365- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن1:
أبو الحَسَن الْبَغْدَادِيّ الحنْبليّ.
أحد الأئمة الكِبار. خرج فِي فتنةِ البساسيريّ فسكن ثغر آمِد.
كان أحد الأذكياء المعدودين.
تفقَّه على القاضي أَبِي يَعْلَى.
وسمع من: أَبِي القاسم بْن بِشْران، وأبي الحسين بن الحراني، وأبي علي ابن المُذهِب.
ورحل إليه أبو القاسم بْن الفراء للتفقُّه عليه.
توفِّي بآمد سنة سبع أو ثمان وستين وأربعمائة.
366- عليّ بْن غنائم2:
أبو الْحَسَن الأوْسيّ المصريّ، المالكيّ.
سمع: ابن نظيف، وصِلَة بْن المؤمل، وأبا حازم بْن الفرّاء، وجماعة.
وعنه: عليّ بْن طاهر، وجمال الْإِسْلَام عليّ بْن المسلّم، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ.
وثقة ابن الأكفاني.
حرف الفاء:
367- الفضل بْن عطاء3:
أبو إِبْرَاهِيم المِهْرانيّ النَّيْسابوريّ.
شيخ بهيّ فاضل، من بيت الزُّهْد والورع.
سمع الكثير من: أَبِي عَبْد اللَّه الحاكم، وغيره.
__________
1 طبقات الحنابلة "2/ 234" [670] .
2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 146" [49] .
3 المنتخب من السياق "409، 410".(31/203)
وكان مبالغًا فِي الزُّهْد والورع.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه البَحِيريّ.
وتوفِّي سنة نيّف وستين، وله سبعون سنة.
حرف الميم:
368- مُحَمَّد بْن خَلصَة1:
أبو عَبْد اللَّه النحوي الشذونيّ، نزيل دانية.
كان كفيفًا ذكيًّا ظريفًا، من كبار النُّحَاة المذكورين، والشعراء المشهورين، أخذ عن أَبِي الْحَسَن بْن سِيدَه.
وبرعَ فِي اللغة والنحو، وأشغل مدة.
أخذ عنه: أبو عمر بن شرف، وأبو عبد الله بن مطرِّف، وغيرهما.
وشعره مدون، فمنه:
أمدنف نفسي بالهوى أَمْ جَلِيدُهَا ... غَدَاةَ غَدَتْ فِي حَلْبةِ الْبَيْنِ غيدها
تحدُ بِأَلْحَاظٍ لَهَا وَجَنَاتُهَا ... وترهبُ أن تنقَدَّ لِينًا قُدودُها
فَيا لَدِماء الأُسْد تسفكها الدِّما ... وللصيد من عُفْرِ الظِّباء تَصِيدُها
قال الأَبّار: بقي إلى بعد سنة ثمان وستين وأربعمائة.
369- مُحَمَّد بْن أَحْمَد2:
الفقيه أبو المظفّر التميمي المَرْوَرُّوذِيّ الشافعي الواعظ.
روى عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي الدَّمشقيّ، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد الْعَزِيز الكتاني، وعليّ بْن الخَضِر، ومحيي السنة أبو محمد البغوي.
__________
1 الوافي بالوفيات "3/ 42، 43"، ومعجم البلدان "3/ 329".
2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "21/ 325".(31/204)
370- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد1:
القاضي أبو عَمْرو النَّسَويّ، الملقَّب بأقضى القُضاة.
من أكابر أهل خُرَاسان فضلًا وحشمةً وإفضالًا وجاهًا.
وكان رسول الملوك إِلَى الخلافة المشرفة.
سمع: أَبَا بَكْر الحِيريّ، وأبا إِسْحَاق الإسفْرائيني، ومحمد بْن زهير النَّسائيّ.
وبمكَّة: أَبَا ذَرّ الهَرَويّ، وابن نظيف، وبدمشق: أَبَا الْحَسَن بْن السِّمْسار.
أملى سنين وتكلَّم على الأحاديث.
رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الفرَّاويّ، وأبو المظفَّر القُشَيريّ، وإسماعيل بْن أَبِي صالح المؤذّن، وعبد الغافر الفارسي في تاريخه، وأطنب فِي وصفه، وقال: وقَفَ بعضَ بساتينة بنسا على مدرسة الصوفية المنسوية إِلَى أَبِي علي الدّقّاق بنَسَا. وله بخُوارَزْم مدرسة اتخذها لمَّا ولي قضاءها، وعاش ثمانين سنة.
وولي قضاء خُوارَزْم وأعمالها، وصنَّف كُتُبًا فِي التفسير والفقه.
حرف الواو:
371- واصل بْن حَمْزَة بْن علي2:
أبو القاسم الخُنبونيّ3، وخُنبون: قرية من قرى بُخارَى. الصُّوفي الحافظ، ثقة صالح، خيرّ، رحّال.
سمع: عَبْد الكريم بْن عَبْد الرَّحْمَن الكَلّابَاذيّ، وأحمد بْن ماما الأصبهاني الحافظ، وإبراهيم بْن سَلْم الشِّكَّانيّ ببُخَارَى، وأبا العبّاس المستغفريّ بنسف، وأبا الحسين بْن فاذشاه، وأصحاب الطبراني بأصبهان.
__________
1 طبقات الشافعية الكبرى "3/ 74، 75"، والمنتخب من السياق "71" [153] .
2 تاريخ بغداد "13/ 493" [7345] ، والأنساب "5/ 189".
3 الخنبوني: نسبة إلى خنبون. قاله السمعاني في الأنساب "5/ 189".
وقال ياقوت: هي نسبة إلى قرية من قرى بخارى بما وراء النهر "معجم البلدان "2/ 391".(31/205)
قال الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، ولم يكن به بأس.
ورَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر قاضي المارِسْتان.
قال أبو زكريا بْن مَنْدَهْ: كان يرجع إِلَى الحِفْظ والدّيانة، وجمعَ الأبواب والطُّرُق، ثُمَّ ترك ذلك كلَّه واشتغل بشيء لا يرضاه اللَّه.
وقال السمعاني: حدَّث في سنة سبع وستين.(31/206)
الفهرس العام للكتاب:
الموضوع رقم الصفحة
الطبقة السابعة والأربعون:
"461-470هـ"
"أحداث سنة إحدى وستين وأربعمائة"
الصفحة الموضوع
3 حريق جامع دمشق.
3 تغلب حصن الدولة على دمشق.
4 وصول الروم إلى الثغور.
"أحداث اثنتين وستين وأربعمائة"
4 نزول ملك الروم على منبج.
4 محاصرة أمير الجيوش صور.
4 إعادة الخطبة للعباسيين بمكة.
4 القحط في مصر.
"أحداث ثلاث وستين وأربعمائة"
5 الخطبة في حلب للخليفة القائم.
5 مسير ألب أرسلان إلى حلب.
6 موقعة منازكرد.
8 مسير أَتْسِز بن أبق في بلاد الشام.
"أحداث أربع وستين وأربعمائة"
8 فتح نظام الملك حصن فضلون.
8 الوباء في الغنم.(31/207)
8 وفاة قاضي طرابلس ابن عمار.
9 تملك جلال الملك طرابلس.
"أحداث خمس وستين وأربعمائة"
9 مقتل ألب أرسلان.
9 انتقال السلطة إلى نظام الملك.
9 الفتنة بين جيش المستنصر العبيدي والعبيد والعربان.
10 تغلب العبيد على ابن حمدان.
10 انكسار ابن حمدان أمام المستنصر.
11 تغلب ابن حمدان على خصومه من جديد.
11 رواية ابن الأثير عن الغلاء في مصر.
11 مصالحة الأتراك لناصر الدولة ابن حمدان.
11 الحرب بين ابن حمدان وتاج الملك شاذي.
12 اضمحلال أمر المستنصر.
12 تفرق أولاد المستنصر.
12 المبالغة في إهانة المستنصر.
12 قتل ابن حمدان.
13 ولاية بدر الجمالي مصر.
13 ولاية الأفضل.
"أحداث ست وستين وأربعمائة"
13 الغرق العظيم ببغداد.
14 رواية ابن الجوزي.
14 رواية ابن الصابئ.
14 أخذ صاحب سمرقند مدينة ترمذ.(31/208)
14 وفاة إياس ابن صاحب سمرقند.
14 بناء قلعة صرخد.
"أحداث سبع وستين وأربعمائة"
15 دخول بدر الجمالي مصر وتمهيدها.
16 وفاة الخليفة القائم بأمر الله.
16 وزارة ابن جهير.
17 أخذ البيعة من السلطان ملكشاه.
17 قطع الخطبة للعباسيين بمكة.
17 اختلاف العرب بإفريقية.
17 حريق بغداد.
17 تحديد المنجمين موعد النيروز.
17 عمل الرصد للسلطان ملكشاه.
18 وفاة صاحب حلب.
"أحداث ثمان وستين وأربعمائة"
18 استرجاع منبج من الروم.
18 محاصرة أتسز دمشق.
18 هرب المعلَّى من دمشق وقتله.
18 ولاية المصمودي دمشق.
18 عودة أتسز إلى دمشق.
"أحداث تسع وستين وأربعمائة"
19 انهزام أتسز عن مصر.
19 دخول أتسز دمشق.
19 الفتنة بين القشيري والحنابلة.(31/209)
19 رواية ابن الأكفاني عن كسرة أتسز.
19 رواية ابن القلانسي.
"أحداث سنة سبعين وأربعمائة"
20 الصلح بين ابن باديس وابن علناس.
20 الفتنة ببغداد.
20 نزول ناصر الدولة الجيوشي على دمشق.
20 نزول تتش على حلب.
20 منازلة دمشق ثانية.(31/210)
الطبقة السابعة والأربعون:
المتوفون في سنة إحدى وستين وأربعمائة من المشاهير:
حرف الألف:
21 - أحمد بن إسحاق بن شيث.
21 1- إسماعيل بن أحمد بن إسحاق بن شيث.
21 2- أحمد بن الحسن بن عليّ بن الفضل.
21 3- أحمد بن عبد الواحد بن معمر.
22 4- أحمد بن علي بن يحيى.
22 5- أحمد بن عمر بن الحسن بن يوسف.
22 6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن مسعود.
23 7- إبراهيم بن يحيى بن محمد بن حُسَين بن أسد.
23 8- إسماعيل بن أبي نصر الصفار.
حرف الحاء:
23 9- حيدرة بن إبراهيم بن العباس بن الحسن.
حرف العين:
23 10- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعيد.
24 11- عبد الرحمن بن محمد بن فوران.
24 12- عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق بن عمرو.
26 13- عَبْد الواحد بن عَليّ بْن عَبْد الواحد بن موحد بن البري.
26 14- عَبْد الغفار بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب.
26 15- عَبْد الواحد بْن أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن أحمد بن المرزبان.
27 16- عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صالح.
27 17- عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب بن عبد القدوس.(31/211)
27 18- عمر بن منصور بن أحمد بن محمد بن منصور.
حرف الميم:
28 19- مُحَمَّد بْن مكي بْن عُثْمَان.
28 20- محمد بن وهب بن بكير.
29 21- المسيب بن محمد بن المسيب.
29 22- المظفر بن الحسن.
حرف النون:
29 23- نصر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أحمد بن نوح.
حرف الياء:
30 24- يعقوب بْن مُوسَى بْن طاهر بن أبي الحسام.
30 25- يونس بن عمر الأصبهاني.
وفيَّات سنة اثنتين وستين وأربعمائة:
حرف الألف:
30 26- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن علي.
31 27- أحمد بن الحسين بن سعد الطرسوسي.
31 28- أحمد بن علي الأسداباذي القوهي.
31 29- أَحْمَد بْن علي بْن أَبِي قُتَيْبَة الأصبهاني.
31 30- أحمد بن محمد بن سياوش.
32 31- أحمد بن منصور بن خلف المغربي.
32 32- إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن حاتم بن صوله.
32 33- إبراهيم بن محمد.
حرف الثاء:
32 34- ثابت بن محمد بن علي.(31/212)
حرف الحاء:
33 35- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عيسى.
33 36- الْحَسَن بْن علي بْن عَبْد الصمد بْن مسعود.
33 37- الحسين بن أحمد.
33 38- حسين بن محمد بن أحمد القاضي.
34 39- حمد بن محمد بن العزيز السكري.
حرف الذال:
34 40- ذؤيب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد.
حرف الزاي:
34 41- زياد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن الحكم.
حرف السين:
35 42- سَعِيد بْن عِيسَى بْن أَحْمَد بن لُب.
حرف العين:
35 43- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن طلحة.
36 44- عبد الله بن محمود الدمشقي البرزي.
36 45- عَبْد اللَّه بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي العجائز.
36 46- عبد الباقي بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمن.
37 47- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بن منده.
37 48- عبيد الله بن إبراهيم بن أحمد النجار.
37 49- علي بن أحمد بن الملطي السراج.
38 50- علي بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه اللخمي الباجي.
38 51- عمر بن أحمد بن الحسين الكرجي.(31/213)
حرف الميم:
38 52- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهل.
39 53- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حذلم.
40 54- مُحَمَّد بْن أَبِي الحزم جهور بْن مُحَمَّد بن جهور.
40 55- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أبي علانة.
40 56- محمد بن عتاب بن الحسن الجذامي.
41 57- محمد بن علي بن مهوس.
42 58- محمد بن علي بن حميد بن علي بن حميد.
42 59- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن منصور.
42 60- مُوسَى بْن هُذَيل بْن مُحَمَّد بْن تاجِيت البكري.
حرف النون:
43 61- نزار بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد.
الكُنَى:
43 62- أَبُو بَكْر بْن عُمَر البربري اللمتوني.
وفيَّات سنة ثلاث وستين وأربعمائة:
حرف الألف:
47 63- أَحْمَد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن الأزهر.
47 64- أَحْمَد بْن علي بْن ثابت بْن أَحْمَد بن مهدي.
61 65- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن غالب بن زيدون.
63 66- أَحْمَد بْن علي بْن أَحْمَد بْن عُقْبة الأصبهاني.
63 67- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز العُكْبَريّ.
حرف الباء:
63 68- بدر الفخري.(31/214)
حرف الحاء:
63 69- حسَّان بن سعيد.
65 70- الحسن بن رشيق.
66 71- الحسن بن عبد الله.
66 72- حمْد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن ولْكيز.
حرف السين:
66 73- سعيد بن أحمد.
حرف الطاء:
66 74- طاهر بْن أَحْمَد بْن عليّ بن محمود.
حرف العين:
67 75- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أبي الأزهر الغافقي.
67 76- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جُماهر الحَجْري الطليطلي.
67 77- عبد الله بن محمد بن عباس.
67 78- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهل الماليني.
68 79- عبد الرزاق بن عبد الله بن الحسن بن حمد بن الفضيل.
68 80- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن أَبِي القاسم بن محمد.
69 81- عليّ بْن عَبْد الوهاب بْن علي المقرئ الدمشقي.
69 82- عليَّ بْن يوسُف بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف.
69 83- عمر بن عبد الله بن أحمد.
حرف الكاف:
70 84- كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم.
حرف الميم:
70 85- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن عليّ بن داود بن حامد.(31/215)
72 86- محمد بن الحسن بن علي الجُلْفَري.
72 87- محمد بن علي بن الحسن.
73 88- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الطالقاني.
73 89- محمد بن أبي نصر المروزي.
73 90- محمد بن أبي الهيثم عبد الصمد المروزي.
74 91- محمد بن وشاح الزينبي.
74 92- المبارك بن محمد بن عثمان الحرمي.
75 93- المشرف بن علي بن الخضر التمار.
حرف الياء:
75 94- يوسف بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ البر النمري.
وفيات سنة أربع وستين وأربعمائة:
حرف الألف:
78 95- أَحْمَد بْن أسعد بْن مُحَمَّد بن حسين الهروي.
79 96- أحمد بن عبد العزيز بن محمد.
79 97- أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن الفضل بْن جَعْفَر المخبزي.
79 98- أَحْمَد بْن عليّ بْن شجاع بْن مُحَمَّد المصقلي.
80 99- أحمد بن الفضل بن أحمد الجصاص.
80 100- أحمد بن محمد بن مسلم الأصبهاني.
80 101- أحمد بن محمد الكناني الفلسطيني.
80 102- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن بُنْدار.
حرف الباء:
80 103- بكر بن محمد بن علي بن حيد.(31/216)
حرف الجيم:
81 104- جَابِر بْن ياسين بْن الْحَسَن بن محمد الحنائي.
حرف الخاء:
81 105- الخضر بْن عَبْد اللَّه بْن كامل المري.
حرف العين:
82 106- عبَّاد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بن عبَّاد.
84 107- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أحمد بن جعفر.
84 108- عَبْد الرحمن بْنُ سوار بْنُ أَحْمَد بْنُ سوار.
85 109- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن رجاء الأطرابلسي.
85 110- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إبراهيم الهمذاني.
85 111- عبد العزيز بن موسى المروزي.
86 112- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بن منده.
86 113- عتيق بن علي بن داود الصقلي.
86 114- علي بن الحسين بن سهل المروزي.
حرف الميم:
87 115- المبارك بن الحسين الأنصاري.
87 116- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن منظور القيسي.
87 117- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصمد الهاشمي.
88 118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شاذة بْن جَعْفَر الأصبهاني.
88 119- محمد بن الحسن المروزي.
88 120- مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن أَحْمَد بْن بُنْدار.
88 121- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن زكريّا الطريثيثي.
88 122- محمد بن علي بن محمد بن إسحاق النيسابوري.(31/217)
حرف النون:
89 123- نصر بْن الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم البالسي.
الكُنَى:
89 124- أبو طالب بن عمَّار.
وفيَّات سنة خمس وستين وأربعمائة:
حرف الألف:
89 125- أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عَبْد الودود بن عبد المتكبر.
90 126- أحمد بن الفضل بن أحمد الجصاص.
90 127- ألب أرسلان بن جغري بك.
حرف الباء:
92 128- بَكْر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سهل السبعي.
حرف الحاء:
92 129- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن فهد بن العلاف.
92 130- الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد النيسابوري.
93 131- الحسين بن الحسن بن الحسن بن ناصر الدولة الحمداني.
93 132- الحسين بن محمد الهاشمي البغدادي.
93 133- حمزة بن محمد الشريف الجعفري.
حرف الطاء:
94 134- طاهر بن عبد الله الإيلاقي التركي.
حرف العين:
94 135- عَائِشَة بِنْت أَبِي عُمَر مُحَمَّد بن الحسين البسطامي.
94 136- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم الأبهري.
95 137- عبد الرحمن بن محمد بن عيسى الطليطلي.(31/218)
95 138- عَبْد الصمد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل الهاشمي.
96 139- عبد الكريم بن أحمد بن الحسن الشالوسي.
96 140- عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة.
99 141- عدنان بن محمد الخطيب.
99 142- علي بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن الفضل صردر.
100 143- على بن موسى المقيد النيسابوري.
101 144- عُمَر بْن القاضي أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن الحسين البسطامي.
101 145- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن درهم البغدادي.
حرف الغين:
101 146- غالب بْن عَبد اللَّه بْن أبي اليمن.
حرف الكاف:
101 147- كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية.
حرف الميم:
102 148- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمر بن الحسن بن عبيد.
103 149- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَفَرْجَل البغدادي.
104 150- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ورقاء.
104 151- محمد بن أحمد بن مهدي العلوي.
104 152- محمد بن إبراهيم بن عثمان الآدمي.
105 153- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عليّ بْن الْحَسَن الشجاعي.
105 154- مُحَمَّد بْن أَبِي الْحُسَيْن بْن الْعَبَّاس الفَضْلَويّ الهروي.
105 155- مُحَمَّد بْن حَمْد بْن مُحَمَّد بْن حامد الهمذاني.
105 156- محمد بن عبيد الله بن علي العلوي.
106 157- محمد بن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الصمد الهاشمي.(31/219)
107 158- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الدقاق.
108 159- محمد بن علي بن عبد العزيز البغدادي.
108 160- مكّيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن المظفر.
حرف النون:
108 161- نصر بن أحمد الكرنكي.
حرف الهاء:
108 162- هنَّاد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن نصر النسفي.
حرف الياء:
109 163- يوسف بن علي بن جبارة الهذلي.
وفيَّات سنة ست وستين وأربعمائة:
حرف الألف:
110 164- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بن حميل العجلي.
110 165- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد السمناني.
111 166- إبراهيم بن أحمد بن تفاحة الأزجي.
111 167- إبراهيم بن محمد بن محمد العلوي.
حرف الجيم:
112 168- جُماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جماهر الحجري.
حرف الحاء:
112 169- الْحَسَن بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد العطار الدمشقي.
112 170- الْحَسَن بْن عليّ بْن أَبِي خلاد المقرئ.
113 171- الْحَسَن بْن عُمَر بْن الْحسن بْن يُونُس الأصبهاني.
113 172- الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن مظفّر بْن أَبِي خريصة الهمداني.
113 173- الْحُسَيْن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُمَيْر العميري.(31/220)
حرف الزاي:
114 174- زكريا بن غالب الفهري.
حرف الشين:
114 175- شجاع بن علي المصقلي.
حرف العين:
114 176- عَائِشَة بِنْت الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم الوركانية.
115 177- عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن سنان الخفاجي.
115 178- عبد الله بن محمود البرزي.
115 179- عبد الله بن مفوز المعافري.
115 - مفوّز بْن عَبْد اللَّه بْن مفوّز بْن غفول.
116 180- عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي.
116 181- عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي التميمي الكتاني.
117 182- عَبْد الغافر بْن الْحُسَيْن بْن خَلَف بْن جبريل.
118 183- عَبْد الكريم بْن عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن دُوسْت العلّاف.
118 184- علي بن الحسين بن عبد الله الحفصويّ.
118 185- علي بن علي بن عمر بن بكرون النهرواني.
119 186- علي بن موسى بن محمد السكري.
119 187- زعيم الملك الوزير العراقي علي بن الحسين.
119 188- عمر بن عبد الله بن جعفر البغوي.
119 189- عُمَر بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن اللّيث الليثي.
حرف الغين:
121 190- غالب بْن عَبد اللَّه بْن أبي اليمن القيسي.(31/221)
حرف القاف:
122 191- قاسم بن سعيد الهروي.
حرف الميم:
122 192- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد الله الحفصي.
122 193- محمد بن إبراهيم بن أسد الهروي.
123 194- محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني العطار.
123 195- محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس.
123 196- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي الرعد.
124 197- محمد بن قاسم بن مسعود الطليطلي.
124 198- المسلّم بن أحمد بن الحسين الكعكي.
حرف النون:
124 199- نوح بن منصور الشاشي.
حرف الياء:
125 200- يعقوب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد النيسابوري.
وفيَّات سنة سبع وستين وأربعمائة:
حرف الألف:
125 201- أَحْمَد بْن أَبِي نصر عَبْد الرحمن بن أحمد الكوفاني.
125 202- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَحْمَد بن محمد الحذَّاء.
126 203- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بن مكرم.
126 204- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أسود الغساني.
127 205- إِبْرَاهِيم بْن شكر بْن مُحَمَّد بْن عليّ العثمان.
حرف الحاء:
127 206- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُوسَى الغندجاني.(31/222)
128 207- الْحسَن بْن عَبْد الودود بْن عَبْد المتكبر.
128 208- الحسين بن علي السجستاني.
حرف الزاي:
128 209- زيد بن علي الفارسي.
حرف الشين:
128 210- شاذي بْن عَبْد اللَّه الأرمني.
129 211- شجاع بن علي بن شجاع المصقلي.
129 212- أبو زيد أحمد بن علي.
حرف الْعَيْنِ:
129 213- عَبْد اللَّه أمير المؤمنين القائم بأمر اللَّه.
133 214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الهيصم الكرَّامي.
133 215- عبد الله بن أبي معاذ الصيرفي.
133 216- عبد الرحمن بن محمد بن محمود الهروي.
134 217- عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي.
136 218- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكبير الطليطلي.
136 219- عَبْد السلام بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر البابصري.
137 220- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن سعيد البقال الأصبهاني.
137 221- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الطيب الباخرزي.
138 222- عليّ بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين التغلبي.
حرف الميم:
138 223- محمد بن بديع الأسداباذي.
139 224- محمد بن المحدِّث أبي محمد الجوهري.
139 225- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عبد الله بن علي الأزدي.(31/223)
139 226- محمد بن عبد الله بن الحسن القصَّار.
139 227- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن العباس الشيباني.
139 228- مُحَمَّد بْن عقيل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم القرشي.
140 229- محمد بْن علي بْن محمد بْن موسى الخياط.
140 230- محمد بن علي بن محمد الحربي البزاز.
140 231- محمود بن نصر بن صالح بن مرداس الكلابي.
141 232- المسلم بن الحسن بن هلال الأزدي.
حرف الياء:
141 233- يوسف بْن أَحْمَد بْن صالح الغوري.
141 234- يوسف بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن حسن بن عثمان الرازي.
وفيَّات سنة ثمان وستين وأربعمائة:
حرف الألف:
142 235- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البرمكي.
142 236- أحمد بن الحسن بن أحمد المقدسي.
142 237- أَحْمَد بْن علي بْن القاضي أَبِي عَبْد الله محمد النصيبي.
143 238- أحمد بن علي بن أحمد السوسي.
143 239- أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن مُحَمَّد الغساني الغَنْميّ.
144 240- أحمد بن محمد بن عمر الأصبهاني البقال.
144 241- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الطَّيّب الواسطي.
144 242- انتصار بن يحيى المصمودي.
حرف الحاء:
144 243- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد الله بْن مجالد بن بشر البجلي.
145 244- الْحَسَن بْن القاسم بْن عليّ الواسطي المقرئ.(31/224)
146 245- حَمْدُ بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن وُلكِنْز.
147 246- حَمْزَة بْن أَبِي الْحُسَيْن بْن أَبِي حَمْزَة الغورجيّ.
حرف السين:
147 247- سُفيان بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بن حسين الثقفي.
حرف الظاء:
147 248- ظفْرُ بْنُ عَبْد الرحيم بْن محمد بن سليمان.
حرف الْعَيْنِ:
147 249- عَبْد الجبَّار بْن عَبْد اللَّه بن إبراهيم بن محمد بن برزة.
148 250- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن أحمد النيسابوري.
148 251- عَبْد الغفار بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن حبشان.
149 252- عبد الكريم بن أحمد بن طاهر التيمي.
149 253- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي الواحدي.
151 254- عبد الغني بن الحاجي الهوسمي.
151 255- عبد العزيز بن طاهر البابصري.
151 256- عليّ بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن جَنِيّ البيع.
152 257- علي بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن جدَّا.
152 258- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن عليَّك.
153 259- علي بن محمد بن علي بن محمد البجلي الجريري.
154 260- علي بن محمد بن نصر الدينوري.
154 261- عَليّ بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن علي الجرجاني.
حرف الميم:
155 262- محمد بن أحمد بن أسِيد بن عبد الله الثقفي.
155 263- محمد بن أحمد التميمي المروزي.(31/225)
155 264- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عبد العزيز الواسطي.
156 265- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن محمد الهاشمي.
156 266- محمد بن عَموَيْه الهروردي.
156 267- محمد بن القاسم بن حبيب بن بن عبدوس.
157 268- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد البيضاوي.
157 269- محمد بن محمد بن مخلد الأزدي.
157 270- مسعود بن المحسن بن عبد العزيز البياضي.
158 271- مكي بن جابار الدينوري.
حرف النون:
158 272- ناصر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العباس الطوسي.
159 273- ناصر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُمَر البغدادي التركي.
159 274- نصر بْن محمود بْن نصر بْن صالح بن مرداس.
حرف الياء:
160 275- يحيى بْن سَعِيد بْن أحمد بن يحيى الحديدي.
160 276- يعلى بن هبة الله بن الفضيل.
160 277- يوسف بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد المهرواني.
161 278- يوسف بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن حسن الهمذاني.
وفيَّات سنة تسع وستين وأربعمائة:
حرف الألف:
162 279- أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم بْن أحمد الإسماعيلي.
162 280- أحمد بْن عبد الواحد بْن أَبِي بَكْر محمد السلمي الدمشقي.
163 281- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن القاسم بن سهلويه الطهراني.
163 282- أسبهدوست بن محمد بن الحسن الديلمي.(31/226)
حرف الحاء:
164 283- حاتم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بن حاتم الطرابلسي.
165 284- حيَّان بْن خلف بْن حُسَيْنِ بْن حيان القرطبي.
166 285- حيدر بن علي بن محمد القحطاني.
حرف الراء:
166 286- رِزْقُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الأخضر الأنباريّ.
حرف السين:
166 287- سُلَيْمَان بْن عَبْد الرحيم بْن محمد الحسناباذي.
حرف الطاء:
167 288- طاهر بن أَحْمَد بن بابشاذ المصري.
حرف العين:
168 289- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطوسي.
168 290- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن أحمد الصريفيني.
169 291- عبد الباقي بن أحمد بن عمر الواعظ.
170 292- عبد الله بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الكروني.
170 293- عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحمن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد البجري.
170 294- عبد الرحمن بن محمد بن طاهر المرسي.
170 295- عَبْد الكريم بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن رزمة.
171 296- عبيد الله بن أبي يعلى بن الفراء.
171 297- عليّ بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن اللبّان.
171 298- عُمَر بْن أَحمد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الجوري.
حرف الفاء:
172 299- الفضل بن الفرج الأصبهاني.(31/227)
حرف الميم:
172 300- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الحسن بن هارون.
173 301- محمد بن أحمد بن سعيد الجياني.
173 302- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن مُحَمَّد بن منظور الإشبيلي.
173 303- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بن وهب الهمذاني.
174 304- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن بْن سِكّينة.
174 305- مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن صالح الجبلي.
175 306- مُعَاوِيَة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُعارك العقيقي.
175 307- مغيث بن محمد بن يونس القرطبي.
حرف النون:
176 308- نجا بْن أَحْمَد بْن عَمْرو بن حرب الدمشقي.
حرف الياء:
176 309- يحيى بْن عليّ بْن محمد الحمدويي.
وفيَّات سنة سبعين وأربعمائة:
حرف الألف:
177 310- أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الواسطي.
177 311- أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن عليّ بْن أحمد عبد الصمد.
179 312- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن النَّقُّور.
180 313- أحمد بن محمد بن يعقوب بن حُمَّدوْه.
181 314- أحمد بن محمد السواجي.
181 315- أحمد بن محمد بن يحيى الحربي.
182 316- إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد بْن عُثْمَان بْن وَرْدُون.(31/228)
حرف الحاء:
182 317- الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحسين بن طلاب.
حرف السين:
183 318- سعد بن علي النسوي.
حرف الطاء:
183 319- طلحة بن أحمد الأصبهاني القصار.
حرف العين:
184 320- العاص بن خلف الإشبيلي.
184 321- عَبْد اللَّه بْن الحافظ أَبِي مُحَمَّد الْحَسَن بن محمد الخلال.
184 322- عبد الخالق بن عيسى بن أحمد الهاشمي.
186 323- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن منده.
190 324- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن النيسابوري.
190 325- عبد الرزاق بن سلهب الأصبهاني.
190 326- عبد الكريم بن أبي حاتم السجستاني.
190 327- عبد الملك بن عبد الرحمن السرخسي.
190 328- عَبْد الملك بْن عَبْد الغفار بْن مُحَمَّد الهمذاني.
191 329- عَبْد الوهاب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن سليمان السلمي.
191 330- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أحمد السلمي.
192 331- علي بن الحسن بن علي العطار.
192 332- علي بن الحسن بن القاسم بن عنان الأسداباذي.
192 333- عليّ بْن الخَضِر بْن عبدان بْن أَحْمَد الدمشقي.
192 334- علي بن محمد بن علي التيمي.
193 335- عليّ بْن ناعم بْن عليّ بْن سهل.(31/229)
حرف الميم:
193 336- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مَخْلَد بْن عَبْد الرحمن القرطبي.
193 337- محمد بن أحمد بن مأمون الكرتي.
193 338- محمد بن هبة الله الوراق.
194 339- مُحَمَّد بن عَليّ بن الحَسَن بن مُحَمَّد الدقاق.
194 340- محمد بن عيسى بن أحمد الهاشمي.
194 341- منصور أبو القاسم النيسابوري.
195 342- مُوسَى بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ الصقلي.
حرف الهاء:
195 343- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد البروني.
195 344- هبة اللَّه بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن محمد القرشي.
المتوفون تقريبًا:
حرف الألف:
196 345- أَحْمَد بْن عليّ بن عبيد الله الدينوري.
196 346- إبراهيم بن محمد بن أحمد المناديلي.
197 347- إسماعيل بن علي العين زربي.
حرف التاء:
197 348- تُبَّع بْن القاسم بْن نصر التبعي.
حرف الثاء:
197 349- ثابت بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الفزاريّ.
حرف الحاء:
198 350- الْحَسَن بْن مَكّيّ بْن الْحَسَن الشيرازي.
198 351- الحسين بن عبد الله بن الحسين ابن الشويخ.(31/230)
حرف الشين:
198 352- شبيب بن أحمد بن محمد بن خشنام.
حرف العين:
199 353- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم الكروني.
199 354- عبد الله بن عبد الرحمن البحيري.
199 355- عبد الله بْنُ عُبَيْد الله بْنُ مُحَمَّد المحاملي.
200 356- عَبْد الجليل بْن أَبِي بَكْر الرَّبَعيّ القَرَوِيّ.
200 357- عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الزوزني.
201 358- عَبْد الكريم بْن أَحْمَد بْن طاهر بْن أحمد الوزان.
201 359- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مروان بْن زُهر الإيادي.
201 360- عَبْد الوهاب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن سليمان السلمي.
201 361- عقيل بن محمد بن علي الفارسي.
202 362- علي بن محمد بن جعفر اللحساني.
202 363- علي بن محمد بن نصر الدينوري.
202 364- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحسناباذي.
203 365- علي بن محمد بن عبد الرحمن البغدادي.
203 366- علي بن غنائم الأوسي.
حرف الفاء:
203 367- الفضل بن عطاء المهراني.
حرف الميم:
204 368- محمد بن خلصة النحوي.
204 369- محمد بن أحمد التميمي المروروذي.
205 370- محمد بن عبد الرحمن بن أحمد النسوي.(31/231)
حرف الواو:
205 371- واصل بْن حَمْزَة بْن علي الخُنْبُوني.
207 فهرس الموضوعات.(31/232)
المجلد الثاني والثلاثون
الطبقة الثامنة والأربعون
أحداث سنة إحدة وسبعين وأربعمائة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة الثامنة والأربعون:
أحداث إحدى وسبعين وأربعمائة:
عزل ابن جَهِير من الوزارة:
فيها: عزل فخر الدّولة بن جَهِير من وزارة المقتدي بالله بأبي شجاع بن الحسين، لكونه شذَّ من الحنابلة.
وكتب أَبُو الحسن محمد بن علي بن أبي الصَّقر الفقيه الواسطيّ إلى نظام المُلْك هذه الأبيات:
يا نظامَ المُلْك قد حُلّ ... ببغدادَ النّظامُ
وابنُك القاطنُ فيها ... مستهانٌ مستضام
وبها أودى له قتيـ ... ـلًا غلامٌ، وغلامٌ
والّذي منهم تبقَّى ... سالمًا فيه سهام
يا قوام الدّين لم يبـ ... ـق ببغداد مقام
عظم الخطب، وللحر ... ب اتّصال، ودوام
فمتى لم تحسم الدّا ... ء أياديك الحسام
ويكفّ القوم في بغـ ... ـداد قتلٌ، وانتقام
فعلى مدرسة فيـ ... ـها، ومَن فيها السّلامُ
واعتصامٌ بحريمٍ ... لك، من بعدُ، حرامُ1
فَعَظم هذا الخَطْب على النّظام، وأعاد كوهرائين إلى شحنكّية بغداد، وحمّله رسالة إلى المقتدي تتضّمن الشَّكوى من ابن جهير. وأمر كوهرائين بأخْذ أصحاب ابن جهير، وإيصال المكروه والأذى إليهم.
__________
1 الكامل "10/ 109، 110" لابن الأثير.(32/3)
فسار عميد الدّولة بن فخر الدّولة بن جَهير إلى النظام، وتلطّف في القضيّة إلى أن لانَ لهم.
دخول تاج الدّولة تتش دمشق ومقتل أتْسِز:
وفيها: سار المَلك تاج الدّولة تُتُش أخو السّلطان ملكشاه فدخل الشّام، وتملك دمشق بأمر أخيه بعد أن افتتح حلب. وكان معَه عسكرٌ كثيرٌ من التُّركمان. وذلك أن أتْسِز، وَالعامّة تُغيُّره يقولون أقسيس، صاحب دمشق لمّا جاء المصريّون لحرْبه استنجد بتتش، فسارَ إليه من حلب، وطمع فيه. فلمّا قارب دمشق أجفل1 العسكر المصريّ بين يديه شبه الهاربين، وفرح أتسِز، وخرج لتلقّيه عند سور المدينة، فأبدى تتش صورةً، فأظهر الغَيْظ من أتسِز، إذ لم يُبعِد في تلقّيه، وعاتبه بغضبٍ، فاعتذر إليه، فلم يقبل، وقبض عليه وقتله في الحال، وملك البلد. وأحسن السيرة، وتحبَّب إلى النّاس.
ومنهم مَن ورَّخ فتْحَ تُتش لدمشق في سنة اثنتين وسبعين.
وكان أهل الشّام في ويْلٍ شديد مع أتسز الخوارزميّ المقتول.
__________
1 أجفل: جفولًا: شرد ونفر، أو مضى وأسرع، أو انزعج وفزع، فهو جافل وجفول، فأجفل: مضى وأسرع. المعجم الوجيز "ص/ 109".(32/4)
أحداث سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة:
أخذ مسلم بن قريش حلب:
كتب شرف الدّولة مسلم بن قُريش بن بدران العُقَيْليّ صاحب الموصل إلى السّلطان جلالا الدّولة ملِكْشاه ابن السلطان عضُد الدّولة ألْب أرسلان السَّلجوقيّ يطلب منه أن يسلَّم إليه حلب على أن يحمل إليه في العام ثلاثمائة ألف دينار. فأجابه إلى ذلك وكتب له توقيعًا بها. فسار إليها وبها سابق آخر ملوك بني مرداس. فأعطاه مسلم بن قريش إقطاعًا بعشرين ألف دينار، على أن يخرج من البلد، فأجاب. فوثب عليه أخواه فقتلاه واستوليا على القلعة، فحاصرهما مسلم، ثمّ أخذها صلحًا.
وفاة صاحب ديار بكر:
وفيها: مات نصر بن أحمد بن مروان صاحب ديار بكر، وتملَّك بعده ابنه منصور.
غزوة صاحب الهند:
وفيها: غزا صاحب الهند إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين في الكفّار غزوةً كبرى.(32/4)
أحداث سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة:
الخلاف بين السلطان ملكشاه وأخيه:
فيها: عرضَ السّلطان ملِكْشاه جيشه بالرَّيّ، فأسقط منهم سبعة آلاف لم يرض حالهم. فساروا إلى أخيه تكش، فقوي بهم وأظهر العصيان، واستولى على مَرْو وتِرْمذ، وسار إلى نَيْسابور؛ فسبقه إليها السّلطان، فردَّ وتحصّن بتِرْمذ، ثمّ نزل إليه، فعفا عنه1.
__________
1 انظر: المنتظم "8/ 120"، الكامل "10/ 111"، البداية والنهاية "12/ 119-121"، صحيح التوثيق "7/ 514".(32/5)
أحداث سنة أربع وسبعين وأربعمائة:
خطبة الخليفة المقتدي بنت السّلطان:
فيها: بعث الخليفة المقتدي بالله الوزير أبا نصر بن جهير يخطُب ابنَة السّلطان. فأجابوا: على أن لا يتسرّى عليها1، ولا يبيت إلّا عندها.
حصار مدينة قابس:
وفيها: حاصر تميم صاحب إفريقية مدينة قابس، وأتلفَ جُندُه بساتينها، وضيَّق على أهلها.
__________
1 لا يتسرى عليها: أي لا يتخذ سرية، وهي ملك اليمين من الجواري والإماء.(32/5)
فتح تتش لأنطرطوس:
وفيها: سار تتش صاحب دمشق، فافتتح أَنْطَرَطُوس، وغيرها.
أخذ صاحب الموصل لحرّان:
وفيها: أخذ شرف الدّولة صاحب الموصل حرّان من بني وثّاب النُّمَيْريّين، وصالحه صاحب الرُّها وخطب له.
وفاة الأمير داود بن ملكشاه:
وفيها: مات الأمير داود ولد السّلطان ملكشاه، فجزع عليه، ومنع مِن دفنه حتّى تغيرت رائحته، وأراد قتل نفسه مرّات فيمنعونه. كذا نقل صاحب الكامل.
تملّك عليّ بن مقلّد حصن شَيْزر:
وفيها: تملك الأمير سديد الدولة أبو الحَسَن عَليّ بن مُقَلّد بن نصر بن مُنْقذ الكِنَانيّ حصن شَيْزَر، وانتزعه من الفرنج. وكان له عشيرة وأصحاب، وكانوا ينزلون بقرب شَيْزَر، فنازلها ثمّ تسلّمها بالأمان.
فلم تزل شَيْزَر بيده ويد أولاده، إلى أن هدمتها الزَّلزلة وقتلت أكثر مَن بها، فأخذها السّلطان نور الدين محمود، وأصلحها وجدَّدها.
وفاة سديد الدّولة ابن منقذ:
وأما سديد الدّولة فلم يحيى بعد أن تملّكها إلّا نحو السّنة. وكان فارسًا شجاعًا شاعرًا. وتملَّك بعده ابنه أبو المرهف نصر.
وفاة الأمير دُبَيْس الأسَديّ:
وفيها: مات نور الدّولة دُبَيْس بن الأمير سند الدّولة عليّ بن مزيد الأسديّ، وقد وُلْي الإمارة صبيًّا بعد أبيه من سنة ستًّ وأربعمائة، وبَقِي رئيس العرب هذه المدّة كلّها. وكان كريمًا عاقلًا شريفًا، قليل الشّرّ والظلم1.
__________
1 انظر: الكامل "10/ 121"، البداية والنهاية "12/ 123"، صحيح التوثيق "7/ 515".(32/6)
أحداث سنة خمس وسبعين وأربعمائة:
الخلاف بين الواعظ الأشعريّ والحنابلة ببغداد:
فيها: قدِم الشريف أبو القاسم البكْريّ الواعظ الأشعريّ بغداد، وكان جاء من الغرب وقصد نظام المُلْك فأحبّه ومال إليه، وبعثه إلى بغداد، فوعظ بالنّظامية، وأخذ يذكر الحنابلة ويرميهم بالتّجسيد، ويثني على الإمام أحمد ويقول: {مَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102] .
ثمّ وقَعَ بينه وبين جماعة من الحنابلة سبٌّ، فَكَبَس دُورَ بني الفرّاء، وأخذ كتابَ أبي يَعْلَى الفرّاء، رحمه الله، في إبطال التّأويل، فكان يُقرأ بين يديه وهو جالس على المنبر، فيشنَّع به، فلقّبوه عَلَم السّنَّة.
ولمّا مات دفنوه عند قبر أبي الحَسَن الأشعريّ.
إيفاد الشيرازيً رسولًا:
وفي آخر السّنة بعث الخليفة الشّيخ أبا إسحاق الشّيرازيّ رسولًا إلى السّلطان يتضمّن الشَّكوى من العميد أبي الفتح.
ضرب الطبول لمؤيد المُلْك:
وفيها: قدِم مؤيد الملك بن نظام المُلْك من إصبهان، ونزل بالنّظاميّة، وضُربت على بابه الطُّبول أوقات الصَّلوات الثلاثة، فأعطي مالًا جزيلًا حتّى قطعها وبعث بها إلى تِكْرِيت.(32/7)
أحداث سنة ست وسبعين وأربعمائة:
وزارة ابن المسلمة:
فيها: عُزِل عميد الدّولة بن جَهير عن وزارة الخليفة، ووُلْي أبو الفتح المظفَّر بن رئيس الرؤساء ابن المسلمة.
وسار ابن جَهير وأبوه إلى السّلطان فأكرمهم.
ولاية فخر الدّولة على ديار بكر:
وعقد لابنه فخر الدّولة على ديار بكر وأعطاه الكوسات والعساكر، وأمره أن ينتزعها من بني مروان.
عصيان أهل حرّان على مسلم بن قريش:
وفيها: عصى أهلُ حرّان1 على شرف الدّولة مسلم بن قريش، وأطاعوا قاضيهم ابن جلبة الحنبليّ، وعَزَموا على تسليم حَرّان إلى جَنق أمير التّركمان لكونه سُنّيا، ولكون مسلم رافضيًّا.
وكان مسلم على دمشق يحاصر أخا السّلطان تاج الدّولة تُتُش في هوى المصريّين، فأسرع إلى حرّان ورماها بالمنجنيق، وافتتح البلد، وقتل القاضي وولديه، رحمهم اللَّه.
قصْد تاج الدّولة أنطاكية:
وكان تاج الدّولة قد سار فقصد أنطاكية.
عزل المظفّر ووزارة أبي شجاع:
وفيها: عزل المظفّر ابن رئيس الرؤساء من وزارة الخليفة، وولي أبو شجاع محمد بن الحُسين، ولقّبه الخليفة ظهير الدّين، ومَدَحته الشعراء فأكثروا.
مقتل سيّد الرؤساء ابن كمال المُلْك:
وفيها: قتلة سيد الرؤساء أبي المحاسن بن كمال المُلْك بن أبي الرّضا، وكان قد قرُب من السّلطان مَلِكْشاه إلى الغاية. وكان أبوه كمال المُلْك يُكْتَب الإنشاء للسلطان. فقال أبو المحاسن: أيُّها الملك، سلِّم إليَّ نظام المُلْك وأصحابَه وأنا أعطيك ألف ألف دينار، فإنَّهم قد أكلوا البلاد.
__________
1 بلدة حران من أشهر أعمال دمشق قديما، سوريا اليوم، ومنها ابن تيمية شيخ الإسلام، رحمه الله تعالى، والنسبة إليها حراني.(32/8)
فبلغ ذلك نظام المُلْك، فمدَّ سماطًا1 وأقام عليه مماليكه، وهم أُلُوف من الأتراك، كذا قال ابن الأثير، وأقام خَيْلهم وسلاحهم. فلمّا حضر السّلطان قال له: إنّني في خدمتك وخدمة أبيك وجدّك، وُلْي حقّ خدمة. وقد بَلَغَكَ أخذي لأموالك، وصَدَق القائل. أنا آخذ المال وأعطيه لهؤلاء الغلمان الذين جمعتهم لك. وأصرفه أيضًا في الصَّدقات والوقوف والصِّلات التي مُعظم ذِكرها وأجرها لك. وأموالي وجميع ما أملكه بين يديك، وأنا أقنع بمرقَّعة وزاوية.
فصفَا له السّلطان، وأمر أن تُسْمَل عينا أبي المحاسن، ونفَّذه إلى قلعة ساوة. فسمع أبوه كمال المُلْك الخبر. فاستجار بنظام المُلْك وحمل مائتي ألف دينار، وعُزِل عن الطُّغراء، يعني كتابة السّرَّ، ووليها مؤيَّد الملك ابن النظام.
محاصرة المهدية والقيروان:
وفيها: خرج على تميم بن المُعزّ: ملكُ بنُ علويّ أمير العرب، وحاصر المهديّة، وتعب معه تميم، ثمّ سار إلى القيروان فملكها، فجهز إليه تميم جيوشه، فحاصروه بالقيروان، فعجز وخرج منها، وعادت إلى يد تميم.
رخْص الأسعار:
وفيها: رخصت الأسعار بسائر البلاد، وعاش النّاس، ولله الحمد.
__________
1 سماط: هو ما يمد ليوضع عليه الطعام كالمفارش في المآدب ونحوها. والجمع سُمُطٌ، وأسمطةٌ.(32/9)
أحداث سنة سبع وسبعين وأربعمائة:
الحرب بين العرب والتركمان عند آمِد:
فيها: بعث السّلطان جيشًا عليهم الأمير أُرْتُق بن أكسُب نجدةً لفخر الدّولة بن جَهير. وكان ابن مروان قد مضى إلى مشرف الدّولة صاحب الموصل، واستنجد به، على أن يُسلّم إليه آمد، وحلف له على ذلك، وكانت بينهما إحنٌ قديمة، فاتفقا على حرب ابن جهير وسارا، فمالَ ابنُ جهير إلى الصُّلْح، وعلمت التُّرْكُمان نيّته، فساروا في الليل، وأتوا العرب فأحاطوا بهم، والْتَحم القتال، فانهزمت العرب، وأُسِرَت أمراء بني عقيل، وغنمت التُركمان لهم شيئًا كثيرًا.
واستظهر ابن جَهير وحاصر شرف الدّولة، فراسَلَ شرف الدّولة أرتق وبذل له مالًا، وسأله أن يمُن عليه، ويمكنه من الخروج من آمد. فإذن له، فساق على حميّةٍ، وقصد الرَّقة، وبعث بالمال إلى أرتق. وسافر فخر الدّولة إلى خلاط.
وبلغ السّلطان أنّ شرف الدّولة قد انهزم وحُصر بآمد، فجهَّز عميد الدّولة ابن جهير في جيشٍ مدادًا لأبيه، فقدِم الموصل، وفي خدمته من الأمراء: قسيم الدّولة آقسنقر جد السّلطان نور الدين رحمه الله، والأمير أرتق، وفتح له أهل الموصل البلد فتسلّمه.
مصالحة السّلطان وشرف الدّولة:
وسار السّلطان بنفسه ليستولي على بلاد شرف الدّولة ابن قريش، فأتاه البريد بخروج أخيه تكش بخُراسان، فبعث مؤيّد الدّولة ابن النظام إلى شرف الدّولة، وهو بنواحي الرحبة، وحلف له، فحضر إلى خدمة السّلطان، فخلع عليه، وقدَّم هو خيلًا عربيّة من جملتها فرسَه بَشّار، وكان فرسًا عديم النظير في زمانه، لا يُسْبق. فأُجري بين يديه، فجاء سابقًا، فوثب قائمًا من شدّة فرحه، وصالح شرف الدّولة.
عصيان تكش على أخيه السّلطان:
وعاد إلى خُراسان لحرب أخيه، وكان قد صالحه. فلما رأى تكش الآن بُعد السّلطان عنه عاد إلى العصيان، فظفر به السّلطان فكحّله وسجنه، وليته قتله، فإنّه قصد مَرْو، فدخلها وأباحها لعسكره ثلاثة أيام، فنهبوا الأموال، وفعلوا العظائم1، وشربوا في الجامع في رمضان.
استرجاع أنطاكية من الروم:
وفيها: سار سُليمان بن قُتْلُمِش السلْجوقيْ صاحب قونية وأقصرا بجيوشه إلى الشّام، فأخذ أنطاكية، وكانت بيد الروم من سنة ثمانٍ وخمسين وثلاثمائة، وسبب أخذها أنّ صاحبها كان قد سار عنها إلى بلاد الروم، ورتَّب بها شحنة. وكان مسيئًا
__________
1 العظائم: يعني المنكرات من الأفعال والأقوال.(32/10)
إلى أهلها وإلى جُنده حتّى أنه حبس ابنه. فاتّفق ابنه والشّحنة على تسليم البلد إلى سُليمان، فكاتبوه يستدعونه، فركب في البحر في ثلاثمائة فارس، وجمع من الرّجّالة، وطلع من المراكب، وسار في جبالٍ وعرة ومضائق صعبة حتّى وصل إليها بغتةً ونصب السلالم ودخلها في شعبان. وقاتلوه قتالًا ضعيفًا، وقتل جماعة وعفا عن الرعيّة، وعدل فيهم، وأخذ منها أموالًا لا تُحصى. ثمّ أرسل إلى السّلطان ملكشاه يبشّره، فأظهر السّلطان السرور، وهنأه النّاس.
وفيها يقول الأبِيوَرْدِيّ قصيدته:
لَمَعْت كناصية الحِصان الأشقرِ ... نارٌ بمعتَلِج الكثيبِ الأعفَرِ
منها:
وفتحتَ أنطاكيَّة الرّوم التي ... نَشَرَتْ مَعَاقِلَها على الإسكندرِ
وطِئَتْ مناكبَها جيادُك فانْثَنَت ... تُلقِي أجنتَّها بناتُ الأصفرِ
وأرسل شرف الدّولة مسلم بن قريش إلى سُليمان يطلب منه الحَمل الذي كان يحمله إليه صاحبُ أنطاكية. فبعث يقول له: إنّما ذاك المال كان جزية رأس الفردروس، وأنا بحمد اللَّه فمؤمن، ولا أعطيك شيئًا.
فنهب شرف الدّولة بلاد أنطاكيّة، فنهب سُليمان أيضًا بلاد حلب، فاستغاث له أهلُ القرى، فرقَّ لهم، وأمرَ جُنْدَه بإعادة عامّة ما نهبوه.
مقتل شرف الدولة بنواحي أنطاكية:
ثمّ إنّ شرف الدّولة حشد العساكر، وسار لحصار أنطاكية، فأقبل سُليمان بعساكره، فالتقيا في صَفَر سنة ثمانٍ وسبعين بنواحي أنطاكية، فانهزمت العرب، وقُتل شرف الدّولة بعد أن ثبت، وقتِل بين يديه أربعمائة من شباب حلب.
وكان أخوه إبراهيم في سجنه، فأخرجوه وملّكوه.
حصار حلب:
وسار سُليمان فنازل حلب وحاصرها أكثر من شهر، وترحّل عنها.
ولاية آقسنقر شحنكية بغداد:
وفيها: وُلْي شحنكيّة1 بغداد قسيم الدّولة آقسنقر.(32/11)
أحداث سنة ثمان وسبعين وأربعمائة:
استيلاء الأدفُونش على طليطلة:
كان قد جمع الأدفونش، لعنه الله، جيوشَه، وسار فنزل على مدينة طُليطلَة من بلاد الأندلس في السّتين الماضية، فحاصرها سبْع سِنين، وأخذها في العام من صاحبها القادر بالله ولد المأمون يحيى بن ذي النون، فازداد قوّةً وطغى وتجبَّر.
موقعة الملثّمين بالأندلس:
وكان ملوك الأندلس، حتّى المعتمد صاحب قُرْطُبة وإشبيلية، يحمل إليه قطيعة كلّ عام. فاستعان المعتمد بن عبّاد على حربه بالملثّمين من البربر، فدخلوا إلى الأندلس، فكانت بينهم وقعة مشهورة، ولكن أساء يوسف بن تاشفين ملك الملثمين إلى ابن عبّاد، وعمل عليه، وأخذ منه البلاد، وسجنه بأغمات إلى أن مات.
رواية ابن حزم عن كتاب الأدفونش إلى المعتمد بن عبّاد:
وذكر اليَسَع بن حَزْم قال: كان وجّه أدفونش بن شانجة رسولًا إلى المعتمد. وكان من أعيان ملوك الفرنج يقال له: البرهنس، معه كتاب كتبه رجلٌ من فقهاء طُلَيْطلة تنصَّر ويُعرف بابن الخيّاط، فكان إذا عُيِّر قال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] والكتاب: من الإنبراطور ذي الملّتين الملك أدفونش بن شانجة، إلى المعتمد بالله، سدّد الله آراءه، وبصّره مقاصد الرشاد. قد أبصرت تَزَلْزُل أقطار طُلَيْطُلة، وحصارها في سالف هذه السّنين، فأسلمتم إخوانكم، وعطّلتم بالدَّعة زمانكم، والحذر من أيقظ بالَهَ قبل الوقوع في الحبالة. ولولا عهدٍ سَلَفَ بيننا نحفظ ذِمامه نهض العزم، ولكن الإنذار يقطع الأعذار، ولا يعجل إلا من يخاف الفوت فيما يرومه، وقد حمّلنا الرّسالة إليك السّيد البرهانس، وعنده من التسديد الذي يلقى به أمثالك، والعقل الذي يدبّر به بلادك ورجالك، ما أوجب استنابته فيما يدق ويجلّ.
__________
1 الشحنكية: هي الجماعة التي يقيمها الحاكم، أو الوالي لكي تقوم بضبط أحوال الرعية.(32/12)
فلمّا قدم الرسول أحضر المعتمد الأكابر، وقرئ الكتاب، فبكى أبو عبد الله بن عبد البَر وقال: قد أبصرنا ببصائرنا أنَّ مآل هذه الأموال إلى هذا، وأن مسالمة الّعين قوّة بلاده، فلو تضافرنا لم نصبح في التّلاف تحت ذلّ الخلاف، وما بَقِي إلّا الرجوع إلى الله والجهاد.
وأما ابن زيدون وابن لَبُون فقالا: الرأي مهادنته ومسالمته. فجنح المعتمد إلى الحرب، وإلى استمداد ملك البربر، فقال جماعة: نخاف عليك من استمداده. فقال: رعْي الْجِمال خيرٌ من رعي الخنازير.
جواب المعتمد بن عبّاد إلى الأدفونش:
ثمّ أخذ وكتب جواب أدفونش بخطِّهِ، ونصّه:
الذّلُّ تأباه الكرامُ ودِيننا ... لك ما ندين به من البأساءِ
سمناك سلمًا ما أردت وبعد ذا ... نغزوك في الإصباح والإمساءِ
الله أعلى من صليبك فادرع ... لكتيبة خطبتك في الهيجاء
سوداء غابت شمسها في غَيْمها ... فجرت مدامُعها بفَيْض دماءِ
ما بيننا إلّا النّزال وفتنة ... قدحت زِناد الصّبر في الغماءِ
من الملك المنصور بفضل الله المعتمد على الله محمد بن المعتضد بالله، إلى الطّاغية الباغية أدفونش الّذي لقَّب نفسه ملك الملوك، وتسمّى بذي الملَّتين. سلام على من اتَّبع الهُدى، فأول ما نبدأ به من دعواه أنه ذو المِلَّتين والمسلمون أحقّ بهذا الاسم؛ لأنّ الذي نملكه من نصارى البلاد، وعظيم الاستعداد، ولا تبلغه قدرتكم، ولا تعرفه ملّتكم. وإنّما كانت سِنَةُ سعدٍ اتَّعظ منها مناديك، وأغفل عن النّظر السّديد جميل مُناديك، فركبنا مركب عجز يشحذ الكْيس، وعاطيناك كؤوس دعةٍ، قلت في أثنائها: ليس. ولم تستحي أن تأمر بتسليم البلاد لرجالك، وإنّا لنعجب من استعجالك وإعجابك بصنعٍ وافقك فيه القَدَر، ومتى كان لأسلافك الأخدمين مع أسلافنا الأكرمين يدٌ صاعدة، أو وقفة مساعدة، فاستعد بحربٍ، وكذا وكذا.. إلى أن قال: فالحمد لله الذي جعل عقوبة توبيخك وتقريعك بما الموت دونه، والله ينصر دينه ولو كره الكافرون، وبه نستعين عليك.(32/13)
ثمّ كتب إلى يوسف بن تاشفين يستنجده فأنجده.
استيلاء ابن جهير على آمد وميافارقين:
وفيها: استولى فخر الدّولة ابن جهير على آمد وميافارقين، وبعث بالأموال إلى السّلطان مَلِكْشاه.
ملْكَ ابن جهير جزيرة ابن عَمْر:
ثمّ ملك جزيرة ابن عَمْر بمخامرة من أهلها، وانقرضت دولة بني مروان.
محاصرة أمير الجيوش دمشق:
وفيها: وصل أمير الجيوش في عساكر مصر، فحاصر دمشق، وضيّق على تاج الدّولة تُتُش، فلم يقدر عليها، فعاد إلى مصر.
الفتنة بين السُّنة والشيعة:
وفيها: كانت فتنة كبيرة بين أهل الكرْخ الشيعة وبين السّنة، وأحرقت أماكن واقتتلوا.
الزلزلة بأرَّجان 1:
وجاءت زلزلة مهُولة بأرَّجان، مات خَلقُ منها تحت الردم.
الريح والرعد والبرق ببغداد:
وفيها: كانت الرّيح السّوداء ببغداد، واشتدّ الرَّعد والبرق، وسقط رملٌ وتراب كالمطر، ووقعت عدّة صواعق، وظنّ النّاس أنّها القيامة، وبقيت ثلاث ساعات بعد العصر، نسأل الله السلامة.
وقد سقت خبر هذه الكائنة في ترجمة الإمام أبي بكر الطُّرطوشيّ؛ لأنّه شاهدها وأوردها في أماليه. وكان ثقة ورعًا، رحمه الله تعالى.
__________
1 أرجان من أعمال بلاد خراسان القديم.(32/14)
أحداث سنة تسع وسبعين وأربعمائة:
مقتل ابن قُتْلُمش عند حلب:
لمّا قُتِل شرف الدّولة نازل سُليمان بن قُتْلُمش حلب، وأرسل إلى نائبها ابن الحتيتيّ العبّاسيّ منه أن يسلِّمه إليه، فقدَّم تقدمة، واستمهله إلى أن يكاتب السّلطان ملكشاه. وأرسل العبّاسيّ إلى صاحب تُتُش، وهو أخو السّلطان يحرضه على المجيء ليتسلم البلد. فسار تُتُش بجيشه، فقصده قبل أن يصل إليها سُليمان، وكان مع تُتُش أرتق التُّركمانيّ جدّ أصحاب ماردين، وكان شجاعًا سعيدًا، لم يحضر مصَافًا1 إلًا وكان الظَّفر له. وقد كان فارق ابن جَهير لأمرٍ بدا منه، ولحق بتاج الدّولة تُتُش، فأعطاه القدس. والتقى الجمعان، وبلى يومئذٍ أرتق بلاءً حسنًا، وحرَّض العرب على القتال، فانهزم عسكر سُليمان، وثبت سُليمان بخواصه إلى أن قُتِل، وقيل: بل أخرج سِكّينًا عند الغَلَبة قتلَ بها نفسه. ونهب أصحاب تُتُش شيئًا كثيرًا.
ثمّ إنه سار لأخذ حلب، فامتنعوا، فحاصرها وأخذها بمخامرةٍ جَرَت.
دخول السّلطان حلب:
وأما السّلطان فإنّ البُرْدَ وصلت إليه بشُغُور حلب من ملكٍ، فساق بجيوشه من إصبهان، فقدمها في رجب، وهرب أخوه عنها ومعه أرتق.
وكانت قلعة حلب عاصيةً مع سالم ابن أخي شرف الدّولة، فسلّمها إلى السّلطان، وعوضه عنها بقلعة جَعْبَر، فبقيت في يده ويد أولاده إلى أن أخذها نور الدين.
إقرار الأمير نصر بن عليّ على شَيْزَر:
وأرسل الأمير نصر بن عليّ بن منقذ إلى السّلطان ملكشاه ببذْل الطاعة، وسلَّم إليه لاذقيه وكفر طاب وفامية، فترك قصده وأقرَّه على شَيْزَر. ثمّ سلمَّ حلب إلى قسيم الدّولة أقسنقر، فعمّرها وأحسن السّيرة.
__________
1 المصاف: أقامهم في الحرب صفوفا، والمعنى: ما دخلت معركة إلا خرجت منتصرًا.(32/15)
افتقار ابن الحُتَيتي:
وأمّا ابن الحُتَيتيّ فإنّ أهلها شكوه، فأخذه السّلطان معه، وتركه بديار بكر، فافتقر وقاسى. وأمّا ولده فقتلته الفرنج بأنطاكية لمّا ملكوها.
خبر وقعة الزلاقة بالأندلس:
وهو أنّ الأدفونش، لعنه الله، تمكّن وتمرَّد، وجمع الجيوش فأخذ طُلَيْطُلة، فاستعان المسلمون بأمير المسلمين يوسف بن تاشفين صاحب سبتة ومراكش، فبادر وعدَّى بجيوشه، واجتمع بالمعتمد بن عبّاد بإشبيلية، وتهيَّأ عسكرها وعسكر قُرْطُبة، وأقبلت المطَّوَّعة من النواحي.
وسار جيش الإسلام حتّى أتوا الزلاقة، من عمل بطليوس، وأقبلت الفرنج، وتراءى الجمعان، فوقع الأدفونش على ابن عبّاد قبل أن يتواصل جيش ابن تاشفين، فثبت ابن عبّاد وأبلى بلاءً حسنًا، وأشرف المسلمون على الهزيمة، فجاء ابن تاشفين عرضًا، فوقع على خيام الفرنج، فنهبها وقتل من بها، فلم تتمالك النصارى لما رأت ذلك أن انهزمت، فركب ابن عبّاد أقفيتهم، ولقيهم ابن تاشفين من بين أيديهم، ووضع فيهم السيف، فلم ينج منهم إلّا القليل. ونجا الأدفونش في طائفة. وجمع المسلمون من رؤوس الفرنج كومًا كبيرًا، وأذّنوا عليه، ثمّ أحرقوها لما جيفت.
وكانت الوقعة يوم الجمعة في أوائل رمضان، وأصاب المعتمد بن عبّاد جراحات سليمة في وجهه. وكان العدو خمسين ألفًا، فيقال: لم يصل منهم إلى بلادهم ثلاثمائة نفس. وهذه ملحمة لم يعهد مثلها. وحاز المسلمون غنيمة عظيمة.
استيلاء ابن تاشفين على غرناطة:
وطابت الأندلس للملثَّمين، فعمل ابن تاشفين على أخذها، فشرع أوّلًا، وقد سار في خدمته ملك غرناطة، فقبض عليه وأخذ بلده، واستولى على قصره بما حوى، فيقال: إنّ في جملة ما أخذ أربعمائة حيّة جوهر، فقوَّمت كلّ واحدةٍ بمائة دينار.(32/16)
تلقيب ابن تاشفين بأمير المسلمين:
ونقل ابن الأثير أنّ ابن تاشفين أرسل إلى المقتدي بالله العباسيّ يطلب أن يسلطنَه، فبعث إليه الخِلع والأعلام والتّقليد، ولقِّب بأمير المسلمين.
دخول السّلطان ملكشاه بغداد:
ولمّا افتتح السّلطان ملكشاه حلب وغيرها رجع ودخل بغداد، وهو أوّل دخوله إليها، فنزل بدار المملكة ولعب بالكُرة، وقدَّم تقادم للخليفة، ثمّ قدِم بعده نظام المُلْك. ثمّ سار فزار قبور الصالحين.
وفيه يقول ابن زكَرَوْيه الواسطيّ:
زُرْتَ المشاهدَ زَوْرةً مشهودةً ... أرْضت مضاجع من بها مدفونُ
فكأنّك الغَيْثُ استهلّ بتُربها، ... وكأنّها بك روضةٌ ومعينٌ
ثمّ خرج وتصيّد، وأمر بعمل منارة القرون من كثرة ما اصطاد من الغزلان وغيرها.
ثمّ جلس له الخليفة ودخل إليه وأفرغ الخِلَع عليه. ولم يزل نظام المُلْك قائمًا يقدَّم أميرًا أميرًا إلى الخليفة، وكلما قدَّم أميرًا قال: هذا العبد فلان، وأقطاعه كذا وكذا، وعدّة رجاله وأجناده كذا وكذا؛ إلى أن أتى على آخرهم. ثمّ خلع على نظام المُلْك. وكان يومًا مشهودًا. وجلس نظام المُلْك بمدرسته، وحدَّث بها، وأملى مجلسًا.
ثمّ سار السّلطان من بغداد إلى إصبهان في صفر من سنة ثمانين.
الفتنة بين السُّنة والشيعة:
وفيها: كانت فتنة هائلة بين السُّنّة والشّيعة، وكادت الشيعة أن تملك، ثمّ حجز بينهم الدّولة.
تدريس الدبّوسيّ بالنظامية:
وفيها: قدِم الشريف أبو القاسم عليّ بن أبي يَعْلَى الحُسينيّ الدّبّوسيّ بغداد في تجمُّل عظيم لم يُرَ مثلُه لِعالِم، ورُتب مدرسًا بالنظامية بعد أبي سعْد المتولّي.(32/17)
زواج ابن صاحب الموصل وإقطاعه البلاد:
وفيها: زوّج السّلطان أخته زليخا بابن صاحب الموصل، وهو محمد بن شرف الدّولة مسلم بن قريش، وأقطعه الرحْبَة، وحَرّان، والرَّقَّة، وسَرُوج، والخابور. وتسلَّم هذه البلاد سوى حَرّان، فإنّ محمد بن الشّاطر امتنع من تسليمها مدّة، ثمّ سلّمها.
عزْل ابن جهير عن ديار بكر:
وفيها: عزل فخر الدّولة ابن جهير عن ديار بكر بالعميد أبي على البلْخيّ، بعثه السّلطان وجعله عاملًا عليها.
الخطبة للمقتدي بالحرمين:
وفيها: أُسقطت خطبة صاحب مصر المستنصر بالحَرَمَيْن، وخُطِب لأمير المؤمنين المقتدي.
إسقاط المكوس بالعراق:
وفيها: أسقط السّلطان المُكوُس والاجتيازات بالعراق.
محاصرة قابس وسفاقس:
وفيها: حاصر تميم بن باديس قابِس وسَفَاقُس، وفرق عليهما جيوشه1.
__________
1 انظر: البداية والنهاية "12/ 127-134"، والنجوم الزاهرة "5/ 125-127"، وصحيح التوثيق "7/ 516".(32/18)
أحداث سنة ثمانين وأربعمائة:
عرس الخليفة المقتدي:
في أوّلها عُرْسُ أمير المؤمنين على بنت السّلطان ملكشاه، عندما ذهب السّلطان للصّيد. فنُقل جهازها إلى دار الخليفة، فيما نقل ابن الأثير، على مائةٍ وثلاثين جَمَلًا مجلَّلة بالدّيباج الروميّ، وعلى أربعة وسبعين بغلًا مجلَّلة بألوان الدّيباج، وأجراسها
وقلائدها الذَّهب، فكان على ستة بغال اثنا عشر صندوقًا فيها الحُلِيّ والمَصَاغ، وثلاثة وثلاثون فرشًا عليها مراكب الذَّهب مرصّعة بأنواع الجوهر والحُلِيّ، ومهْد كبير كثير الذّهب، وبين يدي الجهاز الأميران كوهرائين وبُرسق. فأرسل الخليفة وزيره أبا شجاع إلى تركان خاتون، وبين يديه ثلاثمائة مركبيّة، ومثلها مشاعل، ولم يبق في الحريم دكّان إلّا وقد أشعل فيها الشّمع. وأرسل الخليفة محفّة لم يُرَ مثلها.
وقال الوزير لتُرْكان: يقول أمير المؤمنين: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] ، وقد أَذِن في نقل الوديعة إليه.
فأجابت، وحضر نظام المُلْك فمن دونَه، وكلٌّ معهم الشمع والمشاعل. وكان نساء الأمراء بين أيديهن الشّمع والمشاعل. ثمّ أقبلت الخاتون في محفّةٍ مجلَّلة بألوان الذَّهب والجواهر الكوشيّ، قد أحاط بالمحفة مائتا جارية من الأتراك بالمراكب العجيبة، فسارت إلى دار الخلافة. وكانت ليلة مشهودة لم يُرَ ببغداد مثلها. وعمل الخليفة من الغد سِماطًا لأمراء السّلطان، يُحكى أنّ فيه أربعين ألف مَنًّا من السُّكّر، وخلع عليهم. وجاءه منها ولد في ذي القعدة سمّاه جعفرًا.
وجاء السّلطان في هذه السّنة من تركان خاتون ولده محمود الذي ولي الملك.(32/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
وفيات الطبقة الثامنة والأربعون:
وفيات سنة إحدى وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
1- أحمد بن الحافظ أبي عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّاني1.
المقرئ أبو العبّاس.
قرأ على أبيه، وأقرأ الناس بالروايات.
أخذ عنه: أبو القاسم بن مُدير.
تُوُفّي في ثامن رجب.
2- أحمد بن عليّ بن محمد بن الفضل.
أبو الحَسَن بن أبي الفرج البغداديّ البَشّاريّ، المعروف أيضًا بابن الوازع2.
شيخ معمّر، وجدَ ابن ماكولا سماعَه من أبي الطّاهر المخلّص في جزء من الفتوح لسيف. فأفادَه الناسَ، وسمعوه منه.
روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل وله 94 سنة.
3- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه.
أبو الحسين الدّمشقيّ الأكفانيّ3 والد الأمين أبي محمد.
حدَّث عن: المسدَّد الأمْلُوكيّ، وعبد الرحمن بن الطُّبيز. وعنه: ابنه.
مات في ربيع الأوّل.
__________
1 غاية النهاية "1/ 80".
2 الإكمال "7/ 443".
3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 82" لابن بدران.(32/20)
4- أتْسِز بن أوّق الخُوارَزْميّ التُركيّ1.
صاحب دمشق.
قال ابن الأكفاني: غلت الأسعار في سنة حصار الملك أتْسِز بن الخُوارَزْميّ دمشق، وبلغت الغرارة أكثر من عشرين دينارًا. ثمّ ملك البلد صُلحًا، ونزل دار الإمارة داخل باب الفراديس، وخطب لأمير المؤمنين المقتدي بالله عبد الله بن أبي العبّاس، وقُطِعت دعوة المصريّين، وذلك في ذي القعدة سنة ثمانٍ وستين.
وقال ابن عساكر: إنّه ولي دمشق بعد حصاره إيّاها دفعات، وأقام الدّعوة لبني العبّاس، وتغلب على أكثر الشّام، وقصد مصر ليأخذها فلم يتمّ له ذلك.
ثمّ وجّه المصريّون إلى الشّام عسكرًا ثقيلًا في سنة إحدى وسبعين، فلمّا عجز عنهم راسل تُتُش بن ألب أرسلان يستنجد به. فقدم تتش دمشق، وغلب على دمشق، وقتل أتْسِز في ربيع الآخر، واستقام الأمر لتتش.
وكان أتسز لمّا أخذ دمشق أنزل جُنْدَه في دُور النّاس، واعتقل من الرُّؤساء جماعةً وشمّسهم بمرج راهط حتّى افتدوا نفوسهم منه بمالٍ كثير، ونزح جماعة إلى طرابُلُس. وقَتَلَ بالقُدس خلقًا كثيرًا كما مرَّ في الحوادث إلى أن أراح النّاس منه.
5- إبراهيم بن إسماعيل.
أبو سعْد اليعقوبيّ2.
مات بمرْو في شعبان.
6- إبراهيم بن عليّ.
الشّيخ أبو إسحاق القبانيّ3.
شيخ الصُّوفيّة بدمشق.
أقام بدمشق، وأقام بصور أربعين عامًا.
__________
1 السير "18/ 431"، وفيات الأعيان "1/ 295".
2 لم نقف عليه.
3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 233".(32/21)
وسمع بالرملة من: شيخه أبي الحسين بن التّرجُمان، وبصيدا من: الحَسَن بن جُمَيْع.
روى عنه: نصر المقدسيّ، وغيث الأرمنازيّ، وجماعة.
وكان صالحًا صدوقًا له معاملة.
"حرف الحاء":
7- الحَسَن بن أحمد بن عبد الله1.
الفقيه أبو عليّ بن البنّا البغداديّ الحنبليّ، صاحب التّصانيف والتّخاريج. سمع من: هلال الحفّار، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد اللَّه بن يحيى السُّكَّريّ، وهذه الطبّقة فأكثر.
روى عنه: أحمد بن ظَفَر المَغَازِليّ، وأبو منصور عبد الرحمن القزّاز، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وجماعة، وولداه يحيى وأحمد، وأبو الحسين بن الفرّاء، وقاضي المرِستان.
وقرأ بالرّوايات على أبي الحسن الحمَّاميّ.
وعلّق الفقه والخلاف عن القاضي أبي يَعْلَى قديمًا.
ودرّس في أيّامه، وله تصانيف في الفقه والأصول والحديث.
وكان له حلقتان للفتوى وللوعْظ؛ وكان شديدًا على المُبْتَدِعَة، ناصرًا للسُّنَّة.
آخر من روى عنه بالإجازة الحافظ محمد بن ناصر.
قال القفطيّ: كان من كبار الحنابلة. سأل فقال: هل ذكرني الخطيب في تاريخه مع الثقات أو مع الكذابين؟ فقيل له: ما ذكرك أصلًا.
فقال: ليته ذكرني ولو مع الكذابين.
قال القفطيّ: كان مشارًا إليه في القراءات واللّغة والحديث. حكي عنه أنّه قال: صنّف خمسمائة مصنَّف.
__________
1 السير "18/ 380"، وغاية النهاية "1/ 206".(32/22)
قال: إلًا أنّه كان حنبليّ المعتَقَد، تكلّموا فيه بأنواع.
تُوُفّي في رجب.
قلت: ما تكلَّم فيه إلّا أهل الكلام لكونه كان لهجًا بمخالفتهم، كثير الذّمّ لهم، مَعْنِيا بأخبار الصِّفات.
قرأ عليه جماعة. ولم يذكره الخطيب في تاريخه؛ لأنّه أصغر منه، ولا ذكر أحدًا من هذه الطّبقة إلّا من مات قبله.
وذكره ابن النّجّار فقال: كان يؤدَّب بني جَرْدَة. قرأ بالرّوايات على الحمّاميّ، وغيره. وكتب بخطه كثيرًا.
إلى أن قال: وتصانيفه تدلّ على قلّة فَهْمه، كان صحفيًّا قليل التحصيل. روى الكثير، وأقرأ ودرّس، وأفتى، وشرح الإيضاح لأبي عليّ الفارسي. إذا نظرت في كلامه بانَ لك سوء تصرُّفه.
ورأيت له ترتيبًا في غريب أبي عُبَيْد قد خَبَطَ كثيرًا وصحّف.
حدَّث عنه: أولاده أحمد ومحمد ويحيى، وابن الحُصَين، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو منصور القزاز، وأحمد بن ظَفَر المَغَازِليّ.
قال شجاع الذُّهليّ: كان أحد القراء المجوّدين، سمعنا منه قطعة من تصانيفه.
وقال المؤتمن السّاجيّ: كان له رواء ومنظر، ما طاوعتْني نفسي للسَّماع منه.
وقال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: كان واحدٌ من المحدّثين اسمه الحَسَن بن أحمد بن عبد الله النَّيسابوريّ. سمع الكثير، فكان ابن البنّا يكشِط بُورِي منه ويمدّ السّين، فتصير البنّا كذا قيل: إنّه كان يفعل ذلك.
8- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر.
الحافظ أبو عليّ البلْخيّ الوَخْشي1، ووَخْش: من أعمال بلْخ.
رحال حافظ كبير سمع بدمشق من: تمّام الرّازيّ، وعَقِيل بن عَبْدان.
وببغداد من: أبي عَمْر بن مهديّ.
__________
1 السير "18/ 365"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1171".(32/23)
وبالبصرة من: أبي عَمْر الهاشميّ.
وبمصر من: أبي محمد عبد الرحمن بن عَمْر بن النَّحّاس.
وبخُراسان من: أصحاب الأصمّ.
قال أبو بكر الخطيب: علّقت عنه ببغداد، وإصبهان.
وقال ابن السَّمعانيّ: كان حافظًا فاصلًا ثقة، حَسَن القراءة. رحل إلى العراق، والجبال، والشّام، والثغور، ومصر. وذاكَرَ الحُفّاظ.
وسمع ببلْخ من: أبي القاسم عليّ بن أحمد الخُزَاعيّ؛ وبنَيْسابور من: أبي زكريّا المزكّي، والحِيريّ؛ وببغداد من: أبي مهديّ، وابن أبي الفوارس؛ وبإصبهان من: أبي نُعَيْم.
روى لنا عنه: عمر بن محمد بن عليّ السَّرخسيّ، وعمر بن عليّ المحموديّ.
روى عنه الخطيب في تصانيفه، وذكر الحافظ عبد العزيز النَّخشبيّ أنّه كان يتَّهم بالقَدَر.
قال السَّمعانيّ: وُلِد سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة.
وتُوُفّي في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين ببلْخ.
قلت: انتقى على أبي نُعَيم خمسة أجزاء مشهورة بالوَخْشِيّات، وسمعنا جزءًا من حديثه رواه من حِفْظه.
سُئِل عن إسماعيل بن محمد التَّيميّ فقال: حافظ كبير.
قلت: روى عن الوخْشِيّ كتاب السُّنن لأبي داود: الحسنُ بن عليّ الحُسَيْنيّ البلْخيّ، والذي قيّد وفاته صاحبُه عَمْر السَّرخسيّ. وقد حدَّث المحموديّ عنه في سنة ستًّ وأربعين وخمسمائة وقال: كنتُ قد راهقت لمّا تُوُفّي الوخْشِيّ وحضرتُ جنازته، فلمّا وضعوه في القبر، سمعنا صيحةً، فقيل: إنّه لمّا وضع في القبر خرجت الحشرات من المَقْبُرَة؛ وكان في طَرفنا وادي، فانحدَرَت إليه الحشرات، فذهبتُ وأبصرتُ البَيْضَ الصِّغار، والعقارب، والخنافس، وهي منحدرة إلى الوادي بعينيَّ، والنّاس ما كانوا يتعرَّضون لها.(32/24)
قال ابن النّجّار: سمع ببلْخ من عليّ بن أَحْمَد الخزاعيّ، وبهَمَذان محمد بن أحمد بن مَزْدين، وبحلب، وبعَكّا.
وسمع منه: نظام المُلْك ببلخ، وصدّره بمدرسته ببلْخ.
وقال: جُعتُ بعسقلان أيامًا حتّى عجزت عن الكتابة، ثمّ فتح الله.
وقال فيه إسماعيل التيَّميّ: حافظ كبير.
9- الحسين بن عَقِيل بن محمد بن عبد المنعم بن ريش الدّمشقيّ البّزار1.
الشاعر.
سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر.
روى عنه: الخطيب مع تقدُّمه، وأبو الحَسَن بن المسلم الفقيه.
"حرف السين":
10- سعْد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حسين.
أبو القاسم الزَّنجانيّ، الحافظ الزّاهد2.
سمع: أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف، وأبا عليّ الحسين بن ميمون الصّدَفيّ بمصر؛ وبغزة عليّ بن سلامة، وبزَنْجَان محمد بن أبي عُبَيْد؛ وبدمشق عبد الرحمن بن ياسر، وأبا الحَسَن الحبّان، وجماعة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وأبو المظفّر منصور السَّمعانيّ الفقيه، ومكّيّ الرُّميليّ، وهبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد المنعم القُشَيْريّ، وآخرون.
وجاوَرَ بمكة زمانًا، وصار شيخ الحَرَم.
قال أبو الحَسَن محمد بن أبي طالب الفقيه الكَرَجيّ: سألت محمد بن طاهر عن أفضل من رأى، فقال: سعد الزَّنجانيّ، وعبد الله بن محمد الأنصاريّ، فسألته أيُّهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متفننًا، وأمّا الزَّنجانيّ فكان أعرف بالحديث منه. وذلك
__________
1 معجم الأدباء "10/ 124-126".
2 السير "14/ 642" طبعة التوفيقية، والبداية والنهاية "12/ 120".(32/25)
أنّي كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجرّبه، ففي بعضٍ يرُد، وفي بعضٍ يسكت، والزَّنجانيُّ، كنتُ إذا تركت اسمَ رجلٍ يقول: تركتَ بين فُلان وفُلان اسمَ فُلان.
قال ابن السَّمعانيّ: صَدَق. كان سعد أعرف بحديثه لقلَّته، وعبد الله كان مكثرًا.
قال أبو سعد السَّمعانيّ: سمعتُ بعض مشايخي يقول: كان جدّك أبو المظفّر قد عزم على أن يُقيم بمكّة ويجاور بها، صُحْبَةَ الإمام سعْد بن عليّ، فرأى ليلةً من اللّيالي والدته كأنّها قد كشفت رأسها وقالت له: يا بُنَيّ، بحقّي عليك إلّا ما رجعتَ إلى مرو، فإنّي لا أطيق فِراقَك.
قال: فانتبهتُ مغمومًا، وقلت أشاور الشّيخَ سعْد، فمضيتُ إليه وهو قاعد في الحَرَم، ولم أقدر من الزّحام أن أكلّمه، فلمّا تفرَّق النّاس وقام تبِعْتُه إلى داره، فالتفت إليّ وقال: يا أبا المظفَّر، العجوز تنتظرك. ودخل البيت.
فعرفت أنّه تكلَّم على ضميري، فرجعتُ مع الحاجّ تلك السّنة.
قال أبو سعْد: كان أبو القاسم حافظًا، متقِنًا، ثقة، ورِعًا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات. وإذا خرج إلى الحرم يخلون المطاف، ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبلون الحجر الأسود1.
وقال محمد بن طاهر: ما رأيت مثله، سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: لم يكن في الدّنيا مثل أبي القاسم سعْد بن عليّ الزَّنجانيّ في الفضل. وكان يحضر معنا المجالس، ويُقرأ الخطأ بين يديه، فلا يردّ على أحدٍ شيئًا، إلّا أن يُسأل فيُجيب.
قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول: يومٌ لا أرى فيه سعد بن علي لا أعتد أني عملت خيرًا.
وكان هياج يعتمر ثلاث مرات. وسيأتي ذكره.
قال ابن طاهر: كان الشّيخ سعْد لمّا عزم على المجاورة عزم على نيِّفٍ وعشرين عزيمة أنّه يُلْزِمَها نفسَه مِن المجاهدات والعبادات. ومات بعد أربعين سنة ولم يخلّ منها بعزيمةٍ واحدة.
__________
1 السير "14/ 642".(32/26)
وكان يُملي بمكّة، ولم يكن يُمْلي بها حين تولّى مكة المصريّون، وإنّما كان يُمْلي سرًّا في بيته.
وقال ابن طاهر: دخلتُ على الشّيخ أبي القاسم سعْد وأنا ضيّق الصَّدر من رجلٍ من أهل شيراز لا أذكره، فأخذت يده فقبَّلتها، فقال لي ابتداءً من غير أن أُعْلِمه بما أنا فيه: يا أبا الفضل، لا تضيِّق صدْرَك، عندنا في بلاد العجم مَثَلٌ يُضْرَب، يقال: بُخْلُ أهوازيّ، وحَمَاقةُ شِيرازيّ، وكَثْرةُ كلام رازيّ.
ودخلتُ عليه في أول سنة سبعين لمّا عزمتُ على الخروج إلى العراق حتّى أودّعه، ولم يكن عنده خبرٌ من خروجي. فلمّا دخلت عليه قال:
أَرَاحِلُون فنبكي، أم مُقِيمونا؟ ... فقلت: ما أمر الشّيخ لا نتعدّاه
فقال: على أيَّ شيءٍ عَزَمْت؟ قلت: على الخروج إلى العراق لألحق مشايخ خُراسان. فقال: تدخل خُراسان، وتبقى بها، وتفوتك مصر، ويبقى في قلبك. فاخرج إلى مصر، ثمّ منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك شيء.
ففعلتُ، وكان في ذلك البركة.
سمعتُ سعد بن عليّ -وجرى بين يديه ذِكْر الصّحيح الذي خرَّجه أبو ذَر الهَرَويّ- فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شرط الصّحيح.
قال أبو القاسم ثابت بن أحمد البغداديّ: رأيتُ أبا القاسم الزَّنجانيّ في المنام يقول لي مرة بعد أخرى: إنّ الله بنى لأهل الحديث بكلّ مجلسٍ يجلسونه بيتًا في الجنّة.
ولد سعد في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، أو قبلها.
وتُوُفّي في سنة إحدى وسبعين، أو في أواخر سنة سبعين بمكّة. وله قصيدة مشهورة في السُّنّة.
وقد سئل عنه إسماعيل الطّلْحيّ فقال: إمامٌ كبيرٌ عارفٌ بالسُّنَّة.
11- سُلمان بن الحَسَن بن عبد الله1.
أبو نصر، صاحب ابن الذّهبيّة البغداديّ.
رجل صالح معمَّر.
__________
1 المنتظم "8/ 321"، وهو في عداد العلماء المستوردين، لا بأس به.(32/27)
روى عن: أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محمد بن مَخْلَد صاحب الصّفّار.
روى عنه: محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وعبد الوهّاب الأنماطيّ وقال: عاش أكثر من مائة سنة.
مات أبو نصر في رجب.
12- سهل بن عَمْر بن محمد بن الحسين.
أبو عمر بن المؤَّيد أبي المعالي البِسْطاميّ ثمّ النيَّسابوريّ1.
من بيت الإمامة والحشمة، وهو خَتَن عمه الموفّق بابنته.
روى عن: أبي الفضل عَمْر بن إبراهيم الهَرَويّ، وأصحاب الأصم.
تُوُفّي في شوّال.
"حرف الطاء":
13- طاهر بن محمد شاه فور.
أبو المظفّر الطٌّوسيّ2.
مات بطوس في شوّال.
يروي عن: ابن مَحْمِش الزّياديّ، وغيره.
وعنه: زاهر الشحّاميّ.
وكان إمامًا مفسِّرًا أُصوليا.
وسمّاه عبد الغافر. شاهفور.
"حرف العين":
14- عَبْد اللَّه بْن سبعون بْن يحيى:
أبو محمد المسلّميّ القيروانيّ3.
__________
1 لم نقف عليه.
2 طبقات الشافعية "3/ 175" للسبكي.
3 البداية والنهاية "12/ 120".(32/28)
محدَّث عارف. سكن بغداد ونقل بخطّه الكثير، وقرأ بنفسه.
سمع: أبا القاسم عبد العزيز الأَزَجيّ وأبا طالب بن غيلان، وجماعة.
وبمكة: أبا نصر السِّجزيّ، وأبا الحَسَن بن صخْر.
وبمصر: عليّ بن منير.
روى عنه: أبو القاسم السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السّلام.
تُوُفّي في رمضان.
15- عبد الباقي بن محمد بن غالب1.
أبو منصور بن العطّار الأزجيّ وكيل أميرَيِ المؤمنين: القائم، والمقتدي.
قال السمعانيّ: كان حَسَن السِّيرة، جميل الأمر، صحيح السّماع.
سمع: أبا طاهر المخلّص، وأحمد بن محمد بن الْجُنْديّ.
روى عنه: يوسف بن أيّوب الهَمذانيّ، وعبد المنعم القُشَيْريّ، وأبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، وآخرون.
قلت: كان قليل الرّواية، رئيسًا.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. قال لي: وُلِدتُ سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
تُوُفّي ابن العطّار في ربيع الآخر.
16- عبد الحميد بن الحَسَن بن محمد.
أبو الفَرَج الهَمَذانيّ الدّلّال الفُقَاعيّ2.
روى عن: أبي بكر بن لال، وعبد الرحمن الإمام، وعبد الرحمن المؤَّدب الهمذانيين.
قال شيرويه: سمعتُ منه وليس التّحديث من شأنه. وسماعه مع أخيه علي.
__________
1 السير "18/ 400"، تاريخ بغداد "11/ 91".
2 لم نقف عليه.(32/29)
ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
وتوفي في ثامن عشر ذي القعدة.
17- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن عبد الله بن منصور الطَّبريّ1.
قال السَّمعانيّّ: أبو القاسم بن الزُّجاجي كان ينزل باب الطّاق من بغداد، وكان خيّرًا ثقة صدوقًا.
سمع من: أبي أحمد الفَرَضيّ، وثنا عنه أبو بكر الأنصاريّ، وأبو محمد بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصْر أحمد بن عَمْر الغازي.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
18- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُلْوان بن عَقِيل.
أبو القاسم الشَّيْبانيّ البغداديّ، أخو عبد الواحد2.
سمع من: عبد القاهر بن عِترة.
روى عنه: قاضي المَرِسْتان؛ ووثَّقه أبو الفضل بن خَيْرُون.
19- عبد العزيز بن عليّ بن أحمد بن الحسين الأنْماطيّ3.
أبو القاسم ابن بنت السُّكّريّ العتّابيّ. من محلّة العتابين ببغداد.
قال الخطيب: حدَّث عن أبي طاهر المخلِّص. كتبتُ عنه، وكان سماعه صحيحًا.
قلت: روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
وقال عبد الوهّاب الأنماطيّ: هو ثقة.
وُلِد أبو القاسم في سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، ومات في رجب. وآخر من حدَّث عنه أحمد بن الطّلّاية.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ: أَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ، أَنَا أَحْمَدُ بن أبي غالب
__________
1 المشتبه "1/ 335".
2 المنتظم "8/ 421".
3 السير "13/ 648".(32/30)
الزَّاهِدُ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لأَنْ يتصدَّق الرَّجُلُ فِي حَيَاتِهِ بدرهمٍ خيرٌ مِنْ أَنْ يتصدَّق بِمَائَةِ دينارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ"1.
20- عبد القاهر بن عبد الرحمن.
أبو بكر الْجُرْجانيّ النَّحويّ المشهور2.
أخذ النَّحو بجُرْجان عن: أبي الحسين محمد بن الحَسَن الفارسيّ ابن أخت الشّيخ أبي عليّ الفارسيّ.
وعنه أخذ عليّ بن أبي زيد الفَصِيحيّ.
وكان من كبار أئمّة العربيّة. صنَّفَّ كتاب "المغني في شرح الإيضاح" في نحوٍ من ثلاثين مجلَّدًا، وكتاب "المقتصد في شرح الإيضاح" أيضًا، ثلاث مجلّدات، وكتاب "إعجاز القرآن" الكبير، وكتاب "إعجاز القرآن" الصغير، وكتاب "العوامل المائة"، وكتاب "المفتاح"، وكتاب "شرح الفاتحة" في مجلَّد، وكتاب "العُمَد في التّصريف"، وكتاب "الْجُمَل" وهو مشهور. وله كتاب "التّلْخيص" في شرح هذا الْجُمَل.
وكان شافعيَّ المذهب، متكلّمًا على طريقة الأشعريّ، مع دين وسكون3.
وقد ذكره السَّلفيّ في مُعْجَمه فقال: كان ورِعًا قانعًا، دخل عليه لصٌّ وهو في الصلاة فأخذ ما وجد، وعبد القاهر ينظر، فلم يقطع صلاته.
سمعتُ أبا محمد الأبِيوَردِيّ يقول: ما مَقَلَتْ عيني لُغَويًّا مثله. وأمّا في النَّحْو فعبد القاهر. وله نظمٌ، فمنه:
كبِّر على العقل لا تَرُمْه ... ومِلْ إلى الْجَهْل مَيْلَ هائِمْ
وعِشْ حمارًا تَعشْ سعيدًا ... فالسَّعد في طالع البهائم
__________
1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "2866"، وابن حبان "821"، في سنده شرحبيل بن سعد، وهو في عداد الضعفاء.
2 السير "13/ 672"، وفيات الأعيان "3/ 337".
3 السير "13/ 673".(32/31)
تُوُفّي عبد القاهر، رحمه الله سنة إحدى وسبعين، وقيل: سنة أربعٍ وسبعين، فالله أعلم.
21- عليّ بن أحمد بن عليّ1.
أبو القاسم السَّمْسار الأصبهانيّ.
مات فِي ربيع الأول.
22- علي بن مُحَمَّد بن أحمد بن حمدان بن عبد المؤمن.
أبو الحَسَن المَيْدانيّ، ميدان زياد الذي على باب نَيْسابور.
سكن هَمَذان.
روى عن: محمد بن يحيى العاصميّ، وأبي حفص بن مسرور.
ورحل فسمع من: عبد الملك بن بُشْران، وبِشْر الفاتنيّ، وطائفة كبيرة.
قال شيروَيْه: سمعتُ منه. وكان ثقة، صدوقًا، مَعْنِيا بها الشّأن، متقنًا، زاهدًا، صامتًا، لم تَرَ عيناي مثله.
وسمعتُ أحمد بن عمر الفقيه يقول: لم يَرَ أبو الحَسَن المَيْدانيّ مثلَ نفسه.
قال شيروَيْه: ازدحموا على جنازته، وأطنبوا2 في وصْفه وفضله.
تُوُفّي يوم الجمعة ثامن عشرة صَفَر.
قلت: روى عنه هبة الله بن الفَرَج.
23- عليّ بن محمد بن عليّ بن هارون.
أبو القاسم التَّيميّ الكوفيّ ابن الإدلابيّ النَّيسابوريّ3.
حدَّث عن: أبي بكر بن المُزكّى، وعبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وأبي بكر الحِيريّ، وابن نظيف المصريّ، وعبد الملك بن بشران.
وحدَّث ببغداد بمسند الشّافعيّ.
__________
1 لم نقف عليه.
2 أطنبوا: أسهبوا أو أكثروا.
3 المنتظم "8/ 322".(32/32)
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو البركات بن أبي سعّد، ومحمد بن طلحة الرّازيّ.
وكان ثقة.
مات في ربيع الأوّل سنة إحدى وسبعين.
24- عَمْر بن عبد الملك بن عَمْر بن خَلَف.
أبو القاسم بن الرّزّاز1.
أحد عُدول بغداد وفقهائها.
سمع: أبا الحَسَن بن رزقويه، وأبا القاسم الحرفيّ، وابن شاذان.
روى عنه: ابن السَّمرقنديّ.
تُوُفّي في رجب.
25- عَمْر بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر.
أَبُو الفضل بن البقّال البغداديّ الأَزَجيّ المقرئ2.
قرأ القرآن على أبي الحَسَن الحمّاميّ.
وسمع: أبا أحمد بن أبي مسلم الفَرَضيّ.
وختم عليه خلْق.
وكان وِرْدُه كلَّ يومٍ ختمة.
روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأحمد بن عَمْر الغازي.
وكان مولده سنة 395.
"حرف الفاء":
26- الفُضيل بن يحيى بن الفضيل.
__________
1 طبقات الشافعية "4/ 8" للسبكي.
2 المنتظم "8/ 322".(32/33)
أبو عاصم الفُضَيْليّ الهَرَويّ، الفقيه1.
راوي المائة وغيرها.
عن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح، وأقرانه.
ذكره أبو سعد السَّمعانيّ، فقال: كان فقيهًا، مزكِّيًا، صدوقًا، ثقة. عمِّر حتّى حُمِل عنه الكثير.
روى عنه: أبو الوقت.
وكان مولده في سنة ثلاثٍ وثمانين وثلاثمائة، وتوفّي في جمادى الأولى.
روى عن: أبي عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ، وأبي الحسين بن بشران.
وقدم بغداد.
وروى عنه: عبد السّلام بَكْبَرة، ومحمد بن الحسين العَلَويّ.
"حرف الميم":
27- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي توبة2.
أَبُو بكر الكُشْمِيهَنيّ.
تُوُفّي بمرّو، وكان واعظًا فقيهًا.
تفقَّه على أبي بكر القفّال، وسمع من جماعة.
28- محمد بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه.
أبو بكر المستعمل السِّمسار3.
سمع: البرقانيّ، وأبا عليّ بن شاذان.
روى عنه: عبد الله، وإسماعيل ابنا السَّمرقنديّ.
29- محمد بن عثمان بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن مزدين.
__________
1 السير "13/ 649، 650"، وطبقات الشافعية "4/ 10، 11".
2 لم نقف عليه.
3 انظر السابق.(32/34)
أبو الفضل القومساني، ثمّ الهَمَذانيّ، ويُعرف بابن زيرَك1.
قال شيرُوَيْه: هو شيخ عصره ووحيد وقته في فنون العلم، روى عن: أبيه، وعمّه أبي منصور محمد، وخاله أبي سعد عبد الغفار، وابن جانجان، وعلي بن أحمد بن عبدان، ويوسف بن كج، والحسين بن فنجويه الثقفي، وعبد الله بن الأفشين، وجماعة.
وروى بالإجازة عن أبي عبد الرحمن السُّلميّ، وأبي الحَسَن بن رزقوَيْه. وسمعتُ منه عامة ما مرَّ له. وكان صدوقًا ثقة، له شأن وحشمة. وله يد في التفسير، حَسَن العبارة والخطّ، فقيهًا، أديبًا، متعّبدًا. تُوُفّي في سَلْخ ربيع الآخر. وقبره يُزار ويتبرَّك به.
وسمعته يقول: ولدت سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة.
قَالَ شِيرُوَيْهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَكِّيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْقُومَسَانِيَّ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: رَأَيْتُ رَجُلا دَفَعَ إليَّ كِتَابًا، فَأَخْذُتُه، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُومَسَانِيِّ، سلامٌ عَلَيْكُمْ.
وسمعتُ إبراهيم بن محمد القزّاز الشّيخ الصّالح يقول: رأيتُ ابن عَبَدان ليلة مات أبو الفضل القُومَسَانّي، فأخذ بيدي ساعة، ثمّ قرأ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41] يريد موته.
سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْقُومَسَانِيّ يَقُولُ: رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَاجْعَلْهُمَا الْوَارِثَ مِنِّي" 2.
مَعْنَاهُ مشكلٌ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ يَرِثَانِهِ بَعْدَهُ دُونَ سَائِرِ أَعْضَائِهِ؟ فَتَأَوَّلُوهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الدُّعَاءَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: "إِنِّي لَا غِنَى بِي عَنْهُمَا، فَإِنَّهُمَا مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ السَّمع وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ" 3. فَكَأَنَّهُ دَعَا بِأَنْ يُمَتَّعَ بِهِمَا في حياته، وأن يرثا خِلَافَةَ النُّبوَّة بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَلَا يَجِدُ الْعُلَمَاءُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَجْهًا وَلَا تَأْوِيلًا غَيْرَ هَذَا.
__________
1 السير "13/ 673"، وشذرات الذهب "3/ 341".
2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "3513"، والحاكم "1/ 523"، وصححه، وأقره الذهبي.
3 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "3671"، والحاكم "3/ 69"، والخطيب "8/ 459، 460"، وله شاهد من حديث عبد الله بن حنطب، أخرجه الحاكم "3/ 69"، وصححه، وأقره الذهبي.(32/35)
فرأيتُ أبا هريرة في النّوم، وكنتُ مارًا في مقبرة سراكسلهر فقال لي: أتعرفني؟ فقلت: لا. قال: أنا أبو هريرة. أصبتَ ما قلتَ، أنا رويتُ هذا الحديث وكذا أراد به النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ما فسرتَ1.
سمعتُ أبا الفضل يقول: مرضتُ حتّى غلب علي ظنّي أنّي سأموت، فأشتدّ الأمرُ وعندي أبي وعمر خادم لنا، فكان أبي يقول: يا بُنَيّ أَكْثِر من ذِكْر الله. فأشهدته وعمر على نفسي، أنّي على دين الإسلام، وعلى السُّنّة. فرأيتُ وأنا على تلك الحال كأنّ هَيْبةً دخلت قلبي، فنظرتُ فإذا أنا برجلٍ يأتي من جهة القِبْلة، ذو هَيْبة وجمال، كأنّه يسبح في الهواء، فازدَدْتُ له هيبة. فلمّا قرُب مني قال لي: قلْ.
قلت: نعم. وهِبْته أنْ أقول له: ماذا أقول؟
وكرَّر عليّ وقال: قلْ.
قلت: نعم، أقول.
فقال: قل: الإيمان يزيد وينقُص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، وأنّ الله تعالى يُري في الآخرة، وقُلْ: بفضل الصّحابة، فإنّهم خيرٌ من الملائكة بعد الأنبياء.
قلتُ: لست أطيق أن أقول ذلك من الهيبة.
فقال: قُلْ معي. فأعاد الكلام فقلتها معه، فتبسَّم وقال: أنا أشهد لك عند العرش.
فلمّا تبسَّم سكن قلبي، وذهبت عنّي الهَيبة، فأردت أن أسأله هل أنا ميت؟ فكأنه عرف فقال: أنا لا أدري. أو قال: من أين أدري؟ فقلت في نفسي: هذا ملك. وعُوفيتُ من المرض.
وسمعته يقول: أصابني وجعٌ شديد، فرأيتُ في المنام كأنّ قائلًا يقول لي: أقرأ على وَجَعِك الآيات التي فيها اسمُ الله الأعظم.
فقلت: ما هي؟ قال: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} إلى قوله: {اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 101-103] فقرأتها فعوفيت.
__________
1 هذا التأويل ليس بصحيح، ولا يصح الاعتماد على المنامات.(32/36)
وسمعته يقول: أتاني رجلٌ من خُراسان فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتاني في منامي وأنا في مسجد المدينة، فقال لي: إذا أتيتَ هَمَذان فاقرأ على أبي الفضل بن زيرَك منّي السَّلام.
قلت: يا رسول الله، لماذا؟ قال: لأنه يُصلّى عليَّ في كلّ يومٍ مائة مرّة.
وقال: أسألك أن تعلّمنيها.
فقلتُ: إنّي أقولُ كل يوم مائة مرّة أو أكثر: اللهمَّ صلَّ على محمد النّبيّ الأُمّيّ، وعلى آل محمد، جزى الله محمدًا، -صلَّى الله عليه وسلّم، عنّا ما هو أهله. فأخذها عنّي، وحَلَفَ لي: وإني ما كنتُ عرفتك ولا اسمك حتّى عرَّفك لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فعرضت عليه بِرًّا؛ لأنّي ظنَنْتُه متزيِّدًا في قوله، فما قبِل منّي وقال: ما كنتُ لأبيع رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعرضٍ من الدّنيا.
ومضى فما رأيته بعد ذلك.
30- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بن المهديّ بالله1.
الهاشميّ العبّاسيّ البغدادي الشّاعر. ويعرف بابن الحنْدَقُوقيّ.
سمع: أبا الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبا الحسين القطّان.
وسمع بالبصرة من القاضي أبي عمر الهاشميّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.
تُوُفّي فِي ذي الحِجّة، وهو فِي عَشْر الثمانين.
31- محمد بن عَمْر.
أبو طاهر الأصبهاني، النّقّاش2.
32 - محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله.
أبو الخير المَرْوَزِيّ الصّفّار3.
آخر من روى صحيح البخاريّ في الدّنيا بعلوٍّ.
__________
1 المنتظم "8/ 322".
2 لم نقف عليه.
3 السير "13/ 640"، والميزان "4/ 52".(32/37)
رواه عن أبي الهيثم الكُشْمِيهنيّ.
قال ابن طاهر المقدسي: ظهر سماعه على الأصل بالصّحيح، فقُرئ عليه. ثمّ استحضره الوزير نظام المُلْك، وسمعوا منه. فسقط يومًا عن دابّته، وحُمِل إلى بيته فمات.
قلت: روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المروزي الخراجي، والحافظ أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني الخطيب، وهو آخر أصحابه.
قال الحافظ ابن طاهر: سمعتُ عبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ يقول: لم يصحّ لهذا الرجل، أبي الخير بن أبي عمران، من الكُشْمِيهنيّ سَمَاع، وإنّما وافق الاسمُ الاسمَ، وكان هذا آخر من روى الكتاب بمرْو.
حُمِل إلى الوزير نظام الملك ليقرأ عليه، فقرئ عليه بعضه، وطرحته البغلة فمات، ولم يتمّ. وقد رأيتُ أهل مرْو يحكون: إذا قيل: إنّ أبا الخير بن أبي عمران سمع من أبي الهيثم، ويشيرون إلى أنّ هذا غير ذلك.
وقال أبو سعد السَّمعانيّ: كان صالحًا سديد السِّيرة. حدَّث بالبخاريّ، وحدَّث ببعض الجامع للتِّرْمِذيّ، عن أحمد بن محمد بن سراج الطّحّان. وعُمّر، وصار شيخ عصره. تكلَّم بعضهم في سماعه، وليس بشيء. أنا رأيتُ سماعَه في القدر الموجود من أصل أبي الهيثم، وأثنى عليه والدي1.
وقال الأمير ابن ماكولا: سألتُ أبا الخير عن مولده، فقال: كان لي وقت ما سمعتُ الصحيح عشْر سِنين.
وسمع في سنة 88، وتُوُفّي في رمضان.
33- محمد بن المهديّ2.
وهو محمد بن عبد العزيز بن العبّاس ابن المهديّ الهاشميّ البغداديّ، والد أبي عليّ محمد.
__________
1 السير "13/ 641".
2 لم نقف عليه.(32/38)
روى عن: أبي عَمْر الهاشمي البصْريّ.
وعَنْه: ابنه.
34- مهديُّ بنُ نصْر.
أبو الحَسَن الهَمَذانيّ الفقيه المِشظّيّ1.
روى عن: نافع القاضي، وطاهر الإمام.
قال شيرُوَيْه: صدوق، سمعتُ منه.
"حرف الهاء":
35- هبة الله بن حسين بن المهلَّب البزّاز2.
أبو محمد.
بغداديّ.
سمع: أبا عَمْر بن مهدي، وأبا الحسين بن بشران، وابن رزقوَيْه، وغيرهم.
روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر القاضي، وأبو نصر الغازي.
قال ابن خيرون: كان سماعه صحيحًا.
قال السمعانيّ: كان من ملاح البغداديّين ممّن يُشار إليه في الدّعابة والولع.
مات في ربيع الآخر.
وفيات سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
36- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد.
أبو العبّاس القارئ مسكويه3.
__________
1 انظر السابق.
2 في عداد العلماء المستورين لا بأس به.
3 لم نقف عليه.(32/39)
مات في جُمَادَى الْآخرة.
37- أَحْمَد بن محمد بن أحمد.
أبو ذَرّ الإسكاف1.
حدَّث بأصبهان عن: أبي سعيد محمد بن موسى الصَّيرفيّ.
روى عنه: سعيد بْن أَبِي الرجاء.
38- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عثمان.
الأستاذ أبو عمر البَشْخُوانيّ2.
شيخ الصُّوفيّة.
كان مولده في سنة أربعمائة، وهو من ذرّية الحسن بن سُفيان النَّسويّ.
وبَشْخُوان: من قرى نَسَا.
وُلْي الخطابة ونيابة القضاء، ثمّ ترك ذلك وتجرَّد، وحجّ ورجع، فخدم أبا سعيد المِيهنيّ، وأبا القاسم القُشَيْريْ، وظهرت عليه أحوال الطريقة، وصار من أصحاب الكرامات، وسمع من شيخ الإسلام أبي عثمان الصّابونيّ، وبنى بقريته الخانقاه، وصار شيخ تلك الناحية.
أضرّ في آخر عمره3.
وذكره السمعانيّ.
"حرف التاء":
- تُبّع.
تقدَّم في السّنة الماضية في تقريبها.
__________
1 انظر السابق.
2 المنتظم "8/ 324".
3 يعني أصيب بالعمى.(32/40)
"حرف الحاء":
39- الْحَسَن بْن إسماعيل بن صاعد بن محمد1.
قاضي القضاة أبو عليّ الحنفيّ النيَّسابوريّ.
سمع الكثير من: أبي يَعْلَى حمزة، وعبد الله بن يوسف، وأبي الحسن بن عبدان.
تُوُفّي في جُمادى الأولى.
40- الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن العبّاس بن جعفر بن أبي جعفر المنصور العبّاسيّ2.
أبو عليّ المكّيّ الشّافعيّ الحنّاط.
شيخ ثقة، كان يبيع الحنطة.
روى عن: أَحْمَد بن إبراهيم بن فِراس، وعُبَيْد الله بن أحمد السَّقطيّ. وغيرهما.
روى عنه: أبو المظفر منصور السَّمعانيّ، وعبد النعم بن القشيري، ومحمد بن طاهر، وأحمد بن محمد العباسي المكي، وطائفة من حجاج المغاربة، وغيرهم.
قيل: إنه توفي في شهر ذي القعدة.. وكان أسند من بقي بالحجاز.
وثقه ابن السَّمعانيّ في الأنساب.
وقال محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني: كنت أقرأ على هبه الله بن عبد الوارث الشيرازي فقال: قرأتُ على أبي عليّ الشّافعيّ بمكة:
ألَا لَيْتَ شِعْري هِل أبيتنَّ ليلةً ... بفَخٍّ................................
قال هبة الله: فقرأته بالتّصحيف بفَجٍّ.
فقال أبو عليّ: وأخرجني إلى ظاهر مكّة، وأتى بي إلى موضعٍ فقال: يا بنّي، هذا هو الفخّ، بالخاء المعجمة، وهو الموضع الّذي تمنّى بلال أن يكون به.
__________
1 لا بأس به، وهو في عداد المستورين.
2 السير "18/ 384".(32/41)
وقد سأل ابنَ السّمعانيّ إسماعيلُ بنُ محمد الحافظ، عن أبي عليّ المذكور فقال: عدلٌ ثقة، كثير السّماع.
41- الحسين بْن عليّ بْن أبي شريك الحاسب1.
كان آيةً في الهندسة والحساب، ولم يكن بذاك.
سمع: عبد الودود بن عبد المتكبِّر.
روى عنه: أبو القاسم هبة الله الحاسب.
"حرف العين":
42- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عثمان2.
أبو محمد بن أبي الخير البغداديّ السكَّريّ صاحب الزّاهد عبد الصّمد.
كان أمينًا مطبوعًا، صحيح الأُصُول.
سمع: أبا أحمد الفَرَضيّ، ومحمد بن بكران الرّازيّ.
روى عنه: أبو نصر الغازي بإصبهان، ويحيى بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
وكان يعرف بابن المّطوِّعة.
43- عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَحّاف.
أبو المطرِّف المَعَافِريّ، الفقيه البَلَنْسيّ3.
قاضي بَلَنْسِيَة.
روى عن: خَلَف بن هانئ الطُّرطوشيّ.
روى عنه: أبو بحر سُفيان بن العاص الأسَديّ، وأبو اللَّيث السَّمرقنديّ.
وسمع خَلَف من أحمد بن الفضل الدَّينوريّ.
__________
1 لم نقف عليه.
2 المنتظم "8/ 324".
3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.(32/42)
44- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عبّاس.
أبو محمد القُرْطُبيّ المقرئ1.
قرأ على: مكّيّ بن أبي طالب بالروايات.
وسمع من: حاتم بن مُحَمَّد، وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عتّاب.
قال ابن بَشْكُوال: كان مع جلَّة المقرئين، وخيارهم. عارفًا بالقراءات، ضابطًا لها، مجوَّدًا، مع الدّين والعَفاف.
أنبا عنه جماعة.
وتُوُفّي -رحمه الله- في ذي الحِجّة.
45- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بن مسلم.
أبو سعيد الأبْهريّ المالكيّ2.
سمع بمصر من: عليّ بن منير، وعبد الله بن الوليد الأندلسيّ.
وحدَّث بدمشق.
روى عنه: نصر المقدسيّ، وهبة الله بن الأكفانيّ، ونصر الله المصِّيصيّ وآخرون.
46- عبد الملك بن الحسين بن خَيْران.
أبو نصر الدّلّال3.
سمع: أبا بكر بن الإسكاف.
مات في جُمَادَى الأولى.
47- علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد.
أَبُو القاسم المحميّ4.
__________
1 معرفة القراء الكبار "1/ 439".
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 البداية والنهاية "16/ 207".
4 لا بأس به.(32/43)
شيخ رئيس من بيت الرواية والتَّزكية.
سمع: ابن مَحْمِش، وأبا بَكْر الحِيريّ، وجماعة.
مولده سنة أربعمائة.
روى عنه: إسماعيل بن عبد الرحمن العَصَائِديّ، وغيره.
48- عليّ بن أبي القاسم بن عبد الله بن علي.
أبو الحَسَن السَّرقسطيّ، نزيل طُلَيْطُلة1.
حجّ، وأخذ عن أبي ذر الهَرَويّ، وأبي الحَسَن بن صخْر، والقاضي عبد الوهّاب المالكيّ، وجماعة.
وكان رجلًا صالحًا، فاضلًا، لم تكن له خبرة بالإسناد. وفي كُتُبه تخليط كثير.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكانت له جنازة مشهودة بقُرْطُبة.
"حرف الفاء":
49- الفضل بن عبد الله بن محمد بن المحبّ2.
قال عبد الغافر: تُوُفّي في المحرَّم سنة اثنتين.
وقال غيره: تُوُفّي في سنة ثلاثٍ وسبعين وهو هناك.
"حرف الميم":
50- محمد بن حسّان بن محمد.
أبو بكر المُلْقَابَاذيّ النَّيسابوريّ3.
سمع مُسْنَد أبي عَوَانه من أبي نُعَيم، وحدَّث به.
وكان من كبار الفقهاء.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 419".
2 السير "18/ 378".
3 السير "18/ 390".(32/44)
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وعُبَيْد الله بن جامع الفارسيّ، وأحمد بن سهل المطرَّزيّ، وآخرون مِن آخرهم وفاةً أبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحنْزَبارانيّ.
قال أبو سعْد: محمد بن أبي الوليد حسّان بن محمد بن القاسم فقيه، ثقة، عدل مشتغل بنفسه، غير دخّال في الأمور، أدرك الأسانيد العالية.
سمع: أبا الحَسَن العلويّ، وعبد الله بن يوسف، وابن مَحْمِش.
وروى عنه جدي أبو المظفّر في الأحاديث الألف. وُلِد في المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين وثلاثمائة. ومات بَنْيسابور في ذي القعدة سنة اثنتين.
51- محمد بن الحَسَن بن محمد بن الأنماطيّ الخُزاعيّ الكوفيّ1.
أبو عبد الله.
سمع: أبا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُعفيّ القاضي، وغيره.
وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.
ولد سنة أربعمائة.
ومات في شوّال.
52- محمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن دينار بن يزدانيار2.
أبو جعفر السَّعيديّ الهَمَذانيّ الصُّوفيّ. ويُعرف بالقاضي.
روى عن: يوسف بن أحمد بن كَجّ، وأبي عبد الله بن فَنْجُوَيْه، ومحمد بن أحمد بن حَمْدَوَيْه الطُّوسيّ، وعبد الرحمن بن الإمام، وأحمد بن الحسن الإمام، وأحمد بن عمر حموش، ونصر بن الحارث، وجماعة كبيرة.
قال شيرويه: سمعت منه، وكان ثقة صدوقا فقيرًا. وكان أصمّ، وكنتُ إذا دخلتُ بيته ضاق لمّا أرى من حاله.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وكان مولده في سنة ثمانين وثلاثمائة.
__________
1، 2 لم نقف عليه.(32/45)
53- محمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد.
أبو عبد الله الفارسي الهَرَويّ.
راوي جزء أبي الْجَهْم، ونُسْخة مُصْعَب الزُّبيريّ، وأجزاء ابن صاعد السّتّة، وغير ذلك عن عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح.
روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد السّلام بن أحمد بن بَكْبَرَة؛ وأبو الفتح محمد بن عليّ المُضَريّ، وأبو الوقت عبد الأوّل، وأهل هراة.
ورحل ابن طاهر إليه بالقصد إلى هُرَاة، فحكى أنّه مُنِع من الدخول، فتنازل إلى أن يدخل ويقرأ عليه حديثًا واحدًا، فإذن له. فلمّا دخل عليه قرأ عليه الحديث الذي في ذِكْر خيبر، وقد رواه البخاريّ بواسطة ثلاثة بينه وبين مالك، والشيخ يروي هذا الحديث بواسطة ثلاثة كالبخاريّ، فقال لابن طاهر: لِمَ اخترت هذا الحديث؟ فوصف له عُلُوّه فيه. فقال: اقرأ باقي الجزء ولازمة حتّى أكثر عنه1.
تُوُفّي في شوّال.
54- محمد بن عبد العزيز بن محمد.
أبويعلى بن المناطقيّ البغداديّ الدّلّال في الملك2.
سمع: ابن رزقويه، وأبا الحسين بن بشران.
وعنه: أحمد بن المجلّيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
ومات في رمضان.
55- محمد بن عليّ بن محمود بن إبراهيم بن ماخرة.
أبو بكر الزَّوزنيّ الصُّوفيّ3.
ولد الشّيخ أبي الحَسَن.
سمع: أبا الحسن بن مخلد، وأبا القاسم الخرقيّ.
__________
1 السير "18/ 377".
2 المنتظم "8/ 325".
3 المنتظم "8/ 325".(32/46)
روى عَنْهُ: أبو عليّ البَرْدانيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
ومات رحمه الله في ذي القعدة عن ستين سنة.
56- محمد بن قاسم بن هلال التِّنِّيسيّ.
الطلُّليطليّ، الفقيه1.
حدَّث عن: أبيه، وأبي عمر الطَّلمنكيّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
57- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحُسَيْن بْن عَبْد العزيز2.
أبو منصور العُكْبريّ الإخْباريّ النّديم، فارسيّ الأصل.
كان راوية للأخبار والحكايات، مليح النادرة، حادّ الخاطر، طيب العشرة، من أولاد المحدّثين.
وُلِد سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
وسمع بالكوفة من: محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ، وببغداد من: هلال الحفار، وابن رزقُوَيْه، وأبي الحَسَن بن بِشْران.
روى عنه: عبد الله النحَّويّ، والحسين سِبْط الخيّاط، ويحيى بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
وقال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا.
وقال عبد الله بن عليّ سبط الخيّاط: كان يتشيَّع.
وقال ابن خَيْرُون: إنّه خلّط في غير شيء، وسمّع لنفسه فيه.
وتُوُفّي في رمضان.
قال أبو سعْد السَّمعانيّ: قول ابن خَيْرُون لا يقدح فيه؛ لأنّ عُمدة قدْحه كَوْنه استعار منه جزءًا، فنقل فيه سماعَه وردّه، وما زالت الطَّلبة يفعلون ذلك.
__________
1 الصلة "2/ 551".
2 السير "13/ 646" طبعة التوفيقية.(32/47)
قلت: وقع لنا المُجْتَبَى لابن دُرَيْد بعُلُوّ من طريقه، سمعناه من أبي حفص ابن القوّاس، عن الكِنْديّ إجازة: أنا سِبْط الخياط، أنا أبو منصور النديم، أنا أبو الطّيّب محمد بن أحمد بن خَلَف بن خاقان العُكْبريّ، أنا أبو بكر بن دُرَيْد.
والنّديم أيضًا بنزول، عن ابن أيّوب الشّافعيّ، عن ابن الجّراح، عنه.
58- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن منصور1.
أبو بكر بن الحافظ أبي القاسم الطَّبريّ اللّالَكائيّ ثمّ البغداديّ. ثقة، مكثر. سمّعه أبوه من هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحسين بن الفضل القطّان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو محمد سبط الخيّاط، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.
ومولده في ذي الحجّة سنة تسعٍ وأربعمائة.
قلت: فيكون سماعه من الحفار حُضُورًا.
تُوُفّي في جمادى الأولى.
وكان شافعيّ المذهب، تبادر من أورده في علماء الشّافعيّة، فإنّه ليس هناك.
59- محمد بن يحيى بن سعيد.
أبو عبد لله السِّرقسطيّ، خطيب سَرَقُسْطَة. ويعرف بابن سَمَاعة2.
حدَّث عن: أبي عمر الطَّلمنكيّ.
روى عنه: أبو عليّ بن سكَّرة.
وهو مشهور بالصَّلاح التّامّ.
"حرف النون":
60- نصر بن أحمد بن مروان الكرديّ.
__________
1 السير "18/ 447".
2 الصلة "2/ 551".(32/48)
صاحب ديار بكر1.
مات عن سنٍّ عالية، وتملَّك ابنه منصور سنة اثنتين وسبعين.
"حرف الهاء":
61- هياج بن عُبَيْد بن حسين2.
الفقيه الزّاهد أبو محمد الحِطّينيّ. وحِطّين قرية بين عكّا وطبرية، بها قبر شعيب عليه السلام فيما قيل.
سمع: أبا الحَسَن عليّ بن موسى السِّمسار، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطُّبيز، ومحمد بن عَوْف المُزَنّي، وجماعة بدمشق؛ وأبا ذر الهَرَويّ بمكة؛ وعبد العزيز الأزَجيّ، وغيره ببغداد.
ومحمد بن الحسين الطّفّال، وعليّ بن حمِّصة بمصر.
والسَّكن بن جميع بصيداء.
ومحمد بن أحمد بن سهل بقَيْسارية.
روى عنه: هبة الله الشّيرازيّ في مُعْجَمه فقال: أنا هيّاج الزّاهد الفقيه، وما رأت عيناي مثله في الزُّهد والورع.
وروى عنه: محمد بن طاهر، وعَمْر الرُّؤاسيّ، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ، وثابت بن منصور القَيْسرانيّ وإبراهيم بن عثمان الرّازقيّ، وأبو نصر هبة الله السِّجزيّ، وغيرهم.
قال ابن طاهر المقدسيّ: كنّا جلوسًا بالحرم، فتمارى اثنان أيُّهما أحسن: مصر، أو بغداد؟ فقلت: هذا يطول، ولا يفصل بينكما إلا من دخل البلدَين.
فقالوا: من هو؟ قلت: الفقيه هيَّاج.
فقمنا بأجمعنا إليه، قال: فِيَم جئتم؟ فقصصت عليه وقلت: قد احتكما إليك.
فأطرق ساعةً ثمّ قال: أقول لكما أيُّهما أطيب؟ قلنا: نعم.
__________
1 تاريخ ابن الوردي "1/ 380".
2 السير "13/ 647"، طبقات الشافعية الكبرى "4/ 529" للسبكي.(32/49)
فقال: البصرة.
قلت: إنّما سألا عن مصر وبغداد، فقال: البصرة أطيب؛ ذاك الخراب وقلة الناس، ويطيب القلب بتلك المقابر والزيارات. وأما بغداد ومصر، فليس فيهما خير من الزَّحمة والأكاسرة.
وكان هياج فقيه الحرم بعد رافع الحمال.
وسمعته يقول: كان لرافع الحمَّال في الزُّهد قِدَم، وإنّما تفقّه أبو إسحاق الشيرازيّ، وأبو يَعْلَى بن الفرّاء بمُراعاة رافع. كانوا يتفقهون، وكان يكون معهما، ثمّ يروح يحمل على رأسه، ويعطيهما ما يتقوَّتان به.
قال ابن طاهر: وكان هَيّاج قد بلغ من زُهْده أنه يصوم ثلاثة أيام، ويواصل ولا يُفْطِر إلّا على ماء زمزم. فإذا كان آخر اليوم الثالث من أتاه بشيء أكله، ولا يسأل عنه.
وكان قد نيف على الثمانين، وكان يعتمر في كلّ يومٍ ثلاث عُمَر على رِجْلَيه، ويدرس عدّة دروس لأصحابه. وكان يزور عبد الله بن عبّاس بالطائف كلّ سنة مرّة، يأكل بمكة أكله، وبالطائف أخرى.
وكان يزور النبّيَّ -صلى الله عليه وسلم- كلّ سنة مع أهل مكّة. كان يتوقّف إلى يوم الرحيل، ثمّ يخرج، فأوّل من أخذ بيده كان في مؤنته إلى أن يرجع، وكان يمشي حافيا من مكّة إلى المدينة ذاهبًا وراجعًا.
وسمعته يقول، وقد شكى إليه بعض أصحابه أنّ نَعْلَه سُرقت في الطّواف: اتَّخذ نَعْلَين لا يسرقهما أحد.
ورُزق الشهادة في وقعةٍ وقعَتَ لأهل السُّنَّة بمكّة، وذلك أنّ بعض الرّوافض شكى إلى أمير مكّة: أنّ أهل السُّنَّة ينالون منّا ويبغضوننا. فأنفذ وأخذ الشّيخ هيَّاجًا، وجماعة من أصحابه، مثل أبي محمد بن الأنماطي، وأبي الفضل بن قوّام، وغيرهما. وضربهم، فمات الاثنان في الحال، وحُمل هيّاج إلى زاويته، وبَقِي أيّامًا، ومات من ذلك -رضي الله عنه1.
__________
1 السير "13/ 647، 648".(32/50)
وقال السّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، عن هيّاج بن عُبَيْد، فقال: كان فقيهًا زاهدًا. وأثنى عليه.
"حرف الياء":
62- يحيى بن محمد بن الحسين1.
الشريف أبو محمد بن الأقساسيّ العلويّ الكوفيّ.
من ولد زيد بن عليّ بن الحسين. وأقساس: قرية من قرى الكوفة.
ثقة، روى عن: محمد بن عبد الله الجعفيّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو الفضل الأُرْمَويّ.
توفّي في حدود هذه السّنة.
وفيات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
63- أحمد بن حاتم بن بسّام بن عامر2.
أبو العبّاس البكريّ التَّيميّ الأصبهاني الشاهد له رحلة إلى خُراسان وإلى بغداد سنة عشرين، فسمع من جماعة.
روى عن: أبي عليّ بن شاذان.
روى عنه: الحسين بن عبد الملك الأديب.
وتُوُفّي في صَفَر.
64- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن سرابان3.
أبو طاهر الرُّوذباريّ الصّائغ ابن الزّاهد.
__________
1 الأنساب "1/ 333" للسمعاني.
2 في عداد المجهولين.
3 لم نقف عليه.(32/51)
روى عن: أحمد بن تُركان، وعبد الرحمن المؤدب، وأبي سَلَمة الهمدانيين، ومنصور بن رامش.
قال شيرويه: سمعتُ منه، وكان ثقة متقنًا.
تُوُفّي في شوّال، وله ثمانون سنة.
65- أحمد بن محمد بن أحمد الأخضر البغداديّ المقرئ1.
كان من أحسن النّاس تلاوة في المحراب. وكان مُقِلًّا قانعًا.
روى عن: أبي عليّ بن شاذان.
وعنه: ابن السَّمرقنديّ، وعلي بن أحمد بن بكار المقرئ.
66- أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن.
الخياط الأنصاري2.
روى عن: ابن خرَّشيد قُولَه، وأبي الفَرَج البُرْجيّ.
67- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحيريّ3.
أبو ممد الَّنيسابوريّ، البزاز.
شيخ معمَّر، صالح، مجاور بالجامع.
سمع الكثير، وحدَّث عن أبي الحسين العلويّ، وأبي طاهر بن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف بن مامَوْيه، وأبي عبد الرحمن السُّلميّ.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ وقال: تُوُفّي في رابع ذي الحِجّة، والحسين بن عليّ الشحّاميّ، وسعيدة بنت زاهر الشحّاميّ، وآخرون.
68- أَمَةُ الرحمن بنت عَمْر بن محمد بن يوسف بن دوست العلاّف4.
أمّ الخير.
__________
1 المنتظم "8/ 327".
2 لم نقف عليه.
3 لا بأس به، في عداد المستورين.
4 لم نقف عليه.(32/52)
صالحة مستورة، رَوَت عن: عمّها عثمان بن دُوَسْت.
وماتت في شوّال.
69- أَمَةُ القاهر بنت محمد بن أبي عَمْرو بن دُوَسْت العلاف.
أمّ العزّ1.
عن: جدّها.
وعنها: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيره.
أرخها ابن النجّار.
"حرف الحاء":
70- الحسين2 بن عليّ بن عُمَر بن عَلِيّ.
أَبُو عَبْد اللَّه الأنطاكي3.
كان ينوب بدمشق في القضاء عن أبي الفضل بن أبي الْجِنّ العلويّ.
سمع من: تمّام الرّازيّ، وعبد الرحمن بن أبي نصر.
وكان يسكن بالشاغور، وهو آخر من حدَّث عن تمّام.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وهبة اللَّه بن أحمد الأكفانيّ، وجمال الإسلام أبو الحَسَن، وعليّ بن قُبيس.
وسأله غيث عن مولده، فقال: سنة أربعٍ وتسعين وثلاثمائة.
وتُوُفّي في المحرَّم.
71- الحسين بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسحاق.
أبو القاسم النَّيسابوريّ المختار4.
__________
1 لم نقف عليها.
2 تحرف في السير إلى "الحسن".
3 السير "13/ 640"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 349".
4 لم نقف عليه.(32/53)
حدَّث عن: عبد الله بن يوسف، وابن محمش، والأستاذ أبي سعْد، وأصحاب الأصمّ.
ودفن إلى جانب ابن نُجَيْد.
وله كلام في المعرفة.
72- الحسين بن محمد بن مبشّر.
أبو عليّ الأنصاري السَّرقسطيّ. ويعرف بابن الإمام1.
أخذ القراءة من: أبي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الإلبِيريّ.
ورحل وسمع من: أبي ذر عبد بن أحمد، وإسماعيل الحدّاد المقرئ.
وأقرأ النّاس. وكان خيِّرًا فاضلًا، رحمه الله.
"حرف السين":
73- سعيد بن يوسف.
أبو طالب2.
صَلَبوه بَهَمَذَان في شوّال.
رحمه الله.
74- سُفيان بن الحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه3.
ورّخه بعضهم فيها، والصّحيح ما تقدَّم.
"حرف الشين":
75- شبيان بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
أبو المعمّر البرجيّ، الأصبهانيّ المحتسب4.
__________
1 غاية النهاية "1/ 252".
2 لم نقف عليه.
3 انظر السابق.
4 لم نقف عليه.(32/54)
تُوُفّي في ربيع الآخر.
شيخ صالح صاحب سُنّة. يعِظ في القُرى.
سمع: أبا عبد الله بن مَنْدَهْ، والْجُرْجانيّ، وأبا سعْد المالينيّ، وأبا بكر بن مَرْدَوَيْه.
أرّخه يحيى بن مَنْدَهْ.
"حرف العين":
76- عبد الله بن عبد العزيز.
أبو محمد بن عزّون التّميميّ المهدويّ المغربيّ المالكيّ1.
من أصحاب أبي عمران الفاسيّ، وأبي بكر عبد الرحمن. وكان أحد الفقهاء الأربعة الذين نزحوا بعد خراب القيروان عنها، وهم: عبد الحميد الصائغ، وأبو الحَسَن اللَّخميّ، وهذا، وأبو الرّجال المكفوف.
وكان ابن عزون متفنِّنًا في العلوم.
تخرَّج به ابن حسّان، والقاضي ابن شُغْلان، وكان من أقيم النّاس على "المدوَّنة"، وأبحثِهم في أسرارها.
تُوُفّي -رحمه اللَّه- فِي حدود هذا العام.
77- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عليّ بن أيّوب2.
أبو القاسم العُكْبريّ.
من بيت العلم والعدالة. كان تقة ورعًا، أضرّ في آخر عمره.
سمع: عمّ أبيه الحسين، وعَمْر بن أحمد بن أبي عَمْرو، وعبد الله بن عليّ بن أيّوب العُكْبريّين.
روى عنه: ابن السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السّلام.
حدَّث في هذا العام.
__________
1 ترتيب المدارك "4/ 796".
2 لم نقف عليه.(32/55)
78- عبد الرحمن بْن عيسى بن محمد.
أبو زيد الأندلسيّ، قاضي طُلَيْطُلة1.
ويُعرف بابن الحشاء.
سمع بقرطبة من: يونس بن عبد اللَّه، وأبي المطِّرف القَنَازعيّ.
وسمع بدَانِيَة من: أبي عَمْرو المقرئ، وأبي الوليد بن فَتْحُون.
وبمكّة من: أبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي الحَسَن بن صَخْر.
وبالمغرب من: عبد الحقّ بن هارون الصَّقلّيّ وبمصر من: أبي القاسم عبد الملك بن الحَسَن، وعليّ بن إبراهيم الحَوْفيّ.
وبالقيروان من: أبي عمران الفاسيّ الفقيه.
استقضاه المأمون يحيى بن ذي النُّون بطُلَيْطُلة بعد أبي الوليد بن صاعد. وحُمدت سيرتُه، ثم استُقْضى بدانِيَة.
وقال أبو بكر الطّرْطُوشيّ: ولمّا ولي جدّي، يعني لأمّه، أبو زيد بن الحَشَاء القضاء بطُلَيْطُلة جمع أهلَها وأخرج لهم صندوقًا فيه عشرة آلاف دينار، وقال: هذا مالي، فلا تحسبوا ظهور حالي من ولايتكم، ولا نموَّ مالي مِن أموالكم.
79- عبد السلام ابن شيخ الشيوخ أبي الحَسَن بن سالبة.
أبو الفتح2.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. كأنه إصبهانيّ.
80- عبد الواحد بن محمد بن عُبَيْد الله.
أبو القاسم البغداديّ الزّجّاج. ثمّ الخبّاز3.
سمع: ابن بشران، وابن رزقويه.
__________
1 الصلة "2/ 340".
2 المنتظم "8/ 328".
3 لم نقف عليه.(32/56)
وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.
ومات في ربيع الأوّل سنة ثلاثٍ وسبعين.
81- عبد الواحد بن المطهر بن عبد الواحد بن محمد البُزَانيّ الأصبهاني1.
قدِم بغداد عميدًا على العراق، ومات كهْلًا قبل أبيه.
82- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن حمزة.
القاضي أبو الحَسَن الهاشميّ العبّاسيّ، الفقيه الشّافعيّ2.
سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر.
وعنه: جمال الإسلام.
83- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ3.
أَبُو الحَسَن الصُّليحيّ، الخارج باليمن.
ذكره القاضي ابن خلِّكان فقال: كان أبوه قاضيا باليمن، سنِّيّ المذهب. وكان الدّاعي عامر بن عبد الله الزّواخيّ يلاطف عليًّا، فلم يزل به حتّى استمال قلبَه وهو مراهق، وتفرَّس فيه النّجابة.
وقيل: كانت عنده حليته في كتاب الصُّور وهو من الذّخائر القديمة، فأوقف عليًّا منه على تنقُّل حالِه، وشَرَف مآله، وأطلعه على ذلك سِرًا من أبيه.
ثمّ مات عامر عن قريب، وأوصى لعليّ بكُتُب، فعكف علي على الدّرس والمطالعة، فحصّل تحصيلًا جيدًا. وكان فقيهًا في الدّولة المصرية الإماميّة، مستبصرًا في علم التأويل، يعني تأويل الباطنّية، وهو قلبُ الحقائق، ولُبّ الإلحاد والزَّندقة.
ثمّ صار يحجّ بالنّاس على طريق السَّراة والطائف خمس عشرة سنة.
وكان النّاس يقولون له: بَلَغَنَا أنك ستملك اليمن بأسره، فيكره ذلك، ويُنْكر على قائله. فلمّا كان في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة، ثار عليٌّ بجبل مسار، ومعه
__________
1 المشتبه "1/ 57".
2 لسان الميزان "5/ 207".
3 السير "13/ 625".(32/57)
ستون رجلًا، قد حلفوا له بمكّة على الموت والقيام بالدّعوة. وآووْا إلى ذروةٍ منيعة برأس الجبل، فلم يتمّ يومهم إلّا وقد أحاط بهم عشرون ألفّا، وقالوا: إنْ لم تنزل وإلّا قتلناك ومن معك جوعًا وعطشًا.
فقال: ما فعلتُ هذا إلّا خوفًا علينا وعليكم أن يملكه غيرنا، فإن تركتموني أحرسه، وإلّا نزلت إليكم.
وخَدعهم، فانصرفوا عنه. ولم تمض عليه أشهر حتّى بناه وحصّنه وأتقنه، وازداد أتباعه، واستفحل أمره، وأظهر الدّعوة فيما بين أصحابه لصاحب مصر المستنصر.
وكان يخاف من نجاح صاحب تهامة، ويلاطفه، ويعمل عليه، فلم يزل به حتّى سقاه سُمًّا مع جاريةٍ مليحة أهداها له في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وكتب إلى المستنصر يستأذنه في إظهار الدّولة، فإذن له. فطوى البلاد طيًّا، وطوى الحصون والتّهائم. ولم تخرج سنة خمسٍ وخمسين حتّى ملك اليمن كلَّه، حتّى أنه قال يومًا وهو يخطب في جامع الْجُنْد: في مثل هذا اليوم نخطب على منبر عَدَن. ولم يكن أخذها بعد. فقال بعض من حضر: سبُّوح قدُّوس. يستهزئ به. فأمر بالحَوْطَة عليه، وخطب يومئذٍ على منبر عدن كما قال. واتّخذ صنعاءَ كرسيَّ مملكته، وأخذ معه ملوك اليمن الذّين أزال مُلكهم، وأسكنهم معه، وبنى عدّة قصور، وطالت أيامه1.
وقال صاحب "المرآة": في سنة خمسٍ وخمسين دخل الصُّليحيّ إلى مكّة، واستعمل الجميل مع أهلها، وطابت قلوبُ النّاس، ورخصت الأسعار، ودعوا له.
وكان شابًا أشقر، أزرق، إذا جاز على جماعةٍ سلَّم عليهم. وكان ذكيًّا فطنًا لبيبًا، كسا البيت ثيابًا بيضاء، ودخل البيتَ ومعه الحُرّة زوجته التي خُطِب لها على منابر اليمن.
وقيل: إنّه أقام بمكّة شهرًا ورحل، وكان يركب فرسًا يألف دينار، وعلى رأسه العصائب. وإذا ركبت الحُرّة ركبت في مائتي جارية، مُزيّنات بالحُلِيّ والجواهر، وبين يديها الجنائب بسُرُوج الذَّهب.
قال ابن خَلِّكان: وقد حجّ في سنة ثلاثٍ وسبعين، واستخلف مكانه ولده الملك المكرَّم أحمد. فلمّا نزل بظاهر المَهْجَم وثب عليه جيّاش بن نجاح وأخوه سعيد فقتلاه بأبيهما نجاح الّذي سمّه.
__________
1 وفيات الأعيان "3/ 413".(32/58)
فانذعر النّاس، وكان الأخوان قد خرجا في سبعين راجلًا بلا مركوب ولا سلاح بل مع كلّ واحدٍ جريدة في رأسها مسمار حديد، وساروا نحو السّاحل. وسمع بهم الصُليحيّ فسيّر خمسة آلاف حَرْبة من الحبشة الذين في ركابه لقتالهم فاختلفوا في الطّريق. ووصل السبعون إلى طرف مخيّم الصُّليحيّ، وقد أخذ منهم التّعب والحفا، فظنَّ النّاس أنّهم من جملة عُبَيْد العسكر، فلم يشعر بهم إلّا عبد الله أخو الصُّليحيّ، فدخل وقال: يا مولانا أركب، فهذا والله الأحول سعيد بن نجاح. وركبَ عبد الله، فقال الصُّليحيّ: إنّي لا أموت إلّا بالدُّهيم وبئر أمّ مَعْبَد. معتقدًا أنّها أمّ مَعْبَد التي نزل بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمّا هاجر. فقال له رجل من أصحابه: قاتِلْ عن نفسك، فهذه والله الدُّهيم، وهذه بئر أمّ مَعْبَد. فلمّا سمع ذلك لحِقَه زَمَع اليأس من الحياة على بغْتة وبال، ولم يبرح من مكانه حتّى قطع رأسه بسيفه، وقُتِل أخوه وأقاربه، وذلك في ذي القعدة من السنّة.
ثمّ أرسل ابن نجاح إلى الخمسة آلاف فقال: إنّ الصُّليحيّ قد قُتِل، وأنا رجلٌ منكم، وقد أخذت بثأر أبي، فقدِموا عليه وأطاعوه. فقاتَلَ بهم عسكر الصُّليحيّ، فاستظهر عليهم قتْلًا وأسْرًا، ورفع رأس الصُّليحيّ على رمح، وقرأ القارىء: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] . ورجع فملك زبيد، وتِهَامَة، إلى أن عملت على قتله الحرَّة، ودبّرت عليه، وهي امرأة من أقارب الصُّليحيّ. فقُتِل سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
قال محمد بن يحيى الزَّبيديّ الواعظ: أنشدني الفقيه عبد الغالب بن الحَسَن الزَّبيديّ لنفسه بزبيد:
أيُّها ذا المغرور لم يدم الدَّهـ ... ـر لعادٍ الأولى ولا لثَمُودِ
نقّبوا في البلاد، واجتاب مجتا ... بهم الصَّخر، باليَفَاع المشيدِ
والذي قد بنى بأيدٍ متينٍ ... إرمًا هل وراءها من مزيد؟
وقرونا من قبل ذاك ومن بعـ ... ـد جنودًا أهلكن بعد جنود
والصُّليحيّ كان بالأمس ملكًا ... ذا اقتدارٍ وعدّةٍ وعديد
دخل الكعبة الحرام، وزارت ... منه للشحر خافقات البنود
فرماه ضحىً بقاصمة الظَّهـ ... ـر قضاء أتيح غير بعيد(32/59)
وأبو الشّبل إذ يتيه بما أعـ ... ـطي من مخلبٍ ونابٍ جديد
وأخو المخطم المدلَّ بنابين ... كجذعين من سقى مجود
وهي قصيدة طويلة.
84- عليّ بن أحمد بن الفَرَج.
أبو الحَسَن العُكْبريّ البزّاز الفقيه الحنبليّ، ويعرف بابن أخي أبي نصر1.
كان مفتي عُكْبَرا وعالمها. وكان ورعًا، زاهدًا، ناسكًا، فرضيا، مقرِئًا، له محلٌّ رفيع عند أهل عُكْبَرا.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، والحسن بن شهاب العُكْبريّ.
روى عنه: مكي الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
85- عليّ بن مقلّد بن عبد الله بن كرامة.
أبو الحَسَن الأَطْهَريّ، البوّاب الحاجب2.
صَدوق، خيّر.
سمع: محمد بن محمد بن الرُّوزبهان، والحسين بن الحَسَن الغضائريّ.
روى عنه: هبة الله الكاتب، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
86- عليّ بن عبد الغافر بن عليّ بن الحَسَن.
أبو القاسم الخُزاعيّ النَّيسابوريّ3.
حدَّث عن: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وابن مَحْمِش، وجماعة.
توفّي في ثاني شوّال.
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 47".
2 وفيات الأعيان "3/ 362".
3 لم نقف عليه.(32/60)
"حرف الفاء":
87- الفضل بن عبد الله بن المُحِبّ.
أبو القاسم النَّيسابوري، الواعظ1.
سمع: أبا الحسين الخفّاف، وتفرَّد في وقته عنه.
وسمع: السّيد أبا الحَسَن العلويّ، وعبد الله بن يوسف، وابن مَحْمِش.
وهو معروف بالوعظ، قد صنَّف فيه. وكان من أهل الخير والسَّداد والعلم. أثنى عليه ابن السَّمعاني فيما انتقى لولده عبد الرحيم.
وممّن حدَّث عنه: سعيد بن الحسين الجوهريّ، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، ومحمد بن إسماعيل بن أحمد المقرئ، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وَمُلَيْكَة بنت أبي الحَسَن الفَنْدُورَجيّ ومحمد بن طاهر، وزاهر الشّحّاميّ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الكَنْجَروذيّ الحِيريّ، ومحمد بن إسماعيل الشّاماتيّ، وآخرون.
وبالإجازة: وجيه الشّحّاميّ، والحافظ ابن ناصر.
وقال ابن طاهر: رحلت من مصر إلى نيْسابور لأجل الفضل بن عبد الله المحبّ صاحب الخفّاف، فلمَّا دخلتُ قرأتُ عليه في أوّل المجلس جزءين من حديث السّرّاج، فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدتُ أنّي نلْته بلا تعب؛ لأنّه لم يمتنع عليَّ، ولا طالبني بشيء، وكل حديثٍ من الجزأين يَسْوَى رحلة.
"حرف الميم":
88- محمد بن حارث بن أحمد بن منيوه.
أبو عبد الله السَّرقسطيّ النَّحويّ2.
كان من جِلّة الأُدباء.
روى عن: أبي عَمْر أحمد بن صارِم الباجيّ كثيرًا من كتب الأدب.
__________
1 السير "18/ 378".
2 الصلة "2/ 552".(32/61)
أخذ عنه بغَرْناطَة: أبو الحَسَن عليّ بن أحمد المقرئ في هذا العام.
وبَقِي بعده.
89- محمد بن الحَسَن بن الحسين1.
أبو عبد الله المَرْوَزِيّ، الفقيه الشّافعيّ.
تفقّه بمَرْو على أبي بكر القفّال.
وسمع بهَرَاة من: عَمْر بن أبي سعد، وجماعة.
وكان إمامًا، متفنّنًا، متقنًا، ورِعًا، عابدًا.
وقيل: تُوُفّي سنة 74، فالله أعلم.
90- محمد بن الحسين بن عبد الله.
أبو عليّ بن الشِّبل البغداديّ2، الشّاعر المشهور.
له ديوان سائر، وقد سمع غريب الحديث من: أحمد بن عليّ بن الباديّ، وكان ظريفًا، نديمًا، مطبوعًا، رقيق الشِّعر.
روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السلام، وأبو سعد الزَّوزنيّ.
وهو القائل:
ما أطيبَ العَيْش في التّصابي ... لو أنّ عهد الصّبَى يدوم
أو كان طِيب الشّباب يبقى ... لم يتْلُهُ الشَّيب والهموم
وله:
خُذْ ما تعجّل واتْرُكْ ما وُعِدْتَ به ... فِعْل الأريب فللتّأخير آفاتُ
فلِلسّعادة أوقاتٌ ميسَّرة ... تُعطي السُّرور وللأَحزان أوقاتُ
91- محمد بن سلطان بن محمد بن حيُّوس3.
__________
1 ستأتي له ترجمة.
2 السير "18/ 430" وفيات الأعيان "4/ 393".
3 السير "18/ 413"، وفيات الأعيان "4/ 438".(32/62)
الأمير مصطفى الدّولة أبو الفتيْان الغَنَويّ الدّمشقيّ.
أحد فُحُول الشعراء، له ديوان كبير.
سمع من: خاله أبي نصر بن الْجُنْديّ.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو محمد بن السَّمرقنديّ.
وروى عنه من شعره: أبو القاسم النّسيب، وأبو المفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ.
وقال ابن ماكولا: لم أدرك بالشام أشعر منه.
وقال النّسيب: مولده بدمشق في سنة 394. وورد أنّ أباه كان من أمراء العرب. وقد مدح في شِعره ملوكًا وأكابر، وتُوُفّي بحلب في شعبان.
ومن شِعره:
طالما قلتُ للمُسائل عنهْم ... واعتِمَادي هدايةُ الضُّلاّل
إنّ تُرِد عِلْمَ حالهم عن يقينٍ ... فالْقَهُمْ في مكارمٍ أو نزال
تلْقَ بِيضَ الأَعْراضِ سُوَد مُثار النَّقْعِ ... خُضْرَ الأكنافِ حُمْرَ النِّضال
وله:
أسُكانَ نُعمان الأراك تيقَّنوا ... بأنكم في ربع قلبي سُكّانُ
ودُوموا على حفْظ الوداد فطَال ما ... منينا بأقوامٍ إذا استحفظوا خانوا
سلوا اللَّيل عنّي قد تناءت دياركم ... هل اكتحلت بالنّوم لي فيه أجفان
وهل جرَّدت أسياف برقٍ دياركم ... فكانتْ لها إلا جفوني أجفان
92- مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحْمَن.
أبو سعيد الكرابيسيّ الصّفّار المؤذّن1.
سمَّعه أبوه من: عبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبي عبد الرحمن السُّلميّ.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وغيره.
__________
1 لا بأس به في عداد العلماء المستورين.(32/63)
ومات في ذي الحِجّة.
وروى عنه أيضًا: عبد الغافر بن إسماعيل.
وسمع أيضًا من: ابن مَحْمِش، وأكثر عن السُّلميّ. وكان من الصّالحين الثّقات.
روى عنه أيضًا: هبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وجامع السّقّاء، ومحمد بن منصور الكاغذِيّ بالإجازة.
93- محمد بن محمد بن عليّ.
أبو الفضل العُكْبريّ المقرئ1.
من نُبلاء القرّاء. قرأ عَلَى أبي الفرَجَ عبد الملك النَّهروانيّ، وأبي الحَسَن الحمّاميّ، والحسن بن محمد بن الفحّام.
وأتقن القراءات.
وسمع من: ابن رزقُوَيْه. وكان صدوقًا.
تُوُفّي في ربيع الآخر بعُكْبَرا عن سنٍّ عالية.
روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأخوه.
وقد حدَّث عن: ابن رزقُوَيْه، وكان ضريرًا.
ويقال له: الْجَوْزَرَانيّ، بجيم ثم زاي.
94- محمد بن يحيى الهاشمي السَّرقسطيّ2.
تُوُفّي في هذه الحدود.
سمع بمصر: أبا العبّاس بن نفيس.
وكان يحفظ صحيح البخاريّ كلّه، والموطَّأ رحمه الله.
95- محمود بن جعفر بن محمد.
أبو المظفّر الأصبهاني الكَوْسَج التّميميّ3.
__________
1 معرفة القراء الكبار "1/ 434".
2 الصلة "2/ 552".
3 لم نقف عليه.(32/64)
سمع من: عمّ أبيه الحسين بن أحمد الكَوْسَج، والحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن سُليمان البغداديّ ثمّ الأصبهاني، وغير واحد.
وسُئِل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: عدلُ مرضيّ رحمه الله.
"حرف النون":
96- نصر بن أحمد بن مزاحم الخطيب.
أبو الفتح السِّمنجانيّ البلْخيّ1.
سمع: أبا عليّ بن شاذان البزّاز، وغيره.
روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي القاضي، وأبو غالب بن البنّا.
وكتب عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون مع تقدُّمه.
وكان يترسّل إلى الإطراف من الدّيوان. وقد سمع ببُخَارى من: منصور بن نصر الكرْمينيّ، وغيره.
97- نصر بن المظفّر بن طاهر البُوسَنْجيّ2.
أبو الحَسَن.
تُوُفّي بإصبهان في رجب.
"حرف الهاء":
98- هيّاج بن عُبَيْد الحِطّينيّ الزّاهد3.
ورد أيضًا أنه تُوُفّي في ذي الحِجّة من هذه السّنة.
وقد مرّ في سنة اثنتين.
__________
1 المنتظم "8/ 329".
2 لم نقف عليه.
3 سبق الترجمة له.(32/65)
"حرف الياء":
99- يحيي بن أبي نصر الهَرَويّ1.
الفقيه أبو سعد.
سمع من: أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ القاضي، وأبي بكر الحِيريّ.
100- يحيى بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن.
أَبُو مُحَمَّد بْن الأقساسيّ العلويّ الحُسَينيّ الكوفيّ2.
روى عن: محمد بن عبد الله الجعفيّ.
وعنه: ابن الطُّيوريّ، والمؤتمن الساجيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو الفضل الأرمويّ.
وُلِد سنة 395 ومات سنة 73.
وفيات سنة أربع وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
101- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن عليّ.
أبو طالب الشُّروطيّ الْجُرْجانيّ، ثمّ البغداديّ3.
ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
وسمع: أباه، وبكر بن شاذان الواعظ، وأبا عليّ بن شاذان.
وأوّل سماعه سنة أربع وأربعمائة من أبيه عن بِشْر الإسفرائينيّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، ويحيى بن الطّرّاح.
وتُوُفّي في المحرَّم.
__________
1 لم نقف عليه.
2 سبق الترجمة له.
3 المنتظم "8/ 332".(32/66)
102- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بن مُنْتاب1.
أبو محمد بن أبي عثمان البصْريّ، ثمّ البغداديّ الدّقّاق، المقرئ.
كان ثقة، مكثرًا من الحديث، مهيبًا، جليلًا. ختم عليه جماعة.
سمع: أباه، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ، وأحمد بن محمد المُجْبِر، وأبا عمر بن مهديّ، وأبا أحمد الفَرَضي، والحسن بن القاسم الدّبّاس، وابن البيِّع.
وعنه: مكّيّ الرُّميليّ، وهبة الله الشّيرازيّ، وعبد الغافر بن الحسين الكاشْغَرِيّ، وعَمْر الرُّؤاسيّ، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، ومحمد بن عبد الملك بن خَيْرون.
ومولده سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة.
قال يحيى بن الطّرّاح: أنا أبو محمد بن أبي عثمان: أنا الحَسَن بن القاسم سنة أربعمائة حضورًا، أنا أحمد وكيل أبي صخرة، فذكر حديثًا.
وقال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: سُئِل أبو محمد أخو أبي الغنائم بن أبي عثمان أن يستشهد، فامتنع، فكلِّف، فقال: أصبروا إلى غدٍ. ودخل البيت، فأصبح ميتًا رحمه الله.
ومثلها حكاية نصْر بن عليّ الْجَهْضَميّ لمّا ورد عليه الكتاب بتوليته القضاء، فاستصبرهم وبات يُصلّي إلى السَّحر، فسجد طويلًا ومات.
تُوُفّي أبو محمد في ذي القعدة، وشيَّعه قاضي القُضاة الدّامغانيّ، والشيخ أبو إسحاق، وخلائق، وأمَّهم أخوه أَبُو الغنائم.
103- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي.
أبو طاهر الخُوارَزْميّ القصار2.
سمع: أبا عَمْر بن مهديّ، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ.
روى عنه: ابنه محمد، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وجماعة.
مات في ذي الحِجّة. وكان صحيح السَّماع، فاضلًا.
__________
1 السابق.
2 السابق.(32/67)
104- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه شاهكوَيْه1.
الصُّوفيّ.
كأنّه إصبهانيّ.
105- أحمد بن المطهّر بن الشّيخ أبي نزار محمد بن عليّ.
أبو سعْد العبْديّ العَبقسيّ الأصبهاني2.
روى عن: جدّه، والحافظ أبي بكر بن مَرْدَوَيْه.
106- أَحْمَد بْن هِبَةُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن صَدَقَة.
أبو بكر الرحْبيّ الدّبّاس3.
قِيلَ: إنّه من ولد سعد بن مُعاذ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
كان شيخًا معمَّرًا، نيَّف على المائة، ويسكن بغداد محلّة النَّصرية.
سمع: أبا الحَسَين بن بِشْران، ومحمد بن الحسين القطّان.
روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم السَّمرقنديّ.
قال شجاع الذُّهليّ: حدَّثني غير مرّة أنّه وُلِد سنة سبعين وثلاثمائة.
وقال ابن ناصر: مات أبو بكر الرَّحبيّ في رجب، وقد بلغ مائة وأربع سنين.
وقال ابن النّجّار: كان يذكر أنّه سمع من أبي الْحُسَيْن بن سمعون، والمخلِّص، وأنّ أُصوله ذهبت في النَّهب.
107- إبراهيم بن عقيل بن حبش.
أبو إسحاق القُرَشيّ السّاميّ النَّحويّ، المعروف بالمَكْبَرَيّ4.
روى عن: عليّ بن أحمد الشّرابيّ، وعن خيثمة الأطرابلسيّ.
__________
1 لم نقف عليه.
2 انظر السابق.
3 السير "18/ 548".
4 الميزان "1/ 49".(32/68)
روى عنه: الخطيب في كتاب "التلخيص".
ضعفه ابن الأكفانيّ، واطّلع عليه بتركيب سندٍ مستحيلٍ للنَّحو.
108- أرسلان تكين بن ألْطُنْطَاش.
أبو الحارث التُّركيّ1.
ببغداد. ويُعرف أبوه بسيف المجاهدين.
روى عن: أبي عليّ بن شاذان.
وعنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ.
مات في جُمَادَى الأولي.
"حرف الحاء":
109- الحسين بن عبد الرحمن بن عليّ الْجُنَابَذِيّ.
أبو عليّ الفقيه2.
حدَّث عن: ابن مَحْمِش، وأبي إسحاق الإسْفَرائينيّ، والحيريّ.
ومات رحمه الله بنَيْسابور.
110- الحسين بن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن محمود.
أبو بكر النَّيسابوريّ الحاكم الحنفيّ الدّهّان3.
من أعيان مذهبه.
روى عن: أبي الحَسَن بن عَبْدان، وجماعة من أصحاب الأصمّ.
وتُوُفّي في ذي الحِجّة.
111- حَمْدُ بنُ عبد العزيز.
أبو القاسم الأصبهانيّ المعدّل4.
__________
1 لم نقف عليه.
2، 3 لم نقف عليه.
4 انظر السابق.(32/69)
حدَّث في هذه السّنة عن: أبي عبد الله الْجُرْجانيّ.
روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ.
112- حَمْد بن محمد بن أحمد بن العبّاس.
أبو عبد الله الأسديّ الزُّبيديّ الآمُليّ1.
ولي القضاء والرئاسة بآمُل، وطَبَرسْتان سِنين.
وكان من رجال الدَّهر رأيا وكفاءة.
وصاهر نظام الملك. وكان يلقَّب بناصر السُّنَّة.
روى عن: أبيه، وناصر العُمريّ، وأبي محمد الْجُوَيْنيّ.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وله بضعٌ وخمسون سنة.
"حرف الدال":
113- دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأسديّ2.
نور الدّولة أمير عرب العراق.
كان نبيلًا، جوادًا، ممدَّحًا، بعيد الصِّيت.
عاش ثمانين سنة، ومات في شوّال فرثاه الشُّعراء فأكثروا.
وولي بعده ابنه بهاء الدّولة أبو كامل منصور، فسارَ إلى السّلطان، وخلع عليه الخليفة أيضًا، وأعطاه الحلَّة كأبيه.
"حرف السين":
114- سعْد بن محمد بن يحيى.
أبو المظفّر الجوهريّ الأصبهاني، المؤدَّب الضرير3.
حدَّث أيضًا في هذه السّنة عن عثمان البرجيّ.
__________
1 طبقات الشافعية "3/ 164" للسبكي.
2 السير "18/ 557".
3 لم نقف عليه.(32/70)
وعنه: مسعود، والرُّستميّ.
وهو أخو سعيد شيخ السّاميّ.
115- سُليمان بن خَلَف بن سعْد بن أيّوب بن وارث.
الإمام أبو الوليد التُّجيبي القُرْطُبيّ الباجيّ1.
صاحب التصانيف.
أصله بَطَلْيُوسيّ، وانتقل آباؤه إلى باجة، وهي مدينة قريبة من إشبيلية.
وُلد في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وأربعمائة.
أخذ عن: يونس بن عبد الله بن مغيث، ومكّيّ بن أبي طالب، ومحمد بن إسماعيل، وأبي بكر محمد بن الحَسَن بن عبد الوارث، وجماعة.
ورحل سنة ستٍّ وعشرين، فجاوَرَ ثلاثة أعوام.
ولزِم أبا ذرٍّ، وكان يروح معه إلى السَّراة، ويتصرف في حوائجه، وحمل عنه عِلمًا كثيرًا.
وذهب إلى بغداد، فأقام بها ثلاثة أعوام. وأظنه قدِمها من على الشّام؛ لأنّه سمع بدمشق أبا القاسم عبد الرحمن بن الطُّبيز، وعليّ بن موسى السِّمسار، والحسين بن جُمَيْع.
وسمع ببغداد: أبا طالب عَمْر بن إبراهيم الزُّهريّ، وعبد العزيز الأَزَجيّ، وعُبَيْد الله بن أحمد الأزهريّ، وابن غَيْلان، والصُّوريّ، وجماعة.
وأخذ الفقه عن: أبي الطّيِّب الطَّبريّ، وأبي إسحاق الشّيرازيّ.
وأقام بالموصل على أبي جعفر السمِّنانيّ سنةً يأخذ عنه علم الكلام والأصول.
وأخذ أيضًا عن القاضي: أبي عبد الله الحسين بن علي الصَّيمريّ الحنفيّ، وأبي الفضل بن عَمْرُوس المالكيّ، وأحمد بن محمد العَتِيقيّ، وأبي الفتح الطَّناجيريّ، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمةً، وطبقتهم.
__________
1 السير "18/ 535".(32/71)
حتّى برع في الحديث وبرز فيه على أقرانه، وأحكم الفقه وأقوال العلماء. وتقدَّم في علم النظر بالكلام. ورجع إلى الأندلس بعد ثلاث عشرة سنة بعلومٍ كثيرة.
روى عنه: الحافظ أبو بكر الخطيب، والحافظ أبو عمر بن عبد البَرّ، وهما أكبر منه، ومحمد بن أبي نصر الحُمَيْدِيّ، وعليّ بْن عَبْد اللَّه الصّقلّيّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ بن غَزْلُون، وأبو عليّ بن سكَّرة الصَّدفيّ، وابنه العلّامة الزّاهد أبو القاسم أحمد بن سُليمان، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد القاضي، وأبو بكر محمد بن الوليد الطُّرطوشيّ، وابن شبرين القاضي، وأبو عليّ بن سهل السَّبتي، وأبو بحر سُفيان بن العاص، ومحمد بن أبي الخير القاضي، وآخرون.
وتفقَّه به جماعة كثيرة.
وكان فقيرًا قانعًا، خَدَم أبا ذر بمكّة1.
قال القاضي عياض: وأجَّر نفسه ببغداد لحراسة درب. وكان لمّا رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذَّهب للغزْل، ويعقد الوثائق.
وقال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للقراءة عليه، وفي يده أثَرُ المِطْرقة، إلى أن فشا عِلْمُه، وهُنّيَت الدنيا به، وعظُم جاهه، وأُجْزِلَت صِلاتُه، حتّى مات عن مالٍ وافر. وكان يستعمله الأعيان في التَّرسُّل بينهم، ويقبل جوائزهم. وولي قضاء مواضع من الأندلس.
صنَّف كتاب "المُنْتَقَى" في الفقه، وكتاب "المعاني" في شرح الموطّأ، عشرين مجلّدًا، لم يؤلَّف مثله.
وكان قد صنَّف كتابًا كبيرًا جامعًا بلغ فيه الغاية سمّاه كتاب "الاستيفاء"، وصنَّف كتاب "الإيماء" في الفقه، خمس مجلَّدات، وكتاب "السراج في الخلاف". لم يتمَّم، و"مختصر المختصر" في مسائل المدوَّنة، وكتاب "اختلاف الموطآت"، وكتاب "الجرح والتعديل"، وكتاب "التّسديد إلى معرفة التّوحيد" وكتاب "الإشارة" في أُصُول الفقه، وكتاب "إحكام الفصول في أحكام الأصول"، وكتاب "الحدود"، وكتاب "شرح المنهاج"، وكتاب "سُنن الصّالحين وسُنن العابدين"، وكتاب "سُبُل المهتدين"، وكتاب "فرق الفقهاء"، وكتاب "تفسير القرآن"، لم يتمّه، وكتاب "سُنَن المنهاج وترتيب الحجّاج".
__________
1 ترتيب المدارك "4/ 802".(32/72)
ابن عساكر: حدَّثني أبو محمد الأشِيريّ: سمعتُ أبا جعفر بن غَزْلُون الأُمَويّ الأندلسيّ: سمعتُ أبا الوليد الباجيّ يقول: كان أبي من تجّار القَيْروان من باجة القيروان، وكان يختلف إلى الأندلس ويجلس إلى فقيهٍ بها يقال له: أبو بكر بن سماح، فكان يقول: تُرى أرى لي ابنًا مثلك؟ فلمّا أكثر من ذلك القول قال: إنْ أحببت ذلك فاسكُنْ قُرْطُبة، والزَمْ أبا بكر القَبْريّ، وتزوج بنته، عسى أن تُرزق ولدًا مثلي. ففعل ذلك، فجاءه أبو الوليد، وآخر صار صاحب صلاة، وثالثُ كان من الغزاة.
وقال أبو نصر بن ماكولا: أمّا الباجيّ ذو الوزارتين أبو الوليد سُليمان بن خَلَف القاضي، فقيه، متكلم، أديب، شاعر، رحل وسمع بالعراق، ودَرَس الكلام على القاضي السِّمنانيّ، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي، ودرس وصنَّف.
وكان جليلا رفيع القدر والخطر. توفي بالمرية من الأندلس، وقبره هناك يزار.
وقال أبو علي بن سكَّرة: ما رأيت أحدًا على سمته وهيبته وتوقير مجلسه مثل أبي الوليد الباجي. ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم، فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاة أبي بكر محمد بن المظفر الشامي، وكان ممن صحبه أبو الوليد الباجي قديما، فلما دخلت عليه قلت له: أدام الله عزَّك، هذا ابن شيخ الأندلس. فقال: لعلّه ابن الباجي؟ قلت: نعم. فأقبل عليه.
وقال عياض القاضي: حَصَلت لأبي الوليد من الرؤساء مكانة، وكان مخالطًا لهم، يترسَّل بينهم في مهِم أمورهم، ويقبل جوائزهم. وهم له في ذلك على غاية التِّجلَّة، فكثُرت القالة فيه من أجل هذا.
وولي قضاء مواضع من الأندلس تصغُر عن قدره كأوريُولة وشبهها، فكان يبعث إليها خلفاء، وربما أتاها المرَّة ونحوها.
وكان في أول أمره مقلا حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره، واستئجار نفسه في مقامه ببغداد فيما سمعته مستفيضا لحراسة درب، فكان يستعين بإجارته على نفقته وبضوئه على دراسته، وكان بالأندلس يتولى ضرب ورق الذهب للغزال والأنزال، ويعقد الوثائق.(32/73)
وقد جمع ابنه شعره. وكان ابتدأ كتابا سماه "الاستيفاء" في الفقه، لم يضع منه غير الطهارة في مجلَّدات.
قال عياض: ولما قدم الأندلس وجد بكلام ابن حزم طلاوة إلّا أنّه كان خارجًا عن المذهب، ولم يكن بالأندلس مَن يشتغل بعلمه، فقَصُرت أَلْسِنةُ الفقهاء عن مجادلته وكلامه، واتَّبعه على رأيه جماعةٌ من أهل الجهل، وحلّ بجزيرة مَيُورقَة، فَرَأس فيها، واتَّبعه أهلّها. فلّما قدِم أبو الوليد كلِّم في ذلك، فدخل إلى ابن حزْم وناظَرَه، وشهرَ باطلَه، وله معه مَجَالس كثيرة. ولمّا تكلَّم أبو الوليد في حديث البخاريّ ما تكلَّم من حديث المقاضاة يوم الحُدَيْبية، وقال بظاهر لفظه، أنكرَ عليه الفقيه أبو بكر بن الصّائغ وكفّره بإجازته الكَتْبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الآي، وأنّه تكذيبٌ للقرآن، فتكلَّم في ذلك مَن لم يفهم الكلام، حتّى أطلقوا عليه الفتنة، وقبّحوا عند العامة ما أتى به، وتكلّم به خطباؤهم في الجمع.
وفي ذلك يقول عبد الله بن هند الشّاعر قصيدة منها:
بَرئتُ ممّن شَرَى دُنْيا بآخِرةٍ ... وقال: إنّ رسولَ الله قد كَتَبَا
فصنَّف أبو الوليد في ذلك رسالةً بيَّن فيها أن ذلك لا يقدح في المعجزة، فرجع جماعة بها.
ومن شعره:
قد أفلح القانتُ في جُنْح الدُّجى ... يتلو الكتابَ العربيَّ النيِّرا
له حنينٌ وشهيقٌ وبُكا ... بيلَ من أَدْمُعِهِ تُرَب الثَّرا
إنّا لسفرٌ نبتغي نَيْل المَدَى ... ففي السُّرا بُغْيتُنا لا في الكَرَى
مَن ينصَبِ اللّيلَ يَنَلْ راحتَه ... عند الصّباح يَحْمَدُ القَومُ السُّرا
وله:
إذا كنت أعلمُ عِلْمًا يقينًا ... بأنّ جميعَ حياتي كساعَة
فلِمْ لا أكون ضنينًا بها ... وأجعلها في صلاح وطاعة؟
وله يرثي أمَّه وأخاه رحمهما الله تعالى:
رعى اللهُ قبرَيْن استكانا ببلدةٍ ... هما أسكناها في السّواد من القلب(32/74)
لئن غيِّبا عن ناظري وتبوَّءا ... فؤادي لقد زاد التباعد في القُرب
يقرُّ بعيني أن أزور رباهما ... وألزق مكنون التّرائب بالتُّرب
وأبكي، وأبكي ساكنيها لعلّني ... سأنجد من صحبٍ وأسعد من سحب
فما ساعدت ورق الحمام أخا أسي ... ولا روَّحت ريح الصَّبا عن أخي كرب
ولا استعذبت عيناي بعدهما كرى ... ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب
أحنُّ ويثني اليأس نفسي على الأسى ... كما اضطُّرّ محمولٌ على المركب الصَّعب
وله:
إلهي، قد أفنيت عمري بطالة ... ولم يثنني عنها وعيدٌ ولا وعد
وضيَّعته ستين عامًا أعدُّها ... وما خير عمر إنما خيره العدُّ
وقدمت إخواني وأهلي، فأصبحوا ... تضمُّهم أرضٌ ويسترهم لحد
وجاء نذير الشيب لو كنت سامعًا ... لوعظ نذير ليسٍ من سمعه بدُّ
تلبست بالدنيا، فلمّا تنكرت ... تمنيت زهدًا حين لا يمكن الزُّهد
وتابعت نفسي في هواها وغيهِّا ... وأعرضت عن رشدي وقد أمكن الجهد
ولم آت ما قدمته عن جهالةٍ ... يمكنني عذرٌ ولا ينفع الجحد
وها أنا من ورد الحمام على مدى ... أراقب أن أمضي إليه وأن أعدو
ولم يبق إلّا ساعة إنّ أضعتها ... فما لي في التوفيق نقدٌ ولا وعد
قال ابن سكَّرة: تُوُفّي بالمَريّة لتسع عشرة ليلة خَلَت من رجب.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: باجة بين إشبيلية وشنترين من الأندلس.
وذكر ابن عساكر في تاريخه أنّ أبا الوليد قال: كان أبي من باجة القيروان تاجرًا، كان يختلف إلى الأندلس. وهذا أصحّ.
"حرف العين":
116- العبّاس بن محمد بن عبد الواحد بن العبّاس. أبو الفضل الدّارانيّ1.
__________
1 لم نقف عليه.(32/75)
إصبهانيّ.
تُوُفّي في صَفَر.
117- عبد الله بن عبد العزيز بن الشدّاد.
بغداديّ1.
سمع من: أبي الحَسَن بن رزقُوَيْه، ومحمد بن فارس الغُوريّ.
روى عنه: قاضي المرستان، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.
وكان صدوقًا.
118- عبد الرحمن بن منصور بن رامش الزّاهد.
أبو سعْد الدَّينوريّ، نزيل نَيْسابور2.
سمع: أباه، وأبا طاهر بن مَحْمِش، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، والحاكم أبا عبد الله، جماعة.
وكان ثقة، صوفيًّا، نبيلًا، رئيسًا، كثير الكتابة.
روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وعبد الغافر الفارسيّ.
تُوُفّي في شعبان.
119- عبد القاهر بن عبد الرحمن.
أبو بكر الْجُرْجانيّ3.
قيل: تُوُفّي فيها. وقد مرّ.
120- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
أَبُو القاسم البسريّ البغداديّ البندار4. والد الحسين.
__________
1 لم نقف عليه.
2 انظر السابق.
3 سبق الترجمة له.
4 السير "18/ 402، 403".(32/76)
قال أبو سعْد السَّمعانيّ: كان شيخًا صالحًا، ثقة فهمًا، عالمًا، عُمّر، وحدَّث بالكثير، وانتشرت عنه الرواية.
سمع: أبا طاهر المخلّص، وأبا أحمد الفَرَضيّ، وأبا الحَسَن بن الصَّلت المُجْبر، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ، وأبا عمر بن مهديّ، وجماعة.
وأجاز له: نصر بن أحمد بن الخليل المُرجي، وأبو عبد الله بن بطّة؛ وأبو الحَسَن محمد بن جعفر التّميميّ.
وكان حسن الأخلاق متواضعًا، ذا هَيْبَة ورُواء.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا.
قال أبو سعْد: وسألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ عنه، فأثنى عليه وقال: شيخ ثقة.
وسأله الخطيب عن مولده فقال: في صفر سنة ستًّ وثمانين وثلاثمائة.
روى عنه: أبو الفضل محمد بن المهتديّ بالله، وعليّ بن طِراد الزَّينبيّ، وإسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنديّ، والزاهد يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو منصور موهوب الجواليقيّ، والإمام أبو الحَسَن عليّ بن الزّاغونيَّ، وأخوه أبو بكر محمد، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، والحافظ عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو القاسم سعيد بن البنا، وأبو الفضل محمد بن ناصر، ونصر بن نصر العُكْبريّ، وخلْق كثير.
وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة، والله أعلم، أبو المعالي بن اللّحّاس.
وتُوُفّي في سادس رمضان.
121- عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد0
أَبُو الحَسَن البغداديّ الصابونيّ1.
سمع: أبا عَمْر بن مهديّ.
روى عنه: عَبْد الوهاب الأَنْماطيّ.
وتُوُفّي -رحمه اللَّه- فِي ذي الحِجّة.
__________
1 لم نقف عليه.(32/77)
"حرف القاف":
122- قُتَيْبة بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عثمان بن عبد الله.
أبو رجاء العثماني النَّسفيّ الحافظ، نافلة أبي العبّاس المستغفريّ1.
سمع الكثير بسَمَرْقَنْد، وأملى بها وبنَسَف مجالس كثيرة.
روى عنه: المستغفريّ، وعبد الملك بن القاسم، وطائفة.
قال عمر بن محمد النَّسفيّ في كتاب "القند": مولده سنة تسعٍ وأربعمائة، وهو أوّل من سمعت منه، أملى علينا في صفر من السّنة. وتُوُفّي في ربيع الآخر.
"حرف الميم":
123- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن فارس:
أبو عبد الله الشّيرازيّ الكاغَذِيّ.
كان له دُكّان يبيع فيها الكُتُب ببغداد. وكان ظاهريّ المذهب.
ولد سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة بشيراز. وسمع بها من: عبد الرحمن بن محمد الرّشيقيّ.
وبمصر من: ابن نظيف الفرّاء.
وبدمشق من: الحسين بن محمد الحلبيّ.
روى عنه: أبو الحسين بن الطُّيوريّ، وأبو بكر قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، ومحمد بن القاسم بن المظفّر الشَّهرزوريّ.
قال شجاع بن فارس: كان غير ثقة.
وقال ابن ناصر: سَّمع لنفسه.
وقال أحمد بن خيرون: تُوُفّي في نصف المحرَّم.
وحدَّث عن أبي القاسم بن بِشْران.
قال: وقيل: إنّه حدَّث عن أبي حيّان التّوحيديّ، ولم يكن له عنه ما يعوَّل عليه.
__________
1 انظر السابق.(32/78)
124- محمد بن الحَسَن بن الحسين.
أبو عبد الله المروزيّ المهربندقشائيّ1. نسبة إلى قريةٍ على بريدٍ من مَرْو. كان إمامًا ورعًا، عابدًا، فقيهًا، مُفْتيا.
سمع الكثير، وتفقّه على أبي القفّال.
وسمع منه، ومن مسلم بن الحَسَن الكاتب، ومحمد بن محمود السَّاسجرديّ.
ورحل إلى هَرَاة، فسمع: أبا الفضل عمر بن إبراهيم بن أبي سعد، وأبا أحمد محمد بن محمد المعلّم، وأحمد بن محمد بن الخليل.
روى عنه: محمد بن أبي ناصر المسعوديّ، ومحمد بن أبي النَّجم البزّاز، ومُصْعَب بن عبد الرزّاق، وعبد الواحد بن أبي عليّ الفارْمَذِيّ، وآخرون.
تُوُفّي في سنة أربعٍ. وقيل: سنة ثلاثٍ، وقد ذكرته فيها مختصرًا.
125- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرَّحِيم بن أحمد بن العجوز.
الفقيه أبو عبد الله الكُتَاميّ السَّبتيّ2.
من كبار فُقهاء المالكيّة، وعليه وعلى ابن الثُّريا كانت العُمدة في الفتوى.
أخذ عن أبي إسحاق التُّونسيّ بالقيروان. وكانت بينه وبين المذكور وبين حمّود مطالبات ومشاحنات، جرت عليه منها محنة بسبب كلمةٍ قالها. وذلك أنّه خطب الخطيب، فقال: "وأعدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من عدَّة". فقال النّاس: أخطأ الخطيب، أبدل مكان "قوَّة" "عدَّة". فقال هو: الوزن واحد. فقيل: كَفَر. وأفتى عليه أولئك الفُقهاء بالاستتابة، فسُجن؛ ثمّ أخرج، فرحل إلى فاس، فولاه أمير المؤمنين ابن تاشفين قضاء فاس، فأحسن السيرة.
تفقه عليه أبو عبد الله بن عيسى التّميميّ، والفقيه أبو عبد الله بن عبد الله.
تُوُفّي في رمضان، وخلّف ثلاثة أولاد: عبد الرحمن وهو فقيههم وكبيرهم، وعبد الله، وعبد الرّحيم.
__________
1 معجم البلدان "5/ 233".
2 السير "18/ 551".(32/79)
126- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن جُولة.
أبو بكر الأبْهَريّ الأصبهاني المؤدَّب1.
روى عن: محمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ.
وعنه: مسعود الثّقفيّ.
تُوُفّي في حدود هذا العام.
127- محمد بن محمد بن أحمد.
أبو جعفر الشاماتيّ النَّيسابوريّ الأديب2.
سمع: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبا طاهر بن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلميّ.
روى عنه: الحافظ عبد الغافر وقال: شيخ فاضل، عفيف. تخرَّج به جماعة من المتأدّبين، وله الخَطّ المنسوب المشهور بالحسن، والحظّ الوافر في التّأديب.
وروى عنه: وجيه الشحامي، وأبو نصر الغازي.
أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنا إسماعيل بن عثمان كتابةً: أنا وجيه بن طاهر حضورًا: أنا أبو جعفر محمد بن محمد، أنا أبو عبد الرحمن السُّلميّ: نا جدّي إسماعيل بن نُجَيْد قال: سمعتُ أبا بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيْمَة، وسُئِل هل تكفّر من قال: القرآن مخلوق؟ قال: نعم. ولِمَ لا أُكفّره وقد سمعتُ المُزَنّي، والربيع يقولان: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. وقالا: سمعنا الشّافعيّ يقول: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. ثمّ قال: وما لي لا أكفّره وقد كفّره مالك، وابن أبي ذئب قالا: مَن قال: القرآن مخلوق لا يُستتاب، بل يُقتل، فإنه كفرٌ به وارتداد.
128- محمد بن محمد بن المختار.
أبو الفتح الواسطيّ النَّحويّ3.
أخذ عن: أبي القاسم بن كردان، وأبي الحسن بن دينار.
__________
1 المشتبه "1/ 274".
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 معجم الأدباء "19/ 5".(32/80)
وسمع من: أبي الحَسَن بن عبد السلام بن عبد الملك البزّاز، ومحمد بن أحمد السَّقطيّ.
وكان حَسَن الفَهْم، متيقظًا في الشّهادة.
عاش تسعين سنة. قاله خميس الحَوْزيّ.
129- محمد بن مكّيّ بن أبي طالب بن محمد بن مختار1.
أبو طالب القَيْسيّ القُرْطُبيّ.
روى الكثير عن أبيه، وعن: يونس بن عبد الله القاضي، وأبي القاسم بن الإفليليّ.
وولي إمامة جامع قُرْطُبة، وأحكام السُّوق.
وكان عالمًا، مشكور السّيرة.
توفّي في المرَّم عن ستين سنة.
130- محمد بن يحيى بْن إبراهيم بْن محمد بْن يحيى بن سخْتَوْيه2.
أبو بكر المزكّى النَّيسابوريّ، المحدَّث ابن المحدَّث أبي زكريّا بن المزكّى أبي إِسْحَاق.
قال عبد الغافر الحافظ: هو من أظراف المشايخ الذين لقيناهُم، وأكثرهم سماعًا وأُصوُلًا. جمع لنفسه فبلغ عدد شيوخه خمسمائة شيخ. وكان يروي عن نحوٍ من خمسين من أصحاب الأصَمّ.
وأكثر عَن أبيه، وعن أبي عبد الرحمن السُّلميّ.
وأملى ببغداد، فحضر مجلسه القاضي أبو الطّيّب الطَّبريّ، وحضره أكثر من خمسمائة محبرة. وأوصى لي بعد وفاته بالكُتُب والأجزاء.
وقال أبو سعْد السَّمعانيّ: كان من أظرف الشيوخ وأرغبهم في التّجمُّل والنظافة، وأحفظهم لأيّام المشايخ.
__________
1 الصلة "2/ 552".
2 السير "18/ 398".(32/81)
خرج إلى الحجّ، وبقي بالعراق وغيرها نحوًا من عشرين سنة، ثمّ رجع إلى نيسابور وأملى، ورزق الرواية، ومتِّع بما سمع.
سمع: أبا عبد الله الحاكم، وعبد الله بن يوسف، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، والسُّلميّ.
ثنا عنه: وجيه الشّحّاميّ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وأبو نصر الغازي.
وقال الخطيب في ترجمته في تاريخه: أنا محمد بن يحيى، نا عبد الرحمن بن بالويه: نا محمد بن الحسين القطّان، ثنا قطن، فذكر حديثًا.
وقع لنا عاليًا في مجلس ابن مالويه هذا.
قال السّمعانيّ: كان الخطيب متوقفًا فيه، فإنّه قال: كتبتُ عنه، ثمّ عاد إليّ بعد ستّ سنين، فحدَّث عن الحاكم، ولم يكن حدَّث فيما تقدَّم. ولم نر له أصلًا، وإنما كان يروي من فروع.
وتُوُفّي في رجب وله ثمانون سنة.
"حرف الياء":
131- يعقوب بن أحمد.
أبو سعْد الأديب النَّيسابوريّ1.
من علماء العربيّة.
روى عن: أبي بكر الحِيريّ وغيره.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ.
وتُوُفّي في رمضان.
قال: عبد الغافر فيه: أستاذ البلد في العربيّة واللّغة، كثير التصانيف والتلامذة.
تلمذ للحاكم أبي سعيد بن دُوسْت، وقرأ عليه الأصول.
وقرأ الحديث الكثير على المشايخ. وأفاد أولاده.
__________
1 بغية الوعاة "2/ 347".(32/82)
وحدَّث عن: أبي القاسم السّرّاج، وابن فَنْجُوَيْه، وطبقة أصحاب الأصمّ. ثمّ روى عنه عبد الغافر حديثًا.
132- يونس بن أحمد بن يونس.
أبو الوليد الأزْديّ الطُّليطليّ. ويُعْرَف بابن شَوْقَةْ1.
روى عن: قاسم بن هلال، وأبي عمر بن سُمَيْق، وجماهر بن عبد الرحمن.
وكان خيِّرًا، فاضلًا، زاهدًا، له بصرٌ بالفِقه، وتصرُّف في الحديث، وفيه مروءة.
توفّي بمجريط.
وفيات سنة خمس وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
133- أحمد بن الحَسَن المانْدكانيّ.
أبو نصْر الأصبهاني المعروف بالقاضي2.
تُوُفّي فِي شوّال.
أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن حَسْنَوَيْه.
أبو نصر الخُراسانيّ.
سمع: أبا بكر الحِيريّ، والصَّيرفيّ، والطّرازيّ.
"حرف الباء":
135- بُديل بن عليّ بن بُديل.
أبو محمد البَرْزَنْديّ الشّافعيّ3.
سكن بغداد، وتفقه، وسمع من: أبي الطيّب الطّبريّ، والبرمكيّ.
وكتب الكثير.
__________
1 الصلة "2/ 687".
2 معجم البلدان "5/ 44".
3 معجم البلدان "1/ 382".(32/83)
روى عن: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو العزّ بن كادش، وجماعة.
صالح، خيِّر، من أهلِ السُّنّة.
قال ابن خَيْرُون: مات في جُمَادَى الآخرة.
136- بكر بن محمد بن أبي سهل السُّبعيّ الصُّوفيّ1.
أَبُو عليّ النَّيسابوريّ.
حدَّث ببغداد عن: أَبِي بكر الحيري.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.
وكان جدّه مثريًا فوقف سبع أملاكه، فلذا قيل له: السُّبعيّ.
توفّي ببغداد.
"حرف الجيم":
137- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد القرطبي، ثم الطُّليطليّ2.
أبو أحمد.
قرأ القرآن على أبي المطرِّف عبد الرحمن بن مروان القنازعي، وسمع منه الكثير في سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
وقرأ الأدب على: قاسم بن محمد المرواني، وحكم بن منذر.
وأخذ أيضا عن: أبي محمد بن عباس الخطيب، وغير واحد.
قال ابن بشكوال: وكان ثقة فيما رواه، فاضلا منقبضا. سمع الناس منه. وأخذ عنه أبو علي الغساني، وأنبا عنه محمد بن أحمد الحاكم وقال لي: قتل بداره ظلما ليلة عيد الأضحى، ومولده سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائةٍ.
قلت: هذا من مسندي الأندلس في عصره، وشيخه القنازعيّ قرأ على الأنطاكيّ.
__________
1 الأنساب "7/ 31".
2 الصلة "1/ 129".(32/84)
"حرف الحاء":
138- الحَسَن بنِ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حمُّويه.
أَبُو عليّ النَّيسابوريّ، الصّفّار الفقيه1.
سمع: أبا بكر الحِيريّ.
وعنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحِيريّ، وغيرهما.
مات فِي صَفَر.
139- الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ2.
أبو عَبْد الله بن عريبة الرَّبعيّ، والد أبي القاسم عليّ.
سمع مع ولده من: أبي الحَسَن بن مَخْلَد البزّاز.
روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي.
وتُوُفّي في ذي الحِجّة.
140- حَمْد بن الفضل بن أحمد بن منصور الرّازيّ3.
الفقيه.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
"حرف الخاء":
141- خَلَف بن محمد بن جعفر.
أبو القاسم الأندلسيّ4.
من أهل المريَّة.
حجّ، وأخذَ عن: أبي عِمران الفاسيّ، وأبي ذرّ عبد بن أحمد.
__________
1 لم نقف عليه.
2 انظر السابق.
3 لم نقف عليه.
4 الصلة "1/ 171".(32/85)
روى عنه: أبو جعفر بن أحمد بن سعيد.
ولي خَطَابة بلده. وعاش ثمانين سنة.
"حرف السين":
142- سهل بن عبد الله بن علي.
أبو الحَسَن الغازي الأصبهاني الزّاهد1.
سمع: عثمان بن أحمد البُرْجيّ، ومحمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وابن مَرْدَوَيْه.
روى عنه: مسعود الثقفيّ، وأبو عبد الله الرُّستميّ.
مات في ربيع الآخر.
"حرف العين":
143- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن أبي الحسين.
أبو الحسين النَّيسابوريّ الشّاماتيّ، الأديب2.
سمع من: أبي الحسين بن عبد الغافر، وغيره.
وأدَّب بالعربيّة بنيسابور، وصنَّف شرحًا لديوان المتنّبي، وشرحًا للحماسة، وشرحًا لأمثال أبي عُبَيْد، وغير ذلك.
وتُوُفّي في رابع عشر رجب.
144- عبد الله بْن مفوَّز بْن أَحْمَد بْن مفوَّز3.
أبو محمد المَعَافِريّ الشّاطبيّ.
روى الكثير عن أبي عمر بن عبد البَرّ، ثمّ زهَدَ فيه لصُحْبته السّلطان.
وروى عن: أبي تمّام القُطينيّ، وأبي العبّاس العذْريّ.
وكان رحمه الله مشهورًا بالعِلْم والزُّهد. وهو أخو الحافظ طاهر.
__________
1 لا بأس به.
2 بغية الوعاة "2/ 32".
3 الصلة "1/ 284".(32/86)
145- عبد الوهّاب بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بن محمد بن يحيى بن مَنْدَهْ1.
أبو عمرو العَبْديّ الأصبهاني.
وكان أصغر من أخويه عبد الرحمن، وعُبَيْد الله. وكان حسن الأخلاق، متواضعًا، رحيمًا باليتامى والأرامل، حتّى كان يقال له: أبو الأرامل.
وسمع الكثير من والده، وسمع من: إبراهيم بن خرَّشيد قوله، وأبي عمر بن عبد الوهّاب، وأبي محمد الحسن بن يَوَه.
وسمع بمكّة الحَسَن بن أحمد بن فِراس.
ووقع لنا أجزاء من حديثه. وروى بالإجازة عن أبي الحسين الخفّاف القَنْطَرِيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وجماعة.
وحديثه في هذا الوقت بالإجازة من العوالي.
روى عنه: إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، ومحمد بن طاهر، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأخوه خالد بن عمر، وأبو سعْد البغداديّ، وأحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح الْفيج، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ، وأبو الخير محمد بن أحمد بن الباغْبان، ومسعود بن الحَسَن الثّقفيّ، وآخرون.
ورحل النّاس إليه من البلدان.
قال أبو سعْد السَّمعانيّ: رأيتُ النّاس بإصبهان مُجْمِعِين على الثناء عليه والمدْح له. وكان شيخنا إسماعيل الحافظ كثير الثناء عليه والرواية عنه. وكان يفضله على أخيه أبي القاسم.
وقال ابنه أبو زكريّا يحيى: تُوُفّي ليلة تاسع عشر من جُمَادَى الآخرة.
قرأتُ على فاطمة بنت سُليمان، وغيرها، عن محمود بن إبراهيم، أنّ أبا الخير محمد بن أحمد أخبرهم: أنبا عبد الوهّاب بن محمد: ثنا أبي: سمعتُ الحسين بن عليّ النَّيسابوريّ: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمة يَقُولُ: دخلَ إليَّ جماعة من الكُلابية، وسماهم بأسمائهم، قال: فقلت لهم: إنْ كان كما تزعمون أنّ الله لم يكن
__________
1 السير "13/ 676، 677" طبعة التوفيقية، والبداية والنهاية "12/ 123".(32/87)
خالقًا حتّى خلق الخلْق، فأنتم تزعمون أن الله ليس بالآخر، والله يقول: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: 3] ، وأنّه ليس بمالِك يوم الدين؛ لأنّ يوم الدّين يوم القيامة. فبُهِتوا ورجعوا.
وقال السِّلفيّ: سألت المؤتمن السّاجيّ، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ فقال: لم أرَ شيخًا أَقْعَدَ منه وأثبتَ منه في الحديث. قرأت عليه إلى أن فاضت نفْسُه، ولم أُفْجَع بموت شيخٍ لقيتُهُ كما فجعت به رحمه الله.
146- عليّ بن عبد الملك بن محمد بن عَمْر بن إبراهيم بن بِشْر.
أبو الحَسَن الحفصيّ1.
من أهل إسْتِراباذ. قدِم بغداد، وسمع من: هلال الحفّار، وغيره.
وحدَّث بإسْتِراباذ.
سمع منه: محمد بن طاهر، وعبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ.
وُلِد سنة ستٍّ وتسعين وثلاثمائة.
وتُوُفّي بإسْتِراباذ.
147- عليّ بن هبة الله بن ماكولا2.
الحافظ.
يقال: إنّه قُتِل فيها. وسيأتي في سنة سبعٍ وثمانين.
"حرف القاف":
148- قُتَيْبة بن سعْد بن محمد البقّال3.
تُوُفّي بكَرْمان.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "18/ 569"، والبداية والنهاية "12/ 123".
3 تاريخ بغداد "9/ 114".(32/88)
"حرف الميم":
149- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ.
أبو بكر السَّمْسار1.
إصبهانيّ، مُسْنِد.
سمع: إبراهيم بن خرَّشيد قوله، وجعفر بن محمد بن جعفر، وأبا الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ، وغيرهم.
روى عنه: أبو عبد الله الرُّستميّ، ومسعود الثّقفيّ.
ومات في نصف شوّال عن سنٍّ عالية.
قال السَّمعانيّ: سألتُ أبا سعْد البغداديّ عنه، فأثنى عليه وقال: كان من المعمَّرين. سمعته يقول: وُلدت سنة خمسٍ وسبعين. وعاش مائة سنة.
150- محمد بن أحمد بن علان.
أبو الفرج الكرجي، ثم الكوفيّ2.
حدَّث في هذا العام عَنْ القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عبد الله الهَرَوانيّ الكوفيّ.
روى عنه: أبو الحَسَن بن عَنْبَرة.
151- محمد بن الحَسَن بن عليّ.
كمال المُلْك أبو جعفر ابن الوزير نظام المُلْك3.
كان هُمَام الطَّبع، شجاع القلْب. كانت فيه نَخْوَةُ الوزارة وكِبْرياء المُلْك. جمع خزائن أموالًا، وعدّة غلمان وحجّاب، وأشياء لم تجتمع إلّا لأبيه.
ووَزَرَ مدّةً للأمير تِكِش. وكان أكبر أولاد أبيه، ففجع به.
__________
1 السير "18/ 484".
2 لم نقف عليه.
3 المنتظم "9/ 5".(32/89)
152- محمد بن عَمْر بن محمد بن تانَة.
أبو نصر الأصبهاني الخَرْجانيّ1.
وخَرْجان: محلّة بإصبهان.
تُوُفّي في شهر رجب.
يروي عن: الحافظ ابن مَرْدَوَيْه.
ورحل فسمع من أبي عليّ بن شاذان.
روى عنه: أبو سَعْد أَحْمَد بن محمد البغداديّ، وأبو عبد الله الرُّستميّ، وإسماعيل الحافظ.
وكان عارفًا بالقراءات، ليس بالصّالح.
153- محمد بن فارس بن عليّ.
أبو الوفاء الأصبهاني الصُّوفيّ2.
سمع: أحمد بن موسى بن مَرْدَوَيْه الحافظ.
وعَنْه: الرُّستميّ.
تُوُفّي رحمه الله ليلة عيد الفِطْر.
154- محمد بن المحسن بن الحَسَن بن عليّ.
أبو حرب العَلَويّ الدَّينوريّ النَّسَّابة3.
قال شيرُوَيْه: قدِم علينا من بغداد في جُمَادَى الآخرة سنة خمسٍ وسبعين.
وروى عن: أبيه، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي الطَّيّب الطَّبريّ.
وكان فاضلًا، استمليتُ عليه.
__________
1 المشتبه "1/ 45".
2 لم نقف عليه.
3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.(32/90)
155- مسعود بن عبد الرحمن بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحَسَن.
أبو البركات الحيري النَّيسابوريّ1.
سمع الكثير من جدّه، ومن جماعة.
وتوفّي في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة.
وعنه: عبد الغافر.
156- مسعود بن عليّ.
أبو نصر النَّيسابوريّ المحتسب2.
روى عن: أبي بكر الحِيريّ، والصَّيرفيّ، والطّرازيّ. ومات في رجب.
157- المطهّر بن عبد الواحد بن محمد.
أبو الفضل اليَرْبُوعيّ البُزانيّ الأصبهاني3.
سمع: أبا جعفر بن المَرْزُبان، وأبا عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبا عَمْر بن عبد الوهّاب السُّلميّ، وجماعة، وإبراهيم بن خرَّشيد قوله أيضًا.
وطال عُمره، وأكثر النّاسُ عنه.
ولا أعلم متى تُوُفّي، ولكنّه بقي إلى هذا العصر.
روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والرُّستميّ. وكان رئيسًا كاتبًا.
سأل السّمعانيّ أبا سعْد البغداديّ عنه، فقال: كان والده محدّثًا، أفاده في صِغَره.
"الكنى":
158- أبو عَبْد الله بْن أَبِي الحَسَن بْن أَبِي قدامة4.
القرشيّ الخراسانيّ الأمير. مات في رجب.
__________
1 انظر السابق.
2 لا بأس به.
3 السير "18/ 549".
4 لم نقف عليه.(32/91)
159- الأمير أبو نصر بن ماكولا1.
تُوُفّي فيها في قَوْلٍ، ويُذكر في سنة سبعٍ وثمانين.
وفيات سنة ست وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
160- أحمد بن عليّ.
أوب الخطّاب2.
يُذكر بكنيته.
161- أحمد بن محمد بن الفضل.
الإمام أبو بكر الفَسَويّ3.
تُوُفّي بسَمَرْقَنْد.
ذكره عبد الغافر في تاريخه فقال: الإمام ذو الفنون، دخل نَيْسابور، وحصّل بها العلوم.
قرأ على الإمام زَين الإسلام، يعني القُشَيْريّ، الأُصول. وسمع من أبي بكر الحِيريّ، وأقام بَنْيسابور مدّةً، ثمّ خرج إلى ما وراء النّهر.
وصار من أعيان الأئمّة. وشاع ذِكره، وانتشر عِلمه.
162- إبراهيم بن عليّ بن يوسف.
الشيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ الفيروزآباديّ4.
شيخ الشّافعيّة في زمانه. لقبه: جمال الدّين.
ولد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.
__________
1 سبق الترجمة له.
2 سبق الترجمة له.
3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.
4 انظر: السير "13/ 7-10"، طبقات الشافعية "3/ 88" للسبكي.(32/92)
تفقَّه بشيراز على: أبي عبد الله البَيْضاويّ، وعلى: أبي أحمد عبد الوهّاب بن رامين.
وقدِم البصرة فأخذ عن الخَرَزَيّ. ودخل بغداد في شوّال سنة خمس عشرة وأربعمائة، فلازمَ القاضي أبا الطَّيِّب وصحبَه، وبرع في الفقه حتّى نابَ عن أبي الطَّيِّب، ورتَّبه مُعِيدًا في حلقته. وصار أنظر أهل زمانه. وكان يُضرب به المَثَل في الفصاحة.
وسمع من: أبي عليّ بن شاذان، وأبي الفَرَج محمد بن عُبَيْد الله الخَرْجُوشيّ. وأبي بكر البَرْقانيّ، وغيرهم.
وحدَّث ببغداد، وهَمَذَان، ونَيْسابور1.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الوليد الباجيّ، وأبو عبد الله الحُمَيْدِيّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو البدر إبراهيم بن محمد الكَرْخيّ، ويوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بن محمد الطُّوسيّ، وأَبُو الحسن بن عبد السّلام، وطوائف سواهم.
وقرأت بخطّ ابن الأنْماطيّ أنّه وجد بخطٍّ قال: أبو عليّ الحَسَن بن أحمد الكَرْمانيّ الصُّوفي، يعني الّذي غسّل الشّيخ أبا إسحاق، سمعته يقول: ولدت سنة تسعين وثلاثمائة، ودخلتُ بغداد سنة ثماني عشرة وله ثمانٍ وعشرون سنة. ومات لم يخلّف دِرهمًا، ولا عليه درهم. وكذلك كان يقضي عُمْرَه.
قال أبو سعْد السَّمعانيّ: أبو إسحاق إمام الشّافعيّة، والمدرّس بالنّظاميّة، شيخ الدّهر، وإمام العصر. رحل النّاس إليه من البلاد، وقصدوه من كلّ الجوانب، وتفرَّد بالعلم الوافر مع السيرة الجميلة، والطريقة المَرْضيّة. جاءته الدّنيا صاغرة، فأباها واقتصر على خشونة العَيْش أيّام حياته. صنَّف في الأصول، والفروع، والخلاف، والمذهب. وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا، ظريفًا، كريمًا، جوادًا، طلْق الوجه، دائم البشْر، مليح المجاورة.
تفقَّه بفارس على أبي الفرج البيضاويّ، وبالبصرة على الخرزي.
__________
1 السير "13/ 7".(32/93)
إلى أن قال: حدَّثنا عنه جماعة كثيرة.
وحُكي عنه أنّه قال: كنتُ نائمًا ببغداد، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ أبو بكر وعمر، فقلت: يا رسول الله بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الأخبار، فأريد أن أسمع منك خبرًا أتشرَّف به في الدنيا، وأجعله ذخيرةً للآخرة.
فقال: يا شيخ، وسمّاني شيخًا وخاطبني به، وكان يفرح بهذا. ثمّ قال: قُلْ عنّي: مَن أراد السّلامة فلْيَطْلُبْها في سلامة غيره1.
رواها السّمعانيّ، عن أبي القاسم حَيْدَر بن محمود الشّيرازيّ بمرْو، أنّه سمع ذلك من أبي إسحاق.
وورد أنّ أبا إسحاق كان يمشي، وإذا كلبٌ، فقال فقيهٌ معه: اخسأ. فنهاه الشّيخ، وقال: لِمَ طَرَدْتَه عن الطريق؟ أما علِمت أنّ الطريق بيني وبينه مشتركٌ؟
وعنه قال: كنتُ أشتهي ثَرِيدًا بماء باقِلّاء أيّام اشتغالي، فما صحَّ لي أكلةٌ، لاشتغالي بالدّرس، وأخْذي النَّوبة2.
قال السَّمعانيّ: قال أصحابنا ببغداد: كان الشّيخ أبو إسحاق إذا بَقِي مدّةً لا يأكل شيئًا صعِد إلى النَّصريّة، فله فيها صديق، فكان يثرد له رغيفًا، ويشربه بماء الباقِلّاء. فربما صعِد إليه، وقد فرغ، فيقول أبو إسحاق: {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: 12] . ويرجع3.
قال أبو بكر الشّاشيّ: الشّيخ أبو إسحاق. حجة الله تعالى على أئمّة العصر.
وقال الموفّق الحنفيّ: أبو إسحاق، أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء.
قال السَّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عليّ الخطيب: سمعتُ محمد بن يوسف الفاشانيّ بمرْو، وسمعت محمد بن محمد بن هانئ القاضي يقول: إمامان ما اتَّفق لهما الحَجّ: أبو إسحاق، والقاضي أبو عبد الله الدّامغانيّ. أما أَبُو إسحاق فكان فقيرًا، ولكن لو أيّدوه لحملوه على الأعناق، والدّامغانيّ، لو أراد الحجّ على السُّندس والإسْتَبْرَق لأَمْكَنَه.
__________
1 السير "13/ 8".
2 السابق.
3 السير "13/ 8، 9" طبعة التوفيقية.(32/94)
قال: وسمعتُ القاضي أبا بكر محمد بن القاسم الشَّهرزوريّ بالمَوْصل يقول: كان شيخنا أبو إسحاق إذا أخطأ أحدُ بين يديه قال: أيُّ سكتةٍ فاتَتْك وكان يتوسوس.
سمعتُ عبد الوهّاب الأنماطيّ يقول: كان أبو إسحاق يتوضأ في الشّطّ، وكان يشك في غَسْل وجهه، حتّى غسّله مرات، فقال له رجل: يا شيخ، أما تستحيي، تغسل وجهك كذا وكذا نَوْبَة؟ فقال له: لو صحّ لي الثلاث ما زدتّ عليها.
قال السّمعانيّ: دخل أبو إسحاق يومًا مسجدًا ليتغذّى على عادته، فنسي دينارًا معه وخرج، ثمّ ذكر، فرجع، فوجده، ففكّر في نفسه وقال: ربّما وقع هذا الدّينار من غيري، فلم يأخذه وذهب1.
وبَلَغَنَا أنّ طاهرًا النَّيسابوري خرَّج للشّيخ أبي إسحاق جزءًا، فكان يذكر في أوّل الحديث: أنا أبو عليّ بن شاذان، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أحمد البزّاز، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أبي بكر الفارسي، فقال: من هذا؟ قال: هو ابن شاذان، فقال: ما أريد هذا الجزء. هذا فيه تدليس، والتّدليس أخو الكذِب2.
وقال القاضي أبو بكر الأنصاريّ: أتيت الشَّيخ أبا إسحاق بفُتْيا في الطّريق، فناولته، فأخذ قلم خبّازٍ ودَوَاته، وكتب لي في الطريق، ومسح القلم في ثوبه3.
قال السّمعانيّ: سمعتُ جماعة يقولون: لمّا قدِم أبو إسحاق رسولًا إلى نَيْسابور، تلقّاه النّاسُ لمّا قدِم، وحَمَلَ الإمام أبو المعالي الْجُوَيْنيّ غاشيةَ فرسِهِ، ومشى بين يديه، وقال: أنا أفتخر بهذا.
وكان عامّة المدرّسين بالعراق والجبال تلامذتَه وأشياعَه وأتباعه، وكفاهم بذلك فَخْرًا. وكان يُنِشد الأشعار المليحة ويُوردُها، ويحفظ منها الكثير.
وصنَّف "المهذّب" في المذهب، و"التّنبيه"، و"اللُّمع" في أصول الفقه، و"شرح اللُّمع"، و"المعونة في الجدل"، و"الملخَّص في أصول الفقه"، وغير ذلك.
وعنه قال: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه، أن يكون الرجل عالمًا، ولا يكون عاملًا.
__________
1 السير "13/ 8، 9" طبعة التوفيقية.
2 السابق "13/ 9".
3 السابق.(32/95)
ثمّ أنشد لنفسه:
علِمْتَ ما حلّل المَوْلَى وحرَّمه ... فاعملْ بعِلْمك، إنّ العِلَم للعمل
وقال: الجاهل بالعلم يقتدي، فإذا كان العالِم لا يعمل، فالجاهل ما يرجو من نفسه؟ فالله الله يا أولادي، نعوذ بالله من علم يصير حجَّةً علينا.
وقيل: إنّ أبا نصر عبد الرحيم بن القُشَيْريّ جلس بجنْب الشّيخ أبي إسحاق، فأحسّ بثِقَلٍ في كُمّه، فقال: ما هذا يا سيدنا؟ قال: قُرْصي الملّاح. وكان يحملهما في كُمْه طَرْحًا للتكلُّف.
قال السّمعانيّ: رأيتُ بخطّ أبي إسحاق -رحمه الله- في رُقْعة: "بسم الله الرحمن الرحيم، نسخةُ ما رآه الشّيخ السّيّد أبو محمد عبد الله بن الحَسَن بن نصْر المَزْيَدِيّ، أبقاه الله. رأيتُ في سنة ثمانٍ وستّين وأربعمائة ليلة جُمعة أبا إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآباديّ -طوَّل الله عُمره- في منامي يطير مع أصحابه، وأنا معهم استعظامًا لتلك الحال والرؤية. فكنتُ في هذه الفكرة، إذ تلقى الشّيخ ملكٌ، وسلَّم عليه، عن الرّبّ تبارك وتعالى، وقال له: إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام ويقول: ما الذي تدرَّس لأصحابك؟ فقال له الشّيخ: أدرَّس ما نُقِل عن صاحب الشَّرع.
فقال له المَلَك: فاقرأ عليَّ شيئًا لأسمعه.
فقرأ عليه الشّيخ مسألة لا أذكرها، فاستمع إليه المَلَك وانصرف، وأخذ الشّيخ يطير، وأصحابه معه. فرجع ذلك المَلَك بعد ساعة، وقال للشيخ: إنّ الله يقول: الحقُّ ما أنت عليه وأصحابك، فادخُلِ الجنة معهم1.
وقال الشّيخ أبو إسحاق: كنت أعيدُ كلّ قياسٍ ألف مرة، فإذا فرغت، أخذتُ قياسًا آخر على هذا، وكنتُ أُعيد كلَّ درسٍ مائة مرة، فإذا كان في المسألة بيتُ يُستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت.
كان الوزير عميد الدّولة بن جهير كثيرًا ما يقول: الإمام أبو إسحاق وحيد عصره، وفريد دهره، ومستجاب الدّعوة.
وقال السّمعانيّ: لمّا خرج أبو إسحاق إلى نَيْسابور، وخرج في صحبته جماعةٌ من
__________
1 السير "13/ 10".(32/96)
تلامذته، كانوا أئمّة الدّنيا، كأبي بكر الشاشيّ، وأبي عبد الله الطَّبريّ، وأبي مُعاذ الأندلسيّ، والقاضي عليّ المَيَانِجيّ، وأبي الفضل بن فتيان قاضي البصرة، وأبي الحَسَن الآمدي، وأبي القاسم الزَّنجانيّ، وأبي عليّ الفارقيّ، وأبي العبّاس بن الرُّطبيّ1.
وقال أبو عَبْد الله بْن النّجّار في تاريخه: وُلِد، يعني أبا إسحاق، بفيروزآباد، بُلَيدة بفارس، ونشأ بها. ودخل شِيراز. وقرأ الفقه على أبي عبد الله البَيْضاويّ، وابن رامين. وقرأ على أبي القاسم الدّراكيّ، وقرأ الدّارَكيّ على المَرْوَزِيّ صاحب ابن سُرَيْج.
وقرأ أبو إسحاق أيضًا على الطَّبريّ، عن الماسَرْجِسيّ، عن المَرْوَزِيّ.
وقرأ أبو إسحاق أيضًا على الزَّجاجيّ، وقرأ الزَّجّاجيّ على ابن القاصّ صاحب ابن سُرَيْج.
وقرأ أصول الكلام على أبي حاتم القَزْوينيّ، صاحب أبي بكر بن الباقلَّانيّ.
وكان أبو إسحاق خطُّه في غاية الرَّداءة.
أنبأني الخشوعي، عن أبي بكر الطُّرطوشيّ قال: أخبرني أبو العبّاس الْجُرْجانيّ القاضي بالبصرة قال: كان أبو إسحاق لا يملك شيئًا من الدنيا، فبلغ به الفقر حتّى كان لا يجد قُوتًا ولا مَلْبَسًا. ولقد كنّا نأتيه وهو ساكن في القطيعة، فيقوم لنا نصف قَوْمة، كي لا يظهر منه شيءٌ من العُرْي. وكنتُ أمشي معه، فتعلَّق بنا باقلَّانيّ وقال: يا شيخ، أفقرتني وكسرتني، وأكلت رأس مالي، ادفع إليَّ ما لي عندك.
فقلنا: وكم لك عنده؟ قال: أظنّه قال: حبَّتان من ذهب أو حبَّتان ونصف2.
وقال أبو بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة: سمعتُ بعض أصحاب الشّيخ أبي إسحاق يقول: رأيتُ الشّيخ كان يركع رَكْعَتين عند فراغ كلّ فصل من المهذَّب.
قال: قرأتُ بخطّ أبي الفُتُوح يوسف بن محمد بن مقلّد الدّمشقيّ: سمعتُ الوزير ابن هُبَيْرة: سمعتُ أبا الحسن محمد بن القاضي أبي يَعْلَى يقول: جاء رجل من ميَّافارقين إلى والدي ليتفقه عليه، فقال: أنت شافعيٌّ، وأهل بلدك شافعية، فكيف تشتغل بمذهب أحمد؟ قال: قد أحببته لأجلك.
__________
1 السابق.
2 السابق "13/ 11".(32/97)
فقال: يا ولدي ما هو مصلحة. تبقى وحدك في بلدك ما لكَ من تذاكره، ولا تذكر له درسًا، وتقع بينكم خصومات، وأنت وحيد لا يطيب عَيْشُك.
فقال: إنّما أحببته وطلبته لِمَا ظهر من دينك وعِلْمك.
قال: أنا أدلّك على من هو خيرٌ مني، الشّيخ أبو إسحاق.
فقال: يا سيدي، إنّي لا أعرفه.
فقال: أنا أمضي معك إليه.
فقام معه وحمله إليه، فخرج الشّيخ أبو إسحاق إليه، واحترمه وعظّمه، وبالغ.
وكان الوزير نظام المُلَك يُثني على الشّيخ أبي إسحاق ويقول: كيف لنا مع رجلٍ لا يفرَّق بيني وبين بهروز الفرّاش في المخاطبة؟ لمّا التقيتُ به قال: بارك الله فيك. وقال لبهروز لما صبّ عليه الماء: بارك الله فيك.
وقال الفقيه أبو الحَسَن محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ: حكى أبي قال: حضرتُ مع قاضي القضاة أبي الحَسَن الماوَرْديّ عزاء النّابتيّ قبل سنة أربعين، فتكلَّم الشّيخ أبو إسحاق وأجاد، فلمّا خرجنا قال الماوَرْديّ: ما رأيت كأبي إسحاق، لو رآه الشّافعيّ لتجمَّل به1.
أَنَا ابن الخلال، أَنَا جَعْفَر، أَنَا السِّلفيّ قال: سألت شجاعا الذُّهليّ، عن أبي إسحاق فقال: إمام الشّافعيّة، والمقدَّم عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة، ورِعًا، صالحًا، عالمًا بمعرفة الخلاف، عِلْمًا لا يُشاركه فيه أحد.
أنبأنا عن زَيْن الأُمَناء: أنا الصائن هبة الله بن الحَسَن، أنا محمد بن مرزوق الزَّعفرانيّ: أنشدنا أبو الحَسَن عليّ بن فضّال القَيْروانيّ لنفسه في "التَّنبيه"، للإمام أبي إسحاق:
أكتابُ "التّنبيه" ذا، أمْ ريَاضُ ... أم لآلي فَلَوْنُهُن البَياضُ
جمع الحسن والمسائل طرَّا ... دخلت تحت كله الأبعاض
كلُّ لفظٍ يروق من تحت معنى ... جرية الماء تحته الرَّضراض
قلَّ طولًا، وضاق عرضًا مداه ... وهو من بعد ذا الطّوال العراض
__________
1 السير "13/ 11".(32/98)
يدع العالم المسمَّى إمامًا ... كفتاةٍ أتى عليها المخاض
أيُّها المدعون ما ليس فيهم ... ليس كالدُّرّ في العقود الحضاض
كلُّ نعمى عليَّ يا ابن عليّ ... أنا إلا بشكرها نهاض
ما تعدَّاك من ثنائي محالُ ... لَيْسَ في غير جوهرٍ أعراض
أنت طودٌ لكنه لا يسامى، ... أنت بحرٌ، لكنه لا يخاض
فأبق في غبطةٍ وأنت عزيز ... ما تعدى عن المنال انخفاض
وقال أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك الهَمَذانيّ: نَدَب المقتدي بالله الشّيخ أبا إسحاق الشيرازيّ للخروج في رسالةٍ إلى المعسكر، فتوجه في ذي الحِجّة سنة خمسٍ وسبعين، وكان في صُحْبَته جماعةٌ من أصحابه، فيهم الشاشيّ، والطَّبريّ، وابن فتيان، وإنّه عند وصوله إلى بلاد العجم كان يخرج إليه أهلُها بنسائهم وأولادهم، فيمسحون أردانه1، ويأخذون تراب نَعْلَيْه يستشْفُون به.
وحدَّثني القائد كامل قال: كان في الصُّحبة جمال الدّولة عفيف، ولمّا وصلنا إلى ساوة خرج بياضها وفُقهاؤها وشهودُها، وكلّهم أصحاب الشّيخ، فخدموه. وكان كلّ واحدٍ يسأله أن يحضر في بيته، ويتبرَّك بدخوله وأكْله لمّا يحضره.
قال: وخرج جميع مَن كان في البلد من أصحاب الصِّناعات، ومعهم من الذي يبيعونه طُرَفًا ينثرونه على محفَّته. وخرج الخبازون، ونثروا الخبز، وهو ينهاهم ويدفعهم من حَوَاليه ولا ينتهون.
وخرج من بعدهم أصحاب الفاكهة والحلْواء وغيرهم، وفعلوا كفِعْلهم. ولمّا بلغت النَّوبة إلى الأساكفة خرجوا، وقد عملوا مداساتٍ لطافًا للصَّغار ونثروها، وجعلت تقع على رؤوس النّاس، والشيخ أبو إسحاق يتعجَّب.
فلمّا انتهوا بَدَأ يُداعبنا ويقول: رأيتم النّثار ما أحسنه، أيّ شيء وصل إليكم منه؟ فنقول لعْلمِنا أنّ ذلك يعجبه: يا سيدي؟ وأنت أيّ شيء كان حظَّك منه؟ فيقول: أنا غطّيت نفسي بالمحفّة2.
__________
1 أردانه: الرُّدن: الكم، وأردن القميص ونحوه: جعل له ردنا، والجمع: أردان، وأردنة، المعجم الوجيز "ص/ 261".
2 السير "13/ 12"، والمحفة: الهودج الذي لا قبة له.(32/99)
وخرج إليه من النِسْوة الصُّوفيات جماعة، وما منهن إلّا من بيدها سُبْحة، وألقوا الجميع إلى المحفة، وكان قصدهن أنْ يلمسها بيده، فتحصل لهنّ البَرَكَة، فجعل يمرَّها على بَدَنه وجسده، وتبرَّك بهنّ، ويقصد في حقّهنّ ما قَصَدْن في حقّه1.
وقال شيرُوَيْه الدَّيلميّ في تاريخ هَمَذان: أبو إسحاق الشيرازيّ إمام عصره، قدِم علينا رسولًا من أمير المؤمنين إلى السّلطان ملِكْشاه. سمعتُ منه ببغداد، وهَمَذان؛ وكان ثقة، فقيهًا، زاهدًا في الدّنيا. على الحقيق أوحد زمانه2.
قال خطيب المَوْصل: حدَّثني والدي قال: توجَّهت من الموصل سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة إلى بغداد، قاصدًا للشّيخ أبي إسحاق، فلمّا حضرتُ عنده بباب المراتب، بالمسجد الذي يدرّس فيه رحّب بي، وقال: من أين أنت؟ قلت: من المَوْصل.
قال مرحبًا: أنت بلدييّ.
فقلت: يا سيّدنا، أنت من فَيْروزاباد، وأنا من المَوْصل! فقال: أما جَمَعتنا سفينةُ نوحٍ عليه السلام؟ وشاهدتُ من حُسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبَّب إليَّ لزومه، فصحبتُه إلى أن تُوُفّي.
قلت: وقد ذكره ابن عساكر في طبقات الأشعرية.
ثمّ أورد ما صورته قال: وجدتُ بخطّ بعض الثقات: ما قول السّادة الفُقّهاء في قومٍ اجتمعوا على لعن الأشعريّة وتكفيرهم؟ وما الّذي يجب عليهم؟ أفْتُونا.
فأجاب جماعة، فمن ذلك: الأشعريّة أعيان السُّنّة انتصبوا للرّدّ على المبتدعة من القدريّة والرّافضة وغيرهم. فَمَن طعن فيهم فقد طعن على أهل السُّنّة، ويجب على النّاظر في أمر المسلمين تأديبه بما يرتدع به كلّ أحدٍ. وكتبَ إبراهيم بن عليّ الفَيْروزاباديّ.
وقال: خرجت إلى خُراسان، فما دخلت بلدةً ولا قريةً إلّا كان قاضيها، أو خطيبها، أو مُفْتيها، تلميذي، أو من أصحابي.
__________
1 هذه أعمال لا أصل لها، وكل عمل ليس عليه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مردود على صاحبه.
2 السير "13/ 12" طبعة التوفيقية.(32/100)
ومن شعره:
أُحِبّ الكأسَ من غير المُدام ... وألهو بالحسان بلا حرام
وما حبّي لفاحشةٍ ولكنْ ... رأيتُ الحبّ أخلاق الكرامِ
وله:
سألت النّاسَ عن خِلّ وفيٍّ ... فقالوا: ما إلى هذا سبيلُ
تمسكْ إنْ ظفِرت بودّ حُرٍّ ... فإنّ الحرَّ في الدّنيا قليلُ
وله:
حكيم يرى أنّ النّجومَ حقيقةٌ ... ويذهب في أحكامها كلَّ مَذْهبِ
يُخبّر عن أفلاكها وبُرُوجِها ... وما عند علمٌ بما في المغيَّب
ولسَلار العقبيّ:
كفاني إذا عنّ الحوادث صارمٌ ... يُنيلُني المأمول في الإثْر والأَثَرْ
يُقدّ ويغري في اللّقاء كأنّه ... لسان أبي إسحاق في مجلس النّظرْ
ولعاصم بن الحَسَن فيه:
تراه من الذّكاء نحيفَ الجسم ... عليه من توقُّده دليلُ
إذا كان الفتى المَعَالي ... فليس يَضيره الجسمُ النَّحيل
ولأبي القاسم عبد الله بن ناقِيا يرثي أبا إسحاق، رحمه الله تعالى:
أجرى المدامع بالدّم المهراق ... خطبٌ أقيام قيامةَ الآماقِ
خطبٌ شَجَا منّا القلوبَ بلوعةٍ ... بين التَّراقي ما لها من رَاق
ما للّيالي لا تألّف شملّها ... بعد ابن بَجْدَتها أبي إسحاقِ
إنْ قيل: مات، فلم يَمُتْ من ذِكْرُهُ ... حيٌّ على مرّ اللّيالي باقي
تُوُفّي ليلة الحادي والعشرين من جُمَادَى الآخرة، ودُفن من الغد، وأحضِر إلى دار المقتدي بالله أمير المؤمنين، فصلّى عليه، ودُفن بباب أبْرز. وجلس أصحابه للعزاء بالمدرسة النظاميّة، وكان الذي صلّى عليه صاحبه أبو عبد الله الطَّبريّ. ولمّا انقضى(32/101)
العزاء رتَّب مؤيَّد الدّولة ابن نظام المُلْك أبا سعد المتولّي مدرّسًا، فلمّا وصل الخبر إلى نظام المُلْك، كتب بإنكار ذلك، وقال: كان من الواجب أن تُغلق المدرسة سنةً من أجل الشّيخ. وعابَ على من تولّى مكانه، وأمر أنّ يدرس الشّيخ أبو نصر عبد السّيّد بن الصّبّاغ مكانه.
"حرف الطاء":
163- طاهر بن الحسين بن أحمد بن عبد الله1.
أبو الوفا القوّاس البغدادي، الفقيه الحنبليّ الزّاهد، من أهل باب البصرة.
ولد سنة تسعين وثلاثمائة.
وسمع من: هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وأبي سهل محمود العُكْبريّ، وجماعة.
روى عنه: أبو محمد، وأبو القاسم ابنا السَّمرقنديّ، وأبو البركات عبد الوهّاب الأنماطيّ، وعليّ بن طراد، وآخرون.
ذكره السَّمعانيّ فقال: من أعيان فقهاء الحنابلة وزُهّادهم، أجَهَد نفسه في الطاعة والعبادة، واعتكف في بيت الله تعالى خمسين سنة. وكان يواصل ليله بنهاره. وكان قارئًا للقرآن، فقيهًا، ورعًا، خشن العيش. كانت له حلقة بجامع المنصور.
قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: سأله رجلٌ في حلقته عن مسألةٍ، فقال: لا أجيبك حتّى تقوم وتخلع سراويلك وتتكشّف. كان قد رآه كذلك في الحمام.
فقال: هذا لا يمكن، وأنا أستحيي.
فقال: يا فلان، فهؤلاء بعينهم هم الذين رأوك في الحمّام بلا مِئْزر، إيش الفرق بين هنا وبين الحمام؟ فخجل. وذكر الشّيخ فصلًا في النَّهي عن كشف العورة.
تُوُفّي يوم الجمعة سابع عشر شعبان.
__________
1 السير "18/ 452"، البداية والنهاية "12/ 125".(32/102)
"حرف العين":
164- العباس بن أحمد بن محمد بن العبّاس بن بكران.
أبو الفضل الهاشميّ البغداديّ1.
روى عنه: الحُسين بن الحَسَن الغضائريّ.
روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
165- عَبْد الله بْن إبراهيم بْن عَبْد الله.
أبو حكيم الخبريّ الفقيه الفرضيّ2.
تفقه على: أبي إسحاق الشّيرازيّ.
وبرع في الفرائض، والحساب، والعربيّة، واللّغة.
وسمع من: الحسين بن حبيب القادِسيّ، والحسين بن عليّ الجوهريّ.
وصنَّف الفرائض وشرح كتاب "الحماسة"، وديوان البُحْتُريّ، و"ديوان المتنبِّي"، و"ديوان الشريف الرَّضيّ". وكان متدينًا صدوقًا.
روى عنه: ابن بنته أبو الفضل محمد بن ناصرن وأبو العزّ بن كاذش.
قال السِّلفيّ: سألت الذُّهليّ، عن أبي حكيم فقال: كان يسمع معَنا من الجوهريّ ومن بعده. وكان قيِّمًا بعِلم الفرائض، وله فيها مصَّنف، وله معرفة بالآداب صالحة.
قال ابن ناصر كان جدّي أبو حكيم يكتب المصاحف، فبينما هو يومًا قاعدًا مستندًا يكتب، وَضَع القلم واستند، وقال: والله إنّ هذا موت مُهنّأ، موتُ طيّب. ثمّ مات.
ورّخ أبو طاهر الكرجيّ موته في ذي الحجّة.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "18/ 558"، طبقات الشافعية "3/ 203" للسبكي.(32/103)
166- عبد الله بن عطاء بن عبد الله بن أبي منصور بن الحَسَن بن إبراهيم.
أبو محمد الإبراهيميّ الهَرَويّ1.
أحد من عني بهذا الشأن.
وسمع: أبا عَمْر عبد الواحد المليحيّ، وجمال الإسلام أبا الحَسَن الدّاووديّ، وأبا إسماعيل شيخ الإسلام.
ورحل فسمع ببغداد من: أبي الحَسَن بن النَّقُّور، وعبد العزيز بن السُّكَّريّ، وهذه الطبقة. وسمع بإصبهان، ونَيْسابور.
روى عنه زاهر الشّحّاميّ، وأبو بكر سِبْط الخيّاط، وأبو بكر بن الزّاغونيّ، وأبو المعالي النّحّاس، وغيرهم.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: كان أحد من يفهم الحديث ويحفظ، صحيح النَّقل، حسن الفهم، سريع الكتابة، حسن التّذكير.
قال هبة الله السَّقطيّ: كان يصحف في الأسماء والمُتُون، ويُصرّ على غَلَطه، وكان متهافتًا، تظهر على لسانه الأباطيل، ويركِّب الأسانيد، فمن ذلك ما ثنا قال: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينوريّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَنْبَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ زِيَادٍ الأصْبَهَانِيُّ، نا الحسين بْنُ مَحْمُودِ بْنِ وَكِيعٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَدُّوا الزَّكاة وتحرُّوا بِهَا أَهْلَ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ أَبَرُّ وَأَتْقَى"2.
قال السّمعانيّ: محمد بن موسى، وشيخه، مجهولان، وهو موضوع لا شكّ فيه.
تُوُفّي الإبراهيميّ راجعًا من الحجّ بقرب العراق سامحه الله.
وروى عنه وجيه الشّحّاميّ.
قال خميس الحَوْزيّ: رأيته ببغداد ملتحقًا بأصحابنا، متخصّصًا بالحنابلة، يخرَّج لهم أحاديث الصِّفات وأضْدادُه يقولون: هو يضعها، وما علمت ذلك فيه.
__________
1 الميزان "3/ 119".
2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "2/ 150" في الموضوعات وانظر: الفوائد المجموعة "60"، وتنزيه الشريعة "2/ 128"، اللآلئ المصنوعة "2/ 37"، تذكرة الموضوعات "60" للفتني.(32/104)
167- عبد الله بن علي بن بحر1.
أبو بكر.
توفّي ببوسنج برجب.
168- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عيسى بن زياد.
أبو عيسى الأصبهاني التّانيّ، الأديب2.
كان يشبه الصّدر الأوّل.
عنده "جزء لوين"، و"غريب القرآن" للقُتبيّ.
مات في شعبان سنة ستٍّ.
وُجِد سماعُه في آخر عُمره.
روى عنه: مسعود الثقفيّ، وغيره.
169- عَبْد الرَّحْمَن بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عاصم3.
أبو عطاء الهَرَويّ الجوهريّ.
روى عن: محمد بن محمد بن جعفر المالينيّ، وأبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ، وأبي حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب، وجماعة.
روى عنه أبو الوقت السِّجزيّ، ووجيه، وعبد الجليل بن أبي سعْد الهَرَويّ.
تُوُفّي في شعبان.
قال السّمعانيّ: كان شيخًا ثقه، صدوقًا. تفرَّد عن أبي مُعاذ الشّاة، والمالينيّ.
سمع منه جماعة كثيرة.
ولد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة. حدَّثنا عنه أحمد بن أبي سهل الصوفي، وعبد الواسع بن أميرك.
__________
1، 2 لم نقف عليه.
3 السير "8/ 494".(32/105)
170- عبد السّميع بن عبد الودود بن عبد المتكبّر بن هارون بن عُبَيْد الله بن المهتدي بالله1.
أبو أحمد الهاشميّ، أخو الحَسَن.
سمع: أبا الحسن بن بِشْران.
سمع منه: الحُمَيْدِيّ، وشُجاع الذُّهليّ.
قال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: سألته عن مولده فقال: سنة أربعٍ وأربعمائة.
مات في جُمَادَى الأولى سنة 76.
171- عبد الوهّاب بن أحمد بن جَلبَة.
الفقيه أبو الفتح الخزاز البغداديّ ثمّ الحرانيّ، الحنبليّ2. مفتي حَران وعالمها.
تفقه على القاضي أبي يَعْلَى ولازمه، وكتبَ عنه تصانيفه.
وسمع من: أبي بكر البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي عليّ الحَسَن بن شهاب العُكْبريّ.
سمع منه: هبة الله الشّيرازيّ، ومكّيّ الرُّميليّ، والرَّحّالة بحران. وقُتِل شهيدًا مظلومًا.
قال أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى: ولي أبو الفتح بن جَلَبة قضاء حران من قبل الوالد، وكتب به سجِلًا، وكان ناشرًا للمذهب، داعيا له في تلك الدّيار. وكان مفتيها وواعظها وخطيبها وقاضيها.
قتل -رحمه الله- على يد قُريش العُقَيْليّ في سنة ستٍّ وسبعين، عند اضطراب أهل حرّان على ابن قُريش، لما أظهر سبَّ السَّلف -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم.
قلتُ: جاء في حديث ماكِسِين من "أربعين السِّلفيّ". وقال السِّلفيّ: أنا أحمد بن محمد حامد الحرّانيّ قاضي ماكسين، أنبا عبد الوهّاب، فذكر حديثًا.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "18/ 560"، ذيل طبقات الحنابلة "1/ 42-44".(32/106)
172- عتيق:
أبو بكر المغربيّ الواعظ المعروف بالبكْريّ1.
كان من غُلاة الأشاعرة ودُعاتهم. هاجر إلى باب نظام الملك، فأنفق عليه، وكتبَ له كتابًا بأنْ يجلس بجوامع بغداد، فقدم وجلس للوعظ، وذكر ما يُلْطخ به الحنابلة من التّجسيم، وهاجت الفِتَن ببغداد، وكفَّر بعضهم بعضًا. ولمّا همَّ بالجلوس بجامع المنصور، قال نقيب النُّقباء: اصبروا لي حتّى أنقل من هذه النّاحية؛ لأنّي أعلم أنه لابد مِن قتلٍ ونهبٍ يكون.
ثمّ إنّ أبواب الجامع أُغْلِقت سوى بابٍ واحد، فصعِد البكريّ على المِنبر، والأتراك بالقسِيّ والنشّاب حوله، كأنّه حرْب.
فنعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
ولقبوه بعَلم السُّنّة، وأعطوه ذَهَبًا وثيابًا، فتعرَّض لأصحابه قومٌ من الحنابلة، فكسب دُورُ بني القاضي أبي يَعْلَى، وأُخِذَت كُتُبُهم، ووُجد فيها كتاب الصفات. فكان يقرأ بين يدي البكْريّ وهو على مِنْبر الوعظ، وهو يُشنّع عليهم.
وكان عميد بغداد أبو الفتح بن أبي اللَّيث، فخرج البكْريّ إلى المُعَسْكر شاكيا منه، فلمّا عاد مرض ومات.
ولمّا تكلَّم بجامع المنصور رَفَع من الإمام أحمد وقال: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102] فجاءته حَصَاةً، وأُخرى، فأحسَّ بذلك النّقيب، فكشف عن الأمر، فكانوا ناسًا من الهاشميّين من أصحاب أحمد اختفوا في السُّقوف، فأخذهم فعاقبهم.
مات في جُمَادَى الأولى. ذكره ابن النّجّار.
173- عليّ بن أحمد بن عبد الله:
الأستاذ أبو الحَسَن الطَّبريّ2.
تُوُفّي في شهر ربيع الآخر.
__________
1 السير "13/ 77" طبعة التوفيقية.
2 لم نقف عليه.(32/107)
174- عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الحَسَن بْن عليّ بْن الحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.
الحسنيّ أبو طالب الهَمَذانيّ1.
قال شيرُوَيْه: وحيد زمانه في الفصل والخُلُق، وطراز البلد.
روى عن: جدّه لأمّه أبي طاهر الحسين بن عليّ بن سَلَمة، وأبي منصور القُومسانيّ، وعبد الله بن حسّان، ورافع بن محمد القاضي، وأبي بكر عبد الله أحمد بن بَيْهَس.
ورحل فسمع بَنْيسابور من: أبي سعْد الفضل بن عبد الرحمن بن حمدان النَّضروييّ، وأبي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ.
وسمع بإصبهان من أبي ريذة، وعبد الكريم بن عبد الواحد الحَسْنَابَاذيّ، وأحمد بن محمد بن النُّعمان، وعامة أصحاب ابن المقرئ.
وسمع بالدَّينور من: أبي نصر أحمد بن الحسين بن بوّان الكسّار، وعامّة مشايخ زمانه.
سمعتُ منه واستمليتُ عليه. وكان صدوقًا، حسن الخُلُق، خفيف الرُّوح، كريم الطَّبع، ملجأ أصحاب الحديث، أديبًا، فاضلًا، من أدباء وقته.
وُلِد سنة إحدى وأربعمائة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، ودُفن في داره.
175- عليّ بن عبد الله بن سعيد.
أبو الحَسَن النَّيسابوريّ.
التّاجر الحنفيّ الفقيه2.
شيخ ثقة.
سمع الكثير من أصحاب الأصمّ.
__________
1 لا بأس به، فقد روى عن جمع، وعنه جمعٌ.
2 الجواهر المضية "2/ 575".(32/108)
وتُوُفّي في عاشر رجب، وله خمسُ وثمانون سنة.
176- عَمْر بن عَمْر بن يونس بن كُرَيِب.
أبو حفص الأصبحيّ السَّرقسطيّ. نزيل طُلَيْطُلة1.
روى عن: عليّ بن موسى بن حزب الله، ويحيى بن محارب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وخَلَف بن هشام العَبْدريِ القاضي.
وكان فاضلًا ثقة.
عمَّر وأسنّ. قاله ابن بَشْكُوال.
177- عَمْر بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب.
أَبُو حفص البَلَنْسيّ2.
روى عن: أبي عَمْر الطَّلمنكيّ.
وسمع من أبي عبد الله بن الحذّاء صحيح مسلم.
وكان صاحب أحكام بَلنْسِيَة.
روى عنه: حفيده أبو الحَسَن محمد بن واجب بن عَمْر، وأبو عليّ بن سكَّرة.
"حرف الفاء":
178- فَرَج:
مولى سيّد بن أحمد الغافقيّ الكُتُبيّ.
أبو سعيد الطُّليطليّ.
حجّ وسمع: أبا ذر الهَرَويّ.
وكان صالحًا ثقة.
روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الله المعدّل، وغيره.
__________
1 الصلة "2/ 402".
2 الصلة "2/ 462".(32/109)
"حرف الميم":
179- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَمْر بن شَبُوَيْه1.
أبو نصر الأصبهاني التاجر، سمع بَنْيسابور من: أبي بكر الحِيَريّ، وأبي سعيد الصَّيرفيّ.
روى عنه: الرُّستميّ، ومسعود الثقفيّ.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
180- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسماعيل.
أبو طاهر بن أبي الصَّقر اللّخْميّ الأنباريّ، الخطيب2.
له مشيخة في جزءين، سمعناها.
وله رحلة إلى الشّام، والحجاز، ومصر.
وسمع: عبد الرحمن بن أبي نصر التّميميّ، وأبا نصر بن الحِبّان، وأبا عبد الله بن نظيف، ومحمد بن الحُسَين الصَّنعانيّ، وإسماعيل بن عَمْرو الحدّاد المصريّ، وعبد الوهّاب المُرّيّ، وأبا العلاء بن سُليمان المعرَّيّ، وأبا محمد الجوهريّ، وصلة بن المؤمل المصريّ.
وكان دخوله إلى مصر سنة ثلاثٍ وعشرين.
وأكبر شيوخه ابن أبي نصر.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد الله بن عبد الرّزّاق بن الفُضَيل، وإسماعيل بن أحمد السَّمرقنديّ، وأبو الفتح محمد بن أحمد الأبياريّ الخلّال، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، والحافظ ابن ناصر، وموهوب بن أحمد بن الْجَوَالِيقيّ.
وآخر من رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بن الزَّعْفرانيّ.
ولد سنة ستًّ وتسعين وثلاثمائة.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "18/ 578"، والبداية والنهاية "12/ 125".(32/110)
قال السّمعانيّ: سمعتُ خليفة بن محفوظ بالأنبار يقول: كان ابن أبي الصَّقر صوامًا قوَّامًا. سأله بعض النّاس: كم مسموعات الشّيخ؟ قال: وقر جملٍ، سوى ما شذّ عنّي.
قال خليفة: وكان قد أصيب ببعضها.
وقال السّمعانيّ: سمعتُ خطيب الأنبار أبا الفتح بن الخلَّال يقول: خرج شيخنا ابن أبي الصَّقر إلى الرحلة قبل سنة ثمان عشر وأربعمائة.
وله شعرٌ، فمنه:
حبيبٌ خصَّ بالكَرَم ... إمام الحُسَن في الأُممِ
بوجه نور جوهره ... يريك البدرَ في الظُّلم
مهذَّبة خلائقُهُ ... شُمًّا بالأصل والشِّيمِ
حلفتُ على الوِدادِ لهُ ... بربّ البيتِ والحَرمِ
لأنتَ أعزّ مِن بَصَري ... عليَّ وكلّ ذِي رحِمِ
فقال: لك الوفاء بِذا ... ولو لم تأتِ بالقَسَمِ
تُوُفّي -رحمه الله- بالأنبار فِي جُمَادَى الآخرة.
181- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بن جَرْدة.
أبو عبد الله العكبريُّ التّاجر1.
كان رأس ماله نحو مائتي درهم يتَّجر بها من عُكْبرا إلى بغداد، فاتَّسعت عليه الدّنيا، إلى أن ملك ثلاثمائة ألف دينار. وصاهَرَ أبا منصور بن يوسف على بنته، وبنى دارًا عظيمة في غاية الكِبَر والحُسن، واتَّخذ لها بابين، وعلى كلّ باب مسجدًا.
ولمّا دخل البساسيريُّ بغداد بذل لقُرَيش بن بدران عشرة آلاف دينار حتّى حمى داره، واختفت عنده زوجة السّلطان طُغرُلْبَك فلمّا قدِم طُغْرُلْبَك بغداد جاء إلى داره متشكرًا.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 125، 126".(32/111)
وله برٌّ معروف، وأوقاف، وآثار جميلة. روى شعرًا عن الوزير أبي القاسم المغربيّ.
وروى عنه: أبو العزّ بن كادش، وغيره.
ومات في عاشر ذي القعدة عن إحدى وثمانين سنة. وكان سِبْط الخيّاط إمام مسجده الكبير.
182- محمد بن أحمد بن علان.
أبو الفرج الكَرَجيّ، ثمّ الكوفيّ1.
ثقة، مُسْند، مشهور.
روى عن: أبي الحَسَن بن النّجّار، وأبي عبد الله الهروانيّ.
كتب عنه: أبو الغنائم النَّرسيّ، وغيره.
وآخر من بقي من أصحابه أبو الحسن بن غبرة الذي أجاز لكريمة.
قال النَّرسيّ: كان ثقة، من عدول الحاكم.
تُوُفّي في شعبان.
183- محمد بن الحسن بن محمد بن القاسم بن المنثور.
أبو الحسن الجهني الكوفي2.
من الرؤساء لكنّه سّيئ المعتقد، شيعي.
وهو آخر من حدَّث عن محمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ الهَرَوانيّ.
تُوُفّي في شعبان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعَمْر بن إبراهيم الحُسَيْنيّ، ومحمد بن طُرْخان.
وعاش اثنتين وثمانين سنة.
__________
1 الأنساب "12/ 324" للسمعاني.
2 لسان الميزان "6/ 136".(32/112)
184- محمد بن الحسين.
أبو بكر البغداديّ البنّا1. ويعرف بأخي فُبَيْدة، بالضّمّ وبموحّدة.
سمع: البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان.
وعنه: إسماعيل، وعبد الله ابنا السَّمرقنديّ.
وكان مقرئًا خيرًا، مات في شهر رجب.
ذكره ابن نقطة.
185- محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شُرَيْح2.
أبو عبد الله الرُّعينيّ الإشبيليّ المقرئ، مصنَّف كتاب "الكافي"، وكتاب "التّذكير"، وخطيب إشبيلية.
كان من جلَّة المقرَّبين في زمانه بالأندلس.
رحل وحجّ، وسمع من أبي ذرَّ الهَرَويّ، وأجاز له مكّيّ القَيْسيّ.
وسمع بمصر من: أبي العبّاس بن نفيس، وأبي القاسم الكحّال؛ وبإشبيلية من: عثمان بن أحمد القيشطاليّ.
وقرأ بالروايات بمكّة على القنطريّ، وبمصر على ابن نفيس.
روى عنه: ابنه الخطيب أبو الحَسَن شُرَيْح، وقال: تُوُفّي عصر يوم الجمعة الرابع من شوّال، وله 84 عامًا إلّا 55 يومًا.
186- محمد بن طلحة بن محمد.
أبو مسعد الْجُنَابَذِيّ النَّيسابوريّ التّاجر3.
سمع من أصحاب الأصمّ.
وسمع بدمشق من عبد الرحمن بن الطُّبيز.
__________
1 المشتبه "2/ 536".
2 السير "18/ 554"، البداية والنهاية "2/ 153".
3 تاريخ دمشق "38/ 133".(32/113)
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل وقال: كان صالحًا ثقة كثير البِر.
وروى عنه بالإجازة وجيه الشحاميّ.
187- محمد بن عليّ بن أَحْمَد بن الحسين.
أبو الفضل السَّهلكيّ البسْطاميّ الفقيه1.
شيخ الصُّوفية. له الأصحاب والتصانيف في الطّريق.
سمع: أبا بكر الحِيريّ، وغيره. وحدَّث بَنْيسابور.
وقيل: تُوُفّي سنة 77، فالله أعلم.
"حرف الياء":
188- يوسف بن سُليمان بن عيسى2.
أبو الحَجَّاج الأندلسيّ النَّحويّ المعروف بالأَعْلَم.
من أهل شَنْتَمَريّة.
رحل إلى قُرْطُبة في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وأتى أبا القاسم إبراهيم بن محمد الإفْلِيليّ فلازمه.
وأخذ عن: أبي سهل الحَرّانيّ، ومسلم بن أحمد الأديب.
وكان عالما باللُّغات والإعراب والمعاني، واسع الحفظ، جيد الضَّبط، كثير العناية بهذا الشأن. اشتهر اسمه، وسار ذكره. وكانت الرحلة إليه في وقته.
أخذ عنه: أبو علي الغساني، وطائفة كبيرة.
وكف بصره في آخر عمره.
وكان مشقوق الشَّفة العليا شقا كبيرا.
توفي بإشبيلية، وله ستٌّ وستون سنة.
قال أبو الحسين شريح بن محمد: توفي أبي في منتصف شوال فأتيت أبا الحجّاج
__________
1 الإكمال "7/ 45".
2 السير "18/ 555".(32/114)
الأعلم فأعلمته بموته، فإنّهما كانا كالأخوين، فانتخب وبكى، وقال: لا أعيش بعده إلّا شهرًا. فكان كذلك1.
"الكنى":
189- أبو الخطاب الصّوفيّ.
هو أحمد بن عليّ بن عبد الله المقرئ البغداديّ المؤدَّب2.
أحد الحذَّاق.
قرأ القراءات على الحمّاميّ.
وله قصيدة مشهورة في السُّنَّة، رواها عنه عبد الوهّاب الأنْماطيّ.
وقصيدة في آي القرآن، رواها عنه قاضي المَرِسْتان.
قرأ عليه: هبة الله بن المجليّ، والخطيب أبو الفضل محمد بن المهتدي بالله.
قال أبو الفضل بن خَيْرون: كان عنده عن ابن الحمّاميّ السّبعةُ تلاوةً.
وقال شُجاع الذَّهليّ: كان أحد الحفّاظ للقرآن المجوِّدين. يذكر أنه قرأ بالرّوايات على الحمَّاميّ، ولم يكن معه خطٌّ بذلك، فأحسن النّاسُ به الظّنّ، وصدقوه، وقرأوا عليه.
مات في رمضان سنة ستّ. كذا ورّخه ابن خَيْرُون.
ووُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.
وفيات سنة سبع وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
190- أحمد بن الحسين بن محمد بن محمد.
أبو الحسين البغداديّ العطّار3.
__________
1 وفيات الأعيان "7/ 82".
2 معرفة القراء الكبار "1/ 446".
3 لم نقف عليه.(32/115)
سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الفضل عبد الواحد التّميميّ، وأبا القاسم الحرفيّ.
وعنه: إِسْمَاعِيل بْن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب بْن الأنْماطيّ.
وأثنى عليه عبد الوهّاب، ووصفه بالخير، وقال: ما كان يعرف شيئًا من الحديث.
ولد سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة، ومات في سادس ذي القعدة.
191- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد.
أبو الحسين النَّيسابوريّ الكيّاليّ المقرئ1.
سمع أبا نصر محمد بن عليّ بن الفضل الخُزاعيّ صاحب محمد بن الحسين القطّان.
رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذّن.
192- أحمد بن محمد بن الفضل.
أبو بكر الفَسَويّ نزيل سَمَرقند2.
كان إمامًا ذا فنون وورع وديانة.
سمع: أبا نُعَيم الحافظ، وأبا بكر الحِيريّ، ومحمد بن موسى الصَّيرفيّ، والحسين بن إبراهيم الحمّال.
مات في رمضان عن بضعٍ وسبعين سنة.
روى عنه بالإجازة أحمد بن الحسين الفراتيّ.
193- أحمد بن عبد العزيز شيبان:
أبو الغنائم بن المُعَافَى التّميميّ الكرخيّ3.
سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا محمد السُّكَّريّ.
__________
1 انظر السابق.
2 لا بأس به، في عدد العلماء المستورين.
3 لا بأس به.(32/116)
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطيّ.
مات في ربيع الأوَّل.
194- أحمد بْن محمد بْن عبد الله الأصبهاني البقّال1.
تُوُفّي في رجب.
195- أحمد بْن مُحَمَّد بْن رِزْق بن عبد الله.
أبو جعفر القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ2.
تفقّه بابن القطّان، وأخذ عن: أبي عبد الله بن عتاب، وأبي شاكر بن قَهْب، وابن يحيى المرييّ.
ورحل إلى ابن عبد البر فسمع منه. وكان فقيها، حافظا للرأي، مقدّمًا فيه، ذاكرًا للمسائل، بصيرًا بالنّوازل.
كان مدار طلبة الفقه بقرطبة عليه في المناظرة والتَّفقُّه، نفع الله به كلَّ من أخذ عنه. وكان صالحا، دينا، متواضعا، حليما. على هدى واستقامة.
وصفه بذلك ابن بشكوال وقال: أنا عنه جماعة من شيوخنا، ووصفوه بالعلم والفضل.
وقال عياض القاضي: تخرّج به جماعة كأبي الوليد بن رُشْد، وقاسم بن الأصْبَغ، وهشام بن أحمد شيخنا.
وذكره أبو الحَسَن بن مغيث فقال: كان أذْكى مَن رأيت في علم المسائل، وألْيَنَهُم كلمةً، وأكثَرَهُم حرصا على التعليم، وأنفقهم لطالب فرُع على مشاركةٍ له في علم الحديث.
تُوُفّي ابن رزق فجأةً في ليلة الإثنين لخمسٍ بقين من شوّال، وكان مولده سنة سبعٍ وعشرين وأربعمائة.
196- أحمد بن المحسِّن بن محمد بن عليّ بن العبّاس.
أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى البغداديّ العطّار الوكيل3.
__________
1 في عداد المجهولين.
2 السير "18/ 563".
3 غاية النهاية "1/ 99".(32/117)
أحد الدُّهاة المتبحّرين في علم الشُّروط والوثائق والدَّعاوي، يُضرب به المثل في التّوكيل.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ يقول: طلّق رجل امرأته، فتزوَّجت بعد يوم، فجاء الزوج إلى القاضي أبي عبد الله بن البيضاوي، فطلبها القاضي ليشهِّرها، فجاءت إلى ابن المحسّن الوكيل، وأعطته مبلغًا، فجاء إلى القاضي فقال: الله الله، لا يسمع النّاس.
فقال: أين العُدّة؟ قال: كانت حاملًا فوضعت البارحة ولدًا ميتًا، أفلا يجوز لها أن تتجوَّز؟!.
قال عبد الوهّاب الأنماطيّ: كان صحيح السّماع، قليل الأفعال والحيْل.
قلت: روى عن: أبي القاسم الحرقيّ، وأبي عليّ بن شاذان، ومحمد بن سعيد بن الرُّوزبهان. قرأ القرآن على أبي العلاء الواسطيّ، وأقرأ مدّة.
روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وَيَحْيَى بن الطّرّاح، وَعَبْد الوهاب الأنماطيّ.
تُوُفّي في رجب. ووُلد في سنة إحدى وأربعمائة.
وأبوه اسمه المحسّن عند ابن السّمعانيّ، والحسين ابن النّجّار، فلعلّهما إسمان، واتفقت وفاتهما في سنةٍ واحدة. ويقوّي أنّهُما اثنان اختلاف كُنْيتهما ونسبهما، وأنّ كنية أحمد بن الحسين: أبو الحسين، وأنّ اسم جدّه محمد بن محمد بن سلمان، وأنّه ليس بوكيل، وأنّه مات في ذي القعدة، وغير ذلك.
197- إسماعيل بن مَسْعَدة بن إسماعيل بن الإمام أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل.
المفتي أبو القاسم الإسماعيليّ الْجُرْجانيّ1.
صدر محتشم، نبيل القدر، تامّ المروءة، واسع العلم، صدوق.
__________
1 السير "18/ 564".(32/118)
كان يعِظُ ويُمْلي على فهمٍ ودراية. وحدَّث ببلاد كثيرة.
وكان عارفًا بالفقه، مليح الوعْظ، له يدٌ في النَّظم والنَّثر والتَّرسُّل.
حدَّث بكتاب "الكامل" وبـ"المعجم" لابن عديّ، وبـ"تاريخ جُرْجان".
سمع: أباه، وعمّه المُفَضَّل، وحمزة السَّهميّ، والقاضي أبا بكر محمد بن يوسف الشالنجي، وأحمد بن إسماعيل الرَّباطيّ، وجماعة.
روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، وإسماعيل بن السَّمرقندي، وأبو منصور بن خيرون، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو البدر الكرخيّ، وآخرون.
ولد في سنة سبعٍ وأربعمائة.
قال إسماعيل السَّمرقنديّ: سمعتُ ابن مَسْعَدة: سمعتُ حمزة بن يوسف: سمعتُ أبا بكر الإسماعيليّ يقول: كتْبه الحديث رِق الأبد.
تُوُفّي ابن مَسْعَدة بجُرْجان.
"حرف الباء":
198- بيبي بنت عبد الصّمد بن عليّ بن محمد1.
أم الفَضل، وأم عزَّي الهرثميَّة الهَرَويّة. راوية الجزء المنسوب إليها.
عن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح صاحب البغويّ، وابن صاعد.
توفيت فِي هذا العام أو فِي الّذِي بعدَه. وقد كمَّلت التسعين وتعدَّتها.
روى عنها: ابن طاهر المقدسي، ووجيه الشحامي، وأبو الوَقْت السِّجزيّ، وَعَبْد الجليل بن أَبِي سَعْد الهروي وهو آخر من روى عنها.
قال أبو سعد السَّمعانيّ: هي من أهل بخشة، قرية على أربعة فراسخ من هراة، صالحة عفيفة. عندها جزء من حديث ابن أبي شريح تفرَّدت برواية ذلك في عصرها.
سمع منها عالمٌ لا يُحصون. وكانت ولادتها في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة.
__________
1 السير "18/ 403".(32/119)
قال: وماتت في حدود خمسٍ وسبعين بهراة.
روى لنا أبو الفتح محمد بن عبد الله الشيرازيّ، وعبد الجبّار بن أبي سعْد الدّهّان، وجماعة.
قلت: وقد روى أبو عليّ الحدّاد في معجمه، عن ثابت بن طاهر الهَرَويّ، عن بيبي الهرثمية.
وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُ الْمُتَفَضِّلِينَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي رَوَتْهُ حَدِيثًا مَوْضُوعًا، رَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ أَخِي مِيمِيٍّ، عَنِ الْبَغَوِيِّ. أخبرناه أبو الْحُسَيْن اليُونِينيّ. وأبو عَبْد اللَّه بْن النّحاس النَّحويّ، وآخرون أنّ أبا المنجَّى بن اللُّتّيّ أخبرهم، وَأَنَاهُ أَبُو الْمَعَالِي الْأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا زَكَرِيَّا الْعُلَبِيُّ قَالَا: أَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ السِّجزيّ. ح. وَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ إِجَازَةً، أَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْمُعَدَّلُ، قَالَا: أَخْبَرَتْنَا بيبي: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبير،. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، مَعَهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ يَتَمَارَوْنَ، وَقَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، يَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا الَّذِي كُنْتُمْ تُمَارُونَ قَدِ ارْتَفَعَتْ فِيهِ أَصْوَاتُكُمْ وَكَثُرَ لَغَطُكُمْ"؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ تكلَّم فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَاخْتَلَفَا، فَاخْتَلَفْنَا لاخْتِلَافِهِمْ.
فَقَالَ: "وَمَا ذَاكَ"؟ قَالُوا: فِي الْقَدَرِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُقَدِّرُ اللَّهُ الْخَيْرَ، وَلَا يقدَّر الشَّرَّ. وَقَالَ عُمَرُ: يُقَدِّرُهُمَا جَمِيعًا.
فَقَالَ: "أَلَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيهِ بِقَضَاءِ إِسْرَافِيلَ بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ1؟ قَالَ جِبْرِيلُ مَقَالَةَ عُمَرَ، وَقَالَ مِيكَائِيلُ مَقَالَةَ أَبِي بَكْرٍ"؛ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
تأملتُ هذا الحديث يومًا فإذا هو يشبه أقوال الطُّرقيّة، فجزمت بوضعه، لكونه بإسنادٍ صحيح. ثمّ سألت شيخنا ابن تيمية عنه، فقال: هذا كذب، فاكتب على النُّسخ أنّه موضوع.
__________
1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "1/ 273" في الموضوعات.
انظر: الميزان "4/ 374، 375"، واللسان "6/ 253، 254"، وتنزيه الشريعة "2/ 315".(32/120)
قلت: والظّاهر أنّ بعض الكذابين أدخله على البغويّ لمّا شاخ وانهزم.
وأمّا ابن الجوزيّ فقال في الموضوعات: المتَّهم به: يحيى بن زكريّا، قال ابن مَعِين: هو دجّال هذه الأمّة.
"حرف الثاء":
199- ثابت بن أحمد بن الحسين.
أبو القاسم البغداديّ1.
قدِم دمشق من بغداد حاجًّا، وذكر أنّه سمع أبا القاسم بن بِشْران، وأبا ذر عبد بن أحمد الهَرَويّ، ومحمد بن جعفر الميماسيّ.
روى عنه: الفقيه نصر المقدسيّ، وأحمد بن حسين سبط الكامليّ.
قال غَيْث الأرمنازيّ: قدِم علينا وذكر أنّه سمع من عبد الملك بن بشران وأبي ذرّ. وأجاز لنا في ربيع الأوّل سنة سبعٍ وسبعين، وانّ مولده في أوّل سنة إحدى وأربعمائة.
وروى نصر في أماليه، أنّ ثابتًا هذا حدّثه أنه شاهد رجلًا أذّن بمدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند قبره -صلى الله عليه وسلم- للصبح، وقال في الأذان: الصّلاة خير من النوم، فجاء بعض خَدَم المسجد فلطمَهُ، فبكى الرجل وقال: يا رسول الله في حضْرتك يُفعل بي هذا! ففُلِج الخادم في الحال، فحملوه إلى بيته، فمات بعد ثلاثٍ.
"حرف الحاء":
200- الحُسين بن أحمد بن عليّ بن البقال2.
أبو عبد الله الأزجيّ، الفقيه الشّافعيّ، تلميذ أبي الطّيّب الطَّبريّ. علَّامة مدقّق، زاهد متعبد. وُلْي قضاء الحريم مدّة. ودرَّس وأفتى. وحدَّث عن: عبد الملك بن بِشْران.
في شعبان عن ستٍّ وسبعين.
__________
1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 312".
2 الكامل في التاريخ "10/ 141".(32/121)
201- الحسين بن عثمان بن أبي بكر النَّيسابوريّ1.
حدَّث عن عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وغيره.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
202- الحسين بن محمد بن الحُسين.
أبو الغنائم بن السّراج الشّاذانيّ. بغداديّ2.
سمع من: عبد الله بن يحيى السُّكَّريّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.
وله سميٌّ في الطبقة الآتية.
"حرف الخاء":
203- خَلفَ بْن إبراهيم بْن محمد.
أبو القاسم القيسيّ الطُّليطليّ3، نزيل دانِية.
قرأ على: أبي عَمْرو الدّانيّ.
وأقرأ النّاس.
مات رحمه الله في ربيع الأوّل.
"حرف الطاء":
204- طاهر بن هشام بن طاهر.
أبو عثمان الأزْديّ، الفقيه المالكيّ الأندلسيّ4.
مفتي المريّة.
__________
1 لم نقف عليه.
2 الأنساب "7/ 237".
3 غاية النهاية "1/ 271، 272".
4 الصلة "1/ 240".(32/122)
روى عن: المهلب بن أبي صُفْرة؛ ورحل وأخذ عن: أبي عمران الفاسي، وأبي ذر الهَرَويّ.
قال ابن بشكوال: أنبا عنه جماعة من شيوخنا.
وقيل: إنّه عاش ستًا وثمانين سنة.
"حرف العين":
205- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الكريم بن هوازن.
الإمام أبو سعْد بن القُشَيْريّ1.
كان أكبر أولاد الشّيخ، وكان كبير الشّأن في السُّلوك والطّريقة، ذكيًّا أصوليًّا، غريز العربيّة.
سمع: أبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيرفيّ، وهذه الطبقة.
ومولده سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقدم بغداد مع أبيه.
وسمع من: أبي الطَّيِّب الطَّبريّ، وأبي محمد الجوهريّ.
قال السّمعانيّ: كان رضيع أبيه في الطريقة، وفخر ذويه وأهله على الحقيقة.
ثمّ بالغ في تعظيمه في التَّصوُّف، والأصول، والمناظرة، والتفسير.
قال: وكانت أوقاته ظاهرًا مستغرقًا في الطّهارة والاحتياط فيها، ثمّ في الصلوات والمبالغة في وصل التّكبير، وباطنًا في مراقبة الحقّ، ومشاهدة أحكام الغيب. لا يخلو وقته عن تنفُّس الصُّعداء وتذكر البُرَحاء، وترنُّم بكلامٍ منظومٍ أو منثور، يُشعرُ بتذكر وقتٍ مضى، وتأسُّفٍ على محبوب مَرّ وانقضى.
وكان أبوه يعاشره معاشرة الإخْوة، وينظر إلى أحواله بالحُرمة.
روى عنه: ابن أخته عبد الغافر بن إسماعيل الفارسيّ، وابن أخيه هبة الرحمن، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، وجماعة.
وذكر عبد الغافر أنّ خاله أصابته علّة احتاج في معالجتها إلى الأدوية الحارّة،
__________
1 السير "18/ 562، 563".(32/123)
فظهر به علّةٌ من الأمراض الحادّة، وامتدّت مدّة مرضه ستة أشهر، إلى أن ضعف ومات في سادس ذي القعدة قبل أمّه بأربع سنين، وهي فاطمة بنت الدّقّاق.
قال عبد الغافر: هو أكبر الإخوة، من لا ترى العيون مثله في الدُّهور، ذو حظٍّ وافر من العربيّة، وحصّل الفقه، وبرع في علم الأصول بطبْع سيّال، وخاطر، إلى مواقع الإشكال ميّال، سباق إلى درَك المعاني، وقاف على المدارك والمباني.
وأمّا علوم الحقائق فهو فيها يشقّ الشَّعر.
قلت: وطوّل ترجمته.
206- عبد الرحمن بن محمد بن عفيف1.
أبو منصور البّوشنجيّ الهَرَويّ، المعروف بكُلّاريّ.
سمع: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح.
وقيل: إنّه آخر من روى عَنْهُ.
روى عَنْهُ: أَبُو الوقت، ووجيه الشّحّاميّ، وأبو عليّ الحَسَن بن محمد بن السَّنجبستيّ، ومحمد وفضيل ابنا إسماعيل الفُضَيْليّان، وضحاك بن أبي سعْد الخباز، وزهير بن عليّ بن زهير الجذاميّ السرَّخسيّ، وعبد الجليل بن أبي سعْد.
وقع لنا من طريقه بعُلُوّ حكايات شُعْبة للبَغَويّ. وكان صالحًا معمَّرًا.
مات في رمضان ببُوشَنْج.
207- عبد السّيّد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بن جعفر2.
ابن الصّبّاغ الفقيه أبو نصر البغداديّ الشّافعيّ، فقيه العراق، ومصِّنف كتاب "الشامل".
كان يقدَّم على الشّيخ أبي إسحاق في معرفة المذهب. ذكره السّمعانيّ فقال: ومن جملة التّصانيف الّتي صنَّفها: "الشّامل"، و"الكامل"، و"تذكرة العالم والطريق السالم".
قال: وكان يضاهي أبا إسحاق. وكانوا يقولون: هو أعرف بالمذهب من أبي إسحاق. وكانت الرحلة إليهما في المختلف والمتفق.
__________
1 السير "18/ 442".
2 السير "18/ 464".(32/124)
قال: وكان أبو نصر ثبتا حجة ديِّنًا خيرا. ولي النظامية بعد أبي إسحاق، وكفَّ بصره في آخر عمره.
وحدَّث بجزء ابن عرفة، عن محمد بن الحسين القطّان.
وسمع أيضًا أبا عليّ بن شاذان.
روى لنا عنه: ابنُه أبو القاسم عليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصر الغازي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل، وغيرهم.
ومولده في سنة أربعمائة.
وقال الحاكم، وابن خلَّكان: كان تقيا، صالحًا، له كتاب "الشّامل"، وهو من أصحّ كُتُب أصحابنا، وأثبتها أدِلةً. درَّس بالنظامية ببغداد أوّل ما فتحت، ثمّ عُزِل بأبي إسحاق بعد عشرين يومًا. وذلك في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة.
وكان النّظّام أمر أن يكون المدرَّس بها أبو إسحاق، وقرروا معه أن يحضر في هذا اليوم للتدريس، فاجتمع النّاسُ، ولم يحضر أبو إسحاق، فطلب، فلم يوجد، فأُرسل إلى أبي نصر وأحضِر، ورتَّب مدرَّسها، وتألم أصحاب أبي إسحاق، وفَتَرُوا عن حضور درسه، وراسلوه أنّه إنْ لم يدرس بها لزِموا ابن الصّبّاغ وتركوه. فأجاب إلى ذلك، وصُرف ابن الصّبّاغ.
قال شُجاع الذُّهليّ: تُوُفّي أبو نصر بن الصَّبَّاغ في يوم الثّلاثاء ثالث عشر جُمَادَى الأولى، ودفن من الغد في داره بدرب السَّلوليّ.
قال ابن السّمعانيّ: ثمّ نُقِل إلى مقابر باب حرب. وقد درس بعد أبي إسحاق سنة، ثمّ عُزِل أيضًا وعَمِي.
208- عبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الوهّاب:
البغداديّ السُّكّريّ البزاز المعروف بابن اللَّوح1.
سمع من: هلال الحفّار.
__________
1 لم نقف عليه.(32/125)
وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.
وتُوُفّي في رمضان وله 76 سنة.
وسمع من: أبي أحمد الفرضيّ أيضًا.
209- عليّ بن أحمد بن عبد العزيز بن طُبَيز.
أبو الحَسَن الأنصاريّ المَيُورْقيّ، الأندلسيّ1.
حكى عن: أبي عَمْر بن عبد البرّ، وغيره.
وسمع بدمشق من: عبد العزيز الكتّانيّ، وابن طلّاب.
وكان من علماء اللغة والنَّحو، دينًا، فاضلًا، فقيهًا، عارفًا بمذهب مالك كتبَ بصور عامَّة تصانيف أبي بكر الخطيب وحصلها.
وحدَّث بالقُدس، والبحرين، وبغداد.
حكى عنه: شيخاه: الخطيب، والكتّانيّ، وعَمْر الرُّؤاسيّ.
وأثنى عليه الحافظ ابن ناصر وقال: انحدر إلى البصرة وتُوُفّي بها.
وقال: سمعتُ أبا غالب محمد بن الحَسَن الماوَرْديّ يقول: قدِم علينا أبو الحَسَن سنة تسعٍ وستِّين، فسمع السُّنن من أبي عليّ التُّستريّ، وأقام عنده نحوًا من سنتين، ثمّ ذهب بعد ذلك إلى عُمان، والتقيتُ به بمكّة في سنة ثلاثٍ وسبعين. وأخبرني أنّه ركبَ البحر إلى بلاد الزَّنج، وكان معه من العلوم أشياء فما نفق عندهم إلَّا النَّحو.
وقال: لو أردت أن أكسب منهم آلافًا لأمكن ذلك، وقد حصل لي نحوٌ من ألف دينار، وأسِفوا على خروجي من عندهم.
ثمّ إنّه عاد إلى البصرة على أن يقيم بها، فلمّا وصل إلى باب البصرة وقع عن الجمل، فمات بعد رجوعه من الحجّ.
وقال ابن عساكر: ثنا عنه هبة الله بن الأكفانيّ ووثقه.
قلت: وذكر وفاته هبة الله في هذه السُّنّة. وأما ابن السّمعانيّ وغيره فقالوا: تُوُفّي سنة أربعٍ وسبعين، وهو أشبه.
__________
1 بغية الوعاة "2/ 144".(32/126)
210- عليّ بن محمد:
أبو الحَسَن الغَزْنَويّ1.
ولي قضاء دمشق في أيام تاج الدّولة تُتُش بن ألْب أرسلان. وفي هذه السّنة ضُرِب وسجن، وولي القضاء نجم القضاة.
وذكره ابن عساكر مختصرًا.
"حرف الفاء":
211- الفضل بن محمد.
أبو عليّ الفارَمْذِيّ2.
تُوُفّي -رحمه الله- في شهر ربيع الآخر. وكان شيخ الصُّوفيّة في زمانه.
ذكره عبد الغافر فقال: هو شيخ الشيوخ في عصره وزمانه، المنفرد بطريقته في التذكير التّي لم يُسبق إليها في عبارته وتهذيبه، وحسن آدابه، ومليح استعاراته، ودقيق إشارته ورقة ألفاظه، ووقع كلامه في القلوب.
دخل نَيْسابور، وصحب زينَ الإسلام القُشَيْريّ، وأخذ في الاجتهاد البالغ. وكان ملحوظًا من الإمام بعين العناية، موفرًا عليه منه طريقة الهداية.
وقد مارس في المدرسة أنواعًا من الخدمة، وقعد سنين في التفكير، وعَبَر قناطر المجاهدة، حتّى فُتِح عليه لوامع من أنوار المشاهدة.
ثمّ عاد إلى طُوس، واتصل بالشيخ أبي القاسم الكركانيّ الزّاهد مصاهرةً، وصُحبةً، وجلس للتذكير، وعفّى على من كان قبله بطريقته، بحيث لم يعهد قبله مثله في التذكير. وصار من مذكّري الزّمان، ومشهوري المشايخ. ثمّ قدِم نَيْسابور، وعقد المجلس، ووقع كلامه في القلوب، وحصل له قبول عند نظام المُلْك خارج عن الحدّ، وكذلك عند الكبار.
وسمعتُ ممّن أثق به أنّ الصّاحب خدمه بأنواع من الخدمة، حتّى تعجَّب الحاضرون منه.
__________
1 تاريخ دمشق "37/ 385".
2 السير "18/ 565".(32/127)
وكان ينفق على الصوفية أكثر مما يُفتح له به. وكان مقصدًا من الأقطار للصُّوفيّة.
وكان مولده في سنة سبعٍ وأربعمائة.
وسمع من: أبي عبد الله بن باكويه، وأبي حسّان المزكّى، وأبي منصور البغداديّ، وابن مسرور، وجماعة.
روى عنه عبد الغافر، وعبد الله بن عليّ الحركوشيّ، وعبد الله بن محمد الكوفيّ العلويّ، وأبو الخير صالح السّقّاء، وآخرون.
212- أبو الفضل بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحَسَن بن أحمد الحِيريّ1.
تُوُفّي فِي صفر.
"حرف الميم":
213- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إبراهيم بن سلة.
أبو الطّيِّب الأصبهاني2.
عن: أبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن أحمد البغداديّ.
وعنه: الحافظ أبو سعْد البغداديّ، وأبو القاسم الطّلْحيّ، وأبو الخير الباغبان، وآخرون.
حدَّث في ذي الحِجّة من السنة، وانقطع خبره.
214- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم.
أبو الفضل ابن العلّامة أبي الحَسَن المَحَامليّ3.
الفقيه الشّافعيّ.
سمع: أبا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة.
أخذ عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وغيره.
__________
1 في عداد المجهولين.
2 لم نقف عليه.
3 المنتظم "9/ 13".(32/128)
وكان من الأذكياء.
مات في رجب عن إحدى وسبعين سنة.
215- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن فرُّوخ زاد.
القاضي أبو سعيد النَّوقانيّ، الفرخزاديّ الطُّوسيّ1.
قال السّمعانيّ: فاضل، عالم، سديد السّيرة، مُكثر من الحديث.
وسمع من: ابن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف الأصبهاني، والسُّلميّ، ويحيى المُزَكّيّ، وأبي عَمْر البسطاميّ.
وسمع من: الثَّعلبيّ أكثر تفسيره.
مولده سنة تسعين. وقيل: نيّفٌ وتسعين وثلاثمائة.
حدَّث عنه: أبو سعد محمد بن أحمد الحافظ، والعباس بن محمد العصّاريّ، وأحمد بن محمد بن بِشْر النَّوقانيّ، ومحمد بن أحمد بن عثمان النَّوقانيّ، وصخر بن عبيد الطّابَرَانيّ.
تُوُفّي سنة سبعٍ وسبعين.
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بِنُوقَانَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أنا أَبُو طَاهِرٍ مَحْمِشٌ، أنا صَاحِبُ ابْنِ أَحْمَدَ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، نَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: حدَّثنيّ الْحَسَنُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى خَشَبَةٍ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ: "ابْنُوا لِي مِنْبَرًا لِلْحَدِيثِ" 2.
216- محمد بن عمّار.
أبو بكر المهري الأندلسيّ، ذو الوزارتين3.
__________
1 لا بأس به.
2 "حديث حسن": أخرجه أحمد "3/ 226"، وابن خزيمة "1776"، وابن المبارك "361" في الزهد، والبيهقي "2/ 559" في دلائل النبوة، وابن حبان "574"، ولكن يخشى من عنعنة الحسن، وهو من المدلسين.
3 السير "18/ 582".(32/129)
شاعر الأندلس. كان هو وابن زيدون الأندلسيّ القُرْطُبيّ كَفَرَسَيْ رِهان. وكان ابن عمّار قد اشتمل عليه المعتمِد بن عبّاد، وبلغ الغاية القصوى، إلى أن استوزره، ثمّ جعله نائبًا له على مَرْسِية، فعصى بها على المعتمد، فلم يزل يحتال عليه ويتلطف إلى أن وقع في يده، فذبحه صبرًا بيده، لعصيانه، ولكونه هجا المعتمِد وآباءه، بقوله:
مما يُقَبِّحُ عندي ذِكْر أندلسٍ ... سماعُ معتمدٍ فيها ومُعْتَضِد
أسماءُ مملكةٍ في غير موضعها ... كالهرّ يَحكي انتفاخًا صَوْلَةَ الأسدِ
وقيل: قتله في سنة تسعٍ وسبعين.
ومن شعره:
أَدرِ الزُّجاجة فالنّسيمُ قد انْبَرى ... والنَّجم قد صرف العِنانَ عن السُّرى
والصُّبح قد أهدى لنا كافورِهُ ... لمّا استردّ اللَّيل منّا العنبرَا
ومنه:
ملكٌ إذا ازدحم الملوكُ بموردٍ ... ونَحَاهُ لا يردوه حتّى يصدُرا
أنْدَى على الأكباد من قَطْرِ النَّدى ... وأَلَذُّ في الأجفان من سِنة الكرى
قدَّاح زند المجد لا ينفكُّ من ... نار الوَغَى إلَّا إلى نار القِرى
جلَّلت رمحك من رؤوس كُمَاتِهِم ... لمّا رأيت الغُصْنَ يُعَشْق مُثِمرًا
والسَّيف أفصحُ من زيادٍ خُطْبةً ... في الحرب إنْ كانت يمينُك مِنْبَرا1
وله:
عليَّ وإلَّا ما بكاءُ الغمائمِ؟ ... وفيَّ وإلَّا ما نِياحُ الحمائمِ؟
وعنيّ أثارَ الرَّعد صَرْخَةَ طالبٍ ... لثأرٍ وهزَّ البْرقُ صفحة جارم
وما لبست زهر النُّجوم جدادها ... لغيري ولا قامت له في مأتمِ
ومنه:
أبى الله أنْ تَلْقاه إلَّا مقلَّدًا ... حَمِيلةَ سيفٍ أو حمالة غارم2
__________
1 المغرب في حُلي المغرب "1/ 391".
2 السير "18/ 584".(32/130)
وقد جال ابن عمّار في الأندلس، ومدح الملوك والرؤساء، حتّى السُّوقة؛ حتّى أنّه مدح رجلًا مرة، فأعطاه مِخلاة شَعِير لحماره، وكان ذلك الرجل فقيرًا. ثمّ آل بابن عمّار الأمر إلى أن نفق على المعتمد، وولَّاه مدينة شِلْب، فملأ لصاحب الشعير مخلاةً دراهم، وقال للرسول: لو ملأتها بُرًا لملأناها تِبْرًا.
ولمّا استولى على مُرْسِية خلع المعتمد، ثمّ عمل عليه أهل مُرْسية فهربَ ولجأ إلى بني هُود بسرَقُسْطَة، فلم يقبلوه، ثمّ وقع إلى حصن شقُّورة فأحسن متولّيه نُزُلَه، ثمّ بعد أيّام قيَّده، ثمّ أُحضر إلى قُرْطُبة مقيَّدًا على بغلٍ بين عِدْلي تبنٍ لِيَراه النّاس.
وقد كان قبل هذا إذا دخل قُرْطُبة اهتزت له، فسجنه المعتمد مدَّةً، فقال في السّجن قصائد لو توسل بها إلى الزّمان لنَزَع عن جَوْره، أو إلى الفُلْك لكَفّ عن دَوْره، فكانت رقيً لم تنْجَع، وتمائم لم تنفع، منها:
سجاياكَ -إن عافَيتَ- أنْدى وأسْجحُ ... وعُذرك -إنّ عاقبتَ- أجْلَى وأوْضحُ
وإنْ كان بين الخطَّتين مزيَّة ... فأنتَ إلى الأدْنى من الله تجنح
حنانيك في أخْذي برأيك، لا تُطِعْ ... عِدايَ، ولو أثْنَوا عليك وأفصحوا
أقِلْني بما بيني وبينك مِن رضى ... له نحو روح الله بابٌ مفتَّح
ولا تلتفت قولَ الوشاة ورأيهم ... فكُل إناءٍ بالّذي فيه يَرْشَحُ
217- محمد بن محمد بن أصبغ:
أبو عبد الله الأزْديّ القُرْطُبيّ1، خطيب قرطبة.
جوَّد القرآن على مكّيّ بن أبي طالب.
وأخذ عن: حاتم بن محمد، ومحمد بن عتّاب، وجماعة.
وكان فاضلًا، ديّنًا، متواضعًا، مقرئا، كثير العناية بالعِلم.
ولا نعلمه حدَّث.
218- محمد بن محمود بن سَوْرة2.
الفقيه أبو بكر التّميميّ النَّيسابوريّ، ختن أبي عثمان الصابونيً على ابنته.
__________
1 غاية النهاية "2/ 239".
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.(32/131)
سمع: ابن مَحْمِش الزياديّ، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ.
روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وروى عنه: سعيدة بنت زاهر، وعبد الله بن الفُراويّ.
219- محمد بن محمد بن جعفر.
أبو الحَسَن النّاصحّي النَّيسابوري الفقيه1.
كان ديِّنًا ورِعًا فاضلًا.
روى عن: أصحاب الأصمّ.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل.
يروى عن: الحِيريّ، والسُّلميّ.
وتفقه على أبي محمد الْجُوَيْنيّ.
220- مسعود الرَّكّاب2.
الحافظ.
قال ابن النّجّار: قدم بغداد بعد الثّلاثين وأربعمائة، فسمع من بُشْرَى مولى فاتن، وجماعة.
وبواسط من: أحمد بن المظفّر العطّار.
سمع منه الصُّوريّ، وهو شيخه.
وقال عبد الغافر الفارسيّ: كان متقنًا ورعًا، قصير اليد، زجّى عمره كذلك إلى أن ارتبطه نظام المُلْك بَبْيَهق مدّةً، ثمّ بطُوس للاستفادة منه. وكان يُسمع إلى آخر عمره.
وقال أحمد بن ثابت الطُّرفيّ: سمعتُ ابن الخاضبة يقول: كان مسعود قدريا. سمعته قرأها: "فحجَّ آدم"، بالنَّصب.
__________
1 الأنساب "12/ 16".
2 السير "18/ 532".(32/132)
221- مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبد الله بن أحمد1.
أبو سعيد السِّجزيّ الرّكّاب الحافظ. أحد الرّحّالين والحُفّاظ، صنَّف التّصانيف وجمع الأبواب؛ وسمع بسِجِسْتان من: أبي الحَسَن عليّ بن بُشْرَى، وأبي سعيد عثمان النُّوقانيّ.
وبَهَراة من: محمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وسعيد بن العبّاس القُرَشيّ، وأبي أحمد منصور بن محمد بن محمد الأزْديّ.
وبنيسابور من: أبي حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد النَّصرويي، وأبي حفص بن مسرور.
وبَبغداد من: ابن غَيْلان، وأبي محمد الخلَّال، والتَّنوخيّ.
وبإصبهان من: ابن رِيذَة، وخلْق كثير.
روى عنه: محمد بن عبد العزيز العِجْليّ المَرْوَزِيّ، وأبو بكر عبد الواحد بن الفضل الطُّوسيّ، وأبو نصر الغازي، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وأبو الغنائم النّرْسيّ، والحافظ أبو بكر الخطيب مع تقدُّمه، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق وقال: ولم أر فيهم -يعني المحدّثين- أجود إتقانًا ولا أحسن ضَبْطًا منه.
وقال زاهر الشّحّاميّ: كان مسعود بن ناصر يذهب إلى رأي القدريّة، ويميل إليهم - وكان يقرؤها في الحديث: "فحجَّ آدَمَ مُوسَى" 2.
وقد روى أبو بكر الخطيب عن مسعود.
__________
1 السير "14/ 59" طبعة التوفيقية.
2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6614"، ومسلم "2652"، وأبو داود "4701"، والترمذي "2141"، وأحمد "2/ 248، 264، 268، 298، 448".
وقال ابن حجر في الفتح "11/ 157": اتفق الرواة والنقلة والشراح على أن آدم بالرفع وهو الفاعل، وشذ بعض الناس فقرأها بالنصب على أنه المفعول، وموسى في محل الرفع على أنه الفاعل، نقله الحافظ أبو بكر بن الخاصية عن مسعود بن تامر السجزي، وكان قدريًّا.
وهو محجوج بالاتفاق قبله على أن آدم بالرفع على أنه الفاعل، وقد أخرجه أحمد من رواية الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظة: "فحجه آدم"، وهذا يرفع الإشكال، فإن رواته أئمة حفاظ، والزهري من كبار الفقهاء الحفاظ، فروايته هي المعتمدة في ذلك، ومعنى حجه: غلبه بالحجة.(32/133)
وتُوُفّي بَنْيسابور في جُمَادَى الأولى، وصلى عليه أبو المعالي الْجُوَيْنيّ، ووقفَ كُتُبَه بَنْيسابور، وكانت كثيرة نفيسة.
222- منصور بْن عَبْد الله بْن محمد بْن منصور المنصوريّ.
الفقيه أبو القاسم الطُّوسيّ1.
روى عن أصحاب الأصمّ، مثل أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيرفيّ، وروى عنه عبد الغافر وقال: تُوُفّي ليلة عيد الأضحى، وكان صالحًا مكثرًا.
"حرف النون":
223- نصْر بن بِشْر.
أبو القاسم الشَّافعيّ2.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، وجماعة.
وتفقه على القاضي أبي الطّيّب.
ونزل البصرة.
سمع منه: الحُمَيْدِيّ، وشُجاع الذَّهليّ.
وفيات سنة ثمان وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
224- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أبي الحسين.
الشّيخ أبو الحَسَن الكيّاليّ النَّيسابوريّ المشّاط المقرئ3.
شيخ ثقة، جليل، عالم، ذو ثروة وحِشْمة.
روى عن: أبي نصر محمد بن الفضل بن عقيل، وابن مَحْمِش الزِّياديّ، وعبد الله بن يوسف الأصبهانيّ.
__________
1 لا بأس به.
2 طبقات الشافعية "4/ 29" للسبكي.
3 وثقه المصنف، ولم نقف عليه.(32/134)
ثم سمع الكثير مع ابنه مسعود من: أبي بكر الحيريّ، وأبي الحسين السّقّاء، وأبي سعْد الصَّيرفيّ.
ذكره عبد الغافر فأثنى عليه وقال: قيل: كان له سماع من أبي الحُسين الخفّاف.
وُلِد سنة أربعٍ وثمانين. وتوفّي في سابع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثمانٍ.
روى عنه: عبد الغافر المذكور، وإسماعيل بن المؤذّن، وإسماعيل بن عبد الرحمن العصائديّ، وأحمد بن الحَسَن الكاتب، وآخرون.
وقلَّ ما روى.
225- أحمد بن عَمْر بن أنّس بن دُلْهاث بن أنّس بن فَلْذان بن عَمْر بن مُنيب.
أبو العبّاس العُذْريّ الدَّلايي1. ودَلايةَ من عمل المَريّة.
رحل مع أبَوَيْه فدخلوا مكَّة في رمضان سنة ثمانٍ وأربعمائة، وجاوروا بها ثمانية أعوام، فأكثر عن أبي العبّاس الرّازيّ راوي صحيح مسلم، وأبي الحسن بن جهضم، وأبي بكر بن نوح، وعليّ بن بندار القزوينيّ.
وصحب أبا ذرّ، وسمع منه البخاريّ سبْعَ مرات.
وسمع من جماعة من الحَجَّاج، ولم يسمع بمصر شيئًا.
وكتب بالأندلس عن أبي عليّ البجَّانيّ الحسين بن يعقوب صاحب سعيد بن فَحْلُون، وعن أبي عَمْر بن عفيف، والقاضي يونس بن عبد الله، والمهلَّب بن أبي صُفْرة، وأبي عمرو السَّفاقسيّ.
وكان معينًا بالحديث، ثقة، مشهورًا، عالي الإسناد، ألحَقَ الأصاغر بالأكابر حدَّث عَنْه: إماما الأندلس: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرَّ، وأبو محمد بن حَزْم، وأبو الوليد الوَقْشيّ، وطاهر بن مفوَّز، وأبو عليّ الغسّانيّ، وأبو عبد الله الحُمَيْدِيّ وأبو عليّ الصَّدفيّ، وأبو بحر سُفيان بن العاص، والقاضي أبو عبد الله بن شبرين، وجماعة كثيرة.
ووُلِد في رابع ذي القعدة سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.
ومات في سَلْخ شعبان. وصلى عليه ابنه أنس.
__________
1 السير "18/ 567".(32/135)
وقد صنَّف كتاب "دلائل النُّبوَّة"، وكتاب "المسالك والممالك".
قلت: أحسبه آخر من روى عن ابن جَهْضَم في الدُّنيا.
قال ابن سكَّرة: أنا أبو العبّاس العُذريّ، ثنا محمد بن نوح الأصبهاني بمكّة، ثنا أبو القاسم الطّبَرانيّ، فذكر حديثًا.
226- أحمد بن عيسى بن عبّاد بن عيسى بن موسى.
أبو الفضل الدَّينوريّ، المعروف بابن الأستاذ1.
قدم هَمَذان قبل السَّبعين، وحدَّث عن: أبيه أبي القاسم، وأبي بكر بن لال، وأحمد بن تُرْكان، وعبد الرحمن الإمام، وعبد الرحمن الصَّفَّار، وطاهر بن ماهلة، وأبي عمر بن مهديّ، وعليّ البيِّع، وجماعة.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه بهمذان، والدَّينور، وكان صدوقًا. سألته عن مولده فقال: وُلدتُ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
ومات بالدِّينور سنة ثمانٍ.
قلت: فيكون عمره سبْعًا وتسعين سنة، وكان رحمه الله مُسْنِد تلك الدِّيار في زمانه.
227- أحمد بن محمد.
أبو العبّاس النَّيسابوريّ التّاجر الصّوفيّ، المعروف بأحمد محمود2. خادم الفقراء في مدرسة الحدّادين سنين.
وقد خدم الشّيخ محمود الصُّوفي مدّة، ولِذا نُسب إليه.
وقد ورث عن أبيه أموالًا جمَّة، أنفقها على الفقراء.
وقد تخرَّج به جماعة، وكان له نفسُ صادق، وقَبُول بين الأكابر. يفتح على يديه ولسانه للفقراء أنواع الفتوح.
وقد سمع من أبي حفص بن مسرور.
وتُوُفّي رحمه الله بناحية جوين في شعبان كهلًا.
__________
1 السير "18/ 584".
2 لم نقف عليه.(32/136)
228- أحمد بن محمد بْن الحَسَن بْن فُورَك1.
أبو بَكْر الزُّهريّ النَّيسابوريّ سبط الأستاذ أبي بكر بن فورك.
كان أحد الكتَّاب والمترسِّلين، يلبس الحرير.
سمع مسند الشّافعيّ من أبي بكر الحِيريّ.
وسمع من أبي حفص بن مسرور، وجماعة.
وكان زوج بنت القُشَيْريّ، ذكيًّا مُناظرًا، واعظًا، شَهْمًا، مُقبِلًا على طلب الجاه والتّقدُّم، وبسببه وقعت فتنةٌ ببغداد بين الحنابلة والأشاعرة.
وقد روى عنه: إسماعيل بن محمد التَّميميّ الحافظ، وأبو القاسم إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيرهما.
ووعظ ببغداد، ونَفَقَ سُوقُه وزادت حشمته وأملاكه ببغداد، وتردّد مرّاتٍ إلى المعسكر. وكان نظام المُلْك يُكرمه ويحترمه.
قال ابن ناصر: كان داعيةً إلى البدْعة، يأخذ مَكْس الفحْم من الحدادين.
229- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن داود الأصبهاني.
الخيّاط، سِبْط محمد بن عَمْر الجرواآنيّ2.
مات فجأةً في سَلخ ذي القِعْدة.
230- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن يحيى ين خليل بن ماسوَيْه.
أبو العبّاس بن الحدّاد الأنصاريّ البَلَنْسِيّ3.
حجّ سنة اثنتين وخمسين، ودخل إلى خُراسان، وعاد إلى مصر.
وكان واسع العلم والرواية.
ذكره ابن الآبّار في تاريخه.
__________
1 البداية "12/ 127".
2 في عداد المجهولين.
3 لم نقف عليه.(32/137)
231- إسماعيل بن أحمد بن عبد العزيز.
أبو القاسم السّياريّ العطّار النَّيسابوريّ1.
شيخ، معتَمَد، رئيس.
صحب أبا محمد الْجُوَيْنيّ، وسمع ابن مَحْمِش الزّياديّ.
وحدَّث ببغداد بعد السّبعين.
وتُوُفّي سنة ثمانٍ.
ثمّ حضر إليَّ تاريخ عبد الغافر فإذا فيه:
232- إسحاق بن أحمد بن عبد العزيز بن حامد.
أبو يعقوب المحمَّداباذيّ الزّاهد، المعروف بإسحاقك2.
شيخ ثقة من العُبّاد، عديم النَّظير في زُهْده وورعه. وكان من أصحاب أبي عبد الله. قليل الاختلاط بالناس، محتاط في الطهارة والنّظافة.
وُلِد سنة أربعمائة.
وسمع من أبي سعيد الصَّيرفيّ.
وتُوُفّي عاشر جُمَادَى الأولى سنة 78.
233- إسماعيل بن عَمْرو بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر.
أبو سعيد البَحِيريّ النَّيسابوري3.
حدَّث في هذا العام -لمّا حجّ- بَهَمَذان، عن: أبيه أبي عثمان، وأبي حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد النَصروييّ، والحسين بن إبراهيم الكَيْسَليّ، ومحمد بن عبد العزيز النّيليّ، وبِشْرُوَيْه بن محمد المغفَّليّ، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النَّصراباذيّ.
قال شيرُوَيْه: سمعت منه، وكان صدوقًا.
__________
1 انظر السابق.
2 السابق.
3 الأنساب "2/ 97".(32/138)
"حرف الحاء":
234- الحسين بن عليّ بن أبي نزار.
الحاجب الصدر أبو عبد الله المردوسيّ1، حاجب باب النُّوبيّ.
محمود السيرة، ديِّن، خيِّر، متعبّد.
مات فِي ذي القعدة، وله أربعٌ وتسعون سنة.
لم يروِ شيئًا.
235- حمزة بن عليّ بن محمد بن عثمان بن السّوّاق.
أبو الغنائم البغداديّ البُنْدار2.
ولد سنة اثنتين وأربعمائة.
وسمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الفَرَج أحمد بن عَمْر العَصائديّ صاحب جعفر الخُلديّ.
وعنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطي، والمبارك بن أحمد.
مات في شعبان.
"حرف الزاي":
236- زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد3.
أبو عبد الله الأنصاريّ الأندلسيّ، خطيب قُرْطُبة.
أخذ عن: يونس بن عبد الله.
وحجّ فسمع من: أبي محمد بن الوليد.
وأجاز له أبو ذرّ.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 127، 128".
2 المنتظم "9/ 18".
3 الصلة "1/ 189، 190".(32/139)
قال ابن بَشْكُوال: وكان فاضلًا، ديَّنًا، ناسكًا، خطيبًا، بليغًا، محبَّبًا إلى النّاس، معظَّمًا عند السُّلطان، جامعًا لكلّ فضيلة، حَسَن الخُلُق، وافر العقل.
أخبروني عن: محمد بن فَرَج الفقيه، قال: ما رأيت أعقل من زياد بن عبد الله.
تُوُفّي زياد في رمضان، وله ستٌّ وثمانون سنة. أنبا عنه أبو الحَسَن بن مغيث.
"حرف السين":
237- سُليمان بن أحمد الواسطيّ1:
عن: ابن شاذان.
وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.
"حرف الطاء":
238- طلْحة بن عليّ بن يوسف.
أبو محمد الرّازيّ. ثمّ البغداديّ، الصُّوفيّ الفقيه2.
من ساكني رباط أبي سعْد.
كان حسن السيرة.
سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا القاسم الخِرَقِيّ.
وعنه: ابنه محمد بن طلْحة، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
تُوُفّي رحمه الله في صَفَر.
"حرف الظاء":
239- ظَفَر بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم.
أبو محمد الأصبهاني3.
مات في ذي الحجّة.
__________
1 في عداد المجهولين.
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 في عداد المجهولين.(32/140)
"حرف العين":
240- عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بن خَزْرَج.
أبو محمد اللَّخميّ الإشبيليّ الحافظ المؤرِّخ1.
ولد سنة سبعٍ وأربعمائة.
وروى عن: أبي عَمْرو المرشانيّ، وأبي الفتوح الْجُرْجانيّ، وأبي عبد الله الخَوْلانيّ، وخلْق.
وعدد شيوخه مائتان وستّون رجلًا.
وكان مع حِفْظه فقيهًا مشاورًا. أكثر النّاسُ عنه.
روى عنه: شُرَيْح بن محمد، وأبو محمد بن يَرْبُوع.
مات رحمه الله في شوّال بإشبيلية.
241- عبد الرحمن بن الحَسَن.
أبو القاسم الشّيرازيّ الفارسيّ2.
إمامٌ ذو فنون، سافر الكثير، وسكن ميهنة، قَصَبة خابران، في آخر عمره، وكان من مُريدي أبي سعيد بن أبي الخير المَيْهَنيّ.
سمع ببغداد: أبا يَعْلَى بن الفرَّاء؛ وبدمشق: الحسين بن محمد الحِنّائيّ، وبالمعرَّة: أبا صالح محمد بن المهذَّب، وجماعة.
روى عنه: أبو بكر المحتاجي الخطيب بمَيْهَنَة.
وحدَّث في هذا العام، ولم نعرف وفاته.
242- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الباجيّ3.
أبو محمد اللَّخميّ. من أهل إشبيلية.
__________
1 السير "18/ 488".
2 لا بأس به.
3 الصلة "1/ 285".(32/141)
سمع من: جدّه.
وكان فقيهًا فاضلًا.
روى عنه: أحمد بن عبد الله بن جابر.
243- عبد الرحمن بن مأمون بن عليّ.
الإمام أبو سعْد المتولّي النيَّسابوري، الفقيه الشّافعيّ1.
أحد الكبار.
قدِم بغداد، وكان فقيهًا محقِّقًا، وحبْرًا مدقِّقًا. وُلْي تدريس النّظاميّة بعد الشّيخ أبي إسحاق، ودرَّس وروى شيئًا يسيرًا.
ثمّ عُزِل بابن الصّبّاغ في أواخر سنة ستٍّ وسبعين، ثمّ أُعيد إليها سنة سبعٍ وسبعين.
وقد تفقّه على القاضي حسين بمَرْو الرُّوذ، وعلى أبي سهل أحمد بن عليّ الأَبيوَرْديّ ببُخَارى، وعلى أبي القاسم عبد الرحمن الفورانيّ بمَرْو، حتّى برع وتميَّز.
وكان مولده في سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة.
وتُوُفّي ببغداد.
وله كتاب "التَّتمَّة" تمَّم به "الإبانة" لشيخه الفورانيّ، ولكنّه لم يُكْمِلْه، وعاجَلَتْه المنيَّة، وانتهى فيه إلى الحدود. وله مختصر في الفرائض، ومصنَّف في الأصول، وكتاب في الخلاف جامعٌ للمآخِذ.
244- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن زياد.
أبو عيسى الأصبهاني الأديب الزّاهد2.
لا أعرف متى توفّي.
وتوفّ في هذه الحدود.
وسمع: أبا جعفر بن المرزبان الأبهريّ.
__________
1 السير "18/ 585"، البداية والنهاية "12/ 128".
2 السير "18/ 585"، طبقات الشافعية "3/ 225".(32/142)
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، ويحيى بن عبد الله بن أبي الرجاء، ومحمد بن أبي القاسم الصالحاني، ومسعود الثقفيّ، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ، وآخرون.
وكان رحمه الله من بقايا الصّالحين والعُلماء.
245- عبد الرحمن بن محمد بن سَلَمة.
أبو المطرِّف الطُّليطليّ1.
عن: أبيّ عَمْر الطَّلمنكيّ، وأبي عَمْر بن عبّاس الخطيب.
وكان من كبار الفقهاء المُفْتِين.
مات فجأةً. في صَفَر، وله سبعٌ وسبعون سنة.
246- عَبْد الكريم بْن عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بن عليّ.
أبو مَعْشَر الطّبريّ القطّان المقرئ2، مقرئ مكّة.
كان إمامًا مجودًا، بارعًا، مصنفًا، له كُتُبُ في القراءات.
قرأ بحرّان على أبي القاسم الزَّيديّ، وبمصر على أصحاب السّامرّيّ، وأبي عديّ عبد العزيز. قرأ بمكة على أبي عبد الله الكارَزينيّ.
وسمع بمصر من: أبي عبد الله بن نظيف، وأبي النُّعمان تُراب بن عَمْر، وعبد الله بن يوسف بتنيس، وأبي الطّيّب الطَّبريّ ببغداد، وعبد الله بن عَمْر بن العبّاس بغزّة.
وسمع بمنْبج، وحَرّان، وآمِد، وحلب، وسَلَمَاس، والجزيرة.
روى عنه: أبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وأبو تمّام إبراهيم بن أحمد الصَّيمريّ.
قال ابن طاهر: سمعتُ أبا سعْد الحَرَميّ بهَرَاة يقول: لم يكن سماع أبي مَعْشَر الطَّبريّ في جزء ابن نظيف صحيحًا، وإنّما أخذ نسخةً فرواها.
__________
1 الصلة "2/ 342".
2 معرفة القراء الكبار "1/ 435".(32/143)
قلت: قرأ القراءات خلق، منهم أبو عليّ بن العرجاء، وأبو القاسم خَلَف بن النّحّاس، وأبو عليّ بن بَليّمة.
وله كتاب "سوق العروس"، يقال: فيه ألف وخمسمائة طريق.
تُوُفّي بمكّة.
وله كتاب "الدُّرر" في التفسير، وكتاب "الرّشاد" في شرح القراءات الشاذّة، وكتاب "عيون المسائل"، وكتاب "طبقات القرّاء"، وكتاب "مخارج الحروف"، وكتاب "الورد"، وكتاب "هجاء المصاحف"، وكتاب في اللّغة.
وقد روى كتاب "شفاء الصُّدور" للنّقّاش، عن الزَّيديّ، عنه، و"مسند أحمد" عن الزَّيديّ، عن القطيعيّ، و"تفسير الثّعلبيّ".
رواه عن مؤلِّفه. وكان فقيهًا شافعيا، رحمه الله.
247- عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن محمد بن حيُّويه1.
إمام الحَرَمَيْن أبو المعالي ابن الإمام أبي محمد الْجُوَيْنيّ، الفقيه الملقَّب ضياء الدّين. رئيس الشّافعيّة بَنْيسابور.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: كان إمام الأئّمة على الإطلاق، المُجْتَمع على إمامته شرقًا وغربًا، لم تَرَ العيون مثله.
وُلِد سنة تسع عشرة وأربعمائة في المحَّرم، وتفقَّه على والده، فأتى على جميع مصنفاته، وتُوُفّي أبوه وله عشرون سنة، فأُقعِد مكانه للتّدريس، فكان يدرّس ويخرج إلى مدرسة البَيْهقيّ.
وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسفرائينيّ الإسكاف. وكان ينفق من ميراثه وممّا يَدْخله من معلومه، إلى أن ظهر التعّصُّب بين الفريقين، واضطّربت الأحوال، واضطُر إلى السَّفر عن نَيْسابور، فذهب إلى المعسكر، ثمّ إلى بغداد.
وصحب أبا نصْر الكُنْدُريّ الوزير مدّةً يطوف معه، ويلتقي في حضرته بالأكابر من العلماء، ويُناظرهم، ويحتكّ بهم، حتّى تهذَّب في النَّظر وشاع ذكْرُه. ثمّ خرج
__________
1 السير "13/ 17، 18" طبعة التوفيقية.(32/144)
إلى الحجاز، وجاور بمكّة أربع سنين، يدرّس ويفتي، ويجمع طرق المذاهب، إلى أن رجع إلى بلده بَنيْسابور بعد مُضِي نوبة التعصب، فأُقعِد للتّدريس بنظاميّة نَيْسابور، واستقامت أمور الطَّلبة، وبَقِيّ على ذلك قريبًا من ثلاثين سنة غير مُزاحَم ولا مُدافَع، مسلَّم له المحراب، والمِنبر، والخطابة والتّدريس، ومجلس الوعْظ يوم الجمعة.
وظهرت تصانيفه، وحضَر درسَه الأكابر والْجَمْع العظيم من الطَّلبة.
وكان يقعد بين يديه كلَّ يومٍ نحو من ثلاثمائة رجل. وتفقه به جماعة من الأئّمة.
وسمع الحديث من أبيه، ومن: أبي حسّان محمد بن أحمد المزكّي، وأبي سعد البصروييّ، ومنصور بن رامش، وآخرين.
ثنا عنه: أبو عبد اللَّه الفرَّاويّ، وأبو القاسم الشّحّاميّ، وأحمد بن سهل المسجديّ، وغيرهم.
أخبرنا أبو الحسين اليُونينيّ، أنا الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ قال: تُوُفّي والد أبي المعالي، فأُقعِد مكانه، ولم يكمّل عشرين سنةً، فكان يدرِّس، وأحكم الأُصول على أبي القاسم الإسكاف الإسفرائينيّ.
وجاوَرَ بمكّة أربع سنين، ثمّ رجع إلى نَيْسابور، وجلس للتدريس بالنّظاميّة قريبًا من ثلاثين سنة، مسلَّم له المحراب، والمِنْبَر، والخطابة، والتّدريس، والتّذكير.
سمع من أبيه، ومن: عليّ بن محمد الطِّرازيّ، ومحمد بن إسحاق المزكّى، وأبي سعْد بن عليَّك، وفضل الله أبي الخير الميهنيِّ، والحسن بن عليّ الجوهريّ البغداديّ.
وأجاز له أبو نُعَيم الحافظ.
قال المؤلف: في سماعه من الطِّرازيّ نظر، فإنّه لم يَلْحق ذلك، فلعلّه أجاز له.
قال السّمعانيّ: قرأتُ بخطّ أبي جعفر محمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ: سمعتُ أبا إسحاق الفَيْرُوزآباديّ يقول: تمتَّعوا بهذا الإمام، فإنّه نزهة هذا الزمان، يعني أبا المعالي الْجُوَيْنيّ.
قال: وقرأتُ بخط أبي جعفر أيضًا: سمعتُ أبا المعالي يقول: قرأت خمسين ألفًا(32/145)
في خمسين ألفًا، ثمّ خلّيت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظّاهرة وركبت البحر الخضمَّ1 العظيم، وغُصْتُ في الذي نُهي أهل الإسلام منها، كلّ ذلك في طلب الحقّ. وكنتُ أهربُ في سالف الدّهر من التّقليد، والآن رجعتُ من الكُلّ إلى كلمة الحقّ. عليكم بِدِين العجائز. فإنْ لم يدركْني الحقُّ بلطيف بِرّه، فأموت على دين العجائز، ويختُم عاقبة أمري عند الرحيل على بُرهة أهل الحقّ، وكلمة الإخلاص: لا إله إلَّا الله، فالويْلُ لابن الْجُوَيْنيّ يريد نفسه2.
وكان أبو المعالي مع تبحُّره في الفقه وأصوله لا يدري الحديث. ذكر في كتاب "البرهان" حديث مُعَاذ في القياس، فقال: هو مدوَّنُ في الصّحاح، متَّفق على صحته. كذا قال، وأنَّى له الصّحّة، ومداره على الحارث بن عَمْرو، مجهول، عن رجالٍ من أهل حمص لا يُدْري من هم، عن مُعاذ.
وقال المازِريّ رحمه الله في شرح البرهان في قوله: إنّ الله تعالى يعلم الكلّيات لا الْجُزْئيّات: ودِدْتُ لو مَحَوْتُها بدمي.
قلت: هذه لفظة ملعونة.
قال ابن دِحْية: هذه كلمة مكذِّبة للكتاب والسَّنة، مكفّر بها، هَجَره عليها جماعة، وحلف القُشَيْريّ لا يكلّمه أبدًا؛ ونُفي بسببها مدّةً. فجاورَ وتاب3.
قال السّمعانيّ: وسمعت أبا الفَرَج بن أبي بكر الأُرْمَويّ مذاكرةً يقول: سمعتُ أستاذي غانم الموُشيليّ. سمعتُ الإمام أبا المعالي الْجُوَيْنيّ. يقول: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا اشتغلت بالكلام.
وقال أبو المعالي الْجُوَيْنيّ في كتاب "الرسالة النظاميّة": اختلفت مسالك العلماء في الظّواهر الَّتي وردت في الكتاب والسُّنّة، وامتنع على أهل الحقّ اعتقاد فَحْواها، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السُّنن. وذهب أئّمةُ السَّلف إلى الانكفاف عن التّأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى.
__________
1 البحر الخضم: الواسع الضخم.
2 السير "13/ 18".
3 السابق "13/ 19".(32/146)
والذي نرتضيه رأيا، وندين الله به عقدا اتِّباع سلف الأمة؛ فالأولى الاتِّباع وترك الابتداع، والدليل السَّمعيُّ القاطع في ذلك أنّ إجماع الأمّة حُجّةٌ متبعة وهو مُسْتَنَدُ معظَم الشريعة. وقد دَرَج صَحْبُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ترك التّعريض لمعانيها، ودَرْك ما فيها، وهو صفوة الإسلام المستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يأْلُون جهدًا في ضبط قواعد الملَّة، والتّواصي بحفظها، وتعليم النّاس أن يكون اهتمامهم ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغًا أو محتومًا لأوْشَك أن يكون اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا تصرَّمَ عصرهم وعصْر التابعين. على الإضراب عن التأويل، كان ذلك قاطعّا بأنّه الوجه المتَّبع، فحقَّ على ذي الدّين أن يعتقد تنزه الباري تعالى عن صفات المُحْدَثين، ولا يخوض في تأويل المشْكَلات، وَيَكل معناها إلى الرّبّ فَلْيُجْر آية الاستواء والمجيء وقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، و {يَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] ، و {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] ، وما صح من أخبار الرسول كخبر النُّزُول وغيره على ما ذكرناه1.
وقال محمد بن طاهر الحافظ: سمعتُ أبا الحسن القروانيّ الأديب بَنْيسابور، وكان يسمع معنا الحديث، وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي الْجُوَيْنيّ، يقرأ عليه الكلام، يقولُ: سمعتُ الأستاذ أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا، لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفتُ أنَّ الكلام بلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به2.
وحكى أبو عبد الله الحَسَن بن العبّاس الرُّستميّ فقيه إصبهان قال: حكى لنا أبو الفتح الطَّبرّي الفقيه قال: دخلتُ على أبي المعالي في مرضه فقال: اشهدوا عليَّ أنّي قد رجعت عن كلّ مقالةٍ تخالف السَّف، وأنّي أموت على ما تموت عليه عجائز نيسابور3.
وذكر محمد بن طاهر أنّ المحدِّث أبا جعفر الهَمَذانيّ حضر مجلس وعْظ أبي المعالي فقال: كان الله ولا عرش، وهو الآن على ما كان عليه.
فقال أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه التي نجدها، ما قال عارفٌ قطّ: يا الله؛ إلّا وجَدَ من قلبه ضرورة تطلب العلوَّ، لا نلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرَة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفُسنا؟ أو قال: فهل عندك من دواء لدفع هذه الضرورة التي نجدها؟ فقال: يا حبيبي، ما ثمَّ إلَّا الحَيْرَة. ولَطَمَ على رأسه ونزل، وبَقِيّ وقتُ عجيب، وقال فيما بعد: حيرَّني الهمذانيّ4.
__________
1، 2 السير "13/ 20، 21".
3، 4 السابق.(32/147)
ولأبي المعالي من التصانيف: كتاب "نهاية المَطْلَب في المذهب"، وهو كتابٌ جليل في ثمانية مجلَّدات، وكتاب "الإرشاد في الأصول"، وكتاب "الرسالة النظاميّة في الأحكام الإسلامية"، وكتاب "الشامل في أصول الدّين"، وكتاب "البرهان في أصول الفِقه"، و"مدارك العُقُول" لم يتمُّه، وكتاب "غياث الأُمم في الإمامة"، وكتاب "مغيث الخلق في اختيار الأحقِّ"، و"غنية المسترشدين" في الخلاف.
وكان إذا أخذ في علم الصُّوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين1.
وقد ذكره عبد الغافر في تاريخه فأسهب وأطْنَب، إلى أن قال: وكان يذكر في اليوم دروسًا يقع كلّ واحدٍ منها في عدّة أوراق، لا يتلعثم في كلمةٍ منها، ولا يحتاج إلى استدراك عثرةٍ، مارًّا فيها كالبرق بصوت كالرَّعد.
وما يوجد في كُتُبه من العبارات البالغة كُنْه الفصاحة غَيْض من فيض ما كان على لسانه، وغره من أمواج ما كان يعهد من بيانه، تفقّه في صباه على والده. وذكر التّرجمة بطولها.
وقال عليّ بن الحَسَن الباخَرْزِيّ في "الدُمْية"، وذكر الإمام أبا المعالي فقال: فالفقه فقه الشَّافعيِّ، والآدب أدب الأصمعيّ، وفي بصره بالوعظ الحَسَن البصْريّ. وكيف ما هو، فهو إمامُ كلّ إمام، والمستَعْلي بهمّته على كلّ هُمام.
والفائز بالظَّفر على إرغام كلّ ضِرْغام. إذا تصدَّر للفقه، فالمزنيّ من مُزْنَتِه قَطْرَه، وإذا تكلَّم فالأشعريّ من وفْرته شَعْرَه، وإذا خطب ألجم الفصحاء بالعي شقاشقه الهادرة، ولثم البلغاء بالصَّمت حقائقه البادرة.
وقد أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه وغيره في كتابهم عن الحافظ عبد القادر الرّهاويّ أنّ الحافظ أبا العلاء الهَمَذانيّ أخبره قال: أخبرني أبو جعفر الهَمَذانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ، وقد سُئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فقال: كان الله ولا عرش. وجعل يتخبَّط في الكلام، فقلت: قد علِمنا ما أشرت عليه، فهل عندك للضّرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارات؟ فقلتُ: ما قال عارف قطّ يا ربّاه، إلَّا قبل أن يتحرّك لسانه قام من باطنه قصْدٌ، لا يلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرةً، يقصد الفَوق. فهل لهذا القصد
__________
1 السير "13/ 21".(32/148)
الضّروريّ عندك من حيلةٍ، فنبِّئْنا نتخلَّص من الفوق والتَّحت؟ وبكيتُ، وبكى الخلْق، فضرب بكُمه على السرير، وصاح بالحَيْرة. وخرَّق ما كان عليه، وصارت قيامة في المسجد، ونزل ولم يُجِبْني إلَّا: بيا حبيبي، الحَيْرَة الحَيْرَة والدّهشة الدّهشة1.
فسمعتُ بعد ذلك أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيَّرني الهَمَذانيّ.
وقد تُوُفّي أبو المعالي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، ودُفِن في داره، ثمّ نُقِل بعد سنين إلى مقبرة الحسين، فدُفن إلى جانب والده وكُسِر مِنْبَره في الجامع، وأُغلقت الأسواق، وَرَثَوْه بقصائد. وكان له نحو من أربعمائة تلميذ، فكسروا محابرهم وأقلامهم، وأقاموا على ذلك حولًا. وهذا من فعل الجاهلية والأعاجم، لا من فِعْل أهل السُّنّة والإتّباع.
248- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ.
أَبُو الحَسَن الشَّهرستانيّ2، شيخ الصُّوفيّة برباط شهرستان.
خدم الكبار، وعُمِر وأسنَّ، ولعله نيفٌ على المائة.
قال عبد الغافر: اجتمعت به وأكرم موردي في سنة ثمان، توفِّي بعدُ بقريب.
249- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعْد الهَرَويّ الشُّروطيّ3.
أبو الحسين.
سمع من: الحاكم أبي الحَسَن الدِّيناريّ، والقاضي أبي عَمْر البسْطاميّ.
250- عليّ بن الحَسَن بن سلمُوَيْه.
أبو الحَسَن النَّيسابوري الصُّوفيّ التّاجر4.
روى عن: أبي بكر الحِيريّ، والطّرازيّ، والصَّيرفيّ، وغيرهم.
وتوفيّ في شعبان.
روى عنه: عمر بن محمد الدّهستانيّ.
__________
1 السير "13/ 22".
2 لم نقف عليه.
3 انظر السابق.
4 انظر السابق.(32/149)
251- عليّ بن عبد السلام الأرمنازيّ1.
له شِعْر حسن.
روى عنه: المحدِّث غَيْث، والحافظ محمد بن طاهر.
252- عليّ بن عبد العزيز بن محمد2.
أبو القاسم النَّيسابوري الخشاب. من شيوخ الشّيعة.
سمع الكثير عن: أبي نُعَيم الإسفرائيني، وأبي الحَسَن السقاء الإسفرائيني، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وطائفة.
توفي رحمه الله في ربيع الأول، وله تسعون سنة.
253- عليّ بن محمد.
أبو الحَسَن القيراونيّ، الفقيه المالكيّ المعروف باللَّخميّ3؛ لأنّه ابن بنت اللَّخميّ.
تفقَّه بابن مُحْرز، وأبي الفضل ابن بنت خلدون، والسيوريّ.
وظهرت في أيّامه له فتاوٍ كثيرة، وطال عمره، وصار عالم إفريقيّة، وتفقَّه به جماعة من السفاقُسيّين.
وأخذ عنه: أبو عبد الله المازِريّ، وأبو الفضل ابن النَّحويّ، وأبو عليّ الكَلاعيّ، وعبد الحميد السَّفاقسيّ.
وله تعليق كبير على "المدوَّنة" سمّاه "التَّبصرة".
254- عَوَضُ بن أبي عبد الله بن حمزة.
السّيّد أبو الرضيّ العَلَويّ الهَرَويّ4.
تُوُفّي في رمضان.
__________
1 معجم الأدباء "13/ 211".
2 لسان الميزان "4/ 241".
3 ترتيب المدارك "4/ 797".
4 في عداد المجهولين.(32/150)
"حرف الفاء":
255- فَرَجُ بن عبد الملك الأنصاريّ القُرْطُبيّ1.
روى عن: مكّيّ.
وصحِب محمد بن عتّاب.
وتقدَّم في الفقه والحديث. كان يحفظ.
256- الفضل بن محمد بن أحمد.
أبو القاسم الأصبهاني البقّال المؤدِّب2.
عُرِف بتانة.
سمع: محمد بن إبراهيم الخَرْجانيّ، وعليّ بن مَيْلَة.
وكان صالحًا عابدًا.
روى عنه: مسعود الثّقفّي، وأبو عبد الله الرُّستميّ.
257- فيّاض بن أميرجة.
أبو القاسم الهَرَويّ السَّوْسَمانيّ3.
مات بالكوفة.
"حرف الميم":
258- محمد بن إبراهيم بن سُليمان.
أبو الطّيّب الأصبهانيّ4.
في ذي الحجّة بأصبهان.
__________
1 الصلة "2/ 463".
2 لم نقف عليه.
3 انظر السابق.
4 في عداد المجهولين.(32/151)
259- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن أحمد بن الوليد.
شيخ المعتزلة أبو عليّ بن الوليد الكَرْخيّ1.
ولد سنة ستٍّ وتسعين وثلاثمائة، وأخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصريّ، وحفظ عنه حديثًا واحدًا بإسناده، وهو حديث القعنبيّ: "إذا لم تستحي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ".
رَوَاهُ عَنْهُ: أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمرقنديّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وأخذ عنه: ابن عقيل شيخ الحنابلة، وبه انحرف عن السُّنَّة.
قال محمد بن عبد الملك في تاريخه: في ذي الحِجّة تُوُفّي أبو عليّ بن الوليد شيخ المعتزلة وزاهدهم، ولم نعرف في أعمارنا مثل تورُّعه وقناعته. تورَّع عن ميراثه من أبيه، وقال: لم أتحقق أنه أخذ حرامًا، ولكنّي أعافُه. ولمّا كبر وافتقر جعل ينقض داره، ويبيع منها حسبةً، يتقوَّت بها، وكانت من حِسان الدُّور. وكان يلبس الخَشِن من القُطْن.
وقال أبو الفضل بن خيرون: تُوُفّي في خامس ذي الحِجّة، ودُفن في الشُّونِيزيّة، إلى جَنْب أبي الحَسَن البصْريّ أستاذه، وكان يدرّس الاعتزال والمنطق. وكان داعية إلى الاعتزال.
260- محمد بن خيرة.
أبو عبد الله بن أبي العافية الأندلسيّ2، من كبار فقهاء المَرِيّة، وممّن شُهِر بالحِفْظ.
يروى عن حاتم بْن محمد.
261- محمد بْن عَبْد اللَّه بن محمد.
أبو بكر القصّار، المعروف بابن الكنداجيّ، البغداديّ المقرئ3.
روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحَسَن الحمّاميّ، والحرفيّ.
__________
1 السير "18/ 489".
2 الصلة "2/ 554".
3 لم نقف عليه.(32/152)
روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر بن الزّاغونيّ.
تُوُفّي في صَفَر.
262- محمد بن علي بن مُحَمَّد بن المطّلب1.
أبو سعْد الكرْمانيّ الكاتب، والد الصّاحب الوزير أبي المعالي هبة الله.
قدم أبوه من كرمان، وولد هو ببغداد. ونظر في الأدب وأخبار الأوائل.
ومع من: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي عليّ بن شاذان.
روى عنه: يحيى بن البنّا، وشُجاع الذُّهليّ.
وكان شاعرًا هجًّا، بليغ الفحش، مقدّمًا في ذلك.
عُزِل لهجوه، فقال:
عُزِلتُ وما خُنْتُ فيما وُلِيتُ ... وغيري يخونُ ولا يُعْزَلُ
وهذا يدلُّ على أنَّ من ... يولِّي ويَعْزِل لا يعقِلُ
ومن شعره:
يا حسرتي مات حظّي من قلوبكُمُ ... وللحُظُوظ كما للنّاس آجالٌ
تصرَّم العُمُر لم أحظى بقربكم ... كم تحت هذِي القبورِ الخُرْس آمالُ
قال هبة الله السَّقطيّ: كنتُ أجتمع بأبي سعْد كثيرًا، فقلَّ أن انفصلتُ عنه إلَّا بنادرةٍ أو شِعْر، ولم تنزل الحالُ به إلى أنْ تاب، وأُلْهِم الصّلاة والصَّوم والصَّدقات، وغَسَلَ مسوَّدات شِعْره قبل موته رحمه الله.
مات في ربيع الآخر، وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة.
263- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حسن بن عبد الوهّاب بن حسُّويه.
قاضي القُضاة أبو عبد الله الدَّامغانيّ، الحنفيّ2.
شيخ حنفيّة زمانه. تفقَّه بخراسان، ثمّ قدِم بغداد في شبيبته، ودرس على القدوريّ.
__________
1 السير "18/ 490"، البداية والنهاية "12/ 319".
2 السير "18/ 485"، البداية والنهاية "12/ 129".(32/153)
وسمع الحديث من: القاضي أبي عبد الله بن عليّ الصَّيمريّ، والحافظ محمد بن عليّ الصُّوريّ، وشيخه أبي الحسين أحمد بن محمد القُدُوريّ.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعليّ بن طِراد الزَّينبيّ، والحسين المقدسيّ، وغيرهم.
وتفقّه به جماعة.
وكان مولده بدَامَغَان سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة، وحصّل للعلم على الفقر والقنوع.
قال أبو سعْد السَّمعانيّ: قال والدي: سمعتُ أحمد بن الحسين البصْريّ الخبّاز يقول: رأيتُ أبا عبد الله الدّامَغَانيّ كان يحرس في درْب الريّاح، وكان يقوم بعيشته إنسان اسمُه أبو العشائر الشيْرَجيّ.
قلتُ: ثمّ آل به الآمرُ إلى أن ولي قضاء القُضاة للمقتدي بالله، ولأبيه قبله. وطالت أيّامه، وانتشر ذِكْرُه، وكان مثل القاضي أبي يوسف قاضي الرّشيد في أيّامه حشمةً وجاهًا وسُؤْدُدًا وعَقْلًا، وبَقِيّ في القضاء نحوًا من ثلاثين سنة.
ولي أولًا في ذي القعدة سنة سبعٍ وأربعين، بعد موت قاضي القُضاة أبي عبد اللَّه بن ماكولا.
وقال محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ في "طبقات الفُقَهاء": قال قاضي القضاة الدّامغانيّ: قرأتُ على أبي صالح الفقيه بدامَغَان، وهو من أصحاب أبي عبد الله الْجُرْجانيّ، وأصابني جُدَرِيّ فاكتحلتُ، وجئت إلى المجلس بعدما برأتُ فقال: أنت مجدور، فقم. فقمت وقصدت من دامغان نيسابور، فأقمت أربعة أشهر، وصحِبْتُ أبا العلاء صاعد بن محمد الأستوائي قاضيها. قرأت على أبي الحَسَن المصَّيصيّ لِدِينه وتواضعه.
وجَرَت فتنة بين الطَّوائف هناك، فمنعهم محمود بن سُبُكْتِكِين مِن الْجَدَل، فخرجتُ إلى بغداد وورَدْتُها.
قال محمد: فقرأ على القُدُوريّ إلى أن توفّي سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، ولازم أبا عبد الله الصَّيمريّ فلمّا مات، انفرد بالتَّدريس، وصار أحد شهود بغداد. ثمّ ولي قضاء القائم بأمر الله، وبعده لابنه ثلاثين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام. وقد شهد عنده شيخ الشّافعيّة أبو الطَّيِّب الطَّبريّ.(32/154)
وكان أبو الطّيّب يقول: أبو عبد الله الدّامَغَاني أَعْرفُ بمذهب الشّافعيّ من كثيرٍ من أصحابنا.
قال: وكان عندنا بدامَغَان أبو الحَسَن صاحب أبي حامد الإسفرائينيّ، يعني فاستفاد منه الدّامَغَانيّ. وكان الدّامَغَانيّ قد جمع الصّورة البهيّة، والمعاني الحسنة من الدّين والعقل والعِلْم والحِلْم، وكَرَم المعاشرة للنّاس، والتّعصُّب لهم. وكانت له صَدَقات في السّرِّ، وإنصافٌ في العِلْم لم يكن لغيره. وكان يورد من المداعبات في مجلسه والحكايات المضحكة في تدريسه نظيرَ ما يورده الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، فإذا اجتمعا صار اجتماعهما نُزْهة.
عاش ثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام، وغَسَله أبو الوفاء ابن عَقِيل الواعظ، وصاحبه الفقيه أبو ثابت مسعود بن محمد الرّازيّ، وصلّى عليه ولده قاضي القُضاة أبو الحَسَن على باب داره بنهر القلَّايين.
ولقاضي القُضاة أصحاب كثيرون انتشروا بالبلاد، ودرَّسوا ببغداد فمنهم أبو سعْد الحَسَن بن داود بن بابشاذ المصريّ، ومات قبل الأربعين وأربعمائة.
ومنهم نور الهدى الحسين بن محمد الزَّينبيّ، ومنهم أبو طاهر الياس بن ناصر الدَّيلميّ. ومات في حياته منهم أبو القاسم عليّ بن محمد الَّرحبيّ ابن السَمَنانيّ، وآخرون فيهم كَثْرة ذكرهم ابن عبد الملك الهَمَذانيّ.
تُوُفّي في رابع وعشرين رجب. ودُفن في داره بنهر القلَّايين، ثمّ نُقِل ودُفن في القُبّة إلى جنب الإمام أبي حنيفة رحمهما الله.
264- محمد ن عَمْر بن محمد بن أبي عَقِيل1.
أبو بكر الكَرَجيّ الواعظ. وُلِد بالكَرَج سنة أربع وأربعمائة ورحل إلى إصبهان فسمع مُعْجَم الطَّبرانيّ، عن شيوخه من أبي ريذة.
وسمع بالشّام من: محمد بن الحسين بن التُّرجمان، والسَّكن بن جُمَيْع، وجماعة.
روى عنه: الفقيه نصر، وهبة الله بن طاوس.
وتُوُفّي في رجب بدمشق.
__________
1 تاريخ دمشق "39/ 54".(32/155)
265- محمد بن محمد بن موسى.
أبو عليّ النعُّيميّ النَّيسابوريّ1.
حدَّث عن: أبي الحَسَن محمد بن الحسين العَلَويّ.
وعمَّر أربعًا وتسعين سنة.
وتُوُفّي رحمه الله في رجب.
266- مسلم ابن الأمير أبي المعالي قُرَيْش بن بدران بن مقلّد حسام الدّولة أبي حسّان بن المسيب بن رافع العُقَيْليّ2.
السّلطان الأمير شرف الدّولة أبو المكارم.
كان أبوه قد نهب دار الخلافة مع البساسيريّ، ومات سنة ثلاثٍ وخمسين كَهْلًا، فقام شرف الدّولة بعده، واستولى على ديار ربيعة، ومُضَر، وتملَّك حلب، وأخذ الحمْل والإتاوة من بلاد الرّوم، أعني من أنطاكيّة، ونحوها. وسار إلى دمشق فحاصرها. وكان قد تهيَّأ له أخذها، فبلغه أنّ حرّان قد عصى عليه أهلُها، فسار إليهم، فحاربهم وحاربوه، فافتتحها وبذل السَّيف، وقتل بها خلقًا من أهل السُّنَّة.
وكان رافضيا خبيثًا، أظهر ببلاده سبّ السَّلف، واتسعت مملكته، وأطاعته العرب، واستفحل أمرُه حتّى طمع في الاستيلاء على بغداد بعد وفاة طُغْرُلْبَك.
وكان فيه أدبٌ، وله شعرٌ جيّد. وكان له في كلّ قرية قاض، وعامل، وصاحب خبر. وكان أحول، له سياسة تامّة. وكان لهيبته الأمنُ، وبعض العدْل في أيّامه موجودًا. وكان يصرف الجزية في بلاده إلى العلويِّين. وهو الذي عمَّر سُور المَوْصل وشيّدها في ستّة أشهر من سنة أربع وسبعين.
ثمّ إنّه جرى بينه وبين السّلطان سُليمان بن قُتْلُمش السَّلجوقيّ ملك الرّوم مصافٌّ في نصف صَفَر على باب أنطاكيّة فقُتِل فيه مسلم، وله بضعٌ وأربعون سنة.
قال صاحب الكامل، والقاضي شمس الدّين بن خَلِّكان.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "18/ 482".(32/156)
وقال المأمونيّ في تاريخه: بل وثب عليه خادمٌ في الحمام فخنقه.
ثمّ إنّ السّلطان ملكشاه رتَّب ولده في الرَّحبة، وحَرّان وسَرُوج، وزوّجه بأخته زُلَيْخا.
"حرف الهاء":
267- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد.
أبو الحَسَن القَصْريّ السيبيّ1.
من أهل قصر هبيرة.
قدِم بغداد مع عمّه أبي عبد الله بن السيبيّ.
وسمع الحديث من: أبي الحَسَن بن بِشْران، وغيره.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وعليّ بن عبد السلام.
وكان فاضلًا. قرأ طَرَفًا من النَّحو والفقه، وولي القضاء بناحيته. ثمّ إنه طُلِب لتأديب أمير المؤمنين المقتدي بالله وبَنيه من بعده. وولي القضاء بالحريم الشّريف. وكان وَقُورًا مهيبًا فهمًا عالمًا.
تُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم عن بضعٍ وثمانين سنة.
"حرف الياء":
268- يحيى بن محمد بن القاسم بن محمد.
أبو المعمَّر بن طَبَاطَبَا العلويّ الشّيعيّ2.
من كبار الإماميّة.
روى عن الحسين بن محمد الخلَّال. وشارك في العلم.
روى عنه: أبو نصر الغازي، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 130".
2 بغية الوعاة "2/ 342".(32/157)
وفيات سنة تسع وسبعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
269- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن شيبان.
البغداديّ1.
روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وعبد اللَّه بن يحيى السُّكَّريّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.
270- أحمد بن عُبَيْد الله.
أبو غالب بن الزّيّات البيّع الخيّاط المؤذّن.
سمع: ابن شاذان، والحرفيّ.
وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ.
تُوُفّي فِي شعبان.
271- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن دوست دَادَا.
شيخ الشيوخ أبو سعْد النَّيسابوريّ الصُّوفيّ2.
صحِب الزّاهد القُدوة أبا سعيد فضل اللَّه بْن أَبِي الخير الميْهَنيّ، وسافر الكثير. وكان ذا همّةٍ شريفة وأخلاق سَنِيّة. حجّ على التجريد مرّات؛ لأنّ الطّريق كان منقطعًا. وكان يجمع جماعة من الفُقراء والصُّوفيّة، ويدور في قبائل العرب، وينتقل من حلّة إلى حلّة، إلى أن يصل مكّة.
وكان بينه وبين نظام المُلْك مودَّة أكيدة.
اتفق أنّه كان منصرفًا من إصبهان إلى حضرة نظام المُلْك، فنزل بنهاوند، وكان قد غَرُبَت الشمس، فنزل فأتى خانقاه أبي العبّاس النَّهاونديّ، فمُنع من الدّخول وقيل: إنْ كنت من الصُّوفيّة، فليس هذا وقت دخول الخانقاه، وإنْ كنتَ لست منهم، فليس هذا موضعك.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "13/ 31" طبعة التوفيقية.(32/158)
فباتَ تلك الليلة على باب الخانقاه في البرد، فقال في نفسه: إنْ سهْل الله لي بناء خانقاه أمنع من دخولها أهل الجبال، وتكون موضع نزول الغرباء من الخُراسانيّين.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: بَلَغَني أنّه خرج مرّةً إلى البادية، فأضافه صاحبه أحمد بن زَهْراء، وكانت له زاوية صغيرة يجتمع فيها الفقراء، فلمّا دخلها أبو سعْد قال: يا شيخ لو بنيت للأصحاب موضعًا أوسع من هذا، وبابًا أرفع من هذا، حتّى لا يحتاج الدّاخل إلى انحناء ظهره.
فقال له أحمد: إذا بنيت أنت رِباطًا للصُّوفيّة في بغداد، فاجعل له بابًا يدخل فيه الجمل وعليه الرّاكب.
فضربَ الدَّهر ضرباته، وانصرف أبو سعْد، إلى نَيْسابور، وباعَ أملاكه، وجمع ما قدر عليه، وقدِم بغداد، وبنى الرّباط، وحضر فيه الأصحاب، وأحضر أحمد بن زَهْراء وركب واحدٌ جملًا حتَّى دخل من باب الرِّباط.
وسمعت ولده أبا البركات إسماعيل يقول: لما غرق جميع بغداد في سنة ستٍّ وستين وأربعمائة، وكان الماء يدخل الدُّور من السُّطوح، وضرب الجانب الشّرقيّ بالكلّية، اكترى والدي زورقًا، وركب فيه، وحمل أصحابه الصُّوفيّة وأهله. وكان الزَّورق يدور على الماء، والماء يخرّب الحِيطان، ويحمل الأخشاب إلى البحر، فقال أحمد بن زَهْراء لوالدي: لو اكتريت1 زورقًا ورجلًا يأخذ هذه الْجُذُوع ويربطها في موضع، حتَّى إذا نقص الماء بنيت الرّباط، كان أخفَّ عليك.
قال: يا شيخ أحمد هذا زمان التفرقة، ولا يمكن الجمع في زمن التفرقة. فلمّا هبط الماء بنى الرّباط أحسن ممّا كان.
تُوُفّي في ربيع الآخر، وهو الذي تولّى رباط نهر المعلَّى.
وكان عالي الهمّة، كثير التّعصُّب لأصحابه، جدَّد تربة معروف الكَرْخيّ بعد أن احتَرَقَت. وكان ذا منزلةٍ كبيرةٍ عند السُّلطان، وحُرْمة عند الدّولة. وكان يقال: الحمد لله الذي أخرج رأس أبي سعْد من مرقَّعةٍ، فلو خرج من قباء لَهَلَكْنا.
وابن زَهراء هذا هو أبو بكر الطُّريثيثيّ.
__________
1 الاكتراء: الإيجار.(32/159)
272- أحمد بن محمد بن مفرّج.
أبو العبّاس الأنصاري القُرْطُبيّ1.
يُعرف بابن رُمَيْلَة. كان معنيا بالعِلم، وصحبة الشّيوخ. وله شعر حسن في الزُّهد، وفيه عبادة. واستُشهد بوقعة الزّلّاقة، مقبِلًا غير مُدبْر رحمه الله وكانت يوم الجمعة ثاني عشر رجب على مقربةٍ من بَطَلْيُوس. قُتِل فيها من الفرنج ثلاثون ألف فارس، ومن الرَّجَّالة ما لا يحصى؛ وهي من الملاحم المشهورة كما يأتي.
273- أحمد بن يوسف بن أصبغ.
أبو عمر الطُّلَيطليّ2.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد الرحمن بْن محمد بْن عبّاس.
وكان ماهرًا في الحديث والفرائض والتّفسير، ورحل إلى المشرق وحجّ. وولي قضاء طُلَيْطُلة. ثمّ عُزِل.
وكان ثقة رضيً.
توفِّي في شعبان.
274- إبراهيم بن عبد الواحد بن طاهر القطّان.
أبو الخطاب البغداديّ3.
ثقة صالح.
سمع: البرقاني، وأبا القاسم الحرفيّ، وابن بِشْران.
وعنه: ابن السَّمرقنديّ، والأنْماطيّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
275- إسماعيل بن زاهر بن محمد.
أبو القاسم النوُّقانيّ النيسابوريّ4.
__________
1 الصلة "1/ 68".
2 السابق "1/ 68، 69".
3 لم نقف عليه.
4 السير "18/ 446".(32/160)
قال السَّمعانيّ: فقيه صالح، صدوق، كثير السّماع.
سمع: أبا الحَسَن العَلَويّ، وأبا الطَّيِّب الصعلوكيِّ، وعبد الله بن يوسف بن مامويه، وابن مَحْمِش بَنْيسابور.
وأبا الحسين بن بِشْران، ونحوه ببغداد.
وجناح بن بدر بالكوفة؛ وابن نظيف، وأبا ذر بمكّة.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو نصر بن عَمْر الغازي، وإسماعيل بن عبد الرحمن القارئ.
وقد تفقَّه على الطُّوسيّ، وعقد مجلس الإملاء، وأفاد الكثير.
وكان مولده سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة.
ومن آخر مَن روى عنه عبد الكريم بن محمد الدّامَغَانيّ.
قال عبد الغافر: هو من أركان فقهاء الشّافعيّة. سمعتُ منه بعض أماليه.
وروى عنه أيضًا: سعيد بن عليّ الشّجّاعيّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، وأبو الفتوح عبد الله بن عليّ الخركوشيّ، وعبد الكريم بن عليّ العَلَويّ، وَعَبْد الملك بن عَبْد الواحد بن القُشَيْريّ، ومحمد بن جامع خيّاط الصُّوف، وغيرهم.
ومن مسموعاته: كتاب "تاريخ الفَسَويّ".
رواه عن ابن الفضل القطّان، عن ابن دَرَسْتَوَيْه، عن الفَسَويّ.
276- إسماعيل بن محمد بن أحمد.
أو سعْد الحَجَّاجيّ الفقيه1.
سمع: الحسين بن محمد بن فنجُوَيْه الثقفيّ، وأبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيرفيّ، وابن حيد.
وعنه: إسماعيل بن أبي صالح، وعبد الغافر الفارسيّ، وعبد الله بن الفراويّ.
__________
1 لا بأس به في عداد العلماء المستورين.(32/161)
"حرف الثاء":
277- ثابت بن الحسين بن شراعة.
أبو طالب التّميميّ الهَمَذانيّ الأديب1.
روى عن: أبي طاهر بن سَلَمة، ومنصور بن رامش، وابن عيسى وجماعة.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه، وكان صدوقًا.
تُوُفّي في صَفَر.
"حرف الجيم":
278- جَعبْر بن سابق.
الأمير سابق الدّين القُشَيْريّ2، صاحب قلعة جَعْبَر، الحصن الّذي على فُرات. قتله السّلطان ملكشاه السَّلجوقيّ لمّا قدِم حلب؛ لأنّه بلغه أنّ ولديه يقطعان الطّريق.
يُقال لقلعة جَعْبَر أيضًا: الدَّوسريّة؛ لأنّ دَوْسَر غلام ملك الحيرة النُّعمان بن المنذر بناها.
"حرف الحاء":
279- الحَسَن بن محمد بن القاسم بن زَيْنَة.
أبو عليّ البغداديّ الدّقّاق الكاتب3.
قال السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة مأمون. سمع الكثير، وتفرّقت كُتُبُه.
وكان يُسْمع من أصول غيره.
روى عن: هلال الحفّار.
ثنا عنه: إسماعيل السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطي، وأحمد بن الأخوَّة.
مات في صفر، وله ثمانون سنة.
__________
1 لا بأس به، ولم نقف عليه.
2 السير "18/ 552".
3 المنتظم "9/ 31".(32/162)
280- حمْد بن أحمد الحلمقريّ الهَرَويّ.
يروي عن أبي منصور الأزْديّ1.
"حرف السين":
281- سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخير2.
الشّيخ أبو طاهر ابن الإمام القدوة، أبي سعيد الميهني.
توفي في شعبان. وهو أكبر أولاد أبيه. وجلس في المشيخة بعد والده ولم يحدّث.
روى عن: أبي بكر الحِيريّ، وعن والده.
282- سُليمان بن قُتُلْمِش بن سلْجُوق3.
أمير قُونية، وجدّ سلاطين الرّوم.
قُتِلَ في صَفَر في المصافّ بأرض حلب، وقام بعد ابنه قلج أرسلان.
"حرف الشين":
283- شافع بن محمد بن شافع.
أبو بكر الأَبِيوَرْدِيّ4.
"حرف الصاد":
284- صالح بن أحمد بن يوسف.
أبو رجاء البُسْتيّ5، المعبّر.
جاور بمكّة مدّةً، وحدَّث عن: أبي المستعين محمد بن أحمد البُسْتيّ، وطاهر بن
__________
1 لم نقف عليه.
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 السير "18/ 449".
4 لم نقف عليه.
5 لا بأس به.(32/163)
العبّاس المَرْوَزِيّ، وأبي ذَرّ الهَرَويّ، سمع منه: عمر الرُّؤاسيّ، وغيره.
تُوُفّي بعد سنة ثمانٍ وسبعين.
"حرف الطاء":
285- طاهر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف.
أبو عبد الرحمن الشّحّاميّ النَّيسابوريّ المستملي1.
والد زاهر ووجيه.
كان أحد من عنى بالحديث وأكثر منه. وسمَّع أولاده.
وحدَّث عن: أبي بكر الحيريّ، وأبي عيد الصَّيرميّ، وفضل الله بن أبي الخير الميهَنِّيّ الزّاهد، ووالده أبي بكر محمد بن محمد الرجل الصّالح، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراينيّ، وصاعد بن محمد القاضي.
روى عنه: ابناه، وحفيده عبد الخالق بن زاهر، وفاطمه بنت خَلَف، وعبد الغافر الفارسيّ.
وصنَّف كتابًا بالفارسيّة في الشرائع والأحكام.
واستملى على نظام المُلْك، وغيره.
وكان فقيهًا، أديبًا، بارعًا، شُرُوطيًّا، صالحًا، عابدًا، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله ثمانون سنة.
"حرف العين":
286- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصّمد ابن المهتدي بالله ابن الواثق ابن المعتصم ابن الرشيد.
الخطيب أبو جعفر العبّاسيّ البغداديّ، والد أبي الفضل محمد بن عبد الله2.
كان خطيبًا جليلًا رئيسًا صالحًا، يخطب بجامع الحربيّة.
__________
1 السير "18/ 448".
2 المنتظم "9/ 32".(32/164)
سمع: أبا القاسم بن بشران، وغيره.
وعن: ابن السَّمرقنديّ.
ومات في شعبان.
287- عَبْد الجليل بْن عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن طلحة.
أبو المظفّر المَرْوَزِيّ، الفقيه الشّافعيّ1.
قدِم دمشق، وتفقَّه به جماعةُ منهم: أبو الفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ.
وكان قد تفقَّه على الكارزونيّ، وولي القضاء حين دخل التُّرك إلى دمشق.
وكان فاضلًا مهيبًا عفيفًا.
حدَث عن: عبد الوهّاب بن برهان، وغيره.
وعنه: غيث الأرمنازيّ، وهبة الله بن طاوس.
288- عبد الخالق بن هبة الله بن سلامة.
أبو عبد اله الواعظ ابن المفسِّر، خال رزق الله التّميميّ2.
صالح، زاهد، ورِع، نبيل، مَهِيب.
سمع: أبا عليّ بن شاذان.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنماطيّ.
مولده سنة تسعين وثلاثمائة.
289- عبد الكريم بن عبد الواحد3.
أبو الفتح الأصبهاني، الصّوّاف الدّلَّال.
سمع: عثمان بن أحمد البُرْجيّ، وأبا عبد الله الْجُرْجانيّ.
روى عنه: الثَّقفيِّ، والرُّستميّ
__________
1 طبقات الشافعية "3/ 221" للسبكي.
2 المنتظم "29/ 3".
3 لم نقف عليه.(32/165)
290- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السميع بن إسحاق1.
أبو الفضل بن الطَّوابيقيّ، العبّاسيّ.
من أولاد الواثق بالله.
سمع: أبا الحَسَن عليّ بن هبة الله العيسَويّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيره.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة ببغداد.
291- عُبَيْد الله بن عثمان بن محمد بن يوسف دوست.
أبو منصور بن العلَّاف2.
من أولاد الشيوخ.
روى عن: الحسين بن الحَسَن الغَضَائِريّ، وعُبَيْد الله بن منصور الحربيّ.
وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطي، وعمر بن السّنبك.
تُوُفّي في شعبان عن ستٍّ وثمانين سنة. قال ابن النّجّار
292- عليّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن بحر.
أبو عليّ التُّستريّ، ثمّ البصْريّ السَّقطيّ3.
كانت الرحلة إليه في سماع سنن أبي داود.
رواها عن: أبي عمر الهاشميّ.
وروى عن: عمه أبي سعيد الحَسَن بن عليّ.
روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، وعبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن محمد بن مرزوق الزَّعفرانيّ، وأبو غالب بن الحَسَن الماوَرْدِيّ، وعبد الملك بن عبد الله، وآخرون.
وكان صدوقًا.
__________
1 المنتظم "9/ 32".
2 لا بأس به.
3 السير "18/ 481".(32/166)
وآخر من حدَّث عنه أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد العلويّ النّقيب. روى عنه الجزء الأوّل من السُّنن بالسَّماع، والباقي إجازةً إنّ لم يكن سماعًا.
وبقي إلى سنة ستِّين وخمسمائة.
293- عليّ بن أحمد بن عليّ.
الأديب أبو القاسم الأُسَديّ النّجّاشيّ1.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، وطبقته.
وكان إخباريا، عارفًا، راوية.
روى عنه: أبو محمد بن السَّمرقنديّ، وهبة الله بن المُجْلي.
يُعرف بابن الكوفيّ.
تُوُفّي في رجب.
294- عليّ بن فضّال بن عليّ بن غالب.
أبو الحَسَن القَيْروانيّ، المُجاشِعيّ التّميميّ، الفَرَزْدَقيّ النَّحويّ2.
صاحب التَّصانيف.
مسقط رأسه هجَر، وطوَّف الأرض حتّى وصل إلى غَزْنَة، وأقبل عليه أكابرها. وانخرط في صحبة الوزير نظام المُلْك.
وصنَّف "بُرهان العَمِيديّ في التفسير"، في عشرين مجلدًا، وكتاب "الإكسير في علم التَّفسير" خمسة وثلاثون مجلَّدًا، وكتابًا في النَّحو، في عدَّة مجلدات وهو كتاب "إكسير الذّهب في صناعة الأدب"، وغير ذلك.
قال ابن طاهر المقدسيّ: سمعتُ إبراهيم بن عثمان الأديب الغَزّيّ يقول: لمّا دخل أبو الحَسَن بن فضّال النَّحويّ نَيْسابور اقترح عَليه أبو المعالي الْجُوَيْنيّ أنّ يصنّف باسمه كتابًا في النَّحو، فصنَّفه وسمّاه "الإكسير". ووعده بألف دينار، فلمّا صنَّفه وفرغ ابتدأ أبو المعلي بقراءته عليه، فلمَّا فرغ من القراءة انتظر أيامًا أن يدفع إليه ما وعده، فلم
__________
1 المنتظم "9/ 33".
2 السير "18/ 528"، معجم الأدباء "14/ 90".(32/167)
يُعْطه شيئًا، فأرسل إليه: إنّك إنّ لم تَفِ بما وعدتَ وإلَّا هجوتُك. فأنفذ إليه على يد الرسول: نكثتها، عرضي فداؤك. ولم يُعطِه حبة.
وقيل: إنّ ابن فَضّال روى أحاديث، فأنكرها عليه عبد الله بن سبعون القيروانيّ، فاعتذر بأنّه وهْم.
وقد صنَّف ابن فَضّال بغَزْنة عدَّة كُتُب بأسماء أكابر غَزْنَة.
وكان إمامًا في اللغة، والنَّحو، والسِّير، وأقرأ الأدب مدّةً ببغداد.
ومن شعره:
وإخواني حسِبْتُهُمُ دُرُوعًا ... فكانوها ولكنْ للأعادي
وخِلْتُهُم سهامًا صائباتٍ ... فكانوها ولكنْ في فؤادي
وقالوا: قد صَفَتْ منّا قُلُوبٌ ... لقد صدقوا ولكنْ عن وِدادي
وله:
لا عُذْرَ للصَّبّ إذا لم يكُنّ ... يخلَعُ في ذاك العذار العِذارْ
كأنّه في خدّهِ إذْ بدا ... ليلٌ تبدّى طالعًا في نهارْ
وشعره كثير.
وله من التّصانيف أيضًا: كتاب "النُّكَّت في القرآن"، وكتاب "البَسْمَلة وشرحها" مجلّد، وكتاب "العوامل والهوامل" في الحروف خاصّة، وكتاب "الفُصُول في معرفة الأُصُول"، وكتاب "الإشارة في تحسين العبارة"، وكتاب "شرح عنوان الإعراب"، وكتاب "العَرُوض"، وكتاب "معاني الحروف"، وكتاب "الدُّول في التّاريخ"، وهو كبير وُجد منه ثلاثون مجلَّدًا، وكتاب "شجرة الذَّهب في معرفة أئمة الأدب"، وكتاب "معارف الأدب"، وغير ذلك مع ما تقدَّم.
قال ابنُ ناصر: تُوُفّي ابن فَضّال المُجَاشِعيّ في ثاني وعشرين ربيع الأوّل.
295- عَليّ بن مقلَّد بن نصر بن مُنْقذ بن محمد.
الأمير سديد المُلْك أبو الحسن الكنانيِّ صاحب شيزر1.
__________
1 السير "18/ 553".(32/168)
أديب شاعرٌ. قدِم دمشقَ مرَّات. واشترى حصن شَيْزَر من الرّوم وكان أخا محمود بن صالح صاحب حلب من الرضاعة.
ومن شعره في غلام:
أَسْطُو عليه وقلبي لو تمكّن من ... يديَّ غلَّهما غيْظًا إلى عُنقي
وأستعير إذا عاتبتُه حَنَقًا ... وأين ذلُّ الهَوَى من عِزّة الحَنقِ
وكان قبل تملُّك شَيْزَر ينزل في نواحي شيزر، على عادة العرب؛ وقيل: إنّه حاصرها وأخذها بالأمان في سنة أربعٍ وسبعين. ولم تزل في يد أولاده إلى أن هدمتها الزَّلزلة، وقتلت سائر من فيها في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.
وكان جوادًا ممدَّحًا، مدحَه ابن الخيّاط، والخَفَاجيّ، وغيرهما.
وقيل: بل تُوُفّي سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة.
وهلك في الزَّلزلة حفيده تاج الدّولة محمد بن سلطان بن عليّ ابن عمّ الأمير أسامة الشاعر.
"حرف الفاء":
296- الفضْل ابن العلَّامة أبي محمد عليّ بْن أَحْمَد بْن سعيد بن حَزْم.
أبو رافع القُرْطُبيّ1.
روى عن: أبيه، وابن عبد البَرّ.
وكتب بخطه علما كثيرا. وكان ذا أدبٍ ونباهة، وذكاء.
توفي رحمه الله بوقعة الزّلَّاقة شهيدا.
وكان مع مخدومه المعتمد.
"حرف الميم":
297- محمد بْن أحْمَد بْن عثمان بْن أحْمَد بْن محمد.
أبو الفتح الخزاعيّ المطيريّ. المعروف بالباهر2.
__________
1 الصلة "2/ 464".
2 المنتظم "9/ 33".(32/169)
خطيب قصر هبيرة، من أعمال سامراء.
روى عن: عَلِيّ بْن أحمد بْن محمد بْن يوسف السّامرّيّ الرّفّاء، وأبي محمد الحَسَن بن محمد بن يحيى الفحام، وأبي عليّ شهاب الدّين العُكْبريّ، وأبي الحَسَن محمد بن جعفر بن محمد التّميميّ النَّحويّ الكوفيّ، وجماعة.
روى عنه: هبة الله السَّقطيّ، وأبو العزّ بن كادش.
وُلِد في رمضان سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة.
وقال السَّقطيّ: مات بقصر هُبَيْرة. فذكر السّنة وقال: تسمَّح في حديثه عن الرّفّاء خاصة.
298- محمد بن أحمد بن محمد بن يونس الأنصاريّ.
أبو عبد الله السَّرقسطيّ المقرئ1.
أخذ عن: أبي عَمْرو الدَّانيّ، وأبو عُمَر بن عبد البَرّ.
روى عنه: هبة الله بن الأكفانيّ.
299- مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف.
أبو بكر البغداديّ، أخو أحمد2.
كان ورِعًا صالحًا لا يخرج من منزله إلَّا للصَّلوات.
سمع: أبا الفتح بن أبي الفوارس، وابا الحسين بن بِشْران، والحمَّاميّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطي.
قال ابن ناصر: كان عالمًا، متقنًا، مجوَّدًا، كثير السّماع، ورِعًا، ثقة.
هجر أخاه لكونه حضر مجلس أبي نصر بن القُشَيْريّ.
مات في ربيع الأوّل.
__________
1 لم نقف عليه.
2 المنتظم "9/ 34".(32/170)
300- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد.
أبو الفضل الصّرّام النَّيسابوريّ الصّالح العابد1.
سمع: أبا نعيم عبد الملك بن الحسن، وعبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبا الحَسَن العلويّ، وأبا عبد الله الحاكم، وجماعة.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وإسماعيل بن المؤذن، ومحمد بن جامع الصّوّاف، وعبد الله بن الفُراويّ، وجماعة.
وطال عُمره، ومات في شعبان، وكان أبوه من رؤساء نَيْسابور، وهو، فكان يقرأ القرآن في ركعة أو ركعتين. ويديم التّعبُّد والتلاوة رحمه الله.
301- محمد بن الحَسَن بن منازل.
أبو سعْد المَوْصليّ الحدّاد الإسكاف2.
سمع: ابن مَخْلَد الرّزّاز، وأبا القاسم بن بِشْران.
وزعم أنّه سمع شيئًا من أبي الحسين بن بِشْران.
روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وإسماعيل بن محمد الطّلْحيّ.
مات في شعبان. قاله السّمعانيّ.
302- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هلال.
أبو الحَسَن بن الخبّازة، المستعمل العتّابي، الملقَّب بالْجُنَيد3.
سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الحسين بن بِشْران، وغيرهما.
روى عنه: يحيى بن الطّرّاح، وابن السَّمرقنديّ، ومحمد بن مسعود بن السَّدنك.
توفّي في ذي الحجّة.
__________
1 السير "18/ 483".
2 لا بأس به.
3 الأنساب "8/ 31".(32/171)
303- محمد بن عليّ بن إبراهيم الأُمَويّ.
يُعرف بابن قرْذِيال، أبو عبد الله الطُّليطليّ1.
سمع من: جماعة من رجال بلده.
وكان يُقرئ الفقه. وله تصنيفٌ في شرح البخاريّ.
ذكره ابن بَشْكُوال.
- محمد بن عمَّار.
قيل: قُتِل فيها. وقد مرّ سنة سبعٍ.
304- محمد بن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهّاب بْن سُليمان بْن مُحَمَّد بْن سُليمان بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم الإمام بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبّاس بن عبد المطّلب.
أبو نصْر الهاشميّ العبّاسيّ، الزَّينبيّ2.
مُسْنِد العراق في زمانه، وآخر من حدَّث عن المخلّص.
قال السّمعانيّ: شريف، زاهد، صالح، متعبِّد، دين، هجر الدّنيا في حداثته، ومال إلى التّصوُّف. وكان منقطعًا إلى رباط شيخ الشّيوخ أبي سعْد. وانتهى إسناد البَغَوي إليه. ورحل إليه الطَّلبة.
وسمع: المخلّص، وأبا بكر محمد بن عمر الورّاق، وأبا الحَسَن الحمّاميّ، وغيرهم.
ثنا عنه: ابنا أخيه عليّ ومحمد ابنا طِرَد، وأبو الفضل الأرْموَيّ، والفُرَاويّ، ووجيه الشّحّاميّ، وأبو تمّام أحمد بن محمد المؤيَّد بالله، ومحمد بن القاسم الشَّهرزوريّ، والمظفر بن أبي أحمد القاضي بسنجار، وإسماعيل الحافظ، وأبو نصر الغازي، وآخرون.
ثمّ قال: أنا فُلان وفُلان، إلى أن سمى سبعَة عشر رجلًا قالوا: ثنا أبو نصر
__________
1 الصلة "2/ 555".
2 السير "18/ 443".(32/172)
الزَّينبيّ، أنا المخلّص، ثنا البغويّ، نا أبو نصر التّمّار، عن حمّاد، فذكر حديث: "يوم يقوم النّاس لرب العالمين".
وقد وقع لي عاليا في أوّل المخلّصيّات.
وقال السّمعانيّ: سمعتُ أبا الفضل محمد بن المهتدي بالله يقول: كان أبو نَصْر إذا قُرئ عليه اللَّحن ردّه لكثرة ما قُرِئت عليه تلك الأجزاء.
قلت: كان أبو نصر أسند مَن بقي. وكذا أخوه طِراد، وكذا أخوهما نور الهدى الحسين، ومات سنة 512 عن اثنتين وتسعين سنة.
قال السّمعانيّ: سمعتُ إسماعيل الحافظ بإصبهان يقول: رَحَلَ أبو سعْد البغداديّ إلى أبي نصر الزَّينبيّ، فدخل بغداد، ولم يلْحقه، فحين أخبر بموته خرَّق ثوبه، ولطم، وجعل يقول: من أين لي عليّ بن الْجَعْد، عن شُعْبة؟ سألت إسماعيل الحافظ، عن أبي نصر فقال: زاهد صحيح السَّماع، آخر من حدَّث عن المخلّص.
قلتُ: آخر من حدَّث عنه هبة الله الشّبليّ القصّار؛ وبقي بعده يروي بالإجازة عن أبي نصْر أبي الفتح بن البطّيّ.
قال السّمعانيّ: وُلِد في صفر سنة سبعٍ وثمانين وثلاثمائة. وتُوُفّي في حادي وعشرين من جُمَادَى الآخرة.
305- محمد بن محمد بن عليّ.
أبو الحسين البَجَليّ الكوفيّ، ويُعرف بالرُّزّيّ1.
عن: أبي الطّيّب أحمد بن عليّ الجعفريّ بن عشيق سمع منه سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
روى عنه: أبو الحَسَن بن الطُّيوريّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.
ومات في جُمَادَى الآخرة سنة سبعٍ.
306- محمد بن أبي جعفر محمد بن أحمد بن عمر بن المُسْلِمة2.
أبو عليّ.
__________
1 لم نقف عليه.
2 المنتظم "9/ 33".(32/173)
سمع من: جدّه أبا الفَرَج، وهلالًا الحفّار.
وعنه: أبو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ.
تُوُفّي في رمضان وله ثمانون سنة.
قال ابن النَّجَّار: كان زاهدًا متعبّدًا، له كرامات.
وسئل عنه المؤتمن بن أحمد فقال: كان شيخًا شديدًا في السُّنَّة ثَبْتًا في الحديث، لا يخرج إلَّا لجمعة.
307- محمد بن أبي القاسم عبد الجبّار بن عليّ الإسفرائينيّ.
أبو بكر الإسكاف المتكلّم إمام الجامع المَنِيعيّ1.
سمع: أبا عبد الرحمن السُّلميّ، وأبا إسحاق الإسفرائينيّ المتكلّم، وجماعة.
أخذ عنه: أبو المظفّر السّمعانيّ، والكبار.
قال عبد الرحيم بن السّمعانيّ: ثنا عنه: إسماعيل العصائديّ، وأحمد بن العباس الشّقّانيّ، وأبو العبّاس الشّقّانيّ، وأبو القاسم محمد بن الحسين العَلَويّ.
مات في جُمَادَى الأولى سنة سبعٍ بَنْيسابور.
308- مسعود بن سهل بن حَمَك.
أبو الفتح العميد النَّيسابوريّ2. أحد الأكابر.
حدَّث في هذا العام ببغداد.
توفي في شوّال.
عن: عليّ بن أحمد بن عَبْدان، والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه الثَّقفيّ.
روى عنه: أبو محمد، وأبو القاسم ابنا السَّمرقنديّ.
وقد تزهَّد وحجَّ، وأنفق الأموال على الصُّوفية والعُبّاد، ولبس المرقَّعة.
وكان مولده سنة 458.
__________
1 لا بأس به.
2 المنتخب من السياق "435 رقم 1474".(32/174)
309- المعتزّ بن عُبَيْد الله بن المعتزّ بن منصور1.
أبو نصْر البَيْهَقيّ، ولد الرئيس أبي مسلم.
سمع: عليّ بن محمد بن عليّ بن السّقاء الإسْفَرايينيّ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السّرّاج.
روى عنه: أبو البركات بن الفُراويّ، وعبد الرحمن بن عبد الصّمد الفاينيّ المقرئ.
عاش خمسًا وسبعين سنة.
310- منصور بن دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأَسَديّ2.
أمير العرب بهاء الدّولة، صاحب الحلّة والنّيل.
كان فارسًا شجاعًا مذكورًا. أديبًا شاعرًا. ذا رأي وسماحة. قرأ الأدب وأخبار الجاهلية وأشعارها.
وقرأ النَّحو على: عبد الواحد بن برهان.
وكان عادلا حسن السيرة.
مات في الكهولة سامحه الله. وولي بعده ولده سيف الدولة صدقة بن منصور.
"حرف الواو":
311- واقد بن الخليل بن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الخليل3.
الخطيب أبو زيد بن أبي يعلى القزويني، صاحب أبي الحَسَن عليّ بن إبراهيم القطّان.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه بَهَمَذان وقزوين. وكان فقيهًا، فاضلًا، صدوقًا، مفتيًا.
__________
1 لم نقف عليه.
2 وفيات الأعيان "2/ 491".
3 التدوين "4/ 202".(32/175)
"حرف الهاء":
312- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بن المهتدي بالله.
أبو الحَسَن بن أبي الحسين بن الغريق. أحد الأعيان، وخطيب جامع القصْر1.
سمع: أبا بكر البَرْقانيّ.
روى عنه: ابن السَّمرقنديّ. وكان أفصح خُطَباء بغداد.
قُتِل رحمه الله في صَفَر في الفتنة.
"حرف الياء":
313 -يحيى بن الموفق بالله أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن زيد.
أبو الحسين العَلَويّ الحُسينيّ الزَّيديّ الشَّجريّ الرّازيّ2.
كان مفتي الزَّيدية ومقدّمهم وعالمِهم. وكان متفننًا من العِلم، والأدب، واللّغة.
سمع: ابن غَيْلان، والصُّوريّ، والعَتِيقيّ ببغداد، وأبا بكر بن ريذَة، وابن عبد الرّحيم الكاتب بإصبهان.
روى عنه: محمد بن عبد الواحد الدّقّاق، ونصْر بن مهديّ العَلَويّ، وأبو سعد يحيى بن طاهر السّمّان.
وكان ممّن عُنِي بالحديث والرحلة فيه.
تُوُفّي بالرَّيّ في سنة تسعٍ وسبعين.
وفيات سنة ثمانين وأربعمائة:
"حرف الألف":
314- أحمد بن الحَسَن بن عليِّ بن عَمْر بن جعفّر بن عبد السَّلام.
أبو نصر بن الحدّاد الأزديّ التّبريزيّ3.
__________
1 المنتظم "9/ 34".
2 البداية والنهاية "12/ 132".
3 لم نقف عليه.(32/176)
قدِم في صَفَر إلى هَمَذَان، وحدَّث عن: محمد بن منصور الميْمذيّ.
قال شيرُوَيْه: قرأتُ عليه مصنَّفًا له في أُصول السُّنَّة، فأنكرتُ عليه مسائل فيه، فرجع إليَّ فيها.
315- أحمد بن عليّ بن محمد.
أبو نصر الهبَّاري، البصْريّ1.
شيخ مُسنّ يخضب. قدِم مَرْو، وحدَّث بسُنَن أبي داود عن: أبي عمر الهاشميّ. وحدَّث بالسُّنن ببُخَارى، واتُّهم في ذلك. قال محمد بن عبد الواحد فيه: كذّاب لا تحلّ الرواية عنه.
وكذا كذبه غيره.
وحدَّث بمَرْو في هذا العام. وسيُعاد.
316- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُمَر.
أَبُو الحَسَن البغداديّ الأَوَانيّ البزّاز2.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.
وتُوُفّي فِي شوال.
317- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد.
أبو القاسم العاصميّ البُوشَنْجيّ3.
سمع: أبا الحسين بن العالي، وعفيف بن محمد الخطيب.
روى عنه: أبو الوقْت، وعبد الجليل بن منصور العدْل.
مات في المحرَّم عن نحوٍ من ثمانين سنة.
__________
1 الميزان "1/ 122".
2 لم نقف عليه.
3 لا بأس به.(32/177)
318- أحمد بن أبي الربيع محمد بن أحمد بن عبد الواحد.
الحافظ أبو طاهر الإسْتِرَاباذيّ1.
سمع: أباه، وأبا سعْد المالينيّ، وعليّ بن عَمْر الأَسَدَابَاذيّ.
روى عنه: الرُّستميّ، وطائفة.
مات في رجب.
319- إسماعيل بن عبد الله بن موسى.
أبو القاسم السّاويّ2.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. كان صدوقًا فاضلًا، أملى مجالس.
سمع: أبا بكر الحِيريّ.
ورحل فسمع ببغداد: أبا محمد السُّكّريّ، وابن الفضل القطّان، وجماعة.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وابنه عبد الخالق، وأخوه وجيه، وعبد الله بن الفُراويّ.
"حرف الحاء":
320- الحَسَن بن عليّ بن العلاء بن عَبْدَوَيْه3.
أبو عليّ البُشْتيّ، وبُشت: بالمعجمة، ناحية من أعمال نَيْسابور، غير بُسْت التي بالمهملة.
كان واعظًا فاضلًا، كبير القدْر. لكنه كان قليل العقل، يأكل في الطُّرق، ويسفّه، ويطرق على الأبواب.
ثمّ عَمِي، وبقي في حالٍ زَرِيّ، فكان يؤذيه الصِّبْيان، ويبسط هو لسانه فيهم.
قاله ابن السّمعانيّ.
__________
1 انظر السابق.
2 البداية والنهاية "12/ 133".
3 الأنساب "2/ 226".(32/178)
سمع: ابن مَحْمِش الزياديّ، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ، وعليّ بن محمد السقاء وغيرهم.
روي عنه: أبو الأسعد هبة الرحمن، وشريفة بنت الفراوي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وآخرون.
تُوُفّي في رمضان. وكان أبوه أبو الحَسَن من كبار الشّافعيّة.
"حرف الشين":
321- شافع بْن صالح بْن حاتم1.
الفقيه أبو محمد الجيليّ الحنبليّ، الفقيه الزّاهد.
قدِم بغداد بعد الثَّلاثين وأربعمائة. ولزم القاضي أبا يَعْلَى، وكتب معظم مصنَّفاته، وبرع في الأُصُول والفروع، وسمع الحديث، ودرّس وأفاد. وكان ذا تقشُّف.
وعنه سمع من ابن غَيْلان.
"حرف العين":
322- عبد الله بن الحسين.
الإمام أبو الفضل ابن الجوهريّ المصريّ الواعظ2.
منن جلَّة مشايخ بلده ومن بيت العِلْم.
روى عن: أبي سعْد المالينيِّ.
أخذ عنه: أبو عبد الله الحُمَيْدِيّ، وغيره.
وكان أبوه من كبار العلماء والصُّلحاء.
أنشد أبو الفضل على كرسي وعظه:
أقبل جيش الهجر في موكبٍ ... بين يديه علمٌ يخفق
__________
1 طبقات الحنابلة "2/ 247".
2 السير "18/ 495".(32/179)
وصار قلبي في حصار الهوى ... كأنما النار له تحرق
مات في سابع عشر شوال من السّنة.
وروى عنه: علي بن المشرف الأنماطي، وطائفة من مشيخة السلفي.
واسم جده سعيد.
323- عبد الله بن سهل بن يوسف.
أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي المقرئ1.
أخذ عن: أبي عَمْر الطَّلمنكيّ، ومكّيّ، وأبي عمرو الدّانيّ.
ورحل فأخذ بالقيروان عَن مصنّف الهادي في القراءات، أبي عبد الله محمد بن سُفيان، وأبي عبد الله محمد بن سُليمان الأُبِّيّ.
وكان ضابطًا للقراءات وطُرُقها، عارفًا بها، حاذقًا بمعانيها.
أخذ النّاس عنه.
قال أبو عليّ بن سكَّرة: هو إمام أهل وقته في فنّه، لقيته بالمريّة.
لازم أبا عَمْرو الدّانيّ ثمانية عشر عامًا، ثمّ رحل ولقي جماعة. وأقرأ بالأندلس، وبَعُد صِيتُه. فمن شيوخه: الطَّلمنكيّ، ومكّيّ، وأبو ذر الهَرَويّ، وأبو عِمران الفاسيّ، وأبو عبد الله بن غالب، وحسن بن حمَّود التونسيّ، وعبد الباقي بن فارس الحمصيّ.
قال: وجرت بينه وبين أبي عَمْرو شيخه عند قدومه منافسه، وتقاطعا، وكان أبو محمد شديدًا على أهل البِدَع، قوّالًا بالحقّ مَهيبّا، جَرَت له في ذلك أخبار كثيرة، وامتحِن بالتّغرُّب، ولَفَظَتْهُ البلاد، وغمزه كثيرٌ من النّاس، فدخل سبْتة، وأقرأ بها مُدَيْدة، ثمّ خرج إلى طَنْجَة، ثمّ رجع إلى الأندلس، فمات برُنْدَة.
قال ابن سكَّرة، عزمتُ على القراءة عليه، فقطع عن ذلك قاطعٌ.
قال القاضي عياض: وقد حدَّث عنه غير واحدٍ من شيوخنا، وثنا عنه شيخنا أبو إسحاق بن جعفر. وحدَّث عنه خالي أبو بكر محمد بن عليّ.
__________
1 الميزان "2/ 437".(32/180)
وقال أبو الإصبغ بن سهل: أشْكَلَتْ عليَّ مسائل من علم القرآن، لم أجد في من لقيت من يشفيني، حتّى لقيته.
قال: وكانت بينه وبين القاضي أبي الوليد الباجي منافرة عظيمة، بسبب مسألة الكتابة، فكان ابن سهل يلعنه في حياته، وبعد موته، فأدى ذلك أصحاب الباجيّ إلى القول في ابن سهل، والإكثار عليه.
قلت: وقرأ عليه بالروايات أبو الحَسَن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع المذكور في أسانيد الشّاطبيّ.
324- عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله:
أبو الحَسَن البزاز. صهْر المقرئ أبي عليّ الأهوازيّ1.
دمشقيّ، سمع من: الأهوازيّ، وأبي عثمان الصابوني، وابن سلوان المازنيّ.
روى عنه: أبو القاسم الخضر بن عَبَدان.
وذكر هبة الله بن طاوس أنّ هذا زوَّر سماعًا لنفسِه في جزء.
325- عبد الرحيم بن أبي عاصم بن الأحنف.
أبو سعْد الهَرَويّ الزّاهد2.
سمع من: أبي محمد حاتم بن محمد بن يعقوب الميت في سنة 454.
326- عبد الملك بن الحَسَن بن خَبْرون بن إبراهيم.
أبو القاسم الدّبّاس، أخو الحافظ أبي الفضل أحمد3.
كان من خيار البغداديّين وسراتهم وصُلحائهم.
سمع من: البَرْقَانيّ، وعبد الملك بن بِشْران.
روى عنه: ابنهُ المقرئ أبو منصور محمد، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.
ومات في ذي الحجّة.
__________
1 لسان الميزان "3/ 383".
2 في عداد المجهولين.
3 المنتظم "9/ 39، 40".(32/181)
327- عبد الواحد بن إسماعيل.
الإمام أبو القاسم البوشنجيّ الفقيه1.
328- عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن اللَّيث.
أبو الحسن الناتقيّ، ثمّ النيَّسابوريّ2.
سمع: أبا طاهر بن مَحْمِش.
وعنه: زاهر الشّحّاميّ، وبنته سعيدة بنت زاهر، وعائشة بنت الصّفّار، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وغيرهم.
تُوُفّي في سلخ جُمَادَى الأولى.
329- عليّ بْن أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف.
أبو الحسن الفارسيّ ثمّ النَّيسابوريّ3.
سمع: ابن مَحْمِش، وأبا بكر الحِيريّ، وجماعة.
حدَّث عنه: عبد الخالق بن زاهر، وغيره.
أرَّخه السّمعانيّ في رابع ربيع الأوّل.
"حرف الفاء":
330- فاطمة بنت الحَسَن بن عليّ4.
أمّ الفضل البغداديّة الكاتبة، المعروفة ببنت الأقرع.
كانت تكتب طريقة ابن البوَّاب.
كتب النّاس وجوَّدوا على خطها، وهي التي أُهِّلَتْ لكتابة كتاب الهُدْنة إلى ملك الروم من الدّيوان العزيز.
__________
1 طبقات الشافعية "3/ 283" للسبكي.
2 لا بأس به.
3 انظر السابق.
4 السير "18/ 480".(32/182)
يُضرب المثل بحُسن خطها. وكان لها سماعٌ عالٍ.
رَوَت عن: أبي عَمْر بن مهديّ، وغيره.
روى عنها: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو البركات الأنْماطيّ، وأبو سعْد البغداديّ الأصبهاني، وقاضي المرستان، وغيرهم.
قال السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي: سمعتُ فاطمة بنت الأقرع قالت: كتبتُ ورقةً لعميد الملك أبي نصر الكُنْدُريّ، فأعطاني ألف دينار تُوُفِّيت في المحرَّم.
331- فاطمة بنت الأستاذ أبي عليّ الحَسَن بن عليّ الدّقّاق.
أمّ البنين النيَّسابوريّة الحُرّة الزّاهدة، زوجة أبي القاسم القُشَيْريّ وأمّ أولاده1.
سمعت: أبا نُعَيم عبد الملك الإسفرائينيّ، وأبا الْحَسَن العَلَويّ، وعبد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني، وأبا عليّ الرُّوذباريّ، وأبا عبد الله الحاكم، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ، وغيرهم.
روى عنها: سِبْطُها أبو الأسعد هبة الرحمن، وعبد الله بن الفُراويّ، وزاهر الشّحّاميّ، وآخرون.
وأوّل سماعٍ لها من أبي الحَسَن العَلَويّ، وذلك في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وعُمرت تسعين سنة.
وكانت عابدةً، قانتة، مُتَهجِّدة، متبتِّلة.
تُوُفّيت في ثالث عشر ذي القعدة.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: كانت فخر نساء عصرها، ولم يُرَ نظيرها في سيرتها، كانت عالمة بكتاب الله، فاضلة. إلى أن قال: سمعت من أبي نُعَيم، والعَلَويّ.
ثمّ قال: ولدت سنة إحدى وأربعمائة؛ وهذا غلظٌ بيّن والصّواب أنّها وُلِدت قبل ذلك بمدّة.
332- الفضل بن محمد بن أحمد. أبو القاسم المدينيّ البقّال2.
مات في رمضان.
__________
1 السير "18/ 479".
2 لم نقف عليه.(32/183)
"حرف الميم":
333- محمد بن إبراهيم بن علي.
العلّامة أبو الخطّاب الكعْبي الطَّبريّ شيخ الشّافعيّة ببُخارى1.
تفقَّه بأبي سهل أحمد بن عليّ الأَبيوَرْديّ.
وكان من العلماء الزُّهّاد، تخرَّج به الأصحاب.
قال السّمعانيّ: حتّى كان يقعد بين يديه أكثر من مائتي فقيه على ما قيل.
سمع من شيخه أبي سهل، والحسن بن أبي المبارك الشّيرازيّ الحافظ، ومكّيّ بن عبد الرّزّاق الكُشْمِيهَنيّ، ومحمد بن عبد العزيز القنْطريّ، وعبد الكريم بن عبد الرحمن الكَلَاباذيّ، والمظفّر بن أحمد.
نا عنه عثمان بن عليّ البِيكَنْدِيّ.
مات ببُخَارى في ربيع الأوّل.
334- محمد بن الحَسَن بن عليّ بن أحمد2.
أبو طاهر الحلبيّ المعروف بابن المِلْحيّ.
روى عن: رشأ بن نظيف، وأبي عليّ الأهوازيّ، وجماعة.
وعنه: ابن الأكفانيّ.
335- محمد بن أبي سعيد أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان.
أبو الفضل البغداديّ، ثمّ الأصبهاني3.
من بيت العِلم والحديث. كان واعظًا، عالمًا، فصيحًا، حلو المَنْطق، عارفًا بالتّفسير، له مشيخة خرَّج فيها عن جماعة منهم: أبوه، وأبو الحسين بن فاذشاه، وابن ريذَة، وعبد العزيز بن أحمد بن فادويه، وغيرهم.
__________
1 لا بأس به.
2 انظر السابق.
3 السير "18/ 531".(32/184)
روى عنه: ابنه الحافظ أبو سعْد أحمد، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب بن الأنماطيّ.
حجّ، ورجع، فأدركه أجله ببَغْدَاد، في صَفَر، رحمه الله.
336- مُحَمَّد بْن هلال بْن المحسِّن بْن إِبْرَاهِيم بن هلال بن الصّابئ:
أبو الحَسَن البغداديّ، غرس النّعمة1.
من بيت الكتابة والبلاغة والتَّاريخ. جمع ذيلًا على تاريخ أبيه.
وكان عاقلًا، لبيبًا، رئيسًا مُبَجّلًا.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، وغيره.
روى عنه: ابن السَّمرقنديّ، والأنماطيّ.
وتُوُفّي في ذي القعدة عن ستِّين سنة، أو أربعٍ وستّين سنة. وله أيضًا كتاب "الربيع"، وكتاب "الهفَوات".
337- مسعود بن سهل بن حَمَك2.
أبو الفتح النَّيسابوريّ، نزيل مَرْو.
كان أحد الرؤساء المتموّلين.
روى عن: عليّ بن أحمد بن عَبْدان الأهوازيّ، وجماعة.
تُوُفّي في حدود هذه السَّنة. وقد ذُكر سنة تسعٍ أيضًا.
ومن المتوفين تقريبًا:
"حرف الألف":
338- إسماعيل بن أحمد بن حسن.
الفقيه أبو سريج الشّاشيّ الصُّوفيّ3.
__________
1 وفيات الأعيان "6/ 101-105".
2 سبق الترجمة له.
3 لا بأس به.(32/185)
شيخ جوّال، لقي المشايخ والصُّلحاء، وحدَّث بَنْيسابور، وغيرها.
سمع بهَرَاة: أبا الحَسَن محمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وأبا عثمان سعيد بن العبّاس القُرَشيّ.
روى عنه: عبد الغفّار الفارسيّ ووثّقه، وأثنى عليه في سياقه، ولقِيه سنة سبعين.
339- إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بن محمد بْن يحيى بن مُعَاذ الرّازيّ1.
أبو إبراهيم.
شيخ من أهل نَيْسابور. صدوق خيّر.
سمع: عبد الملك بن أبي عثمان الخَرْكُوشيّ الواعظ، وغيره.
روى عنه: سعيد بن الحُسين الجوهريّ، شيخٌ لعبد الرحيم بن السّمعانيّ.
340- إفرائيم بن الزّفّان.
أبو كثير اليهوديّ المصريّ، الطَّبِيب2.
خدم ملوك الباطنية بمصر، ونال دنيا عريضة، واقتنى من الكُتُب شيئًا كثيرًا. وهو أمهرُ تلامذة عليّ بن رضوان المذكور في سنة ثلاثٍ وخمسين.
وكان إفرائيم في أيَّام الأفضل ابن أمير الجيوش. وخلَّف من الكُتُب ما يزيد على عشرين ألف مجلَّد، ومن الأموال شيئًا كثيرًا.
"حرف الجيم":
341- الْجُنَيْد بن القاسم.
أبو محمد المُحْتاجي، خطيب مَيْهَنَة3.
سمع: أبا بكر الحيريّ، وأبا إسحاق الإسفرائينيّ.
__________
1 انظر السابق.
2 الوافي بالوفيات "9/ 296".
3 لم نقف عليه.(32/186)
روي عَنْهُ: حفيده محمد بْن أَحْمَد بْن الْجُنَيْد. وسماعه منه في سنة اثنتين وسبعين.
"حرف السين":
342- سعيد بن محمد بن أَحْمَد بن سعيد بن صالح1.
البقّال أبو القاسم الأصبهاني الحافظ.
عن: ابن المَرْزُبان الأبْهَريّ، وابن مَرْدَوَيْه، وخلْق.
وهو والد قُتَيْبة بن سعيد البقّال، وأخته لامِعَة، ذكرهم ابن نُقْطَة مختصرًا.
343- سُليمان بن أبي الفضل عبّاس بن سُليمان2.
الشّيخ أبو محمد القيروانيّ، مُسْنِد معمَّر، أجاز له من الحجاز أبو الحَسَن أحمد بن إبراهيم بن فراس، وأبو القاسم عُبَيْد الله السَّقطيّ.
وأجاز له من القيروان أبو الحَسَن القابسيّ.
سمع منه: أبو عليّ الصَّدفيّ، وغيره.
وقال: قال لي: لمّا ولدتُ ذهب أبي إلى أبي الحَسَن القابسيّ، فقال: سمِّه باسم الأعمش.
أنا سُليمان، أنا ابن فِراس كتابةً، أنا نافلة بن المقرئ، فذكر حديثًا.
"حرف الشين":
344- شبيب بن أحمد بن محمد بن خُشنام البَسْتِيغيّ النَّيسابوريّ3.
أبو سعْد.
وُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.
سمع: أبا نعيم عبد الملك الإسفرائيني، وأبا الحسن العلويّ، وغيرهما.
__________
1 انظر السابق.
2 لا بأس به.
3 سبق الترجمة له.(32/187)
روى عنه: أبو عبد اللَّه الفراوي، وزاهر الشَّحّاميّ، وأخوه وجيه، وأبو الأسعد القُشَيْريّ.
ذكره ابن السَّمعانيّ في الأنساب، وقال: كان من الكرَّاميّة.
وبَسْتِيغ: قرية من سواد نَيْسابور.
تُوُفّي في ... وسبعين وأربعمائة.
"حرف العين":
345- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُمَر.
أبو محمد الطُّليطليّ، ويُعرف بابن الأديب1.
روى عن: الصّاحبين أبي إسحاق بن شَنْظِير، وأبي جعفر بن ميمون، وعَبْدُوس بن محمد، وأبي عبد الله الفخّار.
وسمع على: أبي القاسم البراذعيّ كتابه في اختصار المدوّنة. وعُمّر دهرًا. وحمل النّاس عنه.
قال ابن بَشْكُوال: كان في عشر الثّمانين وأربعمائة.
346- عبد الرحمن بن عبد الله بن أسد الْجُهَنيّ.
أبو المطرِّف الطُّليطليّ2.
روى عن: محمد بن مغيث، وأبي محمد القشاريّ.
ولقي بمكّة أبا ذر الهَرَويّ.
وكان ثقة، محدّثًا، فقيهًا، مشاوَرًا، ذا خيرٍ وتواضع، وسنّ وجلالة.
تُوُفّي قبل الثمانين.
347- عبد الرحمن بن محمد بن اللّبّان.
الصّنهاجيّ القرطبيّ3.
__________
1 الصلة "1/ 285".
2 الصلة "1/ 343".
3 السابق.(32/188)
روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْر أحمد بن مهديّ.
واختص بمحمد بن عتَّاب.
وكان عارفًا، نبيهًا، يقظًا، كامل الأدوات، مليح الخطّ.
تُوُفّي في نحو الثَّمانين أيضًا.
348- عبد الرحمن بن محمد بن يونس بن أفلح.
أبو الحَسَن الأندلسيّ1.
من كبار النُّحاة.
أخذ عن: أبي تمّام القطينيّ، وأبي عثمان الأصفر.
حمل النّاس عه.
ومات بإشبيلية في حدود الثّمانين أو بعدها.
349- عبد الصّمد بن سعدون.
أبو بكر الصَّدفيّ، المعروف بالرّكانيّ الطُّليطليّ2.
روى عن: قاسم بن محمد بن هلال.
وحجّ، وسمع بمصر من: أبي محمد بن الوليد، وأبي العبّاس أحمد بن نفيس، وأبي نصر الشيرازيّ.
وكان صالحًا يلقّن القرآن.
وتُوُفّي بعد سنة خمسٍ وسبعين، قاله ابن بَشْكُوال.
350- عبد الوهّاب بْن محمد بْن الحَسَن بْن إبراهيم.
أبو محمد الجزريّ البروجرديّ3، نزيل اليمن.
مقرئ فاضل.
__________
1 الصلة "2/ 344".
2 السابق "2/ 377".
3 لا بأس به.(32/189)
سمع: أبا عمر بن مهدي ببغداد، وأبا محمد بن النّحّاس بمصر.
روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وابن طاهر المقدسيّ، ومحمد بن القاسم الحلوانيّ.
تُوُفّي بعد السّبعين. قاله السّمعانيّ.
351- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن حسْكان1.
القاضي أبو القاسم بن الحذَّاء القُرَشيّ النَّيسابوريّ الحنفيّ الحاكم، الحافظ.
شيخ متقن، ذو عناية تامّة بالحديث والسَّماع. أسنّ وعُمِّر، وهو من ذُرّيّة عبد الله بن عامر بن كُرَيْز. سمع وجمع وصنَّف، وجمع الأبواب والطُّرف، وتفقَّه على القاضي أبي العلاء صاعد.
وحدَّث عن: جدّه، والسّيد أبي الحَسَن العَلَويّ، وأبي عبد الله الحاكم، وابن مَحْمِش الزّياديّ، وعبد الله بن يوسف، وأبي الحَسَن بن عَبْدان، وابن فَنْجُوَيْه، وأبي الحَسَن بن السّقّاء، وابن باكُوَيْه، وأبي حسّان المُزَكّيّ، ومن بعدهم إلى أبي سعْد الكَنْجَرُوذيّ، وطبقته.
واختصّ بأبي بكر بن الحارث الأصبهاني، وأخذ عنه.
وكذا أخذ العلم عن أحمد بن عليّ بن فَنْجُوَيْه.
وما زال يَسمع ويُسمع ويُحدِّث ويفيد.
وقد أكثر عنه أبو الحَسَن عبد الغفّار بن إسماعيل، وذكره. ولم أجدْه ذكر له وفاةً. وقد بقي إلى بعد السّبعين وأربعمائة.
ووجدتُ له مجلسًا في تصحيح "ردّ الشَّمس وترغيم النّواصب2 الشُّمس". وقد تكلَّم على رجاله كلامَ شيعيٍّ عارفٍ بفنّ الحديث.
ويُعرف بالحَسّكانيّ.
فابن حسْكوَيْه الذي روى عنه عبد الخالق الشّحّاميّ آخر يأتي سنة ثمانٍ وثمانين، اسمه عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن أحمد بن حسكويه أبو سعد.
__________
1 السير "18/ 268".
2 النواصب: الشيعة.(32/190)
352- علي بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بَكْر.
أبو الحَسَن المحكَّميّ الأسَتِرَاباذيّ الفقيه الأديب1.
سمع الحديث، وأكثر منه. وعُمّر حتّى حدَّث وحُمل عنه.
سمع بأسداباذ: أبا عبد الله بن شاذي الْجِيليّ، وأبا القاسم نصْر بن أحمد.
وببغداد: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الحَسَن الحمَّاميّ، وجماعة.
وبَنْيسابور: أبا بكر الحِيريّ، وغيره.
وبإصبهان وغيرها.
روى عنه: هبة الله ابن أخت الطّويل الهَمَذانيّ.
ووُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.
"حرف الميم":
353- محمد بْن أحمد بْن عثمان.
أبو عبد الله القَيْسيّ الأندلسيّ ابن الحدّاد الشّاعر المشهور. ولقَبُه: مازن2.
من أهل مدينة وادي آش، سكن المَرِيّة.
ذكره ابن الأبّار فقال: كان من فُحُول الشُّعراء، وأفراد البُلَغاء، له ديوان كبير، ومؤلَّف في العروض. اختصَّ بالمعتصم محمد بن مَعْن بن صُمَادح، وفيه استفرغ مدائحه. ثمَّ سار عنه إلى سَرَقُسْطَة وأقام في كنف المقتدر بن هود.
توفّي في حدود الثّمانين وأربعمائة.
354- محمد بن أحمد بن أبي الحَسَن العارف المَيْهَنيّ3.
أبو الفضل. شيخ صالح، ثقة، صوفيّ.
سمع الكثير.
__________
1 المشتبه "2/ 577".
2 السير "18/ 601".
3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.(32/191)
حدَّث بمرو عن: أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعد الصَّيرفيّ، وجماعة.
وعن: جدّه أبي العبّاس.
سمع منه أبو المظفّر السّمعانيّ وابنُه "مُسْنَد الشّافعيّ" في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة.
روى عنه: أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب الكُشْمِيهَنيّ، والحافظ أبو سعْد محمد بن أحمد بن محمد بن الخليل، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد المُحْتاجيّ، والعبّاس بن محمد العصّاريّ، وعبد الواحد بن محمد التُّونيّ، وسعيد بن سعْد المَيْهَنيّ، وآخرون.
سمع منهم عبد الرّحيم بن السّمعانيّ.
355- محمد بن عليّ بن حيدرة.
أبو بكر الهاشميّ الجعفريّ البخاريّ1.
تفقَّه على القاضي أبي عليّ الحُسَيْن بن الخضر النَّسفيّ.
وسمع الكثير، وأملى عن: أبي الطَّيِّب إسماعيل بن إبراهييم الميدانيّ صاحب خَلَف الخيّام. وعن: إبراهيم بن سَلَم الشِّكَانيّ، وأبي مقاتل أحمد بن محمد بن حمدي، ومحمد بن أحمد الغُنْجار الحافظ.
ولد قبل الأربعمائة.
حدَّث عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنْديّ، وجماعة.
356- محمد بن عليّ بن محمد بن جُولة.
أبو بكر الأبْهَريّ الأصبهاني2.
عن: أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وأبي بكر بن مَرْدَوَيْه.
وعنه: أبو المُنَازِل عبد العزيز الأدميّ، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، وأحمد بْن حامد بن أحمد بن محمود الثّقفيّ، وأبو مسعود عبد الجليل كوتاه.
__________
1 الأنساب "3/ 267".
2 المشتبه "1/ 274".(32/192)
357- محمد بن الفضل بن جعفر1.
أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الخَرَقِيّ الزّاهد.
من أهل قرية: خَرَق.
قال السّمعانيّ: كان فقيهًا ورعًا زاهدًا متبرِّكًا به.
سمع: محمد بن عمر بن طُرفة السِّجْزِيّ، وعليّ بن عبد الله الطَّيسفونيّ. وكان في الزُّهد والورع إلى غاية.
وُلِد قبل سنة أربعمائة، وبقي إلى حدود سنة ثمانٍ وسبعين.
ثنا عنه عبد الواحد بن محمد التُّونيّ.
358- محمد بْن محمد بْن زيد بْن عليّ بْن موسى2.
الشّريف المُرْتَضَى أبو المعالي، وأبو الحَسَن. ذو الشَّرفين، العَلَويّ، الحُسَينيّ.
وُلِد ببغداد وسمع بها من: أبي القاسم الحرفيّ، وأبي عبد الله المَحَامليّ، والبَرْقَانيّ، وطلحة الكِنَانيّ، ومحمد بن عيسى الهَمَذانيّ، وأبي عليّ بْن شاذان، وأبي القاسم بْن بِشْران، وطائفة.
وتخرَّج بأبي بكر الخطيب ولازمه. روى عنه: الخطيب شيخه، وأبو العبّاس المُسْتَغفِريّ أحد شيوخه، وزاهر الشّحّاميّ، ويوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو الأسعد بن القُشَيْريّ، وهبة الله السّيِّديّ، وخلْق آخرهم وفاةً الخطيب أبو المعالي المَدِينيّ.
وممّن حدَّث عنه: أبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحِيريّ، وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب السمَّرقنديّ؛ حدَّث هذا عنه بالإجازة.
قال فيه السّمعانيّ: أفضل عَلويّ في عصره، له المعرفة التّامّة بالحديث. وكان يرجع إلى عقلٍ وافر، ورأيٍ صائب. وبرع على الخطيب في الحديث.
ونقل عنه الخطيب، أظنُّ في كتاب "البخلاء". ورُزق حسن التّصنيف وسكن في آخر عُمره سمرقند، ثمَّ قدم بغداد وأملى بها.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "18/ 520".(32/193)
وحدَّث بإصبهان، ثمّ ردّ إلى سَمَرْقَند.
سمعتُ يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ يقول: ما رأيت علويًّا أفضل منه. وأثنَى عليه.
وكان من الأغنياء المذكورين. وكان كثير الإيثار، ينفّذ كلّ سنةٍ إلى جماعةٍ من الأئمّة إلى كلّ واحدٍ ألف دينار أو خمسمائة أو أكثر، وربّما يبلغ مبلغَ ذلك عشرةَ آلاف دينار، ويقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب، ففرِّقوا على من تعرفون استحقاقه.
ويقول: كلّ من أعطيتموه شيئًا، فاكتتبوا له خطًّا، وأرسِلُوه حتَّى نُعطيه من عُشْر الغلَّة.
وكان يملك قريًا من أربعين قرية خالصة بنواجي كِش. وله في كلّ قرية وكيلٌ أوْفَى من رئيسٍ بسَمَرْقَند.
قلت: هذا من فرط المبالغة من السّمعانيّ.
ثمّ قال: سمعتُ أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك، وكان من أصحاب الشّريف. وسمعتُ أبا المعالي يقول: إنَّ الشّريف عمل بستانًا عظيمًا، فطلب ملك سمرقند وما وراء النَّهر الخضر خاقان أنْ يحضر البُسْتان، فقال الشّريف السّيّد لحاجب الملك: لا سبيل إلى ذلك. فألح عليه، فقال: لكنْ لا أحضُر، ولا أهيّئ آلة الفِسْق والفساد لكم، ولا أفعل ما يعاقبني الله عليه في الآخرة.
فغضب الملك، وأراد أن يمسكه، فاختفى عن وكيل له نحو شهرين، ونُوديَ عليه في البلد، فلم يظفروا به. ثمّ أظهروا النَّدم على ما فعلوه، فألحّ عليه أهله حتّى ظهر، وجلس على ما كان مدّة.
ثمّ إنّ الملك نفَّذ إليه يطلبه ليشاوره في أمر، فلمَّا استقرَّ عنده أخذه وسجنه، وأخذ جميع ما يملكه من الأموال والجواهر والضّياع، فصبَر وحمد الله، وقال: مَن يكون من أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا بدّ وأن يُبتَلَى. وأنا قد ربِّيت في النّعمة،(32/194)
وكنتُ أخاف لا يكون وَقَعَ خَلَلٌ في نسبي، فلمَّا وقع هذا فرِحْتُ، وعلمتُ أنّ نسبي متّصل1.
قال لنا أبو المعالي: فسمعنا أنّهم منعوه من الطّعام حتّى مات جوعًا. ثمّ أُخرج من القلعة ودُفن2.
وهو من ولد عليّ بن زين العابدين عليّ بن الحسين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قال السّمعانيّ: قال أبو العبّاس الجوهريّ: رأيتُ السّيّد المرتضى أبا المعالي بعد موته وهو في الجنّة، وبين يدية مائدة من طعام، وقيل له: ألا تأكل؟ قال: لا، حتى يجيء ابني، فإنّه غدًا يجيء. فلمّا انتبهت، وذلك في رمضان سنة اثنتي وتسعين، قُتِل ابنه أبو الرّضا في ذلك اليوم.
وُلِد السّيّد المرتضى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- في سنة خمسٍ وأربعمائة، واستشهد بعد سنة ستٍّ وسبعين، وقيل: سنة ثمانين. قتله الخاقان خَضِر بن إبراهيم صاحب ما وراء النَّهر.
وقد قدِم رسولًا من سلطان ما وراء النَّهر إلى الخلفية القائم بأمر الله في سنة ثلاثٍ وخمسين.
قلت: وقع لنا من تصنيفه كتاب "فرحة العالِم"، سمعناه بالإجازة العالية من ابن عساكر. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ، كِتَابَةً: أنا أَبُو الأَسْعَدِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ، أنا أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيُّ الْحَافِظُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه كأنّما على رؤوسهم الطَّير"3.
الفارسيّ هو ابن شاذان.
359- مُطَهَّر بن يحيى بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن محمد بن بَحِير.
أبو القاسم البحيريّ النّيسابوريّ4.
__________
1، 2 السير "18/ 522".
3 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "4/ 278"، والطيالسي "1747"، وأبو داود "2015"، والترمذي "2109"، وابن ماجه "3436"، والحاكم "4/ 399"، وصححه، وأقره الذهبي.
4 لا بأس به.(32/195)
حدَّث عن: أبيه، والحاكم، وحمزة المهلَّبيّ، وابن محمش.
وعنه: ابن ماكولا، وابن طاهر المقدسي، وعبد الغافر وقال: شيخ معروف سديد.
"حرف النون":
360- نصْر بْن عليّ بْن أَحْمَد بن منصور بن شاذوَيْه.
أبو الفتح الحاكميّ الطُّوسيّ1.
شيخ عالم مشهور معمَّر.
حدَّث بالسُّنن لأبي داود، عن أبي عليّ الرُّوذباريّ.
وسمع أيضًا من أبي بكر الحيريّ.
وأحضر إلى نيسابور، فسمعوا منه السُّنن.
قال أبو سعد السَّمعاني: فسَمعه منه جدّي. روى عنه لولدي عبد الرّحيم: صخُر بن عُبيد الطّابَرَانّي، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وأبو الفتح محمد بن أبي أحمد الحصريّ.
مات عد السَّبعين والأربعمائة.
__________
1 انظر السابق.(32/196)
الفهرس العام للكتاب:
الطبقة الثامنة والأربعون:
"471-480هـ"
الصفحة الموضوع
"أحداث سنة إحدى وسبعين وأربعمائة":
3 عزل ابن جهير من الوزارة.
4 دخول تاج الدّولة تتش دمشق ومقتل أتْسِز.
"أحداث سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة":
4 أخذ مسلم بن قريش حلب.
5 وفاة صاحب ديار بكر.
5 غزوة صاحب الهند.
"أحداث سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة":
5 الخلاف بين السلطان ملكشاه وأخيه.
"أحداث سنة أربع وسبعين وأربعمائة":
5 خطبة الخليفة المقتدي بنت السلطان.
5 حصار مدينة قابس.
6 فتح تتش لأنطرطوس.
6 أخذ صاحب الموصل لحران.
6 وفاة الأمير داود بن ملكشاه.
6 تملك علي بن مقلد حصن شيزر.
6 وفاة سديد الملك ابن منقذ.
6 وفاة الأمير دبيس الأسدي.
"أحداث سنة خمس وسبعين وأربعمائة":
7 الخلاف بين الواعظ الأشعري والحنابلة ببغداد.
7 إيفاد الشيرازي رسولًا.
7 ضرب الطبول لمؤيد الملك.(32/197)
الصفحة الموضوع
"أحداث سنة ست وسبعين وأربعمائة":
7 وزارة ابن المسلمة.
8 ولاية فخر الدولة على ديار بكر.
8 عصيان أهل حرّان على مسلم بن قريش.
8 قصد تاج الدولة أنطاكية.
8 عزل المظفر ووزارة أبي شجاع.
8 مقتل سديد الرؤساء ابن كمال الملك.
9 محاصرة المهديَّة والقيروان.
9 رخص الأسعار.
"أحداث سنة سبع وسبعين وأربعمائة":
9 الحرب بين العرب والتركمان عند آمد.
10 مصالحة السلطان وشرف الدولة.
10 عصيان تكش على أخيه السلطان.
10 استرجاع أنطاكية من الروم.
11 مقتل شرف الدولة بنواحي أنطاكية.
11 حصار حلب.
12 ولاية آقسنقر شحنكية بغداد.
"أحداث سنة ثمان وسبعين وأربعمائة":
12 استيلاء الأدفونش على طليطلة.
12 موقعة الملثمين بالأندلس.
12 رواية ابن حزم عن كتاب الأدفونش إلى المعتمد بن عباد.
13 جواب المعتمد بن عباد إلى الأدفونش.
14 استيلاء ابن جهير على آمد وميافارقين.
14 ملك ابن جهير جزيرة ابن عمر.
14 محاصرة أمير الجيوش دمشق.
14 الفتنة بين السنة والشيعة.
14 الزلزلة بأرَّجان.
14 الريح والرعد والبرق ببغداد.(32/198)
الصفحة الموضوع
"أحداث سنة تسع وسبعين وأربعمائة":
15 مقتل ابن قتلمش عند حلب.
15 دخول السلطان حلب.
15 إقرار الأمير نصر بن عليّ على شَيْزَر.
16 افتقار ابن الحُتَيتي.
16 خبر وقعة الزلَّاقة بالأندلس.
16 استيلاء ابن تاشفين على غرناطة.
17 تلقيب ابن تاشفين بأمير المسلمين.
17 دخول السلطان ملكشاه بغداد.
17 الفتنة بين السنة والشيعة.
17 تدريس الدبوسي بالنظامية.
18 زواج ابن صاحب الموصل وإقطاعه البلاد.
18 عزل ابن جهير عن ديار بكر.
18 الخطبة للمقتدي بالحرمين.
18 إسقاط المكوس بالعراق.
18 محاضرة قابس وسفاقس.
"أحداث سنة ثمانين وأربعمائة":
18 عرس الخليفة المقتدي.(32/199)
"وفيات الطبقة الثامنة والأربعون":
الصفحة الموضوع
"وفيات سنة إحدى وسبعين وأربعمائة":
"حرف الألف":
20 1- أحمد ابن الحافظ أبي عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّاني.
20 2- أحمد بن عليّ بن محمد بن الفضل البشاري.
20 3- أحمد بن محمد بن هبة الله الأكفاني.
21 4- أتسز بن أواق الخوارزمي التّركي.
21 5- إبراهيم بن إسماعيل اليعقوبي.
21 6- إبراهيم بن عليّ القباني.
"حرف الحاء":
22 7- الحسن بن أحمد بن عبد الله البنا.
23 8- الحسن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر البلخي الوخشي.
25 9- الحسين بن عَقِيل بن محمد بن عبد المنعم بن ريش الدّمشقيّ.
"حرف السين":
25 10- سعْد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حسين الزِّنْجاني.
27 11- سلمان بن الحسن بن عبد الله البغدادي.
28 12- سهل بن عَمْر بن محمد بن الحسين البسطامي.
"حرف الطاء":
28 13- طاهر بن محمد شاه فور الطوسي.
"حرف العين":
28 14- عبد الله بن سبعون بن يحيى المسلمي.
29 15- عبد الباقي بن محمد بن غالب الأزجي.
29 16- عبد الحميد بن الحسن بن محمد الهمذاني الدلال.
30 17- عبد الرحمن بن علي بن عبد الله بن منصور الطَّبريّ.
30 18- عبد الرحمن بن علوان بن عقيل الشَّيباني.
30 19- عبد العزيز بن عليّ بن أحمد بن الحسين الأنماطي.
31 20- عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني.
32 21- عليّ بن أحمد بن عليّ السمسار.
32 22- عليّ بن محمد بن أحمد بن حمدان بن عبد المؤمن.(32/200)
الصفحة الموضوع
32 23- عليّ بن محمد بن عليّ بن هارون الإدلابي.
33 24- عَمْر بن عبد الملك بن عَمْر بن خلف.
33 25- عمر بن عبد الله بن عمر الأزجي.
"حرف الفاء":
33 26- الفُضَيل بن يحيى بن الفُضَيل الفضيلي.
"حرف الميم":
34 27- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي توبة الكُشْميهني.
34 28- محمد بن عبد الواحد بن عبد الله المستعمل.
34 29- محمد بن عثمان بن أحمد بن محمد القومساني.
37 30- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بن المهديّ بالله.
37 31- محمد بن عمر الأصبهاني النّقّاش.
37 32- محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله المروزي.
38 33- محمد بن المهديّ الهاشمي.
39 34- مهديُّ بن نصر الهمذاني.
"حرف الهاء":
39 35- هبة الله بن حسين بن المهلَّب البزّاز.
"وفيات سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة":
"حرف الألف":
39 36- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد القارئ.
40 37- أحمد بن محمد بن أحمد الإسكاف.
40 38- أحمد بن محمد بن عثمان البَشْخُواني.
"حرف التاء":
40 - تُبَّع.
"حرف الحاء":
41 39- الحسن بن إسماعيل بن صاعد بن محمد الحنفي.
41 40- الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن محمد العبّاسيّ.
42 41- الحسين بْن عليّ بْن أبي شريك الحاسب.
"حرف العين":
42 42- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عثمان السكري.(32/201)
الصفحة الموضوع
42 43- عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جحّاف.
43 44- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عبّاس القرطبي.
43 45- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد الأبهري.
43 46- عبد الملك بن الحسين بن خيران الدلال.
43 47- عليّ بن عبد الرحمن بن محمد المحمي.
44 48- عليّ بن أبي القاسم بن عبد الله بن علي السرقطسي.
"حرف الفاء":
44 49- الفضل بن عبد الله بن محمد بن المحب.
"حرف الميم":
44 50- محمد بن حسّان بن محمد الملقاباذي.
45 51- محمد بن الحَسَن بن محمد بن الأنماطيّ.
45 52- محمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم السعيدي.
46 53- محمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد الفارسي.
46 54- محمد بن عبد العزيز بن محمد المناطقي.
46 55- محمد بن عليّ بن محمود بن إبراهيم بن ماخرة.
47 56- محمد بن قاسم بن هلال التِّنِّيسيّ.
47 57- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحُسَيْن العكبري.
48 58- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن منصور.
48 59- محمد بن يحيى بن سعيد السرقسطي.
"حرف النون":
48 60- نصر بن أحمد بن مروان الكرديّ.
"حرف الهاء":
49 61- هياج بن عُبَيْد بن حسين الحِطِّيني.
"حرف الياء":
51 62- يحيى بن محمد بن الحسين الأقساسي.
"وفيات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة":
"حرف الألف":
51 63- أحمد بن حاتم بن بسّام بن عامر البكري.(32/202)
الصفحة الموضوع
51 64- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن سرابان.
52 65- أحمد بن محمد بن أحمد الأخضر.
52 66- أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن الخياط.
52 67- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحيريّ.
52 68- أَمَةُ الرحمن بنت عَمْر بن محمد بن يوسف بن دوست.
53 69- أَمَةُ القاهر بنت محمد بن أبي عَمْرو العلَّاف.
"حرف الحاء":
53 70- الحسين بن عليّ بن عمر بن عليّ الأنطاكي.
53 71- الحسين بن عليّ بن محمد بن أحمد النيسابوري.
54 72- الحسين بن محمد بن مبشّر السرقسطي.
"حرف السين":
54 73- سعيد بن يوسف.
54 74- سُفيان بن الحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه.
"حرف الشين":
54 75- شبيان بن عبد الله بن أحمد البرجي.
"حرف العين":
55 76- عبد الله بن عبد العزيز التميمي.
55 77- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن العكبري.
56 78- عبد الرحمن بن عيسى بن محمد الأندلسي.
56 79- عبد السلام ابن شيخ الشيوخ أبي الحَسَن بن سالبة.
56 80- عبد الواحد بن محمد بن عُبَيْد الله الزجاج.
57 81- عبد الواحد بن المطهر بن عبد الواحد البُزانّي.
57 82- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن حمزة الهاشمي.
57 83- عليّ بن محمد بن عليّ الصُّلَيحي.
60 84- عليّ بن أحمد بن الفرج العكبري.
60 85- عليّ بن مقلّد بن عبد الله بن كرامة الأطهري.
60 86- عليّ بن عبد الغافر بن عليّ بن الحسن الخزاعي.
"حرف الفاء":
61 87- الفضل بن عبد الله بن المحبّ النيسابوري.(32/203)
الصفحة الموضوع
"حرف الميم":
61 88- محمد بن حارث بن أحمد بن مِنْيَوة.
62 89- محمد بن الحسن بن الحسين المروزي.
62 90- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الشبل الشاعر.
62 91- محمد بن سلطان بن محمد بن حيُّوس الغنوي.
63 92- مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحْمَن الكرابيسي.
64 93- محمد بن محمد بن عليّ العكبري.
64 94- محمد بن يحيى الهاشميّ السَّرقسطيّ.
64 95- محمود بن جعفر بن محمد الأصبهاني الكوسج.
"حرف النون":
65 96- نصر بن أحمد بن مزاحم الخطيب.
65 97- نصر بن المظفر بن طاهر البوسنجيّ.
"حرف الهاء":
65 98- هيّاج بن عُبَيْد الحِطّينيّ الزّاهد.
"حرف الياء":
66 99- يحيي بن أبي نصر الهَرَويّ.
66 100- يحيى بن محمد بن الحسن العلوي.
"وفيات سنة أربع وسبعين وأربعمائة":
"حرف الألف":
66 101- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن عليّ الشروطي.
67 102- أَحْمَد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو.
67 103- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن علي الخوارزمي.
68 104- أحمد بن محمد بن عبد الله شاهكوَيْه.
68 105- أحمد بن المطهّر بن الشّيخ أبي نزار العبدي.
68 106- أَحْمَد بْن هِبَةُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن صدقة الرحبي.
68 107- إبراهيم بن عقيل بن حبش.
69 108- أرسلان تكين بن ألْطُنطاش.
"حرف الحاء":
69 109- الحسين بن عبد الرحمن بن عليّ الجُنابذيّ.(32/204)
الصفحة الموضوع
69 110- الحسين بن عليّ بن عبد الرحمن النيسابوري.
69 111- حمد بن عبد العزيز الأصبهاني.
70 112- حَمْد بن محمد بن أحمد بن العبّاس.
"حرف الدال":
70 113- دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيد الأسديّ.
"حرف السين":
70 114- سعْد بن محمد بن يحيى الجوهري.
71 115- سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث.
"حرف العين":
75 116- العبّاس بن محمد بن عبد الواحد الدّارانيّ.
76 117- عبد الله بن عبد العزيز بن الشدّاد.
76 118- عبد الرحمن بن منصور بن رامش الزّاهد.
76 119- عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني.
76 120- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي البُسري.
77 121- عليّ بن محمد بن أحمد الصابوني.
"حرف القاف":
78 122- قُتَيْبة بن محمد بن مُحَمَّد العثماني النسفي.
"حرف الميم":
78 123- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن فارس الشيرازي.
79 124- محمد بن الحسن بن الحسين المروزي.
79 125- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرَّحِيم الكتامي.
80 126- محمد بن عليّ بن محمد بن جعفر بن جولة.
80 127- محمد بن محمد بن أحمد الشاماتي.
80 128- محمد بن محمد بن مختار الواسطي.
81 129- محمد بن مكّيّ بن أبي طالب بن محمد القيسي.
81 130- محمد بن يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي.
"حرف الياء":
82 131- يعقوب بن أحمد الأديب النيسابوري.
83 132- يونس بن أحمد بن يونس الأزدي الطليطلي.(32/205)
الصفحة الموضوع
"وفيات سنة خمس وسبعين وأربعمائة":
"حرف الألف":
83 133- أحمد بن الحسن الماندكانيّ.
83 134- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن حسنويه.
"حرف الباء":
83 135- بُديل بن عليّ بن بُديل البرزندي.
84 136- بكر بن محمد بن أبي سهل السُّبعيّ.
"حرف الجيم":
84 137- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد القرطبيّ.
"حرف الحاء":
85 138- الحَسَن بن محمد بن محمد بن حمُّويه.
85 139- الحسين بن عبد الله بن عليّ الربعي.
85 140- حَمْد بن الفضل بن أحمد بن منصور الرّازيّ.
"حرف الخاء":
85 141- خَلَف بن محمد بن جعفر الأندلسي.
"حرف السين":
86 142- سهل بن محمد بن عليّ الغازي.
"حرف العين":
86 143- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن أبي الحسين الشاماتي.
86 144- عبد الله بن مفوَّز بن أحمد بن مفوَّز.
87 145- عبد الوهّاب بن الحافظ محمد بن إسحاق العبدي.
88 146- علي بن عبد الملك بن محمد بن عمر الحفصي.
88 147- عليّ بن هبة الله بن ماكولا.
"حرف القاف":
88 148- قُتَيْبة بن سعْد بن محمد البقّال.
"حرف الميم":
89 149- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ السمسار.
89 150- محمد بن أحمد بن علان الكرجي.
89 151- محمد بن الحَسَن بن عليّ كمال المُلْك.(32/206)
الصفحة الموضوع
90 152- محمد بن عَمْر بن محمد بن تانَة الخرجاني.
90 153- محمد بن فارس بن عليّ الأصبهاني.
90 154- محمد بن المحسّن بن الحسن العلوي.
91 155- مسعود بن عبد الرحمن بن أحمد الحيري.
91 156- مسعود بن عليّ النيسابوري.
91 157- المطهّر بن عبد الواحد بن محمد اليربوعي.
"الكنى":
91 158- أبو عَبْد الله بْن أَبِي الحَسَن بْن أَبِي قدامة.
92 159- الأمير أبو نصر بن ماكولا.
"وفيات سنة ست وسعبين وأربعمائة":
"حرف الألف":
92 160- أحمد بن عليّ أبو الخطّاب.
92 161- أحمد بن محمد بن الفضل الفسوي.
92 162- إبراهيم بن عليّ بن يوسف الشيرازي.
"حرف الطاء":
102 163- طاهر بن الحسين بن أحمد القوَّاس.
"حرف العين":
103 164- العبَّاس بن أحمد بن محمد بن العبّاس الهاشمي.
103 165- عَبْد الله بْن إبراهيم بْن عَبْد الله الخبري.
104 166- عبد الله بن عطاء بن عبد الله الإبراهيمي.
105 167- عبد الله بن عليّ بن بحر.
105 168- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأصبهاني.
105 169- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الهروي.
106 170- عبد السّميع بن عبد الودود بن عبد المتكبِّر.
106 171- عبد الوهّاب بن أحمد بن جَلَبَة الخزاز.
107 172- عتيق المغربي البكري.
107 173- عليّ بن أحمد بن عبد الله الطبري.
108 174- عليّ بن الحسين بن الحسن الحسني.
108 175- عليّ بن عبد الله بن سعيد النيسابوري.(32/207)
الصفحة الموضوع
109 176- عَمْر بن عَمْر بن يونس بن كُرَيِب الأصبحي.
109 177- عَمْر بن واجب بن عمر بن واجب البلنسي.
"حرف الفاء":
109 178- فَرَج مولى سيّد بن أحمد الغافقي.
"حرف الميم":
110 179- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بن شبويه الأصبهاني.
110 180- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل اللخمي.
111 181- محمد بن أحمد بن الحسن بن جردة العكبري.
112 182- محمد بن أحمد بن علَّان الكرجي.
112 183- محمد بن الحسن بن محمد بن القاسم.
113 184- محمد بن الحسين البغدادي البنا.
113 185- محمد بن شريح بن أحمد بن محمد الرعيني.
113 186- محمد بن طلحة بن محمد الجُنَابذي.
114 187- محمد بن عليّ بن أَحْمَد بن الحسين السهلكي.
"حرف الياء":
114 188- يوسف بن سُليمان بن عيسى الأندلسي.
"الكنى":
115 189- أبو الخطّاب الصّوفيّ.
"وفيات سنة سبع وسبعين وأربعمائة":
"حرف الألف":
115 190- أحمد بن الحسين بن محمد بن محمد البغدادي.
116 191- أحمد بن عبد الرحمن بن محمد النيسابوري.
116 192- أحمد بن محمد بن الفضل الفَسَوي.
116 193- أحمد بن عبد العزيز بن شيبان التميمي.
117 194- أحمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني.
117 195- أحمد بن محمد بن رِزْق بن عبد الله القرطبي.
117 196- أحمد بن المحسِّن بن محمد البغدادي العطار.
118 197- إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي.(32/208)
الصفحة الموضوع
"حرف الباء":
119 198- بيبي بنت عبد الصّمد بن عليّ.
"حرف الثاء":
121 199- ثابت بن أحمد بن الحسين البغدادي.
"حرف الحاء":
121 200- الحسين بن أحمد بن علي بن البقّال.
122 201- الحسين بن عثمان بن أبي بكر.
122 202- الحسين بن محمد بن الحسين الشاذاني.
"حرف الخاء":
122 203- خَلفَ بْن إبراهيم بْن محمد الطليطلي.
"حرف الطاء":
122 204- طاهر بن هشام بن طاهر الأزدي.
"حرف العين":
123 205- عبد الله بن عبد الكريم بن هوازن.
124 206- عبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي.
124 207- عبد السَّيّد بْن محمد بْن عبد الواحد الصباغ.
125 208- عبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الوهّاب السكري.
126 209- عليّ بن أحمد بن عبد العزيز بن طُبيز.
127 210- عليّ بن محمد الغزنوي.
"حرف الفاء":
127 211- الفضل بن محمد الفارمذي.
128 212- أبو الفضل بن القاضي أبي بكر أحمد الحيريّ.
"حرف الميم":
128 213- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن سلة.
128 214- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم المحاملي.
129 215- محمد بن سعيد بن محمد بن فرُّوخ زاد.
129 216- محمد بن عمّار المهري الأندلسي.
131 217- محمد بن محمد بن أصبغ الأزدي.
131 218- محمد بن محمود بن سورة التميمي.(32/209)
الصفحة الموضوع
132 219- محمد بن محمد بن جعفر الناصحي.
132 220- مسعود الرَّكّاب.
133 221- مسعود بن ناصر بن أبي زيد.
134 222- منصور بن عبد الله بن محمد المنصوريّ.
"حرف النون":
134 223- نصر بن بشر الشافعي.
"وفيات سنة ثمان وسبعين وأربعمائة":
"حرف الألف":
134 224- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الكيالي.
135 225- أحمد بن عَمْر بن أنّس بن دُلْهاث.
136 226- أحمد بن عيسى بن عبّاد الدينوري.
136 227- أحمد بن محمد النيسابوري التاجر.
137 228- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن فُورك.
137 229- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن داود الخياط.
137 230- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد البلنسي.
138 231- إسماعيل بن أحمد بن عبد العزيز السياري.
138 232- إسحاق بن أحمد بن عبد العزيز المحمدآباذي.
138 233- إسماعيل بن عمرو بن محمد البحيري.
"حرف الحاء":
139 234- الحسين بن عليّ بن أبي نزار المردوسي.
139 235- حمزة بن عليّ بن محمد بن عثمان بن السّوّاق.
"حرف الزاي":
139 236- زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد الأنصاري.
"حرف السين":
140 237- سليمان بن أحمد الواسطيّ.
"حرف الطاء":
140 238- طلْحة بن عليّ بن يوسف الرازي.
"حرف الظاء":
140 239- ظَفَر بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم.(32/210)
الصفحة الموضوع
"حرف العين":
141 240- عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بن خزرج.
141 241- عبد الرحمن بن الحسن الشيرازي.
141 242- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحمد الباجيّ.
142 243- عبد الرحمن بن مأمون بن عليّ المتولي.
142 244- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن زياد.
143 245- عبد الرحمن بن محمد بن سلمة الطليطلي.
143 246- عَبْد الكريم بْن عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بن عليّ الطبري.
144 247- عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني.
149 248- عليّ بن أحمد بن عليّ الشهرستاني.
149 249- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعد الهرويّ.
149 250- عليّ بن الحسن بن سلمويه.
150 251- عليّ بن عبد السّلام الأرمنازيّ.
150 252- عليّ بن عبد العزيز بن محمد النيسابوري.
150 253- عليّ بن محمد القيرواني.
150 254- عَوَضُ بن أبي عبد الله بن حمزة.
"حرف الفاء":
151 255- فَرَجُ بن عبد الملك الأنصاريّ القرطبي.
151 256- الفضل بن محمد بن أحمد الأصبهاني البقال.
151 257- فيّاض بن أميرجة الهروي.
"حرف الميم":
151 258- محمد بن إبراهيم بن سُليمان الأصبهاني.
152 259- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن الوليد الكرخي.
152 260- محمد بن خيرة الأندلسي.
152 261- محمد ن عبد الله بن محمد القصَّار.
153 262- محمد بن عليّ بن محمد بن المطّلب الكرماني.
153 263- محمد بن عليّ بن محمد بن حسن الدامغاني.
155 264- مُحَمَّد بْن عَمْر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عقيل الكرجي.
156 265- محمد بن محمد بن موسى النعيمي.(32/211)
الصفحة الموضوع
156 266- مسلم بن قريش بن بدران العقيليّ.
"حرف الهاء":
157 267- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بن أحمد القصري.
"حرف الياء":
157 268- يحيى بن محمد بن القاسم بن طباطبا العلوي.
"وفيات سنة تسع وسبعين وأربعمائة":
"حرف الألف":
158 269- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن شيبان البغدادي.
158 270- أحمد بن عبيد الله البيع.
158 271- أحمد بن محمد بن دوست دادا.
160 272- أحمد بن محمد بن مفرجّ القرطبي.
160 273- أحمد بن يوسف بن أصبغ الطليطلي.
160 274- إبراهيم بن عبد الواحد بن طاهر القطّان.
160 275- إسماعيل بن زاهر بن محمد النوقاني.
161 276- إسماعيل بن محمد بن أحمد.
"حرف الثاء":
162 277- ثابت بن الحسين بن شراعة.
"حرف الجيم":
162 278- جعبر بن سابق القشيري الأمير.
"حرف الحاء":
162 279- الحَسَن بن محمد بن القاسم بن زَيْنة.
163 280- حمد بن أحمد الحلمقريّ الهرويّ.
"حرف السين":
163 281- سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخير.
163 282- سليمان بن قتلمش بن سلجوق.
"حرف الشين":
163 283- شافع بن محمد بن شافع.
"حرف الصاد":
163 284- صالح بن أحمد بن يوسف البستي.(32/212)
الصفحة الموضوع
"حرف الطاء":
164 285- طاهر بن محمد بن محمد الشحامي.
"حرف العين":
164 286- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمد العباسي.
165 287- عبد الجليل بن عبد الجبّار المروزي.
165 288- عبد الخالق بن هبة الله الواعظ.
165 289- عبد الكريم بن عبد الواحد الصواف.
166 290- عبد الواحد بن محمد بن عبد السميع.
166 291- عُبَيْد الله بن عثمان بن محمد بن يوسف.
166 292- عليّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن بحر.
167 293- عليّ بن أحمد بن عليّ الأسدي.
167 294- عليّ بن فضّال بن عليّ بن غالب.
168 295- علي بن مقلَّد بن نصر أمير شيزر.
"حرف الفاء":
169 296- الفضل بن عليّ بْن أَحْمَد بْن سعيد بْن حزْم.
"حرف الميم":
169 297- محمد بْن أحمد بْن عثمان الخزاعي المطيري.
170 298- محمد بن أحمد بن محمد بن يونس الأنصاريّ.
170 299- محمد بن عبد القادر بن محمد البغدادي.
171 300- محمد بن عبيد الله بن محمد الصرام.
171 301- محمد بن الحسن بن منازل الموصلي.
171 302- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هلال العتابي.
172 303- محمد بن عليّ بن إبراهيم الأمويّ.
172 - محمد بن عمار.
172 304- محمد بن محمد بن عليّ بن الحَسَن الهاشمي.
173 305- محمد بن محمد بن عليّ البجلي.
173 306- محمد بن أبي جعفر محمد بن أحمد بن عمر بن المسلمة.
174 307- محمد بن عبد الجبّار بن عليّ الإسفرائينيّ.(32/213)
الصفحة الموضوع
174 308- مسعود بن سهل بن حمك.
175 309- المعتزّ بن عبيد الله بن المعتزّ البيهقي.
175 310- منصور بن دُبَيْس بن علي بن مزيد.
"حرف الواو":
175 311- واقد بن الخليل بن عبد الله القزويني.
"حرف الهاء":
176 312- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ الغريق.
"حرف الياء":
176 313- يحيى بن الموفّق بالله الزيدي.
"وفيات سنة ثمانين وأربعمائة":
"حرف الألف":
176 314- أحمد بن الحَسَن بن عليّ التبريزي.
177 315- أحمد بن عليّ بن محمد الهباري.
177 316- أحمد بن محمد بن أحمد الأَوَاني.
177 317- أحمد بن محمد بن أحمد العاصمي البوشنجي.
178 318- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد.
178 319- إسماعيل بن عبد الله بن موسى الساوي.
"حرف الحاء":
178 320- الحَسَن بن عليّ بن العلاء بن عبدوَيه.
"حرف الشين":
179 321- شافع بْن صالح بْن حاتم الجيلي.
"حرف العين":
179 322- عبد الله بن الحسين المصري الواعظ.
180 323- عبد الله بن سهل بن يوسف الأندلسي.
181 324- عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله البزاز.
181 325- عبد الرحيم بن أبي عاصم بن الأحنف الهروي.
181 326- عبد الملك بن الحَسَن بن خَبْرون بن إبراهيم.
182 327- عبد الواحد بن إسماعيل البوشنجي.
182 328- عليّ بن احمد بن محمد الناتقي.(32/214)
الصفحة الموضوع
182 329- عليّ بن أبي بكر أحمد بن محمد الفارسي.
"حرف الفاء":
182 330- فاطمة بنت الحَسَن بن عليّ أم الفضل.
183 331- فاطمة بنت الحسن بن عليّ الدّقّاق أم البنين.
183 332- الفضل بن محمد بن أحمد المدينيّ.
"حرف الميم":
184 333- محمد بن إبراهيم بن علي الكعبي الطبري.
184 334- محمد بن الحسن بن عليّ الحلبي المعروف بابن الملحي.
184 335- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ البغدادي.
185 336- محمد بن هلال بن المحسّن الصّابئ.
185 337- مسعود بن سهل بن حمك.
"ومن المتوفين تقريبًا":
"حرف الألف":
185 338- إسماعيل بن أحمد بن حسن الشاشي.
186 339- إسماعيل بن أحمد بن محمد الرّازيّ.
186 340- إفرائيم بن الزّفّان اليهودي.
"حرف الجيم":
186 341- الجنيد بن القاسم المحتاجي.
"حرف السين":
187 342- سعيد بن محمد بن أَحْمَد الأصبهاني.
187 343- سليمان بن عبّاس بن سليمان القيرواني.
"حرف الشين":
187 344- شبيب بن أحمد بن محمد بن خشنام.
"حرف العين":
188 345- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عمر الطليطلي.
188 346- عبد الرحمن بن عبد الله بن أسد الجهنيّ.
188 347- عبد الرحمن بن محمد بن اللّبّان.
189 348- عبد الرحمن بن محمد بن يونس الأندلسي.
189 349- عبد الصّمد بن سعدون الصدفي.(32/215)
الصفحة الموضوع
189 350- عبد الوهّاب بن محمد بن الحسن الجَزَري.
190 351- عُبَيْد الله بن عبد الله بن أحمد القرشي النيسابوري.
191 352- عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن بكر المحكمي.
"حرف الميم":
191 353- محمد بْن أحمد بْن عثمان القيسي.
191 354- محمد بن أحمد بن أبي الحَسَن العارف الميهنيّ.
192 355- محمد بن عليّ بن حيدرة الهاشمي الجعفري.
192 356- محمد بن عليّ بن محمد بن جُولة الأبهري.
193 357- محمد بن الفضل بن جعفر المروزي.
193 358- محمد بن محمد بن زيد الشريف المرتضي.
195 359- مطهر بن يحيى بن محمد البحيري.
"حرف النون":
196 360- نصْر بْن عليّ بْن أَحْمَد الحاكمي الطوسي.
197 فهرس الموضوعات.(32/216)
المجلد الثلاث والثلاثون
الطبقة التاسعة والأربعون
أحداث سنة إحدى وثمانين وأربعمائة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة التاسعة والأربعون:
أحداث سنة إحدى وثمانين وأربعمائة:
"استيلاء الفرنج عَلى مدينة زَوِيلَة":
فيها: استولت الفرنج على مدينة زَوِيلَة من بلاد إفريقيّة، جاءوا في البحر في أربعمائة قطعة فنهبوا وسَبوا، ثمّ صالحهم تميم بْنُ بَادِيس1، وبذَل لهم من خزانته ثلاثين ألف دينار فردّوا جميع ما حَوَوْه2.
"وفاة النّاصر بن علناس":
وفيها مات النّاصر بن عَلنّاس بن حمّاد، وولي بعده ابنه المنصور، فجاءته كُتُب تميم بن المعزّ، وكُتُب يوسف بن تاشفين صاحب مَرّاكُش بالعزاء والهناء3.
"وفاة ملك غَزْنَة":
وفيها مات ملك غَزْنَة الملك المؤيّد إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين4 وكان كريمًا، عادلًا، مجاهدًا، عاقلًا، له رأي ودهاء، ومن مخادعته أنّ السّلطان ملكشاه سار بجيوشه يقصده، ونزل بإسْفِزَار5، فكتب إبراهيم كُتُبًا إلى جماعةٍ من أعيان أمراء ملكشاه يشكرهم، ويعتذر لهم بما فعلوه من تحسينهم لملكشاه أن يقصده: ليتمّ لنا ما استقرّ بيننا من الظَّفَر به، وتخليصكم من يده، ويَعِدُهم بكلّ جميل. وأمر القاصد بالكُتُب أن يتعرَّض لملكشاه في تصيُّده، فأُخِذَ وأحضر عند
__________
1 هو تميم بن المعز بن باديس.
2 الكامل في التاريخ "10/ 166".
3 الكامل في التاريخ "10/ 166، 167".
4 تاريخ الخلفاء "425".
5 أسفزار: بفتح الهمزة وسكون السين والفاء تضم وتكسر وزاي وألف وراء. مدينة من نواحي سجستان من جهة هراة "معجم البلدان 1/ 178".(33/3)
ملكشاه فقرّره، فأنكر، فأمر بضربه، فأقرّ واخرج الكُتُب، فلمّا فتحها وقرأها تخيّل من أمرائه، وكتم ذلك عنهم خوفَ الوحشة، ورجع من وجهه.
وكان إبراهيم يكتب في العالم خَتْمَةً، ويهديها ويتصدَّق بثمنها، وكان يقول: لو كنتُ بعد وفاة جدّي محمود لما ضَعُفَ ملكُنا، ولكنّي الآن عاجز أن أستردّ ما أُخذ منّا من البلاد لكثرة جيوشهم1.
"ولاية جلال الدّين مسعود المُلْك":
وقام في المُلْك بعد ولده جلال الدّين مسعود، الّذي كان أبوه زوّجه بابنة السّلطان ملكشاه، وناب نظام المُلْك في عُرْسِه عليها مائة ألف دينار2.
"منازلة متولّي حلب لشَيْزَر":
وفيها: جمع أقْسُنْقُر متولّي حلب العساكر، ونازل شيزر، ثمّ صالحه صاحبه ابن منقذ3.
"وفاة الملك أحمد بن ملكشاه":
وفيها: مات الملك أحمد بن السّلطان ملكشاه، وله إحدى عشرة سنة، وكان قد جعله وليَّ عهدٍ أوّل، ونثَر الذَّهَب على الخُطَباء في البلاد عند ذِكْره. فلمّا مات عُمل عزاؤه ببغداد سبعة أيّام بدار الخلافة، ولم يركب أحد فرسًا وناح النّساء في الأسواق عليه، وكان منظرًا فظيعًا4.
"توجُّه ملكشاه إلى سمرقند":
وفيها: توجَّه ملكشاه إلى سَمَرْقَنْد ليملكها5.
__________
1سير أعلام النبلاء "18/ 321".
2 الكامل في التاريخ "10/ 168".
3 الكامل في التاريخ "10/ 168".
4 الكامل في التاريخ "10/ 169".
5 سير أعلام النبلاء "18/ 321".(33/4)
أحداث سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة:
"الفتنة بين السُّنَّة والشِّيعة":
في صَفَر كَبَس غَوْغَاء السُّنَّة الكَرْخَ، وقتلوا رجلًا وجرحوا آخر، فأغلق أهل الكَرْخ أسواقهم، ورفعوا المصاحف وثياب الرّجُلين بالدّماء، ومضوا إلى دار كمال المُلْك الدّهسْتانيّ مستغيثين، فأرسل إلى النّقيب طِراد يطلب منه إحضار الرّجُلين القاتلين، فلم يقدر، وكفّ النّاسَ، فلمّا سار السُّلطان عادت الفتنة1.
"تملُّك السلطان ما وراء النّهر":
وفيها: ملك السّلطان ما وراء النَّهْر، وذلك لأنّ سَمَرْقَنْد تملّكها ابن أخي تُرْكان زوجة السّلطان، وكان صبيًّا ظلومًا غَشُومًا، كثير المصادرة فكتبوا إلى السّلطان سِرًّا يستغيثون به ليتملّك عليهم، فطمع السّلطان، وتحرّكت همّته، وسار من إصبهان بجميع جيوشه، وعَبَر النَّهر، وقَصَد بُخَارى فملكها2، وقصد سَمَرْقَنْد ونازَلها، وكاتب أهلها، ففرح به التُّجّار والرّؤساء، وفرَّق صاحبها أحمد خان الأبرِجة على الأمراء، وسلَّم برج العيّار إلى رجلٍ علويّ، فنصح في القتال، وكان ولده ببُخَارى "أسيرًا"3 فبعث إليه ملكشاه يهدّده بقتله، ففتر عن القتال، ورمى السّلطان عدّة أماكن من السُّور بالمنجنيقات، فلمّا صعِدوا السّورَ اختفى أحمد خان في بيت عاميّ، فغُمِز عليه، وحُمِلَ إلى السّلطان يُجَرّ بحبْل، فأكرمه السلطان وأطلقه، وأرسله تحت الاحتياط إلى إصبهان. ورتَّب لسَمَرْقَنْد أبا طاهر عميد خُوارَزْم.
ثمّ قصد كاشْغَر4، فبلغ إلى يوزكَنْد5، وهي بلدة يجري على بابها نهرٌ، فأرسل رُسُلَه إلى ملك كاشغر يأمره بإقامة الخطْبة والسّكّة له، ويتهدّده إنْ خالف. فدخل في الطّاعة، وجاء إلى الخدمة، فأكرمه السّلطان وعظمه، وأنعم عليه، ورده
__________
1 البداية والنهاية "12/ 134" "حوادث سنة 481هـ".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 321"، البداية والنهاية "12/ 135".
3 في الأصل بياض والمستدرك من "الكامل "10/ 172".
4 كاشغر: مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي. وهي في وسط بلاد الترك.
5 في الأصل: بئر كند والمثبت عن: "الكامل في التاريخ "10/ 172"، بلد بما وراء النهر يقال له: أوزكند.(33/5)
إلى بلده. ثمّ ردَّ إلى خُرَاسان، فوثب عسكر سَمَرْقَنْد بالعميد أبي طاهر، فاحتال حتّى هرب منهم1، وكان كبيرهم عين2 الدّولة، ثمّ ندم وخاف، فكاتب يعقوب أخا الملك صاحب كاشغر فحضر واتّفق معه، وجَرَت أمورٌ، فلمّا اتّصلت الأخبار بالسّلطان كرّ راجعًا إلى سَمَرْقَنْد، فهرب يعقوب3 وكان قد قتل عين الدّولة، فلحِق بفَرْغَانة وهي ولايته، ثمّ هادنه، ورجع بعد فصولٍ طويلة4.
"وفاة ابنة السّلطان":
وكانت ابنة السّلطان زوجة الخليفة أرسلت تشكو من الخليفة لكثره اطّراحه لها، فأرسل يطلب ابنته طلبًا لا بد منه، فأذِن لها الخليفة، ومعها ولدُها جعفر، وسعد الدّولة كوهرائين، فذهب إلى إصبهان، فأدركها الموت في ذي القعدة من السّنة، وعمل الشّعراء فيها المراثي5.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 171-173".
2 في نهاية الأرب "26/ 328"، "عز".
3 في نهاية الأرب: "يعقوب تكين".
4 البداية والنهاية "12/ 135"، ونهاية الأرب "26/ 328".
5 سير أعلام النبلاء "18/ 321، 322(33/6)
أحداث سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة:
"تسلُّم المصريّين صور وصيدا وعكا وجبيل":
وفيها جاءت عساكر مصر وحاصروا صور، وكان قد تغلب عليها القاضي عين الدّولة ابن أبي عَقِيل، ثمّ تُوُفّي ووليها أولاده، فسلَّموها لضعفهم1.
وسارت العساكر إلى صيدا فتسلموها2.
ثمّ ساروا إلى عكا، فحاصروها وضيّقوا على المسلمين فافتتحوها3.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، والكامل في التاريخ "10/ 176".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 322".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 322".(33/6)
وملكوا مدينة جُبَيْل، ورتّبوا نوّاب المستنصِر بها، ورجعوا إلى مصر منصورين ظافرين بعزْم أمير الجيوش1.
"تعاظم الفتنة بين السُّنّة والشِّيعة":
وفيها عظُمت البليّة ببغداد بين السُّنّة والشِّيعة، وقُتِل بينهم بشرٌ كثير، وركب شِحْنة بغداد ليكفّهم فعجز، وذلّت الرَّافضة بإعانة الخليفة أعوانه عليهم، وأجابوا إلى إظهار السُّنّة، وكتبوا بالكَرْخ على أبواب مساجدهم: خير النّاس بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عليّ فعظُمَ هذا على جهلتهم وشُطّارهم، فثاروا ونهبوا شارع ابن أبي عَوْف، وفي جملة ما نهبوا دار المحدّث أبي الفضل بن خَيْرُون، فذهبَ مستصرخًا ومعه خلْق، ورفعت العامّة الصُّلْبان وهجموا على الوزير وما أَبَوْا ممكنًا، وقُتِل يومئذٍ رجل هاشميّ بسهمٍ غرْبٍ، فقتلت السُّنّة عِوَضَه رجلًا علويًّا واحرقوه. وجَرَت أمور قبيحة، فطلب الخليفة من صدقة ابن مَزْيَد عسكرًا فبعث عسكرًا، وتتبَّعوا المفسدين إلى أن خمدت الفتنة2.
"القحط بإفريقية":
وفيها: كان بإفريقيّة قحطٌ وحروب، ثمّ أمِنوا ورخصت الأسعار3.
"بناء المدرسة التّاجيّة ببغداد":
وفيها: عُمِلت ببغداد مدرسة لتاج المُلْك مستوفي الدّولة بباب أبرز، ودرّس بها أبو بكر الشّاشيّ، وتُعرف بالمدرسة التّاجيّة4.
"عمارة منارة جامع حلب":
وفيها: عمرت منارة جامع حلب5.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 176"، "وكلها في حوادث سنة 482هـ".
2 الكامل في التاريخ "10/ 176، 177"، "حوادث سنة 482هـ"، وسير أعلام النبلاء "18/ 322"، والبداية والنهاية "12/ 135".
3 الكامل في التاريخ "10/ 179".
4 البداية والنهاية "12/ 135"، "حوادث سنة 482هـ".
5 البداية والنهاية "12/ 135"، والكامل في التاريخ "10/ 180".(33/7)
"إمساك النَّحْويّ السارق":
وفيها سَرَق رجلٌ نَحْويٌّ أشقر ثيابًا فأُخِذ وهمّوا به فهرب وذهب إلى بلاد بني عامر،
"وبلاده متاخمة الإحساء"1 وقال لأميرهم: أنت تملك الأرض ويتمّ لك وأنت أجدادك أفعالهم بالحاجّ في التّواريخ. وحسّن له نَهْب البصْرة فجمعَ العُربان، وقصدوا البصرة بغتةً، والنّاسُ آمِنون بهيبة السّلطان، فملكها ونهبها، وفَعَلوا كلّ قبيح، وأحرقوا عدّة أماكن، وجاء الصريخ إلى بغداد، فانحدر سعد الدّولة كواهرئين، وسيف الدّولة صَدَقَة بن مَزْيَد، فوجدوا الأمر قد فات، ثمّ أُخِذَ ذلك النَّحْويّ فشُهِّر وصُلِب ببغداد2.
"تعيين مدرّسين في النظامية":
ووصل للنظاميّة مُدرّسان، كلّ واحدٍ معه منشورٌ بها من نظام المُلْك، وهما أبو محمد عبد الوهّاب الشّيرازيّ، وأبو عبد الله الطَّبَريّ. ثمّ تقررّ الأمرُ أنّ كلّ واحدٍ يدرِّس يومًا3.
"وفاة ابن جَهِير":
وفيها: مات فخر الدّولة ابن جَهِير4.
"تسلُّم رئيس الإسماعيليّة قلعة إصبهان":
وفي شعبان تسلَّم ابن الصّبّاح رأس الإسماعيليّة قلعة أصبهان، وذلك أول ظهورهم5. وسيأتي ذكرهم في سنة أربع وتسعين.
__________
1 في الأصل بياض وما بين الحاصرتين من الكامل في التاريخ "10/ 183".
2 البداية والنهاية "12/ 136".
3 البداية والنهاية "12/ 136".
4 البداية والنهاية "12/ 136"، والكامل في التاريخ "10/ 182".
5 المختصر في أخبار البشر "2/ 200".(33/8)
أحداث سنة أربع وثمانين وأربعمائة:
"عزل أبي شجاع عن الوزارة":
وفيها: عُزِل عن الوزارة ببغداد أبو شجاع بعميد الدّولة ابن جَهِير وأُمِرَ بلزوم داره، فتمثل عن نفسه:
تولاها وليس له عدو ... وفارقها وليس له صديقُ1
"سجن الصّاحب بن عبّاد":
وفيها: استولى أمير المسلمين يوسف على بلاد الأندلس قُرْطُبة، وإشبيلية، وسجَنَ ابن عبّاد، وفعل في حقه ما لا ينبغي لملك، فإنّ الملوك إمّا أن يُقتلوا، وإمّا أن يُسجنوا، ويُقرَّر لذلك المحبوس راتبٌ يليق به، وهذا لم يفعل ذلك، بل استولى على جميع ممالكه وذخائره، وسجنه بأغْمات2، ولم يُجْرِ على أولاده ما يكفيهم، فكان بناتُ المعتمد بن عَبّاد يغزلْن بأيديهنَّ، وينفقن على أنفسهنّ، فأبان أمير المسلمين بهذا عن صِغَر نَفْسٍ، ولُؤْم طَبْع3.
"بدء المرابطين":
واتّسعت مملكته واستولى على المغرب وكثير من إقليم الأندلس، وترك كثيرًا من جيوشه بثغور الأندلس، وطاب لهم الخصب والرفاهية، واسترحوا من جبال البربر وعَيْشِها القشب، ولقَّبهم بالمرابطين. وسالمه المستعين بالله ابن هود صاحب شرق الأندلس، وكان يبعث إليه بالتُّحَف.
وكان هو وأجناده ممّن يُضْرَب بهم المثل في الشجاعة، فلما اختصر يوسف بن تاشفين أوصى وَلَده عليًّا ببني هود وقال: اتركهم بينك وبين العدوّ، فإنّهم شجعان4.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 186، 187".
2 أغمات: ناحية في بلاد البربر من أرض المغرب قرب مراكش "معجم البلدان "1/ 225".
3 البداية والنهاية "12/ 137".
4 الكامل في التاريخ "10/ 192، 193".(33/9)
"استيلاء الفرنج على صقليّة":
وفيها: استولت الفرنج على جميع جزيرة صَقَلّية، وأوّل ما فتحها المسلمون بعد المائتين، وحكم عليها آلُ الأغلب دهرًا، إلى أن استولى المهديّ العُبَيْديّ على الغرب، وكان العزيز العُبَيْديّ صاحب مصر قد استعمل عليها الأمير أبا الفتوح يوسف بن عبد الله فأصابه فالج فاستناب ولده جعفرًا فضبط الجزيرة، وأحسن السيرة إلى سنة خمس1 وأربعمائة، فخرج عليه أخوه عليّ في جَمْعٍ من البربر والعبيد، فالتقوا فقُتِل خلْقٌ من البربر والعبيد، وأُسِرَ عليّ، وقتله أخوه، فعظُم قتْلُه على أبيه وهو مفلوج، وأمر جعفر بنفْي كل بربريّ بالجزيرة، فطُرِدوا إِلى إفريقيّة، وقتلوا سائر العبيد، واستخدم له جُنْدًا من أهل البلاد، فاختلف عسكره، ولم تمض إلّا أيّام حتّى أخرجوه وخلعوه، وأرادوا قتله. وكان ظَلُومًا لهم، عَسوفًا، فعملوا حِسْبَتَه، وحَصَروه في قصره سنة عشر وأربعمائة، فخرج لهم أبوه أبو الفتوح في مِحَفَّةٍ، فَرَقُّوا لحاله، وأرضاهم، واستعمل عليهم ابنه أحمد المعروف بالأكحل. ثمّ جهزّ ابنه في البحر في مركب إِلى مصر، وسار هو بعد ابنه ومعهما من العين ستّمائة ألف وسبعون ألف دينار.
وكان ليوسف من الخيل ثلاث عشرة ألف حجرة، سوى البِغال وغيرها.
ومات يوم مات وما له إلّا فرسٌ واحد.
وأمّا الأكحل فكان حازمًا سائسًا أطاعه جميع حصون صقلّية الّتي للمسلمين، ثمّ إنّ أهل صَقَلّية اشتكوا منه، وبعث المعزّ بن باديس جيشًا عليهم ولده، فحصروا الأكحل، ووثب عليه طائفة من البلد، فقتلوه في سنة تسْعٍ وعشرين وأربعمائة. ثمّ رأوا مصلحتهم في طرد عسكر ابن باديس عنهم، فالتقوا، فانهزم الإفريقيّون، وقُتِل منهم ثمانمائة نفس، ورجع الباقون بأسوأ حال، فولّى أهل صقلّية عليهم الأمير حَسَنًا الصِّمْصام أخا الأكحل، فلم يتّفقوا وغلب كلّ مقدّم على قلعةٍ، واستولى الأراذل.
__________
1 في المختصر في أخبار البشر "2/ 200" "إلى سنة عشر".(33/10)
ثمّ أخرجوا الصِّمْصام فانفرد القائد عبد الله بن متكون1 بمَازَرَ2 وطَرَابُنُش3، وانفرد القائد عليّ عليّ بن نعمة بقَصْرُيَانِه4 وجُرْجنْت وانفرد ابنُ الثُمنة بمدينة سَرَقُوسة5 وقَطَانِيَة6، وتحاربَ هو وابن نِعْمة، وجَرَت لهم خُطُوب، فانهزم ابن الثُمنة، فسوّلت له نفسه الانتصار بالنّصارى، فسار إلى مالطة، وقد أخذتها الفرنج بعد السبعين وثلاثمائة وسكنوها، فقال لملكها: أنا أملك الجزيرة، وملأ يدَ هذا الكلب خسايا، فسارت الفرنج معه في سنة أربع وأربعين وأربعمائة، فلم يلقوا من يمنعهم، فأخذوا ما في طريقهم، وحاصروا قَصْرُيَانِهْ، وعمل معه ابن نعمة مُصَافًا، فهزموه، فالتجأ إلى القصر، وكان منيعًا حصينًا. فحلوا عنه واستولوا على أماكن كثيرة، ونَزَحَ عنها خلْقٌ من الصّالحين والعلماء، واجتمع بعضهم بالمعزّ، فأخبره بما النّاس فيه من الوَيْل مع عدوّهم، فجهَّز أسطولًا كبيرًا، وساروا في الشّتاء، فغرَّق البحر أكثرهم، وكان ذلك ممّا أضعف المعزّ، وقويت عليه العرب، وأخذت البلاد منه، وتملّك الفرنج أكثر صَقَلّية.
واشتغل المعزّ بما دهمِه من العرب الّذين بعثهم صاحب مصر المستنصِر لحربه وانتزاع البلاد منه، فقام بعده ولده تميم في المُلْك، فجهَّز أسطولًا وجيشًا إلى صَقَلّية، فَجَرَت لهم حروبٌ وأمورٌ طويلة، ورجع الأسطول، وصحِبهم طائفة من أعيان أهل صَقَلّية، ولم يبق أحدٌ يمنع الفرنج، فاستولوا على بلاد صَقَلّية، سوى قَصْرُيَانِهْ وجُرْجنْت7، فحاصروا المسلمين مدّة حتّى كلّوا، وأكلوا الميتة من الجوع، وسلم أهل جرجنت بلدهم، ولبث8 قَصْرُيَانِهْ بعده ثلاث سِنين في شدَّةٍ من الحصار، ولا أحد يغيثهم، فسلَّموا بالأمان، وتملَّك رُجار جميعَ الجزيرة، وأسكنها الرومَ والفرنجَ مع أهلها.
__________
1 في الكامل في التاريخ "1/ 195"، "منكوت" ومثله في المختصر في أخبار البشر "2/ 201".
2 مازر: مدينة بصقلية "معجم البلدان" "5/ 40".
3 طرابنش: مدينة بجزيرة صقلية "معجم البلدان 4/ 26".
4 قصريانه: مدينة كبيرة بجزيرة صقلية على سن جبل "معجم البلدان 4/ 365".
5 في الأصل "سرقوس" والتصحيح من: معجم البلدان "3/ 214"، وهي الآن عاصمة جزيرة صقلية.
6 قطانية: مدينة على سواحل جزيرة صقلية وتعرف بمدينة الفيل "معجم البلدان 4/ 370".
7 في الأصل: "جرجنته" والتصحيح من الكامل في التاريخ "10/ 197".
8 في الأصل: "ولبث".(33/11)
وهلك رجار قبل التسعين وأربعمائة، وتملّك بعده ابنه، فاتَّسَعت ممالكه، وعمّر البلاد، وبالغ في الإحسان إلى الرّعيّة، وتطاول إلى أخذ سواحل إفريقيّة1.
"دخول السلطان بغداد للمرّة الثّانية":
وفي رمضان وصل السّلطان إلى بغداد، وهي القدْمة الثّانية، وبادر إلى خدمته أخوه تاج الدّولة تُتُش صاحب دمشق وقسيم الدّولة أقْسُنْقُر صاحب حلب، وغيرهما من أمراء النّواحي2 فعمل الميلاد ببغداد، وتأنّقوا في عمله على عادة العجم، وانبهر الناس، وأروا شيئًا لم يعهدوه من كثرة النّيران، حتّى قال شاعرهم3:
وكُلُّ نارٍ على العُشَّاق مُضْرَمَةٌ ... مِن نار قلبي أو من ليلة الصَدَقِ
نارٌ تَجَلَّت بها الظَّلْمَاءُ فاشتبهتْ ... بسُدْفةِ اللَّيل فيه غُرَّةُ الفَلَقِ
وزارتِ الشّمسُ فيه البدرَ واصطلحا ... على الكواكب بعد الغَيْظِ والحَنَقِ
مُدّت على الأرض بسطٌ من جواهرها ... ما بين مجتمع دارٍ ومفترقِ
مثلَ المصابيح إلّا أنّها نزلتْ ... من السّماء بلا رجمٍ ولا حَرَقِ
أعْجِبْ بنارٍ ورضوانٌ يُسعّرُهَا ... ومالكٌ قائمٌ منها على فَرَقِ
في مجلسٍ ضحِكَتْ روضُ الْجِنَانِ لهُ ... لمّا جلى ثغْرُهُ عن واضحٍ يَقَقِ
وللشُّمُوع عيونٌ كلْما نظرتْ ... تظلّمتْ من يديها أنْجُمُ الغَسَقِ
من كلّ مرهفةٍ الأعطافِ كالغُصْن الـ ... ـمياد لكنّه عارٍ من الوَرَقِ
إنِّي لأعجب منها وهي وادعةٌ ... تبكي وعِيشَتُهَا من ضَرْبة العُنُقِ4
"بناء جامع السّلطان ببغداد":
وفي آخرها أمر السّلطان بعمل جامعٍ كبير له ببغداد، وعمل الأمراء حوله دورًا
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، والبداية والنهاية "12/ 138".
2 البداية والنهاية "12/ 137".
3 هو "المطرز" كما في الكامل "10/ 199".
4 الخبر والأبيات في الكامل في التاريخ "10/ 199، 200".(33/12)
لهم ينزلونها، ولم يدروا أن دولتهم قد ولت، وأيامهم قد تصرمت نسأل الله خاتمةً صالحةً1.
"الزّلزلة بالشّام":
وفيها: كانت زلازل عظيمة مزعجة بالشّام، تخرّب من سور أنطاكية تسعون برجًا، وهلك من أهلها عالمٌ كثير تحت الرَّدْم، فأمر السّلطان بعمارتها2.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 137".
2 البداية والنهاية "12/ 138"، والكامل في التاريخ "10/ 200".(33/13)
أحداث سنة خمس وثمانين وأربعمائة:
"وقعة جيان بالأندلس":
فيها: وقعة جَيّان1 بالأندلس:
كانت بعد وقعة الزّلّاقة، وتُقاربُها في الكِبَر فإنّ الأذفونش جمع جُموعًا عظيمة، وقصد بلاد جَيّان، فالتقاه المرابطون فانهزم المسلمون، وأشرف النّاسُ على خُطّةٍ صعبة، ثمّ أنزل الله النّصر، فثبتوا وهزموا الكُفّار، ووضعوا السّيف فيهم، ونجا الأذفونش في نَفَرٍ يسير2.
"نسخة كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هرقل":
ثمّ تهيّأ في العام القابل، وأغار على القُرى وحرَّق الزَّرع، وبقي النّاس معه في بلاءٍ شديد، وشاخ وعُمِّر، وكان من دُهاة الرّوم، وهو أكبر ملك للفرنج، تحت يده عدّة ملوك وجعل دار مملكته طُلَيْطُلَة، فبقي مجاورًا لبلاد الإسلام. وهو من ذُرّيّة هِرَقْل. وكان عنده كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جدّه.
قال الْيَسَعُ بنُ حزْم: حدّثنا الفقيه أبو الحسن بن زيدان قال: لمّا توجّهنا إلى ابن بنتِه رُسُلًا أنا وفُلان، أمرَ فأُخْرِج سفْطٌ فيه حق ذهب مرصع بالياقوت والدر،
__________
1 جيان: مدينة لها كورة واسعة بالأندلس "معجم البلدان 2/ 195".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، والكامل في التاريخ "10/ 202".(33/13)
فاستخرج منه الكتاب كما نصّه في "صحيح البخاري"1 فلما رأيناه بكينا، فقال: مم تبكون؟ فقلنا: تذكرنا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: إنّما هذا الكتاب شَرَفي وشَرَف آبائي من قبلي.
"تسيير عسكر السلطان ملكشاه لفتح بلاد السّاحل":
وفيها أمرَ السّلطان ملكشاه لقسيم الدّولة وبوران وغيرهما أن يسيرا في خدمة أخيه تُتُش، حتّى يستولوا على ما بيد المستنصِر العُبَيْديّ بالسّواحل، ثمّ يسيرون بعد ذلك إلى مصر فيفتحوها، فسَاروا إلى أن نزلوا على حمص، وبها صاحبها ابن مُلاعِب، وكان كثير الأذِيّة للمسلمين، فأخذوا منه البلد بعد أيّام2.
ثمّ ساروا إلى حصْن عِرْقه، فأخذوه بالأمان3.
ثمّ نازل طرابُلُس، فرأى صاحبُها جلال المُلْك ابن عَمّار جيشًا لا قِبَل له به، فأرسل إلى الأمراء الّذين مع تُتُش، ووعدهم ليُصلِحوا حاله، فلم ير فيهم مطعمًا ثمّ سيّر لقسيم الدّولة ثلاثين ألف دينار وتقادُم فسَعى له عند تُتُش هو وكاتبُه، فغضب تتش وقال: هل أنت إلا تابع لي: فخلاه في الليل، ورحل إِلى حلب، فاضطّر تُتُش إلى التَّرحُّل عن طرابلس وانتقض ما قرَّر لهم السّلطان من الفتوح4.
"فتح اليمن للسّلطان":
وفيها: فتح للسّلطان اليمنُ: كان فيمن حضر إلى خدمته ببغداد جنق5 أمير التّركمان صاحب قرميسين، فجهَّزَه السّلطان في جماعة أمراء من التُّرْكُمان إلى الحجاز واليمن، وأن يكون أمرهم إلى سعْد الدّولة كوهرائين، فاستعمل عليهم كوهرائين عِوَضَه ترشك، فساروا إلى اليمن واستولوا عليها، فظلموا وعَسفوا وفَسَقوا فأسْرَفوا، ومَلَكوا عدن، وظهر عَلَى ترشك جدري أهلكه بعد جمعة من وصوله إلى عدن.
__________
1 حديث صحيح: أخرجه البخاري رقم "7"، ومسلم "1773"، وأبو داود "5136"، والترمذي "2618".
2 البداية والنهاية "12/ 139".
3 البداية والنهاية "12/ 140".
4 الكامل في التاريخ "10/ 202، 203".
5 في الكامل "10/ 203" "جبق".(33/14)
وعاش سبعين سنة فنقله أصحابه معهم، ودُفِن ببغداد عند مشهد أبي حنيفة1.
"وفاة السلطان":
قال صاحب "المرآة": في غُرَّة رمضان توجّه السلطان من إصبهان إلى بغداد عازمًا على تغيير الخليفة؛ فوصل بغدادَ في ثامن عشر رمضان، فنزل داره، ثمّ بعث إلى الخليفة يقول: لا بُدّ أن تترك لي بغداد، وتذهب إلى أيّ بلدٍ شئت. فانزعج الخليفة وقال: أمهلني ولو شهرًا.
فقال: ولا ساعة.
فبعث الخليفة إلى وزير السّلطان تاج المُلْك، فطلب المهلة عشرة أيّام. فاتَّفق مرض السّلطان وموته، وعُدَّ ذلك كرامةً للخليفة2.
"مقتل الوزير نظام المُلْك":
وفي عاشر رمضان قُتِل نظام المُلْك الوزير بقُرب نهاوند، أتاه شابٌّ دَيْلَميّ من الباطنيّة في صورة مستغيث فضربه بسِكّين عندما أُخْرجت محفَّته إلى خيمة حُرَمِه بعد إفطاره، وتَعِس الباطنيّ فلحِقُّوه وقتلوه3. وكان مولده سنة ثمان وأربعمائة4.
وقيل: إنّ السّلطان هو الّذي دسّ عليه من قتله، لأن ابن ابن نظام المُلْك كان شابًا طريا، ولي نظر مرْو ومعه شِحْنة للسّلطان، فعمد وقبض عليه، فغضب السّلطان، وبعث جماعةً إلى نظام الملك يعنقه ويوبِّخه ويقول: إن كنتَ شريكي في المُلْك فلذلك حكمٌ! وهؤلاء أولادك قد استولى كلّ واحدٍ على كورةٍ كبيرة، ولم يكفهم حتّى تجاوزوا أمر السّياسة.
فقوّى نفسه، ولقد يمُتّ بأمورٍ ما أظنّ عاقلًا يقولها، ويقول: إن كان ما علم أني شريكه فليعلم5.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، البداية والنهاية "12/ 140".
2 المنتظم "9/ 62"، "16/ 299، 300".
3 البداية والنهاية "12/ 139، 140".
4 الكامل في التاريخ "10/ 204".
5 الكامل في التاريخ "10/ 205".(33/15)
"وفاة السلطان ملكشاه":
فازداد غضب السّلطان ملكشاه وعمل عليه، ولكنّه ما مُتِّع بعده، إنّما بقي خمسةٍ وثلاثين يومًا ومات1.
"سلطنة محمود بن ملكشاه":
فلمّا مات السّلطان كتمت زوجته تُرْكان، مَوْتَه، وأرسلت إلى الأمراء سرًّا فاستحلفتهم لولدها محمود ابن السّلطان، وهو في السّنة الخامسة من عمره.
فحلفوا له2، وأرسلت إلى المقتدي بالله في أنْ يُسلْطنه، فأجاب، وخُطِب له، ولُقِّب ناصر الدُّنيا والدِّين3، وأرسلت في الحال تُرْكان إلى إصبهان من قَبَضَ على بركيارُوق4 أكبر أولاد السّلطان فَقُبِض عليه5.
"خلاف بركياروق":
فلمّا اشتهر موتُ أبيه وثب المماليك بإصبهان، وأخرجوه وملّكوه بإصبهان. وطالبت العساكرُ الوزيرَ بالأرزاق، فوعدهم فلمّا وصل إلى قلعة برجين التي فيها الخزائن صعِد إليها ليفرّق فيهم، فأغلقها وعصى على تركان فنهبت العساكر أثقاله، وذهبت هي إلى إصبهان. فندم ولحِقها، وزعم أنّ متولِّي القلعة حبَسه، وأنّه هرب منه، فقبلت عُذْرَه6.
وأمَّا بَركيَارُوق ففارق إصبهان، وبادر إلى الريّ، وانضم إليه فرقةٌ من العسكر، وأكثرهم من المماليك النّظامية، لبُغضهم لتاج المُلْك لأنّه كان عدوًّا لمولاهم، وهو المُتَّهم بقتْلِه، فنازلوا قلعة طبرك، وأخذوها عنوةً7.
__________
1 تاريخ الخلفاء "5252".
2 البداية والنهاية "12/ 139".
3 تاريخ الزمان "121".
4 في تاريخ الزمان "121" "تركياروق وفي الكامل "10/ 215" "بركيارق".
5 الكامل في التاريخ "10/ 214، 215".
6 الكامل في التاريخ "10/ 215".
7 المختصر في أخبار البشر "2/ 203"، والكامل في التاريخ "10/ 215".(33/16)
"انهزام عسكر تُركان وأسر تاج المُلْك":
وجهَّزت تُركان عساكرها لحربهم، فالتقى الجمعان بناحية بَرُوجِرْد، فخامَر طائفة، والتفّوا أيضًا على بَركيَارُوق، واشتدّ الحرب. ثمّ انهزم عسكر تُركان، وساق بركياروق في أثرهم، فنازل إصبهان في آخر السّنة.
وأُسِر بعد الوقعة تاج المُلْك، فأُتِي به بَركيَارُوق وهو على إصبهان، فأراد أن يستوزره1.
"مقتل تاج المُلْك":
وأخذ تاج المُلْك في إصلاح كبار النّظامية، وفرَّق فيهم مائتي ألف دينار، وبلغ ذلك عثمان بنَ نظام المُلْك2، فشغب عليهم سائر الغلمان الصِّغار، وقال: هذا قاتل أستاذكم. ففتكوا به، وقطّعوه في المحرَّم سنة ستٍّ.
وكان كثير المحاسن والفضائل وإنّما غطّى ذلك ممالأته على قتل نظام الملك، ولأنّ مدّته لم تَطُلْ. وعاش سبْعًا وأربعين سنة3.
"إيقاع عرب خفاجة بالرّكب العراقي":
وأمّا عرب خَفَاجَة فطمعوا بموت السّلطان، وخرجوا على الركْب العراقيّ، فأوقعوا بهم، وقتلوا أكثر الْجُنْد الّذين معهم، ونهبوا الوفد، ثمّ أغاروا على الكوفة، فخرجت عساكر بغداد وتبعَتْهم حتّى أدركتهم فقُتِل من خَفَاجَة خلْق، ولم تقْوَ لهم شوكةٌ بعدَها4.
"حريق بغداد":
وفيها كان الحريق المَهُول ببغداد، وكان من الظُّهر إلى العصر.
قال صاحب "الكامل": واحترق من النّاس خلْق كثير، واحترق نهر معلى، من
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 216".
2 في الكامل في التاريخ "10/ 216": "عثمان نائب نظام الملك".
3 الكامل في التاريخ "10/ 216".
4 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، والبداية والنهاية "12/ 139".(33/17)
عقد الحديد إلى خزانة1 الهرّاس، إلى باب دار الضَّرب، واحترق سوق الصَّاغة، والصّيارف، والمخلّطين والرَّيْحانيّين، وركب الوزير عميد الدّولة2 بن جَهير وأتى، فما زال راكبًا حتّى أُطْفِئ3.
"وقوع البَرَد بالبصرة":
وفيها: وقع بالبصرة بَرَد عظيمٌ كبار، أهلك الحرث والنَّسْل. كانت البَرَدة من خمسة أرطال إلى عشرة أرطال4.
__________
1 في الكامل "خربة" وفي المنتظم "خرابة".
2 في الأصل "عميد الله" والتصحيح من: الكامل والمنتظم.
3 البداية والنهاية "12/ 139".
4 البداية والنهاية "12/ 139"، والمنتظم "9/ 61" "16/ 301".(33/18)
أحداث سنة ست وثمانين وأربعمائة:
"وزارة عزّ الملك":
استُهِلَّت وبركياروق مُنَازِلٌ إصبهان، فخرج إليه جماعة من أولاد نظام المُلْك، فاستوزر عزّ المُلْك بن نظام المُلْك الّذي كان مُتولّي خَوارَزْم1.
"استيلاء تاج الدّولة تُتُش على الرّحبة ونصيبين":
وأمّا تاج الدّولة تُتُش صاحب دمشق، فلمّا علم بموت أخيه ملكشاه جمع الجيوش وأنفق الأموال، وسار يطلب السّلطنة، فمرّ بحلب وبها قسيم الدّولة أقْسُنْقُر فصالحه وصار معه، وأرسل إلى ياغي سيان صاحب أنطاكية، وإلى بوزان صاحبُ الرّها وحَرّان، يشير عليهما بطاعة تُتُش، فصاروا معه، وخطبوا له في بلادهم، وقصَدَوا الرَّحْبة، فملكوها في المحرّم سنة ستٍّ2. ثمّ سار بهم وحاصر نصيبين، فسبُّوه ونالوا منه، فغضب وأخذها عَنْوَةً، وقتل بها خلْقًا ونهبها. ثمّ سلّمها إلى محمد بن شرف الدّولة العُقَيْليّ، وقصدَ الموصل3.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 219".
2 البداية والنهاية "12/ 144".
3 الكامل في التاريخ "10/ 220"، والبداية والنهاية "12/ 144".(33/18)
"وزارة ابن جهير":
واستوزر الكافي ابن فخر الدّولة بن جَهير، أتاه من جزرة ابن عمر1.
"وقعة المُضَيَّع":
وكان قد تغلَّب على الموصل إبراهيم بن قُرَيش أخو شرف الدّولة، فعمل معه مصَافًّا، وتُعرف بوقعة المُضَيَّع2، فكان هو في ثلاثين ألفًا، وكان تُتُش في عشرة آلاف فتمَّت الكسْرة على جيش إبراهيم، وأخِذ أسيرًا، ثمّ قُتِل صبْرًا3.
وقيل: إنّ تقدير القتلى من الفريقين عشرة آلاف، امتلأت الأيدي من السَّبْي والغنائم، حتّى أبيع الْجَمَل بدينار، وأمّا الغنم فقيل: أُبيعت مائة شاة بدينار. ولم يُشَاهد أبشع من هذه الوقعة، وقتل بعض نُسوان العرب أنفسهنَّ خوف الفضيحة، ومنهنّ من غرَّقت نفسَهَا.
وأقرَّ تُتُش على الموصل الأمير عليّ بن شرف الدّولة وأمّه صفيّة، وهي عمّة تُتُش، ثمّ بعث إلى بغداد يطلب تقليدًا بالسّلطنة، وساعده كوهرائين فتوقّفوا قليلًا4.
"استقامة الأمور لتاج الدّولة تتش":
وسار تُتُش فملك ميّافارقِين5، وديار بكر وقصد أَذَرْبَيْجَان6، وغلب على بعضها، فبادر بركياروق ليدفع عنه تتش عن البلاد، وقصده، فالتقيا، فقال قسيم الدّولة لبوزان: إنّما أطعنا هذا لننظر ما يكون من أولاد السّلطان، والآن فقد ظهر ابنُه هذا، وينبغي أن نكون معه، ففارقا تُتُش وتحوّلا بعسكرهما إلى بَركيَارُوق، فلمّا رأى ذلك تُتُش ضَعُف ورجع إلى الشّام، واستقام دست بركياروق7.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 144".
2 في الأصل: "المصنع" والتصحيح من الكامل "10/ 221".
3 الكامل في التاريخ "10/ 221".
4 الكامل في التاريخ "10/ 221، 222".
5 الكامل في التاريخ "10/ 222".
6 الكامل في التاريخ "10/ 222"، والتاريخ الباهر "13".
7 البداية والنهاية "12/ 145"، والكامل في التاريخ "10/ 223".(33/19)
"تملك عسكر مصر مدينة صور":
وفيها في جُمَادى الآخرة جاء عسكر المصريّين، فتملِّكوا مدينة صور بمخامرة أهلها، وأُخِذ متولّيها إلى مصر، فقُتِل هو وجماعة1.
"امتناع الحجّ العراقي":
ولم يحجّ أحدٌ من العراق، بل خرج ركْبٌ من دمشق، فنهبهم أمير مكّة محمد بن أبي هاشم، وخرجت عليهم العُربان غير مرّة ونهبوهم، وتمزَّقوا، وقتِل جماعة، ورجع سلم في حالٍ عجيب2.
"الفتنة بين السُّنّة والرَّافضة":
وأمّا بغداد فهاجت فيها فتنةٌ مزعجة على العادة بين السُّنّة والرَّافضة3.
"دخول صدقة بن مزيد في خدمة السلطان ملكشاه":
وسار سيف الدّولة صَدَقَة بن مَزْيَد أميرُ العرب، فلقي السّلطان بركياروق بنَصِيبِين، وسار في خدمته إلى بغداد، فوصلها في ذي القعدة. وخرج عميد المُلْك ابن جَهير الوزير والنّاس معَه إلى لقائه4.
"وفاة جعفر بن المقتدي بالله":
ومات جعفر بن المقتدي بالله، وله ستُّ سِنين، وهو سِبْط السّلطان ملكشاه5.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 225".
2 الكامل في التاريخ "10/ 225".
3 الكامل في التاريخ "10/ 226".
4 الكامل في التاريخ "10/ 226".
5 البداية والنهاية "12/ 145"، والكامل في التاريخ "10/ 227".(33/20)
أحداث سنة سبع وثمانين وأربعمائة:
"الخطبة لبركياروق بالسّلطنة":
في أوّلها خُطب للسّلطان بَركيَارُوق، ولُقِّب "رُكن الدّولة" وعلَّم الخليفة على تقليده1.
"وفاة الخليفة المقتدي":
ومات الخليفة المقتدي من الغد فجأة2.
"خلافة المستظهر":
وبويع بالخلافة ولده المستظهر3.
"قتْل تُتُش لآقْسُنْقُر صاحب حلب":
وأمّا تاج الدّولة تتش فإنه رجع وشرع يجمع العساكر، وصار قسيم الدّولة وبوزان ضدًّا له، وأمدَّهما بركياروق بعسكر، فكان بينهما مصافٌّ بتلّ السّلطان4، على بريد من حلب، فانهزم، جَمْع أقْسُنْقُر صاحب حلب، وثبت هو، فأُخِذ أسيرًا، وأُحضر بين يدي تُتُش، فقال له: لو كنتَ ظفرتَ بي ما كنت تفعل بي؟ قال: كنت أقتلك. فذبحهُ صبْرًا5.
"تغلّب تتش على حلب وغيرها":
وساق إلى حلب وقد دخلها المنهزمون، فحاصرها حتّى ملكها، وأخذ الأميرين بوزان وكربوقا أسيرين، فقتل بوزان6 ثمّ بعث برأسه إلى حران والرها، فخافوه،
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 229".
2 البداية والنهاية "12/ 146".
3 البداية والنهاية "12/ 146".
4 تل السلطان: موضع قريب من حلب فيه خان ومنزل للقوافل. قال ابن الأثير: بينه وبين حلب نحو ستة فراسخ "التاريخ الباهر 15".
5 الكامل في التاريخ "10/ 232".
6 البداية والنهاية "12/ 145"، وفيه "بوران".(33/21)
وسلَّموا إليه البلدين1، وسجن كربوقا بحمص، ثمّ سار إلى بلاد الجزيرة فملكها، ثمّ ملك خِلاط وغيرها، ثمّ سار فافتتح أَذَرْبَيْجَان جميعها، وكثرت جيوشه واستفحل أمره2.
"سلطنة بركياروق على إصبهان":
وسار بركياروق في طلب عمّهِ، فبيَّتَه ليلةً عسكر تُتُش، فانهزم بَركيَارُوق في طائفة يسيرةٍ، ونُهِبت أثقالُه، فقصد إصبهان لمّا بلغه موت امرأة3 أبيه تُركان، ففتحوا له خديعةً، وقبضوا عليه، وأرادت الأمراء أن يكحلوه، فاتفق أن أخاه محمود بن السّلطان ملكشاه جدّر، فقال لهم الطّبيب4: ما رأيته يسْلَم، فلا تَعْجَلوا بكَحْل هذا، وأنتم تكرهون أن يملك تاج الدّولة تُتُش، فدعوا هذا حتّى تنظروا في أمركم، فمات محمود في سَلْخ شوّال وله سبْعٌ سنين، فملّكوا بركياروق، ووزر له مؤيّد المُلْك بن نظام المُلْك، لأن أخاه الوزير عزّ المُلْك مات بناحية الموصل مع السّلطان. فأخذ مؤيّد المُلْك يكاتب له الأمراء ويتألَّفهم، فقوي سلطانه وتمّ5.
"وفاة المستنصر بالله العُبَيْديّ":
وفيها: مات المستنصر بالله الرّافضيّ صاحب مصر6.
"خلافة المستعلي بالله":
وقام بعده ابنه المستعلي7.
"وفاة بدر أمير الجيوش":
وفيها: مات بدر أمير الجيوش قبل المستنصر بأشهر8.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 145".
2 الكامل في التاريخ "10/ 233".
3 في الأصل: "امرأت".
4 هو: أمين الدولة ابن التلميذ الطبيب كما في "الكامل 10/ 234".
5 الكامل في التاريخ "10/ 234، 235".
6 الكامل في التاريخ "10/ 237"، وتاريخ الخلفاء "426".
7 الكامل في التاريخ "10/ 237".
8 البداية والنهاية "12/ 147".(33/22)
"وفاة أمير مكّة":
ومات محمد بن أبي هاشم الحسينيّ1 أمير مكّة، وقد نيّف على السّبعين وكان ظالمًا2 قليل الخير، أمرَ بنهب الرَّكْب في هذا العام.
"قتل تكش عمّ السلطان بركياروق":
وفيها قتل السّلطان بَركيَارُوق عمّه تكش وغرقه، وكان محبوسًا مكحولًا بقلعة تِكْريت، لأنّه اطّلع منه على مكاتبات3.
"وفاة الخاتون تُركان":
وكانت تُركان الخاتون قد بعثت جيشًا مع الأمير أُنَرْ4 لأخْذ فارس من الملك تورانشاه بن قاروت بك، فانهزم تورانشاه، وعمل معه مصافًّا، فانهزم أنر، ومات تورانشاه من سَهْم أصابه، ومرضت تُركان وهي بنت طمغان خان5 أحد ملوك الترك، وكان لها هيبة وصَوْلة، وأمرٌ مُطاع، لأنّها بنت ملك كبير، ولأنّ زوجها سلطان الوقت كان، وابنها ولي عهْد، وهي حماة المقتدر بالله، إلى غير ذلك، وكانت قد تجهَّزت تريد المسير إلى تاج الدّولة لتتزوّج به، فأدركها الأجَل، وأوصت بولدها إلى الأمير أُنَرْ، ولم يكن بقي له سوى إصبهان6.
"دخول الرّوم بَلَنْسِيَة":
وفيها: دخلت الروم -لعنهم الله- بَلَنْسِيَة7 صُلْحًا بعد حصار عشرين شهرًا8، فلا قوة إلا بالله.
__________
1 في الأصل: الحسين.
2 الكامل في التاريخ "10/ 239".
3 الكامل في التاريخ "10/ 239".
4 في الأصل: "أتر" والتصحيح من الكامل "10/ 240".
5 في الكامل: "طنغاج" "10/ 240".
6 الكامل في التاريخ "10/ 240".
7 بلنسية: مدينة مشهورة بالأندلس "معجم البلدان 1/ 490".
8 تاريخ الخلفاء "426".(33/23)
أحداث سنة ثمان وثمانين وأربعمائة:
"قتْل صاحب سمرقند":
في المحرّم قتل أحمد خان صاحب سَمَرْقَنْد، وكان قد كرهه جُنْدُهُ واتَّهموه بالزَّنْدَقة، لأنّ السّلطان ملكشاه لمّا تملّك سَمَرْقَنْد وأسَرَ أحمد خان وَكَلّ به جماعة من الدَّيْلَم، فحسَّنوا له الانْحلال، وأخرجوه إلى الإباحة. فلمّا عاد إلى سَمَرْقَنْد كان يظهر منه الانحلال، وعصى طُغْرُل يَنال بقلعةٍ له، فسَار لحصاره، فتمكَّن الأمراء وقبضوا عليه، ورجعوا به، وأحضروا الفُقهاء، وأقاموا له خصومًا ادَّعوا عليه بالزَّنْدَقة، فأنكر، فشهدوا عليه، فأفتى العلماء بقتْله، فخنقوه، وملّكوا ابن عمّه1.
"انتهاب ابن أبق باجِسْرى وبعقوبا":
وفي صَفَر بعث تتش شَحْنة لبغداد، وهو يوسف بن أبق التُّرْكُمَانيّ، فجاء صَدَقَة بن مَزْيَد صاحِبُ الحلّة ومانَعه، فسار نحو طريق خُراسان، ونهب باجِسْرى2، وبَعْقُوبا3 أفْحَش نهْبٍ ثمّ عاد إلى بغداد، وقد راح منها صدَقَة، فدخلها وأراد نَهْبها، فمنعه أميرٌ معه، فجاء الخبر بقتْل تتش فترحّل إلى الشّام4.
"مقتل تاج الدّولة تتش":
وذلك أنّ تتش لمّا هزم بَرْكيارُوق سار بركياروق فحاصر هَمَذَان، ثمّ رحل عنها، ومرض بالْجُدَرِيّ، وقصد تتش إصبهان وكاتب الأمراء يدعوهم إلى طاعته، فتوقّفوا لينظروا ما يكون من بركياروق، فلمّا عُوفي فرحوا به، وأقبلت إليه العساكر حتّى صار في ثلاثين ألفًا والتقى هو وتتش بقرب الرّيّ فانكسر عسكر تتش، وقاتل هو حتّى قُتِل، قتله مملوكٌ لقسيم الدّولة، وأخذ بثأر مخدومه5.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 243، 244".
2 بلدة في شرقي بغداد "معجم البلدان 1/ 313".
3 يعقوبا: قرية كبيرة بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من أعمال خراسان "معجم البلدان 1/ 453".
4 الكامل في التاريخ "10/ 244".
5 البداية والنهاية "12/ 148".(33/24)
"تفرُّد بركياروق بالسّلطنة":
وانفرد بركياروق بالسّلطنة، ودانت له المماليك بعد أن انهزم من عمّه بالأمس في نفرٍ يسير إلى إصبهان، ولو اتّبعه عشرون فارسًا لأسروه، لأنّه بقي على باب إصبهان أيّامًا، ثمّ خدعوه وفتحوا له، ثمّ قبضوا عليه وهموا بكحْله فحُمّ أخوه محمود وجدَّر ومات فملّكوه عليهم، وشرعت سعادته1.
"تملّك رضوان بن تُتُش حلب":
وقد كان تُتُش بعث إلى ولده رضوان يأمره بالمجيء إلى بغداد، وينزل بدار السّلطنة، فسار في عسكرٍ كبير، فلمّا قارب هِيت2 جاءه نعيُ أبيه، فردّ إلى حلب، وتملّكها بعد أبيه، وجعل زوجَ أمّه جناحَ الدّولة حسينَ بنَ أيْدكين أتَابِكَه ومدبِّر دَولته، فأحسن السّياسة3.
وصالحهم صاحب أنطاكيّة ياغي سِيان التُّرْكُمَانيّ، فقصدوا ديار بكر، والتفّ عليهم نُوّابُ الأطراف الّذين لتتش، فساروا يريدون سَرُوج، فسبقهم إليهم الأمير سقمان بن أرتق، فحكم عليها4.
ثمّ ملك رضوان الرها، ووهبها لصاحب أنطاكيّة، ثمّ وقع بينهم اختلاف، فسار جناح الدّولة مُسرعًا إلى حلب، ثمّ قدِم رضوان5.
"تملُّك دُقَاق دمشق":
وأمّا أخوه دُقَاق الملك فإنّه كان في خدمة عمّه السّلطان ملكشاه، وهو صبيٌّ قد خطب ابنة السّلطان، وسار بعد موت عمّه مع تُركان إلى إصبهان. ثمّ خرج إلى بركياروق، فصار معه، ثمّ هرب إلى أبيه، وحضر مقتل أبيه، وهرب مع بعض المماليك إلى حلب، فبقي مع أخيه، فراسله الخادم ساوتِكِين متولّي قلعة دمشق سرًّا،
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 245".
2 هيت: بالكسر. بلدة على الفرات من نواحي بغداد.
3 الدرة المضية "444".
4 المختصر في أخبار البشر "2/ 206".
5 المختصر في اخبار البشر "2/ 206، 207".(33/25)
يدعوه ليملّكه فهرب، وأرسل أخوه وراءه فوارس، فلم يُدركوه، وفرح الخادم بقدومه، وتملّك دمشق1.
"مجيء طغتكين إلى دمشق وتمكُّنه":
واتّفق مجيء طُغْتِكين هو وجماعة من خواصّ تتش قد سَلِموا، فخرج لتلقّيهم دُقَاق وأكرمهم، وقيل: كانوا أُسروا يوم المصافّ، ثمّ تخلّصوا، وكان طُغْتِكِين زوجَ أمِّ دُقَاق، فتمكَّن من الأمور، وعمل على قتل الخادم فقتله2.
"وزارة الخُوارَزْميّ":
وجاء إلى الخدمة ياغي سيان صاحب أنطاكيّة، ومعه أبو القاسم الخُوارَزْميّ، فاستوزره دُقَاق3.
"وفاة المعتمد بن عَبَّاد":
وفيها تُوُفّي المعتمد بن عَبَّاد مسجونًا بأغْمات4 وكان من محاسِن الدّنيا جُودًا، وشجاعةً، وسُؤْدُدًا، وفصاحةً، وأدبًا، وما أحسن قوله:
سلَّت عليَّ يدُ الخُطُوبِ سُيوفَها ... فَجَذَذْنَ من جَسَدي الخصيب الأفتنا
ضرَبَتْ بها أيدي الخطوبِ وإنّما ... ضَرَبَتْ رقابَ الآمِلينَ بنا المُنى
يا آملي العاداتِ من نَفَحاتنا ... كُفُّوا فإنّ الدّهرَ كفَّ أكُفَّنا5
"وفاة الوزير أبي شجاع":
وفيها: توفي الوزير أبو شجاع وزير الخلفة مجاورًا بالمدينة6.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 148".
2 الكامل في التاريخ "10/ 248".
3 البداية والنهاية "12/ 149".
4 الكامل في التاريخ "10/ 248".
5 الأبيات في "الكامل في التاريخ 10/ 249".
6 الكامل في التاريخ "10/ 250".(33/26)
"بناء سور الحريم ببغداد":
وفيها: عملوا سور الحريم ببغداد، فزيّنوا البلد لذلك، وعملوا القباب والمغاني، وجدّوا فيه1.
"جرْح السّلطان بركياروق":
وفي رمضان وثب رجلٌ فجرح السّلطان بركياروق2.
"قدوم الغزالي الشام وتصنيفه كتاب الإحياء":
وفيها: قدِم الغزاليّ رحمه الله إلى الشّام متزهِّدًا، وصنَّف كتاب " الإحياء " واسْمَعَه بدمشق، وأقام بها سنتين، ثمّ حجّ، وسار إلى خُراسان3.
"وزارة فخر المُلْك لبركياروق":
وفيها: عزل بَركيارُوق مؤيّد المُلْك بن نظام المُلْك من الوزارة بأخيه فخر الملك4.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 149".
2 البداية والنهاية "12/ 149".
3 الكامل في التاريخ "10/ 252"، والبداية والنهاية "12/ 149".
4 الكامل في التاريخ "10/ 252".(33/27)
أحداث سنة تسع وثمانين وأربعمائة:
"تملُّك كربوقا الموصل":
قد ذكرنا أنّ تُتُش سجنه فأطلقه رضوان بن تتش، وأطلق أخاه ألْتُونْتاش، فالتفّ عليهما كثيرٌ من العسكر البطّالين، فأتيا حرّان، وجاء إليهما محمد بن شرف الدّولة مسلم بن قُريش يستنصِر بهما على أخيه علي صاحب الموصل من جهة تتش، فسار كربوقا، ثمّ غدر بمحمد، وقبض عليه، وغرَّقه، ونازل الموصل على فَرْسخٍ منها، ونزل أخوه ألْتُونْتاش من الجهة الأخرى، فجاء صاحب الجزيرة العُمرية جكرمِش ليكشف عنهم، فهزمه ألْتُونْتاش، وطالت مصابرتهما لأهل الموصل حتّى عُدِمت بها الأقوات، وكلّ شيء حتّى ما يوقدونه، ودام الحصار تسعة أشهر، ففارقها صاحبُها،(33/27)
وسار إلى الحلّة إلى الأمير صَدَقَة، واستولى كربوقا على الموصل، وشرع ألْتُونْتاش في مُصادرة النّاس، فقتله أخوه وأحسن السّيرة، ثمّ سار فملك الرَّحْبة1.
"اجتماع الكواكب السبعة وغرق الحجّاج":
وفيها: اجتمعت الكواكب السَّبعة، سوى زُحَل في برج الحوت، فحكم المُنجِّمون بطوفانٍ يقارب طوفانَ نوح، فاتّفق أنّ الحُجَّاج نزلوا في وادي المناقب2، فأتاهم سَيْلٌ، فغرق أكثرهم. كذا ذكر "ابن الأثير"3، ونجا من تعلَّق بالجبال، وذهبت الْجِمال والأزواد4.
"تدريس الطَّبريّ بالنّظامية":
وفيها: درّس بالنّظامية ببغداد أبو عبد الله الطَّبَريّ الفقيه5.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 152".
2 في الكامل "المياقت".
3 الكامل في التاريخ "10/ 259، 260".
4 سير أعلام النبلاء "19/ 100"، والبداية والنهاية "12/ 152".
5 البداية والنهاية "12/ 152".(33/28)
أحداث سنة تسعين وأربعمائة:
"قتل الملك أرسلان أرغون":
فيها: قُتِل الملك أرسلان أَرْغُون، ابن السّلطان ألْب أرسلان السَّلْجُوقيّ بمَرْو، وكان قد حكمَ على خُراسان. وسبب قتله أنّه كان مؤذيًا لغلمانه، جبّارًا عليهم، فوثب عليه غلامٌ بسِكّين قتله1.
وكان قد ملك مَرْو، وبَلْخ، ونَيْسابور، وتِرْمِذ، وأساء السّيرة، وخرّب أسوار مُدُن خُراسان، وصادر وزيره عماد المُلْك بن نظام المُلْك وأخذ منه ثلاثمائة ألف دينار، ثمّ قتله2.
__________
1 دول الإسلام "2/ 18".
2 الكامل في التاريخ "10/ 262-264".(33/28)
"عصيان متولي صور وقتله":
وفيها: عصى متولّي صور على المصريّين، فسار لحربه جيش، وحاصروه، ثمّ افتتحوها عَنْوَةً وقتلوا بها خلْقًا ونهبوها، وحُمِل واليها إلى مصر، فقُتِل بها1.
"تسلُّم بركياروق سائر خراسان":
وكان بَركيَارُوق قد جهَّز العساكر مع أخيه الملك سَنْجَر لقتال عمّه أرسلان أرغون المتغلِّب على خُراسان، فلمْا بلغوا الدّامَغان أتاهم قتْلُه، ثمّ لحِقهم السّلطان بَركيارُوق، وسار إلى نَيْسابور، فتسلَّمها ثمّ تسلّم سائر خُراسان بلا قتال، ثمّ نازل بلْخ وتسلّمها، وبقي بها سبعة أشهر، وخطبوا له بسَمَرْقَنْد، وغيرها، ودانت له البلاد، وخضعت له العباد، واستعمل أخاه سنجر على خُراسان، ورتَّب في خدمته من يسوس الممالك، لأنّه كان حَدَثًا2.
"ولاية محمد بن أنوشتكين على خُوارَزْم":
وفيها: أقرَّ بركياروق الأمير محمد بنَ أَنُوشتِكِين على خُوارَزْم، وكان أبوه مملوك الأمير بلكابك3 السلجوقي، فطلع نحيبًا، كامل الأوصاف، فولد له محمد هذا، فعلِّمه وأدَّبه، وترقِّت به الحال إلى أن ولي خُوارَزْم، ولُقِّب خُوارَزْم شاه.
وكان كريمًا، عادلًا، محسِنًا، مُحِبًّا للعلماء، فلمّا تملك السّلطان سنجر أقرَّ محمدًا على خُوارَزْم، ولمّا تُوُفّي ولي بعده ولده أتسز بن خُوارَزْم فمدَّ ظُلَل الأمن، ونَشَر العدل، وكان عزيزًا على السّلطان سنجر، واصلًا عنده لشهامته وكفايته وشجاعته، وهو والد السّلطان خُوارَزْم شاه محمد الذي خرج عليه جنكزخان4.
"انهزام دُقَاق عند قنّسرين أمام أخيه":
وفيها: نازل رضوان صاحب حلب مدينة دمشق؛ ليأخذها من أخيه دقاق، فرأى
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 264".
2 الكامل في التاريخ "10/ 265".
3 في الكامل "بلكباك".
4 البداية والنهاية "12/ 154".(33/29)
حصانتها، فسَار ليأخذ القدس فلم يُمكنه، وانقطعت عنه العساكر. وكان معه ياغي سِيان ملك أنطاكيّة، فانفصل عنه، وأتى دمشق، وحسّن لدُقَاق محاصرةَ حلب، فسَار معه، واستنجد رضوان بسُقْمان بن أرتق، فنجده بجيش التُّركمان، وخاض الفُرات إليه. والتقى دقاق ورضوان بقنسرين، فانهزم وجَمْعه، ونُهِبوا، ورجعوا بأسوأ حال. ثمّ قُدّم رضوان في الخطبة على أخيه بدمشق، واصطلحا1.
"الخطبة للمستعلي بالله بولاية رضوان بن تتش":
وفيها: خُطب للمستعلي بالله المصريّ في ولاية رضوان بن تُتُش، لأنّ جناح الدّولة زوج أمّ رضوان رأى من رضوان تغيُّرًا، فسَار إلى حمص، وهي يومئذٍ له، فجاء حينئذٍ ياغي سيان إلى حلب، وصالح رضوان، وكان لرضوان منجمٌ باطني اسمه أسعد، فحسّن له مذهب المصريّين، وأتته رُسُل المستعلي تدعوه إلى طاعته، على أن يمدّه بالجيوش، ويبعث له الأموال ليتملّك دمشق، فخطب للمستعلي بحلب، وأنطاكيّة، والمَعَرّة، وشَيْزَر شهرًا. فجاءه سُقْمان، وياغي سِيان، فأنكرا عليه وخوّفاه، فأعاد الخُطْبة العبّاسيّة2.
"منازلة الفرنْج أنطاكيّة":
وردّ ياغي سِيان إلى أنطاكية، فما استقرّ بها حتّى نازَلَتْها الفرنج يحاصرونها3.
وكانوا قد خرجوا في هذه السّنة في جَمْعٍ كثير، وافتتحوا نيقية، وهو أوّل بلدٍ افتتحوه، ووصلوا إلى فامية، وكَفِرْطَاب، واستباحوا تلك النّواحي. فكان هذا أوّل مظهر من الفرنْج بالشّام، قدِموا في بحر القُسطنطينيّة في جَمْعٍ عظيمٍ، وانزعجت الملوك والرّعيّة، وعظُم الخَطْب، ولا سيما سلطان بلاد الرّوم سليمان، فجمع وحشد، واستخدم خلقًا من التركمان، وزحف إلى معابرهم، فأوقع بخلقٍ من الفرنْج، ثمّ إنّهم التقوه، ففلّوا جَمْعَه، وأسروا عسكره، واشتدّ القلق وزاد الفَرَق، وكان المصافّ في رجب4.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 269".
2 الكامل في التاريخ "10/ 269، 270".
3 نهاية الأرب "27/ 73".
4 دول الإسلام "2/ 19".(33/30)
بسم الله الرحمن الرحيم
وفيات الطبقة التاسعة والأربعون:
فيات سنة إحدى وثمانين وأربعمائة:
"حرف الألف":
1- أحمد بن إبراهيم:
أبو بكر القُرَشيّ الدّرْعيّ الهَرَويّ.
تُوُفّي بهَرَاة في شهر صَفَر.
سمع: أبا الفضل الجاروديّ
2- أحمد بن عبد الصّمد بن أبي الفضل1:
أبو بكر الغُورَجيّ2 الهَرَويّ التّاجر.
سمع "الجامع" لأبي عيسى من الجرّاح.
روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، وعبد الملك الكَرُوخيّ.
وتُوُفّي في ذي الحجّة بهَرَاة.
وثّقه الحسين بن محمد الكُتُبيّ3.
3- أحمد بن محمد بن حسن بن خضر4.
أبو طاهر الجواليقيّ5، والد أبي منصور الجواليقيّ.
كان صالحًا صحيح السماع6.
__________
1 انظره في الكامل في التاريخ "10/ 168"، وسير أعلام النبلاء "19/ 7" رقم "3".
2 الغورجي: غورج: قرية من قرى هراة "معجم البلدان "4/ 216".
3 التقييد "148".
4 انظره في الأنساب "3/ 336، 337".
5 الجواليقي: نسبة إلى الجواليق، وهي جمع جوالق. الأنساب "3/ 335".
6 وقال ابن السمعاني: والد شيخنا أبي منصور كان شيخًا سديدًا "الأنساب".(33/31)
سمع: أبا القاسم بن بِشْران.
وعنه: عبد الوهّاب الأنماطيّ.
4-أحمد بْن محمد بْن أحمد:
أبو نصر الثّعالبيّ1 الصُّوفيّ.
تُوُفّي في رجب بخراسان.
روى عنه: ابن محمش، وأبي عبد الرحمن السلمي، وجماعة.
5 -أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه:
أَبُو الفضل الرصاص الأصبهاني.
سمع: محمد بن إبراهيم الجرجاني.
وعنه: مسعود الثقفي، والرستمي.
توفي في هذه السنة تقريبا.
6- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم2:
أَبُو إِسْحَاق الأصبهاني الطيان القفال.
سمع: إبراهيم بن خرشيد قوله.
وعنه: مسعود الثقفي، والرستمي.
توفي في صفر3.
وقد سئل أبو سعد البغدادي عنه فقال: شيخ صالح. سمعت أنّه كان يخدم ابن خُرَّشِيد قُولَه في صِغَره، وما سمعتُ فيه إلّا خيرًا.
7- إسماعيل بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه4.
أَبُو الفضل الدّلشاذيّ الفقيه.
__________
1 الثعالبي: نسبة إلى خياطة جلود الثعالب وعمل الفراء منها. "الأنساب".
2 انظره في الإعلام بوفيات الأعلام "198".
3 قال ابن السَّمعانيّ: تُوُفّيّ في حدود سنة ثمانين وأربعمائة "الأنساب".
4 انظره في: المنتخب من السياق "143، 144"، رقم "328".(33/32)
من تلامذة أبي محمد الجُوينيّ.
صالح مستور.
حدَّث عن: أبي القاسم عبد الرحمن السّرّاج، وأبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيَرْفيّ.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال: تُوُفّي في الحادي والعشرين من المحرّم.
8- إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن محمد بن نوح1.
القاضي الخطيب أبو محمد النُّوحيّ2 السَّمَرْقَنْديّ.
تُوُفّي يوم عيد الأضحى.
وحدَّث عن: جعفر المستغفِريّ.
وعنه: عمر بن محمد النَّسَفيّ، وغيره.
وعاش تسعًا وخمسين سنة3.
"حرف الجيم":
9- جعفر بن حيدر4.
أبو المعالي العَلَويّ الهَرَويّ الزّاهد.
أحد الكبار، بنى بهَرَاة الخانقاه.
وكان له مريدون وأصحاب أشعريّون.
سمع: عبد الغافر الفارسيّ5، وجماعة.
__________
1 انظره في: الأنساب "12/ 151".
2 النوحي: هذه النسبة إلى نوح، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
3 قال ابن السمعاني: كتب الحديث بسمرقند وجلس فيها للعامة كثيرًا، وخطب على منبر سمرقند، وكانت ولادته في شعبان سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
4 المنتخب من السياق "176" رقم "463".
5 سمع منه "صحيح مسلم" وسمع مشايخ الوقت كابن مسرور وشيخ الإسلام.(33/33)
"حرف الحاء":
10- حَجّاج بن قاسم1:
أبو محمد المأمونيّ السّبْتيّ الفقيه.
سمع من: أبيه؛ وبمكّة من: أبي ذَرّ عبدٍ الهَرَويّ، وأبي بكر المُطَّوِّعيّ2.
وسكن المَرِية، وصار رئيس علمائها. وبعد ذلك انتقل إلى سَبْتَة.
وحدَّث "بصحيح البخاريّ".
سمع منه: قاضي القضاة أبو محمد بن منصور، وأبو عليّ بن طريف، وأبو القاسم بن العجوز وكان أبوه القاسم ابن محمد الرُّعَيْنيّ ممّن لقي ابن أبي زيد، تُوُفّي سنة ثمانٍ وأربعين "ث": يعني أباه.
11- الحسن بْن محمد بْن الحسن3.
أبو القاسم الخَوَافيّ4. نزيل نَيْسابور.
سمع من: ابن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف، والسُّلَميّ.
روى عنه: أبو البركات الفُراويّ، وعائشة بنت الصّفّار، ومحمد بن الحسن الزُّوزَنيّ.
قال ابن السَّمعانيّ: مات بعد سنة ثمانين.
"حرف العين":
12- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن جعفر بن منصور بن مَتّ5.
شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ الهرويّ الحافظ العارف.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 7، 8".
2 نسبة إلى المطوعة، وهم جماعة فرغوا أنفسهم للغزو ومرابطة الثغور "اللباب 3/ 226".
3 المنتخب من السياق "188" رقم "530".
4 الخوافي: نسبة إلى خواف، وهي من نواحي نيسابور "الأنساب "5/ 199".
5 سير أعلام النبلاء "18/ 503-518" رقم "260".(33/34)
من ولد صاحب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبي أيّوب الأنصاريّ.
قال أبو النَّضْر الفامي: كان بكر الزمان وواسطة عقد المعاني، وصورة الإقبال، في فنون الفضائل، وأنواع المحاسن، منها نضرة الدّين والسُّنّة من غير مداهنةٍ ولا مراقبة لسلطان ولا وزير. وقد قاسى بذلك قصْد الحُسّاد في كلّ وقت، وسَعَوا في روْحه مرارًا، وعمدوا إلى هلاكه أطْوارًا فوقاه الله شرّهم، وجعل قَصْدهم أقوى سببٍ لارتفاع شأنه1.
قلت: سمع من: عبد الجبّار الْجَرَّاحيّ "جامع التِّرْمِذِيّ"؛ وسمع من: الحافظ أبي الفضل محمد بن أحمد الجاروديّ، والقاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزديّ، وأحمد بن محمد بن العالي، ويحيى بن عمّار السِّجْزيّ المفسّر، ومحمد بن جبريل بن ماحٍ، وأبي يعقوب القَرّاب، وأبي ذَرّ عبد بن أحمد الهَرَويّ.
ورحل إلى نَيّسابور، فسمع من: محمد بن موسى الحرشيّ، وأحمد بن محمد السّليطيّ، وعلي ن محمد الطّرّازيّ الحنبليّ أصحاب الأصمّ، والحافظ أحمد بن عليّ بن فَنْجُوَيْه الأصبهاني.
وسمع من خلقٍ كثير بهراة، أصحاب الرّفّاء فمن بعدهم.
وصنَّف كتاب "الفاروق في الصّفات" وكتاب "ذمّ الكلام" وكتاب "الأربعين حديثًا" في السُّنَّة. وكان جِذْعًا في أعين المتكلِّمين، وسيفًا مسلولا على المخالفين، وطودًا في السّنة لا تزعزعه الرّياح. وقد امْتُحِن مرَّاتٍ.
قال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول بهَرَاة: عُرِضتُ على السَّيف خمس مرّات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبهم، لكن يقال لي: اسكُت عمّن خالفك، فأقول: لا أسكت2.
وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث أَسْرُدُها سَردًا3.
قلت: خرّج أبو إسماعيل خلْقًا كثيرًا بهَرَاة، وفسّر القرآن زمانًا، وفضائله كثيرة.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 510".
2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 53، 54".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 509".(33/35)
وله في السُّوق كتاب "منازل السّائرين"1 وهو كتاب نفيس في التَّصوُّف، ورأيت الاتحاديّة تعظّم هذا الكتاب وتنتحله، وتزعم أنّه على تصوّفهم الفلسفيّ.
وقد كان شيخنا ابن تيمية بعد تعظيمه لشيخ الإسلام يحطّ عليه ويرميه بالعظائم سبب ما في هذا الكتاب. نسأل الله العفو.
وله قصيدة في السُّنّة2، وله كتاب في مناقب أحمد بن حنبل، وتصانيف أُخر لا تحضُرني.
روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد الله بن أحمد السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الصّبور بن عبد السّلام الهَرَويّ، وعبد الملك الكَرُوخيّ، وأبو الفتح محمد بن إسماعيل الفاميّ، وعطاء بن أبي الفضل المعلّم، وحنبل بن عليّ البخاريّ، وأبو الوقت عبد الأوّل، وعبد الجليل بن أبي سعد، وخلْق سواهم.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الفتح نصر بن سيّار.
قال السِّلَفيّ: سألت المؤتمن عنه فقال: كان آيةً في لسان التّذكير والتّصوُّف، من سلاطين العلماء3.
سمع ببغداد من أبي محمد الخلّال، وغيره.
يروي في مجالس وعْظِه أحاديث بالإسناد، ويَنْهَى عن تعليقها عنه.
وكان بارعًا في اللُّغة، حافظًا للحديث، قرأت عليه كتاب "ذمّ الكلام"، وكان قد روى فيه حديثًا عن: عليّ بن بُشْرى، عن أبي عبد الله بن مَنْدَهْ، عن إبراهيم بن مرزوق.
فقلت له: هذا هكذا؟ قال: نعم. وإبراهيم هو شيخ الأصمّ وطبقته. وهو إلى الآن في كتابه على هذا الوجه4.
قلتُ: وكذا سقط عليه رجلان في حديثين مخرجين من "جامع الترمذي".
__________
1 طبع مع شرحه "مدارج السالكين" لابن قيم الجوزية.
2 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "2/ 248".
3 التقييد لابن نقطة "323".
4 التقييد "323، 324".(33/36)
وكذا، وقعت لنا في "ذمّ الكلام" نبّهت عليه في نسختين، واعتقدتها سقطت على
"المنتقى من ذمّ الكلام" ثمّ رأيت غير نسخةٍ كما في "المنتقى"1.
قال المؤتَمَن: وكان يدخل على الأمراء والجبابرة، فما كان يُبالي بهم، وكان يرى الغريب من المحدِّثين، فيُكْرمه إكرامًا يتعجَّب منه الخاصّ والعام2.
وقال لي مرّة: هذا الشّأن شأن من ليس له شأن سوى هذا الشّأن3. يعني طَلَب الحديث.
وسمعته يقول: تركت الحِيريّ لله، يعني القاضي أبا بكر أحمد بن الحسن صاحب الأصمّ4.
قال: وإنّما تركه لأنّه سمع منه شيئًا يخالف السُّنّة5.
وقال: أبو عبد الله الحسين بن عليّ الكُتُبيّ في "تاريخه": خرّج شيخ الإسلام لجماعة الفوائد بخطّه، إلى أن ذهب بصره، فلمّا ذهبَ بصرُهُ أمر واحدًا بأن يكتب لهم ما يخرِّج، ثمّ يصحّح عليه، وكان يخرّج لهم متبرعًا لحبّه للحديث، وقد تواضع بأن خرَّج لي فوائد. ولم يبق أحدٌ خرّج له سواي6.
وقال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ، يقول: إذا ذكرتُ التّفسير، فإنّما أذكره من مائةٍ وسبعة تفاسير7.
وسمعت أبا إسماعيل ينشد على المنبر:
أنا حنبليٌّ ما حَييت وإنّ أمُت
فوصيّتي للنّاس أن يتحنبلوا8
وسمعتُ أبا إسماعيل يقول: لمّا قصدتُ الشّيخ أبا الحسن الحرقاني الصوفي،
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 505، 506".
2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 60".
3 التقييد "324".
4 المنتخب من السياق "285".
5 سير أعلام النبلاء "18/ 506".
6 تذكرة الحفاظ "3/ 1186"، وسير أعلام النبلاء "18/ 506".
7 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 58".
8 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 53".(33/37)
وعزمتُ على الرّجوع، وقع في نفسي أنّ أقصد أبا حاتم بن حاموش الحافظ بالرَّيّ وألتقي به وكان مقدَّم أهل السُّنّة بالرَّيّ، وذلك أنّ السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين لمّا دخل الرَّيّ، وقتل بها البّاطنيّة، منع سائر الفِرَق من الكلام على المنابر، غير أبي حاتم، وكان مَن دخل الرّيّ مِن سائر الفِرَق، يعرض اعتقاده عليه، فإنْ رَضَيَه إذِن له في الكلام على النّاس وإلّا منعه، فلمّا قَرُبْتُ من الرَّيّ كان معي في الطّريق رجلٌ مَن أهلها، فسألني عن مذهبي.
فقلت: أنا حنبليٌّ. فقال: مذهبٌ ما سمعتُ به وهذه بدْعة. وأخذ بثوبي وقال: لا أفارقك حتّى أذهب بك إلى الشّيخ أبي حاتم. فقلت: خيْرة.
فذهب بي إلى داره، وكان له ذلك اليوم مجلسٌ عظيم، فقال: هذا سألته عن مذهبه، فذكر مذهبًا لم أسمع به قطّ.
قال: ما قال؟ قال: أنا حنبلي.
فقال: دعه، فكل من لم يكن حنبليًّا فليس بمُسلمٍ.
فقُلت: الرجلُ كما وُصِف لي: ولزِمْتُه أيّامًا وانصرفت1.
قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا أنّ السّلطان ألْب أرسلان قدِم هَرَاة ومعه وزيره نظام المُلْك، فاجتمع إليه أئمّة الفريقين من الشّافعيّة والحنفيّة للشّكاية من الأنصاريّ، ومطالبته بالمناظرة. فاستدعاه الوزير، فلمّا حضر قال: إنّ هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك، فإنّ يكن الحقّ معك رجعوا إلى مذهبك، وإنّ يكن الحقّ معهم إمّا أن ترجع وإمّا أن تسكت عنهم.
فقام الأنصاريّ وقال: أناظر على ما في كُمَّيَّ؟
فقال: وما في كُمَّيْكَ؟ قال: كتاب الله، وأشار إلى كُمِّه الأيمن، وسُنَّة رسوله، وأشار إلى كُمِّه اليسار، وكان فيه "الصّحيحان".
فنظر الوزير إليهم كالمستفهم لهم، فلم يكن فيهم مَن يمكنه أن يناظره من هذا الطريق2.
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 51، 52".
2 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 54".(33/38)
وسمعتُ أحمد بن أميرجة القَلانسِيّ خادم الأنصاريّ يقول: حضرتُ مع شيخ الإسلام على الوزير أبي عليّ، يعني نظام المُلْك، وكان أصحابه كلّفوه الخروج إليه، وذلك بعد المحنة ورجوعه من بلْخ.
قلتُ: وكان قد غُرِّب عن هَرَاة إلى بَلْخ.
قال: فلمّا دخل عليه أكرمه وبجله، وكان في العسكر أئمّة الفريقين. في ذلك اليوم، قد علموا أنّ الشّيخ يأتي، فاتَّفقوا على أن يسألوه عن مسألةٍ بين يدي الوزير، فإنْ أجاب بما يجيب بهراة سقط عين الوزير، وإنْ لم يُجِبْ سقط من عيون أصحابه، فلمّا استقرّ به المجلس قال العلوي الدبوسي: يأذن الشيخ الإمام في أن أسأل مسألة.
قال: سَلْ.
فقال: لِمَ تَلْعن أبا الحسن الأشعريّ؟ فسكت، وأطرق الوزير، فلمّا كان بعد ساعةٍ، قال له الوزير: أَجِبْه.
فقال: لا أعرف الأشعريّ، وإنّما ألعَن من لم يعتقد أنّ الله في السّماء، وأنّ القرآن في المصحف، وأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نبيٌّ غير خطّاء.
ثمّ قام وانصرف، فلم يمكن أحدٌ أن يتكلّم بكلمةٍ من هيبته وصلابته وصَوْلته، فقال الوزير للسّائل أو مَن معَه: هذا أردتم، كنّا نسمع أنّه يذكر هذا بهَرَاة، فاجتهدتم حتّى سمعناه بآذاننا. وما عسى أن أفعل به؟ ثمّ بعث خلقه خِلَعًا وصِلَةً، فلم يقبلْها، وخرج من فوره إلى هَرَاة ولم يتلبّث1.
قال: وسمعت أصحابنا بهَرَاة يقولون: لمّا قدم السّلطان ألْب أرسلان هَرَاة في بعض قِدْماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي إسماعيل الأنصاريّ، وسلّموا عليه وقالوا: قد وَرَدَ السّلطان، ونحن على عزْمٍ أنْ نخرج ونسلّم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسّلام على الشّيخ الإمام، ثمّ نخرج إلى هناك.
وكانوا قد تواطئوا على أن حملوا معهم صنمًا من نحاس صغيرًا، وجعلوه في المحارب تحت سجّادة الشّيخ، وخرجوا. وذهبَ الشّيخ إلى خلوته.
__________
1 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 54، 55".(33/39)
ودخلوا على السّلطان، واستغاثوا من الأنصاريّ أنّه مجسِّم، وأنّه يترك في محرابه صَنَمًا، ويقول إنّ الله على صورته، وإنْ بعث السلطانُ الآن يجد الصَّنَم في قِبْلة مسجده.
فعظُم ذلك على السّلطان، وبعث غلامًا ومعه جماعة، ودخلوا الدّار وقصدوا المحراب، وأخذوا الصَّنَم من تحت السّجّادة، ورجع الغلام بالصّنم، فوضعه بين يدي السّلطان، فبعث السّلطان من أحضر الأنصاريّ، فلمّا دخل رأى مشايخ البلد جلوسًا، ورأى ذلك الصَّنِم بين يدي السّلطان مطروحًا، والسّلطان قد اشتدّ غضبه، فقال له السّلطان: ما هذا؟ قال: هذا صنمٌ يُعْمل من الصُّفْر شِبْه اللُّعْبة.
قال: لست عن هذا أسألك.
فقال: فَعَمّ يسألني السّلطان؟ قال: إنّ هؤلاء يزعمون أنّك تعبد هذا، وأنّك تقول: إنّ الله على صورته.
فقال الأنصاريّ: سبحانك، هذا بُهْتَانٌ عظيم. بصوتٍ جَهُوريّ وصَوْلَة، فوقع في قلب السّلطان أنَّهم كذبوا عليه، فأمرَ به فأُخْرِج إلى داره مكرمًا.
وقال لهم: أصدِقُوني. وهددهم، فقالوا: نحن في يد هذا الرّجل في بليةٍ من استيلائه علينا بالعامّة، فأردنا أنْ نقطع شرّه عنّا، فأمَرَ بهم، ووكّلّ بكلٍّ منهم، ولم يرجع إلى منزله حتّى كتب بخطّه بمبلغٍ عظيم يحمله إلى الخزانة.
وسَلِموا بأرواحهم بعد الهوان والجناية1.
وقال أبو الوقت السِّجْزيّ: دخلت نَيْسابور، وحضرتُ عند الأستاذ أبي المعالي الْجُوَينيّ فقال: مَن أنت؟ قلت: خادم الشّيخ أبي إسماعيل الأنصاريّ.
فقال: رضي الله عنه2.
وعن أبي رجاء الحاجّيّ قال: سمعتُ شيخ الإسلام عبد الله الأنصاريّ يقول: أَبُو عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه سيّد أهل زمانه.
__________
1 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 55، 56".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 513".(33/40)
وقال شيخ الإسلام في بعض كُتُبه: أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني أحفظ مَن رأيت مِن البشر.
وقال ابن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول: كتاب أبي عيسى التِّرْمِذِيّ عندي أفْيَد من كتاب البخاري ومسلم.
قلتُ: لِمَ؟ فقال: لأنّ كتاب البخاري ومسلم لا يصل إلى الفائدة منهما إلّا مَن يكون مَن أهل المعرفة التّامّة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبيَّنها فيصل إلى فائدته كلّ واحدٍ من النّاس من الفُقَهاء، والمحدِّثين، وغيرهم1.
قال ابن السَّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد الله الأنصاريّ، فقال: إمام حافظ2.
وقال في ترجمته عبد الغافر بن إسماعيل3 كان علي حظ تام من المعرفة العربيّة، والحديث، والتّواريخ والأنساب، إمامًا كاملًا في التّفسير، حَسَن السّيرة في التَّصوُّف، غير مشتغلٍ بكسبٍ، مُكْتَفيا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في السنة مرة ومرتين على رأس الملأ، فيحصل على ألوفٍ من الدّنانير، وأعدادٍ من الثّياب والحُلِيّ، فيجمعها ويفرقها على القصّاب والخبَّاز، وينفق منها، ولا يأخذ من السّلاطين ولا من أركان الدّولة شيئًا، وقلَّ ما يُراعيهم، ولا يدخل عليهم، ولا يُبالي بهم، فبقي عزيزًا مقبولًا أتمّ من الملك، مُطاع الأمر، قريبًا من ستّين سنة، من غير مزاحمة.
وكان إذا حضر المجلس لبس الثّياب الفاخرة، وركب الدّوابّ الثّمينة، ويقول: إنّما أفعل هذا إعزازًا للدّين، ورغْمًا لأعدائه، حتّى ينظروا إلى عزّي وتحمُّلي، ويرغبوا في الإسلام، ثمّ إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المُرَقَّعَة، والقُعُود مع الصُّوفيّة في الخانقاه، يأكل معهم، ولا يتميَّز في المطعوم ولا في الملبوس.
وعنه أخذ أهل هَرَاة، التَّكْبير بالصُّبح، وتسمية أولادهم في الأغلب بالعبد المضاف إلى أسماءِ الله، كَعَبْد الهادي، وعبد الخلّاق، وعبد المعز4.
__________
1 في الأصل: "وغيرهما" والمثبت عن: الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 59".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 513".
3 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 64" باختلاف يسير في الألفاظ.
4 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 65".(33/41)
قال ابن السّمعانيّ: كان مُظْهِرًا للسُّنَّة، داعيا إلهيًّا، محرِّضًا عليها، وكان مكتفيا بما يباسط به المُريدين، ما كان يأخذ من الظَّلَمة والسلاطين شيئًا، وما كان يتعدى إطلاقًا ما ورد في الظّواهر من الكتاب والسُّنَّة، معتقدًا ما صحّ، غير مصرِّحٍ بما يقتضيه من تشبيه1.
نُقِل عنه أنّه قال: من لم ير مجلسي وتذكيري وطعَن فيَّ، فهو في حِلٍّ.
ومولده سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
وقال أبو النَّضْر الفاميّ: تُوُفّي رحمه الله في ذي الحجّة.
وقد جاوز أربعًا وثمانين سنة.
13- عبد العزيز بن طاهر بن الحسين بن عليّ2.
أبو طاهر البغداديّ الصَّحراويّ.
زاهد، عابد، قانت. لازم التَّفرُّد والعُزلة.
روى شيئًا يسيرًا عن: أبي الحسن بن رزقوَيْه، وعثمان بن دُوَسْت العلّاف.
تُوُفّي في شعبان.
14- عبد الكريم بن أبي حنيفة بن العباس3.
أبو المظفر الأندقي4 البخاري، شيخ الحنفية في زمانه.
ولد بما وراء النهر.
تفقه على الإمام عبد العزيز بن أحمد الحلوائي5.
وسمع من: محمد بن علي بن أحمد الإسماعيلي، وأبي إبراهيم إسماعيل بن محمد المزكي، وجماعة.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 514".
2 الكامل في التاريخ "10/ 169".
3 معجم البلدان "1/ 261".
4 الأندقي: نسبة إلى أندقي: من قرى بخاري على عشرة فراسخ "الأنساب".
5 وقال ابن السمعاني: من أهل أندقي كان إمامًا فاضلا زاهدًا ورعًا حسن السيرة متواضعًا، ولد بعد الأربعمائة.(33/42)
روى عنه: عثمان بن علي البيكندي، وغيره.
توفي في شعبان عن نحو ثمانين سنة، وأنْدَقى قريةٌ من قُرى بُخَارى.
15- عبد الملك بن أحمد1.
أبو طاهر بن السّيُوريّ2.
شيخ صالح، بغداديّ.
سمع: أبا القاسم بن بشْران، وبِشْر بن الفاتِنيّ، وعثمان بن دُوَسْت.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وجماعة.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
وروى عنه أبو محمد سِبْط الخيّاط3.
16 - عثمان بن محمد بن عُبَيْد الله4.
أبو عَمْرو المَحْميّ5 النَّيْسابوريّ المزكّيّ.
حدَّث عن: أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفرائيني، وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وجماعة.
روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد الغافر بن إسماعيل، وعبد الله بن الفُرَاويّ6، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وعبد الخالق بن زاهر، ومحمد بن جامع الصَّيْرفيّ، وعبد الكريم بْن الحَسَن الكاتب، وأخوه أحمد والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وعبد الرحمن بن يحيى النّاصحيّ وأخوه أبو نصر أحمد، وخلْق كثير.
قال عبد الغافر: سمع المشايخ والصُّدور، وأدرك الإسناد العالي، وحضر الوقائع.
__________
1 المنتظم "9/ 45" رقم "67" "16/ 279 رقم 3589".
2 الأنساب "7/ 232".
3 ذيل تاريخ بغداد "15/ 15".
4 سير أعلام النبلاء "18/ 579، 580 رقم 300"، والبداية والنهاية "12/ 343".
5 المحمي: نسبة إلى محم، وهو بيت كبير بنيسابور يقال لهم: المحمية.
6 الأنساب "9/ 256".(33/43)
وكان شيخا حسن الصحبة والعشرة.
وتوفي في صفر.
قلت: روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر الحافظ.
وقيل: هو عثماني.
17- عطاء بن الحسن.
أبو خالد الخراساني.
توفي في ذي الحجة.
18- عَليّ بن الحُسَيْن بن علي بن عمرويه1.
أبو الحسن.
نيسابوري مستور.
روى عن: الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيْرفيّ، وأبي عبد الله بن فَنْجُوَيْه.
وتُوُفّي في نصف شوّال.
19- عليّ بن منصور بن الفرّاء2.
أبو الحسن القَزْوينيّ، ثمّ البغداديّ المؤدِّب.
سمع: أبا علي بن شاذان، وأبا بكر البرقاني، واللالكائيّ.
ونسخ بخطّه الكثير. وكان صالحًا خيِّرًا3.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الكرّام الشَّهْرُزُورِيّ، وأبو منصور محمد ولده.
20- عمر بن الحُسين الدُّونيّ4.
الصُّوفيّ الفقيه، السُّفْيانيّ المُذْهِب، نزيل صور.
__________
1 المنتخب من السياق "389" رقم "1314".
2 التدوين في أخبار قزوين "3/ 424، 425".
3 وقال القزويني الرافعي: وكان من أهل الفقه والحديث.
4 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 258" رقم "177".(33/44)
سمع من: السَّكَن بن جُمَيْع1.
وعنه: الأرْمنازيّ2.
مات في ذي الحجّة، وقد جاوز الثّمانين.
"حرف الغين":
21- غانم بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم3.
أبو شُكْر الأصبهانيّ، الفقيه الشّافعيّ إمام جامع إصبهان.
أحد العلماء.
سمع: محمد بن إبراهيم الْجُرجَانيّ.
روى عنه: مسعود الرُّسْتُميّ، وجماعة.
تُوُفّي في ثالث رجب.
"حرف الفاء":
22- الفضل بن عبد الله بن عليّ بن عمر الأذيوجانيّ:
أبو سعد المعروف بالقاضي.
قال شِيرُوَيْه: قدِم هَمَذَان في رجب للتحديث.
وروى عنه: عُبَيْد الله بن أبي حفص بن شاهين، وأبي منصور محمد بن محمد السّوّاق، وأبي محمد الخلال، وجماعة.
انْتُخِب عليه، وكان ثقة له أُصُولٌ مقيَّدة بخطّ أبي بكر الخطيب وغيره.
"حرف القاف":
23- القاسم بن عليّ4.
أبو عدنان القُرَشيّ الشريف، العميد الهروي.
__________
1 هو: السكن بن جميع الصيداوي المتوفى سنة "436هـ".
2 هو: غيث4 بن علي الأرمنازي خطيب صور.
3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 8، 9".
4 المنتخب من السياق "421" رقم "1437".(33/45)
روى عن: أبي منصور محمد بن محمد القاضي، وأبي الحسن الدّيناريّ وغيرهما.
"حرف الميم":
24- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الحسن1.
أبو بكر بن ماجه الأبْهَريّ، أبهر إصبهان لا زِنْجَان وهي قرية كبيرة، وُلِد سنة ست وثمانين وثلاثمائة.
روى "جزء لُوَيْن" عن أبي جعفر بن المَرْزُبان، وطال عُمره، وأكثروا عنه.
تُوُفّي في هذه السّنة.
روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وأبو سعيد البغْداديّ، وأبو القاسم التَّيميّ، ومحمود بن محمد بن ماشَاذَه، وأبو منصور عبد الله بن محمد الكِسائيّ، وعبد المغيث بن أبي عدنان، وأبو الغنائم مسعود بن إسماعيل، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو الخير محمد بن أحمد الباغيان، ومحمود بن عبد الكريم بن فُورَجَة2، وأبو الغنائم محمد بن عبد المؤمن، وأبو رشيد أحمد بن حمد الحرفي، وعبد المنعم بن محمد بن سعْدُوَيْه، والحسن بن رجاء بن سُلَيْم، والأديب محمد بن أبي القاسم الصّالحانيّ، وغيرهم.
25- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد بن جعفر3.
أبو الحسن الباقرجي4 البغداديّ الصَّيْرَفيّ.
سمع: ابن المُتيَّم وابن رزقوَيْه، وغيرهما.
روى عنه: محمد بن ناصر.
26- محمد بْن الحُسين بْن عليّ بْن محمد بْن محمود5.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 581، 582" رقم "302".
2 في سير أعلام النبلاء "18/ 582" "يورجه".
3 معجم البلدان "1/ 327".
4 نسبة إلى باقرح، وهي قرية من نواحي بغداد "الأنساب".
5 المنتظم "9/ 46" رقم "72"، "16/ 280 رقم 3594".(33/46)
أبو يعلى الهَمَذَانيّ السّرّاج.
سمع بمكّة "صحيح البخاري" من كريمة المَرْوَزِيّة.
وبمصر من القاضي أبي عبد الله محمد القُضَاعيّ.
وببغداد من الجوهريّ.
وكان صدوقًا، حَسَن السّيرة كثير الصَّدَقة.
تُوُفِّي فِي صَفَر.
27- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد1.
أَبُو بَكْر النَّيْسابوريّ الماوَرْديّ الصُّوفيّ الحنفيّ، صوفيّ، نظيف، ظريف، ورِع.
روى عن: أبي العلاء صاعد بن محمد.
وعنه: عبد الغافر بن إسماعيل؛ وهو وصفه.
28- محمد بن محمد بن بشير2.
أبو عبد الله المعافري القرطبي الصيرفي المقرئ، صاحب مكّيّ.
روى عنه أبو عليّ الغسّانيّ، وقال: كان رجلًا صالحًا، طلب الأدب عند أبي بكر مسلم بن أحمد الأديب. وقرأ القرآن على مكّي بن أبي طالب. وحجّ، وكتب "صحيح مسلم" بمصر، عن أبي محمد بن الوليد، وكان رجلًا منقبضًا، مقبلًا على ما يعنيه.
وتُوُفّي في رمضان.
29- محمد بن هشام بن محمد بن عثمان بن نصر3.
أو بكر القَيسيّ الوزير القُرْطُبيّ، ويُعرف بابن المُصْحَفيّ.
روى عن: أبيه، وعن: ثابت بن محمد الْجُرْجَانيّ، وأبي الحسن التِّبريزيّ، وأبي عبد الله بن فَتْحون، وصاعد بن الحسن اللُّغويّ، وأبي عمر بن عفيف.
__________
1 المنتخب من السياق "66" رقم "135".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 555"، رقم "1219".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 556، 557" رقم "1221".(33/47)
روى عنه: أبو عليّ الغسّانيّ، وقال: كان من المتحقّقين بالأدب، الدّائبين على طلبه مدّة عُمره. وكان ذا صيانة وجلالة. أكثر النّاسُ عنه.
وقال ابن بَشْكُوال: أنبأ عنه غير واحد.
وقال أبو الحسن بن مغيث: كان حافل الأدب، متّسع المعرفة، من بيت نباهةٍ ووجاهة، دَمِث الأخلاق، مثابرًا على المطالعة. وكانت كُتُبه في غاية الإتقان والتّقييد.
تُوُفّي الوزير أبو بكر في ثالث جُمَادى الأولى، وله ثمانون سنة.
30- محمد بن يبقى1.
أبو عبد الله الأندلسيّ اللّخْميّ. من أهل المَرِية.
كان فقيهًا عالمًا بالأثر. اختلفَ إلى الشّيوخ كثيرًا.
ورّخه أبو القاسم بن مدير، وقال: ما تركت بالمَرِية أحدًا فوقه.
31- مسعود بن سعيد بن عبد العزيز النِّيليّ2.
أبو الفضل النَّيْسابوريّ الطبيب.
قال السمعاني: ولد سنة أربعٍ وأربعمائة، وتُوُفّي في سنة نيفٍ وثمانين. يروي عن الحسين بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ.
ثنا عنه: أبو البركات بن الفُرَاويّ، وغيره. وعبد الخالق الشّحّاميّ.
32- مُعَلَّى بن حَيْدَرة3.
الأمير حصن الدّولة أبو الحسن الكنانيّ.
تغلّب على إمرة دمشق في شوّال سنة إحدى وستّين بعد هروب أمير الجيوش بدر، وبعد بارزطغان، فأساء السّيرة، وصادر النّاس وعذَّبهم. وزعم أنّ التّقليد وصل إليه من المستنصر صاحب مصر. وعَمَّ بلاؤه إلى أن خرِبت أعمال البلد وجَلَا كثير من النّاس، ووقعت بينه وبين العسكر وَحْشة فخافهم وهرب إلى بانياس في آخر سنة سبع
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 555" رقم "1218".
2 المنتخب من السياق "433، 434" رقم "1470".
3 قد مر في حوادث سنة "461هـ".(33/48)
وستين، وأراح الله منه. ثُمَّ خاف من عسكرٍ قدم من مصر سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، وهرب إلى صور، ومنها إلى طرابُلُس، فأُخِذ منها، وحُمِل أسيرًا إلى مصر، وبقي بها إلى أن قُتِل فِي هذه السَّنَة.
"حرف الهاء":
33- هبة اللَّه بن عليّ.
أبو سعْد الكوّاز1 القارئ. تُوُفّي ببغداد في رجب.
يروي عن: عبد الملك بن بِشْران.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل الطّلْحيّ.
34- هِبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَخْلَد2.
أبو المفضل3 بن الجلخت الأزدي الواسطي الزاهد، المقرئ.
اسمه: عليّ بن عبد الله الطَّرَسُوسيّ، وأبا تمّام عليّ بن محمد العِبْدريّ، وعمر بن عليّ الميمونيّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وغيره.
قال خميس الخوري: أبو المفضل شيخنا يَقْصُر الوصَف عمّا كان عليه من خشونة الطّريقة وحُسْنها. صام وقته كلّه، ولازم الجامع معتكفًا، يُقرئ القرآن ويحدِّث. وكان حسن المعرفة بالفقه والحديث، جماعةٌ لخلال الخير، ذا جاهٍ عظيم عند السّلطان.
تُوُفّي في أوّل السّنة، ودُفِن بداره، وله سبعٌ وخمسون سنة.
"الكنى":
35- أبو يَعْلى بن عبد الواحد بن أحمد المليحي الهروي.
اسمه.
__________
1 الكواز: نسبة لمن يعمل الكيزان الخزفية "الأنساب 10/ 491".
2 الأنساب "3/ 301، 302".
3 في الأنساب: "أبو الفضل".(33/49)
وفيات سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف":
36- أحمد بْن عُمَر بْن أحمد بْن علي.
أبو بكر الهمذاني الصندوقي1 البزار المعبّر.
روى عن: أبي طاهر بن سَلَمَة، وأبي سعيد بن شبابة، ومحمد بن عيسى وأكثر عنه، وابن المحتسب، وجعفر الأَبْهَريّ، وطاهر بن أحمد الإمام، وعليّ بن أحمد، وعليّ بن شعيب، وأبي نصر بن الكسار، وأبي الفضل عمر ابن إبراهيم بن أبي سعْد الهَرَويّ، ومنصور بن رامش، وأبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرّازيّ الفقيه، وخلْق كثير.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه كثيرًا، وكان ثقة صدوقًا، عارفًا بأحوال البلد وأهلها، وبأخبار المشايخ. وكان أحد دُهاة الفُرس. حَسَن السّيرة، اعتكف في الجامع نيِّفًا وأربعين سنة.
تُوُفّي في ذي الحجّة، وتولّيت غُسْلَه.
37- أحمد بن محمد بن أحمد2.
أبو العبّاس الْجُرجَانيّ الفقيه، قاضي البصرة وشيخ الشّافعيّة بها.
وهو مذكور في أعيان الأدباء، له تصانيف.
وسمع من: أبي طالب بن غَيْلان، وابي الحسن القزْوينيّ، والصُوريّ.
روى عنه: الحسين بن عبد الملك الأديب بإصبهان.
وله كتاب سمّاه كتاب "الأدباء" أورَد فيه نفائس من النَّظم والنَّثْر، وكان من أجلاد العالَم.
تفقه على الشيخ أبي إسحاق.
__________
1 الأنساب "8/ 90".
2 المنتظم "9/ 50" رقم "76".(33/50)
وقد روى عنه أبو عليّ بن سُكّرة الحافظ، وأثنى عليه.
وروى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
38- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر1.
أبو الفتح الأصبهاني الوَبَرِيّ2 المقرئ.
قرأ بالرّوايات على أبي المظفّر عبد الله بن شبيب، والباطِرْقانيّ.
وسمع من: أبي نُعَيْم، وجماعة.
وروى اليسير، وكان مقرئ إصبهان في وقته.
39- أحمد بن محمشد بن صاعد بن محمد3.
أبو نصر القاضي الصّاعديّ، رئيس نَيْسابور وقاضيها.
أجرى رئاسة بلده ورسومها على أحسن مجاريها، وكان معظّمًا عند السلطان، وله معرفة بالفروسية ورمْي القَوْس، وكان من أعيان الحنفيّة.
سمع من: جده أبي العلاء صاعد بن محمد القاضي، والقاضي أبي بكر الحِيريّ، ومحمد بن موسى الصَّيْرَفيّ، وعليّ بن محمد الطّرّازيّ، ويحيى بن إبراهيم المزكّيّ.
وسمع ببغداد في الكُهولة من القاضي أبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وغيره.
وكان مولده في سنة عشرٍ وأربعمائة.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو سعد البغدادي، وسفيان بن منده، وزاهر روجيه ابنا الشّحّاميّ، ومنصور بن محمد حفيده، وعبد اللَّه بْن الفَرَاويّ، وَعَبْد الخالق بْن زاهر، وأبو الغنائم منصور بن محمد الكُشْمِيهَنيّ، وإسماعيل العصائدي، وأحمد بن علي المقرئ البهيقي، ومحمد بن عليّ بن دُوَسْت، وآخرون.
قال السمعاني: تعصب بأخرة في المذهب، حتى أدى إلى إيحاش العلماء،
__________
1 المنتظم "9/ 50" رقم "75".
2 الأنساب "12/ 219".
3 المنتخب من السياق "112-114" رقم "246"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1194".(33/51)
وأغرى بعض الطّوائف على بعضٍ، حتّى غيّرت الخُطَباء، وشرع اللّعن على أكثر الطّوائف مِن المسلمين، فانتهى الأمرُ إلى السّلطان ألْب أرسلان، والوزير نظام الملك، فأبطل ذلك، ولزم القاضي أبو نصر بيته مدّة إلى دولة ملكشاه، ففوض القضاة إليه، وكان العدل والإنصاف في أيّامه.
وعقد مجلس الإملاء في خمسيات رمضان، وكان يحضر إملاءه من دبَّ ودَرَج1.
تُوُفّي في ثامن رمضان، وكان أحد من يُقال له: شيخ الإسلام.
40- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن محمد بن عليّ بن شجاع2.
الأستاذ أبو حامد الشُّجَاعيّ السَّرْخَسِيّ ثمّ البلْخيّ، الفقيه.
كان إمامًا مبرِّزًا كبير القدْر.
تفقّه على: أبي عليّ السِّنْجيّ.
ودرَّس مدّة، وله أصحاب.
سمع الحديث من: الليث بن الحسن اللَّيْثيّ، وغيره.
روى عنه: ابن أخيه محمد بن محمود السَّرَهْ مَرْد بسَرْخس، وأبو حفص عمر بن محمد بن القاسم القاضي الشَّهْرُزُورِيّ، وآخرون.
سمع منهم: أبو سعْد السّمعانيّ.
وتُوُفّي رحمه الله ببلْخ.
وقع لنا مجلسٌ من أماليه.
41- إبراهيم بن سعيد بن عبد الله3.
الحافظ أبو إسحاق النُّعْمانيّ، مولاهم المصريّ، المعروف بالحبّال.
قال أبو عليّ بن سُكّرة: أخبرنيّ أن مولده في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة،
__________
1 المنتخب من السياق "112، 113".
2 تذكرة الحفاظ "3/ 1194".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 495-503" رقم "259".(33/52)
وأنّه سمع من الحافظ عبد الغنيّ بن سعيد سنة سبعٍ وأربعمائة وأنّ عبد الغنيّ تُوُفّي سنة ثمانٍ.
قلتُ: سمع: أحمد بن عبد العزيز بن ثَرْثال صاحب المَحَامِليّ، وهو أكبر شيخٍ له، وعبد الغني المذكور، ومحمد ابن أحمد بن شاكر القطّان، ومحمد بن ذَكْوان التِّنِّيسيّ سِبْط عثمان السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بن الحسين بن جعفر النُّخَاليّ1 العطّار، وقال: ما أُقَدِّم عليه أحدًا من شيوخي في الثّقة وجميع الخِصال الّتي اجتمعتْ فيه؛ وعبد الرحمن بن عمر النحاس، واحمد بن محمد بن الحاجّ الإشبيليّ، ومنير بن أحمد، والخصيب بن عبد الله، ومحمد بن محمد النَّيْسابوريّ صاحب الأصمّ، وابن نظيف، وخلْقًا سواهم.
وجمع لنفسه عوالي سُفْيان بن عُيَيْنَة، وغير ذلك.
وكان يتّجر في الكُتُب، ولهذا حصّل من الأُصُول والأجزاء ما لا يوصف. وكان متقنًا، ثقة، حافظًا مُتَحَرِّيا، صادقًا.
روى عنه: أبو عبد الله الحُمَيْديّ، وإبراهيم بن الحسن العَلَويّ المصريّ النّقيب، وعبد الكريم بن سوار التككيّ2، وعطاء بن هبة الله الإخْمِيميّ3، ووفاء بن ذبيان النّابُلُسيّ، ويوسف بن محمد الأَرْدَبيليّ4، سمع السِّلَفيّ من خمستهم، ومحمد بن محمد بن جماهر الطُّلَيْطُلِيّ، ومحمد بن إبراهيم البكريّ الطُّلَيْطُلَيّ، وأبو الفتح سلطان ابن إبراهيم المقدسيّ، وأبو الفضل محمد بن بُنان الأنباريّ، وعليّ بن الحُسين المَوْصِليّ الفرّاء، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي قاضي المَرِسْتان.
وآخر من روى عنه بالإجازة الحافظ محمد بن ناصر.
وكان خلفاء مصر الرّافضة قد منعوه من التّحديث، وأخافوه، قاتَلَهم الله، فلِهذا انقطع حديثُه بوقتٍ.
قال أبو عليّ بن سُكَّرة: مُنِعْتُ من الدُّخول إليه، فلم أدخل عليه إلّا بشرط أن لا
__________
1 نسبة إلى النخالة، وهي ما يستخرج من الدقيق "الأنساب 12/ 58".
2 نسبة إلى تكك، وهي جمع تكة "الأنساب 3/ 68".
3 الإخميمي: نسبة إلى إخميم، وهي بلدة من ديار مصر من الصعيد "الأنساب 1/ 155".
4 الأنساب "1/ 177".(33/53)
يُسْمِعَني، ولا يكتب إجازة، فأوّل ما فاتحتُه الكلام خلّط في كلامه، وأجابني على غير سؤالي حَذرًا أنْ أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطتّه، وأعلمته أنّي من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك1.
وقال ابن ماكولا2: كان الحبّال مكثِرًا ثقة، ثبْتًا، ورِعًا، خيِّرًا. ذكر أنّه مولى لابن النُّعْمان قاضي قُضاة مصر.
وحدَّث عنه ابن ماكولا وذكر أنّه ثبَّته في غير شيء.
وروى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب إجازة، ثمّ قال: وحدَّثني عنه أبو عبد الله الحُمَيْديّ3.
وقد أتى الحبّال بعض الطَّلَبة، قبل أن يمنعه بنو عُبَيْد من الرّواية، ليسمعوا منه جزءًا، فأخرج به عشرين نسخة، وناول كلّ واحدٍ نسخةً يُعارض بها4.
وقال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: كان بمصر رجلٌ يسمع معنا الحديث، وكان متشدّدًا. وكان يكتب السماع على الأصول، ولا يكتب اسم رجلٍ حتّى يستحلفه أنّه سمع الجزء، ولم يذهب عليه منه شيء.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى شيخٍ جُزْءًا، فَقَرَأْنَا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ" 5. وَكَانَ فِي الْجَمَاعَةِ رجلٌ مِمَّنْ يَبِيعُ الْقَتَّ، وَهُوَ عَلَفُ الدَّوَابِّ، فَقَامَ وَبَكَى، وَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ بَيْعِ الْقَتِّ. فَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي يَبِيعُ الْقَتَّ، وَلَكِنَّهُ النَّمَّامُ الَّذِي يَنْقُلُ الْحَدِيثَ مِنْ قومٍ إِلَى قَوْمٍ. فَسَكَنَ بُكَاؤُهُ وَطَابَتْ نَفْسُهُ6.
قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبّال لا يُخْرِجُ أصلَه من يده إلّا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطّالب، فيكتب منه قدْر جلوسه، فإذا قام أخذ الأصل منه. وكان له بأكثر كُتُبه عدة نُسَخ، ولم أرَ أحدًا أشدّ أخْذًا منه، ولا أكثر كتبًا منه.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 497".
2 في الإكمال "2/ 379".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 498".
4 سير أعلام النبلاء "18/ 499".
5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6056"، ومسلم "169/ 105"، وأحمد "5/ 382"، وأبو داود "4871"، والترمذي "2026".
6 سير أعلام النبلاء "18/ 499".(33/54)
وكان مذهبه في الإجازة أن يقدّمها على الأخبار.
يقول: أجاز لنا فُلان، أنا فلان، ولا يقول: أنا فلان إجازة.
يقول: ربّما تُترك إجازة، فيبقى إخبارًا، فإذا ابْتُدِئ بها، ولم يقع الشّكّ، فيه1.
وسمعته يقول: خرَّج أبو نصر السِّجَزيّ الحافظ على أكثر من مائة شيخ، لم يبق منهم غيري.
قال ابن طاهر: كان قد خرَّج له عشرين جزءًا في وقت الطَّلب، وكتبها في كاغدٍ عتيق، فسألت الجبال عن الكَاغَد، فقال: هذا من الكاغَد الّذي كان يحمل إلى الوزير من سَمَرْقَنْد، وَقَعت إليَّ من كُتُبه قطعة، فكنتُ إذا رأيتْ ورقةً بيضاء قَطَعْتُها، إلى أن اجتمع هذا القدْر، فكنتُ أكتب فيه هذه الفوائد.
قال ابن طاهر: لمّا دخلت مصر قصدتُ الحبّال، وكان قد وصفوه لي بحِلْيَتْه وسِيرته، وأنّه يخدم نفسِه، فكنتُ في بعض الأسواق لا أهتدي إلى أين أذهب. فرأيت شيخنا على الصّفة الّتي وُصِف بها الحبّال، واقِفًا على دُكّان عطّار، وكُمَّيه ملأى من الحوائج. فوقع في نفسي أنّه هو، فلمّا ذهبَ سألت العطار: هذا من الشّيخ؟ فقال: وما تعرفه، هذا أبو إسحاق الحبّال.
فتَبِعْتُه وبلغته رِسالةَ سعْد بن عليّ الزَّنْجَانيّ، فسألني عنه، وأخرج من جيبه جزْءًا صغيرًا، فيه الحديثان المسلسلان اللّذان كان يرويهما. أحدهما: وهو أول وهو أوّل حديثٍ سمعته منه.
فقرأهما عليَّ وأخذت عليه الموعد كل يوم في عَمْرو بن العاص إلى أن خرجتُ رحمه الله2.
قلت: كان لقي ابن طاهر له في سنة سبعين وأربعمائة، وقد سمع منه القاضي أبو بكر الأنصاريّ في سنة ستٍّ وسبعين. وإنّما منعوه من التّحديث بعد ذلك.
42- إبراهيم بن عثمان بن إبراهيم بن يوسف3.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 500".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 500، 501".
3 التحبير في المعجم الكبير "2/ 36، 51".(33/55)
أبو القاسم الخلّال، مُسْنِد جُرْجَان في زمانه.
تُوُفّي بعد الثّمانين.
ذكره أبو سعد السّمعانيّ، فقال: ثقة، مُكثِر، مُعمّر.
روى الكثير.
سمع: أبا نصْر محمد بن الإسماعيليّ، وحمزة السَّهْميّ، والحسن بن محمد الأديب، وأبا مسلم غالب بن علي الرّازيّ الحافظ، والمفضّل بن إسماعيل الإسماعيليّ، وأبا عمرو بن عبد الرحمن بن محمد الْجُرْجَانيّ، وأخاه عبد الواسع، وأبا الفضل محمد بن جعفر الخُزَاعِيّ، وأبا سعْد المالِينيّ، وبِشْر بن محمد الأبيورديّ، وطبقتهم.
مولده في ذي القعدة سنة تسعين وثلاثمائة.
قال: وتوفي بجرجان سنة نيفٍ ثمانين.
أُنْبئتُ عن أبي المظفّر بن السّمعانيّ قال: أنا سعد بن علي العصاري: أنا إبراهيم الخلّاليّ1 بجُرْجَان، فذكر حديثًا.
43- أَصْرَم بن عبد الوهاب بن محمد بن خريم:
الأصبهاني، أبو نهشل.
سمع: أبا بكر بن أبي عليّ، وأبي سعيد بن حسنَوَيْه.
مات في شوّال. أرّخه يحيى بن مَنْدَهْ.
"حرف الحاء":
44- الحَسَن بْن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان بن الوليد2.
أبو عبد الله السُّلَميّ الدمشقي، ابن أبي الحديد المعدل، الخطيب.
__________
1 الخلالي: نسبة إلى الخل وإلحاق الياء في مثل هذا الانتساب أكثرها بجرجان وطبرستان وخوارزم "الأنساب 5/ 218".
2 الكامل في التاريخ "10/ 180".(33/56)
حكم بين النّاس بدمشق حين عُزِل عنها القاضي الغَزْنَويّ إلى حين وصول الشَّهْرسْتانيّ من الحجّ.
وحدَّث عن: المُسَدَّد الأُمْلُوكيّ1، وأبي الحسن بن السِّمْسار، وأبي الحسن العتيقيّ، وعبد الرحمن بن الطُّبَيْز، وجماعة.
روى عنه: حفيده أبو الحسين الخطيب، وهبة الله بن الأكفانيّ، وهبة الله بن طاوس، وأبو القاسم بن البُنّ، وعليّ بن عساكر الخشّاب، وعليّ بن أحمد الحَرَسْتانيّ2.
تُوُفّي في آخر السّنة: وكان مولده سنة ستّ عشرة.
أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْفَقِيهُ بِدِمَشْقَ، وَسَنُقِرُّ الْمَحْمُودِيُّ بِحَلَبَ، قَالا: أنا مُكْرَمٌ التَّاجِرُ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بِحَرَسْتَا سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ، أنا الْمُسَدَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْحَلَبِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّافَقِيُّ: ثنا صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ النَّوْفَلِيُّ: ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَلا أُرِيكُمْ صَلاةُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَرَفَعَ يَدَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ.
45- الحسن بن عبد الصّمد بن أبي الشّخْباء3:
أبو عليّ، الشّيخ المُجيد العسْقلانيّ، صاحب الرّسائل والخطب. كان القاضي الفاضل جُلّ اعتماده على حِفْظ كلام الشّيخ المُجيد4.
تُوُفّي مقتولًا في سجن خزانة البُنُود بالقاهرة في هذه السّنة.
فمن شِعره:
ما زال يختار الزّمانُ ملوكَه ... حتى أصاب المصطفى المتخيرا
__________
1 الأنساب "1/ 349".
2 الأنساب "4/ 106".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 587" رقم "308".
4 معجم البلدان "9/ 152".(33/57)
قُلْ للأُلَى ساسوا الوَرَى وتقدّموا ... قِدْمًا هَلُمُّوا شاهدوا المتأخّر
تجدوه أوسَعَ في السّياسة منكمُ ... صدْرًا وأحمد في العواقب مَصْدَر
قد صام والحسناتُ مِلْءُ كتابه ... وعلى مثالِ صيامه قد أفطرا1
46- الحسن بن عليّ بن عبد الواحد بن الموحّد2.
أبو محمد السُّلَميّ الدمشقيّ، المعروف بابن البُرِّيّ.
سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر، وأبا نصر عبد الوهاب بن الجبان، ومنصور بن رامش.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، والفقيه نصر المقدسيّ، وأبو الفضل يحيى بن عليّ القاضي، ونصْر بن قاسم المقدسيّ، ونصر بن أحمد بن مقاتل.
توفي في نصف رمضان. كذا ورّخه ابن الأكفانيّ.
ووردَ عن غيث أنّه تُوُفّي في صَفَر.
47- الحسين بن عليّ بن أحمد:
أبو طاهر الأصبهاني، الشّيخ الصّالح.
روى عن: أبي عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي بكر بن مردويه.
ومولده سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة.
مات في شوال. قاله يحيى بن منده.
"حرف الطاء":
48- طاهر بْن بركات بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بن محمد3.
أبو الفضل القُرَشيّ الدّمشقيّ، المعروف بالخُشُوعيّ.
سمع: أبا القاسم الحِنائيّ، وأبا الحسين بن مكّيّ، وعبد الدّائم الهلاليّ، والكتاني، والخطيب، وطبقتهم.
__________
1 الأبيات في: وفيات الأعيان "2/ 90".
2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 401".
3 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 50".(33/58)
وخرَّج "مُعْجم شيوخه".
سمع منه: الفقيه نصر المقدسيّ، وهو من شيوخه، ومكّيّ الرُّمَيليّ.
قال ابن عساكر الحافظ1: سألت ابنه أبا إسحاق لِمَ سُمّوا الخُشُوعيّ؟ فقال: كان جدّنا الأعلى يؤمّ النّاسَ، فتُوُفّي في المحراب، وذكر أنّ أباه طاهرًا تُوُفّي وقد ناهز الخمسين سنة.
"حرف الظاء":
49- ظاهر بن أحمد بن عليّ2.
الحافظ المفيد أبو محمد السَّلِيطيّ3 النَّيْسابوريّ.
ويُسمّى أيضًا عبد الصّمد.
وُلِد بالرَّيّ ونشأ بها، وكتب الكثير بخطّه المتقن الصّحيح.
سمع: أبا عليّ بن المُذْهِب، والتَّنُوخيّ، والجوهريّ، وطبقتهم.
روى عنه: ابن بدران الحَلْوَائيّ4، وأبو بكر المَرْوَزِيّ.
وسكن هَمَذَان.
50- ظَفَر بن الدّاعي بن مهديّ بن حسن5.
السّيّد أبو الفضل العَلَويّ، من ذرّيّة مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.
من أهل أسْتِراباذ.
سمع الكثير، وأملى مدّة.
روى عن: والده، وحمزة السَّهْميّ، وإبراهيم بن مطرف، وعلي بن أحمد ابن عبدان الأهوازي، وأبي بكر الحيري.
__________
1 في تاريخه.
2 المنتخب من السياق "271" رقم "886".
3 الأنساب "7/ 119".
4 نسبة إلى عمل الحلوى وبيعها "الأنساب 4/ 193".
5 المنتخب من السياق "270" رقم "883".(33/59)
وأجاز له السهمي1.
مات في هذه الحدود بعد الثمانين.
روى عنه: عبد الله بن الفراوي، وعائشه بنت الصفار.
"حرف العين":
51- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن غريب الخال.
سمع: الحرفيّ2، وعثمان بن دُوَسْت، وأبا عليّ بن شاذان.
روى عنه: أبو غالب بن البنّاء، وابنه سعيد بن البنّاء، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
52- عبد الرحمن بن الأستاذ أَبِي القَاسِم عَبْد الكريم بْن هَوَازن3.
أَبُو منصور القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ.
كان صالحًا عابدًا، سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصرويي4، وأبا عبد الله بن باكُوَيْه بنَيْسابور، وأبا الطّيّب الطَّبَريّ، وجماعة ببغداد.
روى عنه: أبو الأسعد هبة الرحمن، وأبو حفص عمر الفَرغوليّ5.
وتُوُفّي بمكّة هذه السّنة.
53- عبد السلام بن منصور بن الياس.
أبو الفتح الهَرَويّ.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
وتُوُفّي أخوه عبد البديع قبله بيوم.
54- عبد الصّمد بن أحمد بن علي6.
__________
1 هو حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي صاحب تاريخ جرجان المتوفى سنة "427هـ".
2 الأنساب "4/ 112".
3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 223".
4 الأنساب "12/ 91".
5 نسبة إلى فرغول قرية من قرى دهستان "الأنساب 9/ 278".
6 البداية والنهاية "12/ 135".(33/60)
أبو محمد السَّلِيطيّ النَّيْسابوريّ المعروف بظاهر.
أصله رازيّ، كان أحد أئمّة الحفّاظ، نسخ الكثير بخطّه المتقن، ورحل فسمع: أبا عليّ بن المُذْهِب، وأبا طاهر الصّبّاغ، وأبا الطّيّب الطَّبَريّ، والجوهريّ.
وخرَّج للجوهريّ أمالي معروفة.
روى عنه: محمد بن بطّال بهَمَذَان، وعبد الواحد بن الفضل الفارَمْذِيّ1، ومحمد بن أميرك.
إلّا أنّه أخذ كُتُب النّاس في نهْب البساسيريّ، وجمعَها، ولم ينفعه الله بها.
توفي بنواحي هَمَذَان.
55- عَبْد الواحد بْن عليّ بْن أَحْمَد2.
أَبُو الفضل الهَمَذَانيّ الكرابيسيّ، المعروف بابن يُوّغة الصُّوفيّ.
روى عن: ابن تُرْكان، وعليّ بن أحمد البيِّع، وسعد بن علويه، ومحمد بن علي بن خذاداذ، وجماعة.
قال شيرويه: شيخ الصوفية صدوق. سمعتُ منه جمع ما مرّ له.
ومات في سلْخ ذي الحجّة، ومولده في سنة تسعين وثلاثمائة.
وقال السّمعانيّ: سمع أبا بكر بن حمدُوَيْه الطُّوسيّ، وأجاز له أبو بكر بن لال، ثنا عنه حمدان بن الحسن الضّرير، وأبو الفخر سعْد بن محمد الصُّوفيّ، وأبو المكارم عبد الكريم بن عبد الملك الكرابيسيّ.
وكان شيخ الصُّوفيّة بهَمَذَان.
56- عبد الواحد بن عليّ بن البختري.
أبو القاسم.
بغدادي مقل.
__________
1 نسبة إلى فارمذ، وهي قرية من قرى طوس "الأنساب 9/ 218".
2 التحبير في المعجم الكبير "1/ 245" رقم "156".(33/61)
روى عن: أبي القاسم بن بِشْران.
كتب عنه: أبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ، وأخوه.
ومات في صَفَر.
57- عبد الواحد بْن محمد بْن عُمَر.
أبو زيد الطَّرَسُوسيّ.
مات في ربيع الأوّل.
58- عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا1.
أبو منصور الثّقفيّ النَّيْسابوريّ الأُطْرُوش2.
قال السّمعانيّ: شيخ ظريف، خفيف، أصمّ، صُوفيّ، سافر الكثير ولقي المشايخ، وتبرَّع بأنواعٍ من القُرَب من عمارة القبور، وإعادة الأسماء على مشاهدة الأئمّة، واتّخاذ الأواني النّحاس للصُّوفيّة.
وسمع بخُراسان، والعراق، وكان يقرأ بنفسه لصَمَمَه.
حدَّث عن: أبي بكر الحِيريّ، وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وأبي الحسن الطّرّازيّ، وأبي عليّ السِّخْتِيانيّ، وأبي عبد الله بن باكُوَيْه.
روى عنه: أبو عثمان العصائديّ، وأبو الوقت عبد الأوّل.
تُوُفّي في خامس رجب.
وقع لنا من طريقه مجلسا السُّلَميّ، وابن باكُوَيْه.
59- عُبَيْد الله بن عمر بن محمد بن أبي عبد الرحمن3.
البَحِيريّ النَّيْسابوريّ.
قال عبد الغافر: هذا الشّيخ رقيق الحال في التَّزْكيّة والعدالة.
سمع من: أبي عبد الله الحاكم، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وجماعة.
__________
1 المنتخب من السياق "356" رقم "1178".
2 الأطروش: هذه النسبة لمن بأذنه أدنى صمم "الأنساب 1/ 305".
3 المنتخب من السياق "297، 298" رقم "985".(33/62)
تُوُفّي في تاسع ذي الحجّة وله خمسٌ وثمانون سنة وأيّام.
قلت: روى عنه: عبد الغافر، وغيره، والأمير أحمد بن محمد الفُراتيّ.
60- عبد الكريم بن زكريّا بن سعْد بن عمار.
أبو محمد البخاري الخبازي البزار.
فقيه حافظ فاضل، يفهم الحديث.
سمع الكثير، وأملى عن: أبي نصر أحمد بن الحَسَن المَرَاجليّ1، وحمزة بن أحمد الكَلاباذيّ، والحُسَين بن الخضر النَّسَفيّ، وطبقتهم.
وعنه: عثمان بن عليّ البيكندي، وجماعة.
ولد سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة.
ومات في ربيع الأوّل.
61- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بن حَنَوَيْه2.
أبو الحسن الشّهرستانيّ الفاروزيّ الكاتب.
سمع: اللّيْث بن الحسن اللَّيْثيّ بسَرْخَس، وأبا بكر الحِيريّ.
وصحِب: أبا عبد الله بن باكُوَيْه.
تُوُفّي في ذي القعدة عن مائة سنة.
62- عليّ بن أبي نصْر المَنَاديليّ3.
أبو الحسن النَّيْسابوريّ الحافظ.
كان من نوادر الزّمان. جمع ما لم يجمعه غيره من أنواع العلوم، حتى فاق أقرانه في القراءات، ومعرفة أسماء الرّجال، والمُتون، والطّبّ، وغير ذلك.
بالغَ الحافظ عبد الغنيّ في وصفه، وقال: ما رأيت أحسن ولا أصحّ من قراءته.
__________
1 نسبة إلى المراجل وعملها، وهي جمع مرجل. الأنساب "11/ 220".
2 الأنساب "9/ 220، 221".
3 المنتخب من السياق "392" رقم "1325".(33/63)
سمع من: أبي القاسم القُشَيْريّ، والفضل بن المُحِبّ، وطبقتهما.
ولم يتكهَّل ولم يبلغ أوان الرّواية.
قال عبد الغافر: لمّا عاد من بغداد سمعته يقول: ما استفدت من غيري في سفري، بل كلّ من لقيته استفاد منّي.
وقال لي: لست أطالع شيئًا مرّةً أو مرّتين إلّا وحفظته ولا أنساه، فُقِد من البلد ولا يدري ما تمّ له.
63- عليّ بن أبي يَعْلَى بن زيد بن حمزة1.
أبو القاسم الحسينيّ الدَّبَوسيّ.
ودَبوسيّة: بلدة بقرب سَمَرْقَنْد.
كان من كبار أئمّة الشّافعيّة، متوحدًا متفرِّدًا في الفقه والأصول واللُّغة والنَّحو والنَّظر والجدل.
وكان حسن الخَلق والخُلق، سمْحًا، جوادًا، كثير المحاسن. قدِم بغداد، وولي تدريس النّظاميّة، تفقّه عليه جماعة من البغداديّين، ومن الغرباء.
وأملى ببغداد مجالس.
سمع: أبا عَمْرو بن عبد العزيز القنطريّ، وأبا سهل أحمد بن عليّ الأبِيوَرْديّ، وأبا مسعود أحمد بن محمد البَجَليّ.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو غانم مظفّر البَروجِرْديّ، ومحمد بن أبي نصر المسعوديّ المَرْوَزِيّ، وآخرون2.
تُوُفّي ببغداد في شعبان، وهو من ذرية الحسين الأصغر ابن زيد العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه.
64- عليّ بن محمد بن حسين ابن المحدِّث عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد3.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 135".
2 الأنساب "5/ 275".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 602، 603" رقم "319".(33/64)
الإمام أبو الحسن البَزْدَوِيّ النَّسَفيّ الزّاهد، صاحب التَّصانيف الجليلة، والمدرِّس بسَمَرْقَنْد.
تُوُفّي بكِسّ1 في رجب.
قال السّمعانيّ: كان إمام أصحاب أبي حنيفة بما وراء النَّهْر، يُضْرب به المَثَل في حِفْظ المذهب. وطريقته مفيدة.
ظهر له الأصحاب، وهو أخو القاضي أبي اليُسْر.
تفقّه بالشّمس عبد العزيز بن أحمد الحَلْوائيّ، وسمع منه، ومن: عمر بن منصور بن خنْب، وأبي الوليد الحسن بن محمد الدَّرْبَنْديّ.
وكان مولده في حدود الأربعمائة.
روى عنه: أبو المعالي محمد بن نصر الخطيب.
65- عليّ بْن محمد بْن عبد العزيز بْن حَمْدين2.
أبو الحسن القرطبي.
روى عن: يحيى بن محمد القليعيّ، ومحمد بن عَتَّاب، وأبي جعفر الكِنْديّ الزّاهد وهو خاله: وكان من أهل العلم والفْقه والصَّلاح والتّلاوة والإقبال على نشر العلم، صدرًا مشاوَرًا في الأحكام، معظَّمًا في النُّفوس، متعيّنًا للوزارة.
قال اليسع بن حزْم: له همَّة انتعلت السّماك، وتبوّأت الأفلاك، كتب مرّة إلى المعتمد بن عَبَّاد:
يا مَن حَلَلْتُ جِوارَه ... والْجُودُ طَوْعُ يمينهِ
أتجير من ألقى إليـ ... ـك بنفسه وبدينه
حاشى نهاك بأنْ يرى ... بُخْلًا بعين مَعِينه
إنّي غرست به الثّنا ... فقطعتُ حُسْن يقينهِ
وُلد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في ربيع الأوّل رضي الله عنه.
__________
1 قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على جبل "معجم البلدان "4/ 460-462".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 420، 421" رقم "900".(33/65)
66- عليّ بن محمد بن الحسين بن موسى.
أبو الحسن الأَسَديّ الفارِقيّ1 الشّيعيّ.
غال، كثير المجون والدغابة.
سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد البزّاز.
وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ.
67- عيسى بن نصر بن عيسى.
أبو الطّيّب الرّازيّ البزّاز.
رحل وسمع بمصر: أبا عبد الله بن نظيف، وشعيب بن المنهال.
روى عنه: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو البركات الأَنْماطيّ.
وتُوُفّي في شوّال.
"حرف الغين":
68- غانم بن محمد بن عبد الواحد بن عُبَيْد الله الأصبهاني.
الحافظ أبو سهل.
تُوُفّي بإصبهان في جُمَادى الأولى.
يروي حُضورًا عن عليّ بن مَنْدَهْ الفقيه الزّاهد.
"حرف الميم":
69- محمد بن أحمد بن حامد بن عُبَيْد2.
أبو جعفر البَيْكَنْديّ البخاريّ المتكّلم، المعروف بقاضي حلب3.
وَرَدَ بغداد في أيّام عبد الملك بن محمد بن يوسف، فمنعه من دخولها فلمّا مات ابن يوسف دخلها وسكنها، وكان رأسًا في الاعتزال، داعيةً إليه.
__________
1 نسبة إلى ميافارقين "الأنساب 9/ 217".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 586، 587" رقم "307".
3 في لسان الميزان "5/ 52": "قاص حلب".(33/66)
روى عن: أبي عامر عدنان بْن مُحَمَّد الضبي، وأبي الفَضْل أَحْمَد بْن عليّ السليماني، ومنصور بْن نصر الكاغدي، وطائفة.
روى عَنْهُ: عليّ بن هبة الله بن زهمُوَيْه، وثابت بن منصور الكيليّ1، وصَدَقَة السّيّاف، وأبو غالب بن البنّاء، وغيرهم.
روى عن: إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ2، واتُّهِم في ذلك. ورماه بالكَذِب عبد الوهّاب الأنْماطيّ3، وغيره.
وُلِد سنة اثنتين وتسعين.
وقال مرّةً أخرى: سنة أربعٍ وتسعين.
ومات في رابع المحرّم ببغداد4.
70- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه5.
أَبُو الفتح بن سَمْكُوَيْه الأصبهاني6 نزيل هَرَاة.
أحد الحفّاظ المذكورين.
سمع الكثير، وحصّل الأصول، ونسخ كثيرًا.
سمع ببغداد من: أبي محمد الحسن بن محمد الخلّال، وطبقته.
وبنَيْسابور من: أبي عثمان الصّابونيّ، وأبي حفص بن مسرور، والطّبقة.
وبإصبهان: أصحاب ابن المقرئ.
وبشيراز من: الحافظ أبي بكر بن أبي عليّ.
وبسمرقند من: ابن شاهين السمرقندي.
__________
1 نسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان. الأنساب "3/ 414".
2 نسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد الصغد بنواحي سمرقند، وقد تصحف في لسان الميزان "5/ 61" إلى: "الكسائي".
3 المنتظم "9/ 52" "16/ 188".
4 لسان الميزان "5/ 61".
5 سير أعلام النبلاء "19/ 16، 17" رقم "10"، والبداية والنهاية "12/ 136".
6 زاد في البداية والنهاية "12/ 136"، "المعروف بمسارفة".(33/67)
ومولده بإصبهان في سنة تسعٍ وأربعمائة.
صنَّف، وجمع الأبواب.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وكان يُتَبَرَّك بدعائه.
وقال أبو عبد الله1 في "رسالته": كان لابن سَمْكُوَيْه التّواليف الكثيرة الوافرة في كتب الحديث، وَوَهْمه أكثر من فهمه.
خرج إلى نَيْسابور في صُحْبة عبد العزيز النَّخْشبيّ، ثمّ خرج إلى ما وراء النّهر، وأقام بهَرَاة سِنين يورّق، صادقته بها وبنَيْسابور، وبيني وبينه ما كان من الحِقْد والحَسد2.
وتُوُفّي بنَيْسابور.
قلت: في ذي الحِجَّة.
71- محمد بن أحمد بن عليّ بن شَكْرُوَيْه3.
القاضي أبو منصور الأصبهاني.
تُوُفّي بإصبهان في شعبان.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: هو آخر من روى عن أبي عليّ بن البغدادي، وأبي إسحاق بن خرشيذ قُولَهْ، وسافر إلى البصرة.
وسمع من: أبي عمر الهاشميّ، وعليّ بن القاسم النّجّاد، وجماعة.
إلّا أنّه خلط في كتاب "السُّنَن" ما سمعه بما لم يسمعه، وحكَّ بعض السَّماع، كذلك أراني مؤتمن السّاجيّ، ثمّ ترك القراءة عليه، وخرج إلى البصرة، وسمع الكتابَ من أبي عليّ التُّسْتَرِيّ4.
وقال المؤتمن السّاجيّ: ما كان عند ابن شكرويه عن ابن خرشيذ قوله،
__________
1 هو "الدقاق" كما في سير أعلام النبلاء "19/ 17".
2 وهذا من كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به. راجع ميزان الاعتدال "1/ 111".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 493، 494" رقم "256".
4 نسبة إلى "تستر" من بلاد خوزستان. الأنساب "3/ 54".(33/68)
والْجُرْجَانيّ، وهذه الطّبقة فصحيح، وأطلعني ابن شَكْرُوَيْه على كتابه لـ"لسُنَن أبي داود" فرأيت تخليطًا ما استحللتُ معه سماعه.
وقال أبو طاهر: لمّا كنّا بإصبهان كان يُذكر أنّ "السُّنَن" عند ابن شَكْرُوَيْه، فنظرتُ فإذا هو مضطّرب، فسألتُ عن ذلك، فقيل: إنّه كان له ابن عمّ، وكانا جميعًا بالبصرة، وكان القاضي أبو منصور مشتغلًا بالفقه، وإنّما سمع اليسير من القاضي أبي عمر الهاشميّ، وكان ابن عمّه قد سمع الكتابَ كلَّه، وتُوُفّي قديمًا.
فكشَط أبو منصور اسم ابن عمّه، وأثبت اسمَه، فخرجتُ إلى البصرة، وقرأتُه على التُّسْتَرِيّ1.
وقال السّمعانيّ: سألتُ أبا سعْد البغداديّ، عن أبي منصور بن شَكْرُوَيْه، فقال: كان أشعريًّا، لا يُسلِّم علينا ولا نُسلِّم عليه، ولكنّه كان صحيح السّماع.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كان أبو منصور على قضاء قرية سين، سافر البصرة فسمع من الهاشميّ، وأبي الحسن النّجّاد، وأبي طاهر بن أبي مسلم.
وُلِد ابن شكرويه سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، ومات في العشرين من شعبان.
وقد روى عنه: إسماعيل الحافظ، وابن طاهر المقدسيّ، ونصر الله بن محمد المصيصي، وهبة الله بن طاوس الدّمشقيّان، وأبو عبد الله الرُّسْتُميّ، وطائفة كبيرة منهم أبو سعْد البغداديّ، وعبد العزيز الأَدَميّ، والْجُنَيْد القايِنيّ.
72- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هارون2 بن زرا3.
أبو الخير الأصبهاني.
سمع: أبا عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبا بكر بن مردُوَيْه، وعثمان بن أحمد البُرجيّ.
وعنه: إسماعيل الحافظ، ومسعود الثّقفيّ، والرُّسْتُميّ، ومحمد بن عبد الوهّاب المَغَازِليّ، وأبو البركات الفُرَاويّ، وعبد المنعم بن محمد بن سَعْدُوَيْه، وآخرون.
مات في رجب.
__________
1 التقييد "54".
2 شذرات الذهب "3/ 367".
3 في شذرات الذهب "زر".(33/69)
وكان صالحًا واعظًا فقيهًا متعبدًا. أمَّ بجامع إصبهان مدّة.
وممّن روى عنه: عبد العزيز بن محمد الشّيرازيّ الأدَميّ.
مات في رجب.
73- محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطَّبَسيّ النَّيْسابوريّ1.
أبو الفضل.
محدِّث زاهد، عالم، صنَّف كتاب "بستان العارفين" وسمع من: أبي عبد الله الحاكم، وأبي طاهر بن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف بن مامَوْيه، وأصحاب الأصمّ.
روى عنه: الْجُنَيْد بن محمد القايِنيّ2، وجماعة من القدماء.
وأملى مدّة.
وممّن روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وأبو الأسعد القُشَيْريّ، وجماعة.
تُوُفّي في رمضان.
وقال عبد الغافر بن إسماعيل3: شيخ، فاضل، زاهد، صوفيّ، ورِع، ثقة، كتب الكثير، وجمع التّصانيف المفيدة.
وقد سمع "مُسْنَد أبي الموجَّه" بمَرْو، ومن القاضي أبي بكر الصَّيْرَفيّ.
قدِم علينا، وأفادنا في آخر عمره، وأملى بالنّظاميّة أيّامًا، ثمّ عاد إلى طَبَس، وبها مات.
74- محمد بن أحمد بْن الْحُسَيْن بْن علي.
أبو عَبْد اللَّه ابن الإمام الكبير أبي بكر البَيْهَقيّ.
مات في شعبان.
75- محمد بن علي بن محمد بن جعفر.
أبو سعد الرستمي البغدادي.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 588" رقم "309".
2 القايني: نسبة إلى قاين. بلدة قريبة من طبس. الأنساب "10/ 37".
3 في المنتخب من السياق "58".(33/70)
ولد سنة أربعمائة.
وسمع: أبا الحسين بن بشْران، وأبا الفضل القطّان.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الوهّاب الأنْماطي.
وكان رجلًا خيِّرًا.
تُوُفّي -رحمه الله- في ربيع الأوّل.
76- محمد بن منصور بن عمر بن علي1.
أبو بكر ابن الإمام الفقيه أبي القاسم الكرْخيّ، الفقيه الشّافعيّ، والد الشّيخ أبي البدر إبراهيم الكرْخيّ.
صالح، متديِّن، عالم.
روى عنه: إسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ.
ومات في جُمَادى الأولى.
وأمّا أبوه فَمِن كبار أئمّة الشّافعيّة، سمع أبا طاهر المخلص، ودرس على الأستاذ أبي حامد الإسفرائيني، وصنَّف واشتغل.
77- محمد بن نعمة2.
أبو بكر الأسدي ابن القيروانيّ الصّابر.
روى عن: أبي عمران الفاسيّ، ومروان بن عليّ البُونيّ3 وعلي بن أبي طالب الصابر وله كتب في التعبير، سكن المرية، وحمل الناس عنه.
قال ابن بشكوال: سمعت بعضهم يضعفه.
توفي سنة إحدى واثنتين وثمانين.
78- مرزوق بن فتح بن صالح4.
__________
1 الأنساب "10/ 393"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 206".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 603"، "رقم "1323".
3 البوني: نسبة إلى بونة: بلد بإفريقية "المشتبه 1/ 101".
4 الصلة لابن بشكوال "2/ 630، 631" رقم "1387".(33/71)
أبو الوليد القيسيّ الأندلسيّ الطّلبِيريّ.
روى عن: محمد بن موسى بن عبد السّلام، والوليد بن فَتُّوح، وأبي محمد بن عبّاس الخطيب، وأبي محمد الشنجالي، وجماعة.
وحج سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، ولقي أبا ذر فسمع منه.
وسمع بمصر، وكان من أهل المعرفة والتيقظ والمحافظة على الرواية.
ترجمه ابن بشكوال، أنبا عنه غير واحد.
وتُوُفّي فِي جُمَادى الآخرة.
"حرف الهاء":
79- هبة اللَّه بن أبي الصَّهْباء1 محمد بن حيدر القُرَشيّ.
الشّريف العدْل أبو السّنابل.
شيخ نبيل رئيس، من أهل نيسابور.
سمع: الأستاذ أبا إسحاق الإسفرائيني، وأبا بكر الحِيريّ، وعبد الله بن يوسف بن بامويه، وابن مَحْمِش، ويحيى بن إبراهيم المزكيّ، وأبا عبد الرحمن السُّلَميّ، وجماعة.
روى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، ووجيه الشّحّاميّ، ومحمد بن جامع الصَّوّاف، وآخرون.
وكان ثقة مُكْثِرًا، روى الكثير.
وقد سمع "سُنَن النَّسَائيّ" من: الحسين بن فَنْجُوَيْه الدِّينَوريّ، ولد سنة إحدى وأربعمائة، وعاش نَيِّفًا وثمانين سنة وهو من أولاد الأمير عَبْد اللَّه بْن عامر بْن كُرَيْز العَبْشَميّ2.
80- هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المُجْليّ.
الحافظ أبو نصْر البغدادي البابصري.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 589" رقم "310".
2 العبشمي: نسبة إلى بني عبد شمس بن عبد مناف "الأنساب 8/ 368".(33/72)
ولد سنة اثنتين وأربعمائة.
وسمع: عبد الصّمد بن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن المهتديّ بالله، وطبقتهم.
وعنه: أخوه أبو السُّعُود أحمد بن عليّ، وأبو البركات بن أبي سعْد، وهبة الله بن الشّبْليّ.
وله تصانيفٌ وخُطَب.
قال السّمعانيّ: فاضل ديّن، ثقة، وله تخريجات وجُمُوع، وكتب الكثير، أدركته المنيّة شابًّا.
قلت: مات في جُمَادى الأولى.
81- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عبد الغفار.
أبو القاسم البغدادي ابن السّمسميّ المذهّب.
سمع: أبا عليّ بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي.
ومات فجأة في ربيع الأوّل.
وكان مليح الكتابة، يكتب المصاحف وغيرها ويذهّبها ويزوّقها.
وكان في الطّبقة العليا في التّذهيب، وكان حَسَنَ الخَلق والخُلق، متودّدًا مطبوعًا.
82- هبة الله بن محمد بن أحمد.
أبو طاهر الْجَنْزيّ1، المؤدّب.
تُوُفّي بإصبهان في سابع جُمَادى الآخرة.
"حرف الواو":
83- الوليد بن عبد الملك بن أبي عَمْرو عبد الوهاب ابن الحافظ بن منده:
__________
1 الجنزي: نسبة إلى جنزة، وهي بلدة من بلاد أذربيجان "الأنساب 3/ 323، 324".(33/73)
الأصبهاني، أبو غالب التّاجر.
مات في السَّفَر.
وقد تُوُفّي بإصبهان في هذه السّنة جماعة لا أعرفهم.
وفيات سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة:
"حرف الألف":
84- أحمد بن عثمان بن أحمد بن نفيس1.
أبو البركات الواسطيّ.
حدَّث بواسط وبغداد عن: التُّبانيّ، وعليّ بن خَزَفَة، وأبي الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ، وغير واحد.
روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وسعد بن عبد الكريم الغندجاني الواسطي، وأبو محمد عبد الله بن علي سبط الخياط.
توفي في جمادى الأولى، وله إحدى وثمانون سنة، وكان مؤدبا.
85- أحمد بن يحيى بن هلال.
أبو الفضل بن العداد البغدادي الخياط المقرئ، إمام النظامية.
روى عن: أبي القاسم بن بشْران.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنماطي.
توفي في جمادى الآخرة.
86- إسماعيل بن محمد النوحي2.
القاضي.
__________
1 المشتبه في الرجال "2/ 486".
2 المشتبه في الرجال "1/ 118".(33/74)
"حرف الجيم":
87- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر1.
المكتفي بالله العباسي، أحد المعمرين.
عاش ستا وتسعين سنة2.
وفاته السماع من المخلص، وطبقته.
حدث عن: أبي القاسم بن بشران.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي.
"حرف الخاء":
88- خُوَاهَرْ زاذَة3.
شيخ الحنفيّة، اسمه محمد بن الحسين بن محمد، أبو بكر البخاريّ القُدَيْديّ4، الحنفيّ الفقيه، ابن أخت القاضي أبي ثابت محمد بن أحمد البخاري، ولهذا قيل له بالعجميّ: خُوَاهَرْ زاذَة، وتفسيره: ابن أخت عالم.
كان أبو بكر إمامًا كبير الشّأن، بحرًا في معرفة المذهب، وطريقته أبسط طريقة للأصحاب، وكان يحفظها.
سمع: أباه، وأبا الفضل منصور بن نصر الكَاغدِيّ، وأبا نصر أحمد بن عليّ الخارقيّ، وسعيد بن أحمد الأصبهاني، والحاكم أبا عمر محمد بن عبد العزيز القَنْطَريّ.
وأملى ببُخَارى مجالس، وخرّج له أصحاب أئمّة، وكان عالِم ما وراء النّهر.
روى عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنديّ، وعمر بن محمد بن لقمان النسفي، وغيرهما.
__________
1 المنتظم "9/ 53، 54" رقم "85" "16/ 290 رقم 3607".
2 في المنتظم. وبلغ تسعًا وستين سنة.
3 سير أعلام النبلاء "13/ 14، 15" رقم 8.
4 القديدي: نسبة إلى قديد، وهو منزل بين مكة والمدينة "الأنساب 10/ 77".(33/75)
تُوُفّي ببُخارى في جُمَادى الأولى.
ذكره السّمعانيّ في "الأنساب".
"حرف العين":
89- عاصم بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عاصم بن مهران1.
أبو الحسين العاصميّ البغداديّ، العطّار الكرْخيّ الشَّاعر.
أحد ظُرفاء البغداديّين وأكياسهم، كان صاحب مُلَح ونوادر، وله الشِّعْر الرائق، مع الصلاح والورع والعفة.
سمع الكثر، ورحل إليه الطلبة واشتهر اسمه، وسار نظمه، وحدَّث عن: أبي الحسين بن المُتَيّم الواعظ، وأبي عمر بن مهديّ، وهلال الحفّار، وأبي الحسين بن بشْران، ومحمد بن عبد العزيز البَرْذَعيّ.
روى عنه: الحافظ أبو بكر الخطيب في كتاب "المؤتنف"2، وإسماعيل بن محمد، وأبو نصر أحمد بن عمر، وأبو سعْد أحمد بن محمد الأصبهانيون، وهبة الله ابن طاوس، ونصر الله بن محمد المصّيصيّ الدّمشقيّان، ووجيه الشحامي، وأبو عبد الله الفراوي النيسابوري، وعبدُ الخالق بن أحمد اليُوسفيّ، ومُحَمَّد بن ناصر، وسعيد بن البنّا، وأحمد بن عبد الباقيّ قَفرجل، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وهبة اللَّه بْن الْحَسَن الدّقّاق، ومُحَمَّد بْن عَبْد العزيز البيِّع، وابن البطّيّ، وخلْق سواهم.
قَرَأْتُ عَلَى الأَبَرْقُوهِيِّ: أَخْبَرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عَمَّهُ أَبَا بَكْرٍ الْبَيِّعَ أَخْبَرَهُمْ: أَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا الْمَحَامِلِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا مات الإنسان انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةِ، أَوْ علمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ ولدٍ صالحٍ يدعو له" 3.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 136"، وسير أعلام النبلاء "18/ 898-600" رقم "316".
2 وتوفي قبله بعشرين سنة. الأنساب "8/ 315".
3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1631"، والترمذي "1390"، والنسائي "6/ 251"، وأحمد "2/ 372".(33/76)
قال السمعاني: سألت أبا سعد أحمد بن محمد الحافظ، عن عاصم بن الحسن، فقال: كان شيخًا، متقنًا، أديبًا، فاضلًا، كان حُفّاظ بغداد يكتبون عنه، ويشهدون بصحّة سماعه.
قال: وسمعتُ الحافظ عبد الوهّاب بن المبارك يقول: ضاع الْجُزء الرّابع من جزء عبد الرزاق، لابن عاصم، وكان سماعه، قرءوه عليه بالسّماع قبل أنْ ضاع، ثمّ بعد أن ضاع ما كان يرويه إلّا إجازةً، فلمّا كان قبل موته بأيّام جاءني شجاع الذُّهْليّ وقال: وجدتُ أصل ابن عاصم الرّابع، تعال حتّى نسمعه منه. فمضينا وأريناه الأصل، فسجَد لله، وقرأنا عَلَيْهِ بالسّماع.
قال لي عبد الوهّاب: كان عاصم عفيفًا، نَزِه النَّفس صالحًا، رقيق الشِّعْر، مليح الطَّبْع، قال لي: مرضت، فغسلت ديوان شِعْري1.
تُوُفّي عاصم في جُمَادى الآخرة2، وقد استكمل ستًّا وثمانين سنة3.
وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة: كَانَ عاصم ثقة فاضلا، ذا شعر كثير، كَانَ يلزمني، وكان لي منه مجلسٌ يوم الخميس، لو أتاه فيه ابن الخليفة لم يمكنه.
أنبأني أبو اليمن بن عساكر: أنشدنا أبو القاسم بن صصرى، أنشدنا أبو المظفر ابن التُّرَيكيّ من كتابه: أنشدنا عاصم بن الحسن لنفسه:
لو كان يعلم من أُحِبُّ بحالي ... لَرَثَى لقلبي من جرْي البِلْبالِ
لكنّه ممّا أُلاقي سالمٌ ... من أين يعلم بالكئيب الخالي
لَهْفى على صَلِف أَحَلَّ قطيعتي ... ظُلْمًا وحرَّم زَوْرَتي ووِصالي
يقْظانُ يَبْخَلُ باللّقاءِ فَلَيْتَهُ ... في النَّوْم يسمح لي بطَيْف خيالِ
90- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد.
أَبُو القاسم المَرْوَزِيّ الكناني القرينيني4.
__________
1 المنتظم "9/ 52"، "16/ 287".
2 البداية والنهاية "12/ 136".
3 وقال السلفي: سألت الذهلي عن عاصم بن الحسن العاصمي فقال: حدث عن جماعة وله شعر مطبوع، وكان صدوقًا من أهل السنة وقد سمعت منه. مولده سنة سبع وتسعين وثلاثمائة "المستفاد 134".
4 نسبة إلى القرينين، وهي بليدة على وادي مرو "الأنساب 10/ 126".(33/77)
عالمٌ صيّن.
سمع: أبا بكر محمد بن الحسن بن عبوَيْه الأنباريّ، وأزدشير بن محمد الهشاميّ.
حدَّث في هذا العام، ولم تُضْبَط وفاته.
روى عنه: الحسن بن عليّ القطّان، وغيره.
91- عبد الرّزّاق بن عمر بن بَلْدَج1.
أبو بكر الشّاشيّ المقرئ.
رحل إلى مصر، وأخذ عن: عبد الباقيّ بن فارس المقرئ، وخلف بن أحمد الحوفيّ، وجماعة.
روى عنه: الحسين بن الحسن بن البُنّ، وأبو الحسن بن المسلم.
وتوفي -رحمه الله- بدمشق في جُمادى الآخرة.
92- عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن إبراهيم بْن ثُمَامَة2.
أبو نصْر التِّرْياقيّ الهَرَويّ.
سمع "جامع التِّرْمِذِيّ" سوى الجزء الأخير منه، وهو من أوّل مناقب ابن عبّاس، من عبد الجبّار الجراحيّ.
سمعه منه: المؤتمن السّاجيّ، وأبو الفتح عبد الملك الكَرُوخيّ.
وتِرْياق: قرية من قُرى هَرَاة.
وسمع أبو نصْر أيضًا من: القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ وأبي الفضل الجاروديّ.
وكان ثقة أديبًا.
تُوُفّي في رمضان وُلِد سنة "94"3.
__________
1 مختصرتاريخ دمشق لابن منظور "15/ 95" رقم "75".
2 سير أعلام النبلاء "9/ 6، 7" رقم 2.
3 في سير أعلام النبلاء "19/ 7": "وعمر أربعًا وتسعين سنة".(33/78)
93- عبد الغنيّ بن بازل1.
أبو محمد الألواحيّ المصريّ.
من بُليدة ألواح.
شيخ، صالح فقيه شافعيّ.
رحل، وسمع: أبا إسحاق الرمليّ، وأبا الحسن الماوَرْدِيّ، وأبا بكر أحمد بن الحسين البَيْهَقيّ، وأبا عثمان البِحِيريّ.
روى عنه: أبو سعْد أحمد بن البغداديّ، وإسماعيل بن عليّ الحماميّ.
94- عليّ بن عبد الله بن فَرَح2.
أبو الحسن الْجُذَاميّ الطُّلَيْطُلَيّ المقرئ، خطيب طُلَيْطُلَة.
ويعرف بابن الإليبري3.
أخذ عن: مكّيّ بن أبي طالب، وعن: أبي القاسم وليد بن العربيّ المقرئ، وأبي محمد بن عبّاس الخطيب، وأبي الربيع بن صُهَيْبَة، ومحمد بن مساور، وجماعة كثيرة
وأقرأ النّاس بالرّوايات، وكان عارفًا بها، عاقلًا وقورًا ثقة، صالحًا واعظًا مذكّرًا، قدِم قُرْطُبة، فَقُدِّم إلى الإقراء بجامعها في سنة ثلاثٍ وثمانين، فأقرأ النّاس بها نحو شهرين، ومات رحمه الله.
ومولده سنة عشر وأربعمائة.
95- عليّ بْن محمد بْن محمد بْن الطّيّب4.
أبو الحسن الواسطيّ المَغَازِليّ، ويُعرف بابن الْجُلابيّ.
سمع الكثير، وسمّع ابنه أبا عبد الله، وذيّل "تاريخ واسط" في كراريس.
سمع: عليّ بن عبد الصّمد الهاشميّ، وأبا غالب بن بشران.
__________
1 الأنساب "1/ 342".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 421" رقم "901".
3 معجم البلدان "1/ 244".
4 الأنساب "3/ 400".(33/79)
روى عنه: ابنه.
ونزل ليتوضّأ فغرِق في دجلة في صفر ببغداد، وثمّ أُحْدِر إلى واسط.
96- عليّ بن محمد بن عليّ بن الطراح1.
أبو الحسن المدير. والد يحيى بن الطّرّاح.
سمع: أبا القاسم بن بِشْران، ومَن بعده.
روى عنه: ابنه يحيى، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ وأثنى عليه.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
97- عيسى بن إبراهيم2.
أبو الأصْبَغ السَّرَقسطيّ.
روى عن: أبي عمر الطَّلَمْنكيّ، وغيره.
وكان من أهل المعرفة والأدب والفَهْم.
حدَّث عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة.
"حرف القاف":
98- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد3.
أبو سعْد الخلقاني4 النيسابوري.
حدث عن: ابن محمش، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي بكر الحيري.
وتوفي في ربيع الآخر عن ثمانين سنة.
روى عنه: عبد الغافر في "تاريخه".
__________
1 الأنساب "11/ 200".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 438" رقم "941".
3 المنتخب من السياق "421، 422" رقم "1438".
4 الخلقاني: نسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها "الأنساب "5/ 163".(33/80)
"حرف الميم":
99- محمد بن أحمد الخبّاز1.
أبو الحسن اللّحّاس البغداديّ.
عن: أبي الحسن بن رزقوَيْه، وأبي الحسين بن بِشْران، وابن أبي الفوارس.
وعنه: أبو عليّ أحمد بن أحمد بن الخراز، وحفيده أبو المعالي محمد بن محمد.
مات في ثامن رجب.
100- محمد بن إسماعيل بن محمد بن السَّرِيّ بن بَنُّون بن حُمَيْد2.
أبو بكر التَّفْلِيسيّ ثمّ النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ، المقرئ.
شيخ صالح مستور، سليم النّفس، صوفيّ الطَّبْع.
سمع من: أبي يَعْلَى حمزة المهلَّبيّ، وعبد الله بن باموَيْه، وأبي صادق الصَّيْدَلانيّ، وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وجماعة من أصحاب الأصمّ.
وأملى وحدَّث سِنين. وكان مولده في سنة أربعمائة في رَجَبها.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل وأثنى عليه، وإسماعيل بن المؤذّن، ووجيه الشّحّاميّ، وآخرون.
تُوُفّي في سَلْخ شوّال.
وقد سئل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: شيخ صالح يُتبرَّك بدعائه، سمع الكثير من المهلَّبيّ.
101- محمد بن ثابت بن حسن3.
أبو بكر الجندي4، أحد فحول المتكلمين.
__________
1 المنتظم "9/ 55" رقم "91" "16/ 291" رقم "3/ 36".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 11، 12" رقم 6.
3 شذرات الذهب "3/ 368"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 50، 51".
4 الخجندي: نسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة على طرف سيحون من بلاد المشرق "الأنساب 5/ 52".(33/81)
كان يعِظ ويتكلّم في كلّ فنٍّ، ويقع كلامه من القلوب الموقع العظيم.
استوطن إصبهان ونفق على أهلها وصار من رؤساء علمائها ومحتشميهم، وتفقّه به جماعة في مذهب الشّافعيّ، وانتشر ذِكْره، وولي تدريس نظاميّة إصبهان.
وتفقّه على أبي سهل الأبِيَوْرديّ1. وحدَّث عن والده.
وتُوُفّي في ذي القعدة.
- محمد بن الحسين.
أبو بكر البخاريّ الفقيه. هو خُوَاهَرْ زاذَة، تقدَّم ذِكْره2.
102- مُحَمَّد بن سَهْل بن مُحَمَّد بن أَحْمَد3.
أبو نصْر الشّاذْيَاخيّ السّرّاج.
كان أسند مَن بقي بنَيْسابور.
سمع: أبا نُعَيْم عبد الملك بن الحسن، وعبد الله بن يوسف بن مامويه، والإمام سهل الصلعوكي، وابن مَحْمِش، وجماعة.
روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وإسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الله بن الفراوي، ومحمد بن جامع خياط الصوف، وآخرون، والحافظ عبد الغافر وقال: شيخ نظيف طريف، مختص بمجالس الصّاعديّة للمنادمة والخدمة.
سمع الكثير.
وتوفي في صفر وله تسعون سنة.
103- محمد بْن عَبْد الله بْن محمد.
أبو نصْر الأصبهاني المعروف بالصَّيْقل.
قدِم بغداد حاجًّا، فحدَّث بها عن: الحسين بن إبراهيم الجمّال، وأبي الحسين بن فاذشاه، وأبي ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني.
__________
1 نسبة إلى أبيورد من بلاد خراسان "الأنساب 1/ 128".
2 انظر الترجمة رقم "88".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 529" رقم "269".(33/82)
كتب عنه أبو بكر ابن الخاضبة.
وروى عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد المَلِك بْن عليّ بْن يوسف، وغيرهم.
ذكره ابن النّجّار.
104- محمد بن عليّ بن الحَسَن1.
أبو طالب بن الواسطيّ، الكَرْخِيّ، البزار، النبلي2، التّاجر، السّفّار.
سمع، وكتب بخطّه، وحدَّث بنَيّسابور وهَرَاة.
وسمع ابن غَيْلان، وأبا محمد الخلّال، وأبا الطّيّب الطَّبريّ، وأبا القاسم التّنوخيّ، وجماعة.
روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وأبو البركات عبد الله بن الفُرَاويّ.
ومات بنَيّسابور.
105- محمد بن محمد بن جَهير3.
الوزير فخر الدّولة4، أبو نصْر التَّغْلبيّ، مؤيّد الدّين، ناظر ديوان حلب، ووزير ميّافارقين.
وكان من رجال العالم حزّمًا ودهاءً ورأيا، سعى إلي أن قدِم بغداد، وتوصّل إلى أن ولي وزارة أمير المؤمنين القائم بأمر الله في سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة. ودامت دولته مدّة.
ولمّا بويع المقتدي بالله أقرّه على الوزارة عامين، ثمّ عزله في حدود سنة سبعين.
وفي سنة ستٍّ وسبعين استدعاه السّلطان ملكشاه، فعقد له على ديار بكر، وسار
__________
1 المنتظم "9/ 54"، رقم "88" "16/ 291 رقم 3610".
2 النبلي: نسبة إلى النبيل، وهي بليدة على الفرات بين بغداد والكوفة "الأنساب 12/ 186".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 608، 609" رقم "324".
4 في سير أعلام النبلاء "فخر الدين".(33/83)
معه الأمير أُرْتُق بن أكسب صاحب حُلْوان، فلمّا وصلوا فتح زعيم الرّؤساء أبو القاسم بن الوزير أبي نصر مدينة أمِد، بعد أن حاصرها حصارًا شديدًا.
ثم فتح أبو فخر الدّولة ميافارقين بعد أشهر.
وكان رئيسًا جليلًا، مدحه الشُّعراء، وعاش نيِّفًا وثمانين سنة، وتُوُفّي بالموصل، وكان قد قدِمها متولّيا من جهة ملكشاه في سنة اثنتين وثمانين.
وكان الخليفة قد أعاده إلى الوزارة مدّة، قبل سنة ثمانين، وفي حدودها.
ووُلِد في ثالث المحرم سنة اثنتين وأربعمائة.
قال ابن النّجّار في "تاريخه": ذكر أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ أنّه نشأ بالموصل، وبها وُلِد، وكان مشتغلًا بالتّجارة، ثمّ تركها.
وصحب قِرْواش بن المقلّد بن المسيّب أمير عبادة، فلمّا قبض الأمير بركة على أخيه قِرْواش قرْبَ منه أبو نصر، وأنفذه رسولًا إلى القُسْطَنطينيّة.
ثمّ كاتَبَه ابن مروان صاحب ديار بكر، فورد عليه ووَزَرَ له في أوّل سنة ستٍّ وأربعين وأربعمائة، وذلك في آخر أيّام ابن مروان، فاستولى أبو نصر على الأمور، ووصل إلى ما لم يصل إليه غيره بشهامته وإقدامه، على صعاب الأمور، فأقام الهيبة، وأكثر العطاء والبذْل، وكاتَبَه ملوك الأطراف بالشّيخ الأجلّ النّاصح كافيّ الدّولة، ومَدَحه الشُّعَراء، وقصَدَه العلماء، فلمّا مات ابن مروان سنة ثلاثٍ وخمسين أقام ولده نصر بن أبي نصر في الإمرة، فحاربه إخوته سعيد، وأبو الفوارس، واختلفوا، فسَفَّر أبو نصر أمواله، وكاتب القائم في وزارته، وبذل له ثلاثين ألف دينار، فخرج إليه طراد النّقيب، وأظهر أنّه في رساله إلى ابن مروان، فلمّا عاد طراد من ميافارقين خرج ابن جَهير لتوديعه، فصَحِبه إلى بغداد، ومعه ولداه عميد الدّولة أبو منصور محمد، وزعيم الرّؤساء أبو القاسم، فتلقّاه أرباب الدّولة، ووَزَرَ للقائم، ولقَّبه فخر الدّولة، وكانت الخطْبة بالشّام جميعه إلى عانَة تقام للمصريّين، فكاتب فخر الدّولة أهلَ دمشق، وبني كلب ومحمود بن الروقلية صاحب حلب والمتميّزين بها وجماعتهم أصدقاؤه، يدعوهم إلى الدّعوة العبّاسيّة، فأجابوه، وجاءت رُسُلهم بالطّاعة.
قال: وعزل القائم في سنة ستّين، وأُخرج من بغداد، ورشّح للوزارة أبو يَعْلَى كاتب هزارسب، وطُلب من همذان، فأتته المنيّة بغتةً لسعادة ابن جَهير فطلبه القائم(33/84)
وأعاده إلى الوزارة، وبقي إلى أن عُزِل في أول سنة سبعين، فإن السعادة سَعَت بينه وبين نظام المُلْك وزير السّلطان، فكلَّف النّظّام السّلطان إن يكتب إلى الخليفة يطلب منه أن يعزل ابن جَهير، فعزله. ثمّ صارت الوزارة إلى ولده عميد الدّولة.
قال محمد بن أبي نصر الحُمَيْديّ: حدَّثني أبو الحسن محمد بن هلال بن الصّابئ: حدثني الوزير فخر الدولة بن جهير: حدَّثني نصير الدّولة أبو نصر صاحب آمِد وميافارقين قال: كان بعض مقدَّمي الأكراد معي على الطّبق، فأخذت حجلةً مَشْوِيّة، فناولته، فأخذها وضحِك.
فقلتُ: ممّ تضحك؟ قال: خبرٌ.
فألححت عليه، ودافع عن الجواب، حتّى رفعت يدي وقلت: لا آكل حتّى تعرّفني.
فقال: شيء ذكَّرَتْنيه الحجْلة، كنتُ أيّام الشّباب قد أخذت تاجرًا وما معه، وقرَّبته لأذبحه خوفًا من غائلته، فقال: يا هذا أخذتَ مالي، فَدَعني أرجع إلى عيالي فأكدّ عليهم، وبكى وتضرَّع إليَّ، فلم أرقّ له، فلمّا آيس من الحياة التفتَ إلى حجْلين على جبلٍ وقال: اشهدا لي عليه عند الله أنّه قاتلي ظُلْمًا. فقتلته فلمّا رأيت الحجلة الآن ذكرت حمقه في استشهاده الحجل عليَّ.
قال ابن مروان: فحين سمعت قوله اهتززت حتّى ما أملك نفسي، وقلت: قد والله شهدت الحجلتان عليك عند مَن أقادك بالرجل، وأمرتُ بأخْذه، وكتّفوه، ثمّ ضُرِبت رقبته بين يدي، فلم آكل حتّى رأيتُ رأسَه يتبرّأ من بدنه.
قلتُ للوزير: قد والله ذكر التّنُوخيّ في كتاب "النّشْوار"1 مثل هذه الحكاية بعينها، عن الراسبي عامل خورسان، لا تزيد حرفًا، ولا تنقص حرفًا، وعَجِبْنا من اتفاق الحكايتين.
تُوُفّي فخر الدّولة في يوم الثّلاثاء ثامن صفر سنة ثلاثٍ بالموصل.
106- محمد بن المؤمّل بن محمد بن إسحاق2.
أبو صالح النيسابوري البشتي.
__________
1 نشوار المحاضرة -"3/ 208-210".
2 الأنساب "2/ 228، 229".(33/85)
شيخ صالح عابد.
سمع: أبا عبد الرحمن السُّلَميّ، وأبا زكريّا المزكيّ، وتُوُفّي بإصبهان.
روى عنه: سفيان بن مَنْدَهْ، وإسماعيل الحافظ، وعبد الخالق الشّحّاميّ.
107- الموفّق بن طاهر.
أبو نصر الجوزقيّ الإمام.
سمع بهَرَاة: أبا الفضل عمر بن أبي سعد، وأبا يعقوب القرّاب.
"حرف الهاء":
108- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن بُنْدَار بن أحمد بن فُورَك بن بطّة.
أبو منصور الأديب.
أظنّه إصبهانيًّا.
"الكنى":
109- أبو القاسم.
المحسّن بن محمد بن المحسّن بن سَبْسنُوَيْه الأصبهاني الطّرّاق.
سمع: أبا بكر بن مردوَيْه.
ورخه ابن منده.
وفيات سنة أربع وثمانين وأربعمائة:
"حرف الألف":
110- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي بكر محمد بن أبي عليّ أَحْمَد بن عبد الرحمن1.
أبو الحسين الهَمَذَانيّ الذَّكْوانيّ الأصبهاني.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 103، 104" رقم 58".(33/86)
سمع: جدّه أبا بكر، وأبا الفَرَج عثمان بن أحمد البُرْجيّ، وأبا بكر أحمد بن موسى بن مردوَيْه، وأبا طاهر السِّيرنْجانيّ، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني.
روى عنه: الحفاظ إسماعيل الطلحي، وأبو نصر الغازي، وأحمد بن محمد أبو سعْد البغداديّ، ومحمد بن أبي نصر اللّفْتوانيّ، وعبد الجليل كُوتَاه، وعِدّة.
وعاش تسعين سنة.
تُوُفّي يوم عَرَفَة، وكان صدوقًا نبيلًا.
111- أُرْتُق بن أكسب التُّرْكُمانيّ1.
جدّ الملوك الأُرْتُقيّة.
كان أميرًا مُطاعًا، تغلّب على حلوان والجبل، وكثر أتباعه، فسار إلى الشام، وملك ولده سُقْمان بيت المقدس.
وذرّيّته هم ملوك ماردين من مائتي سنة وإلى وقتنا هذا.
112- الياس بن مُضَر بن محمد.
أبو عَمْرو التّميميّ الهَرَويّ، شيخ المزكّين بهَرَاة.
كان فاضلا أدبيًا.
سمع: عبد الرحمن بن أبي أحمد السرخستي، ويحيى بن عمّار الواعظ، والقاضي محمد بن محمد الأزْديّ، ومحمد بن عليّ الباشانيّ، وعدّة.
وعنه: عبد الصَّبُور بن عبد السلام الفاميّ، وحفيدته جوهر ناز بنت مُضَر.
مات في صفر، وله أربعٌ وثمانون سنة.
"حرف الحاء":
113- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الحسن.
أبو عليّ الدّقّاق.
تُوُفّي في رمضان.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 138".(33/87)
إصبهانيّ، ثقة، حافظ، وبصُحبة محمد بن عبد الواحد الدّقّاق لأبي عليّ الدّقّاق عُرِف محمد بالدّقّاق.
وكان أبو عليّ أحد الرّحّالين، كتب الكثير بخطّه، وسمع العالَم بقراءته، وكانت له معرفة وفهم.
سمع منه: مكّيّ الرُّمَيْليّ، وابن طاهر.
حدَّث عن: ابن ريذة، وأصحاب ابن المقرئ.
وحدَّث "بالمعجم الصَّغير".
114- الحسين بن عليّ بن خَلَف بن جبريل1.
الألمعيّ الكاشْغَريّ.
رحل، وسمع من: عبد العزيز الأزَجيّ، ومحمد بن عليّ الصُّوريّ، ومحمد بن محمد بن غَيْلان، وأبي عبد الله العَلَويّ الكوفيّ.
روى عنه: محمد بن محمود السَّرَه مَرْد، وأبو سُفْيان العبدويي، بسَرْخَس.
وكان بكّاءً خائفًا واعظًا، لا يخاف في الله لومة لائم، تاب على يديه خلْقٌ كثير، لكنّ في حديثه مناكير.
قال السّمعانيّ: قال محمد بن عبد الحميد: كان الكَاشْغَرِيّ يضع الأحاديث.
قال السّمعانيّ: وقرأتُ بخطّ عطاء بن مالك النَّحْويّ فهرسّتَ تصانيف أبي عبد الله الكَاشْغَرِيّ: "المُقْنِع في تفسير القرآن" كتاب "التّوبة"، كتاب "الورع"، كتاب "الزُّهد". إلى أن ذكر السّمعانيّ له أكثر من مائة تصنيف، سائرها في التّصوّف والآداب الدينيّة.
ثمّ ورّخ وفاته فقال: بعد سنة أربعٍ وثمانين وأربعمائة.
115- الحسين بن محمد2.
أبو عليّ الدّلفيّ المقدسيّ، ثم البغدادي الزاهد.
__________
1 معجم البلدان "4/ 430"، وميزان الاعتدال "1/ 544" رقم "2033".
2 الأنساب "5/ 331، 332".(33/88)
تُوُفّي في ذي الحجّة.
قال أبو عليّ بن سُكَّرَة: لم ألق ببغداد أزهد منه، وقد سمع من أبي بكر محمد بن جعفر الميماسيّ بعسقلان، وتفقّه على أبي نصْر بن الصّبّاغ ببغداد.
وروى عنه: هبة الله بن عليّ بن مُجْليّ، وأبو سعْد أحمد بن محمد البغداديّ.
وسمع منه أبو بكر ابن الخاضبة.
"حرف الطاء":
116- طاهر بن مُفَوَّز بن أحمد بن مُفَوَّز1.
الحافظ أبو الحسن المَعَافريّ الشاطبي صاحب أبي عمر بن عبد البَرّ، اختصّ به، وهو من أثبت النّاس فيه، وأكثرهم عنه.
وسمع من: أبي العبّاس العُذْريّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي شاكر الخطيب، وأبي الفتح السَّمَرْقَنْديّ.
وسمع بقُرْطُبة من: حاتم بن محمد، وأبي مروان بن حيّان.
وكان من أهل العلم والذّكاء، عُني بالحديث أتمّ عناية، وشُهِر بحفظه وإتقانه ومعرفته، وكان حَسَن الخطّ، جيّد الضَّبْط، مع الفضل، والصّلَاح، والورع، والانقباض، والوقار.
وكان أخوه عبد الله أزهد النّاس بالأندلس.
تُوُفّي أبو الحسن في رابع شعبان، وفيه وُلِد سنة تسعٍ وعشرين.
عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة.
"حرف العين":
117- عبد الخالق بن الحسن بن أحمد بن المحتسب.
أبو سعد النيسابوري.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 88، 89" رقم 48.(33/89)
شيخ صالح، سمع من: ابن مَحْمِش، وأبي بكر الحِيريّ، والصَّيْرَفيّ، وجماعة.
تُوُفّي في المحرَّم، وولد سنة أربعمائة.
روى عنه: عبد الغافر.
118- عبد الرحمن بن أحمد بن علّك1.
أبو طاهر السّاويّ، أحد أئمة الشافعية.
ولد بأصبهان بعد الثلاثين وأربعمائة، وحُمِل إلى سَمَرْقَنْد، فتفقَّه بها.
وصحِب عبد العزيز النَّخْشَبيّ، وأخذ منه علم الحديث.
سمع: أبا الربيع طاهر بن عبد الله الإملاقيّ، وأحمد بن منصور المغربيّ، النَّيْسابوريّ، وأبا الحسين بن النَّقُّور.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن علي الإسفرائيني، نزيل مَرْو.
تُوُفّي ببغداد.
119- عبد الرّزّاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد2.
أبو الفتح الحسناباذي الأصبهاني.
روى عن: أبي عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي الحسين بن بِشْران المعدّل، وله رحلة إلى بغداد.
روى عنه: إسماعيل الحافظ، وهبة الله بن طاوس الدّمشقيّ.
120- عبد الغفّار بن محمد بن أحمد.
أبو مطيع الطُّيُوريّ الأصبهاني الأديب.
سمع: أبا عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي الفَرَج البُرْجيّ.
121- عبد الملك بن عليّ بن خَلَف بن محمد بن النَّضْر بن شَغَبَة3.
أبو القاسم الأنصاريّ البصْريّ الحافظ، الزّاهد.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 138".
2 الأنساب "4/ 139".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 50، 51".(33/90)
قال أبو سُكَّرَة: أدركته وقد ترك كلّ شيء وأقبل على العبادة، وهو في نهاية السِّنّ، فدخلت عليه مسجده بعد صلاة الصُّبْح، فوجدته مستقبل القِبلة يدعو ويبكي، فَانْحَنَيْتُ لأقبّل رأسَه، فانقبض عنّي، فقالوا لي: دعْه، فتركتُه حتّى أكمل غرضَه، ثمّ قرأت عليه شيئًا من الحديث، ولم أتكرّر عليه، ورُزق الشّهادة في آخر عمره.
قال: وكان عنده جملة من "سُنَن أبي داود"، عن أبي عمر الهاشميّ، وكان كثير الحديث.
وقال السّمعانيّ: شيخ متقِن، حافظ، ثقة، مكثِر. سمع: أبا عمر الهاشميّ، ويوسف بن غسّان، والحسن بن بشّار السّابوريّ، وأبا طاهر أحمد بن محمد بن أبي مسلم، وعليّ بن هارون التّميميّ المالكيّ، وغيرهم.
ثنا عنه: أبو نصر الغازي بإصبهان، وجابر الأنصاريّ بالبصرة.
وقد روى عنه أبو نصر بن ماكولا، وحضر مجلس إملائه.
قُتِل ابن شَغَبَة في هذا العام رحمه الله.
وروى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وعبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو غالب الماوَرْدِيّ.
122- عليّ بن الحسن بن عليّ1.
الزّاهد أبو الحسن الصَّنْدَليّ، النَّيْسابوريّ الحنفيّ.
ذكره عبد الغافر فقال: وجْه أئمّة أصحاب أبي حنيفة في عصره، وصاحب القبول الخارج عن الحدّ المعهود.
شرح "آثار الطّحاويّ" عن: أبي بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
ودُفِن في مدرسته.
123- عليّ بن الحسن بن طاوس بن سكر2.
__________
1 المنتخب من السياق "391" رقم 1321.
2 الأنساب "301 أ" "7/ 97"، والكامل في التاريخ "10/ 201".(33/91)
كذا في "تاريخ ابن النّجّار"1، وفي "المشتبه"2: سُكّر.
أبو الحسن العاقوليّ، المعروف بتاج القُرَّاء.
سكن دمشق، وسمع بها من: أبي الحسين بن أبي نَصْر التّميميّ، وابن سلْوان المازنيّ.
وسمع بغداد من: أبي القاسم بن بِشْران، والقاضي أبي عبد الله الحسين بن عليّ الصَّيْمَريّ، وأحمد بن عليّ التَّوَّزِيّ، وجماعة.
روى عنه: غَيْث الأرمنازيّ، ونصر الله بن محمد المصّيصيّ، وإبراهيم أبو البركات الخُشُوعيّ، ونصر بن أحمد السُّوسيّ.
قال غيث: كان فكهًا، حسن المحادثة، لا بأس به، حدَّثني أنّه نسخ إحدى وثمانين ختْمة، ونحوًا من ثلاثين ألف ورقة، مثل "الصحيحين" و"سنن أبي داود". ورأيته يكتب في تعليقه القاضي أبي الطّيّب، وكان سريع الكتابة جدًا.
قال ابن الأكْفَانيّ: تُوُفّي بصور في شَعبان، وله نحوٌ من سبعين سنة.
وقال ابن عساكر: كان ثقة.
124- عليّ بن الحسين بن عليّ بن الحسن بن عثمان بن قُرَيش3.
أبو الحسن الحربيّ النَّصْريّ، من محلّة النَّصْريّة، البنّاء.
قال السّمعانيّ: كان صالحًا، ثقة، صدوقًا.
سمع: أحمد بن محمد بن الصَّلْت الأهوازيّ، وأبا الحسن الحمامي، وأبا القاسم الحرفي.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطيّ، ومحمد بن ناصر، وآخرون.
تُوُفّي في ذي الحجة.
__________
1 ذيل تاريخ بغداد "17/ 271".
2 "1/ 363".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 518، 519" رقم "261".(33/92)
ومن آخر أصحابه أحمد بن هبة الله بن الفُرْضيّ المقرئ وعبد الخالق بن يوسف.
125- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن البَطِر1.
أبو الحسن الدّقّاق، أخو أبي الفضل محمد وأبي الخطّاب.
سمع من: أبي عليّ بن شاذان.
وحدَّث عن: ابن رزقوَيْه؛ فتكلّموا فيه.
مات في صَفَر.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأحمد بن عليّ الدّلّال، وغيرهما.
126- عليّ بن أحمد بن محمد بن حُمَيْد.
أبو الحسن الواسطي الناقد البزار.
سمع: أبا الحسين بن بشران، وابن الفضل القطّان.
وكان صالحًا مستورًا.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الخالق بن البَدِن.
مات فِي رجب.
"حرف الميم":
127- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
أبو الحسن البغداديّ العطّار الجبّان.
روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وغيره.
وعن: أحمد بن عِمران الإسْكَافيّ.
روى عنه: حفيده أبو المعالي محمد بن محمد شيخ ابن اللّتّيّ.
128- محمد بن أحمد بن عليّ بن حامد2.
__________
1 المنتظم "9/ 59" رقم "94" "16/ 296" رقم "3616".
2 الأنساب "10/ 398"، والبداية والنهاية "12/ 138".(33/93)
أبو نصر الكُرْكَانْجيّ المَرْوَزِيّ، الأستاذ المقرئ، صاحب أبي الحسين الدّهّان.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: كان إمامًا في علوم القرآن، له مصنفات في ذلك مثل كتاب "المعول" وكتاب "التذكرة"1 طوف الكثير إلي العراق، والحجاز، والشام، والجزيرة، والسواحل في القراءة علي الشيوخ، إلي أن صار أوحد عصره، وكان زاهدًا ورِعًا.
حكى لي بعض المشايخ أنّ أبا نصر المقرئ قال: غرِقْتُ نوبةً في البحر2، فكنت أغوص3 في الماء، ويلعب بي الموج، فنظرتُ إلى الشّمس، فرأيتها قد زالت.
قال: فغصتُ في الماء، ونويت فَرْضَ الظُّهر، وشرعت في الصّلاة، فخلَّصني الله ببَرَكَة ذلك.
قرأ بمَرْو على أستاذه أبي الحسن عبد الله4 بن محمد الدّهّان؛ وبنَيْسابور على: محمد بن عليّ الخبّازيّ، وسعيد بن محمد المعدّل؛ وببغداد على أبي الحسن الحمّاميّ مُسْنِد العراق في القراءات، وبالموصل على الحسين بن عبد الواحد المعلّم، وبحَرّان على أبي القاسم عليّ بن محمد الشّريف الزَّيْديّ، وبدمشق على الحسين بن عُبَيْد الله الرُّهاويّ، وبصور على أحمد بن محمد المصريّ، وبمصر على إسماعيل بن عَمْرو بن راشد الحداد.
مولده في سنة تسعين وثلاثمائة تقريبًا، وَتُوُفِّي في ذي الحجّة سنة أربعٍ وثمانين، فالله أعلم، والصّواب الأوّل5.
ذكره مؤرّخ خُوارَزْم.
أخذ عنه خلْق كثير.
129- محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم6.
__________
1 في "معجم الأدباء 17/ 231": "التذكرة لأهل البصرة".
2 زاد في "معجم الأدباء 17/ 231"، "وانكسر المركب".
3 في معجم الأدباء: "أخوض".
4 في معجم الأدباء وسير أعلام النبلاء "18/ 601"، "عن أبي الحسين عبد الرحمن".
5 لم يذكر المؤلف ما هو الأول. ولقد أرخ ابن السمعاني وفاته بسنة 481هـ "الأنساب" "10/ 398".
6 الأنساب "11/ 451، 452".(33/94)
أبو منصور القَزْوينيّ، راوي "سُنَن ابن ماجه" عن القاسم بن أبي المنذر الخطيب.
سمع الكثير في سنة ثمانٍ وأربعمائة وبعدها من القاسم.
ومن: الزُّبَير بن محمد بن أحمد بن عثمان، وعبد الجبّار بن أحمد المتكلّم، وجماعة.
وحدث بالرَّيّ في هذه السّنة.
ولم أقع بوفاته1.
وقد سأله ابن ماكولا عن مولده، فقال: في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة.
روى عنه: مِلْكداذ بن عليّ العَمْرَكيّ، وعليّ بن شافعيّ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن الرّازيّ، وأبو العلاء زيد، وأبو المحاسن مسعود ابنا عليّ بن منصور الشّرُوطيان، ومحمد بن طاهر المقدسي، وابنه أبو زُرْعة المقدسيّ، وهو آخر من حدَّث عنه.
130- محمد بن الحسن بن محمد بن سُلَيْم2.
القاضي أبو بكر الأصبهاني.
سمع: أبا عبد الله الجرجاني، وأبا بكر بن مردويه، وجماعة.
ورحل فسمع ببغداد من: أبي عليّ بن شاذان، وغيره.
روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والحسن الرُّسْتُميّ، وعامّة الأصبهانيين.
ومات بإصبهان في ذي القعدة.
131- محمد بْن عبد اللَّه بن الحسين3.
قاضي القُضاة أبو بكر النّاصحيّ النَّيْسابوريّ.
سمع: أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي.
__________
1 قال ابن السمعاني: كانت وفاة المقومي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة. الأنساب "11/ 452".
2 التحبير في المعجم الكبير "1/ 616".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 19، 20" رقم 12، والبداية والنهاية "12/ 138".(33/95)
قال فيه عبد الغافر بن إسماعيل1: قاضي القُضاة ابن إمام الإسلام أبي محمد النّاصحيّ، أفضل عصره في أصحاب أبي حنيفة، وأعرفهم بالمذهب، وأوجههم في المناظرة، مع حظٍّ وافر من الأدب، وحِفْظ الأشْعَار والطّبّ، أُقْعِد في التَّدريس في حياة والده في مدرسة السّلطان، وفوِّض إليه أمرها وأمور أوقافها، وهي الآن برسم أولاده، ثم ولي القضاة بنَيْسابور في أيّام السّلطان ألْب أرسلان، فبقي في القضاة عَشْر سِنين، ونال من الحشْمة والدّرجة لأصلِه وفضلِه وبراعتِه، وكان فقيه النَّفْس، حسَن الإيراد تكلَّم في مسائل مع إمام الحرمين أبي المعاليّ، شاهدتُ ذلك، وكان الإمام يُثني عليه.
وبقي على ذلك إلى ابتداء الدّوله الملكشاهيّة، فشُكيَ قلّة تعاونه في قبض يده ووكلاء مجلسه وأصحابه عن الأموال، وفشا منهم زيادة البَسْط في التَّرِكات، وأشرف بعضُ الحقوق عَلَى الضَّيَاع من فتح أبواب الرّشا، فعُزِل ولم يُهمل لعَظَمته، فولي قضاء الرَّيّ، وكانت تلك الديار أكثر احتمالًا، فبقي على ذلك إلى أن تُوُفّي منصَرَفَه من الحجّ في رجب.
قلت: وقد شاخ.
روى عنه: عبد الوهّاب بن الأنماطي، وأبو بكر الزاغوني، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وجماعة.
ومات على فراسخ من إصبهان في غُرّة رجب.
132- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن عفان2.
أبو الوفاء البغداديّ الواعظ.
مذكر حسَن الوعْظ، رضيّ السّيرة، له صِيت وقبول.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي وتوفي في جمادى الآخرة.
__________
1 في المنتخب "67".
2 المنتظم "9/ 59" رقم "97".(33/96)
133- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن نظيف1.
أبو سعْد البغداديّ، الضّرير.
سمع: أبا طالب عمر الزهري، وأبا الحسين النهراوي، وعبد الملك بن بِشْران.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنماطيّ، وعبد الخالق بن عبد الصّمد.
تُوُفّي -رحمه الله- في ذي القعدة.
134- محمد بن معْن بن محمد بن أحمد بن صُمادح2.
السّلطان أبو يحيى التُّجَيبيّ الأندلسيّ، الملَقَّب بالمعتصم.
كان جدّه محمد صاحب مدينة وَشْقة3، فحاربه ابن عمه منذر بن يحيى، فعجز عنه: فترك له شقة وهرب، وكان من الدهاة، وكان ابنه معن مصاهرا لعبد العزيز بن عامر صاحب بَلَنْسِية والمَرِيّة، فاستخلف معنا على المرية، فخانه وتملكها، وتم له الأمر، ثم انتقل ملكها إلى ولدها المعتصم، وكان حليما جوادا، مدحه الشعراء، وهو أحد من داخل ابن تاشفين واختص به، ثم إن ابن تاشفين عزم على أخذ البلاد من المعتصم، وكان معه المرية وبجانة والصمادحية، فأظهر المعتصم العصيان، وكان له مع الله سريرة، فلم يكن بينه وبين حلول الناقرة إلا أياما يسيرة، فمات واستراح وهو في عزه وبلده.
وقد روى عن أبيه، عن جده مختصر في "غريب القرآن" روى عنه: إبراهيم بن أسود الغسّانيّ.
حكت جارية قالت: إنّني لَعِنْده وهو يُوصي، وقد غُلِب، وجيشُ ابن تاشَفين بحيث تعد خيامهم، ونسمع أصواتهم، إذا سَمَعَ وجَبَة من وجَبَاتهم، فقال: لا إله إلّا الله، نُغِّص علينا كلّ شيء حتى الموت.
فدمعت عينيّ، فلا أنساه وهو يقول بصوتٍ ضعيف:
__________
1 المنتظم "9/ 60" رقم "98".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 592-494 رقم 313".
3 وشقة: بليدة بالأندلس "معجم البلدان".(33/97)
ترفَّقْ بدمْعِكَ لا تُفْنِهِ
فبين يديك بكاءٌ طويلُ1
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
"حرف الياء":
135- يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد2.
أبو بكر الغَافقيّ القُرْطُبيّ المعروف بالرُّشْتسانيّ.
حجّ وأخذ عن: أبي محمد بن الوليد.
وسمع بإشبيليّة من: أبي عبد الله بن منظور؛ وكتب للقاضي أبى عبد الله بن بقى.
وكان ثقة فاضلا.
أخذ عنه: أبو الحسن بن مغيث.
وتوفي في ذي القعدة.
وفيات سنة خمس وثمانين وأربعمائة:
"حرف الألف":
136- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله3: أبو الحسن المَحْميّ النَّيْسابوريّ.
137- أحمد بن محمد.
أبو غالب الأَدَميّ القارئ بين يديّ الوعّاظ.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، وأبا القاسم الحرفي.
وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي.
مات في ذي الحجة ببغداد.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 594".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 670" رقم "1477".
3 المنتخب من السياق "109" رقم 240.(33/98)
"حرف التّاء":
138- تميم بن عبد الواحد.
أبو طاهر الأصبهاني المؤدّب.
"حرف الجيم":
139- جعفر بن يحيى بن إبراهيم1.
أبو الفضل التّميميّ المكّيّ الحكاك.
قال السمعاني: كان ثقة، متقنًا خيرًا صالحًا، كثير السّماع، كان يترسَّل عن أمير مكّة إلى الخلفاء.
سمع: أبا الحسن بن صخْر، وأبا ذَرّ الهَرَويّ، وأبا نصر السَّجْزيّ.
وانتقى ببغداد على أبي الحسن بن النَّقُّور، وتكلّم على التَّخريج بكلام مفيد، سمع من أئمّة، وثنا عنه، أبو القاسم بن السمرقندي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، ومحمد بن ناصر.
وقد سمع بإصبهان من أصحاب أبي بكر المقرئ. وكان مولده في سنة ست عشرة وأربعمائة.
سألت عبد الوهّاب الأنْماطيّ عنه، فقال: ثقة مأمون.
وتُوُفّي في رابع عشر صَفَر.
أمير مكّة هو ابن أبي هشام، كان جعفر يتولّى ما يُدفع إليه مِن المال، فيقبضه مع كِسْوة الكعبة2.
"حرف الحاء":
140- الحسن بن الحسين بن جعفر3.
أبو عليّ بن الدّيناراباذيّ الخطيب.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 131، 132" رقم 69، والبداية والنهاية "12/ 140".
2 المنتظم "9/ 64 "16/ 302".
3 معجم البلدان "2/ 545".(33/99)
حدَّث بهَمَذَان مرّات عن: القاضي أَبِي مُحَمَّد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْميّ اللّبّان، وعبد الصّمد بن أحمد الهَيْثَميّ، وأحمد بن منصور الحنفيّ.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه، وكان شيخًا، فاضلًا متديِّنًا.
تُوُفّي في شعبان بدينارآباذ.
141- الحسن بن عليّ بن إسحاق بن العبّاس1.
الوزير أبو عليّ الطُّوسيّ، الملقَّب نظام المُلْك قِوام الدّين.
ذكره السّمعانيّ فقال: كعبة المجد، ومنبع الْجُود، كان مجلسه عامرًا بالقُرَّاء والفُقَهاء، أَمَر ببناء المدارس في الأمصار، ورغَّب في العِلم كلَّ أحد.
سمع الحديث، وأملى في البلاد، وحضَر مجلسَه الحفّاظ.
وابتداء حالهِ أنّه كان من أولاد الدّهّاقين بناحية بَيْهَق وأنّ أباه كان يطوف به على المرضِعات فيُرضعنه حسْبة، فنشأ، وساقه التّقدير إلى أنْ علِق بشيء من العربيّة وقاده ذلك إلى الشُّروع في رسوم الاستيفاء، وكان يطُوف في مُدُن خُراسان فوقع إلى غَزْنَة في صُحْبة بعض المتصرّفين ووقع في شُغل أبي عليّ بن شاذان المعتَمَد عليه ببلْخ من جهة الأمير جغري حتّى حسُن حالُه عند ابن شاذان إلى أن توفي. وكان أوصى به إلى السّلطان ألْب أرسلان ملك بَلْخ يومئذٍ، فنَصبه السّلطان مكان ابن شاذان وصار وزيرًا له، فاتّفق وفاة السّلطان طُغْرُلُبَك ولم يكن له من الأولاد من يقوم بالأمر، فتوجّه الأمر إلى ألْب أرسلان، وتعيَّن للمُلْك، وخُطِب له على منابر خُراسان، والعراق، وكان نظام المُلْك يُدبِّر أمره، فجرى على يده من الرُّسوم المستحسَنة ونفْي الظُّلْم، وإسقاط المُؤَن، وحُسْن النَّظر في أمور الرَّعيّة، ورتَّب أمور الدّواوين أحسن ترتيب، وأخذ في بذْل الصِّلات وبناء المدارس والمساجد والرّباطات، إلى أن انقضت مدّة السّلطان ألْب أرسلان في سنة خمسٍ وستّين، وطلع نجم الدولة المِلكْشاهيّة وظهرت كفاية نظام المُلْك في دفْع الخُصُوم حتّى توطّدت أسباب الدّولة، فصار المُلْك حقيقةً لنظامه، ورسْمًا للسّلطان ملكشاه بن ألْب أرسلان، واستمرّ على ذلك عشرين سنة.
وكان صاحب أناةٍ وحلْم وصمْت، ارتفع أمره، وصار سيّد الوزراء من سنة خمسٍ وخمسين وإلى حين وفاته.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 94-96" رقم 53، والبداية والنهاية "12/ 140، 141".(33/100)
حكى القاضي أبو العلاء الغَزْنَويّ في كتاب "سرّ السُّرور": أنّ نظام المُلْك صادف في السَّفَر رجلًا في زِيّ العلماء، قد مسّه الكلال، فقال له: أيّها الشّيخ، أعييت أمْ عييت؟ فقال: أعييت يا مولانا. فتقدَّم من حاجبه أن يركبه جنْبيًّا، وأن يُصلح من شأنه، واخذ في اصطناعه، وأنّما أراد بسؤاله اختباره، فإن عيي في اللّسان، وأعيى: تعِب.
ورُوِيَ عن عبد الله السّاوجيّ أنّ نظام المُلْك استأذن ملكشاه في الحجّ، فأذِن له، وهو إذ ذاك ببغداد، فعبر الجسر، وهو بتلك الآلات والأقمشة والخيام، فأردتُ الدّخول عليه، فإذا فقيرٌ تلوح عليه سيماء القوم فقال لي: يا شيخ، أمانة ترفعها إلى الوزير، قلت: نعم: فأعطاني ورقةً، فدخلتُ بها، ولم أفتحها فوضعتها بين يدي الصّاحب، فنظر فيها وبكي بكاءً كثيرًا، حتّى ندمتُ وقلت في نفسي: ليتني نظرتُ فيها.
فقال لي: أَدْخِلْ عليَّ صاحبَ الرُّقْعة. فخرجت فلم أجده، وطلبته فلم أره، فأخبرتُ الوزير، فدَفَعَ إليَّ الرُّقْعَة، فإذا فيها: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام فقال لي: اذهب إلى حَسَن، وقُلْ له: اين تذهب إلى مكّة؟ حجُّك هنا: أما قلتُ لك أقِم بين يدي هذا التُّرْكيّ، وأغث أصحاب الحوائج من أمتي?
فبطل النظام الحج، وكان يودّ أن يرى ذلك الفقير.
قال: فرأيته يتوضّأ ويغسل خُرَيْقات، فقلت: إنّ الصّاحب يطلبك.
فقال: ما لي وله: إنما كان عندي أمانةٌ أدّيتها.
قال ابن الصّلاح: كان السّاوجيُّ هذا شيخَ الشّيوخ، نَفَقَ على النّظام حتّى أنفق عليه وعلى الفقراء باقتراحه في مدةٍ يسيرةٍ قريبًا من ثمانين ألف دينار1.
رجعْنا إلى تمام التّرجمة: وكان ملكشاه منهمكًا في الصَّيد واللهو.
سمع النّظام من أبي مسلم محمد بن عليّ بن مهريز الأديب، بإصبهان، ومن: أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي حامد الأزهريّ، وهذه الطّبقة.
روى لنا عنه: عمّي أبو محمد الحسن بن منصور السّمعانيّ، ومُصْعَب بن عبد الرزاق
__________
1 المنتظم "16/ 303".(33/101)
المُصْعَبيّ، وعليّ بن طراد الزَّيْنبيّ.
قلت: ونصر بن نصر العُكْبَريّ، وغيرهم.
قال: وكان أكثر مَيْله إلى الصُّوفيّة.
وحُكي عن بعض المعتَمدين، قال: حاسبتُ نفسي، وطالعت الجرايد، فبلغ ما قضاه الصَّدْر من ديوانٍ واحدٍ من المنتمسين المقبولين عنده في مدّة سنين يسيرةٍ ثمانين ألف دينار حُمْر1.
وقيل: إنّه كان يدخل عليه أبو القاسم القُشَيّريّ، وأبو المعالي الْجُوَيْنيّ، فيقوم لهما، ويجلس في مُسْنَده كما هو، ويدخل عليه الشّيخ أبو عليّ الفارْمَذيّ فيقوم ويجلس بين يديه، ويُجْلِسه مكانه، فقيل له في ذلك، فقال: أبو القاسم وأبو المعالي وغيرهما، إذا دخلوا عليَّ يُثّنُون عليَّ ويُطْروني بما ليس فيّ، فيزيدني كلامُهم عُجْبًا وتِيهًا، وهذا الشّيخ يذكّرني عيوبَ نفسي، وما أنا فيه من الظُّلم، فتنكسر نفسي، وأرجع عن كثير ممّا أنا فيه.
مولده يوم الجمعة من ذي القعدة سنة ثمانٍ وأربعين، وأدْرَكَته الشّهادة -سامحه الله ورحمه- في شهر رمضان، فقُتِل غِيلةً وهو صائم، وذلك بين إصبهان وهمذان، أتاه شابٌ في زِيّ صوفيّ، فناوله ورقةً، فتناولها منه، فضربه بسكينٍ في فؤاده، وقُتِل قاتلُه2.
وقيل: إنّ السّلطان سئم منه، واستكثر ما بيده من الأموال والأقطاع، فدسّ هذا عليه، ولم يبق بعده السّلطان إلّا مدّةً يسيرة.
وهو أوّل مَن بنى المدارس في الإسلام، بنى نِظاميّة بغداد، ونِظاميّة نَيْسابور، ونِظاميّة طُوس، ونِظاميّة إصبهان.
وقال القاضي ابن خلِّكان: إنّ نظام المُلْك دخل على الإمام المقتدي بالله، فأذِن له في الجلوس، وقال له: يا حسن، رضِي الله عنك كرِضَى أمير المؤمنين عنك.
وكان النّظام إذا سمع الآذان أمسك عمّا هو فيه حتّى يَفّرَغ المؤذن3.
__________
1 المنتظم "16/ 303".
2 زبدة التواريخ "139، 140".
3 المنتظم "16/ 304".(33/102)
ومن شِعره:
بعد الثّمانين ليس قُوَّه ... قد ذهبت شِرّةُ الصُّبْوة
كأنّني والعصا بكفّي ... موسى ولكنْ بلا نُبُوّه
قال شيروَيْه في "تاريخ هَمَذَان": قدِم نظام المُلْك علينا في سنة سبعٍ وسبعين إرغامًا لأنُوفنا بما أصابنا من الجور والظُّلم.
روى عن: أبي مسلم الأديب صاحب ابن المقرئ، وأبي سهل الحفْصيّ، وإسماعيل بن حمدون، وبُنْدَار بن عليّ، وأحمد بن الحسن الأزهريّ، وأميرك القَزْوينيّ، ويوسف الخطيب، وقاضينا عبد الكريم بن أحمد الطَّبَريّ.
وسمعتُ منه بقراءة أبي الفضل القومساني.
وقتل بغندجان1 ليلة الجمعة حادي عشر رمضان.
وقال السِّلَفيّ: سمعتُ صوابَ بن عبد الله الخَصِيّ ببغداد يقول: قُتِل مولاي نظام المُلْك شهيدًا بقُرب نهاوند في رمضان.
قال: وكان آخر كلامه أنّ قال: لا تقتلوا قاتلي، فقد عفوت عنه: وتشهَّد ومات.
وقد طوَّل ابن النّجّار في سيرة النّظام2.
142- حَنْدور بن فتّوح بن حُمَيْد.
أبو محمد الزّناتيّ، الفقيه المالكيّ الأصيليّ.
أصله من أصيلا.
نزل سَبْته، وأخذ عن: أبي إسحاق بن يربوع، ويوسف بن أبي مسلم.
وسافر للتّجارة إلى الأندلس.
انفرد برئاسة الفُتْيَا بِسَبْته في دولة برغوطة، وكان صالحًا خيِّرًا، والخير أغلب عليه من العلم.
__________
1 في الأصل: بغنديجان والتصحيح من: معجم البلدان "4/ 216".
2 المنتظم "16/ 306".(33/103)
"حرف الخاء":
143- خلف بن مروان1.
أبو القاسم الأموي القرطبي المقرئ.
أخذ عن: مكّيّ بن أبي طالب، ومسلم بن أحمد الأديب.
وحجّ، ولقي: أبا محمد بن الوليد.
وكان صالحًا، متواضعًا، ديِّنًا، ورِعًا، نحْويًّا، لُغويًّا، يؤمّ بجامع قُرْطُبة ويُقرئ القرآن، ويعلِّم النَّحْو.
قال ابن بَشْكُوال2: أنبا عنه جماعة من شيوخنا، ووصفوه بما ذكرته.
ولد سنة سبعٍ وأربعمائة.
وتُوُفّي في سابع ذي الحجة.
"حرف العين":
144- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أبي أحمد3.
أبو أحمد الطُّوسيّ الصُّوفيّ.
شيخ جليل طيّب الوقت. فتى من الفتيان.
خدم الفُقَراء، ولقي الأستاذ: أبا عليّ الدّقّاق في صِباه.
وسمع: أبا بكر الحِيريّ، وغيره.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال: تُوُفّي رحمه الله في عاشر ذي القعدة.
145- عبد الباقي بن الحسن بن علي الشاموخي4.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 171، 172" رقم 391، وفيه: "خلف بن رزق".
2 في الصلة "1/ 172".
3 المنتخب من السياق "284" رقم 935.
4 الأنساب "7/ 264"، وكنيته "أبو محمد".(33/104)
الزّاهد، خطيب البصرة.
روى عن: أبيه.
روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة، وقال: كان مشهورّا بزهدٍ وخيرٍ وأمرٍ بمعروف، وكان العامّةُ حزبه، قدم بغداد، فأدركه أجله بها، وكانت جنازته، حفلة. لقد تجمعت الصوفية وجماعة من الأئمة، وختم على قبره عدة ختم.
توفي في ربيع الآخر سنة خمس.
146- عبد الباقي بن محمد بن الحسين بن داود بن ناقيا1.
أبو القاسم الحريمي2 البغدادي الشاعر.
شاعر مجود، صنف عدة كتب منها: "تفسير الفصيح" لثعلب، و"الأغاني" وغير ذلك، إلا أنّه كان معثَّرًا ثلّابة، يطعن على الشّريعة3، ويذهب إلى رأي الأوائل، وله مقالة في التّعطيل، لعنه الله.
وكان كثير المُجُون والهزْل، سمع أبا القاسم الحرفيّ.
ترجمه السّمعانيّ، وقال: رُوي لنا عنه: ثنا عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو الفضل بن ناصر.
وسألت عبد الوهّاب عنه: فقال: ما كان يُصلّي، وكان يقول: في السّماء نهرٌ من خمر، ونهرٌ من لبن، ونهرٌ من عسل، لا ينقط منه شيء، بل ينقط هذا الّذي يخرّب البيوت، ويهدم السقوف.
مات في المحرَّم وله خمسٌ وسبعون سنة، اللهم لا ترحم الزّنادقة.
147- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أحمد بن إبراهيم بن الفضل بن شجاع بن هاشم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُديل بن وَرْقَاء بن نَوْفَل4.
أبو محمد الخزاعي النيسابوري الشيعي.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 141".
2 نسبة إلى الحريم الطاهري محلة كبيرة ببغداد بالجانب الغربي منها "الأنساب 4/ 125".
3 الكامل في التاريخ "10/ 218".
4 التحبير "1/ 327، 2/ 328".(33/105)
نزيل الرَّيّ. محدِّث حافظ رحّال، كثير الفضائل، لكنّه غالٍ في التَّشيُّع.
سمع ببغداد: هَنَاد بن إبراهيم النَّسَفيّ، وابن المهتدي بالله، وأبا الحسين بن النَّقُّور.
ورحل إلى الشّام، والحجاز، وخراسان.
قال ابن السمعاني: ثنا عنه: أبو البركات عمر بن إبراهيم الزَّيْديّ، وأبو حرب المجتبي ابن الدّاعي بن الحَسَنيّ، وأحمد بن عبد الوهّاب الصَّيْرَفيّ كلاهما بالرَّيّ.
طالعتُ عدّة مجالس من أماليه بالرَّيّ، فرأيت فيها مجلسًا أملاه في إسلام أبي طالب، غير أنّه كان مكثِرًا من كَتْب الحديث، وله به أَنَسَة1.
وتُوُفّي سنة خمس2.
وقد قال ابن أبي طيئ: كان عبد الرحمن الخُزَاعيّ من أعلم النّاس بالحديث، وأبصرهم به وبرجاله، ثنا شيخنا رشيد الدّين، عن أبيه قال: حضرت مجلس الإمام الخُزَاعيّ، فكان في مجلسه أكثر من ثلاثة آلاف محبرة3 مُسْتَمْلي.
وكان إذا قيل له في الحديث: هل جاء في "الصّحيحين"؟ قال: ذَرُوني من المكسورَيْن، والله لو حوققنا، وأنصف النَّاس فيهما لما سلم لهما إلا القليل؟ قال: وما سئل عن حديثٍ إلّا وعرف علّته وصحّته من سَقَمِه، وكان يقول: أُذاكِرُ بمائة ألف حديث، وأحفظ مائة ألف حديث.
وكان يقول: لو أنّ لي سلطانًا يشدّ على يدي، لأسقطت خمسين ألف حديث يُعمل بها، ليس لها صحة ولا أصل.
قلت: عين ما مدحه به ابن أبي طيئ من هذه الفضائل هو عين ما ندمع به، فأنّ هذا كلام مَن في قلبه غِلٌ على الإسلام وأهله، لا بارَكَ الله فيه.
148- عبد الرحمن بن أحمد بن شاه4.
__________
1 لسان الميزان "3/ 404"، وفيه: "وله به الشغف".
2 في لسان الميزان "3/ 405": "مات سنة خمس وأربعين وأربعمائة".
3 لسان الميزان "3/ 404، 405".
4 الأنساب "7/ 225".(33/106)
الفقيه أبو أحمد السِّيقذَنْجيّ. نسبةً إلى قريةٍ على ثلاثة فراسخ من مَرْو.
كان يُعرف بفقيه الشّاه.
سمع: الإمام أبا بكر عبد الله بن أحمد القفّال، وعبد الرحمن بن أحمد الشِيرْنَخْشِيريّ1، وغيرهما.
ذكره ابن السّمعانيّ في "الأنساب" وقال: ثنا عنه محمد بن أبي بكر السّنْجيّ، وأبو حنيفة محمد بن النُّعْمان، ومحمد بن أبي سعيد، وغيرهم.
قال: تُوُفّي بعد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة.
149- عبد الرحمن بْن إبراهيم بْن أَبِي نصر السّقّاء النَّيْسابوريّ.
الصُّوفيّ، أبو نصر.
له حال عجيب في السّماع.
سمع عبد الرحمن النَّصّرويّ، وحدَّث.
150- عبد الرحمن بن محمد بن الحسن.
أبو سَلْم الصّبّاغ الأصبهاني.
تُوُفّي في رجب.
151- عبد الصّمد بن عبد الملك بن عليّ2.
أبو سعْد النَّيْسابوريّ العدل الحنفيّ.
مشهور، نبيل، ثقة، محترم.
سمع: أبا بكر الحِيريّ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وأبا سعيد الصرفي.
وحدَّث باليسير.
قدِم بغداد ليحجّ فتُوفّي -رحمه الله- بها في شوال.
__________
1 نسبة إلى شيرنخشير، وهي قرية من قرى مرو "الأنساب: 7/ 463".
2 المنتخب من السياق "351 رقم 1162".(33/107)
152- عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة المُرْسيّ.
سمع من: أبيه، وأبي عَمْرو الدَّانيّ.
وأجاز له أبو عبد الله بن عائذ، وغيره.
مات في جُمَادى الآخرة.
روى عنه: ولده أحمد.
153- عُرْوة بن أحمد بن محمد بن عُرْوة1.
الحاكم أبو القاسم النَّيْسابوريّ الحنفيّ.
من أركان مجلس الحكم.
سمع الكثير، وحدَّث عن، أبي بكر الحِيريّ، وجماعة.
وأكثر عن المتأخّرين.
وتُوُفّي في رمضان.
"حرف الفاء":
154- الفضل بن القاسم بن سعيد بن عثمان بن سعيد.
أبو سعيد الهَرَويّ القطّان.
روى عن: إسحاق بن يعقوب القرّاب، وأقرانه.
وعاش اثنتين وسبعين سنة.
"حرف الميم":
155- مُحَمَّد بْن الحُسَين بْن عبد الله بن فَنْجُوَيْه.
أبو بكر الثّقفيّ الدِّينَوَريّ ثمّ الهَمَذَانيّ.
روى عن: أبيه أبي عبد الله، وأبي عمر البسْطاميّ، وسعْد بن عبد الله القطّان.
قال شيروَيْه: كتبتُ عنه. وكان شيخًا صُوَيْلحًا.
عاش تسعين سنة.
__________
1 المنتخب من السياق "402 رقم 1367".(33/108)
156- محمد بن خَلَف بن مسعود بن شعيب1.
أبو عبد الله بن السّقّاط الأندلسيّ، قاضي قونكة.
حج سنة خمس عشرة وأربعمائة، وسمع "الصّحيح" من أبي ذَرّ.
وأخذ كتاب الْجَوْزَقيّ عن: أبي بكر بن عقال، عن المؤلف.
وأخذ عن: أبي بكر المطَّوِّعيّ، ومحمد بن خميس.
ونسخ بمكة "صحيح البخاريّ" قال ابن بَشْكُوال: كان سريع الكتابة، حَسَن الخطّ، ثقة فيما رواه وعُني به.
وروى بالأندلس عن: أبي القاسم خَلَف بن أبي مسرور صاحب أبي محمد الباجيّ، عن المنذر بن المنذر، وأبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبى عمرو الداني.
وأخذ عن: أبي الحسن بن بطّال كتابه في "شرح البخاريّ".
وولي القضاء بمدينته قُونْكَة. وكان مُحبَّبًا إلى أهلها، امْتُحِن في آخر عُمره، وذهبَ مالُه وكُتُبُه.
وتُوُفّي بدانِية سنة خمسٍ وثمانين أو نحوها.
وولد سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة.
157- محمد بن خَلَف بن سعيد بن وهْب2.
الأندلسيّ، المَرِيّيّ، القاضي أبو عبد الله بن المرابط، قاضي المَرِيّة ومفتيها وعالمها.
سمع: أبا القاسم المهلَّب بن أبي صُفْرة، وأبا الوليد بن مِيقُل.
وأجاز له أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عَمْرو الدّانيّ.
وصنَّف كتابًا كبيرًا في "شرح البخاريّ" ورحل إليه النّاس، وسمعوا منه. وكان من العالمين بمذهب مالك.
قال القاضي عياض: أخذ عَنْهُ: شيخنا أَبُو عَبْد اللَّه بْن عيسى التّميميّ، وقاضي القُضاة أبو عليّ بن سُكَّرة، وأبو محمد بن أبي جعفر الفقيه، وغيرهم.
توفي في شوال.
__________
1 معجم البلدان "4/ 415".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 66، 67 رقم 36".(33/109)
158- محمد بن سعدوان بن عليّ بن بلال1.
أبو عبد الله القَيْروانيّ الفقيه المالكيّ.
سمع من: أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الفقيه، ومحمد بن محمد بن النَّاطور، وحجّ، فسمع بمصر من أبي الحسن عليّ بن منير، وجماعة، ومن: أبي حِمِّصة الحرّانيّ، والطّفّال.
وبمكة من: أبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي بكر محمد بن عليّ المطَّوُّعيّ، وأبي الحسن بن صخْر القاضي.
وتفقّه على: أبي عبد الله، وأبي الحسن ابني الأجدابي، وأبي القاسم اللبيدي، وابن الناطور، وأبي عليّ الزّيّات الفقيه، وأحمد بن محمد القُرَشيّ.
روى عنه: أبو عليّ الغسّانيّ، وأبو عليّ بن سُكَّرة الصَّدَفيّ، وأبو الحسن طاهر بن مُفَوَّز، وأبو بحر سُفْيان بن العاص، فَمَن بعدهم.
وكان عالمًا بالأصول والفُروع، بارِعًا في المذهب.
صنَّف كتاب " إكمال التّعليق " لأبي إسحاق التُّونسيّ على "المدوَّنة"2.
وقال ابن بَشْكُوال3: أنبأ عنه، من شيخونا أبو بحر بن العاص، وأبو عليّ الصَّدِفيّ، وأبو الحسن بن مغيث، ومحمد بن عبد العزيز القاضي، وأبو محمد بن أبي جعفر، وأبي عامر بن حبيب.
وتُوُفّي بأغْمات في جُمَادى الأولى، وحدَّث بقُرْطُبة، وبَلَنْسِيّة، والمَرِيّة.
159- محمد بن طاهر بن مَمَّان بن الحسن.
أبو العلاء الهَمَذَانيّ النّجّار العابد، المعروف بابن الصّبّاغ.
روى عن: ابن المحتسب، وأبي سعيد بن شَبَانَة، وعليّ بن إبراهيم بن حامد، وعلي بن شعيب، وأحمد بن زَنْجُوَيْه العمريّ، ومحمد بن عيسى، وأبي الفضل الهروي، وأبي بكر الأردستاني، وخلق كثير.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 602، 603 رقم 1322".
2 ترتيب المدارك "4/ 799".
3 في الصلة "2/ 603".(33/110)
قال شيرويه: سمعت منه عامة ما مر له، وكان أحد العباد في الجبل، صوامًا قوَّامًا، لا يفتر عن عبادة الله باللّيل والنّهار، ثقة صدوقًا.
تُوُفّي رضي الله عنه فِي ذي الحجَّة.
160- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن حامد1.
الإمام أبو بكر الشّاشيّ، الفقيه الشّافعيّ، صاحب الطّريقة المشهورة2، تفقّه ببلده على الإمام أبي بكر السّنْجيّ، وكان من أنظر أهل زمانِه، ثمّ ارتحل إلى حضرة السّلطان بغَزْنَة، فأقبل الكلُّ عليه، وقيّدوه بالإحسان والتّبجيل، واستفاد علماؤهم منه، وتأهّل، ووُلِد له الأولاد، ثمّ في آخر أمره بعدما ظهرت له التّصانيف استدعاه نظام المُلْك إلى هَرَاة، وأشار عليهم بتسريحه، وكان يشقّ عليهم مفارقة تلك الحضرة، فما وجدوا بُدًّا من امتثال أمر الصّاحب، فجهّزوه مكرَّمًا بأولاده إلى هَرَاة، فدرَّس بها مدّة بالمدرسة النّظاميّة بهَرَاة3، ثمّ قصد نَيْسابور زائرًا.
قال عبد الغافر الفارسيّ: قدِمَها في رمضان سنة إحدى وتسعين -كذا قال- ولم يتّفق لي الالتقاء به لغيبتي إلى غَزْنَة، وأكرم أهل نَيْسابور مورده، فسمعتُ غير واحدٍ من الفُقَهاء يقول: إنه لم يقع منهم الموقع الّذي كانوا يعتقدونه فيه، فلقد كان بعيد الصِّيت، عظيم الاسم بين الفقهاء، ولم تَجْرِ مناظرته على الدّرجة المشهورة به، وعاد إلى هَرَاة، وحدَّث عن منصور الكاغَديّ، عن الهيثم بن كلب، وأنبا عنه والدي.
وكان مولده بالشاش سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة وتوفي في شوال سنة خمسٍ وتسعين وأربعمائة بهَرَاة، كذا قال عبد الغافر في وفاته، فيما قرأت بخطّ أبي عليّ البكْريّ.
وقال غيره، فيما قرأت بخطّ الحافظ الضّياء، في جزء "وفيات على السّنين": سنة خمسٍ وثمانين، فيها مات السّلطان ملكشاه، والإمام أبو بكر محمد بن علي الشاش بهَرَاة في سادس شوّال، وهو ابن أربعٍ وتسعين سنة.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 525، 526 رقم 266".
2 في الجدل. كما في "طبقات الشافعية للإسنوي 2/ 94".
3 المنتخب "66".(33/111)
وفيها قُتِل نظام المُلْك، ودُفِن بإصبهان.
نقلتُ ترجمته من "تاريخ" عبد الغافر.
ثمْ نقلت من كلام أبي سعْد السّمعانيّ أنّ ولادته في سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة.
قال: وتُوُفّي في شوّال سنة خمسٍ وثمانين، وزرتُ قبرَه بهَرَاة.
روى لنا عنه: محمد بن محمد السّنْجيّ الخطيب، وأبو بكر محمد بن سليمان المَرْوَزيّان.
161- محمد بن عليّ بن أحمد بن مبارك الدّمشقيّ1.
أبو عبد الله البزّاز.
سمع: أبا عثمان الصّابونيّ، ومحمد بن عَوْف المُزَنيّ، وجماعة.
روى عنه: جمال الإسلام أبو الحسن، وأبو المعالي محمد بن يحيى القُرَشيّ، والخضر بن عَبْدان.
وعاش ستّين سنة.
162- محمد بن عيسى بن فَرَج2.
أبو عبد الله التُّجَيْبيّ المَغَاميّ الطُّلَيْطُلِيّ المقرئ صاحب أبي عَمْرو الدّانيّ، روى عنه، وعن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي الربيع سليمان بن إبراهيم.
قال ابن بَشْكُوال: كان عالمًا بوجوه القراءات، ضابطًا لها، متقِنًا لمعانيها، إمامًا ديِّنًا، أنبا عنه غير واحد من شيوخنا، ووصفوه بالتّجويد والمعرفة.
وقال ابن سُكَّرة: أجاز لنا، وهو مشهور بالتّقدُّم والإمامة في الإقراء، وشدّة الأخذ على القُرّاء والالتزام للسَّمْت والهيبة معهم. ومن شيوخه مكّيّ، وأبو عمر الطَّلَمَنْكيّ.
ومَغَام: حصنٌ بثغر طليطلة.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 66 رقم 98".
2 شذرات الذهب "3/ 376"، وفيه: "مزح".(33/112)
ووُلِد في ربيع الأوّل سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.
وقد وصَفَ كُتُبَه.
163- محمد بن نصْر بن الحسن.
أبو بكر الجميليّ البخاري الخطيب.
قال السّمعانيّ: كان إمامًا فاضلًا ورِعًا، سديد السّيرة، خطب مدّة بجامع بُخَارى.
وسمع من: منصور بن عبد الرحيم الكاغَديّ، والحسين بن الخضر النَّسَفيّ، وعبد العزيز بن أحمد الحَلْوائيّ، وجماعة.
روى لنا عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنديّ.
ولد في حدود سنة أربعمائة ومات في ثامن شوّال.
164- مالك بن أحمد بن عليّ بن إبراهيم1.
أبو عبد الله بن الفرّاء البانْياسيّ الأصل، البغداديّ.
كان يقول: سمّاني أبي مالكًا، وكنّاني بأبي عبد الله، وسمّتني أمّي عليًّا، وكنَّتني أبا الحسن، فأنا أُعرَف بهما.
قال السّمعانيّ2: كان يسكن في غُرْفة بسوق الرَّيْحانيّين، شيخ صالح ثقة، متديِّن، مسِن، عُمّر حتّى أخذ عنه الطَّلَبة، وتكابّوا عليه.
سمع: أبا الحسن بن الصَّلْت، وأبا الفتح بن أبي الفوارس، وأبا الحسن بن بِشْران، وابن الفضل القطّان.
سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه، فقال: شيخ صالح مُسِن.
وقال أبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ: كان مالك آخر مَن حدَّث عن ابن الصلت، وكان ثقة، سمعته يقول: ولدت سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة.
وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة وقد روى عنه: كان شيخًا صالحًا مالكيًّا، وقعت النّار
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 526، 527 رقم 267".
2 في الأنساب "2/ 64".(33/113)
ببغداد بقرب حُجرته، وقد زَمِن، فأُنزِل في قفةٍ إلى باب الحُجْرة، فوجد النّار عند الباب فتركه الّذي أنزله وفرّ، فاحتَرَق هو رحمه الله.
قلت: روى عنه: أبو عامر محمد بن سعدون العَبْدريّ، وأبو الفضل بن ناصر السُّلاميّ، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ، وأبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن بن تاج القرّاء، وخلْق كثير.
قال محمد السَّمَرْقَنْديّ: احترق سوق الرّيْحانيّين وسط النّهار في تاسع جُمَادى الآخرة وهلك فيه، جماعة منهم شيخنا مالك البانْياسيّ.
قلت: آخر من روى عنه: أبو الفتح بن البطّيّ رحمهم الله.
165- مسعود بن عبد العزيز:
أبو ثابت بن السّمّاك الرّازيّ الفقيه الحنفيّ.
قدِم بغداد فتفقّه بها على أبي عبد الله الصَّيْمريّ، وأبي الحسن القُدوريّ، ثمّ على قاضي القُضاة أبي عبد الله.
وبرع في المذهب والخلاف. وأفتى ودرّس، ونُفِّذ رسولًا من الدّيوان إلى صاحب غَزْنَة، فأدركه أجَلُه بخُراسان في شعبان.
روى عن: ابن غَيْلان، والصَّيْمَريّ.
سمع منه: إسماعيل بن محمد بن الفضل، وعبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ.
166 - مَلِكْشَاه1.
السّلطان جلال الدّولة أبو الفتح ابن السّلطان ألْب أرسلان محمد بن داود السُّلْجُوقيّ.
أوصى إليه أبوه بالمُلْك، ووصّى به وزيره نظام الملك، وأوصى إليه يفرّق البلادَ على أولاده، وأن يكون مرجعهم إلى ملكشاه، وذلك في سنة خمسٍ وستّين، فخرج عليه عمّه صاحب كرْمان، فتواقعا وقعةً كبيرة بقُرب هَمَذَان، فانهزم عمّه، ثمّ أُتي به أسيرًا فقال: أمراؤك كاتبوني، وأحضر كُتُبَهم في خريطة، فناولها لنظام الملك ليقرأها،
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 54-58 رقم 34"، والبداية والنهاية "12/ 142، 143".(33/114)
فرمى بها في مِنْقَل نارٍ بين يديه، فأحرقها، فسكنت قلوب الأمراء، وبذلوا الطّاعة. وكان ذلك سبب ثبات ملكه، وخنق عمَّه بوَتَر. وتمَّ له الأمر، وملك من الأقاليم ما لم يملك أحدٌ من السّلاطين، فكان في مملكته جميع بلاد ما وراء النّهر، وبلاد الهَيَاطِلَة، وباب الأبواب، وبلاد الرّوم، والجزيرة، والشّام.
وملك من مدينة كَاشْغَر، وهي أقصى مدينة بالتُّرْك إلى بيت المقدس طولًا، ومن القُسْطَنْطِينيّة إلى بلاد الخَزَر وبحر الهند عرضًا.
وكان من أحسن الملوك سيرة، ولذلك كان يُلقَّب بالسّلطان العادل، وكان منصورًا في حروبه، مُغْرى بالعمائر وحفْر الأنهار، وعمّر الأسوار والقناطر، وعمَّر جامعًا ببغداد، وهو جامع السّلطان، وأبطل المُكُوس والخفّارات في جميع بلاده، كذا نقل ابنُ خَلِّكان في "تاريخه"1 فالله أعلم.
قال: وصنع بطريق مكّة مصانع للماء، غرِم عليها أموالًا كثيرة، وكان لهِجًا بالصَّيْد، حتّى قِيل: إنّه ضُبط ما اصطاده بيده، فكان عشرة آلاف وحش، فتصدَّق بعشرة آلاف دينار، وقال: إنّي خائف من الله تعالى لإزهاق الأرواح من غير مأكَلَةٍ.
شيَّع مرّةً الحاجّ، فتعدَّى العُذَيْب2، وصاد في طريقه وحشًا كثيرًا، يعنى هو وجنده فبنى هناك منارةً، من حوافر حُمْر الوحْش وقرون الظِّباء؛ وهي باقية تعرف بمنارة القرون.
وأما السبيل فأمِنَت في أيّامه أمرًا زائدًا، ورخصت الأسعار، وتزوج أمير المؤمنين المقتدي بالله بابنته، وكان السّفير بينهما الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، وكان زفافها إلى الخليفة سنة ثمانين وأربعمائة، وفي صبيحة دخول الخليفة بها عمل وليمةً هائلة لعسكر ملكشاه، كان فيها أربعون ألفًا منًّا سُكَّر، فأولدها جعفرًا3.
ودخل ملكْشَاه بغداد مرَّتين، وكان ليس للخليفة معه سوى الاسم، وقدمها ثالثًا متمرِّضًا.
وكان المقتدي قد جعَل ولده المستظهر بالله وليَّ العهد، فألزم ملكشاه الخليفة أن
__________
1 وفيات الأعيان "5/ 284".
2 العذيب: هو ماء بين القادسية والمغيثة "معجم البلدان 4/ 92".
3 الكامل في التاريخ "10/ 160، 161"، وفيات الأعيان "5/ 288".(33/115)
يعزله، ويجعل ابن ابنته، جعفرًا وليّ العهد، وكان طفلًا؛ وأن يسلّم بغداد إلى السّلطان ويخرج إلى البصرة، فشقَّ ذلك على الخليفة، وبالغ في استنزال السّلطان ملكشاه عن الرّأي، فأبى فاستمهله عشرة أيّام ليتجهَّز، فقيل إنّه جعل يصوم ويطوي، فإذا أفطر جلس على الرَّماد يدعو على ملكشاه، فقوي به مرضه، ومات في شوّال.
وكان نظام المُلْك قد مات من أكثر من شهر، فقيل: إنّ ملكشاه سُمّ في خلالٍ تخلّل به فهلك، ولم تشهده الدّولة، ولا عُمِل عزاؤه، وحُمِل في تابوت إلى إصبهان، فدُفِن فيها في مدرسةٍ عظيمة، ووقى الله شرَّه، وتزوّج المستظهر بالله بخاتون بنته الأخرى.
167- منصور بن أحمد بن محمد.
أبو المظفّر البسْطاميّ، ثمّ البلْخيّ، الفقيه الحنفيّ، أحد الأعلام.
كان ذا حشمةٍ وأموالٍ وجاهٍ وتقدُّم.
سمع: أباه، وعبد الصّمد بن محمد العاصميّ، وأبا بكر محمد بن عبد الله بن زكريّا الْجَوْزَقيّ.
كذا قال السّمعانيّ: إنّه سمع من الْجَوْزَقيّ، وهو وهْم.
قال: وأبا عليّ بن شاذان، وأبا طاهر عبد الغفار المؤدّب، وأبا القاسم عبد الرحمن بن الطّبَيّز بدمشق، وأبا القاسم الزَّيْديّ بحَرَّان، ومصر، وحلب، وهَرَاة.
روى عنه: السّمعانيّ محمد بن القاسم بن المظفّر الشّهْرُزُوريّ، وعمر بن عليّ المحموديّ قاضي بلْخ.
وتُوُفّي ببلْخ في رمضان.
"حرف الهاء":
168- هبة الله بن عبد الوارث بن عليّ1.
أبو القاسم الشّيرازيّ، الثقة الحافظ الجوال.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 17-19 رقم 11"، والبداية والنهاية "12/ 144".(33/116)
سمع بخُراسان، والعراق، والجبال، وفارس، وخُورستان، والحجاز، واليمن، ومصر، والشّام، والجزيرة.
وحدَّث عن: أبي بكر محمد بن الحسن بن اللَّيْث الشّيرازيّ، وأحمد بن عبد الباقي بن طَوْق، وعبد الباقي بن فارس المقرئ، وعبد الجبّار بن عبد العزيز بن قيس الشّيرازيّ، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصّمد بْن المأمون، وعبد الرّزّاق بن شمة، واحمد بن الفضل الباطِرقانيّ1، وخلْق كثير.
وصنَّف "تاريخ شيراز" قال السمعانيّ: كان ثقةً صالحًا ديِّنًا خيِّرًا، حَسَن السّيرة. كثير العبادة، مشتغلًا بنفسه. خرَّج التّخاريج، واستفاد وأفاد، وسمع جماعةً من الطلبة ببركته وقراءته، وانتفعوا بصُحْبته.
وورد بغداد سنة سبعٍ وخمسين.
روى لنا عنه: أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب، وعمر بن أحمد الصّفّار، وأحمد بن ياسر المقرئ، وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الباشانيّ، وأبو القاسم إسماعيل الحافظ، وأبو بكر اللَّفْتُوانيّ، وغيرهم.
وسكن في آخر عمره مَرْو، وتُوُفّي بها.
وقال ابن عساكر2: روى عنه نصر المقدسيّ، وغيْث بن عليّ.
وثنا عنه: هبة الله بن طاوس، وأَبُو نصر اليُونَارتيّ، فحدَّثنا عنه ابن طاوس: ثنا أبو زُرْعة أحمد بن يحيى الخطيب بشيراز إملاءً، أنا الحسن بن سعيد المطَّوِّعيّ، ثنا أبو مسلم الكجّيّ، فذكر حديثًا.
وقال عبد الغافر في "تاريخه"3: هو شيخ عفيف، فاضل، طاف البلاد، وسمع الكثير، وخطّه مشهور معروف، كان كثير الفوائد.
وقال محمد بن محمد الفاشانيّ: كنتُ إذا مضيت إلى أبي القاسم هبة الله، وكان قد نزل برباط يعقوب الصُّوفيّ بظاهر مرو، وأخذ بيدي وأخرجني إلى الصحراء
__________
1 نسبة إلى باطرقان، وهي إحدى قرى أصبهان "الأنساب 2/ 40".
2 في تاريخ دمشق "45/ 481".
3 في المنتخب "477".(33/117)
وقال: اقرأ ما تريد، فالصُّوفيّة يتبرَّمون بمن يشتغل بالعلم والحديث، ويقولون: هم يشوّشون علينا أوقاتَنَا.
وقال عمر أبو الفتيان الرُّؤاسيّ: إنّ هبة الله مات بمَرْو في شهور سنة ستٍّ وثمانين.
وقال أبو نصر اليُونَارتيّ: تُوُفّي هبة الله بمرْو بالبُطْن في رمضان سنة خمسٍ وثمانين.
وقال محمد بن محمد الفاشانيّ: احتاج هبة الله ليلةَ مات إلى القيام سبعين كرّةً، أقل أو أكثر، وفي كلّ نوبةٍ يغتسل في النّهر، إلى أنْ تُوُفّي على الطّهارة1، رحمه الله.
وقال المؤتمن السّاجيّ: بذلَ نفسَه في طلب الحديث جدًّا، وسألني فخرجت جزءين في صلاة الضُّحى، ففرح بهما شديدًا.
وفيات سنة ست وثمانين وأربعمائة:
"حرف الألف":
169- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد2.
أبو الحسين التّغلبيّ الأرتاحيّ.
تُوُفّي بدمشق.
روى عن: أبي الحسن الحِنّائيّ.
روى عنه: ابن صابر شيئًا
170- أحمد بن عليّ بن قُدامة.
القاضي أبو المعالي الحنفيّ، من بني حنيفة، البغداديّ، الكرْخيّ، الشّيعيّ، من أجلاد الرّافضة وعلمائهم وصلحائهم، له خبرة بالكلام والجدل والفقه.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 19".
2 تاريخ دمشق "أحمد بن عتبة -أحمد بن محمد بن المؤمل" "19 رقم 13".(33/118)
قرأ على: الشريف المرتَضَى، وعلى أخيه الشّريف الرّضيّ.
روى عنه: الحسن بن محمد الأسْتِراباذيّ الفقيه، وأحمد بن محمد العُطَارديّ الكرْخيّ.
ذكره ابن السّمعانيّ في "الذَّيل".
وتُوُفّي فِي شوال.
171- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إبراهيم:
الخبّاز الأصبهاني المؤدب.
مات في المحرَّم.
عبدٌ صالحٌ، خيّر.
سمع من: أبي منصور بن معمَّر، وأبي الحسن الْجُرْجَانيّ.
172- أحمد بن محمد بن أبي العبّاس1.
اللّبّاد.
قُتِل في آخر شعبان.
173- إبراهيم بن محمد2.
أبو إسحاق البَجَليّ البُوشَنْجيّ3.
سكن دمشق، وأمَّ بمسجد دار بِطّيخ، وكان يكتب المصاحف، ثمّ ولي إمامة الجامع مدّة.
وسمع: أبا علي بن نصر التّميميّ، ورشأ بن نظيف، والأهوازيّ.
روى عنه: أبو القاسم بن عَبْدان، وأبو القاسم بن جابر.
تُوُفّي في المحرَّم، وكان ثقة صالحًا.
مولده سنة 407.
__________
1 المنتظم "9/ 77 رقم 111".
2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "4/ 160 رقم 159".
3 البوشنجي: نسبة إلى بوشنج بليدة من نواحي هراة "معجم البلدان 1/ 508".(33/119)
174- إسماعيل بن عليّ بن عبد الله1.
الحاكم أبو الحسن النّاصحيّ الحنفيّ النَّيْسابوريّ.
روى عن: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، والحاكم أبي الحسن بن السّقّاء، وأبي سعيد الصَّيْرَفيّ.
وعنه: عبد الغافر، وقال: مات في جُمَادى الآخرة.
"حرف الباء":
174- بلال بن الحسين السّقْلاطُونيّ.
سمع: أبا القاسم بن بِشْران.
وعنه: أبو الوفاء بن الحُصَيْن، وغيره.
مات سنة 487.
"حرف التّاء":
176- تاج المُلْك.
الوزير.
اسمه مَرْزُبان، يأتي2.
"حرف الحاء":
177- الحسن بن عَنْبَس بن مسعود3.
أبو محمد الرّافقيّ الشّيخ المعمّر الشّيعيّ، العارف بمذهب القوم.
ذكر الكراجكيّ أنّه اجتمع به بالرَّافقة، ورأى له حلقةً عظيمة يقرءون عليه مذهب الإمامية، وكان بصيرًا بالأصول.
__________
1 المنتخب من السياق "144 رقم 329".
2 سيأتي برقم "201".
3 لسان الميزان "2/ 232 رقم 1018".(33/120)
يذكر أنّه قرأ على الشّيخ المفيد، ولقي القاضي عبد الجبّار.
مات وقد نيَّف على المائة.
178- الحسين بن عبد العزيز.
أبو عبد الله النخاس البزّاز.
بغداديّ، سمع: عبد الملك بن بِشْران.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
وسمع: ابن أبي الفوارس، وأبي الحسين بن بِشْران.
179- حَمْد بن أحمد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهرة1.
أبو الفضل الأصبهاني الحدّاد، أخو المقرئ أبي عليّ الحدّاد.
قدِم بغداد حاجًّا سنة خمسٍ وثمانين، وحدَّث بكتاب "الحلية" لأبي نُعَيْم، عنه2.
وسمع: أبا الحسن عليّ بن ميْلة، وعليّ بن عَبْدكُوَيْه، وأبا سعيد بن حَسْنَوَيْه، وأبا بكر بن أبي عليّ الذَّكّوانيّ، وعليّ بن أحمد بن محمد بن حسين، وجماعة.
قال السّمعانيّ: كان إمامًا صحيح السّماع، محقّقًا، فاضلًا في الأخذ.
ثنا عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، ومحمد بن البطّيّ، وغير واحد3.
قلت: ورّخه بعض الأصبهانيين في هذا العام في جُمَادى الأولى.
وقال السمعاني: ورد نعيه من إصبهان إلى بغداد في ذي الحجّة سنة ثمانٍ وثمانين.
"حرف الخاء":
180- خلف بن أحمد بن داود.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 20، 21 رقم 13".
2 وحدث بمسند أبي داود الطيالسي "التقييد 255".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 21".(33/121)
أبو القاسم الصَّدَفيّ البَلَنْسيّ.
سمع: أبا عمر بن عبد البر، وأبا الوليد الباجي.
وتفقه في الشّعر.
ومات في ذي الحجّة في حصار بَلَنْسِيَة.
"حرف السّين":
181- سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان1.
الحافظ أبو مسعود الأصبهاني المِلَنْجيّ.
سمع الكثير، ورحل وتعب.
قال السّمعانيّ، كانت له معرفة بالحديث، جمع الأبواب، وصنَّف التّصانيف، وخرَّج على الصّحيحين2.
سمع: بإصبهان أبا عبد الله الجرجاني، وأبا بكر بن مردويه، وأبا سعد أحمد بن محمد الماليني، وأبا نُعَيْم الحافظ، وأبا سعيد النّقّاش، وابن جولة الأَبْهريّ، وجماعة كثيرة.
وببغداد: أبا عليّ بن شاذان، وأبا بكر البَرْقانيّ، وأبا القاسم بن بِشْران، وأبا بكر بن هارون المنقّيّ، وأبا القاسم الحرفي، وطبقتهم.
سمع منه: شيخه أبو نُعَيْم.
وروى عنه: أبو بكر الخطيب مع تقدُّمه؛ وثنا عنه: إسماعيل بن محمد التَّيْميّ، وأحمد بن عمر الغازي، وهبة الله ابن طاوس، وخلْق ببلاد عديدة.
وسألتُ أبا سعد البغداديّ عنه فقال: لا بأس به، ووصفه بالرحلة والجمع والكثة، وقد كنّا يومًا في مجلسه، وكان يُمْلي، فقام سائلٌ وطلب شيئًا، فقال سليمان: من شؤم السّائل أن يسأل أصحاب المحابر.
وسألت إسماعيل الحافظ عنه، فقال: حافظ، وأبوه حافظ3.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 21-24 رقم 14"، والبداية والنهاية "12/ 145".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 23"، ولسان الميزان "3/ 76".
3 تذكرة الحفاظ "3/ 1198"، وسير أعلام النبلاء "19/ 23".(33/122)
وقال أبو عبد الله الدّقّاق في "رسالته": سليمان بن إبراهيم الحافظ له الرحلة والكثرة، وأبوه إبراهيم يُعْرف بالفَهْم والحِفْظ، وهما أصحاب أبي نُعَيْم، تُكلِّم في إتقان سليمان، والحفْظ: الإتقان، لا الكثرة.
قال السّمعانيّ: وسألت أبا سعد البغداديْ عن سليمان نوبةً أخرى، فقال: شنَّع عليه اصحاب الحديث في جزءٍ ما كان له به سماع، وسكتّ أنا عنه.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ في "طبقات الأصبهانيين" في ترجمة سليمان: إلّا أنّه في سماعه كلام، سمعتُ من الثّقات أنّ له أخًا يسمى إسماعيل، وكان أكب منه، فحكّ اسمه وأثبت اسم نفسِهِ مكانه، وهو شيخٌ شَرِه لا يتورَّع، لحانٌ وَقَاح.
وقال عبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ: إنّ سليمان وُلِد في رمضان سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة.
وقال غيره: تُوُفّي في ذي القعدة1.
وممّن روى عنه: أبو جعفر محمد بن الحسن الصَّيْدَلانيّ، وأبو عليّ شرف بن عبد المطّلب الحسيني، ومحمد ابن طاهر الطُّوسيّ، ومحمد بن عبد الواحد المَغَازليّ، ومسعود بن الحسن الثّقفيّ، ورجاء بن حامد المَعْدانيّ.
أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ عَلَّانَ، وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو المنصور الْقَزَّازُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَسْعُودٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَغْدَادِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا زُهَيْرٌ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عن عمر بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً، وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً"2.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن الحسن الأرموي: أخبرنا كَرِيمَةُ الْقُرَشِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّيْدَلَانِيِّ قَالَ: أنا سُلَيْمَانُ الْحَافِظُ، فَذَكَرَهُ.
هَذَا حديثٌ عالٍ، وَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً، مِنْ حَيْثُ أَنَّ البخاري رواه عن إبراهيم بن
__________
1 قال المؤلف في "ميزان الاعتدال "2/ 195": بقي إلى سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وقال ابن السمعاني: وتوفي سنة نيف وثمانين وأربعمائة. الأنساب "11/ 474".
2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2739"، وأحمد "4/ 279"، والنسائي "6/ 229".(33/123)
الْحَارِثِ، وَأنَّ الْخَطِيبَ رَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ، وَعَاشَ الصَّيْدَلَانِيُّ هَذَا بَعْدَ الْخَطِيبِ مَائَةَ سَنَةٍ وَخَمْسِ سِنِينَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
"حرف العين":
182- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن زِكْرِيّ1.
أبو الفضل الدّقّاق الكاتب، بغداديّ مشهور.
سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الحسن الحمّاميّ.
وعنه: إسماعيل بن محمد، وأبو سعْد البغداديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ وأبو بكر بن الزّاغُونيّ، ومحمد بن أحمد بن سوار.
قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان صالحًا ديِّنًا، ثقة.
وقال القاضي عياض: سألت أبا عليّ بن سُكَّرَة عن عبد الله بن زِكْريّ فقال: كان شيخًا عفيفًا، كنّا نقرأ عليه في داره.
وقال غيره: ولد سنة أربعمائة في آخرها. وكانت وفاته في ذي القعدة.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْن عَبْد الرَّحْمَن: أَنَا عَبْد اللَّه بْن أحمد، أنا هبة بْنُ الْحَسَنِ الدَّقَّاقُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، كَمَا تَنْظُرُونَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يُغْلَبَ عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا فَلْيَفْعَلْ" 2.
183- عبد الله بن عمر بن مأمون.
إمام أهل سجِسْتان، شيخ كبير القدْر.
سمع: عليّ بن بشرى الليثي، وجماعة بسجستان.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 603، 604 رقم 302".
2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "554"، وأبو داود "4729"، والترمذي "2675"، وأحمد "3/ 16، 17، 26، 27".(33/124)
أكثر الحافظ أَبُو محمد الرّهاويّ، عن حفيده أبي عَرُوبة، عنه.
مات في ذي الحجّة.
184- عبد الباقي بن أحمد البزار1.
دمشقيّ.
يروي عن: أبي الحسن بن السّمْسار.
روى عنه: عبد الله، وعبد الرحمن ابنا صابر.
185- عبد الحميد بن محمد.
الفقيه أبو محمد بن الصائغ القيرواني.
سكن سوسة، وأدرك أبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا عمران الفاسي، وتفقه بالعطار، وجماعة.
وله تعليقة على "المدونة". وعليه تفقه المازري المهدوي، وأبو علي بن البربري، وجماعة.
طلبه صاحب المَهْدَيّة تميم بن المُعِزّ بن باديس؛ ليكون مفتي البلد، فأقام عنده مدّة.
وتُوُفّي في هذا العام.
186- عبد الحميد بن منصور بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله2.
الأستاذ أبو محمد البَجَليّ، الجريريّ، العراقيّ، المقرئ المجوّد.
شيخ القرّاء بسَمَرْقَنْد.
تُوُفّي في ذي الحجّة بسَمَرْقَنْد.
روى عن: الحسين بن عبد الواحد الشّيرازيّ.
روى عنه: محمد بن عمر كاك البخاري.
__________
1 لسان الميزان "3/ 383 رقم 1535".
2 غاية النهاية "1/ 361 رقم 1545".(33/125)
186- عبد الحميد.
أبو محمد التُّونسيّ الزّاهد.
تفقّه على: أبي عمران الفاسيّ، وأبي إسحاق التُّونسيّ.
ومال إلى الزُّهد والتَّقشُّف، وسكن مالقة، واستقرّ أخيرًا بأغْمات، ودرس النّاسُ عليه الفقْه، ثمّ تركه لمّا رآهم نالوا به الخطط والعمالات، وقال: صرْنا بتعليمنا لهم كبائع السّلاح من اللّصوص.
قال ابن بَشْكُوال: وكان ورِعًا متقلّلًا من الدّنيا، هاربًا عن أهلها.
تُوُفّي بأغْمات رحمه الله.
188- عبد القادر بن عبد الكريم بن حسين1.
أبو البركات الدّمشقيّ الخطيب.
أصله من الأنبار.
سمع: محمد بن عَوْف، وغيره.
روى عنه: الخضر بن عبْدان، ونصر بن مقاتل.
ووثّقه أبو محمد بن صابر.
خطب بدمشق لبني العبّاس وللمصريّين.
189- عَبْد الواحد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أحمد2.
الشّيخ القُدْوة، أبو الفَرَج الفقيه الحنبليّ، الواعظ الشّيرازيّ الأصل الحرّانيّ المولد.
وكان يُعرف في بغداد بالمقدسيّ.
سمع بدمشق من: أبي الحسن عليّ بن السّمْسار، ومن: عبد الرّزّاق بن الفضل الكَلاعيّ، وشيخ الإسلام أبي عثمان الصَّابونيّ.
ورحل إلى بغداد، ولزِم القاضي أبا يَعْلَى، وتردَّد إليه سِنين عديدة، ونسخ واستنسخ تصانيف القاضي، وبرع في الفقه.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 167 رقم 158".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 51-53 رقم 32".(33/126)
وسافر إلى الرَّحْبَة، ثمّ رجع إلى دمشق، وبَثَّ بها مذهب أحمد، وبأعمال بيت المقدس.
وصنَّف التّصانيف في الفِقْه والأُصُول.
قال أبو الحسن بن الفرّاء1: صحِب والدي، وسافر إلي الشّام وحصل له الأتباع والغلمان.
قال: وكانت له كرامات ظاهرة، ووقعات مع الأشاعرة، وظهر عليهم بالحجّة في مجالس السّلاطين بالشّام.
قال أبو الحسين: ويقال إنّه اجتمع بالخضر مرّتين، وكان يتكلّم على الخاطر، كما كان يتكلّم على الخاطر الزاهد ابن القَزْوينيّ، وكان تُتُش يعظّمه، لأنّه تمّ له معه مكاشفة، وكان ناصرًا لاعتقادنا، متجرِّدًا في نشره.
وله تصانيف في الفقه والوعْظ والأُصُول.
وأرَّخ وفاته ابن الأكْفَانيّ في يوم الأحد الثّامن والعشرين من ذي الحجّة بدمشق.
قلت: وقبره مشهور بجباية باب الصَّغير، يُزار ويُقْصَد، ويُدعى عنده.
وله ذُرّيّة فُضَلاء، وكان أبوه الشّيخ أبو عبد الله صوفيًّا من أهل شيراز، قدِم الشّام، وكان يعرف بالصافي.
ذكر له ابن عساكر2 ترجمة لأبي الفَرَج فقال: سكن دمشق وكان صوفيًّا.
سمع أبا الحسن بن السّمْسار، وأبا عثمان الصّابونيّ. وصنَّف جزءًا في قِدم الحروف، رأيته يدلُّ على تقصير كثير.
190- عَبْد الواحد بن علي بن مُحَمَّد بن فهد3.
أبو القاسم بن العلّاف البغداديّ.
قال السّمعانيّ: شيخ صالح صدوق مكثْر، انتشرت عنه الرواية، وكان خيرًا،
__________
1 في طبقات الحنابلة "2/ 248".
2 هكذا في الأصل: والصحيح أن يقال: ذكر ابن عساكر.
3 سير أعلام النبلاء "18/ 604، 605 رقم 321".(33/127)
ثقة، مأمون، متواضعًا، سليمَ الجانب، على جادّة القدماء، وكانت بلاغاته في كُتُب النّاس، لأنّ كُتُبه ذهبت حريقًا ونَهْبًا.
سمع: أبا الفتح بن أبي الفوارس، وأبا الفَرَج الغُوريّ، وهو آخر من حدَّث عنهما.
وسمع: أبا الحسين بن بشْران.
روى لنا عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو سعْد البغداديّ، وأبو القاسم إسماعيل الطلحي، وعبد الخالق ابن يوسف.
وتُوُفّي في سادس عشر ذي القعدة.
قلت: آخر من حدَّث عنه: أبو الفتح بن البطّيّ، وقع لي من عواليه.
191- عُبَيْد الله بن أبي العلاء صاعد بن محمد1.
القاضي أبو محمد.
تُوُفّي بنَيْسابور في خامس شعبان، وكان صالحًا زاهدًا.
وُلِد سنة تسعٍ وأربعمائة.
وسمع من: أبي بكر الحِيَريّ، وأبي سعيد الصَّيْرَفيّ، ووالده.
وعنه: عبد الغافر.
192- عُبَيْد الله بن عبد العزيز بن البِراء بن محمد بن مُهاصِر2.
أبو مروان القُرْطُبيّ.
روى عن: إبراهيم بن محمد الإفْليليّ، وغيره.
وكان من أهل اللُّغة والأدب، مَعْنيًّا بذلك، شُرُوطيًّا.
روى عنه: أبو الحسن بن مغيث.
193- عُبَيْد الله بن محمد بن أدهم3.
__________
1 المنتخب من السياق "298 رقم 986".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 304 رقم 673".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 304 رقم 671".(33/128)
أبو بكر القُرْطُبي قاضي الجماعة بقُرْطُبة.
استقضاه المعتمد على الله في سنة ثمانٍ وستّين وأربعمائة، وكان من أهل الصّرامة والحقّ والعدْل، لا يخاف في الله لومةَ لائم، نزِهًا متعاونًا، تفقّه على أبي عمر بن القطّان، وسمع من: حاتم بن محمد، وغيره.
ولم يزل على القضاء بقُرْطُبة عشرين سنة.
وتُوُفّي في شعبان. وقد استكمل سبعين سنة.
194- عليّ بن أحمد بْن يوسف بْن جعفر بْن عَرَفَة بن المأمون بن المؤمّل بن الوليد بن القاسم بن الوليد بْن عُتْبَة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ1.
القُرَشيّ الأُمويّ أبو الحسن الهَكَّاريّ2.
وقيل: سقط بين الوليد وبين القاسم خالد، وانّه الوليد بن خالد بن القاسم.
قال السّمعانيّ3: شيخ الإسلام هذا تفرَّد بطاعة الله في الجبال، وابتنى أربطةً ومواضع يأوي إليها الفقراء والمنقطعون إلى الله، وكان كثير العبادة، حسن الزّهادة "صافي النّيّة، خالص الطّويّة، لطيفًا" مقبولًا وقُورًا.
قدِم بغداد، ونزل برباط الزَّوْزَنيّ، ورحل وسمع بمصر: أبا عبد الله بن نظيف، وغيره.
وبمكّة: أبا الحَسَن بن مَنْهر، وببغداد: أبا القاسم بن بشْران، وبالرّملة: أبا الحُسَين بن التُّرْجُمان، روى لنا عنه: يحيى بن عَطّاف الموصِليّ بمكّة، وعبد الرحمن بن الحسن الفارسيّ ببغداد، والحسن بن محمد بن أبي عليّ المقرئ، وجماعة سواهم.
وقال عبد الغفّار الكرْجيّ: ما رأيت مثل شيخ الإسلام الهَكّاريّ زُهدًا وفضلًا4.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: قدِم علينا أبو الحُسَين الهَكّاريّ إصبهان وكان صاحب صلاة وعبادة واجتهاد، مشهور معروف، أحد كبراء الصوفية.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 145"، ولسان الميزان "4/ 195 رقم 519".
2 نسبة إلى الهكارية بلدة وناحية عند جبل في الموصل "الأنساب 12/ 336".
3 في الأنساب "12/ 336".
4 سير أعلام النبلاء "19/ 68".(33/129)
قال: ولدت سنة تسعٍ وأربعمائة.
وقال ابن ناصر: توفي في أول المحرم بالهكارية، وهي جبال فوق الموصل.
وقال ابن عساكر: لم يكن موثقا في روايته.
قال ابن النجار: كان يسكن جبال الهكارية بقرية اسمها دارس. وقد ابتنى هناك أربطة ومواضع، سمع الحديث الكثير، وسافر في طلبه، وجمع كُتُبًا في السُّنّة والزّهد وفضائل الأعمال، وحدَّث بالكثير، وانتقى عليه محمد بن طاهر، وكان الغالب على حديثه الغرائب والمنكرات، وفي ذلك مُتُونٌ موضوعة مركَّبة، رأيت بخطّ بعض المحدِّثين أنّه كان يضع الحديث.
روى عنه: يحيى بن البنّا، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ.
وقيل: تكلَّم فيه ابن الخاضبة.
195- عليّ بن عبد الواحد بن عليّ بن صالح:
أبو يَعْلَى الهاشميّ، قيّم مشهد باب أبرز.
سمع: أبا الحسين بن بشْران، وابن الفضل القطّان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وغيره.
ووُلِد سنة ثلاثٍ وأربعمائة.
196- عليّ بن محمد بن محمد بن يحيى بن شعيب بن حسن الشَّيْبانيّ1.
أبو الحسن الأنباري ابن الأخضر، خطيب الأنبار.
تفقّه ببغداد على مذهب أبي حنيفة.
قال السّمعانيّ: كان ثقة، نبيلًا، صدوقًا، معمَّرًا، مُسْنِدًا، عُمّر حتّى صار يُقصد ويرحل إليه إلى الأنبار، وانتشرت عنه الرّواية في الآفاق.
وقد قُطِعت يدُه في فتنة البساسيريّ. وكان يَقْدَم بغداد احيانًا.
سمع: أبا أحمد الفرَضي، وأبا عُمَر بن مَهْدي، وأبا الْحَسَن بن بشران، وابن رزقويه.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 605، 606 رقم 322"، والبداية والنهاية "12/ 145".(33/130)
ثنا عنه: إسماعيل بن محمد، وأبو نصر الغازي، وأبو سعد بأصبهان؛ وهبة الله طاوس، ونصْر الله المصّيصيّ بدمشق، وجماعة يطول ذكرهم.
وسألت إسماعيل الحافظ عنه فقال: ثقة.
وقال ابن سكرة في مشيخته: كان شيخًا أبو الحسن أقطع اليد، حنفيّ المذهب، قال لي إنّه سأل وهو صبيّ في مجلس الشيخ. أبي حامد الإسفرائيني عن الوضوء من مَسِّ الذَّكَر.
وقال لي: رأيتُ "يحيى"1 جدّ جدّي، وأنا اليوم جدُّ جدٍ.
قال ابن سُكَّرَة: لم ألقَ مَن يحدث عن أبي أحمد الفرضي سواه، وإنما عنده عنه حديثان.
قلت: وقعا لنا بعلو، قرأتهما على عبد الحافظ، عن أبن قُدَامة، عن ابن البطّيّ، عنه.
قال ابن ناصر: مات في شوّال بالأنبار. وهو آخر من حدَّث عن الفَرَضيّ.
قلتُ: وآخر من حدَّث عنه أبو الفتح بن البطّيّ.
197- عيسى بن سهل2.
أبو الأصْبَغ الأسدي الجيَّانيّ المالكيّ، نزيل قُرْطُبة.
تفقّه بابن عَتّاب القُرْطُبيّ، واختصّ به.
وسمع من: حاتم الأَطْرابُلُسيّ، وبقُرْطُبة من: يحيى بن زكريّا، وبطُلَيْطُلَة من: ابن أسد القاضي، وابن رافعْ رأسَه.
وله في الأحكام كتابٌ حَسَنٌ.
قدِم سَبْتة، فنوّه باسمه صاحبها الأمير البَرَاغُوطيّ، فرأسَ بها.
وأخذ عنه: القاضي أبو محمد بن منصور، والقاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد البصري.
__________
1 إضافة من "سير أعلام النبلاء "18/ 606".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 25، 26 رقم 15".(33/131)
وسمع منه خالا القاضي عياض أبو محمد وأبو عبد الله ابنا الْجَوْزِيّ، وولي قضاء غَرْناطة وغيرها.
كذا ترجمه القاضي عياض.
وزاد ابن بَشْكُوال فقال1: روى عن مكّيّ القَيْسيّ، وأبي بكر بن الغرّاب، وابن الشّمّاخ.
وتُوُفّي مصروفًا عن قضاء غَرْناطة في المحرَّم سنة ستٍّ، وله ثلاثٌ وسبعون سَنة، وكان من جِلّة الفُقَهاء الأئمّة.
"حرف الميم":
198- محمد بن إسماعيل بن أحمد بن حَسْنَوَيْه2.
أبو عبد الله النَّيْسابوريّ.
سمع: الحِيريّ.
199- محمد بن عليّ بن حسن بن العَميش الحربيّ3.
عن: أبي القاسم بن بشْران.
وعنه: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ.
200- محمد بن المطهّر4.
أبو سعْد البَحِيريّ النَّيْسابوريّ المزكيّ.
سمع من: الطّرازيّ، وأبى نصر المفسر.
201- المرزبان بن خسرو بن دارست5.
تاج الملك أبو الغنائم.
__________
1 في: الصلة "2/ 438".
2 المنتخب من السياق "70 رقم 151".
3 المشتبه في الرجال "2/ 474".
4 المنتخب من السياق "65 رقم 131".
5 سير أعلام النبلاء "19/ 100، 101 رقم 56" والبداية والنهاية "12/ 144".(33/132)
كان يناوئ نظام الملك ويعاديه، فلما قتل نظام الملك عام أول استوزر ملكشاه هذا، ثم إن غلمان نظام الملك وثبوا علي هذا وقطعوه في المحرم، وله سبعٌ وأربعون سنة.
ومن أخبار تاج الملك أنّه كان كاتبًا بسَرْهنك، فلمّا مات مخدومه قصده نظام المُلْك وقال: عندك بسَرْهنك ألف ألف دينار.
فقال: إذا قيل عنّي هذا وقد خدمتُ أحد الأمراء، فكيف بمن خدم ثلاثين سنة سلطانَين؟ يعرِّض. ولكن أنا القائم بمال سَرْهنك.
وحمل إليهم ألفي ألفي دينار، فتقدَّم عند السّلطان ملكشاه، وعوّل عليه، وقرُب منه، فتألَّم النّظام من قُربه، وكان يعظّم النّظام في الظّاهر، وينال منه باطنًا، فلمّا قُتِل النّظام، قرر تاج الملك وزيرًا، لكن فَجَأَ ملكشاه الموتُ، فوَزَرَ لابنه محمود، وجرَّدت أمّ محمود معه الجيش لمحاربة بَرْكَيارُوق، فانكسر عسكرها، وأُسِر تاج المُلْك وقُتِل في ثاني المحرم، وأراد بركياروق أن يستبقه، وعُرِفت مكانته وحشمته، فهجم عليه غلمان النّظام، ففتكوا به، وزعموا أنّه هو قتل مولاهم.
وكان ينتسك ويُكْثِرُ الصَّوم.
202- المشطّب بن محمد بن أُسامة بن زيد1.
أبو المظفّر الفَرَغانيّ التُّرْكيّ، الحنفيّ.
تفقّه وبرع في المذهب والْجَدَل، وورد العراق في صُحبة نظام المُلْك وناظَرَ الأئمّة، وجَرَت له قصص، وكان بالأجناد أشبه منه بالعلماء.
وكان جماعًا للمال، مناعًا، دنئ النَّفس، له في البُخل حكايات، يلبس الحرير، ويرتكب المحظورات.
سمع: محمود بن جعفر الكَوْسَج، وأبا عليّ الحسن بن عبد الرحمن الشّافعيّ المكّيّ.
روى عنه: هبة الله بن السَّقَطيّ، وكمار بن ناصر.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 227".(33/133)
قال عبد الغافر بن إسماعيل1: كان من فحول أهل النَّظر، مستظهرًا بالخدم والحشم والعَبيد والتّجمُّل، ينادم الوزراء، ويُزاحم الصُّدور.
قُرئ بخطْ أبي الخطّاب الكلوذانيّ: مولد المشطّب سنة أربع عشرة وأربعمائة، ومات بالمعَسْكَر ببغداد في شوّال سنة 86.
203- موسى بن عبد الله بن أبي الحُسَين يحيى بن جعفر بْن عليّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر الصّادق2.
العَلَويّ الحُسينيّ.
أصله كوفيّ، ثمّ صار إلى صقلّية، ودخل الأندلس مجاهدًا.
يُكَنّى أبا البسّام.
كان عنده عِلْمٌ وأدبٌ، ومعرفة بالأصول على مذاهب السُّنَّة أخذوا عنه بمَيُورقَة، وله شِعرٌ بديع.
قال ابن بَشْكُوال: ثمّ رجع إلى بلاد بني حمّاد، فامْتُحِن هنالك وقُتِل ذبْحًا ليلة سبْعٍ وعشرين من رمضان.
قلتُ: وابنه السّيّد الشّريف أبو عليّ الحسن بن موسى، تجوّل بعد والده في الأندلس، ثمّ استقرّ بمَيُورقَة، وولي خطابتها. وكان رفيع القدْر. فلمّا غلب عليها الرُّوم في سنة ثمانٍ وخمسمائة، انهزم وسكن قُرْطُبة.
وابنه أبو محمد عبد العزيز أحد بُلَغَاء العصر، كتب الإنشاء وصنَّف وأفاد.
204- موسى بن عمران3.
أبو المظفّر الأنصاريّ النَّيْسابوريّ.
كان أسْنَد مَن بقي بنَيْسابور تفرَّد بالرّواية عن أبي الحسن العَلَويّ وسمع من: أبي عبد الله الحاكم وأبي القاسم السّرّاج.
__________
1 في "المنتخب 457" مع اختلاف يسير.
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 613".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 530، 531 رقم 271".(33/134)
وعُمّر ثمانيا وتسعين سنة وهو موسى بن عمران بن محمد بن إسحاق بن يزيد الصُّوفيّ.
قال عبد الغافر: شيخ وجيه، حَسَن المنظر والرُّواء، راسخ القدم في الطّريقة لقي الشيخ أوحد وقته أبا سعيد ابن أبي الخير الميهم وخدمه، وصحِب القُشَيريّ وخَدَمَه، وكان من أركان الشّيوخ الّذين عَهِدْنَاهم من الصُّوفيّة.
وقد روى الكثير.
قلت: حدث عنه: عمر بن أحمد الصّفّار، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وزاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وأبو عمر محمد بن عليّ بن دوِسْت الحاكم، وآخرون.
تُوُفْي -رحمه الله- في ربيع الأوّل.
205- موهوب بن إبراهيم.
الخبّاز البقّال.
أبو نصر.
بغداديّ، سمع: عبد الملك بن بشْران.
وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وغيره.
206- الموفّق بن زياد بن محمد.
أبو نصر الحنفي الهروي التاجر.
ولد سنة عشرة وأربعمائة، وسمع من: عمر بن إبراهيم الزّاهد.
روى عنه ولده زياد، وغيره.
مات في شعبان.
"حرف النّون":
207- نَصْر بن الحسن بن القاسم بن الفضل1.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 91 رقم 50".(33/135)
أبو اللَّيْث، وأبو الفتح التُّرْكيّ التُّنْكتيّ الشّاشيّ، نزيل سَمَرْقَنْد، وتُنْكُت: بلده عند الشّاش.
وُلِد سنة ست وأربعمائة1، ورحل في كِبَرِه، فسمع بنَيْسابور "صحيح مسلم" من عبد الغافر الفارسيّ.
وسمع من: أبي حفص بن مسرور، وأبي عامر الحسن النَّسَويّ.
وبصور من: أبي بكر الخطيب.
وبمصر من: أبي الحسن بن الطّفّال وغيره.
وبالإسكندرية من: الحُسَين بن محمد المَعَافِريّ.
وبالأندلس من: أحمد ابن دِلْهَاث العُذْريّ، وجماعة.
ودخل الأندلس وغيرها تاجرًا، وأقام بالأندلس ثلاث سِنين، وصدر عنها في شوّال سنة ثلاث وستّين.
وقال: كنّاني أبي اللّيْث، فلمّا قدِمْتُ مصرَ كنّوني أبا الفتح، حتّى غَلَبَ عليَّ.
قال السّمعانيّ2: روى لنا عنه: أبا القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الخالق بن أحمد، ونصر العُكْبَريّ ببغداد؛ وعبد الخالق بن زاهر بنَيْسابور. وسكن نَيْسابور في آخر عمره، وبها تُوُفّي.
ومن جملة خيراته السّقاية والمِرْجَل في وسط الجامع الحديد بها.
قال: وقيل: إنّ تَرِكَتَه قُوِّمَت بعد موته مائةً وثلاثين ألف دينار.
وقال عبد الغافر بن إسماعيل: هو شيخ مشهور، ورِع، نظيف، بهيّ متجمِّل، متطلّس، جال في الآفاق، وحدث، ورأى العز والقبول بسبب تسميع "مسلم".
وسمع منه الخلْق في تلك الدّيار، وبورك له في كسْبه، حتّى حصل على أموالٍ جمّةٍ، وعاد إلى نَيْسابور، وكانت معه أوقارٌ من الأجزاء والكُتُب، وحدث ببعضها.
__________
1 المنتخب "467".
2 في الأنساب "3/ 89، 90".(33/136)
وقال ابن بَشّكُوال1: كان عظيم اليَسَار، كريمًا، كثير الصَّدَقات، كامل الخَلْق، حَسَن السَّمْت والخُلُق نظيف المكسب والملبس، ينمُّ عليه من الطِّيب ما يعرفه مَن يأْلَفَهُ، وإنْ لم يُبْصر شخْصَهُ، وما يبقى على ما يسلك من الطّريق رائحته بُرْهة، فيَعرف به من يسلك ذلك الطّريق إثره أنّه مشى عليه.
وقال الحميدي2: نصر بن الحسن بن أبي قاسم بن أبي حاتم بن الأشعث الشّاشيّ التُّنْكُتيّ نزيل سَمَرْقَنْد، دخل الأندلس، وحدَّث، ولقيناه ببغداد، وسمعنا منه. وكان رجلًا مقبول الطّريقة، مقبول اللّقاء ثقة فاضلًا.
قلت: ورَّخ السّمعانيّ3 وفاته في السّابع والعشرين من ذي القعدة، سنة ستٍّ وثمانين، ودُفِن بالحِيرة، وهذا الصّحيح، ووهِم مِن قال سواه.
قال أبو الحسن بن مُفَوَّز: اتّصل بنا أنّ أبا الفتح هذا تُوُفّي في أَطْرابُلُسَ الشّام سنة إحدى وسبعين وأربعمائة4.
وقيّده ابن نُقْطَة فقال: التُّنْكُتيّ: بضمّ التّاء والكاف.
"حرف الهاء":
208- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن موسى5.
أبو الحسن بن الصّفّار النُّعْمانيّ الأصل ثمّ الواسطيّ.
الكاتب النَّحْويّ المقرئ.
قرأ القراءات على: أبي عليّ أحمد بن محمد بن عَلّان صاحب الحُضَينيّ، وعلى: ابن الصّوّاف، وغيرهما.
وهو آخر من سمع من الحسن بن أحمد بن التُّبَانيّ.
تُوُفّي في رمضان.
ترجمه خميس الحافظ وقال: قرأت عليه القرآن.
__________
1 في الصلة "2/ 637".
2 في جذوة المقتبس "356".
3 في الأنساب "3/ 90".
4 الصلة "2/ 638".
5 غاية النهاية "2/ 352".(33/137)
"حرف الياء":
209- يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن سُطُورا1.
القاضي أبو عليّ العُكْبَريّ البَرْزَبِينيّ، وبَرْزَبِين: قرية بين بغداد وأوانا.
تفقّه على القاضي أبي يَعْلَى حتّى برع في مذهب أحمد، وبرز على أقرانه، وكانت له يدٌ قويَّة في القرآن، والحديث، والأصول، والفقْه، والمحاضرات.
قرأ عليه خلقٌ من الفُقَهاء وانتفعوا به، وكان جميل السّيرة.
وقال أبو الحسين بن الفرّاء: كان له غلْمان كثيرون، وصنَّف في الأصول والفُروع، وكان مبارك التّعليم لم يدرس عليه أحد إلّا وأفلح. وعليه تفقّه أخي أبو خازم.
قلت: حدَّث عن أحمد بن عمر بن ميخائيل العُكْبَريّ، وأجاز لأبي نصر الغازي، ولأبي عبد الله الخلّال، وغانم بن خالد الأصبهانييّن.
تُوُفّي فِي شوّال عَنْ سبعٍ وسبعين سنة2.
وقد ذكره السّمعانيّ في "الذّيل" وعظمه، قال: جرت أموره في أحكامه على سداد واستقامة3، وحدث بشيءٍ يسير عن ابن ميخائيل.
وفيات سنة سبع وثمانين وأربعمائة:
"حرف الألَف":
210- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سعيد الهَرَويّ.
سمع: أبا الفضل الجاروديّ.
وعنه: أبو النّضْر الفاميّ.
211- أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عمر بن خلف4.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 93، 94 رقم 52".
2 طبقات الحنابلة "2/ 246، 247".
3 الأنساب "2/ 147".
4 سير أعلام النبلاء "19/ 478، 479 رقم 242".(33/138)
أبو بكر الشّيرازيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الأديب العلّامة، مُسْنِد نَيْسابور في وقته.
أكثر عن: أبي عبد الله الحاكم، وحمزة بن عبد العزيز، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، وأبي بكر بن فُورَك، والسُّلَميّ.
روى عنه: عبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد الغافر بن إسماعيل، ووجيه الشّحّاميّ، وعمر بن أحمد الصّفّار، وأحمد بن سعيد المِيهَنيّ، وخلْق كثير سواهم، آخرهم أبو سعد عبد الوهّاب الكَرْمانيّ المُتَوَفَّى سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة.
قال عبد الغافر1: أمّا شيخنا ابن خَلَف فهو الأديب المحدِّث، المتقن السّماع، الصحيحه، ما رأينا شيخًا أورع منه، ولا أشدّ إتقانًا، حصل على حظٍّ وافرٍ من العربيّة، وكان لا يسامح في فَوات كلمة ممّا يُقرأ عليه، ويراجع في المشكلات ويبالغ، رحل إليه العلماء من الأمصار، وكانت ولادته في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة، وسمع في سنة أربعٍ وأربعمائة، سمّعه أبوه أبو الحسن الكثير، وأملى على الصّحّة. سمعنا منه الكثير، وتُوُفّي في ربيع الأوّل.
وقال إسماعيل بن محمد الحافظ: كان حسن السّيرة، من أهل العلم والفضل، محتاطًا في الأخْذ، سمع الكثير، وكان ثقة2.
وقال ابن السّمعانيّ: كان فاضلًا عارفًا باللُّغة والأدب، ومعاني الحديث، في كمال العفَّة والورع، رَحِمَهُ اللَّه تعالى.
212- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
الشّيخ أبو نصْر العِجْليّ البخاريّ.
من بيت العلم والخير، ولد بعيد الأربعمائة، وسمع من منصور الكاغَديّ صاحب الهيثم بن كُلَيْب.
ومن: أحمد بن الحسين الماجليّ.
وبقي إلى هذا العام.
آخر من حدَّث عنه: عثمان بن علي البيكندي.
__________
1 في المنتخب "110".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 479".(33/139)
213- أحمد بن محمد بن سعيد بن محمد1.
أبو نصر القيسي الدّمشقيّ الصُّوفيّ.
سمع: عليّ بن منير الخلّال، وأبا الحسن الطّفّال بمصر، وأبا عليّ بن أبي نصر، وابن سلْوان بدمشق.
روى عنه: عمر الرُّؤاسيّ، وجمال الإسلام أبو الحسن السُّلَميّ.
تُوُفّي في رجب عن سبعٍ وثمانين سنة.
214- أحمد بن يحيى بن محمد.
أبو سعْد بن أبي الفَرَج الشّيرازيّ الواعظ، المعروف بابن المطبخيّ، له مسجد كبير بدرب القيّار يُعرف به.
سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد، وأبا القاسم بن بشْران.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ. كذا قال ابن النّجّار.
وقال ابن السَّمَرْقَنْديّ: سألته عن مولده، فقال: سنة ثمان عشرة وأربعمائة.
قلت: فتبين أنه لم يدرك السماع من ابن مَخْلَد.
قال شجاع الذُّهْليّ: تُوُفّي في شوّال سنة 487.
215- آقْسُنْقُر قسيم الدّولة2.
أبو الفتح الحاجب، مملوك السّلطان ملكشاه.
وقيل: هو لصيق به. وقيل: اسم أبيه أكّ تُرْغَان.
تزوّج داية السّلطان إدريس بن طُغان شاه، وحظي عند السّلطان ملكشاه وقدِم معه حلب، حين قصد تاج المُلْك أخاه فانهزم، وملكها ملكشاه في سنة تسعٍ وسبعين، وملك أنطاكيّة، وقرر نيابة حلب لقسيم الدّولة في أوّل سنة ثمانين، فأحسن فيها السّياسة، وأقام الهيبة، وأباد قُطّاع الطّريق، وتتبّعهم، وبالَغ، فأمِنَت البلاد، وعُمِّرت حلب، ووردها التُّجّار، ورغبوا في سُكناها للعدل.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 263 رقم 309".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 129، 130 رقم 67".(33/140)
وعمّر منارة حلب1، فاسمُه منقوشٌ عليها، وبنى مشهد قرنبيا، ومشهد الدّكّة. وكان أحسن الأمراء سياسة لرعيّته وحفظًا لهم. وتحدَّث الرُّكْبانُ بِحُسْن سيرتِه. وكان يستغلّ حلبَ في كلّ يومٍ ألفًا وخمسمائة دِينار.
وأمّا تُتُش فتملّك دمشق. ولمّا كان ربيع الأوّل سنة سبعٍ وثمانين هذه خرج تُتُش، وجمع معه خلْقًا من العرب، ووافاه عسكر أنطاكية بحماه، ورعوا ونهبوا، فاتّصل الخبر بأقْسُنْقُر، فكاتَبَ السّلطان بَرْكَيارُوق، وخطب له بحلب، فجمع وحشد، وأنجده كربُوقا صاحب الموصل، وبُزان صاحب الرُّها، ويوسف بن أبق صاحب الرَّحْبَة، في ألفين وخمسمائة فارس، وتهيّأ قسيم الدّولة لِلّقاء، فقيل: إنّه عرض عشرين ألف فارس، فلمّا التقوا أوّل من برز للحرب قسيم الدّولة، وحمي القتال، فحمل عسكر تُتُش، فانهزم العرب الّذين مع قسيم الدّولة، وكُسر كربُوقا وبُزان، ووقع فيهم القتْل، وثبت قسيم الدّولة، فأُسر في طائفةٍ من أصحابه وحُمل إلى تُتُش، فأمر بضرب عنقه وأعناق جماعة من أصحابه2. وذلك في شهر جُمَادى الأولى، ودُفن بالمدرسة الزّجاجية داخل حلب، بعدما كان دُفن مدّةً بمشهد قرنبيا. وإنّما نقله ولده زِنْكي، وعمل عليه قُبَّة.
وهو جدّ نور الدّين.
216- أَمَةُ الرحمن بنت عبد الواحد بن حسين.
أمّ الدلّال البغدادية. عُرف أبوها بالجُنيد.
زاهدة عابدة.
سمعت: أبا الحسن بن بشْران.
وعنها: أبو الحسن بن عبد السّلام، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ.
ومولدها عام أربعمائة.
وماتت في شوال.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 135".
2 انظر الحوادث سنة "487هـ".(33/141)
"حرف الباء":
217- بلال بن الحسين بن نقيش.
أبو الغنائم، بغداديّ.
روى عن: عبد الملك بن بشْران.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
"حرف الحاء":
218- الْحَسَن بْن أسد1.
أبو نصر الفارقيّ الأديب قال القِفْطيّ2: هو معدِن الأدب، ومنبَع كلام العرب، وعلّامة زمانه.
له النَّظم الذَّائع، والنّثر الرّائع، والتّصنيف البديع في شرح "اللُّمَع"، وأشياء ليس للأديب في مثلها طمع.
وكان في أيّام نظام المُلك على ديوان آمِد. ثمّ صودر.
وله كتاب مشهور في "الألغاز". وكان عَزْبًا مدّة عُمره، ولمّا صُودر أُطلِق سراحه، فانتقل إلى ميّافارقين، وقد باضت الرّياسة في رأسه وفرَّخَتْ. واتّفق أنّ مَيّافارقين خَلَت من مُتَوَلٍّ، فأجمع رأي أهلها على تولية رجلٍ من أولاد ابن نُباتة، فأقام أيّامًا، ثمّ اعتزلهم، فتهيّأ لها ابن أسد، ونزل القصر وحكم، ثمّ انفصل غيرَ محمودٍ، وخاف من الدّولة، فتسحَّب إلى حلب، فأقام بها، ثمّ حمله حبُّ الرّياسة فعاد إلى الجزيرة، فلمّا صار بحَرّان قبض عليه نائبها، وشنقه في هذا العام3.
ومن شِعره:
ونديمةٍ لي في الظلام وحيدةٍ ... أبدًا مجاهدة كمثل جهادي
فاللّونُ لَوني والدَّمعُ كأدْمُعي ... والقلبُ قلبي والسُّهادُ سهادي
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 80، 81 رقم 44".
2 في إنباه الرواة "1/ 294".
3 إنباه الرواة "1/ 296".(33/142)
لا فَرْقَ فيما بيننا لو لم يكن ... لَهبي خَفِيًّا وهو منها بادي
219- الحسن بن عبد الملك بن الحسين بن عليّ بن موسى بن إسرائيل1.
الحافظ أبو عليّ النَّسَفيّ.
سمع الكثير من: أبي العبّاس المستغفِريّ.
وحدَّث ببُخَارى وسَمَرْقَنْد. ومات بنَسَف في ثاني وعشرين جمادى الآخرة وله ثلاث وثمانون سنة.
وروى عنه خلْقٌ بما وراء النّهر، وكان أبوه القاضي أبو الفوارس مفتي نسف.
وروى أبو عليّ أيضًا عن: معتمر بن محمد المكحوليّ، وأبي نُعَيْم الحسين بن محمد، وخلْق لا أعرفهم.
وروى عنه: عثمان بن علي البيكندي، وأبو ثابت الحسين بن علي البزودي، وأبو المعالي محمد بن نصر، وعدّة.
وشيخه أبو نُعَيْم سمع من خَلَف الخيّام.
"حرف السين":
220- ساتكين بن أرسلان2.
أبو منصور الرتكي المالكيّ النَّحْويّ.
له مقدِّمة نَحْو.
تُوُفّي بالقدس في آخر السّنة.
221- سعد الله بن صاعد الرَّحْبيّ الخلّال3.
من كبار الدّمشقيّين، له حمّام القصر والدّار الّتي بقُربه الّتي عملها السّلطان نور الدين مدرسة، وتعرف بالعمادية.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 143، 144 رقم 73".
2 إنباء الرواة "2/ 69 رقم 290".
3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "9/ 230 رقم 107".(33/143)
سمع من: المسدد الأملوكي، وحمد بن عَوْف المُزَنيّ.
روى عنه: ابن أخته هبة الله بن المسلم.
حدَّث في هذه السّنة. ولم يؤرَّخ موته.
"حرف العين":
222- عبد الله بن حيّان بن فَرّحُون1.
أبو محمد الأنصاريّ الإشبيليّ.
سكن بَلَنْسِيَة، وحدَّث عن: أبي عمر بن عبد البَرّ، وعثمان بن أبي بكر السّفاقُسيّ، وأبي القاسم الإفْليليّ.
وكان ذا همةٍ في اقتناء الكُتُب، جمع منها شيئًا عظيمًا.
توفي في شوّال.
223- عبد الله بن عبد العزيز بن محمد2.
أبو عُبَيْد البكريّ.
نَزَل قُرْطُبة، وحدَّث عن: أبي مروان بن حيّان، وأبي بكر المُصْحفيّ.
وأجاز له "ابن" عبد البَرّ، وكان إمامًا، لّغويًّا، إخباريًّا، متقِنًا، علّامة. صنَّف كتبًا في أعلام النُّبُوّة.
روى عنه: محمد بن عمر المالقيّ، وأبو بكر بن عبد العزيز اللَّخْميّ.
وصنَّف كتاب "اللالي في شرح نوادر أبي عليّ القاليّ"، وكتاب "المقال في شرح كتاب الأمثال" لأبي عُبَيْد، وكتاب "اشتقاق الأسماء"، وكتاب "معجم ما استعجم من البلاد والمواضع"، وكتاب " النّبات"، وغير ذلك.
تُوُفّي في شوّال. وكان من أوعية العلم وبحور الأدب.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 288 رقم 634".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 287 رقم 633".(33/144)
فأمّا:
224- البكْريّ صاحب القصص، فهو أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد البكْريّ1.
كان أيضًا في هذا الزّمان أو قبله. وإليه المُنْتَهَى في الكذِب والاختلاق، ومَن طَالَعَ تواليفه جَزَمَ بذلك.
225- عبد الله بن عطاء بن أبي أحمد بن بكر البغاوَرْديّ2.
حدَّث بـ"الترمذي"، عن عبد الجبّار الجرّاحيّ.
رواه عنه: أبو نصر اليُونَارتيّ3، وأبو النّضْر الفاميّ، وجماعة.
قال الكُتُبيّ: تُوُفّي في رمضان.
وقال السّمعانيّ: هو أبو المظفّر عبد الله بن ظَفَر. كذا سمّاه4.
226- عبد الله5.
أبو القاسم أمير المؤمنين المقتدي بأمر الله ابن الأمير ذخيرة الدّين أبي العبّاس محمد بن القائم بأمر اللَّه عبد اللَّه بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر بن المعتضد الهاشميّ العبّاسيّ.
بويع بالخلافة في ثالث عشر شعبان سنة سبعٍ وستّين، وهو ابن تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر6.
وتُوُفّي أبوه الذّخيرة والمقتدي حَمْل، وأُمُّه أمةٌ اسمها أُرْجُوان7.
ظهرت في أيّامه خيراتٌ كثيرة، وآثارٌ حسنة في البلدان.
__________
1 ميزان الاعتدال "1/ 112 رقم 440"، ولسان الميزان "1/ 202 رقم 639".
2 الأنساب "3/ 214، 215".
3 اليونارتي: نسبة إلى يونارت، وهي قرية إلى باب أصبهان "الأنساب 12/ 433، 434".
4 المنتخب "324".
5 سير أعلام النبلاء "18/ 318-324 رقم 147".
6 المنتظم "8/ 290".
7 سير أعلام النبلاء "18/ 323".(33/145)
وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأةً.
وكان قد أُحضِر إليه تقليد السلطان بَرْكَيارُوق ليُعلّم عليه، فقرأه وعلّم عليه، ثمّ تغذّى وغسل يديه، وعنده فتاته شمس النّهار، فقال لها: ما هذه الأشخاص قد دخلوا بغير إذْنٍ؟ قالت: فالتفتُّ، فلم أَرَ شيئًا، ورأيته قد تغيّر حالُه، واسترخت يداه وسقط. فظننتُ أنّه غُشِي عليه. ثمّ تقدَّمتُ إليه، فرأيت عليه دلائلَ الموت، فقلت لجاريةٍ عندي: ليس هذا وقت النَّعي، فإنْ صحْتِ قتلتُك. وأحضرتُ الوزير، فأخبرته، فأخذوا في البيعة لولده المستظهر بالله أحمد.
وعاشت أمُّه إلى خلافة ابن ابنها المسترشد بالله1.
وكانت قواعد الخلافة في أيّامه باهرة، وافرة الحُرمة، بخلاف مَن تقدَّمه.
ومِن محاسنه أنّه أمَر بنفْي المغنيّات والخواطي من بغداد، وأن لا يدخل أحدٌ الحمّام إلّا بمئْزَرٍ. وضرب أبراج الحمام صيانةً لحُرَم النّاس.
وكان ديِّنًا خيرًا، قوي النفس، عالي الهمة، من نخباء بني العبّاس.
وقيل: إنّ جاريته سمّته.
وقد كان السّلطان ملكشاه صمَّم على إخراجه مِن بغداد، فحار في نفسه، وعجز، وأقبل على الابتهال إلى الله، فكفاه الله كيدَ ملكشاه ومات2.
227- عبد الله بن فَرَح بن غزلون3.
أبو محمد اليَحْصُبيّ الطُّلَيْطُلِيّ ابن العسّال.
روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وابن أرفعْ راسه، وابن شقّ اللّيل، وطائفة.
وكان متقِنًا فصيحًا مفوّهًا، حافظًا للحديث، خبيرًا بالنَّحْو واللُّغَة والتّفسير. وكان شاعرًا مُفْلِقًا، وله مجلسٌ حفل.
روى عنه جماعةٌ من مشيخة ابن بشكوال.
مات في عشر التسعين.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 230".
2 المنتظم "8/ 292".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 285، 286 رقم 629".(33/146)
228- عبد الله بن أبي طاهر محمد بن محمد بن حُسين.
أبو محمد الْجُوَينيّ1 البغداديّ.
سمع: أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ، وأبا القاسم بن بشْران.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان -رحمه الله- ثقة، وله خُلُق ميشوم.
229- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد2.
أَبُو القاسم الواحديّ.
سمع: ابن مَحْمِش، ويحيى بن إبراهيم المزكيّ، وغيرهما.
وعنه: زاهر الشّحّاميّ.
وهو أخو المفسّر أبي الحسن الواحديّ.
وممّن روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الخالق، وعبد الله بن الفرواي، وعدّة.
وكان ثقة. أملى زمانًا.
230- عبد السّيّد بن عَتَّاب3.
أبو القاسم البغداديّ الضّرير المقرئ المجوّد.
تُوُفّي في نصف ذي القعدة.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عُمَر الحمّاميّ شيخ العراق، وعلى: أبي العلاء محمد بن عليّ الواسطيّ، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبيّ، وأبي بكر محمد بن علي بن زلال المطرز، والحسين ابن أحمد الحربيّ الزّاهد، وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المَرْزُبَان الأصبهاني صاحب ابن فورك القباب، والحسن بن
__________
1 نسبة إلى جوين متصلة بحدود بيهق "الأنساب 3/ 385".
2 المنتخب من السياق "314 رقم 1030".
3 ميزان الاعتدال "2/ 619 رقم 5068"، ولسان الميزان "4/ 19 رقم 50".(33/147)
الفضل الشَّرْمقَانيّ1 والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وأبي محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأصبهاني الأشعري المعروف بابن اللبان قاضي إيذج2، والحسن بْن عليّ بْن الصَّقْر الكاتب صاحب زيد بن أبي بلال الكوفيّ، وعليّ بن أحمد داود الرزاز، عن قراءته على أبي بكر بن مُقْسم.
قرأ عليه: أبو منصور بن خَيْرُون، وأبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ، وأبو الكَرَم المبارك بن الشَّهْرُزُوريّ، وجماعة.
وكان من كبار المقرئين في زمانه.
عاش نيِّفًا وسبعين سنة أو نحوها.
231- عطاء بن عبد الله بن سيف.
أبو طاهر الدّارميّ الهَرَويّ القرّاب.
تُوُفّي في شوال عَنْ ثلاثٍ وثمانين سنة.
سمع من أصحاب حامد الرّفّاء.
232- عليْ بْن أَبِي الغنائم عَبْد الصَّمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل بن المأمون.
أبو الحسن الهاشميّ البغداديّ.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، وغيره.
وكان المقدَّم بعد أبيه في الموكب. وكبُر حتّى انقطع عن الخروج.
وكان سالكًا نهْج أبيه في إيثار الخمول، وسلوك الطّريقة المُثْلى، والتَّفرُّد والعُزلة عن الخَلْق.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
وتُوُفّي في المحرَّم، ودُفِن بقصر بني المأمون.
__________
1 نسبة إلى "شرمقان" وهي بلدة قريبة من إسفرايين بنواحي نيسابور "الأنساب 7/ 323".
2 بلد بين خوزستان وأصبهان "معجم البلدان 1/ 288".(33/148)
233- علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن أحمد بن أبي العلاء1.
أبو القاسم المصّيصيّ الأصل، الدّمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، الفَرَضيّ.
وُلِد في رجب سنة أربعمائة.
وسمع: محمد بن عبد الرحمن القطّان، وأبا محمد بن أبي نصر، وعبد الوهّاب بن جعفر الميّدانيّ، وأبا نصْر بن هارون، وعبد الوهاب المري، وطائفة بدمشق؛ وأبا الحسن بن الحمّاميّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأحمد بن عليّ الباداء، وهبة الله اللّالكائيّ، وطلحة الكتّانيّ، وجماعة ببغداد؛ وأبا نصْر بن البقّال بعُكْبَرَا؛ ومحمدًا وأحمد ابني الحسين بن سهل بن خليفة ببلد؛ وأبا عبد الله بن نظيف، وأبا النُّعْمان تراب بن عمر، وجماعة بمصر.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، والفقيه نصر المقدسيّ، والخضر بن عَبْدان، وأبو الحسن جمال الإسلام، وهبة الله بن الأكفانيّ، وأبو القاسم بن مقاتل السُّوسيّ، وأخوه عليّ، وأبو العشائر محمد بن خليل الكرديّ، وأبو يَعْلَى حمزة بن الحُبُوبيّ، وأبو القاسم الحسين بن البُنّ الأسَديّ، وهبة الله بن طاوس، وأبو المعالي محمد بن يحيى قاضي دمشق، وآخرون.
وذكر محمد بن عليّ بن قبيس أنّه وُلِد بمصر.
وقال ابن عساكر: كان فقيهًا فَرَضيًّا2، من أصحاب القاضي أبي الطّيّب.
وتُوُفّي بدمشق في حادي عشر جُمَادى الآخرة، ودُفِن بمقبرة باب الفراديس. قلت: كريمة آخر من روى حديثه بعُلُوّ.
234- علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن عليّ بن محمد بن دُلْف بن الأمير أبي دُلْف القاسم بن عيسى ابن إدريس بن مَعْقِل العِجْليّ3.
وعِجْل بطنٌ من بكر بن وائل من أَمَة ربيعة أخي مُضَر ابني نِزار بن مَعَدّ بن عدنان.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 12-15".
2 مختصر تاريخ دمشق "18/ 165".
3 البداية والنهاية "12/ 123، 124، 145، 146".(33/149)
وقد استوفى السّمعانيّ نَسَبَه إلى عدنان.
وقال بعضهم فيه: علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علّكان، بدل عليّ.
أصلهم من جَرْباذْقان، بلد بين هَمَذَان وإصبهان، وداره ببغداد، يُلقَّب بالأمير أبي نصْر.
وقال شِيروَيْه في "طبقاته": يُعرف بالوزير سعْد المُلْك ابن ماكولا. قدِم رسولًا مِرارًا، أوّلها سنة تسعٍ وستّين.
روى عن: أبي طالب بن غَيْلان، وعبد الصّمد بن محمد بن مُكْرَم، وعُبَيْد الله بن عمر بن شاهين، وأبي بكر محمد بن عبد الملك بن بِشران، وبِشْر بن الفاتنيّ، وأبي الطّيّب الطَّبَريّ.
سمعتُ منه، وكان حافظًا متقنًا، أحد من عُني بهذا الشّأن، ولم يكن في زمانه بعد أبي بكر الخطيب أحدٌ أفضل منه، وحضَر مجلسَه الكبار من شيوخنا، وسمعوا منه، وسمع منهم.
وقال: وُلِدتُ بعُكْبَرَا في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.
وقال ابن عساكر1: وَزَرَ أبوه للخليفة القائم، وولي عمُّه قضاء القُضاة، وهو الحسين بن عليّ.
قال: وسمع ابن غَيْلان، والعتيقيّ، وأبا منصور محمد بن محمد السّوّاق، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأحمد بن القاسم بن ميمون المصريّ، وخلْقًا.
روى عنه: الخطيب شيخه، والفقيه نصر المقدسيّ، وعمر الدّهسْتانيّ.
ووُلِد بعُكْبَرَا سنة إحدى وعشرين في شعبان.
قال أبو عبد الله الحُمَيْديّ: ما راجَعتُ الخطيب في شيءٍ إلّا وأحالني على الكتاب، وقال: حتّى أبصره. وما راجَعتُ أبا نصْر بن ماكولا في شيءٍ إلّا وأجابني حِفْظًا، كأنّه يقرأ من كتاب2.
وقال أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني: لمّا بلغ أبا بكر الخطيبَ أنّ ابن
__________
1 تاريخ دمشق "18/ 617".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 574".(33/150)
ماكولا أخذ عليه في كتابه "المؤتنف"، وصنَّف في ذاك تصنيفًا، وحضَر عنده ابن ماكولا، سأله الخطيب عن ذلك، فأنكر ولم يُقِرّ به وأصرّ على الإنكار، وقال: هذا لم يخطر ببالي.
وقيل: إنّ التّصنيف كان في كُمّه، فلمّا مات الخطيب أظهره ابن ماكولا، وهو الكتاب الّذي سمّاه "مستمرّ الأوهام"1.
قلت: لي نسخة به، وهو كتاب نفيس، يدلّ على تبحُّر مصنِّفه وإمامته.
قال ابن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يمدح أبا نصر بن ماكولا ويُثْني عليه، ويقول: دخل مصر في زِيّ الكَتَبَة، فلم نرفع به رأسًا، فلمّا عرفناه كان من العلماء بهذا الشّأن.
وقال أبو سعد السمعاني: كان لبيبًا، عالمًا، عازفًا، حافظًا، ترشّح للحفظ، حتّى كان يقال له الخطيب الثّاني. وصنَّف كتاب "المؤتلف والمختلف" وسمّاه كتاب "الإكمال". وكان نحْويًّا، مجوّدًا، وشاعرًا مبرّزًا جَزْلَ الشِّعْر، فصيح العبارة، صحيح النَّقل، ما كان في البغداديّين في زمانه مثله. رحل إلى الشام، والسواحل، وديار مصر، والجزيرة، والحبال، وخُراسان، وما وراء النّهر. وطاف الدّنيا وجال في الآفاق ورجع إلى بغداد وأقام بها2.
وقال ابن النّجّار: أحبَّ العِلْمَ منذ صِباه، وطلب الحديث، وكان يُحضر المشايخ إلى منزله، وسمع منهم. ورحل إلى أن برع في الحديث، وأتقن الأدب. وله النَّظم والنَّثْر والمصنَّفات.
وأنفذه المقتدي بأمر الله رسولًا إلى سَمَرْقَنْد وبُخَارى، لأخذ البَيْعة له على ملكها طَمْغان الخان.
روى عنه: الخطيب، والفقيه نصر، والحُمَيْديّ، وأبو محمد الحسن بن أحمد السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وشجاع الذُّهْليّ، ومحمد بن طرْخان، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعليّ بن عبد الله بن عبد السلام، وآخرون.
__________
1 تذكرة الحفاظ "4/ 1104"، وسير أعلام النبلاء "18/ 574".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 575".(33/151)
وقال هبة الله بن المبارك ابن الدواني: اجتمعت بالأمير ابن ماكولا، فقال لي: خذ جزأين من الحديث، واجعل متن الحديث الّذي في هذا الجزء على إسناد الّذي في هذا الجزء، من أوّله إلى آخره، حتّى أردّه إلى حالته الأولى، من أوّله إلى آخره.
أخبرني أبو عليّ بْن الخلّال، أَنَا جعفر، أنا السلفي، قال: سألت شجاعا الذهلي عن ابن ماكولا فقال: كان حافظًا، فهْمًا، ثقةً، صنَّف كُتُبًا في علم الحديث1.
وقال المؤتَمَن السّاجيّ: لم يلزم ابن ماكولا طريق أهل العلم، فلم ينتفع بنفسه.
وقال أبو الحسن بن عبد السّلام: لمّا خرج الأمير أبو نصر إلى خُراسان في طلب الحديث، كتب إلى بغداد، والشِّعْرُ له:
قَوِّضْ خِيَامَكَ عن دارٍ أُهِنْتَ بها ... وجَانِبِ الذُّلَّ إنَّ الذُلَّ يُجْتَنَبُ
وارْحَلْ إذا كانتِ الأوطانُ مَضْيَعةً ... فالمنزلُ الرَّطْبُ في أوطانِهِ حَطَبُ
وللأمير:
ولمّا تَوَاقَفْنَا تباكَتْ قُلُوبُنا ... فَمُمْسِكُ دَمْع يومَ ذاك كساكِبِه
فيا كَبِدي الحَرَّى الْبِسِي ثَوْبَ حَسْرَةٍ ... فِرَاقُ الّذي تَهْوينَهُ قد كساكِ به
قال ابن عساكر2: سمعتُ ابن السَّمَرْقَنْديّ يذكر ابنَ ماكولا قال: كان له غلمان تُرْك أحداث، فقتلوه بجرجان سنة نيفٍ وسبعين وأربعمائة3.
وقال ابن النّجّار: قال ابن ناصر: كان ابن ماكولا الحافظ بالأهواز، إمّا في سنة ستٍّ أوْ سبعٍ وثمانين.
وقال السّمعانيّ في أوائل ترجمته: خرج من بغداد إلى خُوزسّتان، وقُتِل هناك بعد الثّمانين4.
وذكر أبو الفرج بن الجوزي: في "المنتظم" إنه قتل سنة خمسٍ وسبعين، وقيل: في سنة ست وثمانين.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 575، 576".
2 في تاريخ دمشق "18/ 617".
3 تذكرة الحفاظ "4/ 1205"، وسير أعلام النبلاء "18/ 576".
4 سير أعلام النبلاء "19/ 576".(33/152)
وقال غيره: قتل في سنة تسعٍ وسبعين.
وقيل: في سنة سبعٍ وثمانين بخُوزسْتان.
حكى هذين القولين القاضي شمس الدّين بن خَلِّكان1.
235- عُمَر بْن أحْمَد بْن عُمَر.
أَبُو حفص السمسار الأصبهاني الفقيه الفَرَضيّ.
سمع: عليّ بن عَبْدكُوَيْه، وأبا بكر بن أبي عليّ الذَّكْوانيّ، وغيرهما.
روى عنه: مسعود الثّقفيّ، وأبي عبد الله الرُّسّتُميّ.
236- عيسى بن خِيرة2.
مولى ابن بُرْد الأندلسيّ المقرئ، أبو الأصْبَغ.
روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وحاتم بن محمد، ومحمد بن عَتّاب، وأبي عمر بن الحذّاء، وأبي عَمْرو السّفَاقّسيّ.
وكان مجوّدًا للقراءات، وَرِعًا، زاهدًا، فاضلًا، متواضعًا، محبَّبًا إلى النَّفس.
ولي إمامة قُرْطُبة، ثمّ تخلّى عن ذلك. ومولده سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
وتُوُفّي في ثامن جُمَادى الآخرة. وكانت جنازته مشهودة.
"حرف الفاء":
237- الفضل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي العبّاس النَّيْسابوريّ الفُرَاويّ3.
والد الفقيه المحدِّث أبي عبد الله محمد بن الفضل.
مولده سنة أربع عشرة وأربعمائة.
سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصروي، وأبا سعيد عبد الرحمن بن عليك، وطائفة.
__________
1 في وفيات الأعيان "3/ 306".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 438، 439".
3 المنتخب من السياق "411، 412".(33/153)
روى عنه: ابنه، وعبد الغافر بن إسماعيل.
وكان صوفيًّا صالحًا، محدِّثًا، جيّد القراءة، مليح الخطّ.
تُوُفّي فِي صفر.
"حرف الميم":
238- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز.
أبو عبد الله الطّاهريّ البغداديّ، من ساكني الحريم.
سمع: أبا الحسن بن الباداء.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ.
تُوُفّي في آخر السّنة.
239- محمد بن إبراهيم بن محمد.
أبو عبد الله الدِّينَوَريّ المؤذّن.
سمع بدمشق من: المسدّد الأُمْلُوكيّ وعليّ بن السِّمْسار، وغيرهما.
روى عنه: القاضي أبو المعالي محمد بن يحيى القُرَشيّ، وغيره.
240- محمد بن الحُسين بن محمد بن طلحة1.
أبو الحسن الإسفرائيني، الأديب الرّئيس.
شاعر محسن، له ديوان شِعْر.
سمع: ابن مَحْمِش الزِّياديّ، وأبا الحسن عليّ بن محمد السّقّاء، وحمزة بن يوسف السَّهْميّ، وغيرهم.
وكان أبوه من رؤساء نَيْسابور، وهو سِبْط القاضي أبي عمر البسْطاميّ. وكان يسلك طريق الفتيان ولا يتكلّف ويحفظ أشعارًا كثيرة. وله في نظام المُلْك قصيدة ومَطْلَعُهَا:
ليهن الهوى إنّي خَلَعتُ عِذَارِي ... وودَّعتُ من بعد المشيب وقاري
__________
1 المنتخب من السياق "59 رقم 113".(33/154)
فقال له نظام المُلْك: أيُّها الشّيخ، بالرّفاء والبَنِين.
فقال: يا مولانا، هذه التّهنئة منك أحبُّ إليَّ من شِعري.
ومن مليح شعره قوله:
بنفسِي مَن سمحتُ له بروحي ... ولم يسمح بطيفٍ من خيالِهِ
وقد طُبع الخيال على مثالي ... كما طُبع الجمال على مثالِه
ولمّا أنْ رأى تَدْليه عقلي ... وشدّة حُرْقتي ورخاء بالِه
تبسَّم ضاحكًا عن بَرْقِ ثَغْرٍ ... يكاد البرقُ يخرج من خلالِه
وله:
بيضاء آنسة الحديث كأنها ... شمس الضحى لن تستطيع منَالَها
وأشدُّ ما بي في هواها أَنّها ... قد أطْمعتْ في الوصْل ثمّ بدا لها
قلت: روى عنه: سعيد بن سعد الله المِيهَنيّ، وسعد بن المُعْتَزّ، وجماعة.
241- محمد بن عبد الله بن موسى بن سهل1.
أبو عبد الله الْجُهَنيّ القُرْطُبيّ، ويُعرف بالبيّاسيّ.
مُكثِر عن حاتم الأطرابلسي.
وروى عن: أبي عبيد الله بن عابد، وأبي عبد الله بن عتّاب، وأبي عُمَر بن الحذّاء.
وكان مجتهدًا في طلب العِلْم وسماعه.
242- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن نظيف:
أبو البركات الصيدلاني الحمامي أخو أبي سعد محمد المكور من ثلاث سِنين.
سمع: عبد الملك بن بشران.
وعنه: شجاع الذهلي.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 559".(33/155)
243- محمد بن عُبَيْد الله بن عبد البَرّ بن ربيعة.
الحافظ أبو عبد الله البلنسي.
ورّخه الأّبار فقال: سمع: أبا عمر بن عمر بن عبد البَرّ، وأبا المطرِّف بن حجّاف، وغيرهما.
وكان فقيهًا حافظًا مُفْتيا.
حدَّث عنه: خُلَيْص بن عبد الله.
مات في حاصر الرُّوم بَلَنْسِيَة رحمه الله.
244- محمد بن أبي هاشم العلويّ1.
صاحب مكّة.
كان يخطب مرّةً لبني عُبَيْد، ومرّةً لأمير المؤمنين، بحسب مَن يقوى منهما، ويأخذ جوائز هؤلاء.
مات في هذا العام.
245- محمود بن القاسم ابن القاضي أَبِي مَنْصُور مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حسين بن محمد ابن مقاتل بن صُبَيْح بن ربيع بن عبد الملك بن يزيد بن المهلَّب2.
القاضي أبو عامر الأزْديّ، المُهَلَّبيّ الهَرَويّ، من ولد المهلَّب بن أبي صُفْرَة.
إمامٌ فقيه علّامة، شافعيّ. حدث "بجامع الترمذي"، عن: عبد الجبار الجراجي.
روى عنه: مؤتَمَن السّاجيّ، ومحمد بن طاهر، وأبو نصر اليُونَارتيّ، وأبو العلاء صاعد بن سيّار، وزاهر الشّحّاميّ، وأبو عبد الله الفُرَاويّ، وأبو جعفر محمد بن أبي عليّ الهَمَذَانيّ، وطائفة آخرهم موتًا أبو الفتح نصر ابن سيّار.
قال السّمعانيّ: هو جليل القدْر، كبير المحل، عالمٌ فاضل. سمع: الجراجي، ومحمد بن محمد الأَزْديّ جدّه، وأبا عمر محمد بن الحسين البسطامي، وأبا معاذ
__________
1 البداية والنهاية "12/ 148".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 32-34"، وشذرات الذهب "3/ 382".(33/156)
أحمد بن محمد الصَّيْرَفيّ، وأحمد الجاروديّ، وأبا معاذ بن عيسى الداغاني، وبكر بن محمد المَرْوَرُّوذيّ، وجماعة.
قال أبو النضر الفامي: عديم النظير زهدًا وصلاحًا عفةً. ولم يزل ذلك من ابتداء عُمره وإلى انتهائه. وكانت إليه الرّحلة من الأقطار والقصد لأسانيده1. وُلِد سنة أربعمائة، وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة قال أبو جعفر بن أبي عليّ: كان شيخنا أبو عامر من أركان مذهب الشّافعيّ بهَرَاة، وكان إمامنا شيخ الإسلام يزوره، ويعوده في مرضه ويتبرَّك بدعائِه.
وكان نظام المُلْك يقول: لولا هذا الإمام في هذه البلدة كان لي ولهم شأن. يهدّدهم به. وكان يعتقد فيه اعتقادًا عظيمًا، لكونه لم يقبل منه شيئًا قطّ.
ولمّا سمعت منه "مُسْنَد التِّرْمِذِيّ" هنّاني شيخ الإسلام، وقال: لم تخسر في رحلتك إلى هَرَاة2.
وكان شيخ الإسلام قد سمع الكتاب قديمًا من محمد بن محمد بن محمود، عن الحسين بن الشّمّاخ، ومحمد بن إبراهيم قالا: أنا أبو عليّ التَّرّاب، عن أبي عيسى؛ ثمّ سمعه من الجراحيّ3.
246- محمود بن منصور البغداديّ.
المعروف بطاس سمع: عبد الملك بن بشْران.
وعنه: شُجاع الذُّهْليّ، وغيره.
تُوُفّي في صَفَر.
247- مَعَدّ4.
أبو تميم الملقَّب بأمير المؤمنين المستنصر بالله بن الظّاهر بالله بن الحاكم بأمر الله بن العزيز بن المُعزّ العُبَيْديّ، صاحب مصر والمغرب.
__________
1 التقييد "442"، وسير أعلام النبلاء "19/ 33".
2 التقييد "442".
3 التقييد "442، 443".
4 البداية والنهاية "12/ 148"، وشذرات الذهب "3/ 382".(33/157)
بويع بعد موت أبيه الظّاهر في شعبان، وبقي في الخلافة ستّين سنة وأربعة أشهر. وهو الّذي خُطب له بإمرة المؤمنين على منابر العراق، في نوبة الأمير أبي الحارث أرسلان البساسيري، في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
ولا أعلم أحدًا في الإسلام -لا خليفة ولا سلطانًا- طالت مُدّته مثل المستنصر هذا.
ولي الأمر وهو ابن سبْع سِنين ولمّا كان في سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة قطع الخطْبة له من المغرب الأمير المُعزّ بن باديس1، وقيل: بل قطعها في سنة خمسٍ وثلاثين، وخطب لبني العبّاس، وخرج عن طاعة بني عُبَيْد الباطنيّة.
وحَدَث في أيّام هذا المتخلّف بمصر الغلاء الّذي ما عُهِد مثلُه منذ زمان يوسف صلى الله عليه وسلم، ودام سبْع سِنين، حتّى أكل النّاس بعضهم بعضًا، حتّى قيل: إنّه بِيع رغيفٌ واحدٌ بخمسين دينارًا. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وحتّى إنّ المستنصر هذا بقي يركب وحده وخواصّه ليس لهم دوّاب يركبونها. وإذا مشوا سقطوا من الجوع. وآل الأمر إلى استعارة المستنصر بغلةً يركبها حامل الخُبز من ابن هبة صاحب ديوان الإنشاء2.
وآخر شيء توجَّهت أُمُّ المستنصر وبناته إلى بغداد خوفًا من أن يمُتْنَ جوعًا. وكان ذلك في سنة ستين وأربعمائة. ولم يزل هذا الغلاء حتّى تحرَّك الأمير بدر الجماليّ والد الأفضل أمير الجيوش من عكاء، وركب في البحر حسبما ذُكِر في ترجمة الأفضل شاهنشاه، وجاء إلى مصر وتولّى تدبير الأمور، وشرع الأمر في الصّلاح3.
تُوُفّي المستنصر في ذي الحجّة؛ وفي دولته كان الرَّفْضُ والسّبّ فاشيا مجهورًا، والسُّنَّة والإسلام غريبًا مستورًا، فسبحان الحليم الخبير الّذي يفعل في مُلْكه ما يشاء.
وقام بعده ابنه المستعلي أحمد، أقامه أمير الجيوش بدر، واستقامت الأحوال، فخرج أخوه نزار من مصر خفية، فصار إلى نصر الدّولة أمير الإسكندريّة، فأعانه ودعا إليه، فتمّت بين أمير الجيوش وبينهم حروب وأمور، إلى أن ظفر بهم.
__________
1 وفيات الأعيان "5/ 229".
2 وفيات الأعيان "5/ 230".
3 وفيات الأعيان "5/ 230".(33/158)
"حرف الهاء":
248- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن عِراك بن أبي اللّيث.
أبو القاسم الأندلسيّ المقرئ نزيل تُسْتَر.
قرأ بمصر، والشّام، والعراق، القراءات، فقرأ على الأهوازيّ بدمشق، وعلى أبي الوليد عُتْبَة بن عبد الملك العثمانيّ ببغداد.
قرأ عليه القراءات في هذه السّنة بتّسْتَر: أبو سعد محمد بن عبد الجبّار الفارسيّ.
"حرف الواو":
249- واضح بن محمد بن عمر بن واضح بن أبروَيْه.
الصُّوفيّ الأصبهاني.
مات فِي ذِي القَعْدة.
"حرف الياء":
250- يَحْيَى بْن الحسين بن شراعة.
أبو الحسين التيمي الهَمَذَانيّ المؤذّن.
روى عن: أبي طاهر بن سَلَمَة، ومحمد بن عيسى، وغيرهما.
وعنه: شيروَيْه، وقال: صدوق.
وفيات سنة ثمان وثمانين وأربعمائة:
"حرف الألف":
251- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن خَيْرُون1.
أبو الفضل البغداديّ الباقِلانيّ الحافظ.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 105-108"، والبداية والنهاية "12/ 149".(33/159)
ذكره السّمعانيّ فقال: ثقة، عدل، متقن واسع الرّواية، كتب بخطّه الكثير. وكان له معرفة بالحديث1.
روى عنه الخطيب في "تاريخه" فوائد.
سمع: أبا بكر البَرْقانيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأحمد بن عبد الله بن المَحَامِليّ، وعثمان بن دوست العلاف، وأبا القاسم الحرفي، وعبد الملك بن بشْران، وأبا يَعْلَى أحمد بن عبد الواحد؛ فمَن بعدَهم، إلى أن سمع من أقرانه.
وكتب بخطّه ما لم يدخل تحت الوصف.
قلت: وأجاز له أبو الحسين بن المُتيَّم، وأبو الحسن بن الصَّلْت الأهوازيّ، وأبو الفَرَج محمد بن فارس الغُوريّ، وابن رزقوَيْه.
وتفرَّد بإجازة جماعة من الكبار.
روى عنه: أبو عامر العَبْدريّ، وأبو عليّ بن سُكَّرَة، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل بن محمد التَّيْميّ، وأبو بكر الأنصاريّ، وشيخ الشّيوخ إسماعيل، وأبو الفضل بن ناصر، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وخلْق كثير آخرهم أبو الفتح محمد بن البطّيّ2.
قال السّمعانيّ: سمعتُ أبا منصور بن خَيْرُون يقول: كتبَ عمّي أبو الفضل عن أبي عليّ بن شاذان ألف جزء3.
قال: وسمعت عبد الوهاب يقول: ما رُؤيَ مثل أبي الفضل بن خَيْرُون، لو ذكرت له كتبه وأجزاءه التي سمعتها تول: عمّن سمع؟ وبأيّ طريقٍ سمع؟
وكان يذكر الشّيخ وما يروي وما يتفرَّد به4.
وقال أبو منصور: كتبوا مرّةً لعمّي "الحافظ"، فغضب وضرب عليه وقال: إيشْ قرأنا حتّى يُكتب لي الحافظ؟
__________
1 تذكرة الحفاظ "4/ 1208"، سير أعلام النبلاء "19/ 106".
2 ميزان الاعتدال "1/ 92"، ولسان الميزان "1/ 155".
3 تذكرة الحفاظ "4/ 1207".
4 سير أعلام النبلاء "19/ 107".(33/160)
قلت: وقد أقرأ النّاسَ بالرّوايات، فقرأ على: أبي العلاء الواسطيّ، وعليّ بن طلحة البصْريّ.
قرأ عليه: ابنُ أخيه محمد بن عبد الملك بن خَيْرُون.
قال أبو عليّ الصَّدَفيّ: قرأتُ عليه عدّة خِتَم.
وممّن روى عنه أيضًا: هبة الله بن عبد الوارث، وعمر الرواسي.
وكان يُقال: هو في زمانه كيحيى بن مَعِين في زمانه؛ إشارة إلى أنّه كان يتكلَّم في شيوخ وقته جَرْحًا وتعديلًا، ولا يحابي حدًّا.
قال السلفي: كان يحيى بن معين إمام وقته1؛ وُلِد في جُمَادى الآخرة سنة ستٍّ وأربعمائة، ومات في رابع عشر رجب، رحمه الله تعالى.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ، أنا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْبَطِّيِّ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَلَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طعام لا سمرآء". م، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، عَنِ الْعَقَدِيِّ، فَوَقَعَ بَدَلًا عَالِيا.
252- أحمد بن زاهر بن محمد2.
أبو بكر بن أبي سعيد النَّيْسابوريّ المقرئ التّاجر.
روى عن: أبي حسّان المزكيّ، ومحمد بن إبراهيم الفارسيّ.
وحدَّث بإصبهان "بمسلم"، فحمله عنه طائفة.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: تُوُفّي سنة سبعٍ، أو ثمانٍ وثمانين وأربعمائة، رحمه الله.
253- أحمد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه.
أبو سَعْد الحُصْريّ. القزّاز.
شيخ بغداديّ مسن، يعرف بابن تحريش.
__________
1 التقييد "134".
2 المنتخب من السياق "116".(33/161)
سمع: أبا الحسين بن بشران.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي وعمر المَغَازِليّ، وأبو الكرم الشَّهْرُزُورِيّ. ولم يكن يعرف شيئًا.
254- إبراهيم بن محمد بن سعدوَيْه.
أبو نصر الأصبهاني.
سمع من: أبي بكر بن أبي عليّ، وجماعة.
ومولده سنة سبعٍ وأربعمائة.
255- إسماعيل بن محمد بن أحمد1.
أبو القاسم الزاهري المرزوي الدندانقاني.
كان يدخل مروًا أحيانًا من قريته. وكان عالمًا ورِعًا صدوقًا.
أثنى عليه أبو المظفّر منصور بن السّمعانيّ.
أكثر النّاس عنه.
سمع من: أبيه أبي الفضل، وأبي بكر عبد الله بن أحمد القفال، وعبد الرحمن بن أحمد الشرنخشيري2، وأبي إبراهيم إسماعيل بن يَنَالَ المحبوبيّ، وأحمد بن محمد بن عَبْدُوس الحافظ النَّسَائيّ.
روى عنه: عبد الكريم بن بدر، وأبو طاهر محمد بن محمد السِّنْجيّ، وغير واحد. مات في ربيع الآخر عن 91 سنة.
256- إسماعيل بن الفُضَيْل بن محمد.
الإمام أبو محمد الفُضَيْليّ الهَرَويّ.
كان فقيهًا متفنّنًا في العلوم، نبيلًا. وكان أبوه عالم هَرَاة وخطيبها. وله شعرٌ رائق.
وهو والد محمد بن إسماعيل شيخ أبي روح.
__________
1 الأنساب "6/ 229، 230".
2 الشيرنخشيري: نسبة إلى شيرنخشير، وهي قرية من قرى مرو "الأنساب 7/ 156".(33/162)
"حرف الباء":
257-بَدْر1.
أمير الجيوش.
أرمنيّ الجنس. ولي إمارة دمشق من قِبل المستنصِر العُبَيْديّ سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة2، إلى أنّ جَرَت بينه وبين الجند والرّعيّة فتنة، وخاف على نفسه، فهَرَب في رجب سنة ستٍّ وخمسين. ثمّ وليها في سنة ثمانٍ وخمسين والشّام بأسره، ثمّ وقع الخِلاف بينه وبين أهل دمشق، فهَرب سنة ستّين. وأخْرَب القصر الّذي كان خارج باب الجابية. أخربه أهل البلد والعسكر خرابًا لم يُعَمَّر بعد، ومضى إلى مصر، فَعَلَت رتبتُه، وصار صاحبَ الأمر، فبعث إلى دمشق عسكرًا بعد عسكر، فلم يظفر بها. وتُوُفْي بمصر.
وهو بدر الجماليّ، وهو الّذي بنى جامع العطّارين بالإسكندريّة.
وفيه يقول عَلْقَمة العُلَيْميّ:
يا بَدْرُ أُقْسِمُ لو بِكَ اعتصمَ الوَرَى ... ولجوا إليك جميعُهم ما ضاعوا3
اشتراه جمال الدّين بن عمّار وربّاه.
وقيل: ركب البحر في الشّتاء من صور إلى الدّيار المصريّة في سنة ستٍّ وستّين، والمستنصِر في غاية الضَّعْف واختلال الدّولة للغلاء والوباء الّذي تمّ من قريب، ولاختلاف الكلمة، فولّاه الأمور كلَّها، من وزارة السّيف، والقلم، وقضاء القُضاة، والتَّقدُّم على الدُّعاة، فضبط الأمور، وزال قُطُوع4 المستنصِر واستفاق.
ولمّا دخل قرأ القاريء: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123] ووقف، فقال المستنصِر: لو أتمَّها لَضَرَبتُ عُنُقَه.
ولم يزل إلى أن مات في ذي القعدة سنة ثمانٍ وثمانين.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 81-83"، والبداية والنهاية "12/ 147، 148".
2 أمراء دمشق "16".
3 الكامل في التاريخ "10/ 236".
4 القطوع: الإدبار والنحس.(33/163)
وبنى مشهد الرّأس بعسقلان.
وقد وَزَرَ ولده الأفضل في حياته لمّا مرض.
"حرف التّاء":
258- تُتُش بن ألْب أرسلان أبي شُجاع محمد بن داود بن ميكال بن سلجوق بن دُقَاق1.
الملك أبو سعيد تاج الدّولة السُّلْجُوقيّ، ولد السّلطان وأخو السّلطان. تُركيّ محتشم، شجاع، من بيت ملك وتقدُّم. مرّ كثيرٌ من سيرته وفتوحاته العظيمة في الحوادث.
استنجد به صاحب دمشق أتّسِز على قتال عسكر المصريّين الرّافضة، فقدِم دمشق في سنة اثنتين وسبعين، وقتل أتْسِز في تلك الأشْهر، وملك دمشق، وقيل: إنّه كان حَسَن السّيرة. وبقي على دمشق إلى صَفَر سنة ثمانٍ هذه، فقُتِل بمدينة الرَّيّ.
وكان قد سار من دمشق إلى خُراسان عندما سمع بموت أخيه السّلطان ملكشاه ليتملّك، فلقِيه ابن أخيه بَرْكيَارُوق، فقُتِل تُتُش في المعركة، وتسلطن بعده بدمشق ابنُه دُقَاق الملقَّب شمس الملوك، أخو فخْر الملوك رضوان.
وكان تتش معظمًا للشيخ أبي الفرح الحنبليّ. وقد جَرَت في مجلسه بدمشق مناظرة عقدها لأبي الفَرَج وخصومه في قولهم: إنّ القرآن يُسمع ويُقرأ ويُكتب، وليس بصوتٍ ولا حرف. فقال الملك: هذا مثل قول من يقول هذا قَباء، وأشار إلى قبائه، على الحقيقة، وليس بحرير، ولا قُطْن، ولا كتّان.
وهذا الكلام صَدَر من تُركيّ أعجميّ، فأيّد الله شرف الإسلام أبا الفَرَج، فجاهد في الإسلام حقّ جهاده؛ ثمّ خلّف ولدًا نجيبًا عالمًا سيفًا مسلولًا على المخالفين، وهو شرف الإسلام عبد الوهّاب.
"حرف الجيم":
259- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن جحّاف.
أبو أحمد المَعَافِريّ، قاضي بلنسية ورئيسها في الفتنة.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 83-85"، والبداية والنهاية "12/ 148".(33/164)
سمع: أبا عمر بن عبد البَرّ.
صارت إليه ولاية بَلَنْسِيَة بعد خلْع القادر بن ذي النُّون وقتله على يديه، فلم تُحْمَد دولته.
امْتُحن بالكنبيطور الكلب الّذي أخذ بَلَنْسِيَة، فأخذ ماله وعذّبه، وأحرقه بالنَّار.
"حرف الحاء":
260- حَمْد بن أحمد بن الحسن1.
أبو الفضل الحدّاد.
قال ابن السّمعانيّ: ورد نعِيُّه من إصبهان إلى بغداد في ذي الحجّة سنة ثمانٍ وثمانين.
قلت: قد ذكرته في سنة ستٍّ، لأنّي رأيت وفاته في تاريخٍ لبعض الأصبهانيين في جُمَادى الأولى سنة ستٍّ، وهو أشبه.
261- الحسن بن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن سَلَمَة.
أبو عليّ الهَمَذَانيّ المعدل. إمام الجامع بهَمَذَان.
روى عن: إبراهيم بن جعفر الأسَديّ، وعليّ بن إبراهيم بن حامد، والحسين بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ، ومحمد بن عيسى، وابن سَلَمَة، وغيرهم.
قال شيروَيْه: سمعتُ منه جميع ما كان عنده مِرارًا، وكان ثقة، صدوقًا، متديِّنًا، جمالًا للمحراب، زَيْنًا للمجالس والمحافل. من بيت العلم.
تُوُفّي في صَفَر، وتَولَّيْتُ غسْلَه.
قال: وكان مولده في شعبان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.
262- الحسن بن محمد بن الحسن2.
الفقيه أبو علي الساوي3 الشافعي، المتكلم الأشعري.
__________
1 المنتظم "9/ 8"، وتقدم برقم "179".
2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 66".
3 نسبة إلى ساوة بلدة بين الري وهمذان "الأنساب 7/ 19".(33/165)
حدَّث بدمشق عن: أبي طالب بن غَيْلان، وأبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي الحسن صخر، وغيرهم.
روى عنه: الفقيه نصر المقدسيّ وهو من أقرانه، وهبة اللَّه بْن طاوس.
وتُوُفّي فِي ذي القعدة، وله ستٌّ وسبعون سنة.
263- الحسين بن إسماعيل1.
أبو عبد الله العَلَويّ الحَسَنيّ النَّيْسابوريّ فخر الحَرَمين.
روى عن: عبد الرحمن بن حمدان النصرويي، وناصر بن الحسين العَمْريّ.
روى عنه: أبو سعْد خيّاط الصُّوف.
مات في شوّال، وقد جاوز الثّمانين.
"حرف الخاء":
264- خديجة بنت أبي عثمان إسماعيل الصّابونيّ النَّيْسابوريّ2.
ماتت في رمضان: وكانت صالحة عابدة.
ولدت سنة أربعٍ وأربعمائة، وسمعت من أصحاب الأصمّ، ومن: أبي نصر عمر بن عبد العزيز بن قَتَادَة، والحسين ابن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ.
وعنها: أبو البركات بن الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وعمر بن الصّفّار، وغيرهم.
ماتت في رمضان، وستأتي أختُها ستيك3.
"حرف الراء":
265- رِزْقُ الله بن عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد4.
__________
1 المنتخب من السياق "202"، ولسان الميزان "2/ 273".
2 المنتخب من السياق "219".
3 ستأتي برقم "348".
4 سير أعلام النبلاء "18/ 609-615"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1208"، والبداية والنهاية "12/ 150"، وشذرات الذهب "3/ 384".(33/166)
الإمام أبو محمد بن أبي الفَرَج التّميميّ البغدادي، رئيس الحنابلة ببغداد.
ولد سنة أربعمائة، وقيل: سنة إحدى وأربعمائة.
قال السّمعانيّ: هو فقيه الحنابلة وإمامهم. قرأ القرآن، والحديث، والفقه، والأصول، والتّفسير، والفرائض، واللُّغة، وعُمّر حتى صار يقصد من كل جانب. وكان مجلسه جم الفوائد. وكان يجلس في حلقة أبيه بجامع المنصور للوعظ والفتوى. وكان فصيح اللسان.
قرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي.
وسمع منه، ومن: أبيه، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيَّم1، وأبي عمر بن مهدي، وأبي الحسين بن بشران، وابن الفضل القطان، والحرفي، وابن شاذان، وجماعة.
روى لنا عنه خلْق كثير، ووَرَد إصبهان رسولًا في سنة ثلاثٍ وثمانين. وثنا عنه من أهلها أكثر من ستّين نفسًا.
ثُمَّ قَالَ: أنبا الْمَشَايِخُ، فَذَكَرَ سِتِّينَ بِإصبهان، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ نَفْسًا مِنْ غَيْرِهَا.
ثُمّ قَالَ: وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ، قَالُوا: أنبا رِزْقُ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، فَذَكَرَ حَدِيثَ: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا" 2. وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَد رِزْقُ اللَّهِ بِعُلُوِّهِ.
أنبا أبو المعالي الهَمَذَانيّ، أنا أبو بكر بن سابور، أنا عبد العزيز الشّيرازيّ، أنا رزق الله إملاءً، فذكر مجلسًا أوّله هذا الحديث.
قال السّمعانيّ: سمعت أحمد بن سعْد العِجْليّ بهَمَذَان يقول: كان شيخنا أبو محمد التّميميّ إذا روى هذا الحديث قال: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} [الطور: 15] ؟! وقال السِّلَفيّ: فيما أنا الدّمياطيّ، أنا ابن رَوَاج، أنا أبو طاهر بن سِلَفَة قال: رزق الله شيخ الحنابلة، قدِم إصبهان رسولًا من قِبَل الخليفة إلى السّلطان، وأنا إذ ذاك صغير. وشاهدته يوم دخوله. كان يومًا مشهودًا كالعيد، بل أبْلَغ في المَزِيد. وأُنْزِل بباب القصر، محلتنا، في دار سلطان. وحضرت في الجامع الجورجيري مجلسه
__________
1 في ذيل طبقات الحنابلة "1/ 77" "التميم" وهو تحريف.
2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6502".(33/167)
متفرِّجًا، ثمّ لمّا تصدَّيت للسّماع، قال لي أبو الحسن أحمد بن معمر اللبناني1، وكان من الأثبات: قد استجرته لك في جملة من كتبتُ اسمه مِن صبياننا.
فكتب خطّه بالإجازة.
وقال أبو غالب هبةُ الله قصيدةً أوّلها:
بمَقْدِم الشّيخ رِزْقِ الله قد رُزِقَتْ ... أهلُ إصبهان أسانيدًا عَجيباتِ
ثمّ قال السِّلَفيّ: وروى بالإجازة عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ.
قال ابن النّجّار: وقرأ بالرويات على الحمّاميّ. وقرأ عليه جماعةٌ من القرّاء. وتفقّه على أبيه، وعمّه أبي الفضل. وله مصنَّفاتٌ حَسَنَة2.
وكان واعظًا، مليح العبارة، لطيف الإشارة، فصيحًا، ظريف المعاني. له القبول التّامّ والحُرْمة الكاملة. ترسَّل إلى ملوك الأطراف.
وقال أَبُو زكريا يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَهْ: سمعتُ أبا محمد رزق الله الحنبليّ بإصبهان يقول: أدركتُ من أصحاب ابن مجاهد واحدًا يُقال له: أبو القاسم عُبَيْد الله بْن محمد الخفّاف، وقرأت عَليْهِ سورة البقرة، وقرأها عَلَى أَبِي بَكْر بن مجاهد3.
وأدركتُ أيضًا أبا القاسم عمر بن تعويذ من أصحاب الشِّبْليّ، وسمعته يقول: رأيت أبا بكر الشِّبْليّ في درب سليمان بن عليّ في رمضان، وقد اجتاز على البقّال، وهو يُنادي على البَقَل: يا صائم من كلّ الألوان. فلم يزل يكرر هذا اللّفْظ ويبكي، ثمّ أنشأ يقول:
خليليَّ إنْ دام هَمُّ النُّفوس ... على ما أراه سريعًا قَتَلْ
فَيَا سَاقيَ القَومِ لا تَنْسَني ... ويَا رَبَّةَ الخِدْر غنِّي رَمَلْ
لقد كان شيءٌ يُسمَّى السُّرُورُ ... قديمًا سمعنا به ما فعل4
__________
1 اللبناني: نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان ولها باب يقال له: باب لبنان "الأنساب: 11/ 32".
2 الوافي بالوفيات "14/ 113".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 612، 613".
4 سير أعلام النبلاء "18/ 163".(33/168)
وقال السّمعانيّ: أنشدنا هبة الله بن طاوس: أنْشدنا رزق الله التّميميّ لنفسِهِ:
وما شَنَّأَنَّ الشَّيْبَ من أجل لَوْنِهِ ... ولكنَّهُ حادٍ إلى البين مسرع
إذا ما دبت منه الطَّليعة آذَنَتْ ... بأنّ المَنَايا خَلْفَها تتطلَّعُ
فإنْ قصَّها المِقْراضُ صاحت بأُخْتها ... فتظهرُ تَتْلُوها ثلاثٌ وأربعُ
وإنْ خُضِبَتْ حالَ الخِضَاب لأنه ... يُغَالبُ صُنْعَ اللهِ واللهُ أصنعُ
إذا ما بَلَغَت الأربعينَ فقُلْ لِمَنْ ... يَوَدُّك فيما تشتهيه ويُسْرعُ
هَلُمُّوا لِنَبْكي قبل فُرْقة بَيْننا ... فما بَعْدَها عيشٌ لذيذٌ ومَجْمَعُ
وخَلِّ التَّصَابي والخلاعَةَ والهَوَى ... وأُمَّ طريقَ الخير فالخيرُ أنْفعُ
وخُذْ جنة تُنْجي وزادًا من التُّقى ... وصُحْبَة مأمومٍ فقصدُك مفزعُ
قال أبو عليّ بن سُكَّرَة: رِزقُ الله التّميميّ، قرأت عليه برواية قالون خِتْمةً، وكان كبيرَ بغداد وجليلَها، وكان يقول: كلّ الطّوائف تدعيني1.
سمعته يقول: يَقْبُحُ بكم أن تستفيدوا منّا ثمّ تذكرونا، فلا تترحّموا علينا؛ فرحمه الله.
قلتُ: وآخر من روى عنه سماعًا أبو الفتح بن البطّيّ، وإجازةً أبو الطاهر السِّلَفيّ.
قال ابن ناصر: تُوُفّي شيخنا أبو محمد التّميميّ في نصف جُمَادى الأولى سنة ثمانٍ. ودُفِن في داره بباب المراتب. ثمّ دُفِن في سنة إحدى وتسعين إلى جنْب قبر الإمام أَحْمَد2.
قال أبو الكَرَم الشَّهْرُزُوريّ: سمعته يقول: دخلت سَمَرْقَنْد، فرأيتهم يرْوون "النّاسخ والمنسوخ" لجدّي هبة الله، عن خمسةٍ، إليه، فرويته عن جدي لهم.
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 78".
2 طبقات الحنابلة "2/ 251"، المنتظم "9/ 89".(33/169)
"حرف الشّين":
266- شافع بن عليّ1.
أبو الفضل الطُّرَيْثيثيّ، الصُّوفيّ النَّيْسابوريّ الزّاهد.
كان عالِمًا عامِلًا، قانتًا عابدًا، ناسكًا كبير القْدر، صاحب مقامات وأحوال. من سكان دويرة أبي عبد الرحمن السلمي.
توفي في ذي الحجة.
وقد سمع بمكة من ابن صخْر؛ وبالبصرة من إبراهيم بن طلحة بن غسّان. روى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ.
"حرف الصّاد":
267- صالح بن أحمد بن رضوان بن محمد بن رضوان جالينوس.
أبو عليّ التّميميّ البغداديّ المعدّل.
روى عن: عبد الملك بن بشْران، وغيره.
روى عنه: محمد بن عليّ بن عبد السّلام الكاتب.
تُوُفّي في رجب.
"حرف العين":
268- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن حمزة بن الحسن بن حمدان بن ذكوان2.
أبو محمد البَعْلَبَكيّ. يُعرف بابن أبي فجّة.
سمع: عليّ بن محمد الحِنّائيّ، وعبد الرحمن بن ياسر الْجَوْبَريّ، وعليّ بن السّمْسار، وأحمد بن محمد العتيقيّ، وأبا نصر بن الحبّان.
وأجاز له الحسين بن أبي كامل صاحب خيثمة.
__________
1 المنتخب من السياق "253"، رقم "815".
2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "12/ 116".(33/170)
سمع منه: عبد الرحمن وعبد الله ابنا صابر.
قال ابن عساكر: ثنا عنه ابن ابنه عليّ بن حمزة، والخَضِر بن عليّ.
وتُوُفّي في ذي القعدة.
269- عبد الله بن طاهر بن محمد شَهْفُور1.
أبو القاسم التّميميّ الفقيه، نزيل بلْخ.
من أهل إسْفَرائين.
قال السّمعانيّ: كان إمامًا فاضلًا نبيلًا، بَرَعَ في الفقه والأصول، ودرَّس بالمدرسة النّظاميّة ببلْخ. حَسَن الأخلاق، ظهرت له الحشمة التّامّة حتّى صار من أهل الثروة.
وكان له مروءة وحسان، وتفقُّد للفقراء، وسَعْيٌ جميل في الحقوق.
سمع بنَيْسابور: عليّ بن محمد الطّرّازيّ، وعبد الرحمن النصرويي، وجده أبا منصور عبد القاهر البغدادي.
روى لنا عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، والمبارك بن خيرون الوزان. سمعوا منه لمّا حجّ.
وثنا عنه بهَرَاة: أبو شُجاع البسْطاميّ؛ وببلْخ: أخوه أبو الفتح محمد البسّطاميّ.
270- عبد الجبّار بن الحسين بن محمد بن القاسم.
أبو يَعْلَى الهاشميّ البغداديّ الشُّرُوطيّ، المعروف بابن أبي عيسى. وهم أربعة أخوة: محمد, وعبد الجبّار، وعبد السّميع، وعبد المهيمن.
سمع: أبا عليّ بن شاذان.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعليّ بن عبد العزيز بن السّمّاك. تُوُفّي في شعبان.
271- عبد الرحيم بن عثمان بن أحمد2.
أبو القاسم السُّنِّيّ الحنفي النيسابوري.
__________
1 المنتخب من السياق "288" رقم "952"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 204".
2 المنتخب من السياق "323 رقم 1066".(33/171)
حدَّث عن: أبي سعيد الصَّيْرَفيّ، وأصحاب الأصمّ، وعنه: عبد الغافر، وقال: تُوُفّي في رمضان.
272- عبد السّلام بن محمد بن يوسف بن بُنْدَار1.
أبو يوسف القَزْوينيّ. شيخ المعتزلة.
نزل بغداد، وسمع: أبا عمر بن مَهْديّ الفارسيّ، وعبد الجبّار بن أحمد الهَمَذَانيّ القاضي المعتزليّ، ودرس عليه الكلام بالرَّيّ.
وسمع بهَمَذَان: أبا طاهر بن سَلَمَة، وبِحَرّان: أبا القاسم عليّ بن محمد الزَّيْديّ؛ وبإصبهان: أبا نُعَيْم الحافظ.
وسمع من: أبيه، وعمّه إبراهيم، وسماعه قبل الأربعمائة.
روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو غالب بن البنّاء، وهبة الله بن طاوس، ومحمود بن محمد الرَّحْبيّ، وإسماعيل بن محمد الأصبهاني الحافظ، وأبو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو البركات الأنْماطيّ، وأحمد بن محمد أبو سعْد البغداديّ، وآخرون.
قال السّمعانيّ: كان أحد المعمَّرين المقدَّمين، جمع "التّفسير الكبير" الّذي لم يُرَ في التّفاسير كتابٌ أكبر منه، ولا أجمع للفوائد، ولولا أنّه مَزَجَه بكلام المعتزلة، وبثَّ فيه مُعْتَقَدَه، وما اتَّبع نهج السَّلَف فيما صَنَّفه من الوقوف على ما ورَدَ في الكتاب والسُّنّة والتّصديق بهما.
وأقام بمصر سِنين، وحصَّل أحْمالًا من الكُتُب، وحملها إلى بغداد، وكان داعيةً إلى الاعتزال.
سمعتُ أبا سعْد البغداديّ الحافظ يقول: كان يصرّح بالاعتزال، وقال ابن عساكر: هو مُصنِّفٌ مشهور. سكن طَرَابُلُس مدّةً، ثمّ عاد إلى بغداد.
سمعتُ الحسين بن محمد البلْخيّ يقول: إنّ أبا يوسف صنَّف "التّفسير" في ثلاثمائة مجلَّد ونيّف، وقال: من قرأه عليّ وهبْتُه النسخة. فلم يقرأه عليه أحد.
__________
1 معجم البلدان "2/ 332"، والكامل في التاريخ "10/ 253"، وسير أعلام النبلاء "18/ 616-620"، والبداية والنهاية "12/ 150".(33/172)
وسمعتُ هبة الله بن طاوس يقول: دخلتُ على أبي يوسف ببغداد وقد زمن، من أين أنت؟ قلت: من دمشق.
قال: بلد النَّصْب1.
وقال ابن النّجّار: قرأتُ بخطّ أبي الوفاء بن عقيل الفقيه: قدِم علينا أبو يوسف القَزْوينيّ من مصر، وكان يفتخر بالاعتزال. وكان فيه توسُّع في القدْح في العلماء الّذين يخالفونه وجُرأة. وكان إذا قصد باب نظام المُلْك يقول لهم: استأذِنوا لأبي يوسف القَزْوينيّ المعتزليّ.
وكان طويل اللّسان بعلمٍ تارةٍ، وبسفهٍ يؤذِي به النّاسَ أخرى.
ولم يكن محقّقًا إلّا في التّفسير، فإنّه لَهِجَ بالتفاسير حتى جمع كتابًا بلغ خمسمائة مجلد، حشى فيه العجائب، حتى رأيت منه مجلَّدةً في آيةٍ واحدة، وهي قوله تعالى: {وَاتَبَعُوا مَا تَتْلُو الشَيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] فذكر فيه السَّحَرة والملوك الّذين نَفَقَ عليهم السِّحْرُ وأنواع السِّحر وتأثيراته2.
وقال أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك: ملكَ أبو يوسف القَزْوينيّ كُتُبًا لم يملك أحدٌ مثلَها. فكان قومٌ يقولون ابتاعها من مصر بالخبز وقت شدة الغلاء.
وحدَّثني أبو منصور عبد المحسن بن محمد أنّه ابتاعها بالأثمان الغالية. وكان يحضر بيع كُتُب السِّيرافيّ، وهو شاهدٌ معروف بمصر، وبيعت كُتُبُه في سنتين، وزادت على أربعين ألف مجلَّدة.
قال: وكان أبو يوسف يبتاع في كلّ أسبوع بمائة دينار، ويقول: قد بعتُ رَحْلي وجميعَ ما في بيتي.
وكان الرُّؤساء هناك يواصلونه بالذَّهب.
وقيل: إنّه قدِم بغداد معه عشرة أحمال كُتُب، وأكثرها بالخطوط المنسوبة.
وعنه قال: ملكتُ ستين تفسيرًا، منها "تفسير ابن جرير"، و"تفسير الجبائي"، و"تفسير ابنه أبي هاشم"، و"تفسير أبي مسلم بن بحر"، و"تفسير البلخي".
__________
1 النصب: من الناصبة، وهم الذين يبغضون عليًّا رضي الله عنه.
2 المنتظم "9/ 90".(33/173)
قال محمد بن عبد الوهّاب: وأهدى أبو يوسف لنظام المُلْك أربعة أشياء ما لأحدٍ منها: "غريب الحديث" لإبراهيم الحربيّ في عشر مجلدات بخط أبي عمر بن حيويه، و"شعر الكميت" في ثلاث عشر مجلدات بخط أبي منصور، و"عهد القاضي عبد الجبّار بن أحمد" بخطّ الصّاحب بن عبّاد وإنشائه، فسمعتُ أبا يوسف يقول: كان سبعمائة سطر، كل سطر في ورقة سَمَرْقَنْديّ، وله غلاف آبنُوس يطبق كالأُسْطُوانة الغليظة، وأهدى له مُصْحَفًا بخطٍّ منسوب واضح، وبين الأسطر القراءات بالحُمْرة، وتفسير غريبه بالخُضْرة، وإعرابه بالزُّرْقَة، وكتب بالذّهب علامات على الآيات التّي تصْلُح للانتزاعات في العهود، والمكاتبات، والتعازي، والتهاني، والوعيد.
فأعطاه نظام الملك ثلاثمائة دينار. فسمعت من يسأل أبا يوسف عند نظام المُلْك فقال: أعطيته أكثر ممّا أعطاني، وإنما رضيت منه بالإكرام، وغدرته حين قال: ليس عندي حلال لا شُبْهة فيه سوى هذا القدر1.
وسُئل عنه المؤتَمَن السّاجيّ فقال: قطعته رأسًا لِما كان يتظاهر به من خِلاف الطّريق.
وقال محمد بن عبد الملك في "تاريخه": كان أبو يوسف فصيح العبارة، حُلْو الإشارة، يحفظ غرائب الحكايات والأخبار. وكان زَيْديَّ المذهب، وفسَّر بمصر القرآن في سبعمائة مجلدٍ كبار.
قلت: وقد دخل عليه الإمام أبو حامد الغزاليّ، وجلس بين يديه، فسأله: من أين أنت؟ فقال: من المدرسة ببغداد.
وقال الغزاليّ: علمتُ أنّه ذو اطّلاعٍ ومعرفة، فلو قلت إنّني من طوس، لذكر ما يُحكى عن أهل طُوس من التّغفيل، من أنّهم توسَّلوا إلى المأمون بقبر أبيه، وكونه عندهم، وطلبوا منه أن يحوِّل الكعبة، وينقلها إلى عندهم: وأنّه جاء عن بعضهم أنّه سُئل عن نجمه، فقال بالتّيس. فقيل له في ذلك، فقال: من سِنين كان بالْجَدْي، والآن فقد كَبُر.
قال ابن عساكر2: وسمعتُ من يحكي أنّه كان بأَطْرابُلُس، فقال له ابن البرّاج: متكلِّم الرّافضة: ما تقول في الشيخين؟ فقال: سفلتان ساقطان.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 618، 619"، لسان الميزان "4/ 11، 12".
2 في تاريخ دمشق".(33/174)
قال: مَن تَعْني؟ قال: أنا وأنت.
وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ: أبو يوسف القَزْوينيّ كان معتزليًّا داعيةً، كان يقول: لم يبقَ مَن ينصُرُ هذا المذهبَ غيري، وكان قد بلغ من السّنّ مبلغًا يكاد أن يُخفى في الموضع الّذي كان يجلس فيه، وله لسانٌ شاب1.
ذكر لي أن تفسيرًا في القرآن في نحو ثلاثمائة مجلد، سبعة منها في سورة الفاتحة. كان عنده جزءٌ ضخمٌ، من حديث محمد بن عبد الله الأنصاريّ، رواية أبي حاتم الرّازيّ، عنه، كنتُ أودّ أن يكون عند غيره بما يشقّ عليّ.
قرأت عليه بعضه، رواه عن القاضي عبد الجبّار المعتزليّ، عنه.
وكان سبب مَشْيي إليه أنّ شيخنا ابن سوار المقرئ سألني أنْ أمضي مع ابْنَيه لأُسْمِعَهُمَا عليه، فأَجَبْتُه، وقرأ لهما شيئًا من حديث المحاملي، وأنا أنّه سمع ذلك سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة، وهو ابن أربع سِنين أو نحوها2.
قال لي: كنتُ في سنّ هذا، يعني وَلَد شيخنا ابن سِوَار، وكنتُ أعقل من أبيه.
وكان لا يُسالم أحدًا من السَّلَف؛ وكان يقول لنا: أُخرجوا تدخل الملائكة يريد المحدِّثين.
قال: ولم أكتب عنه حرفًا؛ يعنى ابن سُكَّرَة أنّه لا يحدِّث عنه؛ وقد روى عنه شِعْرًا، وذكره في مشيخته.
قال شجاع الذُّهْليّ: أبو يوسف القَزْوينيّ أحد شيوخ المعتزلة، عاش ستًّا وتسعين سنة، ذكر لي أنّ مولده في سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.
وقل ابن ناصر: مات في رابع عشر ذي القعدة، وقال مرةً: ولدت نصف شعبان.
173- عبد الصمد بن أحمد ابن الرُّوميّ:
أبو القاسم البغداديّ.
سمع: أبا عليّ بن شاذان.
__________
1 سير أعلام النبلاء "18/ 619"، لسان الميزان "4/ 12".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 620".(33/175)
روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، ومحمد بن عليّ بن عبد السّلام.
تُوُفّي في صَفَر.
274- عبد الغفار بن نصر.
أبو طاهر الهَمَذَانيّ المقرئ البزّاز ويُعرف بابن هاموش.
قال شيروَيْه: روى عن: ابن عَبْدان، وعبد الغافر الفارسيّ، وأبي حفص ابن مسرور، والنيسابوريين. قرأت عليه القرآن، وتوفي المحرَّم.
275- عبد الملك بن عبد الله1.
أبو سهل الدَّشْتيّ الفقيه.
نَيْسابوريّ عالى الإسناد.
سمع: أبا طاهر الزّياديّ، وعبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبا عبد الرحمن السُّلَميّ.
ومات في شوّال.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال؛ شيخ من بيت العِلم والتّصوّف والثّروة.
وقال السّمعانيّ2: كان شيخًا مستورًا، صدوقًا من بيت العلم والصلاح.
ولد سنة ست وأربعمائة.
قلت: روى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وعمر بن أحمد الصّفّار، وأبو البركات بن الفرواي، وعبد الرحمن بن الحسن الكَرْمانيّ، وآخرون.
276- عُبَيْد الله بن عبد الله بن حَسكوَيْه3.
أبو سعد النَّيْسابوريّ.
شيخ مُسْنِد، روى عن: أبي بكر الحيري، والطرازي، والصيرفي.
__________
1 الأنساب "5/ 134، 135"، والمنتخب من السياق "330".
2 في الأنساب "5/ 341".
3 تذكرة الحفاظ "3/ 1201"، وسير أعلام النبلاء "18/ 269، 270".(33/176)
روى عنه: وجيه، وعبد الخالق بن زاهر.
وقد مرّ أبوه سنة ثلاثٍ وخمسين.
277- عليّ بن أحمد بن عليّ بن زُهَير1.
أبو الحسن التّميميّ المالكيّ.
دمشقي مشهور.
روى عن: عليّ بن الخضر، وعليّ بن السّمْسار، ومحمد بن عبد الله بن بُنْدَار، وأحمد بن الحسن بن الطّيّان، وأبي عثمان الصّابونيّ، وجماعة.
روى عنه: جمال الإسلام السُّلَميّ، ونصر بْن أَحْمَد بْن مقاتل، وناصر بْن محمود القُرَشيّ.
قال أبو محمد بن جابر: لم يكن المالكيّ ثقة.
وكذلك قال أبو القاسم بن جابر، وقال: أخرج لنا جزءًا من حديث ابن زَبر، قد كتب عليه سمَاعَه من ابن السِّمْسار سنة خمسٍ وثلاثين. ومات ابن السّمْسار سنة أربعٍ وثلاثين.
تُوُفّي في ذي القعدة، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.
278- عليّ بن أحمد بن خُشْنَام2.
أبو سعيد الصَّيْدلانيّ.
شيخ نَيْسابوريّ صالح.
سمع: محمد بن محمد بن مَحْمِش.
وهو أخو شبيب البَسْتيغيّ3.
روى عنه: عمر بن أحمد الصفار وإسماعيل العصايدي.
__________
1 ميزان الاعتدال "3/ 112"، ولسان الميزان "4/ 517".
2 التحبير "1/ 559"، والمنتخب من السياق "388".
3 البستيغي: نسبة إلى بستيغ، وهي قرية بسواد نيسابور "الأنساب 2/ 207".(33/177)
279- عليّ بن عَمْرو الحرّانيّ1.
الفقيه الحنبليّ، الرّجل الصّالح.
يُكنى أبا الحسن. مات بسَرُوج. وكان من أصحاب القاضي أبي يَعْلَى.
تُوُفّي في شعبان.
280- عليّ بن عبد الصّمد بن عثمان بن سلامة2.
أبو الحسن العسقلانيّ، المعروف بطيف.
سمع: أبا عبد الله بن نظيف بمصر، ومحمد بن جعفر الميماسيّ بغزّة، وعليّ بن السِّمّسار بدمشق.
قال غيث بن عليّ: سمعتُ منه في سنة ثمانٍ وثمانين، ما علمتُ من أمره إلّا خيرًا.
281- عليّ بن عبد الغنيّ3.
أبو الحسن الفِهْريّ المقرئ الحُصْريّ.
الشَّاعر الضّرير. أقرأ النّاس بسَبْتَة وغيرها.
قال ابن بَشْكُوال4: ذكره الحُمَيْديّ5 وقال: شاعر أديب، رخيم الشِّعْر، دخل الأندلس ولقي ملوكها؛ وشعره كثير، وأدبه موفور.
قلت: وكان عالِمًا بالقراءات وطُرُقَها.
قال ابن بَشْكُوال: روى لنا عنه أبو القاسم بن صواب، أخبرنا عنه بقصيدته الّتي نَظَمَها في قراءة نافع، وهي مائتا بيت وتسعة أبيات، قال: لقيته بمُرْسِية.
ومن شعره، وقد كتب إليه المعتمد وبعث خمسمائة دينار يتجهز بها ليفد عليه، فقال:
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 86، 87".
2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 128".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 6، 27"، وشذرات الذهب "3/ 385، 386".
4 في الصلة "2/ 432".
5 في الجذوة "314".(33/178)
أمرتني بركوب البحر أَقْطَعُهُ ... غيري لك الخير فاخْصُصْه بذا الدّاءِ
ما أنتَ نوحٌ فَتُنْجِيني سفينَتُهُ ... ولا المسيحُ أنا أمشي على الماءِ
"حرف الفاء":
282- الفضل بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى1.
أَبُو القاسم بن أبي حرب الْجُرْجَانيّ الزّجّاجيّ.
شيخٌ نَيْسابوريّ الدّار، ثقة، صالح، حسن السّيرة، تاجر أمين.
سمع: أبا عبد الرحمن السّلَميّ، وابن مَحْمِش، والحِيريّ، وغيرهم.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بن سعْد العجلي الهمذاني، وأبو عثمان العصايدي المرزوي، وعمر ابن أحمد الصّفّار، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وأحمد بن مبارك بن قُفْرَجَل، وصَدَقَة بن محمد السّيّاف.
حدَّث ببُلْدان، وحكى عنه جيرانه كثرةَ تِلاوةٍ وبُكاء.
ولد سنة خمسٍ وأربعمائة، وتُوُفّي في رمضان.
قال ابن النّجّار: أمين صدوق، صالح، عفيف، من التّجّار، كثير الصَّدَقة.
وقيل: كان أبوه حاتم وقته.
"حرف الميم":
283- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن إبراهيم2.
الوزير ظهير الدّين أبو شُجاع الرُّوذرَاوَريّ.
وَزَرَ للمقتدي بالله بعد عزْل عميد الدّولة منصور بن جهير سنة ستٍّ وسبعين، وصُرِف سنة أربعٍ وثمانين، وأُعيد ابن جَهِير.
ولمّا عُزِل قال:
تولّاها وليس له عدوّ ... وفارقها وليس له صديق3
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 40، 41".
2 المنتظم "9/ 90-94"، وسير أعلام النبلاء "19/ 27-31"، والبداية والنهاية "2/ 150، 151".
3 الكامل في التاريخ "10/ 187"، وسير أعلام النبلاء "19/ 30".(33/179)
ثمّ إنّه حجّ وجاوَرَ بالمدينة إلى أن مات بها كَهْلًا. وكان ديِّنًا عالمًا، من محاسن الوزراء.
قال العِماد الكاتب: لم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدّين والشَّرع مثله. وكان عصره أحسن العصور رحمه الله.
"ذكره" صاحب "المرآة"1.
ولمّا ولي وزارةَ المقتدي كان سليمًا من الطَّمع في المال، لأنّه كان يملك حينئذٍٍ ستمائة ألف دينار، فأنفقها في الخيرات والصَّدقات.
قال أبو جعفر الخرفي: كنتُ أنا واحدًا من عشرة نتولّى إخراج صَدَقَاته، فحسبْت ما خرج على يديّ، فكان مائة ألف دينار.
وكان يبيع الخطوط الحَسَنة، ويتصدَّق بها، ويقول: أنا أَحَبّ الأشياء إليَّ الدّينار والخطّ الحسن، فأنا أتصدَّق بمحبوبي لله.
وجاءته قصة بأن امرأةً وأربعة أيتام عرابًا، فبعث من يكسوهم، وقال: والله لا ألبس ثيابي حتّى ترجعَ. وتعرَّى، فعاد الغلام وهو يرعد من البرد.
وكان قد ترك الاحتجاب ويكلِّم المرأة والصّبيّ، ويحضر مجالسة الفُقَهاء والعَوَامّ، ولا يمنع أحدًا. وأُسقطت المُكُوس في أيّامه، وألبسَ الذّمّة الغيار. ومحاسنه كثيرة، وصَدَقَاته غزيرة، وتواضعه أمر عجيب، فرحمه الله تعالى.
284- محمد بن عبّاد بن محمد بن إسماعيل بن قُريش2.
السّلطان المعتمد على الله أبو القاسم ابن السّلطان المعتضد بالله أبي عمرو ابن الإمام الفقيه قاضي إشبيليّة، ثمّ سلطانها الظّافر المؤيّد بالله أبي القاسم بن أبي الوليد اللَّخْميّ، من ولد النُّعْمان بن المنذر صاحب الحِيرة.
كان المعتمد صاحب إشبيليّة وقُرْطُبة، وأصلهم من بلاد العريش الّتي كانت في أوّل رمل مصر، فدخل أبو الوليد الأندلس.
مات المعتضد سنة إحدى وستين وأربعمائة، فتملك بعده المعتمد هذا. وكان
__________
1 أي مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.
2 الكامل في التاريخ "10/ 248-250"، وسير أعلام النبلاء "19/ 58-66".(33/180)
عالمًا، ذكيًّا، أديبًا، شاعرًا مُحْسِنًا، وكان أندى الملوك راحةً، وأَرْحَبَهم مساحةً، كانت حضرته مَلْقَى الرّحال، وموسم الشُّعراء، وقِبلة الآمال ومَأْلَفَ الفُضَلاء.
وشِعره في غاية الحُسْن، وهو مدوَّن موجود.
قال أبو بكر محمد بن عيسى اللَّخْميّ الدّانيّ المعروف بابن اللّبّانة الشّاعر: ملك المعتمد بن مسوَّرات البلاد ما بين أمصارٍ ومُدُنٍ وحصون مائتي مسوَّر وإحدى وثلاثين مسوَّرًا. وخُلِع من ملكه عن ثمانمائة سريّة1، ووُلِد له مائةٌ وثلاثةٌ وسبعون ولدًا.
وكان راتبه كل يومٍ ثمانمائة رِطْل لحم. وكان له ثمانية عشر كاتبًا.
وذكر القاضي شمس الدين ابن خلكان2، قال: كان الأذفونش بن فرذلَنْد ملك الفرنج بالأندلس قد قوي أمُره، وكانت ملوك الطّوائف من المسلمين بجزيرة الأندلس يصالحونه، ويؤدُّون إليه ضريبة، ثمّ إنّه أخذ طليطلة في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة بعد حصارٍ شديد، وكانت للقادر بالله بن ذي النُّون. وكان المعتمد مع كونه أكبر ملوك الجزيرة يؤدي الضريبة للأذفونش، فلمّا ملك الكلب طُلَيْطُلَة قويت نفسه، ولم يقبل ضريبة المعتمد، وأرسل إليه يتهدده ويقول: تنزل عن الحصون الّتي بيدك، ويكون لك السَّهْل.
فضربَ المعتمدُ الرسولَ، وقتلَ من كان معه. فبلغ الأدفونش الخبر وهو متوجهٌ لحصار قُرْطُبة، فرجع إلى طُلَيْطُلَة لأخْذ آلات الحصار، فأتى المشايخ والعلماء إلى أبي عبد الله محمد بن أدهم، وفاوضوه فيما نزل بالمسلمين، فاجتمع رأيهم أن يكتبوا إلى الأمير أبي يعقوب يوسف بن تاشَفين صاحب مرّاكش، يستنجدونه ليُعدّي بجيوشه إلى الأندلس، ويُنجد الإسلام. واجتمع القاضي بالمعتمد على الله، وأعلمه بما جرى فقال: مَصْلَحَة3.
ثمّ، إنّ ابن تاشَفين نزل سَبْتَة، وأمر جيشه، فعبروا إلى الجزيرة الخضراء، ولمّا تكامل له جُنْدُه عبرَ هو في السّاقة. ثمّ إنّه اجتمع بالمعتمد. وقد عرض المعتمد عساكره. وأقبل المسلمون من كلّ النّواحي طلبًا للجهاد. وبلغ الأذفونش الخبر فخرج
__________
1 الحلة السيراء "2/ 55".
2 في وفيات الأعيان "5/ 27".
3 الروض المعطار "288".(33/181)
في أربعين ألف فارس، وكتبَ إلى ابن تاشَفين يتهدّده، فكتب ابن تاشَفين جوابه في ظهر كتابه: "الّذي يكون سَتَراه". وردّه إليه. فلمّا وقف عليه ارتاع لذلك، وقال: هذا رجل عازم.
ثمّ سارَ حزبُ الإسلام وحزبُ الصّليب والتقى الْجَمْعَان بالزّلّاقة من بلد بَطَلْيُوس، فكانت ملحمةً كبرى، وهزم الله الأذفونش، بعد استئصال عسكره، ولم يَسْلَم معه سوى نفرٍ يسير. وذلك في يوم الجمعة من رمضان سنة تسعٍ وسبعين.
وأصاب المعتمدَ جراحاتٌ في وجهه وبدنه، وشهدوا له بالشّجاعة، وغنم المسلمون شيئًا كثيرًا1.
وعاد ابن تاشَفين إلى بلاده. ثمّ إنّه في العام المقبل، عدَّى إلى الأندلس، وتلقّاه المعتمد، وحاصرا بعض حصون الفرنج، فلم يقدروا عليها، فرحل ابن تاشَفين، ومر بغرناطة إليه صاحبها عبد الله بن بُلُكِّين تقادُم سَنِيّه، وتلقّاه، فغدر به ابن تاشَفين، ودخل بلده وقصره، وأخذ منه ما لا يُحصى، ثمّ رجع إلى مَرّاكش، وقد أعجبه حَسْن الأندلس وبساتينها وبُناها ومطاعمها الّتي لا توجد بمَرّاكش، فإنّها بلاد بربر وأجْلاف العُربان. وجعل خواصُّ ابن تاشَفين يُعظِّمون عنده الأندلس، ويُحسِّنون له أخذها، ويُغْرون قلبه على المعتمد بأشياء2.
وقال عبد الواحد بن عليّ المَرّاكشيّ في "تاريخه": غلبَ المعتمد على قُرْطُبة في سنة إحدى وسبعين، فأخرج منها ابن عُكّاشة، ثمّ رجع إلى إشبيلية؛ واستخلف عليها ولده عبّادًا، ولقّبه المأمون.
وفي سنة تسعٍ وسبعين جاز المعتمد البحرَ إلى مَرّاكش مستنصرًا بيوسف بن تاشَفِين على الرُّوم، فَلَقِيه أحسن لقاء، وأسرع إجابته وقال: أنا أول منتد لنِصْرة الدّين.
فرجع مسرورًا، ولم يدرِ أنّ تدميره في تدبيره، وسلَّ سيفًا عليه لا له.
فأخذ ابن تاشَفِين في أُهْبة العبور إلى الأندلس، واستنفر النّاس، وعبر في سبعة آلاف فارس، سوى الرّجّالة، ونزل الجزيرة الخضراء، وتلقاه المعتمد، وقدم له تحفًا
__________
1 الروض المعطار "289-291".
2 وفيات الأعيان "5/ 27-30".(33/182)
جليلة، وسأله أن يدخل إشبيلية، فامتنع وقال: نريد الجهاد.
ثمّ سار بجيوشه إلى شرقيّ الأندلس. وكان الأدفونش، لعنه الله يحاصر حصنًا، فرجع إلى بلاده يستنفر الفرنج، وتلقّى ابن تاشَفِين ملوك الأندلس الّذين كانوا على طريقه كصاحب غَرْناطة، وصاحب المَرِيّة، وصاحب بَلَنْسِيَة، ثمّ استعرض جُنْدَه على حصن لُورَقَة، وقال للمعتمد: هَلُمَّ ما جئنا له من الجهاد. وجعل يصغّر قدر الأندلس ويقول: في أوقاتٍ كان أمر هذه الجزيرة عندنا عظيمًا، فلما رأياها وقعت دون الوصف. وهو في ذلك كلّه يُسِّرُّ حَسْوًا في ارتقاء. فسار المعتمد بين يديه، وقصد طُلَيْطُلَة، فتكامل عدد المسلمين زُهاء عشرين ألفًا، فالتقوا هم والعدوّ بأوّل بلاد الرّوم، لعنهم الله، وجاء الأدفونش في جيشٍ عظيم بمرّة، فلمّا رآهم يوسف قال للمعتمد: ما كنت أظن هذا الخنزير يبلغ هذا الحدّ. فالتقوا في ثاني عشر رمضان، وصَبَر البربر، وأبلوا بلاء حَسَنًا، وهزم الله النَّصارى، وكانت ملحمة مشهودة. ونجا الأدفونش في تسعةٍ من أصحابه. وتُسمَّى هذه وقعة الزّلّاقة. ففرح أهل الأندلس بالبربر، وتيمَّنوا بهم، ودعوا لابن تاشَفِين على المنابر، فقوي طمعه في الأندلس.
وقد كانت الفرنج تأخذ الإتاوة من ملوكها قاطبة.
ثم جال ابن تاشَفِين في الأندلس على سبيل التَّفرُّج، وهو يُضْمر أشياءً، ويُظْهر إعظام المعتمد ويقول: إنّما نحن في ضيافته، وتحت أمره.
وكان المعتصم مَعْن بن محمد بن صُمادِح، صاحب المَرِيّة، يحسد المعتمد، فداخَلَ ابنَ تاشَفِين، وحظي عنده، فأخذ يعيب المعتمد، وقدَّم لابن تاشَفِين هدايا فاخرة، ولم يدرِ ابن صُمادِح أنّه يسقط في البئر الّذي حَفَر. وأعانه جماعةٌ على تغيير قلب ابن تاشفين يقول الزُّور، وبأنّه يَتَنَقَّصَك. فعبرَ إلى بلاده مُرّاكش. وفهِم المعتمد أنّه قد تغيّر عليه. ثمّ اتّفق رأي ابن تاشَفِين أن يراسل المعتمد، يستأذنه في رجالٍ صُلَحاء أصحاب ابن تاشَفِين رغِبوا في الرّباط في حصون الأندلس.
فاذِن له. وأراد ابن تاشَفِين أن يكون له بالأندلس أعوانًا لوقت الحاجة. وقد كانت قلوب الأندلسيّين قد أُشْرِبَت حُبَّ ابن تاشَفِين، فانتخب رجالًا، وأمّر عليهم قرابته بُلَّجِين، وقرَّر معه أمورًا، فبقوا بالأندلس إلى أن ثارت الفتنة. ومبدؤها في شوّال سنة ثلاثٍ وثمانين. فملك المرابطون جزيرة طريف، ونادوا فيها بدعوة أمير المسلمين يوسف.(33/183)
ثمّ زحف المرابطون الّذين في الحصون إلى قُرْطُبة فحاصروها، وفيها المأمون بعد أن أبدى عذرًا وأظهر في الدّفاع جَلَدًا وصبرًا في صَفَر سنة أربعٍ وثمانين. فزادت الإحْنة والمحنة، وعَلَت الفتنة.
قال ابن خَلِّكان1: وحاصروا إشبيليّة، وبها المعتمد، أشدّ المحاصرة، وظهر من شدّة بأس المعتمد ومصابرته وتَرَاميه على الموت بنفسه، ما لم يسمع بمثله. فلما كان في رجب سنة أربعٍ هجم ابن تاشَفِين البلدَ، وشنُّوا فيه الغارات. ولم يتركوا لأحدٍ شيئًا. وخرج النّاس يسترون عوراتهم بأيديهم. وقبضوا على المعتمد.
وقال عبد الواحد المذكور: وفي نصف رجب ثاروا على المعتمد، فبرز من قصْره وسيفه بيده، وغلالته ترفّ على جسده، لا درع عليه، ولا دَرَقَة معه، فلقي فارسًا مشهور النَّجْدة فرماه الفارس بحربةٍ، فأصاب غِلالَتَه، وضرب هو الفارس بالسّيف على عاتقه، فخرَّ صريعًا. فانهزمت تلك الْجُموع، وظنَّ أهل إشبيليّة أن الخِناق قد تنفّس.
فلمّا كان وقت العصر، عاودهم البربر، فظهروا على البلد من واديه، وشبّت النّار في شوانيه2، فعندها انقطع العمل. وكان الّذي ظهر عليها من جهة البَرّ جُدَيْر بن البربريّ، ومن الوادي الأمير أبو حمامة. والْتَوَتِ الحال أيّامًا، إلى أن قدِم سِير ابن أخي يوسف بن تاشَفِين بعساكره، والنّاسُ في تلك الأيّام يرمون أنفسهم من الأسوار. فاتَّسع الخَرْق على الرّاقع بمجيء سِير، ودُخِل البلد من واديه، وأُصيب حاضره وبادِيه بعد أن جدّ الفريقان في القتال، وشُنَّت الغارة في إشبيليّة، ولم يترك البربر لأهلها سبدًا ولا لبدًا. ونُهِبت قصور المعتمد، وأُخِذ أسيرًا. ثمّ أُكْرِه على أن يكتب إلى ولديه: أن تُسلِّما الحصنَيْن، وإلّا قُتِلتُ. وإنّ دمي رهنٌ على ذلك. وهما الراضي بالله، والمعتمد بالله، وكانا في رُنْدَة ومارْتلة، فنزلا بعد عهودٍ مبرمة.
فأما المعتمد، فعند نزوله قبض عليه القائد الواصل إليه، وأخذ كلّ أمواله، وأمّا الآخر فقتلوه غِيلَةً. وذهبوا بالمعتمد وآلِه بعد استئصال جميع أحواله، وعبروا بِهِ إِلى طنجة، فبقي بها أيامًا، ثُمَّ نقلوه إلى مِكْناسَة، فتُرِك بها أشهرًا، ثم نقلوه إلى مدينة
__________
1 في وفيات الأعيان "5/ 30".
2 هي السفن الحربية.(33/184)
أغْمات، فبقي بها أكثر من سنتين محبوسًا. ومات. وللمعتمد مراثٍ في ولديه اللّذين قتلوهما.
وله في حاله:
تَبَدَّلْتُ من ظِلِّ عزِّ البُنُود ... بِذُلِّ الحديد وثِقْل القُيُودِ
وكان حديدي سِنانًا ذَلِيقًا ... وعَضْبًا رَقيقًا صَقيلَ الحديد
وقد صار ذاك وذا أدهمًا ... يعض بساقي الأسُودِ1
وقيل: إنّ بنات المعتمد دخلن عليه السّجنَ في يوم عيدٍ، وكُنَّ يغْزِلن للنّاس بالأُجرة في أغْمات، فرآهنّ في أطمارٍ رثَّةٍ، فَصَدَعْنَ قلبه، فقال:
فيما مضى كنتَ بالأعياد مسرورًا ... فساءك العيدُ في أَغْماتَ مأسورا
ترى بناتِك في الأطمار جائعةٍ ... يغزلن للناس لا يملكن قِطْميرا
بَرَزْنَ نحوك للتّسليم خاشعةً ... أبصارهُنَّ حسيراتٍ مَكَاسيرا
يَطَأْنَ في الطِّين والأقدامُ حافيةٌ ... كأنّها لم تَطَأَ مِسْكًا وكافورا
من بات بعدَكَ في ملكٍ يُسَرُّ به ... فإنّما بات بالأحلام مسرورا
ودخل عليه ولده أبو هاشم، والقيود قد عضّت بساقيه، فقال:
قَيْدي أما تَعْلَمُني مُسْلمًا ... أبيتَ أن تُشْفق أو تَرْحما
دمي شرابٌ لك واللّحم قد ... أكلْتَه لا تهشم الأعظُما
يُبصرني فيك أبو هاشمٍ ... فينثني والقلب قد هُشِّما
ارْحم طُفَيْلًا طائشًا لُبُّه ... لم تَخشَ أن يأتيك مسترحما
وارحم أخياتٍ له مثله ... جرّعتهُنَّ السُّمّ والعَلْقَما
وللمعتمد، وقد أُحيط به:
لمّا تماسكتِ الدّموعُ ... وتَنَهْنَهَ القلبُ الصَّدِيعُ
قالوا الخضوعُ سياسةٌ ... فَلْيَبْدُ منك لهم خضوع
__________
1 الأبيات في ديوان المعتمد بن عباد "94"، وسير أعلام النبلاء "19/ 64".(33/185)
وألذ من طعم الخضو ... ع على فمي السم النقيع
إن تسلب عنِّي الدُّنَا ... مّلْكي وتُسْلِمُني الْجُمُوعُ
فالقلبُ بين ضُلُوعِهِ ... لم تُسّلِمِ القلبَ الضُّلُوعُ
قد رُمْتُ يوم نِزَالِهم ... أنْ لا تحصِّنني الدُّرُوعُ
وبرزت ليس سوى قميـ ... ـصٍ عن الحشَى شيءٌ دَفُوعُ
أجَليَ تأخّر لم يكُنْ ... بِهَوَايَ ذُلِّي والخُضُوعُ
ما سِرتُ قطُّ إلى القتا ... ل وكان في أملي الرجوعُ
شِيَمُ الأُولَى أنا منهمُ ... والأصل تتْبعهُ الفروعُ
ولأبي بكر محمد بن اللّبّانة الدّانيّ فيه قصائد سائرة، وكان منقطعًا إليه؛ من ذلك:
لكلّ شيءٍ من الأشياء ميقاتُ ... وللمُنى من مناياهنّ غاياتُ
والدّهر في صِيغة الحِرْباء منغمسٌ ... ألوانُ حالاته فيها استحالاتُ
ونحن من لعب الشّطرنج في يده ... ورُبّما قُمِرت بالبَيْدق الشّاةُ
أنفض يديك من الدّنيا وساكِنها ... فالأرضُ قد أقْفرتْ والنّاسُ قد ماتوا
وقُلْ لعالَمِها الأرضيّ قد كَتَمتْ ... سريرةَ العالَمِ العُلْويِّ أَغْماتُ
وهي طويلة.
وله فيه قصائد طنّانة، هي:
تنشَّق رياحينَ السّلامِ فإنّما ... أفُضُّ بها مِسْكًا عليك مُخَتَّما
وقل لي مَجازًا إن عَدِمْتَ حقيقةً ... بأنّك في نُعْمَى فقد كنتَ مُنْعِمَا
أفكِّرُ في عصرٍ مضى لك مُشْرقًا ... فيرجعُ ضَوءُ الصُّبْح عندي مُظْلِما
وأعْجَبُ من أُفْقِ المجَرَّةِ إذ رأى ... كُسُوفَكَ شمسًا كيف أطْلَعُ أنْجُمَا
فتاةٌ سَعَتْ للطَّعنِ حتّى تقَصَّدَتْ ... وسيفٌ أطال الضَّربَ حتّى تثلَّما
بكى آلُ عَبّادٍ ولا لمحمدٍ ... وأبنَائهِ صَوْبُ الغَمَامة إذ هُمَا(33/186)
صَبَاحُهُمْ كُنَّا به نَحْمَدُ السُّرَى ... فلمَّا عَدِمْنَاهُمْ سَرَيْنَا على عَمَى
وكُنّا رَعَيْنا العزَّ حولَ حِمَاهُمُ ... فقد أجْدَبَ المَرْعَى وقد أقفر الحِمى
وقد أَلْبَسَت أيْدي اللّياليَ مَحَلَّهُم ... منَاسِيجَ سَدَّى الغَيْثُ فيها وألحَمَا
قصورٌ خَلَتْ من ساكنيها فما بها ... سوى الأدم تمشي حولَ وَاقِفَةِ الدُّما
كأنْ لم يكنْ فيها أنيسٌ ولا التَقَى ... بها الوفدُ جَمْعًا والْجَميشُ عَرَمْرَمَا
حكيتَ وقد فارقْتَ مُلْكَكَ مالكًا ... ومِن وَلَهِي أبكي عليك مُتمَّما
تضيقُ عليَّ الأرضُ حتّى كأنّني ... خُلِقْتُ وإيّاها سِوارًا ومعْصَمَا
وإنّي على رسْمي مقيمٌ فإن أَمُتْ ... سأجْعلُ للباكِينَ رسْمي مَوْسِمَا
بَكَاكَ الحَيَا والرّيحُ شقَّتْ جُيُوبَها ... عليكَ وناح الرَّعْدُ باسمِكَ مُعْلِما
ومُزِّق ثوبُ البَرْق واكتَسَتِ السّما ... حِدَادًا وقامتْ أنْجُم اللّيل مأْتَمَا
وما حلَّ بدْرُ التَّمِّ بعدَك دارَةً ... ولا أظْهَرَتْ شمس الظَّهِيرة مبسما
سيُنْجيك مَن نجَّى من الْجُبُّ يُوسُفًا ... ويؤويك من آوى المسيح ابن مرْيَمَا
ثمّ إنّه وفد على المعتمد وهو في السّجن وفادةَ وفاءٍ لا استجداء، وحكى أنّه لمّا عزم على الانفصال عنه بعث إليه عشرين دينارًا، وتفصيلة، وأبياتًا يعتذر فيها، قال: فَرَدَدْتُها عليه لعلمي بحاله، وأنّه لم يترك عنده شيئًا.
قال ابن خَلِّكان: مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. ومات في شوال سنة ثمانٍ وثمانين.
قلت: وقد سمّى ابن اللّبّانة أولاد المعتمد الّذين في الحياة بأسمائهم وألقابهم، فذكر نحوًا من ثلاثين ذكرًا.
قال: وعدد بناته أربعٌ وثلاثون بنْتًا.
285- مُحَمَّد بن عَبْد الواحد.
أَبُو بَكْر الإصبهاني. عُرف بخوروسْت.
شيخ مسن.(33/187)
قال السِّلَفيّ: لم يَمُت أحدٌ من شيوخي قبله.
روى عن: أبي منصور بن مَهْرُيَرْد.
286- محمد بن عثمان بن عليّ بن حسّان1.
أبو سعيد البُسْتيّ الغازيّ القّوّاس، ابن الأديب النَّحْويّ أبي طاهر. سمع من أصحاب الأصمّ. وكان أحد الرُّماة المذكورين.
وتُوُفّي في ذي الحجَّة عَنْ أربعٍ وثمانين سنةٍ بنَيْسابور.
روى عنه: أبو البركات الفُرَاويّ، وأُمُّ سَلَمَة بنت عبد الغافر.
287- محمد بن عليّ بن الحسين بن يحيى بن حميدون2.
القاضي أبو عبد الله الصُّوريّ تُوُفّي بصُور في رمضان.
288- محمد بن عليّ بن أبي عثمان.
أبو الغنائم.
قال شُجاع الذُّهْليّ: تُوُفّي فيها. وقد مرّ سنة ثلاث.
289- مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله.
أبو عليّ الشّاذياخيّ الصُّوفيّ.
حدَّث عن: أبي حسّان محمد بن أحمد المزكيّ، وأبي بكر بن الحارث، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم المزكيّ.
وُلِد سنة خمس عشرة وأربعمائة. وتوفي في صفر.
290- محمد ين عليّ بن أبي صالح البَغَويّ الدّبّاس. سمع: الجراحيّ، ومسعود بن محمد البِغِويّ، وعليّ بن أحمد الإسْتِراباذيّ3 وغيرهم.
وهو آخر من روى "جامع" التِّرْمِذِيّ بِعُلُوّ.
روى عنه: ابنه عثمان، وأبو الفتح محمد بن عبد الله الشّيرازيّ، وأحمد بن
__________
1 المنتخب من السياق "65"، وفيه "صبيان" بدل "حسان".
2 تاريخ دمشق "38/ 573".
3 الإستراباذي: نسبة إلى بلدة إستراباذ من أعمال طبرستان "الأنساب 1/ 214".(33/188)
ياسر المقرئ، وأبو الفتح محمد بن أبي علي، ومحمد بن عبد الرحمن الحمدويي، وآخرون كثرون.
وتُوُفّي ببغشُور في ذي القعدة.
وكان من الفقهاء.
عاش ثمانيا وثمانين. وكنْيته أبو سعيد.
291- محمد بن المظفّر بن بكران بن عبد الصّمد1.
العلّامة قاضي القُضاة أبو بكر الشّاميّ الحموي الفقيه الشافعي. ولد بحماة سنة أربعمائة، ورحل إلى بغداد شابًّا، فسكنها وتفقّه بها.
وسمع الحديث من: عثمان بن دُوَسّت، وأبي القاسم بن بشْران، وأبي طالب بن غَيْلان، وأبي محمد الخلّال، وأبي الحسن العتيقيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، وهبه الله بن طاوس المقرئ.
وكان دخوله بغداد في سنة عشرين.
قال السّمعانيّ: هو أحد المتقنين لمذهب الشّافعيّ، وله اطّلاع على أسرار الفقه. وكان ورِعًا زاهدًا متَّقيا. وجَرَت أحكامه على السَّداد. ولي قضاء القُضاة ببغداد بعد موت أبي عبد الله الدّامغانيّ سنة ثمانٍ وسبعين، إلى أن تغيّر عليه المقتدي بالله لأمرٍ، فمنع الشُّهُود من حضور مجلسه مدّةً، فكان يقول: ما أنعزِل ما لم يتحقَّقوا عليِّ الفِسْق.
ثمّ إنّ الخليفة خلع عليه، واستقام أمره2.
وسمعت الفقيه أحمد بن عبد الله بن الأبنوسيّ يقول: جاء أمير إلى قاضي القُضاة الشّاميّ، فادّعى شيئًا، فقال: بيّنتي فلان والمشطّب الفَرَغانيّ الفقيه. فقال: لا أقبل شهادة المشطّب؛ لأنه يلبس الحرير.
فقال: السّلطان ملِكْشاه ووزيره نظام الملك يلبسانه.
__________
1 الأنساب "4/ 229"، وسير أعلام النبلاء "19/ 85-88"، والبداية والنهاية "12/ 151".
2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 83".(33/189)
فقال: ولو شهِدا عندي ما قَبِلتُ شهادتهما أيضًا1.
وقال ابن النّجّار: كان رحمه الله قد تفقّه على أبي الطّيّب الطّبريّ، وكان يحْفظ تعليقته، وولي قضاء القُضاة، وأبى أن يأخذ على القضاء رِزْقًا. ولم يغيّر مأكَلَه ولا مَلْبَسه، ولا استناب أحدًا في القضاء. وكان يسوّي بين الشّريف والوضيع في الحُكْم، ويقيم جاه الشَّرْع. فكان هذا سبب انقلاب الأكابر عنه، فألصقوا به ما كان منه بريًّا من أحاديث مُلَفَّقّةٍ، ومعاييب مزوَّرة.
وصنَّف كتاب "البيان عن أُصول الدّين". وكان على طريقة السَّلَف، ورِعًا نَزِهًا.
وأنبأنا أبو اليُمْن الكِنْديّ أنّ أحمد بن عبد الله بن الأبنوسي أخبره قال: كان لقاضي القُضاة الشّاميّ كِيسان، أحدهما يجعل فيه عمامته، وهي كتّان، وقميصًا من القطْن الحَسَن، فإذا خرج لبسهما. والكيس الآخر فيه فتيت، فإذا أراد الأكل جعل منه في قصْعة، وجعل فيه قليلًا من الماء، وأكل منه2.
وكان له كادك في الشّهر بدينار ونصف، كان يقتات منه. فلمّا ولي القضاء جاء إنسان فدفع فيه أربعة دنانير، فأبى، وقال: لا أغير ساكني. وقد ارتبتُ بك؛ لِمَ لا كانت هذه الزّيادة مِن قِبل القضاء؟ وكان يشدّ في وسَطِه مِئْزرًا، ويخلع في بيته ثيابه، ويجلس.
وكان يقول: ما دخلتُ في القضاء حتّى وجب عليّ، وأعصي إن لم أقبله. وكان طُلّاب المنصب قد كثُروا، حتّى أنّ أبا محمد التّميميّ بذل فيه ذهبًا كثيرًا، فلم يُجب.
وقال "ابن" الجوزيّ: لمّا مات الدّامغانيّ سنة ثمانٍ وسبعين أشار الوزير أبو شجاع على الخليفة3 أن يولّيه القضاء، فامتنع، فما زالوا به حتّى تقلَّده، وشرط أن لا يأخذ رزقًا، ولا يقبل شفاعة، ولا يغيّر ملبوسه، فأجيب إلى ذلك، فلم يتغيّر حاله، بل كان في القضاء كما كان قبله رحمه الله.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيَّ يَقُولُ: كان قاضي القضاة الشامي حسن الطريقة؛ ما كَانَ يَتَبَسَّمُ فِي مَجْلِسِهِ، وَيَقْعُدُ مُعْبِسًا، فَلَمَّا منعت الشهود
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 253".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 87".
3 هو المقتدي بالله.(33/190)
مِنْ حُضُورِ مَجْلِسِهِ، وَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، نَفَّدَ إِلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ الْقَزْوِينِيُّ الْمُعْتَزَلِيُّ1: مَا عَزَلَكَ الْخَلِيفَةُ، إِنَّمَا عَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَالَ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ" 2. وَأَنْتَ طُولُ عُمْرِكَ غَضْبَانُ.
وقال محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ: كان حافظًا لتعليقة أبي الطّيّب، كأنّها بين عينيه، لم يقبل من سلطانٍ عطيّةً، ولا من صديقٍ هديّة. وكان يُعاب الحِدّة وسوء الخُلُق.
وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة: ورعٌ زاهدٌ، وأمّا العِلْم فكان يقال: لو رُفِع مذهب الشّافعيّ أمكنه أن يُمْليه من صدْرِه3.
علّق عنه القاضي أبو الوليد الباجيّ.
قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان قاضي القضاة الشامي حسن الطريقة، ما كان يتبسم في مجلس قضائه.
قال السّمعانيّ: تُوُفّي في عاشر شعبان، ودُفِن في تربةٍ له عند أبي العباس بن سريح. وله ثمانية وثمانون عامًا.
292- محمد بن أبي نصر فتُّوح بن عبد الله بن فتُّوح بن حُمَيْد بن يصل4.
الحافظ أبو عبد الله الأزْديّ الحُمَيْديّ الأندلسيّ المَيُورقيّ.
ومَيُورقة جزيرة قريبة من الأندلس.
سمع بالأندلس، ومصر، والشّام، والحجاز، وبغداد واستوطنها.
وكان من كبار أصحاب أبي محمد بن حزْم الفقيه.
قال: ولدت قبل العشرين وأربعمائة.
__________
1 عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني تقدمت ترجمته رقم "272".
2 حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه "2316"، وأخرجه "1334" بلفظ: "لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان"، وأبو داود "3589" بنحوه.
3 سير أعلام النبلاء "19/ 87".
4 الأنساب "4/ 233"، وسير أعلام النبلاء "19/ 120-167".(33/191)
سمع: ابن حزْم، وأخذ عنه أكثر كُتُبه؛ وأبا العبّاس أحمد بن عمر العُذْريّ، وأبا عمر بن عبد البَرّ.
ورحل سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، فسمع بإفريقيّة كثيرًا، ولقي كريمة1 بمكّة.
وسمع بمصر: القاضي أبا عبد الله القضاعي، وعبد العزيز بن الضّرّاب، وابن بقاء الورّاق، والحافظ أبا زكريّا البخاريّ.
وبدمشق: أبا القاسم الحسين الحِنائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبا بكر الخطيب.
وببغداد: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي بالله، والطّبقة. وبواسط: أبا غالب بن بشْران اللُّغَويّ.
ولم يزل يسمع ويُكْثِر حتى كتب عن أصحاب الجوهريّ.
روى عنه: شيخه الخطيب في مصنَّفاته، وأبو نصر بن ماكولا، وأبو عليّ بن سُكَّرَة، وأبو الحَسَن بن سَرْحان، وأبو بكر بن طَرْخَان، وهبة الله بن الأكفانيّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، والحافظ إسماعيل بن محمد، وصدّيق بن عثمان التِّبْريزيّ، وأبو إسحاق الغَنَويّ، وأبو الفضل محمد بن ناصر، وطائفة آخرهم أبو الفتح بن البطّيّ.
سمع الكثير ورحل وتعب. وكان من كبار الحفّاظ.
كان ثقة، متدينًا، يصيرًا بالحديث، عارفًا بفنونه، خبيرًا بالرجال، لاسيما بأهل الأندلس وأخبارها، مليح النَّظر، حَسَن النِّغْمة في قراءة الحديث، صيِّنًا ورِعًا، جيّد المشاركة في العلوم.
وكان ظاهريّ المذهب، ويُسِرّ ذلك بعض الشيء2.
قال ابن طَرْخَان: سمعتُه يقول: كنتُ أُحْمَلُ للسّماع على الكتِف سنة خمسٍ وعشرين وأربعمائة، وأوّل ما سمعتُ من الفقيه أبي القاسم أَصْبَغ بن راشد. وكنتُ أفهم ما يُقرأ عليه. وكان ممّن تفقّه على أبي محمد بن أبي زيد. وأَصْلُ أبي من قُرْطُبة، من محلةٍ يُقال لها: الرّصافة، وسكن جزيرة ميورقة، وبها ولدت3.
__________
1 هي كريمة المروزية "تذكرة الحفاظ 4/ 1218".
2 تذكرة الحفاظ "4/ 1221".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 122".(33/192)
قال يحيى بن البنّا: كان الحُمَيْديّ مِن حِرصه واجتهاده ينسخ باللّيل في الحَرّ، فكان يجلس في إجّانة1 ماءٍ يتبرّد به.
وقال الحسين بن محمد بن خسْرُو: جاء أبو بكر بن ميمون، فدّق على الحُمَيْديّ، وظنّ أنّه قد أُذِن له فدخل، فوجده مكشوف الفخذ، فبكى الحُمَيْديّ وقال: والله لقد نظرت إلى موضعٍ لم ينظره أحدٌ منذ عَقَلْت2.
وقال ابن ماكولا: لم أرَ مثل صديقنا الحُمَيْديّ في نزاهته وعفّته وورعه وتشاغله بالعلم. صنَّف تاريخًا للأندلس.
وقال السِّلَفيّ: سألت أبا عامر محمد بن سعدون العبديّ، عن الحُمَيْديّ فقال: لا يُرى قطٌّ مثله، وعن مثله يسأل! جمع بين الفقيه والحديث والأدب، ورأى علماء الأندلس. وكان حافظًا.
قلت: لقي حفّاظ العصر ابن عبد البَرّ، وابن حَزْم، والخطيب، والحبّال.
وقال يحيى بن إبراهيم السلماسي: قال أبي: لم تَرَ عينايَ مثل الحُمَيْديّ في فضله ونُبْله وغزارة عِلْمه وحرْصه على نشر العلم.
قال: وكان ورِعًا تقيًّا إمامًا في الحديث وعِلَله ورُواته، متحقّقًا في علم التّحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث، بموافقة الكتاب والسُّنّة، فصيح العبارة، متبحِّرًا في علم الأدب والعربيّة والترسل. وله كتاب "الجمع بين الصحيحين"3، و"تاريخ الأندلس"، و"جمل تاريخ الإسلام"، وكتاب "الذَّهَب المسبوك في وعظ الملوك"، وكتاب في "التَّرسُّل"، وكتاب "مخاطبات الأصدقاء"، وكتاب "ما جاء من الآثار في حفظ الجار"، وكتاب "ذمّ النّميمة".
وله شعرٌ رصينٌ في المواعظ والأمثال.
قلت: وقد جاء عن الحُمَيْديّ أنّه قال: صيّرني "الشّهاب" شهابًا. وكان يُسمع عليه كثيرًا، عن مصنّفه القُضَاعيّ.
وقال ابن سُكَّرَة: كان يدلّني على المشايخ، وكان متقلّلًا من الدنيا، يمونه ابن
__________
1 الإجانة: وعاء يغسل فيه الثياب.
2 تذكرة الحفاظ "4/ 1219".
3 سماه الدمياطي: تجريد الصحيحين للبخاري ومسلم والجمع بينهما "المستفاد 35".(33/193)
رئيس الرؤساء. ثم جرت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه. وكان يبيت عند ابن رئيس الرّؤساء كلّ ليلة.
وحدَّثني أبو بكر ابن الخاضبة أنّه لم يسمعه يذكر الدّنيا قطّ1.
وقال أبو بكر بن طرْخان: سمعت أبا عبد الله الحُمَيْديّ يقول: ثلاثة كُتُب من علوم الحديث يجب تقديم الهِمم بها: كتاب "العِلل" وأحسن كتاب وُضع فيه كتاب الدَّارَقُطْنيّ، وكتاب "المؤتلف والمختلف" وأحسن كتاب وُضِع فيه كتاب الأمير ابن ماكولا، وكتاب "وَفَيات الشّيوخ" وليس فيه كتابٌ، وقد كنت أردت أن اجمع في ذلك كتابًا، فقال لي الأمير: رتبه على حروف المعجم، بعد أن ترتبه على السِّنين2.
قال ابن طرْخان: فشغله عنه الصّحيحان، إلى أن مات.
قلت: قد فتح الله بكتابنا هذا، يسّر الله إتمامه، ونفع به، وجعله خالصًا من الرياء والرياسة.
وقد قال الحُمَيْديّ في "تاريخ الأندلس": أنا عمر بن عبد البَرّ، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الْجُهَنيّ، بمصنّف أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النَّسَائيّ، قراءةً عليه، عن حمزة بن محمد الكنَانيّ، عن النَّسَائيّ.
وللحُمَيْديْ رحمه الله تعالى:
كتابُ الله عزّ وجلّ قَولي ... وما صحَّتْ به الآثارُ ديني
ما اتّفق الجميعُ عليه بَدْءًا ... وعَودًا فهو عن حقٍّ مُبينِ
فَدَعْ ما صَدَّ عن هذا وخُذْها ... تكُنْ منها على عين اليقينِ3
وقال القاضي عياض: محمد بن أبي نصر أبو عبد الله الأزْديّ الأندلسيّ، سمع بمَيُورْقَة من أبي محمد بن حَزْم قديمًا. وكان يتعصَّب له، ويميل إلى قوله. وكانت قد أصابته فيه فتنة، ولمّا شُدِّد على ابن حَزْم وأصحابه خرج الحُمَيْديّ إلى المشرق.
ومن شِعْره:
طريقُ الزُّهْد أفضلُ ما طريق ... وتَقْوَى الله تأدية الحقوق
__________
1 الصلة "2/ 560".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 561"، ومعجم الأدباء "18/ 284".
3 الأبيات في سير أعلام النبلاء "19/ 127"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1222".(33/194)
فثِقْ بالله يكْفِكَ واسْتَعِنْهُ ... يُعِنْكَ ودَعْ بُنيّات الطريق
وله:
لقاء النّاس ليس يُفيدُ شيئًا ... سوى الهَذَيان من قيلٍ وقالِ
فاقْللْ من لقاءِ النّاس إلّا ... لأخْذِ العلمِ أو إصلاح حالِ
قال السّمعانيّ: روى لنا عنه: يوسف بن أيّوب الهَمَذَانيّ، وإسماعيل الحافظ، ومحمد بن عليّ الحلابيّ، والحسين بن الحسن المقدسيّ، وغيرهم.
وتُوُفّي في سابعٍ عشر ذي الحجّة، ودُفِن بمقبرة باب أبْرَز بالقرب من قبر الشّيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ، وصلّى عليه الفقيه أبو بكر الشّاشيّ بجامع القصر. ثمّ نُقِل في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى مقبرة باب حرب، ودُفِن عند قبر بِشْر الحافي.
ونقل ابن عساكر في "تاريخه" إنّ الحُمَيْديّ أوصى إلى الأجلّ مظفّر ابن رئيس الرّؤساء أن يُدْفن عند بِشْر بن الحارث، فخالف وصيّته، فلمّا كان بعد مدّة رآه في النّوم يُعاتبه على ذلك، فنقله في صَفَر سنة إحدى وتسعين، وكان كَفَنَه جديدًا، وبدنه طَرِيًّا، يفُوح منه رائحة الطِّيب.
ووقفَ كُتُبَه رحمه الله.
وقع لنا "تذكرة الحُمَيْديّ" بِعُلُوّ.
293- محمد بن محمد بن جُمَاهر1.
أبو بكر الحَجْريّ الطُّلَيْطُلِيّ.
روى عن: عمّه جُماهر، وقاسم بن هلال، وأبي عمر بن سُميْق.
وحجّ، وسمع من: أبي العبّاس بن نفيس، والقُضَاعيّ.
وكان شديد العناية بالسّماع، وليس عنده كبير علم.
ورّخه ابن بَشْكُوال.
294- محمد بن منصور بن عمر.
أبو بكر الكَرْخيّ، الفقيه الشافعي.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 561، 562".(33/195)
والد أبي البدر إبراهيم الكرْخيّ.
فقيه صالح؛ سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد، وأبا عليّ بن شاذان.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ.
تُوُفي في جُمَادى الأولى.
295- موسى بن محمد بن موسى.
أبو عِمران الأصبهاني، ثمّ البغداديّ المؤدّب.
سمع: عبد الملك بن بِشْران، وغيره.
روى عنه: أبو غالب بن البنّا، وابنه سعيد بن البنّا.
"حرف النون":
296- نجيب بن ميمون بن سهل بن عليّ1.
أبو سهل الواسطيّ، ثمّ الهَرَويّ.
سكن أبوه هَرَاة.
وسمع نجيب من: والده؛ ومن: أبي عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ، ورافع بن عُصم الضّبيّ، وطائفة من مُسْندي هَرَاة في زمانه.
روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، ووجيه الشحامي، وأبو النصر الفامي، وخلْق سواهم منهم: عُبَيْد الله بن حمزة الموسويّ، وأخوه عليّ بن حمزة، والمطهّر بن يَعْلَى العَلَويّ، ومحمد بن المفضل الدّهّان، والْجُنَيْد بن محمد القاينيّ، ومحمد بن رَيْحان النَّسَائيّ، وأبو الفتح نصر بن سيّار، وعليّ بن سهل الشّاشيّ، وأَمَةُ الله بنت محمد العارف، وعبد الملك بن عبد الله العَلَويّ.
قال الدّقّاق: ليس بقي في الدّنيا من يروي عن الخالديّ سواه2.
وسمع من: حاتم بن محمد بن أبي حاتم الهَرَويّ، وأحمد بن عليّ بن أحمد الشّارعيّ ومحمد بن منصور الْجُولَكيّ، ومحمد بن محمد الأزدي القاضي. \
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 36، 37"، وشذرات الذهب "3/ 392".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 37".(33/196)
وكان مولده في شعبان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، ومات في الثّاني والعشرين من رمضان سنة ثمان.
"حرف الهاء":
297- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الطيب.
أبو القاسم بن أبي الصّبّاغ.
من سُراة البغداديّين.
سمع: أباه، وعثمان بن دُوَسْت، وغيرهما.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعمر بن ظَفَر الشَّيْبانيّ، وأبو الفتح محمد بن عبد السّلام.
قال ابن ناصر: تُوُفّي في سادس ذي القِعْدَة.
"حرف الياء":
298- يعقوب بن سليمان بن داود.
أبو يوسف الإِسْفَرَايِينِيّ. نزيل بغداد وخازن كُتُب النّظاميّة.
حدَّث "بسُنَن النَّسَائيّ" عن أبي نصر الكسّار.
وحدَّث عن: عبد العزيز الأزجيّ، والطّبريّ.
وتُوُفّي في العشرين من ذي القعدة.
299- يَلْبَرْ بن خَطْلع.
أبو منصور الفانيذيّ الكرْخيّ.
سمع مشيخة أبي عليّ بن شاذان منه.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ.
وكان صالحًا، صحيح السّماع.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.(33/197)
"الكنى":
- أبو شُجاع الوزير1.
اسمه محمد كما تقدم.
وفيات سنة تسع وثمانين وأربعمائة:
"حرف الألف":
300- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن الحسن بن خُداداد2.
أبو طاهر الكَرَجيّ الباقلاني.
ولد سنة ست عشرة وأربعمائة3.
وسمع: أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بشْران، وأبا بكر البَرْقانيّ. وسمع كُتُبًا كِبارًا، وتفرَّد بها، من ذلك: "سُنَن سعيد بن منصور"، تفرد به على أبي عليّ بن شاذان. ولأبي طاهر السِّلَفيّ منه إجازة، بمروياته.
روى عنه: ابن ناصر، وعمر الدّهسْتانيّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو عليّ بن سُكَّرَة.
وهو ابن خال ابن خَيْرُون.
قال السّمعانيّ: كان شيخًا عفيفًا، زاهدًا، منقطعًا إلى الله، ثقة، فهمًا، لا يظهر إلّا يوم الجمعة.
سمعت عبد الوهّاب الحافظ يقول: كان أبو طاهر الباقلّانيّ أكثر معرفة من أبي الفضل بن خَيْرُون. وكان زاهدًا حَسَن الطّريقة4، وما كان له حلقة في الجامع، ولا قرئ فيه حديث. كان يقول لأصحاب الحديث: أنا لكم من السّبت إلى الخميس، ويوم الجمعة أنا بحكم نفسي للتكبير5 والتلاوة.
__________
1 تقدمت ترجمته برقم "283".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 144، 145"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1227".
3 التقييد "135".
4 التقييد "134".
5 أي للتبكير إلى صلاة الجمعة.(33/198)
وسمعتُ عبد الوهاب يقول: جاء نظام المُلْك إلى بغداد، وأراد أن يسمع من شيوخها، فكتبوا له أسماء الشيوخ، وكتبوا في جملتهم اسمه، وسألوه أن يحضر دار نظام المُلْك حتّى يسمع منه. فامتنع، وألحّوا عليه، فما أجاب، ثمّ قال: إنّ ابن خَيْرُون قرابتي، وما انفردت أنا بشيء، بل كلّ ما سمعت أنا سمعه هو، وهو في خزانة الخليفة على عملكم، فسمعوا منه.
تُوُفّي في رابع ربيع الآخر.
301- أحمد بن عبد الرحمن بن مظاهر1.
أبو جعفر الأنصاريّ الطُّلَيْطُلِيّ.
روى عن: خاله جُماهر بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن عبد السّلام الحافظ، وقاسم بن هلال، وجعفر ابن عبد الله، وجماعة كثيرة.
وعُني بسماع العِلم ولقاء الشّيوخ، وكان ذا بَصَرٍ بالمسائل، ومَيْلٍ إلى الأثَر. صنِّف
"تاريخ فُقهاء طُلَيْطُلَة".
رواه عنه: القاضي أبو الحسن بن بَقِيّ.
وكان ثقة.
302- أحمد بن عمر بن الأشعث2.
ويقال: ابن أبي الأشعث. أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ المقرئ.
نزيل دمشق، ثم نزيل بغداد.
سمع: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا عليّ بن أبي نصر، وأبا عليّ الأهوازيّ وقرأ عليه بالرّوايات.
روى عنه: أبو الكرم الشّهْرُزُورِيّ، وابنه أبو القاسم إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفتح بن البطّيّ.
وقال أبو الحسن عليّ بن أحمد بن قُبَيْس الغسّانيّ: كان أبو بكر يكتب المصاحف من حفظه.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 70".
2 المنتظم "9/ 98"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 192، 193".(33/199)
وكان إذا فرغ من الوجه كتب الوجه الآخر إلى أن يجفّ، ثمّ يكتب الوجه الّذي بينهما فلا يكاد أن يزيد ولا ينقص، مع كونه يكتب قطعٍ كبير، وقطع لطيف.
قال: وكان مزّاحًا.
وخرج مع جماعة في فُرْجة، فقدَّموه يُصلّي بهم، فلمّا سَجَد بهم تركهم في الصّلاة، وصعِد شجرة، فلمّا طال عليهم، رفعوا رءوسهم من السَّجْدَة، فلم يجدوه، ثمّ إذا به في الشّجرة يصيح: نَوّ نَوْ؛ فسقط من أعينهم وانتحس، وخرج إلى بغداد، وترك أولاده بدمشق.
قلت: ثمّ أرسل أخذ أهله. وسمَّع ابنيه بدمشق سنة بضعٍ وخمسين. وببغداد سنة نيفٍ وستين وأربعمائة. وأقرأ القرآن ببغداد.
قال ابن النّجّار: هو من أهل سَمَرْقَنْد، سافر إلى الشّام، وكان محمودًا، متقنًا، عارفًا بالرويات، محقّقًا في الأخذ، متحرِّيا، صدوقًا ورِعًا. وكان يكتب على طريقة الكوفيّين، ويجمع بين نَسْخ المُصْحف من حِفْظه، وبين الأخذ على ثلاثة، ويضبط ضبطًا حَسَنًا.
ثنا ابن الأخضر، ثنا ابن البطّيّ: أنا أحمد بن عمر السَّمَرْقَنْديّ: أنبا الحسين بن محمد الحلبيّ: ثنا أحمد بن عطاء الرُّوذْباريّ إملاءً بِصُور.
قلت: مات الحلبي1 سنة ستٍّ وثلاثين، وهو أقدم شيخ للسَّمَرْقَنْديّ.
قال: الحسين بن محمد البلْخيّ: كان شيخنا أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ لا يكتب لأحدٍ خطّه إذا قرأ عليه، إلّا أن يكون مجوّدًا في الغاية. وما رأيته كتب إلّا لمسعود الحلاويّ، وقال: ما قرأ عليّ أحدٌ مثله. فجاء إليه الطّبّال، فقرأ خَتْمات، وأعطى وَلَد الشّيخ دنانير، فردّها الشّيخ وقال: لا أستحلّ أن أكتبَ له.
قال البلْخيّ: وكان أبو بكر لمّا جاء من دمشق اتّصل بعفيف القائميّ الخادم، فأكرمه وأنزله، فكان إذا جاءه الفرّاش بالطعام بكى، فسأله عن بكائه، فقال: إن لي بدمشق أولادًا في ضيق.
__________
1 هو: أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد بن المنيقير الحلبي الأنصاري.(33/200)
فأخبر الفرّاش عفيفًا، فأرسل مَن جاء بهم من دمشق، فجاءوا أباهم بغتةً، ولم يزالوا في ضيافة عفيف حتّى مات1.
وُلِد أبو بكر سنة ثمان وأربعمائة، ومات في سادس عشر رمضان.
قال محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ في "تاريخه": هو مشهور في التَّقدُّم بالقرآن ونسْخ المصاحف، جَعَل دأبَه أن ينسخ، ويُقرئ جماعةً بروايات مختلفة، ويرد على المخطئ منهم. فكان له في هذا كلّ عجيبة، رحمه الله.
قلت: قرأ عليه جماعة، وكانت قراءته على الأهوازيّ في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
303- أحمد بن محمد بن عليّ2.
أبو بكر الهَرَويّ المقرئ الضّرير.
سكن دمشق، وسمع بها، رشأ بن نظيف، وأبا عليّ الأهوازيّ، وعليّ بن الخضر السُّلَميّ.
وسمع بصور من: عبد الوهاب بن برهان.
سمع منه: عمر الدّهسْتانيّ، وطاهر الخُشُوعيّ، وأبو محمد بن صابر ووثّقه.
وتُوُفّي بالقدس في ربيع الآخر.
قرأ على الأهوازيّ، وعاش اثنتين وثمانين سنة، ووُلِد بهَرَاة.
وقد صنف في القراءات الثمان كتابًا سمّاه "التّذكرة".
قرأ عليه القراءات: إبراهيم بن حمزة ابن الْجَرْجَرائيّ، وغيره.
304- إسماعيل بن حَمْد بن محمد بن خيران3.
أبو محمد الهَمَذانيّ البزّاز.
سمع: أبا الحسين الفارسي، وعمر بن مسرور.
__________
1 تاريخ دمشق "75، 76".
2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 66، 67"، ومعجم المؤلفين "2/ 136".
3 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 89".(33/201)
وحدَّث ببغداد.
روى عنه: محمد بن سعدون العبْدَريّ أبو عامر، وأبو البركات بن السَّقَطيّ.
وكان محدِّثًا مُكثِرًا.
305- إسماعيل بن حمزة بن فَضَالَة.
أَبُو القاسم الهَرَويّ الحنفيّ العطّار.
عالم صدوق. حدَّث بصحيح الإسماعيليّ، عن الحسين بن محمد الباشانيّ.
وسمع أيضًا من سعيد بن العبّاس القُرَشيّ.
روى عنه: الْجُنَيْد بن محمد "القاينيّ"، والقاسم بن الحسين الحصيريّ، مات في ربيع الأوّل.
306- إسماعيل بن عبد الملك1.
الفقيه أبو القاسم الطُّوسيّ، الفقيه المعروف بالحاكميّ.
قدِم دمشق. عديل الإمام أبي حامد الغزاليّ.
وسمع من: نصر المقدسيّ في سنة تسعٍ وثمانين.
قال أبو المفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ القاضي: كان أعلم بالأصول من الغزاليّ، وكان شافعيًّا.
قلت: لا أعلم وفاته مَتى هي.
307- إسماعيل بن عثمان بن عمر الأبْرِيسَميّ2.
نَيْسابوريّ.
روى عن: أبي سعيد محمد بن موسى الصَّيْرفيّ.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وغيره.
وقيل: تُوُفّي سنة تسعين.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 29"، وتهذيب تاريخ دمشق "3/ 37".
2 المنتخب من السياق "144، 145".(33/202)
308- أَمةُ الرحمن بنت أبي القاسم عبد الواحد بن حسين بن الْجُنَيْد.
امرأة عالمة صالحة، متبركٌ بها.
سمعت أبا القاسم بن بشْران.
روى عنها: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وابن عبد السلام الكاتب.
وولدت سنة أربعمائة، وعُمّرت.
"حرف الحاء":
309- الحُسَين بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بن عمر.
أبو عبد الله بن السّرّاج البغداديّ النّصريّ.
كان من أهل الصّلاح والسَّداد.
سمع: أبا القاسم الحرفي، وعثمان بن دُوَسْت العلّاف، وعبد الملك بن بشْران، ونصْر بن علالة.
روى عنه: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الخالق اليوسفي، ومسعود بن محمد ابن شُنَيْف، وآخرون.
تُوُفّي في صَفَر.
أخبرونا عن ابن اللُّتّيّ، عن مسعود، عنه، بجزء ابن عفّان.
310- حمزَة بْن مُحَمَّد بْن الحسن بْن مُحَمَّد1.
أبو القاسم القُرَشيّ الأسَديّ الزُّبَيْريّ البغداديّ.
شيخ صالح.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان.
روى عنه: الأنْماطيّ، وعمر بن ظَفَر، وابن ناصر، وآخرون.
تُوُفّي في شعبان عن نيفٍ وثمانين سنة.
__________
1 المنتظم "9/ 99".(33/203)
"حرف السّين":
311- سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن محمد1.
أبو الربيع الأندلسيّ السَّرَقُسْطيّ.
دخل بغداد، وسمع بها من: أبي القاسم بن بِشْران، وأبي العلاء الواسطيّ، وجماعة2.
وكان عارفًا باللُّغَة، لكن قال ابن ناصر: كان كذّابًا، وكان يُلْحِق اسمه.
قال السّمعانيّ: ثنا عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وابنه منصور بن سليمان.
وسألتُ أبا منصور بن خَيْرُون عنه، فأساء القول فيه، وقال: نهاني عمّي أبو الفضل أن أقرأ عليه.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
"حرف الشين":
312- شافع بْن عليّ بْن أَبِي الفضل الطُّرَيْثيثيّ3.
الصُّوفيّ.
من ساكني نَيْسابور.
شيخ صالح ظريف، له مجاهدة وحفظ أوقات وجمع همة. صحِب السّادة وحجّ؛ وسمع بمكة: أبا الحسن بن صخْر. وبالبصرة: إبراهيم بن طَلْحة بن غسّان.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ.
ولد سنة أربعمائة، وتوفي في ذي الحجة.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 200"، وميزان الاعتدال "2/ 195".
2 وقال ابن بشكوال: روى عن عبد العزيز بن أحمد بن مغلس القيسي وغيره وحدث ببغداد، حكى ذلك الحميدي وأخذ عنه بها "الصلة 1/ 200".
3 تقدمت ترجمته برقم "266".(33/204)
"حرف الظّاء":
313- ظَفَرُ بنُ هبة الله بن القاسم.
أبو نصر الكِسائيّ الهَمَذَانيّ التّانيّ1.
قال شيروَيْه: روى عن: ابن المحتسب، وعليّ بن إبراهيم بن حامد، وأبي طاهر بن سَلَمَة، وابن عَبْدان، وأبي بكر الأردستاني2.
سمعت منه وولداي شهردار وزينب، وهو شيخ.
توفي في جمادى الأولى، وصلينا عليه يوم الجمعة.
"حرف العين":
314- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن علي بْن حسين الأموي3.
أبو محمد السعيداني، البصري. من ولد أمير مكة عتاب بن أسيد رضي الله عنه.
كان أبو محمد محتسب البصرة. وقد سمع الكثير من: عليّ بن هارون المالكيّ، والمبارك بن عليّ بن حمدان، والحسن بن أحمد الدّبّاس، وطلحة بن يوسف المواقيتيّ، وجماعة.
ورحل إلى بغداد، وسمع وحدَّث.
ولد سنة تسعٍ وأربعمائة، وأوّل سماعه سنة ثمان عشرة.
وكان حافظًا محدَّثًا، حدَّث عنه: أبو عبد الله البارع، وأبو غالب الماوَرْديّ.
ووثّقه الحافظ جابر بن محمد البصْريّ، وقال: عنهُ أخذتُ عِلْمَ الحديث.
وقد كتب عن السَّعِيدَانيّ: أبو عبد الله الحُمَيْديّ، ومكّيّ الرُّمَيّليّ، وشجاع الذهلي.
__________
1 الثاني: نسبة إلى التناية، وهي الدهقنة ويقال لصاحب الضباع والعقار: التاني "الأنساب 3/ 13".
2 الأردستاني: نسبة إلى أردستان، وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البرية عند أزوارة بينهما "الأنساب 1/ 177".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 79، 80".(33/205)
وقد تقدَّم ذكره.
ورَّخ ابن النّجّار وفاته في هذه السّنة.
315- عبد الله بن يوسف1.
القاضي أبو محمد الْجُرْجَانيّ المحدِّث.
صنَّف "فضائل الشافعي" و"فضائل أحمد بن حنبل". ودخل هَرَاة.
وتُوُفّي في ذي القعدة.
وسماعاته في حدود الثلاثين وأربعمائة.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وغيره، وعبد الغافر الفارسيّ.
سمع من: عمر بن مسرور، وأبي الحسين الفارسيّ، وأبي سعْد الكَنْجرُوذيّ، وأبي عثمان البَحِيريّ، وطبقتهم، ومَن بعدهم فأكثر.
وهو ثقة صاحب حديث.
قال السّمعانيّ: وُلِد بجُرْجَان سنة تسعٍ وأربعمائة سمع من: حمزة السَّهْميّ، وأحمد بن محمد الخَنْدقيّ، ومحمد بن عليّ بن محمد الطّبريّ، وكريمة بنت محمد المَغَازليّ، والأربعة سمعوا من ابن عدِيّ.
وسمع من: أبي نُعَيْم عبد المالك بن محمد الأسْتِراباذيّ، الصّغير صاحب الإسماعيليّ.
روى لنا عنه: الْجُنَيْد بن محمد القاينيّ، وعبد الملك بن عبد الله العدويّ، وأخوه أبو الفتح سالم، وعليّ بن حمزة المُوسُويّ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وآخرون2.
قال: ومات في تاسع ذي القعدة.
316- عبد الجبّار بن عبد الواحد بن أحمد بن سبوَيْه.
أبو الفضل بن أبي طاهر، التّاجر، الأصبهاني.
حدَّث عن: أبي نعيم.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 159، 160"، والوافي بالوفيات "17/ 684، 685".
2 المنتخب "282".(33/206)
سمع منه: المؤتَمَن السّاجيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفتح بن عبد السّلام.
وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة، وتُوُفّي ببغداد في شوّال سنة تسعٍ وثمانين.
317- عبد المحسن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن عليّ1.
أبو منصور الشِّيحيّ التّاجر السفار المعروف بابن شُهْدَانْكه، من أهل محلّة النَّصْريّة ببغداد.
سمع الكثير من: أبي منصور محمد بن محمد بن السّوّاق، وأبي بكر أحمد بن محمد بن الصَّقْر، وعبد العزيز بن عليّ الأزجيّ، وابن غَيْلان، وأبي محمد الخلّال، والعتيقيّ، وطبقتهم.
وكتب بخطّه أكثر مسموعاته.
وسمع بمصر: أبا الحسن الطّفّال، وأبا القاسم عليّ بن محمد الفارسيّ، وعبد الملك بن مسكين.
وبدمشق: أبا الحسين محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا عبد الله محمد بن يحيى بن سلوان.
وبالرَّحْبة: عُبَيْد الله بن أحمد الرَّقّيّ، وطائفة سواهم.
وكتب بخطّه أكثر مصنَّفات الخطيب.
وروى الكثير.
حدَّث عنه: شيخه أبو بكر الخطيب، وأبو السُّعُود أحمد بن عليّ، وأبو حامد العَبْدَرِيّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفتح محمد بن عبد السّلام، وسعيد بن محمد الرزّاز الفقيه، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ، وأبو الفضل بن ناصر، وخلْق سواهم.
سُئل إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فقال: شيخ فاضل ثقة.
وقال شُجاع الذُّهْليّ: كان صَدُوقًا.
وقال أبو عامر العَبْدَرِيّ: كان من أنبل من رأيت وأوثقه.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 152-154"، والبداية والنهاية "12/ 153".(33/207)
وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: كان فقيهًا نبيلًا كيِّسًا ثقة. وكان عنده أصل أبي بكر الخطيب بتاريخه، خصَّه به.
قلت: لأنّه فيما قال السّمعانيّ هو الّذي حمل الخطيب إلى العراق، فأهدى إليه الخطيب تاريخه بخطّه.
وقال غيْث بن عليّ: سألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. وأوّل سماعي سنة سبعٍ وعشرين1.
وقال أبو عليّ البَرَدَانيّ: كان من المتموّلين، وكان أمينًا سَرِيًّا، كتب كثيرًا. وتُوُفّي في جُمَادى الأولى.
قال السّمعانيّ: سمعتُ شيخًا لنا يقول: إنّ الخطيب لمّا حدَّث بالجزء الأوّل من "تاريخه" استأذنه أبو الفضل بن خَيْرُون أو شجاع الذُّهْليّ في التّسميع في أيّ موضعٍ يكتب، فقال: استأذِنوا الشّيخ عبد المحسن، فإنَّ النُّسخة له، ولو كان عندي شيءٌ أعزّ منه أهديته له2.
وقال أبو الفضل محمد بن عطّاف: كان شيخنا عبد المحسن على طريقةٍ حَسَنة مَرْضِيّة، حَسَن العناية بالعِلْم، وكان مالكيًّا ثقة أمينًا. قال لي: وُلِدتُ في رجب سنة إحدى وعشرين.
وقال ابن ناصر: تُوُفّي شيخنا عبد المحسن بن الشِّيحيّ في سادس عشر جُمَادى الأولى.
قلت: وأبوه من شِيحة، قريةٌ من قرى حلب.
318- عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد3.
أبو الفضل المقدسيّ الهَمَذَانيّ الفَرَضيّ، نزيل بغداد.
كان واحد عصره في الفرائض.
__________
1 تاريخ دمشق "24/ 366".
2 المتنخب "9/ 100".
3 الكامل في التاريخ "10/ 161"، وسير أعلام النبلاء "19/ 31، 32"، ولسان الميزان "4/ 57".(33/208)
سمع: الحسن بن محمد الشّاموخيّ1 بالبصرة، وعبد الواحد بن هبيرة العِجْليّ، وجماعة.
روى عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ.
وقيل: كان معتزليًّا.
تُوُفّي في رمضان ببغداد، وهو والد المؤرّخ محمد.
319- عبد الملك بن سِراج بن عبد اللَّه بن محمد بن سِراج2.
الإمام أبو مَرْوان الأُمَويّ، مولاهم القُرْطُبيّ.
إمام اللُّغَة بالأندلس. غير مدافع.
روى عن: أبيه، ويونس بن عبد الله القاضي، وإبراهيم بن محمد الإفْليليّ، ومكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْرو السَّفاقِسيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو عليّ الصَّدَفيّ، وقال: هو أكثر مَن لقيته عِلْمًا وبضروب الآداب ومعاني القرآن والحديث.
وقال القاضي أبو عبد الله بن الحاجّ: كان شيخنا أبو مروان بن سِراج يقول: حدَّثنا وأخبرنا واحدٌ، ويحتجّ بقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4] فجعل الحديث والخبر واحدًا3.
وقال القاضي عياض4: الوزير أبو مروان الحافظ اللُّغَويّ النَّحْويّ إمام الأندلس في وقته في فنّه، وأَذْكرهم للسان العرب، وأوثقهم على نقله.
وكان أبوه أبو القاسم قاضي قُرْطُبة من أفضل العلماء.
قال عياض: وأخبرني ابنه أبو الحسين الحافظ أنّ أبا محمد مَكِّيًّا المقرئ كان يعرض عليه بعض مصنَّفاته، ويأخذ رأيه فيها، وإليه كانت الرّحلة من أقطار الأندلس.
__________
1 الشاموخي: نسبة إلى شاموخ، وهي قرية بنواحي البصرة "الأنساب 7/ 264".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 133، 134"، وشذرات الذهب "3/ 392، 393".
3 الصلة "2/ 364".
4 في ترتيب المدارك "4/ 816".(33/209)
وقال الْيَسَعُ بنُ حَزْم: لكن ابن سِراج زَيْن الإيمان، وحَسَنة الزّمان، العلّامة، النّسّابة، ذو الدعوة المستجابة، والتسهيل والإجابة. كان المعتمد يزوره ويعظّمه.
وقال أبو الحسن بن مُغِيث: كان أبو مروان من بيت خيرٍ وفضل، من مشاهير الموالي بالأندلس. كان جدّهم سِراج من موالي بني أُمَيّة، على ما حكاه أهل النَّسَب، إلّا أنّ أبا مروان قال لي غير مرّةٍ: أنّه من العرب، من كَلْب بن وَبْرَة، أصابهم سِبَاء.
اختلفت إليه كثيرًا ولازمته، وكان واسع الرّواية والمعرفة، حافِلَهُما، بحرُ علمٍ، عالمًا بالتّفاسير، ومعاني القرآن، ومعاني الحديث، أحفظ النّاس للسان العرب، وأصدَقهم فيما يحمله، وأقَوَمَهم بالعربيّة والأشعار والأخبار والأيّام والأنساب. عنده يسقط حفظ الحفّاظ ودونه يكون علم العلماء. فاق النّاس في وقته، وكان حَسَنَة من حسنات الزمان، وبقية الأشراف والأعيان.
قال أبو عليّ الغسّانيّ: سمعته يقول: مولدي في ثاني عشر ربيع الأول سنة أربعمائة. ومُتِّع بجوارحه على اعتلاء سنِّه، إلى أن تُوُفّي، وهو حسن البقيّة، متوقِّد الذّهن، سريع الخاطر، في تاسع ذي الحجّة يوم عَرَفَة، وصلّى عليه ابنه أبو الحسن سِراج. رحمه الله.
وأبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيْرَفيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن أَحْمَد بْن حبيب القاضي، ومحمد بن محمد بن بالوَيْه الصائغ، والحسين بن عبد الرحمن التاجر، وعبدا لرحمن بن بالوَيْه، وعليّ بن أحمد بن عَبْدان الشّيرازيّ، وأبا عَمْرو محمد بن عبد الله الرَّزْجاهيّ، وعليّ بن محمد بن خَلَف، وأبا حازم عمر بن أحمد العبدوي، وجماعة بنَيْسابور.
وهلال بن محمد الحفّار، وأبا الحسين بن بِشْران، وابن الفضل القطّان والغَضَائريّ، والإياديّ، وجماعة ببغداد.
وأبا عبد الله بن نظيف بمكّة.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو طاهر أحمد بن حامد الثّقفيّ، ونُعمان بن محمد الكُنْدُوج، وشَيْبان بن عبد الله المؤدّب، وبُنْدَار بن غانم، وعبد الجبّار بن محمد بن علي الصالحاني.(33/210)
"حرف القاف":
320- القاسم بْن الفضل بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بن محمود1.
أبو عبد الله الثّقفيّ الأصبهاني. رئيس إصبهان وكبيرها ومُسْنِدُها.
وُلِد سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة.
وأوّل سماعه في ذي الحجّة سنة ثلاثٍ وأربعمائة.
سمع: أبا الفَرَج عثمان بْن أحمد بْن إِسْحَاق بْن بُنْدار البُرْجيّ، وعبد الله بن أحمد بن حولة الأبْهَريّ، ومحمد بن إبراهيم الْجُرْجَانيّ، وأبا بكر بن مردوَيْه2، وعليّ بن فيلة الفَرَضيّ، وأحمد بن عبد الرحمن اليَزْديّ، وجماعة بإصبهان.
ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، ومحمد بن الحُسَين السُّلَميّ، ويحيى بن إبراهيم المزكّيّ، وأبو المطهَّر الصَّيْدَلانيّ القاسم بن الفضل، وأَبُو جعْفَر مُحَمَّد بن الْحَسَن الصَّيْدلانيّ، وأَبُو رشيد محمد بن عليّ بن محمد البَاغْبَان3، وأبو عبد الله الحسن بن العبّاس الرُّسْتُميّ، وحفيده مسعود بن القاسم الثّقفيّ، والحافظ أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو رشيد عبد الله بن عمر الأصبهاني، وخلْق سواهم.
قال السّمعانيّ: كان ذا رأيٍ وكفاءةٍ وشهامة. وكان أيسر أهل عصره ثروةً ونعمةً وبضاعةً ونقْدًا4.
وكان منفقًا كثير الصَّدَقة، دائم الإحسان إلى الطّارئين والمقيمين وأهل الحديث عمومًا، وإلى العَلَويّة خصوصًا، كثير الإنفاق عليهم. وصُرِف في آخر عمره، يعني عن رئاسة البلد، وصودر، فدفع مائة ألف دينار حُمْر في مدةٍ يسيرة، لم يَبع في أدائها ضياعًا ولا عقارًا، ولا أظهر من نفسه انكسارًا إلى أن خرج من عُهْدة ذلك. وكان رجلًا من رجال الدّنيا. وعُمّر حتّى سُمع منه، الكثير، وانتشرت عنه الرّواية في الأقطار، ورحلت الطَّلَبة من الأمصار. وكان صحيح السماع، غير أنه كان يميل إلى التَّشيُّع على ما سمعتُ جماعةً من أهل أصبهان.
__________
1 تذكرة الحفاظ "4/ 1227"، وسير أعلام النبلاء "19/ 8-11"، وشذرات الذهب "3/ 393".
2 التقييد "430".
3 الباغبان: نسبة إلى حفظ الباغ، وهو البستان "الأنساب 2/ 44".
4 المتخب من السياق "422".(33/211)
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: لم يحدِّث في وقته أوثق في الحديث منه وأكثر سماعًا، وأعلى إسنادًا، إلّا أنّه كان يميل إلى الرَّفْض فيما قيل. سمع "تاريخ يعقوب الفَسَويّ" من ابن الفضل القطّان، عن ابن درستُوَيْه، عَنْهُ. وسمع "تاريخ ابن مَعِين" من أبي عبد الرحمن السُّلَميّ1.
حُكي لي أنّه وُلِد سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة، وقيل: سنة سبعٍ.
وقال غيره: تُوُفّي في رجب.
وقال السِّلَفيّ كان الرّئيس الثّقفيّ عظيمًا كبيرًا في أعيُن النّاس، على مجلسه هيبةٌ ووقار. وكان له ثروة وأملاك كثيرة.
وذكر ابن السّمعانيّ في تخريجٍ لولده عبد الرّحيم فقال: كان محمود السّيرة في ولايته، مُشْفِقًا على الرّعيّة. سمعتُ أنّ السّلطان ملِكْشاه أراد أن يأخذ مالًا من أهل البلد إصبهان، فقال الرّئيس: أنا أُعطي النِّصْف، ويُعطي الوزير يعني النّظام، وأبو سعد المستوفي النّصف. فما قام حتّى وَزَنَ ما قال.
وظنِّي أنّ المال كان أكثر من مائة ألف دينار أحْمَر.
وكان يَبَرُّ المحدِّثين بمالٍ كثير، ورحلوا إليه من الأقطار.
"حرف الميم":
321- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الباقي بن منصور2.
الحافظ أبو بكر ابن الخاضبة3، البغداديّ الدّقّاق.
مفيد بغداد، والمشار إليه في القراءة الصحيحية مع الصّلاح والورع.
حدَّث عن: أبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي الحسين ابن النقور، وعبد الرّحيم بن أحمد البخاريّ، وأحمد بن علي الدينوري.
وأكثر عن أصحاب المخلص.
__________
1 التقييد "430".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 109-113"، والبداية والنهاية "12/ 153".
3 في البداية والنهاية "الحاضنة".(33/212)
ورحل إلى الشّام، والقدس.
وسمع بدمشق من: إمام الجامع عبد الصّمد بن محمد بن تميم.
وأقدم شيخٍ له: مؤدّبه أبو طالب عُمَر بن محمد بن الدَّلْو، فإنّه يروي عن أبي عُمَر بن حَيَّوَيْهِ، وتُوُفّي سنة ست وأربعين وأربعمائة.
وسمع بالقدس من: محمد بن مكّيّ بن عثمان الأزْديّ، وعبد الرّحيم البخاريّ، وأبي الغنائم محمد بن الفرّاء.
روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة.
وكان محبوبًا إلى النّاس كلّهم، فاضلًا، حَسَن الذِّكْر. ما رأيت مثله على طريقته. وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلّا أعطاه، أو دلّه عند مَن هو.
وسمعتُ أبا الوفاء بن عقيل الحنبليّ الإمام يقول، وذَكَر شدَّةً أصابته بمطالبةٍ طُولِب بها، وأنّه كانت له عند ذلك خَلوات يدعو ربَّه فيها ويناجيه، فقرأ في مناجاته: فَلَئنْ قلتَ لي يا ربّ: هل واليتَ فيَّ وليًّا؟ أقول: نعم يا رب، أبو بكر ابن الخاضبة. ولئن قلتَ هل عاديتَ فيَّ عدُّوًا؟ أقول: نعم يا ربّ فُلانًا ولم يُسمِّه لنا.
فأخبرت ابن الخاضبة بقوله. فقال: اغترّ الشّيخ.
وقال ابن السّمعانيّ: نسخَ "صحيح مسلم" سنة الغرق بالأُجرة سبْع مرّات.
وقال ابن طاهر: ما كان في الدّنيا أحسن قراءةً للحديث من ابن الخاضبة في وقته، لو سمع بقراءته إنسانٌ يومين لَمَا ملَّ من قراءته.
وقال السِّلَفيّ1: سألتُ أبا الكرم الحَوْزِيّ عن ابن الخاضبة، فقال: كان علّامةً في الأدب، قُدْوَةً في الحديث، جيّد اللّسان، جامعًا لخلال الخير، ما رأيتُ ببغداد من أهلها أحسنَ قراءةً للحديث منه، ولا أعرف بما يقوله.
وقال ابن النّجّار: كان ابن الخاضبة ورِعًا، تقيًّا، زاهدًا، ثقة، محبوبًا إلى النّاس. روى اليسير.
وقال أبو الحسن عليّ بن محمد الفصيحيّ: ما رأيت في أصحاب الحديث أقوم باللغة من ابن الخاضبة.
__________
1 في سؤالاته لخميس الحوزي "120".(33/213)
وقال السِّلَفيّ: سألت أبا عامر العَبْدَرِيّ عنه، فقال: كان خيرَ موجودٍ في وقته. وكان لا يحفظ، إنّما يعوّل على الكُتُب.
وقال ابن طاهر: سمعتُ ابن الخاضبة، وكنتُ ذكرت له أنّ بعض الهاشميّين حدَّثني بإصبهان، أنّ الشّريف أبا الحسين بن الغريق1 يرى الاعتزال، فقال لي: لا أدري، ولكن أحكي لك حكاية: لمّا كان في سنة الغَرَق وقعت داري على قماشي وكُتُبي، ولم يكن لي شيء. وكان عندي الوالدة والزّوجة والبنات، فكنتُ أنسخ للنّاس، وأُنفق عليهنّ، فأعرف أنّني كتبتُ "صحيح مسلم". في تلك السَّنة سبْع مرّات، فلما كان ليلة من اللّيالي رأيتُ كأنّ القيامة قد قامت، ومناديا ينادي: أين ابن الخاضبة؟ فأُحْضِرتُ، فقيل لي: أدخل الجنة. فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي، ووضعت إحدى رِجْليَّ على الأخرى، وقلت: استرحتُ والله من النّسخ. فرفعتُ رأسي، فإذا ببغْلة في يد غلام فقلت: لمن هذه؟ فقال: للشريف أبي الحسين ابن الغريق. فلمّا أصبحت نُعي إلينا الشّريف2.
وقال ابن عساكر3: سمعتُ أبا الفضل محمد بن محمد بن عطاف يحكي أنه طلع في بعض بني الرّؤساء ببغداد إصبعٌ زائدة، فاشتدّ تألُّمُه منها ليلةً، فدخل عليه ابن الخاضبة، فشكا إليه وجَعَه، فمسح عليها وقال: أمرُها يسير. فلمّا كانت اللّيلة الثّانية نام وانتبه، فوجدها قد سقطت. أو كما قال.
تُوُفّي -رحمه الله- في ثاني ربيع الأوّل ببغداد، وكان يومًا مشهودًا، وخُتِم على قبره خَتْمات.
322- محمد بن الحسن4.
أبو بكر الحضْرميّ، المعروف بالمُرَاديّ القيرواني.
دخل الأندلس، وأخذ عنه أهلها.
__________
1 في سير أعلام النبلاء "19/ 112" "أبا الحسين بن المهتدي بالله".
2 تذكرة الحفاظ "4/ 1226"، وسير أعلام النبلاء "19/ 112"، والبداية والنهاية "12/ 153".
3 في تاريخ دمشق "36/ 330".
4 الصلة لابن بشكوال "2/ 604، 605"، ومعجم المؤلفين "9/ 188".(33/214)
روى عنه: أبو الحسن المقرئ ابن الباذش، وقال فيه: كان رجلًا نبيهًا عالمًا بالفقه، وإمامًا في أصول الدّين، وله في ذلك تصانيف حِسان مفيدة، وله حظٌّ وافر من البلاغة والفصاحة.
وقال أبو العبّاس: دخل قُرْطُبة في سنة سبعٍ وثمانين رجل من القَرَويّين، وهو أبو بكر المُرَاديّ، له نُهُوضٌ في علم الاعتقادات، ومشاركة في الأدب والقريض. اختلف إلى أبي مروان بن سِراج في سماع "التَّبْصرة" لمكّيّ، وحدَّثني بكتاب "فقه اللّغة" مشافهةً، عن عبد الرحمن بن عُمَر التّميميّ القصديريّ، عن محمد بن عليّ التّميميّ، عن إسماعيل بن عَبْدوس النَّيْسابوريّ، عن مصنِّفه أبي منصور الثَّعالبيّ، وبلغني موته سنة 89.
قلت: له رسالة "الإيماء إلى مسألة الاستواء".
323- محمد بن عليّ بن محمد بن عُمَير الزّاهد1.
أبو عبد الله العُمَيْريّ الهَرَويّ، الرّجل الصّالح.
وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة.
وأول سماعه سنة سبعٍ وأربعمائة.
سمع من أبيه عليّ بن محمد بن عُمَيْر بن محمد بن عُمَير، عن العبّاس بن الفضل النَّضْرويّ.
وسمع من: عليّ بن أبي طالب الخَوارَزْميّ، وعليّ بن جعفر القُهُندُزِيّ2، وعبد الرحمن بن محمد أبي الحسن الدّيناريّ، ومحمد بن أبي اليمان منصور الخطيب وأبي إسماعيل محمد بن عبد الرحمن الحدّاد، ويحيى بن عبد الله البزّاز، ومحمد بن إبراهيم بن أُمَيَّة، وأبي بِشْر الحسن بن محمد بن أحمد القُهُندُزِيّ، وشُعَيب بن محمد البُوسَنْجيّ، وضمام بن محمد الشَّعْرانيّ، وخلْق كثير بهَرَاة؛ وأبي بكر أحمد بن الحسن الحِيريّ النَّيْسابوريّ بها. وأبي عليّ بن شاذان، وطبقته ببغداد.
وقال الفامِيّ في "تاريخ هَرَاة": العُمَيْريّ تفرَّد عن أقرانه، وتوحّد عن أبناء زمانه
__________
1 تذكرة الحفاظ "4/ 1227"، وسير أعلام النبلاء "19/ 69-71".
2 القهندزي: نسبة إلى قهندز: المدينة الداخلة المسورة "الأنساب 10/ 274".(33/215)
بالعِلْم والزُّهْد في الدّنيا، والإتقان في الرّواية، والرغبة في التحديث، والتجرد من الدّنيا، والإعراض عن حطامها والإقبال على الآخرة.
وقال محمد بن عبد الواحد الدقاق: أبو عبد الله العُمَيْريّ ليس له نظيرٌ بخُراسان، فكيف بهَرَاة.
وقال في رسالته: ولم أرَ في شيوخي كالإمام الزّاهد المتقن أبي عبد الله العُمَيْريّ، رحمةُ الله عليه.
وقال غيره: كان فقيهًا إمامًا ورعًا قدوة، واسع الرواية، حدَّث بالكثير وقد حجّ في سنة عشرين وأربعمائة.
قال السّمعانيّ: ودخل بلاد اليمن، ورجع، فقدِم بغداد سنة ثلاثٍ وعشرين.
وسمع بمكّة من محمد بن الحُسَين الصَّنْعانيّ.
وبنَيْسابور من: أبي بكر الحِيَريّ، وأبي سعيد الصَّيْرفيّ.
وببغداد من: الحرفي، وابن شاذان، وعثمان بن دُوَسْت.
وبهَرَاة من: يحيى بن عمّار، وأبي يعقوب القرّاب، ومحمد بن جبريل بن ماحٍ.
روى عنه: أبو طاهر المقدسيّ، والمؤتَمَن السّاجيّ، وأبو عبد الله الدّقّاق، وأبو الوقت عبد الأوّل، وعليّ بن حمزة، والْجُنَيد بن محمد، والقاسم بن عمر الفصّاد ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذَانيّ وأبو النَّضْر الفامِيّ.
وقال أبو جعفر محمد بن أبي عليّ: قال لي أبو إسماعيل الأنصاريّ: احفظ الشّيخ أبا عبد الله العُمَيْريّ، واكتب عنه، فإنّه متقنٌ. مع ما كان بينهما من الوحشة.
قال أبو جعفر: وكان فقيهًا محدّثًا سُنّيًّا.
وسُئل إسماعيل الحافظ عنه: فقال: إمامٌ زاهد.
تُوُفّي العُمَيْريّ رحمه الله في المحرَّم.
324- محمد بن عليّ بن محمد الحماميّ1.
أبو ياسر البغدادي.
__________
1 المنتظم "9/ 101، 102"، وغاية النهاية "2/ 214".(33/216)
قال السّمعانيّ: كان إمامًا في القراءات، ضابطًا لها. كتب بخطّه الكثير من القراءات والحديث والكُتُب الكبار في معاني القرآن.
وكان ثقة.
قرأ على: أَبِي بَكْر محمد بْن عليّ بْن موسى الحنّاط.
ورحل إلى غلام الهرّاس فأكثر عنه.
وسمع من: أبي جعفر ابن المسلمة، وجماعة.
وتُوُفّي في المحرَّم.
325- محمد بن عليّ1.
القاضي أبو سعيد البَغَوي الدّبّاس.
مرَّ في العام الماضي.
أعدتّه لقول بعضهم: تُوُفّي سنة تسعٍ وثمانين.
روى عنه: محمد بن عبد الرحمن الحمدونيّ، وأحمد بن ياسر المقرئ، وأبو الفضل اللّيث بن أحمد، وعبد الصّمد ابن محمد الخطيب، وعبد الرحمن بن محمد بن عمر، وخلق كثير.
326- محمد بن محمد بن أحمد بن هميماه2.
أبو نصر الرّامشيّ النَّيْسابوريّ المقرئ، ابن بنت الرّئيس منصور بن رامش.
سمع من أصحاب الأصمّ.
وسمع بمكّة، والعراق، والشّام، وهراة.
وحدَّث عن: أبي الفضل عمر بن إبراهيم الزّاهد، وعبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وعليّ بن محمد الطّرازيّ، وعليّ بن محمد بن عليّ السّقّاء، والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ، ومحمد بن الحسين بن التُّرْجُمان الرَّمْليّ، وأبي عليّ بن أبي نصر التّميميّ، وأبي العلاء بن سليمان المقرئ.
__________
1 تقدمت ترجمته برقم "290".
2 الأنساب "6/ 50"، والمنتظم "9/ 102".(33/217)
قال عبد الغافر1: ولد سنة أربعٍ وأربعمائة. وسمع مع أخواله. وعقد مجلس الإملاء في المدرسة العميديّة فأملى سِنين.
وأنشدني لنفسه:
سَوَّدَ أيّامي المَشِيبُ ... وابْيَضَّتِ الرَّوضةُ العشيبُ
وكان روضُ الشّبابِ غَضًّا ... نوّارُ أشجارِهِ رطيبُ
فصار عَيْشي مريرَ طعمٍ ... وعَيْشُ ذي الشَّيْب لا يَطيبُ
وله:
وكنت صحيحًا والشّبابُ مُنادِمي ... فأنْهَلَني صَفْوَ الشّراب وعلَّني
وزدتُ على خمسٍ ثمانين حجّةً ... فجاء مشيبي بالضَّنَى فأعلّني
قال ابن عساكر: كان عارفًا بالنَّحْوِ وعلوم القرآن. حدَّثنا عنه: عمر بن أحمد الصّفّار، وعبد الله بن الفُرَاويّ.
وقال عبد الغافر: لمّا طعن في السّنّ تبرّز في القراءات وعلوم القرآن، وكان له حظٌّ صالح من النحو. وهو إمام في فنّه. ارتبطه نظام المُلْك في المدرسة المعمورة بنَيْسابور، ليُقرِئ في المسجد المَبْنِيّ فيها، فتخرَّج به جماعة.
وتُوُفْي في جُمَادى الأولى.
قلت: وروى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وإسماعيل العَصَائدي، وجماعة.
327- محمد بن عبد الواحد بن محمد.
أبو بكر الأصبهاني.
سمع: أبا منصور بن مهريُزد صاحب أبا عليّ الصّحّاف.
قال أبو طاهر السِّلَفيّ: لم يمت أحدٌ من شيوخي قبله، ولا أنا عن ابن مهرزاد سواه.
قلت: مات قبيل الرئيس الثقفي2.
__________
1 في المنتخب "64".
2 تقدمت ترجمته برقم "320".(33/218)
328- محمد بن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن1.
أبو عَبْد اللَّه المَدِينيّ المقرئ.
سمع مجلسًا من أحمد بن عبد الرحمن اليَزْديّ في سنة تسعٍ وأربعمائة. وهو من كبار شيوخ السِّلَفيّ، لا أعلم وفاته، بل سُمِع منه في هذه السّنة.
قال السِّلَفيّ: هو أوّل من كتبتُ عَنْهُ الحديث.
ثمّ وجدت في "تاريخ ابن النّجّار" قد زاد في نسبه محمد بن إبراهيم بن عبد الوهّاب بن بَهْمَن بن كُوشِيذ.
سمع: القاضي أبا بكر اليَزْديّ، وأبا بكر بن أبي عليّ المزكّيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن عُبَيْد الله، ومحمد بن صالح العطّار.
وحدَّث ببغداد.
سمع منه: أبو بكر محمد بن منصور السّمعانيّ، والسِّلَفيّ.
وقال أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ: كان شُرُوطيًّا، ثقة، أمينًا، أديبًا، وَرِعًا.
قرأ كتاب "الحُجّة" لأبي عليّ الفارسيّ، على أبي عليّ المَرْزُوقيّ، ولزِمه مدّة.
ولد سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة. ومات في حادي عشر شعبان سنة 89.
329- مُظهر بن أحمد بن عبد الله.
أبو سعْد المُضَريّ2 السُّكّريّ الأصبهاني.
قدِم بغداد للحجّ.
وحدَّث عن: أبي بكر بن أبي علي الذكواني، وأبي الحسين بن فاذشاه.
روى عنه: عمر بن ظفر، وغيره.
وله شعرٌ حسن.
توفي في شعبان.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 72، 73"، وغاية النهاية "2/ 241".
2 المضري: نسبة إلى مضر القبيلة المعروفة التي ينسب إليها قريش "الأنساب 11/ 357".(33/219)
330- مُعَمّر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن أبان1.
أبو منصور العبدي اللنباني الأصبهاني.
شيخ الصوفية.
قال السلفي: هو شيخ شيوخ أصبهان. لم يكن يدانيه في رتبته أحدٌ. روى لنا عن: أبي الحسين بن فاذشاه، وأبي بكر بن رُنْدَة، وعليّ بن أحمد بن مهْران الصّحّاف.
وله إجازة من أبي علي بن شاذان.
وتفقه على أبي محمد الكروني الشافعي، ورزق جاها وهيبة عند السلاطين.
وتوفي في شهر رمضان سنة تسعٍ وثمانين.
وجدهم أحمد يروي عن: ابن أبي الدّنيا، والحارث بن أبي أُسامة.
331- منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبار بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن عبد الجبار بن الربيع بن مسلم بن عبد الله2.
الإمام أبو المظفّر السَّمعانيّ التّميميّ المَرْوَزِيّ، الفقيه الحنفيّ ثمّ الشّافعيّ.
تفقّه على والده الإمام أبي منصور حتّى برع في مذهب أبي حنيفة وبرّز على أقرانه.
وسمع: أباه، وأبا غانم أحمد بن عليّ الكُراعيّ3 وهو أكبر شيوخه، وأبا بكر التُّرابيّ.
وبنَيْسابور: أبا صالح المؤذّن، وجماعة.
وبجُرْجَان: أبا القاسم الخلّال.
وببغداد: عبد الصّمد بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي بالله.
__________
1 الأنساب "11/ 32، 33"، والتحبير "2/ 53".
2 المنتظم "9/ 102"، وسير أعلام النبلاء "19/ 114-119"، والبداية والنهاية "12/ 153، 154".
3 الكراعي: نسبة إلى بيع الأكارع والرءوس اشتهر بهذه النسبة أهل بيت بمرو من رواة الحديث منهم أبو غانم الكراعي "الأنساب 10/ 374".(33/220)
وبالحجاز: أبا القاسم سعد بن عليّ، وأبا عليّ الشّافعيّ، وطائفة سواهم.
قال حفيده الحافظ أبو سعْد: نا عنه عمّي الأكبر، وعمر بن محمد السَّرْخَسِيّ، وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الفاشانيّ، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ أبو القاسم، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازيّ، وأبو سعْد البغداديّ، وجماعة كثيرة سواهم.
ودخل بغداد في سنة إحدى وستّين وأربعمائة، وسمع الكثير بها. واجتمع بأبي إسحاق الشّيرازيّ، وناظر أبا نضر بن الصّبّاغ في مسألةٍ.
وانتقل إلى مذهب الشّافعيّ. وسار إلى الحجاز في البرّيّة. وكان الرَّكْبُ قد انقطع لاستيلاء العرب، فقصد مكّة في جماعة، فأُخِذوا، وأُخِذ جدّي معهم، ووقع إلى حلل العرب، وصبرَ إلى أن خلّصه الله، وحملوه إلى مكّة، وبقي بها في صُحْبة الشّيخ أبي القاسم الزَّنْجانيّ.
وسمعتُ محمد بن أحمد المَدِينيّ يحكي عن الحسين بن الحسن الصوفي المرزوي، عن أبي المظفّر السّمعانيّ قال: لمّا دخلت البادية انقطعتُ، وقطعَت العرب علينا الطّريق، وأُسِرنا وكنتُ أخرج مع جِمالهم أرعاها. وما قلتُ لهم أنّي أعرِف شيئًا من العلم، فاتّفق أنّ مقدَّم العرب أراد أن يزّوج بنتَه من رجلٍ، فقالوا: نحتاج أنْ نخرج إلى بعض البلاد، ليعقد هذا العقْد بعضُ الفُقهاء. فقال واحدٌ من المأخُوذين: هذا الرّجل الّذي يخرجُ مع جِمالكم إلى الصّحراء فقيه خُراسان. فاستدعوني، وسألوني عن أشياء، فأجبتهم، وكلّمتهم بالعربيّة، فخجلوا واعتذروا، وعقدت لهم العقْد، وقرأتُ الخطبة، ففرحوا، وسألوني أن أقبل منهم شيئًا، فامتنع، فحملوني إلى مكّة في وسط السّنة1.
وذكره أبو الحسن عبد الغافر في "سياقه"2، فقال: هو وحيد عصره في وقته فضلًا، وطريقة، وزُهدًا، وورعًا، من بيت العلم والزُّهْد. تفقّه بأبيه، وصار من فُحُول أهل النَّظر، وأخذ يُطالع كُتُب الحديث، وحجّ، فلمّا رجع إلى وطنه، ترك طريقته الّتي ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة، وتحوَّل شافعيًّا. أظهر ذلك في سنة ثمانٍ
__________
1 طبقات الشافعية الكبرى "4/ 22".
2 المنتخب من السياق "442".(33/221)
وستين وأربعمائة. واضطّرب أهل مرْو لذلك، وتشوَّش العَوَامّ، إلى أن وردت الكتب من جهة بلكا بك من بلْخ في شأنه والتّشديد عليه، فخرج من مرْو في أوّل رمضان، ورافقه ذو المجدين أبو القاسم المُوسَويّ، وطائفة من الأصحاب. وخرج في خدمته من الفقهاء وصار إلى طُوس، وقصد نَيْسابور، فاستقبله الأصحاب استقبالًا عظيمًا.
وكان في نوبة نظام المُلْك وعميد الحضرة أبي سعد محمد بن منصور، فأكرموا مورده، وأنزلوه في عزٍّ وحِشْمة، وعقد له مجلس التّذكير في مدرسة الشّافعيّة.
وكان بحرًا في الوعْظ، حافظًا لكثير من الرّوايات والحكايات والنُّكَت والأشعار، فظهر له القبول عند الخاصّ والعامّ.
واستحكم أمره في مذهب الشّافعيّ ثمّ عاد إلى مرْو، ودرّس بها في مدرسة أصحاب الشّافعيّ، وقدّمه نظام المُلْك على أقرانه، وعلا أمرُه، وظهر له الأصحاب. وخرج إلى إصبهان، ورجع إلى مرْو. وكان قبوله كلَّ يومٍ في عُلُوّ. واتّفقت له تصانيف في الخلاف مشهورة، مثل كتاب "الاصطلام"، وكتاب "البرهان"، و"الأمالي" في الحديث. وتعصب للسُّنّة والجماعة وأهل الحديث. وكان شوكًا في أعيُن المخالفين، وحُجّةً لأهل السُّنّة.
قال أبو سعْد1: صنَّف في التّفسير، والفقه، والأصول، والحديث، "فالتفسير" في ثلاث مجلدات، وكتاب "البرهان" و"الاصطلام " الّذي شاع في الأقطار، وكتاب "القواطع" في أصول الفقه.
وله في الآثار كتاب "الانتصار" و"الرد على المخالفين"، وكتاب "المنهاج لأهل السنة"، وكتاب "القدر".
وأملى قريبًا من تسعين مجلسًا2.
وسمعتُ بعض المشايخ يحدّث عن رفيق جدّي في الحجّ الحُسَين بن الحسن الصُّوفيّ قال: اكْترينا حمارًا ركِبه الإمام أبو المظفّر إلى خَرَق، وهي ثلاثة فراسخ من مرو، فنزلها بها، وقلت: ما مَعَنَا إلّا إبريق خَزَف، فلو اشترينا آخر. فأخرج من جيبه
__________
1 في الأنساب "7/ 139".
2 الأنساب "7/ 140".(33/222)
خمسة دراهم، وقال: يا حُسَين، ليس معي إلّا هذا، خُذ واشترِ ما شئت، ولا تطلب بعد هذا منّي شيئًا. فخرجنا على التّجريد، وفتح الله لنا.
سمعتُ شهردار بن شيروَيْه بهَمَذَان يقول: سمعتُ منصور بن أحمد الإسفزاري، وسأله أبي، فقال: سمعتُ أبا المظفّر السّمعانيّ يقول: كنتُ على مذهب أبي حنيفة، فبدا لي أن أرجع إلى مذهب الشّافعيّ، وكنتُ متردّدًا في ذلك. فحججْتُ، فلمّا بلغت سميراء، رَأَيْت ربّ العِزّة فِي المنام، فقال لي: عُدْ يا أبا المظفّر. فانتبهت، وعلمتُ أنّه يريد مذهب الشّافعيّ، فرجعتُ إلى مذهب الشّافعيّ1.
وقال الحسين بن أحمد الحاجيّ: خرجتُ مع الإمام أبي المظفّر إلى الحجّ، فكلّما دخلنا بلدةً نزل على الصُّوفيّة، وطلب الحديث من المشيخة. ولم يزل يقول في دعائه: اللهمّ بيّن لي الحقّ من الباطل. فلمّا دخلنا مكّة، نزل على أحمد بن عليّ بن أسد، ودخلتُ في صُحْبة سعْد الزَّنْجانيّ، ولم يزل معه حتّى صار ببركته من أصحاب الحديث. فخرجنا من مكّة، وتركنا الكُلّ، واشتغل هو بالحديث2.
قرأتُ بخطّ أبي جعفر الهِمَذَانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المظفّر يقول: كنت في الطّواف، فوصلتُ إلى الملتَزَم، وإذا برجلٍ قد أخذ بطرف ردائي، فالتفت، فإذا بالإمام سعْد الزَّنْجانيّ، فتبسّمت إليه، فقال: أما ترى أين أنت؟ هذا مقام الأنبياء والأولياء. ثمّ رفعَ طرْفه إلى السّماء وقال: اللهمّ كما أوصلته إلى أعزّ المكان، فأعطه أشرف عزٍّ في كلّ مكان وزمان. ثمّ ضحك إليَّ، وقال لي: لا تخالفني في سِرّك، وارفع معي يدك إلى ربِّك، ولا تقولنّ البتّة شيئًا، واجمع لي همّتك، حتّى أدعو لك، وأَمِّن أنتَ، ولا تخالفني عهَدَك القديم.
فبكيتُ، ورفعتُ معه يدي، وحرَّك شفتيه، وأمَّنت.
ثمّ قال: مُرْ في حفْظ الله، فقد أُجِيب فيك صالح دُعاء الأُمّة.
فمضيت من عنده، وما شيءٌ في الدّنيا أبغض إليَّ من مذهب المخالفين.
قرأتُ بخطّ أبي جعفر أيضًا: سمعتُ الإمام أوحد عصره في علمه أبا المعالي الْجُوَيْنيّ يقول: لو كان من الفقه ثوبًا طاويا لكان أبو المظفّر بن السمعاني طرازة.
__________
1 التدوين في أخبار قزوين "4/ 118".
2 طبقات الشافعية الكبرى "4/ 23".(33/223)
وقرأتُ بخطّه: سمعتُ الإمام أبا عليّ بن أبي القاسم الصّفّار يقول: إذا ناظرتُ أبا المظفّر السّمعانيّ فكأنّي أُناظِرُ رجلًا من أئمةّ التّابعين، ممّا أرى عليه من آثار الصّالحين سمْتًا، وحُسْنًا، ودينًا.
سمعتُ أبا الوفاء عبد الله بن محمد الدُّشّتيّ المقرئ يقول: سمعتُ والدك أبا بكر محمد بن منصور السِّمعانيّ يقول: سمعتُ أبي يقول: ما حفظتُ شيئًا فنسيته1.
سمعتُ أبا الأسعد هبة الرحمن القُشَيْريّ يقول: سُئل جدّك أبو المظفّر في مدرستنا هذه، بحضور والدي، عن أحاديث الصّفات فقال: عليكم بدين العجائز2.
ثمّ قال: غُصْتُ في كلّ بحرٍ، وانقطعت في كلّ بادية، ووضعتُ رأسي على كلّ عَتَبة، ودخلتُ من كلّ باب. وقد قال هذا السّيّد، وأشار إلى أبي عليّ الدّقّاق، أو إلى أبي القاسم القُشَيْريّ: لله وصفٌ خاصٌ لا يعرفه غيره.
وُلِد جدّي في ذي الحجّة سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة.
وتوفي يوم الجمعة الثّالث والعشرين من ربيع الأوّل.
"حرف الهاء":
332- هشام بن أحمد بن خالد بن سعيد3.
أبو الوليد الكِنانيّ الطُّلَيْطُلِيّ، ويُعرف بالوَقَّشِيّ.
ووقَّش قرية على اثني عشر ميلًا من طليطلة.
أخذ العلم عن: أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبي محمد بن عباس الخطيب، وأبي عمر السَّفاقِسيّ، وأبي عمر بن الحذاء، وجماعة.
قال أبو القاسم صاعد: أبو الوليد الوقَّشيّ أحد رجال الكمال في وقته، باحتوائه على فنون المعارف، وجَمْعه لكليّات العلوم. هو من أعلم النّاس بالنَّحْو، واللُّغة، ومعاني الشِّعْر، وعلم العَرَوض، وصناعة البلاغة. بليغ، شاعر، حافظ للسُّنَن وأسماء
__________
1 المنتظم "9/ 102".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 119".
3 سير أعلام النبلاء "19/ 134-136".(33/224)
الرّجال. بصير بالاعتقادات وأُصُول الفِقْه، واقف على كثير من فتاوى فقهاء الأمصار، نافذ في علوم الشُّرُوط والفرائض، متحقّق بعلم الحساب والهندسة، مشرف على جميع آراء الحكماء، حَسَن النَّقْد للمذاهب، ثاقب الذّهن، يجمع إلى ذلك آداب الأخلاق، مَعَ حُسْن المعاشرة، ولِين الكَنَف، وصدْق اللهجة.
وقال ابن بَشْكُوال1: أنبا عنه أبو بحر الأَسَديّ، وكان مختصًّا به، وكان يعظّمه ويقدّمه على من لَقِيَه من شيوخه، ويصفه بالاستبحار في العلوم. وقد نُسِبتْ إليه أشياء الله أعلم بحقيقتها، وسائلهُ عنها ومُجَازِيه بها.
وكان الشّيخ أبو محمد الرُيْوَاليّ يقول فيه:
وكان من العلوم بحيث يُقْضَى ... لَهُ في كلِّ عِلْمٍ بالجميع
وقال عتيق بن عبد الحميد: تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. وكان مولده سنة ثمانٍ وأربعمائة.
وقال القاضي عياض: كان غايةً في الضَّبْط والإتقان، نسّابة، له تنبيهات ورُدود على كِبار التّصانيف التّاريخية والأدبية، وناهيك من حُسن كتابه في "تهذيب الكنَى" لمسلم، الّذي سمّاه بعكس الرُّتْبة، ومن تنبيهاته على أبي نصر الكَلابَاذِيّ، و"مؤتلف" الدارقطني. لكنه اتُّهِم بالاعتزال، وظهر له تأليف في القدَر، والقرآن. فزهد فيه النّاسُ، وتركه جماعة من الكبار2.
وفيات سنة تسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
333- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زكريّا بن دينار3.
أبو يَعْلَى العبْدي البصْري، الفقيه، شيخ مالكيّة العراق، ويُعرف بابن الصّوّاف. كان ينزل القَسَامِل، إحدى محال البصرة.
ولد سنة أربعمائة.
__________
1 في الصلة "2/ 653، 654".
2 معجم البلدان "5/ 381".
3 المنتظم "9/ 103"، وسير أعلام النبلاء "19/ 156، 157"، والبداية والنهاية "12/ 154".(33/225)
وسمع بالبصْرة: محمد بن عبد الرحمن الكازْرُونيّ1، ومحمد بن أحمد بن داسة، وعليّ بن هارون التّميميّ، والحسن القَسَامِليّ، وإبراهيم بن طلحة بن غسّان، وجماعة.
وقدِم بغداد سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وسمع بها من: أبي عليّ بن شاذان، وأبي بكر البَرْقانيّ.
روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ، وقاضي سَبْتَة أبو بكر عتيق النَّفْرَاويّ، وجابر بن محمد البصْريّ، وأبو الحسن الصُّوفيّ البُوشَنْجيّ، وآخرون.
وتفقّه على القاضي أبي الحسن عليّ بن هارون المالكيّ؛ وصنَّف التّصانيف، ودرَّس بالبصرة، وتخرَّج به الأصحاب.
تفقّه عليه أبو منصور بن باخي، وأبو عبد الله بن ضَابِح، ومالكيّة البصرة.
قال القاضي عياض2: كان يُمْلي الحديث وعلى رأسه مستمليان يُسمعان النّاس.
سمعَ منه عالَم عظيم.
وقال أبو سعْد السّمعانيّ: كان فقيهًا، مدرّسًا، متزّهدًا، خشن العيش، مجدًا في عيادته، ذا سمتٍ ووقار3.
وكان جابر بن محمد البصري يقول: ثنا أبو يَعْلَى العبْديّ فريد عصره. وكان به معرفة الحديث.
وقال غيره: كان إمامًا، زاهدًا، عابدًا، إمامًا في عشرة أنواع من العلم.
قال جابر: تُوُفّي في ثالث عشر رمضان.
قلت: قد أكمل تسعين سنة، رحمه الله.
334- أحمد بن محمد.
أبو بكر بن أبي طالب البغداديّ المقرئ الملقن، ويعرف بابن الكسائي.
__________
1 الكازروني: نسبة إلى كازرون، وهي إحدى بلاد فارس "الأنساب 10/ 318".
2 في ترتيب المدارك "4/ 791".
3 المنتظم "9/ 103".(33/226)
سمع أبا الحسن القزويني، وأبا محمد الخلال.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ.
توفي في ذي الحجة.
335- أَحْمَد بن محمد بن إسماعيل بن عليّ1.
أبو الحسن الشُّجاعيّ النَّيْسابوريّ أمين مجلس القضاء بنَيْسابور.
كان من ذوي الرّأي الكامل. ومن الشّافعيّة المتعصّبين لمذهبه.
وكان له ثروة ودُنيا ورئاسة، وولي أوقافًا وأنظارًا، ولم يكن بالمتحرّي فيها. وقد أملى سنين.
وحدَّث عن أصحاب الأصمّ، كابي بكر الحِيريّ، وغيره.
وكان مولده في سنة عشرٍ وأربعمائة. وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم سنة تسعين.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل، ومن "تاريخه" اختصرته؛ ومحمد بن جامع خيّاط الصُّوف، وعمر بن أحمد الصّفّار، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد الخطيب، وعبد الخالق بن زاهر، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل.
أمّا:
336- أبو حامد أحمد بن محمد الشُّجاعيّ الفقيه2.
فقد ذكرنا وفاته ببلْخ في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وهو أشهر مِن ذا.
337- إبراهيم بن عبد الوهّاب بن محمد بن إسحاق بن مَنْدَهْ3.
الشّيخ الصّالح أبو إسحاق.
تُوُفّي في ذي الحجة في طريق الحج رحمه الله.
__________
1 المنتخب من السياق "114، 115".
2 تقدم برقم "40".
3 المنتظم "9/ 103، 104".(33/227)
سمع: ابن رَيْدة، وأبا يَعْلَى الصّابونيّ، وعدّة.
روى عنه: السِّلَفيّ، وغيره.
338- أرغش النّظاميّ1.
الأمير.
مملوك نظام الملك. كان من أكب أمراء دولة بَرْكيارُوق، فزوّجه بنت عمّه.
وثبَ عليه باطنيّ بالرَّيّ فقتله.
339- إسماعيل بن عثمان بن عمر2.
أبو عثمان الإبريسميّ النَّيْسابوريّ.
ذكره عبد الغافر فقال: ثقة صالح مشتغل بالتّجارة.
حدث عن: أبي القاسم السراج، وأبي بكر الحيري، وأبي إسحاق الإسفرائيني.
قلت: روى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، والعبّاس بن محمد العصاريّ ومحمد بن جامع الصيرفي.
قال عبد الغافر: سمعتُ منه. وتُوُفّي فِي ربيع الأول.
"حرف الباء":
340- بُرْسُق الأمير3.
من كبار الدّولة الملكشاهيّة.
وثَبَ عليه دَيْلَميٌّ من الباطنيّة فضَرَبه بسِكِّينٍ بين كتفَيْه، فقضى عليه.
وكان بُرْسُق من أصحاب طُغْرُلْبَك. وهو أوّل شِحْنة ولي بغدادَ للسَّلْجُوقيّة.
341- بنجير بن منصور بن عليّ.
أبو ثابت الهَمَذَانيّ. شيخ الصوفية.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 271".
2 تقدم برقم "307".
3 الكامل في التاريخ "10/ 271"، وزبدة التواريخ "148، 192".(33/228)
روى عن: شيخه جعفر الأبْهَريّ، ومحمد بن عيسى، وأبي الفضل عمر بن إبراهيم الهَرَويّ، وغيرهم.
قال شيروَيْه: سمعتُ منه عامّة ما مر له. وكان صدوقًا.
تُوُفّي في ذي الحجّة وأنا تولّيتُ غسْله. وكان شيخ وقته، ووحيد عصره في خدمة الفقراء واحتمالهم، رحمه الله.
قلت: أجاز للسِّلَفيّ.
"حرف الحاء":
342- الحسن بن أحمد بن محمد بن إسماعيل الشُّجاعيّ.
النَّيْسابوريّ.
تُوُفّي في المحرم.
343- الحسين بن علي بن محمد بن مَسْلَمَة بن نجاح1.
القاضي أبو عليّ الأزْديّ.
سمع: أبا عثمان الصّابونيّ بدمشق.
روى عنه: جمال الإسلام.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل.
344- الحسين بن محمد بن الحسين.
أبو القاسم الدِّهْقان المقرئ الصَّرِيفينيّ2؛ صَرِيفين الكوفة. ختم عليه القرآن خلقٌ. وكان أحد العارفين بمذهب زيد بن عليّ. وكان الزَّيْديّة، يستفتونه.
سمع من: جناح بن نذير المحاربيّ، وزيد بن جعفر العلوي.
وحدث، وعاش ستًّا وثمانين سنة.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 161".
2 الصريفيني: نسبة إلى صريفين "الأنساب 8/ 58".(33/229)
روى عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل الطَّلْحيّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأحمد بن سعْد العِجْليّ الهَمَذَانيّ، وغيرهم.
تُوُفّي في المحرَّم.
345- الحسين بن محمد بن أحمد.
القزّاز. أبو نصر العتّابيّ.
سمع: عبد الملك بن بشران.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وغيره.
ومات في صَفَر.
346- الحسين بن المظفّر بن الحسن.
أبو عبد الله الصائغ.
ويعرف بصهر ابن لؤلؤ البغداديّ.
مُعَمَّر، وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة.
وسمع: أبا بكر أحمد بن طلحة المُنَقّيّ.
روى عنه أيضًا: عبد الوهّاب.
وتُوُفّي في خامس المحرَّم.
"حرف الذّال":
347- ذو النُّون بن سهل.
أبو بكر الأُشْنانيّ1 الأصبهاني.
سمع: أبا نعيم.
روى عنه: السلفي.
__________
1 الأشناني: نسبة إلى بيع الأشنان وشرائه "الأنساب "1/ 280".(33/230)
"حرف السّين":
348- سُتَيْك بنتُ الشّيخ أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصّابونيّ1.
فقيرة، عابدة، صوفية.
ولدت سنة خمس عشرة وأربعمائة.
وسمعت من: أبي الحسن الطّرّازيّ صاحب الأصمّ.
وعنها: عبد الله بن الفُرَاويّ، ومحمد بن عبد الكريم المطرّز.
ماتت في جُمَادى الأولى.
349- سعْد بْن عبد الله بْن أَبِي الرجاء محمد بن عليّ:
القاضي أبو المطهَّر بن القاضي الأثير الأصبهاني.
حجّ في هذه السّنة.
وحدث بغداد "بمُسْنَد الحارث"، عن أبي نُعَيّم.
روى عنه: عبد الوهاب الأنْماطيّ، ومحمد بن ناصر.
350- سعد بن عبد الرحمن2.
الفقيه أبو محمد الأسترباذي.
سمع: أبا الحسين الفارسيّ، وأبا حفص بن مسرور الكَنْجَرُوذيّ3.
وكان فقيهًا بارعًا، إمامًا، مختصًّا، بإمام الحَرَمين.
وتفقّه أيضًا على القاضي حسين المَرْوَرُّوذِيّ.
تُوُفّي في نصف شوّال.
"حرف الشين":
351- شُعْبة بن عبد الله بن علي4.
__________
1 المنتخب من السياق "249، 250".
2 المنتخب من السياق "241"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 166".
3 الكنجروذي: نسبة إلى كنجروذ قرية على باب نيسابور "الأنساب 10/ 479".
4 الأنساب "1/ 136".(33/231)
أبو بكر الطُّوسيّ الأثريّ.
سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصروني، وأبا حسّان المزكيّ.
ومات في رجب.
"حرف العين":
352- عبد الرَّحْمَن بْن عليّ بن القاسم1.
أبو القاسم الصوفي العدل.
ويُعرف بابن الكامليّ.
سمع: أبا الحسين بن أبي نصر، وأبا عليّ الأهوازيّ، وسُلَيم بن أيّوب، وجماعة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وغيث الأرمنازي، وابن أخيه أحمد بن الحسين الكامليّ.
وسكن صُور، وبها تُوُفّي في رمضان.
ووُلِد سنة تسع عشرة.
353- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف2.
أو نصر الأصبهاني السِّمْسار.
آخر من حدَّث عَنْ أَبِي عَبْد الله محمد بْن إبراهيم الجرجاني.
روى عنه، وعن: عليّ بن ميْلة الفقيه، وأبي بكر بن أبي عليّ الذَّكْوانيّ، وغيرهم.
روى عنه: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في المحرَّم.
وسئل عنه إسماعيل الحافظ فقال: شيخ لا بأس به.
__________
1 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 20"، وتهذيب تاريخ دمشق "3/ 287".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 34، 35"، وشذرات الذهب "3/ 359".(33/232)
354- عبد الرحيم بن أحمد بن عليّ1.
أبو الحسن النَّيْسابوريّ الدرديرانيّ.
شيخ صالح عفيف.
سمع: أبا بكر الحِيريّ، ومن بعده.
وعنه: عبد الغافر، وقال: تُوُفّي في ربيع الأوّل.
355- عبد الملك بن منصور بن حمد بن زائدة.
أبو المعاليّ الكاتب.
إصبهانيّ من شيوخ السّلَفيّ القُدماء.
مات في جُمَادى الأولى.
سمع: ابن حَسْنَوَيْه.
356- عبد المهيمن بن الحسين بن محمد بن القاسم.
أبو منصور الهاشميّ البغداديّ.
تُوُفّي في حدود هذه السّنة.
سمع: أبا عليّ بن شاذان.
وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعمر المَغَازِليّ، وغيرهما.
357- عَبْدُوس بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن عَبْدُوس2.
أبو الفتح بن أبي محمد الرُّوذَبَاريّ3، الفارسيّ، ثمّ الهَمَذَانيّ.
رئيس هَمَذَان.
سمع: أباه، وعمَّ أبيه عليّ بن عَبْدُوس، ومحمد بن أحمد بن حمدويه
__________
1 المنتخب من السياق "323".
2 سير أعلام النبلاء "19/ 97"، ولسان الميزان "4/ 95".
3 الروذباري: نسبة لمواضع عند الأنهار الكبيرة يقال لها الروذبار، وهي بلاد متفرقة منها موضع على باب الطابران بطوس "الأنساب 6/ 180".(33/233)
الدُّوسيّ، شيخ روى عن الأصمّ، وأبا طاهر الحسين بن سَلَمة، ومحمد بن عيسى المحتسب، ورافع بن محمد القاضي، وحمْد بن سهل، وحميد بن المأمون، والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه.
وسمع بالدِّينَوَر: أبا نصر الكسّار.
وبنَيْسابور: منصور بن رامِش، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ، وجماعة.
أجاز له أبو بكر أحمد بن علي بن لال، وأبو عبد الرحمن السُّلَميّ، وأبو الحسن بن جهضم.
وكان أَسْنَد مَن بقي بهَمَذَان.
حدَّث ببغداد في سنة ستٍّ وستّين، فروى عنه: أبو الحُسين بن الطُّيُوريّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفضل محمد بن بُنَيْمان الهَمَذَانيّ.
قال شيروَيْه: وسمعتُ من عَبْدُوس، وكان صدوقًا، متقنًا، فاضلًا، ذا حشمةٍ وصِيت؛ حَسَن الخطّ، حُلْو المنطق. كُفّ بصره، وصُمّت أُذُناه في آخر عمره. وسماع القدماء1 منه أصحّ إلى سنة نيفٍ وثمانين.
ومات في جُمَادى الآخرة، وأنا غسّلته.
وقال: وُلِدتُ سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة.
وقال محمد بن طاهر: لمّا دخلت هَمَذَان بأولادي، كنتُ سمعتُ أنّ "سُنَن النَّسَائيّ" يرويه عَبْدوُس، فقصدته، وأَخْرَج إليَّ الكتاب، والسّماع فيه ملحقٌ بخطّه، سماعًا طريًّا. فامتنعت من قراءته. وبعد مدّة خرجت بابني أبي زُرْعة إلى الدُّونيّ2، وقرأته على هارون بن حمْدله.
قلت: أبو زُرْعة آخِر من روى عن عَبْدُوس، وله عنه جزءان من حديث الأصمّ، رواهما عبد اللّطيف بن يوسف، عنه.
وأنا التّاج عبد الخالق، عن الموفّق، عن أبي زُرْعة، عن عبدوس بحديثٍ واحد.
__________
1 في لسان الميزان "4/ 95"، "وسماع الغرباء".
2 الدوني: نسبة إلى دون قرية من أعمال دينور "معجم البلدان "2/ 490"، وجاء في "لسان الميزان 4/ 95" "الدؤلي".(33/234)
358- عليّ بن طاهر بن أحمد بن الملقّب.
أبو الحسن الموصلي البزار.
سمع: أبا الحسن محمد بن محمد بن مَخْلَد.
روى عنه: ابنه إسماعيل، وعبد الوهّاب الأنماطي، وإسماعيل السَّمَرْقَنْديّ.
وقرأ القرآن على ابن شِيطا.
وتُوُفّي في رجب، وله ستٌ وثمانون سنة.
359- عليّ بن عبد الملك.
أبو الحسن الدّبيقيّ المالكيّ.
مات بعكاء في جُمَادى الأولى.
ورّخه هبة الله بن الأكفانيّ.
360- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ الحاكم1.
أبو الحسن الأشقر.
نَيْسابوريّ صالح.
روى عن: أبي نصر المفسّر صاحب الأصمّ، وغيره.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
361- عليّ بْن محمد بْن عُبَيْد الله2.
أبو القاسم الْجُوزجانيّ النَّيْسابوريّ.
سمع: أَبَا القاسم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السّرّاج.
روى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، ومنصور بن محمد الصّاعديّ، وعائشة بنت الصّفّار.
مات في جمادى الآخرة.
__________
1 المنتخب من السياق "390 رقم 1316".
2 المنتخب من السياق "390 رقم 1317".(33/235)
"حرف الفاء":
362- الفضل بن عبد الواحد الأصبهاني الخبّاز.
يروى عن: أبي نُعَيْم.
روى عنه: أبو طاهر بن سِلَفَة، وقال: مات فِي ذي الحجَّة.
363- الفضل بْن محمد بن أحمد بن سعيد الحدّاد.
أخو أبي الفتح الحدّاد الأصبهاني.
روى عن: أبي بكر بن عليّ الذَّكْوانيّ، وعليّ بن عبدكوَيْه، والحسين بن إبراهيم الجمّال.
وعنه: السِّلَفيّ، وقال: مات في ذي القعدة.
"حرف الكاف":
364- كمشتكين الرومي.
عتيق بن مروان الأصبهاني، يكنى أبا طاهر.
تُوُفّي غريبًا بالبصرة.
روى عن: أبي القاسم بن البُسّريّ.
وعنه: السِّلَفيّ.
"حرف الميم":
365- ماجد بن عليّ.
أبو الجيش الأعْرَابيّ الضّبيّ.
حدَّث في هذا العام بإصبهان.
سمع سنة عشر وأربعمائة من أبي بكر الذَّكْوانيّ.
وعنه: عبد الله بن علي الطامذي1.
__________
1 الطامذي: نسبة إلى طامذ قرية من قرى أصبهان "الأنساب 8/ 179".(33/236)
المجلد الرابع والثلاثون
الطبقة الخمسون
أحداث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة الخمسون:
أحداث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة:
ابتداء دولة الإفرنج:
قَالَ ابن الأثير: ابتداء دولة الإفرنج، لعنهم اللَّه، في سنة ثمان وسبعين فملكوا طُلَيْطُلَة وغيرها من الأندلس، ثمّ قصدوا صقلية في سنة أربع وثمانون فملكوها، وأخذوا بعض أطراف إفريقية.
بدء حملات الإفرنج إلى بلاد الشام:
وخرجوا في سنة تسعين إلى بلاد الشّام، فجمع ملكهم بردويل جَمْعًا كثيرًا، وبعث إلى الملك رُجَار صاحب صِقِلّية يَقُولُ: أَنَا واصل إليك وسائرٌ من عندك إلى إفريقية أفتحها، وأكون مجاورًا لك، فاستشار رُجَار أكابر دولته، فقالوا: هذا جيّد لنا وله، وتصبح البلاد بلاد النّصرانيّة، فضرط1 ضرطةً وقال: وحقّ ديني هذا خيرٌ من كلامهم.
قَالُوا: ولِمَ ذلك؟
قال: إذا وصل احتاج إلى كلْفة كبيرة ومراكب وعساكر من عندي فإن فتحوا إفريقية كانت له ويأخذون أكثر مُغَلّ بلادي، وإن لم يفتحوا رجعوا إلى بلادي وتأذَّيْت. ويقول تميم يعني ابن بادريس: غدرت ونقضت العهد ونحنُ إنْ وجدنا قوة أخذنا إفريقية. ثمّ أحضر الرَّسُول، إذا عزمتم عَلَى حرب المسلمين فالأفضل فتح بيت المقدس، تخلّصونه من أيديهم، ويكون لكم الفخر، وأمّا إفريقيّة فبيني وبين صاحبها عُهُود وأَيْمان. فتركوه وقصدوا الشّام.
وقيل: إنّ صاحب مصر لمّا رأى قوّة السَّلْجُوقيّة واستيلائهم عَلَى الشام ودخول أَتْسِز إلى القاهرة وحصارها، كاتب الإفرنج يدعوهم إلى المجيء إلى الشام ليملكوه.
__________
1 ضرط: ضرطًا، وضُراطًا: أخرج ريحًا من إسته مع صوت.
فهو ضروط، وضرَّاط، والضراط: الريح الخارجة من الإست مع الصوت. المعجم الوجيز "ص/ 380".(34/3)
عبور الإفرنج خليج القسطنطينية إلى أنطاكية:
وقيل: إنهم عبروا خليج القسطنطينية وقدموا إلى بلاد قليج أرسلان بْن سلمان بْن قُتُلْمش السَّلْجوقيّ، فالتقاهم، فهزموه في رجب سنة تسعين. واجتازوا ببلاد ليون الأرمني فَسَلكوها. وخرجوا إلى أنطاكية فحاصروها، فخاف ياغي سِيان من النَّصارى الذين هُمْ رعيته، فأخرج المسلمين خاصّة لعمل الخندق أيضًا، فعملوا فيه إلى العصر، ومنعهم من الدخول، وأغلق الأبواب، وأَمِن غائلة النّصارى. وحاصرته الإفرنج تسعة أشهر، وهلك أكثر الإفرنج قتلًا وموتًا بالوباء وظهر من شجاعة ياغي سيان وحزْمه ورأيه ما لم يُشاهد من غيره، وحفظ بيوت رعية النّصارى بما فيها. ثمّ إنّ الإفرنج راسلوا الزّرّاد أحد المقدَّمين، وكان متسلّمًا برجًا من الوادي، فبذلوا لَهُ مالًا، فعامد عَلَى المسلمين يطلعوا إلى أن تكاملوا خمسمائة، فضربوا البوق وقت السَّحَر، ففتح ياغي سيان الباب، وهرب في ثلاثين فارسًا، ثمّ هرب نائبه قي جماعة.
استباحة الإفرنج أنطاكية:
واستُبيحت أنطاكية فإنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون، وذلك في جُمَادَى الأولى من سنة إحدى وتسعين. وأُسْقِط في يد يغيسيان صاحبها، وأكل يديه ندمًا حيث لم يعد ويقاتل عَنْ حُرَمه حتّى يقتل. فلشدة ما لحقه سقط مغشيا عَلَيْهِ، وأراد أصحابه أنّ يُرْكِبُوه، فلم يكن فيه حَيْلٌ يتماسك بِهِ، بل قد خارت قوّته فتركوه ونجوا. فاجتاز بِهِ أَرمنيّ حطّاب، فرآه بآخر رَمَق، فقطع رأسه وحمله إلى الإفرنج.
رواية سبط ابن الجوزي:
وقال صاحب "المرآة": وكثر النّفير عَلَى الإفرنج، وبعث السّلطان بَرْكِيارُوق إلى العساكر يأمرهم بالميسر إلى عميد الدّولة للجهاد. وتجهّز سيف الدّولة فمنعه ابن مُزْيَد. فجاءت الأخبار إلى بغداد بأنّ أنطاكية أُخذت، وأنّ الإفرنج صاروا إلى المعرة،(34/4)
وكانوا في ألف ألف إنسان، فنصبوا عليهم السّلالم، ودخلوها، وقتلوا منها مائة ألف إنسان، وسبوا مثل ذلك، وفعلوا بكفر طاب كذلك. قلت: دافع أهل المَعَرّة عَنْهَا وقاتلوا قتال موت حتى خذلوا، فقتل بها عشرون ألف، فهذا أصحّ.
رواية ابن القلانسي:
وقال أبو يَعْلَى بْن قلانسيّ: وأمّا أنطاكيّة فقُتِل بها وسُبِي بها من الرجال والنّساء والأطفال ما لم يدركه حصر. وهرب إلى القلعة تقديرُ ثلاثة آلاف تحصنوا. قَالَ أبو يَعْلَى: وبعد ذَلِكَ أخذوا المَعَرّة في ذي الحجّة.
رواية ابن الأثير:
قَالَ ابن الأثير: ولمّا سمع قوام الدولة كبر بوقا صاحب المَوْصِل بذلك، جمع الجيوش وسار إلى الشّام، ونزل بمرج دابق فاجتمعت معه عساكر الشام، تُركها وعَرَبُها سوى جُنْد حلب. فاجتمع معه دقاق وطغتكين أتابك، وجناح الدّولة صاحب حمص، وأرسلان صاحب سُنْجار، وسليمان بْن أُرْتُق وغيرهم، فعظمت المصيبة عَلَى الإفرنج، وكانوا في وهْن وقَحْط. وسارت الجيوش فنازلتهم. ولكن أساء السّيرةَ كبربوقا في المسلمين، وأغضب الأمراء وتحامق، فأضمروا لَهُ الشّرّ، وأقامت الإفرنج في أنطاكيّة بعد أنّ ملكوها ثلاثة عشر يومًا، وليس لهم ما يأكلونه، وأكل ضعفاؤهم الميتة وورق الشجر، فبذلوا البلد بشرط الأمان، فلم يعطهم كبربوقا.
حربة المسيح عَلَيْهِ السّلام المزعومة:
وكان بردويل، وصنجيل وكندفري، والقمص صاحب الرُّها وبَيْمُنْت صاحب أنطاكيّة، ومعهم راهب يراجعون إلَيْهِ، فقال: إنّ المسيح كانت لَهُ حَرْبَةٌ مدفونة بأنطاكية، فإن وجدتموها نُصِرْتُم، ودفن حرْبةً في مكانٍ عفّاه، وأمرهم بالصَّوم والتّوبة ثلاثة أيام، ثم أدخلهم في مكان، أمر بحفْره، فإذا بالحَرْبة، فبشّرهم بالظَّفَر وخرجوا للقاء، وعملوا مصافًا، فولّى بعض العساكر حرب كبربوقا، لِما في قلبهم منه، وما كَانَ ذا وقت ذا، فاشتغل بعضهم ببعض، ومالت عليهم الإفرنج فهزمتم، وهربوا من غير أن يقاتلوا، فظنت الإفرنج أنها مكيدة، إذا لم يجر قتال يوجب الهزيمة. وثبت(34/5)
جماعة من المجاهدين، وقاتلوا خشية، فحطمتهم الإفرنج، واستشهد يومئذ ألوف، وغنمت الإفرنج من المسلمين معظم ثقلهم ودوختهم.
دخول الإفرنج المَعَرّة:
ثمّ ساروا إلى المَعَرّة فحاصروها أيامًا، ثمّ دخل المسلمين فشل هلع، وظنوا أنهم إذا تحصنوا بالدُّور الكبار امتنعوا بها، فنزلوا من السور إلى الدور، فرآهم طائفة أخرى، ففعلوا كفعلهم، فخلا مكانهم من السُّور، فصعدت الإفرنج عَلَى السّلالم، ووضعوا فيهم السيف ثلاثة أيّام، وقتلوا ما يزيد عَلَى مائة ألف، وملكوا جميع ما فيها.
محاصرة الإفرنج عرقة:
وساروا إلى عرقة، فحصروها أربعة أشهر، ونقّبوا أماكن، ثمّ صالحهم عليها صاحب شيزر ابن منقذ.
منازلة الإفرنج حمص:
فساروا ونازلوا حمص، ثمّ صالحهم جناح الدولة عَلَى طريق عكا.
شغب الْجُنْد عَلَى السلطان بَركيَارُوق:
وفيها شغب الْجُنْد عَلَى السلطان بَركيَارُوق وقالوا: لا نسكت لك حتّى تسلّم لنا مجد المُلْك القُمّيّ المستوفي -وكان قد أساء السّيرة، وضيّق الأرزاق-. فقال: واللَّه لا أمكنهم منك. وعزم إلى إخفائه، فقيل لَهُ: متي خرج عنك قتلوه، ولكن اشفع فيه. فبعثه وقال للأمراء: السلطان يشفع إليكم فيه فثاروا بِهِ وقتلوه. ثمّ جاءوا وقبلوا الأرض من بين يدي بَركيَارُوق، فسكت.
خروج بيت المقدس من يد ابن أُرْتُق:
وقال أبو يَعْلَى: وسار أمير الجيوش أحمد حتّى نازل بيت المقدس وحاصره، وأخذه من سقمان بن أرتق1.
__________
1 انظر: الكامل "10/ 272-275"، البداية والنهاية "12/ 148-155"، النجوم الزاهرة "5/ 153-162"، تاريخ الخلفاء "ص/ 676"، صحيح التوثيق "7/ 522".(34/6)
أحداث سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة:
مقتل أُنَرْ عامل بَركيَارُوق:
لمّا سار السلطان بَركيَارُوق إلى خُراسان، استعمل أُنَرْ عَلَى فارس وبلادها، وكان قد تغلب عليها خوارج الأعراب، واغتضدوا بصاحب كرْمان ابن قاروت، فالتقاهم أُنَرْ، فهزموه وجاءَ مَفْلُولًا. ثمّ ولي إمارة العراق، يعني قبل بَركيَارُوق، فأخذ يكاتب الأمراء المجاورين لَهُ، وعسكر بأصبهان، ثم سار إلى إقطاعه بأذربيجان، وقد عاد، وانتشرت دعوة الباطنية بأصبهان، فانتدب لقتالهم، وحاصر قلعةً لهم بأرض أصبهان. واتصل به مؤيد الملك ابن نظام الملك، وجرت له الأمور. ثمّ كاتب غياث الدين محمد بْن ملكشاه، وهو إذ ذاك بكنجة، ثمّ سار إلى الرّيّ في نحو عشر آلاف، وهَمَّ بالخروج على بركياروق، فوثب عليه ثلاثة فقتلوه في رمضان بعد الإفطار. فوقعت الصيحة ونهبت خزائنه، تفرق جَمْعُه، ثمّ نقل إلى إصبهان، فدفن في داره.
استيلاء الإفرنج عَلَى بيت المقدس:
وفيها أحدق الإفرنج ببيت المقدس. لما كَسَرَت الإفرنج خذلهم اللَّه، المسلمين عَلَى أنطاكية في العام الماضي قووا وطغوا، وكان تاج الدّولة تتش قد استولى عَلَى فلسطين وغيرها، وانتزع البلاد من نُوّاب بني عُبَيْد، فأقطع الأمير سُقْمان بْن أُرْتُق التُّرْكيّ بيتَ المقدس، فرتبه وحصّنه، فسار الأفضل بْن بدر أمير الجيوش، فحاصر الأمير سُقْمان وأخاه إيلغازي، ونصبوا عَلَى القدس نيفًا وأربعين منجنيقًا، فهدموا في سوره. ودام الحصار نيفًا1 وأربعين يومًا، وأخذوه بالأمان في شَعْبان سنة تسع وثمانين. وأنعم الأفضل عَلَى سُقْمان وأخيه، وأجزل لهم الصِّلات. فسار سُقْمان واستولى عَلَى الرُّها، وذهب أخوه إلى العراق. ووُلّي عَلَى القدس افتخار الدّولة، فدام فيه إلى هذا الوقت. وسارت الجيوش النصرانية من حمص،
__________
1 نيف: هو الزائد على غيره، وهو من واحدٍ إلى ثلاثة، كما في المعجم الوجيز "ص/ 640".(34/7)
ونازلت عكّا أيّامًا، ثمّ ترحّلوا وأتوا القدس، فحاصروه شهرًا ونصف، ودخلوا من الجانب الشمالي ضحوة نهار الجمعة لسبعٍ بقين من شَعْبان، واستباحوه، فإنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون. واحتمى جماعة ببرج دَاوُد، ونزلوا بعد ثلاثٍ بالأمان، وذهبوا إلى عَسْقَلان.
رواية ابن الأثير عَنْ دخول الإفرنج بيت المقدس:
قَالَ ابن الأثير: قتلت الإفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد عَلَى سبعين ألفًا، منهم جماعة من العلماء والعبّاد والزُّهّاد، وممّا أخذوا أربعين قِنْديلًا من الفضّة، وزن القنديل ثلاثة آلاف وستمائة درهم. وأخذوا تنُّورًا1 من فضة، وزنه أربعون رِطْلًا بالشّاميّ، وغنموا ما لا يُحْصَى.
وورد المستنفرون من الشام إلى ببغداد صحبة القاضي أَبِي سعْد الهَرَوِيّ، فأوردوا في الديوان كلامًا أبكى العيون وجرح القلوب. وبعث الخليفة رُسُلًا، فساروا إلى حلوان، فبلغهم قتل مجد الملك الباسلانيّ، فردّوا من غير بلوغ أربٍ، ولا قضاء حاجة، واختلف السلاطين، وتمكنت الإفرنج من الشام.
وللأَبِيوَرْدِيّ:
مزجنا دماء بالدموع السواجم ... فلم يبق منا عرضة للمراحم
وشر سلاح المرء دمع يفيضه ... إذا الحرب شبت نارها بالصوارم
فإيها بني الإسلام، إنّ وراءكم ... وقائع يلحقن الذرى بالمناسم
أتهويمةٌ في ظل أمنٍ وغبطةٍ ... وعيش كنوار الخميلة ناعم
وكيف تنام العين ملء جفونها ... عَلَى هفوات أيقظت كلّ نائم؟
وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم ... ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الروم الهوان وأنتم ... تجرون ذيل الخفض فعل المسالم
فكم من دماءٍ قد أبيحت، ومن دمي ... توارى حياءً حسنها بالمعاصم
بحيث السيوف البيض محمرة الظبا ... وسمر العوالي داميات اللهاذم
__________
1 التنور: الفرن.(34/8)
يكاد لهن المستجن بطيبةٍ ... ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم
أرى أُمتي لا يشرعون إلى العدى ... رماحهم، والدين واهي الدعائم
ويجتنبون النار خوفًا من الردى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم
أترضى صناديد الأعاريب بالأذى ... وتغضي على ذلِّ كماة الأعاجم
فليتهم لم يردوا حمية ... عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم
رواية سبط ابن الجوزي:
قَالَ أَبُو المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ: سارت الإفرنج ومقدمهم كُنْدفْري في ألف ألف، بينهم خمسمائة ألف مقاتل، عملوا برجين من خشب مُطلين عَلَى السور، فأحرق المسلمون البرج الّذي كَانَ بباب صهيون، وقتلوا من فيه، وأمّا الآخر فزحفوا بِهِ حتى ألصقوه بالسور وحكموا بِهِ عَلَى البلد وكشفوا من كَانَ بإزائهم، ورموا بالمجانيق والسّهام رمية رجلٍ واحدٍ، فانهزم المسلمون من السور. قلت: هذه مجازفة بينة، بل قَالَ ابن منقذ: إنّ جزءًا كَانَ بخيل، وإن قومًا وقفوا عَلَى سورها بأمر الوالي في مضيق لا يكاد يعبر منه إلّا واحدٌ بعد واحد.
قَالَ: فكان عدد خيلهم ستة آلاف ومائة فارس، والرجالة ثمانية وأربعون ألفًا. ولم تزل دار الإسلام منذ فتحها عُمَر -رضى الله عنه. وكان الأفضل لما بلغه نزولهم عَلَى القدس تجهز وسار من مصر في عشرين ألف، فوصل إلى عسقلان ثاني يوم الفتح، ولم يعلم. وراسل الإفرنج.
قَالَ ابن الأثير: فأعادوا الرَّسُول بالجواب، ولم يعلم المصريون بشيء فبادلوا السلاح بالخيل، وأعجلتهم الإفرنج فهزموهم، وقتلوا منهم من قُتِل، وغنموا خيامهم بما فيها. ودخل الأفضل عسقلان، وتمزق أصحابه. فحاصرته الإفرنج بعسقلان، فبذل لهم ذهبًا كثيرًا، فردوا إلى القدس. قال أبو يعلى بن القلانسيّ: قتلوا بالقدس خلقًا كثيرًا وجمعوا اليهود في الكنيسة وأحرقوها عليهم، وهدموا المساجد.
ابتداء دولة محمد بْن ملكشاه:
وفيها ابتداء دولة محمد بن ملكشاه. لمّا مات أبوه ببغداد سار مَعَ أخيه محمود والخاتون تركان إلى إصبهان، ثمّ إنّ أخاه بَركيَارُوق أقطعه كنجة، وجعل لَهُ أتابكًا،(34/9)
فلما قوي محمد قتل أتابك قتلغ تكين، واستولى عَلَى مملكة أرّان، وطلع شهمًا شجاعًا مهيبًا، قطع خطبة أخيه، واستوزره مؤيد الملك عَبْد اللَّه بن نظام المُلْك. فإنه التجأ إِلَيْهِ بعد قتل مخدومه أُنَرْ. واتفق قتل مجد الملك الباسلاني، واستيحاش1 العسكر من بَركيَارُوق، ففارقوه وقدموا عَلَى محمد، وكثر عسكره فطلب الرّيّ، وعرّج أخوه إلى إصبهان، فعصوا عَلَيْهِ، ولم يفتحوا لَهُ، فسار إلى خوزستان. وأما محمد فاستولى عَلَى الرّيّ وبها زبيدة والدة السلطان بَركيَارُوق، فسجنها مؤيد الملك الوزير، وصادرها وأمر بخنقها. ولكن أظفر اللَّه بَركيَارُوق بالمؤيد فقتله.
الخطبة للسلطان محمد:
وسار سعْد الدولة كوهرائين من بغداد إلى خدمة السلطان محمد، فخلع عَلَيْهِ وردّه إلى بغداد نائبًا لَهُ، وأقيمت الخطبة ببغداد، ولقب "غياث الدنيا والدين" في آخر السنة.
الغلاء والوباء بخراسان:
وفيها، وفي العام الماضي، كَانَ بخراسان الغلاء المفرط2، والوباء، حتى عجزوا عن الدفن، وعظم البلاء.
نقل المُصْحَف العُثْمانيّ من طبرية إلى جامع دمشق:
وفيها نقل الأتابك طغتكين من طبرية المُصْحَف العُثْمانيّ خوفًا عَلَيْهِ إلى دمشق، وخرج النّاس لتلقيه، فأقره في خزانةٍ بمقصورة الجامع3.
__________
1 استيحاش: خوف.
2 المفرط: الشديد.
3 انظر: النجوم الزاهرة "5/ 162-165".(34/10)
أحداث سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة:
دخول عسكر بَركيَارُوق الحلة:
لما سار بَركيَارُوق إلى خوزستان دخلها بجميع من معه وهم في حالٍ سيئة، ثمّ سار عسكره إلى واسط، فظلموا النّاس، ونهبوا البلاد وسار إلى خدمته الأمير صدقة بْن مُزْيَد صاحب الحلة.
إعادة الخطبة لبركياروق ببغداد:
ثمّ سار ودخل بغداد في سابع عشر من صَفَر، وأعيدت خطبته وتراجع إِلَيْهِ بعض الأمراء، ولم يؤاخذ كواهرئين، وخلع عَلَيْهِ، وقبض عَلَى وزير بغداد عميد الدولة ابن جهير، والتزم بحمل مائة وستين ألف دينار.
هزيمة بَركيَارُوق أمام أخيه محمد:
ثمّ سار بالعساكر إلى شهرزور، وانضم إِلَيْهِ عسكرٌ لجب، فالتقى الأخوان فكان محمد في عشرين ألفًا، وكان عَلَى ميمنته أمير آخر، وعلى مسيرته مؤيّد الملك والنظامية. وكان على ميمنة بركياروق كوهرائين، والأمير صدقة، وعلى مسيرته كبربوقا صاحب المَوْصِل، فهزم كوهرائين مَيْسَرة محمد، وهزم أميرٌ آخر بميسرة محمد ميمنة بَركيَارُوق، فعاد كوهرائين فكبا به الفرس، فأتاه فارس فقتله، وانهزمت عساكر بركياروق وذل، وبقي في خمسين فارسًا. وأسر وزيره الجديد الأعز أبو المحاسن، فبالغ مؤيد الملك وزير محمد في احترامه، وكفله عمادة بغداد، وإعادة الخطبة لمحمد، فساق إلى بغداد، وخطب لمحمد ثاني مرة في نصف رجب.
ترجمة سعْد الدولة كوهرائين:
وكان سعْد الدولة كوهرائين خادمًا كبيرًا محتشمًا، ولي بغداد وخدم ملوكها، ورأى ما لم يره أميرٌ من نفوذه الكلمة والعزّ. وكان حليمًا كريمًا حَسَن السيرة. وكان خادمًا تركيا للملك أَبِي كالَيْجَار بن سلطان الدولة بْن بهاء الدولة بْن عضد الدولة بن بويه. وبعث بِهِ أَبُوهُ مَعَ ابنه أَبِي نَصْر إلى بغداد، فلم يزل معه حتّى قدِم السلطان طغرلبك بغداد، فحبسه مَعَ مولاه. ثمّ خدم السلطان ألب أرسلان. وفداه بنفسه. وثب عَلَيْهِ يوسف الخوارزمي، وكان صاحب صلاة، وتهجدٍ، وصيام، ومعروف، رحمه اللَّه.(34/11)
مسير بَركيَارُوق إلى نيسابور وغيرها:
وأما السلطان بَركيَارُوق، فسار بعد الوقعة إلى إسفرائين، ثمّ دخل نَيْسابور وضيق عَلَى رؤسائها. وعمل مصافًا مَعَ أخيه سنجر، فانهزمت الفتيان، وسار بَركيَارُوق إلى جرجان، ثم دخل البرية مع عسكر يسير، وطلب إصبهان، فسبقه أخوه محمد إليها.
فتح ابن باديس مدينة سفاقس:
وفيها فتح تميم بْن المعز بْن باديس مدينة سفاقس، وغيرها واتسع سلطانه.
وقوع بيمند الإفرنجي في أسر كمشتكين:
وفيها لقي كمشتكين ابن الدنشمند صاحب مَلَطْية، وسيواس بيمند الإفرنجي صاحب أنطاكية، بقرب مَلَطْية، فأسر بيمند.
أخذ الإفرنج قلعة أنكورية:
ووصل في البحر سبعة قوامص1، فأخذوا قلعة أنكورية، وقتلوا أهلها، ثمّ التقاهم ابن الدنشمند. قال ابن الأثير: فلم يفلت أحد من الإفرنج، وكانوا ثلاثمائة ألف، غير ثلاثة آلافٍ هربوا ليلًا. كذا قَالَ: والعهدة عَلَيْهِ. ثمّ سار الإفرنج من أنطاكية، فالتقاهم وكسرهم.
وزارة الدهستانيّ:
ووزر للخليفة أبو المحاسن عَبْد الجليل بْن عليّ الدهستانيّ جلال الدولة، فجاء بركياروق يحثه على اللحاق به، ماستوزر الخليفة المستظهر باللَّه سديد الملك أبا المعالي الفضل بن عبد الرزاق الأصفهانيّ، قاله صاحب "المرآة".
رواية فيها مجازفة لصاحب مرآة الزمان:
وفيها: خرج سعْد الدولة الطواشيّ من مصر، فالتقى الإفرنج عَلَى عسقلان،
__________
1 قوامص: القُمَّصُ في المسيحية: أحد أصحاب المراتب الكنسية، وهو أعلى من القس كما في المعجم الوجيز "ص/ 515".(34/12)
وقاتل بنفسه حتّى قتل، وحمل المسلمون عَلَى النصاري فهزموهم إلى قيسارية. قَالَ: فيقال: أنهم قتلوا من الإفرنج ثلاثمائة ألف. قلت: هذه مجازفة عظيمة من نوع المذكورة آنفًا.
القحط بالشام:
وفيها كَانَ القحط بالشام، والخوف من الإفرنج1.
__________
1 انظر: النجوم الزاهرة "5/ 163-167".(34/13)
أحداث سنة أربع وتسعين وأربعمائة:
هزيمة السلطان محمد وذبح وزيره مؤيد الملك:
في وسطها كَانَ مصاف كبير بين السلطانين: محمد، وبركياروق. كَانَ مَعَ بَركيَارُوق خمسون ألفًا، فانهزم محمد، وأسر وزيره مؤيد الملك، فذبحه بركياروق بيده. وكان بخيلًا سيئ الخلق، مذموم السيرة، إلّا أَنَّهُ كَانَ من دهاة العالم، عاش خمسين سنة.
دخول بَركيَارُوق الرّيّ:
ودخل بَركيَارُوق الرّيّ وسجد لله، وجاء إلى خدمته صاحب المَوْصِل كبربوقا، ونور الدولة دُبَيْس ولد صَدَقَة.
تحالف السلطان محمد وأخيه سنجر:
وانهزم محمد إلى خراسان، فأقام بجرجان، وراسل أخاه لأبَوَيْه الملك سَنْجار يطلب منه مالًا وكسوة، فسيَّر إِلَيْهِ ما طلب. ثمّ تحالفا وتعاهدا واتّفقا. ولم يكن بقي مَعَ محمد غير ثلاثمائة فارس، فقدم إليه أخيه سَنْجَر وانضمّ إليهما عسكرٌ كثير، وتضرّر بالعسكر أهل خُراسان.
تراجع بَركيَارُوق إلى هَمَذَان:
وأمّا السّلطان بَركيَارُوق فسار جيشه قريبًا من مائة ألف، فغلت الأسعار،(34/13)
واستأذنته الأمراء في التّفرّق بالفلاة1، فبقي في عسكر قليل، فبلغ ذَلِكَ أخَوَيْه، فقصداه وطَوَيا المراحل، فتقهقر ونقصت هيبته، وقصد هَمَذَان، فبلغه أنّ إياز متولّيها قد راسل محمدًّا ليكون معه، فسار إلى خُوزِسْتان، ثمّ خرج إلى حُلْوان.
مرض بَركيَارُوق:
وأمّا إياز فلم يقبله محمد، فخاف وهرب إلى عند بَركيَارُوق، فدخلت أصحاب محمد ونهبوا حواصله، فيقال: إنهم الخمسمائة فرس العربيّة. وتكامل مَعَ بَركيَارُوق خمسة آلاف ضعيف، قد ذهبت خيامهم وثقلهم، وقدم بهم بغداد، ومرض، وبعث يشكو قلّة المال إلى الدّيوان، فتقرَّر الأمر عَلَى خمسين ألف دينار حُمِلت إِلَيْهِ، ومد أصحابه أيديهم إلى أموال الرّعية وظلموهم.
خروج صاحب الحلّة عَنِ الطاعة:
وخرج عَنْ طاعته صاحب الحلّة، وخطب لأخيه محمد.
دخول السلطان محمد بغداد:
وفي آخر العام وصل محمد وسَنْجَر إلى بغداد، وجاء إلى خدمته إيلغازي بْن أُرْتُق، وتأخر بَركيَارُوق وهو مريض إلى واسط، وأصحابه ينهبون القُري والمؤنة. وفرح الخليفة والناس بالسّلطان محمد.
ظهور الباطنيّة 2 ببغداد:
وفي حدودها ظهرت الباطنيّة ببغداد ونواحيها، وكثروا.
رواية ابن الْجَوْزيّ عَنِ الباطنية:
قَالَ أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ: وأوّل ما عُرف من أخبار الباطنيّة، يعني الإسماعيليّة، أنّهم اجتمعوا فَصَلُّوا العيد في ساوَة، ففِطن بهم الشحنة، فأخذهم وحبسهم، ثم
__________
1 الفلاة: الصحراء.
2 الباطنية: فرقة من الفرق الضالة، تنتمي إلى الشيعة، وتعتقد أن للشريعة ظاهرًا وباطنًا، وتستحل أعراض المسلمين وأموالهم.(34/14)
أطلقهم، ثمّ اغتالوا مؤذنًا من أهل ساوة فاجتهدوا أنّ يدخل في مذهبهم، فامتنع فخافوا أنّ ينمّ عليهم، فقتلوه، فرُفِع ذَلِكَ إلى نظام المُلْك، فأخذ رجلًا نجارًا اتّهمه بقتله، وهو أوّل من فتكوا بِهِ، وكانوا يقولون: قلتم منّا نجّارًا فقتلنا بِهِ نظام المُلْك. ثمّ استفحل أمرهم بأصبهان. ولمّا مات السّلطان ملكشاه، آل أمرهم إلى أنّهم كانوا يسرقون النّاس فيقتلوهم ويُلْقُونهم بالآبار، فكان الإنسان إذا دنا وقتٌ ولم يعد إلى منزله يئسوا منه. وبلغ من حيلهم امرأة عَلَى حصير لا تبرح منها، فدخلوا الدّار، يعني الأخَوان، فأزالوها، فوجدوا تحت الحصير بئرًا فيها أربعون قتيلًا. فقتلوا المرأة، وهدموا الدّار. وكانوا يجلسون ضريرًا عَلَى باب زُقاقهم، فإذا مرّ بِهِ إنسان سأله أنّ يقوده إلى رأس الزُّقاق، فإذا فعل جذبه من في الدار إليها فقتلوه. فجدّ أهل إصبهان فيهم، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا. وأوّل قلعة ملكوها بناحية إصبهان، تسمّى الرُّوذَبار، وكانت لقراج صاحب ملكشاه، وكان متهمًا بمذهبهم. فلمّا مات ملكشاه أعطوه ألفًا ومائتي دينار، فسّلمها إليهم في سنةٍ ثلاثٍ وثمانين. وقيل: لم يكن ملكشاه مات.
مقدَّم الباطنيّة:
وكان مقدَّمهم يقال لَهُ: الحَسَن بْن الصّبّاح، وأصله من مَرْو، وكان كاتبًا لبعض الرؤساء، ثمّ صار إلى مصر وتلقّى من دعاتهم، وعاد داعيةً للقوم، وحصل على هذه القلعة، وكان لا يدعو إلّا غنيا، ثم يذكر لَهُ ما تمّ عَلَى أهل البيت من الظلم، ثمّ يَقُولُ لَهُ: إذا كانت الأزارقة والخوارج سمحوا بنفوسهم في القتال مَعَ بني أُميّة، فما سبب تخلُّفك بنفسك عَنْ إمامك؟ فيتركه بهذه المقالة طُعْمةً للسِّباع.
طاعة الباطنيّة لمقدَّمهم:
وكان ملكشاه نفَّذ إِلَيْهِ يتهدّده ويأمره بالطّاعة، ويأمره أنّ يكفّ أصحابه عَنْ قتل العلماء والأمراء، فقال للرسول: الجواب ما تراه. ثمّ قَالَ لجماعةٍ بين يديه: أريد أنّ أُنْفذكم إلى مولاكم في حاجةٍ، فمن ينهض بها؟ فاشرأبّ كلُّ واحدٍ منهم، وظنّ الرَّسُول أنّها حاجة، فأومى إلى شابّ فقال: اقتل نفسك. فجذب سكّينًا، فقال بها في عاصمته، فخرَّ ميتًا. وقال لآخر: إرمِ نفسَك من القلعة. فألقى نفسه فتقطّع.(34/15)
فقال للرسول: قل لَهُ: عندي من هَؤُلَاءِ عشرون ألفًا هذا حدّ طاعتهم، فعاد الرَّسُول وأخبر ملكشاه، فعجب، وأعرض عَنْ كلامهم.
حيلة للباطنية في الاستيلاء عَلَى قلعة:
وصار بأيديهم قلاعٌ كثيرة، منها قلعةٌ عَلَى خمسة فراسخ من إصبهان، وكان حافظها رجلًا تركيا، فصادقه نجارُ منهم، أهدى لَهُ جارية، وقوسًا فوثق بِهِ، وكان يستنيبه في حفظ القلعة. فاستدعى النّجّار ثلاثين رجلًا من أصحاب ابن عطاش، وعمل دعوة، ودعا التُّرْكيّ وأصحابه، وسقاهم الخمر، فلمّا سكروا تسلّق الثّلاثون بحبال إِلَيْهِ، فقتلوا أصحاب التُّرْكيّ، وسلم هُوَ وحده، فهرب. وتسلموا القلعة. وقطعوا الطُّرقات ما بين فارس وخورزستان. ثم ظفر جاولي بثلاثمائة منهم، فأحاط هُوَ وجنده بهم فقتلوهم، وكان جماعة منهم في عسكر بَركيَارُوق، فاستغووا خلقًا منهم، فوافقهم، فاستشعر أصحاب السلطان منهم، ولبسوا السّلاح، ثمّ قتلوا منهم مائة رَجُل.
من خُزَعْبَلات 1 الباطنيّة:
وكان بنواحي المشان رَجُل منهم يتزهد ويدّعي الكرامات. أحضر مرّةً جَدْيًا مَشْوِيًّا لأصحابه، وأمر برد عظامه على التنور، فردت، وجعل على التنور طبقًا. ورفع الطبق فوجدوا جديا يرعى حشيشًا، ولم يروا نارًا ولا رمادًا. فتلطف بعض أصحابه حتّى عرف بأن التنور كَانَ يفضي إلى سرداب، وبينهما شقُّ من حديد يدور بلَوْلَب، فيفرك اللَّوْلَب، فتدور النّار، ويجيء بدلها الجدْيُ والمَرْعَى. وقال الغزالي في كتاب "سرّ العالمين": شاهدتُ قصة الحَسَن بْن الصّبّاح لمّا تزهّد تحت حصن أَلَمُوت، فكان أهل الحصن يتمنون صعوده إليهم، ويمتنع ويقول: أما ترون المُنْكَر كيف فشا؟ وفسد الناس وبعثنا إليهم خلقًا. فخرج أمير الحصن يتصيّد، وكان أكثر تلامذته في الحصن، فأصعدوه إليهم وملّكوه، وبعث إلى الأمير من قتله. ولمّا كثرت قلاعهم، واشتغل عَنْهُمْ أولاد ملكشاه باختلافهم اغتالوا جماعةً من الأمراء والأعيان. وللغزاليّ -رحمه اللَّه- كتاب فضائح الباطنيّة، ولابن الباقِلّانيّ، والقاضي عَبْد الجبّار،
__________
1 حزعبلات: خرافات.(34/16)
وجماعة: ردّ عَلَى الباطنيّة. وهم طائفة خبيثة، ويظهرون الزهد، والمراقبة، والكشف، فيضلّ بهم كلّ سليمِ الباطن.
رواية ابن الأثير عَن الباطنيّة:
قَالَ ابن الأثير وفي شَعْبان سنة أربعٍ وتسعين أمر السّلطان بَركيَارُوق بقتل الباطنيّة، وهم الإسماعيليّة، وهم القرامطة. قَالَ: وتجرّد بأصبهان للانتقام منهم أبو القاسم مسعود بْن محمد الخُجُنْديّ الفقيه الشّافعيّ، وجمع الْجَمَّ الغفير بالأسلحة، وأمر بحفر أخاديد أوقدوا فيها النيران، وجعل فيها رجلًا لقّبوه مالكًا، وجعلت العامّة يأتون ويلقونهم في النار، إلى أنّ قتلوا منهم خلقًا كثيرًا. إلى أنّ قَالَ: وكان الحَسَن بْن الصّبّاح رجلًا شهمًا، كافيا، عالمًا بالهندسة، والحساب، والنّجوم، والسحر، وغير ذَلِكَ. وكان رئيس الرّيّ أبو مُسْلِم، فاتهم ابن الصّبّاح بدخول جماعة من دعاة المصريّين عَلَيْهِ، فخافه ابن الصّبّاح وهرب فلم يُدركْه أبو مُسْلِم. وكان ابن الصّبّاح من جملة تلامذة أحمد بْن عطّاش الطّبيب الّذي ملك قلعة إصبهان. وسافر ابن الصّبّاح فطاف البلاد، ودخل عَلَى المستنصر صاحب مصر، فأكرمه وأعطاه مالًا، وأمره أنّ يدعو النّاس إلى إمامته، فقال لَهُ الحَسَن بْن الصّبّاح: فَمَن الْإِمَام بعدك؟ فأشار إلى ابنه نِزَار.
الدَّعوة للمستعلي ونِزار:
ولمّا هلك المستنصر واستخْلف ولده المُسْتعلي صار نزار هذا إلى الإسكندريّة، ودعى إلى نفسه، فاستجاب لَهُ خلْقٌ، ولُقّب بالمصطفى لدين اللَّه. وقام بأمر دولته ناصر الدّولة أفتكين مَوْلَى أمير الجيوش بدر. هذا في سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
حصار المصريّين للإسكندرية:
فسار عسكر مصر لحصار الإسكندريّة في سنة ثمانٍ، فخرج ناصر الدولة وطرهم فردّوا خائبين. ثمّ سار الأفضل فحاصر الإسكندرية وأخذها، وأسر نزار، وأفتكين وعدة.(34/17)
إقامة ابن الصبّاح بقلعة ألَمُوت:
ودخل ابن الصّبّاح خراسان وكاشغر، والنّواحي، يطوف عَلَى قومٍ يضلهم، فلمّا رأى قلعة أَلَمُوت بقزوين أقام هناك، طمع في إغوائهم، ودعاهم في السر، وأظهر الزُّهد، ولبس المُسُوح، فتبعه أكثرهم. وكان نائب أَلَمُوت رجلًا أعجميًّا عَلَويًّا، فيه بَلَهٌ وسلامة صدرٍ، وكان حسن الظن بالحسن، يجلس إليه، ويتبرك فيه. فلما أحكم الحسن أمره دخل يومًا على العلوي فقال: أخرج من هذه القلعة. فتبسم، وظنه يمزح، فأمر الحَسَن بعض أصحابه فأخرجوه، وأعطاه ماله. فبعث نظام الملك لمّا بلغه الخبر عسكريًّا، فنازلوه ضايقوه، فبعث من قتل نظام الملك، وترحّل العسكر عَنْ أَلَمُوت. ثمّ بعث السلطان محمد بْن ملكشاه العسكر وحاصروه. ومن جملة ما استولوا عَلَيْهِ من القلاع: قلعة طَبَس، وزوزن، وقاين، وسيمكوه. وتأذّى بهم أهل البلد، واستغاثوا بالسّلطان، فبعث عسكرًا حاصروه ثمانية أشهر، وفُتحت، وقُتِل كلّ من فيها. ولهم عدّة قلاعٍ سوى ما ذكرنا. قَالَ: وكان تيرانشاه ابن تورانشاه بْن قاروت بك السَّلْجُوقيّ بكرْمان قد قتل الإسماعيليّة الأتراك أصحاب الأمير إسماعيل، وكانوا قومًا سُنّة، قتلَ منهم ألفي رَجُل صبْرًا، وقطع أيدي ألفَيْن، ونفق عَلَيْهِ أبو زُرْعة الكاتب، فحسّن لَهُ مذهب الباطنيّة، فأجاب. وكان عنده الفقيه أحمد بْن الحُسين البلْخيّ الحنفيّ، وكان مُطاعًا في النّاس، فأحضره عنده ليلةً، وأطال الجلوس، فلما خرج أَتْبَعه من قتله فلمّا أصبح دخل عَلَيْهِ النّاس، وفيهم صاحب جيشه، فقال: أيُّها الملك، من قتل هذا الفقيه؟ فقال: أنت شِحْنةُ البلد، تسألني مَن قتل هذا! وأنا أعرف قاتله!، ونهض. ففارقه الشِّحْنَة في ثلاثمائة فارس، وسار من كرْمان إلى ناحية إصبهان. فجهز الملك خلفه ألفي فارس فقاتلوهم وهزمهم، وقدم إصبهان وبها السلطان محمد فأكرمه. وأمّا عسكر كرْمان، فخرجوا على تيرانشاه، وطردوه عَنْ مدينة بردشير الّتي هِيَ قصبة كرمان، وأقاموا عليهم ابن عمّه أرسلانشاه. وأمّا تيرانشاه فالتجأ إلى مدينة صغيرة، فمنعته أهلها وحاربوه، وأخذوا خزائنه ثمّ تبعه عسكره، فأخذوه، وأخذوا أبا زُرْعة، فقتلهما أرسلان شاه.(34/18)
لباس الدروع تحت الثياب خوفًا من الباطنيّة:
واستفحل أمر الباطنيّة وكثروا، وصاروا يتهدّدون من لا يوافقهم بالقتل، حتّى صارت الأمراء يلبسون الدّروع تحت أثيابهم. وكان الوزير الأعزّ أبو المحاسن يلبس زَرَدِيّةً تحت ثوبه. وأشارت الأمراء إلى بَركيَارُوق السّلطان بقصْدهم قبل أنّ يعجز عَنْ تلافي أمرهم. فأذن في قتلهم. وركب هُوَ والعسكر وطلبوهم، وأخذوا جماعة من خيامهم. وممّن اتُّهم وقُتِل بأنه مقدَّمهم الأمير محمد بْن كاكَوَيْه صاحب يزد. وقتل جماعة بُرَآء سعى بهم أعداؤهم.
الباطنيّة في عهد المقتدي باللَّه:
وقد كَانَ أهالي عانة نسبوا إلى هذا المذهب قديمًا من أيّام المقتدي باللَّه، فأنهي حالهم إلى الوزير أَبِي شجاع، فطلبهم، فأنكروا وجحدوا، فأطلقهم.
اتّهام الهراسيّ بالباطنية:
واتُّهم إلكيّا الهَرَاسّي مدرْس النّظَاميّة بأنّه باطنيّ فأمر السّلطان محمد بالقبض عَلَيْهِ، ثمّ شهد لَهُ ببراءة السّاحة، فأُطْلِق.
حصار الأمير بزغش حصن طَبَس:
وفيها حاصر الأمير بزغش، وهو أكبر أمراء الملك سَنْجَر، حصن طبس الّذي فيه الإسماعيليّة، وضيّق عليهم، وخرّب كثيرًا من أسوارها بالمنجنيق، ولم يبق إلّا أخذها، فرحل عَنْهُمْ وتركهم، فبنوا السّور، وملأوا القلعة ذخائر. ثمّ عاودهم بزغش سنة سبعٍ وتسعين.
مقتل كُنْدفْري صاحب القدس:
وفيها سار كُنْدفْري صاحب القدس إلى عكّا فحاصرها، فأصابه سهمٌ فقتله.
انكسار بغدوين:
فسار أخوه بَغْدَوِين، ويقال: بردويل، إلى القدس في خمسمائة، فبلغ الملك دُقَاق(34/19)
صاحب دمشق، فنهض إليه وجَنَاح الدّولة صاحب حمص، فانكسرت الإفرنج.
مَلْك الإفرنج سَرُوج:
وفيها ملكت الإفرنج سَرُوج، من بلاد الجزيرة؛ لأنّهم كانوا قد مَلَكوا الرُّها بمكاتبةٍ من أهلها النّصارى، وليس بها من المسلمين إلّا القليل، فحاربهم سُقْمان، فهزموه في هذه السنة. وساروا إلى سروج، فأخذوها بالسّيف، وقتلوا وسبوا.
ملك الإفرنج حيفا:
وفيها ملكوا مدينة حَيْفا، وهي بقرب عكّا عَلَى البحر. أخذوها بالأمان.
مَلْكهم أرسوف:
وأخذوا أَرْسُوف بالأمان.
مَلْكهم قيسارية:
وفي رجب أخذوا قَيْساريّة بالسّيف، وقتلوا أهلها.
إعادة صلاة التراويح والقنوت:
وفي رمضان أمر المستظهر باللَّه بفتح جامع القصر، وأن تصلى فيه التراويح، وأن يجهر بالبسملة لهذا عادة. وإنّما تركوا الجهر بالبسملة في جوامع بغداد مخالفةً للشّيعة أصحاب مصر. وأمر أيضًا بالقنوت عَلَى مذهب الشّافعيّ.
حكاية ابن قاضي جَبَلة أَبِي محمد عُبَيْد اللَّه بْن صُلَيْحَة:
كانت جَبَلَة تحت حكم ابن عمّار صاحب طرابُلُس، فتعانى ابن صليحة الجندية. وكان أَبُوهُ قاضيا، فطلع هُوَ فارسًا شجاعًا، فأراد ابن عمّار أنّ يمسكه، فعصى عَلَيْهِ، وأقام الخطبة العبّاسيّة، وحوصر، فلم يقدروا عَلَيْهِ لمّا غلبت الإفرنج إلى الشام، فرحلت الإفرنج. ثمّ عاودوه، فأرجفهم بمجيء المصريين، فرحلوا. ثمّ عادوا لحصاره، فقرّر مَعَ رعيّته النّصارى أنّ يراسلوا الإفرنج، ويَعِدُوهُم إلى بُرْجٍ ليطلعوا منه، فبادروا وندبوا1 ثلاثمائة من شجعانهم، فلم يزالوا يطلعون في الحبال واحدًا واحدًا، وكلما
__________
1 ندبوا: حضوا وحرضوا.(34/20)
طَلَع واحدٌ قتله ابن صُلَيْحة، إلى أنّ قتلهم أجمعين، فلما طلع الضوء صفف الرؤوس عَلَى السّور. ثمّ إنّهم هدموا بُرجًا، فأصبح وقد عمله. وكان يخرج من الباب بفوارسه يقاتل. فحملوا مرةً عَلَيْهِ، فانهزموا، وجاء النصر عَلَيْهِ، وأسر مقدّم الإفرنج. ثمّ علم ابن صُلَيْحة أنّ الإفرنج لا ينامون عَنْهُ، فسلّم البلد إلى صاحب دمشق. وسار إلى بغداد بأمواله وخزائنه، وأخذ لَهُ السّلطان بَركيَارُوق شيئًا كثيرًا.
كسرة الإفرنج أمام قِلِج أرسلان:
وفيها أقبل جيش الإفرنج، نحو خمسين ألف، فمروا ببلاد قِلِج أرسلان، فحشد وجمع وعَرَض ستة آلاف فارس، وعمل لَهُ كمينًا، فكسر الإفرنج كسْرةً مشهورة، وغنم ما لا يوصف.
جموع الإفرنج حسب وصف المستوفي:
قَالَ ابن مُنْقِذ: حدثني محمد المستوفي رسول جناح الدّولة إلى ملك الروم، أنهم اعتبروا عدتهم، فكانوا ثلاثمائة ألف وخمسة وأربعين ألف إنسان، ومعهم خمسون حِمْل ذهب وفضةٍ وديباجٍ، فانضاف إليهم الذين انهزموا من الوقعة المذكورة، فجمع قلج رسلان التَّرْك ببلاده، فزادوا عَلَى خمسين ألفًا. وغوّر الماء الّذي في طريقهم، وأحرق العُشْب، وأخلى القُرى، فأقبلوا في أرضٍ بلا ماء ولا مَرْعَى.
رواية رسول رضوان عَنْ جموع الإفرنج:
قَالَ: حدَّثني رسول رضوان إلى ملك الإفرنج طتكين أَنَّهُ اجتمع مَعَ الملك تنين صاحب هذا الجمع، فقال: خرجت من بلادي في أربعمائة ألف، منهم ألفا شرابيّ، وألف طبّاخ، وألف فراش، وسبعمائة بغْل ديباج، ومال، والخيّالة تزيد عَلَى خمسين ألفًا، ولمّا سرتُ عَن القسطنطينيّة أيّامًا، لم أجد مرفقًا، ولا قبلت من صَنْجيل في هذه الطّريق ولا أتمكن من العودة لضعف النّاس والعَطَش والجوع، فعند اليأس خرجت في ثلاثة نفر، معنا كلاب ديارات، وأوهمت أنّي أتصيّد، وسرت إلى البحر، ونزلت في مركب، وتركت العسكر. وبَلَغَني أنّ التُّرْك دخلوه، فلم يمنع أحدٌ عَنْ نفسه، وهلكوا بالموت والقتْل. وغنم التُّرْكمان ما لا يوصف. ثمّ سار تنين وحجّ القدس، ورجع إلى بلاده في الفجر.(34/21)
انهزام المصريين والإفرنج عند عسقلان:
وفيها قدِم عسكر المصريين فالتقاهم الإفرنج، فانهزم الفريقان بعد معركة كبيرة بقرب عسقلان، والله أعلم1.
__________
1 انظر: المنتظم "5/ 110-120"، والكامل "10/ 395"، البداية والنهاية "12/ 160"، صحيح التوثيق "7/ 523".(34/22)
أحداث سنة خمس وتسعين وأربعمائة:
وفاة المستعلي باللَّه العُبَيْديّ:
فيها تُوُفّي المستعلي باللَّه أحمد بْن المستنصر باللَّه مَعَدّ العُبَيْديّ الشيعي صاحب مصر.
خلافة الآمر بأحكام اللَّه العُبَيْديّ:
وقام بعده ولده الآمر بأحكام اللَّه منصور، طفلٌ لَهُ خمسُ سنين. والأمور كلها إلى أمير الجيوش الأفضل. أقام هذا الصّغير ليتمكّن من جُمَيْع الأمور، وذلك في سابع عشر صَفَر.
المصافّ الثالث بين الأخوين محمد وبركياروق:
وكان المصاف الثالث بين الأخوين محمد وبَركيَارُوق. كَانَ محمد ببغداد أوّل السنة، ورحل منها هُوَ وأخوه سَنْجَر، فقصد سَنْجَر بلاده بخراسان، وقصد هَمَذَان السلطان محمد. وسار بَركيَارُوق معه أربعة آلاف، وكان معه مثلها. فالتقوا بروذراود، وتصافوا، ولم يجري بينهم قتالٌ لشدّة البرد. وتصافوا من الغد، فكان الرجل يبرز فيبارزه آخر، فإذا تقابلا اعتنق كلٌّ منهما صاحبه، وسلّم عَلَيْهِ، ويعود عنه.
مصالحة الأخوين:
ثمّ سعت الأمراء في الصُّلْح لِمَا عمّ المسلمين من الضّرَر والوهْن، فتقرّرت القاعدة عَلَى أنّ يكون بَركيَارُوق السلطان، ومحمد الملك، ويضرب لَهُ ثلاث نوب، ويكون لَهُ(34/22)
جنزة وأعمالها وأذْرَبَيْجان، وديار بَكْر، والموصل، والجزيرة. وحَلَف كلٌّ واحدٍ منهما لصاحبه، وانفصل الْجَمْعان من غير حربٍ، ولله الحمد. وسار كلّ أمير مع أقطاعه، هذه في ربيع الأوَّل.
المصافّ الرابع بين الأخوين:
فلمّا كَانَ في جُمَادَى الأولى كَانَ بينهما مصافّ رابع. وذلك أنّ السّلطان محمدًا سار إلى قَزْوين، ونسب الأمراء الذين سعوا في صورة الصُّلْح إلى المخامرة، فكحل الأمير أيدكين، وقتل الأمير سمل. وجاء إلى محمد الأمير ينال، وتجمع العسكر، وقصده بَركيَارُوق، وكانت الوقعة عند الرّيّ، فانهزم عسكر محمد، وقصدوا نحو طَبَرِسْتان، ولم يُقتل غير رجلٍ واحد، قُتِل صبْرًا ومضت قطعةٌ منهم نحو قَزْوين، ونهبت خزائن محمد. وانهزم في نفر يسير إلى إصبهان في سبعين فارسًا، وحصنها ونصب مجانيقها، وكان معه بها ألف فارس. وتبعه بَركيَارُوق بجيوش كثيرة تزيد عَلَى خمسة عشر ألف، فحاصره وضيّق عَلَيْهِ. وكان محمد يدور كلّ ليلةٍ عَلَى السّور ثلاث مرّات. وعدمت الأقوات فأخرج من البلد الضُّعفاء. واستقرض محمد من أعيان البلد أموالًا عظيمة، وعثرهم وصادرهم، واشتد عليهم القحط، وهانت فيهم الأمتعة. وكانت الأسعار عَلَى بَركيَارُوق رخيصة. ودام البلاء إلى عيد الأضحى، فلمّا رأى محمد أموره في إدبار، فارق البلد، وساق في مائة وخمسين فارسًا، ومعه الأمير ينال، وفحمل بَركيَارُوق وراءه عسكرًا، فلم ينصحوا في طلبه، وزحف جيش بَركيَارُوق عَلَى إصبهان ليأخذوها، فقاتلهم أهل البلد قتال الحريم، فلم يقدروا عليهم. فأشار الأمراء عَلَى بَركيَارُوق بالرحيل، فرحل إلى هَمَذَان.
منازلة ابن صَنْجيل طرابلس:
وفيها نازل ابن صَنْجيل الإفرنجي طرابلس، فسار عسكر دمشق مَعَ صاحب حمص جناح الدولة، فالتقوا، فانكسر المسلمون ورجعوا.
انهزام بردويل أمام عسكر المصريّين:
قال ابن المظفر سبط ابن الْجَوْزيّ: جهّز الأفضل عساكر مصر فوصلوا في رجب(34/23)
إلى عسقلان مَعَ الأمير نُصَيْر الدّولة يُمْن. وخرج بردويل من القدس في سبعمائة، فكبس المصريّين، فثبتوا له، وقتلوا معظم رجاله، وانهزم هُوَ في ثلاثة أنفار، واختبأ في أَجَمَةِ قَصَب. فأحاط المسلمون بِهِ وأحرقوا القَصَب، فهرب إلى يافا.
نجدة عسكر دمشق لطرابلس:
وأمّا عسكر دمشق، فعادوا وكشفوا عَنْ طرابلس الإفرنج.
وفاة جناح الدولة صاحب حمص:
ومات صاحب حمص جناح الدولة حسين بْن ملاعب، وكان بطلًا شجاعًا مذكورًا. قفز عَلَيْهِ ثلاثةٌ من الباطنيّة يوم الجمعة في جامع حمص، فقتلوه، وقُتِلوا.
تسلّم شمس الملوك دُقَاق مدينة حمص:
فنازَلَها صاحب أنطاكيّة الّذي تملّكها بعد أسْر بَيْمُنت بالإفرنج، فصالحوه عَلَى مال. وجاء شمس الملوك دُقَاق فتسلّمها.
مقتل الوزير الدّهسْتاني:
وفيها قُتِل الوزير الأعزّ أبو المحاسن عَبْد الجليل الدهستاني وزير بركياروق. وجاءه شابٌ أشقر، وقد ركب إلى خيمة السّلطان وهو نازل عَلَى إصبهان، فقيل: كَانَ مملوكًا لأبي سَعِيد الحدّاد الّذي قتله الوزير عام أوّل، وقيل: كَانَ باطنيا فأثخن الوزير بالجراحات.
وزارة المَيْبُذِيّ:
ووَزَرَ بعده الخطير أبو منصور المَيْبُذِيّ الّذي كَانَ وَزَرَ للسّلطان محمد. وكان في حصار إصبهان متسلّمًا بعض السّور، وطالبه محمد بمالٍ للجند، ففارقه في اللّيل وخرج إلى مدينة مَيْبُذ، وتحصّن بها، فبعث بَركيَارُوق من حاصره، فنزل بالأمان. ثمّ رضي عَنْهُ بركياروق واستوزره.(34/24)
الفتنة بين شحنة بغداد إيلغازي والعامّة:
وفيها كانت فتنة كبيرة بين شحنة بغداد إيلغازي بْن أُرْتُق وبين العامّة. أتى جُنْديٌ من أصحابه ملّاحًا ليعبُرَ به وبجماعة، فتأخّر، فرماه بنشابةٍ فقتله، فأخذت العامّة القاتل، فجروه إلى باب النوبي، فلقيهم ابن إيلغازي فخلّصه، فَرَجمتهم العامّة. فتألم إيلغازي، وعبر بأصحابه إلى محلّة الملّاحين، فنهبوها، وانتشرت الشُّطّار، فعاثوا هناك وبدَّعوا، وغرق جماعة، وقتل آخرون. وجمع إيلغازي التُّركمان، وأراد نَهْب الجانب الغربيّ من بغداد، ثمّ لَطَفَ اللَّه تعالى.
وفاة قوام الدولة كبر بوقا التركيّ:
وفيها ساق صاحب المَوْصِل قِوامُ الدّولة كبربوقا التُّركيّ في ذي القعدة عند مدينة خُوَيّ. وكان السلطان بَركيَارُوق قد أرسله في العام الماضي إلى أذْرَبَيْجان، فاستولى عَلَى أكثرها، ومرض ثلاثة عشر يوما، ودفن بخُوَيّ. وأوصى أمراءه بطاعة سُنْقُرجاه. فسار بهم ودخل المَوْصِل، وأقام ثلاثة أيّام.
مقتل سُنْقُرجاه صاحب المَوْصِل:
وكان كبيروها قد كاتبوا الأمير موسى التُّركمانيّ، وهو بحصن كَيْفا، ينوب عَنْ كبربوقا. فسار مجدًا، فظن سُنْقُرجاه أَنَّهُ قدِم إلى خدمته، فخرج يتلقاه، ثمّ ترجل كلٌّ واحدٍ منهما للآخر، واعتنقا، وبكيا عَلَى كبربوقا، ثمّ ركبا، فقال سُنْقُرجاه: أَنَا مقصودي المِخَدّةُ والمنصب، وأمّا الأموال والولايات فلكم. فقال موسى: الأمر في هذا إلى السلطان. ثمّ تنافسا في الحديث، فجذب سُنْقُرجاه سيفه، وضرب موسى صَفْحًا عَلَى رأسه فجرحه، فقال موسى نفسه، وجذب سُنْقُرجاه إلى الأرض ألقاه، جذب بعض خواص موسى سكينًا قتل بها سُنْقُرجاه. ودخل موسى البلد، وخلع عَلَى أصحاب سُنْقُرجاه، وطيّب قلوبهم، وحكم عَلَى المَوْصِل.(34/25)
مقتل الأمير موسى التركماني:
ثمّ غدر بِهِ عسكره وانضموا إلى شمس الدّولة جَكَرْمِش، فافتتح نصيبين، ثمّ نازل المَوْصِل، وحاصر موسى مدة، فأرسل موسى إلى سُقْمان بْن أُرْتُق يستنجد بِهِ، عَلَى أنّ أطلق لَهُ حصن كيفا وعشرة آلاف دينار. فسار من ديار بَكْر ونَجَدَه، فرحل عَنْهُ جكرمش. فخرج موسى يتلقّى سُقْمان، فوثب عَلَيْهِ جماعة فقتلوه، وهرب خواصُّه. وملك سُقْمان حصن كيفا، فبقيت بيد ذريته إلى سنة بضع وعشرين وستمائة. وكان بها في دولة الملك ابن العادل محمود بْن مُحَمَّد بْن قُرا رسلان بْن دَاوُد بْن سُقْمان بْن أُرْتُق صاحبها.
استيلاء جَكَرْمِش عَلَى المَوْصِل والخابور:
ثمّ سار جكرمِش وحاصر المَوْصِل، فتسلّمها صُلْحًا، وأحسن السيرة، وقتل الذين وثبوا عَلَى موسى. واستولى بعد ذَلِكَ عَلَى الخابور، وغيره، وقوي أمره.
موقعة صَنْجيل الإفرنجي عند طرابلس:
قَالَ ابن الأثير: وكان صَنْجيل الإفرنجي، لعنه اللَّه، قد لقي قلج أرسلان بْن سليمان بْن قُتُلْمش صاحب الروم، فهزمه ابن قُتُلْمش، وأسر خلقًا من الإفرنج، وقتل خلقًا، وغنم شيئًا كثيرًا. وبقي مَعَ صنجيل ثلاثمائة، فوصل بهم إلى الشام، فنازل طرابلس، فجاءت نجدةُ دمشق نحو ألفي فارس، وعسكر حمص، وغيرهم، فالتقوا عَلَى باب طرابلس، فرتب صَنْجيل مائة في وجه أهل البلد، ومائةً لملتقى عسكر دمشق، وخمسين فارسًا للحمصيّين، وبقي هُوَ في خمسين. فأمّا عسكر حمص، فلم يثبتوا للحملة، وولوا منهزمين، وتَبِعَهم عسكر دمشق. وأمّا أهل البلد، فقتلوا المائة الذين بارزتهم، فحمل صنجيل بالمائتين، فكسروا أهل طرابلس، وقتل منهم مقتلة، وحاصرهم، وأعانه أهل البَرّ، فإنّ أكثرهم نصارى. ثمّ هادنهم عَلَى مالٍ. ونازل أَنْطرسَوُس، فافتتحها وقتل أهلها.(34/26)
إطلاق سراح بيمند صاحب أنطاكية:
وفيها أطلق ابن الدانشمند بيمند الإفرنجي صاحب أنطاكية، وكان أسَرَه كما تقدم، فباعه نفسه بمائة ألف دينار، وبإطلاق ابنه ياغي سِنان صاحب أنطاكية، وكان أسرها لمّا أخذ أنطاكية من أبيها. فقدم أنطاكية، وقويت نفوس بأهلها بِهِ. وأرسل إلى أهل قِنَّسْرين والعواصم يطالبهم بالإمارة، وانزعج المسلمون.
حصار صَنْجيل لحصن الأكراد:
وفيها سار صنجيل إلى حصن الأكراد فحاصره، فجمع جناح الدّولة عسكرًا ليسير إِلَيْهِ وليكسبهم، فقتله كما قتل باطني، بالجامع. وقيل: إن ربيبه الملك رضون جهّز عَلَيْهِ من قتله.
منازلة صَنْجيل حمص:
وأصبح صَنْجيل حمص فنازلها.
محاصرة القُمص عكّا:
ونزل القُمّص عَلَى عكّا، وجَدَّ في حصارها وكاد أنّ يأخذها، فكشف عَنْهَا المسلمون.
محاصرة صاحب الرُّها لبيروت:
وفيها سار القُمّص صاحب الرُّها إلى أنّ نازل بيروت، فحاصرها مدّةً، ثمّ عجز عَنْهَا وترحل.
طمع صاحب سمرقنْد في خراسان:
وأمّا سنجر، فإنه لمّا عاد من بغداد إلى خُراسان خطب لأخيه محمد بجميع خراسان. وطمع صاحب سمرقنْد جبريل بْن عُمَر في خراسان، وجمع عسكرًا تملأ الأرض -قِيلَ: كانوا مائة ألف فيهم خلْقٌ من الكفار- وقصد خُراسان. وكان قد كاتبه كُنْدُغدي أحد أمراء سَنْجَر، وأعلمه بمرض سَنْجَر، وبأن السلطانين في شُغلٍ بأنفسهما. وعُوفي سَنْجَر، فسار لقصده في ستّة آلاف فارس، إلى أنّ وصل بلخ،(34/27)
فهرب كُنْدُغدي إلى خدمة قدرخان، وهو صاحب سَمَرْقَنْد جبريل بْن عُمَر، ففرح بمَقْدَمِه، وسار معه فملك تِرْمِذ، وقرُب قدرخان بجيوشه إلى بلْخ، فجاءت العيون إلى سَنْجَر، أنّ قدرخان ذهب يتصيد في ثلاثمائة فارس، فندب الأمير بزغش لقصْده، فساق ولحقه وقاتله، فانهزم أصحاب قدرخان لقلتهم، وأسر قدرخان وكُنْدُغْدي، وأُحضرا بين يدي سَنْجَر فقبَّل قدرخان الأرض واعتذر فأمر بِهِ فقُتِل وتملّس كُنْدُغدي، ونزل في قناة مشى فيها قدْر فرسَخَيْن تحت الأرض، عَلَى ما بِهِ من النِّقْرِس، وقتل فيها حَيَّتين، وطلع من القناة، فصادف أصحابه، فسار في ثلاثمائة فارس إلى غَزْنَة.
وفاة كُنْدُغدي:
قَالَ ابن الأثير: وقيل: بل جمع سَنْجَر عساكر كثيرة، والتقى بصاحب سَمَرْقَنْد، وكثُر القْتلُ بين النّاس، وانهزم قدرخان صاحب سَمَرْقَنْد، وأسر، ثمّ قتل. وحاصر سَنْجَر تِرْمِذ، وفيها كُنْدُغدي، فنزل بالأمان، وأمره بمفارقة بلاده، فسار إلى غَزْنَة، فأكرمه صاحبها علاء الدّولة وبالغ، ثمّ خاف منه كُنْدُغدي، ثمّ هرب، فمات بناحية هَرَاة.
تملُّك سَنْجَر بْن محمد على سَمَرْقَنْد:
وأحضر السلطان سَنْجَر محمد بْن سليمان بْن بُغْراخان نائب مَرْو، وملّكه سَمَرْقَنْد، وبعثه إليها. وهو من أولاد الخانيّة بما وراء النّهر، وأُمُّه ابنة السلطان ملكشاه، وسنجر خاله، فدفع عَنْ مملكة آبائه، فقصد مَرْو، وأقام بها إلى الآن، فعظم شأنُه، وكثرت جموعه، إلّا أَنَّهُ انتصب له هاغوابك، وزاحمه في المُلْك، وجرت لَهُ معه حروب.
استرجاع بَلَنْسِيَة من النصارى:
وفيها نازل المسلمون بَلَنْسِيَة، واسترجعوها من النصارى بعد أنّ بقيت بأيديهم ثمانية أعوام، فجدد محراب جامعها. ودامت دار إسلام إلى أنّ أخذتها النّصارى المرة الثانية سنة ست وثلاثين وستمائة1.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 163"، النجوم الزاهرة "5/ 180".(34/28)
أحداث سنة ست وتسعين وأربعمائة:
خلعة المستظهر باللَّه عَلَى ينّال بْن أنوشتكين:
كَانَ يَنّال بْن أنُوشْتِكِين الحُساميّ من أمراء السلطان محمد، فسار هُوَ واخوه عليّ من جهة محمد إلى الرّيّ، فورد إِلَيْهِ الأمير برسق من جهة السلطان بَركيَارُوق، فاقتتلا بظاهر الرّيّ، فانهزم ينّال وسلك الجبال، وقُتِل خلْقٌ من أصحابه، فقدم بغداد في سبعمائة فارس، فأكرمه المستظهر باللَّه وخلع عَلَيْهِ، واجتمع هو، وإيلغازي، وسقمان ابنا أرتق، تحالفوا عَلَى مناصحة محمد، وساروا إلى سيف الدولة صدقة، فحلف لهم.
ظلم ينّال ببغداد:
ورجع ينّال فظلم ببغداد وعَسَف، واستطال عسكرُه عَلَى العامة بالضرب والأذية البالغة والمصادرة، تزوج هُوَ بأخت إيلغازي، فبعث الخليفة إِلَيْهِ ينهاه عَن الظلم، فلم ينته.
إفساد ينّال في البلاد:
وسار بعد أشهرُ إلى أوانا، فنهب وقطع الطّريق، وأقطع القرى لأصحابه، ثمّ شغب باجِسْرا، وقصد شهربان، فمنعه أهلُها، فقاتلهم، فقتل منهم طائفة، وسار، لا سلّمه اللَّه، إلى أذْرَبَيْجان قاصدَا مخدومه السّلطان محمد.
الفتنة في بغداد:
وكان قد ورد قبله إلى بغداد كَمُشْتِكِين شِحْنةً من قبل بَركيَارُوق، وكان بها أيضًا شحنة لمحمد، وهو إيلغازي بْن أُرْتُق، فحرك الفتنة، وترك الخطبة والدعوة للسلطان، واقتصروا عَلَى الدّعوة للخليفة لا غير. وجاء سُقْمان نجدةً لأخيه، فعاث وأفسد ونهب، واجتمع بأخيه فيها، ونهبا دجيلًا، ولم يبقيا على أحد، وافتضت الأبكار، وعملا ما لا تعمله التّتار، وغَلَت الأسعار.(34/29)
مقاتلة سيف الدولة لكمشتكين:
وسار القيصريّ، وهو كَمُشْتِكِين، إلى واسط، فتِبعه سيف الدّولة بالعرب وهزمهم.
المصافّ الخامس بين بَركيَارُوق وأخيه:
وفي جُمَادَى الآخرة، كَانَ المصافّ الخامس بين بَركيَارُوق ومحمد عَلَى باب خُوَيّ، فانهزم عسكر محمد، وانهزم هُوَ إلى أَرْجِيش من أعمال خِلاط، ثمّ سار إلى خِلاط. واتصل بِهِ الأمير عليّ صاحب أَرْزَن الرُّوم.
القبض عَلَى الوزير سديد الملك:
وفي رجب قبض الخليفة عَلَى وزيره سديد الملك أَبِي المعالي، وحُبِس.
وزارة ابن الموصلايا:
وولى النّظر في الوزارة أبو سَعِيد بْن الموصلايا الملقب بأمين الدّولة.
تسلُّم الملك دُقَاق الرحبة وحمص:
وفيها سار الملك دُقَاق إلى الرَّحْبة وحاصرها، وتسلّمها وحصّنها، ورجع وتسلم أيضًا حمص بعد صاحبهاجناح الدّولة.
انهزام الإفرنج أمام عسكر مصر في يافا:
وفيها قِدمت عساكرُ مصر، فحاصرت يافا وفيها الإفرنج، ثمّ التقوا هُمْ والإفرنج، فهزموهم وقتلوهم، وقتلوا من الإفرنج أربعمائة. ودخلوا في ثلاثمائة. أسير.
زيارة الإفرنج لبيت المقدس:
ثمّ جاء الخلق من الإفرنج في البحر لزيارة بيت المقدس.
استمرار حصار طرابلس:
وفيها كَانَ الحصار مستمرًّاعلى طرابلس، والناس في بلاءٍ من الإفرنج بالشام.(34/30)
استيلاء الإفرنج عَلَى كثير من الشام:
وفيها نازلت الإفرنج الرستن1، ثم ترحلوا، وجرت لهم وقعات، واستولوا عَلَى شيء كثير من الشام، وهادنهم أمراء البلاد عَلَى مالٍ يؤدُّونه كلّ عام، فلا قوة إلّا باللَّه2.
__________
1 الرستن: هي الاستراحات في الطرق عبر المسافات الطويلة.
2 انظر: شذرات الذهب "3/ 404-407".(34/31)
أحداث سنة سبع وتسعين وأربعمائة:
الصلح بين بَركيَارُوق وأخيه محمد:
في ربيع الآخر، وقع الصلح بين السلطانين بَركيَارُوق ومحمد؛ وسببه أنّ الحرب لما تطاولت بينهما وعم الفساد، وصارت الأموال منهوبة، والدّماء مسفوكة، والبلاد مخرَّبة، والسلطنة مطموعًا فيها، محكومًا عليها، وأصبح الملوك مقهورين بعد أنّ كانوا قاهرين. وكان بَركيَارُوق حاكمًا حينئذٍ عَلَى الرّيّ، والجبال، وطبرستان، وفارس، وديار بَكْر، والجزيرة، والحَرَمين، وهو بالرَّيّ. وكان محمد بأذربيجان وهو حاكم عليها وعلى إرمينية، وأران، وأصبهان، والعرق جميعه سوى تكريت، وبعض البطائح. وأما خراسان فإن السلطان سَنْجَر كَانَ يخطب لَهُ فيها جميعها، ولأخيه محمد، وبقي بَركيَارُوق ومحمد كفَّتي رهان، فدخل العقلاء بينهم بالصلح، وكتبت بينهم أَيْمان وعُهُود ومواثيق، فيها ترجيح جانب بَركيَارُوق، واقيمت له الخطبة ببغداد، وتسلم لأصبهان بمقتضى الصُّلْح، وأرسل الخليفة خلع السلطنة إلى بَركيَارُوق.
حصار الإفرنج لطرابلس ورفعه:
وفيها جاءت الإفرنج في البحر، فأعانوا صَنْجيل عَلَى حصار طرابلس، وبالغوا في الحصار أيامًا، فلم يغن شيئًا، ففارقوه.(34/31)
استيلاء الإفرنج عَلَى جبيل:
ونازلوا مدينة جبيل أيامًا، وجدوا في القتال، فعجز أهلُها وتسلموها بالأمان، فغدروا بأهلها، وأخذوا أموالهم وعذبوهم.
استيلاء الإفرنج عَلَى عكّا:
ثمّ ساروا إلى عكا نجدةً لبردوين صاحب القدس، فحاصروها برًّا وبحرًا، وأميرها زهر الدّولة بنا الجيوشي، فزحفوا عليها مرّةً غير مرّة، إلى أنّ عجز بنا عن عكا، ففارقها ونزل إلى البحر، وأخذتها الإفرنج بالسيف، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقدم واليها إلى دمشق، ثمّ رحل إلى مصر، وعفا عَنْهُ أمير الجيوش الأفضل.
وقعة نهر البَلِيخ:
وفيها نازلت الإفرنج حران، فسار لجهادهم سُقْمان وجكرمش في عشرة الآف فارس، فكانت الواقعة عَلَى نهر البَلِيخ، فانهزم المسلمون أوّلًا، وتبعتهم الإفرنج فرسخين، ثمّ عاد المسلمون عليهم فقتلوهم كيف شاؤوا، وغنموا أسلابهم، وكان فتحًا عظيمًا أذلّ نفوس الإفرنج بالمرة.
هرب صاحب أنطاكية وصاحب الساحل:
وكان بيمند صاحب أنطاكيّة وتنكري صاحب السّاحل قد كمنا وراء جبل، فلما خرجا رَأيا أصحابهم منهزمين، فتسحبّا باللّيل، وفطن بهم المسلمون فتبعوهم، وقتلوا وأسروا. وأَفْلَت المَلِكان في ستة فرسان.
وقوع قُمْص الرُّها في الأسر:
وأسروا قُمْص الرُّها، وحاز الغنيمة عسكرُ سُقْمان، ولم يَظْفِرْ عسكرُ جَكَرْمِش صاحب المَوْصِل بطائل.
تملك سُقْمان الحصون من الإفرنج:
ورحل سُقْمان وألبس أصحابه أسلاب الإفرنج، ورفع أعلامهم، وكان يأتي(34/32)
الحصن فتخرج الإفرنج منه، ظنًّا أنّ هَؤُلَاءِ أصحابهم، فيقتلونهم، وتملك سُقْمان الحصن فعل ذَلِكَ بعدّة حصون.
سير جَكَرْمِش إلى حران ومحاصرته الرُّها:
وأمّا جَكَرْمِش فإنّه سار إلى حَرّان وتسلّمها، وقرّر بها نائبه، وسار فحاصر الرُّها خمسة عشر يومًا وبها الإفرنج.
مفاداة القُمص بالمال والأسرى:
ثمّ ترحّل إلى المَوْصِل وفي أسره القُمْص، ففاداه بخمسة وثلاثين ألف دينار، ومائة وستّين أسيرًا من المسلمين. حكاها ابن الأثير، وقال: كَانَ عدّة القَتْلَى تُقارب اثني عشر ألف قتيل.
وفاة شمس الملوك دُقَاق صاحب دمشق:
وفيها مات صاحب دمشق شمس الملوك دُقاق بْن تتش، وأُقيم ولده بتدبير الأتابك طُغْتِكِين.
وفاة أرتاش أخي دُقاق:
وقيل: بل لمّا مات دُقَاق أحضر طُغْتِكِين أرتاش أخا دقاق من بعلبك، كان أخوه حَبَسه بقلعتها، فلمّا قدِم سَلْطَنَه طُغْتِكِين، فبقي في المُلْك ثلاثة أشهر، ثمّ هرب سرًّا لأمرٍ توهَّمه من طُغْتِكِين. فذهب إلى بَغْدَوِين الّذي ملك القدس مستنصرًا بِهِ، فلم يحصل منه عَلَى أملٍ، فتوجه إلى العراق عَلَى الرَّحْبة فهلك في طريقه.
حصن صَنْجيل ومهاجمة ابن عمّار لَهُ:
وأمّا صَنْجيل -لعنه اللَّه- فطال مُقامُه عَلَى طرابلس، حتّى أَنَّهُ بنى عَلَى ميلٍ منها حصناٍ صغيرًا، وشحنه بالرّجال والسّلاح. فخرج صاحب طرابلس ابن عمّار في ذي الحجّة، فهجم أهل الحصن وملكه، وقتل كل من فيه، وهدم بعضه، ودخل البلد(34/33)
بالغنائم منصورًا. وكان بطلًا، شجاعًا، مهيبًا، برز إلى الإفرنج مرات، وينصر عليهم، بذل وسعه في الجهاد.
تخريب المقدّم بزغش حصون الإسماعيلية:
وفيها جمع بزغش مقدَّم جيش سَنْجَر عسكرًا كثيرًا وخلقًا من المُطَّوِّعة، وسار إلى قتال الإسماعيليّة، وقدم طَبَس وهي لهم فخربها وما جاء وراءها من القلاع والقرى، وأكثر فيهم النَّهْب والسَّبْي والقتْل، وفعل بهم الأفعال العظيمة.
تأمين الإسماعيليّة وسخط النّاس عَلَى السلطان:
ثمّ إنّ أصحابه أشاروا بأن يؤمَّنُوا، ويشترط عليهم أن لا يَبْنُوا حصنًا، ولا يشترون سلاحًا، ولا يَدْعُون أحدًا إلى عقائدهم، فسخط كثيرٌ من النّاس هذا الأمان، ونقموه عَلَى السّلطان سنجر. ومات بزغش، ختم له بغزو هؤلاء الكلاب الزنادقة1.
__________
1 انظر: الكامل "10/ 328-344"، والبداية والنهاية "12/ 162-164"، النجوم الزاهرة "5/ 186"، صحيح التوثيق "7/ 524".(34/34)
أحداث سنة ثمان وتسعين وأربعمائة:
وفاة السلطان بَركيَارُوق:
في ربيع الآخر، مات السّلطان بَركيَارُوق، وملّكت الأمراء بعده ولَدَه جلالَ الدّولة ملكشاه، وخطب لَهُ ببغداد وهو صبيّ دون الخمس سِنين.
دخول جَكَرْمِش في طاعة السلطان محمد:
وأمّا السّلطان محمد، فكان مقيمًا بتبريز، فسار إلى مراغة يريد جَكَرْمِش، فحصّن المَوْصِل، وجعل أهل الضِّياع إلى البلد، فنازله محمد، وجَدّ في قتاله، وقاتل في جَكَرْمِش أهل المَوْصِل لمحبّتهم فيه، ودام القتال مدّةً، فلمّا بلغت جَكَرْمِش وفاة بَركيَارُوق، أرسل إلى محمود يبذل الطّاعة، فدخل إِلَيْهِ وزير محمد سعْد المُلْك، وخرج معه جَكَرْمِش، فقام لَهُ محمد واعتنقه وقال: ارجع إلى رعيّتك،(34/34)
فإن قلوبهم إليك، فقبّل الأرض وعاد، فقدّم للسّلطان وللوزير تُحَفًا سَنِيّة، ومدّ سِماطًا عظيمًا بظاهر المَوْصِل.
سلطنة محمد على بغداد:
ثمّ أسرع محمد إلى بغداد وفي خدمته صاحب المَوْصِل. وكان ببغداد ملكشاه بْن بَركيَارُوق الصّبيّ الّذي سَلْطَنه الخليفة، وأتابك الصّبيّ إياز. فبرز وأمّن بغداد، وتحالفوا عَلَى حرب محمد، ومَنْعه من السّلطنة. وجاء محمد ونزل بالجانب الغربيّ، وخُطِب لديه، ثمّ ضعُف إياز والأمراء، فراسلوا محمدًا في الصُّلْح - وليُعطي إيازَ أمانًا عَلَى ما سَلَفَ منه. وتمّ الدَّسْتُ لمحمّد، واجتمعت الكلمة عليه، فاستخلف السّلطانَ إلْكِيا الهرّاسيّ، وأقام السّلطان محمد ببغداد ثلاثة أشهر، وتوجّه إلى أصبهان.
مقتل إياز أتابك ملكشاه:
وأمّا إياز أتابك ملكشاه، فإنّه لمّا سلّم السّلطنة إلى محمد عمل دعوةً عظيمة في داره ببغداد، دعى إليها محمدًا، وقدم إليه تُحَفًا، منها الحبل البُلخُشيّ الّذي أخذه من ترِكة مؤيّد المُلْك ابن النّظّام. وحضر مَعَ السّلطان الأمير سيف الدّولة صَدَقَة بْن مَزْيَد. فاعتمدوا إياز اعتمادًا رديئًا، وهو أَنَّهُ ألبس مماليكه العُدَد1 والسّلاح ليعرضوا عَلَى محمد، فدخل عليهم رَجُلٌ مَسْخَرَة فقالوا: لا بُدَّ أنّ نُلْبسك دِرْعًا. وعبثوا بِهِ يصفعونه، حتّى كَلَّ وهرب، والْتجأ إلى غلمان السّلطان، فرآه السّلطان مذعورًا وعليه لباسٌ عظيم، فارتاب2. ثمّ جسّه3 غلام، فإذا درْع تحت الثياب الفاخرة، فاستشعر، وقال محمد: إذا كَانَ أصحاب العمائم قد لبسوا السّلاح، فكيف الأجناد؟ وتحيّل لكونه في داره، فنهض وخرج. فلمّا كَانَ بعد أربعة أيّام استدعى إياز وجَكَرْمِش صاحب المَوْصِل وجماعة وقال: بَلَغَنَا أنّ المُلْك قِلِج أرسلان بْن سُليمان بن قتلمش قصد ديار بَكْر ليأخذها، فانظروا من يُنْتَدب لَهُ. فقالوا: ما لَهُ إلّا الأمير إياز. فطلب إيازًا إلى بين يديه لذلك، وأعدّ جماعةً ليفتكوا به إذا ما دخل، فضربه واحد
__________
1 العدد: مفردها عُدة: وهي آلة الحرب.
2 ارتاب: شك.
3 جس: يقال: جس الأرض جسًّا: وطئها، وجس يد المريض: مسها ليتعرف حاله، وجس الشيء بيده: مسه.(34/35)
أبان رأسه، فغطّى صدقة وجهه بكُمّه. وأما الوزير فغشي عَلَيْهِ. ولُفّ إياز في مسحٍ، وألقي عَلَى الطّريق. فركب أجناده وشغبوا ثمّ تفرقوا. وهذا1 أمر عدّة المزاح، نسأل اللَّه السّلامة. ثمّ أخذه قوم من المطّوّعة، وكفنوه ودفنوه. وعاش نحو الأربعين سنة. وكان من مماليك السّلطان ملكشاه. وكان شجاعًا غزير المروءة، ذا خبرة بالحروب. ثمّ قتلوا وزيره بعد شهرين.
هلاك صَنْجيل:
وفيها هلك الطّاغية صَنْجيل الذي حاصر طرابلس في هذه المدة، وبنى بقربها قلعة وكان من شياطين الإفرنج ورؤوسهم. ووصل إلى الشام ليحج القدس، فأخذ بأرض صيداء وذهب حينئذٍ عينُه. ودار في بلاد الشّام بزيّ التُّجّار؛ فلمّا تُوُفّي السّلطان ملكشاه واختلفت الكلمة دخل إلى بلاده، وجمع الإفرنج للحجّ، ودخل أنطاكيّة، وحارب المسلمين مرّات، وتمكّن. ثمّ شنّ الغارة من حصنه، فبرز لَهُ ابن عمّار من طرابُلُس، وكبس الحصن بغتةً، فقتل من فيه، ورمى بالنيران في جوانبه، ورجع صَنْجيل، فدخل الحصن، فانخسف بِهِ سقفُهُ، ثمّ مرض وغُلِب، فصالح صاحبَ طرابُلُس. ثمّ مات في سنة ثمانٍ. فقام بعده أخيه؛ وجَد في حصار طرابُلُس، والأمر بيد اللَّه تعالى.
وفاة الأمير سقمان بن أرتق:
وفيها توفي الأمير سقمان بن أرتق، وكان فخر الملك ابن عمّار صاحب طرابُلُس كاتبه واستنجد بِهِ، فتهيأ لذلك، فأتاه وهو عَلَى العزْم كتاب طُغْتِكِين صاحب دمشق: بأنّي مريض أخاف إنّ متّ أنّ تملك الإفرنج دمشقَ، فأَقْدِمْ عليَّ فبادر إلى دمشق، ووصل القريتين، وأسقط في يد طُغْتِكِين وندم، فلم يلبث أنّ أتاه الخبر بموت سُقْمان بالقريتين بالخوانيق، وكانت تعتريه1 كثيرًا، فمات في صَفَر، ورجع بِهِ عسكره، ودُفن بحصن كَيْفا. وكان دينًا حازمًا مجاهدا، فيه خيرٌ في الجملة.
قتل الإسماعيليّة للحجّاج الخُراسانيّين:
وأمّا الإسماعيليّة فثاروا بخراسان، ولم يقفوا عَلَى الهدنة فعاثوا بأعمال بيهق،
__________
1 تعتريه: تصيبه.(34/36)
وبيَّتوا الحُجّاج الخُراسانيّين بنواحي الرَّيّ ووضعوا فيهم السيف، ونجا بعضهم بأسوأ حال.
قتل الإسماعيليّة ابن المشّاط:
وقتلوا الْإِمَام أبا جعفر المشّاط أحد شيوخ الشّافعيّة، وكان يعظ بالرَّيّ، فلمّا نزل عَن الكرسيّ وثب عَلَيْهِ باطنيّ قتله.
استيلاء الإفرنج عَلَى حصن أرتاح:
وفيها كانت وقعة بين الإفرنج ورضوان بْن تُتُش صاحب حلب، فانكسر رضوان. وذلك أنّ تنكري صاحب أنطاكيّة نازل حصنًا، فجمع رضوان عسكرًا ورجّالة كثيرة، فوصلوا إلى تبريز. فلمّا رأى تنكري كثرة سوادهم راسل بطلب الصُّلْح، فامتنع رضوان، فعملوا مصافّات، فانهزمت الإفرنج من غير قتال. ثمّ قَالُوا: نعود ونحمل حملة صادقةً، ففعلوا، فانخطف المسلمون، وقُتِل منهم بَشَرٌ كثير. ولم ينْجُ من الأسر إلّا الخيّالة. وافتتح الإفرنج الحصن. ويقال لَهُ: حصن أرتاح. وذلك في شَعْبان.
الموقعة بين المسلمين والإفرنج بين يافا وعسقلان:
وفيها قدِم المصريّون في خمسة آلاف، وكاتبوا طغتكين أحب دمشق، فأرسل ألفًا ثلاثمائة فارس، عليهم الأمير إصْبَهْبَذ صَبَاوَة فاجتمعوا، وقصدهم ببغدوين صاحب القدس وعكا في ألف وثلاثمائة فارس، وثمانية آلاف راجل، فكان المصافّ بين يافا وعسقلان، وثبت الفريقان، حتّى قُتِل من المسلمين ألفٌ ومائتان، ومن الإفرنج مثلُهم، فقُتِل نائب عسقلان جمال المُلْك. ثمّ قطعوا القتال وتحاجزوا. وقلّ أنّ يقع مثل هذا. ثمّ ردّ عسكر دمشق، ودخل المصريّون إلى عسقلان.
شِحْنكيّة بغداد:
وفيها عزل عَنْ شِحْنكيّة بغداد إيلغازي بْن أُرْتُق، وجعل السّلطان محمد عَلَى بغداد قسيم المُلْك سُنْقُر البُرْسُقيّ، وكان ديِّنًا عاقلًا من خوّاص محمد.(34/37)
دخول السّلطان محمد إصبهان:
ودخل محمد إصبهان سلطانًا متمكنًا، مهيبًا، كثير الجيوش، بعد أنّ كَانَ خرج منها خائفًا، يترقب، وبسط العدل، وأحسن إلى العامّة.
الْجُدَريّ والوباء في بغداد:
وفيها كَانَ ببغداد جُدَريّ مُفْرِط، مات فيه خلْقٌ من الصّبيان لا يحصون وتبعه وباءٌ عظيم.
مواصلة حصار طرابُلُس:
وكان الحصار متواترًا عَلَى طرابُلُس. وكتب أهلها متواصلة إلى طُغْتِكِين يستصرخونه لإنجادهم وعونهم، فأهلك اللَّه تعالى صَنْجيل مقدم الإفرنج، وقام غيره كما سبق1.
__________
1 انظر: الكامل "10/ 416، 417"، البداية والنهاية "12/ 165، 166"، صحيح التوثيق "7/ 525".(34/38)
أحداث سنة تسع وتسعين وأربعمائة:
قتل متنبئ بنهاوند:
وفيها ظهر بنواحي نَهَاوَنْد ولدٌ فادّعى النُّبُوة، وكان يُمَخْرق بالسِّحْر والنجوم، وتبعه الخلْق، وحملوا إِلَيْهِ أموالهم، فكان لا يدّخر شيئًا. وسمّى أصحابه بأسماء الصّحابة أَبِي بَكْر، وعُمَر.
قتل خارج يطلب المُلْك بنهاوند:
وخرج أيضًا بنهاوند من ولد ألْب أرسلان السّلطان رجلٌ يطلب المُلْك، فأُخذا وقُتِلا في وقتٍ واحد.
استرجاع طُغْتِكِين حصنين من الإفرنج:
وفيها شرع الإفرنج وعملوا في حصنٍ بين طَبَريّه والبثنيّة يقال لَهُ: عال، فبلغ(34/38)
طُغْتِكِين صاحب دمشق، فسار وأخذ الحصن، وأعاد الأسارى والغنائم وزيّنت دمشق أسبوعًا. ثمّ سار إلى حصن رفنية، وصاحبه ابن أخت صَنْجيل، فحاصره طغتكين وملكه، وقتل به خمسمائة من الإفرنج.
امتلاك الإسماعيليّة حصن فامية:
وفيها مَلَك الإسماعيليّة حصنَ فامِيَة وقتلوا صاحبه خلف بْن مُلاعب الكِلَابيّ. وكان خَلَف قد تغلّب عَلَى حمص، وقطع الطّريق، وعمل أنْحَس ممّا تعمله الإفرنج فطرده تُتُش عَنْ حمص، فذهب إلى مصر، فما التفتوا إِلَيْهِ. فاتّفق أنّ نقيب فَامِيَة من جهة رضوان بْن تُتُش أرسل إلى المصريّين، وكان عَلَى مذهبهم، يستدعى منهم من يسلّم إِلَيْهِ الحصن، فطلب ابن مُلاعب منهم أنّ يكون واليا عَلَيْهِ لهم. فلمّا ملك خلع طاعتهم. فأرسلوا من مصر يتهدّدونه بما يفعلونه بولده الّذي عندهم رهينة، فقال: لا أنزل من قلعتي، وابعثوا إليَّ بعض أعضاء ابني حتّى آكُله. وبقي بفامية يقطع الطريق، ويخيف السبيل، وانضم إليه الكثير من المفسدين.
قتل ابن مُلاعب بحيلة قاضي سرمين:
ثمّ أخذت الإفرنج سَرْمِين، وأهلها رافضة، فتوجّه قاضيها إلى ابن مُلاعب فأكرمه وأحبّه، ووثق بِهِ، فأعمل القاضي الحيلة، وكتب إلى أبي طاهر الصائغ أحد رؤوس الباطنيّة ومن الواصلين عند رضوان صاحب حلب واتفق معه على الفتك بابن ملاعب. وأحس ابن ملاعب فأحضر القاضي، فجاء وفي كمه مصحف، وتنصل وخدع ابن ملاعب، فسكت عَنْهُ؛ وكتب إلى الصائغ يشير إليه بأن يحسن لرضوان إنفاذ ثلاثمائة رجلٍ من أهل سَرْمِين الذين نزحوا إلى حلب، ويُنفذ معهم خيلًا من خيول الإفرنج، وسلاحًا من سلاحهم، ورؤوسًا، من رؤوس الإفرنج، فيأتون ابن مُلاعب في صورة أنّهم غُزاة، ويشكون من سوء معاملة رضوان المُلْك لهم. وأنّهم فارقوه، فلقيتهم طائفة من الإفرنج، فنصروا على الإفرنج، وهي رؤوسهم. ويحملون على جُمَيْع ما معهم إِلَيْهِ، فإذا أذِن لهم في المقام عنده اتّفق عَلَى إعمال الحيلة. ففعل الصائغ جميع ذلك، وجاؤوا بتلك الرؤوس، وقدّموا لابن مُلاعب ما معهم من خيل وغيرها، فانزلهم ابن مُلاعب في رَبَض1 فَامِيَة. فقام
__________
1 ربض: طرف المكان.(34/39)
القاضي ليلةً هُوَ ومن معه بالحصن، فدلوا حبالًا، وأصعدوا أولئك من الربض، ووثبوا إلى أولاد ابن مُلاعب وبني عمّه فقتلوهم، وأتوا ابن مُلاعب وهو مع امرأته فقال: من أنت؟ قَالَ: مَلَك الموت جئت لقبْض روحك. ثمّ قتله. ثم وصل الخبر إلى أَبِي طاهر الصّائغ، فسار إلى فَامِيَة، وهو لا يشكّ أنّها لَهُ. فقال القاضي: إنّ وافقتَني وأقمتَ معي، وإلّا فارجع. فآيس ورجع.
قتْلُ الإفرنج قاضي سَرْمِين:
وكان عند طُغْتِكِين الأتابك ولدٌ لابن مُلاعب فولّاه حصنًا، فقطع الطّريق، وأخذ القوافل كأبيه. فهَمّ بالقبض عَلَيْهِ طُغْتِكِين، فهرب إلى الإفرنج، واستدعاهم إلى فَامِيَة، وقال: ما فيها إلّا قُوت شهر. فنازلوه وحصروه، وجاع أهله، ومَلَكَتْه الإفرنج، فقتلوا القاضي المذكور. وظفروا بالصّائغ فقتلوه، وهو الّذي أظهر مذهب الباطنيّة بالشّام، فقيل: لم يقتلوه وإنّما بَقِيّ إلى سنة سبعٍ وخمسمائة، فقتله ابن بديع رئيس حلب بعد موت رضوان صاحبها.
إفساد ربيعة والعرب في البصرة ونواحيها:
وفيها ملك ضيف الدّولة صدقة بْن مَزْيَد الأَسَديّ البصرة، وحكم عليها، وأقام بها نائبًا، وجعل معه مائة وعشرين فارسًا. فاجتمعت ربيعة، والعرب، في جَمْعٍ كبير، وقصدوا البصرة، فقاتلهم النّائب، فأسروه، ودخلوا البلد بالسّيف، فنهبوا وأحرقوا، وما أبقوا ممكِنًا، وانتشر أهلُها بالسّواد. وأقامت العرب تُفْسد شهرًا، فأرسل صدقة عسكرًا وقد فات الأمر.
اشتداد الحصار عَلَى طرابُلُس:
وأمّا ابن عمّار فكان يخرج من طرابُلُس وينال من الإفرنج، وخرّب الحصن الّذي أقامه صَنْجيل، وحرق فيه، فرجع صَنْجيل ومعه جماعة من القمامصة والفرسان، فوقف عَلَى بعض السُّقُوف المحترقة، فانخسف، فمرض صَنْجيل عشرة أيّام ومات، لعنه اللَّه تعالى؛ وحملت جيفةُ الملعون إلى القدس، فدفنت بِهِ. ولم يزل الحرب بين أهل طرابُلُس والإفرنج خمسَ سِنين إلى هذا الوقت. فعدموا الأقوات، وافتقر(34/40)
الأغنياء، وجلا الفُقراء، وظهر من ابن عمّار ثَباتٌ، وشجاعة عظيمة، ورأيٌ، وحزْم. وكانت طرابُلُس من أعظم بلاد الإسلام وأكثرها تجمُّلًا وثروة، فباع أهلُها من الحُلي والآلات الفاخرة ما لا يوصف بأقلّ ثمن، ولا أحد يغيثهم، ولا يكشف عَنْهُمْ. وامتلأت الشّام من الإفرنج1.
__________
1 انظر: النجوم الزاهرة "5/ 190-192"، شذرات الذهب "3/ 407، 413"، صحيح التوثيق "7/ 525".(34/41)
أحداث سنة خمسمائة:
وفاة يوسف بْن تاشفين:
فيها: تُوُفّي أمير المغرب والأندلس يوسف بْن تاشَفِين.
سلطنة عليّ بْن يوسف بْن تاشَفِين:
وولي المُلْك بعده ابنه عليُّ بْنُ يوسف. وكان قد بعث فيما تقدم تقدمة جليلة، ورسلًا إلى المستظهر بالله، يلتمس أن يولى السلطة، وأن يُقَلَّدَ ما بيده من البلاد، فكتب لَهُ تقليدًا، ولقب أمير المسلمين، وبعث لَهُ خِلَع السّلطنة، ففرح بذلك، وسُرَّ فُقهاء المغرب بذلك. وهو الّذي أنشأ مدينة مَرّاكُش.
مقتل فخر المُلْك ابن نظام المُلْك:
ويوم عاشوراء قتل فخر الملك علي بن نظام المُلْك. وثب عَلَيْهِ واحدٌ من الإسماعيلية في زيّ متظلّم، فناوله قَصَّةً، ثمّ ضربه بسكِّينٍ فقتله. وعاش ستًّا وستّين سنة. ونقل "ابن الأثير" أَنَّهُ كَانَ أكبر أولاد النّظّام، وأنّه وَزَرَ للسّلطان بَركيَارُوق، ثمّ انفصل عَنْهُ، وقصد نَيْسابور، فأقام عند السّلطان سَنْجَر، ووَزَر لَهُ. فأصبح يوم عاشوراء صائمًا، فقال لأصحابه: رأيت اللّيلة الحُسين بْن عليّ -رضي الله عَنْهُمَا- وهو يَقُولُ: عجّل إلينا، ولْيكُنْ إفطارُك عندنا. وقد اشتغل فكري، ولا محيد عَنْ قضاء اللَّه وقدره. فقالوا: يكفيك اللَّه، والصّواب، أنْ لا تخرج اليومَ واللّيلة. فأقام يومَه كلّه يُصلّي ويقرأ، وتصدّق بشيءٍ كثير، ثمّ خرج وقت العصر يريد دار النّساء، فسمع صياح(34/41)
مُتَظَلِّم، شديد الحُرْقة، وهو يَقُولُ: ذهب المسلمون، فلم يبق من يكشف كُرْبةً، ولا يأخذ بيد ملْهوف. فطلبه رحمةً لَهُ، وإذا بيده قَصّة، وذكر الحكاية.
القبض عَلَى الوزير سعْد الملك وصلبه:
وفيها قبض السلطان محمد علي وزيره سعد الملك أبي المحاسن، وصلبه عَلَى باب إصبهان، وصلب أربعةً من أصحابه نُسِبوا أنّهم باطنيّة. وأمّا الوزير فَاتهم بالخيانة، وكانت وزارته سنتين وتسعة أشهر. وكان عَلَى ديوان الاستيفاء في أيّام وزارة مؤيّد المُلْك ابن نظام المُلْك، ثمّ خدم السّلطان محمد وقام معه، فاستوزره. ثمّ نَكَبَه1 وصَلَبَه.
وزارة قِوام المُلْك:
ثمّ استوزر قِوام الملك أبا ناصر أحمد بن نظام المُلْك.
انتزاع قلعة إصبهان من الباطنيّة وقتل صاحبها:
وفيها انتزع السّلطان محمد قلعة إصبهان من الباطنيّة، وقتل صاحبها أحمد بْن عَبْد المُلْك بْن غطّاس وكانت الباطنيّة بأصبهان قد ألبسوه تاجًا، وجمعوا له الأموال، وقدموه؛ لأن أباه عَبْد المُلْك كَانَ من علمائهم لَهُ أدب وبلاغة، وحُسْن خَطّ، وسُرعة جواب، مَعَ عِفّةٍ ونزاهة، وطلع ابنه أحمد هذا جاهلًا. قِيلَ لابن الصّبّاح صاحب ألَمُوت: لماذا تعظم ابن غطّاس عَلَى جَهْله؟ قَالَ: لمكان أَبِيهِ، فإنه كَانَ أستاذي. وكان ابن غطاس قد استفحل أمرُه، واشتد بأسُه، وقطعت أصحابُه الطَّرُقَ، وقتلوا النّاس.
رواية ابن الأثير عَنْ قتل ابن غطاس:
قَالَ ابن الأثير: قتلوا خلقًا كثيرًا لا يمكن إحصاؤهم، وجعلة لهم عَلَى القُرى والأملاك ضرائب يأخذونها، ليكفوا أَذَاهم عَنْهَا. فتعذَّر بذلك انتفاعُ النّاس بأملاكهم، والدّولة بالضّياع. وتمشّى لهم الأمر بالخُلْف الواقع. فلمّا صفا الوقت لمحمد لم يكن همّه سِواهم. فبدأ بقلعة إصبهان، لتسلُّطها عَلَى سرير ملكه، فحاصرهم بنفسه، وصعد الجبل الذي يقابل القلعة، ونصب له التخت.
__________
1 نكبهُ: أصابه بنكبةٍ، والنكبة: المصيبة، المعجم الوجيز "ص/ 633".(34/42)
واجتمع من إصبهان وأعمالها لقتالهم الأُممُ العظيمة، فأحاطوا بجبل القلعة، ودَوْرُهُ أربعةُ فَرَاسخ، إلى أنّ تعذّر عليهم القُوت، وذلّوا، فكتبوا فُتْيا: ما يَقُولُ السادة الفُقَهاء في قوم يؤمنون باللَّه وكُتُبه ورُسُلِه واليوم الآخر، وإنّما يخالفون في الْإِمَام، هَلْ يجوز للسّلطان مهادنتهم ومُوادعتهم، وأن يقبل طاعتهم؟ فأجاب الفُقهاء بالجواز، وتوقّف بعض الفُقَهاء. فجُمعوا للمناظرة، فقال أبو الحَسَن عليّ بْن عَبْد الرحمن السّمنجانيّ: يجب قتالهم، ولا ينفعهم اللَّفْظ بالشّهادتين، فإنّهم يقال لهم: أَخْبِرُونا عَنْ إمامكم إذا أباح لكم ما حذّره الشّارع أيقبلون منهم؟ فإنّهم يقولون: نعم، وحينئذ تُباح دماؤهم بالإجماع. وطالت المناظرة في ذَلِكَ. ثمّ بعثوا يطلبون من السّلطان من يناظرهم، وعيّنوا أشخاصًا، منهم شيخ الحنفيّة القاضي أبو العلا صاعد بْن يحيى قاضي إصبهان، فصعدوا إليهم، وناظروهم، وعادوا كما صعدوا. وإنّما كَانَ قصدهم التَّعَلُّل، فلجّ السّلطان حينئذٍ في حصرهم. فأذعنوا1 بتسليم القلعة على أن يعطوا قلعة خالنجان، وهي عَلَى مرحلةٍ من إصبهان.
وقالوا: إنا نخاف عَلَى أرواحنا من العامّة، ولا بُدّ من مكانٍ نأوي إِلَيْهِ. فأُشير عَلَى السّلطان بإجابتهم، فسألوا أنّ يؤخّرهم إلى يوم النَّوْرُوز، ثمّ يتحوّلون. فأجابهم إلى ذَلِكَ. هذا، وقصْدُهُم المطاولة إنتظارًا لفتقٍ يَنْفَتِق، أو حادث يتجدّد. ورتّب لهم الوزير سعْد المُلْك راتبًا كلّ يوم. ثمّ بعثوا مَن وثب عَلَى أميرِ كَانَ جدّ في قتالهم، فجُرِح وسَلِم، فحينئذٍ خرّب السّلطان قلعة خالنجان، وجدّد الحصار عليهم. فطلبوا أنّ ينزل بعضهم، ويرسل السّلطان معهم من يحميهم إلى قلعة الناظر بأَرَّجَان، وهي لهم، وإلى قلعة طَبَس، وأن يقيم باقيهم في ضرس القلعة إلى أنّ يصل إليهم من يخبرهم بوصول أصحابهم، فأجابهم إلى ذَلِكَ، وذهبوا، ورجع من أخبر الباقين بوصول أولئك إلى القلعتين. فلم يسلّم ابن غطاس النّاس الذين احتموا فيه، ورأى السّلطان منه الغدر والرجوع عما تقرر، فزحف الناس عليه عامة، في ثاني ذي القعدة. وكان قد قل عنده من يمنع أو يقاتل، وظهر منه بأسٌ شديد، وشجاعة عظيمة، وكان قد استأمن إلى السّلطان إنسانٌ من أعيانهم فقال: أَنَا أدلكم عَلَى عورة لهم، فأتى بهم إلى جانب السّنّ لا يُرام فقال: اصعدوا من ههنا. فقيل: إنّهم قد ضبطوا هذا المكان وشحنوه بالرجال.
__________
1 أذعنوا: خضعوا، واستسلموا.(34/43)
فقال: إنّ الّذي ترون أسلحة وكُزاغنْدات1 قد جعلوها كهيئة الرجال، وذلك لقلتهم. وكان جُمَيْع من بقي ثمانين رجلًا. فصعد النّاس من هناك، وملكوا الموضع، وقتلوا أكثر الباطنيّة، فاختلط جماعة منهم عَلَى من دخل فسلموا، وأُسِر ابن غطاس، فشهر بأذربيجان، وسُلِخ، فتجلّد حتّى مات، وَحُشِيَ جِلْدُهُ تبْنًا وقتل ولدُه، وبُعث برأسيهما إلى بغداد. وألْقَتْ زوجته نفسها من رأس القلعة فهلكت. وضرب محمد القلعة.
وكان والده السّلطان جلال الدولة هُوَ الّذي بناها. يقال: إنّه غرم عَلَى بنائها ألفي ألف دينار ومائتي ألف دينار، فاحتال عليها ابن غطاس حتى ملكها، وأقام بها اثنتي عشرة سنة.
عزل الوزير ابن جهير:
وفي صَفَر عُزِل الوزير أبو القاسم عليّ بْن جهير، كان قد وزر للخليفة ثلاثة أعوام وخمسة أشهر. فهرب إلى دار سيف الدولة صدقة بْن مُزْيَد ببغداد ملتجئًا إليها، وكانت ملجأ لكلّ ملهوف. فأرسل إِلَيْهِ صدقة من أحضره إلى الحلة، وأمر الخليفة بأن تُخَرَّب داره.
وزارة أبي المعالي بن المطلب:
ثم تقررت الوزارة في أول السنة إحدى وخمسمائة لأبي المعالى هبة اللَّه بْن المطّلب
غرق قلج أرسلان:
وفيها غرق قِلِج أرسلان بْن سليمان بْن قُتُلْمش صاحب قونية، سقط في الخابور فغرق. ووجد بعد أيّام منتفخًا، والحمد لله عَلَى العافية.
استنجاد طُغْتِكِين وابن عمّار بالسلطان السَّلْجوقيّ:
وتتابعت كُتُب أتابك طُغْتِكِين وفخر الملك ابن عمار ملك الشّام، وإلى السّلطان غياث الدين محمد بْن ملكشاه، بعظيم ما حلّ بالشّام وأهله من الإفرنج،
__________
1 كزغندات: أشياء في هيئة الأشخاص من الأقسمة ونحوها.(34/44)
ويستصرخون بِهِ، ويستنجدون بِهِ لِيُدركهم، فندب جيشًا عليهم جاولي سقاوة، وكاتب صَدَقَةَ بْن مَزْيَد، وصاحب المَوْصِل وغيرهما لينهضوا إلى حرب الكُفّار. فثقُل ذَلِكَ عَلَى المكاتبين ونكلوا عَن الجهاد، وأقبلوا عَلَى حظوظ الأنفس، فلا قوة إلّا باللَّه.
استظهار الروم عَلَى الإفرنج:
وكان ابن قُتُلْمش نَفَذَ بعض جيشه لإنجاد صاحب قسطنطينيّة عَلَى بَيْمُنْد وإفرنج الشام، فلمّا التقى الْجَمْعان استظهر الرّوم وكسروا الإفرنج شرّ كسْرَة، أتت عَلَى أكثرهم بالقتل والأسْر. وفصل الأتراك جُنْد ابن قُتُلْمش بعد أنّ خلع عليهم طاغية الروم وأكرمهم. انتهت الوقائع ولله الحمد والمنّة. ويتلوها طبقات المتوفين في هذه السنتين إن شاء الله تعالى، وبه أستعين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. وكان الفراغ من هذا الكتاب يوم الثلاثاء الساعة الثالثة ونصف من شهر ربيع الثاني من شهور سنة الخامسة والثلاثين بعد الثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وأزكى التحية. والله أعلم1.
__________
1 انظر: الكامل "10/ 417، 418"، والبداية والنهاية "12/ 165، 166"، والنجوم الزاهرة "5/ 189-192"، صحيح التوثيق "7/ 525".(34/45)
بسم الله الرحمن الرحيم
المتوفون في الطبقة الخمسون:
وفيات سنة إحدى وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
1- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد: أبو العبّاس بْن الحَطّاب الرّازيّ1، ثمّ الْمَصْرِيّ الفقيه الشّافعيّ. سمع: أبا الحَسَن بْن السِّمْسار بدمشق، وشُعَيب بْن المنهال، وإسماعيل بْن عَمْرو الحدّاد، وعليّ بْن منير الخلّال بمصر، وجماعة كثيرة. روى عَنْهُ: ابنه أبو عَبْد اللَّه الرّازيّ صاحب المشيخة والسُّداسيّات، وغيث بْن عليّ. وكتب عَنْهُ من القدماء: أبو زكريّا عَبْد الرحيم البخاري، ومكي الرميلي. قال ابنه: قَالَ أَبِي في سَكْرَة الموت: ما لي في الدّنيا حسْرة إلّا أنّي مشيت في ركاب الشّيوخ، وسافرت إليهم باليمن والشّام، ومصر، وها أَنَا أموت، ولم يؤخذ عنّي ما سَمِعْتُهُ عَلَى الوجه الّذي أردت. قَالَ أَبِي: وحججت سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقرأت بمكّة بروايات عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الكارِزينيّ.
2- أحمد بْن الحُسين بْن أحمد بْن جعفر.
أبو حامد الفقيه الهمذاني2. روى عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن عيسى، وأبي نَصْر أحمد بن الحسين الكسار، وجعفر بن محمد الحسيني. قال شيرويه: سمعته، وكان أحد المشايخ البلد ومفتيه. مات في صفر في سادس وعشرين وكان من جلة الشافعية.
3- أحمد بن سهل أبو بكر النيسابوري السراج3. روى عَنْ: محمد بْن موسى الصَّيْرفيّ، وأبي بَكْر الحِيّريّ، وعليّ بْن محمد الطّرازيّ، وكان فقيهًا ورعًا، عابدًا صالحًا. ولد سنة ثمان وأربعمائة، وكان يتكلم عن الحديث وشرحه. حدّث
__________
1 السير "19/ 190".
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 انظر السابق.(34/46)
عنه: أبو سعيد محمد بْن أحمد الخليليّ النَّوقانيّ الحافظ، وعُمَر بن أحمد الصفار، وعبد اللَّه بْن الفَرَاويّ، وَعَبْد الخالق بْن زاهر، وأبوه زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وجماعته. تُوُفّي فِي ليلة السّابع والعشرين من رمضان.
4- أحمد بْن عَبْد الغفار بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن أَشْتَه.
أبو العبّاس الأصبهاني الكاتب1. شيخ مكثِر مُسْنِد. سمع: أبا سَعِيد النّقّاش، وعليّ بْن ميلة الفقيه، وابن عقيل البارودي، والفضل بْن شَهْرَيار، وغيرهم. وتُوُفّي في ذي الحجّة عَن اثنتين وثمانين سنة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وأبو سَعِيد البغداديّ.
5- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحيم التَّيْميّ.
المعروف بابن اللبان المتكلم2. يروي عَنْ: أَبِي نُعَيْم، وغيره. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وورخه.
6- أحمد بن عبد اللعزيز.
الْإِمَام أبو سعْد البردعي الحنفيّ الفقيه3. كَانَ عَلَيْهِ مَدَار الفتوى بنَيْسابور. وكان يعقد مجالس الوعظ من غير تكلُّف عَلَى طريقة أهل الورع، ويذكر مسائل أهل الفقه مما ينفع العوامّ. وكان يميل إلى الاعتزال. ثمّ صار يحضر مجالس الشّافعيّة، يستطيب طريقة أهل السُّنَّة ويظهر أَنَّهُ تاركٌ لما كَانَ عَلَيْهِ. ومال إلى التصوّف. تُوُفّي في ثامن عشر ذي القعدة. وما أظنه حدَّثَ.
7- أحمد بْن المبارك أبو سعْد البغداديّ الأكفانيّ المقرئ4. شيخ مَعْمَر. قرأ عَلَى: أَبِي الحَسَن الحمّاميّ إلى سَورَة سبأ. قرأ عَلَيْهِ: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ. وروى عَنْ: بِشْر بْن القاسم. روى عَنْهُ: ابن السمرقندي، وابن ناصر. وكان سمسارًا.
__________
1 السير "19/ 183".
2 في عداد المجهولين.
3 الجواهر المضية "1/ 191، 192".
4 غاية النهاية "1/ 99".(34/47)
8- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بن بشرويه.
أبوالعباس الأصبهاني الحافظ1. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن حَسَنْكُوَيْه، ومحمد بْن عليّ بْن مُصْعَب، وأبا نُعَيْم الحافظ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، والهيثم بْن محمد الخرّاط، وإبراهيم بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم الجلّاب، وأبا ذَرّ محمد بْن إِبْرَاهِيم الصّالحانيّ، ومن بعدهم. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أهل المعرفة بالحديث والفقه والفرائض، كتبنا بانتخابه كثيرًا، وأكثرنا عَنْهُ لثبته ومعرفته. وسمعته يَقُولُ: ولدت سنة خمس عشرة. قلت: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وروى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن طاوس. وقيل: مات سنة سبعٍ.
9- إِبْرَاهِيم بْن خَلَف بْن إِبْرَاهِيم بْن لُبّ. أبو إِسْحَاق التُّجَيْبيّ القُرْطُبيّ2، ويُعرف بابن الحاجّ. سمع من: بَكْر بْن عيسى الكِنْديّ، وحجّ ورأى أبا ذر الهروي، ولم يسمع عنه. وأجاز لابن أخيه محمد بْن أحمد بْن خَلَف في هذا العام، وانقطع خبره بعد.
10- إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْم بْن أيّوب أبو سعْد الرّازيّ3. سمع من والده؛ ومن أَبِي الحُسين بن الطّبّال بمصر؛ ومن عَبْد الوهاب بْن بُرهان الغزالي بصور؛ ومن كريمة بمكّة؛ ومن الجوهريّ ببغداد. وتُوُفّي بدمشق في ذي الحجّة. سمع منه: غَيْث، وأبو محمد بْن صابر.
11- إِبْرَاهِيم بْن يحيى بْن موسى. أبو إِسْحَاق الكَلاعيّ القُرْطُبيّ4. ويُعرف بابن العطّار. سمع من: أَبِي محمد الشَّنْتَجاليّ. وحجّ، وسمع من: أَبِي زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ، وغيره. قَالَ أبو بحر الأَسَديّ: لقيته في سنة إحدى وتسعين بالجزائر، وكان ثقة نبيهًا.
12- إِبْرَاهِيم بْن يونس بْن محمد.
أبو إسحاق المقدسي الخطيب الأصبهاني الأصل5.
__________
1 السير "19/ 218".
2 في عداد المجهولين.
3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 214".
4 الصلة "1/ 97، 98".
5 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 314".(34/48)
سمع بدمشق: أبا القاسم إِبْرَاهِيم بْن محمد الحِنّائيّ، وأبا القاسم عليّ بْن محمد السُّمَيْساطيّ. وبالقدس: الفقيه أبا محمد عَبْد اللَّه بْن الوليد الأندلسيّ، وعليّ بْن طاهر، وعبد الرحيم بْن أحمد الْبُخَارِيّ الحافظ، وخَزْرُون بْن الحَسَن، وجماعة. روى عنه: أبو محمد بْن الأكفاني، والخضر بْن عَبْدان، ونصر بْن أحمد بْن مقاتل. وكان تلا القرآن. توفي بدمشق في ذي الحجة، له سبعون سنة.
13- إسماعيل بْن عليّ بْن طاهر.
أبو القاسم الرّازيّ السِّلَفيّ1. من شيوخ إصبهان. روى عن: أبي بكر بن أبي علي الذكواني المعدل، وأبي بكر بن محمد بن حمويه، وعلي بن أحمد الجرجاني. وعنه: أبو طاهر السلفي، وقال: توُفيّ في ربيع الآخر.
"حرف الجيم":
14- جعفر بْن حيدر بْن محمد2.
الشَّيْخ أبو المعالي العلوي الهروي، شيخ الصوفية. وكان ورعًا زاهدًا. سمع بنَيْسابور: شيخ الإسلام أبا عثمان الصابوني، وأبا سَعِيد الكَنْجَرُوذيّ. وتُوُفّي بهراة. ذكر السمعاني في الذِّيل.
"حرف الحاء":
15- حاتم بْن محمد بْن عليّ بْن أَبِي محمد حاتم محمد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن محمود أبو محمد الهَرَوِيّ الحاتميّ3. شيخ صالح. سمع: أبا منصور محمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم الفاسي صاحب حامد الرّفّاء. روى عَنْهُ: عليّ بْن حمزة الموسويّ، وعبد الفتّاح بْن عطاء، وعبد الواسع بْن أَبِي بَكْر السَّقَطيّ. مات بهَرَاة في جُمَادَى الأولى عَنْ نيفٍ وثمانين سنة.
16- حديد بن حسن المؤدب الشيباني4.
__________
1 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
2 انظر السابق.
3 انظر السابق.
4 في عداد المجهولين.(34/49)
حدَّثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاق البَرْمكيّ، تُوُفّي في شوّال.
17- الحَسَن بْن أحمد بْن محمد الحافظ أبو محمد السَّمَرْقَنْديّ1 صاحب الحافظ جعفر بْن محمد المُسْتَغِفريّ. تُوُفّي في ذي القعدة بنَيْسابور عَن اثنتين وثمانين سنة. كَانَ مكثِرًا فاضلًا، وغيره أتقن وأحفظ منه.
وقال ابن السّمعانيّ: سألت إسماعيل الحافظ عَن الحَسَن السَّمَرْقَنْديّ فقال: إمام حافظ. سمع وجمع وصنَّف. سمع من: المُسْتَغِفريّ، وعبد الصَّمد العاصمي، وشيوخ بُخاري، وبلْخ، ونيسابور. وأكثر السّماع عَنْهُمْ. قلت: روى عَنْهُ خلْقٌ من شيوخ عَبْد الرحيم بْن السّمعانيّ. وقال عُمَر بْن محمد بْن لُقمان النَّسَفيّ في كتاب القنْد: ذكر الْإِمَام الحافظ قوامُ السُّنَّة أبو محمد الحَسَن بْن أحمد بْن محمد بْن القاسم بْن جعفر السَّمَرْقَنْديّ اللّوخميتنيّ نزيل نَيْسابور: لم يكن في زمانه في فنّه مثله في الشرق والغرب، لَهُ كتاب بحر الأسانيد في صحاح المسانيد، وجمع فيه مائة ألف حديث، ورتَّب وهذّب، لم يقع في الإسلام مثله وهو ثمانمائة جزء. وذكر عَبْد الغافر فقال: عديم النظير في حفظه. قدِم نَيْسابور، وسمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصابونيّ، والكَنْجَرُوذيّ. وطائفة. وعاد إلي سمرقند. ثم قدم نيسابور واستوطنها. وهو مكثر عَن المستغفريّ. قلت: روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن القُشَيْريّ، ومحمد بْن جامع خيّاط الصُّوف، والْجُنَيْد القاينيّ. وأكبر شيخ لَهُ منصور الكاغديّ.
18- الحُسين بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن أيّوب بْن مُعَافَى. أبو عَبْد اللَّه العُكْبَريّ2.
سمع: أبا الحُسين بْن بِشْران، ومحمود بْن عُمَر العُكْبَريّ. وعنه: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، وعُمَر بْن ظفر. مات في شوّال، وقيل: في رمضان عَنْ ثمانٍ وثمانين سنة.
__________
1 السير "19/ 205، 206".
2 لا بأس به.(34/50)
19- الحُسين بْن الحَسَن الفقيه، أبو عَبْد اللَّه الشِّهْرستانيّ الشّافعيّ1. قاضي دمشق.
سمع بنَيْسابور من: أَبِي القاسم القُشَيْريّ؛ وبجرجان من إسماعيل بْن مَسْعَدَة؛ وبالعراق من ابن هزارمرد الصَّرِيفينيّ. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ هبة اللَّه بْن طاوس، وكان حَسَن السيرة في الأحكام. ولي قضاء دمشق سنة سبعٍ وسبعين في أيّام تتش، وكان شديدًا عَلَى من خالف الحقّ. واستُشْهد بظاهر أنطاكيّة بيد الإفرنج يوم المصافّ.
20- الحُسين بْن عليّ الدّمشقيّ المقرئ. ويُعرف بالدّمنْشيّ2. سمع أبا الحُسين بْن أَبِي الحديد. وكان رافضيًّا.
سعى بالحافظ أَبِي بَكْر الخطيب إلى أمير الجيوش وقال: هُوَ ناصبيّ يروي فضائل الصّحابة، وفضائل بني العبّاس في جامع دمشق. فكان ذَلِكَ سبب نفْي الخطيب من دمشق.
"حرف الراء":
21- رَوْح بْن محمد بْن عَبْد الواحد بْن عَبَّاس.
أبو طاهر الرازامي الصُّوفيّ3. سمع: أبا الحَسَن عليّ بْن عَبْدكُوَيْه، وأبا بكر بن أبي علي الذكواني، وعبد الواحد منصور الكاغذي الباطرقانيّ، وعليّ بْن أحمد الْجُرْجانيّ. وتُوُفّي في شَعْبان. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
"حرف السين":
22- سَعِيد بْن محمد بْن يحيى أبو الحُسين الأصبهاني الجوهريّ4، من كبار شيوخ السلفي. يروي عن: علي بن ميلة الفرضي، وأبي نُعَيْم الحافظ. تُوُفّي في المحرَّم. وكان فقيهًا عالمًا، وأبوه يروي عَن ابن المقرئ. حدث عنه أبو سعيد المُطَرِّزِيّ. قِيلَ: ظهر لسعيد سماع من ابن مردويه.
__________
1 انظر السابق.
2 غاية النهاية "1/ 246".
3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
4 كانت هذه الترجمة في غير ترتيبها فوضعت هنا ليصلح الترتيب.(34/51)
23- سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد.
أبو الفَرَج الإسْفَرائينيّ الصُّوفيّ المحدّث1، نزيل دمشق. سمع عَلَى: حِمِّصَة، وعليّ بْن منير، وعليّ بْن ربيعة، ومحمد بْن الحُسين الطّفّال، والحَسَن بْن خَلَف الواسطيّ صاحب الرّياشيّ بمصر. وسمع بجُرْجان: محمد بْن عَبْد الرّحيم. وببغداد: الجوهريّ. وبدمشق: رشأ بْن نظيف، وابن سلْوان، وهذه الطّبقة. وبالرملة: ابن التّرجمان الصُّوليّ. وبصور سُلَيْم بْن أيّوب. وبتنِّيس: عليّ بْن الحُسين بْن جابر. روى عنه: ابناه طاهر والفضل، وجمال الإسلام أبو الحَسَن، وهبة اللَّه بْن طاوس، ومحفوظ النّجّار، ونصر اللَّه المصِّيصيّ الفقيه، وأحمد بْن سلامة، وحمزة بْن علي الحُبُوبيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحَسَن الدّارانيّ، وجماعة. وقال: ولدت سنة تسعٍ وأربعمائة. تُوُفّي في ربيع الأوّل. وقال غَيْث: سألت أبا بَكْر الحافظ عَنْ سهل بْن بِشْر فقال: كَيِّسٌ صَدُوق.
"حرف الطاء":
24- طِرَاد بْن مُحَمَّد بن عَليّ بن الحَسَن بن محمد. النّقيب، الكامل، أبو الفوارس بْن أَبِي الحَسَن بْن أبي القاسم بْن أَبِي تمّام الهاشْميّ العبّاسيّ الزينبي البغداديّ2، نقيب النُّقَباء. قَالَ السّمعانيّ: ساد الدَّهْر رُتْبةً وعُلُوًّا وفضلًا ورأيا وشهامة. ولي نقابة العباسيّين بالبصرة، ثمّ انتقل إلى بغداد. وكان من أكفى أهل الدَّهْر، متّعه اللَّه بسمعه وبصره وقوّته وحواسِّه. وكان يترسّل من الدّيوان إلى الملوك، وحدَّثَ بأصبهان كذلك، وصارت إِلَيْهِ الرحلة من الأقطار. وأملى بجامع المنصور، وكان يحضر مجلسَ إملائه جميعُ أهل العلم من الطوائف وأصحاب الحديث والفُقهاء. ولم يُرَ ببغداد عَلَى ما ذُكِر مثل مجالسه بعد أَبِي بَكْر القَطِيعيّ. وأملى سنة تسعٍ وثمانين بمكّة، والمدينة، وألحق الصِّغار بالكبار. سمع هلال بْن مُحَمَّد الحفّار، وأبا نَصْر أحمد بن محمد بن
__________
1 السير "19/ 162، 163".
2 السير "19/ 37"، تذكرة الحفاظ "4/ 1228".(34/52)
حنسون النَّرْسيّ، وأبا الحُسين بْن بِشْران، والحسين بْن عُمَر بْن برهان، وأبا الفَرَج أحمد بْن المقرّب الكَرْخيّ، ويحيى بْن ثابت البقّال. وشُهْدَة بنت الإبريّ، وخلْق كثير آخرهم وفاة أبو الفضل خطيب المَوْصِل، وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: كَانَ أعلى أهل بغداد منزلة عند الخليفة، وكنا نكر إليه، فيتعذر علينا السّماع منه والوصول إِلَيْهِ، وعند بابه الحُجّاب، ولعلّ زِيّ بعضهم فوق زِيّه. وكنّا نقرأ عليه وهو يركع، إذ ليس مثله ما يردّ. وربّما اتّبعناه ونحن نقرأ عَلَيْهِ إلى أنّ يركب. وقال السِّلَفيّ: كَانَ حنفيًّا من جِلّة النّاس وكُبَرائهم، ثقة فاضلًا، ثبتًا، لم أَلْحَقْه. وقال أبو الفضل بْن عطّاف: كَانَ شيخنا طِراد شيخًا حَسَنًا، حَسَن اليقظة، سريع الفِطْنة، جميل الطّريقة في الرّواية، فَقِه في جُمَيْع ما حدَّث بِهِ. وقال غيره: وُلِد في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وقال ابن الناصر: توفي في سلخ شعبان: ودُفن بداره، ثمّ نُقِل في السّنة الآتية إلى مقابر الشّهداء. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ: أَخْبَرَتْنَا شهدة بقراءتي عَلَيْهَا: أَنَا طِرادُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ عُمَرَ تَوَضَّأَ مِنْ بَيْتِ نَصْرَانِيَّةٍ1.
"حرف العين":
25- عَبْد الرّزّاق بْن حسّان بْن سَعِيد بْن حسّان بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن منيع بْن خَالِد بْن عَبْد الرَّحْمَن ابن سيف اللَّه خَالِد بْن الوليد المخزوميّ المَنِيعيّ2.
أبو الفتح بْن أَبِي عليّ المَرْوَرُّوذِيّ، الحاجّيّ، الخطيب، محتشم خُراسان كوالده. وكان زاهدًا، عابدًا، عاملًا، متبتلًا، ورعًا، فقيهًا، قُدْوة. تفقّه عَلَى القاضي حسين، وعلّق عَنْهُ المذهب. وكان خطيب جامع والده. وقد حجّ وسمع ببغداد، وصار رئيس نَيْسابور. وقعد للتّدريس بالجامع، واجتمع عليه الفقهاء.
__________
1 خبر صحيح.
2 الأنساب "11/ 510".(34/53)
وعقد مجلس الإملاء، وحدَّث عَنْ: أَبِي الحُسين بْن النَّقُّور، وأبي بَكْر البَيْهقيّ، وسعد الزّنْجانيّ، وأبي مسعود أحمد بْن مُحَمَّد البَجَليّ. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو شحمة مُحَمَّد بْن عليّ المعلّم المَرْوَزِيّ، وإسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن العصائديّ، وآخرون. تُوُفّي في ثامن عشر ذي القعدة وله ثمانون سنة.
26- عَبْد الأحد بْن أحمد بْن الفضل: أبو الحارث العَنْبريّ الأصبهاني1. سمع: هارون بْن مُحَمَّد الكاتب، وأحمد بْن فاذشاه الوزير. ولي رُنْدَة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
27- عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن عَبْد اللَّه: أبو مُحَمَّد المَدِينيّ2. سمع: عليّ بْن أحمد بْن مِهْران الصّحّاف. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ وقال: تُوُفّي في شوّال.
28- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بَلِّيزَة. أبو القاسم الخِرَقيّ الأصبهاني المقرئ3.
سمع: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَمَهْ. وقرأ القرآن عَلَى أحمد بْن مُحَمَّد المِلَنْجيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن زَنْجَوَيْه. وتلاوته عَلَى ابن زنجوَيْه في سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة. سمع منه: السِّلَفيّ، وتلا عَلَيْهِ ختّمة لقُنْبُل في هذا الوقت، ولم يؤرخ وفاته.
29- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن هارون: أبو نَصْر الخُراسانيّ النّاسخ4. سمع: أبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث التَّميميّ النَّحْويّ، وأبا بكر الحيري. ولد سنة ثلاث عشرة، وأملى مدّة. ومات في المحرَّم.
روى عَنْه: أبو سعد محمد بن أَحْمَد بن محمد الخليليّ النَّوْقانيّ الحافظ، ومحمد بْن أحمد الْجُنَيْد الخطيب، وعُمَر بْن أحمد بْن الصّفّار، وأبو البركات بن الفراوي، وعبد الخالق الشحامي، شافع بْن عليّ، وآخرون.
30- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن عتّاب بْن محسن. أبو القاسم القُرْطُبيّ5 أخو عبد
__________
1 لم نقف عليه.
2 انظر السابق.
3 غاية النهاية "1/ 407".
4 السابق "1/ 418".
5 الصلة "2/ 371".(34/54)
الرَّحْمَن. روى عَنْ: أَبِيهِ كثيرًا، وعن: حاتم الطرابلسي. وأجاز له أبو حفص الزّهْراويّ، وأبو عُمَر بْن الحذّاء، وجماعة. وكان عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا بالفتوى، مقدمًا في الشُّروط، لَهُ عناية بالحديث ونقله. وكان مهيبًا، وقورًا، معظمًا عند الخاصّة والعامّة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى عَنْ إحدى وخمسين سنة. روى اليسير.
31- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن هارون. أبو نَصْر الخُراسانيّ1 النّاسخ. سمع: أبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث التَّميميّ النَّحْويّ، وأبا بكر الحيري. ولد سنة ثلاث عشرة.
32- عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن المحسِّن. أبو غانم بن أَبِي حصن التّنُوخيّ المَعَرّيّ القاضي2. سمع: أَبَاهُ، وأبا صالح مُحَمَّد بْن المهذب، وأبا عثمان إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن الصّابونيّ، والسُّمَيْساطيّ، وأبا إِسْحَاق الحبّال الحافظ، وطائفة بدمشق، والقدس ومصر. روى عَنْهُ: الخطيب مَعَ تقدُّمه شيئًا ممّا سمعه، وأبو البيان مُحَمَّد بْن أَبِي غانم، وغيرهما. وتُوُفّي بالمَعَرَّة.
33- عَبْد السّميع بْن عليّ بْن عَبْد السَّميع3. أبو الحُسين الهاشْميّ. من أهل البصرة ببغداد. سمع: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد. روى عَنْهُ: أبو البركات الأَنْماطيّ، وأبو بَكْر الزّاغُوانيّ. وتُوُفّي في ربيع الآخر. ومولده سنة تسعٍ.
34- عَبْد الواحد بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم: أبو طاهر المغازليّ الأصبهاني الشّرابيّ4. سمع: أبا نُعَيْم الحافظ. وعنه: السِّلَفيّ، وقال: مات في صَفَر.
35- عُمَر بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الخليل: أبو حفص البَغَويّ5. سمع مُسْنِد إِسْحَاق الكَوْسَج، من أَبِي الهنديّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد إسماعيل البَغَويّ. ومات بعد شَعْبان في هذا العام أو بعده. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المظفّر البنّا، وأسعد بْن أحمد الخطيب، وأبو أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي نصر البغويون.
__________
1 سبقت الترجمة له.
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 لم نقف عليه.
4، 5 انظر السابق.(34/55)
36- عَبْد الواحد بْن عُلْوان بْن عَقِيل بْن قيس الشِّيبانيّ1: أبو الفتح السَّقْلاطُونيّ البغداديّ النَّصْريّ من النَّصْريّة. شيخ ثقة صَدُوق.
سمع: أبا نصر بن حسنون، وأبا القاسم الحرفي، وعثمان بْن دُوَسْت، وهو أخو عَبْد الرَّحْمَن بْن عُلْوان. روى عَنْهُ: عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الأنصاري، وولده أبو بَكْر، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وآخرون. وآخر من روى عَنْهُ فخر النّساء شُهْدَة. تُوُفّي في رجب.
37- عَبْد الوهّاب بْن رزق اللَّه بْن عَبْد الوهّاب2: أبو الفضل التَّميميّ، أخو عَبْد الواحد. سمع: أَبَاهُ، وأبا طَالِب بْن غَيْلان. وكان حَسَن الصورة، ظريفًا بارعًا في الوعظ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدقاق، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
38- علي بن محمد بن حسين خِذَام3. أبو الحَسَن الخِذاميّ الْبُخَارِيّ الواعظ. كَانَ معمّرًا مكثِرًا من السّماع. تفرَّد بشيوخ. روى عَنْ: القاضي أَبِي عليّ الحُسين بْن الخضر النَّسَفيّ، ومنصور الكاغدي، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن القاسم الفارسيّ، وأحمد بْن الحَسَن المراجليّ، وخلْق أخذ عَنْهُم الكبار.
روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأبو ثابت الحَسَن بْن عليّ البَرْدعيّ وأبو رجاء مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وعدّة. وعُمِّر تسعين سنة. مات في هذا العام.
"حرف الفاء":
39- فارس بْن الحُسين بْن فارس بْن حسين بْن غرب. أبو شجاع الذُّهْليّ السَّهْرُوَرْديّ، ثمّ البغداديّ4.
شيخ فاضل، صالح، ثقة، لُغَوِيّ، شاعر. سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وعبد المُلْك بْن بشران.
__________
1 السير "19/ 128".
2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 85".
3 السير "19/ 180، 181".
4 لم نقف عليه.(34/56)
روى عَنْهُ: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر. توفي في ربيع الآخر وقد تجاوز التّسعين رحمه اللَّه. وابنه شجاع حافظ معروف.
40- الفضل بْن علي بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد: أبو سعْد الأصبهاني المقرئ1. سمع: أبا سعيد محمد بن علي بن النّقّاش، وعليّ بْن ميْلة، ومَعْمَر بْن زياد. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في رجب. وكنّاه أبا نَصْر.
"حرف الميم":
41- المحسن بْن المحسن بْن مُحَمَّد بْن جُمْهُور: أبو الرِّضا الْأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ الفرّاء2 المعدّل. إمام الجامع الأموي، ثمّ ولي نظر الأوقاف وعمادة الأملاك السُّلطانيّة، فظلم وجار. وحدَّثَ عَنْ: مُحَمَّد بْن عَوْف المُزَنيّ، وغيره. روى عَنْهُ: عُمَر الرُّؤاسيّ.
42- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد: أَبُو عَبْد اللَّه الميبذي البغدادي اللغوي3. من كببار أئمّة العربيّة. سمع: أبا جعفر بن المسلمة. روى عَنْهُ: ابن ناصر.
43- مُحَمَّد بْن جامع بْن مُحَمَّد بْن عليّ: أبو بَكْر القطّان الهمذاني الجوهريّ4. روى عَنْ: أَبِيهِ، والزَّنْجانيّ. قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان كَيِّسًا صدوقًا.
44- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن مُحَمَّد. أبو سعْد الحرمي الْمَكِّيّ الحافظ5، نزيل هَرَاة. أحد الحفّاظ والزُّهّاد. سمع بمصر: مُحَمَّد بْن الحُسين الطّفّال، وأبا الفتح بْن بابشاذ، وعليّ بْن حِمّصة، وعليّ بْن بُغَا الورّاق. وبمكّة: أبا نَصْر السِّجْزيّ الحافظ، وعبد العزيز بْن بُنْدار الشِّيرازيّ. وببغداد: أبا بَكْر الخطيب، والموجودين. قَالَ مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ الهَمَذانيّ: كَانَ أبو سعْد الحَرَميّ من العباد، ولم أر بعيني
__________
1 انظر السابق.
2 لم نقف عليه.
3 المنتظم "9/ 107".
4 لم نقف عليه.
5 السير "19/ 202"، والعقد الثمين "2/ 7، 8".(34/57)
أحفظ منه. وقال الواعظ أبو حامد الخيّام: إنّ كَانَ لله بهَرَاة أحدٌ من أوليائه فهو هذا وأشار إلى أَبِي سعْد. مات فِي شَعْبان.
45- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد: أبو المحاسن المَحْمِيّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ1.
أحد الرؤساء والأكابر. خالف أهل بيته؛ لأنّ المَحْمية شافعيّون. وقد سمع من أصحاب الأصمّ. وكان يضيف الطبلة. تُوُفّي في شَعْبان عَنْ ثمانين سنة. روى عَنْهُ: عُمَر بْن أحمد بْن الصّفّار، وعَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ. روى عَنْ: أَبِي بَكْر الحيري.
46- محمد بن محمد: أبو سعيد الخداشيّ2. تُوُفّي بنسف وله ثمانٍ وثمانون سنة. سمع بهراة: إسحاق الفرات، وأبا عثمان القرشي.
47- مروان بن عبد الملك: أبو محمد اللواتي الطنجي3، الفقيه المالكي، نزيل مصر. كان متفننًا في العلوم، بارعًا في المذهب. قرأ القراءات على أبى العباس أحمد بن نفيس، وسمع منه. ومن: أَبِي هاشم، وأبي محمد الوليد. قَالَ القاضي عِيَاض: كَانَ ذا عِلمٍ بالقراءات، والنَّحْو، واللّغة، خطيبًا مفَوَّهًا مِصْقَعًا، ولي القضاء والخطبة بسبتة في دول البرغواطيّ، وسمع منه كثيرًا. وكان ذا هَيْبة وسَطْوة. سمع عَلَيْهِ: القاضي عَبُّود بْن سَعِيد، وأبو إِسْحَاق بْن جعفر، وخالاي أبو عَبْد اللَّه وأبو مُحَمَّد ابنا الْجَوْزيّ. وله بَنُون نُجَباء أئمّة. وكان أخوه أبو الحَسَن من كبار الأئمّة. وله ابنان، أحدهما عَبْد اللَّه ولي قضاء غُرْناطة وغيرها، وعبد الرَّحْمَن ولي قضاء مِكْناسة مدّة؛ ثمّ ولي قضاء تِلمْسان بعد الثلاثين وخمسمائة عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن.
48- المظفّر بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد: الصّدر أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء أَبِي القاسم بن المسلمة4. ناب في الوزارة في خلافة المقتدي باللَّه بعد عزل الوزير عميد الدولة أَبِي منصور بْن جهير، إلى أنّ ولي أبو شجاع الوزارة. وكانت دار أَبِي الفتح مجمعًا لأهل العلم والدين.
__________
1 لم نقف عليه.
2 انظر السابق.
3 السير "19/ 191".
4 البداية والنهاية "12/ 156".(34/58)
ومن جملة من أقام في داره ومرض عنه، ومات أبو إِسْحَاق مصنّف "التّنبيه". وممّن كَانَ يقيم عنده أبو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ. سمع الحديث من: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ بإفادة الخطيب. كُتُب عَنْهُ: الحُمَيْديّ، وغيره. وتُوُفّي في ذي القعدة وله أربعٌ وخمسون سنة.
49- مكّيّ بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن عِلّان السّلّار: الرئيس أبو الحَسَن الكَرَجيّ1. رئيس كَرَج ومعتَمَدُها. حدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، ومُحَمَّد بْن القاسم الفارسيّ، وأبي الحسين بن بشران المعدل، وأبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وأبي القاسم هبة الله اللالكائي. قال شيرويه: رحلت إليه إلى الكرج، وسمّعتُ منه ولديَّ، وكان شيخًا لا بأس بِهِ، محمودًا بين الرؤساء، محسِنًا إلى الفقراء والعلماء. قلت: روى عَنْهُ: أبو الحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك الكَرَجيّ الفقيه، وأبو المكارم أحمد بْن مُحَمَّد بْن عِلّان البلديّ، وأبو أحمد بْن نَصْر بْن دُلَف، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق، وإسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، ورجاء بْن حامد المَعدّانيّ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن ماشاذة، وأبو زُرْعة طاهر المَقْدِسيّ والقاسم بْن الفضيل الصَّيْدلانيّ وأبو طاهر السِّلَفيّ. قَالَ ابن طاهر: دخلت بابني أَبِي زُرْعة الكَرَج حتّى سمع "مسند الشافعي" من السلارمكي، وكان قد سمعه بنَيْسابور، وورَّق لَهُ ابن هارون، وكانت أصوله صحيحة جيّدة. وقال السِّلَفيّ: كَانَ السّلّار جليل القدْر، نافذ الأمر، محبوبًا إلى رعيته بجود سَجِيِّته. وآخر ما قدِم إصبهان كنت أوّل من قرأ عَلَيْهِ. وقال السّمعانيّ: هُوَ من رؤساء الكَرَج، كانت لَهُ الثّروة الكبيرة والدُّنيا العريضة الواسعة، والتّقدُّم ببلده. عُمّر حتّى صار يُرحل إِلَيْهِ. ونُقل عَنْهُ الكثير؛ لأنّه لحِقَ إسناد العراق وخُراسان. وقال أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ: تُوُفّي بأصبهان في سَلْخ جُمَادَى الأولى، ووُلِد سنة سبعٍ أو تسعٍ وتسعين وثلاثمائة.
"حرف النون":
50- نَصْر بْن عَليّ بْن مُقَلّد بْن نَصْر بْن منقذ2: الأمير الجليل عزّ الدولة
__________
1 السير "19/ 71، 72".
2 تاريخ دمشق "43/ 451".(34/59)
أبو المُرْهَف الكِنَانيّ، صاحب شَيْزَر تملّكها بعد أَبِيهِ. ولمّا قدِم إلى الشام السّلطان ملكشاه سلَّم إِلَيْهِ أبو المُرْهَف الّلاذقيّة، وفامية، وكَفَرْطَاب، وبقيت لَهُ شَيْزَر. وكان سمحًا، كريمًا، شاعرًا فارسًا، عاقلًا، ديِّنًا، عابدًا، خيّرًا، وكان بارًّا أَبَاهُ، وأحسن إلى أخوته وربّاهم. وله برٌّ كثيرُ وصَدَقات، رحمه اللَّه.
ويُحكَى عَنْهُ أنّه كَانَ يقوم عامّة اللّيل. تُوُفّي في شَيْزَر فِي جمادى الآخرة.
"حرف الهاء":
51- هبة اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن اللَّيْث1: أبو الحَسَن الْأَنْصَارِيّ الأشهليّ السَّعْديّ البغداديّ، من ولد سعْد بْن مُعَاذ -رضي الله عنه-. سمع: هلال بْن مُحَمَّد الحفّار، وأبا الحُسين بْن بِشْران، وأبا الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ. وتفرّد بالرواية عَن التَّميميّ. وكان أحد قرّاء المواكب، ومن ذوي الهيئات النبلاء، وأرباب الديانات، وصحيح السِّماع. قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو البركات الأَنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وجماعة كبيرة. وسمعتُ بعض مشايخي يَقُولُ: إنّ الشّريف هبة اللَّه الْأَنْصَارِيّ كَانَ يأخذ عَلَى جزء الحفار دينارًا صحيحًا. وُلِد هبة الله في سنة اثنتين وأربعمائة، وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من ربيع الآخر. قلت: وروى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن مُحَمَّد الطُّوسيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس الحرّانيّ، وجماعة. وللسِّلَفيّ منه إجازة، ولكنّه ما درى بأنّ عنده مثل جزء الحفّار، ولا خَرَّج عَنْهُ شيئًا.
52- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هارون بْن مُحَمَّد. الأديب أبو غالب الهارونيّ التّانيّ الأصبهاني2. سمع من: جدّه هارون صاحب الطَّبَرانيّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: مات في رجب، وكان لَهُ حظٌّ وافر من الأدب، وإذا قرأ الحديث أطْرب.
__________
1 السير "19/ 44، 45".
2 لم نقف عليه.(34/60)
"حرف الياء":
53- ياسين بْن سهل: أبو رَوْح القايَنِيّ الخشّاب الصُّوفيّ1 شيخ الصُّوفيّة ببيت المقدس طوف البلاد، وسمع، وأباه وأبا الحَسَن بْن الطّفّال، ورشأ بْن نظيف، وأبا الحَسَن بْن صخر، وطبقتهم.
روى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن الأكفانيّ، وأبو المعالي مُحَمَّد بْن يحيى الْقُرَشِيّ، وإسماعيل بْن أَبِي سَعِد النَّيْسابوريّ، وابن السَّمَرْقَنْديّ، ويحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن الطُّوسيّ. تُوُفّي في آخر السنة، وكان كبير القدر، زاهدًا. قال غيث الأرمنازي: تحدّث ياسين الصُّوفيّ، وكان عندهم محتشمًا مميَّزًا قدم علينا، ومات بالقدس في ذي الحجّة.
54- يحيى بْن مُحَمَّد: أبو بَكْر بْن الفَرَضِيّ الدّاني النَّحْويّ2.
نزيل المَرِيّة. وكان رأسًا في العربيّة واللّغة. أخذ عَنْهُ: أبو الحَجّاج بْن سبعون، وأبو عبد الله بن سعيد ابن غلام الْقُرَشِيّ، وأبو بَكْر بْن خطاب، وجماعة. كان حيًّا في سنة إحدى هذه.
وفيات سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
55- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بن طاوس بْن موسى: أبو البَرَكات المقرئ3.
ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ببغداد، وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بْن الحَسَن العطّار، وعلى: مُحَمَّد بْن عليّ بْن فارس الخيّاط.
وسمع: أبا عُبَيْد اللَّه الأزهريّ، وأبا طَالِب بْن بُكَيْر بْن غَيْلان، والعَتِيقيّ وجماعة. قدِم دمشق، سنة إحدى وخمسين وأربعمائة فسكنها، وسمع من: أَبِي القاسم الحِنّائيّ، وجماعة.
__________
1 تاريخ دمشق "46/ 19، 20".
2 بغية الوعاة "2/ 344".
3 غاية النهاية "1/ 47".(34/61)
وصنَّف في القراءات. وأقرأ النّاس. وكان إمامًا ماهرًا، مجوِّدًا، ثقة، ديِّنًا. روى عَنْهُ: الفقيه نَصْر المَقْدِسيّ وهو أكبر منه، وابنه هبة اللَّه بْن طاوس، والفقيه نَصْر اللَّه المصِّيصيّ، وحمزة بْن أحمد، وكردوس.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وقرأ عَلَيْهِ ابنه.
56- أحمد بن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف: أَبُو الحُسين البغداديّ1. قَالَ السّمعانيّ: شيخ ثقة، جليل القدر، خيّر، مرضيّ الطريقة، حَسَن السّيرة. سافر الكثير ووصل إلى الغرب. وسمع: أبا القاسم الحرفي، وأبا عَمْرو بْن دُوَسْت، وأبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم بْن بِشْران، وجماعة. وبمكة: أبا الحَسَن بْن صخر، وأبا نَصْر السِّجْزيّ؛ وبالرملة: مُحَمَّد بْن الحُسين بْن التّرجُمان؛ وبمصر: أبا الحَسَن بْن حِمِّصَة. روى عَنْهُ: بنوه عَبْد اللَّه، وعبد الخالق، وعبد الواحد، وأبو الفضل بْن ناصر، وأبو الفتح بْن البطّيّ، وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وآخرون. قَالَ ابن ناصر: كَانَ صالحًا ثقة. وقال عَبْد الخالق ابنه: حدَّثني أخي قَالَ: رأيتُ أَبِي في النّوم، فقلت: يا سيّدي، ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي. تُوُفّي فِي شَعْبان، وله إحدى وثمانون سنة.
57- أحمد بن مسلم بن مُحَمَّد بْن عليّ: الشَّيْخ أبو منصور الشَّعيِريّ الأصبهاني2. قَالَ السِّلَفيّ: روى عَنْهُ عَبْد الواحد بْن أحمد الباطِرْقانيّ، وأبو نُعَيْم كَتْبنا عَنْهُ ومات في شوّال سنة اثنتين.
58- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد: أَبُو القاسم الخليليّ الدُّهْقان3. حدَّثَ ببلْخ بمُسْنِد الهَيْثَم بْن كُلَيْب، عَنْ أَبِي القاسم الخُزاعيّ، عَنْهُ. وعاش مائة سنة وسنة، فإن أبا نَصْر اليُونَارتيّ قَالَ: سألته عَنْ مولده، فقال: في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. وأنّه سمع من الخِزاعيّ لمّا قدِم عليهم بلخ في سنة ثمانٍ وأربعمائة.
__________
1 السير "19/ 163، 164".
2 لم نقف عليه.
3 السير "19/ 73".(34/62)
وقال السّمعانيّ: تُوُفّي في صَفَر. قلت: حدَّثَ عَنْهُ بالمُسْنِد أبو شجاع عُمَر البسْطانيّ، ومسعود بن مُحَمَّد الغانميّ، ومُحَمَّد بْن إسماعيل الفُضَيْليّ، واليُونارتيّ، وآخرون. قَالَ: وكان ثقة، صحيح السّماع. روى الشّمائل أيضًا.
59- إِبْرَاهِيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين1: السّلطان أبو المظفّر. تُوُفّي بغَزْنَة في شوّال. وكان عادلًا، منصفًا، شجاعًا، جوادًا، منقادًا إلى الخير، محبوبًا إلى الرَّعيّة، واسع المملكة. عاش أكثر من سبعين سنة. وتُوُفّي في السَّلْطَنَة أكثر من أربعين سنة.
60- أسعد بْن عليّ: أبو القاسم الزَّوْزَنيّ2، الشّاعر المشهور. تُوُفّي ليلة الأضحى بنَيْسابور. ذكره عَبْد الغافر فقال: شاعر عصره وواحد دهره في فنّه، وديوان شِعْره أكبر من أن يحصيه مجموع، وهو في الفضل ينبوع. لَهُ القصائد الفريدة قديمًا وحديثًا، والمعاني الغريبة. شاع ذِكْره، وسار في البلاد شْعره، ومدح عميد المُلْك الكُنْدُرِيّ وأركان دولة السّلطان طُغْرُلْبَك، ثمّ أركان الدولة الملكشاهيّة. وكان مَعَ ذَلِكَ سمع الحديث وكتبه.
61- الأَطْهَرُ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن زيد3. الحسيني العلوي أبو الرضا ابن السّيّد الأجلّ الحافظ المعروف، مُسْنِد بغداد، نزيل سَمَرْقَنْد. كَانَ أبو الرِّضا يلقَّب بسيّد السّادات. ذكره عَبْد الغافر فقال: سيّد السّادات، الفائق حشمته ودولته ومالُه وجاهُه، مُطَّرِد العادات. وأبوه كان من الأفاضل السّادة وأكثرهم ثروة. وله السّماع العالي والتصانيف الحسان في الحديث والشِّعر وهذا النّحل السّريّ. ورد نَيْسابور بعد وفاة أَبِيهِ، وطلب ما كَانَ لَهُ من الودائع والبضائع، وأخذها وعاد. ولم يزل يعلو شأنُه ويرتفع إلى أنّ بلغت درجتُه المُلْك، وناصب الخان وباض شيطان الولاية في رأسه، وفرّخ.
وكان في نفسه وهمّته متكبّرًا أبلج. ما كَانَ همّته تسمح إلا بالملك، حتى سمعت
__________
1 السير "19/ 156".
2 الأنساب "6/ 321".
3 لم نقف عليه.(34/63)
أَنَّهُ أمر بضرب السُّكَّة عَلَى اسمه، ورتّب أُلُوفًا من الأعوان والشّاكريّة والأتباع. وكان يضبط الولاية ويجبي المال ويجمع ويفرّق، إلى أنّ انتهت أيّامه وامتلا صاعُ عُمره، واستعلى عَلَيْهِ من ناصَبَه، فسَعَى في دمه وقَدَّه1 نصفَيْن وعلّقه في السّوق، وأغار عَلَى أمواله وخَدمه، وسار حديثًا يُسْمَرُ بِهِ، ولم يبق منهم نافخٌ نار. قتل سنة اثنتين وتسعين.
62- إِبْرَاهِيم بْن أَبِي نَصْر بْن إِبْرَاهِيم: أبو إِسْحَاق الأصبهاني الْبُخَارِيّ2، نزيل بَلْخ. شيخ صالح، تاجر متموّل. سمع من: منصور الكاغَديّ صاحب الهَيْثَم بْن كُلَيْب جزئين؛ وسمع من جماعة. تُوُفّي ببلْخ، حدَّثَ عَنْهُ: أبو شجاع عمر بن محمد البسطاني، وغيره. ورّخه السّمعانيّ.
"حرف الباء":
63- بَرَكة بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه: أبو غالب الواسطيّ البزّار3. سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأحمد بْن المقرئ، وهبة اللَّه بْن هلال الدّقّاق، وإسماعيل بْن الحافظ. وتُوُفّي في ذي الحجّة وله نيِّفٌ وثمانون سنة. وثّقه عَبْد الوهّاب.
64- بَكْر بْن نَصْر بْن أحمد: أبو مُحَمَّد الْبُخَارِيّ الخيّاط4. شيخ صالح سمع ببُخَارى: عُمَر بْن منصور بْن خبّ؛ وبالرّيّ: عَبْد الكريم بْن أحمد الوزّان؛ وببغداد: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وهناد بْن إِبْرَاهِيم، وطائفة. تُوُفّي ببخارى بعد هذه السنة أو فيها. روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ بْن البِيكَنْديّ، وصاعد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
"حرف الحاء":
65- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن عليّ5: العلامة أبو علي ابن الشَّيْخ أَبِي جعفر الطُّوسيّ رأس الرّافضة. وُلِد ببغداد.
__________
1 قده: قطعه.
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 المنتظم "9/ 110".
4 لم نقف عليه.
5 من رؤوس الشيعة.(34/64)
وسمع من: أَبِي مُحَمَّد الخلّال، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ. وأمَّ بالمشهد بالكوفة. روى عَنْهُ: عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ، وهبة اللَّه بْن السَّقَطيّ، وجماعة. بَقِيّ إلى هذه السّنة، وكان متديّنًا قاعر النَّسَب.
66- الحُسين بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن أيّوب1: أبو عَبْد اللَّه العُكْبَريّ أحد الأذكياء النُّدمَاء. وُلِد سنة ثلاثٍ وأربعمائة. وسمع أحمد بْن عليّ بْن أيّوب العُكْبَريّ، وأبا الحُسين بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر بْن ظفر، ومُحَمَّد بْن علي بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السلام، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطاف. ومات في رمضان. وقد أجاز للسِّلَفيّ، وذكره ولم يترجمْه ولا عَرَفَه.
67- الحُسين بْن عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْدُوس2. أبو عَبْد اللَّه الهَمَذانيّ التّانيّ. روى عَنْ: أَبِي نَصْر الكسّار، ومُحَمَّد بْن عيسى، وحمد بْن سهل، ومنصور بْن ربيعة، وجماعة. قَالَ الحافظ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه: وكان صدوقًا. تُوُفّي في المحرَّم، ودفن بجنب والده.
"حرف الزاء":
68- زيد بْن الْحَسَن بْن زَيْدُ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد3: أبو مُحَمَّد بْن أميرك الحُسَينيّ الهَرَوِيّ الوضّاع الدّجّال. قَالَ السّمعانيّ: سافر إلى الشام، ومصر، والعراق، وفرّق حيَّاته وعقاربه بها، واختلق أربعين حديثًا تقشعرّ منها الْجُلُود. وكان يترك الجمعة فيما قِيلَ. وأكثر شيوخه مجاهيل. مات في ذي القعدة بنَيْسابور.
"حرف السين":
69- سعْد بْن أحمد بْن مُحَمَّد. القاضي أبو القاسم النسوي4.
__________
1 لم نقف عليه.
2 انظر السابق.
3 الميزان "2/ 17".
4 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 82".(34/65)
سكن دمشق. حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن ضمر، وعبد الواحد بْن يوسف. وعنه: نَصْر اللَّه المصِّيصيّ، والخضر بْن عَبْدان، وأبو العشائر مُحَمَّد بن خليل الكردي. ولد سنة عشرين وأربعمائة. وقُتِل إلى رحمة اللَّه فيما قِيلَ يوم أخذت الفرنج البيت المقدس.
70- سعْد بْن زيد بْن أَبِي نَصْر الهَرَوِيّ: عاش إلى هذه الحدود. وحدث عَنْ: عليّ بْن أَبِي طَالِب الخوارزمي.
"حرف الصاد":
71- صاعد بْن سهل بْن بِشْر: أبو رَوْح الإسْفَرائينيّ1، ثمّ الدّمشقيّ. سمع: أبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب، وغيرهما. وحدَّثَ. سمع منه: أبو مُحَمَّد، وأبو القاسم ابنا صابر. وتُوُفّي في الكهولة فِي رَمَضَان.
"حرف العين":
72- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن. أبو مُحَمَّد الكَلاعيّ الدّمشقيّ2. سمع: مُحَمَّد بْن عَوْف، ورشأ بْن نظيف، والعَتِيقيّ، وطبقتهم. قَالَ ابن عساكر: سمع منه خالي، وكان يكثر الرواية عَنْهُ لأجل خدمته بعض الْجُنْد. وثنا عَنْهُ أبو مُحَمَّد بْن صابر ووثَّقهُ.
73- عَبْد الأعلى بْن عَبْد الواحد3: أبو عطاء بْن أَبِي عُمَر المَلِيحيّ الهَرَوِيّ. تُوُفّي في هذه السنة في رمضانها. روى عن: القاضي أبي عمر محمد بْن الحُسين البسْطاميّ، وإسماعيل بْن إِبْرَاهِيم المقرئ السَّرْخَسيّ، مصنف كتاب درجات التّائبين، والقاضي أَبِي منصور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ. وعنه: عليّ بْن حمزة المُوسَويّ، وأبو النَّضْر عَبْد الرَّحْمَن الفامي، وأبو صالح
__________
1 السابق "6/ 262".
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 الأنساب "11/ 476".(34/66)
ذَكْوان بْن سيّار، وابن أخته مُحَمَّد بْن المفضل بْن سيّار، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرحيم الدّارميّ، وعبد السّلام بْن مُحَمَّد المؤدّب، وأهل هَرَاة. وعاش نحوًا من تسعين سنة، فإن مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة.
74- عَبْد الباقي بْن يوسف بْن عليّ بْن صالح بْن عَبْد المُلْك بْن هارون1. أبو تراب المراغي التَّبْرِيزيّ. نزيل نَيْسابور. ذكره السّمعانيّ فقال: الْإِمَام، عديم النظير في فنّه، بهيّ المنظر، سُلَيْم النّفس، عاملٌ بعِلْمه، حَسَن الخُلُق، نفّاع للخَلق، فقيه النّفس، قويّ الحِفْظ. تفقّه ببغداد عَلَى القاضي أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ. وسمع أبا القاسم بْن بِشْران، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة. وبأصبهان: أبا طاهر بْن عَبْد الرحيّم؛ وبالرَّيّ ونيسابور. روى عَنْهُ: عُمَر بْن سهل الدّامغانيّ، وأبو عثمان العصائديّ، وزاهر الشّحّاميّ، وابنه عَبْد الخالق بْن زاهر، وآخرون. وقرأت بخط أبي جعفر محمد بن أبي علي بهمذان قَالَ: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد البسطامي غيره يَقُولُ: كنّا عند الْإِمَام أَبِي تراب المراغيّ حين دخل عَلَيْهِ عَبْد الصَّمد، ومعه المنشور بقضاء همذان، فقال أبو تراب، وصلّى ركعتين، وأقبل علينا وقال: أَنَا بانتظار المنشور من اللَّه تعالى عَلَى يد عبده مَلَك الموت، وقدومي عَلَى الآخرة، أَنَا بهذا المنشور أَلْيَق من منشور القضاء. ثمّ قال: قعودي في هذا المسجد ساعة على القلب، أحب إليَّ من أنّ أكون ملك العراقين. ومسألة في الفقه يستفيدها منّي طالبٌ عالِم أحب إليَّ من عمل الثَّقَلْين2. سألت إسماعيل الحافظ عَنْ أَبِي تراب المراغي فقال: كَانَ مفتي نَيْسابور. أفتى سنين عَلَى مذهب الشّافعيّ، وكان حَسَن الهيئة، بهيًّا، عالمًا. وقيل: ولد سنة إحدى وأربعمائة، وتوفي في رابع ذي القعدة. وقيل: عاش ثلاثًا وتسعين سنة.
75- عَبْد الجليل الرّازيّ3: الزّاهد القدوة. ممّن قتل بالقدس يوم أخذها.
76- عَبْد العزيز: أخو أَبِي نَصْر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ الزَّيْنَبيّ4.
__________
1 السير "19/ 170، 171".
2 المنتظم "9/ 110، 111".
3، 4 لم نقف عليه.(34/67)
حدث عن: أبي الحسن بْن أحمد الحمّاميّ بشيء يسير. ويُعرف بالشريف أَبِي الهيجاء. مات في المحرَّم. روى عَنْهُ: ابن المظفر الغادنيّ.
77- عَبْد الكريم بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن خُشْنَام: أبو نَصْر الخُشْناميّ1 تُوُفّي في ذي القعدة بنَيْسابور. سمع أبا بَكْر الحِيّريّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن أَحْمَد الصّفّار، وعبد الخالق بْن زاهر.
78- عليّ بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد2: القاضي أبو الحُسين المَوْصِليّ الأصل، الْمَصْرِيّ، الفقيه الشّافعيّ المعروف بالخِلْعيّ. وُلِد بمصر في أول سنة خمسٍ وأربعمائة. وسمع: أبا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس، وأبا الحَسَن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحاجّ الإشبيليّ، وأبا الحَسَن الخصيب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد القاضي، وأبا سعْد أحمد بْن مُحَمَّد المالينيّ، وأبا العبّاس بْن منير بْن أحمد بْن الخشّاب، وأبا مُحَمَّد إسماعيل بْن رجاء الأديب، والحَسَن بْن جعفر الكِلَليّ، وأبا عَبْد اللَّه بْن نظيف الفرّاء، وجماعة. وكان مُسْنِد ديار مصر. رَوَى عَنْهُ: الحَمِيدِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ، فَقَالَ فِي تَارِيخِهِ: أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أَنَا ابْنُ الْحَاجِّ، أَنَا غُنْدَرٌ: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو نُوَاسٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، مرفوعًا: "لا يموتن أحدكن حتى يحسن الله". الْحَدِيثَ. روى عَنْهُ: أبو عليّ بْن سكرة، وأبو الفضل بْن طاهر المَقْدِسيّ، وأبو الفتح سلطان بْن إِبْرَاهِيم الفقيه، وسليمان بْن مُحَمَّد بن أبي دَاوُد الفارسيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن سلامة الرَّوِحاني، وعبد الكريم بْن سَوَّار التِّكَكيّ، وعبد الحقّ بْن أحمد البايناسيّ الكاتب، ومُحَمَّد بْن حمزة العِرْقيّ اللُّغَويّ. وبقي إلى سنة {....} 3 وخمسين، وطائفة سواهم. وآخر من حدَّثَ عَنْهُ عَبْد اللَّه بْن رفاعة السَّعْديّ خادمه. وقال فيه ابن سكرة: ففيه لَهُ تصانيف، ولي القضاء وحكم يومًا واحدًا واستعفى وانزوى بالقرافة. وكان مُسْنِد مصر بعد الحبّال. وقال الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ: شيخ معتزل في القرافة، لَهُ عُلُوٌّ في الرّواية، وعنده فوائد. وقد حدَّثَ عَنْهُ: أبو عبد الله الحميدي، وكنى عنه
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "19، 74، 75".
3 بياض في الأصل.(34/68)
بالقرافيّ. وقال غيره: كَانَ يبيع الخِلَع لملوك مصر. قَالَ ابن الأَنْماطيّ: سَمِعْتُ أبا صادق عَبْد الحقّ بْن هبة اللَّه القضاعيّ المحدث بمصر: سَمِعْتُ العالم الزّاهد أبا الحَسَن عليّ بْن إبراهيم ابن بِنْت أَبِي سعْد يَقُولُ: كَانَ القاضي أبو الحسن الخلعي يحكم بين الجن، وأنهم أبطأوا عَلَيْهِ قدر جُمعة، ثمّ أتوه وقالوا: كَانَ في بيتك شيء من هذا الأُتْرُجّ، ونحن لا ندخل مكانًا يكون فيه.
قَالَ المحدث أبو الميمون عَبْد الوهّاب بْن وردان، فيما حكى عَنْ والده أَبِي الفضل، قَالَ: حدَّثني بعض المشايخ، عن أبي الفضل الجوهري ابن الواعظ قَالَ: كنت أتردّد إلى الخِلَعيّ، فقمت في ليلة مُقْمرة ظننت أنّ الفجر قد طلع، فلما جئت بباب مسجده وجدت فَرَسًا حَسَنَة عَلَى بابه، فصعدت، فوجدت بين يديه شابًا لم أر أحسن منه، يقرأ القرآن، فجلست أسمع، إلى أن قرأ جزءًا، ثم قان للشيخ: آجرك اللَّه. فقال لَهُ: نفعك اللَّه. ثمّ نزل، فنزلت خلفه من علو المسجد، فلمّا استوى عَلَى الفرس طارت بِهِ، فغشي عليَّ من الرُّعْب، والقاضي يصيح بي: اصْعَدْ يا أبا الفضل. فصعدت، فقال: هذا من مؤمني الجنّ الذين آمنوا بنصيبين، وإنّه يأتي في الأسبوع مرةً يقرأ جزءًا ويمضي1. قَالَ ابن الأَنْماطيّ: قبر الخِلَعيّ بالقرافة، يُعرف بقبر قاضي الجن والإنس، ويُعرف بإجابة الدّعاء عنده2. وسألت شجاعًا المُدْلجيّ وغيره من شيوخنا عَن الخِلَعيّ، نسبة إلى أيّ شيء؟ فما أخبرني أحدٌ شيء.
وسألت السديد الرَّبَعِيّ، وكان عارفًا بأخبار المصريين وكان معدّلًا، فقال: كَانَ أَبُوهُ يُزار، وكانت أمراء المصريّين وأهل القصر يشترون الخِلَع من عنده. وكان يتصدق بثُلُث مَكْسَبه. وذكر ابن رفاعة أَنَّهُ سمع من الحبّال، وأنّه أتى إلى الخِلَعيّ، فطرده مدّة. وكان بينهما شيء أظن من جهة الاعتقاد. وكان أبو الحَسَن عليّ بْن أحمد العابد: سَمِعْتُ الشَّيْخ ابن بَخِيسَاه قَالَ: ندخل عَلَى القاضي أَبِي الحَسَن الخِلَعيّ في مجلسه، فنجده في الشتاء والصَّيف وعليه قميص واحد، فسألته عَنْ ذَلِكَ، وقلت: يا سيدنا، إنّا لنُكْثِر من الثّياب في هذه الأيّام، وما يُغْني ذَلِكَ عنّا من شدّة البرد، ونراك عَلَى حالةٍ واحدة في الشّتاء والصيف لا يرتدّ عَلَى قميص واحد، فبالله يا سيدي أخبرني.
__________
1 "خبر ضعيف": السير "19/ 76" فيه جهالة أحد الرواة.
2 هذا مما لا أساس له من الصحة.(34/69)
فتغيرّ وجهه ودَمَعَتْ عيناه، ثمّ قَالَ: أتكتم عليَّ ما أقول؟ قلت: نعم. فقال: غشِيَتْني حُمّاه يومًا، فنمت في تِلْكَ الليلة، فهتف بي هاتف، فناداني باسمي، فقلت: لبيك داعيَ اللَّه. فقال: لا. قل: لَبَّيْك رَبّيَ اللَّه. مَا تجد من الألم؟ فقلت: إلهي وسيّدي، قد أَخَذَتْ منّي الحُمّى ما قد علمت. فقال: قد أمرتها أنّ تُقْلِع عنك. فقلت: إلهي والبرد أيضًا. فقال: قد أمرت البرد أيضًا أنّ يُقْلع عنك، فلا تجد ألم البرد ولا الحَرّ. قَالَ: فوالله ما أحسّ ما أنتم منه من الحر ولا من البرد. قَالَ ابن الأكفانيّ: تُوُفّي بمصر في السادس والعشرين من ذي الحجة.
79- علي بن الحسين بن علي بْن أيّوب: البغداديّ البزّاز1. كَانَ يسكن باب المراتب. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ من خيار البغداديّين ومميَّزيهم، ومن بيت الصَّوْن، والعفاف، والنزاهة، والثّقة، والدّيانة. سمع أبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم الحرفي، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد المؤدِّب، وغيرهم. سأله أبو محمد السَّمَرْقَنْديّ عن مولده فقال: سنة عشر وأربعمائة. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والفضل بْن ناصر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو الفتح بْن البطّيّ، وشُهْدَة. وآخر من حدث عَنْهُ أبو الفضل خطيب المَوْصِل. تُوُفّي يوم عَرَفَة يوم الخميس، ودُفن ليومه. ومولده سنة 411. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: صحيح السَّماع، ثقة. وقال ابن العربيّ: ثقة عدْل.
80- عليّ بْن الفضيل بْن عَبْد الرّزّاق: القاضي أبو طاهر اليَزْديّ الأصبهاني2. روى عن: أبي بكر بن أبي علي الذكواني، والجمال، وأبي حفص الزعفراني. روى عنه: السلفي، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وسمعته يَقُولُ: ولدت سنة سبعٍ وأربعمائة.
81- عليّ بْن مُحَمَّد: أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ3 المطرز، الزّاهد، العابد، الفقيه، ذكره عَبْد الغافر فقال: عديم النظير في زهده، وتُوُفّي في عاشر صفر وولد سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة. ولم يذكر له رواية.
__________
1 السير "19/ 145، 146".
2 لم نقف عليه.
3 انظر السابق.(34/70)
"حرف الغين":
82- الغضنفر بْن فارس بْن حَسَن: أبو الوحش البلخي1، ثم الدمشقي البتلهي. سمع: ابن سلوان، وأبا القاسم السُّمَيْساطيّ. وعنه: أبو مُحَمَّد بْن صابر.
"حرف الفاء":
83- فضلان بْن عثمان بْن مُحَمَّد بْن هُدْبَة بْن خَالِد بْن قيس بْن ثوبان2، وليس هُدْبَة بهدبة بْن خَالِد بْن الأسود صاحب حمّاد بْن سَلَمَة. أبو أحمد القَيْسيّ الأصبهاني. روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي بَكْر بن أبي علي، وعلي بن عبد كويه، وعبد الواحد الباطرقاني. وعنه السلفي، وقال: مات في ربيع الأوَّل. وكان أَبُوهُ عثمان من طلبة الحديث.
"حرف الكاف":
84- كامل بْن ديسم بْن مجاهد: أبو الحَسَن العسقلاني3، الفقيه المعروف بالمقدسيّ. سمع: مُحَمَّد بْن الحُسين بْن التّرجُمان، وأبا نَصْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الهارونيّ، وعليّ بْن صالح العسقلانيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: ابنه أبو الحُسين، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وغيرهما. قتلته الفرنج يوم دخولهم القدس وهو يصلّي، رحمه اللَّه.
"حرف الميم":
85- المبارك عليّ بْن الحَسَن: أبو سعْد الْبَصْرِيّ البزّاز4، ويسمّى أيضًا: عليًّا. سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وغيره.
86- المبارك بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه: أبو الحُسين بن السوادي الواسطي الفقيه5. نزيل نيسابور.
__________
1 لم نقف عليه.
2 لا بأس به.
3 انظر السابق.
4 لم نقف عليه.
5 السير "19/ 212، 213".(34/71)
قَالَ السّمعانيّ: شيخ كبير فاضل، من أركان الفُقَهاء المكثِرين، الحافظين للمذهب والخلاف. تفقَّه بواسط، وقدم بغداد، فتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي الطَّيِّب. وكان قويّ المناظرة، ينقل طريقة العراقيّين. درّس بالمدرسة الشّطبيّة بنَيْسابور، وكان متجملًّا قانعًا. وقد سمع الحديث بواسط، والبصرة، وبغداد، ومصر. وأضرّ في آخر عمره، وسُرِقت أصوله. سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا عَبْد اللَّه بْن نظيف. روى عَنْهُ: طاهر بْن مَهْديّ الطَّبَريّ بمرو، إسماعيل الحافظ بأصبهان وشافع بْن عليّ بنَيْسابور. وكان يُلْقي الدّرس فتُوُفّي فجأةً فِي ربيع الآخر، وله سبْعٌ وثمانون سنة. وقال السّمعانيّ فيما انتخب لولده: إمامٌ فاضل، ومُفت مُصلب، عديم النظير، وورِع، حَسَن السّيرة، متجمّل، قانع بقليل من التّجارة. ثنا عنه عبد الخالق بن زاهر، وعمران الصّفّار، وجماعة.
87- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ1: أَبُو بَكْر الطُّوسيّ، الصُّوفيّ المقرئ، إمام صخرة بيت المقدس. روى عن عمر أحمد الواسطي. وعنه: أبو القاسم محمد بْن السَّمَرْقَنْديّ. قتلته الفرنج في شَعْبان فيمن قتلوا.
88- مُحَمَّد بْن سليمان بْن لوبا: البغداديّ2. سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران.
89- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عُبَيْد اللَّه بْن بُرْدَة3: القاضي أبو طاهر الفَزَاريّ، قاضي شيراز.
حدَّثَ بأصبهان عَنْ: أَبِي بكر مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث الصفار، وجماعة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ وقال: تُوُفّي في صَفَر بشيراز.
90- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حسين أبو سعْد ابن المؤذِّن الشِّيرازيّ ثمّ البغداديّ روى عَنْ أَبِي عليّ بْن دوما، وبِشْر بْن الفاتنيّ روى عَنْهُ: المبارك بْن المبارك بن السراج.
91- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الواحد بْن جعفر4. أبو غالب بن الصباغ
__________
1 لم نقف عليه.
2 انظر السابق.
3 لم نقف عليه.
4 لا بأس به.(34/72)
البغداديّ. سمع من: أَبِي الحَسَن أَحْمَد بْن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وأبي إِسْحَاق البَرْمكيّ. وتفقّه عَلَى ابن عمه القاضي أبي النصر بْن الصّبّاغ. روى عَنْهُ: ابنه أبو المظفّر عَبْد الواحد، وهزارست الهَرَوِيّ. ومات في شَعْبان، وقد شهد عنه قاضي القضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدّامغانيّ وقبله.
92- مجد المُلْك1: أبو الفضل البلاشانيّ الوزير، واسمه أسعد بْن موسى. وَزَرَ للسلطان بَركيَارُوق. من أولاد الكُتّاب، فيه دين خير وقلّة ظُلْم وعدم سفْكٍ للدّماء. عاش إحدى وخمسين سنة. تقدّم في الدّولة الملكشاهيّة، وعظُم محلُّه، وصار يعتضد بالباطنية في مقاصده، فقيل: إنّه وضع باطنيا عَلَى قتل الأمير بُرسْقُ سنة تسعين، واتهمه أولاده بذلك، ونفرت الأُمراء منه، واختلفوا عَلَى بَركيَارُوق، وصعدوا فوق تلٍّ، وهم طُغْرُلْ، وأمير آخر، وبنو بُرْسُق، وراسلوا السلطان في أن يسلّمه إليهم فمنعهم سنةً ثمّ اضطرّ إلى أن يسلّمه إليهم واستوثق منهم بالأَيْمان، عَلَى أن يحبسوه؛ لأنّه كَانَ عزيزًا عَلَيْهِ، فلمّا توثّق منهم وبعثه إليهم لم يدعه غلمانهم أن يصل إليهم حتّى قتلوه، سامحه اللَّه. وكان شيعيًّا قد أعدّ كَفَنَه فيه تربة وسعْفَة، فلمّا أُحضر بين يديه تفكّر وقال: ما أصنع بهذا؟ ومن يحفظه، واللَّه ما أبقى إلّا لقًا وطريحًا. فأنطقه اللَّه. بما يصير وأحس قلبه. وكان لَهُ وردٌ باللّيل يقومه، ولا يتعاطى مُسْكِرًا، ومولاته دارّة عَلَى العلويّين. قتلوه في ثاني عشر رمضان بطَرَف خُراسان.
93- مُحَمَّد بْن الفَرَج بْن منصور بْن إِبْرَاهِيم2: أبو الغنائم الفارقيّ الفقيه. قدِم بغداد مَعَ أَبِيهِ سنة نيفٍ وأربعين. فسمع من: عَبْد العزيز الأَزَجيّ، وأبي إِسْحَاق البَرْمكيّ؛ وتفقّه عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق، وبرع في المذهب، وعاد إلى ديار بَكْر، ثمّ قدِم بعد حين، وحدَّثَ ودرس. ثمّ عاد فسكن جزيرة ابن عُمَر. روى عَنْهُ: أبو الفتح بْن البطي. توفي في مستهل شَعْبان سنة اثنتين وتسعين. وكان موصوفًا بالزهد والورع.
94- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ: أبو بَكْر الشِّبْليّ3 القصّار المدبر. شيخ مسند من أهل البصرة. وسمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأبا
__________
1 انظر السابق.
2 السير "19/ 180".
3 الأنساب "7/ 281".(34/73)
بَكْر البَرْقانيّ. وعنه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، والمبارك بْن أحمد الكِنْديّ. تُوُفّي في ثامن عشر صَفَر. قَالَ الأَنْماطيّ: كَانَ رجلًا ثقة، خيّرًا.
95- مقرّن بْن عليّ بْن مقرّن: العلّامة أبو القاسم الأصبهاني الحنفيّ1. من أعيان المناظرين. روى عَنْ: ابن رندة، وغيره. حدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين.
96- مكّيّ بْن عَبْد السّلام بْن الحسين بْن القاسم: أبو القاسم بن الرُّمَيْليّ2، المقدسيّ الحافظ. قَالَ السّمعانيّ: أحد الجوّالين في الآفاق.
وكان كثير النَّصَب والسَّهَر، والتِّعَب تغرّب، وطلب، وجمع، وكان ثقة، متحرِّيا، ورِعًا، ضابطًا. شرع في "تاريخ بيت المقدس وفضائله" جمع فيه شيئًا وحدَّث باليسير؛ لأنّه قُتِل قبل الشيخوخة. سمع بالقدس: مُحَمَّد بْن يحيى بْن سلْوان المازنيّ، وأبا عثمان بْن ورقاء، وعبد العزيز بْن أحمد النَّصِيبيّ. وبمصر: عَبْد الباقي بْن فارس، وعبد العزيز بْن الحَسَن الضّرّاب. وبدمشق: أبا القاسم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ، وعليّ بْن الخضر. وبعسقلان: أحمد بْن الحُسين الشّمّاع. وبصور: أبا بَكْر الخطيب، وعبد الرَّحْمَن بْن عليّ الكامليّ. وبأطْرابُلُس: الحُسين بْن أحمد. وببغداد: أبا جعفر بن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن المأمون، وطبقتهما. وسمع بالبصرة، والكوفة، وواسط، وتكريت، والموصل، وآمِد، وميّافارِقين. سمع منه: هبة اللَّه الشِّيرازيّ، وعُمَر الرُّؤاسيّ. وروى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد المهرجانيّ، بمَرْو، وأبو سعْد عمّار بْن طاهر التّاجر بهمذان، وإسماعيل بن السمرقندي بمدينة السلام، وجمال الإسلام، والسُّلَميّ، وحمزة بْن كَرَوَّس، وغالب بْن أحمد بدمشق. وُلِد يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "19/ 178، 179".(34/74)
قال السمعاني: أَنَا عمّار بهمذان: ثنا مكّيّ الرُّمَيْليّ ببيت المقدس، ثنا موسى بْن الحُسين: حدَّثني رَجُل كَانَ يؤذّن في مسجد الخليل -عَلَيْهِ السّلام- قَالَ: كنت أُؤَذّن الأَذَان الصّحيح، حتّى جاء أمير من المصريين، فألزمني بأنْ أؤذّن الأذان الفاسد، فأذّنت كما أمرني، ونمت تِلْكَ الليلة، فرأيت كأنّي أذَّنت كما أمرني الأمير، فرأيت عَلَى باب القبة الّتي فيها قبر الخليل عليه السلام رجلًا شيخًا قائمًا، وهو يستمع أذاني. فلمّا قلت: مُحَمَّد وعليّ خير البشر، قَالَ لي: كذبت، لعنك اللَّه.
فجئت إلى رَجُل آخر غريب صالح فقلت: ما تحتشم من اللَّه تلعن رجلًا مسلمًا. فقال لي: واللَّه ما أَنَا لعنتك إِبْرَاهِيم الخليل لعنك1.
قَالَ ابن النجار: مكي بن عَبْد السّلام الْأَنْصَارِيّ المقدسيّ من الحفاظ، رحل وحصّل، وكان مفتيا عَلَى مذهب الشّافعيّ. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان. قَالَ المؤتمن: السّاجيّ: كانت الفتاوى تجيئه من مصر، والسّاحل، ودمشق. وقال أبو البركات السَّقَطيّ: جمعت بيني وبينه رحلةُ البصرة، وواسط. وقد عرّض نفسه ليخرج "تاريخ بيت المقدس"، ولما أخذ الفرنجي القدس، وقبض عليه أسيرًا، ونودي عَلَيْهِ في البلاد ليُفْتَدَى بألف مثقال، لمّا علموا أَنَّهُ من علماء المسلمين، فلم يَفْتَدِه أحدٌ، فقُتِل بظاهر باب أنطاكية، رحمه اللَّه. وكان صدوقًا، متحريًّا، ثبتًا، كاد أنّ يكون حافظًا. وقال مكّيّ: ولدت يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وقال غَيْث الأرمنازيّ: حدَّثني مُحَمَّد بْن خَلَف الرَّمْليّ قَالَ: قُتِل مكّيّ بْن عَبْد السّلام، قَتَلَتْه الإفرنج بالحجارة في ثاني عشر سنة اثنتين وتسعين عند النزول، وكنت معهم إذا ذاك مأسورًا.
97- مقرّن بن عليّ بْن مقرّن بْن عَبْد العزيز: أبو القاسم الحنفيّ الفقيه2. أحد أعيان فقهاء إصبهان. روى عَنْ: ابن رندة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صفر.
__________
1 "خبر ضعيف": فيه جهالة أحد الرواة.
2 سبقت الترجمة له.(34/75)
"حرف النون":
98- نجاح بْن عليّ بْن زقاقيم: أبو القاسم البغداديّ الطّحّان1. سمع: أبا عليّ بْن شاذان. وعنه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ. تُوُفّي في ربيع الآخر.
99- نَصْر بْن أحمد بْن الفتح: أبو القاسم الهَمَذانيّ المؤدِّب2. قدِم دمشق وسمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان، ورشأ بْن نظيف، وجماعة. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ محفوظ بْن الحَسَن بْن صَصَرَى، وأبو القاسم بْن عَبْدان، وعبد الرَّحْمَن الدّارانيّ.
"حرف الهاء":
100- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد السّميع3. أبو تمام الهاشْميّ. أحد الأشراف ببغداد. سمع: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد. والبزّار. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وأبو بَكْر بْن الزّاغُونيّ.
"حرف الياء":
101- يوسف بْن إِبْرَاهِيم: أبو الفتح الزّنْجانيّ الصُّوفيّ. ممّن قُتِل بالقدس.
102- يوسف بْن عليّ: أبو الحَجّاج بن الملجوم الْأَزْدِيّ الفاسيّ أحد الأعلام. تفقّه بأبيه، وولي قضاء الجماعة لابن تاشَفين وغزا معه مرّات. وكان رأسًا في الفقه والحديث والآداب. روى عَنْهُ: ابنه أبو موسى تُوُفّي في ذي الحجة.
وفيات سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
103- أحمد بن الحسن بن الحسين بْن كيلان: أبو بَكْر البغداديّ المقرئ الخبّاز4. سمع: أبا القاسم الحرفي. روى عنه.
__________
1 في عداد المجهولين.
2 لا بأس به.
3 انظر السابق.
4 لم نقف عليه.(34/76)
104- أَحْمَد بْن عَبْد الوهّاب: أبو مَنْصُور الشِّيرازيّ الواعظ1 الشّافعيّ الفقيه المغسّل، نزيل بغداد. تفقّه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق. وسمع من: أحمد بْن مُحَمَّد الزَّعْفرانيّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ. سمع منه: ابن طاهر، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن السَّمَرْقَنْديّ. ذكره ابن الصّلاح في "طبقات الشّافعيّة".
105- أحمد بْن سليمان بْن خَلَف بْن سعْد بْن أيّوب بْن أيّوب2: الأستاذ أبو القاسم بن القاضي أَبِي الوليد الباجيّ. سكن سَرَقُسْطَة وغيرها. وروى عَنْ أَبِيهِ مُعْظَم عِلْمُه، وخلفه في حلقته بعد وفاته. وأخذ عَنْ: حاتم بن محمد، وابن جيان، ومحمد بن عتاب ومعاوية بن محمد العقيلي، ويوسف بن الفرج. وغلب عليه علم الأصول والنظر. وله تصانيف تدل على حذقه وتوسعه في المعارف. وله كتاب "العقيدة في المذاهب السديدة"، ورسالة "الاستعداد للخلاص من المعاد". وكان غاية في الورع، معدودا في الأذكياء. توفي بجدة بعد منصرفه. ودخل بغداد ولم يقم بها. وتحول منها إلى البحرين، وإلى اليمن، وأجاز للقاضي عياض. وقال ابن بشكوال: أَخْبَرَنَا عَنْهُ غير وأحد من شيوخنا، ووصفوه بالنّباهة والجلالة. وكان من كبار المالكيّة. وقال القاضي عِيَاض: خَلَف أَبَاهُ في الحلقة، وكان حافظًا للخلاف والمناظرة، أديبًا، ناظمًا، ورعًا، تخلى عَنْ تَرِكَة أَبِيهِ لقبوله جوائز السّلطان، وكانت وافرة. وخرج عَنْ جميعها، حتّى احتاج بعد ذَلِكَ رحمه اللَّه.
106- أَحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن محمود بْن علّكان: الفقيه أبو بَكْر الهَمَذانيّ الشروطيّ3 البيّع. ويُعرف بابن المحتسب. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عبدان، وأبي عبد الله التوثي، وأبي سعد بن زيرك، وحمد بن المأمون، وبندار بن الحسين الزاهد، وأبي عبد الله بن خرجة النهاوندي، وغيرهم. قال شيرويه: إنه سمع منه، وإنّه كَانَ صدوقًا صالحًا، مثابرًا للمتعلّمين. تُوُفّي في رمضان. قلت: روى عَنْهُ شهردار بْن شِيرُوَيْه كتاب "الألقاب" لأبي بَكْر الشيرازي، وقد وقع لنا.
__________
1 لا بأس به، في عداد المستورين.
2 الصلة "1/ 71".
3 لَا بأس به.(34/77)
107- أحمد بْن مُحَمَّد بْن سميكة. البغداديّ1: أحد وكلاء الخليفة. روى عن: أبي علي بن شاذان. روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وغيره. مات فِي شوّال.
108- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بن يوسف بن دينار: أبو طالب الكندلاني2. وكندلان من قرى إصبهان. روى عَنْ: أبي بكر بن أبي علي المعدل، وغلام محسن، والجمال.
روى عنه: السلفي، وغيره. وقيل: إنه سمّع لنفسه في شيء. قَالَ السِّلَفيّ: سَمِعْتُهُ يقول: ولدت سنة اثنتين وأربعمائة. ونا عَن النّقّاش. قَالَ السّمعانيّ: نا عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المَغَازليّ.
109- أحمد بْن محمد: أبوالقاسم الأصبهاني الباغبان3. والد أَبِي الخير. وأبي بَكْر. حدَّثَ عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ. ومات كهْلًا.
110- إِبْرَاهِيم بْن يحيى: أبو إسحاق التجيبي الطليطلي4، النقاش. المعروف بابن الزرقالة. كان واحد عصره في علم العدد والرصد، وعلل الأزياج. لم تخرج الأندلس أحدًا مثله، مع ثقوب الذهن والبراعة في عمل الآلات النجومية. وله رصد بقرطبة. وتوفى في ذي الحجّة.
111- إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عُبَيْد اللَّه: أبو الفَرَج البَردِيّ5. سمع: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسْنَوَيْه. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: مات في شَعْبان سنة 493.
112- أحمد بْن عَبْد الرحيم بْن القاضي: أبو نَصْر الْبُخَارِيّ الحمّال الواعظ6. سمع: أَبَاهُ، وأحمد بْن القاسم، وطاهر بْن حسين المطَّوِّعيّ. وأملى مدّة. وُلِد سنة أربع عشر.
__________
1 لم نقف عليه.
2 الأنساب "10/ 485".
3 المنتظم "9/ 114".
4، 5 لم نقف عليه.
6 تأتي ترجمته.(34/78)
حدَّثَ عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أَبِي بَكْر الصّابونيّ، وأبو رجاء مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْبُخَارِيّ.
"حرف الباء":
113- بُرَيْدَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَيْدَةَ: أبو سهل الأسْلَميّ المَرْوَزِيّ1. سمع: إسماعيل بْن يَنال المحبوبيّ صاحب مُحَمَّد بْن أحمد بْن محبوب ومولاه، وأبا بَكْر مُحَمَّد الحَسَن بْن عبوَيْه. قَالَ ابن السّمعانيّ: هُوَ الشَّيْخ الصّالح بُرَيْدَةُ بْن مُحَمَّد بْن بُرَيْدَةَ بْن مُحَمَّد بْن بُرَيْدَةَ بْن أحمد بْن عَبَّاس بْن خَلَف بْن بُرْد بْن سرجس بْن عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ بْن الخصيب، كَانَ صالحًا جميل الأمر، فقيه أهل بيته. تُوُفّي في ذي الحجة، كان مولده في سنة ثمان وأربعمائة، روى لنا عَنْهُ: مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وجماعة.
"حرف الثاء":
114- ثابت بْن رَوْح بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد: أبو الفتح الرَّارَانّي الأصبهاني2، جدّ خليل بْن أَبِي الرجاء. سمع: أبا بَكْر بْن رنْدة، وأبا طاهر بن عَبْد الرحيم. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طاهر المَقْدِسيّ، وأبو عامر العبْدريّ، والسِّلَفيّ. صوفي كبير.
"حرف الجيم":
115- جعفر بْن مُحَمَّد بْن الفضل: أبو طاهر الْقُرَشِيّ العَبَّادانيّ الْبَصْرِيّ3. حدَّثَ عَنْ أَبِي عُمَر الهاشمي بأجزاء من "مُسْنِد" عليّ بن إبراهيم المادرائي، وشيء من إملاء أَبِي عُمَر الهاشْميّ، وغير ذَلِكَ. روى عَنْهُ: أبو غالب مُحَمَّد بْن أَبِي الحَسَن الماوردي، وعلي بن عبد الله الواعظ، وطلحة بْن عليّ المالكيّ، وعبد اللَّه بن علي الطامذي، ومحمد بن طاهر
__________
1 لا بأس به.
2 الأنساب "6/ 39".
3 السير "19/ 41-43".(34/79)
المَقْدِسيّ، وعبد اللَّه بْن عُمَر بْن سَلِيخ، وآخرون. وآخر من حدَّثَ عَنْهُ: ابن سَلِيخ. وآخر من حدَّثَ عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر السِّلَفيّ. وأمّا قول أَبِي نَصْر اليُونَارتيّ إنّه روى عَنْ أَبِي دَاوُد عَن الهاشْميّ، فقولٌ لا يُتَابَع عَلَيْهِ، فإنّ النّاس ازدحموا عَلَى أَبِي عليّ التُّسْتَريّ، ورحل إِلَيْهِ ابن طاهر، والمؤتَمَن السّاجيّ، وعبد اللَّه بْن السَّمَرْقَنْديّ، ومُحَمَّد بْن مرزوق الزَّعْفرانيّ، وطائفة سواهم. وقد مات من سنة تسع وسبعين، فلو كَانَ العَبَّادانيّ يروي الكتاب إلى عامنا هذا، لرحل النّاس إِلَيْهِ ممّا رُحِل إلى التُّسْتَريّ، وأيضًا، فلا نعلم أحدًا حدَّثَ بالسُّنَن عَن العَبَّادانيّ إلّا ما قاله أبو نَصْر واثبته لأهل إصبهان، ولو كَانَ هذا معروفًا بالعراق لسمعوا "السُّنَن" عَلَى ابن سَلِيخ بالإجازة من العَبَّادانيّ وأسمعه أهل مصر، عَلَى السِّلَفيّ، عَن العَبَّادانيّ، مَعَ أنّ الاحتمال باقٍ. قرأتُ عَلَى عَبْد المؤمن الحافظ: أخبركم ابن روَاج، أَنَا السِّلَفيّ، كُتُب إلينا أبو طاهر جعفر بن مُحَمَّد من البصرة، وحدثني عَنْهُ شجاع الكناني: أنا أبو عمر الهاشمي، ثنا علي بن إسحاق، ثنا علي بن حرب، ثنا عبد الله بن إدريس، عَن الأعمش، عَنْ شقيق قَالَ: كَانَ ابن مسعود يَقُولُ: إنّي لأُخْبَرُ بمكانكم، فما يمنعني أنّ أخرج إليكم إلّا كراهية أنّ أُمِلَّكُم. أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يتخَولُّنا بالموعظة كراهية السّامة علينا1، قَالَ ابن سُكَّرَة: أبو طاهر رَجُل صالح أُمّيّ. قلت: قَالَ السِّلَفيّ في "مُعْجَم إصبهان": سَمِعْتُ يحيى بْن مُحَمَّد البَحْرانيّ يَقُولُ: تُوُفّي العَبَّادانيّ في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ. ونودي في البصرة عَلَى ابن العَبَّادانيّ الزّاهد فليحضُرْ، فلعله لم يتخلف من أهل البلدة إلّا القليل2.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ يروي عَن الهاشْميّ، وأبي الحَسَن النّجّاد. ومن مَرْوِيّاته كتاب السُّنَن لأبي دَاوُد. يرويه عَنْ أَبِي عُمَر الهاشْميّ. كذا قَالَ السِّلَفيّ:
"حرف الحاء":
116- الحَسَن بْن تميم: أبو عليّ الْبَصْرِيّ3. سمع كتاب "الشهاب" من
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "68"، ومسلم "2821"، وأحمد "1/ 377، 378، 425، 443، 462"، والترمذي "2855"، وأبو نعيم "1/ 116" في الحلية.
2 السير "14/ 134".
3 لا بأس به.(34/80)
القُضاعيّ. وسمع ببغداد من ابن النَّقُّور، وبالبصرة من أَبِي عليّ التُّسْتَريّ. روى عَنْهُ: عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد المَدِينيّ في مشيخته. وسمع منه السِّلَفيّ بأصبهان بعض الشّهاب. تُوُفّي في رجب.
117- حمزة بْن مكّيّ: أبو طاهر الخبّاز1. بغداديّ يروي عَنْ: عبد المُلْك بْن بِشْران. وعنه: عُمَر بْن ظَفَر المَغَازليّ. تُوُفّي في رجب.
118- الحُسين بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ2. أبو عَبْد اللَّه النِّعَاليّ. شيخ مَعْمَر من كبار المُسْنَدين ببغداد. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، إلّا أَنَّهُ ما كَانَ يُعرف شيئًا. وكان حمّاميا. قلت: ولهذا يقال لَهُ: الحافظ؛ لأنّه كَانَ قعّادًا لحِفْظ ثياب النّاس في الحمّام. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: صحيح السَّماع، خالٍ من العِلْم والفَهْم. سَمِعْتُ منه. وبخطّ أَبِي عامر العَبْدَريّ قَالَ: الحُسين بن طلحة عامّيّ، أُمّيّ، رافضيّ، لا يحلّ أنّ يُحمل عَنْهُ حرف. وبخطّه أيضًا: كَانَ أُمّيًّا، لا يدري ما يُقرأ عَلَيْهِ. لم يكن أهلًا أنّ يؤُخْذ عَنْهُ. وكذا نعته بعضُ شيوخ السّمعانيّ بعدم الفهم، وقال: لا أروي عَنْهُ. سمعه جَدّه من أَبِي عُمَر بْن مَهْديّ، وأبي سعْد الماليني، وأبي الحسين مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الحِنّائيّ، وأبي سهل العُكْبَريّ، وأبي القاسم بْن المنذر القاضي وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُمْ. قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة ببلاد. وسألت إسماعيل الحافظ بأصبهان عَنْهُ، فقال: هُوَ من أولاد المحدثين، سمع الكثير. وسألت أبا الفَرَج إِبْرَاهِيم بْن سليمان عَنْهُ، فقال: سَمِعْتُ منه، ولا أدري عَنْهُ. كَانَ لا يُعرف ما يُقرأ عَلَيْهِ. وسمعت عَبْد الوهّاب الأَنْماطي يَقُولُ: دلَّنا عَلَيْهِ أبو الغنائم بْن أَبِي عثمان فمضينا إِلَيْهِ، فقرأت عَلَيْهِ الجزء الّذي فيه اسمه وسألناه: هَلْ عندك من الأُصوُل شيء؟ فقال: كَانَ عندي شدة3 بعتها ابن الطيوري، وما أدري أيش فيها.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "14/ 168، 169".
3 شدة: أي بعض الأوراق أو الكتب المربوطة بالخيوط.(34/81)
فمضينا إلى ابن الطُّيُوريّ، فأخرج لنا شدة فيها سماعاته من المالينيّ وغيره، فقرأناها عَلَيْهِ1.
قلت: روى عَنْهُ خلق كثير منهم: أبو الفتح بْن البطّيّ، ويحيى بْن ثابت بْن بُنْدار، وهبة اللَّه بْن الحَسَن الدّقّاق، والقاضي أبو المعالي حَسَن بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن جعفر الكَرْخيّ، والقاضي أبو مُحَمَّد عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة الثَّقْفي، وأبو القاسم هبة اللَّه بْن الفضل القطّان، ومسعود بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وأبو البركات سعْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدي البزّاز، وأبو الغمْر خُرَيْفَة، والهاطر أو المبارك بْن هبة اللَّه بْن العقاد، وأبو المظفّر مُحَمَّد بْن أحمد بْن مُحَمَّد عَبْد الوهّاب بْن الدّبّاس، والمبارك بْن المبارك السمسار، وعبد الله بن المنصور المَوْصِليّ، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن الصّابئ، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن العلّاف، وصالح بْن الرِّخْلَة، وأبو عليّ أحمد بْن مُحَمَّد الرَّحْبيّ، وتركناز بنت عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الدّامغانيّ، وكمال بنت عَبْد اللَّه بْن السمرقندي، وشهدة الكاتبة، ونفيسة البزازة، وتجني الوهبانية، وأحمد بْن المقرّب2. ومات في صَفَر.
"حرف الخاء":
119- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن خَلَف. أبو الحزن العَبْدَريّ السَّرَقُسطيّ3. أجاز لَهُ جَدّه أبو الحزْم خَلَف بْن أحمد بْن هاشم قاضي وشقة. وسمع من خاله موسى بْن خَلَف وولي الأحكام. وكان فقيهًا صالحًا. مات في ذي الحجة عَنْ نيف وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة. توفي جده سنة إحدى وعشرين.
"حرف السين":
120- سعْد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك: أبو منصور البغداديّ النَّحْويّ4. سمع الكثير، ونسخ، وحدَّثَ عَنْ: أَبِي طالب بن غيلان، والجوهري.
__________
1، 2 السير "14/ 168، 169".
3 الصلة "1/ 173".
4 لا بأس به.(34/82)
روى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطيّ. ومات في ربيع الأوَّل، وكان صحيح النَّقْل.
121- سلمان بْن أَبِي طَالِب عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الفتى، أبو عَبْد اللَّه النَّهْروانيّ النَّحْويّ1. من كبار أئمّة العربيّة. صنَّف كُتُبًا في اللُّغة من ذَلِكَ كتاب القانون في عشرة أسفار في اللغة، قليل المثل. وصنف كتاب في تفسير القرآن وشرح الإيضاح لأبي عليّ الفارسي. وصنف من عِلَل القراءات ونزل إصبهان، وتخرّج بِهِ أهلها. قرأ الأدب على: أبي الخطاب الجيلي، الثمانيني. وقدم بغداد بعد الثلاثين وأربعمائة. وله شعر جيد. وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا الطَّيِّب الطَّبَريّ. روى عَنْهُ: أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ، وأبو القاسم إسماعيل الطّلْحيّ، وأبوى طاهر السِّلَفيّ. وهو والد مدرّس النّظاميّة أَبِي عليّ الحُسين بْن سلمان. قَالَ السِّلَفيّ: هُوَ إمامٌ في اللُّغة. أخذ عَن ابن برهان، وطائفة.
"حرف الصاد":
122- صالح بْن الحافظ أَبِي صالح أحمد بْن عَبْد المُلْك النَّيْسابوريّ2. المؤذِّن أبو الفضل. تُوُفّي في شَعْبان. روى اليسير، ومات في الكُهُولة.
"حرف الطاء":
123- طاهر بْن الحُسين بْن عليّ بْن عَبْد المطلب بْن حَمْد. أبو المظفّر النَّسَفيّ3. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ من العلماء الزُّهاد.
سمع: الحُسين بْن عَبْد الواحد الشِّيرازيّ الحافظ، وميمون بْن عليّ النَّسَفيّ الأديب. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، ومات في رابع رمضان عن ثمانين سنة.
__________
1 معجم الأدباء "11/ 234".
2 لم نقف عليه.
3 انظر السابق.(34/83)
"حرف العين":
124- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي منصور: الحافظ أبو مُحَمَّد الطَّبَسيّ1.
يوصف بالفهم والحفظ. سمع: ابن النَّقُّور، وعبد الوهّاب بْن مسور. وكان مشتغلًا بإخراج الصّحيح والموافقات. مات بخُراسان.
125- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي بْن صابر بْن عُمَر2: أبو القاسم السُّلَميّ الدمشقي أخو عَبْد الرحمن. ويُعرف بابن سيده. محدِّث مشهور؛ كُتُب الكثير وسمع واستنسخ. وروى عَنْ: الحافظ عَبْد العزيز الكتّانيّ وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي الحديد، وأبي القاسم بن أبي العلاء. روى عنه: أبو القاسم بْن مقاتل. وعاش إحدى وأربعين سنة.
126- عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن ياسين بْن الحُسين: أبو مُحَمَّد العسْكريّ الحِنّائيّ3، الفقيه الحنبليّ. تفقّه عَلَى: القاضي أَبِي يَعْلَى، وكان خال أولاده. وسمع: أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بشران. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وابن أخيه أبو الحُسين بْن أَبِي يَعْلَى، وعُمَر بْن ظفر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صدوقًا. مليح المحاضرة، حسن الحظ، بهيّ المنظر. كَانَ يستملي للقاضي أَبِي يَعْلَى بجامع المنصور. وقال السِّلَفيّ: كَانَ من مشاهير المحدثين وثقاتهم. وقال أبو الحُسين: تُوُفّي خالي في العشرين من شوّال. وكان مولده سنة تسع عشرة.
127- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العربيّ. أبو مُحَمَّد المعافري الإشبيليّ4.
قَالَ ابن بَشْكُوال: هُوَ والد شيخنا القاضي أَبِي بَكْر بْن العربيّ. سمع ببلده من مُحَمَّد بْن أحمد بْن منظور، ومن أَبِي مُحَمَّد بْن خزرج. وبقرطبة من مُحَمَّد بْن عتّاب. وأجاز لَهُ أبو عُمَر بْن عَبْد البر. ورحل مَعَ ابنه سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة، وحج.
__________
1 لا بأس به.
2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 287".
3 طبقات الحنابلة "2/ 252".
4 السير "19/ 30".(34/84)
وسمعا بالشام والعراق. وكان أبي مُحَمَّد من أهل الآداب الواسعة، واللّغة، والبراعة، والذكاء، والتقدم في معرفة الخبر والشعر والافتتان بالعلوم وجمعها. تُوُفّي بمصر في المحرَّم منصرفًا عَن المشرق. وكان مولده في سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة. وقال ابن عساكر في ترجمته: أنبأني أبو بَكْر مُحَمَّد بْن طَرْخان قَالَ: قَالَ لي أبو محمد العربيّ: صَحِبْتُ الْإِمَام أبا مُحَمَّد بْن حَزْم سبعَةَ أعوام، وسمعتُ منه جُمَيْع مُصَنَّفاته سوى المجلَّد الأخير من كتاب القصد، وسوى أكثر كتاب الإيصال. قلت: مدح الوزير عميد الدّولة ابن جَهِير بعدّة قصائد.
128- عَبْد الجليل بْن مُحَمَّد بْن الحُسين أبو سعْد السّاوي1 التّاجر. كَانَ يتاجر في مصر والشام، ويسمع ويكتب. وشهد عند قاضي القضاة الدامغاني في سنة خمس وستين وأربعمائة. ثم ارتفع شأنه، ورتب في أعماله جليلة. سمع بمصر: اقاضي أبا عبد الله القضاعي، عبد العزيز بْن الحَسَن الضّرّاب. وبآمِد: أحمد بْن عَبْد الباقي بْن طوق المَوْصِليّ. وبتنيس: رمضان بْن عليّ. وبدمياط: عَبْد اللَّه بْن عَبْد الوهاب: وبدمشق: أبا القاسم الحُسين بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ، وعبد الصَّمد بْن تميم. وبالبصرة أبا عليّ التُّسْتَريّ: وببغداد: أبا الحُسين بْن المهتدي بالله. وخلقًا سواهم. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، ومُحَمَّد بْن البطّيّ، وشُهْدَة، وغيرهم. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات في رجب.
129- عَبْد الصَّمد بْن عليّ بْن الحُسين بن البدن: أبو قاسم الصّفّار البغداديّ2، والد الشَّيْخ عَبْد الخالق. سمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان. روى عَنْهُ: ابنه، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ. كَانَ سُنِّيًّا قويّ النَّفس، يَضرب ويُعاقب بمحلّته.
130- عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن أحمد الزَّعْفرانيّ3. الأصبهاني. روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي عليّ. وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ. توفي في صفر.
__________
1 تاريخ دمشق "39/ 448".
2 المنتظم "9/ 116، 117".
3 في عداد المجهولين.(34/85)
131- عَبْد الغفّار بْن طاهر بْن أحمد بْن جعفر بْن دوّاس1. البزّار، أبو أحمد. تُوُفّي في أواخر رمضان. روى عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأَرْدَسْتانيّ صحيح الْبُخَارِيّ، وروى عَنْ أَبِي مسعود البَجَليّ. قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه ولم يكن التحدث من شأنه.
132- عَبْد القاهر بْن عَبْد السّلام بْن عليّ: أبو الفضل العبّاسيّ2 الشّريف النُّقيب الْمَكِّيّ. تلميذ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحُسين الكارَزِينيّ. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ فقيه الهاشميّين. وكان من سراة النّاس، استوطن بغداد، وتصدّر للإقراء، وصار قدوة. كان قيمًا بالقراءات، أخذها عَن الكارَزِينيّ وسمع من: أَبِي الحَسَن بْن صخر، وسعد الزّنْجانيّ. قرأ عَلَيْهِ بالرّوايات: أبو مُحَمَّد سِبْط الخيّاط، وصنّف كتاب "المبهجي" في رواياته عنه. وقرأ عليه: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، ودعوان بْن عليّ. وقرأت بخطّ أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطّاف قَالَ: رحمة اللَّه عَلَى هذا الشريف، فلقد كَانَ عَلَى أحسن طريقةٍ سلكها الأشراف من دين مكين وعقل رزين، قدِم من مكّة وأقام بالمدرسة النظامية، فأقرأ بها القرآن عَنْ جماعة، وحدَّث. جميل الأمر. وقال غيره: تُوُفّي في يوم الجمعة من جُمَادَى الآخرة، وقال: وُلِدت سنة خمس وعشرين.
133- عَبْد الكريم بْن المؤمِّل بْن المحسن بْن عليّ. أبو الفضل السُّلَميّ3 الكفرطابيّ، ثمّ الدّمشقيّ البزار. سمع جزءًا من عبد الرحمن من أَبِي نَصْر التَّميميّ. روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن صابر، وطاهر الخشوعي، وعُمَر الدهستاني، وأبو المكارم عبد الوهاب. ووثقه بْن صابر وقال: سألته عَنْ مولده فقال: سنة عشر وأربعمائة. وتُوُفّي في المحرَّم. ووقع لنا ذَلِكَ الجزء.
134- عليّ بْن سَعِيد بْن محرز. العلّامة أبو الحَسَن العَبْدَريّ الميورقي4، نزيل بغداد. من كبار الشافعية. سمع من: القاضيين أَبِي الطَّيِّب، والماورديّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ. وتفقّه بالشيخ أَبِي إِسْحَاق.
__________
1 لم نقف عليه.
2 شذرات الذهب "3/ 400".
3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
4 طبقات الشافعية "3/ 298" للسبكي.(34/86)
وصنَّف في المذهب والخلاف كتبًا. وكان ديِّنًا حسن الطريقة. روى عن: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وسعد الخير وعبد الخالق بْن يوسف. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ. ذكره ابن النّجّار.
135- عَبْد الهادي بْن عبد الله بن محمد: أبو عروبة بن شيخ الإسلام الْأَنْصَارِيّ الهَرَوِيّ1.
136- عليّ بْن المبارك بْن عُبَيْد اللَّه. أبو القاسم الوقاياتي2. مات ببغداد في شَعْبان. روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن بِشْران. وكان صالحًا ضريرا فقيرا يسكن ترب الرصافة.
137- علي بن محمد بن حسين: أبو الحسن البخاري3، ويعرف بابن خذام. روى عَنْ: أَبِي الفضل منصور الكاغدي. وقيّده أبو العلاء الفَرَضِيّ بالكسر وبدال مهملة، وقال: روى عَنْ منصور؛ وعن: جَدّه لأمّه الحُسين بْن الخضر النَّسَفيّ، وأبي نَصْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُسْلِم. وعنه: صاعد بْن مُسْلِم وأبو جعفر الخُلْميّ، وأبو المعالي بْن أَبِي اليُسْر المَرْوَزِيّ، وعُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ الحافظ. سمع أبو سعْد السّمعانيّ وابنه من خلْق من أصحابه.
"حرف الكاف":
138- كامكار بْن عَبْد الرّزّاق بْن محتاج أبو مُحَمَّد المحتاجي المَرْوَزِيّ الأديب4. كُتُب الكثير، وعلَّم العربية، وتخرَّج بِهِ جماعة. ورحل في الحديث. سمع: أحمد بْن مُحَمَّد بن إبراهيم الصدفي، أردشير بن محمد الهشامي، وطائفة. وعنه: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، والنعمان بْن مُحَمَّد، وتميم بْن مُحَمَّد، وعتيق بْن عليّ، وعبد الكريم بْن بدر المراوزة شيوخ عَبْد الرحيم بن السّمعانيّ. وُلِد بعد عشر وأربعمائة، ومات في عاشر رمضان سنة 93.
__________
1 في عداد المجهولين.
2 انظر السابق.
3 السير "19/ 180، 181".
4 لا بأس به، في عداد المستورين.(34/87)
"حرف اللام":
139- لامعة بنت سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد بْن مَعْدان البقال1. الأصبهانية سَمِعْتُ من: أَبِي سَعِيد بْن حَسْنَوَيْه الكاتب. وروت كثيرًا بالإجازة من: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وعليّ بْن ميلة، وأبي القاسم بْن بشران. أخذ عنهما: أبو بَكْر الصقلي السمنطاري في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة وهي شابة. وأكثر عَنْهَا: أبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: مات أبو بَكْر بصقلية في سنة 464 قبلها بنحو ثلاثين سنة. قلت: وقع لنا من حديثها.
"حرف الميم":
140- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبرويْه الأسكوراني2. وأسكوران من ضياع إصبهان. قَالَ السِّلَفيّ: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى: وأنا قَالَ: أَنَا جدي منصور بن محمد بن بهران، أَنَا أبو الشَّيْخ، فذكر أحاديث.
141- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن هرمية. أبو منصور. بغداديّ3 من قدماء شيوخ شُهْدَة، يروي عَنْ: البَرْقانيّ وروى عَنْه: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
142- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بن المحدث عبد الكريم بن موسى بن عيسى بْن مجاهد العلّامة أبو اليسر البزدوي النَّسَفيّ4، شيخ الحنفيّة بما وراء النهر. قَالَ عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ في كتاب القند: كَانَ إمام الأئمّة عَلَى الإطلاق، والموفود إِلَيْهِ من الآفاق. ملأ الشرق والغرب بتصانيفه من الأُصُول والفُروع.
وكان قاضي قضاة سَمَرْقَنْد.
وكان يدرس في الدّار الجوزجانيّة ويُمْلي فيها الحديث. توفي ببخارى في تاسع
__________
1 حدث خلط في الأصل، فتقدمت تلك الترجمة في حرف "العين"، وهي لا بأس بها، مستورة.
2 في عداد المجهولين.
3 لم نقف عليه.
4 السير "19/ 49".(34/88)
رجب. قَالَ السّمعانيّ: عرف بالقاضي الصدر، وُلِد في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. ثنا عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأحمد بْن نَصْر الْبُخَارِيّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أَبِي بَكْر الصّابونيّ، وأبو رجاء محمد بن محمد الخِرَقيّ.
143- مُحَمَّد بْن سابق. أبو بَكْر الصقلي1. روى عَنْ: كريمة المَرْوَزِيّة بغرناطة. وكان خبيرًا بعلم الكلام.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر، وعليّ بْن أحمد المقرئ. مات بمصر في ربيع الأوَّل.
144- المحسن أبو نَصْر الفرقدي الأصبهاني2. وُلِد سنة عشر وأربعمائة، وسمع في كِبَرِه من: هارون بْن مُحَمَّد الكاتب صاحب الطّرّاز. حدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ، وترجمه هكذا فيها.
145- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسين بْن الدّوانيّ: أبو طاهر الدّبّاس3. شيخ بغداديّ. حدث عن أبي القاسم بن بشران. روى عَنْهُ: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنماطي. ومات في شعبان.
146- محمد بن إبراهيم بن الحسن: الزاهد أبو بكر الرازي، الفقيه الحنفي، الرجل الصالح4. قال ولد الزكي عبد العظيم: هو الشيخ الصالح، صاحب الكرامات الظاهرة، والدعوات المجانية السائرة. سكن الإسكندرية، وحدث عن: اسحاق الحبال الحافظ. وتوفي بالإسكندرية سنة ثلاثٍ وتسعين.
147- مُحَمَّد بْن محمد بن جهير: الزير عميد الدّولة أبو منصور ابن الوزير فخر الدّولة5. وَزَرَ في أيّام والده، وخدم ثلاثة خُلفاء، ولمّا احتضر القائم بأمر اللَّه أوصى به ولده المقتدي باللَّه. وولي الوزارة للمقتدي سنة اثنتين وسبعين، فبقي فيها خمس سنين، وعُزِل بالوزير أَبِي شُجاع. ثمّ عاد إلى الوزارة عند عزْل أَبِي شجاع سنة أربعٍ وثمانين، فبقي في الوزارة تسعة أعوام. وكان خيِّرًا، كافيًا، مدبرًا،
__________
1 الصلة "2/ 604".
2 في عداد المجهولين.
3 لم نقف عليه.
4 انظر السابق.
5 وفيات الأعيان "5/ 131"، السير "19/ 175".(34/89)
شجاعًا، نبيلًا، رئيسًا، تياهًا مُعْجَبًا، فصيحًا، مفوّها، مرسلًا يتقعّر في كلامه، وله هَيْبة وسكون، وكلماته معدودة، وفضائله كثيرة. وللشعر فيه مدائح كثيرة وآخر أمره أنّ الخليفة حبسه في داره بعد أنّ صادره وزير السلطان بركياروق وأخذ في خمسة وعشرين ألف دينار في رمضان. ثم أخرج في دار الخلافة، ميتا في سادس عشر شوال، وحمل إلى بيته، وغسل ودفن بتربة له، فقيل: إنه أهلك في حمام أغلق عليه. وقيل: بل أهلك بأمراض وأوجاع مع شدة الخوف والفَرَق1. وكان قد اشتهر بالوفاء والعفة، وجودة الرأي، ووفور الهيبة، وكمال الرئاسة، لم يكن يعاب بأكثر من التكبر الزائد. فمن الذي كان يفرح بأن ينظر إِلَيْهِ نظرة أو يكلّمه كلمة. قَالَ مرّة لولد الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن الصّبّاغ: اشتغِلْ وتأدَّب، وإلّا كنت صبّاغًا، بغير أب فلمّا خرج من عنده هنَّأه من حضر بأن الوزير خاطبه بهذا، ولمّا تغيّر المستظهر عَلَيْهِ بسعْي صاحب الدّيوان هبة اللَّه بْن المطَّلِب، وناظر الخزانة الحَسَن بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وصاحب ديوان الإنشاء ابن الموصلايا إلى المستظهر وكانوا قد خافوا منه، وخرج المرسوم بحِفْظ باب العامة لأجله، فأمر زوجته بالخروج إلى الحلة، وهيأ لنفسه صدوقًا يدخل فيه، وبكون من جملة صناديق زوجته، فلمّا قعد فيه أسرع الخروج منه وقال: لا يتحدّث النّاس عنّي بمثل هذا. وكان خواصّ الخليفة أيضًا قد ملّوه وسئموه، فأُخِذ وحُبِس. قَالَ ابن الحُصَيْن المذكور: وجدتُ عميد الدّولة قد استحال في محبسه، واشتدّ إشفاقه، جعل يخاطبني ويقول: يا روحي ويا قُرّة عيني، وأنشد لي في عَرْض حديثه ثمّ قَالَ: نازلت الحصون وشهدت الوقائع والحروب فاستهنت بحظّنا، وقد قنطت من النّجاة، ولا أعرفها إلّا منك. وأريد المُقام في مُقامٍ آمر فيه بسفارتك، فقد غرقت بالمصيبة. فوعدته بأنّني أستعطف الخليفة، وخرجت وجلست أكتب ما أُرَقّق بِهِ قلب الخليفة عَلَيْهِ. فدخل عليَّ أبو نَصْر بْن الموصلايا، فجذب الورق مني، وقال: لأن خرج، فما يبعد هلاكنا بتوصُّلِه؛ لأنّه يعلم أنّ القبض عَلَيْهِ كَانَ من جانبك. فترك ابن الحُصَيْن الكتابة. وقال ابن الحُصَيْن: آخر ما سُمع منه التَّشهُّدُ والرجوع إلى اللَّه. وكان المستظهر باللَّه قد أقطع عميد الدّولة إقطاعًا بثلاثين ألف دينار؛ فعمَّره، فقال الّذين تكلّموا فيه للخليفة: إنّه قد أخرب نواحيك وعمر نواحيه، وأنه وأنه:
__________
1 الفَرَق: الخوف الشديد الذي يبلغ حد الفزع.(34/90)
فقنص عَلَيْهِ وكان مولده في أوّل سنة خمسٍ وثلاثين. وقدِم بغدادَ مَعَ أَبِيهِ وله عشرون سنة، فسمع الحديث في الكهولة من: أَبِي نَصْر النَّرْسيّ، وعاصم بْن الحَسَن، وأبي إسحاق الشيرازي، وأبي القاسم البسري، وسمع منه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عمر البخاري المعروف بِكَاك، وقاضي القُضاة أبو القاسم عليّ بْن الحسين الزينبي وغيرهم. وقد شكا إِلَيْهِ الحرّاس بأمر أرزاقهم، فكتب عَلَى رقعتهم: من باع حطبًا بقُوت يومه فسَبيله أنّ يُوَفَّى، وهؤلاء قوم ضُعفاء. وقال قاضي القُضاة أبو الحَسَن عليّ بْن الدّامغانيّ: كنّا بحضرة عميد الدّولة، فسقط من السَّقْف حيَّة عظيمة، واضطّربت بين يديه، فبعدنا، واستحالت ألوانُنا، سواه، فإنه جلس موضعه حتّى قتلها الفرّاشون، ومن شِعر عميد الدولة:
إلى مَتَى أنت في حل وترحال ... تبغي العلا والمعالي مَهْرُها غَالي؟
يا طالبَ المجدِ، دونَ المجدِ مَلْحَمةٌ ... في طَيِّها خَطَرٌ بالنّفسِ والمالِ
ولليالي صروف قل ما انْجَذَبَتْ ... إلى مُرادها في سعي ولا مال
148- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد: أبو طَالِب بْن الصّبّاغ الأَزَجيّ1 أخو الْإِمَام أبو نصر منصف الشّامل. سمع: أبا القاسم بْن بِشْران. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ.
149- مُحَمَّد بْن مأمون بْن عليّ. أبو بَكْر الأَبِيوَرْديّ المتولّي2. سمع بنَيْسابور أبا بَكْر الحِيّريّ. روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ، وابنه، وخيّاط الصّوف، وغيرهم، وقيل: سنة أربع.
150- مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن الحَسَن بْن هلال: أبو طاهر الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ المعدّل3. سمع من: جَدّه لأمّه أَبِي القاسم بْن أَبِي العلاء المصِّيصيّ وغيره. ومات كَهْلًا. روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحُسين الدّارانيّ.
151- المختار بْن مَعْبَد: أبو غالب الكاتب4. سمع: الجوهريّ، ومحمد بن
__________
1 في عداد المجهولين.
2 لا بأس به، في عداد المستورين.
3 لم نقف عليه.
4 كانت هذه الترجمة في حرف "العين".(34/91)
أحمد النَّرْسيّ، وطائفة. روى عَنْهُ: أبو البركات، والقسطي. وخرّج لَهُ أبو عامر العَبْدَريّ جزءًا تُوُفّي في ربيع الآخر عَنْ تسعٍ وسبعين سنة، وإنّما سمع وهو في عَشْر الأربعين.
152- المظفّر بْن عَبْد الغفّار أبو الفتح البُرُوجِرْديّ1 قرأ بالروايات على أبي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي بن البنا. وتفقه على الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق. قرأ عَلَيْهِ جماعة. قَالَ ابن ناصر: قرأت عَلَيْهِ القرآن؛ وأثنى عَلَيْهِ. وسمع من الجوهري. وسمع منه: الحسين بن خسرو البلخي. مات في ثامن ذي القعدة.
"حرف النون":
153- نصر بن إبراهيم بن نصر2: السّلطان شمس المُلْك صاحب ما وراء النّهر. قال السمعاني: كان من أفاضل الملوك علما ورأيًا وحزمًا وسياسة، وكان حسن الحظ، كتب مصحفا ودرس الفقه في دار الجوزجانية، وخطب على منبر سمرقند وبخارى، وتعجب الناس من فصاحته، وأملى الحديث عَن الشّريف. حَمْد بْن مُحَمَّد الزُّبَيْريّ، وكتب النّاس عَنْهُ. ونجز بيده بابًا لمقصورة باب الخطابة. تُوُفّي في شهر ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين. أنبأت عَنْ أَبِي المظفّر بن السّمعانيّ: أَنَا أبو المعالي محمد بن النصر المديني الخطيب: ثنا الملك العالم شمْس المُلْك. فذكر حديثًا موضوعًا في فضل أَبِي بَكْر وعُمَر.
"حرف الهاء":
154- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن أَبِي الغنائم3.
أبو مُحَمَّد البزّار: شيخ صالح، بغداديّ. روى عَنْ أَبِي طَالِب بْن غَيْلان أحاديث.
155- هبة اللَّه بْن علي. أبو تراب بن الشُّرَيْحيّ البغداديّ البزّار4. سمع: ابن دُوما النِّعَاليّ. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن حرّاز الخيّاط والحافظ سعد الخير.
__________
1 انظر السابق.
2 السير "19/ 192".
3، 4 لم نقف عليه.(34/92)
"حرف الياء":
156- يحيى بْن عيسى بْن جَزْلَة: أبو عليّ البغداديّ الطَّيِّب1، مصنِّف المنهاج في الأدوية والعقاقير.
كان نصرانيًّا فأسلم، وصنف رسالته في الرّدّ عَلَى النّصارى وبيان عوار مذهبهم. وكان يقرأ الكلام عَلَى أَبِي عليّ بْن الوليد المعتزلّي، فكان يورد عليهم الحجج والدّلائل حتّى أسلم. وبرع أيضًا في الطّبّ. وصنَّف كُتُبًا للإمام المقتدي باللَّه، فمن ذَلِكَ: تقويم الأبدان وكتاب الإشارة، وأشياء. تُوُفّي في شَعْبان. وكان إسلامه في سنة ست وستين وأربعمائة. ذكره بن خلكان، وابن النجار.
وفيات سنة أربع وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
157- أحمد بْن عليّ بْن الفضل بْن طاهر بْن الفُرات2. أبو الفضل الدّمشقيّ سمع: أَبَاهُ، وأبا مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر ومنصور بْن رامش، وأحمد بْن مُحَمَّد العَتِيقّي، ورشأ بْن نظيف، وأبا عَبْد اللَّه بْن سَعْدان. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ هبة اللَّه بْن طاوس، ونصر بْن أحمد السُّوسيّ، والحسين بْن أُشْليها، وابنه عليّ بْن الحُسين، وأحمد بْن سلامة، قَالَ: وكان من أهل الأدب والفضل، إلّا أَنَّهُ كَانَ مُتَّهمًا برقة الدّين رافضيًّا. وهو واقف الكُتُب الّتي في الجامع في حلقة شيخنا أبو الحُسين بْن الشَّهْرَزُوريّ. قَالَ ابن صابر: سألته عَنْ مولده فقال: بدمشق في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وأربعمائة. قَالَ: وهو رافضيّ، سألته عَنْ نَسَبه، فانتمى إلى الوزير ابن الفُرات. وتُوُفّي في صَفَر. وله شِعرٌ جيّد. وقد هجاه جعفر بْن دَوّاس. قلت: آخر من روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن الدّارانيّ شيخ كريمة. وهو راوي.
158- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه: أبو إِسْحَاق العقيلي الجزري3، المقرئ نزيل نيسابور.
__________
1 السير "19/ 188".
2 السير "19/ 128".
3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 289".(34/93)
حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن عليّ بْن السِّمْسار. وعن: أَبِيهِ مُحَمَّد، والحافظ أحمد بْن عليّ بن فنجويه الأصبهاني ثم النيسابوري والشريف بن القاسم الزَّيْديّ الحرّانيّ وغيرهم. قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ عمّي: وجماعة. وتُوُفّي في شَعْبان بنَيْسابور. وهو مقرئ صالح ثقة. قَالَ ابن عساكر: ونا عَنْهُ إسماعيل التَّيْميّ، وشافع بْن أَبِي الحَسَن.
159- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عليّ. أبو ياسر الحربيّ1. سمع: أبا الحَسَن القَزْوينيّ. وأبا مُحَمَّد الخلّال. وعنه: عَبْد اللَّه بْن أحمد، وجحشَويْه، والقاضي عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد المَدِينيّ. تُوُفّي في صَفَر.
160- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد. أبو منصور الصّبّاغ2. تفقّه عَلَى: عمّه أبي نصر، وأبي الطيب الطبري، وأستمتع منه. ومن: الجوهريّ. وقد ناب في القضاء، وولي الحسبة، وله منصفات. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن أنجل.
161- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن زيد: أبو إِسْحَاق الشَّهْرَزُوريّ الدّمشقيّ3، الفقيه الفَرَضيّ الواعظ.
خال جمال الإسلام أَبِي الحَسَن بْن المسلم الفقيه. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان، وعبد الوهّاب، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: عليّ بْن نجا بْن أسد، والخضر بْن عَبْدان. ومات وقد قارب السّبعين.
162- أسعد بْن مسعود بْن عليّ: أبو إِبْرَاهِيم العُتْبيّ4. من وُلِد عُتْبة بْن غَزْوان بنَيْسابور. مُسْنِد كبير، روى عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وأبي سَعِيد الصَّيْرفيّ. روى عَنْهُ: عَبْد الخالق والفضل، وطاهر بنو زاهر الشّحّاميّ، وعَبْد اللَّه بن الفُرَاويّ، وآخرون.
__________
1 الأنساب "4/ 99".
2 البداية والنهاية "12/ 160".
3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 297".
4 المنتظم "9/ 125".(34/94)
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى وله تسعون سنة. وكان كاتبًا فضعُف ولِزم بيته. وقنع باليسير. وله نظم حسن. مات عَنْ سبْعٍ وثمانين سنة.
"حرف الحاء":
163- الحَسَن بْن أَحْمَد بْن عليّ1. عَنْ: ابن شاذان، وأبي القاسم بن بشران. روى عنه: ابن المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وعُمَر بْن ظفر، وسعد الخير الأندلسيّ، وشُهْدَة الكاتبة، والسلفي، وتُوُفّي في رمضان.
"حرف السين":
164- سَعْد بْن عليّ بْن الحَسَن: أبو منصور العِجْليّ الأَسَدَاباذيّ2، الفقيه، نزيل هَمَذَان. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ ثقة مُفْتيا، حَسَن المناظرة، كثير العِلْم والعمل، سمع: أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ وأبا إسحاق البرمكي؛ وبمكة: كريمة المروزية، عبد العزيز بن بندار. وروى عَنْهُ: ابنه أحمد، وإسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والسِّلَفيّ إذْنًا. وقال شِيرُوَيْه: قرأت عَلَيْهِ شيئًا من الفقه، كان حَسَن المناظرة، كثير العبادة، هيوبًا. مات في ذي القعدة.
165- سَعْد بْن مُحَمَّد بْن جعفر أبو نَصْر الأَسَدَاباذيّ، ثمّ الحَلْوائيّ3، خدم أبا طَالِب يحيى بْن عليّ الدَّسْكَريّ. وسمع: ابن مسرور الزّاهد، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسي. وروى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن سَعْد، وعبد الخالق بْن زاهر. تُوُفّي في شَعْبان عَنْ نيِّفٍ وتسعين سنة.
"حرف الظاء":
166- ظَبْيان بْن خَلَف: أبو بَكْر المالكيّ4 المتكلّم. قَالَ ابن عساكر: كَانَ متورعًا في المعيشة، موسوسًا في الضوء. سمع: مُحَمَّد بْن مكّيّ الْمَصْرِيّ، والكتّانيّ. سمع منه: غيث الأرمنازي، وعمر الرؤاسي.
__________
1 لم نقف عليه.
2 طبقات الشافعية "3/ 166" للسبكي.
3 بغية الوعاة "2/ 24".
4 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 120".(34/95)
"حرف العين":
167- عاصم بْن أيّوب. أبو بَكْر البَطَلْيُوسيّ الأديب1. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الغراب، وأبي عُمَر السّفاقُسِيّ ومكّيّ بْن أَبِي طَالِب وكان لُغَويًّا أديبًا، فاضلًا، خيّرًا، ثقة روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن السّيّد، شيخٌ لابن بَشْكُوَال.
168- عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن ماهُوَيْه: أبو مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ2 الطَّبَسيّ الحافظ، سمع: أبا القاسم القشيري، وأبا الحسن بن المظفر الدوادي، وأبا صالح المؤذن، وخلقًا كبيرًا بخُراسان؛ وأبا مُحَمَّد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وابن البُسْريّ وطبقتهم ببغداد. وانتقى عَلَى الشيوخ، واستوطن مَرْو الرُّوذ وكان رديء الكتابة. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ ثقة يُحسِن هذا الشّأن، ورِعًا، مشتغلًا بإخراج الصّحيح والموافقات، مواظبًا عَلَى ذَلِكَ. وقال المؤتَمن السّاجيّ: لم يكن يتحرَّى فيما يحدِّث بِهِ الصِّدْقَ فسقط، وعاش نيّفًا وخمسين سنة.
169- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أحمد: أبو بَكْر التُّرَابيّ المَرْوَزِيّ3. صالح خيِّر.
روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الشّيرنخشِيرِيّ، وغيره. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد المقرئ بمَرْو: أَنَا التُّرَابيّ، فذكر حديثًا. مات بعد ربيع الأوَّل من العام.
170- عَبْد الجبّار بْن سَعِيد: أبو نَصْر بْن البَحِيرِيّ أَبِي عثمان4.
رَجُل خيّاط خَيّر، سمّعه أَبُوهُ من: أَبِي سمعة الصَّيْرفيّ، وأبي بَكْر الحِيّرِيّ. روى عَنْهُ: أبو البركات الفُرَاويّ، وأحمد بْن مُحَمَّد البَيِّع، وجوهر نار بنت زاهر الشّحّاميّ، وأخوها عَبْد الخالق، وآخرون. مات في صَفَر.
171- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن غَيْلان5.
__________
1 بغية الوعاة "2/ 24".
2 البداية والنهاية "12/ 160".
3 الأنساب "3/ 36".
4 لا بأس به.
5 في عداد المجهولين.(34/96)
أبو محمد ابن الشيخ أبي طالب البزار. روى عَنْ: أَبِيهِ. قَالَ ابن ناصر: ما كَانَ يُعرف شيئًا. مات في المحرَّم.
172- عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد. أبو القاسم العَيْداني1 الحنفيّ. أحد الأئمّة. سمع: مُحَمَّد بْن أَبِي الهَيْثَم التُّرَابيّ، وخاله عليّ بْن الحسين الدهقان. خواهرزادة. ولم يكن في عصره حنفيّ أطْلَبَ للحديث منه.
173- عَبْد الخالق بْن مُحَمَّد بْن خَلَف: أبو تراب البغداديّ المؤدِّب2، ويُعرف بابن الأبرص. سمع: هبة اللَّه بْن الحَسَن اللّالْكائيّ، وعبد الرحمن الحرفي. وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي. ولد سنة خمس وأربعمائة، وتُوُفّي في آخر رمضان. وقال الأَنْماطيّ: كَانَ رجلًا صالحًا، أدَّبني.
174- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن زاز بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حُمَيْد بْن أَبِي عَبْد اللَّه النّوَيْزيّ3: فقيه مَرْو، الأستاذ أبو الفَرَج السَّرْخَسيّ، الفقيه الشّافعيّ، المعروف بالزّازّ. كَانَ أحد من يُضرب بِهِ المثل في حفظ المذهب. وكان رئيس الشافعية بمَرْو. ورحل إِلَيْهِ الأئمّة، وسارت تصانيفه. وكان ورعًا ديّنًا. تفقّه عَلَى القاضي حسين. وتُوُفّي في شهر ربيع الآخر، وله نيف وستون سنة. ومصنفه الّذي سمّاه الإملاء انتشر في الأقطار. وكان عديم النّظير في الفتوى، ورِعًا، ديّنًا، محتاطًا في مأكله وملبسه إلى الغاية. وكان يأكل الرُّزّ لكونه لا يزرعه إلّا الْجُنْد، ويأخذون مياه النّاس غالبًا ويسقونه. سمع: الحَسَن بْن عليّ المطَّوِّعيّ، وأبا المظفّر مُحَمَّد بْن أحمد التَّميميّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ، وخلقًا. روى عَنْهُ: أحمد بْن إسماعيل النَّيْسابوريّ، وأبو طاهر السنجي، وعمر بن أبي مطيع، وآخرون.
__________
1 الجواهر المضيئة "2/ 365، 366".
2 لا بأس به.
3 السير "19/ 154".(34/97)
175- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر: الصُّوفيّ الهَمَذانيّ أبو بَكْر الصّائغ1. أجاز للسِّلَفيّ. رحل، وسمع من: أَبِي الحُسين بْن المهتدي باللَّه، وابن النَّقُّور، وجماعة. قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان أحد مشايخ الصُّوفيّة، كثير العبادة، تُوُفّي في شوّال.
176- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بُنْدار: الْإِمَام أَبُو منصور2. خطيب هَمَذَان ومفتيها. يروي عَنْ: ابن عيسى، وابن مأمون، وابن مسعود البجلي. أجاز للسلفي. مات في فرات.
177- عبد الواحد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زيد بن إبراهيم: الخطيب أبو القاسم النيسابوري، المعروف بالحكم3. مات بالشاش فِي جُمادى الآخرة وله سبعٌ وثمانون سنة. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الخطيب، وغيره.
178- عَبْد الواحد بْن عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة. الإمام أبو سعيد ابن الْإِمَام أَبِي القاسم القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ الخطيب4. قَالَ السّمعانيّ فيه: أوحد عصره فضلًا ونفسًا وحالًا، الثاني من ذُكور أولاد أَبِي القاسم. نشأ في العلم والعبادة، وكان قويّ الحفظ، بالغًا فيه. تخرّج في العربيّة وضرب في الكتابة والشِّعْر بسهمٍ وافر. وأخذ في تحصيل الفوائد من أنفاس والده، وضبط حركاته وسكناته وما جرى لَهُ وصار في آخر عُمره سيّد عشيرته، وحجّ ثانيا بعد الثّمانين. وحدَّثَ ببغداد والحجاز. ثمّ عاد إلى نَيْسابور مشتغلًا العبادة، لا يفتر عَنْهَا ساعة. سمع: عليّ بْن مُحَمَّد الطّرازيّ، وأبا نَصْر منصورًا المفسّر، وأبا سعد النصرويي. وببغداد: أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ. ثنا عَنْهُ ابنه هبة الرَّحْمَن، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو صالح عَبْد المُلْك ابنه الآخر، وغيرهم. ومولده في صَفَر سنة ثمان عشرة وأربعمائة. ومات في جُمَادَى الآخرة. وقال غيره: خطب نحو خمس عشرة سنة، فكان يُنشئ الخُطَب ولا يكرِّرها. وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ. وسماعه من الطّرازيّ والمفسّر حضورًا في الرابعة أو نحوها.
__________
1 لم نقف عليه.
2 لا بأس به.
3 في عداد المجهولين.
4 طبقات الشافعية "3/ 284" للسبكي.(34/98)
179- عزيزيّ بْن عَبْد المُلْك بْن منصور: أبو المعالي الْجَيليّ القاضي، الملقب شَيْذَلَة1. ورد بغداد وسكنها، وولي قضاء باب الأَزَج مدّة، وكان مطبوعًا، فصيحًا، كثير المحفوظ حلو النّادرة. جمع كتابًا في "مصارع العشاق" ومصائبهم. وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عليّ الصوري، والحسين بْن مُحَمَّد الوَني الفَرَضِيّ، وجماعة. وحدَّثَ بيسير، وكان شافعيّ المذهب. مات في سابع صَفَر. روى عَنْهُ: فخر النّساء شُهْدَة، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة وقال: كَانَ زاهدًا، متقلّلًا من الدّنيا، وكان شيخ الوعّاظ ومعلّمهم الوعظ بتصانيفه وتدريبه.
180- عليّ بْن أحمد بْن عَبْد الغفّار: أبو القاسم البَجَليّ المؤدِّب2: سمع من: أبي العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبي طالب عمر بن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعبد الخالق الغزّال، والسِّلَفيّ، وجماعة ببغداد. ومات في شَعْبان.
181- عليّ بْن أحمد بْن أَبِي ذكرى النّجّاد3: شيخ صالح. سمع: ابن غَيْلان. روى عنه: عمر بن ظفر، وأبو المعمر الْأَنْصَارِيّ.
182- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن إسماعيل بْن أبي الطيب أخرم: أبو الحسن المديني ابن النَّيْسابوريّ، الصَّيْدلانيّ4 المؤذِّن الزّاهد. وُلِد في رجب سنة خمس وأربعمائة. ذكره عَبْد الغافر فقال: شيخ عابد، جليل، فاضل، من تلامذة الْإِمَام أَبِي مُحَمَّد الْجُوَينيّ. كَانَ يسكن المدينة الداخلة في المسجد المعروف به، لزمه سنين منزويًا عم النّاس، قلّ ما يخرج ويدخل. سمع: أبا زكريّا المُزَكيّ، والشيخ أبا عليّ عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبا القاسم عَبْد الرَّحْمَن السّرّاج، وأبا بَكْر الحِيّريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: خلق كثير. وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين. عقد مجلسًا للإملاء، وحضره الأعيان. روى عَنْهُ: أبو البركات الفُرَاويّ، والعبّاس العصاريّ، وعُمَر بْن الصّفّار، والفلكيّ، وعبد الخالق بن الشحامي.
__________
1 السير "19/ 174".
2 لا بأس به، في عداد المستورين.
3 وردت هذه الترجمة وما قبلها في حرف "الميم" والصواب أنها ههنا.
4 السير "19/ 157، 158".(34/99)
183- علي بن محمد بن الحسين بْن أَبِي ثابت: أبو الحَسَن الزُّهْرِيّ الأَبِيوَرْديّ، عرف بالأيوبي1. إمام فاضل خليل. روى عَنْ: أَبِي منصور عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وفضل اللَّه بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث الأصبهاني، وعدّة. وكان مولده بعد الأربعمائة. روى عنه: ابنه عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وفضل اللَّه بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث الأصبهاني، وعدة. وكان مولده بعد الأربعمائة. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد المُلْك وجماعة. وتُوُفّي في هذه السنة، أو في الماضية.
"حرف الفاء":
184-الفضل بْن عَبْد الواحد بْن الفضل: أَبُو العبّاس السَّرْخَسيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ2 التّاجر. سمع: أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وأبا بَكْر الحِيرِيّ، وصاعد بْن مُحَمَّد القاضي. وسمع بمَرْو: أبا بَكْر بْن مُحَمَّد بن عبويه الأنباري، وأبا غانم الكراعي. وببخارى: أبا سهل الكَلَاباذيّ. وتفرَّد بالرّواية في الدّنيا عَنْ أَبِي سهل بْن حَسْنَوَيْه، وأبي عليّ بن عبدان صاحبي الأصم. ومولده سنة أربعمائة. قال السمعاني: شيخ حسن السيرة، مسن، معمر، ذو نعمة وثروة. ورد بغداد مع والده في سنة عشر وأربعمائة. روى لنا عنه: عمي الحسن بن منصور، وأبو طاهر السنجي، وأبو مضر الطبري، وعبد الله بن الفراوي، وناصر بن سليمان الأنصاري، وجماعة كبيرة. وكان صلبا في مذهب أبي حنيفة. وقرأت بخط إسماعيل بن عبد الغافر قَالَ: طلبوا من الفضل بْن عَبْد الواحد ألْفي دينار، وأخذوه وضربوه، وحملوه إلى دار القاضي صاعد، وضمِنه أبو المعالي بْن صاعد، وبقي أيّامًا في داره. وتُوُفّي في أوائل جُمَادَى الأولى سنة أربعٍ وتسعين، وخلّوه في التابوت في داره أيّامًا، وما وجدوا لَهُ شيئًا، فإنّ ابنه هرب وأصحابه.
__________
1 لا بأس به. ووردت هذه الترجمة في حرف "النون" والصواب أنها ههنا.
2 السير "19/ 147".(34/100)
"حرف الميم":
185- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن لُقْمان. أبو بَكْر النَّسَفيّ1 المقرئ، والد أَبِي حفص عُمَر، مؤرخ سمرقند. ولد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وسمع من: القاضي أَبِي الفوارس النَّسَفيّ، والإمام يوسف بْن مُحَمَّد المَوْدُوديّ، وأحمد بْن جعفر الكاسَنيّ، وأبي بَكْر بْن إِبْرَاهِيم النُّوحيّ. ودخل بُخَارى، وسَمَرْقَنْد. وتُوُفّي في أوّل صَفَر.
186- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الباقي بْن طرق: أبو الفضائل الربعي الموصلي2. أحد الفُقَهاء الشّافعية. سكن بغداد، وسمع من: أبي إسحاق من البَرْمكيّ، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وابن غَيْلان. وتفقَّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. روى عَنْهُ: كثير بْن مماليق، وأبو نَصْر الحَرَشِيّ الشّاهد. تُوُفّي في صَفَر.
187- مُحَمَّد بْن الحَسَن: الفقيه أبو عَبْد اللَّه الرّاذانيّ3. أحد العُبّاد الحنابلة. قَالَ السّمعانيّ: من الزُّهّاد والمنقطعين، والعُبّاد الورعين. مُجاب الدّعوة، صاحب كرامات.
سمع: أبا يَعْلَى الفقيه الحنبليّ، وغيره. حُكي عَنْهُ أَنَّهُ أراد أن يخرج إلى الصّلاة، فجاء ابنه إِلَيْهِ، وكان صغيرًا، فقال: أريد غزالًا ألعب بِهِ، فسكت الشَّيْخ، فالحَّ عَلَيْهِ وقال: لا بُدّ لي من غزال. فقال لَهُ: أسكت، غدًا يجيئك غزال. فجاء من الغد غزال، ووقف عَلَى باب الشَّيْخ، وجعل يضرب بقرنيه الباب، إلى أن فتحوا لَهُ ودخل، فقال الشَّيْخ: يا بني، جاءك الغزال. تُوُفّي رحمه اللَّه فِي رابع عشر جُمَادَى الْأولى.
188- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد: أَبُو مسعود السوذرجاني4. شيخ السلفي.
__________
1 لم نقف عليه.
2 البداية والنهاية "12/ 161".
3 السابق "12/ 161".
4 السير "19/ 194".(34/101)
يروي عَنْ: عليّ بْن ميلة الفَرَضِيّ، وغيره. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى عَنْ سِنٍّ عالية.
189- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الرحيم بْن أحمد: العلّامة أبو سَعْد العيداني الخراساني المروزني، الحنفي1. ويُعرف بخُوَاهَرْزَادَة. كَانَ مائلًا إلى الحديث وكتابته. كبير الشّأن في مذهبه. روى عَنْ خاله القاضي عليّ بْن الحَسَن الدِّهْقان، والخطيب عَبْد الوهّاب الكسائي، وطائفة. ومات بمَرْو. ذكره ابن شيخنا قاضي الحَسَن.
190- مُحَمَّد ابْن الوزير الشهيد أَبِي القاسم رئيس الرؤساء عليّ بْن الحسن بن المسلمة. أبو النصر2. ولد نصر. ولد سنة أربعين وأربعمائة، وولي الأستاذ داريّة في العراق. وكان صدرًا محتَشِمًا مُعَظَّمًا. مات في المحرَّم.
191- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن وَدْعَان3.
القاضي أبو نَصْر المَوْصِليّ. قدِم بغداد في سنة ثلاثٍ وتسعين قبل موته بعام، وروى الأربعين الوَدْعَانيّة الموضوعة الّتي سرقها عمّه أبو الفتح بن ودعان من الكذاب زيد ين رفاعة. سمعها منه: هبة اللَّه الشِّيرازيّ، وعُمَر الرؤاسي. وكان مولده سنة اثنتين وأربعمائة. ومات بالموصل. قَالَ السّمعانيّ: حدَّثَ عَنْ عمّه أبي الفتح أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سليمان بْن وَدْعَان، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بْن عليّ بْن بحشل، والحسين بْن مُحَمَّد الصَّيْرفيّ. وروى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ. وقال السِّلَفيّ: قرأتُ عَلَيْهِ الأربعين جَمْعَه، ثمّ تبيّن لي حين تصفّحتها تخليطٌ عظيم يدلّ عَلَى كذِبه وتركيبه الأسانيد. وقال هُزَارسْت: سألته عن مولده، فقال: ليلة النصف من شعبان سنة إحدى وأربعمائة، أول سماعي سنة ثمان وأربعمائة. وقال ابن ناصر: رأيته ولم أسمع منه؛ لأنّه كَانَ متهمًا بالكذب، وكتابهُ في الأربعين سرقة من ابن رفاعة، وحذف منه الخطْبة، وركَّب عَلَى كلّ حديثٍ رجلًا أو رجلين إلى شيخ زيد بْن رفاعة واضع الكتاب. وكان كذابًا، وألف بين كلماتٍ قد قالها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبين كلمات من
__________
1 الجواهر المضيئة "3/ 1358".
2 الكامل "10/ 326".
3 السير "19/ 164"، البداية والنهاية "12/ 161".(34/102)
كلام لُقْمان والحُكماء، وطوَّل الأحاديث. وقال السِّلَفيّ: تُوُفّي في المحرَّم بالموصل، ولم يكن ثقة.
192- مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم عليّ بْن المحسن بْن عليّ بْن مُحَمَّد: أبو الحُسين التّنُوخيّ البغداديّ المعدّل1. شهد عند قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدّامغانيّ فقبله. وروى عَنْ أَبِيهِ، وغيره، مقطّعات من الشِّعْر. روى عَنْهُ: مفلح الدُّونيّ. ومات في شوّال وانقرض بيته.
193- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أحمد: أبو البركات بن الحُلْوانيّ البغداديّ2 من الوُكَلاء عَلَى باب قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه بْن الدّامغانيّ، فمن بعده. سمع: أبا مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد الخلّال، ومُحَمَّد بْن عليّ الصُّوريّ، وجماعة. وعنه: الحافظ ابن ناصر، وغيره. تُوُفّي في ذي الحجّة؛ وقيل: في سنة ثلاثٍ.
194- مُحَمَّد بْن القاسم بْن أَبِي غُدّان. أبو الفتح الفقيه3.
روى عَنْ: أَبِي إِسْحَاق القرّاب.
195- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي الرعد العُكْبَريّ4: أبو الحَسَن. سمع: الحَسَن بْن شهاب العُكْبَريّ. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ. ومات في صَفَر. وقد أجاز للسِّلَفيّ.
196- مُحَمَّد بْن مامُوَيْه بْن عليّ. أبو بَكْر المتولّي الأَبِيوَرْديّ5. كَانَ متولّي أمور مدرسة البَيْهقيّ، وكان في أسلافه من تولّى الأوقاف. سمع: أبا بَكْر الحِيّريّ، وغيره. روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى وغسّلته امرأته، ودُفِن ليلًا مخافة الظَّلَمة والأعوان، وكان في زمان الغلاء والتّشويش. وقد مرّ عام أوّل.
197- مُحَمَّد بْن المفرّج بْن إِبْرَاهِيم: أبو عَبْد اللَّه البَطَلْيُوسيّ المقرئ6. قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْ أَبِي عَمْرو الدّانيّ فيما كَانَ يزعمُ، وذكر أنّ له رحلة
__________
1 معجم الأدباء "14/ 113".
2 لم نقف عليه.
3 في عداد المجهولين.
4 في عداد المجهولين.
5 سبقت الترجمة له.
6 الميزان "4/ 46".(34/103)
إلى المشرق روى فيها عَن الأهوازيّ. وكان يكذب فيما ذكره. وتُوُفّي بالمَرِيّة. قلت: وقد روى أبو القاسم بْن عيسى القراءات، وليس هو بثقة، عن عبد المنعم بن الخلوف، عَنْ أَبِيهِ، عَن ابن المفرّج هذا، وزعم أَنَّهُ قرأ عَلَى مكّيّ، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الأهوازيّ، وأبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحُسين الكارَزِينيّ.
198- منصور بْن بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حِيد بْن عَبْد الجبّار بْن النَّضْر. أبو أحمد بْن أَبِي منصور النَّيْسابوريّ التّاجر1. سمع: جَدّه أبا بَكْر مُحَمَّد بْن عليّ صاحب الأصمّ. وقدِم بغداد وسكنها.
وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا عليّ بْن المذهب، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ. روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وأبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وآخرون. تُوُفّي في شوّال.
"حرف النون":
199- نَصْر بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن البَطِر: أبو الْخَطَّاب البغداديّ البزّاز المقرئ2. سمع بإفادة أخيه من: أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن البَيِّع، وعُمَر بْن أحمد العُكْبَريّ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن رَزْقُوَيْه، وأبي الحسين بن بشران، وأبي بكر المنقي، ومكّيّ بْن عليّ الحريريّ، وجماعة. وتفرّد في وقته، ورُحِل إِلَيْهِ.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وابن ناصر، وسعد الخير الأندلسيّ، وأحمد بْن عَبْد الغني البَاجِسْرَائيّ، وأبو الفتح بْن البَطِّيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن السَّكَن، وشُهْدَة الكاتبة، وخطيب المَوْصِل أبو الفضل الطُّوسيّ، وخلْق سواهم، آخرهم موتًا. قَالَ صاحب "المرآة": جرت لَهُ حكاية، كَانَ عَلَى دواليب البقر مشرفًا عَلَى عُلُوفاتهم، فكتب إلى المستظهر باللَّه رقعة: العبد ابْن البقر المشرف عَلَى البَطَر: فلمّا رآها الخليفة ضحك. وكان ذَلِكَ تغفُّلًا منه.
قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: شيخ مستور. أَنَا الحَسَن بْن عليّ، أَنَا أبو الفضل الهمذاني، أنا أبو طهر السِّلَفيّ: سألتُ شُجاعًا الذُّهْليّ عَن ابن البَطَر فقال: كان
__________
1 السير "19/ 181".
2 السابق "19/ 46".(34/104)
قريب الأمر لَيِّنًا في الرّواية، فراجعْتُهُ في ذَلِكَ وقلت: ما عرَفْنا ممّا ذكرت شيئًا، وما قرئ عليه شي تشك فيه. وسماعاته كالشم وُضُوحًا. فقال: هُوَ لَعَمْرِي كما ذَكَرْت، غير أني وجدت في بعض الأحيان ما كَانَ لَهُ بِهِ نسخة سماعًا، يشهد القلب ببُطْلانه. ولم يُحْمَلْ عَنْهُ شيءٌ من ذَلِكَ. وقال السِّلَفيّ: سألت ابن البَطَر عَنْ مولده، فقال: سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وقد دخلت بغداد في الرّابع والعشرين من شوّال، فسَاعَةَ دخولي لم يكن لي شُغل إلّا أنّ مضيت إلى ابن البَطَر، وقد حكمت عَلَيْهِ، وكان شيخًا عِسرًا فقلت: قد وصلت من إصبهان لأجلك. فقال: اقرأ. وجعل موضع الراء من اقرأ غنيًّا. فقرأت عَلَيْهِ وأنا متكئ لأجل دمامل في موضع جلوسي. فقال: أبصِر ذا الكلب يقرأ وهو متّكئ! فاعتذرت بالدماميل، وبكيت من كلامه. وقرأت عَلَيْهِ سبعةً وعشرين حديثًا، وقمت. ثمّ تردّدتُ، وقرأت عَلَيْهِ خمسة وعشرين جزءًا، ولم يكن بذاك. تُوُفّي ابن البَطَر في سادس عشر ربيع الأول. وقد أنبأ بلال المغيثيّ عَن ابن رَواج، عَن السِّلَفيّ، عَنْهُ، بجزء حديث الإفك، للآجُرِّيّ.
وروى هذا الجزء أبو الفتح بْن شاتيل، وهو غلط من بعض الطلبة وجَهْل، فإنّ أبا الفتح لم يلْحقه. وقال السّمعانيّ: كَانَ أبو الخطّاب يسكن باب الغَرَبَة عند المَشْرَعَة، ممّا يلي البدريَّة، وعُمِّر حتّى صارت إِلَيْهِ الرِّحْلة من الأطراف، وتكاثر عَلَيْهِ الطّلبة. وكان شيخًا صالحًا صَدُوقًا، صحيح السّماع. سمع: ابن البَيِّع، وابن رزقوَيْه، وابن بشران، وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُمْ.
"حرف الهاء":
200- هبة اللَّه بْن حمزة: أبو الجوائز العبّاسيّ1. روى عَنْ: ابن غَيْلان. وهو ابن الكاتبة بنت الأقرع. تُوُفّي في صَفَر.
"الكنى":
201- أبو الحَسَن بْن زفر العُكْبَريّ: المقرئ الفقيه الحنبليّ2. تُوُفّي عَنْ تسعين سنة، وقيل: إنه صام خمسًا وسبعين سنة.
__________
1 لم نقف عليه.
2 طبقات الحنابلة "2/ 253".(34/105)
وفيات سنة خمس وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
202- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عيسى: أبو العبّاس الكِنَانيّ القُرْطُبيّ1، ويُعرف بالبييرّس. روى عَنْ: مُحَمَّد بْن هشام المصحفي، وأبي مروان بْن سراج، وعيسى بْن خيرة، وخلف بْن رزق، وجماعة. وبرع في النَّحْو واللُّغة، وصار أحد أعلام العربية، مَعَ مشاركةٍ في الحديث والفقه والأصُول، وبذ أهل زمانه في الحفظ والإتقان، مَعَ خيرٍ وانقباض، وحُسْن خُلُق، ولِينِ جانب.
203- إسماعيل بْن الحَسَن بْن عليّ بْن الحَسَن بْن علي بْن الْحَسَن بْن عليِّ بْن عُمَر بْن حَسَن بْن عليّ بْن عليّ ابن رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحُسين2 -رضي الله عنه-. أبو الهادي العَلَويّ الأصبهاني. كثير السّماع، نبيل.
سمع: بمكّة: أبا الحَسَن بْن صخْر الْأَزْدِيّ. وبأصبهان: أبا نُعَيْم، وأبا الحُسين بْن فاذشاه. وقدم بغداد في هذه السنة ليحج، فحدث. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره. وقد قرأ بالرّوايات عَلَى أبي عَبْد اللَّه المليحي بأصبهان. وكان ناسكًا صالحًا. تُوُفّي في شَعْبان من أوّل السنة. قرأ بمكّة عَلَى: عليّ الكازَرُونيّ. قَالَ السِّلَفيّ: انتقى عَلَيْهِ أحمد بْن بِشْر، وإسماعيل التَّيْميّ؛ وكان مفسرًا.
204- أحمد بْن مَعَدّ: أبو القاسم، الملقَّب بالمستعلي باللَّه بْن المستظهر بْن الظّاهر بن الحاكم بن العزيز بن المُعِزّ العُبَيْديّ3، صاحب مصر.
ولي الأمر بعد أَبِيهِ في سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وسنه يومئذ إحدى وعشرون سنة. وفي أيّامه وهت دولتهم، واختلفت أمورهم، وانقطعت دعوتهم من أكثر مدن الشّام، واستولى عليها أتراك وفرنج، فنزل الفرنج عَلَى أنطاكية، وحاصروها ثمانية أشهر، وأخذوها في سادس عشر رجب سنة إحدى وتسعين، وأخذوا المَعَرّة سنة اثنتين وتسعين، والقدس فيها أيضًا في شَعْبان. واستولى الملاعين على كثير من مدن السّاحل. ولم يكن للمستعلي مَعَ الأفضل أمير الجيوش حُكْم. وفي أيّامه هرب أخوه
__________
1 الصلة "1/ 71، 72".
2 غاية النهاية "1/ 163".
3 الدرة المضيئة "453"، وحسن المحاضرة "2/ 14".(34/106)
نزار إلى الإسكندريّة، هُوَ منتسب أصحاب الدّعوة بقلعة الأَلموت، فأخذ لَهُ البيعة عَلَى أهل الثّغر أفتكين، وساعده قاضي الثّغر ابن عمّار، وأقاموا عَلَى ذَلِكَ سنة، فجاء الأفضل سنة ثمان وثمانين، وحاصَر الثغر، وخرج إِلَيْهِ أفتكين، فهزمه أفتكين. ونازلها ثانيا، وافتتحها عَنوة، فقتل جماعة، وأتى القاهرة بنزار وأفتكين، فذبح أفتكين صبرًا، وبنى المستعلي عَلَى أخيه حائطًا، فهو تحته إلى الآن. تُوُفّي المستعلي في ثالث عشر صَفَر سنة خمسٍ وتسعين، قاله ابن خَلِّكان، وغيره.
"حرف الجيم":
205- جناح الدّولة: صاحب حمص، مر في الحوادث.
"حرف الحاء":
206- الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمَد: أبو عليّ الكَرْمانيّ السِّيرَجَانيّ الصالح الصُّوفيّ1، أحد من عُني بطلب الحديث وأكثر منه ببغداد، لكنّه أفسد نفسه وادّعى ما لم يسمعه. وهو الّذي دمّر عَلَى الطُّرَيثيثيّ وأَلْحَقَ اسمه في أجزاء، فعُرِفت. وكان قد كتب عَنْ مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الترجمان بالشام. وحدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ فقال: ثنا من أصله ببغداد، وسمع من عاصم، ورزق اللَّه. وكان صالحًا زاهدًا.
207- الحُسين بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المَرْزُبان: أبو عَبْد اللَّه الهَمَذانيّ الخطيب2. روى عَنْ: ابن حُمَيْد، وابن الصّبّاغ، ومُحَمَّد بْن يَنَال الصُّوفيّ، وابن عزو، وجماعة.
قال شيرويه: وكان صدوقًا فاضلًا، كثير النسخ، متدينا، عابدا.
208- الحسين بن محمد بن أبي علي الحسين: الطبري، ثم البغدادي3، الفقيه الشافعي، توفي بأصبهان. وقد درس بنظامية بغداد مرتين، إحداهما استقلالا بعد الغزالي سنة تسع وثمانون. وقد تفقه علي أبي الطيب، وسمع منه، ومن: الجوهريّ. ثمّ لازم الشَّيْخ أبا إِسْحَاق حتّى برع في الفِقْه. ثمّ استُدْعِيّ إلى أصبهان من
__________
1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 244".
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 السير "19/ 210".(34/107)
جهة أميرها، فقدمها، وأفاد أهلها ثلاث سنين، وانتقل إلى رحمة اللَّه تعالى. فهذا غير شيخ الحَرَم.
"حرف الخاء":
209- خَالِد بْن عَبْد الواحد بْن أحمد بْن خَالِد الأصبهاني: أبو طاهر التّاجر1، أخو غانم. سمع: أبا نُعَيْم الحافظ؛ وبغداد: بشْرى بْن الفاتنيّ، ومُحَمَّد بْن رُزْمَة، وابن غَيْلان. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وجماعة. وُلِد سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وتوجفي في شَعْبان.
210- خَلَف بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبَّاس بْن مُدِير: أبو القاسم الْأَزْدِيّ الخطيب2 بجامع قُرْطُبَة. روى عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ كثيرًا، وأبي العبّاس العُذْريّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي شاكر القَبْريّ، وجماعة. وسكن المَرِيّة ثمّ استوطن قُرْطُبَة، وأقرأ النّاس بها، وحدَّثَ. وكان ثقة، كثير الجمع والتفنيد. كتب بيده الكثير.
وُلِد سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة، وتُوُفّي في رمضان.
"حرف السين":
211- سَعِيد بْن هبة اللَّه بْن الحُسين: أبو الحَسَن البغداديّ3. شيخ الأطباء بالعراق. وكان بارعًا أيضًا في العلوم الفلسفية، مشتهرًا بها. وخدم المفتدي باللَّه بصناعة الطّبّ. وانتهى في عصره معرفة الطّبّ إِلَيْهِ.
212- سلمان بْن حمزة بْن الخضِر السُّلَميّ الدمشقي4: أخو عَبْد الكريم: سمع: أبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب. وحدَّثَ باليسير.
__________
1 السابق "19/ 185".
2 الصلة "1/ 173".
3 وفيات الأعيان "6/ 73".
4 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 212".(34/108)
"حرف الصاء":
213- صاعد بْن سَيَّار بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن إدريس: أبو العلاء الكِنَانيّ الهَرَوِيّ قاضي1 القُضاة بهَرَاة.
سمع: جَدّه القاضي أبا نَصْر يحيى، وأبا سَعِيد مُحَمَّد بْن موسى الصَّيْرفيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد الطّرَازِيّ، والقاضي أبا العلاء صاعد بْن مُحَمَّد، وأبا بِشْر الحَسَن بن أحمد المُزَكيّ، وسعيد بْن العبّاس النَّرْسيّ. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طاهر، وجماعة آخرهم حفيده نَصْر بْن سيّار. وكان صَيِّنًا، نَزِهًا، إمامًا، انقاد لتقدُّمه جُمَيْع الطّوائف، وعُمَّر، وانتخب عَلَيْهِ شيخ الإسلام مع تقدمه. ولد سنة خمس وأربعمائة في جمادى الآخرة.
من الرواة عنه: حفيد شهاب بن يسار، وعليّ بْن سهل الشّاشيّ، وعبد المعز بْن بِشْر المُزَنيّ، ومُحَمَّد بْن المفضل الدّهّان، وعبد الواسع بْن عطاء، ومسرور بْن عَبْد اللَّه الحنفيّ. تُوُفّي في رجب سنة أربع. أخذ عَنْ: أَبِي العلاء بْن التّلميذ والد أمين الدّولة؛ وعن: أَبِي الفضل كتفات، وعَبْدان الكاتب. وصنَّف كُتُبًا كثيرة في الطّبّ وهو صغير، وكتاب "الإقناع" وهو كبير، وكتاب التّلخيص النظامي، كتاب خلْق الإنسان، كتاب اليرقان، مقالة في الحدود، مقالة في تحديد مبادئ الأقاويل الملفوظ بها. وعليه اشتغل أمين الدّولة بْن التّلميذ النصراني. توفي في سادس ربيع الأول عَنْ ثمانٍ وخمسين سنة. وله عدة تلاميذ.
"حرف العين":
214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بْن قُورْتس. أبو مُحَمَّد السَّرَقُسطيّ2. روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي الوليد الباجيّ. وأجاز لَهُ أبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عُمَر السّفاقُسِيّ. وكان وقورًا مهيبًا فاضلًا، ذا نظر، عليمًا في المسائل وولي قضاء سرقسطة. تُوُفّي في صَفَر.
__________
1 السير "19/ 182"، وشذرات الذهب "3/ 402".
2 الصلة "1/ 289".(34/109)
215- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن ثابت: أبو القاسم الثّابتيّ الخِرَقيّ1. من قرية خَرَق بمَرْو. كَانَ من أئمّة الشّافعيّة الكبار، ورِعًا زاهدًا.
تفقّه بمَرْو عَلَى أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن الفُورانيّ؛ وبمرو الرُّوذ عَلَى القاضي حسين. وأخذ ببغداد عَنْ أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. وحجّ ورجع إلى قريته، وأقبل عَلَى العبادة والزُّهْد والفتوى.
سمع: عبد الله الشيرتحشيري، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد اللَّه، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن بشّار. تُوُفّي في ربيع الأوَّل.
216- عَبْد الصَّمد بْن موسى بن هزيل بْن تاجيت2.
أبو جعفر البَكْريّ قاضي الجماعة بقرطبة. روى عن: أبيه، وحاتم بن محمد، ناظر عند: أَبِي عُمَر بْن القطّان الفقيه. وولي قضاء قُرْطُبَة. وكان لَهُ حظٌّ من الفِقْه والشروط. وكان يؤم الناس في مسجده، ويلزم الأذان فيه. واستمّر عَلَى ذَلِكَ مدّة قضائه. وكان وقورًا شهمًا متصاونًا، من بيت عِلْم وجلة. ثم صرف عَن القضاء ولزم بيته إلى أنّ مات في ربيع الآخر، وله نحوٌ من سبعين سنة.
217- عَبْد العزيز بْن الحُسين الدّمشقيّ الدّلّال3: سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سَلْوان، وغيره. ووثَّقهُ أبو مُحَمَّد بْن صابر. روى عَنْهُ: علي بن زيد بن المؤدِّب.
218- عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن أَبِي غالب: أبو القاسم القَرَويّ4. روى بمكّة، أي سمع بها من القاضي أَبِي الحَسَن بن صخر، وأبي القاسم بن عَبْد العزيز بْن بُنْدار. قَالَ ابن بَشْكُوَال: حدَّثَ عَنْهُ جماعة من شيوخنا، منهم: يحيى بْن موسى القُرْطُبيّ، وعليّ بْن أحمد المقرئ. وقال: كَانَ شيخًا جليلًا لَهُ روايات عالية، قدِم علينا غرناطة. وكتب إليَّ أبو عليّ الغسّانيّ يَقُولُ: إنّه قدِم عليكم رَجُل صالح عنده روايات، فخُذْ عَنْهُ ولا يفوتك. تُوُفّي في ذي القعدة.
__________
1 طبقات الشافعية "3/ 227" للسبكي.
2 الصلة "2/ 376".
3 لم نقف عليه.
4 الصلة "2/ 376".(34/110)
219- عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو مُحَمَّد الزُّبَيْريّ الوَرْكيّ الفقيه الزّاهد1. ذكره أبو سَعْد السمعاني وقال: عمر مائة وعشر سِنين. رحل النّاس إِلَيْهِ من الأقطار، وروى عَنْ: عمّار؛ وعن: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يزداد الرّازيّ، وإسماعيل بْن الحَسَن الْبُخَارِيّ، وإِسْحَاق بن محمد المُهَلّبيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن سليمان الجوديّ. روى عَنْهُ جماعة من ابن السّمعانيّ، وقال: قبره بوركي عَلَى فرسخين من بُخَارى، زرت قبره.
قلت: هذا نظر لَهُ في العالم، ولو كَانَ قد سمع بأصبهان أو نَيْسابور ونحوهما لأدرك إسنادًا عظيمًا. ولكنه سمع بما وراء النهر، وما إسنادهم بعالٍ. وقد أدرك والله إسنادا عاليا بمرة، فإن شيخه أبا ذر المذكور روى عَنْ يحيى بْن صاعد. وقد ذكرنا في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة موته. روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأبو العطاء أحمد بْن أَبِي بَكْر الحمّاميّ، ومحمد بن أبي بكر عثمان البَزْدَويّ، وأخوه عُمَر الصّابونيّ، ومُحَمَّد بْن ناصر السرخسي، ومحمود بْن أَبِي القاسم الطُّوسيّ، وخلْق سواهم. عندي جزءٌ من حديثه بعُلُوّ. أرّخ السّمعانيّ وفاته في سنة خمس هذه، وقال: هُوَ فقيه إمام زاهد. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ التَّمِيمِيِّ: أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَيْكَنْدِيُّ، أَنَا الْإِمَامُ أبو محمد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بِقَرْيَةِ وَرْكِي فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْقُرَشِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَه". فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: "فُتح لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يُرْضِي عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ" 2.
220- عثمان بن عبد الله: أبو عمر النَّيْسابوريّ الجوهريّ3، نزيل بغداد. قَالَ: حضرت مجلس أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وصحِبْت أبا عثمان الصّابونيّ، وصحبت
__________
1 السير "19/ 104".
2 "حديث حسن": أخرجه أحمد "5/ 224"، "4/ 200"، والبخاري في تاريخه الكبير "8/ 302"، وابن حبان "1822"، وابن أبي عاصم "1/ 175" في السنة، والطبراني "8/ 130، 204" في الكبير، والطحاوي "3/ 261" في شرح المشكل.
3 ذيل تاريخ بغداد "2/ 209".(34/111)
بصور الفقيه بن أيوب، وبمصر أبا عبد الله القضائي. روى السِّلَفيّ وسأله في هذه السّنة عَنْ سِنِّه فقال: جاوزت التّسعين.
221- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَصِيدة: أبو الحَسَن البغداديّ الغزّال1. أحد القرّاء الحذّاق. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: كَانَ آخر من يذكر أَنَّهُ قرأ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن الحمّاميّ.
222- عليّ بْن عَبْد الواحد بْن فاذشاه: أبو طاهر الإصبهانيّ. سمع: أَبَا نُعَيْم، وهارون بْن مُحَمَّد. وعنه: السِّلَفيّ. وبقي إلى هذه الحدود.
"حرف الميم":
223- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الكامَخِيّ2: أبو عَبْد اللَّه السّاويّ. قَالَ أبو سَعْد: إنّه محدّث مشهور، معروف بالطّلب. رحل وسمع بنفسه، وأكثر. سمع بنَيْسابور: أبا بَكْر الحِيّريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ. وببغداد: أبا القاسم هبة اللَّه اللَّالَكائيّ، وأبا بَكْر البَرْقانيّ. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، وغيره. وآخر من روى عَنْهُ أبو زُرْعة المَقْدِسيّ. قلت: أخبرتنا عَائِشَة بنت المجد عيسى بجزء سفيان بن عيينة، عَنْ جدّها أَبِي زُرْعة، عَنْهُ. وتُوُفّي في هذه السنة عَلَى ظَنٍّ، أو في حدودها. قد حدث بمسند الشّافعيّ، من غير أصل. قَالَ ابن طاهر: سماعه فيما عداه صحيح. وممّن روى عَنْهُ: سَعِيد بْن سَعْد اللَّه المِيهَنيّ، وأخواه راضية، وهبة اللَّه.
224- مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْد الواحد: أبو بَكْر الشِّيرازيّ، البغداديّ، المعروف بابن الفقيرة3. رَجُل صالح من أهل النَّصْريّة، محلّة ببغداد. سمع: أبا القاسم بْن بِشْران. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره. قَالَ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ: كَانَ ابن الفقيرة يمضي ويخرّب قبر أَبِي بَكْر الخطيب ويقول: كَانَ كثير التحامل على أصحابنا الحنابلة. فرأيته يومًأ، فأخذت الفأس من يده، وقلت: هذا كَانَ إمامًا كبير الشأن. وتوّبته وتاب، وما رجع إلى ذَلِكَ. تُوُفّي يوم تاسع المحرم.
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "19/ 184".
3 المنتظم "9/ 133".(34/112)
225- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز: أبو غالب الرّازيّ البغداديّ، المعروف بابن أخت الْجُنَيْد1. سمع أبا القاسم بْن بِشْران. وكان إمام جامع الرّصافة، وكان رجلًا صالحًا، توفي في المحرم.
وروى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ السِّلَفيّ. وقع لنا حديثه في الثالث من البُسْرانيّات.
226- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه: أبو ياسر البغداديّ الخيّاط2. سمع: البَرْقانيّ، وأبا عليّ بْن شاذان، وابن بُكَيْر النّجّار، وأبا القاسم بْن بِشْران. وكان رجلًا خيّرًا. تُوُفّي في جُمَادَى. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفضل، خطيب المَوْصِل، وجماعة، وسعد الخير الأندلسيّ.
227- مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب: أبو الفرج الكوفي الخزاز3، ويعرف بالشعيري. روى ببغداد عَنْ: مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ. وعنه: السِّلَفيّ.
228- مُحَمَّد بْن عليّ: الْإِمَام أبو بَكْر الشّاشيّ4. قِيلَ: تُوُفّي في هذا العام، والأصحّ ما تقدَّم وهو سنة خمسٍ وثمانين.
229- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن ثابت. الْإِمَام أبو نَصْر البَنْدنَيْجيّ الشّافعيّ5، فقيه الحَرَم. كَانَ من كبار أصحاب الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. وقد سمع من: أَبِي إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ، وجماعة. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الفضل الحافظ، ورفيقه أبو سعد أحمد بن محمد
__________
1 لا بأس به.
2 انظر السابق.
3 لم نقف عليه.
4 سبقت الترجمة له.
5 السير "19/ 196".(34/113)
البغداديّ، وعبد الخالق بْن يوسف. قَالَ السِّلَفيّ: سَمِعْتُ حُمَيْد بْن أَبِي الفتح الأصبهاني الشَّيْخ الصّالح بمكّة يَقُولُ: كَانَ الفقيه أبو نَصْر البَنْدنَيْجيّ يقرأ في كلّ أسبوع ستّة آلاف مرة: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، ويعتمر في رمضان ثلاثين عُمْرة، وهو ضرير يؤخذ بيده. وقال غيره: تُوُفّي بمكّة وقد جاوز أربعين سنة، وعاش بضعًا وثمانين سنة. وكان مُفْتيا مدرّسًا، بارعًا، صاحب جدّ وعبادة.
230- مقاتل بْن مَطْكُوذ بْن تمريان: أبو مُحَمَّد السُّوسيّ المغربي الضّرير1 المقرئ. قدِم دمشق، وقرأ بها عَلَى أَبِي عليّ الأهوازي. وسمع منه، ومن: عليّ بْن مُحَمَّد بْن شجاع، وأبي عليّ أحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر. روى عَنْهُ: حفيده نَصْر بْن أحمد، وغيره. وقدم دمشق سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وعُمره إحدى وعشرين سنة. مات في صَفَر.
231- منصور بْن المؤمِّل الغزّال. الضّرير2، أبو أحمد. سمع: ابن غَيْلان. روى عَنْهُ: أبو البركات السَّقَطيّ، والسِّلَفيّ. قَالَ الذُّهْليّ: تُوُفّي في شَعْبان.
"حرف الياء":
232- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن الحُسين: القاضي أبو صالح الناصح3. ولد قاضي قضاة نَيْسابور. مدرّس، مفتٍ عَلَى مذهب أَبِي حنيفة. ناب في القضاء مدة. حدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ؛ وعن أَبِي حسان المُزَكيّ، وأبي سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمْدان النَّصْرويّ. وعنه: ابناه عَبْد الرَّحْمَن، وأحمد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وإسماعيل العصائديّ. مات في ذي الحجة، وله سبعون سنة.
"الكنى":
233- أبو الحَسَن بْن أَبِي عاصم العَبَّادي4: الفقيه الشّافعيّ، مصنِّف كتاب الرقم في المذهب. توفي عَنْ ثمانين سنة، وكان من كبار فقهاء المراوزة. له ذكر في الروضة.
__________
1 السير "20/ 248".
2 لم نقف عليه.
3 لا بأس به.
4 السير "19/ 185".(34/114)
وفيات سنة ست وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
234- أحمد بن الحسن بن الحسن: البغداديّ البزّاز، المعروف بابن الزّرد1. شيخ صالح. سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن رزْمة. وعنه: ابن ناصر، والسِّلَفيّ، وطائفة.
235- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد: أبو الفتح السُّوذَرْجانيّ الأصبهاني2. أخو أَبِي مسعود مُحَمَّد المتوفي سنة أربع وتسعين، وعاش أحمد بعده مدة. سمع: عليّ بْن مَيْلَة الفرضي، واحسبه آخر من روى عنه، أبا بكر بن علي بن الذّكْوانيّ. وعُمِّر تسعين سنة. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو رُشَيْد إسماعيل بْن غانم البَيِّع، ومحمود بْن أَبِي القاسم بْن حَمَكا. ثمّ ظفرِتُ بوفاته في صَفَر سنة ستٍّ وتسعين. وآخر أصحابه أبو الفتح الخِرَقيّ. وكان من كبار الأُدباء والنُّحاة بأصبهان. خرَّج لَهُ الحُفّاظ.
236- أحمد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْر بْن سِوار: الأستاذ أبو طاهر البغدادي3، مقرىء العراق، مصنف كتاب المستنير في القراءات العشْر. وُلِد سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ ثقة أمينًا، مقرئًا فاضلًا، حَسَن الأخذ للقرآن. ختم عَلَيْهِ جماعة كتاب اللَّه، وكتب بخطّه الكثير من الحديث. سمع: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن رزْمة، ومُحَمَّد بْن الحُسين الحرّانيّ، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، والتّنُوخيّ، وجماعة. وهو والد شيخنا هبة اللَّه بْن مُحَمَّد. ثنا عَنْهُ: أبو الفضل بْن ناصر، والخطيب مُحَمَّد بْن الخضر المُحَوَّليّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ. قلت: وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وجماعة. قَالَ السّمعانيّ: سألتُ ابن ناصر عَنْهُ، فقال: نبيل ثبت، متقن أنبأونا عَنْ حمّاد الحرّانيّ أَنَّهُ سمع السِّلَفيّ يَقُولُ، وذكر ابن سَوَّار: كان فاضلًا عالمًا من أعيان أهل
__________
1 لا بأس به.
2 السير "19/ 193، 194".
3 السير "19/ 225، 226"، البداية والنهاية "12/ 163".(34/115)
زمانه في علم القراءات، وله كتاب فيها، سمعناه منه. وقرأ عَلَيْهِ خلْق كثير. وكان ثقة، ثبتًا، أمينًا. قلت: أَخْبَرَنَا بكتابه "المستنير" أبو القاسم عليّ بْن بَلبان إجازةً، بسماعه من أبي طالب بن النّبطيّ، أَنَا أبو بَكْر أحمد بْن المقرئ سماعًا، أَنَا المؤلِّف سماعًا. وممّن قرأ عَلَيْهِ القراءات العَشْر أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وقال: هُوَ حنفيّ المذهب، ثقة، خيِّر، حبس نفسه عَلَى الإقراء والحديث. قلت: وممّن قرأ عَلَيْهِ: أبو مُحَمَّد المقرئ سِبْط الحنّاط. ومن شيوخه: أبو عليّ الشّرْمقانيّ، وعُتْبة العُثْمانيّ. وأسانيده موجوده في صدر كتابه. قَالَ ابن النّجّار: قرأ القرآن عَلَى: أَبِي القاسم فرج بْن عُمَر الضّرير، والقاضي أَبِي العلاء الواسطيَّيْن، وأبي نَصْر بْن مسرور، وعليّ بْن طلحة، وعُتْبة بْن عَبْد المُلْك، والحَسَن بْن عليّ العطّار. وكان إمامًا، ثقة، نبيلًا. قرأ عَلَيْهِ: سِبْط الحنّاط، والشَّهْرَزُوريّ. مات في رابع شَعْبان.
237- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد: أبو طاهر السلماني الواعظ1. روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن عَلِيَّك النَّيْسابوريّ، وغيره. روى عَنْهُ: هبة بْن السَّقَطيّ، وأبو عامر العَبْدَريّ، وولده الواعظ يحيى بْن إِبْرَاهِيم، وآخرون. وكان شيخًا بهيا، فاضلًا، عظيم اللّحية. قَالَ ابنه: كَانَ أَبِي علّامةً في عِلم الأدب، والتفسير، والحديث، ومعرفة الأسانيد والمُتُون، وأوحد عصره في عِلْم الوعظ والتّذكير. أدرك جماعة من الأئمّة، وكتب بخطّه مائة وخمسين مجلّدًا. وكان من الورع وصِدْق الحديث بمكان. ولد سنة ثلاثة وثلاثين وأربعمائة، ومات بخُوَيّ في جُمَادَى الآخرة.
"حرف الحاء":
238- حمد بن مراون بْن قيصر: أبو عُمَر الأُمَويّ، الزّاهد المعروف بابن اليُمنَالِش2. من أهل المَرِيّة أخذ عَنْ: المُهَلَّب بْن أَبِي صُفْرة، وغيره. قَالَ ابن بَشْكُوَال: فاق في الزُّهد والورع أهلَ وقته. وكان العمل أَمْلَك بِهِ. وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتوفي في صفر.
__________
1 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
2 لم نقف عليه.(34/116)
239- الحُسين بْن الحُسين بْن عليّ بْن العبّاس: أبو أسعد الهاشْميّ الفانِيذيّ البغداديّ1. سمع: أبا عليّ بْن شاذان روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وآخرون. أثنى عَلَيْهِ عَبْد الوهّاب، وذكر شجاع الذُّهْليّ أَنَّهُ تغيّر في آخر عمره، وُلِد سنة ثمانٍ وأربعمائة، وتوفي في شوال. قال السلفي: نقص بآخرة.
240- الحُسين بْن مُحَمَّد. أبو عبد الله الكتبي الحاكم2. محدث هراة. توفي عن سبْعٍ وثمانين سنة. صنف التاريخ، وسمع من: أَبِي مَعْمَر سالم بْن عَبْد اللَّه، وطبقته من أصحاب الرّفاء، وابن خميرُوَيْه. روى عَنْهُ: أبو النَّضْر الفامي، وأهل هَرَاة، وعبد الرّشيد بْن ناصر، وعبد المُلْك بْن عَبْد اللَّه العُمَريّ، ومسعود بْن مُحَمَّد الغانميّ، وعدة. أثنى عَلَيْهِ السّمعانيّ، وقال: يُعرف بحاكم كرّاسة، لَهُ عناية تامة بالتّواريخ.
سمع: سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وأبا يعقوب القرّاب. وُلِد سنة تسعٍ وأربعمائة، ومات في صَفَر بهَرَاة.
"حرف الخاء":
241- خازم بْن مُحَمَّد بْن خازم: أبو بَكْر المخزوميّ القرطبي3. ولد سنة عشر وأربعمائة، وروى عَنْ: يونس القاضي، ومكّيّ بن أَبِي طَالِب، وأبي مُحَمَّد الشَّنْتَجاليّ، وأبي القاسم بْن الإفليليّ، وجماعة. قَالَ ابن بَشْكُوَال: وكان قديم الطَّلب، وافر الأدب. ولم يكن بالضّابط، وكان يخلط في أسمعته. وقفت لَهُ عَلَى أشياء قد اضطّرب فيها. وكان أبو مروان بْن سراج، ومُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه يضعّفاه. قُلْتُ: آخِرُ من رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل نزيل مَرّاكش، قَالَ أبو الوليد بْن الدّبّاغ: كَانَ من جلة أهل الأدب، وله اعتناء بالحديث.
__________
1 لا بأس به.
2 السير "19/ 152".
3 معرفة القراء الكبار "1/ 445".(34/117)
"حرف السين":
242- سليمان بْن أَبِي القاسم نجاح: مولى أمير المؤمنين بالأندلس المؤيَّد باللَّه بْن المستنصر الأُمَويّ، الأستاذ أبو دَاوُد المقرئ1.
سكن دانيَة، وَبَلَنْسِيَة. قرأ القراءات عَلَى أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأكثر عَنْهُ. وهو أثبت النّاس فيه. وروى عَنْ: عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي العبّاس العُذْريّ، وأبي عَبْد اللَّه بْن سعدون القَرَويّ، وأبي شاكر الخطيب، وأبي الوليد الباجيّ، وغيرهم. قرأ عَلَيْهِ خلْق كثير، وأخذوا عَنْهُ منهم: أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن محمد بن سعيد ابن غلام الفَرَس، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو العباس بن أحمد بن عبد الرحمن بن عاصم الثقفي، وأحمد بْن عليّ الثَّقْفيّ، وأحمد بْن عليّ بْن سَحْنُون المُرْسي، وابن أحمد بْن خَلَف، وجماعة، وإبراهيم بْن البَكْريّ الدّانيّ، وجعفر بْن يحيى المعروف بابن غتّال، ومُحَمَّد بْن عليّ النوالشيّ، وعبد اللَّه بْن الفَرَج الزُّهَيْريّ، وأبو الحَسَن عليّ بْن هذيل، وأبو نَصْر فتح بْن خَلَف البَلَنْسِيّ، وأبو نَصْر فتح بْن أَبِي كُبَّة البَلَنْسِيّ، وأبو دَاوُد سلمان بْن يحيى القُرْطُبيّ، وآخرون. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ من جلة المقرئين وفضلائهم وخيارهم. علمًا بالقراءات ورواياتها وطُرُقها، حَسَن الضِّبْط. أَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة ووصفوه بالعِلْم، والفضل، والدّين. وتُوُفّي ببَلَنْسِيَة، في سادس عشر رمضان. وكان مولده في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأحفل النّاس بجنازته، وتزاحموا عَلَى نعشه. قلت: وقرأت بخطّ بعض أصحاب أَبِي دَاوُد: تسمية الكُتُب الّتي صنّفها أبو دَاوُد: كتاب البيان الجامع لعلوم القرآن، في ثلاثمائة جزء؛ وكتاب التّبيين بهجاء التّنزيل، وفي ستٍّ مجلدات؛ وكتاب الرَّجْز المسمّى بالاعتماد الذي عارض بِهِ المقرئ أبا عَمْرو في أصول القرآن وعقود الديانة، عشرة أجزاء، وهو ثمانية عشر ألف بيت وأربعمائة وأربعون بيتًا وكتاب الجواب عَنْ قوله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] ، مجلَّد وذكر تتمة ستة وعشرين مصنفًا.
__________
1 السير "19/ 168"، شذرات الذهب "3/ 403".(34/118)
"حرف العين":
243- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن الشُّرُوطيّ1. عَنْ: ابن غَيْلان. وعنه: السِّلَفيّ. مات فجأة في رجب.
244- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم. أبو الحُسين بْن أَبِي القاسم الحِنّائيّ الدّمشقيّ2.
سمع الكثير من أَبِيهِ. ومن: أَبِي عليّ الأهوازيّ، وأبي عَبْد اللَّه بْن سَلْوان، وجماعة كثيرة. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه النَّسائيّ، وأبو الحُسين الأبّار. وثّقه أبو مُحَمَّد بْن صابر وقال: سألته عَنْ مولده، فقال: في رجب سنة أربعين وأربعمائة. وتُوُفّي في ذي القعدة. قلتُ: روى عَنْهُ: سليمان بْن عليّ الرَّحْبيّ المُتَوَفَّى سنة تسعٍ وستين وخمسمائة بدمشق.
245- عُبَيْد اللَّه بْن طاهر بْن الحُسين: الشَّيْخ أبو الحَسَن الرَّوَقيّ3 سِبْط أَبِي بَكْر بْن فُورَك. من علماء طُوس. عُمِّر دهرًا في صيانةٍ وعِلْم. سمع: أَبَاهُ، وأبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، وأبا مُحَمَّد الْجُوَينيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ. مات في رمضان. قَالَ عَبْد الرحيم السّمعانيّ: روى لنا عَنْهُ: أبو حامد مُحَمَّد بْن الفضل الطّابَرَانيّ، والمُوَفَّق بْن مُحَمَّد الصّكّاك، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وسعد بْن عُبَيْد عاش ثمانين سنة.
246- عليّ بْن أحمد بْن عُمَر بْن الخَلِيّ: أبو الحَسَن الكَرْخيّ البغداديّ4. سمع: أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن الحاملي، وعبد المُلْك بْن بِشْران، وغيرهما. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والمظفر بْن جَهِير، ويحيى بْن ثابت، وأبو عليّ أحمد بْن مُحَمَّد الرَّحْبيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وغيرهم. وأحسبه قرابة الفقيه أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن الخَلِيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله ثمانٍ وتسعون سنة. والخَلِيّ بفتح الخاء.
247- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد: أبو الحَسَن بْن الدُّوش، ويقال: الدش، الشاطبي المقرئ5.
__________
1 في عداد المجهولين.
2 تاريخ دمشق "22/ 512".
3 لا بأس به.
4 انظر السابق.
5 الصلة "2/ 422".(34/119)
روى القراءات عَنْ أَبِي عَمْرو الدّانيّ تلاوةً. سمع منه: ومن: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وغيرهما. قَالَ ابن بَشْكُوَال: أقْرَأَ النّاس وأسمعهم الحديث، وكان ثقة فيما رواه، ثبتًا فيه؛ دَيِّنًا، فاضلًا. تُوُفّي في رابع شَعْبان بشاطبة. قلت: قرأ عَلَيْهِ القراءات: أبو عَبْد الله مُحَمَّد بْن الحسن ابن غلام الفَرَس، وأبو داود سليمان بْن يحيى بْن سَعِيد القُرْطُبيّ، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن خليفة النِّفْزيّ الدّانيّ، وعلي بْن مُحَمَّد بْن أَبِي العَيْش الطَّرْطُوشيّ ثمّ الشّاطبيّ، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن خَلَف التُّجَيْبيّ، وآخرون. وإبراهيم من آخرهم وفاةً.
248- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن فُورَجَة: أبو الحسن الأصبهاني التّاجر. يروي عَنْ: عليّ بْن عَبْدكَويْه، وغيره. تُوُفّي يوم عاشوراء. وروى عَنْ أَبِي بَكْر الذّكْوانيّ، والجمّال، وجماعة.
"حرف الفاء":
249- الفَرَج بْن مُحَمَّد بْن المقرون: النّجّار. بغداديّ1، سمع: عَبْد اللَّه بْن شاهين، وأبا مُحَمَّد الخلّال. روى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطيّ. تُوُفيَ فِي ذي القعْدة.
"حرف الميم":
250- مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار بْن مُحَمَّد الضَّبّيّ: الفُرْسانيّ الأصبهاني2، أبو العلاء. شيخ صالح مُكْثِر. سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذكواني، وأبا القاسم بن الأَسْترَاباذيّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وَأَبُو سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، وجماعة. تُوُفّي في ربيع الآخر. وهو من قرية فُرْسان بالضّمّ والكسْر؛ وقد ذكره ابن نقطة فقال: حدَّثَ عَنْ عليّ بْن عَبْدكَويْه، والجمّال. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو نَصْر أحمد بْن مُحَمَّد طاهر الكواز، وإسماعيل بن محمد بن أحمد الزتاني. وكان يروي أبوه أيضًا عَنْ أَبِي بَكْر المقرئ. ومات قبل أبي نعيم الحافظ.
__________
1 لم نقف عليه.
2 لا بأس به.(34/120)
251- محمد بن عبيد الله بن محمد كادش: أبو ياسر الحنبلي المحدِّث1، أخو أبي العِزّ. قرأ الكثير بنفسه ونَسَخَ وحصّل. وسمع: أقضى القضاة أبا الحُسين الماوَرْدِيّ، وأبا مُحَمَّد الجوهري، وأكثر عَنْ طراد بْن البَطَر، وطبقتهما.
وهو من شيوخ السِّلَفيّ. وكان قارئ أهل بغداد والمستملي بها. وكان يلْحن قليلًا، وله صوت جهوريّ.
252- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه: أبو طاهر الكَرّانيّ2 الأصبهاني. سمع: ابن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وغيره. وحدَّثَ.
253- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن جعفر: أبو بَكْر الأصبهاني ابن عزيزة الفقيه3. روى عَنْ: ابن فاذشاه، وابن رَيْدَة، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الذّكْوانيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن العتر، وأبي ذَرّ الصالحاني، وجماعة. وعنه: أبو سعيد بن محمد حامد، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
254- مُحَمَّد بْن المُنْذِر بْن ظَبْيان بْن المُنْذِر: أبو البركات الكَرْخيّ المؤدِّب4. سمع أبا القاسم بْن بِشْران. وهو أحد شيوخ السلفي في عض أمالي ابن بِشْران. وروى عَنْهُ أيضًا: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ. وتُوُفّي في صَفَر. قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: سَمِعْتُ ابن ناصر يَقُولُ: كَانَ كذابًا. وقال السِّلَفيّ: هُوَ مُسْتَفاد ظبيان.
255- معالي العابد5: أحد الزُّهاد المنقطعين إلى الله. كان مقيمًا بمسجد ببغداد، وتحكى عنه الكرامات ومجاهدات. قَالَ أبو مُحَمَّد سِبْط الحنّاط: كَانَ لا ينام إلا جالسًا، ويبلس ثوبًا واحدًا في الصيف والشّتاء، فإذا بُرْد شدّ المِئْزر عَلَى كتفه. مات في ذي الحجة.
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة "2/ 94".
2 الأنساب "10/ 377".
3 لم نقف عليه.
4 لا بأس به.
5 البداية والنهاية "12/ 163".(34/121)
"حرف النون":
256- نصر بن عبد الجار بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الجبّار: أبو منصور التَّميميّ القَزْوينيّ1 الواعظ.
سمع: أبا يَعْلَى الخليل بْن عَبْد اللَّه الحافظ، وأبا بَكْر أحمد بن الخضر القزويني، وجماعة. وبغداد: أبا مُحَمَّد الجوهريّ، وابن الفتح العشّاريّ. وسمع بأماكن، وجمع لنفسه مُعْجَمه. وكان من أهل الفضل والدين. وقدم بغداد في هذه السنة، وهو آخر العهد بِهِ. وروى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والمعمر بْن البَيِّع، والسِّلَفيّ وقال: هو محدث ابن محدِّث ابن محدّث، وبيتهم بقزُّوين. كتب بني مندة بأصبهان، وكتب أولاد السّمعانيّ بمَرْو، وسألته عَنْ مولده فقال: في سنة خمسٍ وعشرين وأربعمائة.
"حرف الياء":
257- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي زيد: أبو الحَسَن اللَّوَاتيّ المُرْسِي، المعروف بابن البيّاز2. روى القراءات عَنْ: مكّيّ بْن أَبِي طَالِب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وجماعة. ورحل إلى المشرق. قَالَ ابن بَشْكُوَال: حجّ ولقي بمصر عَبْد الوهّاب القاضي المالكيّ، وأخذ عَنْهُ التّلقين من تأليفه. وأقرأ النّاس القرآن، وعُمّر وأَسَنَّ. قلت: وسمع القراءات من عَبْد الجبار بْن أحمد الطَّرَسُوسيّ، وهو آخر من روى عَنْهُمَا. قَالَ الحافظ أبو القاسم خَلَف بْن بَشْكُوَال: أَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة من شيوخنا، وسمعتُ بعضهم يضعفه وينسبه إلى الكذب، وادعاء الراوية عَنْ أقوامٍ لم يَلْقَهَم ولا كاتبوه. ويشبه أنّ يكون ذَلِكَ في وقت اختلاطه؛ لأنّه اختلط في آخر عُمره. تُوُفّي بمرسية في ثالث المحرَّم وله تسعون سنة. قلت: روى عَنْهُ القراءات: أبو عَبْد اللَّه بْن سَعِيد الدّانيّ، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن ثابت الخزرجي، وأبو داود، وسليمان بن يحيى بن سعيد المقرئ، وآخرون.
__________
1 التدوين "4/ 161" للقزويني.
2 معرفة القراء الكبار "1/ 449".(34/122)
وقد وقع لنا إسناده بالقراءات عاليا للإمام عَلَم الدين القاسم الأندلسيّ، فإنه تلا بها عَلَى أَبِي جعفر الحصّار، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه بْن سَعِيد المذكور. وقد روى الموطّأ عن يونس بن عبد الله بن مغيث.
258- يحيى بْن منصور: أبو زكريّا الصُّوفيّ الْجَنْزيّ1، والد الْإِمَام مُحَمَّد بْن يحيى الفقيه. سكن بنَيْسابور، ونَفَقَ عَلَى نظام المُلْك، وصادِهُ بحُسْن كلامه. وسيرته قصيرة. شيخ رباطه، تُوُفّي في رمضان بنيسابور.
وفيات سنة سبع وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
259- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يونس: الخطيب أبو الحَسَين المَقْدِسيّ2. سمع ببلده: أبا الغنائم مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفرّاء، وأبا عثمان بْن ورقاء، وأبا زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ. سمع منه: عَبْد الرَّحْمَن، وعبد اللَّه ابنا صابر. وتُوُفّي بدمشق.
260- أحمد بْن بُنْدار بْن إِبْرَاهِيم: أبو ياسر البقّال القطّان3، أخو أَبِي المعالي ثابت. سمع: بِشْر بْن الفاتِنيّ، وأبا عليّ بْن دُوما، وأبا طاهر مُحَمَّد بْن عليّ العلّاف، وجماعة. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وأبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد وأثنيا عَلَيْهِ، وشُهْدَة، والسِّلَفيّ، وجماعة. ومات في رجب.
261- أحمد بْن عليّ بْن الحُسين: أبو المعالي بْن الحدّاد البغداديّ4 الدّلّال المستعمل. سمع: أبا عليّ بْن المذهب، والعشاريّ، والجوهريّ. وعنه: أبو نَصْر النُّوربانيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ. مات في ربيع الآخر ببغداد.
262- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة: القاضي أبو الحَسَن الكوفي، الثقفي5.
__________
1 لم نقف عليه.
2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
3 السير "19/ 186".
4 لا بأس به.
5 السير "19/ 186".(34/123)
سمع: أبا طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن الصّبّاغ، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن فدوَيْه، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن العَلَويّ، وطائفة. وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدّامغانيّ ببغداد. وسمع ببغداد من: البَرْمكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن حبيب الفارسي. روى عَنْه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو الحَسَن بْن الخَلِيّ الفقيه، والسِّلَفيّ. وثّقه عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ. وقال أَبِي النَّرْسيّ: تُوُفّي في سادس عشر رجب. قلت: وله خمسٌ وسبعون سنة.
263- أحمد بْن مُحَمَّد بْن بِشْرُوَيْه: الأصبهاني1. قد مرّ في سنة إحدى وتسعين. وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: مات في صَفَر سنة سبعٍ.
264- أحمد بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن زكريّا: أبو بَكْر الطُّرَيْثيثيّ، ثمّ البغداديّ الصُّوفيّ المعروف بابن زَهْراء2. قَالَ السّمعانيّ: شيخٌ لَهُ قَدَمٌ في التَّصَوُّف. رأى المشايخ وخدمهم، وكان حَسَن التّلاوة. صحب أبا سَعْد النَّيْسابوريّ. وسمع: أَبَاهُ، وابن الحسين القطان، وأبا القاسم اللاكائي الحافظ، وأبا القاسم الحرفي، وأبا الحسن بن مخلد، وأبا علي بن شاذان، وجماعة. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وابن ناصر، وأبو الفتح بن البطي، وأبو طاهر السلفي، وطائفة آخرهم موتا أبو الفضل خطيب الموصل. وسمع منه: الكبار: عبد الغافر الألمعي، وهبة الله الشيرازي، وعمر الرؤاسي، وابن طاهر المقدسي. قال السمعاني: صحيح السماع في أجزاء، لكنه أفسد سماعاته بأنْ روى منها شيئًا، وادّعى أَنَّهُ سمعه من أبي الحَسَن بْن رزقويه، ولم يصح سماعه منه. وقال فيه شجاع الذُّهْليّ: مُجْمَعٌ عَلَى ضعفه، وله سماعات صحيحة خلط بها غيرها. وقال أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ: دخلت عَلَى أحمد بْن زهراء الطُّرَيْثيثيّ وهو يقرأ عَلَيْهِ جزءٌ من حديث ابن رزقويه، فقلت: مَتَى؟ فقال: في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. فقلت: وابن رزقوَيْه في هذه السنة تُوُفّي. وأخذت الجزء من يده، وقد سمعوا فيه، فضربت عَلَى التسميع، فقام وخرج من المسجد. وقال ابن ناصر: كان كذابا لايحتج بروايته. قلت: ولهذا كَانَ السِّلَفيّ يَقُولُ: أَنَا الطريثيثي من أصل سماعه. وقال في معجمه: هذا أجلُّ شيخ شاهدته ببغداد، من شيوخ الصوفية،
__________
1 في عداد المجهولين.
2 السير "19/ 160"، الميزان "1/ 122".(34/124)
وأكثرهم حرمة وهيبة عند الصحابة. قد افتدى بأبي سَعِيد بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ فيما أظن. وأنا عَنْ جماعة لم يحدثنا عَنْهُمْ سواه. ولم يقرأ عَلَيْهِ إلّا من أصول سماعة، وهي كالشمس وضوحًا. وكف بصره بآخر. وكتب لَهُ أبو عليّ الكَرْمانيّ أجزاء طرية، فحدث بها اعتمادًا عَلَيْهِ، ولم يكن ممن يُعرف طرق المحدثين، ودقائقهم وإلّا لكان من الثْقات الأثبات. وذكره ابن الصّلاح في طبقات الشّافعيّة. وقال أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ: مولده في شوّال سنة إحدى عشرة. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. قلت: قرأت بخطّ السِّلَفيّ أَنَّهُ سمع الطُّرَيْثيثيّ يَقُولُ: وُلِدتُ في شوّال سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
265- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين العُكْبَريّ: ثمّ الواسطي المقرئ أبو الحَسَن1. قرأ القراءات عَلَى أصحاب أَبِي عليّ بْن عَلّان. وسمع: الحَسَن بْن موسى الغَنْدَجانيّ. وقدِم بغداد فقرأ بها عَلَى: سليمان بْن أحمد السرقسطي، ورزق اللَّه التميمي. وسمع: أبا القاسم البُسْريّ. واقرأ النّاس. وهو الّذي سمع مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ المحتسب، ولمّا مات رثاه خميس الحوزيّ. روى عنه: الكتّانيّ المذكور.
266- أرتاش، ويقال: ألْتاش، بْن السّلطان تُتُش بْن ألْب رسلان2: أخو صاحب دمشق دُقَاق. سجنه أخوه بعلبك، فلمّا مات دُقاق أطلقه الأمير طُغْتِكِين وأقدمه دمشق، وأقامه في السَّلْطَنَة في هذه السّنة، ثمّ خرج سرًّا بعد ثلاثة أشهر لأمر تخيله من طُغْتِكِين، فذهب إلى بَغْدَوِين ملك الفرنج طمعًا في أنّ يكون لَهُ ناصرًا، فلم يحصل منه على أمل، فتوجّه عَلَى الرَّحْبَة إلى الشّرق، فهلك هناك.
267- إسماعيل بْن عليّ بْن حَسَن: الشَّيْخ أبو عليّ الجاجَرْميّ النَّيْسابوريّ الأصمّ الزّاهد3. كَانَ حَسَن الطّريقة صالحًا واعظًا. ولد سنة ست وأربعمائة، وسمع: أبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، وأبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث، وأبا سَعِيد فضل اللَّه بْن أَبِي الخَير المِيهَنيّ، وعبد القاهر بْن طاهر التَّميميّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة. وخرج لَهُ صالح المؤذِّن فوائد. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وجماعة من شيوخ السّمعانيّ، وقال: دفن عند ابن خزيمة.
__________
1 لا بأس به.
2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 368".
3 المنتظم "9/ 139".(34/125)
وذكره عَبْد الغافر فقال: شيخ ظريف، خفيف الحركة، اشتغل مدّة بنَيْسابور، وكان واعظًا بكاءً حصل لَهُ قبول زائد. تُوُفّي في المحرَّم.
268- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن: أَبُو عليّ النَّيْسابوريّ القلانسي، عُرِف بالتُّرْكيّ1. شيخ صالح، سمع من: أَبِي سَعِيد الصَّيْرفيّ. وعنه: عُمَر بْن أحمد الصّفّار، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وأبو الأسعد بْن القُشَيْريّ. مات في المحرَّم، وهو في عشر المائة.
269- إسماعيل بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عثمان: أبو الفَرَج القُومسانيّ، ثمّ الهَمَذانيّ2، الحافظ، شيخ هَمَذَان. قَالَ شيرويه: هو شيخ البلد والمشير إِلَيْهِ بالصَّلاح والدّيانة.
روى عَنْ: أَبِيهِ مُحَمَّد بن عثمان بن أحمد بن مزين، وجدّه عثمان، وابن هُبَيْرة، وعُمَر بْن جاباره الأَبْهَريّ، وأبي الحُسين بْن المهتدي باللَّه، والصَّرِيفِينيّ، وابن النَّقُّور، وابن عزْو النَّهاوَنْديّ، وهارون بْن طاهر بْن ماهلة، وطائفة. وكان حافظًا ثقة صدوقًا، حَسَن المعرفة بالرجال والمُتُون، أمينًا مأمونًا، وحيد عصره في حفظ شرائع الإسلام وشعاره. وكان ابن ثمانٍ وخمسين سنة. تُوُفّي في المحرم، وتولَّيتُ غسْلَه. قلت: قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ غير واحد، وهو القائل لابن طاهر المقدسي: ثلاثة لا أحبّهم لتعصّبهم: الحاكم، وأبو نُعَيْم، والخطيب. وذكره السِّلَفيّ ممّن أجاز لَهُ، وأنّه مشهور بالمعرفة التّامّة بالحديث.
270- أردشير بْن أَبِي منصور: الأمير أبو الحسين المروزي العبادي الواعظ3، قدم نيسابور ووعظه فأبدع وأعجب المستمعين بحُسْن إيراده، ونُكَت أنفاسه، وملاحة قصصه. وظهر لَهُ القبول عند الخاصّ والعامّ بغرابة إشاراته، ووقْع كلماته المطابقة لجلالته. وكان لَهُ سكونٌ وهَيْبة وأَناة وتُؤَدَة، وطريقة غريبة في تمهيد كلام سَنيِّ غير مسبوق عَلَى نَسَقٍ واحدٍ، مشحون بالإشارات الدّقيقة والعبارات الرّشيقة الحُلْوة. خرج إلى العراق ولقي ببغداد قَبُولًا بالغًا، ثمّ عاد إلى نَيْسابور، وأقام بها مدة،
__________
1 السير "19/ 155".
2 السابق "19/ 155".
3 البداية والنهاية "12/ 164".(34/126)
وسُلِّم إِلَيْهِ المدرسة بباب الجامع المَنِيعيّ، فسكنها، ولم يزل قبوله في ازدياد. وسمع الحديث في كبره، ولم يحدث. ومات كهلًا في جُمَادَى الآخرة. قَالَ ابن النّجّار: هُوَ والد الواعظ المشهور أَبِي منصور بْن المظفّر. قدِم أبو الحُسين الأمير بغداد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة ليحجّ، فحجّ وعاد ووعظ، وازدحموا، وازداد التعصب له إلى أنّ مُنِع من الجلوس فردّ إلى بلده. وكان بديع الأفاظ حُلْو الإيراد، غريب النُّكَت. سمع من: أَبِي الفضل بْن خَيْرُون، وغيره.
وحدَّثَ بمَرْو. قَالَ ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ عليّ بْن عليّ الأمين يَقُولُ: اتّفق أنّ واحدًا بِهِ عِلّة جاء إلى العبادي، قرأ عَلَيْهِ شيئًا، فعُوفي. فمضيت معه إلى زيارة قبر أحمد، فلمّا خرجنا إذا جماعة من العُميان والزمني عَلَى الباب، فقالوا للأمير: نسألك أنّ تقرأ علينا. فقال: لست بعيسى بْن مريم، وذلك قولٌ وافق القدر. وقيل: إنّ بعض النّاس دخل عَلَى العَبّاديّ، فقال لَهُ: قُم اغتسِل. فقام، وكان جُنُبًا. وجاء عَنْهُ زُهْد وتعبُّدٌ، وتكلّم عَلَى الخواطر، وتاب عَلَى يده خلْق كثير، وكان أمّارًا بالمعروف، مُرِيقًا الخُمُور، مُكَسِّرًا للملاهي، وصَلُح أهل بغداد تِلْكَ الأيام بِهِ، واللَّه يرحمه ويغفر لَهُ.
"حرف الجيم":
271- جامع بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد: أبو سهل النَّيْسابوريّ1. قَالَ السّمعانيّ: ثقة، صالح. سمع على: مُحَمَّد الطّرَازِيّ. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وغيره.
"حرف الحاء":
272- الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد: أبو مُحَمَّد الكِلَابيّ الدّمشقيّ2. رئيس دمشق المعروف بابن الصُّوفيّ.
سمع: مُحَمَّد بْن عَوْف المُزَنيّ. وحدَّثَ باليسير؛ وأصلهم من حلب.
__________
1 لم نقف عليه.
2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 174".(34/127)
273- الحُسين بْن عَبْد المُلْك بْن مُحَمَّد بْن يوسف: أبو مُحَمَّد اليُوسُفيّ البغداديّ1 ابن الشَّيْخ الأَجَلّ.
سمع: ابن غَيْلان، وإِسْحَاق البَرْمكيّ، وجماعة. وحدث. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وابن الخَلِيّ، وخميس، وجماعة. وكان ذا أموال وحشمة.
274- الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد: أَبُو عَبْد اللَّه الأصبهاني النظنزي الأديب. صاحب التّصانيف الأدبية. وله النَّظْم والنَّثْر. سمع: أبا بَكْر بْن ريذة، وغيره. وحدَّثَ. أظنّ أنّ السِّلَفيّ روى عَنْهُ. قَالَ يحيى بْن مَنْدَهْ: مات في المحرَّم.
275- الحُسين بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد: أبو عَبْد اللَّه بْن البُسْيريّ البُنْدار2. محدِّث بغداد وابن محدّثها، كَانَ رجلًا صالحًا. تفرّد بالرّواية عَنْ عَبْد اللَّه السُّكّريّ. وسمع أيضًا من: أَبِي الحَسَن بْن مَخْلَد وغيره. روى عَنْهُ: أبو علي بن سكرة، وسعد الخير الْأَنْصَارِيّ، والسِّلَفيّ، وشُهْدَة، وأبو الفتح بْن شاتيل، وأبو هاشم الدّوشانيّ، وآخرون كثيرون، آخرهم ابن شاتيل.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، ووُلِد سنة تسعٍ أو عشر. قَالَ السِّلَفيّ: لم يرو لنا عن السكري سواه.
قال: وروى عَنْ: ابن مَخْلَد، والبَرْقانيّ، وأبي عليّ بْن شاذان.
"حرف الدال":
276- دُقَاق: شمس الملوك أبو نَصْر بْن تُتُش بْن ألْب أرسلان3. ولي دمشق بعد قتل أبيه تاج الدولة، وذلك في سنة سبْعٍ وثمانين. وكان دُقاق بحلب، فراسَلَه خادمُ أَبِيهِ ونائبه بقلعة دمشق سرًا من أخيه رضوان ملك حلب، فخرج دقاق وقدم دمشق فتملكها. ثم عمل هو والأتابك طغتكين زوج أمه على خادم أبيه المذكور، واسمه ساوتكين، فقتلاه. ثمّ إنّ رضوان قدِم دمشق وحاصرها، فلم يقدر عَلَيْهِ، فرجع. ثمّ إنّ دُقَاق عرض لَهُ مرضٌ تطاول بِهِ إلى أن
__________
1 لا بأس به.
2 السير "19/ 185".
3 السير "19/ 186"، البداية والنهاية "12/ 163".(34/128)
تُوُفّي في ثامن عشر رمضان. فغلب طُغْتِكِين على دمشق، وأقام في اسم الملك بن طُغْتِكِين طفلٌ لَهُ سنة. ثمّ مات الطفل بعد قليل واستقل الأتابك ظهير الدين طُغْتِكِين بمملكة دمشق وأعمالها. وقيل: إنّ أمّ دُقَاق رتّبت لَهُ جاريةً فسمَّت لَهُ عُنْقُودَ عنب نقبته بإبرة فيها خيط مسموم، ثمّ أطعمته، فندمت بعد ذَلِكَ، وتهرَّى ومات ودُفِن بخانكاه الطّواويس.
"حرف الزاي":
277- زيد بْن عَليّ بْن عَبْد اللَّه: أَبُو الْقَاسِم الفَسَويّ الفارسي النَّحْويّ1. ذكر أنّ أبا عليّ الفارسيّ النَّحْويّ خاله، فلعلّه خال أَبِيهِ أو أمّه، وإلّا فما يُمكن أنّ يكون أبو عليّ أخا أمّه لقِدَم زمانه. قدِم الشّام، وأخذ النّاس عَنْهُ بحلب، وسكن دمشق مدة، وأملى بها "شرح الإيضاح" لأبي عليّ، وشرح الحماسة، وحدَّثَ عَنْ أَبِي الحَسَن بْن أَبِي الحديد. سمع منه: عُمَر الدهستاني، وأبو المفضل يحيى الْقُرَشِيّ. وكانت وفاته بأطْرَابُلُس. وقرأ عَلَيْهِ بحلب، أبو البركات عُمَر بْن إِبْرَاهِيم العَلَويّ الكوفي كتاب الإيضاح. رواه عَنْهُ.
"حرف الطاء":
278- طاهر بْن أسد بْن طاهر بْن عليّ بْن هاشم بْن نزار: أبو ياسر الطّبّاخ الأَجَمِيّ2 الشِّيرازيّ. ثمّ البغدادي. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وعبد الباقي بْن مُحَمَّد الطّحّان. روى عَنْهُ: أبو القاسم السِّلَفيّ، وآخرون. وقع لنا حديثه عاليا. وقد قَالَ السّمعانيّ: كَانَ يُعرف النّجوم، وكان متميزًا. سكن دار الخلافة، وكان صاحب الفنجان للصّلوات والسّاعات. تُوُفّي في منتصف رجب.
"حرف العين":
279- عَبْد اللَّه بْن إسماعيل: أبو مُحَمَّد الإشبيليّ3. قال ابن بشكوال: كان
__________
1 معجم الأدباء "11/ 176".
2 لا بأس به.
3 الصلة "1/ 289".(34/129)
من أهل العلم التّام والحفظ للحديث والفقه. كَانَ يميل في فقهه إلى النظر واتباع الحديث. وكان متقشفًا. سكن المغرب مدة، وولي قضاء أغْمات. ثمّ نقل إلى قضاء الحضرة، فتقلدها إلى أنّ تُوُفّي.
وكان مشكور السيرة، حَسَن المخاطبة، كثيرًا ما يَقُولُ لمن يحكم عَلَيْهِ: خذوا بيدي سيّدي إلى السجن. وله تصنيفان في شرح المدوّنة، ومختصر ابن أَبِي زيد مُلِئت عِلْمًا.
280- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو مُسْلِم السِّمْنانيّ1، ثمّ البغداديّ ابن ابن القاضي أَبِي جعفر السِّمْنانيّ.
سمع: أبا علي بن شاذان. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وجعفر بْن عَبْد اللَّه الدّامغانيّ، وآخرون. وثّقه الأنماطي. وولده سنة ست عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في تاسع عشر المحرَّم. وقال السِّلَفيّ: كان حنيفًا أشعريًّا قلت: أخذ الكلام عَنْ جَدّه أَبِي جعفر.
281- عَبْد الرَّحْمَن بْن قاسم: أبو المطرِّف الشَّعْبِيّ المالقيّ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْ: أَبِي العبّاس أحمد بْن أَبِي الربيع الإلبيريّ، وقاسم بْن مُحَمَّد المأمونيّ، وإسماعيل بْن حمزة، والقاضي يونس بْن عَبْد اللَّه إجازة، وغيرهم. وكان ذاكرًا للمسائل، فقيهًا، مشاورًا. سمع النّاس منه: وعُمّر وأسنّ، وشُهِر بالعِلْم والفضل. وُلِد سنة اثنتين وأربعمائة. وتُوُفّي في عاشر رجب.
وقال فيه القاضي عياض: فقيه بلدهم وكبيرهم في الفتاوى والراوية. سمع بالمرية من قاسم المأموني، وتفقّه عند أَبِي الحَسَن بْن عيسى المالقيّ. وأجاز لَهُ يونس القاضي والشّنتجاليّ. روى عَنْهُ شيخنا أبو عُبَيْد اللَّه بْن سليمان، وولي قضاء بلده في أيّام الصنهاجي. ثمّ عزله، وجعل سجنه داره الأشياء بَلَغَتْه عَنْهُ. فلمّا دخل المرابطون دعاه أمير المسلمين للقضاء، فامتنع، وأشار عَلَيْهِ بأبي مروان بن حسنون، فقلده جملة القضاة، فكان أبو مروان لا يقطع أمرًا دونه. وبينه وبين ابن الطّلّاع في الوفاة جُمعة.
__________
1 المنتظم "9/ 140".(34/130)
282- العلاء بْن حَسَن بْن وهْب بْن الموصلايا: أبو سَعْد البغدادي1 الكاتب المنشئ بدار الخلافة.
أسلم، وكان نصرانيا، عَلَى يد المقتدي باللَّه، وحَسُن إسلامُه. وله الرّسائل المشهورة الرّائقة، والأشعار الفائقة. عُمِّر دهرًا، وكُفّ بَصَرُه. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. ذكره ابن خلكان وقال: لَقَبُهُ أمين الدّولة. وقال صاحب المرآة: خدم في كتابه الإنشاء خمسًا وستين سنة، وأسلم سنة أربعٍ وثمانين. ثمّ ناب في الوزارة مرّات. وكان كريم الأخلاق، حَسَن الفعال، أفصح أهل زمانه، كَانَ ظاهر اللّسان. كَانَ يُمْلي عَلَى ابن أخته العلّامة أَبِي نَصْر الإنشاء إلى أنّ مات فجأة. وكان الوزير عميد الدّولة ابن جَهِير يُثْني عَلَيْهِ وعلى تفهُّمه، ويقول: هما يمينًا الدّولة وأميناها. أَنْبَأَ أحمد بْن سلامة الخيّاط: أَنْبَأَنَا العماد والكاتب في الخريدة: أنشدني عبد الرحيم ابن الأُخُوَّة البغداديّ، أنشدني أبو سَعْد بن الموصلايا لنفسه:
يا خليليَّ خلِّياني ووجْدي ... فملام العَذول ما لَيْسَ يُجْدِي
ودعاني فقد دعاني إلى الحكم ... غَريم الغريم للدَّين عندي
فعساهُ يرِقُّ إذ بملك الرّقّ ... بنقدٍ من وصْله أو بوعدي
ثمّ من ذا يُجيز عَنْهُ إذا جا ... ر؟ ومَن ذا عَلَى تعدّيه يُعدي
قَالَ ابن الثير: كَانَ أمين الدولة أبو سَعْد بْن الموصلايا كثير الصدفة، جميل المحضر، صالح النية. وقف أملاكه عَلَى أبواب البِرّ. ولمّا مات خُلْع عَلَى ابن أخته أَبِي نَصْر، ولقب نظام الحضرتين. وقُلَّدَ ديوان الإنشاء. قَالَ ياقوت في تاريخ الأدباء: خرج توقيع الخليفة بإلزام الذّمّة بلُبْس الغيار، فأسلم بعضهم وهرب طائفة. وفي ثاني يوم أسلم الرئيسان أبو سَعْد بن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء، وابن أخته أبو نصر ابن صاحب الخبر عَلَى يد الخليفة، بحيث يَرَيَانِه ويسمعان كلامه. ناب أبو سَعْد في الوزارة عدّة نُوَب، ورسائله وأشعاره مدوَّنة متداولة. أخذ عَنْهُ: أبو منصور بْن الجواليقيّ، وأبو حرب الخياط، وعلي بن الحسن بْن دينار، وآخرون. ومن شعره:
أحَنّ إلى رَوض التّصابي وأرتاحُ ... وأَمْتَحُ من حوض التّصافي وأمتاح
__________
1 السير "19/ 198"، البداية والنهاية "12/ 164".(34/131)
وأشتاق ريمًا كلّما رُمْتُ صَيْدَهُ ... تَصُدُّ يَدِي عَنْهُ سُيُوفٌ وأرماحُ
غزالٌ إذا ما لاح أو فاح نشْرُهُ ... تُعَذّبُ أرواحٌ وتَعْذُبُ أرواحُ
وتفتضح الأعذار فيهم إذا بَدَوا ... ويفتضح اللّاحون منهم إذا لاحوا
ومات بعده بسنة وأشهر ابن أخته.
283- أبو نَصْر هبة اللَّه1: صاحب ديوان الإنشاء.
284- عليّ بْن الحَسَن: أبو القاسم العَلَويّ الخراساني2. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ عالمًا، ورعًا، رئيسًا. سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمْدان النَّصْرُويّيّ، وتُوُفّي بأَبِيوَرْد.
285- عليّ بْن الحُسين بْن أَبِي نزار: الشَّيْخ أبو المعالي المردستيّ3. أحد الرؤساء ببغداد. سمع في الكهولة من: أَبِي مُحَمَّد الجوهريّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. عاش تسعين سنة.
286- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هارون بْن عيسى بْن هارون بْن الجرّاح الرئيس أبو الخطّاب الشّافعيّ4، الكاتب، البغداديّ، المقرئ، النَّحْويّ. كَانَ حَسَن الإقراء والأخذ.
ختم عَلَيْهِ خلْق. وصنَّف منطومة في القراءات. سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن بُكَيْر النّجّار، وغيرهما. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وعمر المَغَازليّ، والسلفي، وخطيب الموصل، وجماعة. وذكر السِّلَفيّ فقال: إمام في اللغة، وشعره في أعلى درجة. وخطه من أحسن الخطوط، والقول يتسع في فضائله، وكان يصلّي بأمير المؤمنين المستظهر باللَّه التّراويح. وقال غيره: وُلِد سنة تسعٍ أو عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في العشرين من شهر ذي الحجّة سنة سبعٍ.
287- عيسى بْن الحافظ أَبِي ذَرّ عَبْد بْن أحمد: أبو مكتوم الْأَنْصَارِيّ الهَرَوِيّ5، ثمّ السَّرَوِيّ. تزوج أبو ذَرّ في العرب في سروات بني شبابة، وسكن
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 397" لابن الأثير.
2 لم نقف عليه.
3 انظر السابق.
4 المنتظم "9/ 140".
5 السير "19/ 171".(34/132)
هناك مدّة، ووُلِد لَهُ أبو مكتوم في حدود سنة خمس عشرة وأربعمائة. سمع من أَبِي عَبْد اللَّه الصَّنعانيّ صاحب "التقوي" جملة من مُسْنِد عَبْد الرّزّاق. وسمع من أَبِيهِ صحيح الْبُخَارِيّ، وكتاب الدّعوات لأبيه، وغير ذَلِكَ. روى عَنْهُ الصحيح جماعة، منهم: أبو التوفيق مسعود بْن سعيد الأندلسي، وأبو عُبَيْد نعمة بْن زيادة اللَّه الغِفَارِيّ، وعليّ بْن حُمَيْد بْن عمار المكي. وروى عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر السِّلَفيّ. أَخْبَرَنَا عَبْد المؤمن الحافظ قَالَ: قرأتُ على ابن رواج: أخبركم السِّلَفيّ قَالَ: قد اجتمعنا أَنَا وأبو مكتوم بن أبي ذَرّ في عرفات سنة سبعٍ وتسعين لمّا حَجَجْت مَعَ والدي، فقال لي الْإِمَام أبو بَكْر مُحَمَّد بْن السّمعانيّ: اذهب بنا إِلَيْهِ نقرأ عَلَيْهِ شيئًا. فقلت: هذا الموضع موضع عبادة، فإذا دخلنا إلى مكّة نسمع عَلَيْهِ، ونجعله من شيوخ الحرم. فاستصوب ذَلِكَ. وقد كَانَ ميمون بْن ياسين الصنهاجيّ من أمراء المرابطين رغب في السماع منه بمكّة، واستقدمه من سراة بُنيّ شَبَابةُ، واشترى منه "صحيح الْبُخَارِيّ" أصل أَبِيهِ الّذي سمعه منه بجملةٍ كبيرة، وسمعه عَلَيْهِ في عدّة أشهر، قبل وصول الحجيج. فلمّا حجّ ورجع من عرفات إلى مكّة رحل إلى السّراة مَعَ النَّفَر الأوَّل من أهل النَّفَر. قلت: وانقطع خبره من هذا الوقت. ورواية الصّحيح في وقتنا من طريقه حسنة عالية. رواه جماعة عَنْ أمّ حرميّ، عَن ابن عمّار، عَنْهُ.
"حرف الميم":
288- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن النَّقُّور1: أبو منصور بن أبي الحُسين البزّاز. سمع: أَبَاهُ، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وابنه أبو بَكْر عَبْد اللَّه. وقال السِّلَفيّ: لم يكن بذاك، ولكنه سمع الكثير، وكان ابنه أبو بَكْر يسمع معنا.
289- محمد بن عبد الله بن محمد: أبو الفضل البغداديّ2، النّاقد السِّمْسار. سمع: ابن غَيْلان، وأبا منصور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن السّوّاق. وعنه: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، والسلفي. وكان شيعيًّا. مات في المحرم.
__________
1 لا بأس به.
2 السابق.(34/133)
290- محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز: أبو مطيع المديني1، صاحب الأمالي المشهورة. نسبه عَبْد الرحيم بن أبي الوفا الأصبهاني فقال: محمد بن عبد الواحد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحمد بْن زكريّا. قلت: وبعد زكريّا أحمد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن اللَّيْث بْن الضب بْن عَوْف الضَّبّيّ المجلد الناسخ المصاحف المعروف بالمصريّ. مُسْنِد أهل إصبهان. عاش بضعًا وتسعين سنة. وتفرّد بالرّواية عَنْ جماعة. سمع: من الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ثلاثة مجالس، وأبي سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وأبي منصور مَعْمَر بْن أحمد بْن زياد الصُّوفيّ، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل البارودي، والحسين بْن إِبْرَاهِيم الإكماليّ، والفضل بْن عُبَيْد اللَّه، وأبي بَكْر بْن أَبِي عليّ، وأبي زُرْعة رَوْح بْن مجد الرّازيّ، والحافظ أَبِي نُعَيْم، وجماعة. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن مَعْمَر اللنبانيّ، وأبو حنيفة مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الخطيبيّ، وأحمد بْن ينال التُّرْكيّ، وعبد اللَّه بْن أحمد أبو الفتح الخِرَقيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ الأصبهاني المقرئ، وعُمَر بْن أَبِي سَعْد، وخلق من الأصبهانيين. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ، أَنَا أَبُو حَنِيفَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، أَنَا أَبُو مُطِيعٍ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْحَافِظُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُمَيْدٍ الْحُصْرِيُّ: نبا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، هُوَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ"، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: "الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنٍ. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ شيخًا صالحًا مُعَمّرًا، أديبًا فاضلًا.
291- مُحَمَّد بْن فرج: أبو عَبْد اللَّه مولى مُحَمَّد بْن يحيى، المعروف بابن الطَّلّاع القُرْطُبيّ3، الفقيه المالكيّ، مفتي الأندلس ومُسْنِدها في الحديث. وُلِد في سلخ ذي القعدة سنة أربع وأربعمائة. ذكره ابن بَشْكُوَال فقال: بقيّة الشّيوخ الأكابر في وقته، وزعيم المفتين بحضرته.
__________
1 السير "19/ 176".
2 سبق تخريجه.
3 السير "19/ 199".(34/134)
روى عَنْ: يونس بْن عَبْد اللَّه القاضي، ومكّيّ بْن أَبِي طَالِب، وأبي عَبْد اللَّه بْن عابد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عليّ الحدّاد الأندلسيّ، وابن عَمْرو المرشانيّ، ومعاوية بْن مُحَمَّد العُقَيْليّ، وأبي عُمَر بْن القطّان. قَالَ: وكان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفقه، حاذقًا بالفتوى، مقدَّمًا في الشُّورَى، مقدَّمًا في عِلَل الشُّرُوط، مشاركًا في أشياء، مَعَ دِينٍ وخير وفضل، وطول صلاة، قوالًا بالحقّ وإن أُوذِيَ فيه، لا تأخذه في اللَّه لومةُ لائم، معظَّمًا عند الخاصّة، والعامّة يعرفون لَهُ حقه. ولي الصّلاة بُقْرطُبة، وكان مجودًا لكتاب اللَّه. أفتى النّاس بالجامع، وأسمع الحديث، وعمّر حتّى سمع منه الكبار والصغار، وصارت الرّحْلة إليه. ألف كتابا حسنا في أحكام النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأته عَلَى أَبِي رحمه اللَّه عَنْهُ. وتُوُفّي لثلاث عشرة ليلة خَلَت من رجب، وشهده جَمْعٌ عظيم. وقال القاضي عِيَاض: كَانَ صالحًا قوالًا بالحق، شديدًا عَلَى أهل البِدَع، غير هَيُوبٍ للأمراء، شوور عند موت ابن القطّان، إلى أنّ دخل المرابطون فأسقطوه من الفُتْيا لتعصُّبه عليهم، فلم يُسْتَفْت إلى أنّ مات. سمع منه عالمٌ كثير، ورحل النّاس إِلَيْهِ من كلّ قُطْر لسماع المُوَطّأ ولسماع المدوَّنة لعُلُوّة في ذلك. وحدث عنه أبي عليّ بْن سُكَّرَة، وقال في مشيخته الّتي خرّجها لَهُ عِيَاض: سمع يونس بْن عَبْد اللَّه بْن مغيث، وحمل عَنْهُ المُوَطّأ وسُنَن النَّسَائيّ. وكان أسند من بقي، صحيحًا، فاضلًا، عنده بَلَهٌ تامّ بأمر دُنْياه وغَفْلَة، ويؤثر عَنْهُ في ذَلِكَ طرائف. وكان شديدًا عَلَى أهل البدع، مُجانبًا لمن يخوض في غير الحديث. وروى الْيَسَع بْن حَزْم عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابن الطّلّاع في بستانه، فإذا بالمعتمد بْن عَبّاد يجتاز من قصره، فرأى ابن الطّلّاع، فنزل عَنْ مركوبه، وسأل دُعاءه وتذمّم وتضرّع، ونذر وتبرَّع، فقال لَهُ: يا مُحَمَّد انتبه من غفلتك وسِنَتِك. قلت: وآخر من روى عَنْهُ عَلَى كثرتهم: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل القَيْسيّ اللّبليّ نزيل مراكش، وبقي إلى سنة سبعين وخمسمائة. وقد أجاز لنا رواية المُوَطّأ أبو مُحَمَّد بْن هارون الطّائيّ قَالَ: ثنا القاسم أحمد بْن بَقِيّ قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن عَبْد الحق الخزرجي القرطبي قال: ثنا الطّلّاع بإسناده.
وروى عَنْهُ: عليّ بْن حُنَيْن، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل كتاب المُوَطّأ، وهما من شيوخ ابن دِحْيَة.(34/135)
292- المؤمَّل بْن أحمد بْن المؤمَّل: أبو البركات المصِّيصيّ الدّمشقيّ1. سمع: ابن سلْوان، ورشأ بْن نظيف، والأهوازيّ. سمع منه: أبو مُحَمَّد بْن صابر وقال: كَانَ يكذب في انتمائه إلى عثمان -رضي الله عنه.
"حرف الياء":
293- يزيد: مولى المعتصم باللَّه مُحَمَّد بْن مَعْن بْن صُمَادح2. أبو خَالِد، من أهل المَرِية. روى الكثير عَنْ: أَبِي العبّاس العُذْريّ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْهُ غير واحدٍ من شيوخنا، وكان معتنيا بالأثر وسماعه، ثقة في روايته. وكان مقرئًا فاضلًا. تُوُفّي في المحرَّم. قلت: روى عَنْهُ: أبو العبّاس بْن العريف الزّاهد، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عاصم الثقفي.
وفيات سنة ثمان وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
294- أحمد بن الحسين بن محمد بْن إِبْرَاهِيم: أبو طَالِب الْبَصْرِيّ3، ثمّ البغداديّ الكَرْخيّ الخبّاز. شيخ عامي صحيح السَّماع. سمع سنة إحدى وعشرين وأربعمائة من عَبْد المُلْك بْن بِشْران. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وهو من شيوخ السِّلَفيّ في البشْرانيّات.
295- أحمد بْن خَلَف بْن عَبْد المُلْك بْن غالب: أبو جعفر بْن القَلَعيّ4، من أهل غَرْناطة. روى عَنْ: حاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن عتّاب، وجماعة. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ ثقة صدوقًا. أخذ النّاس عَنْهُ، وتُوُفّي في ربيع الآخر.
296- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الخطيب: أبو منصور الهاشْميّ المعروف بابن الدبخ5 الكوفيّ. سمع: مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، ومُحَمَّد بن
__________
1 الميزان "6/ 137".
2 الصلة "2/ 690".
3 لم نقف عليه.
4 الصلة "1/ 72".
5 لا بأس به.(34/136)
فَدُّوَيْه. وعنه: المبارك بْن أحمد الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ. تُوُفّي في ذي الحجّة.
297- أحمد بْن نَصْر بْن أحمد: أبو منصور الخراساني الخوجاني الواعظ1. قدِم بغداد في هذا العام. وروى عَنْ: أَبِي عثمان الصّابونيّ. سمع منه: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وغيرهما.
298- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن: الحافظ أبو عليّ البَرَدَانيّ2 البغدادي. ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة، وأوّل سماعه في سنة ثلاثٍ وثلاثين من أبي طالب العشاري. قال السمعاني: كان أحمد المتميّزين في صنعة الحديث وأحد حفاظه، خرّج لنفسه وللشّيوخ، وكتب الكثير. وكان ثقة صالحًا. سمع: عَبْد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ، وأبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ، والقاضي أبا يَعْلَى، وأبا بَكْر الخطيب، وطبقتهم. وكان حنبليا؛ واستملى لأبي يَعْلَى. حَدَّثَنَا عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ. قلت: وقد جمع مجلدًا في "المقامات النبوية"، انتخبه السِّلَفيّ، وسمعه منه، وهو مما يرى اليوم بعُلُوّ بالنسبة إِلَيْهِ. تُوُفّي في حادي وعشرين شوّال. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ أبو عليّ أحفظ وأعرف من شُجاع الذُّهْليّ. وكان ثقة ثَبْتًا، لَهُ مصنَّفات. قَالَ: وكانا حنبَليَّيْن. قلت: وروى عَنْهُ: عليّ بْن طراد الوزير، وأحمد بْن المقرّب، وجماعة. قرات بخط أبي عليّ: أَنْبَأَ عثمان بْن مُحَمَّد بْن دُوست العلّاف إجازة كتبها لي سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، وفيها مات، أَنَا أبو بَكْر الشّافعيّ، فذكر حديثًا. وقد سأله السِّلَفيّ في كراسٍ عَنْ جماعة من الرجال، فأجابه جواب عارفٍ محقِّق.
299- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن مَرْدُوَيْه بْن فُورَك بْن موسى: أبو بَكْر سِبْط الحافظ أَبِي بَكْر بْن مَرْدُوَيْه الحافظ3. سمع: أبا منصور محمد بْن سلمان الوكيل، وعُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الهَيْثَم الواعظ، وغلام محسن، والحسين بْن إِبْرَاهِيم الحمّال، وأبا بكر بن أبي علي
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "19/ 219"، شذرات الذهب "3/ 408".
3 السير "19/ 207"، شذرات الذهب "3/ 408".(34/137)
الذّكْوانيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن قُولُوَيْه التّاجر، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم الثَّقْفيّ الواعظ، وجماعة. قَالَ السِّلَفيّ: كتبنا عَنْهُ كثيرًا، وكان ثقة جليلًا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُتُب الحافظ. قلت: روى عَنْهُ: أبو رُشَيْد إسماعيل بْن غانم، وعدّة. تُوُفّي بسُوذَرْجان، إحدى قرى إصبهان. قَالَ يحيى بن منده: ولد سنة تسع وأربعمائة، وكان كثير السَّماع، واسع الرّواية. قلت: بقي حفيده عليّ بْن عَبْد الصَّمد إلى سنة 57 يحدِّث عَن الثَّقْفيّ، أمّا هُوَ فرأيت لَهُ "طُرُق طلب العِلم" تذكّر عَلَى معرفته، وحِفْظَه، لم يلحق الأخذ عَنْ جَدّه.
"حرف الباء":
300- بَركيَارُوق: السُّلطان أبو المظفّر رُكْن الدين ابن السّلطان الكبير ملِكْشاه بْن ألْب أرسلان بْن دَاوُد بْن ميكائيل بْن سلْجُوق بْن دُقَاق السَّلْجوقيّ1 ويُلَقَّب أيضًا شهاب الدّولة. تملَك بعد موت أَبِيهِ، وكان أَبُوهُ قد ملك ما لم يملكه غيره. وكان السّلطان سَنْجَر نائب أخيه رُكْن الدين عَلَى بلاد خُراسان. وكان ملازمًا للشُّرْب. بقي في السَّلْطنة اثنتي عشرة سنة، وتُوُفّي ببرُوجِرْد في شهر ربيع الأوَّل، وقُتِل الآخر. وأمّا أخوه سَنْجَر، فامتدّت أيّامه، وعاش إلى بعد سنة خمسين وخمسمائة. وبركياروق فتح الباء الموحَّدة. تمرّض بأصبهان بالسُّلّ والبواسير، فسار منا في مِحَفَّة طالبًا بغداد، فضعُف في الطريق وعجز. ولمّا احتضر خلع عَلَى ولده ملكشاه، وله نحو خمس سنين، وجعله وليَّ عهده بمشورة الأمراء، وحلفوا لَهُ، ومات -وهو ببروجرد، ودُفن بأصبهان في تربة لَهُ. وعاش خمسًا وعشرين سنة، قاسى فيها من الحروب واختلاف الأمور ما لم يُقاسه أحد، واختلفت بِهِ الأحوال ما بين انخفاض وارتفاع، فلمّا قوي أمره، وصار كبير البيت السَّلْجوقيّ أدركته المنية. وكان مَتَى خُطِب لَهُ ببغداد وقع الغلاء، ووقفت المعايش، ومع ذَلِكَ يحبّونه ويختارونه. وكان فيه حلْم وكَرَم وعقْل وصَفْح، عفا الله عنه.
__________
1 السير "19/ 195"، البداية والنهاية "12/ 164".(34/138)
"حرف الثاء":
301- ثابت بْن بُنْدار بْن إِبْرَاهِيم بْن بُنْدار: أبو المعالي الدِّيَنَوَريّ الأصل، البغداديّ، المقرئ البقّال1.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، ثقة، فاضلًا، واسع الرّواية. أقرأ القرآن، وحدَّثَ بالكثير. سمع: أبا القاسم الحرفي، وأبا بكر البرقاني، وأبا علي بن شاذان، وعثمان بْن دُوَسْت، وأبا عليّ بْن دوما. روى لنا عَنْهُ: ابنه يحيى، وابن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر، وعبد الخالق بْن أحمد اليُوسُفيّ، وجماعة كثيرة بمَرْو، وبلْخ، وبُوشَنْج. وقرأت بخطّ والدي: ثابت ثابت. وقال عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ: ثقة مأمون. وقال غيره: كَانَ يُعرف بابن الحمامي، ولد سنة ست عشرة وأربعمائة. وقرأ عَلَى: ابن الصقر الكاتب، وأبي تَغْلِب المُلْحَميّ. قرأ عَلَيْهِ سِبْط الخيّاط، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن شُنَيْف. وروى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأحمد بْن المبارك المرقعاني، وأحمد وعُمَر ابنا تيمان المستعمل، وشُهْدَة الكاتبة، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وحدَّثَ عَنْهُ بالإجازة الفقيه نَصْر المَقْدِسيّ.
"حرف الحاء":
302- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز: أبو بَكْر الطّائيّ المُرْسِي النَّحْويّ2، ويُعرف بالفقيه الشّاعر لغلبة الشعر عَلَيْهِ. روى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن عتاب، وأبي عمر بن القطان، وأبي محمد بن المأموني، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وابن أرفع رأسه. وجالس أبا الوليد بن مقيل. وله كتاب المقنع في النَّحْو. تُوُفّي في رمضان، وله ستٍّ وثمانون سنة.
303- الحُسين بْن عليّ بْن الحُسين: أبو عَبْد اللَّه الطَّبَريّ الفقيه3. نزيل مكة ومحدثها.
__________
1 السير "19/ 204"، شذرات الذهب "3/ 408".
2 الصلة "1/ 138".
3 السير "19/ 203"، شذرات الذهب "3/ 408".(34/139)
ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة بآمُل طَبَرِسْتان، ورحل نَيْسابور سنة تسعٍ وثلاثين. سمع صحيح مُسْلِم من عَبْد الغافر الفارسيّ، وسمع: عمرو بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ وسمع بمكّة صحيح الْبُخَارِيّ من كريمة. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ حَسَن الفتاوى، تفقّه عَلَى ناصر بْن الحُسين العُمَريّ المَرْوَزِيّ، وصار لَهُ بمكّة أولاد وأعقاب. قلت: روى عَنْهُ: إسماعيل الحافظ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو غالب الماوَرْدِيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد العبّاسيّ الْمَكِّيّ، ورَزِين بْن معاوية العَبْدَريّ مصنِّف جامع الأصول، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن العربيّ القاضي، وأبو الحَجّاج يوسف بْن عَبْد العزيز المَيُورقيّ، ووجيه الشّحّاميّ، وخلق بن المغاربة. قَالَ ابن سكرة في مشيخته التي خرّجها عِيَاض لَهُ: هُوَ شافعي أشْعَريّ جليل.
قَالَ: وبعضهم يكنّيه بأبي عليّ، ويُدْعَى إمام الحرمين، لازم التّدريس لمذهب الشّافعيّ والتّسميع بمكّة نحْوًا من ثلاثين سنة، وكان أسند من بقي في "صحيح مُسْلِم"، يعني بمكّة؛ سمعه منه عالم عظيم. وكان من أهل العلم والعبادة. وجرت بينه وبين أَبِي مُحَمَّد هياج بْن عُبَيْد الشّافعيّ وغيره من الحنابلة ممّن يَقُولُ من أصحاب الحديث بالحرف والصَّوت خُطُوب. وقال هبة اللَّه بْن الأكفانيّ: تُوُفّي بمكّة في العشر الأواخر من شَعْبان. وقال ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ أَنَّهُ انتقل إلى إصبهان، فمات بها.
304- الحُسين بْن مُحَمَّد بْن أحمد: الحافظ أبو عليّ الغسّانيّ الْجَيَّانيّ1. ولم يكن من جَيّان، إنّما نزلها أَبُوهُ في الفِتْية، وأصلهم من الزهراء. رئيس المحدثين بقرطبة، بل بالأندلس.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْ: حَكَم بْن مُحَمَّد الْجُذَاميّ، وأبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي شاكر القَبْريّ عَبْد الواحد، وأبي عَبْد اللَّه بن عتاب، وحاتم بن محمد، وأبي عمر بن الحذاء، وسراج بن عبد الله القاضي، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي العبّاس العُذْريّ، وجماعة كثيرين سمع منهم وكتب عَنْهُمْ. وكان من جهابذة المحدّثين وكبار العلماء المسندين، وعني بالحديث وضبْطه، وكان بصيرًا باللُّغة، والإعراب، والغريب، والشِّعْر، والأنساب، جمع من ذَلِكَ كلّه ما لم يجمعه أحدٌ في وقته. ورحل النّاس إليه، وعولوا في الرواية عليه. وجلس لذلك بجامع قرطبة.
__________
1 السير "19/ 148"، شذرات الذهب "3/ 408".(34/140)
وسمع منه الأعلام، وأنبأ عَنْهُ غير واحد، وصفوه بالجلالة، والحِفْظ، والنّباهة، والتّواضع، والصّيانة. قَالَ السهيلي في الروض: حدَّثني أبو بَكْر بْن طاهر، عَنْ أَبِي عليّ الغساني، أنّ أبا عُمَر بْن عَبْد البَرّ قَالَ لَهُ: أمانةُ اللَّه في عُنُقِك، مَتَى عبرتَ عَلَى اسمٍ من أسماء الصّحابة لم أذْكُرُه، إلّا أَلْحَقْتَه في كتابي الّذي في الصّحابة. وقال ابن بَشْكُوَال: قال شيخنا أبو الحسن بن مغيث: كان من أكمل من رأيت عِلْمًا بالحديث، ومعرفة بطُرُقُه وحِفْظًا لرجاله. عانى كُتب اللغة، وأكْثَرَ من رواية الأشعار، وجمع من سعة الرّواية ما لم يجمعه أحد. أدركناه، وصحّح من الكُتُب ما لم يصحّحه غيرُه من الحُفّاظ. كُتُبه حُجّةٌ بالغة. جمع كتابًا في رجال الصّحيحين سمّاهُ "تقييد المُهْمَل وتمييز المُشْكَل" وهو كتابٌ حَسَن مفيد، أخذه النّاس عَنْهُ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: وسمعناه عَلَى القاضي أَبِي عَبْد اللَّه بْن الحَجّاج، عَنْهُ، وتُوُفّي ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلةٍ خَلَت من شَعْبان، ومولده في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وكان قد لزم داره قبل موته بمدة لزَمانَةٍ لِحقَتْه. قلت: روى عَنْه: مُحَمَّد بْن الحَكَم الباهليّ شيخ العُمانيّ، والسِّلَفيّ في سماع "تقييد المُهْمَل"، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم الْجَيَّانيّ المشهور بالبغداديّ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو العلاء زهر بْن عَبْد المُلْك الإياديّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سماك الغَرْناطيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن أَبِي ليلى الْأَنْصَارِيّ الحافظ، ويوسف بْن يَبْقى النَّحْويّ، وخلْق كثير، آخرهم فيما أرى وفاءً: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل التِّنِّيسيّ مُسْنِد مُرّاكش، سمع منه صحيح مُسْلِم، وتُوُفّي في سنة سبعين وخمسمائة.
"حرف السين":
305- سقمان، ويقال: سكمان، ابن أُرْتُق بْن أَكْسَب التُّرْكُمانيّ1: ولي هُوَ وأخوه إيل غازي إمرةَ القُدس الشَريف بعد أبيهما، فقصدهما الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش، وأخذ منهما في شوّال سنة إحدى وتسعين، فتوّجها إلى الجزيرة، وأخذا ديا بكر، ثم توفي سقمان بين طرابس وماردين هِيَ إلي اليوم لذُرِّيّته. وقد ساق صاحب الكامل أخباره في أماكن، إلى أنّ ذكر وفاته، فحكى أن ابن عمار طلبه ليكشف عنه الفرنج على مالٍ يعطيه، وأن صاحب دمشق مرض وخاف على دمشق،
__________
1 السير "19/ 234"، شذرات الذهب "3/ 409".(34/141)
فطلبه ليسلّم إِلَيْهِ البلد، فسار إلي دمشق ليملكها، ويتجهز منها لغزو الفرنج، فأخذته الخوانيق، وتُوُفّي بالقريتين، ونُقِل فدُفن بحصن كَيْفا. قَالَ: وأمّا ملكه ماردين فإنّ صاحب المَوْصِل كَرْبُوقا قصد آمِد، فجاء سُقْمان ليكشف عَنْهَا، فالتقوا، وكان عماد الدين زنكي بْن آقسُنْقُر حينئذٍ صبيًّا مع كربوقا، فتظهر سُقْمان عليهم، فألقى الصَّبيَّ إلى الأرض، وصاح مماليك أَبِيهِ: قاتِلُوا عَنْ زنكي. فصدقوا حينئذ في القتال، فانهزم سُقْمان، وأسروا ابن أخيه فسجنوه بماردين، وهي لإنسان مغني للسّلطان بَركيَارُوق، غنّاه مرّةً، فأعطاه ماردين، فمضت زوجة أُرْتُق تسأل لصاحب المَوْصِل أنّ يطلق الشاب من حبس ماردين، فأطلقه، فنزل تحت ماردين، وبقي يفكر كيف يتملكها. وكان الأكراد الذين يجاورونها قد طمعوا في صاحبها المغني، وأغاروا عَلَى ضياع ماردين، فبعث ياقوتي ابن أخي سقمان، أعني الذي كان مسجونًا بها، إلى صاحبها يَقُولُ: قد صار بيننا مَوَدَّة، وأريد أنّ أُعمِّر بلدك، وأمنع الأكراد منه، وأقيم في الرُّبَض. فأذِن لَهُ، فبقي يُغِير من بلاد خلاط إلى أطراف بغداد، وصار ينزل معه بعض أجناد القلعة، وهو يكرمهم، ويكسبون معه، إلى أنّ صار ينزل معه أكثرهم، فلمّا عادوا من الغارة أمسكهم وقيَّدهم، وساق إلى القلعة، فنادى أهاليهم: إنّ فتحتم الباب وإلّا ضربت أعناقهم. فامتنعوا، فقتل إنسانًا منهم، فسلّموا القلعة إِلَيْهِ. ثمّ جمع جمعًا، وأغار عَلَى جزيرة ابن عُمَر، فجاء صاحبها جَكَرْمِش، وكان ياقوتي قد مرض، فأصابه سهم فسقط. وجاء جَكَرْمِش، فوقف عَلَيْهِ وهو يجود بنفسه، فبكى عَلَيْهِ، فمضت امرأة أُرْتُق إلى ابنها سقمان، وجمعت التركمان، وطابت بأار ابن ابنها، وحاصر سُقْمان نصيبين. وملك ماردين عليّ أخو ياقوتي، ودخل في طاعة صاحب المَوْصِل، وسار إلى خدمته، واستناب بها أميرًا، فعمل عَلَيْهِ سُقْمان وقال: إنّ ابن أختك يريد أن يسلم ماردين لجكرمش، فتملكها سُقْمان.
"حرف العين":
306- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف بن بشر: أبو محمد المعافري القرطبي1.
__________
1 الصلة "1/ 290".(34/142)
من بيت فقهٍ وقضاء. روى عَنْ: حَكَم بْن مُحَمَّد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن عتاب، وأبي عُمَر بْن الحدّاد. وكان حَسَن الطّريقة، ذا سمتٍ وهديٍ صالح، وله اعتناء بالعِلْم والرّواية. سمع منه النّاس. توفي أبو محمد بن بشر في المحرَّم، وله أربعٌ وثمانون سنة، ومات معه ابنه عُبَيْد اللَّه قاضي الجماعة.
307- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الْجُنَيْد: الحاكم أبو نَصْر النَّيْسابوريّ الحنفيّ1. شيخ صالح. سمع: أبا الحسن بن علي بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ، وأبي سَعْد الصَّيْرفيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن الصّفّار، وعبد الخالق بْن زاهر، وأبو طاهر السِّنْجيّ. مات في شوّال في عَشْر التّسعين.
308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز: أبو غالب بْن الدّهّان الطّرائفيّ2. بغداديّ. سمع: ابن غَيْلان، وغيره. وعنه: السِّلَفيّ. وقال شجاع الذُّهْليّ: لا بأس بِهِ.
309- عليّ بْن خَلَف بْن ذي النُّون بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن هُذَيْل. أبو الحَسَن العَبْسيّ القُرْطُبيّ الإشبيليّ الأصل3، المقرئ، أحد الأعلام والزهاد والأئمة والأوتاد، أولو العِلْم والعمل. سمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن خَزْرَج. ورحل فأخذ بمصر عَنْ: أَبِي العبّاس بْن نفيس تلاوة، وأبي عَبْد اللَّه القُضاعيّ كتاب الشّهاب، وعليه يعوَّل النَّاس فيه. وروى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد بْن الوليد الأندلسيّ، والفقيه نَصْر المَقْدِسيّ. أخذ عَنْهُ: عَبْد الجليل بْن عَبْد العزيز الأُمَويّ، وعبد اللَّه بْن موسى القُرْطُبيّ، ويحيى بْن مُحَمَّد بْن سعادة المقرئ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ رحمه اللَّه من جلة المقرئين، وفضلائهم، وعُلمائهم، وخيارهم. وأقرأ النّاس بالمسجد الجامع بُقْرطُبة، وأسمعهم الحديث. وكان ثقة، شُهِر بالخير والزهد في الدنيا، والتَّقَلُّل والصّلاح والتّواضع، وشُهِرت إجابة دعوته، وعُلِمَت في غير ما قصة.
__________
1 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.
2 انظر السابق.
3 معرفة القراء الكبار "1/ 460".(34/143)
تُوُفّي لثلاث عشرة تبقّى من جُمَادَى الأولى، وكانت جنازته مشهودة. ومولده في سنة سبْعٍ عشرة وأربعمائة.
310- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن قُنيْن. أبو الحَسَن العبْديّ الكوفي الخزّاز1. قدِم في هذه السّنة بغداد، وحدَّثَ بها عَنْ أَبِي طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الصّبّاغ، سمعه في سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربعمائة. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن السّمعانيّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ.
311- عليّ بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل العراقي: أبو الحَسَن الشّافعيّ2، ويُلَقِّب بقاضي القضاة. ولي القضاء بطُوس، وتفقه عَلَى: أَبِي مُحَمَّد الْجُوَينيّ. وسمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان إسماعيل الصّابونيّ، وابن المهتدي باللَّه، وعدة. روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السِّنْجيّ. تُوُفّي بطوس في أوّل رمضان، وله أربع وثمانون سنة.
312- عيسى بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم: الواعظ أبو المؤيد الغَزْنَويّ3. كاتب، شاعر، متفنّن، متعصُب للأشعريّ. قدِم بغداد ووعظ وحصّل لَهُ قبولٌ عظيم، ثمّ ذهب، فمات بإسْفَراين في هذه السّنة.
"حرف الفاء":
313- الفضل بْن عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الفضل بْن يعقوب4:
أبو عَبْد اللَّه بن أبي قاسم بن الشيخ أبي الحسن بْن القطّان المَتُّوثيّ. قَالَ السّمعانيّ: هُوَ والد شيخنا هبة اللَّه الشاعر. كَانَ من أولاد المحدّثين، وكان بقية بيته. سمع: مُحَمَّد بْن علي كردي، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، وغيرهما. وروى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الحافظ، ومُحَمَّد بْن ناصر، وأبو طاهر السِّنْجيّ المَرْوَزِيّ. قلت: وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ. وقع لي جزء من طريقه. ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة. وتوفي لست بقين من ربيع الأول.
__________
1 المشتبه "2/ 538".
2 طبقات الشافعية "3/ 303" للسبكي.
3 البداية والنهاية "12/ 165".
4 لا بأس به.(34/144)
314- فِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن شاذي: أبو الحُسين الشَّعْرانيّ الهَمَذانيّ1. قدم بغداد سنة تسعين حاجًّا. وحدَّثَ: وسمع: أبا الفضل عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الهَرَوِيّ، وعليّ بْن شُعَيْب القاضي، وأبا منصور أحمد بْن عُمَر، وأبا مسعود البجلي، وأحمد بن زنجويه، منصور بن رامش، وعلي بن إبراهيم سخْتام، ومُحَمَّد بْن عيسى محدِّث هَمَذَان، وأحمد بْن عَبْد الواحد بْن شاذي. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، مكثرًا، صدوقًا، من أولاد المحدثين، عُمِّر حتّى انتشرت عَنْهُ الرّواية. روى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر المَغَازليّ، وأبو طاهر السنجي، وغيرهم. ولد فيد في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في أواخر ربيع الآخر. قلت: وممّن روى عَنْهُ: أبو الفتوح الطّائيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ. مات بهَمَذَان.
"حرف الميم":
315- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَيْداس: أبو طاهر التُّوثيّ الحطّاب2، من محلّة التُّوثَة. سمع أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم الحرفي. وأجاز لَهُ أبو الحُسين بْن بِشْران. وُلِد سنة عشر وأربعمائة. وتُوُفّي في المحرَّم. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ.
316- مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام بْن أحمد بْن مُحَمَّد: الشريف أبو الفضل الْأَنْصَارِيّ البزّار3. كَانَ ثقة صالحًا، من بيت حديثٍ وخير. سمع: أبا القاسم الحرفيّ. وأبا عليّ بن شاذان، وأبا بَكْر البَرْقانيّ. وغيرهم. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وأبو المظفَّر يحيى بْن عليّ الخيميّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وخطيب المَوْصِل. ومات في ربيع الآخر، وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة.
__________
1 المشتبه "2/ 514".
2 المشتبه "1/ 102".
3 شذرات الذهب "3/ 309".(34/145)
317- محمد بن علي بن الحسن بن أبي الصَّقْر. أبو الحَسَن الواسطيّ الفقيه الشّافعيّ1 الكاتب. أحد الشُّعراء، لَهُ ديوان في مجلدٍ؛ وعاش بضعًا وثمانين سنة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره تفقّه عَلَى إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وكان يتردّد ما بين واسط وبغداد. وحدَّثَ عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن القطّان. روى عَنْهُ: كثير بْن شماليق ناصر أيضًا. ومن شِعره:
من عارضَ اللَّه في مشيئته ... فما من الدّين عنده خَبَرُ
لا يقدر النّاس باجتهادهم ... إلّا عَلَى ما جرى بِهِ القَدَرُ
وعمل فيهم أشعارًا.
318- مُحَمَّد بْن فَتُّوح بْن عليّ بْن وليد: أبو عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ الطَّلْبيريّ، قاضي غرناطة2. روى عَنْ: أَبِي جعفر بْن مغيث، والطَّلَمَنْكيّ، وأبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي عُمَر بْن سميق، وجماعة. وكان عالمًا بالرأي والوثائق. تُوُفّي بمالقة في صَفَر.
319- مُحَمَّد بْن محمود بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم: أبو عَبْد اللَّه الرّشِيديّ النَّيْسابوريّ الفقيه3. خَدَم أبا عثمان الصّابونيّ، وكان تقيًّا رضِيّ الأخلاق، منفقًا عَلَى أهل العلم. سمع: ببغداد من: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان؛ ويحتمل أَنَّهُ سمع من أصحاب الأصمّ، فإنّه أدرَّ لهم. وأملى مجالس. وتُوُفّي في شوّال وله سبْعٍ وثمانون سنة. وقد سمع من أبي سعد فضل الله المهيني. روى عَنْهُ: أبو البركات بْن الفُرَاويّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أحمد الصّفّار، وأبو نَصْر أحمد بْن عَبْد الوهّاب، وجماعة.
320- مُحَمَّد بن محمد بن محمد بن الطيب: أبو الفضل ابن الصّبّاغ البزّار. سمع: ابن دُوَسْت العلّاف، وأبا القاسم بْن بِشْران. وعنه: سِبْط الحناط، وابن ناصر، والسِّلَفيّ. مات في صَفَر.
__________
1 السير "19/ 238"، البداية والنهاية "12/ 165".
2 الصلة "2/ 565".
3 لم نقف عليه.(34/146)
"حرف النون":
321- نَصْر اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان: أبو عليّ الخُشْناميّ النَّيْسابوريّ1. ثقة صالح: قاله أبو سَعْد السّمعانيّ. سمع: أبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبا بَكْر الحِيّري، وعليّ بْن أحمد بْن عَبْدان، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ. وصار مُسْنِد خُراسان. وطال عُمره، وما أراه يروي عَنِ السُّلَميّ إلّا حُضورًا، فإن السّمعانيّ قَالَ: ولد في رمضان سنة تسعٍ وأربعمائة.
قَالَ: وتُوُفّي في شَعْبان. روى لنا عَنْهُ خلق. قلت: وقع لنا حديثه في جزء الفَلكَيّ. وروى عَنْهُ: حفيده مسعود بْن أحمد، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وعبد الخالق بْن زاهر، وعُمَر بْن الصّفّار، وخلْق.
322- نَصْر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أحمد: أبو المكارم الوكيل2، شيخ بغداد. سمع من: القاضيَيْن: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي يَعْلَى بْن الفُرَاويّ. عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الوفاء أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحُصَيْن. تُوُفّي في المحرَّم.
"حرف الهاء":
323- هبة اللَّه بْن الحسين بْن عليّ3: الكاتب تاج الرؤساء أبو نَصْر ابن أخت أمين الدّولة بْن المُوصلايا، وقد أسلما معًا. لأبي نَصْر رسائل مدوّنة، وعاش سبعين سنة. ذكره ابن خَلَّكان: أبو نَصْر بْن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء بدار الخلافة، قُلِّدَ الديوان بعد عمه أبي سعيد، فبقى نحو سنتين، ومات عَنْ سبعين سنة، وكان يبخل، إلّا أَنَّهُ كَانَ كثير الصدقة، ولم يخلف وارثًا.
وفيات سنة تسع وتسعين وأربعمائة:
"حرف الألف":
324- أحمد بْن خَلَف: أبو عمر الأموي القرطبي المؤدب4. جود القرآن
__________
1 السير "19/ 167"، شذرات الذهب "3/ 409".
2 لا بأس به.
3 وفيات الأعيان "3/ 480".
4 الصلة "1/ 72".(34/147)
عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الطّرَفيّ المقرئ. وسمع من حاتم بْن مُحَمَّد. روى عَنْهُ: القاضي أبو عَبْد اللَّه بْن الحاجّ.
325- أحمد بْن عَبْد المنعم بْن أحمد بْن بُنْدار: القائد أبو الفضل بْن الكُرَيْديّ1. سمع أبا القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن الطّبيز، وأحمد بْن مُحَمَّد العتيقي، وأبا بكر أحمد بن حريز السلماني، وعليّ بْن السِّمْسار. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ أبو الحَسَن النّابُلسيّ، وعبد اللَّه بْن خليفة وغالب بْن أحمد، وأبو الحَسَن بْن مهديّ الهلاليّ، وآخرون. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى بدمشق.
326- أحمد بْن الفضل بْن أَبِي القاسم الأصبهاني2: أبو الفضل القصّار، شيخ صالح. سمع: أبا القاسم سِبْط بَحْرُوَيْه. وبمكّة: سَعْد بْن عليّ، وهَيّاج بْن عَبْد الزّاهد. تُوُفّي من البرد بطريق مكّة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
327- أحمد بْن عليّ بْن عَبْد الغفّار: أبو طاهر البَيِّع البغداديّ3. روى عَنْ أَبِي تمام، عَنْ عليّ بْن مُحَمَّد الواسطيّ، وأبي الحَسَن محمد بْن أحمد بْن الحُسين السُّكّريّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وعبد الخالق بْن يوسف، وعُمَر بْن ظفر المَغَازليّ. وقد سمع: أبا مُحَمَّد الخلّال، وضاع سماعه. تُوُفّي في رمضان عَنْ نيف وثمانين سنة.
328- أحمد بْن مُحَمَّد: أبو بَكْر المَوَازِينيّ الإسكاف4، شيخ بغداديّ. سمع منه: السِّلَفيّ. توفي في صفر.
"حرف الباء":
329- بدر النشوي: أبو النجم الصوفي5: سافر الكثير، وصحب المشايخ، وسكن بغداد، وسمع بها من: أَبِي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي. وحدَّثَ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حبيب بْن العامريّ، ومُحَمَّد بْن علي بن فولاذ الطبري. سمعوا من هذا العام. وقال: أَنَا في عشر الثمانين.
__________
1 لا بأس به.
2 لم نقف عليه.
3 لا بأس به.
4 لم نقف عليه.
5 لم نقف عليه.(34/148)
330- بنجر بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَمُّوَيْه: أبو الوفاء الزّنْجانيّ، ثمّ الهَمَذانيّ1. قَالَ شِيرُوَيْه: كهل، سمعنا. روى عَنْ: أَبِي الفَرَج البَجَليّ، وعبد الحميد بْن الحَسَن الفُقَاعيّ، ومُحَمَّد بْن الحُسين، وعامة مشايخنا. مات في صَفَر، وكان صالحًا متديِّنًا صدوقًا.
"حرف الحاء":
331- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان بْن منصور بْن عَبْد اللَّه بْن دَلف ابن الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ ابن الشَّهْرَزُوريّ2: العطّار أبو منصور، من ساكني خرابة ابن جرادة. قرأ القرآن عَلَى: أَبِي نَصْر أحمد بْن مسرور. وسمع من: أحمد بن علي الثوري، وأبي علي المذهب، وطائفة. قرأ عَلَيْهِ ولده شيخ القراء المبارك. وحدَّثَ عَنْهُ هُوَ، والسِّلَفيّ. مات في جُمَادَى الآخرة. ذكره ابن النّجّار.
"حرف الدال":
332- دارا بن العلاء بْن أحمد: أبو الفتح الفارسيّ3 الكاتب البليغ. ذو النَّظْم النَّضير كاتب السّلطان ملكشاه. سمع مَعَ نظام المُلْك من: ابن شكْرُويه الأصبهاني، وطائفة. وأخذ عَنْهُ: السِّلَفيّ، وهزارسْت. أرّخه ابن النّجّار.
"حرف الحاء":
333- الحُسين بْن إِبْرَاهِيم: أبو عَبْد اللَّه النَّطَنْزِيّ الأصبهاني، النَّحْويّ، الملقب بذي اللّسانين4. من كبار أئمة العربية.
334- الحُسين بْن سَعْد الآمِديّ5: الأديب. حدَّثَ بأصبهان عن ابن غيلان، وبها توفي.
__________
1 لا بأس به.
2 الأنساب "7/ 420".
3 لم نقف عليه.
4 سبقت الترجمة له.
5 في عداد المجهولين.(34/149)
"حرف الخاء":
335- خمارتِكِن: أبو منصور الجستانيّ1، أمير الحاجّ. قَالَ السِّلَفيّ: قرأنا عَلَيْهِ بالمدينة النبوية: أخبركم أبو مُحَمَّد الجوهريّ. تُوُفّي بمراغة في المحرَّم.
"حرف السين":
336- سهل بْن أحمد بْن عليّ: الحاكم أبو الفتح الأَرْغِيَانيّ2 الفقيه الشّافعيّ الزّاهد، أحد الأئمة. تفقّه عَلَى القاضي حسين؛ وأخذ الأصول والتفسير عَنْ شهفور الإسْفَرائينيّ بطُوس. وأخذ عَنْ أَبِي المعالي الْجُوَينيّ علم الكلام. وولى القضاء بناحيته أرغيان، وهي قرى كثيرة من عمال نَيْسابور. ثمّ تعبد وترك القضاء وآوى إلى الخانقاه، ووقف عليها، ولزم العبادة، وصحب الزّاهد حَسَن السِّمْنانيّ. وله فتاوى مجموعة معروفة بِهِ. وقد سمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ، وهذه الطبقة فأكثر. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وغيره. تُوُفّي في يوم النَّحْر.
"حرف العين":
337- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن العبّاس: أبو القاسم الطُّوسيّ3، أخو نظام المُلْك. قَالَ السّمعانيّ: أحد مشايخ نَيْسابور في عصره، العفيف في نفسه، النّظيف في ملابسه ومجالسه وصلواته، المواظب عَلَى قراءته للقرآن في أكثر أحواله. دخل نَيْسابور في طلب العلم، وسمع الحديث؛ وكان من أولاد الدّهاقين، لهم ضيعةٌ موروثة، وكان يتجمّل بها. ثمّ استمرّ بِهِ الحال إلى أن تَرَقّى أمرُ أخيه، فما غير هيئته. سمع: أبا حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأبا عثمان الصابوني، وحفص ابن مسرور. سمع منه والدي. روى لنا عَنْهُ جماعة. وحدَّثَ ببغداد، ثنا عَنْهُ بها ابن السَّمَرْقَنْديّ. وكان مولده في سنة أربع عشرة وأربعمائة، ومات في جُمَادَى الآخرة.
338- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخوّاص البغداديّ: أبو نَصْر الدّبّاس4.
__________
1 لم نقف عليه.
2 طبقات الشافعية "3/ 169" للسبكي.
3 السابق "3/ 206".
4 لا بأس به.(34/150)
سمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم التّنُوخيّ. روى عَنْهُ: المبارك بْن أحمد، والسِّلَفيّ، وغيرهما. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ مشهورًا بالصلاح، وسماعه صحيح.
339- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن أحمد: أبو مُسْلِم الشِّيرازيّ1 اللُّغَويّ النَّحْويّ. لَهُ عدة مصنَّفات. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أفراد الدّهر وأعيان العصر، متفنّنًا، نحويا، لُغَويا فقيهًا، متكلمًا، شاعرًا. لَهُ مصنَّفات كثيرة وكان حافظًا للتواريخ. ما رأينا في معناه مثله. تُوُفّي في ذي الحجة وقد نيّف على التّسعين. حضرت الصّلاة عَلَيْهِ.
340- عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد السّلام بْن أَبِي الخَرَوَّر: الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ2، أبو الحَسَن. سمع: أبا الحَسَن بْن السِّمْسار، ومُحَمَّد بْن عَوْف، وأبا عثمان الصّابونيّ. وعنه: الخضر بْن عَبْدان، ونصر بْن أحمد السُّوسيّ. تُوُفّي في ربيع الأوَّل. وكان يقرأ عَلَى القبور.
341- عليّ بْن هبة اللَّه بْن الْحَسَن بْن أَبِي صادق: أبو سَعْد الحِيّريّ النَّيْسابوريّ3. حدَّثَ في آخر هذه السنة، ولا أعلم مَتَى مات. سمع: عليّ بْن مُحَمَّد الطّرَازِيّ صاحب الأصمّ، وأبا عُمَر، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الرَّزْجاهيّ، وأبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم المُزَكيّ. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه التَّفْتازَانيّ.
342- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف: أبو الحَسَن الْأَنْصَارِيّ العَبّاديّ الطُّلَيْطُليّ4، ويُعرف بابن اللونقه. روى عَنْ: أَبِي المطرِّف بْن سَلَمَة، وأبي سَعِيد الورّاق، وابن عَبْد البَرّ النمري. وكان فقيها، ورعًا، بصيرًا بالطب، أخذه عن أبي المطرف بن واقد. توفي بقرطبة في هذه السنة أو في التي قبلها. روى عنه: ابنه الحسن.
343- عمر بن المبارك بن عمر بن عثمان بن الخرقي: أبو الفوارس المحتسب البغدادي5. قال السمعاني: شيخ صالح دين خير.
__________
1 بغية الوعاة "2/ 102".
2 لا بأس به.
3 السير "19/ 224".
4 لا بأس به.
5 السير "19/ 224".(34/151)
سمع أبا القاسم بْن بِشْران. ثنا عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر المَغَازليّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ. قلت: وروى عَنْهُ السِّلَفيّ في البشرانيات. تُوُفّي في نصف جُمَادَى الآخرة.
"حرف الميم":
344- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بْن عَبْد الرّزّاق: الشَّيْخ أبو منصور الخياط البغداديّ1 المقرئ الزّاهد. قَالَ السّمعانيّ: ثقة صالح عابد، يقرئ النّاس ويلقن. قلت: سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الأخضر الفقيه، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد المؤدِّب وحدث عنه بمسند الحُمَيْديّ. وقرأ القرآن عَلَى الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن مسرور المقرئ. وكان قديم المولد، فلو أنه سمع في حدود العشر وأربعمائة، فكان يمكن أنّ يقرأ عَلَى أَبِي الحَسَن الحمّاميّ، ولكنّ هذه الأشياء قسمية. روى عَنْهُ جماعة منهم: سِبْطاه أبو عَبْد اللَّه الحُسين، والمقرئ الكبير أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه شيخنا الكِنْديّ، وابن ناصر، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفضل خطيب المَوْصِل، وسعد اللَّه بْن الدّجاجي، وأحمد البَاجِسْرَائيّ. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ لَهُ ورد بين العشائين، يقرأ فيه سبعًا من القرآن قائمًا وقاعدًا، حتّى طعن في السّنّ وكان صاحب كرامات. قَالَ ابن ناصر: كانت لَهُ كرامات. وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: ما رأيت مثل يوم صُلِّيَ عليّ أَبِي منصور الخيّاط من كثرة الخلْق والتبرك بالجنازة. وقال السّمعانيّ: وقد رُؤيَ بعد موته في المنام، فقيل لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي بتعليمي الصبّيان فاتحة الكتاب. وكان إمام مسجد ابن جَرْدَة بالحَرَم الشّريف، واعتكف فيه مدة يعلِّم العُمْيان القرآن لله، ويسأل لهم، وينفق عليهم. قَالَ ابن النّجّار في تاريخه: إلى أنّ بلغ عدد من أقرأهم القرآن من العُميان سبعين ألفًا. قَالَ: هكذا رأيته بخط أَبِي نَصْر اليُونَارْتيّ. قلت: هذا غلطٌ لا ريب فيه، لعلّه أراد أنّ يكتب سبعين نفسًا، فكتب سبعين ألفًا. ولا شك أنّ من ختم عليه القرآن سبعون أعمى يعزّ وقوع مثله. قَالَ السِّلَفيّ: ذكر لي المؤتمن السّاجيّ في ثاني جمعة من وفاة منصور: اليوم ختموا عَلَى رأس قبره مائتين وإحدى وعشرين ختمة، يعني أنهم كانوا
__________
1 السابق "19/ 222".(34/152)
قد قرأوا الختم قبل ذَلِكَ إلى سَورَة الإخلاص، فاجتمعوا هناك، ودعوا عقيب كل ختمة. قال السلفي: وقال أبو عليّ بْن الأمير العُكْبَريّ، وكان رجلًا صالحًا: حضرت جنازة أَبِي منصور، فلم أر أكثر خلقًا منها، فاستقبلنا يهودي، فرأى كثرة الزّحام والخلْق فقال: أشهد أنّ هذا هُوَ الحقّ، وأسلم. تُوُفّي يوم الأربعاء سادس عشر محرَّم سنة تسعٍ، ودفن بمقبرة باب حرب.
345- مُحَمَّد بن إبراهيم بن محمد بن خَلَف: أبو نعيم الواسطي ابن الْجُمَّاريّ1. روى مُسْنِد مسدَّد، عَنْ أحمد بْن المظفّر العطّار. روى عَنْهُ: عليّ بْن نغوبا، وهبة اللَّه بْن البوقي، وهبة اللَّه بْن الحلخت، وأبو طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ. وثّقه الحافظ خميس الحَوْزيّ. آخر ما حدَّثَ في هذه السنة. ولم تُؤرَّخ وفاته.
346- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى: أبو البركات بْن الوكيل، الخباز، المقرئ، الشِّيرَجيّ2. أحد الفُضَلاء بالكَرْخ. قرأ القراءات عَلَى: أَبِي العلاء الواسطيّ، والحسن بْن الصَّقْر، وعليّ بْن طلحة الْبَصْرِيّ، ومُحَمَّد بْن بُكَيْر النّجّار. وتفقّه عَلَى: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ. وسمع ديوان المتنبيّ من عليّ بْن أيّوب. وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران. قرأ عليه: أبو الكرم الشهروزري، والسِّلَفيّ، والسبط الحنّاط.
وروى عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بن منصور السماعي، وابن ناصر، والسِّلَفيّ، وأبو بَكْر عَبْد اللَّه بْن النَّقُّور. قَالَ ابن ناصر: كَانَ رجلًا صالحًا، اتُّهِمَ بالإعتزال، ولم يكن يذكره، ولا يدعو إِلَيْهِ. وقال أبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد: دخلت عَلَيْهِ مَعَ المؤتَمَن السّاجيّ في مرضه، فقال لَهُ المؤتمن: يا شيخنا، بلغنا عنك أشياء. فقال: ذَلِكَ صحيح، وأنا قد رجعت إلى الله، وتبت عن ذَلِكَ الاعتقاد. وُلِد في رمضان سنة ستٍّ وأربعمائة، ومات في ربيع الأوَّل، وله ثلاثٌ وتسعون سنة.
347- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن أَبِي البقاء. أبو الفَرَج البصري3، قاضي القضاة بالبصرة.
__________
1 السير "19/ 245".
2 غاية النهاية "2/ 187، 188".
3 البداية والنهاية "12/ 166".(34/153)
كَانَ عالمًا، فهمًأ، فصيحًا، كثير المحفوظ، مهيبًا تام المروءة، متدينًا. قدِم بغداد وسمع: الطَّبَريّ، والتنوخي، وأبا الحَسَن الماوَرْدِيّ. وكان يقرئ كُتُب الأدب. تُوُفّي في المحرَّم بالبصرة. وقد سَمِعَ بالكوفة من: مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ. وبالبصرة من: الفضل بْن مُحَمَّد القصباني، وعيسى بْن موسى الأندلسيّ؛ وبواسط من: أبي غالب بْن أحمد بْن بِشْران.
وأملى مجالس بجامع البصرة. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة الصَّدَفيّ وقال: كَانَ من أعلم النّاس بالعربية واللّغة. وله تصانيف، ما رأيت مجلسًا أوقر من مجلسه. وَقَالَ السِّلَفِيُّ: أَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ، عَنِ ابْنِ رَوَاجٍ، عَنْهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْفَرَجِ قَالَ: أنبا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا أَبُو خَلِيفَةَ، نا مُسَدَّدٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، نا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رجلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ"1. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أجلّاء القُضاة، وبنى دارًا للعِلْم بالبصرة في غاية الحَسَن والزخرفة، ووقف بها اثني عشر ألف مجلَّدة، ثمّ ذهبت عند فتنة العرب والتُّرْك لمّا نُهْبت البصْرة.
348- المُعَمَّر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن إسماعيل: أبو البقاء الكوفيّ، الحبّال2، الخزّاز، المعروف في بلده. بخُرَيْبَة. روى بالكوفة وبغداد عَن الكبار. سمع: القاضي جناح بْن نذير المُحَارِبيّ، وزيد بْن أَبِي هاشم العَلَويّ، وأبا الطَّيِّب أحمد بْن عليّ الجعفري.
روى عنه: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وكثير بْن سماليق، والمبارك بْن أحمد الْأَنْصَارِيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وابن ناصر، والسِّلَفيّ. قَالَ السّمعانيّ: شيخ ثقة، صحيح السّماع، انتشرت عَنْهُ الرّواية، وعُمّر حتّى روى كثيرًا. وقال: قليل السّماع، إلّا أَنَّهُ بُورك لَهُ فيما سمع. روى لنا عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو المعالي الحُلْوانيّ بمَرْو؛ وأبو القاسم إسماعيل الحافظ بأصبهان.
__________
1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي "6/ 2397" في الكامل، والدارقطني "4/ 181" في سننه، والطبراني "7781" في الكبير، وابن عبد البر "3/ 84" في التمهيد، والبيهقي "10/ 298" في سننه الكبرى.
2 السير "19/ 209".(34/154)
وقد سأله هُزَارسْت بْن عوض عَنْ مولده، فقال: سنة عشرٍ وأربعمائة. وقال أبو بَكْر بْن طُرْخان، والحسين بْن خَسْرُو: وسألناه عَنْ مولده فقال: سنة ثلاث عشرة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة بالكوفة.
349- مكّيّ بن جبير بْن عَبْد اللَّه بْن مكّيّ بْن أحمد: أبو مُحَمَّد الهَمَذانيّ الشّعّار1. سمع من: شيخه أَبِي القاسم نَصْر بْن عليّ، وابن حُمَيْد، وابن أَبِي اللَّيْث، وأبي سَعْد بن الصّفّار، وأبي سَعْد بْن ممسوس وأبي طَالِب بْن الصّبّاح، وهارون بْن ماهلة، وابن مأمون، وعامّة مشايخ هَمَذَان. ورحل إلى بغداد، فسمع من أَبِي مُحَمَّد الجوهريّ، وأبي جعفر بْن المسلمة. وجمع كُتُبًا كثيرة في العلوم. قَالَ شِيرُوَيْه: كُنَّا نسمع بقراءته من مشايخ البلد ومن القادمين، وكان حسن السيرة، شديدًا في السُّنّة، متعصِّبًا لأهل الأثر، مؤمنًا، متواضعًا.
قلت: روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السنجي: أبو الفتوح مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الطّائيّ، وطائفة سواهم. تُوُفّي في ثامن وعشرين جُمَادَى الآخرة.
350- مُهَارِش بْن مجلي بْن عُكَيْث: أبو الحارث مجير الدين العقيلي2 أمير العرب بعانة والحُدَيْثَة. كَانَ كثير الصلاة والخير والبِرّ، يتصدق كل يوم بثلاثمائة رطل خُبْز.
ولمّا خرج أرسلان البساسيريُ في سنة خمس وأربعمائة عَلَى الخليفة القائم، انحاز الخليفة، فآوى إلى مُهَارِش هذا كما تقدَّم، فكان يخدم الخليفة بنفسه تِلْكَ السّنة. ورد القائم شاكرًا لَهُ. وقد مدحه مُهَارِش بقصيدةٍ، وبعث بها إِلَيْهِ، أولها:
لولا الخليفة ذو الأفضال والمنن ... نجل الخلائف آل الفرض والسنن
ما بعث قومي وهم خير الأنام ولا ... أصبحت أعرف بغدادَ أو تعرفني
حاربتُ فيه ذوي القُرْبَى، وبعت به ... ما كنت أهواه من دارٍ ومن سكن
ما استحق سواي مثل منزلتي ... ما دام عَدْلُكَ هذا اليوم ينصفني
توفي عن سن عالية.
__________
1 لا بأس به.
2 وفيات الأعيان "5/ 269"، السير "19/ 224".(34/155)
351- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الطَّيِّب بْن سَعِيد بْن الصّبّاغ: أبو الفضل البغدادي البزاز1. ولد الشَّيْخ أَبِي الحُسين. سمع: عثمان بْن مُحَمَّد بن دوست العلاف، وعبد الملك بن بشران، وجماعة. وعنه: ابن ناصر، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وأبو مُحَمَّد سِبْط الحناط، والسِّلَفيّ. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات في أوّل ربيع الأوَّل سنة تسعٍ. وأمّا أبو عامر العَبْدَريّ فقال: مات في صفر سنة ثمانٍ وتسعين كما ذكرناه. وقال: في العشرين منه. قلت: ومولده سنة عشرين أو إحدى وعشرين وأربعمائة. نقله ابن النجار.
وفيات سنة خمسمائة:
"حرف الألف":
352- أحمد بن الحسين بن علي بْن عَمْروَيْه: أبو منصور النَّيْسابوريّ2.
سمع: أَبَاهُ وأبا سَعِيد النَّصْرويّ، وعبد الغافر الفارسي، والكَنْجَرُوذيّ. وتوفي في سادس شعبان وله أربعٌ وثمانون سنة.
353- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد: أبو الفتح الحدّاد المقرئ3 الأصبهاني التّاجر، سِبْط الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. كَانَ شيخًا جليل القدْر، ورعًا، خيِّرًا، كثير الصَّدقات. تفرّد بالإجازة من إسماعيل بْن يَنّال المحبوبيّ الّذي يروي عَن ابن محبوب "جامع التِّرْمِذيّ". وأجاز لَهُ أبو سَعِيد الصَّيْرفيّ، وعليّ بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ.
وسمع: أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وعليّ بن عبد كويه، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يَزْداد غلام محسن، وأبا سهل عُمَر بْن أحمد بْن عُمَر الفقيه، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن الحُسين الدّشْتيّ، وأبا سعيد الحسين بن محمد عَبْد اللَّه بْن حَسْنَوَيْه، وعبد الواحد بْن أحمد الباطرقاني، وأبا الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وطائفة كبيرة. روى عَنْهُ: أبو طاهر السلفي، وأبو الفتح عبد الله الخرقي، وجماعة. بأصبهان؛ وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وصدقة بْن مُحَمَّد ببغداد. وقد قرأ القراءات عَلَى:
__________
1 المنتظم "9/ 148".
2 لم نقف عليه.
3 السير "19/ 216"، وشذرات الذهب "3/ 410".(34/156)
أَبِي عُمَر الخرقي، وشاكر بْن عليّ الأسْواريّ. وبمكّة عَلَى: أَبِي عَبْد اللَّه الكارَزِينيّ، وهو آخر أصحابه وفاة، وعبد اللَّه السِّلَفيّ العاصميّ إلى {حم عسق} . [الشورى: 1] وكان مولده في سنة ثمانٍ وأربعمائة. وتُوُفِّي فِي ذي القعدة.
354- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُظَفَّر: الْإِمَام أبو المظفَّر الخَوَافيّ1 الفقيه الشّافعيّ، عالم أهل طُوس مَعَ الغزاليّ. كَانَ من أنظر أهل زمانه، وهو رفيق الغزالي في الاشتغال عَلَى إمام الحَرَمين. وخواف: قرية من أعمال نَيْسابور. وكما رُزِق الغزاليّ السّعادة في تصانيفه، رزق الخوافي السعادة في مناظرته. تُوُفّي بطُوس.
355- أحمد بن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زنْجُوِيه. الفقيه أبو بَكْر الزّنْجانيّ2. وُلِد سنة ثلاث وأربعمائة، وتُوُفّي في عشر المائة. سمع ببغداد من: أَبِي عليّ بن شاذان، وغيره. وسمع من: القاضي أَبِي عَبْد اللَّه الحَسَن بْن مُحَمَّد الفلاكي، وأبي طَالِب الدَّسْكَريّ، وأبي طَالِب عَبْد الله بن عمر الشاذني، وعبد القاهر بْن طاهر البغداديّ، والحَسَن بْن عليّ بْن معروف الزّنْجانيّ، وجماعة. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ فقيهًا متقنًا، رحلتُ إِلَيْهِ مَعَ ابن شهردار، وسمعنا منه بزنجان. قلت: وروي عَنْهُ: سَعِيد بْن أَبِي شكر بأصبهان، والحافظ مُحَمَّد بْن طاهر، وأبو طاهر السِّلَفيّ. لا أعلم مَتَى تُوُفّي، لكنه حدَّثَ في العام. وكان شيخ ناحيته ومسندها ومفتيها. تفقّه بأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وسمع "مُسْنِد الْإِمَام أحمد الفلاكيّ" سنة نيف وعشرين، بسماعه من القَطِيعيّ. وسمع "مُسْنِد أَبِي يَعْلَى" من أَبِي عليّ المعروفي صاحب ابن المقرئ.
وسمع غريب أَبِي عُبَيْد، من ابن هارون التَّغْلِبيّ، عَنْ عليّ بْن عَبْد العزيز، عَنْهُ. وقرأ لأبي عَمْرو، عليّ ابن الصقر صاحب زيد بْن أَبِي بلال. وكان الرّحلة إِلَيْهِ، ومدار الفتيا عَلَيْهِ. ورأيت لَهُ ترجمة بخط الحافظ عَبْد الغنيّ سمعها من أَبِي طاهر السِّلَفيّ، فيها بعض ما قدَّمنا، وأنّه تلا بحرف أَبِي عَمْرو عليّ الحَسَن بْن عليّ بْن الصّقْر الكاتب. وقرأ كتاب المرشد عَلَى مؤلفه أَبِي يَعْلَى بْن السّرّاج. وتلا عَلَيْهِ بما في المرشد من الرّوايات. وكتب بنَيْسابور تفسير إسماعيل الضّرير، عَنْهُ. وسمع من أَبِي عليّ بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ. وكانت الرحلة إِلَيْهِ لفضله وعُلُوّ إسناده. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَفْتَى من سنة تسعٍ وعشرين.
__________
1 السير "19/ 251"، شذرات الذهب "3/ 410".
2 السير "19/ 236".(34/157)
وقيل لي عَنْهُ: إنّه لم يفت خطأ قطّ، وأهل بلده يبالغون في الثناء عَلَيْهِ، الخواص والعوام، ويذكرون ورعه، وقلة طعمه.
356- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد: الشَّيْخ أبو منصور بن الذنح، الهاشمي. الموسوي1، الكوفي، الخطيب. ولد سنة 22 وأربعمائة، وحدَّثَ ببغداد عَنْ: العَلَويّ، وابن فَدَويْه. وعنه: أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، والسِّلَفيّ. لم أجد وفاته.
357- إسماعيل بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن حِبّان: أبو عَبْد اللَّه النَسَويّ الصُّوفيّ. من خواص أَبِي القاسم القَسْريّ.
سمع: عَمْرو بْن مسرور، وغيره. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ. ومات في صَفَر.
"حرف الجيم":
358- جعفر بْن أحمد: أبو مُحَمَّد البغداديّ السّرّاج القارئ2. سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا محمد الخلال، وعبيد الله بن عمرو بْن شاهين، ومُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عُمَر بْن سُنْبُك، وأحمد بْن عليّ التَّوَّزيّ. وعليّ بْن عُمَر القَزْوينيّ، وابن غَيْلان، والبَرْمكيّ، والتّنُوخيّ، وأبا الفتح عَبْد الواحد بْن شيطا، وغيرهم ببغداد؛ والحافظ أبا نَصْر عُبَيْد اللَّه السِّجْزيّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأَرْدَسْتانيّ بمكة؛ وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب بدمشق؛ وعبد العزيز الضراب بْن الحُسين، وجماعة بمصر.
وخرج لَهُ الحافظ أبو بَكْر الخطيب خمسة أجزاء مشهورة مَرْوِيّة. روى عَنْهُ: ابنه ثعلب، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، ومُحَمَّد بْن ناصر، ومُحَمَّد بْن البطي، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وسلمان بْن مسعود الشحام، وأبو الحَسَن بْن الخَلِيّ الفقيه، وعبد الحق بْن يوسف، وشُهْدَة الكاتبة، وأبو الفضل خطيب المَوْصِل، وخلق كثير. وكتب بخطّه الكثير. وصنَّف كتاب مصارع العشاق، وكتاب حكم الصبيان، وكتاب مناقب السودان. ونظم الكثير في الفقه، واللّغة، والمواعظ وشعره
__________
1 لم نقف عليه.
2 السير "19/ 228"، شذرات الذهب "3/ 411".(34/158)
حلو سهل في سائر فنون الشعر. وكان لَهُ اعتناء بالحديث. انتخب السِّلَفيّ من كتبه أجزاء عديدة. وحدَّثَ ببغداد، ودمشق، ومصر. قَالَ شجاع الذُّهْليّ. كَانَ صدوقًا، ألّف في فنون شتى. وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: هُوَ شيخ فاضل، جميل، وسيم، مشهور، يفهم. عنده لغة وقراءات. وكان الغالب عَلَيْهِ الشِّعْر. ونظم التنبيه لابن إِسْحَاق الشِّيرازيّ، ونظم "مناسك الحجّ". وذكره الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ، فقال: ثقة، علم، مقرئ، لَهُ أدب ظاهر، واختصاص بالخطب. وقال السِّلَفيّ: سألته عَنْ مولده، فقال: إمّا في آخر سنة سبْعٍ عشرة، وأمّا في أوّل سنة ثمان عشرة وأربعمائة ببغداد. وقال السِّلَفيّ: وكان ممّن يفتخر برؤيته وروايته لديانته ودرايته، وله تواليف مفيدة. وفي شيوخه كثرة. وأعلاهم إسنادًا ابن شاذان. وقال حمّاد الحرّانيّ: سُئل السِّلَفيّ عَنْ جعفر السّرّاج فقال: كَانَ عالمًا بالقراءات، والنحو، واللّغة، وله تصانيف وأشعار كثيرة. وكان ثقة، ثبتًا. وقال ابن ناصر: كان ثقةً، مأمونًا، عالمًا، فهمًا، صالحًا، نَظَمَ كُتُبًا كثيرة، منها المبتدأ لوهب بْن منبه، وكان قديمًا يستملي عَلَى القَزْوينيّ، وأبي مُحَمَّد الخلّال. تُوُفّي في صَفَر رحمه اللَّه.
"حرف الخاء":
359- خَلَف بْن مُحَمَّد. أبو القاسم الْأَنْصَارِيّ القُرْطُبيّ، المعروف بابن السّرّاج1. مُكْثِر عَنْ حاتم بْن مُحَمَّد. وكان رجلًا صالحًا ورعًا يشار إِلَيْهِ بإجابة الدّعوة، وكان النّاس يقصدونه ويتبرّكون بلقائه ودُعائه، وسمعوا منه. تُوُفّي ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان.
"حرف العين":
360- عَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن أحمد البَرَدَانيّ2: أبو الفضل سمع: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غَيْلان، وغيره. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل.
361- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه: أبو الحسن التجيبي الطليطلي ابن المشاط.
__________
1 الصلة "1/ 175".
2 الأنساب "2/ 135".(34/159)
روى عَنْ: أحمد بْن مغيث، وجماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي مُحَمَّد الفارقيّ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ من أهل العلم، مقدمًا في الفهم، حافظًا، ذكيا، لغويا أديبًا، شاعرًا، متيقظًا. جمع كُتُبًا في غير ما فنّ. أخبرني عَنْهُ أبو الحَسَن بْن مغيث، وقال: تردّد في الأحكام بناحية إشبيلية، ثمّ صُرف عَنْهَا، وقصد مالقة فسكنها، وبها تُوُفّي في سابع رمضان، وشهده جمعٌ عظيم.
361- عَبْد الوَهَّاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب بْن مُحَمَّد: الفاميّ الفارسيّ1، أبو مُحَمَّد، الفقيه الشّافعيّ. قدِم بغداد سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة على تدريس النظامية، وكان مدرسها يومئذٍ الحُسين بْن مُحَمَّد الطَّبَريّ، فتقرر أنّ يدرس كل واحد منهما يومًا. فبقيا عَلَى ذَلِكَ سنة وعُزِلا. فأملى أبو مُحَمَّد بجامع القصر عن: أبي بكر أحمد بن الحسين بْن اللَّيْث، الشِّيرازيّ الحافظ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن حَمْدان بْن عبدك، وعليّ بْن بُنْدار الحنفي، وجماعة من شيراز. قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: قدِم عَبْد الوهّاب الفاميّ وأنا ببغداد، وخرج كافّة العلماء والقُضاة لتلقِّيه. وكان يوم قرئ منشوره يومًا مشهودًا، سَمِعْتُ عَلَيْهِ كثيرًا، وسمعته يَقُولُ: صنفت سبعين تأليفًا في ثمانية عشر عامًا.
ولي كتاب في التفسير ضمنه مائة ألف بيت شاهدًا. أملى بجامع القصر، وحُفِظ عَلَيْهِ تصحيفٌ شنيع. ثمّ أجْلِب عَلَيْهِ وطُولِب، ثمّ رمي بالإعتزال حتّى فر بنفسه. وقال السمعاني: أنا أَبُو الْعَلَاءِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْحَافِظُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ ثَابِتٍ الطَّرْقِيَّ الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ، أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيَّ أَمْلَى بِبَغْدَادَ حَدِيثًا مَتْنُهُ: "صَلَاةٌ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ كِتَابٌ فِي عليين" 2، فصحف وقال: كناز فِي عِلِّيِّينَ. وَكَانَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْخُجَنْدِيُّ حَاضِرًا فَقَالَ: مَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: النَّارُ في الغلس يكون أضوأ. قال الطرقي: وسألته بعض أصدقائي عَنْ جامع أَبِي عيسى التِّرْمِذيّ: هل لك بسماع؟ فقال: ما الجامع، ومن أبو عيسى؟ ما سَمِعْتُ بهذا قطّ. ثمّ رأيته بعد ذَلِكَ يعده في مسموعاته. قَالَ الطرقي: ولما أراد أن يملي بجامع القصر قلت لَهُ: لو استعنت بحافظٍ ما، ينتقي الأحاديث، ويرتبها عَلَى ما جرت به عادتهم؛ فقال: إنما
__________
1 السير "19/ 248"، شذرات الذهب "3/ 413".
2 "حديث حسن": أخرجه أبو داود "1288"، وأحمد "5/ 263"، "5/ 268"، والطبراني "7582"، "7734"، "7887" في الكبير، و"1/ 173" في الصغير.(34/160)
يفعل ذَلِكَ من قلت معرفته بالحديث، أَنَا حفظي يغنيني، وامتحنت بالاستملاء. فأول ما حدَّثَ رأيته يسقط من الإسناد رجلًا، ويبدل رجلًا برجل، ويجعل الواحد رجلين، وفضائح أعجز عَنْ ذكرها. ففي غير موضعٍ: نا الحَسَن بْن سُفْيَان، عَنْ يزيد بْن زريع، فأمسك أهل المجلس، وأشاروا إليّ، فقلت: سقط إمّا مُحَمَّد بْن منهال، أو أميّة بْن بِسْطام. فقال: اكتبوا كما في أصلي. وأورد: أَنَا سهل بْن بحر أَنَا سألته، فقال: إننا سالبة، وأما تبديل عَمْرو بعُمَر، وكذا جَميل بِجُمَيْل، وقال في سعيد بن عمرو والأشعثي: سعيد بن عمر، والأشعثي، فجعل واو عمرو واو العطف، فقلت: إنّما نسبه، فقال: لا. فقلت: فمن الأشعثي؟ قَالَ: فضول منك. وقال في الطور: الطَّوْد. وقال السّمعانيّ: كانت لَهُ يد في المذهب. وحدَّثَ عَنْ عَبْد الواحد بْن يوسف الخرّاز، وأبي زُرْعة أحمد بْن يحيى الخطيب، والحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عثمان بْن كرامة، وجماعة من الفارسيين. روى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والحسين بْن عَبْد المُلْك الخلّال، ومحمود بْن ماشاذة. وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: أبو مُحَمَّد الفاميّ أحفظ من رأيناه لمذهب الشّافعيّ. صنف كتاب "تاريخ الفُقَهاء"، وقال فيه: مات جدي أبو الفَرَج عَبْد الوهّاب سنة أربع عشرة وأربعمائة، وفيها وُلِدتُ. وقال غيره: تُوُفّي في الرابع والعشرين من رمضان بشيراز.
363- عليّ بْن طاهر بْن جعفر: أبو الحَسَن الدّمشقيّ1، النَّحْويّ. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلوان: وأبا نَصْر الكَفَرْطابيّ، وعليّ بْن الخضر السُّلَميّ، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا القاسم السُّمَيْساطيّ. روى عَنْهُ: جمال الإسلام أبو الحسن، وأبو المعالي محمد بن يحيى الْقُرَشِيّ، وجميل بْن تمام، وحفاظ بْن الحَسَن، والخضر بْن هبة اللَّه بْن طاوس، وأبو المعالي بْن صابر. قَالَ ابن عساكر: كَانَ ثقة. وكان لَهُ حلقة في الجامع وقف عندها كُتُبه. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل.
"حرف الميم":
364- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن بْن خُذَاداذا: أبو غالب الباقلّاني2، البقال، الفاميّ، البغداديّ، الشَّيْخ الصالح المحدّث. سمع من أَبِي علي
__________
1 بغية الوعاة "2/ 170".
2 السير "19/ 235"، شذرات الذهب "3/ 412".(34/161)
ابن شاذان، وأبي بَكْر البَرْقانيّ، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ، وطائفة. روى عَنْهُ أبو بكر السمعاني، وإسماعيل بن محمد بن التَّيْميّ، وابن ناصر، والسلفي، وخطيب المَوْصِل، وشُهْدَة، وخلق. أثنى عَلَيْهِ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ.
وقال ابن ناصر: كَانَ كثير البكاء من خشية اللَّه. قلت: عاش ثمانين سنة أو أزيد، وتُوُفّي في شهر ربيع الآخر سنة خمس مائة. وهو أخو الشيخ الإمام أبي طاهر أحمد بن الحسن الكَرْخيّ المذكور.
365- المبارك بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن القاسم بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه. الشَّيْخ الأمام، المحدث، العالم المفيد، بقية النقلة المكثرين، أبو الحُسين البغداديّ، الصَّيْرفيّ ابن الطيوري1. ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة. سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، ثمّ أبا الفَرَج الطَّنَاجِيريّ، وأبا مُحَمَّد الخلال، وابن غيلان، وأبا الحَسَن العَتِيقيّ، ومُحَمَّد بْن عَلَى الصُّوريّ، وعليّ بْن أحمد الغاليّ، وأبا طَالِب العُشاريّ، وعددًا كثيرًا. وارتحل فسمع بالبصرة أبا عليّ بْن الشّاموخيّ، وغيره. قَالَ السّمعانيّ: أكثر عَنْهُ والدي، وثنا عَنْهُ أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو المعالي الحَلْوانيّ بمَرْو، وإسماعيل بْن مُحَمَّد بأصبهان، وخلق يطول ذكرهم. وكان المؤتمن الساجي سيئ الرأي فيه، وكان يرميه بالكذب ويصرح بذلك. وما رأيت أحدًا من مشايخنا الثّقات يوافقه، فإني سألت جماعة مثل عَبْد الوهّاب الأنماطي، وابن ناصر، وغيرهما، فأثنوا عَلَيْهِ ثناء حسنًا، وشهدوا لَهُ بالطلب والصدق والأمانة، وكثرة السماع. وسمعت سلمان بْن مسعود الشحام يَقُولُ: قدِم علينا أبو الغنائم بْن النَّرْسيّ، فانقطعنا عَنْ مجلس ابن الطُّيُوريّ أيامًا، واشتغلنا بالسماع منه. فلمّا مضينا إلى ابن الطُّيُوريّ قَالَ لنا: لم انقطعتم عني هذه الأيام؟ قُلْنَا: قدِم شيخ من الكوفة كُنَّا نسمع منه. قَالَ: فانشرا عليَّ ما عنده. قُلْنَا: حدَّثَ عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن البكائي. فقال الشَّيْخ أبو الحُسين، وأخرج لنا شدة من حديث البكائي، وقال: هذا من حديثه، سماعي من أَبِي الفَرَج بْن الطَّنَاجِيريّ.
قَالَ السّمعانيّ: وأظن أنّ هذه الحكاية سمعها من الحافظ ابن ناصر. وُلِد ابن
__________
1 السير "19/ 213".(34/162)
الطيوري في سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وقد روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وعبد الحق اليُوسُفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأبو السّعادات. وذكره أبو عليّ بْن سُكَّرَة فقال: الشَّيْخ الصالح الثقة. كَانَ ثبتًا فهمًا، عفيفًا، متفننًا، صحب الحفاظ ودرب معهم. وسمعت أبا بكر ابن الخاضبة يَقُولُ: شيخنا أبو الحُسين ممّن يستشفى بحديثه. وقال ابن ناصر في أماليه: ثنا الثبت الصدوق أبو الحُسين. وقال السِّلَفيّ: ابن الطُّيُوريّ محدث كبير، مفيد، ورع، لم يشتغل قطّ بغير الحديث، وحصّل ما لم يحصّله أحد من التفاسير، والقراءات، وعلوم القرآن، والمسانيد، والعلل، والكُتُب المصنفة، والأدبيات في الشعر. رافق الصُّوريّ، واستفاد منه، والنخشبيّ، وطاهر النَّيْسابوريّ. وكتب عَنْهُ مسعود السِّجْزيّ، والحُمَيْديّ، وجعفر بْن الحكاك، فأكثروا عَنْهُ. ثمّ طوّل السِّلَفيّ الثناء عَلَيْهِ: وذكر أبو نَصْر بْن ماكولا فقال: صديقنا أبو الحُسين بن الحمّاميّ مخففًا، سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وخلْقًا كثيرًا بعده؛ وهو من أهل الخير والعفاف والصّلاح. قَالَ ابن سُكَّرَة: ذكر لي شيخنا أبو الحُسين أنّ عنده نحو ألف جزءٍ بخطّ الدَّارَقُطْنيّ، أو أخبرت عنه بمثل ذلك. وأخبرني أنّ عنده نحو ألف جزءٍ بخطّ الدَّارَقُطْنيّ، أو أخبرت عَنْهُ بمثل ذَلِكَ. وأخبرني أنّ عنده لابن أَبِي الدّنيا أربعة وثمانين مصنفًا. وقال علي بن أحمد النهراوني: تُوُفّي في نصف ذي القعدة.
366- المبارك بْن فاخر بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن فاخر بن محمد بن يعقوي: أبو الكرم بن الدّبّاس1، النَّحْويّ. من كبار أئمة العربية واللُّغة، لَهُ فيهما باعٌ طويل. وُلِد سنة ثمانٍ وأربعمائة. وقيل: سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وهو أصح، والأوّل غلط. أخذ عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد الواحد بْن برهان الأَسَديّ. وسمع الحديث من: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ. أخذ عَنْهُ: الشَّيْخ أبو مُحَمَّد سِبْط الحناط. وروى عنه: أبو المعمر النصاري، وجماعة. وله كتاب المعلّم في النَّحْو، وكتاب نحو العرف، وكتاب شرح خطبة أدب الكاتب. وكان ابن ناصر يرميه بالكذب، ويقول: كَانَ يدَّعي سماع ما لم يسمعه. وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: كانوا يقولون: إنه كذاب. توفي في ذي القعدة.
__________
1 السير "19/ 302"، وشذرات الذهب "3/ 412".(34/163)
367- مطهر بْن أحمد بْن عُمَر بْن صالح: أبو الفَرَج الهَمَذانيّ1. روى عَنْ: أَبِي طَالِب بْن الصّبّاح، وهارون بْن طاهر، وأبي الفتح بْن الضّرّاب، وابن غزْو، وعامّة مشايخ هَمَذَان الّذين أدركهم. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ صدوقًا، حَسَن
السيرة، لين الجانب، فاضلًا. مات فِي جُمَادَى الآخرة.
"حرف الياء":
368- يَحْيَى بْن سَعِيد بْن حبيب: أبو زكريّا المُحَارِبيّ الْجَيَّانيّ2. قرأ بالسبع عَلَى: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفرّاء الزّاهد. وسمع من: مُحَمَّد بْن عتّاب الفقيه، وسراج القاضي. وأقرأ النّاس بُقْرطُبة، ثمّ استقضي بجَيّان، وخطب بها. قَالَ عِيَاض: شيخ صالح مسن، أندلسي، سكن فاس، وقدم سَبْتَةَ مِرارًا، وحجّ. وكان مباركًا في الأصول، مائلًا إلى النَّظَر، لكنْ لم يكن يستعمل ... 3.
369- يوسف بْن تاشَفِين: السّلطان أبو يعقوب اللُّمْتُونيّ المغربيّ البربريّ4، الملقَّب بأمير المسلمين، وبأمير المرابطين، وبأمير الملثَّمين. والأوّل هُوَ الّذي استقرّ. كَانَ أحد من ملك البلاد، ودانت بطاعته العباد، واتسعت ممالكه، وطال عُمره. وقلَّ أنّ عُمِّرَ أحدٌ من ملوك الإسلام ما عُمِّر. هُوَ الّذي بنى مدينة مراكش، وهو الّذي أخذ الأندلس من المعتمد بْن عَبّاد وأسره. فمن أخباره أنّ بَرّ البربر الجنوبيّ كَانَ لزَنَاتَة، فخرج عليهم من جنوبيّ المغرب من البلاد التي تتاخم أرض السودان الملثَّمون عليهم أبو بَكْر بْن عُمَر، وكان رجلًا خيِّرًا ساذجًا، فأخذت الملثَّمة البلادَ من زنَاتَة من تِلمْسان إلى البحر الأكبر. فسمع أبو بَكْر أنّ امرأةً ذهبت ناقتها في غارةٍ فبكيت وقالت: ضيَّعَنَا أبو بَكْر بدخوله إلى المغرب. فتألم واستعمل عَلَى المغرب يوسف بْن تاشَفِين هذا، ورجع أبو بَكْر إلى بلاد الجنوب. وكان ابن تاشَفِين بطلًا شجاعًا، عادلًا، اختطّ مراكش، وكان مكمنًا للّصوص مأوى الحَرَاميّة، فكان المارون به يقول
__________
1 تأخرت هذه الترجمة في الأصل إلى حرف الياء، وموضعها ههنا.
2 الصلة "2/ 671".
3 بياض في الأصل.
4 السير "19/ 252"، شذرات الذهب "3/ 412".(34/164)
بعضُهم لبعض: مُرّاكش. وكان بناء مدينة مُرّاكش في سنة خمسٍ وستين وأربعمائة، اشتراها يوسف بماله الّذي خرج بِهِ من الصحراء. وكان في موضعها غابة من الشَّجَر وقرية. فيها جماعة من البربر، فاختطهّا، وبنى بها القصور والمساكن الأنيقة. وهي في مرجٍ فسيحٍ وحولها جبال على فراسخ منها، وبالقرب منها جبل عَلَيْهِ الثلج، وهو الّذي يعدّل مِزَاجَها. وقيل: كانت لعجوزٍ مَصْمُوديّة. فأسكن مُرّاكش الخَلْق، وكثرت جيوشه وبعد صِيتُه، وخافتْه ملوك الأندلس، وكذلك خافته ملوك الفرنج؛ لأنّها علمت أَنَّهُ ينجد الأندلسيّين عليهم. وكان قد ظهر للملثَّمين في الحروب ضَرَبات بالسّيوف تقدّ الفارس، وطعنات تنظم الكُلَى، فكتب إِلَيْهِ المعتمد يتلطّف بِهِ، ويسأله أنّ يعرض عَنْ بلاده لمّا رأى هِمَّتَه عَلَى قصْد الأندلس، وأنه تحت طاعته. فيقال كان في المتاب: فإنك إنّ أعرضت عنّا نُسِبْتَ إلى كَرَمٍ، ولم تُنْسَب إلى عَجْز، وإنْ أَجَبْنا داعيك نُسِبنا إلى عقلٍ، ولم نُنْسَب إلى وهْن، وقد اخترنا لأَنْفُسِنا أجمل نسبتَيْنا. وإنّ في استبقائك ذوي البيوت دوامًا لأمرك وثبوت. وأرسل لَهُ تُحَفًا وهدايا. وكان بربريًّا لا يكاد يفهم، ففسَّرَ لَهُ كاتبه تِلْكَ الكلمات، وأحسن في المشورة عَلَيْهِ، فأجاب إلى السلم. وكتب كاتبه عَلَى لسانه: من يوسف بْن تاشَفِين، سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته تحيّة من سالمكم، وسلّم إليكم، حكَّمَهُ التّأييد والنَّصْر فيما حكم عليكم، وإنّكم في أوسع إباحة ممّا بأيديكم من المُلْك، وأنتم مخصوصون منّا بأكرم إيثار، فاسْتَدِيموا وفاءنا بوفائكم، واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم، واللَّه وليُّ التّوفيق لنا ولكم، والسلام. ففرح بكتابه ابن عَبّاد وملوك الأندلس، وقويت نفوسهم عَلَى دفع الفرنج، ونَوَوْا إنْ رأوا من ملك الفرنج ما يرِيُبهُم أن يستنجدوا بابن تاشَفِين. وصارت لابن تاشَفِين بفعله محبّةٌ في نفوس أهل الأندلس. ثمّ إنّ الأذفُونْش أَلحَّ عَلَى بلاد ابن عَبّاد، فقال ابن عَبّاد في نفسه: إنْ دُهِينا من مُداخله الأضداد، فأَهْوَن الأمرَيْن أمر الملثَّمين، ورعاية أولادنا جمالهم أهون من أن يَرْعَوْا خنازير الفرنج. وبقي هذا الرأي نصب عينه، فقصده الأذفونش في جيشٍ عَرَمْرَمٍ، وجفل النّاس، فطلب من ابن تاشَفِين النجدة، والجهاد. وكان ابن تاشَفِين عَلَى أتم أهبةٍ، فشرع في عُبور جيشه. فلمّا رأى ملوك الأندلس عبور البربر للجهاد، استعدوا أيضًا للنجدّة، وبلغ ذَلِكَ الأذفونش، فاستنفر دِينَ النَّصرانيّة، واجتمع لَهُ جنودٌ لا يُحْصِيهم إلّا اللَّه. ودخل مَعَ ابن تاشفين شيء عظيمٌ من الجمال، ولم يكن أهل جزيرة(34/165)
الأندلس يكادون يعرفون الجمال، ولا تعوَّدتها خيلُهُم، فتجافلت منها ومن رُغائها وأصواتها. وكان ابن تاشفين يحدق بها عسكره، ويحضرها الحروب، فتنفر خيل الفرنج عنها. وكان الأذفونش نازلًا بالزّلّاقة بالقرب من بَطَلْيُوس، فقصده حزب اللَّه، وقدم ابن تاشَفِين بين يديه كتابًا إلى الفرنج يدعوهم إلى الإسلام، أو الحرب، أو الجزية. ثمّ أقبلت الجيوش، ونزلت تجاه الفرنج فاختيار ابن عَبّاد أنْ يكون هُوَ المصادم للفرنج أوّلًا، وأن يكون ابن تاشَفِين ردفًا لَهُ. ففعلوا ذلك، فخذل الفرنج، استمر القتل فيهم، فقيل: إنه لم يفلت منهم إلا الأذفونش في أقل من ثلاثين. وغنم المسلمون غنيمة عظيمة. وذلك في سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وعفّ يوسف عَن الغنائم، وآثر بها ملوك الأندلس ليتمّ لَهُ الأجر، فأحبوه وشكروا لَهُ. وكانت ملحمةً عظيمةٍ قَلَّ أنْ وقع في الإسلام مثلها. وجرح فيها ملك الفرنج، وجمعت رؤوس الفرنج، فكانت كالتّلّ العظيم. ثمّ عزم ابن عَبّاد عَلَى أمير المسلمين يوسف، ورام أنّ ينزل في ضيافته. فأجابه فأنزله الله في قصوره عَلَى نهر إشبيلية. فرأى أماكن نزهة، كثيرة الخير والحُسْن والرّزْق. وبالغ المعتمد بْن عَبّاد وأولاده في خدمة أمير المسلمين، وكان رجلًا بربريا. قليل التّنعُّم والتّلذُّذ والرّفاهية، فرأى ما هاله من الحشمة والعرش والأطعمة الفاخرة، فأقبل خواصّه عَلَيْهِ ينبهونه عَلَى تِلْكَ الهيئة ويحسنونها، ويقولون: ينبغي أنّ تتخذ ببلادك نحو هذا. فأنكر عليهم، وكان قد دخل في الشيخوخة وفنيت إرادته، وأدمن عَلَى عيش بلاده. ثمّ أخذ يعيب طريقة المعتمد وتنعمه المُفْرِط، وقال: مَن يتعانى هذه اللّذات لا يمكن أنّ يعدل كما ينبغي أبدًا. ومن كَانَ هذا همته في حفظ بلاده ورعيته. ثمّ سأل يوسف: هَلْ يفعل المعتمد هذا التنعم في كلّ أوقاته؟ فقيل لَهُ: بل كلّ زمانه عَلَى هذا. فسكت، وأقام عنده أيّامًا، فأتى المعتمد رجلٌ عاقل ناصح، فخوّفه من غائلة ابن تاشَفِين، وأشار عَلَيْهِ بأن يقبض عَلَيْهِ، وأن لا يُطْلقه حتّى يأمر كلَّ من بالأندلس من عسكره أنّ يرجع من حيث جاء: ثمّ تتّفق أنت وملوك الأندلس عَلَى حراسة البحر من سفينة تجري له، ثم تتوثق منه الأيمان أن لا يغدر، ثمّ تُطْلِقه، وتأخذ منه عَلَى ذَلِكَ رهائن. فأصغى المعتمد إلى مَقَالته واستوصبها، وبقي يفكّر في انتهاز الفرصة، وكان لَهُ نُدَماء قد انهمكوا معه في الّلذّات، فقال أحدهم لهذا الرجل: ما كَانَ أمير المؤمنين، وهو إمامُ أهل المَكْرُمات ممّن يُعامل بالحَيْف ويغدر بالضَّيْف. قَالَ: إنّما الغَدْر أَخْذُ الحقّ(34/166)
ممّن هُوَ لَهُ، لا دفْع المرء عَنْ نفسه. قَالَ النّديم: بل كَظْمٌ مَعَ وفاءٍ، خيرٌ من حزْمٍ مَعَ جفاء. ثمّ إنّ ذَلِكَ النّْاصح استدرك الأمر وتلافاه، وشكر لَهُ المعتمد، وأجازه، فبلغ الخبرُ ابن تاشَفِين، فأصبح غاديا. فقدَّم لَهُ المعتمد هدايا عظيمة، فقبِلَها وعبر إلى سَبْتَة. وبقي جُلُّ عسكره بالجزيرة يستريحون. وأمّا الأذفونش، فقدم إلى بلده بأسوأ حال، فسأل عَنْ أبطاله وبَطَاركته، فوجد أكثرهم قد قتلوا، وسمع نَوْح الثُّكَالَى عليهم، فلم يأكل ولا الْتَذّ بعيشٍ حتّى مات غَمًّا، وخلَّف بنتًا، فتحصَّنت بطُلَيْطُلَة. ثمّ أخذ عسكرُ ابن تاشَفِين يغيرون، حتّى كسبوا من الفرنج ما تجاوز الحدّ، وبعثوا، بالمغانم إلى مُرّاكش. واستأذن مقدّمهم سِير بْن أَبِي بَكْر لابن تاشَفِين في المقام بالأندلس، وأعلمه أَنَّهُ قد افتتح حصونًا، ورتّب فيها، وأنّه لا يستقيم الأمر إلّا بإقامته. فكتب إِلَيْهِ ابن تاشَفِين يأمره بإخراج ملوك الأندلس من بلادهم وإيجافهم في العدْوَة، فإن أَبَوْا عَلَيْهِ حاربهم. وليبدأ بالثغور: ولا تتعرّض للمعتمد. فابتدأ سير بملوك بُنيّ هود يستنزلهم من قلعة روطة، وهي منيعة إلى الغاية، وماؤها يُنْبُوعٌ في أعلاها، وبها من الذخائر المختلفة ما لا يوصف. فلم يقدر عليها، فرحل عَنْهَا. ثمّ جَنَّد أجنادًا عَلَى زِيّ الفرنج، وأمرهم أنّ يقصدوها كالمُغِيرين، وكمن هُوَ والعسكر، ففعلوا ذَلِكَ. فرآهم ابن هود، فاستضعفهم، ونزل في طلبهم، فخرج عَلَيْهِ سير فأسره وتسلَّم القلعة. ثمّ نازل بُنيّ ظاهر بشرق الأندلس، فسلموا إِلَيْهِ، ولحِقُوا بالعدْوَة. ثمّ نازل بني صُمَادِح بالمَرِيّة، فمات ملكهم في الحصار، فسلّموا المدينة. ثمّ نازلوا المتوكلّ عُمَر بْن الأفطس ببَطَلْيُوس، فخامر عَلَيْهِ أصحابه، فقبضوا عَلَيْهِ، ثمّ قتل صبرًا. ثمّ إنّ سير كُتُب إلى ابن تاشَفِين أَنَّهُ لم يبق بالجزيرة غير المعتمد فأمره أن يعرض عَلَيْهِ التّحوّل إلى العدْوَة بأهله وماله، فإن أبى فنازله. فلمّا عرض عَلَيْهِ سير ذَلِكَ لم يُجِبْ، فسَار وحاصره أشْهُرًا ثمّ دخل عَلَيْهِ البلد قهرًا، وظفر بِهِ، وبعثه إلى العدْوَة مقيَّدًا، فحُبِس بأَغْمات إلى أن مات. وتسلّم سير الجزيرة كلَّها. وقال ابن دحية أو غيره: نزل يوسف عَلَى مدينة فاس في سنة أربع وستين وأربعمائة وحاصرها. ثم أخذها، فأقر العامة، ونفا البربر والجند عنها، بعد أن حبس رؤوسهم، وقتل منهم، وكان مؤثرًا إلى يوم العلم والدّين، كثير المَشُورَة لهم. وكان معتدل القامة، أسمر، نحيفًا، خفيف العارضيْن، دقيق الصوت، حازمًا، سائسًا. وكان يخطب لبني العبّاس. وهو أوّل من سُمّي بأمير المسلمين. وكان يحبّ العفْو والصَّفْح، وفيه خيرٌ وعدل. وقال أبو الحجاج البيّاسيّ في كتاب تذكير الغافل: إنّ يوسف بن(34/167)
تاشَفِين جاز البحر مرة ثالثة، وقصد قُرْطُبَة، وهي لابن عَبّاد، فوصلها سنة ثلاثٍ وثمانين، فخرج إِلَيْهِ المعتمد بالضيافة، وجري معه عَلَى عادته. ثمّ إنّ ابن تاشَفِين أخذ غرناطة من عَبْد اللَّه بْن بلقين بْن باديس، وحبسه، فطمع ابن عَبّاد في غَرْناطة، وأن يُعطِيَه ابن تاشَفِين إيّاها، فعرض لَهُ بذلك، فأعرض عَنْهُ ابن تاشَفِين إلى مُرّاكش في رمضان من السّنة. فلمّا دخلت سنة أربع عزم عَلَى العبور إلى الأندلس لمنازلة المعتمد بْن عَبّاد، فاستعدّ لَهُ ابن عَبّاد، ونازلته البربر، فاستغاث بالأذفونش، فلم يلتفت إِلَيْهِ. وكانت إمرة يوسف بْن تاشَفِين عند موت أَبِي بَكْر بْن عُمَر أمير المسلمين سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وكانت الدولة قبلها لزَنَاتَة، وكانت دولة ظالمة فاجرة. وكان ابن تاشَفِين وعسكره فيهم يبس وديانة وجهاد، فافتتح البلاد، وأحبته الرعية. وضيق لثمامه هُوَ وجماعته. فقيل: إنهم كانوا يتلثّمون في الصّحراء كعادة العرب، فلمّا تملّك ضيّق ذَلِكَ اللثام. قال عزيز: وما رأيته عيانًا أَنَّهُ كَانَ لي صديقٌ منهم بدمشقٍ، وبيننا مودة. فأتيتُه، فدخلت وقد غسَل عمامته، وشدّ سِرواله عَلَى رأسه، وتلثَّم بِهِ. هذا بعد أنّ انقضت دولتهم، وتفرقوا في البلاد. وحكى لي ثقة أَنَّهُ رأى شيخًا من الملثَّمين بالمغرب مترديا في نهر يغسل ثيابه وهو عريان، وعورته بادية، ويده اليُمْنى يغسل بها، ويده اليُسْرى يَسْتر بها وجهه. وقد جعل هَؤُلَاءِ اللّثام جُنَّةً، فلا يُعرف الشيخ منهم من الشباب، فلا يزيلونه ليلًا ولا نهارًا، حتّى أنّ المقتول منهم في المعركة لا يكاد يعرفه أهله، حتّى يجعلوا عَلَى وجهه لثامًا.
ولبعضهم:
قوم لهم درك العلا في حميرٍ ... وإن انتموا صنهاجة فهم هموا
لما حووا إحراز كل فضيلةٍ ... غلب الحياء عليهم، فتلثموا1
وتزوج ابن تاشَفِين بزينب زوجة أَبِي بَكْر بْن عُمَر، وكانت حاكمة عَلَيْهِ، وكذلك جُمَيْع الملثمين يكبرون نساءهم، وينقادون لأمرهم، وما يسمّون الرَجل منهم إلّا بأمّه. وهنا حكاية، وهي أنّ ابن خلوف القاضي الأديب كَانَ لَهُ شِعْرٌ، فبلغ زينبَ هذه أَنَّهُ مدح حوّاء امرأة سير بْن أَبِي بَكْر، وفضَّلها عَلَى جُمَيْع النّساء بالجمال، فأمرت بعزْله عَن القضاء. فسار إلى أَغْمات، واستأذن عليها، فدخل البوّاب فأعلمها بِهِ، فقالت: يمضي إلى التي مدحها ترده إلى القضاء.
__________
1 وفيات الأعيان "7/ 130".(34/168)
فأبلغه، فَعَزَّ عَلَيْهِ، وبقي بالحضرة أيّامًا حتّى نفيت نَفَقَتُه، فأتى خادمها فقال: قد أردت بيع هذا المهر، فأعطني مثقالين أتزود بهما إلى أهلي، وخذه فأنت أولى. فسرَّ الخادم وأعطاه، ودخل مسرورًا بالمهر، وأخبر السّتّ، فرقَّت لَهُ، وقالت: ائتني بِهِ. فأسرع وأدخله عليها، فقالت: تمدح حواء وتسرف، وزعمت أَنَّهُ لَيْسَ في النّساء أحسن منها، وما هذه منزلة القُضاة. فقال في الحال:
أنت بالشمس لاحِقَهْ ... وهي بالأرض لاصقهْ
فمتى ما مدحتها ... فهي في سيرَ طالقهْ
فقالت: يا قاضي طَلّقْتَها؟!. قَالَ: نعم. ثلاثة وثلاثة وثلاثة. فضحكت حتّى افتضحت، وكتبت إلى يوسف يردّه إلى القضاء. قلت: ولا رَيْب أنّ يوسف ملكٌ من الملوك، بَدَت منه هنّات وزلّات، ودخل في دهاء الملوك وغدرهم. ولمّا أخذ إشبيلية من المعتمد شن عسكر ابن تاشَفِين الغارة بإشبيلية، وخلّوا أهلها عَلَى برْد الدّيار، وخرج النّاس من بيوتهم يسترون عوراتهم بأيديهم، وافتُضَّت الأبكار. وتتابعت الفتوحات لابن تاشَفِين، وكانت فقهاء الأندلس قالوا: له لا يجب طاعتُك حتّى يكون لك عهد من الخليفة. فأرسل إلى العراق قومًا من أهله بهدايا. وكتابًا، يذكر فيه ما فعل بالفرنج. فجاءه أمر المستظهر باللَّه أحمد رسول بهديّة، وتقليد وخِلْعة، وراية. وكان يقتدي بآراء العلماء، ويعظّم أهل الدين. ونشأ ولده عليّ في العفاف والدّين والعِلْم، فولّاه العهدَ في سنة تسعٍ وتسعين وأربعمائة. وتُوُفّي يوسف في يوم الإثنين ثالث المحرَّم سنة خمسمائة، ورخه ابن خلكان، وقبله عز الدين بن الأثير، وغيرهما. وعاش تسعين سنة. قَالَ الْيَسَعُ بْن حَزْم: فمِن فضله أَنَّهُ لما أراد بناء مُرّاكش ادّعى قومٌ مَصَامِدَةٌ فيها أرضًا، فأرضاهم بمالٍ عظيم. وكان يلبس العباء، ويُؤثر الحياء، ويقصد مقاصد العز في طُرُق المعالي، ويكره السفساف، ويحب الشرف المتعالي، ويقلد العلماء، ويؤثر الحُكَماء، يتدبّر مَرْضَاتهم. وإذا دخل عَلَيْهِ من طَوْل ثيابه وجرّها ... 1 إِلَيْهِ وجهه، وأعرض عَنْهُ، فإن كَانَ ذا ولاية عزله. وكان كثير الصدقة عظيم البِرّ والصّلة للمساكين، رحمه اللَّه.
__________
1 بياض في الأصل.(34/169)
370- يوسف بْن عليّ الزّنْجانيّ1: أبو القاسم الشّافعيّ من كبار أصحاب أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. مات في صَفَر.
المتوفون تقريبًا:
371- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أَبُو العبّاس الْأَنْصَارِيّ، الشّارقيّ الواعظ2. حجّ وسمع كريمة، وتفقّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. ودخل العراق وفارس، وسكن سَبْتَةَ، وفاس. وكان صالحًا، دينًا، ذاكرًا، بكاءً، واعظًا. توفي بشرق الأندلس في نحو الخمسمائة. قال ابن بَشْكُوَال.
372- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن شَهْرَيار: أبو عليّ الأصبهاني3. سمع: أبا الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وغيره. وكان من أبناء التسعين. روى عَنْهُ: السلفي، وأبو طاهر السنجي. مات قبل الخمسمائة بقليل.
* أحمد بْن عَبْد اللَّه السُّوذَرْجانيّ4:
373- عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن أحمد: أبو منصور الشرابي الأصبهاني5 توفي قبل الخمسمائة أو بعدها. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث الصّفّار صاحب ابن خميروَيْه الهَرَوِيّ. روى عَنْهُ: أَبُو سَعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الصائغُ.
374- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد. أبو بَكْر ابن الْإِمَام أَبِي عثمان الصّابونيّ النَّيْسابوريّ6. خَلَف أَبَاهُ في حضور المجالس، وكان لَهُ قبول تامّ لأجل والده. وكان مليح الشّمائل، متجمّلًا بهيًّا. بَقِيّ عَلَى التّصوّن قليلًا، ثمّ لعب وأخذ في الصّيد والتنزه، فقبر أمره، ثمّ أصابه في الآخر نقْرس وزَمِنَ، فباع بقية ضيعةٍ لَهُ. سمع: أَبَاهُ، وعمّه أبا يَعْلَى، وأبا حفص بْن مسرور. روى عَنْهُ: محمد بن
__________
1 البداية والنهاية "12/ 169".
2 الصلة "1/ 73".
3 لا بأس به.
4 سبقت الترجمة له.
5 لم نقف عليه.
6 لا بأس به.(34/170)
الحُسين الآمُليّ، وعَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن أَحْمَد الصَّفَّار، وآخرون. وقد سمع صحيح مُسْلِم من عَبْد الغافر الفارسيّ.
روى عَنْهُ أيضًا: هبة الله بن محمد بْن حَسَنة، وتيمان بْن أَبِي الفوارس، وأبو رُشَيْد بْن إسماعيل بْن غانم، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وعدد كبير.
375- أسعد بْن مسعود بْن عليّ: أبو إِبْرَاهِيم النَّيْسابوريّ1، أحد الرؤساء والعُلماء. تأدَّب عَلَى منصور بْن عَبْد الملك الثّعالبيّ.
وسمع من: الحِيّريّ، والصَّيْرفيّ. ومن جَدّه أَبِي نَصْر العُتْبيّ، وقال: مات جدي سنة أربع عشرة. روى عَنْهُ: مسعود بْن أحمد الحوافيّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وجماعة. تزهد بأخرة. عاش بضعًا وثمانين سنة.
376- غالب بْن عيسى بْن نعم الخَلَف: أبو تمّام الْأَنْصَارِيّ الأندلسيّ2. طوّف الشّام، والعراق، واليمن. وجاور مكة. سمع: أبا مُحَمَّد الجوهريّ، وجماعة ببغداد؛ وأبا غالب بن بشران النحوي بواسطة؛ وأبا العلاء بْن سليمان بالمَعَرَّة؛ وأحمد بْن الفضل الباطرقاني بأصبهان. سمع منه: أبو بَكْر السّمعانيّ في سنة ثمانٍ وتسعين بمكّة، وقال: كَانَ قد نيَّف عَلَى المائة وزمِن وعُمِّر.
377- المظفّر بْن الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن هَرْثَمَة: أبو منصور الفارسيّ الأَرَّجانيّ، ثمّ الغَزْنَويّ3. قَالَ السّمعانيّ: شيخ، إمام، فقيه، عارف بالحديث وطُرُقه. صنف تصانيف في الحديث. وسمع بغَزْنَة حنبل بْن أحمد بْن حنبل البَيِّع، وبالهند أبا الحَسَن مُحَمَّد بْن الحَسَن الْبَصْرِيّ، وببغداد أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وبدمشق أبا عَبْد اللَّه بْن سلوان، وبمصر أبا الحَسَن الطّفّال، وعبد الملك بْن مسكين. قدِم بلْخ فحدَّث بها. روى عَنْهُ: أبو شجاع عُمَر البسطامي، وأبو حفص بْن عُمَر الأشهبيّ، وغيرهما. وتُوُفّي بعد التّسعين وأربعمائة.
__________
1 سبقت الترجمة له.
2 لا بأس له.
3 انظر السابق.(34/171)
378- عَبّاد بْن الحُسين بْن غانم الطّائيّ: الوزير أبو منصور1. وَزَرَ لبعض ملوك العجم، وحدَّثَ ببغداد عَن ابن رَيْدَة الأصبهاني. روى عَنْهُ: أبو الوفاء أحمد بْن الحُصَيْن، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
379- إِبْرَاهِيم بْن عليّ بْن الحَسَن. أبو أحمد الْبَصْرِيّ البُجَيْرميّ2. سمع: إِبْرَاهِيم بْن طلحة بْن غسّان.
وعنه: السِّلَفيّ.
380- مُحَمَّد بْن المظفّر بن عُبَيْد اللَّه النَّهَاوَنْديّ3: المعدّل. سمع: القاضي أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الرّاوي عَن البكّائيّ. أخذ عَنْهُ السِّلَفيّ بنهاوند.
381- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عليّ. أبو الفتح الأصبهاني الزّجّاج4. سمع: علي بن ماشذة، وأبا عليّ أحمد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن المرزوقيّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ، والحسين بْن أحمد بْن سَعْد الرّازيّ. قَالَ السِّلَفيّ: لم يروِ منّا عَن المرزوقي سواه.
382- مُحَمَّد بْن إدريس بْن خَلَف: أبو تمّام القَرَتَّائي الْبَصْرِيّ5. روى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن طَلْحة بْن غسان. سمع منه: السِّلَفيّ بالبصرة.
383- سَعْد بْن عليّ بْن حُمَيْد: أبو علّان المُضَريّ المَرَاغيّ6. روى عن:
أحمد بن الحسين التراسي. وعن السِّلَفيّ.
384- عليّ بْن هبة اللَّه التّرّاسيّ7. عَنْ: أحمد بن الحُسين التّرّاسيّ. وعنه: السِّلَفيّ، وغيره.
__________
1 لم نقف عليه.
2 في عداد المجهولين.
3 لم نقف عليه.
4 لا بأس به.
5 لم نقف عليه.
6 انظر السابق.
7 في عداد المجهولين.(34/172)
385- مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد الرّزّاق: أبو الحَسَن الأصبهاني الكاغدي1. شيخ مسن، مُسْنِد. روى عَنْ: عليّ بْن ميلة الفَرَضِيّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
386- أحمد بْن أبي هاشم: أبو طَالِب الْقُرَشِيّ الأصبهاني2. سمع أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وأبا سَعِيد الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن حَسْنَوَيْه الكاتب، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان الأعرج. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ عَنْهُمْ، وعن: أَبِي بَكْر بْن أَبِي عليّ.
387- مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد: أبو المظفّر الأصبهاني3 الفاشاني المعدل. سمع: سفيان بْن مُحَمَّد بْن حَسَنْكُوَيْه، وأبا نُعَيْم. وعنه: السِّلَفيّ.
388- لاحق بْن مُحَمَّد بْن أحمد: أبو القاسم التَّميميّ، الأصبهاني الإسكاف4. سمع: أبا عليّ أحمد بْن مُحَمَّد بْن يزداد، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ، وإبراهيم بْن عليّ الخيّاط، والفضل بْن شَهْرَيار، وأبا عَبْد اللَّه الجمّال، وابن عَبْدكَويْه، وأبا حفص الزعفراوي، وأبا نعيم.
وأجاز له أبو سعيد النقاش، وعلي بن ميلة، والقاضي أبو بكر الحيري. روى عنه السلفي فأكثر عنه، ولم يؤرّخ وفاته.
389- مُحَمَّد بْن أحمد بْن جعفر: أبو صادق الأصبهاني5. سمع: الفضل بْن عُبَيْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ. وجماعة. وعنه: السِّلَفيّ وقال: كَانَ كاتبًا مكثِرًا، من رؤساء البلد.
390- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن مُحَمَّد: أبو إِبْرَاهِيم البالويّ النَّيْسابوريّ6. صالح سديد. سمع الْإِمَام أبا إِسْحَاق الإسْفَرائينيّ، وحدَّثَ عَنْهُ بثلاثة أجزاء. وعاش إلى سنة ثلاثٍ وتسعين. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو البركات الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشحامي.
__________
1 لم نقف عليه.
2 لا بأس به.
3 لم نقف عليه.
4 لا بأس به.
5 لا بأس به.
6 السابق.(34/173)
391- مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بْن أحمد: أبو بَكْر الأصبهاني العسّال1. سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، وسُفْيَان بْن مُحَمَّد بن حسنويه. وعنه: السِّلَفيّ.
392- حَمْد بْن عُمَر بْن سَهْلُوَيْه. أبو العلاء الأصبهاني الشّرابيّ2 سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، ويوسف بن حسن الرّازيّ. وعنه: السِّلَفيّ.
393- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن الخصيب: الفقيه أبو سَعِيد الْجَرْبَاذْقانيّ الخانساريّ3. سمع: أبا طاهر بْن عَبْد الرّحيم الكاتب، وأحمد بْن الفضل الباطرقانيّ. روى عَنْهُ السِّلَفيّ جزءًا من حديثه سمعناه.
394- عَبْد اللَّه بْن يوسف: الحافظ أبو مُحَمَّد الْجُرْجانيّ القاضي4. صنَّف "فضائل الشّافعيّ"، وفضائل أحمد بْن حنبل، وغير ذَلِكَ. وسمع الكثير. قَالَ أبو النضر الفامي: توفي بعد العشرين وأربعمائة.
395- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلُّويَه: أبو الفتح الأصبهاني5. سمع: أبا بَكْر الذّكْوانيّ. وحدَّثَ في سنة اثنتين وتسعين، وهو إنّ شاء اللَّه من شيوخ السِّلَفيّ. وآخر من روى عَنْهُ: أبو الفتح الخِرَقيّ.
396- سداد بن محمد بن أحمد بن جعفر: القاضي أبو الرجاء الخلقاني الأصبهاني6. روى عن: أبي نعيم الحافظ، والهيثم بن محمد الخراط، وأبي القاسم عبد الله بن الحسن المطيعي. قال السلفي: كان مكثرًا من الطلب والمعرفة، وتكلم فيه بغير حجة. روى عنه: السلفي، وجماعة. وآخر أصحابه أبو الفتح الخرقي.
__________
1 السابق.
2 السابق.
3 لا بأس به.
4 السير "19/ 159".
5 لا بأس به.
6 السابق.(34/174)
397- محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد: أبو غالب البغدادي1. حدَّث في هذه السنة؟ بواسط عَنْ أَبِي القاسم التّنُوخيّ بالطّوالات. رواها عَنْهُ أبو طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ.
398- إسماعيل بْن الحُسين بْن حمزة: السّيد أبو الحَسَن العَلَويّ الهَرَوِيّ2. رئيس محتشم، كبير الشّأن، علي الرتبة ببلده. سمع: أبا عثمان بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وغيره. روى عَنْهُ: عَبْد الغافر بن إسماعيل، وذكر أنه عاش إلى سنة نيفٍ وتسعين وأربعمائة، وأنّه حدَّثَ بنَيْسابور سنة أربعٍ وتسعين.
399- عَبْد الملك بْن الحَسَن بْن بِتِنَّة: أبو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ3. شيخ صالح، مجاور بمكّة. سمع: أبا القاسم عليّ بْن الحُسين بْن مُحَمَّد الفَسَويّ، والشيخ عبد العزيز بن بُنْدار الشِّيرازيّ. سمع منه: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو بَكْر السّمعانيّ، وغيرهما بمكّة. ذكره السِّلَفيّ في معجمه، وأنّه حجّ سبْعًا وسبعين حَجَّة، وزار النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَ عَشْرَةَ مرّة. وله في كلّْ سنة مائة عمرة في رجب، وشعبان ورمضان، وذي الحجّة. وبِتِنَّة: بكسر الباء والتّاء، ثمّ تشديد النُّون، ورأيتها مرّةً بفتْحها.
400- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد: أبو الحَسَن الفارسي ثمّ الْمَصْرِيّ الورّاق، الكُتُبيّ4. شيخ فاضل. حدَّثَ عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه بْن نظيف، وغيره. وكان ذا هيئة ومعرفة. روى عَنْهُ: أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو بَكْر بْن الفَزَاريّ، وقال: شيخ مفيد له علو.
قلت: بقي إلى حدود الخمسمائة، وأظن سمع منه الشريف الخطيب أبو الفتوح.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 180".
2 بياض في الأصل.
3 لا بأس به.
4 السابق.(34/175)
401- مُحَمَّد بْن خَلَف بْن قاسم الخَوْلانيّ: الإشبيلي1. أبو عَبْد اللَّه. يروي عَنْ: ابن حَزْم، وأبي مُحَمَّد بْن خَزْرَج. قرأ عَلَيْهِ: أبو العبّاس أحمد بْن مُحَمَّد "صحيح مُسْلِم" في سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة.
402- المطهر بْن الفضل بْن عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن بطَّة: أبو عليّ الأصبهاني2. وُلِد سنة ست وأربعمائة. وسمع: أبا عبد الجمال، وأبا نعيم، وجماعة. وعنه: السلفي.
403- المظهر بْن عليّ: أبو الفتح البَنْدنَيْجيّ المالحانيّ3.
سمع: الجوهريّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. لقيَه في سنة سبعٍ وتسعين.
404- إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن أسود: أبو إِسْحَاق الغساني المريي4. من علماء أهل المَرِيّة من الأندلس. روى عَنْ: أَبِيهِ إِبْرَاهِيم، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عمر بن عبد البر، وأبي لأصبغ عيسى بْن مُحَمَّد، وطائفة. وكان شديد العناية بالرّواية. ذكره الأَبّار فقال: روى عَنْهُ: ابنه القاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد، وعبد الرحيم بْن مُحَمَّد الخَزْرَجيّ، وأبو عَبْد اللَّه بْن إحدى عشرة. توفي نحو الخمسمائة.
405- أحمد بْن نَصْر بْن أحمد: أبو العلاء الهَمَذانيّ5. روى عَنْ: ابن حُمَيْد، وابن الصّبّاح، وهارون بْن ماهلة، وأبي الفَرَج بْن عَبْد الحميد، ونصر بن علي الفقيه، وعدد كبير. روى عنه السلفي، وغيره. وكان حافظا أديبا ناصرا للسنة عارفا بمذهب أحمد، ثقة. أملى مجالس من حفظه.
يأتي في سنة 51.
406- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن هاشم: أبو مُحَمَّد القَيْسيّ المَرِيّيّ الفقيه، ويُعرف بحفيد هاشم6. شرح كتاب التفريع لابن الجلاب في ست مجلدات، وأجمع
__________
1 لا بأس به.
2 لم نقف عليه.
3 السابق.
4 لا بأس به.
5 السابق.
6 لم نقف عليه.(34/176)
أهل المَرِيّة عَلَى تقديمه للقضاء، فقال: إنّ فعلتم فررت عَنْ أهلي وولدي، واللَّه أسألكم. فتركوه. قرأ عَلَيْهِ صِهْره الخطيب أبو عَبْد الله الحمزي. وكان موجودًا في حدود الخمسمائة.
407- مُحَمَّد بْن جابار بْن عليّ: الواعظ المذكّر أبو الوفاء الهَمَذانيّ1. ممن أجاز للسِّلَفيّ سنة أربعٍ وتسعين. ذكره شِيرُوَيْه فقال: صالح، ديّن، زاهد، صدوق، متعصب للحنابلة جدًّا. روى عَنْ: عليّ بْن حُمَيْد، وحُمَيْد بْن المأمون، وطائفة. سَمِعْتُ منه أحاديث.
408- الحَسَن بْن الفتح بْن حمزة بْن الفتح: أبو القاسم الهَمَذانيّ2 الأديب.
من أولاد الوزراء والأعيان. كما يرجع إلى معرفة باللّغة، والمعاني، والبيان. قدِم بغداد سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، فكتب عَنْهُ: هُزَارسْت الهَرَوِيّ، والحسين بْن خَسْرُو. ذكر السّمعانيّ، ولم يذكر لَهُ وفاة. وقال السِّلَفيّ: كَانَ من أهل الفضل والتّقدُّم في الفرائض، والتّفسير، والآداب، وله تفسير حَسَن، وشِعْرٌ فائق. علّقت عَنْهُ حكايات وشِعْر. وقد صحب أبا إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وتفقه عَلَيْهِ. وله:
نسيم الصَّبا إنّ هجت يومًا بأرضها ... فقولي لها حالي علت عَنْ سؤالك
فها أنذا إنّ كنت يومًأ تعتبي ... فلم يبقَ لي إلّا حشاشة هالك
قال ابن صلاح: رأيت مجلدين من تفسيره من تجزئة ثلاث مجلّدات، واسمه كتاب البديع في البيان عَنْ غوامض القرآن فوجدته ذا عناية بالعربيّة والكلام ضعيف الفقه.
409- الحُسين بْن أحمد بْن أحمد: القاضي أبو عَبْد اللَّه بْن الصّفّار3. من فُقهاء هَمَذَان. كَانَ ينوب عَن القضاة بها. وهو من رُواة الزُّهْد. أخذ عَن ابن المُذْهِب.
سمع: ابن الكسار، وبِشْر بْن الفاتنيّ، والحسن بْن دوما النِّعَاليّ، والحسين بْن عليّ الطَّنَاجِيريّ، وابن غَيْلان، وخلقًا سواهم. كُتُب عَنْهُ: أبو شجاع شيرويه الديلمي
__________
1 لا بأس به.
2 الوافي بالوفيات "12/ 200".
3 لا بأس به.(34/177)
وقال: كان صحيح السماع، من الأشعريه. وذكر ابن السّمعانيّ، ولم يذكر لَهُ وفاة.
410- عليّ بْن الحسن بْن أَبِي سهل: أبو القاسم النَّيْسابوريّ الأَدَميّ السّرّاج1.
شيخ مبارك، سمع: على بن محمد الطرازي، وجماعة. وبقي إلى سنة بضعٍ وتسعين. روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعبد الله بن الفراوي، ومحمد بن أحمد الصفار، وجماعة.
__________
1 السابق.(34/178)
الفهرس العام للكتاب:
رقم الصفحة الموضوع
الطبقة الخمسون
"أحداث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة"
3 ابتداء دولة الإفرنج
3 بدء حملات الإفرنج إلى بلاد الشام
4 عبور الإفرنج خليج القسطنطينية إلى أنطاكية
4 استباحة الإفرنج أنطاكية
4 رواية سبط ابن الجوزي
5 رواية ابن القلانسي
5 رواية ابن الأثير
5 حربة المسيح -عليه السلام- المزعومة
6 دخول الإفرنج المَعَرَّة
6 محاصرة الإفرنج عرقة
6 منازلة الإفرنج حمص
6 شغب الجند على السلطان بركياروق
6 خروج بيت المقدس من يد ابن أُرْتُق
"أحداث سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة"
7 مقتل أُنر عامل بركياروق
7 استيلاء الإفرنج على بيت المقدس
8 رواية ابن الأثير عَنْ دخول الإفرنج بيت المقدس
9 رواية سبط ابن الجوزي
9 ابتداء دولة محمد بن ملكشاه
10 الخطبة للسلطان محمد
10 الغلاء والوباء بخراسان
10 نقل المُصْحَف العُثْمانيّ من طبرية إلى جامع دمشق
"أحداث سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة"
10 دخول عسكر بركياروق الحلة
11 إعادة الخطبة لبركياروق ببغداد
11 هزيمة بركياروق أمام أخيه محمد
11 ترجمة سعد الدولة كوهرائين(34/179)
12 مسير بركياروق إلى نيسابور وغيرها
12 فتح ابن باديس مدينة سفاقس
12 وقوع بيمُنْد الإفرنجي في أسر كمشتكين
12 أخذ الإفرنج قلعة أنكورية
12 وزارة الدهستاني
12 رواية فيها مجازفة لصاحب مرآة الزمان
13 القحط بالشام
"أحداث سنة أربع وتسعين وأربعمائة"
13 هزيمة السلطان محمد وذبح وزيره مؤيد المُلْك
13 دخول بركياروق الري
13 تحالف السلطان محمد وأخيه سنجر
13 تراجع بركياروق إلى همذان
14 مرض بركياروق
14 خروج صاحب الحلة عن الطاعة
14 دخول السلطان محمد بغداد
14 ظهور الباطنية بغداد
14 رواية ابن الجوزي عن الباطنية
15 مقدم الباطنية
15 طاعة الباطنية لمقدمهم
16 حيلة للباطنية في الاستيلاء على قلعة
16 من خزعبلات الباطنية
17 رواية ابن الأثير عن الباطنية
17 الدعوة للمستعلي ونزار
17 حصار المصريين للإسكندرية
18 إقامة ابن الصباح بقعلة ألموت
19 لباس الدروع تحت الثياب خوفًا من الباطنيّة
19 الباطنية في عهد المقتدي بالله
19 اتهام الهراسي بالباطنية
19 حصار الأمير بزغش حصن طَبَس
19 مقتل كندفري صاحب المقدس
19 انكسار بغدوين
20 ملك الإفرنج سَرُوج
20 ملك الإفرنج حيفا
20 ملكهم أرسوف(34/180)
20 ملكهم قيسارية
20 إعادة صلاة التراويح والقنوت
20 حكاية ابن قاضي جَبَلة أَبِي محمد عُبَيْد الله بن صُلَيحة
21 كسرة الإفرنج أمام قلج أرسلان
21 جموع الإفرنج حسب وصف المستوفي
21 رواية رسول رضوان عن جموع الإفرنج
22 انهزام المصريين والإفرنج عند عسقلان
"أحداث سنة خمس وتسعين وأربعمائة"
22 وفاة المستعلي بالله العبيدي
22 خلافة الآمر بأحكام الله العبيدي
22 المصاف الثالث بين الأخوين محمد وبركياروق
22 مصالحة الأخوين
23 المصاف الرابع بين الأخوين
23 منازلة ابن صنجيل طرابلس
23 انهزام بردويل أمام عسكر المصريين
24 نجدة عسكر دمشق لطرابلس
24 وفاة جناح الدولة صاحب حمص
24 تسلم شمس الملوك دقاق مدينة حمص
24 مقتل الوزير الدهستاني
24 وزارة المَيْبُذي
25 الفتنة بين شحنة بغداد إبلغازي والعامة
25 وفاة قوام الدولة كبربوقا التركي
25 مقتل سنقرجاه صاحب الموصل
26 مقتل الأمير موسى التركماني
26 استيلاء جكرمش على الموصل والخابور
26 موقعة صنجيل الإفرنجي عند طرابلس
27 إطلاق سراح بيمند صاحب أنطاكية
27 حصار صنجيل لحسن الأكراد
27 منازلة صنجيل حمص
27 محاصرة القمص عكا
27 محاصرة صاحب الرها لبيروت
27 طمع صاحب سمرقند في خراسان
28 وفاة كندغدي
28 تملك سنجر بن محمد علي سمرقند(34/181)
28 استرجاع بلنسية من النصارى
"أحداث سنة ست وتسعين وأربعمائة"
29 خلعة المستظهر باللَّه عَلَى ينّال بْن أنوشتكين
29 ظلم ينال ببغداد
29 إفساد ينال في البلاد
29 الفتنة في بغداد
30 مقاتلة سيف الدولة لكمشتكين
30 المصاف الخامس بين بركياروق وأخيه
30 القبض على الوزير سديد الملك
30 وزارة ابن الموصلايا
30 تسلم دقاق الرحبة وحمص
30 انهزام الإفرنج أمام عسكر مصر في يافا
30 زيارة الإفرنج لبيت المقدس
30 استمرار حصار طرابلس
31 استيلاء الإفرنج على كثير من الشام
"أحداث سنة سبع وتسعين وأربعمائة"
31 الصلح بين بركياروق وأخيه محمد
31 حصار الإفرنج لطرابلس ورفعه
32 استيلاء الإفرنج على جُبيل
32 استيلاء الإفرنج على عكا
32 وقعة نهر البُلَيخ
32 هرب صاحب أنطاكية وصاحب الساحل
32 وقوع قُمّص الرها في الأسر
32 تملك سقمان الحصون من الإفرنج
33 سير جكرمش إلى حران ومحاصرته الرها
33 مفاداة القمص بالمال والأسرى
33 وفاة شمس الملوك دقاق صاحب دمشق
33 وفاة أرتاش أخي دقاق
33 حصن صنجيل ومهاجمة ابن عمار له
34 تخريب المقدم بزغش حصون الإسماعيلية
34 تأمين الإسماعيلية وسخط الناس على السلطان
"أحداث سنة ثمان وتسعين وأربعمائة"
34 وفاة السلطان بركياروق
34 دخول جكرمش في طاعة السلطان محمد(34/182)
35 سلطنة محمد علي بغداد
35 مقتل إياز أتابك ملكشاه
36 هلاك صنجيل
36 وفاة الأمير سقمان بن أرتق
36 قتل الإسماعيلية للحجاج الخراسانيين
37 قتل الإسماعيلية ابن المشاط
37 استيلاء الإفرنج على حصن أرتاح
37 الموقعة بين المسلمين والإفرنج بين يافا وعسقلان
37 شحنكية بغداد
38 دخول السلطان محمد أصبهان
38 الجُدَري والوباء في بغداد
38 مواصلة حصار طرابلس
"أحداث سنة تسع وتسعين وأربعمائة"
38 قتل متنبئ بنهاوند
38 قتل خارج يطلب الملك بنهاوند
38 استرجاع طغتكين حصنين من الإفرنج
39 امتلاء الإسماعيلية حصن فامية
39 قتل ابن ملاعب بحيلة قاضي سرمين
40 قتل الإفرنج قاضي سرمين
40 إفساد ربيعة العرب في البصرة ونواحيها
40 اشتداد الحصار على طرابلس
"أحداث سنة خمسمائة"
41 وفاة يوسف بْن تاشَفِين
41 سلطنة عليّ بْن يوسف بن تاشفين
41 مقتل فخر الملك ابن انظام الملك
42 القبض على الوزير سعد الملك وصَلبه
42 وزارة قوام المُلْك
42 انتزاع قلعة إصبهان من الباطنيّة وقتل صاحبها
42 رواية ابن الأثير عَنْ قتل ابن غطاس
44 عزل الوزير ابن جهير
44 وزارة أبي المعالي ابن المطلب
44 غرق قلج أرسلان
44 استنجاد طغتكين وابن عمار بالسلطان السلجوقي
45 استظهار الروم على الإفرنج(34/183)
"الطبقة الخمسون"
"وفيات سنة إحدى وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
46 1- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد الرازي
46 2- أحمد بْن الحُسين بْن أحمد بْن جعفر الهمذاني
46 3- أحمد بن سهل النيسابوري
47 4- أحمد بْن عَبْد الغفار بْن أحمد بْن علي بن أشته
47 5- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحيم التيمي
47 6- أحمد بن عبد العزيز البردعي
47 7- أحمد بن المبارك الأكفاني
48 8- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بن بشرويه
48 9- إِبْرَاهِيم بْن خَلَف بْن إِبْرَاهِيم بْن لُبّ التجيبي
48 10- إبراهيم بن سليم بن أيوب الرازي
48 11- إبراهيم بن يحيى بن موسى الكلاعي
48 12- إبراهيم بن يونس بن محمد المقدسي
49 13- إسماعيل بن علي بن طاهر السيلقي
"حرف الجيم"
49 14- جعفر بْن حيدر بْن محمد العلوي الهروي
"حرف الحاء"
49 15- حاتم بْن محمد بْن عليّ الهروي
49 16- حديد بن حسن الشيباني
50 17- الحسن بن أحمد بن محمد السمرقندي
50 18- الحسين بن أحمد بن عبد الرحمن العكبري
51 19- الحسين بن الحسن الشهرستاني
51 20- الحسين بن علي الدمشقي
"حرف الراء"
51 21- رَوْح بْن محمد بْن عَبْد الواحد الرازي
"حرف السين"
51 22- سَعِيد بْن محمد بْن يحيى الأصبهاني
52 23- سهل بن بشر بن أحمد الإسفرائيني
"حرف الطاد"
52 24- طراد بن محمد بن علي الزينبي(34/184)
"حرف العين"
53 25- عَبْد الرّزّاق بْن حسّان بْن سعيد المنيعي
54 26- عبد الأحد بن أحمد بن الفضل العنبري
54 27- عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن عَبْد اللَّه المديني
54 28- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن بَلّيزة الخرقي
54 29- عبد الله بن الحسين بن هارون الخراساني
54 30- عبد العزيز بن محمد عتاب القرطبي
55 31- عبد الله بن الحسين بن هارون الخراساني
55 32- عبد الرزاق بن عبد الله بن المحس التنوخي
55 33- عَبْد السّميع بْن عليّ بْن عَبْد السَّميع
55 34- عبد الواحد بن أحمد بن إبراهيم المغازلي
55 35- عُمَر بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الخليل البغوي
56 36- عبد الواحد بن علوان بن عقيل السقلاطوني
56 37- عَبْد الوهّاب بْن رزق اللَّه بْن عَبْد الوهاب التميميِّ
56 38- علي بن محمد بن الحسين الخذامي
"حرف الفاء"
56 39- فارس بْن الحُسين بْن فارس الذهلي
57 40- الفضل بن علي بن أحمد الأصبهاني
"حرف الميم"
57 41- المحسن بْن المحسن بْن مُحَمَّد بن جمهور
57 42- محمد بن أحمد بن محمد الميْبُذي
57 43- محمد بن جامع بن محمد القطان
57 44- محمد بن الحسين بن محمد الحرمي
58 45- محمد بن عبد الله بن أحمد المحمي
58 46- محمد بن محمد الخداشي
58 47- مروان بن عبد الملك اللواتي
58 48- المظفّر بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أحمد
59 49- مكي بن منصور بن محمد بن علاف السلار
"حرف النون"
59 50- نَصْر بْن عَليّ بْن مُقَلّد بن نصر بن منقذ
"حرف الهاء"
60 51- هبة اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق الأشهلي
60 52- هبة الله بن محمد بن هاروت الهاروني(34/185)
"حرف الياء"
61 53- ياسين بن سهل القايني
61 54- يحيى بن محمد الداني
"وفيات سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
61 55- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن علي بن طاوس المقرئ
62 56- أحمد بن عبد القادر بن محمد البغدادي
62 57- أحمد بن مسلم بن محمد بن علي
62 58- أحمد بن محمد بن محمد الخليلي
63 59- إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين
63 60- أسعد بن علي الزوزني
63 61- الأَطْهَرُ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن زيد الحسيني
64 62- إبراهيم بن أبي نصر بن إبراهيم البخاري
"حرف الباء"
64 63- بَرَكة بْن أحمد بْن عَبْد الله الواسطي
64 64- بكر بن نصر بن أحمد البخاري
"حرف الحاء"
64 65- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن عليّ الطوسي
65 66- الحسين بن أحمد بن عبد الرحمن العكبري
65 67- الحسين بن عبدوس الهمذاني
"حرف الزاي"
65 68- زَيْد بْن الحَسَن بْن زيد الهروي
"حرف السين"
65 69- سعْد بْن أحمد بْن مُحَمَّد النسوي
66 70- سعد بن يزيد الهروي
"حرف الصاد"
66 71- صاعد بْن سهل بْن بِشْر الإسفرائيني
"حرف العين"
66 72- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق الكلاعي
66 73- عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي
67 74- عبد الباقي بن يوسف بن علي المراغي
67 75- عبد الجليل الرازي
67 76- عبد العزيز بن محمد بن علي الزينبي(34/186)
68 77- عَبْد الكريم بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن خشنام
68 78- علي بن الحسن بن الحسين الموصلي
70 79- عليّ بْن الحُسين بْن عليّ بْن أيّوب البزاز
70 80- علي بن الفضيل بن عبد الرزاق اليزدي
70 81- علي بن محمد النيسابوري
"حرف الغين"
71 82- الغضنفر بن فارس البلخي
"حرف الفاء"
71 83- فضلان بْن عثمان بْن مُحَمَّد القيسي
"حرف الكاف"
71 84- كامل بْن ديسم بْن مجاهد العسقلاني
"حرف الميم"
71 85- المبارك علي بن الحسن البصري البزاز
71 86- المبارك بن محمد بن عبيد الله السوادي
72 87- محمد بن أحمد بن علي الطوسي
72 88- محمد بن سليمان بن لوبا
72 89- محمد بن عبد الله بن الحسين الفزاري
72 90- محمد بن عبد الله بن محمد الشيرازي
72 91- محمد بن علي بن عبد الواحد الصباغ
73 92- مجد الملك البلاشاني
73 93- محمد بن الفرج بن منصور الفارقي
73 94- محمد بن محمد بن أحمد الشبلي
74 95- مقرن بن علي بن مقرن الحنفي
74 96- مكي بن عبد السلام الرميلي
75 97- مقرن بن علي بن مقرن الحنفي
"حرف النون"
76 98- نجاح بْن عليّ بْن زقاقيم الطحان
76 99- نصر بن أحمد بن الفتح الهمذاني
"حرف الهاء"
76 100- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي الهاشمي
"حرف الياء"
76 101- يوسف بن إبراهيم الزنجاني
76 102- يوسف بن علي بن الملجوم(34/187)
"وفيات سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
76 103- أحمد بن الحسن بن الحسين بن كيلان البغدادي
77 104- أحمد بن عبد الوهاب الشيرازي
77 105- أحمد بن سليمان بن خلف الباجي
77 106- أحمد بن عمر بن محمد الهمذاني الشروطي
78 107- أحمد بن محمد بن سُمَيكة
78 108- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن يوسف بْن دينار الكندلاني
78 109- أحمد بن محمد الأصبهاني الباغبان
78 110- إبراهيم بن يحيى التجيبي الطليطلي
78 111- إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله البردي
78 112- أحمد بن عبد الرحيم بن القاضي الْبُخَارِيّ
"حرف الباء"
79 113- بُرَيْدَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بريدة الأسلمي
"حرف الثاء"
79 114- ثابت بْن رَوْح بْن مُحَمَّد الراراني
"حرف الجيم"
79 115- جعفر بْن مُحَمَّد بْن الفضل العباداني
"حرف الحاء"
80 116- الحسن بن تميم البصري
81 117- حمزة بن مكي الخباز
81 118- الحُسين بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ النعالي
"حرف الخاء"
82 119- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن خَلَف العبدري
"حرف السين"
82 120- سعْد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك البغدادي
83 121- سلمان بْن أَبِي طَالِب عَبْد اللَّه بْن محمد بن الفتى النهرواني
"حرف الصاد"
83 122- صالح ابن الحافظ أَبِي صالح أحمد بْن عَبْد المُلْك النيسابوري
"حرف الطاء"
83 123- طاهر بْن الحُسين بْن عليّ النسفي
"حرف العين"
84 124- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن أبي منصور الطبسي(34/188)
84 125- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي بْن صابر السلمي
84 126- عبد الله بن جابر بن ياسين العسكري
84 127- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العربي المعافري
85 128- عبد الجليل بن محمد بن الحسين الساوي
85 129- عبد الصمد بن علي بن الحسين بن البدن الصفار
85 130- عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن أحمد الزَّعْفرانيّ
86 131- عبد الغفار بن طاهر بن أحمد البخار
86 132- عبد القاهر بن عبد السلام العباسي
86 133- عبد الكريم بن المؤمل بن المحسن الكفرطابي
86 134- علي بن سعيد بن محرز العبدري
87 135- عبد الهادي بن عبد الله الهَرَوِيّ
87 136- عليّ بْن المبارك بْن عُبَيْد اللَّه الوقاياتي
87 137- علي بن محمد بن حسين البخاري
"حرف الكاف"
87 138- كامكار بْن عَبْد الرّزّاق بْن محتاج
"حرف اللام"
88 139- لامعة بنت سَعِيد بْن مُحَمَّد
"حرف الميم"
88 140- محمد بن الحسن بن محمد الأسكوراني
88 141- محمد بن الحسين بن هرمية
88 142- محمد بن محمد بن الحسين البزدوي
89 143- محمد بن سابق الصقلي
89 144- المحسن الفرقدي
89 145- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسين بْن الدّوانيّ
89 146- محمد بن إبراهيم بن الحسن الرازي
89 147- محمد بن محمد بن جهير الوزير
91 148- محمد بن محمد بن عبد الواحد الصباغ
91 149- محمد بن مأمون بن علي الأبيوردي
91 150- مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن الحَسَن بْن هلال
91 151- المختار بن معبد
92 152- المظفر بن عبد الغفار البروجردي
"حرف النون"
92 153- نصر بن إبراهيم بن نصر السلطان(34/189)
"حرف الهاء"
92 154- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن أبي الغنائم
92 155- هبة الله بن علي الشريحي
"حرف الياء"
93 156- يحيى بْن عيسى بْن جَزْلَة
"وفيات سنة أربع وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
93 157- أحمد بْن عليّ بْن الفضل بن طاهر
93 158- إبراهيم بن محمد بن عبد الله العقيلي الجزري
94 159- أحمد بن محمد بن علي الحربي
94 160- أحمد بن محمد بن محمد الصبَّاغ
94 161- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن زيد الشهرزوري
94 162- أسعد بن مسعود بن علي العتبى
"حرف الحاء"
95 163- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ
"حرف السين"
95 164- سَعْد بْن عليّ بْن الحَسَن العجلي
95 165- سعد بن محمد بن جعفر الأسداباذي
"حرف الظاء"
96 166- ظبيان بن خلف المالكي
"حرف العين"
96 167- عاصم بن أيوب البطليوسي
96 168- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن ماهويه
96 169- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أحمد الترابي
96 170- عبد الجبار بن سعيد البحيري
96 171- عبد الباقي بن محمد البزار
97 172- عبد الحميد بن عبد الرحمن العَيْداني
97 173- عبد الخالق بن محمد بن خلف
97 174- عبد الرحمن بن أحمد بن محمد السرخسي
98 175- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الهمذاني
98 176- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن بندار
98 177- عبد الواحد بن عبد الرحمن بن زيد النيسابوري
98 178- عَبْد الواحد بْن عَبْد الكريم بْن هوازن القشيري(34/190)
99 179- عزيزي بن عبد الملك بن منصور الجيلي
99 180- علي بن أحمد بن عبد الغفار البجلي
99 181- عليّ بْن أحمد بْن أَبِي ذكرى النّجّاد
99 182- علي بن أحمد بن محمد المديني الصيدلاني
100 183- علي بن محمد بن الحسن الزهري
"حرف الفاء"
100 184- الفضل بْن عَبْد الواحد بْن الفضل السرخسي
"حرف الميم"
101 185- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل بن محمد النسفي
101 186- محمد بن أحمد بن عبد الباقي الربعي
101 187- محمد بن الحسن الراذاني
101 188- محمد بن عبد الله بن أحمد السُّوذَرْجاني
102 189- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الرحيم العيداني
102 190- محمد ابن الوزير الشهيد علي بن الحسن بن المسلمة
102 191- محمد بن علي بن عبيدان بن ودعان الموصلي
103 192- محمد بن علي بن المحسن التنوخي
103 193- محمد بن هبة الله بن أحمد الحلواني
103 194- محمد بن القاسم بن أبي غدان
103 195- محمد بن محمد بن عبيد الله العكبري
103 196- محمد بن مامويه بن علي المتولي
103 197- محمد بن المفرج بن إبراهيم البطليوسي
104 198- منصور بْن بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عليّ النيسابوري
"حرف النون"
104 199- نَصْر بْن أحمد بْن عَبْد الله بن البطر البزاز
"حرف لهاء"
105 200- هبة الله بن حمزة العباسي
"الكنى"
105 201- أبو الحسن بن زفر العكبري
"وفيات سنة خمس وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
106 202- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن الكناني القرطبي
106 203- إسماعيل بن الحسن بن علي العلوي
106 204- أحمد بن معد المستعلي بالله العُبَيدي(34/191)
"حرف الجيم"
107 205- جناح الدولة صاحب حمص
"حرف الحاء"
107 206- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحمد الكرماني
107 207- الحسين بن علي بن محمد الهمذاني
107 208- الحسين بن محمد بن أبي علي الطبري
"حرف الخاء"
108 209- خَالِد بْن عَبْد الواحد بْن أحمد الأصبهاني
108 210- خلف بن عبد الله بن سعيد الأزدي
"حرف السين"
108 211- سَعِيد بْن هبة اللَّه بْن الحسين البغدادي
108 212- سلمان بن حمزة بن الخضر السلمي
"حرف الصاد"
109 213- صاعد بْن سَيَّار بْن يحيى الكناني
"حرف العين"
109 214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل السرقسطي
110 215- عبد الرحمن بن محمد بن ثابت الثابتي
110 216- عبد الصمد بن موسى بن هذيل البكري
110 217- عبد العزيز بن الحسين الدمشقي الدلال
110 218- عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن أَبِي غالب القروي
111 219- عبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري الوركي
111 220- عثمان بن عبد الله النيسابوري
112 221- علي بن محمد بن عصيدة البغدادي الغزال
112 222- علي بن عبد الواحد بن فاذشاه
"حرف الميم"
112 223- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الكامخي
112 224- محمد بن أحمد بن عبد الواحد الشيرازي
113 225- محمد بن عبد العزيز الرازي
113 226- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه الخياط
113 227- محمد بن عبد الوهاب الكوفي الخزاز
113 228- محمد بن علي الشاشي
113 229- محمد بن هبة الله بن ثابت البندنيجي
114 230- مقاتل بن مطكوذ بن تمريان السوسي(34/192)
114 231- منصور بن المؤمل الغزال
"حرف الياء"
114 232- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين الناصح
"الكنى"
114 233- أبو الحَسَن بْن أَبِي عاصم العَبَّادي
"وفيات سنة ست وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
115 234- أحمد بن الحسن بن الحسين البغدادي البزاز
115 235- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد السُّوذَرْجانيّ
115 236- أحمد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْر بن سوار
116 237- إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد السلماسي
"حرف الحاء"
116 238- حَمْدُ بْن مروان بْن قيصر
117 239- الحُسين بْن الحُسين بْن عليّ بْن العبّاس الفانيذي
117 240- الحسين بن محمد الكتبي
"حرف الخاء"
117 241- خازم بْن مُحَمَّد بْن خازم المخزومي
"حرف السين"
118 242- سليمان بْن أَبِي القاسم نجاح
"حرف العين"
119 243- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن محمد بن الشروطي
119 244- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ
119 245- عبيد الله بن طاهر بن الحسين الروقي
119 246- عليّ بْن أحمد بْن عُمَر بْن الخَلِيّ
119 247- علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن الدوش
120 248- علي بن محمد بن علي بن فورجة
"حرف الفاء"
120 249- الفَرَج بْن مُحَمَّد بْن المقرون
"حرف الميم"
120 250- مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار بْن محمد الضبي الفرساني
121 251- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن كادش الحنبلي
121 252- محمد بن عمر بن عبد الله الكراني
121 253- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن جعفر الأصبهاني(34/193)
121 254- محمد بن المنذر بن ظبيان المنذر الكرخي
121 255- معالي العابد
"حرف النون"
122 256- نَصْر بْن عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن عبد الجبار
"حرف الياء"
122 257- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي زيد اللواتي
123 258- يحيى بن منصور الصوفي الجَنْزي
"وفيات سنة سبع وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
123 259- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يونس المقدسي
123 260- أحمد بن بندار بن إبراهيم البقال
123 261- أحمد بن علي بن الحسين بن الحداد الدلال
123 262- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة الكوفي
124 263- أحمد بن محمد بن بشرويه الأصبهاني
124 264- أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي
125 265- أحمد بن محمد بن الحسين العكبري
125 266- أرتاش بن تُتُش بن ألب أرسلان
125 267- إسماعيل بن علي بن حسن الجاجرمي
126 268- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن النيسابوري
126 269- إسماعيل بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عثمان القومساني
126 270- أردشير بن أبي منصور المروزي
"حرف الجيم"
127 271- جامع بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد النيسابوري
"حرف الحاء"
127 272- الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد الكلابي
128 273- الحسين بن عبد الملك بن محمد اليوسفي
128 274- الحسين بن إبراهيم بن أحمد النطنزي
128 275- الحسين بن علي بن أحمد البندار
"حرف الدال"
128 276- دقاق بن تتش
"حرف الزاي"
129 277- زيد بْن عليّ بْن عَبْد الله الفسوي(34/194)
"حرف الطاء"
129 278- طاهر بْن أسد بْن طاهر الطباخ الأجمي
"حرف العين"
129 279- عبد الله بن إسماعيل الإشبيلي
130 280- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن السمناني
130 281- عبد الرحمن بن قاسم الشعبي المالقي
131 282- العلاء بْن حَسَن بْن وهْب بْن الموصلايا
132 283- أبو نصر هبة الله
132 284- علي بن الحسن العلوي الخراساني
132 285- علي بن الحسين بن أبي نزار المردستي
132 286- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هارون بْن الجراح
132 287- عيسى بْن الحافظ أَبِي ذَرّ عَبْد بْن أحمد
"حرف الميم"
133 288- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله بن النقور
133 289- محمد بن عبد الله بن محمد الناقد السمسار
134 290- محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز المديني
134 291- محمد بن فرج بن الطلاع
136 292- المؤمل بن أحمد بن المؤمل المصيصي
"حرف الياء"
136 293- يزيد مولى المعتصم باللَّه مُحَمَّد بن معن
"وفيات سنة ثمان وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
136 294- أحمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم البصري
136 295- أحمد بن خلف بن عبد الله بن غالب القلعي
136 296- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الخطيب الهاشمي
137 297- أحمد بن نصر بن أحمد الخراساني الخوجاني
137 298- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد البرداني
137 299- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن مردويه
"حرف الباء"
138 300- بركياروق
"حرف الثاء"
139 301- ثابت بْن بُنْدار بْن إِبْرَاهِيم الدينوري(34/195)
"حرف الحاء"
139 302- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد الطائي
140 303- الحسين بن علي بن الحسين الطبري
140 304- الحسين بن محمد بن أحمد الغساني
"حرف االسين"
141 305- سقمان بن أرتق بن أكسب التركماني
"حرف العين"
143 306- عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله المعافري
143 307- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الجنيد
143 308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز الدهان
143 309- علي بن خلف بن ذي النون العبسي
144 310- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن قُنيْن العبدي
144 311- علي بن محمد بن إسماعيل العراقي الشافعي
144 312- عيسى بن عبد الله بن القاسم الغزنوي
"حرف الفاء"
144 313- الفضل بْن عَبْد العزيز بْن محمد المتوثي
145 314- فِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن شاذي
"حرف الميم"
145 315- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن قيداس التوثي
145 316- محمد بن عبد السلام بن أحمد الشريف البزار
146 317- محمد بن علي بن الحسين بن أبي الصقر الواسطي
146 318- مُحَمَّد بْن فَتُّوح بْن عليّ بْن وليد الطلبيري
146 319- مُحَمَّد بْن محمود بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم الرشيدي
147 320- محمد بن محمد بن محمد بن الطيب البزار
"حرف النون"
147 321- نَصْر اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان الخشنامي
147 322- نَصْر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أحمد الوكيل
"حرف الهاء"
147 323- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن علي الكاتب
"وفيات سنة تسع وتسعين وأربعمائة"
"حرف الألف"
148 324- أحمد بن خلف الأموي
148 325- أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار(34/196)
148 326- أحمد بْن الفضل بْن أَبِي القاسم الأصبهاني
148 327- أحمد بن علي بن عبد الغفار البيع
148 328- أحمد بن محمد الموازيني
"حرف الباء"
149 329- بدر النشوي الصوفي
149 330- بنجر بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَمُّوَيْه الزنجاني
"حرف الحاء"
149 331- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان العجلي
"حرف الدال"
149 332- دار ابن العلاء بن أحمد الفارسي
"حرف الحاء"
150 333- الحسين بن إبراهيم النظنزي
150 334- الحسين بن سعد الآمدي
"حرف الخاء"
150 335- خمارتكن الجستاني
"حرف السين"
150 336- سهل بْن أحمد بْن عليّ الأرغياني
"حرف العين"
150 337- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن إسحاق بن العباس الطوسي
151 338- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخوّاص البغداديّ
151 339- عبد العزيز بن محمد بن أحمد الشيرازي
151 340- علي بن الحسن بن عبد السلام الأزدي
151 341- علي بن هبة الله بن حسن الجيري
151 342- علي بن عبد الرحمن بن يوسف الأنصاري
151 343- عمر بن المبارك بن عمر بن عثمان بن الخرقي
"حرف الميم"
152 344- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بن عبد الرزاق الخياط
153 345- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن خَلَف الواسطي
153 346- محمد بن عبد الله بن يحيى الخباز
153 347- محمد بن عبيد الله بن الحسن البصري
154 348- المُعَمَّر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن إسماعيل الكوفي
155 349- مكّيّ بْن بجير بْن عَبْد اللَّه بْن مكي الهمذاني
155 350- مهارش بن مجلي بن عكيث(34/197)
156 351- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الطيب البغدادي
"وفيات سنة خمسمائة"
"حرف الألف"
156 352- أحمد بن الحسين بن علي بن عمرويه
156 353- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن سَعِيد الحداد
157 354- أحمد بن محمد بن مظفر الجوافي
157 355- أحمد بن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زنجُويه
158 356- أحمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي
158 357- إسماعيل بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن حِبّان النسوي
"حرف الجيم"
158 358- جعفر بن أحمد السراج
"حرف الخاء"
159 359- خلف بن محمد القرطبي
"حرف العين"
159 360- عَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن أحمد البرداني
160 361- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه التجيبي
161 362- عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب الفامي
161 363- علي بن طاهر بن جعفر الدمشقي
"حرف الميم"
161 364- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أحمد بن الحسن الباقلاني
162 365- المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الطيوري
162 366- المبارك بن فاخر بن محمد بن يعقوب الدباس
164 367- مطهر بْن أحمد بْن عُمَر بْن صالح الهمذاني
"حرف الياء"
164 368- يحيى بْن سَعِيد بْن حبيب المحاربي
164 369- يوسف بن تاشفين
170 370- يوسف بن علي الزنجاني
"المتوفون تقريبًا"
170 371- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الشارقي
170 372- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن شَهْرَيار
170 أحمد بْن عَبْد اللَّه السُّوذَرْجانيّ
170 373- عَبْد الرحيم بن محمد بن أحمد الشرابي
170 374- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن الصابوني(34/198)
171 375- أسعد بن مسعود بن علي العتبي
171 376- غالب بن عيسى بن نعم الخلف الأندلسي
171 377- المظفّر بْن الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن هَرْثَمَة الفارسي
172 378- عباد بن الحسين بن غانم الطائي
172 379- إبراهيم بن علي بن الحسن البجيرمي
172 380- مُحَمَّد بْن المظفّر بن عُبَيْد اللَّه النَّهَاوَنْديّ
172 381- محمد بن عبد الواحد بن علي الزجاج
172 382- محمد بن إدريس بن خلف القرتائي
172 383- سعد بن علي بن حميد
172 384- علي بن هبة الله التراسي
173 385- محمد بن علي بن عبد الرزاق الكاغدي
173 386- أحمد بن أبي هاشم القرشي
173 387- محمد بن أحمد بن سعيد الفاشاني
173 388- لاحق بن محمد بن أحمد التميمي
173 389- محمد بن أحمد بن جعفر الأصبهاني
174 390- محمد بن الحسين بن محمد البالوي
174 391- محمد بن عبد العزيز بن أحمد العسال
174 392- محمد بن عمر بن سهلويه
174 393- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن الخطيب
174 394- عبد الله بن يوسف الجرجاني
174 395- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلُّويَه
174 396- سداد بن محمد بن أحمد الخلقاني
175 397- محمد بن أحمد بن طاهر بن أحمد البغدادي
175 398- إسماعيل بن الحسين بن حمزة العلوي
175 399- عبد الملك بن الحسن بن بتنه
175 400- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد الفارسي
176 401- محمد بن خلف بن قاسم الخولاني
176 402- المطهر بن الفضل بن عبد الوهاب الأصبهاني
176 403- المظفر بن علي البندنيجي
176 404- إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم الغساني
176 405- أحمد بن نصر بن أحمد الهمذاني
176 406- عبد الله بن إبراهيم بن هاشم القيسي
177 407- محمد بن جابار بن علي الهمذاني(34/199)
177 408- الحَسَن بْن الفتح بْن حمزة بْن الفتح الهمذاني
177 409- الحسين بن أحمد بن أحمد
178 410- علي بن الحسن بن أبي سهل النيسابوري
179 فهرس الموضوعات(34/200)
المجلد الخامس والثلاثون
الطبقة الحادية والخمسون
أحداث سنة إحدى وخمسمائة
...
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الطبقة الحادية والخمسون:
أحداث سنة إحدى وخمسمائة
فتنة العميد عَلَى سيف الدّولة صَدَقة بْن مَزْيَد:
كَانَ سيف الدّولة صَدَقة قد صار ملك العرب في زمانه، وبنى مدينة الحلة وغيرها. وقبل ذَلِكَ كَانَ صاحب عمود وسيف، فعظُم شأنُه، وارتفع قدْره، وصار ملجأ لمن يستجير. وكان معينًا للسّلطان محمد عليّ حروبه مَعَ أخيه، وناصرًا لَهُ، فزاد في إقطاعه مدينة واسط، وأذِن لَهُ في أخذ البصْرة. ثمّ افتن ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بْن الحسين البلْخيّ مَعَ ما كَانَ يفعله صَدَقة مِن إجارة مِن يلتجئ إِلَيْهِ مِن أعداء السّلطان محمد. وشغَّب العميدُ السّلطان عَليْهِ، ثمّ زاد عَليْهِ بأنْ صبغه بأنّه مِن الباطنية، ولم يكن كذلك؛ كَانَ شيعيّا. وسخط السّلطان عَلَى سَرْخاب بْن دُلَف صاحب ساوة، فهرب منه، فأجاره صَدَقة، فطلبه السّلطان منه، فامتنع. إلى أمور أُخر، فتوجّه السّلطان إلى العراق.
فاستشار صَدَقة أصحابه، فأشار إِليْهِ ابنه دُبَيْس بأن ينفّذه إلى السّلطان بتقادُم وتُحَف وخيل، وأشار سَعِيد بْن حُمَيْد صاحب جيش صَدَقة بالحرب، فأصغى إليه، وجمع العساكر، وبذل الأموال، فاجتمع لَهُ عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل. فأرسل إليه المستظهر ينهاه عَنِ الخروج، ويعده بأن يُصْلح أمره. وأرسل السّلطان يطلبه ويطيّب قلبه، ويأمره بالتّجهّز معه لقصد غزو الفرنج، فأجاب بأنّهم ملأوا قلب السّلطان عليّ، ولا آمن مِن سطوته1.
وقال صاحب جيشه: لم يبق لنا في صُلْح السّلطان مَطْمَع.
دخول السّلطان بغداد:
ودخل السّلطان بغداد في العشرين مِن ربيع الآخر جريدة لَا يبلغ عسكره ألفَيْ فارس، فلمّا اطمأنّ ببغداد، وتحقّق معاندة صَدَقة لَهُ بعث شِحْنة بغداد سنقر البرسقي
__________
1 دول الإسلام "2/ 29".(35/3)
في عسكر، فنزل عَلَى صَرْصَرْ، وبعث بريدًا يستحثّ عساكره فأسرعوا إليه.
الحرب بين السّلطان وصدقة بْن مَزْيَد:
ثمّ نشبت الحرب بين الفريقين شيئًا فشيئًا، وتراسلوا في الصُّلح غير مُرَّة، فلم يتّفق، وجرت لهم أمور طويلة. ثمّ التقى صَدَقة والسلطان في تاسع عشر رجب، فكانت الأتراك ترمي الرَّشْقَة عشرة آلاف سهْم، فتقع في خيل العرب وأبدانهم. وبقي أصحاب صَدَقة كلمّا حملوا منعهم نهرٌ بين الفريقين مِن الوصول، ومن عَبَر إليهم لم يرجع. وتقاعدت عُبادة وخَفَاجة شفقةً عَلَى خيلها. وبقي صَدَقة يصيح: يا آل خُزَيْمَة، يا آل ناشرة، ووعد الأكراد بكلّ جميل لَمَّا رَأَى من شجاعتهم. وَكَانَ راكبا على فرسه المهلوب، ولم يكن لأحدٍ مثله، فجُرح الفَرَس ثلاث جراحات. وكان لَهُ فرس آخر قد ركبه حاجبه أبو نصر، فلمّا رَأَى التُّرْكَ قد غشوا صَدَقة هرب عَليْهِ، فناداه صَدَقة، فلم يردّ عَليْهِ. وحمل صَدَقة عَلَى الأتراك وضرب غلامًا منهم في وجهة بالسّيف، وجعل يفتخر ويقول: أَنَا ملك العرب، أَنَا صَدَقة. فجاءه سهْمٌ في ظهره، وأدركه بزغش1 مملوك أشلّ، فجذبه عَنْ فَرَسه فوقع فقال: يا غلام أرفق. فضربه بالسّيف قتله، وحمل رأسه إلى السّلطان، وقُتل مِن أصحابه أكثر مِن ثلاثة آلاف فارس، وأُسِر ابنه دُبَيْس، وصاحب جيشه سَعِيد بْن حُمَيْد2.
ترجمة صَدَقة بْن منصور:
وكان صَدَقة كثير المحاسن بالجملة، محبَّبًا إلى الرعيّة، لم يتزوَّج عَلَى امرأته، ولا تَسَرَّى عليها. وكان عنده ألوف مجلَّدات مِن الكُتُب النفيسة. وكان متواضعًا محتملًا، كثير العطاء3.
سفر فخر المُلْك ابن عمّار إلى بغداد:
وأمّا طرابُلُس، فلمّا طال حصارها، وقلَّت أقواتُها، وعظُمت بليّتُها ولا حول ولا
__________
1 المنتظم "9/ 156".
2 المنتظم "9/ 156"، والكامل في التاريخ "10/ 440-448"، والعبر "4/ 1"، والبداية والنهاية "12/ 169"، وشذرات الذهب "4/ 2".
3 المنتظم "9/ 159"، والكامل في التاريخ "10/ 448، 449"، والنجوم الزاهرة "5/ 196".(35/4)
قوّة إلّا بالله، منَّ الله عليهم سنة خمسمائة بميرة جاءتهم مِن البحر، فتقوَّوْا شيئًا. واستناب فخر المُلْك أبو عليّ بْن عمار عَلَى البلدان ابن عمه، وسلف المقاتلة رزق ستة أشهر. وسار منها إلى دمشق ليمضي إلى بَغْدَاد فأظهر ابن عمه العصيان، ونادى بشعار المصريّين، فبعث فخر المُلْك إلى أصحابه، فأمرهم بالقبض عَليْهِ، ففعلوا بِهِ ذَلِكَ. واستصحب فخر المُلْك معه تُحَفًا ونفائس وجواهر وحُلي غريبة، فأحترمه أمير دمشق وأكرمه، ثمّ سار إلى بغداد، فدخلها في رمضان قاصدًا باب السّلطان، مستنفرًا عَلَى الفرنج، فبالغ السّلطان محمد في احترامه. وكان يوم دخوله مشهودًا. ورتَّب لَهُ الخليفة الرّواتب العظيمة. ثمّ قِدم للسّلطان التّقادم، وحادثه السّلطان في أمر قتال الفرنج، فطلب النّجدة، وضمن الإقامة بكفاية العساكر، فأجابه السّلطان. وقدّم للخليفة أيضًا، وحضر دار الخلافة وخُلع عَليْهِ. وجرّد السّلطان معه عسكرًا لم يُغْنِ شيئًا1.
دخول فخر المُلْك جبلة:
ثمّ وصل إلى دمشق في المحرَّم سنة اثنتين، وتوجّه بعسكر دمشق إلى جَبَلَة، وأطاعه أهلها2.
القبض عَلَى جماعة ابن عمّار:
وأمّا أهل طرابُلُس فراسلوا المصريّين يلتمسون واليا وميرَة في البحر، فجاءهم شرف الدّولة ومعه الميرة الكثيرة، فلمّا دخلها قبض عَلَى جماعة مِن أقارب ابن عمّار، وأخذ نعمهم وذخائرهم، وحمل الجميع إلى مصر في البحر3.
إظهار السّلطان العدل ببغداد:
وفي شَعْبان أطلق السّلطان الضّرائب والمُكُوس ببغداد، وكثُر الدّعاء لَهُ، وشرط عَلَى وزير الخليفة العدل وحُسْن السيرة، وأن لَا يستعمل أهل الذّمّة، وعاد إلى إصبهان بعد إقامة نحو السّتّة أشهر، فأحسن فيها ما شاء. وكتب في يوم أربعمائة
__________
1 الكامل في التاريخ "20/ 452، 453"، والبداية والنهاية "12/ 169".
2 الكامل في التاريخ "10/ 454"، ونهاية الأرب "28/ 267".
3 الكامل في التاريخ "10/ 454"، وأخبار مصر لابن ميسر "2/ 43".(35/5)
فقير. ومضى يومًا إلى مشهد أَبِي حنيفة، فانفرد وغلّق عَليْهِ الأبواب يصلّي ويتعبَّد، وكفّ غلمانه عَنْ ظُلْم الرّعيّة، وبالغ في ذَلِكَ1.
بِناء حصن عند صور:
وفيها حاصر بغدوين ملك الفرنج صور، وبنى تلقاءها حصنًا، وضيّق عليهم، فبذل لَهُ متولّيها سبعة آلاف دينار، فرحل عنها2.
منازلة الفرنج صيدًا:
ونازل صيدًا ونصب عليها البُرج الخشب، وقاتَلَها في المراكب. وجاء أصطول ديار مصر ليكشف عَنْهَا، فقاتلهم أصطول الفرنج، وظهر المسلمون، وبلغ الفرنج مسيرُ عسكر دمشق نجدةً لأهل صيدا، فتركوها ورحلوا عَنْهَا3.
أسْر صاحب طبريّة:
وأغار أمير دمشق طُغتِكِين عَلَى طبريّة، فخرج ملكها جرْفاس -لعنة الله- فالتقوا، فقُتل خلْق مِن عسكره وأُسِر هُوَ، وفرح المسلمون4.
__________
1 المنتظم "9/ 155، 156"، وذيل تاريخ دمشق "162"، والكامل في التاريخ "10/ 454".
2 الكامل في التاريخ "10/ 455"، ودول الإسلام "2/ 30".
3 ذيل تاريخ دمشق "162"، والكامل في التاريخ "10/ 456".
4 ذيل تاريخ دمشق "161، 162"، ودول الإسلام "2/ 30".(35/6)
أحداث سنة اثنتين وخمسمائة
حصار مودود المَوْصِل:
كَانَ السّلطان قد بعث الأمير مودود إلى المَوْصِل فحاصرها مدّة، وانتزعها مِن يد جاولي سقاووا. وكان جاولي قد سار في سنة خمسمائة في المحرَّم منها، قد بعثه السّلطان محمد إلى المَوْصِل والأعمال الّتي بيد جكرمِش، وكان جاولي سقاووا قبل هذا قد استولى عَلَى البلاد الّتي بخوزستان وفارس، فأقام بها سنتين، وعمَّر قلاعها، وظلم وعَسف، وقطع، وشنق، ثمّ خاف جاولي مِن السّلطان، فبعث إليه السّلطان(35/6)
الأمير مودود، فتحصّن جاولي، وحصره مودود ثمانية أشهر، ثمّ نزل بالأمان ووصل إلى السّلطان فأكرمه، وأمره بالمسير لغزو الفرنج، واقطعه المَوْصِل ونواحيها1.
الحرب بين جاولي وجكرمش:
وكان جكرمش لما عاد مِن عند السّلطان قد التزم بحمل المال وبالخدمة، فلما حصل ببلاده لم يف بما قَالَ، فسار جاولي إلى بغداد ثمّ إلى المَوْصِل، ونهب في طريقه البواريج بعد أن أمّن أهلها، ثمّ قصد إربل، فتجمّع جكرمش في ألْفَين، وكان جاولي في ألف، فحمل جاولي عَلَى قلب جكرمش فانهزم مِن فيه، وبقي جكرمش وحده لَا يقدر عَلَى الهزيمة، فعالج بِهِ فأسروه. ونازل جاولي المَوْصِل فحاصرها وبها زنكي بْن جكرمش، ومات جكرمش أمام الحصار عَنْ نحو ستين سنة2.
تملك قلج أرسلان المَوْصِل:
وأرسل غلمان جكرمش إلى الأمير صَدَقة بْن مَزْيَد وإلى قسيم الدّولة البُرْسُقيّ وإلى صاحب الرّوم قلج أرسلان قُتُلْمِش يستدعون كُلًا منهم ليكشف عَنْهُم، ويسلّمون إِليْهِ المَوْصِل. فبادر قلج أرسلان، وخاف جاولي فترحَّل. وأمّا البُرْسُقيّ شِحنة بغداد فسار فنزل تجاه الموصل بعد رحيل جاولي بيوم، فما نزلوا إِليْهِ، فغضب ورجع، وتملّكها قلج أرسلان، وحلفوا لَهُ في رجب. وأسقط خطبة السّلطان محمد، وتألّف النّاس بالعدل وقال: مِن سعى إلى في أحدٍ قتلتُه3.
منازلة جاولي الرحبة:
وأمّا جاولي فنازل الرَّحْبة يحاصرها، ثمّ افتتحها بمخامرة وأنْهبها إلى الظُّهْر. وسار في خدمته صاحبها محمد بن سباق الشيباني4.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 457-459"، والعبر "4/ 3".
2 الكامل في التاريخ "10/ 457، 458"، وتاريخ مختصر الدول "198".
3 الكامل في التاريخ "10/ 426، 427".
4 الكامل في التاريخ "10/ 429".(35/7)
غرق قلج بالخابور:
ثمّ سار قلج أرسلان ليحارب جاولي، فالتقوا في ذي القِعْدة فحمل قلج أرسلان بنفسه، وضرب يد صاحب العِلْم فأبانها، ووصل إلى جاولي فضربه بالسّيف. فقطع الكُزَاغَنْد1 فقط. وحمل أصحاب جاولي عَلَى الآخرين فهزموهم فعلم قلج أرسلان أنّه مأسور، فألقى نفسه في الخابور، وحمى نفسه مِن أصحاب جاولي، فدخل بِهِ فَرَسُه في ماءٍ غميق، فغرق، وظهر بعد أيّام، فدُفن ببعض قرى الخابور2.
تملُّك جاولي المَوْصِل:
وساق جاولي إلى المَوْصِل، ففتح أهلها لَهُ وتملكها، وكثُر رجاله وأمواله، ولم يحمل شيئًا مِن الأموال إلى السّلطان. فلمّا قِدم السّلطان بغداد لحرب صَدَقة جهّز عسكرًا لحرب جاولي، وتحصّن هُوَ بالموصل وعَسَف وظَلَم، وأهلك الرعيّة3.
دخول مودود المَوْصِل:
ونازل العسكر المَوْصِل في رمضان سنة إحدى وخمسمائة وافتتحوه بمعاملة مِن بعض أهله، ودخلها الأمير مودود، وأمن النّاس، وعَصَت زَوْجَة جاولي بالقلعة ثمانية أيّام، ثمّ نزلت بأموالها4.
أخذ جاولي بالِس:
وأمّا جاولي فإنّه كَانَ في عسكره بنواحي نَصِيبّين. وجَرَت لَهُ أمور طويلة، وأخذ بالِس وغيرها، وفتك ونهب المسلمين5.
وقعة جاولي وصاحب أنطاكية:
ثمّ فارقه الأمير زنكي بْن أقسُنْقُر، وبكتاش النّهاونْديّ، وبقي في ألف فارس،
__________
1 الكزاغند: كلمة فارسية وهو المعطف القصير يلبس فوق الزردية.
2 الكامل في التاريخ "10/ 429، 430"، والعبر "4/ 3".
3 الكامل في التاريخ "10/ 457، 458"، وتاريخ الزمان "130"، والعبر "4/ 3".
4 الكامل في التاريخ "10/ 458"، 459"، وتاريخ مختصر الدول "199".
5 الكامل في التاريخ "10/ 459".(35/8)
فخرج لحربه صاحب أنطاكية تنكري في ألف وخمسمائة مِن الفرنج، وستّمائة مِن عسكر حلب، فانهزم جاولي لمّا رَأَى تقلّل عسكره، وسار نحو الرحْبة، وقُتِل خلْقٌ مِن الفريقين1.
صفْح السّلطان عن جاولي:
ثمّ سار جاولي إلى باب السّلطان، وهو بقرب إصبهان، فدخل وكَفَنُه تحت إبْطه، فعفا عَنْهُ. وكان السّلطان محمد كثير الحلم والصَّفْح2.
غزوة طغتكين إلى طبرية:
وفيها سار طُغتِكين متولّي دمشق غازيا إلى طبرية، فالتقى هُوَ وابن أخت صاحب القدس بغدوين. وكان المسلمون ألفي فارس سوى الرَّجّالة، وكانت الفرنج أربعمائة فارس وألفَيْ راجل. فأشتدّ القتال، وانهزم المسلمون فترجّل طُغتِكين، فتشجَّع العسكر وتراجعوا، وأسروا ابن أخت بغدوين، ورجعوا منصورين. وبذل في نفسه ثلاثين ألف دينار3، وإطلاق خمسمائة أسير فلم يقنع منه طُغتِكين بغير الإسلام، ثم ذبحه بيده، وبعث بالأسرى إلى بغداد4.
مهادنة طُغتِكين وبغدوين:
ثم تهادن طُغتِكين وبغدوين عَلَى وضع الحرب أربع سنين.
أخذ الفرنج عرقة:
ثمّ سار طُغتِكين لتسلُّم حصن عرقة، أطلقه لَهُ ابن عمّار لعَجْزه عَنْ حِفْظه، فقصده السّرْدانيّ بالفرنج، فتقهقر عسكر طُغتِكين ووصلوا إلى حمص كالمنهزمين، وأخذ السّرْدانيّ عرقة بالأمان من غير كلفة5.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 464، 465"، وتاريخ الزمان "131".
2 الكامل في التاريخ "10/ 466".
3 تاريخ الزمان "131".
4 الكامل في التاريخ "10/ 467".
5 الكامل في التاريخ "10/ 467، 468"، والعبر "4/ 3".(35/9)
وزارة ابن جَهير:
وفيها عُزِل الخليفة هبة الله بْن المطّلب بأبي القاسم عليّ بْن أَبِي نصر بْن جَهير1.
زواج المستظهر بالله:
وفيها تزوَّج المستظهر بالله بأخت السّلطان محمد عَلَى مائة ألف دينار، وعقد العقْد القاضي أبو العلاء صاعد بْن محمد النَّيْسابوريّ الحنفيّ، وقبل العقد ابن نظام المُلْك، وذلك بإصبهان2.
شحنة بغداد:
وفيها وُلّي شِحْنكيّة بغداد مجاهد الدّين بهروز3.
مقتل قاضي إصبهان:
وفيها قتلت الباطنّية قاضي إصبهان عُبَيْد الله بْن عليّ الخطيبيّ بَهَمَذَان، وكان يحرّض عليهم، وصار يلبس دِرْعًا تحت ثيابه حَذَرًا منهم. قتله أعجميّ يوم الجمعة في صَفَر4.
مقتل قاضي نَيْسابور:
وقتلوا يوم الفِطْر أبا العلاء صاعد بْن محمد قاضي نَيْسابور وقُتِل قاتله، واستشهد كهلًا5.
أخذ الفرنج قافلة مِن دمشق:
وفيها تجمّع قَفْلٌ كبير، وسار مِن دمشق طالبين مصر، فأخذتهم الفرنج6.
__________
1 المنتظم "9/ 159"، والكامل في التاريخ "10/ 470، 471".
2 المنتظم "9/ 159"، والكامل في التاريخ "10/ 471"، والبداية والنهاية "12/ 170".
3 الكامل في التاريخ "10/ 471".
4 الكامل في التاريخ "10/ 471"، والعبر "4/ 4".
5 الكامل في التاريخ "10/ 472"، وشذرات الذهب "4/ 4".
6 الكامل في التاريخ "10/ 472".(35/10)
قتل الباطنية بشيزر:
وفيها ثار جماعة مِن الباطنية لعنهم الله في شيزر عَلَى حين غَفْلةٍ مِن أهلها، فملكوها وأغلقوا الباب، وملكوا القلعة، وكان أصحابها أولاد مُنْقذ قد نزلوا يتفرّجون عَلَى عيد النَّصارى، فبادر أهل شيزر إلى الباشورة، فأصعدهم النّساء في حبالٍ مِن طاقات، ثمّ صعِد أمراء الحصْن، واقتتلوا بالسّكاكين، فخُذِل الباطنيّة في الوقت، وأَخَذَتْهُم السُّيوف، وكانوا مائةً، فلم ينْجُ منهم أحد1.
مقتل الروياني شيخ الشافعية:
وفيها قتلت الباطنيّة شيخ الشّافعية أبا المحاسن عَبْد الواحد الرّويانيّ2.
أخْذُ طرابلس:
وفيها عَلَى ما ذكر أبو يَعْلَى حمزة أخذت طرابلس.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 472"، ودول الإسلام "2/ 31"، والعبر "4/ 4".
2 المنتظم "9/ 160"، وشذرات الذهب "4/ 4".(35/11)
أحداث سنة ثلاث وخمسمائة:
سقوط طرابُلُس بيد الفرنج:
قَالَ ابن الأثير1: في حادي عشر ذي الحجّة تملّك الفرنج طرابُلُس، وكانت قد صارت في حكم صاحب مصر مِن سنتين، وبها نائبه، والمدَدُ يأتي إليها، فلمّا كَانَ في شَعْبان وصل أصطول كبير مِن الفرنج في البحر، عليهم رَيْمُنْد بْن صَنْجِيل، ومراكبه مشحونة بالرجال والمِيرة، فنزل عَلَى طرابُلُس مَعَ السّرْدانيّ ابن أخت صَنْجيل الّذي قام بعد موت صَنْجيل، وهو مُنَازِلٌ لها، فوقع بينهما خُلْفٌ وقتال، فجاء تَنْكرِي صاحب أنطاكية نجدةً للسّرْداني، وجاء بغدوين صاحب القدس، فأصلح بينهما، ونزلوا جميعهم عَلَى طرابُلُس، وجدُّوا في الحصار في أوّل رمضان، وعملوا أبراجًا وألْصَقوها بالسّور، فخارت قِوى أهلها وذلّوا، وزادهم ضعفًا تأخّر الأصطول المصريّ بالنَّجدة والمِيرة، وزحفت الفرنج عليها، فأخذوها عنوة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 475، 476".(35/11)
ونجا واليها وجماعة مِن الْجُنْد التمسوا الأمان قبل فتْحها، فوصلوا إلى دمشق1.
أخذ بانياس:
وسار تنْكري إلى بانياس فأخذها بالأمان2.
أخذ جبلة:
ونزل بعض الفرنج عَلَى جبلة وبها فخر المُلْك بْن عمّار الَّذِي كَانَ صاحب طرابُلُس، فحاصروها أيّامًا، وسلّمت بالأمان لقلّة الأقوات بها، وقصد ابن عمّار شَيْزَر، فأكرمهُ سلطان بْن عليّ بْن منقذ الكنانيّ، فاحترمه وسأله أن يقيم عنده، فسار إلى دمشق فأكرمه طُغتِكين وأقطعه الزَّبَدانيّ3.
وذكر سِبط الْجَوزيّ4: أخْذ طرابُلُس في سنة اثنتين، وذكر الخلاف فيه.
محاصرة حصن الألموت:
وفيها سار وزير السّلطان محمد، وهو أحمد بْن نظام المُلْك فحاصر الألَمُوت، وبها الحَسَن بْن الصّبّاح، ثمّ رَحَل عَنْهَا لشدّة البرد5.
إقامة السّلطان ببغداد:
وفي ربيع الآخر قدم السلطان بغداد، فأقام بها أشهرًا6.
جرح الباطنية ابن نظام المُلْك:
وفي شَعْبان ظفر باطنيّ عَلَى الوزير ابن نظام المُلْك فجرحه، فتعلّل أيّامًا وعوفي،
__________
1 ذيل تاريخ دمشق "163"، والكامل في التاريخ "10/ 475، 476"، والبداية والنهاية "12/ 171"، وشذرات الذهب "4/ 6".
2 ذيل تاريخ دمشق "163، 164"، والكامل في التاريخ "10/ 476"، والعبر "4/ 6".
3 البداية والنهاية "12/ 171"، والنجوم الزاهرة "5/ 180"، وتاريخ طرابلس "1/ 457".
4 في مرآة الزمان "ج8 ق1/ 27".
5 الكامل في التاريخ "10/ 477، 478"، ونهاية الأرب "26/ 369".
6 المنتظم "9/ 163".(35/12)
وسُقِيَ الباطنيّ خمرًا وقُرّرَ، فأقّر جماعة بمسجد المأمونيّة، فأُخذوا وقُتِلوا1.
موت صاحب آمد:
وفيها مات إبراهيم بْن ينال صاحب آمد، وكان ظَلُومًا غَشومًا، نزح كثيرًا مِن أهل آمِد عَنْهَا لجوره. وتملك بعده ابنه2.
تعويق محمد بْن ملكشاه عَنِ الغزو:
وفيها عزم محمد بْن ملكشاه عَلَى غزو الفرنج، وتهيأ. ثمّ عرضت لَهُ عوائق3.
أخْذُ الفرنج طرسوس وحصن شَيْزر:
وفيها أخذ تَنْكري صاحب أنطاكيّة طَرَسُوس، وقرَّر عَلَى شَيْزر ضريبة في السنّة وهي عشرة آلاف دينار. وتسلم الحصن4.
__________
1 المنتظم "9/ 163"، والبداية والنهاية "12/ 171".
2 ذيل تاريخ دمشق "167"، والكامل في التاريخ "10/ 478".
3 ذيل تاريخ دمشق "165".
4 ذيل تاريخ دمشق "167"، والعبر "4/ 6"، ومرآة الجنان "3/ 173".(35/13)
أحداث سنة أربع وخمسمائة:
سقوط بيروت:
نزل بغدوين وابن صَنْجيل عَلَى بيروت، وجاءت الفرنج الْجَنَويّة في أربعين مركبًا، وأحاطوا بها، ثمّ أخذوها بالسّيف1.
سقوط صيدا:
ثمّ نازلوا صيدا في ثالث ربيع الآخر، فأخذوها في نيّفٍ وأربعين يومًا، وأمنّوا أهلها، فتحوّل خلْقٌ مِن أهلها إلى دمشق، وأقام أكثر النّاس رعية للفرنج، وقُرّر عليهم في السنة قطيعة عشرين ألف دينار2.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 475"، والعبر "4/ 7"، وتاريخ طرابلس "1/ 458، 459".
2 ذيل تاريخ دمشق "171"، والبداية والنهاية "12/ 172".(35/13)
عصيان نائب عسقلان:
وكان نائبُ بعسقلان شمس الخلافة، فراسل بغدوين صاحب القدس وهادنه وهاداه، وخرج عَنْ طاعة صاحب مصر، فتحيّلوا للقبض عَليْهِ فعجزوا. ثمّ إنّه أخرج الّذي عنده مِن عسكر مصر خوفًا منهم، وأحضر جماعة مِن الأرمن واستخدمهم، فمقته أهل عسقلان وقتلوه، ونهبوا داره، فسُرَّ بذلك أمير الجيوش الأفضل، وبعث إليها أميرًا1.
أخْذ الفرنج حصني الأثارب وزَرْدَنا:
وفيها نازل صاحب أنطاكيّة حصن الأثارب، وهو عَلَى بريدٍ مِن حلب، فأخذوه عنْوةً2، وقتل ألفَيْ رجلٍ، وأسر الباقين3.
ثمّ نازل حصن زَرْدَنا، وأخذه بالسّيف. وجَفَل أهل مَنْبِج، وأهل بالِسَ، فقصدت الفرنج البلدين، فلم يروا بها أنيسًا4.
تعاظم البلاء:
وعظُم بلاء المسلمين، وبلغت القلوب الحَنَاجر، وأيقنوا باستيلاء الفرنج عَلَى سائر الشّام، وطلبوا الهدنة، فامتنعت الفرنج إلّا عَلَى قطيعة يأخذونها. فصالحهم المُلْك رضوان السَّلْجوقي صاحب حلب عَلَى اثنتين وثلاثين ألف دينار، وغيرها مِن الخيل والثّياب، وصالحهم أمير صور عَلَى شيء، وكذا صاحب شَيْزر، وكذا صاحب حماه عليّ الكُرَديّ، صالحهم هذا عَلَى ألفَيْ دينار، وكانت حماه صغيرة جدّا5.
ثورة الناس ببغداد:
وسار طائفة مِن الشّام إلى بغداد يستنفرون النّاس، واجتمع عليهم خلْق مِن الفُقهاء والمطّوّعة، واستغاثوا وكسروا منبر جامع السّلطان، فوعدهم السلطان بالجهاد.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 480، 481"، ودول الإسلام "2/ 32".
2 العبر "4/ 7".
3 الكامل في التاريخ "10/ 481"، والعبر "4/ 7".
4 الكامل في التاريخ "10/ 482"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 224".
5 الكامل في التاريخ "10/ 482"، ونهاية الأرب "28/ 269، 270".(35/14)
ثمّ كثُروا وفعلوا أبلغ مِن ذَلِكَ بكثير مِن جامع القصر، وكثُر الضّجيج، وبَطَلت الجمعة، فأخذ السّلطان في أُهبة الجهاد1.
وزارة المَيْبذي:
وفيها عُزِل وزير السّلطان محمد نظام المُلْك بْن أحمد بْن نظام المُلْك ووَزَر الخطير محمد بْن حسين الميَبْذيّ2.
زواج الخليفة ببنت السّلطان:
وفي رمضان دخل الخليفة ببنت السّلطان ملكشاه، وزُيّنت بغداد وعُمِلت القِباب، وكان وقْتًا مشهودًا3.
الريح السوداء بمصر:
وفيها هبّت بمصر ريح سوداء مظلمة أخذت بالأنفاس، حتّى لَا يبصر الرجل يده، ونزل عَلَى النّاس رمل، وأيقنوا بالهلاك. ثمّ تجليّ قليلًا وعاد إلى الصفرة. وكان ذلك من العصر إلى بعد المغرب4.
مهادنة طغتكين بغدوين:
وفيها غدر بغدوين ونازل طبريّة، وبرز طُغتِكين إلى رأس الماء، ثمّ وقعت هدنة5.
وفيها حَيْفٌ عَلَى المسلمين وإذلال، ولم ينجدهم لَا جيش الشّرق ولا جيش مصر، واستنصرت الفرنج بالشّام.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 172".
2 الكامل في التاريخ "10/ 483".
3 البداية والنهاية "12/ 172".
4 الكامل في التاريخ "10/ 484".
5 دول الإسلام "2/ 33".(35/15)
أحداث سنة خمس وخمسمائة:
محاصرة المسلمين الرُّها:
وفيها سارت عساكر العراق والجزيرة لقتال الفرنج، فحاصروا الرُّها، ولم يقدروا عليها، واجتمعت جموع الفرنج، فلم يكن وقعة1.
مسير المسلمين إلى الشام:
ثمّ سار المسلمون وقطعوا الفرات إلى الشّام ونازلوا تلّ باشِر خمسة وأربعين يومًا، ورحلوا فجاءوا إلى حلب، فأغلق في وجوههم صاحبها رضوان بابها، ومات مقدّمهم سُقْمان القُطبيّ، واختلفوا ورجعوا، وما فعلوا شيئًا، إلّا أنّهم أطمعوا في المسلمين عساكر الفرنج2.
حصار صور:
فتجمّعت الملاعين، وساروا مَعَ بغدوين فحاصروا صور3.
قَالَ ابن الأثير: عملوا عليها ثلاثة أبراج خشب، عُلوّ البرج سبعون ذراعًا، وفيه ألف رَجُل؛ فألصقوها بالسّور4.
وكان نائب المصريّين بها عزّ المُلْك، فأخذ المسلمون حِزَم حطب، وكشفت الحُماة بين أيديهم إلى أن وصلوا إلى البرج، فألقوا الحطب حوله، وأوقدوا النّار فيه، واشغلوا الفرنج عَنِ النّزول مِن البرج بالنُّشّاب، وطرشوهم بجرار ملأى عُذْرَةً في وجوههم، فخبلوهم، وتمكّنت النّار، فهلك مِن في البرج إلّا القليل. ثمّ رموا البرجين الآخرين بالنّفْط فاحترقا. وطلبوا النّجدة مِن صاحب دمشق، فسار إلى ناحية بانياس، واشتدّ الحصار5.
قلت: وجرت فصول طويلة.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 485، 486".
2 الكامل في التاريخ "10/ 486"، والعبر "4/ 9".
3 الكامل في التاريخ "10/ 488"، والبداية والنهاية "12/ 173".
4 في الكامل في التاريخ "10/ 488".
5 ذيل تاريخ دمشق "178-180"، والبداية والنهاية "12/ 173".(35/16)
غارات طُغتِكين:
وكان تِلْكَ الأيّام يغير طُغتِكين عَلَى الفرنج وينال منهم؛ وأخذ لهم حصنًا في السّواد، وقتل أهله. وما أمكنه مناجزة الفرنج لكثرتهم1.
إحراق المراكب بصيدا:
ثمّ جمع وسار إلى صور، فخندقوا عَلَى نفوسهم ولم يخرجوا إليه، فسار إلى صيدا وأغار عَلَى ضياعها، وأحرق نحو عشرين مركبًا عَلَى السّاحل2.
وبقي الحصار عَلَى صور مدة، وقاتل أهلها قتال مِن آيس مِن الحياة، فدام القتال إلى المُغَلّ، فخافت الفرنج أن يستولي طُغتِكين على غلات بلادهم، وبَذَل لهم أهل صور مالًا ورحلوا عَنْهَا3.
الملحمة بالأندلس:
وفيها كانت ملحمة كبيرة بالأندلس بين عليّ بْن يوسف بْن تاشفين وبين الأَذْفُونش لعنه الله، نُصر فيها المسلمون، وقتلوا وأسروا وغنموا ما لَا يعبَّر عَنْهُ. فخاف الفرنج منها، وامتنعوا مِن قصد بلاد ابن تاشفين، وذل الأذفونش حينئذٍ وخاف فإنّها وقعة عظيمة أبادت شجعان الفرنج4.
وانصرف ابن الأذْفُونش حينئذٍ جريحًا، فهلك في الطّريق. وكان أَبُوهُ قد شاخ وارتعش.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 490".
2 الكامل في التاريخ "10/ 490"، والنجوم الزاهرة "5/ 181".
3 البداية والنهاية "12/ 173".
4 الكامل في التاريخ "10/ 490، 491"، والعبر "4/ 9".(35/17)
أحداث سنة ست وخمسمائة
أحداث سنة ست وخمسمائة
...
أحداث سنة ست وخمسمائة:
موت بسيل الأرمني:
فيها مات المُلْك بسيل الأرمنيّ صاحب الدّروب، فسار تَنْكري صاحب أنطاكية الفرنجيّ ليملكها فمرض، فعاد ومات بعد أيّام. وتملّك أنطاكية بعده سَرْخالة ابن أخته1.
موت قراجا صاحب حمص:
وفيها مات قراجا صاحب حمص، وقام بعده ولده قرجان. وكلاهما ظالم2.
قدوم القادة للجهاد في الإفرنج:
وفي أواخر السّنة، خاض الفرات صاحبُ المَوْصِل مودود بْن الْتُون تكِين، وصاحب سنجار تميرك، والأمير إياز بْن إيلغازي بنية الجهاد، فتلقّاهم صاحب دمشق طُغتِكين إلى سلمية، وكان كثير المودة بمودود3. وكانت الفرنج قد تابعت الغارات عَلَى حَوْران، وغلت الأسعار بدمشق، فاستنجد طُغتِكين بصديقه مودود، فبادر إليه، فاتّفق عَلَى قصْد بغدوين صاحب القدس، فساروا حتّى صاروا إلى الأردنّ، ونزل بغدوين على الصنبرة وبينهما الشريعة4.
__________
1 الكامل "10/ 493"، ودول الإسلام "2/ 34".
2 الكامل في التاريخ "10/ 493"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 226".
3 ذيل تاريخ دمشق "178".
4 الكامل في التاريخ "10/ 495، 496".(35/18)
أحداث سنة سبع وخمسمائة:
موقعة المسلمين والفرنج عند الشريعة:
في ثالث عشر المحرَّم التقى عسكر دمشق الجزيرة وعسكر الفرنج بقرب طبريّة، وصبر الفريقان، واشتدّ الحرب، وكانت وقعة مشهورة، ثمّ انكسرت الفرنج ووضع المسلمون فيهم السّيف، وأسروا خلقًا، وأُسِر ملكهم بغدوين، لكن لم يُعرف، فأخذ الَّذِي أسره سلاحه وأطلقه، فنجا جريحًا، ثمّ مات بعد أشْهُر. وغرق منهم في الشّريعة طائفة. وغنم المسلمون الغنيمة1.
ثم جاء عسكر أنطاكية وعسكر طرابلس، فقويت نفوس المنهزمين وعاودوا
__________
1 البداية والنهاية "12/ 175، 176".(35/18)
الحرب، فثبت لهم المسلمون فانحاز الملاعين إلى جَبَل، ورابط المسلمون بإزائهم يرمونهم بالنُّشّاب، فأقاموا كذلك ستّةً وعشرين يومًا1، وهذا شيء لم يُسمع بمثاله قطّ، وعُدِموا الأقوات.
ثمّ سار المسلمون إلى بَيْسان، فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم مِن القدس إلى عكّا، ورجعوا فنزلوا بمرج الصفر، وسافرت عساكر المَوْصِل2.
اغتيال مودود صاحب المَوْصِل:
ودخل مودود في خواصّه دمشق، وأقام عند صاحبه طُغتِكين، وأمر عساكره بالبحر في الربيع ونزل هُوَ وطغتكين يوم الجمعة في ربيع الأول للصلاة، ومشى ويده في يد طغتكين في صحن الجامع، فوثب عَلَى مودود باطنيّ جرحه في مواضع، وقُتِل الباطنيّ وأُحرق3.
قَالَ أبو يَعْلَى حمزة4: ولمّا قُضَيت الجمعة تنفّل بعدها مودود، وعاد هُوَ والأتابك وحولهما مِن الأتراك والدَّيلم والأحداث بأنواع السّلاح مِن الصّوارم والصّمصامات والخناجر المجرَّدة ما شاكل الأَجَمَة المشتبكة، فلمّا حصلا في صحن الجامع وثب رجلٌ لَا يُؤبَه لَهُ، فقرب مِن مودود كأنّه يدعو لَهُ ويتصدَّق عَليْهِ، فقبض ببند قبائه، وضربه بخنجر أسفل سُرَّته ضربتين، هذا والسّيوف تنزل عَليْهِ. ومات مودود ليومه صائمًا. وكان فيه عدل وخير.
فقيل: إنّ الإسماعيلية قتلته.
وقيل: بل خافه طُغتِكين، فجهز عَليْهِ الباطني، وذلك بعيد.
قَالَ ابن الأثير5: حدَّثني والدي -رحمه الله- أنّ ملك الفرنج كتب إلى طُغتِكين كتابًا فيه: وإنّ أمّة قتلت عميدها، يوم عيدها، في بيت معبودها، لحقيق على الله أن يبيدها.
__________
1 التاريخ الباهر "19"، والعبر "4/ 12"، وعيون التواريخ "12/ 21".
2 الكامل "10/ 495، 496"، والعبر "4/ 12".
3 البداية والنهاية "12/ 173"، وشذرات الذهب "4/ 20، 21".
4 في ذيل تاريخ دمشق "187".
5 في الكامل في التاريخ "10/ 497"، والتاريخ الباهر "19".(35/19)
ودُفن مودود في تربة دُقَاق بخانكاه الطّواويس، ثمّ حُمِل بعد ذَلِكَ إلى بغداد، فدُفن في جوار الإمام أَبِي حنيفة، ثمّ نُقل إلى أصبهان1. وتسلّم صاحب سنجار حواصله وحملها إلى السلطان محمد، فأقطع السّلطان المَوْصِل والجزيرة لأقْسُنْقُر البُرْسُقيّ، وأمره أن يتوافق هُوَ والأمير عماد الدين زنكي ابن أقسُنْقُر، ويتشاوروا في المصلحة لنهضته وشهامته.
نقل المصحف العثماني إلى دمشق:
وكان بطبريّة مُصْحَف. قَالَ أبو يَعْلَى القلانسيّ2: كَانَ قد أرسله عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إلى طبريّة، فحمله أتابك طُغتِكين منها إلى جامع دمشق.
وفاة الوزير ابن جَهير:
وفيها مات الوزير أبو القاسم عليّ بْن جَهير، ووليّ وزارة الخليفة بعده ربيب الدّين أبو منصور الحسين بْن الوزير أَبِي شجاع3.
وفاة المُلْك رضوان:
وفيها توفي الملك رضوان صاحب حلب، وولي بعده ألب أرسلان الأخرس فقتل أخوين لَهُ مباركشاه وملكشاه، وقتل رأس الباطنيّة أبا طاهر الصّائغ في جماعة مِن أعيانهم، فرحلوا عَنْ حلب، وكان لهم بها مَنْعة وشوكة قويّة.
وكان رضوان قد عمل لهم دار دعوة بحلب لقلّة دينه، وكان ظالمًا فاتكًا يقرّب الباطنيّة، ويستعين بهم، وقتل أخَويه بهرام، وأبا طَالِب، وكان غير محمود السّيرة4.
ثورة الباطنية بشيزر:
وفيها، ذكر سِبط الجوزي ثورة5 الباطنيّة بشَيْزَر، وقد مرّ لنا ذَلِكَ قبل هذه السّنة6.
__________
1 الكامل "10/ 497".
2 في ذيل تاريخ دمشق "187".
3 المنتظم "9/ 175"، والكامل "10/ 498".
4 الكامل في التاريخ "10/ 499"، والعبر "4/ 13"، والنجوم الزاهرة "5/ 205".
5 في مرآة الزمان "8 ق1/ 45".
6 اتعاظ الحنفا "3/ 52".(35/20)
مهادنة بغدوين أهل صور:
وفيها هادن بغدوين أهل صور، وأَتَتْهم النجدة والإقامات مِن مصر في البحر.(35/21)
أحداث سنة ثمان وخمسمائة:
خروج البُرْسُقيّ لحرب الفرنج:
في أوّلها قدم أقْسُنْقُر البُرْسُقيّ عَلَى مملكة المَوْصِل، وسيَّر معه السّلطان محمد ولده مسعودًا في جيشٍ كبير لحرب الفرنج. فنازل البُرْسُقيّ الرُّها في خمسة عشر ألف راكب، فحاصرها شهرين، ثمّ رحل لقلة الميرة، وعاد إلى شحنان، فقبض عَلَى إياز بْن إيلغازي، ونهب أعمال ماردِين1.
ثمّ تسلَّم حصن مَرْعَش مِن الفرنج صُلْحًا.
حرب صاحب ماردين والبرسقي:
وأمّا صاحب ماردين فغضب لخراب بلاده ولأسْر ولده، فنزل وحشد، ونزل معه ابن أخيه صاحب حصن كيفا رُكْن الدّولة دَاوُد بْن سُقْمان، فالتقى هُوَ والبُرْسُقيّ في أواخر السّنة، فانهزم البُرْسُقيّ وخلص أياز، ولكن خاف إيلغاز مِن السّلطان، فسار إلى دمشق، وكان صاحبها خائفًا مِن السّلطان أيضًا لأنّه نسب قتْل مودود صاحب المَوْصِل إليه، فاتّفقا عَلَى الامتناع والاعتضاد بالفرنج، فأجابهما إلى المعاوية صاحب أنطاكيّة وجاء، فاجتمعوا بِهِ عَلَى بُحَيْرة حمص، وتحالفوا وافترقوا2.
أسر إيلغازي وإطلاقه:
وسار إيلغازي إلى ديار بَكْر، فنزل بالرَّسْتَن ليستريح، وشرب فسكر، فتبعه صاحب حمص، فأسره ودخل بِهِ حمص، ثمّ طلب أن يصاهره ويُطْلقه، ويأخذ ولده إياز رهينة، فأطلقه خوفًا من طغتكين3.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 501"، والإعلام والتبيين "23".
2 الكامل في التاريخ "10/ 502، 503".
3 ذيل تاريخ دمشق "191"، والكامل في التاريخ "10/ 503".(35/21)
وفاة سلطان الهند:
وفيها مات سلطان الهند وغزنة علاء الدّولة مسعود1، وجرت بعده أمور سُقْتُها في ترجمته.
الزلزلة بالجزيرة والشام:
وفيها جاءت زلزلة مهولة بالجزيرة والشّام، هلك خلْق كثير تحت الهدْم2.
وفاة الشريف بدمشق:
وفيها مات الشّريف النّسيب بدمشق3.
مقتل صاحب حلب:
وفيها قُتل صاحب تاج الدّولة ألْب أرسلان بْن المُلْك رضوان بْن تُتُش، قتله غلمانه. وكان المستولي عَليْهِ الخادم لؤلؤ. وملّكوا بعده سلطان شاه أخاه بإشارة الخادم4.
هلاك بغدوين:
وفيها هلك بغدوين الفرنجيّ صاحب القدس مِن جراحة، أصابته في مصافّ طبرية5.
موت صاحب مَرَاغة:
وفيها مات الأمير أحمديل صاحب مراغة، وكان شجاعًا جوادًا، إقطاعه تغل في
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 504"، ودول الإسلام "2/ 36".
2 المنتظم "19/ 180، 181"، والبداية والنهاية "1/ 178".
3 هو: أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس بن الحسن الحسيني. الكامل في التاريخ "10/ 508"، والنجوم الزاهرة "5/ 208".
4 ذيل تاريخ دمشق "191"، والبداية والنهاية "12/ 178".
5 العبر "4/ 15"، والنجوم الزاهرة "5/ 308".(35/22)
العام أربعمائة ألف دينار، وعسكره خمسة آلاف دينار. وثب عَليْهِ ثلاثة مِن الباطنية، فقتلوه وقُتِل1.
بل قُتل بعد ذَلِكَ بقليل، وكذا بغدوين تأخر موته2 فيحرر ذلك.
__________
1 العبر "4/ 15"، وشذرات الذهب "4/ 21".
2 إلي ذي الحجة من أواخر سنة 511هـ، كما في: الكامل في التاريخ "10/ 543".(35/23)
أحداث سنة تسع وخمسمائة:
عصيان صاحبي ماردين ودمشق عَلَى السّلطان:
لمّا بلغ السّلطان عصيان صاحب ماردين وصاحب دمشق غضب، وبعث الجيوش لحربهما، فساروا وعليهم برسق صاحب همذان في رمضان من السّنة الماضية، وعدّوا الفُرات في آخر العام، فأخذوا حماه عَنْوَةً ونهبوها، وهي لطُغتِكين، فاستعان بالفرنج فأعانوه1.
استرجاع كفر طاب مِن الفرنج:
وسار عسكر السّلطان وهم خلْقٌ كثير، فأخذوا كَفرَ طاب مِن الفرنج واستباحوها2.
خذلان المسلمين أمام الفرنج:
ثمّ ساروا إلى المَعَرَّة، فجاء صاحب أنطاكية في خمسمائة فارس وألْفَيْ راجل، فوقع عَلَى أثقال العساكر، وقد تقدّمتهم عَلَى العادة، فنهبوها وقتلوا السّوقيّة والغلمان، وأقلبت العساكر متفرّقة، ولم يشعروا بشيءٍ، فكان الفرنج يقيلون كلّ مِن وصل. وأقبل بُرْسُق مُقَدَّم العساكر في مائة فارس، فرأى الحال، فصعِد تلّا هناك، والتجأ إليه النّاس وعليهم ذُلّ وانكسار، فأشار عَلَى بُرْسُق أخيه بأنّنا ننزل وننجو. فنزل بهم عَلَى حميّة، وساق وراءهم الفرنج نحو فرسخ. ثمّ ردّوا، فتمّموا الغنيمة والأسْر، وأحرقوا كثيرًا مِن النّاس، واشتدّ البلاء، وتبدَّل فرح المسلمين خوفًا وحزنًا،
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 509"، والعبر "4/ 17".
2 البداية والنهاية "12/ 179".(35/23)
لأنّهم رجوا النَّصر مِن عساكر السّلطان، فجاء ما لم يكن في الحساب، وعادت العساكر بأسوأ حال، نعوذ بالله مِن الخذْلان1.
موت بُرْسُق وأخيه:
ومات بُرْسُق، وأخوه زنكي بعد سنة2 {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 16] .
استرداد رفنية مِن الفرنج:
وجالت الفرنج بالشّام، وأخذوا رَفَنية، فساق إليهم طُغتِكين عَلَى غرّة، واستردّ رَفَنيَة، وأسر وقتل3.
اجتماع طُغتِكين بالسلطان:
ثمّ رَأَى المصلحة أن يتلافى أمر السّلطان، فسار بنفسه إلى بغداد بتقادُم وتُحَف للسّلطان والخليفة، فرأى مِن الإكرام والتّبجيل ما لَا مَزِيد عَليْهِ، وشُرّف بالخِلَع4، وكتب لَهُ السّلطان منشورًا بإمرة الشّام جميعه5.
وكان السّلطان هذه السّنة قد قِدم بغداد واجتمع بعه طُغتِكين في ذي القِعْدة6.
مصالحة بغدوين والأفضل:
قَالَ سِبْط الجوزيّ: وفيها صالح بغدوين صاحب القدس الأفضل متولّي الدّيار المصرية. وكان بغدوين صاحب القدس قد سار إلى السّنجة المعروفة ممّا يلي العريش، فأخذ قافلة عظيمة جاءت مِن مصر، فهادنه الأفضل، وأمِن النّاس قليلًا7.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 510، 511"، والبداية والنهاية "12/ 179".
2 أي سنة 510هـ، كما في الكامل "10/ 511".
3 الكامل في التاريخ "10/ 512"، وذيل تاريخ دمشق "192"، وتاريخ طرابلس "1/ 489".
4 الكامل "10/ 514".
5 البداية والنهاية "12/ 179".
6 المختصر في أخبار البشر "2/ 229".
7 النجوم الزاهرة "5/ 209".(35/24)
أحداث سنة عشر وخمسمائة:
قتل صاحب مَرَاغة:
الأصح أنّ أحمدِيَّل صاحب مَرَاغة قُتِل في أوّل سنة عشر ببغداد بدار السّلطان، وكان جالسًا إلى جانب طُغتِكين صاحب دمشق أتاه رَجُلٌ فبكى وبيده قَصّة، وتضرَّع إليه أن يوصلها إلى السّلطان محمد، فأخذها منه، فضربه بسِكّين، فجذبه أحمديل في الحال، وبرك فوقه، فوثب باطنيّ آخر، فضرب أحمديل بسِكّين، فأخذتهما السّيوف. ووثب رفيق لهما والسيوف تنزل عليهما، فضرب أحمديل ضربة أخرى، فَهَبروه أيضًا1.
موت جاولي:
وفيها مات جاولي الَّذِي كَانَ قد حكم عَلَى المَوْصِل، ثمّ أخذها السّلطان منه، فخرج عَلَى الطّاعة. ثمّ إنّه قصد السّلطان لِعلْمه بحِلْمه، فرضي عَنْهُ.
وأقطعه بلاد فارس، فمضى إليها وحارب وُلاتها وحاصرهم، وأوطأهم ذُلًا إلى أن مات2.
محاصرة ابن باديس تونس:
وفيها حاصر عليّ بْن يحيى بْن باديس مدينة تونس وضيَّق عليها، فصالحه صاحبها أحمد بْن خُراسان عَلَى ما أراد3.
فتح ابن باديس جَبَل وسْلات:
وفيها افتتح ابن باديس جَبَل وَسْلَاتِ وحكم عَليْهِ. وهو جَبَل منيع كَانَ أهله يقطعون الطّريق، فظفر بهم، وقتل منهم خلقًا4.
__________
1 المنتظم "9/ 185"، والكامل في التاريخ "10/ 516".
2 المنتظم "9/ 185"، والكامل في التاريخ "10/ 516، 517".
3 الكامل في التاريخ "10/ 521".
4 الكامل في التاريخ "10/ 522".(35/25)
فتنة مشهد الرضا:
وفي يوم عاشوراء كانت فتنة في مشهد عليّ بْن موسى الرّضا بطُوس؛ خاصمَ عَلَويٌ فقيهًا، وتشاتما وخرجا، فاستعان كلٌ منهما بحزبه، فثارت فتنةٌ عظيمة هائلة، حضرها جميع أهل البلد، وأحاطوا بالمشهد وخرّبوه، وقتلوا جماعة، ووقع النَّهْب، وجرى ما لَا يوصف، ولم يُعمر المشهد إلى سنة خمس عشرة وخمسمائة1.
حريق بغداد:
ووقع ببغداد حريق عظيم، ذهب للنّاس فيه جملة2.
هرب ابن صَنْجيل بالبقاع:
وقال أبو يَعْلَى بْن القلانسيّ: وفي سنة عشر ورد الخبر بأنّ بدران بْن صَنْجيل صاحب طرابُلُس جمع وحشد، ونهض إلى البقاع، وكان سيف الدّين سُنْقُر البرسقي صاحب المَوْصِل قد وصل ألى دمشق لمعونة الأتابك طغتكين، فتلقاه وسُرَّ بِهِ، فاتّفقا عَلَى تبييت الفرنج، فساقًا حتى هجما عَلَى الفرنج وهم غارُّون، فوضعوا فيهم السّيف قتْلًا وأسْرًا، فقيل هلك منهم نحو ثلاثة آلاف نفْس، وهرب ابن صَنْجيل، وغنِم المسلمون خيلهم وسلاحهم، ورجعوا. وردّ البُرْسُقيّ إلى المَوْصِل، وقد استحكمت المودّة بينه وبين طُغتِكين3.
مقتل الخادم لؤلؤ:
وفيها قُتِل الخادم لؤلؤ المستولي عَلَى حلب.
وكان قد قتل ألْب أرسلان بْن رضوان، وشرع في قتل غلمان رضوان، فعملوا عَليْهِ وقتلوه4.
والصحيح أنه قتل في السنة الآتية.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 522، 523".
2 المنتظم "9/ 184"، والكامل في التاريخ "10/ 523".
3 ذيل تاريخ دمشق "197".
4 البداية والنهاية "12/ 180"، والنجوم الزاهرة "5/ 211".(35/26)
حج الركْب العراقي:
وفيها حج بالرَّكْب العراقي أمير الجيوش الحبشي مولى المستظهر بالله، ودخل مكة بالأعلام والكؤوسات والسّيوف المسلَّلة، لأنّه أراد إذلال أمير مكّة وعبيده1.
__________
1 المنتظم "9/ 184"، والنجوم الزاهرة "5/ 211".(35/27)
المتوفون في الطبقة الحادية والخمسون:
وفيات سنة إحدى وخمسمائة:
"حرف الألف":
1- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن يزداد. أبو العز المستعملي.
روى عن: الجوهريّ، والعُشاريّ.
2- أحمد بْن الحسين بْن أحمد1. أبو طاهر بْن النّقّار الحِمْيَريّ.
وُلِد بالكوفة سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ونشأ ببغداد.
وكان يعرف القراءات ويفهمها.
قرأ عَلَى: خاله أبي طَالِب بْن النّجّار.
وقرأ الأدب عَلَى أَبِي القاسم بْن بُرهان، ثمّ انتقل إلى دمشق وإلى مصر، وسكن طرابُلُس.
وبدمشق تُوُفّي فِي رمضان.
3- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سبعون2. أبو بَكْر القَيْسيّ، القَيْروانيّ، ثمّ البغداديّ.
سَمِعَ: أبا الطّيّب الطَّبَريّ، وأبا محمد الجوهريّ.
وعنه: ابنه عَبْد الله، وعمر بْن ظَفَر.
4- إبراهيم بْن مَيّاس القُشَيْريّ الدّمشقيّ3. سَمِعَ: أبا عَبْد الله بْن سلوان، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا الحسين بن المهتدي بالله، وغيره ببغداد.
__________
1 إنباء الرواة للقفطي "1/ 35، 36".
2 المنتظم "9/ 158".
3 المنتظم "9/ 158"، والكامل في التاريخ "10/ 456".(35/28)
سَمِعَ منه: الصّائن هبة الله، وغيره.
تُوُفّي في شَعْبان، وله خمسٌ وستون سنة.
5- إسماعيل بن عمرو بْن محمد بْن أحمد1. أبو سَعِيد بْن أبي عَبْد الرَّحْمَن البَحيريّ، النَّيْسابوريّ.
ثقة، صالح، محدّث، مِن بيت الحديث. وكان صحيح القراءة.
قَالَ السمعانيّ: سَمِعَ بإفادته خلْق، وتفقَّه عَلَى ناصر العُمَريّ.
وكان يقرأ دائمًا "صحيح مُسْلِم" للغرباء والرحّالة عَلَى أَبِي الحسين عَبْد الغافر الفارسي، وكُفّ بصره بأخرة.
سَمِعَ مِن: أَبِي بَكْر أحمد بن عليّ بْن منْجُوَيْه الحافظ، وأبي حَيّان المُزَكّيّ، وأبي العلاء صاعد بْن محمد، وعَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان النَّصْرويّ.
روى لنا عَنْهُ: إسماعيل بْن جامع بمَرْو، وواكد بْن محمد العالم بسمنان، وأبو شجاع البسْطاميّ ببخارى، وأبو القاسم الطّلْحيّ بإصبهان.
قَالَ ابن النّجّار: كَانَ نظيفًا، عفيفًا، اشتغل بالتّجارة وبُورك لَهُ فيها، وحصّل جملة.
وقال ابن السّمعانيّ: وقرأت بخطّ والدي قَالَ: سَمِعْتُ أبا سَعِيد البحيري يَقُولُ: قرأت "صحيح مُسْلِم" عَلَى عَبْد الغفّار أكثر مِن عشرين مُرَّة. وولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في آخر السّنة بنَيْسابور.
وقد أملى مجالس بنيسابور، وتوفي ابنه محمد قبله.
6- إسماعيل بْن يحيى بْن حسين. أبو نصر الملّاح. بغداديّ.
حدَّث بشيءٍ يسير عن الجوهري.
وتوفي في صفر.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 272، 273".(35/29)
"حرف التاء":
7- تميم بْن المعزّ بْن باديس1 بْن المنصور بْن بُلّكين بْن زيْري بْن مَنَاد. السّلطان أبو يحيى الحِمْيَريّ الصُّنْهاجيّ2، ملك إفريقية بعد أَبِيهِ.
كَانَ حسن السّيرة، مُحِبًا للعلماء، قصده الشّعراء مِن النّواحي، وامتدحه الحَسَن بْن رشيق القَيْرواني، وغيره.
وكان ملكًا جليلًا، شجاعًا، مَهيبًا، فاضلًا، شاعرًا، جوادًا، ممدّحًا.
وُلِد سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، ولم يزل بالمهدية منذ ولّاه أَبُوهُ إيّاها مِن صَفَر سنة خمسٍ وأربعين إلى أن تُوُفّي أَبُوهُ بعد أشهر في شَعْبان.
ومن شِعْره:
سَلِ المطَرَ العام الَّذِي عمّ أرضكم ... أجاء بمقدار الّذي فاض مِن دمعي
إذا كنتَ مطبوعًا عَلَى الصّدّ والجفا ... فمِن أَيْنَ لي صبر فأجعلَهُ طبْعي؟
ولابن رشيق فيه، وأجاد:
أصحّ وأعلى ما سِمعْناه في النَّوَى ... منَ الخَبَر المأثور مُنذ قديم
أحاديث ترويها السُّيُول عَنِ الحَيَا ... عَنِ البحر عَنْ كفّ الأمير تميمِ
وفي أيّامه اجتاز ابن تُومَرْت بإفريقية وأظهر الإنكار عَلَى مِن خرج عَنِ الشّرع، وراح إلى مَرّاكُش.
امتدّت دولة تميم إلى هذه السنة، وتوفي في رجب.
وخلّف مِن البنين أكثر مِن مائة وُلِد، ومن البنات ستّين عَلَى ما ذكره حفيده العزيز بْن شدّاد بْن تميم، وملَك بَعْده ولده يحيى وقد تكهَّل، فأحسن السّيرة في الرعية، وافتتح حصْنًا كبيرًا امتنعَ على أبيه، ولم يزل مظفرًا منصورًا.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 263، 264"، والبداية والنهاية "12/ 170".
2 الصنهاجي: نسبة إلى صنهاجة وهي قبيلة مشهورة من جمير وهي بالمغرب "انظر وفيات الأعيان "1/ 266".(35/30)
"حرف الحاء":
8- الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد العزيز1. أبو عليّ التّكَكيّ.
بغدادي صالح، صحيح السّماع.
سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وسلْمان الشّحّام، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو بَكْر بْن النَّقُّور.
تُوُفّي في رمضان.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَرَّاءِ: أَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّرْسِيِّ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، أَنَا عُثْمَانُ، وَهُوَ ابْنُ السَّمَّاكِ: ثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، نا حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيُدْخِلُ الْعَبْدَ الْجَنَّةَ بِالأَكْلَةِ أَوِ الشَّرْبَةِ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا" 2.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، مَعَ لِينٍ فِي مُوسَى الْوَشَّاءِ.
9- حمزة بْن هبة الله بْن سلامة3. أبو يَعْلَى العثمانيّ، الدّمشقيّ.
روى عَنْ: عليّ بْن الخَضِر السُّلَميّ، وغيره.
سَمِعَ منه: أبو محمد بْن صابر، وغيره.
"حرف الراء":
10- رَزْماشوب بْن زايار4. الإمام، الأديب، أبو نصر الدَّيْلَميّ.
أرَّخه السّلَفيّ في السّنة. مات في رمضان.
وروى عَنْهُ في "جزء ابن قلبنا"، وقال: كَانَ مِن أفراد الدّهر، ونوادر العصر. لَهُ نظْمٌ رائق، ونْثرٌ فائق، ورياسة.
__________
1 الأنساب "3/ 68".
2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2734"، والترمذي "1876"، وأحمد "3/ 100، 117".
3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 270"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 456".
4 معجم السفر للسلفي "1/ 261"، 262".(35/31)
"حرف الصاد":
11- صَدَقة بْن منصور بْن دبيس بْن عليّ بْن مَزْيَد1. الأمير سيف الدّولة ابن بهاء الدّولة الأَسَديّ، النّاشريّ2، صاحب الحلة السيفية.
كَانَ يُقال لَهُ ملك العرب. وكان ذا بأس وسطوة. نافَرَ السّلطان محمد بْن ملكشاه، وأفْضَت بينهما الحالُ إلى الحرب، فتلاقيا عند النعْمانية3، فقتُل صَدَقة في المعركة يوم الجمعة سلخ جُمَادَى الآخرة وحمل رأسه إلى بَغْدَاد. وكانت وفاة أَبِيهِ سنة تسع وسبعين، ووفاة جدّه في سنة ثلاثٍ وسبعين.
"حرف العين":
12- عَبْد الرَّحْمَن بْن حمْد بْن الحَسَن بن عبد الرحمن4. أبو محمد الذوني، الصُّوفيّ، الزّاهد.
مِن بيت زُهد وعبادة، مِن قرية الدُّون، ويقال: دُونه. وهي عَلَى عشْر فراسخ مِن هَمَذَان، ممّا يلي الدّيَنَور5.
روى كتاب "السُّنَن" للنَّسَائيّ، عَنِ ابن الكسّار، وهو آخر مِن حدَّث بِهِ عَنْهُ.
قرأه عَليْهِ السلفي بالدون في سنة خمسمائة، وقال: قَالَ لي ابنه أبو سَعْد: لوالدي خمسون سنة ما أفطر بالنّهار.
وقال شِيرَوَيْه في تاريخه: كان صدوقًا، متعبدًا، سمعت منه "السنن"، و"رياضة المتعبدين".
وقال السلفي: كان سفياني المذهب، ثقة. بلغنا أنه توفي في رجب.
__________
1 الكامل في التاريخ "10/ 440-449"، وسير أعلام النبلاء "19/ 264، 265"، والبداية والنهاية "12/ 170"، وشذرات الذهب "4/ 2".
2 الناشري: نسبة إلى ناشرة بن نصر بن سواءة بن الحارث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة "اللباب 3/ 289".
3 النعمانية: بلدة بين الحلة وواسط.
4 سير أعلام النبلاء "19/ 239، 240"، والوافي بالوفيات "18/ 142".
5 معجم البلدان "2/ 490".(35/32)
قال: وولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة في رمضان.
وقال غيره: سَمِعَ "السُّنَن" في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
وحدَّث عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ، وأبو العلاء الحَسَن بْن أحمد العطّار، والسلفي، وأبو زُرْعة المقدسي، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وأَحْمَد بْن يَنال التُّرْكَ، وعبد الرّزّاق بْن إسماعيل القُومسانيّ الهَمَذانيّ، وابن عمّه المُطَهّر بْن الكريم، ومحمد بْن سليمان، وأبو الفتوح الطّائيّ، وأبو الحَسَن سعْد الخير الأندلسي، وخلْق.
وأجاز للحافظ أَبِي القاسم بْن عساكر.
13- عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن مسعود1. أبو الحَسَن الكِنانيّ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: حَكَم بْن محمد، ومحمد بْن عَتّاب، وابن عُمَر بْن القطّان.
وكان مُعتنيا بالسَّماع الكثير، وكان يعظ ويُذكّر في مسجده. وهو ديّن، ثقة، عالم.
14- عَبْد الكريم بْن المسلّم بْن محمد بْن صَدَقة. الشّبليّ، العطّار.
سَمِعَ: أبا القاسم الحِنَّائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ.
وهو دمشقيّ، قليل الرّواية.
"حرف الميم":
15- مُحَمَّد بْن أحمد بْن مَسْعُود بْن مفرّج2. أَبُو عَبْد الله الأندلُسيّ، الشبلي، الفقيه.
كَانَ مُفتي تِلْكَ النّاحية.
تفقَّه عَلَى: أَبِيهِ.
وسمع "صحيح الْبُخَارِيّ" بإشبيلية مِن أبي عَبْد الله بْن منظور. وكان بصيرًا بالفتوى، إمامًا، ثقة.
توفي في ذي الحجة.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 345".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 566، 567".(35/33)
16- محمد بْن سليمان بْن يحيى. أبو عَبْد الله القَيْسيّ، المقرئ.
قرأ عَلَى أصحاب عَمْرو الدّانيّ بالرّوايات.
ومات كهْلًا.
17- محمد بْن عَبْد المُلْك بْن عَبْد القاهر بْن أسد1. أبو سعْد الأَسَديّ، البغداديّ، المؤدّب.
سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان، وابن بِشْران، وغيرهما.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وعبد الحقّ، وخطيب المَوْصِل، وجماعة.
ضعّفه ابن ناصر لأنّه كَانَ يُلْحق سماعاته مَعَ أبيه، وكان الإلحاق بيّنا طريا.
تُوُفّي في رمضان وقد جاوز الثّمانين بيسير.
قَالَ السّمعانيّ2: ألْحق سماعه في أجزاء.
18- محمد بْن عبد الواحد بْن عليّ. أبو الغنائم بن الأزرق.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الخلّال، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ.
روى عنه: عمر بن عبد الحربيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وجماعة. ويُعرف بابن الشّهْرسْتانيّ.
وممّن روى عنه مسعود بْن أبي علّان شيخ أحمد بْن طَبَرْزَد.
19- محمد بْن العراقيّ بْن أبي عنان القَزْوينيّ، الطّاوسيّ3. أبو جعفر.
حدَّث في شوّال مِن السّنة بهَمَذَان، عن محمد بْن الحسين المقوّميّ بأحاديث. وكان صالحًا، قُدْوةً.
20- محمد بْن عُمَر بْن قَطَريّ4. أبو بَكْر الزُّبَيْديّ، الإشبيليّ.
سَمِعَ مِن: أَبِي الوليد الباجي، وجماعة.
__________
1 الأنساب "1/ 231"، وميزان الاعتدال "3/ 633"، ولسان الميزان "5/ 267".
2 في الأنساب.
3 التدوين في أخبار قزوين "1/ 452، 453".
4 الصلة لابن بشكوال "2/ 567"، وبغية الوعاة "1/ 199".(35/34)
ورحل إلى المشرق.
وسمع مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وجماعة.
وكان عالمًا بالنَّحْو والأصُول.
تُوُفّي بسَبْتة.
21- محمد بْن محمود بْن حسن بْن محمد بْن يوسف1.
أبو الفَرَج ابن العلّامة أَبِي حاتم الأنصاريّ القَزْوينيّ.
مِن آمُل طَبَرِسْتان.
فقيه، دَيِّن، صالح، صاحب معاملة.
حجّ سنة سبْعٍ وتسعين، وأملى بمكّة مجلسًا. وضاع ابنٌ لَهُ قبل وصوله المدينة.
قَالَ بعضهم: فرأيناه فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتمرَّغ في التّراب ويتشفَّع بالنَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في لُقيّ ولده، والخَلْق حوله، فبينا هُوَ في تِلْكَ الحال إذ دخل ابنه مِن باب المسجد، فاعتنقا زمانًا.
رواها السّمعانيّ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي العبّاس ... المَرْوَزِيّ، أنّه حجّ تِلْكَ السُّنَّة، ورآه يتمرَّغ في التّراب، والخلْق مجتمعون عَليْهِ، وهو يَقُولُ: يا رَسُول اللهِ جئتكم مِن بلدٍ بعيد زائرًا، وقد ضاع ابني، لا أرجع حتّى تردّ عليَّ ولدي. وردَّد هذا القول، إذ دخل ابنه، فصرخ الحاضرون.
سَمِعَ: أباه، ومنصور بْن إِسْحَاق الحافظ، وسهل بْن ربيعة، وأبا عليّ الحُسَينيّ.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، والسّلَفيّ، وابن الخلّ، وشُهْدَة، وآخرون.
تُوُفّي بآمُل في المحرَّم سنة إحدى. وكان أَبُوهُ مِن كبار الفقهاء2.
22- مُحَمَّد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن المأمون الهاشميّ. أبو نصر.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ.
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري وأثنى عليه.
__________
1 سير أعلام النبلاء "19/ 217، 218"، وشذرات الذهب "4/ 3".
2 التدوين "2/ 16، 17".(35/35)
تُوُفّي فِي ربيع الأول.
قَالَ ابن النّجّار: سَمِعَ أيضًا مِن: أبي عليّ بْن المُذْهب، وابن المحسن التّنُوخيّ.
وكان مِن سَرَوات بيته، صالحًا، متديّنًا.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وعبد الحق اليُوسُفيّ.
23- منصور بْن الحسن بْن عاذل1. أبو الفَرَج البَجَليّ، البَوَازيجيّ.
والبَوَازيج: بين تِكْريت والموصل.
قِدم بغداد، وتفقَّه بأبي إِسْحَاق الشّيرازيّ، ولازمَهَ.
وسمع مِن: ابن المهتدي بالله، وغيره، روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد اليَزْدي، ومحمد بْن أَبِي الغنائمّ التّكْريتيّ.
وكان مِن العقلاء، الصُّلَحاء.
وُلّي قضاء البوازيج، وعاش إلى هذا العام.
"حرف الهاء":
24- هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسنون2. أبو طاهر بْن أَبِي الحسين بْن أبي نَصْرٍ النَرْسيّ، البغداديّ، المعدّل، الشّاهد.
مِن أولاد المحدّثين.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وعبد المُلْك بن عمر الرّزّاز.
روى عَنْهُ: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السنجي، وغيرهما.
وتوفي فِي ربيع الآخر.
"حرف الياء":
25- يَحْيَى بْن محمد بْن بذّال. أبو نصر الحَريميّ، الطّاهريّ، ولد محمد.
شيخ صالح.
__________
1 الأنساب "2/ 321"، ومعجم البلدان "1/ 503"، وتوضيح المشتبه "1/ 628".
2 الأنساب "12/ 70".(35/36)
سَمِعَ: أبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو المعمر الأنصاري.
توفي في رمضان.
وفيات سنة اثنتين وخمسمائة:
"حرف الألف":
26- أبق بن عبد الرزاق1. الأمير أبو منصور، عَضْبُ الدّولة، الَّذِي بالتّربة العَضْبيّة، خارج باب الفراديس.
أخو الأمراء الكبار، مِن خواصّ صاحب دمشق تاج الدّولة تُتُش. وهو الَّذِي مدحه ابن الخيّاط بقصيدته الطّنّانة:
سَلوا سَيْفَ أَلْحاظه المُمُتَشَقْ ... أعِنْدَ القلوبِ دَمٌ للحَدَقْ
27- أحمد بْن عَبْد العزيز. الدّلّال، البغداديّ، المعروف بالخُرَّميّ.
روى عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ يسيرًا.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الله بن منصور الموصلي.
تُوُفّي في جُمادى الأولى.
28- أحمد بْن عليّ بن أحمد بن سعيد. الخطيب أبو حاتم النيسابوري، الصوفي.
سمع: أبا عثمان الصابوني.
وحدث ببغداد.
روى عنه: سعد الخير الأنصاري، والسلفي.
حدَّث في هذه السنة، ولا أعلمُ متى توفي. مولده سنة إحدى وعشرين.
__________
1 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "263".(35/37)
29- أحمد بن علي بن حسين1. الشابرخواستي، القاضي أبو طاهر، الصالح، الزاهد، العابد.
روى عن علي بن القاسم البصري، عن أبي روق الهزاني.
روى عنه السلفي في البلد التاسع والعشرين.
توفي في هذه السنة.
"حرف الباء":
30- بَدْرُ بْن خَلَف بْن يوسف2. أبو نجم الفَرَكيّ، والفرك: قرية من قرى إصبهان.
سمع: أبا نصر الكسار، وغيره.
وعاش ثلاثا وثمانين سنة.
روى عنه أبو طاهر السلفي قطعة من ذاك الجزء المتبقي من "سنن النسائي".
وسمع من أبي نصر إبراهيم بن الكساري أيضا.
"حرف الحاء":
31- الحسين بن علي بن الحسين3.
أبو الفوارس ابن الخازن الكاتب، الديلمي.
روى عن: أبي محمد الجوهري.
حدَّث عَنْهُ: السّلَفيّ وقال: كَانَ أحسن النّاس خطًا.
قلت: هُوَ صاحب الخطّ الفائق، كَانَ مشتهرًا بلعب النَّرْد. وقيل: إنّه نسخ خمسمائة مُصْحَف4، وكتب مِن "مقامات الحريريّ" عدّة نُسَخ، ومن "الأغاني"
__________
1 معجم السفر للسلفي ق "1/ 121، 122".
2 الأنساب "9/ 281"، ومعجم البلدان "4/ 255".
3 الكامل في التاريخ "10/ 415"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 224".
4 الكامل "10/ 415".(35/38)