4/ 278- 279 البحر الزخار] رقم 1446، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي برقم 24، وابن عدي في الكامل [3/ 906، 6/ 2342] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 213] رقم 1564، وأخرجه في الدعوات الكبير له برقم 150، والشاشي في مسنده برقم 414، وفي شرف أصحاب الحديث برقم 64، جميعهم من طرق عن خالد بذكر أبي عبد الله بن شداد في الإسناد، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 911.
* ورواه خالد بن مخلد مرة عن موسى فأسقط أبا عبد الله كذلك زعم البغوي في شرح السنة [3/ 197] عقب حديث رقم 686، أخرجه من طريق الدوري عن خالد، والدوري رواه عن خالد كرواية الجمهور عنه أخرجها من طريقه الخطيب، والشاشي، والبيهقي في الدعوات كما تقدم وكلهم يذكر أبا عبد الله في الإسناد فإن صح ذلك عن خالد فيكون حفظه-(5/108)
2049- وقال صلى الله عليه وسلم: إن أقربكم مني، أكثركم صلاة عليّ.
- عن موسى بالوجهين لأن الاضطراب فيه من موسى وليس بالحافظ كما سيأتي.
* وقد تابعه عن موسى: محمد بن خالد بن عثمة، لم يذكر أبا عبد الله، أخرجه الترمذي في الصلاة باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 484- وقال: حسن غريب- ومن طريقه البغوي في شرح السنة برقم 686، والبخاري في تاريخه الكبير [5/ 177] ، والبزار في مسنده [5/ 190] رقم 1789، وأبو يعلى في مسنده [9/ 13] رقم 5080، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 25، وخالفهم العباس بن أبي شملة عن موسى، فقال عنه، عن ابن كيسان، عن عتبة بن عبد الله، عن ابن مسعود، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [5/ 177] .
قال الدارقطني في العلل [5/ 759] ما ملخصه: الاضطراب فيه من موسى، ولا يحتج به، قال: وقد رواه القاسم بن أبي الزياد، عن موسى، عن ابن كيسان، عن سعيد بن سعيد، عن ابن عتبة، عن ابن مسعود. اه.
قلت: أخرجه البخاري في تاريخه [5/ 177] .
(2049) - قوله: «إن أقربكم مني» :
يعني: منزلة، كما في حديث أبي أمامة، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [3/ 249] ، وفي الشعب [3/ 110] رقم 3032، وفي حياة الأنبياء برقم 12 من طريق برد بن سنان، عن مكحول، عن أبي أمامة مرفوعا: أكثروا عليّ من الصلاة في كل يوم جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض عليّ في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم عليّ صلاة كان أقربهم مني منزلة. حسّنه المنذري في الترغيب والترهيب، قال: إلّا أن مكحولا قيل: إنه لم يسمع من أبي أمامة.
وفي الباب عن أنس بن مالك، فأخرج البيهقي في الشعب [3/ 111] رقم 3035، وفي حياة الأنبياء برقم 13، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب-(5/109)
2050- وقال صلى الله عليه وسلم: أولى الناس بي يوم القيامة، أكثرهم عليّ صلاة.
2051- وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحب أن يكتال له بالمكيال الأوفى، فليصل علي رضي الله عنه.
- والترهيب برقم 1647، وابن عساكر في تاريخه، وابن المنذر- كما في الدر المنثور [6/ 654]-، وابن منده في الأول من فوائده، والديلمي في مسند الفردوس، وابن بشكوال، وأبو اليمن ابن عساكر- كما في القول البديع [/ 156]- وهذا لفظ البيهقي: إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم عليّ صلاة في الدنيا، من صلى عليّ في يوم الجمعة وليلة الجمعة قضى الله له مائة حاجة، سبعين من حوائج الاخرة، وثلاثين من حوائج الدنيا، ثم يوكل الله بذلك ملكا يدخله في قبره كما يدخل عليكم الهدايا، يخبرني من صلى عليّ باسمه ونسبه إلى عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء. في إسناده من لا يعرف.
(2050) - قوله: «أولى الناس بي يوم القيامة» :
هكذا تكرر في الأصول.
(2051) - قوله: «فليصل عليّ» :
وتمامه: فليقل: اللهمّ صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد.
رواه حبان بن يسار- وهو ممن يضعف في الحديث- فاختلف عليه فيه، فرواه موسى بن إسماعيل عنه، عن أبي المطرف الخزاعي، عن محمد بن علي الهاشمي، عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة به مرفوعا، أخرجه أبو داود في الصلاة، برقم 982، والبيهقي في السنن الكبرى [2/ 151] ، وفي الاعتقاد [/ 185] ، والبخاري في التاريخ الكبير [3/ 87] . -(5/110)
2052- وقال رجل: يا رسول الله إني جعلت ثلث دعائي صلاة عليك، قال: إن زدتّ فهو خير لك، قال: وإن جعلت نصف دعائي صلاة عليك؟ قال: إن زدت فهو خير لك، قال: إن جعلت دعائي صلاة عليك؟ قال: إذا تكفى همك، ويغفر ذنبك.
- ورواه عمرو بن عاصم، عنه، عن عبد الرحمن بن طلحة الخزاعي، عن محمد بن علي، عن محمد بن الحنفية، عن علي بن أبي طالب به مرفوعا، أخرجه النسائي في مسند علي [5/ 348 تهذيب الكمال] ، وابن عدي في الكامل [2/ 830] .
(2052) - قوله: «وقال رجل» :
في الباب عن حبان بن منقذ، وأبي بن كعب، وأبي هريرة، ويعقوب بن زيد التيمي مرسلا.
أما حديث حبان بن منقذ، فرواه رشدين بن سعد- وهو ضعيف، وقد اضطرب فيه- عن قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أبيه، عن جده حبان بن منقذ أن رجلا قال:
يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي عليك؟ ... الحديث، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 41- 42] رقم 3574، حسنه المنذري في الترغيب والترهيب بشواهده [2/ 501] ، والهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 160] .
ورواه رشدين مرة كرواية الثقات من أصحاب ابن شهاب عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أبيه ليس فيه: عن جده، حديث قرة من هذا الوجه أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 60.
وحديث ابن شهاب المرسل، أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 389] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 217] رقم 1580.
ورواه عبدان المروزي في الصحابة ومن طريقه أبو موسى المديني في الذيل- كما في القول البديع [/ 119]- من طريق الحكم بن عبد الله، -(5/111)
.........
- عن محمد بن يحيى بن حبان وسمى الرجل أيوب بن بشير، قال السخاوي: والحديث معروف لأبي بن كعب.
وأما حديث أبي بن كعب، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 136] ، والترمذي في القيامة برقم 2457، وعبد بن حميد في مسنده [رقم 170- المنتخب] ، وابن أبي شيبة في المصنف [2/ 517، 11/ 504] ، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 14، ومن طريقه السبكي في الطبقات [1/ 173] ، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 58، وفي الزهد له برقم 263، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال برقم 21، وأبو نعيم في الحلية [1/ 256] ، والبيهقي في الشعب [1/ 394، 2/ 217] رقم 517، 1579، جميعهم من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، فقال أبي بن كعب: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك منها؟ ... الحديث، صححه الحاكم في المستدرك [2/ 421، 513] ، ووافقه الذهبي في التلخيص.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البزار في مسنده [4/ 46 كشف الأستار] رقم 3158، وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 59، وابن عدي في الكامل [5/ 1674] ، وابن حبان في المجروحين [2/ 82] من طريق عمر بن صبهان- منكر الحديث، وبعضهم تركه-، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أجعل شطر صلاتي دعاء لك؟ قال: إذن يكفيك الله همّ الدنيا والاخرة.
وأما حديث يعقوب بن زيد، فأخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة-(5/112)
2053- عن علي بن موسى عليه السلام، عن أبيه، عن جده أنه قال: من قال كل يوم: اللهمّ صل على محمد، وعلى آل محمد وعلى أهل بيته، مائة مرة، قضي له مائة حاجة منها ثلاثون للدنيا.
2054- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى عليّ ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة.
- على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 13، ومن طريقه السبكي في طبقات الشافعية [1/ 173- 174] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [2/ 215] رقم 3114.
قال الحافظ السخاوي في القول البديع [/ 120] : يعقوب بن زيد من صغار التابعين، فحديثه إما مرسل أو معضل.
(2053) - قوله: «عن علي بن موسى عليه السلام» :
تصحف في الأصول إلى: أحمد بن موسى، وجده هو جعفر بن محمد، وقوله هذا روي من حديث جابر بن عبد الله، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك.
أما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه ابن منده في الأول من فوائده- كما في القول البديع [/ 128، 156]- قال: ولفظه: من صلى عليّ في كل يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة، سبعين منها لاخرته، وثلاثين منها لدنياه، قال السخاوي: قال الحافظ أبو موسى المديني: غريب حسن.
وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الديلمي في مسند الفردوس- قال الحافظ السخاوي [/ 129] : بلا إسناد- عن علي رفعه: من صلى على محمد وعلى آل محمد مائة مرة قضى الله له مائة حاجة.
وأما حديث أنس، فمذكور في التعليق على حديثه المتقدم قريبا: إن أقربكم مني أكثركم عليّ صلاة.(5/113)
2055- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا عليّ من الصلاة، قال قلت: وهل تبلغك الصلاة بعد أن تفارقنا؟ قال: نعم يا علي، إن الله عزّ وجلّ وكل لقبري ملكا، يقال له: صلصائيل- وهو في صورة الديك متن عفريه تحت عرش الرحمن، ومخالبه في تخوم الأرض السابعة، له ثلاثة أجنحة: جناح إذا نشره بالمشرق، وآخر بالمغرب، وآخر منتشر على قبري، قال: فإذا قال العبد:
اللهمّ صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد وارحم محمدا وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، لقطها من فيه كما يلتقط الطير الحب، يرفرف على قبري ويقول: يا محمد يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك وأقرأك السلام فيكتب له ذلك في رق من نور بالمسك الأذفر، وترفع له عشرون ألف حسنة، ويمحى عنه عشرون ألف سيئة، ويغرس له عشرون ألف شجرة طوبى على شاطىء الكوثر، مختوم بالمسك الأذفر الأبيض في قبري عند رأسي، فأول من تنشق عنه الأرض أنا، فيأتيني جبريل عليه السلام بدابة، بين عينيه: لا إله إلّا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، له سبعون ألف جناح، تحت كل ريشة من أجنحته خلخال من ذهب، جوفه محشو بالمسك الأذفر الأبيض، فيسبح الخلخال بلسان لا يعلم الخلخال الذي بجنبه ما يقول إلّا أنه يسبح ويهلل ويحمد رب العالمين فأرفع إلى رضوان (2055) - قوله: «عفريه» :
عفرية الدّيك: ريش عنقه.
قوله: «مختوم بالمسك» :
أي الرق المكتوب.(5/114)
خازن الجنة لواء وهو لواء الحمد مكتوب عليه في وسطه لا إله إلّا الله محمد رسول الله لو نشرته على جميع ولد آدم لغطّاهم عن آخرهم ومن سواهم، جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري يسبحان ويهللان ويحمدان مع خلاخل البراق حتى أغرز لوائي عند الميزان، ونصبت الموازين ودعي العباد إلى الحساب، فإذا دعي العبد الذي أكثر الصلاة عليّ في دار الدنيا وضع في كفّة الميزان، فيخفّ الميزان، فأقول للوزّان: ارفق يرحمك الله، فإن له عندي وديعة وصنيعة، والكتاب معي، فيقول الوزّان: يا حبيب الله أنت اليوم مطاع، فامر فيفك كتاب يراه باسمه واسم أبيه وجده وأضعه في كفة الميزان، فأدعو الله أن يرجح ميزانه.
قوله: «فأدعوا الله أن يرجح ميزانه» :
هكذا أورده بطوله المجد الفيروز آبادي في الصلات والبشر معلقا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقال: رواه أبو سعد في الوفا- كذا- بشرف المصطفى.(5/115)
[280- فصل: ذكر حكاية متعلّقة بفضل الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم]
280- فصل:
ذكر حكاية متعلّقة بفضل الصّلاة عليه صلى الله عليه وسلم 2056- يروى عن الثوري أنه قال: رأيت رجلا من الحجاج يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت له: هذا موضع ذا؟ فقال: ألا أخبرك؟ مات أبي وكان البيت مظلما، فدخل رجل كأن وجهه السراج، فمسح وجه أبي فصار كالقمر، فقلت: من أنت؟ فقال: ملك موكل بمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أفعل به هكذا.
(2056) - قوله: «هذا موضع ذا» :
كذا في الأصول، وفي القول البديع للحافظ السخاوي [/ 239] :
هذا موضع الثناء على الله عزّ وجلّ.
قوله: «أفعل به هكذا» :
أوردها الحافظ السخاوي في القول البديع، وأعقبها بأخرى بنحوها بسياق أطول فقال [/ 240] : وروى أبو نعيم وابن بشكوال عن سفيان الثوري أيضا قال: بينما أنا حاج إذ دخل عليّ شاب لا يرفع قدما ولا يضع أخرى إلّا وهو يقول: اللهمّ صلي على محمد وعلى آل محمد، فقلت له: أبعلم تقول هذا؟ قال: نعم، ثم قال: من أنت؟ قلت: سفيان الثوري، قال:
العراقي؟ قلت: نعم، قال: هل عرفت الله؟ قال قلت: نعم، قال: كيف؟
قال: قلت: بأنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويصور الولد في الرحم، قال: يا سفيان ما عرفت الله حق معرفته، قلت: وكيف تعرفه؟ قال: بفسخ العزم والهم، ونقض العزيمة، هممت ففسخ همتي، -(5/116)
.........
- وعزمت فنقض عزمي، فعرفت أن لي ربا يدبرني، قال: قلت: فما صلواتك على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: كنت حاجّا ومعي والدتي، فسألتني أن أدخلها البيت ففعلت، فوقعت، وتورم بطنها، واسود وجهها، قال:
فجلست عندها وأنا حزين، فرفعت يدي نحو السماء فقلت: يا رب هكذا تفعل بمن دخل بيتك، فإذا بغمامة قد ارتفعت من قبل تهامة، وإذا رجل عليه ثياب بيض، فدخل البيت وأمرّ يده على وجهها فابيضّ، وأمر يده على بطنها فسكن المرض، ثم مضى ليخرج فتعلقت بثوبه فقلت: من أنت الذي فرجت عني؟ قال: أنا نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله فأوصني، قال: لا ترفع قدما ولا تضع أخرى إلّا وأنت تصلي على محمد وعلى آل محمد صلى الله عليه وسلم.(5/117)
[281- فصل: في ختم الباب]
281- فصل:
في ختم الباب 2057- قال أبو سعد: أنشدت:
صلى الإله على النبي محمد ... والطيبين الطاهرين الرّشد
من آله الأبرار أعداد الحصى ... والرمل والقطر، الذي لم يعد
(2057) - قوله: «أنشدت» :
بهذه الأبيات ختم الحافظ السخاوي كتابه القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع [/ 264] ، وقال: وقد أنشد بعضهم: ... فذكرها، وبها ختم ناسخ الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود للعلامة الهيتمي.(5/118)
[282- باب ما مازح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قال إلّا حقّا]
282- باب ما مازح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قال إلّا حقّا 2058- حدثنا أبو محمد: عبد الله بن محمد بن علي بن زياد قوله: «وما قال إلّا حقّا» :
يشير المصنف رحمه الله بهذه الترجمة إلى ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 340، 360] ، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في المزاح، رقم 1990، وفي الشمائل برقم 229، ومن طريقه البغوي في شرح السنة [13/ 179] برقم 3602، والبخاري في الأدب المفرد برقم 265، وابن عساكر في تاريخه [4/ 35 مرتين، 36 مرتين] ، جميعهم من طرق عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قلنا يا رسول الله إنك تداعبنا، فقال: إني وإن داعبتكم فإني لا أقول إلّا حقّا.
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [12/ 391] رقم 13443، وفي الأوسط [7/ 391] رقم 6760، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 88- 89] من حديث عبيد بن عمير قال: كنت عند عائشة رضي الله عنها ونحن نذكر حمى المدينة وانتقالها إلى مهيعة ونضحك، ثم صرنا إلى حديث بريدة ومسكنها إذا افتتح علينا عبد الله بن عمر فلما رأيناه أكثرنا وقال: دعنا من باطلكما، قالت عائشة: سبحان الله، ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأمزح ولا أقول إلّا حقّا، لفظ أبي الشيخ، اختصره الطبراني وزاد في آخره، جواب ابن عمر: نعم.
وأخرج الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 530] رقم 999، وفي [8/ 158- 159] رقم 7318، وفي الصغير [2/ 59] رقم 779 من حديث بكر بن-(5/119)
الدّقّاق العدل رحمه الله، قال: أخبرنا أبو إسحاق: إبراهيم بن إسحاق الأنماطي، قال: حدثنا لوين: محمد بن سليمان المصيصي، قال: - عبد الله المزني، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأمزح ولا أقول إلّا حقّا، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 89] .
وأخرج ابن الأعرابي في معجمه [3/ 1027] رقم 2202، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [4/ 43- 44] من حديث حماد بن سلمة، عن ابن جعفر الخطمي أن رجلا كان يكنى أبا عمرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أم عمرة، فضرب الرجل يده إلى مذاكيره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مه! قال: والله ما ظننت إلّا أني امرأة لما قلت لي: يا أم عمرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنا بشر مثلكم أمازحكم، مرسل، ورجاله ثقات، وتصحفت كلمة أمازحكم في المطبوع من المعجم إلى: أمان حكم! هكذا ضبطها المحقق.
قوله: «الدقاق العدل» :
لم أقف على ترجمة له فيما لديّ من المصادر.
قوله: «إبراهيم بن إسحاق الأنماطي» :
الإمام الحافظ المحقق: أبو إسحاق النيسابوري، صاحب التفسير الكبير، كان من علماء الأثر ممن أثنى عليه المشايخ والأقران، توفي سنة ثلاث وثلاثمائة. انظر:
سير أعلام النبلاء [14/ 193] ، تذكرة الحفاظ [2/ 701] ، طبقات المفسرين للداودي [1/ 7] ، العبر [2/ 125] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 303- ص 111] ، طبقات الحفاظ [/ 304] ، الشذرات [2/ 424] .
قوله: «حدثنا لوين» :
بضم اللام وفتح الواو، وتصغير لون، لقب، وكنيته: أبو جعفر الكوفي العلاف، الإمام الحافظ الثقة، وأحد علماء الحديث، كان صاحب رحلة، وله حلقة في علم الفرائض، انتهت إليه مشيخة الثغر في وقته، وثقه الجمهور، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وهو من رجال أبي داود والنسائي. -(5/120)
حدثنا شريك، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك قال: كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الأذنين.
- سير أعلام النبلاء [11/ 500] ، تاريخ بغداد [5/ 292] ، الوافي بالوفيات [3/ 123] ، تهذيب الكمال [25/ 297] ، تهذيب التهذيب [9/ 176] ، الكاشف [3/ 43] ، التقريب [/ 481] الترجمة 5925، طبقات المحدثين بأصبهان [2/ 147] .
قوله: «ثنا شريك» :
هو ابن عبد الله النخعي، القاضي، من أهل العلم، كان حافظا، ثم قل ضبطه وإتقانه بعد القضاء، وساء حفظه، فصار غيره مقدم عليه سيما إذا خالف، علق له البخاري، وأخرج له مسلم في المتابعات، واحتج به أصحاب السنن.
سير أعلام النبلاء [8/ 178] ، إكمال مغلطاي [6/ 245] ، تذكرة الحفاظ [1/ 232] ، تهذيب التهذيب [12/ 462] ، الكامل لابن عدي [4/ 1321] ، تاريخ بغداد [9/ 279] ، تهذيب التهذيب [4/ 293] ، الكاشف [2/ 9] ، التقريب [/ 266] الترجمة رقم 2787، الميزان [2/ 460] ، ثقات ابن حبان [6/ 444] ، طبقات ابن سعد [6/ 370، 379] .
قوله: «عن عاصم الأحول» :
هو عاصم بن سليمان الأحول، الإمام التابعي الثقة: أبو عبد الرحمن البصري، أحد رجال الستة الثقات.
تهذيب الكمال [13/ 485] ، سير أعلام النبلاء [6/ 13] ، تذكرة الحفاظ [1/ 149] ، طبقات ابن سعد [7/ 256، 319] ، إكمال مغلطاي [7/ 103] ، تهذيب التهذيب [5/ 38] ، الكاشف [2/ 44] ، التقريب [/ 285] الترجمة رقم 3060.
قوله: «كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الأذنين» :
إسناده حسن من أجل شريك بن عبد الله، أخرجه من طرق عنه: -(5/121)
2059- روى أنس بن مالك قال: كان لأبي طلحة ابن من أم سليم يقال له: أبو عمير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه إذا دخل، وكان له نغير- وهو العصفور- فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دارهم فرأى أبا عمير حزينا فقال:
ما شأن أبي عمير؟ قيل: يا رسول الله مات نغيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أبا عمير ما فعل النغير.
وقيل: إن فيه من الفوائد:
الأول: حبه صلى الله عليه وسلم الأنصار.
- الإمام أحمد في المسند [3/ 127، 127، 260] ، وأبو داود في الأدب برقم 3828، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [10/ 248] .
وأخرجه الترمذي في البر والصلة برقم 1992- وقال: صحيح غريب-، وفي المناقب برقم 3828، - وقال: حسن غريب صحيح-، وفي الشمائل برقم 227، ومن طريق الترمذي: البغوي في شرح السنة [13/ 182] رقم 3606.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [1/ 211] رقم 663، وابن السني في اليوم والليلة برقم 420، وابن عساكر في تاريخه [4/ 41، 42 ثلاث مرات، 23/ 295- وتصحف شريك هنا إلى: السري] .
تابعه الصلت بن الحجاج- وهو منكر الحديث- عن عاصم، أخرجه ابن عساكر [64/ 267] .
(2059) - قوله: «روى أنس بن مالك» :
حديثه في الصحيحين.
قوله: «وقيل: إن فيه من الفوائد» :
أفرده بالتصنيف الإمام الفقيه: أبو العباس أحمد الطبري الشافعي، المعروف بابن القاص، والمتوفى سنة 335 هـ[طبع مؤخرا بتحقيق صابر البطاوي] . -(5/122)
الثاني: اختصاص أم سليم بالدخول عليها، والانبساط معها.
الثالث: حسن خلقه صلى الله عليه وسلم للقاصي والداني.
الرابع: إباحة الممازحة مع الصبيان.
الخامس: جواز تصغير الاسم كحميد، ونجيد.
السادس: جواز أن يكنى الرجل قبل أن يولد له.
السابع: جواز تصغير اسم الحيوان إذا كان صغير الجسم.
الثامن: جواز إضافة الفعل إليه لأنه صلى الله عليه وسلم قال: ما فعل النغير.
التاسع: تحليل الصيد من الحل.
العاشر: جواز إمساك الصيد في الحرم إذا كانت الإصابة في الحل، لأن المدينة حرم من وجه الخبر، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: حرمت ما بين لا بتيها، ولا يزول الملك، أو قيل: إن من اصطاد بالمدينة سلبه لمن رآه في حال الصيد، روي في ذلك مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال الحافظ في الفتح: وقد سبق إلى التنبيه على فوائد قصة أبي عمير بخصوصها من القدماء: أبو حاتم الرازي أحد أئمة الحديث وشيوخ أصحاب السنن، ثم تلاه الترمذي في الشمائل، ثم تلاه الخطابي قال:
وجميع ما ذكروه يقرب من عشرة فوائد فقط، وقد ساق شيخنا في شرح الترمذي ما ذكره ابن القاص بتمامه. اه. ثم لخص الحافظ ما ذكره ابن القاص مستوفيا مقاصده.
قوله: «روي ذلك مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم» :
تقدم في فضائل المدينة، فليراجع هناك.(5/123)
الحادي عشر: من السنة أن تسأل عن الحزين ما أصابه إذا رؤي الأثر فيه، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: ما شأنه؟
الثاني عشر: جواز إمساك الطير من غير أرب، لا لفرخ ولا لبيض.
2060- ومنها: أن امرأة من عماته قالت: يا رسول الله، سل الله أن يدخلني الجنة، قال: إن الجنة لا يدخلها العجز، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها حزينة قال: جعلهن الله أبكارا.
قوله: «من السنة أن تسأل عن الحزين» :
قال ابن القاص: في قوله صلى الله عليه وسلم: ما بال أبي عمير؟ دليل على أن من السنة إذا رأيت أخاك أن تسأل عن حاله.
(2060) - قوله: «أن امرأة من عماته» :
قال ابن بشكوال في الغوامض [13/ 854] : العجوز المذكورة في هذا الحديث هي عمة النبي صلى الله عليه وسلم: صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها، قاله لنا الوزير الضابط: أبو عبد الله جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب رحمه الله من قراءتي عليه لغريب الحديث لابن قتيبة، وقال لي: قال لي أبو مروان: سراج: زعم بعض الناس أن هذه العجوز هي عمته صفية بنت عبد المطلب. اه.
قلت: وللحديث طرق منها:
1- حديث الحسن البصري- مرسل، أخرجه الترمذي في الشمائل: حدثنا عبد بن حميد، ثنا مصعب بن المقدام، ثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: أتت عجوز النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، قال: فولت تبكي، فقال صلى الله عليه وسلم: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول:
إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (35) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (36) عُرُباً أَتْراباً. -(5/124)
.........
- قال الحافظ ابن حجر في تخريج الكشاف: مرسل ضعيف، وبهذا السند أخرجه الثعلبي.
قلت: تابعه آدم، عن المبارك، أخرجه البيهقي في البعث والنشور برقم 382.
وتابع المبارك: جرير بن حازم، أخرجه ابن بشكوال في الغوامض [13/ 854] الترجمة 311.
2- حديث عائشة، أخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 254- 255] رقم 5541: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا أحمد بن طارق الوالبي- في المطبوع: الوابشي- ثنا مسعدة بن اليسع، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أتته عجوز من الأنصار فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن الجنة لا يدخلها عجوز، فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم رجع إلى عائشة، فقالت عائشة: لقد لقيت من كلمتك مشقة وشدة، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن ذلك كذلك، إن الله إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا.
مسعدة بن اليسع ضعيف، وقد خالفه خارجة بن مصعب فقال: عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، أخرجه ابن الجوزي في الوفاء كما في تخريج الكشاف للحافظ ابن حجر [3/ 407] .
* ورواه ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عنها، أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 90] ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور [8/ 15] :
للبيهقي في الشعب.
وأما ابن حجر فعزاه للبيهقي في البعث والنشور، ولم أجد فيه إلّا الطريق المتقدم ذكره، والله أعلم.(5/125)
2061- ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ذو اليدين، وذو الشمالين.
(2061) - قوله: «ذو اليدين، وذو الشمالين» :
يعني في حديث السهو المخرج في الصحيحين حين قال صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين؟ وقد اختلف أهل العلم في ذي اليدين هل هو: ذو الشمالين، واسمه: الخرباق المذكور في حديث عمران بن حصين أم هما اثنان؟ ليس هذا محل بسطه لكن نشير بإيجاز إلى شيء من ذلك وصولا لترجمتهما فقط.
قال الحافظ العلائي في نظم الفرائد: جمهور العلماء على أن ذا اليدين المذكور في حديث السهو من رواية أبي هريرة غير ذي الشمالين، قال:
وهذا هو الصحيح الراجح إن شاء الله، ثم ساق ما احتج به القائلون بهذا فأطال وأجاد إلى أن قال: ثم لا خلاف بين أهل السير أن ذا الشمالين استشهد يوم بدر سنة اثنتين صلى الله عليه وسلم، كذلك قال ابن المسيب، وعروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق وغيرهم.
قال ابن إسحاق: ذو الشمالين: هو عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن عمرو بن غبشان بن سليم بن مالك بن قصي بن خزاعة حليف بني زهرة.
قال أبو بكر الأثرم: سمعت مسدد بن مسرهد يقول: الذي قتل يوم بدر هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة، وذو اليدين رجل من العرب، كان يكون بالبادية فيجيء فيصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: قول مسدد هذا هو قول أئمة الحديث والسير وأهل الحذق والفهم من أهل الحديث والفقه.
قال العلائي: وقد ثبت أيضا عن أبي هريرة من طرق في هذا الحديث قوله:
فقام رجل من بني سليم يقال له: ذو اليدين وذو الشمالين خزاعي، كما قال ابن إسحاق. اه.
قال الإمام النووي رحمه الله: قوله في الحديث: ذو اليدين، وفي رواية:
رجل بسيط اليدين، وفي رواية: رجل له يقال له: الخرباق، وكان في يديه طول، هذا كله رجل واحد اسمه الخرباق. -(5/126)
2062- ومنها: أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:
يا رسول الله احملني على جمل، قال: أحملك على ولد ناقة، قالت:
يا رسول الله لا يطيقني، فقال صلى الله عليه وسلم: لا أحملك إلّا على ولد ناقة، فقالت: يا رسول الله إنه لا يطيقني، فقال لها الناس: وهل الجمل إلّا ولد الناقة.
- واختار القاضي عياض وابن الأثير وتبعهما النووي- كما تقدم- ثم ابن حجر أنهما واحد، والله أعلم.
وقد تبع الحافظ أبو حفص الموصلي المصنف فذكر الحديث معلقا في كتابه الوسيلة، باب تباسطه مع أصحابه صلى الله عليه وسلم بالمداعبة [5/ ق- 2/ 86] .
(2062) - قوله: «أن امرأة جاءت» :
هي أم أيمن فيما رواه ابن سعد في الطبقات [8/ 224] قال: أخبرنا الفضل بن دكين، ثنا أبو معشر، عن محمد بن قيس قال: جاءت أم أيمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: احملني، قال: أحملك على ولد الناقة، فقالت:
يا رسول الله إنه لا يطيقني ولا أريده، فقال: لا أحملك إلّا على ولد الناقة- يعني أنه كان يمازحها- قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلّا حقا، والإبل كلها ولد النوق.
قلت: غريب من هذا الوجه، أبو معشر ضعيف، وفي الحديث انقطاع، والمشهور في هذا ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 360] ، وأبو داود في الأدب، باب ما جاء في المزاح، رقم 4998، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في المزاح، رقم 1991- وقال: حسن غريب- وفي الشمائل برقم 230، ومن طريقه البغوي في شرح السنة [13/ 181- 182] رقم 3605، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 89- 90] ، وابن عساكر في تاريخه [3/ 40- 41، 41] ، جميعهم من حديث حميد، عن أنس أن رجلا استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... القصة.(5/127)
2063- وجاءت امرأة أخرى فقالت: يا رسول الله إن زوجي مريض وهو يدعوك، فقال صلى الله عليه وسلم: لعل زوجك الذي في عينيه بياض، فرجعت المرأة وفتحت عين زوجها لتنظر إليها فقال: ما لك؟ قالت:
أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في عين زوجي بياض، فقال: ويحك! فهل أحد إلّا وفي عينيه بياض، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2064- روي أن عائشة رضي الله عنها قالت: سابقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقني ثم ضرب بين كتفي.
(2063) - قوله: «وجاءت امرأة أخرى» :
ذكر أبو حفص في الوسيلة [5/ ق- 2/ 87] أنه يقال لها أم أيمن، أخرجه من رواية زيد بن أسلم مرسلا، ومن هذا الوجه أسنده الزبير بن بكار في كتابه الفاكه كما في سبل الهدى [7/ 114] .
(2064) - قوله: «فسبقني» :
اختصر المصنف لفظ الرواية وأولها: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزل منزلا فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقته، ثم خرجت معه بعد ذلك في سفر وقد جمعت اللحم، فنزلنا منزلا فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقني، فضرب بين كتفي وقال: هذه بتلك.
هذا لفظ الطبراني في معجمه الكبير [23/ 47] رقم 124، وقد أخرجه أيضا من طرق بألفاظ: الإمام أحمد في المسند [6/ 39، 129، 182، 261، 264، 280] ، والحميدي في مسنده برقم 261، وأبو داود في الجهاد، باب في السبق على الرجل، رقم 2578، وابن ماجه في النكاح، باب حسن معاشرة النساء، رقم 1979، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 17- 18] ، والطبراني في معجمه الكبير [23/ 46- 47] رقم 123، 125، والطحاوي-(5/128)
2065- وروي أنه صلى الله عليه وسلم سابق أبا هريرة، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لأبي هريرة: أبا هر.
2066- وروي عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت مع أصحابه صلى الله عليه وسلم في سفر فثقل عليهم متاعهم فقال لي: ابسط كساك، فبسطت، فوضع أمتعتهم في كسائي ثم قال: أنت سفينة فاحملها، فحملتها، وكان من ذلك اليوم لو حمل عليّ وقران وثلاثة وأربعة وخمسة وستة وسبعة ما ثقل عليّ.
2067- ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم مال للحسن أو الحسين فوضع رجله على رجليه، وأخذ بيده:
حزقّه حزقه ... ترقّ عين بقّه
اللهمّ إني أحبه فأحبه
- في المشكل [2/ 361] ، وصحح أحد طرقه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 4691.
(2065) - قوله: أبا هر» :
أخرج البخاري في الاستئذان، باب إذا دعي الرجل فجاء، هل يستأذن؟
من حديث مجاهد، عن أبي هريرة قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح، فقال: أبا هر، الحق أهل الصفة فادعهم إليّ.
(2066) - قوله: «وروي عن سفينة» :
تقدم حديثه في أبواب المعجزات.
(2067) - قوله: «أنه مال للحسن أو الحسين» :
الشك من أبي هريرة، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 42- 43] رقم 2653، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 35] ، ومن طريق أبي نعيم: الخطيب البغدادي، ومن طريق الخطيب: ابن عساكر-(5/129)
.........
- في تاريخه [13/ 194] بإسناد قوي فقال: أخبرنا عبدان بن محمد المروزي، أنا قتيبة بن سعيد، أنا حاتم بن إسماعيل، عن معاوية بن أبي مزرد، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: سمعت أذناي هاتان وأبصرت عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بكفيه جميعا- يعني حسنا أو حسينا- وقدماه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول:
حزقّة حزقّة ... ترقّ عين بقّة
قال: فيرقى الغلام حتى يضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له:
افتح فاك، ثم قبّله، ثم قال:
اللهمّ أحبّه ... فإني أحبّه
رجاله جميعا ثقات، قتيبة بن سعيد ومن فوقه على شرط الشيخين غير أبي مزرد أخي أبي الحباب سعيد بن يسار، لم يرو عنه غير ابنه معاوية، أخرج له البخاري في الأدب المفرد.
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 176] : أبو مزرد لم أجد من وثقه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
تابعه جعفر بن عون، عن معاوية، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 101] رقم 12241، والرامهرمزي في الأمثال [/ 132] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 421، وابن عساكر في تاريخه [13/ 194] وقال: قال لنا أبو نعيم: الحزقة: المتقارب الخطا، والقصير الذي يقرب خطاه، وعين بقة أشار إلى البقة، ولا شيء أصغر من عينها لصغرها، وقيل: أراد النبي صلى الله عليه وسلم بالبقة فاطمة فقال له: ترق يا قرة عين بقة.
وقال ابن الأثير في النهاية [1/ 378] : ذكر هذا على سبيل المداعبة والتأنيس له، قال: وحزقة: مرفوع على خبر مبتدأ محذوف تقديره: أنت-(5/130)
2068- وروي أن زاهرا كان في السوق إذ أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء ظهره، فوضع يديه على عينيه- وما كان يعرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم- حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يشتري العبد؟ فجعل يمسح ظهره برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: إذا تجدني كاسدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكنك عند ربك لست بكاسد.
- حزقة، وحزقة الثاني كذلك، أو أنه خبر مكرر، ومن لم ينون حزقة أراد:
يا حزقة فحذف حرف النداء وهو من الشذوذ، كقولهم: أطرق كرا، لأن حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو المضاف.
قلت: وأصله في الصحيحين، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن علي على عاتقه يقول: اللهمّ إني أحبه فأحبه، لفظ البخاري.
(2068) - قوله: «وروي أن زاهرا» :
هو زاهر بن حرام الأشجعي، من أهل البادية، كان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم الهدية والطرفة، وكان دميم الخلقة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه.
قوله: «لست بكاسد» :
وفي رواية: بل أنت عند الله غال، وفي أخرى: ولكنك عند الله ربيح، رواه معمر، عن ثابت، عن أنس، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 19688، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 161] ، والترمذي في الشمائل برقم 231، وأبو يعلى في مسنده [6/ 173- 174] رقم 3456، والبزار في مسنده [3/ 272 كشف الأستار] رقم 2735، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 169، 10/ 248] ، والبغوي في شرح السنة [3/ 181] رقم 3604، وابن الأثير في الأسد [2/ 245- 246] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 5790، وقال ابن كثير في جزء الشمائل من التاريخ: هذا إسناد رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين، ولم يروه-(5/131)
2069- وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: إني أعرف إذا كنت راضية عني وإذا كنت غضبى، قالت: فسألته عن ذلك؟
فقال: إذا كنت راضية قلت: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى تقولي:
لا وربّ إبراهيم، قالت: يا رسول الله لا أهجر إلّا اسمك.
2070- وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان يمازح بلالا، فرآه يوما وقد خرج بطنه فقال: أم حبين- شبّهه بها-.
- إلّا الترمذي في الشمائل، ورواه ابن حبان في صحيحه.
* خالفه حماد بن سلمة، عن ثابت، فقال عنه، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، مرسلا، علقه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1230] رقم 3084، قال الحافظ في الإصابة: حماد أقوى من معمر في ثابت.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [5/ 315- 316] رقم 5310 ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة [3/ 1230] رقم 3084، وابن الأثير في الأسد [2/ 246] ، والبزار في مسنده [3/ 271- 272 كشف الأستار] رقم 2734، قال في مجمع الزوائد [9/ 369] ، رجاله موثقون.
(2069) - قوله: «لا أهجر إلّا اسمك» :
أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في النكاح، باب غيرة النساء ووجدهن، رقم 5228، وفي الأدب، باب ما يجوز من الهجران لمن عصى، رقم 6078، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب في فضل عائشة، رقم 2439.
(2070) - قوله: «فقال: أم حبين» :
هي دويبة كالحرباء، والحبن: نتوء البطن واندحاقه لمرض، والأحبن:
الذي به داء السقي، قال رؤبة:
فبات ذو الداء انتفاخ الكودن ... يحكي من الغيظ زفير الأحبن
يقال: إنما سميت أم حبين لا نتفاخ بطنها، قال الحربي في الغريب: حدثنا هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن أبا عشانة-(5/132)
2071- ومنها: أنه رأى حسينا مع صبية في السّكة، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم، فطفق الحسين يفرّ هاهنا وهاهنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه، فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى فوق رأسه، ثم أخذ قفاه فقبله.
- حدثه سمع عقبة بن عامر قال: أتموا صلاتكم ولا تصلوا صلاة أم حبين- موقوف. ثم روى عن الأصمعي قوله: الحبن: وجع البطن، ورم يكون فيه.
أما الحديث فلم أقف عليه مسندا لكن أورده ابن الأثير في النهاية [1/ 335] وقال: تشبيها له بها، وهذا من مزحه صلى الله عليه وسلم. اه.
وانظر: الغريب لأبي إسحاق الحربي [2/ 400- 402] ، غريب الخطابي [1/ 153- 154] .
(2071) - قوله: «ثم أخذ قفاه فقبله» :
وتمامه: فقال صلى الله عليه وسلم: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 172] ، وفي الفضائل برقم 1361، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 102- 103] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3775، وابن ماجه في المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 144، والفسوي في المعرفة والتاريخ [1/ 308- 309] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 20- 21] رقم 2586، 2587، 2589 [22/ 273- 274، 275] الأرقام 701، 702، 703، والدولابي في الكنى [1/ 88] من حديث سعيد بن أبي راشد، وراشد بن سعد كلاهما عن يعلى بن مرة به، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2240، والحاكم في المستدرك [3/ 177] .(5/133)
[283- فصل: وممّا موزح به بين يديه صلى الله عليه وسلم فلم يمنعهم]
283- فصل:
وممّا موزح به بين يديه صلى الله عليه وسلم فلم يمنعهم 2072- فمن ذلك أن عائشة رضي الله عنها كانت تلعب فقال:
إيش الذي تعملين؟ قالت: خيل سليمان.
فلم ينكر عليها صلى الله عليه وسلم.
(2072) - قوله: «فلم ينكر عليها صلى الله عليه وسلم» :
أخرج أبو داود في الأدب، باب: في اللعب بالبنات، رقم 4932، والنسائي في العشرة من السنن الكبرى [5/ 306- 307] رقم 8950، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 219] ، جميعهم من طرق عن يحيى بن أيوب، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة وقد نصبت على باب حجرتي عباءة، وعلى عرض بيتها ستر إرميني، فدخل البيت، فلما رآه قال لي: يا عائشة ما لي وللدنيا! فهتك العرض حتى وقع على الأرض، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية عن بنات لعائشة لعب، فقال:
ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي، ورأى بين ظهرانيهن فرس له جناحان، قال: فرس له جناحان! قالت: أوما سمعت أن لسليمان خيلا له أجنحة! فضحك حتى رأيت نواجذه.
* خالفهم ابن وهب، رواه عن يحيى فقال: عنه، عن عمارة بن غزية، عن أبي النضر، عن عروة، عنها، أخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 5864.
وانظر تخريج الحديث الاتي برقم: 2085.(5/134)
2073- وكان صلى الله عليه وسلم يقول لها: يا حميراء لا تأكلي الطين.
2074- وعن أبي هريرة أنه قال: اشتكيت بطني، واشتد بي، فمر بي في المسجد- وكنت مطروحا- فقال: شبوذ اشكم درد؟ قال: قلت:
بلى يا رسول الله، قال: قم فصلّ، فإن في الصلاة شفاء.
(2073) - قوله: «يا حميراء لا تأكلي الطين» :
أخرجه معلقا تبعا للمصنف أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5/ ق- 2/ 85] ، وزاد: يمازحها بذلك.
وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [3/ 33] ، وأبو القاسم بن منده في جزء أكل الطين، كما في اللالي المصنوعة [2/ 249] بإسنادهما إلى يحيى بن هاشم- قال ابن معين: هو دجّال هذه الأمة، واتهمه ابن عدي بالوضع- قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به وزاد: فإنه يعظم البطن، ويصفر اللون، ويذهب ببهاء الوجه.
قال السيوطي في اللالي [2/ 249] متعقبا: قلت: أخرجه أبو بكر الطريثيثي في جزء أكل الطين من طريق عمر بن وهب العتكي، عن هشام بن عروة به، وقال ابن عساكر: أنا سليمان بن سلمة الخبائري، ثنا بقية، عن محمد بن سوار، عن أبي عمرو، عن عائشة مرفوعا، قال ابن عساكر:
هذا حديث منكر.
(2074) - قوله: «وعن أبي هريرة» :
أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [2/ 390] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 170] رقم 269، 270، وابن ماجه في الطب، باب الصلاة شفاء، رقم 3458، وأبو الحسن القطان في زياداته على سنن ابن ماجه، عقب رقم 3458، وابن جرير في تفسيره [1/ 260] ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم [/ 275، 276 مرتين] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل برقم 271، 275، والعقيلي في الضعفاء [2/ 48] ، ومن طريقه ابن الجوزي في-(5/135)
.........
- العلل برقم 272، وابن عدي في الكامل [3/ 985] جميعهم من حديث داود بن علبة- أحد الضعفاء- عن ليث، عن مجاهد، عن أبي هريرة به.
وتابعه على رفعه الصلت بن الحجاج- قال ابن عدي: في بعض حديثه ما ينكر عليه، بل عامته كذلك- أخرجه في الكامل [4/ 1400] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 171] رقم 273.
وخالفهم عن ليث جماعة فأوقفوه على أبي هريرة ولم يرفعوه، منهم:
1- عبد الرحمن بن محمد المحاربي، أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط [2/ 185] رقم 140: حدثنا ابن الأصبهاني، ثنا المحاربي، عن ليث، عن مجاهد قال: قال لي أبو هريرة: يا فارسي، اشكم درد، قال ابن الأصبهاني: رفعه داود وليس له أصل، أبو هريرة لم يكن فارسيا، إنما مجاهد فارسي.
ومن طريق البخاري أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 985] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 48] ، ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في العلل [1/ 172] رقم 275.
2- عبد السلام بن حرب، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 985] .
3- شريك بن عبد الله، أخرجه العقيلي في الضعفاء [2/ 48] وقال: الموقوف أولى، ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في العلل [1/ 173] رقم 275.
وفي الباب عن أبي الدرداء، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 254] : حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن ناجية الحراني بحرّان، ثنا سلم بن عبد الصمد، ثنا إبراهيم بن البراء بن النضر بن أنس بن مالك، ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي الدرداء قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم مضطجع على بطني فضربني برجله فقال: اشكمت درد- يعني:
تشتكي بطنك؟ - قلت: نعم، قال: قم فصل، فإن في الصلاة شفاء من كل داء. -(5/136)
2075- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأمزح، ولا أقول إلّا حقّا.
2076- وعن أنس قال: كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت اجتنيتها.
- قال ابن عدي: إبراهيم بن البراء حدث عن شعبة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد وغيرهم من الثقات بالبواطيل، وعامة أحاديثه غير محفوظة، وهو في جملة الضعفاء. اه.
ومن طريق ابن عدي أخرجه ابن الجوزي في العلل [1/ 171- 172] رقم 274.
قوله: «شبوذ اشكم درد» :
لم تتفق المصادر على ضبطها، فأثبتها كما في الأصل.
(2075) - قوله: «ولا أقول إلّا حقا» :
تقدم تخريجه في أول الباب.
(2076) - قوله: «ببقلة كنت اجتنيتها» :
يعني حمزة، قال الأزهري: البقلة التي جناها أنس كان في طعمها لذع فسميت حمزة، والحمزة: التي في طعمها حموضة، وقال في القاموس:
الحمزة: الأسد والبقلة.
والحديث يقال: تفرد به عن أنس: خيثمة بن أبي خيثمة، أبو نصر البصري، لينه ابن حجر في التقريب، ولم يتفرد به كما سترى.
أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 127، 161، 232، 260، مرتين] ، والترمذي في المناقب، باب مناقب أنس بن مالك، رقم 3830، وأبو يعلى في مسنده [7/ 110] رقم 4057، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [9/ 340] ، والطبراني في معجمه الكبير [1/ 210] رقم 656، وابن عساكر في تاريخه [4/ 340] من طريق جابر الجعفي، عن خيثمة أبي نصر، عن أنس به.
جابر الجعفي ضعيف الحديث، وخيثمة أبو نصر لينه الحافظ في التقريب، -(5/137)
2077- وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد علي بن أبي طالب رضوان الله عليه مضطجعا في المسجد وقد سقط رداءه عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول: اجلس أبا تراب.
2078- روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة: زر غبّا تزدد حبّا، وسببه: أن أبا هريرة تخلف يوما عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا أبا هريرة أين- لكنه توبع، تابعه عاصم الأحول، عن أنس، أخرجه ابن السني في اليوم والليلة برقم 406 من طريق سليمان بن سيف، ثنا فهد بن حبان، عن ابن المبارك، عن عاصم به وهذا إسناد قوي.
وقد أخرجه الإمام أحمد من حديث شعبة عن جابر الجعفي، عن حميد بن هلال، عن أنس.
فإذا تبين أن أبا نصر لم يتفرد به فلا يكون حينئذ علته، بل العلة فيه كونه من رواية الجعفي عنه، والجعفي ضعيف، وطريق ابن السني تقويه.
(2077) - قوله: «وعن سهل بن سعد الساعدي» :
أخرج حديثه الشيخان، فأخرجه البخاري في الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد، رقم 441، وفي فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب، رقم 3707، وفي الأدب، باب التكني بأبي تراب ومن كانت له كنية أخرى، رقم 6204، وفي الاستئذان، باب القائلة في المسجد، رقم 6280، وأخرجه مسلم في الفضائل، باب من فضائل علي بن أبي طالب، رقم 2409.
(2078) - قوله: «زر غبا تزدد حبا» :
روى هذا الحديث عن أبي هريرة- أعني: إن صح الإسناد إليهم-: عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وابن سيرين، وإسماعيل بن وردان. -(5/138)
كنت؟ قال: كنت عند أختي لتغسل ثوبي، ثم تخلف يوما آخر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة زر غبّا تزدد حبّا، أي: أقم عندنا، فإنك عزيز عندنا، وزر أقرباءك غبّا.
- وأما حديث عطاء، عن أبي هريرة، فرواه جماعة منهم:
(أ) طلحة بن عمرو- وهو ضعيف شبه المتروك، بل قال الحافظ في التقريب: متروك- أخرج حديثه: أبو داود الطيالسي في مسنده برقم 2535، والبزار في مسنده [2/ 390 كشف الأستار] رقم 1922، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 298] رقم 5637، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 862 بغية الباحث] رقم 920، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [3/ 322] وفي أخبار أصبهان [2/ 185] ، وابن الأعرابي في معجمه [2/ 752] رقم 1526، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 629، 630، 631، وابن أبي الدنيا في الإخوان برقم 104، وابن عدي في الكامل [4/ 1427] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 15، والبيهقي في الشعب [6/ 328] رقم 8371، والعقيلي في الضعفاء [2/ 224- 225، 4/ 192] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية [2/ 253] رقم 1235، وأبو إسحاق الحربي في غريبه [2/ 609] ، وابن حبان في الثقات [9/ 172] .
وقد ذكر الحافظ البيهقي أن طريقة طلحة هذه أمثل الطرق لهذا الحديث، فقال في الشعب: طلحة بن عمرو غير قوي، وقد روي هذا الحديث بأسانيد هذا أمثلها، قال: وقد روي في بعض هذه الأسانيد أنه قال له:
أين كنت أمس يا أبا هريرة؟ قال: زرت ناسا من أهلي، فقال: فذكره، ثم أسنده من حديث:
(ب) يحيى بن أبي سليمان متابعا طلحة بن عمرو عن عطاء [6/ 328] رقم 8372، ومن هذا الوجه أخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2686] ، والخطيب في الموضح [2/ 10] ، وفي تاريخه أيضا [14/ 108] . -(5/139)
.........
- ورواه عن عطاء أيضا:
(ج) ابن جريج- عبد الملك بن عبد العزيز- أخرج حديثه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 341] من طريق بقية، عن عبد الله بن سالم، عنه، ثم روى عن أبيه قوله: هذا منكر، إنما يرويه طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اه.
يعني: يحتمل أن يكون بقية دلسه، إذ هو معروف بتدليس التسوية، لكنه توبع، فأخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 298] رقم 5637، وابن حبان في الثقات [9/ 172] ، والعقيلي في الضعفاء من طريق منصور بن إسماعيل الحراني، عن ابن جريج، إسناده جيد، والضعف فيه غير بيّن فقد قال ابن حبان في منصور: يغرب، وقال العقيلي: لا يتابع عليه.
ورواه عن عطاء أيضا:
(د) عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، أخرجه الطبراني في الأوسط [2/ 449] رقم 1775، من طريق الوليد بن مسلم- وهو مشهور بتدليس التسوية- وابن حبان في المجروحين [2/ 302- 303] ، والخطيب في تاريخه [6/ 57] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 254] رقم 1236 من طريق محمد بن خليد، عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي.
قال أبو زرعة في محمد بن خليد: حدّث بأباطيل، وقال ابن حبان: هذا حديث عيسى بن يونس، عن طلحة، جعل مكانه الأوزاعي، يقلب الأخبار ويسند الموقوف، لا يجوز الاحتجاج بخبره، وضعفه الدارقطني.
ورواه أيضا عن عطاء:
(هـ) محمد بن عبد الملك الأنصاري- كذبه الإمام أحمد- أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2169] .
(و) أبو حنيفة النعمان، أخرجه الخوارزمي في جامع المسانيد [1/ 97] من طريق أبي بكر أحمد بن محمد بن الحسن الدينوري، عن محمد بن عبد العزيز الدينوري، عن محمد بن العباس بن الفضل الأنصاري، -(5/140)
.........
- عن محمد بن الحسن الشيباني، عنه به.
(ز) عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي- وهو متروك- أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [5/ 1810] لكن في ترجمة عثمان بن عبد الرحمن الجمحي، وقد عدّ الذهبي في الميزان هذا في أوهام ابن عدي وقال: إنما هو الوقاصي لا الجمحي، ومن هذا الوجه أيضا أخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 16.
وأما حديث الحسن البصري، عن أبي هريرة:
فأخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1138] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 217] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 138] من طريق سليمان بن كران- اختلف فيه، فقال البزار: ليس به بأس، وزعم العقيلي أن الغالب على حديثه الوهم-.
وأما حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة:
فأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 115] من طريق عبد الرحمن بن محمد بن الجارود، أنا هلال بن العلاء، أنا معمر بن مخلد السروجي، أنا عبدة، عن محمد بن عمرو، وأخرجه العسكري في الأمثال- كما في المقاصد [/ 233]- من طريق ابن علاثة: محمد بن عبد الله، عن الأوزاعي، عن يحيى، كلاهما عن أبي سلمة به، في طريق أبي نعيم من لا يعرف حاله، وفي طريق العسكري ابن علاثة اختلف فيه، والأكثر على تضعيفه.
وأما حديث ابن سيرين، عن أبي هريرة:
فعزاه في المقاصد [/ 233] للخلعي في فوائده من حديث الحكم بن سفيان- وهو ضعيف- عن يحيى بن عتيق، عنه به.
وأما حديث إسماعيل بن وردان- ولم أر من ذكره في الأسماء- عن أبي هريرة:
فأخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1077] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 254] رقم 1237، من حديث عبد الملك الذماري- لينه الحافظ في التقريب- عن زهير بن محمد- وهو ضعيف فيما رواه عنه الشاميون--(5/141)
.........
- عنه به.
قال أبو عاصم: وفي الباب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وعن أبي ذر، وعبد الله بن عمرو، وحبيب بن مسلمة، ومعاوية بن حيدة، وجابر بن عبد الله، وابن عمر، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، بأسانيد لا تخلو من كلام:
1- أما حديث عائشة رضي الله عنها:
وإنما ابتدأت به لقول الحافظ في الفتح: إنه أقوى طرقه، فأخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور، والحافظ أبو محمد بن السقاء في فوائده- كما في الفتح-[13/ 111] ، والخطيب في تاريخه [10/ 182] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 255] رقم 1240، جميعهم من طريق أبي عقيل: يحيى بن حبيب بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي ثابت، عن جعفر بن عون، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به.
يحيى بن حبيب، قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي وهو صدوق، ومن فوقه على شرط الصحيحين، لكن قال الحافظ: اختلف عليه في رفعه ووقفه.
2- وأما حديث أبي ذر:
فأخرجه البزار في مسنده [2/ 390 كشف الأستار] رقم 1923، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 19، وتمام في فوائده برقم 227، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 632، وابن عدي في الكامل [3/ 1144، 5/ 2019] ، والعقيلي في الضعفاء [3/ 424] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 252] برقم 1232، وابن عساكر في تاريخه [27/ 44] ، جميعهم من حديث عوبد بن أبي عمران الجوني- وهو منكر الحديث، ضعيف- عن أبيه، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر زر غبا تزدد حبا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 175] : عوبد بن أبي عمران متروك. -(5/142)
.........
- 3- وأما حديث عبد الله بن عمرو:
فأخرجه الخطيب في تاريخه [9/ 300] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 253] رقم 1233 من طريق أحمد بن عيسى: أنا ضمام بن إسماعيل، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو قال: كنا نسمع في الجاهلية الجهلاء:
زر غبا تزدد حبا، حتى سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أحمد بن عيسى هذا كذّبه ابن معين- يقال: بغير حجة-، وقال النسائي:
ليس به بأس، وقال الخطيب: ما رأيت لمن تكلم فيه حجة توجب ترك الاحتجاج بحديثه، وقال الحافظ ابن حجر في تهذيبه: لم يتهم بالوضع، وليس في حديثه شيء من المناكير.
قلت: وإذا كان الأمر كذلك فطريقه جيدة إن شاء الله، سيما وقد توبع بإسناد فيه نظر، تابعه سويد بن سعيد- قال الحافظ في التقريب: صدوق في نفسه، إلّا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش ابن معين القول فيه- أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [4/ 1424] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 18، وابن أبي الدنيا في الإخوان عقب حديث رقم 104.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 175] : إسناده جيد.
وتابعه أيضا: محمد بن عمرو بن عثمان الجعفي، أخرجه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 229] ، وتمام في فوائده برقم 228.
قال ابن أبي حاتم، عن أبيه: ليس هذا الحديث بصحيح، إنما يرويه ضمام مبتر- كذا ولعله مبترا أو مبتورا-.
4- وأما حديث حبيب بن مسلمة:
فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 25- 26] 3535، وفي الأوسط [4/ 61] رقم 3076، وفي الصغير [1/ 187] رقم 296، وابن عدي في الكامل [3/ 1112] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 254] رقم 1239، وتمام في فوائده برقم 64، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه-(5/143)
.........
-[22/ 358] ، وأخرجه ابن عساكر أيضا من طرق [22/ 358] ، والحاكم في المستدرك [3/ 347] .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 175] : فيه محمد بن مخلد الرعيني، وهو ضعيف.
5- وأما حديث معاوية بن حيدة:
فأخرجه تمام في فوائده برقم 1093 من طريق شيخه محمد بن هارون الأنصاري- اتهم كما في اللسان [5/ 411]-.
6- وأما حديث جابر بن عبد الله الأنصاري:
فأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 143] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 17 من طريق العرزمي- وهو محمد بن عبيد الله، وهو ضعيف جدّا- عن أبي الزبير عنه به.
7- وأما حديث ابن عمر:
فأخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [1/ 95- 96] رقم 87- ولفظه:
زوروا غبا تزدادوا حبا- وابن عدي في الكامل [3/ 1005- 1006] ، وفي الإسناد روح بن صلاح اختلف فيه، وهو وسط إن شاء الله، لكن ابن لهيعة اختلط بعد احتراق كتبه، وفي قبول خبره شروط مفقودة في إسناد هذا الخبر لكنه صالح في الاعتبار والشواهد، لذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 175] : فيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات.
وله طريق أخرى، فأخرجه ابن عدي [2/ 448] من طريق بشر بن عبيد، عن يزيد بن عبد الله القرشي، عن عطاء، عن ابن عمر مرفوعا بلفظ:
زر غبّا تزدد حبا، وبشر بن عبيد قال عنه ابن عدي: منكر الحديث عن الأئمة، بيّن الضعف، وإنما يروي عن ضعيف مثله أو مجهول أو محتمل.(5/144)
.........
- 8- وأما حديث علي بن أبي طالب:
فأخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 14، وابن أبي الدنيا في الإخوان عقب حديث رقم 104 ص 165، وابن الجوزي في العلل [2/ 252] رقم 1231، وفي إسناده النعمان بن سعد مستور الحال، لم يرو عنه غير عبد الرحمن بن إسحاق- وهو ضعيف- فالإسناد لين.
تذييل: نذكر فيه بعض ما يتعلق بالحديث من الفوائد:
فمن ذلك: ما تبين من التخريج المتقدم أن بعض الأسانيد الضعف فيها غير بيّن، فإذا ما ضمت إلى غيرها يخرج بها عن دائرة الضعف إلى الحسن لغيره، وهو ما مال إليه جماعة من الحفاظ الذين اهتموا بجمع طرقه واعتنوا بتخريجها.
فقد ذكر الحافظ في الفتح أن ممن جمع طرقه من المتقدمين أبا نعيم الحافظ، قال: وقد جمعتها في جزء مفرد. اه. لم يسمه وسماه السخاوي في المقاصد- الإنارة بطرق غب الزيارة- وقال الحافظ المنذري في الترغيب: قد اعتنى غير واحد من الحفاظ بجمع طرقه والكلام عليها، ولم أقف له على طريق صحيح كما قال البزار، بل له أسانيد حسان عند الطبراني وغيره. اه.
ومن ذلك: عمل أهل العلم بذلك، وما تناقلوه بينهم بالشعر، أخرج ابن عساكر في تاريخه [39/ 368] من طريق البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو جعفر الموسائي- وهو محمد بن جعفر بن هارون- قال:
حدثني أبو الحسين: محمد بن السكن قال: حدثني أبي، حدثني دارم بن سليمان قال: قال أبي: كنت عند عدي بن حاتم الطائي فذكر قريشا وما رزقوا من الفصاحة والبيان فقال: أما الرسول فهو ينطق بالوحي، ولا ينطق بالهوى، وأما سائر قريش في الجاهلية والإسلام فإنهم فاقوا الناس، ولقد كنت عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إذ وردت عليه رقعة من عثمان بن عفان بخطه: -(5/145)
2079- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس، رواه أنس.
- تجنّى عليّ كي يقارضني ذنبا ... وأبدى عتابا فامتلأت له عتبى
فلو لي قلوب العالمين بأسرها ... لما تركت لي من معاتبة قلبا
معاتبه السلفين تحسن مرة ... فإن أكثر إدمانها أفسد الحبا
وقد قال في بعض الأقاويل قائل ... أراد به العتبى ولم يرد العتبا
إن شئت أن تقلى فزر متتابعا ... وإن شئت أن تزداد حبا فزر غبا
وفي الشعب للبيهقي [6/ 327] : أنشدنا يونس بن حبيب:
اغبب زيارتك الصديق ... يراك كالثوب استجده
إن الصديق يحله أن ... لا يزال يراك عنده
وروى أيضا عن علي بن الحسن بن العلاء الهلالي:
لا تكثرن من الزيارة إنها ... إذا كثرت كانت إلى الهجر مسلكا
ألم تر أن الغيث يسأم دائبا ... ويطلب بالأيدي إذا هو أمسكا
وقال ابن أبي الدنيا في الإخوان [/ 169] : حدثني محمد بن عمرو بن عيسى التميمي، عن الوليد بن هشام القحذمي أنشد له:
غببت عليّ فاستحققت وصلي ... فو ربك لما أحدثت عينا
فلمّا أن وهبتك محض ودّي ... جعلت زيارتك عليّ دينا
فإني لا أقيم على هوان ... وإن أمسى هواك عليّ دينا
وقد قال النبي وكان برّا ... إن زرت الصديق فزره غبا
فاقلل زور من تهواه تزدد ... إلى من زرته ودا وحبا
(2079) - قوله: «من أفكه الناس» :
زاد بعضهم: مع صبي، قال الزبيدي في الإتحاف: ووقع في بعض نسخ البزار بزيادة: مع نسائه، تفرد به ابن لهيعة مصرحا بالتحديث.
أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده- فيما ذكره الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 45]- والبزار في مسنده [3/ 158- 159 كشف الأستار] رقم-(5/146)
2080- وكان صلى الله عليه وسلم يداعب الرجل ليس إلّا ليسره، رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
2081- وعن الحسن قال: قلت لجعفر بن محمد: جعلت فداك هل كانت في النبي صلى الله عليه وسلم مداعبة؟ قال: لقد وصفه الله بخلق عظيم في المداعبة، إن الله بعث أنبياءه فكانت فيهم كدارة، وبعث محمّدا صلى الله عليه وسلم بالرأفة والرحمة، وكان من رأفته ورحمته مداعبته لهم، لكي لا يبلغ بأحد تعظيم حتى لا ينظر إليه، ثم قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده- 2474، والطبراني في المعجم الأوسط [7/ 189] رقم 6357، وفي المعجم الصغير [2/ 112] رقم 870، وابن عساكر في تاريخه [4/ 37] ، وابن السني في اليوم والليلة برقم 419، والبيهقي في الدلائل [1/ 331] .
قوله: «رواه أنس» :
وفي الباب عن حبيش بن جنادة، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [3/ 372] بإسناده إلى الحصين بن مخارق: أنا أبي، أنا جدي، عن جده، عن حبيش بن جنادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفكه الناس خلقا.
(2080) - قوله: «رواه علي بن أبي طالب» :
انظر الاتي بعده.
(2081) - قوله: «إذا كان مغموما بالمداعبة» :
شاهده الحديث المتقدم: أبا عمير ما فعل النغير، وأخرج الإمام أحمد في مسنده [4/ 190] ، والترمذي في المناقب، باب في بشاشة النبي صلى الله عليه وسلم رقم 3641 من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء قال: ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، زاد أبو حفص الموصلي في الوسيلة [2/ 5/ 88] وما رأيت أحدا أكثر مزاحا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ليسر أهل الصبي بمداعبته.(5/147)
علي بن أبي طالب قال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسر الرجل من أصحابه إذا كان مغموما بالمداعبة.
2082- وكان صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عزّ وجلّ يبغض المعبس في وجوه إخوانه.
2083- وعن امرأة من الأنصار يقال لها: أم نبيط قالت: أهدينا جارية لنا من بني النجار إلى زوجها، فكنت مع نسوة من بني النجار ومعي دف أضرب به وأنا أقول:
أتيناكم أتيناكم ... فحيّونا نحيّيكم
ما حللنا بواديكم ... لولا الذهب الأحمر
(2082) - قوله: «يبغض المعبس في وجوه إخوانه» :
أخرجه معلقا تبعا للمصنف: الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق- 2/ 81] ، وأخرجه مختصرا: الديلمي في مسند الفردوس [1/ 153] رقم 555، ضعفه السيوطي في الجامع الصغير، وقال المناوي في فيض القدير [2/ 285] : فيه هارون الهاشمي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال الدارقطني عن عيسى بن مهران: كذاب رافضي.
(2083) - قوله: «يقال لها أم نبيط» :
الأنصارية، مذكورة في الصحابة.
قوله: «ما سمنت عذاريكم» :
علقه الحافظ أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 81- 82] وأسنده ابن الأثير في الأسد [7/ 401- 402] ، وابن حجر في الإصابة [13/ 298- 299] ، كلاهما من طريق عتبة بن الزبير- من ولد كعب بن مالك: أخبرنا محمد بن عبد الخالق- من ولد النعمان بن بشير- ثنا عبد الرحمن بن نبيط، عن أبيه هو نبيط، عن جابر، عن جدته أم نبيط به، قال الحافظ ابن حجر: -(5/148)
قالت: فوقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا أم نبيط؟ قلت:
بأبي أنت وأمي يا رسول الله جارية منا من بني النجار نهديها إلى زوجها، قال عليه الصلاة والسلام: فتقولين ماذا؟ قالت: فأعدت عليه قولي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ولولا الحنطة السمرا ... ما سمنت عذاريكم
- هذا حديث غريب، أخرجه ابن منده وابن الأثير عن أبي البركات بن عساكر، عن محمد بن الخليل بن فارس، عن أبي القاسم بن أبي العلاء، فكأن شيخنا سمعه منه. اه.
قلت: وله شاهد عند البيهقي في السنن الكبرى [7/ 289] فأخرج من حديث الحسن بن سفيان: أنا أبو كامل الفضيل بن الحسين، أنا أبو عوانة، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت ذا قرابة لها من الأنصار، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أهديتم الفتاة؟
قالت: نعم، قال: فأرسلتم من تغني؟ قالت: لا، قال صلى الله عليه وسلم: إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو أرسلتم من يقول:
أتيناكم أتيناكم ... فحيّانا وحيّاكم
وأخرج أيضا من حديث ابن وهب قال: أنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد أن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: كان النساء إذا تزوجت المرأة أو الرجل خرج جواري من جواري الأنصار يغنين ويلعبن، قالت: فمروا في مجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن يغنين وهن يقلن:
أهدى لها زوجها أكبش ... يبحبحن في المربد
وزوجها في الناد ... يعلم ما في غد
وأن النبي صلى الله عليه وسلم قام إليهن فقال: سبحان الله لا يعلم ما في غد إلّا الله، لا تقولوا هكذا وقولوا:
أتيناكم أتيناكم ... فحيّانا وحيّاكم
قال البيهقي: هذا مرسل جيد.(5/149)
2084- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: عثر أسامة بن زيد بعتبة الباب فشج في وجهه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أميطي عنه، قالت:
فقذرته، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمصه ويمجّه ويقول:
لو كان أسامة جارية لحلّيناه، ثم لو كان أسامة جارية لكسوناه، لننفقه.
(2084) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» :
أخرج حديثها الإمام أحمد في المسند [6/ 139، 222] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 67] ، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [2/ 139] رقم 12356، وابن ماجه في النكاح، باب الشفاعة في التزويج، رقم 1976، وابن سعد في الطبقات [4/ 61- 62] ، وابن عساكر في تاريخه [8/ 66، 67 من ثلاث طرق] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 72- 73] رقم 4597، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 68] ، جميعهم من طرق عن شريك بن عبد الله، عن العباس بن ذريح، عن البهي، عن عائشة به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7056 من طريق أبي يعلى.
قال البوصيري في المصباح: هذا إسناد صحيح إن كان البهي سمع من عائشة، وقد سئل أحمد: هل سمع من عائشة؟ فقال: ما أدري، إنما يروي عن عروة، وقال العلائي في المراسيل: أخرج مسلم في صحيحه لعبد الله البهي عن عائشة، وكأن ذلك على قاعدته.
قلت: تابعه الشعبي، عن عائشة، أخرجه أبو يعلى في مسنده [7/ 435] رقم 24458، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 68] لكن في الإسناد إليه مجالد بن سعيد وهو ضعيف صالح في الشواهد.
ورواه وائل بن داود، عن عبد الله البهي قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدمها وهم خائفون على من شذ منهم أن يغتال، فأصاب وجه أسامة حجر فأدماه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: اغسلي عن وجه أسامة دماءه، وخرج-(5/150)
2085- وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: دخل عليّ أبي فقال لي: يا عائشة إذا دخل عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسرور فاسأليه أن يدعو الله لك ليغفر ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قالت: فدخل عليّ ذات يوم وأنا ألعب بلعب لي فقال: ما هذا يا عائشة؟ قلت: خيل سليمان بن داود عليه السلام فضحك، وطلب الباب فابتدرته واعتنقته، فقال: ما لك يا حميراء؟ قلت: بأبي وأمي يا رسول الله، ادع الله أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، قالت: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه حتى رأيت بياض إبطيه فقال: اللهمّ اغفر لعائشة بنت أبي بكر مغفرة ظاهرة وباطنة لا يغادر ذنبا ولا تكسب بعدها خطيئة ولا إثما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفرحت يا عائشة؟
- إلى الصلاة، فلما رجع لم يرها تفعل به كما تفعل المرأة بولدها فقال:
أدنيه، فألقم فمه الجرح الذي بوجه أسامة فجعل يمص الدم الذي بفيه ويمجّه، حتى إذا غسل عن أسامة دماءه نظر في وجهه فقال: لو كنت جارية ما أرادك أحد، ولو كنت لأعطيناك مالا وإبلا حتى يرغب فيك، مرسل.
وقال الواقدي: حدثني محمد بن خوط، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار قال: كان أسامة بن زيد قد أصابه الجدري أول ما قدم المدينة وهو غلام بمخاطه يسيل على فيه، فتقذرته عائشة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق يغسل وجهه ويقبله، فقالت عائشة: أما والله بعد هذا فلا أقصيه أبدا، أخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 68] .
وأخرج ابن سعد في الطبقات [4/ 62] من حديث يحيى بن عباد قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال: حدثنا أبو السفر قال: ... فذكر نحو حديث البهي، عن عائشة- وهذا أيضا مرسل.
(2085) - قوله: «اللهمّ اغفر لعائشة» :
أخرجه بنحوه البزار في مسنده [3/ 238 كشف الأستار] رقم 2658، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7111، وقال الهيثمي في-(5/151)
قلت: إي والذي بعثك بالحق، فقال: أما والذي بعثني بالحق ما خصصتك بها من بين أمتي، وإنها لصلاتي لأمتي في الليل والنهار فيمن مضى منهم ومن بقي ومن هو آت إلى يوم القيامة، وأنا أدعو لهم والملائكة يؤمّنون على دعائي.
- مجمع الزوائد [9/ 243- 244] : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة.
ولطرفه الأول طريق أخرى صحيحة، تقدم تخريجها قريبا برقم: 2072.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 132] رقم 12335، والحاكم في المستدرك [4/ 11] من حديث موسى الجهني، عن أبي بكر بن حفص، عن عائشة أنها جاءت هي وأبواها: أبو بكر وأم رومان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا:
إنا نحب أن تدعو لعائشة بدعوة ونحن نسمع ... فذكر نحوه، قال الذهبي في التلخيص: منكر على جودة إسناده.(5/152)
[284- باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال أو قال كلمة فصارت مثلا سائرا]
284- باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال أو قال كلمة فصارت مثلا سائرا وقال عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ الاية.
2086- حدثنا أبو عمرو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر رحمه الله، ثنا أبو بكر: أحمد بن داود السمناني، ثنا إسحاق بن سعيد بن أركون، ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس بن مالك، ...
(2086) - قوله: «السمناني» :
نسبة إلى سمنان من أعمال قومس- بين دامغان وخوار الري- كنيته: أبو بكر القومسي، أحد الأئمة الثقات، ذكره الخطيب في تاريخه، وروى بإسناده عن ابن سعيد قوله: صاحب حديث فهم، توفي سنة خمس وتسعين ومائتين.
تاريخ بغداد [4/ 14] ، الأنساب للسمعاني- وتصحف اسمه فيه إلى محمد-[4/ 560] ، وتاريخ الإسلام [وفيات السنة المشار إليها- ص 46] .
قوله: «إسحاق بن سعيد بن أركون» :
القرشي، الدمشقي، قال الدارقطني: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بثقة.
الجرح والتعديل [2/ 221] ، الميزان [1/ 192] ، لسان الميزان [1/ 363] ، المغني في الضعفاء [1/ 17] ، ديوان الضعفاء [1/ 74] .
قوله: «سعيد بن بشير» :
الأزدي- أو: النصري مولاهم- الشامي، أحد رجال الأربعة، اختلف فيه-(5/153)
عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة، لا ريح لها وطعمها طيب، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة، لا ريح لها وطعمها مر.
2087- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
لو كان لابن آدم واديان من ذهب لا بتغى لهما ثالثا، ولا يملأ جوفه إلّا التراب، ويتوب الله على من تاب.
- وهو صالح، حديثه حسن في الشواهد والاعتبار، وقد توبع هنا، وحديثه في الصحيحين كما سيأتي.
تهذيب الكمال [10/ 348] ، تهذيب التهذيب [4/ 8] ، الكاشف [1/ 282] ، سير أعلام النبلاء [7/ 304] ، الميزان [2/ 318] ، الديوان [1/ 322] ، المغني [1/ 256] .
قوله: «عن أبي موسى الأشعري» :
حديثه في الصحيحين من طرق عن قتادة، فأخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب فضل القرآن على سائر الكلام، رقم 5020، وفي باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تاكل به، رقم 5059، وفي التوحيد، باب قراءة الفاجر والمنافق، رقم 7560، وفي الأطعمة، باب ذكر الطعام، رقم 5427، ومسلم في صلاة المسافرين، باب فضيلة حافظ القرآن، رقم 797.
(2087) - قوله: «ويتوب الله على من تاب» :
وتمامه: إنما جعل المال لتقضى به الصلاة، وتؤتى به الزكاة، قالت: فكنا نرى أنه مما نسخ من القرآن، أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 55] ، -(5/154)
2088- وسئلت عائشة رضي الله عنها: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل شعرا قط؟ قالت: كان أحيانا إذا دخل بيته يقول: ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
2089- وقال عبد الله بن عمرو: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.
- وأبو يعلى كذلك [7/ 438] رقم 446، والبزار [4/ 246 كشف الأستار] رقم 3640، 3641، وفي الإسناد مجالد بن سعيد وحديثه صالح في الشواهد والمتابعات، قال البزار: لا نعلمه يروى عن عائشة إلّا بهذا الإسناد. اه. وسيعيده المصنف برقم 2154.
(2088) - قوله: «كان أحيانا إذا دخل» :
وفي رواية عنها: كان يتمثل بشعر ابن رواحة، أخرجه من حديثها:
الإمام أحمد في المسند [6/ 138، 156، 222] ، والبخاري في الأدب المفرد، برقم 867، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في إنشاد الشعر، برقم 2848- وقال: حسن صحيح-، والنسائي في اليوم والليلة من السنن الكبرى [6/ 247- 248] الأرقام 10833، 10834، 10835.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 506] رقم 6065 من حديث عكرمة، عن ابن عباس، إسناده على شرط مسلم.
(2089) - قوله: «وقال عبد الله بن عمرو» :
ابن العاص، أخرج حديثه مسلم في الزكاة، باب فضل النفقة على العيال والمملوك، رقم 996 من حديث طلحة بن مصرف، عن خيثمة عنه.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 160، 193، 194، 195] ، وأبو داود في الزكاة، باب في صلة الرحم، رقم 1692، والنسائي في العشرة من-(5/155)
2090- وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
2091- وعن أبي سعيد والأشعث بن قيس قالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
- السنن الكبرى [5/ 374] رقم 9176، 9177، والحميدي في مسنده برقم 599، والطيالسي برقم 2281، جميعهم من حديث وهب بن جابر عنه به، وصححه ابن حبان برقم 4240- الإحسان-، والحاكم في المستدرك [1/ 415، 4/ 500] ، ووافقه الذهبي في التلخيص.
(2090) - قوله: «وعن أبي هريرة» :
أخرج حديثه الإمام أحمد في مسنده [2/ 258، 303، 388، 461، 492] ، وأبو داود في الأدب، باب في شكر المعروف، رقم 4811، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك، رقم 1955 وقال:
حسن صحيح، والبخاري في الأدب المفرد برقم 218، والطيالسي في مسنده برقم 2491، وصححه ابن حبان برقم 3407 الإحسان.
(2091) - قوله: «وعن أبي سعيد» : أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [3/ 32، 73- 74] ، والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك، رقم 1956، وقال:
حسن صحيح! - وفي الإسناد: ابن أبي ليلى صدوق سيء الحفظ- وأبو يعلى [2/ 365] رقم 1122، والطبراني في الأوسط [4/ 357] رقم 3606.
قوله: «والأشعث بن قيس» :
الكندي، علق حديثه الترمذي في البر والصلة عقب المتقدم، وأسنده الإمام أحمد [5/ 211] ، وفي [5/ 212] مرفوعا بلفظ: إن أشكر الناس لله عزّ وجلّ أشكرهم للناس.(5/156)
2092- روى نصر بن سيار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم رجل على آخر نعمة فلم يشكرها له، فدعا الله عليه إلّا استجيب له.
(2092) - قوله: «روى نصر بن سيار» :
في الأصول ما يوهم أن نصر بن سيار روى الأثر الذي قبله، إذ وقع في نهاية الأثر قبله: رواه نصر بن سيار، والذي في المصادر أن نصرا إنما روى هذا.
ونصر بن سيار هو الأمير أبو الليث المروزي صاحب خراسان، نائب مروان بن محمد.
قال الحافظ الذهبي في السير: خرج عليه أبو مسلم صاحب الدعوة- يعني:
المذكورة في هذا الأثر- فحاربه فعجز عنه نصر، واستصرخ بمروان غير مرة فبعد عن نجدته، واشتغل باختلال أذربيجان والجزيرة، فتقهقر نصر، وجاءه الموت على حاجة، فتوفي بساوة في سنة إحدى وثلاثين ومئة، وقد ولي إمرة خراسان عشر سنين، وكان من رجال الدهر سؤددا وكفاءة.
سير أعلام النبلاء [5/ 463] ، الجرح والتعديل [8/ 469] ، وفيات الأعيان [6/ 7، 11] ، النجوم الزاهرة [1/ 313] ، معجم الأدباء [19/ 243] .
قوله: «إلّا استجيب له» :
أخرجه من حديث نصر: العقيلي في الضعفاء [4/ 299] ، والبيهقي في الشعب [6/ 524] رقم 9148، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 172] ، والحاكم في تاريخ نيسابور- كما في اللالىء للسيوطي [2/ 355] ، وتمام في مسند المقلين من الأمراء والسلاطين برقم 11، وأورده الديلمي في مسند الفردوس [3/ 571] رقم 5790. وفي هذا الإسناد مجهولان.
وله إسناد آخر، فأخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 173] من حديث جعفر بن عبد الواحد، عن أبي عتاب الدلال، ثنا أبو بكر الهذلي عن أبي جعفر المنصور عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس به، وجعفر متهم بالوضع-(5/157)
ثم قال نصر بن سيار: اللهمّ إني أنعمت على آل بسام فلم يشكروها، اللهمّ اهرق دماءهم، قال: فما أصبح منهم إلّا قليل.
2093- وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما.
- وأبو بكر أيضا ضعيف في الحديث.
قال السيوطي: ولجعفر بن عبد الواحد متابع أخرجه الحسن بن بدر في جزء: ما رواه الخلفاء، قال: فزالت تهمته، بل وتهمة نصر بن قديد وشيخه وشيخ شيخه.
قوله: «فما أصبح منهم إلّا قليل» :
وفي رواية أنه قال في دعائه: اللهمّ أذقهم حد السلاح، قال: فما مات منهم واحد إلّا بالسيف، وفي أخرى أنه دعا: اللهمّ فاجعل موتهم قتلا، قال: فسمعت أنهم قتلوا في مرحلة واحدة سبعين رجلا، زاد في رواية البيهقي: قال نصر بن قديد: قال أبو عمرو: قال شعبة: الأشراف لا يكذبون.
(2093) - قوله: «وعن علي رضي الله عنه» :
روي عنه مرفوعا وموقوفا، والموقوف أصح كما سيأتي عن جمهور المحدثين والحفاظ.
أما المرفوع فقد اختلف في إسناده، رواه الحسن بن أبي جعفر- أحد الضعفاء- عن أيوب، فتارة يقول: عن ابن سيرين، عن حميد بن عبد الرحمن، أخرجه كذلك ابن عدي في الكامل [2/ 712] .
وتارة يرويه فلا يذكر ابن سيرين في الإسناد، أخرجه كذلك أبو الشيخ في الأمثال [/ 69] رقم 113، وتمام في فوائده [2/ 207] رقم 1542، -(5/158)
.........
- والبيهقي في الشعب [5/ 260- 261] رقم 6597 وأشار إليه الدارقطني في العلل [4/ 34] ، وقال في الغرائب [1/ 187] : غريب، تفرد به الحسن بن أبي جعفر.
* ورواه جماعة من أصحاب حماد بن سلمة، عن أيوب عن ابن سيرين فجعلوه من مسند أبي هريرة مرفوعا، أخرجه الترمذي في البر والصلة برقم 1997، وأبو الشيخ في الأمثال [/ 69] رقم 114، وابن عدي في الكامل [2/ 712] ، وتمام في فوائده [2/ 208- 209] رقم 1544، 1545، وابن حبان في المجروحين [1/ 351] ، والبيهقي في الشعب [5/ 260] رقم 6595.
قال الترمذي: غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلّا من هذا الوجه. اه. فتعقبه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 186] بقوله: قلت: رجاله ثقات رجال مسلم، لكن الراوي تردد في رفعه. اه وقال في أجوبته عن أحاديث الشهاب [2/ 365] : جيد الإسناد.
وقال الحافظ في النكت [10/ 334 حاشية التحفة] موجها استغراب الترمذي: قلت: إما أن يكون الترمذي لم يعتد بذلك لشدة ضعفه، وإما أن يكون أراد بالغرابة بكونها من رواية حماد عن أيوب، وإما أن يكون ما اطلع على رواية الحسن. اه.
قلت: الحسن هذا الذي أشار إليه الحافظ هو ابن دينار أحد الضعفاء وقد تابع بروايته حماد بن سلمة عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، أخرج حديثه ابن عدي في الكامل [2/ 711] ، وتمام في فوائده برقم 1543، والخطيب في تاريخه [11/ 427- 428] ، وابن الجوزي في العلل [2/ 248] رقم 1225.
* وقد خالف موسى بن إسماعيل- أحد الأثبات- الرواة عن حماد، فقال عنه، عن أيوب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن علي به موقوفا، فرجع-(5/159)
.........
- الكلام إلى حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أخرجه البيهقي في الشعب [5/ 260] بإسناد رجاله عن آخرهم ثقات.
وبه يتجه قول من قال: الصحيح أنه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قوله، موقوف عليه، وأن رفعه وهم، وهو قول الترمذي، وابن القيسراني في التذكرة [/ 26] ، والبغوي في شرح السنة [13/ 66] ، وابن عساكر في تاريخه، وابن الجوزي في العلل، والذهبي في الميزان.
* وقد أخرج حديث أمير المؤمنين من طرق بأسانيد: ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 102] رقم 17725، ومسدد- كما في الإتحاف للبوصيري [7/ 475- 476] رقم 7341.
قال البوصيري: هذا حديث موقوف إسناده حسن، هبيرة مختلف فيه، وباقي رجاله ثقات- والإمام أحمد في فضائل الصحابة [1/ 336] رقم 484، والبخاري في الأدب المفرد برقم 1321، وابن عساكر في تاريخه [44/ 365- 366] ، والبيهقي في الشعب [5/ 260] رقم 6593، 6594.
وفي الباب أيضا: عن أبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو.
أما حديث أبي هريرة فتقدمت رواية ابن سيرين، وقد روي أيضا من طريق الأعرج عنه، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 234] رقم 3419، وفي [7/ 105- 106] رقم 6181 قال الطبراني: تفرد به محمد بن ماهان. اه.
وهو مجهول، وابنه الراوي عنه، قال الدارقطني: ليس بالقوي.
وأما حديث ابن عمر، فروي بإسناد فيه جميل بن زيد أحد الضعفاء، أخرجه من طريقه تمام في فوائده برقم 1546، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 739، والطبراني في الأوسط [6/ 55] رقم 5115، وابن عدي في الكامل [2/ 593] ، وابن حبان في المجروحين [2/ 152] .
قال تمام عقبه: ورواه يحيى البكاء، عن ابن عمر، ويحيى أيضا ضعيف الحديث. -(5/160)
2094- وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السماح رباح، والعسر شؤم.
- وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 55] رقم 5116، وفي إسناده محمد بن كثير وهو ضعيف، وقد قال الحافظ العراقي في أجوبته على أحاديث الشهاب [2/ 365] : وقد ورد من حديث ابن عمر، وعبد الله بن عمرو، ولا يصح من حديثهما. اه والله أعلم.
(2094) - قوله: «وعن ابن عمر» :
أخرج حديثه القضاعي في مسند الشهاب برقم 23، وفي إسناده: عبد الله ابن إبراهيم الغفاري، ضعيف جدّا، قال الدارقطني: حديثه منكر، وشيخه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أيضا ضعيف الحديث.
وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه الديلمي في مسند الفردوس [2/ 347] برقم 3571، من طريق الحجاج بن فرافصة- وليس بالقوي وبعضهم يضعفه- عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به، قال الغماري في فتح الوهاب [1/ 29] : هؤلاء ثقات- كذا قال!! - فإن كان من قبلهم كذلك فهو جيد. اه.
قلت: بل إن كان قبلهم كذلك فهو صحيح، وإنما عدل عن قول ذلك للحجاج بن فرافصة.
قال الغماري: وله شواهد أخرى منها: حديث العسكري في الأمثال، والديلمي في مسند الفردوس [5/ 549] رقم 9052 من طريق أشعث بن براز، عن علي بن زيد، عن سعيد بن جبير قال: ما كنت أحسبها إلّا مقولة:
اليسر يمن والعسر شؤم، حتى حدثني الثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
فذكره.
قلت: أشعث بن براز ضعيف، وكذا شيخه علي بن زيد.
قال العجلوني في كشف الخفاء [1/ 553] : ورواه الديلمي أيضا عن أبي هريرة مرفوعا، ولم أقف عليه في مسند الفردوس. -(5/161)
2095- وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل: يا رسول الله وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق.
- قال الغماري: وحديث ابن عباس مرفوعا: اسمح يسمح لك، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 248] ، والطبراني في الصغير [2/ 141- 142] ، والبيهقي في الشعب [7/ 537] رقم 11258، وتمام في فوائده [1/ 288] رقم 718، 719، قال المنذري في الترغيب والترهيب [2/ 563] : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(2095) - قوله: «وعن حذيفة» :
أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [5/ 405] ، والترمذي في الفتن، برقم 2254، - وقال: حسن غريب- وابن ماجه كذلك، باب قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ الاية، رقم 4016، وابن عدي في الكامل [5/ 1710، 6/ 2307] ، وابن أبي حاتم في العلل [2/ 138 رقم 1907، 2/ 306 رقم 2428] ، والشجري في أماليه [2/ 153] ، جميعهم من حديث علي بن زيد، عن الحسن، عن جندب، عن حذيفة، أنكره أبو حاتم وقال:
قد زاد في الإسناد جندبا وليس بمحفوظ، حدثناه أبو سلمة، عن حماد ليس فيه جندب.
وفي الباب عن ابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وأبي بكرة، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن الحسن وقتادة مرسلا.
أما حديث ابن عمر، فأخرجه الطبراني في الكبير [12/ 408- 409] رقم 13507، وفي الأوسط [6/ 171] رقم 5353 والبزار في مسنده [4/ 112 كشف الأستار] رقم 3323 بإسناد رجاله كلهم ثقات.
وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [2/ 536- 537] رقم 1411 ضمن حديث طويل له ورجال إسناده رجال الصحيح، صححه البوصيري. -(5/162)
2096- وعن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأس العقل بعد الإيمان بالله: مداراة الناس، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة، ولن يهلك امرؤ بعد مشورة.
- وأما حديث أبي بكرة، فأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده [2/ 772- 773 بغية الباحث] رقم 773، وفي إسناده الخليل بن زكرياء الشيباني وهو ضعيف جدّا.
وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الطبراني في الأوسط [8/ 437] رقم 7894 تفرد به الجارود عن إسرائيل.
وأما حديث الحسن وقتادة، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 348] رقم 20721. وله إسناد آخر عن الفضيل بن عياض وطلبه هارون الرشيد، فقال: ما لي ولأمير المؤمنين؟ فقيل له: سبحان الله أو ما عليك طاعة؟ أو ليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره ...
القصة بطولها عند ابن عساكر في التاريخ [48/ 441] .
(2096) - قوله: «رأس العقل بعد الإيمان» :
روي هذا الحديث عن ابن المسيب مرسلا ومسندا من حديثه عن أبي هريرة والاختلاف فيه من علي بن زيد بن جدعان وهو ممن يخرج له في الفضائل لضعفه.
أما حديثه عن ابن المسيب المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [8/ 549] رقم 5480، وابن أبي الدنيا في المدارة برقم 2، وفي العقل له برقم 29، وفي قضاء الحوائج برقم 17، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 109] ، وفي الشعب [6/ 344، 500] رقم 8447، 9054، والخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 934، والخطيب في تاريخه [4/ 125] ، وابن عدي في الكامل [1/ 367، 7/ 2595] ، والعسكري في الأمثال- فيما ذكره شيخ مشايخنا في فتح الوهاب [1/ 178]- وهناد في الزهد له برقم 1266، وعلقه ابن معين في تاريخه [2/ 622] وذكر أن هشيما لم يسمعه من-(5/163)
2097- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حليم إلّا ذو عثرة، ولا حكيم إلّا ذو تجربة.
- ابن جدعان ولا يضر لسماع غيره منه هذا الحديث، قال الحافظ البيهقي معلقا على الحديث المرسل: هذا هو المحفوظ، مرسل.
وقد روى مسندا من حديث ابن جدعان عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، أخرجه البزار في مسنده [2/ 397 كشف الأستار] رقم 1945، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 200، وابن أبي الدنيا في المداراة برقم 31، وفي الإشراف برقم 156، وفي الإخوان برقم 140، وابن عدي في الكامل [5/ 1987] ، والبيهقي في الشعب [6/ 343، 501] رقم 8446، 905، والطبراني في الأوسط [7/ 41] رقم 6067، والعسكري في الأمثال كما في فتح الوهاب [1/ 178] رقم 134.
قال البزار عقب إسناده لحديث أبي هريرة: رواه هشيم عن علي بن زيد، عن سعيد مرسلا، وعبيد الله بن عمرو ليس بالحافظ سيما إذا خالف الثقات. اه.
قلت: لم ينفرد عبيد الله بن عمرو- وهو القيسي- بإسناده، بل تابعه سفيان على هذا، أخرجه البيهقي في الشعب لكن قال عقبه: فيه ضعف.
نعم، وفي الباب عن ابن عباس عند ابن عدي في الكامل [3/ 1099] ، ومن وجه آخر عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان بطرفه الأخير [2/ 46] وكلا الإسنادين ضعيفان، وعن علي بن أبي طالب عند الطبراني في الصغير [2/ 21] رقم 705، وأبو نعيم في الحلية [3/ 203]- وقال: غريب-، والبيهقي في الشعب [6/ 256] رقم 8062.
(2097) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» :
أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [3/ 8، 69] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 565- مرفوعا وموقوفا-، والترمذي في البر، باب ما جاء في-(5/164)
2098- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أعظم النساء بركة أقلهن مؤونة.
- التجارب برقم 2033- وقال: حسن غريب-، وأبو الشيخ في الأمثال [/ 26- 27] رقم 41، وأبو نعيم في الحلية [8/ 324] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 834، والخطيب في تاريخه [5/ 301] ، وابن عدي في الكامل [3/ 1256، 4/ 1521] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 42] ، وابن عساكر في تاريخه [17/ 225] ، وابن حبان في روضة العقلاء [/ 208] ، وصححه برقم 2078- موارد-، والحاكم في المستدرك [4/ 293] ، وأقره الذهبي في التلخيص مع أن نسخة درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد ضعفها جماعة من الحفاظ، لكن ابن حبان انتقى منها شيئا كثيرا، ومن حجته في تصحيح هذا الحديث ما رواه عن موهب بن يزيد عقب هذا الحديث فقال: قال لي أحمد بن حنبل: إيش كتبت بالشام؟
قال: فذكرت له هذا الحديث فقال: لو لم تسمع إلّا هذا لم تذهب رحلتك.
(2098) - قوله: «وعن عائشة رضي الله عنها» :
أخرج حديثها الإمام أحمد في المسند [6/ 145] ، وابن أبي شيبة في المصنف [4/ 189] ، والنسائي في العشرة من السنن الكبرى [5/ 402] رقم 9274، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 235] ، والخطيب في الموضح [1/ 305- 306] ، وأبو نعيم في الحلية [2/ 186] ، جميعهم من حديث حماد بن سلمة، عن أبي سخبرة، عن القاسم بن محمد، عنها به، وتكلم في إسناده لأجل ابن سخبرة هذا فقيل: لا يعرف، وقيل: بل هو عيسى بن ميمون، وهو قول أبي حاتم الرازي، وابن معين، وإليه ذهب الخطيب في الموضح وقال: وهو أيضا: ابن تليدان الذي روى عنه وكيع وعثمان بن عمر، وقد يحتج له في ذلك برواية الطيالسي في مسنده برقم 1427، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [6/ 182] والخطيب في الموضح [1/ 306]-(5/165)
.........
- وأبو الشيخ في الأمثال برقم 65 وفيها: موسى ابن تليدان عن القاسم عنها به.
ورواه الخطيب في الموضح [1/ 306] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 123 وفيه: عن عيسى بن ميمون، عن القاسم بن محمد.
ووقع في بعض الروايات مسمى ب عمر أو: عمرو بن الطفيل بن سخبرة كما في رواية الحاكم في المستدرك [2/ 178] ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 235] ، ووافقه الذهبي على تصحيحه مع أنه جهّل ابن سخبرة في الميزان.
لكن للحديث شاهد يجوده من حديث عروة عنها بلفظ: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها، أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 77، 91] ، والبزار في مسنده [2/ 158 كشف الأستار] ، والبيهقي في السنن الكبرى [7/ 235] ، وابن عدي في الكامل [1/ 386] ، وأبو نعيم في الحلية [3/ 163، 8/ 180] ، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 1256، والحاكم في المستدرك [2/ 181] ، وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 255] ظنا منه أن أسامة هذا هو ابن زيد بن أسلم العدوي، ورواية ابن عدي قد أو ضحت أنه أسامة بن زيد الليثي إذ أخرجه في ترجمته من الكامل.
وله شاهد من حديث ابن عباس بلفظ: خيرهن أيسرهن صداقا، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [3/ 313] ، وابن راهويه في مسنده- كما في المطالب العالية [2/ 3] رقم 1500، والطبراني في الكبير [11/ 78] رقم 11100، 11101، صححه ابن حبان برقم 1255- موارد- وقال في مجمع الزوائد [4/ 281] : فيه رجاء بن الحارث ضعفه ابن معين وغيره.(5/166)
2099- وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعمر وهم جميعا جلوس بالأرض، فدعا لعيينة بنمرقة فأجلسه عليها وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.
2100- وعن جرير بن عبد الله قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما جاء بك يا جرير؟ قال: جئت لأسلم يا رسول الله، قال: فبسط لي رداءه وقال:
إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.
(2099) - قوله: «دخل عيينة بن حصن» :
هذا منكر، لأن المشهور أن ذلك كان لجرير، وعليه فالتالية هي الصحيحة، أورد هذه الرواية بهذا اللفظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 16] وقال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.
(2100) - قوله: «وعن جرير بن عبد الله» :
البجلي، روي حديثه من طرق، فأخرج البيهقي في الشعب [7/ 462] رقم 10998، والخرائطي في مكارم الأخلاق كما في المنتقى برقم 345، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 149 جميعهم من حديث معبد بن خالد- وهو مجهول- عن أبيه- وهو مثله- عن جده، عن أنس قال: دخل جرير بن عبد الله على النبي صلى الله عليه وسلم فضن الناس بمجالسهم فلم يوسع له أحد، فرماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردته وقال: اجلس عليها، فأخذ جرير فلقيها بوجهه ونحره وقبلها وردها على ظهره وقال: أكرمك الله يا رسول الله كما أكرمتني، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال: من كان يؤمن بالله واليوم الاخر- ثلاثا- فإذا أتاه كريم قوم فليكرمه، لفظ البيهقي في الشعب.
وروي عن جابر بن عبد الله نحو حديث أنس أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 291- 292] وصححه- وسكت عنه الذهبي.
وروى يحيى بن يعمر عن جرير نحوه، أخرجه الطبراني في الصغير [2/ 12] وفي الأوسط [6/ 125] رقم 5257، وأبو نعيم في الحلية [6/ 205-(5/167)
2101- وعن جعفر بن عمرو بن أمية قال: قال عمرو بن أمية:
قلت: يا رسول الله أقيد راحلتي وأتوكل، أو أرسلها وأتوكل؟ قال:
قيدها وتوكل.
- 206] ، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق برقم 71 تفرد به عوين بن عمرو- وهو ضعيف- عن الجريري، عن ابن بريدة عنه.
وروى قيس بن أبي حازم، عن جرير قال: لما بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأي شيء جئت يا جرير؟ قال: جئت لأسلم على يدك، قال: فألقى لي كساءه ثم أقبل على أصحابه فقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [2/ 243] رقم 22666، وفي الأوسط [7/ 158] رقم 6286، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 168] ، وفي المدخل برقم 712، وفي الشعب [7/ 461- 462] رقم 10997، والخطيب في الجامع [1/ 188] وفي تاريخه [7/ 94] ، وابن عدي في الكامل [2/ 803- 804] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 762.
وقد ذكر البيهقي في المدخل والسنن الكبرى بأن له شاهدا صحيحا من حديث الشعبي مرسلا، ثم أخرجه من هذا الوجه في الكبرى [8/ 168] ، وفي المدخل برقم 714، وفي الاداب برقم 319، وهو في مراسيل أبي داود برقم 511، وعند الطبراني في الكبير برقم 2358، وعند الخرائطي في مكارم الأخلاق كما في المنتقى برقم 329، وجودها بمجموعها الحافظ العراقي في تخريج الإحياء [2/ 319] .
(2101) - قوله: «قيدها وتوكل» :
وفي رواية: اعقلها وتوكل، وهي المشهورة، أخرجها من طرق باللفظين من حديث عمرو بن أمية: ابن حبان في صحيحه كما في الموارد برقم 2549، والحاكم في المستدرك [3/ 623] ، والبيهقي في الشعب [2/ 79- 80] رقم 1209، 1210، 1211، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 633. -(5/168)
2102- وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أبي بكر أنهم كانوا في سفر قالوا: يا رسول الله أنرسل رواحلنا ونتوكل؟ قال: اعقلوها وتوكلوا.
2103- وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس كإبل مائة، لا تجد فيها راحلة واحدة.
- وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد أيضا [10/ 291، 303] للطبراني من طرق قال: ورجال أحدهما رجال الصحيح.
(2102) - قوله: «وعن ابن عباس» :
في الباب عن أنس وابن عمر.
أما حديث أنس، فأخرجه الترمذي في صفة القيامة برقم 2517، وقال: غريب، وفي آخر كتاب العلل، وابن أبي الدنيا في التوكل برقم 12، والبيهقي في الشعب [5/ 80] رقم 1212، وفي الاداب برقم 1093، والقشيري في الرسالة [1/ 417] ، وأبو نعيم في الحلية [8/ 390] ، جميعهم من حديث المغيرة ابن أبي قرة- وهو مجهول الحال- عن أنس به.
وأما حديث ابن عمر، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [8/ 279] من طريق الخطيب بإسناده إلى مالك عن نافع، عنه به قال الخطيب: غير محفوظ عن مالك، وابن ريسان- يعني محمد بن عبد الرحمن بن بجير بن ريسان- متروك.
(2103) - قوله: «لا تجد فيها راحلة» :
أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الرقاق، باب رفع الأمانة برقم 6498، ومسلم في فضائل الصحابة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: الناس كإبل مائة، رقم 2547.(5/169)
2104- وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس شيء خير من ألف مثله إلّا المؤمن.
وأنشد لبعض الشعراء في ذلك:
أدب المرء كلحم ودم ... ما حواه رجل إلّا صلح
لو وزنتم رجلا ذا أدب ... بألوف من ذوي الجهل رجح
2105- وروى أبو ذر الغفاري رضي الله عنه- وكان جالسا في المسجد محتبيا بكساء صوف- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوحدة خير من جليس (2104) - قوله: «إلّا المؤمن» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند ضمن الذي قبله [2/ 109] ، ومن حديث ابن عمر من طرق أيضا: أخرجه الطبراني في الصغير [1/ 147] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1216، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 139.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 292] رقم 6095، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 139.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [6/ 292] رقم 6095، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 137، وتمام في فوائده برقم 973.
حسنه العراقي في تخريج الإحياء [3/ 23] ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 318] : رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن يوسف وهو ثقة.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه [2/ 238] من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم به- مرسل-.
(2105) - قوله: «محتبيا بكساء صوف» :
زاد في رواية: وحده، فقال له عمران بن حطان: يا أبا ذر ما هذه الوحدة؟
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 343] ساكتا عليه، ومن طريقه البيهقي في الشعب [4/ 256] رقم-(5/170)
السوء، والجليس الصالح خير من الوحدة، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر.
2106- وأن رجلا من العرب كان يغشى أبا بكر يقال له: عفير، فقال له أبو بكر: يا عفير ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عفير:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الود يتوارث، والبغض يتوارث.
- 3993، والديلمي في مسند الفردوس [4/ 434] رقم 7262، والعسكري وأبو الشيخ في الأمثال- فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [6/ 203]- ونقل عن الحافظ ابن حجر قوله: وسنده حسن، وقد أغفله العراقي فلم يورده قال: وفيه صدقة بن أبي عمران قاضي الأهواز كوفي صدوق، روى له البخاري تعليقا ومسلم وابن ماجه، وقد قيل: المحفوظ أنه موقوف على أبي ذر أو أبي الدرداء.
قلت: حديث عمران، عن أبي الدرداء قوله أخرجه ابن حبان في الروضة [/ 101] .
(2106) - قوله: «يقال له: عفير» :
ابن أبي عفير الأنصاري، ذكروه في الصحابة، وقد أثبتها له البخاري وغيره، ولا يعرف له غير حديث الباب.
أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [1/ 357] ، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 218] رقم 2748، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 2255] رقم 5600، والبيهقي في الشعب [6/ 200- 201] رقم 7899، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 189] رقم 507، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 216، والقضاعي في مسند الشهاب [1/ 156] ، والخطيب في الموضح [1/ 23، 24] ، وصحّح إسناده الحاكم في المستدرك [4/ 176] فتعقبه الذهبي بقوله:
المليكي واه، وفي الخبر انقطاع. اهـ.
يعني بين طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن وجده أبي بكر الصديق. -(5/171)
2107- وعن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رزق من شيء فليلزمه.
- ورواه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 190] رقم 508، وصححه الحاكم [4/ 176] من حديث يوسف بن عطية عن أبي بكر، فتعقبه الذهبي في التلخيص بأن يوسف بن عطية هالك.
* خالف آدم بن أبي إياس عامة أصحاب المليكي فأدخل عائشة بين أبي بكر وطلحة، ذكره الدارقطني في العلل [1/ 264] .
وروي بإسناد مرسل، فأخرجه البخاري في الأدب برقم 43، ومن طريقه البيهقي في الشعب [6/ 201] 7899، وابن أبي عاصم في الاحاد والمثاني [5/ 218] رقم 2748 من حديث ابن المبارك، عن محمد بن عبد الرحمن بن فلان بن طلحة، عن أبي بكر بن حزم، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال الدارقطني في العلل [1/ 264] وسئل عن هذا الحديث فقال: المحفوظ عن محمد بن طلحة، عن أبيه- مرسلا- عن أبي بكر. اه باختصار.
وقال الحافظ في الإصابة: قال ابن حبان: ليس إسناد حديثه بشيء.
(2107) - قوله: «وعن أنس» :
هو ابن مالك، أخرج حديثه باللفظ المذكور: أبو الشيخ في الأمثال برقم 154، والبيهقي في الشعب [2/ 89] رقم 1241، وأخرجه أيضا برقم 1242 بلفظ: من رزقه الله رزقا في شيء فليلزمه، وبالإسناد نفسه أخرجه ابن ماجه في التجارات، باب: إذا قسم للرجل رزق من وجه فليلزمه ولفظه:
من أصاب من شيء فليلزمه.
وفي الإسناد: فروة بن يونس الكلابي اختلف فيه: وعليه فالحديث صالح في الباب، وزعم بعضهم أنه موضوع ظنا منه أن شيخ محمد بن بشار- وهو محمد ابن عبد الله الأنصاري- هو محمد بن عبد الله بن زياد الأنصاري المتهم بالوضع، ولو راجع كتب التهذيب لعلم أنه ليس كذلك. -(5/172)
2108- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: السفر قطعة من العذاب، يدع أحدكم طعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من سفر فليعجل الرجوع إلى أهله.
2109- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس سواء كأسنان المشط، إنما يتفاضلون بالعافية، والمرء كثير بأخيه، يرفده، يكسوه، يحمله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل الذي ترى له.
- ومثله قول الشيخ ابن تيمية لما سئل عن حديث: من بورك له في شيء فليلزمه، قال: هو من كلام بعض السلف! وهو ذهول منه رحمه الله.
نعم، وفي الباب عن عائشة رضي الله عنها، فأخرج الإمام أحمد في المسند [6/ 246] ، وابن ماجه في التجارات برقم 2148، والبيهقي في الاداب برقم 1103، وفي الشعب [2/ 89، 90] رقم 1243، 1244، جميعهم من حديث رجل يقال له نافع- وليس بمولى ابن عمر- قال: كنت أتجر إلى الشام- أو إلى مصر- قال: فتجهزت إلى العراق فدخلت على عائشة أم المؤمنين فقلت: يا أم المؤمنين إني قد تجهزت إلى العراق، فقالت: ما لك ولمتجرك؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كان لأحدكم رزق في شيء فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له ... الحديث.
(2108) - قوله: «السفر قطعة من العذاب» :
هو في الصحيحين، وقد خرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2835- فتح المنان.
(2109) - قوله: «عن أنس بن مالك» :
أخرج حديثه: ابن عدي في الكامل [3/ 1099] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 46، 47، 166 فرقه، والشجري في أماليه [2/ 141، 143] ، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 80] ، جميعهم من حديث سليمان بن-(5/173)
وقد أخبر الشاعر بذلك فقال:
وإني لأستحي صديقي أرى له ... عليّ من الفضل الذي لا يرى ليا
- عمرو أبي داود- المتهم بوضعه على إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة- عنه، عن أنس به، وهو عند العسكري في الأمثال أيضا كما في الكنز [9/ 38] رقم 24821 وأوله: المرء على دين خليله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل الذي ترى له.
وفي الباب عن سهل بن سعد، والحسن البصري مرسلا وعن مجاهد بن جبر.
أما حديث سهل، فأخرجه الدولابي في الكنى [1/ 168] ، والحسن بن سفيان في مسنده- كما في اللالىء المصنوعة [2/ 290]- وأبو الشيخ في الأمثال برقم 48، وابن حبان في الروضة [/ 103] جميعهم من حديث بكار بن شعيب- ذكره الدولابي في الكنى، وضعفه ابن حبان، والذهبي، والسيوطي- عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل مرفوعا: إنما الناس كأسنان المشط، وإنما يتفاضلون بالعافية، فلا تصحب من لا يرى لك مثل ما ترى له.
وقد رواه أيضا عن أبي حازم: عمر بن سليم، أخرجه ابن لال في مكارم الأخلاق- كما في اللالىء المصنوعة [2/ 290] ، ومناهل الصفا [/ 49] .
والخليل بن مرة- وهو ضعيف أيضا- أخرج حديثه الشجري في أماليه [2/ 154] مما يعني أن له أصلا من حديث سهل بن سعد لا أنس بن مالك والله أعلم، وانظر ما بعد الاتي.
وأما حديث الحسن البصري، فأخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 57] من حديث بشر المريسي- أحد المبتدعة المشهور بالغلو- عن البراء الغنوي، عنه به، مرسلا.
وأما حديث مجاهد بن جبر، فأخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين-(5/174)
2110- وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ليس الخبر كالمعاينة، إن موسى عليه السلام أخبره الله عزّ وجلّ عن قومه فلم يكسر الألواح، فلما عاين ذلك منهم كسرها ورمى بها.
2111- وعن سهل بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل الذي ترى له.
- بأصبهان [3/ 56] وابن سمعون في أماليه برقم 19، 286، كلاهما من طريق أبي كدينة، عن ليث، عنه قال: كانوا يقولون: لا خير في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له.
(2110) - قوله: «ليس الخبر كالمعاينة» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 215، 271] ، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 54] رقم 12451، وفي الأوسط [1/ 45- 46] رقم 25، والبزار في مسنده [1/ 111 كشف الأستار] رقم 200، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 5، وابن عدي في الكامل [7/ 2596] ، والخطيب في تاريخه [6/ 56، 8/ 12] ، والسهمي في تاريخ جرجان [/ 505] رقم 1027، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1182، 1183، 1184، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 2087، 2088، والحاكم في المستدرك [2/ 321، 380] على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
(2111) - قوله: «وعن سهل بن سعد» :
أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1097] ، وأبو الشيخ بلفظ مختصر برقم 49، من حديث سليمان بن عمرو أبي داود النخعي- المتهم بالوضع كما أشرنا في الحديث قبل المتقدم- عن أبي حازم عن سهل بن سعد، وانظر تمام تخريجه فيه.(5/175)
2112- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن مرآة المؤمن حيث لقيه، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه.
2113- وفي رواية: المؤمن مرآة أخيه، فإذا رأى به شيئا فليمطه عنه.
2114- وعن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الإنسان مضغة، إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب.
2115- وعن عامر بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة.
(2112) - قوله: «ويحوطه من ورائه» :
أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 239، وأبو داود في الأدب، برقم 4918، والبيهقي في السنن الكبرى [8/ 167] ، وفي الاداب برقم 106، وفي الشعب [6/ 113] رقم 7645.
(2113) - قوله: «وفي رواية» :
عزاها الحافظ البوصيري في الإتحاف [8/ 11] لأحمد بن منيع: ثنا أبو معاوية، عن يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا:
المسلم مرآة المسلم، فإذا رأى به شيئا فليأخذه، قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف لضعف يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب.
(2114) - قوله: «وعن النعمان بن بشير» :
حديثه في الصحيحين، وخرجناه في أول كتاب البيوع من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، تحت رقم 2691- فتح المنان-.
(2115) - قوله: «وعن عامر بن مسعود» :
القرشي، الجمحي، اختلف في صحبته، والأكثر على عده في التابعين، أخرج حديثه: الإمام أحمد في المسند [4/ 335] ، وابن أبي شيبة في المصنف [3/ 100] ، والترمذي في الصوم برقم 797، ويعقوب بن سفيان-(5/176)
2116- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك:
من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: يا رسول الله سيدنا جد بن قيس، قال:
بم سودتموه؟ قالوا: أكثرنا مالا، وإنا على ذلك لنزنّه بالبخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل، قال: ليس ذلك سيدكم، قالوا:
فمن سيدنا؟ قال: سيدكم بشر بن البراء.
- في المعرفة [3/ 127] ، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 296- 297] ، وفي الشعب [3/ 416] رقم 3941، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 223، وصححه ابن خزيمة برقم 2145 (وقع عنده: عن مالك بن مسعود!) .
نعم، وفي الباب عن أنس بن مالك.
أما حديث أنس، فأخرجه الطبراني في معجمه الصغير [1/ 254] ، وابن عدي في الكامل [3/ 1210] ، والبيهقي في الشعب [3/ 416] رقم 3943، تفرد به الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير قاله الطبراني، وسعيد بن بشير ممن يعتبر به.
* خالف عبد الوهاب بن الضحاك- وهو ضعيف جدّا- أصحاب الوليد فقال عنه، عن زهير بن محمد، عن ابن المنكدر، عن جابر، أخرجه ابن عدي في الكامل [3/ 1075] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب برقم 3942.
(2116) - قوله: «وعن أبي هريرة» :
أخرج حديثه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 251] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 94، والوليد بن أبان في كتاب الجود- فيما ذكره الحافظ في الإصابة- جميعهم من حديث النضر بن شميل، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به، ليس فيه أنه قال ذلك لكعب بن مالك، بل فيه: من سيدكم يا بني سلمة؟ ... الحديث.
تابعه عن محمد بن عمرو: محمد بن يعلى، أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 219] وصححه على شرط مسلم، وأقره الذهبي. -(5/177)
.........
- وتابعه أيضا: سعيد بن محمد الوراق- وهو ضعيف- أخرجه من طريقه ابن عدي في الكامل [3/ 1238] ، والحاكم في المستدرك [4/ 163] وقال:
صحيح على شرط مسلم، وسعيد بن محمد الوراق ثقة مأمون. اه. فتعقبه الذهبي بأن الدارقطني وغيره قالوا فيه: متروك، وعلقه البيهقي في الشعب [7/ 430] رقم 10856، وجعل الطريق الاتي أولى كما سيأتي.
* ورواه إبراهيم بن يزيد الخوزي- وهو ضعيف جدّا- عن عمرو بن دينار، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بل سيدكم عمرو بن الجموح، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 389] رقم 3663، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 90، والبيهقي في الشعب [7/ 430] رقم 10855، وزعم أنه أولى من الأول وحجته أن الأول من رواية سعيد بن محمد الوراق، وقد بينت لك أنه لم ينفرد بذلك، وفات الحافظ البيهقي أن هذا من رواية إبراهيم بن يزيد الخوزي، وعلى هذا فحديث الباب هو الأولى فتأمل، ويشهد له حديث كعب بن مالك، رواه الزهري فاختلف عليه فيه:
فرواه عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، موصولا، أخرجه الطبراني في الصغير برقم 317، وفي الكبير [19/ 81] رقم 163 ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة برقم 1170، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 95.
* وتابعه مرة يونس، عن ابن شهاب، أخرجه أبو نعيم في المعرفة عقب الأول.
* وقال يونس مرة وعامة أصحاب الزهري: عنه، عن عبد الرحمن بن كعب، به مرسلا، أخرجه من طرق عن الزهري الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 337- 338] رقم 20705، ومن طريقه الخرائطي في مكارم الأخلاق برقم 593، 647، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [3/ 358] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 81] رقم 164، والبيهقي في الشعب [7/ 430] رقم 10858، وابن سعد في الطبقات [3/ 571] .(5/178)
2117- وعن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو يقول: واقية كواقية الوليد- يعني: الطفل-.
2118- وقال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا:
يا رسول الله ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تكفه عن الظلم فذلك نصرتك إياه.
2119- وقال صلى الله عليه وسلم: القناعة مال لا ينفد.
(2117) - قوله: «يعني: الطفل» :
قال أبو يعلى عقب تفسيره: كذا فسر لنا، أخرجه في مسنده [9/ 396- 397] رقم 5527 من حديث الثوري، عن شيخ من أهل المدينة لم يسم، عن سالم، عن أبيه به.
ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سالم به، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 295] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 371، والقضاعي في مسند الشهاب رقم 1484، 1485، 1486 وفي إسناده عبد الوهاب بن الضحاك، تقدم أنه ضعيف جدّا.
* ورواه محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن سالم، أخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1487، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 174، وفي الإسناد إليه الهيثم بن عدي اتهم بالكذب.
(2118) - قوله: «وقال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله، وخرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي، تحت رقم 2919- فتح المنان-.
(2119) - قوله: «القناعة مال لا ينفد» :
أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1507] ، والبيهقي في الزهد برقم 104، والخطيب في الفقيه والمتفقه [2/ 94] ، والشجري في أماليه [2/ 198] ، -(5/179)
2120- وقال صلى الله عليه وسلم: الخير عادة والشر لجاجة، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
- جميعهم من حديث عبد الله بن إبراهيم الغفاري- أحد الضعفاء- عن المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله الأنصاري به.
قال ابن أبي حاتم في العلل [2/ 106] رقم 1813: سألت أبي عنه فقال:
هذا حديث باطل. اه.
وقال ابن عدي: لا يرويه عن المنكدر إلّا عبد الله بن إبراهيم، وضعف إسناده البيهقي عقب إخراجه.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب: رفعه غريب.
(2120) - قوله: «الخير عادة» :
يعني: بالتعود، فمن لم يكن من طبعه حب الخير وحب فعله فليعود نفسه ذلك بالتكلف وليعالجها كما يعالجها عند فعل الطاعة ويكلفها محتسبا الأجر وطالبا رضى الرحمن، ومن هذا قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا الاية، وقوله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا الاية.
قوله: «والشر لجاجة» :
أي: تعوده والتمادي فيه: لجاجة، من لجة البحر أو الظلمة، والمراد:
معظم الخطر أو السواد.
والحديث: أخرجه ابن ماجه في مقدمة السنن، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم برقم 221، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 385- 386] رقم 904، وفي مسند الشاميين برقم 2215، وأبو نعيم في الحلية [5/ 252] ، وفي تاريخ أصبهان [1/ 345] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 20، وابن أبي عاصم في كتاب الصمت برقم 100، والقضاعي في مسند-(5/180)
2121- وعن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحلال بيّن والحرام بيّن، وبين ذلك شبهات، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
2122- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن عبدا عمل في صخرة لا باب لها ولا كوة، لظهر للناس عمله كائنا ما كان.
- الشهاب برقم 22، وابن عدي في الكامل [3/ 1005] ، والخطيب في الفقيه والمتفقه [1/ 7، 8] ، جميعهم من حديث الوليد بن مسلم، عن مروان بن جناح- وعند ابن عدي: روح بن جناح وهما أخوان- عن يونس بن ميسرة، عن معاوية بن أبي سفيان به، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 82.
(2121) - قوله: «وعن نافع، عن ابن عمر» :
أخرج حديثه الطبراني في معجمه الصغير [1/ 41] رقم 32، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 71] : إسناده حسن، وتبعه السيوطي في الجامع الصغير.
(2122) - قوله: «لو أن عبدا» :
هذا طرف من حديث أبي سعيد الخدري أوله: من تواضع لله درجة رفعه الله درجة حتى يجعله في عليين، ومن تكبر على الله درجة وضعه حتى يجعله أسفل السافلين، يفرقه بعض الحفاظ وبعضهم يورده بطوله.
أخرجه مطولا ومختصرا: الإمام أحمد في مسنده [3/ 28، 76] ، وابن ماجه في الزهد، باب البراءة من الكبر والتواضع، رقم 4176، وأبو يعلى في مسنده [2/ 359، 521] رقم 1109، 1378، والبيهقي في الشعب [5/ 359] رقم 6940، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 1942، والحاكم في المستدرك [4/ 314] وصححه، ووافقه الذهبي مع أن نسخة دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد تكلم فيها وفيها جملة حسنة لعل هذا منها.(5/181)
2123- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، فاحرص على ما ينفعك ولا تفجر، فإن غلبك أمر فقل: قدّر الله أو: ما شاء، وإياكم واللّو، فإن اللّو تفتح عمل الشيطان.
2124- وقال صلى الله عليه وسلم: ما عال من اقتصد.
(2123) - قوله: «فإن اللّو تفتح عمل الشيطان» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 366، 370] ، ومسلم في القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز رقم 2664، والنسائي في اليوم والليلة برقم 623، 624، وابن ماجه في الزهد، باب التوكل واليقين، رقم 4168، والحميدي في مسنده برقم 1114، ومن طريقه الفسوي في المعرفة [3/ 5- 6] وغيرهم.
(2124) - قوله: «ما عال من اقتصد» :
زاد في رواية عفان، عن مسكين بن عبد العزيز: ولا يبقى على سرف كثير، أشار إلى هذه الزيادة البيهقي في الشعب، ورواها أبو الشيخ في الأمثال وقال في أوله: لا يعيل أحد على قصد ...
أخرج الشطر الأول منه: الإمام أحمد في المسند [1/ 447] ، وابن أبي شيبة في المصنف [6/ 96] ، والطبراني في معجمه الكبير [10/ 133] رقم 10118، وفي الأوسط [6/ 44] رقم 5090، وابن عدي في الكامل [3/ 1301] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 86، والبيهقي في الشعب [5/ 255] رقم 6569، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال برقم 346، جميعهم من حديث إبراهيم الهجري- وهو ضعيف- عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود به.
وفي الباب عن ابن عباس، أخرجه الطبراني في الكبير [12/ 123] رقم 12656، وفي الأوسط [9/ 114/ 115] رقم 8237، والبيهقي في الشعب-(5/182)
2125- وعن أسلم مولى عمر قال: خرجت في سفر فلما رجعت قال لي عمر: من صحبت؟ قلت: صحبت رجلا من بني بكر، فقال عمر: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخوك البكري فلا تأمنه.
2126- وقال بعض الصحابة: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح فقال: -[5/ 255] رقم 6570، 6571، وابن عدي في الكامل [3/ 885] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 85 جميعهم من حديث خالد بن يزيد، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس به، وهذا إسناد فيه ضعف وانقطاع، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 252] : رجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف.
(2125) - قوله: «وعن أسلم مولى عمر» :
إسناد حديثه ضعيف، لكن متنه حسن كما سيأتي، حديث أسلم أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [4/ 464] رقم 3786، وابن عدي في الكامل [1/ 318، 3/ 1065] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 72] جميعهم من حديث زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [3/ 215، 5/ 258] : فيه زيد بن عبد الرحمن وأبوه وكلاهما ضعيف، وانظر التعليق على الحديث التالي.
(2126) - قوله: «وقال بعض الصحابة» :
هو عمر بن الفغواء الخزاعي، صحابي، قال ابن حجر: في إسناد حديثه اختلاف، أخرج قصته الإمام أحمد في المسند [5/ 289] ، والبخاري في تاريخه [7/ 39] الترجمة رقم 172، وأبو داود في الأدب، باب الحذر، رقم 4861، وابن سعد في الطبقات [4/ 296] ، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 36] رقم 73، وأبو نعيم في المعرفة [4/ 1991- 1992] الأرقام 5004، 5005، 5006، وابن قانع في معجمه [10/ 3771] رقم 1255.(5/183)
التمس صاحبا، فجاءني عمرو بن أمية الضمري قال: بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا، قلت: أجل، قال: فأنا لك صاحب، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: وجدت صاحبا، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إذا وجدت صاحبا فاذنّي، - فقال: من؟ قلت: عمرو بن أمية الضمري، قال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره، فإنه قد قال القائل: أخوك البكري فلا تأمنه، قال: فخرجت حتى جئت الأبواء، قال: إني أريد حاجة إلى قومي فتلبّث لي، قلت: امض راشدا، فلما ولّى ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فشددت على بعيري، فخرجت أوضعه فسبقته، فلما رآني أن تقدمته جاءني فقال لي: كانت لي حاجة إلى قومي، قلت: أجل، فمضينا حتى قدمنا إلى مكة، فدفعت المال إلى أبي سفيان.
2127- وعن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الحلال بيّن والحرام بيّن، وبين ذلك شبهات، فمن ترك الشبهات فهو للحرام أترك، ومعصية الله حمى، ومن رتع حول الحمى يوشك أن يرتع في الحمى، ألا إن لكل ملك حمى وحمى الله محارمه.
2128- وقال صلى الله عليه وسلم: اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله.
(2127) - قوله: «وعن النعمان بن بشير» :
حديثه في الصحيحين، وخرجناه في أول كتاب البيوع من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2691- فتح المنان- وقد تقدم قريبا طرف منه.
(2128) - قوله: «اتقوا فراسة المؤمن» :
في الباب عن أبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي، وثوبان، وأبي هريرة وابن عمر، وأنس بن مالك. -(5/184)
.........
- فأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه البخاري في تاريخه [7/ 354] الترجمة 1529، والترمذي في التفسير من جامعه برقم 5133- وقال: غريب- وابن جرير في تفسيره [14/ 46] ، والعقيلي في الضعفاء [4/ 129] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 127، والخطيب في تاريخه [3/ 191، 7/ 242] ، وأبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين [/ 14] ، وأبو حنيفة في مسنده [1/ 189 جامع المسانيد] ، جميعهم من طرق عن عمرو بن قيس، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد به.
* خالف سفيان الثوري- والقول قوله عند المخالفة- سائر أصحاب عمرو ابن قيس فقال عنه قوله: كان يقال: ... أخرجه العقيلي، وقال الخطيب:
وهو المحفوظ.
وأما حديث أبي أمامة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 121] رقم 7497، وفي مسند الشاميين برقم 2042، والبيهقي في الزهد له برقم 358، وأبو نعيم في الحلية [6/ 118] ، وابن عدي في الكامل [4/ 1523، 6/ 2401] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 663، والخطيب في تاريخه [5/ 99] ، وأبو نعيم في الطب، والحكيم الترمذي في النوادر، وسمويه في فوائده فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [6/ 544- 545] ، جميعهم من حديث عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة به، حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 268] وهو كما قال، فإن عبد الله ابن صالح ومعاوية من رجال مسلم.
وأما حديث ثوبان، فأخرجه ابن جرير في تفسيره [14/ 46- 47] ، وأبو نعيم في الحلية [4/ 81] ، وأبو الشيخ في الأمثال من حديث وهب بن منبه، عن طاوس، عنه مرفوعا بلفظ: احذروا دعوة المسلم وفراسته، فإنه ينظر بنور الله، وينطق بتوفيق الله، وفي إسناده: سليمان بن سلمة الخبائري، وهو ضعيف جدّا، وبعضهم تركه. -(5/185)
2129- وقال صلى الله عليه وسلم: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلّا الحدود.
2130- وقال صلى الله عليه وسلم: من صمت نجا.
- وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 126، وابن الجوزي في الموضوعات [3/ 147] من حديث سليمان بن أرقم، عن الحسن البصري، عنه به.
سليمان بن أرقم متروك الحديث، وقد خالفه معمر فرواه عن الحسن قوله:
كان يقال، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [10/ 451] رقم 19674.
وأما حديث ابن عمر، فأخرجه ابن جرير في تفسيره [14/ 46] ، وأبو نعيم في الحلية [4/ 94] من حديث الفرات بن السائب- وهو متروك- عن ميمون بن مهران، عنه بلفظ حديث الباب.
وأما حديث أنس بن مالك، فهو أمثل ما في الباب مع حديث أبي أمامة المتقدم، أخرج حديث أنس: البزار في مسنده [4/ 243 كشف الأستار] رقم 3632، وابن جرير في تفسيره [14/ 46] ، والطبراني في الأوسط [3/ 445] رقم 2956، وأبو الشيخ في الثواب، وابن السني، وأبو نعيم كلاهما في الطب فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [6/ 545] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1005، جميعهم من حديث أبي بشر المزلق، عن ثابت، عنه يرفعه: إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم، حسنه الهيثمي والسخاوي في المقاصد، والزبيدي في الإتحاف.
(2129) - قوله: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم» :
تقدم تخريجه في صفة أخلاقه صلى الله عليه وسلم برقم 1645، وانظر هناك ما قبله وما بعده.
(2130) - قوله: «من صمت نجا» :
خرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2878- فتح المنان-.(5/186)
2131- وقال صلى الله عليه وسلم: ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى.
(2131) - قوله: «ما قل وكفى» :
في الباب عن أبي سعيد الخدري، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنس بن مالك رضي الله عنه.
أما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه أبو يعلى في مسنده [2/ 319] رقم 1053، ورجاله عن آخرهم ثقات كما في مجمع الزوائد [10/ 255- 256] ، وصححه الضياء في المختارة.
وأما حديث أبي الدرداء، فبعضهم يورده بطوله وبعضهم يختصره، وأوله:
ما طلعت شمس قط إلّا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعان من على الأرض غير الثقلين: أيها الناس هلموا إلى ربكم، ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ولا غربت شمس إلّا وبجنبتيها ملكان يناديان: اللهمّ أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 197] ، وعبد بن حميد في مسنده-[المنتخب برقم 207]- والطيالسي في مسنده برقم 979، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 226] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 247] رقم 4045، وأخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 102، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 188، وأبو نعيم في الحلية [2/ 233، 9/ 60] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 810، والبيهقي في الشعب [7/ 297- 298] رقم 10373، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 814، 2476، والحاكم [2/ 444- 445] ووافقه الذهبي.
وأما حديث أبي هريرة، ففي الصحيحين منه قوله صلى الله عليه وسلم: ما من يوم يصبح العباد فيه إلّا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهمّ أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا، غير أن المؤمل بن إسماعيل- ممن تكلم في حفظه- رواه عن حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن-(5/187)
2132- وقال صلى الله عليه وسلم: عمل قليل في سنّة، خير من عمل كثير في بدعة.
- أبي رافع- أو ابن رافع على الشك- عن أبي هريرة وزاد فيه: وملك بباب آخر يقول: يا أيها الناس، هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ... الحديث، أخرجه البيهقي في الشعب [7/ 396] رقم 10730، فقد وهم فيه إسنادا ومتنا، فأما الإسناد فإنما هو عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، وليس في المتن ما زاده، وقد خالفه بهز وعفان وعبد الصمد، وأسد عند الإمام أحمد [2/ 305- 306] ، وابن حبان- 815 موارد- والطبراني في الأوسط [9/ 432] رقم 8930.
وأما حديث أبي أمامة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [8/ 314] برقم 8020، ولفظه: أيها الناس هلموا إلى ربكم، إن ما قل وكفى، خير مما كثر وألهى، يا أيها الناس إنما هما نجدان: نجد خير ونجد شر، فاجعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1263 بإسناد فيه فضال بن جبير، وهو ضعيف.
وأما حديث ثوبان، فأخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1261، 1262 باللفظ الوارد هنا، وفي إسناده يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو دمشقي ضعيف.
وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 276] من طريق إسماعيل بن سلمان- قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي:
متروك- عن أنس بلفظ حديث الباب.
(2132) - قوله: «عمل قليل في سنة» :
أخرجه أبو محمد الدارمي في المسند الجامع من حديث ابن مسعود قوله:
القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة، بسطنا تخريجه في شرحنا تحت رقم 228- فتح المنان، وذكرت فيه ما يروى في الباب، فيراجع هناك.(5/188)
2133- وأنه صلى الله عليه وسلم خطب الناس بمنى فقال: ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع.
2134- وقال صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة.
2135- عن كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها، فأظهر أنه يريد غيرها، وكان يقول: الحرب خدعة.
2136- وقال صلى الله عليه وسلم: التمسوا الجار قبل شراء الدار، والرفيق قبل الطريق.
2137- وقال صلى الله عليه وسلم: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، ويدع الجذع في عينيه.
(2133) - قوله: «خطب الناس بمنى» :
أخرجاه من حديث ابن عمر، وأخرجه البخاري من حديث ابن عباس، ذكرنا مواضع ذلك في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي عند شرحنا لحديث جبير بن مطعم تحت رقم 238- فتح المنان-.
(2134) - (2135) - قوله: «الحرب خدعة» :
أيضا خرجناه في كتاب السير من المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2607- فتح المنان-.
(2136) - قوله: «التمسوا الجار» :
أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 319] رقم 4379، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 232، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 709، جميعهم من حديث رافع بن خديج مرفوعا وفي أسانيدهم أبان بن المحبر وهو متروك، قاله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 164] .
(2137) - قوله: «يبصر أحدكم القذاة» :
رواه من أصحاب جعفر بن برقان: كثير بن هشام، ومسكين بن بكير، عنه، -(5/189)
2138- وقال صلى الله عليه وسلم: أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم.
2139- وقال صلى الله عليه وسلم: الحزم سوء الظن.
- عن يزيد ابن الأصم، عن أبي هريرة قوله، أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 992، والبخاري في الأدب المفرد برقم 592، وابن أبي الدنيا- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 537]-.
ورواه محمد بن حمير وحده- وهو من رجال البخاري، ثقة له أفراد- عن جعفر بن برقان فرفعه، أخرجه ابن صاعد في زوائده على زهد ابن المبارك برقم 212، وأبو نعيم في الحلية [4/ 99] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 610، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 217، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 1848.
(2138) - قوله: «أكرموا أولادكم» :
أخرجه ابن ماجه في الأدب، باب بر الوالد والإحسان إلى البنات برقم 3671، والعقيلي في الضعفاء [1/ 214] كلاهما من حديث الحارث بن النعمان، عن أنس به، قال البوصيري في الزوائد: في إسناده الحارث بن النعمان لينه أبو حاتم. اه. وقال العقيلي: منكر الحديث.
(2139) - قوله: «الحزم سوء الظن» :
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد مرسل، وفيه انقطاع، قال ابن أبي الدنيا في المداراة حديث رقم 114: حدثني أبي رحمه الله، أخبرنا أبو معاوية، عن إبراهيم بن طهمان عمن أخبره عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الحزم سوء الظن بالناس، رجاله ثقات غير أنه منقطع، ومرسل، وأضعف منه ما أخرجه القضاعي في مسند الشهاب من حديث بقية بن الوليد: ثنا الوليد بن كامل، عن نصر بن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ رفعه: ... ، الوليد بن كامل وعبد الرحمن بن عائذ ومن دون بقية ما بين ضعيف ولين. -(5/190)
.........
- وأمثل منهما حديث أنس الذي أخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 355، 1/ 208] رقم 602، 9454، وابن عدي في الكامل [6/ 2398] وابن أبي الدنيا في المداراة برقم 113 من حديث بقية بن الوليد أيضا لكن عن معاوية بن يحيى، عن سليمان بن سليم، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
احترسوا من الناس بسوء الظن، عزاه الحافظ في المطالب العالية برقم 2701 للإمام أحمد في الزهد فوهم فإنه أخرجه من قول مطرف كما سيأتي.
ومعاوية بن يحيى المذكور في حديث أنس هو الأطرابسي، الدمشقي لا الصدفي، ذاك متفق على تضعيفه، أما هذا فوثقه أبو زرعة وقال: صدوق مستقيم الحديث، ووثقه أيضا أبو علي النيسابوري وهشام بن عمار، وأخرج له النسائي وقال: لا بأس به، وكذلك قال أبو داود وجماعة واختلف قول يحيى فيه لذلك، قال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام، وإذا كان الأمر كذلك فلم يبق إلّا عنعنة بقية كما يفهم من كلام الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 89] حيث قال: فيه بقية وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات.
وقد أنكر بعضهم الحديث لمخالفته عندهم الأمر النبوي بحسن الظن بالمسلم، والحقيقة أنه لا يعارض ذلك لأن أمر المؤمن العاقل وسط، يعقل ويتوكل لا يفعل واحدا دون الاخر، يتوكل مع أخذ الحذر والحيطة، يتقدم تارة عزما، ويتأخر حزما تارة أخرى، وقد مر قريبا عن النبي صلى الله عليه وسلم:
أخوك البكري فلا تأمنه، وقوله صلى الله عليه وسلم: أعقلها وتوكل، ومنه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم:
فر من المجذوم فرارك من الأسد.
نعم، وقد روي حديث أنس من قول مطرف بن عبد الله، كذلك أخرجه الإمام أحمد في الزهد برقم 1356، وأبو نعيم في الحلية [2/ 210] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 129] وقال: روي ذلك عن أنس مرفوعا، والحذر من أمثاله سنة متبعة.(5/191)
2140- وقال صلى الله عليه وسلم: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه.
- وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله- وهو الأشبه- وعن الحكم بن عبد الله الأزرق.
فأخرج ابن عساكر في تاريخه [13/ 253- 256] من حديث الحارث الأعور أن عليا سأل ابنه الحسن عن أشياء من أمر المروءة- وهو حديث طويل- وفيه:
قال علي رضي الله عنه: فما الخرق؟ قال: معاداتك لإمامك، ورفعك عليه كلامك، قال: فما السناء؟ قال: إتيان الجميل وترك القبيح، قال: فما الحزم؟ قال:
طول الأناة، والرفق بالولاة، والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم ...
الحديث بطوله، وهو في الجليس الصالح [3/ 321] .
وعزاه السيوطي في الدرر المنتثرة: لأبي الشيخ عن علي قوله بسند واه جدّا.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العقل برقم 40، وابن حبان في روضة العقلاء [/ 22] ، والبيهقي في الشعب [4/ 166] رقم 4681، جميعهم من حديث ابن أبي شيبة، عن جرير، عن الحكم بن عبد الله الأزرق- وعند البيهقي:
ابن عبد الرحمن- قال: كانت العرب تقول: العقل: التجارب، والحزم:
سوء الظن، وهذا موافق تماما لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المار قريبا: أخوك البكري فلا تأمنه، والله أعلم.
(2140) - قوله: «اطلبوا الخير عند حسان الوجوه» :
ثبت من وجه مرسل برجال الصحيح، ولذلك ذهب جماعة إلى تحسين بعض طرقه المسندة التي لم يبلغ ضعفها الحد، نحو حديث ابن عباس من طريق ابن خراش، ولنبدأ بإيراد الروايات المرسلة حيث يقودنا بعضها إلى المسندة منها نتيجة مخالفة الضعفاء للثقات.
أولا: ذكر مرسل الزهري:
قال ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 10] : حدثنا عبيد الله بن موسى، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا المعروف عند حسان الوجوه، - هذا مرسل برجال الصحيح. -(5/192)
.........
- 1- ذكر من رواه عن الزهري- وفيه حديث عائشة رضي الله عنها:
(أ) رواه سليمان بن أرقم- أحد الضعفاء والمتروكين- أبو معاذ عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به وزاد في المتن: وتسموا بخياركم، وإذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، أخرجه العقيلي في الضعفاء [2/ 121] ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 162] ، وابن عساكر في تاريخه [22/ 184- 185] .
(ب) وتابعه الوقاصي- وهو عثمان بن عبد الرحمن أحد المتروكين- عن الزهري، أخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 68.
* وخالفهما الحكم بن عبد الله الأيلي- كذبه أبو حاتم- فقال: عن الزهري، عن ابن المسيب عنها به مرفوعا، أخرجه ابن عدي في الكامل [2/ 622] ، ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 162] .
وقد روي عن عائشة من غير هذا الوجه:
فأخرج البخاري في تاريخه الأوسط [2/ 162] ، وفي الكبير [1/ 157] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 162] ، وأبو يعلى في مسنده [8/ 199] رقم 4759، والخرائطي في اعتلال القلوب [1/ 166] رقم 342، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 51، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 67، ومن طريقه الشجري في أماليه [2/ 154] ، والبيهقي في الشعب [3/ 278] رقم 3541، 3542، وابن عساكر في تاريخه [51/ 156- 157] تفردت به جبرة- أو خيرة- عن أبيها أو أمها، لا يعرف حالهم، قاله العراقي في تخريج الإحياء [4/ 105] ، والهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 195] .
2- ذكر من رواه عن ابن أبي ذئب عن الزهري- وفيه حديث أنس بن مالك:
(ج) رواه سليمان بن سلمة- يقال: إنه الخبائري- عن عبد العظيم بن حبيب الفهري، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أنس به، أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 161] ، والسيوطي في اللالي [2/ 79] بإسنادهما. -(5/193)
.........
- قال ابن الجوزي- وتبعه الذهبي في الميزان، والسيوطي في اللالىء- اتهمه ابن حبان بوضع الحديث. اه. ولم أره في المجروحين، بل قال ابن عدي في ترجمته من الكامل: له أحاديث صالحة، لكن الحمل فيه عليه، والله أعلم.
(د) ورواه ناعم بن السري، عن قبيصة بن عقبة، عن الثوري، عن ابن أبي ذئب، عن مالك، عن الزهري، عن أنس به، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [57/ 8] وقال: حديث غريب، وإسناده عجيب.
قلت: ناعم بن السري لم أعرفه، ولعل العهدة عليه إذ من فوقه ثقات، وقد رواه السري بن يحيى، عن قبيصة، عن سفيان، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، وهذا سيأتي الكلام عليه.
وقد روي من حديث أنس من غير هذا الوجه:
فأخرج الخطيب في تاريخه [3/ 226] ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 161] من حديث محمد الطرازي- أحد الضعفاء- عن أبي سعيد العدوي- اتهم بوضع الحديث- عن خراش- تابعي لا يعرف حاله- عن أنس به.
ثانيا- ذكر الاختلاف فيه على طلحة- وفيه حديث ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة:
(أ) رواه قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عنه، عن عطاء، عن ابن عباس به، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 59] ، وتمام في فوائده برقم 865، والخطيب في تاريخه [11/ 43، 13/ 158] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 159] ، وابن عساكر في تاريخه [36/ 224- 225] .
(ب) وهكذا قال مالك بن سلام البغدادي، عن مالك بن أنس، عن الثوري، أخرجه الخطيب في تاريخه [13/ 158] .
(ج) ورواه محمد بن خليد الخثعمي، عن مالك بن أنس، عن الثوري، -(5/194)
.........
- عن طلحة، عن عطاء، عن جابر، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [57/ 8] .
(د) ورواه نصر بن سلام المدني، عن مالك، عن سفيان، عن طلحة، عن عطاء، عن أبي هريرة.
أخرجه تمام في فوائده- فيما ذكره السيوطي في الجامع الصغير برقم 11907-، والخطيب في الرواة عن مالك- كما في اللسان لابن حجر-[6/ 152] .
قال الذهبي في ترجمة نصر بن سلام من الميزان: عن مالك بخبر باطل متنه: الخير عند حسان الوجوه ... اه.
(هـ) وهكذا قال أبو داود الطيالسي عن طلحة: عن عطاء، عن أبي هريرة، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 246- 247] .
(و) وقاله زيد بن الحباب عنه أيضا، أخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 70.
(ز) وصفوان بن عيسى، أخرجه الطبراني في الأوسط [4/ 472] رقم 3800.
(ح) ورواه عيسى بن يونس عنه، عن عطاء فأرسله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ابتغوا الخير عند حسان الوجوه، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 10] .
فقد تبين أن الاختلاف فيه من طلحة وهو ابن عمرو الحضرمي، المكي، من رجال ابن ماجه، يقال: إن شعبة كتب عنه، وهو ممن اتفق على تضعيفه.
فهو علته.
وقد روي عن ابن عباس وجابر وأبي هريرة من غير هذا الوجه.
أما حديث ابن عباس فله طرق:
منها: وهو أمثل ما في المسند منه: ما أخرجه الطبراني في الكبير [11/ 81] رقم 1110 من طريق عبد الله بن خراش، عن العوام ابن حوشب، -(5/195)
.........
- عن مجاهد، عنه بنحوه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 195] :
عبد الله بن خراش وثقه ابن حبان وقال: ربما أخطأ، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات.
ومنها: ما أخرجه الخطيب في تاريخه [4/ 185] ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 159] من حديث أحمد بن سلمة، عن منصور بن عمار، عن أبي حفص الابار، عن ليث، عن مجاهد ومن دون ابن سلمة، وابن سلمة وشيخه ضعفاء.
* ورواه مصعب بن سلام- أحد الضعفاء- فاختلف عليه فيه:
(أ) فقال زياد بن أيوب، عنه: عن أبي الفضل القرشي، عن عمرو بن دينار به مرفوعا- مرسل- أخرجه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 54.
(ب) وقال يحيى بن يزيد الخواص، عنه: عن عباد القرشي، عن عمرو، عن ابن عباس به مرفوعا، أخرجه الخطيب في تاريخه [7/ 11] ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 159- 160] .
(ج) ورواه خلف بن يحيى عنه فجعله من مسند جابر بن عبد الله، أخرجه أبو الشيخ في طبقات الأصبهانيين [3/ 158] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 309، 2/ 214] وخلف هذا ضعفوه، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، كان كذابا، لا يشتغل بحديثه. اه.
وأما حديث جابر، فأخرجه الطبراني في الأوسط [7/ 70- 71] رقم 6113، والبزار في مسنده [2/ 398 كشف الأستار] رقم 1948، وتمام في فوائده برقم 1488، والعقيلي في الضعفاء [2/ 138- 139] ، وابن عدي في الكامل [3/ 1138] ، والخرائطي في اعتلال القلوب [1/ 166- 167] رقم 343، وأبو نعيم في الحلية [3/ 156] ، وفي أخبار أصبهان [1/ 151] جميعهم من حديث عمر بن صبهان، عن ابن المنكدر، عن جابر به مرفوعا، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 194] : عمر بن صبهان متروك. -(5/196)
.........
- وأما حديث أبي هريرة فله طريقان:
أخرج الأول: العقيلي في الضعفاء [2/ 321] ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 161] من حديث محمد بن الأزهر البلخي عن عبد الرحمن ابن إبراهيم، عن العلاء، عن أبيه، عنه به.
وعلة هذا الإسناد محمد بن الأزهر، فقد نهى الإمام أحمد عن الكتابة عنه وقال: يحدّث عن الكذابين، وقد بينت لك حال عبد الرحمن بن إبراهيم القاضي في رسالتنا الحطة ضمن كتابنا إتمام الاهتمام وأنه لا بأس به، وبقية رجاله ثقات.
وأخرج الثاني: أبو الشيخ في الأمثال برقم 69، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 53، وابن الجوزي [2/ 161] من حديث يزيد ابن عبد الملك النوفلي- وهو ضعيف جدا- عن عمران بن أبي أنس، عنه به مرفوعا.
هذا وفي الباب عن أبي بكرة، وابن عمر، وعبد الله بن جراد، وعبد الله بن عمرو، ويزيد القسملي، وأبي خصيفة، وعن أبي مصعب الأنصاري مرسلا.
أما حديث أبي بكرة، فأخرجه تمام في فوائده برقم 864 وفيه شيخ تمام أبو علي محمد بن هارون بن شعيب كان ممن يتهم.
وأما حديث ابن عمر، فأخرجه عبد بن حميد في مسنده [/ 243 المنتخب] برقم 751، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 52، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 71، والسهمي في تاريخ جرجان [/ 385- 386] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 661، والخطيب في تاريخه [11/ 295- 296] ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 160] ، جميعهم من حديث محمد بن عبد الرحمن ابن المجبّر- ضعفه الجمهور- عن نافع، عنه به.
ورواه الكديمي، عن روح بن عبادة، عن شعبة، عن قتادة، عن ابن المسيب عن ابن عمر به، أخرجه من طريقه ابن حبان في المجروحين [2/ 313] ، -(5/197)
.........
- ومن طريقه ابن الجوزي [2/ 160] ، والكديمي ضعيف جدّا وبعضهم يتهمه بالوضع.
وله طريق أخرى عن ابن عمر أخرجها السلفي في الطيوريات- كما في اللالىء [2/ 79]- وفي الإسناد من لا يعرف حاله.
وأما حديث عبد الله بن جراد، فأخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2742] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 73، والبيهقي في الشعب [7/ 435] برقم 10876، جميعهم من حديث يعلى بن الأشدق- ضعفوه، لكن عند أبي الشيخ عنه مقرونا بكليب بن جزي، ورقاد بن ربيعة- عن عمه عبد الله بن جراد مرفوعا: إذا ابتغيتم المعروف فابتغوه في حسان الوجوه ... الحديث.
وأما مرسل يزيد القسملي، فأخرجه أحمد بن منيع في مسنده- كما في المطالب العالية برقم 2641- ومن طريقه أبو الشيخ في الأمثال برقم 72، وابن الجوزي في الموضوعات [2/ 161- 162] من حديث هشام بن زياد- وهو متروك- عن الحجاج بن يزيد، عن أبيه به، ويزيد تابعي لا يعرف.
وأما مرسل أبي خصيفة، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [22/ 396] من حديث يحيى بن يزيد- منكر الحديث- عن أبيه وهو ضعيف، عن جده به.
وأما مرسل أبي مصعب الأنصاري- وهو إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت الأنصاري ضعفه أبو حاتم الرازي، وقال: أتعجب من أبي زرعة حيث أدخل حديثه عن ابن عبد الملك في فوائده، ولا يعجبني حديثه-، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [9/ 10] من طريق عيسى بن يونس، عن عبد الحميد بن جعفر عنه به.
وتخلص مما تقدم إلى أن أمثل ما في المرفوع من المرسل: حديث الزهري إذ كان رجاله رجال الصحيح، وأمثل ما في المسند منه حديث ابن عباس الذي في إسناده عبد الله بن خراش الضعيف، وقد قال الحافظ السيوطي في اللالىء: هذا الحديث في معتقدي حسن صحيح، وقد جمعت طرقه في-(5/198)
2141- وعن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
2142- وقال صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة.
2143- وقال صلى الله عليه وسلم: أخبر تقله.
- جزء، وقال شيخ مشايخنا المحدث أحمد بن الصديق الغماري: تكلمت عليه بما تفرد من القواعد، وذكرت ماله من المتابعات والشواهد في جزء سميته: بلوغ الطالب ما يرجوه، من طرق حديث: اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، وحكمت عليه بحسنه لغيره. والله أعلم.
(2141) - قوله: «وعن أبي مسعود» :
عقبة بن عمرو، حديثه في صحيح البخاري، أحاديث الأنبياء، رقم 3483، 3484.
(2142) - قوله: «كل معروف صدقة» :
هو عند البخاري في الأدب، باب كل معروف صدقة برقم 6201 من حديث جابر، وعند مسلم في الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف برقم 1005 من حديث حذيفة.
(2143) - قوله: «أخبر تقله» :
زاد في رواية: وثق بالناس رويدا، يريد: جرّب الناس قبل حمدهم وقبل أن تثني عليهم، فإنك إذا جربتهم قليتهم- أي: بغضتهم- وتركتهم لما يظهر لك من بواطن أمورهم وسرائرهم.
والأثر أخرجه أبو يعلى الموصلي- كما في إتحاف الخيرة [7/ 526] رقم 7460- والطبراني في مسند الشاميين برقم 1493، وابن عدي في الكامل، والعسكري في الأمثال- كما في إتحاف الزبيدي [6/ 357] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 635، 636، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 117، -(5/199)
2144- وقال صلى الله عليه وسلم: حبك الشيء يعمي ويصم.
- وأبو نعيم في الحلية [5/ 154] ، جميعهم من حديث بقية- وحديثه عن الضعفاء ضعيف وهذا منه- عن أبي بكر بن أبي مريم- أحد الضعفاء- عن عطية بن قيس ويقال: عن أبي عطية بن قيس المذبوح- عن أبي الدرداء به مرفوعا، وهو في مسند الديلمي برقم 1154.
وأخرجه ابن المبارك في الزهد له برقم 185 عن أبي الدرداء قوله، وهكذا أخرجه الطبراني في معجمه الكبير- كما في مجمع الزوائد [8/ 90]- ولفظه: ثق بالناس رويدا، قال: وقال أبو الدرداء: أخبر تقله، قال الهيثمي: فيه أبو بكر ابن أبي مريم وهو ضعيف، وعزاه الزبيدي في الإتحاف [6/ 357] للعسكري في الأمثال، وذكر إسناده وإسناد الطبراني وأنه من حديث أبي حيوة شريح بن يزيد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن سعيد بن عبيد الله الأفطس وسفيان بن المذبوح كلاهما عن أبي الدرداء أنه كان يقول.
قال الزبيدي: ورواه العسكري في الأمثال من حديث مؤثرة بن محمد:
ثنا سفيان، عن سعيد بن حسان، عن مجاهد قال: وجدت الناس كما قيل:
أخبر من شئت تقله ... اه.
وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
من حمد الناس ولم يبلهم ... ثم بلاهم ذم من يحمد
وصار بالوحدة مستأنسا ... يوحشه الأقرب والأبعد
(2144) - قوله: «يعمي ويصم» :
روي هذا عن أبي الدرداء مرفوعا وموقوفا عليه من قوله، وعن أبي برزة الأسلمي، وعن عبد الله بن أنيس، وهو حديث حسن ولعله صحيح لما سيأتي.
أما حديث أبي الدرداء، فقال الإمام أحمد في مسنده [5/ 194] : حدثنا عصام ابن خالد، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، عن-(5/200)
.........
- خالد بن محمد الثقفي، عن بلال بن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فذكره، ومن طريق الإمام أحمد أخرجه ابن عساكر في تاريخه [10/ 523] .
تابعه الإمام البخاري، عن عصام أخرجه في تاريخه الكبير [2/ 107] الترجمة رقم 1853 ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [16/ 188] وتابعه أيضا:
القاسم بن يونس، عن عصام، أخرجه الدولابي في الكنى [1/ 101] .
وتابع عصاما، عن أبي بكر:
1- محمد بن مصعب القرقساني، أخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 450] ، وابن عدي في الكامل [2/ 472] ، والخرائطي في اعتلال القلوب برقم 818.
2- ابن المبارك، أخرجه من طريقه يعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 328] ومن طريق يعقوب أخرجه البيهقي في الاداب برقم 147، وفي الشعب [1/ 368] رقم 411.
3- يحيى البابلتي، أخرجه من طريقه الطبراني في مسند الشاميين برقم 1454، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 219.
4- شريح بن يزيد.
5- محمد بن حرب، أخرجه من طريقهما العسكري في الأمثال- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 276]-.
* ورواه بقية بن الوليد فاختلف عليه فيه:
6- فقال مرة عن أبي بكر كقول العامة، أخرجه أبو داود في الأدب من سننه، باب: في الهوى برقم 5130، والطبراني في مسند الشاميين برقم 1468، والخرائطي في اعتلال القلوب برقم 819، والعسكري في الأمثال- كما في إتحاف الزبيدي [7/ 276]-، وابن عساكر في تاريخه [16/ 187 مرتين من طريقين عن بقية] . -(5/201)
.........
-* وقال مرة: عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن بلال، أخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 70 وهذا إسناد حسن، فقد توفر في حديث بقية ما يوجب القول بتحسينه، صرح فيه بالتحديث، وشيخه فيه من ثقات الحمصيين، فإن كان محفوظا فلبقية في هذا الحديث شيخان، والله أعلم.
رجع إلى حديث أبي بكر:
* وقد خالف أبو اليمان عامة أصحاب أبي بكر، فرواه عنه ولم يرفعه، أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 194] وقال: رفعه القرقساني- يشير بذلك إلى الموضع المتقدم [6/ 450]- ومن طريق الإمام أحمد ابن عساكر في تاريخه [10/ 523] أوقفه الإمام أحمد عن أبي اليمان، ورواه أبو زرعة عنه فرفعه، أخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخه [16/ 186] .
وهكذا قال حريز بن عثمان، عن بلال، أخرجه من طريقه البيهقي في الشعب [1/ 368] رقم 412.
وتابعه حميد بن مسلم، عن بلال، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [2/ 107] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [15/ 302- 303] ، وعلقه البيهقي في الشعب [1/ 368] .
* ورواه حميد بن مسلم أيضا عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قوله أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [3/ 172] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [16/ 188] .
* ورواه الوليد بن مسلم، عن أبي بكر، عن بلال فأسقط شيخ أبي بكر خالد بن محمد، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير [2/ 107، 3/ 172] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [15/ 303] ، [16/ 188] ولم أر من تابعه على ذلك. -(5/202)
.........
- وأما حديث أبي برزة الأسلمي، فقال الخرائطي في اعتلال القلوب: حدثنا أبو بدر: عباد بن الوليد الغبري، ثنا يحيى بن حماد، ثنا جعفر بن حيان، عن أبي الحكم، عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حبك الشيء يعمي ويصم، هذا إسناد رجاله عن آخرهم ثقات، أبو بدر شيخ الخرائطي من رجال ابن ماجه، قال عنه ابن أبي حاتم: سمعت منه وهو صدوق، وكذلك قال ابن حجر في التقريب، ويحيى بن حماد ختن أبي عوانة أحد الثقات العباد من رجال الشيخين.
وجعفر بن حيان أبو الأشهب العطاردي من ثقات رجال الستة، وأبو الحكم هو علي بن الحكم البناني من رجال البخاري، قال الحافظ في التقريب: ثقة ضعفه الأزدي بلا حجة.
وعليه فالحديث بهذا الإسناد قوي، وكأن من ضعفه لم يقف عليه من هذا الوجه.
وأما حديث عبد الله بن أنيس، فأخرجه أبو حنيفة في مسنده- كما في جامع المسانيد للخوارزمي [/ 23، 78]- بإسناده إلى يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، عن أبي حنيفة قال: ولدت سنة ثمانين، وقدم عبد الله بن أنيس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكوفة سنة أربع وتسعين ورأيته وسمعت منه وأنا ابن أربع عشرة سنة، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حبك الشيء يعمي ويصم، ومن هذا الوجه أخرجه ابن عساكر في تاريخه [13/ 316] في ترجمة الحسن بن علي، أبي علي اليماني الدمشقي، قال ابن عساكر عقبه: هذا حديث منكر بهذا الإسناد، وفيه غير واحد من المجاهيل. اه.
قلت: المشهور أن عبد الله بن أنيس توفي سنة أربع وخمسين قاله ابن حبان في الثقات، فكأن الأمر كما قال ابن عساكر.(5/203)
2145- وكانت بمكة امرأة صالحة فقدمت المدينة فنزلت على امرأة مثلها، فبلغ ذلك عائشة فقالت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعته يقول: الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
2146- وقال صلى الله عليه وسلم: المستشار مؤتمن.
2147- وقال صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة.
(2145) - قوله: «امرأة صالحة» :
كذا عندنا، وفي رواية أبي يعلى: مزّاحة، فلا أدري تصحفت عندنا أو هي رواية.
قوله: «سمعته يقول» :
حديث عائشة هذا عند البخاري في أحاديث الأنبياء، باب: الأرواح جنود مجندة، دون القصة رقم 3336، وأخرج القصة والحديث أبو يعلى في مسنده [7/ 344] رقم 4381 بالإسناد الموجود عند البخاري، ولذلك أشار إلى القصة الحافظ في الفتح، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 88] :
رجاله رجال الصحيح.
(2146) - قوله: «المستشار مؤتمن» :
خرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 2- فتح المنان- من حديث أبي مسعود الأنصاري بإسناد حسن، وخرجنا تحته حديث سمرة، وأبي هريرة، وأم سلمة، وجابر بن عبد الله فيراجع هناك.
(2147) - قوله: «وإن من الشعر لحكمة» :
أخرجه البخاري في كتاب الأدب من صحيحه، باب ما يجوز من الشعر، من حديث أبي بن كعب، وقد اختلف فيه على الزهري اختلافا كثيرا بيناه في شرحنا لمسند الحافظ أبي محمد الدارمي تحت رقم 2869- فتح المنان-.(5/204)
2148- وقال صلى الله عليه وسلم: إن طول الصلاة وقصر الخطبة مئنّة من فقه الرجل، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحرا.
2149- وقال صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة، وما وقى الرجل به عرضه فهو صدقة، وما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على الله ضامن، إلّا أن ينفقها في بناء أو معصية، قيل لمحمد: وما يعني بقوله: ما وقى الرجل به عرضه؟ قال: ما يعطي الشاعر وذا اللسان.
(2148) - قوله: «إن طول الصلاة» :
أخرجه مسلم في الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة من حديث عمار بن ياسر برقم 869، وخرجناه في المسند الجامع لأبي محمد الدارمي تحت رقم 1677- فتح المنان.
(2149) - قوله: «كل معروف صدقة» :
الحديث بطوله حديث جابر بن عبد الله غير أن الإمام البخاري اقتصر على الجزء الأول منه، فأخرجه في الأدب من صحيحه، باب كل معروف صدقة، من حديث أبي غسان، عن ابن المنكدر، عنه بهذا الجزء رقم 6021.
ورواه بطوله عن ابن المنكدر:
1- المسور بن الصلت- أحد الضعفاء- حديثه عند أبي يعلى في مسنده [4/ 36] رقم 2040، وابن عدي في الكامل [6/ 2424] ، وابن حبان في المجروحين [3/ 7] من طريق أبي يعلى، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 242] ، وفي الشعب [3/ 264، 7/ 392] رقم 3495، 10713.
2- عبد الحميد بن الحسن الهلالي- أيضا ضعفه الجمهور- أخرج حديثه عبد بن حميد في مسنده [/ 327 المنتخب] رقم 1083، والطيالسي في مسنده برقم 1713- بلفظ مختصر-، وابن عدي في الكامل [5/ 1959] ، والدارقطني [3/ 28] ، والبيهقي في السنن الكبرى [10/ 42] ، وفي الاداب-(5/205)
2150- وقال صلى الله عليه وسلم: أعط السائل ولو جاءك على فرس.
- برقم 1028، وفي الشعب [3/ 264، 7/ 392] رقم 3496، 10712، والبغوي في شرح السنة [6/ 146] رقم 1646، وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج برقم 27، وفي قصر الأمل برقم 231، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 50] ، فتعقبه الذهبي في التلخيص بأن عبد الحميد ضعفوه.
قوله: «قيل لمحمد» :
يعني: ابن المنكدر، والقائل له: هو عبد الحميد بن الحسن.
(2150) - قوله: «أعط السائل» :
روي بهذا اللفظ من حديث مالك عن زيد بن أسلم مرسلا، أخرجه في الموطأ برقم 1829، وتابعه معمر، عن زيد، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 93] رقم 20017.
قال ابن عبد البر في التمهيد [5/ 294] : لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافا بين رواة مالك، وليس في هذا اللفظ مسند يحتج به فيما علمت. اه.
خالفهما عاصم بن سليمان- أحد الضعفاء- عن زيد فقال عنه: عن عطاء، عن أبي هريرة وزاد فيه: وأعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، فخالفهم متنا وإسنادا، أخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1878] وقال: لا يرويه عن زيد غير عاصم- كذا قال- وقد رواه عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بالشطر الأول فقط وهذا أمثل، أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 1504] وقال: وعبد الله بن زيد مع ضعفه يكتب حديثه، على أنه قد وثقه غير واحد.
نعم، وقد روي بلفظ: للسائل حق وإن جاء على فرس، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [3/ 113] ، والإمام أحمد في المسند [1/ 201] ، والبخاري في تاريخه [8/ 416] الترجمة رقم 3544، وأبو داود في الزكاة برقم 1665، 1666، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [7/ 23] ، -(5/206)
2151- وقال صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
2152- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثوا عن بني إسرائيل، فإنه كانت فيهم الأعاجيب.
- وفي الشعب [3/ 227] رقم 3396، 3397، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 141] رقم 2893، وأبو نعيم في الحلية [8/ 279] ، جميعهم من حديث يعلى بن أبي يحيى- مدني مجهول- عن فاطمة بنت الحسين، عن الحسين بن علي به مرفوعا.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [22/ 203] رقم 535 من حديث الهرماس بن زياد، وفي إسناده عثمان بن فائد وهو ضعيف.
وأخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 258] من حديث ابن عباس، وفي إسناده إبراهيم بن عبد السلام المخزومي مجهول، ويعد في الضعفاء، واتهم بسرقة الحديث.
(2151) - قوله: «بلغوا عني ولو آية» :
أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء من صحيحه، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم 3461، وأخرجه الترمذي في العلم كلاهما من حديث عبد الله ابن عمرو.
(2152) - قوله: «فإنه كانت فيهم الأعاجيب» :
وفيه قصة رواها جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طائفة منهم خرجوا فأتوا مقبرة من مقابرهم ... الحديث بطوله، قال الحافظ البوصيري في إتحاف الخيرة [3/ 191] : رواه أبو بكر بن أبي شيبة-[9/ 62] رقم 6537- وعبد بن حميد، وأبو يعلى الموصلي- (ولعله في الكبير) بلفظ واحد بسند رجاله ثقات، قال: ورواه أحمد بن منيع من حديث عبد الرحمن بن سابط أوله مرسلا وبقيته موقوفا.(5/207)
2153- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
(2153) - قوله: «تركه ما لا يعنيه» :
رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وهو الصحيح عنه فيما قاله الدارقطني في العلل [3/ 109] ، وابن عبد البر في التمهيد [9/ 195] ، والخطيب في تاريخه [12/ 64] .
وهو الصحيح عن ابن شهاب الزهري في هذا الحديث فيما روي عن الإمام أحمد وابن معين- حكاه ابن رجب في جامع العلوم والحكم-، والبخاري في تاريخه [4/ 220] ، والترمذي في جامعه، والدارقطني في العلل [3/ 110] ، والبيهقي في الشعب [4/ 255] .
أخرج حديث مالك: الترمذي في الزهد من جامعه برقم 2318، وابن وهب في الجامع [2/ 548] رقم 443، وابن الجعد في مسنده برقم 3033، والبخاري في تاريخه [4/ 220] ، وهناد بن السري في الزهد برقم 1117، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 360] ، ووكيع في الزهد برقم 364، وابن أبي الدنيا في الصمت برقم 107، والعقيلي في الضعفاء [2/ 9] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 321] رقم 4133، والخطابي في العزلة برقم 78، والبيهقي في المدخل برقم 87، 88، وفي (الأربعون الصغرى) - دون المتن- رقم 25، وفي الشعب [7/ 416] رقم 10806.
وقد تابع مالكا في إرساله:
1- شعيب بن خالد، أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [1/ 201] ، والبخاري في تاريخه الكبير [4/ 220] .
2- معمر بن راشد، أخرجه من طريقه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 307- 308] رقم 20617، ومن طريقه البيهقي في الشعب [4/ 254- 255] رقم 4986.
3- زياد بن سعد، أخرج حديثه ابن أبي عاصم في الزهد برقم 103، وابن عبد البر في التمهيد [9/ 197] . -(5/208)
.........
- 4- يونس بن يزيد، حديثه عند ابن وهب في الجامع [2/ 548] رقم 443، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 193.
* وهكذا رواه أبو جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي مرسلا، أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2341] من طريق موسى بن عمير، وحكى الدارقطني في العلل [3/ 110] أن موسى بن عمير قال فيه: عن أبيه، عن جده، عن علي فالله أعلم ثم قال: وخالفه يوسف بن أسباط فرواه عن الثوري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب. اه.
أخرجه من هذا الوجه أبو نعيم في الحلية [8/ 249] وقال: غريب عن الثوري عن جعفر تفرد به يوسف.
* ورواه عبد الله بن عمر العمري- أحد الضعفاء- عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه مثل رواية خالد بن عبد الرحمن عن مالك- الاتي تخريجها- أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [1/ 201] ، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 138] ، وتمام في فوائده برقم 477، 478، والعقيلي في الضعفاء [2/ 9] ، والحاكم في تاريخه ومن طريقه البيهقي في الشعب [7/ 415] رقم 10805.
* وقد قيل: إن عبيد الله بن عمر العمري الحافظ الثقة قد تابعه فقال عن الزهري مثله، متصلا، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الصغير [2/ 111] ، وتمام في فوائده برقم 476، والقضاعي في مسند الشهاب جميعهم من رواية قزعة بن سويد- وهو ضعيف- عنه به، وإذا كان الراوي عنه غير قوي فكيف تقوى المتابعة؟.
ثم إنه قد رواه القعنبي عن عبد الله بن عمر العمري الضعيف مثل رواية مالك المرسلة سواء، أخرجه البيهقي في الشعب [7/ 416] رقم 10806.
رجع إلى حديث مالك والزهري:
* وقد خالف بعض أصحاب مالك عامة رواة الموطأ عنه، وزادوا في-(5/209)
.........
- الإسناد: عن أبيه فجعلوه متصلا، قال ذلك عنه: خالد بن عبد الرحمن الخراساني الذي وثقه ابن معين وابن عبد الحكم، وقال أبو زرعة وأبو حاتم- وهو الذي تعرف-: لا بأس به، أخرج حديث خالد: ابن عدي في الكامل [3/ 907] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 9] ، وتمام في فوائده برقم 474، 475، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 152، وابن عبد البر في التمهيد [9/ 195- 196] .
وخالد مع كونه غير ضعيف في الحديث- كما تقدم- غير أنه لم يتابع فيما رواه عن مالك، وتقديم قول الجماعة والعامة أولى، وقد قيل: إن موسى بن داود تابعه، ولم يصح عندي ذلك، فقد انفرد بذلك عن موسى رجل يقال له إبراهيم بن محمد بن مروان، رواه عنه، عن مالك والعمري- وهو عبد الله ابن عمر الضعيف- عن الزهري، ولم يجمع مالكا مع العمري في رواية موسى غير إبراهيم هذا، وقد حكى ابن حجر في اللسان عن الدارقطني قوله فيه: غمزوه، وعامة الرواة عن موسى يذكرون العمري فقط- وسيأتي تخريجها-، فتبين لنا أن خالدا لم يتابعه أحد عن مالك فيما قاله، وأن رواية إبراهيم عن موسى بن داود بذكر مالك في الإسناد منكرة.
* ثم خالف مالكا عن الزهري جماعة رووه عنه على ألوان:
1- فقال قرة بن خالد عنه: عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعا، وقد قيل: قرة ليس بقرة في الحديث، فهو ممن ضعفه الجمهور، لكنه توبع، لذلك حسنه بعضهم، وبعضهم صححه.
أخرج حديثه الترمذي في الزهد برقم 2317- وقال: غريب- وابن ماجه في الفتن برقم 3976، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 54، وابن عبد البر في التمهيد [9/ 198] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 192، والبيهقي في الشعب [4/ 255] رقم 4987، وفي الاداب برقم 1173، وفي المدخل برقم 290، وفي (الأربعون الصغرى) برقم 26، دون سياق-(5/210)
.........
- المتن، والبغوي في شرح السنة [14/ 320] رقم 4132، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 229.
قال أبو عاصم: وقد روي عن مالك، عن الزهري كذلك من رواية أحد أصحابه وهو: محمد بن المبارك الصوري، من مشايخ ابن معين الذين امتدحهم وقال عنه: شيخ أهل الشام بعد أبي مسهر غير أن في الإسناد إليه من لا يعرف حاله، فلعله إن صح عن مالك يكون رواه كذلك خارج الموطأ ولا يبعد، حديث محمد بن المبارك أخرجه الخطيب في تاريخه [12/ 64] .
نعم، وربما يستأنس لحديث قرة ومحمد بن المبارك عن مالك بما رواه محمد بن كثير- أحد أصحاب الأوزاعي- وسط- عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به، أخرجه تمام في فوائده برقم 481.
* وقد تابع قرة- ضعيف آخر- هو عبد الرزاق بن عمر، أخرج حديثه الطبراني في الأوسط [1/ 234] رقم 361، والخطيب في تاريخه [4/ 309] .
* وقد روي من وجه آخر من حديث أبي هريرة أيضا، فأخرجه أبو الشيخ في الأمثال برقم 53، وابن أبي الدنيا في الصمت برقم 108، وتمام في فوائده برقم 479، 480، والخطيب في تاريخه [5/ 172] ، وابن عدي في الكامل [4/ 1588] جميعهم من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري- أيضا يعد في الضعفاء- عن سهيل، عن أبيه، عنه به.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة قال ابن رجب في العلوم: كلها ضعيفة.
قلت: منها: حديث زيد بن ثابت عند الطبراني في معجمه الصغير [2/ 43] ، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 191، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 18] : فيه محمد بن كثير بن مروان وهو ضعيف.(5/211)
2154- وعن الشعبي، عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء؟ قالت: نعم، كان إذا دخل منزله قال: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لا بتغي لهما واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب- ويتوب الله على من تاب- وإنما جعل المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
2155- وروى واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحونة.
2156- وقال صلى الله عليه وسلم: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن الله يطعمهم ويسقيهم ما داموا في مرضهم.
(2154) - قوله: «وعن الشعبي، عن مسروق» :
أعاده المصنف، وقد تقدم في أول الباب برقم 2087.
(2155) - قوله: «كالحمار في الطاحونة» :
أخرجه ابن عدي في الكامل [7/ 2484] من حديث نعيم بن حماد، عن بقية، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن واثلة به، قال ابن عدي: لا أعلم رواه عن بقية غير نعيم- كذا قال- وقد رواه أيضا محمد بن إبراهيم الشامي، عن بقية، أخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 302]- واتهمه به وقال: لا تحل الرواية عنه إلّا عند الاعتبار- وأبو نعيم في الحلية [5/ 219] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 262] وتبع ابن حبان في اتهام محمد بن إبراهيم به ولعل الأولى أن يقال: إن لبقية شيوخا يدلسهم، وحيث لم يصرح بالتحديث فتبقى العلة منه، والحديث في مسند الفردوس أيضا برقم 6607.
(2156) - قوله: «لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب» :
في الباب عن عقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وابن عمر. -(5/212)
.........
- أما حديث عقبة بن عامر، فأخرجه الترمذي في الطب، باب ما جاء:
لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، رقم 2041- وقال: حسن غريب-، وابن ماجه في الطب، باب: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام، رقم 3444، وأبو يعلى في مسنده [3/ 281] رقم 1741، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 293] رقم 807، وفي الأوسط [7/ 148] رقم 6268، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات، رقم 200، والبيهقي في الشعب [6/ 544] رقم 9229، وابن عدي في الكامل [2/ 464] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 383- 384] ، جميعهم من حديث بكر بن يونس، عن موسى بن علي، عن أبيه، عن عقبة به، تفرد به بكر، - وهو ممن اختلف فيه واحتمل حديثه- ولذلك حسنه البوصيري في الزوائد، وحسنه الحافظ ابن حجر بشواهده كما في شرح الأذكار [4/ 90] غير أن أبا حاتم أنكره وقال: هذا حديث باطل كذا في العلل لابنه [2/ 242] وما أظنه كذلك لأن بكرا لم يتهم ولم يترك.
وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه أبو نعيم في الحلية [10/ 51، 221] ، وفي أخبار أصبهان [2/ 147] ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [40/ 340- 341] ، والشجري في أماليه [2/ 282- 283] من حديث شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر به، وشريك حديثه حسن في الشواهد.
وأما حديث عبد الرحمن بن عوف، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 387 كشف الأستار] رقم 3018، والطبراني في معجمه الأوسط [10/ 38] رقم 9089، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 410] وقال: رواته كلهم مدنيون، وأقره الذهبي في التلخيص، وأما الهيثمي فقال في مجمع الزوائد [5/ 86] : فيه الوليد بن عبد الرحمن بن عوف لم أعرفه ولا من روى عنه، وبقية رجاله ثقات. -(5/213)
2157- وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس في آخيّته، يجول ثم يرجع إلى آخيّته، - وأما حديث ابن عمر، فأخرجه العقيلي في الضعفاء [3/ 74] ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 383] رقم 1451، والدارقطني في غرائب مالك- كما في اللسان في ترجمة عبد الوهاب بن نافع- من روايته عن مالك، عن نافع، عنه به، قال العقيلي: عبد الوهاب منكر الحديث لا يقيمه، ووهاه الدارقطني.
تابعه علي بن قتيبة، عن مالك- وهو أيضا منكر الحديث- أخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1850] وقال: باطل عن مالك. اه. وقد أورده ابن حجر في اللسان من خمسة أوجه كلها ضعيفة عن مالك لا يعرف لها أصل من حديثه.
(2157) - قوله: «وعن أبي سعيد الخدري» :
أخرج حديثه: ابن المبارك في الزهد برقم 73، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [3/ 55] ، والبيهقي في الشعب [7/ 452] رقم 10964، 10965، وأبو نعيم في الحلية [8/ 179] ، والبغوي في شرح السنة برقم 3485، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 616.
وأخرجه الإمام أحمد [3/ 38] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 357، 492] رقم 1106، 1332، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 352، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 713، 714، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 201] :
رجالهما رجال الصحيح، غير أبي سليمان الليثي وعبد الله بن الوليد وكلاهما ثقة. اه. وفي قوله نظر لا يخفى، فالأول مستور لم يوثقه سوى ابن حبان، والثاني ضعفه الدارقطني، ووثقه ابن حبان.
نعم، لكن له شاهد من حديث ابن عمر بإسناد صححه السيوطي، أخرجه الرامهرمزي في الأمثال [/ 84] .
قوله: «في آخيّته» :
بالمد والتشديد: حبيل أو عويد يعرض في الحائط ويدفن طرفاه فيه، ويصير-(5/214)
وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان، فأطعموا طعامكم الأتقياء، وأولوا معروفكم المؤمنين.
2158- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يسمع الحكمة ولا يحمل إلّا شرّها كمثل رجل أتى راعيا فقال: يا راعي أعطني شاة من غنمك، قال: اذهب فخذ بأذن شاة منها، فانطلق فأخذ بأذن الكلب.
2159- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أو آخره.
- وسطه كالعروة، تشد فيها الدابة، قاله ابن الأثير، والمعنى أنه قد يبعد المؤمن عن ربه بالذنوب، ثم يرجع إلى أصله وهو الإيمان الثابت في قلبه.
(2158) - قوله: «مثل الذي يسمع الحكمة» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [2/ 353، 405، 508] ، والطيالسي برقم 2563، وابن ماجه في الزهد، باب الحكمة، برقم 4172، وأبو الحسن القطان في زياداته على سنن ابن ماجه صلى الله عليه وسلم (أورده عقبه) ، وابن عدي في الكامل [5/ 1843] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 291، وأبو يعلى في مسنده [11/ 275- 276] رقم 6388، والرامهرمزي في الأمثال برقم 57، 58، والبيهقي في الشعب [2/ 269، 287] رقم 1722، 1788 جميعهم من حديث علي بن زيد بن جدعان- ومداره عليه- عن أوس بن خالد- اختلف في تعيينه فقيل: هو أبو الجوزاء، وقيل: هو أوس ابن أبي أوس أبو خالد وهذا مجهول- عن أبي هريرة به، ضعفه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء.
(2159) - قوله: «مثل أمتي مثل المطر» :
في الباب عن عمار بن ياسر، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين، وعن ابن عمر، وعبد الله بن عمرو وغيرهم. -(5/215)
.........
- أما حديث عمار بن ياسر، فأخرجه من طرق: الإمام أحمد في مسنده [4/ 319] ، والبزار في مسنده برقم 2843 [كشف الأستار] ، والطيالسي في مسنده برقم 647- وفي إسناده انقطاع- والرامهرمزي في الأمثال [/ 109] وصححه ابن حبان- كما في الموارد برقم 2307-.
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 68] وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني، رجال البزار رجال الصحيح غير الحسن بن قزعة وعبيد بن سلمان الأغر وهما ثقتان، قال: وفي عبيد خلاف لا يضر.
ورواه الطبراني أيضا من وجه آخر بإسناد فيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف.
وأما حديث أنس، فأخرجه الإمام أحمد [3/ 130، 143] ، والترمذي في الأمثال، باب مثل أمتي مثل المطر، رقم 2869- وحسنه-، وأبو يعلى في مسنده [6/ 190، 380] رقم 3475، 3717، والطيالسي في مسنده برقم 2023، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 330، 331، والقضاعي في مسند الشهاب برقم 1351، 1352، وابن عدي في الكامل [3/ 918، 1638] ، والرامهرمزي في الأمثال [/ 108- 109] .
وأما حديث عمران بن حصين، فأخرجه البزار في مسنده برقم 2844 [كشف الأستار] من طريق إسماعيل بن نصر، عن عباد بن راشد وزعم أنه لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد أحسن منه، والطبراني في الأوسط [4/ 396] رقم 3673 من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن جده كلاهما عن عمران بن حصين به.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 68] : رواه البزار والطبراني في الأوسط، وإسناد البزار حسن.
وأما حديث عبد الله بن عمر، فأخرجه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1349، 1350، وأبو نعيم في الحلية [2/ 231] ، وابن الأعرابي في معجمه-(5/216)
2160- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل القلب كمثل ريشة بأرض فلاة، تقلبها الريح ظهرا لبطن.
- برقم 1122، وعزاه الهيثمي أيضا للطبراني وقال: وفيه عيسى بن ميمون، وهو متروك.
وأما حديث عبد الله بن عمرو، فأخرجه الطبراني وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهو ضعيف، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 68] .
(2160) - قوله: «مثل القلب كمثل ريشة» :
رواه الأعمش فاختلف عليه فيه:
1- فقال أسباط بن محمد عنه: عن يزيد الرقاشي، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى الأشعري بنحوه مرفوعا، أخرجه ابن ماجه في المقدمة، باب في القدر، برقم 88، وابن أبي عاصم في السنة برقم 228.
2- وتابعه عبيدة بن حميد، عن الأعمش، أخرجه أبو الشيخ في اعتلال القلوب برقم 374.
3- ويحيى بن سعيد الأموي، أشار إليه الدارقطني في العلل [7/ 255] وقال: حديث الأموي أصح.
* وتابع الرقاشي: الجريريّ، عن غنيم بن قيس، أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 419] ، وابن الجعد في مسنده برقم 1499، وابن أبي عاصم في السنة برقم 227، والروياني في مسنده برقم 568، والبيهقي في الشعب [1/ 474] رقم 753، والبغوي في تفسيره [1/ 281] ، وهذا إسناد صحيح، حسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء، وعزاه للطبراني في الكبير- حديث أبي موسى من أجزائه الساقطة المفقودة-.
* وخالفهم محمد بن كناسة رواه عن الأعمش، فأسقط غنيم بن قيس من الإسناد- صورته صورة المنقطع- أخرجه أبو الشيخ في اعتلال القلوب عقب حديث رقم 374.
* ورواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش، فقال عنه: عن أبي سفيان، -(5/217)
.........
- عن أنس، أخرجه البزار في مسنده [1/ 3 كشف الأستار] رقم 44، وابن الأعرابي في معجمه برقم 856، ومن طريقه القضاعي في مسند الشهاب برقم 1369، والبيهقي في الشعب [1/ 473] رقم 751.
* ورواه السهمي في تاريخ جرجان [/ 129] من هذا الوجه إلّا أنه أسقط أبا سفيان شيخ الأعمش فلا أدري أهو من الراوي أو من أخطاء الطبع، قال البزار عقبه: وهذا لا نعلم رواه عن الأعمش بهذا الإسناد إلّا أبو بكر ابن عياش، وقد رواه غيره عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 293] : رواه البزار وفيه أحمد بن عبد الجبار العطاردي وثقه الدارقطني، وقال ابن عدي: رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه.
وله إسناد آخر عن أبي موسى، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 408] ، وأبو نعيم في الحلية [1/ 263] ، والبيهقي في الشعب [1/ 473] رقم 752، من حديث عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، عن أبي كبشة، عن أبي موسى بنحوه مرفوعا، وهذا إسناد صحيح بما قبله.
* وفي الباب أيضا عن أبي عبيدة عامر بن الجراح ولفظه: قلب ابن آدم مثل العصفور يتقلب في اليوم سبع مرات، رجال إسناده ثقات إلّا أن في إسناده انقطاعا وروي مرفوعا وموقوفا.
أخرج المرفوع: أبو نعيم في الحلية [5/ 216] ، والبيهقي في الشعب [1/ 474] رقم 754، وابن أبي الدنيا في الإخلاص- فيما ذكره الزبيدي في الإتحاف [7/ 302] ، ومن طريقه الحاكم في المستدرك [4/ 307] وقال:
صحيح الإسناد، وأعله الذهبي بالانقطاع بين خالد بن معدان وأبي عبيدة.
وأخرج الموقوف: ابن أبي شيبة في المصنف [13/ 322] ، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [1/ 102] ، والبيهقي في الشعب برقم 755.(5/218)
2161- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المنافق كمثل الشاة العائرة، عائرة بين غنمين، يعني: إلى هذه مرة وإلى هذه مرة.
2162- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن تعهدها صاحبها بعقلها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت.
2163- وقال صلى الله عليه وسلم: مثل الصلوات الخمس كمثل رجل على بابه نهر جار، يغتسل منه كل يوم خمس مرات.
2164- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثل المؤمن من أهل الإيمان كمثل الرأس من الجسد، ...
(2161) - قوله: «مثل المنافق» :
خرجنا هذا الحديث في مقدمة مسند أبي محمد الدارمي، باب من رخص في الحديث إذا أصاب المعنى، تحت رقم 331- فتح المنان، من حديث ابن عمر وعبيد بن عمير، فيراجع هناك.
(2162) - قوله: «مثل القرآن» :
أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده، رقم 5031، ومسلم في صلاة المسافرين، باب فضائل القرآن، كلاهما من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: - وهذا لفظ البخاري- إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت.
(2163) - قوله: «مثل الصلوات الخمس» :
أخرجاه في الصحيحين، وخرجناه في مسند أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن تحت رقم 1289- فتح المنان، من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة.
(2164) - قوله: «كمثل الرأس من الجسد» :
زاد في رواية: يألم الرأس فيألم الجسد، كذلك يألم المؤمن ... الحديث.(5/219)
يألم المؤمن من أهل الإيمان، كما يألم الجسد لما في الرأس.
2165- وقال صلى الله عليه وسلم: مثل المريض إذا برأ وصح، كمثل بردة تقع من السماء في صفائها ولونها.
قوله: «يألم المؤمن من أهل الإيمان» :
يعني من ألم أهل الإيمان، فبسبب ألمهم يألم ويحس بالألم من ألمهم، كما أن الجسد يألم لما في الرأس من الألم.
والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 340] ، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 160- 161] رقم 5743، وفي الأوسط [5/ 351] رقم 4693، والروياني في مسنده برقم 1045.
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [8/ 178] : رجال أحمد رجال الصحيح. اه.
قلت: ورجال الروياني ثقات رجال الصحيح خلا علي بن سهل الرملي شيخ الروياني وهو ثقة.
قال الحافظ الهيثمي: ورواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه سوار بن عمارة الرملي وهو ثقة.
وفي الباب عن النعمان بن بشير، فأخرج مسلم في البر والصلة، من حديثه:
المسلمون- وفي رواية عنده وعند غيره: المؤمنون- كرجل واحد، إن اشتكى عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله.
(2165) - قوله: «مثل المريض» :
أخرجه الترمذي في الطب من جامعه، باب التداوي بالرماد، رقم 2086، والطبراني في الأوسط [6/ 78] رقم 5162، والبزار في مسنده [1/ 363 كشف الأستار] رقم 762، والديلمي في مسند الفردوس [4/ 143] رقم 6441، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 346، وابن عساكر في تاريخه [11/ 387] ، والشجري في أماليه [2/ 287] ، والحكيم الترمذي في النوادر-(5/220)
2166- عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
مثل القائم على حدود الله والمداهن في حدود الله كمثل ثلاثة نفر ركبوا سفينة، فجلس أحدهم في صدرها والثاني في وسطها والثالث في أسفلها، فجعل الذي في أسفلها يضربها بفأس معه فقال الذي يليه:
لا تضرب فتغرقنا، وقال الاخر: دعه فإنه يغرق نفسه.
2167- وقال أبو سعيد الخدري: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له.
-[/ 215، 236] ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 92- 93] ، وابن عدي في الكامل [7/ 2534] ، جميعهم من حديث الوليد بن محمد الموقري- وليس بشيء، ضعفه الجمهور لروايته عن الزهري وغيره أحاديث غير محفوظة، لا يتابعه عليها أحد- عن الزهري، عن أنس به، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [2/ 303] : فيه الوليد بن محمد الموقري، وهو ضعيف.
(2166) - قوله: «عن النعمان بن بشير» :
تقدم طرفاه برقم 2114، 2127، وأوله: الحلال بيّن والحرام بيّن، بعضهم يورده بطوله، وبعضهم يفرقه على الأبواب، وقد تقدم أنه في الصحيحين، غير أن هذا الجزء منه لم يورده مسلم، وأورده البخاري في الشركة، باب:
هل يقرع في القسمة؟ والاستهام فيه، رقم 2493، وفي الشهادات، باب القرعة في المشكلات، رقم 2686.
(2167) - قوله: «وقال أبو سعيد الخدري» :
أخرج حديثه الطبراني في الصغير [2/ 84- 85] رقم 825، وفي الأوسط [6/ 406] رقم 5866، والشجري في أماليه [1/ 152، 154] قال الطبراني-(5/221)
.........
- عقبه: تفرد به عبد العزيز بن ربيعة الكلابي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 168] : فيه جماعة لم أعرفهم. اه.
قلت: وفيه أيضا: عطية العوفي، وحديثه صالح في الشواهد والاعتبار.
وفي الباب عن أبي ذر، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس بن مالك.
أما حديث أبي ذر، فأخرجه أبو يعلى في مسنده- كما في النسخة المسندة من المطالب العالية [9/ 288] رقم 4403-: حدثنا سويد بن سعيد، ثنا مفضل، عن أبي إسحاق، عن حنش قال: سمعت أبا ذر وهو آخذ بحلقة الباب وهو يقول: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن أنكر أنكر، أنا أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلف عنها هلك، صححه الحاكم في المستدرك [2/ 343، 3/ 150- 151] ، وتعقبه الذهبي في التخليص بأن المفضل بن صالح ضعفوه، وأنه لم يخرج له سوى الترمذي.
قلت: تابعه عن أبي إسحاق:
1- سليمان بن مهران الأعمش، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 37- 38] رقم 2637، وفي الأوسط [4/ 283- 384] رقم 3502، وفي الصغير [1/ 240] رقم 391، وابن عدي في الكامل [4/ 1514] ، قال الطبراني عقبه: لم يروه عن الأعمش إلّا عبد الله بن عبد القدوس، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 169] : فيه عبد الله بن داهر الرازي وهو متروك.
2- الحسن بن عمرو الفقيمي، أخرجه الطبراني في الأوسط [6/ 333 مجمع البحرين] رقم 3795، وفي إسناده عمرو بن عبد الغفار الفقيمي وهو متروك.
ورواه عن حنش أيضا: سماك بن حرب، أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [6/ 251] رقم 5532 وفيه إسناده عمرو بن ثابت، قال عنه الحافظ في التقريب: ضعيف ورمي بالرفض. -(5/222)
.........
- ورواه عن أبي ذر أيضا:
1- أبو الطفيل: عامر بن واثلة، قال أبو يعلى: حدثنا عبد الله، ثنا عبد الكريم ابن هلال، أخبرني أسلم المكي، أخبرني أبو الطفيل أنه رأى أبا ذر قائما على الباب ... الحديث بمثل حديث حنش، النسخة المسندة من المطالب العالية [9/ 288] برقم 4404، وأخرجه أيضا أبو الشيخ في الأمثال برقم 333.
قال أبو عاصم: عبد الكريم بن هلال أدخله الحافظ الذهبي ميزانه وقال:
لا يدرى من هو، ضعفه الأزدي، فأما أسلم هذا فلم أعرفه، وضعف إسناده البوصيري في الإتحاف [9/ 306] .
2- سعيد بن المسيب، أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 37] رقم 2636، والبزار في مسنده [3/ 222 كشف الأستار] رقم 2614 قال البزار: لا نعلم صحابيا رواه إلّا أبا ذر، ولا له غير هذا الإسناد، تفرد به ابن أبي جعفر. اه. قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 168] : وهو متروك.
قلت: وفي الإسناد أيضا: ابن جدعان وهو ضعيف.
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 38] ، والبزار في مسنده [3/ 222 كشف الأستار] رقم 2615، وأبو نعيم في الحلية [4/ 306] وفي إسناده أيضا الحسن بن أبي جعفر المتقدم ولعله مما اختلف عليه فيه، قال البزار: لا نعلم رواه إلّا الحسن، وليس بالقوي، وكان من العباد، وقد حدث عنه جماعة، وقال أبو نعيم: غريب من حديث سعيد، لم نكتبه إلّا من هذا الوجه، وسيورده المصنف برقم 2231.
وأما حديث ابن الزبير، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 222 كشف الأستار] رقم 2613، أعله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 168] بابن لهيعة، وفي إسناده أيضا ابن أبي مريم وهو أشد ضعفا، ومع الضعف البين في كل طريق على حدته مع هذا قال السخاوي في استجلاب ارتقاء الغرف: بعض هذه الطرق يقوي بعضا. -(5/223)
2168- وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء، يقتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن يضل الهداة.
2169- وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: ألا أخبركما مثلكما في الملائكة ومثلكما في الأنبياء؟ مثلك يا أبا بكر في الملائكة كمثل ميكائيل، ينزل بالرحمة، ومثلك في الأنبياء كمثل إبراهيم عليه السّلام، كذبه قومه وعصوه وهو يقول: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، ومثلك يا عمر- وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه الخطيب في تاريخه [12/ 91] وفي إسناده أبان بن أبي عياش، وهو ضعيف جدّا.
(2168) - قوله: «مثل العلماء في الأرض مثل النجوم» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 157] ، والرامهرمزي في الأمثال [/ 137] من حديث رشدين بن سعد- ضعف- عن عبد الله بن الوليد، عن أبي حفص- مجهول- عن أنس به مرفوعا، وانظر مجمع الزوائد [1/ 121] .
(2169) - قوله: «وروى سعيد بن جبير» :
رواه عنه سعيد بن عجلان تفرد به عنه: رباح بن أبي معروف- من رجال مسلم- قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام، وقال ابن عدي الذي سبر حديثه وأورد له حديث الباب: ما أرى برواياته بأسا، ولم أجد له حديثا منكرا.
وأما سعيد بن عجلان فأورده الذهبي في الميزان وقال: قال الأزدي: فيه نظر، أخرج الحديث: ابن عدي في الكامل [3/ 1031] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [44/ 61- 62] . -(5/224)
كمثل جبريل، ينزل بالبأس والشدة والنقمة على أعدائه، ومثلك في الأنبياء كمثل نوح عليه السّلام قال: وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (26) .
2170- لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر غانما ومعه سبعين أسيرا ثم بات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ببدر، وأمر أن يستوثق كل إنسان منهم من أسيره، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام، فقال أصحابه: ما لك يا رسول الله لا تنام؟ قال: سمعت صوت العباس في وثاقه، فقالوا: يا رسول الله نخلي سبيله؟ قال: لا ولكن خففوا من وثاقه، فإن عم الرجل صنو أبيه.
- ورواه أيضا أبو نعيم في الحلية [4/ 304] ، وابن عساكر في تاريخه [30/ 121، 121- 122] .
وقد روي نحوه من وجه آخر بإسناد صحيح يأتي في الذي بعده.
(2170) - قوله: «لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر» :
القصة بطولها عند ابن أبي شيبة في المصنف [14/ 370- 372] رقم 15837، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى [6/ 321] .
وأخرجها الإمام أحمد في المسند [1/ 383- 384- 384 مرتين] ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال [/ 113] ، والترمذي في الجهاد برقم 714، وفي التفسير برقم 3084 بلفظ مختصر، حسنه وقال: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وأبو يعلى في مسنده [9/ 116] رقم 5187، وابن أبي حاتم في التفسير [5/ 1731] رقم 9151، والطبراني في معجمه الكبير [10/ الأرقام 10257، 10258، 10259، 10260] ، والبيهقي في الدلائل [3/ 138] ، والحاكم في المستدرك وصححه [3/ 21- 22] ، ووافقه الذهبي! والطبري في تاريخه [2/ 295] ، وابن عساكر في تاريخه [44/ 55- 56، 56- 57] ، وابن مردويه في التفسير- كما في الدر المنثور [4/ 105]-، جميعهم من-(5/225)
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور الناس في الأسارى، فقال له أبو بكر: يا رسول الله هم قومك، تقتلهم يدخلون النار، ولكن فادهم، فيكون الذي تأخذه منهم قوة للمسلمين، ولعل الله يقبل بقلوبهم فيسلموا، فقال عمر: يا رسول الله اقتلهم، فو الله ما أعلم قوما شرّا لنبيهم منهم، لقد كذبوك وأخرجوك وقاتلوك فاقتلهم.
قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر، ثم ضرب لهما مثلا فقال: إن مثلكما مثل نوح وإبراهيم، فمثل أبي بكر مثل إبراهيم حيث قال: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، ومثل عمر مثل نوح حيث قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً.
2171- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر:
رجل آتاه الله علما ومالا، فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا، فهو يقول: لو كان لي مثل مال فلان عملت فيه مثل الذي يعمل.
- حديث أبي عبيدة بن مسعود ولم يسمع من أبيه- هذه علته حسب- عن ابن مسعود بنحوه وبعضهم يزيد على بعض.
وفي الباب عن أبي هريرة وابن عمر عزاهما السيوطي في الدر المنثور [4/ 104، 106، 107] لابن مردويه في التفسير، وعن عبد الرحمن بن غنم أخرجه ابن عساكر [44/ 59- 60] ، وعن أم سلمة أخرجه ابن عساكر [44/ 60- 61] ، وعن أبي سعيد الخدري يأتي في الفضائل.
(2171) - قوله: «مثل هذه الأمة» :
رواه الأعمش ومنصور عن سالم بن أبي الجعد.
(أ) أما الأعمش فقال: عن سالم، عن أبي كبشة الأنماري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه وكيع في الزهد برقم 240، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند-(5/226)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الأجر سواء.
ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما، فهو يتخبط في ماله ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو كان لي مثل فلان هذا عملت فيه مثل الذي يعمل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الوزر سواء.
-[4/ 230] ، وابن ماجه في الزهد، باب السنة، برقم 4228، والفريابي في فضائل القرآن برقم 106، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 345] رقم 876، وأخرج حديث الأعمش أيضا: هناد في الزهد برقم 586، والمروزي في زياداته على زهد ابن المبارك برقم 354، والفريابي في فضائل القرآن برقم 105، وابن الأعرابي في معجمه برقم 1900، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 189] .
(ب) وهكذا قال بعض أصحاب منصور عن سالم مثل قول الأعمش عنه، منهم:
1- سفيان الثوري، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 230] ، والطبراني في معجمه الكبير [22/ 344] رقم 861، 862.
2- مسعر بن كدام، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [22/ 344] رقم 863.
* ورواه المفضل بن المهلهل عن سالم فاختلف عليه فيه.
فمرة يقول مثل قول الأعمش وبعض أصحاب منصور عن سالم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 864.
ومرة يقول: عن منصور، عن سالم، عن أبي كبشة، عن أبيه، أخرجه ابن ماجه عقب حديث الأعمش رقم 4228.
* وتابعه معمر، عن منصور على هذا، أخرجه ابن ماجه عقب الذي قبله، والطبراني برقم 865، والبيهقي في السنن الكبرى [4/ 189] وقال:
وابن أبي كبشة هذا معروف، وهو محمد بن أبي كبشة قد روي عنه حديث آخر عن أبيه في وادي ثمود. -(5/227)
2172- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما مثل أصحابي في أمتي كمثل الملح في الطعام، ولا يصلح الطعام إلّا بالملح.
قال الحسن: قد ذهب ملحنا فكيف يصلح؟.
-* ورواه قتادة، عن سالم، فاختلف عليه فيه.
فتارة يقول كقول الأعمش، عن سالم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير برقم 860، 869.
وتارة يقول: عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان أو عن أبي كبشة- على الشك- أخرجه الطبراني برقم 866.
وهذا المقدار من الاختلاف لا يضعف الحديث، فقد رواه عن أبي كبشة:
1- أبو البختري الطائي، أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 231] ، والترمذي في الزهد، باب ما جاء: مثل الدنيا مثل أربعة نفر، رقم 2325- وقال: حسن صحيح- والطبراني في معجمه الكبير برقم 868.
2- أبو كنانة- ولعله الذي يروي عن أبي موسى الأشعري- أخرج حديثه الطبراني في معجمه الكبير برقم 870.
قال أبو عاصم: وأصله في الصحيحين، فأخرج البخاري في فضائل القرآن، باب اغتباط صاحب القرآن من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لا حسد إلّا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثلما يعمل.
وأخرجا نحوه من حديث ابن عمر وابن مسعود. والله أعلم.
(2172) - قوله: «قال الحسن» :
هو البصري، وهو راوي الحديث، عن أنس، رواه عنه: إسماعيل بن مسلم المكي أحد الضعفاء، أخرجه ابن المبارك في الزهد برقم 572، ومن طريقه البغوي في التفسير [1/ 445- 446] . -(5/228)
2173- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران عليهما أبواب متفتحة وستور مرخاة، وعلى رأس الصراط داع يدعو يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط ولا تعوجّوا، وداع يدعو فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان فتح شيء من تلك الأبواب قال له: إن تفتحه تلجه فعليك بالصراط، قال: فالصراط: هو الإسلام، والأبواب المفتحة: محارم الله، والداعي على باب الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم.
- وأخرجه أبو يعلى في مسنده [5/ 152] رقم 2763، والبزار في مسنده [3/ 291 كشف الأستار] رقم 2771 من طرق عن إسماعيل به.
قال البزار: لا نعلم رواه عن الحسن إلّا إسماعيل، ولا عنه إلّا أبو معاوية- كذا يقول- قال: وإسماعيل قد روى عنه الأعمش والثوري وجماعة كثيرة، على أنه ليس بالحافظ، وقد احتمل الناس حديثه، وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 18] بإسماعيل هذا.
قلت: له شاهد من حديث سمرة بن جندب، فأخرج البزار في مسنده [3/ 291 كشف الأستار] رقم 2770، والطبراني في معجمه الكبير [7/ 323] رقم 7098 كلاهما من طريق حبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا: يوشك أن تكونوا في الناس كالملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلّا بالملح، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 18] : إسناد الطبراني حسن.
(2173) - قوله: «ضرب الله مثلا صراطا مستقيما» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 182، 183] ، والترمذي في الأمثال من جامعه، باب ما جاء في مثل الله لعباده رقم 2859- وقال: غريب-، والنسائي في تفسير سورة يونس من السنن الكبرى [6/ 361] رقم 11233، والفسوي في المعرفة [3/ 14 من طريقين] ، وعنه من أحدهما الرامهرمزي-(5/229)
2174- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل البخيل والمتصدق، كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من لدن ثدييهما إلى تراقيهما، فإذا أراد المتصدق أن يتصدق اتسعت عليه حتى تغشى أنامله وتعفي أثره، وإذا أراد البخيل أن ينفق تقلصت عليه وانضمت يداه إلى تراقيه وانقبضت عليه كل حلقة إلى صاحبتها، فيجتهد أن يوسعها فلا يستطيع.
2175- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليأتين على الناس زمان يكونون على شبه أسد وذئب وكلب وثعلب وخنزير وشاة.
فأما الأسد: فملوك الدنيا يغيروا سنتها، ويتعدون حدودها، ويحلون حرامها، ويحرمون حلالها، لا يطمع أحد في فريسته.
وأما الذئب: فالتاجر الفاجر، يذم إذا اشترى، يمدح إذا باع.
وأما الكلب: فالرجل الكذاب.
- في الأمثال برقم 3، وابن أبي عاصم في السنة برقم 18، 19، والبيهقي في الشعب [5/ 7216] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 280، وابن جرير في تفسيره [1/ 75 من طريقين بلفظ مختصر] ، والطحاوي في المشكل [2/ 423، 3/ 35] ، جميعهم من طرق عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان وصححه الحاكم في المستدرك [1/ 73] على شرط مسلم وقال: ولا أعلم له علة، ووافقه الذهبي.
(2174) - قوله: «مثل البخيل والمتصدق» :
أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة، فأخرجه البخاري في الزكاة، باب مثل المتصدق والبخيل، رقم 1443 (بقية مواضعه في الصحيح موضحة الأرقام في هذا الموضع) ، ومسلم في الزكاة، باب مثل المنفق والبخيل، رقم 1021.(5/230)
وأما الثعلب: فالرجل القارىء الذي يأكل بدينه.
وأما الخنزير: فالرجل المتشبه بالنساء، لا يظلف نفسه عن شيء.
وأما الشاة: فالرجل المؤمن، يجز صوفها، ويؤكل لحمها، ويحلب لبنها.
فكيف بشاة بين أسد، وذئب، وكلب، وثعلب، وخنزير؟.
2176- وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدا إلى اليمن، وأمّر عليهم أميرا منهم- هو أصغرهم- فبقي أياما لم يسر، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم رجلا منهم فقال: يا فلان ما لك ما انطلقت؟ قال:
يا رسول الله، أميرنا يشتكي رجله، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بسم الله، وبالله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما فيها- سبع مرات- فبرأ الرجل، فقال له شيخ: يا رسول الله أتؤمّره علينا وهو أصغرنا، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم قراءته القرآن، فقال الشيخ: يا رسول الله لولا أني أخاف أن أتوسده فلا أقوم لتعلمته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فتعلمه، وإنما مثل القرآن كجراب ملأته مسكا ثم ربطت على فيه فإن فتحته فاح عليك ريح المسك وإن تركته كان مسكا موضوعا، كذلك مثل القرآن إن قرأته أو كان في صدرك.
(2176) - قوله: «وعن عثمان بن عفان» :
أخرج حديثه الطبراني في الأوسط [8/ 62] رقم 7122، وقال عقبه: لم يروه عن سلمة بن كهيل إلّا ابنه يحيى، تفرد به إسماعيل بن صبيح.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [7/ 161] : يحيى بن سلمة بن كهيل ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان، وقال: في أحاديث ابنه عنه مناكير. اه.
قلت: وهذا منه، لكن روى مثله بإسناد آخر عن المقبري وقد اختلف عليه فيه. -(5/231)
.........
- فأخرج الترمذي- واللفظ له- في فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي، رقم 2876، والنسائي في السير من السنن الكبرى [5/ 227] رقم 8739، وابن ماجه في مقدمة السنن برقم 217، ومحمد بن نصر في قيام الليل [25- المختصر] ، وأبو الشيخ في الأمثال برقم 334، والبيهقي في الشعب معلقا [2/ 554] عقب رقم 2697، جميعهم من حديث عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وهم ذو عدد فاستقرأهم، فاستقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل منهم من أحدثهم سنا فقال: ما معك يا فلان؟ قال: معي كذا وكذا وسورة البقرة، قال:
أمعك سورة البقرة؟ قال: نعم، قال: فاذهب فأنت أميرهم، فقال رجل من أشرافهم ... وذكر باقي الحديث.
قال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه ابن حبان كما في الموارد برقم 1789، والحاكم في المستدرك [1/ 443] .
* خالفه الليث بن سعد فرواه عن المقبري، عن عطاء مولى أبي أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا أخرجه الترمذي عقب الأول، والبخاري في التاريخ الكبير [6/ 462] ، ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 554] رقم 2698.
* ورواه إبراهيم بن طهمان، عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجه البيهقي في الشعب [2/ 554] رقم 2697.
* ورواه عمر بن طلحة، عن المقبري، عن أبي هريرة علقه البخاري في تاريخه [6/ 462] ومن طريقه البيهقي في الشعب [2/ 554] .
قال البخاري عقبه: والأول أصح- يعني المرسل- وكذا قال النسائي في السنن الكبرى [5/ 228] .(5/232)
2177- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس.
(2177) - قوله: «وعن أبي هريرة» :
أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في الرقاق، باب الغنى غنى النفس، رقم 6446، ومسلم في الزكاة، باب: ليس الغنى عن كثرة العرض، رقم 1051.(5/233)
[جامع أبواب الفضائل والمناقب]
جامع أبواب الفضائل والمناقب(5/235)
[285- باب فضل العرب]
285- باب فضل العرب وقوله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ.
وقوله: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.
وقوله: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.
وقوله: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا.
2178- حدثنا أبو الحسن: محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل السّرّاج المؤدّب: ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان (2178) - قوله: «السراج المؤدب» :
الإمام المحدث القدوة، شيخ الإسلام: أبو الحسن النيسابوري المقرىء، ممن ارتحل في الطلب، فأتم الله له الأرب.
روى عنه الحاكم وقال: قل ما رأيت أكثر اجتهادا وعبادة منه، كان يعلم القرآن، وما أشبه حاله إلّا بحال أبي يونس القوي الزاهد، صلى حتى أقعد، وبكى حتى عمى، توفي سنة ست وستين وثلاث مائة.
سير أعلام النبلاء [16/ 161] ، المنتظم [14/ 251] ، الوافي بالوفيات [6/ 123] ، النجوم الزاهرة [4/ 69] ، البداية والنهاية [11/ 274] ، تاريخ بغداد [6/ 168] ، الشذرات [3/ 167] ، العبر [2/ 327] ، تاريخ الإسلام [وفيات 366- ص 364- 365] ، مرآة الجنان [2/ 387] .(5/237)
الحضرمي قال: حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي، قال: ...
قوله: «الحضرمي» :
هو الإمام المشهور، الشيخ الحافظ الصدوق، محدث الكوفة: أبو جعفر الملقب بمطيّن، صنف المسند والتاريخ، وكان متقنا، سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة جبل.
قال الحافظ الذهبي في السير: تكلم فيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وتكلم هو في ابن عثمان، فلا يعتد غالبا بكلام الأقران، سيما إذا كان بينهما منافسة، وقد عدد ابن عثمان لمطين نحوا من ثلاثة أوهام، فكان ماذا؟ ومطين أوثق الرجلين، ويكفيه تزكية من مثل الدارقطني، وقال الخليلي: ثقة حافظ.
قال: قيل لمطين لم لقبت بهذا؟ قال: كنت صبيا ألعب مع الصبيان، وكنت أطولهم، فنسبح ونخوض فيطينون ظهري، فبصر بي يوما أبو نعيم فقال لي:
يا مطين لم لا تحضر مجلس العلم؟ فلما طلبت الحديث مات أبو نعيم، وكتبت عن أكثر من خمس مائة شيخ.
سير أعلام النبلاء [14/ 41] ، تذكرة الحفاظ [2/ 662] ، الوافي بالوفيات [3/ 345] ، النجوم الزاهرة [3/ 171] ، الميزان [5/ 53] ، اللسان [5/ 233] ، الشذرات [2/ 403] ، وتاريخ الإسلام [وفيات 297- ص 274] ، طبقات الحنابلة [1/ 300] ، الأنساب [5/ 329- 330] ، العبر [2/ 108] ، طبقات الحفاظ [/ 288] .
قوله: «العلاء بن عمرو الحنفي» :
أورده ابن حبان في المجروحين وقال: شيخ يروي عن أبي إسحاق العجائب، لا يجوز الاحتجاج به، وقال صالح جزرة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: كتبت عنه ولم أر إلّا خيرا.
المجروحين [2/ 185] ، الميزان [4/ 23] ، اللسان [4/ 185] ، ضعفاء ابن الجوزي [2/ 188] ، المغني في الضعفاء [2/ 440] ، الديوان [2/ 165] .(5/238)
حدثنا يحيى بن بريد الأشعري، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، قوله: «يحيى بن بريد الأشعري» :
وهو يحيى بن بريد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، أحد الضعفاء، ضعفه الإمام أحمد وابن معين وغيرهما، ووهاه أبو زرعة، وقال الدارقطني:
ليس بالقوي.
الميزان [6/ 39] ، اللسان [6/ 242] ، ضعفاء ابن الجوزي [3/ 192] ، المغني [2/ 731] ، الديوان [2/ 443] .
قوله: «عن ابن جريج» :
هو عبد الملك بن عبد العزيز الاموي مولاهم، الفقيه المكي، أحد الأئمة الأعلام، حديثه في الكتاب الستة، غير أنه اشتهر بالتدليس، وكان يرسل، وهو إمام حجة، وفقيه كبير، انظر ترجمته في:
طبقات ابن سعد [5/ 491] ، سير أعلام النبلاء [6/ 325] ، تذكرة الحفاظ [1/ 169] ، تاريخ بغداد [10/ 400] ، التاريخ الكبير [5/ 422] ، الجرح والتعديل [5/ 356] ، العقد الثمين [5/ 508] ، تاريخ ابن معين برواية الدوري [2/ 371] ، تهذيب الكمال [18/ 338] ، تهذيب التهذيب [6/ 357] ، الكاشف [2/ 185] ، التقريب [/ 363] الترجمة 4193.
قوله: «عن عطاء» :
هو ابن أبي رباح، الإمام مفتي أهل مكة والحرم، وأحد فقهاء التابعين، مجمع على إمامته وجلالته، وحديثه في الكتاب الستة.
طبقات ابن سعد [2/ 386، 5/ 467] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 333] ، وفيات الأعيان [3/ 261] ، سير أعلام النبلاء [5/ 78] ، ثقات ابن حبان [5/ 198] ، التاريخ الكبير [6/ 463] ، الجرح والتعديل [6/ 330] ، غاية النهاية [1/ 518] ، تهذيب الكمال [20/ 69] ، تهذيب التهذيب [7/ 179] ، الكاشف [2/ 231] ، التقريب [/ 391] الترجمة 4591.(5/239)
والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي.
قوله: «وكلام أهل الجنة عربي» :
في إسناده من قد رأيت، أعلّوه بالعلاء بن عمرو، فأوردوه في ترجمته، قال العقيلي: منكر لا أصل له.
تابعه عن السراج: أبو نصر بن قتادة، أخرجه البيهقي في الشعب [2/ 230] رقم 1610، وقال: تفرد به العلاء بن عمرو، عن يحيى بن بريد.
ومن طريق مطين، عن العلاء أخرجه الحاكم في المستدرك [4/ 87] ، وفي علوم الحديث [/ 161- 162] ، ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الشعب [2/ 159] رقم 1433.
وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [11/ 185] رقم 11441، وفي الأوسط [6/ 271] رقم 5579، ومن طريقه العراقي في محجة القرب برقم 12، 13، والعقيلي في الضعفاء [3/ 348] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 41] .
ومن طرق عن العلاء أخرجه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 376] رقم 2641، والواحدي في الوسيط [2/ 599] ، والعقيلي في الضعفاء [3/ 348] ، والعراقي في المحجة برقم 14، وابن عساكر في تاريخه [20/ 140] ، وتمام في فوائده برقم 134، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [19/ 115] ، والعراقي في المحجة برقم 12.
قال الحاكم عقب إيراده: حديث صحيح، فتعقبه الذهبي بأن يحيى بن بريد ضعفه أحمد وغيره، وأنه من رواية العلاء بن عمرو وليس بعمدة، قال:
وأظن الحديث موضوعا.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 52] : فيه العلاء بن عمرو الحنفي، وهو مجمع على ضعفه.
قلت: وفي الباب عن أبي هريرة، فأخرج الطبراني في الأوسط [10/ 71] رقم 9143 ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 273 من طريق عبد العزيز بن-(5/240)
2179- وروى عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
احفظوني في العرب.
2180- عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك، قال: قلت: يا رسول الله كيف أبغضك وبك هدانا الله؟
قال: تبغض العرب فتبغضني.
- عمران- وهو متروك قاله في مجمع الزوائد- عن شبل بن العلاء، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة مرفوعا: أنا عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي.
وطرفه الأول: أحبوا العرب، أيضا روي من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 340] من طريق محمد بن عبد الصمد بن جابر الضبي- قال الذهبي في الميزان: صاحب مناكير- عن أبيه- ضعفه ابن معين كما في اللسان- عن عطاء بن أبي ميمونة، عنه به مرفوعا.
(2179) - قوله: «احفظوني في العرب» :
هو أحد ألفاظ حديث يحيى بن بريد المتقدم، منهم من يقول في أوله: أحبوا العرب لثلاث، ومنهم من يقول: احفظوني في العرب لثلاث، كذلك قال محمد ابن الفضل، عن ابن جريج عند الحاكم، قال الذهبي: وهو متهم.
(2180) - قوله: «تبغض العرب فتبغضني» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [5/ 440- 441] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 19، والترمذي في المناقب، برقم 3927، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 18، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 291] رقم 6093، 6094، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 20، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [1/ 56، 99] ، والعقيلي في الضعفاء [2/ 184] ، والبزار في مسنده البحر [6/ 481] رقم 2513، والبيهقي في الشعب [2/ 229- 230] رقم 1607، وفي مناقب الشافعي [1/ 35] ، والخطيب في تاريخه [9/ 247] ، جميعهم من-(5/241)
2181- وروي عن سلمان الفارسي أنه قال للعرب: لكم علينا أن لا ننكح نساءكم، ولا نؤمكم؛ بتفضيل الله إياكم.
2182- ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: استند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدري فقال: يا علي أوصيك بالعرب خيرا.
2183- وروى ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق.
- حديث أبي بدر شجاع بن الوليد، ثنا قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن سلمان به، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 86] فتعقبه الذهبي في التلخيص بأن قابوس تكلم فيه.
(2182) - قوله: «أوصيك بالعرب خيرا» :
زاد بعضهم: ثلاثا، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [4/ 8- 9] رقم 3481، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 24، والبزار في مسنده [3/ 315 كشف الأستار] رقم 2832، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 25، وابن عدي في الكامل [6/ 2066] ، جميعهم من حديث حبة بن جوين، عن علي به مرفوعا.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 52] : رجال البزار وثقوا على ضعفهم.
(2183) - قوله: «وروى ثابت البناني، عن أنس» :
أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [3/ 257] ، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 333] ، ومن طريق أبي نعيم: العراقي في المحجة برقم 10، والبزار في مسنده [1/ 51 كشف الأستار] رقم 64، وأبو نعيم في الحلية [2/ 333] ، جميعهم من حديث الهيثم بن جماز، عن ثابت، وصححه الحاكم في المستدرك [4/ 87] ، وتعقبه الذهبي بأن الهيثم متروك، وفيه أيضا معقل بن مالك وهو ضعيف.
وهذا لفظ الطبراني: حب قريش إيمان، وبغضهم كفر، وحب العرب إيمان، -(5/242)
2184- عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
سيكون فتن يصطلم فيها العرب، اللسان فيها أشد وقعا من السيف، قتلاها جميعا في النار.
2185- وقال صلى الله عليه وسلم: من غش العرب لم يدخل في شفاعتي، ولم تنله مودتي.
- وبغضهم كفر، فمن أحب العرب فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني.
قال البزار: لا نعلم أحدا رواه عن ثابت إلّا الهيثم، وروى الحسن بن أبي جعفر شبيها به، وهو والهيثم لا يحتجا بما انفردا به.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 53] : الهيثم بن جماز ضعفه أحمد ويحيى بن معين.
وفي الباب عن ابن عمر تقدم في أول الكتاب عند ذكر نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم وفيه: فمن أحب العرب فبحبي أحبهم ... الحديث.
(2184) - قوله: «يصطلم فيها العرب» :
الاصطلام افتعال من الصلم، وهو القطع والإبادة والاستئصال، ووقع في رواية: تستنظف العرب أي تستوعبهم هلاكا.
قوله: «قتلاها جميعا في النار» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 211- 212] ، وأبو داود في الفتن والملاحم، باب في كف اللسان رقم 4265، والترمذي في الفتن، باب كيف يكون الرجل في الفتنة، رقم 2178- وقال: غريب- وابن ماجه في الفتن، باب كف اللسان في الفتن، رقم 3967، جميعهم من حديث طاوس عن رجل يقال له: زياد- وهو ابن سليم العبدي، تابعي مستور، قال البخاري: لا أعلم له غير هذا الحديث- عن عبد الله بن عمرو به.
(2185) - قوله: «ولم تنله مودتي» :
أخرجه الحافظ ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 193] رقم 12517، وعبد الله ابن أحمد في المسند [1/ 72] وجادة، ومن طريقه العراقي في-(5/243)
2186- وقال صلى الله عليه وسلم: من سبّ العرب فأولئك هم المشركون.
2187- قال بعضهم: العرب أكرم الناس أخلاقا، وأطهرهم أعراقا، لأنهم من نسل إبراهيم الخليل، وزرع إسماعيل الذبيح عليه السلام، حبهم إيمان، وبغضهم نفاق، لأن الوحي فيهم نزل، والنبي صلى الله عليه وسلم منهم أرسل، والجود إليهم نسب، والفضل بهم عصب.
2188- وقيل: إن العرب يد ورجل، والأتراك يد بلا رجل، والدّيالمة رجل بلا يد، وذلك أن العرب تعمل راكبا وراجلا، والأتراك هم الفرسان، فإذا صاروا رجالة ذهبت صولتهم، والديالمة قل ما يخرج منهم فارس.
2189- قال وكيع بن الجراح: ما من قوم مضوا في حاجة ومعهم رجل من قريش أو العرب إلّا قضيت حاجتهم بالحسنى.
- المحجة برقم 27، وعبد بن حميد في مسنده [/ 48- المنتخب] رقم 53، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 27، والترمذي في المناقب، باب في فضل العرب، رقم 3928 ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 27، جميعهم من حديث حصين بن عمر- قال الترمذي: وليس بالقوي- عن مخارق، عن طارق بن شهاب، عن عثمان به.
(2186) - قوله: «من سب العرب» :
أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2375- 2376] ، والعقيلي في الضعفاء [4/ 217] ، والبيهقي في الشعب [2/ 231] رقم 1612، والخطيب في تاريخه [10/ 294] ، جميعهم من حديث مطرف بن معقل- وهو منكر الحديث- عن ثابت، عن أنس به مرفوعا، وزعم الذهبي أنه موضوع.(5/244)
[286- فصل: ذكر فراسة أعرابيّ]
286- فصل:
ذكر فراسة أعرابيّ 2190- عن عبد الله بن الحسن بن علي قال: أخبرني أبي أن عبد الله بن طاهر لما صار إلى المدينة بينا هو راكب ومعه كاتبه إسحاق بن إبراهيم الرافقي، ...
(2190) - قوله: «أن عبد الله بن طاهر» :
هو أبو الحسين بن مصعب بن رزيق، الأمير العادل، السخي الباذل:
أبو العباس حاكم خراسان وما وراء النهر، ولاه المأمون دمشق ومصر، وقدم دمشق مجتازا إلى مصر، وكان ملكا مطاعا، سائسا مهيبا، جوادا ممدحا من رجال الكمال، له باع في النظم والنثر. انظر أخباره وماله من النثر والشعر في:
سير أعلام النبلاء [10/ 684] ، تاريخ ابن عساكر [29/ 216] ، تاريخ الطبري [8/ 610] ، تاريخ بغداد [9/ 483] ، النجوم الزاهرة [2/ 258] ، حسن المحاضرة [1/ 593] ، وفيات الأعيان [3/ 83] ، الكامل لابن الأثير [7/ 14] ، البداية والنهاية [10/ 302] ، العبر [1/ 357] ، المجالسة وجواهر العلم، الفقرات: 2285، 3218، 3377، الفرج بعد الشدة [1/ 339] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 230- ص 229، وقد استوعب محققه مظان ترجمته فانظرها فيه] .
قوله: «إسحاق بن إبراهيم الرافقي» : نسبة إلى الرافقة، من أعمال الجزيرة بينها وبين الرقة ثلاثمائة ذراع، انظر عنه في:
بغية الطالب [3/ 1450] ، تاريخ ابن عساكر [8/ 179] .(5/245)
وإسحاق ابن أبي ربعي وزيره، وأبو السمراء، إذ أقبل أعرابي على قعود له، فلما نظر إليه عبد الله بن طاهر قال: إن الأعراب أفطن قوم، وفيهم الرّجز والفأل والفراسة والقيامة، ويشرف أحدهم على الموكب فيسلم بالإمرة وهو لا يعرف الأمير، وإني لأحسب الأعرابي منهم، فإذا سلم فردوا عليه بأجمعكم كي يلبس عليه الأمر.
فلما دنا الأعرابي وسلم بالإمرة ردوا عليه بأجمعهم، فتحير الأعرابي ساعة، ثم نظر إلى إسحاق بن أبي ربعي- وكان كاتبه- فأنشأ يقول:
أظن بلا شك بأنك كاتب ... عليم بأبواب الرشا بصير
قوله: «وإسحاق بن أبي ربعي» :
في الأصول: ابن أبي الربيع، وهو تصحيف، انظر عنه في:
تاريخ ابن عساكر [8/ 215] ، والمواضع المتقدمة في الذي قبله.
قوله: «وأبو السمراء» :
اسمه العلاء بن عاصم الغساني، انظر عنه في:
تاريخ ابن عساكر [47، 219، 66/ 281] ، وفهارس تاريخ الطبري، وفهارس تاريخ ابن الأثير.
قوله: «كي يلبس عليه الأمر» :
وفي رواية: قال أبو السمراء: وكنا يومئذ أفره من الأمير دوابا، وأجود منه كسا، قال: فجعل الأعرابي ينظر في وجوهنا، قال: فقلت: يا شيخ قد ألححت في النظر، أعرفت منا أمرا أنكرته؟ قال: والله ما عرفتكم قبل يومي هذا، ولا أنكرتكم لسوء أراه بكم، ولكني رجل حسن الفراسة في الناس، جيد المعرفة بهم، قال: فأشرت إلى إسحاق بن أبي ربعي، وأنشأ يقول: فذكره.(5/246)
أديب خدوم للملوك مساعد ... على ما أرادوا للبلاد خبير
ثم نظر إلى إسحاق بن إبراهيم- وهو وزيره- فأنشأ يقول:
ومظهر نسك ما عليه ضمير ... يحب الهدايا بالرجال مكور
أظن به جبنا وبخلا سمته ... يخبر عنه أنه لوزير
ثم نظر إلى أبي السمراء فأنشأ يقول:
وأنت خليل للأمير ومؤنس ... لكون له بالقرب منك سرور
وأنت أخو لب وبالشعر عالم ... وأنت نديم مرة وسمير
ثم نظر إلى عبد الله بن طاهر فقال:
وهذا الأمير المرتجا سيب كفه ... وما أن له في العالمين نظير
عليه رداء من جلال وهيبة ... ووجه بإدراك النجاح يشير
قوله: «أظن بلا شك» :
كذا عندنا، وعند غيرنا:
أرى كاتبا داهي الكتابة بيّن ... عليه وتأديب العراق منير
له حركات قد يشاهدن أنه ... عليم بتقسيط الخراج بصير
القافية رائية عند الأكثر، وفي موضع عند ابن عساكر ميمية:
أرى كاتبا داهي الكتابة بيّن ... عليه وتأديب العراق كريم
وفيه علامات يشاهدن أنه ... بصير بتقسيط الخراج عليم
انظر القصة بطولها من طرق في:
تاريخ ابن جرير [8/ 611] ، ومن طريق ابن جرير: ابن النديم في بغية الطلب [3/ 1450] ، وابن عساكر [8/ 179] ، وأخرجها ابن عساكر أيضا بطولها من وجه آخر في [47/ 219- 222] ، وأوردها ابن الأثير أيضا في كامله [4/ 207] في حوادث سنة 210.(5/247)
كريم له من الكرامات سوابق ... على كل من يزهو بهم ويطير
فما قلت ظنا بل فراسة قائف ... وعلم لكشف الغائبات سفير
قال: فضحك عبد الله بن طاهر واستظرفه، وقال: ويحك! أساحر أنت؟ وأمر له بمائة ألف درهم، واستصحبه.
قوله: «سفير» :
زاد غيره باختلاف يسير في الأبيات:
ألا إنما عبد الإله ابن طاهر ... لنا والد في دهرنا وأمير(5/248)
[287- فصل: في فضل قريش]
287- فصل:
في فضل قريش 2191- روى عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أهان قريشا أهانه الله.
(2191) - قوله: «أهانه الله» :
زاد في حديث أنس: قبل موته، حديث عثمان رضي الله عنه أخرجه الإمام أحمد في مسنده [1/ 64] فقال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر بن عمر التيمي قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمي عبيد الله بن عمرو بن موسى يقول: كنت عند سليمان بن علي رضي الله عنه فدخل شيخ من قريش فقال سليمان: انظر إلى الشيخ فأقعده مقعدا صالحا فإن لقريش حقا، فقلت:
أيها الأمير ألا أحدثك حديثا بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال قلت له: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أهان قريشا أهانه الله، قال:
سبحان الله! ما أحسن هذا، من حدثك هذا؟ قال: قلت: حدثنيه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال لي أبي: يا بني إن وليت من أمر الناس شيئا فأكرم قريشا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أهان قريشا أهانه الله.
ومن طريق الإمام أحمد أخرجه العراقي في المحجة برقم 109 وقال: هذا حديث حسن.
وأخرجه البزار في مسنده [3/ 295 كشف الأستار] رقم 2781، والعقيلي في الضعفاء [3/ 124] ، وأبو يعلى- كما في إتحاف البوصيري [9/ 415] رقم 9257، ومجمع الزوائد [10/ 27] ولعله في الكبير- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [46/ 285] ، والحاكم في المستدرك [4/ 74] ، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1505، وابن عساكر في تاريخه-(5/249)
.........
-[46/ 285] ، والضياء في المختارة [1/ 511- 513] وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2288.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 27] : رجاله ثقات.
وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص، وأنس بن مالك، وابن عباس، وعمرو بن العاص، وابن شهاب، وعمر بن عبد العزيز مرسلا.
أما حديث سعد بن أبي وقاص، فرواه الزهري واختلف عليه فيه.
1- (أ) أما صالح بن كيسان فتارة يقول: عن الزهري، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم، عن سعد به، كذلك أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 171، 183] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [53/ 105] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 171] رقم 12442، ومن طريقه البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 61] ، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 634] رقم 1504، والحاكم في المستدرك [4/ 74] .
(ب) وتارة يقول صالح: عن الزهري، عن محمد بن أبي سفيان، عن يوسف بن الحكم، عن محمد بن سعد، عن سعد، كذلك أخرجه الترمذي في المناقب برقم 3905- وقال: غريب- والبخاري في تاريخه [1/ 103] الترجمة 2288، وأبو يعلى في مسنده [2/ 113] رقم 775، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [53/ 106] ، وأبو نعيم في المعرفة [1/ 140] رقم 545، والبغوي في شرح السنة [14/ 61] رقم 3849، وتمام في فوائده برقم 1421، 1422، وفي مسند المقلين [/ 63- 64] ، ومن طريقه ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد [3/ 82] ، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 634] رقم 1503.
(ج) ورواه صالح أيضا عن الزهري فأسقط يوسف بن الحكم، أخرجه الإمام أحمد في المسند [1/ 183] ، ومن طريقه ابن عساكر [53/ 106] .
2- ورواه محمد بن عبد الرحمن بن مجبر- وهو ضعيف- عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه به، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير-(5/250)
.........
-[1/ 108] رقم 327.
3- ورواه معمر، عن الزهري، عن عمر بن سعد- أو غيره-، عن سعد، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 58] رقم 19904، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [1/ 176] ، ومن طريقه الضياء في المختارة [3/ 224] ، وابن عدي في الكامل [2/ 334] من طريق عبد الرزاق.
قال الدارقطني في العلل [4/ 362] : وهم فيه معمر والصحيح حديث صالح بن كيسان، وقال أيضا: الصحيح في حديث الزهري عن محمد بن أبي سفيان. اه.
4- ورواه حكيم بن أبي حكيم، عن الزهري وعمر بن عبد العزيز به مرسلا، أخرجه الشافعي في مسنده برقم 692.
وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 295- 296 كشف الأستار] رقم 22782، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 634] رقم 1506، والطبراني في معجمه الأوسط [6/ 429- 430] رقم 5920، وفي الكبير [1/ 233] رقم 753، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 110، وابن الأعرابي في معجمه [2/ 570- 571] رقم 1120، وابن عدي في الكامل [6/ 214] ، جميعهم من حديث محمد بن سليم أبي هلال الراسبي- اختلف فيه، وبعضهم لينه- عن قتادة، عن أنس مرفوعا: من أهان قريشا أهانه الله قبل موته، قال الحافظ العراقي: هذا حديث حسن، وقال في مجمع الزوائد [10/ 27] : بقية رجاله رجال الصحيح.
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان [2/ 109] ، وتمام في مسند المقلين [/ 67] ، ومن طريقه ابن عساكر [35/ 409] ، والذهبي في سير أعلام النبلاء [6/ 73] ، جميعهم من حديث أبي مسلم عبد الرحمن بن مسلم الخراساني- قال الذهبي: ليس بأهل أن يحمل عنه شيء- عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده به مرفوعا. -(5/251)
2192- وروى رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن قريشا أهل صبر وأمانة، فمن بغاها العواثر أكبه الله لوجهه يوم القيامة.
- وأما حديث عمرو بن العاص، فروي مرفوعا وموقوفا بإسناد ضعيف جدا والاختلاف فيه من إسحاق بن سعيد بن أركون وهو منكر الحديث.
أخرج المرفوع تمام في فوائده برقم 1526، من طريق ابن أركون هذا:
حدثنا سلمة بن العيار، عن ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عنه مرفوعا:
قريش خالصة لله، فمن نصب لها حربا- أو: من حاربها- سلب، ومن أرادها بسوء خزي في الدنيا والاخرة- إسناده واه جدّا.
ومن طريق تمام أخرجه ابن عساكر في تاريخه [22/ 110] وأخرجه أيضا [8/ 305- 306] من طريق أحمد بن أنس عن إسحاق به.
ورواه الديلمي في مسند الفردوس [3/ 223] رقم 4652 من هذا الوجه أيضا- كما في المحجة للعراقي [/ 236- 237] رقم 134-، فأوقفه على عمرو بن العاص، والطريقان معلولان.
قال ابن عساكر في تاريخه [8/ 306] عقب حديث ابن أركون المتقدم:
وبهذا الإسناد عن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يرد هوان قريش أهانه الله عزّ وجلّ.
وانظر التعليق على الحديثين الاتيين.
(2192) - قوله: «وروى رفاعة بن رافع» :
أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [4/ 340 ثلاث مرات] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 111- وقال: صحيح، رجاله ثقات- والشافعي في مسنده [2/ 194- 195] رقم 695، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 167- 177] رقم 12433، ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة [2/ 635] رقم 1507، والطبراني في معجمه الكبير [5/ 37- 38، 38، 39] رقم 4544، 4545، 4546، 4547، والبخاري في الأدب المفرد برقم 75، والبيهقي في مناقب الشافعي [1/ 61] ، والبزار في مسنده-(5/252)
2193- وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: قريش راية الله في الأرض، فمن بغاها العواثر أكبه الله في النار على وجهه.
2194- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أذل قريشا أذله الله.
-[3/ 294- 295 كشف الأستار] رقم 2780، والحاكم في المستدرك [4/ 73] وصححه، وأقره الذهبي.
(2193) - قوله: «وفي رواية» :
في الباب عن معاوية، وجابر بن عبد الله.
أما حديث معاوية، فأخرج البخاري في المناقب، باب مناقب قريش من حديث جبير بن مطعم أنه بلغ معاوية، أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب معاوية، فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلّا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين.
وأما حديث جابر، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [11/ 233] ، من طريق المسور بن عبد الملك بن عبيد بن سعيد بن يربوع المخزومي، عن زيد بن عبد الرحمن بن سعيد بن عمرو بن نفيل من بني عدي، عن أبيه، عن جابر مرفوعا: إن قريشا أهل أمانة لا يبغيهم العثرات أحد إلّا أكبه الله عزّ وجلّ لمنخريه.
وانظر تخريج ما قبله.
(2194) - قوله: «من أذل قريشا أذله الله» :
عزاه السيوطي في الدر المنثور [8/ 637] لعبد بن حميد وابن المنذر كلاهما عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: من أذل قريشا أذله الله، وقال: ارقبوني وقريشا، فإن ينصرني الله عليهم فالناس لهم تبع، -(5/253)
2195- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا من قريش ولا تعلموها.
- فلما فتحت مكة أسرع الناس في الإسلام فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
الناس تبع لقريش في الخير والشر، كفارهم تبع لكفارهم، ومؤمنوهم تبع لمؤمنهم.
(2195) - قوله: «قدموا قريشا ولا تقدموها» :
في الباب عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعلي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وعبد الله بن السائب، وسهل بن أبي حثمة، والبراء بن عازب، وعتبة بن غزوان، وجبير بن مطعم، وابن عباس، وقتادة بن النعمان، وعائشة رضي الله عنها، وأبي جعفر مرسلا، وابن شهاب بلاغا، وعن الحارث بن عبد الرحمن كذلك.
أما حديث جابر بن عبد الله، فأورده المصنف في الذي بعده، وهو عند ابن عدي في الكامل [1/ 299] بلفظ مختصر بن حديث إسماعيل بن يحيى التيمي، عن الثوري، عن ابن المنكدر، عن جابر مرفوعا: قريش على مقدمة الناس يوم القيامة، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لمحسنها عند الله من الثواب.
قال ابن عدي: إسماعيل بن يحيى يحدث عن الثقات بالبواطيل، وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل، ليس يرويه غير إسماعيل عن الثوري.
وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه البزار في مسنده [3/ 296 كشف الأستار] رقم 2784، وابن عساكر في تاريخه [58/ 378] وعزاه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 25] للطبراني وقال: فيه أبو معشر وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1810] من حديث عثمان بن عبد الرحمن الجمحي- اختلف فيه- عن الزهري، -(5/254)
.........
- عن ابن وديعة، عن أبي هريرة مرفوعا: قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا منها ولا تعلموها.
قال ابن عدي: عامة أحاديثه لا يوافقه عليه الثقات، وعامة ما يرويه مناكير إما إسنادا وإما متنا.
وأما حديث عبد الله بن السائب، فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة [2/ 237] رقم 1518، 1519، والطبراني في معجمه الكبير- كما في المحجة للعراقي [/ 219- 220]- ومن طريقه العراقي في كتابه المشار إليه برقم 120، كلاهما من حديث أبي معشر- وفيه ضعف- عن المقبري، عن عبد الله بن السائب مرفوعا: قدموا قريشا ولا تقدموها.
وأما حديث سهل بن أبي حثمة، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 168- 169] ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1515، 1521، برقم 12436، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 55] والبيهقي في السنن الكبرى [3/ 122] من حديث معمر، عن الزهري عنه مرفوعا: تعلموا من قريش ولا تعلموها، وقدموا قريشا ولا تؤخرها، فإن للقرشي قوة الرجلين من غير قريش، إسناده على شرط الصحيح، وعزاه في الكنز [13/ 34] رقم 33863 للطبراني.
وأما حديث البراء بن عازب، فعزاه صاحب الكنز [13/ 31] رقم 33841 للبارودي ولفظه: لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله.
وأما حديث عتبة بن غزوان فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة [2/ 632، 637] رقم 1516، 1520 من طريق ابن شهاب، عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب كلاهما عنه بلفظ: قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا من قريش ولا تعلموها.
وأما حديث جبير بن مطعم، فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1517، وما بعده رقم 1521، 1528، والبيهقي في المدخل- كما في-(5/255)
.........
- المحجة للعراقي [/ 216] إذ ليس في المطبوع منه- ومن طريقه العراقي في كتابه المشار إليه برقم 118، وقال: هذا حديث حسن، من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عنه مرفوعا: يا أيها الناس لا تقدموا قريشا فتهلكوا، ولا تخلفوا عنها فتهلكوا، ولا تعلموا قريشا وتعلموا منها، فإنهم أعلم منكم، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بالذي عند الله.
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1529 من حديث طلحة بن عمرو- متروك الحديث- عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا بطرفه: لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله.
وأما حديث قتادة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 384] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 114، والشافعي في مسنده برقم 696، وابن أبي عاصم في السنة برقم 1530، والبزار في مسنده [3/ 297 كشف الأستار] رقم 2787 جميعهم من حديث ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث أن قتادة بن النعمان الظفري وقع في قريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مهلا يا قتادة، لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منهم رجالا تزدري عملك مع أعمالهم، وفعلك مع أفعالهم، وتغبطهم إذا رأيتهم، لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله.
قال يزيد: سمعني جعفر بن عبد الله بن أسلم وأنا أحدث هذا الحديث فقال: هكذا حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده، وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [19/ 6- 7] رقم 10.
قال الحافظ العراقي: حديث صحيح، أخرجه أحمد هكذا في مسنده من الطريقين معا، الأول مرسل والثاني متصل، ورجالهما ثقات، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 23] : رجال البزار في السند رجال الصحيح، ورجال أحمد في المرسل والمسند رجال الصحيح غير جعفر بن عبد الله بن أسلم في مسند أحمد وهو ثقة، وفي بعض رجال الطبراني خلاف. -(5/256)
2196- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تؤموا قريشا وائتموا بها، ولا تقدموا على قريش وقدموها، ولا تعلموا قريشا وتعلموا منها، فإن أمانة الأمين من قريش تدل أمانة أمينين من غيرهم، وإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بمالها عند الله.
- قال الحافظ العراقي في المحجة [/ 214] : وقد قيل: إن الذي تكلم في قريش أبو قتادة الأنصاري، ثم أسند حديثه من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن محمد بن عكرمة، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أن أبا قتادة الأنصاري ... القصة.
قال العراقي: ورويناه في كتاب المدخل للبيهقي من رواية الليث، عن ابن الهاد، عن سعد بن إبراهيم، وقال: هذا مرسل جيد، والذي قبله موصول.
وأما حديث عائشة، فأخرجه الإمام أحمد في المسند [6/ 158] ، ومن طريقه العراقي في المحجة [/ 212] رقم 113 أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال: لولا أن تبطر قريش ... الحديث، قال الحافظ العراقي: حديث صحيح، رجاله محتج بهم في الصحيح.
وأما حديث أبي جعفر المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 167] رقم 12431 من حديثا ابن إدريس، ثنا هاشم بن هاشم، عن أبي جعفر رفعه: لا تقدموا قريشا فتضلوا، ولا تأخروا عنها فتضلوا، خيار قريش خيار الناس، وشرار قريش شرار الناس، والذي نفس محمد بيده لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لخيارها عند الله- أو ما لها عند الله-.
وأما حديث ابن شهاب، أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا منها ولا تعلموها، أو: لا تعالموها، شك ابن أبي فديك، فأخرجه الشافعي في مسنده برقم 691، وأخرج أيضا حديث الحارث بن عبد الرحمن الجزء الأخير منه: لولا أن تبطر قريش ... رقم 693.(5/257)
2197- وعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحبوا قريشا ولا تبغضوها فتهلكوا.
(2197) - قوله: «أحبوا قريشا» :
في الباب عن:
1- سهل بن سعد، أخرجه الحسن بن عرفة في جزءه برقم 92، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 125، والطبراني في معجمه الكبير [6/ 150] رقم 5709، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 124، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 641] رقم 1541، والبيهقي في الشعب [2/ 231] رقم 1611، جميعهم من حديث عبد المهيمن بن عباس، عن أبيه، عن جده مرفوعا: أحبوا قريشا فإن من أحبهم أحبه الله، قال في مجمع الزوائد [10/ 27] : عبد المهيمن ضعيف.
2- وعن عدي بن حاتم أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [17/ 86] رقم 201 من حديث أبي جنادة السلولي- ضعيف جدا، وبعضهم اتهمه- عن الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم قال: كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاء من بدر، فقال رجل من الأنصار:
وهل لقينا إلّا عجائز كالجزر المعقلة فنحرناهم؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيته كأنه تفقأ فيه حب الرمان، ثم قال: يا ابن أخي لا تقل ذلك، أولئك الملأ الأكبر من قريش، أما لو رأيتهم في مجالسهم بمكة لهبتهم، فو الله لأتيت مكة فرأيتهم قعودا في المسجد فما قدرت أن أسلم عليهم من هيبتهم، قال: فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الناس، أحبوا قريشا، فإنه من أحب قريشا فقد أحبني، ومن أبغض قريشا فقد أبغضني، وأن الله حبب إليّ قومي فلا أتعجل لهم نقمة، ولا استكثر لهم نعمة، اللهمّ إنك أذقت أول قريش وبالا فأذق آخرها نوالا ...
الحديث بطوله.(5/258)
2198- وروى عمرو بن دينار، عن سالم، عن عبد الله بن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اختار العرب، ثم اختار من العرب قريشا.
2199- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن للقرشي قوة الرجلين من غير قريش.
(2198) - قوله: «ثم اختار من العرب قريشا» :
لفظه هنا مختصر، وقد تقدم بطوله في نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم، وخرجناه تحت رقم 196.
(2199) - قوله: «من غير قريش» :
وفيه أيضا: سئل ابن شهاب: ما يعني بذلك؟ قال: نبل الرأي.
أخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 81، 83] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 117، والطيالسي في مسنده برقم 951، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 168] رقم 12435، وأبو يعلى في مسنده [13/ 397] رقم 7400، والطبراني في معجمه الكبير [2/ 114] رقم 1490، والبزار في مسنده [3/ 296- 297 كشف الأستار] رقم 2785، والطحاوي في المشكل [4/ 203] ، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 635] رقم 1508، وأبو نعيم في الحلية [9/ 64] ، والبغوي في شرح السنة [14/ 61- 62] رقم 3850، والبيهقي في السنن الكبرى [1/ 386] ، والخطيب في تاريخه [3/ 166] من حديث عبد الرحمن بن الأزهر، عن جبير بن مطعم مرفوعا، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2289، والحاكم في المستدرك [4/ 72] ، وأقره الذهبي.
وفي الباب عن سهل بن أبي خثمة وقد تقدم.(5/259)
2200- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن عقل الرجل من قريش عقل رجلين من غيرهم.
2201- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
صلب الرجل قريش، وهل يمشي الرجل من غير صلب.
(2200) - قوله: «إن عقل الرجل من قريش» :
أورده الحافظ البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 28] وابن عساكر في تاريخه [51/ 327] عن هارون الرشيد مرفوعا، قال البيهقي: وقد احتج هارون الرشيد حين ذكر الشافعي بهذه الرواية- يريد حديث: إن للقرشي قوة الرجلين ... الحديث- قال هارون الرشيد: ما ينكر لرجل من بني عبد مناف أن يقطع محمد بن الحسن، أما علم محمد بن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن عقل الرجل من قريش عقل رجلين من غيرهم، ولم أقف عليه مسندا والظاهر- والله أعلم- أنه تفسير الذي قبله، كذلك فسره الزهري كما تقدم عنه.
(2201) - قوله: «صلب الرجل قريش» :
أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف [11/ 55] رقم 19896، عن معمر، عن زيد بن أسلم مرسلا.
وفي الباب عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فأخرج الإمام أحمد في مسنده [6/ 74، 81، 90] ، والبزار في مسنده [3/ 298 كشف الأستار] رقم 2789، والطبراني في معجمه الأوسط [4/ 70] رقم 3090 جميعهم من حديث موسى بن داود: ثنا عبد الله بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، عنها مرفوعا: يا عائشة إن أسرع الناس هلاكا قومك، قلت: أمن سم جعلني الله فداك؟ قال: لا، ولكن هذا الحي من قريش تستجلبهم المنايا، وينفس الناس عليهم، قلت: فما بقاء الناس بعدهم؟ قال: هم صلب الناس، فإذا هلكوا هلك الناس، لفظ الطبراني. -(5/260)
2202- عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمان أهل الأرض من الإختلاف: الموالاة لقريش، قريش أهل الله فإذا خالفتها قبيلة من العرب صاروا في حزب إبليس.
- قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 28] : إسناد الرواية الأولى عند أحمد رجال الصحيح، وفي بقية الروايات مقال.
(2202) - قوله: «صاروا في حزب إبليس» :
أخرجه الطبراني في الأوسط [1/ 417] رقم 747، وفي الكبير [11/ 196- 197] رقم 11479، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [9/ 65] ، والعراقي في المحجة برقم 105، وابن عساكر في تاريخه [8/ 217] ، وتمام في فوائده برقم 283، 284، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [8/ 218] ، جميعهم من حديث إسحاق بن سعيد بن أركون، ثنا خليد بن دعلج- وهما ضعيفان عند الجمهور- عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعا: أمان الأرض من الغرق: القوس، وأمان الاختلاف: الموالاة لقريش، قريش أهل الله، قريش أهل الله، فإذا خالفتها قبيلة من العرب صاروا في حزب إبليس، صححه الحاكم في المستدرك [4/ 75] وتعقبه الذهبي بأن في إسناده ضعفين، وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد [5/ 195] بخليد بن دعلج.
وأخرجه الحاكم [3/ 149] أيضا من طريق ابن أركون وأوله: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وصححه وزعم الذهبي في هذا الموضع أنه موضوع.
تابع ابن أركون: محمد بن سليمان الحراني: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 143] من رواية وهب بن حفص- أحد المتهمين- عن محمد بن سليمان بنحو اللفظ الأول.
وفي الباب عن عمرو بن العاص، أخرجه ابن عساكر في تاريخه [8/ 306] ، وتمام في فوائده برقم 1526، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [22/ 110] أيضا من طريق ابن أركون، عن سلمة بن العيار، عن ابن-(5/261)
2203- عن عتبة بن عبد السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخلافة لقريش، والحكم للأنصار.
2204- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الدين واصبا ما بقي من قريش عشرون رجلا.
- لهيعة، عن مشرع بن هاعان، عنه مرفوعا: قريش خالصة الله، فمن نصب لها حربا- أو حاربها- سلب، ومن أرادها بسوء خزي في الدنيا والاخرة، إسناده واه جدا، وقد تقدم تخريجه.
(2203) - قوله: «وعن عتبة بن عبد السلمي» :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده [4/ 185] ، والبخاري في تاريخه الكبير [4/ 338] الترجمة 3048، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 528] رقم 1114، والطبراني في معجمه الكبير [17/ 121] رقم 298.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [4/ 192، 5/ 196] : رجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي هريرة قوله موقوف عليه وهو في حكم المرفوع للحديث المتقدم، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم 1124.
(2204) - قوله: «ما بقي من قريش عشرون رجلا» :
رواه نعيم بن حماد في الفتن [1/ 406] رقم 1224، ومن طريقه البزار في مسنده [3/ 299] رقم 2791، وابن أبي عاصم في السنة [2/ 638] رقم 1524، والعقيلي في الضعفاء [1/ 71] ، جميعهم من حديث نعيم بن حماد: ثنا إبراهيم بن أبي حيّة- منكر الحديث، ضعيف- عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به.
تابعه قتيبة بن سعيد، عن إبراهيم، أخرجه ابن عدي في الكامل [1/ 238] قال ابن عدي: لا يرويه إلّا إبراهيم، وهو معروف بنعيم، عن إبراهيم، وضعف إبراهيم بيّن على أحاديثه وروايته. -(5/262)
2205- وروى أبو سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقد هممت أن لا أقبل هبة إلّا من قرشي أو ثقفي أو أنصاري.
2206- وروى أبو جمرة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
خير أهل المشرق عبد القيس، أسلم الناس كرها وأسلموا طائعين.
- وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر مرفوعا: لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان.
أخرجه البخاري في المناقب، باب مناقب قريش، ومسلم في الإمارة، باب الناس تبع لقريش.
(2205) - قوله: «وروى أبو سلمة» :
هو ابن عبد الرحمن، حديثه عن أبي هريرة أخرجه ابن حبان في صحيحه- كما في الإحسان- برقم 6383.
وروي من حديث المقبري، عن أبي هريرة، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 247، 292] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 16522، ومن طريقه النسائي في العمرى، باب عطية المرأة بغير إذن زوجها، رقم 3760، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 201] رقم 2544، وأبو داود في البيوع، باب قبول الهدايا، رقم 3537، والترمذي في المناقب، باب مناقب ثقيف وبني حنيفة، رقم 3945، والبخاري في الأدب المفرد رقم 596، ومن طريقه الترمذي برقم 3946، والحميدي في مسنده برقم 1051، والبيهقي في السنن الكبرى [6/ 180] ، وبعضهم يزيد على بعض، وصححه الحاكم في المستدرك [2/ 62- 63] على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
(2206) - قوله: «وروى أبو جمرة» :
هو نصر بن عمران الضبعي، أحد الأئمة الأثبات، والتابعين الثقات، حديثه في الدواوين الستة، نزل خراسان، وهو بكنيته أشهر. -(5/263)
2207- وروى أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير نساء ركبن الإبل: نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده.
- أخرج حديثه البزار في مسنده [3/ 310 كشف الأستار] رقم 2821، والطبراني في معجمه الكبير [12/ 231] رقم 12970، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 246، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7294 مع أن في إسناده وهب بن يحيى بن زمام، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 49] : لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وقد روي مثله من حديث أبي هريرة أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط [2/ 367] رقم 1638 من طريق ابن كهمس، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عنه به، قال الحافظ العراقي: وهذا إسناد حسن.
قال الحافظ العراقي في المحجة [/ 382] : وروينا في مسند إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا سليمان بن نافع العبدي بحلب قال: قال لي أبي: وفد المنذر بن ساوى من البحرين فذكر قدومه مع وفد عبد القيس وفيه: فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أسلمت عبد القيس طوعا، وأسلم الناس كرها، فبارك الله في عبد القيس وموالي عبد القيس، وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط من طريق ابن راهويه [8/ 478- 479] رقم 7992.
(2207) - قوله: «وروى أبو الزناد، عن الأعرج» :
أخرجاه في الصحيحين من هذا الوجه، فأخرجه البخاري في النكاح، باب إلى من ينكح، وأي النساء خير؟ رقم 5082، وفي النفقات، باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده والنفقة، رقم 5365، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل نساء قريش، رقم 2527 (200 وما بعده) .(5/264)
2208- وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأزد أزد الله، يريد الناس أن يضعوهم، ويأبى الله إلّا أن يرفعهم، وليأتينّ على الناس زمان يقول الرجل: يا ليت أبي كان أزديا، يا ليت أمي كانت أزدية.
2209- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عنزة حي من هاهنا مبغي عليهم منصورون.
(2208) - قوله: «الأزد أزد الله» :
زاد في رواية: في الأرض، وفي أخرى: الأزد أسد الله في الأرض.
قوله: «يا ليت أمي كانت أزدية» :
أخرجه الترمذي في المناقب، باب: في فضل اليمن برقم 3937، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 213 من حديث صالح بن عبد الكبير بن شعيب بن الحبحاب- مجهول- عن عمه عبد السلام بن شعيب، عن أبيه، عن أنس به.
قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلّا من هذا الوجه، وروي عن أنس بهذا الإسناد: موقوف، وهو عندنا أصح. اه، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه [5/ 229] .
(2209) - قوله: «وعن عمر بن الخطاب» :
أخرج حديثه الإمام أحمد في المسند [1/ 22] ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 258، وأبو يعلى كذلك- لكن في الكبير كما في محجة العراقي [/ 397] ، ومجمع الزوائد [10/ 51]- وهو في المقصد العلي [3/ 55] رقم 1480، ومن طريق أبي يعلى البزار في مسنده [3/ 313- 314 كشف الأستار] رقم 2829، والطبراني في معجمه الأوسط [3/ 276- 277] رقم 2603 من حديث الغضبان بن حنظلة العنزي، عن أبيه قال: جاءه عمر بن عصام فقال: يا أبا رباح ما الذي ذكر لك أمير المؤمنين عمر حين قدمت عليه-(5/265)
.........
- في قومك عنزة؟ قال: مررت عليه فقال لي: من أنت- أو: ممن أنت؟ فقلت:
يا أمير المؤمنين أنا حنظلة بن نعيم العنزي، فقال: عنزة؟ قلت: نعم، قال:
أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر قومك ذات يوم فقال أصحابه: يا رسول الله وما عنزة؟ فأشار بيده نحو المشرق فقال: حي من هاهنا مبغي عليهم منصورون.
قال في مجمع الزوائد [10/ 51] : رواه أبو يعلى في الكبير، والبزار بنحوه باختصار، والطبراني في الأوسط، وأحمد إلّا أنه قال: عن الغضبان بن حنظلة أن أباه وفد على عمر ولم يذكر حنظلة، وأحد إسنادي أبي يعلى رجاله ثقات كلهم. اه.
وفي الباب عن سلمة بن سعد، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [7/ 63- 64] رقم 6364، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 67، والبزار في مسنده [3/ 313 كشف الأستار] رقم 2828، عن سلمة بن سعد أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وجماعة من أهل بيته وولده فاستأذنوا عليه فدخلوا فقال:
من هؤلاء؟ قيل له: هذا وفد عنزة، فقال: بخ بخ بخ، نعم الحي عنزة مبغي عليهم منصورون، مرحبا بقوم شعيب وأختان موسى- كذا في المعجم الكبير- سل يا سلمة عن حاجتك؟ قال: جئت أسألك عما افترضت عليّ في الإبل والغنم والعنز، فأخبره، ثم جلس عنده قريبا، ثم استأذنه في الإنصراف فقال له: انصرف، فما غدا أن قام فقال: اللهمّ ارزق عنزة كفافا قوت- كذا- ولا إسراف، وفي البزار: قوتا لا سرف فيه.
قال في مجمع الزوائد [10/ 51] : فيه من لم أعرفه.(5/266)
[288- فصل: في إشارته صلى الله عليه وسلم لعالم قريش]
288- فصل:
في إشارته صلى الله عليه وسلم لعالم قريش 2210- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عالم قريش يملأ طباق الأرض علما.
(2210) - قوله: «روي عن النبي صلى الله عليه وسلم» :
في الباب عن ابن مسعود، وابن عباس، وعلي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وهارون الرشيد مرسلا.
أما حديث ابن مسعود، فأخرجه الطيالسي في مسنده برقم 309، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [9/ 65] ، ومن طريق أبي نعيم الخطيب في تاريخه [2/ 60] ، ومن طريق الخطيب ابن عساكر في تاريخه [51/ 326] ، ومن طريق أبي نعيم أيضا: ابن حجر في توالي التأسيس [/ 42- 43] ، والبيهقي في مناقب الشافعي من حديث النضر بن حميد: ثنا أبو الجارود، عن أبي الأحوص، عن عبد الله مرفوعا: لا تسبوا قريشا، فإن عالمها يملأ طباق الأرض علما، اللهمّ إنك أذقت أولها عذابا- أو: وبالا-، فأذق آخرها نوالا.
وفيه من الإشكالات:
1- تسمية النضر بن حميد، ففي أكثر المصادر وقع اسمه: النضر بن معبد، كذلك وقع في المطبوع من مسند الطيالسي، ومن أخرجه من طريقه، ويؤيده قول الحافظ في التوالي: النضر بن معبد ذكره ابن حبان في الثقات. اهـ، وابن حبان لم يذكر النضر بن حميد حتى يقال أن الاسم تصحف في النسخ- كما يذكر معظم المحققين والمعلقين- بل النضر بن معبد مذكور في موضعين من الثقات، ولا ذكر فيه للنضر بن حميد. -(5/267)
.........
- 2- وفيه إشكال آخر، وهو أن ابن أبي حاتم لما ذكره في الجرح والتعديل جعل أبا الجارود كنيته فقال: النضر بن حميد أبو الجارود، والذي وقع في الروايات أن أبا الجارود شيخه.
3- أيضا من الإشكال ما وقع في بعض النسخ: عن الجارود، ولذلك قال الحافظ في التوالي: الجارود إن كان ابن يزيد ففيه مقال، وإلّا فلا أعرفه.
قال الحافظ الذهبي في الميزان: النضر بن حميد أبو الجارود عن أبي إسحاق، قال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وهو النضر بن حميد الكندي، قال البخاري: حدث عن أبي الجارود وثابت، ثم ذكر الذهبي حديثه هذا، فينظر.
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه أبو يعلى في مسنده- فيما ذكره الحافظ في التوالي [/ 44] ولعله في الكبير فإني لم أقف عليه في المطبوع، ولا في المطالب العالية- ومن طريق أبي يعلى: ابن عدي في الكامل [1/ 281] ، ومن طريق ابن عدي أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 25] من حديث إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: اللهمّ اهد قريشا، فإن علم عالم منهم يسع طباق الأرض، اللهمّ أذقت أولها نكالا، فأذق آخرهم نوالا.
قال الحافظ في التوالي: رجاله رجال الصحيح إلّا إسماعيل ففيه مقال، قال:
وقد أخرج بعضه الإمام أحمد بسند جيد من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس. اه.
قلت: أخرج الإمام شطره الثاني في [1/ 242] من حديث الأعمش، عن طارق، عن سعيد.
وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه الابري والحاكم كلاهما في المناقب- كما في التوالي- من حديث عدي بن الفضل، عن أبي بكر بن أبي جهمة، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال لي علي بن أبي طالب يوم-(5/268)
.........
- حروراء: اخرج إلى هؤلاء القوم فقل لهم: يقول لكم علي بن أبي طالب:
أتتهموني على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تؤموا قريشا وائتموا بها، ولا تقدموا على قريش وقدموها، ولا تعلموا قريشا وتعلموا منها، فإن أمانة الأمين من قريش تعدل أمانة اثنين من غيرهم، وإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض- وفي رواية الابري: وإن علم عالم قريش مبسوط على الأرض.
قال الحافظ عقبه: أخرج بعضه البزار في مسنده وأبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه، قال البزار: لا نعلم لأبي بكر ولا لأبيه غيره، قال الحافظ:
وهما مجهولان، وفي عدي بن الفضل مقال. اه.
قلت: ومن طريق الحاكم أخرجه الحافظ البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 24- 25] .
وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه البيهقي في مناقب الشافعي [1/ 27] ، والخطيب في تاريخه [2/ 60- 61] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [51/ 326] ، والحافظ ابن حجر في التوالي [/ 43] من حديث عبد العزيز بن عبد الله- وهو ضعيف- عن وهب بن كيسان، عن أبي هريرة مرفوعا بنحو حديث ابن عباس المتقدم غير أنه قال في آخره: دعا بها ثلاث مرات.
قال الحافظ بعد تضعيفه بعبد العزيز: والراوي عنه إسماعيل بن عياش روايته عن غير الشاميين فيها ضعف. اه.
قلت: لكن قال الحافظ البيهقي بعد إيراده لطرقه في مناقب الشافعي: أسانيد هذا الحديث إذا ضم بعضها إلى بعض مع ما تقدم صارت قوية. اه.
قلت: سيما وأن الإمام أحمد- وهو الذي تعرف- قال: كنت إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي لأنه إمام عالم من قريش، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عالم قريش يملأ الأرض علما، روى هذا عن الإمام: أبو نعيم في الحلية [9/ 65] ، والبيهقي في مناقب-(5/269)
.........
- الشافعي [1/ 53- 54] ، ومن طريقه الذهبي في سير أعلام النبلاء [10/ 81- 82] ، وابن حجر في توالي التأسيس [/ 48] .
وقد تقدم حديث هارون الرشيد عند التعليق على حديث رقم 2200.
وقوله: «عالم قريش» :
ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المعني به هو الشافعي، وأنه صلى الله عليه وسلم أشار إليه في هذا الحديث، حتى تتابع أصحاب السير والتراجم إلى إيراده في ترجمته، قال الحافظ البيهقي في المناقب: قال أبو نعيم: في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تسبوا قريشا فإن عالمها يملأ الأرض علما: علامة بينة، إذا تأملها الناظر الفائق المميز علم أن المراد بذلك رجل من علماء هذه الأمة من قريش، قد ظهر علمه فانتشر في البلاد، وكتبت كتبه وتاليفه كما تكتب المصاحف، ودرستها المشايخ والشبان والأحداث في مجالسهم وكتاتيبهم، وصيروها كالإمام، واستظهروا أقاويله، وأجروها في مجالس الحكام والأمراء والقراء وأهل الاثار وغيرهم، قال: وهذه الصفة لا نعلمها قد أحاطت بأحد إلّا بالشافعي رحمه الله محمد بن إدريس القرشي، إذ كان كل واحد من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإن كان علمه قد ظهر وانتشر فإنه لم يبلغ مبلغا يقع تأويل هذه الرواية عليه، إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم ومسألات في الجزء منه: خمس أو عشر أو واحد، وسائر ذلك لغيره من الصحابة والتابعين، فهم قد اشتركوا في الفتيا اشتراكا لا يبين أن أحدا منهم قد ملأ الأرض بعلمه، ولا له فضل على علم غيره من أشكاله حتى يظهر هذا التأويل عليه، ولا يتبين في شيء من علومهم أن واحدا منهم قد ملأ الأرض علما، وملأ طبق الأرض بعلمه.(5/270)
[289- باب: في فضائل المهاجرين والأنصار وسائر القبائل]
289- باب:
في فضائل المهاجرين والأنصار وسائر القبائل 2211- عن صهيب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المهاجرين الأوّلين: هم السابقون الشافعون المدلّون على ربهم تبارك وتعالى، والذي نفسي بيده، إنهم ليأتون يوم القيامة، وعلى عواتقهم السلاح، فيقرعون باب الجنة، فيقول لهم الخزنة: من أنتم؟ فيقولون: نحن المهاجرون، فيقول لهم الخزنة: هل حوسبتم؟ فيجثون على ركبهم، وينثرونا ما في جعابهم، ويرفعون أيديهم إلى السماء فيقولون: يا رب ألهذا نحاسب وقد خرجنا وتركنا الأهل والمال والولد؟ فتمثل لهم أجنحة من ذهب مخوصة بالزبرجد والياقوت، فيطيرون حتى يدخلون الجنة، فذلك قوله: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ 34 الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ.
(2211) - قوله: «عن صهيب» :
الصحابي المشهور وهو: صهيب بن سنان، أبو يحيى الرومي، أصله من النّمر، يقال: اسمه عبد الملك، وصهيب لقب، توفي في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سنة ثمان وثلاثين، وقيل: قبل ذلك.
طبقات ابن سعد [3/ 226] ، مسند الإمام أحمد [4/ 332، 6/ 15] ، معجم الطبراني [8/ 33، 53] ، المعرفة لأبي نعيم [3/ 1496] ، أسد الغابة [3/ 36] ، الإصابة [5/ 160] ، المستدرك [3/ 397] ، الاستيعاب [5/ 147] ، تهذيب الكمال [13/ 237] ، تهذيب التهذيب [4/ 385] ، سير أعلام النبلاء [2/ 17] ، مجمع الزوائد [9/ 305] ، تاريخ ابن عساكر [24/ 209] .(5/271)
قال أبو حذيفة: قال حذيفة: قال صيفي: قال صهيب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلهم بمنازلهم في الجنة أعرف منهم بمنازلهم في الدنيا.
2212- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أول زمرة تدخل الجنة: فقراء المهاجرين.
قوله: «قال أبو حذيفة» :
هو: حصين بن حذيفة بن صيفي بن صهيب، قال البخاري في تاريخه: أراه من ولد صهيب، وقال أبو حاتم: هو مجهول، وتبعه الذهبي في الميزان، وليس له في الكتاب الستة شيء.
التاريخ الكبير [3/ 10] ، الجرح والتعديل [3/ 191] ، الميزان [2/ 75] .
قوله: «قال حذيفة» :
هو: ابن صيفي، مذكور في ترجمة أبيه صيفي فيمن روى عنه، ولم أر من أفرده بترجمة، وصيفي أبوه، أخرج له ابن ماجه في سننه، وقال عنه الحافظ في التقريب: مقبول.
قوله: «فلهم بمنازلهم في الجنة» :
أخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 399] وقال: غريب الإسناد والمتن، ذكرته في مناقب صهيب لأنه من المهاجرين الأولين، والراوي للحديث أعقابه، والحديث لأصحابه، لم نكتبه إلّا عن شيخنا الزاهد أبي عمرو. اه.
وقال الذهبي في التلخيص: بل كذب، وإسناده مظلم، وأخرجه أبو نعيم في الحلية- كما في ترتيب الحافظ الهيثمي [3/ 225- 226] ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور أيضا [7/ 29] لابن مردويه.
(2212) - قوله: «فقراء المهاجرين» :
اختصر المصنف لفظ الرواية، وتمامها: الذين تسد بهم الثغور، ويتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، فيقول الله عزّ وجلّ لمن يشاء من ملائكته: ائتوهم فحيوهم، فيقول الملائكة: ربنا نحن-(5/272)
2213- وروى أبو رهم الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ...
- سكان سماواتك، وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم؟! قال: إنهم كانوا عبادا يعبدوني لا يشركون بي شيئا، وتسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، قال: فتأتيهم الملائكة عند ذلك، فيدخلون عليهم من كل باب سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ.
أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 168، 168 مرتين، وعبد بن حميد في مسنده [/ 138 المنتخب] رقم 352، والبزار في مسنده [4/ 256 كشف الأستار] رقم 3665، وأبو نعيم في صفة الجنة برقم 81، وفي الحلية [1/ 347] ، وابن أبي عاصم في الأوائل برقم 57، والبيهقي في البعث والنشور برقم 414، جميعهم من حديث أبي عشانة، عن عبد الله بن عمرو، وصححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2565، والحاكم في المستدرك [2/ 71- 72] ووافقه الذهبي.
وفي المسند الجامع لأبي محمد الدارمي من حديث عبد الله بن عمرو قال:
بينا أنا قاعد في المسجد وحلقة من فقراء المهاجرين قعود إذ دخل النبي صلى الله عليه وسلم فقعد إليهم فقمت إليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليبشر فقراء المهاجرين بما يسر وجوههم، فإنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين عاما ... الحديث خرجناه في فتح المنان، تحت رقم 3012.
(2213) - قوله: «وروى أبو رهم الغفاري» :
اسمه: كلثوم، واختلف في اسم أبيه، فقيل: هو ابن الحصين، أو ابن حصين بن عبيد، وقيل: ابن عتبة بن خلف بن بدر بن أحيمس بن غفار، صحابي، أسلم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، لقب بالمنحور لسهم أصابه يوم أحد في نحره، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبصق عليه فبرأ، استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة مرتين، مرة في عمرة القضاء، ومرة عام الفتح، فكان عليها حتى-(5/273)
إن أعز أهلي عليّ أن يتخلف عني: المهاجرون والأنصار، وأسلم وغفار.
- منصرفه صلى الله عليه وسلم من الطائف، وهو ممن شهد بيعة الرضوان، وبايع تحت الشجرة، رضي الله عنه وأرضاه.
قوله: «إن أعز أهلي عليّ» :
في الحديث قصة، قال أبو رهم: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوكا، فلما قفل سرنا ليلة، فسرت قريبا منه، وألقي عليه النعاس، فطفقت استيقظ وقد دنت راحلتي من راحلته فيفزعني دنوها خشية أن أصيب رجله في الغرز، فأزجر راحلتي، حتى غلبتني عيناي في بعض الليل، فزحمت راحلتي راحلته، ورجلي رجله في الغرز، فأصبت رجله، فلم أستيقظ إلّا بقوله: حسّ، فرفعت رأسي، فقلت: استغفر لي يا رسول الله، قال: سر، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلف من بني غفار، فأخبرته، فإذا هو يقول:
ما فعل النفر الحمر الثطاط؟ فحدثته بتخلفهم، قال: ما فعل النفر السود الجعاد القطاط- أو: القصار- الذين لهم نعم بشبكة شرخ؟ فتذكرتهم في بني غفار، فلم أذكرهم حتى ذكرت رهطا من أسلم، فقلت: يا رسول الله أولئك رهط من أسلم وقد تخلفوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما يمنع أولئك حين تخلف أحدهم أن يحمل على بعض إبله امرءا نشيطا في سبيل الله؟ إن أعز أهلي عليّ ... الحديث.
رواه الزهري، عن ابن أخي أبي رهم، عن عمه، أخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 19882، ومن طريق الإمام أحمد في المسند [4/ 349] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 183] رقم 415، وابن الأثير في الأسد [6/ 117] ، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7257، والحاكم في المستدرك [3/ 593- 594] وابن أخي أبي رهم لا يعرف حاله.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند [4/ 349- 350] ، والبخاري في الأدب المفرد برقم 754، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 184] رقم 416، 417، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [1/ 394- 395] ، والخطيب في-(5/274)
2214- روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الجنة للأعرابي بعشر، وللمهاجرين بسبع.
2215- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: آية المنافق بغض الأنصار، وآية المؤمن حب الأنصار.
2216- وقال صلى الله عليه وسلم في الأنصار: لا يحبهم إلّا مؤمن، ولا يبغضهم إلّا منافق، من أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله.
- الكفاية [/ 40- 41] جميعهم من طرق عن الزهري.
* خالفهم ابن إسحاق، رواه عن الزهري فأدخل ابن أكيمة بينه وبين ابن أخي أبي رهم، أخرجه في السيرة [4/ 172- 173 ابن هشام] ، ومن طريقه الإمام أحمد في المسند [4/ 350] ، والطبراني في معجمه الكبير [19/ 185- 186] رقم 418.
وتابعه ابن أخي الزهري، عن الزهري، أخرجه البزار في مسنده [2/ 355 كشف الأستار] رقم 1842.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [6/ 191] : رواه البزار بإسنادين، وفيه ابن أخي أبي رهم ولم أعرفه، وبقية رجال أحد الإسنادين ثقات..
(2215) - قوله: «عن أنس بن مالك رضي الله عنه» :
أخرج حديثه الشيخان، فأخرجه البخاري في الإيمان، باب علامة الإيمان حب الأنصار، رقم 17، وفي مناقب الأنصار، باب حب الأنصار، رقم 3784، ومسلم في الإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنه من الإيمان، رقم 128 (74) .
(2216) - قوله: «ومن أبغضهم أبغضه الله» :
أخرجاه في الصحيحين، فأخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب حب الأنصار من الإيمان، رقم 3783، ومسلم في الإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي من الإيمان، رقم 129 (75) ..(5/275)
2217- وقال صلى الله عليه وسلم: لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الاخر.
2218- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: افتخر الحيان: الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة: حنظلة بن أبي عامر، ومنا من حمته الدّبر: عاصم بن ثابت، ومنا من اهتز له عرش الرحمن: (2217) - قوله: «يؤمن بالله واليوم والاخر» :
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 163- 164] رقم 12422، ومن طريقه مسلم في الإيمان برقم 130 (77) ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 287- 288] رقم 1007، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7274.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند [3/ 34، 45، 72، 93] ، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 146، ومسلم 130 (77) ، والطيالسي في مسنده برقم 2182، جميعهم من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري به.
ورواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجه مسلم برقم 130 (76) ، والإمام أحمد في المسند [2/ 419] .
وفي الباب أيضا: عن ابن عباس، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 163] ، والترمذي في المناقب برقم 3902 وقال: حسن صحيح.
(2218) - قوله: «افتخر الحيان» :
أخرجه أبو يعلى في مسنده [5/ 329- 330] رقم 2953، والطبراني في معجمه الكبير [4/ 11- 12] رقم 3488، والبزار في مسنده [3/ 303 كشف الأستار] رقم 2802، 2803، جميعهم من حديث عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عنه به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 41] : رواه أبو يعلي، والبزار، والطبراني، ورجالهم رجال الصحيح. -(5/276)
سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين: خزيمة ابن ثابت، فقالت الخزرجيون: منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه أحد غيرهم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.
2219- قال أنس بن مالك: ليس حي من أحياء العرب أكثر شهيدا منا يوم القيامة، أصيب منا سبعون رجلا يوم أحد، وسبعون رجلا يوم بئر معونة، وسبعون رجلا يوم اليمامة.
2220- وروى عبد الله بن الحارث بن جزء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
العلم في قريش، والأمانة في الأنصار.
- قال أبو عاصم: وأصل الحديث في الصحيحين، فأخرجا من حديث همام، عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، لفظ البخاري في فضائل القرآن، وقد أخرجه من غير وجه عن أنس أيضا.
(2219) - قوله: «ليس حي من أحياء العرب» :
أخرجه البخاري في المغازي، باب من قتل من المسلمين يوم أحد، رقم 4078.
(2220) - قوله: «وروى عبد الله بن الحارث بن جزء» :
أورد حديثه ابن أبي حاتم في العلل [2/ 364] من طريق عثمان بن صالح، ثنا ابن لهيعة قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عنه مرفوعا باللفظ الذي أورده المصنف.
قال: وحدثناه أيضا ابن لهيعة مرة أخرى: والأمانة في الأزد. -(5/277)
2221- روي عن أبي هريرة أنه قال: قلنا يا رسول الله إذا فتحت الأمصار، وفتحت فارس والروم فهم خير منا يا رسول الله، يذكرون الفتوح؟ قال: بل أنتم خير منهم، وأبناؤكم خير من أبنائهم.
- قال ابن أبي حاتم: قال أبي: إنما يرويه ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة. اه. يريد أنه اختلف فيه على ابن لهيعة، وقد أخرجه باللفظ الأول- وهو لفظ المصنف: الطبراني في معجمه الكبير- كما في المحجة [/ 222] ومن طريقه العراقي في الكتاب المشار إليه برقم 121، وقال: هذا حديث حسن. اه. وأخرجه باللفظ الثاني: الطبراني في الأوسط [7/ 6- 7] رقم 3934، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 25] له في الكبير أيضا وحسنه.
(2221) - قوله: «وأبناؤكم خير من أبنائهم» :
وأخرج البزار في مسنده [3/ 292- كشف الأستار] رقم 2774، من حديث الحسن بن أبي جعفر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: أنتم خير من أبنائكم، وأبناؤكم خير من أبنائهم.
قال البزار: الحسن بن أبي جعفر كان متعبدا، ولم يكن حافظا، واحتمل حديثه على قلة حفظه. اه.
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير [20/ 115] من حديث معاذ بن جبل الطويل وفيه: أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يوما:
إن أبناءنا خير منا، ولدوا على الإسلام ولم يشركوا، وقد كنا أشركنا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نحن خير من أبنائنا، وبنونا خير من أبنائهم، وأبناء بنينا خير من أبناء أبنائهم، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 16] : فيه معاوية بن عمران ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.(5/278)
2222- روى إسحاق بن عبد الله، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهمّ اغفر للأنصار، ولذراري الأنصار، ولذراري ذراري الأنصار، ولموالي الأنصار.
2223- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: إن الأنصار كرشي وعيبتي التي آويت إليها، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
(2222) - قوله: «روى إسحاق بن عبد الله» :
هو ابن أبي طلحة، وحديثه عند مسلم في الفضائل، باب: من فضائل الأنصار، رقم 2507 (173) ، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7282، وروى النضر بن أنس، عن أنس أن زيد بن أرقم لما بلغه حزن أنس على ولده وما أصابهم يوم الحرة كتب إليه يعزيه: وإني مبشرك ببشرى من الله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهمّ اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار، ولنساء الأنصار ولنساء أبناء الأنصار ولنساء أبناء أبناء الأنصار، هذا لفظ ابن حبان، وأخرجاه في الصحيحين، أخرجه البخاري في التفسير، باب وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ، من طريق موسى ابن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن أنس إلى قوله: ولأبناء الأنصار، وشك ابن الفضل في أبناء أبناء الأنصار، رقم 4906.
وأخرجه مسلم من حديث النضر برقم 2506 (172) إلى قوله: وأبناء أبناء الأنصار.
(2223) - قوله: «أنه خطب الناس» :
في آخر خطبة له قبل وفاته، ففي مناقب الأنصار من صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم، من حديث هشام بن زيد قال: سمعت أنس بن مالك يقول: مرّ أبو بكر والعباس-(5/279)
2224- وقال صلى الله عليه وسلم: لو سلك الناس واديا- أو: شعابا- وسلك الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم.
2225- وعنه صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنصار أحبائي، وفي الدين إخواني، وعلى الأعداء أعواني، وحق على أمتي حفظ جيراني.
- رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون، فقال:
ما يبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب رأسه حاشية برد، قال:
فصعد المنبر- ولم يصعده بعد ذلك اليوم- فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي ... الحديث، رقم 2509 (175) .
(2224) - قوله: «لسلكت شعب الأنصار» :
إلى هنا أخرجه البخاري في مناقب الأنصار من حديث أنس، وأبي هريرة رقم 3778، 3779.
(2225) - قوله: «الأنصار أحبائي» :
أخرجه الدارقطني في الأفراد [2/ 191] رقم 111، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [1/ 284] رقم 460 ومن طريقه أيضا: العراقي في المحجة برقم 194، وابن عدي- كما في المحجة للعراقي [/ 293]- ومن طريقه العراقي في كتابه هذا برقم 194 من حديث حسان بن غالب الحجري- تفرد به وهو ضعيف- عن ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس به.
قال ابن حبان في حسان هذا: يقلب الأخبار عن الثقات، لا يحل الاحتجاج به بحال، وجعله الذهبي في الميزان من مصائبه.(5/280)
2226- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الأنصار شعار، والناس دثار.
2227- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الأنصار أعفة صبر.
(2226) - قوله: «الأنصار شعار» :
هو في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم، وفيه قصة قال:
لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصيبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟ كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن، قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن، قال: لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض.
أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة الطائف، رقم 4330، ومسلم في الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، رقم 1061 (139) .
(2227) - قوله: «أعفة صبر» :
في الباب عن أبي طلحة، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وأسيد بن حضير، وعاصم بن عمر، والزهري مرسلا.
أما حديث أبي طلحة، فأخرجه الإمام أحمد في مسنده [3/ 150] ، والترمذي في المناقب، باب فضل الأنصار وقريش، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 188، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أقريء قومك السلام، فإنهم ما علمت أعفة صبر، قال الترمذي: حسن غريب. -(5/281)
.........
- قال الحافظ العراقي عقب إخراجه: اختلف فيه على أبي داود الطيالسي فرواه عبدة بن عبد الله الخزاعي عنه هكذا، ورواه محمد بن عثمان الثقفي عنه فجعله من حديث أنس، ثم ساقه من طريق البزار [2/ 3 كشف الأستار] رقم 2804.
قلت: في الإسنادين محمد بن ثابت البناني وهو ضعيف، ولا يبعد أن يكون الاختلاف فيه منه، فقد أخرج أبو داود الحديث في مسنده برقم 2049 من طريقه وفيه: عن أنس قال: دخل أبو طلحة ... الحديث.
وانظر الوجه الاخر من حديث أنس في التعليق الاتي قريبا.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الفسوي في المعرفة [1/ 383- 384] :
حدثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، عن الزهري، حدثني يزيد بن وديعة، عنه مرفوعا: الأنصار أعفة صبر، وإن الناس تبع لقريش في هذا الشأن، لمؤمنهم تبع مؤمنهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم، صححه ابن حبان- كما في الموارد- برقم 2290، وقد اتفق الشيخان على الشطر الثاني منه دون أوله.
وأما حديث أنس بن مالك، فأخرجه النسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 91] رقم 8345 من طريق عاصم بن سويد بن عامر، عن يحيى بن سعيد، عن أنس قال: جاء أسيد بن حضير الأشهلي النقيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قسم طعاما، فذكر له أهل بيت من بني ظفر من الأنصار فيهم حاجة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسيد تركتنا حتى ذهب ما في أيدينا، فإذا سمعت بشيء قد جاءنا فاذكر لي أهل ذلك البيت، قال: فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر: شعير وتمر، قال: فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، وقسم في الأنصار فأجزل، وقسم في أهل ذلك البيت فأجزل، فقال له أسيد يشكر له: جزاك الله أي نبي الله أطيب الجزاء- أو قال: خيرا- فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنتم معشر الأنصار فجزاكم الله أطيب الجزاء- أو قال: خيرا- فإنكم ما علمت أعفة صبر، وسترون بعدي أثرة في الأمر والقسم، فاصبروا حتى تلقوني على-(5/282)
.........
- الحوض، صححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 7277، والحاكم [4/ 79] ، ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضا ابن عدي في الكامل في ترجمة عاصم بن سويد [5/ 1897- 1880] .
ورويت القصة بإسناد آخر من مسند أسيد بن حضير، أخرجها البخاري في تاريخه الكبير [8/ 439] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 243- 244] رقم 945، ومن طريقه العراقي في المحجة برقم 187، والطبراني في معجمه الكبير برقم 568، وهي في صحيح ابن حبان من طريق أبي يعلى- كما في الإحسان- برقم 7279.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [10/ 33] : رواه الإمام أحمد ورجاله ثقات، إلّا أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن. اه.
قال أبو عاصم: وهّم بعض المحققين الهيثمي حين عزا هذا الحديث من هذا الوجه للإمام أحمد لكونه لم يجده في مسنده، إذ المتبادر إلى الذهن عند العزو أن يكون في المسند- ولا يبعد- فهناك جملة من النصوص أوردها الحافظ ابن حجر في أطراف المسند لم نقف عليها في المطبوع من المسند، وعلى كل حال فالحديث عند الإمام أحمد في العلل [1/ 236- 237] رقم 304: حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن حصين بن عبد الرحمن- مديني- عن محمود بن لبيد، عن ابن شفيع- وكان طبيبا- قال:
قطعت لأسيد بن حضير عرق النساء، اختصر لفظه.
وأما حديث عاصم بن عمر، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 160] من حديث ابن إدريس، عن ابن إسحاق، عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الأنصار قال: أعفة صبر- مرسل.
وأما حديث الزهري، فأخرجه الحافظ عبد الرزاق في المصنف برقم 19894 عن معمر، عنه مرفوعا: الأنصار أعفة صبر، والناس تبع لقريش ... نحو حديث أبي هريرة، وهو مرسل.(5/283)
[290- باب فضل الحسن والحسين وآل البيت رضي الله عنهم]
290- باب فضل الحسن والحسين وآل البيت رضي الله عنهم 2228- أخبرنا أبي رحمه الله قال: أخبرني أبو علي: محمد بن عبد الوهاب إمام عصره قال: ...
(2228) - قوله: «أخبرنا أبي» :
هو أبو عثمان: محمد بن إبراهيم الخركوشي، لم أر من أفرده بترجمة مع شهرة ابنه وثناء الناس عليه.
قوله: «محمد بن عبد الوهاب» :
هو الإمام المحدث الزاهد الفقيه العلامة العابد، شيخ خراسان الواعظ:
محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب الثقفي، النيسابوري، الشافعي، من ولد الحجاج بن يوسف.
قال أبو العباس الزاهد: كان أبو علي في عصره حجة الله على خلقه، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: كان إماما في أكثر علوم الشرع، مقدما في كل فن منه.
وقال الحاكم: قال شيخنا الصبغي: شمائل الصحابة والتابعين أخذها مالك الإمام عنهم، وأخذها عن مالك: يحيى بن يحيى، وأخذها عن يحيى:
محمد بن نصر المروزي، وأخذها عن ابن نصر أبو علي الثقفي.
توفي أبو علي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.
سير أعلام النبلاء [15/ 280] ، الوافي بالوفيات [4/ 75] ، النجوم الزاهرة [3/ 267] ، مرآة الجنان [2/ 290] ، العبر [2/ 214] ، طبقات الصوفية [/ 361] ، الرسالة القشيرية [/ 26] ، الأنساب [3/ 135] ، طبقات الشافعية [3/ 192] ، الشذرات [3/ 14] ، طبقات الأولياء [/ 298] ، تاريخ الإسلام [وفيات سنة 328- ص- 238] ، طبقات ابن قاضي شهبة [1/ 119] .(5/284)
حدثني إبراهيم بن الهيثم البلدي، ثنا أبو غسان: مالك بن إسماعيل، ثنا إسرائيل قال: ...
قوله: «إبراهيم بن الهيثم البلدي» :
هو المحدث الرجال، الحافظ الصدوق الجوال: أبو إسحاق البغدادي نزيلها، ذكره ابن عدي في الكامل لانتقاد الأئمة عليه حديث الثلاثة الذين آووا إلى الغار، فقال: أحاديثه مستقيمة سوى حديث الغار، فنالوا منه، وقد تعقبه الخطيب في التاريخ بما ملخصه: قد روى حديث الغار عن الهيثم جماعة، وإبراهيم ثقة ثبت عندنا، لا يختلف شيوخنا فيه، وما حكاه ابن عدي من الإنكار عليه لم أر أحدا من علمائنا يعرفه، ولو ثبت لم يؤثر قدحا فيه، لأن جماعة من المتقدمين أنكر عليهم بعض رواياتهم، ولم يمنع ذلك من الاحتجاج بهم. اه باختصار.
توفي أبو إسحاق سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء [13/ 411] ، تاريخ بغداد [6/ 207] ، الكامل لابن عدي [1/ 272] ، الوافي بالوفيات [6/ 163] ، الميزان [1/ 73] ، اللسان [1/ 123] .
قوله: «مالك بن إسماعيل» :
هو ابن درهم، الحافظ الحجة: أبو غسان النهدي مولاهم، الكوفي، سبط إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان الفقيه، وأحد مشايخ الإمام البخاري في الصحيح، اتفق على توثيقه، قال ابن معين: ليس بالكوفة أتقن منه.
تهذيب الكمال [27/ 86] ، سير أعلام النبلاء [10/ 430] ، تهذيب التهذيب [10/ 3] ، الكاشف [3/ 99] ، تذكرة الحافظ [1/ 402] ، التقريب [/ 516] الترجمة رقم 6424، والجمع بين رجال الصحيحين [2/ 481] .
قوله: «ثنا إسرائيل» :
هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، الإمام الحافظ الحجة: أبو يوسف الهمداني، الكوفي، أحد أوعية الحديث، ومن مشايخ الإسلام كأبيه وجده، -(5/285)
سمعت سالم بن أبي حفصة يقول: سمعت أبا حازم قال: سمعت- قال أبو حاتم: ثقة صدوق، من أتقن أصحاب أبي إسحاق، وقال الحافظ الذهبي: أثنى عليه الجمهور، واحتج به الشيخان، وكان حافظا، صاحب كتاب ومعرفة.
تهذيب الكمال [2/ 515] ، سير أعلام النبلاء [7/ 355] ، تاريخ بغداد [7/ 20] ، تذكرة الحفاظ [1/ 214] ، طبقات ابن الجزري [1/ 159] ، تهذيب التهذيب [1/ 229] ، التقريب [/ 104] الترجمة رقم 401.
قوله: «سالم بن أبي حفصة» :
العجلي، أبو يونس الكوفي، رأى عبد الله بن عباس، وعداده في شيعة أهل الكوفة، قال الإمام أحمد: ما أظن به بأسا في الحديث، وكان شيعيا، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت، وهو من الغالين، في متشيعي أهل الكوفة، وإنما عيب عليه الغلو فيه، وأما أحاديثه فأرجو أنه لا بأس به، وضعفه بعضهم، وبعضهم لم يره في موضع الثقة ممن يؤخذ عنه، روى له البخاري في الأدب المفرد، والترمذي.
تهذيب الكمال [10/ 133] ، طبقات ابن سعد [6/ 336] ، تهذيب التهذيب [3/ 374] ، الكاشف [2/ 270] ، المجروحين لابن حبان [1/ 343] ، الميزان [2/ 300] ، التقريب [/ 226] الترجمة رقم 2171، المغني في الضعفاء [1/ 250] ، الديوان [1/ 315] ، إكمال مغلطاي [5/ 183] .
قوله: «سمعت أبا حازم» :
هو سلمان الأشجعي الكوفي، مولى عزة الأشجعية، أحد الثقات، وحديثه في الكتاب الستة.
تهذيب الكمال [11/ 259] ، تهذيب التهذيب [4/ 123] ، طبقات ابن سعد [6/ 294] ، الجمع بين رجال الصحيحين [1/ 193] ، إكمال مغلطاي [5/ 441] ، الكاشف [2/ 304] ، التقريب [/ 246] الترجمة رقم 2479، تاريخ يحيى برواية الدوري [2/ 223] .(5/286)
أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.
قوله: «فقد أحبني» :
تابعه عن أبي غسان: علي بن عبد العزيز، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 41] رقم 2648.
وتابع أبا غسان، عن إسرائيل: أبو نعيم، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 41] رقم 2648.
وتابع إسرائيل عن سالم:
1- سفيان الثوري، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 531] ، والحافظ عبد الرزاق في المصنف [3/ 471- 472] رقم 6369، ومن طريقه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 40] رقم 2646.
2- ابن فضيل، أخرجه أبو يعلى في مسنده [11/ 78] رقم 6215، والبزار في مسنده [3/ 226- 227 كشف الأستار] رقم 2626.
3- علي بن عابس، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 42] رقم 2651.
وتابع سالم بن أبي حفصة، عن أبي حازم:
1- داود بن أبي عوف، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 446] ، والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 49] رقم 8168، وابن ماجه في المقدمة برقم 143، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 41] رقم 2647.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة: إسناده صحيح، ورجاله ثقات.
2- طلحة بن مصرف، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 41- 42] رقم 2650، والبزار في مسنده [3/ 227 كشف الأستار] رقم 2628.
3- كثير النواء، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 42] رقم 2651.
4- يونس بن خباب، أخرجه الخطيب في تاريخه [1/ 141] .
وتابع أبا حازم، عن أبي هريرة: عبد الرحمن بن مسعود، أخرجه الإمام أحمد في المسند [2/ 440] ، والبزار في مسنده [3/ 227 كشف الأستار]-(5/287)
2229- عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما، ووضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ الاية، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما.
2230- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
- رقم 2627، قال الهيثمي في مجمع الزوائد [9/ 179] : رواه أحمد ورجاله ثقات، وفي بعضهم اختلاف.
وأخرجه الطيالسي في مسنده برقم 2502 من طريق موسى بن مطير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا: من أحبني فليحب هذين.
(2229) - قوله: «حتى قطعت حديثي ورفعتهما» :
أخرجه الإمام أحمد في المسند [5/ 354] ، وابن أبي شيبة في المصنف [8/ 368، 12/ 299- 300] ، وأبو داود في الصلاة، باب قطع الخطبة لأمر يحدث، رقم 1109، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3774، والنسائي في الجمعة، باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة [3/ 108] ، وفي صلاة العيدين، باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه [3/ 192] ، وابن ماجه في اللباس، باب ليس الأحمر للرجال، رقم 3600 وصححه ابن خزيمة برقم 1082، وابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6038، 6039، والحاكم في المستدرك [1/ 287] .
(2230) - قوله: «سيدا شباب أهل الجنة» :
زاد في رواية: إلّا ابني الخالة: عيسى بن مريم، ويحيى بن زكرياء.
أخرج حديث أبي سعيد هذا من طرق: الإمام أحمد في المسند [3/ 3، 62، 64، 82] ، وفي الفضائل برقم 1360، 1368، 1384، وعبد الله في زوائد-(5/288)
2231- وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق.
2232- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: إني امرؤ مقبوض، وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به- المسند [3/ 80] ، وابن أبي شيبة في المصنف [12/ 96] رقم 12225، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3768- وقال:
حسن صحيح- والنسائي في المناقب من السنن الكبرى [5/ 50] رقم 8169، ويعقوب بن سفيان في المعرفة [2/ 644] ، والطحاوي في المشكل [2/ 393] والخطيب في تاريخه [4/ 207] ، وأبو يعلى في مسنده [2/ 395] رقم 1169، وأبو نعيم في الحلية [5/ 71] ، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 28- 29] الأرقام: 2610، 2611، 2612، 2613، جميعهم من طريق الحكم ابن عبد الرحمن بن أبي نعم، عنه به، وصححه ابن حبان- كما في الإحسان- برقم 6959، والحاكم في المستدرك [3/ 166- 167] .
قال الحاكم: هذا حديث قد صح من أوجه كثيرة، وأنا أتعجب أنهما لم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بأن الحكم لين.
قلت: وقد اختلف على ابن أبي نعم فروي عنه أيضا عن معاوية بن قرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الطبراني في الكبير برقم 2617، لكنه توبع في حديثه عن أبي سعيد، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 29] من حديث عطاء بن يسار، وعطية العوفي كلاهما عن أبي سعيد مرفوعا:
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
(2231) - قوله: «مثل أهل بيتي» :
خرجناه في باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال تحت رقم 2167.
(2232) - قوله: «إني امرؤ مقبوض» :
أخرجه البزّار في مسنده [3/ 221- 222 كشف الأستار] رقم 2612 باختلاف يسير في آخره، وفيه: وإنه لن تقوم الساعة حتى يبتغي أصحاب-(5/289)
لن تضلوا من بعده: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا، هم والقرآن حتى يردا عليّ الحوض.
2233- وعن بعض الصحابة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يوعدون.
- رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تبتغي الضالة فلا توجد، وفي إسناده الحارث بن عبد الله وهو ضعيف، لكن أصله في صحيح مسلم من حديث زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمّا- بين مكة والمدينة- فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟
أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.
وانظر تخريجه في كتابنا فتح المنان شرح المسند الجامع لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن، كتاب فضائل القرآن، تحت رقم 3580.
(2233) - قوله: «وعن بعض الصحابة» :
في الباب عن أبي موسى الأشعري، وسلمة بن الأكوع، وابن عباس، والمنكدر، وجابر بن عبد الله.
أما حديث أبي موسى، فأخرجه مسلم في الفضائل، باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، رقم 2531، والإمام أحمد في مسنده [4/ 398-(5/290)
.........
- 399] وغيرهما من طريق سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده مرفوعا:
النجوم آمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون.
وأما حديث سلمة بن الأكوع، فأخرجه مسدد كما في إتحاف المهرة [9/ 305] رقم 9025، والمطالب العالية- النسخة المسندة [9/ 287] رقم 4402، وابن راهويه- كما في المطالب- النسخة المسندة [10/ 125] رقم 5049، وابن أبي شيبة- كما في الإتحاف [9/ 305] رقم 9025-، ومن طريقه أبو يعلى الموصلي- ولعله في الكبير- والطبراني في معجمه الكبير [7/ 25] رقم 6260، والروياني في مسنده برقم 1152، 1164، 1165، وابن عساكر في تاريخه [40/ 20] ، والحكيم الترمذي في النوادر [1/ 263] ، والشجري في أماليه [1/ 155] ، جميعهم من حديث موسى بن عبيدة الربذي- وهو ضعيف، ومدار الحديث عليه- عن إياس بن سلمة، عن أبيه مرفوعا: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي.
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الحاكم في المستدرك [3/ 149] من حديث إسحاق بن سعيد بن أركون، ثنا خليد بن دعلج، أظنه عن قتادة، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس، صححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: بل موضوع، ابن أركون ضعفوه، وكذا خليد ضعفه أحمد وغيره.
وأخرجه الطبراني في الكبير [11/ 54] رقم 1103 من وجه آخر عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعا: إن النجوم أمان السماء فإذا طمست النجوم أتى السماء ما توعدون، وإني أمان لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمان لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون. -(5/291)
2234- وفي بعض الأخبار: فإذا انقرضوا صب الله عليهم العذاب صبّا.
2235- عن أسامة بن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بيد الحسن والحسين ويقول: اللهمّ إني أحبهما فأحبهما.
- قال الهيثمي في مجمع الزوائد [1/ 313] : رجاله موثقون.
وأما حديث المنكدر، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [20/ 361] رقم 846، وفي الصغير [2/ 72- 73] ، ومن طريقه الخطيب في التاريخ [3/ 67- 68] ، من طرق عن محمد بن سوقة- وقد اختلف عليه إسنادا ومتنا- عن ابن المنكدر، عن أبيه مرفوعا: النجوم أمان لأهل السماء فإذا طمست النجوم أتى السماء ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي فإذا قبضت أتى أصحابي ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون، لفظ الحاكم في المستدرك [3/ 457] وسكت عنه هو والذهبي.
* رواه عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أخرجه الحاكم في المستدرك [2/ 448] وصححه، وتعقبه الذهبي بأن عيينة بن كثير متروك، والافة منه قال: وأظنه موضوعا.
* ورواه ابن المبارك، عن محمد بن سوقة، عن علي بن أبي طلحة بنحوه مرسلا، أخرجه في الزهد برقم 569.
* ورواه غيره عن محمد بن سوقة فأسنده عن ابن عباس، أخرجه الطبراني في الأوسط [5/ 50] رقم 4086، [7/ 354] رقم 6683.
(2235) - قوله: «عن أسامة بن زيد» :
أخرجه البخاري في فضائل الصحابة برقم 3940، وفي الأدب باب وضع الصبي على الفخذ رقم 6003.(5/292)
2236- وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنّ الحسن ابني أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أسفل من ذلك.
2237- وروى عبد العزيز بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فأقبل الحسن والحسين فلما رآهما النبي صلى الله عليه وسلم قام لهما واستبطأ بلوغهما إليه، فاستقبلهما وحملهما على كتفه، وقال: نعم المطي مطيكما، ونعم الراكبان أنتما، وأبوكما خير منكما.
(2236) - قوله: «وقال أمير المؤمنين» :
روي عنه من طرق عند الإمام أحمد في المسند [1/ 99، 108] ، وفي الفضائل برقم 1366، والترمذي في المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، رقم 3779- وقال: حسن غريب- والطيالسي في مسنده برقم 103، والدولابي في الذرية الطاهرة برقم 108، والطبراني في معجمه الكبير [3/ 98- 99] الأرقام 2768، 2769، 2670، 2671، 2672.
وصحح ابن حبان منها حديث أبي إسحاق عن هانىء بن هانىء، عن علي رضي الله عنه رقم 6974 الإحسان.
(2237) - قوله: «وروى عبد العزيز» :
أورده المحب في الذخائر [/ 226] فقال: وروى أبو سعد في شرف النبوة عن عبد العزيز بإسناده ... ولم أعرف عبد العزيز هذا، ولا وقفت على إسناده.
قوله: «وأبو كما خير منكما» :
في الباب عن ابن عباس، وسلمان، وجابر بن عبد الله، وعمر بن الخطاب، وأبي جعفر مرسلا. -(5/293)
.........
- أما حديث ابن عباس، فأخرجه الترمذي في المناقب برقم 3784 من حديث زمعة- وهو مقارب الحديث صالح في الشواهد- عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملا الحسين بن علي على عاتقه، فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ونعم الراكب هو، قال أبو عيسى: حسن غريب، وزمعة بن صالح قد ضعفه بعض أهل العلم من قبل حفظه.
وله طريق أخرى عن هارون الرشيد يأتي عند المصنف برقم 2281.
وأما حديث سلمان، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 62] رقم 677، بإسناد فيه حبة العرني- وهو ضعيف- عن سلمان قال: كنا حول النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت أم أيمن فقالت: يا رسول الله لقد ضل الحسن والحسين، قال: وذلك راد النهار- يقول: ارتفاع النهار- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا فاطلبوا ابني، قال: وأخذ كل رجل تجاه وجهة، وأخذت نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل حتى أتى سفح جبل، وإذا الحسن والحسين ملتزق كل واحد منهما بصاحبه، وإذا شجاع قائم على ذنبه، يخرج من فيه شبه النار، فأسرع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت مخاطبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انساب فدخل بعض الأحجرة، ثم أتاهما، ففرق بينهما، ومسح وجهيهما وقال: بأبي وأمي أنتما، ما أكرمكما على الله، ثم حمل أحدهما على عاتقه الأيمن، والاخر على عاتقه الأيسر، فقلت:
طوباكما، نعم المطية مطيتكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونعم الراكبان أنتما، وأبو كما خير منكما.
قال في مجمع الزوائد [9/ 182] : فيه أحمد بن رشد الهلالي وهو ضعيف.
وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير [3/ 46] رقم 2611، والعقيلي في الضعفاء [4/ 247] ، وابن الجوزي في العلل [1/ 254- 255] رقم 412، وابن حبان في المجروحين [3/ 19] ، -(5/294)
2238- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حفظني في أهل بيتي فقد اتخذ عند الله عهدا.
- وابن عدي في الكامل [5/ 1898] ومن طريقه ابن الجوزي في العلل [2/ 255] رقم 413، والرامهرمزي في الأمثال [/ 131] من حديث مسروح بن عمرو- وهو ضعيف- عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال:
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة، وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يقول: نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما.
في إسناد ابن عدي: عيسى بن عبد الله القرشي، قال ابن عدي: سرقه عيسى من يزيد فرواه عن مسروح، وقال النسائي: هذا حديث منكر. وسيأتي برقم 2296.
وأما حديث عمر بن الخطاب، فأخرجه أبو يعلى- كما في إتحاف الخيرة [9/ 325] رقم 9073- قال: رأيت الحسن والحسين على عاتقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نعم الفرس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ونعم الفارسان هما.
وأما حديث أبي جعفر المرسل، فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف [12/ 102] رقم 12243 فقال: حدثنا المطلب بن زياد، عن جابر، عن أبي جعفر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحسن والحسين وهو حاملهما على مجلس من مجالس الأنصار فقالوا: يا رسول الله نعمت المطية، قال: نعم الراكبان.
(2238) - قوله: «فقد اتخذ عند الله عهدا» :
أورده أيضا المحب في الذخائر [/ 50] فقال: وعن عبد العزيز بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، ثم قال: أخرجه أبو سعد- يعني:
المصنف- والملّاء، يعني: أبا حفص، وهو في الوسيلة له [5- ق 2/ 204] .(5/295)
2239- وعنه صلى الله عليه وسلم قال: أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا.
2240- وعن ميناء بن أبي ميناء مولى عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عوف قال: خذوا عني قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، (2239) - قوله: «أنا وأهل بيتي» :
أورده المحب في الذخائر [/ 48] وقال: أخرجه أبو سعد في شرف النبوة. اه. ولم أقف عليه مسندا، وأخرجه الملاء في الوسيلة تبعا للمصنف [5- ق 2/ 199] .
(2240) - قوله: «وعن ميناء بن أبي ميناء» :
تابعي كبير لكنه متروك الحديث، رمي بالرفض، وكذبه أبو حاتم الرازي، وذهل عن ذلك الحاكم فقال: سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأثبت له الصحبة، فشنع عليه الذهبي في التلخيص لذلك، أما ابن حبان فتردد فيه فذكره في الثقات والمجروحين.
تهذيب الكمال [29/ 245] ، التاريخ الكبير [8/ 31] ، تهذيب التهذيب [10/ 354] ، الكاشف [3/ 171] ، التقريب [/ 556] الترجمة رقم 7059، الميزان [5/ 362] ، المغني في الضعفاء [2/ 691] ، الديوان [2/ 393] ، الكامل لابن عدي [6/ 2450] ، ضعفاء العقيلي [4/ 253] ، الثقات [5/ 455] ، المجروحين [3/ 22] ، ضعفاء النسائي [/ 231] ، الجرح والتعديل [8/ 395] ، لسان الميزان [7/ 407] .
قوله: «أنا الشجرة» :
أخرجه ابن عدي في الكامل [6/ 2451] ، ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 5] ، وابن عساكر في تاريخه [14/ 168] ، والحاكم في المستدرك [3/ 160] وقال: هذا متن شاذ، وإن كان كذلك فإن إسحاق-(5/296)
والحسن والحسين ثمرتها، ومحبونا ورقتها، وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائرها سائر الجنان.
- الدبري صدوق، وعبد الرزاق وأبوه وجده ثقات، وميناء مولى عبد الرحمن بن عوف قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه، والله أعلم.
فتعقبه الذهبي في التلخيص فقال: أظن أن هذا وضع على الدبري، فإن ابن حيويه متهم بالكذب، أفما استحييت أيها المؤلف، تورد هذه الأخلوقات من أقوال الطرقية فيما يستدرك على الشيخين؟.
وفي الباب عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأبي أمامة، وعلي بن أبي طالب.
أما حديث ابن عباس، فأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات [2/ 5] ، وابن عساكر في تاريخه [14/ 168] ، كلاهما من حديث موسى بن نعمان- ولا يعرف- عن ليث، عن ابن جريج، عن مجاهد، عنه مرفوعا بنحوه.
وأما حديث جابر بن عبد الله، فأخرجه ابن عدي في الكامل [5/ 1824] ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه [42/ 64] ، وأخرجه ابن عساكر أيضا [42/ 64] ، كلاهما من حديث عثمان بن عبد الله الشامي- ضعيف متهم-:
أنا ابن لهيعة، عن ابن الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرفة وعلي تجاهه فقال: يا علي ادن مني، ضع خمسك في خمسي، يا علي أنا وأنت من شجرة، أنا أصلها، وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها، من تعلق بغصن منها أدخله الله الجنة ... الحديث.
قال ابن عدي: ولعثمان بن عبد الله أحاديث موضوعات.
وأما حديث أبي سعيد الخدري، فأخرجه ابن عساكر في تاريخه [42/ 65] من حديث أبي حفص العبدي، عن أبي هارون العبدي قال: سألت أبا سعيد الخدري عن علي بن أبي طالب خاصة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: خلق الناس من أشجار شتى، وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها، فطوبى لمن استمسك بأصلها وأكل من فرعها.(5/297)
2241- وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أحبنا أهل البيت أحد فزلّت به قدم إلّا ثبتته قدم أبدا حتى ينجيه الله يوم القيامة.
2242- وفي بعض الكتاب مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والله- وأما حديث أبي أمامة الباهلي، فأخرجه ابن عساكر [42/ 65- 66، 66] من طريق طالوت بن عباد الصيرفي: أنا فضال بن جبير، أنا أبو أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الأنبياء من أشجار شتى، وخلقني وعليا من شجرة واحدة، فأنا أصلها، وعلي فرعها، وفاطمة لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ هوى، ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام ثم لم يدرك محبتنا إلّا أكبه الله على منخريه في النار، ثم تلا:
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى.
قال ابن عساكر عقبه: هذا حديث منكر، وقد وقع إلينا جزء طالوت بن عباد- بعلو- وليس هذا الحديث فيه.
وأما حديث علي بن أبي طالب، فأخرجه ابن مردويه- كما في اللالىء [1/ 379] من حديث عباد بن يعقوب- رافضي يرد في المناكير-: ثنا يحيى بن بشار، عن عمرو بن إسماعيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، وعن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعا: مثلي مثل شجرة، أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرتها، والشيعة ورثتها، فأي شيء يخرج من الطيب إلّا الطيب.
(2241) - قوله: «حتى ينجيه الله يوم القيامة» :
أخرجه معلقا تبعا للمصنف: أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 199] ولم أقف عليه مسندا.
(2242) - قوله: «مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم» :
أورده كذلك- أعني معلقا تبعا للمصنف- أبو حفص الموصلي في الوسيلة [5- ق 2/ 99] ولم أقف على إسناده.(5/298)
لا تؤمنون حتى تحبوني، والله لا تحبوني حتى أكون عند المؤمن آثر من نفسه، وأهل بيتي آثر عنده من أهل بيته، وولدي أحب إليه من ولده، وأزواجي أحب إليه من أزواجه.
2243- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى الحسن والحسين يمشيان، فتهلل لهما ثم التفت إلى أصحابه فقال: أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض.
2244- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تعالى جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي، وإني سائلكم غدا عنهم فمجحف بكم في المسألة.
2245- وبلغنا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله عزّ وجلّ فرض فرائض فوضعها في حال، وخفّف في حال، وفرض ولا يتنا أهل البيت فلم يضعها في حال من الأحوال.
2246- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: استوصوا بأهل بيتي خيرا، فإني مخاصمكم عنهم غدا، ومن أكن خصمه أخصمه، ومن أخصمه دخل النار.
(2244) - قوله: «إن الله تعالى جعل أجري» :
أخرجه أبو حفص الملاء في الوسيلة [5- ق 2/ 199] معلقا تبعا للمصنف، وأورده المحب في الذخائر [/ 63] وعزاه له، ولم أقف عليه مسندا.
(2245) - قوله: «إن الله عزّ وجلّ فرض فرائض» :
أخرجه أبو حفص الملاء في الوسيلة معلقا تبعا للمصنف [5- ق 2/ 200] ولم أقف عليه مسندا.
(2246) - قوله: «استوصوا بأهل بيتي خيرا» :
أخرجه الملاء في الوسيلة [5- ق 2/ 200] وأورده المحب في الذخائر [/ 50] وعزاه للمصنف، ولم أقف عليه مسندا.(5/299)
2247- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أهل بيتي فيكم كباب حطة.
2248- خرج علي بن الحسين ذات ليلة ومعه جراب خبز وهو يريد أن يتصدق به، فرآه مولى له فقال: احمله؟ قال: ويحك، أما علمت أن الصدقة تطفىء غضب الرب.
(2247) - قوله: «كباب حطة» :
تقدم في باب ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمثال، وخرجناه تحت رقم 2167.
(2248) - قوله: «خرج علي بن الحسين» :
هو ابن علي بن أبي طالب القرشي، الهاشمي، السيد الجليل، الإمام الجواد، الكبير، حفيد رسول الله، وأحد العباد الزهاد، المشهورين بالخير في السر، أبو الحسين- وقيل في كنيته غير ذلك- زين العابدين المدني، من أهل الفضل والجلالة.
قال الزهري: ما رأيت قرشيا أفضل منه، ولا رأيت أحدا كان أفقه منه، ولكنه كان قليل الحديث، انظر أخباره وفضائله في:
سير أعلام النبلاء [4/ 386] ، تاريخ دمشق لابن عساكر [41/ 360] ، حلية الأولياء [3/ 133] ، طبقات ابن سعد [5/ 211] ، أنساب القرشيين [/ 108] ، تهذيب الكمال [20/ 382] ، تهذيب الأسماء واللغات [1/ 343] ، تذكرة الحفاظ [1/ 74] ، وفيات الأعيان [3/ 266] ، تهذيب التهذيب [7/ 268] .
قوله: «يريد أن يتصدق به» :
أخرج القصة: أبو نعيم في الحلية [3/ 135، 136] ، وابن عساكر في تاريخه [41/ 383، 384، 384 مرتين] .
وأخرج ابن عساكر وأبو نعيم من طريق ابن إسحاق قال: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون بالليل. -(5/300)
2249- ونظر الفرزدق إلى علي بن الحسين وعليه قميص فوق الكعب، وإزار فوق ذلك، وعمامة قد كورها على رأسه كورتين، فأنشأ يقول:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلهم ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
- وفي طبقات ابن سعد [5/ 222] من حديث جرير، عن شيبة بن نعامة: كان علي بن حسين يبخّل، فلما مات وجدوه يعول مئة أهل بيت بالمدينة.
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر من حديث جرير بن عبد الحميد، عن عمرو بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين وجدوا بظهره أثرا، فسألوا عنه؟
فقالوا: هذا مما كان ينقل الجرب بالليل على ظهره إلى منازل الأرامل.
(2249) - قوله: «ونظر الفرزدق» :
انظر القصة في الحلية [3/ 139] ، وفضائل أمير المؤمنين للجلاني [/ 243، 244] رقم 446، وتاريخ ابن عساكر [41/ 399- 400، 400- 403] .
وانظر القصيدة في: الأغاني لأبي الفرج [15/ 325] ، وديوان الفرزدق [2/ 178] ، والجليس الصالح الكافي [4/ 107] .
قوله: «فأنشأ يقول» :
وفي القصة أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة الوليد فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، وكان علي بن الحسين إذا دنا من الحجر تفرق عنه الناس إجلالا له، فوجد لذلك هشام وقال: من هذا، فإني لا أعرفه؟ وكان الفرزدق حاضرا فقال: لكني أعرفه، فقيل له: ومن هو؟ فأنشأ القصيدة.
قوله: «إذا ما جاء يستلم» :
وتمامها: -(5/301)
.........
- يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلم إلّا حين يبتسم
بكفه خيزران ريحها عبق ... من كف أروع في عرنينه شمم
مشتقة من رسول الله بنعته ... طابت عناصره والخيم والشيم
ينجاب نور الهدى عن نور غرته ... كالشمس ينجاب عن اشراقها العتم
حمال أثقال أقوام إذا فدحوا ... حلو الشمائل تحلو عنده نعم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا
الله فضّله قدما وشرفه ... جرى بذلك له في لوحه القلم
فليس قولك: من هذا بضائره ... العرب تعرف من أنكرت والعجم
من جده دان فضل الأنبياء له ... وفضل أمته دانت له الأمم
عم البرية بالإحسان فانقشعت ... عنه الغيابة والإملاق والعدم
كلتا يديه سحاب عم نفعهما ... يستوكفان ولا يعروهما العدم
سهل الخليقة لا يخشى بوادره ... يزينه اثنان: حسن الخلق والكرم
لا يخلف الوعد ميمون نقيبته ... رحب الفناء أريب حين يعتزم
من معشر حبهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم منجى ومعتصم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم ... ويستربّ به الإحسان والنعم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بر ومختوم به الكلم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ... ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
يأبى لهم أن بحل الذّم ساحتهم ... خيم كريم وأيد بالندى هضم
لا ينقص العسر بسطا من أكفهم ... سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
أي الخلائق ليست في رقابهم ... لأولية هذا أوله نعم
من يشكر الله يشكر أوّلية ذا ... فالدين من بيت هذا ناله الأمم
-(5/302)
2250- وقال بعض العلوية ليحيى بن معاذ الرازي: ما تقول فينا أهل البيت؟ قال: ما أقول في طينة عجنت بماء النبوة وغرست بماء الرسالة، فهل ينفح منها إلّا ريح الهدى وعنبر التقى؟ قال: فأمر به فحشى فمه درّا.
- قال: فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان بين مكة والمدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسين، فبعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم، وقال:
أعتذر أبا فراس فلو كان عندنا أكثر منها لو صلناك بها، فردّها وقال: يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلّا غضبا لله ولرسوله وما كنت لأرزأ عليه شيئا، فردها إليه، وقال: بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس، فكان مما هجاه به:
أيحبسني بين المدينة والتي إليها ... قلوب الناس يهوى منيبها
يقلب رأسا لم يكن سيد ... وعين له حولاء باد عيوبها
قال: فبعث فأخرجه.
(2250) - قوله: «ليحيى بن معاذ الرازي» :
الإمام الواعظ، من كبار المشايخ المتألهين، له أقوال مأثورة في الزهد والوعظ، انظر أخباره وأقواله في:
سير أعلام النبلاء [13/ 15] ، حلية الأولياء [10/ 51] ، تاريخ بغداد [14/ 208] ، وفيات الأعيان [6/ 165] ، طبقات الأولياء [/ 321] ، طبقات الصوفية [/ 107] ، البداية والنهاية [11/ 31] .
قوله: «فحشى فمه درّا» :
زاد في الرواية: ثم إن العلوي زاره من الغد، فقال يحيى: إن زرتنا فبفضلك، وإن زرناك فلفضلك، فلك الفضل زائرا ومزورا، أخرجها الخطيب في تاريخه [14/ 211] ، وأوردها السخاوي في القول البديع [/ 82] وعزاها في استجلاب ارتقاء الغرف له [/ 105] للحميدي في التذكرة.(5/303)
2251- وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج كان آخر عهده بفاطمة، وإذا رجع كان أول عهده بفاطمة، فلما رجع من غزوة تبوك ومعه علي- وقد اشترت مقنعة وصبغتها بزعفران وأرختها على بابها سترا، وألقت في بيتها بساطا- فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رجع عن بابها، فأتى المسجد فقعد فيه، فلما علمت ذلك أرسلت إلى بلال فقالت: اذهب فانظر ما ردّه عن بابي، فأتاه فأخبره، فقال صلى الله عليه وسلم: إني رأيتها صنعت ثمة كذا وكذا، فأتاها فأخبرها فهتكت الستر، وكل شيء أحدثته وألقت ما عليها ولبست أطمارها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فجاء حتى دخل عليها فقال:
كذلك فكوني فداك أبي وأمي.
2252- يقال: أن عمرو بن العاص قال لمعاوية: إن الحسن بن علي قد شمخ أنفا، ورفع رأسا، واشرأبت إليه قلوب الناس بالثقة والمقة، فلو سألته أن يخطب الناس، فإنه امرؤ حديث السن، لم يتعود الخطب، فيجتمع الناس إليه فيحصر، فيكون في ذلك ما يصغره في أعين الناس، فبعث معاوية للحسن وأمره أن يخطب، فلما صعد المنبر وقد جمع له معاوية كهول قريش وشبانها، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي صلى الله عليه وسلم وآله، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما بين جابلق وجابرس أحد جده نبي غيري، أنا ابن نبي الله، أنا ابن رسول الله، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن (2251) - قوله: «وعن ابن عمر» :
خرجنا حديثه تحت رقم 1709، 1752.
قوله: «جابلق وجابرس» :
في الأصل: جابلص، وفي المصادر: جابرس فسره معمر في حديثه:
المشرق والمغرب، وفي معجم البلدان: جابرس: مدينة بأقصى المشرق، -(5/304)