مجلدات، وله المستصفي شرح النافع أيضاً وله المستوفي، وله شرحان على الأخشيكتي المنتخب وآخر، وله تصانيف أخر غير ما ذكرنا.
وكان إماماً عالاً، زاهداً خيراً، ديناً كريماً، متواضعاً، مترفعاً على الملوك، متواضعاً للفقراء، لا يتردد لأرباب الدولة، ولا يجتمع بهم إلا إذا أتوا إلى منزله، أثنى على علمه ودينه غير واحد من العلماء، ولم يزل على ما هو عليه من العلم والعمل حتى أدركه أجله فمات ليلة الجمعة من شهر ربيع الأول سنة إحدى وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
؟؟
1315 - المنصور صاحب اليمن
...
- 830هـ؟ ... - 1426م
عبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن العباس بن علي بن داود بن يحيى بن عمر ابن علي بن رسول، الملك المنصور صاحب اليمن، وابن صاحبها الملك الناصر، وابن صاحبها الملك الأشرف، وابن صاحبها الملك الأفضل.
ولي السلطنة بعد موت أبيه، واستمر فيها إلى أن مات في جمادى الأولى سنة ثلاثين وثمانمائة، وأقيم بعده في مملكة اليمن أخوه الأشرف إسماعيل، فلم يتم(7/73)
أمره، وخلع بعد مدة يسيرة، وأقيم بعده الملك الظاهر هزبر الدين يحيى ابن الأشرف إسماعيل في ثالث شهر رجب من السنة المذكورة، رحمه الله تعالى.
؟
1316 - الشيخ عبد الله اليافعي
698 - 768هـ؟ 1298 - 1366م
عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني، نزيل مكة، وشيخ الحرم، وإمام المسلكين، وشيخ الصوفية، عفيف الدين أبو السيادة.
ولد سنة ثمان وتسعين وستمائة تقريباً، وحج في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، ثم عاد إلى اليمن، ثم حج في سنة ثمان عشرة وسبعمائة وسمع بها - بقراءته غالباً - على الشيخ رضي الدين الطبري الكتب الستة خلا سنن ابن ماجة، وسمع مسند الدارمي، ومسند الشافعي، وصحيح ابن حبان، والسيرة لابن إسحاق، والعوارف(7/74)
للسهروردي، وعلوم الحديث لابن الصلاح، وعدة أجزاء على القاضي نجم الطبري قاضي مكة: مسند الشافعي، وفضائل القرآن لأبي عبيد، وتاريخ مكة للأزرقي وغير ذلك، وبحث عليه الحاوي الصغير في الفقه، والتنبيه، قال: وكان يقول في حال قراءتي عليه للحاوي: استفدت منك أكثر مما استفدت مني، قال: ويقول: قد قرأت هذا الكتاب مراراً فما فهمته مثل هذه المرة، ولما فرغت من قراءته قال في جماعة حاضرين: أشهدوا على أنه شيخي فيه، وجاءني في مكاني في ابتداء قراءتي عليه لأقرأه عليه، كل ذلك من التواضع وحسن الاعتقاد والمحبة في الله والوداد. انتهى.
وكان الشيخ عبد الله اليافعي إماماً فقيهاً عارفاً بالعربية، واللغة، والأصلين، والفرائض، والحساب، والتصوف، والتسليك، وغير ذلك من فنون العلم، وكان له نظم جيد كثير دون منه ديواناً في نحو عشر كراريس كبار، وله تصانيف في فنون العلم منها: المرهم في أصول الدين، وقصيدة نحو ثلاثة آلاف بيت في العربية، وغيرها تشتمل على قريب عشرين علماً، وبعض هذه العلوم متداخل كالتصريف مع النحو، والقوافي مع العروض، ونحو ذلك، وكتاب في التاريخ بدأ فيه من أول الهجرة، وكتاب في أخبار الصالحين يسمى روض الرياحين، وذيل عليه ذيل يحتوي على مائتي حكاية، وكتاب سماه الإرشاد(7/75)
والتطريز، والدرة المستحسنة في تكرار العمرة في السنة، وغير ذلك.
وكان كبير الشأن، كثير العبادة والورع، وافر الصلاح والبركة، والإيثار للفقراء مع الانقباض عن أهل الدولة وعدم الالتفات إليهم البتة، والإنكار عليهم بكل ما تصل القدرة إليه، والحط على أرباب الوظائف، ولذلك نالته ألسنتهم ونسبوه إلى حب الظهور وأوسعوا في ذلك بسبب مقالة قالها، وهي قوله من قصيدة:
ويا ليلة فيها السعادة والمنى ... لقد صغرت في جنبها ليلة القدر
وحتى أن الضياء الحموي كفره بذلك، وتناول قوله غير واحد من علماء عصره، وذكروا لذلك مخرجاً، ثم وقع له مع جماعة من علماء عصره أمور، ثم إن الضياء الحموي رغب في الاجتماع بالشيخ عبد الله اليافعي والاستغفار في حقه فأبى الشيخ عبد الله إلا بشرط أن يطلع إلى المنبر في ويوم الجمعة وقت الخطبة ويعترف بالخطأ فيما نسبه إلى الشيخ.
وقد ذكر الشيخ عبد الله جماعة من العلماء وأثنوا عليه كثيراً، منهم: الشيخ جمال الدين الأسنوي في طبقاته، فمما قاله: فضيل مكة وفاضلها، وعالم الأبطح وعاملها، إماماً يسترشد بعلومه ويقتدى، وعلماً يستضاء بأنواره، ويهتدى، ولد(7/76)
قبل السبعمائة وبلغ الإحتلام سنة إحدى عشرة وكان في ذلك السن ملازماً لبيته، تاركاً لما يشتغل به الأطفال من اللعب، ولما رأى والده آثار الصلاح عليه ظاهره بعث به إلى عدن فقرأ بها القرآن، واشتغل بالعلم، وحج الفرض، وصحب شيخنا علي المعروف بالطواشي، وهو الذي سلكه الطريق، ثم عاد إلى مكة سنة ثمان عشرة وجاور بها، وتزوج وأقام بها مدة ملازماً للعلم، ثم ترك التزويج وتجرد عشرين سنة، وتردد في تلك المدة بين الحرمين، ورحل إلى الشام سنة أربع وثلاثين، وزار القدس والخليل، وأقام بالخليل نحو مائة يوم، ثم قصد الديار المصرية في تلك السنة مخفياً أمره، فزار الإمام الشافعي وغيره من المشايخ، وكان أكثر إقامته بالقرافة في مشهد ذي النون المصري، ثم حضر عند الشيخ حسين الحاكي في مجلس وعظه، وعند الشيخ عبد الله المنوفي بالصالحية، وعند الجويراوي بسعيد السعداء - وكان إذ ذاك شيخها - وزار الشيخ محمد المرشدي بمنية مرشد من الوجه البحري وبشره بأمور، ثم قصد الوجه القبلي مسافراً إلى الصعيد الأعلى، وعاد إلى الحجاز، وجاور بالمدينة مدة، ثم سافر إلى مكة، وتزوج وأولد عدة أولاد، ثم سافر إلى اليمن سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، هو وشيخه الشيخ علي الطواشي، ومع هذه الأسفار لم تفته(7/77)
حجة في هذه السنين، ثم عاد إلى مكة، وأنشد لسان الحال:
فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قد عيناً بالإياب المسافر
؟ وعكف على التصنيف والإقراء، وصنف تصانيف كثيرة في أنواع من العلوم، انتهى كلام الإسناوي.
قول الشيخ بدر الدين حسن بن حبيب في تاريخه: إمام علمه يقتبس. وبركته تلتمس، وبهديه يقتدى، ومن فضله يحتذى، كان فريداً في العلم والعمل، مصروفاً إليه وجه الأمل، ذا ورع انسقت عروضه، وزهر تشرقت شموسه وتعبد يعرفه أهل الحجى، وتهجد تشهد به نجوم الدجى، وتأليف وجمع. ونظم يطرب السمع، وفوائد يرحل إليها، وكرامات يعول في المهمات عليها. ومصنفات في الأصول والعربية والتصوف ومناقب يتشوف إلى سماعها العارفون أي تشوف. انتهى كلام ابن حبيب.
قلت: ومناقب الشيخ عبد الله كثيرة، وفضائله غزيرة، وتوفي ليلة الأحد المسفر صباحها عن العشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بجوار الفضيل بن عياض، وبيعت حوائجه الحقيرة بأغلى الأثمان، بيع له مئزر عتيق بثلاثمائة درهم، وطاقية بمائة درهم، وقس على ذلك.(7/78)
ولنذكر شيئاً من شعره، من ذلك قوله:
يا غائباً وهو في قلبي يشاهده ... ما غاب من لم يزل في القلب مشهوداً
إن فت عيني من رؤياك حظهما ... فالقلب قد نال حظاً منه محمودا
وله قصيدة أولها:
قفا حدثاني فالفؤاد عليل ... عسى منه يشفي بالحديث غليل
أحاديث نجد عللاني بذكرها ... فقلبي إلى نجد أراه يميل
بتذكار سعدى أسعداني فليس لي ... إلى الصبر عنها والسلو سبيل
؟ ولا تذاكرا إلى العامرية إنها بوله عقل ذكرها ويزيل
ولكن بذكري عرضا عندها وإن ... تقل كيف هو قولا بذاك عليل
فإن تعطفى يشفي وإن تتلقى ففي ... هواك المعنى المستهام قتيل
ومنها:
ألا يا رسول الله يا أكرم الورى ... ومن جوده خير النوال ينيل
ومن كفه سيحون منها ودجلةٌ ... وجيحونٌ تجري والفرات ونيل
مدحتك أرجو منك ما أنت أهله ... وأنت الذي في المكرمات أصيل
فيا خير ممدوح أثب شر مادحٍ ... عطا مانح منه الجزاء جزيل(7/79)
؟
1317 - الملك الظاهر صاحب اليمن
...
- 842هـ؟ ... - 1438م
عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب بن الملك المسعود بن الملك الصالح، وهو أخو الملك المنصور محمود، والملك السعيد والد الكامل.
كان ديناً جليلاً مهاباً عاقلاً، توفي سنة أربع وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
1319 - الملك الظاهر صاحب اليمن
...
- 733هـ؟ ... - 1438م
عبد الله، وقيل يحيى بن إسماعيل بن علي بن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول، الملك الظاهر هزبر الدين، صاحب اليمن، بن الملك الأشرف.
ملك اليمن في شهر رجب سنة ثلاثين وثمانمائة، فأقام في الملك نحو اثنتي عشرة سنة، وضعفت مملكته، وخربت ممالك اليمن في أيامه لقلة محصوله بها من استيلاء العربان على أعمالها، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي يوم الخميس سلخ شهر رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وملك بعده ابنه الملك الأشرف إسماعيل، وله من العمر نحو العشرين سنة، فساءت سيرته في الملك من سفك الدماء وأخذ الأموال وغير ذلك من أنواع الفساد، وقتل الأمير سيف الدين برقوق - القائم بدولتهم في عدة من الأتراك وغيرهم - انتهى.
؟
1318 - الملك المسعود
...
- 674هـ؟ - 1275م
عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب بن الملك المسعود بن الملك الصالح، وهو أخو الملك المنصور محمود، والملك السعيد والد الكامل،(7/80)
كان ديناً، جليلاً مهاباً عاقلاً، توفي سنة أربع وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
؟ 1319 - الملك الظاهر صاحب اليمن
...
- 733هـ؟ ... - 1332م
عبد الله بن أيوب بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول، الملك الظاهر أسد الدين، صاحب اليمن، ابن الملك المظفر.
كان وقع بينه ونبين الملك المجاهد نزاع وحروب على الملك، وآخر الحال ظفر به الملك المجاهد بالأمان، وحلف له، وأنزله من الدملوه، وبقي يركب في خدمته نحواً من شهر، ثم أمسكه الملك المجاهد وحبسه بقلعة تعز نحو شهرين، ثم خنقه وأظهر أنه مات حتف أنفه في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.(7/81)
؟
1320 - الخشوعي
573 - 658هـ؟ 1177 - 1259م
عبد الله بن بركات بن إبراهيم بن طاهر بن بركات، أبو محمد الخشوعي الدمشقي الرفا.
ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، سمع من أبيه، ويحيى الثقفي، والقاسم بن عساكر، وعبد الرزاق بن نصر الخشوعي، إسماعيل الجنزوي، وجماعة، وأجاز له أبو طاهر السلفي، وأبو موسى المديني، وأحمد بن سان الترك، وغيرهم، وروى عنه الدمياطي، وابن الخباز، وأبو المعالي ابن البالسي، وأبو الفدا ابن عساكر، وأبو الحسن الكندي، وأبو عبد الله الزراد، وأبو عبد الله التوزري، وحفيده علي بن محمد الخشوعي، ومحمد بن المحب، ومحمد بن المهتار، وآخرون، وهو من بيت الرواية والحديث، توفي سنة ثمان وخمسين وستمائة، رحمه الله.
؟
1321 - ابن بكتمر الحاجب
...
- 786هـ؟ ... - 1384م
عبد الله بن بكتمر الحاجب، الأمير جمال الدين بن الأمير سيف الدين(7/82)
كان المذكور من جملة أمراء الطبلخانات بالديار المصرية، وحاجباً بها واستمر على ذلك، وكان أولاً قد صار أمير مائة ومقدم ألف وحاجباً وثانياً في زمن أينبك البدري، ثم آل آمره إلى ما ذكرناه، وكان رأسا في رمي النشاب والبندق، عديم النظير فيهما، وكان خيراً ديناً، ورث السعادة من والده بكتمر الحاجب، وجده لأمه أقوش الأشرفي نائب الكرك، قلت: وبيتهم معروف بالرئاسة والحشمة، وقد انقرضوا ولم يبق منهم إلا من لا يذكر.
توفي صاحب الترجمة في يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وسبعمائة بداره خارج باب النصر، أحد أبواب القاهرة، رحمه الله تعالى.
؟
1322 - الوزير أمين الدين ابن تاج الرئاسة
...
- 740هـ؟ ... - 1339م
عبد الله بن تاج الرئاسة الصاحب الوزير الكبير أمين الدين القبطي الأسلمي، وزير الديار المصرية.(7/83)
استسلمه بيبرس الجاشنكير بعد أن اختبأ نحو الشهر، هو والصاحب شمس الدين غبريال، فلما طال عليهما الأمر ظهرا وأسلما، وهو ابن أخت السديد الأعز وبه تدرب، ولما مات ولي أمين الدين هذا الاستيفاء عوضه، فنالته السعادة، وصار له ثروة كبيرة بحيث أنه وزر بعد ذلك ثلاث مرات وهو يتأسف على وظيفة الاستيفاء، ولي الوزارة أولاً مدة ثم عزل، ثم ولي ثانياً إلى أن عمل عليه وأخرج إلى طرابلس، ثم توجه إلى القدس واستمر إلى أن أمسك كريم الدين الكبير سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة طلب إلى القاهرة، وعمل الوزير إلى أن كثر الطلب عليه دخل إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون، وقال: يا خوند ما يمشي للوزير حال إلا أن يكون شخصاً من مماليك السلطان، فرسم السلطان للأمير مغلطاي الجمالي بالوزارة، فلما ولي مغلطاي الوزارة لزم المذكور بيته، ثم عمل بعد مدة ناظر الدولة، ثم عزل، ثم ولي نظر النظار بدمشق مكان الصاحب شمس الدين غبريال، فأقام بها يعمل الوزارة إلى أن أمسك الملك الناصر محمد بن قلاوون النشو ناظر الخاص سنة أربعين وسبعمائة طلب المذكور(7/84)
إلى القاهرة للوزارة، ثم تكلم فيه جماعة من الكتاب، فأمسك وصودر قبل أن يلي الوزارة، هو وولده تاج الدين أ؛ مد نظر الدولة، وأخو كريم الدين مستوفي الصحبة، وبسط عليه العقاب إلى أن مات تحت العقوبة في سنة أربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1323 - محيي الدين الأسدي الحنفي
639 - 727هـ؟ 1241 - 1226م
عبد الله بن جعفر بن علي بن صالح، الإمام العالم العلامة محيي الدين الأسدي الحنفي النحوي، يعرف بابن الصباغ.
مولده سنة تسع وثلاثين وستمائة، وحفظ القرآن العزيز، وحفظ عدة مختصرات في مذهبه، وتفقه بعلماء عصره حتى برع في الفقه والأصول والنحو والتفسير والأدب واللغة، وكان إمام وقته، ألقى الكشاف دروساً غير مرة، وكان فيه خير وعبادة وزهد، وله جلالة ووقار، عرض عليه تدريس المستنصرية فأبى وامتنع وتعفف، وأجاز له الرضى الصاغاني، والموفق الكواشي، وبالعامة من ابن الخير، وكتب عنه العفيف المطري، وأجاز لابن رافع المفيد، وكان عالم الكوفة وفاضلها في زمانه، انتهت إليه رئاسة السادة الحنفية بها إلى أن توفي سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى(7/85)
؟
1324 - زكي الدين الكاتب
607 - 683هـ؟ 1210 - 1284م
عبد الله بن حبيب، الشيخ زكي الدين الكاتب المجود.
أوحد عصره في الخط المنسوب ببغداد، وكان شيخ الرباط إلى أن توفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة، ورحمه الله تعالى، وله ست وسبعون سنة.
؟
1325 - الأسد أبادي
...
- 794هـ؟ ... - 1391م
عبد الله بن خليل الأسد أبادي، الشيخ الصالح القدوة، المسلك الرباني جلال الدين، نزيل بيت المقدس.
قرأت في تاريخ القاضي علاء الدين علي بن خطيب الناصرية الحلبي، قال: كان إماماً قدوة، ناسكاً، سالكاً طريق القوم رأساً فيها، انتهت إليه رئاسة هـ الشأن في زمانه، وكان فيه أثر هيبة المريدين الصادقين وكان ممن جمع بين علمي الظاهر والباطن، وأعاد وهو شاب في الفقه على مذهب الإمام(7/86)
الشافعي بالمدرسة السلطانية ببغداد، ثم لما قدم الشيخ الإمام الرباني فريد عصره علاء الدين عليالعشقي البسطامي، - وعشق: بلدة من أعمال خراسان - إلى بغداد، نظر إليه نظر محبة، وتخرج به ونسلك طريقه وصار من مريديه: فلما توجه شيخه من بغداد نحو الشام لزيارة بيت المقدس، ترك الوظائف التي كانت بيده، ووقف كتبه على الطلبة، وتوجه في خدمته من بغداد على قدم التجريد والمجاهد وأقام في خدمة شيخه ببيت المقدس مشتغلاً بأنواع المجاهدات والرياضات ودخول الخلوات إلى أن علا شأنه، ولما قارب شيخه الوفاة قال لمريديه: إن الذي يقدم من السفر يقوم مقامه، وكان الشيخ جلال الدين عبد الله - المشار إليه - مسافراً، فساعة دخول الشيخ عبد الله إلى الزاوية خرج شيخه من العالم الدنياوي إلى العالم الأخراوي البرزخي، وقام مقام شيخه في تأديب المريدين وتهذيبهم وتسليكهم، وأوقع الله له القبول التام والمحبة من الخلق، والانقياد من الخاص والعام، وكان بهياً وسيماً ظاهر الوضأة، حسن الوجه متلألأ، عليه أنوار الولاية، كثير البشاشة واللطافة(7/87)
والتواضع، ويتنازل مع الأصاغر إلى مراتبهم. كريماً وصنف رسائل مفيدة نافعة، ثم قال: وقد رأيت الشيخ عبد الله المذكور مع والدي وأنا صغير في سنة خمس وثمانين وسبعمائة ببيت المقدس بزاويته، واجتمعت به، وحظيت ببركته، وأضافنا عنها، وقدم بعد ذلك إلى حلب، ثم سافر إلى القدس، واستمر بها إلى أن توفي ليلة الثلاثاء ثاني عشرين المحرم سنة أربع وتسعين وسبعمائة ببيت المقدس، ودفن بمقبرة ماملا في الضريح الذي كان اتخذه له تحت قدمي شيخه، تغمدها الله برحمته.
انتهى كلام ابن خطيب الناصرية باختصار.
؟
1326 - قاضي القرم
...
- 780 ... 1378م
عبد الله بن سعد بن عثمان، الشيخ ضياء الدين أبو محمد بن الشيخ سعد الدين العفيفي القزويني الشافعي، الشهير بقاضي القرم.(7/88)
كان إماماً عالماً مفنناً، كثير الخير والدين، غزير الإحسان للصادر والوارد، توفي ثالث عشر ذي الحجة سنة ثمانين وسبعمائة عن نيف وستين سنة.
1327 - الوزير ابن الصنيعة
...
- 734هـ؟ .. 1333م
عبد الله بن الصنيعة، الصاحب الوزير شمس الدين المصري القبطي، المعروف بغبريال.
كان أولاً كاتباً عند قراسنقر، ثم تنقلت به المباشرات إلى أن انتهى إلى الأمير تنكز نائب الشام، فجعله وزيراً بدمشق، وطالت أيامه، ونالته السعادة في مباشرته، وكانت أيامه قلائل كالأحلام، لأمنها وكثرة خيرها، وكان كلما انتشأ أحد من أمراء الديار المصرية خدمه وباشر تعلقاته حتى أنه لا يفوته إلا القليل، وكان هو والقاضي كريم الدين متعاضدين جداً، ثم نقل إلى القاهرة وولي نظر الدولة مع مغلطاي الجمالي - لما ولي الوزارة - ثم إنه سعى وعاد إلى دمشق، وأقام بها إلى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة فتنكر الملك الناصر محمد بن قلاوون عليه، وتغير عليه أيضاً الأمير تنكز، فورد المرسوم بالقبض عليه، فأمسك بدمشق، وأخذ منه أربعمائة ألف درهم، ثم طلب إلى القاهرة وأخذ خطه بألف ألف درهم فأفرج عنه بعد أن وزن المبلغ المذكور ما خلا مائتي ألف درهم، فاستطلق له(7/89)
قوصون ذلك من السلطان، ثم تغير عليه خاطر السلطان ثانياً، وقيل عنه إنه له ودائع في دمشق، فكتب السلطان إلى تنكز. فتبع ودائعه، فظهر له شيء كثير، ولما مات سنة أربع وثلاثين وسبعمائة طهر له أيضاً جملة مستكثرة.
1328 - الشيخ عبد الله المنوفي
...
- 749هـ؟ ... - 1348م
عبد الله المنوفي، الشيخ الإمام العالم الصالح المعتقد أبو محمد، المعروف بالشيخ عبد الله المنوفي.
كان مالكي المذهب، وكان عالماً صالحاً زاهداً، صاحب كرامات وأحوال، نشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن العزيز، وتفقه واشتغل على علماء عصره، وبرع في مذهبه، وجمع بين علمي الطريقة والحقيقة، وصار إماماً عالماً، زاهداً ورعاً، متقشفاً، وكان للناس فيه اعتقاد حسن ومحبة وانقياد غله إلى الغاية، وكان يسكن الصحراء خارج القاهرة، وبها توفي سنة تسع وأربعين(7/90)
وسبعمائة، ووافق يوم موته خروج الناس للإستسقاء فصلوا عله جميعهم، وكانت جنازته مشهودة.
قلت: وقبره معروف يزار، رحمه الله تعالى، ونفعنا ببركته وبركة علومه في الدنيا والآخرة.
؟
1329 - عفيف الدين
728 - 794هـ؟ 1327 - 1391م
عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومي المكي، عفيف الدين أبو محمد.
ولد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بمكة، وهو والد القاضي جمال الدين ابن ظهيرة، وسمع صاحب الترجمة - في صغره ثم في كبره - على جماعة بمكة من كتب الحديث وغيرها، وحدث، وكان رجلاً صالحاً، كثير التلاوة والعبادة، توفي بمكة في نهار الخميس العشرين من شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.(7/91)
؟ 1330 - شيخ الشيوخ شرف الدين؟ 608 - 678هـ؟ 1211 - 1279م عبد الله بن عبد الله بن عمر بن علي محمد بن حمويه، شيخ الشيوخ شرف الدين أبو بكر بن شيخ الشيوخ تاج الدين الجويني الدمشقي الصوفي.
ولد سنة ثمان وستمائة، وسمع من أبيه، ومن أبي القاسم بن صصرى، وأبي صادق، وابن صباح، وابن اللتي، وروى عنه: ابن الخباز، وابن العطار، والمزي، والبرزالي، وأجاز للحافظ الذهبي مروياته، وكان شيخاً جليلاً، محترماً بين الصوفية، توفي سنة ثمان وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1331 - الدلاصي المصري
630 - 721هـ؟ 1232 - 1321م
عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن علي، الشيخ المقرئ(7/92)
عفيف الدين أبو محمد المخزومي الدلاصي، مقرئ مكة.
قرأ ختمة لنافع علي أبي محمد عبد الله الشاطبي، وسمع منه اليسير لأبي عمرو الداني، والموطأ رواية يحيى بن يحيى، كلا منهما عن أبي عبد الله بن سعادة، وتلا بالروايات على الكمال إبراهيم بن أحمد بن فارس التميمي في سنة أربع وستين وستمائة بدمشق، وسمع علي أبي الفضل عبد الله بن محمد الأنصاري - قارئ مصحف الذهب - الشاطبية عنه، وسمعها مع الرائية علي أبي اليمن بن عساكر عن السخاوي عن الناظم، وسمع علي أبي اليمن صحيح مسلم، والرسالة للقشيري وغير ذلك بمكة، وكان جاور بها غالب عمره، وتصدر للإقراء، وقرأ عليه جماعة منهم: أبو عبد الله الوادي آشي عدة ختمات.(7/93)
قال الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي، في كتابه طبقات القراء: الإمام القدوة شيخ الحرم، كان من العلماء العالمين تفقه أولاً لمالك، ثم للشافعي، وكان ذا أوراد واجتهاد وأحوال. انتهى كلام الذهبي.
قلت: وكانت وفاته ليلة الجمعة الرابع عشر من المحرم سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاه، ومولده في أول شهر رجب سنة ثلاثين وستمائة، رحمه الله تعالى.
1332 - بهاء الدين بن عقيل
698 - 769هـ؟ 1298 - 1367م
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عقيل، العلامة قاضي القضاة بهاء الدين أبو محمد الحلبي البالسي الأصل، القرشي الهاشمي الشافعي، المعروف بابن عقيل، الفقيه النحوي نزيل القاهرة.
ومولد سنة ثمان وتسعين وستمائة في المحرم وينتهي نسبه إلى عقيل بن أبي طالب، ثم قدم القاهرة وتفقه بها، ولازم الاشتغال إلى أن صار إماماً بارعاً مفنناً ولازم الشيخ أبا حيان في ابتداء أمره حتى صار من أعيان تلامذته، وشهد له بالفضل حتى أنه قال مرة: ما تحت خضراء السماء أنحى من ابن عقيل.(7/94)
ثم اشتغل على القونوي في العربية أيضاً والفقه، وعلى القزويني، وولي عنه الحكم، وأخذ القراءات السبع عن الشيخ تقي الدين بن الصايغ، وأخذ عن القونوي أيضاً الأصول والخلاف والمنطق، وسمع من التحصيل جملة كبيرة، وقرأ عليه تلخيص المفتاح في المعاني والبيان، ولازم الشيخ زين الدين مدة، ثم ولي قضاء القضاة بالديار المصرية في يوم الخميس ثامن جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وسبعمائة، عوضاً عن العز بن جماعة، وسبب ذلك أن الشيخ بهاء الدين هذا كان يلي الحكم نيابة عن ابن جماعة مدة ثم عزله ابن جماعة بما وقع منه في حق القاضي موفق الدين الحنبلي في جمع حضره أعيان العلماء، فجرى البحث بين موفق الدين المذكور وبين بهاء الدين هذا حتى أدى إلى الإساءة، فند ذلك غضب عز الدين بن جماعة لرفيقه وعزل الشيخ بهاء الدين، وذلك في صفر سنة أربع وأربعين وسبعمائة.
وكان الشيخ بهاء الدين إماماً، عالماً بالفقه والعربية والمعاني والبيان والتفسير والأصول، قارئاً بالسبع، حسن الخط، إلا أنه كان قوي النفس، فلذلك جرى منه في حق موفق الدين ما ذكرناه، فلما عزل بهاء الدين فغضب له الأمير صرغتمش وولاه القضاء وعزل ابن جماعة، فباشر الشيخ بهاء الدين القضاء نحو ثمانين يوماً وعزل، وأعيد ابن جماعة، وذلك بعد أن أمسك الأمير صرغتمش.
قال الأسنوي في طبقاته: وطرأت في تلك الأيام اللطيفة أمور غريبة علم الناس فيها مقدار الرجلين، ثم قل: وكان الشيخ بهاء الدين حاد المزاج والخلق(7/95)
بحيث يؤديه ذلك غالباً إلى ما لا يليق، ثم قال: وقرأ بالسبع على ابن الصايغ، ودرس بالمدرسة القطبية العتيقة بالقاهرة، ودرس التفسير بالجامع الطولوني، ودرس الفقه بجامع القلعة، ثم درس في آخر عمره بالزاوية الكبرى بالجامع العتيق بمصر، وهو المكان الذي كان الشافعي يدرس فيه، وشرح الألفية لابن مالك، والتسهيل. شرحين حسنين متوسطين، وشرع في تفسير مطول وصل فيه إلى أثناء سورة النساء، انتهى كلام الإسنوي باختصار.
قلت: وسمع الشيخ بهاء الدين على جماعة من مشايخ عصره منهم: الشيخ شرف الدين بن الصابوني، وقاضي القضاء بدر الدين بن جماعة، والحجار، وست الوزراء، وخلائق، وأملى على أولاد قاضي القضاة جلال الدين شرحاً على ألفية بن مال، وشرحاً لتسهيل ابن مالك أيضاً، وصنف في الفقه مختصراً من الرافعي لم يفته شيئاً من مسائله ولا من خلاف المذهب، وضم إليه زوائد الروضة والتنبيه على ما خالف النووي.(7/96)
والشيخ بهاء الدين هذا هو حمو الشيخ سراج الدين عمر البلقيني، وجد ولديه العلامة بدر الدين محمد، وقاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن.
قلت: وكانت وفاة الشيخ بهاء الدين المذكور في ليلة الأربعاء الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وستين وسبعمائة، ودفن بالقرافة قريباً من تربة الشافعي رضي الله عنه، انتهى.
؟
1333 - تقي الدين بن جبارة
...
- 699هـ؟ ... - 1299م
عبد الله بن عبد الوالي بن جبارة بن عبد الوالي، الإمام تقي الدين الحنبلي ابن الفقيه، القدسي الصالحي.
كان إماماً تقياً، مدرساً عارفاً بمذهبه، متبحراً في الفرائض والجبر والمقابلة، توفي سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله.(7/97)
؟
1334 - ابن عبد الظاهر
620 - 692هـ؟ 1223 - 1293م
عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر، القاضي محيي الدين ابن القاضي رشيد الدين، السعدي المصري.
ولد في ليلة السبت تاسع المحرم سنة عشرين وستمائة بالقاهرة، ونشأ بها، واشتغل وتفقه، ومهر في الإنشاء والأدبيات وغير ذلك، وسمع من ابن الجميز، وابن المقير، وجعفر الحمداني، وعبد الله بن إسماعيل بن رمضان، وابن الأستاذ قاضي حلب، ويوسف بن المحيل، وجماعة.
قال الشهاب محمود في تاريخه: كان أوحد عصره، بل كان أوحد كل عصر في الإنشاء والتصرف في إنشاء كتبه، وتقاليده، وكتبه، وضرب به المثل، وشهرته شهرة ما في أيدي الناس من كلامه يغني عن ذكري لك في هذا المختصر، وكان له النظم الرائق الطائل الجامع لأنواع المحاسن، كتبت منه كثيراً، وسمعت منه كثيراً من لفظه، وبيني وبينه مكاتبات بالشعر من قصائد وألغاز وغير ذلك، انتهى كلام الشهاب محمود.(7/98)
وذكره الحافظ أبو محمد البرزالي وأثنى عليه، وقال: وأجاز له جماعة، وهو كبير، من بغداد: إبراهيم بن الخير، وأبو المنى، وعبد العزيز الزبيدي، وخلق كثير، أزيد ممن مائتي شيخ، انتهى.
قلت: وهو والد القاضي فتح الدين محمد صاحب ديوان الإنشاء.
وتوفي القاضي محيي الدين في سنة اثنتين وتسعين وستمائة، رحمه الله.
ومن شعره قوله:
لقد قال كعب في النبي قصيدة ... وقلنا عسى في مدحها نتشارك
فأن شملتنا بالجوائز رحمة ... كرحمة كعب فهو كعب مبارك
وله أيضاً في غير المعنى:
بدر إذا عاين بدر الدجى ... يقول: يا بشراي هذا غلام
بخده الحسن غدا مودعاً ... أما ترى الخال عليه ختام
وله:
؟ سلفتنا على العقول السلافة ... فتقاضت ديونها بلطافة
ضيفتنا بالنشر والبشر واليس ... ر، ألا هكذا تكون الضيافة(7/99)
وله:
كم قلت لما بت أرشف ريقه ... وأرى نقي الدر ثغر منتقا
بالله يا ذاك اللما مترويا ... كرر علي حديث جيران النقا
وله:
لئن جاد لي بالوصل منه خياله ... وأصبح مجهوداً رقيب ولاثم
إلا أنها الأقسام تحرم ساهراً ... وآخر يأتي رزقه وهو نائم
وله:
يا قاتلي بجفون ... قتيلها ليس يقبر
إن صبروا عنك قلبي ... فهو القتيل المصبر
وله في أعور هجو:
وأعور العين ظل يكشفها ... بلا حياء منه ولا خيفة
وكيف تلقى الحياء عند فتى ... عورته لا تزال مكشوفة
1335 - نقي الدين السروجي
627 - 693هـ؟ 1229 - 1294م
عبد الله بن علي بن منجد بن ماجد بن بركات، البارع المفنن تقي الدين السروجي، الشاعر الأديب البليغ المشهور.(7/100)
مولده في سنة سبع وعشرين وستمائة بسروج.
قال الشيخ صلاح الدين في الوافي: أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان، قال: كان رجلاً خيراً عفيفاً، تالياً للقرآن، عنده حظ جيد من النحو واللغة والأدب، متقللاً من الدنيا، يغلب عليه حب الجمال - يعني النظر إلى وجه المليح - مع العفة التامة والصيانة، نظم كثيراً، وغنى شعره المغنيون والقينات، وكان يذكر أنه يكرر عل المفضل والمتنبي والمقامات، ويستحضر حظاً كبيراً من صحاح الجوهري، وكان مأمون الصحبة، طاهر اللسان، يتفقد أصحابه، لا يكاد يظهر إلا يوم الجمعة، وكان لي به اختلاط ومحبة، ولي فيه اعتقاد، ودفن لما مات بمقبرة الفخري - بجوار من كان يهواه - ظاهر الحسينية، وهو أحد من تألمت لفقده، لعزة وجود مثله في الصحبة رحمه الله وكن يكره أن يخبر أحداً باسمه ونسبه، لأنه كان يقول لي: مع الأصحاب ثلاث رتب: أول ما اجتمع بهم يقولون: الشيخ تقي الدين، جاء الشيخ تقي الدين، راح الشيخ تقي الدين، فإذا طال الأمر قالوا: راح التقي، جاء التقي، صبرت عليهم، وعلمت أنهم أخوا في الملل، فإذا قالوا: راح السروجي، فذلك آخر عهدي بصحبتهم، انتهى.
وقال القاضي شهاب الدين محمود: كن يكره مكاناً فيه امرأة، ومن دعاه يقول: شرطي معروف أن لا تحضر امرأة، قال: كنا يوماً في دعوة بعض(7/101)
الأصحاب، فكان مما حضر شواء فأدخل إلى النساء ليقطعوه ويضعوه في الصحون، فجعل يتبرم لذلك ويقول: أفيه الساعة يلوثنه بأيديهن.
وقال الشيخ أثير الدين أبو حيان: لما مات قال والد محبوبه: والله ما أدفنه إلا في تربة ولدي - يعني محبوبه الذي كان يهواه الشيخ تقي الدين في حياته - وقال: فإنه كان يهواه في حياته، فلا أفرق بينهما في الدنيا ولا في الآخرة، لما كان يعتقد من عفافه، وتوفي بالقاهرة في رابع شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وستمائة، رحمه الله.
ومن شعره، أنشدنا المعمر الرحلة عز الدين عبد الرحيم بن الفرات الحنفي إجازة، أنشدني البارع صلاح الدين الصفدي إجازة أنشدني العلامة أثير الدين أبو حيان قال: أنشدني المذكور لنفسه.
أنعم بوصلك لي فهذا وقته ... يكفي من الهجران ما قد ذقته
يا من شغلت بحبه عن غيره ... وسلوت كل الناس حين عشقته
أنفقت عمري في هواك وليتني ... أعطي وصولاً بالذي أنفقه
كم جال في ميدان حبك فارس ... بالصدق فيك إلى رضاك سبقته(7/102)
أنت الذي جمع المحاسن وجهه ... لكي عليه تصبري فرقته
قال الوشاة قد ادعى بك نسبة ... فسررت لما قلت قد صدقته
بالله إن سألوك عني قل لهم ... عبدي وملك يدي وما أعتقته
أو قيل مشتاق إليك فقل لهم ... أدري بذا وأنا الذي شوقته
يا حسن طيف من خيالك زارني ... من فرحتي بلقاه من حققته
فمضى وفي قلبي عليه حسرة ... لو كان يمكنني الرقاد لحقته
وله بالسند المذكور:
في الجانب الأيمن من خدها ... نقطة مسك أشتهي شمها
حسبته لما بدا خالها ... وجدتها من حسنه عمها
وله أيضاً:
دنيا المحب ودينه أحبابه ... فإذا جفوه تقطعت أسبابه
وإذا أتاهم في المحبة صادقاً ... كشف الحجاب له وعز جنابه
ومتى سقوه شراب أنس منهم ... رقت معانيه وراق شرابه
؟ وإذا تهتك لا يلام لأنه سكران عشقٍ لا يفيد عتابه
بعث السالم مع النسيم رسالةً ... فأتاه في طي النسيم جوابه
؟ قصد الحمى وأتاه بجهد في السرى حتى بدت أعلامه وقبابه(7/103)
ورأى لليلي العامرية منزلاً ... بالجود يعرف والندا أصحابه
فيه الأمان لمن ناف من الردى ... والخير قد ظفرت به طلابه
قد أشرعت بيض الصوارم والقنا ... من حوله فهو المنيع حجابه
؟ وعلى حماه جلالةٌ من أهله فلذاك طارقة العيون تهابه
كم قلبت فيه القلوب على الثرى ... شوقاً إليه وقبلت أعتابه
قد أخصبت منه الأباطح والربا ... للزائرين وفتحت أبوابه
وله موشحة:
بالروح أفديك يا حبيبي ... إن كنت ترضى بها فداك
فداوني اليوم يا طبيبي ... فالقلب قد ذاب من جفاك
يا طلعة البدر إن تجلى ... وإن تثنى فغصن بان
بالوصل طوبى لمن تملا ... ونال من هجرك الأمان
قل لي نعم قد تعبت من لا ... وضاع مني بها الزمان
وارجع إلى الله من قريب ... فبعض ما قد جرى كفاك
من دمع عيني ومن نحيبي ... وادي الحمى لبنت الأراك(7/104)
والله ما كنت في حسابي ... وإنما عشقك انفاق
ولا أنا من ذوي التصابي ... فلم دمي في الهوى يراق
وكلت بي تقضي عذابي ... بالصد والهجر والفراق
ثلاثة قد غدت نصيبي ... يا ليتها لا غدت عداك
فإن تكن ترتضي الذي بي ... فإن كل المنى رضاك
إن طال شوق وزاد وجدي ... فإنني عاشق صبور
اسمع حديثي بقيت بعدي ... أنا وحق النبي غيور
ما ارتضى أن يكون ضدي ... يمشي حواليك أو يدور
؟ ولا أرى أن يكون رقيبي ملازمي عندما أراك
يسعى إلى الناس في مغيبي ... يقول هذا يحب ذاك
جميع ما تشتهي ترضى ... غلى إحضاره إليك
وذاك شيء أراه فرضاً ... بالله قل لي وما عليك
أبق وخذ ما تريد فضا ... فحاصل كله لديك(7/105)
فأنت يا نزهتي وطيبي ... عن صحبتي مالك انفكاك
وما ابن عمي وما نسيبي ... يسري إلى مهجتي سراك
قلت: وشعر الشيخ تقي الدين السروجي كثير، وفضله غزير، ولكن يطول الشرح في استيعاب جميع محاسنه، وفيما ذكرناه كفاية، رحمه الله.
؟
1336 - قاضي القضاة جمال الدين المارديني الحنفي
719 - 769هـ؟ 1319 - 1367م
عبد الله بن علي بن عثمان بن مصطفى بن إبراهيم بن سليمان، الإمام العلامة قاضي القضاة جمال الدين أبو محمد بن قاضي القضاة علاء الدين أبي الحسن، المارديني الحنفي.
مولده سنة تسع عشرة وسبعمائة، وقيل سنة خمس عشرة، وتفقه على والده وغيره، وبرع في الفقه والأصول والعربية، وشارك في فنون كثيرة، وكان من جملة محفوظاته الهداية في الفقه حتى أنه كان يمليها في دروسه من صدره،(7/106)
وكمل شرح أبيه لها، ولما مات أبوه اجتمع رأي كثير من فقهاء السادة الحنفية على أن يكون قاضيهم، وطلبوا ذلك من الأمير شيخو فأجابهم لذلك فاستدعاه وقد أتقن أمره مع أمراء الدولة، وكلم الملك الناصر حسن في ذلك، فأرسل يطلبه، وأخلع عليه في المحرم سنة خمسين وسبعمائة، فنزل إلى المدرسة الصالحية على العادة وسكنها بعياله مدة حياته، وحسنت سيرته، فلما قدم قاضي القضاة زين الدين عمر بن البسطامي من الحج ترك له قاضي القضاة جمال الدين هذا التدريس بالجامع الطولوني من تلقاء نفسه، فازداد الناس له حباً، ثم تزوج بصالحة بنت قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن جماعة، واعتضد به، فصار القضاة الثلاثة النفي والشافعي وموفق الدين الحنبلي شيئاً واحداً، وكلمتهم متفقة، فباشر المذكور القضاء بحشمة ورئاسة، وتصدى للإفتاء والتدريس والإقراء مدة طويلة من حياة والده إلى أن مات، وأكثر من الأفضال على طائفة الفقهاء، فكان يعود على فقيرهم بما يقيم به حاله، ويكرم غنيهم، ويجاوز عن مسيئهم، ويدعوهم إلى الاجتماع على طعامه، هـ مع الكرم والوجاهة العظيمة، والحرمة الزائدة عند أرباب الدولة، والمعرفة التامة بالأحاكم، وحسن السير، والعفة والتواضع، والشدة على أرباب الشوكة من الأمراء والوزراء ونحوهم، وعدم الترداد إليهم.
قال المقريزي بعد أن أثنى عليه: حتى صارت محبته ديانة، ورويته عبادة، لما اجتمع فيه من خلال الخير وصفات الكمال، فتراه متواضعاً مع الفقراء، مكرماً للفقهاء وأرباب الفضائل، انتهى كلام المقريزي باختصار.(7/107)
قلت: وكان له تواليف مفيدة، وعبادة، وأوراد، ولم يزل على ذلك إلى أن مات في ليلة الجمعة حادي عشر شعبان سنة تسع وستين وسبعمائة، ودفن من الغد بتربة والده وجده خارج باب النصر من القاهرة، رحمه الله تعالى.
؟
1337 - تاج الدين السنجاري الحنفي
722 - 800هـ؟ 1322 - 1397م
عبد الله بن علي بن عمر، الشيخ الإمام العلامة تاج الدين أبو محمد السنجاري الحنفي، المعروف بقاضي صور بفتح الصاد المهملة، وصور بلدة بين حصن كيفا وبين ماردين بديار بكر بن وائل.
مولده بسنجار سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وتفقه بها، وبالموصل، وماردين، وكان إماماً عالماً بارعاً مفنناً في الفقه والأصلين والعربية واللغة، وأفتى ودرس سنين، وقدم إلى دمشق وأخذ عن العلامة علاء الدين القونوي الحنفي، ثم قدم إلى القاهرة فأخذ عن شمس الدين محمد الأصفهاني، وبرع، وأفتى بها أيضاً، ودرس، وألف عدة كتب من ذلك: كتاب البحر الحاوي في الفتاوى، ونظم كتاب المختار في الفقه، ونظم السراجية في الفرائض، ونظم كتاب سلوان المطاع لابن ظفر، وناب في الحكم بالقاهرة ودمشق، وولي وكالة بيت المال بدمشق إلى أن توفي آخر سنة ثمانمائة، عن نيف وثمانين سنة، وكان من محاسن الدنيا ديناً وخيراً وعلماً وكرماً، رحمه الله تعالى.(7/108)
؟
1338 - الورن
..
- 677هـ؟ ... - 1278م
عبد الله بن عمر بن نصر الله، الأديب الفاضل الحكيم موفق الدين أبو محمد الأنصاري، المعروف بالورن.
كان قادراً على النظم، له مشاركة في الطب والوعظ والفقه، وكان حلو النادرة، لا تمل مجالسته، أقام ببعلبك مدة، وخمس مقصورة ابن دريد مرئية في الحسين رضي الله عنه وتوفي سنة سبع وسبعين وستمائة.
ومن شعره:
أنا أهوى حلو الشمائل ألمى ... مشهد الحسن جامع الأهواء
آية النمل قد بدت فوق خديه ... فهيموا يا معشر الشعراء
وله أيضاً:
يا سعد إن لاحت هضاب المنحني ... وبدت أثيلاتٌ هناك تبين
عرج عل الوادي فإن ظباءه ... للحسن في حركاتهن سكون
وله أيضاً:
لله أيامنا والشمل منتظم ... نظماً به خاطر التفريق ما شعرا
؟ والهف نفسي على عيش ظفرت به قطعت مجموعه المختار مختصرا(7/109)
وله:
حار في لطفه النسيم فأضحى ... رائحاً نحوه اشتياقاً وغادي
مذ رأى الظبي منه طرفاً وجيداً ... هام وجداً عليه في كل وادي
؟
1339 - جمال الدين ابن العديم
...
- 783هـ؟ ... - 1381م
عبد الله بن عمر بن أبي جرادة، قاضي القضاة جمال الدين الحلبي الحنفي الشهير بابن العديم قاضي حماه.
كان إماماً فقيهاً عالماً، قام مدة طويلة يفتي ويدرس بعباده وغيرها إلى أن مات في رابع عشر ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمكة المشرفة ودفن بالمعلاة، رحمه الله تعالى.
1340 - البيضاوي
...
- 685هـ؟ ... - 1286م
عبد الله بن عمر، العلامة ناصر الدين البيضاوي الشيرازي الشافعي، قاضي شيراز وعالم أذربيجان وتلك النواحي.(7/110)
كان إماماً بارعاً مصنفاً، فريد عصره، ووحيد دهر، أثنى على علمه وفضله غير واحد، ومن مصنفاته: المنهاج في أصول الفقه، وهو مشهور، وله منهاج خر في أصول الدين، ومنهاج أيضاً في الفروع، وقد شرحه أيضاً، وله شرح التنبيه في أربع مجلدات، وله الغاية القصوى في دراية الفتوى، وله تفسير القرآن العظيم، وشرح المنتخب، والكافية في المنطق، وله الطوالع، وشرح المحصول، وغير ذلك من التصانيف، وتصدى عدة سنين للفتيا والتدريس، وانتفع به الناس وبتصانيفه إلى أن مات بتبريز في سنة خمس وثمانين وستمائة، وقد أوصى القطب الشيرازي أن يدفن إلى جانبه، رحمهما الله تعالى.
؟
1341 - ابن المهندس
691 - 777هـ؟ 1292 - 1375م
عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن غنايم بن وافد بن سعيد، الشيخ صلاح الدين أبو محمد بن المحدث شمس الدين أبي عبد الله الصالحي الحنفي، الشهير بابن المهندس.(7/111)
مولده بعد التسعين وستمائة تخميناً، وسمع بالشام ومصر والحجاز، وجمع وحدث وكتب، وحج غير مرة، واستوطن حلب وسكنها إلى أن توفي بها في سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وكان يعني بجمع المواعظ والخطب، وكان يعظ الناس، رحمه الله تعالى.
؟
1342 - قاضي القضاة شمس الدين
الأذرعي الحنفي
595 - 673هـ؟ 1198 - 1274م
عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن بن عطاء، قاضي القضاة شمس الدين أبو محمد الأذرعي الحنفي.
ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة وحفظ بعض مختصرات في مذهبه، وتفقه على مشايخ عصره حتى برع في المذهب وأفتى ودرس، وصار مشاراً إليه في عصره، وكان ديناً خيراً، حسن العشرة، وسمع من حنبل وابن طبرزد والكندي وابن ملاعب، وروى عنه قاضي القضاة شمس الدين الحريري(7/112)
وبن العطار وغيرهما، وولي عدة تداريس، وناب في الفضاء عن صدر الدين ابن سني الدولة، ثم ولي قضاء القضاة الحنفية بدمشق لما جدد الملك الظاهر بيبرس أربع مذاهب في سادس جمادى الأولى سنة أربع وستين وستمائة، وحمدت سيرته، ولقد صدع بالحق لما حصلت الحوطة على البساتين بحضور الملك الظاهر بيبرس وقال: لا يحل لمسلم أن يتعرض لهذه الأملاك فإنها بيد أصحابها ويدهم عليها ثابتة، فغضب الملك الظاهر من كلامه وقام، ثم قال: إذا كنا ما نحن مسلمين ايش قعودنا، فأخذ الأمراء في التلطف به، وقالوا: لم يقل عن مولانا السلطان، حتى سكن حنقه، فلما سكن غضبه أعجبه كلامه، وقال: اثبتوا كتبنا عند هـ القاضي لما تحقق من صلابته في الدين، ونبل في عينيه.
ولما جاء مرسوم الملك الظاهر إلى دمشق بتولي أربع قضاة وتولوا كان لقب الثلاثة شمس الدين وهم: قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان، وصاحب الترجمة، وقاضي القضاة شمس الدين عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر الحنبلي، فقال بعض الشعراء:
أهل دمشق استرابوا ... من كثرة الحكام
إذ هم جميعاً شموس ... وحالهم في ظلام
وقال غيره:
بدمشق إن قد ... ظهرت للناس عام(7/113)
فلما ولي شمس ... قاضياً صارت ظلام
توفي المذكور في سنة ثلاث وسبعين وستمائة، رحمه الله
؟
1343 - عفيف الدين الطبري
723 - 787هـ؟ 1323 - 1385م
عبد الله بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله، الشيخ عفيف الدين أبو محمد ابن القاضي زين الدين أبي طاهر بن قاضي القضاة جمال الدين أبي عبد الله بن الحافظ محب الدين الطبري المكي الشافعي.
ولد في المحرم سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة بمكة، وسمع على والده، وعلى عيسى الحجي، وعلى جلال الدين محمد الآقشهري، وبلال الحبشي، والجمال المصري، وقرأ بنفسه على القطب بن مكرم، وعثمان بن الصفي، والجمال بن الصبيح، وجماعة، وسافر إلى الهند، وسمع بالمدينة، وأسمع وخطب في الحجاز والهند، وحكم ببلاد جبلة، ثم عاد إلى الحجاز، ومات بالمدينة في حادي عشر(7/114)
جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1344 - ابن القيسراني
623 - 703هـ؟ 1226 - 1303م
عبد الله بن محمد بن أحمد بن خالد بن نصر، الصاحب فتح الدين بن القيسراني المخزومي الحلبي، ثم الدمشقي، نزيل القاهرة.
ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة، كان إماماً فاضلاً، بارعاً، أديباً، ولي الوزارة في دولة الملك السعيد بن الملك الظاهر بيبرس، وسمع أبا القاسم بن رواحة، وابن الجميزي، ويوسف الشاوي، وابن خليل، وأحمد بن الحباب، وجماعة، وتفقه، وشارك في الأدب، وعني بالحديث، وجمع وألف كتاباً في معرفة الصحابة.(7/115)
وكان له نظم ونثر، وخرج لنفسه إجازة أربعين حديثاً، وروى عنه الدمياطي من نظمه، وأخذ عنه الحافظ فتح الدين بن سيد الناس، والبرزالي، والذهبي.
ومن شعره:
بوجه معذبي آيات حسن ... فقل ما شئت فيه ولا تحاشي
ونسخة حسنه قرنت فصحت ... وها خط الكمال على الحواشي
؟
1345 - ابن مفلح
757 - 834هـ؟ 1356 - 1430م
عبد الله بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، العلامة شرف الدين بن القاضي شمس الدين، المقدسي الأَصل، ثم الدمشقي الصالح الحنبلي، المعروف بابن مفلح.
ولد في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وسبعمائة، كان بارعاً في الفقه والعربية، كثير الاستحضار لفروع مذهبه، جيد الحافظة، ناب في الحكم(7/116)
مدة بدمشق، وعين لقضاء الحنابلة بدمشق غير مرة، وكان جده لأمه قاضي القضاة جمال الدين المرداوي، وكان ديناً مشكور السيرة، ملازماً لفعل الخير إلى أن توفي بصالحية دمشق في يوم الجمعة ثامن ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1346 - المرجاني
...
- 699هـ؟ ... - 1299م
عبد الله بن محمد، الشيخ الإمام العالم القدوة أبو محمد القرشي التونسي، شيخ المغرب، المعروف بالمرجاني.
كان رأساً في العلم والعمل، بارعاً في التفسير، مقدماً في الوعظ والتذكير وافر الجلالة والحرمة، كان أحد مشايخ الإسلام وأكابر الصوفية.(7/117)
قال اليافعي رحمه الله: بلغني عنه أنه قيل له: قال فلان: رأيت عموداً من نور ممتداً من السماء إلى فم الشيخ أبي محمد المرجاني في حال كلامه فلما سكت ارتفع ذلك العمود، فتبسم وقال: ما عرف، بل لما ارتفع العمود سكت، قال اليافعي رحمه الله: قلت: إنه كان يتكلم بالأسرار عن مدرس الأنوار، فلما انقطع المدد بالنور الممدود انقطع النطق بالكلام، انتهى.
قلت: وكانت وفاته. بتونس من بلاد الغرب في الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة تسع وستمائة، رحمه الله، ونفعنا ببركته.
؟
1347 - قاضي القضاة موفق الدين الحنبلي
690 - 769هـ؟ 1291 - 1367م
عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن عبد الباقي، قاضي القضاة موفق الدين أبو محمد الحجازي المقدسي الحنبلي، قاضي قضاة الديار المصرية.
ولي القضاء نحواً من ثلاثين سنة إلى أن توفي بالقاهرة في يوم الخميس سابع(7/118)
عشر من المحرم سنة تسع وستين وسبعمائة، وولي بعده القضاء قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله العسقلاني الحنبلي، رحمه الله تعالى.
؟
1348 - ابن خليل المكي الشافعي
694 - 777هـ؟ 1294 - 1375م
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن أبي عبد الله بن فارس بن عبد الله بن يحيى بن إبراهيم بن سعيد بن طلحة بن موسى ابن إسحاق بن محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه، الشيخ بهاء الدين أبو محمد رضي الدين القرشي الأموي العثماني العسقلاني المكي، المعروف بابن خليل.(7/119)
ولد بمكة سنة أربع وتسعين وقيل سنة خمس وتسعين وستمائة، وسمع بها على يحيى بن محمد بن علي الطبري، وعلى المجد أحمد بن ديلم الشيبي، وعلى التوزري، وغيره، وسمع بدمشق وحلب عن جماعة، وقدم القاهرة في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة فسمع بها من جماعة، وأخذ العلم بها عن العلامة القونوي الأصبهاني، وابن حيان، والنقي السبكي، وقرأ على النقي الصائغ بالروايات، وكان قرأ قبله بمكة، وصحب الشيخ ياقوت مدة، وتجرد وساح بديار مصر سنين لا يعرف له مقر، ثم قدم القاهرة وانقبض عن الناس، ولوطف حتى أسمع كثيراً من مسموعاته، وكان يجلس للسماع يومين في الجمعة: يوم الجمعة ويوم الثلاثاء، وكانت تعتريه بعض الأحيان حالة بحضرة الناس ينال فيها كثيراً من الشيخ(7/120)
إبراهيم الجعبري ومن أحمد بن إبراهيم الجعبري، ثم يلعن إبراهيم المذكور حتى ينقطع نفسه، ويلعن أيضاً القطب الهرماس ويقول: اقتلوا الهرماس الذهبي الخناس.
وكان يتقوت من معاليم وظائفه: مشيخة الخانقاة الكريمية بالقرافة وغير ذلك، وكان يأتيه من غلة ماله بوادي مرو من أراضي مكة.
وكان حسن القراءة، جيد المعرف لها، حلو المذاكرة، حافظاً، فقيهاً مقرئاً، نحوياً، يحفظ المحرر للرافعي، وكان منقطعاً عن الناس، صالحاً، عابداً زاهداً، محباً للخمول.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في حقه: المقرئ المحدث الإمام القدوة الرباني الصالح، قرا بالروايات، وعني بالحديث، ورحل فيه، انتهى كلام الذهبي باختصار.
وقال الشريف أبو المحاسن محمد بنعلي الحسيني في ذيل طبقات الحافظ الذهبي: الشيخ الإمام الحافظ القدوة العالم البارع الرباني المقرئ. انتهى.(7/121)
وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن لؤلؤ بن النقيب: رجلان من أهل عصرنا، أحدهما يؤثر الخمول جهده وهو الشيخ عبد الله بن خليل المكي، وآخر يؤثر الظهور جهده وهو الشيخ عبد الله اليافعي، انتهى.
قلت: توفي صاحب الترجمة بسطح الجامع الحاكي من القاهرة في يوم الأحد ثاني جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ودفن بالقرافة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى.
؟
1349 - مؤلف المختار في الفقه
599 - 683هـ؟ 1202 - 1284م
عبد الله بن محمود بن مودود بن محمود، العلامة شيخ الإسلام مجد الدين أبو الفضل الموصلي الحنفي البلدجي، مؤلف المختار للفتوى في فقه السادة الحنفية.
قال أبو العلاء الفرضي: كانت ولادته بالموصل في يوم الجمعة سلخ شوال سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وكان شيخاً فقيهاً، عالماً فاضلاً(7/122)
مدرساً عارفاً بالمذهب، وكان قد تولى القضاء بالكوفة ثم عزل ورجع إلى بغدادي، ورتب مدرساً بمشهد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، ولم يزل يفتي ويدرس إلى أن مات ببغداد بكرة يوم السبت تاسع عشر المحرم سنة ثلاث وثمانين وستمائة، انتهى كلام الفرضي.
قال الحافظ تقي الدين بن رافع، وضبط الدمياطي بلدجى.
وقال شيخنا الحافظ المزي: بلدجى الموصلي أبو الفضل.
وقال الحافظ الدمياطي: إبراهيم الثناء الحنفي الملقب مجد الدين بن الإمام شهاب، الفقيه العلامة المفتي، نزيل بغداد، سمع بالمدرسة الصارمية من المؤمل ابن عمر بن محمد بن طبرزد، وببغداد من أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي، وبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة القلانسي صحيح البخاري، ومن الشيخ شهاب الدين السهروردي، وأبي النجا عبد الله بن عمر بن للتي، وأبي نصر بن عبد الرزاق الجيلي، وعثمان بن إبراهيم السبتي، وعبد الكريم ابن عبد الرحمن بن الحسين بن المبارك، وفتيان بن أحمد بن سمينة، ومن أبي المجد محمد بن محمد بن أبي بكر الكرابيسي، وأجاز له جماعة من أهل خراسان منهم: المؤيد بن محمد الطوسي، ومنصور بن علي، وأبو بكر القاسم بن عبد الله بن العطار، وأبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد بن عبد الكريم السمعاني، ومن بغداد: عبد العزيز الأخضر، وعبد الوهاب بن سكينة، وحنبل، ومن الموصل:(7/123)
صاحب جامع الأصول المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم، وأخوه علي ابن محمد، وأبو الفتح محمد بن عيسى بن ترك الخاص، ومن غيرها: أبو محمد عبد القادر ابن عبد الله الرهاوي، وقرأ على أبي عمرو بن الحاجب، ومحيي الدين بن أبي العز، انتهى كلام ابن رافع.
قلت: أثنى على علمه، وغزير فضله، ودقيق نظره، وجودة فكره جماعة كثيرة، وكان إمام عصره، ووحيد دهره، وآخر من كان يرحل إليه من الآفاق، تفقه به جماعة من أعيان السادة الحنفية، وحدث، روى عنه الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي، وذكره في معجم شيوخه، ولما ولي مشيخة مشهد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أكب على الاشتغال والإشغال والتصنيف والتأليف، وانتفع به عامة الطلبة وسائر المذاهب.
ومن تأليفه: المختار للفتوى وكتاب الاختيار لتعليق المختار وكتاب المشتمل على مسائل المختصر وله عدة تصانبف أخرى.
وكان إماماً ورعاً، ديناً خيراً، مترفعاً على الملوك والأعيان، متواضعاً للفقراء والطلبة، وعنده مروءة وتعصب للفقراء، رحمه الله تعالى.(7/124)
1350 - جمال الدين الأقفهسي
...
- 823هـ؟ - 1420م
عبد الله بن مقداد بن إسماعيل، قاضي القضاة جمال الدين الأقفهسي المالكي قاضي قضاة الديار المصرية.
نشأ بالقاهرة، وطلب العلم وتفقه بالشيخ خليل وغيره إلى أن برع في الفقه والأصول، وأفتى ودرس مدة سنين، وناب في الحكم عن قاضي القضاة علم الدين سليمان البساطي المالكي من سنة ثمان وسبعين وسبعمائة إلى أن استبد بالقضاء بعد موت قاضي القضاة نور الدين علي بن يوسف بن الجلال في الأيام الناصرية فرج في ثالث جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة فأقام في المنصب أربعة(7/125)
أشهر وعشرة أيام، وصرف في ثالث عشرين من شهر رمضان من السنة بابن خلدون، ثم ولي ثانياً وأقام خمس سنين وثمانية أشهر ويومين، ومات في رابع عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة عن نحو ثمانين سنة، ومات وقد صار المعول على فتاويه، وكان مشكور السيرة في أحكامه، ديناً خيراً. وتولى بعده قاضي القضاة شمس الدين محمد البساطي المالكي، رحمهما الله تعالى.
1351 - المستعصم بالله
609 - 656هـ؟ 1212 - 1258م
عبد الله بن منصور بن محمد بن أحمد بن الحسن، الخليفة أمير المؤمنين المستعصم بالله أبو أحمد الشهيد بن الخليفة المستنصر بالله بن الخليفة الظاهر بن(7/126)
الخليفة الناصر بن المستضيء بن المستنجد بالله البغدادي العباسي الهاشمي، آخر خلفاء بغداد والعراق.
وكان مبدأ ملكهم من سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى سنة ست وخمسين وستمائة، أعني سنة قتل المستعصم هذا.
ومولده في سنة تسع وستمائة، وأمه أم ولد حبشية، بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه، وكان مليح الخط، قرأ القرآن على الشيخ علي بن النيار الشافعي وعملت دعوة عظيمة يوم ختمه وأعطي الشيخ علي المذكور من الذهب ستة آلاف دينار، وخلع يوم خلافته ثلاثة عشر ألف وسبعمائة وخمسين خلعة، هكذا ذكر الشيخ صلاح الدين بن أيبك في تاريخه وغيره، وروى عنه بالإجازة في خلافته محيي الدين الجوزي، ونجم الباذرائي، وكان حليماً كريماً، سليم الباطن حسن الديانة، متمسكاً بالسنة، ولكنه لم يكن كما كان عليه أبوه وجده من الحزم والتيقظ، وكان أمر دولته إلى دواداره، وإلى إقبال الشرابي، ثم ركب إلى وزيره العلقمي الرافضي، فأساء التدبير وأفسد نظام ملكه، وصار يحسن له جمع الأموال والاقتصار على بعض العساكر، وكان فيه شح وقلة معرفة وعدم تدبير، ثم ظهر منه تغير على وزيره العلقمي المذكور ففطن العلقمي لذلك، فكاتب(7/127)
هولاكو بقدومه إلى بغداد، وأخذها، فكتب إليه هولاكو يقول: إن عساكر بغداد كثيرة فإن كنت صادقاً فيما قلته وداخلاً تحت طاعتنا ففرق عساكر بغداد، فإذا فعلت ذلك حضرنا، فلما وقف العلقمي على كتاب هولاكو دخل إلى الخليفة هذا وقال له إن جندك كثيرون وعليك كلف كثيرة والعدو قد رجع إلى بلاده، وعندي من الرأي أن تعطي دستوراً لخمسة عشر ألف فارس من عسكرك وتوفر معلومهم، فأجابه المستعصم إلى ذلك، وعرض العسكر ونقى منهم خمسة عشر ألفاً، نقاوة العسكر، ومنعهم من الإقامة ببغداد وأعمالها فتفرقوا في البلاد، ثم عمل بعد أشهر مثل ما عمل وأعطى دستوراً لعشرين ألف فارس، ثم بعث إلى هولاكو يعلمه يما فعل، فعند ذلك تحقق هولاكو صدق مقالته وقصد بغداد، حتى قدمها في نحو مائتي ألف فارس، وطلب الخليفة المستعصم بالله هذا، فطلع الخليفة إليه ومعه القضاة والمدرسون والأعيان في نحو سبعمائة نفس، فلما وصلوا إلى الحربية جاء أمر هولاكو بحضور الخليفة وحده ومعه سبعة عشر نفساً، فساقوا مع الخليفة، وأنزلوا من بقي عن خيولهم، وضربوا رقابهم، ووقع السيف في بغداد، وصار القتل فيها أربعين يوماً، وأنزلوا الخليفة في خيمة وحده، والسبعة عشر في خيمة أخرى، ثم إن هولاكو أحضر الخليفة المستعصم المذكور وولده ووضعهما في عدلين، وأمر التتار برفسهما حتى ماتا وعفى أثرهما،(7/128)
ثم قتل هولاكو ولد الخليفة الآخر عبد الرحمن بن المستعصم، وأبقى ابنه الآخر الصغير مبارك وأخواته فاطمة وخديجة ومريم في أسر التتار، كل ذلك في آخر المحرم سنة ست وخمسين وستمائة، ثم أطلق هولاكو السبعة عشر وأعطاهم نشانه بإشارة الوزير اللعين العلقمي.
وقيل: إن هولاكو كان قصد دخل بغداد، وتخلية الخليفة إلى حال سهيله، فما تركه العلقمي يفعل ذلك، وقال له: المصلحة قتل الخليفة وإلا ما يصفو لك ملك العراق.
قلت: وذهب في هذه السنة من الخلق أمم لا تحصى تحت السيف حتى قيل إن القتلى كانت تزيد على ألف ألف، واستغنى التتار إلى الأبد، ومن ثم أخذ أمر بغداد في انحطاط، بل وسائر ممالك العراق.
وكانت خلافة المستعصم بالله ستة عشرة سنة وشهوراً، وانقضت الخلافة ببغداد وزالت أيامهم من العراق. انتهى.
وفي هذا المعنى يقول بعضهم:؟ خلت المنابر والأسرة منهم فعليهم حتى الممات سلام انتهى.
؟
1352 - ابن تاج الدين موسى
...
- 776هـ؟ ... - 1374م
عبد الله بن موسى بن أبي شاكر بن سعيد الدولة، الصاحب فخر الدين بن(7/129)
تاج الدين موسى بن سعد الدين القبطي، المعروف بابن تاج الدين.
كان أولاً يتعانى الخدم الديوانية في بيوت الأمراء إلى أن صار صاحب ديوان الأتابك يلبغا العمري الخاصكي، فظهر له في مباشرته عنده حذق ومعرفة تامة بأمور ديوانه، فلما أمسك يلبغا وقتل في ليلة الأحد عاشر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وسبعمائة خلع عليه الملك الأشرف شعبان بن حسين بالوزارة ونظر الخاص بعد إمساك الصاحب علم الدين بن قروينة، ثم عزل، ثم ولي إلى أن باشر الوزر بديار مصر ثلاث مرات، وتوفي يوم الجعة عاشر ذي القعدة سنة ست وسبعين وسبعمائة، وكان أبوه إذ ذاك حياً. انتهى.
؟
1353 - قاضي القضاة تقي الدين الكفري الحنفي
746 - 803هـ؟ 1345 - 1400م
عبد الله بن يوسف بن أحمد بن الحسين بن سليمان بن فزارة بن بدر بن(7/130)
ابن يوسف، قاضي القضاة تقي الدين أبو الفتح بن قاضي القضاة جمال الدين أبي المحاسن بن قاضي القضاة شرف الدين الكفري الحنفي.
مولده بدمشق، وسمع من زينب بنت الخباز، وجماعة، خرج له عنهم أربعون حديثاً حدث بها، وتفقه بوالده وبغيره، وبرع في الفقه والأصول والعربية وغير ذلك، وتولى قضاء القضاة الحنفية بدمشق هو وأبوه وجده وأخوه زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن، وكان مشكور السيرة، محمود الطريقة في أحكامه وعفافه، وهو من بيت علم وفضل ورئاسة، مات في العشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وثمانمائة في أسر تيمورلنك لعنه الله، وقيل إنه مات في ذي الحجة من السنة رحمه الله تعالى.
1354 - ابن هشام النحوي
708 - 716هـ؟ 1308 - 1359م
عبد الله بن يوسف بن أحمد بن هشام، الشيخ الإمام العلامة جمال الدين(7/131)
أبو محمد الأنصاري النحوي الشافعي، ثم الحنبلي. مولده في ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة، وسمع من قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة، ولازم الشيخ شهاب الدين عبد اللطيف بن المرحل، وتلا بالسبع على شمس الدين محمد بن السراج، وتفقه بجماعة من مشايخ عصره، وأتقن العربية حتى صار فارس ميدانها، والمقدم في السبق على أقرانه، وبرع أيضاً في الفقه والأصول. وأما العربية فكان هو المشار إليه فيها في زمانه، والمعول على كلامه، وله فيها التصانيف المفيدة الجيدة من ذلك: شرح ألفية ابن مالك المسمى بالتوضيح، وشرح بانت سعاد، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب، وغير ذلك.
قلت: وتصانيفه في غاية الجودة، وذوقه في العربية ورده كلام من تقدمه من النحاة في الطبقة العليا من الحسن والقوة، توفي ليلة الجمعة الخامس من ذي القعدة سنة إحدى وستين وسبعمائة، وقال المقريزي: في يوم الثلاثاء ثاني ذي القعدة من السنة.(7/132)
1355 - ابن ريشة
...
- 790هـ؟ ... - 1388م
عبد الله بن ريشة، أمين الدين القبطي الأسلمي، ناظر الدولة.
كان المذكور من أعيان الكتبة الأقباط، وباشر في عدة خدم بالطالع والنازل حتى ولي نظر الدولة، واستمر إلى أن توفي ليلة الأربعاء سادس جمادى الأولى سنة تسعين وسبعمائة.
1356 - الشيخ درويش
...
- 773هـ؟ ... - 1371م
عبد الله درويش، الشيخ الفقير الصالح أبو محمد المجذوب.
تسلك على يد الشيخ يوسف العجمي بزاويته من القرافة، وأقام بها في الحلوة أياماً، ثم خرج وقد صار مجذوباً، وأقام بباب القرافة، واشتهر ذكره، وقصد الناس زيارته من كل جهة، وتبركوا بإشارته ودعائه، وتناقلوا عنه(7/133)
كرامات خوارق، وبقي له قدم في الولاية لما شاهدوا الناس له من الكشف حتى قال فيه الشيخ يحيى الصنافيري: ليس في جندي مثل درويش، ولم يزل درويش على جذبته إلى أن مات في سابع عشرين شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ودفن خارج باب القرافة، وقبره هناك يزار، رحمه الله.
1357 - تاج الدين المخزومي
680 - 743هـ؟ 1281 - 1342م
عبد الله الباقي بن عبد المجيد بن عبد الله بن أبي المعالي متى بن أحمد بن محمد ابن عيسى بن يوسف، الشيخ تاج الدين المخزومي المكي.
ولد بمكة المشرفة لمضي اثنتي عشرة ليلة من شهر رجب سنة ثمانين وستمائة.(7/134)
كان إماماً فاضلاً، أديباً بليغاً، قدم إلى القاهرة ثم رحل إلى دمشق، وأقام بها مدة سبع سنين يقرئ الطلبة المقامات الحريرية والعروض وغير ذلك من علوم الأدب، ثم سافر إلى اليمن، ثم عاد إلى القاهرة وولي تدريس المشهد النفيس وشهادة البيمارستان المنصوري، ثم توجه إلى طرابلس ودمشق فلم تطل مدته، ومات سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، رحمه الله.
ومن شعره:
لا أعرف النوم في حالي جفا ورضىً ... كأن جفني مطبوع على السهد
فليلة الوصل تمضي كلها سمراً ... وليلة الهجر لا أغفى من الكمد
وله أيضاً:
لعل رسولاً من سعاد يزور ... فيشفي ولو أن الرسائل زور
يخبرنا عن غادة الحي هل ثوت ... وهل ضربت بالرقمتين خدور
وهل سنحت في الروض غزلان عالجٍ ... وهل أثله بالساريات مطير
ديار لسلمى جادها واكف الحيا ... إذا ذكرت خلت الفؤاد يطير(7/135)
كأن غنا الورقاء من فوق دوحها ... قنان وأوراق الغصون ستور
تمايل فيها الغصن من نشوة الصبا ... كأن عليه بالسلاف تدير
وهي أطول من ذلك أضربنا عنها للإطالة، انتهى.
1358 - ناظر الجيش
790 - 854هـ؟ 1388 - 1450م
عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم، القاضي زين الدين، ناظر الجيوش المنصورة بالديار المصرية.
هو دمشقي الأصل والمولد والمنشأ، مصري الدار والوفاة.
أخبرني من لفظه المقر الأشرف القاضي الكمال محمد بن البارزي - كاتب السر الشريف - أنه سأله في مرض موته عن مولده فقال: في سنة تسعين وسبعمائة أو في التي قبلها، انتهى.(7/136)
قلت: ونشأ المذكور بدمشق بخدمة القاضي بدر الدين محمد بن موسى ابن محمد بن الشهاب محمود - كاتب سر دمشق المعروف بابن الشهاب محمود، ثم اتصل بخدمة الملك المؤيد شيخ المحمودي - قبل أن يتسلطن وهو يومئذ نائب الشام - ولا زال في ركابه حتى قدم معه إلى الديار المصرية بعد قتل الملك الناصر فرج بن برقوق وسلطته الخليفة المستعين بالله العباس في سنة خمس عشرة وثمانمائة، واستمر عنده إلى أن تسلطن الأمير شيخ المحمودي المذكور ولقب بالملك المؤيد، قربه وأدناه ورقاء حتى صار ناظر الخزانة الشريفة وكاتبها.
وكان لما قدم إلى القاهرة سكن بجورانا بالبندقيين، وتنقل في عدة أماكن إلى أن سألنا أن يسكن في دار لنا بالحارة فأجبناه إلى ذلك، وسكن بها سنين إلى أن اشترى بيت تنكز وعمره تجديداً، وانتقل إليه، وشرع في عمارة مدرسته التي تجاه داره المذكورة، وكلها في أواخر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.
ولما ولاه الملك المؤيد نظر الخزانة استقلها في نفسه، ولم يسعه طلب وظيفة أعظم منها لوجود من هو أعظم منه من جماعة الملك المؤيد، ولبعده عن العلوم والمباشرة، فأخذ هو يسير على قاعدة عظماء الدولة في الحشم والخدم والمماليك من سائر الأجناس والندماء والأصحاب، ونزل الملك المؤيد إليه بدارنا غير مرة.(7/137)
وصار السلطان يخلع عليه الخلع السنية كالكوامل السمور وغيرها، وركب بسرج ذهب وكنبوش زركش وغير مرة.
وكان عنده شمم فصار لا يسلم على أحد إلا نادراً، فلزمته العامة وصاروا يقولون: يا باسط خذ عبدك، فشكاهم إلى الملك المؤيد فتوعدهم المؤيد بكل سوء، فصاروا يقولون: يا جبال ... يا رمال ... يا الله ... يا لطيف، فلما رأى ذلك منهم، وعلم أنه لا يقدر عليهم ذل لهم وصار يسلم عليهم ويرحب بهم، فسكتوا عنه وأحبوه بعد ذلك.
ولا زال عبد الباسط هذا آية في الدولة المؤيدية إلى أن أثرى ونالته السعادة، وعمر هذه الأملاك، وأنشأ القيسارية المعروفة بالباسطية بالماطيين داخل باب زويلة التي كانت مدرسة لفيروز الطواشي، وكان فيروز المذكور وقف عليها عدة أوقاف - يأتي ذكر ذلك كله في ترجمة فيروز - كل ذلك في الدولة المؤيدية، وهو كاتب الخزانة لا غير.
واستمر على ذلك إلى أن مات الملك المؤيد شيخ في محرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة وتسلطن من بعده ولده الملك المظفر أحمد بن شيخ، ثم خلع المظفر بالملك الظاهر ططر، وقدم من الشام إلى القاهرة، وعبد الباسط على ما هو عليه إلى(7/138)
يوم الاثنين سابع ذي القعدة من سنة أربع وعشرين أخلع عليه ططر في نظر الجيش بعد عزل القاضي كمال الدين محمد بن البارزي عنها، فلم تطل مدة ططر ومات، وتسلطن ابنه الملك الصالح محمد، ثم خلع بعد مدة يسيرة بالملك الأشرف برسباي الدقماقي، فعند ذلك أخذ الزيني عبد الباسط يتقرب إليه بالتقادم الهائلة والتحف الظريفة، وفتح له أبواباً في جمع الأموال، وإنشاء العمائر، وكان عند الملك الأشرف بعيض طمع، فطال عبد الباسط بذلك واستطال حتى صار هو المشار إليه والمعول عليه في الدولة، ونالته السعادة، ورأى من الوجاهة والحرمة ما لم ينله أحد في زمانه.
على أنه كان في الغالب لا يسلم من معاند عند الملك الأشرف لكنه كان لا يظهر ذلك عنه لكل أحد لما كان يبذله من الأموال والهدايا والتحف، والمعاندون له أولهم عظيم الدولة الأشرفية الأمير جانبك الأشرفي الدوادار الثاني، فلا زال عبد الباسط يخدمه ويتقرب إليه حتى أراحه الله منه بالموت، فنبز له القاضي بدر الدين محمد بن مزهر كاتب السر، فصار حال عبد الباسط معه في شدة ورخاء إلا أن صوته في قول ضعيف، ثم نبز له الأمير صفي(7/139)
الدين جوهر القنقباوي الخازندار وعظم في الدولة وصار أمور المملكة بيده، فخضع له عبد الباسط ودار معه حيثما أداره جوهر المذكور، كل ذلك لا يظهر عنه أنه انحط قدره عند السلطان.
ولا زال يتستر بقبوله كل ما أمره به الملك الأشرف من الكلف والوظائف التي عجز أربابها عن القيام بكلفها إلى أن مات الملك الأشرف، برسباي في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وتسلطن ولده الملك العزيز يوسف، وكثر الكلام بين المماليك الأشرفية في تفرقة الإقطاعات، حصل لعبد الباسط المذكور بعض إهانة من بعض الخاصكية الأشرفية، بالكلام، فالتجأ إلى الأمير الكبير جقمق العلائي، ثم مضت أيام وخلع الملك العزيز يوسف وتسلطن الملك الظاهر جقمق، فأخلع على عبد الباسط باستمراره في وظيفة نظر الجيش، فباشرها أشهراً، وقبض الملك الظاهر جقمق عليه وحبسه بالمقعد على باب البحرة المطل على الحوش السلطاني بقلعة الجبل في يوم الخميس ثامن عشرين ذي الحجة من سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وصمم على أنه يأخذ منه ألف ألف دينار، فأخذ القاضي كمال الدين البارزي كاتب السر يتكلم في أمره وساعده أيضاً جماعة(7/140)
من أعيان الدولة، ولا زالوا بالسلطان حتى أخذ منه مائتي ألف دينار وخمسين ألف دينار بعد أن نقل إلى البرج بقلعة الجبل، وأهين باللفظ غير مرة، ثم أطلق واستمر بالقلعة، ورسم له بالتوجه إلى الحجاز، فأخذ في تجهيز أمره حتى انتهى حاله طلبه الملك الظاهر من نائب القلعة في يوم الثلاثاء ثماني عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين، فدخل إله ومعه أعيان أهل الدولة، فأخلع عليه السلطان وعلى عتيقة جانبك الإستادار، ونزلا من القلعة إلى مخيم عبد الباسط بالريدانية خارج القاهرة، واجتمع عليه أولاده وعياله وحواشيه، وسافر بهم الجميع إلى مكة في يوم الاثنين ثامن عشر إلى أن وصل إلى مكة وأقام بها إلى سنة أربع وأربعين وثمانمائة رسم له بالعود إلى الشام، فتوجه إلى دمشق وأقام بها سنيات، وقدم إلى القاهرة بإذن، فكان يوم قدومه يوماً مشهوداً، وطلع إلى السلطان بالحوش السلطاني وقبل الأرض، وأخلع عليه كاملية صوف أبيض بفرو سمور، وعلى أولاده، ونزل إلىداره، ثم قدم تقدمة هائلة - ذكرناها في الحوادث - وأقام بالقاهرة مدة، ثم عاد إلى دمشق بعد أن أنعم عليه السلطان بإمرة عشرين بها، واستمر بدمشق سنيات، ثم قدم إلى القاهرة ثانياً واستوطنها وحج في الرجبية في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وعاد بعد الحج إلى القاهرة في سنة أربع وخمسين، واستمر بها حتى مرض أشهراً ومات وقت المغرب من يوم الثلاثاء رابع شوال سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وصلى عليه من الغد بمصلاة باب النصر، ودفن بتربته التي أنشأها بالصحراء، رحمه الله.(7/141)
وكان جميلاً وسيماً، ذا شكالة حسنة ووجه مليح، وكان للطول أقرب رأيته بلحية سوداء ثم بيضاء، فكان في كليهما مليحاً صبيحاً.
وكان صاحب دهاء ومعرفة ورأي وتدبير، عارفاً بأمور دنياه، عالي الهمة، مقداماً، مبذلاً للأموال في نفوذ كلمته وإظهار حرمته، لا يلتفت إلى ما يتلفه من الأموال في هذا المعنى.
وكان صاحب معروف وصدقات وكرم وإنعام على حواشيه ومن يلوذ به، على أن سيئاته لهم كانت أضعاف حسناته لشراسة خلقه وبذاءة لسانه، وسوء بادرته، وحدة مزاجه، مع ظلم وعسف، وسطوة وجبروت، وخفة وطيش، بحيث إنه كان إذا تغير على أحد لا يمنعه منه إلا ذهاب روحه، وكان يعاقب على الذئب الخفيف الألف عصاه فما دونها، وقتل من خدمه جماعة تحت العقوبة، يعرف ذلك من له به إلمام وصحبة، هذا مع التكبر والتعاظم على من دونه، والتواضع والانخفاض لمن هو فوقه، مع أنه كان إذا حنق يتساوى عنده الكبير والصغير، غير أنه كان إذا راق مزاجه يتدارك أمره مع الكبير ويبذل له ما قل وما جل، ولا يزال به حتى يسترضيه، وأما الصغير فحاله موقوف معه إلى يوم القيامة.
وكان متجملاً في ملبسه ومركبه وحواشيه وذويه، مغرماً بالأشياء الحسنة من كل صنف، جماعة الجياد الحيل والتحف.(7/142)
وكان يحب الدعابة في مجلسه والسفه، بحيث إن جلساءه كانوا يصفعون بعضهم بعضاً بحضرته، وربما شاركهم هو في ذلك، وكان مزحه مع ندمائه يؤدي إلى العقوبة والنكاية والبهدلة، وكان يكره المذاكرة بالشعر والأدب وأيام الناس، وما كان ينقضي مجلسه إلا بما ذكرناه لبعده عن سائر العلوم، وعدم إلمامه بكل فن، مع أنه كان حاذقاً ذكياً فطناً إلا أنه كان قد صرف جميع حواسه وهمته إلى أمور دنياه حتى نال من السعادة والوجاهة ووفور الحرمة ما لم ينله غيره في زمانه.
وكان مهاباً، ذا حرمة وناموس على حواشيه، أقام بطالاً هذه المدة الطويلة وهو على ما هو عليه من الحرمة والعظمة والوجاهة.
وعمر في أيامه عدة عمائر في سائر البلاد من جوامع ومساجد ومآثر لا حاجة في ذكرها لأنها منسوبة له، ولا نعلم أحداً سُمي باسمه من قبله، فمهما كان لاسمه منسوباً فهو له، ولا حاجة في الإطالة، رحمه الله تعالى، وعفا عنا وعنه.
1359 - عالم تيمورلنك
770 - 805هـ؟ 1368 - 1402م
عبد الجبار بن نعمان بن ثابت الخوارزمي الحنفي، الشيخ الإمام العلامة صاحب تيمورلنك وعالمه.(7/143)
مولده في حدود سنة سبعين وسبعمائة، كان إماماً عالماً، بارعاً مفنناً، متقنا للفقه والأصلين، والمعاني والبيان والعربية واللغة، وانتهت إليه الرئاسة في أصحاب تيمور، كان هو عظيم الدولة التمرية، ولما قدم تيمور إلى البلاد الشامية كان عبد الجبار هذا معه، وجالس علماء البلاد الشامية وباحثهم، ورآه غير واحد ممن أدركناهم من الفقهاء وغيرهم، وكان فصيحاً باللغات الثلاثة: العربية والعجمية والتركية، وكان له ثروة وعظمة ووجاهة وحرمة زائدة إلى الغاية، وكان ينفع المسلمين في غالب الأحيان عند تيمور لعنه الله، وكان يتبرم من صحبة تيمور ولم يسعه إلا موافقته، ولم يزل عنده حتى مات في ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
1360 - ابن سبعين
...
- 668هـ؟ ... - 1269م
عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين،(7/144)
قطب الدين أبو محمد المرسي المرقوطي الصوفي.
كان صوفياً على قاعدة الفلاسفة ويميل إلى الزندقة، وله كلام في العرفان وتصانيف، وله مريدون وأتباع يعرفون بالسبعينية، وغالب كلامه محشو بكلام الفلاسفة.
قال الحافظ شمس الدين محمد أبو عبد الله الذهبي: ذكر شيخنا قاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العبد قال: جلست مع ابن سبعين من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاماً تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته، قال الذهبي: واشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة واسعاً بقوله: لا نبي بعدي، فإن كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام هو أهون وأخف من قوله في رب العالمين أنه حقيقة الموجودات - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً -، وحدثني فقير صالح أنه صحب فقراء من السبعينية فكانوا يهونون(7/145)
له ترك الصلاة وغير ذلك، قال: وسمعت ابن سبعين فصد بمكة وترك الدم يخرج حتى تصفي، ومات بمكة في ثامن عشرين شوال سنة ثمان وستين وستمائة، وله خمس وخمسون سنة، انتهى كلام الذهبي باختصار.
قلت: هو زنديق فيلسوفي بلاد مدافعة، وإن كان ما ذكره الذهبي من قتله لنفسه حقاً فهوا أيضاً في جهنم، لأنا نفرض أنه كان صحيح الإسلام وكل ما نسب إليه كذب، فقد قتل نفسه فهو عاص بلا شك، وبالجملة فإنه كان أخبث الناس وأسوأهم حالاً واعتقاداً، عليه من الله ما يستحقه.
وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي: وقد اجتمعت بأصحاب أصحابه فرأيتهم ينقلون عن أولئك أن ابن سبعين كان يعرف السيمياء والكيمياء، وأنهم كانوا يقولون: أنفق فينا ثمانين ألف دينار، وأنه كان لا ينام كل ليلة حتى يكرر على ثلاثين سطراً من كلام غيره، وأنه لما خرج من وطنه كان ابن ثلاثين سنة، وخرج في خدمته جماعة من الطلبة والأتباع وفيهم الشيوخ، وأنهم لما أبعدوا بعد عشرة أيام أدخلوه الحمام ليزيل وعثاء السفر، فدخلوا في خدمته، واحضروا له قيماً يحك رجليه، فسألهم عن وطنهم لما استغربهم، فقالوا له: من(7/146)
فلانة، فقال لهم من البلد التي ظهر فيها هذا الزنديق ابن سبعين، فأومأ إليهم أن لا يتكلموا، وقال هو: نعم، وأخذ يسبه ويلعنه كثيراً، وهو يقول له استقص في الحك، ودام القيم يزيد في اللعن والذم إلى أن عرفه بعض مريديه فسكت.
قلت: وهذا أيضاً مما يدل على صدق ما قيل في حقه لعظم الإشاعة في زمانه من مبدأ أمره إلى أن مات، خزاه الله، وقابله بأفعاله القبيحة.
؟؟
1361 - ابن تيمية
627 - 682هـ؟ 1229 - 1283م
عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، أبو محمد، وقيل أبو المحاسن الحراني الحنبلي، أحد علماء الحنابلة.
ولد بحران في ثاني عشر شوال سنة سبع وعشرين وستمائة، وسمع من عماد ابن منيع، وسرايا بن معالي، وأسعد بن أبي النهم، وإبراهيم بن الزيات، وعبد الرزاق بن أحمد بن أبي الوفاء، والمرجا بن شقيرة، وعلوان بن جميع، وصدقة بن الطواجهيلي، وأحمد بن سلامة النجار، وجماعة غيرهم، وسمع،(7/147)
من والده، وابن اللتي، وابن الأميري القزويني، وابن رواحة، وابن خليل، وسماعه من ابن اللتي بحلب، وتفقه وبرع في الفقه، وتميز في عدة فنون من الفضائل، ودرس ببلده وأفتى وخطب ووعظ وفسر، وولى هذه المناصب عقيب موت والده، وعمره خمس وعشرون سنة إلى أن نزح عن البلد وهاجر إلى دمشق واستوطنها، بعد استيلاء التتار على حران.
وكان أبوه مجد الدين من العلماء الأعلام، وهو والد الشيخ الإمام العلامة تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الإمام المشهور.
ولعبد الحليم هذا إجازة من ابن الزبيدي، والسهروردي، وعمر بن كرم، وعبد اللطيف بن الطبري، وعز الدين بن الأثير، وابن الأنجب الحمامي وأبو صالح نصر بن الحنبلي، وأجازه الموفق عبد اللطيف البغدادي سنة ثمان وعشرين وستمائة، ومن ابن العماد، وعيسى من الإسكندرية، ومن جماعة من ديار مصر ودمشق وحلب.
مات في ليلة الأحد، وقيل ليلة الاثنين سلخ ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة، ودفن بمقابر الصوفية بدمشق، رحمه الله تعالى وعفا عنه.(7/148)
؟
1362 - الخسروشاهي
580 - 652هـ؟ 1184 - 1254م
عبد الحميد بن عيسى بن عمويه بن يونس بن خليل، الإمام العلامة شمس الدين أبو محمد الخسر وشاهي التبريزي.
ولد سنة ثمانين بخسروشاه، كان إماماً في المعقول، وسمع من المؤيد الطوسي، وبرع في الكلام وتفنن، ودرس وأقرأ، واشتغل عليه زين الدين ابن المرحل وغيره، وتنقل في عدة بلاد إلى أن توفي سنة اثنتين وخمسين وستمائة بدمشق، رحمه الله تعالى، وعفا عنه.
؟
1363 - ابن أبي الحديد
586 - 655هـ؟ 1190 - 1257م
عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد، عز الدين أبو حامد المدائني المعتزلي، الفقيه الشاعر، أخو موفق الدين.(7/149)
ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة، وهو معدود من الشعراء، وله ديوان شعر بأيدي الناس، روى عنه الدمياطي، وله مصنفات منها: كتاب الفلك الدائر في المثل السائر صنفه في ثلاثة عشر يوماً، وكتب إليه أخوه موفق الدين يقول:
المثل السائر يا سيدي ... صنفت فيه الفلك الدائرا
لكن هذا فلك دائر ... أصبحت فيه المثل السائرا
توفي سنة خمس وخمسين وستمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه.
؟
1364 - النشتبري
537 - 649هـ؟ 1142 - 1251م
عبد الخالق بن الأنجب بن المعمر بن الحسن، الفقيه الملقب بالحافظ أبو محمد ضياء الدين العراقي النشتبري بنون بعدها شين معجمة وتاء مثناة من فوق مفتوحة ومكسورة وياء موحدة ساكنة المارديني، نزيل دنيسر وماردين.(7/150)
سمع ببغداد من ابن شاتبك وغيره، وبدمشق ومصر، وكان مولده سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وكان فقيهاً، عالماً مفنناً، وروى عنه الحافظ شرف الدين الدمياطي، ومجد الدين بن العديم، وابن الطاهر، وجماعة، وتوفي سنة تسع وأربعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1365 - أبو الحسن الموصلي
604 - 680هـ؟ 1207 - 1281م
عبد الدائم بن محمود بن مودود بن محمود بن بلدجي، تقدم ذكر أخيه عبد الله مصنف كتاب المختار في الفقه، ويأتي ذكر والده وأخوته أيضاً في محلهم، الشيخ الإمام أبو الحسن الموصلي، المحدث الحنفي.
كان إماماً عالماً، فقيهاً، معدوداً من أعيان السادة الحنفية، مولده بالموصل في سنة أربع وستمائة، اسمعه أبوه الكثير، وطاف به على المشايخ، واستجاز له جماعة من المشايخ، ولإخوته، وتفقه بوالده وغيره، وبرع في الفقه والعربية والأصلين، وتصدر للإقراء والتدريس مدة سنين وحدث، سمع منه أبو العلاء الفرضي، وذكره في معجم شيوخه، قال: كان فقيهاً، عالماً فاضلاً، مفتياً، مدرساً، عارفاً بالمذهب، مكثراً، زاهداً عابداً من الحديث والرئاسة.(7/151)
قلت: كانت وفاته بالموصل في يوم الاثنين ثالث شعبان سنة ثمانين وستمائة، ودفن بمقبرة قضيب البان ظاهر الموصل، قاله الحافظ عبد القادر في طبقاته، رحمه الله تعالى.
1366 - ابن قنينو الإربلي
638 - 717هـ؟ 1240 - 1317م
عبد الرحمن بن إبراهيم قنينو، الملقب بدر الدين أبو محمد الإربلي، الشاعر المشهور.
كان فقيهاً أديباً نحوياً، مدح الملوك والأكابر، وله النظم الرائق، من ذلك:؟ ومدامةً حمراء تش - به خد من أهوى ودمعي؟ يسعى بها قمراً أع - ز علي من نظري وسمعي وله أيضاً:
وغريرة هيفاء باهرة السنا ... طوع العناق مريضة الأجفان
غنت وماس قوامها فكأنما ... الورقاء تسجع فوق غصن البان(7/152)
توفي بإربل في سنة سبع عشرة وسبعمائة عن تسع وسبعين سنة، رحمه الله تعالى.
؟
1367 - تاج الدين الفزاري
624 - 690هـ؟ 1227 - 1291م
عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، الإمام العلامة مفتي الإسلام فقيه الشام تاج الدين أبو محمد الفزاري البدري، المصري الأصل، الدمشقي الشافعي، الفركاح.
ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة.
قال ابن أيبك الصفدي: تفقه في صغره على الشيخ عز الدين بن عبد السلام، والشيخ تقي الدين بن الصلاح، وبرع في المذهب وهو شاب، وجلس للإشغال وله بعض وعشرين سنة، ودرس في سنة ثمان وأربعين، وكتب في الفتاوى(7/153)
وقد كمل الثلاثين، ولما قدم النووي من بلده أحضروه ليشتغل عليه، حمل همه وبعث به إلى مدرس الرواحية ليصبح له بها بيت ويرتفق بمعلومها، وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار، وإذا سافر لزيارة القدس يترامى أهل البر على ضيافته، وكان أكبر من الشيخ محيي الدين النووي بسبع سنين، وهو أفقه نفساً وأزكى، وأقوى مناظرة من الشيخ محي الدين بكثير، وقيل إنه كان يقول: إيش قال النووي في مزبلته - يعني الروضة - وكان الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يسميه الدويك لحسن بحثه، انتهى كلام الصفدي باختصار.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وسمع البخاري من ابن الزبيدي، وسمع من ابن باسويه، وابن المنجا، وابن اللتي، ومكرم بن أبي طاهر، وابن الصلاح، والسخاوي، وتاج الدين بن حمويه، والزين أحمد بن عبد الملك، وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس، وسمع منه ولده الشيخ برهان الدين، وابن تيمية، والمزي، والقاضي ابن صصرى، وكمال الدين بن الزملكاني،(7/154)
وابن العطار، وكمال الدين الشهبي، والمجد الصيرفي، وأبو الحسن الختمي، والشمس محمد بن رافع الرحبي، وعلاء الدين المقدسي، والشريف بن سيده، وزكي الدين زكريا، وتخرج به جماعة من القضاة والمدرسين والمفتيين، ودرس، وناظر، وصنف، وانتهت عليه رئاسة المذهب، كما انتهت إلى ولده.
كان ممن بلغ رتبة الاجتهاد، ومحاسنة كثيرة، وكان يلثغ بالراء غينا، وكان لطيف اللحية، قصيراً، حلو الصورة، ظاهر الدم، مفركح الساقين بهما حتف ما، انتهى كلام الذهبي.
قيل: إنه كان يركب البغلة ويحف به أَصحابه، ويخرج معهم إلى الأماكن النزهة، ويباسطهم، وله في النفوس صورة عظيمة لدينه وعلمه وتواضعه وخيره، وكان مفرط الكرم، وله تصانيف، من ذلك: الإقليد في شرح التنهيه، وكشف القناع في حل السماع، وكان له يد في النظم والنثر وعدة علوم، ولم يزل ملازماً للاشتغال والإشغال إلى أن توفي سنة تسعين وستمائة، وقد عاش ستا وستين سنة وثلاثة أشهر، ودفن بمقابر باب الصغير بدمشق، وشيعه خلق كثير، رحمه الله تعالى.(7/155)
ومن شعره ما كتبه لزين الدين عبد الملك بن العجمي، ملغزاً في اسم بيدرا:
يا سيداً ملأ الآفاق قاطبةً ... بكل فن من الألغاز مبتكر
ما اسم مسماه بدر وهو مشتمل ... عليه في اللفظ إن حققت في النظر
؟ وأن تكن مسقطاً ثانية مقتصراً عليه في الحذف أضحى واحد البدر وله أيضاً دوبيت:
ما أطيب ما كنت من الوجد لقيت ... إذ أصبح بالحبيب صبا وأبيت
؟ واليوم صحا قلبي من سكرته ما أعرف في الغرام من أين أتيت انتهى.(7/156)
؟
1386 - البسطامي
653 - 728هـ؟ 1255 - 1327م
عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن محمود، الشيخ الإمام كمال الدين أبو القاسم البسطامي الحنفي، الفقيه المحدث.
ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة بحلب، وسمع من النجيب عبد اللطيف بإفادة خاله أبي العباس أحمد بن موسى بن محمود الحنفي، وحدث عنه، وتفقه على جماعة من مشايخ عصره حتى برع في الفقه وغيرهن ودرس، وأفتى، وناب في الحكم، وتصدر للإقراء والإشغال سنين عديدة.
قال الحافظ عبد القادر: وسمعت منه وتفقهت به، وكان عفيفاً، ديناً عالماً، مات في ليلة يسفر صباحها عن سابع شهر رجب سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بالمدرسة الفارقانية من القاهرة، ودفن بالقرافة بتربة قاضي القضاة شمس الدين السروجي، في جوار ضريح الإمام الشافعي رضي الله عنه، وهو والد(7/157)
شيخنا قاضي القضاة زين الدين أبي جعفر عمر، انتهى كلام الحافظ عبد القادر، رحمه الله تعالى.
1369 - العضد
...
- 753هـ؟ ... - 1352م
عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، الشيخ الإمام العلامة وحيد دهره وفريد عصره زين الدين، المعروف بالعضد، الفقيه المفنن الحنفي المصنف.
كان إماماً عالماً بارعاً، وله اليد الطولى في علمي المعقول والمنقول، وتولى قضاء القضاة بمملكة بو سعيد ملك التتار، بل كان هو المشار إليه بتلك الممالك، والمعول على فتواه وحكمه، وتصدى للإقراء والفتيا والتصنيف عدة سنين، ومن مصنفاته شرح المختصر، والمواقف والجواهر، وغير ذلك في عدة فنون، وكان إماماً باراً متقناً، يضرب بعلمه المثل، وكان كريماً عفيفاً جواداً، حسن السيرة، مشكور الطريقة إلى أن توفي سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، ووجد الناس عليه كثيراً، رحمه اله تعالى.(7/158)
؟
1370 - أبو حبيب
عبد الرحمن بن أحمد، الشيخ أبو حبيب المغربي.
ولد بالمحمدية، وتأدب بالأندلس، دخلها صغيراً مع أبيه، وكان من صالحي الأمة وعبادها وزهادها، وكان فقيهاً بارعا. بارزا في الأدب وصناعة الشعر، ذكياً حاذقاً مفننا، ومن شعره:
أضحى عذولي فيه من عشاقه ... لما بدا كالبدر في إشرافه
وغدا يلوم ولومه لي غيرة ... منه عليه ليس من إشفاقه
قمر تنافست الجوانح والصبا ... في حبة لتفوز عند عناقه
في خده نور تفتح ورده ... ألحاظه منعته من عشاقه(7/159)
1371 - ابن الفاقوسي
...
- 682هـ؟ ... - 1283م
عبد الرحمن بن أحمد بن العباس بن أحمد بن بشر، جمال الدين أبو الفرج المصري ثم الدمشقي، المعروف بابن الفاقوسي، إمام المدرسة المجاهدية.
روى عن ابن الحرستاني، وابن ملاعب، وابن البن، وروى عنه البرزالي، والمزي، وابن تيمية، وكان فهي نباهة، وخطه جيد، توفي سنة اثنتين وثمانين وستمائة عن نحو خمس وسبعين سنة، رحمه الله تعالى.
؟
1372 - تاج الدين الأذرعي
759 - 838هـ؟ 1358 - 1434م
عبد الرحمن بن أحمد بن حمدان بن أحمد، القاضي تاج الدين بن القاضي شهاب الدين الأذرعي الحلبي الشافعي، قاضي دمنهور.
ولد بحلب في مستهل المحرم سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وسمع الحديث وتفقه بحلب، ثم قدم القاهرة واستوطنها سنين ثم ولي قضاء دمنهور دهراً إلى أن توفي بها في يوم الاثنين ثاني عشر شعبان سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة. وكان عنده فضيلة وأدب، وله نظم ونثر.(7/160)
أخبرني الشيخ تقي الدين المقريزي قال: أخبرني عن أبيه أنه أخبره أنه رأى في منامه رجلاً واقفاً أمامه وأنشده:
كيف نرجو استجابةً لدعاء ... قد سددنا طريقه بالذنوب
قال: فنشده ارتجالاً:
كيف لا يستجيب ربي دعائي ... وهو سبحانه دعاني إليه
مع رجائي لفضله وابتهالي ... واتكالي في كل خطب عليه
انتهى.
؟
1373 - ابن الشيخة
715 - 799هـ؟ 1315 - 1369م
عبد الرحمن بن أحمد بن مبارك بن حماد، الشيخ المعمر المسند المعتقد، زين الدين أبو الفرج، المعروف بابن الشيخة.
كان شافعي المذهب، وكان عنده فضل ودين متين، ولد في سنة خمس(7/161)
عشرة وسبعمائة، وأخذ الفقه عن السبكي، وسمع الكثير وأسمع، وكان للناس فيه اعتقاد حسن، توفي تاسع عشرين شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وسبعمائة. رحمه الله تعالى.
؟
1374 - ابن عياش المقرئ
772 - 853هـ؟ 1370 - 1449م
عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن محمد بن يوسف بن علي بن عياش، الشيخ المقرئ المسند المعمر زين الدين أبو محمد ابن الشيخ المقرئ الزاهد شهاب الدين، الشهير بابن عياش.
ولد بدمشق في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، وأخذ عن أبيه القراءات السبع إفراداً، وقرأ عليه ختمة جامعة للقراءات العشرة، بما تضمنه كتاب ورقات المهرة في تتمة قراءات الأئمة العشرة تأليف والده العلامة(7/162)
شهاب الدين بن عياش، وقرأ على الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد العسقلاني القراءات العشرة، فساوى والده في علو السند، وذلك لما رحل إلى القاهرة في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بجامع ابن طولون وبظاهره، ثم رحل إلى مكة المشرفة واستوطنها، وانتصب بها لإقراء القرآن العظيم بالقراءات في المسجد الحرام كل يوم، وانتفع به عامة الناس، وصار رحلة في زمانه، وتردد إلى المدينة النبوية وجاور بها غير مرة، وتصدى بها للإقراء، واستمر فيها سنين، ثم عاد إلى مكة واستمر بها أيضاً ملازماً للإشعال إلى أن قدر الله لي بالمجاورة بمكة المشرفة في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة وجدته قد عجز عن الحركة إلا بكلفة زائدة، فأردت زيارته والقراءة عليه غير مرة، فلم يقدر الله بالاجتماع، وعدت إلى القاهرة في موسم سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة ثم ورد علي خبر موته بمكة في السنة المذكورة: رحمه الله تعالى.
؟
1375 - ابن رجب
...
5 79هـ؟ ... - 1392م
عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، ويقال لرجب عبد الرحمن بن الحسن بن(7/163)
محمد بن أبي البركات مسعود، الشيخ الإمام العلامة الحافظ زين الدين أبو الفرج ابن الإمام المقرئ المحدث شهاب الدين أبي العباس البغدادي، ثم الدمشقي الحنبلي.
سمع من محمد بن الخباز، وإبراهيم بن داود العطار، والميدومي، والترمذي، وشرع في شرح البخاري فوصل إلى الجنائز، وكتب طبقات الحنابلة ذيل به على كتاب القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفرا، وكان أحد الأئمة العلماء الزهاد العاملين إلى أن مات في شهر رجب سنة خمس وتسعين وسبعمائة بدمشق، ودفن بمقابر باب الصغير، رحمه الله تعالى.
؟
1376 - أبو شامة
شارح الشاطبية
599 - 665هـ؟ 1202 - 1266م
عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان، العلامة ذو الفنون شهاب الدين(7/164)
أبو القاسم، القدسي الأَصل الدمشقي الشافعي، الفقيه المقرئ النحوي، المعروف بأبي شامة.
ولد بدمشق في إحدى الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على الشيخ علم الدين السخاوي، وسمع بالإسكندرية من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز، وغيره، وعني بالحديث، ودأب وحصل، وقرأ بنفسه، وكتب الكثير من العلوم، ودرس وأفتى، وبرع في العربية، وصنف كتباً كثيرة، من ذلك شرحاً نفيساً للشاطبية، واختصر تاريخ دمشق مرتين الأولى في خمسة عشر مجلداً والثانية في خمسة، وشرح القصائد النبوية للسخاوي في مجلد، وله كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، يعني نور الدين الشهيد والسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكتاب الذيل عليهما، وكتاب شرح الحديث المقتفي في مبعث المصطفى، وكتاب ضوء الساري في معرفة الباري، والمحقق في علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول، والباعث على إنكار البدع والحوادث، وكتاب السواك، وكشف حال بني عبيد، والأصول من الأصول، ومفردات القراء، ومقدمة في النحو، ونظم مفصل الزمخشري، وكان له يد في النظم والنثر.(7/165)
ومن شعره في السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.
إمام محب ناشئ متصدق ... وباكٍ مصل خائف سطوة الباس
يظلهم الله الجليل بظله ... إذا كان يوم العرض لا ظل للناس
أشرت بألفاظ تدل عليهم ... فيذكرهم بالنظم من بعضهم ناس
وله أيضاً في المعنى:
وقال النبي المصطفى إن سبعةً ... يظلهم الله العظيم بظله
محب عفيف ناشئ متصدق ... وباكٍ مصل والإمام بعدله
توفي المذكور في تاسع شهر رمضان سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله تعالى.
1377 - رشيد الدين النابلسي
...
- 619هـ؟ - 1222م
عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن الفرج بن بكار، الشيخ رشيد الدين النابلسي، الأديب البليغ.
كان شاعراً مفلقاً، مدح الملك الناصر صاحب الشام وأولاده، ومدح الملوك والأكابر.(7/166)
قال الشيخ شهاب الدين أحمد القوصي في معجمه: أنشدني لنفسه سنة سبع وتسعين وخمسمائة فيمن اسمه بدر:
يا من عيون الآنام ترقبه ... رقبة شهر الصيام والفطر
؟ وإنما يرقب الهلال فلم ترقب بعد الكمال يا بدري ومن شعره قصيدة لها أربع قوافي:
كم الحشى معذب، موجع ... على المدى. صب الفؤاد مغرم
بناره ملتهب. ملذع ... ما خمدا. أواره والضرم
حكم فيه أشنب. ممنع ... من الفدا. فهو الأسير المسلم
مبتعد مجتنب. مودع ... تعمدا. وهو القريب الأمم
زمانه تعتب. وولع ... قد أكمدا. من عز فهو يحكم
ما الحب إلا لهب. ومدمع ... تجدداً. ولوعة وسقم
يا هل إليه سبب. ممتع ... يولي بدا. من لبه مخترم
ما أنا إلا أشعب. وأطمع ... فيما عدا. فما إليه سلم
وهي تسعة وعشرون بيتاً، كلها على هذا النمط، توفي بعد الستمائة رحمه الله.(7/167)
؟
1378 - ابن الكويز
805 - 877هـ؟ 1402 - 1472م
عبد الرحمن بن داود بن عبد الرحمن، الأمير زين الدين إستادار العالية، ابن القاضي علم الدين كاتب السر، ابن الرئيس زين الدين، الكركي الأَصل، المصري المولد والدار، الشهير بابن الكويز.
مولده ... ونشأ على زي الجند إلى أن استقر في الدولة الأشرفية برسباي من جملة الدوادارية الصغار، وكان أبوه علم الدين إذ ذاك كاتب السر الشريف، ثم لما مات أبوه علم الدين استمر على وظيفته دهراً طويلاً إلى أن أخلع عليه الملك الأشرف برسباي باستقراره في نيابة الإسكندرية، بعد موت الأمير آقباي اليشبكي الجاموس وذلك في أوائل ذي القعدة سنة أربعين وثمانمائة، فتوجه إليها وباشر نيابتها إلى أن عزله الملك الظاهر جقمق بالأمير تمرباي في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، وقدم المذكور إلى القاهرة وأقام بها ملازماً لداره إلى أن طلبه الملك الظاهر جقمق وولاه الأستادارية، بعد عزل(7/168)
الأمير قيزطوغان العلاني في حدود سنة ست وأربعين وثمانمائة تقريباً، واستقر معه زين الدين يحيى قريب ابن أبي الفرج ناظر الديوان المفرد، فلم ينتج أمر عبد الرحمن هذا في الإستادارية وعزل زين الدين يحيى المذكور في إحدى الجمادين من سنة ست وأربعين وثمانمائة، ونكب نكبة خفيفة، واستمر بطالاً إلى سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة خلع عليه باستقراره في إستادارية السلطان بدمشق على كره منه، فتوجه إلى دمشق وباشر الإستادارية بها أياماً قلائل، وكتب بالقبض عليه وضربه وحبسه بقلعة دمشق، وامتحن وصودر وآل أمره إلى الإفراج عنه وعوده إلى القاهرة على حمل عشرة آلاف دينار، فلم يسعه إلا أن التجأ لأبي الخير النحاس، وصار ملازماً لخدمته، ويركب وينزل أمامه، فحسن حاله بذلك يسيراً، فغلب خموله على سعد أبي الخير النحاس، وقبض السلطان عليه ووقع ما حكيناه في غير موضع، فعاد أمر عبد الرحمن هذا إلى أسوأ ما كان أولاً، ومقته أهل الدولة لتقربه لأبي الخير النحاس ولانضمامه عليه، واستمر ممقوتاً إلى يومنا هذا.
؟
1379 - أبو شعرة
788 - 844هـ؟ 1386 - 1440م
عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الكرم بن سليمان، الشيخ الإمام المحدث الفاضل(7/169)
زين الدين أبو الفرج الدمشقي الحنبلي، المعروف بأبي شعرة.
مولده بدمشق في شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وسمع على عبد القادر ابن إبراهيم الأرموي، وعائشة بنت ابن عبد الهادي، وعبد الله بن الشرائحي، وغيرهم، وتخرج بالحافظ شهاب الدين بن حجى، وبرع في الفقه، وتنقل للعبادة، وجلس للوعظ، وكان بارعاً في التفسير، كثير الاستحضار له، ورزق في وعظه حظاً، وعلا اسمه فيه وبعد صيته، وصار له أتباع وتلامذة، فحسد وعودي حتى أوذى ورمى بما يرمي به أوباش الحنابلة، وأظنه برئ مما قيل في حقه9، وجاور بمكة أولى وثانية، ووعظ فيها بمكة حتى وعظ في جوف البيت الحرام، وكان يزدحم الخلق عليه هناك، ويحصل بكلامه تأثير في القلوب، حكى لي غير واحد من أهل مكة أنه كان يحصل في مواعيده الفوائد الجليلة في علوم عديدة، والطيبة التامة لأرباب التصوف، وكان على كلامه رونق، فإنه كان بارعاً في الفقه وفروعه، مستحضراً لمذهب غيره مع اطلاعه الواسع لمذاهب السلف ومعرفة أحوال القوم، وكان محدثاً عارفاً بعلوم الحديث كالجرح والتعديل وغيره، وله مشاركة في النحو والأصول والتصوف، هذا مع العبادة والأوراد الهائلة، واستمر على ذلك إلى أن توفي بدمشق في ليلة السبت سابع عشر شوال سنة أربع وأربعين وثمانمائة، رحمه الله تعالى.(7/170)
؟
1380 - سراج الدين الحراني
...
- 643هـ؟ .. - 1245م
عبد الرحمن بن شحاتة، المحدث الحراني، الشيخ الإمام سراج الدين، ومن شعره:
عانقته من فوق أثوابه ... فازداد ما ألقى من البلوى
فقلت نح الثوب يا سيدي ... لست أحب الخبز بالحلوى
توفي بميافارقين سنة ثلاث وأربعين وستمائة.
؟
1381 - الطباطبي المؤذن
...
- 794هـ؟ .. - 1391م
عبد الرحمن بن عبد الكافي الطباطبي، الشريف المؤذن.(7/171)
كان قد حظي عند الملك الظاهر برقوق وتمكن عنده.
حدثني الشيخ تقي الدين المقريزي قال: حدثني شمس الدين محمد بن عبد الله العمري - موقع الدست - قال: كنت في خدمة القاضي جمال الدين محمود العجمي قاضي قضاة الحنفية وناظر الجيش فركب يوماً وأنا معه إلى دار الشريف عبد الرحمن هذا، فتلقاه الشريف وأدخله إلى داره، واستعظم مجيئه إلى عنده، فبالغ محمود في التأدب معه، وقال له: يا سيد أنا استغفر الله مما وقع مني، فقال الشريف: وما الخبر يا سيدي؟ قال: لما دخلت البارحة إلى السلطان وجئت أنت وجلست فوقي أنفقت من هذا في سري، وقلت: كيف يجلس هذا فوقي ومحلي من الدولة ما يعرف؟ وشق على ذلك وقمت، ولم يشعر أحد من خلق الله بشيء من ذلك، بل كان مما حدثت به نفسي، فلما نمت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، وهو يقول لي: يا محمود تستقل ابني أن تجلس تحته، فاستغفرتن مما وقع مني، وقد جيئنك تائباً، وأسألك الدعاء، فبكى الجميع، وكانت ساعة عظيمة، انتهى.
قلت: وكانت وفاة الشريف عبد الرحمن هذا في ثامن شوال سنة أربع وتسعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.(7/172)
؟
1382 - ابن مكانس
...
- 794هـ؟ ... - 1391م
عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن إبراهيم، الرئيس فخر الدين أبو الفرج، وقيل أبو الفضل، ابن شمس الدين ابن علم الدين، الشهير بابن مكانس القبطي، الحنفي، الأديب الشاعر.
مولده بالقاهرة ونشأ بها، وتعانى قلم الديونة، وغلب عليه الأدب حتى صار بارعاً فيه إلى الغاية، مع المشاركة الجيدة في أنواع الأدبيات، ثم ولي نظر الدولة بديار مصر مدة طويلة، ثم صار وزيراً بدمشق، فباشرها مدة إلى أن طلب إلى القاهرة ليستقر بها وزيراً فأسقى في الطريق فدخل القاهرة ميتاً، وقيل مات بعد أيام في خامس عشر ذي الحجة سنة أربع وتسعين وسبعمائة.(7/173)
قال المقريزي بعد أن أثنى على أدبه وفضله: إلا أنه كان لعرافة آبائه في النصرانية يستخف بالإسلام وأهله ويخرج ذلك في أساليب من سخفه وهزله، أخبرني البدر محمد بن إبراهيم البشتكي - وكان قد عاشره دهراً طويلاً - أنه سمع المؤذن وهو يقول في آذانه: وأشهد أن محمداً رسول الله، فقال هذا: محضر له ثمانمائة سنة نودي فيه الشهادة وما ثبت، ومات عنده عدة بنات نصارى، عامله الله بما يستحقه. انتهى كلام المقريزي.
قلت: وهذا شأن سائر أقباط مصر قديماً وحديثاً إلا أن فخر الدين هذا كان قد انسلخ من أبناء جنسه بما استعمل عليه من الفضيلة والأدب والشعر الرائق.
ومن شعره الرائق لما صادره الملك الظاهر برقوق ورسم بتعليقه منتكساً فقال:
وما تعلقت بالسرياق منتكساً ... لحرمة أوجبت تعذيب ناسوتي
لكنني مذ نفثت السحر من أدبي ... علقت تعليق هاروت وماروت
وله لما صودر أيضاً.
رب خذ بالعدل قوماً ... أهل ظلم متوالِ
كلفوني بيع خيلي ... برخيص وبغالي(7/174)
وله قصيدة:
يا سرحة الشاطئ المنساب كوثره ... على اليواقيت في أشكال حصباء
حلت عليك عزاليها السحاب إذا ... نور الثريا استهلت ذات أنواء
وإن تبسم فيك النور من جدلٍ ... سقاك من كل غيم كل بكاء
رحماك بالوارف المعهود منك فكم ... لنا بظلك من أهواء وأهواء
ومنها:
فاستمهدت دومها المخضل وافترشت ... نجم الثريا ورقت عن شاغل الماء
لا يدرك الطرف أقصاها على كلل ... حتى تعود له لحظات حولاء
ومنها:
مالت على النهر إذ جاش الحرير به ... كأنها إذن مالت لإصغاء
باكرتها في سراة من أصاحبنا ... لا ينطوون على حقد وشحناء
تداعبوا بمعاني شعرهم فإذا ... ود الأحبة في ألفاظ أعداء
من كل شيخ مجون في شباب فتح ... يقرى المجون بقلب غير نساء
على الحدائق والآفاق ينفحنا ... ريح البنفسج لا نشر الخزاماءِ
أما أنا لست نواحاً على طللٍ ... ولا خليط ولا نداب أحياء
تركته لأناس كالتيوس غنوا ... عن المدام بدر الإبل والشاء(7/175)
يغرون للشعر لكن من جهالتهم ... لم يفرقوا بين أبطاء وأقواء
من كل ألكن عند البحث منقطع ... كأنه وأصل والشعر كالداءِ
انتهى ذكر القصيدة باختصار.
ومن مقاطيعه الرائقة الرشيقة قوله:
بأبي عقيقة مرشفاً ... برت وكانت قيل عقت
فلثمتها ورشفتها ... وقطعتها من حيث رقت
وله أيضاً:
زارت معطرة الشذا ملفوفة ... كي تختفي فأبى شذا العطر
يا معشر الأدباء هذا وقتكم ... فتناظموا في اللف والنشر
وله:
يقول معذبي إذا همت وجداً ... نجد خلت فيه الشعر غلاً
أتعرف خده للعشق أهلاً ... فقلت لهم نعم أهلاً وسهلاً
وله مداعبة:
قلت يا لائمي على بذل مالي ... في هوى الحب دع كلام الفشار
فعلي فلس ذا يناح ويبكي ... لا على درهم ولا دينار
وله أيضاً:
سكر الشيخ وطابا ... واشتهى الشيخ الشبابا(7/176)
حسب الخمرة صاباً ... وجد الراح شرابا
وله في ابن النشو الوزير:
أنشأ القطيم النشو لما ارتقى ... وزارة زادته في وزره
بالجامع العمري سبلاً وقد ... قالت لنا عنه بنوا مصره
هذا سبيل حاله فاسد و ... زيره يرشح من قعره
وله أيضاً:
بحق الله دع ظلم المعنى ... ومتعه كما يهوى بأنسك
وكف الهجر يا محبوب عمن ... بيومك رحت تهجره وأمسك
وله أيضاً:
بالله إن رأيت عاذلي فيه أقبلا ... وسألا عن حالتي غالطهما وقل سلا
وله زجل، وهو من أحسن ما قيل:
قد هوى قلبي معيشق ... حبشي أسمر أهيف
يخجل الغصن الرشيق ... كيف لا تعشق ونتلف
أي قمر أي غصن يانع ... نسأل الله السلامة(7/177)
بلعوط جفتا بدائع ... وعذار في الخد لامه
الغزال لو عبد طائع ... والغزالة لو غلامه
يتخاطرد أعن نشق ... في وصالو أو نيف
ما نقول لك شيء سوى الحق ... قد قتلتني ذا الوصيف
ذا الوصيف وصفوا كمل ... من تجنيه يا للا سلام
بجبين كنو هليل ... وخصير وشد بنكام
لو رأيت هذا الغزيل ... بالذي عنف وقد لام
؟ كنت تدري بأنك أحمق ... وملآن فضول مطفف
لا تعنف حتى تعشق ... فإذا عشقت عنف
دا إلا دلى قد جرى لي ... في هوى ذا البدر قصة
من لذيذ عشقي حلالي ... في الهوى شرب ألف غصة
بقوام يحكى العوالي ... كلما غاب جاء برقصه
أي قوام خلص ممشق ... كنوا الأسمر مثقف
وهو إلا أسمر محقق ... إلا إذا سوى أظرف(7/178)
يوم وهو جاني سكيرين ... بقوام يميل من الراح
وبقى يحجل مسيكين ... ويقول لي كلت تفاح
قلت تكذب يا مليعين ... هات فيمك لي وقل أح
جاب فيمه مسكو بعبق ... ريحته عنبر وقرقف
قلت دي ريحة رحيق ... وإلا تفاح يا مقيصف
فغضب غضبة مدلل ... ونفر عني نفور ريم
ورأيتو قد عليل ... وتدلت لوخراطيم
صرت أعبد صدغو المبلبل ... والميم منو يحاميم
واعتذر وراس مطرق ... ونا نحلف بلف مصحف
ما نقول لك إلا نشفق ... لا تقوم يا بدر تضعف
يوم وهو جاني بضجة ... وجبين معقود وعابس
وقال والله ما أنت حجة ... في الهوى يا ابن مكانس
تبقى تشكي لاي من جه ... وآخرو ما قلت أمس
قلت يا حبي لا تفلق ... على عبدك وتوقف(7/179)
أنا ممن قال أصدق ... وسيظهر لك وتعرف
وبقيت نحلف لهو ... وألا يصنع بي ويفعل
فعلم قولي وصدقو ... صار بغيب بي ويخجل
قلت يا من أنا برقوا ... على ذا القول لا تعول
إذا كلام واحد مزوق ... من وجد عقلو خفيف
بالحسد قلبو تمزق ... ومن الغيرا تنشف
رب بقى حسنو ما أحلاه ... ألا هو فيه فرد شي مر
حصل عرف أني بنهواه ... فبقى يعجب وينفر
وإذا ردت أني بسلاه ... نلقي قلبي ما يصبر
وهو راده والله يعشق ... وناعن عشقو ما ننكف
ألا هو شيطان مزندق ... يبقى ينكر ذا ويحلف
مطلبي وصلوا وضبطو ... عني هذا أي مهلك
قد ملك قلبي وحطو ... في يدي أو جسمي ملك
بلحاظو وبشرطو ... ألا كان الشرط أملك(7/180)
أي شريط زانوه ودقق ... صانع الجمال وظرف
للهوى طريق مطرق ... ينهب العقول ويخطف
والنبي زاد بو هيامى ... ولا تسمع لوم لائم
وظهر للناس سقامى ... وبقيت في دمعي عائم
ونفر عني منامي ... ولا تنفعني التمائم
قال لي حبي أنت بك رق ... حتى حالك ما بيعرف
قم نجيب طبيب حويدق ... ويبان ضرك ويكشف
جب لي طبيب ملاطف ... جس نبض جس حاذق
والطيب في طبوعارف ... والتقى فيه عرق خافق
التفت لمن هو واقف ... قال لو هذا الشب عاشق
ودواه نومو مطبق ... مع حبيبو في لحيف
ويبات ليلة ويعرق ... لا نقوع ولا سفيف(7/181)
صرت نا نريد تغيب ... حتى ننفى ذا الشناعة
قلت لو أسمع يا طبيب ... خل عنك ذي الخلاعة
أنا إلا ما أنا طيب ... وأرى الموت كل ساعة
أنا كل الليل أفلق ... وبقيت أصفر نحيف
ودموع عيني تغرق ... وأنا من جفني أرعف
والطبيب فهم مرامي ... وبقي يبسم ويضحك
أنت حببت تنفي كلامي ... قمت واثبتو بشرحك
ألانا تعمل طريق ... لدواك عاجل وما أظرف
إن نار العشق تحرق ... من يكون مثلك رهيف
إن تريد تفيق وتبرأ ... لا تدع أحد يطبك
الحبيب بطبك أدري ... فشفاك من عند حبك
عنقو ونام لبكرا ... ويكون في الليل شريك(7/182)
ما لسان ثغرو المروق ... ورضاب ذاك الرشيف
وانتشق بعد الرحيق ... ورد خديه المضعف
قمت نا سمعت قولو ... نمت ليلى مع حبيبي
وشفى قلبي غليلو ... حين غفل عني رقيبي
وكثر عندي قليلو ... واستقليت فيه ذنوبي
صرت نا نبوس وننشق ... وعليه قلبي يشفشف
وإن تريد نقول لك الحق ... تم شي آخر ما يوصف
هكذا هو في الأزجال ... لا تقول لي صابرو لا كان
لم يكن عباد لي خال ... لا ولا عمى ابن قزمان
ألا ريت حبي إذا مال ... فضح الرماح والأغصان
صرت مركب حسنو موسق ... جيت أنا وأكللت مكنف
وأضاء ذهني وأشرق ... جا الزجل صنيع ظريف
وقال في حسن خواتمه:
وا سوأتاه إذا وقفت بموقف ... ما تخجل فيه سوى الأقدار
وسواد وجهي عند أخذ صحيفتي ... وتطلعي فيها شبيه القار(7/183)
1383 - أبو الفضل اللمغاني الحنفي
564 - 649هـ؟ 1168 - 1251م
عبد الرحمن بن عبد السلام بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن الحسن بن اللمغاني، العلامة أبو الفضل البغدادي الحنفي، الفقيه العالم.
ولد سنة أربع وستين وخمسمائة، وقرأ القرآن العزيز، وحفظ عدة مختصرات، ومهر وبرع، وناظر، ودرس، وأفتى، وناب في الحكم والقضاء عن قاضي القضاة محمود بن أحمد الزنجاني، وغيره من القضاة، وولى التدريس بجامع السلطان، ثم بمشهد أبي حنيفة رضي الله عنه، ثم ولى قضاء القضاة ببغداد وخوطب بأقضى القضاة، واستناب نواباً في الحكم، وولى تدريس المستنصرية، وحدث عن والده وغيره، وكان إمام وقته، وعلام زمانه، انتهت إليه رئاسة السادة الحنفية في زمانه، تصدى للإقراء والإشغال والتصنيف سنين، وانتفع به جماعة كثيرة ببلده إلى أن توفي سنة تسع وأربعين وستمائة، قاله الشريف عز الدين.(7/184)
وقال الحافظ الدمياطي: يوم الجمعة ضاحي نهار الثالث عشر من شهر رجب سنة أربعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1384 - ابن الشيخ عبد الله اليافعي
751 - 797هـ؟ 1350 - 1394م
عبد الرحمن بن عبد الله بن أعد بن علي اليمني اليافعي، المقدم ذكر والده، الشيخ القدوة الزاهد زين الدين ابن الإمام الصالح الزاهد العالم عبد الله اليافعي المتقدم ذكره.
مولده في ليلة الخميس حادي عشرين شوال سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة، وسمع بها من أبيه وغيره، ورحل إلى دمشق وسمع بها من ابن أميلة وغيره، وسمع بالقاهرة من الشيخ عبد الله بن خليل المكي وجماعة أخر، وحفظ القرآن وأتقنه، ثم حفظ الحاوي الصغير، واشتغل بالعلم بذكاء مفرط حتى برع وتفقه، ثم تزهد وصحب الصالحين ببلاد كثيرة وانقطع إليهم، وعظم قدره واشتهر أمره، وكان أبوه ينوه بذكره، وظهر له كرامات خارقة، وتجرد سنين.(7/185)
قال الشيخ تقي الدين الفاسي في تاريخه: ومن أحواله الجميلة فيما بلغني أنه كان جالساً في الدكة التي إلى جانب كتاب القروي بالجانب الشامي من المسجد الحرام، فذكر له شخص كان عنده شيئاً من كرامات الصالين، وأحب أن يرى منه شيئاً، فقال الشيخ عبد الرحمن صاحب الترجمة: ومنهم من يقول لهذا القنديل - وأشار إلى قنديل أمامه في الرواق - أنزل، فنزل القنديل إلى الأرض بالمسجد، ومنهم من يقول له اطلع، فارتفع القنديل حتى صار معلقاً في موضعه، والشيخ عبد الرحن هذا جالس في الدكة لم يتحرك ولم يقم من موضعه هذا معنى ما بلغني عنه، انتهى كلام الفاسي باختصار.
قلت: وله كرامات غير ذلك، نفعنا الله ببركته، وله نظم جيد إلى الغاية من ذلك قوله من قصيدة:
معالم القلب لم تترك لنا شجنا ... مذ أبصر العين من ذاك الجناب سنا
يشكو الجوى والنوى من لم ينل شيئاً ... من الهوى غير دعوى أورثته عنا(7/186)
وكانت وفاة الشيخ عبد الرحمن اليافعي في أثناء سنة سبع وتسعين وسبعمائة على قدم التجرد ببلاد الجزيرة، برحبة مالك بن طوق رحمه الله تعالى.
؟
1385 - بهاء الدين العمراني
723 - 762هـ؟ 1323 - 1360م
عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن حسان، قاضي القضاة بهاء الدين أبو محمد بن قاضي القضاة اليمني سراج الدين أبي محمد العمراني اليمني الشافعي، سبط قاضي مكة نجم الدين محمد الطبري.
مولده بمكة في سنة نيف وعشرين وسبعمائة وقرأ القراءات بالسبع، وسمع الحديث بمكة والمدينة، وتفقه وبرع في الفقه وغيره، وقال الشعر، وناب في الحكم بمكة، وحدث بسماعه عن الطبري والجلال الإقشهري وعثمان بن الصيفي، وكان يقال إنه أذكى أهل زمانه، وكان أبوه وجده قضاة اليمن ووزراءها، ولما توفي خاله القاضي شهاب الدين أحمد بن نجم الدين محمد الطبري في آخر شعبان سنة ستين وسبعمائة، ولي القضاء بعد وفاته حتى عزل بالتقى محمد الحرازي في الحجة منها، وكان مشكور السيرة، توفي بمنى ليلة الثاني عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وحمل إلى مكة ودفن بالمعلاة، رحمه الله تعالى.(7/187)
؟
1386 - ابن بنت الأعز
...
- 695 هـ؟ ... - 1295م
عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف بن بدو العلامي بتخفيف اللام نسبة إلى قبيلة من لخم، قاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين، الشهير بابن بنت الأعز، الشافعي المصري، قاضي قضاة الديار المصرية.
قال الأسنوي في طبقاته: هو من بيت لم يزل فيهم مع توالي الأعصار وتصرف الليل والنهار - أعلام علم ودين، وأرباب قدم وتمكين إلى أن نشأ المذكور فوقع في طريق العجار منادهم، وأوفد في علم العلم نارهم، كان فقيهاً إماماً، بارعاً، شاعراً، خيراً ديناً، مربياً للطلبة، متواضعاً كريماً، تفقه على والده وعلى ابن عبد السلام، تولى الوزارة والقضاء، ومشيخة الشيوخ، فسار أحسن سيرة، ما يرضاه عالم العلانية والسريرة، وأضيف إليه: تدريس(7/188)
الصالحية والشريفية بالقاهرة، والمشهد النفيس، وخطابة جامع الأزهر، وامتحن محنة شديدة في أول الدولة الأشرفية، وعمل على تلافه بالكلية، وذلك بسعاية الوزير ابن السلعوس الدمشقي، لأنه كان يصحب الأشرف قبل سلطنته وكان قاضي القضاة يقوم عليه لظلمه وحنقه، وتكلم مع والده المنصور بسببه، فمنعه السلطان الاجتماع بولده، مع ميله إليه، ولزم الإقامة بالشام، فلما مات الملك المنصور في السادس من ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة، وهو في المخيم بمسجد التين بظاهر القاهرة على قصد فتح عكا من أيدي الفرنج، وتملك ولده الأشرف خليل، وكان ابن السلعوس في الحجاز، فأرسل إليه الأشرف يعرفه بما اتفق ويستدعيه للوزارة، فاجتمع إذ ذاك بابن الحولي قاضي القضاة بالشام، وكان معه في الحجاز، فعرفه الحال وسأله أن يحضر معه إلى مصر قاضياً، فخاف غائلة ابن بنت الأعز، فاعتذر إليه، وكان ابن جماعة نائبه بالقدس(7/189)
الشريف فعينه، وقال أنه رجل عاقل يسوس، فلما عاد من الحجاز عمل على إفساد صورة ابن بنت الأعز، فنجاه الله تعالى منه، وآل الأمر إلى عزله عن القضاء وتفويضه إلى ابن جماعة في أوائل سنة تسعين، فأقام المذكور معزولاً بالقرافة بقاعة تدريس الشافعي، ثم حج في سنة اثنتين وتسعين، فاتفق قتل الأشرف في ثالث المحرم سنة ثلاث - قبل وصول الركب - وتولى الناصر محمد وعمره تسع سنين، فقام بالنيابة عنه كتبغا، فقبض على الوزير المذكور - يعني ابن السلعوس - وعوقب بالمقارع حتى مات، ونقل ابن جماعة إلى قضاء الشام وأعيد ابن بنت الأعز هذا إلى حاله، فبقي بعد ذلك قليلاً، وتوفي كهلاً في سادس عشر جمادى الأولى سنة خمس وتسعين وستمائة، وتولى بعده ابن دقيق العيد. انتهى كلام الأسنوي.
قلت: ولما حج وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أنشد عند الحجرة النبوية قصيدته التي مطلعها:
الناس بين مرجزٍ ومقصدٍ ... ومطول في مدحه ومجود(7/190)
ومخبر عمن روى ومعبر ... عما رواه من العلا والسؤدد
وهي طويلة جداي. انتهى.
1387 - وجيه الدين الطبري
712 - 763هـ؟ 1312 - 1361م
عبد الرحمن بن عثمان بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر، الشيخ وجيه الدين ابن الشيخ نجم الدين أبي عمرو ابن الشيخ صفي الدين أبي محمد الطبري المكي الشافعي سبط الإمام رضي الدين الطبري المكي الشافعي سبط الإمام رضي الدين الطبري.
ولد سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وحضر على جديه وسمع منهما، ومن والده، وداوم على السماع إلى سنة ستين، وتفقه، واشتغل، وحدث إلى أن توفي بمكة في سنة ثلاث وستين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1388 - قاضي القضاة زين الدين
التفهني الحنفي
764 - 835هـ؟ 1362 - 1431م
عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن، قاضي القضاة زين الدين أبو هريرة(7/191)
التفهني المصري الحنفي، قاضي قضاة الديار المصرية.
قال المقريزي: ولد سنة بضع وستين وسبعمائة تخميناً في حالة ضعة، وقد قام بأمره أخوه الذي عرف بعد ذلك بشمس الدين، وصار من قضاة دمياط، وأوقف عبد الرحمن هذا عنده في طاحون بناحية تفهنا، ثم قدم شمس الدين القاهرة وأقرأ بعض أولاد الأجناد، فقدم عليه أخوه عبد الرحمن هذا وهو صغير مع أمه، فنزل من جملة كتاب السبيل بجامع الطولوني، ثم صار عريف الكتاب، ثم أقرأ هو أيضاً بعض أولاد الأجناد بتلك الجهة، وحفظ كتاب القدوري في مذهبه، انتهى كلام المقريزي باختصار.
قلت: ثم طلب العلم ولازم خدمة العلامة بدر الدين محمود الكلستاني. - قبل أن يلي كتابة السر - وأخذ عنه وعن غيره من علماء عصره حتى برع في الفقه والأصلين والعربية والتفسير، وتصدر للإفتاء والتدريس سنين، وناب في الحكم مدة طويلة، ثم ترك ذلك دهراً، ودرس بالصرغتمشية بالصليبة،(7/192)
ثم ولي القضاء استقلالاً بالديار المصرية في يوم الجمعة سادس ذي القعدة سنة اثنتي وعشرين وثمانمائة، عوضاً عن قاضي القضاة شمس الدين محمد الديري الحنفي برغبته، فباشر التفهني القضاء مدة إلى أن صرف بقاضي القضاة بدر الدين محمود العيني في يوم الخميس سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وثمانمائة وخلع عليه باستقراره شيخ شيوخ خانقاة شيخو، بعد موت العلامة سراج الدين عمر قاري، الهداية، فدام المذكور معزولاً إلى أن أعيد إلى القضاء بعد عزل العيني في يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، واستقر صدر الدين أحمد بن العجمي في مشيخة خانقاة شيخو عوضه، واستمر في المنصب إلى أن مرض، وطال مرضه وعزل بالعيني ثم مات بعد ذلك بأيام يسيرة في ليلة الأحد ثامن شوال سنة خمس وثلاثين بالقاهرة.
وكان فقيهاً عالماً، متبحراً في المذهب، بصيراً في الأحكام إلا أنه كان سيئ الخلق، وله بادرة، ويقوم في حظ نفسه، وربما خاصم بعض من تحاكم عنده لغرض ما، وكان يظهر عليه الغضب بسرعة، فكان إذا حنق اصفر وجهه وارتعد، وكان في إحدى عينيه خلل، وكانت لحيته صفراء غير نقية البياض، قيل إنه كان يبخرها قديماً بكبريت حتى تبيض بسرعة، وواقعته مع الميموني(7/193)
مشهورة من حكمه بسفك دمه، وعقد بسبب ذلك مجالس، والميموني يحاججه عن نفسه ويقول له: اتق الله يا عبد الرحمن، أنسيت قبقابك الزحاف وعميمتك القطن، فلما يسمع التفهني هذا ذلك يرجف ويقول حكمت بسفك دمك، والتفت إلى قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر لينفذ، فقال له ابن حجر على مهل حتى يسكن غضب قاضي القضاة، فعند ذلك انفض المجلس ونجا الله الميموني من يده إلى أن مات الميموني المذكور بأجله وثبت جنونه، وله أشياء من هذه المقولة، عفا الله عنه وغفر له.
1389 - زين الدين الفارسكوري
...
- 808هـ؟ ... - 1405م
عبد الرحمن بن علي بن خلف، الشيخ زين الدين أبو المعالي الفارسكوري الشافعي، أحد فضلاء الشافعية.
كان بارعاً في الفقه والحديث والعربية، وكتب على شرح العمدة لابن دقيق العيد فوائد جليلة، وعلق غير ذلك، تولى قضاء المدينة النبوية في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، ثم صرف عنها قبل توجهه إليها، ودرس بالمنصورية بالقاهرة بعد قاضي القضاة صدر الدين المناوي، وكان ديناً خيراً،(7/194)
توفي ليلة الأحد سادس عشرين شهر رجب سنة ثمان وثمانمائة، عن خمس وخمسين سنة، رحمه الله.
؟
1390 - قاضي دمشق
ركن الدين دخان الحنفي
780 - 839 هـ؟ 1378 - 1435م
عبد الرحمن بن علي بن محمد، السيد الشريف قاضي القضاة ركن الدين الدمشقي الحنفي، المعروف بدخان.
مولده في حدود الثمانين وسبعمائة بدمشق تخميناً، ونشأ بها وطلب العلم، وناب في الحكم بها سنين، ودرس وأفتى إلى أن ولاه الملك الأشرف برسباي قاضي القضاة الحنفية بدمشق بعد ابن الكشك، وهو ممن ولي المنصب بغير رشوة في زماننا هذا، وحمدت سيرته.(7/195)
قلت: ولا نعلم أحداً من قضاة الحنفية ولي القضاء بالديار المصرية غير واحد ولله الحمد، واستمر قاضي القضاة ركن الدين هذا في المنصب إلى أن توفي بدمشق في ليلة الأحد سابع عشر المحرم سنة تسع وثلاثين وثمانمائة.
وكان فقيهاً عالماً، ماهراً، عارفاً بفروع مذهبه، وله مشاركة في غير ذلك، وعنده دين وعفة، رحمه الله تعالى.
؟
1391 - زين الدين الزرندي الحنفي قاضي المدينة
746 - 817هـ؟ 1345 - 1414م
عبد الرحمن بن علي بن يوسف بن الحسن بن محمد، قاضي القضاة زين الدين بن نور الدين، أبو الفرج المدني الزرندي الحنفي.
مولده في ذي القعدة سنة ست وأربعين وسبعمائة بالمدينة النبوية، وسمع على قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز جماعة، والصلاح العلالي، وأجاز له الزبير الأسواني، وهو آخر من حدث عنه، وتفقه، وبرع في الفقه وغيره، ولي قضاء الحنفية بالمدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - نحواً من ثلاث وثلاثين سنة مع حسبتها، وحمدت سيرته لعفته ولدينه، وكان عنده فضيلة ومشاركة في عدة علوم، ولم يزل بالمدينة إلى أن توفي بها في شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة وثمانمائة، رحمه الله.(7/196)
1392 - الزين القبابي
749 - 838هـ؟ 1348 - 1434م
عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن بن حسين بن يحيى بن عبد المحسن، الشيخ المسند المعمر الرحلة زين الدين أبو زيد ابن العلامة نجم الدين أبي حفص القبابي المقدسي الحنبلي.
ولد في ثالث عشر شعبان سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وسمع الحديث من المشايخ، وحدث عن جماعة تضمنتهم مشيخته التي خرجها الحافظ قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر رحمه الله تعالى وتوفي بالقدس في يوم الثلاثاء سابع شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة.
ونسبته بالقبابي إلى القباب الكبرى من قرى أشمون الرمان بالوجه الشرقي من أعمال القاهرة، رحمه الله تعالى.
1393 - قاضي القضاة جلال الدين البلقيني
762 - 824هـ؟ 1360 - 1421م
عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير، قاضي القضاة جلال الدين أبو الفضل ابن شيخ الإسلام سراج الدين، البلقيني الشافعي.(7/197)
مولده بالقاهرة في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وسبعمائة، هكذا سمعته من لفظه غير مرة، ومه بنت قاضي القضاة بهاء الدين بن عقيل الشافعي النحوي، ونشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن العزيز، وعدة متون في عدة علوم، وتفقه بوالده وغيره حتى برع في الفقه والأصول والعربية والتفسير والمعاني والبيان، وأفتى ودرس في حياة والده، وتولى قضاء العسكر بالديار المصرية في إحدى الجمادين سنة أربع وثمانمائة في حياة والده، عوضاً عن قاضي القضاة ناظر الدين محمد الصالحي، فاستمر مدة وعزل، وأعيد ناظر الدين الصالحي في ثالث عشرين شوال سنة خمس وثمانمائة فلم تطل مدة الصالحي وعزل، وأعيد جلال الدين المذكور إلى القضاء حتى صرف بشمس الدين الأخنائي في يوم الخميس سادس عشرين شعبان سنة ست وثمانمائة، ثم أعيد بعد مدة واستمر إلى أن عزل بشمس الدين الأخنائي أيضاً في خامس عشرين جمادى الآخرة سنة سبع وثمانمائة، فاستمر مصروفاً إلى أن أعيد في ثالث عشرين ذي الحجة من السنة فباشر إلى نصف صفر سنة ثمان وثمانمائة عزل بالأخنائي أيضاً، ثم أعيد في ربيع الأول منها، واستمر إلى أن انكسر الملك الناصر فرج من الأمير بن شيخ ونورزو ودخل دمشق، صرف من قبل الأميرين المذكورين بقاضي القضاة شهاب الدين الباعوني أياماً بدمشق، ثم أعيد في أوائل سنة خمس عشرة(7/198)
وثمانمائة، واستمر بعد ذلك قاضياً سنين إلى أن عزله الملك المؤيد شيخ بقاضي القضاة شمس الدين محمد الهروي في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، فاستمر مصروفاً أشهراً، وأعيد فيشهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ودام قاضياً إلى أن توفي الملك المؤيد شيخ في محرم سنة أربع وعشرين وتسلطن من بعده ولده الملك المظفر أ؛ مد أبو السعادات وتوجه به مدبر مملكته الأمير ططر إلى البلاد الشامية سافر قاضي القضاة جلال الدين المذكور صحبة العسكر من جملة القضاة على العادة، وتسلطن ططر في مستهل شهر رمضان بدمشق وعاد إلى الديار المصرية عاد قاضي القضاة مريضاً في محفة إلى القاهرة، فدخلها صحبة السلطان وهو شديد المرض في ليلة الأربعاء ثالث شوال من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فاستمر مريضاً إلى أن توفي ليلة الخميس بعد عشاء الآخرة بساعة الحادي عشر من شوال المذكور من السنة المذكورة، وصلى عليه من الغد بالجامع الحاكمي، ثم أعيد إلى مدرسة والده بحارة بهاء تسعين تجاه داره ودفن بها على والده، وكانت جنازته مشهودة إلى الغاية، وحمل نعشه على رؤوس الأَصابع.
وكان رحمه الله إماماً بارعاً، مفنناً، فقيهاً، نحوياً، أصولياً، مفسراً، عارفاً بالفقه ودقائقه، ذكياً، مستحضراً لفروع مذهبه، مستقيم الذهن،(7/199)
جيد القصور، حافظاً، فصيحاً، بليغاً، جهوري الصوت، مليح الشكل، للطول أقرب، أبيض مشرباً بحمرة، صغير اللحية مدورها، منور الشيبة جميلاً، وسيماً ديناً، عفيفاً عماً يرمي به قضاة السوء.
وأنا أعرف بأموره من غيري فإنه كان تأهل بكريمتي، وما نشأت إلا عنده، وقرأت عليه غالب القرآن الكريم، وهو أنه لما كان يتوجه إلى منزه يأخذني صحبته إلى حيث سار، فإذا أقمنا بالمكان المذكور يطلبني ويقول لي: اقرأ الماضي من محفوظك، فأقرأ عليه ما شاء الله أن أقرأه، ثم يقول لي بعد الفراغ: الذي فاتك اليوم من الكتاب أخذته من درس الماضي.
وكان رحمه الله مهاباً، جليلاً، معظماً عند السلاطين والملوك، حلو المحاضرة، رقيق القلب، سريع الدمعة، وكان عنده بادرة وحدة مزاج إلا أنها كانت تزول بسرعة، ويأتي بعد ذلك من محاسنه ما ينسي معه كل شيء.
قال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزي: وفيها - يعني سنة أربع وعشرين وثمانمائة - توفي قاضي القضاة جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن(7/200)
شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني الشافعي في ليلة الخميس حادي عشر شوال، وله ثلاث وستون سنة، ولم يخلف بعده مثله لكثرة علومه بالفقه وأصوله، وبالحديث، والتفسير، والعربية، مع المعرفة والنزاهة عما يرمى به قضاة السوء، وجمال الصورة، وفصاحة العبارة، وبالجملة فلقد كان يتجمل به الوقت. انتهى كلام المقريزي باختصار.
قلت: ومدح قاضي القضاة جلال الدين المذكور جماعة من العلماء والشعراء، من ذلك ما أنشدني قاضي القضاة جلال الدين أبو السعادات محمد بن ظهيرة قاضي مكة وعالمها من لفظه لنفسه بمكة المشرفة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة:
هنيئاً لكم يا أهل مصر جلالكم ... عزيز فكم من شبهة قد جلا لكم
ولولا اتقاء الله جل جلاله ... لقلت لفرط الحب جل جلالكم
؟ وقال القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية الحلبي الشافعي: أنشدني شيخنا قاضي القضاة جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن ابن شيخنا شيخ الإسلام(7/201)
سراج الدين أبي حفص عمر البلقيني الشافعي لنفسه بحلب يوم الأربعاء سادس عشرين جمادى الآخرة سنة سبعة عشر وثمانمائة في أسماء البكائين:
ألا إن أهل الخير بالخير ذكرهم ... يفوح كفيح المسك بل هو أعطر
فمن ذاك قوم قد بكوا من فراقهم ... لجيش رسول الله والخير يذكر
فصخر بن سلمان وعمرو بن عتمة ... وعليه زيد فضلهم ليس ينكر
كذلك عبد الله نجل معقل ... كذا ابن عمير سالم الفضل يشكر
كذا أبو ليلى لمازن ينتمي ... وعرباً ضمهم بالخير فيهم يسطر
قال: وروى عنه والده شيخ الإسلام عمر البلقيني من شعره، قرأت بخط شيخنا العلامة ولي الدين أبي زرعة العراقي، قال: أنشدنا شيخنا شيخ الإسلام(7/202)
سراج الدين البلقيني أن ابنه الشيخ جلال الدين أنشد السلطان الملك الظاهر برقوق لنفسه، يعزيه عن ابنه بحضوره، وأنشد فيهما أبو زرعة من لفظه،
أنت المظفر حقاً ... وللمعالي ترقى
وأجر من مات تلقى ... تعش أنت وتبقى
فقلت له نروي هذا عنكم عن والدكم فتكون من رواية الآباء عن الأبناء، فقال نعم، انتهى كلام ابن خطيب الناصرية.
قلت: ونظم قاضي القضاة جلال الدين بالفقيري بالنسبة إلى مقامه وغزير علمه، رحمه الله تعالى.
1394 - قاضي القضاة محب الدين
ابن العديم الحنفي
614 - 677هـ؟ 1217 - 1278م
عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة، قاضي القضاة والصاحب مجد الدين أبو المجد بن الصاحب العلامة كمال الدين أبي القسم، المعروف بابن العديم العقيلي الحلبي الحنفي.
ولد سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة وستمائة تخميناً، وسمع من ثابت(7/203)
ابن شرف حضوراً، ومن عم أبيه القاضي هبة الله، وسمع من أبي محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان، وأبي حفص السهروردي، وعبد الرحمن بن نصلا، وابن شداد، والحاكم، وعبد اللطيف بن يوسف، وابن روزبة، وابن اللتي، وأبي الحسن بن الأثير، وجماعة بحلب وحماة، وجماعة بمكة، وجماعة بدمشق، وجماعة ببغداد، وجماعة بمصر، وجماعة بالإسكندرية، وقرأ بالسبع على الفاسي، وخرج له ابن الظاهري معجماً في مجلدة، وأجاز له المؤيد الطوسي.
وكان صدراً معظماً، ذا دين وتعبد وأوراد، وسيرة حميدة لولا ما كان فيه من التيه، وكان إماماً عالماً مفتياً، مدرساً عارفاً بالمذهب، أديباً شاعراً، وهو أول حنفي ولي خطابة جامع الحاكم، ودرس بالظاهرية بالقاهرة، وحضره السلطان الملك الظاهر بيبرس وهو لم يأت بعد، وطلبه، فقيل: حتى ينهي ورد الضحى، ثم جاء وقد تكامل الناس، فقام كلهم ولم يقم هو لأحد، ثم ولي قضاء دمشق، فقدمها وهو على زي الوزراء والرؤساء، ولم يعبأ بالمنصب ولا غير زيه، ولا وسع كمه، وكان يتواضع مع الصالحين ويعتقد فيهم، ودرس بدمشق في عدة مدارس، وسمع منه: ابن الظاهري، والدمياطي، وشرف الدين الحسن الصيرفي، وقطب الدين القسطلاني، وبهاء الدين يوسف ابن العجمي، وابن العطار، وابن جعوان، وجماعة، وأجاز للحافظ الذهبي، وتوفي يوم سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين(7/204)
وستمائة، ودفن بتربته قبالة جوسق ابن العديم عند زاوية الحريري، وكان يوماً مشهوداً.
ورثاه الشعراء، منهم العلامة شهاب الدين محمود بقصيدتين إحديهما أولها:
أقم يا ساري الخطب الذميم ... فقد أدركت مجد بني عديم
؟
1395 - ابن خلدون
732 - 808هـ؟ 1331 - 1405م
عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، قضي القضاة ولي الدين أبو زيد الحضرمي الأشهيلي، المعروف بابن خلدون.
مولده في يوم الأربعاء أول شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة بمدينة تونس ببلاد المغرب، ونشأ بها، وطلب العلم، وقرأ وحفظ(7/205)
القرآن العزيز، وقرأه على الأستاذ أبي عبد الله محمد بن سعد بن تراك الأنصاري بالقراءات السبع إفراداً وجمعاً في إحدى وعشرين ختمة، ثم جمعها في ختمة واحدة، ثم قرأ ختمة برواية يعقوب جمعاً بين الروايتين عنه، وعرض عليه قصيدتي الشاطبي اللامية والرائية، وكتاب النفطي لأحاديث الموطأ لابن عبد البر، ودرس كتاب التسهيل في النحو لابن مالك، ومختصر ابن الحاجب الفقهي، وأخذ العربية عن أبيه، وأبي عبد الله محمد بن الشواش الزرزالي، وأبي العباس أحمد بن القصار، وأبي عبد الله محمد بن بحر ولازم مجلسه وأشار عليه بحفظ الشعر، فحفظ: المعلقات، وحماسة الأعلم، وشعر حبيب بن أوس، وقطعة من شعر المتنبي، وكتاب سقط الزند لأبي العلاء المعري، وسمع صحيح مسلم بتونس إلا فوتاً يسيراً من كتاب الصيد، وسمع موطأ مالك على أبي عبد الله محمد بن جابر بن سلطان القيسي الوادياشي وأجازه إجازة عامة، وأخذ الفقه بتونس عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله الجياني وأبي القاسم محمد بن القصير، وقرأ عليه كتاب التهذيب لأبي سعيد البرادعي، وعليه تفقه، وانتاب مجلس قاضي الجماعة أبي عبد الله محمد بن عبد السلام، وأفاد منه وسمع عليه، وأخذ عن أبي عبد الله محمد بن سليمان البسطي، وأبي محمد عبد المهيمن الحضرمي، وأبي العباس أحمد الزواوي، واستفاد من القاسم عبد الله بن يوسف المالقي، وجماعة أخرى، واستمر بالمغرب إلى أن كان طاعون الجمادين سنة(7/206)
تسع وأربعين وسبعمائة، ومات بواه، فاستدعاه أبو محمد بن تافراكين - المستبد إذ ذاك بتونس - إلى كتابة العلامة عن سلطانه أبي إسحاق إبراهيم ابن السلطان أبي بكر خامس عشر الملوك الحفصيين بتونس، فكتب العلامة عن السلطان، وهي: الحمد لله والشكر لله، بقلم غليظ، ثم انصرف عن تونس عام ثلاث وخمسين وقدم على أبي عنان فارس بن علي بن عثمان، فنالته السعادة عنده وعظم، ثم حصل له محنة عند موت فارس المذكور ولحق بالسلطان أبي سالم، فلما غلب على الملك رعى له السابقة وولاه كتابة الإنشاء، فصدر عنه أكثرها بالكلام المرسل الذي كان انفرد به، حاكى فيها طريقة عبد الحميد بن يحيى الكاتب، ثم تنقل عنه(7/207)
عند عدة ملوك إلى أن خرج من تونس منتصف شعبان سنة أربع وثمانين فوصل ثغر الإسكندرية يوم عيد الفطر ودخل القاهرة في عشر ذي القعدة من السنة واستوطن القاهرة، وتصدر للإقراء بجامع الأزهر مدة، واشتغل وأفاد، ثم صحب الأمير علاء الدين الطنبغا الجوباني فأوصله إلى الملك الظاهر برقوق فولاه تدريس المدرسة القمحية بجوار جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه، ثم ولاه الملك الظاهر برقوق قضاء القضاة المالكية بديار مصر في يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وسبعمائة، فباشر بحرمة وافرة، وعظمة زائدة، وحمدت سيرته، ودفع رسائل أكابر الدولة وشفاعات الأعيان، فأخذوا في التكلم في أمره ولا زالوا بالسلطان حتى عزله في يوم السبت سابع جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وسبعمائة بقاضي القضاة جمال الدين عبد الرحمن بن خير، فلزم المذكور داره إلى أن أعيد إلى القضاء بعد مدة طويلة في يوم الخميس النصف من شهر رمضان سنة إحدى وثمانمائة، واتفق عبد توليته بمدة يسيرة موت الملك الظاهر برقوق في شوال من السنة فصرف أيضاً في يوم الخميس ثاني عشر المحرم من سنة ثلاث وثمانمائة، وخرج مع السلطان الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية، لقتال تيمور دمشق وأحاط بها نزل إليه المذكور من سور دمشق بحبل وخالط عساكر يتمور لنك بطالاً إلى أن ملك تيمور وطلب منهم يوصلوه بتيمور، فساروا به إليه، فأمر بإحضاره فحضر، فأعجبه حسن هيئته وجمال صورته، وخلبه بعذوبة منطقه ودهاه بكثرة مقالاته بإطرائه، فأجلسه واستدناه،(7/208)
وشكر له سعيه، وحظي عنده إلى أن أطلقه وزوده، وعاد إلى القاهرة بعد عود تيمور خذاه الله إلى بلاده، ولما وصل إلى القاهرة سعى فولى القضاء مرة ثالثة في يوم السبت ثالث شهر رمضان سنة ثلاث، واستمر إلى أن عزل في رابع عشرين شهر رجب سنة أربع وثمانمائة، ثم أعيد في يوم الخميس لأربع بقين من ذي الحجة من السنة، ثم صرف يوم الاثنين سابع شهر ربيع الأول سنة ست، ثم أعيد في شعبان سنة سبع وثمانمائة، ثم
صرف سادس عشرين ذي القعدة منها، ثم أعيد في شعبان سنة ثمان وثمانمائة، فلم تطل مدته ومات وهو قاض فجاة في يوم الأربعاء لأربع بقين من شهر رمضان سنة ثمان وثمانمائة، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر، وله من العمر ست وسبعون سنة وخمسة وعشرون يوماً. ف سادس عشرين ذي القعدة منها، ثم أعيد في شعبان سنة ثمان وثمانمائة، فلم تطل مدته ومات وهو قاض فجاة في يوم الأربعاء لأربع بقين من شهر رمضان سنة ثمان وثمانمائة، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر، وله من العمر ست وسبعون سنة وخمسة وعشرون يوماً.
وكان له نظم ونثر من ذلك من قصيدة طويلة جداً:
أسرفن في هجري وفي تعذيبي ... وأطلقن موقف عبرتي ولعيبي
وأبين يوم البين موقف ساعةٍ ... لوداع مشغوف الفؤاد كئيب
وشعره كله منه هذا النمط، رحمه الله ما كان أحبه في المنصب.(7/209)
؟
1396 - تقي الدين ناظر الجيش
726 - 786هـ؟ 1326 - 1384م
عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم، القاضي تقي الدين ابن القاضي محب الدين التيمي الشافعي، ناظر الجيوش المنصورة، وابن ناظرها.
هو من بيت رئاسة وفضل باشر نظر الجيش بتجمل وحشمة إلى أن غضب عليه الملك الظاهر برقوق بسبب إقطاع زامل أمير آل فضل وضربه بالدواة، ثم أمر به فضرب بين يديه نحو ثلاثمائة عصاة، وكان ترفاً، فحمل في محفة إلى داره بالقاهرة فلزم الفراش حتى مات في ليلة الخميس سادس عشر جمادى الأولى. قاله المقريزي.
وقاضي القضاة بدر الدين محمود العيني رحمه الله: في يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى غضب السلطان علي القاضي تقي الدين(7/210)
عبد الرحمن بن محب الدين ناظر الجيش وضربه بالعصي تحت رجليه وعلى سائر بدنه تقدير مائة وخمسين عصاة، فأقام في بيته يومين ومات يوم الأربعاء خامس عشر الشهر المذكور، انتهى كلام العيني.
قلت: اختلفا في عدة الضرب واتفقا على الوقعة، وبالجملة مات صاحب الترجمة قتيلاً رحمه الله تعالى وذلك في سنة ست وثمانين وسبعمائة، وولي من بعده نظر الجيش موفق الدين أبو الفرج مضافاً على ما بيده من نظر الخاص واستيفاء الصحبة، انتهى.
؟
1397 - ناصر الدين المدني
...
- 826هـ؟ ... - 1423م
عبد الرحمن بن محمد بن صالح، قاضي القضاة ناصر الدين المدني.
ولي قضاء المدينة مدة سنين إلى أن توفي ليلة السبت رابع عشر صفر سنة ست وعشرين وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
وكان فاضلاً، مشكور السيرة، عفيفاً، انتهى.(7/211)
؟
1398 - ابن قدامة شمس الدين الحنبلي
...
- 682هـ؟ ... - 1283م
عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة، العلامة شمس الدين أبو محمد ابن الشيخ أبي عمرو الدمشقي الحنبلي.
هو أول من ولي قضاء الحنابلة بدمشق ثم تركه ووليه ابنه نجم الدين القضاء وتدريس الأشرفية بالجبل، وقد سمع الحديث وأكثر، وكان من علماء المسلمين وأكثرهم ديانة في عصره مع هدى وصلاح، وسمت حسن، وخشوع ووقار، وكانت وفاته في ليلة الثلاثاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وستمائة، ودفن بمقبرة والده، عن خمس وثمانين سنة رحمه الله تعالى.(7/212)
؟
1399 - ابن الخراط
777 - 840هـ؟ 1375 - 1436م
عبد الرحمن بن محمد بن سلمان، الشيخ زين الدين المروزي الشافعي، الحموي الأَصل الحلبي، الشهير بابن الخراط نزيل القاهرة، أحد أعيان موقعي الدست.
مولده بحماة في سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ونشأ بحلب وتفقه بها، وبرع في الأدب، واتصل بخدمة نائبها الأمير جكم من عوض، وله فيه غرر مدائح، ثم ولي في الدولة المؤيدة شيخ كتابة سر طرابلس، ثم عزل عنها، وولي كتابة الإنشاء بالقاهرة، واستمر على ذلك إلى أن توفي ليلة الثلاثاء ثاني المحرم سنة أربعين وثمانمائة.
وكان فاضلاً، أديباً بليغاً، كان يسلك في نظمه الفحولية وطريقة السلف من القوة والحماسة، ومدح الملك الأشرف بقصيدة عندما أسر الأشرف ملك قبرس جينوس الفرنجي، وأنشدها بحضرته في أعيان الدولة، وخلع عليه، وذكرنا(7/213)
القصيدة، في ترجمة الملك الأشرف، وأجاب الشيخ زين الدين المذكور أهل المغرب، لما أرسلوا لطلب نجدة من الملك الأشرف برسباي، بقصيدة طنانة سمعتها من لفظه، ثم قال والله ما يقدر أحد يجيب مثل هذه القصيدة، وبلغ ما قاله الحافظ شهاب الدين قاضي القضاة شيخ الإسلام ابن حجر فقال: نعم، صدق، هكذا حكى لي الشيخ زين الدين من لفظه.
ومن شعره في مليح على شفته أثر بياض:
لا والذي صاغ فوق الثغر خاتمه ... ما ذاك صدع بياض في عقائقه
وإنما البرق للتوديع قبله ... أبقى به لمعة من نور بارقه
ومن شعره أيضاً يمدح المقر لناصري محمد بن البارزي كاتب السر الشريف بديار مصر رحمه الله تعالى:
على فتر الأجفان صدغك مرسل ... على يده أي العذار منزل
؟؟ إلى أسود أو أحمر خالك الذي بخدك لكن للقلوب مضلل؟ بني جمال سار في شمس خده ومن ظل جفني بالغمام مظلل
كليم الهوى قلبي ولحظك ساحر ... عليه بصدغي سالفيك يخبل
قد استخدم الأرواح تصرف حيث شاء ... ويجمعها من ند خالك مندل(7/214)
أيا بابلي الطرف قلبي مشوش ... لصدغك كل فوق حمر مبلبل
عتابك لي والخد تحت عذاره ... وما في اللمى كل رحيق مسلسل
؟ ألا فاشف قلبي بالشفاء فإنه عن الريق منها بالحيا معلل
قتلت شهيداً بالعيون وليتني ... بلذتها أحيا مراراً وأفتل
كفى عند قاضي الحسن خدك شاهداً ... على سهم جفن من دمي يتنصل
ويا قمراً قد تم في ليل شعره ... بلا غيبة للبدر وجهك أجمل
ويا مائل الأعطاف ميل تدلل ... بلا حسد للغصن قدك أعدل
حميت جنا الأعطاف بدرى فكم على ... موائدها شمس الضحى تتطفل
وهب نسيم من ثناياك بارد ... بجفنك أضحى ناعساً يتكسل
فلله قد بالشبيبة ناعم ... وخد بحيات القلوب مخول
طويل بسوداء القلوب مظفر ... على لون حظي دائماً يتحيل
ربيب بحجر الحسن طال دلاله ... فويلاه حتى شعره يتدلل
رتعت غزال من رقيبك في حمى ... كليب وطرفي بالدموع المهلهل
غزال بديع الإلتفات إذا رنا ... قضى منه بالإيجاب والسلب أكحل
؟ لئن كان منه الخد ناراً فخصره سراط من الأخرى أرق وأنحل
فمكمول ذاك الطرف سلسل أدمعي ... فصح حديث الدمع عنه السلسل(7/215)
بعثت من الهجران هل لي مسرة ... عليه إلى جنات وصل مدخل
له شعراً من محاسن وجهه ... بمعنى حلاها يطرب المتأمل
فنامى عذار في الرياض نسيبه ... وفي الحسن ناشئ جفنه يتغزل
غسلت مقائي الدمع قول عواذلي ... سلوت وأن العار بالدمع يغسل
تقول وشاة الحب من قل صادقاً ... بأنك تهوى والوشاة تتقول
أيعلم ما أخفيت من سرحبه ... ودمعك ستر دون سرك مسبل
تنقل تنل عز في كمال ورفعة ... وتكتمل الأقمار إذ تنتقل
ولا بد تجلو الوجه منك ببذله ... فلا عار أن يجلو المهند صيقل
أأسأل وابن البارزي محمد ... جواد كفى بالجود من ليس يسأل
وله أيضاً بليق هزلي، عارض به بليق الشيخ سراج الدين عمر بن مولاهم الذي أوله:
من قال نا جندي خلق لقد صدق
عندي قباء من عهد نوحعلى الفتوحلو صادفو شمس السطوحكان احترق
من تحت ذاك البغلطاققباء مشاقكأنوا لا بالبصاققد التزق
وفوق خلعه من قشيرما فيه حريرلو يغسلو لكان يعيرمع المرق(7/216)
كلوتتى طار شحمهاعنه لحمهاولا بقي من رسمهاغير الورق
فيها كلاليب من حديدفي سير قديدوشربه ذاك الصديدمن العرق
وفوقها مثل اسم شاشاكتب ولاشأيضاً ولا ذاك القماشما فيه رمق
ولي حياصة لا صباغولا دباغما ظن في سوق المصاغلها حلق
والخف عندي في كمينمدة سنينكعبو مع الساق اليمينقد انفتق
ولو شراريب طوالفجل الرمالوكل ما عندي يقالشلق ملق
لها مهاميز من عظامطوال عظامأفسدت في ذاك النظاملمن سبق
والسيف عندي في جفيرقدة فطييا ليته جلد الحميرأومن ورق
تركاش منهت بالعقبيصلح حطبوفيه عشر فردات قصبلأجل السبق
والقوس عندي في انكسارلا للحصاريصلح لإكديش أو حمارإذا نهق(7/217)
ورمح أخضر سيسبانبلا سناننطعن رقاق التركمانما ينخرق
ولي دبيهيس منقصهقطعه عصهونا كذا جندي خصهواسمى طشق
قرقل مع بركستوانلهم زمانلو صادفو البندق لكانمنو مرق
يصلح لأجناد ضعافوقمت المصافأجل من فهيم يخافمن طلطلق
ولي فرس عاوز عليقبئس الرفيقيا ويحو إن كان الطريقفيها زلق
من التجاريد والسفرظهرو انعقروقد بقي كلو حفرحلق حلق
والسرج عندي من عظامبلا لحامأيضاً ويا ذاك الحزامبلا حلق
وعندي إكديش حقيرشيخ كبيرسابقت بو عرج الحميرما قد سبق
وبغل للمهتار عجببلا ذنبوالسرج لما ينقلبتلقاه ورق
ولو طواله حبل ليفولي حريفيشين شهوتنا رغيفعلى طبق(7/218)
وجارنا شعبان قطوعأفلاس وجوعبكى علينا بالدمعحتى انفلق
انتهى بليق ابن مولاهم، وأما بليق صاحب الترجمة فهو هذا:
من قال نا فقيه بشر ... لقد فشر
عندي جلود بلا ورقكتب عتقمن درسها قلبي احترقبنار فكر
؟ مرقعة من النطوع إيش ذا القطوع أصولها مع الفروع كلو هدر
كتاب هو طيف الخياليوم الجدالولي عليه شروح طوالفيها قصر
ولي دوامن الصدفعلى الصدفتحبيرها عندي سرفمن النهر
وفي الدوا لي ممسحةمن مرشحةمن فوق عقور مفتحةلا من طور
ولي سكيكين من جريدلا من حديدأو من نعال خبل البريدمما انكسر
ولي قليم سلوى قصبموصول شعبيا نفس من بوقد كتبكتب سير(7/219)
ومرملة قطعة جرابفيها ترابمن الأقاليم الخرابسحق القذر
؟ ولي قميص كلواهباً من الصبا لو مر بو ريح الصبا كان انتشر؟ ولي جنيدة من خليع كاتب وضيع كأنها ريح الربيع وقت السحر
وكود باني من خرقكنو طبققد احترق من الشفقلا من شرر
وطيلساني من ضبابعلى ذهابوقد حكى أزر القحابيوم المطر
ولي مداس من العتققد انفتقيرقعو من لو لصقمن السفر
ولي بويت في مدرسةملان فسهبقدر بخش الخنفسةمن الصغر
؟ ومفرشة من نارية هي عارية منها دموعي جارية من الصدر
؟ لها حروف كالمبضعيفي أضلعيوكم لها في إصبعيشيء كالإبر
ولي وسادة من حجرنومي هجرفكم برأسي من أثرمنو ظهر(7/220)
وجيرتي فيها جموعذووا قطوعبكوا دماً يدل الدموععلى الجزر
ًفكم بهم فقي حماردرسو فشاروآخر إذا زال النهاردرسو شمر
وبحثهم في الدروسشبه التيوسدروسهم من الدروسبلا أثر
إن درسوا يد لوتوالا يسكتواكيف في الدروس لا يحرثواوهم بقر
يتباحثوا بظلفهمعن حتفهمفي نحوهم وصرفهمإلى سقر
فرأسهم بال مداسأكسير نعاسلا يدروا أحكام القياسولا الأثر
لا يعرفوا يا الندامجرداوبحثهم لا مبتداولا خبر
لا يعرفوا مسيئلةمكللةالأعياط وقوقلةوفيه نظر
معلومنا معلوم خرايا ليت جراثلاث فليسات من كراأو بالكسر
ولي عظيم قالوا فرسقد انتكسوكلما سقتوا انتحسمن السفر(7/221)
لا يستفين من الهزالكنو خلالوفيه عرج من العقالأو من حمر
تعد من ضعفو الضلوععطش وجوعظهر على ظهرو طلوععجر عجر
ولي سريج بلا لببقطعة خشبمالوا حديد ولا عقبقوسوا ظهر
ولي غلام اسمو قدارأبلم حمارإذا دعوتو للقمارقام لي قمر
؟ جرايته عندي صحيح ضراط وريح إذا انسطل يبقى طريح أعمى البصر
لكنني فقى كماجخرا الدجاجونظم شعري في ازدواجكمنوا بعر
فضلى على تصنيف عمرجندي مصرمن قال نافقيه بشرلقد فشر
انتهت، وأشار بقوله تصنيف عمر إلى البليق المتقدم ذكره: من قال نا جندي خلق لقد صدق، رحمه الله تعالى.
؟
1400 - القيرواني
685 - 732هـ؟ 1286 - 1331م
عبد الرحمن بن محمد بن علي، الشيخ أبو زيد الأنصاري الأسدي القيرواني،(7/222)
المعمر المحدث، صاحب تاريخ القيروان.
ولد بها في سنة خمس وثمانين وستمائة، وأخذ عن عبد الرحمن بن طلحة، وعبد السلام بن عبد الغالب الصوفي، وطائفة، وأجاز له ابن رواح، وابن الجميزي، وسبط السلفي، وجماعة، وخرج له أربعين تساعيات بالإجازة، سمع محمد بن جابر الوادي آشي.
وكان إماماً فاضلاً، مؤرخاً، توفي ببلده سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
؟
1401 - ابن النقاش
747 - 719هـ؟ 1346 - 1416م
عبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الواحد بن يوسف بن عبد الرحيم، الشيخ زين الدين أبو هريرة ابن الشيخ شمس الدين أبي أمامة، المعروف بابن النقاش، الدكالي الأصل المصري الشافعي، خطيب جامع ابن طولون.
ولد في رابع عشر ذي الحجة سنة سبع وأربعين وسبعمائة، واسمع على محمد(7/223)
ابن إسماعيل الأيوبي، وأبي الحرم القلانسي، ومحمد بن إبراهيم البياني، ودرس وأفتى عدة سنين، وخطب بجامع أحمد بن طولون ووعظ، وكان لوعظه تأثير في النفوس، ويصدع بالنكير في خطبته ووعظه، وكان محبباً للأكابر، محظوظاً منهم، وللناس فيه اعتقاد وحسن ظن مع النزاهة والديانة، وعظم بآخره في الدولة، واشتهر ذكره إلى أن توفي يوم الخميس عاشر ذي الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى.
1402 - قاضي القضاة جمال الدين
ابن خير المالكي
721 - 791هـ؟ 1321 - 1389م
عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن سليمان بن خير، قاضي القضاة جمال الدين أبو القاسم الأنصاري الإسكندري المالكي.
ولد بالإسكندرية في يوم الأحد سابع عشر جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وبها نشأ، وسمع من الوادي آشي وغيره، وأخذ الفقه عن أبيه،(7/224)
وعن تقي الدين ابن عرام، وجلس مع الشهود، ووقع للقضاة زماناً، وبرع في الفقه والأصول، وشارك في الحديث والنحو وغيرهما، مع الخير والديانة، ثم ناب في الحكم بالثغر مدة إلى أن قدم إلى القاهرة وولي قضاء القضاة المالكية بها في جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، عوضاً عن قاضي القضاة علم الدين سليمان ابن خالد البساطي بعد عزله، وحمدت سيرته لحزمه في أموره كلها ولعفته حتى إنه لم يقبل لأحد هدية منذ ولي القضاء، وصار يتشدد في ذلك إلى الغاية، ويتحرى في أمر الشهود والسجلات لمعرفته بالشروط والصناعة، واستمر على ذلك حتى وقع بين العلامة أكمل الدين شيخ خانقاه شيخون وبين الشيخ شمس الدين الركراكي مدرس المالكية بالشيخونية، وعزله الشيخ أكمل الدين عن التدريس، فشق ذلك على الملك الظاهر برقوق ولم يسعه مخالفة الشيخ أكمل الدين بعد أن بعث الظاهر إلى الشيخ أكل الدين بإعادته فلم يوافق أكمل الدين وثم الركراكي معزولاً، وبلغ الخبر قاضي القضاة جمال الدين هذا فكتب قصة وبعث بها إلى السلطان يسأله فيها تقريره في التدريس المذكور الشاغر عن الركراكي بالشيخونية، فغضب الملك الظاهر من ذلك وعزله في الحال بقاضي القضاة أبي زيد بن خلدون في ويوم السبت سابع عشر جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وسبعمائة، ثم أعيد بعد ابن خلدون مرة ثانية في يوم السبت(7/225)
سابع جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، فسار أيضاً على سيرته الحسنة إلى أن توفي قاضياً في يوم الأربعاء سابع عشر شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وولي بعده تاج الدين بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز الدميري، رحمه الله.
؟
1403 - قاضي القضاة تقي الدين
الزبيري
734 - 813هـ؟ 1333 - 1410م
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الناصر بن هبة الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الناصر بن محمد بن المنعم بن طاهر بن أحمد بن مسعود بن داود ابن يوسف، قاضي القضاة تقي الدين أبو محمد الزبيري المحلي، يعرف بابن تاج الرئاسة، والزبيري نسبة إلى محلة الزبير من قرى الغربية من أعمال القاهرة.(7/226)
وبتلك النواحي نشأ وطلب العلم، وسمع على أبي الفتح الميدوي وغيره، وقرأ على أبيه القراءات وغيره، وتفقه بجماعة، ثم قدم القاهرة، وتزوج بابنة قاضي القضاة موفق الدين عبد الله الحنبلي، وباشر توقيع الحكم مدة طويلة، ثم ناب في الحكم عن القضاة بالقاهرة دهراً، وعلا سنة، وعرف بين الناس، واستمر على ذلك إلى أن طلبه الملك الظاهر برقوق في يوم الخميس ثالث عشرين جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وسبعمائة على حين غفلة وفوض إليه قضاء القضاة الشافعية، عوضاً عن قاضي القضاة صدر الدين المناوي بحكم عزله وحنق السطلان عليه، فباشر المذكور القضاء، وحسنت سيرته لتواضعه ومعرفته بالشروط والأحكام، ولعفته أيضاً عن كل قبيح، ودام إلى أن صرف بصدر الدين المناوي في خامس عشر شهر رجب سنة إحدى وثمانمائة، فلزم المذكور داره، وترك ركوب البغلة، وصار يمشي في الطرقات، وترك الاحتشام إلى أن توفي يوم الأحد أول شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة عن ثمانين سنة وقد هرم، رحمه الله، ودفن بتربة الصوفية خارج باب النصر.(7/227)
؟
1404 - زين الدين الرشيدي
741 - 803هـ؟ 1340 - 1400م
عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن لاجين، الشيخ زين الدين أبو محمد الرشيدي الشافعي.
مولد سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بالقاهرة، وسمع بها من عبد الرحمن ابن عبد الهادي، ومن الميدومي، وابن أميلة، والبياني، وحدث وتفقه، وبرع في علم الحساب ومعرفة الفرائض والجبر والمقابلة، وكتب حجاميع مفيدة، وكانت له يد طولى في معرفة الميقات وولي رئاستهم، ثم ولي خطابة جامع أمير حسين بحكر جوهر النوبي، وكان لقراءته بالقراءات ولنغمه حلاوة، وشجاوة حتى توفي يوم الثلاثاء ثاني جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
؟؟
1405 - ابن الديري
817 - 856هـ؟ 1414 - 1452م
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكرن القاضي أمين الدين(7/228)
ابن قاضي القضاة شمس الدين، وأخو شيخ الإسلام قاضي القضاة سعد الدين الديري العبسي المقدسي الحنفي ناظر الحرمين: المقدس والخليل عليه السلام.
مولده بالقدس في شعبان سنة سبع عشرة وثمانمائة، هذا أملى علي من لفظه، ونشأ بالقدس، ثم تحول إلى القاهرة صغيراً مع والده لما ولي القضاء بعد موت قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن العديم في سنة تسع عشرة وثمانمائة وحفظ القرآن العزيز وبعض مختصرات في مذهبه، وتفقه بأخيه سعد الدين المذكور، وغلب عليه الأدب، وقال الشعر الجيد، وولي نظر الحرمين بعد وفاة خليل السخاوي، واستمر إلى أن عزل بواقعة حصلت بينه وبين تمراز من بكتمر المؤيد المصارع نائب القدس في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وامتحن وأهين بواسطة أبي الخير النحاس، ثم أيعد بعد مدة إلى نظر الحرمين بعد أحمد بن محاسن أحد أعوان أبي الخير النحاس في سنة أربع وخمسين بعد القبض على أبي الخير النحاس ونفيه إلى طرسوس، وتوجه إلى القدس وباشر النظر، وابتهج الناس به لولا ما فيه من طيش وخفة.(7/229)
وقد حكى لي تمراز عنه أموراً غريبة من خفته وزهوه وسرعة حركته ما هو أعجب من أن يحكى، من ذلك أنه قال: كان إذا ركب عبد الرحمن المذكور يتزي بزي الأمراء ويشد في وسطه تركاشاً، ولما يخرج إلى الصيد يخرج معه بعض مماليكه وبيده طير وكلابزية بين يديه، قال تمراز: ولما وقع الكلام بيني وبينه لبس قرقلا وألبس مماليكه وحاربني، ثم حكى لي عنه أشياء كثيرة من هذا النمط، وما أظنه يكذب، فإنه صاحبنا ويتكلم في بعض الأحيان بكلام يقارب هذه الفعال، على أنه حلو المحاضرة لولا ما يجازف من إطراء نفسه، ويذاكر بالشعر، وله كرم وأفضال على ذويه، وربما يتحمل من الديون جملاً بسبب ذلك، وله نظم رائق، أنشدني كثيراً من شعره، من ذلك قوله: وتوفى على نظر القدس الشريف به في أوائل ذي الحجة سنة ست وخمسين وثمانمائة رحمه الله.(7/230)
؟
1406 - ابن الأتابك منكلي بغا
...
- 796هـ؟ ... - 1393م
عبد الرحمن بن الأتابك منكلي بغا الشمسي، الأمير زين الدين، ابن أخت الملك الأشرف شعبان بن حسين، وأخي خوند هاجر بنت منكلي بغا زوجة الملك الظاهر برقوق.
كان من جملة الأمراء بالديار المصرية إلى أن توفي بالقاهرة في عاشر شعبان سنة ست وتسعين وسبعمائة، رحمه الله.
؟؟
1407 - الفلك المسيري
..
- 643هـ؟ ... - 1245م
عبد الرحمن بن هبة الله، أبي بكر بن فلك الدين، الوزير الصاحب المعروف بالفلك المسيري.
كان رئيساً كبيراً، وافر الحرمة، ظاهر الحشمة والنعمة، كثير التيه(7/231)
والصلف، ولاه الملك الأشرف موسى شاه أرمن الوزارة، ثم في سنة أربع وثلاثين وستمائة صادره واحتاط على موجوده لكونه نقل عنه أنه يكاتب أخاه الملك الكامل محمد سلطان الديار المصرية، ثم أطلقه.
وكان للفلك المسيري عند الأشرف حظ كبير مع أنه كان يستجهله، قيل: إنه خرج يوماً من عند الأشرف ثم عاد، فقال له الأشرف: أين كنت؟ فقال: يا مولانا السلطان سيرت الدواب إلى الإسطبل، فقال له: عجب ما رحت معها.
وفيه يقول القائل:
ايش هو فلك وايش هي مسيرحتى يجي منها وزيروالله ولا راعي حمير
؟ كنت أجعلك
اسمك معار ما تعربهوالمال بالفول تحسبهوالسرج بالصاد تكتبه
ما أجهلك
لو كان في الدنيا خبيركان يركبك فوق الحميروالبوق خلفك والنفير
؟ وأنا أركلك
خلي القياد والفضولكم ذا تخاصم كم تصولوتدعي أنك رسول
من أرسلك(7/232)
لو كنت أملك يا قبقأمرك جملتك في الحلقعريان وفي عنقك شلق
وأنا اندلك
وقيل إنه كان له مملوك مليح يسمى أزبك، فقال فيه العز القليوبي دوبيت:
البدر بدا من صدغه في فلك ... والقلب غدا من حسنه في شرك
؟ تحت الفلك الخلق كثير لكن ما مثلك يا أزبك تحت الفلك فلما سمع الملك الأشرف البيتين ضحك ثم قال: فوق الفلك، وتوفي الفلك المسيري سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وقيل سنة خمس.
ومسير بليدة بالغربية بالوجه البحري من أعمال القاهرة. انتهى.
؟
1408 - شيخ شيوخ الظاهرية برقوق
813 - 880هـ؟ 1410 - 1475م
عبد الرحمن بن يحيى بن يوسف، الشيخ الإمام العالم الفاضل البارع(7/233)
عضد الدين ابن العلامة الشيخ سيف الدين السيرامي الحنفي، شيخ شيوخ المدرسة الظاهرية برقوق، وابن شيخها.
ولد بالقاهرة بقاعة المشيخة بالمدرسة المذكورة في أوائل شوال سنة ثلاث عشرة وثمانمائة تقريباً، ونشأ بها، وتفقه بوالده، وبالعلامة الشيخ تقي الدين الشمني، وبغيرهما، وحفظ القرآن العزيز، واشتغل وحصل، وتولى المشيخة بعد وفاة والده الشيخ نظام الدين المذكور في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بالمدرسة المذكورة، وتصدر للتدريس بها، وبرع في الفقه والأصول والعربية والمعاني والبيان، وتنفع به كثير من الطلبة، هذا مع الذكاء المفرط، والقريحة الوقادة، والحافظة الجيدة إلى الغاية، والبشاشة والحشمة، والاتضاع، وطلاقة الوجه، على أنه خير دين محتجب عن الناس، قليل الاجتماع بأكابر الدولة إلا لضرورة أكيدة تبعثه على ذلك، على كره منه، واستمر على ذلك إلى أن صار معدوداً من أعيان السادة الحنفية.(7/234)
1409 - الفخر البعلبكي
611 - 688هـ؟ 1214 - 1289م
عبد الرحمن بن يوسف بن محمد، الشيخ الإمام العالم الزاهد فخر الدين أبو محمد البعلي الأنصاري.
كان من خيار المشايخ علماً وعملاً وصلاحاً، ... ... وسلامة باطن، وحسن سمت، وصفاء قلب ... ... وتلاوة القرآن، سمع الكثير وأسمع، وكان شيخ دار الحديث النورية، ومسجد ابن عروة، وشيخ الصدرية، ولد سنة إحدى عشرة وستمائة وتوفي سنة ثمان وثمانين وستمائة بمسجد ابن كثير، ودفن بالقرب من قبر الشيخ الموفق بسفح قاسيون رحمه الله تعالى.(7/235)
1410 - نجم الدين الأصفوني
699 - 751هـ؟ 1299 - 1350م
عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، العلامة نجم الدين أبو محمد وأبو القاسم القرشي الأصفوني المولد والمنشأ، نزيل مكة وعالمها ومفتيها. وأصفون من عمل القوصية من صعيد مصر، ولد بها في سنة تسع وتسعين وستمائة، وحفظ القرآن العزيز، وتفقه بالبهاء القفطي بإسنا، وقرأ عليه أيضاً الأصول والعربية والفرائض والجبر والمقابلة وغير ذلك، وأذن له في الفتوى والتدريس، وقرأ أيضاً على قاضي قنا محيي الدين يحيى بن صحارى القرشي، وأذن له أيضاً في الفتوى والتدريس، وقرأ القراءات السبع على سراج الدين أبي بكر بن عثمان الشافعي، وسمع الحديث على القاضي عماد الدين محمد بن سالم وغيره، وبرع وأفتى ودرس وأقرأ، وانتفع به كثير، وحج مراراً آخرها في سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وأقام بها واستوطنها، وسمع بها من عيسى الحجي، ومحمد(7/236)
ابن الصفي الطبري، وأخيه عثمان، والزين الطبري، وعبد الوهاب الواسطي، والمعظم عيسى الأيوبي، وحدث بها عن عيسى بالأحاديث التساعية والثمانية رواية عمة أبيه مؤنسة خاتون عنها، سمعها منه ابن شكر وأجاز له، وتصدر بمكة إلى أن توفي يوم الثلاثاء ثالث عشر ذي الحجة بمنى، وقيل ثاني عشر، سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وقد قارب السبعين سنة، وحمل ودفن بالمعلاة.
وكان عليه مدار الفتوى بمكة، وصنف عدة تصانيف، من ذلك كتاب اختصر فيه الروضة للنووي، وكتاب مسائل الدورية في الفقه، وهي من طريق الجبر والمقابلة، وكان له عبادة وأوراد، رحمه الله تعالى.
؟
1411 - قاضي القضاة زين الدين.
الكفري الحنفي
750 - 811هـ؟ 1349 - 1408م
عبد الرحمن بن يوسف بن أحمد بن الحسن بن سليمان بن فزارة بن بدر ابن محمد بن يوسف، قاضي القضاة زين الدين أبو هريرة الكفري الحنفي.(7/237)
ولد سنة خمسين وسبعمائة تقريبا، وأحضر على محمد بن إسماعيل بن الخباز، وسمع على بشر بن إبراهيم بن محمود الجلي، وتفقه بعلماء عصره حتى برع في الفقه والأصلين والعربية، وشارك في عدة فنون، وأفتى ودرس، وتولى قضاء القضاة بدمشق، هو وأبوه وأخوه وجده، وهو بيت علم وفضل ورئاسة، ثم قدم القاهرة بعد سنة ثلاث وثمانمائة، وولي قضاءها مدة، وحمدت سيرته، وأفتى ودرس بها، ولازم الاشتغل والإشغال إلى أن توفي بالقاهرة ثالث شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1412 - ابن البارزي
608 - 638هـ؟ 1211 - 1284م
عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان، قاضي القضاة نجم الدين أبو محمد ابن قاضي القضاة شرف الدين، الجهيني الحموي الشافعي، المعروف بابن البارزي، قاضي حماة، وابن قاضيها.(7/238)
ولد بها في سنة ثمان وستمائة، كان إماماً عالماً فاضلاً، بارعاً، فقيهاً، أصولياً، نحوياً أديباً، شاعراً، له خبرة جيدة بالعقليات ونظر في الفنون، وسمع من القاسم بن رواحة وغيره، وحدث عن موسى بن الشيخ عبد القادر، وسماعه من موسى المذكور بدمشق، وحكم بحماة نيابة عن والده قديماً، ثم استقل بها من عبده، ولم يتناول للقضاء رزقاً، وعزل عن القضاء قبل موته بأعوام، وكان مشكور الأحكام، وافر الديانة، محباً للفقراء والصالحين، ودرس وأفتى، وتصدى للاشتغال والتصنيف، وخرج له الأصحاب في المذهب، ثم توجه إلى الحج فأدركته المنية فحمل إلى المدينة ودفن بها في البقيع سنة ثلاث وثمانين وستماية.
ومن شعره، وهو تشبيه سبعة أشياء بسبعة:
يقطع بالسكين بطيخة ضحىً ... على طبق في مجلس لأصاحبه
كبرق ببدر قد شمساً أهلةً ... لدى هالةٍ في الأفق بين كواكبه
قلت: وهذا يشبه قول ابن قلاقس الإسكندري:
أتانا الغلام ببطيخةٍ ... وسكينة قد أجيدت صقالاً(7/239)
فقطع بالبرق شمس الضحا ... وأهدى لكل هلالٍ هلالاً
ومن عشر القاضي نجم الدين المذكور ما كتبه إلى الملك المنصور قلاوون:
إذا شمت من تلقاء أرضكم برقاً ... فلا أضلعي تهذي ولا أدمعي ترقا
وإن ناح فوق البان ورق حمائم ... سحيراً فنوحي في الدجى علم الورقا
فأرقوا القلب في ضرام غرامه ... حريقاً وأجفاني بأدمغها غرقا
سميري من سعد خذا نحو أرضهم ... يمينا ولا تستبعدا نحوها الطرقا
وعرجا على أفق توشح شيحه ... بطيب الشذا المكي كرم بها أفقا
فإن بها المغنى الذي بترابه ... وذكراه يستشفي لقلبي ويسترقا
ومن دونه عرب يرون نفوس منْ ... يلوذ بمغناهم حلالاً لهم طلقا
بأيديهم بيض بها الموت أحمر ... وسمر لدى هيجائهم تحمل الزرقا
وقولا محب بالشام غدا لقىً ... لفرقة قلب بالحجاز غدا ملقى
تعلقكم في عنفوان شبابه ... ولم يسل عن ذاك الغرام وقد أنقى
وكان يمنى النفس بالقرف فاغتدى ... بلا أمل إذ لا يؤمل أن يبقى(7/240)
1413 - ابن البازري
...
- 765هـ؟ ... - 1363م
عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم ابن هبة الله بن حسان بن محمد بن منصور بن أحمد، قاضي القضاة نجم الدين أبو محمد بن شمس الدين أبي طاهر ابن قاضي القضاة شرف الدين أبي القاسم ابن قاضي القضاة نجم الدين أبي محمد - المتقدم ذكره - ابن شمس الدين البارزي الجهني الشافعي، قاضي حماة.
ولد ... هو من بيت علم وفضل ورئاسة، ناب في الحكم عن جده، ثم استقل بقضاء حماة من بعده ستا وعشرين سنة إلى أن توفي سنة خمس وستين وسبعمائة، تقدم ذكر جماعة من آبائه وأقربه، ويأتي ذكر جماعة أخر من ذريته وآبائه وأقاربه كل واحد في محله إن شاء الله تعالى. انتهى.(7/241)
؟
1414 - جمال الدين الإسنوي
704 - 772هـ؟ 1304 - 1370م
عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن سليمان بن الحسن بن الحسين بن عمر بن الحكم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد ابن عبد الرحمن بن الحكم بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، الشيخ الإمام العلامة جمال الدين أبو محمد القرشي الأموي الإسنوي الشافعي.
ولد بإسنا من أعلا صعيد مصر في أواخر سنة أربع وسبعمائة، وبها حفظ القرآن، وحفظ التنبيه في الفقه في ستة أشهر، ومات أبوه سنة ثماني عشرة وسبعمائة، فأقام بعد موته بإسنا مدة، ثم قدم القاهرة في سنة إحدى وعشرين، وتفقه على القطب محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر السنباطي، والجمال أحمد ابن محمد الوجيزي، والمجد أبي بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز السنكلوني، والعلاء علي بن إسماعيل بن يوسف القونوي، وتقي الدين علي بن عبد الكافي(7/242)
ابن علي السبكي، وأخذ الأصلين من العلاء القونوي، وتقي الدين السبكي، وبدر الدين محمد بن أعد التستري، وأخذ النحو عن: أبي الحسن علي بن أحمد الأنصاري، وأثير الدين أبي حيان الأندلسي، وسمع الحديث من ذي النون يونس بن إبراهيم بن عبد القوي العسقلاني، وأبي علي حسين بن أسد بن الأثير، وأبي الفضل عبد المحسن بن أحمد الصابوني، وأبي محمد بن عبد القادر بن عبد العزيز بن عيسى بن الملك العادل أبي بكر الأيوبي، والعلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن القماح، وغيرهم، وبرع في الفقه، والأصلين، والعربية، والعروض، والتاريخ، والحديث، والتفسير، مع العفاف والنسك ومكارم الأخلاق، وتفقه به جماعة الأئمة، منهم: أولاد العلاء القونوي الثلاثة: محب الدين محمود وبدر الدين حسن، وصدر الدين عبد الكريم، وبهاء الدين علي بن محمد الأقفهسي، والجمال إبراهيم الأسيوطي، وبرهان الدين إبراهيم ابن موسى الإبناسي، والسراج عمر بن الملقن، والشهاب أحمد بن القماح، والزيني أبو بكر المراغي، في آخرين لا يحصون، وحدث، وسمع عليه جماعة كثيرة، وكتب وصنف، ومن مصنافته: كتاب الهداية إلى أوهام الكفاية لابن الرفعة، مجلدان، وكتاب شرح منهاج البيضاوي مجلد، وكتاب التصحيح(7/243)
والتنقيح فيما يتعلق بالتنبيه، والمهمات على الرافعي في شعر مجلدات، وشرح المنهاج في الفقه، والمنهاج في الأصول، والكوكب الدري فيما يبنى من المسائل الفقهية على القواعد العربية، وشرح عروض ابن الحاجب، وله الطبقات، وكتاب الأشباه والنظائر، وكتاب الجمع والفرق، وغير ذلك، وتولى نظر دار الطراز والحسبة ووكالة بيت المال، ودرس بالملكية والاقبغاوية والفارسية، وتدريس التفسير بالجامع الطولوني، وأعاد بالناصرية، ودرس بالصالحية، والمنصورية، وكن له نظم ونثر ليس بذاك، من ذاك يمدح كتاب الرافعي في الفقه:
يا من سما نفساً إلى نيل العلا ... ونحا إلى العلم العزيز الرافع
؟ قلد سمى المصطفى ونسيبه والزم مطالعة العزيز الرافعي(7/244)
توفي ليلة الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بالقاهرة فجأة، وصلى عليه قاضي القضاة بهاء الدين أبو البغاء بالجامع الحاكمي، ودفن بتربته بالقرب من جوشن خارج باب النصر، رحمه الله تعالى.
؟
1415 - الحافظ زين الدين العراقي
725 - 806هـ؟ 1325 - 1403م
عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي بكر بن إبراهيم، الحافظ زين الدين أبو الفضل العراقي المصري الشافعي.
مولده بالقاهرة في الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بمنشية المهراني على شاطئ النيل، وحفظ القرآن الكريم، وطلب العلم، ثم طلب الحديث بنفسه، فسمع بالقاهرة: على أبي علي عبد الرحيم عبد الله بن يوسف الأنصاري الشهير بابن شاهد الجيش، وعلي أبي الفتح محمد ابن محمد بن إبراهيم الميدومي، وأبي القاسم محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس، ومحمد بن إسماعيل بن عبد العزيز، وسنجر بن عبد الله الجاولي،(7/245)
وعلي بن أحمد بن عبد المحسن بن الرفعة، في خلق كثير يطول الشرح في ذكرهم، وبمصر: من أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الهادي المقدسي، ومحمد ابن علي بن عبد العزيز بن المظفر، وأحمد بن محمد بن الحسن الرصدي الشهير بابن الحرايري، ومحمد بن أحمد بن أبي الربيع الدلاصي، في آخرين، وبمكة من: الفقيه أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجزائري، وأحمد بن علي بن يوسف إمام الحنفية بها، والفقيه خليل بن عبد الرحمن بن محمد إمام المالكية بها، في آخرين، وبالمدينة من الشيخ عفيف الدين عبد الله بن أحمد بن محمد الطبري في آخرين، وبدمشق من: أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز الأنصاري، وأبي بكر بن عبد العزيز أحمد بن رمضان، ويحيى بن عبد الله بن مروان الفارقي - وحديثه عزيز -، ومحمد بن إسماعيل بن عمر بن الحموي، ومحمد بن محمد ابن عبد الغني الخراساني، في خلق آخرين، وبصالحية دمشق، من: أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن محمد المرداوي، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم المقدسي، ومحمد بن موسى بن إبراهيم الشقراوي، وفي آخرين، وبحلب من: سليمان بن إبراهيم بن المطوع، وعبد الله بن محمد بن إبراهيم المقدسي ابن المهندس، وبقية السلف جمال الدين إبراهيم بن الشهاب محمود، في آخرين، وبحماة من قاضيها نجم الدين عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله البارزي، وعبد الله بن داود بن سليمان السلمي، في آخرين، وبحمص من عمر بن أحمد بن عمر النقي، في آخرين، وبطرابلس من العلامة صدر الدين محمد بن أبي بكر بن عباس الخابوري، وغيره، وبصفد من عمر بن حمزة بن يونس، وست الفقهاء بنت أحمد بن محمد العباسي، وببعلبك من: أحمد بن علي بن الحسن بن عمرون، وأحمد بن عبد الكريم بن أبي بكر، وعبد القادر بن علي السبع البعلبكيين، في آخرين، وبنابلس من: محمد بن(7/246)
عثمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة، وإبراهيم بن عبد الله بن أحمد الزيادي وغيرهم، وببيت المقدس: منه، ومن قاسم بن سليمان الأذرعي، وطاهر ابن أحمد المقدسي، الحافظ صلاح الدين بن خليل بن كيكلدي العلائي، في آخرين، وبغزة من سليمان ومحمد ابني سالم بن عبد الناصر، في آخرين وبالإسكندرية من محمد بن محمد بن أبي الحسين بن أبي الليث، ومحمد بن أحمد ابن هبة الله القرشي المعروف بابن البوري، ومحمد بن محمد بن عبد الكريم ابن عطاء، والشريف عبد الرحمن بن عمر بن محمد البرساني، في آخرين، وبغيرها من البلاد، يجمعها الأربعون البلدانية التي خرجها، لكنه لم يكملها، بقي عليه منها أربعة بلاد.
وكان اشتغاله أولاً بعلم القراءات، ثم مال إلى الحديث، فقرأ بنفسه في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، وأخذ عن الشيخ شهاب الدين أحمد بنابي الفرج ابن البابا، وهو أول شيخ قرأ عليه الحديث، ثم أخذ علم الحديث أيضاً عن الشيخ علاء الدين بن عثمان بن مصطفى التركماني الحنفي، وتخرج به، وانتفع به، وسمع عليه صحيح البخاري مع ابن شاهد الجيش، ثم لما رحل إلى الشام في سنة أربع وخمسين أخذ عن حافظ العصر الشيخ تقي الدين أبي الحسن علي بن عبد الكافي السبكي، والشيخ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائي،(7/247)
ووصفاه بالفهم والمعرفة والإتقان، ووصفه أيضاً أئمة العصر بالحفظ والتحقيق، كالعز بن جماعة، وجمال الدين الإسنوي، وغيرهما، وأخذ عنه من الأئمة الحفاظ: الحافظ نور الدين الهيثمي صاحب التصانيف المشهورة، والحافظ شهاب الدين بن حجر، والحافظ برهان الدين إبراهيم الحلبي سبط بن العجمي، وحافظ مكة جال الدين محمد بن ظهيرة، والشيخ كمال الدين محمد بن موسى الدميري، والبرهان إبراهيم الإبناسي، والزين عبد الرحمن علي الفارسكوري، وغيرهم.
وكان كثير الحج والمجاورة بمكة المشرفة، وولي قضاء المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام مدة، ثم عزل وعاد إلى القاهرة في الدولة الظاهرية برقوق، واستمر ملازماً للتصنيف والإشغال، ودرس بالمدرستين الكاميلية والفاضلية، وصنف كتباً كثيرة منها: تخرج أحاديث الإحياء في أربع مجلدات كبار، أكمل مسودته قديماً سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، أخبار الأحياء بأخبار الإحياء، واختصره في مجلدة ضخمة سماه المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار، ونظم علوم الحديث لابن الصلاح وشرحه، ونظم منهاج البيضاوي في الأصول، وغير ذلك.
ومن نظمه، أنشدنا حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن حجر إجازة أنشدنا الحافظ زين الدين العراقي لنفسه إجازة - إن لم يكن سماعاً - فيمن كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم:
وسبعة شبهوا بالمصطفى قِسَما ... لهم بذلك قدرٌ قد زكا ونما(7/248)
سبط النبي، أبو سفيان، سائبهم ... وجعفر وابنه ذو الجود كذا فثما
وله أيضاً في غير المعنى:
؟ انفقوا لله جودا ... من سجد ليس بمغبون
لن تنالوا البر حتى ... تنفقوا مما تحبون
وله في أسماء الصحابة العشرة رضي الله عنهم:
وأفضل أصحاب النبي مكانةً ... ومنزلةً من بشروا بجنان
؟ سعيد، زبير، سعد، عثمان، عامرٌ علي، ابن عوف، طلحة، العمران توفي الحافظ زين الدين رحمه الله في نصف ليلة الأربعاء ثامن شعبان سنة ست وثمانمائة بالقاهرة.
أخبرني غير واحد من تلامذته أنه كان معتدل القامة، للطول أقرب، مليح الوجه، منور الشيبة، كث اللحية، كثير السكون، طارحاً للتكلف، شديد(7/249)
الحياء، غزير العلم، مقداماً، كريماً، يصدع في كلام أرباب الشوكة، وكان لا يهاب سلطاناً في قول الحق، على انه كان حلو المحاضرة، خفيف الروح لطيف الطبع.
ولما مات رثاه شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين بن حجر بقصيدة أولها:
مصاب لم ينفس للخناق ... أصار الدمع جار للماقِ
والعراقي نسبه إلى العرق - معروف ذلك - قال الأصمعي: كانت العراق تسمى آران شهر فعربوها فقالوا العراق. انتهى.
؟
1416 - ابن الحاجب
...
- 850هـ؟ ... - 1446م
عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله، المعروف بابن الحاجب.(7/250)
هو من بيت رئاسة وحشمة، ونسبتهم إلى الأمير بكتمر، ودارهم معروفة خارج باب النصر من القاهرة، وكانت له وجاهة عند أرباب الدولة ليست بذاك، وهو آخر البيت، مات في حدود الخمسين وثمانمائة بالقاهرة، وخلف بعده ابنه عبد الرحمن فلم تطل مدة حياته من بعده، ومات بالطاعون في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وكلاهما خلف ولداً ذكراً، رحمهما الله، ولعبد الرحيم صاحب الترجمة أخبار جمة في الوسوسة وتطهير الثياب والأواني خارجة عن الحد مضحكة. انتهى.
؟
1417 - السمهودي
....
- 720هـ؟ ... - 132م
عبد الرحيم بن محمد بن يوسف المسهودي.
كان فقيهاً شافعياً، أديباً نحوياَ شاعراً، رحل إلى دمشق، وتفقه بالشيخ محي الدين النووي.(7/251)
وكان ظريفاً خفيف الروح، جارياً على مذهب الشعراء في حب الشباب والشراب والطرب، وكان ضيق الخلق قليل الرزق، وله خطب ورسائل، وكان يقرئ النحو والعروض، ومن شعره:
قال لي من هويت شبه مقامي ... وقد امتز بالجمال دلالاً
قلت غصن على كثيب مهيل ... صافحته يد النسيم فمالا
ومن شعره قصيدة يمدح بها صاحب اليمن، منها:
هم القصد أن حلوا بنعمان أو ساروا ... وإن عدلوا في منحة الصب أو جاروا
تعشقتهم لا الوصل أرجو، ولا الجفا ... أخاف، وأهل الحب في الحب أطوار
وآثرتهم بالروح وهي حبيبة ... إلى وفى أهل المحبة إيثار
وهل سحر ولي بنعمان عائدٌ ... فكل ليالينا بنعمان أسحارُ
توفي بسمهود في سنة عشرين وسبعمائة.
1418 - ابن الفرات
759 - 851هـ؟ 1358 - 1447م
عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسين، الشيخ الإمام المحدث المعمر المسند الرحلة القاضي عز الدين ابن القاضي ناصر الدين الحنفي، أحد نواب الحكم، المعروف بابن الفرات.(7/252)
مولده سنة تسع وخمسين وسبعمائة بالقاهرة، وسمع بها من والده، والحسين ابن عبد الرحمن بن سباع التكريتي، والقاضي إسماعيل بن إبراهيم الحنفي، وأجاز له القاضي عز الدين ابن جماعة، والشيخ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، وأحمد بن النجم، وابن قاضي الجبل، وابن الجوخي، وتاج الدين السبكي، وابن أميلة، والبياني، والصلاح بن أبي عمر، وابن السيوفي، وشمس الأئمة الكرماني، ومحمود التيمي، وست العرب، والبرهان القيراطي، وخلق سواهم، يجمعهم مشيخة تخريج الإمام المحدث الرحال المفيد سراج الدين عمر بن فهد، وحدث سنين، وتفرد بأشياء عوالي، وسمع منه الأعيان والفضلاء، وصار رحلة زمانه، وأجاز لي بجميع مسموعاته ومروياته، وكان له معرفة تامة بالفقه والأحكام، وناب في الحكم بالقاهرة سنين إلى أن توفي بالقاهرة في أواخر ذي الحجة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة.
وكان خيراً ديناً، ساكناً، متجمعا عن الناس، مشكور السيرة، رحمه الله تعالى.(7/253)
؟
1419 - الصاحب تاج الدين بن الهيصم
...
- 834هـ؟ ... - 1430م
عبد الرزاق بن إبراهيم، الصاحب تاج الدين، المعروف بابن الهيصم، القبطي المصري.
يقال: إنه من ذرية المقوقس، مولده بالقاهرة، ونشأ بها، وتعانى قلم الديونة على عادة الكتاب، تنقل في عدة خدم حتى ولي كتابة المماليك السلطانية في الدولة الناصرية فرج، وهو ممن كان سبباً في نكبة جال الدين يوسف الإستادار، وتولي الإستادرية من بعده في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، ثم ولي بعد ذلك الوزر، ووقع له أمور فيهما وحوادث، ونكب غير مرة إلى أن عزله الملك المؤيد شيخ، ولزم داره مدة سنين إلى أن ولاه الملك الأشرف برسباي نظر ديوان المفرد، مع الزيني عبد القادر بن عبد الغني بن أبي الفرج الإستادار، فلم ينتج أمره، وعزل، وتعطل إلى أن مات يوم الخميس العشرين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثمانمائة.
وكان شيخاً، للطول أقرب، وبإحدى عينيه خلل وعنده إقدام وجرأة، مع ظلم وعسف، لم تشكر سيرته في ولاياته، وهو جد الصاحب جمال الدين(7/254)
يوسف بن كاتب جكم ناظر الخاص لأمه، وعم الصاحب الوزير أمين الدين إبراهيم بن الهيصم، وكلاهما في وظيفتة إلى يومنا هذا انتهى.
؟ 1420 - ابن الفُوَطي
642 - 723هـ؟ 1244 - 1323م
عبد الرزاق بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الصابوني، الشيخ الإمام المحدث العلامة الإخباري الفيلسوف الأديب كمال الدين الشيباني البغدادي، المعروف بابن الفوطي، صاحب التصانيف.
ولد سنة اثنتين وأربعين وستمائة.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: أفردت له ترجمة في جزء، وذكر أنه من ولد معن بن زائد الشيباني، متولي العراق على عهد المنصور العباسي،(7/255)
أسر المذكور في كائنة بغداد، ثم صار للنصير الطوسي سنة ستين، فاشتغل بعلوم الوائل وبالآداب والنظم والنثر، ومهر في التاريخ، وله يد بيضاء في ترصيع التراجم، وذهن سيال، وقلم سريع، وخط بديع إلى الغاية، قيل: إنه كتب من ذلك الخط الرائق الفائق أربع كراريس في يوم وكتب وهو نائم على ظهره، وله بصر بالمنطق وفنون الحكمة، باشر كتب خزانة الرصد أزيد من عشرة أعوام بمراغة، ولهج بالتاريخ، واطلع على كتب نفيسة، ثم تحول إلى بغداد وصار خازن كتب المستنصرية، فأكب على التصنيف، وصنف تاريخاً كبيراً جداً، وآخر دونه سماه: مجمع الآداب في معجم الأسماء على معجم الألقاب في خمسين مجلداً، المجلد عشرون كراساً، وصنف كتاب درة الأصداف في غرر الأوصاف، مرتب على وضع الوجود من المبدأ إلى المعاد، يكون عشرين مجلداً، وكتاب تلقيح الأفهام في المختلف والمؤتلف، مجدولاً، والتاريخ من الحوادث من آدم إلى خراب بغداد، والدرر الناصعة في شعراء المائة السابعة، قال: ومشايخي الذين أروي عنهم ينيفون على الخمسمائة(7/256)
شيخ، منهم: الصاحب محي الدين ابن الجوزي، والأمين مبارك بن المستعصم بالله، حدثنا عن أبيه بمراغة، وخلف ولدين، وله شعر كثير بالعربي والعجمي. انتهى كلام الذهبي.
قلت: وكانت وفاته في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
1421 - الصاحب تاج الدين
ابن كاتب المناخ
...
- 827هـ؟ ... - 1424م
عبد الرزاق بن عبد الله بن عبد الوهاب، الصاحب الوزير تاج الدين بن شمس الدين بن علم الدين، الشهير بابن كاتب المناخ، وزير الديار المصرية ووالد الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن عبد الرزاق.(7/257)
كان رئيساً، عاقلاً، عارفاً بالكتابة والمباشرة، باشر عند جماعة من الأمراء والأعيان إلى أن استقر في استيفاء ديوان المفرد، ثم نقل إلى نظر الديوان بعد عزل تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم - المقدم ذكره - في يوم الاثنين ثالث عشرين محرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة فلما أخلع عليه مدير المملكة الأمير ططر وخرج من بين يديه يريد النزول إلى داره ومشى حتى صار في وسط الدهليز من القصر طلب، ونزعت عنه الخلعة، وأفيض عليه تشريف الوزر، وهو يمتنع الامتناع الكلي، فلم يلتفت إليه، وألبس الخلعة ونزل إلى داره وزيراً، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الفوي بحكم عزله، فباشر الصاحب تاج الدين الوزر إلى يوم الاثنين من شهر ذي الحجة سنة خمس وعشرين عجز عن القيام بكلف الدولة واختفى من يومه، فخلع على الأمير أرغون شاة النوروزي الأعور واستقر في الوزر عوضه مضافاً إلى الإستدارية، واستمر تاج الدين المذكور مختفياً إلى عاشر ذي الحجة من السنة ظهر وطلع إلى القلعة، وعفى السلطان عنه، ولزم داره بطالاً على مال حمله إلى الخزانة الشريفة، وتولى(7/258)
ولد الصاحب كريم عبد الكريم الوزر في حياته في يوم سابع عشرين شوال من سنة ست وعشرين وثمانمائة.
قيل: إن الصاحب كريم لما نزل إلى داره وعليه خلعة الوزر قلعها، ثم دخل إلى والده الصاحب تاج الدين هذا ليقبل يده، فقال له الصاحب تاج الدين: يا ولدي أنا لما وليت الوزر كان معي نيف على خمسين ألف دينار غرمتها وركبتني الديون، وأنت رجل فقير تسد من أين؟ فقال له ولده عبد الكريم: أسد من أضلاع المسلمين، فصاح الصاحب تاج الدين عليه وقال: اخرج من وجهي.
قلت: وباشر الصاحب كريم الدين رحمه الله الوزر سنين عديدة وسار فيها أحسن سيرة بالنسبة إلى غيره انتهى.
واستمر الصاحب تاج الدين بطالاً إلى أن توفي يوم الجمعة حادي عشرين جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة.
وكان رجلاً طالاً جسيماً، وعنده حشمة ورئاسة وسلامة باطن، وأمه أم ولد رومية، وكذلك كان الصاحب كريم كانت أمه أم ولد، ولهذا كانا يتجنبان الأقباط وليس في دورهما من النسوة النصارى أحد، وهذا بخلاف أبناء جنسهما من الأقباط والكتبة فإنهم غالب من يكون عندهم من النسوة من أقاربهم وإلزامهم نصارى، ولهذا يكونون بالبعد عن الإسلام في الباطن فنسأل الله الثبات على الدين. انتهى.(7/259)
؟
1422 - عز الدين المقدسي
...
- 678هـ؟ ... - 1279م
عبد السلام بن أحمد بن غانم بن علي بن إبراهيم بن عساكر بن الحسين، الشيخ الإمام الواعظ عز الدين أبو محمد الأنصاري المقدمي المطيبي المغلي.
كان إماماً واعظاً، أديباً فصيحاً، وكان في وعظه ينسج على منوال ابن الجوزي، وكان له قبول من الناس، وقد تكلم مرة تجاه الكعبة المعظمة وفي الحضرة عن يمينه الشيخ تاج الدين الفزاري والشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد وابن العجيل وغيرهم من سادات العباد والعلماء فأجاد وأفاد، ونقل هذا المجلس بحروفه جماعة من العلماء.
وكان سبب مرض موته أنه وقع من مكان مرتفع فتوجه قليلاً ومات يوم الأربعاء ثامن عشر شوال سنة ثمان وسبعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
1423 - الشريف
776 - 859هـ؟ 1374 - 1455م
عبد السلام بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن محمد بن كندوم بن عمر بن(7/260)
أبي الخير سعيد بن أبي سعيد القيلوي بن محمد بن المحسن بن يحيى بن جعفر بن محمد بن علي الأشقر بن جعفر بن علي الزكي بن أبي جعفر محمد بن علي الجواد ابن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذا نقلته من خطه، الشيخ الإمام العالم العلامة ... الدين، البغدادي الأصل والمولد، المصري الدار، الحنفي.
مولده ببغداد سنة ست وسبعين وسبعمائة، ونشأ بها، وحفظ القرآن العظيم، وطلب العلم، وتفقه بعلماء عصره، وسمع الكثير ببغداد، وبرع في الفقه والأصول والعربية والمعاني والبيان وغيرها، ورحل إلى البلاد، وحدث، وتصدى للإفتاء والتدريس بمصر عدة سنين، وانتفع به الطلبة. مع الديانة والصيانة، والدين المتين، وسلامة البطن، ودماثة الأخلاق، وطرح التكلف، والتقشف، والاتضاع والكرم.(7/261)
1424 - عبد السلام القليبي
...
- 658هـ؟ ... - 1260م
عبد السلام بن سلطان، الشيخ الإمام العارف بالله القدوة الفقيه الفاضل الزاهد صاحب الكرامات تقي الدين أبو محمد، المغربي الأصل والمولد، القليبي الدار والوفاة، المالكي، قيل: إنه كان من ذرية العباس بن مرداس السلمي، رضي الله عنه.
قدم من المغرب إلى القاهرة وسكنها مدة، ثم انتقل إلى قليب بجزيرة بني نصر من الوجه البحري من أعمال القاهرة، تجاه النحرارية.
وكان فقيهاً عالماً، عارفاً بالله، وله كرامات مشهورة عنه، قرأت في كتاب مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام تصنيف الشيخ الإمام القدوة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان المراكشي الهنتان(7/262)
ي رحمه الله قال: سمعت الشيخ الفقيه الإمام العالم العامل العارف بالله تقي الدين أبا محمد عبد السلام القليبي يقول معنى لا لفظاً: كان أخي به خنازير في حلقه، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: يا رسول الله ما ترى ما حل بي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجبت سؤالك، فشفى منها ببركة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكانت وفاة الشيخ عبد السلام بقليب في ثامن ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وستمائة، وقبره يزار بقليب رحمه الله تعالى.
؟
1425 - ابن تيمية
590 - 652هـ؟ 1194 - 1254م
عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن علي الشيخ الإمام العالم العلامة مجد الدين أبو البركات ابن تيمية الحراني الحنبلي. جد الشيخ تقي الدين بن تيمية.(7/263)
ولد في حدود التسعين وخمسمائة، وتفقه في صغره على عمه الخطيب فخر الدين، ورحل إلى بغداد وهو ابن بضع عشرة سنة في صحابة ابن عمه وسمع بها وبحران، وروى عنه الدمياطي وشهاب الدين بن عبد الحليم وجماعة، وكان إماماً حجة، بارعاً في الفقه والحديث، وله يد طولى في التفسير، ويد طولى ومعفرة تامة بالأصول واطلاع على مذاهب الناس، وله ذكاء مفرط، ولم يكن في زمانه مثله، وله مصنفات نافعة كالأحكام وشرح الهداية، وبيض منه ربعه الأول، وصنف أرجوزة في القراءات، وكتاباً في أصول الفقه.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وحدثني الشيخ تقي الدين بن تيمية قال: كان الشيخ جمال الدين بن مالك يقول: أُلين للشيخ مجد الدين الفقه كما أُلين لداود الحديد، وشيخه في الفرائض والعربية أبو البقاء، وشيخه في القراءات عبد الواحد، وشيخه في الفقه أبو بكر بن غنيمة صاحب ابن المنى، وحكى البرهان الراعي أنه اجتمع به فأورد نكته عليه، فقال مجد الدين: الجواب عنها من مائة وجه، الأول كذا، والثاني كذا، وسردها إلى آخرها، ثم قال للبرهان: قد رضينا منك بالإعادة، فخضع له البرهان وانبهر، انتهى.(7/264)
قلت: توفي الشيخ مجد الدين المذكور بحران سنة اثنتين وخمسين وستمائة. رحمه الله تعالى.
؟
1426 - الزواوي المقرئ
589 - 681هـ؟ 1193 - 1282م
عبد السلام بن علي بن عمر بن سيد الناس، العلامة زين الدين أبو محمد الزواوي المالكي المقرئ، شيخ القراء والمالكية بالشام.
ولد بظاهر بجاية بالغرب سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وقدم القاهرة سنة أربع عشرة وستمائة، وقرأ على المشايخ حتى برع في المذهب، وأفتى ودرس، وكان ممن جمع بين العلم والعمل، وولي قضاء المالكية بدمشق في سنة أربع وستين وستمائة على كره منه، وكان يخدم نفسه، ويحمل الحطب على يده مع جلالة قدره، ثم عزل نفسه عن القضاء لما مات رفيقه القاضي شمس الدين(7/265)
ابن عطاء، واستمر على ذلك إلى أن توفي سنة إحدى وثمانين وستمائة بدمشق، وحضر جنازته نائب الشام حسام الدين لاجين، رحمه الله تعالى.
؟
1427 - أمين الدين أبو اليمن
614 - 686هـ؟ 1217 - 1287م
عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن هبة الله بن عساكر، الإمام الزاهد المحدث أمين الدين أبو اليمن الدمشقي الشافعي.
ولد بدمشق في يوم الاثنين لاثني عشرة خلت من شهر ربيع الأول من سنة أربع عشرة وستمائة، وسمع من والده وجده زين الدين أبي البركات زين الأمناء، وابن البن، والشيخ موفق الدين، والحسن بن صصري، وابن صباح، والقاضي أبي نصر الشيرازي، والعز الإربلي، وأبي القسم بن رواحة، وسيف الدولة محمد بن عشائر، وعبد الله بن عبد الحق الحلي، وغيرهم، ورحل إلى البلاد وجاور بمكة أكثر عمره، بالمدينة، وكان كثير التلاوة عابداً زاهداً، خيراً ديناً، وهو من بيت العلم والحديث والفضل.(7/266)
وكان عارفاً بالأدب، جيد النظم، من شعره:
يا جيرة بني الحجون إلى الصفا ... شوق إليكم مجمل ومفصل
أهوى دياركم ولي بربوعها ... وجد سطا وعهد أول
ويزيدني فيها العذول صبابة ... فيظل يغريني إذا ما يعذل
ويقول لي لو قد تبدلت الهوى ... فأقول قد عز العداة تبدل
بالله قل لي كيف تحسن سلوتي ... عنها وحسن تصبري هل يجمل
قال الشهاب محمود في تاريخه: طلب الأمير علم الدين الدواداري رحمه الله تعالى أن أكتب على لسانه أبياتاً إلى الشيخ أمين الدين عبد الصمد المذكور، وكان بينهما مودة وصحبة أيام مجاورته بمكة المشرفة شرفها الله تعالى فكتبت إليه:؟ أترى يرجع عهد العلم وزمان الوصل في ذي سلم انتهى كلام الشهاب محمود باختصار.
وهذا مطلع القصيدة وهي عدة أبيات على هذا النمط.
توفي الشيخ أمين الدين في سلخ جمادى الأولى سنة ست وثمانين وستمائة بالمدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
وقال الشهاب محمود: توفي في العشر الأوسط من جمادى الأولى سنة(7/267)
سبع وثمانين وستمائة، ودفن بالبقيع. وقيل غير ذلك في وفاته، رحمه الله تعالى.
؟
1428 - عز الدين البلقيني
...
- 822هـ؟ .. - 1409م
عبد العزيز بن أبي بكر بن مظفر بن نصير، القاضي عز الدين البلقيني الشافعي، أحد خلفاء الحكم بالقاهرة.
كان فقيهاً بارعاً في الفقه والأصول والعربية، وكان له دربة بالأحكام، ناب في الحكم من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة إلى أن توفي يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1429 - أبو فارس المريني
...
- 774هـ؟ ... - 1372م
عبد العزيز، أبو فارس بن أبي العباس أحمد، ملك الغرب وصاحب فاس.(7/268)
مذكور في الكنى يطلب هناك.
1430 - أبو فارس الحفصي
...
- 837هـ؟ ... - 1433م
عبد العزيز أبو فارس بن أبي العباس أحمد ملك الغرب صاحب تونس مذكور في الكنى أيضاً يطلب في محله.
1431 - الديريني
...
- 699هـ؟ ... - 1299م
عبد العزيز بن احمد، الشيخ الإمام العالم الصالح القدوة المسلك عز الدين الدميري الأصل الشافعي، المعروف بالديريني، صاحب الكرامات.
قل الشيخ صلاح الدين: أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه، قال: كان المذكور رجلاً متقشفاً من أهل العلم، يتبرك الناس به، رأيته(7/269)
مراراً، وزرته بالقاهرة، وكان كثير الأسفار في قرى مصر، يفيد الناس وينفعهم، وله نظم كثير في عدة فنون، ومشاركة في علوم شتى، أنشدنا له بعض الفقراء، قال أنشدنا الشيخ عز الدين عبد العزيز لنفسه:
وعن صحبة الإخوان والكيمياء خذ ... يميناً فما من كيمياء ولا خل
لقد درت أطراف البلاد بأسرها ... وعانيت من شغل وعانيت من شكل
فلم أر أحلى من تفرد ساعة ... مع الله خالي البال والسر والشغل
؟ أناجيه في سري وأتلو كتابه فأشهد ما يسلي عن المال والأهل ثم قال: وأخبرني شهاب الدين أحمد بن منصور المعروف بابن الجباس وكان من تلامذته، قال: أخبرني الشيخ عز الدين رحمه الله قال: رأيت في النوم من يسألني: ما المحبة؟ فأجبته: المحبة بيان لها منها وشغل لها عنها، فلما استيقظت نظمت هذا المعنى في أربعة أبيات:
تحدث بأسرار المحبة أوصفها ... فآثارها فيها بيان لها عنها
شواهدها تبدو وإن كان سرها ... خفياً فقد بانت وإن لم تبينها
لقد جليت حتى طمعنا بنيلها ... وجلت فلا تدري العقول لها كنها
؟ لنا من سناها حيرة وهداية ... وذلك وإذلال وشغل بها عنها(7/270)
وأخبرني شهاب الدين المذكور: أن الشيخ عز الدين نظم أيضاً وجيز الغزالي في غريب الخمسة آلاف بيت على حرف الراء، وأنشدني شهاب الدين المذكور من أوله جملة من كتاب الطهارة، وهو نظم متمكن، قال: أنشدني الشيخ عز الدين رحمه الله لنفسه:
تطهرنا بالماء خص فإن بقي ... على أصله فالطهر باق بلا نكر
؟ سوى رافع الأحداث مستعملاً على ال ... جديد لنقل المنبع من حدث يجري
ومن كونه مستعملاً في عبادة ... فإن فقدا فالطهر حققه عن نشر
وإن فقدت أحداهما فتردد ... كذا في اجتماع منه يكثر في النهر
انتهى ما أورده الشيخ صلاح الدين عن العلامة أثير الدين أبي حيان.
قلت وللشيخ عز الدين عبد العزيز المذكور كرامات وأحوال، وللناس فيه اعتقاد جيد إلى الغاية، وقبره يزار بديرين من الغربية من أعمال القاهرة. وكان له معرفة جيدة بالفقه، ومشاركة في عدة فنون من العلوم، وله قدرة على نظم العلم وغيره، نظم من عدة فنون، وكان رحمه الله تعالى ممن جمع بين العلم والعمل.(7/271)
1432 - الملك المنصور
...
- 809هـ؟ ... - 1406م
عبد العزيز بن برقوق بن أنص، الملك المنصور عز الدين أبو العز بن الملك الظاهر أبي سعيد بن الأمير سيف الدين أنص الجركسي، أحد مقدمي الألوف، كان في الدولة الصالحية حاجي.
جلس الملك المنصور على تخت الملك بعد أن اختفى أخوه الملك الناصر فرج ابن برقوق وترك ملكه وقت عشاء الآخرة من ليلة الاثنين سادس عشرين شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانمائة بعهد من أبيه، فإنه جعله ولي العهد من بعد أخيه فرج، ولقب بالملك المنصور، وكنوه أبا العز، وقد ناهز الاحتلام، ومولده بعد التسعين وسبعمائة بسنيات بقلعة الجبل، ونشأ بها، وأمه أم ولد تركية تسمى قنقباي، وتم أمره، واستمر في المملكة وليس له فيها إلا مجرد الاسم لا غير إلى ليلة الجمعة رابع جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانمائة ظهر الناصر فرج من بيت الأمير سودون الحمزاوي وتلاحق به كثير من الأمراء والمماليك السلطانية، ولم يطلع الفجر حتى ركب الملك الناصر بآلة الحرب وساد بمن اجتمع عليه يريد الطلوع إلى قلعة الجبل فمنعه من ذلك: سودون المحمدي، وإينال باي أمير(7/272)
آخور، وبيبرس ويشبك بن ازدمر، وسودون المارديني، وقاتلوه ساعة ثم انهزموا، وملك الملك الناصر قلعة الجبل، وأحضر القضاة والخليفة، وخلع الملك المنصور عبد العزيز، وعاد الملك الناصر فرج إلى ملكه، ولما عاد الناصر إلى السلطنة أخذ يسكن روع الملك المنصور، وأحسن إليه، ورسم له أن يسكن بقلعة الجبل على ما كان عليه أولاً، وأجري عليه رواتبه على العادة وزيادة.
واستمر المنصور عبد العزيز على ذلك إلى يوم الجمعة حادي عشرين صفر من سنة تسع وثمانمائة حمل إلى الإسكندرية هو وأخوه الأصغر إبراهيم ابن برقوق، وتوجه معهما الأمير قطلوبغا الكركي، أحد مقدمي الألوف، والأمير إينال حطب، أحد مقدمي الألوف أيضاً، ورسم لهما الملك الناصر بالإقامة بالإسكندرية حتى يرد عليهم المرسوم الشريف بطلبهم إلى القاهرة، فتوجهوا الجميع إلى الإسكندرية أقاموا بها، ورتب للمنصور وأخيه إبراهيم في كل يوم خمسة آلاف درهم برسم النفقة، ولكل من الأميرين ألف درهم في كل يوم، فلم تطل مدة الملك المنصور بالإسكندرية ومات بها في ليلة الاثنين سابع شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثمانمائة، ثم مات عقب موته أخوه إبراهيم من ليلته، ودفنا من الغد بالإسكندرية، ولهج الناس بأنهما ماتا مسمومين.
قلت: ومما يؤيد ذلك موت قطلوبغا الكركي أيضاً بعد قدومه من الإسكندرية بمدة يسيرة، فإنه قدم إلى القاهرة مريضاً وتعلل إلى أن مات. انتهى.
ثم نقلا من الإسكندرية على ظهر النيل إلى القاهرة ودفنا بتربة أبيهما الملك الظاهر برقوق بالصحراء في ثمن عشرين الشهر، بعد أن صلى عليهما تحت القلعة،(7/273)
ثم مضى بهما إلى التربة المذكورة وخلفهما النساء والجواري مسببات، فكان هذا اليوم من الأيام المهولة إلى الغاية، وكانت مدة إقامة الملك المنصور في الملك شهرين وعشرة أيام وخلع، رحمه الله تعالى.
1433 - صفي الدين الحلي
678 - 750هـ؟ 1279 - 1349م
عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم بن أحمد بن نصر بن أبي العز ابن سرايا بن باقي بن عبد الله، الشيخ الإمام العلامة الشاعر الأديب البليغ صفي الدين أبو المحاسن الطائي السنبسي الشاعر المشهور.
وكناه البرزالي أبا الفضل، وقال: سألته عن مولده فقال: في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وستمائة.
وقال الشيخ صلاح الدين خليل الصفدي: مولده في يوم الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وستمائة ثم قال: ونظم الشعر وله سبع سنين، فلما بلغ الحلم اشتغل بالعربية والأدب، ثم بلغ الرئاسة ورحل إلى البلاد(7/274)
ودخل إلى القاهرة وكتب عنه بها أبو محمد الحلبي، أبو الفتح بن سيد الناس، وأبو العباس أحمد بن يعقوب بن الصابوني، وأقام بها أكثر من سنة، وحضر بين يدي السلطان وقدم له تقدمة فأجازه وأضعف له الإحسان وخلع عليه وأكرمه، فمدحه بقصيدة جلية، ورحل إلى بغداد، وكتب عنه بها ابن المطري، ودخل حلب ودمشق وجال البلاد، وتوجه إلى ماردين ومدح سلطانها. وتقدم في علم الأدب والشعر، وله النظم الرائق الفائق في النهاية، ومدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة، وهي المعروفة بالبديعية وهي ميمية، وله ديوان شعر كبير، وطارح أهل زمانه في الشعر وطارحوه وثنوا على فضيلته في ذلك، وكان شيعياً، وقد أنفق غالب مدائحه في ملوك ماردين بني أرتق، وكان يتردد إلى حماة ويمتدح ملكها المؤيد والأفضل ولده، وكانا يعظمانه، وهو من الشجعان الأبطال قتل خاله، وكان فيه آثار الجراحة، وأنشدني إجازة لنفسه يفتخر.
سوابقنا والنقع والسير والظبي ... وأحسابنا والحلم والبأس والبر
هبوب الصبا والليل والبرق والفضا ... وشمس الضحى والطود والنار والبحر
انتهى كلام الصفدي باختصار.
وقال أبو محمد الحسن بن حبيب:؛ شاعر المشرق، ورحلة المشيم والمعرق، تقدم على كثير من الأول، وبين تقصير أرباب السبع الطول، وبرع في فنون الأدب، وجمع أشتات أقوال العرب، وسار في الأقطار ذكره، واشتهر في الأمصار نظمه ونثره، وكان حسن الأخلاق، مديد الأوراق، جميل المحاضرة بديع المحاورة، ذا نسب ورئاسة، وكسب وحماسة وفضائل عديدة. ومصنفات(7/275)
مفيدة، رحل إلى البلاد والبقاع، وخالط أهل الصغار والنزاع، وارتفع بحسن السلوك، واجتمع بالأكابر والملوك، وأظهر أسرار ما لديه من حقائق الدقائق، فقيل له إن المغارب أصبحت حواسد ما نالت منك المشارق.
ومدحه الشيخ الإمام البليغ جمال الدين أبو بكر محمد بن نباتة:
يا سائلي عن رتبة الحلي في ... نظم القريض راضياً بي أحكم
للشعر حليان وذاك راجح ... ذهب الزمان به وهذا قيم
وقال ابن أيبك: ودخل مصر أيام الملك الناصر في سنة ست وعشرين وسبعمائة تقريباً، وأظنه دخلها مرتين، واجتمع بالقاضي علاء الدين بن الأثير كاتب السر ومدحه، وأقبل عليه، واجتمع بالشيخ فتح الدين ابن سيد الناس وغيره، وأثنى عليه فضلاء الديار المصرية، وأما شمس الدين عبد اللطيف فإنه كان يظن أنه لم ينظم الشعر أحد مثله لا في المتقدمين ولا في المتأخرين مطلقاً، ورأيت عنده قطعة وافرة من كلامه بخطه، نقلت منها أشياء، واجتمعت به بالباب، وبزاعة من بلاد حلب في مستهل ذي الحدة سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، وأجاز لي بخطه جميع ماله من نظم ونثر وتأليف مما(7/276)
سمعته منه وما لم أسمعه، وما لعله يتفق له بعد ذلك التاريخ على أحد الرأيين وما يجوز له أن يرويه سماعاً وإجازةً، وأنشدني من لفظه لنفسه في التاريخ:
للترك ما لي ترك ... ما دين حبي شرك
حواجب وعيون ... لها بقلبي فتك
كالقوس تصمي وهذي ... تشكي المحب وتشكو
قلت: ومن شعر الشيخ صفي الدين قوله:
أستطع الأخبار من نحوكم ... وأسأل الأرواح حمل السلام
وكلما جاء غلام لكم ... أقول يا بشراي هذا غلام
وله:
لما رأيت بني الزمان وما بهم ... خل وفي للشدائد أصطفي
يقنت أن المستحيل ثلاثة ... الغول والعنقاء والخل الوفي
وله أيضا:
لحا الله المزين إذ تعدى ... وجاء لقلع ضرسك بالمحال(7/277)
أعاق الظبي في كلتا يديه ... وسلط كلبتين على غزال
وله أيضاً:
من نفحة الصور أو من نفحة الصور ... أحييت يا ريح ميتاً غير مقبور
أومن شذا نسمة الفردوس حين سرت ... على بليل من الأزهار ممطور
أم روض رسمك أعدى عطر نفحته ... على النسيم بنشر فيه منشور
والريح قد أطلقت فيه العنان به ... والغصن ما بين تقديم وتأخير
في روضة نصبت أغصانها وغدا ... ذيل الصبا بني مرفوع ومجرور
قد جمعت جمع تصحيح جوانبها ... والماء يجمع فيها جمع تكسير
والريح ترقم في أمواجها شبكاً ... والغيم يرسم أنواع التصاوير
والماء ما بين مصروف وممتنع ... والظل ما بين ممدود ومقصور
والنرجس الغض لم تغضض نواظره ... فزهره بين منفض ومزرور
كأنه ذهب من فوق أعمدة ... من الزمرد في أوراق كافور
والأقحوان زها بين البهار بها ... شبه الدراهم ما بين الدنانير
وقد قطعنا التصابي حين ساعدنا ... عصر الشباب بحور غير مبرور
وزامر القوم يطربنا ويسرنا ... بالنفخ في الناي لا بالنفخ في الصور
وقد ترنم شاد صوته غرد ... كأنه ناطق من حلق شحرور
شاد أنامله ترضى الأنام له ... إذا شدا وأجاب اليم بالزير(7/278)
ومنها بعد أبيات كثيرة::
لصاحب التاج والقصر المشيد ومن ... أتى بعدل برحب الأرض منشور
الصالح الملك المشكور نائله ... ورب نائل ملك غير مشكور
ومن شعره أيضاً:
كيف الضلال وصبح وجهك مشرق ... وشذاك في الأكوان مسك يعبق
يا من إذا سفرت محاسن وجهه ... ظلت به حدق الحلائق تحدق
أوضحت عذري في هواك بواضح ... ماء الحيا بأديمه يترقرق
فإذا العذول رأى جمالك قال لي ... عجباً لقلبك كيف لا يتمزق
يا آسراً قلب المحب فدمعه ... والنوم منه مُطْلَقِّ ومُطْلَّقُ
أغنيتني بالفكر فيك عن الكرى ... يا آسري فأنا الغني المملق
ومنها:
لم أنس ليلة زارني ورقيبه ... يبدي الرضا وهو المغيظ المحنق
حتى إذا عبث الكرى بجفونه ... كأن الوسادة ساعدي والمرفق
عانقته وضممته فكأنما ... من ساعدي ممنطق ومطوق
حتى بدا فلق الصبح فراعه ... إن لصباح هو العدو الأزرق(7/279)
قلت: وشعر الشيخ صفي الدين كثير، وفضله غزير، ومحاسنه كثيرة، وكان محظوظاً من ملوك زمانه إلى أن توفي ببغداد في محرم سنة خمسين وسبعمائة رحمه الله.
1434 - المنوفي الطباطبي
583 - 703هـ؟ 1187 - 1303م
عبد العزيز بن عبد الغني بن سرور، الشيخ الصالح المعتقد الشريف عز الدين أبو فارس، المعروف بالمنوفي الطباطبي، نسبه للشريف إبراهيم طباطبا.(7/280)
كان يسكن بمدينة مصر القديمة، وللناس فيه اعتقاد جيد، وعمر مائة وعشرين سنة، وكان صحيح العقل والحواس، وكانت وفاته بمصر ليلة الاثنين خامس عشر ذي الحجة سنة ثلاث وسبعمائة، ودفن بالقرافة، وكان من أصحاب الشيخ أبي الحجاج الأقصري، رحمه الله تعالى.
؟
1435 - ابن الصيقل الحراني
594 - 687هـ؟ 1197 - 1287م
عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن الصيقل، المسند عز الدين أبو العز الحراني، مسند الديار المصرية بعد أخيه.
ولد بحران سنة أربع وتسعين وخمسمائة وحدث سنة تسع وثلاثين وستمائة، روى عن يوسف بن كامل، وضياء بن الخريف وأبي الفرج محمد هبة الله بن(7/281)
الوكيل، وأبي حامد بن جوالق، وسعيد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاف، وأبي علي يحيى بن الربيع الفقيه، وابن طبرزد، واحمد بن الحسن العاقولي، وابن الحصر، وعزيزة بنت الطراح، وعبد القادر الرهاوي، وجماعة، وبالإجازة عن ابن كليب، وتفرد في وقته، ورحل إليه.
وكان من التجار المعروفين كأخيه، ثم افتقر، روى عنه: ابن الخباز، والدمياطي، وابن الزراد، وأبو محمد الحارثي، والمزي، وأبو حيان، وأبو عمر ابن الظاهري، والبززالي، وفتح الدين بن سيد الناس، وخلق، وهو أكبر شيخ لقيه المزي والبرزالي، توفي سنة ست وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى.
1436 - رفيع الدين الجيلي
...
- 642هـ؟ ... - 1244م
عبد العزيز عبد الواحد بن إسماعيل، قاضي القضاة دمشق، رفيع الدين أبو حامد الجبلي الشافعي، صاحب الأفعال القبيحة المشهورة.
كان فقيهاً شافعياً فاضلاً، مناظراً، متكلماً، متفلسفاً، قدم الشام وولي قضاء بعلبك أيام صاحبها الملك الصالح إسماعيل ووزيره أمين الدولة السامري،(7/282)
فلما ملك الصالح المذكور دمشق ولاء قضاء دمشق، فاتفق هو والوزير المذكور في الباطن على المسلمين، وكان عنده شهود زور ومن يدعى زوراً فيحضر الرجل المتمول إلى مجلسه ويدعي عليه المدعي بألف دينار وألفين، فينكر، فيحضر الشهود، فيلزمه ويحكم عليه، فيصالح غريمه على النصف أو أكثر أو أقل، فاستبيحت أموال الناس.
قال العلامة أبو المظفر بن قرغلي صاحب مرآة الزمان: حدثني جماعة من الأعيان أنه كان فاسد العقيدة، دهرياً، مستهتراً بأمور الشرع، يجئ إلى الصلاة وهو سكران، وأن داره كانت مثل الحانة. انتهى.
وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: بلغني أن الناس استغاثوا إلى الصالح من الرفيع، فخاف الوزير وعجل بهلاكه ليمحو التهمة عنه، وقيل إن السلطان كان عارفاً بأموره والله أعلم وقبض على أعوان الرفيع وكبيرهم الموفق حسين ابن الرواس الواسطي وسجنوا، ثم عذبوا بالضرب والعصر والمصادرة، ولم يزل ابن الرواس في العذاب والمصادرة إلى أن فقد.
وفي ثاني عشر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وستمائة أخرج الرفيع من داره وحبس بالمقدمية، ثم أخرج ليلاً فسجن في مغارة بنواحي البقاع، وقيل ألقي من شاهق، وقيل بل خنق.(7/283)
قال ابن واصل: حكى لي ابن صبيح بالقاهرة أنه ذهب بالرفيع إلى رأس شاهق، فعرف إني أريد أرميه، فقال: بالله عليك عني أصلي ركعتين، فأمهلته حتى صلاهما ثم رميته فهلك.
ولما كثرت الشكاوي عليه أمر الوزير بكشف ما حمله إلى الخزانة، وكان الوزير لا يحمل إلى الخزانة إلا القليل، فقال الرفيع الأمور عندي مضبوطة، فخافه الوزير، وخوف السلطان من أمره ومن عاقبته، فقال: أنت جئت به وأنت تتولى أمره أيضاً، فأهلكه الوزير.
وقال ابن أبي أصيبعة: كان من الأكابر المتميزين في الحكمة والطب وأصول الدين والفقه، وكان فقهيهاً في المدرسة العذراوية، وله مجلس للمشتغلين عليه وحكى من أمره ما حكى وقال: إنه لما دفع تحطم في نزوله كأنه تعلق في بعض المواضع بثيابه، قال: فبقينا نسمع أنينه نحو ثلاثة أيام، وكلما مر يوم يضعف ويخفت حتى تحققنا موته، ورجعنا عنه، قال: ومن أعجب ما يحكى أن القاضي رفيع الدين هذا وقف على نسخة من هذا الكتاب - يعني تاريخ الأطباء - وما كنت ذكرته في تلك النسخة، وطالعه، فلما وقف على أخبار السهروردي تأثر من ذلك فقال: ذكرت هذا وغيره أفضل منه ما ذكرته، وأشار إلى نفسه، ثم قال: وإيش كان من حال شهاب الدين إلا أنه قتل في آخر أمره، وقدر الله أن رفيع الدين قتلى أيضاً.(7/284)
وذكر ابن أبي أصيبعة قصيدة مدحه بها أولها:
مجد وسعد دائم وعلا ... أبد الزمان ورفعة وسناء
ببقاء مولانا رفيع الدين ... ذي الجود العميم ومن له النعماء
انتهى.
؟
1437 - ابن القيسراني
...
- 709 ... - 1309م
عبد العزيز بن محمد وقيل عبد السلام بن عبد الله بن محمد بن محمد بن خالد ابن محمد بن نصر، القاضي عز الدين أوب محمد بن شرف الدين أبي عبد الله بن الصاحب فتح الدين أبي بكر بن الصاحب عز الدين أبي حامد المخزومي الحلبي، كاتب الإنشاء بالديار المصرية، المعروف بابن القيسراني.
كانت له همة عالية، وفضل غزير، وذات لطيفة، نفس شريفة، ونظم ونثر. ودرس بالفخرية على مذهب الشافعي رضي الله عنه، وسمع ابن دقيق العيد، وغيره من الأعيان، وتوفي سنة تسع وسبعمائة.
ومن شعره قوله:
ولو أن لي وقتاً أبث صبابتي ... وشوق إلى رؤياك كنت بثثته
وكن لضيق الوقت والطرس دون أن ... أبث غراماً في هواك ورثته(7/285)
1438 - البازغاني
627 - 684هـ؟ 1229 - 1285م
عبد العزيز بن عبد السيد بن عبد العزيز بن محمود، الشيخ الإمام العالم الزاهد أبو خليفة البازغاني الخوارزمي الحنفي.
ولد سنة سبع وعشرين وستمائة، وتفقه وبرع في المذهب، وأفتى ودرس، وسمع وحدث.
قال أبو العلاء في معجمه: حدث لنا بكتاب زاد الأئمة في فضائل خصيصة الأئمة سماعاً من مصنفه الإمام أبي الرجاء مختار بن محمود بن محمد الغزميني الحنفي، وقال: كان إماماً فاضلاً فقيهاً زاهداً، عابداً، متبحراً في العلوم، مات في القدس رحمه الله سنة أربع وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1439 - سلطان العلماء ابن عبد السلام
578 - 660هـ؟ 1182 - 1261م
عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، شيخ الإسلام عز الدين أبو محمد السلمي الدمشقي الشافعي.(7/286)
ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة، وحضر أبا الحسن أحمد بن الموازيني، والخوشعي، وسمع عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي، والقسم بن عساكر، وابن طبرزد، وحنبل المكير، وبن الحرستاني وغيرهم، وخرج له الدمياطي أربعين حديثاً عوالي، روى عنه: الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، والدمياطي، وأبو الحسين اليونيني، وغيرهم، وتفقه على الإمام فخر الدين بن عساكر، وقرأ الأصول والعربية، ودرس وأفتى، وصنف، وبرع في المذهب، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصده الطلبة من البلاد، وتخرج به أئمة، وله الفتاوي السديدة.
وكان ناسكاً، ورعاً، آمراً بالمعروف، نهاء عن المنكر، ولي خطابة دمشق بعد الدولعي، فلما تملك الصالح إسماعيل دمشق وأعطى الفرنج صفد والشقيف قال ابن عبد السلام فيه على المنبر، وترك الدعاء له، فعزله وحبسه، ثم أطلقه فنزح إلى مصر، فلما قدمها تلقاه الصالح نجم الدين وبالغ في احترامه.(7/287)
واتفق موت قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة فولى بدر الدين السنجاوي قضاء القاهرة وولي الشيخ عز الدين هذا قضاء مصر القديمة والوجه القبلي مع خطابة جامع مصر، ثم إن بعض غلمان وزير الصلاح وهو معين الدين ابن الشيخ بنى بنياناً على سطح مسجد مصر وجعل فيه طبلخاناة فأنكر عز الدين ذلك ومضى بجماعته وهدم البنيان، وعلم أن السلطان والوزير يغضبان فأشهد عليه بإسقاط عدالة الوزير وعزل نفسه عن القضاء، فعظم ذلك على السلطان وقيل له: اعزله عن الخطابة وإلا شنع عليك على المنبر كما فعل في دمشق فعزله، فأقام في بيته يشغل الناس.
وكان مع شدته فيه حسن محاضرة بالنادرة والشعر، وكان يحضر السماع ويتواجد.
قال الشيخ عبد الله اليافعي: وهذا من أقوى الحجج على من ينكر الرقص من الفقهاء على أهل السماع من الفقراء، انتهى كلام اليافعي.
قلت: ليس في هذا حجة على من ينكر السماع من الفقهاء، وقد أنكر السماع جماعة من العلماء الأعلام فلا يلتفت إلى هذا القول. انتهى.
قلت: ولما كان بدمشق سمع من الحنابلة أذى كثيراً. ومن مصنفاته: القواعد الكبرى، والقواعد الصغرى، ومقاصد الرعاية، واختصر نهاية المطالب، وغير ذلك(7/288)
وكان عالماً، بارعاً مفنناً، شاع ذكره وعلا صيته حتى قيل في المثل: أنت من العوام ولو كنت ابن عبد السلام.
ويقال إنه لما حضر بيعة الملك الظاهر بيبرس قال له: يا ركن الدين أنا أعرفك مملوك البندقداري، فما بايعه، حتى أحضر من يشهد له أنه خرج من ملكه إلى رق الملك الصالح وأعتقه، ولما مرض أرسل إليه السلطان يقول عين مناصبك لمن تريد من أولادك، فقال: ما فيهم من يصلح، وهذه المدرسة الصالحية تصلح للقاضي تاج الدين، ففوضت إليه بعد موته، ولما مات شهد الملك الظاهر بيبرس جنازته والخلائق، وكانت وفاته في سنة ستين وستمائة، رحمه الله تعالى.
1440 - قاضي القضاة عز الدين الحنبلي
770 - 846هـ؟ 1386 - 1442م
عبد العزيز بن علي بن أبي العز بن عبد العزيز، قاضي القضاة عز الدين البكري التميمي القرشي الحنبلي البغدادي.
ولد ببغداد سنة سبعين وسبعمائة، وتفقه بها على مشايخ عصره، ثم قدم دمشق سنة خمس وتسعين واستوطنها مدة، ثم عاد إلى بغداد صحبة الركب العراقي(7/289)
بعد ما حج، وولي قضاءها في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة فدام في المنصب نحواً من سنتين وثمانية أشهر وعزل، وقدم دمشق ثانياً، وصحب والدي رحمه الله ولزمه، وتوجه إلى القدس وتولى قضاءها مدة، ثم صرف، وقدم القاهرة سنة خمس عشرة وثمانمائة وسكنها إلى أن بنى الملك المؤيد شيخ جامعه بخط باب زويلة جعله مدرس الحنابلة بالجامع المذكور في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، فاستمر في التدريس إلى سابع عشر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة خلع عليه باستقراره قاضي القضاة الحنابلة بدمشق، فتوجه إلى دمشق وباشر القضاء بها إلى نصف جمادى الآخرة من سنة أربع وعشرين وثمانمائة صرف، وقدم القاهرة ودام بها إلى أن خلع عليه بقضاء قضاة الحنابلة بالديار المصرية، عوضاً عن قاضي القضاة محب الدين أحمد ابن نصر الله البغدادي في يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثمانمائة، فباشر القضاء بعفة وتواضع زائد إلى الغاية حتى إنه كان يمشي في الأسواق على قدميه ويتعاطى حوائجه من الحوانيت بنفسه، وكان في الغلاب يأتيني ماشياً من المدرسة الصالحية إلى منزلي، وصار يظهر الناس من الجودة وسلامة الباطن والتواضع ويمعن في ذلك، فعند ذلك تكلم أرباب الدولة في عود قاضي القضاة محب الدين إلى المنصب، وطلبه السلطان وأخلع عليه باستقراره(7/290)
قاضي القضاة الحنابلة على عادته وذلك في يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر سنة ثلاثين وثمانمائة، واستمر عز الدين هذا مصروفاً إلى سنة خمس وثلاثين أعيد إلى قضاء دمشق في ثامن عشر ذي القعدة منها، فاستمر في القضاء مدة وصرف إلى أن مات في ...
وكان فقيهاً بارعاً، مشاركاً في عدة علوم وله مصنفات كثيرة، وعنده دهاء ومعرفة غير أنه كان يقصد ما يفعله من التقشف والتواضع، وكان رقيقاً، معتدل القامة، ذا لحية بيضاء كبيرة، وكان خفي الصوت يتكلم على هينة بتأمل، وله عدة مصنفات، من ذلك: كتاب عدة الناسك في معرفة المناسك، والخلاصة في الفقه مختصر المغني لابن قدامة أربع مجلدات، وشرح الخرقي في الفقه مجلدان، وجنة السائرين الأبرار، وجنة المتوكلين الأخيار يشتمل على تفسير القرآن من آيات الصبر والتوكل مجلد، والقمر المنير في أحاديث البشير النذير، وله غير ذلك، رحمه الله تعالى.
؟
1441 - عز الدين المارديني
...
- 749هـ؟ ... - 1348م
عبد العزيز بن علي بن عثمان، الشيخ عز الدين أبو محمد بن نور الدين بن(7/291)
العلامة فخر الدين أبي عمرو المارديني الحنفي، أخو قاضي القضاة جمال الدين.
هو من بيت علم وفضل ورئاسة، وكان عز الدين فقيهاً فاضلاً، درس بالمهندارية وغيرها، وأفاد وسمع الحديث، وكتب بخطه الكثير، وكان عالماً عاملاً ورعاً مات سنة تسع وأربعين وسبعمائة في حياة أبيه، رحمه الله تعالى.
1442 - عز الدين التاجر الكارمي
...
- 713هـ؟ ... - 1313م
عبد العزيز بن قيصور، الخواجا عز الدين التاجر الكارمي، الحلبي الأصل المصري الدار الإسكندري.
كان أبوه من يهود حلب ويعرف بالحموي، ثم أسلم في دولة الملك الظاهر بيبرس هو وأخوه، ومات في أول الدولة المنصورية قلاوون، ولما مات جمع ولده عز الدين هذا جميع ما يملكه وتوجه إلى بغداد، وكان ذلك دون الخمسمائة وألف درهم، وجفل من بغداد إلى البصرة، ثم إلى الصين، وخرج منه خمس مرات، ثم دخل إلى بلاد الهند، ثم عاد إلى عدن، وأخذ صاحب منه(7/292)
جملة مستكثر، ثم قدم إلى الديار المصرية في سنة أربع وسبعمائة ومعه من العروض ما قيمته ألف ألف دينار، فأقام بالقاهرة مدة، ثم توجه إلى ثغر الإسكندرية فتوفي بها في شهر رمضان سنة ثلاثة عشرة وسبعمائة، وكان خيراً ديناً، وله بر وصدقات، رحمه الله تعالى.
1443 - شيخ شيوخ حماة
586 - 662هـ؟ 1190 - 1263م
عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خلف، قاضي القضاة، وشيخ شيوخ حماة، شرف الدين أبو محمد الأنصاري الأوسي، الدمشقي الأصل والمولد، الحموي الدار والوفاة، الشافعي المعروف بابن الرفا، وبشيخ شيوخ حماة، قاضي حماة ورئيسها.
مولده ضحى يوم الأربعاء ثاني عشرين جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمسمائة، وسافر مع والده إلى بغداد، فسمع بها من جماعة منهم: عبد المنعم جزء ابن عرفة، ومن عبد الواحد بن أحمد بن أبي المجد الحربي مسند الإمام أحمد، ومن عبد الوهاب بن سكينة، وأبي علي يحيى بن سليمان، وعلي بن أحمد ابن يعيش، وبدمشق: من أبي اليمن الكندي وقرأ عليه القراءات وكثيراً من(7/293)
كتب الأدب، وسمع أيضاً من أبيه، وأبي المجد محمد بن الحسين القرويني، وعبد اللطيف بن يوسف البغدادي، وغيرهم، وحدث بحماة ودمشق والقاهرة وبعلبك، سمع منه الأئمة والأعيان كأبي عبد الله محمد اليونيني، والحافظ زكي الدين البرزالي، وكان أكبر سناً منه، وعز الدين محمد بن أحمد بن القاضي الفاضل، وأبو الحسين علي بن محمد اليونيني، وأبو العباس الظاهري، وابن خلف الدمياطي، والشريف عز الدين، وشرف الدين الغزاوي، وأحمد بن فرج، وقاضيا القضاة بدر الدين بن جماعة وشرف الدين عبد الغني بن يحيى ابن أبي بكر الحراني الحنبلي، وخلق سواهم.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في تاريخه: وتفقه وبرع في العلم والأدب والشعر، وكان من أذكياء بني آدم المعدودين، وله محفوظات كثيرة، انتهى.
وذكره الصاحب أبو القاسم عمر بن أحمد بن عبد الله بن أبي جرادة في تاريخه، قال: أصله من كفر طاب، وولد بدمشق، وخدم عند صاحب بعلبك، ثم ولي وزارة الملك المظفر صاحب حماة إلى أن مات، وولي الوزارة لابنه وفوض إليه التدبير وكان قبل وزارته بحماة شيخ الشيوخ بها، وهو من الفضلاء النبلاء الرؤساء الفقهاء، روى الحديث عن ابن كليب، وشيخنا ابن طبرزد، وله شعر حسن، أنشدني منه عدة مقاطيع، وأخبرني أن أصله من كفر طاب، وأن أهل كفر طاب كانوا من تنوخ وبهز، وسكن عندهم جماعة من الأوس، وكانوا يكرمونهم إلى أن اتفق هجمة الروم لكفر طاب، انتهى كلام ابن العديم باختصار.(7/294)
وقال العلامة شهاب الدين محمود في تاريخه: وكانت له الوجاهة عند الملوك، والمنزلة الرفيعة في الدول، واليد الطولى في النظم والنثر، والتنوع في الفضائل، وهو القائل:
لها معاطف تغريني برقتها ... ولينها أن أقاسي قلبها القاسي
باتت موسدةً رأس على يدها ... عطفاً وكانت يدي منها على راسي
وله أيضاً:
إن قوماً يلحون في حب سعدى ... لا يكادون يفقهون حديثا
سمعوا وصفها ولاموا عليها ... أخذوا طيباً وأعطوا خبيثا
وله أيضاً:
لا تنس وجدي بك يا شادنا ... في حبه أنسيت أحبابي
مالي على هجرك من طافةٍ ... فهل إلى وصلك من باب
وله ملغزا في جمزة:
من لي عن سميه ... سما به سفك دمه
تصحيفه في خده ... وفي فؤادي وفمه
وكان الشيخ شرف الدين المذكور من أصحاب الملك الناصر يوسف بن محمد(7/295)
ابن غازي صاحب حماة، وكان الناصر يعظمه ويكرمه، ويقع بينه وبينه مكاتبات كثيرة، وسافر في خدمته إلى الديار المصرية، ولما توجه الملك الناصر إلى حلب أرسل كاتبه فحضر إلى عنده، أقام بالخدمة الناصرية، ثم عزم على العود إلى حماة فخرج الملك الناصر لوداعه، وأبعد عن البلد فأقسم على أن يرجع، فأنشد الملك الناصر:
يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شي بعدهم عدم
فقال الشيخ شرف الدين مجيباً:
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ... أن لا تفارقهم فالراحلون هم
فقال السلطان: والله لتعودن، فعاد معه وأقام عشرين يوماً أخرى.
والبيتان للمتنبي.
واتفق أن الملك الناصر المذكور كان بعمان، أنشده الشيخ شرف الدين المذكور:
أفدي حبيباً منذ واجهته ... عن وجه بدر التم أغناني
في خده خالان لولاهما ... ما بت مفتوناً بعمان
فأعجبا الملك الناصر وطرب بهما، وكرر إنشادهما، ولب كتاب الإنشاء وقال: مثل هذا يكون معاني الشعر، فقال كمال الدين بن العجمي: أحد كتاب الدرج، يا مولانا هاذان البيتان ما تخدم فيهما النورية ولا يتفق أن يكون المراد إلا اسم المكان، ودخول حرف الجر مانع من غرضه وإلا قال بعمين،(7/296)
فلما كان من العد اجتمع السلطان بشيخ الشيوخ وأخبره بما قال ابن العجمي، فقال له: يا مولانا هذا إنكار من لم يعرف القرآن ولا يعرف كلام العرب، قال الله تعالى: " إن هذان لساحران " وقال بعض العرب: إن أباها وأبا أباها البيت. وهذا جائز أن تنوب ألفاً، تمشي في الأحوال الثلاثة عند بني الهجم وبني العشر وبين الحارث، فسر الملك الناصر بذلك. انتهى.
قلت: ومن شعره أيضاً:
وغمام معربد ببروق وزمجرة ... وغادر الروض ناظراً بعيون مخضره
وله:
يا نظرة ما جلت لي حسن طلعته ... حتى انقضت وأذابتني على وجل
عاتبت إنسان عيني في تسرعه ... فقال لي: الإنسان من عجل
وله أيضاً:
قلت وقد عقرب صدغاً له ... عن مشقة الحاجب لم يحجب
فدست يا رب الجمال الذي ... ألف بين النون والعقرب
وله أيضاً:
أفدي حبيباً رزقت منه ... عطف محب على حبيب
بوجنة ما أتم ربحي ... وقد غدا وردها نصيبي(7/297)
وله أيضاً:
مرضت ولي جيرة كلهم ... عن الرشد في صحبتي حائد
فأصبحت في النقص مثل الذي ... ولا صلةٌ لي ولا عائد
وله أيضاً:
قالوا ما في جلق نزهة ... ننسيك من أنت به مغرا
يا عاذلي دونك من لحظه ... سهماً ومن عارضه سطرا
السهم وسطرا من متنزهات دمشق.
وله أيضاً:
سبحان مورثه من حسن يوسف ما ... لم يبقى في الحجر لي والصبر من حصص
أقام للشعراء العذر عارضه ... فكم لهم في دبيب النمل من قصص
وله أيضاً:
ولقد عجبت لعاذلي في حبه ... لما دجى ليل العذار المظلم
أوما درى من سنني وطريقتي ... أني أميل مع السواد الأعظم
وله أيضاً:
سألته من ريقه شربةً ... أطفئ بها من كيدي حره
فقال أخشى يا شديد الظما ... أن نتبع الشربة بالجره(7/298)
انتهى ما أوردناه من شعر شيخ الشيوخ المذكور، وتوفي ليلة الجمعة ثامن شهر رمضان سنة اثنتين وستين وستمائة بحماة، رحمه الله تعالى.
1444 - ضياء الدين الطوسي
...
- 706هـ؟ ... - 1306م
عبد العزيز بن محمد بن علي، الشيخ الإمام العالم ضياء الدين أبو محمد، الفقيه الشافعي، الطوسي، مدرس النجيبية، وشارح الحاوي، ومختصر ابن الحاجب.
كان إماماً بارعاً، فاضلاً، مصنفاً، ذا شيبة نيرة، ودين متين،(7/299)
توفي يوم الأربعاء بعد مرجعه من الحمام تاسع عشرين جمادى الأولى سنة ست وسبعمائة، ودفن بمقابر الصفوفية، رحمه الله تعالى.
1445 - عز الدين بن جماعة
694 - 767هـ؟ 1294 - 1365م
عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة بن حازم بن صخر بن عبد الله بن إبراهيم، قاضي القضاة عز الدين أبو عمر بن قاضي القضاة بدر الدين، الحموي الأصل، الدمشقي الشافعي، المعروف بابن جماعة.
مولده بدمشق في تاسع المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة بقاعة العادلية بدمشق، وأجاز له في صغره أبو العز عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن وردية المكبر، والرشيدي بن أبي القاسم، وإسماعيل بن الطبال، وجماعة من بغداد، ومن دمشق أحمد بن عبد السلام بن أبي عصرون، وعمر بن إبراهيم الرسعني، وآخرون، ومن بعلبك عبد الخالق بن علوان، وزينب بنت عمر الكندي، وغيرها،(7/300)
ومن نابلس عبد الخالق بن بدران، وبالقاهرة النجم أحمد بن حمدان، وأخوه شبيب، وغازي المشطوبي وجعفر الإدريسي، والبوصيري ناظم البردة، ومن الغرب أبو جعفر أحمد بن الزبير الغرناطي، وحضر بدمشق على أبي حفص عمر ابن القواس الجزء الأول من معجم ابن جميع، وعلى أبي الفضل أحمد بن عساكر جزء البيتوتة، وعلى العز إسماعيل بن عمر، وعلى الحسن بن علي الخلال، وسمع بالقاهرة من أبيه، ومن أبي المعالي الأبرقوهى جزء بن الطلابة، وعلى محمد بن الحسين الفوي الخلعيات عن ابن عماد، وعلى الحافظ شرف الدين الدمياطي، وجماعة، بعد ذلك بطلبه من القاهرة وإسكندرية ودمشق ومكة، وشيوخه بالسماع وبالإجازة يزيدون على ألف وثلاثمائة شيخ، وأخذ الفقه عن الشيخ جمال الدين بن الوجيزي، وأخذ الأصليين عن الشيخ علاء الدين الباجي وغيره، والعربية عن العلامة أبي حيان، وبرع وأفتى ودرس بأماكن منها: الزاوية المعروفة بالخشابية بمصر، ودرس الحديث والفقه بجامع ابن طولون، وبدار الحديث الكاملية وغيرها، وصنف عدة تصانيف منها شرحه على المنهاج ولم يكمل، والمناسك على مذاهب الأربعة مجلدان، والمناسك الصغرى، وتخرج(7/301)
أحاديث الرافعي ولم يبيضه، وسيرة كبرى وصغرى، وله نظم ونثر، وتصدر واشتغل وانتفع به الطلبة.
وتولى قضاء الديار المصرية في حياة شيوخه بعد عزل جلال الدين القزويني في ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، وحسنت سيرته، واستمر على ذلك إلى أن عزل سنة تسع وخمسين وسبعمائة بابن عقيل، ثم أعيد بعد ثمانين يومناً، ثم أعرض عن ذلك، وثقلوا عليه بالعود بحيث أن الأتابكي يلبغا مدبر الممالك حضر إليه في منزله وبالغ في سؤاله في العود فأبى وصمم على المنع، فلما تحقق يلبغا عدم قبوله سأله في تعيين قاض عوضه فأشار إلى أبي البقاء السبكي فولي عوضه في شهر جمادى الأولى سنة ست وستين وسبعمائة، وتوجه إلى الحجاز وزار المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، ثم عاد إلى مكة فتوفي بها بعد ثلاثة عشر يوماً في يوم الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستين وسبعمائة، ودفن بالمعلاه بجوار الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى.
1446 - ابن الصائغ
...
- 674هـ؟ ... - 1275م
عبد العزيز بن محمد بن عبد القادر بن عبد الله بن خليل بن مقلد، الشيخ(7/302)
الإمام عماد الدين الأنصاري الدمشقي، المعروف بابن الصائغ.
كان مدرساً بالعذراوية، وشاهداً بالخزانة بالقلعة، وكان يعرف الحساب جيداً، وله سماع ورواية، مات سنة أربع وسبعين وستمائة بدمشق، ودفن بقاسيون، رحمه الله تعالى.
؟
1447 - ابن وداعة
...
- 666هـ؟ ... - 1267م
عبد العزيز بن منصور بن محمد بن محمد، الصاحب عز الدين، المعروف بابن وداعة الحلبي.
قال الشهاب محمود في تاريخه: كان بداية أمره خطيباً بجبلة من أعمال الساحل، ثم اتصل بالملك الناصر صلح الدين يوسف وصار من خواصه، ولما ملك دمشق ولاه شد الدواوين، وكان عز الدين المذكور يظهر النسك، ولما انقضت الدولة الناصرية وافتضت المملكة إلى الملك الظاهر بيبرس البندقداري ولاه وزارة الشام، فلما ولي الأمير جمال الدين أقوش النجيبي(7/303)
نيابة الشام حصل بينهما وحشة، فإن الأمير أقوش كان من أهل السنة وابن وداعة المذكور عنده تشيع، فكان الأمير أقوش في كل وقت يسمعه من الكلام ما يؤلمه، فكتب عز الدين المذكور إلى الملك الظاهر يذكر أن الأموال تنكر ويساق إلى الباقي، وتحتاج الشام إلى مشد تركي شديد البأس والمهابة، وتكون الولايات والعزل راجعة إليه، وكان قصده بذلك رفع يد الأمير أقوش عن ذلك، وتوهم أن المشد الذي يتولى يكون بحكمه، وكان في الشد حسام الدين المسعودي، وهو شيخ عاقل، فرتب الملك الظاهر في الشد الأمير علاء الدين كشتغدي الشقيري، فلم يلبث أن وقع بين عز الدين وبين كشتغدي المذكور أيضاً وصار كشتغدي يهينه بأنواع الهوان، فيشكو ما يلقي إلى الأمير أقوش، فيقول له أنت طلبت مشداً تركياً، ثم إن كشتغدي الشقيري كتب في حق عز الدين إلى الملك الظاهر وأوغر صدره عليه، فورد عليه الجواب بمصادرته، فأخذ خطه بجملة عظيمة يقصر عنها ماله، وأفض به الحال إلى أن ضربه وعصره وعلقه، وجرى عليه من المكاره مالاً يوصف وباع موجوده وأماكن كان وقفها، ثم طلب إلى الديار المصرية فتوجه إليها، وحدثته نفسه بالعود إلى رتبته فأدركته منيته بالديار المصرية، ولم يخلف ولداً، ولا رزقه الله عمرة، وله وقف على وجوه البر، وبنى(7/304)
بجبل قاسيون تربة ومسجداً عمارة حسنة، وتوفي سنة ست وستين وستمائة رحمه الله.
؟
1448 - سبط ابن الجوزي
...
- 666هـ؟ ... - 1267م
عبد العزيز بن يوسف بن قزاغلي، الإمام عز الدين بن العلامة أبي المظفر سبط ابن الجوزي صاحب مرآة الزمان.
مولده بدمشق، وتفقه وبرع في المذهب، وعد من الفقهاء الحنفية، ودرس بالعزية التي تعرف بالميدان الكبير بعد والده، وكان ذكياً وله فهم جيد وتصور صحيح، واشتغال كبير، تفقه على والده وغيرهن وبرع في الفقه، وشارك في عدة علوم، ومات سلخ شوال سنة ست وستين وستمائة، ودفن عند والده، رحمهما الله تعالى.(7/305)
؟
1449 - تاج الدين الأسلمي
...
- 860هـ؟ ... - 456م
عبد العظيم بن صدقة، الملقب تاج الدين القبطي الأسلمي، ناظر ديوان المفرد.
ولي المذكور عدة وظائف بالطالع والنازل، وقاسى خطوب الدهر ألواناً، وهو معدود من الكتاب عند أبناء جنسه، وكان هو وزين الدين يحيى - قريب ابن أبي الفرح - إستادار زماننا هذا في أيام خمولهما كفرسي رهان، وكان يقع بينهما في تلك الأيام مقالات ومفاوضات وكل منهما كان يسعى على الآخر ويرافع فيه ويعزله، وكان الغالب في الغالب عبد العظيم هذا إلى أن تعلق زين الدين يحيى بأذيال الأمير قيزطوغان العلائي - لما ولى الإستادارية - وصار زين الدين المذكور ناظر ديوان المفرد، فمن يومئذ تأخر عبد العظيم هذا وتقدم زين الدين إلى أن صار كل منهما إلى ما آل أمره إليه، وتقهقر عبد العظيم في الدولة إلى أن بقي من مخاميل الأقباط الذين عليهم الغلاسة بالقناطير، فإنه كان في أيام سعادته وولايته وثروته دنساً مظلماً ليس عليه نورانية الإسلام: فلما عزل وافتقر زادت دناسته أضعاف ما كانت عليه أولاً، وهو حي يرزق: إلى يومنا هذا، عامله الله بعدله.(7/306)
1450 - ابن أبي الأصبع
585 - 654هـ؟ 1189 - 1256م
عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن محمد، الإمام المفنن البارع الأديب البليغ زكي الدين أبو محمد، المعروف بابن أبي الأصبع العدواني المصري، الشاعر المشهور، صاحب التصانيف في الأدب وغيره.
وله الشعر الرائق الفائق إلى الغاية، من ذلك قوله:
تصدق بوصلي إن دمعي سائل ... وزود فؤادي نظرة فهو راحل
جعلتك بالتمييز نصباً لناظري ... فلم لا رفعت الهجر والهجر فاعل
وله قصيدة يمدح بها الملك الأشرف موسى شاه أرمن:
فضحت الحيا والبحر جوداً فقد بكى ال؟؟ ... حياء من حياء منك والنظم البحر
عيونٌ معانيها صحاحٌ وأعين ال؟ ... ملاح مراض في لواحظها كسر
هي السحر فاعجب لأمرئ جاء يب؟ ... تغي عواطف من موسى وصنعته السحر(7/307)
قال زكي الدين: وقع لي في هذه الأبيات ست عشر ضرباً من البديع: اتفقت فيه الاستعارة في ثلاثة مواضع في افتضاح الحياء وبكائه وحيائه والمبالغة إذ جعلت الممدوح يفضح الحياء والبحر بجوده، والتفسير في قولي جوداً، وقولي من حياء منك، ولإغراق لما في جملة القافية من زيادة المبالغة، والترشيح بذكر الاستعارة الأولى للاستعارة الثانية، والتجنيس بين الحياء والحياء، والتورية في قول النظم الحبر، والترشيح للنورية بذكر البكاء فإن ذكره هو الذي رشح النورية، وصحة التقسيم في حصر القسمين الذي يضرب بهما المثل في الجود ولا ثالث لهما، والتصدير كون البحر مذكوراً في صدر البيت وهو قافيته والتعليل في كون العلة في بكاء الحياء والنظام البحر فضحهما بجوده، والتسهيم في كون صدر البيت نقيض العجز ويدل عليه، وحسن النسق في كون جمل البيت معطوف بعضها على بعض بأصح ترتيب، والإرداف لأني عبرت عن عظم الجود ببكاء الحياء من الحياء والنظام البحر، فهذا ما في تفاصيل البيت، وأما ما في جملة فبالمساواة لكون لفظه تالياً لمعناه وائتلاف لفظه مع معناه في كون ألفاظ البيت متلائمة مختارة لا يصلح موضع كل لفظة غيرها، ولم يحصل فيه من تعقيد السبك والتقديم والتأخير وسوء الجواز ما يوجب له الاشتغال، والإبداع لكون كل لفظة من مفرداته تتضمن نوعاً أو نوعين من البديع، انتهى ما قاله زكي الدين عن نفسه.(7/308)
قلت: وكانت وفاته سنة أربع وخمسين وستمائة، ولما مات حضر السراج الوراق مع عفيف الدين بن عدلان وأبي الحسين الجزار قبر الزكي المذكور، فقال السراج وقد كانا كتماه: إن ذلك اليوم مأتم زكي الدين، وكتماه قصيدتين في رثاه:
ماذا أقول وقول وقد أتاك مرثياً ... ملك النحاة وسيد الشعراء
رثياك بالدر النظيم فهذه ... الدال قانية وذى للراءِ
؟ ومدحنا نثر العقيق مدمعاً إذ كنت لم تتصف بنظم رثاء
يا من طوى بفضائل وفواضل ... ذكرين للطائي بعد الطائي
؟ غادرتني وأنا الحبيب مودةً صباً قد استغذيت ما بكاء
فسقاك فضل الله فيض عطائه ... فلقد أقمت قيامة الشعراء
انتهى.
؟
1451 - الحافظ المنذري
581 - 656هـ؟ 1185 - 1258م
عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة بن سعد بن سعيد، الإمام الحافظ زكي الدين أبو محمد المنذري الدمشقي ثم المصري الشافعي.(7/309)
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة غرة شعبان بالقاهرة، وقرأ القرآن على الأرتاحي، وتفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشي، وتأدب على أبي الحسين بن يحيى النحوي، وسمع من أبي عبد الله الأرتاحي، وعبد المجيد بن زهر، وإبراهيم بن البتيت، ومحمد بن سيد المأموني، والمطهر بن أبي بكر البيسقي، وربيعة اليمني الحافظ، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله، وأبي الجود غياث بن فارس، والحافظ بن الفضل، وبه تخرج وهو شيخه، وبمكة من يونس الهاشمي، وأبي عبد الله بن البنا، وبالمدينة من جعفر بن محمد بن أموسان، ويحيى بن عقيل بن رفاعة، وبدمشق من ابن طبرزد، ومحمد بن الزيف، والخضر بن كامل، والكندي، وعبد الجليل بن مندوبه، وسمع بحران والرها وإسكندرية وأماكن. وخرج لنفسه معجماً كبيراً.
وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وروى عنه الدمياطي، والشريف عز الدين وأبو الحسين ابن اليونيني، والشيخ محمد القزاز، والفخر إسماعيل بن عساكر، وسنجر الدواداري، وقاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد، وإسحق بن الوزيرين والعماد محمد بن الجرائدي، وأحمد الدفوفي، ويوسف بن الختني، وطائفة، ودرس بالجامع الظافري بالقاهرة، ثم ولي مشيخة الكاملية للحديث وانقطع بها نحواً من عشرين سنة منكباً على التصنيف والتخريج والإفادة الرواية، انتهى.
قال الحافظ شرف الدين الدمياطي: هو شيخي أتيته مبتدئاً فارقته معيداً، انتهى.(7/310)
قال الذهبي: ووقع بينهما كما جرت العادة بها بين المتناظرين في الطلب والاشتغال، رحمهما الله تعالى: وكانت وفاة الحافظ زكي الدين المنذري سنة ست وخمسين وستمائة، ورثاه السراج الوراق بقصيدة أولها.
؟ ما اقتضى حظنا بقاءك فينا ليتنا فيك ليتنا لو كفنيا رحمه الله تعالى وعفا عنه.
؟
1452 - ابن نوح
...
- 708هـ؟ ... - 1308م
عبد الغفار بن أحمد بن عبد المجيد الدوري الأصل، الأقصري المولد، القوسي الدار، الشيخ عبد الغفار الشهير بابن نوح.
صحب الشيخ أبا العباس الملثم، والشيخ عبد العزيز المتوفي، وتجرد وتعبد، وسمع من الدمياطي بالقاهرة وحدث عنه بقوص، وسمع بمكة من محب الدين الطبري، وصنف كتاباً سماه الوحيد في التوحيد، وكان له شعر وقدرة على الكلام، وحال في السماع، له كرامات، وكان ينكر كثيراً من المنكرات(7/311)
ويأمر بالمعروف بفصاحة لسان وقوة جنان، وله بظاهر قوص ربط، وكان النصارى قد أحضروا إلى قوص مرسوماً بفتح الكنائس بها، فقام شخص في السحر وقرأ " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " وقال: يا أصحابنا الصلاة في هذه الكنائس، فلم يأت الظهر إلى وقد هدمت ثلاث عشرة كنيسة ونسب ذلك إليه، ثم إن الرشيدي إستادار سلار توجه إلى قوص - وكان بخدمته نصراني - فتكلم في القضية، فاجتمع العوام ورجموه إلى أن وصل الرجم إلى حرافة الرشيدي، فاتهم الشيخ أيضاً بذلك، ثم بعد أيام حضر أمير إلى قوص وأمسك جماعة من الفقراء وضربهم، وأخذ الشيخ عبد الغفار هذا معه إلى القاهرة ورسم له بأن يقيم بمصر، فحصل بعد أيام للرشيدي مرض، واستمر في أسوأ حال حتى توفي.
وكان للشيخ عبد الغفار - صاحب الترجمة - شعر جيد، من ذلك قوله:
أنا أفتى أن ترك الحب ذنب ... آثم في مذهبي من لا يحب
ذق على أمري مرارات الهوى ... فهو عذب وعذاب الحب عذب
كل قلب ليس فيه ساكن ... صبوة عذريةٌ ما ذاك قلب(7/312)
توفي الشيخ عبد الغفار المذكور بمصر في سنة ثمان وسبعمائة، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته.
؟
1453 - ابن الهيصم
...
- 813هـ؟ ... - 1410م
عبد الغني بن الهيصم، وقيل إن اسم الهيصم إبراهيم، الرئيس مجد الدين، ناظر الحواص، الشهير بابن الهيصم، وهو أخو الصاحب تاج الدين عبد الرزاق المتقدم ذكره، يقال إن الهيصم من ذرية المقوقس.
نشأ مجد الدين هذا بالقاهرة، ومهر في قلم الديونة والحساب، وكتب في عدة جهات إلى أن ولي استيفاء الديوان المفرد، ثم استقر به الملك الناصر فرج بن برقوق في وظيفة نظر الخاص، بعد القبض على جمال الدين يوسف البيري الأستادار في يوم الثلاثاء رابع جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، فاستمر المذكور في وظيفة الخاص إلى أن توفي ليلة الأربعاء عشرين شعبان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.(7/313)
قال المقريزي رحمه الله: وكان من ظلمة الأقباط. انتهى.
قلت: وهذا والد الصاحب أمين الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم - وزير زماننا هذا - ذكرناه في حرف الهمزة في مكانه.
1454 - ابن أبي الفرج
784 - 821هـ؟ 1382 - 1418م
عبد الغني بن عبد الرزاق بن أبي الفرج بن نقولا الأرمني الأصل القبطي، الأمير فخر الدين بن الوزير تاج الدين، الشهير بابن أبي الفرج.
قال الشيخ تقي الدين المقريزي: كان جده من جملة نصارى الأرمن وأسلم، وكان أبوه ممن ولي الوزارة والإستادارية، ومولد فخر الدين هذا في شوال سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وعرف الحساب، وكتب الخط الجيد، ولما نقل أبوه من ولاية قطيا إلى الوزارة في الأيام الظاهرية برقوق ولاه موضعه بقطيا، وحملت إليه الخلعة في أول يوم من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانمائة فباشر ولاية قطيا ونظرها مدة وزارة أبيه، ثم صرف عنها وأعيد إليها عدة مرات في الأيام الناصرية فرج، ثم ولي كشف الشرقية في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، فوضع السيف في العرب، وأسرف في سفك الدماء وأخذ(7/314)
الأموال، وتجاوز عن الحد والمقدار في الظلم، ثم طلب الزيادة في الظلم والفساد وبذل للناصر أربعين ألف دينار، فولاه وظيفة الأستادارية، عوضاً عن تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الآخرة سنة أربع عشرة وثمانمائة، فوضع يده في الناس بأخذ أموالهم بغير شبهة من شبهة الظلمة حتى داخل الرعب كل بريء، وكثر الشناعة عليه وساءت القالة فيه، فصرف في ذي الحجة من السنة وسر الناس بعزله سروراً كثيراً، وعوقب عقوبة لم تعهد مثلها في الكثرة حتى أيس منه كل أحد ورق له أعداؤه، وهو في ذلك يظهر من قوة النفس وشدة الجلد مالاً يوصف، ثم خلى عنه وعاد إلى ولاية قطيا، ثم صرف عنها، وخرج مع الناصر إلى دمشق من غير وظيفة، وشهد واقعته بها، فلما قتل الناصر تعلق بحواشي الأمير شيخ وقدم معهم إلى القاهرة وأعيد إلى كشف الوجه البحري. انتهى كلام المقريزي باختصار.
قلت: واستمر فخر الدين المذكور في كشف الوجه البحري إلى أن قبض الملك المؤيد شيخ على الأمير بدر الدين حسن بن محب الدين في ثامن شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة ورسم بإرسال تشريف الأستادارية إلى فخر الدين هذا - وهو بالبحيرة - فحمل إليه، وقدم فخر الدين إلى القاهرة في يوم خامس عشرين شهر ربيع الآخر المذكور، واستقر أستاداراً على ما بيده(7/315)
من كشف الوجه البحري، وسلمه ابن محب الدين وأمره بعقوبته، فعوقب ابن محب الدين المذكور وصودر وأخذت منه أموال لا تحصى.
واستمر فخر الدين في الأستادارية، وعظم أمره. وزادت حرمته، وظهر من الملك المؤيد إقبال زائد إليه لكثرة ما يحمله لخزانته من الأموال والتقادم والتحف، لكنه أخرب من مدته اليسيرة كثيراً من بلاد الصعيد، وأفتى بالقتل خلائق من مشايخ عربانها، ثم سافر المذكور إلى البحيرة وعاد في يوم السبت ... ذي القعدة من سنة تسع عشرة، ففي يوم قدومه أخلع عليه خلعة الوزارة مضافاً إلى الأستادارية، بعد موت تقي الدين عبد الوهاب بن أبي شاكر، فباشر الوظيفتين مدة، ثم بلغه عن الملك المؤيد ما داخله الخوف منه، فاختفى وفر إلى بغداد وأقام بها مدة، ثم قدم بعد أن أرسل إليه الملك المؤيد أماناً، وأعيد إلى الأستادارية، واستمر أستاداراً إلى أن توفي يوم الاثنين نصف شوال سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وجفن بمدرسته التي أنشأها بين السورين بظاهر القاهرة، وصولح السلطان على تركته بمائتي مثقال.(7/316)
قال المقريزي: وكان جباراً قاسياً، شديداً جلداً، عبوساً، بعيداً عن الترف، قتل من عباد الله ما لا يحصى، وخرب إقليم مصر بكماله، وأفقر أهله ظلماً وعتواً وفساداً في الأرض ليرضي سلطانه فأخذه الله أخذاً وبيلاً، انتهى كلام المقريزي.
قلت: لا ينكر عليه ما كان يفعله من الظلم والجور، فإنه كان من بيت ظلم وعسف، وكان عنده جبروت الأرمن، ودهاء النصارى، وشيطته الأقباط، وظلم المكسة، فإن أصله من الأرمن، وربي مع النصارى وتدرب بالأقباط، ونشأ مع المكسة بقطيا، فاجتمع فيه من قلة الدين وخصائل السوء ما لا يوصف كثرة، لعمري هو أحق بقول القائل:
مساوئ لو قسمن على الغوني ... لما مهرن إلا بالطلاق
قيل إنه لما دفن بمدرسته سمعه جماعة من الصوفية وغيرهم وهو يصيح في قبره، وتداول هذا الخبر على أفواه الناس، قلت: وما خفاهم أعظم إن شاء الله تعالى، فلله الحمد والمنة بهلاك مثل هذا الظالم في عنفوان شبيبته إذ لو طال عمره لكان ظلمه وجوره يملأ الأقطار.
وهو بن الوزير تاج الدين عبد الرزاق، وأخو ناصر الدين محمد(7/317)
الأستادار - الذي هو الآن نقيب الجيوش المنصورة - ووالد زين الدين عبد القادر الأستادار، وقريب زين الدين يحيى أستادار زماننا هذا، فنسأل الله تعالى أن يلحق به من بقي من أقاربه وذريته فإنهم شر عصابة وعار على بني آدم، آمين. انتهى.
؟
1455 - شرف الدين الحراني
646 - 709هـ؟ 1248 - 1309م
عبد الغني بن يحيى بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن نصر بن أبي بكر بن محمد، قاضي القضاة شرف الدين أبو محمد بن بدر الدين أبي زكريا بن قاضي القضاة شمس الدين الحراني الحنبلي.
ذكره الذهبي في معجمه، وأثنى عليه، وذكره أيضاً ابن رافع في معجمه وقال: سمع بدمشق من شيخ الشيوخ، ومن النجيب عبد اللطيف الحراني، والشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم المقدسي، وأجاز له عقيب ولادته: الشيخ مجد الدين عبد السلام بن تيمية، وأخوه عبد القادر، وعيسى الحافظ، وجماعة، وحدث مراراً بالقاهرة ودمشق، وسمع منه أبو حيان وذكره في معجمه.(7/318)
قال البرزالي في تاريخه: إنه خرج من حران سنة ست وخمسين وستمائة فأقام بدمشق سنين، وتوجه إلى مصر واستمر بها، وولي نظر الخزانة، ثم ولي منصب الحكم بالديار المصرية على مذهب أحمد بن حنبل، ودرس بالناصرية والصالحية، وكان مشكور السيرة، مليح الهيئة بشوش الوجه، مولده في ليلة الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان سنة ست وأربعين وستمائة، وتوفي ليلة الجمعة رابع عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعمائة، ودفن من الغد بالقرافة، رحمه الله تعالى.
؟
1456 - ابن الملك المغيث
642 - 737هـ؟ 1244 - 1337م
عبد القادر بن عبد العزيز بن عيسى بن أبي بكر بن محمد بن أيوب بن شادي ابن مروان الإمام العالم الفقيه المحدث أسد الدين أبو محمد بن الملك المغيث ابن الملك المعظم بن الملك العادل الأيوبي الحنفي.
كان من فقهاء أولاد السلاطين، ومن بيت علم وفضل، مولده بالكرك سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وتفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه وبرع وسمع الكثير، وحدث، وسمع سيرة ابن هشام من أبي عبد الله محمد ابن إسماعيل المقدسي، وسمع من محمد وبعد المجيد ابني عبد الهادي،(7/319)
وإبراهيم ابن خليل الدمشقي، وابن عبد الواحد، وعبد اللطيف الحراني، وحدث، وسمع منه الحافظ عبد القادر الحنفي - صاحب الطبقات - وغيره، وكتب وحصل وأفاد، وأقرأ، وكان من محاسن الدنيا ديناً وعلماً وتواضعاً وبراً وإحساناً إلى أن توفي يوم سلخ شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. وحمل إلى بيت المقدس ودفن به، رحمه الله تعالى.
؟
1457 - ابن أبي الفرج
...
- 833هـ؟ ... - 1429م
عبد القادر بن عبد الغني بن عبد الرزاق بن أبي الفرج بن نقولا الأرمني الأصل القبطي، الأمير زين الدين بن الأمير فخر الدين المقدم ذكره أنفاً ابن الصاحب تاج الدين، الشهير بابن أبي الفرج.
مولده بالقاهرة في أوائل القرن تخميناً، ونشأ بها، وباشر بعد موت والده(7/320)
عدة جهات إلى أن ولي شد الخاص وأستادارية المقام الناصري محمد بن السلطان الملك الأشرف برسياي في ثالث عشر جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، واستمر على ذلك إلى يوم الخميس عاشر شعبان من السنة طلب وأخلع عليه باستقراره أستاداراً، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الفوي، بحكم عجزه عن القيام بالكلف السلطانية، فباشر عبد القادر هذا وظيفة الأستادارية مدة سنين، وقاس فيها من الذل والهوان والعجز ما لا يوصف، وافتقر، واستعفى منها غير مرة، والملك الأشرف لا يرق لحاله، وأخرب في أيام مباشرته بلاداً كثيرة حتى يقوم بما عليه من الجوامك والكلف، ثم إن الملك الأشرف رحمه وعزله بالأمير آقبغا الجمالي الكاشف في يوم السبت خامس عشرين شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ورسم عليه وطولب بالحساب غير مرة، وبينا هو في ذلك إذا خلصه الله بالموت بالطاعون في يوم الأربعاء سابع عشرين جمادى الآخرة من سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة.
وكان شاباً جميلاً، خفيف اللحية، جسيماً، متواضعاً، قضى عمره بالكد والقهر والخوف، وهو أصلح حالاً من أبيه وجده، بل بالنسبة إليهما(7/321)
كان صالحاً، على أنه كان متأصلاً في الظلم والعسف ويعرف طرق ذلك جيداً لكن لم تنله السعادة في مباشرته، رحمه الله تعالى.
؟
1458 - محيي الدين الشريف
791 - 827هـ؟ 1389 - 1423م
عبد القادر بن أبي الفتح محمد بن أبي المكارم أحمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن، القاضي محيي الدين الشريف الحسني الفاسي الأصل المكي الحنبلي، ابن السيد شهاب الدين، وأخو قاضي القضاة سراج الدين عبد اللطيف الحنبلي.
ولد في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، قاله الشيخ تقي الدين الفاسي في تاريخه، ورأيت حاشية بخط صاحبنا الإمام المحدث الفاضل سراج الدين عمر بن فهد رأيت باسمه استدعاء مؤرخاً في العشر الأخير من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. انتهى.
قلت: وقرا وتفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وناب في الحكم من أخيه شقيقه القاضي سراج الدين عبد اللطيف المذكور في سنة(7/322)
عشرة وثمانمائة، وتوفي بمكة في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاه، رحمه الله تعالى.
1459 - تاج الدين العقيلي
623 - 693هـ؟ 1226 - 1294م
عبد القادر بن محمد بن أبي المكارم عبد الرحمن بن علوي بن المعلي بن علوي ابن جعفر، القاضي تاج الدين بن القاضي عز الدين، العقيلي السنجاري الحنفي.
ولد بدمشق في شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، وتوفي سنة ست وتسعين وستمائة، هكذا وجدته في تاريخ الشيخ صلاح الدين الصفدي بخطه، ولعله وهم لأني وقفت على ترجمة المذكور في غير تاريخ الصفدي فوجدت مولده في شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ووفته في ثامن عشرين شعبان سنة ست وتسعين وستمائة، ووفاته في ثامن عشرين شعبان سنة ست وتسعين وستمائة، كما ذكر الصفدي لكن الصفدي لم يذكر شعبان انتهى.
قال: وقرأ واشتغل وتفقه، وبرع في المذهب، وولي قضاء الحنفية بحلب، ونظر الأوقف والمدرسة العصرونية، وأفتى ودرس، وقدم دمشق في آخر عمره، وحدث بها بالمائة البخاري، ورجع إلى حلب وتوفي بها.(7/323)
وكان سمع في مبدأ أمره من ابن الزبيدي الصحيح، وسمع من الإمامين جمال الدين الحصيري وتقي الدين ابن الصلاح وغيرهم، انتهى.
؟
1460 - محيي الدين المقريزي
677 - 732هـ؟ 1288 - 1331م
عبد القادر بن محمد بن تميم، الفقيه المحدث محيي الدين المقريزي البعلبكي الحنبلي، جد الشيخ تقي الدين المقريزي المؤرخ.
تفقه وسمع ببلده من زينب بنت كندي، وبدمشق من ابن عساكر وابن القواص، وبالقاهرة من البهاء بن القيم وسبط زيادة، وبحلب، وبالحرمين. وكتب وحصل، وصار شيخ دار الحديث للبهاء بن عساكر، توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة عن خمسين سنة، رحمه الله تعالى.
؟
1461 - ابن عبد القادر
757 - 793هـ؟ 1356 - 1391م
عبد القادر بن محمد بن عبد القادر، قاضي القضاة شرف الدين بن شمس الدين الحنبلي النابلسي، المعروف بابن عبد القادر.(7/324)
أخذ عن أبيه وغيره من مشايخ القدس ودمشق والقاهرة، وبرع في مذهبه، وشارك في عدة علوم، وتولى قضاء الحنابلة بدمشق، وحمدت سيرته إلى أن توفي سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، وولي من بعده قاضي القضاة علاء الدين ابن منجا، رحمه الله تعالى.
؟
1462 - الحافظ شمس الدين
صاحب الطبقات
696 - 774هـ؟ 1393 - 1472م
عبد القادر بن محمد بن محمد بن نصر اله بن سالم بن أبي الوفا القرشي المصري الحنفي، الشيخ الإمام العلامة الحافظ المتقن شمس الدين أبو محمد.
مولده في العشرين من شعبان سنة ست وتسعين وستمائة، وسمع من أبي الحسن ابن الصواف مسموعه من النسائي، ومن العماد بن السكري مشيخة ابن الجميزي، ومن الشريف عز الدين الحسين صحيح مسلم، ومن حسن بن عمر الكردي والمرسوي أيضاً الموطأ لمالك رواية يحيى بن بكير، ومن الحجار ووزيره صحيح(7/325)
البخاري، ومن الرشيد ابن المعلم ثلاثيات البخاري، ومن المعلم بن النصير بن أمين الدولة، والشريف علي بن عبد العظيم الزينبي، والكمال عبد الرحيم، وعلي بن عمر الداني، ويوسف بن عمر الختني، وأبي الحسين علي بن قريش، وعبد الله بن علي الصنهاجي، ومؤنسة ست الأجناس، وخلق كثير سواهم، وأخذ من الرضى الطبري، وأجاز له الدمياطي، وحفظ القرآن العظيم، وتفقه وبرع، وتصدر للإقراء، وأفتى ودرس، وجمع وصنف، وله تواليف عدة من ذلك: كتاب البستان في مناقب النعمان، وكتاب الطرق والرسائل إلى معرفة أحاديث خلاصة الدلائل، وكتاب طبقات الحنفية سماه الجواهر المضية في طبقات الحنفية، وتخريج أحاديث الهداية للفرغاني، وتخريج أحاديث معاني الآثار للطحاوي، وكتب وفيات من سنة مولده إلى سنة ستين عول فيها على وفيات ابن الحسين بن أيبك.
وكان ذا عناية بالفقه والحديث، وله مشاركة جيدة في عدة علوم، ولديه فضيلة، ودرس وأفتى سنين، وسمع منه الفضلاء، وتفقه به جماعة من الأعيان، وانتفع به الطلبة، وكان خطه في غاية الحسن على طريق السلف، وتوفي بعد أن تغير وأضر في شهر ربيع الأول سنة أربع وسبعين وسبعمائة، وقال المقريزي في سنة خمس وسبعين، والله أعلم.(7/326)
1463 - جمال الدين الزهيري
...
- 740هـ؟ ... - 1339م
عبد القاهر بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ابن بسر، الأديب جمال الدين أبو محمد وأبو بكر الزهيري، التبريزي الأصل، الحراني، الدمشقي المنشأ، الشافعي، الأديب الشاعر.
أصله من بخارى، وقدم مع والده وعمره ست سنين، وكان أبوه فقيهاً تاجراً استوطن دمشق ومات عن نيف وثلاثين سنة، وبقي جمال الدين هذا في حجر ابن عم أبيه شرف الدين محمد الخجندي التاجر، وقرأ القرآن على الشيخ يحيى السلاوي، وجود على الشيخ زين الدين بن عمرو، وقرأ التنبيه، وتفقه بقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، وتردد إلى حلقه الشيخ تاج الدين الفزاري، وجود المنسوب على الشيخ شمس الدين حسين السهروردي، وقرأ مقدمة ابن الحاجب، وبرع في الإنشاء والأدب، ومات في تاسع عشر جمادى الآخرة سنة أربعين وسبعمائة بثغر دمياط، ودمياط بالدال المهملة.(7/327)
ومن شعره قوله:
؟ وجدي وتصبري قليلٌ وكثير ... والقلب ومدمعي طليق وأسير
والكون وحسنكم جليل وحقير ... والعبد وأنتم غني وفقير
انتهى، رحمه الله تعالى.
؟
1464 - البجائي
743 - 816هـ؟ 1342 - 1413م
عبد القوي بن محمد بن عبد القوي البجائي، المغربي الأصل والمولد والمنشأ، نزيل مكة، أبو محمد المالكي.
حدثني ولده الشيخ قطب الدين أبو الخير من لفظه قال: مولد والدي في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة ببجاية من بلاد الغرب، ورحل من بلده وعمره ثمانية عشر سنة، وقدم إلى القاهرة، وحج في سنة أربع وستين، ثم عاد إلى القاهرة، ثم حج حجة ثانية وعاد إلى القاهرة، وسكن بالجامع الأزهر، ثم حج في سنة(7/328)
سبعين، ووطن بمكة إلى أن مات وليلة الأربعاء ثالث شوال سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاه، انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين الفاسي: قدم إلى ديار مصر في شبيبته فخذ بها عن الشيخ يحيى الرهوني وغيره من علماء عصره، ثم انتقل إلى مكة وأخذ بها عن الشيخ موسى المراكشي وغيره، وسمع بها من النشاوري، وسعد الدين الأسفراييني وغيرهما، ودرس بالحرم الشريف، وأفتى باللفظ قليلاً تورعاً، وكان ذا معرفة بالفقه، ويستحضر كثيراً من الأحاديث والحكايات والأشعار المستحسنة، وله حظ من العبادة والخير، رحمه الله تعالى.
؟
1465 - النشادر
عبد القوي المعروف بالنشادر، صاحب أبي الحسن علي الحصري المعروف بالقواس.(7/329)
كانا يتجاريان في ميدان الخلاعة، ويتجاذبان أعنة المجون، وينظمان البلاليق المطبوعة، ولهما مدائح كثيرة في الملك العزيز بن صلاح الدين، وفي أولاد الملك العادل.
وله أيضاً يمدح الملك الأشرف موسى شاه أرمن صاحب ميافارقين:
بي أسمر يحكي الأسمر ... عنج أحور
الهلال يبدو في سعدو ... والجمال الباهر عبدو
وقد رقم في صفحة خدو ... طراز عنبر
أي رشيق حلو القامة ... لو ترى فوق خدو شامة
قد رشق قلبي صصامة ... بها نقير
قد رماني حكم المقدور ... في هوى ذي الظبي اليعفور
قد تركني هايم مهجور ... وما أعذر
ردني حبه نتقلا ... يحمر هجرو والذلا
قاتل الله نور الفلا ... بها تهجر(7/330)
قلت لو محبوب زرني ... قال لي أيا زول عني
الوصال بيش تطلب مني ... وتتأمر
أعديم تطلب بالأشعار ... الوصال يا مله محتار
لك قطاع أو عندك دينار ... مليح أصفر
قلت لو بنى تنهزا ... والنبي ليس عندي رزا
غير عنقي نعطيك وزا ... ونتمسخر
هز خصرو وأبرز ردفو ... وانبرم وعطاني كتفو
وجعلني نجر خلفو ... ونتعتر
قلت لو محبوبي أتوقف ... الذهب نعطيك والقرقف
بنوال الملك الأشرف ... عليك ننصر
ولد سيف الدين العادل ... الهمام الليث الباسل
الفقير يعطي والسائل ... وما يضجر
1466 - زين الدين السبكي
...
- 734هـ؟ ... - 1333م
عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف، القاضي زين الدين بن القاضي ضياء الدين الأنصاري الخزرجي السبكي الشافعي.(7/331)
مولده بسبك، وتفقه بها، وقدم القاهرة، وناب في الحكم، وحسنت سيرته، وكان خبيراً بالأحكام وسمع الكثير، وروى، وكان له نظم ونثر، مات بالمحلة من قرى الغربية من أعمال القاهرة في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1467 - ابن الغنام
...
- 823هـ؟ ... - 1420م
عبد الكريم بن أبي شاكر بن عبد الله بن غنام، الصاحب الوزير كريم الدين القبطي المصري، المعروف بابن الغنام، وزير الديار المصرية.
ولي الوزر أولى وثانية، وبنى مدرسة بالقرب من جامع الأزهر وبه تعرف، ثم عزل وتعطل مدة، وعمر دهراً طويلاً إلى أن توفي بالقاهرة في رابع عشرين شوال سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وقد أناف على المائة سنة وحواسه سليمة.(7/332)
1468 - ابن عبد العزيز ناظر الجيش
736 - 807هـ؟ 1335 - 1404م
عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن أبي طالب بن علي بن سيدهم، القاضي كريم الدين ناظر الجيوش، المعروف بابن عبد العزيز، النستراوي الأصل المصري.
ولد سنة ست وثلاثين وسبعمائة بنستراوة من المزاحميتين من أعمال القاهرة. وقدم القاهرة على عمه بدر الدين حسن بن عبد العزيز بن عبد الكريم - وهو يباشر بديوان الجيش - فنشأ تحت كنفه، وورثه لما مات في سنة أربع وسبعين، وخدم في ديوان الجيش إلى أن ولي صحابة الديوان، ثم ولي نظر الجيش، عوضاً عن جمال الدين محمود العجمي خامس عشر صفر سنة اثنتين وتسعة وسبعمائة، فباشر الجيش مدة وعزل، واستمر بطالاً إلى أن مات في آخر شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانمائة.
وكان سمع من جمال الدين بن نباتة، وعمه بدر الدين، وابن النوري بالإسكندرية، وسمع عليه صهره شيخنا حافظ العصر شهاب الدين بن حجر قليلاً.(7/333)
قال المقريزي: وكان رئيساً محباً في أهل الخير، وكان جارنا مدة، ثم صارت بيننا وبينه صهاره رحمه الله فما كان أكثر رياضة أخلاقه، وملاحة وجهه، وعذوبة كلامه، انتهى.
؟
1469 - ابن كاتب جكم
...
- 833هـ؟ ... - 1429م
عبد الكريم بن بكرة، القاضي كريم الدين بن سعد الدين، ناظر الخواص القبطي المصري، المعروف بابن كاتب جكم.
مولده بالقاهرة، وبها نشأ، وعرف قلم الديونة، وتنقل في عدة خدم، وباشر في دواوين الأمراء، واتصل بخدمة الملك الأشرف برسباي، - لما كان دوادارا - فلما تسلطن أخلع عليه باستقراره في نظر الدولة، فباشر وظيفة النظر مدة، وأخلع عليه باستقراره في نظر الخاص، عوضاً عن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الفوي بحكم انتقال بدر الدين إلى الأستادارية عوضاً عن ولده صلاح الدين محمد بحكم عزله وذلك في يوم الاثنين ثاني عشر(7/334)
جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، واستقر في نظر الدولة من بعده القاضي أيمن الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم، فباشر كريم الدين المذكور الخاص مدة سنين، ونالته السعادة، وعظم أو ثرى، ومشى حال الخاص في أيامه حتى قيل إنه منذ ولي الخاص إلى أن توفي لم يبطل الواصل عنه يوماً واحداً مبالغة.
وكان مشكور السيرة، متواضعاً، كريماً، وعنده معرفة وعقل، وصارت له منزلة عند الملك الأشرف إلى أن توفي بالقاهرة في ليلة الجمعة سادس عشرين شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، بغير طاعون، بل بمرض تمادى به أشهراً، وتولى الخاص من بعده ابنه سعد الدين إبراهيم المقدم ذكره في محله، ويأتي ذكر ولده الصاحب جمال الدين يوسف ناظر الخواص في موضعه إن شاء الله تعالى.
؟
1470 - كريم الدين الآملي
...
- 710هـ؟ ... - 1310م
عبد الكريم بن حسن، الشيخ كريم الدين الآملي، ينتمي إلى سعد الدين حمويه.(7/335)
كان شيخ خانقاة سعيد السعداء بالقاهرة، وكان من كبار القوم، وكان له صورة كبيرة عند الأعيان.
وكان الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية كثير الحظ عليه.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: أثبت الصوفية فسقه من ستة عشر وجهاً، ومات في شوال سنة عشرة وسبعمائة، وولي مكانه بدر الدين بن جماعة. انتهى.
1471 - الحافظ قطب الدين الحنفي
664 - 735هـ؟ 1265 - 1334م
عبد الكريم بن عبد النور بن منير، الشيخ الإمام الحافظ المتقن مفيد الديار المصرية قطب الدين أبو علي الجلقي ثم المصري الحنفي.
مولده سنة أربع وستين وستمائة، وحفظ القرآن الكريم وتلاه بالسبع على أبي طاهر إسماعيل المليجي، صاحب أبي الجود، وتلا على خاله الزاهد الشيخ نصر المنجي، وبخاله المذكور كانت شهرته، وانتفع بصحبته، وسمع عن العز الحراني، وغازي، وابن خطيب المزة، والقاضي شمس الدين ابن العماد(7/336)
وطبقتهم، وشرح شطر صحيح البخاري، وتاريخ مصر في عدة مجلدات بيض أوائله وغير ذلك، وهذا مع الحفظ والذكاء، والبصر بالرجال، والمشاركة في الفقه وغير ذلك، وحج مرات، وروى الكثير لكنه قليل في سعد ما سمع، وعلق عن الحافظ الذهبي في تاريخه، وما عنده عنه إلا الإجازة، وكان فيه تواضع وحسن سيرة، ولعل شيوخه تبلغ ألفاً، خرج لنفسه أربعين تساعيات، أخذ عنه المحدثون النقي بن رافع، وابن أيبك الدمياطي، وعمر بن العجمي، والحافظ علاء الدين مغلطاي، وابن السروجي، وعدة كثيرة، وتوفي بالقاهرة سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1472 - ابن مكانس
...
- 803هـ؟ ... - 1400م
عبد الكريم بن بعد الرزاق، الصاحب كريم الدين أبو الفضائل القبطي المصري، المعروف بابن مكانس، وزير الديار المصرية، وناظر خاصها.(7/337)
مولده بمصر، وتنقل في الخدم الديوانية إلى أن اتصل بخدمة الأمير يلبغا الناصري في الدولة الأشرفية شعبان، بن حسين واستمر عنده حتى قتل الملك الأشرف شعبان وصار تدبير المملكة للأمير بن بركة وبرقوق، قام بنو مكانس كريم الدين هذا وأخوه فخر الدين عبد الرحمن وزين الدين نصر الله بمرافعة الوزير شمس الدين عبد الله المقسي فقبض برقوق عليه، وتولى كريم الدين المذكور الحوطة على حواصله، وتولى عوضه ناظر الخواص في يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة ثمانين وسبعمائة مضافاً لما بيده من الوزارة، فباشر كريم الدين هذا مدة، وغضب عليه برقوق في تاسع شعبان منها وأمر به وبفخر الدين عبد الرحمن فألقيا في الأرض وضربا، فقال شهاب الدين أحمد بن العطار في المعنى:
تاسع شعبان تولى بني ... مكانس برقوق بالضرب
فصاح فخر الدين من قلبه ... بالأرض والصاحب بالجنب
وسبب قبض برقوق عليه أنه لما ولي الوزر والخاص أخذ في تجديد مظالم كان أبطلها الأتابكي يلبغا العمري الخاصكي - يعني أستاذ برقوق -(7/338)
من ذلك أنه ألزم جمالة الحجاز بإحضار أوراق الجمال التي معهم ليعرف المكس من ذلك، وكان يلبغا قد أبطل المكس من مكة والمدينة، فكثرة القالة فيه فأمسك بهذا المقتضى، وتولى تاج الدين الملكي الوزارة، وأعيد شمس الدين عبد الله المفسي إلى نظر الخاص، وتسلم الحاج سيف الدين المقدم بني مكانس، ثم أفرج عنهم في يوم الخميس سادس عشرين ذي الحجة سنة ثمانين.
واستمر كريم الدين هذا بطالاً إلى يوم الأربعاء سابع عشرين ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وسبعمائة طلب الأمير بركة الوزراء البطالين وهم: كريم الدين ابن الرويهب، وكريم الدين بن الغنام، وكريم الدين بن مكانس هذا، فعري ابن الرويهب من ثيابه ليضرب ثم ألبسها من غير ضرب ومر بنفيه إلى طرسوس، وضرب كريم الدين صاحب الترجمة بالمقارع نحو العشرين شيباً، وكتب ابن الغنام خطبه بأن كل ما يملكه يكون للسلطان، فتعصب له الأمير أيتمش حتى أخرج إلى القدس من غير أن يؤخذ منه شيء، وقام يلبغا الناصري مع ابن مكانس هذا وأطلقه، ولزم داره إلى أن قتل بركة سعى في نظر الخاص فأجيب وولي في نصف جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، وقبض على شمس الدين عبد الله المقسي، ثم أخذ الوزر أيضاً ثانياً، فلما استقر في وظيفتي الوزر والخاص فتك أيضاً في الناس، وساءت سيرته، وأخذ أموال تجار الكارم، وظلم وأفحش، فعزل من الخاص بسعد الدين ابن البقري في يوم الخميس ثالث شهر رمضان من السنة، وأبقيت معه الوزارة، وجعل(7/339)
الأمير جاركس الخليلي، - مشير الدولة - لا يتصرف الوزر إلا بأمره، فدام الأمر على ذلك إلى يوم الأربعاء سادس عشرين ذي القعدة قبض على بني مكانس الثلاثة، ولبس علم الدين سن إبره الوزارة، واستمر ابن مكانس في الترسيم إلى أن هرب من ميضأة جامع الصالح - خارج باب زويلة - واختفى مدة، ثم ظهر ودام معزولاً إلى أن صار يلبغا الناصري مدبر المملكة بالديار المصرية - بعد خلع برقوق وحبسه بالكرك - في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة فصار ابن مكانس هذا عند يلبغا كمشير المملكة، وجرى على عادته في التهور وسرعة الحركة إلى أن زالت دولة الناصري، وتخومل إلى أن مات بعد خطوب قاساها في يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة.
وكان من أعاجيب الزمان من خفة العقل والطيش وسرعة الحركة وكثرة التقلب، يقال إنه لما أعيد إلى الوزارة قال لبعض من معه من حواشيه وهو نازل في موكبه بالخلعة إلى داره والناس بين يديه: يا فلان ما هذه الركبة غالية بعلقة مقارع.
1473 - ابن كتب المناخ
...
- 852هـ؟ ... - 1448م
عبد الكريم بن عبد الرزاق بن عبد الله بن عبد الوهاب، الصاحب كريم الدين(7/340)
ابن الصاحب تاج الدين بن شمي الدين بن علم الدين، الشهير بابن كاتب المناخ، القبطي الأصل المصري.
ولد بالقاهرة، وأمه أم ولد رومية، ونشأ بها تحت كنف والده، وعرف قلم الديونة بحسب الحال، وخدم في عدة جهات، وباشر عند جماعة من أعيان الأمراء، ثم ولي نظر الديوان المفرد، ثم ولي الوزر بعد عزل الأمير أرغون شاه النوروزي الأعور - في حياة والده - وبعد استعفاء والده من الوزر بأشهر، فإن والده كان عزل عن الوزر بأرغون شاه في يوم الاثنين ثامن ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وكان لبس الصاحب كريم الدين هذا للوزر في ثامن عشرين شوال سنة ست وعشرين وثمانمائة.
أخبرني الصاحب كريم الدين قال: لما وليت الوزر دخلت إلى والدي أسلم عليه، فقال لي: يا عبد الكريم أنا وليت الوزر ومعي خمسين ألف دينار، وأنت تعلم كيف خرجت منها فقيراً لا أملك شيئاً، فأنت من أين تسد؟ فقلت: يا سيدي من أضلاع المسلمين، على سبيل المداعبة، فصاح من كلامي واستغاث، انتهى.
قلت: ولما ولي الصاحب كريم الدين الوزر نالته السعادة في مباشرته، وقام بالكلف السلطانية أتم قيام، فطالت أيامه، ثم أضيف إليه نظر ديوان المفرد مدة، ثم عزل عن النظر وانفرد بالوزر إلى بعد سنة ثلاث وثلاثي(7/341)
ن وثمانمائة أضيف إليه الأستادارية على كره منه بعد أقبغا الجمالي، فباشرهما معاً مدة، ثم استعفى من الأستادراية فأعفى واستقل بالوزر مدة كما كان أولاً إلى أن أخلع عليه الملك الأشرف برسباي باستقراره في كتابة السر بالديار المصرية مضافاً على الوزر، بعد موت القاضي شهاب الدين أحمد بن السفاح في أوائل سنة ست وثلاثين وثمانمائة تخميناً، فباشرهما أشهراً، وعزل عن كتابة السر بالقاضي كما الدين محمد بن البارزي، وأبقى معه الوزر، ودام على ذلك مدة، وقبض عليه وصودر وعوقب بالمقارع، وعزل بالصاحب أمين الدين إبراهيم بن عبد الغني بن الهيصم ناظر الدولة، ثم أفرج عنه بعد أن حمل إلى الخزانة الشريفة نحو، العشرين ألف دينار.
واستمر بطالاً مدة إلى أن أخلع عليه باستقراره ملك الأمراء بالوجه القبلي، فتوجه إلى الصعيد، وباشر الشف، وهو على ري المباشرين إلى أن طلب إلى القاهرة وأخلع عليه بنظر بندر جدة، وجعل مشد جدة معه الأمير يلخجا الساقي - أحمد أمراء العشرات ورأس نوبة - فتوجه المذكور إلى جدة، وعاد إلى القاهرة بعد موسم سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وقد تولى الوزر من بعده جماعة كثيرة: الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم، ثم الصاحب جمال الدين يوسف بن كاتب جكم، ثم التاج الخطير، ثم الأمير غرس الدين خليل بن(7/342)
شاهين - نائب الإسكندرية - ثم عبد الباسط بغير خلعة، فلما وصل الوزر إلى عبد الباسط وعجز عن القيام بكلف الدولة أخذ في السعي لعود الصاحب كريم الدين هذا إلى وظيفة الوزر، ولا زال به حتى أذعن ولبس، واستقر الصاحب أمين الدين بن الهيصم ناظر الدولة معه على عادته أولاً، واستمر من حينئذ وذلك سنة تسع وثلاثين إلى أن استعفى من الوزر في الدولة الظاهرية جقمق، فأعفي في يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، بحكم تعلله ولزومه للفراش أشهراً، وولي الوزر الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم ثانياً.
واستمر الصاحب كريم الدين المذكور مريضاً وعوفي وانتكس غير مرة إلى أن مات في يوم الأحد حادي عشرين شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وكثر أسف الناس عليه، ودفن بالصحراء بتربته التي جددها بجوار تربة الأمير بجاس.(7/343)
وكان لا بأس به في أيام عمله لقلة ظلمه بالنسبة إلى غيره من الظلمة، وكان صحيح الإسلام لكون أن أمه كانت أم ولد كما تقدم. وكذلك جدته لأبيه كانت أيضاً أم ولد رومية، وكان يتجنب النسوة النصارى، وكان جميع زوجاته من المسلمات، فلهذا المقتضى كان لا يفعل ما تفعله الأقباط من طريقتهم السيئة كالغناشية ومواسم النصارى وغير ذلك، وكان طوالاً، رقيقاً، عاقلاً، ساكناً، صاحب رأي وتدبير، ومعرفة تامة بتنفيذ أمور الدولة وما يتعلق بها، وكان عنده سياسة وفطنة ونهضة مع معرفة بأخذ خواطر الناس وقضاء حوائجهم رحمه الله تعالى وعفا عنه.
1474 - كريم الدين الموصلي
632 - ... هـ؟ 1334 - ... م
عبد الكريم بن محمود مودود بن بلدجي، الشيخ الإمام كريم الدين أبو الفضل الموصلي البغدادي الحنفي.
تقدم ذكر أخويه عبد الله وعبد الدائم، وباقي ذكر والده محمود إن شاء الله تعالى.(7/344)
مولده في سنة ثنتين وثلاثين وستمائة بالموصل، وتفقه على أبيه وغيره، وبرع في المذهب، ودرس بمشهد لإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، وكان من الفقهاء العلماء المفسرين.
؟
1475 - كريم الدين الكبير
...
- 724هـ؟ ... - 1323م
عبد الكريم بن هبة الله بن السديد، الرئيس الجليل كريم الدين أبو الفضائل القبطي المصرين المعروف بكريم الدين الكبير، ناظر الخواص.
كان وكيل الملك الناصر محمد بن قلاوون وناظر خواصه ومدبر مملكته، بلغ فوق ما يبلغه الوزراء، ونال فوق ما يناله غيره من أعيان الدولة.
قال الصفدي: أسلم كهلاً أيام بيبرس الجاشنكير، وكان كاتبه، وكان لا يصرف على السلطان شيئاً يطلبه إلا يقلم القاضي كريم الدين هذا، وكان الناصر إذ ذاك تحت حجر الجاشنكير، يقال: إنه طلب مرة وزة،(7/345)
ولم يكن كريم الدين حاضراً، فلم تصرف له ولما انقضت دولة الجاشنكير على ما ذكرناه، ورد السلطان من الكرك طلبة كثيراً، واختفى كريم الدين المذكور مدة ثم طلع مع الأمير طغاي الكبير، فأرقفه طغاي ثم دخل إلى السلطان وهو يضحك وقال له: إن حضر كريم الدين إيش تعطيني؟ ففرح وقال: أعندك هو؟ أ؛ ضره، فخرج وأحضره، وقال له: مهما قل لك السلطان قل له السمع والطاعة، ودعني أرجو أمرك، فلما تمثل بين يدي السلطان قال له - بعد أن استشاط غضباً - أخرج وأحمل ألف ألف دينار، فقال: نعم، وأراد الخروج، فقال له السلطان: لا كثير أجمل خمسمائة ألف دينار، فقال له كما قال أولاً، ولا زال السلطان ينقص من نفسه إلى أن ألزمه بمائة ألف دينار، فلما خرج على أن يحمل مائة ألف دينار قال له طغاي المذكور: لا تصقع ذقنك وتحضر الجميع لآن، ولكن هات منها عشرة آلاف دينار وأدخل بها على السلطان، وصار يأتيه بالنقدة من ثلاث آلاف دينار إلى ما دونها، ولما بقي بعضها أخذ طغاي والقاضي فخر الدين ناظر الجيش في إصلاح أمره، ولا زال حتى أنعم عليه السلطان بما بقي عليه واستخدمه ناظر الخاص، وهو أول من باشر هذه الوظيفة بتجمل، ولم تكن تعرف أولاً.(7/346)
ثم تقدم عند السلطان وأحبه محبة لم يحبها لآخر مثله، وكان يخلع عليه أطلس أبيض، والفوقاني بطرز، والتحتاني بطرز، والقبع زركش، على ما استفاض، والخزائن جميعها عنده في بيته، وإذا أراد السلطان شيئاً أرسل إليه مملوكاً إلى بيته واستدعى منه ما يريده، وكان يخلع على الأمراء الطبلخانات من عنده، وقيل إن السلطان نزل يوماً من الصيد فقال له يا قاض اعرض أنت صيود الأمراء فإن لي ضرورة، ودخل الدهليز، ووقف القاضي كريم الدين على باب الدهليز وبقي الأمراء يحضرون صيودهم على طبقاتهم بين يديه وهو يخلع عليهم.
وحج هو والخوند طغاي - زوجة السلطان - واحتفل بأمرها وكان كل سماط من الغداء والعشاء يحضر لها فيه أصناف البقول طرية والجبن المقلي سخناً، وكان قد أخذ معه الأبقار الحلابة، وحمل الخضر في مزارعها بالطين على الجمال.
وكان يخدم كل أحد من الأمراء الكبار المشايخ والخاصكية وأرباب الوظائف والجمدارية الصغار وكل أحد حتى الأوجافية، وكان يركب في خدمته سبعون مملوكاً بكنابيش عمل الدار وطروز ذهب، الأمراء تركب في خدمته.
وقيل إن السلطان طلبه يوماً إلى الدور فدخل وبقيت خزندارة خوند تروح وتجيء مرات فيما تطلبه خوند طغاي، وطال الأمر، فقال له السلطان: يا قاض(7/347)
إيش حاجته لهذا التطويل؟ بنتك ما تختبي منك، ادخل إليها أبصر ما تريده افعله فقام ودخل إليها، وسير من قال لها: أبوك هنا ابصري له ما يأكل، فأخرجت له طعاماً، وقام السلطان إلى كرمة في الدور قطع منها عنباً وأحضره، وهو ينفخه من الغبار، وقال: يا قاض كل من عنب دورنا، وكان إذا أراد أن يعمل سوءاً ويراه قد أقبل يقول: جاء القاضي، ويدع ما كان يريد يفعله، فيحدثه كريم الدين في إبطال ما كان قد هم به من الشر، ومدة حياته لم ير من السلطان إلا خيراً.
وأما مكارمه فتخرج عن الحد، وقيل إنه كان قليل يحاسب صيرفية فيجد في الوصولات وصولات ليست بخطه، ثم بعد حين وقع بالمزور، فقال له ما حملك على هذا؟ فقال: الحاجة، فقال له: كلما احتجت إلى شيء اكتب به خطك على عادتك على هذا الصيرفي، ولكن ارفق فإن علينا كلف كثيرة. قال: وهو الذي صدق أخبار البرامكة.
ومن رئاسته أنه كان إذا قال: نعم، كانت نعم، وإذا قال: لا، فهي لا، وهذه تمام الرئاسة، وقدم من الثغر نوبة حريق القاهرة ونسبت إلى النصارى فغوت به الغوغاء ورجموه فغضب السلطان وقطع أيدي أربعة، ثم إنه مرض في ذلك العام الماضي قبل هذه الواقعة، ولما عوفي زينت القاهرة، وتزاحم الخلق، واختنق رجل، وقيل إنه شرب مرة دواء فجمع كل ما دخل(7/348)
القاهرة ومصر من الورد وحمل إلى داره، وبسط إلى كراسي بيت الماء، وداس الناس ما داسوه، وأخذوا ما فضل أباعه الغلمان للبيمارستان بمبلغ ثلاثة آلاف درهم.
وكان وقوراً، عاقلا، داهية، جزل الرأي، بعيد الغور، عمر بالزريبة جامعاً، وعمر في طريق الرملة البيارات، وأصلح الطرق، وعمر جامع القبيبات والقابون ووقف عليهما وقفاً.
ثم انحرف عنه السلطان ونكبه، وأقام في بيت الأمير أرغون النائب ثلاثة أيام، وكان الأمير قجليس يروح ويجئ اله في الرسائل عن السطلان، ثم أمر بنزوله إلى القرافة، ثم إنه أخرج إلى الشوبك، ثم إلى القدس، ثم طلب إلى مصر وجهز إلى أسوان، وبعد قليل أصبح مشنوقاً بعمامته.
وكان يحترم العلماء، وسمع البخاري، وقيل إنه لما أحس بقتله صلى ركعتين وقال: هاتوا عشنا سعداء ومتنا شهداء.
وكان الناس يقولون: ما عمل أحد مع أحد ما عمله السلطان مع كريم الدين، أعطاه الدنيا والآخرة، رحمه الله تعالى.
وكانت واقعته سنة أربع وعشرين وسبعمائة، ومناقبه كثيرة إلى الغاية، ومكارمه جزيلة لا تحصى، وهذا نموذج منها.
ومن مدح شرف الدين القدسي فيه قوله:(7/349)
إذا ما بار فضلك عند قوم ... قصدتهم ولم تظفر بطائل
فخلهم خلاك الذم واقصد ... كريم الدين فهو أبو الفضائل
انتهى كلام الشيخ صلاح الدين بن أيبك الصفدي باختصار، رحمه الله تعالى.
1476 - كمال الدين الطبري قاضي مكة
...
- 656هـ؟ ... - 1208م
عبد الكريم بن يحيى بن عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن علي، قاضي مكة، كمال الدين أبو محمد وأبو أحمد قاضي مكة أبي القاسم الشيباني الطبري المكي الشافعي.
قال القاضي تقي الدين الفاسي في تاريخه: وجدت خطه على مكتوب ثبت عليه في سادس عشر المحرم سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ولا أدري هل هذه السنة ابتداء ولايته أو قبلها، وأظنه استمر حتى عزل في شوال سنة خمس وأربعين وستمائة، كذا وجدت بخط الشيخ أبي العباس الميورقي في تاريخ عزله، وولي لعزله القاضي عمران الفهري - الآتي ذكره - فدل على أنه كان حاكماً في هذه السنة وكان محققاً حاكماً في سنة خمس وثلاثين، وسبع وثلاثين، وثمان وثلاثين،(7/350)
وسنة أربعين وسنة أربع وأربعين وخمس وأربعين، ومات في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين وستمائة، كذا وجدت وفاته في تعاليق أبي العباس الميورقي، انتهى كلام الفاسي.
ورأيت بخط صاحبنا الإمام الفاضل المحدث سراج الدين عمر بن فهد قال: رأيت بخط أبي العباس الميورقي ما صورته: سمعت على ابن عبد الله ابن عم قاضي الحرمين الشريفين عز الدين أبي المعالي يحيى بن عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن علي بن علي الطبري الشيباني يقول: كان أولاد القاضي أبي المعالي يحيى ثلاثة: القاضي كمال الدين عبد الكريم، والقاضي جمال الدين عبد الله، والقاضي عمر ونائب الحكم عن القاضي عمران بن ثابت القرشي قاضي الحرمين منذ نحو أربع وعشرين سنة، عام سبعين وستمائة.
وتوفي القاضي عبد الكريم وخلف ستة أولاد: محمود، ومحمد، وعلي، وإدريس، وحسن، وأبو المنصور، رحمه الله تعالى.
؟
1477 - الوزير ابن الرويهب
...
- 748هـ؟ ... - 1382م
عبد الكريم بن الرويهب، الصاحب الوزير كريم الدين القبطي المصري،(7/351)
وزير الديار المصرية.
وزر ثلاث مرات، ولم يرزق السعادة في وزارته، وحصل له محن، ونكب غير مرة، ثم عزل ولزم داره إلى أن توجه إلى بلاد الصعيد بسبب رزق له فمرض بها، وانحدر في مركب عائداً إلى القاهرة فمات بها في سابع عشرين شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة.
وكان خاملاً في ولايته، غير مشكور السيرة في مباشرته.
؟
1487 - معين الدين بن العجمي
812 - 863هـ؟ 1409 - 1458م
عبد اللطيف بن أبي بكر بن سليمان، القاضي معين الدين بن القاضي شرف الدين الحلبي الأصل، المصري المولد والمنشأ، الشافعي، نائب كاتب السر بالديار المصرية، وكانت سر حلب، وابن كاتب سرها، المعروف بابن العجمي، وبابن شرف الدين الأشقر، يأتي ذكر والده في الكنى إن شاء الله تعالى.(7/352)
مولده بالقاهرة في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة تخميناً، ونشأ بها تحت كنف والده، وحفظ القرآن العزيز، وصلى بالناس في سنة أربع وعشرين، وحفظ عدة مختصرات، وتفقه على الشيخ شرف الدين السبكي، وقرأ المعقول على شيخنا العلامة تقي الدين الشمني، وعلى الشيخ شمس الدين الورمي، وكتب الخط المنسوب، وشارك في الفقه والعربية، وتدرب بوالده وغيره، وكتب في التوقيع بديوان الإنشاء بالديار المصرية، وخدم عند الأمير تمراز القرمشي رأس نوبة النواب، ثم ولي كتابة سر حلب بعد عزل والده في أواخر الدولة الأشرفية برسباي، فباشر كتابة سر حلب على أحسن وجه، وحظي عند نائبها الأمير تغري برمش بن أحمد، واستمر إلى أن توفي الملك الأشرف وخرج تغري برمش المذكور عن طاعة الملك الظاهر جقمق فعرف المذكور كيف سار في تلك الأيام المفتنة حتى طلب إلى الديار المصرية وعزل عن كتابة سر حلب، وعاد إلى توقيع الدست بالقاهرة، واستمر على ذلك إلى أن توفي والده القاضي شرف الدين الأشقر في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وثمانمائة وأخلع عليه واستقر عوضه في نيابة كتابة السر بالديار المصرية.(7/353)
؟
1479 - سراج الدين الفيومي
...
- 801هـ؟ ... - 1399م
عبد اللطيف بن أحمد، الشيخ سراج الدين المصري الفيومي الشافعي، نزيل حلب.
تفقه بالقاهرة على شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقيني وغيره، ثم رحل إلى حلب فولي بها قضاء العسكر، ثم عزل عنها، وكان فقيهاً، مشاركاً، بارعاً في الفرائض، وله نظم ونثر، وخمس البردة.
ومن شعره في مدح النحو وذم المنطق:
دع منطقاً فيه الفلاسفة الأولى ... ضلت عقولهم ببحر مغرق
واجنح إلى نحو البلاغة واعتبر ... إن البلاء موكل بالمنطق
وله فيها يحيض من الحيوان الناطق والصامت:
المرأة والخفاش ثم الأرنب ... والضبع الرابع ثم الراب
وفي كتاب الحيوان يذكر ... للجاحظ انقل عنه ما لا ينكر(7/354)
قتل المذكور في سنة إحدى وثمانمائة خارج دمشق، وهو قاصد الديار المصرية، رحمه الله.
1480 - القاضي تقي الدين
....
- 803هـ؟؟ ... - 1400م
عبد اللطيف بن أحمد بن عمر، القاضي تقي الدين أبو محمد، الشيخ شمس الدين أبي العباس ابن الإمام المفتي تقي الدين أبي جعفر الأنصاري الإسنائي الشافعي، ابن أخت الشيخ جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي.
كان فقيهاً مشاركاً، ناب في الحكم بالقاهرة ومصر وأعمال الإطفيحية إلى أن مات في القاهرة في يوم السبت ثالث شهر رجب سنة ثلاث وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1481 - شمس الدين العجمي
...
- 731هـ؟ ... - 1330م
عبد اللطيف بن خليفة، القاضي شمس الدين العجمي، أخو وزير غازان نجيب الدولة.(7/355)
قدم إلى القاهرة واستوطنها، وكان فاضلاً بارعاً في المنطق والمعاني والبيان، وكان معدوداً من أعيان الحنفية، وكان بينه وبين الشيخ علاء الدين القونوي شيخ سعيد السعداء صحبة أكيدة، وكان يسكن بداره على بركة الفيل خارج القاهرة فلما كان يوم الاثنين سلخ المحرم سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وجدوه غريقاً ببكرة الفيل تحت داره، رحمه الله تعالى.
؟
1482 - نجيب الدين أبو الفرج
587 - 672هـ؟ 1191 - 1273م
عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن منصور بن هبة، الشيخ الجليل مسند الديار المصرية نجيب الدين أبو الفرج بن الإمام الواعظ أبو محمد ابن الصيقل النميري الحراني الحنبلي التاجر السفار.
ولد سنة سبع وثمانين وخمسمائة بحران، اسمعه أبوه ببغداد من: عبد المنعم بن كليب، وأبي الطاهر المبارك بن العطوس، وأبي الفرج ابن الجوزي، وأبي القاسم بن السبط، وأبي الفرج بن ملاح الشط، وابن سكينة، وعبد الله بن مسلم بن جوالق، وعبد الملك بن مراهب الوراق، وطائفة سواهم، وأجاز له(7/356)
من أصبهان: أبو جعفر الطرسوسي، ومسعودالجمال، وخليل الرازاني، وأبو المكارم اللبان، وروى الكثير ببغداد، ودمشق ومصر، وانتهى إليه علو الإسناد، ورحل إليه من البلاد، وازدحم عليه الطلبة والثقات، وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان يجهز البز ويتكسب بالمتاجر، وله وجاهة وحرمة وافرة عند الدولة، ثم انقطع لرواية الحديث، وولي مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة إلى أن مات سنة اثنتين وسبعين وستمائة.
وخرج له الشريف عز الدين مشيخة في خمسة أجزاء، وخرج له ثمانيات في أربعة أجزاء، وخرج له ابن الظاهري الموافقات في ثلثاه عشر جزءاً، والإبدال والعوالي في أربعة أجزاء، والمصافحات في جزءين، وغير ذلك وكان سينا صحيح السماع، وجرت عليه محنة من الدولة ولطف الله به، وروى عنه: الدمياطي، وابن الظاهري، وقاضي القضاة نجم الدين، وابن جماعة وقاضي القضاة سعد الدين والد الشيخ كمال الدين بن الشريشي، والشيخ نصر المنيجي، والعفيف أبو بكر الصوفي، ومحمد بن الشرف الميدومي، والصفي محمد، والأرموي، وخلق كثير بمصر والشام وغيرهما، رحمه الله تعالى.(7/357)
؟
1483 - مجد الدين بن تيمية
...
- 699هـ؟ ... - 1299م
عبد اللطيف بن عبد العزيز، الشيخ مجد الدين بن تيمية الحراني الحنبلي العدل.
روى عن جده، وعن عيسى بن سلامة، وابن عبد الدائم، وخطب بحران، وكان خيراً عدلاً، توفي سنة تسع وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1481 - محيي الدين السلمي
628 - 695هـ؟ 1230 - 1295م
عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد السلام، الفقيه محيي الدين بن الشيخ عز الدين بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي.
ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة، وكان أفضل إخوته، توفي سنة خمس وتسعين وستمائة رحمه الله تعالى.
؟
1485 - بلبان الكردي
...
- 736هـ؟ ... - 1335م
عبد اللطيف، الشيخ سيف الدين، شيخ زاوية السعودي بالقاهرة، كان يعرف ببلبان الكردي.(7/358)
سمع من: المعين أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي، وأبي إسحاق إبراهيم ابن عمر بن مضر وغيرهما، وخرجت له مشيخة لطيفة، وكتب خطاً حسناً متوسطاً، ومات بعد الثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1486 - الشريف قاضي مكة الحنبلي
779 - 853هـ؟ 1377 - 1449م
عبد اللطيف بن محمد أبي الفتح بن أبي المكارم احمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن، السيد الشريف الحسني، قاضي القضاة سراج الدين، الفاسي الأصل، المكي الحنبلي.
ولد بمكة في شعبان سنة تسع وسبعين وسبعمائة، ونشأ بها، وتفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وولي قاضي القضاة الحنابلة بمكة، وإمام مقام الحنابلة بالمسجد الحرام، وهو أول قاضي حنبلي ولي بمكة المشرفة، هكذا حدثني من لفظه، قلت: وطالت مدة ولايته بمكة، فإنه ولي القضاء بمكة في حدود سنة ثمان وثمانمائة أو بعدها بيسير إلى أن توفي بمكة في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة.
وكان رحمه الله سيداً نبيلاً، كريماً جواداً، مفرط الكرم، متواضعاً، ذا شيبة نيرة ووقار، محبباً للناس، رحل إلى بلد المشرق على القان معين الدين شاه(7/359)
رخ بن تيمور غير مرة، وعلى ابنه ألوغ بك صاحب سمرقند، وكان يعظمانه ويهبان له الألوف من الذهب، وقيل إنه في بعض سفراته رجع إلى مكة بنحو العشرين ألف دينار فلم تأت عليها السنة حتى ذهبت منه وفرقها في المآكل والمشارب، مع عفة عن المنكرات وعن ما يرمي به قضاة السوء من الرشوة وغير ذلك، بل كان لفرط كرمه يهب لمن يأتي إليه في حاجة أو في محاكمة.
ولما جاورت بمكة المشرفة في عام اثنتين وخمسين وثمانمائة صحبني المذكور، وبقي بيننا صحبة أكيدة ومحبة زائدة، وغالب ما تحققته من أحوال ملوك الشرق إنما هو مما حكاه لي عنهم، رحمه الله تعالى.
وكان شيخاً طوالاً، ضخماً، ساكناً، خيراً، ديناً، إلا أنه كان قليل البضاعة. رحمه الله وعفا عنه.
1487 - مقدم المماليك
...
- 861هـ؟ ... - 1456م
عبد اللطيف بن عبد الله المنجكي العثماني، الأمير زين الدين الطواشي الرومي، مقدم المماليك السلطانية في الدولة الظاهرية جقمق.(7/360)
أصله من خدام الست فاطمة بنت الأمير منجك، ابتاعته وأعتقته، ثم خدم بعد موتها عند الأمير الكبير الطنبغا العثماني، فعرف بالعثماني، ثم انتقل إلى خدمة الأمير جقمق الأرغون شاوي الدوادار نائب الشام إلى أن قتله الملك الظاهر ططر، واستخدم عبد اللطيف هذا وجعله من جملة جمداوية السلطان الخاص، فاستمر المذكور على ذلك سنين وهو ملازم لخدم الفقراء القادرية إلى أن وقع بين الفقراء القادرية والرفاعية كلام في أواخر الدولة الأشرفية برسباي، فشكاه الشيخ حسن نديم الأشرف إليه، فطلبه الملك الأشرف وقال له: أنت جمدار السلطان أم نقيب الفقراء؟ وضربه بالعصى. أخرجه من الجمدارية، ومات الملك الأشرف بعد مدة وآل الأمر إلى الملك الظاهر جقمق فولاه مقدم المماليك السلطانية، بعد القبض على الأمير خشقدم اليشبكي مقدم المماليك وحبسه بثغر الإسكندرية، فاستمر عبد اللطيف في تقدمة المماليك سنين، وحج أمير الركب الأول أولى وثانية، ثم عزل بالطواشي جوهر النوروزي الحبشي(7/361)
نائب مقدم المماليك، في سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، واستمر بطالاً بالقاهرة، ويتردد إلى ثغر دمياط لعمارته هناك ثم يعود إلى القاهرة إلى أن.
؟
1488 - ابن الصابوني
657 - 736هـ؟ 1259 - 1335م
عبد المحسن بن أحمد بن محمد بن علي، الشيخ المسند أمين الدين أبو الفضل ابن شهاب الدين بن الحافظ جمال الدين أبي حامد، المعروف بابن الصابوني.
ولد سنة سبع وخمسين وستمائة، وتوفي ليلة السبت سادس جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وصلى عليه من الغد، ودفن بالقرافة، رحمه الله تعالى.
؟
1489 - الملك السعيد فتح الدين
....
- 683هـ؟ ... - 1284م
عبد الملك بن إسماعيل، الملك السعيد فتح الدين ابن الملك الصالح ابن الملك العادل.(7/362)
كان صاحب الترجمة من خيار الأمراء، محترماً، جليلاً، رئيساً، فاضلاً، سمع الحديث على المشايخ، وروى موطأ يحيى بن بكير عن مكرم بن أبي الصقر، وسمع ابن اللتي وغيره، ومات في ليلة الاثنين ثالث شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وستمائة، ودفن من الغد بتربة أم الصالح.
؟
1490 - الملك القاهر
622 - 676هـ؟ 1225 - 1277م
عبد الملك بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب، الملك القاهر بهاء الدين ابن الملك المعظم بن الملك العادل.
ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وسمع من ابن اللتي وغيره، وحدث، وكان شجاعاً مقداماً، حسن الأخلاق، سليم الصدر، تعانى زي الأعراب في مركبه ولباسه وخطابه، وكان يتبادى.
قال الشيخ قطب الدين اليونيني: حدثني تاج الدين نوح بن شيخ السلامية(7/363)
أن الأمير عز الدين أيدمر العلائي نائب صفد حدثه قال: كان الظاهر مولعاً بالنجوم فأخبر أنه يموت في هذه السنة بالسم ملك، فوجم لذلك، وكان عنده حسد لمن يوصف بالشجاعة، وكان القاهر هـ مع الظاهر بيبرس نوبة الأبلستين وفعل فيها أفاعيل عجيبة، وبين يوم المصاف حتى تعجب الناس منه، فحسده الظاهر، وكان حصل له ندم لتوغله في بلاد الروم، فحدثه القاهر بما فيه نوع إنكار عليه، فأثر عنده، فتخيل في ذهنه أنه إذا سمه كان هو الذي ذكره المنجمون، فأحضره عنده في يوم الخميس ثالث عشر المحرم سنة ست وسبعين وستمائة لشرب القمز، وجعل السقية في ورقة في جيبه، وللسلطان ثلاث هنابات مختصة به، كل هناب مع ساق، فمن أكرمه السلطان ناوله هناباً منها، فاتفق قيام القاهر إلى بيت الماء، فجعل السلطان الورقة في الهناب وأمسكه بيده، وجاء القاهر فناوله الهناب، فقبل الأرض وشربه، وقام السلطان إلى بيت الماء، فأخذ الساقي الهناب من يد القاهر وملأه على العادة وقد بقي فيه بقية جيدة. ووقف حتى أتى السلطان فناوله الهناب فشربه، وهو لا يشعر، فلما شربه أفاق على نفسه وعلم أنه شرب من ذلك الهناب فيه آثار السم، فتخيل(7/364)
وحصل له وعك وتمرض حتى مات بعد أيام قلائل كما ذكرناه في ترجمته وأما القاهر صاحب الترجمة فإنه مات من الغد، ودفن في يومه، رحمه الله، فانظر إلى الجزاء كيف يكون من جنس العمل، فسبحان الحي الذي لا يموت انتهى.
؟
1991 - عبد المنعم البغدادي
...
- 807هـ؟؟ ... - 1404م
عبد المنعم بن محمد بن داود، وقيل ابن سليمان، الشيخ الإمام الفقيه الحنبلي البغدادي، نزيل القاهرة.
قدم من بغداد وأخذ الفقه عن قاضي القضاة موفق الدين، وعن غيره، وبرع في الفقه وغيره، وتصدر للإفتاء والتدريس عدة سنين، وتعين لقضاء(7/365)
الحنابلة، وتولى إفتاء دار العدل، وتدريس مدرسة أم السلطان الأشرف شعبان ابن حسين - بخط التبانة - عوضاً عن الشيخ بدر الدين حسن النابلسي - بعد موته - في أوائل جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، ودام على ملازمة الاشتغال والإشغال إلى أن توفي يوم السبت ثامن عشر شوال سنة سبع وثمانمائة، وقد انتهت إليه رئاسة الحنابلة، رحمه الله تعالى.
؟
1492 - قطب الدين أبو البركات
603 - 687هـ؟ 1206 - 1288م
عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن سعيد ابن إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، الشيخ قطب الدين أبو البركات، خطيب القدس أربعين سنة.
كان من الصلحاء الكبار، وكان مجموعاً عن الناس، حسن الهيئة، عزيز النفس، يفتي الناس، ويذكر التفسير من حفظه في المحراب بعد صلاة الصبح، وقد سمع الكثير من الحديث، وكان من الأخيار.
مولده سنة ثلاث وستمائة، وتوفي ليلة السابع من شهر رمضان سنة سبع(7/366)
وثمانين وستمائة، وولي خطابة القدس من بعد بدر الدين بن جماعة. انتهى.
؟
1493 - الحافظ الدمياطي
613 - 705هـ؟ 1216 - 1305م
عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف بن الخضر بن موسى، الشيخ الإمام الحافظ شرف الدين أبو محمد الدمياطي النوبي الشافعي، أحد الأئمة الأعلام والحفاظ الثقات.
ولد سنة ثلاث عشرة وستمائة بتونة وهي بليدة في مجيرة تنيس من عمل دمياط، قال الأبيوردي والإربلي: في سنة عشرة وستمائة، واشتغل بدمياط وتفقه به على الأخوين الإمامين: أبي المكارم عبد الله، وأبي عبد الله الحسين ابني الحسين بن منصور بن أبي عبد الله السعدي، وسمع بها منهما،(7/367)
ومن الشيخ أبي عبد الله محمد بن موسى بن النعمان، وهو الذي أرشده إلى طلب الحديث، وكان قد حفظ التنبيه في الفقه، والنحول في أصول الفقه للغزالي.
ثم انتقل إلى القاهرة واجتمع بالحافظ أبي محمد عبد العظيم المنذري وجالسه مدة سنين، وأخذ عنه علم الحديث، وكتب عنه جملة كبيرة، وأقبل على هذا الشأن، وكان ول طلبه للحديث سنة ست وثلاثين وستمائة، وتميز في حياة شيخه أبي محمد عبد العظيم المذكور، وكان من نبلاء أصحابه، وكان شيخه يثني عليه، وقرأ القرآن العزيز بالروايات على الشيخ كمال الدين أبي الحسن علي بن شجاع القرشي وسمع منه ومن ابن الجميزي، وابن الصواف، وابن المقير، والشاوي، وعبد العزيز بن عبد المنعم بن البقار، وابن الحباب، وابن عمه أبي إبراهيم بن عبد الرحمن، وعبد الكريم بن عبد الرحمن بن أبي القاسم الراني - آخر من حدث بالديار المصرية عن خطوب الموصلي - والحسين بن محمد الكندي، وغيرهم من أصحاب السلفي والبوصيري وابن ياسين.
ثم رحل إلى الإسكندرية فسمع بها من جماعة من أصحاب السلفي منهم: الفارس، وأبو منصور ظافر بن ظاهر، وابن الجيلي، وابن رواح، والسبط، ومنصور بن سدان الدماغ، وعلى بن مختار، ومحمد بن يحيى بن ياقوت، وأبو البركات هبة الله بن محمد بن حسين بن مفرج المقدسي ابن الواعظ، ومظفر بن(7/368)
الفوي، وأبو بكر محمد بن الحسن السفاقسي، ومحمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن محارب وغيرهم.
وحج فسمع بمكة من: الإمام أبي عبد الله المرسي، وأبي الحسن محمد بن الأنجب البقال، والزعفراني، وعبد الرحمن بن فتوح، وأبي النعمان يسير بن حامد بن سليمان الجعفري، وغيرهم.
ثم رحل إلى دمشق فسمع بها من: أحمد بن الفرج بن السلمة، وإسماعيل ابن أحمد العراقي، وملى بن علان، ومحمد وعبد الحميد ابني عبد الهادي بن يوسف، ومحمد بن منقذ القدسيين، والكفر طابي، وعبد الله بن الخشوعي، وأبي البركات عمر بن عبد الوهاب البرادعي، وأحمد بن يوسف بن ديري، وعلي ابن السني، والبلداني، ومحمد اليونيني، وإبراهيم بن خليل، ومظفر بن محمد الأنصاري بن الشيرجي، والقوصي في آخرين.
وبمعرة النعمان من: قاضيها أحمد بن مدرك بن سعيد، وأخيه أبي الكسور سعد، وأبي الفتح مظفر بن محمد بن سعيد بن مدرك بن علي التنوخي.
وبحماة من إبراهيم بن بعد الله بن إبراهيم التنوخي، وصفية القرشية.
وبحلب من: ابن خليل وأكثر عنه وانقطع إليه مدة، وأخيه يونس، وابن رواحة، وصقر، وأبي الطيب أحمد بن محمد بن يوسف الحنفي، وعمر(7/369)
ابن محسن، وأبي المعالي محمد بن محمد بن عبد الله بن الطرسوسي، وابني أحمد ابن العديم.
ثم توجه إلى بغداد، فسمع بالموصل من القاضي أبي علي الحسن ابن عبد القاهر بن السهروردي، وبي البركات عمار، وأبي حامد محمد ابن الحسن بن علي العبسي، وعبد الكريم بن محمد علوان بن مهاجر، وغيرهم.
وسمع بماردين من: الحافظ أبي محمد، وبحران من: عبد القادر ابن عبد الله بن تيمية، والخياط.
ثم رحل ودخل بغداد، وحدث قديماً سنة ثلاث وأربعين، وسمع منه فيها بعض الحبيبين وفي سنة ست وخمسين سمع منه علي بن المظفر الكندي، وفي سنة إحدى وستين أبو الحسين اليونيني، وأبو المحاسن يوسف بن أحمد اليغموري، وبعد ذلك الميدومي والإربلي هو أحمد بن يونس بن بركة، والفرضي، والمزي، وأبو حيان،(7/370)
وأبو محمد الحلبي، والبرازلي، والذهبي، وابن سيد الناس، وخلق، وكتب عنه أبو حامد بن الصابوني، ومات قبله بسنتين.
وكتب بخطه كثيراً من الكتب والأجزاء ورزق السعادة في إسناده، وازحم الناس على إقرائه بعلم الأنساب، واشتهر بالفضائل ورحل إلى العراق والحجاز والشام وديار بكر، وجمع الجموع الحسنة، وتولي المناصب بالشام ومصر، وأملى وانتفع به الناس.
قال الإسنوي في طبقاته: كان إمام أهل الحديث في زمانه، وكان فقيهاً اصولياً، نحوياً، لغوياً، أديباً، شاعراً، انتهى.
وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في طبقات القراء: أراني إجازته في مجلدة بتلاوته على الكمال الضرير، واستغرق في الحديث زمانه، وسمعت الحافظ أبا الحجاج القضاعي يقول: لم ألق أحداً أضبط من الدمياطي، ودخل بغداد مرتين، وحدث هناك في المرة الأخيرة وأملى، ورزق وافراً، وخرج أربعين حديثاً لأمير المؤمنين آخر خلف بني العباس ببغداد المستعصم أبي أحمد عبد الله ابن المستنصر، وصنف تصانيف مفيدة منها: المعجم بالسماع، ومعجم بالإجازة، ونص في معجمه على أنه يشتمل على ألف شيخ ومائتي شيخ وخمسين شيخاً، وله الأربعون المتباينة الإسناد لأعناد الجياد والأربعون الموافقات، والأربعون،(7/371)
التساعيات المطلقة، وقبائل الأوس، وقبائل الخزرج، وكتاب أخبار بني عبد المطلب بن عبد مناف، أخبار بني نوفل، أخبار بني جمح، أخبار بني سهم بن عمرو بن هصص، وكتاب المحاسن البغدادية، وكتاب كشف المغطى في تبين الصلاة الوسطى صنفه بحلب ثم لما دخل بغداد غيره فنقص منه وزاد وحرره، وهو كتاب نفيس، وله حواشي على البخاري بهوامش على نسخته، وكذا على مسلم، وله سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في مجلدة، وكتاب فضل الخيل، وقد سمعت أنا هذا الكتاب بقراءة الحافظ قطب الدين الخيضري في أربع مجالس آخرها في سلخ شعبان سنة خمس وأربعين وثمانمائة بالقاهرة في منزل المسمع بحارة برجوان على الشيخ الإمام العلامة المحدث عمدة المؤرخين تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي الشافعي بسماعة جميعه على الشيخ المسند(7/372)
ناصر الدين محمد بن علي بن يوسف بن الطبردار الحراوي بسماعه جميعه من مؤلفه الحافظ أبي محمد الدمياطي صاحب الترجمة، عفا الله عنه.
قلت: وتوفي الحافظ شرف الدين الدمياطي المذكور فجأة بالقاهرة بعد أن صلى العصر غشي عليه في موضعه فحمل إلى منزله فمات من ساعته في يوم الأحد خامس عشر ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة.
ومن شعره: أنشدنا الشيخ تقي الدين المقريزي إجازةً، قال: أنشدنا ناصر الدين محمد بن الطبردار إجازةً، قال: أنشدنا الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي لنفسه إجازةً إن لم يكن سماعاً:؟ روينا بإسناد عن ابن مغفل حديثاً صحيحاً صح من علة القدح
بأن رسول الله حين مسيره ... لثامنة وافته من ليلة الفتح
1494 - الأستاذ صفي الدين
....
- 693هـ؟ ... - 1293م
عبد المؤمن بن فاخر، الإمام العالم المجود الأستاذ صفي الدين عبد المؤمن، إمام أهل عصره في ضرب العود والموسيقى.(7/373)
قال العز الأربلي الطبيب: كان المذكور كثير الفضائل، يعرف علوماً كثيرة منها: العربية، ونظم الشعر، والإنشاء، وكان فيه غاية، وعلم التاريخ، وعلم الخلاف، والموسيقى، ولم يكن في زمانه من يكتب الخط المنسوب سوى الشيخ زكي الدين لا غير وهو بعده، وفاق في فنه الأوائل والأواخر، وبه تقدم عند الخليفة، وكانت آدابه كثيرة، وحرمته وافرة، وأخلاقه حسنة طيبة، ثم قال بعد كلام كثير: واجتمعت به في مدينة تبريز في شهور سنة تسع وثمانين وستمائة، وأخبرني صفي الدين المذكور قال: وردت إلى بغداد صبياً، وأثبت فقيهاً بالمستنصرية، شافعياً أيام المستنصر، واشتغلت بالمحاضرات، والآداب، والعربية، وتجويد الخط، فبلغت منه غاية ليس فوقها غاية، ثم اشتغلت بضرب العود، فكانت قابليتي فيه أعظم من الخط، لكنني اشتهرت بالخط ولم أعرف بغيره في ذلك الوقت. ثم إن الخلافة وصلت إلى المستعصم فعمر خزانتي كتب متقابلتين برواق عزيز، وأمر أن يختار لهما كاتبان يكتبان ما يجده، ولم يكن في ذلك الوقت أفضل من الشيخ زكي الدين، وكنت دونه في الشهرة، فرتبنا في ذلك، ولم يعلم الخليفة أنني أحسن الضرب بالعود، وكانت ببغداد مغنية تعرف بلحاظ فائقة الجمال تغني جيداً، فأحبها الخليفة وأجزل لها العطاء، فكثر خدامها وجواريها وأملاكها، فاتفق أنها غنت يوماً بين يديه بلحن طيب(7/374)
غريب، فسألها عن ذلك فقالت: هذا الصفي الدين المجود، فقال الخليفة علي به، فأحضرت وضربت بالعود بين يديهن فأعجبه ذلك، وأمرني بملازمة مجلسه، ورسم لي برزق وافر جزيل، غير ما كان ينعم به علي، وصرت أسفر بين يديه، وأقضي للناس عنده حوائج كثيرة، وكان لي مرتب في الديوان كل سنة خمسة آلاف دينار، يكون عنها دراهم مبلغ ستين ألف درهم، وأحصل في قضاء أشغال الناس مثلها، وأكثر منها، وحضرت بين يدي هولاكو وغنيته، وأضعف ما كان لي من الرواتب أيام المستعصم، واتصلت بخدمة الصاحب علاء الدين عطا ملك الجويني وأخيه شمس الدين، ووليت لهما كتابة الإنشاء ببغداد، ورفعاني إلى رتبة المنادمة، وضاعفا علي الإنعام، وبعد موت علاء الدين وقتل شمس الدين زالت سعادتي وتقهقرت إلى وراء في عمري ورزقي وعيشي، وعلتني الديون، وصار لي أولاد وأولاد أولاد، وكبرت سني، وعجزت عن السعي، انتهى كلام العز الإربلي.
وقال الشريف صفي الدين ابن الطقطقي: مات صفي الدين عبد المؤمن محبوساً على دين كان لمجد الدين عبد الحكيم غلام ابن الصباغ، وكان مبلغ الدين ثلاثمائة دينار، وحبسه القاضي في مدرسة الخل، وكانت وفاته يوم الأربعاء ثامن عشرين صفر سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وكان ينفق أمواله على الملاذ، ويبالغ في عمل الحضرات البديعة، وكان يكون ثمن المشموم والفاكهة(7/375)
أربعة آلاف درهم، وكان يتنعم كثيراً، انتهى كلام الشريف.
قلت: وهو الأستاذ المعروف، صاحب الأدوار في صناعة الطبقة والطنين وضرب العود وعلمه، وهو صاحب التصانيف البارعة لفي الموسيقى، وبه يضرب المثل في هذا الشأن، وهو أشهر مما يحكى عنه، وكان قدم إلى دمشق صحبة الوزير عطا ملك بتجمل زائد وثروة كبير، ورأى صفي الدين في هذا الفن من الحظ ما لم يره غيره بعد إسحاق بن إبراهيم الموصلي، نديم الرشيد هارون، إلا أن صفي الدين هذا كان تسيء التدبير، مسرفاً على الأموال، تلافاً، وذكره الشهاب محمود وأثنى على فضله وكثرة علومه ورئاسته واتصاله بالخلفاء والملوك، وأثبت شيئاً من إنشائه ونظمه في تاريخه رحمه الله تعالى، وعفا عنه.
1495 - أوحد الدين كاتب السر
...
- 786هـ؟ ... - 1384م
عبد الواحد بن إسماعيل بن ياسين، القاضي أوحد الدين بن القاضي تاج الدين(7/376)
الحنفي، المصري المولد والدار والوفاة، كاتب السر الشريف بالديار المصرية.
كان فقيهاً، عالماً فاضلاً، وله مشاركة في عدة علوم، ودربة ومعرفة بفنون شتى، وكان رئيساً نبيلاً، ولاه الملك الظاهر برقوق كتابة السر بالديار المصرية في تاسع شوال سنة أربع وثمانين وسبعمائة، بعد عزل القاضي بدر الدين محمد بن فضل الله، فباشر الوظيفة بحرمة وافرة، وحسنت سيرته، وعظم وضخم، فعاجلته الممنية، ومات بالقاهرة فييوم السبت ثاني ذي الحجة في سنة ست وثمانين وسبعمائة، وأعيد القاضي بدر الدين بن فضل الله إلى كتابة السر بعد موته، ومات عن سبع وثلاثين سنة في عنفوان شبيبته، وهو سبط قاضي القضاة جمال الدين بن التركماني الحنفي.
قال قاضي القضاة بدر الدين محمود العينين رحمه الله: وكان ذا فضيلة وعرفان، وحسن سياسة وإحسان، ورياضة وأخلاق، وجميل إرفاق، وحذق في أمور الدنيا وأحوالها، وصدق في أعمال الآخرة وأقوالها، وكانت له مشاركة في كل منظوم ومنثور، انتهى كلام العيني باختصار.
وأثنى عليه غير واحد ممن رآه وصبحه، وكان مليح الشكل، بهي الهيئة، متجملاً رئيساً، رحمه الله تعالى.(7/377)
؟
1496 - ابن وهبان
قاضي القضاة أمين الدين
قبيل 730 - 768هـ؟ 1329 - 1366م
عبد الوهاب بن أحمد بن وهبان، قاضي القضاة أمين الدين أبو محمد الدمشقي الحنفي، قاضي القضاة حماة.
مولده قبيل الثلاثين وسبعمائة، ونشأ بحماة، وتفقه بها على علماء عصره، وبرع في الفقه، والأصول، والعربية، واللغة، والقراءات، والأدب، ودرس وأفتى عدة سنين، وجمع وكتب وألف، وولي قضاة حماة في سنة ستين وسبعمائة، وحمدت سيرته إلى أن عزل في سنة اثنتين وستين، ثم أعيد في سنة ثلاث وستين، واستمر قاضياً إلى أن توفي بها في ذي الحجة سنة ثمان وستين وسبعمائة.
وكان مشكور السيرة، عفيفاً، ديناً، عالماً رحمه الله تعالى.(7/378)
1497 - خطيب النيرب
619 - 694هـ؟ 1222 - 1294م
عبد الوهاب بن أحمد بن سحنون، الخطيب البارع مجد الدين الدمشقي الحنفي، خطيب النيرب، وروى عن خطيب مراد، وكان له شعر وأدب وفضائل.
كان من فضلاء السادة الحنفية وأذكيائهم، أفتى ودرس مدة طويلة، ودرس بالدامغانية، وعاش خمساً وسبعين سنة، وكان طبيباً ببيمارستان الجبل، وتوفي سنة أربع وتسعين وستمائة.
ومن شعره في ضوبى:
بأبي غزال جاء يحمل مشعلاً ... يكسو الدجا بملاء ثوب أصفر
وكأنه غصن عليه باقةٌ ... من نرجس أو زهرة من نوفر(7/379)
؟
1498 - ابن بنت الأعز
614 - 665هـ؟ 1217 - 1266م
بعد الوهاب بن خلف بن دبر العلامي الشافعي، قاضي القضاة تاج الدين أبو محمد، المعروف بابن بنت الأعز.
ولد سنة أربع عشرة وستمائة، وقيل سنة أربع وستمائة، وروى عن جعفر الهمداني وغيره، وكان إماماً فاضلاً، عالماً متبحراً في المذهب، وولي المناصب الجليلة: كنظر الدواوين والوزر، وقضاء القضاة، ودرس: بالصلاحية، وقبة الشافعي رضي الله عنه، وتقدم في الدولة، وكانت له الحرمة الوافرة عند الملك الظاهر بيبرس، وكان ذا ذهن ثاقب، وحدس صائب، وسعد وعزم مع النزاهة المفرطة، والصلابة في الدين، وحسن الطريقة، والتثبت في الأحكام، وتولية الأكفاء، ولا يراعي أحداً ولا يداهنه، ولا يقول شهادة مريب، وكان قوي النفس، يرتفع على الصاحب بهاء الدين بن حنا وغيره.(7/380)
وهو والد قاضي القضاة صدر الدين عمر قاضي الديار المصرية، ووالد قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن الذي وزر أيضاً، ووالد القاضي العلامة علاء الدين أحمد الذي دخل اليمن والشام.
ولما زاد قاضي القضاة تاج الدين هذا في التثبت في الأحكام شكا الأمير أيدغدي العزيز إلى الملك الظاهر منه، ورفع قصة من بيت الملك الناصر يوسف أنهم ابتاعوا دار القاضي برهان الدين السنجاري في حياته وبعد وفاته ادعى الورثة وقفيتها، وجرى بسبب ذلك أمور، فقال الأمير جمال الدين أيدغدي المذكور: نترك نحن مذهب الشافعي لك ونولي في مذهب من يحكم بين الناس، فأمر الملك الظاهر بتولية القضاة الأربع، ولم يكن قبل ذلك إلا قاض واحد من مذهب واحد.
وكان في ابتداء الإسلام الحكم بالديار المصرية لجماعة من الصحابة والتابعين إلى أن ظهر مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه فصار حكم الديار المصرية بل وسائر الأقطار للقضاة الحنفية شرقاً وغرباً إلى أن ملك الفاطميون الديار المصرية وأبطلوا سائر المذاهب وأظهروا التشيع، وولوا من اختاروه من الشيعة، واستمر ذلك سنين إلى أن زالت دولتهم وملك الديار المصرية بنو أيوب، وكانوا أكراداً شافعية فأقاموا من مذهبهم قاضياً، وكانت القاهرة(7/381)
قد خربت وتلاشى أمرها إلى الغاية، وخرب غالب قراها وأعمالها، وملكت الفرنج بيت المقدس وغالب السواحل سنين عديدة، فلما تسلطن السلطان صلاح الدين يوسف على أنه نائب لنور الدين الشهيد وأخذ في عمل مصالح الديار المصرية، وفتح الفتوحات الهائلة، وقويت شوكته بحسب الحال، ثم ملك من بعده جماعة من بني أيوب إلى أن زالت دولتهم وملكت الأتراك، وآل الأمر إلى سلطنة السلطان الملك الظاهر بيبرس ورتب القضاة الأربع في سنة أربع وستين أو التي قبلها فكان انفراد السادة الشافعية بالحكم في الديار المصرية مائة سنة من سلطنة الملك المنصور أسد الدين شيركوه في سنة أربع وستين وخمسمائة إلى سلطنة الملك الظاهر بيبرس وتولية القضاة الأربعة في سنة أربع وستين وستمائة. انتهى.
قلت: ولما ولى الملك الظاهر القضاة الأربعة قال علم الدين بن شكر - وقد التقى مع قاضي القضاة تاج الدين المذكور في بعض الأماكن - ما مات حتى رأيتك صاحب ربع، انتهى.
وكانت وفاته سنة خمس وستين وستمائة، رحمه الله تعالى.(7/382)
؟
1499 - ابن أبي شاكر
770 - 819هـ؟ 1368 - 1416م
عبد الوهاب بن عبد اله بن موسى بن أبي شاكر بن أحمد بن شرف الدولة ابن الشيخ سيف الدولة، الصاحب الوزير تقي الدين بن الوزير فخر الدين ابن الوزير تاج الدين بن علم الدين بن تاج الدين، القبطي الأصل، المصري الحنفي.
مولده بالقاهرة وبها نشأ، وتعالى قلم الديونة، وتفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه، وكان صحيح الإسلام، وتولى في الدولة الناصرية فرج بن برقوق نظر الديوان المفرد، ثم نظر الخاص، ثم عزل في الدولة المؤيدة شيخ عن نظر الخاص وولي أستادارية المقام الصارمي إبراهيم بن الملك المؤيد شيخ، ثم ولي الوزارة بالديار المصرية إلى أن توفي بالقاهرة في يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة سنة تسع عشرة وثمانمائة.
وكان رحمه الله حسن الإسلام، جيد الاعتقاد في الفقهاء والصالحين، وكان يتجنب النسوة النصارى ويكره دخولهن إلى داره، وهذا أمر عظيم.(7/383)
في الأقباط، ومن فعل ذلك منهم يكون قوي الإيمان، وكان فيها الخير، وعمر مدرسة بين السورين ظاهر القاهرة، ووقف عليها عدة أوقاف، وعمر الرباط بمكة مقابلة باب جياد - أحد بواب المسجد الحرام - ولم يكمله، وكمله فخر الدين بن أبي الفرج، انتهى.
1500 - عبد الوهاب الجيلي
522 - 593هـ؟ 1128 - 1196م
عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر بن الجبلي الكيلاني الحنبلي.
قرأ الفقه على والده الشيخ عبد القادر الكيلاني حتى برع فيه، ودرس بمدرسة والده في حياته وقد نيف على العشرين سنة، وكان أمير أولاد الشيخ عبد القادر، وكان فقيهاً فاضلاً، مشاركاً، حسن الكلام في مسائل الخلاف، له لسان فصيح في الوعظ، ولوعظه تأثير في القلوب، وكان عنده مروءة وكرم، وتوفي بعد الستمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه.(7/384)
؟
1501 - تاج الدين السبكي
728 - 771هـ؟ 1327 - 1369م
عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي تمام، قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر بن قاضي القضاة تقي الدين أبي الحسن بن زين الدين بن ضياء الدين الأنصاري الخزرجي السبكي الشافعي، قاضي القضاة دمشق.
كان إماماً عالماً، بارعاً، فقيها، نحوياً، أصولياً، مولده سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وسمع من القدسي وطبقته بمصر، ومن بنت الكيال، وابن تمام، والمزي، وأجاز له الحجار، وعني بالرواية، وسمع كثيراً، وأخذ عن والده، والشيخ أثير الدين أبي حيان، وغيرهما، وسمع الحديث على الحافظ شمس الدين الذهبي وتخرج، وكان ذكياً، صحيح الذهن وبرع في الفقه وغيره، وأفتى ودرس، وولي قضاء دمشق أربع مرات، وتولي خطابة الجامع الأموي بدمشق، وصنف عدة مصنفات من ذلك: مختصر ابن الحاجب، وشرح(7/385)
منهاج البيضاوي، وجمع الجوامع في الأصول، والتوشيح في الفقه، وطبقات الشافعية في ثلاث مصنفات: كبرى ووسطى وصغرى، وكتاب الأشباه والنظائر، وغير ذلك، وكن له نظم ونثر وإنشاء، توفي بالدهشة ظاهر دمشق في يوم الثلاثاء سابع ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، ودفن بسفح قاسيون عن أربع وأربعين سنة، رحمه الله تعالى.
؟
1502 - ظهير الدين الصاغاني
646 - 752هـ؟ 1248 - 1325م
عبد الوهاب بن عمر بن عبد المنعم بن هبة الله بن أمين الدولة، الشيخ ظهير الدين الصاغاني الحنفي الحلبي.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي بعد أن ذكر نسبه: الإمام الصاغاني الزاهد الحنفي النحوي ظهير الدين الصوفي، مولده في شهر رجب سنة ست وأربعين وستمائة، وسمع من حسنه الحرانية، وأجازك له شعيب الزعفراني، وأبو الحسن ابن الجميزي، وحدث، وأخذ عنه ابن طغريل وجماعة. انتهى كلام الذهبي باختصار.(7/386)
قلت: كان رحمه الله من أعيان فقهاء السادة الحنفية، ذكره الحافظ عبد القادر في طبقاته وأثنى عليه، وتوفي بحلب في صفر سنة خمس وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
1503 - ابن فضل الله
623 - 717هـ؟ 1226 - 1317م
عبد الوهاب بن فضل الله بن المجلي بن دعجان بن خلف، القاضي شرف الدين أبو محمد القرشي العمري، نسبته إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
مولده في ثالث ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وستمائة بدمشق، كان إماماً فقيهاً، كاتباً بليغاً، أديباً مترسلاً، كتب المنسوب الفائق، وتنقل في الخدم حتى صار صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية مدة طويلة، ومكان مخاديمه يعظمونه ويحترمونه مثل: حسام الدين لاجين، والملك الأشرف خليل ابن قلاوون، والملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان الأمير تنكز نائب الشام في كل قليل يذكره، ويجعل أفعاله قواعد يمشى عليها، وكان كاملاً في فنه، أحسن من كتب عن ملوك الأتراك، وكان يدور في كلامه ويتحيل حتى يخرج عن ثقل الإعراب وما يلحن، وهو أول كاتب سر ولي بديار مصر(7/387)
من بني فضل الله، وهو أن الملك الأشرف خليل بن قلاوون لما تغير على كاتب سره عماد الدين إسماعيل بن أحمد بن الأثير قال لنائبه الأمير بدر الدين بيدرا: انظر لي غيره، وكان الأمير لاجين السلاح دار حاضراً، فذكر شرف الدين المذكور وأثنى عليه، فأحضره السلطان على البريد من دمشق في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وستمائة وأخلع عليه، واستقر به في كتابة السر بالديار المصرية، ودام على ذلك حتى نقله الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى كتابة سر دمشق عوضاً عن أخيه يحيى، وولي عوضه القاضي علاء الدين بن الأثير.
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: حكى لي القاضي شهاب الدين بن القيسراني قال: كنت يوماً أقرأ البريد على الأمير تنكز فتحرك على دائر المكان طائر فالتفت إلي يسيراً ورجع إلي وقال: كنت يوماً بالمرج وشرف الدين بن فضل الله يقرأ علي بريداً جاء من السطلان، والصبيان قد رموا حلة على عصفور، فاشتغلت بالنظر إليها فبطل القراءة وأمسكني، وقال: يا خوند إذا قرأت عليك كتاب السلطان اجعل بالك كله مني، ويكون ذهنك كله عندي، لا تشتغل بغيري أبداً، وأفهمه لفظة لفظة. انتهى.
وكان في مبدأ أمره يلبس القماش الفاخر، ويأكل الأطعمة المنوعة الفاخرة، ويعمل السماعات المليحة، ويعاشر الفضلاء مثل بدر الدين بن مالك وغيره، ثم(7/388)
انسلخ من ذلك كله لما دخل الدولة، وقتر على نفسه، واختصر في ملبسه، وانجمع عن الناس انجماعاً كلياً، وكان قد سمع في الكهولة من ابن عبد الدائم، وأجاز له ابن مسلمة وغيره، وكان السلطان الملك الناصر محمد بن قالاوون قد نقله من مصر إلى الشام عوضاً عن أخيه محيي الدين يحيى، لأن الملك الناصر كان قد وعد القاضي علاء الدين بن الأثير لما كان معه في الكرك بالمنصب، فأقام بدمشق إلى سنة سبع عشرة وسبعمائة، وتوفي رحمه الله في شهر رمضان من السنة وخلف نعمة طائلة.
ورثاه القاضي شهاب الدين محمود وهو بمصر بقصيدة أولها:
لتبك المعالي والعلا الشرف الأعلى ... وتبك الورى الإحسان والحلم والفضلا
ومن شعره يمدح الملك المنصور قلاوون الصالحي الألفي.
تهب الألوف ولا تهاب لهم ... ألفاً إذا لاقيت في الصف
ألف وألف من ندى ووغى ... فلأجل ذا سموك بالألفي
وله لما ختن الملك الناصر محمد بن قلاوون:
لم يروع له الختان جناناً ... قد أصاب الحديد منه حديداً(7/389)
مثلما تنقص المصابيح بالقط ... فتزداد في الضياء وقودا
ولما توفي تولي بعده كتابة سر دمشق العلامة شهاب الدين أبو الثناء محمود، وكان من كتاب الدرج بالقاهرة، رحمه الله تعالى.
1504 - النشو
...
- 740هـ؟ ... - 1339م
عبد الوهاب بن فضل الله، القاضي شرف الدين ناظر الخواص، المعروف بالنشو.
كان هو ووالده وأخوته يخدمون الأمير بكتمر الحاجب، فلما انفصلوا من عنده أقاموا بطالين مدة، ثم استخدم النشو هذا الأمير أيدغمش أمير آخور، فقام بخدمته إلى أن جمع الملك الناصر محمد بن قلاوون في بعض لأيام كتاب الأمراء فرآه السلطان وهو واقف وراء الجماعة وهو شاب طويل نصراني حلو(7/390)
الوجه فاستدعاه وقال له: إيش اسمك؟ قال: النشو، فقال: أنا أجعلك نشوى، ورتبه مستوفياً في الجيزة، وأقبلت سعادته، فأرضاه فيما ندبه إليه وملأ عينه، ثم إنه نقله إلى استيفاء الدولة، فباشر ذلك مدة حتى استسلمه على يد الأمير بكتمر الساقي، وسلم إليه ديوان سيدي أنوك ابن الملك الناصر إلى أن توفي القاضي فخر الدين ناظر الجيش نقل الملك الناصر شمس الدين موسى من نظر الخاص إلى نظر الجيش، وولي النشو هذا نظر الخاص على ما بيده من ديوان ابن السلطان، وحج مع السلطان في تلك السنة يعني سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة.
قال ابن أيبك: ولما كان في الاستيفاء وهو نصراني كانت أخلاقه حسنة، وفيه بشر وطلاقة وجه وتسرع لقضاء حوائج الناس، وكان الناس يحبونه، فلما تولي الخاص وكثر الطلب عليه، وزاد السلطان في الإنعامات والعمائر وبالغ في أثمان المماليك وزوج بناته واحتاج إلى الكلف العظيمة المفرطة الخارجة عن الحد ساءت أخلاق النشو وأنكر من يعرفه، وفتحت أبواب المصادرات للكتاب، ولمن كان معه مال، وكان الناس يقومون معه(7/391)
ويقعون إلى أن ازداد الشر أضعافه، وهلك أناس كثيرو، وسلب جماعة نعمهم، وزاد الأمر إلى أن دخل الأمير بشتك والأمير قوصون وجماعة من الخاصكية، ومعهم عبد المؤمن إلى السلطان، فلما حضروا أجلسهم، وأخرج عبد المؤمن سكينة عظيمة من غلافها، فارتاع السلطان، فقال عبد المؤمن: أنا الساعة أخرج إلى النشو وأضربه بهذه السكينة وأنت تشنقني وأريح الناس من هذا الظالم، فقال: يا أمراء متى قتل هذا بغتةً راح مالي، ولكن اصبروا حتى نبرم الحال في أمره، فلما كان ليلة الاثنين ثاني صفر سنة أربعين وسبعمائة اجتمع السلطان به وقال له: نريد غداً نمسك فلاناً فاطلع أنت من سحر لتروح تحتاط عليه، واحضر جماعتك ليتوجه كل واحد منهم إلى جهة أعينها له، فلما كان باكر النهار طلع إليه ودخل واجتمع به وقرر معه الأمر، وقال له: أخرج حتى أخرج أنا وأعمل على إمساكه، فخرج وقعد على باب الخزانة، وقال السلطان لبشتك: أخرج إلى النشو وامسكه، فخرج إليه وأمسكه، وأمسك أخاه رزق الله، وصهره، وأخاه الآخر، وجماعتهم، وعبيدهم، ولم ينج منهم إلا المخلص أخو النشو، فإنه كان في بعض الديرة فجهز إليه من(7/392)
أمسكه وأحضره، وجهز رزق الله إلى بيت الأمير قوصون، فلما أصبح وجدوه قد ذبح نفسه، وأما النشو فتسلمه الأمير برسبغا الحاجب ابن الأمير بشتك وعوقب هو وأخوه المخلص ووالدتهما وعبدهم، وماتت والدته وأخوه المخلص تحت العقوبة في المعاصير والمقارع، ثم إن السلطان رق على النشو ورفع عنه العقوبة، ورتب له الجرائحية والشراب والفراريج، فاستشعروا رضى السلطان عليه، فأعيدت عليه العقوبة ومات تحتها.
وقيل إن الذي أخذ منه ومن أخوته وأمه وأخته وصهره وعبيدهم بلغ ثلاثمائة ألف دينار مصرية.
وفي إمساكه نظم القاضي علاء الدين بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء:
في يوم الاثنين ثاني الشهر من صفر ... نادى البشير إلى أن أسمع الفلكا
يا أهل مصر نجا موسى ونيلكم ... وفي فرعون وهو النشو قد هلكا
؟
1505 - قاضي القضاة بدر الدين الإخنائي
720 - 789هـ؟ 1320 - 1377م
عبد الوهاب بن محمد بن محمد بن عيسى بن أبي بكر بن عيسى، قاضي القضاة بدر الدين الإخناء السعدي المالكي.(7/393)
ولد في حدود سنة عشرين وسبعمائة، وتفقه بجماعة من العلماء، وتولى نظر الخزانة الخاص، ثم ولاه الملك الأشرف شعبان بن حسين قضاء القضاة المالكية في يوم الخميس حادي عشرين شهر رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة، بعد موت قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الإخنائي، وكان ضعيفاً فجاء التشريف وألقي عليه على لحافه، فلما عوفي من مرضه لبس التشريف وباشر القضاء أحسن مباشرة إلى أن صرف بعلم الدين سيلمان بن خالد بن نعيم البساطي في سابع عشرين ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، ثم أعيد في صفر سنة تسع وسبعين فباشر القضاء ثانياً إلى أن صرف بالبساطي في يوم الاثنين ثالث شهر رجب من السنة ولزم داره إلى أن توفي بالقاهرة في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وسبعمائة.
وكان خيراً ديناً مشكور السيرة في أحكامه، رحمه الله تعالى.
1506 - أيمن الدين الطرابلسي الحنفي
773 - 809هـ؟ 1371 - 1416م
عبد الوهاب بن محمد بن أبي بكر، قاضي القضاة أمين الدين ابن قاضي القضاة شمس الدين الطرابلسي الحنفي.(7/394)
ولد بالقاهرة في يوم الثلاثاء ثامن عشرين شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ونشأ بها تحت كنف والده، وبه تفقه وبغيره، وتولي قضاء العسكر مدة، ثم قضاء القضاة الحنفية بالديار المصرية بعد موت قاضي القضاة جمال الدين يوسف الملطي في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانمائة، فسار على سيرة أبيه في العفة والديانة إلى أن صرف في سادس عشرين شهر رجب سنة خمس وثمانمائة بقاضي القضاة كمال الدين عمر بن العديم قاضي حلب، فباشر كمال الدين إلى أن توفي سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وتولي من بعده ابنه ناصر الدين محمد مدة يسيرة، وصرف وأعيد صاحب الترجمة في رابع شهر رجب من السنة، فباشر مدة يسيرة هو أيضاً، وصرف بناصر الدين محمد ابن العديم المذكور إلى أن توفي سنة تسع عشرة وثمانمائة، وقد تجاوز الأربعين سنة.(7/395)
وكان مشكور السيرة، وولي مشيخة الشيخونية بعد عزله ثاني مرة، رحمه الله تعالى.
1507 - نظام الدين الخيمي الحنفي
638 - 720هـ؟ 1240 - 1320م
عبد الوهاب بن محمد بن محمد بن محمد بن عثمان، الشيخ الإمام الفقيه النحوي نظام الدين، البلخي الأصل، الخيمي المولد، الحنفي، إمام المدرسة الأشرفية.
مولده في نصف شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وستمائة، تفقه على أبيه وغيره، وحدث عن والده بجزء ابن نجيد.
قال الحافظ عبد القادر في طبقاته: وكان عنده نباهة وقوة ذهن، مع كبر سن، وهو من بيت علم، كان أبوه من كبار فقهاء السادة الحنفية، ثم قال: وحدث عن والده بجزء ابن نجيد، وسمعته عليه، وكان فقيهاً فاضلاً، انتهى كلام عبد القادر.(7/396)
قلت: كان المذكور معدوداً من أعيان الحنفية، وأفتى ودرس سنين، وأثنى عليه جماعة من العلماء، وتوفي بالمدرسة الأشرفية خارج القاهرة في سابع عشر شهر رجب سنة عشرين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
1508 - قاضي شهبة
653 - 726هـ؟ 1255 - 1326م
عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن الشيخ كمال الدين الأسدي الشافعي الدمشقي، الشهير بابن قاضي شهبة.
مولده في سنة ثلاث وخمسين وستمائة، كان فقيهاً عالماً، فاضلاً، بارعاً، تصدر للإفتاء والتدريس مدة طويلة، وانتفع به كثير من الطلبة إلى أن توفي بدمشق في سنة ست وعشرين وسبعمائة، ودفن بمقابر باب الصغير.(7/397)
1509 - تاج الدين بن نصر الله
760 - 820هـ؟ 1359 - 1417م
عبد الوهاب بن نصر الله بن الحسن، القاضي تاج الدين، الفوي الأصل ثم المصري الحنفي، أخو الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله، ووالد القاضي شرف الدين وغيره، مولده سنة ستين وسبعمائة بفوه، وقدم القاهرة واشتغل، وتفقه بجماعة من فقهاء السادة الحنفية، وناب في الحكم سنين، وولي عدة وظائف جليلة: كنظر الأحباس، ووكالة بيت المال، ونظر الكسوة، وتوقيع الدست، وخدم عند عدة من أكابر الأمراء بالديار المصرية.
وكان له وجاهة ووقار في الدولة، وكان جارنا، ونعم الجار كان إلى أن توفي ليلة السبت ثالث عشر جمادى الآخرة سنة عشرين وثمانمائة، وخلف عدة أولاد ذكور وإناث، رحمه الله تعالى وعفا عنه.(7/398)
1510 - الوزير الشيخ الخطير
...
- 865هـ؟ ... - 1460م
عبد الوهاب بن الشمس نصر الله بن الوجيه توما، الوزير تاج الدين القبطي الأسلمي، الشهير بالشيخ الخطير، وهو لقب لوالده الشمس نصر الله
مولده بالقاهرة، وبها نشأ على دين النصرانية، وبرع في قلم الديونة والمباشرة، وخدم في عدة جهات، ثم أكره حتى أظهر الإسلام، واتصل بخدمة الملك الأشرف برسباي لما كان أميراً، فلما آل أمره إلى السلطنة رقي تاج الدين المذكور حتى جعله ناظر الإسطبل السلطاني، بعد القاضي بدر الدين محمد ابن مزهر لما ولي كتابة السر بالديار المصرية، ثم أضاف إليه التحدث في إقطاع المقام الناصري محمد بن الملك الأشرف برسباي، ثم من بعده لأخيه الملك العزيز يوسف، ثم أضاف إليه عدة جهات أخر، وكان الأشرف ظنيناً بمعرفته ومباشرته إلى أن استعفى الصاحب جمال الدين يوسف بن كريم الدين ابن كاتب جكم عن الوزر وأعفى، طلبه الملك الأشرف في يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة وفوض عليه خلعة الوزر، عوضاً عن الصاحب جمال الدين المذكور، فلما ولي التاج هذا الوزر باشر بعجز وتعب وقلة سعادة مع طيش وخفة وحدة مزاج وصياح، قيل إنه كان(7/399)
يوماً في دست مباشرته بقاعة فتح الله الصغيرة فازدحم الناس بالقاعة المذكورة لقضاء حوائجهم على العادة من غير زيادة ازدحام، فلما نظر ذلك ضاق خلقه وأمرهم بالذهاب فلم يلتفتوا لقوله، فإنه كان غير مهاب في الأعين فقام على الفور على باب القاعة وجمع ما كان بباب القاعة من الزراميج والقباقيب في ذيله بالنجاسات والوسخ وخرج بهم إلى الباب البراني وأرماهم من ذيله ثم عاد وقعد في مرتبته، فعند ذلك خرج كل واحدٍ إلى أخذ مداسه، واستراح، وله من هذه الأشياء يطول الشرح في ذكرها، واستمر في الوزر إلى أن استعفى غير مرة، وظهر عنه لكل أحد عدم تدبيره وقلة معرفته وعجزه، وفهم السلطان عنه ذلك وعزله عن الوزر، ولزم داره وتخومل إلى أن مات الملك الأشرف برسباي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وآل الأمر بعد ذلك إلى سلطنة الملك الظاهر جقمق قبض عليه وصادره، وامتحن في أيامه ثم ترك بطالاً مخمولاً متعوساً مبعوداً لبغض الناس له، لذميم خلقه، وشراسة خلقه، ولقلة دينه، وكثرة ميله إلى دين النصرانية، يعلم ذلك بمجرد رؤية وجهه، وصفته شيخ قصير، أصفر الوجه، تعلوه ظلمة، وعمامته كعمامة النصارى في ترتيبها غير أنها مبيضة في الظاهر، وهو إلى الآن من جملة الأحياء في حكم الأموات نكالاً من الله.(7/400)
؟
1511 - الوزير علم الدين بن القسيس
...
- 791هـ؟ ... - 1388م
عبد الوهاب بن القسيس، الوزير الصاحب علم الدين القبطي، عرف بكاتب سيدي.
كان أولاً يلي ديوان المرتجع إلى أن ولاه الملك الظاهر برقوق الوزارة، بعد موت الوزير شمس الدين إبراهيم كاتب أرنان، في سادس عشرين شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة، فباشر الوزر بكون وقلة ظلم إلى أن عزل وقبض عليه في يوم السبت رابع شهر رمضان سنة تسعين وسبعمائة بالوزير كريم الدين عبد الكريم ابن شاكر بن الغنام وتسلمه، وكان صاحب الترجمة هو الظالم، فإنه أراد في أيام عمله أن يتسلم ابن الغنام ويصادره، فبادر ابن الغنام وسعى في الوزر وتسلمه وصادره، ثم أطلقه فلزم داره حتى مات في أول المحرم سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وكان كاتباً مطيعاً، عفا الله عنه.(7/401)
؟
1512 - تاج الدين اليماني الفقيه المؤرخ
680 - 743هـ؟ 1281 - 1342م
عبيد الله بن عبد المجيد بن عبد الله بن أبي المعالي متَّ - بتاء مثناه من فوق مشددة - ابن أحمد، الشيخ تاج الدين أبو المحاسن المخزومي اليمني.
مولده في شهر رجب سنة ثمانين وستمائة بعدن، هكذا ذكره الجندي في تاريخ اليمن وهو أعرف بأحوال اليمنيين من غيره.
وقال البرزالي: ولد بمكة، وتابعه جماعة على ذلك.
كان إماماً فقيهاً عالماً، وله مكارم ومعرفة بفنون، وله تواليف كثيرة، وله نظم، وترسل، وخطب، ونثر جيد، وفصاحة، وبلاغة، ومصنفات كثيرة، من ذلك: مختصر الصحاح، وشرح ألفاظ الشفاء للقاضي عياض، وتاريخه المسمى ببهجة الزمن في تاريخ اليمن، وغير ذلك، ورحل، وقدم دمشق(7/402)
في نيابة الأفرم، ونالته السعادة، وأشغل الطلبة بها مدة طويلة في علوم شتى، ثم عاد إلى اليمن ونال بها أيضاً رئاسة وسعادة عند صاحبها الملك المؤيد بن الملك المظفر، ثم وزر له، واستمر على ذلك إلى أن مات المؤيد حصل له نكبة وصودر وجرت عليه خطوب من الملك المجاهد بن المؤيد، ثم عاد إلى الحجاز ثانياً، فإنه كان أقام به أولاً ثمان سنين، وأقام به مدة، ثم قصد الديار المصرية في سنة ثلاثين وسبعمائة فحسن أمره بها، وولي تدريس المشهد النفيس، وشهادة البيمارستان المنصوري بالقاهرة، ثم رحل إلى القدس وتولى تصديراً، ثم عاد إلى القاهرة في آخر سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ودفن بمقبرة الصوفية، وقيل توفي بالقدس، والأول أرجح، رحمه الله تعالى.
ومن شعره:
لعل رسولاً من سعاد يزور ... فيشفي ولو أن الرسائل زور
يخبرنا عن غادة الحي هل ثوت ... وهل ضربت بالرقمتين خدود
وهل سنحت في الروض غزلان عالج ... وهل أثله بالساريات مطير
ديار لسلمى جادها وأكف الحيا ... إذ ذكرت خلت الفؤاد يطير
كأن غنا الورقاء م فوق دوحها ... قيان وأوراق الغصون ستور(7/403)
تمايل فيها الغصن من نشوة الصبا ... كأن عليه للسلاف غدير
متى أطلعت فيه الغمائم أنجما ... تلوح ولكن الأكف تغور
1513 - قاضي القرم
بعد 710 - 780هـ؟ بعد 1310 - 1378م
عبيد الله بن محمد بن عثمان، شيخ الشيوخ ضياء الدين بن سعد الدين، وكان يقال له ضياء العفيفي القزويني الشافعي القرمي، المعروف بقاضي القرم.
ولد في سنة بضع عشرة وسبعمائة، وأخذ عن والده، وعن القاضي عضد الدين عبد الرحمن في صباه، وسمع من العفيف المطري، وبرع في العلم قديماً حتى كان الشيخ سعد الدين عمر بن مسعود التفتازاني أحد من قرأ عليه وحضر دروسه، ثم قدم القاهرة وعظم عند الملك الأشرف شعبان بن حسين، وتولي تدريس الشافعية بخانقاة شيخو بعد الشيخ بهاء الدين السبكي، ثم ولي مشيخة الخانقاة الركنية بيبرس الجاشنكير، ولما انشأ الملك الأشرف شعبان مدرسته(7/404)
بالصوه - تحت قلعة الجبل تجاه الطبلخاناة السلطانية - ولاه مشيختها وعزل نظام الدين إسحاق.
قلت،: وقد أخرب الملك الناصر فرج هذه المدرسة المذكورة، وهي إلى، بيمارستان الملك المؤيد شيخ، انتهى.
ولما توجه الملك الأشرف من القلعة إلى بركة الحاج يريد الحج في يوم الاثنين رابع عشر شوال سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، دخل قبل توجهه إلى البركة مدرسته المذكورة قبل أن يكمل بناؤها وإما كمل قاعة المشيخة لا غير، وسكنها الشيخ ضياء الدين المذكور واستدعى القضاة الأربع ومد لهم سماطاً عظيماً، وجلس السلطان والشيخ إلى جانبه، فتقدم خادم الخدام الشيخ محمد بن النجار القرافي وأخذ الششني، فمد السلطان يده حينئذ وأكل، ثم جيء بعد السماط بتوقيع الشيخ بمشيخة الشيوخ، وقرأه القاضي فخر الدين محمد القاياتي قاضي مصر، ثم خرج السلطان إلى بركة الحجاج، وكان من أمره ما ذكرناه، ولما قتل الملك الأشرف تسلطن من بعده ولده الملك المنصور علي وقام بتدبير الأمير قرطاي وغيره من الأمراء أخرج الشيخ ضياء الدين من المدرسة الأشرفية إخراجاً مزعجاً، وسكن البيبرسية على عادته أولاً، ولازم التدريس والإقراء، وانتفع به الطلبة، بعلمه وجاهه، وكانت الطلبة تقرأ عليه دواماً حتى في حال ركوبه ومسيره، وكان يقول: أنا حنفي الأصول، شافعي.(7/405)
الفروع، وكان متضلعاً من العلوم والفنون، يقرئ في غالب الأوقات بلا مطالعة، وكان يستحضر مذهب السادة الحنفية ويفتي فيه، كما يفتي في مذهبه، هذا مع الدين المتين، وكثرة الخير، وقلة الشر، وسلامة الباطن.
قال المقريزي: وكانت لحيته طويلة جداً بحيث تصل إلى قدميه، وكان رجلاً تاماً إلى الطول أميل، وإذا نام جعل لحيته في كيس، وكانت العامة إذا رأته حين يمر في الأسواق سبحت الله تعالى، وكان إذا سمع قولهم يقول: هؤلاء مؤمنون حقاً، ولم يزل على حاله حتى توفي بالقاهرة يوم الاثنين ثالث عشرين ذي الحجة سنة ثمانين وسبعمائة، وهو أحد من أخذت عنه. انتهى كلام المقريزي باختصار، رحمه الله تعالى.
؟
1514 - البارشاه السمرقندي
...
- 701هـ؟ ... - 1301م
عبيد الله بن محمد، الشيخ الإمام العابد الزاهد العلامة ركن الدين البارشاه السمرقندي الحنفي، نزيل دمشق، ومدرس الظاهرية، ثم النورية.
كان من أئمة المذهب، مكباً على المطالعة والأشغال مع أوراد هائلة، كان يصلي في اليوم والليلة مائة ركعة دوماً مع تأني وخشوع وله حلقة بالجامع يقرئ(7/406)
الطلبة، وأقام مدة طويلة على ذلك، وانتفع بعلمه ودينه جماعة كبيرة، واستمر على ذلك إلى أن مات خنقاً في سنة إحدى وسبعمائة، أصبح ميتاً ملقى في بركة الظاهرية، فمس طي الحوراني قيم الظاهرية وضرب، فأقر بقتله فشنق في التاريخ. انتهى.
؟؟
1515 - تقي الدين الإسعردي
622 - 629هـ؟ 1225 - 1293م
عبيد الله بن محمد بن عباس بن محمد بن موهوب، الحافظ المفيد تقي الدين أبو القاسم الإسعردي.
؟ ولد سنة اثنتين وعشرين وستمائة بإسعرد، وقدم إلى الديار المصرية في صباه مع أبيه، وسمع من: علي بن مختار، والحسن بن دينار، ويوسف بن المخيلي، وابن رواح، وابن المقير، وسبط السلفي، وجماعة بالثغر، وجماعة بدمشق، وكتب الكثير، وبرع في الحديث والرجال، والتجريح، والعالي والنازل، وخرج لجماعة، وقرأ الكثير، وكان من العارفين مع الثقة والصدق، وسمع منه: ابن الظاهري وولداه، والحراني وولداه، والمزي، وابن منير الحلبي، وابن سيد الناس، والبرزالي، وخلق، وتوفي سنة اثنتين وتسعين وستمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه.(7/407)
باب العين والتاء
المثناة من فوق
1516 - تقي الدين العدوي
...
- 722هـ؟ ... - 1322م
عتيق بن عبد الرحمن بن أبي الفتح، الشيخ المحدث الزاهد تقي الدين أبو بكر القرشي العدوي العمري، المصري، الصوفي، المالكي، شيخ خانقاه ابن الخليل.
كان فيه دين وتعبد، مع علم وفضيلة، سمع بمصر والشام والحجاز، وجاوز بمكة مرة، وحدث عن: النجيب عبد اللطيف، وعبد الله بن علاق، ومرض بالفالج مدة، وهو في عشر الثمانين، وكتب عنه الطلبة، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، رحمه الله تعالى، وعفا عنه.(7/409)
باب العين والثاء المثلثة
1518 - فخر الدين البرماوي
...
- 816هـ؟ ... - 1413م
عثمان بن إبراهيم بن أحمد، الشيخ الإمام فخر الدين البرماوي الشافعي، شيخ القراء بالمدرسة الظاهرية برقوق.
كان إماماً بارعاً في معرفة القراءات، عالماً بالفقه والحديث والعربية، تصدر للإقراء عدة سنين إلى أن توفي فجأة بعد خروجه من الحمام في يوم الاثنين تاسع عشر شعبان سنة ست عشرة وثمانمائة.
والبرماوي نسبة إلى برمة، بلدة بالغربية من أعمال القاهرة بالوجه، البحري، وإليها ينتسب جماعة كثيرة من الفقهاء وغيرهم، رحمه الله تعالى.(7/411)
؟
1519 - العلامة فخر الدين التركماني الحنفي
660 - 731هـ؟ 1261 - 1330م
عثمان بن إبراهيم بن مصطفى بن سليمان، الشيخ الإمام العلامة فخر الدين أبو عمرو المارديني الحنفي، الشهير بالتركماني.
كان إماماً عالماً بارعاً مفنناً، تصدر للإفتاء والتدريس سنين، وكان معظماً عند الملوك، درس بمدرسة الملك المنصور قلاوون بالقاهرة مدة طويلة وشرح الجامع الكبير، وسمع من: أحمد بن عبد الكريم بن غازين وشاكر الله ابن السمعة، وعمر بن عبد العزيز بن رشيق، وغيرهم، وكان من أوعية العلم، مقدماً على أقرانه، فصيح العبارة، عالماً باللغة والعربية والمعاني والبيان، معدوداً من أعيان السادة الحنفية.
قال الحافظ عبد القادر الحنفي في طبقاته، عثمان بن مصطفى بن إبراهيم بن سليمان بعكس ما ذكرناه وأظنه وهم في ذلك، أو غلط الكاتب في النسب، قال: الإمام العلامة شيخ الحنفية في زمنه، والد سيدنا ومولانا قاضي(7/412)
القضاة علاء الدين أبي الحسن علي، والعلامة تاج الدين أبي العباس أحمد، ثم قال: وهو أيضاً جد سيدنا قاضي القضاة جمال الدين أبو محمد عبد الله بن علي، وعبد العزيز بن علي، ومحمد بن أحمد، بيت علماء فضلاء أئمة، انتهت إليهم الرئاسة، وسمع الإمام فخر الدين من الدمياطي، وحدث وأفتى، ودرس، وتخرج عليه الخلق من الطلبة، وشرح الجامع الكبير بكماله، وتفقهت عليه، وقرأت عليه قطعة من الهداية بالجامع الحاكي وغيره، انتهى كلام الحافظ عبد القادر.
قلت: وكانت وفاته ليلة السبت حادي عشر شهر رجب سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
؟
1520 - فخر الدين الزرعي
...
- 778هـ؟ ... - 1376م
عثمان بن أحمد بن أحمد بن عثمان، قاضي القضاة فخر الدين أبو عمرو بن(7/413)
قاضي القضاة صدر الدين أبي المعالي بن القاضي شهاب الدين بن القاضي فخر الدين الزرعي الشافعي، قاضي قضاة حلب.
انتقل إليها من قضاء طرابلس، وطالت مدته فيها، حكمها نحواً من إحدى وعشرين سنة، وكان مشكور السيرة، عالماً، فاضلاً، فقهياً، ورئيساً، توفي بحلب في شعبان سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
؟
1521 - أبو العباس الظاهري
670 - 730هـ؟ 1271 - 1329م
عثمان بن أحمد بن محمد بن عبد الله، الشيخ الإمام أبو العباس الظاهري الحنفي.
تفقه على والده، وعلى عمه إبراهيم، وأحضره والده على أبي الفتح عبد اللطيف ابن عبد المنعم الحراني، وعبد الله بن علاق، وأسمعه من عبد العزيز بن عبد المنعم الحلاوي، والإمام أبي بكر محمد بن إبراهيم المقدس، سمع الكثير، وكتب بخطه، وقرأ بنفسه على البرزالي.
قال الحافظ عبد القادر الحنفي: ذكر لي والده في سنة خمس وثمانين أن كثرة شيوخ إلى ستمائة شيخ، ثم ازدادوا بعد ذلك، مولده في صفر سنة سبعين(7/414)
وستمائة، وقيل في المحرم، ومات رحمه الله في ليلة يسفر صباحها عن سادس شهر رجب سنة ثلاثين وسبعمائة، بزاوية والده خارج باب البحر، سمعت منه الكثير، وأجاز لي غير مرة، وكتب لي بخطه. انتهى كلام الحافظ عبد القادر، رحمه الله تعالى.
؟
1522 - ابن جوشن
...
- 707هـ؟ ... - 1307م
عثمان بن جوشن، الشيخ الصالح فخر الدين المسعوي.
كان له فضيلة ومشاركة، وللناس فيه اعتقاد حسن، ويقصد للزيارة والتبرك به إلى أن توفي سنة سبع وسبعمائة، ودفن بتربته خارج باب النصر، المعروفة بتربة جوشن، وجلس أحد أولاده مكانه، رحمه الله تعالى.
؟
1523 - فخر الدين الكرادي الأشقر
...
- 791هـ؟ ... - 1389م
عثمان بن سليمان بن رسول بن يوسف بن خليل بن نوح، الشيخ الإمام(7/415)
فخر الدين الكرادي - بتخفيف الراء المهملة - الحنفي، المعروف بالأشقر، إمام الملك الظاهر برقوق.
أصله من البلاد الشمالية، واشتغل بها، ثم قدم القاهرة في عنفوان شبابه في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين، واشتغل بها على علماء عصره، وبرع في مذهبه، وشارك في غيره، وصحب الملك الظاهر برقوق في أيام إمرته، وقيل قبل أن يتأمر، فلما تسلطن الظاهر برقوق عرف له الصحبة وقرره إماماً عنده، وتقدم في دولته، ثم ولاه قضاء العسكر ومشيخة الخانقاة البيبرسية إلى أن توفي يوم الخميس رابع عشرين شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعن وسبعمائة.
وكان حسن الهيئة، مشاركاً في الفضائل، وهو والد القاضي محب الدين ناظر الجيوش المنصورة المعروف بابن الأشقر، وقد سألت ولده القاضي محب الدين المذكور عن أصله، فقال: أصلنا من بلاد القرم، وكان جدي عالماً مفنتاً، وكان والد جدي ملكاً بتلك البلاد، رحمه الله تعالى.
؟
1524 - ابن تولوا الفهري
605 - 658هـ؟ 1208 - 1286م
عثمان بن سعيد بن عبد الرحمن بن أحمد تولوا، الأديب الشاعر معين الدين أبو عمرو الفهري المصري.(7/416)
ولد بتنيس سنة خمس وستمائة، وسمع بدمشق من القاضي أبي نصر بن الشيرازي وغيره، وكان أحد الشعراء في عصره، وعليه تخرج الحكيم شمس الدين محمد بن دانيال، وبه تأدب، وله معه حكايات، وكان يسخر به ويهزأ، ويضحك منه الناس، توفي سنة خمس وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى.
ومن شعره:
جمعك بين الكثيب والغصن ... فرق بين الجفون والوسين
يا فتنةً ما وقيت صرعتها ... مع حذري دائماً من الفتن
؟؟ باللفظ واللحظ كم ترى أبداً تسحر بي دائماً وتسحرني
وقد ألفت الغرام فيك كما ... فرقت بين الحياة والبدن
وله:
يا أهل مصر وجدت أيديكم ... عن بسطها بالنوال منقبضة
فمذ عدمت الغذاء عندكم ... أكلت كتبي كأنني أرضه(7/417)
؟
1525 - العلامة فخر الدين الضرير
إمام جامع الأزهر
725 - 804هـ؟ 1325 - 1401م
عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان، الشيخ الإمام المقرئ الضرير فخر الدين، إمام جامع الأزهر، ومقرئ الديار المصرية.
ولد سنة خمس وعشرين وسبعمائة بمدينة بلبيس، وقرأ القرآن الكريم بالقراءات السبع، والعشر، والشواذ، على جماعة منهم: الكفتي، والحكري، وغيرهما، وأدب الأطفال بمدينة بلبيس دهراً، ثم قدم القاهرة في سنة أربع وأربعين، وأم بالجامع الأزهر زماناً، وأخذ الناس عنه القراءات، ورحلوا إليه من الأقطار، وتخرج به خلائق، وكان خبيراً بالقراءات، عارفاً بتعليقها، صبوراً على الإقراء، خيراً، ديناً، هيناً، معتقداً، تخشع القلوب لقراءته ولنداوة صوته، ولم يزل على ذلك حتى توفي بالقاهرة في يوم الأحد ثاني ذي القعدة سنة أربع وثمانمائة، عن ثمانين سنة.(7/418)
قال المقريزي: أخبرني شيخنا المسند المعمر أبو عبد الله محمد بن ضرغام أن الشيخ فخر الدين هذا قدم عليه من بلبيس إلى القاهرة في سنة سبع وأربعين وسبعمائة زائراً، وأخبره أن الجان تقرأ عليه القرآن وقد أخبرته أنه يحدث في الناس بديار مصر وباء عظيم في سنة تسع وأربعين وسبعمائة، فكان كذلك، وحدث الفناء الكبير، انتهى.
؟
1526 - قاضي القضاة فخر الدين
ابن خطيب جبرين
662 - 739هـ؟ 1263 - 1338م
عثمان بن علي بن عثمان بن إسماعيل بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب بن علي ابن هبة الله بن ناجية، قاضي القضاة فخر الدين أبو عمرو بن الخطيب زين الدين أبي الحسن الطائي الحلبي الشافعي، المعروف بابن خطيب جبرين، قاضي حلب.
مولده في العشرين الأواخر من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وستمائة، بالحسينية ظاهر القاهرة، واشتغل بحلب، وتفقه بها، وبرع في الفقه، والأصول، والنحو والأدب، والحديث والقراءات، وغير ذلك.(7/419)
قال الأسنوي في طبقات الشافعية له: كان إماماً، عالماً بالفقه والأصول، توفي بالقاهرة بالمدرسة المنصورية ليلة السبت السابع والعشرين من المحرم سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، ودفن بمقابر الصوفية، رحمه الله تعالى.
وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كان ينوب للقاضي الشافعي والحنفي، ويحكم لكل منهما بمذهبه، وعنده دين، وبيده سبحة كلما خلا من الكلام سبح بها، كان تلا بالسبع على شمس الدين الخابوري، والبدر التاذفي، وابن بهرام، والكمال الغرناطي، وتفقه بقاضي حلب شمس الدين بن بهرام، وقاضي حماة شرف الدين بن البارزي، وأخذ عن ابن ملي علم الكلام، وتصدر وأقرأ، وتخرج لبه القراء والفقهاء، واشتهر اسمه، وكان عاقلاً ذكياً، قرأت عليه وانتفعت به، وصنف وشرح الشامل الصغير، وشرح التعجيز، ومختصر ابن الحاجب، والبديع لابن الساعاتي، وله نظم في الفرائض وشرحه في مجلد، ومصنف في المناسك، وفي اللغة، وشرح الحاوي في الفقه فيما أظن، تلا عله بالسبع محتسب حلب نجم الدين ابن السفاح الحلبي، والشيخ علي السرميني، وجمال الدين يوسف بن الحسن التركماني، وأحمد بن يعقوب ولم يكمل، وتولى قضاء القضاة الشافعية بحلب سنة ست وثلاثين وسبعمائة، ثم طلبه السلطان وطلب ولده، فروعهما الحضور قدامه لكلام أغلظه لهما، فنزلا مرعوبين ومرضا بالبيمارستان المنصوري بالقاهرة، ومات ولده قبله، وتوفي هو بعده بيوم أو يومين، وكانت مدة مرضهما دون الجمعة، وذلك في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة.(7/420)
قلت: وهذا بخلاف ما أثبته الإسنوي من وفاته سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، كما تقدم انتهى.
؟
1527 - ابن الحاجب النحوي
570 - 646هـ؟ 1174 - 1248م
عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، العلامة المحقق جمال الدين أبو عمرو، المعروف بابن الحاجب الكردي، الدويني الأصل، الإسنائي المولد، المقرئ، النحوي، الأصولي، الفقيه المالكي، صاحب التصانيف المشهورة به.
ولد سنة سبعين، أو إحدى وسبعين وخمسمائة، وكان أبوه جندياً كردياً، حاجباً للأمير عز الدين موسك، واشتغل في صغره بالقاهرة، وحفظ القرآن، وأخذ بعض القرآن عن الشاطبي، وسمع منه التيسير، وقرأ بطرق المبهج على أبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي، وقرأ بالسبع على أبي الجود، وسمع من البوصير، وابن ياسين، ودخل دمشق فسمع من، القاسم بن عساكر،(7/421)
وحماد الحراني، وبنت سعد الخير، وجماعة، وتفقه على أبي المنصور الأبياري وغيره، وتأدب على الشاطبي، وابن البنا، ولزم الاشتغال حتى برع في الأصول والعربية، وكان من أذكياء العالم، ثم قدم دمشق ودرس بجامعها في زاوية المالكية، وأخذ الفضلاء عنه، وكان الأغلب عليه النحو، وصنف في الفقه مختصراً، وخالف النحاة، وأورد عليه الإشكالات، والزامات معجمه تعز الإجابة عنها.
قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي: ثم نزح عن دمشق هو والشيخ عز الدين ابن عبد السلام في دولة الملك الصالح إسماعيل، عندما أنكرا عليه، ودخلا مصر وتصدر بالمدرسة الفاضلية، ولازمه الطلبة، وانتقل إلى الإسكندرية، فلم تطل مدته هناك، وتوفي بها في سادس عشرين شوال سنة ست وأربعين وستمائة.
وحدث عنه: المنذري، والدمياطي، والجمال الفاضل، وأبو محمد الجزائري، وأبو علي بن الجلال، وأبو الفضل الإربلي، وأبو الحسن بن البقال، وطائفة بالإجازة منهم: قاضي القضاة ابن الخويي، والعماد بن البالسي، وكتب المنسوب الفائق، وله شعر، انتهى كلام الذهبي.(7/422)
قلت: ومن شعره:
كنت إذا ما أتيت غيا ... أقول بعد المشيب أرشد
فصرت بعد ابيضاض شيبي ... أسوأ ما كنت وهو أسود
وله في المعميات:
ربما عالج الحروف رجال ... في القوافي فتلتوي وتلين
طاوعتهم وعين وعين ... وعصتهم نون ونون ونون
قال الشيخ صلاح الدين: كتب هذان البيتان إلى حاذق بإخراج المعميات فأقام ستة أشهر ينظر فيها إلى أن كشفهما، ثم حلف بأيمان مغلظة أنه لا ينظر بعد ذلك في معمى أبداً، ولم يذكر تفسيرهما أصلاً، فأضربت عن النظر فيهما لما تبين من عسرهما من سياق الحكاية، ثم بعد أربعين سنة خطر لي بالليل أن أنظر فيهما، فظهر لي أمرهما وأنه إنما أراد قوله طاوعتهم عين وعين وعين يعني.... يدٍ وغدٍ وددٍ لأنها عينات مطاوعة في القوافي، مرفوعة كانت أو منصوبة أو مجرورة، وكل واحد منها عين لأنها عين الكلمة، لأن وزن غدٍ فع ووزن يدفع ووزن ددفع، وأراد بقوله وعصتهم نون ونون ونون: الحوت لأنه يسمى نوناً، والدواة لأنها تسمى نوناً، والنون الذي هو الحرف، وكلها نونات غير مطاوعة في القوافي، إذ لا يتم واحد منها مع الآخر، ثم نظم ذلك - عفا الله عنه - في بيتين على وزن السؤال، فقال:
أي غدٍ مع يدٍ ددٍ ذو حروف ... لها وعت في الورى وهو عيون
وداواة والحوت والنون نونا ... ت عصتهم وأمرها مستبين(7/423)
قلت: كان الشيخ صلاح الدين لم يظهر له معنى هـ المعمى إلا لما وقف على هذين البيتين، والله أعلم.
؟
1528 - فخر الدين أمير آل فضل
...
- 787هـ؟ ... - 1385م
عثمان بن قارا بن مهنا بن عيسى بن مهنا، الأمير فخر الدين، أمير عرب آل فضل.
مات في شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وسبعمائة، واستقر عوضه في إمرة العرب الأمير نعير بن حبار، واسم نعير محمد.
؟
1529 - قرايلك
...
- 839هـ؟ ... - 1435م
عثمان ابن قطلوبك، والتركمان يقولون قطبك ابن طور على، الأمير فخر الدين، التركي الأصل، التركماني، الشهير بقرايلك صاحب آمد وماردين وغيرهما، ومتملك غالب ديار بكر بن وائل.(7/424)
كان أبوه من جملة الأمراء في الدولة الأرتفية - أصحاب ماردين - ثم انتمى عثمان هذا لتيمورلنك وصار من أعوانه، ودخل معه البلاد الشامية، لما طرقها تيمور في سنة ثلاث وثمانمائة، ثم رجع إلى بلاده واستولى على آمد، وولاه الملك الناصر فرج نيابة الرها لما قتل جكم وبعث برأسه إلى الملك الناصر، فقوي بذلك وضخم، وصار أمره في نمو إلى أن تجرد السلطان الملك المؤيد شيخ إلى البلاد الشرقية وتوجه إلى ابلستين وعاد إلى كختا وكركر، رحل قرا يوسف ابن قرا محمد صاحب تبريز وبغداد إلى جهة قرايلك هذا. فجهز قرايلك قصاده إلى السلطان وترامى عليه، وكان من جملة كلامه يقول: أن ليس لي ذنب عند السلطان إلا اتحادي لابن نعير، فكان قرايلك قبل تاريخه اتحد ابن نعير لما توجه إلى قتال الأمير حديثة بن سيف المتولي الإمرة من قبل السلطان الملك المؤيد، فلهذا اعتذر قرايلك بما ذكرنا، ولا زالت قصاده تلح على السلطان حتى أرسل يقول: إن لم يعف عني السلطان لا أجد لي بداً إلا موافقة قرا يوسف وانتمائي إيه، فأجابه السلطان إلى ذلك، وجهز إلى قرا يوسف يستعطفه عليه ويأمره بالرجوع عنه وتم الشر والفتن بين قرا يوسف وقرايلك حتى توجه قرايلك هـ إلى أرزنكان، وفيها بيرعمر نائب قرا يوسف(7/425)
فخرج إليه بيرعمر وتقاتلا قتالاً شديداً بالقرب منها، فانكسر بيرعمر وقتل، وجهز قرايلك رأسه إلى الملك المؤيد شيخ.
ولما مات قرا يوسف استمرت العداوة بين قرايلك وبين بني قرا يوسف، وتوجه قرايلك إلى أرزنكان وحاصرها ثم أخذها، ووقائعه مع إسكندر بن قرا يوسف مشهورة، طال ذلك بينهما سنين، وكان قرايلك من رجال الدنيا قوة وشجاعة وإقداماً، قتل عدة ملوك مثل الأمير جكم من عوض نائب حلب الملقب بالملك العادل قتل بسهم أصابه في المعركة، ومثل القاضي برهان الدين أحمد صاحب سيواس، ومثل بيرعمر المذكور، وغيرهم.
ولما تسلطن الملك الأشرف برسباي وطالت أيامه وقع بينه وبين قرايلك المذكور، وجهز السلطان الملك الأشرف لقتاله عسكراً غير مرة، وأخذت الرها منه، وقبض على ابنه هابيل، وحبس بقلعة الجبل إلى أن توفي، ثم تجرد هو بنفسه في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، وتوجه حتى وصل إلى آمد ونزل عليها، وحصرها نيفاً على ثلاثين يوماً، ثم رحل عنها بعد أن وقع الصلح بينه ويبن قرايلك هذا، وأرسل إليه بخلعة وفرس بسرج ذهب وكنبوش زركش مع القاضي شرف الدين أبو بكر الأشقر، نائب كاتب السر.
واستمر قرايلك بديار بكر على حاله إلى سنة تسع وثلاثين سار إسكندر ابن قرا يوسف من تبريز لقتاله هارباً من أميرزه شاه بن تيمور، إلى أن نزل(7/426)
بالقرب من أرز الروم، فبلغ قرايلك هذا فجهز ابنه علي بك ومعه فرقة من العسكر وهو تابعهم، فالتقوا هم وإسكندر فاستظهر عسكر قرايلك في أول الأمر، ثم إن إسكندر ثبت وحمل بمن معه حملة رجل واحد على عسكر قرايلك فكسرهم، وذلك خارج أرز الروم، وساق إسكندر خلفهم، فقصد عسكر قرايلك أرز الروم ليتحصنوا بها فحيل بنيهم وبينها، فرمى قرايلك بنفسه إلى خندق القلعة ليفوز بمهجته وعليه آلة الحرب، فوق على حجر فشرخ دماغه، ثم حمل وعلق إلى القلعة بحبال، فدام بها أياماً قلائل ومات في العشر الأول من صفر سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، بعد أن دام في الإمرة نيفاً عن خمسين سنة، ودفن خارج أرز الروم.
فتتبع إسكندر بن قرا يوسف قبره حتى عرفه ونبش عليه وأخرجه وقطع رأسه ورأس ولديه وثلاثة رؤوس أخر من أمرائه، ممن ظفر بهم إسكندر في المعركة. وأرسل الجميع مع قاصد إلى الملك الأشرف برسباي سلطان الديار المصرية، فجهز نائب حلب صحبة القاصد المذكور الأمير شاهين الإيدكاري أحد حجاب حلب، فوصل بهم شاهين المذكور إلى الديار المصرية في يوم الأربعاء سابع عشر شهر ربيع الآخر من السنة، وكان الملك الأشرف قد خرج من القاهرة ليتصيد بالجوارح، فقدم من الغد في يوم الخميس، وأحضر شاهين المذكور رأس قرايلك وولديه وبقية الرؤوس بين يديه فرآهم،(7/427)
ثم أمر بهم فطيف بهم على رماح، وقد زينت القاهرة لذلك فرحاً بموتهم، ثم علقت على باب زويله ثلاثة أيام ثم دفنت.
قلت: وينبغي لكل مسلم أن يفرح بموت مثل هـ الظالم المصر على إثارة الفتن والشرور، ولقد قتل في أيامه من الخلائق ما لا يدخل تحت الحصر لطول مدته، وكثرة حروبه مع جماعة من الملوك، وتداول ذلك منه سنين حتى ملك غالب ديار بكر بالقتال والحروب، وأفنى أهله قتلاً وسبياً وجوعاً، عامله الله بعدله وألحق به من بقي من ذريته ليستريح كل أحد من هذه السلالة الملعونة. بمحمد وآله.
؟
1530 - فخر الدين بن البارزي
668 - 730هـ؟ 1269 - 1329م
عثمان بن محمد بن عبد الرحيم، الإمام العلامة قاضي القضاة فخر الدين أبو عمرو الحموي الشافعي قاضي حلب، المعروف بابن البارزي.
مولده سنة ثمان وستين وستمائة، لحق جده وأخذ عنه، وعن عمه قاضي القضاة(7/428)
شرف الدين وتفقه به، وبرع وأفتى ودرس وناب في الحكم بحماة، ثم ولي قضاء حمص، ثم رجع إلى حماة وولي خطابتها ونيابة القضاء، ثم ولي قضاء حلب استقلالاً، وحمدت سيرته، وكان عنده دين وعدل وصرامة وجودة سيرة، وكان يحفظ الحاوي وينزله على الرافعين وحج غير مرة، وحدث بمسند الشافعي عن ابن النصيب، وتفقه به جماعة.
قلت: وهو من بيت العلم والفضل والأدب والرئاسة قديماً وحديثاً، توفي بحماة بعد أن توضأ وجلس مجلس حكمه ينتظر إقامة صلاة العصر وذلك في صفر سنة ثلاثين وسبعمائة بحلب، رحمه الله تعالى.
؟
1531 - صاحب صهيون
...
- 691هـ؟ ... - 1292م
عثمان بن منكورس بن خمارتكين، الأمير مظفر الدين صاحب صهيون.
كان جده خمارتكين عتيق مجاهد الدين، صاحب صرخد، وملك مظفر الدين هذا صهيون بعد موت والده سنة ست وعشرين وستمائة، وكان عارفاً، يقظاً، حازماً، مهاباً، طالت أيامه وعمر تسعين سنة أو أكثر، وكان بيده صهيون وبرزية وبكسراسل، وكان قد رتب أن لا يحضر أحد من نواحي صهيون وبلادها الشكوى إلا بهدية على قدر الحاجة من راس الغنم إلى الجدي إلى(7/429)
الدجاجة إلى الخبز إلى الخضر، فكان يجتمع له من هذا في اليوم شيء له صورة، ويفرق آخر النهار في بيوت أولاده، وجمع من ذلك أموالاً كثيرة، واستمر على ذلك إلى أن توفي سنة تسع وخمسين وستمائة، ودفن بقلعة صهيون.
وولي صهيون بعده ابنه سيف الدين محمد، فلما ولي جمع أهله وأخوته وشرع في عمل الموكبة، وجمع المطربين من الرجال والنساء، ولم يزل في إنفاق ما ورثه من أبيه في القصف واللهو إلى أن توفي سنة إحدى وسبعين وستمائة بصهيون، وملكها الملك الظاهر بيبرس البندقداري من بعده، ووجه أولاده إلى الشام وأعطاهم أخبازاً من الأربعين إلى العشرة، واستمرت صهيون بأيدي ملوك مصر إلى يومنا هذا، وقد انحط قدرها حتى إنه يليها الأجناد.
؟
1532 - صاحب مراكش وفاس
...
- 731هـ؟ ... - 1330م
عثمان بن يعقوب بن عبد الحق، السلطان أبو سعيد المريني المغربي، صاحب مراكش وفاس وغير ذلك.(7/430)
ملك بعد أخيه أبي يعقوب يوسف، وامتدت أيامه، واتسعت ممالكه، وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، وله بضع وستون سنة، وملك أخوه يوسف قبله خمساً وعشرين سنة لكن كان بينهما الملكان عامر وسليمان.
وكان عثمان صاحب الترجمة ذا حلم وسكون، وإهمال للجهاد، وله نظر في العلوم، ولم تحمد أيامه وحصل فيها غلاة وفتن، وخالف عليه ابنه عمر وتملك سجلماسة، وجرت أمور وخطوب.
ولما مات عثمان هذا ملك بعده ولده الفقيه العالم السلطان العادل أبو الحسن علي، فعظم شأنه، وهابته الملوك لكمال سؤدده، وشدة هيبته، رحمه الله تعالى.(7/431)