الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحٍ سَمِعْتُ أَبَا سعيد محمد شَاذَانَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، وَقبَّلْتُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَمَا شَبَّهْتُهُ إِلاَّ بِالصَّحَابَةِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ جَزَاكَ اللهُ عَنِ الإِسْلاَمِ خَيْراً.
وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّيَ سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا رَبَّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ؛ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ الطُّوْسِيُّ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ, قَالَ: لَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ، وَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ غَضِبَ، وَقَالَ: عَمَدتُم إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ، فَكَفَّرْتُمُوهُ، فَقِيْلَ: قَدْ كَانَ مَا أُنْهِيَ إِلَى الأَمِيْرِ، فَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: شِرَاكُ نَعْلَي عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ خَيْرٌ مِنْكَ، وَكَانَ يَرفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ لاَ تَرفعُ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: بِرَأْسِي هَكَذَا إِلَى السَّمَاءِ سَاعَةً ثُمَّ قُلْتُ: وَلِمَ لاَ أَرفَعُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ؟ وَهلْ أَرْجُو الخَيْرَ إِلاَّ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ?! وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مُؤَمَّلَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: النَّظَرُ فِي وُجُوْهِكُمْ مَعْصِيَةٌ، فَقَالَ: بِيَدِهِ هَكَذَا يُحْبَسُ.
قَالَ ابْنُ أَسْلَمَ: فَأَقَمْنَا، وَكُنَّا أَرْبَعَةَ عشر شيخًا، فحبست أربعة عشر شَهْراً مَا اطَّلَعَ اللهُ عَلَى قَلْبِي أَنِّي أَرَدْتُ الخَلاَصَ. قُلْتُ: اللهُ حَبَسَنِي، وَهُوَ يُطْلِقُنِي، وَلَيْسَ لِي إِلَى المَخْلُوْقِيْنَ حَاجَةٌ، فَأُخْرِجْتُ، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، وَفِي رَأْسِي عِمَامَةٌ كَبِيْرَةٌ طَوِيْلَةٌ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي السُّجُوْدِ عَلَى كَوْرِ العِمَامَةِ? فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ المُحَرَّرِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجَدَ عَلَى كَوْرِ العِمَامَةِ1، فَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيْفٌ، فَقُلْتُ: أَسْتَعْمِلُ هَذَا حَتَّى يَجِيْءَ أَقْوَى مِنْهُ, ثُمَّ قُلْتُ: وَعِنْدِي أَقْوَى مِنْهُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الأَرْضِ وَبَرْدَهَا2. هَذَا الدَّلِيْلُ على
__________
1 ضعيف جدا: فيه عبد الله بن المحرر الجزري، قال أحمد: ترك الناس حديثه.
وقال الدارقطني وجماعة: متروك.
2 حسن لغيره: أخرجه أحمد "1/ 256 و303 و320 و354"، وابن أبي شيبة "1/ 269"، وأبو يعلى "2446" و"2687"، والطبراني "11520" و"11521" من طرق عن شريك عن حسين بن عبد الله، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، فإنه سيئ الحفظ.
وفيه حسين بن عبد الله، وهو ابن عبيد الله بن عباس، وهو ضعيف أيضا. =(9/543)
السُّجُوْدِ عَلَى كَوْرِ العِمَامَةِ ثُمَّ قَالَ: وَرَدَ كِتَابُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ يَنْهَى عَنِ الجَدَلِ وَالخُصُومَاتِ، فَتَقَدَّمْ إِلَى أَصْحَابِكَ أَنْ لاَ يَعُوْدُوا، فَقُلْتُ: نَعَمْ ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَهَذَا كَانَ مُقَدَّراً عَلَيَّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ جُلَّ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ صَارُوا إِلَى يَحْيَى بنِ يَحْيَى، فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ فِي تَخْلِيَتِكَ، فَقَالَ يَحْيَى: لاَ أُكَاتِبُ السُّلْطَانَ، وَإِنْ كُتِبَ عَلَى لِسَانِيَ لَمْ أُكْرَهْ حَتَّى يَكُوْنَ خَلاَصُهُ، فَكُتِبَ بِحَضْرَتِهِ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ الكِتَابُ إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ أَمَرَ بِإِخْرَاجِكَ وَأَصْحَابِكَ. قَالَ: نَعَمْ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَسْلَمَ, سَمِعْتُ المُقْرِئَ يَقُوْلُ: الشِّكَايَةُ وَالتَّحْذِيْرُ لَيْسَتْ مِنَ الغِيْبَةِ.
مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ السّلْطِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَسْلَمَ يُنْشِدُ:
إِنَّ الطَّبِيْبَ بِطِبِّهِ وَدَوَائِهِ ... لاَ يَسْتَطِيعُ دِفَاعَ مَقْدُوْرٍ أَتَى
مَا لِلطَّبِيْبِ يَمُوْتُ بِالدَّاءِ الَّذِي ... قَدْ كَانَ يُبْرِي مِثْلَهُ فِيْمَا مَضَى
هَلَكَ المُدَاوِي وَالمُدَاوَى وَالَّذِي ... جَلَبَ الدَّوَاءَ وَبَاعَهُ وَمَنِ اشْتَرَى
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: مَرِضَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ طُوْسَ، فَقَالَ لَهُ: لاَ تُفَارِقْنِي اللَّيْلَ، فَإِنِّي يَأْتِيْنِي أَمْرُ اللهِ قَبْلَ أَنْ أُصْبِحَ، فَإِذَا مُتُّ، فَلاَ تَنْتَظِرْ بِي أَحَداً، وَاغْسِلْنِي لِلْوَقْتِ، وَجَهِّزْنِي. قَالَ: فَمَاتَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ. قَالَ: فَأَتَاهُمْ صَاحِبُ الأَمِيْرِ طَاهِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُ إِلَى مَقْبَرَةِ السَّاذياخِ؛ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ. قَالَ: فَوُضِعَتِ الجِنَازَةُ، وَالنَّاسُ يُؤَذِّنُونَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، وَمَا نَادَى عَلَى جِنَازَتِهِ أَحَدٌ، وَلاَ رُوسِلَ بِوَفَاتِهِ أَحَدٌ، وَإِذَا الخَلقُ قَدِ اجْتَمَعَ بِحَيْثُ لاَ يُذكَرُ مِثْلُهُ، فَأَمَّهُمْ طَاهِرٌ، وَدُفِنَ بِجَنْبِ إِسْحَاقَ بن راهويه.
__________
= وأخرجه أبو يعلى "2248"، والطبراني "11178" من طريق سلام بن الطويل، عن زيد العمى، عن مجاهد، عن ابن عباس قَالَ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسجد على ثوبه. وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف سلام الطويل، وزيد العمي.
ويشهد له ما أخرجه البخاري "1208"، ومسلم "620" من حديث أنس بن مالك قال: "كنا نصلي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شِدَّة الحَرِّ، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه".
وفي لفظ عند البخاري "385" قال: "كنا نصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود".(9/544)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البَاشَانِيُّ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنْ المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِنَيْسَابُوْرَ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ الفَقِيْهَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ العَنْبَرِيَّ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِمِصْرَ، وَأَنَا أَكْتُبُ بِاللَّيْلِ كُتُبَ ابن وهب، وذلك لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ, فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ يَا إِبْرَاهِيْمُ مَاتَ العَبْدُ الصَّالِحُ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَتَبتُهُ عَلَى ظَهرِ كِتَابِي، فَإِذَا بِهِ قَدْ مَاتَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ: قيلَ لِي: صَلَّى عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ أَلفُ أَلفِ إِنْسَانٍ.
قُلْتُ: هَذَا لَيْسَ بِمُمْكِنِ الوُقُوْعِ، وَلاَ سِيَّمَا أَنَّهُ إِنَّمَا عَلِمُوا بِمَوتِهِ فِي اللَّيْلِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بُعَيْدَ الفَجْرِ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ قَالاَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَكِيْعٍ الطُّوْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ المُحَارِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عَلَى قَوْمٍ، فِيْهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ"1.
تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرُ، عن سليمان أبي إدام، وهو ضعيف.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ مَسْعُوْدِ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَقَرَأْتُهُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ الطُّوْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَكْمَلُ المُؤْمِنِيْنَ إِيْمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً" 2.
__________
1 ضعيف: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "63"، وآفته سليمان بن زيد أو يزيد المحاربي الكوفي أبو إدام. قال يحيى: ليس بثقة وقال مرة: ليس يسوى حديثه فلسا.
وقال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن حبان: لا يحتج به، وأورد الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان".
2 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 515" و"11/ 27"، وفي "الإيمان" له "17" و"18"، وأحمد "2/ 472"، وأبو داود "4682"، والترمذي "1162"، والحاكم "1/ 3"، والآجري في "الشريعة" "ص115"، وأبو نعيم في "الحلية" "9/ 248"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1291" والبغوي "3495" من طرق عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة، به مرفوعا.
قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو، هو ابن علقمة الليثي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
وأخرجه ابن أبي شيبة "8/ 516" و"11/ 27-28"، وفي "الإيمان" له "20"، وأحمد "2/ 527"، والدارمي "2/ 323"، والحاكم "1/ 3" من طريق سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عجلان، عن القعقاع ابن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن عجلان، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".(9/545)
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَكَمِ بنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَا رُئِيَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ مَادّاً رِجْلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ1. غَرِيْبٌ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرْنَا اللَّبَّانُ, أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ بَطَّةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طُوْسِيٍّ بِمَكَّةَ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ خَادِمُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ وَصَاحِبُهُ, قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ يَقُوْلُ: زَعَمَتِ الجَهْمِيَّةُ أَنَّ القرآن خلق، وقد أشركوا في ذَلِكَ وَهُم لاَ يَعْلَمُوْنَ؛ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ أَنَّ لَهُ كَلاَماً، فَقَالَ: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأَعْرَافُ: 144] ، وَقَالَ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النِّسَاءُ: 164] . وَقَالَ: {يَا مُوسَى، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه: 11، 12] ، وَقَالَ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] .
وَعَنْ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ, قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ فِي وَقْتِهِ يُشَبَّهُ بِابْنِ المُبَارَكِ. وَكَانَ زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ إِذَا حَدَّثَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا الزَّاهِدُ الرباني.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "9/ 250" حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، به.
قلت: إسناده ضعيف فيه عبد الحكم بن ميسرة، قال أبو موسى المديني لا أعرفه بجرح ولا تعديل.
والعلة الثانية: ابن جريج والعلة الثالثة أبو الزبير المكي، وهما مدلسان، وقد عنعناه.(9/546)
2034- الرِّبَاطي 1: "خَ، م، د، ت، س"
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ أَمِيْرُ الرِّبَاطِ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بن سعيد ابن إِبْرَاهِيْمَ المَرْوَزِيُّ الرِّبَاطِيُّ الأَشْقَرُ نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ وَكِيْعاً، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ الضُّبَعِيَّ، وَإِسْحَاقَ السَّلُوْلِيَّ، وَأَبَا عَاصِمٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العباس الثقفي، وآخرون.
رُوِيَ عَنِ الرِّبَاطِيِّ, قَالَ: جِئْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَجَعَلَ لاَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فقلت: يا أبا عبد الله إنه يكتب عَنِّيَ الحَدِيْثُ بِخُرَاسَانَ، فَإِنْ عَامَلْتَنِي بِهَذَا, رَمَوا بِحَدِيْثِي. فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ هَلْ بُدٌّ أَنْ يُقَالَ يَوْمَ القِيَامَةِ: أَيْنَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ وَأَتْبَاعُهُ، فَانْظُرْ أَيْنَ تَكُوْنُ مِنْهُ?! قُلْتُ: إِنَّمَا وَلاَّنِي أَمرَ الرِّبَاطِ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُ قَوْلَهُ عَلَيَّ.
تُوُفِّيَ الرِّبَاطِيُّ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ المُحِبِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ الخَفَّافُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الرِّبَاطِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْبُوْبُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: فُرِضَتْ صَلاَةُ الحَضَرِ، وَالسَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا أَقَامَ رَسُوْلُ الله بالمدنية, زِيْدَ فِي صَلاَةِ الحَضَرِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَتُرِكَتْ صَلاَةُ الفَجْرِ لِطُوْلِ القِرَاءةِ، وَالمَغْرِبُ لأَنَّهَا وِتْرُ النهار2.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ يَقُوْلُ: كَانَ الرِّبَاطِيُّ -وَاللهِ- مِنَ الأَئِمَّةِ المُقْتَدَى بِهِم.
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: كَانَ حَافِظاً مُتْقِناً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّفَّارُ: لَوْ كَانَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ حَيّاً, لاَحْتَاجَ إِلَى إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَلَمْ أر بعده مثل أحمد الرباطي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1511"، وتاريخ بغداد "4/ 165"، والأنساب للسمعاني "6/ 69"، واللباب لابن الأثير "2/ 14"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 556"، والعبر "1/ 439"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 390"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 102".
2 صحيح: أخرجه ابن خزيمة "305" من طريق محبوب بن الحسن، به.
وأخرجه مالك "1/ 146"، ومن طريقه البخاري "350"، ومسلم "685"، وأبو داود "1198"، والنسائي "1/ 225-226" من طريق صالح بن كيسان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، به.
وأخرجه البخاري "1090" و"3935"، ومسلم "685"، والنسائي "1/ 225"، والدارمي "1/ 355" والبيهقي "3/ 143" من طرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.(9/547)
2035- فضل بن سهل 1: "خ، م، د، س، ت"
ابن إبراهيم, الحَافِظُ, البَارِعُ, الثِّقَةُ, أَبُو العَبَّاسِ الأَعْرَجُ, البَغْدَادِيُّ, الرَّامِ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ، أَوْ قَبْلَهَا.
حَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَحُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ، وَزَيْدِ بنِ الحُبَابِ، وَمُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ العَبْدِيِّ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَطَاءَ، وَأَبِي نُوْحٍ قُرَادٍ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَالحَسَنِ بنِ مُوْسَى، وَشَبَابَةَ، وَعَفَّانَ، وَيَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَأَبِي النّضرِ، وَيَحْيَى بنِ غَيْلاَنَ، وَيُوْنُسَ بنِ مُحَمَّدٍ، وَخَلْقٍ لاَ يَنْحَصِرُوْنَ، وَكَانَ من أعيان الحفاظ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَئِمَّةُ السِّتَّةُ -سِوَى ابْنِ مَاجَهْ- وَأَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَالبَغَوِيُّ، وَعَبْدَانُ الجَوَالِيْقِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ عَبْدَانُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: أَنَا لاَ أُحَدِّثُ، عَنْ فَضْلٍ الأَعْرَجِ. قُلْتُ: لِمَ? قَالَ: لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَفُوْتُهُ حَدِيْثٌ جَيِّدٌ.
قُلْتُ: مَا بِهَذَا الخِيَالِ يُغْمَزُ الحَافِظُ, ثُمَّ هَذَا أَبُو دَاوُدَ قَائِلُ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْهُ فِي "سُنَنِهِ".
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ".
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ: مَاتَ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ بِبَغْدَادَ, يَوْمَ الاثْنَيْنِ, لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَفِي اليَوْمِ المَذْكُوْرِ أَرَّخَهُ أَيْضاً أَبُو عبيد بن حربويه، وكان ذا غرائب.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الوَلِيِّ بنُ رَافِعٍ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَعِيْسَى بنُ بَرَكَةَ، وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أخبرنا سعيد بن أحمد بنِ البَنَّاءِ، وَأَنَا فِي الرَّابِعَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وأربعين وخمسمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، أخبرنا
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 758 و789"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 309" وتاريخ بغداد "12/ 364"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 574"، والكاشف "2/ ترجمة 4534"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6728"، وتهذيب التهذيب "8/ 277"، وتقريب التهذيب "2/ 110"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5712".(9/548)
مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ زُنْبُوْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ الصَّفَّارِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، وَالأَعْمَشِ "ح". وَحَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، وَالأَعْمَشِ، وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ كَرَامَةَ -وَاللَّفْظُ لَهُ- قَالاَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزَاةٍ أَوْ غَارٍ -وَقَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: فِي غَارٍ- فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المُرْسَلاَتُ: 1] ، فَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيْهِ إِذْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَابْتَدَرْنَاهَا، فَسَبَقَتْنَا، فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وُقِيَتْ شَرَّكُم، وَوُقِيْتُم شَرَّهَا".
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ1، عَنْ عَبْدَةَ.
وَمَاتَ مَعَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ بِسَمَرْقَنْدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَعُتَيْقُ بنُ مُحَمَّدٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ رِفَاعَةَ بِمِصْرَ، وَالمُعْتَزُّ بِاللهِ -قَتَلُوهُ- وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ النَّشَائِيُّ، وَأَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ، وَمُوْسَى بنُ عَامِرٍ المُرِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَرَّامٍ شَيْخُ الكَرَّامِيَّةَ، وَالجَاحِظُ، وَأَبُو حَاتِمٍ بِخُلْفٍ فِيْهِمَا.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3317".(9/549)
2036- محمد بن منصور 1: "د، س"
ابن داود بن إبراهيم الإِمَامُ الحَافِظُ القُدْوَةُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوْسِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ العَابِدُ.
سَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَمُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ، وَيَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيَّ، وَيَحْيَى القَطَّانَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا"، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُطَيَّنٌ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: لاَ أعلم إلا خيرًا صاحب صلاة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 407"، وحلية الأولياء "10/ ترجمة 549"، وتاريخ بغداد "3/ 247"، والكاشف "3/ ترجمة 5255"، والعبر"2/ 212"، وتهذيب التهذيب "9/ 472"، وتقريب التهذيب "2/ 210"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6677".(9/549)
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَذِّنُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيَّ، وَحَوَالَيْهُ قَوْمٌ، فَقَالُوا: يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَيْشٍ اليَوْمَ عِنْدَكَ, قَدْ شَكَّ النَّاسُ فِيْهِ? أَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ? فَقَالَ: اصْبِرُوا. فَدَخَلَ البَيْتَ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَاسْتَحْيَوْا أَنْ يَقُوْلُوا لَهُ: مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ؟ فَعَدُّوا الأَيَّامَ، فَكَانَ كَمَا قَالَ: فَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ سَلاَّمٍ الوراق يقول له: من أَيْنَ عَلِمْتَ? قَالَ: دَخَلْتُ، فَسَأَلْتُ رَبِّي، فَأَرَانِي النَّاسَ فِي المَوْقِفِ!
قُلْتُ: لاَ أَعْرِفُ هَذَا المُؤَذِّنَ، وَلَمْ يَبْعُدْ وُقُوْعُ هَذَا لِمِثْلِ هَذَا الوَلِيِّ، وَلَكِنِ الشَّأْنُ فِي ثُبُوْتِ ذَلِكَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ الصُّوْفِيَّةِ: مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيُّ أُسْتَاذُ أَبِي سَعِيْدٍ الخَرَّازِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ مَسْرُوْقٍ كَتَبَ الحَدِيْثَ الكَثِيْرَ، وَرَوَاهُ.
قُلْتُ: مَتَى رَأَيْتَ الصُّوْفِيَّ مُكِبّاً عَلَى الحَدِيْثِ، فَثِقْ بِهِ، وَمَتَى رَأَيْتَهُ نَائِياً عَنِ الحَدِيْثِ، فَلاَ تَفرَحْ بِهِ لاَ سيِّمَا إِذَا انْضَافَ إِلَى جَهلِهِ بِالحَدِيْثِ عُكُوفٌ عَلَى تُرَّهَاتِ1 الصُّوْفِيَّةِ، وَرُمُوْزِ البَاطِنِيَّةِ -نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ- كَمَا قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ:
وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّيْنَ إِلاَّ المُلُوْكُ ... وَأَحْبَارُ سَوْءٍ وَرُهْبَانُهَا
وَعَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخَرَّازِ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ مَنْصُوْرٍ عَنْ حَقِيْقَةِ الفَقْرِ، فَقَالَ: السُّكُوْنُ عِنْدَ كُلِّ عَدَمٍ، وَالبَذْلُ عِنْدَ كُلِّ وُجُوْدٍ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ أَنَّهُ سُئِلَ: إِذَا أَكَلْتُ وَشَبِعْتُ فَمَا شُكْرُ تِلْكَ النِّعمَةِ؟ قَالَ: أَنْ تُصَلِّيَ حَتَّى لاَ يَبْقَى فِي جَوفِكَ مِنْهُ شَيْءٌ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مُرْنِي بِشَيْءٍ حَتَّى أَلْزَمَهُ قَالَ: "عَلَيْكَ بِالْيَقِيْنِ".
وَعَنْهُ قَالَ: يُعْرَفُ الجَاهِلُ بِالغَضَبِ فِي غَيْرِ شَيْءٍ، وَإِفْشَاءِ السر، وَالثِّقَةِ بِكُلِّ أَحَدٍ، وَالعِظَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا.
مَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَعَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِطِّيْخٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَخْبَرَنَا النَّاصِحُ أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ هَذِهِ المَقَالَةَ حِيْنَ اسْتَخْلَفَهُ: "أَلاَ تَرْضَى يَا عَلِيُّ أَنْ تَكُوْنَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى؟ إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نبي بعدي" 2.
__________
1 الترهات: الأباطيل.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3706" و"4416"، ومسلم "2404"، والترمذي "3731".(9/550)
2037- محمد بن رافع 1: "خ، م، د، س، ت"
ابن أبي زيد، وَاسْمُهُ سَابُوْرُ، الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ القُدْوَةُ بَقِيَّةُ الأَعْلاَمِ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُشَيْرِيُّ مَوْلاَهُمُ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، فِي أَيَّامِ مالك الإمام، ورحل سنة نيف وتسعين.
وَسَمِعَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ.
قَالَ فِيْهِ الحَاكِمُ فِي "تَارِيْخِهِ": شَيْخُ عَصرِهِ بِخُرَاسَانَ فِي الصِّدْقِ وَالرِّحْلَةِ.
سَمِعَ بِالحِجَازِ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى، وَابْنَ أَبِي فُدَيْكٍ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ، وَطَبَقَتَهُم بِالحِجَازِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ، وَوَكِيْعاً، وَابْنَ نُمَيْرٍ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ، وَأَبَا أُسَامَةَ، وَيُوْنُسَ بنَ بُكَيْرٍ، وَالحُسَيْنَ الجُعْفِيَّ، وَعِدَّةً بِالْكُوْفَةِ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَأَخَاهُ عَبْدَ الوَهَّابِ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي حَكِيمٍ، وَعَبْدَ اللهِ الوَلِيْدَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ بِاليَمَنِ، وَأَبَا دَاوُدَ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَأَبَا قُتَيْبَةَ، وَأَبَا عَلِيٍّ الحَنَفِيَّ، وَحَمَّادَ بنَ مَسْعَدَةَ، وَعِدَّةً بِالبَصْرَةِ.
وَمِنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَطَبَقَتِهِ بِوَاسِطَ، وَمِنْ شَبَابَةَ بِالمَدَائِنِ، وَمِنْ أَبِي النَّضْرِ، وَعِدَّةٍ بِبَغْدَادَ، وَمِنَ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَمَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتِهِمَا بِخُرَاسَانَ، وَعُنِيَ بِالسُّنَنِ عِلْماً وَعَمَلاً، وَعُمِّرَ، وَارْتَحَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي تَصَانِيْفِهِم، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وأبو بكر
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 218"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 390"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1391"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 525"، والكاشف "3/ ترجمة 4918"، والعبر "1/ 445" و"2/ 126 و136"، وتهذيب التهذيب "9/ 160"، وتقريب التهذيب "2/ 160"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 109"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6212".(9/551)
ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ البَلْخِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، وَزَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَخَلْقٌ, آخِرُهُم مَوْتاً: حَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ الطُّوْسِيُّ.
وَمِنْ طَرِيْقِهِ يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً في "الثقفيات"1.
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ, سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو المُسْتَمْلِي, سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَجَاءنَا يَوْمُ الفِطْرِ، فَخَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إِلَى المُصَلَّى، وَمَعَنَا نَاسٌ كَثِيْرٌ، فَلَمَّا رَجَعنَا مِنَ المُصَلَّى دَعَانَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِلَى الغَدَاءِ، فَجَعَلَنَا نَتَغَدَّى مَعَهُ، فَقَالَ لأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ: رَأَيْتُ اليَوْمَ مِنْكُمَا شَيْئاً عَجَباً, لَمْ تُكَبِّرَا! قَالا: يَا أَبَا بَكْرٍ, نَحْنُ نَنْظُرُ إِلَيْكَ هَلْ تُكَبِّرُ، فَنُكَبِّرَ، فَلَمَّا رَأَينَاكَ لَمْ تُكَبِّرْ, أَمسَكْنَا. قَالَ: وَأَنَا كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكُمَا, هَلْ تُكَبِّرَانِ، فَأُكَبِّرَ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَافِظُ: مَا رَأَيْتُ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ أَهْيَبَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ كَانَ يَسْتَنِدُ إِلَى الشَّجَرَةِ الصَّنَوبَرِ فِي دَارِهِ، فَيَجْلِسُ العُلَمَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَرَاتِبِهِم، وَأَوْلاَدُ الطَّاهِرِيَّةِ، وَمَعَهُمُ الخَدَمُ كَأَنَّ عَلَى رءوسهم الطَّيْرُ، فَيَأْخُذُ الكِتَابَ، وَيَقْرَأُ بِنَفْسِهِ، وَلاَ يَنْطِقُ أَحَدٌ، وَلا يَتَبَسَّمُ إِجْلاَلاً لَهُ، وَإِذَا تَبَسَّمَ، وَاحِدٌ أَو رَاطَنَ صَاحِبَهُ, قَالَ: وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَيَأْخُذُ الكِتَابَ، فَلا يَقْدِرُ أَحَدٌ يُرَاجِعَهُ, أَوْ يُشِيْرَ بِيَدِهِ. وَلَقَدْ تَبَسَّمَ خَادِمٌ مِنْ خَدَمِ الطَّاهِرِيَّةِ يَوْماً، فَقَطَعَ ابْنُ رَافِعٍ مَجْلِسَهُ، فَانْتَهَى الخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى طَاهِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِ الخَادِمِ, حَتَّى احْتَلْنَا لِخَلاَصِهِ.
قَالَ زَكَرِيَّا بنُ دَلَّوَيْه: بَعَثَ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى ابْنِ رَافِعٍ بِخَمْسَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ مَعَ رَسُوْلٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ العَصرِ، وَهُوَ يَأْكُلُ الخُبزَ مَعَ الفُجْلِ. فَوَضَعَ الكِيسَ، فَقَالَ: بَعَثَ الأَمِيْرُ إِلَيْكَ بِهَذَا المَالِ، فَقَالَ: خُذْ خُذْ, لاَ أَحتَاجُ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الشَّمْسَ قَدْ بَلَغَتْ رَأْسَ الحِيْطَانِ إِنَّمَا تَغْرُبُ بَعْدَ سَاعَةٍ، وَقَدْ جَاوَزْتُ الثَّمَانِيْنَ, إِلَى مَتَى أَعِيشُ? فَردَّ. قَالَ: فَدَخَلَ ابْنُهُ، وَقَالَ: يَا أَبَةِ لَيْسَ لَنَا اللَّيْلَةَ خُبْزٌ. قَالَ: فَبَعَثَ بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ خَلْفَ الرَّسُوْلِ لِيَرُدَّ المَالَ إِلَى طَاهِرٍ، فَزَعاً مِنِ ابْنِهِ أَنْ يَذْهَبَ خَلْفَهُ، فَيَأْخُذَ المَالَ.
قَالَ زَكَرِيَّا: رُبَّمَا كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ فِي الشِّتَاءِ، وَقَدْ لَبِسَ لِحَافَهُ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ بَيْنَ يدي يزيد بن هارون
__________
1 الثقفيات: هي عشرة أجزاء حديثية لأبي عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي مسند أصبهان ورئيسها المتوفى "سنة 489هـ".(9/552)
بِبَغْدَادَ، وَفِي يَدِهِ كِتَابٌ لِزُهَيْرٍ عَنْ جَابِرٍ، وَهُوَ يَكْتُبُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَنْهَوْنَا عَنْ جَابِرٍ وَتَكْتُبُونَهُ? قَالَ: نَعْرِفُهُ.
الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ, سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ يَقُوْلُ: أَنَا أَفَدْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ يَزِيْدَ بنِ مُسْلِمٍ الصَّنْعَانِيِّ الرَّاوِي عَنْ وَهْبٍ، وَنَزَلتُ أَنَا وَأَحْمَدُ، وَمَاتَ الشَّيْخُ، وَكَانَ قَدْ أَتَى لَهُ مائَةٌ وَخَمْسٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ سَمِعْتُ مَعْمَراً يَقُوْلُ: رَأَيْتُ بِاليَمَنِ عُنْقُودَ عِنَبٍ وَقْرَ بَغْلٍ تام.
قَالَ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ: ابْنُ رَافِعٍ ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ.
قَالَ زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَغَسَّلَهُ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ العَابِدُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى.
الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ بَالُوَيْه العَفْصِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ المَدَنِيَّ -يَعْنِي: مُحَمَّدَ بنَ نُعَيْمٍ- يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، فِي المَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِثَلاَثٍ فِي حَجْرِهِ مُصْحَفٌ يُقْرَأُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ مُتَّ? فَنَظَرَ إِلَيَّ نَظرَةً مُنْكَرَةً، فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ بِاللهِ إِلاَّ مَا حَدَّثْتَنِي مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ? قَالَ: بَشَّرَنِي بِالرَّوْحِ وَالرَّاحَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَحْمِشٍ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَكَمِ بنِ أَبَانٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً، وَهُوَ يَمْشِي، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1689"، ومسلم "1322"، وأبو داود "1760"، والنسائي "5/ 176"، وابن ماجة "3103"، وأحمد "2/ 487".(9/553)
2038- أحمد بن المقدام 1: "خ، ت، س، ق"
ابن سليمان بن أشعث الإِمَامُ المُتْقِنُ الحَافِظُ أَبُو الأَشْعَثِ العِجْلِيُّ البَصْرِيُّ.
سَمِعَ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَحَزْمَ بنَ أَبِي حَزْمٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيَّ، وَيَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ، وَخَالِدَ بنَ الحَارِثِ، وَفُضَيْلَ بنَ عياض، وعثمان بنَ عَلِيٍّ، وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْزَجَانِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى القَطَّانُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: كَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
قَالَ أَبُو الأَشْعَثِ: وُلِدتُ قَبْلَ مَوْتِ المَنْصُوْرِ بِسَنَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ أُحَدِّثُ عنه: كان يعلمهم المجون, كان بالبصرة مُجَّانٌ, يُلقُونَ صُرَّةَ الدَّرَاهِمِ, ثُمَّ يَرقُبُونَهَا، فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَرْفَعُهَا, صَاحُوا بِهِ، وَخَجَّلُوهُ. فَعَلَّمَهُم أَبُو الأَشْعَثِ أَنْ يَتَّخِذُوا صُرَّةً فِيْهَا زُجَاجٌ، فَإِذَا أَخَذُوا صُرَّةَ الدَّرَاهِمِ، فَصَاحَ صَاحِبُهَا، وَضَعُوا بَدَلَهَا، فِي الحَالِ صُرَّةَ الزُّجَاجِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي صَفَرٍ, سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
يَقَعُ حَدِيْثهُ عَالِياً فِي "جُزْءِ الحَفَّارِ"، وَفِي "الثَّقَفِيَّاتِ"، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَاشَ: بِضْعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ أَسنَدَ مَنْ بَقِيَ بِالبَصْرَةِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ غَالِيَةَ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المِقْدَامِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ, قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بنُ رَبَاحٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو يَقُوْلُ: هَجَّرْتُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا نَعْرِفُ فِي وَجْهِهِ الغَضَبَ، فَقَالَ: "أَلا إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلاَفِهِمْ، فِي الكِتَابِ" 2.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَحْرِيْمِ الجِدَالِ، وَالاخْتِلاَفِ فِي الكِتَابِ, مَعَ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُوَضِّحَ الحَقَّ لَهُمَا فِي تلك الآية، ويبين أن أحدهما
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 167"، وتاريخ بغداد "5/ 162"، واللباب لابن الأثير "2/ 326"، وميزان الاعتدال "1/ 158"، والعبر "2/ 5"، وتهذيب التهذيب "1/ 81"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 127".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2666".(9/554)
مُصِيْبٌ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ, بَلْ سَدَّ البَابَ، وَلَوْ كَانَ تَبْيِيْنُ ذَلِكَ مِمَّا تَمَسُّ إِلَيْهِ الحَاجَةُ لأَوْضَحَهُ، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ كُلَّ نَصٍّ أَلقَاهُ إِلَى أُمَّتِهِ، وَلَمْ يَزِدْهُم فِيْهِ تَفْسِيْراً، وَلاَ هُمْ سَأَلُوْهُ, بَلْ وَلاَ فَسَّرُوهُ لِمَنْ بَعدَهُم، فَإِنَّ قِرَاءتَهُ تَفْسِيْرُهُ، فَلا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَلاَ يُبْحَثُ فِيْهِ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ المُقَدَّسَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الهَمْدَانِيُّ بِمِصْرَ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَخُشَيْشُ بنُ أَصْرمَ، وَالسَّرِيُّ السَّقَطِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ شُعَيْبٍ السِّمْسَارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ الأَمِيْرُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى القُطَعِيُّ، وَهَارُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ الأَيْلِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ مُوْسَى القَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى التَّيْمِيُّ مُقْرِئُ الرَّيِّ، وَوَصَيْفٌ الأَمِيْرُ، وَأَبُو العَبَّاسِ القَلَوَّرِيُّ.(9/555)
2039- يوسف بن موسى 1: "خ، د، ت، ق"
ابن راشد الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ أَبُو يَعْقُوْبَ الكُوْفِيُّ القَطَّانُ نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَوَكِيْعٍ، وعبد الله بنِ نُمَيْرٍ، وَحَكَّامِ بنِ سَلْمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِبْرَاهِيْمٌ الحَرْبِيُّ، وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالنَّسَائِيُّ خَارِجَ "سُنَنِهِ"، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، قَدْ كَتَبَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالكِبَارُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَرَوَى أَبُو سَعِيْدٍ السُّكَّرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ.
وَقِيْلَ: يَتَّجِرُ إِلَى الرَّيِّ، فَسَمِعَ مِنْ جَرِيْرٍ.
قَالَ ابْنُ زُوْلاَقَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الحَدَّادَ يَقُوْلُ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ بنِ حَرْبَوَيْه جُزْءاً، عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى القَطَّانِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ, قُلْتُ: كَمَا قَرَأْتُ علَى القَاضِي. قَالَ: نَعَمْ, إِلاَّ الإِعْرَابَ، فَإِنَّكَ تُعْرِبُ، وَكَانَ يُوْسُفُ لاَ يُعرِبُ.
قُلْتُ: توفي يوسف بن راشد -وَكَذَا نَسَبَهُ البُخَارِيُّ إِلَى جَدِّهِ- فِي صَفَرٍ سنة ثلاث وخمسين ومائتين.
ويَقَعُ مِنْ عَوَالِيْهِ فِي "المَحَامِلِيَّاتِ"2، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 969"، وتاريخ بغداد "14/ 304"، وتذكرة الحفاظ "2/ 548"، والكاشف "3/ ترجمة 6565"، وتهذيب التهذيب "11/ 425"، وتقريب التهذيب "2/ 383".
2 المحامليات: هي ستة عشر جزءا للقاضي الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي البغدادي، ولد في أول سنة خمس وثلاثين ومائتين. والمحاملي نسبة إلى بيع المحامل التي يحمل الناس عليها في السفر. قال الخطيب: كان فاضلا دينا صادقا. ولي قضاء الكوفة ستين سنة توفى سنة ثلاثين وثلاثمائة.(9/555)
2040- محمود بن غيلان 1: "خَ، م، ت، س، ق":
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ أَبُو أَحْمَدَ العَدَوِيُّ مَوْلاَهُمُ المَرْوَزِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالفَضْلِ بنِ مُوْسَى، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيْعٍ، وَيَحْيَى بنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَطَبَقَتِهِم، فَأَكْثَرَ، وَجَوَّدَ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى أَبِي دَاوُدَ- وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُطَيَّنٌ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَالهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ شَاذَانَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَعْرِفُهُ بِالحَدِيْثِ, صَاحِبُ سُنَّةٍ, قَدْ حُبِسَ بسبب القرآن.
وقال النسائي: ثقة.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: سَمِعَ مِنِّي إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه حَدِيْثَيْنِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءَ مُحَمَّدُ بنُ
حَمْدُوَيْه, قَالَ: خَرَجَ مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ إِلَى الحَجِّ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ ثُمَّ رُدَّ إِلَى مَرْوَ، وَتُوُفِّيَ لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, كَذَا وَقَعَ فِي تَارِيْخِ الحَاكِمِ، وَالصَّحِيْحُ وَفَاتهُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي مَحْمُوْدِ بنِ غيلان.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1769"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1340"، وتاريخ بغداد "13/ 89" وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 488"، والعبر "1/ 473"، والكاشف "3/ ترجمة 5420"، وتهذيب التهذيب "10/ 64" وتقريب التهذيب "2/ 223"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6886"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 92".(9/556)
2041- الدَّارمي 1: "م، د، ت"
عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الفَضْلِ بن بَهْرَامَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ الإِمَامُ أَحَدُ الأَعْلاَمِ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ ثُمَّ الدَّارِمِيُّ السَمَرْقَنْدِيُّ، وَدَارِمٌ هُوَ ابْنُ مَالِكِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيْمٍ. طَوَّفَ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَقَالِيمَ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَيَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَجَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ، وَبِشْرِ بنِ عُمَرَ الزَّهْرَانِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ المَجِيْدِ الحَنَفِيِّ، وَأَخِيْهِ؛ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الكَبِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ البُرْسَانِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَالنَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ -وَهُوَ أَقْدَمُهُمْ مَوْتاً- وَأَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بنِ القَاسِمِ، وَعُثْمَانَ بنِ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَامرٍ الضُّبَعِيِّ، وَالأَسْوَدِ بنِ عَامِرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيِّ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيِّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَمُسْلِمٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، وَيَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، وَخَلْقٍ، وَيَنْزِلُ إِلَى دُحَيْمٍ، وَخَلِيْفَةَ بنِ خَيَّاطٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ -وَهُوَ أَقدَمُ مِنْهُ- وَرَجَاءُ بنُ مُرَجَّى، وَالحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى -وَهُم أَكْبَرُ مِنْهُ- وَقَدْ روَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضاً، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ عَنْهُ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ الجَارُوْدِيُّ، وَعِيْسَى بنُ عُمَرَ السَمَرْقَنْدِيُّ راوي "مسنده" عنه، وآخرون.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "458"، وتاريخ بغداد "10/ 29"، والأنساب للسمعاني "5/ 252"، والكاشف "2/ ترجمة 3854"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 552"، والعبر "2/ 8"، وتهذيب التهذيب "5/ 294"، وتقريب التهذيب "1/ 429"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3618"، وشذرات الذهب "2/ 130".(9/557)
قَالَ عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ سُلَيْمَانَ البَلْخِيَّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، فَقَالَ: تَرَكنَاهُ لِقَولِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, لأنه إمام.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ دَاوُدَ السَمَرْقَنْدِيُّ: قَدِمَ قَرِيْبٌ لِي مِنَ الشَّاشِ، فَقَالَ: أَتيتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَجَعَلْتُ أَصِفُ لَهُ أَبَا المُنْذِرِ، وَجَعَلتُ أَمدَحُهُ، فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُ هَذَا، فَقَدْ طَالَتْ غَيبَةُ إِخْوَانِنَا عَنَّا لَكِنْ أَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ? عَلَيْكَ بِذَاكَ السَّيِّدِ, عَلَيْكَ بِذَاكَ السَّيِّدِ.
رَوَى نُعَيْمُ بنُ نَاعِمٍ, قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ: غَلَبَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالحِفْظِ وَالوَرَعِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيَّ يَقُوْلُ: يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ مَا دَامَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَيْنَ أَظهُرِكُمْ، فَلاَ تَشتَغِلُوا بِغَيْرِهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ يَقُوْلُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمَامُنَا.
وَسَمِعْتُ عُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُوْلُ: أَمْرُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ فِيْمَا يَقُوْلُوْنَ مِنَ البَصَرِ وَالحِفْظِ وَصِيَانَةِ النَّفسِ, عَافَاهُ اللهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ: حُفَّاظُ الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: أَبُو زُرْعَةَ بِالرَّيِّ، وَمُسْلِمٌ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.
قُلْتُ: كَانَ بُنْدَارٌ يَفتَخِرُ بِكَونِهِمْ حَمَلُوا عَنْهُ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زَبْرَكَ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ, قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَعْلَمُ مَنْ دَخَلَ العِرَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى أَعْلَمُ مَنْ بِخُرَاسَانَ اليَوْمَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ أَوْرَعُهُم، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَثْبَتُهُم.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: إِنَّمَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ خَمْسَةً: مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللهِ عَلَى غَايَةٍ مِنَ العَقلِ وَالدِّيَانَةِ،(9/558)
مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الحِلمِ وَالدِّرَايَةِ وَالحِفْظِ وَالعِبَادَةِ وَالزُّهَّادَةِ, أَظهَرَ عِلْمَ الحَدِيْثِ وَالآثَارِ بِسَمَرْقَنْدَ، وَذَبَّ عَنْهَا الكَذِبَ، وَكَانَ مُفَسِّراً كَامِلاً، وَفَقِيْهاً عَالِماً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ الدَّارِمِيُّ مِنَ الحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ، وَأَهْلِ الوَرَعِ في الدين ممن حفظ وجمع, وتفقه، وَصَنَّفَ، وَحَدَّثَ، وَأَظهَرَ السُّنَّةَ بِبَلَدِهِ، وَدَعَا إِلَيْهَا, وَذَبَّ عَنْ حَرِيْمِهَا، وَقَمَعَ مَنْ خَالفَهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ الرَّحَّالِيْنَ، فِي الحَدِيْثِ، وَالمَوصُوفِينَ بِحِفْظِهِ وَجَمْعِهِ، وَالإِتْقَانِ لَهُ مَعَ الثقة والصدق، والورع وَالزُّهْدِ، وَاسْتُقْضِيَ عَلَى سَمَرْقَنْدَ، فَأَبَى، فَأَلَحَّ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ حَتَّى يُقَلِّدَهُ، وَقَضَى قَضِيَّةً وَاحِدَةً, ثُمَّ اسْتَعْفَى، فَأُعْفِيَ، وَكَانَ عَلَى غَايَةِ العَقلِ، وَنِهَايَةِ الفَضْلِ, يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الدَّيَانَةِ وَالحِلْمِ وَالرَّزَانَةِ، وَالاجْتِهَادِ وَالعِبَادَةِ، وَالزَّهَادِةِ وَالتَّقَلُّلِ، وَصَنَّفَ "المُسْنَدَ" وَ"التَّفْسِيْرَ" وَ"الجَامِعَ".
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ فِي سَنَةِ مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ المَرْوَزِيُّ الحَافِظُ: كَانَ الدَّارِمِيُّ حَسَنُ المَعْرِفَةِ قَدْ دَوَّنَ "المُسْنَدَ"، وَ"التَّفْسِيْرَ".
مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ يَوْمَ التَّروِيَةِ بَعْدَ العَصرِ، وَدُفِنَ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ الحَافِظُ مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَاهَانَ البَلْخِيُّ تِلمِيذُهُ فِي تَارِيْخِ وَفَاتِهِ نَحْوَ ذَلِكَ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ، فَقَدْ أَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الأَوَّلِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ: كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيْهِ نَعْيُّ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَنَكَّسَ رَأْسَهُ, ثُمَّ رَفَعَ، وَاسْتَرْجَعَ، وَجَعَلَ تَسِيْلُ دُمُوْعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ, ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
إِنْ تَبْقَ تُفْجَعْ بِالأَحِبَّةِ كُلِّهِم ... وَفَنَاءُ نَفْسِكَ لاَ أَبَا لَكَ أَفْجَعُ
ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: مَا سَمِعنَاهُ يُنْشِدُ إِلاَّ يَجِيْءُ فِي الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الدَّارِمِيُّ رُكْناً مِنْ أَركَانِ الدِّيْنِ, قَدْ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَالنَّاسُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ بُنْدَارٌ وَالكِبَارُ، وَبَلَغَنَا عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَذَكَرَ الدَّارِمِيَّ، فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا، فَلَمْ يقبل.(9/559)
قَالَ رَجَاءُ بنُ مُرَجَّى: رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه -وَسَمَّى جَمَاعَةً- فَمَا رَأَيْتُ أَحفَظَ مِنْ عَبْدِ اللهِ الدَّارِمِيِّ.
وَمِنْ حَدِيْثِهِ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ عَسْكَرٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَابْنُ الحُبُوْبِيِّ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الحَرِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّوَيْه، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ بنِ العَبَّاسِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "نعم الإدام الخل" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ، فَردٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِهِ، وَرَوَاهُ أَيْضاً أَبُو عِيْسَى فِي "جَامِعِهِ", كِلاَهُمَا عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيِّ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً بِعُلُوٍّ.
وَقَدْ كَانَ الدَّارِمِيُّ يُقْصَدُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الحَدِيْثِ لِتَفَرُّدِهِ بِهِ قَالَ: فَكَانَ يُدَقُّ عَلَيَّ البَابُ، وَأَنَا بِبَغْدَادَ، فَأَقُوْلُ: مَنْ ذَا? فيُقَالُ: يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ: "نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ".
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ يَجُوْعُ أَهْلُ بَيْتٍ عِنْدَهُمُ التَّمْرُ" 2. أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ جَمِيْعاً، عَنِ الدَّارِمِيِّ، وَبِهِ إِلَى الدَّارِمِيِّ مِنْ سِوَى ابْنِ الحُبُوْبِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوْبَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: "قَطَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ"3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنِ الدَّارِمِيِّ.
وَبِهِ: أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ أَنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة،
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2051"، والترمذي "1840"، والدارمي "2/ 101"، وورد من حديث جابر بن عبد الله: عند مسلم "2052"، وأبو داود "3820" و"3821"، والترمذي "1839" و"1842"، والنسائي "7/ 14"، وابن ماجه "3317"، والدارمي "2/ 101"، وأحمد "3/ 301 و304 و364" وورد من حديث أم سعد: عند ابن ماجه "3318".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2046"، والترمذي "1816".
3 صحيح: أخرجه مسلم "1686"، والدارمي "2/ 173".
وأخرجه مالك "2/ 831"، والبخاري "6795"، وأبو داود "4385"، والنسائي "8/ 76"، وابن ماجة "2584"، وأحمد "2/ 54 و64 و80 و143 و145" عن ابن عمر، به.(9/560)
يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيْعاً, ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَلَّى المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ جَمِيْعاً1. مُسْلِمٌ عَنِ الدَّارِمِيِّ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مَكْتُوْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ، وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ، وَعَبْدُ العَالِي بنُ عَبْدِ الملكِ، وَمَحْمُوْدُ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ الأَحَدِ التَّيْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ نِعْمَةَ، وَحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَقِيْلٍ الخَطِيْبُ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو المُنَجَّى عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنِ حَمُّوْيَةَ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قال لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَرَأَى عَلَيْهِ أَثَراً مِنْ صُفْرَةٍ: "مَهْيَمْ" ? قَالَ: تَزَوَّجْتُ. قَالَ: "أَوْلِمْ ولو بشاة". أخرجه البخاري2، وغيره.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّد، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عليٍّ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو المُنَجَّى، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ حَمُّوَيْه، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَوْهبٍ أَخْبَرَنِي نَافِعُ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الأَيِّمُ أَمْلَكُ بِأَمْرِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا" 3.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ, غَرِيْبٌ, عَالٍ جِدّاً، وَقَدْ أَخْرَجَهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى البُخَارِيِّ- مِنْ حَدِيْثِ جَمَاعَةٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بن جبير بن مطعم.
__________
1 صحيح: أخرجه الدارمي "2/ 356"، ومن طريقه أخرجه مسلم "706".
وأخرجه مالك "1/ 143-144"، وأبو داود "1206"، والترمذي "553"، والنسائي "1/ 285" وابن ماجه "1070"، وأحمد "5/ 241-242".
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "5153"، وَمُسْلِمٌ "1427"، وَأَبُو دَاوُدَ "2109"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1094"، وَالنَّسَائِيُّ "6/ 119-120".
3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 274 و355"، والدارمي "2/ 138-139"، والدارقطني "3/ 242"، والطبراني "10/ 10747" من طريق عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَوْهبٍ، عن نافع بن جبير، به. وأخرجه مالك "2/ 524-525"، ومن طريقه عبد الرزاق "10283"، وابن أبي شيبة "4/ 136"، والشافعي "2/ 12"، وسعيد بن منصور "556"، وأحمد "1/ 219 و241-242 و345 و362"، ومسلم "1421" "66"، وأبو داود "2098"، والترمذي "1108"، والنسائي "6/ 84"، وابن ماجه "1870" والدارمي "2/ 138"، وابن الجارود "709"، والدارقطني "3/ 239-240 و241"، والطبراني في "الكبير" "10/ 10743 و10744 و10745"، والبيهقي "7/ 118 و122"، والبغوي "2254" عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بن جبير، به.(9/561)
2042- أحمد بن سعيد 1: "د"
ابن بشر الحَافِظُ, أَبُو جَعْفَرٍ الهَمْدَانِيُّ, المِصْرِيُّ, صَاحِبُ ابْنِ وَهْبٍ.
وَيَرْوِي أَيْضاً: عَنْ بِشْرِ بنِ بَكْرٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ الفُرَاتِ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بنِ كُسَا الوَاسِطِيُّ، وَعَلِيٌّ عَلاَّنُ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَآخَرُونَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَوْ رَجَعَ عَنْ حَدِيْثِ الغَارِ مِنْ طَرِيْقِ بُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ لَرَوَيْتُ عَنْهُ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قيلَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 64"، وميزان الاعتدال "1/ 100"، وتهذيب التهذيب "1/ 31".(9/562)
2043- الدارمي 1: "خَ، م، د، ت، ق"
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ الثَّبْتُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ صَخْرِ بنِ سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ، السَّرَخْسِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ النَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ، وَرَوْحاً، وَعَبْدَ الصَّمَدِ بنَ عَبْدِ الوَارِثِ، وَأَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيَّ، وَأَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ، وَحَبَّانَ بنَ هِلاَلٍ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَعَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ، وَطَبَقَتَهُم، وَأَكْثَرَ التَّطْوَافَ، وَتَوَسَّعَ فِي العِلْمِ، وبعد صيته.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ السِّتَّةُ -سِوَى النَّسَائِيِّ- وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيضاً عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنِ هَانِئٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَخَلْقٌ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ.
أَقْدَمَهُ أَمِيْرُ خُرَاسَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ إِلَى نَيْسَابُوْرَ لِيُحَدِّثَ بِهَا، فَأَقَامَ بِهَا مَلِيّاً ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ سَرْخَسَ ثُمَّ رُدَّ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَبِهَا مَاتَ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: دَخَلْنَا عَلَيهِ فِي مَرَضِهِ، فَأَوصَى بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَبِغَلَّةٍ يُتَصَدَّقُ بِهَا، وَقَالَ: إِنْ مُتُّ فَرَقِيْقِي: عَنْبَرٌ وَفَتْحٌ وَحَمْدَانُ وَعَلاَّنُ أَحرَارٌ لِوَجهِ اللهِ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا قَدِمَ عَلَينَا خُرَاسَانِيٌّ أَفْقَهُ بَدَناً مِنْ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّرِامِيِّ.
وَذَكَرَ مُؤَرِّخٌ لاَ أَسْتَحْضِرُ اسْمَهُ أَنَّ أَحْمَدَ الدَّارِمِيَّ قَدِمَ هَرَاةَ عَلَى مُتَوَلِّيهَا هَارُوْنَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُصْعَبٍ يَتَعَرَّضُ لِمَعْرُوْفِهِ، فَأَنزَلَهُ دَارَهُ، وَوَصَلَهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ. وَكَانَ عَالِماً بِالرِّجَالِ وَالعِلَلِ وَالتَّارِيْخِ، وَمِنْهُ تَعَلَّمَ أَصْحَابُنَا بِهَرَاةَ مَعْرِفَةَ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: كَانَ يُنَظَّرُ بِأَبِي زُرْعَةَ، وَابْنِ وَارَةَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ مَرَّ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الرباطي، وسيأتي عثمان بن سعيد الدارمي.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 62"، وتاريخ بغداد "4/ 166"، والأنساب للسمعاني "6/ 279"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 567"، والعبر "2/ 4"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 390"، وتهذيب التهذيب "1/ 31"، وتقريب التهذيب "1/ 15"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 340"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 127".(9/562)
2044- عَبْد 1: "م، ت"
هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ الجَوَّالُ, أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بنُ حُمَيْدِ بن نَصْرٍ الكِسِّي، وَيُقَالُ لَهُ: الكَشِّيُّ -بِالفَتْحِ وَالإِعجَامِ, يُقَالُ: اسْمُهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ الوَاسِطِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ العَبْدِيِّ، وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَنَفِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ الحَفَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَجَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَأَبِي بَدْرٍ السَّكُوْنِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ الدَّشْتَكِيِّ، وَسَلْمِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَزَيْدِ بنِ الحُبَابِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ، وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ اليَمَامِيِّ، وَالوَاقِدِيِّ، وَمَحَاضِرِ بنِ المُوَرِّعِ، وَمُصْعَبِ بنِ المِقْدَامِ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مَذْكُوْرِينَ، فِي "تَفْسِيْرهِ الكَبِيْرِ"، وَفِي "مُسْنَدِهِ" الَّذِي وَقَعَ لنا "المنتخب" منه.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 429"، والكاشف "2/ ترجمة 3572"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 551" والعبر "1/ 454"، وتهذيب التهذيب "6/ 455"، وتقريب التهذيب "1/ 529"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4515" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".(9/563)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالبُخَارِيُّ تَعْلِيْقاً فِي دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ صَحِيْحِهِ، فَقَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الحميد: حدثنا عثمان بن عمر، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ العَلاَءِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَنِيْنِ الجِذْعِ، فَقِيْلَ: هَذَا هُوَ عَبْدٌ. وَرَوَى أَيْضاً: وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ عَنْهُ، وَبَكْرُ بنُ المَرْزُبَانِ، وَشُرَيْحُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ النَّسَفِيُّ الزَّاهِدُ، وَالمَكِّيُّ بنُ نُوْحٍ المُقْرِئُ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ بنِ عَامِرٍ السَمَرْقَنْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمِ بنِ قُمَيْرٍ الشَّاشِيُّ، وَأَبُو مُعَاذٍ العَبَّاسُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ الفَرَجِ الكِسِّيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ حَاتِمُ بنُ حَسَنٍ الشَّاشِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الفَضْلِ بنِ أَبِي البَزَّازِ، وَأَبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ بُوْخَاشَ، وَسَلْمَانُ بنُ إِسْرَائِيْلَ بنِ جَابِرٍ الخُجَنْدِيُّ، وَسَهْلُ بنُ شَاذُوَيْه البُخَارِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الشَّاهُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَبِيْبٍ النَّسَفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مَنْصُوْرٍ الكَشِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ الهُذَيْلِ النَّسَفِيُّ، وَمَحْمُوْدُ بنُ عَنْبَرِ بنِ نُعَيْمٍ الأَزْدِيُّ النَّسَفِيُّ، وَغَيْرُهُم مِنْ أَهْلِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ مِمَّنْ لاَ نَعْرِفُ أَحْوَالَهُم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ فِي كِتَابِ "الثِّقَاتِ": عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ حُمَيْدِ بنِ نَصْرٍ الكَشِّيُّ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ وَصَنَّفَ, مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، فَإِنَّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّ الرَّجُلَ مَا رَأَى دِمَشْقَ لاَ فِي ارْتِحَالِهِ، وَلاَ فِي شَيْخُوخَتِهِ.
وَقَدْ، وَقَعَ لَنَا "المُنْتَخَبُ" عاليًا ثم لصغار أولادنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ حَمُّوَيْه، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خُزَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ, حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ قَدْ كَثُرَ النَّاسُ، وَإِنَّهُم يُحِبُّونَ أَنْ يَرَوكَ، فَلَوِ اتَّخَذْتَ مِنْبَراً تَقُوْمُ عَلَيْهِ! قَالَ: "مَنْ يَجْعَلُ لَنَا هَذَا" ? فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا. وَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ. فَقَالَ: "وَمَا اسْمُكَ" ? قَالَ: فُلاَنٌ. قَالَ: "اقْعُدْ". ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ كَقَوْلِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: "تَجْعَلُهُ" ? قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللهُ. قَالَ: "مَا اسْمُكَ" ? قَالَ: إِبْرَاهِيْمُ. قَالَ: "اجْعَلْهُ". فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ آخِرِ المَسْجِدِ، فَلَمَّا صَعِدَ المِنْبَرَ، فَاسْتَوَى عَلَيْهِ، واستقبل الناس, حنت النَّخْلَةُ, حَتَّى أَسْمَعَتْنِي وَأَنَا فِي آخِرِ المَسْجِدِ. قَالَ: فَنَزَلَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ المِنْبَرِ، فَاعتَنَقَهَا، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى سَكَنَتْ, ثُمَّ عَادَ إِلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ النَّخْلَةَ إنما حنت(9/564)
شَوْقاً إِلَى رَسُوْلِ اللهِ لَمَّا فَارَقَهَا، فَوَاللهِ لَوْ لَمْ أَنْزِلْ إِلَيْهَا فَأَعْتَنِقَهَا لَمَا سَكَنَتْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ مُتَّصِلُ الإِسْنَادِ, غَرِيْبٌ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ، وَهِشَامُ بنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ، وَمَحْمُوْدُ بنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَرَجَاءُ بنُ مُرَجَّى الحَافِظُ، وَخَلاَّدُ بنُ أَسْلَمَ، وَسَعِيْدُ بنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، وآخرون.
__________
1 ورد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار -أو رجل-: يا رسول الله ألا نجعل لك منبرا؟ قال: "إن شئتم". فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي -صلى الله عليه وسلم- فضمه إليه، يئن أنين الصبي الذي يسكن، قال: "كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها". أخرجه البخاري "3584" حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الواحد بن أيمن قال: سمعت أبي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- به.
وأخرجه البخاري "3583" عن ابن عمر، بنحوه.(9/565)
2045- أحمد بن نصر 1: "ت، س"
ابن زياد الإِمَامُ القُدْوَةُ شَيْخُ نَيْسَابُوْرَ، وَمُقْرِئُهَا، وَمُفْتيهَا، وَزَاهِدُهَا, الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بن نُمَيْرٍ، وَالنَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ- وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ فِي كِتَابَيهِمَا، وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ فَقِيْهَ أَهْلِ الحَدِيْثِ فِي عَصْرِهِ, كَثِيْرَ الرِّحْلَةِ وَالحَدِيْثِ, رَحِمَهُ اللهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ ارْتَحَلَ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ مُتَفَقِّهاً، فَأَخَذَ عَنْهُ، وَكَانَ يُفْتِي بِمَذْهَبِهِ، وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ ابْنُ خُزَيْمَةَ أَوَّلاً قَبْلَ أَنْ يَرحَلَ إِلَى المُزَنِيِّ، وَكَانَ ثِقَةً, مَأْمُوْناً, صَاحِبَ سُنَّةٍ, كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ إِمَامُ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ القدوة العابد الثقة أبو بكر.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1507"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 174"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 559"، وتهذيب التهذيب "1/ 85".(9/565)
أحمد بن نصر العتكي السمرقندي، عبد الله بن الصباح، علي بن سهل:
2046- أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ العَتَكِي السَّمَرْقَنْديّ 1:
يَرْوِي عَنِ ابن عينية، وَجَمَاعَةٍ.
حَمَلَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
2047- عبد الله بن الصَّباح 2: "خَ، م، د، ت، س"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمُ, البَصْرِيُّ, العَطَّارُ.
حَدَّثَ عَنْ: هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَوَاءَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى ابْنِ مَاجَهْ- وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قِيْلَ: مات سنة خمسين.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ تَيْمِيَةَ, أَنَّ السَّرَّاجَ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وخمسين.
2048- علي بن سهل 3: "د"
ابن موسى، وَقِيْلَ: عَلِيُّ بنُ سَهْلِ بنِ قَادِمٍ, الإِمَامُ, الحُجَّةُ, أَبُو الحَسَنِ النَّسَائِيُّ, ثُمَّ الرَّمْلِيُّ, أَخُو مُوْسَى بنِ سَهْلٍ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ نَسَائِيٌّ, سَكَنَ الرَّملَةَ.
قُلْتُ: سَمِعَ الوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانَ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَضَمْرَةَ بنَ رَبِيْعَةَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"، وَالنَّسَائِيُّ فِي "اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" وَوَثَّقَهُ، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ جَرِيْرٍ، وَالعَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 390".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 399"، والكاشف "2/ ترجمة 2814"، وتهذيب التهذيب "5/ 264"، وتقريب التهذيب "1/ 423"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3571".
3 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1039"، والكاشف "2/ ترجمة 3982"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5852"، وتهذيب التهذيب "7/ 329"، وتقريب التهذيب "2/ 38"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4992".(9/566)
2049- وأخوه 1: "د"
الإِمَامُ أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَهْلِ بنِ قادم الرملي، وَهُوَ الصَّغِيْرُ.
سَمِعَ آدَمَ بنَ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَلِيَّ بنَ عَيَّاشٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالأَرْغِيَانِيُّ، وجماعة.
ثقة.
مات في جمادى الأول، سَنَةَ 262.
وَسَوْفَ يَأْتِي عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ نزيل بغداد.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 660"، والكاشف "3/ ترجمة 5802"، وتهذيب التهذيب "10/ 347" وتقريب التهذيب "2/ 284"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7275".(9/567)
2050- عبد الرحمن رُسْتَه 1: "ق"
هُوَ الإِمَامُ المُحَدِّثُ المُتْقِنُ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرٍ الزُّهْرِيُّ المَدِيْنِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَلَقَبُهُ: رُسْتَه.
سَمِعَ يَحْيَى القَطَّانَ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بن مَهْدِيٍّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَسِيْدٍ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ أَخِيْهِ الآخَرُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله
ابن عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ عَبْدُوْسٌ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّارِكِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ عِنْدَهُ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ الأَصْبَهَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ قَالَ: مَا ذَهَبْتُ يَوْماً إِلَى ابْنِ مَهْدِيٍّ إِلاَّ وَجَدتُ الأَخَوَينِ الأَزْرَقَيْنِ عِنْدَهُ يَعْنِي: عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ اللهِ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ: غَرَائِبُ حَدِيْثِ رُسْتَه تَكْثُرُ.
قَالَ ابْنُ أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: تُوُفِّيَ عمي سنة خمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1246"، والكاشف "2/ ترجمة 3317"، والمغني "2/ ترجمة 3605"، وميزان الاعتدال "2/ 579"، وتهذيب التهذيب "6/ 234"، وتقريب التهذيب "1/ 492"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4200".(9/567)
2051- أخوه 1:
الإمام المحدث, أبو محمد بنُ عُمَرَ, الزُّهْرِيُّ.
سَمِعَ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، ومحمد بن جعفر غندر، وَابْنَ مَهْدِيٍّ، وَحَمَّادَ بنَ مَسْعَدَةَ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ خرج قاضيًا على الكرخ، فمات بها.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ، وَسَلْمُ بنُ عِصَامٍ، وَعِدَّةٌ.
وَلَهُ غَرَائِبُ كَأَخِيْهِ.
مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وخمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 506".(9/568)
2052- أحمد بن سِنَان 1: "خ، م، د، ق"
ابن أسد بن حبان الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ أَبُوْ جَعْفَرٍ الوَاسِطِيُّ القَطَّانُ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ أَبَا مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرَ، وَوَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى القَطَّانَ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَهَذِهِ الطَّبَقَةَ، وَصَنَّفَ "المُسْنَدَ".
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُه؛ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي جَمْعِهِ لِحَدِيْثِ مَالِكٍ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ فِيْهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَقَالَ أَبُوْهُ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أُورْمَةَ: مَا كَتَبْنَاهُ عَنْ أَبِي مُوْسَى وَبُنْدَارٍ, أَعَدْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَمَا كَتَبْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ, لَمْ نُعِدْهُ عَنْ غَيْرِهِ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَيْسَ، فِي الدُّنْيَا مُبْتَدِعٌ إِلاَّ يُبْغِضُ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، وَإِذَا ابْتَدَعَ الرَّجُلُ بِدْعَةً نُزِعَتْ حَلاَوَةُ الحَدِيْثِ مِنْ قَلْبِهِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِرَ: تُوُفِّيَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ الظَاهِرِيِّ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ حضورًا، أخبرنا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، أَخْبَرَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بن جحادة، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الجَنَّةُ مائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ درجتين مسيرة خمسمائة عام"2.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 60"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 538"، والعبر "2/ 16"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 407"، وتهذيب التهذيب "1/ 34"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 137".
1 ضعيف بهذا اللفظ: وهذا إسناد ضعيف، من أجل شريك بن عبد الله -وهو النخعي؛ فإنه سيئ الحفظ. أخرجه أحمد "2/ 292"، والترمذي "2595" من طريق يزيد بن هارون, أخبرنا شريك بن عد الله، به. وعطاء هو ابن أبي رباح. واسم أبي رباح أسلم القرشي مولاهم المكي، وهو ثقة فقيه فاضل. وورد عن عبادة بن الصامت مرفوعا بلفظ: "الجَنَّةُ مائَةُ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مسيرة مائة عام -قال عفان: كما بين السماء إلى الأرض- والفردوس أعلاها درجة منها تخرج الأنهار الأربعة والعرش من فوقها، وإذا سألتم الله تبارك وتعالى فاسألوه الفردوس". أخرجه أحمد "5/ 316 و321"، والترمذي "2531"، والحاكم "1/ 80" من طريق همام بن يحيى، حدثنا زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عن عبادة بن الصامت، به. وصححه الحاكم. ووافقه الذهبي.
قلت: وهو صحيح كما قالا.
وأخرجه أحمد "5/ 240-241"، والترمذي "2530" من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وابن ماجه "4331" من طريق حفص بن ميسرة كلاهما عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ يسار عن معاذ بن جبل، به. ولفظ أحمد: "في الجَنَّةُ مائَةُ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مائة سنة، والفردوس أعلى الجنة وأوسطها، ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس". =(9/569)
2053- مُؤَمَّل بن إهاب 1: "د، س"
ابن عبد العزيز بن قفل, الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّدُوْقُ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّبَعِيُّ, الكُوْفِيُّ, ثُمَّ الرَّمْلِيُّ. وَقِيْلَ: ابْنُ قُفْلِ بنُ سَدَلٍ, بِحَرَكَاتٍ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ, أو قبلها.
وَسَمِعَ ضَمْرَةَ بنَ رَبِيْعَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَأَيُّوْبَ بنَ سُوَيْدٍ، وَسَيَّارَ بنَ حَاتِمٍ الزَّاهِدَ، وَمَالِكَ بنَ سُعَيْرٍ، وَيَحْيَى بنَ آدَمَ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ بنَ هَمَّامٍ، وَطَبَقَتَهُم، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ المُحَدِّثِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ هَاشِمٍ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ جَوْصَا، وَمُحَمَّدُ بنُ تَمَّامٍ البَهْرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ هِلاَلٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَلَهُ رِحْلَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي شَبِيْبَتِهِ, ثُمَّ فِي شَيْخُوْخَتِهِ، فَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَدِمَشْقَ وَحَلَبَ وَحِمْصَ وَالرَّمْلَةَ. فَعَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: قَدِمَ مُؤَمَّلٌ الرَّمْلَةَ، فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَكَانَ زَعِراً مُتَمَنِّعاً، فَأَلَحُّوا، فَامْتَنَعَ، فَمَضَوْا إِلَى الوَالِي، وَأَلَّفُوا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ، فَقَالا: لَنَا عَبْدٌ لَهُ عَلَيْنَا حَقُّ صُحْبَةٍ وَتَرْبِيَةٍ, آلَ بِنَا الحَالُ إِلَى بَيْعِهِ، فَامْتَنَعَ. قَالَ: وَكَيْفَ أَعْلَمُ صِحَّةَ هَذَا? قَالَ: مَعَنَا جَمَاعَةٌ مُحَدِّثُوْنَ يَعْلَمُوْنَ ذَلِكَ. فَسَمِعَ قَوْلَهُم، وَطُلِبَ المُؤَمَّلُ بالشُّرَط، فَتَعَزَّزَ، فَجَرُّوهُ، وَقَالُوا: أُخْبِرْنَا بِأَنَّكَ تَطَعَّمْتَ بِالآفَاقِ. فَلَمَّا دَخَلَ, قَالَ: مَا يَكْفِيكَ إِبَاقُكَ حَتَّى تَعَزَّزَ عَلَى سُلْطَانِكَ? الحَبْسَ، فَحَبَسُوهُ. وَكَانَ طُوَالاً أَصفَرَ, خَفِيفَ اللِّحْيَةِ, يُشبِهُ عَبِيدَ أَهْلِ الحِجَازِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي الحَبْسِ أَيَّاماً, حَتَّى عَلِمَ إِخْوَانُه، فَمَضَوا إِلَى الوَالِي، وَقَالُوا: هَذَا مُؤَمَّلُ بنُ يَهَابٍ فِي حَبْسِكَ مَظْلُوْمٌ. قَالَ: مَا أَعرِفُ هَذَا، وَمَنْ مُؤَمَّلٌ? قَالُوا: الَّذِي اجتَمَعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ. قال: أهو الآبق? قَالُوا: بَلْ هُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، فَأَخْرَجَهُ، وَطلَبَ أَنْ يُحِلَّهُ. فَهَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُجَشِّرٍ، وَسَلْمُ بنُ جُنَادَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، وَزِيَادُ بنُ يَحْيَى الحَسَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيُّ العَابِدُ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيُّ، وَالمَرَّارُ بنُ حَمَّوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الكَاظِمُ الحُسَيْنِيُّ أَحَدُ الاثْنِي عَشَرَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبُّوْدٍ بِدِمَشْقَ.
__________
= ووقع عند الترمذي، وابن ماجه: "الجنة مائة درجة، كل درجة منها ما بين السماء والأرض" ... الحديث. وورد عند أحمد "2/ 335 و339"، والبخاري "2790" من طريق فُلَيْحٌ، عَنْ هِلاَلِ بن عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بن يسار عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا بلفظ: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والارض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة -أراه قال: وفوقه عرش الرحمن- ومنه تفجر أنهار الجنة".
1 ترجمته في الكنى للدولابي "2/ 69"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1715"، وتاريخ بغداد "13/ 181"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 231"، والكاشف "3/ ترجمة 5850"، والعبر "2/ 7"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8950" وتهذيب التهذيب "10/ 381"، وتقريب التهذيب "2/ 290"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7338"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 129".(9/570)
2054- محمد بن مسعود 1: "د"
ابن يوسف الإمام, القدوة, الحافظ, أبو جعفر بن العَجَمِيِّ, الطَّرَسُوْسِيُّ, شَيْخُ الثَّغْرِ فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْ: عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَزَيْدِ بنِ الحُبَابِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"، وَابْنُهُ؛ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ حَافِظُ الأَنْدَلُسِ، وَحَاجِبُ بنُ أَرْكِيْنَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ، وَأَبُوْ العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ ابْنُ وَضَّاحٍ يَتَغَالَى فِيْهِ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِالحَدِيْثِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مَسْعُوْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ أَيْضاً: هُوَ رَفِيْعُ الشَّأْنِ، فَاضِلٌ ليس بدون أحمد بن حنبل.
قُلْتُ: لَمْ نَظْفَرْ بِتَارِيْخِ وَفَاتِهِ، وَقَدْ بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجَزَرِيُّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ حُسَيْنٍ الرِّيْوَنْدِيُّ، فِي سَنَةِ 544، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ المُحِبِّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ الخَفَّافُ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ الطَّرَسُوْسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الظُّهْرِ وَالعِشَاءِ وَالصُّبْحِ، وَيَذْكُرُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَفْعَلُهُ2. هَذَا حَدِيْثٌ نظيف الإسناد، ولم يخرجه الجماعة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 455"، وتاريخ بغداد "3/ 101"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 540"، والكاشف "3/ ترجمة 5233"، والمغني "2/ ترجمة 5976"، والعبر "1/ 449"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8165"، وتهذيب التهذيب "9/ 438"، وتقريب التهذيب "2/ 206"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6647".
2 أخرجه عبد الرزاق "3/ 4981" عن عمر بن راشد أو غيره، عن يحيى بن أبي كثير، به.
قلت: كذا وقع عنده عمر بن راشد على الشك، فإن كان هو هو، وليس معمر بن راشد، فالإسناد ضعيف؛ لأن عمر بن راشد بن شجرة، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب". وإن كان معمر بن راشد هو الذي في الإسناد كما في المصنف فالإسناد صحيح.(9/571)
2055- خُشَيش بن أصْرَم 2: "د، س"
ابن الأسود, الإِمَامُ الحَافِظُ, الحُجَّةُ, مُصَنِّفُ كِتَابِ "الاسْتِقَامَةِ"، أَبُو عَاصِمٍ النَّسَائِيُّ.
سَمِعَ رَوْحَ بنَ عُبَادَةَ، وَأَبَا عَاصِمٍ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ بَكْرٍ السهمي، وطبقتهم. وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا"، وَعَلاَّنُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ العَسَّالُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ الهَرَوِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ.
وَلَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ إِلَى الحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ وَاليَمَنِ وَالعِرَاقِ.
تُوُفِّيَ فِي رمضان, سنة ثلاث وخمسين ومائتين بمصر.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "3/ 150"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 571"، وتهذيب التهذيب "3/ 142"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1897"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 129".(9/572)
2056- عليُّ بن حَرْب 1: "س"
ابن محمد بن علي بن حَيَّانَ بنِ مَازِنِ بنِ الغَضُوْبَةِ, الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ, الأَدِيْبُ, مُسْنِدُ وَقْتِهِ, أَبُو الحَسَنِ الطَّائِيُّ, المَوْصِلِيُّ.
اتَّفَقَ مَوْلِدُهُ بِأَذْرَبِيْجَانَ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ يَتَّجِرُ.
رَأَى عَلِيٌّ المعافى بن عمران، ونشأ بالموصل.
وَسَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ فُضَيْلٍ، وَوَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ، وَيَحْيَى بنَ يَمَانٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ، وَزَيْدَ بنَ الحُبَابِ، وَعَمْرَو بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَالقَاسِمَ بنَ يَزِيْدَ الجَرْمِيَّ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَشَبَابَةَ بنَ سَوَّارٍ، وَيَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ، وَأَسْبَاطَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَأَبَا دَاوُدَ الحَفَرِيَّ، وَأَنَسَ بنَ عِيَاضٍ اللَّيْثِيَّ، وَزَيْدَ بنَ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَخَلْقاً سِوَاهُم بِالمَوْصِلِ، وَالحِجَازِ وَالكُوْفَةِ وَبَغْدَادَ وَالبَصْرَةِ وَوَاسِطَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ -وَقَالَ: صَالِحٌ- وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَلَدِيُّ الإِمَامُ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الأَزْرَقُ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المَطِيْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ المَادَرَائِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ العَبَّاَدَانِيُّ، وَنَافِلَتُهُ2 أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي "تَارِيْخِ المَوْصِلِ": رَحَلَ عَلِيٌّ مع أبيه، وسمع، وَصَنَّفَ، وَخَرَّجَ "المُسْنَدَ"، وَكَانَ عَالِماً بِأَخْبَارِ العَرَبِ وَأَنسَابِهَا, أَدِيْباً, شَاعِراً، وَفَدَ عَلَى المُعْتَزِّ بِاللهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَتَبَ عَنْهُ المُعْتَزُّ بِخَطِّهِ، وَدَقَّقَ الكِتَابَةَ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, أَخَذتَ فِي شُؤمِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَضَحِكَ المُعْتَزُّ، وَأَطلَقَ لَهُ ضِيَاعاً.
مَاتَ عَلِيٌّ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالمَوْصِلِ، وَقَدْ كَمَّلَ التِّسْعِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوْهُ مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْبٍ.
أَخُوْهُ:
المُحَدِّثُ الثِّقَةُ العَابِدُ المُجَاهِدُ، "أَبُو بكر".
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1006"، وتاريخ بغداد "11/ 418"، والكاشف "2/ ترجمة 3949"، وتهذيب التهذيب "7/ 294"، وتقريب التهذيب "2/ 33"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4956"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 150".
2 النافلة: ولد الولد، وهو من ذلك لأن الأصل كان الولد فصار ولد الولد زيادة على الأصل؛ قال الله -تعالى- في قصة إبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} [الأنبياء: 72] ؛ كأنه قال وهبنا لإبراهيم إسحاق فكان كالفرض له، ثم قال: ويعقوب نافلة، فالنافلة ليعقوب خاصة لأنه ولد الولد أي وهبنا له زيادة على الفرض له، وذلك أن إسحاق وهب له بدعائه وزيد يعقوب تفضلا.(9/573)
2057- أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ 1: "س"
سَمِعَ مَعَ أَخِيْهِ مِنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ -وَقَالَ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَخِيْهِ- وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمَكْحُوْلٌ البَيْرُوْتِيُّ، وأحمد بن محمد بن صدقة، وآخرون.
قَالَ يَزِيْدُ الأَزْدِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ، وَرِعاً، فَاضِلاً, رَابَطَ بِأَذنَةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثلاث وستين ومائتين, رحمه الله.
أخوهما:
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 44"، وتهذيب التهذيب "1/ 23"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 150".(9/574)
2058- محمد بن حرب 1:
مَاتَ كَهْلاً فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَرَثَاهُ عَلِيٌّ، فَقَالَ:
تَقُوْلُ لِيَ المَلِيْحَةُ إِذْ رَأَتْنِي ... لِدَمْعِي مِنْ مَآقيِهِ وَكِيْفُ
وَبَيْنَ جَوَانِحِي زَفَرَاتُ حُزْنٍ ... يَضِيقُ بِحَمْلِهَا بَدَنٌ ضَعِيْفُ
أَبَعْدَ مُحَمَّدٍ أَلْهُو بِأَمْرٍ ... يَلَذُّ بِهِ المُجَاوِرُ وَالمُطِيفُ
قَالَ الأَزْدِيُّ: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ, قَالَ: قُلْتُ لِجَدِّي: لِمَ لَمْ تَرْثِ عَمِّيَ الحَسَنَ? قَالَ: يَا بُنَيَّ, مَا رَثَيتُ أَحَداً إِلاَّ ذَهَبَ حُزْنُهُ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَبْقَى حُزْنِي عَلَيْهِ.
وَلِعَليٍّ يَرْثِي ابْنَ ابْنِهِ:
أَرَى أَفْرُخِي يَمْضُوْنَ قَصَْداً إِلَى البِلَى ... وَأُصْبِحُ مِثْلَ النَّسْرِ فِي جَانِبِ الوَكْرِ
أُشَيِّعُ مِنْهُم وَاحَِداً بَعْدَ وَاحِدٍ ... وَأَرْجِعُ قَدْ أَوْدَعْتُهُ ظُلْمَةَ القَبْرِ
فَمَنْ كَانَ مَحْزُوْناً بِفَقْدِ مُنَغِّصٍ ... فَقَدْ أَوْجَعَ الأَحْشَاءَ فَقْدُ أَبِي نَصْرِ
بُنَيٌّ كَأَنَّ البَدْرَ أَشْبَهَ وَجْهَهُ ... يَشِبُّ شَبَابَ الحَوْلِ في مدة الشهر
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ 237".(9/574)
وَكَانَ إِذَا مَا ضَاقَ صَدْرِي لِحَادِثٍ ... نَظَرْتُ إليه فانجلت كربة الصدر
فَيَا دَهْرُ قَدْ أَوْجَعْتَ قَلْبِي لِفَقْدِهِ ... فَمَنْ ذَا الَّذِي يُعْدِي مُصَاباً عَلَى الدَّهْرِ
سَأَسْتَعْمِلُ التسليم لله والرضا ... وَأَجْبُرُ ثَلْمَ النَّقْصِ فِي الأَهْلِ بِالصَّبْرِ
قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ, سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقُوْلُ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ حَدِيْثُ: "وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ" 1. فَأَعرَضَ عَنْهُ، فَجَعَلَ يُكَرِّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَسُفْيَانُ يُعرِضُ عَنْهُ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! كَمْ تُوَلْوِلُ لِلْعَرَبِ مُنْذُ اليَوْمَ، وَيْلٌ لِلنَّبَطِ2 مِنْ شَرٍّ قَدْ هَبَطَ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ: وَاحِدٌ عِنْدَ أَبِي القَاسِمِ بنِ صَصْرَى، وَثَلاَثَةٌ عِنْدَ أَبِي القاسم السبط.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 324 و428"، والبخاري "3346"، ومسلم "2880" من حديث زينب بنت جحش، به.
2 النبط والنبيط كالحبشي والحبيش في التقدير: جيل ينزلون السواد، وفي المحكم ينزلون سواد العراق، وهم الأنباط، والنسب إليهم نبطي.(9/575)
مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ المَوْصِلِيُّ، سلمة بن شبيب:
2059- مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ المَوْصِلِيُّ 1:
أخوهم الشيخ العالم المحدث، أبو سفيان:
وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ أَوْ بُعَيدَهَا.
وَسَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَقَبِيْصَةَ, وَخَلاَّدَ بنَ يَحْيَى، وأبا نعيم.
وَعَنْهُ: القَاضِي يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
2060- سلمة بن شبيب 2: "م, 4"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحجري, المسمعي, النسائي, نزيل مكة.
__________
1 لم أقف له على ترجمة.
2 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2054"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 722"، وأخبار أصبهان "1/ 366"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 563"، والكاشف "1/ ترجمة 2053"، والعبر "2/ 187" وتهذيب التهذيب "4/ 146"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2632"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 116".(9/575)
سَمِعَ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَزَيْدَ بنَ الحُبَابِ، وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ، وَحَجَّاجَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَحَفْصَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيَّ، وَأَبَا المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً مِنْ هَذَا الضَّربِ فَمَنْ بَعْدَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَرْبَابُ السُّنَنِ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ عَلاَّنُ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ دَكَّةَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَحَاتِمُ بنُ مَحْبُوْبٍ الهَرَوِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَحدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: الإِمَامُ أَحْمَدُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَدِمَ أَصْبَهَانَ، وَحَدَّثَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وأربعين.
وَعَنْ سَلَمَةَ بنِ شَبِيْبٍ, قَالَ: بِعْتُ دَارِي بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَرَدْتُ التَّحَوُّلَ إِلَى مَكَّةَ بِعِيَالِي، فَقُلْتُ: أُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأُوَدِّعُ عُمَّارَ الدَّارِ. فَصَلَّيْتُ، وَقُلْتُ: يَا عُمَّارَ الدَّارِ, سَلاَمٌ عَلَيْكُم، فَإِنَّا خَارِجُوْنَ نُجَاوِرُ بِمَكَّةَ. فَسَمِعْتُ هَاتِفاً يَقُوْلُ: عَلَيْكَ السَّلاَمُ يَا سَلَمَةُ، وَنَحْنُ خَارِجُوْنَ مِنَ الدَّارِ، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ الَّذِي اشتَرَاهَا يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: تُوُفِّيَ سَلَمَةُ مِنْ أَكْلَةِ فَالُوْذَجَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ مِصْرَ، وَحَدَّثَ سَنَةَ سِتٍّ, وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
أَخْبَرَنَا شَيْخَانِ, قَالا: أَخْبَرَنَا مُوْسَى الجِيْلِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: أَرسَلَنِي أَبُو طَلْحَةَ أَدْعُو النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لطعام صنعه، فقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا وَمَنْ معي" ? قلت: نعم ... الحديث1.
__________
1 حديث صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "11/ 465"، وأحمد "3/ 218"، ومسلم "2040" "143"، وأبو يعلى "4145" و"4331"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "6/ 90" من طريق عبد الله بن نمير، أخبرنا أبو سعد سعد -يعني ابن سعيد- قال: أخبرني أنس بن مالك قال: بعثني أبو طلحة إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لادعوه، وقد جعل له طعاما، فأقبلت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع الناس قال: فنظر إلي فاستحييت، فقلت: أجب أبا طلحة. فقال للناس: "قوموا". فقال أبو طلحة: يا رسول الله، إنما صنعت شيئا لك. قال: فمسها رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعَا فيها بالبركة، ثم قال: "أدخل نفرا من أصحابي عشرة" فقال: "كلوا". فأكلوا حتى =(9/576)
2061- الكوسج 1: "خَ، م، س، ت، ق"
الإِمَامُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ الحُجَّةُ, أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرِ بن بَهْرَامَ المَرْوَزِيُّ نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ، وَالنَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ، وَيَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ، وَمُعَاذَ بنَ هِشَامٍ، وَأَبَا أُسَامَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نمير، وَمُحَمَّدَ بنَ بَكْرٍ البُرْسَانِيَّ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيَّ، وَعَفَّانَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَطَلَبَ العِلْمَ، وَدَوَّنَهُ، وَبَرَعَ، وَاشْتَهَرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى أَبِي دَاوُدَ- وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَمُؤَمَّلُ بنُ الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَبُو يَعْقُوْبَ الكَوْسَجُ مَوْلِدُهُ بِمَرْوَ، وَمَنشَؤُه بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَعقَبَ؛ وَبِهَا تُوُفِّيَ، وَهُوَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ مِنَ الزُّهَّادِ، وَالمُتَمَسِّكِيْنَ بِالسُّنَّةِ اعتَمَدَاهُ، فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" أَيَّ اعتِمَادٍ، وَهُوَ صَاحِبُ المَسَائِلِ عَنْ أَحْمَدَ بن حنبل الذي يستهزئ به
__________
= شبعوا، وخرجوا، وقال: "أدخل عشرة". فأكلوا حتى شبعوا، فما زال يدخل عشرة، ويخرج عشرة، حتى لم يبق منهم احد إلا دخل، فأكل حتى شبع، ثم هيأها، فإذا هي مثلها حين أكلوا منها.
قلت: إسناده ضعيف، سعد بن سعيد، وهو ابن قيس الأنصاري، سيئ الحفظ. وضعفه أحمد بن حنبل. وقال النسائي: ليس بالقوي، وأخرجه أحمد "3/ 147"، والبخاري "5450"، والطبراني في "الكبير" "25/ 285 و286" من طريق حماد بن زيد، عن هشام، عن محمد، عن أنس بن مالك، به.
وأخرجه مالك "2/ 927-928"، ومن طريقه أخرجه الشافعي "2/ 188"، وعبد بن حميد "1238"، والبخاري "422" و"3578" و"5381" و"6688"، ومسلم "2040" "142"، والترمذي "3630"، والنسائي في "الكبرى" "6617"، وأبو عوانة "5/ 380 و380-381"، وابن حبان "6534"، والطبراني "25/ 276"، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" "1483"، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" "322"، والبيهقي في "السنن" "7/ 273"، وفي "الاعتقاد" "ص280"، وفي "دلائل النبوة" "6/ 88-89 و90"، والبغوي "3721" عَنْ إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عن أنس مطولا ومختصرا.
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1291"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 825"، وتاريخ بغداد "6/ 362"، واللباب لابن الأثير "3/ 117"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 542"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 426"، وتهذيب التهذيب "1/ 249"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 333"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 123".(9/577)
المُبتَدِعَةُ وَالمُتَجِرِّئُونَ سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ حَسَّانَ بنَ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مَشَايِخَنَا يَذْكُرُوْنَ أَنَّ إِسْحَاقَ بنَ مَنْصُوْرٍ بَلَغَهُ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ تِلْكَ المَسَائِلِ الَّتِي عَلَّقَهَا عَنْهُ، فَحَمَلَهَا فِي جِرَابٍ عَلَى ظَهرِهِ، وَخَرَجَ رَاجِلاً إِلَى بَغْدَادَ، وَعَرَضَ خُطُوطَ أَحْمَدَ عليه في كل مسألة اسْتَفْتَاهُ عَنْهَا، فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا ثَانِياً، وَأُعْجِبَ بِهِ.
قَالَ مُسْلِمٌ: هُوَ ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: قَدْ يَرْوِي عَنْهُ البُخَارِيُّ، فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ, لَمْ يَنْسِبْهُ، فَيَشْتَبِهُ بِابْنِ رَاهْوَيْه، فَلَنَا قَرَائِنُ تُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا، وَبِكُلِّ تَقْدِيْرٍ، فَلاَ يَضُرُّ ذَلِكَ، فُكُلٌّ مِنْهُمَا حُجَّةٌ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيُّ: مَاتَ إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ بَهْرَامَ أَبُو يَعْقُوْبَ الكَوْسَجُ بِنَيْسَابُوْرَ, يَوْمَ الخَمِيْسِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الجُمُعَةِ, لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ حَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ، وَأَبو التَّقِيِّ اليَزَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سهل بن عسكر.(9/578)
2062- زيد بن أخْزَم 1: "خَ، 4"
الحَافِظُ المُجَوِّدُ, أَبُو طَالِبٍ الطَّائِيُّ البَصْرِيُّ.
سَمِعَ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ، وَمُعَاذَ بنَ هِشَامٍ، وَابْنَ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدَ القَاهِرِ بنَ شُعَيْبٍ، وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَرْبَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَالبَغَوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ قَتَلَتْهُ الزِّنْجُ وَالأَوبَاشُ الوَاثِبُوْنَ عَلَى البَصْرَةِ مَعَ الخَبِيْثِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ القَطِيْعِيِّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ القَاهِرِ بنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ يَزَالُ العَبْدُ فِي صَلاةٍ ما كانت الصلاة تحبسه" 1.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2581"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 558"، وتهذيب التهذيب "3/ 393"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 136"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 4".
2 صحيح: أخرجه البخاري "647"، ومسلم "649"، وأبو داود "469" و"470" والنسائي "2/ 55" من طريق أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا بلفظ: "لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة".(9/578)
2063- الزَّعْفَرَانِي 1: "خَ، د، ت، س"
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ, شَيْخُ الفُقَهَاءِ، وَالمُحَدِّثِيْنَ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ البَغْدَادِيُّ الزَّعْفَرَانِيُّ يَسْكُنُ مَحَلَّةَ الزَّعْفَرَانِيِّ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَحَجَّ.
وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ، وإسماعيل بن عُلَيَّةَ، وَعَبِيْدَةَ بنِ حُمَيْدٍ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَحَجَّاجِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَقَرَأَ عَلَى الشَّافِعِيِّ كِتَابَهُ القَدِيْمَ، وَكَانَ مُقَدَّماً فِي الفِقْهِ والحديث, ثِقَةً, جَلِيْلاً عَالِي الرِّوَايَةِ كَبِيْرَ المَحَلِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْجٍ، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَحْيَى: سَمِعْتُ الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُوْلُ: مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَوْمٌ أَفْضَلُ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ المَحَابِرِ يَتَّبِعُوْنَ آثَارَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَكْتُبُوْنَهَا كِي لاَ تَنْدَرِسَ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 153"، وتاريخ بغداد "7/ 407"، والأنساب للسمعاني "6/ 280"، واللباب لابن الأثير "2/ 69"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 157"، والكاشف "1/ ترجمة رقم 1069"، والعبر "2/ 20"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 543"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 235"، وتهذيب التهذيب "2/ 318"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 32"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1381 و1400"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 140".(9/579)
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَحْضُرَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَكَانَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى القِرَاءةَ عَلَيْهِ.
قَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: سَمِعْتُ الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ، وَاجْتَمَعنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: التَمِسُوا مَنْ يَقْرَأُ لَكُم، فَلَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ غَيْرِي، وَكُنْتُ أَحْدَثَ القَوْمِ سِنّاً, مَا كَانَ بَعْدُ فِي وَجْهِي شَعْرَةٌ، وَإِنِّي لأَتَعَجَّبُ اليَوْمَ مِنِ انْطِلاَقِ لِسَانِي بَيْنَ يَدَيِ الشافعي -رحمه الله- وأعجب من جَسَارتِي يَوْمَئِذٍ. قُلْتُ: كَانَ الزَّعْفَرَانِيُّ مِنَ الفُصَحَاءِ البُلَغَاءِ. قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الكُتُبَ كُلَّهَا إِلاَّ كِتَابَيْنِ: "كِتَابَ المَنَاسِكِ"، وَ"كِتَابَ الصَّلاَةِ".
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ الحَسَنَ الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا قَرَأْتُ كِتَابَ الرِّسَالَةِ عَلَى الشَّافِعِيِّ قَالَ لِي: مِنْ أَيِّ العَرَبِ أَنْتَ? قُلْتُ: لَسْتُ بِعَرَبِيٍّ، وَمَا أَنَا إِلاَّ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: الزَّعْفَرَانِيَّةُ. قَالَ: فَأَنْتَ سَيِّدُ هَذِهِ القَرْيَةِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الفَقِيْهُ بِالرَّيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ, قَالَ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا القَاسِمِ بنَ بَشَّارٍ الأَنْمَاطيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ المُزَنِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ نَبَطِيّاً يَنْتَحِي عَلَيَّ حَتَّى كَأَنَّهُ عَرَبِيٌّ، وَأَنَا نَبَطِيٌّ. فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ هُوَ? قَالَ: الزَّعْفَرَانِيُّ.
تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ بِبَغْدَادَ فِي سَلْخِ شَعْبَانَ, سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سعد الزُّهْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ حَكِيْمٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ سَافِرِيٍّ، وَمَالِكُ بنُ طَوْقٍ مُنْشِئُ الرَّحْبَةِ1، والحسن بن علي بن محمد بن الرضا العَلَوِيُّ -أَحَدُ الاثْنَي عَشَرَ الَّذِيْنَ تَدَّعِي الرَّافِضَةُ عصمتهم.
تم الجزء التاسع ويليه:
الجزء العاشر، وأوله: المُخَرِّمي.
__________
1 الرحبة: تقع بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات.(9/580)
فهرس الجزء التاسع:
فهرس الموضوعات:
الصفحة الموضوع
5/ 1738/ الوكيع، أحمد بن جعفر الكوفي الضرير.
6/ 1739/ أحمد بن إشكاب.
6/ 1740/ خلف بن هشام.
9/ 1741/ بشار بن موسى.
10/ 1742/ أبو بلال الأشعري.
10/ 1743/ سعيد بن كثير بن عفير الأخباري.
12/ 1744/ سعيد بن منصور.
15/ 1745/ مسدد بن مسرهد.
17/ 1746/ نعيم بن حماد بن معاوية.
28/ 1747/ يحيى بن عبد الله بن بكير.
30/ 1748/ أبو الينبغي الشاعر.
31/ 1749/ الحميدي.
33/ 1750/ يحيى بن أبي الخصيب.
34/ 1751/ المقعد.
36/ 1752/ سليمان بن داود.
36/ 1753/ معلى بن أسد.
37/ 1754/ سنيد، حسين بن داود.
38/ 1755/ محمد بن سلام.
39/ 1756/ علي بن معبد، الرقي.
40/ 1757/ علي بن معبد بن نوح.
42/ 1758/ النُّفَيْلِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ.
43/ 1759/ الجرمي، سعيد بن محمد.
44/ 1760/ عمر بن حفص بن غياث.
45/ 1761/ خالد بن خلى.
46/ 1762/ محمد بن خالد بن خلي.
47/ 1763/ محمد بن المنهال الضرير.
48/ 1764/ محمد بن المنهال البصري
49/ 1765/ ابن سماعة.
50/ 1766/ يحيى بن بشر.
50/ 1767/ ابن أبي الأسود.
51/ 1768/ الفروي، إسحاق بن محمد.
52/ 1769/ عبد الرحمن بن سلام.
52/ 1770/ محمد بن سلام الجمحي.
53/ 1771/ أحمد بن شبيب.(9/581)
54/ 1772/ أبو توبة الحلبي.
55/ 1773/ الخوشي، محمد بن أسد.
55/ 1774/ أصبغ بن الفرج.
57/ 1775/ المسندي، محمد بن سلام.
58/ 1776/ المقدمي، محمد بن أبي بكر.
59/ 1777/ أحمد بن أبي شعيب.
59/ 1778/ أحمد بن عبد الملك.
60/ 1779/ محمد بن سعد.
62/ 1780/ يزيد بن عبد ربه.
62/ 1781/ حوثرة بن أشرس.
63/ 1782/ حيوة بن شريح.
63/ 1783/ محمد بن وهب
64/ 1784/ محمد بن الصباح الدولابي
65/ 1785/ محمد بن الصباح الجرجرائي.
66/ 1786/ بشر بن الوليد.
68/ 1787/ الزهراني، سليمان بن داود.
70/ 1788/ الشاذكوني، سليمان بن داود.
73/ 1789/ عبد الله بن طاهر.
74/ 1790/ عبد الله بن محمد بن أسماء.
75/ 1791/ ابن الأعرابي، محمد بن زياد.
76/ 1792/ إبراهيم بن المنذر.
78/ 1793/ سهل بن زنجلة.
79/ 1794/ ابن أبي سمينة.
80/ 1795/ الحكم بن موسى.
81/ 1796/ ابن شبوية.
82/ 1797/ أحمد بن محمد بن موسى.
83/ 1798/ أمية بن بسطام.
84/ 1799/ حبان بن موسى بن سوار.
84/ 1800/ حبان بن موسى بن عبيد الله.
84/ 1800/ حبان بن موسى بن حبان.
85/ 1801/ علي بن بحر.
85/ 1802/ ابن الرماح.
86/ 1803/ قتيبة بن سعيد.
92/ 1804/ أحمد بن جناب.
93/ 1805/ طالوت بن عباد.
94/ 1806/ العباس بن الوليد.
95/ 1807/ عبد الأعلى بن حماد.
96/ 1808/ مصعب بن عبد الله.
98/ 1809/ أحمد بن حرب النيسابوري.
100/ أحمد بن حرب الطائي.
100/ 1810/ أحمد بن إبراهيم.
101/ 1811/ أحمد بن عمر بن حفص الكوفي.
101/ 1812/ أحمد بن جواس.
102/ 1813/ الزمي، يحيى بن يوسف.
102/ 1814/ المري، جنادة بن محمد.
103/ 1815/ إبراهيم بن الحجاج السامي.
103/ 1816/ إبراهيم بن الحجاج النيلي.
104/ 1817/ علي بن المديني.(9/582)
116/ 1818/ إبراهيم بن حمزة.
117/ 1819/ حاجب بن الوليد.
117/ 1820/ إبراهيم بن يوسف.
118/ 1821/ أبو تمام.
121/ 1822/ أبو معمر الهذلي.
123/ 1823/ يحيى بن معين.
138/ 1824/ العتبى, محمد بن عبيد الله.
138/ 1825/ هدبة بن خالد.
141/ 1826/ شيبان بن فروخ.
143/ 1827/ ابن أبي الشوارب
144/ 1828/ محمد بن عائذ.
146/ 1829/ كامل بن طلحة.
148/ 1830/ الفضيل بن الحسين.
149/ 1831/ البرجلاني.
149/ 1832/ محمد بن بكار بن الريان.
150/ 1833/ محمد بن بكار بن بلال.
151/ 1834/ محمد بن بكار بن الزبير.
151/ 1835/ محمد بن أبان بن وزير.
152/ 1836/ محمد بن أبان بن عمران.
153/ 1837/ إسحاق بن النديم.
155/ 1838/ المعافى بن سليمان.
155/ 1839/ ابن أبي شيبة.
159/ 1840/ إبراهيم بن عبد الله، أبو شيبة.
159/ 1841/ الحزامي، عبد الرحمن بن عبد الملك.
160/ 1842/ هارون بن معروف.
161/ 1843/ داود بن عمرو.
163/ 1844/ داود بن رشيد.
164/ 1845/ سليمان ابن بنت شرحبيل.
167/ 1846/ سليمان بن عبد الرحمن.
167/ 1847/ إبراهيم بن موسى الفراء.
169/ 1848/ محمد بن مهران الجمال.
170/ 1849/ الخازن، الحارث بن عبد الله.
171/ 1850/ سريج بن يونس.
172/ 1851/ عمرو الناقد.
173/ 1852/ خلف بن سالم.
174/ 1853/ جبارة بن المغلس.
175/ 1854/ عثمان بن أبي شيبة.
177/ 1855/ الزيادي، محمد بن زياد.
178/ 1856/ مشكدانة.
178/ 1857/ يحيى بن حبيب بن عربي.
179/ 1858/ سندول.
179/ 1859/ ابن كاسب.
181/ 1860/ محمد بن أبي السرى.
182/ 1861/ سالم بن حامد.
182/ 1862/ عبد الحكم بن عبد الله.
183/ 1863/ ديك الجن.
183/ 1864/ ابن عمار.
184/ 1865/ إبراهيم بن محمد بن العباس.(9/583)
184/ 1866/ الخزاعي، أحمد بن نصر.
186/ 1867/ أحمد بن أبي داود.
188/ 1868/ إسحاق بن إبراهيم بن مصعب.
188/ 1869/ الحسن بن سهل.
189/ 1870/ ابن الزيات.
189/ 1871/ العلاف.
190/ 1872/ ابن كلاب.
191/ 1873/ ابن بنت السدي.
192/ 1874/ أحمد بن حنبل.
302/ 1875/ إسحاق بن راهويه.
318/ 1876/ الحسين بن منصور.
318/ 1877/ عبد الله بن معاذ.
319/ 1878/ عمرو بن رافع.
320/ 1879/ يحيى بن أيوب.
322/ 1880/ حرملة بن يحيى.
324/ 1881/ سجادة.
325/ 1882/ أبو كريب، محمد بن العلاء.
328/ 1883/ الحلواني.
329/ 1884/ الحسين بن حريث.
330/ 1885/ عبد الجبار بن العلاء.
331/ 1886/ العلاء بن عبد الجبار.
331/ 1887/ المسيب بن واضح.
333/ 1888/ أبو قدامة السرخسي.
334/ 1889/ عمرو بن زرارة النيسابوري
335/ 1890/ عمر بن زرارة الحدثي.
335/ 1891/ سويد بن نصر.
336/ 1892/ الأنطاكي، أحمد بن عاصم.
337/ 1893/ سويد بن سعيد.
342/ 1894/ هشام بن عمار.
352/ 1895/ عبد الله بن معاوية.
352/ 1896/ أبو مصعب، أحمد بن أبي بكر.
355/ 1897/ العثماني.
356/ 1898/ القواريري.
359/ 1899/ أبو الصلت، عبد السلام بن صالح.
361/ 1900/ اللؤلؤى.
361/ 1901/ منصور بن المهدي.
362/ 1902/ السمين.
363/ 1903/ محمد بن حاتم المصيصي.
363/ 1904/ محمد بن حاتم بن سليمان الزمي
363/ 1905/ صاحب البصري.
364/ 1906/ سهل بن عثمان.
365/ 1907/ ابن نمير.
367/ 1908/ عبيد بن يعيش.
367/ 1909/ المرادي، يحيى بن يزيد.
368/ 1910/ الطنافسي.
369/ 1911/ محمود الوراق.
370/ 1912/ وهب بن بقية.(9/584)
371/ 1913/ الغزي، محمد بن عمرو.
372/ 1914/ هناد بن السري.
373/ 1915/ هناد بن السري الصغير الدرامي.
374/ 1916/ محمد بن عبد الله بن عمار.
375/ 1917/ الفلاس.
377/ 1918/ خليفة بن خياط.
379/ 1919/ صفوان بن صالح.
379/ 1920/ إسحاق بن أبي إسرائيل.
381/ 1921/ إبراهيم بن عبد الله بن حاتم.
382/ 1922/ إبراهيم بن محمد بن عرعرة.
384/ 1923/ أحمد بن منيع.
385/ 1924/ حاتم الأصم.
387/ 1925/ أحمد بن خضرويه.
388/ 1926/ أبو خثيمة، زهير بن حرب.
390/ 1927/ أحمد بن أبي خثيمة.
391/ 1928/ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ البغدادي.
392/ 1929/ مجاهد بن موسى.
393/ 1930/ أبو حسان الزيادي.
394/ 1931/ محمد بن رمح.
396/ 1932/ لوين، محمد بن سليمان.
397/ 1933/ محمد بن حميد.
400/ 1934/ زغبة، عيسى بن حماد.
401/ 1935/ علي بن حجر.
405/ 1936/ دحيم.
407/ 1937/ دعبل.
408/ 1938/ أحمد بن المعذل.
409/ 1939/ زيد بن بشر.
409/ 1940/ ابن أخي الإمام.
410/ 1941/ ابن أخي الإمام الصغير.
411/ 1942/ محمد بن كرام.
411/ 1943/ يعقوب بن كعب.
412/ 1944/ علي بن مسلم.
413/ 1945/ الجاحظ.
415/ 1946/ أحمد بن خالد.
416/ 1947/ أحمد بن الخليل البغدادي.
416/ 1948/ أحمد بن الخليل النوفلي القومسي.
417/ 1949/ ذو النون المصري.
419/ 1950/ ابن زياد.
419/ 1951/ الرواجني.
421/ 1952/ صالح بن عبد الله بن ذكوان.
421/ 1953/ صالح بن محمد الترمذي.
421/ 1954/ عتبة بن عبد الله.
423/ 1955/ الدوري، حفص بن عمر.
424/ 1956/ سوار بن عبد الله.
425/ 1957/ النخشبي.
426/ 1958/ محمد بن عبيد.
427/ 1959/ الحسن بن عرفة.(9/585)
429/ 1960/ أحمد بن أبي سريج.
430/ 1961/ علي بن خشرم.
431/ 1962/ أحمد بن بكار.
431/ 1963/ الخطمي، إسحاق بن موسى.
432/ 1964/ يحيى بن أكثم.
436/ 1965/ ابن السكيت.
438/ 1966/ حميد بن زنجويه.
439/ 1967/ أبو همام.
440/ 1968/ أبو حذافة.
442/ 1969/ الحسن بن عيسى بن ماسرجس.
444/ 1970/ المتوكل على الله.
449/ 1971/ المنتصر بالله.
451/ 1972/ المستعين بالله.
454/ 1973/ البزي.
455/ 1974/ أبو عمير بن النحاس.
456/ 1975/ الحارث بن مسكين.
459/ 1976/ البويطي.
461/ 1977/ ابن السرح.
462/ 1978/ سحنون.
466/ 1979/ أحمد بن عيسى.
466/ 1980/ أحمد بن عيسى.
467/ 1981/ أحمد بن عيسى.
467/ 1982/ أبو ثور.
469/ 1983/ إبراهيم بن خالد.
469/ 1984/ إبراهيم بن خالد.
469/ 1985/ الجوعي.
471/ 1986/ الكرابيسي.
472/ 1987/ الفتح بن خاقان.
472/ 1988/ الفضل بن مروان.
473/ 1989/ أحمد بن أبي الحواري.
479/ 1990/ محمد بن مصفى.
480/ 1991/ العدني.
481/ 1992/ رجاء بن مرجى.
482/ 1993/ البيكندي.
483/ 1994/ البحراني.
483/ 1995/ ابن حبيب.
486/ 1996/ عبد الملك بن حبيب.
487/ 1997/ موسى بن معاوية.
488/ 1998/ المحاسبي.
489/ 1999/ أبو قدامة السرخسي.
490/ 2000/ أحمد بن عبد الرحمن.
490/ 2001/ هارون الحمال.
491/ 2002/ وموسى بن هارون ابنه.
493/ 2003/ الأعين.
494/ 2004/ زياد بن أيوب.
495/ 2005/ أبو موسى.
497/ 2006/ هارون بن إسحاق.
498/ 2007/ السكري.
499/ 2008/ إسماعيل بن عبد الله بن زرارة.(9/586)
499/ 2009/ أحمد بن إبراهيم.
501/ 2010/ نصر بن علي.
503/ 2011/ نصر بن علي الجهضمي الكبير.
504/ 2012/ علي بن نصر بن علي الجهضمي الكبير.
504/ 2013/ علي بن نصر بن علي الجهضمي الصغير.
506/ 2014/ الدورقي، يعقوب بن إبراهيم.
507/ 2015/ بندار، محمد بن بشار بن عثمان.
510/ 2016/ الجوهري.
512/ 2017/ سفيان بن وكيع.
513/ 2018/ الرفاعي.
515/ 2019/ أحمد بن الحسن.
516/ 2020/ أحمد بن خراش.
516/ 2021/ الهيثم بن سهل.
517/ 2022/ أحمد بن صالح.
528/ 2023/ عقبة بن مكرم.
528/ 2024/ عقبة بن مكرم الضبي.
529/ 2025/ محمود بن خداش.
530/ 2026/ عبد الحميد بن عصام.
531/ 2027/ الأشج.
532/ 2028/ السري بن المغلس السقطي.
534/ 2029/ الحسن بن شجاع.
536/ 2030/ الحسين بن الحسن بن حرب.
536/ 2031/ الخليع.
537/ 2032/ الحسن بن الصباح بن محمد.
538/ 2033/ محمد بن أسلم.
546/ 2034/ الرباطي.
548/ 2035/ فضل بن سهل.
549/ 2036/ محمد بن منصور.
551/ 2037/ محمد بن رافع.
553/ 2038/ أحمد بن المقدام.
555/ 2039/ يوسف بن موسى.
556/ 2040/ مَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ.
557/ 2041/ الدَّارِمِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عبد الرحمن.
562/ 2042/ أحمد بن سعيد.
562/ 2043/ الدارمي، أبو جعفر أحمد بن سعيد.
563/ 2044/ عبد بن حميد.
565/ 2045/ أحمد بن نصر.
566/ 2046/ أحمد بن نصر العتكي السمرقندي.
566/ 2047/ عبد الله بن الصباح.
566/ 2048/ علي بن سهل.
567/ 2049/ وأخوه موسى بن سهل.
567/ 2050/ عبد الرحمن بن رسته.
568/ 2051/ أخوه عبد الله بن عمر الزهري.(9/587)
568/ 2052/ أحمد بن سنان.
570/ 2053/ مؤمل بن إهاب.
571/ 2054/ محمد بن مسعود.
572/ 2055/ خشيش بن أصرم.
572/ 2056/ علي بن حرب.
574/ 2057/ أحمد بن حرب الطائي.
574/ 2058/ محمد بن حرب.
575/ 2059/ مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ المَوْصِلِيُّ.
575/ 2060/ سلمة بن شبيب.
577/ 2061/ الكوسج.
578/ 2062/ زيد بن أخزم.
579/ 2063/ الزعفراني، الحسن بن محمد.
581/ فهرس الموضوعات.(9/588)
فهرس التراجم على حروف المعجم:
الجزء السابع:
الصفحة التراجم
103/ 1815/ إبراهيم بن الحجاج بن زيد البصري.
103/ 1816/ إبراهيم بن الحجاج النيلي.
116/ 1818/ إبراهيم بن حمزة بن محمد.
469/ 1983/ إبراهيم بن خالد المروزي.
469/ 1984/ إبراهيم بن خالد اليشكري.
159/ 1840/ إبراهيم بن عبد الله، أبو شيبة العبسي.
381/ 1921/ إبراهيم بن عبد الله بن حاتم البغدادي.
184/ 1865/ إبراهيم بن محمد بن العباس المكي.
382/ 1922/ إبراهيم بن محمد بن عرعرة البصري.
76/ 1792/ إبراهيم بن المنذر.
167/ 1847/ إبراهيم بن موسى الفراء.
191/ 1873/ إبراهيم بن موسى الفزاري الكوفي.
117/ 1820/ إبراهيم بن يوسف بن ميمون البلخي.
499/ 2009/ أحمد بن إبراهيم.
100/ 1810/ أحمد بن إبراهيم بن خالد الموصلي.
6/ 1739/ أحمد بن إشكاب.
431/ 1962/ أحمد بن بكار بن أبي ميمون الحراني.
92/ 1804/ أحمد بن جناب بن المغيرة المصيصي.
101/ 1812/ أحمد بن جواس الكوفي.
574/ 2057/ أحمد بن حرب الطائي.
98/ 1809/ أحمد بن حرب بن فيروز النيسابوري.
515/ 2019/ أحمد بن الحسن بن جنيدب.
516/ 2020/ أحمد بن الحسن بن خراش.
192/ 1874/ أحمد بن حنبل = أحمد بن محمد بن حنبل.
473/ 1989/ أحمد بن أبي الحواري عبد لله.
415/ 1946/ أحمد بن خالد البغدادي.(9/589)
387/ 1925/ أحمد بن خضرويه.
416/ 1947/ أحمد بن الخليل البغدادي.
416/ 1948/ أحمد بن الخليل النوفلي القومسي.
390/ 1927/ أحمد بن أبي خيثمة = أحمد بن زهير بن حرب.
186/ 1867/ أحمد بن أبي داود = أحمد بن فرج بن حريز.
390/ 1927/ أحمد بن زهير بن حرب.
429/ 1960/ أحمد بن أبي سريج = أحمد بن عمر بن الصباح.
562/ 2042/ أحمد بن سعيد بن بشر.
568/ 2052/ أحمد بن سنان.
59/ 1777/ أحمد بن أبي شعيب.
53/ 1771/ أحمد بن شبيب.
517/ 2022/ أحمد بن صالح، ابن الطبري.
336/ 1892/ أحمد بن عاصم الأنطاكي.
490/ 2000/ أحمد بن عبد الرحمن.
59/ 1778/ أحمد بن عبد الملك.
أحمد بن عمار البصري.
101/ 1811/ أحمد بن عمر بن حفص الكوفي.
429/ 1960/ أحمد بن عمر بن الصباح.
466/ 1979/ أحمد بن عيسى.
467/ 1981/ أحمد بن عيسى بن الشهيد زيد.
466/ 1980/ أحمد بن عيسى بن عَبْدِ اللهِ.
192/ 1874/ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ.
82/ 1797/ أحمد بن محمد بن موسى.
408/ 1938/ أحمد بن المعذل بن غيلان البصري.
553/ 2038/ أحمد بن المقدام.
384/ 1923/ أحمد بن منيع عبد الرحمن.
565/ 2045/ أحمد بن نصر بن زياد
566/ 2046/ أحمد بن نصر العتكي السمرقندي.
184/ 1866/ أحمد بن نصر بن مالك.
188/ 1868/ أحمد بن إبراهيم بن مصعب الخزاعي.
153/ 1837/ إسحاق بن إبراهيم بن ميمون النديم.
379/ 1920/ أحمد بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كامجر.
302/ 1875/ إسحاق بن راهويه = إسحاق ابن إبراهيم بن مخلد.
431/ 1967/ إسحاق بن موسى بن عبد الله الأنصاري
إسحاق النديم = إسحاق بن إبراهيم بن ميمون.
499/ 2008/ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَارَةَ الرَّقِّيُّ.(9/590)
50/ 1767/ ابن أبي الأسود.
531/ 2027/ الأشج، عبد الله بن سعيد.
55/ 1774/ أصبغ بن الفرج.
75/ 1791/ ابن الأعرابي, محمد بن زياد.
493/ 2003/ الأعين، محمد بن أبي عتاب.
83/ 1798/ ابن عبد العزيز، أمية بن بسطام.
336/ 1892/ الأنطاكي = أحمد بن عاصم.
483/ 1994/ البحراني، العباس بن يزيد.
149/ 1831/ البرجلاني = محمد بن الحسين بن أبي الشيخ.
454/ 1973/ البزي، أحمد بن محمد بن عبد الله.
9/ 1741/ بشار بن موسى.
66/ 1786/ بشر بن الوليد.
10/ 1742/ أبو بلال الأشعري، بندار محمد بن بشار.
459/ 1976/ البويطي، يوسف بن يحيى.
482/ 1993/ البيكندي، يحيى بن جعفر.
أبو تمام = حبيب بن أوس الحارث.
54/ 1772/ أبو توبة الحلبي.
417/ 1949/ ثوبان بن إبراهيم، ذو النون المصري.
467/ 1982/ أبو ثور، إبراهيم بن خالد.
413/ 1945/ الجاحظ = عمرو بن بحر بن محبوب.
174/ 1853/ جبارة بن المغلس الحماني.
43/ 1759/ الجرمي, سعيد بن محمد.
102/ 1814/ جنادة بن محمد الدمشقي.
469/ 1985/ الجوعى، القاسم بن عثمان.
510/ 2016/ الجوهري، إبراهيم بن سعيد.
385/ 1924/ حاتم الأصم البلخي.
117/ 1819/ حاجب الوليد بن ميمون البغدادي.
170/ 1849/ الحارث بن عبد الله بن إسماعيل الخازن.
456/ 1975/ الحارث بن مسكين.
84/ 1800/ حبان بن موسى بن حبان.
84/ 1799/ حبان بن موسى بن سوار.
84/ 1800/ حبان بن موسى بن عبيد الله.
118/ 1821/ حبيب بن أوس بن الحارث الطائي.
440/ 1968/ أبو حذافة، أحمد بن إسماعيل.
322/ 1880/ حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي.
159/ 1841/ الحِزَامِيُّ = عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شَيْبَةَ.(9/591)
393/ 1930/ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ = الحَسَنُ بنُ عُثْمَانَ بنِ حماد.
أبو الحسن البصري العطار = العلاء بن عبد الجبار.
324/ 1881/ الحسن بن حماد بن كسيب الحضرمي.
188/ 1869/ الحسن بن سهل.
534/ 2029/ الحسن بن شجاع.
537/ 2032/ الحسن بن الصباح بن محمد.
427/ 1959/ الحسن بن عرفة البغدادي.
328/ 1883/ الحسن بن علي بن محمد الحلواني.
442/ 1969/ الحسن بن عيسى بن ماسرجس.
329/ 1884/ الحسين بن حريث بن الحسن الخزاعي.
536/ 2030/ الحسين بن الحسن بن حرب.
318/ 1876/ الحسين بن منصور بن جعفر النيسابوري.
423/ 1955/ حفص بن عمر بن عبد العزيز الدوري.
80/ 1795/ الحكم بن موسى.
328/ 1883/ الحلواني = الحسن بن علي بن محمد.
438/ 1966/ حميد بن زنحويه.
31/ 1749/ الحميدي.
62/ 1781/ حوثرة بن أشرس.
الخَازِنُ = الحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
45/ 1761/ خالد بن خلي.
184/ 1866/ الخزاعي = أحمد بن نصر بن مالك.
572/ 2055/ خشيش بن أصرم.
الخَطْمِيُّ = إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ.
173/ 1852/ خلف بن سالم البغدادي.
6/ 1740/ خلف بن هشام.
536/ 2031/ الخليع، الحسين بن الضحاك.
377/ 1918/ خليفة بن خياط العصفري.
55/ 1773/ الخوشي, محمد بن أسد.
388/ 1926/ أبو خثيمة = زهير بن حرب ابن شداد.
562/ 2043/ الدارمي أحمد بن سعيد بن صخر.
557/ 2041/ الدارمي, عبد الله بن عبد الرحمن.
163/ 1844/ داود بن رشيد الخوارزمي.
161/ 1843/ دَاوُدُ بنُ عَمْرِو بنِ زُهَيْرِ بنِ عَمْرٍو.
405/ 1936/ دحيم = عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو الدمشقي.(9/592)
407/ 1937/ دعبل بن علي الخزاعي.
423/ 1955/ الدوري = حفص بن عمر بن عبد العزيز.
183/ 1863/ ديك الجن = عبد السلام بن رغبان.
537/ 2032/ الرباطي أحمد بن سعيد.
481/ 1992/ رجاء بن مرجى.
513/ 2018/ الرفاعي محمد بن يزيد.
85/ 1802/ ابن الرماح = عبيد الله بن عمرو بن الرماح.
419/ 1951/ الرواجني = عباد بن يعقوب.
579/ 2063/ الزعفراني، الحسن بن محمد.
400/ 1934/ زغبة = عيسى بن حماد.
102/ 1813/ الزمي = يحيى بن يوسف.
68/ 1787/ الزهراني, سليمان بن داود.
189/ 1870/ ابن الزيات = محمد بن عبد الملك بن أبان.
494/ 2004/ زياد بن أيوب.
419/ 1950/ ابن زياد = محمد بن عبد الله بن زياد.
177/ 1855/ الزِّيَادِيُّ = مُحَمَّدُ بنُ زِيَادِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
578/ 2062/ زيد بن أخزم.
409/ 1939/ زيد بن بشر الأزدي.
182/ 1861/ سالم بن حامد.
324/ 1881/ سجادة = الحسن بن حماد الحضرمي.
462/ 1978/ سحنون، عبد السلام بن حبيب.
191/ 1873/ ابْنُ بِنْتِ السُّدِّيِّ = إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفَزَارِيُّ.
461/ 1977/ ابن السرح، أحمد بن عمرو.
532/ 2028/ السري بن المغلس السقطي.
171/ 1850/ سريج بن يونس بن إبراهيم المروزي.
10/ 1743/ سعيد بن كثير بن عفير الأخباري.
12/ 1744/ سعيد بن منصور.
512/ 2017/ سفيان بن وكيع.
498/ 2007/ السكري، إسماعيل بن عبد الله.
436/ 1965/ ابن السكيت.
575/ 2060/ سلمة بن شبيب.
363/ 1905/ سليمان بن أيوب، صاحب البصري.
36/ 1752/ سليمان بن داود.
167/ 1846/ سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى الدمشقي.
164/ 1845/ سليمان ابن بنت شرحبيل = سليمان بن عبد الرحمن.
49/ 1765/ ابن سماعة.(9/593)
362/ 1902/ عيسى السمين = محمد بن حاتم بن ميمون.
79/ 1794/ ابن أبي سمينة.
179/ 1858/ سندول = محمد بن عبد الجبار القرشي.
37/ 1754/ سنيد, حسين بن داود.
78/ 1793/ سهل بن زنجلة.
364/ 1906/ سهل بن عثمان العسكري.
424/ 1956/ سوار بن عَبْدُ اللهِ بنُ سَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ.
337/ 1893/ سويد بن سعيد بن سهل الأنباري.
335/ 1891/ سويد بن نصر المروزي.
70/ 1788/ الشاذكوني سليمان بن داود.
81/ 1796/ ابن شبوية.
143/ 1827/ ابن أبي الشوارب141/ 1826/ شيبان بن فروخ = شيبان بن أبي شيبة الحبطي البصري.
155/ 1839/ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ = عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ بن القاضي أبي شيبة.
363/ 1905/ صاحب البصري = سليمان ابن أيوب.
421/ 1952/ صالح بن عبد الله بن ذكوان الترمذي.
421/ 1953/ صالح بن محمد الترمذي.
379/ 1919/ صفوان بن صالح بن صفوان الدمشقي.
359/ 1899/ أَبُو الصَّلْتِ = عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ صَالِحٍ الهَرَوِيُّ.
93/ 1805/ طالوت بن عباد البصري.
368/ 1910/ الطنافسي = علي بن محمد بن إسحاق.
94/ 1806/ العباس بن الوليد بن نصر النرسي.
563/ 2044/ عبد بن حميد.
95/ 1807/ عبد الأعلى بن حماد بن نصر البصري.
330/ 1885/ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ.
182/ 1862/ عَبْدُ الحَكَمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحكم المصري.
530/ 2026/ عبد الحميد بن عصام.
567/ 2050/ عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو، دحيم.
567/ 2050/ عبد الرحمن رسته.
52/ 1769/ عبد الرحمن بن سلام.
159/ 1841/ عبد الرحمن بن عبد الملك بن شبة الحزامي.
190/ 1872/ عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري.
566/ 2047/ عبد الله بن الصباح.
73/ 1789/ عبد الله بن طاهر.(9/594)
568/ 2051/ عبد الله بن عمر الزهري.
178/ 1856/ عبد الله بن عمر بن محمد مشكدانة.
74/ 1790/ عبد الله بن محمد بن أسماء.
317/ 1877/ عبد الله بن معاذ.
352/ 1895/ عبد الله بن معاوية الجمحي.
486/ 1996/ عبد الملك بن حبيب البزاز المصيصي.
483/ 1995/ عبد الملك بن حبيب بن سليمان.
367/ 1908/ عبيد بن يعيش الكوفي.
356/ 1898/ عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري.
421/ 1954/ عتبة بن عبد الله اليحمدي.
138/ 1824/ العُتْبِيُّ = مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو.
175/ 1854/ عثمان بن أبي شيبة = عثمان بن محمد.
355/ 1897/ العثماني = محمد بن عثمان بن خالد.
480/ 1991/ العدني، محمد بن يحيى.
425/ 1957/ عسكر بن الحصين النخشبي.
528/ 2024/ عقبة بن مكرم الضبي.
528/ 2023/ عقبة بن مكرم العمي.
331/ 1886/ العلاء بن عبد الجبار.
189/ 1871/ العَلاَّفُ = مُحَمَّدُ بنُ الهُذَيْلِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
85/ 1801/ علي بن بحر بن بري القطان.
401/ 1935/ علي بن حجر بن إياس المروزي.
572/ 2056/ علي بن حرب الطائي.
430/ 1961/ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْوَزِيُّ.
566/ 2048/ علي بن سهل.
104/ 1817/ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ المديني.
368/ 1910/ علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي.
104/ 1817/ علي بن المَدِيْنِيِّ = عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.
412/ 1944/ علي بن مسلم الطوسي.
39/ 1756/ علي بن معبد بن شداد الرقي.
40/ 1757/ علي بن معبد بن نوح.
504/ 2013/ علي بن نصر بن علي الصغير.
504/ 2012/ علي بن نصر بن علي الكبير.
183/ 1864/ ابن عمار = أحمد بن عمار البصري.
44/ 1760/ عمر بن حفص بن غياث.(9/595)
335/ 1890/ عمر بن زرارة الحدثي.
413/ 1945/ عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ.
319/ 1878/ عمرو بن رافع بن الفرات البجلي.
334/ 1889/ عمرو بن زرارة بن واقد النيسابوري.
375/ 1917/ عمرو بن علي بن بحر الفلاس.
172/ 1851/ عَمْرٌو النَّاقِدُ = عَمْرُو بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُكَيْرٍ.
455/ 1974/ أبو عمير النحاس.
400/ 1934/ عيسى بن حماد التجيبي زغبة.
371/ 1913/ الغزي = محمد بن عمرو.
472/ 1987/ الفتح بن خاقان.
51/ 1768/ الفروي, إسحاق بن محمد.
548/ 2035/ فضل بن سهل.
472/ 1988/ الفضل بن مروان.
148/ 1830/ الفضل بن الحسين بن طلحة الجحدري.
375/ 1917/ الفلاس: عمرو بن علي بن بحر.
86/ 1803/ قتيبة بن سعيد بن جميل البغلاني.
489/ 1999/ أبو قدامة السرخسي اليشكري.
333/ 1888/ أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ = عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ بن يحيى.
356/ 1898/ القَوَارِيْرِيُّ = عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ مَيْسَرَةَ.
179/ 1859/ ابن كاسب = يعقوب بن حميد.
146/ 1829/ كامل بن طلحة الجحدري.
471/ 1986/ الكرابيسي، الحسين بن علي.
325/ 1882/ أَبُو كُرَيْبٍ = مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ بنِ كُرَيْبٍ.
190/ 1872/ ابن كلاب = عبد الله بن سعيد بن كلاب.
577/ 2061/ الكوسج، إسحاق بن منصور.
361/ 1900/ اللؤلؤي = مُحَمَّدُ بنُ أَبِي يَعْقُوْبَ إِسْحَاقَ بنِ حَرْبٍ.
396/ 1932/ لوين = محمد بن سليمان بن حبيب.
444/ 1970/ المتوكل على الله.
392/ 1929/ مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي.
488/ 1998/ المحاسبي، الحارث بن أسد.
152/ 1836/ محمد بن أبان بن عمران.
151/ 1835/ محمد بن أبان بن وزير البلخي.
391/ 1928/ محمد بن أحمد بن زهير.(9/596)
361/ 1900/ محمد بن أبي يعقوب بن إسحاق بن حرب اللؤلؤي.
538/ 2033/ محمد بن أسلم.
150/ 1833/ محمد بن بكار بن بلال.
149/ 1832/ محمد بن بكار بن الريان البغدادي.
151/ 1834/ محمد بن بكار بن الزبير.
391/ 1928/ محمد بن أبي بكر = محمد بن أحمد بن زهير.
363/ 1904/ محمد بن حاتم بن سليمان الزمي.
363/ 1903/ محمد بن حاتم المصيصي.
محمد بن حاتم بن ميمون المروزي السمين.
574/ 2058/ محمد بن حرب الطائي.
149/ 1831/ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي شَيْخٍ البُرْجُلاَنِيُّ.
397/ 1933/ محمد بن حميد الرازي.
46/ 1762/ محمد بن خالد بن خلي.
551/ 2037/ محمد بن رافع.
394/ 1931/ محمد بن رمح بن المهاجر التجيبي.
419/ 1950/ محمد بن زياد بن عبيد الله البصري.
181/ 1860/ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ العَسْقَلاَنِيُّ.
60/ 1779/ مُحَمَّدُ بنُ سعد.
38/ 1755/ محمد بن سلام أبو عبد الله السلمي البيكندي.
52/ 1770/ محمد بن سلام الجمحي.
396/ 1932/ محمد بن سليمان بن حبيب لوين.
65/ 1785/ محمد بن الصباح الجرجرائي.
64/ 1784/ محمد بن الصباح الدولابي.
144/ 1828/ مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ.
374/ 1916/ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بن عمار الموصلي.
143/ 1827/ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشّوَاربِ.
426/ 1958/ محمد بن عبيد بن عبد الملك.
411/ 1942/ محمد بن كرام السجستاني.
571/ 2054/ محمد بن مسعود.
479/ 1990/ محمد بن مصفى.
549/ 2036/ محمد بن منصور.
48/ 1764/ محمد بن المنهال البصري.
47/ 1763/ محمد بن المنهال الضرير.
169/ 1848/ محمد بن مهران الجمال.
محمد بن الهذيل بن عبيد الله العلاف.
63/ 1783/ محمد بن وهب.(9/597)
529/ 2025/ محمود بن خداش.
556/ 2040/ محمود بن غيلان.
369/ 1911/ محمود الوراق بن الحسن.
367/ 1909/ المرادي = يحيى بن يزيد بن ضماد.
102/ 1814/ المرى = جنادة بن محمد الدمشقي.
451/ 1972/ المستعين بالله.
15/ 1745/ مسدد بن مسرهد.
57/ 1775/ المسندي، محمد بن سلام.
331/ 1887/ المسيب بن واضح التلمنسي.
178/ 1856/ مُشْكُدَانَةُ = عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ.
352/ 1896/ أَبُو مُصْعَبٍ = أَحْمَدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ القَاسِمِ بن الحارث.
96/ 1808/ مصعب بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتِ.
155/ 1838/ المعافى بن سليمان الرسعني.
575/ 2059/ معاوية بن حرب الطائي.
36/ 1753/ معلى بن أسد.
121/ 1822/ أبو معمر الهذلي = إسماعيل بن إبراهيم بن معمر.
58/ 1776/ المقدمي، محمد بن أبي بكر.
34/ 1751/ المقعد.
449/ 1971/ المنتصر بالله.
361/ 1901/ منصور بن المهدي محمد بن المنصور.
567/ 2049/ موسى بن سهل.
495/ 2005/ أبو موسى محمد بن المثنى.
487/ 1997/ موسى بن معاوية.
491/ 2002/ موسى بن هارون.
570/ 2053/ مؤمل بن إهاب.
425/ 1957/ النخشبي = عسكر بن الحصين.
503/ 2011/ نصر بن علي الجهضمي الكبير.
501/ 2010/ نصر بن علي بن نصر الصغير.
17/ 1746/ نعيم بن حماد بن معاوية.
42/ 1758/ النُّفَيْلِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ.
365/ 1907/ ابْنِ نُمَيْرٍ = مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نمير.
ذو النون المصري = ثوبان بن إبراهيم.
497/ 2006/ هارون بن إسحاق.
490/ 2001/ هارون الحمال.
160/ 1842/ هارون بن معروف المروزي.
138/ 1825/ هدبة بن خالد بن أسود القيسي.
342/ 1894/ هشام بن عمار بن نصير السلمي.(9/598)
439/ 1967/ أبو همام، الوليد بن شجاع.
372/ 1914/ هناد بن السري بن مصعب.
373/ 1915/ هناد بن السري الصغير.
516/ 2021/ الهيثم بن سهل.
5/ 1738/ الوكيع, أحمد بن جعفر الكوفي الضرير.
370/ 1912/ وهب بن بقية بن عثمان الواسطي.
432/ 1964/ يحيى بن أكثم.
320/ 1879/ يحيى بن أيوب المقابري.
50/ 1766/ يحيى بن بشر.
178/ 1857/ يحيى بن حبيب بن عربي.
33/ 1750/ يحيى بن أبي الخصيب.
28/ 1747/ يحيى بن عبد الله بن بكير.
123/ 1823/ يحيى بن معين بن عوف.
102/ 1813/ يَحْيَى بنُ يُوْسُفَ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ الزَّمِّيُّ.
62/ 1780/ يزيد بن عبد ربه.
411/ 1943/ يعقوب بن كعب بن حامد الأنطاكي.
30/ 1748/ أبو الينبغي الشاعر.
555/ 2039/ يوسف بن موسى.(9/599)
المجلد العاشر
تابع الطبقة الثالثة عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
2064- المخرمي 1: "خ، د، س"
محمد بن عبد الله بن المبارك الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ الحَافِظُ الثَّبْتُ، أَبُو جَعْفَرٍ القُرَشِيُّ مَوْلاَهُمُ البَغْدَادِيُّ المُخَرِّمِيُّ المَدَائِنِيُّ قَاضِي حُلْوَانَ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: وَكِيْعٍ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَأَبِي أُسَامَةَ وَمُعَاذِ بنِ هِشَامٍ وَإِسْحَاقَ بنِ يُوْسُفَ الأَزْرَقِ، وَشَبَابَةَ وَمُظَفَّرُ بنُ مُدْرِكٍ الحَافِظُ وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بنِ عِيْسَى الرَّمْلِيِّ وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ وَأَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ، وَخَلْقٍ وَيَنْزِلُ إِلَى مُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ والنسائي وأبو حاتم وَالفَسَوِيُّ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ المَرْوَزِيُّ وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: قَالَ لِي أَبِي: كَتَبْتَ حَدِيْثَ عُبَيْدُ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نُغَسِّلُ المَيِّتَ مِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ، وَمِنَّا مَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ? قُلْتُ: لاَ قَالَ: فِي المُخَرِّمِ شَابٌّ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ أَبِي هِشَامٍ المَخْزُومِيِّ عَنْ وُهَيْبٍ فَاكتبْهُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِيُّ: كَانَ المُخَرِّمِيُّ حَافِظاً مُتْقِناً.
وَقَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: سَمِعْتُ نَصْرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ مِنَ الحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ المَأْمُوْنِيْنَ.
قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وَهُوَ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ سُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَوَثَّقَهُ.
قال النسائي: ثقة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1658" وتاريخ الخطيب "5/ 423"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 311"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 137"، والكاشف "3/ ترجمة 5049"، والعبر "2/ 6-7"، وتهذيب التهذيب "9/ 272"، وتقريب التهذيب "2/ 179"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة6392"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 129".(10/5)
وقال الدارقطني: كان حافظًا، ثقة.
الإِسْمَاعِيْلِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ الفَرْهَيَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُهُم يَقُوْلُوْنَ: قَدِمَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ بَغْدَادَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَلَمَّا تَفَرَّقُوا قِيْلَ لَهُ: مَنْ وَجَدْتَ أَكيَسَ القَوْمِ? قَالَ: هَذَا الغُلاَمُ المُخَرِّمِيُّ.
الإِسْمَاعِيْلِيُّ: حَدَّثَنَا الفَرْهَيَانِيُّ: سَمِعْتُ المُخَرِّمِيَّ يَقُوْلُ: ذَكَرَ أَبُو خَيْثَمَةَ يَوْماً فَقَالَ: كَمْ تَحْفَظُونَ لاِبْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِيْهِ? وَكَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ ثَمَّةَ، فَمَا أَجَابَ البَتَّةَ فِي وَاحِدٍ، وَانْدَفَعتُ أَنَا فَقُلْتُ ثُمَّ قَالَ الفَرْهَيَانِيُّ: كُنَّا نَصِفُ المُخَرِّمِيَّ بِالمَعْرِفَةِ. فَذَكَرنَاهُ لِصَاحِبِ حَدِيْثٍ، يُقَالُ لَهُ: عُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَبِيْوَرْدِيُّ، فَقَالَ: إِنَّ كَيْلَجَةَ1 أَفَادَنِي أَبْوَاباً، وَقَالَ: الحَدِيْثُ فَيهَا عَزِيْزٌ، وَأَنَا أَذكُرُ لَكُم بَعْضَ تِلْكَ الأَبْوَابِ، حَتَّى تَسْأَلُوا عَنْهَا المُخَرِّمِيَّ. فَذَكَرَ الرَّجُلَ يُدْرِكُ الوتْرَ مَنْ قَالَ: يَتَشَهَّدُ، وَمَنْ قَالَ: لاَ يَتَشَهَّدُ? فَلَمَّا أَتَينَاهُ، سَأَلنَاهُ، فَقَالَ: لَيْسَ ذَا مِنْ صِنَاعَتِكُمْ، مَا حَاجَتُكُمْ إِلَيْهِ? وَذَاكَ أَنَّهُ كَانَ يَرَانَا نَتَّبَّعُ "المُسْنَدَ"، فَقُلْنَا: تُحَدِّثُنَا بِمَا عِنْدَكَ فِيْهِ. فَحَدَّثَنَا عَلَى المَكَانِ بِسِتَّةِ أَحَادِيْثَ. فَرَجَعْنَا إِلَى الَّذِي قَالَ لَنَا فَقُلْنَا: أَملَى عَلَيْنَا فِيْهِ سِتَّةَ أَحَادِيْثَ. فَقَالَ: ذَا هَوْلٌ مِنَ الأَهوَالِ.
قَالَ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانعٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَوْ قَبْلَهَا بِقَلِيْلٍ، أَوْ بَعْدَهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ أَخْبَرَنَا، عَمِّي؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُوْنُسَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا أَكَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى خِوَانٍ، وَلا فِي سُكُرُّجَةٍ، وَلاَ خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ. قُلْتُ لِقَتَادَةَ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانُوا يَأْكُلُوْنَ? قَالَ: على السفر2.
__________
1 هو: الإِمَامُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ البغدادي الأنماطي كليجة، محدث جوال تأتي ترجمته في هذا المجلد بترجمة رقم "2163".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5386"، والترمذي "1788"، وفي "الشمائل" له "146"، وابن ماجه "3292" عن قتادة، عن أنس، به.(10/6)
2065- أبو حاتم السجستاني 1: "د، س"
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، أَبُو حَاتِمٍ سَهْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ السِّجِسْتَانِيُّ، ثُمَّ البَصْرِيُّ المقرئ، النحوي، اللغوي، صاحب التصانيف.
أَخَذَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ المُثَنَّى، وَأَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ، وَالأَصْمَعِيِّ، وَيَعْقُوْبَ الحَضْرَمِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ، وَتَصَدَّرَ لِلإقرَاءِ وَالحَدِيْثِ وَالعَرَبِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي كِتَابَيْهِمَا، وَأَبُو بَكْرٍ البَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ، وَأَبُو رَوْقٍ الهِزَّانِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ، مِنْهُم أَبُو العَبَّاسِ المُبَرِّدُ، وَكَانَ جَمَّاعَةً لِلْكُتُبِ يَتَّجِرُ فِيْهَا. وَلَهُ بَاعٌ طَوِيْلٌ فِي: اللُّغَاتِ، وَالشِّعْرِ، وَالعَرُوْضِ، وَاسْتِخْرَاجِ المُغَمَّى. وَقِيْلَ: لَمْ يَكُنْ بَاهِراً بِالنَّحْوِ.
وَلَهُ كِتَابُ "إعْرَابِ القُرْآنِ"، وَكِتَابُ "مَا يَلْحَنُ فِيْهِ العَامَّةُ"، وَكِتَابُ "المَقْصُوْرِ وَالمَمْدُوْدِ"، وَكِتَابُ "المَقَاطِعِ وَالمَبَادِئِ"، وَكِتَابُ "القِرَاءاتِ"، وَكِتَابُ "الفَصَاحَةِ"، وَكِتَابُ "الوُحُوشِ"، وَكِتَابُ "اخْتِلاَفِ المَصَاحِفِ"، وغير ذلك.
وَكَانَ يَقُوْلُ: قَرَأْتُ: "كِتَابَ سِيْبَوَيْه" عَلَى الأَخْفَشِ مَرَّتَيْنِ.
قُلْتُ: عَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً وَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ: مات سنة خمسين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل: "4/ ترجمة 882"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 263"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 282"، والكاشف "1/ ترجمة 2197"، والعبر "1/ 455" و"2/ 75"، وتهذيب التهذيب "4/ 275"، وتقريب التهذيب "1/ 337"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2084"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 121".(10/7)
2066- المازني 1:
إِمَامُ العَرَبِيَّةِ، أَبُو عُثْمَانَ، بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيٍّ البَصْرِيُّ، صَاحِبُ "التَّصْرِيْفِ" وَالتَّصَانِيْفِ.
أَخَذَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ، وَالأَصْمَعِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُوْسَى بنُ سَهْلٍ الجَوْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ المُبَرِّدُ، وَلازَمَهُ، وَاختَصَّ بِهِ، وَقَدْ دَخَلَ المَازِنِيُّ عَلَى الوَاثِقِ بِاللهِ، فَوَصَلَهُ بِمَالٍ جَزِيلٍ.
قَالَ المُبَرِّدُ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ سِيْبَوَيْه أَعْلَمَ بِالنَّحْوِ مِنَ المَازِنِيِّ، قَالَ: وَذَكَرَ لَنَا المَازِنِيُّ: أَنَّ رَجُلاً قَرَأَ عَلَيْهِ "كتاب سيبويه" في مدة طويلة فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَهُ، قَالَ: أَمَا إِنِّي مَا فَهِمْتُ مِنْهُ حَرْفاً، وَأَمَّا أَنْتَ فَجَزَاكَ اللهُ خَيْراً.
وَقَالَ المَازِنِيُّ: قَرَأْتُ القُرْآنَ عَلَى يَعْقُوْبَ، فَلَمَّا خَتَمتُ، رَمَى إليَّ بِخَاتَمِهِ، وَقَالَ: خُذْهُ، لَيْسَ لَكَ مِثْلٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ المَازِنِيُّ ذَا وَرَعٍ وَدِينٍ، بَلَغَنَا أَنَّ يَهُوْدِيّاً حَصَّلَ النَّحْوَ، فَجَاءَ لِيَقرَأَ عَلَى المَازِنِيِّ "كِتَابَ سِيْبَوَيْه"، فَبذَلَ لَهُ مائَةَ دِيْنَارٍ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: هَذَا الكِتَابُ يشتمل على ثلاثمائة آيَةٍ وَنَيِّفٍ، فَلا أُمَكِّنُ مِنْهَا ذِمِّيّاً.
قَالَ القَاضِي بَكَّارُ بنُ قُتَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ نَحْوِيّاً يُشْبِهُ الفُقَهَاءَ إلَّا حَبَّانَ بنَ هِلاَلٍ وَالمَازِنِيَّ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: كَانَ المَازِنِيُّ إِذَا نَاظَرَ أَهْلَ الكَلاَمِ، لَمْ يَسْتَعِنْ بِالنَّحْوِ، وَإِذَا نَاظَرَ النُّحَاةَ، لَمْ يَسْتَعِنْ بِالكَلاَمِ.
وَعَنِ المَازِنِيِّ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ السِّكِّيتِ: مَا وَزْنُ "نَكْتَلُ"؟ قَالَ: "نَفْعَلُ". قُلْتُ: اتَّئِدْ. فَفَكَّرَ، وَقَالَ: "نَفْتَعِلُ". قُلْتُ: فَهَذِهِ خمسة أَحرُفٍ. فَسَكَتَ فَقَالَ المُتَوَكِّلُ: مَا وَزْنُهَا? قُلْتُ: وَزنُهَا فِي الأَصْلِ "نَفْتَعِلُ"؛ لأَنَّهَا "نَكْتِيْلُ"، فَتَحَرَّكَ حَرْفُ العِلَّةِ، وَانفَتَحَ مَا قَبْلَهُ، فَقُلِبَ أَلِفاً، فَصَارَ نَكْتَالُ، فَحُذِفَتْ أَلِفُهُ لِلْجَزْمِ، فَبَقِيَ "نَكْتَلُ".
مَاتَ المَازِنِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ -أَوْ ثَمَانٍ- وَأَرْبَعِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ 93"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "7/ 107"، واللباب لابن الأثير "3/ 145"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 181"، والعبر "1/ 448" ولسان الميزان "2/ 57" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 329"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 113".(10/8)
الطبقة الرابعة عشرة
الطبقة الرابعة عشر:
2067- الذهلي وَابْنُهُ 1: "خَ، 4"
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ فَارِسِ بنِ ذُؤَيْبٍ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، البَارعُ، شَيْخُ الإِسْلامِ، وَعَالِمُ أَهْلِ المَشْرِقِ، وَإِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ بِخُرَاسَانَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيُّ مَوْلاَهُمُ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَفْصَيْنِ؛ حَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالحُسَيْنِ بنِ الوَلِيْدِ، وَعَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُنَانِيِّ، وَمَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَارْتَحَلَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةَ مَوْتِ وَكِيْعٍ، فَكَتَبَ بِالرَّيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ الضُّرَيْسِ، وَطَبَقَتِهِ.
وَكَتَبَ بِأَصْبَهَانَ عَنْ: عَبْدِ الرحمن بن مهدي -كذا قال الحاكم. وَأَحْسِبُهُ لَقِيَهُ بِالبَصْرَةِ، فَإِنَّهُ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَنَازَةُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَكَانَتْ فِي صَفَرٍ، مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ، وَعَاشَ بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَأَكْثَرَ عنْهُ، وَهُوَ أَقدَمُ شَيْخٍ لَهُ وَأَجَلُّهُم. وَسَمِعَ بِهَا مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ البُرْسَانِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَنَفِيِّ، وَأَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ، وَصَفْوَانَ بنِ عِيْسَى، وَأَبِي عَاصِمٍ وَحَبَّانَ بنِ هِلاَلٍ، وَطَبَقَتِهِم. وَبِالْكُوْفَةِ عَنْ: أَسْبَاطِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرِو بنِ مُحَمَّدٍ العَنْقَزِيِّ، وَيَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدٍ -أَخِيْهِ- وَجَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ، وَمَحَاضِرِ بنِ المُوَرِّعِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي بَدْرٍ السَّكُوْنِيِّ، وَعِدَّةٍ. وَبِوَاسِطَ مِنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ، وَعِدَّةٍ. وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي النَّضْرِ، وَالأَسْوَدِ بنِ عَامِرٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَالوَاقِدِيِّ، وَخَلْقٍ. وَبِمَكَّةَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئِ، وَطَبَقَتِهِ. وَبَالمَدِيْنَة مِنْ: عَبْدِ الملكِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، وَعِدَّةٍ. وَبَاليَمَنِ مِنْ: عَبْدِ الرَّزَّاقِ -فَأَكْثَرَ- وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبَانٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَكِيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَبِمِصْرَ مِنْ: عَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي صَالِحٍ، بِالشَّامِ من: الفريابي، والهيثم بن جميل،
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 561"، وتاريخ بغداد "3/ 415"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 549" والكاشف "3/ ترجمة 5298"، والعبر "1/ 437" و"2/ 17، 201"، وتهذيب التهذيب "9/ 511"، وتقريب التهذيب "2/ 217"، وخلاصة الخزرجي "2/ 6741"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 138".(10/9)
وَأَبِي مُسْهِرٍ، وَأَبِي اليَمَانِ، وَعَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ. وَبَالجَزِيْرَةِ مِنْ: عَمْرِو بنِ خَالِدٍ، وَالنُّفَيْلِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنْ هَذَا الجِيْلِ. وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازِلَ، وَكَانَ بَحْراً لاَ تُكَدِّرهُ الدِّلاءُ.
جَمَعَ عِلْمَ الزُّهْرِيِّ، وَصَنَّفَهُ وَجَوَّدَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: الذُّهْلِيُّ. وَانتَهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ العِلْمِ، وَالعَظَمَةِ وَالسُّؤْدُدِ بِبَلَدَهِ. كَانَتْ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجيبَةٌ بِنَيْسَابُوْرَ، مِنْ نَوْعِ جَلاَلَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِبَغْدَادَ، وَمَالِكٍ بِالمَدِيْنَةِ.
رَوَى عَنْهُ: خَلاَئِقُ، مِنْهُمُ الأَئِمَّةُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ، وَعَمْرُو بنُ خَالِدٍ -وَهَؤُلاَءِ مِنْ شُيُوْخِهِ- وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، وَيُدَلِّسُهُ كَثِيْراً، لاَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، بَلْ يَقُوْلُ: مُحَمَّدٌ فَقطْ، أَوْ مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ، أَوْ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ يَنْسِبُهُ إِلَى الجَدِّ، وَيُعمِّي اسْمَهُ لِمَكَانِ الوَاقِعِ بَيْنَهُمَا، غفَرَ اللهُ لَهُمَا.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ صَاحِبُ "السُّنَنِ"، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ فِي "سنَنِهِم"، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمكِيُّ بنُ عَبْدَانَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَحَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ الطُّوْسِيُّ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو عَليٍّ المَيْدَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَأَكْثَرَ عَنْهُ مُسْلِمٌ، ثُمَّ فسَدَ مَا بَيْنَهُمَا، فَامْتَنَعَ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، فَمَا ضَرَّهُ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كتَبَ عَنْهُ أَبِي بِالرَّيِّ، وَقَالَ: ثِقَةٌ. ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ، فَقَالَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَقَالَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، نَسَبَهُ إِلَى جده، وقال مرة: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ العَارِفينَ، وَالحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ. صَنَّفَ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ، وَجَوَّدَهُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَنْشُرُ فَضْلَهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ جَنَازَةَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَالنَّاسُ يَعْدُوْنَ بَيْنَ يَديهَا، وَخلفهَا، وَلِي ثَمَانُ سِنِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ النَّضْرِ الجَارُوديَّ يَقُوْلُ: بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى كَانَ يَكْتُبُ فِي مَجْلِسِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، فنَظَرَ عَلِيُّ بنُ سَلَمَةَ اللَّبَقِيُّ إِلَى حُسنِ(10/10)
خَطِّهِ وَتَقْييده، فَقَالَ: يَا بُنِي أَلا أَنصحُكَ? إِنَّ أَبَا زَكَرِيَّا يُحَدِّثُكَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ حَيٌّ، وَعَنْ وَكِيْعٍ وَهُوَ حَيٌّ بِالْكُوْفَةِ، وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَجَمَاعَةٍ أَحيَاءٌ بِالبَصْرَةِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ وَهُوَ حَيٌّ بِأَصْبَهَانَ، فَاخرجْ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَلا تُضَيِّعْ أَيَّامَكَ فعملَ فِيْهِ قَوْلُهُ، فَخَرَجَ إِلَى أَصْبَهَانَ فسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَالحُسَيْنِ بنِ حَفْصٍ، ثُمَّ دَخَلَ البَصْرَة وَقَدْ مَاتَ يَحْيَى، فَكَتَبَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ وَأَقْرَانِهِ، وَأَكْثَرَ بِهَا المُقَامَ، حَتَّى مَاتَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ.
قُلْتُ: مَا كَانَ يُمْكِنُهُ لُقِيُّه، فَإِنَّ سُفْيَانَ مَاتَ فِي وَسطِ السَّنَةِ، وَلا كَانَ يُمْكِنُهُ المَسِيرُ إِلَى مَكَّةَ إلَّا مَعَ الوفدِ، وَأَمَّا وَكِيْعٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يتحرَّكَ الذُّهْلِيُّ مِنْ بلدِهِ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَى اليَمَنِ، وَأَكْثَرَ عن عبد الرزاق وَأَقْرَانِهِ، ثُمَّ رَجَعَ وَحَجَّ، وَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ ثُمَّ الشَّام، وَبَاركَ اللهُ لَهُ فِي علمِهِ حَتَّى صَارَ إِمَامَ عَصرِهِ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُولِيُّ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ الرَّيَّ، وَكَانَ فَضْلَكُ يُذَاكِرنُي حَدِيْثَ شُعْبَةَ، فَأَلقَى عَلَيَّ لشُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صُبَيْحٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ" 1 فَلَمْ أَحْفَظْ، فَقَالَ فَضْلَكُ: أَنَا أُفِيدُكَهُ، إِذَا دَخَلتَ نَيْسَابُوْرَ ترى شيخًا سن الشّيبِ، حَسَنَ الوَجْهِ، رَاكباً حِمَاراً مصريّاً، حسَنَ اللِّباسِ. فَإِذَا رَأَيْتَهُ، فَاعلمْ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، فسَلْهُ عَنْ هَذَا، فَهُوَ عِنْدَهُ عَنْ سَعِيْدِ بنِ وَاصلٍ، عَنْ شُعْبَةَ. فَلَمَّا دَخَلْتُ نَيْسَابُوْرَ اسْتَقبلنِي شَيْخٌ بِهَذَا الوَصْفِ، فَقُلْتُ: يُشبِهُ أَنْ يَكُوْنَ. فسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا: هُوَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، فَتَبِعْتُهُ إِلَى أَنْ نَزَلَ، فسلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَأَخْبَرتُهُ بِقصدِي إِيَّاهُ، فَنَزَلتُ فِي مَسْجِدِهِ، وَكَتَبْتُ مَجْلِساً مِنْ أَصولِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ، وَصَلَّى قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ: حَدَّثَكُم سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ? فذَكَرْتُ الحَدِيْثَ، فَقَالَ لِي: يَا فَتَى، مَنْ يَنْتخبْ هَذَا الاَنتخَابَ، وَيَقْرَأْ هَذِهِ القِرَاءةَ، يعلمْ أَنَّ سَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ لا يحدث عن شعبة بمثل هذا الحَدِيْثِ. فَقُلْتُ: نَعَمْ، أَيُّهَا الشَّيْخُ حَدَّثكُم سَعِيْدُ بن واصل? فقال: نعم.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "3752" من طريق أبي أسامة، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خالي فليرني امرؤ خاله".
وقال الترمذي: هذا حديث حَسَنٌ غَرِيْبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ مجالد.
قلت: مجالد، هو ابن سعيد بن عمير، ضعيف.
لكن قد تابعه إسماعيل بن أبي خالد عند الحاكم "3/ 498"، فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن جابر، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
قلت: وهو صحيح كما قالا. وقد خرجت الحديث بنحو هذا في كتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] ط. دار الحديث الجزء السادس تعليق رقم "197" فراجعه ثمت إن شئت.(10/11)
قَالَ أَبُو عَمْرٍو، وَأَحْمَدُ بنُ نصرٍ الخَفَّافُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: غَفَر لِي قُلْتُ: فَمَا فعلَ بِحَدِيْثِكَ? قَالَ: كُتِبَ بِمَاءِ الذَّهبِ، وَرُفِعْتُ فِي عِلِّيِّينَ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو المُسْتَمْلِي، يَقُوْلُ: دَفَنْتُ مِنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بَعْدَ وَفَاتِهِ أَلْفَي جُزءٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَنْصُوْرٍ القَاضِي يَقُوْلُ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ، فَقُلْتُ: مُحَمَّد ُبنُ يَحْيَى صليبَةً كَانَ أَوْ مَوْلَىً? قَالَ: لاَ صليبَةً وَلاَ مَوْلَىً كَانَ جدُّهُم فَارِس مَوْلَىً لاِبْنِ مُعَاذٍ، وَكَانَ مُعَاذُ بنُ مُسْلِمِ بنِ رَجَاءَ رهينَةً عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، رهنَهُ عِنْدَهُ أَبُوْهُ، ثُمَّ ارتدَّ، فَأَرَادَ مُعَاوِيَةُ قَتْلَ ابْنِهِ رَجَاءَ، وَكَانَ عِنْدَهُ القعقَاعُ بنُ شَوْرٍ الذُّهْلِيُّ، فَاسْتوهَبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فوهبَهُ مِنْهُ، فَأَطلقَهُ فَهَذَا كَانَ النَّسبُ.
الدَّغُوْلِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى قَالَ: لَمَّا رحلتُ بَابنِي إِلَى العِرَاقِ صحبَنِي جَمَاعَةٌ مِنَ الغربَاءِ، فَسَأَلونِي: أَيُّ حَدِيْثٍ عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَغربُ? فَكُنْتُ أَقُوْلُ: إِذَا دخلْنَا عَلَيْهِ، سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثٍ تَسْتفيدُوْنَهُ. فَلَمَّا دخلْنَا سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثِ يحيى بن سعيد عن عثمان بن غياث، عَنِ ابْنِ بُريدَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَعْمَر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ حَدِيْث الإِيْمَانِ1.
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، لَيْسَ هُوَ عندي عن يحيى بن سعيد، فَخَجِلْتُ، وَقُمْنَا، فَأَخَذَ أَصْحَابُنَا يَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ ذكَرَ هَذَا الحَدِيْثَ غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحْمَدُ، وَأَنَا سَاكتٌ لاَ أُجِيْبُهُمْ. قَالَ: ثُمَّ قدِمْنَا بَغْدَادَ، فَدَخَلْنَا عَلَى أَحْمَدَ، فرحَّبَ بِنَا، وَسأَلَ عَنَّا. ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: أَيُّ حَدِيْثٍ اسْتفدْتَ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ? فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيْثَ الإِيْمَانِ. فَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ كِتَابَهُ، وَأَملَى عَلَيْنَا، فَسَكَتَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَلَمْ يَقُلْ: سأَلنَاكَ عَنْهُ. فتعجَّبَ أَصْحَابُهُ مِنْ صبرِهِ. قَالَ: فَأَخبَر أَحْمَدُ بِأَنَّهُ كَانَ سأَلَهُ عَنِ الحَدِيْثِ قَبْل خُرُوْجِهِ إِلَى البَصْرَةِ. فَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ إِذَا ذكرَهُ يقول: محمد بن يحيى العاقل.
__________
1 وأوله: "بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذ أقبل رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر ... " الحديث. أخرجه مسلم "8" "3" من طريق محمد بن حاتم، "حدثنا يحيى بن سعيد به. وأخرجه مسلم من طرق عن كهمس بن الحسن، عن عبد لله بن بريدة، به.
وأخرجه مسلم "8" "2" من طرق عن حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، عَنْ عبد الله بن بريدة، به.
وأخرجه مسلم "8" "4" من طريق حجاج بن الشاعر، عن يونس بن محمد، عن المعتمر، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر، به.(10/12)
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَزْهَرِيُّ: سَمِعْتُ خَادِمَةَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَهُوَ عَلَى السَّرِيْرِ يُغَسَّلُ، تَقُوْلُ: خَدَمْتُهُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَكُنْتُ أَضَعُ لَهُ المَاءَ، فَمَا رَأَيْتُ سَاقَهُ قَطُّ، وَأَنَا مِلْكٌ لَهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ زَيْدٍ المُعَدَّلَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ الذُّهْلِيِّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي فِي الصَّيْفِ الصَّائِفِ وَقْتَ القَائِلَةِ، وَهُوَ فِي بَيْتِ كُتُبِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ السِّرَاجُ، وَهُوَ يُصَنِّفُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَةِ، هَذَا وَقْتُ الصَّلاَةِ، وَدُخَانُ هَذَا السراج بالنهار، فَلَو نَفَّسْتَ عَنْ نَفْسِكَ. قَالَ: يَا بُنَيَّ، تَقُوْلُ لِي هَذَا، وَأَنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِيْنَ!!
وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، سَمِعْتُ خَالِي عَبْدَ اللهِ بنَ عَلَّوَيْه، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، فَقَامَ إِلَيْهِ، وَقَرَّبَ مَجْلِسَهُ، وَأَمرَ بَنِيه وَأَصْحَابَهُ أَنْ يَكْتُبُوا عَنْهُ.
زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ: أَتيتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ? قُلْتُ: مِنْ نَيْسَابُوْرَ. قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى لَهُ مَجْلِسٌ? قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: لَوْ أَنَّهُ عِنْدنَا، لجعلنَاهُ إِمَاماً فِي الحَدِيْثِ. ثُمَّ ذَكَرْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ. فَقَالَ: مَنْ مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ? ثُمَّ سكتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: لَعلَّهُ الَّذِي كَانَ مَعَنَا عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: لِمَ لاَ تَجْمَعُ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ? فَقَالَ: كفَانَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى ذَلِكَ. قَالَ زَنْجُوْيَةُ بنُ مُحَمَّدٍ: كُنْتُ أَسمَعُ مَشَايِخنَا يَقُوْلُوْنَ: الحَدِيْثُ الَّذِي لاَ يَعْرِفُهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى لاَ يُعْبَأُ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو قُرَيْشٍ الحَافِظُ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي زُرْعَةَ، فَجَاءَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ سَاعَةً، وَتذَاكرَا. فَلَمَّا أَن قَامَ قُلْتُ لَهُ: هَذَا جَمَعَ أَرْبَعَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ فِي "الصَّحِيْحِ" فقال: فلمن ترك الباقي? ثُمَّ قَالَ: هَذَا لَيْسَ لَهُ عقلٌ، لَوْ دَارَى مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى لصَارَ رَجُلاً.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحِيْمِ الجَوْزَجَانِيُّ قَالَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: إِنِّي أَريدُ البَصْرَةَ، وَقَدْ عرَفْتَ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ وَمَا بينَهُم. فَقَالَ: إِذَا قدِمْتَ فَسَلْ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيِّ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ فَالزمْهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كتبَ أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بِالرَّيِّ، وَهُوَ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَثَّقَهُ أَبِي، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: هُوَ إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثقة مأمون.(10/13)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَكَانَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ القَارِئُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: إِذَا رَوَى عَنِ المُحَدِّثِ رَجُلاَنِ ارتفَعَ عَنْهُ اسْمُ الجهَالَةِ1.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: تَقَدَّمَ رَجُلٌ إِلَى عَالِمٍ، فَقَالَ: علِّمْنِي وَأَوْجِزْ. قَالَ: لأُوجِزَنَّ لك، أما لآخِرَتِكَ: فَإِنَّ اللهَ أَوحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنبيَائِهِ: قُلْ لقومِكَ: لَوْ كَانَتِ المَعْصِيَةُ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوْتِ الجَنَّةِ لأَوْصَلَتْ إِلَيْهِ الخرَابَ، وَأَمَّا لدُنْيَاكَ: فَإِنَّ الشَّاعِرَ يَقُوْلُ:
مَا النَّاسُ إلَّا مَعَ الدُّنْيَا وَصَاحِبِهَا ... وَكَيْفَ مَا انقَلَبَتْ يَوْماً بِهِ انْقَلَبُوا
يُعَظِّمُوْنَ أَخَا الدُّنْيَا فَإِنْ وَثَبَتْ ... يَوْماً عَلَيْهِ بِمَا لاَ يَشْتَهِي وَثَبُوا
قَالَ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى: خَرَجتُ مَعَ وَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا بَلَغنَاهَا أَصَابتْنَا شِدَّةٌ فَسَمِعْتُ وَهباً يَقُوْلُ:
إِنَّ الَّذِي نَجَّاكَ مِنْ بَطْنِ ذَمَهْ ... وَمِنْ سُيولٍ فِي بُطونٍ مُفْعَمَه
لقَادِرٌ أَنْ يَسْتَتِمَّ نِعَمَهُ
أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَدْ جَعَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ إِمَاماً فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ زَيْدٍ، وهو عدل رضا، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، وَكُنْت وَاقفاً عَلَى رَأْسِهِ، بَعْدَ الفرَاغِ مِنَ المَجْلِسِ، وَبِيَدِي قلمٌ فَنَقَطَ نُقْطَةً عَلَى ثَوْبِهِ، فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ، فَقَالَ: تُرَانِي أُحِبُّكَ بَعْد هَذَا!!
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ عبدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ الفَامِيَّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ كِتَاباً قَطُّ، مَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَمِنْ حِفْظِهِ.
أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ يَحْيَى الوَاسِطِيُّ، وَكَانَ شَيْخاً قَصِيْراً، أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، كَتَبْتُ عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْث بِوَاسِطَ سنة تسع وتسعين ومائة.
__________
1 أي جهالة: العين فمجهول العين: من روى عنه اثنان ولم يوثقه معتبر من أئمة الجرح والتعديل. وأما مجهول الحال: فهو من روى عنه واحد حسب ولم يوثقه معتبر. وكلاهما يصلح حديثهما للشواهد والمتابعات.(10/14)
وَقَالَ لَنَا عَفَّانُ: إِذَا قُلْتُ لَكُم: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، وَلَمْ أَنْسِبْهُ، فَهُوَ ابْنُ سلمَةَ، قَالَ ابْنُ يَحْيَى: وَإِذَا قَالَ حَجَّاجٌ: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، فَهُوَ ابْنُ سلمَةَ. وَمَا رَوَى سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ، عَنْ حَمَّادٍ فَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ، وَجَمِيْعُهُم سَمِعُوا مِنَ الحَمَّادَيْنِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى: أَثْبَتُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: عَبْدُ الرحمن، ووهب ابن جَرِيْرٍ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ يَقُوْلُ: ارتحلْتُ ثَلاَثَ رحلاَتٍ، وَأَنْفَقْتُ عَلَى العِلْمِ مائَةً وَخَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَلَمَّا دَخَلْتُ البَصْرَةَ اسْتَقبلتَنِي جِنَازَةُ يَحْيَى القَطَّانِ عَلَى بَابِ البَصْرَةِ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ أَبدأْ بِالبَصْرَةِ لَمْ يَفُتْنِي أَبُو أُسَامَةَ، وَحُسَيْنُ الجُعْفِيُّ.
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ سَافِرِي بِالرَّمْلَةِ يَقُوْلُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: نكتُبُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى? قَالَ: اكتُبُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: نكتبُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى? قَالَ: اكتُبُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، مَا لَهُ يُرِيْدُ أَنْ يُحَدِّثَ.
أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ لِي عليُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: أَنْتَ وارث الزهري.
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ: مَنْ تُقَدِّمُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَمَرْقَنْديِّ? فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ وَيعرِفَ قُصُورَ علمِهِ عَنْ عِلْمِ السَّلَفِ، فلينظُرْ فِي "عِلَلِ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ" لِمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ إِمَامُ عصرِهِ، أَسْكَنَهُ اللهُ جَنَّتَهُ مَعَ مُحِبِّيهِ.
وَقَدْ سُئِلَ صَالِحٌ جَزَرَة عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، فَقَالَ: مَا فِي الدُّنْيَا أَحمقُ مِمَّنْ يَسْأَلُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى.
قَالَ ابْنُ الشَّرْقِيِّ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى ثُمَّ قَالَ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَمائَتَيْنِ زَادَ غَيْرُهُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
وبِخَطِّ أَبِي عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: عَاشَ ستّاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.(10/15)
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى البَاشَانِيَّ يَقُوْلُ: مَاتَ الذُّهْلِيُّ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعِ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
كَانَ الذُّهْلِيُّ شَدِيْدَ التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ، قام على محمد بن إسماعيل لِكَوْنِهِ أَشَارَ فِي "مَسْأَلَةِ خَلْقِ العِبَادِ" إِلَى أَنَّ تَلَفُّظَ القَارِئِ بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، فلوَّحَ وَمَا صَرَّحَ، وَالحقَّ أَوضحَ. وَلَكِنْ أَبَى البحثَ فِي ذَلِكَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَالذُّهْلِيُّ، وَالتَّوسعَ فِي عبارَاتِ المُتَكَلِّمِيْنَ سدّاً للذَّريعَةِ، فَأَحسنُوا، أَحسنَ اللهُ جزَاءهُم. وَسَافَرَ ابْنُ إِسْمَاعِيْلَ مُخْتَفِياً مِنْ نَيْسَابُوْرَ، وَتَأَلَّمَ مِنْ فِعْلِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى وَمَا زَالَ كَلاَمُ الكِبَارِ المُتَعَاصِرين بَعْضهِمْ فِي بَعْضٍ لاَ يُلْوَى عَلَيْهِ بِمفرَدِهِ. وَقَدْ سُقْتُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ إِسْمَاعِيْلَ، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ، وَغفرَ لَهُمْ وَلنَا آمِيْن.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ الذُّهْلِيُّ تَقَدَّمَ فِي الصَّلاَةِ عَلَيْهِ أَمِيْرُ خُرَاسَانَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ فِي مَيدَانِ الحُسَيْنِ.(10/16)
وَخَلَفَهُ فِي مَشْيَخَةِ البَلَدِ وَلدُهُ حَيْكَانُ، وَاسمه:
2068- يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ 1: "ق"
الحَافِظُ المُجَوِّدُ الشَّهِيْدُ، أَبُو زَكَرِيَّا.
قَالَ الحَاكِمُ: وهو إِمَامُ نَيْسَابُوْرَ فِي الفَتْوَى وَالرِّئاسَةِ، وَابْنُ إِمَامِهَا، وَأَمِيْرُ المُطَّوِّعَةِ بِخُرَاسَانَ بِلاَ مُدَافَعَةٍ، يَعْنِي: الغُزَاةِ. قَالَ: وَكَانَ يَسْكُنُ دَارَ أَبِيْهِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيْهَا صومعَةٌ وَآثَارٌ لِعِبَادَتِهِمَا، وَالسِّكَّةُ وَالمَسْجِدُ مَنْسُوْبَانِ إلى حيكان.
سَمِعَ يَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بنَ عَمْرٍو الحَرَشِيَّ، وَابْنَ رَاهْوَيْه. وَبَالرَّيِّ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُوْسَى الفَرَّاءَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَبِبَغْدَادَ: عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَالحَكَمَ بنَ مُوْسَى، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَالقَوَارِيْرِيَّ، وَطَبَقَتهُم. وَبِالبَصْرَةِ: أَبَا الوَلِيْدِ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَمسدداً، وَالرَّبِيْعَ بنَ يَحْيَى، وَعَلِيَّ بنَ عُثْمَانَ اللاَحِقيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ كَثِيْرٍ، وَسَهْلَ بنَ بَكَّارٍ، وَالحَوْضِيَّ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُعَاذٍ، وَبِالْكُوْفَةِ: أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ، وسعيد بن الأشعثي،
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 774"، وتاريخ بغداد "14/ 217"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 586"، والأنساب للسمعاني: "4/ 332"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 644"، والكاشف "3/ ترجمة 6355"، والعبر "2/ 36"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9624"، وتهذيب التهذيب "11/ 276"، وتقريب التهذيب "2/ 357"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 153".(10/16)
وَأَحْمَدَ بنَ يَحْيَى بنِ المُنْذِرِ. وَبَالحِجَازِ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الحَكَمِ المِصْرِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ مَنْصُوْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيَّ، وَمُحرزَ بنَ سَلَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُوْهُ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القبَّانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالسَّرَّاجُ.
قُلْتُ: وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ. وَفِي كِتَابِ الكَمَالِ أَن ابْن مَاجَهْ رَوَى عنه، ولم نره.
قَتله أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُجُسْتَانِيُّ ظُلْماً فِي جمُادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، لِكَوْنِهِ قَامَ عَلَيْهِ، وَحَارَبَهُ لاعتدَائِهِ وَعَسْفِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ زَيْدٍ العَدْلَ، خَتَنَ حَيْكَانَ عَلَى ابْنَتِهِ، قَالَ: دخَلْنَا عَلَى أَبِي زَكَرِيَّا بَعْدَ أَنْ رُدَّ مِنَ الطَّرِيْقِ وَهُوَ فِي الحَبْسِ، فَقَالَ لَنَا: اشْتَرَكَ فِي دمِي خَمْسَةُ نَفَرٍ: العبَّاسَانِ، وَابْنُ يَاسِيْنَ، وَبِشْرَوَيْه، وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ اللَّبَّادُ.
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ نُوْحَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الخُجُسْتَانِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى حَيْكَانَ فِي مَحْبِسِهِ الَّذِي كُنْتُ حبسْتُهُ فِيْهِ عَلَى أَنْ أَضْرِبَهُ خشبان، وَأُخَلِيَ سَبِيلَهُ، وَمَا كُنْتُ عَازِماً عَلَى قَتْلِهِ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنْهُ، مَدَدْتُ يَديَّ إِلَى لِحْيَتِهِ، فَقَبَضْتُ عَلَيْهَا، فَقَبَضَ عَلَى خَصْيَيَّ، حَتَّى لَمْ أَشُكَّ أَنَّهُ قَاتلِي، فَذَكَرْتُ سِكِّيناً فِي خُفِّي، فَجَرَّدْتُ السِّكِّينَ، وَشَقَقْتُ بَطْنَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ حَيكَانَ أَسْلَمَهُ جموعُهُ، فَانهزمَ، وَانضمَّ إِلَى حمَّالينَ، وَتنكَّرَ، ثُمَّ عُرِفَ، فَقُبِضَ عَلَيْهِ.
سَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ الحَسَنَ بنَ يَعْقُوْبَ العَدْلَ، سَمِعْتُ أبا عمرو المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: غَفَر لِي. قلت: فما فَعَلَ الخُجُسْتَانِيُّ? قَالَ: هُوَ فِي تَابوتٍ مِنْ نَارٍ، وَالمفْتَاحُ بِيَدِي.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِح بنِ هَانِئٍ يَقُوْلُ: لَمَّا قُتِلَ حَيْكَانُ تركَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي اللباسَ القطنِيَّ، وَكَانَ يلبَسُ فِي الشِّتَاءِ فَرواً بِلاَ قَمِيْصٍ، وَفِي الصَّيْفِ مَسْحاً، وَكَانَ مَجْلِسُهُ وَمَبِيْتُهُ فِي مَسْجِدِ الأَدمِيينَ عَلَى رَأْسِ سكَّةِ الحَسَنِ بنِ مُوْسَى بِنَيْسَابُوْرَ، إِذْ سَمِعَ النَّاسَ يَقُوْلُوْنَ: قَدْ أَقبلَ أَحْمَدُ الخُجُسْتَانِيُّ، فَخَرَجَ المُسْتَمْلِي، وَعَلَيْهِ الفروُ، فَتَقَدَّم، فَأَخَذَ عنَانَ أَحْمَدَ، ثُمَّ قَالَ: يَا ظَالِمُ قتلتَ الإِمَامَ بنَ الإِمَامِ، العَالِمَ بنَ العَالِمِ??!! فَارْتَعَدَ الخُجُسْتَانِيُّ، وَنفرت دَابَّتُهُ، فَتَقَدَّمَ الرَّجَّالَةُ لضرِبِهِ، فصَاحَ الخُجُسْتَانِيُّ دعُوهُ دعُوهُ، فَرَجَعَ وَدَخَلَ المَسْجَدَ.(10/17)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح: فَبلغنِي عَنْ أَبِي حَاتِمٍ نوحٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ الخُجُسْتَانِيُّ: وَاللهِ مَا فَزَعْتُ قَطُّ مِنْ أَحَدٍ فَزَعِي مِنْ صَاحِبِ الفَرْوَةِ، وَلَقَدْ نَدِمْتُ لَمَّا نظرتُ إِلَيْهِ مِنْ إِقدَامِي عَلَى قَتْلِ حَيْكَانَ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِح يَقُوْلُ: حضَرْنَا آخِرَ مَجْلِسٍ لِلإِملاَءِ عِنْدَ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ الشَّهِيْدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقِيْلَ فِي شَوَّالٍ، وَرُفِضَتْ مَجَالِسُ الحَدِيْثِ، وَخُبِئَتِ المحَابِرُ، حَتَّى لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ فِي البلدِ أَنْ يَمْشِيَ وَمَعَهُ محبرَةٌ، وَلاَ فِي كُمِّهِ كَرَارِيْسُ الحَدِيْثِ إِلَى سَنَةِ سَبْعِيْنَ، فَاحتَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي مجِيءِ السَّرِيِّ خُزَيْمَةَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِسَ الإِملاَءِ فِي خان محمش، وعلا المحبرَةَ بِيَدِهِ وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ خلقٌ عَظِيْمٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِح بنِ هَانِئٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: عهدِي بِأَصْحَابِنَا، وَأَحْفَظُهُم أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَلَمَّا احْتَاجَ أَنْ يُحَدِّثَ لاَ يكَادُ يُحَدِّثُ إلَّا مِنْ كِتَابٍ.
قُلْتُ: لأَنَّ ذَلِكَ أَقربُ إِلَى التَّحرَّي وَالوَرَعِ، وَأَبعدُ عَنِ العُجْبِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ مسدّداً يَقُوْلُ: الجِعَةُ النَّبِيذُ الَّذِي يُعْمَلُ مِنَ الشَّعِيرِ.
وَمِنِ الرِّوَايَةِ عَنِ الذُّهْلِيِّ وَابْنِهِ:
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بنُ بُنْدَارٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، قَرَأْنَا عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُم مُحَمَّدُ بنُ نُعيمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ، وَعملٌ يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ، وَالقُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ بجَمِيْعِ جهَاتِهِ، وَحَيْثُ تُصْرَفُ، وَلاَ نرَى الكَلاَمَ فِيْمَا أَحَدثُوا فَتَكَلَّمُوا فِي الأَصوَاتِ وَالأَقلاَمِ وَالحِبْرِ وَالورقِ، وَمَا أَحَدثُوا مِنَ المَتْلِيِّ وَالمُتْلَى وَالمُقْرِئ، فُكُلُّ هَذَا عِنْدنَا بدعَةٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مُحْدَثٌ، فَهُوَ عِنْدنَا جَهْمِيٌّ لاَ يُشَكُّ فِيْهِ ولا يمترى.
قُلْتُ: كَذَا قَالَ: المَتْلِيُّ وَالمُتْلَى، وَمُرَادُهُ المَتْلِيُّ وَالتِّلاَوَةُ، وَالمُقْرِئُ وَالقِرَاءةُ، وَمَذْهَبُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الدِّيْنِ أَنَّ القُرْآنَ العَظِيْمَ المُنزَّلَ كَلاَمُ اللهِ -تَعَالَى- غَيْرُ مَخْلُوْقٍ. وَمَذْهَبُ المُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ مَخْلُوْقٌ، وَأَنَّهُ كَلاَمُ اللهِ -تَعَالَى- عَلَى حدِّ قَوْلِهِم: عِيْسَى كَلِمَةُ اللهِ، وَنَاقَةُ اللهِ، أَي إِضَافَةُ مُلْكٍ.(10/18)
وَمَذْهَبُ دَاوُدَ وَطَائِفَةٍ أَنَّهُ كَلاَمُ اللهِ، وَأَنَّهُ مُحْدَثٌ مَعَ قَوْلهِمْ: بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَقَالَ آخرُوْنَ مِنَ الحنَابلَةِ وَغَيْرهِمْ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ قَدِيْمٌ غَيْرُ مُحْدَثٍ، وَلاَ مَخْلُوْقٍ. وَقَالُوا: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْلُوْقاً فَهُوَ قَدِيْمٌ، وَنُوزِعُوا فِي هَذَا المَعْنَى وَفِي إِطْلاَقِهِ.
وَقَالَ آخرُوْنَ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ مجَازاً، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى القُرْآنِ القَدِيْمِ القَائِمِ بِالنَّفْسِ.
وهُنَا بحوثٌ وَجدَالٌ لاَ نخوضُ فِيْهَا أَصْلاً، وَالقَوْلُ هُوَ مَا بدأْنَا بِهِ، وَعَلَيْهِ نَصَّ أَزْيَدُ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ إِمَامٍ، وَعَلَيْهِ امتُحِنَ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وضُرِبَ بِالسِّيَاطِ، رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَابرُ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ المحسنِ، وَغَيْرهُم قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مكِّيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بنُ عِلاَّنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَعْقلٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ صَالِح، عَنِ ابن شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو أُسَامَةَ سَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيْدٍ الخُدْرِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلِيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُوْنَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ يَجُرُّهُ". قَالُوا: مَاذَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ? قَالَ: "الدِّيْنُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1، وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا ابْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ2.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ: أَخْبَرَنَا محمد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الخَبْريُّ فِي سَنَةِ إِحْدَى، وَعِشْرِيْنَ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الصَّيْرَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الحَافِظُ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ ومائتين، حدثني أبي عن
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "23"، ومسلم "2390"، والترمذي "2287"، والنسائي "8/ 113".
2 صحيح: أخرجه مالك "2/ 916" والبخاري "5855"، ومسلم "2097"، وأبو داود "4136"، والترمذي "1774" من طريق أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا بلفظ: "لا يمش أحدكم في نعل واحدة، لينعلهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا".(10/19)
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا نورث ما تركنا صَدَقَةٌ" 1.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ حَجَّاجِ بنِ الشَّاعِرِ، جَمِيْعاً عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ صَالِح، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بنِ يَحْيَى الحِمْصِيِّ، عَنْ مَحْبوبِ بنِ مُوْسَى، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ كِلاَهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، لَكِن عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا أَصحُّ، وَالآخرُ فمَحْفُوْظٌ، وَإِنْ كَانَ أَبُو أُوَيْسٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصبحيُّ فِيْهِ لِينٌ، وَكَذَلِكَ ابْنُهُ تُكُلِّمَ فِيْهِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ "الصَّحِيْحَيْنِ"، وَبَاقِي الإِسْنَادِ ثِقَاتٌ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَيْخِ شَيْخِنَا هذا الخبري، فإنه تكلم في معتقده.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مِنْ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَابْنَهُ يَحْيَى اخْتَلَفَا فِي مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ أَحَدهُمَا لِلآخَرِ: اجعلْ بَيْنَنَا حَكَماً، فَرَضِيَا بِابْنِ خُزَيْمَةَ، فَقَضَى ليَحْيَى عَلَى أَبِيْهِ. ثُمَّ قَالَ المُزَكِّيُّ: كَانَ يَحْيَى لَهُ مَوْضِعٌ مِنَ العِلْمِ، وَالحَدِيْثِ سَمِعَ مِنَ العَيْشِيِّ وَنَحْوِهِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: كَانَ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ أَخرَجَهُ الغزَاةُ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَأَصْحَاب الرَّأْيِ، وَأَركبوهُ دَابَّةً، وَأَلبسوهُ سيفاً -قَالَ المُزَكِّيُّ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ سَيْفَ خَشَبٍ- وَقَاتَلُوا: سُلْطَانَ نَيْسَابُوْرَ، يُقَالُ لَهُ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، خَارِجِيٌّ غَلَبَ عَلَى البلدِ، وَكَانَ ظَالِماً غَاشماً، وَكَانَ النَّاسُ أَوْ أَكْثَرُهُم مُجْتَمِعينَ عَلَيْهِ مَعَ يَحْيَى، فَكَانَتِ الدَّبَرَةُ عَلَى العَامَّةِ، وَهَرَبَ يَحْيَى إِلَى رُسْتَاق، يُقَالُ لَهُ: بُسْت، فدُلَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَجِيءَ بِهِ، فَيُقَالُ: إِنَّ عَامَّةَ مَنْ كَانَ مَعَ يَحْيَى مِنَ الرُّؤَسَاءِ، انْقَلَبُوا عَلَيْهِ لَمَّا وَاقَفَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: أَلم أُحْسِنْ إِلَيْك? أَلم أَفعلْ أَلم أَفعلْ? وَكَانَ يَحْيَى فَوْقَ جَمِيْعِ أَهْلِ البلدِ. فَقَالَ: أُكْرِهْتُ عَلَى ذَلِكَ، وَاجْتَمَعُوا عَلَيَّ. قَالَ: فردَّ عَلَيْهِ الجَمَاعَةُ، أو مَنْ حضَرَ مِنْهُم، وَقَالُوا: لَيْسَ كَمَا قَالَ. فَأَخَذَهُ أَحْمَدُ فَقَتَلَهُ.
يُقَالُ: إِنَّهُ بنَى عَلَيْهِ. قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَمرَ بجرِّ خُصْيَيْهِ حَتَّى مَاتَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَمِ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ حَيْكَانَ، لا رحم الله قاتله.
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "9774"، وأحمد "1/ 4 و6-7"، والمروزي في "مسند أبي بكر" "36"، وابن سعد "2/ 315"، وأبو يعلى "43"، والبيهقي "7/ 65"، والبغوي "1/ 2741" من طريق عن ابن شهاب، أخبرني مَالِكِ بنِ أَوْسِ بنِ الحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ بن الخطاب.
وأخرجه مالك "2/ 993"، ومن طريقه أخرجه أحمد "6/ 262"، وابن سعد "2/ 314"، والبخاري "6730" ومسلم "1758"، وأبو داود "2976"، والبيهقي "6/ 301"، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عن عائشة، به. وأخرجه أحمد "6/ 145"، واسن سعد "2/ 314"، والبخاري "4034" و"6727"، وأبو داود "2977"، والبيهقي "6/ 302" من طرق عن ابن شهاب، به.(10/20)
2069- محمد بن إسماعيل بن علية 1: "س"
قَاضِي دِمَشْقَ وَمُفتيهَا وَمُحَدِّثُهَا الإِمَامُ، الحَافِظُ الأَوحدُ، أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ، وَلَدُ شَيْخِ البَصْرَةِ الحَافِظِ الكَبِيْرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مقْسَمٍ الأَسَدِيُّ البَصْرِيُّ، وَكَانَ أَصغرَ الإِخْوَةِ لاَ نَعْلَمُ لَهُ شَيْئاً عَنْ أَبِيْهِ.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ العَبْدِيِّ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ السَّهْمِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَابْنُ جَوْصَا، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مَلاَّسٍ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ البَتَلْهِيُّ، وَأَبُو الدَّحْدَاحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: حَافِظٌ ثِقَةٌ دمشقي.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ: لَمْ يَزَلْ قَاضِياً بِدِمَشْقَ حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَوَلِيَ القَضَاءَ بَعْدَهُ القَاضِي أَبُو خَازمٍ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قُلْتُ أَخُوْهُ هو إبراهيم بن عُلَيَّةَ الجَهْمِيُّ المُتَكَلِّمُ الَّذِي نَاظرَهُ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، نسأل الله العفو.
__________
1 ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 4791"، والعبر "2/ 237"، وتهذيب التهذيب "9/ 55-56"، وتقريب التهذيب "2/ 144"، وخلاصة الخزرجي، "2/ ترجمة 6053".(10/21)
2070- صاعقة 1: "خَ، د، ت، س"
الإِمَامُ الحَافِظُ المُتْقِنُ، أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَبِي زُهَيْرٍ العَدَوِيُّ، العُمَرِيُّ، مَوْلاَهُمُ، الفَارِسِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، صَاعِقَةُ.
سَمِعَ: يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَشَبَابَةَ بنَ سَوَّارٍ، وَأَبَا أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيَّ، وَرَوْحَ بنَ عُبَادَةَ، وَيَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَمُعَلَّى بنَ مَنْصُوْرٍ، وَأَبَا النَّضْرِ وَطَبَقَتَهُمْ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وزكريا خياط السُّنَّةِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَخَلْقٌ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مُتْقِناً ضَابِطاً عَالِماً حَافِظاً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ الكَرَجِيُّ: سُمِّيَ صَاعِقَة لأَنَّهُ كَانَ جَيِّدَ الحِفْظِ، وَكَانَ بزَّازاً.
قَالَ السَّرَّاجُ: قَالَ لِي: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 363"، وتذكرة الحافظ "2/ ترجمة 575"، والكاشف "3/ ترجمة 5088"، وتهذيب التهذيب "9/ 311"، وتقريب التهذيب "2/ 185"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6452"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 130".(10/22)
207- ابن كرامة 1: "خ، د، ث، ق"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بن عثمان بن كرامة العِجْلِيُّ مَوْلاَهُم الكُوْفِيُّ الوَرَّاقُ، وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَرَّاقُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى.
سَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ، وَأَبَا أُسَامَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ بِشْرٍ العَبْدِيَّ، وَحُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ الجُعْفِيَّ، وَيَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ، وَأَخَاهُ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةً. وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ: غُنْدَرٍ، وَلَمْ يَصِحَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَالسَّرَّاجُ وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: صَدُوْقٌ.
قَالَ مُطَيَّنُ: مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ حَدِيْثُ: "من عادى لي وليًا" 2 وهو مُوَافَقَةً3 لِلْبُخَارِيِّ.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ وَجَمَاعَةٍ سمِعُوا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، وَلِي أَرْبَعُ سِنِيْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ كرَامَةَ، حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: زُلْزِلَتْ فَسَا عَلَى عَهْدِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ: إنا كنا نرى الآيات مع رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرَكَاتٍ وَأَنْتُم تعدُّونهَا تخويفاً.
إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ4، وَلَهُ عِلَّةٌ فَبالإِسْنَادِ إِلَى يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ سفيان، عن الأعمش بإسناده نحوه.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 113"، وتاريخ بغداد "3/ 40-41"، والكاشف "3/ ترجمة 5124"، وتهذيب التهذيب "9/ 238"، وتقريب التهذيب "2/ 190"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6497".
2 صحيح: أخرجه البخاري "6502" من طريق مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بن مخلد، قال حدثنا سليمان بن بلال، حدثني شريك بن عبد الله بنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- قال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته.... " الحديث.
3 الموافقة: هي الوصول إلى شيخ المصنف من غير طريقه، فليتقي معه في شيخه.
4 الجيد والقوي سواء، وهما مرتبة واحدة، وهي أعلى من الحسن ودون الصحيح.(10/23)
2072- المقوم 1: "د، س، ق"
يحيى بن حكيم الحافظ، الإمام المأمون، أبو سعيد البصري المُقَوِّمُ، وَقَدْ يُقَالُ: المُقَوِّمِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيِّ، وَغُنْدَر وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَمَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ الحَرَّانِيِّ، وَمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَحَرَمِيِّ بنِ عُمَارَةَ، وَحَمَّادِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَسَلْمِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ وَفِي تَهْذِيْبِ شَيْخِنَا أَنَّهُ رَوَى عَنِ النُّعْمَانِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الأَصْبَهَانِيِّ، وَلَمْ يُدْرِكْ ذَاكَ وَينْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ أَبِي الوليد، وعمر بن الخطاب الراسبي.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 571"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 531"، والكاشف "3/ ترجمة 6267"، والعبر "2/ 13"، وتهذيب التهذيب "11/ 198"، وتقريب التهذيب "2/ 345"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 136".(10/23)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَسْلَمُ بنُ سَهْلٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَلاَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بنُ جُمْعَةَ، وَعَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ المقَانعِيّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِد، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ، وَالحَافِظُ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو الآذَانِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ حَافِظاً مُتْقِناً.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ حَافِظٌ.
وَقَالَ أَبُو عَرُوْبَةَ: مَا رَأَيْتُ بِالبَصْرَةِ أَثْبَتَ مِنْهُ، وَمِن أَبِي مُوْسَى العَنَزِيِّ، وَكَانَ يَحْيَى وَرِعاً مُتَعَبِّداً، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: كَانَ مِمَّنْ جَمَعَ وصنف.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَكِيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ مَحْبُوْب، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا، وَالحَسَنُ، وَثَابِتٌ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ الهَاشِمِيِّ، فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ، حَدِّثْ أَبَا سَعِيْدٍ بِحَدِيْثِ الكَتِفِ، فَقَالَ إِسْحَاقُ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَكِيْمٍ بِنْتُ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا كانت تصنع للنبي -صلى الله عليه وسلم- طعَاماً فَيَأْتِيهَا، فَرُبَّمَا أَكَلَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّهُ أَتَاهَا يَوْماً، فَأَتَتْهُ بِكَتِفٍ، فَجَعَلَ يَتَسَحَّاهَا فأكل منها، ثم صلى ولم يتوضأ1.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 419" من طريق همام، حدثنا قتادة، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن جدته أم حكيم، عن أختها ضباعة بنت الزبير أنها دفعت إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لحما فانتهس منه ثم صلى ولم يتوضأ. قال أبي: قال عفان دفعت للنبي -صلى الله عليه وسلم- لحما.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث هو ابن نوفل بنُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ القرشي الهاشمي النوفلي، وهو ثقة. وأم حكيم هي بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية صحابية. يقال اسمها صفية. وقيل هي ضباعة.(10/24)
2073- حجاج بن يوسف 1: "م، د"
ابن حَجَّاجٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الشَّاعِرِ أَبِي يَعْقُوْبَ الثقفي البَغْدَادِيُّ، الحَافِظُ فَأَمَّا أَبُوْهُ فَلَقَبُهُ لِقْوَةٌ، مِنْ تَلاَمِذَةِ أَبِي نُوَاسٍ وَأَصْحَابِهِ. فنشَأَ حَجَّاجٌ بِبَغْدَادَ، وَطلَبَ العِلْمَ.
وَكَتَبَ عَنْ: أَبِي النَّضْرِ، وَيَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَحَجَّاجِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَالعَقَدِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ التَّنُّورِيِّ، وَخَلْقٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالمَحَامِلِيُّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ مائَةٍ مِثْلِ الرَّمَادِيِّ.
قَالَ صَالِحُ جَزَرَة: سَمِعْتُ حَجَّاجَ بنَ الشاعر يقول: جمعت لي أمي مائَةَ رَغِيْفٍ، فَجَعَلْتُهَا فِي جِرَابٍ، وَانحدرْتُ إِلَى شَبَابَةَ بِالمَدَائِنِ، فَأَقمتُ ببَابِهِ مائَةَ يَوْمٍ، أَغْمِسُ الرَغِيْفَ فِي دِجْلَةَ وَآكُلُهُ، فَلَمَّا نَفَدَتْ خَرَجْتُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ أَبُو حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ وَهْبٍ، وَإِسْحَاقُ البَغَوِيُّ لُؤْلُؤٌ، وَبِشْرُ بنُ مَطَرٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ آدَمَ، وَعَلِيُّ بنُ مَعْبَدٍ بِمِصْرَ، ومحمد بن يزيد محمش.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 718"، وتاريخ بغداد "8/ 240"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 20"، والعبر "2/ 19"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 569"، والكاشف "1/ ترجمة 955" وميزان الاعتدال "1/ 466"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 315"، وتهذيب التهذيب "2/ 209"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1252"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 139".(10/25)
2074- العباس بن عبد العظيم 1: "خت، 4"
ابن إسماعيل بن توبة الحَافِظُ الحُجَّةُ، الإِمَامُ، أَبُو الفَضْلِ، العَنْبَرِيُّ البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَمُعَاذِ بنِ هِشَامٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَالنَّضْرِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَكَانَ وَاسِعَ الرِّحْلَةِ مُتَبَحِّراً مِنَ الآثَارِ.
رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ: تَعْلِيْقاً، وَالبَاقُوْنَ سَمَاعاً، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى السِّمْسَارُ: كَانَ مِنْ سَادَاتِ المُسْلِمِيْنَ.
وَقَالَ آخر: كَانَ مِنْ أَعْقَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَمِنْ أَهْلِ الفَضْلِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمة في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 23"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1190"، وتاريخ بغداد "12/ 138"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 541"، والعبر "1/ 447" و"2/ 33"، والكاشف "2/ ترجمة رقم 2626"، وتهذيب التهذيب "5/ 121"، وتقريب التهذيب "1/ 397"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3353".(10/26)
2075- أبو التقي اليزني 1: "د، س، ق"
الإِمَامُ الحَافِظُ المُتْقِنُ، أَبُو التَّقِيِّ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عِمْرَانَ، اليَزَنِيُّ الحِمْصِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدُ بنِ حَرْبٍ الأَبْرَشِ، وَمُحَمَّدِ بنِ حِمْيَرٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَحَفِيْدُهُ حُسَيْنُ بنُ تقِي بنِ هِشَامٍ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرازي: كان متقنًا في الحديث.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثقَةٌ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ عَنْ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
1 ترجمته في المعرفة ليعقوب الفسوي "2/ 780" و"3/ 304"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 254"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 547"، والكاشف "3/ ترجمة 6075"، والعبر "2/ 1"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9231"، وتهذيب التهذيب "11/ 45"، وتقريب التهذيب "2/ 319"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7863"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 124".(10/26)
شعيب بن عمرو، وشعيب بن المحدث، وعمرو بن عثمان:
2076- شعيب بن عمرو 1:
المُحَدِّثُ المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيُّ.
حدَّثَ بِدِمَشْقَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وعبد الرحمن بن مهدي، وجماعة.
وعنه: أبو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِي، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو الدَّحدَاحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ ومائتين من أبناء التسعين.
2077- شعيب بن المحدث 2: "س"
شعيب بن إسحاق الدمشقي، مَوْلَى قُرَيْشٍ، يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ. لَمْ يلحقْ السَّمَاعَ مِنْ أَبِيْهِ، فَإِنَّهُ وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: زَيْد بنَ يَحْيَى بنِ عُبَيْدٍ، وَأَبَا المُغِيْرَةِ الحِمْصِيَّ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَأَحْمَدَ بنَ خالد.
وَعَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو الدّحدَاحِ.
وَلَهُ شعر جيد.
توفي سنة أربع وستين ومائتين.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
2078- عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ 3: "د، س، ق"
ابن سعيد بن كثير بن دينار، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو حَفْصٍ الحِمْصِيُّ، مَوْلَى قُرَيْشٍ.
ولد سنة بضع وستين ومائة.
__________
1 ترجمته في لسان الميزان "3/ ترجمة 531"، وتهذيب تاريخ دمشق "6/ 325".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1520"، والكاشف "2/ ترجمة 2312"، وتهذيب التهذيب "4/ 353"، وتقريب التهذيب "1/ 352"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2963".
3 ترجمته في التاريخ الصغير "2/ 391"، والمعرف والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 307"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 4"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 524"، والكاشف "2/ ترجمة 4285"، والعبر "2/ 1"، وتهذيب التهذيب "8/ 76"، وتقريب التهذيب "2/ 74"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5339"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 124".(10/27)
وَسَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَبَقِيَّةَ بنَ الوَلِيْدِ، وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ آخرِهِم أَحْمَدُ بنُ عُمَيْرِ بن جوصا.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَسَمِعَ مِنْ مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبِ بنِ شَابُوْرَ، وَسَمَّى جَمَاعَةً.
قَالَ: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَبْدَانُ الجَوَالِيْقِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ أَحْفَظَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى.
قَالَ دَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ البَيْهَقِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ السَّيِّدُ بنُ السَّيِّدِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ فِي "البَعْثِ"، وَفِي "صفة المنافق".(10/28)
وأخوه:
2079- يحيى بن عثمان 1: "د، س، ق"
العَبْدُ الصَّالِحُ الوَلِيُّ، أَبُو سُلَيْمَانَ.
سَمِعَ: بَقِيَّةَ بنَ الوَلِيْدِ، وَوَكِيْعاً، وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ حِمْيَرٍ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ أَيْضاً، وإبراهيم بن مَتَّوَيْه، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَعَبْدُ الغَافرِ بنُ سَلاَمَةَ، وَابْنُ جَوْصَا، وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ، نِعْمَ الشَّيْخُ هُوَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ صَالِحاً صَدُوْقاً.
وَسُئِلَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ عَنْ يَحْيَى وَأَخِيْهِ عَمْرٍو، فَقَالَ: كِلاَهُمَا ثِقَةٌ، وَلَكِن يَحْيَى كَانَ عَابِداً، وَعَمْرُو أَبصرُ مِنْهُ فِي الحَدِيْثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَرُوْبَةَ: سَمِعْتُ المُسَيَّبَ بنَ وَاضِحٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ آتياً أَتَانِي، فَقَالَ: إِنْ كَانَ بَقِيَ مِنَ الأَبْدَالِ أَحَدٌ، فَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ وَأَخُوْهُ وَأَبُوْهُمَا لاَ بَأْسَ بِهِم، لَمْ أَرَ مَنْ يطعنُ فِي يَحْيَى غَيْر أَبِي عَرُوْبَةَ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ يَحْيَى لاَ يَسْوَى نوَاةً فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ يتلقَّنُ كُلَّ شَيْءٍ، قَالَ: وَكَانَ يُعْرَفُ بِالصِّدْقِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يُجِلُّ يَحْيَى بنَ عُثْمَانَ، وَيُقَدِّمُهُ فِي الصَّلاَةِ.
قلت: توفي سنة خمس وخمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 719"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2152"، والكاشف "3/ ترجمة 6323"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9587"، وتهذيب التهذيب "11/ 255"، وتقريب التهذيب "2/ 353".(10/28)
2080- وأبوهما 1:
عثمان بن سعيد مِنْ أَصْحَابِ حَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، وَشُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ.
وَهُوَ صَدُوْقٌ، صَاحِبُ حَدِيْثٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ، وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ وَغَيْرهُ.
قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نجدَةَ: كَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الأَبدَالِ.
قُلْتُ: مَوْتُهُ قَرِيْبٌ مِنْ أَبِي اليمان.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 835"، والكاشف "2/ ترجمة 3753"، وتهذيب التهذيب "7/ 118"، وتقريب التهذيب "2/ 9"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة "4737".(10/29)
2081- المرار بن حمويه 1م: "ق"
ابن منصور، الإِمَامُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ، شَيْخُ هَمَذَانَ، أَبُو أَحْمَدَ الثقفي الهمذاني.
وُلِدَ بَعْدَ التِّسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ الكَاتِبِ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، والقَعْنَبِيِّ، وَطبَقَتِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَابْنُ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الدُّحَيْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي غَانمٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ الطِّهرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ. وَرِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ عَنْهُ مُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى الحِمْصِيِّ.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ في "صحيحه": حدث نا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الكَتَّانِيُّ، فَقِيْلَ: هُوَ المَرَّارُ. وَقِيْلَ: بَلْ هُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ، وَقِيْلَ: مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البِيْكَنْدِيُّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الهَمَذَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا فضلاَنُ بنُ صَالِح قَالَ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: أَنْتَ أَحْفَظُ أَمِ المَرَّار? فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُ، وَهُوَ أفقه.
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: مَا أَخْرَجَتْ هَمَذَانُ أَفْقَهَ مِنَ المَرَّارِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو شجَاعٍ شِيْرَوَيْه: نَزَلَ أَبُو حَاتِمٍ عَلَى المَرَّارِ، وَكَتَبَ عَنْهُ، وَهُوَ قَدِيْمُ المَوْتِ، جَلِيْلُ الخَطَرِ، سأَلَهُ جُمْهُوْرٌ النَّهَاوَنْدِيُّ عَنْ مَسَائِلَ، وَهِيَ مُدَوَّنَةٌ عَنْهُ، مَنْ نظرَ فِيْهَا عَلِمَ مَحَلَّ المرَّارِ مِنَ العِلْمِ الوَاسِعِ، وَالحِفْظِ وَالإِتْقَانِ وَالِديَانَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الدُّحَيْمِيِّ: سَمِعْتُ المَرَّارَ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ ارزقنِي الشَّهَادَةَ، وَأَمَرَّ يدَهُ عَلَى حَلْقِهِ.
وَقِيْلَ: لَمَّا وَقعتْ فِتْنَةُ المُعْتَزِّ، وَالمستعينِ كَانَ عَلَى هَمَذَانَ الأَمِيْرَانِ جَبَّاخٌ، وَجُغْلاَنُ مِنْ قِبَلِ المُعْتَزِّ، فَاسْتشَارَ أَهْلُ هَمَذَانَ المَرَّارَ وَالجُرْجَانِيَّ فِي مُحَارَبَتِهِمَا، فَأَمرَاهُم بلُزُوْمِ مَنَازِلِهِم، فَلَمَّا أَغَارَ أَصْحَابُهُمَا عَلَى دَارِ سَلَمَةِ بنِ سَهْلٍ وَغَيْرِهَا، وَرَمَوْا رَجُلاً بِسهمٍ، أَفتيَاهُم فِي الحَرْبِ، وَتَقَلَّدَ المَرَّارُ سيفاً، فَخَرَجَ مَعَهُم، فَقُتِلَ عَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، ثُمَّ طلبَ مُفْلحٌ المَرَّارَ، فَاعتصمَ بِأَهْلِ قُمّ. وَهَرَبَ مَعَهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَسْعُوْدٍ المُحَدِّثُ. فَأَمَّا إِبْرَاهِيْمُ فَهَازلَهُم وَقَاربَهُم فَسَلِمَ، وَأَمَّا المَرَّارُ، فَأَظهرَ مُخَالَفَتَهُم فِي التَّشَيُّعِ، وَكَاشَفَهُم، فَأَوقعُوا بِهِ وَقْتلُوهُ، رَحِمَهُ اللهُ.
وَرَوَى الحُسَيْنُ بنُ صَالِح أَنَّ عَمَّهُ المَرَّارَ قُتِلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَخمسُوْنَ سَنَةً.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ: قُتِلَ المَرَّارُ فِي السنة شهيدًا. وكان ثِقَةً عَالِماً فَقِيْهاً سُنِّيّاً، رَحْمَةُ اللهُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ. وَمَا وَقَعَ لنا حديثه العالي إلَّا بالإجازة.
__________
1م ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2024"، والكاشف "2/ ترجمة 5444"، وتهذيب التهذيب "10/ 80-81"، وتقريب التهذيب "2/ 236"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7380".(10/30)
2082- أحمد بن سعد 1: "د، س"
ابن الحكم بن أبي مريم، الإِمَامُ الحَافِظُ، أَبُو جَعْفَرٍ المِصْرِيُّ، مَوْلَى بَنِي جُمَحٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَسَدِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي اليَمَانِ، وَحَبِيبٍ كَاتِبِ مَالِكٍ، وَتحرَّجَ بِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالبَاغَنْدِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سِرَاجٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ عَلاَّنُ، وَابْنُ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
تُوُفِّيَ سنة ثلاث وخمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 29-30"، وتقريب التهذيب "1/ 15".(10/31)
2083- الزبير بن بكار 1: "ق"
العَلاَّمَةُ الحَافِظُ النَّسَّابَةُ، قَاضِي مَكَّةَ وَعَالِمُهَا، أبو عبد الله بن أبي بكرٍ بكَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتِ بنُ عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كلاَبٍ القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الزُّبَيْرِيُّ المَدَنِيُّ المَكِّيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي ضَمْرَةَ اللَّيْثِيِّ، وَالنَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَذُؤَيْبِ بنِ عِمَامَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ الصَّائِغِ، وَعَبْدِ المَجِيْدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ زَبَالَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ الضَّحَّاكِ بنِ عُثْمَانَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ، وَمُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ عَمِّهِ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شبيب الربعي، وأبو
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2660"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "9/ 41-42" والفهرست لابن النديم "123-124"، وتاريخ بغداد "8/ 468"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 240"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 546"، والعبر "2/ 12"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 2830"، والمغني "1/ ترجمة 2163"، والكاشف "1/ ترجمة 1626"، وتهذيب التهذيب "3/ 312"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 25"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2115"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 133-134".(10/31)
بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، وَحَرَمِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ المَكِّيُّ، وَاسمُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ الوَرَّاقُ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الأَزْرَقُ، وَحَدَّثَ فِي أَواخِرِ أَيَّامِهِ بِبَغْدَادَ.
وَهُوَ مُصَنِّفُ كِتَابِ "نَسَبِ قُرَيْشٍ"، وَهُوَ كِتَابٌ كَبِيْرٌ نفيسٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حاتم: أدركته ورأيته، ولم أكتب عنه.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَرُوِيَ عَنِ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ، قَالَ: لَقِيَ الزُّبَيْرُ بنُ بكَّارٍ إِسْحَاقَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيَّ، فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، عَمِلْتَ كِتَاباً سَمَّيْتَهُ كِتَابَ "النَّسَبِ" وَهُوَ كِتَابُ الأَخْبَارِ، فَقَالَ: وَأَنْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَمِلْتَ كِتَاباً سَمَّيْتَهُ كتابَ "الأَغَانِي"، وَهُوَ كِتَابُ المغَانِي.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ القَاسِمِ الكوكبِيُّ: لَمَّا قَدِمَ الزُّبَيْرُ بنُ بكَّارٍ بَغْدَادَ قَالَ أَبُو حَامِدٍ المُسْتَمْلِي عَلَيْهِ: مَنْ ذَكَرْتَ يَا ابْنُ حَوَارِيُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَعْجَبَهُ.
رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الملكِ التَّاريخِيُّ، قَالَ: أَنشدنِي ابْنُ أَبِي طَاهِرٍ لِنَفْسِهِ فِي الزُّبَيْرِ بنِ بكَّارٍ:
مَا قَالَ: "لاَ" قَطُّ إلَّا فِي تَشَهُّدِهِ ... وَلاَ جَرَى لَفْظُهُ إلَّا عَلَى "نَعَمِ"
بَيْنَ الحَوَارِيِّ وَالصِّدِّيْقِ نِسْبَتُه ... وَقَدْ جَرَى وَرَسُوْلُ اللهِ فِي رَحِم
الكوكبِيّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى المَارستَانِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بنُ بكَّارٍ، قَالَ: قَالَتْ بِنْتُ أُختِي لأَهْلِنَا: خَالِي خَيْرُ رَجُلٍ لأَهْلِهِ، لاَ يتَّخِذُ ضَرَّةً وَسُرِّيَّةً. قَالَ: تَقُوْلُ المرأَةُ: وَاللهِ هَذِهِ الكُتُبُ أَشَدُّ عليَّ مِنْ ثَلاَثِ ضرَائِرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّيْرَفِيُّ: سَأَلْتُ الزُّبَيْرَ: مُنْذُ كَمْ زَوْجَتُكَ مَعَكَ? قَالَ: لاَ تسأَلْنِي، لَيْسَ تردُ القِيَامَةَ أَكْثَرُ كِباشاً مِنْهَا، ضحَّيْتُ عَنْهَا سَبْعِيْنَ كَبْشاً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ الزُّبَيْرُ ثِقَةً ثَبْتاً عَالِماً بِالنَّسَبَ وَأَخْبَارِ المُتَقَدِّمِيْنَ، لَهُ مُصَنَّفٌ فِي "نسب قُرَيْشٍ".
قُلْتُ: الكِتَابُ مِنْ عَوَالِي الفخرِ عليٍّ عَنِ ابْنِ طَبَرزَدْ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ السّليمَانِيُّ الحَافِظُ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ. كَذَا قَالَ، وَلاَ يَدْرِي مَا يَنْطِقُ بِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الطُّوْسِيُّ: تُوُفِّيَ الزُّبَيْرُ لِتِسْعٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سنة ست(10/32)
وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِمَكَّةَ. وَقَدْ بَلَغَ أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ مُصْعَبٌ بَعْدَ فرَاغِنَا مِنْ قِرَاءةِ كِتَابِ "النَّسَبِ"عَلَيْهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
قَالَ: وَكَانَ سَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ فَوْقِ سَطْحِهِ، فَمَكَثَ يَوْمَيْن لاَ يَتَكَلَّمُ، وَمَاتَ انكسرَتْ تَرْقُوَتُهُ وَوَرِكُهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِطِّيْخٍ وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ الواعظ، أخبرتنا فخر النساء شهدة، أخبرنا الحُسَيْنُ بنُ طَلْحَةَ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي ابْنُ قَاضِي أَبَرْقُوه، أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بنُ بكَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو غَزِيَّةَ، عَنْ فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهَ وَأَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، مَنْ لَقِيَ اللهَ بِهِمَا غَيْرَ شَاكٍّ دَخَلَ الجَنَّةَ" 1.
وَبِهِ: إِلَى الحُسَيْنِ المَحَامِلِيِّ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَذكرَهُ وَقَالَ: "لَمْ يُحْجَبْ عَنِ الجَنَّةِ" 2.
وَرَوَاهُ مَالِكُ بنُ مِغْوَل، عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صالح، عن أبي هريرة بهذا.
__________
1 صحيح: وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان؛ الأولى: أبو غزية، محمد بن موسى القاضي قال البخاري: عند مناكير. وقال ابن حبان: كان يسرق الحديث، ويروى عن الثقات الموضوعات.
وقال أبو حاتم: ضعيف. العلة الثانية: فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي، ضعيف لسوء حفظه.
وأخرجه أحمد "3/ 11"، ومسلم "27" "44"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "5/ 229-230".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 16"، ومسلم "27" "45".(10/33)
2084- عبد الله بن منير 1: "خَ، ت، س"
الإِمَامُ القُدْوَةُ الوَلِيُّ الحَافِظُ الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْوَزِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَسَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ السَّهْمِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبِي النَّضْرِ، وَطَبَقَتِهِم. وَكَانَ وَاسِعَ الرِّحْلَةِ، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَالفَضْلِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَإِسْرَائِيْلُ بنُ السَّمَيْدَعِ، وَعَبْدَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَهُبَيْرَةُ بنُ حسنٍ البَغَوِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ الفِرَبْرِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُوْلُ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: لَمْ أَرَ مِثْلَ عَبْدِ اللهِ بنِ مُنِيْرٍ.
قَالَ الفِرَبْرِيُّ: كَانَ يَسْكُنُ فِرَبْر، وَبِهَا تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى، وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ1: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ في ربيع الآخر.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مَحْمُوْدٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ بَدْرٍ القُرَشِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ منيرٍ قَبْلَ الصَّلاَةِ، يَكُوْن بِفِرَبْر، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الصَّلاَةِ يرونَهُ فِي مَسْجِدِ آمُل، فَكَانُوا يَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ يَمْشِي عَلَى المَاءِ. فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَا المشِيُ عَلَى المَاءِ فَلاَ أَدْرِي، وَلَكِن إِذَا أَرَادَ اللهُ جَمَعَ حَافَّتَيِ النَّهْرِ، حَتَّى يَعْبُرُ الإِنْسَانُ. قَالَ: وَكَانَ إِذَا قَامَ مِنَ المَجْلِسِ خَرَجَ إِلَى البَرِّيَّةِ مَعَ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، يَجْمَعُ شَيْئاً مِثْلَ الأُشْنَانِ وَغَيْرهِ، يَبِيْعُهُ فِي السُّوْقِ، وَيعيشُ مِنْهُ فَخَرَجَ يَوْماً مَعَ أَصْحَابِهِ، فَإِذَا هُوَ بِالأَسدِ رَابضٌ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: قِفُوا، وَتقدَّمَ هُوَ إِلَى الأَسدِ، فَلاَ ندرِي مَا قَالَ لَهُ، فَقَامَ الأَسدُ، فَذَهَبَ.
وَسُئِلَ ابْنُ رَاهْوَيْه: أَيدخُل الرَّجُلُ المفَازَةَ بِغَيْرِ زَادٍ? قَالَ: إِنْ كَانَ مِثْلَ عَبْدِ اللهِ بنِ مُنِيْرٍ، فَنَعَمْ.
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ منيرٍ يُعَدُّ مِنَ الأَبْدَالِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 683"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 842"، والكاشف "2/ ترجمة 3043"، والعبر "1/ 346"، وتهذيب التهذيب "6/ 43"، وتقريب التهذيب "1/ 454"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3843"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 99".
2 هو الامام أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ منصور الطبري الرازي الحافظ الفقيه الشافعي محدث بغداد.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ يَفْهَمُ وَيَحْفَظُ، وَصَنَّفَ كِتَاباً في السنة، وكتابًا في رجال الصحيحين. وكتابًا في السنن وَعَاجلَتْهُ المَنيَّة. خَرَجَ إِلَى الدِّيْنَوَر فَأَدركه أَجلُه بها في رمضان سنة ثمان عشرة وأربع مائة. ترجمته في تذكرة الحفاظ "3/ ترجمة 986".(10/34)
2085- بحشل 1: "م"
الحَافِظُ العَالِمُ المُحَدِّثُ، أَبُو عُبَيْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبِ بنِ مُسْلِمٍ القُرَشِيُّ مَوْلاَهُمُ المِصْرِيُّ، وَيُعْرَفُ بـ: بَحْشَل، ابْنُ أَخِي عَالِمِ مِصْرَ عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ.
أَكْثَرَ عَنْ عَمِّهِ جِدّاً، وَعَنِ: الشَّافِعِيِّ، وبشر بن بكر التنيسي، وجماعة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ مُحْتَجّاً بِهِ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبرِيُّ، وَالطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَعَبْدَان، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ المشَارقَةِ وَالمغَارِبَةِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: رَأَيْتُ شُيُوْخَ مِصْرَ مُجمعِين عَلَى ضَعْفِهِ، وَالغُرَبَاءُ لاَ يَمْتَنِعُونَ مِنَ الأَخَذِ عَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، فَمَنْ دُونهمَا.
وَقَالَ لِي عَبْدَانُ: كَانَ فِي أَيَّامِنَا مُسْتَقِيْمَ الأَمْرِ، وَمَن لَمْ يلحقْ حَرْمَلَةَ اعتمدَهُ، وَكُلُّ مَنْ تَفَرَّدَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِشَيْءٍ وَجَدُوهُ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ، مِنْ ذَلِكَ كِتَابُ الدجَّالِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ أخي بن وَهْبٍ، فَمَرَّ عَلَيْهِ هَارُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ الأَيْلِيُّ رَاكباً، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلاَ أُطْرِفُكَ بِشَيْءٍ? جَاءنِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَسَأَلونِي عَنْكَ فَقُلْتُ: إِنَّمَا يُسْأَلُ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ عَنَّا، لَيْسَ نَحْنُ نُسأَلُ عَنْهُ، هُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَملِي لَنَا عِنْدَ عَمِّهِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُ لَنَا.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كُلُّ مَا أَنْكَروهُ عَلَيْهِ فيُحْتَمَلُ وَإِنْ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، لَعَلَّ عَمَّهُ خَصَّهُ بِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الحَافِظَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: لِمَ رويتَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن وَهْبٍ، وتركت سُفْيَانَ بنَ وَكِيْعٍ? قَالَ: لأَنَّ أَحْمَدَ لَمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ تِلْكَ الأَحَادِيْثِ، وَعَرَضوهَا عَلَيْهِ رَجَعَ عَنْهَا عَنْ آخرِهَا إلَّا حَدِيْثَ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ "إذَا حَضَرَ العَشَاءُ.... " 2 وَأَمَّا
ابْنُ وَكِيْعٍ، فَكَانَ وَرَّاقُهُ أَدْخَلَ عَلَيْهِ أَحَادِيْثَ، فرَوَاهَا، وَكلَّمْنَاهُ فِيْهَا، فَلَمْ يرجِعْ عَنْهَا.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: أَبُو عُبَيْدِ اللهِ لا تقوم به حجة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 91"، وميزان الاعتدال "1/ 113"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 47"، وتهذيب التهذيب "1/ 54"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 147".
2 صحيح: أخرجه البخاري "672"، ومسلم "557" من حديث أنس مرفوعًا وتمامه: "إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء".(10/35)
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الضُّعَفَاءِ": جَعَلَ يَأْتِي عَنْ عَمِّهِ بِمَا لاَ أَصْلَ لَهُ، كَأَنَّ الأَرْضَ أَخْرَجَتْ لَهُ أَفلاَذَ كَبِدِهَا. رَوَى عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللهَ زَادَكُمْ صَلاَةً إِلَى صَلاَتِكُمْ وهي الوتر" 1.
قُلْتُ: لاَ يُحتَملُ مَالِكٌ، بَلْ وَلاَ ابْنُ وَهْبٍ هَذَا، وَهَكَذَا ذكرَهُ ابْنُ حِبَّانَ تَعْلِيْقاً.
ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ: عَنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُوْنُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يُحِلُّونَ الحَرَامَ وَيُحَرِّمُونَ الحَلاَلَ وَيَقِيْسُونَ الأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ"2.
فهَذَا إِنَّمَا يُعْرَفُ بِنُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، عَنْ عِيْسَى، وَسرقَهُ مِنْهُ سُوَيْدٌ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ العُرْضِيُّ، وَالحَكَمُ بنُ المُبَارَكِ الخَاسْتِيُّ، أَنْكَروهُ عَلَى أَبِي عبيدِ اللهِ عَنْ عَمِّهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَلَهُ عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مَخْرَمَةَ بنِ بُكَيْرٍ، عن أبيه، عن نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعاً: "إِذَا كَانَ الجِهَادُ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِ أبويه"3.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "1/ 149" مِنْ طَرِيْقِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، عَنْ عمه، عن مالك، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال ابن حبان: كان يحدث بالأشياء المستقيمة قديمًا حيث كتب عنه ابن خزيمة وذووه، ثم جَعَلَ يَأْتِي عَنْ عَمِّهِ بِمَا لاَ أَصْلَ له. وقال الحافظ في "التقريب" صدوق تغير بأخرة. وقال ابن عَدِيٍّ: رَأَيْتُ شُيُوْخَ مِصْرَ مُجمعِين عَلَى ضَعْفِهِ، والغرباء لا يمتنعون عن الأَخَذِ عَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ، فَمَنْ دونهما.
وله شاهد خارجة بن حذافة. عند أبي داود "1418"، والترمذي "452"، وابن ماجه "1168"، والدارمي "1/ 370"، والحاكم "1/ 306"، والبيهقي "2/ 478".
وشاهد آخر عن عبد الله بن عمرو: عند أحمد "2/ 206 و208"، والدراقطني "2/ 31".
2 ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "1/ 185" من طريق أبي عبيد الله أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عمي، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته أَبُو عُبَيْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن وهب، ضعيف كما قال ابن حبان وابن عدي.
3 ضعيف أخرجه ابن عدي في "الكامل" "1/ 185" حدثنا عيسى بن أحمد بن يحيى، حدثنا أبو عبيد الله حدثني عمي، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، وقد علمت حاله في التعليقات السابقة.
وقال ابن عدي في إثره: وهذا الحديث لم يحدث به عن عمه غير أبي عبيد الله، وأنكروه عليه".(10/36)
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ العَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عمِّي، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرةَ مَرْفُوْعاً: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُرْسَلُ إِلَى القُرْآنِ فَيُرْفَعُ مِنَ الأَرْضِ"1. فهذا تفرد برفعه.
أحمد بن أخي بن وَهْبٍ: حَدَّثَنَا عمِّي، حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ المُؤَنَّثِينَ أَوْلاَدُ الجِنِّ". قِيْلَ لابن عباس: كيف ذاك? قال: نهى اللهُ أَنْ يَأتِيَ الرَّجُلُ حَائِضاً، فَإِذَا أَتَاهَا سَبَقَهُ بِهَا الشَّيْطَانُ، فَحْملَتْ مِنْهُ، فَأَنثَ المُؤنَّثَ2.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.
قَالَ خَالِدُ بنُ سَعْدٍ الأَنْدَلُسِيُّ: سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عُثْمَانَ الأَعنَاقِيَّ، وَسَعْدَ بنَ مُعَاذٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ فُطيسٍ يُحْسِنُونَ الثَّنَاءَ عَلَى أَحْمَدَ بنِ أَخِي بن وَهْبٍ، وَيُوثِّقونَهُ فَقَالَ الأَعنَاقِيُّ: قَدمْنَا مِصْرَ، فَوجَدْنَا يُوْنُسَ أَمْرَهُ صعباً، وَوجدنَا أَحْمَدَ أَسهلَ، فَجَمَعنَا لَهُ دَنَانِيْرَ، وَأَعطينَاهُ، وَقَرَأْنَا عَلَيْهِ "مُوَطَّأَ" عَمِّهِ، وجامعه. وسمعت ابن فطيس يقول: فصارفي نَفْسِي، فَأَردْتُ أَنْ أَسْأَلَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، العَالِمُ يَأْخُذُ عَلَى قِرَاءةِ العِلْمِ? فشعرَ فِيْمَا ظَهرَ لِي أَنِّي إِنَّمَا سَأَلْتُهُ عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ فَقَالَ لِي: جَائِزٌ، عَافَاكَ اللهُ، حلاَلٌ أَنْ لاَ أَقرأَ لَكَ وَرَقَةً إلَّا بِدِرْهَمٍ، وَمَنْ أَخَذَنِي أَنْ أَقْعُدَ مَعَكَ طولَ النَّهَارِ، وَأَدَعَ مَا يلزمُنِي مِنْ أَسبَابِي، وَنفقَةِ عِيَالِي?!
هَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ مُتوجِّهٌ فِي حقِّ مُتَسَبِّبٍ يَفوتُهُ الكَسْبُ وَالاحْتِرَافُ لتعوُّقِهِ بِالرِّوَايَةِ لمَا قَالَ عَلِيُّ بنُ بَيَان الرَّزَّازُ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ بِعُلُوِّ جزءِ ابْنِ عَرَفَةَ، فَكَانَ يَطْلُبُ عَلَى تَسْمِيعِهِ دِيْنَاراً: أنتم إنما تطلبون مني العُلُوَّ، وَإِلاَّ فَاسْمَعُوا الجُزْءَ مِنْ أَصْحَابِي، فَفِي الله الدَّرْبِ جَمَاعَةٌ سمِعُوهُ مِنِّي. فَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ عَسِراً ثَقِيْلاً لاَ شُغلَ لَهُ، وَهُوَ غنِيٌّ، فَلاَ يُعطَى شَيْئاً، وَاللهُ المُوَفِّقُ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: مَاتَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين.
قلت كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَقَدْ رَوَى أُلُوْفاً مِنَ الحَدِيْثِ عَلَى الصِّحَّةِ، فَخمسَةُ أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةٌ فِي جنبِ ذَلِكَ لَيْسَتْ بِمُوجِبَةٍ لِترْكه، نعم، وَلاَ هُوَ فِي القُّوَّةِ كيُوْنُسَ بن عبد الأعلى وبندار.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "1/ 186" حدثنا موسى بن العباس، حدثنا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عمي، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، فإنه ضعيف كما قال ابن عدي.
2 منكر: آفاته أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، فإنه ضعيف، وهذا المتن منكر تمجه الأفهام، والأسماع، ويمجه كل من له اطلاع واسع على الشرع الحنيف. وهذا لا يصدر من مشكاة النبوة.(10/37)
2086- عبد الوهاب بن عبد الحكم 1: "د، ت، س"
ابن نافع، الإِمَامُ القُدْوَةُ الرَّبَّانِيُّ الحُجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ. سَمِعَ: أَبَا ضَمْرَةَ اللَّيْثِيَّ، وَيَحْيَى بنَ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيَّ، وَمُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ وَعِدَّةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: عَبْدُ الوَهَّابِ الوراق: رَجُلٌ صَالِحٌ، مِثْلُهُ يُوَفَّقُ لإِصَابَةِ الحَقِّ.
قَالَ الحَسَنُ وَلَدُهُ: مَا رَأَيْتُ أَبِي مَازحاً قَطُّ، وَلاَ ضَاحِكاً إلَّا تَبَسُّماً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَافَاهُ اللهُ قَلَّ أَنْ تَرَى مِثْلَهُ.
قُلْتُ: كَانَ كَبِيْرَ الشّأْنِ مِنْ خَوَاصِّ الإِمَامِ أَحْمَدَ.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وخمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 383"، وتاريخ بغداد "11/ 25"، والكاشف "2/ ترجمة 3565"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 545"، وتهذيب التهذيب "6/ 448"، وتقريب التهذيب "1/ 528"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4507".(10/38)
2087- أبو نَشِيط 1:
محمد بن هارون، الإِمَامُ المُقْرِئُ المُجَوِّدُ الحَافِظُ الثِّقَةُ، أَبُو نَشِيْطٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّبَعِيُّ المَرْوَزِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الحَرْبِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
تَلا عَلَى: عِيْسَى بنِ مِيْنَا بحرفِ نَافِعٍ وَسَمِعَ مِنْ رَوْحِ بنِ عُبَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيِّ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي المُغِيْرَةِ عَبْدِ القُدُّوسِ الحِمْصِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عيَّاشٍ، وَأَبِي اليَمَانِ، وعمرو بن الرَّبِيْعِ المِصْرِيِّ، وَالوَلِيْدِ بنِ عُتْبَةَ المُقْرِئِ، وَطَائِفَةٍ.
قرأَ عَلَيْهِ: أَبو حسَّان أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الأَشْعَثِ العَنَزِيُّ، وَاعتمدَ عَلَى طَرِيْقِهِ أَبُو عَمْرٍو فِي تيَسِيْرهِ مِنْ طَرِيْقِ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ بُويان.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بن أبي الله الدُّنْيَا، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "التَّفْسِيْرِ" وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَخْلَدٍ، وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو نَشِيْطٍ، وَكَانَ حَافِظاً.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ.
قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّبَعِيُّ البَغْدَادِيُّ الحَرْبِيُّ الفَلاَّسُ المَعْرُوْفُ بِأَبِي نَشِيْطٍ سَمِعَ رَوْحَ بنَ عُبَادَةَ، وَسَاقَ باقِي التَّرْجَمَةِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: كَتَبْتُ مِنْ خطِّ أَبِي أَحْمَدَ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ المُقْرِئِ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ صَاحِبُنَا قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ بُويان أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى ابْنِ الأَشْعَثِ، وَأَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي نَشِيْط، عَنْ قَالُوْنَ، وَذَلِكَ بجزم الميم مِنْ: "عَلَيْهِمْ"، وَ"إليهِمْ"، وَ"لديهِمْ"، وَأَشْبَاهِهِ جَمِيْعَ القُرْآنِ. ثُمَّ قَالَ الدَّانِيُّ: خَالفَهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ بُويان، فَرَوَى ضمَّ المِيمِ فِي جَمِيْعِ القُرْآنِ.
وفِي "سَبْعَةِ" ابْنِ مُجَاهدٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مهرَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ قَالُوْنَ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ كَانَ لاَ يَعِيبُ رفعَ المِيمِ فِي نَحْوِ: {أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَم} [البَقَرَة: 6] ، وَشِبْهِهِ.
وَقَدْ وَهِمَ أبو عمرو الله الدَّانِيُّ، وَقَالَ: إِنَّ أَبَا نَشِيْطٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَإِنَّمَا المُتوفَّى فِي نَحْوِ هَذِهِ السَّنَةِ المحدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ شِيَطَا، وَأَصَابَ فِي جَعلِ أَبِي نَشِيْطٍ المَرْوَزِيِّ هُوَ البَغْدَادِيُّ الرَّبَعِيُّ، وَبَعْضُ النَّاسِ يُفَرِّقُ بَيْنَ التَّرْجَمَتَينِ، وَهُمَا وَاحِدٌ -هَذَا الرَّاجحُ عِنْدِي- وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، كَمَا قَالَهُ تلمِيذُهُ ابْنُ مَخْلَدٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ: عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، قَالَ: قَرَأْتُ بِرِوَايَةِ قَالُوْنَ خَتْمَةً عَلَى هِبَةِ اللهِ بنِ الطَّبَرِ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الخَيَّاطِ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ الفَرَضِيِّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ بُويانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي حسَّان، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي نَشِيْطٍ، وَقَرَأَ عَلَى قَالُوْنَ صَاحِبِ نَافِعٍ، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 525"، وتاريخ بغداد "3/ 352"، وتهذيب التهذيب "9/ 493"، وتقريب التهذيب "2/ 213"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6711".(10/39)
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطّيِّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَطِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ المحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَشِيْطٍ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ، وَالعَبَّاسُ التَّرْقُفِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيْرَةِ، حدثنا صفوان، حدثني شريح بن عُبَيْدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ الزُّبَيْرَ بنَ الوَلِيْدِ يُحَدِّثُ عن ابن عمر، قال: كان رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا غَزَا، أَوْ سَافَرَ فَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ قَالَ: "يَا أَرْضُ، رَبِّي وَرَبُّكِ اللهُ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيْكِ، وَشَرِّ مَا دَبَّ عَلَيْكِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ وَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ، وَمِنْ سَاكِنِي البَلَدِ، وَمِنْ شَرِّ وَالِدٍ وما ولد"1.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 132" و"3/ 124"، وأبو داود "2603"، والنسائي في "الكبرى" "10398"، وفي "عمل اليوم واليلة" "563"، وابن خزيمة "2572"، والحاكم "1/ 446-447" و"2/ 100" والبيهقي في "السنن" "5/ 253" من طريق صفوان، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته الزبير بن الوليد، وهو الشامي، مجهول، لم يرو عنه غير شريح بن عبيد الحضرمي، وذكره ابن حبان في "الثقات" على عادته في توثقي المجاهيل والمجروحين. وأبو المغيرة هو عبد القدوس بن حجاج الحمصي. وصفوان، هو ابن عمرو السكسكي.(10/40)
2088- محمد بن هارون 1:
وَقِيْلَ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ، أَبُو جَعْفَرٍ المُخَرِّمِيُّ، الفَلاَّسُ، شَيطَا.
حَافِظٌ ثِقَةٌ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
سَمِعَ أَبَا نُعَيْمٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ.
وَعَنْهُ: المَحَامِلِيُّ، وَابْنُ مَخْلَدٍ، وَابْنُ أبي حاتم.
مات بالنهروان سنة 265. وَقَعَ لَنَا حَدِيْثُهُ فِي الأَكَابِر عَنْ مَالِكٍ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 526"، وتاريح بغداد "3/ 353"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 89"، والوافي بوفيات لصلاح الصفدي "5/ 147"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 55".(10/40)
2089- عبد الله بن هاشم 1م:
ابن حيان، الإِمَامُ الحَافِظُ المُتْقِنُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيُّ المَوْلِدِ، النَّيْسَابُوْرِيُّ الوطنِ.
سَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْعاً، وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ وَأَبَا مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبَا أُسَامَةَ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القبَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، وَمكِيُّ بنُ عَبْدَانَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَسَائِرُ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ بِبَلَدِهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ الحَافِظُ: عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ يُجَوِّدُ فِي حَدِيْثِ يَحْيَى وَابْنِ مَهْدِيٍّ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: قَدْ جمعَ زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ عَوَالِي ابْنِ هَاشِمٍ، سَمِعْنَاهُ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سلمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ، قَالَ لَنَا وَكِيْعٌ: أَيُّ الإِسْنَادَينِ أَحَبُّ إِلَيْكُم: الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَوْ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ? فَقُلْنَا: الأَوَّلُ فَقَالَ: الأَعْمَشُ شَيْخٌ، وَأَبُو وَائِلٍ شَيْخٌ، وَسُفْيَانُ فَقِيْهٌ، وَمَنْصُوْرٌ فَقِيْهٌ، وَإِبْرَاهِيْمُ فَقِيْهٌ، وَعَلْقَمَةُ فَقِيْهٌ، وَحَدِيْثٌ يتدَاولهُ الفُقَهَاءُ خَيْرٌ مِمَّا يتدَاولهُ الشُّيُوْخُ.
قُلْتُ: بَلْ وَالأَعْمَشُ وَشَيْخُهُ لَهُمَا فقهٌ وَمَعْرِفَةٌ وَجَلاَلَةٌ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمِ بنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَو تعلمون ما أعلم لضحكتكم قليلًا ولبكيتم كثيرًا" 1.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 912"، وتاريخ بغداد "10/ 193"، والأنساب للمسعاني "6/ 37"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 20"، واللباب لابن الأثير:"2/ 5"، وتذكرة الحفاظ "2/ 536"، والكاشف "2/ ترجمة 3068"، وتهذيب التهذيب "6/ 60"، وتقريب التهذيب "1/ 457"، وخلاصة الخزرحي "2/ ترجمة 3876".
2 صحيح: أخرجه البخاري "6486"، ومسلم "2359"، والنسائي:"3/ 83".(10/41)
2090- البَجَلِيُّ:
مُحَمَّدُ بنُ الهَيْثَمِ بنِ خَالِدٍ، الحَافِظُ المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ بخارى.
حَدَّثَ عَنْ: عمِّ أَبِيْهِ الحَسَنِ بنِ الرَّبِيْعِ البُورَانِيِّ، وَحُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَطَائِفَةٍ. روَى عَنْهُ أَهْلُ بُخَارَى.
قَالَ بَكْرُ بنُ مُنِيْرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَسْأَلُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الهيثمِ، لَمَّا قَدِمَ فَقَالَ: اكتُبُوا عَنْهُ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ.
قَالَ بكرٌ: جَمِيْعُ مَا حَدَّثَنَاهُ مِنْ حِفْظِهِ، وَالكُتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَطَروحَةٌ.
أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ البَردَانِيُّ، أَخْبَرَنَا هَنَّادٌ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله غنجار، حدثنا أحمد ابن أَبِي حَامِدٍ البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ مُنِيْرِ بنِ خَالِدٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الهَيْثَمِ البَجَلِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ بِبَغْدَادَ قَائِدٌ مِنْ قُوَّادِ المُتَوَكِّلِ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تَلِدُ البنَاتِ فَحْملت مَرَّةً فحلفَ القَائِدُ، إِنْ وَلدَتْ هَذِهِ المرَّة بنتاً قتلتُكِ بِالسَّيْفِ فَلَمَّا جلَسَتْ لِلْوِلاَدَةِ هِيَ، وَالقَابلَةُ أَلقت مِثْل الجُريِّبِ، وَهُوَ يضْطربُ فَشَقُّوهُ فَخَرَجَ مِنْهُ أَرْبَعُوْنَ ابْناً، وَعَاشوا كلُّهُم وَأَنَا رأَيتُهُم بِبَغْدَادَ رُكْبَاناً خَلْفَ أَبيهِم وَكَانَ اشْتَرَى لِكُلِّ، وَاحِدٍ مِنْهُم ظِئْراً.
قَالَ بكرٌ: فَحضرتُ مَجْلِسَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، فَحَدَّثَهُ أَبِي بِمَا حَكَى لَنَا ابْنُ الهَيْثَمِ فَقَالَ: إِنَّهُ صَدُوْقٌ مستورٌ.
قَالَ غَنجَارٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمَائتينِ.
قُلْتُ: وَبكرٌ ثِقَةٌ. فسُبْحَانَ القَادِرِ عَلَى كُلِّ شيء.(10/42)
2091- أحمد بن بديل 1: "ت، ق"
ابن قريش بن بدير بن الحارث اليامي، قَاضِي الكُوْفَةِ ثُمَّ هَمَذَانَ، الحَافِظُ، أَبُو جَعْفَرٍ عَالِمٌ دَيِّنٌ فَاضِلٌ مُعَمَّرٌ.
حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ وَالمُحَارِبِيِّ، وَوَكِيْعٍ وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دِيْنَارٍ الهَمَذَانِيُّ تِلْمِيْذُ ابْنِ مَاجَهْ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَمْرُوسٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَكِيْلُ أَبِي صَخْرَةَ، وَحَاجِبٌ الفَرْغَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عِيْسَى الوَزِيْرُ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّعْفَرَانِيُّ قُلَيْلَة، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى أَحَادِيْثَ أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ عَلَى ضَعْفِهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِيْهِ لينٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَمْ يقض لي السماع منه، ومحله الصدق.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى بِالْكُوْفَةِ رَاهِبَ الكُوْفَةِ فَلَمَّا تَقَلَّدَ القَضَاءَ قَالَ: خُذِلْتُ عَلَى كبرِ السِّنِّ مَعَ عفَّتِهِ، وَصيَانَتِهِ.
قَالَ مُطَيَّنٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وخمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 17"، وتاريخ بغداد "4/ 49"، والعبر "2/ 16، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 263"، وتهذيب التهذيب "1/ 17" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 137"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 9"، وميزان الاعتدال "1/ 84".(10/43)
2092- أحمد بن إسرائيل 1:
ابن الحُسَيْنِ الأَنْبَارِيُّ الكَاتِبُ، وَزِيْرُ المُعْتَزِّ.
كَانَ ذَا مَكَانَةٍ رَفِيْعَةٍ عِنْدَ المُعْتَزِّ فَاسْتوزَرَهُ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، فنهضَ بأَعبَاءِ الأَمْرِ، وَكَانَ يُضْرَبُ بذَكَائِهِ المَثَلُ لاَ يَسْمَعُ شَيْئاً إلَّا حَفِظَهُ، وَكَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي حسَابِ الدِّيْوَانِ.
نوَّهَ بِاسْمهِ ابْنُ الزَّيَّاتِ وَقَدَّمَهُ، وَقَدْ باشَرَ العَمَلَ فِي دَوْلَةِ الأَمِيْنِ وَطَالَ عُمُرُهُ.
وَعَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَنسخُ الكِتَابَ، فَلاَ أَفْرَغُهُ حَتَّى أَحفَظَهُ حَرْفاً حَرْفاً....فعلتُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ كَثِيْرَةً.
وَقَدْ أَحْدَثَ رسوماً وَقَوَاعِدَ فِي الكِتَابَةِ بقيَتْ بَعْدَهُ، وَتُرِكَ مَا قبلَهَا.
اختصرَ "تَقْدِيْرَ خرَاجِ الممَالِكِ" فِي نِصْفِ طَلْحِيَّةٍ فَكَانَ لاَ يُفَارِقُ خُفَّ ابْنِ الزَّيَّاتِ فَسَأَلَهُ الوَاثِقُ يَوْماً عَنِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ تكن الورقة مَعَهُ، فَخَرَجَ فَأَملاَهُ ابْنُ إِسْرَائِيْلَ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: كَانَتْ وَزَارَتُهُ دُوْنَ ثَلاَثِ سِنِيْنَ: وَقْتَلَهُ وَصيفٌ بِالضَّربِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خمس وخمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 243".(10/43)
2093- المُؤَيَّد بِاللهِ 1:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُتَوَكِّلِ بنِ المُعْتَصِمِ.
عَقَدَ لَهُ أَخُوْهُ بولاَيَةِ عهدِ الخِلاَفَةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَدُعِيَ لَهُ فِي الأَمصَارِ، ثُمَّ بَلَغَ المُعْتَزَّ عَنْهُ أَمْرٌ، فضربَهُ، وَخلعَهُ مِنَ العهْدِ، وَحَبَسَهُ يَوْماً، ثُمَّ أُخْرِجَ ميتاً، فَقِيْلَ: أُجْلِسَ فِي الثَّلجِ حَتَّى مَاتَ برداً، وَبُعِثَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ، فَبَعثَتْ تَقُوْلُ لقبيحَةَ أُمِّ المُعْتَزِّ: عَنْ قَرِيْبٍ تَرَيْنَ المُعْتَزَّ ابْنَكِ هَكَذَا.
قُلْتُ: كَذَا وَقَعَ، وَمَا أَمهَلَهُ اللهُ، قُتِلَ المُؤَيَّدُ فِي رَجَبٍ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَكَانَ شابًا مليحًا.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 50"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 335".(10/44)
2094- الجروي 1: "خَ"
الإِمَامُ الأَجَلُّ الصَّادِقُ أَبُو عَلِيٍّ، الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ وَزِيْرِ بنِ ضَابِئِ بنِ مَالِكِ بنِ عَامِرِ بنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَدِيِّ بنِ حمرس الجُذَامِيُّ المِصْرِيُّ الجَرَوِيُّ.
أَجَازَ لَهُ: ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَسَمِعَ: أَيُّوْبَ بنَ سُوَيْدٍ، وَبِشْرَ بنَ بَكْرٍ التِّنِّيْسِيَّ، وَعَمْرَو بنَ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبَا مُسْهِرٍ الغَسَّانِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيْم الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَالسَّرَّاجُ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالمَحَامِلِيُّ، وَحَفِيْدُهُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الجَرَوِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ فَوْقَ الثِّقَةِ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ فَضْلاً، وَزُهْداً.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: مَذْكُوْرٌ بِالوَرَعِ وَالثِّقَةِ، موصوفٌ بِالعِبَادَةِ.
قَالَ جَعْفَرٌ: سَمِعْتُ جَدِّي الحَسَنَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ يَقُوْلُ: مَنْ لَمْ يَرْدَعْهُ القُرْآنُ وَالمَوْتُ، ثُمَّ تَنَاطحَتِ الجِبَالُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمْ يَرْتَدِعْ.
قِيْلَ: حُمِلَ الحَسَنُ إِلَى العِرَاقِ بَعْد مَقْتَلِ أَخِيْهِ، فَبقيَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: بُعِثَ إلى الحسن ميراثه مائة ألف دينار، فَحَمَلَ مِنْهَا إِلَى أَبِي ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ: هِيَ حلاَلٌ. فَلَمْ يَقْبَلْهَا.
الجَرَوِيَّةُ: قَرْيَةُ تِنِّيس، نَزَلَهَا جدُّ هَذَا، وَهُوَ جَرَوِيٌّ مِنْ ولد جرى بن عوف الجذامي.
__________
1 ترجمته في الكنى للدولابي "2/ 34"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 102"، وتاريخ بغداد "7/ 337" والمنتظم لابن الجوزي "5/ 2"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 71"، وتهذيب التهذيب "2/ 291"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 146"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1354".(10/44)
2095- العُتْبِي 1:
فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عُتْبَةَ بنِ حُمَيْدِ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ، الأُمَوِيُّ السُّفْيَانِيُّ العُتْبِيُّ القُرْطُبِيُّ المَالِكِيُّ، صَاحِبُ كِتَابِ "العُتْبِيَّةِ".
سَمِعَ يَحْيَى بنَ يَحْيَى اللَّيْثِيَّ، وَأَصْبَغَ بنَ الفَرَجِ وَسَحْنُوْنَ بنَ سَعِيْدٍ، وَسَعِيْدَ بنَ حَسَّانَ وَطَائِفَةً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَة، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ، قَالَ: أَتيتُ بكُتُبٍ حسنَةِ الخطِّ، تُدْعَى: "المستخرجَةُ" مِنْ وضْعِ صَاحِبِكُم مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ العُتْبِيِّ، فَرَأَيْتُ جُلَّهَا كُذوباً، مَسَائِلَ المَجَالِسِ لَهُ لَمْ يُوقَفْ عَلَيْهَا أَصْحَابُهَا، فَخشيتُ أَنْ أَمُوتَ، فَتوجَدَ فِي تَرِكَتِي، فوهبْتُهَا لمَنْ يَقْرَأُ فِيْهَا. قُلْتُ: كَيْفَ اسْتحللتَ أَنْ تُعْطِيَهُ ليقرأَ فِيْهَا? فَسَكَتَ.
وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: لَيْسَ لِلْعُتْبِيِّ نِسْبَةٌ، إِنَّمَا كَانَ لَهُ جدٌّ يُسَمَّى عُتبَةٌ، كَذَا قَالَ.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضيِّ: رحلَ وَأَخَذَ عَن سَحْنُوْنَ، وَأَصْبَغَ، وَنُظَرَائِهِمَا، وَكَانَ حَافِظاً لِلْمَسَائِلِ، جَامعاً لَهَا، عَالِماً بِالنّوازلِ، جمع المستخرَجَةِ، وَأَكْثَرَ فِيْهَا مِنَ الرِوَايَاتِ المَطَروحَةِ، وَالمَسَائِلِ الشَّاذَةِ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ ومائتين، ويقال: سنة أربع.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 380"، واللباب لابن الأثير "2/ 320"، والعبر "2/ 7" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 30".(10/45)
ابن نذير، ويعقوب بن إسحاق، ويعقوب بن عبيد:
2096- ابن نذير 1:
مُفْتِي الأَنْدَلُسِ، أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عِيْسَى بنِ نذيرٍ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ القُرْطُبِيُّ المَالِكِيُّ.
حجَّ وَحملَ عَنْ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئِ، وَمُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ اليَسَارِيِّ، وعبد الملك بن الماجشون وطبقتهم.
برع فِي الفِقْهِ وَدقَائِقِ المَسَائِلِ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ الأَعنَاقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُطَيسٍ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ بِقرطبَةَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
2097- يعقوب بن إسحاق 2:
ابن الصَّبَّاحِ، الكِنْدِيُّ الأَشْعَثِيُّ الفيلسوفُ، صَاحِبُ الكُتُبِ، مِنْ وَلدِ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ، أَمِيْرِ العَرَبِ.
كَانَ رَأْساً فِي حكمَةِ الأَوَائِلِ وَمنطقِ اليونَانِ وَالهيئَةِ وَالتّنجيمِ وَالطبِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. لاَ يُلْحَقُ شأوهُ فِي ذَلِكَ العِلْمِ المَتْرُوْكِ، وَلَهُ بَاعٌ أَطْوَلُ فِي الهندسَةِ وَالمُوْسِيْقَى.
كَانَ يُقَالُ لَهُ: فيلسوفُ العَرَبِ، وَكَانَ مُتَّهَماً فِي دِيْنِهِ، بخيلاً، سَاقطَ المروءةِ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ وَبلاغَةٌ وَتَلاَمِذَةٌ، هَمَّ بِأَنْ يَعْمَلَ شيئاً مِثْلَ القُرْآنِ، فَبعدَ أَيَّامٍ أَذْعَنَ بِالعجزِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَحْيَى بنِ خَاقَانَ: رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: مَا هُوَ إلَّا أَن رَآنِي، فَقَالَ: {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُون} [الْمُرْسَلَات: 29] .
وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيْهِ أبو داود.
2098- يعقوب بن عبيد 3:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ، أَبُو يُوْسُفَ النَّهْرُتِيْرِيُّ، مِنْ مَشَايِخِ العِرَاقِ.
لَهُ رِحْلَةٌ وَمَعْرِفَةٌ.
سَمِعَ وَكِيْعاً وَعَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ وَأَبَا أُسَامَةَ، وَأَبَا مُسْهِرٍ وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَامضُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعَ مِنْهُ أَبِي، وَهُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ شَاهِيْنَ مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عشر التسعين، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في هدية العارفين للبغدادي "1/ 512".
2 ترجمته في لسان الميزان "6/ 305".
3 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 879"، وتاريخ بغداد "14/ 280".(10/46)
2099- ابْنُ شَاكِرٍ 1:
مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ شَاكِرٍ، صَاحِبُ الهندسَةِ، أَخُو أَحْمَدَ وَالحَسَنِ كَانَ أَبُوْهُم مِنْ رُؤُوْسِ أَئِمَّةِ الهندسَةِ، وَكَذَلِكَ بنوهُ وَيُنْسَبُونَ إلى "حيل" بني موسى.
ذَكَرَهُمُ ابْنُ خَلِّكَانَ، وَمِنْ قَبْلِهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ وَأَنَّهُم كَانُوا ذَوِي أَمْوَالٍ، وَلهُم هِمَمٌ عَالِيَةٌ فِي تَحْصِيْلِ هَذَا الفَنِّ، وَالكُتُبِ القَدِيْمَةِ وَتطلَّبُوهَا وَأَحضرُوا مَنْ عَرَّبَهَا.
وَلهُم كِتَابٌ فِي "الحِيَلِ"، فِيْهِ عَجَائِبُ وَغَرَائِبُ وَكَذَلِكَ صنَّفُوا فِي المُوْسِيْقَى.
وَكَانَ المَأْمُوْنُ يعتمدُ عَلَيْهِم فِي الرّصدِ وَمسَاحَةِ الدُّنْيَا.
وَيُقَالُ: إِنَّ كِتَابَ "الحِيَل" لأَحْمَدَ، وَكِتَابَ الجُزْءِ لمُحَمَّدٍ وَكِتَابَ أَوَّليَّةِ العَالَمِ لمُحَمَّدٍ، وَكِتَابَ حَرَكَاتِ الفلكِ لَهُ وَكِتَابَ "المُدَوَّرِ المستطيلِ" لحسن، وَكِتَابَ الشّكلِ الهندسِيّ لمُحَمَّدٍ وَهُمُ الَّذِيْنَ حَسَبُوا أَنَّ دَورَ الكُرَةِ مسَافَةُ أَرْبَعَة وَعِشْرِيْنَ أَلْفِ مِيلٍ وَمجموعُ ذَلِكَ ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ دَرَجَةً.
مَاتَ مُحَمَّدٌ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وخمسين ومائتين.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "ترجمة 5/ 708"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 84".(10/47)
2100- ابن يزداذ 1:
الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ، أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزدَاذَ الكَاتِبُ.
وَزَرَ لِلْمستعينِ أَشْهُراً بَعْدَ أَحْمَدَ بنِ الخصيبِ، فَاحتَاطَ عَلَى بَعْضِ أَقطَاعِ بُغَا، فَتهدَّدُوهُ بِالقتلِ فَاخْتَفَى.
ثُمَّ وَزرَ مَرَّةً ثَانيَةً لِلْمستعينِ بَعْدَ شُجَاعٍ، ثُمَّ إِنَّ بغا ألب عليه الأُمرَاءَ فَهَرَبَ إِلَى بَغْدَادَ، وَاخْتَفَى.
مدحَهُ البُحترِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَنقلَ الكوكبِيُّ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الشُّعرَاءِ امتدحُوا الوَزِيْرَ أَبَا صَالِحٍ فَأَمرَ لَهُم بِثَلاَثَةِ دَرَاهِم لَيْسَ إلَّا وَكَتَبَ إِلَيْهِم:
قيمَةُ أَشعَارِكُم دِرْهَمٌ ... عِنْدِي وَقَدْ زِدْتُكُم دِرْهَمَا
وثَالِثاً قِيمَةُ أَوْرَاقِكُمْ ... فَانْصَرِفُوا قَدْ نِلْتُمُ مَغْنَمَا
مَاتَ الوَزِيْرُ ابْنُ يزدَاذ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 35".(10/48)
2101- عبد الرحمن بن بشر 1: "خ، م، د، ق"
ابن الحكم بن حَبِيْبِ بنِ مِهْرَانَ، المُحَدِّثُ الحَافِظُ الجَوَّادُ الثِّقَةُ الإمام أبو محمد بن الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَبْدِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
أَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ: أَخْبَرَنَا أَكملُ العَلَوِيُّ أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ زُنبورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَكِيْمٍ حَدَّثَنِي الحَكَمُ بنُ أَبَانَ حَدَّثَنِي أَبُو هَارُوْنَ العُمَانِيُّ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ جِبْرِيْلَ حَدَّثَهُ قَالَ: إِنَّ اللهَ قَضَى أَوْ إِنَّ اللهَ قَالَ: يُؤْتَى بِحَسَنَاتِ العَبْدِ وَسَيِّئاتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُقْضَى بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَإِنْ بَقِيَتْ حسنة وسع له الجنة ما شاء".
مَوْلِدُهُ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
واعتنَى بِهِ أَبُوْهُ، وَارْتَحَلَ بِهِ، وَلقيَ الكِبَارَ وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّدَ.
رَوَى عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وَبَهْزِ بنِ أَسَدٍ وعبد
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1011"، وتاريخ بغداد "10/ 27"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 25"، والكاشف "2/ ترجمة "3189"، والعبر "2/ 148"، وتهذيب التهذيب "6/ 144"، وتقريب التهذيب "1/ 473"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4036".(10/48)
الرَّزَّاقِ بنِ هَمَّامٍ، وَمَعْنِ بنِ عِيْسَى، وَيَعْلَى وَمُحَمَّدِ ابْنَي عُبَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ العَدَنِيُّ وَالحُسَيْنِ بنِ الوَلِيْدِ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ وَحَفْصِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دُوَادٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَمَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ وَأَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَارُوْدُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَمِّ وَالِدِهِ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ حَبِيْبٍ الفَرَّاءُ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ ابنِ عمِّي يَقُوْلُ: كُنَّا نكتبُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَأَبُوْهُ يلعبُ بِالحَمَامِ، وَكَانَ ابْنُ بشرٍ مَوْصُوفاً بطِيبِ الصّوتِ.
قَالَ مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ الأَمِيْرُ يحضرُ بِاللَّيْلِ مُتَنَكِّراً إِلَى مَسْجِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ليسمعَ قرَاءتَهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ: أَقَامَنِي يَحْيَى القطَّانُ فِي مَجْلِسهِ فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُم عَنِّي هَذَا الصَّبيُّ فصدقوه فإنه كيس.
قُلْتُ: كَانَ ارتحَالُ أَبِيْهِ بِهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَهُوَ نَحْوُ المُحْتَلِمِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بشرٍ يَقُوْلُ: حملنِي أَبِي عَلَى عَاتِقِهِ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ أَنَا بِشْرُ بنُ الحَكَمِ سَمِعَ أَبِي مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَسَمِعْتُ أَنَا مِنْهُ، وَحدَّثْتُ عَنْهُ بِخُرَاسَانَ وَهَذَا ابْنِي قَدْ سَمِعَ مِنْهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: احتلمْتُ بِاليَمَنِ مَعَ أَبِي.
قُلْتُ: آخرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الدُّنْيَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُذَكِّرُ شَيْخٌ لِلْحَاكِمِ ضَعِيْفٌ.
سَمِعْنَا عَوَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ لزَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: احتلمْتُ فَدَعَا أَبِي عَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَأَصْحَابَ الحَدِيْثِ الغربَاءَ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ قَالَ: اشهدُوا أَنَّ ابْنِي قَدِ احْتَلَمَ وَهوَ ذَا يَسْمَعُ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
قُلْتُ: هَذَا الإِعلاَمُ إِيلاَمٌ لِلصبِيِّ وتخجيل له.(10/49)
رُوِيَ أَنَّ الأَمِيْرَ عَبْدَ اللهِ بنَ طَاهِرٍ قَالَ: مَا بِخُرَاسَانَ رَجُلٌ أَحسنُ عقلاً مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ.
قَالَ مُسَدَّدُ بنُ قَطنَ: لَمَّا تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى عَقَدَ مُسْلِمٌ مَجْلِساً لخَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ فَكَانَ يَحْضُرُ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، وَينتقِي لَهُ مُسْلِمٌ شرطَهُ فِي الصَّحِيْحِ فيُمْلِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَجْلِسُ إِمْلاَءٍ قبلَهَا.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بشرٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاس وَكَانَ يَقْرَأُ: {فَعَدَلَك} [الإِنفطَار: 7] فَخفّفَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ: قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ يَا بُنيَّ، إِنْ كُنْتَ تُرِيْدُ أَحَادِيْثَ شُعْبَةَ، فَعَلَيْكَ بِبَهْزِ بنِ أَسَدٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: أَمرَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ أَسَامِي الأَعْيَانِ بِنَيْسَابُوْرَ، فكتبُوا مائَةَ نَفْسٍ ثُمَّ قَالَ: تختَارُ مِنَ المائَةِ عَشْرَةً فكتبُوا أَسْمَاءَ عَشْرَةٍ قَالَ: تختَارُ مِنْهُم أَرْبَعَةً فَكَانَ مِنَ الأَرْبَعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ: بكَّرْتُ يَوْماً عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ فِي تزويجِ أُخْتِ امْرَأَةِ مُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ، فَرَأَيْتُهُ فِي المَسْجَدِ، فَقَالَ: مَا بكَّرَ بِكَ اليَوْمَ? قُلْتُ: عَبْدُ الوَاحِدِ الصَّفَّارُ سَأَلَنِي أَنْ أَجيئكَ لتُزَوِّجَ ابْنَتَهُ فَقَالَ: مَا حضَرتُ تزويجاً قَطُّ إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ قَوْلِهِم لِلْخَاطبِ: قَبِلْتَ هَذَا النِّكَاحَ، وَلَهَا مِنَ المهرِ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ فِي نَفْسِي: شقيتَ شقَاءً لاَ تُسْعدُ بَعْدَهُ أَبَداً.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ وَالاَنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بِشْرٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: غَضَبُ اللهِ دَاءٌ لاَ دوَاءَ لَهُ.
قُلْتُ: دواؤُهُ كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ بِالأَسحَارِ، وَالتَّوبَةُ النَّصوحُ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ لَيْلَةَ الأَرْبعَاءِ لثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيْعٍ الآخرِ سنَةَ سِتِّيْنَ، وَمائَتَيْنِ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ فكبَّرَ أَرْبَعاً، وَسلَّمَ تسليمَةً وَاحِدَةً ثُمَّ جَاءَ يَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ إِلَى القَبْرِ فِي زِحَامٍ كَثِيْرٍ فَصَلَّى بِهِم عَلَى القَبْرِ.
أَبُوْهُ الإِمَامُ الزَّاهِدُ الثِّقَةُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ أَبُو عبد الرحمن:(10/50)
2102- بِشْرُ بنُ الحَكَمِ العَبْدِيُّ 1: "خَ، م، س"
مِنْ جِلَّةِ أَهْلِ نَيْسَابُوْرَ. وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ.
رَوَى عَنْ: أَبِي شَيْبَةَ العَبْسِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ وَشَرِيْكٍ القَاضِي، وَمُسْلِمٍ الزَّنْجِيِّ وَعَبْدِ رَبِّهِ بنِ بارقٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الرِّجَالِ وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَخَلْقٍ وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ وَلَدِهِ وَأَوْسَعُ رِوَايَةً.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَمِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ وَمُسَدَّدُ بنُ قطن.
وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ.
قَالَ الحُسَيْنُ القَبَّانِيُّ: مَاتَ بشرٌ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا ابْنُ دَلَّوَيه: مَاتَ سَنَةَ سبع.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 447"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 89".(10/51)
2103- العطار 1: "فَق"
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الصَّدُوْقُ أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ غَالِبٍ، البَغْدَادِيُّ العَطَّارُ الضَّرِيْرُ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عُلَيَّةَ، وَعَبِيدَةَ بنِ حُمَيْدٍ وَمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي أُسَامَةَ وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ فِي "تَفْسِيْرهِ"، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْجٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَامضُ، وَالمَحَامِلِيُّ وَابْنُ مَخْلَدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: عِنْدِي حَدِيْثُهُ بِعُلُوٍّ مرَّ فِي سيرَةِ مَالِكٍ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1451"، وتاريخ بغداد "5/ 306"، وتهذيب التهذيب "9/ 189"، وتقريب التهذيب "2/ 164"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6254".(10/51)
2104- أحمد بن شيبان 1:
ابن الوليد بن حيان، المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، الصَّدُوقُ أَبُو عَبْدِ المُؤْمِنِ الرَّمْلِيُّ.
سَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدَ المَجِيْدِ بنَ روَّادٍ، وَعَبْدَ المَلِكِ الجُدِّيَّ، وَمُؤَمَّلَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ السَمَرْقَنْدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُخْطِئُ.
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ في الخليعات، وَفِي الثَّقَفيَّاتِ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وستين، ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 72"، وميزان الاعتدال "1/ 103"، والعبر "2/ 38"، وتهذيب التهذيب "1/ 39"، ولسان الميزان "1/ 185".(10/52)
2105- محمد بن عبد الملك 1: "4"
ابن زنجويه الحَافِظُ، الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ الغَزَّالُ الفَقِيْهُ صَاحِبُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
سَمِعَ: يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَزَيْدَ بنَ الحُبَابِ وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيَّ، وَطَبَقَتَهُم وَلَهُ رِحْلَةٌ شَاسعَةٌ، وَمَعْرِفَةٌ جيدَةٌ وَتَوَالِيْفٌ.
حدث عَنْهُ أَرْبَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، وَأَبُو يَعْلَى وَالبَغَوِيُّ وَابْنُ صَاعِدٍ وَالمَحَامِلِيُّ، وَأَخُوْهُ قَاسمٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
يقع لي من عواليه.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 20"، وتاريخ بغداد "2/ 345"، والكاشف "3/ ترجمة 5094"، والعبر "2/ 17"، وتهذيب التهذيب "9/ 318"، وتقريب التهذيب "2/ 186"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6458"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 138".(10/52)
2106- زكرويه 1:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ الصَّدُوْقُ، أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ أَسَدٍ المَرْوَزِيُّ نَزِيْلُ بغَدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ، وَمَعْرُوْفٍ الكَرْخِيِّ وَهُوَ صَاحِبُ جزءِ ابْنِ عُيَيْنَةَ الذي عند السلفي.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ المنَادَى، وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بأسَ بِهِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ فَلَمْ يُصبْ أَكْثَرُ مَا تَعَلَّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ، وَهَذَا قَدْحٌ بَارِدٌ وَذكرَ أَنَّهُ يُلَقَّبُ جُوذَابه.
مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ قَارَبَ المائَةَ وآخرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً الأَصَمُّ، وَآخِرُ مَنْ رَوَى فِي الدُّنْيَا عَنْ أَصْحَابِ الأَصَمِّ هَذَا الجُزْءَ هُوَ عَبْدُ الغفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَوِيُّ البَاقِي إِلَى سَنَةِ عَشْرٍ وَخَمْسِ مائَةٍ بنيسابور.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 460"، وميزان الاعتدال "2/ 80"، والعبر "2/ 45"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 160"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 77".(10/53)
2107- يونس بن عبد الأعلى 1: "م، س، ق"
ابن ميسرة بن حَفْصِ بنِ حَيَّانَ الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو موسى الصَّدَفيُّ المِصْرِيُّ المُقْرِئُ الحَافِظُ، وَأُمُّهُ فُلَيْحَةُ بِنْتُ أَبَانَ التُّجِيبِيَّةُ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ فِي ذِي الحِجَّةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وعبد الله بن، وهب والوليد بن مسلم وَمَعْنِ بنِ عِيْسَى، وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَأَبِي ضَمْرَةَ اللَّيْثِيِّ، وَبِشْرِ بنِ بَكْرٍ التِّنِّيْسِيِّ، وَأَيُّوْبَ بنِ سُوَيْدٍ وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ الصَّائِغِ، وَسَلاَمَةَ بنِ رَوْحٍ ومحمد بن عبيد الطنافسي ويحيى
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1022"، والأنساب للسمعاني "8/ 44"، واللباب لابن الأثير "2/ 236"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 853"، والكاشف "3/ ترجمة 6588"، والعبر "2/ 29"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9909"، وتهذيب التهذيب "11/ 440"، وتقريب التهذيب "2/ 385، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 149"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 49".(10/53)
بنِ حَسَّانٍ، وَأَشْهَبَ الفَقِيْهِ وَيَنْزِلُ إِلَى نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ بَلْ وَإِلَى أَنْ رُوِيَ عَنْ تلمِيذِهِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى وَرْشٍ صَاحِبِ نَافِعٍ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ وَعُمَرُ بنُ بُجَيْر وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ سَلاَمَةَ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَامِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُفْيَانَ بنِ سَعِيْدٍ المِصْرِيُّ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو الفَوَارِسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّنْدِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ: مَوَاسُ بنُ سَهْلٍ المِصْرِيُّ، وأحمد بن محمد الوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الهَيْثَمِ دُلْبَةٌ وَعَبْدُ اللهِ بنُ الرَّبِيْعِ المَلَطِيُّ شَيْخٌ لِلْمُطَّوِّعِيِّ، وَسَمِعَ مِنْهُ الحُرُوْفَ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأُسَامَةُ بنُ أَحْمَدَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ جَرِيْرٍ وَمُحَمَّدُ بنُ الرَّبِيْعِ الجِيزِيُّ، وَغَيْرهُم.
وَكَانَ كَبِيْرَ المُعدِّلينَ وَالعُلَمَاءِ فِي زَمَانِهِ بِمِصْرَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ التِّنِّيْسِيُّ: يونُسُكُم هَذَا ركنٌ مِنْ أَركَانِ الإِسْلاَمِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يُوَثِّقُهُ وَيرفعُ مِنْ شَأْنِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا الطَّاهِرِ بنَ السَّرْحِ يَحُثُّ عَلَى يُوْنُسَ وَيُعَظِّمُ شَأْنَهُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ قُدَيْدٍ: كَانَ يَحْفَظُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: كَانَ ذَا عقلٍ لَقَدْ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَا أَبَا الحَسَنِ انْظُر إِلَى هَذَا البَابِ الأَوَّلِ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجَدِ الجَامِعِ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا يدخُلُ مِنْ هَذَا البَابِ أَحَدٌ أَعقلُ من يونس بن عبد الأعلى.
وَقَالَ حَفِيْدُهُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ: دِعْوَتُهُم فِي الصَّدَفِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَنْفُسِهِم وَلاَ مَوَاليهِم.
تُوُفِّيَ غدَاةَ يَوْمِ الاثْنَيْنِ ثَانِي رَبِيْع الآخرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.(10/54)
قُلْتُ: عَاشَ أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً. وَوَقَعَ لِي جُمْلَةٌ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ فِي "الخِلَعِيَّاتِ"، وَفِي أَمَاكنَ مُخْتَلِفَةٍ وَبَيْنَ مَشَايِخنَا وَبَيْنَهُ خَمْسَةُ أَنفُسٍ وَلَقَدْ كَانَ قُرَّةَ عَيْنٍ مُقَدَّماً فِي العِلْمِ وَالخَيْرِ وَالثِّقَةِ.
وَأَمَّا الحَدِيْثُ الَّذِي انفردَ بِهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ، حَدِيْثُ: "لاَ مَهْدِيَّ إلَّا عِيْسَى"1، فَلَعَلَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، فدَلَّسَهُ. وَقَدْ رَأَيْتُ أَصْلاً عتيقاً يَقُوْلُ فِيْهِ: حُدِّثْتُ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
__________
1 منكر: أخرجه ابن ماجه "4039"، والحاكم "4/ 441"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "1/ 155" من طريق مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ الجَنَدِيِّ، عَنِ أبَانَ بنِ صالح، عن الحسن، عن أنس مرفوعًا بلفظ: "لاَ يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلاَّ شِدَّةً، وَلاَ الدُّنْيَا إِلاَّ إِدْبَاراً، وَلاَ النَّاسُ إِلاَّ شُحّاً وَلاَ تَقُوْمُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلاَ مهدي إلا عيسى بن مريم".
قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل: الأولى: الحسن البصري، مدلس، وقد عنعنه.
الثانية: محمد بن خالد الجندي مجهول كما قال الحافظ في "التقريب". الثالثة. الاضطراب في إسناده.
قال البيهقي: قال أبو عبد الله الحافظ: "محمد بن خالد مجهول، واختلفوا عليه في إسناده، فرواه صامت بن معاذ قال: حدثنا يحيى بن السكن، حدثنا محمد بن خالد، به.
قالت صامت: عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء، فدخلت على محدث لهم، فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن مرسلًا، قال البيهقي: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي وهو مجهول عن أبان بن أبي عياش، وهو متروك عن الحسن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادًا نقله في "التهذيب".
وقال الذهبي في "الميزان": إنه خبر منكر، ثم ساق الرواية الأخيرة عن ابن أبي عياش عن الحسن مرسلًا ثم قال: "فانكشف ووهي".
وقال الصغاني عن هذا الحديث: موضوع، كما نقله الشوكاني في "الفوائد المجموعة" "ص195".(10/55)
2108- محمد بن إشكاب 1: "خَ، د، س"
الحَافِظُ الإِمَامُ الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُرِّ بنِ زعلاَنَ البَغْدَادِيُّ أَخُو عَلِيٍّ، وَأَبُوْهُمَا يُلَقَّبُ بِإِشكَابٍ وَمُحَمَّدٌ هُوَ الأَصغَرُ، وَالأَحْفَظُ.
سَمِعَ: عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ عَبْدِ الوَارِثِ، وَأَبَا النَّضْرِ هَاشِمَ بنَ القَاسِمِ وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عُمَرَ وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: وُلِدَ مُحَمَّدٌ فِي سَنَةِ إِحْدَى، وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وَمَاتَ يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ فِي سَنَةِ إِحدَى، وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وفيها مات أخوه:
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1262"، وتاريخ بغداد "2/ 223"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 599"، والكاشف "3/ ترجمة 4873"، وتهذيب التهذيب "9/ 121"، وتقريب التهذيب "2/ 155"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6151".(10/56)
2109- علي بن إشكاب 1: "د، ق"
بَعْدَهُ بِأَشْهُرٍ، وَهُوَ أَبُو الحَسَنِ محدث فاضل متقن.
سَمِعَ أَبَا مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرَ وَحَجَّاجَ بنَ مُحَمَّدٍ الأعور، وإسماعيل بن عُلَيَّةَ وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَبِيْعَةَ وَعِدَّةً.
وَطَالَ عُمُرُهُ وَتَزَاحَمَ عَلَيْهِ الطُلاَّبُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنِ سُرَيْجٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ وَالحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَيَّاش القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ عاليًا في جزء الحفاء.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى، وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 979"، وتاريخ بغداد "11/ 392"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 30"، والكاشف "2/ ترجمة 3957"، وتهذيب التهذيب "7/ 302"، وتقريب التهذيب "2/ 34"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4965".(10/56)
2110- ابن ملاس 1:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ الصَّدُوْقُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِشَامِ بنِ ملاَّسٍ النُّمَيْرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ الفَزَارِيِّ وَحَرْمَلَةَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ السُّكَّرِيِّ قَاضِي دِمَشْقَ، وَمُتَوَكِّلِ بنِ مُوْسَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفِيْدُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَصَائِرِيُّ وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَأَبُو حَامِدٍ بن حسنويه وعدة.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعَ مِنْهُ أَبِي وَهُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ الأَصَمُّ: سَأَلْتُهُ عَنْ سِنِّهِ فَقَالَ: أَنَا فِي أَرْبَعٍ، وَتِسْعِيْنَ وَلَقِيتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ، وَمائَةٍ لَمَّا حَجَجتُ وَكَثُرَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ.
قَالَ عَمْرُو بنُ دُحَيْمٍ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، وَمائَتَيْنِ وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ، وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ لَهُ جُزءٌ عَالٍ سَمِعْنَاهُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي القَاسِمِ بنِ رَوَاحَةَ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ قَايْمَازَ الكَافُوْرِيُّ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّابُوْنِيُّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ "ح"، وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ وَأَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بنُ مَنْصُوْرٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أُصِيْبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَتْ أُمُّهُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ قَدْ عَلِمْتَ مَنْزِلَ حَارِثَةَ مِنِّي فَإِنْ يَكُنْ فِي الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ تَرَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ: "جَنَّةٌ وَاحِدَةٌ?!! إِنَّهَا جَنَّاتٌ كَثِيْرَةٌ وإنه في الفردوس الأعلى" 2.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 519"، والعبر "2/ 47"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 160".
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 264"، والبخاري "2809" من حديث أنس، به.(10/57)
211- إبراهيم بن مرزوق 1: "س"
ابن دينار، الحَافِظُ الحُجَّةُ أَبُو إِسْحَاقَ، البَصْرِيُّ نَزِيْلُ مِصْرَ سَمِعَ أَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ وَعُثْمَانَ بنَ عُمَرَ وَمَكِّيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ وَعَبْدَ الصَّمَدِ بنَ عَبْدِ الوَارِثِ وَأَبَا عَامِرٍ العَقَدِيَّ وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ -فِيْمَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَحدَهُ- وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ وَأَبُو عَوَانَةَ وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ وَأَبُو الفَوَارِسِ السِّنْدِيُّ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمَائتينِ سَكَنَ مِصْرَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ في سنة اثنتين وتسعين وستمائة: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ أَخْبَرَنَا جَدِّيُّ أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ البُنِّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ أَخْبَرَنَا، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السِّنْدِيِّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَلْخِيُّ حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ عَنِ السِّمطِ بنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ مُوْسَى بنِ وَرْدَانَ عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ قَالَ: إِنَّ فِي الجَنَّةِ عَمُوداً مَنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ عَلَيْهَا كَذَا، وَكَذَا غُرْفَةٌ وَهُوَ مَنْزِلُ المُتَحَابِّيْنَ فِي اللهِ -عَزَّ وجلّ-2.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 439"، وميزان الاعتدال "1/ 65"، وتهذيب التهذيب "1/ 63"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 74".
2 منكر: في إسناده موسى بن عبيدة الربذي، قال أحمد: لا يكتب حديثه. وقال النسائي وغيره: ضعيف. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مَرَّةً. لا يحتج بحديثه. وقال يعقوب بن شيبة: صدوق ضعيف الحديث جدًّا. ثم إنه من رواية كعب بن ماتع الحميري المعروف بكعب الأحبار، قال المزي في ترجمته في "تهذيب الكمال" "24/ 193": ذكره البخاري في حديث حميد بن عبد الرحمن سمع معاوية يحدث رهطًا من قريش بالمدينة، وذكر كعب الاحبار، فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب.(10/58)
2112- الحسن بن أبي الربيع 1: "ق"
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ الصَّدُوْقُ، أَبُو عَلِيٍّ بنُ يَحْيَى بنِ الجَعْدِ العَبْدِيُّ الجُرْجَانِيُّ نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ أَبَا يَحْيَى الحِمَّانِيَّ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ فَأَكْثَرَ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ وَشَبَابَةَ بنَ سَوَّارٍ وَعَبْدَ الصَّمَدِ بنَ عَبْدِ الوَارِثِ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ البَلْخِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ وَالحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى القَطَّانُ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ عَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: مَاتَ فِي سَلخِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ وَأَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَالحَسَنُ بن عليٍّ قَالَ عِيْسَى: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْد، وَقَالَ الحَسَنُ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيْرٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ "ح". وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي قَالَ هُوَ، وَالسِّلَفِيُّ: أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ أَخْبَرَنَا زيدُ بنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ القَطَّانُ أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ، عُبَيْدِ اللهِ المُؤَدِّبُ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَبِي الرَّبِيْعِ حَدَّثَنَا وَهبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَافَرَ قَالَ: "اللَّهُمَّ بَلِّغْ بَلاَغاً يَبْلُغُ خَيْراً رِضْوَانَكَ والجنة إنك على كل شيء قدير".
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 188"، وتاريخ بغداد "7/ 453"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 44"، وتهذيب التهذيب "2/ 324"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1390".(10/58)
2113- سعدان 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ المُحَدِّثُ الصَّدُوْقُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعْدَانُ بنُ نَصْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ الثَّقَفِيُّ البَغْدَادِيُّ البَزَّازُ، وَإِنَّمَا اسْمُهُ سَعِيْدٌ فَلُقِّبَ بِسَعْدَانَ.
سَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ وَوَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ وَمُعَمَّرَ بنَ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيَّ، وَمُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ وَعَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ وَأَبَا قَتَادَةَ عَبْدَ اللهِ بنَ وَاقِدٍ وَشُجَاعَ بنَ الوَلِيْدِ وَسَلْمَ بنَ سَالِمٍ البَلْخِيَّ وَعُمَرَ بنَ شَبِيْبٍ المُسْلِيَّ، وَشَبَابَةَ بنَ سَوَّارٍ وَمُحَمَّدَ بنَ مُصْعَبٍ القَرْقَسَانِيَّ، وَمُوْسَى بن دَاوُدَ الضَّبِّيَّ وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بن أبي الله الدُّنْيَا، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ وَأَبو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ البَخْتَرِيِّ، وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيْحِهِ وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَرَائِطيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الله الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ. مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سنة خمس وستين ومائتين رحمه الله.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1256"، وتاريخ بغداد "9/ 205"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 41"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 149"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 51".(10/59)
2114- سعدان 1:
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ سَعْدَانُ بنُ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ، نَزِيْلُ سُرَّ مَنْ رَأَى.
سَمِعَ إسماعيل بن عُلَيَّةَ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَأَبَا بَدْرٍ السَّكُوْنِيَّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ وَابْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَثْرَمُ، وَالخرَائِطيُّ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أبو حاتم: صدوق.
قُلْتُ: مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَسِتِّيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1255"، وتاريخ بغداد "9/ 205"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 36"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 39".(10/60)
2115- المخرمي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الفَقِيْهُ الوَرِعُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ صَبِيْحٍ البَغْدَادِيُّ، المُخَرِّمِيُّ.
سَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بنَ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ وَعَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيَّ وَحَسَنَ بنَ صَالِحٍ العَبَّادَانِيَّ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي بُكَيْرٍ وَمُوْسَى بنَ هِلاَلٍ العَبْدِيَّ، وَرَوْحَ بنَ عُبَادَةَ وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ وَزَيْدَ بنَ الحُبَابِ، وَأَبَا سُفْيَانَ الحِمْيَرِيَّ وَأَسْبَاطَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَأَبَا بَدْرٍ السَّكُوْنِيَّ وَأَبَا أُسَامَةَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ صَاعِدٍ وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَابْنُ عَيَّاشٍ القَطَّانُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مِنْهُ مَعَ أَبِي، وَهُوَ صَدُوْقٌ قُلِّدَ القَضَاءَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَاخْتَفَى.
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَإِليه يُنْسَبُ "جُزْءُ" المُخَرِّمِيِّ، وَالمَرْوَزِيُّ الَّذِي عِنْدَ ابْنِ قُمَيْرَةَ بِعُلُوٍّ.
أَمَا الحَافِظُ الكَبِيْرُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ فقد ذكر.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 81"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 41"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 52".(10/60)
2116- محمد بن يحيى 1:
ابن موسى الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الإِسْفَرَايِيْنِيُّ يُلَقَّبُ: حَيَّوَيْه.
رَوَى عَنْ: أَبِي النَّضْرِ، وَسَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَأَبِي مُسْهِرٍ وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ الحَافِظُ أَبُو عَوَانَةَ يَفْتَخِرُ بِهِ، يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ يَحيَانَا، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحيَاكُم يَعْنِي: الذُّهْلِيَّ، وَقِيْلَ: إِنَّ حَيَّوَيْه لَقَبٌ لأَبِيْهِ يَحْيَى.
مَاتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ: يَوْمَ التَّرويَةِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَمائَتَيْنِ عن نيف وسبعين سنة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 577"، والعبر "2/ 19"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 188"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 140".(10/61)
2117- زهير بن محمد بن قمير 1: "ق"
ابن شعبة، الإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ المُحَدِّثُ الثَّبْتُ، أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْوَزِيُّ نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ رَوْحَ بنَ عُبَادَةَ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَأَبَا النَّضْرِ هَاشِمَ بنَ القَاسِمِ وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى وسنيد بن داود، وأبا نعيم وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ وَأَبُو العَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَيَّاشٍ وَعِدَّةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً صَادِقاً وَرِعاً زَاهِداً انْتَقَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ عَنْ بَغْدَادَ إِلَى طَرَسُوْسَ فَرَابطَ بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
قَالَ البَغَوِيُّ: مَا رَأَيْتُ بَعْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَفْضَلَ مِنْهُ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَشْتهِي لَحماً مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَلاَ آكُلُهُ حَتَّى أَدخُلَ الرُّوْمَ فَآكُلُ مِنْ مَغَانِمِ الرُّوْمِ.
وحَدَّثَنِي وَلدُهُ مُحَمَّدُ بنُ زُهَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبِي يَجْمَعُنَا فِي، وَقْتِ خَتمِهِ لِلْقُرْآنِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَلَيلَةٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يَختِمُ تِسْعِيْنَ خَتمَةً فِي رَمَضَانَ.
مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ، وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَخَمْسِيْنَ.
قُلْتُ: مَاتَ عَنْ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
يَا حَبَّذَا مَرْوُ وَمَا أَخْرَجَتْ ... مِنْ سَادَةٍ فِي العِلْمِ والدين
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2681 "، وتاريخ بغداد "8/ 484"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 127" والمنتظم لابن الجوزي "5/ 4"، وتذكرة الحفاظ "2/ 572 "، والعبر "2/ 14"، والكاشف "1/ ترجمة 1681"، وتهذيب التهذيب "3/ 347"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2170"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 136".(10/62)
2118- ابن مثرود 1: "د، س"
الإِمَامُ الفَقِيْهُ المُحَدِّثُ، أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَثْرُودٍ الغَافِقِيُّ مَوْلاَهُمُ، المِصْرِيُّ مِنْ ثِقَاتِ المُسْنِدِيْنَ.
سَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قال النسائي: لا بأس به. وقال ابن أَبِي حَاتِمٍ: تُوُفِّيَ قَبْلَ قُدُوْمِي مِصْرَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى، وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ رَحِمَهُ اللهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيُّ، وَشُعَيْبُ بنُ أَيُّوْبَ الصَّريفِيْنِيُّ وَأَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بنُ زِيَادٍ السُّوْسِيُّ، وَعَلِيُّ بن إشكاب وأخوه محمد وعلي بن سهل الرَّمْلِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ القُشَيْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ سعيد بن غالب العطار وخلق.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1507"، واللباب لابن الأثير "1/ 30"، والكاشف "2/ ترجمة 4434"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6550"، وتهذيب التهذيب "8/ 205"، وتقريب التهذيب "2/ 97"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5556".(10/62)
2119- الفاخوري 1: "س، ق"
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ بنِ أَبَانٍ الرَّمْلِيُّ الفَاخُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَضَمْرَةَ بنِ رَبِيْعَةَ، وَابْنِ شَابُوْرَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَتَّابٍ الزِّفْتِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّمْلِيُّ القُدوْرِيُّ، وَابْنُ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ بنِ فَيَّاضٍ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أربع وستين ومائتين من أبناء التسعين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1619"، والأنساب للسمعاني "9/ 209"، واللباب لابن الاثير "2/ 401"، وميزان الاعتدال "3/ 328"، وتهذيب التهذيب "8/ 236-237"، وتقريب التهذيب "2/ 103"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5614".(10/63)
2120- أحمد بن الأزهر 1: "س، ق"
ابن منيع بن سليط الإمام الحافظ الثبت، أبو الأزهر العبدي، النَّيْسَابُوْرِيُّ، مُحَدِّثُ خُرَاسَانَ فِي زَمَانِهِ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
رَأَى سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَمَا أَدْرِي لِمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
وَسَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ، وَأَسْبَاطَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَمَالِكَ بنَ سُعَيْرٍ وَيَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ وَيَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ وَأَنَسِ بنِ عِيَاضٍ اللَّيْثِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ القَدَّاحَ، وَأَبَا أُسَامَةَ وَمُحَمَّدَ بنَ بِشْرٍ، وَابْنَ أَبِي فُدَيْكٍ وَمَرْوَانَ بنَ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيَّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم بِالحِجَازِ، وَاليَمَنِ وَالشَّامِ وَالكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ وَخُرَاسَانَ وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيقَاهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْخُهُ يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ وموسى بن
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 11"، وتاريخ بغداد "4/ 39، وتذكرة الحفاظ "2/ 565"، وميزان الاعتدال "1/ 82"، والعبر "2/ 26"، وتهذيب التهذيب "1/ 11"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 146".(10/63)
هَارُوْنَ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَمِمَّنْ قِيْلَ رَوَى عَنْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الله الدَّارِمِيُّ، وَالبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَهُوَ ثِقَةٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ غاية ما نقموا عليه ذاك الحَدِيْثُ فِي فَضْلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَلاَ ذَنبَ لَهُ فِيْهِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَبُو الأَزْهَرِ هَذَا كتبَ الحَدِيْثَ، فَأَكْثَرَ، وَمَنْ أَكْثَرَ لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِي حَدِيْثِهِ الوَاحِدُ، وَالاثنَانِ، وَالعشرَةُ مِمَّا يُنْكَر.
وَسَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيِّ يَقُوْلُ: قيلَ لِي: لِمَ لَمْ ترحلْ إِلَى العِرَاقِ? فَقُلْتُ: وَمَا أَصنَعُ بِالعِرَاقِ? وَعندنَا مِنْ بنَادِرَةِ الحَدِيْثِ ثَلاَثَةٌ: الذُّهْلِيُّ وَأَبُو الأَزْهَرِ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا الأَزْهَرِ يَقُوْلُ: كتبَ عَنِّي يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
وَقَالَ مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ: سَأَلْتُ مسلماً عَنْ أَبِي الأَزْهَرِ فَقَالَ: اكتب عنه.
قَالَ الحَاكِمُ: وَلَعَلَّ مُتَوهِّماً يتوهَّمُ أَنَّ أَبَا الأَزْهَر فِيْهِ لينٌ لقولِ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي مُصنَّفَاتِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ، وَكَتَبْتُهُ مِنْ كِتَابِهِ وَلَيْسَ كَمَا يُتَوَهمُ فَإِنَّ أَبَا الأَزْهَرِ كُفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ لاَ يَحْفَظُ حديثه فربما قرىء عَلَيْهِ فِي الوَقْتِ بَعْدَ الوَقْتِ فَقيَّدَ أَبُو بَكْرٍ بسَمَاعَاتِهِ مِنْهُ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ المُذَكِّرُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الأَزْهَرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَظَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِيٍّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: "أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا سَيِّدٌ فِي الآخِرَةِ حَبِيْبُكَ حَبِيْبِي، وَحَبِيْبِي حَبِيْبُ اللهِ وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللهِ فَالوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ بَعْدِي"1.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَ بِهِ ابْنُ الأَزْهَرِ بِبَغْدَادَ فِي حَيَاةِ أَحْمَدَ وَابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَابْنِ مَعِيْنٍ، فَأَنْكَرَهُ مَنْ أَنْكَرَهُ حَتَّى بين لِلْجَمَاعَةِ أَنَّ أَبَا الأَزْهَرِ بَرِيْءُ السَّاحَةِ مِنْهُ فإن محله محل الصادقين.
__________
1 ضعيف جدًّا: في إسناده محمد بن علي بن عمر المذكر، أبو علي النيسابوري، قال المزي في أثناء ترجمة أحمد بن الخليل أن المذكر من المعروفين بسرقة الحديث.(10/64)
وَقَدْ تُوبِعَ عَلَيْهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حمدُوْنَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سُفْيَانَ النَّجَّارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزَّاقِ فَذَكَرَهُ، وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ يَقُوْلُ: لَمَّا حَدَّثَ أَبُو الأَزْهَرِ بِحَدِيْثِهِ عن عبد الرزاق فِي الفَضَائِلِ أُخْبِرَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ بِذَلِكَ فَبينَا هُوَ عِنْدَ يَحْيَى فِي جَمَاعَةِ أَهْلِ الحَدِيْثِ إِذْ قَالَ يَحْيَى: مَنْ هَذَا الكَذَّابُ النَّيْسَابُوْرِيُّ الَّذِي حَدَّثَ بِهَذَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ? فَقَامَ أَبُو الأَزْهَرِ فَقَالَ: هوذا أَنَا فَتَبَسَّم يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَسْتَ بِكَذَّابٍ وَتَعَجَّبَ مِنْ سَلاَمتِهِ وَقَالَ: الذَّنْبُ لِغَيْرِكَ فِيْهِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيِّ وَسُئِلَ عَنْ حَدِيْثِ أَبِي الأَزْهَرِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي فضلِ عَلِيٍّ فَقَالَ: هَذَا حَدِيْثٌ بَاطِلٌ ثُمَّ قَالَ: وَالسَّبَبُ فِيْهِ أَنَّ مَعْمَراً كَانَ لَهُ ابْنُ أَخٍ رَافِضِيٌّ، وَكَانَ مَعْمَرٌ يُمَكِّنُهُ مِنْ كُتُبِهِ فَأَدْخَلَ هَذَا عَلَيْهِ، وَكَانَ مَعْمَرُ رَجُلاً مَهِيْباً لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي السُّؤَالِ، وَالمرَاجعَةِ فَسَمِعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي كِتَابِ ابْنِ أَخِي مَعْمَرٍ.
قُلْتُ: وَلِتَشَيُّعِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ سُرَّ بِالحَدِيْثِ، وَكَتَبَهُ وَمَا رَاجَعَ مَعْمَراً فِيْهِ وَلَكِنَّهُ مَا جَسَرَ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ لِمِثْلِ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِيْنٍ وَعلِيٍّ بَلْ وَلاَ خَرَّجَهُ فِي تَصَانِيْفِهِ، وَحدَّثَ بِهِ وَهُوَ خَائِفٌ يترقَّبُ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدٍ البَزَّازَ سَمِعْتُ مَكِّيَّ بنَ عبدَانَ سَمِعْتُ أَبَا الأَزْهَرِ يَقُوْلُ: خَرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِلَى قَرْيَتِهِ فَبَكَّرْتُ إِلَيْهِ يَوْماً حَتَّى خَشِيْتُ عَلَى نَفْسِي مِنَ البُكُورِ قَالَ: فَوَصَلتُ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا خَرَجَ رَآنِي فَقَالَ: كُنْتَ البَارِحَةَ هَا هُنَا? قُلْتُ: لاَ وَلَكِنِّي خَرَجتُ فِي اللَّيْلِ فَأَعجَبَهُ ذَلِكَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صلاة الصُّبْحِ دَعَانِي، وَقرَأَ عَلَيَّ هَذَا الحَدِيْثَ وَخَصَّنِي بِهِ دُوْنَ أَصْحَابِي.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يخرجُ إِلَى قَرْيَةٍ فَذَهَبْتُ خَلْفَهُ فرآنِي أَشْتَدُّ فَقَالَ: تعَالَ فَأَرْكَبَنِي خَلْفَهُ عَلَى البغلِ ثُمَّ قَالَ لِي: إلَّا أُخْبِركَ بِحَدِيْثٍ غَرِيْبٍ? قُلْتُ: بَلَى فَحَدَّثَنِي بِالحَدِيْثِ فذكرَهُ قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَغْدَادَ أَنْكَرَ عليَّ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَهَؤُلاَءِ فحلفْتُ أَنِّي لاَ أُحَدِّثُ بِهِ حَتَّى أَتصدَّقَ بِدِرْهَمٍ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَدْ أَخْرَجَ فِي الصَّحِيْحِ عَمَّنْ هُوَ دُوْنَ أَبِي الأَزْهَرِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَامِدٍ بنِ الشَّرْقِيِّ، قَالَ: كَانَ عِنْدَ أَبِي الأَزْهَرِ عَنْ شُيُوْخٍ لَمْ يكن عند(10/65)
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى عَنْهُم، وَهُم: ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيُّ: مَاتَ أَبُو الأَزْهَرِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ فِي تَارِيْخِهِ: مَاتَ فِي أَوّلِ سنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ أَثْبَتُ.
وَمَاتَ فِيْهَا أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ المَوْصِلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ أَبِي الرَّبِيْعِ الجُرْجَانِيُّ، وَالحَافِظُ مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ تِلْمِيْذُ ابْنِ مَعِيْنٍ، وَالإِمَامُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ الرَّقِّيُّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيُّ إِمْلاَءً حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي أَوْفَى: رَجَمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-? قَالَ: نعم قلت: بعدما نَزَلَتِ النُّوْرُ أَمْ قَبْلَهَا? قَالَ: لاَ أَدْرِي1.
وسمعناه بطرق إلى السلفي.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6840"، ومسلم "1702".(10/66)
2121- عمر بن شبة 1: "ق"
ابن عبدة بن زَيْدِ بنِ رَائِطَةَ، العَلاَّمَةُ الأَخْبَارِيُّ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو زَيْدٍ، النُّمَيْرِيُّ البَصْرِيُّ النَّحْوِيُّ نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ يَحْيَى بن سَعِيْدٍ القَطَّانَ، وَيُوْسُفَ بنَ عطيَّه، وَعُمَرَ بنَ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيَّ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ، وَعَبْدَ الأَعْلَى السَّامِيَّ، وَغُنْدَراً ومُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ وَعَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ وَأَبَا زُكيرٍ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ، وَأَبَا أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيَّ، وَعُبَيْدَ بنَ الطُّفَيْلِ وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ، وَأَبَا عَاصِمٍ النَّبِيْلَ وَأَبَا أُسَامَةَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً وَيَنْزِلُ إِلَى الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ بِحَدِيْثين، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَابْنُ صَاعِدِ وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَثْرَمِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الخرَائِطيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ الوَرَّاقُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ مَعَ أَبِي وَهُوَ صَدُوْقٌ صَاحِبُ عَرَبِيَّةٍ وَأَدَبٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: مُسْتَقِيْمُ الحَدِيْثِ، وَكَانَ صَاحِبَ أدب وشعر وأخبار، ومعرفة بأيام الناس.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً عَالِماً بِالسِّيَرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ وَكَانَ قَدْ نَزَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ بِسُرَّ مَنْ رَأَى وَتُوُفِّيَ بِهَا.
وَذكرَ عُمَرُ بنُ شَبَّةَ أَنَّ اسْمَ أَبِيْهِ زيدٌ، وَلقَبَهُ شَبَّه لأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ تُرَقِّصُهُ وَتَقُوْلُ:
يَا بأَبِي وَشبّا ... وَعَاشَ حَتَّى دبّا
شَيْخاً كَبِيْراً خبّا
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: مَاتَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى يَوْم الاثْنَيْن لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ، وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ وَكَانَ قَدْ جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ كَذَا قَالَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البَرْبَرِيُّ: مَوْلِدُهُ أَوَّلَ رَجَبٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ قَالَ: وَمَاتَ يَوْمَ الخَمِيْسِ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ فكَملَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً إلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ.
قُلْتُ: صَنَّفَ تَارِيْخاً كَبِيْراً للبصرَةِ لَمْ نرَهُ، وَكِتَاباً فِي "أَخْبَارِ المَدِيْنَةِ" رَأَيْتُ نصفَهُ يقضِي بِإِمَامَتِهِ وَصَنَّفَ "أَخْبَارَ الكُوْفَةِ" وَ "أَخْبَارَ مَكَّةَ" وَكِتَابَ "الأَمرَاءِ" وَكِتَابَ "الشِّعْرِ وَالشُّعرَاءِ" وَكِتَابَ "أَخْبَارِ المَنْصُوْرِ" وَكِتَابَ "النَّسَبِ" وَكِتَابَ "التَّارِيْخِ" فِي أَشْيَاءَ كَثِيْرَةٍ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 624 "، وتاريخ بغداد "11/ 208"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 60-62"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 491"، والعبر "1/ 362"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 533"، والكاشف "2/ ترجمة 4135"، وتهذيب التهذيب "7/ 460"، وتقريب التهذيب "2/ 57"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5181"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 146".
ووقع في الجرح والتعديل "ابن عبيدة"، وليس "ابن عبدة"، وكذلك وقع في معجم الأدباء وفي تهذيب الكمال كلهم قالوا: "ابن عبيدة".(10/67)
وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِ عُمَرَ بنِ شَبَّةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ شَبَّةَ حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جدِّهِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُعَلِّمُ عَلَى أَشْرَافِ حَرَمِ المَدِيْنَةِ فَأَعْلَمْتُ شَرَفَ ذَاتِ الجَيْشِ، وَعَلَى مُشَيْرِفِ وَعَلَى أَشْرَافِ مَحِيصَ، وَعَلَى الحَفْيَاءِ، وَعَلَى العُشْرَاءِ وَعَلَى قَلْتٍ1.
وَفِيْهَا مَاتَ: سَعْدَانُ بنُ يَزِيْدَ البَزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ الثَّقَفِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ صَاحِبُ المُسْنَدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذٍ وَعَبَّادُ بنُ الوَلِيْدِ الغُبَرِيُّ، وَحَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ الجَوْهَرِيُّ.
__________
1 ضعيف جدًّا: فيه عبد العزيز بن عمر الزهري المدني، قال البخاري: لا يكتب حديثه. وقال النسائي وغيره: متروك. والحديث عند الطبراني في "الأوسط" "9144".(10/68)
2122- الرياشي 1: "د"
عباس بن الفرج، العلامة الحافظ، شيخ الأدب، أبو الفضل الرِّيَاشِيُّ البَصْرِيُّ النَّحْوِيُّ مَوْلَى مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ العَبَّاسِيِّ الأَمِيْرِ، وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ عبداً لِرَجُلٍ مِنْ جُذَام اسْمُهُ رِيَاش.
وُلِدَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ طَائِفَةٍ كَثِيْرَةٍ، وَحملَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بنِ المُثَنَّى، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَالأَصْمَعِيِّ وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَأَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَأَشْهلِ بنِ حَاتِمٍ وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهبِيِّ، وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ اليَمَامِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ ومسلم بن إبراهيم، والعلاء ابن أَبِي سَوِيَّةَ المِنْقَرِيِّ وَمُسَدَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: أَبوَ دَاوُدَ كَلاَمَهُ فِي تَفْسِيْر أَسنَانِ الإِبلِ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ وَابْنُ أَبِي الدنيا وابنه
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1170" وتاريخ بغداد "12/ 138"، والأنساب للسمعاني "6/ 209"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 320"، والكاشف "2/ ترجمة 2631"، وتذكرة الحفاظ "2/ 502"، وتهذيب التهذيب "5/ 124"، وتقريب التهذيب "1/ 298"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3358"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 136".(10/68)
مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ، وَأَبُو العَبَّاسِ المُبَرِّدُ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمِيرَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيُّ القَاضِي وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ وَأَبُو رَوقٍ الهزَّانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُم وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ رَاوياً لِلأَصْمَعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ السّيرَافيُّ: كَانَ الرِّيَاشِيُّ حَافِظاً لِلُّغَةِ، وَالشِّعْرِ كَثِيْرَ الرِّوَايَةِ عَنِ الأَصْمَعِيِّ، وَأَخَذَ أَيْضاً عَنْ غَيْرِهِ أَخَذَ عَنْهُ المُبَرِّدُ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ وَكَانَ عِنْدَهُ أَخْبَارُ الرِّيَاشِيِّ قَالَ: كُنَّا نرَاهُ يَجِيْءُ إِلَى أَبِي العَبَّاسِ المُبَرِّدِ فِي قَدْمَةٍ قَدمهَا مِنَ البَصْرَةِ، وَقَدْ لَقِيَهُ أَبُو العَبَّاسِ ثعلبٌ، وَكَانَ يُفَضِّلُهُ وَيُقَدِّمُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَدِمَ الرِّيَاشِيُّ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا وَكَانَ ثِقَةً وَكَانَ مِنَ الأَدَبِ، وَعلمِ النَّحْوِ بِمحَلٍّ عَالٍ كَانَ يَحْفَظُ كُتُبَ أَبِي زَيْدٍ، وَكُتُبَ الأَصْمَعِيِّ كُلَّهَا وَقَرَأَ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ المَازِنِيِّ "كِتَابَ" سِيْبَوَيْه فَكَانَ المَازِنِيُّ يَقُوْلُ: قَرَأَ عليَّ الرِّيَاشِيُّ الكِتَابَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قتلتْهُ الزَّنْجُ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: لَمَّا كَانَ مِنْ دُخُوْلِ الزَّنْجِ البَصْرَة مَا كَانَ، وَقَتْلِهِم بِهَا مَنْ قَتَلُوا وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ بَلَغَنَا أَنَّهُم دَخَلُوا عَلَى الرِّيَاشِيِّ المَسْجَدَ بِأَسيَافِهِم وَالرِّيَاشِيُّ قَائِمٌ يصلي الضحى فضربوه بِالأَسيَافِ، وَقَالُوا: هَاتِ المَالَ فَجَعَلَ يَقُوْلُ: أَيُّ مَال أَيُّ مَال?!! حَتَّى مَاتَ فَلَمَّا خرجَتِ الزَّنْجُ عَنِ البَصْرَةِ دخلنَاهَا فمررْنَا ببنِي مَازِن الطَّحَّانين، وَهنَاكَ كَانَ يَنْزِلُ الرِّيَاشِيُّ فَدَخَلْنَا مَسْجِدَهُ فَإِذَا بِهِ مُلقَىً، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ القِبْلَةِ كَأَنَّمَا، وُجِّهَ إِلَيْهَا وَإِذَا بِشَمْلَةٍ تحركُهَا الرِّيْحُ، وَقَدْ تمزقَتْ وَإِذَا جَمِيْعَ خَلْقِهِ صَحِيْحٌ سِوَيٌّ لَمْ ينشَقَّ لَهُ بطنٌ، وَلَمْ يتغيَّرْ لَهُ حَالٌ إلَّا أَنَّ جلدَهُ قَدْ لَصِقَ بِعَظْمِهِ وَيبسَ، وَذَلِكَ بَعْد مقتلِهِ بِسنتينِ رَحِمَهُ اللهُ.
قُلْتُ: فِتْنَةُ الزَّنْجِ كَانَتْ عَظِيْمَةً، وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الشّيَاطينِ الدُّهَاةِ كَانَ طُرقيّاً أَوْ مُؤَدِّباً لَهُ نظرٌ فِي الشِّعْرِ، وَالأَخْبَارِ وَيَظْهَرُ مِنْ حَالِهِ الزَنْدَقَةُ، وَالمروقُ ادَّعَى أَنَّهُ علوِيٌّ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَالتفَّ عَلَيْهِ قُطَّاعُ طَرِيْقٍ، وَالعَبيدُ السُّودُ مِنْ غلمَانِ أَهْلِ البَصْرَةِ حَتَّى صَارَ فِي عِدَّةٍ، وَتحيّلُوا وَحَصَّلُوا سُيوفاً، وَعِصِيّاً ثُمَّ ثَارُوا عَلَى أَطرَافِ البلدِ فَبدَّعُوا، وَقَتَّلُوا وَقَوُوا وَانضمَّ إِلَيْهِم كُلُّ مجرمٍ، وَاسْتفحلَ الشَّرُّ بِهِم فَسَارَ جَيْشٌ مِنَ العِرَاقِ لحربِهِم فكسرُوا الجَيْشَ، وَأَخَذُوا البَصْرَةَ وَاستباحوهَا، وَاشتدَّ الخَطْبُ، وَصَارَ قَائِدُهُمُ الخَبِيْثُ فِي جَيْشٍ وَأُهْبَةٍ كَامِلَةٍ،(10/69)
وَعزمَ عَلَى أَخذِ بَغْدَادَ، وَبنَى لِنَفْسِهِ مَدِيْنَةً عَظِيْمَةً وَحَارَ الخَلِيْفَةُ المعتمدُ فِي نَفْسِهِ، وَدَام البلاَءُ بِهَذَا الخَبِيْثِ المَارقِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَابَتْهُ الجُيُوشُ وَجَرَتْ مَعَهُ مَلاَحِمٌ، وَوقَعَاتٌ يطولُ شرحُهَا قَدْ ذكرَهَا المُؤَرِّخونَ إِلَى أَنْ قُتِلَ فَالزَّنْجُ هُمْ عبارَةٌ عَنْ عَبيدِ البَصْرَةِ الَّذِيْنَ ثَارُوا مَعَهُ لاَ بَارَكَ اللهُ فِيْهِم.
أَخْبَرَنَا أَيُّوْبُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا فضلُ اللهِ بنُ عبد الرزاق ببغداد، أَخْبَرَنَا نصرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّيْبَانِيُّ، أخبرنا المبارك بن عبد الحبار، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُرْفيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ هُبَيْرَةَ المَازِنِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْرِمُ أَحَداً كَرَامَتَهُ للعباس.(10/70)
2123- ابن معارك 1:
الحَافِظُ الثَّبْتُ، أَبُو عَلِيٍّ، الحُسَيْنُ بنُ نَصْرِ بنِ مُعَارِكٍ، البَغْدَادِيُّ صهرُ الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ.
نزل مِصْرَ، وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَإِسْحَاقَ بنَ سُلَيْمَانَ الرَّازِيِّ وَشَبَابَةَ وَفُدَيْكِ بنِ سُلَيْمَانَ وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ، وَالفريَابَيِّ وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدُّوْلاَبِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ والطحاوي، وابن جوصا وخلق.
قال ابن أبي حاتم: محله الصدق.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.
تُوُفِّيَ بِمِصْرَ في شعبان سنة إحدى وستين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 300"، وتاريخ بغداد "8/ 143"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 27".(10/70)
2124- محمد بن عاصم 1:
ابن عبد الله، القُدْوَةُ العَابِدُ الصَّادِقُ الإِمَامُ، أَبُو جَعْفَرٍ، الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُمُ الأَصْبَهَانِيُّ، أَخُو أَسِيْدِ بنِ عَاصِمٍ وَإِخوتِهِ.
سَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدَةَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَحُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ الجُعْفِيَّ، وَأَبَا أُسَامَةَ، وَيَحْيَى بنَ آدَمَ، وَمُحَمَّدَ بنَ بِشْرٍ العَبْدِيَّ، وَأَبَا يَحْيَى الحِمَّانِيَّ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ الجُورْجِيرِيُّ، وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ.
رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أُورْمَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْل مُحَمَّدِ بن عَاصِمٍ، وَلاَ رَأَى هُوَ مِثْلَ نَفْسِهِ يَعْنِي: فِي التَّقْوَى، وَالفَضْلِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ: كُنْتُ أَخْتلفُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً يُشْبِهُهُ فِي حُسْنِ دينِهِ، وَحِفْظِ لِسَانِهِ إلَّا مُحَمَّدَ بنَ عَاصِمٍ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ أَوْ غَيْرُهُ: كَانَ مُحَمَّدٌ، وَأَسِيدٌ وَعلِيٌّ وَالنُّعْمَانُ بَنو عَاصِمٍ مِنْ سكَانِ المَدِيْنَةِ مَدِيْنَة جَيّ. مَاتَ مُحَمَّدٌ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ المُعَمَّرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يكرَهُ مَسَّ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سَمِعْنَا جزء محمد بن عاصم بالاتصال.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 212"، والعبر "2/ 25"، والوافي لصلاح الدين الصفدي "3/ 180".(10/71)
2125- أسيد بن عاصم 1:
الثقفي، الحَافِظُ المُحَدِّثُ الإِمَامُ، أَبُو الحُسَيْنِ، كَانَ أَصَغَرَ مِنْ أَخِيْهِ مُحَمَّدٍ.
سَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ الضُّبَعِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ بَكْرٍ السَّهْمِيَّ، وَبِشْرَ بنَ عُمَرَ الزَّهْرَانِيَّ، وَبَكْرَ بنَ بَكَّارٍ وَعَامِرَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَالحُسَيْنَ بنَ حَفْصٍ وَطَبَقَتَهُم وَصَنَّفَ "المُسْنَدَ".
حدَّثَ عَنْهُ: أَبُو علِيٍّ أَحْمَدُ بنُ محمد بن إبراهيم ومحمد بن حيويه الكَرَجِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ فَارِسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارٍ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ وَآخَرُوْنَ.
وَقَعَ لَنَا نُسختَانِ مِنْ حَدِيْثِهِ تتكررُ أَحَادِيْثُهُمَا كَثِيْراً.
قَالَ ابْنُ أَبِي حاتم: ثقة رضًا.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ فِي عشر التسعين.
__________
1 ترجمته في الجرح والعديل "2/ ترجمة 1205"، وحلية الأولياء "10/ ترجمة 675"، والعبر "2/ 44"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 158".(10/71)
2126- محمد بن شجاع 1:
الفَقِيْهُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ الحَنَفِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الثَّلْجِيِّ.
سَمِعَ مِنِ: ابْنِ عُلَيَّةَ وَوَكِيْعٍ وَأَبِي أُسَامَةَ وَطَبَقَتِهِم
وَتَلاَ عَلَى: اليَزِيْديِّ، وَأَخَذَ الحُرُوْفَ عَنْ يَحْيَى بنِ آدَمَ، وَالفِقْهَ عَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ، وَبرَعَ وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ.
رَوَى عَنْهُ: يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَحَفِيْدُهُ وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ ثابت وعدة.
وَكَانَ صَاحِبَ تَعَبُّدٍ وَتهجُّدٍ وَتِلاَوَةٍ. مَاتَ سَاجِداً.
له كتاب "لمناسك"فِي نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ جُزءاً إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ فِي مَسْأَلَةِ القُرْآنِ وَينَالُ مِنَ الكِبَارِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَسْطِ أَخْبَارِهِ.
عَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "3/ 138"، واللباب لابن الأثير "1/ 241"، وميزان الاعتدال "3/ 577"، والعبر "2/ 33"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 148"، وتهذيب التهذيب "9/ 220"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 42"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 151"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 57".(10/72)
2127- السوسي 1: "س"
الإِمَامُ المُقْرِئُ المُحَدِّثُ، شَيْخُ الرَّقَّةِ، أَبُو شُعَيْبٍ، صَالِحُ بنُ زِيَادِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الجَارُوْدِ بنِ مسرحٍ، الرُّستبِيُّ السُّوْسِيُّ الرَّقِّيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وجَوَّدَ القُرْآنَ عَلَى يَحْيَى اليَزِيْديِّ وَأَحكمَ عَلَيْهِ حَرْفَ أَبِي عَمْرٍو.
وَسَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ وَأَسْبَاطَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةً.
تَلاَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْهُم: أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ جَرِيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّحْوِيُّ وَأَبُو الحَارِثِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّقِّيُّونَ.
وَأَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْفَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الخُرَاسَانِيُّ، وغيرهما.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَدْ ذُكِرَ النَّسَائِيُّ أَنَّهُ رُوِي عَنْهُ، وَمَا رُوِي عَنْهُ سِوَى حُرُوْفَ القِرَاءةِ وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ دَعَا لَهُ الإِمَامُ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ خَتَنهُ تَكَلَّمَ فِي القُرْآنِ فَقَامَ أَبُو شُعَيْبٍ عَلَيْهِ ليُفَارِقَ بنتَهُ.
مَاتَ فِي أَوَّلِ سنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَاربَ التِّسْعِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيُّ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيُّ الحَافِظُ، وَشُعَيْبُ بنُ أَيُّوْبَ الصَّرِيفينِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ إِشكَابٍ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ وَعَلِيُّ بنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، وَعِيْسَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَثْرودٍ، وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ وَمُحَمَّدُ بن سعيد بن غالب العطار وآخرون.
__________
1 ترجمته في الكنى للدولابي "2/ 98"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1766"، والأنساب للسمعاني "7/ 190"، والكاشف "2/ ترجمة 2362"، والمغني "1/ ترجمة 2829"، وتذكرة الحفاظ "2/ 559"، والعبر "2/ 22"، وتهذيب التهذيب "4/ 392"، وتقريب التهذيب "1/ 360"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3029"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 143".(10/73)
2128- عيسى بن أحمد 1: "ق، س":
ابن عيسى بن وردان، الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ، أَبُو يَحْيَى، البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ البَلْخِيُّ العَسْقَلاَنِيُّ نسبَةً إِلَى عَسْقَلاَن بَلْخ وَهِيَ محلة كبيرة.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ بَقِيَّةَ بنَ الوَلِيْدِ وَعَبْدَ اللهِ بنَ، وَهْبٍ وَضَمْرَةَ بنَ رَبِيْعَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ وَأَبَا أُسَامَةَ، وَبِشْرَ بنَ بَكْرٍ التِّنِّيْسِيَّ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَحَامِدُ بنُ بِلاَلٍ البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ البَلْخِيُّ وَالهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيُّ فَأَكْثَرَ عَنْهُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً، وَقَالَ: صَدُوْقٌ وَحَمَّادُ بنُ شَاكِرٍ النَّسَفِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ معقلٍ وَآخَرُوْنَ، وَكَانَ مُسْنِدَ تِلْكَ الدِّيَارِ فِي زَمَانِهِ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ. فَاللهُ أَعْلَمُ.
مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ المَرْوَزِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ الضَّبِّيُّ، وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ المَرْوَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ الحكم.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1509"، والكاشف "2/ ترجمة 4435"، والعبر "2/ 38"، وتهذيب التهذيب "8/ 205"، وتقريب التهذيب "2/ 97"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 154"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 5557".(10/73)
2129- شاذان 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الصَّدُوْقُ أَبُو بَكْرٍ، إِسْحَاقُ بنُ إبراهيم بن عبد الله بن بكير بن زيد النهشلي الفارس، شَاذَانُ.
سَمِعَ مِنْ: جدِّهِ سَعْدِ بنِ الصَّلْتِ القَاضِي، وَجدُّهُ هَذَا كُوْفِيٌّ مِنْ طَبَقَةِ وَكِيْعٍ، وَلِيَ قَضَاءَ شيرَازٍ مُدَّةً ثُمَّ ارْتَحَلَ شَاذَانُ، فسَمِعَ مِنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ وَالأَسْوَدِ بنِ عَامِر شَاذَان وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ ارْتَحَلَ إِلَيْهِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجَارُوْدِيُّ، وَنَصْرُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الشِّيْرَازِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الجُورجيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ بنِ عُمَارَةَ.
ويَقَعُ لَنَا حَدِيْثُهُ فِي الثَّقَفيَّاتِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيَّ، وَإِلَى أَبِي وَهُوَ صَدُوْقٌ.
وذكرَهُ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: مَاتَ لسبعٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وستين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 721"، والعبر "2/ 35"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 394"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 152".(10/74)
2130- أحمد بن حفص 1: "خ، د، س"
ابن عبد الله بن راشد، الإِمَامُ الثِّقَةُ، قَاضِي نَيْسَابُوْرَ، أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ أَبِي عَمْرٍو، وَالجَارُوْدِ بنِ يزيد والحسين بن الوليد، وعبدان وجماعة.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ الشَّرْقِيِّ وَأَخُوْهُ وَأَبُو بكر بن زياد، وأبو حامد بن بلال، وَخَلْقٌ وَمُسْلِمٌ خَارجَ الصَّحِيْحِ وَأَبُو عَوَانَةَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: صَدُوْقٌ.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وخمسين ومائتين، وشيعه أمم.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 41"، والعبر "2/ 16"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 360"، وتهذيب التهذيب "1/ 24"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 137".(10/75)
2131- أحمد بن يوسف 1: "م، د، س، ق"
ابن خالد بن سالم، الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّادِقُ، أَبُو الحَسَنِ السُّلَمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ وَيُلَقَّبُ بحَمْدَانَ، وَهُوَ جَدُّ الزَّاهِدِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ نُجيدٍ صَاحِبُ ذَاكَ الجُزْءِ المَشْهُوْرِ وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ حَفِيْدُهُ ابْنُ نُجيدٍ: كَانَ جَدِّي أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ أَزْدِيّاً سُلَمِيَّ الأُمِّ فغَلَبَ عَلَيْهِ السُّلَمِيُّ.
قُلْتُ: كَانَ مُحَدِّثَ خُرَاسَانَ فِي زَمَانِهِ.
سَمِعَ الجَارُوْدَ بنَ يَزِيْدَ، وَحَفْصَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحَفْصَ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَهَاشِمَ بنَ القَاسِمِ قَيْصر، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيَّ وَمُوْسَى بنَ دَاوُدَ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ وطبقتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ وَمكِيُّ بنُ عَبْدَانَ وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّانُ وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
ذكرَهُ الحَاكِمُ فَقَالَ: أَحَدُ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ كَثِيْرُ الرِّحلَةِ، وَاسِعُ الفَهْمِ مَقْبُوْلٌ عِنْدَ الأَئِمَّةِ فِي أَقطَارِ الأَرْضِ، وَهُوَ مِنْ خوَاصِّ يَحْيَى بنِ يحيى ومن المصاهرين له.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 184"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 590"، والعبر "25/ 28"، وتهذيب التهذيب "1/ 91"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 147".(10/75)
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدٍ البَزَّازُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مَشَايِخنَا يَحْكُوْن عَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ السُّلَمِيِّ قَالَ: أَنَا لَسْتُ بسُلَمِيٍّ بَلْ أَزدَيٌّ، وَعيَالِي سُلَمِيَّةٌ.
سَمِعَ بِخُرَاسَانَ عِدَّةً، وَبَالرَّيِّ مِنْ: عِيْسَى بنِ جَعْفَرٍ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ الضُّرَيْسِ وَسُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ القَزَّازِ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي النَّضْرِ وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المَدَائِنِيِّ وَمُوْسَى بنِ دَاوُدَ، وَمَنْصُوْرِ بنِ سَلَمَةَ.
ثُمَّ سمَى الحَاكِمُ طَائِفَةً سَمِعَ مِنْهُم بِالْكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ وَالحِجَازِ وَاليَمَنِ وَالشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ.
وَذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فَقَالَ: حَدَّثَ عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ وَالعَقَدِيِّ وَالفِرْيَابِيِّ وَأَبِي مُسْهِرٍ وَيَحْيَى بنِ أَبِي بُكَيْر وَسَمَّى خلقاً.
حدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ يَحْيَى شَيْخُهُ وَالبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ صحيحه.
قال مسلم: ثقة.
وقال الدراقطني: ثِقَةٌ نَبِيْلٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قَالَ مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ عُبِيدِ اللهِ بنِ مُوْسَى ثَلاَثِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ.
قَالَ أَبو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: تُوُفِّيَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَرَوَى أَبُو سَعِيْدٍ المُؤَذِّنُ عَنْ أَبِيْهِ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ حَمْدَانَ السُّلَمِيَّ، وَقَالُوا لَهُ: أَسْمِعْنَا قَالَ: لاَ يُمْكِنُنِي أَنَا ابْنُ ثَمَانِيْنَ سنَةً، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ شَوَّالٍ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ.
قُلْتُ: طلبُوا أَنْ يُحَدِّثَهُم مِنْ لَفْظِهِ فَاعتذَرَ بِالعجزِ عَنْ تبَلِيْغِ جَمْعٍ كَثِيْرٍ.
أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّيُّ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ بنَ الفَضْلِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: خَرَجتُ مِنْ عِنْدِ هَذَا -يَعْنِي المَهْدِيَّ- وَلَمْ أُسَلِّمَ عَلَيْهِ بِالإِمَارَةِ فَنَظَرَ إِلَيَّ، وَتبسَّمَ وَقَالَ: لَقَدْ طلبنَاكَ فَأَعْجَزْتنَا وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِكَ ارفعْ إِلَيْنَا حَاجَتَكَ قُلْتُ: قَدْ مَلأتَ الأَرْضَ ظُلْماً، وَجَوْراً فَاتَّقِ اللهَ وَليكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ عِبَرٌ فَنَكَّسَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيتَ إِنْ لَمْ أَسْتطِعْ?!! قلت: تهرب بدينك.
وَقَعَ لَنَا عِدَّةُ أَحَادِيْثَ مِنْ مُوَافقَاتِ السُّلَمِيِّ رحمه الله.(10/76)
أَخْبَرَنَا أَبُو الفتوحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ ظَافرٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزِّيَادِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ أَخْبَرَنَا الهَيْثَمُ بنُ حُمَيْدٍ عَنِ العَلاَءِ بنِ الحَارِثِ عَنْ مَكْحُوْلٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ حَبِيْبَةَ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ" 1.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَكَ أَبُو المفَاخِرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَأْمُوْنِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيُّ سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ إِمْلاَءً قَالَ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: اسْتَأْذَنَهُ نِسَاؤُهُ فِي جِهَادٍ فَقَالَ: "بِحَسْبِكُنَّ الجِهَادُ أَوْ جِهَادُكُنَّ الحَجُّ" 2.
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مات أحمد ابن أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، وَأَبُو إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيُّ وَأَبُو زرعة الرازي، ويونس بن عبد الأعلى.
__________
1 صحيح لغيره: وهذا إسناد منقطع بين عنسبة وأم حبيبة فإنه لم يدركها.
وورد عن بسره بنت صفوان مرفوعًا بلفظ: "من مس فرجه فليتوضأ" أخرجه ابن خزيمة "33"، وابن الجارود "17" و"18" من طرق عن أبي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مروان، عن بسرة، به.
وورد عن بسرة بنت صفوان مرفوعًا بلفظ: "من مس فرجه فليعد الوضوء". أخرجه أحمد "6/ 406-407"، والترمذي "82"، والنسائي "1/ 216"، والبيهقي "1/ 128" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة، به.
وورد عنها مرفوعًا بلفظ: $"إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ". أخرجه ابن أبي شيبة "1/ 163"، والحميدي "352"، والطيالسي "1657"، وأحمد "6/ 406-407"، والنسائي "1/ 100 و216"، والدارمي "1/ 185"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 185"، وابن الجارود "16"، والطبراني في "الكبير" "24/ 487-495 و497-504" من طرق عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ مُحَمَّدِ بن عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، عن بسرة بنت صفوان، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "2875" و"2876".(10/77)
2132- زاج 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ أَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بنُ منصور بن راشد، المروزي زاج.
عَنِ: النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ، وَحُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ وَرَوْحٍ وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ وَالمَحَامِلِيُّ، وَآخَرُوْنَ وَمُسْلِمٌ فِي غَيْرِ "الصَّحِيْحِ".
قَالَ: أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 168"، وتاريخ بغداد "5/ 150"، وتهذيب التهذيب "1/ 82".(10/78)
2133- الرمادي 1: "ق"
الإِمَامُ الحَافِظُ الضَّابطُ، أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ سَيَّارِ بنِ مُعَارِكٍ الرَّمَادِيُّ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّزَّاقِ بكُتُبِهِ، وَعَنْ زَيْدِ بنِ الحُبَابِ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَهَاشِمِ بنِ القَاسِمِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَالأَسْوَدِ بنِ عَامِرٍ، وَعَفَّانَ وَيَحْيَى بنِ أَبِي بُكَيْرٍ، وَعُثْمَانَ بنِ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ وَمُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالحِجَازِ وَاليَمَنِ، وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْمَاعِيْلُ القاضي وابن أبي الدنيا، وأبو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالمَحَامِلِيُّ وَابْنُ مَخْلَدْ وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ البَلْخِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَالحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَيَّاشٍ القَطَّانُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ فِي "تَارِيْخِهِ": سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَمائَتَيْنِ وَصَنَّفَ المُسْنَدَ الكَبِيْرَ.
وَكَانَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ يَقُوْلُ: أَنَا أَسْكُتُ مِنْ أَمرِ الرَّمَادِيِّ عَلَى شَيْءٍ أَخَافُ أَنْ لاَ يَسَعنِي كُنْتُ رُبَّمَا سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّمَادِيُّ يَعْنِي يَذْكُرُهُ بِكُنْيَتِهِ، وَقَدْ كَانَ رفيقاً وَصَاحِباً ليَحْيَى فِي رحلتِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أُورْمَةَ، قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَقَالَ الآخرُ: حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ كَانَا سوَاءً.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 169"، وتاريخ بغداد "5/ 151"، والأنساب للسمعاني "6/ 163"، واللباب لابن الأثير "2/ 63"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 589"، وميزان الاعتدال "1/ 158"، والعبر "2/ 30"، والوافي بالوفيات "8/ 192"، وتهذيب التهذيب "1/ 83 ".(10/78)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ أَبِي يُوَثِّقَهُ.
قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: كَانَ الرَّمَادِيُّ إِذَا مرض يَسْتَشفِي بِأَنْ يَسمعُوا عليه الحديث.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: مَاتَ الرَّمَادِيُّ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْع الآخرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقَدِ اسْتكملَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: سَمِعْنَا مِنْ طَرِيْقِهِ جَمَاعَةَ أَجزَاءٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَفِيْهَا مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَارِثِ البَغْدَادِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ وَسَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ المُخَرِّمِيُّ، وَصَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ المُخَرِّمِيُّ، وَالقُدْوَةُ أَبوَ حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ وَهَارُوْنُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَالمنتظَرُ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ وَالرَّافِضَةُ تَقُوْلُ: لَمْ يمُتْ بَلِ اخْتَفَى فِي السرداب.(10/79)
2134- أبو عبد الله البخاري 1: "ت، س"
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بزدزبه، وَقِيْلَ بَذْدُزْبَه، وَهِيَ لَفْظَةٌ بخَارِيَّةٌ، معنَاهَا الزرَّاعُ.
أَسلَمَ المُغِيْرَةُ عَلَى يَدِي اليَمَان الجُعْفِيِّ وَالِي بُخَارَى، وَكَانَ مَجُوْسِيّاً وَطَلَبَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العِلْمَ.
فَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنِ سِلَفَةَ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ البَرْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ قَالاَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ أَنَّهُ سَمِعَ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعَ أَبِي مِنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَرَأَى حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَصَافحَ ابْنَ المُبَارَكِ بكلتَا يَدَيْهِ.
قُلْتُ: وَوُلِدَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ. قَاله أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ البُخَارِيُّ، وَرَّاقُ أَبِي عَبْدِ اللهِ فِي كِتَابِ: "شمَائِلِ البُخَارِيِّ" جَمْعَهُ، وَهُوَ جزءٌ ضخمٌ.
أَنْبَأَنِي بِهِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيِّ، أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ طاهر الحافظ
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1086"، وتاريخ بغداد "2/ 4-36"، والأنساب للسمعاني "2/ 100"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 569"، وتذكرة الحفاظ "2/ 578"، والكاشف "3/ ترجمة 4790"، وتهذيب التهذيب "9/ 47-55"، وتقريب التهذيب "2/ 144"، ومقدمة فتح الباري، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6052 "، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 134".(10/79)
أَجَازَ لَهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مِهْرَوَيْهِ الفَارِسِيُّ المُؤَدِّبُ، قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ مَرْو لزيَارَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، بنِ مَطَرٍ الفِرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي حَاتِمٍ فَذَكَرَ الكِتَابَ فَمَا أَنْقُلُهُ عَنْهُ فَبهَذَا السّندِ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ فِيْمَا أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ البَلْخِيُّ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: ذهبَتْ عينَا مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فِي صِغَرِهِ فرأَتْ، وَالِدتُهُ فِي المَنَامِ إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلَ عَلَيْهِ السَّلاَم فَقَالَ لَهَا: يَا هَذِهِ قَدْ رَدَّ اللهُ عَلَى ابْنِكِ بصرَهُ لكَثْرَةِ بُكَائِكِ، أَوْ كَثْرَةِ دُعَائِكِ شكَّ البَلْخِيُّ فَأَصْبحْنَا، وَقَدْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بصرَهُ.
وبَالسَّندِ المَاضِي إِلَى مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: كَيْفَ كَانَ بَدْءُ أَمرِكَ? قَالَ: أُلْهِمْتُ حِفْظَ الحَدِيْثِ، وَأَنَا فِي الكُتَّابِ فَقُلْتُ: كم كَانَ سِنُّكَ? فَقَالَ: عشرُ سِنِيْنَ، أَوْ أَقَلّ ثُمَّ خرجْتُ مِنَ الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف الدَّاخلِيِّ، وَغَيْرِهِ فَقَالَ يَوْماً فِيْمَا كَانَ يَقْرَأُ لِلنَّاسِ: سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ لَمْ يَرْوِ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ فَانْتَهَرنِي فَقُلْتُ لَهُ: ارْجِعْ إِلَى الأَصْلِ فَدَخَلَ فنظَرَ فِيْهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِي: كَيْفَ هُوَ يَا غُلاَمُ? قُلْتُ: هُوَ الزُّبَيْرُ بنُ عَدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ فَأَخَذَ القلمَ مِنِّي، وَأَحْكَمَ كِتَابَهُ وَقَالَ: صدقْتَ فَقِيْلَ لِلْبُخَارِيِّ: ابْنُ كَمْ كُنْتَ حِيْنَ رددتَ عَلَيْهِ? قَالَ: ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمَّا طَعَنْتُ فِي سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً كُنْتُ قَدْ حفظتُ كتبَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٍ وَعرفتُ كَلاَمَ هَؤُلاَءِ ثُمَّ خرجْتُ مَعَ أُمِّي، وَأَخِي أَحْمَدَ إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا حَجَجْتُ رَجَعَ أَخِي بِهَا! وَتخلَّفْتُ فِي طلب الحديث.
ذِكْرُ تسمِيَة شُيوخِهِ وَأَصْحَابِهِ:
سَمِعَ بِبُخَارَى قَبْلَ أَنْ يرتحلَ مِنْ مَوْلاَه مِنْ فَوْقِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ اليَمَانِ الجُعْفِيِّ المُسْنديِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ ليسُوا مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِهِ.
ثُمَّ سَمِعَ ببلخٍ مِنْ مكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ وَهُوَ مِنْ عَوَالِي شُيوخِهِ وَسَمِعَ بِمَرْوَ مِنْ عبدَانَ بنِ عُثْمَانَ وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، وَصَدَقَةَ بنِ الفَضْلِ وَجَمَاعَةٍ.
وبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَجَمَاعَةٍ.(10/80)
وبَالرَّيِّ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى.
وبِبَغْدَادَ إِذْ قَدِمَ العِرَاقَ فِي آخِرِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، وَسُرَيْجِ بنِ النُّعْمَانِ وَمُحَمَّدِ بنِ سَابِق وَعَفَّانَ.
وبِالبَصْرَةِ مِنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَالأَنْصَارِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَمَّادٍ الشُّعَيثِيّ صَاحِبِ ابْنِ عَوْنٍ، وَمِن مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ وَحَجَّاجِ بنِ منهَالٍ وَبَدَلُ بنُ المُحَبَّرِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ وَعِدَّةٍ.
وبِالْكُوْفَةِ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي نُعَيْمٍ وَخَالِدِ بنِ مَخْلَدٍ وَطَلْقِ بنِ غَنَّامٍ، وَخَالِدِ بنِ يَزِيْدَ المُقْرِئِ مِمَّنْ قَرَأَ عَلَى حَمْزَةَ.
وَبِمَكَّةَ مِنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئِ، وَخَلاَّدِ بنِ يَحْيَى وَحَسَّانِ بنِ حَسَّانٍ البَصْرِيِّ، وَأَبِي الوَلِيْدِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيِّ وَالحُمَيْدِيِّ.
وبَالمَدِيْنَةِ مِنْ عَبْدِ العَزِيْزِ الأُوَيسِيِّ، وَأَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ.
وبمصرَ: سَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ وَأَحْمَدَ بنَ إِشكَابٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ يُوْسُفَ وَأَصْبَغَ وَعِدَّةً.
وبَالشَّامِ: أَبَا اليَمَانِ وَآدَمَ بنَ أَبِي إِيَاسٍ وَعَلِيَّ بنَ عَيَّاشٍ وَبِشْرَ بنَ شُعَيْبٍ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي المُغِيْرَةِ عَبْدِ القُدّوس، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوهبِيِّ وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيِّ وَأَبِي مُسْهِرٍ وَأُمَمٍ سِوَاهُم.
وَقَدْ قَالَ وَرَّاقُهُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ بلخَ فَسَأَلونِي أَنْ أُمْلِيَ عَلَيْهِم لِكُلِّ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيْثاً فَأَمليتُ أَلفَ حَدِيْثٍ لأَلفِ رَجُلٍ ممَّن كَتَبْتُ عَنْهُم.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ قَبْلَ مَوْته بشهرٍ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ أَلفٍ وَثَمَانِيْنَ رَجُلاً لَيْسَ فِيْهِم إلَّا صَاحِب حَدِيْثٍ كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ، وَعَمَلٌ يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ.
قُلْتُ: فَأَعْلَى شُيُوْخهِ الَّذِيْنَ حَدَّثوهُ عَنِ التَّابِعِيْنَ، وَهُم أَبُو عاصم وَالأَنْصَارِيُّ وَمكِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى وَأَبُو المُغِيْرَةِ وَنحوُهُم.
وَأَوْسَاطُ شُيُوْخهِ الَّذِيْنَ رَوَوْا لَهُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَشُعْبَةَ وَشُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ وَالثَّوْرِيِّ.
ثُمَّ طَبَقَةٌ أُخْرَى دونَهُم كَأَصْحَابِ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَأَبِي عَوَانَةَ.(10/81)
وَالطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ مِنْ شُيُوْخِهِ مِثْلُ أَصْحَابِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَابْنِ وَهْبٍ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
ثُمَّ الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ الَّذِي روَى عَنْهُ الكَثِيْرَ وَيُدَلِّسُهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَة، وَهَؤُلاَءِ هُم مِنْ أَقْرَانِهِ وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي مُسْهِرٍ، وَشَكَّ فِي سَمَاعِهِ فَقَالَ فِي غَيْر الصَّحِيْحِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ أَوْ حَدَّثَنَا رَجُلٌ عَنْهُ، وَروَى عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ، وَاقِدٍ الحَرَّانِيِّ لَقِيَهُ بِالعِرَاقِ وَلَمْ يَدْخُلِ الجَزِيْرَةَ وَقَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَلَّى بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّازِيِّ بِبَغْدَادَ سنَةَ عشر.
رَوَى عَنْهُ خلقٌ كَثِيْرٌ مِنْهُم: أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الحَرْبِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَة وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ مُطَيَّن، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَعْقِلٍ النَّسَفيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بجير وأبو قريش محمد بن جمعة، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيُّ رَاوِي الصَّحِيْحِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ مُحَمَّدٍ مِزْبَزْدَة وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَالحُسَيْنُ وَالقَاسِمُ ابْنَا المَحَامِلِيِّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْقَرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ فَارِسٍ وَمَحْمُوْدُ بنُ عَنْبَرٍ النَّسَفيُّ، وَأَممٌ لاَ يُحصَونَ وَرَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ فِي غَيْر صَحِيْحهِ وَقِيْلَ: إِنَّ النَّسَائِيَّ رَوَى عَنْهُ فِي الصِّيَامِ مِنْ سُنَنِهِ، وَلَمْ يَصِحَّ لَكِن قَدْ حَكَى النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ الكُنَى لهُ أَشْيَاءَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الخَفَّافِ عَنِ البُخَارِيِّ.
وَقَدْ رَتَّبَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ المِزِّيِّ شُيُوْخَ البُخَارِيِّ، وَأَصْحَابَهُ عَلَى المُعْجَمِ كعَادَتِهِ، وَذَكَرَ خَلْقاً سِوَى مَنْ ذكرت.
وَقَدْ أَنْبَأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ أبا اليمن البغوي أَخبرَهُم، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ القَاضِي الحَرَشِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَحْمَدَ البَلْخِيَّ يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: سَمِعَ كِتَابَ الصَّحِيْحِ لِمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ تِسْعُوْنَ أَلفَ رَجُلٍ فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ يَرْوِيْهِ غَيْرِي.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ: رَوَى "صَحِيْحَ" البُخَارِيِّ جماعة، منهم: الفربري، وحماد بن شاكر، وإبراهيم بنَ مَعْقِلٍ، وَطَاهرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ النَّسَفِيَان.
وَقَالَ الأَمِيْرُ الحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلا: آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنِ البُخَارِيِّ بـ"الصحيح" أبو(10/82)
طَلْحَةَ مَنْصُوْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَزْدِيُّ مِنْ أَهْلِ بَزْدَةَ. وَكَانَ ثِقَةً تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ زَيْدُ بنُ هِبَةِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنُ قَفَرْجَلَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ سَنَة تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي: الثَّوْرِيَّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي أَبُو بردة، عن أبيه أبي مُوْسَى قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً". وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَكَانَ جَالِساً فَجَاءهُ رَجُلٌ أَوْ طَالِبُ حَاجَةٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: "اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَلِيَقْضِ اللهُ عَلَى لِسَانِ رَسُوْلِهِ مَا شَاءَ" 1.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ بِبَغْدَادَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُجَلِّدُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يُوْنُسَ، وَحَبِيْبٍ وَيَحْيَى بن عَتِيْق وَهِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ عَنْ أُمِّ عطيَّةَ قَالَتْ: أَمْرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تَخْرُجَ ذَوَاتُ الخُدُورِ يَوْمَ العِيْدِ قِيْلَ: فَالحُيَّضُ? قَالَ: "يَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِيْنَ" 2.
هذَان حَدِيْثَانِ صَحِيْحَانِ مِنْ عَالِي مَا وَقَعَ لَنَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عبد الله سوى "الصحيح".
وَأَمَّا "الصَّحِيْحُ" فَهُوَ أَعْلَى مَا وَقَعَ لَنَا مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ فِي أَوَّلِ مَا سَمِعْتُ الحَدِيْثَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ فَمَا ظَنُّكَ بعلُوِّهِ اليَوْمَ، وَهُوَ سنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَسَبْعَ مائَةٍ!! لَوْ رحلَ الرَّجُلُ مِنْ مسيرَةِ سَنَةٍ لسَمَاعِهِ لمَا فَرَّطَ كَيْفَ، وَقَدْ دَامَ عُلُوُّهُ إِلَى عَامِ ثَلاَثِيْنَ وَهُوَ أَعْلَى الكُتُبِ السِّتَّةِ سَنَداً إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَيْءٍ كَثِيْرٍ مِنَ الأَحَادِيْثِ وَذَلِكَ لأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ أَسنُّ الجَمَاعَةِ، وَأَقْدَمُهُم لُقِيّاً لِلْكبارِ أَخَذَ عَنْ جَمَاعَةٍ يروي الأئمة الخمسة عن رجل عنهم.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6026" و"6027"، وورد مفرقًا أخرجه مسلم "2585"، وأبو داود "5131"، والترمذي "1929" و"2674"، والنسائي "5/ 78".
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "981"، وَمُسْلِمٌ "890"، وَأَبُو دَاوُدَ "1136"، وَالتِّرْمِذِيُّ "539"، وَالنَّسَائِيُّ "3/ 180-181".(10/83)
ذِكْرُ رِحلتِهِ وَطَلَبِهِ وَتَصَانِيْفِهِ:
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ، وَرَجَعَ أَخِي بِأُمِّي وَتخلَّفْتُ فِي طلبِ الحَدِيْث فَلَمَّا طَعنْتُ فِي ثَمَانِ عَشْرَةَ جَعَلتُ أُصَنِّفُ قضَايَا الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِيْنَ وَأَقَاويلَهُم، وَذَلِكَ أَيَّامَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى.
وصنَّفْتُ كِتَابَ "التَّارِيْخِ" إِذْ ذَاكَ عِنْدَ قَبْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي اللَّيَالِي المُقْمِرَةِ، وَقَلَّ اسْمٌ فِي التَّارِيْخِ إلَّا وَلَهُ قِصَّةٌ إلَّا أَنِّي كَرِهْتُ تطويلَ الكتاب.
وكُنْتُ أَختلِفُ إِلَى الفُقَهَاءِ بِمَرْوَ وَأَنَا صَبِيٌّ، فإذا جئت أستحيي أَنْ أُسَلِّمَ عَلَيْهِم فَقَالَ لِي مُؤَدِّبٌ مِنْ أَهلِهَا: كم كتبتَ اليَوْمَ? فَقلتُ: اثْنَيْنِ وَأَرَدْتُ بِذَلِكَ حَدِيْثَيْنِ فَضَحِكَ مَنْ حَضَرَ المَجْلِسَ فَقَالَ شَيْخٌ مِنْهُم: لاَ تضحكُوا فَلَعَلَّهُ يَضْحَكُ مِنْكُم يَوْماً!! وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى الحُمَيْدِيِّ، وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ اخْتِلاَفٌ فِي حَدِيْثٍ فَلَمَّا بَصُرَ بِي الحُمَيْدِيُّ قَالَ: قَدْ جَاءَ مَنْ يفصِلُ بَيْنَنَا فَعَرضَا عَلَيَّ فَقضيتُ لِلْحُمِيديِّ عَلَى مَنْ يُخَالِفُهُ، وَلَوْ أَنَّ مُخَالِفَهُ أَصَرَّ عَلَى خِلاَفِهِ ثُمَّ مَاتَ عَلَى دعوَاهُ لَمَاتَ كَافِراً.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخلاَّل، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلَيٍّ البَردَانِيُّ، وَابْنُ الطُّيوُرِيِّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ غُنجَار، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ سَمِعْتُ الفَضْلَ بنَ إِسْحَاقَ البَزَّازَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ منهَال العَابِدُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ قَالَ: كتبنَا عَنِ البُخَارِيِّ عَلَى بَابِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيِّ، وَمَا فِي وَجْهِهِ شَعْرَةٌ فقُلْنَا: ابْنُ كَمْ أَنْتَ? قَالَ: ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ خَلَفٌ الخيَّامُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مَعْقِلٍ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: كُنْتُ عندَ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَوْ جمعتُم كِتَاباً مختصِراً لسُنَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قَلبِي فَأَخذتُ فِي جمعِ هَذَا الكِتَابِ.
وَعَنْ ... أَنَّ البُخَارِيَّ قَالَ: أَخرجتُ هَذَا الكِتَابَ من زهاء ستمائة أَلْفِ حَدِيْثٍ.
أَنبأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ، أَنْبَأَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَطَّارُ بِالرَّيِّ، سَمِعْتُ أَبَا الهَيْثَمِ الكُشْمِيهَنِيَّ، سَمِعْتُ الفِرَبْرِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: مَا وضعتُ فِي كِتَابِي "الصَّحِيْحِ" حَدِيْثاً إلَّا اغتسلتُ قَبْلَ ذَلِكَ وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ.(10/84)
أَخْبَرْنَا ابْنُ الخلاَّلِ، أَخْبَرَنَا الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الحُسَيْنِ البَزَّازَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَعْقِلٍ، سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: مَا أَدخلتُ فِي هَذَا الكِتَابِ إلَّا مَا صَحَّ، وَتركتُ مِنَ الصِّحَاحِ كِي لاَ يطولَ الكِتَابُ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ قُلْتُ لأبي عبد الله: تحفظ جَمِيْعَ مَا أَدْخَلْتَ فِي المُصَنَّفِ? فَقَالَ: لاَ يخفَى عليَّ جَمِيْعُ مَا فِيْهِ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: صنفتُ جَمِيْعَ كُتُبِي ثَلاَث مَرَّاتٍ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْ نُشِرَ بَعْضُ أُسْتَاذِي هَؤُلاَءِ لَمْ يفهمُوا كَيْفَ صنَّفْتُ "التَّارِيْخَ"، وَلاَ عرفُوهُ ثُمَّ قَالَ: صنَّفْتُهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَخذ إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه كِتَابَ "التَّارِيْخِ" الَّذِي صنَّفْتُ، فَأَدخلَهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ، إلَّا أُرِيكَ سِحْراً? قَالَ: فَنَظَرَ فِيْهِ عَبْدُ اللهِ فَتَعَجَّبَ مِنْهُ وَقَالَ لَسْتُ أَفهُمُ تَصْنِيْفَهُ.
وَقَالَ خَلَفٌ الخيَّامُ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ: يَقُوْلُ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى العِرَاقِ فِي آخِرِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ بَغْدَادَ آخِرَ ثَمَانِ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ ذَلِكَ أُجَالِسُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ فَقَالَ لِي فِي آخِرِ مَا، وَدَّعْتُهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تدعُ العِلْمَ، وَالنَّاسَ وَتصِيرُ إِلَى خُرَاسَانَ?! قَالَ: فَأَنَا الآنَ أَذْكُرُ قَوْلَهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الحَاكِمِ أَوَّل مَا، وَردَ البُخَارِيُّ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَمائَتَيْنِ وَوَرَدَهَا فِي الأَخِيْرِ سنَةَ خَمْسِيْنَ، وَمائَتَيْنِ فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سنين يحدث على الدوام.
أخرنا أبو حفص بن القوسا، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ قِرَاءةً عَلَيْهِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ وَأَنَا حَاضِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُسْلَّم الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ آدَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البُخَارِيُّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بِمَنْزِلِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَحصيتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَامَ وَأَسْرَجَ يَسْتَذكرُ أَشْيَاءَ يُعَلِّقُهَا فِي لَيْلَةٍ ثَمَانِ عَشْرَةَ مرَّة.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ، كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، إِذَا كُنْتُ مَعَهُ فِي سفرٍ، يَجْمَعُنَا بَيْتٌ وَاحِدٌ إِلاَّ فِي القيظِ أَحْيَاناً، فَكُنْتُ أَرَاهُ يقومُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ خَمْسَ عَشْرَةَ مرَّة إِلَى عِشْرِيْنَ مرَّة، فِي كل ذلك يأخذ القداحة، فيوري نارًا، ثُمَّ يُخرجُ أَحَادِيْثَ، فيُعلِّمُ عَلَيْهَا.(10/85)
وقال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن هَمَّامٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عِدَّةً مِنَ المَشَايِخِ، يَقُوْلُوْنَ: حَوَّلَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ترَاجِمَ جَامِعِهِ بَيْنَ قبر سول اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِنْبَرِهِ، وَكَانَ يصلي لكل ترجمة ركعتين.
وَقَالَ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: صنّفْتُ "الصَّحِيْحَ" فِي ست عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وَبَيْنَ الله تَعَالَى.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ هَانِئَ بنَ النَّضْر يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ -يَعْنِي: الفِرْيَابِيَّ- بِالشَّامِ وَكُنَّا نَتَنَزَّهُ فِعْلَ الشَّبَابِ فِي أَكلِ الفِرْصَادِ وَنَحْوِهِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ مَعَنَا، وَكَانَ لاَ يُزَاحمنَا فِي شَيْءٍ مِمَّا نَحْنُ فِيْهِ، وَيُكِبُّ عَلَى العِلْمِ.
وَقَالَ مُحَمَّد: سَمِعْتُ النَّجْمَ بنَ الفُضَيْل يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، كَأَنَّهُ يَمْشِي، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يَمْشِي خَلْفَهُ، فَكُلَّمَا رَفَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدَمَهُ، وضعَ مُحَمَّدُ بنُ إِسمَاعيلَ قدَمَهُ فِي المكَانِ الَّذِي رَفَعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- قدمه.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: كَانَ شَيْخٌ يَمُرُّ بِنَا فِي مَجْلِسِ الدَّاخلِيِّ، فَأُخْبِرُهُ بِالأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ مِمَّا يُعرِضُ عليَّ، وَأُخْبِرُهُ بِقَولِهِم، فَإِذَا هُوَ يَقُوْلُ لِي يَوْماً، يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، رئِيسُنَا فِي أَبو جَاد، وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ شربَ دوَاءَ الحِفْظِ يُقَالُ لَهُ: بَلاَذُر، فَقُلْتُ لَهُ يَوْماً خلوَةً: هَلْ مِنْ دوَاءٍ يشربُهُ الرَّجُلُ، فينتفعُ بِهِ لِلْحفظِ؟ فَقَالَ: لاَ أَعْلَمُ، ثُمَّ أَقبلَ عليَّ، وَقَالَ: لاَ أَعْلَمُ شَيْئاً أَنْفَعَ لِلْحفظِ مِنْ نَهْمَةِ الرَّجُلِ، وَمُدَاومَةِ النَّظَرِ.
قَالَ: وَذَاكَ أَنِّي كُنْتُ بِنَيْسَابُوْرَ مُقيماً، فَكَانَ تَرِدُ إليَّ مِنْ بُخَارَى كُتُبٌ، وَكُنَّ قَرَابَاتٌ لِي يُقرئن سَلاَمهنَّ فِي الكُتُبِ، فَكُنْتُ أَكْتُبُ كِتَاباً إِلَى بُخَارَى، وَأَرَدْتُ أَنْ أُقرِئَهنَّ سَلاَمِي، فَذَهَبَ عليَّ أساميهن حين كتبت كتابي, لم أُقرِئهنَّ سَلاَمِي، وَمَا أَقَلَّ مَا يَذْهَبُ عَنِّي مِنَ العِلْمِ. وَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَمْ تكن كِتَابتِي لِلْحَدِيْثِ كَمَا كَتَبَ هَؤُلاَءِ. كُنْتُ إِذَا كَتَبْتُ عَنْ رجلٍ سَأَلْتُهُ عَنِ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ وَنِسْبَتِهِ وَحَمْلِهِ الحَدِيْثَ، إِنْ كَانَ الرَّجُلُ فَهماً. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَأَلْتُهُ أَنْ يُخْرِجَ إليَّ أَصْلَهُ وَنُسخَتَهُ. فَأَمَّا الآخرُونَ لاَ يُبالُونَ مَا يَكْتُبُونَ، وَكَيْفَ يَكْتُبُونَ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ الدُّوْرِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً يُحْسِنُ طلبَ الحَدِيْثِ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، كَانَ لاَ يدعُ أَصْلاً وَلاَ فرعاً إِلاَّ قَلَعَهُ. ثُمَّ قَالَ لَنَا: لاَ تَدَعُوا مِنْ كَلاَمِهِ شَيْئاً إِلاَّ كَتَبْتُمُوهُ.
وَقَالَ: كَتَبَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بَعْضُ السَّلاَطينِ فِي حَاجَةٍ لَهُ، وَدَعَا لَهُ دعَاءً كَثِيْراً. فَكَتَبَ(10/86)
إِلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: وَصَلَ إِلَيَّ كِتَابُكَ وَفَهِمْتُهُ، وفي بيته يؤتى الحَكَمُ وَالسَّلاَمُ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الخَوَّاصَ، مُستملِي صَدَقَةَ، يَقُوْلُ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ كَالصَّبيِّ جَالِساً بَيْنَ يَدِي مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، يَسْأَلُهُ عَنْ عِلَلِ الحَدِيْثِ.
ذِكْرُ حِفْظِهِ وَسَعَةِ عِلْمِهِ وَذَكَائِهِ:
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ غُنْجَار فِي "تَارِيْخِ بُخَارَى": سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المقرئن سمعت مهيب بن سليم، سمعت جعفر القَطَّانَ إِمَامَ كرمِيْنيَةَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْل يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ وَأَكْثَر، عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم عَشْرَةُ آلاَفٍ وَأَكْثَر، مَا عِنْدِي حَدِيْثٌ إِلاَّ أَذكُرُ إِسْنَادَهُ.
قَالَ غنجار: وحدثنا محمد بن عمروان الجُرْجَانِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدٍ البُخَارِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: لَقِيْتُ أَكْثَرَ مِنْ أَلفِ رَجُلٍ أَهْلِ الحِجَازِ وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ، لَقِيتُهُم كَرَّاتٍ، أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالجَزِيْرَةِ مرَّتينِ، وَأَهْلِ البَصْرَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَبَالحِجَازِ سِتَّة أَعْوَامٍ، وَلاَ أُحْصِي كم دَخَلْتُ الكُوْفَةَ وَبَغْدَادَ مَعَ مُحَدِّثِي خُرَاسَانَ، مِنْهُمُ: المَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَابْنُ شَقِيقٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَشِهَابُ بنُ معمرٍ، وَبَالشَّامِ: الفِرْيَابِيُّ، وَأَبَا مُسْهِرٍ، وَأَبَا المُغِيْرَةِ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَسَمَّى خلقاً. ثُمَّ قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ وَاحِداً مِنْهُم يَخْتلِف فِي هَذِهِ الأَشْيَاءِ أَنَّ الدِّيْنَ قَوْلٌ وَعملٌ، وَأَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ حَاشِدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَآخَرَ يَقُوْلاَنِ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ يَخْتلِفُ مَعَنَا إِلَى مَشَايِخِ البَصْرَةِ، وَهُوَ غُلاَمٌ فَلاَ يَكْتُبُ حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ أَيَّامٍ فكنَّا نَقُوْل لَهُ: إِنَّك تختلفُ معنَا، ولاَ تَكْتُبُ فَمَا تصنَعُ? فَقَالَ لَنَا يَوْماً بَعْد ستَّةَ عشرَ يَوْماً: إِنَّكمَا قَدْ أَكْثَرْتُمَا عَلَيَّ، وَأَلْححتُمَا فَاعْرِضَا عَلَيَّ مَا كَتَبْتُمَا فَأَخْرجْنَا إِلَيْهِ مَا كَانَ عِنْدنَا فَزَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلفِ حَدِيْثٍ فَقرأَهَا كُلَّهَا عَنْ ظَهرِ القَلْبِ حَتَّى جَعَلنَا نُحْكِمُ كُتُبَنَا مِنْ حِفْظِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَتَرَوْنَ أَنِّي أَختلِفُ هَدْراً وَأُضَيِّعُ أَيَّامِي?! فَعَرفْنَا أَنَّهُ لاَ يتقدَّمُهُ أَحَدٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُمَا يَقُوْلاَنِ: كَانَ أَهْلُ المَعْرِفَةِ مِنَ البَصْرِيِّيْنَ يَعْدُوْنَ خَلْفَهُ فِي طلبِ الحَدِيْثِ، وَهُوَ شَابٌّ حَتَّى يغلِبُوهُ عَلَى نفسه، ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه أَلوفٌ أَكْثَرهُم مِمَّنْ يَكْتُبُ عَنْهُ، وَكَانَ شَابّاً لَمْ يَخْرُجْ وَجْهُهُ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ عِدَّةَ مَشَايِخٍ يحكُوْن أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، فسَمِعَ بِهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ فَاجْتَمَعُوا، وَعَمَدُوا إلى مائة(10/87)
حَدِيْثٍ فَقلبُوا مُتونهَا، وَأَسَانِيْدَهَا وَجَعَلُوا مَتْنَ هَذَا الإِسْنَادِ هَذَا، وَإِسْنَادَ هَذَا المَتْنِ هَذَا، وَدفعُوا إلى كل وَاحِدٍ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ ليُلْقُوهَا عَلَى البُخَارِيِّ فِي المَجْلِسِ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، وَانتَدبَ أَحَدُهُم فَسَأَلَ البُخَارِيَّ عَنْ حَدِيْثٍ مِنْ عَشَرتِهِ فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُهُ، وَسَأَلَهُ عَنْ آخر فَقَالَ: لاَ أَعرِفُهُ، وَكَذَلِكَ حَتَّى فرغَ مِنْ عشرتِهِ فَكَانَ الفقهَاءُ يَلْتَفِتُ بَعْضهُم إِلَى بَعْضٍ، وَيَقُوْلُوْنَ: الرَّجُلَ فَهِمَ، وَمَنْ كَانَ لاَ يَدْرِي قضَى عَلَى البُخَارِيِّ بِالعجزِ ثُمَّ انتدبَ آخرُ فَفَعَلَ كَمَا فعلَ الأَوَّلُ، وَالبُخَارِيُّ يَقُوْلُ: لاَ أَعرِفُهُ ثُمَّ الثَّالِثَ، وَإِلَى تمَام العشرَةِ أَنفسٍ وَهُوَ لاَ يزيدُهُم عَلَى: لاَ أَعرِفُهُ فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُم قَدْ فرغُوا التفتَ إِلَى الأَوَّلِ مِنْهُم فَقَالَ: أَمَّا حَدِيْثُكَ الأَوَّلُ فكذَا، وَالثَّانِي كَذَا وَالثَّالِثُ كَذَا إِلَى العشرَةِ فردَّ كُلَّ متنٍ إِلَى إِسْنَادِهِ، وَفعلَ بِالآخرينَ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَقَرَّ لَهُ النَّاسُ بِالحِفْظِ فَكَانَ ابْنُ صَاعِدٍ إِذَا ذكرَهُ يَقُوْلُ: الكبشُ النَّطَّاحُ.
وَقَالَ غُنْجَارٌ: حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ إِسْحَاقَ الأَسَدِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الزَّاغُوْنِيَّ، سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ مُوْسَى المَرْوَرُّوْذِيَّ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالبَصْرَةِ فِي جَامِعِهَا إِذْ سَمِعْتُ مُنَادِيّاً يُنَادِي: يَا أَهْلَ العِلْمِ قَدْ قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ فَقَامُوا فِي طلبِهِ، وَكُنْتُ مَعَهُم فرأَينَا رَجُلاً شَابّاً يُصَلِّي خَلْفَ الأُسْطُوَانَةِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ أَحَدقُوا بِهِ، وَسأَلُوهُ أَنْ يَعْقِدَ لَهُم مَجْلِسَ الإِملاَءِ فَأَجَابهُم فَلَمَّا كَانَ الغدُ اجْتَمَعَ قَرِيْبٌ مِنْ كَذَا كَذَا أَلفٍ فَجَلَسَ لِلإِملاَءِ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ البَصْرَةِ أَنَا شَابٌّ وَقَدْ سَأَلْتُمونِي أَنْ أُحدِّثَكُم، وَسأُحدِّثكُم بأَحَادِيْثَ عَنْ أَهْلِ بلدِكُم تَسْتفيدُوْنَ الكُلَّ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ جَبَلَةَ بنِ أَبِي رَوَّاد بلدِيُّكُم قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُوْرٍ، وَغَيْرِهِ عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَعْرَابِيّاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ........وَذَكَرَ الحَدِيْثَ1 ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ هَذَا عِنْدكُم إِنَّ مَا عِنْدكُم، عَنْ غَيْرِ مَنْصُوْرٍ عَنْ سَالِمٍ، وَأَملَى مَجْلِساً عَلَى هَذَا النَّسَقِ يَقُوْلُ فِي كُلِّ حَدِيْثٍ: رَوَى شُعْبَةُ هَذَا الحَدِيْثِ عندَكُم كَذَا فَأَمَّا مِنْ رِوَايَةِ فُلاَنٍ فَلَيْسَ عندَكُم أَوْ كَلاَماً هَذَا مَعْنَاهُ.
قَالَ يُوْسُفُ: وَكَانَ دُخولِي البَصْرَةَ أَيَّامَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشّوَاربِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ: قَرَأَ عَلَيْنَا أَبُو عَبْدِ الله كتاب "الهبة" فقال: ليس في
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3171"، ومسلم "2639" "164" من طريق عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ منصور، عن سالم بن أبي الجعد، حدثنا أنس بن مالك قال: بينما أَنَا وَرَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خارجين من المسجد، فلقينا رجلًا عند سدة المسجد. فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أعددت لها"؟ قال: فكأن الرجل استكان ثم قال: يا رسول الله ما أعدت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله وَرَسُوْله قَالَ: "فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ".(10/88)
هِبَةِ وَكِيْعٍ إلَّا حَدِيْثَانِ مُسْنَدَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ. وَفِي كِتَابِ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ خَمْسَةٌ أو نحوه. وفي كتابي هذا خمسمائة حَدِيْثٍ أَوْ أَكْثَرُ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: تَفَكَّرْتُ أَصْحَابَ أَنَسٍ فَحضرنِي فِي ساعة ثلاثمائة.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا قَدِمْتُ عَلَى أَحَدٍ إلَّا كَانَ انتفَاعُهُ بِي أَكْثَر مِنِ انتفَاعِي بِهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ سُلَيْمَ بنَ مُجَاهدٍ، سَمِعْتُ أبا الأزهر يقول: كان بسمرقند أربعمائة مِمَّنْ يطلُبُونَ الحَدِيْثَ فَاجْتَمَعُوا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَأَحَبُّوا مُغَالطَةَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَأَدخلُوا إِسْنَادَ الشَّامِ فِي إِسْنَادِ العِرَاقِ، وَإِسْنَادَ اليَمَنِ فِي إِسْنَادِ الحَرَمَيْنِ فَمَا تَعَلَّقُوا مِنْهُ بِسَقْطَةٍ لاَ فِي الإِسْنَادِ، وَلاَ فِي المَتْنِ.
وَقَالَ الفِرَبْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: مَا اسْتَصغَرْتُ نَفْسِي عِنْدَ أَحَدٍ إلَّا عِنْدَ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَرُبَّمَا كُنْتُ أُغْرِبُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَحْيَدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالِي بُخَارَى قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يَوْماً: رُبَّ حَدِيْثٍ سَمِعْتُهُ بِالبَصْرَةِ كَتَبْتُهُ بِالشَّامِ، وَرُبَّ حَدِيْثٍ سَمِعْتُهُ بِالشَّامِ كَتَبْتُهُ بِمِصْرَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ بكَمَالِهِ? قال: فسكت.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: مَا نمتُ البَارِحَةَ حَتَّى عَدَدْتُ كم أَدْخَلْتُ مُصَنَّفَاتِي مِنَ الحَدِيْثِ فَإِذَا نحو مائتي أَلفِ حَدِيْثٍ مُسْنَدَةٍ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كَتَبْتُ حِكَايَةً قَطُّ كُنْتُ أَتَحَفَّظُهَا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: صنَّفْتُ كِتَابَ "الاعتصَامِ" فِي لَيْلَةٍ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لاَ أَعْلَمُ شَيْئاً يُحتَاجُ إِلَيْهِ إلَّا وَهُوَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقُلْتُ لَهُ: يُمكنُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ كُلِّهُ? قَالَ: نَعَمْ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِنَيْسَابُوْرَ أَجلسُ فِي الجَامِعِ، فَذَهَبَ عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه إِلَى يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ اللهِ وَالِي نَيْسَابُوْرَ، فَأَخبروهُ بِمكَانِي فَاعتذرَ إِلَيْهِم وَقَالَ: مذهَبُنَا إِذَا رُفِعَ إِلَيْنَا غَرِيْبٌ لَمْ نَعْرِفْهُ حبسنَاهُ حَتَّى يَظْهَرَ لَنَا أَمرُهُ فَقَالَ لَهُ بَعْضهُم: بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ لَكَ: لاَ تُحْسِنُ تصلِي فَكَيْفَ تَجْلِسُ? فَقَالَ: لَو قِيْلَ لي شيء من هذا ما كنت أَقومُ مِنْ ذَلِكَ المَجْلِسِ حَتَّى أَروِي عَشْرَةَ آلاف حديث في الصلاة خاصة.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ الفِرْيَابِيِّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي(10/89)
الخَطَّابِ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَطُوْفُ عَلَى نسَائِهِ فِي غُسْلٍ، وَاحِدٍ1 فَلَمْ يعرِفْ أَحَدٌ فِي المَجْلِسِ أَبَا عُرْوَةَ، وَلاَ أَبَا الخَطَّابِ فَقُلْتُ: أَمَا أَبُو عُرْوَةَ فَمَعْمَرٌ، وَأَبُو الخَطَّابِ قَتَادَةُ قَالَ: وَكَانَ الثَّوْرِيُّ فَعُولاً لِهَذَا يُكَنِّي المَشْهُوْرينَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَدِمَ رَجَاءُ الحَافِظُ فَصَارَ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله فَقَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا أَعددتَ لِقُدُومِي حِيْنَ بَلَغَكَ? وَفِي أَيِّ شَيْءٍ نظرتَ? فَقَالَ: مَا أَحَدثْتُ نَظَراً، وَلَمْ أَستعِدَّ لِذَلِكَ فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تسأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَافعلْ فَجَعَلَ ينَاظرُهُ فِي أَشْيَاءَ فَبقيَ رَجَاءُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ هُوَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: هَلْ لَكَ فِي الزِّيَادَةِ? فَقَالَ اسْتحيَاءً مِنْهُ، وَخجلاً: نَعَمْ قَالَ: سَلْ إِنْ شِئْتَ? فَأَخَذَ فِي أَسَامِي أَيُّوْبَ فَعدَّ نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ سَاكتٌ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَقَدْ جمعتَ فَظنَّ رَجَاءُ أَنَّهُ قَدْ صنعَ شَيْئاً فَقَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ فَاتَكَ خَيرٌ كَثِيْرٌ فزيَّفَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي أُوْلَئِكَ سَبْعَةً، أَوْ ثَمَانِيَةً وَأَغربَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّيْنَ ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجَاءُ: كم رويتَ فِي العِمَامَةِ السَّوْدَاءِ? قَالَ: هَاتِ كم رويت أنت? ثم قال: تروي نحوًا من أربعين حَدِيْثاً فَخَجِلَ رَجَاءُ مِنْ ذَاكَ وَيبِسَ رِيقُهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ بَلْخَ فَسَأَلنِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ أَنْ أُمْلِي عَلَيْهِم لِكُلِّ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيْثاً فَأَمليتُ ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: سُئِلَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ عَمَّنْ طلَّقَ نَاسياً فَسَكَتَ سَاعَةً طَوِيْلَةً مُتفكِّراً، وَالتبسَ عَلَيْهِ الأَمْرُ فَقُلْتُ أَنَا: قَالَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- تجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّم" 2، وَإِنَّمَا يُرَادُ مبَاشرَةُ هَذِهِ الثَّلاَث العَمَلِ، وَالقَلْبِ أَوِ الكَلاَمِ وَالقَلْبِ وَهَذَا لَمْ يعتقدْ بِقَلْبِهِ فَقَالَ إِسْحَاقُ: قَوَّيْتَنِي وَأَفْتَى بِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّد: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْل يَقُوْلُ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ إِذَا انتخبْتُ مِنْ كِتَابِهِ نَسَخَ تِلْكَ الأَحَادِيْثِ، وَقَالَ: هَذِهِ الأَحَادِيْثُ انْتَخَبَهَا مُحَمَّدُ بن إسماعيل من حديثي.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "268"، ومسلم "309".
2 صحيح: أخرجه الطيالسي "2459"، وأحمد "2/ 255، 393، 425، 474، 481، 491"، والبخاري "2528"، "5269"، "6664"، وأبو داود "2209"، والترمذي "1183"، والنسائي "6/ 156-157 و157"، وابن ماجه "2044"، والبيهقي "7/ 298" من طرق عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى، عن أبي هريرة، به.(10/90)
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ الفِرَبْرِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ عَبْدَ الله بن منير يكتب عن البخاري.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَنَا مِنْ تلاَمِيذِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَهُوَ مُعَلِّمٌ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ أَحَادِيْثَ فِي "صَحِيْحِهِ" عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُنير عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ وَجَمَاعَةٍ، وَكَانَ زَاهِداً عَابِداً حَتَّى قَالَ البُخَارِيُّ: لَمْ أَرَ مِثْلَهُ.
قُلْتُ: وَتُوُفِّيَ هُوَ وَالإِمَامُ أَحْمَدُ فِي سَنَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ المَدِيْنِيَّ بِالشَّاشِ زَمَنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عَرَابَةَ يَقُوْلُ: كُنَّا بِنَيْسَابُوْرَ عِنْدَ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ فِي المَجْلِسِ فَمَرَّ إِسْحَاقُ بِحَدِيْثٍ كَانَ دُوْنَ الصَّحَابِيِّ عَطَاءَ الكَيْخَارَانِيِّ فَقَالَ إِسْحَاقُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَيش كَيْخَارَان? فَقَالَ: قَرْيَةٌ بِاليَمَنِ كَانَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ بعثَ هَذَا الرَّجُلَ، وَكَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو بَكْرٍ فَأُنْسِيتُهُ إِلَى اليَمَنِ فَمَرَّ بكَيْخَارَان فسَمِعَ مِنْهُ عَطَاءُ حَدِيْثَيْنِ فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ كَأَنَّكَ شَهِدْتَ القَوْمَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُومسِيُّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ خميرويه سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: أَحفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الكَلْواذَانِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ كَانَ يَأْخُذُ الكِتَابَ مِنَ العُلَمَاءِ فيطَّلِعُ عَلَيْهِ اطِّلاعَةً فيحْفَظُ عَامَّةَ أَطرَافِ الأَحَادِيْثِ بِمَرَّةٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقَ يَقُوْلُ فِي الزِّيَادَاتِ المذيَّلَةِ عَلَى شمَائِلِ أَبِي عَبْدِ اللهِ قُلْتُ: وَلَيْسَتْ هِيَ دَاخلَةً فِي رِوَايَةِ ابْنِ خَلَفٍ الشِّيرَازيِّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: مَا جلَسْتُ لِلْحَدِيْثِ حَتَّى عرفْتُ الصَّحِيْحَ مِنَ السَّقيمِ، وَحَتَّى نظرتُ فِي عَامَّةِ كُتُبِ الرَّأْي، وَحَتَّى دَخَلْتُ البَصْرَةَ خَمْسَ مَرَّاتٍ أَوْ نحوهَا فَمَا تركتُ بِهَا حَدِيْثاً صَحِيْحاً إلَّا كَتَبْتُهُ إلَّا مَا لَمْ يَظهر لِي.
وَقَالَ غُنْجَارٌ فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو عمْروٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ البِيْكَنْدِيُّ سَمِعْتُ عَليَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ عَاصِمٍ البِيْكَنْدِيَّ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: فَاجْتَمَعنَا عِنْدَهُ فَقَالَ بَعْضنَا: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه يَقُوْلُ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سَبْعِيْنَ أَلفِ حَدِيْثٍ مِنْ كِتَابِي فَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: أَو تَعْجَبُ مِنْ هَذَا?! لَعَلَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَنْ يَنْظُرُ إلى مائتي أَلفِ حَدِيْثٍ مِنْ كِتَابِهِ وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ نفسه.(10/91)
ذكر ثناء الأئمة عليه:
قال أبو جعفر مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِي يقول: كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ: كُلَّمَا دَخَلَ عليَّ هَذَا الصَّبِيُّ تحيَّرْتُ وَألبسَ عليَّ أَمر الحَدِيْثِ، وَغَيْرِهِ وَلاَ أَزَالُ خَائِفاً مَا لَمْ يَخْرُجْ.
قَالَ أَبُو جعفرٍ: سَمِعْتُ أَبَا عُمُرَ سُلَيمُ بنُ مُجَاهِدٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيِّ فَقَالَ: لَوْ جِئْتَ قَبْلُ لرَأَيْتَ صَبِيّاً يَحْفَظُ سَبْعِيْنَ أَلفِ حَدِيْثٍ قَالَ: فَخَرَجتُ فِي طَلَبِهِ حَتَّى لَحِقْتُهُ قَالَ: أَنْتَ الَّذِي يَقُوْلُ: إِنِّي أَحْفَظُ سَبْعِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ? قَالَ: نَعَمْ، وَأَكْثَر وَلاَ أَجيئُكَ بِحَدِيْثٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِيْنَ إلَّا عَرَّفْتُكَ مولِدَ أَكْثَرِهِم وَوَفَاتَهُم، وَمسَاكنِهِم وَلَسْتُ أَروِي حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِ الصَّحَابَةِ، أَوِ التَّابِعِيْنَ إلَّا وَلِي مِنْ ذَلِكَ أَصْلٌ أَحْفَظُهُ حِفْظاً عَنْ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُخَارِيَّ صَارَ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ السُّرْمَارِيِّ عَائِداً فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى فَقِيْهٍ بحقِّهِ، وَصدقِهِ فلينظُرْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَجْلَسَهُ عَلَى حِجْرِهِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِي: كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ حِيْنَ قَدِمَ مِنَ العِرَاقِ فَأَخبرَهُ بِمِحْنَةِ النَّاسِ، وَمَا صنعَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الأُمُورِ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَم لِمَنْ حضَرَهُ: أَترُوْنَ البِكْرَ أَشَدَّ حيَاءً مِنْ هَذَا? وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ جَعْفَرٍ يَقُوْلُ: لَوْ قَدرْتُ أَنْ أَزيدَ فِي عُمُرِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ مِنْ عُمُرِي لفعلْتُ فَإِنَّ مَوْتِي يَكُوْنُ مَوْتَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَموتُهُ ذهَابُ العِلْمِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ جَعْفَرٍ، وَهُوَ البِيْكَنْدِيُّ يَقُوْلُ لمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ: لَوْلاَ أَنْتَ مَا اسْتطبتُ العيشَ بِبُخَارَى.
وَقَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي رَجَاء هُوَ قُتَيْبَةُ فسُئِلَ عَنْ طلاَقِ السَّكرَانِ فَقَالَ: هَذَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ رَاهْوَيْه قَدْ سَاقهُمُ اللهُ إِلَيْكَ وَأَشَارَ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ وَكَانَ مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَغْلُوْبَ العقلِ حَتَّى لاَ يَذْكُرُ مَا يُحدثُ فِي سُكْرِهِ أَنَّهُ لاَ يجوزُ عليهِ مِنْ أَمرِهِ شَيْءٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَعِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ يَقُوْلُ: لَمَّا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ ركبَ مُحَمَّدٌ، وَإِسْحَاقُ يُشَيِّعَانِ جِنَازَتَهُ فكُنْتُ أَسْمَعُ أَهْلَ المَعْرِفَةِ بِنَيْسَابُوْرَ ينظرون ويقولون: محمد أفقه من إسحاق.(10/92)
وَقَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ حَفْصٍ الأَشْقَرَ سَمِعْتُ عبدَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بعينِي شَابّاً أَبصرَ مِنْ هَذَا، وَأَشَار بِيَدِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مِسْمَارٍ المَرْوَزِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فَقِيْهُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ خَالِدٍ المَرْوَزِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ مُسَدَّدٌ: لاَ تختَارُوا عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ يَا أَهْلَ خُرَاسَان.
وَقَالَ: سَمِعْتُ مُوْسَى بنَ قُرَيْش يَقُوْلُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ لِلْبُخَارِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ انظُرْ فِي كُتُبِي، وَأَخْبِرْنِي بِمَا فِيْهِ مِنَ السَّقْطِ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: كُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ يَقُوْلُ: بَيِّنْ لَنَا غَلَطَ شُعْبَةَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: اجْتَمَعَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ فَسَأَلونِي أَنْ أُكلِّمَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ ليزيدَهُم فِي القِرَاءةِ فَفَعَلْتُ فَدَعَا إِسْمَاعِيْلُ الجَارِيَةَ، وَأَمرَهَا أَنْ تُخْرجَ صرَّةَ دَنَانِيْرٍ وَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ فرِّقْهَا عَلَيْهِم.
قُلْتُ: إِنَّمَا أَرَادُوا الحَدِيْثَ قَالَ: قَدْ أَجَبْتُكَ إِلَى مَا طلبْتَ مِنَ الزِّيَادَةِ غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يُضَمَّ هَذَا إِلَى ذاك ليظهر أثرك فيهم.
وَقَالَ: حَدَّثَنِي حَاشِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ نظرَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ فَقَالَ: هَذَا يَكُوْنُ لَهُ يَوْماً صوتٌ.
وَقَالَ خَلَفٌ الخَيَّامُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ السَّلاَمِ قَالَ: ذَكَرْنَا قَوْلَ البُخَارِيِّ لِعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ يَعْنِي: مَا اسْتصغرتُ نَفْسِي إلَّا بَيْنَ يَدِي عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ فَقَالَ عَلِيٌّ: دعُوا هَذَا فَإِنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ لَمْ يَرَ مِثْلَ نَفْسِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: ذَاكرنِي أَصْحَابُ عَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ بِحَدِيْثٍ فَقُلْتُ: لاَ أَعْرِفُهُ فَسُرُّوا بِذَلِكَ وَصَارُوا إِلَى عَمْرٍو، فَأَخبروهُ فَقَالَ: حَدِيْثٌ لاَ يَعْرِفُهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ لَيْسَ بِحَدِيْثٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ حَاشِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَبُو مُصْعَبِ الزُّهْرِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَفقَهُ عِنْدنَا وَأَبصرُ بِالحَدِيْثِ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَقِيْلَ لَهُ: جَاوزتَ الحدَّ فَقَالَ لِلرَّجُلِ: لَوْ أَدْرَكْتَ مَالِكاً وَنظرتَ إِلَى وَجْهِهِ وَوجهِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ لقُلْتَ: كِلاَهُمَا واحد في الفقه والحديث.(10/93)
قَالَ: وَسَمِعْتُ حَاشِدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه يَقُوْلُ: اكتُبُوا عَنْ هَذَا الشَّابِّ يَعْنِي: البُخَارِيّ فَلَو كَانَ فِي زَمَنِ الحَسَنِ لاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاسُ لمَعْرِفَتِهِ بِالحَدِيْثِ، وَفقهِهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ حُجْرٍ يَقُوْلُ: أَخرجَتْ خُرَاسَانُ ثَلاَثَةً: أَبُو زُرْعَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ عِنْدِي أَبصرُهُم، وَأَعْلَمُهُم وَأَفْقَهُهُم.
قَالَ: وَأَوردتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ كِتَابَ أَبِي عَبْدِ اللهِ فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ: كَيْفَ خَلَّفْتَ ذَلِكَ الكبْش? فَقُلْتُ: بِخَيْرٍ فَقَالَ: لاَ أَعْلَمُ مِثْلَهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ الضَّوْءِ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الله بن نُمَيْرٍ يَقُوْلاَنِ: مَا رأَينَا مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وَعَنْ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَا أَخرجتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: سَمِعْتُ بُنْدَاراً مُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ يَقُوْلُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا، مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسمَاعيلَ.
وَقَالَ حَاشِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كُنْتُ بِالبَصْرَةِ فَسَمِعْتُ قُدُومَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ بُنْدَارٌ: اليَوْمَ دَخَلَ سَيِّدُ الفُقَهَاءِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ: إِنَّ ثوبِي لاَ يَمَسُّ جلدِي مَثَلاً مَا لَمْ ترجعْ إِلَيَّ أَخَافُ أَنْ تجدَ فِي حَدِيْثِي شَيْئاً يُسَقِّمُنِي، فَإِذَا رجعت فَنَظَرت فِي حَدِيْثِي طَابتْ نَفْسِي وَأَمِنْتُ مِمَّا أَخَافُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ خَالِدٍ المَرْوَزِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ أَبَا عَمَّارٍ الحُسَيْنَ بنَ حُرَيْثٍ يُثْنِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، وَيَقُوْلُ: لاَ أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ مِثْلَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ إلَّا لِلْحَدِيْثِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ مَحْمُوْدَ بنَ النَّضْرِ أَبَا سهلٍ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ البَصْرَةَ وَالشَّامَ، وَالحِجَازَ وَالكُوْفَةَ وَرأَيتُ علمَاءهَا كُلَّمَا جرَى ذكرُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَضَّلُوهُ عَلَى أَنفُسِهِم.
وَقَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ يَقُوْلُ: لَمَّا دَخَلْتُ البَصْرَةَ صِرتُ إِلَى بُنْدَارٍ فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ? قُلْتُ: مِنْ خُرَاسَانَ قَالَ: مِنْ أَيُّهَا? قُلْتُ: مِنْ بُخَارَى قَالَ: تَعْرِفُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ? قُلْتُ: أَنَا مِنْ قَرَابَتِهِ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُنِي فوق الناس.(10/94)
قَالَ مُحَمَّدُ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: لَمَّا دَخَلْتُ البَصْرَةَ صِرتُ إِلَى مَجْلِسِ بُنْدَارٍ فَلَمَّا وَقَعَ بصرُهُ عليَّ قَالَ: مِنْ أَيْنَ الفَتَى? قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ بُخَارَى فَقَالَ لِي: كَيْفَ تركتَ أَبَا عَبْدِ اللهِ? فَأَمسكتُ فَقَالُوا لَهُ: يرحمُكَ اللهُ هُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فَقَامَ، وَأَخَذَ بِيَدِي وَعَانقَنِي وَقَالَ: مَرْحَباً بِمَنْ أَفتخِرُ بِهِ مُنْذُ سِنِيْنَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ حَاشِدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ يَقُوْلُ: لَمْ يَدْخُلْ البَصْرَةَ رَجُلٌ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ مِنْ أَخينَا أَبِي عَبْدِ اللهِ قَالَ: فَلَمَّا أَرَادَ الخُرُوجَ، وَدَّعَهُ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ وَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ موعِدُنَا الحَشْرُ أَنْ لاَ نلتقِي بَعْدُ.
وَقَالَ أَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بنُ جمعَةَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ يَقُوْلُ: حفَاظُ الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: أَبُو زُرْعَةَ بِالرَّيِّ، وَالدَّارِمِيُّ بسمرقند ومحمد ابن إِسْمَاعِيْلَ بِبُخَارَى، وَمُسْلِمٌ بِنَيْسَابُوْرَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ الأَشْعَثِ البِيْكَنْدِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْديِّ وَالحَسَنِ بنِ شُجَاعٍ البَلْخِيِّ.
قَالَ ابْنُ الأَشْعَثِ: فحكيتُ هَذَا لِمُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ البَلْخِيِّ فَأَطرَى ذكرَ ابْنِ شُجَاعٍ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ لَمْ يَشْتَهرْ? قال: لأنه لم يمتع بالعمر.
قُلْتُ: هَذَا ابْنُ شُجَاعٍ: رحلَ وَسَمِعَ مَكِّيَّ بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى أبا مُسْهِرٍ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ نَصْرُ بن زكريا المروزي: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: شباب خراسان أربعة: محمد بن إسماعيل، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الدَّارِمِيّ وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى اللُّؤْلُؤِيُّ وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ جَعْفَراً الفِرَبْرِيَّ يَقُوْلُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُنيرٍ يَقُوْلُ: أَنَا مِنْ تلاَمِيذِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ وَهُوَ مُعَلِّمِي، وَرَأَيْتُهُ يَكْتُبُ عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا حَاشِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ سَمِعْتُ يَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيَّ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فَقِيْهُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ المُسْنِديِّ قَالَ: حُفَّاظُ زَمَانِنَا ثَلاَثَةٌ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ وَحَاشِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ وَيَحْيَى بنُ سَهْلٍ.(10/95)
وَقَالَ مُحَمَّدُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرَبْرِيُّ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُنِيْر رَحِمَهُ اللهُ إِلَى بُخَارَى فِي حَاجَةٍ لَهُ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لَهُ ابْنُ مُنِيْرٍ: لقيتَ أَبَا عَبْدِ اللهِ? قَالَ: لاَ فطردَهُ، وَقَالَ: مَا فيكَ بَعْدَ هَذَا خَيْرٌ إِذْ قدِمْتَ بُخَارَى وَلَمْ تَصِرْ إِلَى أَبِي عبد الله محمد بن إسماعيل.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ يَقُوْلُ: حضَرتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ فَرَأَيْتُ رَجُلاً يَقُوْلُ فِي مَجْلِسِهِ: نَاظرَ أَبُو بَكْرٍ أَبَا عَبْدِ اللهِ فِي أَحَادِيْثِ سُفْيَانَ فَعَرفَ كُلَّهَا ثُمَّ أَقبلَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ فَأَغربَ عَلَيْهِ مَائَتَي حَدِيْثٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُوْلُ: ذَاكَ الفَتَى البَازِلُ -وَالبَازلُ الجمل المسن- إلَّا أنه يريد هاهنا البصيرُ بِالعِلْمِ الشجَاعُ.
وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ يَقُوْلُ: إِنَّ الرُّتُوتَ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، مِثْلَ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ وَنُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، وَالحُمَيْدِيِّ وَحَجَّاجِ بنِ مِنْهَالٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَالعَدَنِيِّ، وَالحَسَنِ الخلاَلِ بِمَكَّةَ وَمُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ صَاحِبِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ وَالأَشَجِّ وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الفَرَّاءِ كَانُوا يهَابُوْنَ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ وَيَقْضُونَ لَهُ عَلَى أَنفُسِهِم فِي المَعْرِفَةِ، وَالنَّظَرِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنِي حَاتِمُ بنُ مَالِكٍ الوَرَّاقُ قَالَ: سَمِعْتُ عُلَمَاءَ مَكَّةَ يَقُوْلُوْنَ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِمَامُنَا، وَفَقِيْهُنَا وَفَقِيْهُ خُرَاسَانَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللهُ يَقُوْلُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي حَفْصٍ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ البُخَارِيِّ، وَهُوَ صَغِيْرٌ فسمعت أبا حَفْصٍ يَقُوْلُ: هَذَا شَابٌّ كَيِّسٌ أَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ لَهُ صِيتٌ، وَذِكْرٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: سَمِعْتُ أَبَا سهلٍ محموداً الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ عَالِماً مِنْ عُلَمَاءِ مِصْرَ يَقُوْلُوْنَ: حَاجَتُنَا مِنَ الدُّنْيَا النَّظَرُ فِي "تَارِيْخِ" مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بنُ يُوْنُسَ قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي: الدَّارِمِيّ عَنْ حَدِيْثِ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ فَقَالَ: كتبنَاهُ مَعَ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدٌ يَقُوْلُ: سَالِمٌ ضَعِيْفٌ فَقِيْلَ لَهُ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ? قَالَ: مُحَمَّدٌ أَبْصَرُ مِنِّي.
قَالَ: وَسُئِلَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَدِيْثِ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ: "لاَ يَكْذِبُ الكَاذِبُ إلَّا مِنْ مَهَانَةِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ" وَقِيْلَ لَهُ: مُحَمَّدٌ يزعُمُ أَنَّ هَذَا صَحِيْحٌ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ أَبصرُ مِنِّي لأَنَّ همَّهُ النَّظَرُ فِي الحَدِيْثِ، وَأَنَا مَشْغُوْلٌ مريضٌ ثُمَّ قَالَ: مُحَمَّدٌ أَكْيَسُ خلقِ اللهِ إِنَّهُ عَقَلَ(10/96)
عَنِ اللهِ مَا أَمرَهُ بِهِ، وَنَهَى عَنْهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ إِذَا قَرَأَ مُحَمِّدٌ القُرْآنَ شَغَلَ قَلْبَهُ، وَبصرَهُ وَسَمْعَهُ وَتَفَكَّرَ فِي أَمْثَالِهِ، وَعرفَ حلاَلَهُ وَحرَامَهُ.
وَقَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ سُلَيْمَانُ بنُ مُجَالدٍ إِنِّي سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْديًّ عَنْ مُحَمَّدٍ فقال: محمد بن إسماعيل أعلمنا، وأفقهنا وَأَغْوَصُنَا وَأَكْثَرُنَا طلباً.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ المُؤَدِّبَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ يُشْبِهُ طلبُ مُحَمَّدٍ لِلْحَدِيْثِ طلبَنَا كَانَ إِذَا نظَرَ فِي حَدِيْثِ رَجُلٍ أَنْزَفَهُ.
وَقَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، وَرَّاقُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ عَنْ كِتَابِ "الأَدبِ" مِنْ تَصْنِيْفِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَقَالَ: احمِلْهُ لأَنْظُرَ فِيْهِ فَأَخَذَ الكِتَابَ مِنِّي وَحَبَسَهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فَلَمَّا أَخذتُ مِنْهُ قُلْتُ: هَلْ رَأَيْتَ فِيْهِ حَشْواً أَوْ حَدِيْثاً ضَعِيْفاً? فَقَالَ: ابْنُ إِسْمَاعِيْلَ لاَ يَقْرَأُ عَلَى النَّاسِ إلَّا الحَدِيْثَ الصَّحِيْحَ، وَهَلْ يُنْكَرُ عَلَى مُحَمَّدٍ?! وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ حَاتِمَ بنَ مَنْصُوْرٍ الكِسِّيَّ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ فِي بصرِهِ، وَنفَاذِهِ مِنَ العِلْمِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو المستنيرَ بنَ عَتِيْقٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَجَاءَ الحَافِظَ يَقُوْلُ: فَضْلُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ عَلَى العُلَمَاءِ كفضلِ الرجال على النِّسَاءِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كُلُّ ذَلِكَ بِمَرَّةٍ?! فَقَالَ: هُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ يَمْشِي عَلَى ظَهرِ الأَرْضِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ يَقُوْلُ: سَأَلَ أَبُو عبد الله أبا رجاء البَغْلاَنِيَّ يَعْنِي: قُتَيْبَة إِخْرَاجَ أَحَادِيْثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: مُنْذُ كَتَبْتُهَا مَا عرضتُهَا عَلَى أَحَدٍ فَإِنِ احتسبتَ وَنظرتَ فِيْهَا وَعلَّمتَ عَلَى الخطأِ مِنْهَا فعلتُ، وَإِلاَّ لَمْ أُحَدِّثْ بِهَا لأَنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَكُوْنَ فِيْهَا بَعْضُ الخطأِ، وَذَلِكَ أَنَّ الزِّحَامَ كَانَ كَثِيْراً، وَكَانَ النَّاسُ يُعَارِضونَ كُتُبَهُم فيُصحِّحُ بَعْضُهُم مِنْ بَعْضٍ، وَتركتُ كِتَابِي كَمَا هُوَ فَسُرَّ البُخَارِيُّ بِذَلِكَ، وَقَالَ: وُفِّقْتَ ثُمَّ أَخذَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ صَلاَةَ الغدَاةِ فينظُرُ فِيْهِ إِلَى وَقْتِ خُرُوْجِهِ إِلَى المَجْلِسِ، وَيُعَلِّم عَلَى الخطأِ مِنْهُ فَسَمِعْتُ البُخَارِيَّ رَدَّ عَلَى أَبِي رَجَاء يَوْماً حَدِيْثاً فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ هَذَا مِمَّا كَتَبَ عَنِّي أَهْلُ بَغْدَادَ، وَعَلَيْهِ علاَمَةُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَلاَ أَقدِرُ أُغَيِّرُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: إِنَّمَا كتبَ أُوْلَئِكَ عَنْكَ لأَنَّكَ كُنْتَ مُجْتَازاً، وَأَنَا قَدْ كَتَبْتُ هَذَا عَنْ عِدَّةٍ عَلَى مَا أَقُوْلُ لَكَ كَتَبْتُهُ عَنْ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَابْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَكَاتِبِ اللَّيْثِ عَنِ اللَّيْثِ فَرَجَعَ أَبُو رَجَاءَ، وَفَهِمَ قَوْلَهُ وَخضَعَ لَهُ.(10/97)
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ يَقُوْلُ: كَانَ زكريا اللؤلئي، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ببلخَ يمشيَانِ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِ إِلَى المَشَايِخِ إِجْلاَلاً لَهُ، وَإِكرَاماً.
قَالَ: وَسَمِعْتُ حَاشِدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه جَالِساً عَلَى السَّرِيْرِ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ مَعَهُ وَإِسْحَاقُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَتَّى مرَّ عَلَى حَدِيْثٍ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ محمد فرجع إلى قول محمد.
ثُمَّ رَأَيْتُ عَمْرَو بنَ زُرَارَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ يَسْأَلاَنِهِ عَنْ عِلَلِ الحَدِيْثِ فَلَمَّا قَامَا قَالاَ لِمَنْ حَضَرَ: لاَ تُخْدَعُوا عَن أَبِي عَبْدِ اللهِ فَإِنَّهُ أَفْقَهُ مِنَّا، وَأَعْلَمُ وَأَبصرُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ حَاشِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ إِسْحَاقَ، وَعَمْرُو بنُ زُرَارَةَ ثَمَّ وَهُوَ يَسْتَملِي عَلَى البُخَارِيِّ، وَأَصْحَابُ الحَدِيْثِ يَكْتُبُوْنَ عَنْهُ وَإِسْحَاقُ يَقُوْلُ: هُوَ أَبصرُ مِنِّي وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَوْمَئِذٍ شَابّاً.
وَقَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ فَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ عَنْ حَدِيْثٍ فَأَجَابَهُ فَقَالَ: هَذَا أَفقَهُ خلقِ اللهِ فِي زَمَانِنَا، وَأَشَارَ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ سُلَيْمَ بنَ مُجَاهدٍ يَقُوْلُ: لَوْ أَنَّ وَكِيْعاً وَابْنَ عُيَيْنَةَ وَابْنَ المُبَارَكِ كَانُوا فِي الأَحيَاءِ لاحْتَاجُوا إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: قَالَ لِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: انْظُرْ فِي كُتُبِي، وَمَا أَملِكُهُ لَكَ وَأَنَا شَاكرٌ لَكَ مَا دمتُ حيّاً.
وَقَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَمْرٍو الكَرْمَانِيُّ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيَّ يَقُوْلُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ صَدِيْقِي ليسَ بِخُرَاسَانَ مِثْلَهُ.
فحكيتُ لمهيَارٍ بِالبَصْرَةِ عَنْ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: رُحِلَ إِلَيَّ مِنْ شرقِ الأَرْضِ، وَغربِهَا فَمَا رحلَ إِلَيَّ مِثْلُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَقَالَ مهيَارٌ: صَدَقَ أَنَا رَأَيْتُهُ مَعَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ وَهُمَا يَخْتَلِفَانِ جَمِيْعاً إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَرَأَيْتُ يَحْيَى ينقَادُ لَهُ فِي المَعْرِفَةِ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَخَرَجَ إِلَيْنَا فِي غدَاةٍ بَارِدَةٍ، وَهُوَ يرتعدُ مِنَ البَرْدِ فَقَالَ: أَيَكُوْنُ عندَكُم مِثْلُ ذَا البَرْدِ? فَقُلْتُ: مِثْلُ ذَا يَكُوْنُ فِي الخريفِ، وَالرَّبِيْعِ وَرُبَّمَا نُمسِي وَالنَّهْرُ جَارٍ فنصبحُ، وَنَحتَاجُ إِلَى الفَأَسِ فِي نَقْبِ الجَمَدِ فَقَالَ لِي: مِنْ أَيِّ خُرَاسَان أَنْتَ? قُلْتُ: مِنْ بُخَارَى فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: هُوَ مِنْ، وَطَنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَقَالَ لَهُ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْك مَنْ يُتوسَّلُ بِهِ فَاعرفْ لَهُ حقَّهُ فَإِنَّهُ إمام.(10/98)
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ ثَابِتٍ الشَّاشِيَّ سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُوْلُ: مَا أَخذَ عَنِّي أَحَدٌ مَا أَخذَ عَنِّي مُحَمَّدٌ نظرَ إِلَى كُتُبِي فرآهَا دَارسَةً فَقَالَ لِي: أَتَأْذنُ لِي أَنْ أُجدِّدَهَا? فَقُلْتُ: نَعَمْ فَاسْتَخرجَ عَامَّةَ حَدِيْثِي بِهَذِهِ العِلَّةِ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المَرْوَزِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ سَاعَةَ، وَدَّعَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قُلْ فِي أَدبِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا شِئْتَ وَقُلْ فِي علمِ مُحَمَّدٍ مَا شِئْتَ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ اللَّيْثِ يَقُوْلُ: وذُكِرَ عِنْدَه عَبْدُ اللهِ وَمُحَمَّدٌ فسَمِعَ بَعْضَ الجَمَاعَةِ يُفضِّلُ عَبْدَ اللهِ عَلَى مُحَمَّدٍ فَقَالَ: إِذَا قَدمتوهُ فَقَدِّمُوهُ فِي الشِّعْرِ، وَالعَرَبِيَّةِ وَلاَ تقدّمُوهُ عَلَيْهِ فِي العِلْمِ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ حَاشِدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَدُسُّ إِلَيَّ أَحَادِيْثَ مِنْ أَحَادِيْثِهِ المُشْكِلَةِ عَلَيْهِ يَسْأَلُنِي أَنْ أَعرِضَهَا عَلَى مُحَمَّدٍ، وَكَانَ يَشتهِي أَنْ لاَ يَعْلَمَ مُحَمَّدٌ فَكُنْتُ إِذَا عَرضْتُ عَلَيْهِ شَيْئاً يَقُوْلُ: مِنْ ثَمَّ جَاءتْ? وَعَنْ قُتَيْبَةَ قَالَ: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ فِي الصَّحَابَةِ لكَانَ آيَةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الهَمَذَانِيُّ: كُنَّا عِنْدَ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ فَجَاءَ رَجُلٌ شَعْرَانِيٌّ يُقَالُ لَهُ: أَبُو يَعْقُوْبَ فَسَأَلَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فنكسَ رَأْسَهُ ثُمَّ رفعَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: يَا هَؤُلاَءِ نظرْتُ فِي الحَدِيْثِ، وَنظرتُ فِي الرَّأْيِ وَجَالَسْتُ الفُقَهَاءَ وَالزُّهَادَ، وَالعُبَّادَ مَا رَأَيْتُ مُنْذُ عقلْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسمَاعيلَ.
وَقَالَ حَاشِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ: مَثَلُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ عِنْدَ الصَّحَابَةِ فِي صدقِهِ، وَوَرَعِهِ كَمَا كَانَ عُمَرُ فِي الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ حَاشِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: لَمْ يجئْنَا مِنْ خُرَاسَانَ مِثْلُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وروينَا عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَعْلَمُ مَنْ دَخَلَ العِرَاقَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ سَمِعَ بِبُخَارَى هَارُوْنَ بنَ الأَشْعَثِ وَمُحَمَّدَ بنَ سَلاَمٍ، وَسَمَّى خَلْقاً مِنْ شُيُوْخِهِ.
ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ المُذَكِّرَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ تَحْتَ أَديمِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَحْفَظَ لَهُ مِنْ محمد بن إسماعيل.(10/99)
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الحَافِظَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ بَيْنَ يَدِي البُخَارِيِّ يَسْأَلُهُ سُؤَالَ الصَّبِيِّ.
ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيَّ المُعَدَّلَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حمدُوْنَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ فِي جِنَازَةِ سَعِيْدِ بنِ مَرْوَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ يَسْأَلُهُ عَنِ الأَسَامِي، وَالكُنَى وَالعِلَلِ وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يَمُرُّ فِيْهِ مِثْلَ السَّهمِ كَأَنَّهُ يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإِخلاَص: 1] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ المُطوّعِيّ بِبُخَارَى، حَدَّثَنَا مُسَبِّحُ بنُ سَعِيْدٍ البُخَارِيُّ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيَّ يَقُوْلُ: قَدْ رَأَيْتُ العُلَمَاءَ بِالحِجَازِ، وَالعِرَاقَينِ فَمَا رَأَيْتُ فِيْهِم أَجمعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حمدُوْن بنِ رُسْتُمَ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، وَجَاءَ إِلَى البُخَارِيِّ فَقَالَ: دَعْنِي أُقَبِّلْ رجليكَ يَا أُسْتَاذَ الأُسْتَاذِين، وَسَيِّدَ المُحَدِّثِيْنَ، وَطبيبَ الحَدِيْثِ فِي عِلَلِهِ.
وَقَالَ أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ: لَمْ أَرَ بِالعِرَاقِ وَلاَ بِخُرَاسَانَ فِي مَعْنَى العِلَلِ وَالتَّارِيْخِ، وَمَعْرِفَةِ الأَسَانِيْدِ أعلم من محمد بن إسماعيل.
وَقَالَ أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ مُنِيْرٍ فَلَمَّا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ جَعَلَكَ اللهُ زَيْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: اسْتُجِيْبَ لَهُ فِيْهِ.
قُلْتُ: ابْنُ مُنِيْرٍ مِنْ كِبَارِ الزُّهَّادِ قَالَ.......قِيْلَ: إِنَّ البُخَارِيَّ لَمَّا قَدِمَ مِنَ العِرَاقِ، قَدْمَتَهُ الآخِرَة وَتلقَّاهُ النَّاسُ، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ وَبَالغُوا فِي بِرِّهِ قِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُم يَوْمَ دُخُوْلِنَا البَصْرَةَ? وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَة: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يَجْلِسُ بِبَغْدَادَ، وَكُنْتُ أَستملِي لَهُ وَيجتمعُ فِي مَجْلِسِهِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِيْنَ أَلْفاً.
وَقَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الدَّارِمِيِّ وَمُحَمَّدِ بن إسماعيل وأبو زُرْعَةَ فقَالَ: أَعْلَمُهُم بالحَدِيْثِ مُحَمِّدٌ، وأَحْفَظُهُم أَبُو زُرْعَةَ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ زبركٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِدْرِيْسَ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ، وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ: يقدَمُ عَلَيْكُم رَجُلٌ مِنْ خُرَاسَانَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا أَحْفَظُ مِنْهُ وَلاَ قَدِمَ العراق أعلم منه فقدم علينا البخاري.(10/100)
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: قَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ الحَافِظُ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يُنَصِّبُوا آخَرَ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَقِيْهُ الدَّغُوْلِيُّ: كتبَ أَهْلُ بَغْدَادَ إِلَى البُخَارِيِّ:
المُسْلِمُوْنَ بِخَيْرٍ مَا بَقِيْتَ لَهُم ... وَلَيْسَ بَعْدَكَ خَيْرٌ حِيْنَ تُفْتَقَدُ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: سُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ فَقَالَ: تَرَكَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَسُئِلَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ فَقَالَ: تركَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: بِرُّهُ لَنَا قَدِيْمٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَسُئِلَ العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الرَّازِيُّ الصَّائِغُ: أيُّهُمَا أَفْضَلُ أَبُو زُرْعَةَ، أَوْ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ? فَقَالَ: التقيتُ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بَيْنَ حُلْوَانَ، وَبَغْدَادَ فَرَجَعتُ مَعَهُ مَرحلَةً، وَجَهِدْتُ أَنْ أَجِيءَ بِحَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ فَمَا أَمكنَنِي، وَأَنَا أُغْرِبُ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ عَدَدَ شَعْرِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ فِي "تَارِيْخِهِ": مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الجُعْفِيُّ طَلَبَ العِلْمَ، وَجَالَسَ النَّاسَ وَرَحَلَ فِي الحديث ومهر فيه، وأبصر وَكَانَ حَسَنَ المَعْرِفَةِ، وَالحِفْظِ وَكَانَ يتفقَّهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: رَأَيْتُ أَبِي يُطْنِبُ فِي مدحِ أَحمدَ بنِ سَيَّارٍ، وَيذكرُه بِالعِلْمِ وَالفِقْه.
وَذكر عَمَرُ بنُ حَفْصٍ الأَشْقَرُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَجَاءُ بنُ مُرَجَّى بُخَارَى يُرِيْد الخُرُوجَ إِلَى الشَّاشِ نَزَلَ الرّباطَ، وَسَارَ إِلَيْهِ مَشَايِخنَا وَسِرْتُ فِيْمَنْ سَارَ إِلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فَأَخبرتُهُ بسَلاَمَتِهِ، وَقُلْتُ: لَعَلَّهُ يَجِيْئُكَ السَّاعَةَ فَأَملَى عَلَيْنَا وَانقضَى المَجْلِسُ وَلَمْ يَجِئْ فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الثَّانِي لَمْ يَجِئْهُ فَلَمَّا كَانَ اليَوْم الثَّالِث قَالَ رَجَاءُ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ لَمْ يَرَنَا أَهْلاً لِلزِّيَارَةِ فمُرُّوا بِنَا إِلَيْهِ نقضِ حقَّهُ فَإِنِّي عَلَى الخُرُوجِ وَكَانَ كَالمُتَرَغّمِ عَلَيْهِ فَجِئْنَا بجمَاعتِنَا إِلَيْهِ فَقَالَ رَجَاءُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ كُنْتُ بِالأَشواقِ إِلَيْكَ وَأَشْتَهِي أَنْ تذكرَ شَيْئاً مِنَ الحَدِيْث فَإِنِّي عَلَى الخُرُوج قَالَ: مَا شِئْتَ فَأَلقَى عَلَيْهِ، رَجَاءُ شَيْئاً مِنْ حَدِيْثِ أَيُّوْبَ، وَأَبو عَبْدِ اللهِ يُجِيْبُ إِلَى أَنْ سكتَ رَجَاءُ عَنِ الإِلقَاءِ فَقَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: ترَى بَقِيَ شَيْءٌ لَمْ نذكرْهُ فَأَخَذَ مُحَمَّدٌ يُلْقِي وَيَقُوْلُ رَجَاءُ: مَنْ رَوَى هَذَا? وَأَبُو عَبْدِ اللهِ يَجِيْءُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَنْ أَلقَى قَرِيْباً مِنْ بِضْعَة عشر حَدِيْثاً وَتَغَيَّرَ رَجَاءُ تغيُّراً شَدِيْداً، وَحَانَتْ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ نظرَةٌ إِلَى وَجْهِهِ فَعَرفَ التَّغَيُّرَ فِيْهِ فَقطَعَ الحَدِيْثَ فَلَمَّا خَرَجَ رَجَاءُ قَالَ مُحَمَّدٌ: أَرَدْتُ أَنْ أَبلغَ بِهِ ضِعْفَ مَا أَلقَيْتُهُ إلَّا أَنِّي خشيتُ أَنْ يدخُلَهُ شَيْءٌ فَأَمسكتُ.(10/101)
وَقَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بنَ نَصْرٍ الخَفَّافَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه وأحمد بن حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا بِعِشْرِيْنَ دَرَجَةٍ، وَمَنْ قَالَ فِيْهِ شَيْئاً فمنِّي عَلَيْهِ أَلفُ لعنَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّقيُّ النَّقيُّ العَالِمُ الَّذِي لَمْ أَرَ مِثْلَهُ.
وَرُوِيَ عَنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المَعْرُوْفِ بعُبَيْدِ العِجْلِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَلَمْ يَكُنْ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ يبلغُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَرَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ، وَأَبَا حَاتِمٍ يَسْتَمَعَانِ إِلَى مُحَمَّدٍ أَيَّ شَيْءٍ يَقُوْلُ يجلسُونَ إِلَى جَنْبِهِ فَذُكِرَ لعُبَيْدِ العِجْلِ قِصَّةُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى فَقَالَ: مَا لَهُ وَلِمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ? كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ وَكَانَ أَعْلَمَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بكذَا، وَكَذَا وَكَانَ دَيِّناً فَاضِلاً يُحْسِنُ كُلَّ شَيْءٍ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ حمدُوْن القصَّارُ: سَمِعْتُ مسلم بن الحجاج، وجاء إلى البخاري فقيل بَيْنَ عينيهِ، وَقَالَ: دعنِي أُقَبِّلُ رِجْليكَ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثكَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بنُ يَزِيْدَ الحَرَّانِيُّ أَخْبَرْنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كَفَّارَةِ المَجْلِسِ1، فَمَا عِلَّتُهُ? قال محمد بن إِسْمَاعِيْلَ: هَذَا حَدِيْثٌ مَلِيْحٌ، وَلاَ أَعْلَمُ بِهَذَا الإِسْنَادِ فِي الدُّنْيَا حَدِيْثاً غَيْرَ هَذَا الحَدِيْثِ الوَاحِدِ فِي هَذَا البَابِ إلَّا أَنَّهُ معلولٌ حَدَّثَنَا بِهِ مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حدثنا سهيل عن عون بن عبد
__________
1 صحيح: أخرجه "2/ 494"، والترمذي "3433"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "397" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 289"، والعقيلي في "الضعفاء" "2/ 156"، والطبراني في "الدعاء" "1914"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" "447"، والحاكم "1/ 536"، والبيهقي في "شعب الإيمان" "628"، والبغوي "1340"، من طرق عن الحجاج بن محمد المصيصي قال: قال ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة، به.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "4/ 105"، وفي "الأوسط" "2/ 40" من طريق ابن جريج، به.
وأخرجه الطبراني في "الدعاء" "1913"، من طريق محمد بن أبي حميد، عن سهيل بن أبي صالح، به.
وأخرجه بنحو أبو داود "4858"، من طريق عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
وله شاهد عن جبير بن مطعم: عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" "424"، "425"، والطبراني في "الكبير" "1586"، "1587"، وفي "الدعاء" له "1919".
وشاهد آخر عن رافع بن خديج: عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" "427"، والطبراني في "الكبير" "4445"، وفي "الأوسط" "4464"، وفي "الصغير" "620"، وفي "الدعاء" "1918"، والحاكم "1/ 537".(10/102)
اللهِ قَوْلَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا أَوْلَى، فَإِنَّهُ لاَ يُذكَرُ لمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ سَمَاعٌ مِنْ سُهَيْلٍ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ: لاَ يُبْغِضُكَ إلَّا حَاسِدٌ وَأَشهدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ: سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ: لَمَّا قَدِمَ البُخَارِيُّ نَيْسَابُوْرَ اسْتَقبَلَهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ رَجُلٍ رُكْبَاناً عَلَى الخيلِ سِوَى مِنْ ركبَ بغلاً أَوْ حِمَاراً وَسوَى الرَّجَّالَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّادٍ الآمُلِيُّ: وَددْت أَنِّي شَعْرَةٌ فِي صَدْرِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ حَاشِدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَآخَرَ يَقُوْلاَنِ: كَانَ أَهْلُ المَعْرِفَةِ بِالبَصْرَةِ يَعْدُونَ خَلْفَ البُخَارِيِّ فِي طلبِ الحَدِيْثِ، وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم مِمَّنْ يَكْتُبُ عَنْهُ قَالاَ: وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عِنْدَ ذَلِكَ شَابّاً لَمْ يخرجْ، وَجْهُهُ.
أَخبرنَي الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المهدوِيُّ، سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا سهلٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ المَرْوَزِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا زيدٍ المَرْوَزِيَّ الفَقِيْهَ يَقُوْلُ: كُنْتُ نَائِماً بَيْنَ الرُّكْنِ، وَالمقَامِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِي: يَا أَبَا زيدٍ إِلَى مَتَى تدرسُ كِتَابَ الشَّافِعِيِّ، وَلاَ تدرُسُ كِتَابِي? فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا كِتَابُكَ? قَالَ: "جَامِعُ" مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وجدْتُ فَائِدَةً مَنْقُوْلَةً عَنْ أَبِي الخَطَّابِ بنِ دِحْيَةَ أَنَّ الرَّمْلِيَّ الكَذَّابَةَ قَالَ: البُخَارِيُّ مَجْهُوْلٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى الفِرَبْرِيُّ قَالَ أَبُو الخَطَّابِ: وَاللهِ كذبَ فِي هَذَا، وَفَجَرَ وَالتقمَ الحَجَرَ بَلِ البُخَارِيُّ مَشْهُوْرٌ بِالعِلْمِ وَحَمْلِهِ مجمعٌ عَلَى حِفْظِهِ، وَنُبْلِهِ جَابَ البِلاَدَ وَطَلَبَ الرِّوَايَةَ، وَالإِسْنَادِ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا كِتَابُهُ فَقَدْ عرضَهُ عَلَى حَافِظِ زَمَانِهِ أَبِي زُرْعَةَ فَقَالَ: كِتَابُكَ كُلُّهُ صَحِيْحٌ إلَّا ثَلاَثَةُ أَحَادِيْث.
ذِكْرُ عِبَادَتِهِ وَفَضْلِهِ وَوَرَعِهِ وَصَلاَحِهِ:
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ المُطَّوِّعِيُّ، حَدَّثَنَا مسبح بن سعيد قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يختمُ فِي رَمَضَانَ فِي النَّهَارِ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةً وَيقومُ بَعْدَ التّروَايحِ كُلَّ ثَلاَثِ لَيَالٍ بخَتْمَةٍ.
وَقَالَ بَكْرُ بنُ مُنِيْرٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: أَرْجُو أَنْ أَلقَى اللهَ وَلاَ يحَاسبنِي أَنِّي اغتبتُ أَحَداً.(10/103)
قُلْتُ: صَدَقَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَمَن نظَرَ فَى كَلاَمِهِ فِي الجرحِ وَالتعديلِ عَلِمَ وَرعَهُ فِي الكَلاَمِ فِي النَّاسِ، وَإِنصَافَهُ فِيْمَنْ يُضَعِّفُهُ فَإِنَّهُ أَكْثَر مَا يَقُوْلُ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ سَكَتُوا عَنْهُ فِيْهِ نظرٌ وَنَحْو هَذَا، وَقَلَّ أَنْ يَقُوْلَ: فلان كَذَّابٌ أَوْ كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: إِذَا قُلْتُ فُلاَنٌ فِي حَدِيْثِهِ نَظَرٌ فَهُوَ مُتَّهَمٌ، وَاهٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: لاَ يُحَاسبُنِي اللهُ أَنِّي اغتبْتُ أَحَداً، وَهَذَا هُوَ وَاللهِ غَايَةُ الوَرَعِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُهُ يَعْنِي البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: لاَ يَكُوْنُ لِي خصمٌ فِي الآخِرَةِ فَقُلْتُ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَنْقِمُونَ عَلَيْكَ فِي كِتَابِ "التَّارِيْخ" وَيَقُوْلُوْنَ: فِيْهِ اغتيَابُ النَّاسِ فَقَالَ: إِنَّمَا روينَا ذَلِكَ رِوَايَةً لَمْ نَقُلْهُ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِنَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِئْسَ مَوْلَى العَشِيْرَةِ" 1 يَعْنِي: حَدِيْث عَائِشَةَ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا اغتبْتُ أَحَداً قَطُّ مُنْذُ عَلِمتُ أَنَّ الغِيبَةَ تَضُرُّ أَهْلَهَا.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يُصَلِّي فِي، وَقْتِ السَّحَرِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَكَانَ لاَ يُوقظنِي فِي كُلِّ مَا يقوم فَقُلْتُ: أَرَاكَ تحمِلُ عَلَى نَفْسِكَ، وَلَمْ توقظْنِي قَالَ: أَنْتَ شَابٌّ وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أُفْسِدَ عَلَيْكَ نَومَكَ.
وَقَالَ غُنْجَارٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ المُقْرِئِ سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ مُنِيْرٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يُصَلِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ فلسعَهُ الزُّنْبُورُ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً فَلَمَّا قضَى الصَّلاَةَ قَالَ: انْظُرُوا أَيش آذَانِي.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: دُعِيَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى بُسْتَانِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَلَّى بِالقَوْمِ الظُّهْرَ، قَامَ يتطوَّعُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ رفعَ ذيلَ قمِيصِهِ فَقَالَ لبَعْضِ مَنْ مَعَهُ: انظُرْ هَلْ تَرَى تَحْتَ قمِيصِي شَيْئاً فَإِذَا زنبورٌ قَدْ أَبَرَهُ فِي ستِّةِ عشر، أو سبعة عشر موضعًا،
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 38"، والحميدي "249"، والبخاري "6054"، "6131"، ومسلم "2591"، "73"، وأبو داود "4791"، والترمذي "1996"، والبيهقي "10/ 245"، والبغوي "3563" من طرق عن سفيان بن عيينة، قال: سمعت ابن المنكدر يقول: حدثني عروة بن الزبير قال: حدثتني عائشة أن رجلا استأذن عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ائذنوا له، فلبئس ابن العشيرة، أو بئس رجل العشيرة" فلما دخل عليه ألان له القول. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله قلت له الذي قلت لِمَ ألنت له القول؟ قال: "يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه".
وأخرجه البخاري "6032"، من طريق روح بن القاسم، عن محمد بن المنكدر، به.
وأخرجه عبد الرزاق "20144"، ومن طريقه أخرجه مسلم "2591"، عن معمر، عن ابن المنكدر، به.(10/104)
وَقَدْ تورمَ مِنْ ذَلِكَ جَسَدُهُ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ القَوْمِ: كَيْفَ لَمْ تخرجْ مِنَ الصَّلاَةِ أَوَّلَ مَا أَبَرَكَ? قَالَ: كُنْتُ فِي سُوْرَةٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُتِمَّهَا!!
وَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَعِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ العُلَمَاءَ بِالبَصْرَةِ يَقُوْلُوْنَ: مَا فِي الدُّنْيَا مِثْلُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ فِي المَعْرِفَةِ، وَالصَّلاَحِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الوَرَّاقُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّادٍ الآمُلِيُّ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي شَعْرَةٌ فِي صَدْرِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الخَفَّافُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّقيُّ النَّقيُّ العَالِمُ الَّذِي لَمْ أَرَ مِثْلَهُ.
أَعدْتُ هَذَا لِلتَّبويبِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَامِدٍ البَزَّازُ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ جَابِرٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ لَمَّا وَردَ البُخَارِيُّ نَيْسَابُوْرَ يَقُوْلُ: اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ فَاسْمَعُوا منه.
وقال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عَبْدِ الجَبَّارِ السَّمَرْقَنْديَّ يَقُوْلُ: جَاءَ مُحَمَّدٌ إِلَى أَقربَائِهِ بخَرْتَنْك فسَمِعْتُهُ يدعُو لَيْلَةً إِذْ فرغَ مِنْ وِرْدِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عليَّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك فما تم الشَّهر حَتَّى مَاتَ.
وَقَدْ ذكرنَا أَنَّهُ لَمَّا أَلَّفَ "الصَّحِيْحَ" كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ كُلِّ تَرْجَمَةٍ.
وَرَوَى الخَطِيْبُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الفِرَبْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ فَقَالَ لِي: أَيْنَ تُرِيْدُ? فَقُلْتُ: أُرِيْدُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ فَقَالَ: أَقْرئْهُ مِنِّيَ السَّلاَمُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: ركبنَا يَوْماً إِلَى الرَّمْيِ وَنَحْنُ بِفِرَبْر فَخَرَجْنَا إِلَى الدَّربِ الَّذِي يُؤدِّي إِلَى الفُرْضَةِ1 فجعلنَا نَرمِي، وَأَصَابَ سَهْمُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وتِدَ القنطرَةِ الَّذِي عَلَى نهرِ وَرَّادَةَ فَانْشَقَّ الوَتِدُ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ فَأَخْرَجَ السَّهمَ مِنَ الوَتِدِ، وَتركَ الرَّمْيَ وَقَالَ لَنَا: ارجِعُوا وَرجَعْنَا مَعَهُ إِلَى المَنْزِلِ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا جَعْفَرٍ لِي إِلَيْك حَاجَةٌ تقضيهَا? قلتُ: أَمْرُكَ طَاعَةٌ قَالَ: حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ، وَهُوَ يتنفَّسُ الصُّعَدَاءَ فَقَالَ لِمَنْ مَعَنَا: اذهبُوا مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ حَتَّى تُعِينوهُ عَلَى مَا سَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: أَيَّةُ حَاجَةٍ هِيَ? قَالَ لِي: تضمن قضاءها?
__________
1 فرضة النهر: مشرب الماء منه. والفرضة: الثلمة التي تكون في النهر والتي منها يُستقى.(10/105)
قُلْتُ: نَعَمْ، عَلَى الرَّأْسِ وَالعَيْنِ. قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَصِيرَ إِلَى صَاحِبِ القنطرَةِ، فَتَقُوْلَ لَهُ: إِنَّا قَدْ أَخللنَا بِالوَتِدِ فَنُحِبُّ أَنْ تَأَذَنَ لَنَا فِي إِقَامَةِ بَدَلِهِ، أَوْ تَأَخُذَ ثَمَنَهُ، وَتجعلنَا فِي حِلٍّ مِمَّا كَانَ منَّا، وَكَانَ صَاحِبَ القنطرَةِ حُمَيْدُ بنُ الأَخضرِ الفِرَبْرِيُّ، فَقَالَ لَي: أَبلغْ أَبَا عَبْدِ اللهِ السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا كَانَ مِنْكَ، وَقَالَ: جَمِيْعُ مُلْكِي لَكَ الفدَاءُ، وَإِنْ قُلْتُ: نَفْسِي أَكُوْنُ قَدْ كذبْتُ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ أَنْ تحتَشِمنِي فِي، وَتِدٍ أَوْ فِي مُلكِي فَأَبلغتُهُ رسَالَتَهُ فَتهلَّلَ، وَجْهُهُ وَاسْتنَارَ وَأَظْهَرَ سُرُوْراً وَقَرَأَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ عَلَى الغرباء نحوًا من خمسمائة حديث وتصدق بثلاثمائة دِرْهَمٍ.
قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لأَبِي مَعْشَرٍ الضَّرِيْرِ: اجعلنِي فِي حلٍّ يَا أَبَا مَعْشَرٍ فَقَالَ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ? قَالَ: رويتُ يَوْماً حَدِيْثاً فَنَظَرْتُ إِلَيْكَ وَقَدْ أُعْجِبتَ بِهِ، وَأَنْتَ تُحرِّكُ رأْسَكَ، وَيَدَكَ فَتبسَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ رَحِمَكَ اللهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: وَرَأَيْتُهُ اسْتلقَى عَلَى قَفَاهُ يَوْماً وَنَحْنُ بِفِرَبْر فِي تَصْنِيْفِهِ كِتَابِ "التَّفْسِيْرِ" وَأَتْعَبَ نَفْسَهُ ذَلِكَ اليَوْمِ فِي كَثْرَةِ إِخْرَاجِ الحَدِيْثِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تَقُوْلُ: إِنِّي مَا أَثْبَتُّ شَيْئاً بِغَيْرِ علمٍ قَطُّ مُنْذُ عَقَلْتُ فَمَا الفَائِدَةُ فِي الاسْتلقَاءِ? قَالَ: أَتعبْنَا أَنفُسَنَا اليَوْمَ، وَهَذَا ثغرٌ مِنَ الثُّغُوْرِ خَشِيْتُ أَنْ يَحْدُثَ حَدَثٌ مِنْ أَمرِ العدوِّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَسْتريحَ وَآخُذَ أُهبَةً فَإِن غَافَصَنَا1 العَدُوُّ كَانَ بِنَا حَرَاكٌ.
قَالَ: وَكَانَ يَرْكَبُ إِلَى الرَّمْي كَثِيْراً، فَمَا أَعْلَمُنِي رَأَيْتُهُ فِي طولِ مَا صحِبْتُهُ أَخْطَأَ سهمُهُ الهَدَفَ إلَّا مرَّتينِ فَكَانَ يُصِيْبُ الهدفَ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَكَانَ لاَ يسبق.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا أَكلْتُ كُرَّاثاً قَطُّ، وَلاَ القَنَابَرَى قُلْتُ: ولِمَ ذَاكَ: قَالَ: كرِهْتُ أَنْ أُوذِيَ مَنْ مَعِي مِنْ نَتَنِهِمَا قُلْتُ: وكذلك البصل النيئ? قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الفِرَبْرِيُّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ بِفِرَبْر فِي المَسْجَدِ فَدَفَعْتُ مِنْ لِحْيَتِهِ قَذَاةً مِثْلَ الذَّرَّةِ أَذْكُرُهَا فَأَردْتُ أَنْ أُلقِيهَا فِي المَسْجَدِ فَقَالَ: أَلقِهَا خَارجاً مِنَ المَسْجَدِ.
قَالَ: وَأَملَى يَوْماً عليَّ حَدِيْثاً كَثِيْراً فَخَافَ مَلاَلِي فَقَالَ: طِبْ نَفْساً فإِن أَهْلَ الملاَهِي فِي ملاَهِيهِم، وَأَهْلَ الصّنَاعَاتِ فِي صنَاعَاتِهِم، وَالتُّجَّارَ فِي تجَارَاتِهِم، وَأَنْتَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ فَقُلْتُ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا يرحمُكَ اللهُ إلَّا وَأَنَا أَرَى الحظ لنفسي فيه.
__________
1 غافصنا العدو: أي أخذناه على غرة.(10/106)
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا أَردْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بكَلاَمٍ فِيْهِ ذكرُ الدُّنْيَا إلَّا بدأَتُ بحمدِ اللهِ، وَالثنَاءِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ تَنَاولْتَ فُلاَناً. قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا ذكرْتُ أَحَداً بسوءٍ إلَّا أَنْ أَقُوْلَ سَاهِياً، وَمَا يَخْرُجُ اسْمُ فُلاَنٍ مِنْ صحيفَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ.
قَالَ: وضيَّفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي بستَانٍ لَهُ وضيَّفَنَا مَعَهُ فَلَمَّا جَلَسْنَا أَعجبَ صَاحِبَ البُسْتَانِ بُستَانُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ عَمِلَ مجالس فيه وأجرى المَاءَ فِي أَنْهَارِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ كَيْفَ تَرَى? فَقَالَ: هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا.
قَالَ: وَكَانَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ غَرِيمٌ قَطَعَ عَلَيْهِ مَالاً كَثِيْراً فَبلغَهُ أَنَّهُ قَدِمَ آمُل، وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِفِرَبْر فَقُلْنَا لَهُ: يَنْبَغِي أَنْ تعبُرَ، وَتَأْخُذَهُ بِمَالِكَ فَقَالَ: لَيْسَ لَنَا أَنْ نُرَوِّعَهُ ثُمَّ بَلَغَ غريْمُهُ مَكَانَهُ بِفِرَبْر فَخَرَجَ إِلَى خُوَارزمَ فَقُلْنَا: يَنْبَغِي أَنْ تَقُوْلَ لأَبِي سَلَمَةَ الكُشَانِيِّ عَاملِ آمُل ليكَتَبَ إِلَى خُوَارزمَ فِي أَخذِهِ، وَاسْتخرَاجِ حقِّكَ مِنْهُ فَقَالَ: إِنْ أَخَذْتُ مِنْهُم كِتَاباً طمِعُوا مِنِّي فِي كِتَابٍ، وَلَسْتُ أَبيعُ دينِي بدُنيَاي فَجَهِدْنَا فَلَمْ يَأْخُذْ حَتَّى كلَّمْنَا السُّلْطَانُ عَنْ غَيْرِ أَمرِهِ فَكَتَبَ إِلَى، وَالِي خُوَارزمَ فَلَمَّا أُبلِغَ أَبَا عَبْدِ اللهِ ذَلِكَ وَجَدَ، وَجْداً شَدِيْداً وَقَالَ: لاَ تكونُوا أَشفقَ عليَّ مِنْ نَفْسِي، وَكَتَبَ كِتَاباً وَأَرْدَفَ تِلْكَ الكُتُبَ بكُتُبٍ، وَكَتَبَ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ بخُوَارِزْمَ أَنْ لاَ يُتَعرَّضَ لغريمِهِ إلَّا بِخَيْرٍ فَرَجَعَ غريمُهُ إِلَى آمُل وَقصَدَ إِلَى نَاحِيَةِ مَرْو فَاجْتَمَعَ التُّجَّارُ، وَأُخْبِرَ السُّلْطَانُ بِأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ خَرَجَ فِي طَلَبِ غريمٍ لَهُ فَأَرَادَ السُّلْطَانُ التَّشديدَ عَلَى غريمِهِ وَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَصَالَحَ غريمَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كُلَّ سَنَةٍ عَشْرَةُ دَرَاهِم شَيْئاً يَسِيْراً، وَكَانَ المَالُ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَلَمْ يصِلْ مِنْ ذَلِكَ المَالِ إِلَى دِرْهَمٍ وَلاَ إِلَى أَكْثَرِ مِنْهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: مَا تولَّيْتُ شِرَاءَ شَيْءٍ وَلاَ بَيْعَهُ قَطُّ. فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ وَقَدْ أَحلَّ اللهُ البيعَ? قَالَ: لِمَا فِيْهِ مِنَ الزِّيَادَةِ، وَالنُّقصَانِ وَالتخليطِ فَخشيتُ إِنْ تولّيتُ أَنْ أَستوِي بغَيرِي قُلْتُ فَمَنْ كَانَ يَتَوَلَّى أَمرُكَ فِي أَسفَارِكَ وَمُبَايَعَتِكَ? قَالَ: كُنْتُ أُكْفَى ذَلِكَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ خِدَاشٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَفْصٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ يَعْنِي: إِسْمَاعِيْل وَالِدِ أَبِي عَبْدِ اللهِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: لاَ أَعْلَمُ مِنْ مَالِي دِرْهَماً مِنْ حرَامٍ، وَلاَ دِرْهَماً مِنْ شُبْهَةٍ قَالَ أَحْمَدُ: فَتصَاغَرَتْ إِلَيَّ نَفْسِي عِنْدَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَصْدَقُ مَا يَكُوْنُ الرَّجُلُ عِنْدَ المَوْتِ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ اكترَى مَنْزِلاً فلبِثَ فِيْهِ طَوِيْلاً فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَمْ أَمسحْ ذَكَرِي بِالحَائِطِ، وَلاَ بِالأَرْضِ فِي ذَلِكَ المَنْزِلِ فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ? قَالَ: لأَنَّ المَنْزِلَ لغَيرِي.(10/107)
قَالَ: وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ يَوْماً بِفِرَبْر: بَلَغَنِي أَنَّ نَخَّاساً قَدِمَ بجَوَارِي، فَتصيرَ مَعِي? قُلْتُ: نَعَمْ، فصِرنَا إِلَيْهِ فَأَخْرَجَ جَوَارِيَ حِسَاناً صِبَاحاً ثُمَّ خَرَجَ مِنْ خِلاَلِهنَّ جَارِيَةٌ خَزَرِيَّةٌ دمِيمَةٌ عَلَيْهَا شحمٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فمسَّ ذَقْنَهَا فَقَالَ: اشترِ هَذِهِ لَنَا مِنْهُ فَقُلْتُ: هَذِهِ. دمِيمَةٌ قبيحَةٌ لاَ تَصْلُحُ، وَاللاَتِي نظرْنَا إِليهنَّ يُمْكِنُ شِرَاءهُنَّ بثمنِ هَذِهِ. فَقَالَ: اشترِ هَذِهِ فَإِنِّي قَدْ مَسِسْتُ ذَقْنَهَا، وَلاَ أُحبُّ أَنْ أَمسَّ جَارِيَةً ثُمَّ لاَ أَشْتَرِيهَا فَاشْترَاهَا بغلاء خمسمائة دِرْهَمٍ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ المَعْرِفَةِ، ثُمَّ لَمْ تزلْ عِنْدَهُ حَتَّى أَخرَجَهَا مَعَهُ إِلَى نَيْسَابُوْرَ.
وَقَالَ غُنْجَارٌ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بن محمد المقرئ: سمعت بكر بن منير، وَقَدْ ذكرَ معنَاهَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَاللَّفْظُ لبَكْرٍ قَالَ: كَانَ حُمِلَ إِلَى البُخَارِيِّ بِضَاعَةٌ أَنفذَهَا إِلَيْهِ ابْنُهُ أَحْمَدُ فَاجْتَمَعَ بَعْضُ التُّجَّارِ إِلَيْهِ فَطَلَبُوهَا بربحِ خَمْسَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: انْصَرَفُوا اللَّيْلَةَ فَجَاءهُ مِنَ الغَدِ تُجَّارٌ آخرُوْنَ فَطَلَبُوا مِنْهُ البِضَاعَةَ بربحِ عَشْرَةِ آلاَفٍ فَقَالَ: إِنِّي نَوَيْتُ بيعَهَا للَّذين أَتَوا البَارِحَةَ.
وَقَالَ غُنْجَارٌ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ حمدٍ المُلاَحِمِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَابرِ بنِ كَاتِبٍ سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ حَفْصٍ الأَشْقَرُ قَالَ: كُنَّا مَعَ البُخَارِيِّ بِالبَصْرَةِ نكتبُ فَفَقدنَاهُ أَيَّاماً ثُمَّ، وَجدنَاهُ فِي بَيْتٍ، وَهُوَ عُريَانٌ وَقَدْ نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَجَمَعنَا لَهُ الدَّرَاهِمَ، وَكسونَاهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: مَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَكُوْنَ بحَالَةٍ إِذَا دَعَا لَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةُ أَخِيْهِ بحضرتِي: فَهَلْ تبيَّنْتَ ذَلِكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ مِنْ نَفْسِكَ، أَوْ جرَّبْتَ? قَالَ: نَعَمْ دعوتُ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- مرَّتينِ فَاسْتجَابَ لِي فَلَنْ أُحِبَّ أَنْ أَدْعُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ يَنْقُصُ مِنْ حسنَاتِي أَو يُعَجِّلَ لِي فِي الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: مَا حَاجَةُ المُسْلِمُ إِلَى الكذِبِ وَالبُخْلِ?!!
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: خَرَجتُ إِلَى آدَمَ بنِ أَبِي إِيَاسٍ، فَتخلَّفَتْ عَنِّي نَفَقَتِي، حَتَّى جَعَلتُ أَتنَاولُ الحشيشَ، وَلاَ أُخْبِرْ بِذَلِكَ أَحَداً فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الثَّالِثُ أَتَانِي آتٍ لَمْ أَعرِفْهُ فَنَاولَنِي صُرَّةَ دَنَانِيْر، وَقَالَ: أَنْفِقْ عَلَى نَفْسِكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْديَّ يَقُوْلُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ مخصوصاً بِثَلاَثِ خِصَالٍ مَعَ مَا كَانَ فِيْهِ مِنَ الخِصَالِ المحمودَةِ: كَانَ قَلِيْلَ الكَلاَمِ، وكان لا يطمع فيما عند الناس وَكَانَ لاَ يشتغِلُ بِأُمُورِ النَّاسِ كُلُّ شُغْلِهِ كَانَ فِي العِلْمِ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بنَ مُجَاهدٍ يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ النَّاسَ الحَدِيْثَ حِسْبَةً غَيْرُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَرَأَيْتُ سُلَيْمَ بنَ مُجَاهدٍ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللهِ أَنْ يُحَدِّثَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ،(10/108)
وَيُبَيِّنَ لَهُ مَعَانِيهَا وَتفَاسِيرِهَا وَعِلَلِهَا. فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ قدرَ مُقَامِهِ. وَكَانَ أَقَامَ فِي تِلْكَ الدفعَةِ جُمْعَةً.
وَسَمِعْتُ سليماً يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بعينِي مُنْذُ سِتِّيْنَ سَنَةً أَفْقَهَ، وَلاَ أَوْرَعَ وَلاَ أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ.
قَالَ عَبْدُ المَجِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ القَوِيِّ، وَالضَّعيفِ.
ذِكْرُ كَرَمِهِ وَسَمَاحَتِهِ وَصِفَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ:
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَتْ لَهُ قِطْعَةُ أَرْضٍ يَكْرِيهَا كُلَّ سَنَةٍ بسبعمائة دِرْهَمٍ. فَكَانَ ذَلِكَ المُكْتَرِي رُبَّمَا حملَ مِنْهَا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ قِثَّاةً أَوْ قِثَّاتَينِ؛ لأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ كَانَ مُعْجَباً بِالقِثَّاءِ النَّضيجِ، وَكَانَ يُؤْثِرُهُ عَلَى البطيخِ أَحْيَاناً فَكَانَ يَهَبُ لِلرَّجُلِ مائَةَ دِرْهَمٍ كُلَّ سَنَةٍ لحملِهِ القِثَّاءَ إِلَيْهِ أَحْيَاناً.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ أستغل كل شهر خمسمائة دِرْهَمٍ، فَأَنفقْتُ كُلَّ ذَلِكَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فَقُلْتُ: كم بَيْنَ مَنْ ينفقُ عَلَى هَذَا الوَجْهِ، وَبَيْنَ مَنْ كَانَ خِلْواً مِنَ المَالِ فَجَمَعَ وَكسبَ بِالعِلْمِ حَتَّى اجْتَمَعَ لَهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: {مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الشورى: 36] .
قَالَ: وَكُنَّا بِفِرَبْر وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يبنِي رِباطاً مِمَّا يلِي بُخَارَى، فَاجْتَمَعَ بَشَرٌ كَثِيْرٌ يُعينونَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ ينقُلُ اللَّبِنَ فَكُنْتُ أَقُوْلُ لَهُ: إِنَّكَ تُكْفَى يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ فَيَقُوْلُ: هَذَا الَّذِي يَنْفَعُنَا ثُمَّ أَخذَ ينقلُ الزَّنْبَرَاتِ1 مَعَهُ، وَكَانَ ذَبَحَ لَهُم بَقَرَةً فَلَمَّا أَدْرَكَتِ القدورُ دَعَا النَّاسَ إِلَى الطَّعَامِ، وَكَانَ بِهَا مائَةُ نَفْسٍ أَوْ أَكْثَرُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّهُ يجتمعُ مَا اجْتَمَعَ وَكُنَّا أَخرجْنَا مَعَهُ مِنْ فِرَبْر خُبزاً بِثَلاَثَةِ درَاهمَ، أَوْ أَقَلَّ فَأَلقينَا بَيْنَ أَيديهِم فَأَكَلَ جَمِيْعُ مَنْ حضَرَ وَفضلتْ أَرغفَةٌ صَالِحَةٌ، وَكَانَ الخبزُ إِذْ ذَاكَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ بِدِرْهَمٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ رُبَّمَا يَأْتِي عَلَيْهِ النَّهَارُ فَلاَ يَأْكُلُ فِيْهِ رُقَاقَةً، إِنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ أَحْيَاناً لوزتين أَوْ ثَلاَثاً وَكَانَ يجتنِبُ توَابِلَ القُدورِ مِثْلَ الحِمّصِ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ لِي يَوْماً شبهَ المُتفرِّجِ بصَاحِبِهِ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ نَحْتَاجُ فِي السَّنَةِ إِلَى شَيْءٍ كَثِيْرٍ قُلْتُ لَهُ: قَدْرُ كَمْ? قَالَ: أَحتَاجُ فِي السَّنَةِ إِلَى أَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، أَوْ خَمْسَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ قَالَ: وَكَانَ يتصدَّقُ بِالكَثِيْرِ يَأْخُذُ بِيَدِهِ
__________
1 الزنبرات: جمع زنبر، وهو الزنبيل. وهي فارسية معربة.(10/109)
صَاحِبَ الحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ فيُنَاوِلُهُ مَا بَيْنَ العِشْرِيْنَ إِلَى الثَّلاَثِيْنَ، وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ أَن يَشْعُرَ بِذَلِكَ أَحَدٌ، وَكَانَ لاَ يُفَارِقُهُ كِيْسُهُ، وَرَأَيْتُهُ نَاولَ رَجُلاً مِرَاراً صُرَّةً فيها ثلاثمائة دِرْهَمٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ أَخْبَرَنِي بعَدَدِ مَا كَانَ فِيْهَا مِنْ بَعْدُ فَأَرَادَ أَنْ يدعُوَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: ارفُقْ وَاشتغلْ بِحَدِيْثٍ آخرَ كيلاَ يعلمَ بِذَلِكَ أَحَدٌ.
قَالَ: وكنت اشتريت منزلًا بتسعمائة وعشرين درهمًا فقال: لي إِلَيْكَ حَاجَةٌ تَقْضِيهَا? قُلْتُ: نَعَمْ، وَنُعْمَى عينٍ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تصيرَ إِلَى نُوْحِ بنِ أَبِي شدَّادٍ الصَّيْرَفِيِّ وَتَأْخُذَ مِنْهُ أَلفَ دِرْهَمٍ، وَتَحْمِلَهُ إِلَيَّ فَفَعَلتُ فَقَالَ لِي: خُذْهُ إِلَيْكَ فَاصرِفْهُ فِي ثمنِ المَنْزِلِ فَقُلْتُ: قَدْ قَبِلْتُهُ مِنْكَ، وَشكرتُهُ وَأَقبلنَا عَلَى الكِتَابَةِ وَكُنَّا فِي تَصْنِيْفِ "الجَامِعِ" فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ قُلْتُ: عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ لاَ أَجْتَرِئُ رفعَهَا إِلَيْكَ فَظنَّ أَنِّي طَمِعْتُ فِي الزِّيَادَةِ فَقَالَ: لاَ تحتشمْنِي، وَأَخْبِرْنِي بِمَا تَحْتَاجُ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُوْنَ مأَخوذاً بِسببِكَ قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ? قَالَ: لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ فذكرَ حَدِيْثَ سَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ جَعَلتُكَ فِي حِلٍّ مِنْ جَمِيْعِ مَا تَقُوْلُ، وَوهبْتُ لَكَ المَالَ الَّذِي عرضتَهُ عليَّ عَنَيْتُ المُنَاصفَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: لِي جَوَارٍ وَامْرَأَةٌ وَأَنْتَ عَزَبٌ فَالَّذِي يَجِبُ عليَّ أَنْ أُنَاصِفَكَ لنستوِي فِي المَالِ، وَغَيْرِهِ وَأَربحُ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ فعلْتَ رَحِمَكَ اللهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِذْ أَنْزَلْتَنِي مِنْ نَفْسِكَ مَا لَمْ تُنْزِلْ أَحَداً، وَحللتُ مِنْكَ محلَّ الوَلَدِ ثُمَّ حَفِظَ عليَّ حَدِيْثِي الأَوَّل وَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ? قُلْتُ: تَقْضِيهَا? قَالَ: نَعَمْ وَأُسَرُّ بِذَلِكَ قُلْتُ: هَذِهِ الأَلفُ تَأْمُرُ بِقَبُولِهِ، وَاصْرِفْهُ فِي بَعْضِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَقَبِلَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ ضَمِنَ لِي قَضَاءَ حَاجَتِي ثُمَّ جلسْنَا بَعْدَ ذَلِكَ بيومِيْنِ لتَصْنِيْفِ "الجَامِعِ" وَكَتَبْنَا مِنْهُ ذَلِكَ اليَوْمَ شَيْئاً كَثِيْراً إِلَى الظُّهْرِ ثُمَّ صَلَّينَا الظُّهرَ وَأَقبلْنَا عَلَى الكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ نكُوْنَ أَكلْنَا شَيْئاً فرآنِي لَمَّا كَانَ قُرْبَ العصرِ شِبْهَ القَلِقِ المستوحشِ فَتوهَّمَ فِيَّ ملاَلاً وَإِنَّمَا كَانَ بِيَ الحصرُ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَكنْ أَقدرُ عَلَى القِيَامِ، وَكُنْتُ أَتَلَوَّى اهتمَاماً بِالحصرِ فَدَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَنْزِلَ وَأَخْرَجَ إِلَيَّ كَاغدَةً فِيْهَا ثلاثمائة دِرْهَمٍ وَقَالَ: أَمَا إِذْ لَمْ تقبلْ ثمنَ المَنْزِلِ فَيَنْبَغِي أَنْ تصرِفَ هَذَا فِي بَعْضِ حَوَائِجِكَ فجهَدَنِي فَلَمْ أَقبلْ ثُمَّ كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ كتبنَا إِلَى الظُّهرِ أَيْضاً فَنَاوَلَنِي عِشْرِيْنَ دِرْهَماً فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تصرِفَ هَذِهِ فِي شرَاءِ الخُضرِ، وَنحوِ ذَلِكَ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا مَا كُنْتُ أَعلَمُ أَنَّهُ يلاَئِمُهُ، وَبعثْتُ بِهِ إِلَيْهِ، وَأَتيتُ فَقَالَ لِي: بَيَّضَ اللهُ وَجْهَكَ لَيْسَ فيكَ حِيْلَةٌ فَلاَ يَنْبَغِي لَنَا أَن نُعَنِّي أَنْفُسَنَا فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ قَدْ جمعتَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَأَيُّ رَجُلٍ يَبَرُّ خَادِمَهُ بِمثلِ مَا تَبَرُّنِي إِنْ كُنْتُ لاَ أَعرِفُ هَذَا فلَسْتُ أَعرِفُ أَكْثَرَ مِنْهُ.
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّارفيَّ يَقُوْلُ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ فَى مَنْزِلِهِ، فَجَاءتْهُ(10/110)
جَارِيَةٌ، وَأَرَادَتْ دُخُوْلَ المَنْزِلِ فعثرَتْ عَلَى محبرَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ تمشينَ? قَالَتْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيْقٌ، كَيْفَ أَمْشِي? فَبسط يَدَيْهِ، وَقَالَ لَهَا: اذهبِي فَقَدْ أَعتقْتُكِ قَالَ: فَقِيْلَ لَهُ فِيْمَا بَعْدُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَغضبتْكَ الجَارِيَةُ? قَالَ: إِنْ كَانَتْ أَغضبتْنِي فَإِنِّي أَرضيْتُ نَفْسِي بِمَا فعلْتُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الحُسَيْنِ البَزَّازُ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ شَيْخاً نحيفَ الجسمِ لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ، وَلاَ بِالقَصِيْرِ.
وَقَالَ غُنْجَارٌ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنٍ التَّمِيْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ، سَمِعْتُ جِبْرِيْلَ بنَ مِيكَائِيلَ بِمِصْرَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا بَلَغْتُ خُرَاسَانَ أُصِبْتُ ببَعْضِ بَصْرِي فعَلَّمَنِي رَجُلٌ أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي، وَأُغَلِّفَهُ بِالخِطْمِيِّ ففعلت فرد الله علي بصري.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ الوَرَّاقُ: دَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بِفِرَبْر الحَمَّامَ، وَكُنْتُ أَنَا فِي مَشْلَحِ الحَمَّامِ أَتعَاهَدُ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ فَلَمَّا خَرَجَ نَاوَلْتُهُ ثِيَابَهُ فلبِسَهَا ثُمَّ نَاوَلْتُهُ الخُفَّ فَقَالَ: مَسِسْتَ شَيْئاً فِيْهِ شعرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: فِي أَيِّ مَوْضِعٍ هُوَ مِنَ الخُفِّ? فَلَمْ يُخْبِرْنِي فتوهَّمْتُ أَنَّهُ فِي سَاقِهِ بَيْنَ الظِّهَارَةِ وَالبِطَانَةِ.
ذِكْرُ قِصَّتِهِ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ رحِمَهُمَا اللهُ:
قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدٍ البَزَّازَ قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ جَابِرٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى قَالَ لَنَا لَمَّا، وَرَدَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ نَيْسَابُوْرَ: اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ فَاسْمَعُوا مِنْهُ فَذَهَبَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَأَقبلُوا عَلَى السَّمَاعِ مِنْهُ حَتَّى ظَهرَ الخَلَلُ فِي مَجْلِسِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى فَحَسَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَكَلَّمَ فِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ ذَكَرَ لِي جَمَاعَةٌ مِنَ المَشَايِخِ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ لَمَّا وَردَ نَيْسَابُوْرَ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ حَسَدَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ مِنْ مَشَايِخِ نَيْسَابُوْرَ لَمَّا رَأَوا إِقبالَ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَاجْتِمَاعَهُم عَلَيْهِ فَقَالَ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ: إِنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: اللَّفْظُ بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ فَامتحنُوهُ فِي المَجْلِسِ فَلَمَّا حضَرَ النَّاسُ مَجْلِسَ البُخَارِيِّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا تَقُوْلُ فِي اللَّفْظِ بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ هُوَ أَمْ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ? فَأَعرَضَ عَنْهُ البُخَارِيُّ، وَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ القَوْلَ فَأَعرضَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ في الثالثة فالتفت إليه البخاري، وقال: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَفْعَالُ العبَادِ مَخْلُوْقَةٌ وَالامْتِحَانُ بِدْعَةٌ فشَغَبَ الرَّجُلُ وَشَغَبَ النَّاسُ وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ وَقَعَدَ البُخَارِيُّ فِي مَنْزِلِهِ.(10/111)
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الخَطِيْبُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سيَّارٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ خشنَام قَالَ: سُئِلَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بِنَيْسَابُوْرَ عَنِ اللَّفْظِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ يَعْنِي أَبَا قُدَامَةَ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ هُوَ القَطَّانُ قَالَ: أَعْمَالُ العبَادِ كُلُّهَا مَخْلُوْقَةٌ فمَرَقُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ترجِعُ عَنْ هَذَا القَوْلِ حَتَّى نعُودَ إِلَيْكَ? قَالَ: لاَ أَفعلْ إلَّا أَنْ تَجِيئُوا بحجَّةٍ فِيْمَا تقولُونَ أَقْوَى مِنْ حُجَّتِي، وَأَعجبَنِي مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ ثَبَاتُهُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الهَيْثَمِ المُطَّوِّعِيُّ بِبُخَارَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيُّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: أَمَّا أَفْعَالُ العِبَادِ فمَخْلُوْقَةٌ فَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ" 1.
وَبِهِ قَالَ: وَسَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: سمعت يحيى بن سعيد يَقُوْلُ: مَا زِلْتُ أَسمَعُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ: إِن أَفْعَالَ العِبَادِ مَخْلُوْقَةٌ.
قَالَ البُخَارِيُّ: حَرَكَاتُهُم، وَأَصْوَاتُهُم وَاكتِسَابُهُم وَكِتَابَتُهُم مَخْلُوْقَةٌ. فَأَمَّا القُرْآنُ المَتْلُوُّ المُبَيَّنُ المُثْبَتُ فِي المَصَاحِفِ المسطورُ المَكْتُوْبُ المُوعَى فِي القُلُوْبِ فَهُوَ كَلاَمُ اللهِ لَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم} [الْعَنْكَبُوت: 49] .
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الأَعمَشِيُّ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ فِي جنَازَةِ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيْدِ بنِ مَرْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى يَسْأَلُهُ عَنِ الأَسَامِي وَالكُنَى وَعِلَلِ الحَدِيْثِ، وَيمرُّ فِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ مِثْلَ السَّهْمِ فَمَا أَتَى عَلَى هَذَا شَهْرٌ حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى: إلَّا مَنْ يَخْتلِفُ إِلَى مَجْلِسِهِ فَلاَ يَخْتَلِفْ إِلَيْنَا فَإِنَّهُم كَتَبُوا إِلَيْنَا مِنْ بَغْدَادَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي اللَّفْظِ وَنهينَاهُ فَلَمْ يَنْتَهِ فَلاَ تقربوهُ، وَمَنْ يقربْهُ فَلاَ يقربْنَا فَأَقَامَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ هَا هُنَا مُدَّةً ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بُخَارَى.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يحيى الذهلي يقول: القرآن كلام الله غير
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" "ص73"، وابن أبي عاصم في "السنة" "357" و"358"، وابن منده في "التوحيد" "ق39/ 2"، وابن عدي في "الكامل" "6/ 20"، والحاكم "1/ 31" والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص26 و388" من طرق عن أبي مالك الاشجعي، عن ربعي بن حراش عن حذيفة، به مرفوعًا.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.(10/112)
مَخْلُوْقٍ مِنْ جَمِيْعِ جهَاتِهِ، وَحَيْثُ تُصُرِّفَ فَمَنْ لزمَ هَذَا اسْتغنَى عَنِ اللَّفْظِ، وَعمَّا سِوَاهُ مِنَ الكَلاَمِ فِي القُرْآنِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ فَقَدْ كَفَرَ، وَخَرَجَ عَنِ الإِيْمَانِ وَبَانتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَجُعِلَ مَالُهُ فَيْئاً بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ، وَلَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِهِم، وَمَنْ وَقَفَ فَقَالَ: لاَ أَقُوْلُ مَخْلُوْق، وَلاَ غَيْر مَخْلُوْق فَقَدْ ضَاهَى الكُفْرَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ فَهَذَا مُبْتَدِعٌ لاَ يُجَالَسْ، وَلاَ يُكَلَّمْ وَمِنْ ذهبَ بَعْدَ هَذَا إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ فَاتَّهِمُوهُ فَإِنَّهُ لاَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ إلَّا مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مذهَبِهِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الهَيْثَمِ بِبُخَارَى أَخْبَرَنَا الفِرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا البُخَارِيُّ قَالَ: نظرتُ فِي كَلاَمِ اليَهُوْدِ، وَالنَّصَارَى وَالمَجُوْسِ فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَضَلَّ فِي كُفْرِهِم مِنَ الجَهْمِيَّةِ، وَإِنِّي لأَستجهلُ مَنْ لاَ يُكَفِّرُهُم.
وَقَالَ غُنْجَارٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَاضِرٍ العَبْسِيُّ حَدَّثَنَا الفِرَبْرِيُّ سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ شَاذِلٍ يَقُوْلُ: لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَالبُخَارِيِّ دَخَلْتُ عَلَى البُخَارِيِّ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَيْشٍ الحِيلَةُ لنا فيما بينك، وبين محمد بن يَحْيَى كُلُّ مَنْ يَخْتلِفُ إِلَيْكَ يُطْرَدُ? فَقَالَ: كم يَعْتَرِي مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الحسدُ فِي العِلْمِ، وَالعِلْمُ رِزْقُ اللهِ يُعْطِيهِ مَنْ يَشَاءُ فَقُلْتُ: هَذِهِ المَسْأَلَةُ الَّتِي تُحْكَى عَنْكَ? قَالَ: يَا بنِي هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مَشْؤُوْمَةٌ رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَمَا نَالَهُ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ وَجَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لاَ أَتَكَلَّمَ فِيْهَا.
قُلْتُ: المَسْأَلَةُ هِيَ أَنَّ اللَّفْظَ مَخْلُوْقٌ، سُئِلَ عَنْهَا البُخَارِيُّ فَوَقَفَ فِيْهَا فَلَمَّا وَقَفَ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ أَفْعَالَنَا مَخْلُوْقَةٌ وَاسْتدلَّ لِذَلِكَ فَهِمَ مِنْهُ الذُّهْلِيُّ أَنَّهُ يُوَجِّهُ مَسْأَلَةَ اللَّفْظِ فَتَكَلَّمَ فِيْهِ، وَأَخَذَهُ بلاَزِمِ قَوْلِهِ هُوَ، وَغَيْرهُ وَقَدْ قَالَ البُخَارِيُّ فِي الحِكَايَةِ الَّتِي رَوَاهَا غُنْجَارٌ فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بنَ نَصْرٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ الخَفَّافَ بِبُخَارَى يَقُوْلُ: كُنَّا يَوْماً عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ القَيْسِيِّ، وَمَعَنَا مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ فجَرَى ذِكْرُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ فَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ نصرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فَإِنِّي لَمْ أَقُلْهُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ قَدْ خَاضَ النَّاسُ فِي هَذَا، وَأَكْثَرُوا فِيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ إلَّا مَا أَقُوْلُ قَالَ أَبُو عَمْرٍو الخَفَّافُ فَأَتَيْتُ البُخَارِيَّ فَنَاظرتُهُ في شي مِنَ الأَحَادِيْثِ حَتَّى طَابَتْ نَفْسُهُ فَقُلْتُ: يَا أبا عبد الله ههنا أَحَدٌ يحكِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ هَذِهِ المَقَالَة فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو احْفَظ مَا أَقُوْلُ لك: من زعم من أهل نيسابور، وقومس(10/113)
وَالرَّيِّ، وَهَمَذَان وَحلوَانَ، وَبَغْدَادَ وَالكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ، وَمَكَّةَ وَالمَدِيْنَةِ أَنِّي قُلْتُ: لَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَذَّابٌ فَإِنِّي لَمْ أَقُلْهُ إلَّا أَنِّي قُلْتُ: أَفْعَالُ العِبَادِ مَخْلُوْقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ حَاتِمُ بنُ أَحْمَدَ الكِنْدِيُّ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ نَيْسَابُوْرَ مَا رَأَيْتُ، وَالِياً وَلاَ عَالِماً فَعَلَ بِهِ أَهْلُ نَيْسَابُوْرَ مَا فعلُوا بِهِ اسْتَقبلُوهُ مرحلَتَيْنِ، وَثَلاَثَة فَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى فِي مَجْلِسِهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَقبلَ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ غَداً فليستقبِلْهُ فَاسْتقبلَهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَعَامَّةُ العُلَمَاءِ فَنَزَلَ دَارَ البُخَاريّينَ فَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بن يحيى: لا تسألوه عن شي مِنَ الكَلاَمِ فَإِنَّهُ إِنْ أَجَابَ بِخِلاَفِ مَا نَحْنُ فِيْهِ، وَقَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ثُمَّ شَمِتَ بِنَا كُلُّ حَرُورِيٍّ وَكُلُّ رَافضيٍّ، وَكُلُّ جَهْمِيٍّ وَكُلُّ مُرْجِئٍ بِخُرَاسَانَ قَالَ: فَازدحمَ النَّاسُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ حَتَّى امتلأَ السّطحُ وَالدَّارُ فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الثَّانِي، أَوِ الثَّالِثِ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنِ اللَّفْظِ بِالقُرْآنِ فَقَالَ: أَفْعَالُنَا مَخْلُوْقَةٌ، وَأَلفَاظُنَا مِنْ أَفْعَالِنَا فَوَقَعَ بَيْنَهُمُ اخْتِلاَفٌ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: قَالَ: لَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَقُلْ حَتَّى توَاثَبُوا فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم.
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ، سَمِعْتُ ابْنَ عَلِيٍّ المَخْلَديَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَدْ أَظهرَ هَذَا البُخَارِيُّ قَوْلَ اللفظيَّةِ وَاللفظيَّةُ عِنْدِي شرُّ مِنَ الجَهْمِيَّةِ.
وَقَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى البُخَارِيِّ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ هَذَا رَجُلٌ مَقْبُوْلٌ بِخُرَاسَانَ خصوصاً فِي هَذِهِ المَدِيْنَةِ وَقَدْ لَجَّ فِي هَذَا الحَدِيْثِ حَتَّى لاَ يَقْدِرَ أَحَدٌ منَّا أَنْ يُكَلِّمَهُ فِيْهِ فَمَا تَرَى? فَقبضَ عَلَى لِحْيَتِهِ ثُمَّ قَالَ: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد} [غَافر: 44] ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أُرِدِ المقَامَ بِنَيْسَابُوْرَ أَشَراً وَلاَ بَطراً، وَلاَ طَلباً للرِّئاسَةِ، وَإِنَّمَا أَبَتْ عليَّ نَفْسِي فِي الرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِي لِغَلَبَةِ المُخَالِفينَ، وَقَدْ قَصَدَنِي هَذَا الرَّجُلُ حَسَداً لَمَّا آتَانِي اللهُ لاَ غَيْر ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَحْمَدُ إِنِّي خَارجٌ غَداً لتتخلَّصُوا مِنْ حَدِيْثِهِ لأَجلِي.
قَالَ: فَأَخبرْتُ جَمَاعَةَ أَصْحَابِنَا فَوَاللهِ مَا شَيَّعَهُ غَيْرِي كُنْتُ مَعَهُ حِيْنَ خَرَجَ مِنَ البلدِ، وَأَقَامَ عَلَى بَابِ البلدِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لإِصْلاَحِ أَمرِهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الحافظ يقول: لما استوطن البُخَارِيُّ نَيْسَابُوْرَ أَكْثَرَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ الاخْتِلاَفَ إِلَيْهِ. فَلَمَّا وَقَعَ بَيْنَ الذُّهْلِيِّ وَبَيْنَ البُخَارِيِّ مَا وَقَعَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، وَنَادَى عَلَيْهِ وَمنعَ النَّاسَ عَنْهُ انْقَطَعَ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ غَيْرَ مُسْلِمٍ فَقَالَ الذُّهْلِيُّ يَوْماً: إلَّا مَنْ(10/114)
قَالَ بِاللَّفْظِ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَنَا. فَأَخَذَ مُسْلِمٌ رِدَاءً فَوْقَ عِمَامَتِهِ، وَقَامَ على رءوس النَّاسِ، وَبَعَثَ إِلَى الذُّهْلِيِّ مَا كتبَ عَنْهُ عَلَى ظَهرِ جَمَّالٍ. وَكَانَ مُسْلِمٌ يُظْهِرُ القَوْلَ بِاللَّفْظِ وَلاَ يَكْتُمُهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ المُؤَذِّنَ، سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيِّ يَقُوْلُ: حضَرْتُ مَجْلِسَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ فَقَالَ: أَلاَ مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ فَلاَ يَحْضُرْ مَجْلِسَنَا فَقَامَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ مِنَ المَجْلِسِ.
رَوَاهَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ، فَزَادَ: وَتَبِعَهُ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيرَازيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الأَخْرَمَ، سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ: لَمَّا قَامَ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ مِنْ مَجْلِسِ الذُّهْلِيِّ، قَالَ الذُّهْلِيُّ: لاَ يُسَاكِننِي هَذَا الرَّجُلُ فِي البلدِ فَخَشِيَ البُخَارِيُّ وَسَافَرَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَتَى رَجُلٌ عَبْدَ اللهِ البُخَارِيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ إِنَّ فُلاَناً يُكَفِّرُكَ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيْهِ: يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا" 1.
وَكَانَ كَثِيْرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُوْلُوْنَ لَهُ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقَعُ فيكَ فَيَقُوْلُ: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النِّسَاء: 76] ، وَيتلو أَيْضاً: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه} [فَاطِر: 43] . فَقَالَ لَهُ عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: كَيْفَ لاَ تدعُو اللهَ عَلَى هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ يظلِمُونَكَ، وَيتنَاولونَكَ وَيَبْهَتُونَكَ? فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ" 2 وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ: "مَنْ دَعَا عَلَى ظَالِمِهِ فَقَدِ انْتَصَرَ"3.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 984"، ومن طريقه أخرجه أحمد "2/ 113"، والبخاري "6104"، والترمذي "2637"، وابن حبان "249"، وأبو عوانة "1/ 22"، والبيهقي "208"، والبغوي "3551"، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر، به.
رواه أحمد "2/ 18 و44"، ومسلم "60"، وابن منده "594"، وابن حبان "250"، وأبو عوانة "1/ 23"، والبغوي "3550"، من طرق عن عبد الله بن دينار، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3792"، ومسلم "1845"، والترمذي "2190"، والنسائي "8/ 224-225".
3 ضعيف: أخرجه الترمذي "3552" من حديث عائشة. وإسناده ضعيف؛ آفته آبو حمزة ميمون الأعور القصاب، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".(10/115)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ يَتَعرَّضُ لَنَا قَطُّ أَحَدٌ مِنْ أَفنَاءِ النَّاسِ إلَّا رُمِيَ بِقَارعَةٍ، وَلَمْ يَسْلَمْ وَكُلَّمَا حَدَّثَ الجُهَالُ أَنفسَهُم أَنْ يَمْكُرُوا بِنَا رَأَيْتُ مِنْ ليلتِي فِي المَنَامِ نَاراً تُوَقَدُ ثُمَّ تُطفَأُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتفَعَ بِهَا فَأَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّه} [المَائِدَة: 64] . وَكَانَ هِجِّيرَاهُ1 مِنَ اللَّيْلِ إِذَا أَتيتهُ فِي آخِرِ مَقْدَمِهِ مِنَ العِرَاقِ: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِه} [آل عِمْرَان: 160] ، الآيَة.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ القَاسِمِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ وَرَّاقَ أحمد بن سيار يقول لنا قَدِمَ البُخَارِيُّ مَرْوَ اسْتَقبلَهُ، أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ فِيْمَنْ اسْتَقبَلَهُ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ نَحْنُ لاَ نُخَالِفُكَ فِيْمَا تَقُوْلُ، وَلَكِنَّ العَامَّةَ لاَ تحملُ ذَا مِنْكَ فَقَالَ البُخَارِيُّ: إِنِّي أَخشَى النَّارَ أُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ أَعْلَمُهُ حقاً أَنْ أَقُوْلَ غَيْرَهُ فَانْصَرَفَ عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الجرحِ وَالتعديلِ": قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الرَّيَّ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبِي وَأَبُو زُرْعَةَ، وَتركَا حَدِيْثَهُ عِنْدَمَا كَتَبَ إِليهِمَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى أَنَّهُ أَظهرَ عندهم بنيسابور أن لفظه بالقرآن مخلوق.
قُلْتُ: إِنْ تركَا حَدِيْثَهُ أَوْ لَمْ يَتْرُكَاهُ البُخَارِيُّ ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ مُحتجٌّ بِهِ فِي العَالَمِ.
ذِكْرُ مِحْنَتِهِ مَعَ أَمِيْرِ بُخَارَى:
رَوَى أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيرَازيُّ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بُخَارَى نُصِبَ لَهُ القبَابُ عَلَى فرسخٍ مِنَ البلدِ، وَاسْتقبلَهُ عَامَّةُ أَهْلِ البلدِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَذْكُوْرٌ إلَّا اسْتَقبَلَهُ، وَنُثِرَ عَلَيْهِ الدَّنَانِيْرُ وَالِدَرَاهِمُ وَالسُّكَّرُ الكَثِيْرُ فَبقيَ أَيَّاماً قَالَ: فَكَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ إِلَى خَالِدِ بنِ أَحْمَدَ أَمِيْرِ بُخَارَى: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَظهرَ خِلاَفَ السُّنَّةِ فَقَرَأَ كِتَابَهُ عَلَى أَهْلِ بُخَارَى فَقَالُوا: لاَ نُفَارِقُهُ فَأَمرَهُ الأَمِيْرُ بِالخُرُوجِ مِنَ البلدِ فَخَرَجَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: فحَكَى لِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَعْقِلٍ النَّسفيِّ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ فِي اليَوْمِ الَّذِي أُخرِجَ فِيْهِ مِنْ بُخَارَى فَتقدَّمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، كَيْفَ تَرَى هَذَا اليَوْمَ مِنَ اليَوْمِ الَّذِي نُثِرَ عَلَيْكَ فِيْهِ مَا نُثِرَ? فَقَالَ: لا أبالي إذا سلم
__________
1 هجيراه: أي ديدنه ودأبه.(10/116)
دينِي. قَالَ: فَخَرَجَ إِلَى بِيْكَنْد، فَسَارَ النَّاسُ معه حزبين: حزب معه، وحزب عليه إِلَى أَنْ كتبَ إِلَيْهِ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ فَسَأَلُوْهُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِم فَقَدِمَ إِلَى أَنْ، وَصلَ بَعْضَ قُرَى سَمَرْقَنْدَ فَوَقَعَ بَيْنَ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ فِتْنَةٌ مِنْ سَبَبِهِ قَوْمٌ يُرِيْدُوْنَ إِدخَالَهُ البلَدَ، وَقَوْمٌ لاَ يُرِيْدُوْنَ ذَلِكَ إِلَى أَنِ اتَّفقُوا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ إِلَيْهِم فَاتَّصلَ بِهِ الخَبَرُ، وَمَا وَقَعَ بَيْنَهُم بِسَبِبِهِ فَخَرَجَ يُرِيْدُ أَنْ يَرْكَبَ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى دَابَّتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ خِرْ لِي ثَلاَثاً فَسقَطَ مَيْتاً فَاتَّصل بِأَهْلِ سَمَرْقَنْدَ فَحضروهُ بِأَجمعهِم.
هَذِهِ حِكَايَةٌ شَاذَّةٌ مُنْقَطِعَةٌ وَالصَّحِيْحُ مَا يَأْتِي خِلاَفهَا.
قَالَ غُنْجَارٌ فِي "تَارِيْخِهِ": سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ مُنِيْرِ بنِ خُليدِ بنِ عَسْكَرٍ يَقُوْلُ: بعثَ الأَمِيْرُ خَالِدُ بنُ أَحْمَدَ الذُّهْلِيُّ، وَالِي بُخَارَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ أَنِ احملْ إِلَيَّ كِتَابَ "الجَامِعِ" وَ"التَّارِيْخِ" وَغَيْرِهِمَا لأَسْمَعَ مِنْكَ فَقَالَ لِرَسُوْلِهِ: أَنَا لاَ أُذِلُّ العِلْمَ وَلاَ أَحْمِلُهُ إِلَى أَبْوَابِ النَّاسِ فَإِنْ كَانَتْ لَكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ حَاجَةٌ فَاحضُرْ فِي مَسْجِدِي أَوْ فِي دَارِي وَإِنْ لَمْ يُعجبْكَ هَذَا فَإِنَّكَ سُلْطَانٌ فَامنعنِي مِنَ المَجْلِسِ ليَكُوْنَ لِي عذرٌ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ لأَنِّي لاَ أَكتُمُ العِلْمَ لقولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ" 1 فَكَانَ سَبَبُ الوحشَةِ بَيْنَهُمَا هَذَا.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ العَبَّاسِ الضَّبِّيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أبا بَكْرٍ بنَ أَبِي عَمْرٍو الحَافِظَ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ سَبَبُ مُنَافرَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَنَّ خَالِدَ بنَ أَحْمَدَ الذُّهْلِيَّ الأَمِيْرَ خَلِيْفَةَ الطَّاهريَّةِ بِبُخَارَى سَأَلَ أَنْ يَحْضُرَ مَنْزِلَهُ فيقرأَ "الجَامِعَ" وَ "التَّارِيْخَ" عَلَى أَوْلاَدِهِ فَامْتَنَعَ عَنِ الحُضُوْرِ عِنْدَهُ فرَاسلَهُ بِأَنْ يعقِدَ مَجْلِساً لأَوْلاَدِهِ لاَ يَحْضُرُهُ غَيْرهُم فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: لاَ أَخُصُّ أَحَداً فَاسْتعَانَ الأَمِيْرُ بحريثِ بنِ أَبِي الوَرْقَاءِ، وَغَيْرِهِ حَتَّى تَكَلَّمُوا فِي مَذْهَبِهِ، وَنَفَاهُ عَنِ البلدِ فَدَعَا عَلَيْهِم فَلَمْ يَأْتِ إلَّا شَهْرٌ حَتَّى، وَرَدَ أَمْرُ الطَّاهريَّةِ بِأَنْ يُنَادَى عَلَى خَالِدٍ فِي البلدِ فَنُوْدِيَ عَلَيْهِ عَلَى أَتَانٍ، وَأَمَّا حُريثٌ فَإِنَّهُ ابْتُلِيَ بِأَهْلِهِ فَرَأَى فِيْهَا مَا يَجِلُّ عَنِ الوَصْفِ، وَأَمَّا فُلاَن فَابْتُلِيَ بِأَوْلاَدِهِ، وَأَرَاهُ اللهُ فِيْهِمُ البلاَيَا.
وَقَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ شَاذَوْيه قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ يَسْكُنُ سِكَّةَ الدَّهْقَانِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ يَخْتَلِفونَ إِلَيْهِ، يُظْهِرُونَ شِعَارَ أَهْلِ الحَدِيْثِ مِنْ إِفرَادِ الإِقَامَةِ، وَرَفْعِ الأَيدِي فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَقَالَ حُريثُ بنُ أبي الورقاء وغيره: هذا
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 263 و305 و344 و353 و495"، وأبو داود "3658"، والترمذي "2651"، وابن ماجة "261"، "266"، من حديث أبي هريرة، به.(10/117)
رَجُلٌ مُشغِبٌ، وَهُوَ يُفْسِدُ عَلَيْنَا هَذِهِ المَدِيْنَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى مِنْ نَيْسَابُوْرَ، وَهُوَ إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ فَاحتَّجُوا عَلَيْهِ بِابْنِ يَحْيَى، وَاسْتعَانُوا عَلَيْهِ بِالسُّلْطَانِ فِي نَفْيِهِ مِنَ البلدِ فَأُخْرَجَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ وَرِعاً يتجنَّبُ السُّلْطَانَ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهِم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ، وَاصلٍ البِيْكَنْدِيَّ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بخُرُوْجِ أَبِي عَبْدِ اللهِ وَمقَامُهُ عِنْدنَا حَتَّى سَمِعْنَا مِنْهُ هَذِهِ الكُتُبَ، وَإِلاَّ مَنْ كَانَ يصلُ إليه وبمقامه في هذه النواحي: فربر وَبِيْكَنْد بقيَتْ هَذِهِ الآثَارُ فِيْهَا، وَتخرَّجَ النَّاسُ بِهِ.
قُلْتُ: خَالِدُ بنُ أَحْمَدَ الأَمِيْرُ قَالَ الحَاكِمُ: لَهُ بِبُخَارَى آثَارٌ محمودَةٌ كُلُّهَا إلَّا مَوْجِدَتَهُ عَلَى البُخَارِيِّ فَإِنَّهَا زَلَّةٌ وَسببٌ لزوَالِ مُلْكِهِ.
سَمِعَ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ القَوَارِيْرِيَّ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَنَا عَنْهُ بهمذَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الجَلاَّبُ، وَبمروَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقُ وَكَانَ قَدْ مَالَ إِلَى يَعْقُوْبَ بنِ اللَّيْثِ فَلَمَّا حَجَّ حبسوهُ بِبَغْدَادَ حَتَّى مَاتَ لسنتِهِ، وَهِيَ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
ذِكْرُ وَفَاتِهِ:
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَ القدُّوسِ بن عبد الجبار السمرقندي يقول: جاء محمد بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى خَرْتَنْك -قَرْيَةٌ عَلَى فَرْسَخيْنِ مِنْ سَمَرْقَنْد- وَكَانَ لَهُ بِهَا أَقربَاء فَنَزَلَ عِنْدَهُم فسَمِعْتُهُ لَيْلَةً يدعُو، وَقَدْ فرغَ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عليَّ الأرض بما رحبت فاقبضني إليك فما تم الشَّهْرُ حَتَّى مَاتَ، وَقبرُهُ بِخَرْتَنْك.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا مَنْصُوْرٍ غَالِبَ بنَ جِبْرِيْلَ، وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: إِنَّهُ أَقَامَ عِنْدنَا أَيَّاماً فمَرِضَ، وَاشتدَّ بِهِ المَرَضُ حَتَّى، وَجَّهَ رَسُوْلاً إِلَى مَدِيْنَةِ سَمَرْقَنْدَ فِي إِخْرَاجِ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا، وافى تَهَيَّأَ للرُّكُوبِ فلبسَ خُفَّيْهِ، وَتعمَّمَ فَلَمَّا مَشَى قدرَ عِشْرِيْنَ خطوَةً أَوْ نحوَهَا، وَأَنَا آخِذٌ بَعْضُدِهِ، وَرَجُلٌ أَخذَ مَعِي يقودُهُ إِلَى الدَّابَّةِ ليركبَهَا فَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ: أَرسلونِي فَقَدْ ضَعُفْتُ فَدَعَا بدعَوَاتٍ ثُمَّ اضطجعَ فَقَضَى رَحِمَهُ اللهُ فسَالَ مِنْهُ العرَقُ شَيْءٌ لاَ يُوْصَفُ فَمَا سَكَنَ مِنْهُ العرَقُ إِلَى أَنْ أَدرجنَاهُ فِي ثِيَابِهِ، وَكَانَ فِيْمَا قَالَ لَنَا وَأَوْصَى إِلَيْنَا أَنْ كَفِّنُونِي فِي ثَلاَثَةِ أَثوَابٍ بِيْضٍ لَيْسَ فِيْهَا قَمِيْصٌ، وَلاَ عِمَامَةٌ فَفَعَلْنَا ذَلِكَ فَلَمَّا دَفَنَّاهُ فَاحَ مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ رَائِحَةٌ غَاليَةٌ أَطيبُ مِنَ المِسْكِ فَدَام ذَلِكَ أَيَّاماً ثُمَّ علَتْ سوَارِيُّ بِيْضٌ فِي السَّمَاءِ مستطيلَةٌ بحِذَاءِ قَبْرِهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَخْتَلِفونَ وَيتعجَّبُوْنَ، وَأَمَّا التُّرَابُ فَإِنَّهُم كَانُوا يَرْفَعُوْنَ عَنِ القَبْرِ حَتَّى ظَهرَ القَبْرُ، وَلَمْ نكنْ نقدِرُ عَلَى حفظِ القَبْرِ بالحراس، وغلبنا(10/118)
عَلَى أَنفُسِنَا، فنصبنَا عَلَى القَبْرِ خَشَباً مُشَبَّكاً، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ عَلَى الوُصُوْلِ إِلَى القَبْرِ، فَكَانُوا يَرْفَعُوْنَ مَا حولَ القَبْرِ مِنَ التُّرَابِ، وَلَمْ يَكُوْنُوا يخلصُوْنَ إِلَى القَبْرِ وَأَمَّا رِيْحُ الطِّيبِ فَإِنَّهُ تدَاومَ أَيَّاماً كَثِيْرَةً حَتَّى تَحَدَّثَ أَهْلُ البَلْدَة، وَتعجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ وَظهرَ عِنْدَ مُخَالِفِيهِ أَمرُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَخَرَجَ بَعْضُ مُخَالِفِيهِ إِلَى قَبْرِهِ وَأَظهرُوا التَّوبَةَ، وَالنَّدَامَةَ مِمَّا كَانُوا شرعُوا فِيْهِ مِنْ مذمومِ المَذْهَبِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَلَمْ يعِشْ أَبُو مَنْصُوْرٍ غَالِبُ بنُ جِبْرِيْلَ بَعْدَهُ إلَّا القَلِيْلَ، وأوصى أن يدفن إلى جنبه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مكِّي الجُرْجَانِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِدِ بنَ آدَمَ الطَّواويسِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ وَاقفٌ فِي مَوْضِعٍ فسلَّمْتُ عَلَيْهِ فردَّ عليَّ السَّلاَمَ فَقُلْتُ: مَا، وُقُوفُكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ? قَالَ: أَنتَظِرُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ بَلَغَنِي مَوْتَهُ، فَنَظَرتُ فَإِذَا قَدْ مَاتَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْهَا.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ: سَمِعْتُ مَهِيبَ بنَ سُلَيْمٍ الكرْمِيْنِيَّ يَقُوْلُ: مَاتَ عِنْدنَا البُخَارِيُّ لَيْلَةَ عيدِ الفِطرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، وَقَدْ بَلَغَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ فِي بَيْتٍ وَحدَهُ فَوَجَدنَاهُ لَمَّا أَصْبَحَ، وَهُوَ مَيِّتٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الحُسَيْنِ البَزَّازَ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ البُخَارِيُّ لَيْلَةَ السَّبْتِ لَيْلَةَ الفِطْرِ عِنْدَ صَلاَةِ العشَاءِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الفِطْرِ بَعْدَ صَلاَةِ الظُّهْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَةً إلَّا ثَلاَثَةَ عَشَرَ يَوْماً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَاتِمٍ الخَلْقَانِيَّ فِي المَنَامِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ، فَسَأَلْتُهُ وَأَنَا أَعْرِفُ أَنَّهُ مَيِّتٌ عَنْ شَيْخِي -رَحِمَهُ اللهُ- هَلْ رَأَيْتَهُ? قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُهُ، وَهُوَ ذَاكَ يشيرُ إِلَى نَاحِيَةِ سطحٍ مِنْ سطوحِ المَنْزِلِ. ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ. فَقَالَ: رَأَيْتُهُ وَأَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ إِشَارَةً كَادَ أَنْ يَسْقُطَ مِنْهَا لعلوِّ ما يشير.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ الحَسَنِ السَّكتِيُّ السَّمرقندِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا بلنسية عام أربعين وستين وأربعمائة قَالَ: قَحطَ المَطَرُ عِنْدنَا بِسَمَرْقَنْدَ فِي بَعْضِ الأَعْوَامِ فَاسْتسقَى النَّاسُ مِرَاراً فَلَمْ يُسْقَوا فَأَتَى رَجُلٌ صَالِحٌ مَعْرُوْفٌ بِالصَّلاَحِ إِلَى قَاضِي سَمَرْقَنْدَ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي رَأَيْتُ رأْياً أَعرضُهُ عَلَيْكَ قَالَ: وَمَا هُوَ? قَالَ: أَرَى أَنْ تخرجَ، ويخرج الناس(10/119)
مَعَكَ إِلَى قَبْرِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، وَقبرُهُ بخَرْتَنْك وَنستسقِي عِنْدَهُ فعسَى اللهُ أَنْ يَسْقِينَا قَالَ: فَقَالَ القَاضِي: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ فَخَرَجَ القَاضِي، وَالنَّاسُ مَعَهُ وَاسْتسقَى القَاضِي بِالنَّاسِ، وَبَكَى النَّاسُ عِنْدَ القَبْرِ وَتشفَّعُوا بصَاحِبِهِ فَأَرسلَ اللهُ تَعَالَى السَّمَاءَ بِمَاءٍ عَظِيْمٍ غَزِيْرٍ أَقَامَ النَّاسُ مِنْ أَجلِهِ بِخَرْتَنْك سَبْعَةَ أَيَّامٍ، أَوْ نحوَهَا لاَ يَسْتَطيعُ أَحَدٌ الوُصُوْلَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، مِنْ كَثْرَةِ المَطَرِ وَغزَارتِهِ وَبَيْنَ خرتنك، وَسَمَرْقَنْد نَحْوَ ثَلاَثَةَ أَمِيَالٍ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ فِي تَارِيْخِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ القَاضِي الحرشِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَحْمَدَ الفَقِيْهَ البَلْخِيَّ "ح"، قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارَ البَلْخِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُسْتَمْلِي يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: سَمِعَ كِتَابَ "الصَّحِيْحِ" لِمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ تِسْعُوْنَ أَلفَ رَجُلٍ فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ يَرْوِيْهِ غيري.
ذِكْرُ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ أَخْرَجَ لَهُم البُخَارِيُّ، وَلَمْ يروِ عَنْهُم سِوَى وَاحِدٍ:
مِرْدَاسٌ الأَسْلَمِيُّ؛ عَنْهُ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، حَزْنٌ المَخْزُوْمِيُّ تَفَرَّدَ عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو سَعِيْدٍ المُسَيَّبُ بنُ حَزْنٍ زَاهِرُ بنُ الأَسْوَدِ عَنْهُ ابْنُهُ مَجْزَأَةُ عَبْدُ اللهِ بنُ هِشَامِ بنِ زُهْرَةَ القُرَشِيُّ عَنْهُ حَفِيْدَهُ زُهْرَةُ بنُ مَعْبَدٍ عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ عَنْهُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ ثَعْلَبَةَ بنُ صُعَيْرٍ، رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ قَوْلَهُ سُنَيْنٌ أَبُو جَمِيْلَةَ السُّلَمِيُّ عَنْهُ الزُّهْرِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ المُعَلَّى، تَفَرَّدَ عَنْهُ حَفْصُ بنُ عَاصِمٍ سُوَيْدُ بنُ النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ شَجَرِيٌّ تَفَرَّدَ بِالحَدِيْثِ عَنْهُ بُشَيْرُ بنُ يَسَارٍ خولَةُ بِنْتُ ثَامرٍ عنها النعمان ابن أَبِي عَيَّاشٍ فَجملتُهُم عَشْرَةٌ.
فصل:
"تَارِيْخُ" البُخَارِيِّ، يَشْتَمِلُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِيْنَ أَلفاً، وَزيَادَةً وكتابه في "الضعفاء" دون السبعمائة نَفْسٍ وَمَنْ خَرَّجَ لَهُم فِي "صَحِيْحِهِ" دُوْنَ الأَلفينِ قَالَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الحَازمِيُّ فـ"صحيحه" مختصر جدًا، وقد نقل الإِسْمَاعِيْلِيُّ عَمَّنْ حَكَى عَنِ البُخَارِيِّ قَالَ: لَمْ أَخرِّجْ فِي الكِتَابِ إلَّا صَحِيْحاً قَالَ: وَمَا تركتُ مِنَ الصَّحِيْحِ أَكْثَرُ.
لِبَعْضِهِم:
صَحِيْحُ البُخَارِيِّ لَوْ أَنْصَفُوهُ ... لَمَا خُطَّ إلَّا بمَاءِ الذَّهَبْ
هُوَ الفَرْقُ بَيْنَ الهُدَى وَالعمَى ... هُوَ السَّدُّ بَيْنَ الفَتَى وَالعَطَبْ
أَسَانِيْدُ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ ... أَمَامَ مُتُوْنٍ كَمِثْلِ الشُّهُبْ
بِهِ قَامَ مِيْزَانُ دِيْنِ الرَّسُوْلِ ... وَدَانَ بِهِ العُجْمُ بَعْدَ العَرَبْ
حِجَابٌ مِنَ النَّارِ لاَ شَكَّ فِيْهِ ... تَمَيَّزَ بَيْنَ الرِّضَى وَالغَضَبْ
وَسِتْرٌ رَقِيْقٌ إِلَى المُصْطَفَى ... وَنصٌّ مُبِيْنٌ لِكَشْفِ الرِّيَبْ
فَيَا عَالِماً أجمع العالمون ... على فضل رتبته في الريب
سَبَقْتَ الأَئِمَّةَ فِيْمَا جَمَعْتَ ... وَفُزْتَ عَلَى رَغْمِهِمْ بِالقَصَبْ
نَفَيْتَ الضَّعِيْفَ مِنَ النَّاقِلِيْنَ ... وَمَنْ كَانَ مُتَّهَماً بِالكَذِبْ
وَأَبْرَزْتَ فِي حُسْنِ تَرْتِيْبِهِ ... وَتَبْوِيْبِهِ عَجَباً لِلْعَجَبْ
فَأَعطَاكَ مَولاَكَ مَا تَشْتَهِيْهِ ... وَأَجْزَلَ حظك فيما وهب(10/120)
2135- البيروتي 1: "د، س"
الإِمَامُ الحُجَّةُ المُقْرِئُ الحَافِظُ، أَبُو الفضل العباس بن الوليد بن مَزيدٍ العُذْرِيُّ البَيْرُوْتِيُّ.
وبَيْرُوْتُ مَدِيْنَةٌ عَلَى البَحْرِ مِنْ سَاحلِ دِمَشْقَ، مَا زَالَتْ بلاَدَ إِسْلاَمٍ مُنْذُ الفتوحِ إِلَى أَنْ اسْتولَى عَلَيْهَا الفِرَنْجُ فَدَامَتْ دَاراً لَهُم إِلَى أَنْ افتتَحَهَا السُّلْطَانُ الملك الأشرف خليل في سنة تسعين وستمائة عِنْدَ أَخْذِ عَكَّا، وَبِهَا تُوُفِّيَ الأَوْزَاعِيُّ وَتلمِيذُهُ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ، وَابْنُهُ هَذَا.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ فَكَانَ مِمَّنْ عُمِّرَ أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ عَامٍ بِيَقِيْنٍ.
سَمِعَ أَبَاهُ وَتَفَقَّهَ بِهِ وَمُحَمَّدَ بنَ شُعَيْبِ بنِ شَابُوْرَ وَعُقْبَةَ بنَ عَلْقَمَةَ البَيْرُوْتِيَّ وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيَّ وَأَبَا مُسْهِرٍ الدِّمَشْقِيَّ وَعَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ بَكَّارٍ وَطَائِفَةً وَكَانَ مُقرِئاً حَاذِقاً بحرفِ ابْنِ عَامِرٍ، تَلاَ عَلَى أَبِيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، والنسائي في كتابيهما وأبو زُرْعَةَ وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ جَوْصَا وَمَكْحُوْلٌ البَيْرُوْتِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحصَائِرِيُّ، وَخَيْثَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ سَمَّى الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ منهم أربعين نفسًا.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1178"، والأنساب للسمعاني "2/ 361"، والكاشف "2/ ترجمة رقم 2637"، والعبر "2/ 46 و224"، وتهذيب التهذيب "5/ 231" وتقريب التهذيب "1/ 399"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3365"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 160".(10/121)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس.
وقال إسحاق ابن سَيَّارٍ: مَا رَأَيْتُ أَحسنَ سَمْتاً مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ ثُمَّ عرضَ عَلَيْهِ، وَكَانَ صَاحِبَ لَيلٍ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبِي كَامِلٍ: سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ يَقُوْلُ: أَتيتُ أَبَا دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ فَأَملَى عليَّ حَدِيْثاً عَنِ العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ فَقُلْتُ: وَإِيَّايَ حَدَّثَ العَبَّاسُ فَقَالَ لِي: رَأَيْتَهُ? قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مَتَى مَاتَ? قُلْتُ: سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، كَذَا قَالَ خَيْثَمَةُ.
وَأَمَّا عَمْرُو بنُ دُحَيْمٍ فَقَالَ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ وَعَيَّنَ اليَوْمَ وَقَالَ سنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَتحرَّرَ لِي أَنَّ مَجموعَ عُمُرِهِ مائَةُ سَنَةٍ وثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ، وَاثْنَانِ وَعِشْرُوْنَ يَوْماً وَكَانَ مُمَتَّعاً بِقُوَاهُ.
قَالَ خَيْثَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَازحَ العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ يَوْماً جَارِيَةً لَهُ، فَدَفَعَتْهُ، فَوَقَعَ فَانكسَرَتْ رِجْلُهُ فَلَمْ يُحَدِّثنَا عِشْرِيْنَ يَوْماً فَكُنَّا نَلْقَى الجَارِيَةَ، وَنَقُوْلُ: حسبُكِ اللهُ كَمَا كَسَرْتِ رِجْلَ الشَّيْخِ، وَحَبَسْتِنَا عَنِ الحَدِيْثِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ وَالحُسَيْنُ بنُ صَصْرَى وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُسَيْنِيُّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَسَّانٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بن المؤمل الكَفَرْطَابِيُّ حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ حيدرَةَ، أَخْبَرَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ ببَيْرُوْتَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ خَالِدِ بنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيِّ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "قَدْ عَفَوْتُ لَكُم عن صدقة الخيل والرقيق" 1.
__________
1 حسن: أخرجه ابن ماجه "1790"، والدارقطني "2/ 92"، والبيهقي "4/ 118"، والطحاوي "2/ 28 و29"، من طريق الحارث، به وإسناده ضعيف، آفته الحارث، وهو ابن عبد الله الاعور، الهمداني، أبو زهير الكوفي ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب" لكنه قد توبع؛ فقد أخرجه أحمد "2/ 92"، وأبو داود "1574"، والترمذي "620"، والنسائي "5/ 37"، والطحاوي "2/ 28"، والبيهقي "4/ 117-118" من طريق أبي إسحاق، عن عاصم، عن ضمرة، عن علي، به.(10/122)
قَرَأْتُ عَلَى تَاجِ الدِّيْنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ العَلَوِيِّ، أَخبرَكُم مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ العُذْرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ، حَدَّثَنَا زِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، سَمِعْتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ، وَبَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ يَقُوْلُ: مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ القَدْرِ فَقَالَ: وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إلَّا هُوَ إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ يَحْلِفُ بِذَلِكَ ثَلاَثاً، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إلَّا هُوَ إِنِّي لأَعْلَمُ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَقُومَهَا لَيْلَةَ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لاَ شعَاعَ لَهَا1.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ، وُجُوْهٍ وَأَخْرَجَهُ مسلم من حَدِيْثِ الأَوْزَاعِيِّ، وَشُعْبَةَ جَمِيْعاً، عَنْ عَبْدَةَ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي تَفْسِيْرِهِ.
حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بنِ يَزِيْدَ العِجْلِيِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ زِرٍّ أَنَّ أُبَيّاً حَدَّثَهُ، وَلَمْ يُسَمِّهِ بَلْ قَالَ: نَبَّأَ من لم يكذبني.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "763"، وأبو داود "1387"، والترمذي "793".(10/123)
2136- الرهاوي 1: "س"
الإِمَامُ الحَافِظُ النَّاقِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الرُّهَاوِيُّ، مُحَدِّثُ الجَزِيْرَةِ.
سَمِعَ: زَيْدَ بنَ الحُبَابِ وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ، وَيَحْيَى بنَ آدَمَ وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَأَبَا دَاوُدَ الحَفَرِيَّ، وَعُثْمَانَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَرَّانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ، وَحُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ الجُعْفِيَّ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَيَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَعَبْدَ بنَ جَعْفَرٍ الرَّقِّيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ النَّسَائِيُّ فَأَكْثَرَ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَكْحُوْلٌ البَيْرُوْتِيُّ، وَآخَرُوْنَ وَأَجَازَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ.
ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ صَاحِبُ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمِنْ قُدمَاءِ مشيخته مسكين بن بكر.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عليُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَاقفُ السُّمَيْسَاطيَّةِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الكِلاَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مَكْحُوْلٌ البَيروتَيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَخْبَرَنَا الجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي العَلاَءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: "هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئاً"؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَإِذَا أَفطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ" مُسْلِمٌ1. عَنْ أَبِي بكر بن أبي شيبة عن يزيد.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 59"، والأنساب للسمعاني "6/ 205"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 580"، والعبر "2/ 21"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 401"، وتهذيب التهذيب "1/ 33"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 141".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1983"، ومسلم "1161"، "200" من حديث عمران، به.(10/123)
2137- يعقوب بن شيبة 1:
ابن الصلت بن عصفور، الحَافِظُ الكَبِيْرُ العَلاَّمَةُ الثِّقَةُ، أَبُو يُوْسُفَ السَّدُوْسِيُّ، البَصْرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ "المُسْنَدِ" الكَبِيْرِ العديمُ النَّظيرِ المعلّل الَّذِي تمَّ مِنْ مسَانيدِهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ مجلَّداً، وَلَوْ كَمُلَ لَجَاءَ فِي مائَةِ مُجَلَّدٍ.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ، وَمائَةٍ وَسَمَاعَاتُهُ عَلَى رَأْسِ المائَتَيْنِ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَرَوْحَ بنَ عُبَادَةَ وَأَزْهَرَ بنَ سَعْدٍ السَّمَّانَ، وَبِشْرَ بنَ عُمَرَ الزَّهْرَانِيَّ وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ، وَأَبَا عَامِرٍ العَقَدِيَّ وَشجَاعَ بنَ الوَلِيْدِ وَعَبْدَ اللهِ بنَ بَكْرٍ السَّهْمِيَّ، وَمَحَاضِرَ بنَ المُوَرِّعِ وَعَبْدَ الوَهَّابِ بنَ عَطَاءٍ، وَأَبَا النَّضْرِ وَيَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ وَوهبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَحَجَّاجَ بنَ مِنْهَالٍ وَيَنْزِلُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ ثُمَّ إِلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ الحَلْوَانِيِّ، وَهَارُوْنَ الحَمَّالِ وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَعْيَنِ ثُمَّ يَنْزِلُ إِلَى أَصْحَابِ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ وَابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَيُخَرِّجُ العَالِي وَالنَّازلَ وَيذكرُ أَوَّلاً سِيْرَةَ الصَّحَابِيِّ مُستوَفَاةً ثُمَّ يَذْكُرُ مَا، رَوَاهُ وَيوضِّحُ عِلَلَ الأَحَادِيْثِ، وَيَتَكَلَّمُ عَلَى الرِّجَالِ، وَيُجَرِّحُ وَيعدِّلُ بكَلاَمٍ مُفِيْدٍ عَذْبٍ شَافٍ بِحَيْثُ إِنَّ النَّاظرَ فِي "مُسْنَدِهِ" لاَ يَمَلُّ مِنْهُ، وَلَكِنْ قَلَّ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفِيْدُهُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الأَزرقُ، وَطَائِفَةٌ.
وَثَّقَهُ أبو بكر الخطيب، وغيره.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 281"، وتذكرة الحفاظ "2/ 601"، والعبر "2/ 25"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 37"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 146"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 43".(10/124)
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَوْ كَانَ كِتَابُ يَعْقُوْبَ بنِ شَيْبَةَ مَسطوراً عَلَى حَمَّامٍ لَوَجَبَ أَنْ يُكْتَبَ يَعْنِي: لاَ يفتقرُ الشَّخْصُ فِيْهِ إِلَى سَمَاعٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ فِي مَنزِلِ يَعْقُوْبَ بنِ شَيْبَةَ أَرْبَعُوْنَ لِحَافاً أَعدَّهَا لِمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الوَرَّاقينَ الَّذِيْنَ يُبَيِّضُونَ لَهُ "المُسْنَدَ". قَالَ: وَلزمَهُ عَلَى مَا خَرَّجَ مِنْهُ عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ. ثُمَّ قَالَ: وَقِيْلَ: إِنَّ نُسَخَهُ بِمسندِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْهُ شُوْهِدَتْ بِمِصْرَ، فَكَانَتْ فِي مائتي جُزْءٍ. قَالَ: وَالَّذِي ظَهرَ لَهُ مُسْندُ العشرَةِ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ وَعَمَّارٍ، وَالعَبَّاسِ وَعتبَةَ بنِ غَزْوَانَ، وَبَعْضِ الموَالِي.
قُلْتُ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ شُوْهِدَ لَهُ "مُسْنَدُ عليٍّ" فِي خَمْسَةِ أَسفَارٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: كَانَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ من كبار أصحاب أحمد بن المعذل، وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنَ، فَقِيْهاً سَرِيّاً، وَكَانَ يَقِفُ فِي القُرْآنِ.
قُلْتُ: أَخذَ الوَقْفَ عَنْ شَيْخِهِ أَحْمَدَ المَذْكُوْرِ، وَقَدْ وَقَفَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَجَمَاعَةٌ وخَالفَهُم نَحْوٌ مِنْ أَلفِ إِمَامٍ بَلْ سَائِرُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالخَلَفِ عَلَى نَفْي الخليقَةِ عَنِ القُرْآنِ، وَتَكْفِيْرِ الجَهْمِيَّةِ نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ فِي الدِّيْنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ: أَظهرَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ الوَقْفَ فِي ذَلِكَ الجَانبِ مِنْ بَغْدَادَ، فحذَّرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مِنْهُ وَقَدْ كَانَ المُتَوَكِّلُ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ يَحْيَى بنِ خَاقَانَ أَنْ يَسْأَلَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَمَّنْ يُقَلِّدُ القَضَاءَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ شَيْبَةَ فَقَالَ: مُتَبَدِّعٌ صَاحِبُ هوَى.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَصفَهُ أَحْمَدُ بِذَلِكَ لأَجلِ الوَقْفِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ يَعْقُوْبُ صَاحِبُ أَمْوَالٍ عَظِيْمَةٍ، وَحِشْمَةٍ وَحُرْمَةٍ وَافرَةٍ بِحَيْثُ إِنَّ حَفِيْدَهُ حَكَى قَالَ: لَمَّا وُلِدْتُ عَمدَ أَبواي فَمَلآ لي ثلاثة خوَابِي ذَهباً، وَخبَّآهَا لِي فذكَرَ أَنَّهُ طَالَ عُمُرُهُ، وَأَنفقهَا وَفَنِيَتْ وَاحْتَاجَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ قَبْلَ مَوْتِ جدِّهِ بنيِّف عَشْرَةَ سَنَةً.
مَاتَ يَعْقُوْبُ الحَافِظُ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَعَ لِي جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ "مُسنَدِ" عَمَّارٍ لَهُ.
قَرَأْتُ عَلَى الحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ خَلَفٍ: أَخْبَرَكُم يَحْيَى بنُ أَبِي السُّعُوْدِ، أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ شَيْبَةَ سنَةَ إحدى وثلاثين وثلاثمائة، حدثنا(10/125)
جَدِّي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ قَالَ: قَاوَلَ عَمَّارٌ رَجُلاً فَاسْتَطَالَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَنَا إِذاً كَمَنْ لاَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ. فَعَادَ الرَّجُلُ فَاسْتَطَالَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَأَكْثَرَ اللهُ مَالَكَ وَولدَكَ، وَجَعَلَكَ يُوطأ عَقِبُكَ.
وَبِهِ قَالَ يَعْقُوْبُ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: مَا نَسِيْنَا الغبارَ عَلَى شَعْرِ صَدْرِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يَقُوْلُ: "اللَّهُمَّ إِنَّ الخَيْرَ خَيْرُ الآخِرَةِ فَاغْفِرْ لِلأَنصَارِ وَالمُهَاجِرَةِ" إِذْ جَاءَ عَمَّارٌ فَقَالَ: "وَيْحَكَ أو ويلك يابن سمية تقتلك الفئة الباغية" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2916" "73" حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عون، به. وأخرجه البخاري "447"، من طريق خالد الحذاء عن عكرمة، عن أبي سعيد، به.(10/126)
2138- ابن ميمون 1: "د، س"
المُحَدِّثُ الإِمَامُ المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ الإِسكندرَانِيُّ.
حدَّث عَنِ: الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَسَلْمِ بنِ مَيْمُوْنٍ الخَوَّاصِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِمَا" وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَآخَرُوْنَ خَاتِمَتُهُم عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مَطرٍ الإِسكندرَانِيُّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَهُوَ صَدُوْقٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ فِي حَادِي عَشَرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وستين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1651"، وتاريخ بغداد "5/ 426"، والكاشف "3/ ترجمة 5056"، والمغني "2/ ترجمة 5687"، والعبر "2/ 250"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7770"، وتهذيب التهذيب "9/ 281"، وتقريب التهذيب "2/ 180"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6400".(10/126)
2139- أحمد بن الفرات 1: "د"
ابن خالد، الشَّيْخُ الإِمَامُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ الحُجَّةُ مُحَدِّثُ أَصْبَهَانَ، أَبُو مَسْعُوْدٍ الضَّبِّيُّ الرَّازِيُّ نَزِيْلُ أَصْبَهَانَ. وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، فِي خِلاَفَةِ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ.
وَطَلَبَ العِلْمَ فِي الصِّغَرِ، وَعُدَّ مِنَ الحُفَّاظِ وَهُوَ شَابٌّ أَمردُ، وَارْتَحَلَ إِلَى العِرَاقِ وَالشَّامِ وَالحِجَازِ، وَاليَمَنِ وَلَحِقَ الكِبَارَ.
سَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ وَأَبَا أُسَامَةَ، وَحُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ الجُعْفِيَّ، وَأَبَا دَاوُدَ الحَفَرِيَّ وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ وَيَحْيَى بنَ آدَمَ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ، وَيَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ، وَأَخَاهُ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ وَأَزْهَرَ بنَ سَعْدٍ السَّمَّانَ، وَأَبَا عَامِرٍ العَقَدِيَّ وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ بنَ هَمَّامٍ وَشَبَابَةَ بنَ سَوَّارٍ، وَابْنَ أَبِي فُدَيْكٍ وَأَبَا أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ الحَنَفِيَّ وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيَّ، وَمُؤَمَّلَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَأَبَا نُعَيْمٍ وَعَفَّانَ وَأَبَا صَالِحٍ الكَاتِبَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعٍ، وَأَبَا جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيَّ وَأَبَا اليَمَانِ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئَ وَالهَيْثَمَ بنَ جَمِيْلٍ، وَأَبَا الوَلِيْدِ وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً إِلَى أَنْ يَنْزِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ وَبَكْرِ بنِ خَلَفٍ، وَللطَّلبَةِ اليَوْمَ جُزْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ مِنْ أَعْلَى شَيْءٍ يَكُوْنُ.
حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُهَلَّبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ أَخُو مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بن محمود بن صبيح وَخَلْقٌ مِنَ الأَصْبَهَانِيِّينَ، آخِرُهُم مَوْتاً المُعَمَّرُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ فَارِسٍ شَيْخُ أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ قَايمَاز الدَّقِيْقِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ نصرٍ الرُّصَافيُّ، أَخْبَرَنَا خَلِيْلُ بنُ بَدْرٍ "ح". وَأَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا خَلِيْلٌ الرَّارَانِيُّ وَيَحْيَى الثَّقَفِيُّ "ح". وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ فرجٍ الفَقِيْهُ وَعِدَّةٌ قَالُوا: أَخْبَرْنَا ابْنُ عَبْدِ الدَّائِم أَخْبَرَنَا يَحْيَى الثَّقَفِيُّ "ح". وَأَنبَانَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ الرَّارَانِيِّ قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ وَيَحْيَى مُحْضَرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ قراءة
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 122"، وتاريخ بغداد "4/ 343"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 564"، وميزان الاعتدال "1/ 127"، والعبر "2/ 16"، والوافي بالوافيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 280"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 29"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 138".(10/127)
عليه في سنة أربع، وأربعين وثلاثمائة حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ الحَافِظُ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ. قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِالطِّبِّ مِنْ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا خَالَةُ مِمَّنْ تَعَلَّمْتِ الطِّبَّ? قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ: النَّاسَ يَنْعَتُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَأَحْفَظُهُ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعْدِ بنِ خَالِدٍ عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُثْمَانَ أَنَّ طبيباً سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ ضِفدِعٍ يَجْعَلُهَا فِي دوَاءٍ فَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن قتلها1.
وَبِهِ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينَامُ جُنُباً مَا يَمَسُّ مَاءً2.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّيَّانُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُوْدٍ يقول: كتبت عن ألف وسبعمائة شيخ أدخلت في تصانيفي ثلاثمائة وَعشرَةً، وَعطَّلْتُ سَائِرَ ذَلِكَ، وَكَتَبْتُ أَلفَ أَلفِ حديث وخمسمائة ألف حديث فأخذت من ذلك خمسمائة أَلْفِ حَدِيْثٍ فِي التَّفَاسيرِ، وَالأَحْكَامِ وَالفَوَائِدِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ حُمَيْدُ بنُ الرَّبِيْعِ: قَدِمَ أَبُو مَسْعُوْدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، مِصْرَ فَاسْتلقَى عَلَى قَفَاهُ وَقَالَ لَنَا: خُذُوا حَدِيْثَ أَهْلِ مِصْرَ قَالَ: فَجَعَلَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا شَيْخاً شَيْخاً مِنْ قَبْلِ أَنْ يلقَاهُم يَعْنِي: كَانَ قَدْ نَظَرَ فِي حَدِيْثِ مَشَايِخِ مِصْرَ مِنْ كُتُبِ الرَّحَّالِينَ وَوعَاهُ.
وَعَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ قَالَ: كُنَّا نَتَذَاكَرُ الأَبْوَابَ، فَخَاضُوا فِي بَابٍ، فجَاؤُوا فِيْهِ بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ فجئتُ بِسَادسٍ، فنخَسَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي صَدْرِي لإِعجَابِهِ بِي.
وَرَوَى يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ، عن أحمد بن دلويه قال: دخلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ: مَن فِيْكُم? قَالَ: قُلْتُ: مُحَمَّدُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ فَلَمْ يعرِفْهُ فَذَكَرْتُ لَهُ أَقواماً فَلَمْ يعرِفْهُم فَقَالَ: أَفيكُم أَبُو مَسْعُوْدٍ? قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: مَا أَعْرِفُ اليَوْمَ أَظنُّهُ قَالَ: أَسودَ الرَّأْس أَعرَفَ بِمسندَاتِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 453، 499"، وأبو داود "3871"، "5269"، والنسائي "7/ 210"، والدارمي "2/ 88"، والحاكم "4/ 410-411"، وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
2 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "1082"، وأحمد "6/ 146، 171"، وأبو داود "228"، والترمذي "118"، وابن ماجه "581"، والبيهقي "1/ 201".(10/128)
قَالَ أَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ: أَبُو مَسْعُوْدٍ الأَصْبَهَانِيُّ فِي عِدَادِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي الحِفْظِ، وَأَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيِّ فِي الثَّبْتِ.
قِيْلَ: إِنَّ أَحْمَدَ بنَ الفُرَاتِ قَدِمَ أَصْبَهَانَ أَوَّلاً، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ كِتَابٌ فَأَملَى كَذَا كَذَا أَلفَ حَدِيْثٍ مِنْ حِفْظِهِ فَلَمَّا، وَصلَتْ كُتُبُهُ قُوْبِلَتْ بِمَا أَملَى فَلَمْ يَخْتلِفْ إلَّا فِي مَوَاضِعَ يَسِيْرَةٍ.
عَنْ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ صَبِيْحٍ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُوْدٍ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ: وَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي حُبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ أَبُو مَسْعُوْدٍ أَحَدَ الحُفَّاظِ، سَافرَ الكَثِيْرَ وجمعَ فِي الرِّحْلَةِ بَيْنَ البَصْرَةِ، وَالكُوْفَةِ وَالحِجَازِ وَاليَمَنِ وَالشَّامِ، وَمِصْرَ وَالجَزِيْرَةِ وَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَذَاكرَ حُفَّاظَهَا بِحضرَةِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَكَانَ أَحْمَدُ يُقَدِّمُهُ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لاَ أَعْلَمُ لأَبِي مَسْعُوْدٍ الرَّازِيِّ رِوَايَةً مُنكرَةً وَهُوَ مِنْ أهل الصدق، والحفظ.
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الطَّرَسُوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الأَثْرَمَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: مَا تَحْتَ أَديمِ السَّمَاءِ أَحْفَظَ لأَخْبَارِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ الرَّازِيِّ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ سَمِعْتُ ابْنَ الأَصْفَرِ يَقُوْلُ: جَالَسْتُ أَحْمَدَ وَأَثْنَى عَلَى ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَذَكَرَ عِدَّةً قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَحْفَظَ لِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ.
وَنقلَ القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَرَّاءِ فِي "طَبَقَاتِ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ" فِي تَرْجَمَةِ أَبِي مَسْعُوْدٍ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ دَلَّ عَلَى صَاحِبِ رَأْي لِنَفْسِهِ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هدْمِ الإِسْلاَمِ.
وَعَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ الرَّازِيِّ قَالَ: كَتَبْتُ الحَدِيْثَ وَأَنَا ابْنُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَةً.
قُلْتُ: بَكَّرَ بطلَبِ العِلْمِ؛ لأَنَّ أَبَاهُ مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ أَيْضاً وَقِيْلَ: لَمْ يَلْحَقِ الأَخذَ عَنْ أَبِيْهِ.
وَعَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ قَالَ: ذُكِرْتُ بِالحِفْظِ، وَلِي ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً وَسُمِّيتُ: الرُّوَيْزِيُّ الحَافِظُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ الحَافِظُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أُورمَةَ الحَافِظَ يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِثْلُ أَبِي مَسْعُوْدٍ الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيِّ.
وَقَدْ سُئِلَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: أَيُّمَا أَحْفَظُ أَبُو مَسْعُوْدٍ الرَّازِيُّ أَوْ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ? فَقَالَ: أَمَا المُسْنَدُ فَأَبُو مَسْعُوْدٍ وَأَمَّا المُنْقَطِعُ فالشاذكوني.(10/129)
وَمِمَّا أَلَّفَ أَبُو مَسْعُوْدٍ كِتَابَ "الأَحَادِيْث الأَفرَادِ" روتْهُ كَرِيْمَةُ القُرَشِيَّةُ بِالإِجَازَةِ.
وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَاربَ الثَّمَانِيْنَ رَحِمَهُ اللهُ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ، مُحَدِّثُ وَاسِطَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرٍ الجُرْجَانِيُّ صَاحِبُ "المُسْنَدِ" ببلاَدِ مِصْرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ الحَافِظُ عَالِمُ خُرَاسَانَ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ زَنْجُوْيَةَ الحَافِظُ بِبَغْدَادَ، وَالمُحَدِّثُ أَحْمَدُ بنُ بُدَيْلٍ الكُوْفِيُّ قَاضِي هَمَذَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَفْصٍ السُّلَمِيُّ مُحَدِّثُ نَيْسَابُوْرَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَالمُحَدِّثُ هَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ الكُوْفِيُّ، وَالثِّقَةُ عَبْدَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحَسَّانِيُّ وَالمُحَدِّثُ حَفْصُ بنُ عَمْرٍو الرَّبَالِيُّ، وَالعَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البحرَانِيُّ المُحَدِّثُ، وَيَحْيَى بنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي مَذْعُورٍ المُحَدِّثُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ أَبِي السَّفَرِ الكُوْفِيُّ وَالقَاضِي الكَبِيْرُ جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وَعَلِيُّ بنُ حَرْبٍ الجُنْدَيْسَابورِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ يَعْقُوْبَ الرُّخَامِيُّ الحَافِظُ، وَالمُحَدِّثُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الخَصِيبِ، وَالمُحَدِّثُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي الحَارِثِ، وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ حَمْدَانُ البَزَّازُ، وَآخَرُوْنَ.
نَعَمْ، وَغَسَّلَ ابْنَ الفُرَاتِ رَفِيْقُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ الثَّقَفِيُّ العَابِدُ صَاحِبُ ذَلِكَ الجُزْءِ العَالِي.
وفِي آخرِ نُسْخَةِ ابْنِ الفُرَاتِ مِمَّا وَقَعَ زَائِداً عِنْدَ يَحْيَى الثَّقَفِيِّ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ فَارِسٍ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ كَذَا قَالَ، وَسنَةُ ثَمَانٍ أَصحُّ وَمَا ذَكَرَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ سِوَاهُ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: أَبُو مَسْعُوْدٍ أَحَدُ الأَئِمَّةِ، وَالحُفَّاظِ صَنَّفَ "المُسْنَدَ" وَالكُتُبَ، وَحدَّثَ بِأَصْبَهَانَ خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ قَدِمَ أَصْبَهَانَ قَبْلَ أَنْ يرتحلَ إِلَى العِرَاقِ فِي أَيَّامِ الحُسَيْنِ بنِ حَفْصٍ.
قُلْتُ: إِنَّمَا ارْتَحَلَ أَوَّلاً إِلَى العِرَاقِ قَبْلَ المائَتَيْنِ، وَلَحِقَ عَبْدَ اللهِ بنَ نُمَيْرٍ وَطبقتَهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الكَامِلِ": سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ سَمِعْتُ ابْنَ خِرَاشٍ يَحْلِفُ بِاللهِ إِنَّ أَحْمَدَ بنَ الفُرَاتِ يَكْذبُ مُتَعَمِّداً فَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَهَذَا تحَامُلٌ وَلاَ أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً مُنْكرَةً.
قُلْتُ: مَنِ الَّذِي يُصَدِّقُ ابن خراش ذاك الرافضي في قوله?!(10/130)
قَالَ أَبُو صَالِحٍ الجَلاَّبُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ كتبَ عَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ حَدِيْثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ قَيْسٍ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، "حَدِيْث العَتِيرَةِ"1.
قَالَ أَبُو نُعَيمٍ: تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ 258 وَغسَّلَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ الثقفي.
__________
1 العتيرة: تفسيرها في الحديث أنها شاة تذبح في رجب وهذا هو الذي يشبه معنى الحديث ويليق بحكم الدين. وأما العتيرة التي كانت تعترها الجاهلية فهي الذبيحة التي كانت تذبح للأصنام، فيصيب دمها على رأسها. والخبر أورده الذهبي في "ميزان الاعتدال" "2/ 583" من طريق عبد الرحمن بن يحيى بن منده، حدثنا أحمد بن الفرات، حدثنا عبد الرحمن بن قيس، حدثنا ابن سلمة، عن أبي العشراء الدارمي عن أبيه: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن العتيرة فحسنها.
قلت: إسناده ضعيف، فيه أبو العشراء الدارمي، قال الذهبي في "الميزان" لا يدرى من هو ولا من أبوه.
ثم قال الذهبي في "الميزان" "2/ 583": ورواه أبو داود في غير سننه عن زبنج، عن عبد الرحمن بن قيس، قال أبو بكر بن أبي داود، قال أبي: ذكرته لأحمد بن حنبل فاستحسنه، وقال: هذا من حديث الأعراب أمله علي. قال: فكتبه عني. وراجع أخي القارئ لزامًا ما كتبه الحافظ في "الفتح" "9/ 595-597" في كتاب العقيقة باب العتيرة.(10/131)
قلت:
2140- أبوه 1: "بَخ"
يَرْوِي عَنْ: مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ وَمِسْعَرٍ، وأسامة بن زيد الليثي، ويونس ابن أَبِي إِسْحَاقَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفراء، ومحمد بن حميد.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. مَاتَ قَبْلَ المائَتَيْنِ.
رَوَى له البخاري في كتاب "الأدب".
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 581"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 456"، وتهذيب التهذيب "8/ 258"، وتقريب التهذيب "2/ 107"، وخلاصة الخزرجي" 2/ ترجمة 5692",(10/131)
2141- إسحاق بن بُهْلُول 1:
ابن حسان الحَافِظُ الثِّقَةُ العَلاَّمَةُ أَبُو يَعْقُوْبَ التَّنوخِيُّ الأَنْبَارِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِالأَنْبَارِ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ الضرير، ويحيى بن سعيد القطان، وإسماعيل بن عُلَيَّةَ، وَوَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ وَشُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَأَبَا ضَمْرَةَ أَنَسَ بنَ عِيَاضٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى بنِ آدَمَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً وَكَانَ أَحَدَ، أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ الأَزْرَقُ حَفِيْدُهُ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أبو بكر الخطيب: صنف كتابًا في القرءات، وَصَنَّفَ المُسْنَدَ وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي الفِقْهِ، وَلَهُ مَذَاهِبٌ اخْتَارهَا. يَعْنِي: أَنَّهُ يَجتهدُ وَلاَ يُقلِّدُ أحدًا. إلى أن قال: وكان ثقة.
قَالَ وَلدُهُ بُهْلُوْلُ بنُ إِسْحَاقَ: اسْتدعَى المُتَوَكِّلُ أَبِي إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى، حَتَّى سَمِعَ: مِنْهُ، ثُمَّ أَمَرَ فنُصِبَ لَهُ مِنْبَرٌ، وَحَدَّث فِي الجَامِعِ وَأَقطعَهُ إِقطَاعاً مَغَلُّهُ فِي العَامِ اثْنَا عَشرَ أَلْفاً، وَوَصَلَهُ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ فِي السَّنَةِ فَكَانَ يَأْخُذُهَا، وَأَقَامَ إِلَى أَنْ قَدِمَ المستعينُ بَغْدَادَ فَخَافَ أَبِي مِنَ الأَترَاكِ أَنْ يَكْبِسُوا الأَنْبَارَ فَانحدرَ إِلَى بَغْدَادَ، وَلَمْ يحمِلْ مَعَهُ كُتُبَهُ فطَالبَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ أَنْ يُحَدِّثَ فَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ مِنْ حِفْظِهِ بِخَمْسِيْنَ أَلفِ حَدِيْثٍ لَمْ يُخْطِئْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا.
رَوَى هَذِهِ القِصَّةَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ عَنْ عَمِّهِ، إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَعْقُوْبَ عَنْ عَمِّهِ بُهْلُوْلٍ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ البُهْلُوْلِ: تذَاكَرْتُ أَنَا، وَابْنِ صَاعِدٍ مَا حَدَّثَ بِهِ جَدِّي ببغداد فقلت له: قال أُنَيْسٌ المُسْتَمْلِي: إِنَّهُ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ حَدِيْثٍ فَقَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: لاَ يَدْرِي أُنَيْسٌ مَا قَالَ، حَدَّثَ إِسْحَاقُ بنُ البُهْلُوْلِ مِنْ حِفْظِهِ بِبَغْدَادَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِيْنَ أَلفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: كَذَا فَلْيَكُنِ الحِفْظُ، وَإِلاَّ فَلاَ قَنِعْنَا اليَوْمَ بِالاسْمِ بِلاَ جِسْمٍ فَلَو رَأَى النَّاسُ فِي، وَقْتنَا مَنْ يَرْوِي أَلفَ حَدِيْثٍ بِأَسَانِيْدِهَا حِفْظاً لانْبَهرُوا لَهُ.
مَاتَ إِسْحَاقُ بنُ بُهْلُوْلٍ الحَافِظُ بِالأَنْبَارِ فِي ذِي الحِجَّةِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقَدْ قَاربَ التِّسْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الحَافِظِ بِنَابُلسَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الفَرَضِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بن يعقوب بن إسحاق،
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 736"، وتاريخ بغداد "6/ 366"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 535"، والعبر "2/ 3"، والوافي بالوفيات لصلاح الصفدي "8/ 408"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".(10/132)
حَدَّثَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ عَنْ حَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ قَالَ: نَهَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَبِيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدِي1.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ، وَيُوْسُفُ الغَسُّوْلِيُّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ بُهْلُوْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ رسول -صلى الله عَلَيْهِ وَسلَّمَ- فَلَمْ يَصُمْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ عُمَر فَلَمْ يصمه2.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 402-403"، وأبو داود "3503"، والترمذي "1232"، والنسائي "7/ 289"، وابن ماجة "2187"، والبيهقي "5/ 267 و317 و339"، والطبراني في "الكبير "3097-3105".
2 صحيح: أخرجه الترمذي "751"، وأحمد "2/ 47 و50"، من طريق ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عمر، به.(10/133)
2142- حُنَيْن بنُ إِسْحَاقَ 1:
العِبَادِيُّ النَّصْرَانِيُّ عَلاَّمَةُ وَقْتِهِ فِي الطِّبِّ، وَكَانَ بَارِعاً فِي لُغَةِ اليُونَانِ.
عَرَّبَ كِتَابَ إِقليدسَ وَلَهُ تَصَانِيْفُ عِدَّةٌ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ ابْنُهُ إِسْحَاقُ بنُ حُنَيْنٍ مِنْ كِبَارِ الأَطبَاءِ أَيْضاً.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 209"، والعبر "2/ 20"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 24".(10/133)
2143- المُزَنِي 1:
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ فَقِيْهُ المِلَّةِ، عَلَمُ الزُّهَّادِ، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلُ، بنُ يَحْيَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرِو بنِ مُسْلِمٍ المُزَنِيُّ المِصْرِيُّ تِلْمِيْذُ الشَّافِعِيِّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ مَوْتِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ سنة خمس وسبعين ومائة.
حَدَّثَ عَنْ: الشَّافِعِيِّ، وَعَنْ عَلِيِّ بنِ مَعْبَدِ بنِ شَدَّادٍ، وَنُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ وَغَيْرِهِم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ رَأْساً فِي الفِقْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِمَامُ الأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الفَوَارِسِ بنُ الصَّابُوْنِيِّ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ المشَارقَةِ، وَالمغَاربَةِ.
وامتلأَتِ البِلاَدُ بـ"مختصَرِهِ" فِي الفِقْهِ وَشرحَهُ عِدَّةٌ مِنَ الكِبَارِ بِحَيْثُ يُقَالُ: كَانَتِ البِكْرُ يَكُوْنُ فِي جهَازِهَا نُسْخَةٌ بـ"مُخْتَصرِ" المُزَنِيِّ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ القَوَّاسِ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، حَدَّثَنَا الفَقِيْهُ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فَقَدْ انْتَقَلَ فِقْهُهُ إِلَى أَصْحَابِهِ فمنهُم أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَحْيَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرِو بنِ إِسْحَاقَ المُزَنِيُّ مَاتَ بِمِصْرَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ قَالَ: وَكَانَ زَاهَداً عَالِماً منَاظراً مِحْجَاجاً غَوَّاصاً عَلَى المَعَانِي الدَّقِيقَةِ صَنَّفَ كُتُباً كَثِيْرَةً: الجَامِعُ الكَبِيْرُ، وَالجَامِعُ الصَّغِيْرُ والمنثور والمسائل المعتبرة، والترغيب فِي العِلْمِ، وَكِتَابُ الوثَائِقِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: المُزَنِيُّ نَاصرُ مَذْهبِي.
قُلْتُ: بَلَغنَا أَنَّ المُزَنِيَّ كَانَ إذا فرغ من تبييض مسألة وأودعها "مُخْتَصرَهُ" صَلَّى للهِ رَكْعَتَيْنِ.
وَرُوِيَ أَنَّ القَاضِي بَكَّارَ بنَ قُتَيْبَةَ قَدِمَ عَلَى قَضَاءِ مِصْرَ، وَكَانَ حَنَفِيّاً فَاجْتَمَعَ بِالمُزَنِيِّ مَرَّةً فَسَأَلَهُ رَجُلٌ منْ أَصْحَابِ بَكَّارٍ فَقَالَ: قَدْ جَاءَ فِي الأَحَادِيْثِ تَحْرِيْمَ النَّبِيذِ، وَجَاءَ تحليلُهُ فلِمَ قَدَّمْتُمُ التَّحرِيمَ? فَقَالَ المُزَنِيُّ: لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إِلَى تَحْرِيْمِ النَّبِيذِ فِي الجَاهِليَّةِ ثُمَّ حُلِّلَ لَنَا، وَوقعَ الاَتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَلاَلاً فحُرِّمَ فَهَذَا يعضدُ أَحَادِيْثَ التَّحْرِيمِ فَاسْتحسنَ بَكَّارٌ ذَلِكَ مِنْهُ.
قُلْتُ: وَأَيْضاً فَأَحَادِيْثُ التَّحريمِ كَثِيْرَةٌ صِحَاحٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَحَادِيْثُ الإِباحَةِ.
قَالَ عَمْرُو بنُ تَمِيْمٍ المَكِّيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرمذيَّ قَالَ: سَمِعْتُ المُزَنِيَّ يَقُوْلُ: لاَ يصحُّ لأَحَدٍ توحيدٌ حَتَّى يعلمَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَلَى العَرْشِ بصِفَاتِهِ قُلْتُ لَهُ: مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ? قَالَ: سمِيعٌ بصيرٌ عَلِيْمٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ شَاذَانَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 688"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 932"، والعبر "2/ 28". واللباب لابن الأثير "3/ 205"، والنجوم الزاهرة "3/ 39"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 148".(10/134)
عَلِيٍّ الكتَانِيَّ، وَسَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عُثْمَانَ المَكِّيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنَ المُتَعَبِّدينَ فِي كَثْرَةِ مَنْ لَقِيْتُ مِنْهُم أَشَدَّ اجْتِهَاداً مِنَ المُزَنِيِّ، وَلاَ أَدومَ عَلَى العِبَادَةِ مِنْهُ وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشَدَّ تعَظِيْماً لِلْعلمِ، وَأَهلِهِ مِنْهُ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَضْييقاً عَلَى نَفْسِهِ فِي الوَرَعِ، وَأَوْسَعِهُ فِي ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ وَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا خُلُقٌ مِنْ أَخْلاَقِ الشَّافِعِيِّ.
قُلْتُ: وَبَلَغَنَا أَنَّ المُزَنِيَّ رَحِمَهُ اللهُ كَانَ مجاب الدعوة ذا زهد، وَتَأَلُّهٍ أَخَذَ عَنْهُ خَلْقٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَبِهِ انتشَرَ مَذْهَبُ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الآفَاقِ.
يُقَالُ: كَانَ إِذَا فَاتتْهُ صَلاَةُ الجَمَاعَةِ، صَلَّى تِلْكَ الصَّلاَةَ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً.
وَكَانَ يُغَسِّلُ المَوْتَى تَعَبُّداً وَاحتسَاباً، وَهُوَ القَائِلُ: تعَانَيْتُ غَسْلَ المَوْتَى لِيَرِقَّ قَلْبِي فَصَارَ لِي عَادَةً، وَهُوَ الَّذِي غَسَّلَ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مِنَ المُزَنِيِّ، وَهُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: ثِقَةٌ كَانَ يلزمُ الرِّبَاطَ.
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ، لِسِتٍّ بَقِيْنَ مِنْهُ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ وَلَهُ تِسْعٌ، وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَمِنْ جِلَّةِ تَلاَمِذَتِهِ: العَلاَّمَةُ أَبُو القَاسِمِ عُثْمَانُ بنُ بَشَّارٍ الأَنْمَاطيُّ شَيْخُ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَشَيْخُ البَصْرَةِ زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، وَلَمْ يلِ قَضَاءً وَكَانَ قَانعاً شَرِيْفَ النَّفْسِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَنْبَلِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيُّ سنة ثلاث وَعِشْرِيْنَ، أَخْبَرَنَا جَدِّي الحُسَيْنُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الشَّافِعِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الفَرَّاءُ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَوَارِسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّابُوْنِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا المُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ الوِصَالِ فَقِيْلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ? فَقَالَ: "لَسْتُ مِثْلَكُم إِنِّيْ أُطْعَمُ وَأُسْقَى" 1.
وبَالإِسْنَادِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: "لاَ تصومُوا حَتَّى تَرَوا الهِلاَلَ وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فإن غم عليكم فاقدروا له" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 300"، والبخاري "1962"، ومسلم "1102"، وأبو داود "2360".
2 صحيح: أخرجه مالك "1/ 286"، والبخاري "1900"، ومسلم "1080"، "3"، وأبو داود "2320"، والنسائي "4/ 134".(10/135)
وَبِهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعاً مِنْ شعيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعبدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِيْنَ1 مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا.
أَخْبَرْنَا ابْنُ الفَرَّاءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البُنِّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ نَظِيفٍ قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو الفَوَارِسِ السِّنْدِيُّ: وُلِدَتْ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَوَّلُ مَا سَمِعْتُ الحَدِيْثَ، وَلِي عشرُ سِنِيْنَ.
قَالَ: وَمَاتَ المُزَنِيُّ سَنَةَ 264، وَتُوُفِّيَ الرَّبِيْعُ سنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ قَالَ: وَكَانَا رَضِيعينِ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ يَعْنِي في المولد.
قَالَ: وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ أَيْضاً أَحْمَدُ ابْنَ أَخِي ابْنِ، وَهْبٍ وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ويزيد بن سنان.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 283"، والبخاري "1503"، ومسلم "984"، وأبو داود "1611" والترمذي "676"، والنسائي "55/ 48"، وابن ماجه "1825"، "1826".(10/136)
2144- مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ 1: "س"
ابْنِ أَعْيَنَ بنِ لَيْثٍ، الإِمَامُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو عَبْدِ اللهِ المِصْرِيُّ الفَقِيْهُ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: مِنْ: عَبْدِ اللهِ وَهبٍ بعنَايَةِ أَبِيْهِ بِهِ، وَمِنْ أَبِي ضَمْرَةَ اللَّيْثِيِّ وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَأَيُّوْبَ بنِ سُوَيْدٍ، وَبِشْرِ بنِ بَكْرٍ وَأَشْهَبِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَوَالِدِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ وَشُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئِ وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ الفُرَاتِ وَحَرْمَلَةَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَيَحْيَى بنِ سَلاَّمٍ وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ القُرَشِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ الصَّائِغِ وَحَجَّاجِ بنِ رِشْدِيْنَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ المَكِّيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ علاَّنُ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ دَاوُدَ بنِ وَرْدَانَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حاتم وأبو العباس الأصم، وخلق كثير.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1630"، والكاشف "3/ ترجمة 5036"، والعبر "1/ 345"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7815"، وتهذيب التهذيب "9/ 260"، وتقريب التهذيب "2/ 154"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6375"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 154"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 65".(10/136)
وَكَانَ عَالِمَ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ فِي عَصْرِهِ مَعَ المُزَنِيِّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ مَرَّةً: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ: مَا رَأَيْتُ فِي فُقَهَاءِ الإِسْلاَمِ أَعْرَفَ بِأَقَاويلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ مِنْ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
وَقَالَ: كَانَ أَعْلَمَ مَنْ رَأَيْتُ عَلَى أَديمِ الأَرْضِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَحْفَظَهُم لَهُ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَتعجَّبُ مِمَّنْ يَقُوْلُ فِي المَسَائِلِ: لاَ أَدرِي.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَأَمَّا الإِسْنَادُ فَلَمْ يَكُنْ يَحْفَظُهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِيْهِ فوقعَتْ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ البُوَيْطِيِّ وَحشَةٌ فِي مَرَضِ الشَّافِعِيِّ فَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ السُّكَّرِيُّ صَدِيْقُ الرَّبِيْعِ قَالَ لَمَّا مَرِضَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ جَاءَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ ينَازعُ البُوَيْطِيَّ فِي مَجْلِسِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ البُوَيْطِيُّ: أَنَا أَحقُّ بِهِ مِنْكَ فَجَاءَ الحُمَيْدِيُّ وَكَانَ بِمِصْرَ فَقَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ أَحَدٌ أَحقَّ بِمَجْلِسِي مِنَ البُوَيْطِيِّ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَعْلَمَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: كَذَبْتَ فَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: كذبتَ أَنْتَ، وأبوك وأمك وغضب ابن عبد الحَكَمِ فَتركَ مَجْلِسَ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ قَالَ: كَانَ الحُمَيْدِيُّ مَعِي فِي الدَّارِ نَحْواً مِنْ سَنَةٍ، وَأَعْطَانِي كِتَابَ ابْنِ عُيَيْنَةَ ثُمَّ أَبَوا إلَّا أَنْ يُوقِعُوا بَيْنَنَا مَا، وَقَعَ.
هذِهِ الحِكَايَةُ رَوَاهَا الحَاكِمُ عَنْ حُسَيْنَكٍ عَنِ ابْنِ خُزَيْمَةَ.
وَعَنْ أَبِي إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيِّ قَالَ: نظرَ الشَّافِعِيُّ إِلَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَقَدْ رَكِبَ دَابَّتَهُ فَأَتبعَهُ بصرَهُ وَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ لِي، وَلداً مِثْلَهُ وَعَلَيَّ أَلْفَ دِيْنَارٍ لاَ أَجِدُ قَضَاءهَا.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ المَكِّيُّ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ يُصَلِّي الضُّحَى فَكَانَ كُلَّمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ سَجَدَ سجدتَينِ فَسَأَلَهُ مَنْ يَأْنَسُ بِهِ فَقَالَ: أَسجدُ شُكْراً للهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ صَلاَةِ الرَّكْعَتينِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ أَحَدُ فُقَهَاءِ مِصْرَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ. قُلْتُ: قَدْ تَفَقَّهَ بِمَالِكٍ وَلزِمَهُ مُدَّةً وهو أيضًا في عداد أصحابه الكبار.
أَخبرَنِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازيُّ قَالَ: حُمِلَ مُحَمَّدٌ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ إِلَى ابْنِ أَبِي دَاوُدَ وَلَمْ يُجِبْ إِلَى مَا طُلِبَ مِنْهُ وَرُدَّ إِلَى مِصْرَ وَانتهَتْ إِلَيْهِ الرِّئاسَةُ بِمِصْرَ يَعْنِي: فِي العِلْمِ وَذَكَر غَيْرُهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ ضُرِبَ فَهَرَبَ وَاخْتَفَى.(10/137)
وَقَدْ نَالَتْهُ مِحنَةٌ أُخْرَى صعبَةٌ مَرَّتْ فِي "تَارِيْخنَا الكَبِيْرِ" فِي تَرْجَمَةِ أَخِيْهِ عَبْدِ الحَكَمِ، الرَّجُل الصَّالِح. قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: عُذِّبَ عَبْدُ الحَكَمِ، فِي السِّجْنِ، وَدُخِّنَ عَلَيْهِ، فَمَاتَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ لِكَوْنِهِ اتُّهِمَ بودَائِعَ لَعَلِيِّ بنِ الجَرَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دُلَيمٍ: لَمْ يَكُنْ فِي الإِخْوَةِ أَفْقَهُ مِنْ عَبْدِ الحَكَمِ، وَقِيْلَ: إِنَّ بنِي عَبْدِ الحَكَمِ غَرِمُوا فِي نَوْبَةِ ابْنِ الجَرَوِيِّ أَكْثَرَ مِنْ أَلفِ أَلفِ دِيْنَارٍ اسْتُصْفِيَتْ، أَمْوَالُهُم وَنُهِبَتْ مَنَازِلُهُم ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَطلقهُمُ المُتَوَكِّلُ، وَردَّ إِلَيْهِمُ البَعْضَ وَسجنَ القَاضِي الأَصَمَّ الَّذِي ظَلَمَهُم، وَحُلِقَتْ لِحْيتُهُ وضُرِبَ، وَطِيْفَ بِهِ عَلَى حمَارٍ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ فِي تَارِيْخِهِ: كَانَ مُحَمَّدٌ هُوَ المُفْتِي بِمِصْرَ فِي أَيَّامِهِ.
قُلْتُ: لَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ مِنْهَا: كِتَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَكِتَابُ أَحْكَامِ القُرْآنِ، وَكِتَابُ الرَّدِّ عَلَى فُقَهَاءِ العِرَاقِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَمَا زَالَ العُلَمَاءُ قَدِيْماً وَحَدِيْثاً يَرُدُّ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ فِي البَحْثِ، وَفِي التَّوَالِيفِ وَبمثلِ ذَلِكَ يتفَقَّهُ العَالِمُ وَتتبرهَنُ لَهُ المشكلاَتُ، وَلَكِن فِي زَمَانِنَا قَدْ يُعَاقَبُ الفَقِيْهُ إِذَا اعتنَى بِذَلِكَ لِسُوءِ نِيَّتِهِ، وَلطلبِهِ للظُّهورِ وَالتَّكَثُّرِ فَيَقُوْمُ عَلَيْهِ قضَاةٌ، وَأَضدَادٌ نَسْأَلُ اللهَ حُسْنَ الخَاتمَةِ، وَإِخْلاَصَ العَمَلِ.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ مَعَ عَظَمَتِهِ بِمِصْرَ يَرْكَبُ حُمَيْراً ضَعِيْفاً، وَيتوَاضعُ فِي أَمورِهِ وَكَانَ أَبُوْهُ كَمَا قُلْنَا مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ مِنْ تَلاَمِذَةِ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: مَاتَ مُحَمَّدٌ فِي يَوْمِ الأَرْبعَاءِ نِصْفَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ القَاضِي بَكَّارُ بنُ قُتَيْبَةَ.
قُلْتُ: وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي أَدبِ "القُضَاةِ" مُفِيْدٌ.
أَخْبَرَتْنَا خَدِيْجَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ الفُرَاوِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَفَّارِ الشِّيرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ أَمسَكَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ مِنَ الجُوعِ فلَمْ تَكُنْ تُطْعِمُهَا، وَلاَ تُرْسِلُهَا فَتَأَكلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2243" من طرق عن هشام، به.
وأخرجه مسلم "2619"، وأحمد "317" من طريق معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، به.(10/138)
2145- بَحْر بن نَصْر 1:
ابن سابق الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيّ مَوْلاَهُمُ، المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، وَضَمْرَةَ بنِ رَبِيْعَةَ، وَأَيُّوْبَ بنِ سُوَيْدٍ وَبِشْرِ بنِ بَكْرٍ وَمُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ الشَّافِعِيِّ، وَأَشْهَبَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ جَوْصَا وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْد الزَّنْبَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ الزُّبَيْرِيُّ العَكَرِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَهْنَسِيُّ العَطَّارُ وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ شُعَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسِيْدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَةَ الحِمْصِيُّ الصَّفَّارُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاهِيْنٍ وَأَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو الفَوَارِسِ بنُ السِّنْدِيِّ، وَآخَرُوْنَ وَرَوَى عَنْهُ النَّسَائِيُّ فِي تَأْلِيْفِهِ لأَحَادِيْثِ مَالِكٍ بِوَاسِطَةٍ فَرَوَى عَنْ خَيَّاطِ السُّنَّةِ زَكَرِيَّا عَنْهُ.
وَثَّقَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَغَيرُه.
مَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ ومائتين وقال الطحاوي: مولده هُوَ وَالمُزَنِيُّ وَالرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمِيْرَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ البُنِّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نَظِيْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَوَارِسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّابُوْنِيُّ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال للوزغ: "الفويسق" 2.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1660"، والعبر "2/ 35"، وتهذيب التهذيب "1/ 420" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 152".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3306"، ومسلم "2239".(10/139)
2146- إبراهيم بن مُنْقِذ 1:
ابن إبراهيم بن عيسى، الإِمَامُ الحُجَّةُ الخَوْلاَنِيّ أَبُو إِسْحَاقَ مَوْلاَهُمُ المِصْرِيّ العُصْفُرِيُّ.
سَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ وَهْبٍ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئَ، وَإِدْرِيْسَ بنَ يَحْيَى الزَّاهِدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَأَبُو الفَوَارِسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّنْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: هو ثقة، رضى.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا العِمَادُ عَبْدُ الحَافِظِ وَيُوْسُفُ بنُ غَالِيَةَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُنْقِذٍ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَخْرَمَةُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ يُوْسُفَ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيْهِ عَبِيْداً مِنَ النَّارِ مَنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو -عَزَّ وَجَلَّ- ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلاَئِكَةَ" 2 إِسْنَادُه حَسَنٌ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ الحَارِثِيُّ، وَحُذَيْفَةُ بنُ غِيَاثٍ الأَصْبَهَانِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّادٍ الآمُلِيُّ، وَأَبُو فَرْوَةَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّهَاوِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ البَغْدَادِيُّ الزَّاهِدُ.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "8/ 468"، والعبر "2/ 40".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1348"، والنسائي "5/ 251-252"، وابن ماجه "3014" من طريق ابن وهب، به.(10/140)
2147- سعيد بن مسعود 1:
ابن عبد الرحمن المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ أَبُو عُثْمَانَ المَرْوَزِيّ أَحَدُ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَيَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَشَبَابَةَ، وَرَوْحِ بنِ عُبَادَةَ، وَأَزْهَرَ بنِ سَعْدٍ السَّمَّانِ.
وَعَنْهُ: عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلَّكْ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ الفقيه، ومحمد بنُ أَحْمَدَ المَحْبُوْبِيّ، وَأَهْلُ مَرْوَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
__________
1 لم أقف على من ترجم له.(10/140)
2148- العِجْلي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الأَوحدُ الزَّاهِدُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحِ بنِ مُسْلِمٍ العِجْلِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزيلُ مَدينَةِ أَطرَابلسَ المَغْرِبِ، وَهِيَ أَوّلُ مَدَائِنِ المَغْرِبِ بَينَهَا، وَبَيْنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ مَسِيْرَةُ شَهرٍ ثُمَّ مِنْهَا يَسِيرُ غَرباً إِلَى مَدِيْنَةِ تُونُسَ الَّتِي هِيَ اليَوْمَ قَاعِدَةُ إِقْلِيمِ إِفْرِيْقِيَةَ.
مَوْلِدُهُ بِالْكُوْفَةِ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ، وَمائَةٍ.
سَمِعَ: مِنْ: حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، وَشَبَابَةَ بنِ سَوَّارٍ، وَأَبِي دَاوُدَ الحَفَرِيِّ، وَيَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ وَأَخِيْهِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيِّ، وَوَالِدِهِ الإِمَامِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ المُقْرِئِ وَعَفَّانَ وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ وَسَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ الأَعْنَاقِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ فُطَيْسٍ وَعُثْمَانُ بنُ حَدِيْدٍ الإِلْبِيْرِيُّ وَسَعِيْدُ بنُ إسحاق.
ولم أظفر بحديث من روايته.
وَلَهُ مُصَنَّفٌ مُفِيدٌ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ طَالَعْتُهُ وَعلَّقتُ مِنْهُ فَوائِدَ تَدُلُّ عَلَى تَبحُّرِهِ بِالصَّنعَةِ وسعة حفظه.
وقد ذكر العباس بنِ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيِّ فَقَالَ: ذَلِكَ كُنَّا نَعُدُّه مثل أحمد ابن حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
وَمِنْ كَلاَمِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: مَنْ آمَنَ بِرَجْعَةِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ فَرَّ إِلَى المَغْرِبِ لَمَّا ظَهرَ الامْتِحَانُ بِخَلْقِ القُرْآنِ فَاسْتَوطَنَهَا، وَوُلِدَ لَهُ بِهَا.
وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: لَمْ يَكُنْ لأَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ عِنْدَنَا بِالمَغْرِبِ شَبِيهٌ، وَلاَ نَظِيرٌ فِي زَمَانِهِ فِي مَعْرِفَةِ الغَرِيْبِ، وَإِتقَانِه وَفِي زُهْدِه وَوَرَعِه.
وَقَالَ المُؤَرِّخُ العَالِمُ أَبُو العَرَبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ تَمِيْمٍ القَيْرَوَانِيُّ: سَأَلْتُ مَالِكَ بنَ عِيْسَى العفصيَّ الحَافِظَ: مَنْ أَعلَمُ مَنْ رَأَيْتَ بِالحَدِيْثِ? قَالَ: أَمَّا فِي الشُّيُوْخِ فأحمد بن عبد الله العجلي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 214"، تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 582"، والعبر "2/ 21"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 79"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 141".(10/141)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ غَانِمٍ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُعتبٍ مَغربِيٌّ ثِقَةٌ يَقُوْلُ: سُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ ابْنُ ثِقَةٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا سَكَنَ أَحْمَدُ بن عبد الله بأطرابلس للتفرد، وَالعِبَادَةِ وَقَبرُهُ هُنَاكَ عَلَى السَّاحِلِ، وَقَبرُ، وَلدِه صَالِحٍ إِلَى جَنْبِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: رحلتُ إِلَى أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ فَمَاتَ قَبْلَ قُدُوْمِي البَصْرَةَ بِيَوْمٍ.
مَاتَ أَحْمَدُ سنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ ابْنُه صَالِحٌ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ، وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا الوَلِيْدُ بنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَقَالَ لَهُ: اكتُبْ لِي إِلَى الأَوْزَاعِيِّ يُحَدِّثُنِي فَقَالَ: أَمَا إِنِّي أَكْتُبُ لَكَ وَلاَ أُرَاك تجدُه إلَّا مَيِّتاً لأَنِّي رَأَيْتُ رَيْحَانَةً رُفعتْ مِنْ قِبَلِ المَغْرِبِ وَلاَ أُرَاهُ إلَّا مَوتَ الأَوْزَاعِيَّ فَأَتَاهُ فَإِذَا هُوَ قد مات.(10/142)
2419- الوَزْدُولي 1:
الإِمَامُ الكَبِيْرُ الحَافِظُ الثَّبْتُ أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الجُرْجَانِيُّ العَصَّارُ الوَزْدُوْلِيُّ صَاحِبُ "المُسْنَدِ".
سَمِعَ مِنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى وَآدَمَ بنِ أَبِي إِيَاسٍ وَمُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الجُرْجَانِيَّانِ وَمُحَمَّدُ بن جعفر البصري وآخرون.
وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ.
مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
يَقَعُ حَدِيْثُه فِي صَحِيْحِ "الإِسْمَاعِيْلِيِّ".
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 585"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 140".(10/142)
قبيطة، والحارثي، ويحيى بن عبدك:
2150- قُبَّيْطَة 1:
الحَافِظُ المُتْقِنُ الإِمَامُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ البَصْرِيُّ، نَزيلُ مِصْرَ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ وَأَبَا غَسَّانَ النَّهْدِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ يُوْسُفَ التِّنِّيْسِيَّ، وَأَبَا صَالِحٍ وَأَقْرَانَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالطَّحَاوِيُّ وَعِدَّةٌ.
وَوَصَفَه أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ بِالحِفْظِ، وَقَالَ: مَاتَ بِمِصْرَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وستين ومائتين.
2151- الحَارِثي 2:
المُحَدِّثُ الصَّدُوْقُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ خَالِدٍ الحَارِثِيُّ الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ: عَبْدَ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيَّ وَأَبَا أُسَامَةَ وَحُسَيْناً الجُعْفِيَّ، وَجَعْفَرَ بن عون.
وَعَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ عُقْدَةَ وَابْنُ الأَعْرَابِيِّ وَالأَصَمُّ وَعِدَّةٌ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وستين ومائتين.
2152- يحيى بن عَبْدَك 3:
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ، مُحَدِّثُ قَزْوِيْنَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الأَعْظَمِ القَزْوِيْنِيُّ، عَالِمٌ مُصَنّفٌ كَبِيْرُ القَدْرِ مِنْ نُظَرَاءِ ابْنِ مَاجَهْ لَكِنَّه أَسنَدُ وَأَسَنُّ.
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئَ، وَعَفَّانَ وَالقَعْنَبِيَّ وَعَبْدَ اللهِ بنَ رَجَاءٍ وَالحُمَيْدِيَّ، وَحَسَّانَ بنَ حَسَّانٍ وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَجَعْفَرُ بنُ إِدْرِيْسَ إِمَامُ الحَرَمِ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: ثِقَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
توفي سنة إحدى وسبعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 596"، ولسان الميزان "2/ 214".
2 لم أقف له على ترجمة فيما بين يدي من مصادر.
3 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 711"، والعبر "2/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 162".(10/143)
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، وَأَنَا فِي الرَّابِعَةِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلاَّبٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ إِدْرِيْسَ القَزْوِيْنِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدَكَ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بنُ حَسَّانٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي انه لا يحبني إلَّا مؤمن ولا يبغضني إلَّا منافق1.
غَرِيْبٌ عَنْ شُعْبَةَ وَالمَشْهُوْرُ حَدِيْثُ الأَعْمَشِ عَنْ عَدِيٍّ.
فَمَعْنَاهُ: أَنَّ حُبَّ عَلِيٍّ مِنَ الإِيْمَانِ، وَبُغْضَه مِنَ النِّفَاقِ فَالإِيْمَانُ ذُو شُعَبٍ، وَكَذَلِكَ النِّفَاقُ يَتَشَعَّبُ فَلاَ يَقُوْلُ عَاقل: إِنَّ مُجَرَّدَ حُبِّهِ يَصيرُ الرَّجُلُ بِهِ مُؤْمِناً مُطلَقاً وَلاَ بِمُجَرَّدِ بُغضه يصيرُ بِهِ الموحِّد مُنَافِقاً خَالصاً فَمَنْ أَحَبّه وَأَبغض أَبَا بَكْرٍ كَانَ فِي مَنْزِلَة مَنْ أَبغضه وَأَحَبَّ أَبَا بَكْرٍ فَبُغضهُمَا ضَلاَلٌ، وَنفَاق، وَحبُّهُمَا هُدَىً وَإِيْمَان وَالحَدِيْث فَفِي صحيح مسلم.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "78" من طريق الأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ علي، به.(10/144)
2153- أبو حفص النَّيْسابوري 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ الرَّبَّانِيُّ شَيْخُ خُرَاسَان أَبُو حَفْصٍ، عَمْرُو بنُ سَلْمٍ وَقِيْلَ: عُمُر وَقِيْلَ: عَمْرو بن سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الزَّاهِدُ.
رَوَى عَنْ: حَفْصِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَقِيْهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: تِلمِيذُهُ؛ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحِيْرِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ حَمْدَانَ الحَافِظُ، وَحَمْدُوْنُ القَصَّارُ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: قَالَ الأُسْتَاذُ أَبُو حَفْصٍ: المَعَاصِي بَرِيدُ الكُفْرِ كَمَا أَنَّ الحُمَّى بَرِيدُ المَوْتِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ قَالَ: كَانَ أَبُو حَفْصٍ حَدَّاداً فَكَانَ غُلاَمُه يَنفخُ عَلَيْهِ الكِيرَ مَرَّةً فَأَدخَلَ أَبُو حفص يده فأخرج الحديد من النار فَغُشِيَ عَلَى الغُلاَمِ فَتَرَكَ أَبُو حَفْصٍ الحَانُوتَ وَأَقبَلَ عَلَى أَمرِهِ.
وَقِيْلَ إِنَّ أَبَا حَفْصٍ دَخَلَ عَلَى مَريضٍ فَقَالَ المَرِيضُ: آهِ فَقَالَ أبو حفص: ممن?
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1304"، والعبر "2/ 31"، وحلية الأولياء "10/ ترجمة 561"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 41"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 150"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 53".(10/144)
فَسَكَتَ، فَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: مَعَ مَنْ? قَالَ: فَكَيْفَ أَقُوْلُ? قَالَ: لاَ يَكُنْ أَنِينُك شَكوَىً، وَلاَ سُكُوتُك تَجَلُّداً، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ قَالَ: حَرَسْتُ قَلْبِي عِشْرِيْنَ سَنَةً ثُمَّ حَرَسنِي عِشْرِيْنَ سَنَةً ثُمَّ، وَرَدتْ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ حَالَةٌ صرنَا محروسَيْن جَمِيْعاً.
قيل لأَبِي حَفْصٍ: مَنَ الوَلِيُّ? قَالَ: مَنْ أُيِّدَ بِالكَرَامَاتِ، وَغُيِّبَ عَنْهَا.
قَالَ الخُلْدِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ ذَكرَ أَبَا حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ، فَقَالَ صَاحِبٌ لِلْحَلاَّجِ: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِم كَانَتْ لَهُ حَالٌ إِذَا لبِسَتْه مَكَثَ اليَومَين، وَالثَّلاَثَةَ لاَ يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ فَكَانُوا يَدَعُوْنه حَتَّى يزولَ ذَلِكَ عَنْهُ.
وبلغنِي أَنَّهُ أَنْفَد فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بَضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ يَفْتَكُّ بِهَا أَسرَى، فَلَمَّا أَمسَى لَمْ يَكُنْ لَهُ عشَاء.
قَالَ المُرتَعِشُ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي حَفْصٍ عَلَى مَرِيْضٍ فَقَالَ: مَا تَشْتَهِي? قَالَ: أَنْ أَبْرَأَ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: احْمِلُوا عَنْهُ فَقَامَ مَعَنَا، وَأَصبحنَا نُعَادُ فِي الفُرُشِ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: أَبُو حَفْصٍ كَانَ حَدَّاداً وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَظهر طَرِيْقَةَ التصوف بنيسابور.
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيٍّ سَمِعْتُ أَبَا عُمْرٍو بنَ عُلْوَانَ، وَسَأَلْتُهُ: هَلْ رَأَيْتَ أَبَا حَفْصٍ عِنْد الجُنَيْد? فَقَالَ: كُنْتُ غَائِباً لَكِنْ سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُوْلُ: أَقَامَ أَبُو حَفْصٍ عِنْدِي سنَةً مَعَ ثَمَانِيَةٍ فَكُنْت أُطْعِمُهُم طعَاماً طيباً، وَذكر أَشْيَاءَ مِنَ الثِّيَابِ فَلَمَّا أَرَادُوا السَّفَر كَسَوْتُهُم فَقَالَ لِي: لَوْ جِئْتَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ عَلَّمنَاك السخَاء، وَالفُتُوَّةَ ثُمَّ قَالَ: عَمَلُك كَانَ فِيْهِ تكلُّفٌ إِذَا جَاءَ الفُقَرَاء فَكُن مَعَهُم بِلاَ تكلُّف إِن جُعت جَاعُوا وَإِن شبِعْت شبعوا.
قال الخلدي: لما قاله أَبُو حَفْصٍ لِلْجنيد: لَو دخلتَ نَيْسَابُوْر علَّمنَاك كَيْفَ الفتوَّة، قِيْلَ لَهُ: مَا الَّذِي رَأَيْتَ مِنْهُ? قَالَ: صَيَّرَ أَصْحَابِي مُخَنّثين كَانَ يتكلَّف لَهُم الأَلوَان وَإِنَّمَا الفتوَةُ تَرْكُ التَّكلفِ.
وَقِيْلَ: كَانَ فِي خدمَةِ أَبِي حَفْصٍ شَابٌّ يلْزم السُّكُوت فَسَأَلَهُ الجُنَيْد عَنْهُ فَقَالَ: هَذَا أَنفقَ عَلَيْنَا مائَة أَلْف وَاسْتدَان مائَة أَلْف مَا سَأَلَنِي مَسْأَلَةً إجلاَلاً لِي.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ: كَانَ أَبُو حَفْصٍ يَقُوْلُ: من لَمْ يزن أَحْوَاله كُلَّ وَقْتٍ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يَتَّهِم خواطِره فَلاَ تَعُدَّه.(10/145)
وفِي "مُعْجَمِ بَغْدَادَ" لِلسِّلَفِيِّ، قِيْلَ: قَدِمَ وَلدَان لأَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيّ فَحضرَا عِنْد الجُنَيْد فَسَمِعَا قَوَّالَيْنِ فَمَاتَا فَجَاءَ أَبُوْهُمَا، وَحضر عِنْد القَوَّالَيْنِ فَسقطَا مَيِّتَيْن.
ابْنُ نُجيد: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الزَّجَّاجِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو حَفْصٍ نورَ الإِسْلاَم فِي وَقْتِه.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ: مَا اسْتحقَّ اسْمَ السخَاءِ مَنْ ذَكَرَ العَطَاءَ، وَلاَ لَمَحَهُ بقلبه.
وَعَنْهُ: الكرمُ طَرْحُ الدُّنْيَا لمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَالإِقبالُ عَلَى اللهِ بحَاجتك إِلَيْهِ أَحسنُ مَا يتوسَّلُ بِهِ العَبْدُ إِلَى مَوْلاَهُ الافتقَارُ إِلَيْهِ، وَملاَزمَةُ السُّنَّةِ وَطلبُ القُوْت مِنْ حِلِّهِ.
تُوُفِّيَ الأُسْتَاذُ أَبُو حَفْصٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.(10/146)
2154- الصَّفَّار 1:
المَلِكُ، أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ اللَّيْثِ السِّجِسْتَانِيُّ، المُسْتَوْلِي عَلَى خُرَاسَانَ.
قِيْلَ: كَانَ هُوَ وَأَخُوْهُ عَمْرو بن اللَّيْثِ يَعْمَلاَن فِي النُّحَاسِ فَتَزَهَّدَا، وَجَاهدَا مَعَ صَالِحٍ المُطَّوِّعِيِّ المُحَارِب لِلْخوَارج.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: غَلَب صَالِحٌ عَلَى سِجِسْتَانَ ثُمَّ اسْتنقذهَا مِنْهُ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ، فَظَهَرَ بِهَا دِرْهَمُ بنُ حُسَيْنٍ المُطَّوِّعِيُّ فَاسْتولَى أَيْضاً عَلَيْهَا، وَجَعَلَ يَعْقُوْبَ بنَ اللَّيْثِ قَائِدَ عَسكرِهِ ثُمَّ رَأَى أَصْحَابُ دِرْهَم عَجْزَه فملَّكُوا يَعْقُوْبَ لحُسنِ سيَاسته، فَأَذعن لَهُم دِرْهَم، واشتهرت صولة يَعْقُوْب، وَغَلَبه عَلَى هَرَاة وَبُوْشَنْج وَحَارَبَ التُّرْكَ وَظفر برُتْبِيْلَ فَقَتَلَهُ، وَقُتِلَ ثَلاَثَة مُلُوْك وَرَجَعَ مَعَهُ أُلوف مِنَ الرُّؤُوس فَهَابته المُلُوْكُ، وَكَانَ بِوَجْهِهِ ضربَةُ سَيْف مُخَيَّطَة.
بعثَ هديَةً إِلَى المُعْتَزّ مِنْهَا مَسْجِد فِضَّة يسعُ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْساً يُحمل عل قِطَارِ جمَالٍ ثُمَّ إِنَّهُ حَارب مُتَوَلِّي فَارِس، وَنُصِر عَلَيْهِ وَقَتَلَ رِجَالَه فَكَتَبَ إِلَيْهِ الصُّلَحَاءُ يُنْكِرُوْنَ عَلَيْهِ تسرُّعَه فِي الدِّمَاء، وَحَاصَرَهُم وَأَخَذَ شِيرَاز فَأَمَّنهُم، وَأَخَذَ مِنْ مُتَوَلِّيهَا أَرْبَع مائَة بَدْرَة وَعَذَّبَه، وَرُدَّ إِلَى سِجِسْتَانَ فَجَبَى الأَمْوَالَ.
وَكَانَ يَحْمِلَ إِلَى المُعْتَمِد فِي العَام خَمْسَةَ آلاَفِ أَلفِ دِرْهَمٍ وَقنِع المعتمد بمداراته.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 828"، والعبر "2/ 19 و24"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 35"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 150"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 56".(10/146)
ثُمَّ أَخذ بَلخ وَنَيْسَابُوْر، وَأَسَرَ مُتَوَلِّيهَا ابْنَ طَاهِرٍ فِي سِتِّيْنَ نَفْساً مِنْ آله وَقصد جرجان فهزم المعتز عَلَيْهَا الحَسَنَ بنَ زَيْدٍ العَلَوِيَّ، وَغنِم مِنْهُ ثَلاَث مائَة حَمْلِ مَالٍ وَأَخَذَ آمُلَ ثُمَّ التقَاهُ العَلَوِيُّ فَهَزم يَعْقُوْبَ ثُمَّ دَخَلَ جُرْجَان فَظلم، وَعَسَف فَجَاءت زلزلَةٌ قتلت مِنْ جُنْده أَلفين.
وَاستغَاث جَمَاعَةٌ جُرجَانيون بِبَغْدَادَ مَنْ يَعْقُوْب فعزَم المُعتمدُ عَلَى حَرْبِهِ وَنَفَّذَ كُتباً إِلَى أعيان خراسان، وبذم يَعْقُوْب وَبأَن يهتمُّوا لاستِئصَاله فَكَاتَبَ المعتمدَ يخضَعُ وَيُرَاوِغُ، وَيطلبُ التقليدَ بتولِّيه المَشْرِق فَفَعَل المعتمدُ ذَاكَ، وَأَخُوْهُ الموفّق لاشْتِغَالهُم بِحَرب الزَّنْجِ.
وَأَقبلَ يَعْقُوْبُ ليملِكَ العِرَاقَ، وَبرز المعتمدُ فَالتَقَى الجمعَان بدير العَاقول، وَكشف الموفقُ الخوذَة، وَحملَ وَقَالَ: أنا الغلام الهاشمي، وَكَثُرت القَتْلَى فَانهزم يَعْقُوْبُ وَجُرح أُمَرَاؤُهُ وَذَهبتْ خزَائِنُه، وَغرِق مِنْهُم خلقٌ فِي نهرٍ.
وَقَالَ أَبُو السَّاجِ لِيَعْقُوْبَ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ شَيْئاً مِنْ تَدبِير الحَرْبِ، فَكَيْفَ غَلبتَ النَّاسَ? فَإِنَّك تركتَ ثِقَلَكَ، وَأُسرَاءك أَمَامك، وَقصدتَ بَلَداً عَلَى جهلٍ مِنْكَ بِأَنهَاره وَمخَائِضه، وَأَسرعتَ وَأَحْوَالُ جُنْدك مختلَّةٌ? قَالَ: لَمْ أَظن أَنِّي مُحَارِبٍ، وَلَمْ أَشكَّ فِي الظفر.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ الأَصْبَهَانِيُّ: لَمْ تزل كتبُ يَعْقُوْب تصل إِلَى المُعتمد بِالمرَاوَغَة، وَيَقُوْلُ: عرفتُ أَنَّ نهوضَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ ليشرفنِي، وَيتلقَّانِي وَالمعتمدُ يَبْعَثُ يحثُّه عَلَى الانْصِرَاف فَمَا نَفَعَ ثُمَّ عبَّأَ المعتمدُ جُيُوْشَه، وَشقُّوا المِيَاهَ عَلَى الطّرق فَكَانَ ذَلِكَ سَبَب كسرتهم وَتَوَهَّمَ النَّاسُ أَنَّ انهزَامه مكيدَةٌ فَمَا تَبِعُوهُ، وَخَلُص ابْنُ طَاهِرٍ فَجَاءَ فِي قيدهِ إِلَى بَيْنَ يَدِي المُعْتَمِد، وَكَانَ بَعْضُ جُيُوْش يَعْقُوْب نصَارَى وَكَانَ المَصَافُّ فِي رَجَبٍ سنَة فَذَهَبَ يَعْقُوْبُ إِلَى، وَاسِطَ ثُمَّ إِلَى تُسْتَرَ فَأَخَذَهَا، وَترَاجع جَيْشُه وَعظُمت وَطأَته وَكَادَ أَنْ يملكَ الدُّنْيَا ثُمَّ كَانَ مَوْتهُ بِالقُوْلَنْجِ، وَوُصفت لَهُ حُقْنَةٌ فَأَبَى وَتَلِفَ بَعْدَ أُسْبُوْعَيْنِ وَكَانَ المُعْتَمِد قَدْ بعثَ إِلَيْهِ رَسُوْلاً يترضَّاهُ، وَيتَأَلَّفه وَكَانَ العَلَوِيُّ صَاحِبُ جُرْجَان يُسَمِّيه: يَعْقُوْب السندَان مِنْ ثبَاته وَقَلَّ أَنْ رُئِيَ مُتَبَسِّماً.
مَاتَ بِجُنْديسَابُوْرَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخُوْهُ صَاحِبُ خرسان.(10/147)
2155- عَمْرُو بنُ اللَّيْثِ الصَّفَّار 1:
قِيْلَ: كَانَ ضرَّاباً فِي الصُّفْر، وَقِيْلَ: بَلْ مكَارِي حمير فَآل بِهِ الحَال إِلَى السّلطنَة.
تَمَلَّكَ بَعْد أَخِيْهِ، وَأَحسن السيَاسَة وَعدلَ وَعظُمَتْ دُوله، وَأَطَاع الخَلِيْفَةَ كَانَ يُنْفِقُ كُلّ ثَلاَثَة أَشْهُر فِي جَيْشِهِ فَيحضر بِنَفْسِهِ عِنْد عَارض الجَيْش، وَالأَمْوَال كُدوس فَأَوّلُ مَا يُنَادِي النَّقيب عَمْرو بن اللَّيْثِ فيُقَدِّم فرسَه إِلَى العَارض بعدَّتهَا فيتفقدهَا، ثُمَّ يزنُ لَهُ ثَلاَث مائَة دِرْهَمٍ وَيضعُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فيضعهَا فِي خُفِّه وَيَقُوْلُ: الْحَمد الله الَّذِي وَفَّقنِي لطَاعَةِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ حَتَّى اسْتوجَبْتُ العَطَاء فَيَكُوْن لمَنْ يقلِّعه خفّه. ثُمَّ يُدعَى بَعْدَهُ بِالأُمَرَاء وَبِخُيُولِهِم وَعُددهم فَمَنْ أَخلَّ بِشَيْءٍ مُنع رِزْقُهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ فِي خدمَة زَوجته أَلف وَسَبْع مائَة جَارِيَة.
ثُمَّ بَغَى عَمْرٌو عَلَى وَالِي سَمَرْقَنْد إِسْمَاعِيْل بن أَحْمَدَ بنِ أَسَد، وَقصدهُ فَخضع لَهُ، وَقَالَ: أَنَا فِي ثغرٍ قَدْ قَنعت بِهِ وَأَنْت مَعَكَ الدُّنْيَا فدعْنِي فَمَا تَركه فَبَادر إِسْمَاعِيْل فِي الشِّتَاء وَدَهَمَ عَمْراً فَخَارت قوَاهُ، وَشرع فِي الهَزِيْمَة فَأَسروهُ.
قَالَ نِفْطَوَيْه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ أَنَّ السَّبَب فِي انهزَام عَمْرٍو مِنْ بلْخ أَنَّ أَهلهَا مَلُّوا مِنْ جُنْده، وَمِن ظلمهِم وَأَقبلَ إِسْمَاعِيْلُ فَأَخَذَ أَصْحَابُ عَمْروِ بن اللَّيْثِ فِي الهَزِيْمَة فَرَكبَتْ عَسَاكِرُ إِسْمَاعِيْل ظهورَهُم، وَتَوَحَّلَتْ بعمرو دَابَّتُه فَأُسِرَ فَأُتِي بِهِ إِسْمَاعِيْلُ فَاعْتَنَقَهُ، وَخَدَمَهُ وَقَالَ: مَا أَحْبَبْتُ أَنْ يَجرِي هَذَا ثُمَّ بَالغ فِي احترَامِه فَقَالَ: احلفْ لِي، وَلاَ تُسلمنِي فحلفَ لَهُ لَكِن جَاءَ رَسُوْلُ الْمُعْتَضد بِالخَلْع، وَالتقليد لإِسْمَاعِيْل وَيطلب عَمْراً فَقَالَ: أَخَاف أَنْ يخرج عَلَيْكُم عَسْكَرٌ يُخلِّصونه فجَمِيْع عَسَاكِرِ البِلاَدِ فِي طَاعَتِهِ لَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ، وَمَا كَنَّانِي بَلْ قَالَ: يَا ابْنَ أَحْمَد وَاللهِ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَعملَ جِسْراً عَلَى نهر بلْخ مِنْ ذَهَبٍ لفعلتُ، وَصِرتُ إِلَيْك حَتَّى آخُذَك فكَتَبْتُ إِلَيْهِ: الله بَيْنِي وَبَيْنك وَأَنَا رَجُل ثَغْرِيٌّ مُصَافٌّ لِلتُّرْكِ لباسِي الكُردوائِي الْغَلِيظ وَرِجَالِي خُشْر بِغَيْر رِزْق، وَقَدْ بغيتَ عليَّ ثُمَّ سَلَّمَهُ إِلَى الرَّسُوْلِ، وَقَالَ: إِنْ حَاربكُم أَحَدٌ لأَجله فَاذبحوهُ فَبقِي يَصُوْمُ، وَيَبْكِي وَيخرج رَأْسه مِنَ العَمَارِيَّةِ وَيَقُوْلُ لِلنَّاسِ: يَا سَادتِي ادعُوا لِي بِالفَرَجِ فَأُدخل بَغْدَاد عَلَى بُختِيٍّ عَلَيْهِ جُبَّةُ دِيبَاج وَبُرنُس السُّخطِ ثُمَّ قَالَ لَهُ الْمُعْتَضد: هَذَا بَيْعَتُك يَا عَمْرٍو! ثُمَّ اعتقله فقتله القاسم عبيد الله الوَزِيْرُ يَوْم مَوْتِ الْمُعْتَضد سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَكَانَ دولتُه نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
حَكَى القُشَيْرِيُّ: أَن عَمْرو بن اللَّيْثِ رُئِيَ، فَقِيْلَ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: أَشرفْتُ يَوْماً مِنْ جبل عَلَى جُيُوْشِي فَأَعجبنِي كثرتُهُم فَتمنيتُ أَننِي كُنْتُ حضَرتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنصرتُه وَأَعنته فشكر الله لي وغفر لي.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ 415"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 40".(10/148)
2156- ابن أبي الشوارب 1:
قَاضِي القُضَاة، أَبُو مُحَمَّدٍ، الحَسَنُ بنُ المُحَدِّثِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشّوَاربِ الأُمَوِيُّ أَحَد العُلَمَاء الأَجْوَاد الممدَّحين.
وَلِيَ قَضَاءَ المعتمدِ وَقَدْ نَاب فِي قَضَاء سَامَرَّاء سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ يُضْرَبُ بسخَائِه المَثَلُ، وَهُوَ مِنْ بَيْت رِئاسَةٍ وَإِمْرَة وَعلم فَجَدُّهُم عَتَّابُ بنُ أَسِيْدٍ مُتَوَلِّي مَكَّةَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَعَنْ صَالِحِ بن دَرَّاجٍ الكَاتِبِ، قَالَ: كَانَ المُعْتَزّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْضَلَ مِنَ الحَسَن بن أَبِي الشَّوَارِبِ، وَلاَ أَحسنَ وَفَاءً مَا حَدَّثَنِي قَطُّ فَكَذَبَنِي، وَلاَ ائْتمَنْتُهُ عَلَى سرٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَخَانَنِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ: مَاتَ بِمَكَّةَ بَعْد قَضَاءِ حَجِّه فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: عَاشَ أَرْبَعاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
يَرْوِي عَنْ نَحْوِ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي الوَلِيْدِ.
لَمْ يَقَعْ لَنَا مِنْ رِوَايَتِه.
فَأَمَّا أَخُوْهُ قَاضِي القُضَاةِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ فَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "7/ 401"، والعبر "2/ 22"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 34"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 142"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 27".(10/149)
جلوان، وحاتم بن الليث، وحاجب بن سليمان:
2157- جَلْوَان 1:
ابن سمرة بن ماهان بن خاقان بن عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، الإِمَامُ المُحَدِّثُ أَبُو الطَّيِّبِ الأُمَوِيُّ البُخَارِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئَ، وَالقَعْنَبِيَّ وَأَحْمَدَ بنَ حَفْصٍ الفَقِيْهَ، وَسَعِيْدَ بنَ مَنْصُوْرٍ وَأَبَا مُقَاتِلٍ النَّحْوِيَّ، وَعِدَّةً.
رَوَى عَنْهُ: سَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه وَحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ قُرَيْش، وَغَيْرهُمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: جِلْوَانُ بِكَسْرِ الجِيْمِ، وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: بَلْ بِفَتْحِهَا وَكَذَلِكَ فَتحه جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَارُ.
وَمِنْ ذُرِّيَتِه أَحْمَدُ بنُ حُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جُنَيْدِ بن جلوان الأموي.
2158- حاتم بن الليث 2:
الحَافِظُ المُكْثِرُ الثِّقَةُ أَبُو الفَضْلِ البَغْدَادِيُّ الجَوْهَرِيُّ.
سَمِعَ: عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَحُسَيْنَ بنَ محمد المروذي، وطبقتهما.
وَعَنْهُ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثنتين وستين ومائتين.
2159- حاجب بن سليمان 3: "س"
ابن بسام الحَافِظُ الرَّحَّالُ أَبُو سَعِيْدٍ المَنْبِجِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ وَكِيْعٍ وَأَبِي أُسَامَةَ، وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: النَّسَائِيُّ -وَوَثَّقَهُ وَأَبُو عَرُوْبَةَ وَأَبُو بَكْرٍ بن زياد، وعبد الرحمن بن أَخِي الإِمَامِ، وَعِدَّةٌ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 117"، وتبصير المنتبه لابن حجر العسقلاني "1/ 451".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 245".
3 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1273"، وميزان الاعتدال "1/ 429"، وتهذيب التهذيب "2/ 132".(10/150)
2160- الفارسي 1:
الشَّيْخُ العَالِمُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ الفَارِسِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ البَزَّازُ شَيْخٌ صَدُوْقٌ مُعَمَّرٌ مِنْ أَقَارِبِ سَعْدَانَ بنِ نَصْرٍ.
سَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمُعَمَّرِ بنِ سُلَيْمَانَ وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَدَمِيُّ، وَالقَاضِي المحاملي وأبو سعيد بن الأعرابي، وآخرون.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ صَدُوْقٌ أَتَينَاهُ فَلَمْ نُصَادِفْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ: كَانَ يُعرفُ بِابْنِ البُسْتَنْبَانِ.
مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ وَمِنْهُم مَن سَمَّاهُ الحُسَيْنَ.
وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ وَعِنْدَهُ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ وَأَبِي بَدْرٍ السكوني.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 58".(10/151)
2161- عَطَيِّة 1:
ابن الإِمَامِ بَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ الحِمْصِيُّ مُكثرٌ عَنْ، وَالِدِه وَمَا عَلمتُ لَهُ شَيْئاً عَنْ غَيْرِه وَكَانَ شَيْخاً مُحَدِّثاً لَيْسَ بِالمَاهرِ بَلْ طَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعُبَيْدُ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ الحِمْصِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البُخَارِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَتْ فِيْهِ غَفلَةٌ، وَمَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعتُه يَقُوْلُ: أَنَا عَطِيَّةُ بنُ بَقِيَّة، وَأَحَادِيْثِي نَقِيَّة فَإِذَا مَاتَ عَطِيَّةُ ذَهَبَ حَدِيْثُ بَقِيَّةَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ اليُوْنِيْنِيِّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ صَبَّاحٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا الخِلَعِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ النَّحَّاسِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بِمَكَّةَ سَمِعْتُ عَطِيَّةَ يَقُوْلُ:
يَا عَطِيَّةَ بنَ بَقِيَّه ... كَأنْ قَدْ أتَتْكَ المَنِيَّه ... بُكْرَةً أَوْ عَشِيَّه
فَتَفَكَّرْ وَتَذَكَّرْ ... وَتَجَنَّبِ الخَطِيَّه
وَاذْكُرِ اللهَ بِتَقْوَىً ... وَاتْبِعِ القَوْلَ بِنِيَّه
وَأَبِي شَيْخُ البَرِيَّة ... فَاكْتُبُوا عَنِّي بنيه
في قراطيس نقيه
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2120"، ولسان الميزان "4/ 175".(10/151)
2162- الدُّوري 1: "ع"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ النَّاقِدُ، أَبُو الفَضْلِ عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِمِ بنِ، وَاقِدٍ الدُّوْرِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ أَحَدُ الأَثبَاتِ المُصنِّفِينَ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: حُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ الجُعْفِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بِشْرٍ وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ بنَ عَطَاءٍ وَيَحْيَى بنَ أَبِي بُكَيْرٍ وَشَبَابَةَ بنَ سَوَّارٍ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى وَهَاشِمَ بنَ القَاسِمِ وَيَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بن سعد، وعفان وخلقًا كثيرًا.
وَلاَزمَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَتَخرَّجَ بِهِ وَسَأَلَهُ عَنِ الرِّجَالِ وَهُوَ فِي مُجَلَّدٍ كَبِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَرْبَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَمِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ ابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ البَخْتَرِيِّ وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّهْقَانِيُّ وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ وَخَلْقٌ.
قَالَ الأَصَمُّ: لَمْ أَرَ فِي مَشَايِخِي أَحسنَ حَدِيْثاً مِنْهُ.
قُلْتُ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بحُسْنِ الحَدِيْث الإِتْقَان، أَوْ أَنَّهُ يتبع المتون المليحة فيرويها أو أنه
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1189"، وتاريخ بغداد "12/ 144" والأنساب للسمعاني "5/ 400"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 83"، والكاشف "2/ ترجمة 2634"، والمغني "1/ ترجمة 3083"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 603"، والعبر "1/ 388"، وتهذيب التهذيب "5/ 129"، وتقريب التهذيب "1/ 399"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3362"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 161".(10/152)
أَرَادَ عُلُوَّ الإِسْنَاد، أَوْ نظَافَةَ الإِسْنَاد وَتَرْكَهُ رِوَايَةَ الشَّاذِّ وَالمُنْكَرِ، وَالمَنْسُوْخِ وَنَحْو ذَلِكَ فَهَذِهِ أُمُورٌ تَقْضِي لِلْمُحَدِّث إِذَا لاَزمهَا أَنْ يُقَالَ: مَا أَحسنَ حَدِيْثه!
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ: سَمِعْتُ عَبَّاساً الدُّوْرِيَّ يَقُوْلُ: كَتَبَ لِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ كِتَاباً فَقَالاَ فِيْهِ: إِنَّ هَذَا فَتَىً يَطْلُبُ الحَدِيْثَ وَمَا قَالاَ: مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: كَانَ مُبْتَدِئاً لَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ إِنَّهُ صَارَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، ثُمَّ صَارَ مِنْ حُفَّاظِ وَقْتِه.
وَقَدْ عَاشَ الدُّوْرِيُّ بَعْد رَفِيقه وَنَظِيْره أَبِي بَكْرٍ الصَّاغَانِي سنَةً، وَاحِدَة.
توفي في صفر، سنة إحدى وسبعين ومائتين.
وَفِيْهَا مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ القَزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ وَكُرْبَزَانُ الحَارِثِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلاَّبٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا" قَالُوا: وَفِي نَجْدِنَا قَالَ: "هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَنُ وَبِهَا -أَوْ قَالَ: منها- يطلع قرن الشيطان" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1037".(10/153)
2163- كَيْلَجَة 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ البَغْدَادِيُّ، الأَنْمَاطِيُّ كَيْلَجَةُ مُحَدِّثٌ جَوَّالٌ.
سَمِعَ: عَفَّانَ بنَ مُسْلِمٍ وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ وَمُسْلِمَ بن إبراهيم وأبا الوليد وطبقتهم.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي المَحَامِلِيُّ وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ وَجَمَاعَةٌ قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ حَافِظاً مُتْقِناً ثِقَةً.
وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
وَقَدْ سَمَّاهُ مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ مَرَّةً: أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بَغْدَادِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَذَلِكَ، وَزَادَ فَقَالَ: وَيُقَالُ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: بَلْ هُوَ مُحَمَّدٌ بِلاَ شَكٍّ.
قَالَ أَبُو الحَجَّاجِ القُضَاعي: رَوَى النَّسَائِيُّ حَدِيْثاً عَنْ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ فَإِنْ كَانَ كَيْلَجَةَ فَقَدْ سَقَطَ مَنْ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ أَبِي زُكَيْرٍ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ يَحْيَى هُوَ الحَارِثِيُّ فَقَدْ سَقَطَ مَنْ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ ابْنِ عَجْلاَنَ.
قُلْتُ: لاَ يَبْعُدُ أَنْ يَكُوْنَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ هُوَ الطَّبَرِيَّ الحَافِظَ عَنْ أَبِي زُكَيْرٍ فَالنَّسَائِيُّ قَدْ سَمِعَ: أَوَّلاً مِنْهُ.
نعم وَتُوُفِّيَ كَيْلَجَةُ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا زَيْدٌ البَيِّعُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قَفَرْجَلَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، أَخْبَرْنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنِي يحيى بن سعيد، أخبرنا أَبُو صَالِحٍ، عَنِ الأَسَدِيِّ رَجُلٌ حَدَّثَهُ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَحَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ: رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم- يَقُوْلُ: "مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي حُبّاً لِي نَاسٌ يَكُوْنُوْنَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُم لَوْ يُعْطِيَ أَهْلَهَ، وماله بأن يراني" 2 غريب.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 358"، وتهذيب التهذيب "9/ 226"، وتقريب التهذيب "2/ 170" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6309"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 161".
2 صحيح: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات خلا الأسدي، فإنه لا يعرف لكن أخرجه مسلم "2832" من طريق يعقوب بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "من أشد أمتي لي حبا، ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله".(10/154)
الطَّبَقَةُ الخَامِسَةَ عَشَرَةَ:
2269- أَحْمَدُ بنُ طُولُوْنَ 1:
التُّركِيُّ صَاحِبُ مِصْرَ أَبُو العَبَّاسِ.
وُلِدَ بِسَامَرَّاءَ، وَقِيْلَ: بَلْ تَبَنَّاهُ الأَمِيْرُ طُولُوْنَ. وَطُولُوْنَ قَدَّمَهُ صَاحِبُ مَا وَرَاء النَّهْرِ إِلَى المَأْمُوْنِ فِي عِدَّةِ مَمَالِيْكٍ سَنَةَ مائَتَيْنِ فَعَاشَ طُولُوْنَ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فَأَجَادَ ابْنُهُ أَحْمَدُ حِفْظَ القُرْآنِ وَطَلَبَ العِلْمَ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ، وَتَأَمَّرَ وَوَلِي ثُغُوْرَ الشَّامِ ثُمَّ إِمْرَةَ دِمَشْقَ ثُمَّ وَلِيَ الدِّيَارَ المِصْرِيَّةَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَلَهُ إذْ ذَاكَ أَرْبعُوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً، مِقْدَاماً، مَهِيْباً، سَائِساً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً، مِنْ دُهَاةِ المُلُوكِ.
قِيْلَ: كَانَتْ مُؤْنَتَهُ فِي اليَوْمِ أَلْفَ دينار، وكان يرجع إلى عدل، وَبَذْلٍ لَكِنَّهُ جَبَّارٌ سَفَّاكٌ لِلْدِّمَاءِ.
قَالَ القُضَاعِيُّ: أُحْصِيَ مَنْ قَتَلَهُ صَبْراً أَوْ مَاتَ فِي سِجْنِهِ فَبَلَغُوا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
وَأَنْشَأَ بِظَاهِر مِصْرَ جَامِعاً غَرِمَ عَلَيْهِ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَكَانَ جَيِّدَ الإِسْلاَمِ مُعَظِّماً للشَّعَائِرِ.
خَلَّفَ مِنَ العَيْنِ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِيْنَارٍ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ مَمْلُوْكٍ، وَجَمَاعَةَ بَنِيْن وَسِتَّ مائَةِ بَغْلٍ لِلْثِقَلِ.
وَيُقَالُ: بَلَغَ ارتِفَاعُ خَرَاجِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ آلاَفِ أَلفِ دِيْنَارٍ وَكَانَ الخَلِيْفَةُ مَشْغُوْلاً عَنِ ابْنِ طُولُوْنَ بِحُرُوْبِ الزنجِ، وَكَانَ يَزْرِي عَلَى أُمَرَاءِ التُّرْكِ فِيمَا يَرْتَكِبُوْنَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الهَرَوِيُّ: كُنَّا عِنْدَ الرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ فَجَاءهُ رَسُوْلُ ابْنِ طُولُوْنَ بِأَلفِ دِيْنَارٍ فَقَبِلَهَا.
قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ طُولُوْنَ نَزَلَ يَأْكُلُ، فَوَقَفَ سَائِلٌ فَأَمَرَ لَهُ بِدَجَاجَةٍ، وَحَلْوَاءٍ فَجَاءَ الغُلاَمُ فَقَالَ: نَاوَلْتُهُ فَمَا هَشَّ لَهَا فَقَالَ: عَلِيَّ بِهِ. فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يديه لم يضطرب من الهيبة
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 71"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 430"، والعبر "2/ 43"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 1-21"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 157".(10/268)
فَقَالَ: أَحْضِرِ الكُتُبَ الَّتِي مَعَكَ وَاصدُقْنِي، فَأَنْتَ صاحب خبر هاتوا السياط، فأقر فقال بَعْضُ الأُمَرَاء: هَذَا السِّحْرُ؟ فَقَالَ: لاَ وَلَكِنْ قِيَاسٌ صَحِيْحٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي العَجَائِزِ، وَغَيْرُهُ: وَقَعَ حَرِيْقٌ بِدِمَشْقَ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ ابْنُ طُولُوْنَ، وَمَعَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ كَاتِبُهُ فَقَالَ أَحْمَدُ لأَبِي زُرْعَةَ: مَا اسْمُ هَذَا المَكَان قَالَ: خُطُّ كَنِيْسَةِ مَرْيَمَ فَقَالَ الوَاسِطِيُّ: وَلمَرْيَمَ كَنِيْسَة قَالَ: بَنَوْهَا بِاسْمِهَا فَقَالَ ابْنُ طُولُوْنَ: مَالَكَ، وَللاعتِرَاضِ عَلَى الشَّيْخِ ثُمَّ أَمَرَ بِسَبْعِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ مِنْ مَالِهِ لأَهْلِ الحَرِيْقِ فَأُعْطُوا، وَفَضَلَ مِنَ الذَّهَبِ وَأَمَرَ بِمَالٍ عَظِيْمٍ فَفُرِّقَ فِي فُقَرَاءِ الغُوْطَةِ، وَالبَلَدِ فَأَقَلُّ مَن أُعْطِيَ دِيْنَارٌ.
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ المَادَرَائِي قَالَ: كُنْتُ أَجْتَازُ بِقَبْرِ ابْنِ طُولُوْنَ فَأَرَى شَيْخاً مُلاَزِماً لَهُ ثُمَّ لَمْ أَرَهُ مُدَّةً ثُمَّ رَأَيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَيَادٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصِلَهُ بِالتِّلاَوَةِ قَالَ: فَرَأَيتُهُ فِي النَّوْمِ يَقُوْلُ: أُحِبُّ أَنْ لاَ تَقْرَأَ عِنْدِي فَمَا تَمُرُّ بِي آيَةٌ إلَّا قُرِّعْتُ بِهَا، وَيُقَالُ لِي: أَمَا سَمِعْتَ هَذِهِ؟
تُوُفِّيَ أَحْمَدُ بِمِصْرَ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ خُمَارَوَيْه ثُمَّ جَيْشُ بنُ خُمَارَوَيْه ثُمَّ أَخُوْهُ هَارُوْنَ.(10/269)
2270- أَحْمَدُ الخُجُسْتَاني 1:
جَبَّارٌ عَنِيْدٌ ظَالِمٌ مُتَمَرِّدٌ خَرَجَ عن طاعة صاحب خرسان، يعقوب الصَّفَّارِ وَتَمَلَّكَ نَيْسَابُوْرَ، وَغَيْرَهَا وَأَظْهَرَ الاَنْتِمَاءَ إِلَى الطَّاهِرِيَّةِ، وَجَعَلَ رَافِعَ بنَ هَرْثمَةَ أَتَابِكَهُ وَجَرَتْ لَهُ مَلاَحِمُ، وَظَفِرَ بيَحْيَى بنِ الذُّهْلِيِّ شَيْخِ نَيْسَابُوْرَ فَقَتَلَهُ وَعَتَا ثُمَّ ذَبَحَهُ مَمْلُوَكَانِ لَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ.
تَمَلَّكَ سَبْعَ سِنِيْنَ.
وَمِنْ جَوْرِهِ: أَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَى نَيْسَابُوْرَ نَصَبَ رُمْحاً وَأَلزَمَهُم أَنْ يَزِنُوا مِنَ الدَّرَاهِمِ مَا يُغَطِي رَأْسَ الرُّمْحِ فَأَفْقَرَ الخَلْقَ وَعَذَّبَهُم.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 33-36"، واللباب لابن الأثير "1/ 424"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 80-81".(10/269)
2271- داود بن علي 1:
ابن خلف الإِمَامُ، البَحْرُ الحَافِظُ العَلاَّمَةُ، عَالِمُ الوَقْتِ أَبُو سُلَيْمَانَ البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوْفُ بِالأَصْبَهَانِيِّ، مَوْلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ المهدي رئيس أهل الظاهر.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: سُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَعَمْرَو بنَ مَرْزُوْقٍ، وَالقَعْنَبِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ كَثِيْرٍ العَبْدِيَّ، وَمُسَدَّدَ بنَ مُسَرْهَدٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَأَبَا ثَوْرٍ الكَلْبِيَّ، وَالقَوَارِيْرِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَارْتَحَلَ إِلَى إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَسَمِعَ: مِنْهُ "المُسْنَدَ" وَ"التَّفْسِيْرَ"، وَنَاظَرَ عِنْدَهُ وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَتَصَدَّرَ، وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَابُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: صَنَّفَ الكُتُبَ، وَكَانَ إِمَاماً وَرِعاً نَاسِكاً زَاهِداً، وَفِي كُتُبِهِ حَدِيْثٌ كَثِيْرٌ لَكِنَّ الرِّوَايَة عَنْهُ عَزِيْزَةٌ جِدّاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الدَّاوُودِيُّ، وَعَبَّاسُ بنُ أَحْمَدَ المُذَكِّرُ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ: إِنَّمَا عُرِفَ بِالأَصْبَهَانِيِّ لأَنَّ أُمَّهُ أَصْبَهَانِيَّةٌ، وَكَانَ أَبُوْهُ حَنَفِيُّ المَذْهَبِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: رَأَيْتُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ يَرُدُّ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ هَيْبَةً لَهُ.
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ الحَافِظُ: سَمِعْتُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى إِسْحَاقَ، وَهُوَ يَحْتَجِمُ فَجَلَسْتُ فَرَأَيْتُ كتب الشافعي فَأَخَذْتُ أَنْظُرُ فَصَاحَ بِي إِسْحَاقُ: أَيْش تَنْظُرُ فَقُلْتُ: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَه} [يُوْسُفُ: 79] قَالَ: فَجَعَلَ يَضْحَكُ أَوْ يَبْتَسِمُ.
سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ فَاخْتَلَفَ رَجُلاَنِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي أَمْرِ دَاوُد الأَصْبهَانِي، وَالمُزَنِيّ وَالرَّجُلاَنِ: فَضْلَكُ الرَّازِيُّ، وَابْنُ خِرَاشٍ فَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: دَاوُدُ كَافِرٌ وَقَالَ فَضْلَكُ: المُزَنِيُّ جَاهِلٌ فَأَقْبَلَ أَبُو زُرْعَةَ يُوَبِّخُهُمَا وَقَالَ لَهُمَا: مَا
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 369"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 223"، والعبر "2/ 45"، وميزان الاعتدال "2/ 14-16"، ولسان الميزان "2/ 422"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 47"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 158-159".(10/270)
وَاحِدٌ مِنْكُمَا لَهُمَا بِصَاحِبٍ. ثُمَّ قَالَ: تَرَى دَاوُدَ هَذَا، لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يِقْتَصِرُ عَلَيْهِ أَهْلُ العِلْمِ لَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُكْمِدُ أَهْلَ البِدَعِ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ البَيَانِ، وَالآلَةِ، وَلَكِنَّهُ تَعَدَّى لَقَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ نَيْسَابُوْرَ فَكَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَحُسَيْنِ بنِ مَنْصُوْرٍ وَمَشْيَخَةِ نَيْسَابُورَ بِمَا أَحْدَثَ هُنَاكَ فَكَتَمْتُ ذَلِكَ لِمَا خِفْتُ مِنْ عَوَاقِبِهِ، وَلَمْ أُبْدِ لَهُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فَقَدِمَ بَغْدَادَ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ حُسْنٌ فَكَلَّمَ صَالِحاً أَنْ يَتَلَطَّفَ لَهُ فِي الاسْتِئذَانِ عَلَى أَبِيْهِ، فَأَتَى صَالِحٌ أَبَاهُ فَقَالَ: رَجُلٌ سَأَلَنِي أَنْ يَأْتِيْكَ فَقَالَ: مَا اسْمُهُ قَالَ: دَاوُدُ قَالَ: مِنْ أَيْنَ هُوَ قَالَ: مِنْ أَصْبَهَانَ فَكَانَ صَالِحٌ يَرُوْغُ عَنْ تَعْرِيْفِهِ فَمَا زَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ يَفْحَصُ حَتَّى فَطِنَ بِهِ فَقَالَ: هَذَا قَدْ كَتَبَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى فِي أَمْرِهِ أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ القُرَآنَ مُحْدَثٌ فَلاَ يَقْرَبَنِّي. فَقَالَ: يَا أَبَهْ إِنَّهُ يَنْتَفِي مِنْ هَذَا وَيُنْكِرَهُ فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى اصدق منها لا تأذن له.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: رَأَيْتُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ يُصَلِّي، فَمَا رَأَيْتُ مُسْلِماً يُشْبِهُهُ فِي حُسْنِ تَوَاضُعِهِ.
وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ يَخْتَلِفُ إِلَى دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ مُدَّةً ثُمَّ تَخَلَّفَ عَنْهُ، وَعَقَدَ لِنَفْسِهِ مَجْلِساً فَأَنْشَأَ دَاوُدُ يَتَمَثَّل:
فَلَوْ أَنِّي بُلِيْتُ بِهَاشِمِيٍّ ... خئولته بَنُوَة عَبْدِ المَدَانْ
صَبَرْتُ عَلَى أَذَاهُ لِي وَلَكِنْ ... تَعَالَيْ فَانْظُرِيْ بِمَنِ ابْتَلاَنِي
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الوَرَّاقُ: أَنَّهُ كَانَ يُورق عَلَى دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ وَأَنَّهُ سَمِعَهُ يُسْأَلُ عَنِ القُرَآنِ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي فِي اللَّوْحِ المَحْفُوْظِ: فَغَيْرُ مَخْلُوْقٍ وَأَمَّا الَّذِي هُوَ بَيْنَ النَّاسِ: فَمَخْلُوْقٌ.
قُلْتُ: هَذِهِ التَّفرِقَةُ وَالتَّفْصِيلُ مَا قَالَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ فِيمَا عَلِمْتُ، وَمَا زَالَ المُسْلِمُوْنَ عَلَى أَنَّ القُرَآنَ العَظِيْمَ كَلاَمُ اللهِ، وَوَحْيُهُ وَتَنْزِيْلُهُ حَتَّى أَظْهَرَ المَأْمُوْنَ القَوْلَ: بِأَنَّهُ مَخْلُوْقٌ وَظَهَرَتْ مَقَالَةُ المعتزلة فثبت الإمام أحمد ابن حَنْبَلٍ وَأَئِمَةُ السُّنَّةِ عَلَى القَوْلِ: بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ إِلَى أَنْ ظَهَرَتْ مَقَالَةُ حُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ الكَرَابِيْسِي، وَهِيَ: أَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَنَّ أَلْفَاظَنَا بِهِ مَخْلُوْقَةٌ فَأَنْكَرَ الإِمَامُ أَحْمَدُ ذَلِكَ، وَعَدَّهُ بِدْعَةً وَقَالَ: مَنْ قال: لفظي القرآن مَخْلُوْقٌ يُرِيْدُ بِهِ القُرْآنَ فَهُوَ جَهْمِيٌّ وَقَالَ أيضًا: مَنْ قَالَ: لَفْظي بِالقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ فَزَجَرَ عَنِ الخَوْضِ فِي ذَلِكَ مِنَ الطَّرَفَيْنِ.(10/271)
وَأَمَّا دَاوُدُ فَقَالَ القُرْآنُ مُحْدَثٌ. فَقَامَ عَلَى دَاوُدَ خَلْقٌ مِن أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ، وَأَنْكَرُوا قَولَهُ وَبَدَّعُوْهُ وَجَاءَ مِنْ بَعْدِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فَقَالُوا: كَلاَمُ اللهِ مَعْنَىً قَائِمٌ بِالنَّفْسِ، وَهَذِهِ الكُتُبُ المُنْزَلَةُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ، وَدَقَّقُوا وَعَمَّقُوا فَنَسْأَلُ اللهَ الهُدَى، وَاتِّبَاعَ الحَقِّ فَالقُرْآنُ العَظِيْمُ حُرُوْفُهُ، وَمَعَانِيهُ وَأَلفَاظُهُ كَلاَمُ رَبِّ العَالِمِيْنَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ وَتَلَفُّظُنَا،بِهِ وَأَصْوَاتُنَا بِهِ مِنْ أَعْمَالنَا المَخْلُوْقَةِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُم" 1 وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ المَلْفُوْظُ لاَ يَسْتَقِلُّ إلَّا بِتَلَفُّظِنَا، وَالمَكْتُوْبُ لاَ يَنْفَكُّ عَنْ كِتَابةٍ، وَالمَتْلُو لاَ يُسْمَعُ: إلَّا بِتِلاَوَةِ تَالٍ صَعُبُ فَهْمُ المَسْأَلَةِ، وَعَسُرَ إِفْرَازُ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ المَلْفُوْظُ مِنَ اللَّفْظِ الَّذِي يُعْنَى بِهِ التَّلَفُّظُ فَالذِّهِنُ يَعْلَمُ الفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ هَذَا، وَالخَوْضُ فِي هَذَا خَطِرٌ نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ فِي الدِّيْنِ، وَفِي المَسْأَلَةِ بُحُوْثٌ طَوِيْلَةٌ الكَفُّ عَنْهَا أَوْلَى، وَلاَ سِيَّمَا فِي هذه الأزمنة المزمنة.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: كَانَ دَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ عَقْلُهُ أَكْبَرُ مِنْ عِلْمِهِ.
وَقَالَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ الحَافِظُ: ذَاكَرْتُ ابْنَ جَرِيْرٍ الطَّبرِيَّ، وَابْنَ سُرَيْجٍ فِي كِتَابِ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي الفِقْهِ فَقَالاَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِذَا أَرَدْتَ الفِقْهَ فَكُتُبُ أَصْحَابِ الفِقْهِ كَالشَّافِعِيِّ، وَدَاوُدَ وَنُظَرَائِهِمَا ثُمَّ قَالا: وَلاَ كُتُبُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي الفِقْهِ أَمَا تَرَى كِتَابَهُ فِي "الأَمْوَالِ" مَعَ أَنَّهُ أَحْسَنُ كُتُبِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ دَاوُدُ عِرَاقِيّاً كَتَبَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ وَرَقَةٍ وَمِنْ أَصْحَابِهِ: أَبُو الحَسَنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ رُوَيْم، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ النَّجَّارِ وَأَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الدِّيْبَاجِي، وَأَحْمَدُ بنُ مَخْلَدٍ الإِيَادِي وَأَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الدَّجَاجِي وَأَبُو نَصْرٍ السِّجِسْتَانِيُّ ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاءَ عِدَّةٍ مِنْ تَلاَمِذَتِهِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ: عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ أَخْبَرَنَا علي ابن عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الفَقِيْهُ فِي طَبَقَاتِ الفُقَهَاءِ لَهُ قَالَ: ذِكْرُ فُقَهَاءِ بَغْدَادَ وَمِنْهُم: أَبُو سُلَيْمَانَ دَاودُ بنُ عَلِيِّ بنِ خلف الأصبهاني، ولد في سنة اثنتين ومئتين ومات سنة سبعين ومئتين أَخَذَ العِلْمَ عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبِي ثَوْرٍ وَكَانَ زَاهِداً مُتَقَلِّلاً وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ في مجلسه
__________
1 صحيح: ورد من حديث البراء بن عازب، أخرجه الطيالسي "2/ 3"، وابن أبي شيبة "2/ 521" و"10/ 462"، وأحمد "4/ 283، 285، 304"، وأبو داود "1468"، والنسائي "2/ 179-180" وابن ماجه "1342"، والحاكم "1/ 572-575"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 27"، والبيهقي في "السنن" "2/ 53"، من طريق عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، به.(10/272)
أَرْبَعُ مائَةِ صَاحِبِ طَيْلَسَانَ أَخْضَرَ، وَكَانَ مِنَ المتعصبين للشافعي وَصَنَّفَ كِتَابَيْنِ فِي فَضَائِلِهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ العِلْمِ بِبَغْدَادَ وَأَصْلُهُ مِنْ أَصْفَهَانَ، وَمَوْلِدُهُ بِالكُوْفَةِ وَمنْشَؤُهُ بِبَغْدَادَ وَقَبْرُهُ بِهَا فِي الشُّونِيْزِيَّة.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَأَلْتُ المَرُّوْذِيَّ عَنْ قِصَّةِ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيِّ، وَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: كَانَ دَاوُدُ خَرَجَ إِلَى خرسان إِلَى ابْنِ رَاهْوَيْه فَتَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ شَهِدَ عَلَيْهِ أَبُو نَصْرٍ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ، وَآخَرُ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: القُرْآنُ مُحْدَثٌ.
فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَنْ دَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ لاَ فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ قُلْتُ: هَذَا مِنْ غِلْمَانِ أَبِي ثَوْرٍ قَالَ: جَاءنِي كِتَابُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيَّ قَالَ بِبَلَدِنَا: إِنَّ القُرْآنَ مُحْدَثٌ قَالَ المَرُّوْذِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنَّ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه لَمَّا سَمِعَ: كَلاَمَ دَاوُدَ فِي بَيْتِهِ وَثَبَ عَلَى دَاوُدَ، وَضَرَبَهُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ.
الخَلاَّلُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ صَبِيْحٍ سَمِعْتُ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيَّ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مُحْدَثٌ وَلَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ.
وَأَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدَةَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ إِلَى دَاوُدَ فَغَضِبَ عَلَيَّ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ إِنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةً قَالَ: وَمَا هي قال: قَالَ: الخُنْثَى إِذَا مَاتَ مَنْ يُغَسِّلُهُ قَالَ داود: يغسله الخدم فقال محمد ابن عَبْدَةَ: الخَدَمُ رِجَالٌ، وَلَكِنْ يُيَمَّمُ، فَتَبَسَّمَ أَحْمَدُ وَقَالَ: أَصَابَ أَصَابَ مَا أَجْوَدَ مَا أَجَابَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ: لِدَاوُدَ مِنَ الكُتُبِ: كِتَابُ "الإِيْضَاحِ" كِتَابُ "الإِفْصَاحِ" كِتَابُ "الأُصُوْلِ" كِتَابُ "الدَّعَاوى" كِتَابٌ كَبِيْرٌ فِي الفِقْهِ كِتَابُ "الذَّبِّ عَنِ السُّنَّةِ وَالأَخْبَارِ" أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ كِتَابُ "الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الإِفْكِ"، "صِفَة أَخْلاَقِ النَّبِيِّ" كِتَابُ "الإِجْمَاعِ" كِتَابُ "إبْطَالِ القِيَاسِ" كِتَابُ "خَبَرِ الوَاحِدِ وَبَعْضُهُ مُوْجِبٌ لِلْعِلْمِ" كِتَاب "الإِيضَاحِ" خَمْسَةَ عَشَرَ مُجَلَّداً كِتَابُ "المُتْعَةِ" كِتَابُ "إِبْطَالِ التَّقْلِيْدِ" كِتَابُ "المَعْرِفَةِ" كِتَابُ "العُمُوْمِ وَالخُصُوْصِ"، وَسَرَدَ أَشْيَاءً كَثِيْرَةً.
قُلْتُ: لِلعُلَمَاءِ قَوْلاَن فِي الاعتِدَاد بِخِلاَفِ دَاوُدَ، وَأَتْبَاعِهِ: فَمَنْ اعتَدَّ بِخِلاَفِهِم قَالَ: مَا اعْتِدَادُنَا بِخِلاَفِهِم لأَنَّ مُفْرَدَاتِهِم حُجَّةٌ بَلْ لِتُحكَى فِي الجُمْلَةِ، وَبَعْضُهَا سَائِغٌ وَبَعْضُهَا قَوِيٌّ وَبَعْضُهَا سَاقِطٌ ثُمَّ مَا تَفَرَّدُوا بِهِ هُوَ شَيْءٌ من قبيل مخالفة الإجماع الظني، وتندر(10/273)
مخالفتهما لإِجْمَاعٍ قَطْعِي، وَمَنْ أَهْدَرَهُم وَلَمْ يَعْتَدَّ بِهِم لَمْ يَعُدَّهُم فِي مَسَائِلِهِم المُفْرِدَةِ خَارِجِيْنَ بِهَا مِنَ الدِّيْنِ، وَلاَ كَفَّرَهُم بِهَا بَلْ يَقُوْلُ: هَؤُلاَءِ فِي حَيِّزِ العَوَامِّ أَوْ هُم كَالشِّيْعَةِ فِي الفُرُوْعِ، وَلاَ نَلْتَفِتُ إِلَى أَقْوَالِهِم، وَلاَ نَنْصِبُ مَعَهُم الخِلاَفَ، وَلاَ يُعْتَنَى بِتَحْصِيْلِ كُتُبِهِم، وَلاَ نَدُلُّ مُسْتَفْتِياً مِنَ العَامَّةِ عَلَيْهِم وَإِذَا تظاهروا بِمَسْأَلَةٍ مَعْلُوْمَةِ البُطْلاَنِ كَمَسْحِ الرِّجِلَيْنِ أَدَّبْنَاهُم وَعَزَّرْنَاهُم، وَأَلزَمْنَاهُم بِالغَسْلِ جَزْماً.
قَالَ الأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الإسفراييبي: قَالَ الجُمْهُوْرُ: إِنَّهُم يَعْنِي نُفَاةَ القِيَاسِ لاَ يَبْلُغُونَ رُتْبَةَ الاجتِهَادِ، وَلاَ يَجُوْزُ تَقْلِيْدُهُم القَضَاءَ.
وَنَقَلَ الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ اعتِبَارَ بِخِلاَفِ دَاوُدَ، وَسَائِرِ نُفَاةِ القِيَاسِ فِي الفُرُوْعِ دُوْنَ الأُصُوْلِ.
وَقَالَ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ أَبُو المَعَالِي: الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ التَّحْقِيْقِ: أَنَّ مُنْكِرِي القِيَاس لاَ يُعَدُّوْنَ مِنْ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ، وَلاَ مِنْ حَمَلَةِ الشَّرِيْعَةِ لأَنَّهُم مُعَانِدُوْنَ مُبَاهِتُوْنَ فِيمَا ثَبَتَ اسْتفَاضَةً، وَتَوَاتُراً لأَنَّ مُعْظَمَ الشَّرِيْعَةِ صَادِرٌ عَنِ الاجتِهَادِ، وَلاَ تَفِي النُّصُوْصُ بعُشْرِ مِعْشَارِهَا، وَهَؤُلاَءِ مُلتَحِقُوْنَ بِالعَوَامِّ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنْ أَبِي المعَالِي أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَهُم فَأَدَّاهُم اجتِهَادُهُم إِلَى نَفِي القَوْلِ بِالقِيَاسِ فَكَيْفَ يُرَدُّ الاجتِهَادُ بِمِثْلِهِ، وَنَدْرِي بِالضَّرُوْرَةِ أَنَّ دَاوُدَ كَانَ يُقْرِئُ مَذْهَبَهُ وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ، وَيُفْتِي بِهِ فِي مِثْلِ بَغْدَادَ، وَكَثْرَةِ الأَئِمَّةِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا فَلَم نَرَهُم قَامُوا عَلَيْهِ، وَلاَ أَنْكَرُوا فَتَاويه وَلاَ تَدْرِيسَهُ، وَلاَ سَعَوا فِي مَنْعِهِ مِنْ بَثِّهِ وَبَالحَضْرَةِ مِثْلُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي شَيْخِ المَالِكِيَّةِ، وَعُثْمَانَ بنِ بَشَّارٍ الأَنْمَاطِيِّ شَيْخِ الشَّافِعِيَّة، وَالمَرُّوْذِيِّ شَيْخِ الحَنْبَلِيَّةِ وَابْنَي الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البِرْتِيِّ شَيْخِ الحَنَفِيَّةِ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ القَاضِي، وَمِثْلُ عالم بَغْدَادَ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ بَلْ سَكَتُوا لَهُ حَتَّى لَقَدْ قَالَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ: ذَاكَرْتُ الطَّبرِيَّ يَعْنِي ابْنَ جَرِيْرٍ وَابْنَ سُرَيْجٍ فَقُلْتُ لَهُمَا: كِتَابُ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي الفِقَهِ أَيْنَ هُوَ عِنْدَكُمَا قَالاَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلاَ كِتَابُ أَبِي عُبَيْدٍ فَإِذَا أَرَدْتَ الفِقْهَ فَكُتُبُ الشَّافِعِيِّ، وَدَاوُدَ وَنُظَرَائِهِمَا.
ثمَّ كَانَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ المُغَلِّسِ وَعِدَّةٌ مِنْ تَلاَمِذَةِ دَاوُدَ، وَعَلَى أَكْتَافِهِم مِثْلُ: ابْنِ سُرَيْجٍ شَيْخِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَبِي بَكْرٍ الخَلاَّلِ شَيْخِ الحَنْبَلِيَّةِ، وَأَبِي الحَسَنِ الكَرْخِيِّ شَيْخِ الحَنَفِيَّةِ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ بِمِصْرَ بَلْ كَانُوا يَتَجَالَسُوْنَ، وَيَتَنَاظَرُوْنَ وَيَبْرُزُ كُلٌّ مِنْهُم بحججه،(10/274)
وَلاَ يَسْعَوْنَ بِالدَّاودِيَّةِ إِلَى السُّلْطَانِ بَلْ أَبلغُ مِنْ ذَلِكَ يَنْصِبُوْنَ مَعَهُم الخِلاَفَ فِي تَصَانِيفِهِم قَدِيْماً، وَحَدِيْثاً وَبِكُلِّ حَالٍ فَلَهُم أَشْيَاءُ أَحْسَنُوا فِيْهَا وَلَهُم مَسَائِلُ مُسْتَهْجَنَةٌ يُشْغَبُ عَلَيْهِم بِهَا وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيْرُ الإِمَامُ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَحِ حَيْثُ يَقُوْلُ: الَّذِي اختَارَهُ الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُوْرٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ الصَّحِيْحُ مِنَ المَذْهَبِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ خِلاَفُ دَاوُدَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الصَّلاحِ: وَهَذَا الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الأَمْرُ آخِراً كَمَا هُوَ الأَغْلَبُ الأَعْرَفُ مِنْ صَفْوِ الأَئِمَّةِ المُتَأَخِّرِينَ الَّذِيْنَ أَوْرَدُوا مَذْهَبَ دَاوُدَ فِي مُصَنَّفَاتِهِمُ المَشْهُوْرَةِ كَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَالمَاوَرْدِيِّ وَالقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فلَوْلاَ اعتِدَادُهُم بِهِ لَمَا ذَكَرُوا مَذْهَبَهُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمُ المَشْهُوْرَةِ.
قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُعْتَبَرَ قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا خَالَفَ فِيْهِ القيَاسَ الجَلِيَّ، وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ القِيَاسِيُّونَ مِنْ أَنْواعِهِ، أَوْ بَنَاهُ عَلَى أُصُولِهِ الَّتِي قَامَ الدَّلِيْلُ القَاطعُ عَلَى بُطلاَنِهَا فَاتِّفَاقُ مَنْ سِوَاهُ إِجمَاعٌ مُنْعَقِدٌ كقوله في التغوط في الماء الرَّاكِدِ، وَتِلْكَ المَسَائِلِ الشَّنِيعَةِ وَقُولِهُ: لاَ رِبَا إلَّا فِي السِّتَّةِ المَنْصُوْصِ عَلَيْهَا1 فَخِلاَفُهُ فِي هَذَا، أَوْ نَحْوِهِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ لأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يُقْطَعُ بِبُطْلاَنِهِ.
قُلْتُ: لاَ رَيْبَ أَنَّ كُلَّ مسَأَلَةٍ انْفَرَدَ بِهَا، وَقُطِعَ بِبُطْلاَنِ قَوْلِهِ فِيْهَا فَإِنَّهَا هَدْرٌ، وَإِنَّمَا نَحْكِيهَا للتَّعَجُّبِ وَكُلَّ مسَأَلَةٍ لَهُ عَضَدَهَا نَصٌّ وَسَبَقَهُ إِلَيْهَا صَاحِبٌ أَوْ تَابِعٌ فَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الخِلاَفِ فَلاَ تُهْدَرُ.
وَفِي الجُمْلَةِ فَدَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ بَصِيرٌ بِالفِقْهِ عَالِمٌ بِالقُرْآنِ حَافظٌ للأَثَرِ رَأْسٌ فِي مَعْرِفَةِ الخِلاَفِ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ له ذكاء خارق، وفيه دِيْنٌ مَتِينٌ، وَكَذَلِكَ فِي فُقَهَاءِ الظَّاهِرِيَّةِ جَمَاعَةٌ لَهُم عِلْمٌ بَاهِرٌ، وَذكَاءٌ قَوِيٌّ فَالكَمَالُ عَزِيزٌ، وَاللهُ المُوَفِّقُ.
وَنَحْنُ: فَنَحْكِي قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي المُتعَةِ وَفِي الصَّرْفِ، وَفِي إِنكَارِ العَوْلِ وَقولَ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي تَرْكِ الغُسْلِ مِنَ الإِيْلاجِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَلاَ نُجَوِّزُ لأَحَدٍ تَقْلِيْدَهُم فِي ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ كَامِلٍ: مَاتَ داود في شهر رمضان سنة سبعين ومئتين.
__________
1 ورد عن عبادة بن الصامت قَالَ: إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح وبالملح إلا سواء بسواء عينا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى. أخرجه مسلم "1587"واللفظ له، وأبو داود "3349"، والترمذي "1240"، والنسائي "7/ 274"، وابن ماجه "2254".(10/275)
فأما ابنه:
2272- محمد بن داود 1:
ابن عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ: العَلاَّمَةُ، البَارِعُ، ذُو الفنُوْنِ، أَبُو بَكْرٍ: فَكَانَ أَحَدَ مَنْ يُضْرَبُ المَثَلُ بِذَكَائِهِ، وَهُوَ مُصَنِّفُ كِتَابِ: الزّهرَةِ فِي الآدَابِ، وَالشِّعْرِ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي الفَرَائِضِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَبَّاسٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى المَدَائِنِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَلَهُ بَصَرٌ تَامٌّ بِالحَدِيْثِ، وَبِأَقوَالِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ يَجْتَهِدُ، وَلاَ يُقَلِّدُ أَحَداً.
حَدَّثَ عَنْهُ: نِفْطَوَيْه، وَالقَاضِي أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَمَاتَ قَبْلَ الكُهُوْلَةِ، وَقَلَّ مَا رَوَى.
تَصَدَّرَ لِلْفُتْيَا بَعْدَ، وَالِدِهِ وَكَانَ يُنَاظِرُ أَبَا العَبَّاسِ بنَ سُرَيْجٍ، وَلاَ يَكَادُ يَنْقَطِعُ معه.
قال القاضي أبو الحسن الداودي: لَمَّا جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ بنُ دَاوُدَ، لِلْفَتوَى بَعْدَ وَالِدِهِ اسْتَصْغَرُوهُ فَدَسُّوا عَلَيْهِ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ حَدِّ السُّكْرِ، وَمتَى يُعَدُّ الإِنْسَانُ سَكرَانَ فَقَالَ: إِذَا عَزَبَتْ عَنْهُ الهُمُوْمُ، وَبَاحَ بِسِرِّهِ المكتوم. فَاسْتُحْسِنَ ذَلِكَ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ: كَانَ ابْنُ دَاوُدَ مِنْ أَجْملِ النَّاسِ، وَأَكْرَمِهِم خُلُقاً، وَأَبْلَغِهِم لِسَاناً وَأَنْظَفِهِم هَيْئَةً مَعَ الدِّيْنِ، وَالوَرَعِ وَكُلِّ خُلَّةٍ مَحْمُودَةٍ مُحَبَّباً إِلَى النَّاسِ حَفِظَ القُرْآنَ، وَلَهُ سَبعُ سِنِيْنَ وَذَاكَرَ الرِّجَالَ بِالآدَابِ، وَالشِّعْرِ وَلَهُ عَشْرُ سِنِيْنَ وَكَانَ يشاهد في مجلسه أربع مئه صَاحِبِ مِحْبَرَةٍ، وَلَهُ مِنَ التَّآلِيفِ: كِتَابُ الإِنذَارِ، وَالإِعذَارِ، وَكِتَابُ التَّقصِّي فِي الفِقْهِ، وَكِتَابُ الإِيْجَازِ، وَلَمْ يَتِمَّ وَكِتَابُ الانْتِصَارِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَكِتَابُ الوُصُولِ إِلَى مَعْرِفَةِ الأُصُولِ، وَكِتَابُ اختِلاَفِ مَصَاحِفِ الصَّحَابَةِ، وَكِتَابُ الفَرَائِضِ وَكِتَابُ "المَنَاسِكِ" عَاشَ ثَلاَثاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً قَالَ: وَمَاتَ في عاشر رمضان سنة سبع وتسعين ومائتين.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَخْتَرِيِّ الدَّاوُودِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو الحسن بن المغلس الداودي، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ وَابْنُ سُرَيْجٍ إذا حضرا مجلس أبي
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 256"، ووفيات الأعيان "4/ ترجمة 604"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 85"، والعبر "2/ 108"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 93"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 226".(10/276)
عُمَرَ القَاضِي لَمْ يَجْرِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِيْمَا يَتَفَاوَضَانِهِ أَحْسَنُ، وَمَنْ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فَسَأَلَ أَبَا بَكْرٍ عَنِ العَوْدِ المُوجِبِ لِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَقَالَ: إِعَادَةُ القَوْلِ ثَانِياً، وَهُوَ مَذْهَبُهُ وَمَذْهَبُ أَبِيْهِ فَطَالَبَهُ بِالدَّلِيْلِ فَشَرَعَ فِيْهِ فَقَالَ ابْنُ سريج: يا أبا بكر هذا قول مَنْ مِنَ المُسْلِمِيْنَ تَقَدَّمَكُم فِيْهِ فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: أَتَظُنُّ أَنَّ مَنِ اعْتَقَدْتَ قَوْلَهُم إِجْمَاعاً فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ عِنْدِي إِجمَاعٌ أَحْسَنُ أَحْوَالِهِم أَنْ أَعُدُّهُم خِلاَفاً، وَهَيْهَاتَ أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فَغَضِبَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَقَالَ: أَنْتَ بِكِتَابِ "الزّهْرَةِ" أَمْهَرُ مِنْكَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ قَالَ: وَبِكِتَابِ "الزّهرَةِ" تُعَيِّرُنِي، وَاللهِ مَا تُحْسِنُ تَسْتَتِمُّ قِرَاءتَهُ قِرَاءةَ مَنْ يَفْهَمُ، وَإِنَّهُ لِمَنْ أَحَدِ المنَاقِبِ لِي إِذْ أَقُولُ فِيْهِ:
أُكَرِّرُ فِي رَوْضِ المَحَاسِنِ مُقْلَتِي ... وَأَمْنَعُ نَفْسِي أَنْ تَنَالَ مُحَرَّمَا
وَيَنْطِقُ سِرِّي عَنْ مُتَرْجَمِ خَاطِرِي ... فلَوْلا اخْتِلاسِي رَدَّهُ لَتَكَلَّمَا
رَأَيْتُ الهَوَى دَعْوَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِم ... فَمَا إِنْ أَرَى حُبّاً صَحِيْحاً مُسَلَّما
فَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: فَأَنَا الَّذِي أَقُولُ:
وَمُشَاهَدٍ بِالغُنْجِ مِنْ لَحَظَاتِهِ ... قَدْ بِتُّ أَمْنَعُهُ لَذِيْذَ سُبَاتِهِ
ضِنّاً بِحُسْنِ حَدِيْثِهِ وَعِتَابِهِ ... وَأُكَرِّرُ اللَّحَظَاتِ فِي وَجَنَاتِهِ
حَتَّى إِذَا مَا الصُّبْحُ لاحَ عَمُوْدُهُ ... وَلَّى بِخَاتَمِ رَبِّهِ وَبَرَاتِهِ
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَيَّدَ اللهُ القَاضِي قَدْ أَخْبَرَ بِحَالَةٍ ثُمَّ ادَّعَى البَرَاءةَ مِمَّا تُوْجِبُهُ فَعَلَيْهِ البَيِّنَةُ فَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: مِنْ مَذْهَبِي أَنَّ المُقِرَّ إِذَا أَقَرَّ إِقرَاراً نَاطَهُ بِصِفَةٍ كَانَ إِقرَارُهُ موكولًا إلى صفته تلك.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَاضِي: كُنْتُ أُسَايِرُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ، فَإِذَا بِجَارِيَةٍ تُغَنِّي بِشَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ وَهُوَ:
أَشْكُو غَلِيْلَ فُؤَادٍ أَنْتَ مُتْلِفُهُ ... شَكْوَى عَلِيْلٍ إِلَى إِلْفٍ يُعَلِّلُهُ
سُقْمِي تَزِيْدُ مَعَ الأَيَّامِ كَثْرَتُهُ ... وَأَنْتَ فِي عُظْمِ مَا أَلْقَى تُقَلِّلُهُ
اللهُ حَرَّمَ قَتْلِي فِي الهَوَى سَفَهاً ... وَأَنْتَ يَا قَاتِلِي ظُلْماً تُحَلِّلُهُ
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ دَاوُدَ خَصْماً لابْنِ سُرَيْجٍ فِي المُنَاظَرَةِ كَانَا يَتَرَادَّانِ فِي الكُتُبِ فَلَمَّا بَلَغَ ابْنَ سُرَيْجٍ مَوْتَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ حَزِنَ لَهُ وَنَحَّى مَخَادَّهُ وَجَلَسَ لِلتَّعْزِيَةِ وَقَالَ: مَا آسَى إلَّا عَلَى تُرَابٍ يَأْكُلُ لِسَانَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ.(10/277)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُكَّرَةَ القَاضِي: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ جَامعٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ مَحْبُوبَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى ابْنِ دَاوُدَ، وَمَا عُرِفَ مَعْشُوقٌ يُنْفِقُ عَلَى عَاشِقِهِ سِوَاهُ وَمِنْ شِعْرِهِ:
حَمَلْتُ جِبَالَ الحُبِّ فِيْكَ وَإِنَّنِي ... لأعجز عن جمل القَمِيْصِ وَأَضْعُفُ
وَمَا الحُبُّ مِنْ حُسْنٍ وَلاَ مِنْ سَمَاحَةٍ ... وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بِهِ الرُّوْحُ تَكْلَفُ
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَرَفَةَ نِفْطَوَيْه: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ فِي مَرَضِهِ فَقُلْتُ: كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَ: حُبُّ مَنْ تَعْلَمُ أَوْرَثَنِي مَا ترى. فَقُلْتُ: مَا مَنَعَكَ مِنَ الاسْتِمْتَاعِ بِهِ مَعَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ قَالَ: الاسْتِمْتَاعُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: النَّظَرُ وَهُوَ أَوْرَثَنِي مَا تَرَى وَالثَّانِي: اللَّذَّةُ المَحْظُورَةُ، وَمَنَعَنِي مِنْهَا مَا حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ قَالَ: "مَنْ عَشِقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ وَصَبَرَ غَفَرَ الله لَهُ وَأَدْخَلَهُ الجَنَّةَ"1. ثُمَّ أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ:
انْظُرْ إِلَى السِّحْرِ يَجْرِي فِي لَوَاحِظِهِ ... وَانْظُرْ إِلَى دَعَجٍ فِي طَرْفِهِ السَّاجِي2
وَانْظُرْ إِلَى شَعَرَاتٍ فَوْقَ عَارِضِهِ ... كَأَنَّهُنَّ نِمَالٌ دَبَّ فِي عَاجِ
قَالَ نِفْطَوَيْه: وَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ أَوْ فِي اليَوْمِ الثَّانِي.
رَوَاهَا جَمَاعَةٌ عَنْ نِفْطَوَيْه.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ: كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيْثاً سَمِعْتُهُ مِنْ سُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ فَذَكَرَ الحَدِيْثَ المَذْكُوْرَ فَقَالَ: وَاللهِ لَوْ كَانَ عِنْدِي فَرَسٌ وَرُمْحٌ لَغَزَوْتُ سُويداً فِي هذا الحديث.
__________
1 موضوع: أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" "5/ 156، 262"، "6/ 50-51"، "13/ 184" من طرق عن سويد بن سعيد الحدثاني، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى القَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً.
قلت: إسناده ضعيف فيه علتان: الأولى: ضعف أبي يحيى القتات، واسمه زاذان، وقيل غير ذلك قال الحافظ في "التقريب": لين الحديث. الثانية: ضعف سويد بن سعيد، قال الحافظ في "التقريب": "صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول". قال ابن القيم في كتابه "زاد المعاد" "4/ 275"، ولا تغتر بالحديث الموضوع ... فإن هذا الحديث لا يصح عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يجوز أن يكون من كلامه، فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة الصديقية ولها أعمال وأحوال هي شروط في حصولها ... راجع كلامه لزامًا فإنه مفيد جدًّا.
2 الدَّعَج: شدة سواد العين في شدة بياضها. والساجي: الساكن.(10/278)
قلت: هو مما نقموا على سويد.
قال "ابن حزم": تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ فِي عَاشِرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ عَنِ الكِنْدِيِّ، وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ المُوَفَّقِ الشَّافِعِيِّ: أَخْبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ النَّشبِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ الكِنْدِيُّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ الكَاتِبُ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيَّ يَقُوْلُ: ثُمَّ انْتَهَى الفِقْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ البِلاَدِ الَّتِي انْتَهَى إِلَيْهَا الإِسْلاَمُ إِلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ، وَانْتَشَرَ عَنْهُمُ الفِقْهُ فِي الآفَاقِ وَقَامَ بِنُصْرَةِ مَذَاهِبِهِم أَئِمَّةٌ يَنْتَسِبُوْنَ إِلَيْهِم، وَيَنْصُرُوْنَ أَقْوَالَهُم.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَمَّا دَاوُدُ: فَقَامَ بِنَقْلِ فِقْهِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْهُم: ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ، وَكَانَ فَقِيْهاً أَدِيْباً شَاعِراً ظَرِيْفاً، وَكَانَ يُنَاظِرُ إِمَامَ أَصْحَابِنَا أَبَا العَبَّاسِ بنَ سُرَيْجٍ، وَخَلَفَ أَبَاهُ فِي حَلْقَتِهِ، وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا القَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ الخُضَرِيَّ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ فَجَاءتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: مَا تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ لاَ هُوَ يُمْسِكُهَا، وَلاَ هُوَ يُطَلِّقُهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ العِلْمِ فَقَالَ قَائِلُوْنَ: تُؤْمَرُ بِالصَّبْرِ، وَالاحْتِسَابِ، وَتَبْعَثُ عَلَى الطَّلَبِ وَالاكْتِسَابِ، وَقَالَ قَائِلُوْنَ: يُؤْمَرُ بِالإِنْفَاقِ وَإِلاَّ حُمِلَ عَلَى الطَّلاَقِ فَلَمْ تَفْهَمِ المرْأَةُ قَوْلَهُ فَأَعَادَتْ سؤالها عليه فقال: يا قد هذه أَجَبْتُكِ وَلَسْتُ بِسُلْطَانٍ فَأَمْضِي، وَلاَ قَاضٍ فَأَقْضِي، وَلاَ زَوْجٍ فَأُرْضِي فَانْصَرِفِي.
قَالَ لَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ الظَّاهِرِيُّ عَنِ ابْنِ النَّجَّارِ، قَالَ: وهب بن جامع ابن وَهْبٍ العَطَّارُ الصَّيْدَلاَنِيُّ صَاحِبُ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ كَانَ قَدْ أَحَبَّهُ، وَشُغِفَ بِهِ حَتَّى مَاتَ مِنْ حُبِّهِ وَمِنْ أَجْلِهِ صَنَّفَ كِتَابَ: "الزَّهرَةِ".
حَدَّثَ عَنْ ابْنِ دَاوُدَ: مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البَرْبَرِيُّ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ قَاسِمٌ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ أنبأنا عبد الغفار بن محد النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الشِّيرَازِيُّ الحَافِظُ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مئة بِالدَّامَغَانِ، حَدَّثَنَا الجَدُّ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الظَّاهِرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ المَنْصُوْرِيُّ القَاضِي، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ وَهْبٍ الدَّاوُودِيُّ، حَدَّثَنِي وَهْبُ بنُ جَامِعٍ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ(10/279)
حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَرْبٍ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي الرَّضِيْعِ: "يُنضح بول الغلام ويُغسل بول الجارية" 1.
وَقَالَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحُسَيْنِ الفَارِسِيُّ، الوَاعِظُ إِملاَءً بِالرَّيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ العَلَوِيُّ، حَدَّثَنِي جَدِّي سَمِعْتُ وَهْبَ بنَ جَامِعٍ العَطَّارَ صَدِيْقَ ابْنِ دَاوُدَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى المُتَّقِي للهِ: فَسَأَلَنِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ دَاوُدَ: هَلْ رَأَيْتَ مِنْهُ مَا تَكْرَهُ قُلْتُ: لاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إلَّا أَنِّي بِتُّ عِنْدَهُ لَيْلَةً فَكَانَ يَكْشِفُ عَنْ وَجْهِي ثُمَّ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ إِنِّي لأُحِبُّهُ، وَإِنِّي لأُرَاقِبُكَ فِيْهِ.
قَالَ: فَمَا بَلَغَ مِنْ رِعَايَتِكَ مِنْ حَقِّهِ قُلْتُ: دَخَلْتُ الحَمَّامَ فَلَمَّا خَرَجْتُ نَظَرْتُ فِي المِرَآةِ فَاسْتَحْسَنْتُ صُورَتِي فَوْقَ مَا أَعْهَدُ فغَطَّيْتُ وَجْهِي، وَآلَيْتُ أَنْ لاَ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِي أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَبَادَرْتُ إِلَيْهِ فَكَشَفَ وَجْهِي فَفَرِحَ، وَسُرَّ وَقَالَ: سُبْحَانَ خَالِقِهِ، وَمُصَوِّرِهِ وَتَلا: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء} [آل عمران: 6] .
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 97، 137"، وأبو داود "378"، والترمذي "610"، وابن ماجة "525"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 92"، والدارقطني "1/ 129"، والحاكم "1/ 165-166" والبيهقي في "السنن" "2/ 415"، من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، به.(10/280)
2273- أبو إبراهيم الزُّهْري 1:
الإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ الثِّقَةُ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ أَحْمَدُ بنُ سعد بن الإِمَامِ، إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ ابْنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ العَوْفِيُّ البَغْدَادِيُّ أَخُو عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَلَمْ يَلْحَقْ أَخْذَ العِلْمِ عَنْ أَبِيْهِ، وَلاَ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ.
سَمِعَ مِنْ: عَفَّانَ وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ وَيَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ الجُعْفِيِّ وَعَلِيِّ بنِ بَحْرٍ القَطَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيِّ وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي "صَحِيْحِهِ" فِي موَاضِعَ فَقَالَ فِي بَعْضِهَا: وَكَانَ مِنَ الأَبْدَالِ وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مَذْكُوْراً بِالعِلْمِ وَالفَضْلِ مَوْصُوَفاً بِالصَّلاَحِ، وَالزُّهْدِ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ كُلُّهُمْ عُلَمَاءُ، وَمُحَدِّثُونَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: مَضَى عَمِّي أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَلَمَّا رَآهُ وَثَبَ وَقَامَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ فَلَمَّا أَنْ مَضَى قَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ: يَا أَبَهْ شَابٌّ تَعْمَلُ بِهِ هذا، وتقول إليه قال: لا تُعَارِضْنِي فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا أَقُومُ إِلَى ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: كَانَ ثِقَةً.
وَقَالَ ابْنُ المُنَادِي: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. رَحِمَهُ اللهُ.
قُلْتُ وَإِنَّمَا احتَرَمَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ لِشَرَفِهِ وَنَسَبِهِ وَلِتَقْوَاهُ وَفَضْلِهِ فَمَنْ جَمَعَ العَمَلَ وَالعِلْمَ فناهيك به!
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 181"، والمنتظم "5/ 88".(10/280)
2274- أبو يونس الجُمَحِي 1:
مُفْتِي المَدِيْنَةِ الإِمَامُ، أَبُو يُوْنُسَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ القُرَشِيُّ الجُمَحِيُّ المَدَنِيُّ الفَقِيْهُ المَالِكِيُّ.
تَفَقَّهَ بِأَصْحَابِ مَالِكٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ، وَأَبِي مُصْعَبٍ وَبِشْرِ بنِ عُبَيْسٍ العَطَّارِ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَيَحْيَى بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ النَّسَّابَةُ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ كان مفتي المدينة.
تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ السَّبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا دَاوُدَ رَوَى عَنْهُ عَنِ الحُمَيْدِيِّ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ بَلْ شَيْخُ أَبِي دَاوُدَ هُوَ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَنَسٍ القُرَشِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ لَقِيَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئَ، وَأَقْرَانَهُ بِمَكَّةَ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1040"، وتهذيب التهذيب "9/ 24"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 1038".(10/281)
2275- ومحمد بن أحمد بن حسين 1: "ت"
ابن مدوية، القُرَشِيُّ، التِّرْمِذِيُّ يُكْنَى: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
حَدَّثَ عَنْ القَاسِمِ بنِ الحَكَمِ العُرَنِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بن موسى، وأسود ابن شَاذَانَ.
رَوَى عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّرٌ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
ذَكَرْتُهُ لِلتَّمْيِيْزِ وَإِلاَّ فَهُوَ أكبر من الجمحي.
__________
1 ترجمته في ثقات ابن حبان "9/ 148"، والكاشف "3/ ترجمة 4776"، وتهذيب التهذيب "9/ 21" وتقريب التهذيب "2/ 142"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6034".(10/282)
2276- المُنْتَظَر 1:
الشَّرِيْفُ، أَبُو القَاسِمِ، مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ العَسْكَرِيُّ بن عَلِيٍّ الهَادِي بنِ مُحَمَّدٍ الجَوَادِ بنِ عَلِيٍّ الرِّضَى بنِ مُوْسَى الكَاظِمِ بنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بن مُحَمَّدٍ البَاقِرِ بنِ زَيْنِ العَابِدِيْنَ بنِ عَلِيِّ بن الحسين الشهيد بن الإِمَامِ، عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ العَلَوِيُّ الحُسَيْنِيُّ.
خَاتِمَةُ الاثْنَي عَشَرَ سَيِّداً، الَّذِيْنَ تَدَّعِي الإِمَامِيَّةُ عِصْمَتَهُم -وَلاَ عِصْمَةَ إلَّا لِنَبِيٍّ- وَمُحَمَّدٌ هَذَا هُوَ الَّذِي يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ الخَلَفُ الحُجَّةُ، وَأَنَّهُ صَاحِبُ الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ صَاحِبُ السِّرْدَابِ بِسَامَرَّاءَ وَأَنَّهُ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلأَ الأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً، وَجُوراً فَوَدِدْنَا ذَلِكَ وَاللهِ، وَهُم فِي انْتِظَارِهِ مِنْ أَرْبَعِ مئة وَسَبْعِيْنَ سَنَةً وَمَنْ أَحَالَكَ عَلَى غَائِبٍ لَمْ يُنْصِفْكَ فَكَيْفَ بِمَنْ أَحَالَ عَلَى مُسْتَحِيلٍ، وَالإِنْصَافُ عَزِيْزٌ فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الجَهْلِ وَالهَوَى.
فَمَوْلاَنَا الإِمَامُ عَلِيٌّ مِنَ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- نُحِبُّهُ أَشَدَّ الحُبِّ، وَلاَ نَدَّعِي عِصْمَتَهُ وَلاَ عِصْمَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
وَابْنَاهُ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ: فَسِبْطَا رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجنة، لو استخلفا لكانا اهلًا لذلك.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 562"، والعبر "2/ 31"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 150".(10/282)
وزَيْنُ العَابِدِيْنَ: كَبِيْرُ القَدْرِ، مِنْ سَادَةِ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ، يَصْلُحُ لِلإِمَامَةِ، وَلَهُ نُظَرَاءُ وَغَيْرُهُ أَكْثَرُ فَتْوَىً مِنْهُ وَأَكْثَرُ رِوَايَةً.
وَكَذَلِكَ ابْنُهُ أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ: سَيِّدٌ، إِمَامٌ، فَقِيْهٌ يَصْلُحُ لِلْخِلاَفَةِ.
وَكَذَا وَلدُهُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَبِيْرُ الشَّأْنِ، مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ، كَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ.
وَكَانَ وَلَدُهُ مُوْسَى: كَبِيْرَ القَدْرِ جَيِّدَ العِلْمِ أَوْلَى بِالخِلاَفَةِ مِنْ هَارُوْنَ، وَلَهُ نُظَرَاءُ فِي الشَّرَفِ وَالفَضْلِ.
وَابْنُهُ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى الرِّضَا: كَبِيْرُ الشَّأْنِ لَهُ عِلْمٌ وَبَيَانٌ وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ صَيَّرَهُ المَأْمُوْنُ، وَلِيَّ عَهْدِهِ لجلالته فتوفي سنة ثلاث ومئتين.
وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ الجَوَادُ: مِنْ سَادَةِ قَوْمِهِ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ آبَائِهِ فِي العِلْمِ، وَالفِقْهِ، وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ المُلَقَّبُ بِالهَادِي: شَرِيْفٌ جَلِيْلٌ.
وَكَذَلِكَ ابْنُهُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ العَسْكَرِيُّ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.
فَأَمَّا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ هَذَا: فَنَقَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ: أَنَّ الحَسَنَ مَاتَ عَنْ غَيْرِ عَقِبٍ قَالَ: وَثَبَتَ جُمْهُورُ الرَّافِضَةِ عَلَى أَنَّ لِلْحَسَنِ ابْناً أَخْفَاهُ. وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، مِنْ أَمَةٍ اسْمُهَا: نَرْجِسٌ أَوْ سَوْسَنٌ وَالأَظْهَرُ عِنْدَهُم أَنَّهَا صَقِيْلٌ، وَادَّعَتِ الحَمْلَ بَعْدَ سَيِّدِهَا فَأُوْقِفَ مِيرَاثُهُ لِذَلِكَ سَبْعَ سِنِيْنَ، وَنَازَعَهَا فِي ذَلِكَ أَخُوْهُ جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ فَتَعَصَّبَ لَهَا جَمَاعَةٌ، وَلَهُ آخَرُوْنَ ثُمَّ انْفَشَّ ذَلِكَ الحَمْلُ، وَبَطَلَ فَأَخَذَ مِيرَاثَ الحَسَنِ أَخُوْهُ جَعْفَرٌ وَأَخٌ لَهُ، وَكَانَ مَوْتُ الحَسَنِ سنة ستين ومئتين إِلَى أَنْ قَالَ: وَزَادَتْ فِتْنَةُ الرَّافِضَةِ بِصَقِيْلٍ، وَبِدَعْوَاهَا إِلَى أَنْ حَبَسَهَا المُعْتَضِدُ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً مِنْ مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَجُعِلَتْ فِي قَصْرِهِ إِلَى أَنْ مَاتَتْ فِي دَوْلَةِ المُقْتَدِرِ.
قُلْتُ: وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّ مُحَمَّداً دَخَلَ سِرْدَاباً فِي بَيْتِ أَبِيْهِ، وَأُمُّهُ تَنْظُرُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى السَّاعَةِ مِنْهُ وَكَانَ ابْنَ تِسْعِ سِنِيْنَ وَقِيْلَ دُوْنَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَقِيْلَ: بَلْ دَخَلَ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي سنة خمس وسبعين ومئتين وَقِيْلَ: بَلْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَأَنَّهُ حي.
نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ زوَالِ العَقْلِ فَلَو فَرَضْنَا وُقُوعَ ذَلِكَ فِي سَالِفِ الدَّهْرِ فَمَنِ الَّذِي رَآهُ وَمَنِ الَّذِي نَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي إِخْبَارِهِ بِحَيَاتِهِ، وَمَنِ الَّذِي نَصَّ لَنَا عَلَى عِصْمَتِهِ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ؟
هَذَا هَوَسٌ بَيِّنٌ، إِنْ سَلَّطْنَاهُ عَلَى العُقُولِ ضَلَّتْ، وَتَحَيَّرَتْ بَلْ جَوَّزَتْ كُلَّ بَاطِلٍ أَعَاذَنَا اللهُ وَإيَّاكُم مِنَ الاحْتِجَاجِ بِالمُحَالِ، وَالكَذِبِ أَوْ رَدِّ الحَقِّ الصَّحِيْحِ كَمَا هُوَ دَيْدَنُ الإِمَامِيَّةِ.
وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ الحَسَنَ العَسْكرِيَّ لَمْ يُعْقِبْ: مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبرِيُّ وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَنَاهِيْكَ بِهِمَا مَعْرِفَةً، وثقة.(10/283)
2277- يوسف بن بَحْر 1:
الإِمَامُ الرَّحَّالُ أَبُو القَاسِمِ التَّمِيْمِيُّ البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ الطَّرَابُلُسِيُّ قَاضِي حِمْصَ ثُمَّ نَزَلَ جَبْلَةَ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ وَأَبَا النَّضْرِ، وَحَجَّاجَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَالأَسْوَدَ بنَ عَامِرٍ، وَمَرْوَانَ بنَ مُحَمَّدٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ أَخُو خَيْثَمَةَ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ.
وَجَاءَ عَنْ خَيْثمَةَ: أَنَّهُ ارْتَحَلَ إِلَيْهِ بُعَيْدَ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ إِلَى جَبْلَةَ. فَأَسَرَهُ الفِرِنْجُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ هُوَ بِالقَوِيِّ رَفَعَ أحاديث أتى عن الثقات بمناكير.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: لَيْسَ بِالمَتِيْنِ عِنْدَهُمْ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 915"، وتاريخ بغداد "14/ 305"، وميزان الاعتدال "4/ 462"، ولسان الميزان "6/ 318".(10/284)
2278- الخَصَّاف 1:
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ مُهَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنَفِيُّ، المُحَدِّثُ.
حَدَّثَ عَنْ: وَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ، وَالوَاقِدِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَعَمْرِو بنِ عَاصِمٍ، وَعَارِمٍ، وَمُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
ذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِي "تَارِيْخِهِ".
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ: كَانَ فَاضِلاً، صَالِحاً فَارِضاً، حَاسِباً، عَالِماً بِالرَّأْيِ، مُقَدَّماً عِنْدَ المُهْتَدِي بِاللهِ، حَتَّى قَالَ النَّاسُ: هُوَ ذَا يُحْيي دَوْلَةَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ وَيُقَدِّمُ الجَهْمِيَّةَ.
صَنَّفَ للمُهْتَدِي كِتَابَ: "الخَرَاجِ" فَلَمَّا قُتِلَ المُهْتَدِي، نُهِبَتْ دار الخصاف، وذهبت بعض كتبه.
صَنَّفَ كِتَابَ "الحِيَلِ" وَكِتَابَ "الشُّرُوطِ الكَبِيْرِ" ثُمَّ اخْتَصَرَهُ، وَ"الرَّضَاع"، وَ"أَدَب القَاضِي"، وَ"العَصِيْر وَأَحْكَامهِ"، وَ"أَحْكَام الوُقُوْفِ"، وَ"ذَرْع الكَعْبَةِ وَالمَسْجَدِ وَالقَبْرِ".
وَيُذْكَرُ عَنْهُ زُهْدٌ وَوَرَعٌ وَأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ صَنْعَتِهِ رَحِمَهُ اللهُ، وَقَلَّ مَا رَوَى وَكَانَ قَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ.
مات ببغداد سنة أحدى وستين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 266".(10/285)
2279- ابن المُدَبِّر 1:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُدَبِّرِ الضَّبِّيُّ.
أَحَدُ البُلَغَاءِ وَالشُّعَرَاءِ، وَزَرَ لِلمُعْتَمِدِ، وَهُوَ أَخُو أَحْمَدَ بنِ المُدَبِّرِ، وَمُحَمَّدٍ.
حَكَى عَنْهُ: عَلِيٌّ الأَخْفشُ وَجَعْفَرُ بنُ قُدَامَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الصُّوْلِيُّ، وَغَيْرُهُم.
وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ كُتَّابِ التَّرَسُّلِ يُقَارِبُهُ في فنه، وتوسعه ولم يزل عالي المَكَانَةِ إِلَى أَنْ نُدِبَ إِلَى الوِزَارَةِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ فَاسْتُعفِيَ لِكَثْرَةِ المُطَالَبَةِ بِالمَالِ.
وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَةِ كَثِيْرَ البَذْلِ، وَفِيْهِ يقول أبو هفان:
يابن المُدَبِّرِ أَنْتَ عَلَّمْتَ الوَرَى ... بَذْلَ النَّوَالِ وَهُمْ بِهِ بُخَلاَءُ
لَوْ كَانَ مِثْلَكَ فِي البَرِيَّةِ وَاحِدٌ ... فِي الجُوْدِ لَمْ يَكُ فِيهِمُ فَقُرَاءُ
وَلَهُ أَخْبَارٌ طَوِيْلَةٌ فِي "تَارِيْخِ" ابْنِ النَّجَّارِ.
مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ أَخُوْهُ أَحْمَدُ بنُ المُدَبِّرِ، أَبُو الحَسَنِ الكَاتِبُ السَّامَرِّيُّ سنة سَبْعِيْنَ قَبْلَهُ. وَكَانَ وَلِيَ مسَاحَةَ الشَّامِ لِلمُتَوَكِّلِ، وَكَانَ بَلِيْغاً مُتَرَسِّلاً صَاحِبَ فُنُوْنٍ يَصْلُحُ لِلقْضَاءِ وَلِلبُحْتُرِيِّ فِيْهِ مَدَائِحُ.
ثُمَّ وَلِيَ خَرَاجَ مِصْرَ مَعَ دِمَشْقَ. ثُمَّ قَبَضَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ طُولُوْنَ، وَسَجَنَهُ وَعَذَّبَهُ ثُمَّ طَلَبَهُ، وَقَالَ: كَيْفَ حَالُكَ فَقَالَ: أَخَذَكَ اللهُ مِنْ مَأْمَنِكَ يَا عَدُوَّ اللهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ وَقِيْلَ: بَلْ هَلَكَ فِي السِّجْنِ.
وَلإِبْرَاهِيْمَ أَخْبَارٌ مَعَ عُرَيْبٍ المُغَنِّيَةِ، فِي تَعَشُّقِهِ لَهَا وَأَنَّهَا بَعْدَ أَنْ عَجَزَتْ زَارَتْهُ يَوْماً فِي جَوَارِيهَا فَوَصَلَهَا بِنَحْوٍ مِنْ ألفي دينار ذلك اليوم.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "22/ 151"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "1/ 226"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "1/ 45"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 107".(10/285)
2280- السُّكَّري 1:
العَلاَّمَةُ، البَارِعُ، شَيْخُ الأَدبِ، أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ العلاء بن أبي صفرة بن الأَمِيْرِ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ، المُهَلَّبِيُّ، السُّكَّرِيُّ النَّحْوِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ مَعِيْن وَجَمَاعَةٍ.
وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ أَبِي حاتم السجستاني، والرياشي، وعمر بن شبة.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَكِيْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ التَّارِيْخِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً دَيِّناً صَادِقاً يُقْرِئُ القُرْآنَ، وَانْتَشَرَ عَنْهُ شَيْءٌ كَثِيْرٌ مِنْ كُتُبِ الأَدَبِ.
لَهُ كِتَابُ "الوُحُوشِ" وَكِتَابُ "النَّبَاتِ".
وَكَانَ عَجَباً فِي مَعْرِفَةِ أَشْعَارِ العَرَبِ، أَلَّفَ لِجَمَاعَةٍ مِنْهُم دَوَاوينَ، فَجَمَعَ شِعْرَ أَبِي نُوَاسٍ وَشَرَحَهُ فِي ثَلاَثِ مُجَلَّدَاتٍ، وَدَوَّنَ شِعْرَ امرِئِ القَيْسِ، وَشِعْرَ النَّابِغَتَيْنِ وَ"دِيْوَانَ قَيْسِ بنِ الخَطِيمِ"، وَ"دِيْوَانَ تَمِيْمٍ" وَ"دِيوَانَ هُذَيْلٍ"، وَ"دِيوَانَ الأَعشَى"، وَ"دِيوَانَ زُهَيْرٍ" وَ"دِيوَانَ الأَخْطَلِ" وَ"دِيوَانَ هُدْبَةَ بنِ خَشْرَمٍ"، وَأَشْيَاء سِوَى ذَلِكَ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 296"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 97"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "8/ 94"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 502".(10/286)
2281- سليمان بن وهب 1:
ابن سعيد بن عمرو بن حصين: الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو أَيُّوْبَ الحَارِثِيُّ الكَاتِبُ.
مَوْلِدُهُ بسواد واسط.
وَتَأَدَّبَ فِي صِغَرِهِ، وَكَتَبَ لِلْمَأْمُوْنِ، وَهُوَ حَدَثٌ. وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَيَّامُ، إِلَى أَنْ وَزَرَ لِلمُهْتَدِي سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، ثُمَّ وَزَرَ بَعْدُ فِي سَنَةِ "263" لِلْمُعْتَمِدِ فَعُزِلَ بَعْدَ سَنَة.
وَهُوَ أَخُو الحَسَنِ بنِ وَهْبٍ وَكَانَ جَدُّهُمَا سَعِيْدٌ نَصْرَانِيّاً يَكْتُبُ فِي دَوَاوِينِ الخَرَاجِ ثُمَّ اسْتَخْدَمَ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، وَهْباً وَنَوَّهَ بِذِكْرِهِ، وَوَلاَّهُ نَظَرَ فَارِسٍ فَوُلِدَ سُلَيْمَانُ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَةٍ وأخوه أسن منه. وسمع: سليمان حديثًا كبيرًا، وَكَتَبَ المَنْسُوْبَ.
قَالَ حُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الكَاتِبُ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ: اطَّلَعَ أَبُو تَمَّامٍ وَأَنَا أَكْتُبُ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا أَيُّوْبَ كَلاَمُكَ ذَوَّبَ شِعرِي.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ أحمد بن أبي داود: كلنا فِي مَجْلِسِ المُهْتَدِي بِاللهِ فَدَفَعَ إِلَى سُلَيْمَانَ بنِ وَهْبٍ كِتَاباً وَقَالَ: أَجِبْ عَنْهُ فَلَمَّا قَامَ قَالَ المُهْتَدِي: مَا فِي صِنَاعَتِهِ لَهُ نَظِيرٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُفْسِدُ نَفْسَهُ بِشَرَهٍ فِيْهِ عَلَى المَالِ.
وفِي "تَارِيخِ الوُزَرَاءِ" لأَبِي عَبْدِ اللهِ الجَهْشِيَارِيِّ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ حَسَنَ الخُلُقِ كَرِيْمَ الطَّبْعِ لَيِّنَ العِشْرَةِ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ الفُرَاتِ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ وَهْبٍ أَكْتَبَ خَلْقِ اللهِ يَداً وَلِسَاناً.
قُلْتُ: إلَّا أَنَّهُ قَلِيْلُ الخَيْرِ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ بنِ الخَصِيبِ أَنَّهُ رَآهُ يَقْرَأُ فِي مُصْحَفٍ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَة} [الشورى: 20] . فَقَالَ: اللَّهُمَّ! ائتِنِي حَرْثِي فِي الدُّنْيَا وَلاَ تَجْعَلْ لِي فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيْبٍ. فَأُجِيْبَ دُعَاؤُهُ.
وَقَالَ مُحْرِزٌ الكَاتِبُ: كَانَ لِسُيلمَانَ غُلاَمٌ يُحِبُّهُ فَاسْتُهْتِرَ بِهِ فَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَأَبْعَدَهُ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: نَكَبَهُ المُوَفَّقُ وَصَادَرَهُ فَلَمْ يُوْجَدْ مَعَهُ مَا ظَنَّ فِيْهِ وَجَرَتْ لَهُ بَعْدُ نَكَبَاتٌ فَمَاتَ مَحْبُوساً فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ فِي وِزَارَةِ صَاعِدِ بنِ مَخْلَدٍ.
وَهُوَ وَالِدُ الوَزِيْرِ عُبَيْدِ اللهِ وَجَدُّ الوَزِيْرِ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ وَأَبُو جَدِّ الوَزِيْرِ الحسين.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "23/ 3-18"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 86"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 277"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 37".(10/287)
2282- الخبيث 1:
هُوَ طَاغيَةُ الزِّنْجِ، عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَبْدِيُّ، مِنْ عَبْدِ القَيْسِ.
افْتَرَى وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ العَلَوِيِّ، وَكَانَ مُنَجِّماً طرقِيّاً ذَكِيّاً حَرُورِيّاً مَاكِراً دَاهِيَةً مُنْحَلاًّ عَلَى رَأْي فَجَرَةِ الخَوَارِجِ يَتَسَتَّرُ بِالانْتِمَاءِ إِلَيْهِم، وَإِلاَّ فَالرَّجُلُ دَهْرِيٌّ فَيْلَسُوفٌ زِنْدِيْقٌ.
ظَهَرَ بِالبَصْرَةِ، وَاسْتغوَى عَبِيْدَ النَّاسِ، وَأَوبَاشَهُم فَتَجَمَّعَ لَهُ كُلُّ لِصٍّ، وَمُرِيْبٍ وَكَثُرُوا فَشَدَّ بِهِم أَهْلِ البَصْرَةِ، وَتَمَّ لَهُ ذَلِكَ وَاسْتبَاحُوا البَلَدَ، واسترقوا الذرية، ومكوا فنتدب لِحَرْبِهِم عَسْكَرُ المُعْتَمِدِ فَالْتَقَى الفَرِيقَانِ، وَانْتَصَرَ الخَبِيْثُ، واستفحل بلاءه، وَطَوَى البِلاَدَ وَأَبَادَ العِبَادَ وَكَادَ أَنْ يَمْلِكَ بَغْدَادَ، وَجَرَتْ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الجَيْشِ عِدَّةُ مَصَافَّاتٍ، وَأَنْشَأَ مَدِينَةً سَمَّاهَا: المُخْتَارَةَ فِي غَايَةِ الحَصَانَةِ، وزاد جيشه على مئة أَلْفٍ، وَلَوْلاَ زَنْدَقَتُهُ وَمُرُوْقُهُ لاَسْتَوْلَى عَلَى المَمَالِكِ.
وَقَدْ سُقْتُ مِنْ فِتْنَتِهِ فِي دَوْلَةِ المُعْتَمِدِ، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ نِفْطَوَيْه: كَانَ أَوَّلاً بِوَاسِطَ، وَرُبَّمَا كَتَبَ العُوَذَ فَأَخَذَهُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَوْنٍ فَحَبَسَهُ ثُمَّ أَطْلَقَهُ فَمَا لَبِثَ أَنْ خَرَجَ، وَاسْتَغْوَى الزِّنْجَ يَعْنِي: عَبِيْدَ النَّاسِ وَالَّذِيْنَ يَكْسَحُوْنَ وَيَزْبِلُوْنَ فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ مَا صَارَ، وَخَافَتْهُ الخُلَفَاءُ ثُمَّ أَظْفَرَهُمُ اللهُ بِهِ بَعْدَ حُرُوبٍ تُشَيِّبُ النَّوَاصِي.
وَقُتِلَ ولله الحمد في سنة سبعين ومئتين فِي صَفَرٍ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
وَلَوْ أَفْرَدْتُ أَخْبَارَهُ وَوقَائِعَهُ لَبَلَغْتُ مُجَلَّداً وَكَانَ مُفْرِطَ الشجاعة جَرِيّاً دَاهِيَةً قَدِ اسْتَوْعَبَ ابْنُ النَّجَّارِ سِيْرَتَهُ.
رُئِيَ أَبُوْهُ أَنَّهُ بَالَ فِي مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَوْلَةً أَحْرَقَتْ نِصْفَ الدُّنْيَا.
وكَانَتْ أُمُّ الخَبِيْثِ تَقُوْلُ: لَمْ يَدَعِ ابْنِي أَحَداً عِنْدَهُ عِلْمٌ بِالرَّيِّ حَتَّى خَالَطَهُم ثُمَّ خَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ فَغَابَ عَنِّي سَنَتَيْنِ، وَجَاءَ ثُمَّ غَابَ عَنِّي غَيْبَتَهُ الَّتِي خَرَجَ فِيْهَا فَوَرَدَ عَلَيَّ كِتَابُهُ مِنَ البَصْرَةِ وَبَعَثَ إِليَّ بِمَالٍ فَلَمْ أَقْبَلْهُ لِمَا صَحَّ عِنْدِي مِنْ سَفْكِهِ لِلدِّمَاءِ، وَخَرَابِهِ لِلْمُدُنِ.
قُلْتُ: وَكَانَ أَبُوْهُ دَاهِيَةً شَيطَاناً كَوَلَدِهِ فَقَالَ عَلِيٌّ: مَرِضْتُ وَأَنَا غُلاَمٌ فَجَلَسَ أَبِي يَعُودُنِي وَقَالَ لأُمِّي: مَا خَبَرُهُ قَالَتْ: يَمُوتُ قَالَ: فَإِذَا مَاتَ مَنْ يَخْرِبُ البَصْرَةَ قَالَ: فَبَقِيَ ذَاكَ في قلبي.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 155".(10/288)
وَقِيْلَ: مَاتَ أَبُوْهُ بِسَامَرَّاءَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَقَالَ عَلِيٌّ الشِّعْرَ وَمَدَحَ بِهِ، وَصَارَ كَاتِباً وَدَخَلَ فِي ادِّعَاءِ الإِمَامَةِ، وَعِلْمِ المُغَيَّبَاتِ، وَخَافَ فَنَزَحَ مِنْ سَامَرَّاءَ إِلَى الرَّيِّ لِمِيرَاثٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
قُلْتُ: بَعْدَ مَصْرَعِ المُتَوَكِّلِ، وَابْنِهِ وَأُولَئِكَ الخُلَفَاءِ المُسْتَضْعَفِيْنَ المَقْتُولِيْنَ نَقَضَ أَمْرُ الخِلاَفَةِ جِدّاً، وَطَمِعَ كُلُّ شَيطَانٍ فِي التَّوثُّبِ، وَخَرَجَ الصَّفَّارُ بِخُرَاسَانَ وَاتَّسَعَتْ مَمَالِكُهُ وَخَرَجَ هَذَا الخَبِيْثُ بِالبَصْرَةِ وَفَعَلَ مَا فَعَلَ وَهَاجَتِ الرُّوْمُ، وَعَظُمَ الخَطْبُ.
ثمَّ بَعْدَ سَنَواتٍ ثَارَتِ القرامطة، والأعراب وظهر بالمغرب عبيد اللهِ المُلَقَّبُ بِالمَهْدِيِّ، وَتَمَلَّكَ ثُمَّ دَامت الدَّوْلَةُ فِي ذُرِّيَّةِ البَاطِنِيَّةِ إِلَى دَوْلَةِ نُوْرِ الدِّيْنِ رَحِمَهُ اللهُ.
فَادَّعَى بَعْدَ الخَمْسِيْنَ هَذَا الخَبِيْثُ بِهَجَرَ أَنَّهُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بن حسين زيد عَبْد اللهِ بنِ عَبَّاسِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَمَالَ إِلَيْهِ رَئِيْسُ هَجَرَ، وَنَابَذَهُ قَوْمٌ فَاقْتَتَلُوا فَتَحَوَّلَ إِلَى الأَحسَاءِ، وَاعْتَصَمَ بِبَنِي الشَّمَّاسِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ البَحْرَيْنِ لِغَبَاوَةِ أَهْلِهَا، وَرَوَاجِ المَخَارِيْقِ عَلَيْهِم فَحَلَّ مِنْهُم مَحَلَّ نَبِيٍّ، وَصَدَّقُوهُ بِمرَّةٍ ثُمَّ تَنَكَّرُوا لَهُ لدبرِهِ فَشَخَصَ إِلَى البَادِيَةِ يَسْتَغْوِي الأَعَارِيْبَ بِنُفُوْذِ حِيَلِهِ، وَشَعْوَذَتِهِ، وَاعتَقَدُوا فِيْهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَجَعَلَ يُغِيْرُ عَلَى النَّوَاحِي ثُمَّ تَمَّتْ لَهُ، وَقعَةٌ كَبِيْرَةٌ هُزِمَ فِيْهَا وَقُتِلَ كُبَرَاءُ أَتْبَاعِهِ، وَكَرِهَتْهُ العَرَبُ فَقَصَدَ البَصْرَةَ فَنَزَلَ فِي بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَالتَفَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَطَمِعَ فِي مَيْلِ البَصْرِيِّينَ إِلَيْهِ فَأَمَرَ أَرْبَعَةً فَدَخَلُوا الجَامعَ يَدْعُونَهُم إِلَى طَاعَتِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ بَلْ وَثَبَ الجُنْدُ إِلَيْهِم فَهَرَبَ، وَأُخِذَ أَتْبَاعُهُ وَابْنُهُ الكَبِيْرُ وَأُمُّهُ، وَبِنْتُهُ فَحُبِسُوا.
وَذَهَبَ إِلَى بَغْدَادَ فَأَقَامَ سَنَةً يَسْتَغوِي النَّاسَ وَيُضِلُّهُم فَاسْتمَالَ عِدَّةً مِنَ الحَاكَةِ بِمخَارِيقِهِ، وَالجَهَلَةُ أَسْبَقُ شَيْءٍ إِلَى أَربَابِ الأَحْوَالِ الشَّيطَانِيَّةِ، وَمَاتَ مُتَوَلِّي البَصْرَةِ وَهَاجَتِ الأَعرَابُ بِهَا، وَفَتَحُوا السُّجُونَ فَتَخَلَّصَ قَوْمُهُ فَبَادَرَ إِلَى البَصْرَةِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ وَاسْتجَابَ لَهُ عَبِيْدٌ زُنُوجٌ لِلنَّاسِ فَأَفْسَدَهُم، وَجَسَّرَهُم وَعَمَدَ إِلَى جَرِيْدَةٍ فَكَتَبَ عَلَى خِرْقَةٍ عَلَيْهَا {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة} [التَّوبَة: 111] وَكَتَبَ اسْمَهُ وَخَرَجَ بِهِم فِي السَّحَرِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ رَمَضَانَ فِي أَلْفِ نَفْسٍ فَخَطَبَهُم، وَقَالَ: أَنْتُم الأُمَرَاءُ وَسَتَمْلِكُونَ، وَوَعَدَهُم وَمَنَّاهُم ثُمَّ طَلَبَ أُسْتَاذِيْهِم وَقَالَ أَرَدْتُ ضَرْبَ أَعنَاقِكُم لأَذِيَّتِكُم لِهَؤُلاَءِ الغِلْمَانِ قَالُوا: هَؤُلاَءِ أَبَقُوا وَلاَ يُبقُوْنَ عَلَيْكَ، وَلاَ عَلَيْنَا فَأَمَرَ غِلْمَانَهُم فَبَطَحُوهُم، وَضَرَبُوا كُلَّ وَاحِدٍ خَمْسَ مائَةٍ، وَحَلَّفَهُم بِالطَّلاَق أَنْ لاَ يُعْلِمُوا أَحَداً بِمَوْضِعِهِ.(10/289)
وَقِيْلَ: كَانَ ثَمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفِ عَبْدٍ يَعْمَلُوْنَ فِي أَمْوَالِ مَوَالِيْهِم، فَأَنْذَرُوا سَادَاتِهِم بِمَا جَرَى فَقَيَّدُوهُم فَأَقْبَلَ حِزْبُهُ فَكَسَرُوا قُيْودَهُم، وَضَمُّوهُم إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الفِطْرِ رَكَزَ عَلَمَهُ، وَصَلَّى بِهِمُ العِيْدَ، وَخَطَبَهُم، وَأَعْلَمَهُم أَنَّ اللهَ يُرِيْدُ أَنْ يُمَكِّنَ لَهُم وَيُمَلِّكَهُم، وَحَلَفَ لَهُم عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى بِهِم.
ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَنْهَبُ، وَيُغِيْرُ وَيَكْثُرُ جَمْعُهُ مِنْ كُلِّ مَائِقٍ1، وَقَاطِعِ طَرِيْقٍ حَتَّى اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ، وَعَظُمَتْ فِتْنَتُهُ وَغَنِمَ الخُيُولَ، وَالسِّلاَحَ وَالأَمْتعَةَ، وَالأَمْوَالَ، وَالموَاشِي وَصَارَ مِنَ المُلُوكِ، وَصَارَ كُلَّمَا حَارَبَهُ عسكر، وأنهزموا فر إليه غلمان فَحَشَدَ لَهُ أَهْلُ البَصْرَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ مِنَ العَامِ، وَالْتَقَوا فَهَزَمَهُم، وَقَتَلَ مِنْهُم مَقْتَلَةً، وَوَقَعَ رُعْبُهُ فِي النُّفُوْسِ فَوَجَّهَ الخَلِيْفَةُ جَيْشاً فَمَا نَفَعُوا.
ثمَّ أَوْقَعَ بِأَهْلِ الأُبُلَّةِ2 فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَحْرَقَهَا فَسَلَّمَ أَهْلُ عَبَّادَانِ3 بِأَيدِيهِم، وَسَالَمُوهُ فَأَخَذَ عَبِيْدَهُم وَسِلاَحَهُم.
ثمَّ أَخَذَ الأَهْوَازَ فَخَافَهُ أَهْلُ البَصْرَةِ، وَانْجَفَلُوا فَأَخَذَهَا بِالسَّيْفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَقتَ صَلاَةِ الجُمُعَةِ وَهَرَبَ جُنْدُهَا فَأَحْرَقَ الجَامعَ بِمَنْ حَوَى، وَلَمْ تَزَلِ الحَرْبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُوَفَّقِ سِجَالاً.
وَاسْتَبَاحَ وَاسِطَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَحَصَلَ لِلْخَبِيْثِ جَوَاهِرُ، وَأَمْوَالٌ فَاسْتَأْثَرَ بِهَا فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ المُتَقَشِّفُوْنَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَذَكَرُوا لَهُ سِيْرَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: لَيْسَ فِيْهِمَا قُدْوَةٌ.
وَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ عَبْدُ اللهِ المَذْكُوْرِ فِي: {قُلْ أُوحِي} [الجِنُّ: 1] وَزَعَم أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَمْتَازُ عَلَيْهِ إلَّا بِالنُّبُوَّةِ.
وَزَعَمَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي المَهْدِ صِيْحَ بِهِ: يَا عَلِيُّ فَقَالَ: يَا لَبَّيْكَ.
وَكَانَ يَجْمَعُ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى يَسْأَلُهُم عَمَّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ مِنْ ذكره، وهم يسخرون منه ويقرءون لَهُ فُصُولاً فَيَدَّعِي أَنَّهَا فِيْهِ، وَزَادَ مِنَ الإِفْكِ فَنَفَرَتْ مِنْهُ قُلُوْبُ خَلْقٍ مِنْ أَتْبَاعِهِ ومقتوه.
__________
1 المائق: الحاقد.
2 الابلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان".
3 عبادان: موضع تحت البصرة قرب البحر المالح قاله ياقوت في "معجم البلدان".(10/290)
الطبقة السادسة عشرة:
2425- الكَجِّي 1:
الشَّيْخ، الإِمَام، الحَافِظ المُعَمَّر شَيْخ الْعَصْر أَبُو مسلم إبراهيم بن عبد الله بنِ مُسْلِم بنِ مَاعز بن مُهَاجر البَصْرِيّ الكَجِّيّ صَاحِب السُّنَن.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ ومائة.
وَسَمِعَ فِي الحدَاثَة مِنْ: أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْل ومحمد بن عبد الله الأَنْصَارِيّ وَمُعَاذ بن عوذ الله وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن حَمَّادٍ الشُّعَيْثِي وَعَبْد المَلِك بن قَرِيْب الأَصْمَعِيّ وَسَعِيْد بن سَلاَّمٍ العَطَّار وَأَبِي زَيْدٍ سَعِيْد بن أَوس الأَنْصَارِيّ وَبدل بن المُحَبَّر ومسلم بن إبراهيم وعبد الله بن رجاء وَحَجَّاج بن نُصَيْر وَأَبِي الوَلِيْدِ وَحَجَّاج بن منهال وأبي عمر الضَّرير وَسُلَيْمَان بن دَاوُد الهَاشِمِيّ وَعُثْمَان بن الهَيْثَم المُؤَذِّن وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعِنْدَهُ عِدَّة أَحَادِيْث ثلاَثيَّة السَّند.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ وَفَاروق الخطَّابِي وَحَبيب القَزَّاز وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ وَالحَسَن بن سَعْد القُرْطُبِيّ وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال وَأَحْمَد بن طَاهِرٍ المِيَانجِي وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرهُ.
وَكَانَ سَرِيّاً نبيلاً متمولاً عَالِماً بِالحَدِيْثِ وَطُرقه عَالِي الإِسْنَاد قَدِمَ بَغْدَاد وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِي: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيّ أَملَى عَلَيْنَا فِي رَحْبَة غَسَّان وَكَانَ فِي مَجْلِسه سَبْعَةُ مُسْتَمْلِين يُبَلِّغ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُم صَاحِبَه الَّذِي يَلِيهِ وَكَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ قيَاماً ثُمَّ مُسِحَتِ الرَّحْبَة وَحُسِبَ مَن حَضَرَه بِمِحْبَرَة فَبَلَغَ ذَلِكَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ أَلف مِحبرَة سِوَى النَّظَّارَة.
إِسنَادهَا صَحِيْح سَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ مِنْ بُشرَى الفَاتِنِي قَالَ: سَمِعْتُ الخُتُّلِيّ يقول ذلك.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 120"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 647"، والعبر "2/ 92"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 29"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 210".(10/456)
وَقَالَ غُنْجَارُ فِي "تَارِيْخ بُخَارَى": أَخْبَرَنَا أَبُو نصر أحمد بن محمد: سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الطبسِي يَقُوْلُ: كُنَّا بِبَغْدَادَ، وَمَعَنَا عَبْد اللهِ مستملِي صَالِح جَزَرَة فَقِيْلَ لأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيّ: هَذَا مستملِي صَالِح قَالَ: وَمن صَالِح فَقِيْلَ: صَالِح الجَزَرِيّ قَالَ: وَيْحَكم مَا أَهونَه عندكُم إلَّا تَقُوْلُ: سَيِّد المُسْلِمِيْنَ، وَكُنَّا فِي أُخريَات النَّاس فَقَدمنَا فَقَالَ كَيْفَ أَخِي، وَكبيرِي مَا تريدُوْنَ فَقُلْنَا: أَحَادِيْث مُحَمَّد بن عَرْعَرَةَ، وَحكَايَات الأَصْمَعِيّ فَأَملَى عَلَيْنَا عَنْ ظهر قلب، وَكَانَ ضَرِيْراً مَخْضُوب اللِّحْيَة.
عَنْ فَاروق الخطَابِي قَالَ: لَمَّا فرغنَا مِن السُّنَن عَلَى الكَجِّيّ عَمل لَنَا مأَدُبَة أَنفق عَلَيْهَا أَلف دِيْنَار، وَقَدْ مدح الكَجِّيّ أَبُو عبَادَة البحترِي فَأَجَازَهُ بِمَالٍ، وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا حَدَّثَ تصدَّق بِعَشْرَةِ آلاَف دِرْهَم شكراً للهِ.
مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي سَابع المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَنُقِل إِلَى البَصْرَة، وَدُفِنَ بِهَا وقد قارب المائة رحمه الله.(10/457)
2426- بكر بن سَهْل 1:
ابْن إِسْمَاعِيْل بن نَافِعٍ: الإِمَام، المُحَدِّث، أَبُو محمد الهاشمي مولاهم الدمياطي المفسر المقرئ.
ولد سنة ست وتسعين ومائة.
وسمع: نعيم بن حماد وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الله بن صَالِحٍ، كَاتب اللَّيْث، وَسُلَيْمَان بن أَبِي كريمة، وشعيب ين يَحْيَى، وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ الرُّعَيْنِيّ، وَصَفْوَان بن صَالِحٍ، وَطَائِفَةً وَتلاَ عَلَى تَلاَمِذَة، وَرْش.
قرأَ عَلَيْهِ: أَبُو الحَسَن بن شَنَبُوْذَ وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى الأَنْدَلُسِيّ.
وَحَمَلَ عَنْهُ أَحْمَد بن يَعْقُوْبَ التائب الحروف، وإبراهيم بن عبد الرزاق فِي كِتَابِهِ إِليهُمَا.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَأَحْمَد بن عُتْبَةَ الرَّازِيّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العسَّال، وَأَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ أَسمر، رَبْعَة، كَبِيْر الأُذُنَيْن.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كَانُوا قَدْ جمعُوا لَهُ بِالرَّملَة خَمْس مئَة دِيْنَار ليقرأَ لَهُم التَّفْسِيْر فَامْتَنَعَ وَقَدِمَ بَيْت المَقْدِس فجمعَ لَهُ مِنْهَا، وَمن الرملَة أَلف دِيْنَار فَقَرَأَ عَلَيْهِم الكِتَاب وَمَاتَ فِي هَذِهِ السّنَة أَي سَنَة سَبْعٍ، وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْف.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بن يُوْنُسَ: مَاتَ بدمِيَاط فِي رَبِيْع الأَوَّلِ سَنَة تسع وثمانين ومائتين.
قلت: هذا أصح.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ القَبَّاب: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ بن شَنَبُوذَ سَمِعْتُ بَكْر بن سَهْل الدِّمْيَاطي يَقُوْلُ: هَجَّرْت أَي بَكرت يَوْم الجُمُعَة فَقَرَأْتُ إِلَى العَصْر ثَمَان ختمَات حَكَاهُ يَحْيَى بن منده في "تاريخه".
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ 345"، ولسان الميزان "2/ 51"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 201".(10/457)
2427- الحسين بن فَهْم 1:
هُوَ: الحَافِظُ العَلاَّمَةُ النَسَّابَةُ الأَخْبَارِي أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْن بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ فَهْمٍ بن مُحْرِزٍ البَغْدَادِيّ.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَلاَّم الجُمَحِيّ، وَخَلف هِشَام، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّد بن سَعْدٍ الكَاتِب وَلَزِمه، وَأَكْثَر عنه ومحرز بن عون، ومصعب بن عبد الله، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَطَبَقَتِهِم، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مَعْرُوف الخَشَّاب، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَإِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الطُّومَارِي، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ لَهُ جلسَاء مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يذَاكرُهُم لكنَّه عَسِرٌ فِي الرِّوَايَة.
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ الخُطَبِيّ: مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تسع وثمانين ومائتين.
وَقَالَ ابْنُ كَامِلٍ القَاضِي: كَانَ حَسَنَ المَجْلِس مُفَنَّناً فِي العُلوم كَثِيْر الحِفْظِ لِلْحَدِيْثِ مُسْنَدِه وَمقطوعِه وَلأَصنَافِ الأَخْبَار وَالنَّسَب وَالشِّعر وَالمعْرِفَة بِالرِّجَال فَصِيْحاً متوسطاً فِي الفِقْهِ، يمِيل إِلَى مَذْهَب العِرَاقِيِّين، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: صحبتُ يَحْيَى بن مَعِيْنٍ فَأَخَذْتُ عَنْهُ مَعْرِفَة الرِّجَال، وَصحبتُ مُصْعَباً فَأَخذت عن النَّسَب، وَصحبتُ أَبَا خَيْثَمَةَ فَأَخَذْتُ عَنْهُ المُسْنَد، وصحبت سجادة فأخذت عنه الفقه.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 92"، والمنتظم "6/ 36"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 701"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 201".(10/458)
2428- الصائغ 1:
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ المَكِّيُّ الصَّائِغُ.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَخَالِد بن يَزِيْدَ العُمَرِيّ، وَحَفْص بن عُمَرَ الحَوْضي، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَمُحَمَّد بن مُعَاوِيَةَ، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّد بن بِشْرٍ التِّنِّيْسِيّ، وَأَحْمَد بن شَبِيْبٍ، وَحَفْص بن عُمَرَ الجُدِّي، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِب، وَعِدَّة مَعَ الصِّدْق، وَالفَهْم وَسَعَة الرِّوَايَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: دَعْلَج بن أَحْمَدَ، وَأَبُو أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الفَاكهِي، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْقٌ كثير من الرحالين.
أَرَّخ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ وَفَاته سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَالصَّوَاب: وَفَاته بِمَكَّةَ فِي ذِي القعدة سنة إحدى وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 659"، والعبر "2/ 90"، وشذرات الذهب "2/ 209".(10/459)
2429- ماغَمَّه 1:
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيّ البَغْدَادِيّ عَلاَّن، وَيُلَقَّبُ أَيْضاً: مَاغَمَّه وَمَاغَمَّهَا.
سَمِعَ: مَسْرُوْق بن المَرْزُبَان، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَأَبَا مَعْمَرٍ الهُذَلِيّ، وَالجَرَّاح بن مَخْلَدٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَعَبْد البَاقِي بن قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَه أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 28"، واللباب لابن الأثير "2/ 367"، والعبر "2/ 83"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 201".(10/459)
2430- ابن بَشَّار 1:
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو القَاسِمِ عُثْمَان بن سَعِيْدِ بنِ بَشَّار البَغْدَادِيّ، الفَقِيْه الأَنمَاطي الأَحْوَل.
ارْتَحَلَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى المُزَنِيّ، وَالرَّبِيْع المُرَادِيّ، وروى عنهما.
وَيَعِزُّ وَقوعُ شَيْء مِنْ حَدِيْثِهِ لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَوَان الرِّوَايَة.
وَعَلِيهِ تَفَقَّهَ أَبُو العَبَّاسِ بن سُرَيْج، وَغَيْرهُ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: هُوَ كَانَ السَّبَب فِي نَشَاط النَّاس بِبَغْدَادَ لكتب فَقه الشَّافِعِيّ، وَتحفُّظِه.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سنة ثمان وثمانين ومائتين ببغداد.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 292"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 409"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 198".(10/460)
2431- ابن أبي عاصم 1:
حَافظٌ كَبِيْرٌ إِمَامٌ بارعٌ، مُتَّبعٌ للآثَار كَثِيْرُ التَّصَانِيْف.
قَدِمَ أَصْبَهَان عَلَى قَضَائِهَا، وَنَشَرَ بِهَا عِلمه.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كَانَ مِنَ الصِّيَانَة وَالعِفَّة بِمَحَلٍّ عَجِيْب.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مروديه: حَافظٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ صَنَّفَ المُسْنَد، وَالكُتُب.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ النَّسَوِي: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ وَهُوَ: أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ الضَّحَّاكِ بن مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيّ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ مِنْ صُوفيَة المَسْجَد مِنْ أَهْلِ السُّنَّة، وَالحَدِيْث وَالنُّسك وَالأَمْر بِالمَعْرُوف وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر صَحِبَ النُّسَّاك مِنْهُم: أَبُو تُرَاب وَسَافَرَ مَعَهُ، وَكَانَ مَذْهَبَه القول بالظاهر، وكان ثقة نبيلًا معمرًا.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ فَقِيْهاً ظَاهِرِي المذهب.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 120"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 663"، والعبر "2/ 79"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 269"، ولسان الميزان "6/ 349"، وشذرات الذهب "2/ 195".(10/460)
في هَذَا نَظَرَ، فَإِنَّهُ صَنَّفَ كِتَاباً عَلَى دَاوُدَ الظَّاهِرِي أَرْبَعِيْنَ خبراً ثَابِتَة، مِمَّا نفَى دَاوُد صحتها.
قالت بنته عاتكة: ولد أبي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ حَتَّى صَارَ لَى سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَذَلِكَ أَنِّي تعبَّدْتُ، وَأَنَا صَبِيّ فسأَلنِي إِنسَان عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ أَحفظه فَقَالَ لِي: ابْن أَبِي عَاصِمٍ لاَ تحفظ حَدِيْثاً فَاسْتَأَذنتُ أَبِي فَأَذِن لِي فَارتحلتُ.
قُلْتُ: كَانَ يُمكنُه أَنْ يحفَظَ أَحَادِيْث يَسيرةً مِنْ جدِّه أَبِي عَاصِمٍ.
وَأُمُّهُ هِيَ: أَسْمَاء بِنْتُ الحَافِظ مُوْسَى بن إِسْمَاعِيْلَ التَّبُوْذَكِيّ فسَمِعَ: مِنْ جدِّه التَّبُوْذَكِيّ، وَمَاتَ وَالده بحِمْص عَلَى قضَائِهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ وَأَخُوْهُ عُثْمَان بن عَمْرِو بنِ أَبِي عاصم من كبار العلماء.
قال ابن عبد كويه: سَمِعْتُ عَاتِكَة بِنْتَ أَحْمَد تَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: جَاءَ أَخِي عُثْمَان عهدُه بِالقَضَاء عَلَى سَامَرَّاء فَقَالَ: أَقْعُدُ بَيْنَ يَدَي الله تَعَالَى قاضيًا فانشقت مرارته فمات.
قال ابن عبد كويه: أَخْبَرَتْنَا عَاتِكَة: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: خَرَجتُ إِلَى مَكَّةَ مِنَ الكُوْفَةِ فَأَكَلتُ أَكْلَةً بِالكُوْفَةِ، وَالثَّانِيَة بِمَكَّةَ.
قُلْتُ: إِسنَادُهَا صَحِيْح.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ يحكِي عَنْ أَبِي عبد الله الكِسَائِيّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ -يَعْنِي ابْن أَبِي عَاصِمٍ- فَقَالَ وَاحِدٌ: أَيُّهَا القَاضِي بَلَغنَا أَن ثلاثة نفر كانوا بالبادية، وهم يقبلون الرَّمل فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُم: اللَّهُمَّ إِنَّك قَادِرٌ عَلَى أَنْ تطمعنَا خبيصاً عَلَى لُوْنَ هَذَا الرَّمل فَإِذَا هُم بِأَعْرَابِيّ بِيَدِهِ طَبَقٌ فَوَضَعَه بينهُم خبيصٌ حَارٌّ فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: قَدْ كَانَ ذَاكَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: كَانَ الثَّلاَثَة: عُثْمَان بن صَخْر الزَّاهِد، وَأَبُو تُرَاب وَابْن أَبِي عَاصِمٍ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي دَعَا.
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: صحبتُ أَبَا تُرَاب فَقَطَعُوا البَادِيَة فَلَمْ يَكُنْ زَادٌ إلَّا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ:(10/461)
رُوَيْدَكَ جَانِبْ رُكُوْبَ الهَوَى ... فَبِئْسَ المَطِيَّة للرَّاكِبِ
وَحَسْبُكَ بِاللهِ مِنْ مُؤْنِسٍ ... وَحَسْبُكَ بِاللهِ مِنْ صَاحِبِ
وَكَانَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مُجَوِّداً للقرَاءة، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أُقَدِّمُ نَافعاً فِي القِرَاءةِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ قرأَ عَلَى رَوْحِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ غَيْرِي -يَعْنِي: صَاحِب يَعْقُوْب.
ابْن مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّد بن عِيْسَى سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيّ البَزَّاز يَقُوْلُ: قَدمْتُ البَصْرَة وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ حَيّ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفقهِهِم فَقَالُوا: لَيْسَ بِالبَصْرَةِ أَفقهُ مِنْ أَحْمَد بن عمرو بن أبي عاصم.
أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ يحكِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ يَقُوْلُ: وَصَلَ إِلَيَّ مُنْذُ دَخَلْتُ إِلَى أَصْبَهَانَ مِنْ دَرَاهم القَضَاء زِيَادَة على أربع مئة أَلْف دِرْهَم لاَ يُحَاسبنِي الله يَوْمَ القِيَامَةِ أَنِّي شَرِبتُ مِنْهَا شربَة مَاء أَوْ أَكَلتُ مِنْهَا أَوْ لَبست.
وَأَورد هَذِهِ الحِكَايَة ابْن مَرْدَوَيْه فَقَالَ: أُرَى أَنِّي سَمِعتُهَا مِنْ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ.
أَبُو الشَّيْخِ: وَسَمِعْتُ ابني يحكي عن أبي عبد الله الكِسَائِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ يَقُوْلُ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمر العَلَوِيّ بِالبَصْرَةِ مَا كَانَ ذَهَبَتْ كُتُبِي فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ فَأَعدتُ عَنْ ظهر قلبِي خَمْسِيْنَ أَلف حَدِيْث كُنْت أَمُرُّ إِلَى دُكَّانَ البَقَّال فكُنْتُ أَكتبُ بضوءِ سِرَاجِه ثُمَّ تَفَكَّرْت أَنِّي لَمْ أَستَأَذن صَاحِب السِّرَاج فَذَهَبتُ إِلَى البَحْر فَغَسَلْتُه ثُمَّ أَعدتُه ثَانياً.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: فولِي القَضَاء بِأَصْبَهَانَ مُدَّة لإِبْرَاهِيْم بن أَحْمَدَ الخَطَّابِي ثُمَّ وَلِي القَضَاء بَعْد مَوْتِ صَالِح بن أَحْمَدَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ ثُمَّ بَقِيَ يُحَدِّث وَيُسْمَع: مِنْهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَكَانَ قَاضِياً ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكثرتِ الشُّهُود فِي أَيَّامِهِ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: عُزل سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَفِيف: قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: صحبتُ أَبَا تُرَاب فَكَانَ يَقُوْلُ: كم تَشْقَى لاَ يَجِيْءُ مِنْكَ إلَّا قَاضِي، وَكَانَ بَعْدمَا دَخَلَ فِي القَضَاءِ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ الصُّوْفِيَّة يَقُوْلُ: القَضَاء، وَالدَّنيَة والكلام في علم الصوفية محال.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كثرت الشُّهُود فِي أَيَّامِهِ، واستقام أمره إلى أن وقع بينه وبين عَلِيّ بن مَتَّويه وَكَانَ صديقه طول أَيَّامه فَاتَّفَقَ أَنَّهُ صَارَ إِلَى ابْنِ مَتَّويه قَوْمٌ مِنَ المرَابطين فَشَكَوا إِلَيْهِ خَرَاب الرِّباطَات، وَتَأَخر الإِجرَاء عَنْهُم فَاحتدَّ عَلِيُّ بنُ مَتَّويه فَذَكَرَ ابْن أَبِي عَاصِمٍ حَتَّى قَالَ: إِنَّهُ لاَ يحسن يُقَوِّم سُوْرَة {الْحَمْد} . فَبلغ الخَبَر ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ فَتَغَافَل عَنْهُ إِلَى أَنْ(10/462)
حَضَر الشُّهُود عِنْدَهُ فَاسْتدرَجَهم، وَقرأَ عَلَيْهِم سُوْرَة {الْحَمْد} ، فَقَوَّمهَا ثُمَّ ذكر مَا فِيْهَا مِنَ التَّفْسِيْر، وَالمعَانِي ثُمَّ أَقبل عَلَيْهِم فَقَالَ: هَلْ ارتضيْتُم؟ قَالُوا: بَلَى قَالَ: فَمَنْ زَعَمَ أَنِّي لاَ أَحسن تَقْوِيم سُوْرَة {الْحَمْد} كَيْفَ هُوَ عندكُم؟ قَالُوا: كَذَّاب، وَلَمْ يَعْرِفُوا قَصْدَهُ فَحَجَر ابْن أَبِي عَاصِمٍ عَلَى عَلِيّ بن مَتَّويه لِهَذَا السَّبَب فَمَاجَ النَّاسُ، وَاجتَمَعُوا عَلَى بَاب أبي ليلى -يعني الحارث بن عبد العزيز- وكان خليفة أخيه عمر بن عبد العزيز عَلَى الْبَلَد، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ فَأَكرهَه أَبُو لَيْلَى عَلَى فَسْخِهِ فَفَسَخَهُ ثُمَّ ضَعُفَ بَصَرُه فَوَرَدَ صرفُه.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ: سَمِعْتُ بَعْضَ مَشَايِخنَا يحكُون أَنَّهُ حكم بِحَجْرِهِ، وَوَضَعَه فِي جُوْنَتِه فَأَنفذَ إِلَيْهِ السُّلْطَان يُكْرهونه عَلَى فَسخه فَامْتَنَعَ حَتَّى مُنع مِنَ الخُرُوج إِلَى المَسْجَد أَيَّاماً فَصَبَرَ، وَكَانَتِ الرُّسُل تختَلِفُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَيَقُوْلُ: قَدْ حكمتُ بحكمٍ، وَهُوَ فِي جُوْنتِي مَخْتوم فَمَنْ أَحَبَّ إِخرَاجَ ذَلِكَ مِنْهَا فَلْيَفْعَل مِنْ دُوْنَ أَمرِي فَلَمْ يَقْدرُوا إِلَى أَنْ طُيِّب قلبُه فَأَخرَجَه، وَفسخه.
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ: وَجَدْتُ بِخَط بَعْضِ قُدمَاءِ عُلَمَاء أَصْبَهَان فِيمَا جَمع مِنْ قُضَاتهَا قَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الخَطَّابِي، وَافَى أصبهان من قِبَل المُعْتَزّ، وَكَانَ مِنْ أَهْل الأَدب وَالنَّظَر فَلَمَّا قَدِمَهَا صَادَفَ بِهَا ابْن أَبِي عَاصِمٍ فَجَعَلَه كَاتِبَه، وَعَلَيْهِ كَانَ يُعَوِّل ثُمَّ، وَافَى صَالِح بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مِنْ قَبْل المُعْتَمِد، وَانقَطَعَ القُضَاة عَنْ أَصْبَهَان مُدَّة إِلَى أَنْ، وَرَدَ كِتَاب المُعْتَمِد عَلَى ابْن أَبِي عَاصِمٍ بِتَوليتِه القَضَاء، وَكَانَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تسع وستين ومئتين فَبقي عَلَيْهَا ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَاسْتقَام أَمره إِلَى أَنْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيّ بن مَتَّويه زَاهِد البَلد قَالَ، وَولِي بَعْدَهُ القَضَاء الوليد بن أبي دواد.
أَبُو العَبَّاسِ النَّسَوِي: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بن مسلم سمعت محمد ابن خَفيف يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الحَكيمِي يَقُوْلُ: ذَكرُوا عِنْد لَيْلَى الدَّيْلَمِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي عَاصِمٍ نَاصِبِي فَبَعَثَ غُلاَماً لَهُ، وَمخلاَةً وَسَيفاً وَأَمره أَنْ يَأْتيه بِرَأْسِهِ فَجَاءَ الغُلاَم، وَأَبُو بَكْرٍ يقرأُ الحَدِيْث وَالكِتَابُ فِي يَده فَقَالَ أَمرنِي أَنْ أَحمل إِلَيْهِ رَأْسك فنَام عَلَى قَفَاهُ، وَوَضَعَ الكِتَاب الَّذِي كَانَ فِي يَده عَلَى، وَجهِه وَقَالَ: افْعَل مَا شِئْتَ فَلحقه إِنسَانٌ وَقَالَ: لاَ تَفْعل فَإِنَّ الأَمِيْرَ قَدْ نهَاكَ فقَام أَبُو بَكْرٍ، وَأَخَذَ الجُزْءَ، وَرَجَعَ إِلَى الحَدِيْث الَّذِي قَطَعَه فَتَعَجَّبَ النَّاسُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ إسحاق يقول: مات أحمد ابن عَمْرو سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ لَيْلَة الثُّلاَثَاء لخمسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ.
وَذكر عَنْ أَبِي الشَّيْخ قَالَ: حَضَرْتُ جِنَازَة أَبِي بَكْرٍ، وَشهدهَا مئتا أَلفٍ مِنْ بَيْنِ رَاكبٍ وَرَاجلٍ مَا عدَا رَجُلاً كَانَ يتولَّى القَضَاء فَحُرِمَ شُهُوْد جِنَازَته وَكَانَ يرَى رَأْي جَهْم.(10/463)
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ يحكِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الكِسَائِيّ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْن عَاصِم فِيمَا يرَى النَّائِم، كَأَنَّهُ كَانَ جَالِساً فِي مَسْجِد الجَامع، وَهُوَ يُصَلِّي كم قُعُود فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ فردَّ عَلِيَّ، وَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَحْمَد بن أَبِي عَاصِمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: يُؤنسنِي رَبِّي. قُلْتُ: يُؤنسك رَبُّكَ قَالَ: نَعَمْ فشَهقْتُ شَهْقَةً، وَانتبهتُ.
ذِكْرُ تَصَانِيْفه: جُمع جزءٌ فِيْهَا زيادة على ثلاث مئة مُصَنَّف رَوَاهَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ القَبَّاب مِنْ ذَلِكَ: "المُسْنَد الكَبِيْر" نَحْو خَمْسِيْنَ أَلف حَدِيْث، وَ"الآحَاد وَالمثَانِي" نَحْو عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث فِي الأَصنَاف "الْمُخْتَصر مِنَ المُسْنَد" نَيِّف وَعِشْرُوْنَ أَلْفاً فَذَكَرَ نَحْواً مِنْ هَذَا إِلَى أَنْ عد مائَة وَأَرْبَعِيْنَ أَلفاً وَنيفاً.
شُيوخُه: أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ وَعَمْرو بن مَرْزُوْقٍ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضِي، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَة بن خالد، ومحمد بن عبد الله بنِ نُمَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِبٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ السَّامِي، وَالحَوْطِي عَبْد الوهَّاب بن نَجْدَة، وَدُحَيْم، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْد الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَكَامِل بنِ طَلْحَةَ الجحدري، وأبو كامل الجَحْدَرِي، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ وَطَبَقَتهُم، وَيَنْزِلُ إِلَى طبقَة أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَالبُخَارِيّ، وَيكثر عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنِ كَاسِبٍ، وَهِشَام.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنتُه أُمّ الضَّحَّاك عَاتِكَة، وَأَحْمَد بن جَعْفَرِ بنِ معبد، وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ بنِ أيوب، وعبد الرحمن بن مُحَمَّدِ بنِ سِيَاهُ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ، وَأَحْمَد بن بُنْدَار الشَّعَّار، وَمُحَمَّد بن مَعْمَر بن نَاصِح، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ القَبَّاب -وَهُوَ آخر أَصْحَابه- وَفَاةً وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكِسَائِيّ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَاب "طَبَقَات النساك" له: فأما أبو بكر بن أَبِي عَاصِمٍ فَسَمِعْتُ مَنْ يذكر أَنَّهُ كَانَ يحفظ لِشقيقٍ البَلْخِيّ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ، وَكَانَ مِنْ حُفَّاظ الحَدِيْث، وَالفِقْه وَكَانَ مذْهبه القَوْلُ بِالظَّاهِر، وَنفِي القِيَاس.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّشتِي: أَخبركُم يُوْسُف الحَافِظ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الجَمَّال، "ح". وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ عَنِ الجَمَّال قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ قَالَ: أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ الضَّحَّاكِ بن مَخْلَدٍ بن مُسْلِمِ بنِ رَافِع بن رَفِيْع بن ذهل بن شَيْبَان أَبُو بَكْرٍ كَانَ فَقِيْهاً: ظَاهِرِيَّ المذْهب وَلِي القَضَاء بِأَصْبَهَانَ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً بَعْد صَالِح بن أَحْمَدَ تُوُفِّيَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ الحَكَم ... ، سَمِعَ: مِنْ جدّه لأُمِّهِ مُوْسَى بن إِسْمَاعِيْلَ كتب حَمَّاد بن سَلَمَةَ، وَمن أبي الوليد وعمرو بن مرزوق والحوضي.(10/464)
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرو بنِ أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الأَزْرَق بن عَلِيّ أَبُو الجَهْمِ، حَدَّثَنَا حَسَّان بن إِبْرَاهِيْمَ الكَرْمَانِيّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ سَعِيْدٍ المَدَنِيّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ سَنَاماً وَسَنَامُ القُرْآنِ البَقَرَةُ مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَ لَيَالٍ وَمَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ نَهَاراً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَان بَيْتَهُ ثَلاَثَة أَيَّامٍ"1.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حدثنا عبد الرحمن بن مُحَمَّدِ بنِ سِيَاهُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا هُدْبَة، حَدَّثَنَا أَبَان، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْر قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ القُرْآن يُرْفَع يَوْم القِيَامَةِ غَيْر سُوْرَة يُوْسُف، وَسورَة مَرْيَم يَتَكَلَّم بِهَا أَهْل الجَنَّة.
أَخْبَرَنَا بلاَل الحَبَشِيّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رَوَاج، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَد؛ ابْنا أَبِي القَاسِمِ السُّوْذَرْجَانِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَيلَة الفَرَضي إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا المُقَدَّمِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبّهُ الحَنَفِيّ، حَدَّثَنَا سِمَاك الحَنَفِيّ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ! مَنْ كَانَ لَهُ فَرَطَان مِنْ أُمَّتِي دَخَلَ الجَنَّةَ" قَالَتْ: يَا نَبِيّ الله! فَمَنْ كَانَ لَهُ فرط قال: "وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرْط يَا مُوَفَّقَةُ".
قَالَتْ: يَا نَبِيّ الله! فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَط مِنْ أُمَّتِك قَالَ: "أَنَا فَرَط أُمَّتِي لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِي"2.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مُحَسِّناً مُغرِباً لَهُ عَنْ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، وَزِيَاد بن يَحْيَى وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ المُرَابطي عَنْ حَبَّان جَمعياً عَنْ عبْدِ رَبِّهُ عَنْ سِمَاك بن الوَلِيْدِ أَبِي زُمَيْل الحَنَفِيّ.
وَعبد رَبِّهُ هَذَا: ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا بِهِ بَأْس.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا نَاصر بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الكَاتِب، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو الشَّيْخِ بقرَاءة أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، عَنْ عِمْرَانَ القَطَّان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَة، عَنْ سَعْدِ بنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ذُكر عِنْد رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ يُقَال لَهُ شِهَاب، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنت هشام". إسناده جيد.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن حبان "1727"، موارد، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" "2/ 6"، من طريق الأزرق بن علي أبي الجهم، حدثنا حسان بن إبراهيم، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته خالد بن سعيد المدني، قال العقيلي: لا يتابع على حديثه. وذكر الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" مستدلا به على ضعفه.
2 ضعيف: أخرجه الترمذي "1062"، وأحمد "1/ 334-335"، من طريق عبد ربه بن بارق الحنفي قال سمعت جدي أبا أمي سماك بن الوليد الحنفي يحدث أنه سمع ابن عباس يحدث، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم- يقول: فذكره.
وقال أبو عيسى في إثره: هذا حديث حَسَنٌ غَرِيْبٌ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عبد ربه بن بارق، وقد روى عنه غير واحد من الأئمة.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عبد ربه بن بارق الحنفي اليمامي. قال النسائي: ليس بالقوي وقال ابن معين: ضعيف. وقال مرة: ليس بشيء.(10/465)
2432- الحكيم 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَارِفُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ بِشْر الحَكِيْم التِّرْمِذِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَعَلِيّ بن حجر، وصالح بن عبد الله الترمذي، وعبتة ابن عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيّ، وَيَحْيَى خَتَّ، وَسُفْيَان بن وكيع، وعباد بن يعقوب الرواجين، وَطَبَقَتِهم.
وَكَانَ ذَا رحلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ وَفضَائِل.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَالحَسَن بن عَلِيٍّ، وَغيرهُمَا مِنْ مَشَايِخ نَيْسَابُوْر، فَإِنَّهُ قَدِمهَا وَحَدَّثَ بِهَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ لَقي أَبَا تُرَاب النَّخْشَبِيّ، وصحب أحمد بن خضرويه، ويحى بن الجَلاَّء.
وَلَهُ حَكَم وَمَوَاعِظ وَجَلاَلَة، لَوْلاَ هَفْوَةً بَدَت مِنْهُ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا حِمْلٌ أَثْقَلُ مِنَ البِرّ، فَمَنْ بَرَّك، فَقَدْ أَوْثَقَكَ، وَمن جَفَاك فَقَدْ أَطلقك.
وَقَالَ: كفَى بِالمَرْء عَيْباً أَنْ يَسُرَّه مَا يَضُره.
وَقَالَ: مَن جَهِل أَوْصَاف العُبُوديَّة، فَهُوَ بِنُعوت أوصاف الربانية أجهل.
وقال صلح خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ: صلاَحُ الصَّبيّ فِي المَكْتب، وَصلاَحُ الفَتَى فِي العِلْمِ، وَصلاَحُ الكَهْلِ فِي المَسْجَدِ، وَصلاَحُ المرأَة فِي البَيْتِ، وَصلاَحُ المُؤْذِي في السجن.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 564"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 668"، ولسان الميزان "5/ 308".(10/466)
وَسُئِلَ عَنِ الخَلق: فَقَالَ ضَعْفٌ ظَاهِر، وَدعوَى عريضة.
قال أبو عبد الرحمن السُّلَمِيّ: أَخرَجُوا الحَكِيْم مِنْ تِرْمِذ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالكُفْر، وَذَلِكَ بِسبب تَصنيفه كِتَاب: ختم الولاَيَة، وَكِتَاب علل الشَّرِيْعَة وَقَالُوا: إِنَّهُ يَقُوْلُ: إِنَّ للأَوْلِيَاء خَاتماً كَالأَنْبِيَاء لَهُم خَاتم، وَإِنَّهُ يُفَضِّل الوِلاَيَة عَلَى النُّبُوَّة وَاحتج بِحَدِيْث: "يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ" 1. فَقَدِمَ بَلْخ، فَقَبِلُوهُ لموَافقته لَهُم فِي المَذْهَب.
وَذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّار، فَوَهِمَ فِي قَوْله: رَوَى عَنْهُ عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ ينَال العُكْبَرِيّ. فَإِنَّ ابْن ينَال إِنَّمَا سَمِعَ: مِنْ مُحَمَّد التِّرْمِذِيّ، شَيْخٍ حدَّثهُم فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ بُنْدَار الصَّيْرَفِيّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عِيْسَى الجوْزَجَانِيّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيّ يَقُوْلُ: ما صنفت شيئًا عن تَدْبِير، وَلاَ لأَنْ يُنسب إِليَّ شَيْء مِنْهُ، وَلَكِنْ كَانَ إِذَا اشتدَّ عَلِيّ وَقتِي كُنْتُ أَتَسَلَى بِمُصَنَّفَاتِي.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: هُجِر لتَصنيفه كِتَاب: "ختم الولاَيَة"، وَ"علل الشَّرِيْعَة"، وَلَيْسَ فِيْهِ مَا يوجِبُ ذَلِكَ وَلَكِن لبعد فَهْمهُم عَنْهُ.
قُلْتُ: كَذَا تُكُلِّمَ فِي السُّلَمِيّ مِنْ أَجل تأليفه كتاب: "حقائق التفسير"، فيا ليته لَمْ يُؤلفه، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الإِشَارَات الحَلاَّجيَّة، وَالشَّطَحَات البِسْطَامِيَّة، وَتَصَوُّف الاَتحَادِيَّة فَواحُزْنَاهُ عَلَى غُرْبَة الإِسْلاَم، وَالسُّنَّة قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 135] .
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "2390" من طريق عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم الخولاني حدثني معاذ بن جبل قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "قال الله -عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء".
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأبو مسلم الخولاني اسمه عبد الله بن ثوب.(10/467)
2433- الصُّوْري:
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ، الحَسَنُ بنُ جَرِيْرٍ الصُّوْرِيّ الزَّنْبَقي البَزَّاز.
حَدَّثَ عَنْ: سَلاَّم المَدَائِنِيّ، وَقَالُوْنَ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: خَيْثَمَةُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
بقي إلى سنة ثلاث وثمانين ومائتين.(10/467)
2434- الأبَّار 1:
الحَافِظُ، المُتْقِنُ، الإِمَامُ، الرَّبَّانِيّ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ مُسْلِمٍ الأَبَّار، مِنْ عُلَمَاءِ الأثر ببغداد.
حدث عن: مُسَرْهَد، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَهُدْبَة، وَإِبْرَاهِيْم بن هِشَامٍ الغَسَّانِيّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَعَلِيّ بن عُثْمَانَ اللاَّحِقي، وشيبان بن فروخ، ودحيم، وهشام بن عَمَّار، وَطَبَقَتهِم بِالشَّامِ، وَالعِرَاق، وَخُرَاسَان.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَأَرَّخ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بن صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَجَعْفَر الخُلْدِيّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً حَافِظاً مُتْقِناً حَسَن المَذْهَب.
وَقَالَ جَعْفَرٌ الخُلْدِيّ: كَانَ الأَبَّار مِنْ أَزهد النَّاس اسْتَأَذَنَ أُمَّه فِي الرِّحْلَةِ إِلَى قُتَيْبَة فَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَخَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ ثُمَّ وَصَلَ إِلَى بَلْخ، وَقَدْ مَاتَ قُتَيْبَة فَكَانُوا يُعَزُّونَه عَلَى هَذَا فَقَالَ: هذا ثمرة العلم إني اخترت رضا الوالدة.
وَقَالَ أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ الأَبَّار يَقُوْلُ: بايعتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ عَلَى إِقَام الصَّلاَة، وَإِيتَاء الزَّكَاة وَالأَمْر بِالمَعْرُوف وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْم سَمِعْتُ الأَبَّار يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالأَهواز، فرَأَيْتُ رَجُلاً قَدْ حَفَّ شَارِبه -وَأَظُنُّهُ قَالَ: قَدِ اشترَى كُتُباً وَتعيَّن للفُتْيَا- فَذُكر لَهُ أَصْحَاب الحَدِيْث فَقَالَ: ليسُوا بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ يَسْوون شَيْئاً فَقُلْتُ: أَنْتَ لاَ تُحْسِن تُصَلِّي قَالَ: أَنَا قُلْتُ: نعم أَيش تحفظ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا افتتحتَ وَرفعتَ يَديكَ فَسَكَتَ قُلْتُ: فَمَا تحفظُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَجَدْتَ فَسَكَتَ فَقُلْتُ: أَلم أَقُلْ: إِنَّك لاَ تُحسن تُصَلِّي فَلاَ تذكر أَصْحَابَ الحَدِيْث.
قَالَ الخَطِيْبُ: تُوُفِّيَ الأَبَّار يَوْم النِصْف مِنْ شَعْبَانَ سَنَة تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. وَلَهُ تَارِيْخٌ مُفيد رَأَيْتُهُ. وَقَدْ وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ وَجَمَعَ حَدِيْث الزُّهْرِيّ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 306"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 662"، والعبر "2/ 85"، واللباب لابن الأثير "1/ 23".(10/468)
2345- ابن وَضَّاح 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُس مَعَ بَقِيٍّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح بن بَزِيع المَرْوَانِي، مَوْلَى صَاحِب الأَنْدَلُس عبد الرَّحْمَن بن معاوية الداخل.
ولد سنة تسع وتسعين ومائة.
وَسَمِعَ: يَحْيَى بن مَعِيْن، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَصْبَغ بن الفَرَج، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ، وَحَرْمَلَة، وَيَعْقُوْب بن كَاسِبٍ، وَإِسْحَاق بن أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَمُحَمَّد بن رمح، وَطَبَقَتهُم.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ ارْتَحَلَ قَبْل ذَلِك فِي حَيَاة آدم بن أَبِي إِيَاسٍ فَلَمْ يَسْمَعْ: شَيْئاً وَقَد ارْتَحَلَ إِلَى العِرَاق وَالشَّام وَمِصْر وَجمع فَأَوعَى.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الجبَّاب، وَقَاسم بن أَصْبَغ، وَمُحَمَّد بن أَيْمَن، وَأَحْمَد بن عُبَادَة، وَمُحَمَّد بن المِسْوَر، وَخَلْق.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ يُوَاصِل أَرْبَعَة أَيَّام.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ عَالِماً بِالحَدِيْثِ بَصِيْراً بِطرقِهِ وَعلله كَثِيْر الحِكَايَة عَن العبَّاد وَرِعاً زَاهِداً صَبُوْراً عَلَى نشر العلم متعففًا نفع الله أَهْل الأَنْدَلُس بِهِ، وَكَانَ ابْنُ الجَبَّاب يُعظمه، وَيصف عقله وَفضله وَلاَ يُقدِّم عَلَيْهِ أَحَداً غَيْر أَنَّهُ يُنكر رَدَّه لكَثِير مِنَ الحَدِيْث.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ كَثِيْراً مَا يَقُوْلُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلاَم النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَيْءٍ وَيَكُون ثَابِتاً مِنْ كَلاَمه. قَالَ: وَلَهُ خطأ كَثِيْر محفوظٌ عنه، ويغلط، ويصحف وَلاَ عِلم لَهُ بِالعَرَبِيَّة، وَلاَ بِالفِقْهِ، تُوُفِّيَ ابْنُ وَضَّاح فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا ابْن هَارُوْنَ، عَنْ أَبِي القَاسِمِ بن بَقِي عَنْ شُريح بن مُحَمَّدٍ: أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بن حَزْم أَجَاز لَهُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الْجسُور، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُلِيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْد، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ ابْن عُمَر قَالَ: إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالحَجّ وَأَهللنَا مَعَهُ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: "مَنْ لَمْ يَكُنْ معه هدي فليحل" 2.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 670"، وميزان الاعتدال "4/ 59"، ولسان الميزان "5/ 416"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 121"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 194".
2 صحيح: إسناده صحيح رجاله ثقات، ويزيد هو ابن هارون، وحميد هو ابن أبي حميد الطويل، وللحديث شاهد عن جابر بن عبد الله، عند مسلم "1213"، "138".(10/469)
2436- خُمَارَويه 1:
ابن أَحْمَد بن طولُوْن التُّرْكِيُّ: صَاحِب مِصْر وَالشَّام.
وَلِي بَعْد أَبِيْهِ وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً فَكَانَتْ دَوْلَته ثِنْتَيْ عَشْرَة سَنَةً.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً جَوَاداً مُبذِّراً مُسْرِفاً عَلَى نَفْسه.
رَوَى عَلِيّ بنُ مُحَمَّدٍ المَاذرَائِي عَنْ عمّ أَبِيْهِ قَالَ: تنَزَّه خُمَارَويه بعذرَاء فغنَّاهُ المغنِي فَطَربَ فَأَمَرَ له بمائة أَلف دِيْنَار فَكلَّمه خَازنه فِي ذَلِكَ فَقَالَ: كَيْفَ أَرجع عَمَّا قُلْتُ لَكِن عجِّل لَهُ مائة أَلْف دِرْهَم، وَفرِّق مَا تبقى وَابسطه لَهُ.
وَرَوَى المَاذرَائِي عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي الجَيْش خُمَارَوَيه عَلَى نهر ثَوْرَا فَأَتَاهُ أَعْرَابِيّ فَأَخَذَ بلجَامه، وَقَالَ: اسْمع: لِي قَالَ: قل قَالَ:
إِنَّ السِّنَان وَحدَّ السَّيْف لَوْ نَطقَا ... لحدَّثَا عَنْكَ بَيْنَ النَّاس بِالعَجَبِ
أَتْلَفْت مَالَكَ تُعْطِيهِ وَتنْهِبُهُ ... يَا آفَةَ الفضَّة البَيْضَاءِ والذهب
فَأَعطَاهُ خَمْس مائَة دِيْنَارٍ فَقَالَ: أَيُّهَا الْملك زدنِي فَقَالَ: للغلمَان اطرحُوا لَهُ سُيُوفكُمْ وَمنَاطقكُم.
وَقَدْ ملك مِنَ النُّوبَة إِلَى الفُرَات.
وَلَمَّا اسْتخلف المُعْتَضد سَارع خُمَارويه بِالتُّحف إِلَيْهِ فتزوَّج المُعْتَضد بَابْنته قِيْلَ: أَرَادَ أَنْ يُفْقِره بِجِهَازهَا.
يُقَال: قَتله ممَاليكه للفَاحشة فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ بدير مُرَّان ثُمَّ ضربت رقابهم.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "5/ 155"، والعبر "2/ 47 و55 و66"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 221"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 178".(10/470)
2437- السَّرْخَسي 1:
الفليسوف، البَارع، ذُو التَّصَانِيْف، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن الطيب، وَقِيْلَ: أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ السَّرْخسِيّ مِنْ بحور العِلْم الَّذِي لاَ ينفع.
وَكَانَ مُؤَدِّب المُعْتَضد، ثُمَّ صَارَ نَدِيمُهُ، وَصَاحب سره، وَمشورته، وَلَهُ رِئاسَةٌ وَجَلاَلَةٌ كَبِيْرَةٌ.
وَهُوَ تِلْمِيْذ يَعْقُوْب بن إِسْحَاقَ الكِنْدِيّ الفليسوف.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ المُلحمِي وَمُحَمَّد بن أَبِي الأَزْهَر وَعم صَاحِب الأَغَانِي وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الكَاتِب.
ثمَّ إِنَّ الْمُعْتَضد انتخى للهِ وَقُتِلَ السَّرْخسِيّ لفلسفته وَخبث مُعتقدِه.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ تنصَّل إِلَيْهِ وَقَالَ: قَدْ بِعْت كتب الفلسفَة، وَالنُّجُوْم وَالكَلاَم، وَمَا عِنْدِي سِوَى كتب الفِقْه وَالحَدِيْث فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الْمُعْتَضد: وَاللهِ إِنِّيْ لأَعِلْم أَنَّهُ زِنْدِيْق فعل مَا زَعَمَ ريَاءً.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: لَكَ سَالف خِدَم فَكَيْفَ تختَار أَن نَقْتُلك.
فَاختَار أَنْ يطعم كبَاب اللَّحْم وَأَنَّ يُسقَى خمراً كَثِيْراً حَتَّى يسكر، وَيُفْصَد فِي يَدَيْهِ فَفَعَل بِهِ ذَلِكَ فصفِي مِنَ الدَّم وَبقيت فِيْهِ حَيَاة، وَغلبت عَلَيْهِ الصَّفرَاء وَجُنَّ وَصَاح، وَبَقِيَ يَنْطَح الحَائِط لِفَرطِ الآلاَم وَيعدو كَثِيْراً حَتَّى مَاتَ وَذَلِكَ فِي أَوّل سَنَة ست ثمانين ومائتين.
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "3/ 98"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 5"، ولسان الميزان "1/ 189".(10/471)
2438- ابن الضُّرَيْس 1:
الحَافِظُ المُحَدِّث الثِّقَة المُعَمَّر المصَنِّف أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْب بنِ يَحْيَى بنِ ضُرِيْس البَجَلِيّ الرَّازِيّ صَاحِب كِتَاب: "فضَائِل القُرْآن".
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ عَام مائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيْم وَالقَعْنَبِيّ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْدِيّ، وَعَلِيّ بن عُثْمَانَ اللاَحقي، وَمُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وَأَبَا سَلَمَة التَّبُوْذَكِيّ، وَأَحْمَد بن يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقي، وَعُبَيْد الله بن مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِسْحَاق بن مُحَمَّدٍ الفروي، ويحيى ابن هَاشِمٍ السِّمْسَار، وَحَفْص بن عُمَر الحَوْضِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الجَرَّاح، وَعَبْد الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ، وَسَهْل بن بَكَّارٍ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ، وَطَبَقَتهُم وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلو الإِسْنَاد بِالعَجَم مَعَ الصِّدْق، وَالمعرفَة.
رَوَى عَنْهُ: عبد الرَّحْمَن بن أَبِي حَاتِمٍ وَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، وَعَلِيّ بن شَهْريَار، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق الطِّيبِي، وَأَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيْل بن نُجَيْد، وَأَحْمَد بن عُبَيْدٍ الهَمَذَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ آخِرُهُم مَوْتاً: أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيّ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: ابْن الضُّرَيْس ثِقَة وَهُوَ مُحَدِّث ابْن مُحَدِّث، وَجدُّه يَحْيَى بن الضُّرَيْس مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَان الثَّوْرِيّ.
وَلَمَّا سَمِعَ: أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي بِموت ابْن الضُّرَيْس -وَكَانَ يَود أَنْ يرحل إِلَيْهِ- صَاح وَلطم وَقَالَ لأَهله: منعتمونِي مِنَ الرحلَة إِلَيْهِ قَالَ: فَرَقُّوا، وَسفَّرُونِي مَعَ خَالِي إِلَى الحَسَنِ بن سُفْيَان.
مَاتَ ابْن الضُّرَيْس يَوْم عَاشُورَاء سَنَةَ أَرْبَعٍ وتسعين ومائتين بالري.
وَأَمَّا ابْن عُقدَة فَأَورد وَفَاته فِي سَنَةِ خمس وتسعين، والأول أصح.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1114"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 665"، والوافي بالوفيات، لصلاح الصفدي "2/ 234"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 216".(10/471)
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عصرُوْن، وَزَيْنَب بِنْت عُمَر، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْل الفرَاوِي "ح": وَأَخبرونَا عَنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ "ح". وَأَخْبَرُوْنَا عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عمر بن أحمد بنُ مَسْرُوْرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوْب بن ضُرَيْس، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بن طهمان، عن بديل، عن عبد الله بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ الفَجْرِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ مَتَى كُتِبْتَ نَبِيّاً قَالَ: "كُتِبْتُ نَبِيّاً وآدَم بَيْنَ الرُّوح وَالجسد" 1.
وَبِهِ إِلَى مُحَمَّد بن الضُّرَيْس: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ كثير، حدثنا سُفْيَان، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رفعت امْرَأَة إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَبِيّاً لَهَا فِي مِحَفَّة، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلهَذَا حَجَّ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَلك أَجْرٌ" 2.
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرٌ بن الدَّمَّاغ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَرْدَوَيْه، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَان الْوَكِيل، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن الْفَصْل بن شَهْريَار، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوْب، حَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا يَزِيْد بن زُرَيْع، حَدَّثَنَا خَالِد، عَنْ أَبِي قِلاَبَة، عَنْ مَالِكٍ بن الحُوَيْرِث قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا حضَرت الصَّلاَة فَأَذِّنَا ثُمَّ أُقِيمَا ثُمَّ ليُؤمَّكمَا أَكبَرُكُمَا" 3.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مَعَهُ: جبرُوْنُ بنُ عِيْسَى البَلَوِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعُبَيْد بن مُحَمَّدٍ العِجْل، وَالحَسَن بن مُثَنَّى العَنْبَرِيّ، وَمَحْمُوْد بن أَحْمَد بن الفرج بأصبهان، وَعَبْد اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الخفَّاف بِمِصْرَ، وَأَحْمَد بن يَحْيَى بنِ خَالِدٍ الرَّقِّيّ، وَمُحَمَّد بن نَصْر المَرْوَزِيّ الفَقِيْه، وَمُوْسَى بن هارون الحافظ.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 59"، وفي "السنة" "ص111"، من طريق منصور بن سعد، عن بديل بن ميسرة، به. وإسناده صحيح. وأخرجه ابن سعد "7/ 60" من طريق معاذ بن هانئ البهراني، حدثنا إبراهيم بن طهمان، به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" "410"، وأبو نعيم في "الحلية" "9/ 53"، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا منصور بن سعد، عن بديل، به.
وله شاهد من حديث أبي هريرة: عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" "2/ 226".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1336"، "410"، وأبو داود "1736"، والنسائي "5/ 120" من طرق سفيان بن عيينة، به.
3 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "630"، وَمُسْلِمٌ "674"، وَأَبُو دَاوُدَ "589"، وَالتِّرْمِذِيُّ "205"، وَالنَّسَائِيُّ "2/ 17" من طرق عن خالد الحذاء، به.(10/472)
2439- العَلَّاف 1: "س"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّة، الفَقِيْه، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بن أَيُّوْب بن بَادِي المِصْرِيّ العلاَّف.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْد الغَفَارِ بن دُوَاد الحَرَّانِيّ، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَيَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَأَحْمَد بن يَزِيْدَ المَكِّيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ الحَضْرَمِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَحْمَد بن خَالِد بن الجبَّاب، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ شَيْخاً -آدم شَدِيد- الأُدمَة أَعور ثِقَة بَصِيْراً بِالفِقْهِ.
قَالَ أَحْمَد بن خَالِد الحَافِظ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العلاَّف فَقِيْه أَهْل مِصْر.
قُلْتُ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَكَانَ مُسِنّاً مِنْ أبْناءِ التِّسْعِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عَبْد الْملك أَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم البُسْرِيّ، وَالمعتضد بِاللهِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ البَتَلهِي، وَأَمِيْرُ القَيْرَوَان إبراهيم بن الأغلب، وأنس بن المسلم الدِّمَشْقِيّ، وَالحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ القبَّانِي.
__________
1 ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 6245"، والعبر "2/ 83"، وتهذيب التهذيب "11/ 185"، وتقريب التهذيب "2/ 343"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 202".(10/473)
2440- الحَكَّاني:
الشَّيْخ، المُحَدِّث، الثِّقَة، مُسْنِد هَرَاة، أَبُو الحَسَنِ، عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، الخُزَاعِيّ الهَرَوِيّ الحكاني، وحكانك محلَّة عَلَى بَاب مَدِيْنَة هَرَاة.
رَحل، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي اليَمَانِ، وآدَم بن أَبِي إِيَاسٍ، وَمُحَمَّد بن وَهْبِ بنِ عطيَّة، وَيَحْيَى بن صَالِحٍ الوُحَاظِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي السَّرِيّ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ حَامِد الرَّفَّاء، وَأَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَد بنُ عَبْدِ اللهِ المُغَفَّلِي، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرَوَيْه، وَأَحْمَد بن إِسْحَاقَ، الهرويُّون.
وَوَثَّقَهُ بَعْض الحُفَّاظ.
مَاتَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ ومائتين، في عشر المائة.(10/474)
2441- القراطيسي 1: "س"
الإِمَامُ، الثِّقَة، المُسْنِد، أَبُو يَزِيْدَ، يُوْسُف بن يَزِيْد بن كَامِلٍ بن حَكِيْم، الأُمَوِيّ المصري القراطيسين مَوْلَى أَمِيْر مِصْرَ عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَانَ.
سَمِعَ: أَسَد بن مُوْسَى السُّنَّة، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ الكَاتِب، وَحَجَّاج بن إِبْرَاهِيْمَ الأَزْرَق، وَعِدَّة.
وَكَانَ عَالِماً مُكْثِراً مجوِّداً.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ الوَرْد، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَد الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ. وَقِيْلَ: إِنَّ النَّسَائِيّ رَوَى عَنْهُ.
وَثَّقَه ابْن يُوْنُس. وَكَانَ مُعَمِّراً، رَأَى الشَّافِعِيّ.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَد بن خَالِد الجبَّاب: أَبُو يَزِيْد مِنْ أَوْثَق النَّاس، لَمْ أَرَ مثله، وَلاَ لقِيت أَحَداً إِلاَّ وَقَدْ مُسَّ، أَوْ تُكُلِّمَ فِيْهِ إِلاَّ هُوَ، ويحبى بن أيوب العلاف.
ورفع أحمد الحباب مِنْ شَأْن القَرَاطِيْسِيّ.
مَاتَ فِيمَا أَرَّخَهُ ابْن يُوْنُس -فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ مائَة سَنَةٍ- رَحِمَهُ اللهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَد بن إِسْحَاق بن نُبَيْط، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح مُحَدِّث الأَنْدَلُس، وَأَبُو السَّرِيّ مُوْسَى بن الحَسَن الجلاجلي.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 27"، وتذكرة الحفاظ "2/ 680"، والعبر "2/ 84"، وتهذيب التهذيب "11/ 229"، وتقريب التهذيب "2/ 383"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 202".(10/474)
2442- إسحاق بن أبي عِمْران 1:
الإِمَامُ، الفَقِيْه، الحَافِظ شَيْخ خُرَاسَان، أَبُو يَعْقُوْب الإِسْفَرَايِيْنِيّ.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّد كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الإِسْفَرَايِيْنِيُّ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ وَرَّاقُ مَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَن، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ مُعَاذٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ فِي غَزْوَةِ تَبُوْكَ فَكَانَ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ حَتَّى يدْخل، وَقت الْعَصْر فيجمع بينهما"2.
رَوَاهُ البَيْهَقِيّ بِلَفْظِهِ عَنِ الحَاكِم مُحَمَّد بن نعيم الضَّبِّيّ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ إِسْحَاق بن مُوْسَى بن عِمْرَانَ أَحَد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة، وَالرَّحَّالَة فِي طَلَبِ الحَدِيْث مِنْ رُسْتَاق إِسفرَايين تَفَقَّهَ عِنْد أَبِي إِبْرَاهِيْم المُزَنِيّ، وَسَمِعَ: الْمَبْسُوط مِن الرَّبِيْع وَكتب الحَدِيْث بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقين وَالحِجَاز وَمِصْر وَالشَّام.
قَالَ: وَلَهُ مصنفَات كَثِيْرَة سَمِعَ: بِخُرَاسَانَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ وَأَقرَانهُم وَبَالجِبَال: مُحَمَّد بن مقَاتل، وَابْن أَحْمَدَ وَطَائِفَة وبِبَغْدَاد: مَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَمُحَمَّد بن بَكَّارٍ، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَأَحْمَد بن عِمْرَانَ الأَخنسِي، وَأَبَا مُسْلِم الوَاقِدِيّ، وَبِالبَصْرَةِ: عبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ النَّرْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَةَ، وَبندَاراً، وَأَبَا مُوْسَى، وبَالكُوْفَة: عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ وأخاه القاسم، وجبارة
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 419".
2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 241"، وأبو داود "1220"، والترمذي "553"، والبيهقي "3/ 163" من طريق قتيبة، به. وإسناده صحيح رجاله ثقات. وأبو الطفيل، هو عامر بن واثلة.(10/475)
بن المُغَلِّس وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبْد اللهِ بن عُمَر بن أَبَانٍ. وَبَالحِجَاز: إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد، وَعِدَّة وبَالشَّام: هِشَام بن عَمَّارٍ، وَدُحيماً، وَأَحْمَد بن أَبِي الحَوَارِيِّ، وَطَبَقَتهُم. وَبِمِصْرِ: مُحَمَّد بن رُمح، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ، وَحَرْمَلَة، وَأَبَا الطَّاهِر بن السَّرْحِ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَمُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَمُحَمَّد بن عَبدك وَغَيْرهُم، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْب الشَّيْبَانِيّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدك الإِسْفَرَايِيْنِيّ: تُوُفِّيَ أَبُو يَعْقُوْب الإِسْفَرَايِيْنِيّ بِهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْب الحَافِظ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن مُوْسَى الإِسْفَرَايِيْنِيّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيْر، عَنْ مُغِيْرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ جَالِساً: مُعَاوِيَة وَذَلِكَ حِيْنَ عَظُمَ بَطْنه، وَكَثُرَ شَحْمه.
قُلْتُ: عَاشَ ابْن أَبِي عِمْرَانَ هَذَا نَحْواً مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنَ الأَئِمَّة الأَثبَات، وَتخيَّل إِلَى أَنَّهُ وَالد أَبِي عَوَانَةَ، لَكِن وَالد أَبِي عَوَانَةَ اسْمه: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْم بن يَزِيْد الإِسْفَرَايِيْنِيّ يَرْوِي عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَابْن حجر، وَأَبِي مَرْوَان العُثْمَانِيّ أَكْثَر عَنْهُ: وَلده أَبُو عَوَانَةَ فِي "صَحِيْحِهِ" ثُمَّ إِنِّيْ لَمْ أَظفر لأَبِي عَوَانَةَ برِوَايَة عَنْ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ وَلاَ ذكَر الحَاكِم لوَالد أَبِي عَوَانَةَ تَرْجَمَة فِي "تَارِيْخِهِ" فلهَذَا جوَّزت فِي البَدِيْهَة أَنَّهُمَا وَاحِد، وَكِلاَهُمَا طبقَة وَاحِدَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ القَاسِمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أخبرنا أبو الأسعد القشيري، أخبرنا عبد الحميد البَحِيْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْملك بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَان مُحَمَّد بن عُثْمَان، حَدَّثَنَا عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ الهَاد، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ: رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "قَالَتِ النَّارُ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً فَأَذِنَ لَهَا بنفسين ... " 1 الحديث.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "537"، ومسلم "617"، وأحمد "2/ 238".(10/476)
2443- الخُشَنِي 1:
الإمام، الحافظ، المتقن، اللغوي، العلامة، أبو الحس، مُحَمَّد بن عَبْدِ السَلاَّم بن ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيّ الأَنْدَلُسِيّ القُرْطُبِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بن يحيى الليثي، وغيره.
وحج، ولبى الكِبَار، وَحَمَلَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ، وَمُحَمَّد بن بَشَّارٍ، وَسَلَمَة بن شيب، وَطَبَقَتهم، فَأَكْثَر وَجَوَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَسْلَم بن عَبْد العَزِيْز، وَمُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّدٍ، وَابْنُهُ مُحَمَّد الخُشَنِيّ، وَقَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ، وَآخَرُوْنَ.
وأُريد عَلَى قَضَاء الجَمَاعَة، فَامْتَنَعَ، وَتَصَدَّر لِنَشْرِ الحَدِيْث، وَكَانَ أَحَد الثِّقَاتِ الأَعْلاَم.
أَنْبَأَنَا ابْن هَارُوْنَ الطَّائِيّ، عَنِ ابْنِ بَقِيٍّ، عَنْ شُريح بن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بن حَزْم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَوْن الله، حَدَّثَنَا قَاسم بنُ أَصْبَغ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد السَّلاَم، حَدَّثَنَا بُنْدَار، حَدَّثَنَا غتندر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي قَزَعَة، عَنْ أَنَسٍ، قال: كنت رديف أبي طَلْحَة، وَكَانَتْ ركبَة أَبِي طَلْحَة تَكَاد تَمَسُّ ركبَة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيْعاً.
تُوُفِّيَ الخُشَنِيّ، سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، رَحِمَهُ اللهُ.
وجدُّه ثَعْلَبَة هُوَ: ابْن زَيْد بن حَسَن بن كَلْب ابْن صَاحِب النَّبِيّ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيّ قَالَهُ ابْن الفَرضي، وَوَلَدُهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ بَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِيُّه: الإِمَامُ المُحَدِّث، أَبُو عَبْدِ الله:
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "1/ 446"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 672"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 160".(10/477)
2444- محمد بن عبد السلام 1:
ابن بَشَّارٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الوَرَّاقُ، الزَّاهِدُ.
سَمِعَ الكُتُب مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَالتَّفْسِيْر مِنْ: إِسْحَاق، وَكَانَ ينسخُ التَّفْسِيْر وَيَتَقَوَّتُ.
وَسَمِعَ: مِنَ: الحَسَن بن عِيْسَى، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَمُحَمَّد بن رَافِع.
وَعَنْهُ: مُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ.
قَالَ وَلَدُهُ عَبْدَان: كَانَ يَقُوْلُ أَبِي: نَحْنُ فِي مَرْحَلَة، وَكَانَ يَصُوْم النَّهَار، وَيقومُ اللَّيْل وَيَقُوْلُ: هَذَا مَا أَوْصَانَا بِهِ يَحْيَى بن يَحْيَى.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُس سَمِعْتُ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ القَبَّانِي يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار، حَدَّثَنَا يَحْيَى فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: أَتدرُوْنَ عَمَّنْ حَدَّثْتُكُم قَالُوا: حَدَّثْتَنَا عَنْ بُنْدَار عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ قَالَ: لاَ وَاللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد السَّلام بن بَشَّار، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
تُوُفِّيَ مُحَمَّد بن عَبْدِ السَّلاَمِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتّ أَيْضاً وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ فتوَافق هُوَ، وَالَّذِي قَبْله فِي الِاسْم وَالأَب وَالحِفْظ وَعَامِ الوَفَاةِ وَفِي اسْم شَيْخيهُمَا اللَّيْثِيّ وَالتَّمِيْمِيّ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيّ وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الخَزَّاز، وَشيخ الصُّوْفِيَّة أَبُو سَعِيْدٍ الخَزَّاز، وَأَحْمَد بن المُعَلَّى الدِّمَشْقِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن سُوَيْد الشَّامِيّ، وَرفيقُه إِبْرَاهِيْم بن بَرَّة الصَّنْعَانِيّ، وَرفيقُهُمَا الحَسَن بنِ عَبْدِ الأَعْلَى البَوْسِي أَصْحَاب عَبْد الرَّزَّاقِ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ بن البَرْقِيّ رَاوِي السِّيرَة، وَعَلِيّ بن عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيّ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّد بن وَضَّاح القُرْطُبِيّ، وَمُحَمَّد بن يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَالزَّاهِد محمد بن يوسف البناء، وأبو عبادة البُحْتُرِي الشَّاعِر، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءٍ الإسفراييني.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 649"، وهو سمي محمد بن عبد السلام الخشني.(10/478)
2445- يحيى بن عمر 1:
ابن يوسف: الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو زَكَرِيَّا الكِنَانِيّ الأَنْدَلُسِيّ الفَقِيْه.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: ارْتَحَلَ وَسَمِعَ: بِإِفْرِيْقِيَةَ مِنْ: سَحْنُوْن، وَأَبِي زَكَرِيَّا الحُفْرِيّ، وَعَوْن بن يُوْسُفَ صَاحِب الدَّرَاوَرْدِيّ، وَسَمِعَ: بِمِصْرَ مِنْ: يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَحَرْمَلَة وَابْن رُمْح وَبَالمَدِيْنَة مِنْ: أَبِي مُصْعب وَطَائِفَةٍ وَسَكَنَ القَيْرَوَان وَكَانَ حَافِظاً للفُروع ثِقَةً ضَابطاً لِكُتُبِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَحْمَد بن خَالِدٍ الحَافِظ، وَجَمَاعَةٌ وَأَهْل القَيْرَوَان.
وَكَانَتِ الرِّحلَة إِلَيْهِ فِي وَقته سَكَنَ سُوْسَة فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَبِهَا مَاتَ.
قَالَ الحُمَيْدِيّ: هُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيْد بن عُثْمَانَ الأَعْنَاقِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْرٍ، وَمُحَمَّد بن مَسْرور، وَقَمُّود بن مُسْلِمٍ القَابِسِي، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ القِرْبَاط، وَتُوُفِّيَ سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّاد: كَانَ أَهْل الصِّيَام وَالقِيَام مجَابَ الدُّعَاء كَانَتْ لَهُ بَرَاهين.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَبْيَانِي: مَا رَأَيْتُ مِثْل يَحْيَى بن عُمَرَ فِي عِلْمه وَزُهْده وَدُعَائِه وَبُكَائِه فَالوَصْفُ وَاللهِ يَقصُر عَنْ ذِكر فَضْله.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حَارب: كَانَ مُتَقَدِّماً فِي الحِفْظِ لَقِي يَحْيَى بن بُكَيْرٍ وَكَانَ يَقُوْلُ: سأَلتُ سَحْنُوْن فرَأَيْت بَحْراً لاَ تُكَدِّرُه الدِّلاَء، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مثلَه قَطُّ كَأَنَّ العِلْمَ جُمِعَ بَيْنَ عَيْنَيه وَفِي صَدْره.
قَالَ يَحْيَى الكَانشِي: أَنفق يَحْيَى بن عُمَر فِي طَلَبِ العِلْمِ سِتَّة آلاَف دِيْنَار.
قُلْتُ: لَهُ شُهْرَة كَبِيْرَة بِإِفْرِيْقِيَةَ وحمل عنه عدد كثير رحمه الله.
__________
1 ترجمته في لسان الميزان "6/ 270"، وجذوة المقتبس للحميدي "377".(10/479)
2446- المعتضد بالله 1:
الخَلِيْفَةُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن الموَفق بِاللهِ، ولي العهد، أبي أحمد طَلْحَة بن المُتَوَكِّل جَعْفَر بن المُعْتَصِم مُحَمَّد بن الرَّشِيْد الهَاشِمِيّ العَبَّاسِيّ.
وُلِدَ فِي أَيَّام جَدِّهِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَدَخَلَ دِمَشْق سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ لِحَرْب ابْنِ طُولُوْنَ، وَاسْتُخْلِفَ بَعْدَ عَمِّه المُعْتَمِد فِي رَجَبٍ سنَةَ تسعٍ.
وَكَانَ مَلِكاً مَهِيْباً شُجَاعاً، جَبَّاراً، شَدِيْدَ الوَطْأَة، مِنْ رِجَال العَالَم يُقْدِم عَلَى الأَسَد وَحدَه.
وَكَانَ أَسمَرَ نَحِيْفاً معتدلَ الْخلق، كَامِلَ العَقْل.
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ: كَانَ قَلِيْل الرَّحْمَة، إِذَا غَضِبَ عَلَى أَمِيْرٍ حَفَرَ لَهُ حَفيِرَةً، وَأَلقَاهُ حَيّاً، وَطَمَّ عَلَيْهِ.
وَكَانَ ذَا سيَاسَةٍ عَظِيْمَةٍ، قِيْلَ: إِنَّهُ تصيَّد فَنَزَلَ إِلَى جَانب مقثأَة فصَاحَ النَّاطُور فَطَلَبَهُ فَقَالَ: إِنَّ ثَلاَثَة غِلمَان دَخَلُوا المقثأَة، وَأَخَذُوا فَجِيْءَ بِهِم فَاعتقلُوا، وَمن الغَد ضُربت أَعنَاقهُم فَقَالَ لابْن حَمدُوْنَ: اصدقنِي عَنِّي فذكرتُ الثَّلاَثَة فَقَالَ: وَاللهِ مَا سفكتُ دماً حرَاماً مُنْذُ وَليت الخِلاَفَة، وَإِنَّمَا قتلت حَرَامِيَّة قَدْ قَتَلُوا أَوهمتُ أَنَّهُم الثَّلاَثَة قُلْتُ: فَأَحْمَد بن الطيب قال: دعاني إلى الإلحاد.
رَوَى أَبُو العَبَّاسِ بن سُرَيْج عَنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى المُعْتَضِد، وَعَلَى رأْسِه أَحْدَاثٌ رُوْمٌ مِلاَحٌ فنظرتُ إِلَيْهِم فرآنِي المُعْتَضِد أَتَأَمَّلُهُم فَلَمَّا أَردتُ الاَنصرَافَ أَشَارَ إِليَّ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا القَاضِي وَاللهِ مَا حَلَلْتُ سَرَاويلِي عَلَى حَرَامٍ قَطُّ.
وَدَخَلْتُ مرَّةً فَدَفَعَ إِليَّ كِتَاباً فنظرتُ فِيْهِ فَإِذَا قَدْ جَمَعَ لَهُ فِيْهِ الرُّخَص مِنْ زلل العُلَمَاء فَقُلْتُ مُصَنِّفُ هَذَا زِنْدِيْقٌ فَقَالَ: أَلم تَصِحَّ هَذِهِ الأَحَادِيْث قُلْتُ: بَلَى وَلَكِنْ مَنْ أَبَاحَ المُسْكر لَمْ يُبح المُتْعَة، وَمَنْ أَبَاحَ المُتْعَة لَمْ يُبِحِ الغناء، وما من عالم إلى وَلَهُ زَلَّة وَمن أَخَذَ بِكُلِّ زَلَل العُلَمَاء ذهبَ دِينُه فَأَمَرَ بِالكِتَابِ فَأُحْرِق.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ المُحسن التَّنُّوخِي: بَلَغَنِي عَنِ المُعْتَضِد أَنَّهُ كَانَ جَالِساً فِي بَيْتٍ يُبنَى لَهُ فَرَأَى فِيهِم أَسْوَدَ مُنْكَر الخِلْقَة يَصعَد السَّلاَلِم دَرَجَتَيْن دَرَجَتَيْن، وَيحمِلُ ضِعْفَ مَا يحملُه غَيْرُه فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَطَلَبَه وَسَأَلَهُ عَنْ سَبب ذَلِكَ فَتَلَجْلَجَ فَكلَّمه ابْن حَمْدُوْنَ فِيْهِ، وَقَالَ: منْ هَذَا حَتَّى صرفْتَ فِكْرَك إِلَيْهِ قَالَ: قَدْ وَقَعَ فِي خَلَدِي أَمرٌ مَا أَحْسِبُه باطلاً ثُمَّ أَمرَ بِهِ فَضُرِبَ مائَة، وَتهدَّدَه بِالقتل وَدَعَا بِالنَطْع وَالسَّيْف فَقَالَ: الأَمَانَ أَنَا أَعمل فِي أَتُوْنَ الآجُرِّ فَدَخَلَ مِنْ شُهور رَجُل فِي وسط هِمْيَان فَأَخْرَجَ دَنَانِيْر، فَوثبْتُ عَلَيْهِ، وَسدَدْتُ فَاهُ وَكتَّفْتُه وَأَلقيتُه فِي الأَتُوْنَ وَالذَّهَب مَعِي يقوَى بِهِ قلبِي فَاسْتحضرهَا فَإِذَا عَلَى الهِمِيَان اسْم صاحبه فنودي في البَلد فجَاءت امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: هُوَ زَوْجِي وَلِي مِنْهُ طِفْل فَسَلَّمَ الذَّهَب إِلَيْهَا وَقَتَلَه.
قَالَ التَّنُّوخِي: وَبَلغنِي أَنَّهُ قَامَ لَيْلَةً فَرَأَى المَمَالِيْك المُرْد وَاحِدٌ منهُم فَوْقَ آخر ثُمَّ دبَّ عَلَى ثَلاَثَةٍ، وَاندَسَّ بَيْنَ الغِلْمَان فَجَاءَ فَوَضَع يَده عَلَى صَدْره فَإِذَا بفؤَاده يخفِق فَرَفَسَه برجله فجلس فذبحه.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "2/ 462-490"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "10/ 41"، وتاريخ بغداد "4/ 403"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 133" و"6/ 34"، والعبر "2/ 80" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 428"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 126"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 199".(10/480)
وَأَنَّ خَادِماً أَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ صَيَّاداً أَخرج شبكتَه، فَثَقُلَت فَجَذَبَهَا، فَإِذَا فِيْهَا جِرَاب فَظَنَّه مَالاً فَإِذَا فِيْهِ آجُرٌّ بَيْنَهُ كَفٌّ مَخْضُوبَة فَهَالَ ذَاكَ المُعْتَضِدَ، وَأَمرَ الصَّيَّاد فَعَاود طَرْح الشَّبَكَة فَخَرَجَ جِرَاب آخَرْ فِيْهِ رِجْل فَقَالَ: مَعِي فِي بَلَدي مَنْ يَفْعَلُ هَذَا مَا هَذَا بِمُلْك فلَمْ يفطرْ يَوْمَه، ثُمَّ أَحْضَرَ ثِقَةً لَهُ وَأَعطَاهُ الجِرَاب وَقَالَ: طُفْ بِهِ عَلَى مَنْ يعْمل الجُرُب: لِمَنْ بَاعَه فَغَابَ الرَّجُل، وَجَاءَ وَقَدْ عَرَف بَائِعَه، وَأَنَّهُ اشترَى مِنْهُ عَطَّارٌ جِرَاباً فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ: نَعَمْ اشترَى مِنِّي فُلاَنٌ الهَاشِمِيّ عَشْرَة جُرُبٍ، وَهُوَ ظَالم....، إِلَى أَنْ قَالَ: يكفيكَ أَنَّهُ كَانَ يَعْشَقُ مُغَنِّيَةً فَاكترَاهَا مِنْ مَوْلاَهَا، وَادَّعَى أَنَّهَا هَرَبت فَلَمَّا سَمِعَ: المُعْتَضِد ذَلِكَ سَجَدَ وَأَحْضَرَ الهَاشِمِيَّ فَأَخْرَجَ لَهُ اليَد وَالرَّجْلَ فَاصْفَرَّ وَاعْتَرفَ فَدَفَعَ إِلَى صَاحِبِ الجَارِيَة ثمنَهَا وَسَجَنَ الهَاشِمِيّ فيُقَالُ: قَتَلَه.
وَرَوَى التَّنُّوخِي، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: رَأَيْتُ المُعْتَضِد -وَكَانَ صَبِيّاً- عَلَيْهِ قُباء أَصْفَرُ وَقَدْ خَرَجَ إِلَى قِتَالِ وَصِيْف بِطَرَسُوْس.
وَعَنْ خَفِيف السَّمَرْقَنْدي قَالَ: خَرَجتُ مَعَ المُعْتَضِد للصَّيْد، وَانْقَطَعَ عَنْهُ العَسْكَر فَخَرَجَ عَلَيْنَا الأَسَد فَقَالَ: يَا خَفِيْف أَمسِكْ فرسِي، وَنَزَلَ فَتَحَزَّمَ، وَسَلَّ سيفه وقصد الأَسَدُ فَتَلَقَّاهُ المُعْتَضِدُ فَقَطَعَ يَدَه فتشَاغَل بِهَا الأَسَد فضَرَبَهُ فَلَقَ هَامَتَه، وَمسح سَيْفه فِي صُوْفه وَرَكِبَ، وَصحبْتُه إِلَى أَنْ مَاتَ فَمَا سَمِعتُه يَذكُرُ الأَسد لِقلَّة احتفَاله بِهِ.
قُلْتُ: وَكَانَ فِي المُعْتَضِدْ حِرْصٌ وَجَمْعٌ للمَال حَارَبَ الزِّنْج، وَلَهُ موَاقف مشهودَة، وَفِي دَوْلَته سَكَتَتِ الفِتَن وَكَانَ فَتَاهُ بدر عَلَى شَرِطته، وَعُبَيْد اللهِ بن سُلَيْمَانَ عَلَى وَزَارَتِه وَمُحَمَّد بن شَاه عَلَى حَرَسه، وَأَسقط المَكْسَ وَنَشَرَ العَدْلَ، وَقَلَّلَ مِنَ الظُّلم وَكَانَ يُسَمَّى السَّفَّاح الثَّانِي أَحْيَا رَمِيْمَ الخِلاَفَة الَّتِي ضَعُفَت مِن مَقْتَلِ المُتَوَكِّل وَأَنْشَأَ قَصْراً غَرِمَ عَلَيْهِ أَرْبَع مائَة أَلْف دِيْنَار وَكَانَ مِزَاجه قَدْ تَغَيَّر مِنْ فَرْط الجِمَاع وَعَدَمِ الحمِيَة حَتَّى إِنَّهُ أَكَلَ فِي مَرَضِهِ زَيْتُوناً وَسَمَكاً.
وَنقَلَ المَسْعُوْدِيّ أَنَّهُم شكوافي مَوْته، فَتَقَدَّم الطَّبِيْب فَجَسَّ نَبْضَه فَفَتَح عَيْنَيْهِ فَرَفَسَ الطَّبِيْب دَحْرَجَهُ أَذرعاً فَمَاتَ الطَّبِيْب ثُمَّ مَاتَ المُعْتَضِد مِنْ سَاعتِه كَذَا قَالَ.
وَقَالَ الخُطَبِيّ فِي "تَارِيْخِهِ": حَبَس المُوَفَّق ابْنه أَبَا العَبَّاسِ فَلَمَّا اشتَدَّت عِلَّةُ المُوَفَّق عَمَدَ غِلْمَان أَبِي العَبَّاسِ فَأَخرجُوهُ، وَأَدخلُوهُ إِلَى أَبِيْهِ فَلَمَّا رَآهُ أَيقن بِالموت فَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: لِهَذَا اليَوْم خَبَّأْتُكَ ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ وَضمَّ الجَيْشَ إِلَيْهِ وَخَلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَث.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ العَبَّاسِ شَهْماً، جلداً، رَجُلاً بازلاً، مَوْصُوَفاً بِالرُّجْلَة وَالجَزَالَة قَدْ لَقي(10/481)
الحُرُوب، وعُرِف فَضْله فَقَامَ بِالأَمْرِ أَحسنَ قِيَامٍ، وهابه النَّاس وَرهبُوهُ ثُمَّ عَقَدَ لَهُ المُعْتَمِد مَكَان المُوَفَّق، وَجَعَلَ أَولاَدَهُ تَحْتَ يَدِه ثُمَّ إِنَّ المعْتَمِد جلَس مَجْلِساً عَامّاً أَشهدَ فِيْهِ عَلَى نَفْسه بِخَلْعِ، وَلده المفوَّض إِلَى اللهِ جَعْفَر مِنْ وَلاَيَة عَهْدِهِ، وَإِفرَاد أَبِي العَبَّاسِ بِالعَهْدِ فِي المُحَرَّمِ، وَتُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ يَعْنِي المُعْتَمِد فَقِيْلَ: إِنَّهُ غُمَّ فِي بِسَاط.
وَكَانَ المُعْتَضِد أَسمرَ نَحِيْفاً مُعْتَدِلَ الخَلْق أَقنَى الأَنْفِ فِي مقدم لِحْيتهِ طولٌ، وَفِي مقدم رأْسِه شَامَةٌ بَيْضَاء تعلُوهُ هَيْبَةٌ شَدِيْدَةٌ رَأَيْتُهُ فِي خلاَفته.
قُلْتُ: لمَا بُوْيِع قَدِمَتْ هدَايَا خُمَارَويه، وَخضع وَذَلِكَ عِشْرُوْنَ بَغْلاً تَحْمِلُ الذَّهَبْ سِوَى الخَيْل وَالجَوَاهِر وَالنَّفَائِس وَزُرَافَة، وَقَدِمَتْ هَدِيَّةُ الصَّفَّار فولاَّهُ خُرَاسَان وَتَزَوَّجَ المُعْتَضِد بِبِنْت خُمَارويه فَقَدِمَتْ فِي تَجَمُّل لاَ يُعَبَّر عَنْهُ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ يَوْم النَّحْر فَكَبَّرَ فِي الأُوْلَى سِتّاً، وَفِي الثَّانِيَة نَسِي تكبيرهَا وَلَمْ يكد يُسْمع: صَوته.
وفِي سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ: كَانَ أَوَّل شَأْن القرَامِطَة.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ أَوَّلَ وَهْنٍ عَلَى الأُمَّة قَتْلُ خلِيفتِهَا عُثْمَان صَبْراً فَهَاجت الفِتْنَة، وَجَرَت وَقعَة الجَمل بِسببهَا ثُمَّ وَقعَة صِفِّين، وَجَرَت سُيُول الدِّمَاء فِي ذَلِكَ.
ثمَّ خَرَجَتِ الخَوَارِج وكفرت عثمان وعليًّا وحاربوا ودامت حُرُوبُ الخَوَارِج سِنِيْنَ عِدَّة.
ثمَّ هَاجتِ المُسَوِّدَة بِخُرَاسَانَ، وَمَا زَالُوا حَتَّى قَلعُوا دَوْلَةَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَامَتِ الدَّوْلَة الهَاشِمِيَّة بَعْد قَتْل أَممٍ لاَ يُحصيهم إلَّا الله.
ثمَّ اقْتتلَ المَنْصُوْرُ، وَعَمِّه عَبْد اللهِ ثُمَّ خُذل عَبْد اللهِ، وَقُتِلَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِب الدَّعْوَة.
ثمَّ خَرَجَ ابْنا حَسَن وَكَادَا أَنْ يَتَمَلَّكَا فَقُتِلا.
ثمَّ كَانَ حربٌ كَبِيْرٌ بَيْنَ الأَمِيْن وَالمَأْمُوْن إِلَى أَنْ قُتِلَ الأَمِيْن.
وفِي أَثْنَاء ذَلِكَ قَامَ غَيْرُ وَاحِدٍ يطْلُب الإِمَامَةَ:
فَظَهَرَ بَعْد المائَتَيْنِ بَابَك الخُرَّمِيّ زِنْدِيْق بِأَذْرَبِيْجَان، وَكَانَ يُضْرَبُ بِفَرْطِ شَجَاعَته الأَمثَال فَأَخَذَ عِدَّة مدَائِن وَهَزَم الجُيُوشَ إلى أن أسر بحيلة وقُتِل.
وَلَمَّا قُتِل المُتَوَكِّل غِيلَة ثُمَّ قُتل المُعْتَزّ ثُمَّ الْمُسْتَعِين وَالمهتدي وَضَعُف شَأْن الخِلاَفَة تَوَثَّب ابْنا الصَّفَّار إِلَى أَنْ أَخذَا خُرَاسَان بَعْدَ أَنْ كَانَا يَعملاَن فِي النُّحَاس، وَأَقبلاَ لأَخذِ العِرَاق وَقَلْعِ المعْتَمِد.(10/482)
وَتوثّب طُرُقي دَاهِيَةٌ بِالزَّنج عَلَى البَصْرَةِ، وَأَبَادَ العبَاد وَمَزَّق الجُيُوشَ، وَحَاربوهُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى أَنْ قُتل، وَكَانَ مَارقاً بلغَ جُنْدُه مائَة أَلْف.
فَبقي يتشَبَّه بِهَؤُلاَءِ كُلُّ مَنْ فِي رأْسِه رِئاسَةٌ، وَيَتَحَيَّلُ عَلَى الأُمَّة ليرديهُم فِي دينهُم، وَدُنيَاهُم فَتحرَّك بِقُوَى الكُوْفَة رَجُل أَظهر التَّعَبُّدَ وَالتَّزَهُّدَ وَكَانَ يسف الْخوص وَيُؤثِر وَيدْعُو إِلَى إِمَام أَهْلِ البَيْت فتلفَّق لَهُ خَلق، وَتَأَلهوه إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ فَظَهَرَ بِالبَحْرَيْن أَبُو سَعِيْدٍ الجنَابِي، وَكَانَ قَمَّاحاً فَصَارَ مَعَهُ عَسْكَرٌ كَبِيْرٌ، وَنَهَبُوا وَفَعَلُوا القبَائِح، وَتَزَنْدَقُوا وَذَهَبَ الأَخوَان يدعُوَان إِلَى المَهْدِيّ بِالمَغْرِب فثَار مَعَهُمَا البَرْبَر إِلَى أَنْ مَلَكَ عَبْدُ اللهِ المُلَقَّب بِالمَهْدِيّ غَالِب المَغْرِب، وَأَظهرَ الرَّفْض، وَأَبطَنَ الزندقة وقام بَعْدَهُ ابْنه ثُمَّ ابْن ابْنه ثُمَّ تملَّكَ المُعِزُّ، وَأَوْلاَدُهُ مِصْر وَالمَغْرِبَ وَاليَمَنَ وَالشَّام دَهْراً طَوِيْلاً فَلاَ حَوْل وَلاَ قُوَّة إلَّا بِاللهِ.
في سَنَةِ ثَمَانِيْنَ: أَخَذَ المُعْتَضِد مُحَمَّد بن سَهْل مِنْ قوَّاد الزَّنْج فَبَلَغَهُ أَنَّهُ يدعُو إِلَى هَاشِمِيّ فَقرَّره فَقَالَ: لَوْ كَانَ تَحْتَ قَدَمِي مَا رفعتُهَا عَنْهُ فَقَتَلَهُ.
وعَاثَت بَنُو شَيْبَان فَسَارَ المُعْتَضِد فلحقهُم بِالسِّنّ فَقَتَلَ وَغَرَّقَ وَمَزَّقَهُم وَغَنِمَ العَسْكَرُ مِن موَاشيهُم مَا لاَ يُوْصَف حَتَّى أُبيع الجملُ بخمسَةِ دَرَاهُم، وَصَان نسَاءهُم وَذَرَاريهُم وَدَخَلَ المَوْصِل فجَاءته بَنو شَيْبَان وَذلُّوا فَأَخَذَ مِنْهُم رَهَائِن، وَأَعطَاهُم نسَاءهُم وَمَاتَ فِي السجْن المفَوِّض إِلَى اللهِ وَقِيْلَ: كَانَ الْمُعْتَضد يُنَادمه فِي السِّر.
قِيْلَ: كَانَ لتَاجرٍ عَلَى أَمِيْرٍ مَالٌ فَمَطَلَه ثُمَّ جَحَدَه فَقَالَ لَهُ صَاحبٌ لَهُ: قُمْ مَعِي فَأَتَى بِي خَيَّاطاً فِي مَسْجِد فَقَامَ مَعَنَا إِلَى الأَمِيْر فَلَمَّا رَآهُ هَابَه، وَوَفَّانِي المَالَ فَقُلْتُ للخَيَّاط: خُذْ مِنِّي مَا تُرِيْد فَغَضِبَ فَقُلْتُ لَهُ: فَحَدِّثْنِي عَنْ سَبب خَوفه مِنْكَ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً فَإِذَا بِتُرْكِي قَدْ صَادَ امْرَأَةً مليحَةً، وَهِيَ تَتَمَنَّعُ مِنْهُ، وَتَسْتَغِيْث فَأَنكرتُ عَلَيْهِ فَضَرَبنِي فَلَمَّا صَلَّيْت العشَاء جَمعتُ أَصْحَابِي، وَجِئْتُ بَابَه فَخَرَجَ فِي غِلمَانه، وَعَرَفَنِي فَضَرَبَنِي وَشَجَّنِي، وَحملتُ إِلَى بَيْتِي فَلَمَّا تَنَصَّف اللَّيْلُ قُمْتُ فَأَذَّنْتُ فِي المنَارَة لكِي يُظَنَّ أَنَّ الفَجْر طَلع فَيُخْلِي المرأَةَ لأَنَّهَا قَالَتْ: زوجِي حَالفٌ عليّ بِالطَّلاَق أَنَّنِي لاَ أَبيتُ عَنْ بَيْتِي فَمَا نزلتُ حَتَّى أَحَاطَ بِي بَدْرٌ، وَأَعوَانُه فَأُدْخِلْتُ عَلَى المعتضد فقال: ما هذا الأذان فحدثته بِالقِصَّة فَطَلبَ التُّركِيّ، وَجَهَّزَ المرأَة إِلَى بيتهَا وَضرب التُّركِي فِي جَوَالق حَتَّى مَاتَ ثُمَّ قَالَ لِي: أَنْكِرِ المُنْكَر، وَمَا جرَى عَلَيْك فَأَذِّن كَمَا أَذَّنْتَ فدعوتُ لَهُ، وَشَاعَ الخَبَر فَمَا خَاطبتُ أَحَداً فِي خَصْمه إلَّا أَطَاعنِي وَخَافَ.
وَفِيْهَا: وُلِدَ بِسَلمْيَة القَائِم مُحَمَّد بن المَهْدِيّ العُبيدي الَّذِي تملَّك هُوَ وَأَبُوْهُ المَغْرِب.(10/483)
وَفِيْهَا: غَزَا صَاحِب مَا وَرَاء النَّهْر إِسْمَاعِيْل بن أَحْمَدَ بنِ أَسَد بلاَدَ التُّرْك، وَأَسرَ مَلِكَهُم فِي نَحْو مِنْ عَشْرَة آلاَف نَفْسٍ، وَقُتِلَ مثلَهُم وَزُلزلت دَيْبُل فَسقطَ أَكْثَرُ الْبَلَد، وَهَلك نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً ثُمَّ زُلزلت مرات، ومات أزيد من مئة أَلْف.
وَغزَا المُسْلِمُوْنَ أَرْض الرُّوْم فَافتتحُوا مَلُوريَة.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ: غَارت مِيَاهُ طَبَرِسْتَان حَتَّى لأَبيع المَاء ثَلاَثَة أَرطَال بِدِرْهَم وَجَاعُوا وَأَكلُوا المَيْتَةَ.
وَفِيْهَا: سَارَ المُعْتَضِد إِلَى الدِّيْنَوَر، وَرَجَعَ ثُمَّ قَصَدَ المَوْصِل لِحَرْب حَمْدَان بن حَمدُوْنَ جَدِّ بنِي حَمدَان، وَكَانَتِ الأَعرَابُ وَالأَكرَادُ قَدْ تحَالفُوا، وَخرجُوا فَالتقَاهُم المُعْتَضِد فَهَزَمَهُم فكان من غرق أكثر ثم قَصَد مَاردين فَهَرَبَ مِنْهُ حَمدَان فَحَاصَر مَارْدين، وَتَسَلَّمَهَا ثُمَّ ظَفِر بحَمْدَان فَسَجَنَهُ ثُمَّ حَاصر قلعَةً للأَكرَاد، وَأَمِيْرهُم شَدَّاد فَظَفِرَ بِهِ، وَهَدَمَهَا وَهَدَمَ دَارَ النَّدْوَة بِمَكَّةَ، وَصَيَّرهَا مَسْجِداً.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ أَبطل الْمُعْتَضد، وَقِيد النِّيرَان وشعار النيروز.
وقدمت النَّدَى بِنْتُ صَاحِب مِصْر مَعَ عَمِّهَا وَقِيْلَ: مَعَ عَمَّتِهَا العَبَّاسَة فَدَخَلَ بِهَا الْمُعْتَضد فَكَانَ جِهَازُهَا بِأَزيد مِنْ أَلف أَلف دِيْنَار، وَكَانَ صَدَاقُهَا خَمْسِيْنَ أَلف دِيْنَار وَقِيْلَ: كَانَ فِي جِهَازهَا أَرْبَعَةُ آلاَف تِكَّة مُجَوْهَرَة، وَكَانَتْ بديعَةَ الحُسْن جَيِّدَة العَقْل قِيْلَ: خَلاَ بِهَا المُعْتَضِدُ يَوْماً فَنَام عَلَى فَخِذِهَا قَالَ: فَوَضَعَتْ رأْسَهُ عَلَى مِخَدَّةٍ وَخَرَجتْ فَاسْتيقَظَ فَنَادَاهَا، وَغَضِبَ وَقَالَ: أَلَمْ أُحِلَّكِ إِكرَاماً لَكِ فَتَفْعَلِينَ هَذَا قَالَتْ: مَا جهلتُ إِكرَامكَ لِي، وَلَكِن فِيمَا أَدَّبنِي أَبِي أَنْ قَالَ: لاَ تنَامِي بَيْنَ جُلوس وَلاَ تجلسِي مَعَ النَّائِم.
وَيُقَالُ: كَانَ لَهَا أَلفُ هَاوُن ذَهب.
وَفِيْهَا: قَتَل خُمَارَويه صَاحِبَ مِصْر وَالشَّام غِلمَانُه لأَنَّهُ رَاوَدَهُم ثُمَّ أُخِذُوا، وَصُلبُوا وَتملَّك ابْنُهُ جَيْش فَقتلُوهُ بَعْد يَسير، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ هَارُوْنَ، وَقَرَّر عَلَى نَفْسه أَنْ يَحْمِلَ إِلَى المُعْتَضِد فِي العَام أَلْفَ أَلفِ دينار وخمس مائة ألف دينار.
وَفِيْهَا: قَتل المعتضدُ عَمَّه مُحَمَّداً لأَنَّهُ بَلَغَه أَنَّهُ يكَاتب خُمَارَويه.
وفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ: سَارَ الْمُعْتَضد إِلَى المَوْصِل لأَجل هَارُوْنَ الشَّارِي، وَكَانَ قَدْ عَاثَ، وَأَفْسَدَ وَامتَدَّت أَيَّامُه فَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ للمُعْتَضِد: إِنْ جِئْتُكَ بِهِ فلِي ثَلاَثُ حوائِج قَالَ: سَمِّهَا قَالَ: تُطْلِقْ أَبِي، وَالحَاجتَان: أَذكرهُمَا إِذَا أَتيتُ بِهِ قال: لك(10/484)
ذَلِكَ. قَالَ: وَأُريدُ أَنْ أَنتقي ثَلاَثَ مائَة بَطل قَالَ: نَعَمْ ثُمَّ خَرَجَ الحُسَيْن فِي طَلَبِ هَارُوْنَ فضَايقه فِي مخَاضَة، وَالتَقَوا فَانهزم أَصْحَابُ هَارُوْنَ، وَاخْتَفَى هُوَ ثُمَّ دَلَّ عَلَيْهِ أَعرَابٌ فَأَسَرَهُ الحُسَيْن، وَقَدِمَ بِهِ وَخَلَعَ المُعْتَضِد عَلَى الحُسَيْنِ وَطَوَّقَه، وَسَوَّره وَعُمِلَتِ الزِّينَة وَأُرْكِبَ هَارُوْنَ فيلاً، وَازدَحَمَ الخَلْقُ حَتَّى سَقَطَ كُرْسِيّ جِسر بَغْدَاد وَغَرِق خلق، وَوصلت تقَادم الصَّفَّار منها مائتا حمل مَال وَكُتبت الْكتب إِلَى الأَمصَار بِتَوْرِيثِ ذوِي الأَرْحَام.
وَفِيْهَا: غَلب رَافِع بن هَرْثمَة عَلَى نَيْسَابُوْر وَخَطَب بِهَا لِمُحَمَّدِ بنِ زَيْد العَلَوِيّ فَأَقبل الصَّفَّار، وَحَاصره ثُمَّ التَقَوا فَهَزمه الصَّفَّار وَسَاقَ خَلْفه إِلَى خُوَارِزم فَأَسَرَ رَافعاً وَقتلَه وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى المعتَضد وَلَيْسَ هُوَ بولدٍ لِهَرْثَمَة بن أَعْيَن بَلِ ابْن زَوجته.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: وَفِي سَنَةِ "284" عَزَم المعتَضِد عَلَى لَعْنَة مُعَاوِيَة عَلَى المَنَابر فَخوَّفه الوَزِيْرُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ، وَحَسم مَادَة اجتمَاع الشِّيْعَة، وَأَهْل البَيْت، وَمَنَع القُصَّاص مِنَ الكَلاَم جُمْلَةً، وَتجمع الْخلق يَوْم الجُمُعَة لقرَاءة مَا كتب فِي ذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ إِنشَاء الوَزِيْر فَقَالَ يُوْسُفُ القَاضِي: رَاجع أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ فَقَالَ: يَا أَمِيْر المؤمنين تخاف الفتنة فقال: إن تحركت العَامَّة، وَضَعْتُ السَّيْفَ فِيهِم قَالَ: فَمَا تصنع بِالعَلَوِيَّة الَّذِيْنَ هُم فِي كُلِّ قُطْر قَدْ خرجُوا عَلَيْك فَإِذَا سَمِعَ: النَّاس هَذَا مِنْ منَاقِبهم كَانُوا إِلَيْهِم أَمِيلَ وَأَبسطَ أَلسنَةً فَأَعْرَضَ الْمُعْتَضد عَنْ ذَلِكَ، وَعَقَد المُعْتَضِد لابْنهِ عليّ المكتفِي فَصَلَّى بِالنَّاسِ يَوْم النَّحْر.
وَفِي سَنَةِ سِتّ: سَارَ المُعْتَضِد بِجُيُوشِهِ فَنَازَل آمِد وَقَدْ عصَى بِهَا ابْن الشَّيْخ فَطَلبَ الأَمَانَ فآمَنَه، وَفِي وَسط العَام جَاءَ الْحمل مِنَ الصَّفَّار فَمَنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلاَف أَلف دِرْهَم.
وَفِيْهَا: تحَارب الصَّفَّار وَابْن أَسَد صَاحِب سَمَرْقَنْد، وَجَرَتْ أُمُورٌ ثُمَّ ظَفِر ابْنُ أَسَد بِالصَّفَّار أَسِيْراً فَرَفَقَ بِهِ، وَاحتَرَمَه وَجَاءت رُسُل الْمُعْتَضد تحثُّ فِي إِنفَاذه فَنفذ وَأُدخل بَغْدَاد أَسِيْراً عَلَى جمل، وَسُجن بَعْد مَمْلكَة الْعَجم عِشْرِيْنَ سَنَةً، ومبدأه: كَانَ هُوَ وَأَخُوْهُ يَعْقُوْب صَانِعَيْن فِي ضرب النُّحَاس وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ عَمْرو يكرِي الحَمِير فَلَمْ يَزَلْ مُكَارياً حَتَّى عَظُم شَأْنُ أَخِيْهِ يَعْقُوْب فتركَ الحَمِير، وَلحق بِهِ وَكَانَ الصَّفَّار يَقُوْلُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعمل عَلَى نَهْر جَيْحُون جِسْراً مِنْ ذَهب لفَعَلْت وَكَانَ مطبخِي يحمل على ست مئة جمل، وَأَركب فِي مائَةِ أَلْفٍ ثُمَّ صَيَّرنِي الدَّهْر إِلَى القَيْدِ، وَالذُّل فَيُقَالُ: إِنَّهُ خُنق عِنْد، وَفَاة المعتَضِد.
وَبَنَى المعتضدُ عَلَى البَصْرَةِ سُوراً وَحصَّنهَا.
وَظهر بِالبحرين رَأْسُ القرَامطَة أَبُو سعيد الجنابي، وكثرت جموعه وَانضَاف إِلَيْهِ بقَايَا الزَّنج، وَكَانَ كيَّالاً بِالبَصْرَةِ فَقِيْراً يَرفو الأَعدَال وَهُم يَسْتَخِفُّون بِهِ وَيسخرُوْنَ مِنْهُ فَآل أَمرُه(10/485)
إِلَى مَا آل وَهَزَم عَسَاكِر المُعْتَضِد مَرَّاتٍ، وَفعل العَظَائِم ثُمَّ ذُبِحَ فِي حَمَّام قصره فَخَلَفَه ابْنُهُ سُلَيْمَان الَّذِي أَخذ الحَجَر الأَسْوَد، وقتل الحجيج حول الكعبة وهو وجد أبي علي الذي غلب إلى الشام، وهلك الرملة فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِي سَنَةِ سبعٍ: اسْتفحلَ شَأْنُ القرَامطَة، وَأَسرفُوا فِي القَتْل، وَالسَّبِي وَالتَقَى الجنَّابِي، وَعَبَّاس الأَمِيْر فَأَسَرَه الجَنَّابِي، وَأَسَرَ عَامَّة عسكرِه ثُمَّ قَتَل الجَمِيْع سِوَى عَبَّاس فَجَاءَ إِلَى المعتَضد وَحدَه فِي أَسوأ حَالٍ.
وَوَقع الفَنَاء بِأَذْرَبِيْجَان حَتَّى عُدِمت الأَكفَان جُمْلَةً فكفنُوا فِي اللُّبُود.
وَاعْتل المعتَضد فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ ثُمَّ تمَاثَل وَانتَكَس فَمَاتَ فِي الشَّهر وَقَامَ المكتفِي لثمَانٍ بَقِيْنَ مِنِ الشَّهر وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ فَنَهَضَ بِالبَيْعَة لَهُ الوَزِيْرُ القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ.
وَعَنْ وَصيف الخَادِم قَالَ: سَمِعْتُ الْمُعْتَضد يَقُوْلُ عِنْد مَوْته:
تَمَتَّعْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ لاَ تَبْقَى ... وَخُذْ صَفْوَهَا مَا إِنْ صَفَتْ وَدَعِ الرَّنْقَا
وَلاَ تَأْمَنَنَّ الدَّهْرَ إِنِّيْ أَمِنْتُهُ ... فَلَمْ يُبْقِ لِي حَالاً وَلَمْ يَرْعَ لِي حَقَّا
قَتَلْتُ صَنَادِيْدَ الرِّجَالِ فَلَمْ أَدَعْ ... عَدُوّاً وَلَمْ أُمْهِلْ عَلَى ظِنَّةٍ خَلْقَا
وَأَخْلَيْتُ دُوْرَ المُلْكِ مِنْ كُلِّ بَازِلٍ ... وَشَتَّتُّهُم غَرْباً وَمَزَّقْتُهُم شَرْقَا
فَلَمَّا بَلَغْتُ النَّجْمَ عِزّاً وَرِفْعَةً ... وَدَانَتْ رِقَابُ الخَلْقِ أَجْمَع لِي رِقَّا
رَمَانِي الرَّدَى سَهْماً فَأَخْمَدَ جَمْرَتِي ... فها أناذا فِي حُفْرَتِي عَاجِلاً مُلْقَى
فَأَفْسَدْتُ دُنْيَايَ وَدِيْنِي سَفَاهَةً ... فَمَنْ ذَا الَّذِي مِنِّي بِمَصْرَعِهِ أَشْقَى
فيا ليت شِعْرِي بَعْدَ مَوْتِي مَا أَرَى ... إِلَى رَحْمَةٍ للهِ أَمْ نَارَهُ أَلقَى؟
وَقَالَ الصُّوْلِيُّ: قَالَ المُعْتَضِد:
يَا لاَ حِظِي بِالفُتُوْرِ وَالدَّعَجِ ... وَقَاتِلِي بالدلال والغنج
أَشْكُو إِلَيْكَ الَّذِي لَقِيْتُ مِنَ ال ... وَجْدِ فهل لي إليك من فرج
حللت بالظروف وَالجَمَالِ مِنَ النَّا ... سِ مَحَلَّ العُيُونِ وَالمُهَجِ
وَكَانَتْ خِلاَفَةُ المعتَضد تسعَ سِنِيْنَ، وَتسعَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّاماً، وَدُفِنَ فِي دَارِ الرخَام.
وَلعَبْدِ اللهِ بنِ المُعْتَزِّ يَرثيه:(10/486)
يَا سَاكِنَ القَبْرِ فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ ... بِالظَّاهِرِيَّةِ مُقْصَى الدَّارِ مُنْفَرِدَا
أَيْنَ الجُيُوشَ الَّتِي قَدْ كُنْتَ تَسْحَبُهَا؟ ... أَيْنَ الكُنُوزُ الَّتِي أَحْصَيْتَهَا عَدَداً؟
أَيْنَ السَّرِيْرُ الَّذِي قَدْ كُنْتَ تَمْلَؤُهُ ... مَهَابَةً مَنْ رَأَتْهُ عَيْنُهُ ارْتَعَدَا؟
أَيْنَ الأَعَادِي الأُوْلَى ذَلَّلْتَ مَصْعَبَهُمْ ... أَيْنَ اللُّيُوْثُ الَّتِي صَيَّرْتَهَا بُعَدَا؟
أَيْنَ الجِيَادُ الَّتِي حَجَّلْتَهَا بِدَمٍ" ... وَكُنَّ يَحْمِلْنَ مِنْكَ الضَّيْغَمَ الأَسَدَا
أَيْنَ الرِّمَاحُ الَّتِي غَذَّيْتَهَا مُهَجَا ... مُذْ مِتَّ مَا وَرَدَتْ قَلْباً وَلاَ كَبِدَا
أَيْنَ الجِنَان الَّتِي تَجْرِي جَدَاوِلُهَا ... وَتَسْتَجِيْبُ إِلَيْهَا الطَّائِرَ الغَرِدَا؟
أَيْنَ الوصَائِفُ كَالغِزْلاَنِ رَائِحَةً؟ ... يَسْحَبْنَ مِنْ حُلَلٍ مَوْشِيَةٍ جُددَا
أَيْنَ الملاَهِي وَأَيْنَ الرَّاحُ تَحْسَبُهَا ... يَاقُوْتَهً كُسِيَتْ مِنْ فِضَّةٍ زَرَدَا؟
أَيْنَ الوُثُوْبُ إِلَى الأَعْدَاءِ مُبْتَغِياً ... صَلاَحَ ملك بني العباس إذ فسدا؟
ما زلت تَقْسِرُ مِنْهُم كُلَّ قَسْوَرَةٍ ... وَتَخْبِطُ العَالِي الجَبَّارَ معتمدا
ثُمَّ انْقَضَيْتَ فَلاَ عَيْنٌ وَلاَ أَثَرٌ ... حَتَّى كَأَنَّكَ يَوْماً لَمْ تَكُنْ أَحَدا
وَقَدْ وَلِيَ الخِلاَفَةَ مِنْ بَنيه: المكتفِي عَلِيّ، وَالمُقْتَدِر جَعْفَر، وَالقَاهِر مُحَمَّد، وَلَهُ عِدَّةُ بنَاتٍ، وَهَارُوْن.(10/487)
2447- المكتفي بالله 1:
الخليفة أبو محمد علي بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق طلحة بن المُتَوَكِّلِ العَبَّاسِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ يُضْرَبُ بحسْنه المَثَلُ فِي زَمَانِهِ.
كَانَ مُعتدلَ القَامَة دُرِّيَّ اللَّوْنَ أَسْوَدَ الشَّعر حَسَنَ اللِّحْيَة.
بُوْيِع بِالخِلاَفَة عِنْد موت وَالده بِعَهْدٍ مِنْهُ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَاسْتَخلف سِتَّةَ أَعْوَامٍ وَنِصْفاً.
وَتُوُفِّيَ أَبُوْهُ وَهَذَا غَائِبٌ، فَقَامَ لَهُ بِالبَيْعَة الوَزِيْر أَبُو الحسين القاسم بن عبيد الله وَضَبَطَ لَهُ، مَا خَلَّف أَبُوْهُ فِي بُيوت المَال فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَب المِصْرِيّ عَشْرَة آلاَف أَلف دِيْنَار وَمن الجَوَاهِر مَا قيمتُه مِثْلُ ذَلِكَ، وَمن الدَّرَاهِم وَالخيل وَالثِّيَاب نسبَةُ ذَلِكَ وَقَسَّم القَاسِم فِي الجُنْد العَطَاء فسكنوا، وقدم المتكفي بَغْدَادَ مُنْحدراً فِي سُمَيْرِيَّة، وَكَانَ يَوْماً مشهوداً سَقَط طَائِفَةٌ مِنَ الجِسْر فِي دِجْلَة مِنْهُم أَبُو عُمَرَ القَاضِي فَأُخْرِجَ سَالماً، وَنَزَلَ المُكْتَفِي بِقَصْر الخِلاَفَة، وَتَكَلَّمْتِ الشُّعَرَاء فَخَلَع عَلَى القَاسِم سبعَ خِلع، وَقَلَّده سيفاً وَهَدَمَ المَطَامِير الَّتِي عَمِلهَا أَبُوْهُ، وَصَيَّرهَا مَسَاجِد، وَرَدَّ أَملاَك النَّاس إِلَيْهِم وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ أَخذهَا لعمل قَصْر، وَأَحُسْن السِّيْرَةِ فَأَحَبَّه النَّاس.
وَفِيْهَا: عَسْكَرَ مُحَمَّد بن هَارُوْنَ وَبيض وَالتُّقَى مُتَوَلِّي الرَّيّ فَهَزم جَيْشه، وَقَتَله وَقَتَلَ وَلَدَيْهِ وَقُوَّاده، وَتملك.
وَدَامت الزَّلزلَة بِبَغْدَادَ أَيَّاماً.
وهَبَّت بِالبَصْرَةِ رِيْحٌ قَلَعت أَكْثَر نخلهَا.
وَظهر زَكْرَوَيْه القِرْمطي، وَاسْتَغْوَى عَرب السَّوَاد وَأَخَاف السُّبُل، وَقَطَع الطُّرُق.
وَأَمَّا ابْن هارون: فاشتد بأسه، وبلغ عسكره مئة أَلْف فَسَارَ لِحَرْبِهِ عَسْكَرُ خُرَاسَان فَهَزمُوهُ إِلَى الدَّيْلَم وَتفلَّلَّ ذَلِكَ الْجمع فَالتَجَأَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلفٍ إِلَى الدَّيْلَم.
وَقَوي أَمر أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ دَاعِي العُبَيْدِيَّة بِالمَغْرِب.
وَصَلَّى المكتفي بالناس يوم الأضحى بالمصلى.
وَقُتِلَ الأَمِيْر بدر وَكَانَ المعتضدُ يُحِبُّه وَكَانَ شُجَاعاً جَوَاداً، وَقَدْ كَانَ القَاسِمُ الوَزِيْر هَمَّ عِنْد موت الْمُعْتَضد بنقلِ الخِلاَفَة إِلَى غَيْر ابْنه، وَنَاظَرَ بَدْراً فِي ذَلِكَ فَأَبَى عَلَيْهِ ثُمَّ خَافَ مِنْهُ، وَمَاتَ الْمُعْتَضد وَاتَّفَقَ غَيْبَة بَدْر بفَارِس، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المكتفِي شَيْء فَأَشَار القَاسِم عَلَى المكْتَفِي أَنْ يَأْمر بِإِقَامَة بَدْرٍ هُنَاكَ، وَخَوَّف المكتفِي مِنْهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَعَ يَانس الموفقي، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِخِلَعٍ وَعَشْرَةِ آلاَف أَلف دِرْهَم فَقَالَ: لاَ بُدَّ مِنَ القُدُوم لأُشَاهد مَوْلاَيَ فَقَالَ الوَزِيْر للمكتفِي: قَدْ جَاهَرَك، وَلاَ نَأْمَنه وَكَاتَبَ الوَزِيْر الأُمَرَاء الَّذِيْنَ مَعَ بَدْر بِالمجِيْء فَأَرُوا بدراً الكُتُبَ، وَقَالُوا: قُمْ مَعَنَا حَتَّى نَجْمَعَ بَيْنَكُمَا ثُمَّ فَارقوهُ وَقدمُوا ثُمَّ جَاءَ بدرٌ فَنَزَلَ وَاسطاً فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو خَازم القَاضِي وَقَالَ: اذهبْ إِلَى بدر بالأمان، والعهود فامتنع أبو خازم
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 316"، والعبر "2/ 102"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 31"، وفوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "3/ 5-6"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 183"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 219".(10/488)
وَقَالَ: لاَ أُؤَدِّي عَنِ الخَلِيْفَة إلَّا مَا أَسمَعُه مِنْهُ فَنَدَب الوَزِيْر أَبَا عُمر القَاضِي فسَارعَ، وَاجتَمَعَ بِبَدْرٍ وَأَعطَاهُ الأَمَان عَنِ المُكْتَفِي فَنَزَلَ فِي طيَار ليَأْتِي فَتَلَقَّاهُ لُؤْلُؤ غُلاَمُ الوَزِيْر فِي جَمَاعَةٍ فَأَصعدُوهُ إِلَى جَزِيْرَة فَلَمَّا عَايَنَ المَوْتَ قَالَ: دعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَوصي فذبحوه وهو في الركعة الثانية الجُمُعَةِ السَّابع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَذَمَّ النَّاسُ أَبَا عُمَر.
وَفِيْهَا: دَخَلَ عُبَيْد اللهِ المَهْدِيّ إِلَى المَغْرِب مُتَنَكِّراً فَقَبَض عَلَيْهِ مُتَوَلِّي سِجِلْمَاسَة.
وَسَارَ يَحْيَى بن زَكْرَويه القِرْمِطي وَحَاصَرَ دِمَشْق، وبها طغج فضعف عن القراطمة فَقُتل يَحْيَى فِي الحِصَار، وَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ الحُسَيْن وَسَارَ المكتفِي بِجُيُوشِهِ إِلَى المَوْصِل، وَتقدَّمه إلى حلب أبو الأعز فَبيَّتهُم القِرْمطي فَقتل مِنَ المُسْلِمِيْنَ تسعَة آلاَف وَوصل المكتفِي إِلَى الرَّقَّةِ، وَعظُم البلاَءُ بِالقَرَامطَة ثُمَّ أَوقع بِهِم العَسْكَر، وَهَرَبُوا إِلَى البَادِيَة يَعيثُونَ وَيَنهبُون، وَتَبعهُم الحُسَيْن بن حَمدَان، وَعِدَّة أُمرَاء يطردونَهُم وَكَانَ يَحْيَى المَقْتُول يَدَّعِي أَنَّهُ حُسَينِي رمَاهُ بَرْبَرِيٌ بِحَرْبَةٍ ثُمَّ قتل أَخُوْهُ الحُسَيْن صَاحِب الشَّامَة.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ: زوَّج المكتفِي وَلدَه ببنتِ الوَزِيْر عَلَى مائَة أَلْف دِيْنَار، وَخَلَعَ الوَزِيْر يَوْمَئِذٍ عَلَى الأَعيَان أَرْبَعَ مائَة خِلْعَة.
وَفِيْهَا: أَقبلت جُموع التُّرْكِ فَبيتهُم وَالِي خُرَاسَان إِسْمَاعِيْل، وَقتلُوا مِنْهُم مَقْتَلَةً عَظِيْمَةً، وَأَقبلتِ الرُّوْم فِي مائَةِ أَلْفٍ وأتوا إلى الحدث فَأَحرقوهُ، وَقَتلُوا وَسَبوا.
وَفِيْهَا: سَارَ عَسْكَرُ طَرَسُوْس فَافتتحُوا أَنطَاكيَة وَحَصَّل سَهْم الفَارِس أَلْفَ دِيْنَار، وَأُسِرَ صَاحِب الشَّامَة، وَقرَابتُه الْمُدثر وَعِدَّة فَقُتلُوا وَأُحْرِقُوا.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ: سَارَ مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ بجيوش المُكْتَفِي إِلَى مِصْرَ فَالتَقَوا غَيْرَ مَرَّةٍ ثُمَّ اخْتلف جَيْشُ مِصْر فَخَرَجَ مَلِكهُم هَارُوْنَ بن خُمَارويه ليسكِّنهُم فرمَاهُ مغربِي بِسَهْم قَتَلَه، وَاسْتَوْلَى مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ عَلَى مِصْرَ، وَأَسَرَ بَضْعَةَ عشرَ قَائِداً وَدَانت البِلاَد للمكتفِي وَزَادتْ دجلَة حَتَّى بلغتْ أَحَداً وَعِشْرِيْنَ ذراعًا، وأخرجت مالا يعبر عنه.
وفي آخرها: خرج بمصر الخنجي، وتمكن، فتجهز فتك لِحَرْبِهِ.
وفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ: التقَى الخَلَنْجِي وَجيش المكتفِي بِالعَرِيْش، فَهَزمَهُم أَقبحَ هَزيمَة، وَنَازَل دِمَشْقَ أخو القرمطي، واسباح طَبَرَيَّة، وَسَارُوا عَلَى السَّمَاوَة، فنهبُوا هِيْتَ، وَوثَبتِ القَرَامِطَة يَوْمَ النَّحْر عَلَى الكُوْفَةِ، فَحَارَبهُم أَهلُهَا، ثم حاربوا عسكر المكتفي أيضًا وهزموه.
وَالتَقَى فَاتك المُعْتَضِدي وَالخَلَنْجِي، فَانهزم عَسْكَرُ الخَلَنْجِي، واختفى هون ثُمَّ أُسِرَ هُوَ وَعِدَّة.(10/489)
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ: أَخذ زكْرَوَيْه القِرْمِطي رَكْبَ العِرَاق، وَكُنَّ نسَاء العَرب يُجْهِزْنَ عَلَى الجرحَى فيُقَال: قَتلُوا عِشْرِيْنَ أَلْفاً وَأَخَذُوا مَا قيمتُه أَلْفَا أَلفِ دِيْنَار وَوقع النَّوح فِي الْمدن، وَجَهَّزَ المكتفِي جيشاً لِحَرْبِهِ فَلاَ تسأَل مَا فَعَلَ هَذَا الكَلْبُ بِالوَفْد ثُمَّ التَقَوا فَقُتل عَامَّةُ أَصْحَاب زَكْرَوَيْه، وَأُسِرَ هُوَ وَعِدَّة ثُمَّ مَاتَ مِنْ جِرَاحه وَأُحْرِقَ هُوَ وَجَمَاعَة.
وفِي سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ: كَانَ الفِدَاء بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ، وَالرُّوْم فَافْتُكَّ نَحْو ثَلاَثَة آلاَف نَفَر.
وَمَاتَ المكتفِي شَابّاً فِي سَابع ذِي القعدة من السنة.
ذكر أبو منصورالثعالبي قَالَ: حَكَى إِبْرَاهِيْم بن نُوْح أَنَّ المكتفِي خَلَّف مِنَ الذَّهب مائَة أَلْف أَلف دِيْنَار، هَكَذَا قَالَ وَهُوَ بعيد جِدّاً قَالَ: وَخَلَّفَ ثَلاَثَة وَسِتِّيْنَ أَلْفَ ثَوْب وَبُوْيِع بَعْدَهُ أَخُوْهُ الْمُقْتَدر.
وَاسم أُمّ المكتفِي: جنجق التُّرْكية.
مَاتَ فِي ثَالث عشر ذِي القَعْدَةِ، وَعَاشَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ سنَةً وَأَشهراً.
وَخلَّف مِنَ الأَولاَد: مُحَمَّداً وجعفرًا والفضل وعبد الله وعبد الملك وعبد الصمد وَمُوْسَى وَعِيْسَى.
وَمَاتَ وَزيره القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ وَهْب فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَوَزَرَ لَهُ العباس بن الحسن.
وَكَانَ عَلَى شُرْطَته مُؤْنس، وَالوَاثقي ثُمَّ سُوسن مَوْلاَهُ وَحَاجِبه وَعَلَى قَضَاء بَغْدَاد يُوْسُف بن يعقوب القاضي، وابنه محمد وأبو خازم عبد الحميد، وعبد الله بن عَلِيِّ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ بَعْد أَبِي خازم.(10/490)
2448- ثابت بن قُرَّة 1:
الصابئ الشَّقي الحَرَّانِيّ فيلسوفُ عصره.
كَانَ صَيْرَفِياً، فصحِبَ ابْنَ شَاكِر، وَكَانَ يَتَوَقَّدُ ذكَاءً فَبَرَعَ فِي عِلم الأَوَائِل وَصَارَ مُنَجِّمَ المُعْتَضِد فَكَانَ يَجلسُ مَعَ الخَلِيْفَةِ، وَوَزِيْرُه وَاقفٌ وَنَال مِنَ الرِّئاسَة، وَالأَمْوَال فُنوناً.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَة: لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مَنْ يمَاثلُه فِي الطِّبّ وَجَمِيْعِ الفلسفَة.
وَتَصَانِيْفُه فَائِقَةٌ أَقطَعَه المعتضدُ ضِيَاعاً جليلة.
من تَلاَمِذته: عِيْسَى بن أَسِيد النَّصْرَانِيّ المَشْهُوْر.
قُلْتُ: كَانَ عجباً فِي الرِّيَاضي إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي ذَلِكَ، وَكَانَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيْم رَأْسَ الأَطباء، وَكَذَلِكَ حفيدُه، ثَابِت بن سِنَانٍ الطَّبِيْب صَاحِب "التَّارِيْخ" المَشْهُوْر مَاتُوا عَلَى ضَلاَلهُم وَلهُم عَقِب صَائِبَة فَابْن قُرَّة هُوَ أَصل رِئاسَة الصَّابِئَة المتجددَة بالعراق فتنبه الأمر.
مات سنة ثمان وثمانين ومائتين.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 128"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 196".(10/490)
2449- البُحْتُرِي 1:
شَاعرُ الوَقْت، وَصَاحب الدِّيْوَان المَشْهُوْر أَبُو عُبَادَة الوَلِيْد بن عُبَيْدٍ بن يَحْيَى بنِ عُبَيْد الطَّائِيّ البُحْتُرِي المَنْبِجِي.
مَدَحَ الخُلَفَاءَ وَالوزرَاءَ وَصَاحِبَ مِصْر خُمَارويه.
حَكَى عَنْهُ: القَاضِي المَحَامِلِيّ، وَالصُّوْلِيّ وَأَبُو المَيْمُوْنِ رَاشِد، وَعَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ دُرُسْتُوَيْه النَّحْوِيّ.
وَعَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً. وَنَظْمُه فِي أَعْلَى الذُّرْوَة.
وَقَدِ اجتَمَع بِأَبِي تَمَّام الطَّائِيّ، وَأَرَاهُ شِعْره، فَأُعْجِبَ بِهِ، وَقَالَ: أَنْتَ أَمِيْرُ الشّعر بَعْدِي.
قَالَ: فَسُرِرتُ بِقَوله.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: أَنشدنَا شَاعر دَهْره، وَنسيجُ وَحدِه، أَبُو عُبَادَة البُحترِي.
وَقِيْلَ: كَانَ فِي صِباهُ يَمدح أَصْحَابَ البَصَل وَالبَقْل.
وَقِيْلَ: أَنشد أَبَا تَمَّام قَصِيْدَةً لَهُ فَقَالَ: نَعيتَ إِليَّ نَفْسِي.
وَقِيْلَ: سُئِلَ أَبُو العَلاَء المَعَرِّي: مَن أَشعر الثَّلاَثَة: أَبُو تَمَّام، وَالبُحْتُرِي، وَالمُتَنَبِّي؟ فَقَالَ: حَكِيْمَان، والشاعر: البحتري.
للبحتري "حمَاسَة" كـ"حمَاسَة" أَبِي تَمَّام وَكِتَاب معَانِي الشِّعر.
مَاتَ بِمَنْبِج، وَقِيْلَ: بِحَلَب، سَنَةَ ثَلاَثٍ، أو أربع وثمانين ومئتين.
وَلَهُ أَملاَك بِمنبج وَحَفيدَان، هُمَا: أَبُو عُبَادَة، وعبيد الله ابنا يحيى ابن البُحترِي اللذَان مَدَحهُمَا المتنبِي، وَكَانَا رَئِيْسَيْن فِي زمَانِهِمَا.
مَاتَ مَعَهُ: شَاعرُ زمَانه أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبُو العَبَّاسِ بن الرُّوْمِيّ صَاحِب التشبيهات البديعة.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "21/ 39"، وتاريخ بغداد "31/ 476"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 11"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "9/ 248"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 770"، والعبر "2/ 73"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 99"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 186".(10/491)
2450- ابن الأغلب:
صَاحِبُ المَغْرِب، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْم بن أَحْمَدَ بنِ الأَغلب بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَغلب بن تَمِيْم التَّمِيْمِيّ الأَغْلَبِيّ القَيْرَوَانِي، ابْن أُمَرَاء القَيْرَوَان.
وَلِي سَنَة إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ مَلكَا حَازماً صَارماً مَهِيْباً كَانَتِ التُّجَّار تسير فِي الأمن من مصر إِلَى سَبْتَة لاَ تُعَارَض، وَلاَ تُرَوَّع.
ابتنَى الحُصُون وَالمحَارس بحيثُ كَانَتْ توَقَدِ النَّار فَتَتَّصل فِي لَيْلَةٍ إِذَا حَدَث أَمر مِن سَبْتَة إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّة بحيثُ إِنَّهُ يُقَال: قَدْ أُنشئ فِي البِلاَد مِنْ بنَائِه، وَبنَاء آبَائِهِ ثَلاَثُوْنَ أَلْف مَعْقِل، وَهُوَ الَّذِي مَصَّر مَدِيْنَة سُوسَة.
وَقَدْ دونت أَيَّامه وَعدله جوده، وَكَانَ سَدِيْدَ السِّيرَة شَهْماً ظفِر بِامْرَأَةٍ مُتَعَبِّدَةٍ قَادت قودَة فَدَفَنَهَا حَيَّةً، وَشَنَقَ سَبْعَة أَجنَاد أَخذُوا لتَاجر ثَلاَثَة آلاَف دِيْنَار بَعْدَ أَنْ قَرَّرهُم وَأَخَذَ الذّهب لَمْ ينقُصْ سِوَى سَبْعَةِ دَنَانِيْر فَوَزَنَهَا مِنْ عِنْدِهِ.
وَقِيْلَ: جَاءهُ رَجُل فَقَالَ: قَدْ عَشِقْتُ جَارِيَةً، وثمنُهَا خمسُوْنَ دِيْنَاراً وَمَا مَعِي إلَّا ثَلاَثُوْنَ فَوَهَبَه مائَة دِيْنَارٍ فسَمِعَ بِهِ آخر فَجَاءَ، وَقَالَ: إِنِّيْ عَاشق قَالَ: فَمَا تَجِد قَالَ: لَهيباً قَالَ: اغمِسُوهُ فِي المَاءِ فغمسوهُ مَرَّاتٍ، وَهُوَ يَصيح: ذَهَبَ العِشْق فَضَحِكَ، وَأَمَرَ لَهُ بِثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً.
ثمَّ إِنَّهُ تَسَوْدن وَقَتَلَ إِخوته ثُمَّ عُوفِي وَتَابَ وَتَصَدَّق.
ثمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الشِّيْعِيّ دَاعِي عُبَيْد اللهِ المَهْدِيّ، وَحَارَبَه وَجَرَتْ أُمُورٌ طَوِيْلَةٌ بَعْضُهَا فِي "تَارِيْخ الإِسْلاَم".
تُوُفِّيَ غَازياً بِصِقِلِّيَّة: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَتملك ابْنُهُ عَبْد اللهِ، فَكَانَ دَيِّناً عَالِماً، بَطَلاً، شُجَاعاً، شَاعِراً، فَقَتَلَهُ غِلمَانه غِيْلَة بَعْدَ عَام وَتملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ زِيَادَة الله.(10/492)
أحمد بن خليد، وأخو السراج:
2451- أَحْمَدُ بنُ خُلَيد:
أَبُو عَبْدِ اللهِ الكِنْدِيُّ الحَلَبِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيّ وَالحُمَيْدِيّ وَمُحَمَّد بن عِيْسَى بنِ الطَّبَّاع، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ صَاحِبَ رِحلَة وَمَعْرِفَة، وَطَالَ عُمُرُهُ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بن أَحْمَدَ المِصِّيْصِيّ وَأَحْمَد بن مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ وَآخَرُوْنَ.
مَا علمت بِهِ بَأْساً.
2452- أَخُو السَّرَّاج:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الثَّقَفِيُّ السَّرَّاجُ شَيْخٌ إِمَامٌ ثِقَةٌ نيسَابورِي سَكَنَ بَغْدَادَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَيَزِيْد بن صَالِحٍ الفَرَّاء، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ وَيَحْيَى الحماني.
وعنه: أخوه أبو العباس وَأَحْمَد بن المُنَادِي وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ وأبو بكر الشافعي.
وثقه الدارقطني.
وَكَانَ الإِمَام أَحْمَد يَأْنَس بِهِ، وَينبسط فِي منزلَة وَهُوَ مِنْ تَلاَمِذَة أَحْمَد.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخُوْهُ: الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ.(10/493)
إسماعيل بن إسحاق الثقفي السراج، المغازلي:
2453- إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ السَّرَّاج 1:
سَكَنَ هُوَ وَأَخُوْهُ بَغْدَاد.
فَحَدَّثَ عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ وَإِسْحَاق، وَعِدَّة وَلاَزم الإِمَام أَحْمَد.
حَدَّثَ عَنْهُ: دَعْلَج، وَابْنُ قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَيُقَالُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ. والأول أصح.
2454- المَغَازلي 2:
الإِمَامُ، الوَلِيّ، أَبُو بَكْرٍ بنُ المُنْذِر المغَازلِيُّ، البَغْدَادِيّ، العَابِد، صَاحِبُ الإِمَام أَحْمَد.
اسْمه بدر، وَقِيْلَ: أَحْمَدُ.
حَدَّثَ عَنْ: مُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرٍو الأزدي، وغيره.
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَأَحْمَد بن يُوْسُفَ العَطَّار، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَكَانَ ثِقَةً، رَبَّانِيّاً، قَانعاً بِكِسْرَةٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: أَطبقتِ الأَلسنَةُ مِنَ الحنَابِلَةِ وَالمُحَدِّثِيْنَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ البُدَلاَء، لَهُ أَحْوَال عَجِيْبَة.
وَكَانَ الخَلاَّل يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يُقَدم بَدْراً وَيُكْرِمه، وَكُنْتَ إِذَا رَأَيْتهُ وَرَأَيْت منزلَه شَهدت لَهُ بِالصَّبْر وَالصَّلاَح.
وَقِيْلَ: كَانَ أَحْمَدُ يتعجَّب مِنْهُ، وَيَقُوْلُ: مَنْ مِثْلُه؟! قَدْ مَلَك لسَانه.
وَيُقَالُ: بَاعت زَوْجَة بَدْرٍ بيتَهَا بِثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، فَأَشَار عَلَيْهَا، فتَصَدَّقت بِهَا، وَصَبَراً عَلَى قوتِ يَوْمٍ بِيَوْمٍ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
كَانَ يَتَقَوَّت مِنْ كسبه.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 19".
2 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 577"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 153".(10/494)
2455- أبو قَبِيصة 1:
الإِمَامُ، الخَيِّرُ، الصَّادِقُ، أَبُو قَبِيْصَة، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَة بن القَعْقَاع، الضَّبِّيّ الكُوْفِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ المُقْرِئ.
سَمِعَ مِنْ: سَعدويه الوَاسِطِيّ، وَعَاصِم بن عَلِيٍّ، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ السماك، وأبو بكر الشافعي، والخطبي وآخرون.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَرَوَى الخَطِيْبُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ يُوْسُف الْقَوَّاس: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ: سَأَلْتُ أَبَا قَبِيْصَة الضَّبِّيّ -وَكَانَ مِنْ أَدْرَس مَن رَأَينَاهُ للقُرآن- عَنْ أَكْثَر مَا قرأَ فِي يَوْمِ وَكَانَ يوصَف بِسُرعَة القِرَاءة فَامْتَنَعَ أَنْ يُخبرنِي فَلَمْ أَزَل بِهِ حَتَّى قَالَ: قَرَأْتُ فِي يَوْمٍ مِن أَيَّامِ الصَّيْف أَرْبَعَ ختم وَبلغتُ فِي الخَامِسَة إِلَى {بَرَاءَة} ، وَأَذنت العَصْر قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَهْل الصِّدْق.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأول سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "2/ 314"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 156".(10/495)
2456- محمد بن محمد بن رَجَاء 1:
ابن السندي: الإِمَامُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، مُصَنِّفُ "الصَّحِيْحِ" المخرَّج عَلَى كِتَاب مُسْلِمٍ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيِّ بن المَدِيْنِيِّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَقرَانهُم.
وَأَكْثَر التَّرْحَال، وبرع في هذا الشأن.
حدث عنه: أبو عَوَانَةَ الحَافِظُ، وَابْنُ الشَّرْقِيّ، وَابْن الأَخْرَم، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم فَقَالَ: كَانَ دَيِّناً ثَبْتاً، مقدَّماً فِي عصره، سَمِعَ من جَدِّهِ رَجَاء بن السِّنْدِيّ ثُمَّ سَمَّى طَائِفَةً.
قَالَ بِشْر بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ: مَاتَ أَبُو بكر في سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 371"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 706"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 193".(10/495)
2457- إبراهيم بن مَعْقِل 1:
ابن الحجاج: الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ القَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ النَّسفِي قَاضِي مَدِيْنَة نَسَف الَّتِي يُقَال لَهَا أَيْضاً: نَخْشَب.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَجُبارَة بن المُغَلِّس، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَأَبَا كُرَيْب وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَطَبَقَتهُم وَلَهُ رِحلَةٌ وَاسِعَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ الطَّغَامِي، وَخَلَف بن مُحَمَّدٍ الخَيَّام، وَعَبْد المُؤْمِنِ بن خَلَفٍ، وَمُحَمَّد بن زَكَرِيَّا، وَوَلَده سَعِيْد بن إِبْرَاهِيْمَ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ حَافظ مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: لَهُ "المُسْنَد الكَبِيْر"، وَ"التَّفْسِيْر"، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَحَدَّثَ بصَحِيْح البُخَارِيّ عَنْهُ، وَكَانَ فَقِيْهاً مجتهدًا
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 707"، والعبر "2/ 100"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 149"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 164"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 218".(10/496)
2458- الغَسِيلي 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المصَنِّفُ؛ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إسحاق بن عِيْسَى بن سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْظَلَة بن الغَسيل الأَنْصَارِيّ البَغْدَادِيّ، الغَسِيْلِيّ.
سَمِعَ: أَبَا إِبْرَاهِيْم التَرْجُمَانِي، وَمُحَمَّد بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْناً، وَأَحْمَد بنَ مَنِيْعٍ، وَمُجَاهد بن مُوْسَى، وَطَبَقَتهُم وَخَرَّجَ وَجَمَع.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَحسَّان بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَآخَرُوْنَ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى البُوْشَنْجِيّ.
وَحَدَّثَ بهَرَاة وَنيسَابور بتَصَانِيْفه.
وَحَضَرَ أَجَلُه ببوشنج في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في المجروحين لابن حبان "1/ 119"، واللباب لابن الأثير "2/ 382"، وميزان الاعتدل "1/ 18"، ولسان الميزان "1/ 30".(10/496)
2459- ابن مسروق 1:
الشَّيْخُ: الزَّاهِدُ، الجَلِيْلُ، الإِمَامُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُوْق البَغْدَادِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ.
يَرْوِي عَنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْد، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَمن بَعْدهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَجَعْفَر الخلدي، وحبيب القزاز، ومخلد البَاقَرْحِي، وَابْن عُبَيْد العَسْكرِي، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي، وَآخَرُوْنَ.
سمِعنَا "القنَاعَة" مِنْ تَأْلِيفه.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: صحب الحَارِث المُحَاسبِي، وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيّ، وَالسَّرِيّ السَّقَطِيّ.
وَهُوَ القَائِلُ: التَّصوُّف: خُلُو الأَسرَار مِمَّا مِنْهُ بدٌّ، وَتعلُّقُهَا بِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ.
وَقَدْ كَانَ الجُنَيْد يحترِمُ ابْن مَسْرُوْق، وَيعتقِد فِيْهِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لِضَيْف: الضِّيَافَة ثَلاَث، فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَة عليّ.
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَعَاشَ أَربعَا وَثَمَانِيْنَ سنة، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 100"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 98"، وميزان الاعتدال "1/ 150" ولسان الميزان "3/ 177"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 227".(10/497)
2460- ابن الرومي 1:
شاعر زمانه مع البحتري، أبوالحسن عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ بنِ جُرَيْج، مَوْلَى آلِ المنصور.
لَهُ النَّظم العَجيب، وَالتَّوليد الغَريب. رتَّب شِعْرَه الصُّوْلِيّ. وَكَانَ رَأْساً فِي الهِجَاء، وَفِي الْمَدِيح وَهُوَ القَائِلُ:
آرَاؤُكُم وَوُجُوْهُكُم وَسُيُوُفُكُم ... فِي الحَادِثَاتِ إِذَا دَجَوْنَ نُجُوْمُ
مِنْهَا مَعَالِمُ لِلْهُدَى وَمَصَابحٌ ... تَجْلُو الدُّجَى وَالأُخْرَيَاتُ رُجُومُ
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ لِليْلَتَيْنِ بقيتَا مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ.
قِيْلَ: إِنَّ القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ الوَزِيْر كَانَ يخَافُ مِنْ هَجْو ابْن الرُّوْمِيّ فَدَسَّ عليهمن أطعمه خشكناكة مسمومة فأحسن بِالسُّمِّ فَوَثَبَ فَقَالَ الوَزِيْرُ: إِلَى أَيْنَ قَالَ: إِلَى مَوْضِع بعثْتَنِي إِلَيْهِ قَالَ: سَلِّم عَلَى أَبِي قَالَ: مَا طَرِيْقي عَلَى النَّار فَبقي أيامًا ومات.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 12"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 165"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 463"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 188".(10/497)
2461- تميم بن محمد بن طُمْغَاج 1:
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الجَوَّالُ الثِّقَةُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيّ، صَاحِبُ المُسْنَدِ الكَبِيْر عَلَى الرِّجَال.
طَوَّف، وَسَمِعَ مِنْ: شَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَأَحْمَد بنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيِّ بنِ حجر، وإبراهيم بن الحجاج السَّامِي، وَمُحَمَّد بن رُمْح، وَحَرْمَلَة وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ، وَأَبِي الرَّبِيْع الرَّشْدِينِي، وَالحَارِث بن مِسْكِيْن، وَسُلَيْمَان بن سَلَمَةَ الخبَائِرِي، وَطَبَقَتهم بِخُرَاسَانَ وَالحِجَاز وَمِصْر وَالشَّام وَالعِرَاق.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَن بن سفيان رفقية، وَعَلِيّ بن حُمْشَاذ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ -نعم سَهَوت- وَإِنَّمَا حَدَّثَ الحَسَن بن سُفْيَان عَنْ وَلده أَبِي بَكْرٍ بنِ الحَسَنِ عَنْ تَمِيْم.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: هُوَ مُحَدِّثٌ ثِقَةٌ مُصَنِّفٌ جَمَعَ المُسْنَد الكَبِيْر، وَلَمْ يذكر لَهُ وَفَاةً.
وَمِمَّنْ رَوَى عنه: أبو النضير الفَقِيْه.
وَلَعَلَّهُ تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ أَوِ التسعين ومائتين.
وطمغاج: بضم أوله.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 696".(10/498)
2462- عبيد الله بن سليمان 1:
ابن وهب: الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ وَزِيْرُ المُعْتَضِد.
كَانَ شَهْماً، مَهِيْباً، شَدِيْدَ الوطأَة قويّ السَّطْوَة نَاهِضاً بِأَعْباء الأُمُور مُتَمكناً مِنَ المعتضِد.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَة ثَمَانٍ، وَثَمَانِيْنَ وَمائِتين.
وَهُوَ وَلد الوَزِيْر الكَبِيْر الَّذِي مَاتَ أَيَّام المُعْتَمِد، وَوَالدُ الوَزِيْر الكَبِيْر القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ.
وَقَدْ عَمِل الوِزَارَة لأَبِي العَبَّاسِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخلف فَوجَدَه فَوْقَ مَا فِي النَّفْس فَرَدَّ أَعباءَ الأُمُور إِلَيْهِ وَبلغ مِنَ الرُّتْبَة مَا لَمْ يَبْلُغْهُ، وَزِيْرٌ وَكَانَ عَديم النَّظير فِي السِّيَاسَة وَالتَّدْبِيْر وَالإِعتنَاء بِالصَّديق اخْتَفَى مَرَّة عِنْد تَاجر فَلَمَّا، وَزَرَ وَصَلَه فِي يَوْمٍ بِمائَة أَلف دِيْنَار مِن غَلَّةٍ عَظِيْمَةٍ بَاعَه إِيَّاهَا بِرُخْص فَربح فِيْهَا مائَة أَلْف دِيْنَار.
وَقَدْ علَّم لإِسْمَاعِيْل القَاضِي فِي سَاعَةٍ عَلَى سِتِّيْنَ قِصَّةً.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَعِنْد دَفْنه قَالَ ابْنُ المُعْتَزّ:
هَذَا أَبُو القَاسِمِ فِي لَحْدِهِ ... قِفُوا انْظُرُوا كَيْفَ تَزُوْلُ الجِبَال
وَقَالَ أَيْضاً فِيْهِ:
وَمَا كَانَ رِيْحُ المِسْكِ رِيْح حَنُوطه ... وَلَكِنَّهُ هَذَا الثَّنَاءُ المُخَلَّفُ
وَلَيْسَ صَرِيْرَ النَّعْشِ مَا تَسْمَعُوْنَهُ ... وَلَكِنَّهُ أَصْلاَبُ قوم تقصف
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 122".(10/499)
2463- القباني 1: "خَ"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ شَيْخ المُحَدِّثِيْنَ بِخُرَاسَانَ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيّ.
أَخْبَرَنَا العِزّ بن الفَرَّاء، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُوَفَّق الدِّيْنِ بن قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ البَطِّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بن خَيْرُوْن، وَقَرَأْتُ عَلَى التَّاج عَبْد الخَالِق: أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَنِ، وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْل بن عمِيرَة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ بن رَاجح قَالاَ: أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْد السَّلاَم قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البُرْقَانِيُّ قَرَأتُ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُم الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ شُمَيْل، حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنِ الحكم: سَمِعْتُ ذرّاً عَنِ ابْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبْزَى قَالَ الحكم، وَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ عبد الرحمن ابن أَبْزَى عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَجُلاً أَتَى عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّيْ أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ المَاءَ قَالَ: لاَ تصلِّ حَتَّى تَغْتَسِل فَقَالَ عَمَّار: أَمَا تذْكر يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ إِذْ أَنَا، وَأَنْت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ فصَلَّيْت فَلَمَّا أَتينَا النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكرت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك" وَضرب بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض ثُمَّ نفخ فِيْهِمَا وَمسح بِهِمَا وَجهه وَكفَّيه فَقَالَ عُمَر.
اتَّقِ الله يَا عَمَّار فَقَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ إِنْ شِئْت لمَا جعل الله عليّ مِنْ حقّك لاَ أُحَدِّث فِيْه أَحَداً.
رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيْثِ شُعبَة ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ النَّضْر عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الحكم، وَذَكَرَهُ فَقَدْ وَصله الحُسَيْن أَحَد الأَثبَات.
ذَكَرَهُ الحَاكِم فَقَالَ: أَحَد أَركَانَ الحَدِيْث، وَحفَّاظ الدُّنْيَا رَحل وَأَكْثَر السَّمَاع وَصَنَّفَ "المُسْنَد"، وَ"الأَبْوَاب" وَ"التَّارِيْخ" وَ"الكنَى" وَدُوِّنت فِي الدُّنْيَا.
قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَسَهْل بن عُثْمَان، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَالحُسَيْن بن الضَّحَّاك، وَسُرَيْج بن يُوْنُس، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَأَبَا مَعْمر الهُذَلِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بن أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِر الحِزَامِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَعُبَيْد الله بن عُمَر القَوَارِيْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، وَطَبَقَتهُم بِخُرَاسَان وَالحَرَمَيْن وَالعِرَاق وَتقدَّم فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيّ شَيْخه وَزَكَرِيَّا بن مُحَمَّدِ بنِ بَكَّار، وَأَحْمَد مُحَمَّد بن عَبِيْدَة، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم الهَاشِمِيّ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العنبري، ومحمد بن يعقوب الشيباني، وآخرون.
قَالَ البُخَارِيُّ فِي الطِّبّ مِنْ "صَحِيْحه": حَدَّثَنَا حُسَيْن، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن منيع ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكلاَباذِي وَالحَاكِم: هُوَ القبَّانِي.
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "10/ 43-44"، واللباب لابن الأثير "3/ 12"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 702"، وميزان الاعتدال "1/ 545"، والعبر "2/ 83"، وتهذيب التهذيب "2/ 368"، وخلاصة الحزرجي "1/ ترجمة 1452"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 201".(10/500)
وَقَالَ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبِيْدَة: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: كَانَ لزِيَاد جَدِّي قبَّان، وَلَمْ يَكُنْ وَزَّاناً وَلَمْ يَكُنْ بِنَيْسَابُوْر إِذَا ذَاكَ كَبِيْر قبَّان، وَكَانَ النَّاس إِذَا أرادوا أن يزنوا شيئًا استعاورا قبَّان جَدِّي فشُهِر بِالقبَّانِي، وَكَانَ حمل القبَّان مَعَهُ مِنْ بِلاَد فَارِس إِلَى نَيْسَابُوْر.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ القبَّانِي قَدْ سَمِعَ "مُسْنَد أَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ" مِنْهُ، وَكَانَ مُلاَزماً لِلْبُخَارِيِّ في إقامته يرجِّح أَنَّهُ هُوَ وَقِيْلَ: بَلْ هُوَ الحُسَيْن بن يَحْيَى بنِ جَعْفَرٍ البِيْكَنْدِيّ.
وَمِمَّنْ رَوَى عنه: دعلج السجزي.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ مَجْمَع أَهْل الحَدِيْث عِنْدَهُ بَعْد مُسْلِم بن الحَجَّاج.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ: سَمِعْتُ الحُسَيْن القبَّانِي يَقُوْلُ: حدثت البُخَارِيّ بِحَدِيْثٍ عَنْ سُرَيْج بن يُوْنُس فرَأَيْت فِي كِتَاب بَعْض الطلبَة: قَدْ سَمِعَهُ مِنَ البُخَارِيّ عَنِّي.
قَالَ ابْنُ الأَخْرَم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ القبَّانِي، وَسُئِلَ عَنْ مُحَمَّدِ بن قَيْس شَيْخ أَبِي مَعْشَرٍ فَقَالَ: هُوَ وَالِدُ أَبِي زُكَيْر.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن يَعْقُوْبَ سَمِعْتُ القبَّانِي يَقُوْلُ: أَبُو الزَّعرَاء الكَبِيْر: عَبْد اللهِ بن عَبْد الوَهَّابِ، وَأَبُو الزَّعرَاء الجُمَشِي: عَمْرو بن عَمْرو وَقِيْلَ: عَمْرو بن عَامِر عَنْ عَمِّه أَبِي الأَحْوَص، وَأَبُو الزَّعرَاء يَحْيَى بن الوَلِيْدِ الطَّائِيّ: كُوْفِيّ يَرْوِي عَنْهُ ابْن مَهْدِيّ.
قُلْتُ: وَرَابعهُم: أَبوَ الزَّعرَاء عبد الرَّحْمَن بن عَبْدُوْس المُقْرِئ تِلْمِيْذ الدُّوْرِيّ، وَخَامِسهُم: مُحَمَّد بن عَبْدُوْس بن كَامِلٍ السَّرَّاج صَاحِب عَلِيّ بن الجَعْد.
الحَاكِم: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيّ الحَضْرَمِيّ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ جَدِّي الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ: صَلَّى عَلَيْهِ أبو عبد الله البوشنجي.(10/501)
2464- عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ الخُوَارزمي 1: "خَ"
قَاضِي خُوَارِزم، وَمُحَدِّثُهَا رحَّال، حافِظ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن يُوْنُس اليَرْبُوْعِيّ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ وَسُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، وَإِسحَاق بن رَاهْوَيْه، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ السَّانِي الحَسَّانِيّ الخُوَارِزْمِي، وَأَبُو العَبَّاسِ بن حَمْدَانَ الحِيْرِيّ، وَهُمَا مِنْ مشيخَة البَرْقَانِيِّ.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيّ عَنِ ابْنِ أَبِي فِي كِتَاب الضُّعَفَاء أَحَادِيْث رِوَايَةً، وَتعليقاً فَإِنَّهُ مرّ بخُوَارِزْم فَنَزَلَ عَلَى هَذَا الرَّجُل فَقول البُخَارِيّ فِي الصَّحِيْحِ: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عبد الرَّحْمَن فَذَكَرَ حَدِيْثاً فَهُوَ عَبْد اللهِ بن أبي.
وكَذَلِكَ قَوْله: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مَعِيْن حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُجَالِدٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ: "رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا مَعَهُ إلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ"2.
وَقِيْلَ: بَلْ عَبْد اللهِ هَذَا هُوَ ابْن حَمَّاد الآمُلِي، وَالأَرجح عِنْدِي: أَنَّهُ ابْن أُبَي.
وَأَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيّ، أَخْبَرَنَا الفَتْح، وَأَحْمَد بن صرمَا قَالاَ: أَخْبَرَنَا الأُرْمَوِيّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ النَّقُّوْر، أَخْبَرَنَا الحَرْبِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد الصُّوْفِيّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى فذَكَرَهُ.
عَاشَ ابْن أُبَي نَحْواً مِنْ تِسْعِيْنَ سنَةً، وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْد التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وإلى بعدها والله أعلم.
__________
1 ترجمته في الكاشف "2/ ترجمة 2644"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 677"، وتهذيب التهذيب "5/ 139"، وتقريب التهذيب "1/ 401"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3374".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3857".(10/502)
2465- ابن الرَّوَّاس:
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ عَبْد الرَّحْمَن بن القَاسِم بن الفَرَج بن عَبْد الوَاحِد الهَاشِمِيّ الدِّمَشْقِيّ، مُسْنِد وَقته بِدِمَشْق.
سَمِعَ: أَبَا مُسْهِرٍ الغَسَّانِيَّ، وَيَحْيَى بن صَالِحٍ الوُحَاظِيّ، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن هِشَامٍ بن يَحْيَى الغَسَّانِيّ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَعَبْد اللهِ بن ذَكْوَان، وَخَالَه إِبْرَاهِيْم بن أَيُّوْب الحورَانِي، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ مَرْوَان، وَأَبُو بَكْرٍ بن أَبِي دُجَانَة، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فضَالَة، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَجُمَح بن القَاسِمِ، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح، وَالفَضْل بن جَعْفَرٍ المُؤَذِّن، وَخَلْق.
قَالَ جمح: سَمِعْتُ ابْنَ الرَّوَّاس يَقُوْلُ سَمِعْتُ مِنْ أَبِي مُسْهِر وَأَنَا ابْن إِحْدَى عَشْرَة سَنَةً.
قُلْتُ: لَمْ أَظفر لابْن الرَّوَّاس بوَفَاة، لَكِن رحلَة ابْن عَدِيٍّ كَانَتْ إِلَى الشَّامِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَأَدركه وَهُوَ رَاوِي نسخَة أبي مسهر.(10/502)
الخزاعي، والقطراني:
2466- الخزاعي:
الشَّيْخ، الصَّدُوْق، المُحَدِّث، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بن أَسِيد الخُزَاعِيّ الأَصْبَهَانِيّ.
حَدَّثَ عَنِ: القَعْنَبِيّ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْم، وَقُرَّة بن حَبِيْبٍ، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَأَبِي عُمَر الحَوْضي، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي، وَأَحْمَد العسَّال وعبد الرحمن بن سِيَاه، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّان، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: هُوَ ثِقَةٌ مأَمُوْنَ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْن وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَبَّاسِ ثَعْلب، وَعُثْمَان بن عُمَرَ الضَّبِّيّ وَأَحْمَد بن سَهْل الأَهْوَازِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ الصَّائِغ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم بن كَيْسَان الثَّقَفِيّ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم البُوْشَنْجِيّ، وَعَلِيّ بن الحُسَيْن بن الجُنَيْد، وَعَلِيّ بن رسته، والقاضي محمد بن محمد الجذوعي، وعبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي.
2467- القَطِراني:
الشَّيْخ، المُحَدِّث، المُعَمَّر، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرو بن حَفْص بن عُمَر بن النعمان القريعي البصري القطراني.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ وَعَمْرو بن مَرْزُوْق، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ وَسُلَيْمَان بن حَرْب، وَهُدْبَة بن خَالِد، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ وَقَاضِي مِصْر أَبُو الطَّاهِر الذُّهْلِيّ وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي دِيْوَان "الثِّقَات".
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سنة خمس وتسعين ومائتين.(10/503)
2468- خَيَّاط السنة 1: "س"
الإِمَامُ الحَافِظُ، المُجَوِّدُ الرَّحَّال، أَبُو عَبْد الرَّحْمَن زَكَرِيَّا بن يَحْيَى بن إِيَاس بن سَلَمَة السِّجْزِيّ نَزِيْلُ دِمَشْقَ وَيُعْرَفُ: بخَيَّاط السُّنَّةِ.
ولد سنة خمس وتسعين ومائة.
وَسَمِعَ: بِشْر بن الوَلِيْد، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَصَفْوَان بن صَالِحٍ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَحَكِيْم بن سَيْف الرَّقِّيّ، وَأَبَا مُصعب، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُف البَلْخِيّ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَخلقاً كَثِيْراً.
وَكَانَ وَاسِع الرِّحلَة متبحراً فِي الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: النَّسَائِيّ فَأَكْثَر وَإِسْحَاق المَنْجَنِيْقي، وَابْن صَاعِدٍ، وَابْن جَوْصَا، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْن، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم بن زُوْرَان، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
وثَّقَه النَّسَائِيّ، وَغَيْرهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغنِي بن سَعِيْدٍ: كَانَ ثِقَةً حَافِظاً، حَدَّثَنَا عَنْهُ أَحْمَد وَإِسْحَاق ابْنا إِبْرَاهِيْم بن الحَدَّاد.
مَاتَ خَيَّاط السُّنَة سَنَة تِسْعٍ وثمانين ومائتين، أرخه ابن زير وَعَاشَ أَربعاً، وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمن غرَائِبه: قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيْد بن كَثِيْر، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى مُزَيْنَة، عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْم، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْب، حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بن السَّائِب، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لاَ يَأْخُذ أَحَدُكُم مَتَاع أَخِيْهِ لاعِباً وَلاَ جادًا" 2.
__________
1 ترجمته في الكاشف "1/ ترجمة 1664"، والعبر "2/ 79"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 673"، وتهذيب التهذيب "3/ 334"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2151"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 196".
2 صحيح: أخرجه أبو داود "5003"، وأحمد "4/ 221"، من طريق عن ابن أبي ذئب، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وابن أبي ذئب اسمه، محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وهو ثقة والسائب بن يزيد صحابي صغير.(10/504)
2469- ابن خِراش 1:
الحَافِظُ، النَّاقِد، البَارع أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الرَّحْمَن بن يُوْسُف بن سَعِيْدِ بن خِرَاش المَرْوَزِيّ، ثم البغدادي.
رَوَى عَنْ: خَالِدِ بنِ يُوْسُفَ السَّمتِي، وَعَبْد الجَبَّار بن العَلاَء، وَأَبِي عُمَيْر بن النَّحَّاس الرَّمْلِيّ، وَأَبِي حَفْص الفَلاَّس، وَنَصْر بن عَلِيّ، وَأَبِي التَّقي هِشَام بن عَبْد المَلِك اليَزَنِيّ، وَعَلِيّ بن خَشْرَم، وَيَعْقُوْب الدّروقي، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: ابْنُ عُقدَة، وَبَكْر بن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو سَهْل بن زِيَادٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ بَكْر بن مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: شَرِبت بولِي فِي هَذَا الشَّأْن يَعْنِي الحَدِيْث خَمْس مَرَّات.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظ مِن ابْن خِرَاش.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: قَدْ ذُكر بِشَيْءٍ مِن التَّشَيُّع، وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ يتعمَّد الْكَذِب سَمِعْتُ ابْنَ عُقدَة يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ خِرَاش عِنْدنَا إِذَا كتب شَيْئاً فِي التَّشَيُّع يَقُوْلُ: هَذَا لاَ ينْفق إلَّا عِنْدِي، وَعِنْدَك وَسَمِعْتُ عبدَان يَقُوْلُ: حمل ابْن خِرَاش إلى بندار عندنا جزأين صنَّفهماً فِي مثَالب الشَّيخين فَأَجَازَهُ بِأَلفِي دِرْهَم بَنَى لَهُ بِهَا حُجْرَة بِبَغْدَادَ ليُحَدِّث فِيْهَا فَمَاتَ حِيْنَ فرغ مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّد بن يُوْسُفَ الحَافِظ: خَرَّجَ ابْن خِرَاش مثالب الشيخين، وكان رافضيًّا.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: سَمِعْتُ عبدَان يَقُوْلُ: قُلْتُ لابْن خِرَاش حَدِيْث: مَا تركنَا صدقَة فَقَالَ: بَاطِل أتَّهِمُ مَالِك بن أَوس.
قَالَ عَبْدَان: وَقَدْ حَدَّثَ بِمرَاسيل وَصلهَا وَموَاقيف رفعهَا.
قُلْتُ: هَذَا مُعَثَّر مَخْذُول كَانَ علمه وَبَالاً وَسعيه ضلاَلاً نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الشَّقَاء.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 280"، والمنتظم لابن الجوزي "5/ 164"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 705"، وميزان الاعتدال "2/ 600"، ولسان الميزان "3/ 444"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 184".(10/505)
2470- المَعْمَري 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، البَارع، مُحَدِّث العِرَاق أَبُو عَلِيٍّ الحَسَن بنُ عَلِيّ بنِ شبيب البَغْدَادِيّ المَعْمَرِيّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَة عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: شَيْبَان بن فرُّوخ، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيّ، وَخَلَف بن هِشَامٍ، وَهُدْبَة بن خَالِد، وَسَعِيْد بن عَبْد الجَبَّار، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَجُبارَة بن المُغَلِّس، وَعِيْسَى بن زُغْبَة، وَدُحَيماً، وَطَبَقَتَهُم بِالشَّامِ وَمِصْر وَالعِرَاق وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَتقدَّم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو سَهْل بن زِيَادٍ، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ القَاضِي وَابْن قَانع، وَأَحْمَد بن عِيْسَى التَّمَّار، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد المُفِيد، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْق.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مِنْ أَوْعِيَة العِلْم، يُذكر بِالفهم وَيُوصف بِالحِفْظ، وَفِي حَدِيْثِه غَرَائِب، وَأَشيَاء ينْفَرد بِهَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَدُوْقٌ حَافظ جرَّحه مُوْسَى بن هَارُوْنَ، وَكَانَتِ العدَاوَة بينهُمَا وَكَانَ أَنكر عَلَيْهِ أَحَادِيْث أَخرج أَصوله بِهَا ثُمَّ إِنَّهُ ترك روَايتهَا.
وَقَالَ عبدَان الأَهْوَازِيّ: مَا رَأَيْتُ صَاحِب حَدِيْثٍ فِي الدُّنْيَا مِثْل المَعْمَرِيّ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: اسْتخرت الله سنتَيْن حَتَّى تكلَّمتُ فِي المَعْمَرِيّ، وَذَلِكَ أَنِّي كتبت مَعَهُ فِي الشُّيُوْخ، وَمَا افترقنَا فَلَمَّا رَأَيْت تلك الأَحَادِيْث قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهَا.
رَوَاهَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ عَنْ أَبِي طَاهِر الجُنَابذِيّ عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ الجُنَابذِيّ: كَانَ المَعْمَرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَتولَّى لَهُم الاَنتخَاب، فَإِذَا مرّ حَدِيْث غَرِيْب قصدت الشَّيْخ، وَحدي فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ.
قُلْتُ: فعوقِب بِنَقِيض قَصده، وَلَمْ يَنْتفع بِتِلْكَ الغَرَائِب بَلْ جرَّت إِلَيْهِ شَرّاً فَقبَّح الله الشَّرَه.
قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: سَأَلت عَبْد اللهِ بن أَحْمَد عَن المَعْمَرِيّ فَقَالَ: لاَ يتعمَّد الْكَذِب، وَلَكِنْ أَحسب أَنَّهُ صحب قَوْماً يُوَصِّلُوْنَ يعني المراسيل.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 369"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 78"، واللباب لابن الأثير "3/ 236"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 687"، والعبر "2/ 101"، ولسان الميزان "2/ 221"، وشذرات الذهب "2/ 218".(10/506)
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ بن أَبِي دَارم يَقُوْلُ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ لَمَّا أَنكر مُوْسَى بن هَارُوْن عَلَى المَعْمَرِيّ تِلْكَ الأَحَادِيْث، وَأَنَهَى أَمرهُم إِلَى يُوْسُف القَاضِي بَعْدَ أَنْ كَانَ إِسْمَاعِيْل القَاضِي توسَّط بينهُمَا فَقَالَ مُوْسَى بن هَارُوْن: هَذِهِ أَحَادِيْث شَاذَّة عَنْ شُيُوْخ ثِقَات لاَ بُدَّ مِنْ إِخرَاج الأُصُوْل بِهَا فَقَالَ المَعْمَرِيّ: قَدْ عُرف مِنْ عَادتِي أَنِّي كُنْت إِذَا رَأَيْت، حَدِيْثاً غَرِيْباً عِنْد شَيْخٍ ثِقَةٍ لاَ أُعَلِّم عَلَيْهِ إِنَّمَا كُنْت أَقرأُ مِنْ كِتَاب الشَّيْخ، وَأَحفظه فَلاَ سَبِيْل إِلَى إخراج الأصول بها.
قَالَ عَلِيّ بن حُمْشَاذ: كُنْت بِبَغْدَاد حنيئذٍ فَأَخْرَج نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً ذكر أَنَّهُ لَمْ يشركهُ فِيْهَا أَحَدٌ وَرفض المَعْمَرِيّ مَجْلِسه فَصَارَ النَّاس حِزْبَيْنِ: حزبٌ للمعمَرِيّ وَحزبٌ لمُوْسَى فَكَانَ مِنْ حجّة المَعْمَرِيّ: أَن هَذِهِ أَحَادِيْث حفظتُهَا عَنِ الشُّيُوْخ لَمْ أَنسخهَا ثُمَّ اتفقُوا بِأَجمعهِم عَلَى عدَالَة المَعْمَرِيّ، وَتقدُّمه.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: كَانَ المَعْمَرِيّ كَثِيْر الحَدِيْثِ صَاحِب حَدِيْثٍ بِحقِّهِ كَمَا قَالَ عبدَان: إِنَّهُ لَمْ يرو مثله، وَمَا ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ رفع أَحَادِيْث وَزَاد فِي متُوْنَ قَالَ: هَذَا شَيْء مَوْجُود فِي البَغْدَادِيِّيْنَ خَاصَّة، وَفِي حَدِيْثِ ثِقَاتِهم وَأنَّهم يرفعُوْنَ الموقُوف، وَيصِلُوْنَ المرْسَل، وَيزيدُوْنَ فِي الإِسْنَاد.
قُلْتُ: بِئست الخِصَال هَذِهِ وَبمثلهَا ينحطُّ الثِّقَة عَنْ رُتْبَة الاحتجَاج بِهِ فَلَو وَقَفَ المُحَدِّثُ المرفوعَ أَوْ أَرسلَ المتَّصلَ لَسَاغ لَهُ كَمَا قِيْلَ: أَنقِصْ مِنَ الحَدِيْثِ، وَلاَ تَزدْ فِيْهِ.
قَالَ أَحْمَد بن كَامِلٍ القَاضِي: مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ المَعْمَرِيّ، لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَة بقيت مِن المحرم سنة خمس وتسعين، ومائتين.
قَالَ: وَكَانَ فِي الحَدِيْث، وَجمعه وَتصنيفه إِمَاماً رَبَّانِيّاً، وَقَدْ شدَّ أَسنَانه بِالذَّهَبِ، وَلَمْ يُغَيِّرْ شَيْبَه.
وَقِيْلَ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ كَانَ نَاب فِي القَضَاءِ عَنِ البِرْتِيّ بِالقصر، وَأَعمَالِهَا وَشُهِر بِالمَعْمَرِيّ لأَنَّهُ ابْن أُمّ الحَسَن بِنْت سُفْيَان بن الشَّيْخ أَبِي سُفْيَانَ مُحَمَّد بن حُمَيْد المَعْمَرِيّ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ ارْتَحَلَ إِلَى اليَمَن إِلَى مَعْمَر فلذَا قِيْلَ لَهُ: المَعْمَرِيّ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الثَّغرِيّ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا عَبْد الحَقّ بن يُوْسُف، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الحمامي، أخبرنا ابن قَانِع، حَدَّثَنَا الحَسَن بن عَلِيّ المَعْمَرِيّ، حَدَّثَنَا هشام ابن عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بن وَاقِد، عَنْ مُوْسَى بنِ يَسَار، عَنْ مَكْحُوْل، عَنْ جُنَادَة بن أَبِي أُمَيَّة، عَنْ حَبِيب بن مَسْلَمَة: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ السَّلَب للقاتل"1.
__________
1 ضعيف جدًّا: أخرجه الطبراني في "الكبير" "4/ 3533" من طريق هشام بن عمار، به.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا، آفته عمرو بن واقد، فإنه متروك. لكن قد ورد من حديث أبي قتادة مرفوعًا بلفظ: "من قتل قتيلا، له عليه بينة، فله سلبه". أخرجه مسلم "1751"، واللفظ له، وأبو داود "2717"، والترمذي "1562".(10/507)
2471- ابن سَهْل:
الحَافِظُ، الإِمَام، المُتْقِن، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن سَهْل بن بَحْر النَّيْسَابُوْرِيّ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسحَاق بن رَاهْوَيْه، وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَة الجُمَحِيّ، وَالقَوَارِيْرِيّ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَحَرْمَلَة وَطَبَقَتهُم.
وَلَهُ رحلَة، وَاسِعَة وَمَعْرِفَةٌ جيدَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ.
قَالَ الحَاكِمُ: لَيْسَ فِي مَشَايِخ بلدنَا مِنْ أَقْرَانِه أَكْثَر سَمَاعاً بِالشَّامِ مِنْهُ، وَهُوَ مجوِّد فِي الشَّامِيّين، وَسَمِعْتُ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الحَافِظ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَحْمَد بن سَهْل يَقُوْلُ: دَخَلت عَلَى أَحْمَد بن حَنْبَلٍ فِي المِحْنَةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْعٌ إِمَامَ المُسْلِمِيْنَ فِي وَقته، وَكَانَ ابْنُ يَعْقُوْب يعْتَمد أَحْمَد بن سَهْل أَيَّ اعتمَاد.
قُلْتُ: يَقَعُ حَدِيْثُهُ فِي تَصَانِيْف البَيْهَقِيّ.
وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ رَحِمَهُ اللهُ.
وَمن الرُّوَاة عَنِ ابْنِ سهل: عَلِيّ بن حُمِشَاذ وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ.
وَلَهُ تَرْجَمَة فِي "تَارِيْخ دمشق".(10/508)
2472- ابن سَهْل 1:
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الكَبِيْر، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْل الأَنْصَارِيّ البَغْدَادِيّ ثُمَّ المَرْوَزِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بنِ مَرْزُوْق، وَأَبِي عُمَر الحَوْضِيّ، وَيَحْيَى بن يَحْيَى، وَعَلِيّ بن الحَسَنِ بنِ شَقِيق، وَمُسَدَّد، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَقُتَيْبَة.
وَعَنْهُ: أَحْمَد بن سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُف البخَاريَّان، وَابْن عَدِيٍّ، وَالإِسْمَاعِيلِيّ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي التَّفْسِيْر.
ليَّنه ابْن عَدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قيل: توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 652"، ولسان الميزان "5/ 295".(10/508)
2473- عبد الله بن أحمد 1: "س"
ابن محمد بن حنبل بن هلال: الإمام، الحافظ، الناقد، محدث بغداد أبو عبد الرحمن ابْن شَيْخ الْعَصْر أَبِي عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيّ الشيباني المروزي ثم البغدادي.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ فَكَانَ أَصغر مِنْ أَخِيْهِ صَالِح بن أَحْمَد قَاضِي الأَصْبَهَانيّين.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً كَثِيْراً، مِنْ جملَته "المُسْنَد" كُلّه وَ"الزُّهْد"، وَعَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدوَيْهِ صَاحِب شُعبَة، وَامْتَنَعَ مِنَ الأَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ بن الجَعْد لِوَقْفِهِ فِي مَسْأَلَة القُرْآن وَعَنْ: شَيْبَان بن فرُّوخ، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بن مَعِيْن، وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ، وَعبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَأَبِي الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَأَبِي بكر بن أبي شيبة، وإبراهيم بن الحجاج السَّامِي، وَعُبَيد الله القَوَارِيْرِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْر المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْب، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم المَوْصِلِيّ، وَإِسْحَاق بن مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَأَبِي مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي كَرِيْمَةَ، وَالحَكَم بن مُوْسَى القَنْطَرِيّ، وَخَلَف بن هِشَامٍ البَزَّار، وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَدَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وَرَوْح بن عَبْد المُؤْمِن، وَأَبِي خَيْثَمَة، وَسُرَيْج بن يُوْنُس، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَعَبْد اللهِ بن عَوْنٍ الخرَّاز، وَعُبيد الله بن مُعَاذٍ، وَكَامِل بن طَلْحَة، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ البَلْخِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَمُحَمَّد بن عبد الله بن عمار،
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 23"، وتاريخ بغداد "9/ 375"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 39"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 685"، والعبر "2/ 86"، والكاشف "2/ ترجمة 2651"، وتهذيب التهذيب "5/ 141"، وتقريب التهذيب "1/ 401"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3378" وشذرات الذهب "2/ 203".(10/509)
ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَوَهْب بن بَقِيَّة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ حَدِيْثَيْنِ فِي "سُننه"، وَالبَغَوِيّ وَابْن صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَالخَضِر بن المُثَنَّى الكِنْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَالمَحَامِلِيّ، وَدَعْلَج، وَإِسْحَاق بن أَحْمَدَ الكَاذِي، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو أَحْمَدَ العسَّال، وَقَاسم بن أَصْبَغ، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ بَشِيْر: سَمِعْتُ عبَّاساً الدُّوْرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ يَوْماً عِنْد أَحْمَد بن حنبل فدخل ابنه عَبْد اللهِ فَقَالَ لِي أَحْمَدُ: يَا عَبَّاس إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن قَدْ وَعَى عِلْماً كَثِيْراً.
وَمن شُيُوْخه: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَد بن أَيُّوْب بن رَاشِدٍ، وَأَحْمَد بن بُدَيْل، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ جُنَيدب، وأحمد بن الحسن بن خراش، وأحمد بن خَالِد الخَلاَّل، وَأَحْمَد بن سَعِيْدٍ الدَّارِمِيّ، وَأَحْمَد بن حُمَيْد، وَأَحْمَد بن حَاتِمٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدَة البَصْرِيّ، وَأَحْمَد بن عُمَر الوَكِيْعِيّ، وَابْن عِيْسَى التُّسْتَرِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَة الحِمْصِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَطَّان، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَسَن البَاهِلِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن زِيَادٍ سبلان، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وإبراهيم بن عَبْدِ اللهِ بنِ بَشَّار وَاسِطِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْر -وَهُوَ ابْن أَبِي اللَّيْث- وَإِسْحَاق بن إِسْمَاعِيْل الطَّالقَانِي، وَإِسْحَاق الكَوْسَج، وَإِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم التَّرْجُمَانِيّ، وَأَبُو معمر الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي كَرِيْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ المُعقِّب، وَإِسْمَاعِيْل بن مَهْدِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُوْسَى، وَحُمِيد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْل، وَجَعْفَر بن مِهْرَان بن السَّبَّاك، وَجَعْفَر بن أَبِي هُرَيْرَة، وَحَجَّاج بن الشَّاعِرِ، وَالحَسَن بن قَزَعَة، وَالحَسَن بن أَبِي الرَّبِيْع، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس، وَأَبُو مسلم الخليل بن سلم لقي عبد الوَارِث، وَخَلاَّد بن أَسْلَم، وَرَوْح بن عبد المُؤْمِن، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى زَحْمَوَيْه، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى الرَّقَاشِيّ، وَزِيَاد بن أَيُّوْب، وَسَعِيْد بن أَبِي الرَّبِيْع السَّمَّان، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَسُفْيَان بن وَكِيْع، وَسُلَيْمَان بن أَيُّوْبَ صَاحِب البَصْرِيّ، وَأَبُو الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَسُلَيْمَان بن مُحَمَّدٍ المُبَارَك، وَشُجَاع بن مَخْلَدٍ، وَصَالِح بن عَبْدِ اللهِ التِّرْمِذِيّ، وَالصَّلْت بن مَسْعُوْدٍ، وَعَاصِم بن عُمَر المُقَدَّمِيّ، وَعَبَّاس العَنْبَرِيّ وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْد النَّرْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي زِيَاد، وَعَبْد اللهِ بن سَالِم المفْلُوج، وَعَبْد اللهِ بن سَعْد الزُّهْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن صَنْدل، عَنِ الفُضَيْل بن عِيَاض، وَعَبْد اللهِ بن عَامِرِ بنِ زُرَارَةَ، وَعَبْد اللهِ مُشْكُدَانَة، وَعَبْد اللهِ بن عِمْرَانَ الرَّازِيّ، وَعَبْد الوَاحِد بن غِيَاث،(10/510)
وَالقَوَارِيْرِيّ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَعُقْبَة بن مُكْرَمٍ العَمِّيّ، وَعَلِيّ بن إِشكَاب، وَأَبُو الشَّعْثَاء عليّ بن الحَسَنِ، وَعَلِيّ بن حَكِيْم، وَعَلِيّ بن مُسْلِم، وَعِمْرَان بن بَكَّارٍ الحِمْصِيّ، وَعَمْرو الفَلاَّس، وَعَمْرو النَّاقِد، وَعِيْسَى بن سَالِم، وَأَبُو كَامِل الفُضَيْل الجَحْدَرِيّ، وَفِطْر بن حَمَّادٍ، وَقَاسم بن دِيْنَارٍ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ كِتَابَةً، وَقَطَن بن نُسير، وَكَثِيْر بن يَحْيَى الحَنَفِيّ، وَلَيْث بن خَالِد البَلْخِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق المُسَيَّبِي، وَبُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن بَكَّارٍ مَوْلَى بن هَاشِمٍ، وَمُحَمَّد بن تَمِيْم النَّهْشَلِيّ، وَمُحَمَّد بن ثَعْلَبَة بن سوَاء، وَمُحَمَّد بن حَسَّان السَّمتِي، وَمُحَمَّد بن إِشكَاب، وَمُحَمَّد لُوَيْن، وَمُحَمَّد بن صُدرَان، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ جَار لَهُم يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عبد الله بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الرُّزِّي، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ بن حَسَّان، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ المُحَارِبِيّ، وَمُحَمَّد بن عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، وَمُحَمَّد بن عَمْرٍو البَاهِلِيّ وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّد بن العَلاَءِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي غَالِب، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ أَخُو حجَّاج، وَمُحَمَّد بن يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن يَحْيَى بنِ أَبِي سَمِينَة، وَمُحَمَّد بن يَزِيْدَ العِجْلِيّ، وَمُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ أَبُو الهَيْثَمِ سَمِعَ: مُعْتمراً، وَمُحْرِز بن عَوْنٍ، وَمَخْلَد بن الحَسَنِ، وَمُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وَمُعَاوِيَة بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيّ، عَنْ سَلاَّم أَبِي المُنْذِر، وَنَصْر بن عَلِيٍّ وَنُوْح بن حَبِيْب، وَهَارُوْن بن معروف، وهدبة بن خالد وهدية بن عبد الوهاب، وَهُرَيم بن عَبْدِ الأَعْلَى، وَهَنَّاد، وَيَحْيَى بن أَيُّوْبَ البَلْخِيّ، وَيَحْيَى بن عُثْمَانَ الحَرْبِيّ، وَيَعْقُوْب بن إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّاد بن زَيْدٍ، وَيُوْسُف بن يَعْقُوْبَ الصَّفَّار، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيّ العَنْبَرِيّ كَأَنَّهُ مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الفُضَيْل، وَأَبُو مُوْسَى الهَرَوِيّ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ، وَسَائِر هَؤُلاَءِ حَدَّثَ عَنْهُم فِي "مُسْنَد" أَبِيْهِ سِوَى بَعْض الأَحمدين.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بن الفَرَّاء: وَجدْتُ عَلَى ظهر كِتَابٍ رَوَاهُ أَبُو الحُسَيْنِ السُّوْسَنْجِرْديّ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الخُطَبِيّ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّهُ قَالَ: قال لي أحمد بن حنبل: ابني عبد الله محظوظٌ مِنْ عِلْم الحَدِيْث الخُطَبِيّ يشُكّ لاَ يكَادُ يُذَاكرنِي إلَّا بِمَا لاَ أَحْفَظ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: كُلّ شَيْءٍ أَقُول: قَالَ أَبِي فَقَدْ سَمِعتُه مَرَّتين وثَلاَثَة وَأَقلُّه مرة.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بِمَسَائِل أَبِيْهِ وَبعلل الحَدِيْث.
وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ أَرْوَى عَنْ أَبِيْهِ من عبد الله بنِ أَحْمَدَ؛ لأَنَّه سَمِعَ مِنْهُ "المُسْنَدَ"، وَهُوَ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، وَ"التَّفْسِيْر" وَهُوَ مائَة أَلْف وعشرون(10/511)
أَلْفاً سَمِعَ مِنْهُ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً، وَالبَاقِي وِجَادَةً وَسَمِعَ "النَّاسِخَ وَالمَنْسُوْخَ" وَ"التَّارِيْخَ"، وَ"حَدِيْثَ شُعْبَةَ" وَ"المقدَّم وَالمُؤخَّر فِي كِتَاب الله"، وَ"جَوَابَات القُرْآن"، وَ"المنَاسك الكَبِيْر" وَ"الصَّغِيْر"، وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيْف، وَحَدِيْث الشُّيُوْخ قَالَ: وَمَازِلنَا نرَى أَكَابر شُيوخنَا يَشْهدُوْنَ لَهُ بِمَعْرِفَة الرِّجَال وَعِلَل الحَدِيْث وَالأَسْمَاء، وَالكُنَى وَالموَاظَبَة عَلَى طَلَب الحَدِيْث فِي العِرَاق، وَغيرهَا وَيذكرُوْنَ عَنْ أَسلاَفِهم الإِقْرَار لَهُ بِذَلِكَ حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُم أَسرَف فِي تَقْرِيْظِه إِيَّاهُ بِالمعرفَة، وَزِيَادَة السماع للحديث على أبيه.
قلت: ما زلنا نَسْمَعُ بِهَذَا "التَّفْسِيْر" الكَبِيْر لأَحْمَدَ عَلَى أَلْسِنَة الطَّلَبَة، وَعُمْدَتَهُم حِكَايَةُ ابْنِ المُنَادِي هَذِهِ، وَهُوَ كَبِيْرٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمن عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ لَكِنْ مَا رأَينَا أَحَداً، أَخْبَرَنَا عَنْ وَجودِ هَذَا "التَّفْسِيْر"، وَلاَ بَعْضه وَلاَ كُرَّاسَة مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ، وَجود أَوْ لِشَيْءٍ مِنْهُ لَنَسَخُوهُ، وَلاعتَنَى بِذَلِكَ طلبَةُ العِلْم، وَلَحَصَّلُّوا ذَلِكَ، وَلنُقِل إِلَيْنَا، وَلاشْتُهِرَ وَلَتَنَافَسَ أَعيَانُ البَغْدَادِيِّيْنَ فِي تَحصِيله، وَلَنَقَل مِنْهُ ابْنُ جَرِيْر فَمَنْ بَعْدَهُ فِي تفَاسيرِهِم، وَلاَ وَاللهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُوْنَ عِنْد الإِمَام أَحْمَد فِي التَّفْسِيْر مائَة أَلْف وَعِشْرُوْنَ أَلف حَدِيْث فَإِنَّ هَذَا يَكُون فِي قدر مُسْنَده بَلْ أَكْثَر بِالضَّعْف ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد لَوْ جَمَعَ شَيْئاً فِي ذَلِكَ لكَانَ يَكُوْنُ مُنَقَّحاً مهذَّباً عَنِ المشَاهير فَيَصْغُر لِذَلِكَ حَجْمه، وَلكَانَ يَكُوْنُ نَحْواً مِنْ عَشْرَة آلاَف حَدِيْث بِالجَهْد بَلِ أَقلّ ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد كَانَ لاَ يرَى التَّصْنِيْف، وَهَذَا كِتَاب "المُسْنَد" لَهُ لَمْ يصنِّفه هُوَ، وَلاَ رتَّبه وَلاَ اعتنَى بتَهْذِيْبه بل كان يرويه لولده نسخًا، وأجزاءً وَيَأْمره: أَن ضَعْ هَذَا فِي مُسْنَدِ فُلاَن، وهذا في مسند فلان، وهذا التفسير، ولا جود لَهُ وَأَنَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَبغدَاد لَمْ تَزَل دَارَ الخُلَفَاء، وَقُبَّةَ الإِسْلاَم وَدَارَ الحَدِيْث وَمحلَّةَ السُّنَن وَلَمْ يَزَلْ أَحْمَد فِيْهَا مُعَظَّماً فِي سَائِرِ الأَعصَار، وَلَهُ تَلاَمِذَةٌ كِبَار وَأَصْحَابُ أَصْحَابٍ، وَهَلُمَّ جَرَّا إِلَى بِالأَمس حِيْنَ اسْتبَاحَهَا جَيْشُ المَغُول، وَجَرَت بِهَا مِنَ الدِّمَاء سُيول وَقَدِ اشْتُهِرَ بِبَغْدَادَ "تَفْسِيْر ابْن جَرِيْرٍ"، وَتَزَاحَمَ عَلَى تَحْصِيله العُلَمَاء، وَسَارَتْ بِهِ الرُّكْبَان، وَلَمْ نعرِف مثلَه فِي مَعْنَاهُ وَلاَ أُلِّف قبلَه أَكبَرُ مِنْهُ، وَهُوَ فِي عِشْرِيْنَ مُجَلَّدَةً وَمَا يحْتَمل أَنْ يَكُوْنَ عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث بَلْ لَعَلَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف إِسْنَادٍ فَخُذْهُ فعده إن شئت.
قال أبو أحمد بن عدي: نبل عبد الله بن أَحْمَدَ بِأَبِيهِ، وَلَهُ فِي نَفْسِهِ مَحلٌّ فِي العِلْمِ أَحيَا عِلْمَ أَبِيْهِ مِنْ "مُسنده" الَّذِي قرأَ عَلَيْهِ أَبُوْهُ خُصُوصاً قَبْلَ أَنْ يقرأَه عَلَى غَيْره، وَمِمَّا سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ روَاة الحَدِيْث فَأَخْبَرَهُ بِهِ مَا لَمْ يسأَلْه غَيْرُه وَلَمْ يكتُب عَنْ أَحَدٍ إلَّا مَنْ أَمَرَهُ أَبُوْهُ أَنْ يكْتب عَنْهُ.
قَالَ بَدْر بن أبي بدر البغدادي: عبد الله بن أَحْمَدَ جِهْبِذ ابْن جِهْبِذ.(10/512)
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فَهماً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: بنُ الصَّوَّاف وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: عَاشَ فِي عُمُر أَبِيْهِ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ: مَاتَ يَوْم الأَحَد، وَدُفِنَ فِي آخِر النَّهَار لتسعِ لَيَالٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة تِسْعِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ زُهَيْر بن صَالِحٍ، وَدُفِنَ فِي مقَابر بَاب التِّبْن، وَكَانَ الجَمْعُ كَثِيْراً فَوْقَ المِقدَار.
وَقِيْلَ: إن عبد الله أَمرَهُم أَنْ يَدْفِنوهُ هُنَاكَ وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هناك قبر نبي، ولأن أكون في جواز نَبِيّ أَحَبُّ إِليَّ أَنْ أَكُون فِي جِوَار أبي.
ولعبد الله كِتَاب: الرَّد عَلَى الجَهْمِيَّة فِي مُجَلَّد، وَلَهُ كتاب: الجمل.
وَكَانَ صَيِّناً دَيِّناً صَادِقاً صَاحِبَ حَدِيْثٍ، وَاتِّبَاع وَبصرٍ بِالرِّجَال لَمْ يدخلْ فِي غَيْر الحَدِيْث، وَلَهُ زِيَادَاتٌ كَثِيْرَةٌ فِي مُسند وَالده وَاضحَةٌ عَنْ عَوَالِي شُيوخه، وَلَمْ يُحَرِّر تَرْتِيْبَ المُسْنَد، وَلاَ سَهَّله فَهُوَ مُحتَاج إِلَى عَمَلٍ وَتَرْتِيْب رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَسَمِعَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ كَثِيْراً مِنْهُ مِنْ أَبِي عَلِيّ بن الصَّوَّاف، وَعَامَّته مِنْ أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ وَحَدَّثَ القَطِيْعِيّ مرات، وقرأه عليه أبو عبد الله الحَاكِم، وَغَيْرهُ وَلَمْ يَكُنِ القَطِيْعِيّ مِنْ فُرْسَان الحَدِيْث، وَلاَ مجوِّداً بَلْ أدَّى مَا تَحَمَّله إِن سَلِم مِنْ أَوهَام فِي بَعْضِ الأَسَانيد، وَالمتُوْنَ.
وَآخر مِنْ رَوَى "المُسْنَد" كَامِلاً عَنْهُ -سِوَى نَزْرٍ يَسِيْر مِنْهُ أُسقط مِنَ النُّسخ- الشَّيْخ الوَاعِظ أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِب، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِب حَدِيْثٍ بَلِ احتيجَ إِلَيْهِ فِي سَمَاع هَذَا الكِتَاب فَرَوَاهُ فِي الجُمْلَةِ، وَعَاشَ بَعْدَهُ عَشْرَة أَعْوَام الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ فَكَانَ خَاتمَةَ أَصْحَاب القَطِيْعِيّ، وَتَفَرَّد عَنْهُ بِعِدَّةِ أَجزَاءٍ عَالِيَةٍ، وَبسَمَاع مُسْند العشرَة مِنَ "المُسْنَد".
ثمَّ حَدَّث بِالكِتَابِ كُلِّه آخِرُ أَصْحَاب ابْن المُذْهِب وَفَاةً: الشَّيْخ الرَّئيس الكَاتِب أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ بن الحُصَيْن، شَيْخٌ جليلٌ مُسْنِدٌ انْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَاد بِمِثْل قُبَّة الإِسْلاَم بَغْدَاد، وَكَانَ عَرِيّاً مِنْ مَعْرِفَة هَذَا الشَّأْن أَيْضاً رَوَى الكِتَاب عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ جملتِهِم: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب إِمَام العَرَبِيَّة، وَالحَافِظ أَبُو الفَضْلِ بنُ نَاصر، وَالإِمَام ذُو الفنُوْنَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ، وَالحَافِظ الكَبِيْر أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَالحَافِظ العَلاَّمَة شَيْخُ هَمَذَان أَبُو العَلاَء العَطَّار، وَالحَافِظ الكبير أبو القاسم بن عَسَاكِر، وَالقَاضِي أَبُو الفَتْحِ بنُ المَنْدَائِيّ الوَاسِطِيّ، وَالشَّيْخ عَبْد اللهِ بن أَبِي المَجد الحَرْبِيّ، وَالمُبَارَك بن المَعْطُوش، وَالشَّيْخ المُبَارَك حَنْبَل بن عبد الله الرَّصَافِيّ فِي آخَرين.(10/513)
فَأَمَّا الحَافِظ أَبُو مُوْسَى: فَرَوَى مِنْهُ الْكثير فِي تآلِيفه، وَلَمْ يُقْدِم عَلَى تَرتيبه وَلاَ تَحريره.
وَأَمَّا ابْنُ عَسَاكِر: فَأَلَّف كِتَاباً فِي أَسْمَاء الصَّحَابَة الَّذِيْنَ فِيْهِ عَلَى المُعْجَم، وَنَبَّه عَلَى تَرْتِيْب الكِتَاب.
وَأَمّا ابْن الجَوْزِيِّ: فطَالَعَ الكِتَاب مَرَّات عِدَّة، وَملأَ تآلِيفه مِنْهُ، ثُمَّ صَنّف "جَامع المسَانيد"، وَأَودعَ فِيْهِ أَكْثَرَ مُتُوْنِ "المُسْنَد"، وَرتَّب وَهَذَّب، وَلَكِن مَا اسْتوعبَ.
فلَعَلَّ الله يُقَيِّضُ لِهَذَا الدِّيْوَان العَظِيْم مَنْ يُرَتّبهُ وَيهذِّبه، وَيَحْذِفُ مَا كُرِّرَ فِيْهِ، وَيُصْلِح مَا تصحيف، وَيُوضِحُ حَال كَثِيْر مِنْ رِجَاله، وَينبِّه عَلَى مُرْسله، وَيُوْهِنُ مَا يَنْبَغِي مِنْ مَنَاكِيْره، وَيُرَتِّبُ الصحابة على المعدم، وذلك أصحابه على المعجم، ويرمز على رءوس الحَدِيْث بِأَسْمَاء الكُتُب السِّتَّة، وَإِن رتَّبه عَلَى الأوباب فَحَسَنٌ جَمِيلٌ، وَلَوْلاَ أَنِّي قَدْ عَجِزت عَنْ ذَلِكَ لِضَعْف الْبَصَر، وَعدم النيَّة، وَقُربِ الرَّحيل، لعملتُ فِي ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَالمُسَلَّم بن مُحَمَّدٍ الكَاتِب كِتَابَةً، قال: أَخْبَرَنَا حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا ابن نمير، حدثنا سفيان، عن سمى النُّعْمَان بنَ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يَصُوْمُ عَبْدٌ يَوْماً فِي سَبِيْلِ اللهِ، إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ النَّارَ عَنْ وَجْهِهِ سَبْعِيْنَ خَرِيْفاً" 1.
وَبِهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ طَارِق بن مُرَقّع، عَنْ صَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ: أَنَّ رَجُلاً سَرَقَ بُرْدَةً، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ. فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: "فَلَوْلاَ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ يَا أَبَا وَهَبْ". فَقَطَعَهُ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
أَخرجهُمَا النَّسَائِيّ فِي "سُنَنَه"، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن أحمد، فوقعا عاليين.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 26"، من هذا الطريق. وأخرجه البخاري "2840"، ومسلم "1653"، والترمذي "1623"، من حديث أبي سعيد الخدري، به.
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 401"، من هذا الطريق. وأخرجه أبو داود "4394"، والنسائي "8/ 86"، والدارمي "2/ 172"، والحاكم "4/ 380"، والبيهقي "8/ 265".(10/514)
الحسن بن المثنى، ومعاذ بن المثنى، والمروزي:
2474- الحسن بن المُثَنَّى 1:
ابن مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ العَنْبَرِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ أَخو مُعَاذ: مِنْ نُبَلاَء الثِّقَاتِ.
سَمِعَ: عَفَّانَ، وَأَبَا حذيفة النهدي، وعدة.
وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ يُوْسُف البَخْتَرِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ، وَرِعاً عَابِداً يَمْتَنِع مِنَ الرِّوَايَة ثُمَّ أُمر فِي النَّوْمِ بِالرِّوَايَة.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَولد سَنَة مائَتَيْنِ.
أَخُوْهُ:
2475- مُعَاذ بن المُثَنَّى 2:
أَبُو المُثَنَّى: ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَجَعْفَر المُؤَدِّب، وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وثمانين ومائتين.
2476- المَرْوَزي 3: "س"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأُمَوِيّ المروزي، قاضي حمص.
ولد بعد المائتين.
حدث عن: علي بن الجعد، وأبي نصر التَّمَّارِ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ السَّامِي، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَكَامِل بن طَلْحَةَ، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وطبقتهم.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 166".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 136".
3 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 304"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 683"، والعبر "2/ 91"، وتهذيب التهذيب "1/ 62".(10/515)
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ مَعْرُوف، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح، وَأَحْمَد بن عُبَيْدٍ الحِمْصِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَرْوَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنِ مَعْرُوْفٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَكَانَ قَاضِياً عَلَى دِمَشْق، وَحِمْص وَهُوَ مِنْ بَنِي أُمَيَّة بن عَبْدِ شَمْسِ.
قُلْتُ: نَاب بِدِمَشْقَ عَنْ قَاضيهَا أَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّد بن عُثْمَانَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ بغدَادِيّ وَأَصله مِنْ مَرْو.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضاً: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح: تُوُفِّيَ فِي نِصْفِ ذِي الحِجَّةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: بلغَ التِّسْعِيْنَ أَوْ دونهَا بيسير.
وله تصانيف منها: العلم ومسند عَائِشَة وَغَيْر ذَلِكَ.
وَكَانَ إِمَاماً أَكْثَر عَنْهُ النسائي.(10/516)
2477- البَلْخِي 1:
الإِمَامُ، الكَبِيْرُ، حَافظُ بَلْخ، أَبُو عَلِيٍّ عَبْد اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَلْخِيّ.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ الفَقِيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَهديَّة بن عَبْدِ الوَهَّابِ، وطبقتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بن الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَهْل نَيْسَابُوْر، وَابْن قَانع، وَالجِعَابِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالبَغَادِدَة.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ: كِتَاب "الْعِلَل"، وَكِتَاب "التَّارِيْخ".
عَظَّمه الحَاكِم وَفَخَّمه.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ أَئِمَّة الحَدِيْث حِفْظاً وَإِتقَاناً وثِقَةً وَإِكثَاراً، وَلَهُ تَصَانِيْفُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ الْخضر الشَّافِعِيّ: لَمَّا قَدِمَ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ نَيْسَابُوْر، عَجَزُوا عن مذاكراته، فذكراه جَعْفَر بن أَحْمَدَ بنِ نَصْر بِأَحَادِيْث الحَجّ فَكَانَ عَبْد اللهِ يَسْرُدهَا فَقَالَ لَهُ جَعْفَر: تحفظ للتَّيْمِيّ عَنْ أَنَس: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ لَبَّى بِحَجَّةٍ، وَعُمْرَة فَبُهِتَ فَقَالَ جَعْفَرُ: حَدَّثنَاهُ يحيى بن حَبِيْب، حَدَّثَنَا مُعْتَمر، عَنْ أَبِيْهِ.
اسْتُشْهِدَ أَبُو عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى يَد القَرَامطَة فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم فَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي سَلْخ سَنَة خمس وتسعين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 93"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 79"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة رقم 710"، والعبر "2/ 102"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 219".(10/516)
2478- ابن سَلْم 1:
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، المُفَسِّر أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْم الرَّازِيّ ثُمَّ الأَصْبَهَانِيُّ إِمَام جَامع أَصْبَهَان.
حَدَّثَ عَنْ: سَهْل بن عُثْمَانَ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن يَحْيَى، وَالحُسَيْن بن عيسى، الزهري وعدة وينزل، عن أصحاب يزيد بن هارون، وأبي دواد.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو القاسم الطبراني، وأبو الشيخ بن حيان، وعبد الرحمن بن سياه، وآخرون.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ صَنَّفَ "المُسْنَد"، وَ"التَّفْسِيْر" وَغَيْر ذَلِكَ.
مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وتسعين ومائتين وهو من أبناء الثمانين.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 711"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 133".(10/517)
2479- ابن عَبْدوس 1:
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، الحَافِظُ، أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّد بن عَبْدُوْس بن كَامِلٍ السَّرَّاج، السُّلَمِيّ البَغْدَادِيّ صَدِيْقُ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ وَقِيْلَ: اسْمُ أَبِيْهِ: عَبْد الجَبَّارِ وَلقبه: عَبْدُوْس.
سَمِعَ: عَلِيّ بن الجَعْد، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَدَاوُد بن عَمْرٍو الضَّبِّيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَخلقاً كَثِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ النجادن، وَدَعْلَج، وَالطَّبَرَانِيّ، وَابْن مَاسِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: كَانَ مِنَ المَعْدُودين فِي الحِفْظِ وَحُسن المعرفَة بِالحَدِيْثِ، أَكْثَرَ النَّاسُ عَنْهُ لِثِقَتِهِ وَضَبْطه. قَالَ: وَكَانَ كَالأَخ لعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
مَاتَ فِي آخر رجب، أو أول شعبان، سنة ثلاثة وتسعين ومائتين، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 380"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 704"، والعبر "2/ 96"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 215".(10/517)
2480- عبيد الله بن يحيى بن يحيى 1:
ابن كثير بن وسلاس: الفقيه، الإمام، المعمر، أبو مروان الليثي، مَوْلاَهُمُ الأَنْدَلُسِيّ، القُرْطُبِيّ، مُسْنِدُ قُرْطُبَة.
رَوَى عَنْ: وَالده الإِمَام يَحْيَى "المُوَطَّأ"، وَتفقَّه بِهِ، وَارْتَحَلَ للحجِّ وَالتِّجَارَة، فسَمِعَ مِنْ: أَبِي هِشَام الرِّفَاعِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: رَوَى عَنْ أَبِيْهِ عِلْمَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِبَلَدِهِ مِنْ غَيْر أَبِيْهِ، وَكَانَ كَرِيْماً عَاقِلاً عَظِيْمَ الجَاه وَالمَال، مقدَّماً فِي الشُّوْرَى، مُنفرداً برِئاسَة الْبَلَد، غَيْر مُدَافَع. رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّد بن أَيْمَن، وَأَحْمَد بن مُطَرِّف، وَأَحْمَد بن سَعِيْدِ بنِ حَزْم الصَّدَفِيّ، وَابْن أَخِيْهِ يَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيّ ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ آخِر مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُنَا أَبُو عِيْسَى يَحْيَى-يَعْنِي: ابْن أَخِيْهِ.
تُوُفِّيَ فِي عاشر رمضان، سة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلدُه يَحْيَى، وَكَانَتْ جِنَازَته مشهودَةً.
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَال فِي بَعْض كتبه: كَانَ مُتَمَوِّلاً، سمحاً، جَوَاداً، كَثِيْرَ الصَّدَقَات وَالإِحسَان، كَامِل المُروءة، رَأَى مرَّةً شَيْخاً خطابًا ضعيفًا، فوهبه مائة دينا. وَلَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهُ شُوهد يَوْم مَوْته البواكِي عليه من كل ضرب حتى اليَهُوْد وَالنَّصَارِى، وَمَا شُوهِدَ قَطُّ مِثْل جِنَازَته، وَلاَ سُمِعَ بِالأَنْدَلُسِ بِمِثْلهَا، رَحِمَهُ اللهُ؟
قُلْتُ: مات في عشر التسعين.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 111"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 231".(10/518)
2481- زُغْبَة 1: "س"
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ حَمَّاد بن مُسْلِمٍ التُّجِيْبِيّ البَصْرِيّ، أَخُو عِيْسَى بن حَمَّادٍ زُغْبَة، وَهَذَا لَقَبٌ لأَبِيهِمَا وَلَهُمَا.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَيَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَسَعِيْد بن أَبِي عُفير، وَأَخِيْهِ عِيْسَى، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَعَبْد المُؤْمِنِ بن خَلَفٍ النَّسَفِيّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيّ، وَالحَسَن بن رَشِيق، وَخَلْقٌ.
وَعَاشَ أَربعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ بِمِصْرَ في جمادى الأولى، سنة ست وتسعين ومائتين. أَرَّخَهُ ابْن يُوْنُسَ، وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 105"، وتهذيب التهذيب "1/ 25-26".(10/519)
2482- ابن ملحان 1:
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُتْقِنُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، أَحْمَد بن إبراهيم بن ملحَان البَلْخِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ. صَاحب يَحْيَى بن بُكَيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَابْنُ قانع، والطبراني، وأبو بكر بن خَلاَّد النَّصِيْبِيّ، وَجَمَاعَة.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَحَمْدُ بنُ عليى الأَبَّار، وَالحَسَن بن سَهْل المُجَوِّز، وَالحُسَيْن بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيّ، وَمُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الغَلاَبِيّ، وَمُحَمَّد بن العَبَّاسِ المُؤَدِّب، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ المنذر.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 11".(10/519)
2483- ابن أسد 1:
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ أَسَد بن يَزِيْدَ المَدِيْنِيّ الأَصْبَهَانِيّ الزَّاهِد آخرُ مِنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي دُوَاد الطَّيَالِسِيّ عِنْدَهُ عنه مجلس معروف سمعناه.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَحْمَد بن بندار، وأبو الشيخ، وجماعة.
توفي سن ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ عَنْ أَزيدَ مِنْ مائَة عَام.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: حَدَّثَ عن أبي داود مناكير.
قلت: كان متعبدًا مجاب الدعوة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 643"، وميزان الاعتدال "3/ 480"، والعبر "2/ 96"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 215".(10/520)
2484- بُهْلُول 1:
ابن إسحاق بن بهلول بن حسان: الشيخ المسند، الصدوق، أبو محمد بن الحَافِظِ الكَبِيْرِ أَبِي يَعْقُوْبَ التَّنُوخِيُّ، خَطيبُ الأَنبارِ، وَقَاضيهَا وَرَئِيْسُهَا، وَعَالِمُهَا وَمَنْ يُضْرَب المَثَلُ بِبَلَاغَتِهِ فِي خَطَابتِه.
ارْتَحَلَ فِي حدَاثته بَاعْتِنَاء، وَالده وَسَمِعَ مِنْ: سَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيّ، وَأَحْمَد بن حَاتِمٍ الطَّوِيْل، وَمُحَمَّد بن مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَابْن أَخِيْهِ يُوْسُف بن يَعْقُوْبَ الأَزْرَق، وَإِسْمَاعِيْل أَخُو الأَزْرَق، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَابْن عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيّ، وَخَلْقٌ مِنَ الرَّحَّالين.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ ومائتين.
وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وهو من كبار شيوخ الإسماعيلي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 109"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 110"، والعبر "2/ 110"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 228".(10/520)
2485- دُرَّان 1:
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ الصَّدُوْقُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذ بن سُفْيَان بن المُسْتَهِل، العَنْزِيّ البَصْرِيّ، ثُمَّ الحَلَبِيّ، دُرَّان.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ، وَعَمْرو بن مَرْزُوْقٍ، وَعَبْد اللهِ بن رَجَاء وَمُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْدِيّ، وَأَبَا سَلمَة المِنْقَرِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الرَّافقيّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ المِصِّيْصِيّ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ السَّقَّاء، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ سنة أربع وتسعين ومائتين، وهو من في عشر المائة.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 89"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 39"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 216".(10/521)
2486- أبو شعيب الحَرَّاني 1:
الشيخ، المحدث، المعمر، المؤدب عبد الله بن الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي شُعَيْبٍ.
نَزَلَ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدِّهِ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ وَاقِد، وَعَفَّان بن مُسْلِمٍ، وَيَحْيَى البَابْلُتِّيّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصواف، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرْفِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ يَحْيَى البَابْلُتِّيّ زَوْجَ أُمِّه، وَكَانَ الأَوْزَاعِيُّ زوجَ أُمّ البَابْلُتِّيّ، وَاسمُ جَدِّهُم: عَبْد اللهِ بن مُسْلِمٍ وَمُسْلِمٌ مِنْ سَبِي سَمَرْقَنْد، وَقَعَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ فَأَعْتَقَه فوُلِد لَهُ وَلد فَجَاءَ بِهِ عُمَر فَسَمَّاهُ عَبْد اللهِ، وَفَرَضَ لَهُ فِي الذُّرِّيَّة فَعَاشَ عَبْد اللهِ مائَة، وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَلد أَبُو شُعَيْب فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ الصَّوَّاف: سَمَاعُه مِنَ البَابْلُتِّيّ فِي سَنَةِ ثمَانِي وَعَشْرَة.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ زوجَ أُمّه، فسَمِعَ مِنْهُ وَهُوَ حدَث.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ، أَخْبَرَنِي نصر الصَّائِغ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا شُعَيْب أَنْ يحَدِّثَنِي بِحَدِيْثٍ عَنْ عَفَّان، فَقَالَ: أَعطِ السَّقَّاء ثمن الرَّاوِيَة فَأَعطيتُه دَانِقاً، وَحَدَّثَنِي بِالحَدِيْثِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ -يَعْنِي بِبَغْدَادَ- وكان أسند من بقي بها.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 435"، والمنتظم "6/ 79"، والعبر "2/ 101"، وميزان الاعتدال "2/ 406"، ولسان الميزان "3/ 271"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 218".(10/521)
2487- نَصْرَك 1:
هُوَ: الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المَاهرُ، الرَّحَّال، أَبُو مُحَمَّدٍ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْر، الكِنْدِيّ البَغْدَادِيّ، نَصْرَك نَزِيْلُ بُخَارَى.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بن الرَّيَّانِ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عُقْدَة الحَافِظ، وَخَلَف بن مُحَمَّدٍ الخيَّام، وَآخَرُوْنَ.
جَمَعَ، وَخَرَّجَ وَصَنَّفَ المُسْنَد، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْن.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ السُّليمَانِيّ يُقَال: إِنَّهُ كَانَ أَحفظَ مِنْ صَالِح بن مُحَمَّدٍ جَزَرَة، إلَّا أَنَّهُ كَانَ يُتَّهَم بِشُرْب المُسْكِر قُلْتُ: قَلَّمَا يُوجد مِنْ عِلم هَذَا الرَّجُل.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ البَرْدَانِيّ، أَخْبَرَنَا هَنَّاد النَّسَفِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا خَلَف بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا نَصْر بن أَحْمَدَ الكِنْدِيّ، وَسَهْل بن شَاذَوَيْه قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَهْل بنِ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عِيْسَى غُنْجَار، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَيُّوْبَ، عن محمد، عن أبي هريرة مَرْفُوْعاً "لاَ تُسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ فَإِنَّ الكَرْمَ الرجل المسلم" 2. غريب.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 293"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 59"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 698".
2 ورد عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "لاَ تُسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ، فَإِنَّ الكَرْمَ الرَّجُلُ المسلم" أخرجه البخاري "6183"، ومسلم "2247"، "8"، واللفظ له وأبو داود "4974".(10/522)
2488- القاضي أبو خازم 1:
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، قَاضِي القُضَاة، أَبُو خَازمٍ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ السَّكُوْنِيّ البَصْرِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ الحَنَفِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَشَّار، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى، وَشُعَيْب بن أَيُّوْبَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُكْرم بن أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ.
وَكَانَ ثِقَةً ديناً، وَرِعاً عَالِماً أَحذقَ النَّاس بِعَمَل المحَاضِر، وَالسِّجِلاَّت بَصِيْراً بِالجبر، والقابلة فَارِضاً ذَكِيّاً كَامِلَ العَقْل.
أَخَذَ عَنْ هِلاَل الرَّأْي وَبكرٍ العَمِّيّ، وَمحمود الأَنْصَارِيّ الفُقَهَاء أَصْحَاب مُحَمَّد بن شُجَاع، وَغَيْره.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب حَتَّى فُضِّلَ عَلَى مَشَايِخه، وَبِهِ يُضرب المَثَل في العقل.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيّ فِي طبقَات الفُقَهَاء: ومنهم أبو خازم أَخَذَ عَنْ شُيُوْخ البَصْرَة، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِالشَّامِ، وَبَالكُوْفَةِ وَكرخ بَغْدَاد.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوخِيّ: حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنِي مكرم بن بَكْر قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِس أَبِي خَازم القَاضِي فَتَقَدَّم شَيْخٌ مَعَهُ غُلاَمٌ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلف دِيْنَار فَأَقرَّ الحَدَث فَقَالَ القَاضِي للشَّيخ: مَا تشَاءُ قَالَ: حَبْسُه فَقَالَ للحَدَث: قَدْ سَمِعْتَ فَهَلْ توفِّيه البَعْضَ قَالَ: لاَ فَفَكَّر سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: تلاَزمَا حَتَّى أَنظر فَقُلْتُ: لِمَ أَخَّرَ القَاضِي الحَبْسَ قَالَ: وَيْحَك إِنِّيْ أَعرف فِي أَكْثَر الأَحْوَال وَجه المُحِقِّ مِنَ المُبْطِل وَقَدْ وَقَعَ لِي أَن سمَاحَتَه بِالإِقْرَار شَيْءٌ بعيدٌ مِنَ الحَقِّ أَمَا رأيت قلة تغاضبهما في المحاروة مع عظم المال فبينا نحن كذلك إذا اسْتبَان الأَمْر فَاسْتَأَذن تَاجرٌ موسرٌ فَأَذِن لَهُ القَاضِي فَدَخَلَ وَقَالَ: قَدْ بُليت بِابْنٍ لِي حَدَثٍ يُتلف مَالِي عِنْد فُلاَن المُقَبِّن، فَإِذَا منعتُهُ مَالِي احتَالَ بحيلٍ يُلجئنِي إِلَى التزَام غرم، وَأَقْرَبَهُ أَنَّهُ نَصَبَ المُقَبِّنْ اليَوْم لمطَالبته بِأَلف دِيْنَار، وَأَقَعُ مَعَ أُمِّهِ -إِنْ حُبِسَ- فِي نكدٍ فتبسَّم القَاضِي، وَطَلَب الغُلاَم وَالشَّيْخ فَأُدخلاَ فَوعظ الغُلاَم فَأَقرَّ الشَّيْخ وَأَخَذَ التَّاجِر بِيَدِ ابْنه، وَانْصَرَفَ.
قَالَ أَبُو بَرْزَة الحَاسِب: لاَ أَعرف فِي الدُّنْيَا أَحسب مِنْ أَبِي خازم القاضي.
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 52"، وتذكرة الحفاظ "2/ 654"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 210".(10/523)
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيّ: بَلَغَنِي أَنَّ أبا خازم القاضي جلس فِي الشَّرْقِيَّة، فَأَدَّب خَصْماً لأَمرٍ فَمَاتَ فَكَتَبَ رُقْعَةً إِلَى الْمُعْتَضد يَقُوْلُ: إِنَّ دِيَة هَذَا فِي بَيْتِ المَالِ فَإِنْ رَأَى أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يَحمِلَهَا إِلَى وَرَثَتِه فَعَلَ فَحمل إِلَيْهِ عَشْرَة آلاَف فدفعهَا إِلَى وَرَثَتِهِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الْمُعْتَضد يحترِم أَبَا خَازم وَيُجِلُّهُ قِيْلَ: إِنَّ أَبَا خَازم لمَا احْتُضِرَ بَكَى، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: يَا رَبِّ مِنَ القَضَاء إِلَى القَبْرِ.
وَلَهُ شعر رقيقٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الْفَيْض: وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْق أَبُو خَازم سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ إِلَى أَنْ قَدِمَ الْمُعْتَضد قَبْل الخِلاَفَة دِمَشْق لِحَرْب ابْن طولُوْنَ فَسَارَ مَعَهُ أَبُو خَازم إِلَى العِرَاقِ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَلنَا: أَبُو حَازِمٍ بحَاء مُهْمَلَةٍ: أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ نصر.
مَاتَ سَنَةَ سِتَّ عشرة وثلاث مائة.(10/524)
2489- الجَارُودِي 1:
الإِمَامُ، الأَوْحَدُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ، الأَمجدُ، صدرُ خُرَاسَان، أبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ النَّضْر بن سَلَمَةَ بنِ الجَارُوْدِ بن يَزِيْدَ الجَارُوْدِيّ النَّيْسَابُوْرِيّ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم فَقَالَ: شَيْخُ وَقتِه، وَعينُ عُلَمَاء عصرِه حِفْظاً وَكمَالاً، وَقُدوَة وَرِئاسَةً وثروَة.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُوْسَى السُّدِّيّ، وَابْن أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعَمْرو بن عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَأَبَا كُرَيْب، وَحُمَيْد بن مَسْعَدَةَ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيّ، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ، وَخلقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، والمؤمل بن الحسن، وأبو حامد بن الشرقي، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَآخَرُوْنَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مِنْهُ بِالرَّيِّ، وَهُوَ صَدُوْقٌ من الحفاظ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 492"، والأنساب للسمعاني "3/ 158"، وتهذيب التهذيب "9/ 490"، وتقريب التهذيب "2/ 213"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6706".(10/524)
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَهْلُ بَيته حَنَفِيُّون.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيّ يَسْتَعين بِعَرَبِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ الجَارُوديّ، وَيُبَيِّتُهُ عِنْدَهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ رِحْلَته مَعَ مُسْلِم يَتَبَجَّحُ بِذَلِكَ، وَيَعتمدُه فِي جَمِيْع أسبابه إلى أن توفي مسلم.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَأَملَى حَدِيْثاً فردَّ عَلَيْهِ الجَارُوْدِيّ فَزَبَرَه مُحَمَّد بن يَحْيَى فَلَمَّا كَانَ المَجْلِس الثَّانِي قَالَ الذُّهْلِيّ: هَا هُنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: الصَّوَاب مَا قُلْتَ فَإِنِّي رَجَعْتُ إِلَى كتَابِي فَوَجَدتُه عَلَى مَا قُلْت.
قَالَ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ: تُوُفِّيَ مُحَمَّد بن النَّضْرِ الجَارُوْدِيّ فَدُفِنَ عَشِيَّة الخَمِيْس السَّابع عشر مِنْ شَهْر رَبِيْع الأَوّل سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ رَئِيْسُنَا أَبُو عُمَرَ الخفَّاف، وَخَرَجَ أَحْمَد بن أَسَدٍ الأَمِيْر فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَانْصَرَفَ رَاجلاً.
وَمُحَمَّد بن النَّضْرِ بن عَبْدِ الوَهَّابِ: مَرَّ آنفاً.
وَمن حَدِيْث الجَارُوْدِيّ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سِلَفَة، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَاك حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم حَدَّثَنَا، يَحْيَى بنُ مَنْصُوْر حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ النَّضْر الجَارُوْدِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عبد الرحمن السَّمَرْقَنْدِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكْر عَنْ صدقَة بن أَبِي عِمْرَانَ عَنْ إِيَاد بن لَقِيط عَنِ البَرَاء قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِفَلاَةٍ بِمِيتَةٍ فَقَالَ: "الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا" 1.
مُحَمَّد بن بَكْر: لَيْسَ هُوَ البُرْسَانِيّ، بَلْ يُقَال له: الحصني. وَالحَدِيْث غَرِيْبٌ جِدّاً، وَإِنَّمَا المَعْرُوف مِنْ حَدِيْثِ المسْتَوْرِد الفِهْرِيّ.
الجَارُوْدِيّ آخر هُوَ: الحَافِظ الإِمَام صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بن محمد الجاورد الأصبهاني: سيأتي.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "2321"، وابن ماجه "4111" من طريق مجالد بن سعيد، عن قيس بن أبي حازم، عن المستورد بن شداد قال: كنت مع الركب الذين وقفوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السخلة الميتة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها"، قالوا: من هوانها ألقوها يا رسول الله، قال: "فالدنيا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا".
قلت: إسناده ضعيف، آفته مجالد، وهو ابن سعيد بن عمير الهمداني، ليس بالقوي كما قال الحافظ في "التقريب". ولكن للحديث شاهد من حديث جابر بنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مر بالسوق داخلًا من بعض العالية والناس كنفته فمر بجدى أسك ميت، فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال: "أيكم يحب أن هذا له بدرهم"؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: "أتبحون أنه لكم"؟ قالوا: والله لو كان حيا كان عيبًا فيه لأنه أسك؟ فكيف وهو ميت؟ فقال: "فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم" أخرجه مسلم "2957".(10/525)
2490- القاسم بن خالد:
ابن قطن: الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، أَبُو سَهْلٍ المَرْوَزِيّ، أَحَدُ المشَاهير، وَالأَعيَان.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ وَيَحْيَى بن مَعْرُوف، وَإِسْحَاق بنُ رَاهَوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن نجدَة، وَأَبَا مُصْعبٍ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا كَامِلٍ الجَحْدَرِيّ، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَحِبَّان بن مُوْسَى، وَطَبَقَتهُم وَأَكْثَر التَّرْحَالَ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّغُوْلِيّ وَعُمَر بن عَلَّك، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الرَّازِيّ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.(10/526)
2491- محمد بن إسحاق 1:
ابن راهويه الحنظلي: الإمام العالم الفقيه الحافظ قاضي نَيْسَابُوْر، أَبُو الحَسَنِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ الإِمَامَ أَبَا يَعْقُوْب، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَابْن قَانع، وَأَحْمَد بن خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَد بن سَلْم الخُتَّلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وآخرون.
ولي قضاء مَرْو ثُمَّ قَضَاء نَيْسَابُوْر وَتُوُفِّيَ وَالدُه وَهَذَا فِي الرِّحْلَةِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ لِي: أَنْتَ ابْن أَبِي يَعْقُوْبَ قُلْتُ: نَعم قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ لَزِمْتَهُ كَانَ أَكْثَرَ لفَائِدتك فَإِنَّك لَنْ تَرَى مثلَه.
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ بِمَرْوَ.
هَذَا وَهم فَإِنَّ ابْن قَانع، وَابْنَ المُنَادِي قَالاَ: قَتَلَتْهُ القَرَامِطَة بطَرِيْق مَكَّة، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قلت: قارب الثمانين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1104"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 36"، وميزان الاعتدال "3/ 475"، ولسان الميزان "5/ 65"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 216".(10/526)
2492- أبو جعفر التِّرْمذي 1:
هُوَ: الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة بِالعِرَاقِ فِي وقته أبو جعفر مُحَمَّد بن أَحْمَدَ نَصْر التِّرْمِذِيّ الشَّافِعِيّ الزَّاهِد. وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ وَسَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ الصِّيْنِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَتفقَّه بِأَصْحَابِ الشَّافِعِيّ، وَلَهُ وَجهٌ فِي المَذْهَب.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَابْن قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّد، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ نَاسكٌ.
وَذكر إِبْرَاهِيْم بن السَّرِيّ الزَّجَّاج: أَنَّهُ كَانَ يُجرَى عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فِي الشَّهر أَرْبَعَةُ درَاهُم يتقوَّتُ بِهَا قَالَ: وَكَانَ لاَ يَسأَلُ أَحَداً شَيْئاً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البربرِيّ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ تقوَّت بَضْعَةَ عشر يَوْماً بِخمْس حبَّاتٍ قَالَ: وَلَمْ أَكنْ أَملك غَيْرَهَا أَخَذْتُ بِهَا لِفْتاً.
وَنَقَلَ الشَّيْخ محيَي الدِّين النَّوَوِيّ: أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ جَزَمَ بِطهَارَة شَعْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ خَالفَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَة جُمهورَ الأَصْحَاب.
قُلْتُ: يتعيَّن عَلَى كُلّ مُسْلِم الْقطع بِطَهَارَة ذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا حَلَقَ رأْسَهُ فَرَّقَ شَعْرَه المطهر على أصحابه إكرامًا لهم بذلك2، فوَالهفِي عَلَى تَقْبيل شعرَة مِنْهَا.
قَالَ وَالد أَبِي حَفْصٍ بن شَاهِيْن: حَضَرْتُ أَبَا جَعْفَرٍ، فسُئِلَ عَنْ حَدِيْث النُّزُول3 فَقَالَ: النُّزُول مَعْقول وَالكَيْفُ مَجْهُوْلٍ وَالإِيْمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: لَمْ يَكُنْ للشَّافعيَة بِالعِرَاقِ أَرَأْسُ وَلاَ أَوْرَعُ وَلاَ أَنْقَلُ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيّ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ: إنه اختلط بأخرة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "1/ 365"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 80"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 572"، والعبر "2/ 103"، ولسان الميزان "5/ 46"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 220".
2 صحيح: أخرجه البخاري "171"، ومسلم "1305"، من حديث أَنَسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره.
3 ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا بلفظ: "ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا، حتى يبقى ثلث الليل الآخر. فيقول: من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيته ومن يستغفرني فأغفر له" أخرجه مالك "1/ 214"، ومن طريقه أخرجه "2/ 487"، والبخاري "1145"، "6321"، "7494"، ومسلم "758"، وأبو داود "1315"، وابن خزيمة في "التوحيد" "ص127"، وابن أبي عاصم في "السنة" "492"، وأبو القاسم اللالكائي في "شرح السنة" "3/ 435، 436"، والبيهقي في "السنن" "3/ 2"، وفي "الأسماء والصفات" "ص449"، عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله الأغر، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبي هريرة مرفوعًا.(10/527)
2493- إبراهيم بن أبي طالب 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الزَّاهِدُ شَيْخُ نَيْسَابُوْر، وَإِمَام المُحَدِّثِيْنَ فِي زَمَانِهِ أَبُو إِسْحَاقَ بنُ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّد بن نُوْح بن عَبْدِ اللهِ بن خالد النيسابوري المزكي.
ذَكَرَهُ الحَاكِم فَقَالَ: إِمَامُ عَصْره بِنَيْسَابُوْرَ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْث وَالرِّجَال جَمَعَ الشُّيُوْخ وَالعِلل.
قَالَ: سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَأَبَا قُدَامَة السَّرَخْسِيّ، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَالحُسَيْن بن الضَّحَّاك، وَعَبْد اللهِ بن الجَرَّاحِ، وَعَبْد اللهِ بن عُمَرَ بنِ الرَّمَّاح، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ البَلْخِيّ، وَأَقرَانَهُم بِنَيْسَابُوْرَ، وَمُحَمَّد بن مِهْرَانَ الجَمَّال، وَمُحَمَّد بن حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّد بن عَمْرٍو، وَزُنَيْج بِالرَّيِّ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ -سُؤَالاَت- وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَطَبَقَتهُم بِبَغْدَادَ، وَإِسْحَاق بن شَاهِيْن، وَبِشْر بن آدَمَ بِوَاسِطَ، وَعَمْرو بن عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَبُنْدَاراً، وَنَصْر بن عَلِيّ بِالبَصْرَةِ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبْد اللهِ بن عمر بن أبان الكوفة، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَانَ بنِ نَضْلَة، وَهَارُوْن بن مُوْسَى الفَرْوِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي خُبْزَة، وَمُحَمَّد بن عَبَّادٍ، وَعَبْد اللهِ بن عمران، وابن أبي عمر العدني بمكة.
__________
1 ترجمته في المتنظم لابن الجوزي "6/ 76"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 661"، والعبر "2/ 100"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 128"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 218"(10/528)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو يَحْيَى الخفَّاف، وَإِمَام الأَئِمَّة ابْن خُزَيْمَةَ، وَأَكْثَر مَشَايِخنَا.
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَعْد يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْل إِبْرَاهِيْم بن أبي طالب، ولا أرى مثل نفسه اختلف إليه ست سنين.
قال: سمعت عَبْدَ اللهِ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الحَافِظ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: إِنَّمَا أَخرجَتْ مدينتُنَا هَذِهِ مِنْ رِجَال الحَدِيْث ثَلاَثَة: مُحَمَّد بن يَحْيَى، وَمُسْلِم الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب.
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّبْغِيّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي المُحَدِّثِيْنَ أَهيبَ مِنْ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طالب كنا نجلس بن يديه، وكأن على رءوسنا الطَّير بَينَا نَحْنُ فِي مسجدِه إِذْ عَطَسَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ فَأَخفَى عُطَاسه فَقُلْتُ لَهُ: قَلِيْلاً قَلِيْلاً لاَ تَخَفْ فلَسْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ.
وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي مُحَمَّد بن يَحْيَى، مَنْ أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتَ بِالعِرَاقِ؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَ بَعْد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ مِثْل أَبِي كُرَيْبٍ ثُمَّ قَالَ أَبُو الفَضْلِ: كَانَ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يُهَاب بِمَرَّة، وَكَانَ لاَ يَحْضُر مَجْلِسَ القُضَاة إلَّا لِشَهَادَةٍ تلْزمهُ.
وحَدَّثَنَا حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَد بَعْدَ المِحْنَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَذَاكرتُهُ رَجَاءَ أَنْ آخذ عَنْهُ حَدِيْثاً حتى قلت له: أَبَا عَبْدِ اللهِ حَدِيْثُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "امْرُؤُ القَيْسِ قَائِدُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلَى النَّارِ"1. فَقَال: قِيْلَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ؟ عَنْهُ قُلْتُ: مَنْ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَبُو الجَهْمِ، قُلْتُ: مِنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الجَهْم فَسَكَتَ فَعَاوَدْتُه فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّم فَسَكَتُّ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَختلِفُ إِلَى الولي بِبَابِ مَعْمَر فَقَالَ لِي بَعْض مَشَايِخنَا: أَلاَ تحضُرُ مَجْلِس إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ فترَى شمَائِلَه، وَمَحَاسِنَه فَأَحضرنِي فرَأَيْتُ شَيْخاً لَمْ تَرَ عيناي مثله.
__________
1 ضعيف جدًّا: أخرجه "2/ 228"، وابن حبان في "المجروحين" "3/ 150"، وابن عدي في "الكامل" "4/ 85-86"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" "1/ 138"، من طريق هشيم أخبرنا أبو الجهم الواسطي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا، آفته أبو الجهم الواسطي، قيل اسمه صبيح بن عبد الله، وقيل ابن القاسم، قال أبو زرعة الرازي: واهي الحديث، وجهله الإمام أحمد، وقال ابن حبان في "المجروحين": "شيخ من أهل واسط يروي عن الزهري ما ليس من حديثه، روى عنه هشيم، لا يجوز الاحتجاج براويته إذا انفرد".(10/529)
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: إِنَّمَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْث خَمْسَة: الذُّهْلِيّ، وَالدَّارِمِيّ، وَالبُخَارِيّ، وَمُسْلِم، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يعيشُ مِنْ كرَاء حَانوتٍ لَهُ، فِي الشَّهر بِسبعَةَ عشرَ دِرْهَماً يتبلَّغ بِهَا، وَقَدْ أَملَى كِتَاب "الْعِلَل"؛ وَغير شَيْء.
وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّب مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ حَمْدُوْنَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي طَالِبٍ، سَمِعْتُ مَنْ يسأَل أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فَقَالَ: إِن أَصْحَاب الحَدِيْث يكتُبُوْنَ كُتُبَ الشَّافِعِيّ؟ فَقَالَ: لاَ أَرَى لَهُم ذَلِكَ؛ يَعْنِي: أَنَّهُم يشتغلُوْنَ بِذَلِكَ عَنِ الحَدِيْث.
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ المُزَكِّي، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعْتُ ابْنَ حَنْبَل يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْع لاَ يُقَدِّم عَلَى زَائِدَة فِي الحِفْظِ أَحَداً.
وَسَمِعْتُ العبنري: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: سأَلتُ أَحْمَد، عن القِرَاءة فِيمَا يَجْهر فِيْهِ الإِمَام، فَقَالَ: يقرأُ بفَاتحَة الكِتَاب.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَعْد يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْم: فِي ثَانِي رَجَب، سَنَةَ خمس وتسعين ومائتين, صلى عَلَيْهِ ابْن أَخِيْهِ وَوَارِثه، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَة الحُسَيْن بن مُعَاذٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَابْن عَسَاكِر، وَبنت كِندي سَمَاعاً، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي رَوْح، وَزَيْنَب الشَّعْرِيَّة: قَالَ المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ، وَقَالَ أَبُو رَوْح: "أَخْبَرَنَا تَمِيْم المُؤَدِّب، وَقَالَتِ الشَّعْرِيَّة: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَارِئ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بن نُجَيد، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِد، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قال رسو ل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَلِيُّ، سَلِ الله الهُدَى وَالسَّدَادَ، وَاذْكُرْ بِالهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيْق، وَبَالسَّدَادِ تَسْدِيْدَكَ السَّهْم" 1.
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَلَمْ يُخْرِّجه أَربَاب الكُتُب السِّتَّة.
وَفِيْهَا مَاتَ مَعَهُ: الحَسَن بن عَلِيٍّ المَعْمَرِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيّ الفقيه، أبو شُعَيْب، الحَرَّانِيّ، وَالمتكفِي بِاللهِ، وَالحَكَم بن مَعْبَد الخُزَاعِيّ، وَالزَّاهِد أَبُو الحُسَيْنِ النُّورِيّ، وَقَاضِي نَسَفَ: إبراهيم بن معقل النسفي.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2725" من طري عاصم بن كليب، عن أبي بردة، عن علي قَالَ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "قل: اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم".(10/530)
ابن مساور، وبحشل، وأبو علاثة:
2494- ابن مُسَاور 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ القَاسِم بن مُسَاوِر البَغْدَادِيّ الجَوْهَرِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: عفان بن مسلم، وخالد بن داش، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَطَبَقَتِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانع، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ بن حُبَيْش، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي: قَالَ لِي: إِنَّهُ كتب عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعد خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف حَدِيْث.
قَالَ: وَمَاتَ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثلاثة وتسعين ومائتين.
2495- بَحْشَل 2:
الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، المُحَدِّثُ، مُؤرِّخ مَدِيْنَة وَاسِط، أَبُو الحَسَنِ أَسْلَمُ بنُ سَهْلِ بنِ سَلْم بن زِيَادِ بنِ حَبِيْب الوَاسِطِيّ، الرَّزَّاز، وَيُعْرَفُ ببَحْشَل، وَهُوَ أَيْضاً لقبٌ لأَحْمَدَ بنِ أَخِي ابْن وَهْبٍ.
سَمِعَ مِنْ: جدّه لأُمِّهِ وَهْب بن بَقِيَّة، وَمن عَمِّ أَبِيْهِ سَعِيْد بن زِيَادٍ، وَمُحَمَّد بن أَبِي نُعَيْمٍ، الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن خَالِدٍ الطَّحَّان، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عنه: محمد بن عثمان بن سمعان، ومحمود بن عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ، وَإِبْرَاهِيْم بن يَعْقُوْبَ، وَعَلِيّ بن حُمَيْد البَزَّاز، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ اللَّيْثِ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
قَالَ خمِيس الحوزيّ: هُوَ مَنسوبٌ إِلَى مَحَلَّةِ الرَّزَّازِين، وَمسجدُه هُنَاكَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، إِمَامٌ، يصلح للصَّحِيْح.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
2496- أَبُو عُلَاثة 3:
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيَاضِ بنِ أَبِي طَيْبَةَ: الأَخْبَارِيّ، الأَدِيْب، مِنْ مشيخَة المِصْرِيّين.
كَانَ ذَا عَارِضَةٍ، وَلسَانٍ وَكَانَ مَمْقُوتاً عِنْد كَثِيْرٍ مِنَ النَّاس، فَشَهِد عَلَيْهِ أَقوام بِأُمُورٍ، قَبِل مِنْهُم السُّلْطَان فَضُرِبَ مِرَاراً فَمَاتَ ثُمَّ تبيَّن أَنَّهُ ظُلم، وَكَانَ ثَار عَلَيْهِ أَهْل المَسْجَد العَوَامّ فَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، وَالواعظ عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الصَّفَّار، وَحُمَيْد بن يُوْنُسَ، وَعِدَّةٌ.
وَمن شُيُوْخه: مُحَمَّد بن رُمْح، وَمكِّيّ بن عبد الله الرُّعَيْنِيّ، وَحَرْمَلَة.
تُوُفِّيَ مِنَ الضَّرب رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 349".
2 ترجمته في معجم الأدباء "6/ 127"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 684"، وميزان الاعتدال "1/ 211"، ولسان الميزان "1/ 388"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي:"2/ 210".
3 ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 465"، ولسان الميزان "5/ 57".(10/531)
2497- البَزَّار 1:
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الكَبِيْرُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ عَبْدِ الخَالِقِ البَصْرِيُّ، البَزَّارُ، صَاحِبُ المُسْنَدِ الكَبِيْرِ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَى أَسَانيدِه.
وُلِدَ سَنَةَ نَيف عَشْرَة وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: هُدْبَة بن خَالِدٍ، وَعَبْد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ فَيَّاض الزِّمَّانِيّ، وَمُحَمَّد بن مَعْمَر القَيْسِيّ، وَبِشْر بن مُعَاذٍ العَقَدِيّ، وَعِيْسَى بن هَارُوْنَ القُرَشِيّ، وَسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَعَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ البَرْمَكِيّ، وَعَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ، وَزِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، وَأَحْمَد بن المِقْدَامِ العِجْلِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَبُندَاراً، وَابْن مُثَنَّى، وعبد الله بن الصباح، وعبد الله بن شَبِيْبٍ، وَمُحَمَّد بن مِرْدَاس الأَنْصَارِيّ، وَمُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الفَضْلِ الحَرَّانِيّ، وَخلقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ قَانع، وَابْنُ نَجِيع، وَأَبُو بَكْرٍ الخُتُّلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَحْمَد بنِ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْب التَّمِيْمِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ، وَأَحْمَد بن جَعْفَرِ بنِ سَلْم الفُرْسَانِيّ، وَعَبْد اللهِ بن خَالِد بن رُسْتُم الرَّارَانِيّ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ الضَّرِير، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الثَّقَفِيّ، وَأَحْمَد بن جعفر بن معبد
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 334"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 50"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة رقم 675"، والعبر "2/ 92"، ولسان الميزان "1/ 237"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 157"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 209".(10/532)
السِّمْسَار، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الكِسَائِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ الخَصِيب، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْد الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سيَاه، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بنِ عَطَاء القَبَّاب، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ ممشَاذ القَارِئ، وَمُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيّ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَدْ أَملَى أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاش مَجْلِساً عَنْ نَحْوٍ مِنْ عِشْرِيْنَ شَيْخاً حدَّثوه عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَزَّار.
وَقَدِ ارْتَحَلَ فِي الشَّيْخُوخَة نَاشِراً لحَدِيثِهِ فَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ عَنِ الكِبَار وَبِبَغْدَادَ وَمِصْر وَمَكَّة وَالرَّملَة.
وَأَدْرَكَهُ بِالرَّمْلَة أَجلُه فَمَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ: ثِقَةٌ يُخْطِئ وَيَتَّكلُ عَلَى حِفْظِهِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: يُخْطِئ فِي الإِسْنَاد وَالمتن.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَزَّار فَقَالَ: يُخْطِئ فِي الإِسْنَاد وَالمتن حَدَّثَ بِالمُسْنَد بِمِصْرَ حِفْظاً يَنْظُر فِي كُتب النَّاس وَيُحَدِّث مِنْ حِفْظِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ كُتُب فَأَخْطَأَ فِي أَحَادِيْث كَثِيْرَة.
جرحه النَّسَائِيّ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: حَافظ لِلْحَدِيْثِ تُوُفِّيَ بِالرَّمْلَة ثُمَّ أَرَّخ كَمَا مَرَّ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بقَاء وَعَبْد الدَّائِم بن أَحْمَدَ الوَزَّان قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ سَنَة سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتّ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المِصْرِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظ إِمْلاَءً سَنَة عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْب التَّمِيْمِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّار، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفَضْلِ الحَرَّانِيّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ المُهَلَّب الحَرَّانِيّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ مُحْرِز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِر، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَاقَتِهِ العَضْبَاء وَلَيْسَتْ بِالجَدْعَاء فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! كَأَنَّ المَوْتَ فِيْهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ وَكَأَنَّ الحَقَّ فِيْهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ وَكَأَنَّ مَنْ نُشَيِّعُ مِنَ المَوْتَى سَفْرٌ عَمَّا قَلِيْلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُوْن نُبَوِّئُهُم أَجْدَاثَهُم وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُم كَأَنَّا مُخَلَّدُوْنَ بَعْدَهُم قَدْ نَسِيْتُم كُلَّ وَاعِظَةٍ وَأَمِنْتُم كُلَّ جَائِحَةٍ طُوْبَى، لِمَنْ(10/533)
شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عَيْبِ أَخِيْهِ، وَتَوَاضَعَ للهِ فِي غَيْرِ مَنْقَصَةٍ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالٍ جَمَعَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَخَالَطَ أَهْلَ الفِقْهِ، وَالحِكْمَةِ وَجَانَبَ أَهْلَ الشَّكِّ وَالبِدْعَةِ وَحَسُنَتْ سَرِيْرَتُهُ، وَصَلُحَتْ عَلاَنِيَّتُهُ وَأَمِنَ النَّاسُ شَرَّهُ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ وَاهِي الإِسْنَاد، فَالنَّضْر: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُول. وَالوَلِيْد: لاَ يُعرف، وَلاَ يصِحُّ لِهَذَا الْمَتْن إِسْنَادٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، إِجَازَةً، عَنْ مَسْعُوْدٍ الجَمَّال، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّار، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الصَّيْرَفِيّ الكُوْفِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيّ، حَدَّثَنَا سَيْف بن وَهْب، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وأبو القاسم والماحي والحاشر" 2.
__________
1 موضوع: وهذا إسناد تالف، فيه علتان: الأولى: النضر بن محرز، مجهول، وقال ابن حبان لا يحتج به، وساق الذهبي الحخديث في ترجمته وعده من منكراته. الثانية: الوليد بن المهلب، لا يعرف وله ما ينكر والحديث أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "1/ 97" من طريق أبان بن أبي عياش، عن الحسن، عن أنس بن مالك به مرفوعًا، وإسناده ضعيف جدًّا، متنه موضوع، فيه أبان بن أبي عياش، قال ابن حبان: "سمع عن أنس بن مالك أحاديث، وجالس الحسن، فكان يسمع كلامه ويحفظه، فإذا حدث ربما جعل كلام الحسن الذي سمعه من قوله عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو لا يعلم، ولعله روى عن أنس أكثر من ألف وخمسمائة حديث ما لكبير شيء منها أصل يرجع إليه". وقال شعبة: لأن أزني أحب إلي من أن أحدث عن أبان بن أبي عياش. وقال ابن معين: أبان بن بعياش ليس بشيء.
وقد ذكرت هذا الحديث في كتابنا "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" في المجلد الأول منه حديث رقم "149"، وقد تكلمت على طرقه بإسهاب، وهو مطبوع بمكتبة الدعوة بالأزهر الشريف يسر الله طبع بقية مجلداته الأربعة بكرمه ومنه وجعله في ميزان حسناتنا إنه سميع مجيب.
2 صحيح لغيره: وهذا إسناد موضوع، فيه ثلاث علل: الأولى: إبراهيم بن يوسف الصيرفي، ليس بالقوي كما قال النسائي.
والثانية: أبو يحيى التيمي، واسمه إسماعيل بن يحيى بن عبد الله بن طلحة بن عبد الله، قال صالح بن محمد جزرة، كان يضع الحديث. وقال الأزدي: ركن من أركان الكذب، لا تحل الرواية عنه.
والعلة الثالثة: سيف بن وهب، قال يحيى بن سعيد: هالك. وقال أحمد: ضعيف.
ويغني عنه ما رواه جبير بن مطعم مرفوعًا بلفظ: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يُمْحَى بي الكفر وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على عقبي، وأنا العاقب"، والعاقب الذي ليس بعده نبي.
أخرجه مالك "2/ 1004" والبخاري، ومسلم "2354"، والترمذي "2840".(10/534)
2498- عُبيد بنُ غَنَّام 1:
ابْنِ القَاضِي حَفْصِ بنِ غياث: الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّخَعِيُّ، الكُوْفِيُّ. قيل: اسمه عبد الله.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَجُبَارَة بن المُغَلِّس، وَعَلِيّ بن حَكِيْم الأَوْدِيّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ بن عُقْدَة، وَيَزِيْد بن مُحَمَّدِ بنِ إِيَاس المَوْصِلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ عُبَيْد اللهِ بن يَحْيَى الطَّلْحِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُكْثِراً عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، قَالَهُ ابْن عقدَة.
وَمَاتَ فِي نِصْفِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَة سَبْعٍ وَتسعين وَمائَتَيْنِ.
وَتآلِيف أَبِي نُعَيْمٍ مَشْحُونَةٌ بِحَدِيْث ابْن غَنَّام وهو ثقة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ 660"، والعبر "2/ 107"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 225".(10/535)
2499- ابن عَلُّويه 1:
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ بنِ سُلَيْمَان بن علُّويَه، البَغْدَادِيّ القَطَّان.
سَمِعَ: عَاصِم بن عَلِيٍّ، وَبَشَّار بن مُوْسَى، وَعُبَيْد اللهِ بن عَائِشَة، وَبِشْر بن الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عِيْسَى العَطَّار رَاوِي المبتدأَ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد بن سنديّ الحَدَّاد، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَالآجُرِّيّ، وَمَخْلَد البَاقرحِيّ، وَعَبْد اللهِ بن إِبْرَاهِيْم الزَّبيبِيّ.
وثَّقه الدَّارَقُطْنِيّ وَالخَطِيْب.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتسعين وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو العَبَّاسِ بن مَسْرُوْق، وَبُهلول بن إِسْحَاق، وَالجُنَيْد بن مُحَمَّدٍ شيخ الصوفية، وأبو عثمان الحيري الزاهد، وَسمنُوْن المُحِبّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ طَرْخَان البَلْخِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيّ، وَيُوْسُف بن عَاصِم الرَّازِيّ، وَالأَمِيْر مُحَمَّد بن طَاهِرٍ بن عبد الله بن طاهر.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 375"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 106".(10/535)
2500- أبو عمرو الخَفَّاف 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الكَبِيْرُ، القُدْوَة شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْر بن إِبْرَاهِيْم النَّيْسَابُوْرِيّ، المَعْرُوف بِالخفَّاف.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: كَانَ نَسِيج، وَحده جلاَلَةً وَرِئاسَةً وَزهداً، وَعُبَادَةً وَسخَاء نَفْس.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَمْرو بن زُرَارَة وَأَبَا عَمَّار الحُسَيْن بن حُرَيْثٍ، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، وَالحُسَيْن بن الضَّحَّاك، وَمُحَمَّد بن رَافِع، وَمُحَمَّد بن علي بن شقيق، وأقرانهم بنيسابو، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَأَبَا همَّام السَّكُوْنِيّ، وَالطَّبَقَة بِبَغْدَادَ، وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَهَنَّاد بن السَّرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُف الصَّيْرَفِيّ، وَطَبَقَتهُم بِالكُوْفَةِ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِب، وَأَبَا مصعب الزهري، وعبد الله بن عِمْرَانَ العَابِديّ، وَعِدَّةً بِالمَدِيْنَةِ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى العَدَنِيّ، وَغَيْرهُ بِمَكَّةَ.
وَجَمَع وَصَنَّف وَبَرَع فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ بن فَارِس، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّبغِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد بن حَمْدُوْن الذُّهْلِيّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَد بن أَبِي بَكْر الحِيْرِيّ، وَخَلْقٌ مِنْ مشيخَة الحَاكِم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاق المُزَكِّي سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاج يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَمْرٍو الخفَّاف كَانَ يسْرد الحَدِيْث سرداً حَتَّى المُنْقَطِع، وَالمُرْسَل.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ الصِّبْغِيَّ يَقُوْلُ: صَام أَبُو عَمْرٍو الخفَّاف الدَّهْر نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: ليته أَفطر وَصَام فَمَا خفِي -وَاللهِ- وعليه النَّهْي عَنْ صيَام الدَّهْر.
وَلَكِن لَهُ سلف وَلَوْ صَامُوا أَفْضَل الصَّوْم للزمُوا صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الصِّبغِيَّ غَيْرَ مَرَّة يَقُوْلُ: كُنَّا نَقُوْل: إِنَّ أَبَا عِمْرَان يَفِي بمذكراة مائة ألف حديث.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 174"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 110"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 676"، والعبر "2/ 112"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 231".(10/536)
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ يَقُوْلُ: كَانَ ابتداء حال أبي عمرو، وَأَحْمَد بن نَصْر الرَّئيس الزُّهْد، وَالوَرَع وَصحبَة الأَبْدَال إِلَى أَنْ بلغَ مِن العِلْم، وَالرِّئاسَة وَالجَلاَلَة مَا بلغَ، وَلَمْ يَكُنْ يُعْقِب.
قَالَ: فَلَمَّا أَيس مِنَ الوَلَد تصدَّق بِأَمْوَالٍ كَانَ يقال: إن قيمتها خمسة آلاف دِرْهَم عَلَى الأَشرَاف، وَالفُقَرَاء وَالموَالِي.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّب الكَرَابِيْسِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَة يَقُوْلُ على رءوس الملأِ يَوْم مَاتَ أَبُو عَمْرٍو الخفَّاف: لَمْ يَكُنْ بِخُرَاسَان أَحْفَظ مِنْهُ لِلْحَدِيْث.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُؤَمَّل بن الحَسَنِ المَاسَرْجسِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الخفَّاف يَقُوْلُ: كَانَ عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار، يَعْنِي السُّلْطَان يَقُوْلُ لِي: يَا عمّ مَتَى مَا عَلِمتَ شَيْئاً لاَ يُوَافقك فَاضرب رقبتِي إِلَى أَنْ أَرجع إِلَى هَوَاك.
قُلْتُ: كَذَا فَلْيَكُن السُّلْطَان مَعَ الشَّيْخ، وَقَدْ كَانَ عَمْرو بن اللَّيْث صَانعاً فِي الصُّفر فَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى أَنْ تملَّك خُرَاسَان، وَتملَّك بَعْدَهُ أَخُوْهُ يَعْقُوْب فَانْظُرْ فِي تَارِيْخ الإسلام تسمع العجب من سريتهما.
وَكَانَ الرَّئيس أَبُو عَمْرٍو عَظِيْم الْقدر سَيِّداً مطَاعاً بِبَلَدِهِ نَال رِئاسَة الدّين، وَالدُّنْيَا وَكَانُوا يُلقِّبونه بِزينِ الأَشرَاف.
وَكَانَتْ وَفَاته فِي شَهْرِ شَعْبَانَ سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ مِنْ أبْناءِ الثمانين.
وَقَعَ لِي حَدِيْثه عَالِياً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْر الخفَّاف، حَدَّثَنَا نَصْر بن عَلِيّ، حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بن دَاوُد، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ رَبِيْعَة الجُرَشِيّ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يتحرَّى صَوْم الاثْنَيْن وَالخَمِيْس، وَيَصُوْم شَعْبَان وَرَمَضَان1
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ وَرَبِيْعَة: قِيْلَ لَهُ: صُحْبَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَحْمَد بن أَنَس بن مَالِك الدِّمَشْقِيّ، وَالحُسَيْن بن عَبْدِ اللهِ الفَقِيْه وَالد الخِرَقيّ، وَعَلِيّ بن سَعِيْدِ بن بَشِيْرٍ الرَّازِيّ، وَمُحَمَّد بن يَزِيْد بن عَبْد الصَّمَدِ، وَالعَارف مُمْشَاذ الدِّيْنَوَرِيّ، وَحُسَيْن بن حُمَيْد العَكِّيّ المِصْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الوَارِث بن مُسْلِم التُّجِيْبِيّ، ومحمد بن اللَّيْث الجَوْهَرِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَد بن الحُسَيْن الحَذَّاء، وَأَحْمَد بن عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ الجَارُوْد الأَصْبَهَانِيّ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدِ بنِ البحتري الحنائي، والحسن بن أحمد الصيقل المصري.
__________
1 صحيح دون قوله: "ويصوم شعبان ورمضان": أخرجه الترمذي "745"، والنسائي "4/ 202-203" من طريق عمرو بن علي، عن عبد الله بن داود، به، وأخرجه أحمد "6/ 80 و89 و106"، والنسائي "4/ 202"، وابن ماجه "1739"، من طريق خالد بن معدان، عن جبير نفير، عن عائشة، به.(10/537)
2501- أحمد بن النضر 1: "خ"
ابن عبد الوهاب: الحَافِظُ المُجَوِّدُ العَلاَّمَةُ أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ أَحَدُ الأَئِمَّةِ، وَالمُصَنِّفِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ: إِذَا وَرد نَيْسَابُوْر نَزَلَ عِنْد الأَخوين أَحْمَد، وَمُحَمَّد ابْني النَّضْر وَقَدْ رَوَى عَنْهُمَا فِي صَحِيْحِهِ، وَإِسنَادهُمَا وَسَمَاعهُمَا مَعاً، وَهُمَا سيَّان.
سَمِعَ: هُدْبَة بن خَالِد، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ وَسَهْل بن عُثْمَان العسكرِيّ وَأَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه وَعُبَيْد الله بن مُعَاذٍ، وَعَمْرو بن زُرَارَة وَخلقاً كَثِيْراً ذكرهُم الحَاكِم ثُمَّ قَالَ: وَأَحْمَد مجوِّد فِي البَصْرِيّين.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيّ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق الصَّيْدَلاَنِيّ، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وأبو الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَمَّا رَوَى البُخَارِيّ حَدِيْث الإِفك عَنْ أَبِي الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ قَالَ: وثبتَنِي أَحْمَد فِي بَعْضه فَأَحْمَد هُنَا ابْن النَّضْر، وَمَا هُوَ بِابْن حَنْبَل.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد، حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن مُعَاذٍ فَذَكَرَ حَدِيْثاً فَهَذَا مُحَمَّد بن النَّضْرِ فَأَمَّا هَذَا فَقَدِيْم الوَفَاة، وَأَمَّا أَحْمَد فَطَالَ عُمُرُه وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ بِضْع وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 669"، وتهذيب التهذيب "1/ 87-88"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 205".(10/538)
2502- الأخفش 1:
مُقْرِئ دِمَشْق، الإِمَام، الكَبِيْر أَبُو عَبْدِ اللهِ هَارُوْن بن مُوْسَى بن شَرِيْك التَّغْلِبِيّ الدِّمَشْقِيّ.
قرأَ عَلَى ابْن ذَكْوَان، وَهِشَام.
وَحَدَّثَ عَنْ: سلاَّم المَدَائِنِيّ، وَأَبِي مُسْهِر الغَسَّانِيّ.
تَلاَ عَلَيْهِ: ابْن شَنَبُوذ وَأَبُو عَلِيٍّ الحصَائِرِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ مُرّ الأَخْرَم، وَجَعْفَر أَبِي دَاوُدَ، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح، وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو طَاهِرٍ بن ذَكْوَان، وَآخَرُوْنَ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
وَمَاتَ فِي صَفَر سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ إِمَاماً صَاحِب فنُوْنَ وَلَهُ تَصَانِيْفُ في القراءات، والعربية ارتحل إليه المقرثون كهِبَة اللهِ بن جَعْفَرٍ، وَأَبِي بَكْر النَّقَّاش، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الداجوني وغيرهم.
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 263"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 133"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 209".(10/539)
2503- محمد بن جعفر 1:
ابن أعين: المحدث الصادق أبو بكر البغدادي.
حَدَّثَ بِمِصْرَ عَنْ: عَفَّان بن مُسْلِم، وَعَاصِم بن عَلِيّ، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي شَيْبَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ حَيُّويَه، وَجَمَاعَة.
وَثَّقَه الخَطِيْب.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاث وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 128"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 59".(10/539)
القتات، وأبو عبد الله، وابن الإمام:
2504- القَتَّات 1:
المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَحْمَد بن يُوْنُسَ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّد بن عمر الجعابي، وسلميان الطَّبَرَانِيّ، وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرفِيّ، وَهُوَ أَخُو الحُسَيْن بن جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْب الكُوْفِيّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ضَعِيْفاً ... تكلّمُوا فِي سَمَاعه مِنْ أَبِي نُعَيْم.
تُوُفِّيَ ببغداد في جمادى الأولى، سنة ثلاث مائة.
وفي الشهر توفي معه: المعمر.
2505- أَبُو عَبْدِ اللهِ 2:
مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ الحَضْرَمِيُّ، الرَّاوِي أَيْضاً عَنْ أَبِي نُعَيْم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجِعَابِيّ، وَالإِسْمَاعِيلِيّ، وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرْفِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَهُوَ أَصلح حَالاً مِنَ القتَّات.
قال الدارقطني: ليس بالقوي.
2506- ابن الإمام3 "س"
الشَّيْخ، المُحَدِّث، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّد بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيّ، الحَنَفِيّ، البَغْدَادِيّ، ابْن الإِمَام، نَزِيْل دِمْيَاط.
سَمِعَ: أَحْمَد بن يونس اليربوعي، وإسماعيل بن أبي أوى، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ فِي "سنَنه" وَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْن، وَابْن عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاش، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ يوم عيد النحر سنة ثلاث مائة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 129"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 120"، وميزان الاعتدال "3/ 501"، ولسان الميزان "5/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 236".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 188"، والمنتظم "6/ 120"، والعبر "2/ 115"، وشذرات الذهب "2/ 236".
3 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 130"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 120"، والعبر "2/ 115"، وتهذيب التهذيب "9/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 236".(10/540)
الوادعي، والمازني، ويحيى بن منصور:
2507- الوادِعي 1:
المُحَدِّثُ، الحَافِظ، الإِمَام، القَاضِي أَبُو حَصِيْن مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن حَبِيْب الوَادِعِيّ الكُوْفِيّ صَاحِب "المُسْنَدِ".
سَمِعَ: أَحْمَد بن يُوْنُس، وَجندل بن والق، ويحيى بن عبد الحميد، وَعَوْن بن سَلاَّمٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو بَكْرٍ بن النَّجَّاد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْد اللهِ بن يَحْيَى الطَّلْحِيّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وثَّقَه الدَّارَقُطْنِيّ.
تُوُفِّيَ بِالكُوْفَةِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ست وتسعين ومائتين.
2508- المازني:
الشَّيْخ، الصَّدُوْق، المُحَدِّث، أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّد بن حَيَّانَ المَازِنِيّ البَصْرِيّ.
حَدَّثَ عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْق، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ دَعْلَج السِّجْزِيّ، وَابْن قَانع والطبراني، وفاروق الخطابي، وآخرون.
بَقِيَ إِلَى بَعْد التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
2509- يَحْيَى بنُ منصور 2:
ابن حَسَنٍ السُّلَمِيُّ: الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الزَّاهِد، القُدْوَة، محدث هراة، أبو سعد الهروي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 229"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 88"، واللباب لابن الأثير "3/ 344"، والعبر "2/ 106"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 372"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 225".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 225"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 26"، وتذكرة الحافظ "2/ ترجمة 712"، والعبر "2/ 94"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 123"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 213".(10/541)
سَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيّ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَأَبِي مُصعب، وَابْن رَاهْوَيْه، وَابْن نُمَيْر، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَيَعْقُوْب بن كَاسِب، وَحِبَّان بن موسى، وعد كَثِيْر مِنْ طَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عبد الصَّمَدِ الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ خَلَف، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَعَلِيّ بن حُمْشَاذ، وَأَحْمَد بن عِيْسَى الغيزَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَآخَرُوْنَ وَحَدَّثَ بِبَغْدَاد.
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ وَقَالَ: تُوُفِّيَ بهَرَاة فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً حَافِظاً زَاهِداً.
قُلْتُ: بَل الصَّحِيْح وَفَاته فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ عجباً فِي التَّأَلُّه، وَالعِبَادَة حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يرَ مِثْل نَفْسه رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
وُلِدَ سنة خمس عشر ومائتين.
وَلَهُ كِتَاب: أَحكَام القُرْآن قَالَ الرّهَاوِيّ: لَمْ يسْبق إِلَى مثلهَا وَكِتَاب: شرف النُّبُوَّة وَكِتَاب: الإِيْمَان وَلَهُ أَحفَاد وَأَسباط عُلَمَاء أَكَابر.(10/542)
2510- أحمد بن نَجْدة 1:
ابن العريان: المُحَدِّثُ، القُدْوَة، أَبُو الفَضْلِ الهَرَوِيّ.
رَحل، وَجَاور، وَسَمِعَ مِنْ: سَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَسَعِيْد بن سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ البزار، وأبو محمد المغلفي، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فِي الثِّقَات.
تُوُفِّيَ بهَرَاة سَنَة سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.
وَهُوَ أَخُو مُعَاذ بن نَجدَة الرَّاوِي عَنْ قَبِيْصَة وطبقته ومات سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 224".(10/542)
2511- الطَّهْمَاني 1:
العَلاَّمَةُ، إِمَام، اللُّغَة، أَبُو العَبَّاسِ عِيْسَى بن مُحَمَّدٍ الطَّهمَانِيُّ المَرْوَزِيُّ الكَاتِب.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: أَحْمَد بن الخَضِر، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَعُمَر بن علك.
وَكَانَ مِنْ رُؤسَاء المرَاوزَة.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعَ الطَّهمَانِيّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ بخُوَارِزْم امْرَأَة لَا تَأَكل، وَلا تشرب، وَلا تَرُوث.
وَقَالَ وَلَدُهُ أَبُوْه صَالِح مُحَمَّد بن عِيْسَى: مَاتَ أَبِي فِي صَفَر سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ يَحْيَى العَنْبَرِيّ: سَمِعْتُ الطَّهمَانِيّ يحكِي شَأْن الَّتِي لاَ تَأَكل، وَلاَ تشرب وَأَنَّهَا عَاشت كَذَلِكَ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَأنّه عَاين ذَلِكَ.
قُلْتُ: سِقْت قصَّتهَا فِي "تَارِيْخ الإِسْلاَم" وَهِيَ: رَحْمَة بِنْت إِبْرَاهِيْم قُتل زوجهَا، وَترك وَلدين وَكَانَتْ مِسْكِيْنَة فَنَامت فرأَت زوجهَا مَعَ الشُّهَدَاء يَأْكُل عَلَى موَائِد وَكَانَتْ صَائِمَة قَالَتْ: فَاسْتَأْذَنَهُم وناولني كسرة فَوَجَدتهَا أَطيب مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَاسْتيقظت شبعَانَةً، وَاسْتمرت.
وهَذِهِ حِكَايَة صَحِيْحَة، فسبحَان القَادِر عَلَى كُلّ شَيْء.
وَحَكَى الشَّيْخ عزّ الدّين الفَاروثِيّ: أن رجلًا بعد الست مائة كَانَ بِالعِرَاقِ، دَام سِنِيْنَ لاَ يَأْكُل.
وَحَكَى لِي ثِقَات ممَّن لحق عَائِشَة الصَّائِمَة بِالأَنْدَلُس، وكانت حية سنة سبع مائة دامت أعوامًا لا تأكل.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 170"، واللباب لابن الأثير "2/ 291"، والعبر "2/ 96"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 210".(10/543)
2512- عيسى بن مسكين 1:
شَيْخ المَالِكِيَّة بِالمَغْرِب، أَبُو مُحَمَّدٍ الإِفْرِيْقِيّ، صَاحِب سَحْنُوْن.
أَخَذَ عَنْهُ: تَمِيْم بن مُحَمَّدٍ، وَحَمْدُوْن بن مُجَاهِد الكَلْبِيّ، وَلُقْمَان الفَقِيْه، وَعَبْد اللهِ بن مَسْرُور بن الحجَّام.
وَكَانَ ثِقَةً وَرِعاً عَابِداً مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَلِي القَضَاء مكرهاً، فَكَانَ يَسْتَقي بِالجرَّة، وَيترك التَّكلُّف. وَلَهُ تَصَانِيْفُ.
مَاتَ سنة خمس وتسعين ومائتين، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 102"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 220".(10/543)
2513- القاضي 1:
الإمام، الحافظ، المفيد، القاضي، أو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَخْلَدٍ التَّمِيْمِيّ، الجُرْجَانِيّ.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ وَطبقتَه بِخُرَاسَانَ، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ وَأَبَا الطَّاهِر بن السَّرْحِ بِمِصْرَ، وَمُحَمَّد بن مُصَفَّى، وَهِشَام بن خَالِد بِالشَّامِ.
وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَالزُّبَيْر بن عَبْدِ الوَاحِدِ وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الإِسْمَاعِيلِيّ: صَدُوْقٌ جليل.
وَقَالَ حَمْزَةُ فِي تَارِيْخِهِ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأول سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في جرجان للسهمي "288-289".(10/544)
2514- جعفر بن محمد بن سَوَّار 1:
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم فَقَالَ: مِنْ أَكَابر الشُّيُوْخ وَأَكْثَرهم حَدِيْثاً، وَإِتقَاناً.
سمع: قتيبة بن سعيد وإسحاق بن راهويه، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَأَبَا مُصْعبٍ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا مَرْوَان مُحَمَّد بن عُثْمَانَ بنِ خَالِد، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِبٍ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَأَبَا كُرَيْب، وَخلقاً سِوَاهُم.
وَدَخَلَ الشَّام بِأَخَرَة فَكَتَبَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَيُوْسُف بن سَعِيْدِ بنِ مُسَلَّم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، وَالمُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَالشُّيُوْخُ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّد بن صَالِحِ بن هانئ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ بن حَمْدَانَ نَزِيْل خُوَارِزْم، وَأَبُو عَمْرٍو، وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيْد، وَمُحَمَّد بن العَبَّاسِ بنِ نَجِيح البَغْدَادِيّ، وَآخَرُوْنَ.
حَدَّث بِنَيْسَابُوْرَ، وَبغدَاد وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ هَذَا الشأن يقع لنا حديثه عاليا في جزاء ابن نجيد.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 191"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 29".(10/544)
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ بن إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ يَوْم الثلاَثَاء، لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَة مَضَت مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْن خُزَيْمَةَ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ، وَزيَادَة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بن أَحْمَدَ وَزَيْنَب بِنْت كِندي سَمَاعاً عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفُضَيْل الفَقِيْه "ح"، وَأَخْبَرَنَا الثَّلاَثَة عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ، أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ "ح"، وَأَخبرونَا عَنْ زَيْنَبَ بِنْت أَبِي القَاسِمِ قَالَتْ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ قَالُوا: أخبرنا عمر بن أحمد بن مسرور، أخبرنا إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجيد بن أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ السُّلَّمِيّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا المُغِيْرَة بن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُوْنَ مَا أَعْلَمْ لَبَكَيْتُمْ كَثِيْراً، وَلَضَحِكْتُمْ قليلًا" 1.
وَبإِسنَاده: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ: أَنْفِقْ أنفق عليك" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "257، 418" من طريقين عن أبي الزناد، به.
وأخرجه أحمد "2/ 312"، والبخاري "6637"، من طريقين عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه أحمد "2/ 502"، والترمذي "2313" من طريقين عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة، به، وأخرجه أحمد "2/ 432"، من طريق يحيى بن سعيد، عَنِ ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5352"، ومسلم "993"، من طريقين، عن سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة، به مرفوعًا.(10/545)
2515- المُبَرِّد 1:
إِمَامُ، النَّحْو، أَبُو العَبَّاسِ، مُحَمَّد بن يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الأَكْبَر الأَزْدِيّ، البَصري، النَّحْوِيّ الأَخْبَارِيّ، صَاحِب، "الكَامِل".
أَخَذَ عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ المَازِنِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَرَائِطِيّ، وَنِفْطَوَيْه، وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَالصُّوْلِيّ، وَأَحْمَد بن مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ إِمَاماً، علامة، جميلًا، وسيمًا، فصيحًا، مفوهًا، موثقًا صَاحِب نَوَادِر وَطُرَفٍ.
قَالَ ابْنُ حَمَّاد النَّحْوِيّ: كَانَ ثَعْلَب أَعلمَ بِاللُّغَة، وَبنفس النَّحْو مِنَ المُبَرِّد، وَكَانَ المُبَرِّدُ أَكْثَر تَفَنُّناً فِي جَمِيْع الْعُلُوم مِنْ ثَعْلَب.
قُلْتُ: لَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَة، يُقَال: إِنَّ المَازِنِيّ أَعجبه جَوَابُه: فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَأَنْت المُبَرِّد، أَي: المُثْبِت للحقّ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ: بِفَتْح الرَّاء.
وَكَانَ آيَة فِي النَّحْوِ، كَانَ إِسْمَاعِيْل القَاضِي يَقُوْلُ: مَا رَأَى المُبَرَّد مِثْلَ نَفْسه.
مَاتَ المُبَرَّد: فِي أَوَّلِ سنة ست وثمانين ومائتين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 380" والمنتظم لابن الجوزي "6/ 9-11"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "19/ 111- 122"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 636"، والعبر "2/ 74"، ولسان الميزان "5/ 430"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 117"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 269"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 190".(10/546)
2516- العُكْبَري 1:
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الجَلِيْلُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، خَلَف بن عَمْرٍو العُكْبَرِيّ.
حَجَّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الحُمَيْدِيِّ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَحسن بن الربيع، ومحمد بن معاوية النيسابوري.
وعنه: حعفر الخُلْدِيّ، وَعَبْد الصَّمَدِ الطَّستِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَحَبِيْب القَزَّاز، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ بُخَيْت، وَآخَرُوْنَ.
وثِقَة الدَّارَقُطْنِيّ.
وَنَقَلَ الخَطِيْب: أَنَّ العُكْبَرِيّ هَذَا كَانَ لَهُ ثَلاَثُوْنَ خَاتماً، وثَلاَثُوْنَ عُكَّازاً، يَلْبَسُ كُلَّ يَوْمٍ خَاتماً، وَيَأْخُذُ عُكَّازاً، كَانَ مِنْ ظُرفَاء بَغْدَاد وَمُحْتَشِمِيهِم.
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ نجدَة العُرْيَان الهَرَوِيّ، وَأَحْمَد بن حَمَّادٍ زُغبَة التُّجِيبِيّ، وَأَحْمَد بن يَحْيَى الحُلْوَانِيّ أَبُو جَعْفَرٍ، وَعَبْد اللهِ بن المُعْتزّ، وَأَبُو حُصَيْن الوَادِعِيّ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ، وَأَبُو شِهَاب مُعَمَّر بن مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ، وَيُوْسُف بن مُوْسَى القَطَّان الصَّغِيْر، وَأَحْمَد بن عَمْرٍو القَطِرَانِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ نَافِع الطَّحَّان بِمِصْرَ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 331"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 84"، والعبر "2/ 106"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 225".(10/546)
2517- البَيْهَقي:
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، مُسنِد نَيْسَابُوْر، أَبُو سُلَيْمَانَ، دَاوُد بن الحُسَيْنِ بنِ عَقِيْلٍ بن سَعِيْدٍ الخسروجردي البيهقي.
سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفَرَّاء، وَقُتَيْبَة، وَإِسْحَاق، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَأَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَيَعْقُوْب بن كَاسِبٍ، وَمُحَمَّد بن رُمْح، وَأَبَا التَّقيّ اليَزَنِيّ.
وَرَحَلَ، وَكَتَبَ الْكثير، وَجَوَّد.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَبِشْر بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
خرَّج البَيْهَقِيّ لَهُ كَثِيْراً فِي كُتُبِهِ.
مَاتَ بخُسْرَوْجِرْد، وَهِيَ: قَرْيَة كَبِيْرَة، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وتسعين ومائتين.(10/547)
2518- موسى بن إسحاق 1:
ابن مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى بنِ الحابي عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيُّ الخَطْمِيُّ، الإِمَامُ، العلامة، القدوة، المقرئ، القاضي، أبو بكر ابْن القَاضِي الإِمَام أَبِي مُوْسَى، الفَقِيْه الشَّافِعِيّ، قَاضِي نَيْسَابُوْر، وَقَاضِي الأَهواز.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: قَالُوْنَ عِيْسَى بن مِينَا -فَهُوَ خَاتمَة أَصْحَابِه- وَعَنْ: أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيّ، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بن بِشْرٍ الحَريرِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَأَبِيهِ إِسْحَاق الخَطْمِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانع، وَحَبِيْب القَزَّاز، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ وَلَدُهُ أَحْمَد: قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي كُرَيْبٍ ثَلاَثَ مائَة أَلْف حَدِيْث.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ فَصِيْحاً كَثِيْرَ السَّمَاع، محموداً، يَنْتحل مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ.
وَقَالَ ابْنُ المُنَادِي: بَلَغَنِي أَنَّهُ أَقرأَ النَّاسَ القرآنَ، وَلَهُ ثَمَان عَشْرَةَ سَنَةً.
وَرُوِيَ أَنَّ المُعْتَضِد وَصَّى وَزيرَه بِإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَبمُوْسَى بن إِسْحَاقَ، وَقَالَ: بِهِمَا يدفع عن أهل الأرض.
قُلْتُ: يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي "القطيعيَّات".
وَجَاءَ عَنْ مُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُرى مُتَبَسِّماً، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: لاَ يحلُّ لَكَ أَنْ تقضِيَ، فَإِنَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ يَقْضِي القَاضِي بَيْنَ اثْنَيْن وَهُوَ غَضْبَان" 2. فتبسَّم.
وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَل فِي وَرَعه.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ ومائتين بالأهواز.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 613"، وتاريخ بغداد "13/ 52"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 69"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 688"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 226".
2 صحيح على شرطهما: أخرجه البخاري "7158"، والبيهقي "10/ 104-105" من طرق عن شعبة، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْر، عَنْ عَبْدِ الرحم بن أبي بكرة، عن أبيه، به.
وأخرجه أحمد "5/ 46"، ومسلم "1717"، والترمذي "1334"، والنسائي "8/ 237"، وابن الجارود "997" والبيهقي "10/ 105" من طرق عن عبد الملك بن عمير، به.(10/547)
2519- البُوشَنْجِي: "خَ"
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفنُوْنَ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُوْسَى العَبْدِيّ، الفَقِيْه، المَالِكِيّ، البُوْشَنْجِيّ، شَيْخ أَهْل الحَدِيْث فِي عصره بِنَيْسَابُوْرَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ شَرقاً وَغرباً وَلقي الكِبَارَ، وَجَمَعَ، وصنف، وسار ذكره، وبعد صيته.
سَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَروح بن صلاَح، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقيّ، وَمُسَدَّداً، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ الضَّرير، وَهُدْبَة بنِ خَالِدٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاء، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن حمزة(10/548)
الزُّبَيْرِيّ، وَسُلَيْمَان بن بِنْت شُرَحْبِيْل، وَمحبوب بن مُوْسَى الأَنْطَاكِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن عِمْرَانَ بنِ مِقْلاص، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ وَهُمَا أَكْبَر مِنْهُ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَعَلِيّ بن حَمْشَاذ، وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيد، وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم: أَبُو الفوَارِس أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ جُمعَة المتوفَّى بَعْد ابْن نُجَيد بعَام.
قَالَ دَعْلَج: حَدَّثَنِي فَقِيْهٌ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُد بن عَلِيّ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ دَخَلَ عَلَيْهِم يَوْماً، وَجَلَسَ فِي أُخريَات النَّاس ثُمَّ إِنَّهُ تَكَلَّمَ مَعَ دَاوُد فَأُعْجِب بِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّك أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ قَالَ: نَعَمْ فَقَامَ إِلَيْهِ، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَقَالَ: قَدْ حضَركُم مَنْ يُفيد، وَلاَ يَسْتَفيد.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: شَهدْتُ جَنَازَة الحُسَيْن القَبَّانِيّ فَصَلَّى بِنَا عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَلَمَّا أَرَادُوا الاَنصرَاف قُدِّمَتْ دابة أبي عبد الله، وَأَخَذَ أَبُو عَمْرٍو الخَفَّاف بِلِجَامِه، وَأَخذ إمَام الأَئِمَّة بِرِكَابه، وَأَبُو بَكْرٍ الجَارُوديُّ وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يُسَوِّيَان عَلَيْهِ ثيَابَه فَلَمْ يمْنَع، وَاحِداً مِنْهُم وَمَضَى.
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: قَالَ لِي البُوْشَنْجِيّ مرَّةً: أَحسنت ثُمَّ التفتَ إِلَى أَبِي وَقَالَ: قُلْتُ لابْنك: أَحسنت وَلَوْ قُلْتُ هَذَا لأَبِي عُبَيْدٍ لفَرح بِهِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيد: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: تقدَّمْتُ لأُصَافح أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ تَبَرُّكاً بِهِ فَقَبَض عَنِّي يدَه ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ! لَسْتُ هُنَاكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المُزَكِّي: أَخْبَرَنَا البُوْشَنْجِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيّ، عَنْ زُهَيْر بنِ مُحَمَّد، عَنْ صَالِح بن كَيْسَان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "البَذَاذَة مِنَ الإِيْمَان" 1. فَقَالَ البُوْشَنْجِيّ: البذَاء خِلاَفُ البذاذة
__________
1 صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 9"، والبيهقي في "شعيب الإيمان" "6173"، "8136"، وفي "الآداب" "240"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "157" من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به.
ورواه الطبراني "790" من طريق عبد الله بن رجاء، عن سعيد بن مسلمة، عن صالح بن كيسان، به.
ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" "9/ 3"، والطبراني "788" من طريقين عن عبد الله بن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة، عن أبيه منيب بن عبد الله قال: لقيني رجل بالسوق، فقال: أخبرني جدك أبو أمامة بن ثعلبة أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: فذكره. =(10/549)
إنما البذاء: طول اللِّسَان برمِي الفَواحش، وَالبُهْتَان، وَالبَذَاذَة: رثَاثَة الثِّيَاب فِي الْملبس، وَالمَفْرَش تواضعاً عَنْ رَفيع الثِّيَاب، وثَمِين الملاَبس وَالمُفْتَرَش، وَهِيَ ملاَبس أَهْل الزُّهْد يُقَال: فُلاَن بذُّ الهيئَة: رثّ الملبَس.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ للمُسْتملِي: الزَم لَفظِي، وَخَلاَك ذمّ.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ فِي معنَى قَوْل النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ القُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ" 1. قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَمَلَ القُرْآن وَقرأَه، لَمْ تَمَسَّهُ النَّار.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، وَذِكْرُه يَمْلأ الْفَم وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: عَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ الأَندرَاوَرْديّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْدِيّ قَاضِي الرَّيّ، عَنْ عَبْدِ الملك بن عُمِير، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِن عَائِشَةَ، وَلاَ أَعْرَبَ، لَقَدْ رأَيْتُهَا يَوْمَ الجَمَل، وَثَارَ إِلَيْهَا النَّاس فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ، حَدِّثِينَا عَنْ عُثْمَانَ وَقَتْلِه فَاسْتجلَسَتِ النَّاس ثُمَّ حَمِدت الله وَأَثنتْ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَتْ:
أَمَّا بَعْد.. فَإِنَّكُم نَقَمْتم عَلَى عُثْمَانَ خِصَالاً ثَلاَثاً: إِمرَة الفَتَى، وَضَرْبَة السَّوط، وَمَوْقع الغمَامَة المُحْمَاة، فَلَمَّا أَعْتَبَنَا مِنْهُنَّ مُصَتُّمُوهُ مَوْصَ الثَّوب بِالصَّابُوْنَ، عَدَوتم بِهِ الفُقَر الثَّلاَث: حُرْمَة الشَّهْرِ الحَرَام، وَحُرْمَةَ البَلَدِ الحَرَام، وَحُرِمَة الخِلاَفَة، وَاللهِ لَعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم للرَّبِّ، وَأَوْصَلَكُم للرَّحِمِ، وَأَحْصَنَكُم فَرْجاً أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ الله لي، ولكم.
__________
= رواه الحميدي "357" عن سفيان، عن محمد بن إسحاق، عن معبد بن كعب، عن عمه أو أمه، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تعلمن يا هؤلاء البذاذة من الإيمان". رواه أبو داود "4161"، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" "6470"، وفي "الآداب" "241" عن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب، عن أبي أمامة، به، ورواه ابن ماجه "4118" عن كثير بن عبيد الحمصي، عن أيوب بن سويد، عن أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أبي أمامة، عن أبي أمامة، به.
1 حسن: أخرجه أحمد "4/ 155" من طريق حجاج والدارمي "2/ 430" من طريق عبد الله بن يزيد كلاهما عن عبد الله بن لَهِيْعَةَ، عَنْ مِشْرَحِ بنِ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بن عامر، به.
قلت: إسناده حسن، عبد الله بن لهيعة، روى عنه عبد الله بن يزيد قبل احتراق فحديثه عنه صحيح لأنه قد روى عنه قبل الاختلاط.(10/550)
قَالَ البُوْشَنْجِيّ: إِمرَة الفَتَى: عَزْلُه سَعْداً، وَتوليتُه مَكَانه الوَلِيْد بن عُقْبَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ، وضَربَةُ السُّوْط: فَإِنَّهُ تنَاول عَمَّاراً، وَأَبَا ذَرٍّ ببَعْض التَّقْويم، وَموقع الغَمَامَة: فَإِنَّهُ حمَى أَحمَاء فِي بِلاَد العَرَب لإِبل الصَّدَقَة، وَقَدْ فَعَلَه عُمَر فَمَا أَنْكَرَه النَّاس، وَالموْص: الغَسْل، وَالفُقْر: الفُرَص.
الحَاكِم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَدِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي المقسلاَط صَنَماً مِنْ نُحَاس إِذَا عَطِش نَزَل فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ البُوْشَنْجِيّ: رُبَّمَا تكلَّمَتِ العُلَمَاءُ عَلَى سَبِيْل تفَقُّدِهِم مقدَار أَفهَام حَاضِريهم تَأْديباً لَهُم وَتَنبيهاً عَلَى العِلْم وَامتحَاناً لأَوهَامهِم فَهَذَا ابْن جَابِر، وَهُوَ أَحَد عُلَمَاء الشَّام، وله كتب في العلم يَقُوْلُ هَذَا وَالمقسلاَط: مَوْضِعٌ بِدِمَشْقَ بسُوق الدَّقيق يُرِيْد أَنَّ الصَّنم لاَ يَعْطش وَلَوْ عَطِش نَزَل فَشرب فينفِي عَنْهُ النُّزُول وَالعَطَش.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ قُتَيْبَة بن سَعِيْد، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ سُلَيْمٍ يَقُوْلُ: الأَرُزُّ مِنْ طَعَام الكِرَام.
قَالَ قُتَيْبَةُ: فَلَمَّا حَجَجْتُ صَيَّروهُ حَدِيْثاً، فَكَانُوا يَجِيْئون بِبَغْدَادَ فَيَقُوْلُوْنَ: حَدِيْث الأَرز حَدِيْث الأَرز.
سَمِعْتُ العَنْبَرِيّ سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاء سَمِعْتُ يُوْسُف بن أَسْبَاط يَقُوْلُ: قَالَ لِي سُفْيَان: إِذَا رَأَيْت القَارِئ يَلُوذ بِالسُّلْطَان فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصُّ، وَإِذَا رَأَيْتهُ يلوذُ بِالأَغنيَاء فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُرَاءٍ وَإِيَّاك أَنْ تُخْدَع، وَيُقَالُ لَكَ: تردُّ مظلمَةً وَتدفعُ عَنْ مَظْلُوم، فَإِنَّ هَذِهِ خِدعَةُ إِبليس اتَّخَذَهَا القُرَّاءُ سُلَّماً.
وَسَمِعْتُ العَنْبَرِيّ سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، يَقُوْلُ: ابْن إِسْحَاقَ عِنْدنَا ثِقَةٌ ثِقَةٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَانَ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَبِي عَبْدِ اللهِ مِنَ البُخْل بِالعِلْمِ مَا كَانَ مَا خَرَجتُ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ العِلْم، وَالفِقْه بِغَيْر أَدبٍ فَقَدْ اقتحمَ أَن يكذب عَلَى اللهِ وَرَسُوْله.(10/551)
ذكر السُّلَيمَانِيُ الحَافِظ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فقال: أحد أئمة أصحاب مالك.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ: كَانَ مقَام أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى اللَّيْثِيَّةِ فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّامُهُم خَرَجَ إِلَى بُخَارَى إِلَى حضَرَة الأَمِيْر إِسْمَاعِيْل فَالتَمَس مِنْهُ بَعْد أَن أَقَامَ عِنْدَهُ برهَة أَن يكْتب أَرزَاقه بِنَيْسَابُوْرَ.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن الحَسَنِ الطُّوْسِيّ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: وَصَلنِي مِنَ اللَّيْثِيَّة سبعُ مائَة أَلْف دِرْهَم.
وَقَالَ دَعْلَج: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ وَأَشَار إِلَى ابْنِ خُزَيْمَة: كيِّسٌ، وَأَنَا لاَ أَقُول ذَا لأَبِي ثَوْرٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: رَوَى البُخَارِيّ حَدِيْثاً فِي "الصَّحِيْحِ"، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ.
قَالَ ابْنُ الذّهبِيّ: فِي "الصَّحِيْحِ": حَدَّثَنَا مُحَمَّد، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ.... فَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي تَفْسِيْر سُوْرَة البَقَرَة فَإِن لَمْ يَكُنِ البُوْشَنْجِيّ، فَهُوَ مُحَمَّد بن يَحْيَى وَالأَغلب أَنَّهُ البُوْشَنْجِيّ؛ لأَنَّ الحَدِيْث بِعَيْنِهِ قَدْ رَوَاهُ الحَاكِم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا مِسْكِيْن بن بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِد الحَذَّاء، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَر، عَنْ رَجُلٍ وَهُوَ ابْن عُمَرَ: أَنَّهَا نُسخت: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُم} [الآية: 284] من سورة البقرة.
الحَاكِم: حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الصَّغَانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ فَذَكَرَ حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثنَاهُ مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ ... فذَكَرَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَم التَّميم مُدَرِّس الشَّامِيّة، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ وَزَيْنَب بِنْتِ كِنديّ قِرَاءةً عَلَيْهِم عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، وَعَبْد المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ وَزَيْنَب بِنْت أَبِي القَاسِمِ الشَّعرِيّ قَالَ المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الصَّاعديّ، وَقَالَ عَبْدُ المُعزِّ: أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ المُعَلِّم، وَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسرورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيدٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ صلاَحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عَلِيٍّ، عَنِ أَبِيْه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ فَقَامَ بِهِ وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً،(10/552)
فَوَصَلَ مِنْهُ أَقْرِبَاءهُ وَرَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللهِ تَمَنَّى أَنْ يَكُوْنَ مِثْلَهُ، وَمَنْ تَكُنْ فِيْهِ أَرْبَعٌ، لَمْ يَضُرَّه مَا زُوي عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيْقَةٍ، وَعَفَافٌ، وَصِدْقُ حَدِيْثٍ، وَحِفْظُ أمانة"1.
حديثٌ غَرِيْبٌ، عَالٍ جِدّاً وَرَوْحٌ: ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَبَالَغَ الحَاكِمُ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَقَدْ طوَّلَ الحَاكِمُ تَرْجَمَةَ البُوْشَنْجِيِّ بِفنُوْنٍ مِنَ الفَوَائِدِ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ المُحرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَلخِ ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعِيْنَ، فدُفنَ مِنَ الغَدِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَبُوْشَنْجُ -بِشِينٍ مُعجمَةٍ- قيَّده أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَقَالَ: بَلدَةٌ عَلَى سَبْعَةِ فرَاسخَ مِنْ هَرَاةَ.
قُلْتُ: وَبَعْضُهُم يَقُوْلُهَا بِسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ.
تم الجزء العاشر ويليه:
الجزء الحادي عشر، وأوله: ثعلب
__________
1 ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه الذهبي في "ميزان الاعتدال"، بإسناد لنفسه "2/ 58" في ترجمة "روح بن صلاح المصري" قال الذهبي: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ عمر، عن أبي روح، والمؤيد، وزينب، قال أبو روح: أخبرنا تميم. وقال المؤيد: أخبرنا أبو عبد الله الفزاري، وَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ قالوا: أخبرنا عمر بن مسرور، به.
قلت: إسناده ضعيف، روح بن صلاح المصري، ضعيف، ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثقات على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين. لكن الحديث قد ورد عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ:
"لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فهو يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه في حقه فيقول لو أوتيت مثل ما أوتي عملت فيه مثل ما يعمل". أخرجه أبي شيبة "10/ 557"، والحميدي "617"، والبخاري "7529" واللفظ له، وفي "خلق أفعال أفعال العباد" "ص124"، ومسلم "815"، والنسائي في "فضائل القرآن" "97"، وابن ماجه "4209"، والبيهقي "4/ 188"، والبغوي "3537" من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، به، وأخرجه أحمد "2/ 36 و88" عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، به.
وورد عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: "لا حسد إلا على اثنتين رجل آتاه الله هذا الكتاب، فقام به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا فتصدق به آناء الليل وآناء النهار". أخرجه أحمد "2/ 152" ومسلم "815"، "267"، واللفظ له، والطحاوي في "مشكل الآثار" "1/ 191"، من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، به.(10/553)
فهرس موضوعات الجزء العاشر:
فهرس الموضوعات:
الصفحة الموضوع
5 2064- المخرمي، محمد بن عبد الله.
7 2065- أبو حاتم السجستاني.
7 2066- المازني، بكر بن محمد.
9 2067- الذهلي محمد بن يحيى.
16 2067- يحيى بن محمد الذهلي.
21 2069- محمد بن إسماعيل ابن علية.
22 2070- صاعقة، محمد بن عبد الرحيم.
22 2071- ابن كرامة، محمد بن عثمان.
23 2072- المقوم، يحيى بن حكيم.
25 2073- حجاج بن يوسف.
25 2074- العباس بن عبد العظيم.
26 2075- أبو التقى اليزني.
27 2076- شعيب بن عمرو.
27 2077- شعيب بن المحدث شعيب.
27 2078- عمرو بن عثمان.
28 2079- يحيى بن عثمان أخوه.
29 2080- عثمان بن سعيد، أبوهما.
29 2081- المرار بن حموية.
31 2082- أحمد بن سعد.
31 2083- الزبير بن بكار.
33 2084- عبد الله بن منير.
35 2085- بحشل، أحمد بن عبد الرحمن.
38 2086- عبد الوهاب بن عبد الحكم.
38 2087- أبو نشيط، محمد بن هارون.
40 2088- محمد بن هارون الفلاس شيطا.
40 2089- عبد الله بن هاشم.
42 2090- البجلي، محمد بن الهيثم.
42 2091- أحمد بن بديل.
43 2092- أحمد بن إسرائيل.
44 2093- المؤيد بالله.
44 2094- الجروي، الحسن بن عبد العزيز.
45 2095- محمد بن أحمد العتبي.(10/557)
الصفحة الموضوع
46 2096- ابن نذير، عبد الرحمن بن إبراهيم.
46 2097- يعقوب بن إسحاق بن الصباح.
46 2098- يعقوب بن عبيد.
47 2099- ابن شاكر، محمد بن موسى.
47 2100- ابن يرذاذ عبد الله بن محمد.
48 2101- عبد الرحمن بن بشر.
51 2102- بشر بن الحكم العبدي.
51 2103- العطار، محمد بن سعيد.
52 2104- أحمد بن شيبان.
52 2105- محمد بن عبد الملك.
53 2106- زكرويه، زكريا بن يحيى.
53 2107- يونس بن عبد الأعلى.
55 2108- محمد بن إشكاب.
56 2109- علي بن إشكاب.
56 2110- ابن ملاس، محمد بن هشام.
57 2111- إبراهيم بن مرزوق.
58 2112- الحسن بن أبي الربيع يحيى.
59 2113- سعدان بن نصر.
60 2114- سعدان بن يزيد.
60 2115- المخرمي، عبد الله بن محمد.
61 2116- محمد بن يحيى بن موسى.
61 2117- زهير بن محمد بن قمير.
61 2118- ابن مثرود، عيسى بن إبراهيم.
62 2119- الفاخوري، عيسى بن يونس.
63 2120- أحمد بن الأزهر.
66 2121- عمر بن شبه.
68 2122- الرياشي، عباس بن الفرج.
70 2123- ابن معارك، الحسين بن نصر.
70 2124- محمد بن عاصم.
71 2125- أسيد بن عاصم.
72 2126- محمد بن شجاع.
72 2127- السوسي، صالح بن زياد.
73 2128- عيسى بن أحمد.
74 2129- شاذان، إسحاق بن إبراهيم.
75 2130- أحمد بن حفص.
75 2131- أحمد بن يوسف.
77 2132- زاج، أحمد بن منصور.
78 2133- الرمادي، أحمد بن منصور.
79 2134- أبو عبد الله البخاري.
121 2135- البيروزتي، العباس بن الوليد.
123 2137- الرهاوي، أحمد بن سليمان.
124 2137- يعقوب بن شيبة.
126 2138- ابن ميمون، محمد بن عبد الله.
127 2139- أحمد بن الفرات.
131 2140- الفرات بن خالد، أبوه.(10/558)
الصفحة الموضوع
131 2141- إسحاق بن بهلول.
132 2142- حنين بن إسحاق.
133 2143- المزني، إسماعيل بن يَحْيَى.
136 2144- مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
139 2145- بحر بن نصر.
139 2146- إبراهيم بن منقذ.
140 2147- سعيد بن مسعود.
141 2148- العجلي، أحمد بن عبد الله.
142 2149- الوزدولي، إسحاق بن إبراهيم.
143 2150- قبيطة، الحسن بن سليمان.
143 2151- الحارثي، أحمد بن عبد الحميد.
143 2152- يحيى بن عبدك.
144 2153- أبو حفص النيسابوري، عمرو.
146 2154- الصفار، يعقوب بن الليث.
148 2155- عمرو بن الليث الصفار.
149 2156- ابن أبي الشوارب، الحسن بن محمد.
150 2157- جلوان بن سمرة.
150 2158- حاتم بن الليث.
150 2159- حاجب بن سليمان.
151 2160- الفارسي، الحسن بن سعيد.
151 2161- عطية بن بقية.
152 2162- الدوري، عباس بن محمد.
153 2163- كليجة، محمد بن صالح.
154 2164- الدرابجردي، علي بن الحسن.
156 2165- محمد بن عميرة.
156 2166- إبراهيم بن مسعود.
156 2167- صالح بن أحمد.
157 2168- أبو عوف، عبد الرحمن بن مرزوق.
158 2169- أحمد بن أبي عوف عبد الرحمن.
158 2170- عبد الرحمن بن مروزق الطرسوسي.
158 2171- المعتز بالله.
160 2172- المهتدي بالله.
163 2173- المعتمد بالله.
170 2174- أحمد بن الخطيب.
171 2175- يزيد بن سنان.
171 2176- أبو الحسن القزاز، محمد بن سنان.
172 2177- يزيد بن محمد.
172 2178- ابن المنادي، محمد بن أبي داود عبد الله.
173 2179- ابن البستنبان، الحسن بن سعيد.
174 2180- مسلم بن الحجاج.(10/559)
الصفحة الموضوع
185 2181- المسوحي، الحسن بن علي.
186 2182- عيسى بن شاذان.
187 2183- الدقيقي، محمد بن عبد الملك.
188 2184- الحجازي، أحمد بن الفرج.
190 2185- الربيع بن سليمان المرادي.
192 2186- الربيع بن سليمان الأزدي.
193 2187- الصاغاني، محمد بن إسحاق.
194 2188- محمد بن عامر.
195 2189- أحمد بن يونس.
195 2190- يونس بن حبيب.
196 2191- أحمد بن مهدي.
197 2192- بكار بن قتيبة.
201 2193- محمد بن يحيى.
201 2194- أَبُو أَحْمَدَ الفَرَّاءُ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ.
202 2195- الحسين بن محمد بن أبي معشر.
203 2196- محمد بن أبي معشر نجيح، أبوه.
203 2197- أحمد بن سيار.
204 2198- عبد الله بن حماد.
205 2199- التبعي، أحمد بن محمد.
205 2200- البرلسي، إبرهيم بن سليمان.
206 2201- محمد بن عوف.
207 2202- محمد بن أحمد بن حفص النيسابوري.
208 2203- محمد بن أحمد بن حفص البخاري.
209 2204- زغاث، عيسى بن عبد الله.
209 2205- يحيى بن أبي طاب جعفر.
210 2206- الفضل بن جعفر.
210 2207- العباس بن جعفر "أبي طالب".
211 2208- يوسف بن سعيد.
211 2209- المنذر بن محمد، أمير الأندلس.
212 2210- الأثرم، أحمد بن محمد بن هانئ.
214 2211- محمد بن حماد.
215 2212- فضلك الصايغ.
216 2213- القلوسي، يعقوب بن إسحاق.
216 2214- الختلي، إبراهيم بن عبد الله أبو إسحاق.
216 2215- ابن أبي مسرة، عبد الله بن أحمد.
217 2216- اليسع بن زيد.
217 2217- عبد الله بن روح.
218 2218- ابن المواز، محمد بن إبراهيم.(10/560)
الصفحة الموضوع
218 2219- ابن أبي العوام، محمد بن أحمد.
219 2220- الحسن بن مخلد.
219 2221- ابن خاقان التركي، عبيد الله.
220 2222- سمويه، إسماعيل بن عبد الله.
221 2223- الترقفي، عباس بن عبد الله.
223 2224- يحيى بن معاذ.
224 2225- حماد بن إسحاق.
224 2226- إبراهيم بن هانئ.
225 2227- إسحاق بن إبراهيم.
226 2228- محمد بن عيسى بن حبان.
227 2229- إبراهيم بن الحارث.
227 2230- معاوية بن صالح.
228 2231- ابن عفان، الحسن بن علي.
229 2232- أبو جعفر، محمد بن علي.
230 2233- ابن وارة، محمد بن مسلم.
232 2234- سهل بن عمار.
233 2235- أبو البختري، عبد الله بن محمد.
233 2236- عمار بن رجاء.
234 2237- ابن السرماري، إسحاق.
234 2238- أحمد بن إسحاق.
236 2239- أحمد بن الفرج.
237 2240- أبو الليث، عبد الله بن سريج.
237 2241- أحمد بن عصام.
238 2242- أحمد بن ملاعب.
238 2243- إبراهيم بن عبد الله.
239 2244- إبراهيم بن عبد الله بن يزيد.
239 2245- محمش، إبراهيم بن محمد.
240 2245- الخُشك، إسحاق بن عبد الله.
240 2247- أخطل بن الحكم.
241 2248- ابن البرقي، محمد بن عَبْدِ اللهِ.
241 2249- أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البرقي.
242 2250- عبدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ.
242 2251- ابن قريش، موسى.
243 2252- حمدان الوراق، محمد بن علي.
243 2253- حمدون القصار.
244 2254- حنبل بن إسحاق.
245 2255- ابن عطية، أحمد بن القاسم.
245 2256- ابن أنس، أحمد بن محمد.
246 2257- الجرجاني، إسماعيل بن زيد.
246 2258- ابن سميع، محمود بن إبراهيم.(10/561)
الصفحة الموضوع
246 2259- العطاردي، أحمد بن عبد الجبار.
249 2260- الجوهري، محمد بن يوسف.
249 2261- ابن سحنون، محمد بن عبد السلام.
250 2262- ابن عبدوس، محمد بن إبراهيم.
251 2263- أحمد بن بكر.
252 2264- أبو زرعة الرازي، عبد الله بن عبد الكريم.
263 2265- أبو يزيد البسطامي، طيفور بن عيسى.
265 2266- الميموني، عبد الملك.
266 2267- الواسطي، علي بن إبراهيم.
266 2268- أبو أمية الطرسوسي، محمد بن سعد.
281 2274- أبو يونس الجمحي، محمد بن أحمد.
282 2275- محمد بن أحمد بن حسين.
282 2276- المنتظر، محمد بن الحسن.
284 2277- يوسف بن بحر.
284 2278- الخصاف، أحمد بن عمرو.
285 2279- ابن المدبر، إبراهيم بن محمد.
286 2280- السكري، الحسن بن الحسين.
287 2281- سليمان بن وهب.
288 2282- الخبيث، علي بن محمد.
292 2283- الزيدي، الحسن بن زيد.
292 2284- خالد بن أحمد.
293 2285- كربزان، عبد الرحمن بن محمد.
294 2286- محمد بن أحمد بن أبي المثني.
295 2287- علان، علي بن عبد الرحمن.
295 2288- النفيلي الصغير، علي بن عثمان.
296 2289- الكلاعي، عمران بن بكار.
296 2290- القنطري، علي بن داود.
297 2291- الوراق، عيسى بن جعفر.
297 2292- العطار، الحسن بن إسحاق.
298 2293- إبراهيم بن أورمة.
299 2294- سليمان بن سيف.
300 2295- محمد بن شداد.(10/562)
الصفحة الموضوع
300 2296- موسى بن سهل.
301 2297- ابن منيب، عبد العزيز بن منيب.
301 2298- ابن عبد الصمد، يزيد بن محمد.
302 2299- الحوطي، أحمد بن عبد الوهاب.
302 2300- أحمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
303 2301- ابن الدورقي، عبد الله بن أحمد.
303 2302- أبو معين، الحسين بن الحسن.
304 2303- أبو الأحوص، محمد بن الهيثم.
305 2305- الصائغ، القاسم بن الحسن.
306 2306- القزويني، كثير بن شهاب.
306 2307- ترنجة، إسماعيل بن إسحاق.
307 2308- علي بن سهل.
307 2309- ابن الطباع، محمد بن يوسف.
308 2310- أبو معشر، جعفر بن محمد.
308 2311- الصائغ، محمد بن إسماعيل.
309 2312- البلاذري، أحمد بن يحيى.
309 2313- محمد بن الجهم.
310 2314- محمد بن عيسى بن يزيد.
311 2315- أبو حمزة البغدادي، محمد بن إبراهيم.
312 2316- الموفق، طلحة.
313 2317- أبو أحمد القلانسي، مصعب بن أحمد.
314 2318- صاحب الأندلس، محمد بن عبد الرحمن.
315 2319- المروذي، أحمد بن محمد.
317 2320- أبو قلابة، عبد الملك.
318 2321- رغيف، أحمد بن عبد الله.
319 2322- الفسوي، يعقوب بن سفيان.
321 2323- ابن ديزيل، إبراهيم بن الحسين.
325 2324- الحسن بن سلام.
326 2325- الحسن بن مكرم.
326 2326- أبو عصيدة، أحمد بن عبيد.
327 2327- إسحاق بن سيار.
328 2328- جعفر بن محمد بن شاكر.
329 2329- ابن أبي العنبس، إبراهيم بن إسحاق.
329 2330- كردوس، خلف بن محمد.
330 2331- ابن بلبل، إسماعيل بن بلبل.
331 2332- أصبغ بن خليل.
332 2333- أبو داود، سليمان بن الأشعث.(10/563)
الصفحة الموضوع
343 2334- أبو بكر، عبد الله بن سليمان.
351 2335- عبد الله بن واصل.
352 2336- ابن أبي غززة، أحمد بن خازم.
352 2337- ابن أبي الخناجر، أحمد بن محمد.
353 2338- النرسي، أحمد بن عبيد.
354 2339- محمد بن إسماعيل بن يوسف.
355 2340- الحنيني، محمد بن الحسين.
355 2341- المقدسي، أحمد بن مسعود.
355 2342- حرب بن إسماعيل الكرماني.
356 2343- السري بن خزيمة.
366 2344- أبو حاتم الرازي، محمد بن إدريس.
370 2345- عبد الرحمن بن محمد بن إدريس.
370 2346- البرجلاني، أحمد بن الخليل.
370 2347- هاشم بن مرثد.
370 2348- الترمذي، محمد بن عيسى.
374 2349- ابن ماجه، محمد بن يزيد.
376 2350- محمد بن جابر.
376 2351- المنجم، علي بن يحيى.
376 2352- غلام خليل، أحمد بن محمد.
378 2353- بقي بن مخلد.
384 2354- ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم.
387 2355- الكديمي، محمد بن يونس.
388 2356- العسكري، إبراهيم بن حرب.
389 2357- المصيصي، عبد الله بن الحسين.
390 2358- أبو العيناء، محمد بن القاسم.
390 2359- هلال بن العلاء.
391 2360- أحمد بن العلاء.
391 2361- الأنطاكي، محمد بن أحمد.
392 2362- أبو زرعة، عبد الرحمن بن عمرو الرازي.
394 2363- الشعراني، الفضل بن محمد.
396 2364- الدارمي، عثمان بن سعيد.
400 2365- صاعد بن مخلد.
400 2366- البياني، القاسم بن محمد.
402 2367- سهل بن عبد الله التستري.
403 2368- أَبُو طَاهِرٍ سَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الفرخان.
404 2369- ابن أبي عمران، أحمد بن أبي عمران.(10/564)
الصفحة الموضوع
405 2370- الديرعاقولي، عبد الكريم بن الهيثم.
405 2371- المغامي، يوسف بن يحيى.
406 2370- ابن أخت غزال، يوسف بن يحيى.
406 2372- ابن أخت غزل، محمد بن علي.
407 2373- إسماعيل بن إسحاق القاضي.
409 2374- الختلي، إسحاق بن إبراهيم.
409 2375- الجبلي، إسحاق بن إبراهيم.
410 2376- إسماعيل بن قتيبة.
410 2377- مقدام بن داود.
411 2378- جعفر بن محمد.
412 2379- أبو الموجه، محمد بن عمرو.
412 2380- علي بن عبد العزيز البغوي.
413 2381- الكشوري، عبد الله بن محمد.
414 2382- ابن رزين، العلاء بن أيوب.
414 2383- ابن برة: إبراهيم بن محمد الصنعاني.
415 2385- الشبامي، إبراهيم بن محمد.
415 2386- بشر بن موسى بن صالح البغدادي.
416 2387- يحيى بن عثمان الأخباري.
417 2388- إبراهيم بن نصر.
417 2389- إبراهيم بن إسحاق الحربي.
426 2390- أحمد بن سلمة.
426 2391- المستملي، أحمد بن المبارك.
427 2392- ابن عصام، أحمد بن محمد الرازي.
428 2393- الحمار، أحمد بن موسى.
428 2394- العنبري، إبراهيم بن إسماعيل.
429 2395- الجلاجلي، موسى بن الحسن.
430 2396- عثمان بن خرزاذ.
431 2397- عمرو بن منصور.
432 2398- عبد العزيز بن معاوية.
433 2399- محمد بن المغيرة.
433 2400- أحمد بن أصرم.
434 2401- عبيد بن عبد الواحد.
434 2402- الباغندي، محمد بن سليمان.
435 2403- الحارث بن محمد.
437 2404- تمتام، محمد بن غالب.
438 2405- البرلسي، إبراهيم بن أبي داود.
439 2406- الأزرق، محمد بن الفرج.
439 2407- محمد بن مسلمة.
440 2408- ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ.(10/565)
الصفحة الموضوع
444 2409- المنجم، هارون بن علي.
445 2410- يحيى بن علي بن يحيى المنجم.
445 2411- سنجة، حفص بن عمر الرقي.
446 2412- رافع بن هرثمة.
446 2413- الحربي، إسحاق بن الحسن.
449 2415- البلدي، إبراهيم بن الهيثم.
449 2416- علي بن محمد بن عبد الملك.
450 2417- خير بن عرفة.
450 2148- الحسين بن الفضل.
452 2149- الدبري، إسحاق بن إبراهيم.
452 2420- محمد بن يحيى بن المنذر.
453 2421- الخزاز، أحمد بن علي البغدادي.
453 2422- أحمد بن علي الخزاز.
453 2423- الخزاز، أحمد بن عيسى البغدادي.
455 2424- أبو حنيفة.
الطبقة السادسة عشر:
456 2425- الكجي، إبراهيم بن عبد الله.
457 2426- بكر بن سهل.
458 2427- الحسين بن فهم.
459 2428- الصائغ، محمد بن علي بن زيد.
459 2429- ماغمه، علي بن عبد الصمد الطيالسي.
460 2430- ابن بشار، عثمان بن سعيد الأنماطي.
460 2431- ابن أبي عاصم، أحمد بن عمرو بن الضحاك.
466 2432- الحكيم الترمذي، محمد بن علي.
467 2433- الصوري، الحسن بن جرير.
468 2434- الأبار، أحمد بن علي.
469 2435- ابن وضاح، محمد بن وضاح.
470 2436- خمارويه بن أحمد بن طولون.
471 2437- السرخسي، أحمد بن الطيب.
471 2438- ابن الضريس، محمد بن أيوب.
473 2439- العلاف، يحيى بن أيوب.
474 2440- الحكاني، علي بن محمد.
474 2441- القراطيسي، يوسف بن يزيد.
475 2442- إسحاق بن أبي عمران الإسفراييني.
477 2443- الخشني، محمد بن عبد السلام الخشني.
477 2444- محمد بن عبد السلام النيسابوري.(10/566)
الصفحة الموضوع
478 2445- يحيى بن عمر الكناني.
479 2446- المعتضد بالله، أحمد بن الموفق بالله.
487 2447- المكتفي بالله، علي بن أحمد.
490 2448- ثابت بن قرة.
491 2449- البحتري الوليد بن عبيد.
492 2450- ابن الأغلب، إبراهيم بن أحمد.
493 2451- أحمد بن خليد.
493 2453- إسماعيل بن إسحاق الثقفي.
494 2454- المغازلي، بدر أو أحمد.
495 2455- أبو قبيصة، محمد بن عبد الرحمن.
495 2456- محمد بن محمد بن رجاء.
496 2457- إبراهيم بن معقل.
496 2458- الغسيلي، إبراهيم بن إسحاق.
497 2459- ابن مسروق، أحمد بن محمد بن مسروق.
497 2460- ابن الرمي، علي بن العباس بن جريج.
498 2461- تميم بن محمد بن طمغاج.
499 2462- عبيد الله بن سليمان.
499 2463- القباني، الحسين بن محمد.
501 2464- عبد الله بن أبي الخوارزمي.
502 2465- ابن الرواس، عبد الرحمن بن القاسم.
503 2446- الخزاعي، أحمد بن محمد.
503 2467- القطراني، أحمد بن عمرو بن حفص.
504 2468- خياط السنة، زكريا بن يحيى.
505 2469- ابن خراش، عبد الرحمن بن يوسف.
506 2470- المعمري، الحسن بن علي.
508 2471- ابن سهل، أحمد بن سهل.
509 2472- ابن سهل، محمد بن علي.
509 2473- عبد الله بن أحمد.
515 2474- الحسن بن المثني.
515 2475- معاذ بن المثنى.
515 2476- المروزي، أحمد علي.
516 2477- البلخي، عبد الله بن محمد.
517 2478- ابن سلم، عبد الرحمن بن محمد.
517 2479- ابن عبدوس.
518 2480- عبيد الله بن يحيى.
519 2481- زغبة، أحمد بن حماد.
519 2482- ابن ملحان، أحمد بن إبراهيم.
520 2483- ابن أسد، محمد بن أسد.(10/567)
الصفحة الموضوع
520 2484- بهلول بن إسحاق.
521 2485- دران، محمد بن معاذ.
521 2486- أَبُو شُعَيْب الحَرَّانِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ.
522 2487- نصرك، نصر بن أحمد.
523 2488- القَاضِي أَبُو خَازمٍ، عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ العزيز.
524 2489- الجارودي، محمد بن النصر.
526 2490- القاسم بن خالد المروزي.
526 2491- محمد بن إسحاق.
527 2492- أبو جعفر الترمذي، محمد بن أحمد.
528 2493- إبراهيم بن أبي طالب.
531 2494- ابن مساور، أحمد بن القاسم.
531 2495- بحشل، أسلم بن سهل.
531 2496- أبو علاثة، محمد بن عمرو.
532 2497- عبيج بن غنام.
535 2499- ابن علويه.
536 2500- أبو عمرو الخفاف.
538 2501- أحمد بن النضر.
539 2502- الاخفش، هارون بن موسى.
539 2503- محمد بن جعفر.
540 2504- القتات، محمد بن جعفر.
540 2505- أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ.
540 2506- ابنِ الإمام، محمد بن جعفر.
541 2507- الوادعي، محمد بن جعفر.
541 2508- المازني، محمد بن حيان.
541 2509- يحيى بن منصور.
542 2510- أحمد بن نجدة.
542 2511- الطهماني، عيسى بن محمد.
543 5212- عيسى بن مسكين.
544 2513- القاضي، الفضل بن عبد الله.
544 2514- جعفر بن محمد بن سوار.
545 2515- المبرد، محمد بن يزيد.
546 2516- العكبري، خلف بن عمرو.
547 2517- البيهقي، داود الحسين.
548 2518- موسى بن إسحاق.
548 2519- البوشنجي، محمد بن إبراهيم.
555 فهرس الموضوعات.(10/568)
فهرس التراجم على حروف المعجم الجزء العاشر:
الصفحة التراجم
468 2434- الأبار.
إبراهيم بن الأغلب= ابن الأغلب.
إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم= أخو السراج.
417 2389- إبراهيم بن إسحاق الحربي.
إبراهيم بن إسحاق بن عيسى= الغسيلي.
إبراهيم بن إسحاق= ابن أبي العنبس.
إبراهيم بن إسماعيل= العنبري.
298 2293- إبراهيم بن أورمة.
227 2229- إبراهيم بن الحارث.
إبراهيم بن حرب= العسكري.
إبراهيم بن حرب= ابن ديزيل.
280 2273- أبو إبراهيم الزهري.
إبراهيم بن سليمان= البرلسي.
528 2493- إبراهيم بن أبي طالب.
إبراهيم بن عبد الله= الكجي.
238 2243- إبراهيم بن عبد الله بن عمر.
239 2244- إبراهيم بن عبد الله بن يزيد.
إبراهيم بن محمد= إبراهيم بن أبي طالب.
إبراهيم بن محمد= ابن برة.
إبراهيم بن محمد= الشبامي.
إبراهيم بن محمد= محمش.
إبراهيم بن محمد= ابن المدبر.
57 2111- إبراهيم بن مرزوق
156 2166- إبراهيم بن مسعود.
496 2457- إبراهيم بن معقل.
139 2146- إبراهيم بن منقذ.
417 2388- إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز.
224 2226- إبراهيم بن هانئ.
إبراهيم بن الهيثم= البلدي.
212 2210- الأثرم، أحمد بن محمد بن هانئ.
أحمد بن إبراهيم بن ملحان= ابن ملحان.
63 2120- أحمد بن الأزهر.(10/569)
الصفحة التراجم
234 2238- أحمد بن إسحاق.
43 2092- أحمد بن إسرائيل.
433 2400- أحمد بن أصرم.
42 2091- أحمد بن بديل.
251 2263- أحمد بن بكر.
أحمد بن حازم= ابن أبي غرزة.
75 2130- أحمد بن حفص.
أحمد بن حماد= زغبة.
269 2270- أحمد الخجستاني.
170 2174- أحمد بن الخصيب.
493 2451- أحمد بن خليد الكندي.
أحمد بن الخيل= البرجلاني.
أحمد بن الخليل= القومسي.
أحمد بن داود= أبو حنيفة الدينوري.
أحمد بن سعد= أبو إبراهيم الزهري.
31 2082- أحمد بن سعد= أبو جعفر المصري.
426 2390- أحمد بن سلمة بن عبد الله.
أحمد بن سهل= ابن سهل النيسابوري.
52 2104- أحمد بن شومان.
أحمد بن طلحة= المعتضد بالله.
268 2269- أحمد بن طولون.
أحمد بن الطيب= السرخسي.
أحمد بن عبد الجبار= العطاردي.
302 2300- أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد.
أحمد بن عبد الله= رغيف.
241 2249- أحمد بن عبد الله بن البرقي.
أحمد بن عبد الوهاب= الحوطي.
أحمد بن عبيد= أبو عصيدة.
أحمد بن عبيد= النرسي.
237 2241- أحمد بن عصام.
391 2360- أحمد بن العلاء.
أحمد بن علي= الأبار.
أحمد بن علي= الخزاز.
453 2422- أحمد بن علي الدمشقي.
أحمد بن علي بن سعيد= المروزي.
أحمد بن عمرو بن حفص= القطراني.
أحمد بن عمرو بن عبد الخالق= البزاز.
أحمد بن عمرو= الخصاف.
158 2169- أحمد بن أبي عوف، عبد الرحمن.
أحمد بن عيسى= الخزاز.
236 2239- أحمد بن الفرج.
127 2194- أَبُو أَحْمَدَ الفَرَّاءُ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ.
210 2139- أحمد بن الفرات.(10/570)
الصفحة التراجم
أحمد بن القاسم= ابن عطية.
أحمد بن القاسم= ابن مساور.
313 2317- أبو أحمد القلانسي.
أحمد بن المبارك= المستملي.
أحمد بن محمد= ابن أنس.
أحمد بن محمد= ابن أبي الخناجر.
أحمد بن محمد= ابن عاصم.
أحمد بن محمد بن علي= الخزاعي.
أحمد بن محمد بن عيسى= البرتي.
أحمد بن محمد= غلام خليل.
أحمد بن محمد= المروزي.
أحمد بن محمد= ابن مسروق.
أحمد بن مسعود= المقدسي.
238 2242- أحمد بن ملاعب.
196 2191- أحمد بن مهدي.
أحمد بن موسى= الحمار.
أحمد بن موسى= ابن أبي عمران.
542 2510- أحمد بن نجدة بن العريان.
أحمد بن نصر= أبو عمرو الخفاف.
538 2501- أحمد بن النضر بن عبد الوهاب.
أحمد بن يحيى= البلاذري.
75 2131- أحمد بن يوسف.
195 2189- أحمد بن يونس.
304 2304- أبو الأحوص.
240 2247- أخطل بن الحكم.
539 2502- الأخفش.
439 2406- الأزرق.
إسحاق بن إبراهيم= الجبلي.
إسحاق بن إبراهيم= الدبري.
إسحاق بن إبراهيم بن محمد= الختلي.
إسحاق بن أحمد بن إسحاق= ابن السرماري.
131 2141- إسحاق بن بهلول.
إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ= الحَرْبِيُّ.
327 2327- إِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ.
إسحاق بن عبد الله بن محمد= الخشك.
475 2442- إسحاق بن أبي عمران.
520 2483- ابن أسد.
أسلم بن سهل بن سلم= بحشل.
494 2453- إسماعيل بن إسحاق السراج.
407 2373- إسماعيل بن إسحاق القاضي.
إسماعيل بن إسحاق= ترنجة.
إسماعغيل بن بليل الشيباني= ابن بلبل.
إسماعيل بن زيد= الجرجاني.
إسماعيل بن عبد الله بن مسعود= ابن سمويه.(10/571)
الصفحة التراجم
410 2376- إسماعيل بن قتيبة.
71 2125- أسيد بن عاصم.
331 2333- أصبغ بن خليل.
492 2450- ابن الأغلب.
540 2506- ابن الإمام.
266 2268- أبو أمية الطرسوسي.
245 2256- ابن أنس.
391 2361- الأنطاكي.
434 2402- الباغندي.
42 2090- البجلي، محمد بن الهيثم.
139 2145- بحر بن نصر.
491 2449- البحتري.
531 2495- بحشل، أبو الحسن أسلم.
35 2085- بحشل، أحمد بن عبد الرحمن.
233 2235- أبو البختري.
بدر بن المنذر= المغازلي.
446 2413- البرتي.
370 2346- البرجلاني.
241 2248- ابن البرقي.
205 2200- البرلسي.
438 2405- البرلسي.
414 2384- ابن برة.
532 2497- البزار البصري.
173 2179- ابن البستنبان، الحسن بن سعيد.
460 2430- ابن بشار.
51 2102- بشر بن الحكم العبدي.
415 2386- بشر بن موسى بن صالح.
378 2353- بقي بن مخلد.
197 2192- بكار بن قتيبة.
343 2334- أبو بكر بن الأشعث.
457 2426- بكر بن سهل بن إسماعيل.
309 2312- البلاذري.
330 2331- ابن بلبل.
516 2477- البلخي.
449 2415- البلدي.
520 2484- بهلول بن إسحاق.
414 2383- البوسي.
548 2519- البوشنجي.
400 2366- البياني.
121 2135- البيروتي، العباس بن الوليد.
547 2517- البيهقي.
221 2223- الترقفي.
370 2348- الترمذي.
306 2307- ترنجة.
26 2075- أبو التقي اليزني.
437 2404- تمتام.
498 2461- تميم بن محمد بن طمغاج.(10/572)
الصفحة التراجم
490 2448- ثابت بن قرة الصابئ.
542 2489- الجارودي.
409 2375- الجبلي.
246 2257- الجرجاني.
44 2094- الجروي، الحسن بن عبد العزيز.
527 2492- أبو جعفر الترمذي.
229 2232- أبو جعفر العامري.
544 2514- جعفر بن محمد بن سوار.
328 2328- جعفر بن محمد بن شاكر.
411 2378- جعفر بن محمد بن أبي عثمان.
جعفر بن محمد= أبو معشر.
429 2395- الجلاجلي.
150 2157- جلوان بن سمرة.
249 2260- الجوهري.
357 2344- أبو حاتم الرازي.
7 2065- أبو حاتم السجستاني.
150 2158- حاتم بن الليث.
435 2403- الحارث بن محمد بن أبي أسامة.
143 2151- الحارث، أحمد بن عبد الحميد.
25 2073- حجاج بن يوسف.
188 2184- الحجازي، أحمد بن الفرج.
355 2342- حرب بن إسماعيل الكرماني.
448 2414- الحربي.
الحسن بن إسحاق= العطار.
الحسن بن جرير= الصوري.
الحسن بن الحسين= السكري.
58 2112- الحسن بن أبي الربيع يحيى.
الحسن بن زيد= الزيدي.
325 2324- الحسن بن سلام السواق.
الحسن بن عبد الأعلى= البوسي.
الحسن بن علي بن شبيب= المعمري.
الحسن بن بن علي بن عفان= ابن عفان.
الحسن بن علي= ابن علويه.
171 2176- الحسن بن القزاز، محمد بن سنان.
515 2474- الحسن بن المثنى بن معاذ.
219 2220- الحسن بن الحسن بن مخلد بن الجراح.
326 2325- الحسن بن مكرم.
الحسين بن الحسن= أبو معين.
450 2418- الحسين بن الفضل بن عمير.
458 2427- الحسين بن فهم.
الحسين بن محمد= الحسين بن فهم.
الحسين بن محمد= القباني.(10/573)
الصفحة التراجم
حفص بن عمر= سنجة.
أبو حفص النيسابوري، عمرو.
474 2440- الحكاني.
466 2432- الحكيم.
223 2225- حماد بن إسحاق.
428 2393- الحمار.
243 2252- حمدان الوراق.
243 2253- حمدون بن أحمد القصار.
311 2315- أبو حمزة البغدادي.
244 2254- حنبل بن إسحاق.
455 2424- أبو حنيفة الدينوري.
133 2412- أبو حنيفة الدينوري.
133 2142- حنين بن إسحاق.
355 2340- الحنيني.
302 2299- الحوطي.
119 2221- ابن خاقان التركي.
292 2284- خالد بن أحمد.
288 2282- الخبيث.
216 2214- الختلي إبراهيم.
409 2374- الختلي إسحاق.
453 2423- الخزار.
505 2469- ابن خراش.
453 2421- الخزاز.
503 2466- الخزاعي.
240 2246- الحشك.
477 2443- الخشني.
284 2278- الخصاف.
خلف بن عمرو= العكبري.
خلف بن محمد= كردوس.
470 2436- خمارويه بن أحمد بن طولون.
352 2337- ابن أبي الخناجر.
504 2468- خياط السنة.
450 2417- خير بن عرفة المصري.
396 2364- الدارمي.
332 2333- أبو داود الأشعث.
داود بن الحسين= البيهقي.
270 2271- داود بن علي بن خلف.
452 2419- الدبري.
154 2164- الدار بجردي، علي بن الحسن.
521 2485- دران.
187 2164- الداربجردي، علي بن الحسن.
521 2485- دران.
187 2183- الدقيقي، محمد بن عبد الملك.
440 2408- ابن أبي الدنيا.
303 2301- ابن الدورقي.
152 2162- الدروري، عباس بن محمد.
405 2370- الديرعاقولي.
321 2323- ابن ديزيل.
446 2412- رافع بن هرثمة.
192 2186- الربيع بن سليمان الأزدي.(10/574)
الصفحة التراجم
190 2185- الربيع بن سليمان المرادي.
414 2382- ابن رزين.
318 2321- رغيف.
78 2132- الرمادي، أحمد بن منصور.
123 2136- الرهاوي، أحمد بن سليمان.
497 2460- ابن الرومي.
502 2465- ابن الرواس.
68 2122- الرياشي، عباس بن الفرج.
78 2132- زاج، أحمد بن منصور.
31 2083- الزبير بن بكار.
392 2362- أبو زرعة الدمشقي.
252 2264- أبو زرعة الرازي.
209 2204- زغات، عيسى بن عبد الله.
519 2481- زغبة.
53 2106- زكرويه، زكريا بن يحيى.
زكريا بن يحيى= خياط السنة.
61 2117- زهير بن محمد بن قمير.
292 2283- الزيدي.
249 2261- ابن سحنون.
493 2452- أخو السراج.
471 2437- السرخسي.
234 2237- ابن السرماري.
356 2343- السري بن خزيمة.
59 2113- سعدان بن نصر.
60 2114- سعدان بن يزيد.
140 2147- سعيد بن مسعود.
286 2280-السكري.
517 2478- ابن سلم.
سليمان بن الأشعث= أبو داود.
299 2294- سليمان بن سيف بن يحيى.
287 2281- سليمان بن وهب.
220 2222- سمويه.
246 2258- ابن سميع.
445 2411- سنجة.
402 2367- سهل بن عبد الله.
سهل بن عبد الله بن الفرخان= أبو طاهر.
232 2234- سهل بن عمار.
508 2472- ابن سهل المروزي.
508 2472- ابن سهل النيسابوري.
72 2217- السوسي، صالح بن زياد.
74 2129- ابن شاذان، إسحاق بن إبراهيم.
47 2099- ابن شاكر، محمد بن موسى.
415 2385- الشبامي.
394 2363- الشعراني.
521 2486- أبو شعيب الحراني.
27 2076- شعيب بن عمرو.(10/575)
الصفحة التراجم
27 2077- شعيب بن المحدث شعيب.
149 2156- ابن أبي الشوارب، الحسن بن محمد.
459 2428- الصائغ أبو عبد الله.
308 2311- الصائغ محمد.
305 2305- الصائغ الهمداني.
314 2318- صاحب الأندلس.
400 2365- صاعد بن مخلد.
22 2070- صاعقة، محمد بن عبد الرحيم.
193 2187- الصاغاني محمد بن إسحاق.
146 2154- الصفار يعقوب بن الليث.
467 2433- الصوري.
471 2438- ابن الضريس.
403 2368- أبو طاهر.
307 2309- ابن الطباع.
طلحة بن جعفر= الموفق.
542 2511- الطهماني.
طيفور بن عيسى= أبو يزيد البسطامي.
210 2207- العباس بن جعفر.
460 2431- ابن أبي عاصم.
25 2392- ابن عاصم.
366 2074- العباس بن عبد العظيم.
عباس بن عبد الله= الترقفي.
عبد الحميد بن عبد العزيز= القاضي أبو خازم.
عبد الرحمن بن عمرو= أبو زرعة الدمشقي.
عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج= ابن الرواس.
158 2345- عبد الرحمن محمد بن إدريس.
عبد الرحمن بن محمد= ابن سلم.
عبد الرحمن بن محمد= كربزان.
242 2170- عبد الرحمن بن مرزوق الطرسوسي.
عبد الرحمن بن يوسف= ابن خراش.
301 2250- عبدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ.
432 2298- عبد العزيز بن معاوية.
عبد العزيز بن منيب= ابن منيب.
عبد الكريم بن الهيثم= الديرعاقولي.
عبد الله بن أحمد= ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ.
2473- عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ محمد بن حنبل.
79 2134- أبو عبد الله البخاري.
عبد الله بن الحسن بن أحمد= أبو شعيب الحراني.(10/576)
الصفحة التراجم
عبد الله بن الحسين= المصيصي.
540 2505- أبو عبد الله الحضرمي.
204 2198- عبد الله بن حماد.
501 2464- عبد الله بن أبي الخوارزمي.
217 2217- عبد الله بن روح.
عبد الله بن سبريج= أبو الليث.
عبد الله بن سليمان= أبو بكر بن الأشعث.
عبد الله بن عبد الكريم= أبو زرعة الرازي.
عبد الله بن محمد= أبو البختري.
عبد الله بن محمد= البلخي.
عبد الله بن محمد= ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ= الكشوري.
عبد الله بن مسلم= ابن قتيبة.
33 2084- عبد الله بن منير.
40 2089- عبد الله بن هاشم.
عبد الملك بن عبد الحميد= الميموني.
عبد الملك بن محمد= أبو قلابة.
38 2086- عبد الوهاب بن عبد الحكم.
517 2479- ابن عبدوس السراج.
250 2262- ابن عبدوس فقيه المغرب.
499 2462- عبيد الله بن سليمان بن وهب.
434 2401- عبيد بن عبد الواحد.
535 2498- عبيد بن غنام.
351 2335- عبيد الله بن واصل.
عبد الله بن يحيى= ابن خاقان.
518 2480- عبيد الله بن يحيى بن يحيى.
430 2396- عثمان بن خرزاد=.
29 12080- عثمان بن سعيد أبوهما.
عثمان بن سعيد= ابن بشار.
عثمان بن سعيد= الدارمي.
عثمان بن عبد الله= عثمان بن خرزاد.
141 2148- العجلي، أحمد بن عبد الله.
388 2356- العسكري.
326 2326- أبو عصيدة.
297 2292-العطار.
51 2103- العطار، محمد بن سعيد.
246 2259- العطاردي.
245 2255- ابن عطية.
151 2161- عطية بن بقية.
228 2231- ابن عفان.
546 2516- العكبري.
العلاء بن أيوب= ابن رزين.
531 2496- أبو علانة.
473 2439- العلاف.
295 2287- علان.(10/577)
الصفحة التراجم
535 2499- ابن علويه.
علي بن إبراهيم= الواسطي.
علي بن أحمد بن طلحة= المكتفي بالله.
56 2109- علي بن إشكاب.
علي بن داود= القنطر.
307 2308- عَلِيُّ بنُ سَهْلِ بنِ المُغِيْرَةِ.
عَلِيُّ بنُ العباس بن جريج= ابن الرومي.
علي بن عبد الرحمن= علان.
علي بن عبد الصمد= ماغمه.
412 2380- علي بن عبد العزيز.
علي بن عثمان= النفيلي الصغير.
علي بن محمد= الخبيث.
449 2416- علي بن محمد بن عبد الملك.
علي بن محمد بن عيسى= الحكاني.
علي بن يحيى= المنجم أبو الحسن.
233 2236- عمار بن رجاء.
66 2121- عمر بن شبه.
عمران بن بكار= الكلاعي.
404 2369- ابن أبي عمران.
536 2500- أبو عمرو الخفاف.
27 2078- عمرو بن عثمان.
148 2155- عمرو بن الليث الصفار.
431 2397- عمرو بن منصور.
428 2394- العنبري.
328 2329- ابن أبي العنبس.
157 2168- أبو عوف، عبد الرحمن بن مرزوق.
218 2219- ابن أبي العوام.
73 2128- عيسى بن أحمد.
عيسى بن جعفر= الوراق.
186 2182- عيسى بن شاذان.
عيسى بن محمد= الطهماني.
543 2512- عيسى بن مسكين.
390 2358- أبو العيناء.
352 2336- ابن أبي غرزة.
406 2372- ابن أخت غزال.
496 2458- الغسيلي.
376 2352- غلام خليل.
63 2119- الفارسي، الحسن بن سعيد.
131 2140- الفرات بن خالد.
319 2322- الفسوي.
210 2206- الفضل بن جعفر.
الفضل بن عبد الله= القاضي الجرجاني.
الفضل بن محمد= الشعراني.(10/578)
الصفحة التراجم
215 2212- فضلك الصايغ.
القاسم بن الحسن= الصائغ الهمداني.
526 2490- القاسم بن خالد بن قطن.
القاسم بن محمد= البياني.
544 2513- القاضي الجرجاني.
523 2488- القاضي أبو خازم.
499 2463- القباني.
495 2455- أبو قبيصة.
143 2150- قبيطة، الحسن بن سليمان.
540 2504- القتات.
384 2354- ابن قتيبة.
474 2441- القراطيسي.
242 2251- ابن قريش.
306 2306- القزويني.
503 2467- القطراني.
317 2320- أبو قلابة.
216 2213- القلوسي، يعقوب بن إسحاق.
296 2290- القنطري.
304 2303- القومسي.
329 2330- كردوس.
كثير بن شهاب= القزويني.
456 2425- الكجي.
387 2355- الكديمي.
22 2071- ابن كرامة، محمد بن عثمان.
293 2285- كربزان.
413 2381- الكشوري.
296 2289- الكلاعي.
153 2163- كيلجة، محمد بن صالح.
237 2240- أبو الليث.
374 2349- ابن ماجه.
541 2580- المازني.
7 2066- المازني، بكر بن محمد.
459 2429- ماغمه.
44 2093- المؤيد بالله.
545 2515- المبرد.
62 2118- ابن مثرود، عيسى بن إبراهيم.
محمد بن إبراهيم= أبو أمية الطرسوسي.
محمد بن إبراهيم= أبو حمزة.
محمد بن إبراهيم بن زياد= ابن المواز.
محمد بن إبراهيم بن سعيد= البوشنجي.
محمد بن إبراهيم= ابن عبدوس.
محمد بن أحمد= الأنطاكي.
208 2203- محمد بن أحمد بن حفص البخاري.(10/579)
الصفحة التراجم
محمد بن أحمد= أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ.
207 2202- مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حفص النيسابوري.
282 2275- محمد بن أحمد بن حسين.
45 2095- محمد بن أحمد العتبي.
محمد بن أحمد بن عياض= أبو علانة.
294 2286- محمد بن أحمد بن أبي المثني.
محمد بن أحمد= أبو يونس الجمحي.
محمد بن إدريس= أبو حاتم الرازي.
526 2491- محمد بن إسحاق.
محمد بن أسد بن يزيد= ابن أسد.
محمد بن إسماعيل= الصائغ محمد.
22 2069- محمد بن إسماعيل بن علية.
354 2339- محمد بن إسماعيل بن يوسف.
55 2108- محمد بن إشكاب.
محمد بن أيوب بن يحيى= ابن الضريس.
376 2350- محمد بن جابر بن حماد.
539 2503- محمد بن جعفر بن أعين.
محمد بن جعفر= القتات.
محمد بن جعفر بن محمد= ابن الإمام.
309 2313- محمد بن الجهم.
محمد بن الحسن بن سماعة= أبو عبد الله الحضرمي.
محمد بن الحسن بن حبيب= الوداعي.
محمد بن الحسن= المنتظر.
محمد بن الحسن= الحنيني.
214 2211- محمد بن حماد.
محمد بن حيان= المازني.
276 2272- محمد بن داود بن علي.
محمد بن سليمان= الباغندي.
72 2126- محمد بن شجاع.
300 2295- محمد بن شداد.
70 2124- محمد بن عاصم.
194 2188- محمد بن عامر.
محمد بن عبد الرحمن= صاحب الأندلس.
محمد بن عبد الرحمن= أبو قبيصة.
477 2444- محمد بن عبد السلام بن بشار.
مُحَمَّد بن عَبْدِ السَلاَّم بن ثَعْلَبَةَ= الخُشَنِيّ.(10/580)
الصفحة التراجم
محمد بن عبد السلام= ابن سحنون.
محمد بن عبد الله= ابن البرقي.
136 2144- مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
52 2105- محمد بن عبد الملك.
محمد بن عبدوس= ابن عبدوس السراج.
206 2201- محمد بن عوف.
محمد بن علي= الحكيم.
محمد بن علي بن يزيد= الصَّائِغ أَبُو عَبْدِ اللهِ.
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ= ابن سهل المروزي.
محمد بن علي بن عبد الله= حمدان الوراق.
محمد بن علي بن عفان= أبو جعفر.
محمد بن علي= ابن أخت غزال.
محمد بن عمرو= أبو الموجه.
156 2165- محمد بن عميرة.
226 2228- محمد بن عيسى بن حيان.
محمد بن عيسى بن سورة= الترمذي.
310 2314- محمد بن عيسى بن يزيد.
محمد بن غالب= تمتام.
محمد بن الفرج= الأزرق.
محمد بن القاسم بن خلاد= أبو العيناء.
495 2456- محمد بن محمد بن رجاء.
محمد بن مسلم= ابن وارة.
439 2407- محمد بن مسلمة بن الوليد.
محمد بن معاذ= دران.
203 2196- محمد بن أبي معشر نجيح.
433 2399- محمد بن المغيرة بن سنان.
محمد بن النضر= الجارودي.
40 2088- محمد بن هارون الفلاس شيطا.
محمد بن الهيثم= أبو الأحوص.
محمد بن وضاح بن بزيع= ابن وضاح.
201 2193- محمد بن يحيى.
452 2420- محمد بن يحيى بن المنذر.
61 2116- محمد بن يحيى بن موسى.
محمد بن يزيد= المبرد.
محمد بن يزيد= ابن ماجه.
محمد بن يوسف= الجوهري.
محمد بن يوسف= ابن الطباع.
محمد بن يونس= الكديمي.
239 2245- محمش.
60 2115- المخرمي عبد الله بن محمد.
محمود بن إبراهيم= ابن سميع.
5 2064- المخرمي، محمد بن عبد الله.
285 2279- ابن المدبر.
29 2081- المرار بن حمويه.(10/581)
الصفحة التراجم
315 2319- المروذي.
515 2476- المروزي.
133 2143- المزني، إسماعيل بن يحيى.
531 2494- ابن مساور.
426 2391- المستملي.
216 2215- ابن أبي مسرة، عبد الله بن أحمد.
497 2459- ابن مسروق.
174 2180- مسلم بن الحجاج.
185 2181- المسوحي، الحسن بن علي.
مصعب بن أحمد= أبو أحمد القلانسي.
389 2357- المصيصي.
515 2475- معاذ بن المثني.
70 2123- ابن معارك، الحسين بن نصر.
227 2230- معاوية بن صالح.
158 2171- المعتزل بالله.
163 2173- المعتمد على الله.
308 2310- أبو معشر المنجم.
506 2470- المعمري.
303 2302- أبو معين.
494 2454- المغازلي.
405 2371- المغامي.
410 2377- مقدام بن داود بن عيسى.
355 2341- المقدسي.
23 2072- المقوم، يحيى بن حكيم.
487 2447- المكتفي بالله.
56 2110- ابن ملاس، محمد بن إبراهيم.
519 2482- ابن ملحان.
172 2178- ابن المنادي، محمد بن أبي داود عبيد الله.
282 2276- المنتظر.
376 2351- المنجم أبو الحسن.
444 2409- المنجم أبو عبد الله.
211 2209- المنذر بن محمد، أمير الأندلس.
301 2297- ابن منيب.
160 2172- المهندي بالله.
218 2218- ابن المواز.
412 2379- ابن الموجه.
547 2158- موسى بن إسحاق بن موسى.
موسى بن الحسن بن عباد= الجلاجلي.
300 2296- موسى بن سهل بن كثير.
موسى بن قريش بن نافع= ابن قريش.
312 2316- الموفق.
126 2138- ابن ميمون محمد بن عبد الله.(10/582)
الصفحة التراجم
265 2266- الميموني.
46 2096- ابن نذير، عبد الرحمن بن إبراهيم.
353 2338- النرسي.
38 2087- أبو نشيط، محمد بن هارون.
نصر بن أحمد بن نصر= نصرك.
522 2487- نصرك.
295 2288- النفيلي الصغير.
هارون بن علي= المنجم أبو عبد الله.
هارون بن موسى= الأخفش.
370 2347- هاشم بن مرثد= الطبراني.
390 2359- هلال بن العلاء.
541 2507- الوادعي.
230 2233- ابن وراة.
266 2267- الواسطي.
297 2291- الوراق.
142 2149- الوزدولي، إسحاق بن إبراهيم.
469 2435- ابن وضاح.
الوليد بن عبيد بن يحيى= البحتري.
يحيى بن أيوب بن بادي= العلاف.
209 2205- يحيى بن أبي طالب جعفر.
143 2512- يحيى بن عبدك.
416 2387- يحيى بن عثمان، أبو زكريا.
28 2079- يحيى ين عثمان، أبو سليمان.
445 2410- يحيى بن علي المنجم.
478 2445- يحيى بن عمر بن يوسف.
16 2068- يحيى بن محمد الذهلي.
223 2224- يحيى بن معاذ الرازي.
541 2509- يحيى بن منصور السلمي.
ابن يزداد، عبد الله بن محمد.
263 2265- أبو يزيد البسطامي.
171 2175- يزيد بن سنان.
172 2177- يزيد بن محمد.
يزيد بن محمد= ابن عبد الصمد.
217 2216- اليسع بن زيد.
46 2079- يعقوب بن إسحاق بن الصباح.
يعقوب بن سفيان= الفسوي.
126 2138- يعقوب بن شيبة.
46 2097- يعقوب بن عبيد.
284 2277- يوسف بن بحر.
211 2208- يوسف بن سعيد.
يوسف بن يحيى= المغامي.
يوسف بن يزيد= القراطيسي.
281 2274- أبو يونس بن حبيب.
53 2107- يونس بن عبد الأعلى.(10/583)
المجلد الحادي عشر
تابع الطبقة السادسة عشر:
بسم الله الرحمن الرحيم
2520- ثعلب 1:
العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بنِ يَزِيْدَ الشَّيْبَانِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ، صَاحِبَ "الفَصِيْحِ وَالتَّصَانِيْفِ".
وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: ابتَدَأْتُ بِالنَّظَر وَأَنَا ابْنُ ثمَانِي عَشْرَة سَنَةً، وَلَمَّا بَلَغْتُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا بَقِيَ عليَّ مَسْأَلَةٌ للفَرَّاءِ، وَسَمِعْتُ مِنَ القَوَارِيْرِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بن المنذر، ومحمد بن سلام الجمحي، وابن الأعرابي، وعلي ابن المُغِيْرَةِ، وَسَلَمَة بنِ عَاصِمٍ، وَالزُّبَيْر بنِ بَكَّار.
وَعَنْهُ: نِفْطَوَيْهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ اليَزِيْدِيّ، وَالأَخْفَشُ الصَّغِيْرُ، وَابْنُ الأَنْبَارِيِّ، وَأَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ، وَأَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَابْنُ مِقْسَمٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ "أَمَالِيْهِ".
قَالَ الخَطِيْبُ: ثِقَةٌ حُجَّة، دَيِّنٌ صَالِحٌ، مَشْهُوْرٌ بِالحِفْظِ.
وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَتَفَاصَحُ فِي خِطَابِهِ.
قَالَ المُبَرِّدُ: أَعْلَمُ الكُوْفِيّين ثَعْلَبٌ. فَذُكِرَ لَهُ الفَرَّاءُ، فَقَالَ: لاَ يَعْشُره.
وَكَانَ يُزرِي عَلَى نَفْسِهِ، وَلاَ يعدُّ نَفْسَهُ.
قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: فرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي المَنَامِ فَقَالَ لِي: أَقرِئ أَبَا العَبَّاسِ السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ صَاحِبُ العِلْمِ المُسْتَطِيلِ.
قَالَ القِفْطِيُّ: كَانَ يكرِّرُ علىَّ كُتُبَ الكِسَائِيّ، وَالفَرَّاء، وَلاَ يَدْرِي مَذْهَبَ البَصْرِيّين، وَلاَ كَانَ مُسْتَخْرِطاً لِلْقِيَاس.
وَقَالَ الدِّيْنَوَرِيُّ: كَانَ المُبَرِّدُ أَعْلَمَ بكتاب سيبويه من ثعلب.
وَقِيْلَ: كَانَ ثَعْلَبٌ يُبَخَّل، وَخَلَّفَ سِتَّةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَكَانَ صَحِبَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرِ، وَعَلَّمَ وَلدَهُ طَاهِراً فَرَتَّبَ لَهُ أَلْفاً فِي الشَّهْرِ.
وَلَهُ كِتَابُ "اخْتِلاَفِ النَّحْوِييِّن"، وَكِتَابُ "القِرَاءاتِ"، وَكِتَابُ "مَعَانِي القُرْآنِ"، وَأَشْيَاءٌ.
وعُمِّر، وَأَصَمَّ، صَدَمَتْهُ دَابَّةٌ، فَوَقَعَ فِي حُفرَةٍ، وَمَاتَ مِنْهَا فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "2/ 496"، وتاريخ بغداد "5/ 204"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 44-45"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "5/ 102-146"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 43" وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 686"، والعبر "2/ 88"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 133"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 396"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 207".(11/5)
2521- أبو خليفة 1:
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الأَدِيْبُ الأَخْبَارِيُّ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ. وَاسمُ الحُبَابِ: عَمْرُو بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ الجُمَحِيُّ، البَصْرِيُّ، الأَعْمَى.
وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، فسَمِعَ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَلقِيَ الأَعْلاَمَ، وَكَتَبَ عِلْماً جمّاً.
سَمِعَ: القَعْنَبِيَّ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ كَثِيْرٍ، وَعَمْرَو بنَ مَرْزُوْقٍ، وأبا الوليد الطيالسي، وشاذ ابن فياض، والوليد ابن هِشَامٍ القَحْذَمِيَّ، وَحَفْصَ بنَ عُمَرَ الحَوْضِيَّ، وَمُسَدَّدَ بنَ مُسَرْهَدٍ، وَعُثْمَانَ بنَ الهَيْثَمِ المُؤَذِّن، وَأَبَا مَعْمَرٍ المُقْعَد، وَعَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَجَبِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَلاَّمٍ الجمحي، وأخاه؛ عبد الرحمن ابن سَلاَّمٍ، وَعبدَ الرَّحْمَنِ بنَ المُبَارَكِ العَيْشِيَّ، وَخَلقاً كَثِيْراً. وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَكْثَرِ هَؤُلاَءِ.
وَلَقَدْ كَتَبَ حَتَّى رَوَى عَنْ أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ تِلْمِيذِهِ.
وَكَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، مَأْمُوْناً، أَدِيْباً، فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، رُحِلَ إِلَيْهِ مِنَ الآفَاقِ، وَعَاشَ مائَةِ عَامٍ سِوَى أَشْهُرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ فِي "صَحِيْحِهِ"، وَأَبُو بَكْرٍ الصُّوْلِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجعَابِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُظَاهِر، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَلاَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ حمزة
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 690"، والعبر "2/ 130"، وميزان الاعتدال "3/ 350"، ولسان الميزان "2/ 438"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 245"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 193"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 246".(11/6)
الأَصْبَهَانِيّ، وَعُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ البَصْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السُّنِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المِيْمَذِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ دَهْثَمٍ الطَّرَسُوْسِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الإصْطَخْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبِيوَردِيّ -نَزِيْلُ مَكَّةَ، شَيْخٌ لَحِقَهُ أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيّ- وَسَهْلُ بنُ أَحْمَدَ الدِّيبَاجِيّ، وأحمد بن مُحَمَّدَ بنِ العَبَّاسِ البَصْرِيّ، وَغَيْرهُم.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المَحَامِلِيّ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَلِيْفَة: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: حَضَرْنَا يَوْماً عِنْد خَلِيْلٍ أَمِيْرِ البَصْرَةِ، فجرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي خَلِيْفَةَ كَلاَمٌ. فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا المُتَكَلِّمُ? فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ! مَا مِثْلكَ مَنْ جَهِلَ مِثْلِي! أَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، أَفَهَلْ يَخْفَى القَمَرُ?! فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَقضَى حَاجَتَهُ، وَلَمَّا خَرَجَ، سأَلُوهُ، فَقَالَ: مَا كَانَ إلَّا خَيراً، أَحْضَرَنِي مَأْدُبَتَهُ، فَأَبطَّ، وَأَدَجَّ، وَأَفْرَخَ، وَفَوْلَجَ لَوْذَج، ثُمَّ أَتَانِي بِالشَّرَاب، فَقُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ، فَعَاهَدَنِي أَنْ آتيَ مَأْدُبَتَهُ كل يوم. فكل إِنسَانٌ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، فَيَحْمِلُهُ إِلَى الأَمِيْرِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: كُنْتُ أَقرأُ عَلَى أَبِي خَلِيْفَةَ كِتَابَ "طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ" وَغَيْر ذَلِكَ، قَالَ: فواعَدَنَا يَوْماً، وَقَالَ: لاَ تَخْلِفُوْنِي فَإِنِّي أتَّخِذُ لَكُمْ خَبِيْصَةً، فتَأَخَّرْتُ لِشُغْلٍ عَرَضَ لِي، ثُمَّ جِئْتُ وَالهَاشِمِيُّونَ عِنْدَهُ، فَلَمْ يَعْرِفْنِي الغُلاَمُ، وَحَجَبَنِي فكَتَبْتُ إِلَيْهِ:
أَبَا خَلِيْفَةَ تَجْفُو مَنْ لَهُ أَدَبٌ ... وَتُؤْثِرُ الغُرَّ مِنْ أَوْلاَدِ عَبَّاسِ
وَأَنْتَ رَأْسُ الوَرَى فِي كُلِّ مَكْرُمَةٍ ... وَفِي العُلومِ، وَمَا الأَذنَابُ كَالرَّاسِ
مَا كَانَ قَدْرُ خَبِيْصٍ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا ... فِيْهِ فَيَخْتَلِطُ الأَشرَافُ بِالنَّاسِ
فَلَمَّا قرأَهَا صَاحَ عَلَى الغُلاَمِ، ثُمَّ دَخَلْتُ، فَقَالَ: أَسأْتَ إِلَيْنَا بِتَغَيُّبِكَ، فَظَلَمْتَنَا فِي تَعَتُّبِكَ، وَإِنَّمَا عُقِدَ المَجْلِسُ بِكَ، وَنَحْنُ فِيمَا فَاتَنَا بتَأَخُّرِكَ كَمَا أَنْشَدَنِي التَّوزِيّ لِمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ ندم، فتزوجت رجلًا، فَمَاتَ حِيْنَ دَخَلَ بِهَا، فتَزَوَّجَهَا الأَوَّلُ، فَقَالَ:
فَعَادَتْ لَنَا كَالشَّمْسِ بَعْدَ ظَلاَمِهَا ... عَلَى خَيْرِ أَحْوَالٍ كَأَنْ لَمْ تُطَلَّقِ
ثُمَّ صَاحَ: يَا غُلاَم! أَعِدَّ لَنَا مِثْل طَعَامِنَا. فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ يَوْمنَا.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ الإِسْفَرَايِيْنِيّ -ابْنُ أُخْتِ أَبِي عَوَانَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ الحَافِظِ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو عَوَانَةَ البَصْرَة، فَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا خَلِيْفَة قَدْ هُجِرَ، وَيُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ. فَقَالَ لِي أَبُو عَوَانَةَ: يَا بُنَيَّ! لاَ بُدَّ أَنْ نَدْخُلَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو عَوَانَةَ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ? فَاحْمَرَّ وَجهُهُ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَأَنَا تَائِبٌ إِلَى اللهِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ إلَّا الكَذِبَ فَإِنِّي لَمْ(11/7)
أَكْذِبْ قَطُّ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ. قَالَ: فَقَامَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى أَبِي فَقَبَّلَ رَأْسَهُ. ثُمَّ قَالَ أَبِي: قَامَ أَبُو عَوَانَةَ إِلَى أَبِي خَلِيْفَة، فَقَبَّلَ كَتِفَهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو خَلِيْفَة: فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، أَوْ فِي الذِي يَلِيْهِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِالبَصْرَةِ.
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ شَمْسُ الدِّيْنِ بنُ قُدَامَةَ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الموَاهِبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُلُوْك، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، قَالاَ: أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أبو أحمد محمد ابن أَحْمَدَ بنِ الغِطْرِيْفِ سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هَمَّامٍ وَشُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيَّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: $"العائد في هبته كالعائد في قيئه"1.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ العِلْمُ مُعَلَّقاً بِالثُّرَيَّا، لَتَنَاوَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ"2.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 280 و342"، والطيالسي "2649" والبخاري "2621" ومسلم "1622" "7"، وأبو داود "3538"، والنسائي "6/ 266"، وابن ماجة "2385"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 77"، والبيهقي "6/ 180"، والبغوي "2200" من طريق شعبة، به، ووقع عند البخاري، والبيهقي: "عن شعبة وهشام الدستوائي"، وعند بعضهم "عن شعبة وهمام".
2 ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه أحمد "2/ 297 و420 و422" من طريق عوف، عن شهر بن حوشب، به.
قلت: إسناده ضعيف؛ آفته شهر بن حوشب، فإنه ضعيف أجمعوا على ضعفه. لكن قد صح عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس -أو قال- من أبناء فارس حتى يتناوله" أخرجه البخاري "4897"، ومسلم "2546" واللفظ له.(11/8)
2522- عبدوس 1:
هُوَ الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، نَزِيْلُ سَمَرْقَنْدَ، لاَ أَكَادُ أَعْرِفُهُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَارٌ فِي "تَارِيْخِهِ"، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَقُتَيْبَة بنِ سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاق بنِ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس، وَطَبَقَتهِم.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بجير، وسهل بن شاذويه، وغيرهم.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بنِ جَبَلَةَ السَّمَرْقَنْدِيّ: مَاتَ عَبْدُوسٌ الحَافِظُ بِسَمَرْقَنْدَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، رَحِمَهُ اللهُ.
وَفِيْهَا -وَقِيْلَ: فِي الَّتِي تَلِيْهَا- مَاتَ: شَاعِرُ عَصْرِهِ أَبُو عُبَادَةَ الوَلِيْدُ بنُ عُبَيْدٍ بنُ يَحْيَى الطَّائِيُّ البُحْتُرِيُّ المَنْبِجِيُّ، صَاحِبُ "الدِّيْوَانِ" المشهور.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 695"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 185".(11/8)
صباح وعبدان بن محمد:
2523- صباح 1:
ابن عبد الرحمن بن الفضل، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ زَمَانِهِ بِالأَنْدَلُسِ، أَبُو الغُصْنِ العُتَقيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المُرْسِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَأَصْبَغَ بنِ الفَرَجِ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَسَحْنُوْنَ، وَطَائِفَةٍ. وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً.
رَوَى عَنْهُ: حَفْصُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ، وَغَيْرهُ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيّ: لَقِيَ بِمِصْرَ أَصْبَغَ بنَ الفَرَجِ، فَسَمِعَ مِنْهُ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ زمَاناً، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَكَانَ يُرحَلُ إِلَيْهِ للسَّمَاع وَالتَّفَقُّهِ. قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ ابْنَ مائَةٍ وثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَاماً، وَمَاتَ فِي عَاشِرِ المحرم، سنة أربع وتسعين ومائتين.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَارِثٍ: عَاشَ مائَةً وَخَمْسَ سِنِيْنَ.
2524- عَبْدَانُ بنُ محمد 2:
ابن عيسى، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، فَقِيْهُ مَرْوَ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ، الزَّاهِدُ.
سَمِعَ: قُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ، وَعَلِيَّ بنَ حُجْرٍ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُنِيْر، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيّ، وَعبدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَطَبَقَتَهُم، وَتَفَقَّهَ بِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، الرَّبِيْعِ وَغَيْرِهِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَبَعُدَ صيته.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 97-98"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 185".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 135"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 58"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 708"، والعبر "2/ 95"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 215".(11/9)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيّ، وَالدَّغُوْلِيّ، وَعَلِيُّ بنُ حَمْشَاذ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَصَنَّفَ كِتَابَ "المُوَطَّأ" وَغَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الغِفَارِيّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، لَيْلَةَ عَرَفَة.
قُلْتُ: لَقِيَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الحَجِّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي "الأَنسَابِ": عبدان الفقيه الجُنُوجِرْدِيّ، وَجُنُوجِرْد: مِنْ قُرَى مَرْوَ. اسْمُهُ: عَبْدُ اللهِ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ أَظْهَرَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ بِخُرَاسَانَ، وَكَانَ المَرْجُوْعَ إِلَيْهِ فِي الفتَاوَى وَالمُعْضِلاَتِ بَعْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ سَيَّارٍ. وَكَانَ أَحْمَدُ قَدْ حَمَلَ كُتُبَ الشَّافِعِيّ إِلَى مَرْو، وَأُعْجِبَ بِهَا النَّاسُ، فَأَرَادَ عَبْدَان أَنْ يَنْسخَهَا، فَلَمْ يُعِرْهُ أَحْمَدُ، فَبَاعَ ضيعَةً لَهُ بِجُنُوْجِرْدَ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، وَحصَّلَ الكُتُبَ عَلَى الوَجْهِ وَأَكْثَرَ، فَدَخَلَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّار عَلَيْهِ مُسَلِّماً وَمُهَنِّئاً وَاعْتَذَرَ، فَقَالَ: لاَ تَعْتَذِرْ، فَإِنَّ لَكَ عليَّ مِنَّةً فِي ذَلِكَ، فَلَو دَفَعْتَ إِليَّ الكُتُبَ لَمَا رَحَلْتُ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الغِفَارِيّ: تُوُفِّيَ عَبْدَان لَيْلَةَ عَرَفَةَ أَيْضاً -يَعْنِي: كَمَا وُلِدَ فِيْهَا- سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، صَالِحاً، زَاهِداً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي العَيْشِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ الجُوزْجَانِيَّةُ مرَّتَيْنِ، وَأَبُو عَدْنَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، أَخْبَرَنَا سَحْبَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيُّ، قَالَ: كَانَ لِيَهُوْدِيٍّ عَلَيَّ أربعة دراهم، فلزمني ورسول اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيْدُ الخُرُوجَ إِلَى خَيْبَر فَاسْتَنْظَرْتُهُ إِلَى أَنْ أَقْدمَ، فَقُلْنَا: لَعَلَّنَا أَنْ نَغْنَمَ شَيْئاً، فَجَاءَ بِي إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَعْطِهِ حَقَّهُ" مَرَّتَيْنِ. وَكَانَ إِذَا قَالَ الشَّيْءَ ثَلاَثَ مِرَارٍ لَمْ يُرَاجَعْ. وعليَّ إِزَارٌ، وَعَلَى رَأْسِي عِصَابَةٌ، فَلَمَّا خَرَجْتُ قُلْتُ: اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الإِزَارَ، فَاشْتَرَاهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي لَهُ عَليَّ. الحَدِيْثُ تَفَرَّدَ بِهِ قُتَيْبَةُ.(11/10)
جعفر بن أحمد وعلى بن الحسين بن الجنيد:
2525- جعفر بن أحمد:
ابن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامَاتِيُّ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، المُصَنِّفُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ.
تَفَقَّهَ بِأَبِي إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيّ، وَسَمِعَ: إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى الفَزَارِيّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدَةَ الضَّبِّيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَأَبَا مُوْسَى الزَّمَنَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ العَابِدِيَّ، وَإِسْحَاقَ الكَوْسَجَ، وَيُوْنُسَ بنَ عبدِ الأَعْلَى، وَطَبَقَتَهُمْ بِالحِجَازِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ جَمْعَانُ بن مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ الشَّامَاتِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: سَعَى رَجُلٌ بِرَجُلٍ إِلَى الحَجَّاجِ وَقَالَ: أَعزَّ اللهُ الأَمِيْرَ، هَذَا رَجُلٌ خَارِجِيٌّ يَشْتُمُ عَلِيَّ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَيقعُ فِي معاوية بن أبي طالب. فَقَالَ الحجَّاج: لاَ أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ، بِالأَنسَابِ أَوْ بِالأَديَانِ؟!
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ الشَّامَاتِيّ مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبِيْبٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجكَانِيّ بهَرَاةَ، وَأَبُو سَعْدٍ يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ بِهَرَاةَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الحَمِيدِ القَاضِي، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَذَنِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ، وَإِدْرِيْسُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادُ، وَطَاهِرُ بنُ عِيْسَى بنِ قَيرسِ، وَأَبُو الآذَانِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَحْمَدُ بنُ الحسن المصري، وأحمد بن محمد ابن الحَجَّاجِ بنِ رِشْدِيْنَ.
2526- عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجنيد 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ النَّخَعِيُّ، الرَّازِيُّ، المَعْرُوْفُ فِي بَلَدِهِ: بِالمَالِكِيِّ؛ لِكَوْنِهِ جَمَعَ حَدِيْثَ مَالِكٍ الإِمَامِ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 981"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 691"، والعبر "2/ 89"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 208".(11/11)
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيَّ، وَالمُعَافَى بنَ سُلَيْمَانَ، وَصَفْوَانَ بنَ صَالِحٍ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَأَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَالقَاسِمَ بنَ عُثْمَانَ الجوعِيّ، وَالوَلِيْدَ بنَ عُتْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيّ، وَخَلاَئِقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبغِيّ، وَأَحْمَدُ بن الحَسَنِ بنِ مَاجَهْ، وَدَعْلَجُ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نجيد، وآخرون.
وَثَّقَهُ: ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَسمَّاهُ حَافِظَ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالرَّيِّ.
وَأَمَّا الخَلِيْلِيّ، فَأَرَّخَ مَوْتَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَالَ: هُوَ حَافِظُ عِلْمِ مَالِكٍ، صَاحِبُ دِيَانَةٍ.
قُلْتُ: الأَصحُّ وَفَاتُهُ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ عِدَّةٌ مِنَ العُلَمَاءِ، مِنْهُم: مُقْرِئُ مَكَّةَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُرجَةَ قُنْبُلٌ المَكِّيُّ، فِي عُشْرِ المائَةِ.
وَمُقْرِئُ دِمَشْقَ هَارُوْنُ بنُ مُوْسَى بنِ شَرِيْكٍ الدِّمَشْقِيُّ الأَخْفَشُ، تِلْمِيْذُ ابْنِ ذَكْوَانَ.(11/12)
2527- هارون بن خمارويه 1:
ابن أَحْمَدَ بنِ طُوْلُوْنَ التُّركِيُّ، المَلِكُ، صَاحِبُ مِصْرَ، أَبُو مُوْسَى.
تَمَلَّكَ إِذْ خُلِعَ أَخُوْهُ جَيْش، فَحَشَدَ عَمُّهُ رَبِيعَةُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَقبلَ مِنَ الإسْكَنْدَرِيَّةِ، فَالتَقَوْا، فَقُتِلَ جَمَاعَةٌ، وَجُرِحَ فَرَسُ رَبِيْعَةَ، فسقط، فأسروه، فَسُجِنَ، ثُمَّ ضُرِبَ وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
ونَابَ لِهَارُونَ عَلَى الشَّامِ بَدْر الَحَمَامِيّ، ثُمَّ إِنَّ المُكْتَفِي الخَلِيْفَةَ بَعَثَ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ الكَاتِبِ، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ بَدْرٌ وَغَيْرهُ، فتَهَيَّأَ هَارُوْنَ لِلْحَرْبِ، وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَالتَقَوْا، فَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَدَامتِ الفِتْنَةُ، وَضَعُفَ أَمرُ هَارُوْنَ فَقَتَلَهُ عَمَّاهُ: شَيْبَانُ وَعَدِيٌّ بِأَخِيهِمَا، فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وكَانَتْ دَوْلَتُهُ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ وَأَشْهُراً، وَقُتِلَ شَابّاً. وَتملَّكَ عَمُّهُ شَيْبَانُ أَبُو المقَانِبِ، ثُمَّ تَلاشَى أَمرُهُ بَعْد أَيَّامٍ، وَزَالتْ دَوْلَةُ آلِ طُولُوْنَ، وَطُرِدَ مَنْ بَقِيَ منهم بمصر، نحو من عشرين نفرًا.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 91"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 93"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 209".(11/12)
2528- القاسم بن عبيد الله 1:
ابن سليمان بن وَهْبِ بنِ سَعِيْدٍ الحَارِثِيُّ، الوَزِيْرُ.
وَلِيَ الوِزَارَةَ للمُعْتَضِدِ بَعْدَ مَوتِ وَالدِهِ الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ عُبَيْدُ اللهِ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَظَهَرَتْ شَهَامَتُهُ، وَزَادَ تَمَكُّنُهُ، فَلَمَّا مَاتَ المُعْتَضِدُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، قَامَ القَاسِم بِأَعباءِ الخِلاَفَةِ، وَعَقَدَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي، وَكَانَ ظَلُوماً عَاتياً، يَدْخُلُهُ مِن أَملاَكِهِ فِي العَامِ سَبْعِ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَإِنَّمَا تَقَدّمَ بِخِدْمَتِهِ للمُكْتَفِي، وَكَانَ سَفَّاكاً للدِّمَاءِ، أَبَادَ جَمَاعَةً، وَلَمَّا مَاتَ شَمِتَ النَّاسُ بموته.
وَقَالَ النَّوْفَلِيُّ: كُنْتُ أَبْغُضُهُ لكُفْرِهِ، وَلِمَكْرُوهٍ نَالَنِي مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخَذَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي، وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ، وَضَبَطَ لَهُ الخزَائِنَ، فَلَقَّبَهُ وَلِيَّ الدَّوْلَةِ، وَزَوَّجَ وَلَدَهُ بَابْنَةِ القَاسِمِ عَلَى مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً، إلَّا أَنَّهُ كَانَ زِنْدِيقاً، وَكَانَ مُؤَدِّبهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِ، فَنَالَ فِي دَولَتِهِ مَالاً جَزِيْلاً مِنَ الرّشْوَةِ، فَحَصَّلَ أَرْبَعِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
هَلَكَ القَاسِمُ عَنْ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةٍ، لاَ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا شَادِي المُغَنِّيّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ وَهُوَ يَشْرَبُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن فِرَاس مِنْ عَهْدِ أَرْدَشِيرٍ، فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فِرَاسٍ: هَذَا وَاللهِ -وَأَومأَ إِليَّ- أَحْسَنُ مِنْ بَقَرَةِ هَؤُلاَءِ وَآل عِمْرَانهِمِ. وَجعلاَ يَتَضَاحَكَانِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عبدُوْنَ: حَدَّثَنِي الوَزِيْرُ عَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ فَقَرَأَ قَارِئ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ} [آل عِمْرَان: 100] ، فَقَالَ ابْنُ فرَاسٍ: بِنُقْصَانِ يَاءْ، فَوَثَبْتُ فزعًا، فردني القاسم وغمزه، فسكت.
الصُّوْلِيُّ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ النُّوبَخْتِيّ، قَالَ: انصرف ابن الرومي الشاعر من عند
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي: "2/ 494"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 46"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 361"، والعبر "2/ 89"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 133".(11/13)
القَاسِمِ بنِ عُبيدِ اللهِ، فَقَالَ لِي: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ حُجَّةٍ أَوْرَدَهَا اليَوْمَ الوَزِيْرُ فِي قِدَمِ العَالِمِ، وَذَكَرَ أَبيَاتاً.
قُلْتُ: هَذِهِ أُمُورٌ مُؤْذِنَةٌ بِشقَاوَةِ هَذَا المُعَثَّرِ، نَسْأَلُ اللهَ خَاتمَةَ خَيْرٍ.
مَاتَ هَذَا فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَوَزَرَ بَعْدَهُ العَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ، الَّذِي قُتِلَ مَعَ ابْنِ المُعْتَزِّ.
وَقَالَ شَاعِرٌ:
شَرِبْنَا عَشِيَّةَ مَاتَ الوَزِيْرُ ... سُرُوْراً وَنَشْرَبُ فِي ثَالثِهِ
فَلاَ رَحِمَ اللهُ تِلْكَ العِظَامَ ... وَلاَ بَارَكَ اللهُ فِي وَارِثِهِ(11/14)
قاتل قتيبة ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة:
2529- قاتل قتيبة:
الإِمَامُ، الرَّحَّالُ، أَبُو بَكْرٍ، عَبْدُ الصَّمَدِ بنِ هَارُوْنَ القَيْسِيّ، النَّيْسَابُوْرِيّ، المَشْهُورُ: بِقَاتِلِ قُتَيْبَةَ.
سَمِعَ: قُتَيْبَةَ، وَأَبَا مُصْعبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَابنَ رَاهْوَيْه، وَهِشَامَ بنِ عَمَّارٍ، وَالعَدَنِيَّ.
وَعَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بْن الشَّرْقِيّ، وَمُؤَمَّلُ بنُ الحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدُ بن صالح بن هانئ، وأحمد ابن إِسْحَاقَ الصَّيْدَلاَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي شوال، سنة أربع وثمانين ومائتين.
2530- محمد بن عثمان بن أبي شيبة 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُسْنِدُ، أَبُو جَعْفَرٍ العَبْسِيُّ، الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَمَّيْه: أَبَا بَكْرٍ، وَالقَاسِم، وَأَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيّ، وَعَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو الأَشْعَثيّ، وَمِنْجَابَ بنَ الحَارِثِ، وَالعَلاَءَ بنَ عَمْرٍو الحَنَفِيّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وهنادًا، وخلقًا سواهم.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 42"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 95"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 681"، والعبر "2/ 108"، وميزان الاعتدال "3/ 642"، ولسان الميزان "5/ 280"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 171"، وشذارت الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 226".(11/14)
وَعَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ السَّمَّاكِ، وَالنَّجَّادُ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيّ، وَابْنُ أَبِي دَارِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَأَبُو بكر الشافعي، وسعد ابن مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عُبَيْدٍ الدَّقَّاق، وَالإِسْمَاعِيلِيُّ، وَخَلْقٍ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَلَهُ "تَارِيْخٌ" كَبِيْرٌ، وَلَمْ يُرزَقْ حَظّاً، بَلْ نَالُوا مِنْهُ. وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً فَأَذْكُرَهُ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حنبل، فقال: كذاب.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: هُوَ عَصَا مُوْسَى، يَتَلَقَّفُ مَا يَأْفِكُون.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِنَّهُ أَخَذَ كِتَابَ غَيْرِ محدِّث.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ الشُّيُوْخَ يَذْكرُوْنَ أَنَّهُ مَقْدُوحٌ فِيْهِ.
وَعَنْ عَبْدَانَ، قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: كُنَّا نَسْمَعُ الشُّيُوْخَ يَقُوْلُوْنَ: مَاتَ حَدِيْثُ الكُوْفَةِ لِمَوْتِ محمد ابن أَبِي شَيْبَةَ، وَمُطَيَّن، وَمُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدِ بنِ غَنَّامٍ.
قُلْتُ: اتَّفَقَ مَوْتُ الأَرْبَعَةِ فِي عَامٍ.
مَاتَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجمَّال، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَنَبَّأَنِي عَنْهُمَا ابْنُ سَلاَمَةَ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ بنُ ظُهَيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْر، عَنْ عَلِيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَضَعَ رِدَائِي عَنْ ظَهْرِي، حَتَّى أَجْمَعَ مَا بَيْنَ اللَّوحَيْنِ، فَمَا وَضَعْتُهُ عَنْ ظَهرِي حَتَّى جَمَعْتُ القرآن1.
__________
1 ضعيف: إسناده ضعيف جدا؛ آفته الحكم بن ظهير، قال البخاري: منكر الحديث.
وقال -مرة: تركوه. وقال ابن معين: ليس بثقة.
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" "ص1" من طريق ابن فضيل، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ قَالَ: "لما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف، ففعل، فأرسل إليه أبو بكر بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ قال: لا والله اني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا لجمعة، فبايعه ثم رجع". وإسناده ضعيف، آفته أشعث، وهو ابن سوار الكوفي الكندي، قال أبو زرعة: لين. وقال ابن معين، والنسائي: ضعيف.(11/15)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه المَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الدَّقَّاق، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنَ مَالِكٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي سُفْيَانُ بنُ حَمْزَةَ، عَنْ كَثِيْر بنِ زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "النَّاسُ دِثَارٌ وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَلَوْلاَ الهِجْرَةُ لكُنْتُ امْرَءاً مِنَ الأَنْصَارِ ... "، الحَدِيْثَ1.
وَمَاتَ مَعَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: مُطَيَّن، وَعُبَيْدُ بنُ غَنَّامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ الرَّوَّاس بِدِمَشْقَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ هَاشِمٍ البَغَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ قِيرَاطٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَالفَقِيْهُ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الظَّاهِرِيّ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبُ القَاضِي، وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي عَوْفٍ البُزُورِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ عُثْمَانَ الصدفي.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 419" من طريق يعقوب بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "الأنصار شعاري، والناس دثاري".
وله شاهد من حديث عبد الله بن زيد: عند البخاري "4330"، ومسلم "1061" من طريق عباد بن تميم، عنه، به في حديث طويل.(11/16)
2531- صالح بن محمد 1:
ابن عمرو بن حبيب بن حَسَّانِ بنِ المُنْذِرِ بنِ أَبِي الأَشْرَسِ، وَاسْمُ أبي الأَشْرَسِ: عَمَّارٌ، مَوْلَىً لبنِي أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ. الإِمَامُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ الحُجَّةُ، مُحَدِّثُ المَشْرِقِ، أَبُو عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ البَغْدَادِيُّ، المُلَقَّبُ جَزَرَة -بِجِيْمٍ وَزَايٍ- نَزِيْلَ بُخَارَى.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 322"، والمنتظم لابن الجوزي "2/ 62"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 664" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 216".(11/16)
وَسَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه، وَخَالِدَ بنَ خِدَاش، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ، وَمِنْجَابَ بنَ الحَارِثِ، وَأَبَا خَيْثَمَةَ، وَالأَزْرَقَ بنَ عَلِيٍّ، وَخَلَفَ بنَ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَطَبَقَتهُم بِالحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَمِصْرَ، وَبِخُرَاسَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
وجمع وصنف، وبرع في هذا الشأن.
حدث عَنْهُ: مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ خَارجَ "الصَّحِيْحِ" وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِقَلِيْلٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ، وَخَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَبِيْبِيُّ، وَبكرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيّ، وَالهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
واسْتَوْطَنَ بُخَارَى مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَلَّكَهُ أَمِيْرُ بُخَارَى بِالإِحسَانِ وَالاحْتِرَامِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ مِنْ وَلَدِ حَبِيْبِ بنِ أَبِي الأَشْرَسِ، أَقَامَ بِبُخَارَى، وَحَدِيْثُهُ عِنْدَهُم. قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً حَافِظاً غَازياً.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ: صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ، مَا أَعْلمُ فِي عَصْرِهِ بِالعِرَاقِ وَخُرَاسَان فِي الحِفْظِ مِثْلَهُ، دَخَلَ مَا وَرَاء النَّهْرِ، فَحَدَّثَ مُدَّةً مِنْ حِفْظِهِ، وَمَا أَعْلَمُ أُخِذَ عَلَيْهِ مِمَّا حَدَّثَ خَطأ، وَرَأَيْتُ أَبَا أَحْمَدَ بنَ عَدِيٍّ يُفَخِّمُ أَمْرَهُ وَيُعَظِّمُه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكتَانِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ ... فَسَاقَ نَسَبَهُ كَمَا قَدَّمْنَا. وَكَذَلِكَ سَاقَهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ دَهْراً طَوِيْلاً، وَلَمْ يَكُن اسْتَصْحَبَ مَعَهُ كِتَاباً، وَكَانَ صَدُوْقاً ثَبْتاً، ذَا مُزَاحٍ وَدُعَابَةٍ، مَشْهُوراً بِذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: كَانَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ يَقْرَأُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى فِي "الزُّهْرِيَّات" فَلَمَّا بَلَغَ حَدِيْثَ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَرْقِي مِنَ الخَرَزَةِ. فَقَالَ: مِنَ الجَزَرَةِ، فلُقِّبَ بِهِ. رَوَاهَا الحَاكِمُ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: هَذَا غَلَطٌ، لأَنَّهُ لُقِّبَ بِجَزَرَةَ فِي حَدَاثَتِهِ يَعْنِي: قَبْلَ ارْتِحَالِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بِزَمَانٍ.
قَالَ: فَأَخْبَرَنَا المَالِيْنِيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَدِيٍّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سَعْدَانَ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا بَعْضُ الشُّيُوْخِ مِنَ الشَّامِ، وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ حَرِيزِ بنِ عثمان،(11/17)
فَقَرَأْت عَلَيْهِ: حَدَّثَكُم حَرِيزُ بنُ عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ لأَبِي أُمَامَةَ خَرَزَةٌ يَرْقِي بِهَا المَرِيْض. فقلت: جزرة، فَلُقِّبت جزرة.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ البُخَارِيُّ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ وَسُئِلَ: لِمَ لُقِّبْتَ جَزَرَةَ? فَقَالَ: قَدِمَ عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ الحَدَثِيُّ بَغْدَادَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَلْق، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ فَرَاغِ المَجْلِسِ سُئِلتُ: مِنْ أَيْنَ سَمِعْتَ? فَقُلْتُ: مِنْ حَدِيْثِ الجَزَرَةِ، فَبَقِيَتْ عَلَيَّ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه: أَنَّهُ سَمِعَ الأَمِيْر خَالِدَ بنَ أَحْمَدَ يَسْأَلُ أَبَا عَلِيٍّ: لِمَ لُقِّبْتَ جَزَرَة؟ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ فَحَدَّثَهُم بِحَدِيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ ابن بُسرٍ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَرَزَةٌ للمَرِيْض، فَجِئْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الحَدِيْث، فرَأَيْتُ فِي كِتَابِ بَعْضِهِم وصِحْتُ بِالشَّيْخِ: يَا أَبَا حَفْصٍ! يَا أَبَا حَفْصٍ! كَيْفَ حَدِيْثُ عَبْد اللهِ بن بُسْرٍ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جَزَرَةٌ يُدَاوِي بِهَا المَرْضَى، فَصَاحَ المُحَدِّثُونَ المُجَّان، فَبقيَ عليَّ حَتَّى السَّاعَة.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ صَالِحٌ صَاحِبَ دُعَابَةٍ، وَلاَ يَغْضَبُ إِذَا وَاجَهَهُ أَحَدٌ بِهَذَا اللَّقَبِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيّ، قَالَ: كَانَ صَالِحٌ رُبَّمَا يَطْنِزُ1، كَانَ بِبُخَارَى رَجُلٌ حَافِظٌ يُلَقَّبُ بِجَمَلٍ، فَكَانَ يَمْشِي مَعَ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمَا بَعِيرٌ عَلَيْهِ جَزَرٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيٍّ؟ قَالَ: أَنَا عَلَيْكَ. هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطعَةٌ.
وَرَوَى الحَاكِم: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كُنْتُ أُسَايرُ الجَمَلَ الشَّاعِرَ بِمِصْرَ، فَاسْتقبلَنَا جَملٌ عَلَيْهِ جَزَرٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيّ? قُلْتُ: أَنَا عَلَيْكَ.
قَالَ خَلَفٌ الخَيَّامُ: سَمِعْتُ صَالِحاً يَقُوْلُ: اخْتَلَفْتُ إِلَى عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ أَرْبَعَ سِنِيْنَ وَكَانَ لاَ يَقْرَأُ إلَّا ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ كَمَا قَالَ. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يُحَدِّثُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ بثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَعَنْ جَعْفَرٍ الطِّستِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيّ يَقُوْلُ -وَذُكِرَ عِنْدَهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ- فَقَالَ: مَا أَهْوَنَهُ عَلَيْكُم، أَلاَ تَقُولُوْنَ: سَيِّدُ المُسْلِمِينَ!
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لأَبِي زُرْعَةَ: حَفِظَ اللهُ أَخَانَا صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، لاَ يَزَالُ يُضْحِكُنَا شَاهداً وَغَائِباً، كَتَبَ إِلَيَّ يذْكُرُ أَنَّهُ مَاتَ محمد بن يحيى الذهلي، وجلس
__________
1 يطنز: أي يستهزأ.(11/18)
للتَّحديثِ شَيْخٌ يُعرف بِمُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ مَحْمشٍ، فَحَدَّثَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ البَعِيْرُ" 1.
وَأَنَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رِفْقَةً فِيْهَا خُرس" 2 فَأَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكُمْ فِي المَاضِي، وَأَعْظَمَ أَجْرَكُمْ فِي الباقي.
وَرَوَى البَرْقَانِيُّ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ بنِ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيِّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحاً سَمِعَ بَعْضَ الشُّيُوْخِ يَقُوْلُ: إِنَّ السِّينَ وَالصَّادَ يَتَعَاقَبَان، فسَأَلَ "بَعْضَ تَلاَمِذَتِهِ" عَنْ كُنْيَتِهِ فَقَالَ "لَهُ": أَبُو صَالِحٍ. قَالَ: فَقُلْتُ لِلشَّيْخِ: يَا أَبَا سَالِح، أَسْلَحَكَ اللهُ، هَلْ يَجُوْزُ أَنْ تَقْرَأَ: "نَحْنُ نَقُسُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَسَس"؟ فَقَالَ لِي بَعْضُ تلاَمِذَتِه: تُواجِهُ الشَّيْخ بِهَذَا? فَقُلْتُ: فَلاَ يَكْذِب، إِنَّمَا تَتَعَاقَبُ السِّيْن وَالصَّاد فِي مَوَاضِعَ.
وَرُوِيَ عَنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: الأَحْوَلُ في البيت المبارك، يَرَى الشَّيْءَ شَيْئَيْنِ.
قَالَ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ: سَمِعْتُ صَالِحاً يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ يَمْتَحِنُ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ غَالياً فِي التَّشَيُّعِ، فَقَالَ لِي: مَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمٍ? قُلْتُ: مُعَاوِيَةَ. قَالَ: فَمَنْ نَقَلَ تُرَابَهَا? قُلْتُ: عَمْرُو بن العَاصِ. فصَاحَ فِيَّ وَقَامَ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ عَلِيْلٌ، فَبَدَتْ عَورَتُهُ، فَأَشَار إِلَيْهِ بَعْضُنَا بِأَنَّ يَتَغَطَّى، فَقَالَ: رَأَيْتَهُ؟ لاَ تَرْمَدُ أَبَداً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: كَانَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ يَأْخُذُ
__________
1 هذا تصحيف في الحديث، والصواب: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟. وقد أخرجه البخاري "6203"، ومسلم "2150"، والترمذي "333" و"1989"، وابن ماجه "3720" من طريق أبي التياح، عن أنس بن مالك، به مرفوعا، وأخرجه أبو داود "4969" من طريق حماد، عن ثابت، عن أنس، به.
والنغير: تصغير النغر، وهو طائر صغير، جمعه نغران.
2 صحيح لغيره: هذا الحديث محرف والصواب: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس".
وقد أخرجه أحمد "6/ 327"، وأبو داود "2554" عن أم حبيبة، وإسناده ضعيف، آفته أبو الجراح، مولى أم حبيبة أم المؤمنين، قيل اسمه الزبير، وقيل فيه: الجراح، وهو وهم. وهو مجهول كما قال الحافظ في "التقريب".
وللحديث شاهد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس" أخرجه أحمد "2/ 311 و327"، ومسلم "2113"، والدارمي "2/ 288" من طريق سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أبي هريرة، به.(11/19)
عَلَى الحَدِيْثِ، وَلاَ يُحَدِّثُ مَا لَمْ يَأْخُذْ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً، فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيّ! حَدِّثْنِي.
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجعْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: عَلِّمْ مَجَّاناً كَمَا عُلِّمْتَ مَجَّاناً. فَقَالَ: تُعَرِّضُ بِي? فَقُلْتُ: لاَ، بَلْ قَصَدْتُكَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ الطوسي يقول: مرض صالح جَزَرَة، فَكَانَ الأَطِبَّاءُ يَخْتلفون إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ الأَمْرُ، أَخذَ العَسَلَ وَالشُّونِيْز1، فَزَادَتْ حُمَّاهُ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَرْتَعِدُ وَيَقُوْلُ: بأَبِي أَنْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا كَانَ أَقلَّ بَصَرَكَ بِالطِّبِّ!
قُلْتُ: هَذَا مُزَاحٌ لاَ يَجُوْزُ مَعَ سَيِّدِ الخَلْقِ، بَلْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمَ النَّاسِ بِالطِّبِّ النَّبوِيّ، الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي قَصَدَهُ، فَإِنَّهُ قَاله بِوَحْيٍ: "فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً، إلَّا وَأَنْزَلَ لَهُ دوَاءً" 2، فَعَلَّمَ رَسُولَهُ مَا أَخْبَرَ الأُمَّة بِهِ، وَلَعَلَّ صَالِحاً قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةُ مِنَ الهُجْرِ3 فِي حَالِ غَلَبَة الرِّعْدَةِ، فَمَا وَعَى مَا يَقُوْلُ، أَوْ لَعَلَّهُ تَاب مِنْهَا، وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ عبَّادَ بنَ يَعْقُوْبَ يَقُوْلُ: اللهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُدْخِلَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْر الجَنَّةَ. قُلْتُ: وَيْلَكَ! وَلِمَ? قَالَ: لأَنَّهُمَا قَاتَلاَ عَلِيّاً بَعْدَ أَنْ بَايعَاهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ وَقَفَ خَلْفَ الشَّيْخِ أَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيّ، وَهُوَ يُحَدِّث عَنْ بَرَكَةَ الحَلَبِيِّ بِتِلْكَ الأَحَادِيْثِ، فَقَالَ: يا أبا الحسين! ليس ذا بركة، ذا نقمة.
قُلْتُ: كَانَ بركَةُ يُتَّهَمُ بِالكَذِبِ.
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ بِالبَصْرَةِ أَبُو مُوْسَى الزَّمِنُ، فِي عَقْلِهِ شَيْءٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ -أَعنِي: ابْنَ عَبدِ الحمِيدِ- حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ -يَعْنِي: السِّخْتِيَانِيَّ- فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ، فَسَأَلَهُ عن حديث، فقال: حدثنا
__________
1 الشونيز: هي الحبة السوداء في لغة أهل فارس، وتسميها العامة في مصر [حبة البركة] .
2 صحيح: أخرجه البخاري "5678"، وابن ماجه "3439" من حديث أبي هريرة، به.
وأخرجه ابن ماجه "3438" من حديث عبد الله بن مسعود، به.
وورد من حديث أسامة بن شريك: عند أحمد "4/ 278"، وأبي داود "3855"، والترمذي "2038" وابن ماجه "3436".
3 الهجر: هو التخليط في الكلام والهذيان.(11/20)
حَجَّاجٌ. فَقُلْتُ: يَعْنِي ابْنَ مِنهَالٍ. فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَيُّ شَيْءٍ تُعَذِّبُ المِسْكِيْنَ? وَقَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِس أَبِي عليٍّ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المَجْلِسِ: يَا شَيْخُ! مَا اسْمُكَ? قَالَ: وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ. فَكَتَبَ الرَّجُل: حَدَّثَنَا وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ إِسْحَاقَ: كُنْتُ عِنْد صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الرُّستَاقِ1، فَأَخَذَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الشُّيُوْخِ، وَيَكْتُبُ جَوَابَهُ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيّ? فَقَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. فَكَتَبَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَلُمْتُهُ. فَقَالَ لِي: مَا أَعْجَبَكَ! مَنْ يَسْأَلُ عَنْ مِثْلِ سُفْيَانَ لاَ تبالِ حَكَى عَنْكَ أَوْ لَمْ يحكِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ: كُنْتُ مَعَ صَالِحِ بن مُحَمَّدٍ جَالِساً عَلَى بَاب دَارِهِ إِذْ أَقبلَ ابْنُهُ، عَنْ يمِينه رَجُلٌ أَقْصَرُ مِنْهُ، وَعَنْ يَسَارِهِ صَبِيٌّ، فَقَالَ لِي صَالِح: يَا أَبَا نصر! تبت?.
وَيُقَالُ: كَانَ وَلدُ صَالِحٍ مُغَفَّلاً، فَقَالَ صَالِحٌ: سَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً فَرَزَقَنِي جَمَلاً.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فِي "تَارِيْخِهِ": صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو عَلِيٍّ، أَحَدُ أَركَانِ الحِفْظِ، سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيّ. قُلْتُ: هَذَا سَعْدَويْه، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لَهُ، ثُمَّ سَمَّى لَهُ الحَاكِمُ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ وَجَمَاعَةً، وَقَالَ: فَهَؤُلاَءِ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِيْنَ، وَرِحْلَتُهُ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا، كَتَبَ مِنْ مِصْرَ إِلَى سَمَرْقَنْد.
وَرَدَ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَاسْتَوطَنَهَا مُدَّةً، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الذُّهْلِيُّ كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ أَحَادِيْثَ يَسْمَعُهَا مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن قهزاذ، فرحل إليه، ذكروا لَهُ بِمَرْوَ أَحَادِيْثَ عَنْ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ أَفرَاد، فَخَرَجَ إِلَيْهِ. قَالَ: فَثَبَّطَهُ الأَمِيْرُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بِبُخَارَى، وَأَقبلَ عَلَيْهِ، فتَأَهَّلَ وَوُلِدَ لَهُ. وَمَاتَ: بِهَا فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ العَبَّاسِ الضَّبِّيّ، سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عليٍّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مِصْرَ فَإِذَا حَلقَةٌ ضَخْمَةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا? قَالُوا: صَاحِبُ نَحْوٍ. فَقَرُبْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كَانَ بصَادٍ، جَاز بِالسِّينِ. فَدَخَلْتُ بَيْنَ النَّاسِ وَقُلْتُ: صَلاَمٌ عَلِيْكُمْ يَا أَبَا سَالِح، سَلَّيْتُم بَعْد? فَقَالَ لِي: يَا رَقِيْع! أَيُّ كَلاَمٍ هَذَا? قُلْتُ: هَذَا مِنْ قَوْلِكَ الآنَ قَالَ: أَظُنُّكَ مِنْ عَيَّارِي بَغْدَادَ. قُلْتُ: هُوَ مَا تَرَى.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عِصْمَةَ بنَ بجمَاك، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ يقول:
__________
1 الرستاق: قال ابن منظور، فارس معرب، والجمع الرساتيق، وهي السواد.(11/21)
حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: حَرَجٌ عَلَى كُلِّ مبتدعٍ وَمَاجِنٍ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسِي.
فَقُلْتُ: أَمَّا المَاجنُ فَأَنَا هُوَ -وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: صَالِحٌ المَاجنُ -قَدْ حضَرَ مَجْلِسَكَ.
ثمَّ إِنَّ الحَاكِمَ مدَّ النَّفَسَ فِي تَرْجَمَةِ صَالِح بِالغَرَائِبِ وَالسُّؤَالاَتِ، وَحَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ سَمِعُوا مِنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، آخِرُهُم وَفَاةً أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبُخَارَى، وَكَانَتْ وَفَاةُ صَالِحٍ فِي ذِي الحِجَّةِ، لِثمَانٍ بَقِيْنَ مِنْه، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: عُمَرُ بنُ حَفْصِ السَّدُوْسِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسِ بنِ كَامِلٍ، وعَبْدَان بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ بِمَرْوَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَعْيَنَ بِمِصْرَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ المُعَافَى بنِ سُلَيْمَانَ، تُوُفِّيَ بِالثَّغْرِ، وَدَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ عَبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ الحَلِيمِ بنِ عِمْرَانَ، الفَقِيْهِ سَحْنُوْن بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ الصَّفرَاوِيّ، سنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيّ، أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو المَحَاسِنِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الرُّويَانِيّ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْس مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عبدُ الصَّمَدِ بنُ أَبِي نَصْرٍ العَاصِمِيّ بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ أَبُو الحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المثنى، عن عمه ثمامة ابن أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ أَعَادَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، لِتُفْهَمَ عَنْهُ". أَخْرَجَهُ البخاري1.
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيورِيّ، سَمِعْتُ الصوري، سمعت أبا بكر ابن نُوْحٍ، سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ العَسَّالَ، سَمِعْتُ صَالِحاً جَزَرَةَ يَقُوْلُ: يحتَاجُ المُحَدِّث أَنْ يَكْتُبَ مائَة أَلْفٍ وَمائَة أَلْف -فَلَمْ يَزَلْ يَقُوْلُ: وَمائَةَ أَلْفٍ وَيرْفَعُ رَأَسَهُ إِلَى فَوْقَ، حَتَّى كَادَتْ قَلَنْسَوَتُهُ أَنْ تَسْقُطَ- حَدِيْثٍ بِعُلُوّ، وَمائَةَ أَلْفٍ وَمائَةَ أَلْف -وَجَعَلَ يخفِضُ رَأْسَهُ حَتَّى عَادَتِ القَلَنْسُوَة- حَدِيْثٍ بِنُزوْلٍ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ صَاحِبُ حديث.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "94"، والترمذي "2723"، والحاكم "4/ 273".(11/22)
2532- محمد بن نصر 1:
ابن الحجاج المروزي الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ.
مَوْلِدُهُ بِبَغْدَادَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَمائَتَيْنِ، وَمَنْشَؤُهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمَسْكَنُهُ سَمَرْقَنْدُ. كَانَ أَبُوْهُ مَرْوَزِيّاً، وَلَمْ يُرْفَعْ لَنَا فِي نَسَبِهِ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: إِمَامُ عَصْرِهِ بِلاَ مُدَافعَةٍ فِي الحَدِيْثِ.
سَمِعَ بِخُرَاسَانَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ، وَأَبِي خَالِدِ يَزِيْدَ بنِ صَالِحٍ، وَعُمَرَ بنِ زُرَارَةَ، وَصَدَقَةَ بنِ الفَضْلِ المَرْوَزِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وعلي بن حجر. وبالري: محمد ابن مهران الحمال، ومحمد بن مقاتل وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَطَائِفَةٍ. وَبِبَغْدَادَ: مُحَمَّدَ بنَ بكار ابن الرَّيَّانِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ القَوَارِيْرِيّ، وَالطَّبَقَة. وَبِالبَصْرَة: شَيْبَانَ بنَ فَرُّوخٍ، وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ، وَعبدَ الواحدِ بنَ غِيَاثٍ، وَعِدَّةً. وَبَالكُوْفَةِ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَهَنَّاد، وَابنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَائِفَةً. وَبَالمَدِيْنَةِ: أَبَا مُصْعَبٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَطَائِفَةً. وَبَالشَّامِ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً.
قُلْتُ: وَبِمِصْرَ مِنْ: يُوْنُسَ الصَّدَفيِّ، وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، وَأَبِي إِسْمَاعِيْلَ المُزَنِيّ، وَأَخَذَ عَنْهُ كُتُبَ الشَّافِعِيّ ضَبْطاً وَتفَقُّهاً. وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَبَرَعَ فِي عُلُومِ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ إِمَاماً مُجْتَهِداً عَلاَّمَةً، مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونَ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنْ: عَبْدَانَ بنِ عُثْمَانَ. ثُمَّ سمَّى جَمَاعَةً، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام.
قُلْتُ: يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ أَعْلَم الأَئِمَّةِ بِاخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ عَلَى الإِطلاَقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّر، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ محمد الفقيه، وولده إسماعيل ابن مُحَمَّدِ بنِ نصرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّة: لَوْ لَمْ يُصَنِّفِ ابْنُ نَصْرٍ إلَّا كتاب: "القسامة" لكان من أفقه الناس.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 315"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 63"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 674" والعبر "2/ 99"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 111"، وتهذيب التهذيب "9/ 489"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 216".(11/23)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَقِيْلَ له: ألا تنظر إلى تمكن أبي عليٍّ الثَّقَفِيِّ فِي عَقْلِهِ؟ فَقَالَ: ذَاكَ عَقْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ. قِيْلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ مَالِكاً كَانَ مِنْ أَعْقَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَكَانَ يُقَالُ: صَارَ إِلَيْهِ عَقْلُ الَّذِيْنَ جَالسَهُم مِنَ التَّابِعِيْنَ، فجَالَسَهُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيّ، فَأَخَذَ مِنْ عَقْلِهِ وَسَمْتِهِ، ثُمَّ جالس يحيى بن يحيى محمد ابن نَصْرٍ سِنِيْنَ، حَتَّى أَخذَ مِنْ سَمْتِهِ وَعَقْله، فَلَمْ يُرَ بَعْدَ يَحْيَى مِنْ فُقَهَاءِ خُرَاسَانَ أَعْقَلُ مِنِ ابْنِ نَصْرٍ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيّ جَالسَهُ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ أَعْقَلُ مِنْ أَبِي عليٍّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ يَقُوْلُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ بِمِصْرَ إِمَاماً، فَكَيْفَ بِخُرَاسَانَ?
وَقَالَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ الصَّدْرُ الأَوَّلُ مَنْ مَشَايِخنَا يَقُوْلُوْنَ: رِجَالُ خُرَاسَانَ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ رَاهْوَيْه، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ.
وَمن كَلاَمِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ المَعَاصِي بَعْضُهَا كُفْراً وَبِعْضُهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ، فَرَّقَ تَعَالَى بَيْنَهَا، فَجَعَلَهَا ثَلاَثَةَ أَنْوَاعٍ: فَنَوْعٌ مِنْهَا كُفْرٌ، وَنوْعٌ مِنْهَا فُسُوقٌ، وَنوعٌ مِنْهَا عِصْيَانٌ، لَيْسَ بِكُفْرٍ وَلاَ فُسُوقٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ كرَّهَهَا كُلّهَا إِلَى المُؤْمِنِيْنَ. وَلَمَّا كَانَتِ الطَّاعَاتُ كُلّهَا دَاخلَةٌ فِي الإِيْمَانِ، وَلَيْسَ فِيْهَا شَيْءٌ خَارجٌ عَنْهُ، لَمْ يُفَرِّق بَيْنَهَا، فَمَا، قَالَ: حَبَّبَ إِلَيْكُم الإِيْمَانَ وَالفَرَائِضَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ، بَلْ أَجْمَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَان} [الحجرَات: 7] فَدَخَلَ فِيْهِ جَمِيْعُ الطَّاعَاتِ، لأَنَّهُ قَدْ حَبَّبَ إِلَيْهِم الصَّلاَةَ وَالزَّكَاةَ، وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ حُبَّ تَدَيُّنٍ، وَيكْرَهُونَ المَعَاصِي كرَاهيَةَ تَدَيُّنٍ، وَمِنْهُ قَولُهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: $"مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وساءته سيئته فهو مؤمن"1.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: انْصَرَفَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ مِنَ الرِّحلَةِ الثَّانِيَةِ سَنَةَ ستين ومائيتن، فَاسْتَوْطَنَ نَيْسَابُوْرَ، فَلَمْ تَزَلْ تِجَارَتُهُ بِنَيْسَابُوْرَ، أَقَامَ مع شريك له مضارب، وهو
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 18" والترمذي "2165"، والحاكم "1/ 114" من طرق عن محمد بن سوقه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر، عن أبيه، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأخرجه الحاكم "1/ 114-115" من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن عمر، به، وأخرجه الحميدي "32" من طريق سليمان بن يسار، عن أبيه، عن عمر، به.
وأخرجه الطيالسي "ص7"، وأحمد "1/ 26" من طريق جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ سمرة، به.(11/24)
يَشْتَغِلُ بِالعِلْمِ وَالعِبَادَةِ، ثُمَّ خَرَجَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَأَقَامَ بِهَا وَشريكُهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ وَقتَ مُقَامِهِ بِنَيْسَابُوْرَ هُوَ المُقَدّم وَالمُفْتِي بَعْدَ وَفَاةِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، فَإِنَّ حَيْكَانَ -يَعْنِي: يَحْيَى وَلدُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى- وَمَنْ بَعْدَهُ أَقَرُّوا لَهُ بِالفَضْلِ، وَالتَّقَدُّمِ.
قَالَ ابْنُ الأَخْرَمِ الحَافِظُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى غَيْرَ مَرَّةٍ، إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ يَقُوْلُ: سَلُوا أَبَا عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيّ: أَدْرَكْتُ إِمَامَيْن لَمْ أُرْزَق السَّمَاعَ مِنْهُمَا: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، فَأَمَّا ابْنُ نَصْرٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْهُ، لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ زُنْبُوراً قَعَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ، فسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجهِهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ كَانَ الذُّبَابُ يقعُ عَلَى أُذُنِهِ، فَيَسِيْلُ الدَّمُ، وَلاَ يَذُبُّهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَقَدْ كُنَّا نَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِ صَلاَتِهِ وخشوعه وهيئته للصلاة، كان يضع ذقنه عَلَى صَدْرِهِ، فَيَنْتَصِبُ كَأَنَّهُ خشبَةٌ مَنْصوبَةٌ. قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خَلقاً، كَأَنّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَانِ وَعَلَى خَدَّيْهِ كَالوَرْدِ، وَلحيتُهُ بَيْضَاءَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ: وَالِي خُرَاسَانَ -يَصِلُ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ فِي العَامِ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَيصِلُهُ أَخُوْهُ إِسْحَاقُ بِمِثْلِهَا، وَيصِلُهُ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ بِمِثْلِهَا، فَكَانَ يُنْفِقُهاً مِنَ السّنَةِ إِلَى السّنَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ عِيَالٌ، فَقِيْلَ لَهُ: لَوِ ادَّخَرْتَ لنَائِبَةٍ? فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! أَنَا بَقِيْتُ بِمِصْرَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، قُوتِي وثيَابِي وَكَاغَدِي وَحِبرِي وَجَمِيْعُ مَا أُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِي فِي السّنَةِ عِشْرُوْنَ دِرْهَماً، فَتَرَى إِنْ ذَهَبَ ذَا لاَ يَبْقَى ذَاكَ!
قَالَ الحَافِظُ السُّلَيْمَانِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ إِمَامُ الأَئِمَّةِ الموفَّقُ مِنَ السَّمَاءِ، سَكَنَ سَمَرْقَنْدَ، سَمِعَ: يَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَعَبْدَان، وَعَبْد اللهِ المُسْنَدِيّ، وَإِسْحَاقَ، وَلَهُ كِتَابُ: "تعَظِيْم قدر الصَّلاَة"، وَكِتَابُ: "رَفْع اليَدِين"، وَغيرهُمَا مِنَ الكُتُبِ المُعْجِزَةِ. كَذَا قَالَ السُّلَيمَانِي، وَلاَ مُعْجِزَ إلَّا القُرْآنَ. ثُمَّ قَالَ: مَاتَ هُوَ وَصَالِح جَزَرَة فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَنْبَأَنِي أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ وَجَمَاعَةٌ سَمِعُوا أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيَّوَيه، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ جَعْفَرٍ اللَّبَّانُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ، وَمعِي جَارِيَةٌ فَرَكبتُ البَحْرَ أُريدُ مَكَّةَ، فغرقت، فذهب مني ألفا جُزْءٍ وَصِرْتُ إِلَى جَزِيْرَةٍ أَنَا وَجَارِيَتِي، فَمَا رَأَينَا فِيْهَا أَحَداً، وَأَخَذَنِي(11/25)
العَطَشُ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى المَاءِ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى فَخِذِ جَارِيتِي مُسْتَسْلِماً لِلمَوْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ جَاءنِي وَمَعَهُ كُوزٌ، فَقَالَ لِي: هَاهُ. فَشَرِبْتُ وَسقَيْتُهَا، ثُمَّ مَضَى، فَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ؟ وَلاَ مِنْ أَيْنَ رَاحَ؟
وفِي "الطَّبَقَاتِ" لأَبِي إِسْحَاقَ: وُلِدَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ بِبَغْدَادَ، وَنَشَأَ بِنَيْسَابُوْرَ، وَاسْتوطَنَ سَمَرْقَنْدَ.
رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِي حُسْنُ رَأْيٍ فِي الشَّافِعِيِّ، فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَغْفَيْتُ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَكْتُبُ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ؟ فَطَأَطَأَ رَأَسَهُ شِبْهَ الغَضْبَانِ وَقَالَ: "تَقُوْلُ رَأْي؟ لَيْسَ هُوَ بِالرَّأْي، هُوَ ردٌّ عَلَى مَنْ خَالَفَ سُنَّتِي". فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِ هَذِهِ الرُّؤيَا إِلَى مِصْرَ، فَكَتَبْتُ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَصَنَّفَ ابْنُ نَصْرٍ كُتُباً، ضَمَّنَهَا الآثَارَ وَالفِقْهَ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الأَحْكَامِ، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِيمَا خَالَفَ أَبُو حَنِيْفَةَ عَلِيّاً وَابنَ مَسْعُوْدٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيّ: لَوْ لَمْ يُصَنِّف إلَّا كِتَاب: "القسَامَة" لكَانَ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ، كَيْفَ وَقَدْ صَنَّفَ سِوَاهُ?!
قَالَ الوَزِيْرُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ البَلْعَمِيّ: سَمِعْتُ الأَمِيْرَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِسَمَرْقَنْدَ، فجلَسْتُ يومًا للمظالم، وجلس أَخِي إِسْحَاقُ إِلَى جَنْبِي، إِذْ دَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ، فَقُمْتُ لَهُ إِجلاَلاً لِلْعِلمِ، فَلَمَّا خَرَجَ عَاتَبَنِي أَخِي وَقَالَ: أَنْتَ وَالِي خُرَاسَانَ تَقُوْمُ لِرَجُلٍ مِنَ الرَّعيَّةِ؟ هَذَا ذهَابُ السِّيَاسَةِ. قَالَ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَنَا مُتَقَسِّمُ القَلْبِ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ كَأَنِّيْ وَاقِفٌ مَعَ أَخِي إِسْحَاقَ إِذْ أَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَ بِعَضُدِي، فَقَالَ لِي: ثَبُتَ مِلْكُكَ وَملْكُ بَنِيْكَ بِإِجلاَلِكَ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ. ثُمَّ التَفَتَ إِلَى إِسْحَاقَ، فَقَالَ: ذَهَبَ مُلْكُ إِسْحَاقَ، وَمُلْكُ بَنِيْهِ بِاسْتِخْفَافِهِ بِمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ.
قُلْتُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ زَوْجَ أُخْتِ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ القَاضِي، وَاسمُهَا خَنَّةُ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ نُوْنٌ، مَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ قلاَئِلَ مِنْ مَوْتِ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَزَرَةَ، وَذَلِكَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ فِي مَسْأَلَةِ الإِيْمَان: صَرَّحَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ فِي كِتَاب "الإِيْمَان" بِأَنَّ الإِيْمَانَ مَخْلُوْقٌ، وَأَنَّ الإِقْرَارَ، وَالشَّهَادَةَ، وَقرَاءةَ القُرْآنِ بِلَفْظِهِ مَخْلُوْقٌ. ثُمَّ قَالَ: وَهَجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاءُ وَقتِهِ، وَخَالفَهُ أَئِمَّةُ خراسان والعراق.(11/26)
قُلْتُ: الخَوْضُ فِي ذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ أَنْ يُقَالُ: الإِيْمَانُ، وَالإِقْرَارُ، وَالقِرَاءةُ، وَالتَّلَفُّظُ بِالقُرْآنِ غَيْرَ مَخْلُوْقٍ، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ العبَادَ وَأَعمَالَهُمُ، وَالإِيْمَانُ: فَقَوْلٌ وَعمَلٌ، وَالقِرَاءةُ وَالتَّلَفُّظُ: مِنْ كَسْبِ القَارِئِ، وَالمَقْرُوءُ المَلْفُوظُ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ وَوَحْيُهُ وَتَنْزِيلُهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَكَذَلِكَ كَلِمَةُ الإِيْمَانِ، وَهِيَ قَوْلُ "لاَ إِلَهَ إلَّا الله، مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ" دَاخلَةٌ فِي القُرْآنِ، وَمَا كَانَ مِنَ القُرْآنِ فلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ، وَالتَّكَلُّمُ بها مِنْ فِعْلنَا، وَأَفعَالُنَا مَخْلُوْقَةٌ، وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً لَهُ، قُمْنَا عَلَيْهِ، وَبدَّعْنَاهُ، وَهَجَرْنَاهُ، لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابْنَ نَصْرٍ، وَلاَ ابْنَ مَنْدَةَ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى وَالفظَاظَةِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ فِي بَعْضِ توَالِيفِهِ: أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَجْمَعهُم للسُّنَنِ، وَأَضْبَطهُم لَهَا، وَأَذْكَرهُمُ لِمَعَانِيهَا، وَأَدرَاهُمُ بِصِحَّتِهَا، وَبِمَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ مِمَّا اخْتَلفُوا فِيْهِ.
قَالَ: وَمَا نَعْلَمُ هَذِهِ الصِّفَةَ -بَعْد الصَّحَابَةِ- أَتمَّ مِنْهَا فِي مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، فَلَو قَالَ قَائِل: لَيْسَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيْثٌ وَلاَ لأَصْحَابِهِ إلَّا وَهُوَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ لَمَا أَبْعَدَ عَنِ الصِّدْقِ.
قُلْتُ: هَذِهِ السَّعَةُ وَالإِحَاطَةُ مَا ادَّعَاهَا ابْنُ حَزْمٍ لابْنِ نَصْرٍ إلَّا بَعْدَ إِمعَانِ النَّظَرِ فِي جَمَاعَةِ تَصَانِيْفَ لابْنِ نَصْرٍ، وَيمْكِن ادِّعَاءُ ذَلِكَ لِمِثْلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَنُظَرَائِهِ، والله أعلم.(11/27)
2533- النَّاشِي 1:
الكبير، العَلاَّمَةُ، أَبُو العَبَّاسِ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شرشير الأنباري، الملقب: بالناشي.
مِنْ كِبَارِ المتكلِّمِيْنَ، وَأَعيَانِ الشُّعَرَاءِ، وَرُؤُوْسِ المَنْطِقِ.
لَهُ التَّصَانِيْفُ.
وَكَانَ قَوِيَّ العَرَبِيَّةِ وَالعَرُوْضِ، أَدْخَلَ عَلَى قَوَاعدِ الخَلِيْلِ شُبَهاً، وَمَثَّلَهَا بِغَيرِ أَمْثِلَةِ الخَلِيْلِ، وَصَنَّفَ فِي المَنْطِقِ، وَلَهُ قَصِيْدَةٌ فِي عِدَّةِ فنُوْنٍ، نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ بَيْتٍ. وَكَانَ مِنْ أَذكيَاءِ العَالَمِ.
سَكَنَ مِصْرَ، وَبِهَا مَاتَ في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد: "10/ 92-93"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 57-58"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 345"، والعبر "2/ 95"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 158"، وشذرات الذهب لابن العماد "2 / 214".(11/27)
2534- مطين 1:
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سليمان الحضرمي، المُلَقَّبُ: بِمُطَيَّنٍ.
رَأَى: أَبَا نُعَيْمٍ المُلاَئِيّ، وَسَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ، وَيَحْيَى بنَ بِشْرٍ الحريرِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو الأَشْعَثِيّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَبنِي أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيَّ بنَ حَكِيْمٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَابْنُ عُقْدَةَ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ، وَعَلِيُّ بنُ حَسَّان الجَدِيلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَارِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَارِمٍ: كَتَبْتُ بِأُصْبُعِي عَنْ مُطَيَّنٍ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
وَسُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ: ثِقَةٌ جَبَلٌ.
قُلْتُ: صَنّفَ "المُسْنَد" وَ"التَّارِيْخ" وَكَانَ مُتْقِناً. وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَتكلَّمَ هُوَ فِي ابْنِ عُثْمَانَ، فَلاَ يُعْتَدُّ غَالباً بكَلاَمِ الأَقرَانِ، لاَ سيَّمَا إِذَا كَانَ بينهُمَا منَافسَةٌ، فَقَدْ عَدَّدَ ابْنُ عُثْمَانَ لمُطَيَّن نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْهَامٍ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَمُطَيَّن أَوْثَقُ الرَّجُلَينِ، وَيَكْفِيهِ تَزْكِيَةُ مِثْلِ الدَّارَقُطْنِيِّ لَهُ.
عَاشَ خَمْساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: ثِقَةٌ حَافِظٌ. سَمِعْتُ جَمَاعَةً سَمِعُوا جَعْفَراً الخُلْدِيّ: قُلْتُ لمُطَيَّن: لِمَ لُقِّبْتَ بِهَذَا? قَالَ: كُنْتُ صَبِيّاً أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، وَكُنْتُ أَطوَلَهُم، فَنَسْبَحُ وَنَخُوضُ، فَيُطَيِّنُوْنَ ظَهْرِي، فَبَصُرَ بِي يَوْماً أَبُو نُعَيْمٍ فَقَالَ لِي: يَا مُطَيَّنُ! لَمْ لاَ تَحْضُر مَجْلِسَ العِلْمِ? فَلَمَّا طَلَبْتُ الحَدِيْثَ مَاتَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَكَتَبْتُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مائَةِ شَيْخٍ.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سبع وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 682"، والعبر "2/ 108"، وميزان الاعتدال "3/ 607"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 345"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 171" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 226".(11/28)
2535- عبد الله بن المعتز بالله 1:
محمد ابْنِ المُتَوَكِّلِ، جَعْفَرِ، ابنِ المُعْتَصِمِ مُحَمَّدِ ابنِ الرشيد هارُوْنَ ابنِ المَهْدِيِّ، الأَمِيْرُ أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الأَدِيْبُ، صَاحِبُ النَّظْمِ الرَّائِقِ.
تَأَدَّبَ بِالمُبَرِّدِ وَثَعْلَبَ، وَرَوَى عَنْ مُؤَدِّبِهِ، أَحْمَدَ بن سَعِيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: مُؤَدِّبُهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الصُّوْلِيُّ وَغيرهُمَا.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَفِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، أَنِفَتِ الكِبَارُ مِنْ خِلاَفَةِ المُقْتَدِرِ، وَهُوَ حَدَثٌ، فَهَاجُوا وَتوَثَّبُوا عَلَى المُقْتَدِرِ، وَقَتَلُوا وَزِيْرَهُ، وَنَصَّبُوا ابْنَ المعتزِّ فِي الخِلاَفَةِ، فَقَالَ: عَلَى شَرْطِ أَنْ لاَ يُقْتَلَ بِسَبَبِي رَجُلٌ مُسْلِمٌ. وَكَانَ حَوْلَ المُقْتَدِرِ خَوَاصُّهُ، فَلَبِسُوا السِّلاَحَ، وَحملُوا عَلَى أُولئِكَ، فَتَفَرَّقَ عَنِ ابْنِ المُعْتَزِّ جَمْعُهُ، وَخَافَ، فَاخْتَفَى، ثُمَّ قُبِضَ عَلَيْهِ، وَقُتِلَ سِرّاً فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةِ سِتٍّ، سَلَّمُوهُ إِلَى مُؤنِسٍ الخَادِمِ، فَخَنَقَهُ، وَلفَّهُ فِي بِسَاطٍ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ.
وَكَانَ شَدِيْدَ السُّمرَةِ، مَسنُوْنَ الوَجْهِ، يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
ورثَاهُ عَلِيُّ بنُ بسَّامٍ:
للهِ دَرُّكَ مِنْ مَلْكٍ بِمَضْيَعَةِ ... نَاهِيْكَ فِي العَقْلِ وَالآدَابِ وَالحَسَبِ
مَا فِيْهِ لَوْلاَ وَلاَ لَيْتٌ فَتُنْقِصُهُ ... وَإِنَّمَا أَدْرَكَتْهُ حِرْفَةُ الأَدَبِ
وَلهُ نَثْرٌ بَدِيْعٌ مِنْهُ:
مَنْ تَجَاوَزَ الكَفَافَ لَمْ يُغْنِهِ الإِكثَارُ.
كُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ المُنَافَسِ، عَظُمَت الفَجِيْعَةُ بِهِ.
رُبَّمَا أَوْرَدَ الطَّمَعُ وَلَمْ يُصْدِرْ.
مَنِ ارْتَحَلَهُ الحِرْصُ، أَنضَاهُ الطَّلَبُ.
الحَظُّ يَأْتِي مَنْ لاَ يَأْتِيْهِ.
أَشْقَى النَّاسِ أَقْرَبَهُم مِنَ السُّلْطَانِ، كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ الأَشيَاءِ مِنَ النَّارِ أَسْرَعُهَا احْتِرَاقاً.
مَنْ شَارَكَ السُّلْطَانَ فِي عزِّ الدُّنْيَا، شَارَكَهُ في ذل الآخرة.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "2/ 501"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "10/ 286"، وتاريخ بغداد "10/ 95"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 84"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 341" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 165"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 221".(11/29)
2536- إدريس بن عبد الكريم 1:
الحداد، مُقْرِئ العِرَاقِ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيّ.
قرأَ عَلَى خَلَفٍ البَزَّارِ وَغَيْرِهِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَمُصْعبَ الزُّبَيْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم. وَتَصَدَّرَ للإِقرَاءِ، وَرُحِلَ إِلَيْهِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ بُويَانِ، وَأَحْمَدُ بنُ حَمْدَانِ، وَالحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ المُطَّوِّعِيّ، وَغَيْرهُمُ.
وَرَوَى عَنْهُ: النَّجَّادُ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مُجَاهِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وآخرون.
سُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ وَفوق الثِّقَةِ بِدَرَجَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي: كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ لِثِقَتِهِ وَصلاَحِهِ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ عِيْدِ الأَضْحَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِدْرِيْسُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المُقْرِئ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنْ عَاصِمِ بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "إِنَّ اللهَ اصْطَفَى إِبْرَاهِيْمَ بِالخُلَّةِ، وَاصْطَفَى مُوْسَى بِالكَلاَمِ، وَاصْطَفَى مُحَمَّداً -صَلَّى الله عليه وعليهما- بالرؤية".
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 14"، والعبر "2/ 93"، وشذرات الذهب "2/ 210".(11/30)
2537- يحيى بن عبد الباقي 1:
ابن يحيى، المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، أَبُو القَاسِمِ الأذَنِي.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَلُويْنٍ، وَالمُسَيَّبِ بنِ وَاضِحٍ، وَمُؤَمَّلِ بنِ إِهَابٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ وَزِيْرٍ، وَأَبِي عُمَيْرِ بنِ النحاس، وطبقتهم.
وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ عَدِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَابْنُ صَاعِدِ، وَابنُ المُنَادِي، وَابنُ قَانِعٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَابنُ السَّمَّاكِ، وَآخَرُوْنَ. وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ.
وَقَالَ ابْنُ المُنَادِي: جَاءَ نَبَأُ وَفَاتِهِ مِنْ أَذَنَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ فأكثروا، لثقته وضبطه.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 227".(11/31)
النوشري وجعفر بن محمد بن الحسين:
2538- النوشري:
نَائِبُ المُكْتَفِي عَلَى مِصْرَ، الأَمِيْرُ، أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ.
وَلِيهَا خَمْسَ سِنِيْنَ، وَحَارَبَ مُحَمَّدَ بنَ الخَلِيْجِ، وَتَمَكَّنَ، وَضَبَطَ الإِقلِيمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ خَمْس سِنِيْنَ.
2539- جَعْفَرُ بنُ محمد بن الحسين:
ابن عبيد الله بن مُحَمَّدِ بنِ طُغَانَ، الإِمَامُ، الثَّبْتُ، المُجَوِّدُ، أَبُو الفضل النيسابوري، المشهور: بالترك.
قَالَ الحَاكِمُ: شَيْخُ عَشِيرَتِهِ فِي عَصْرِهِ، مِنَ الثقات الأثبات، ومن كبار أصحاب: يحيى ابن يَحْيَى، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَأَبِي عَمَّارٍ المَرْوَزِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ المُسْتَمْلِي، وَأَقرَانِهِم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، وَالمُؤَمَّلُ بنُ الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بن الشرقي، وأبو الفضل ابن إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْهُ.
وسَمِعَهُ أَبُو الوَلِيْدِ يَقُوْلُ: كَانَ إِسْحَاقُ الحَنْظَلِيُّ يَرفَعُنِي عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوْخِ فِي مَجْلِسِهِ، وَيَقُوْلُ: جَدُّهُم أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ السُّنَةَ بِخُرَاسَانَ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: إِذَا وَجَدْتُ الحَدِيْثَ عِنْدِي عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ لِيَحْيَى بنِ يَحْيَى، لَمْ أُبَالِ أَنْ لاَ أُخَرِّجَهُ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ يَحْيَى بنَ يَحْيَى كَانَ يَزُوْرُ كُلَّ جُمُعَةٍ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلاَةِ بَيْتَ الحُسَيْنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، فَيُقَدِّمُوْنَ إليه أولادهم، فيدعوا لهم.(11/31)
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ جَعْفَرٌ التُّرْكُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الأَحَدِ، ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يغتسلُ مِنْ إناءٍ واحدٍ -وَهُوَ الفَرَقُ- مِنَ الجَنَابَةِ".
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيِّ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ صَبَّاحٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ غَدِيْرٍ الفَرَضِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلْعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أخبرنا أبو الحسن محمد ابن عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ التُّرْكُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة: أن النبي -صلى الله عليه سلم- قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيْثِ ... " 1، الحديث.
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه مالك "2/ 907-908"، ومن طريقه أخرجه أحمد "2/ 465 و517"، والبخاري "6066"، ومسلم "2563" "28"، وأبو داود "4917"، والبيهقي "6/ 85" و"8/ 333" و"10/ 231"، والبغوي "3533" عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.(11/32)
2540- المروزي 1:
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: عَاصِمَ بنَ عَلِيٍّ، وَأَبَا عُبَيْدٍ القَاسِمَ بنَ سَلاَّمٍ، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَخَلَفَ بنَ هِشَامٍ، وَبِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْ عَاصِمٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَمَخْلَدٌ البَاقَرْحِيُّ، والطبراني، وابن عبيد العسكري، وأبو بكر الإسماعيلي، وآخرون.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سنة ثمان وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 422"، والعبر "2/ 112"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 231".(11/32)
ابن أبي سويد وحامد بن سهل:
2541- ابن أبي سويد 1:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ المُعَمَّرُ، أَبُو عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ عثمان بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُويْدٍ البَصْرِيُّ، الذَّرَّاعُ.
حَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ بنِ الهَيْثَمِ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ سَلاَمٍ العَطَّارِ، وَمُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَبَكَّارٍ السِّيْرِيْنِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ: أُصِيْبَ بِكُتُبِهِ، فَكَانَ يُشَبَّهُ عَلَيْهِ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ يَتَعَمَّدُ الكَذِبَ.
وَكَانَ لاَ يُنْكَرُ لَهُ لُقِيُّ هَؤُلاَءِ الشُّيُوْخِ، إلَّا أَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ الثِّقَاتِ بِمَا لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ. وَكَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ نُسْخَةٍ لَهُ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيْثِهِ عَنْ قَوْمٍ رَآهُم وَلَمْ يَرَهُم، وَتُقْلَبُ الأَسَانِيْدُ عَلَيْهِ، فَيُقِرُّ بِهِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا خَلِيْفَةَ يُثنِي عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ سَمِعَ مَعَهُ.
وَسَأَلَ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيَّ، فَقَالَ: ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْلَ ثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بضع وتسعين سنة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي التَّائِبِ، وَبِنْتُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ الجُوْزْدَانِيَّةُ مرتين، وأبو عدنان محمد بن أحمد حضورا، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا سليمان بن أحمد اللخمي، حدثنا محمد ابن عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ: $"التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهِ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ"2. لَمْ يَرْفَعْهُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ إلَّا عُثْمَانُ.
2542- حامد بن سهل:
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ.
ارْتَحَلَ وَسَمِعَ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعِيْسَى بنَ حَمَّادٍ، وَحَرْمَلَةَ، وَقُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: سَهْلُ بنُ السَّرِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي حَامِدٍ، وَخَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ البُخَارِيُّونَ.
أَرَّخَ الخيَّامُ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثمانين.
__________
1 ترجمته في الكامل لابن عدي "6/ ترجمة 1793"، وميزان الاعتدال "3/ 641"، ولسان الميزان "5/ 279".
2 صحيح: أخرجه البخاري "831"، ومسلم "402"، وأبو داود "968".(11/33)
يوسف بن موسي والعباس:
2543- يوسف بن موسى 1:
المرو الروذي.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيِّ بنِ حُجْرٍ، وَيَحْيَى بنِ دُرُسْتَ، وَأَبِي مُصْعَبٍ، وَطَبَقَتِهِم. وَجَمَعَ، فَأَوعَى.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي العَقِبِ، وَابْنُ البَخْتَرِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، وَآخَرُوْنَ. وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ بِمَرْوَ الرُّوذِ، بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنَ الحَجِّ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ ومائتين.
2544- العباس:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو أَحْمَدَ، العَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمَانَ الجَرْجرَائِيُّ -وَقِيْلَ: المَادَرَائِيُّ.
اخْتَصَّ بِالوَزِيْرِ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَغَلَبَ عليه بحسن حركاته وآدابه وَبَلاَغَتِهِ وَخَطِّهِ. فَلَمَّا احْتُضِرَ، أَوْصَى بِهِ المُكْتَفِي، فَاسْتَكْتَبَهُ، وَقَرَّبَهُ، وَأَقْطَعَهُ مَغَلَّ خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: مَوْلِدُهُ لَيْلَةَ قَتْلِ المُتَوَكِّلِ، فَعَمِلَ لَهُ أَبُو مَعْشَرٍ مَوْلِداً، وَقَالَ: مَا أَعْجَبَ هَذَا الوَلَدِ! لَوْ كَانَ هَاشِمِيّاً، لَحَكَمْتُ لَهُ بِالخِلاَفَةِ، لَكِنْ أَحْكُمُ لَهُ بِالوَزَارَةِ. قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ فِي ارْتِقَاءٍ.
وَمَرِضَ المُكْتَفِي، فَأَوْصَى إِلَيْهِ فِي وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ.
وَكَانَ ذَا كَرَمٍ وتحر للحق، كان يصل إليه رقاع الأصحاب الأَخْبَارِ فِي أَصْحَابِهِ، فَيَرْمِيهَا إِلَى أُوْلَئِكَ، وَيَضْحَكُ.
وَعَنِ القَاسِمِ الوَزِيْرِ: أَنَّهُ كَانَ يُعْجَبُ مِنْ سُرْعَةِ قَلَمِ العَبَّاسِ، وَيَقُوْلُ: تَسْبِقُ يَدُهُ لَفْظِي.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 308"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 89".(11/34)
قَالَ الصُّوْلِيُّ: وَأَنَا مَا رَأَيْتُ أَسْرَعَ مِنْ يَدِهِ!
وَقِيْلَ: أَسَرَّ سِرّاً إِلَى حَمَّادِ بنِ إِسْحَاقَ، فَلَمَّا وَلِيَ، قَالَ: أَوْكِ وِعَاءَكَ، وَعَمِّ طَرِيْقَكَ.
فَقَالَ: نَسِيْتُ سِقَائِي فَكَيْفَ أُوْكِيْهِ؟ وَضَلَلْتُ طَرِيقَهُ فَكَيْفَ أُعَمِّيْهِ؟
وَمِنْ شِعْرِهِ:
يَا قَاتِلِي بِالصُّدُودِ مِنْهُ وَلَوْ ... يَشَاءُ بِالوَصْلِ كَانَ يُحْيِيْنِي
وَمَنْ يَرَى مُهْجَتِي تَسِيلُ عَلَى ... تَقْبِيلِ فِيْهِ وَلاَ يُوَاتِيْنِي
وَاحَرَبَى لِلْخِلاَفِ مِنْهُ وَمِن ... خَلاَئِقَ فِيكَ ذَاتِ تَلْوِينِ
طَيْفُكَ فِي هَجْعَتِي يُصَافِيْنِي ... وَأَنْتَ مُسْتَيْقِظاً تُعَادِينِي
قَالَ الصُّوْلِيُّ: اشتَدَّ كِبْرُ العَبَّاسِ وَجَبَرِيَّتُهُ، ثُمَّ مَاتَ المُكْتَفِي، فَأَمَرَّ العَبَّاسُ أَمرَ بَيْعَةِ المُقْتَدِرِ، وَمَلَكَ الأُمُورَ، وَعَلَّمَ النَّاسَ أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيْدُ، فَتَفَرَّغُوا لَهُ، وَأَلحَقُوا بِهِ اللَّوْمَ، وَقَدْ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يَخْتَارَ لِلْخِلاَفَةِ رَجُلاً مَهِيْباً، وَإِنْ أَقَمْتَ مَن لَمْ يَخَفْهُ، لَمْ يَخَفْكَ، وَيَطْلُبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكَ زِيَادَةَ رِزْقٍ، فَإِنْ مَنَعْتَهُ عَادَاكَ. فَكَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، وَفَسَدَ النَّاسُ، وَهُوَ مَعَ هَذَا ثَقِيْلٌ: عَلَى قَلْبِ المُقْتَدِرِ وَأُمِّهِ وَحَاشِيَتِهَا؛ لِمَنْعِهِ لَهُمْ مِنْ أَشْيَاءَ.
وَكَانَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ الأَمِيْرُ يَزْعُمُ أَنَّ العَبَّاسَ دَسَّ مَنْ يُفْسِدُ جَارِيَتَهُ المُغَنِّيَةَ وَيُمَنِّيهَا، وَكَانَ ابْنُ حَمْدَانَ شَغِفاً بِهَا، وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ مُتَوَلِّي دِيْوَانَ الجَيْشِ، وَكَانَ الأُمَرَاءُ يُطِيعُونَهُ، فَشَغَبَهُم عَلَى العَبَّاسِ، وَوَاطَأَ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يُبَايِعَ ابْنَ المُعْتَزِّ، وَأَنَّ اِلمُقْتَدِرَ صَبِيٌّ. وَكَانَ لأَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ مَمْلُوْكٌ قَدْ عَتِبَ عَلَيْهِ، فَقَدَّمَ كِتَاباً إِلَى العَبَّاسِ، يُعْلِمُهُ أَنَّهُ رَاغِبٌ فِي الطَّاعَةِ، فَبَعَثَ يَعِدُهُ بِإِمرَةِ الأُمَرَاءِ -أَعنِي: المَمْلُوْكَ- فَسَارَ يُرِيْدُ الحَضْرَةَ فِي أَلْفَي فَارِسٍ، وَعَلِمَ العَبَّاسُ بِاضْطِرَابِ الأَمْرِ، فَقَالَ لَهُ المَرْزُبَانِيُّ عَلَى رُؤُوْسِ المَلأِ: أَعَزَّ اللهُ الوَزِيْرَ، اسْتَفْسَدْتَ مِثْلَ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ لأَجْلِ مَمْلُوكِهِ بَارِس، وَلأَحْمَدَ أَلفُ غُلاَمٍ مِثْلُ بَارِس?! قَالَ: أَصْطَنِعُهُ، وَأُؤَمِّرُهُ، فَيَعْظُمَ؛ أَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجِيراً لِخَدِيْجَةَ، ثُمَّ كَانَ مِنْهُ مَا رَأَيْتَ. قَالَ الصُّوْلِيُّ: لَوْلاَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ طُوْمَارٍ سَمِعَ هَذَا مِنْهُ، مَا صَدَّقْتُ. فَخَرَجَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ يَقُوْلُ: أَوَجَدْتَنِي حُجَّةً؟ وَاللهِ لأَقْتُلَنَّكَ. فَلَمَّا قَرُبَ بَارِس، خَافَ أَعدَاءُ العَبَّاسِ، فَعَزَمُوا عَلَى قَتْلِهِ فِي المَاءِ، فَرَكِبَ مَعَهُ أَمِيْرٌ فِي طَيَّارٍ1، وَرَكِبَ عِدَّةٌ في طيارات، لِيَقُومُوا لَهُ، فَيَفْتِكُونَ بِهِ، فَبَدَرَ طَيَّارُهُ، فَسَبَقَ، وخفي عليه عزمهم.
__________
1 الطيار: نوع من الزوارق.(11/35)
وَكَانَ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الوَزِيْرُ يُخَوِّفُهُ القَتْلَ، وَخَاطَبَهُ ابْنُ الفُرَاتِ الوَزِيْرُ بِبَعْضِ ذَلِكَ، فَكَانَ يَسْتَهِينُ قَوْلَهُم، وَلاَ يَقْبَلُ نُصْحاً، وَيُدِلُّ بِهَيْبَتِهِ.
وَحَذَّرُوهُ مِنِ ابْنِ حَمْدَانَ، فَقَالَ: مَا أُؤَمِّلُ دَفْعَ مَا أَخَافُ إلَّا بِهِ بَعْدَ اللهِ.
وَحَدَثَ فِيْهِ كِبْرٌ لَمْ يَكُنْ، كَانَ يَرْكَبُ إِلَى بَابِ عَمَّارٍ، وَالقُوَّادُ وَالوُجُوهُ مُشَاةٌ، فَلاَ يَأْمُرُهُم بِرُكُوبٍ! وَذَلِكَ مَسَافَةٌ بَعِيْدَةٌ.
وَحَصَّنَ دَارَهُ، وَزَخْرَفَهَا، وَسَمَّاهَا دَارَ السُّرُورِ، فَلَمَّا كَانَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، رَكِبَ المُقْتِدِرُ، وَرَجَعَ الوَزِيْرُ إِلَى دَارِهِ، فَسَارَ بَعْضُ العَازِمِينَ عَلَى الفَتْكِ بِهِ قُدَّامَهُ وَخَلْفَهُ، فَجَذَبَ ابْنُ حَمْدَانَ سَيْفَهُ، وَضَرَبَ الوَزِيْرَ، فَصَاحَ فَاتِكٌ المُعْتَضِدِيُّ: مَا هَذَا يَا كِلاَبُ؟! فَضَرَبَهُ وصيفُ بْنُ صُوَارتِكِيْنَ قَتَلَهُ، وَضَرَبَ ابْنُ كَيَغْلَغَ ابْنَهُ أَحْمَدَ فِي وَجْهِهِ، فَبَادَرَ الوَزِيْرُ، فَرَمَى نَفْسَهُ فِي بُسْتَانٍ، وَثَنَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الغَفَّارِ، فَتَلِفَ، فَبَادَرَ حَاجِبُهُ مَنْصُوْرٌ سَوْقاً، فَلَحِقَ المُقْتَدِرَ، فَأَخْبَرَهُ، فَأَجَازَهُ صَافِي إِلَى دَاخِلِ الحَلَبَةِ، وَسَارَ الجَيْشُ حَوْلَ سُورِهَا، وَاجتَمَعَ الَّذِيْنَ وَثَبُوا بِالعَبَّاسِ، فَدَخَلُوا بَغْدَادَ، وَصَارُوا كُلُّهُم إِلَى دَارِ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ، فَرَكِبَ مَعَهُم، فَأَجْلَسُوهُ فِي دِسْتِ الوَزَارَةِ، وَجَاءَ ابْنُ المُعْتَزِّ، فَتَلَقَّاهُ الكُلُّ، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ، وَمَضَوْا بِهِ إِلَى دَارِ سُلَيْمَانَ بنِ وَهَبٍ عِنْدَ المَغْرِبِ، وَنَهَبَتِ الجُنْدُ دَارَ العَبَّاسِ، وَأَحْرَقُوْهَا، وَأَخَذَ ابْنُ الجَرَّاحِ البَيْعَةَ، وَأُنْشِئَتِ الكُتُبُ إِلَى النُّوَابِ طُوْلَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى بِهِمُ ابْنُ المُعْتَزِّ الصُّبْحَ، وَأَتَاهُ القُضَاةُ وَالكِبَارُ، وَنَفَّذُوا إِلَى المُقْتَدِرِ: أَنَّ المُرْتَضِي بِاللهِ -أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ- قَدْ أَمَّنَكَ، وَأَمَرَكَ بِلُزُوْمِ دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ مَعَ أُمِّكَ وَجَوَارِيْكَ. فَأَقبلَ رسولٌ خادمٌ من المقتدر، فقال: سلام عليكم. فصاح ابْنُ الجَرَّاحِ وَالقُوَّادُ: سَلِّمْ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. فَقَالَ: أَنَا رَسُوْلٌ، فَإِنْ سَمِعْتُمْ، وَإِلاَّ انْصَرَفْتُ! قَالَ ابْنُ المُعْتَزِّ: هَاتِ. قَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ المُقْتَدِرَ يَقُوْلُ: ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، وَأَبْقِ عَلَى نَفْسِكَ وَدَمِكَ، فَإِنِّي أُؤَمِّنُكَ، وَأُسَسِّي إِقْطَاعَكَ، فَلاَ تُلْهِبْ نَارَ الفِتْنَةِ.
فَقَالَ لِلْخَادِمِ: قُلْ لِمَولاَكَ يَا بُنَيَّ: هَذَا كِتَابِي إِلَيْكَ، فَاقْرَأْهُ، وَامْتَثِلْ مَا أَمَرْتُكَ فِيْهِ. فَانْصَرَفَ الخَادِمُ بِالكِتَابِ، وَأَمَرَ ابْنُ المُعْتَزِّ ابْنَ حَمْدَانَ وَابْنَ عَمْرُوَيْه أَنْ يَصِيرَا إِلَى دَارِ المُقْتَدِرِ، فَبَرَزَ المَمَالِيْكُ المُقْتَدِرِيَّةُ، عَلَيْهِم مُؤْنِسٌ الخَادِمُ، وَغَرِيْبٌ الخَالُ، وَمُؤْنِسٌ الخَازِنُ، وَبَذَلُوا الأَمْوَالَ، فَالتَقَوْا هُمْ وَحِزْبُ ابْنِ المُعْتَزِّ، وَأَقْبَلَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى بَابِ الحَلَبَةِ، فَرَمَتْهُ الأَترَاكُ، فَتَحَرَّجَ، وَانْهَزَمَ، وَرَمَتِ العَامَّةُ أَصْحَابَ ابْنِ المُعْتَزِّ مِنَ الأَسْطِحَةِ، فَضَجَّ أَصْحَابُ المُقْتَدِرِ، وَارْتَفَعَ التَّكْبِيرُ، وَقَصَدُوا ابْنَ المُعْتَزِّ، فَهَرَبَ مِنْ دَارِ ابْنِ وَهْبٍ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ يُرِيدُوْنَ سَامَرَّاءَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي طَاهِرٍ: ضَرَبَ ابْنُ حَمْدَانَ العَبَّاسَ، فَطَيَّرَ قَحْفَ رَأْسِهِ، ثُمَّ ثَنَّاهُ،
فَسَقَطَ، ثُمَّ قَطَّعُوهُ. وَقِيْلَ: شَدَّ مَمْلُوكُهُ عَلَى ابْنِ حَمْدَانَ، فَأَشَارَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى خَاتَمٍ فِي يَدِهِ، وَقَالَ: هَذَا خَاتَمُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، أَمَرَنِي بِقَتْلِ العَبَّاسِ. فَكَفَّ المَمْلُوْكُ عَنْهُ.
وكَانَتْ وِزَارَةُ العَبَّاسِ أَرْبَعِ سِنِيْنَ وَنِصْفاً، وَعَاشَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: ثُمَّ اسْتَقَامَ أَمَرُ المُقْتَدِرِ، وَأَمْسَكَ جَمَاعَةً، وَأُهلِكُوا، وَعَفَا عَنِ الحُسَيْنِ بنِ حَمْدَانَ، وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ الفُرَاتِ، وَقُتِلَ ابْنُ المعتز.(11/36)
الغزي ومحمد بن يزيد:
2545- الغزي:
الحسن بن الفرج الغزي المحدث.
سَمِعَ: عَمْرَو بنَ خَالِدٍ الحَرَّانِيَّ، وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ -كَتَبَ عَنْهُ "المُوَطَّأَ"- وَيُوْسُفَ بنَ عَدِيٍّ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الوَصِيْفِ، وَالحَسَنُ بنُ مَرْوَانَ القَيْسَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ الحَافِظُ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ. وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ عَنِ الحَسَنِ بنِ الفَرَجِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْنَا إلَّا الخَيْرَ، قَرَأْنَا عَلَيْهِ "المُوَطَّأَ" مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ.
قُلْتُ: ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرٍ، ولم يطول.
2546- محمد بن يزيد 1:
ابن محمد بن عبد الصمد، الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمُ، الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: أباه، وسليمان بن بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَصَفْوَانَ بنَ صَالِحٍ، وَمُوْسَى بنَ أَيُّوْبَ النَّصِيْبِيَّ، وَأَبَا نُعَيْمٍ الحَلَبِيَّ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: سِبْطُهُ؛ عَدِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَدَبَّسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَمُظَفَّرُ بنُ حَاجِبٍ الفَرْغَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ، وَالطَّبَرَانِيُّ. وَعِنْدِي جُزْءٌ لَطِيفٌ لَهُ.
مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وتسعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في العبر "2/ 113"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 220"، وشذرات الذهب "2/ 232"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 179".(11/37)
الحسين بن إسحاق وعمرو بن عثمان:
2547- الحسين بن إسحاق:
ابن إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ الدَّقِيْقُ.
سَمِعَ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَسَعِيْدَ بنَ مَنْصُوْرٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيَّ، وَشَيْبَانَ بنَ فَرُّوْخٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ ذَكْوَانَ، وَدُحَيْماً، وَعَلِيَّ بنَ بَحْرٍ القَطَّانَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَلِيٌّ، وَسَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ الصَّغِيْرُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ، وَسُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ الحُفَّاظِ الرَّحَّالَةِ.
أَرَّخَ أَبُو الشَّيْخِ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَكْثَرَ عَنْهُ أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ.
2548- عَمْرُو بن عثمان 1:
ابن كرب بن غصص، الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المَكِّيُّ، الزَّاهِدُ.
لَقِيَ النِّبَاجِيَّ -فِيْمَا قِيْلَ- وَصَحِبَ أبا سعيد الخراز، وله تصانيف في الطَّرِيْقِ. وَسَمِعَ مِنْ: يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سَيْفٍ الحَرَّانِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: العِلْمُ قَائِدٌ، وَالخَوفُ سَائِقٌ، وَالنَّفْسُ بَيْنَهُمَا حَرُوْنٌ خَدَّاعَةٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الفِقْهِ، وَلَمَّا وَلِيَ قَضَاءَ جَدَّةَ، هَجَرَهُ الجُنَيْدُ.
وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى الحَلاَّجِ، وَيَذُمُّهُ.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 573"، وتاريخ أصبهان "2/ 33"، وتاريخ بغداد "12/ 223". والمنتظم لابن الجوزي "6/ 93"، والعبر "2/ 107"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 225".(11/38)
الشيعي والريوندي:
2549- الشيعي 1:
الدَّاعِي الخَبِيْثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الصَّنْعَانِيُّ، مِنْ دُهَاةِ الرِّجَالِ الخَبِيرِينَ بِالجَدَلِ، وَالحِيَلِ، وَإِغوَاءِ بَنِي آدَمَ.
قَامَ بِالدَّعْوَةِ العُبَيْدِيَّةِ، وَحَجَّ، وَصَحِبَ قَوْماً من كتامة، وربطهم وَتَأَلَّهَ، وَتَزَهَّدَ، وَشَوَّقَ إِلَى إِمَامِ الوَقْتِ، فَاسْتجَابَ لَهُ خَلقٌ مِنَ البَرْبَرِ، وَعَسْكَرَ، وَحَارَبَ أَمِيْرَ المَغْرِبِ ابْنَ الأَغْلَبِ، وَهَزَمَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَإِلَى أَنْ جَاءَ عُبَيْدُ اللهِ المَهْدِيُّ، فَتَسَلَّمَ المُلْكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِهَذَا الدَّاعِي وَلاَ لأَخِيهِ أَبِي العَبَّاسِ كَبِيْرَ وِلاَيَةٍ، فَغَضِبَا، وَأَفسَدَا عَلَيْهِ القُلُوبَ، وَحَارَبَاهُ، وَجَرَتْ أُمُورٌ، إِلَى أَنْ ظَفَرَ بِهِمَا المَهْدَيُّ، فَقَتَلَهُمَا فِي سَاعَةٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ ومائتين.
2550- الريوندي 2:
المُلْحِدُ، عَدُوُّ الدِّينِ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ إِسْحَاقَ الرِّيْوَنْدِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي الحَطِّ عَلَى المِلَّةِ، وَكَانَ يُلاَزِمُ الرَّافِضَةَ وَالمَلاَحِدَةَ، فَإِذَا عُوتِبَ، قَالَ: إِنَّمَا أُرِيْدُ أَنْ أَعْرِفَ أَقوَالَهُم.
ثُمَّ إِنَّهُ كَاشَفَ، وَنَاظَرَ، وَأَبْرَزَ الشُّبَهَ وَالشُّكُوكَ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كُنْتُ أَسْمَعُ عَنْهُ بِالعَظَائِمِ، حَتَّى رَأَيْتُ لَهُ مَا لَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبٍ، وَرَأَيْتُ لَهُ كِتَابَ "نَعْتِ الحِكْمَةِ"، وَكِتَابَ "قَضِيْبِ الذَّهَبِ"، وَكِتَابَ "الزُّمُرُّدَةِ"، وَكِتَابَ "الدَّامِغِ"؛ الَّذِي نَقَضَهُ عَلَيْهِ الجُبَائِيُّ. وَنقَضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن محمد الخياط عليه كتابه "الزمردة".
قَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ: عَجَبِي كَيْفَ لَمْ يُقْتَلْ! وَقَدْ صَنَّفَ "الدَّامِغَ" يَدْمَغُ بِهِ القُرْآنَ، وَ"الزُّمُرُّدَةَ" يُزرِي فِيْهِ عَلَى النُّبُوَّاتِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: فِيْهِ هَذَيَانٌ بَارِدٌ لاَ يَتَعَلَّقُ بِشُبْهَةٍ! يَقُوْلُ فِيْهِ: إِنَّ كَلاَمَ أَكْثَمَ بنِ صَيْفيٍّ فِيْهِ مَا هُوَ أَحْسَنُ مَنْ سُوْرَةِ الكَوْثَرِ! وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ وَقَعُوا بِطَلاَسِمَ. وَأَلَّفَ لِليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى يَحْتَجُّ لَهُم فِي إِبْطَالِ نُبُوَّةِ سَيِّدِ البَشَرِ.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 199"، والعبر "2/ 110"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 227".
2 ترجمته في مقالات الإسلاميين للأشعري "2/ 240"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 99"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 35"، والعبر "2/ 116"، ولسان الميزان "1/ 323"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 175-177"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 235".(11/39)
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الجُبَّائِيُّ: طَلَبَ السُّلْطَانُ أَبَا عِيْسَى الوَرَّاقَ وَابْنَ الرِّيْوَنْدِيِّ، فَأَمَّا الوَرَّاقُ فَسُجِنَ حَتَّى مَاتَ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ، مِنْ رُؤُوْسِ المُتَكَلِّمِيْنَ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى وَغَيْرِهِم. وَاخْتَفَى ابْنُ الرِّيوَنْدِيِّ عِنْدَ ابْنِ لاَوِي اليَهُودِيِّ، فَوَضَعَ لَهُ كِتَابَ "الدَّامِغِ"، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَرِضَ، وَمَاتَ إِلَى اللَّعْنَةِ، وَعَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. وَقَدْ سَرَدَ ابْنُ الجَوْزِيِّ مِنْ بَلاَيَاهُ نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْرَاقٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ المُتَكَلِّمُ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ الرُّوْذِ، سَكَنَ بَغْدَادَ، وَكَانَ مُعْتَزِلِيّاً، ثُمَّ تَزَنْدَقَ. وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ يهوديًا، فَأَسْلَمَ هُوَ، فَكَانَ بَعْضُ اليَهُوْدِ يَقُوْلُ لِلْمُسْلِمِينَ: لاَ يُفْسِدُ هَذَا عَلِيْكُم كِتَابَكُم كَمَا أَفْسَدَ أَبُوْهُ عَلَيْنَا التَّوْرَاةَ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ القَاصِّ الفَقِيْهُ: كَانَ ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ لاَ يَسْتَقِرُّ عَلَى مَذْهَبٍ وَلاَ نِحْلَةٍ، حَتَّى صَنَّفَ لِلْيَهُوْدِ كِتَابَ "النُّصْرَةِ عَلَى المُسْلِمِينَ" لِدَرَاهِمَ أُعْطِيَهَا مَنْ يَهُوْدٍ. فَلَمَّا أَخَذَ المَالَ، رَامَ نَقْضَهَا، فَأَعْطَوهُ مائَتَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى سَكَتَ.
قَالَ البَلْخِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي نُظَرَاءِ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ مِثْلُهُ فِي المَعْقُولِ، وَكَانَ أَوَّلَ أَمْرِهِ حَسَنَ السِّيْرَةِ، كَثِيْرَ الحَيَاءِ، ثُمَّ انْسَلَخَ مِنْ ذَلِكَ لأَسبَابٍ، وَكَانَ عِلْمُهُ فَوْقَ عَقْلِهِ. قَالَ: وَقَدْ حُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ تَابَ عِنْدَ مَوْتِهِ.
قَالَ فِي بَعْضِ المُعْجِزَاتِ: يَقُوْلُ المُنَجِّمُ كَهَذَا.
وَقَالَ: فِي القُرْآنِ لَحْنٌ.
وَأَلَّفَ فِي قِدَمِ العَالِمِ، وَنَفَى الصَّانِعَ.
وَقَالَ: يَقُوْلُوْنَ: لاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمثلِ القُرْآنِ، فَهَذَا إِقْلِيْدِسُ لاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ بَطْلِيْمُوْسُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ اخْتَلَفَ إِلَى المُبَرِّدِ، فَبَعْدَ أَيَّامٍ قَالَ المُبَرِّدُ: لَوِ اخْتَلَفَ إِلَيَّ سَنَةً، لاَحْتَجْتُ أَنْ أَقُومَ وَأُجْلِسَهُ مَكَانِي.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: مَا طَالَ عُمُرُهُ، بَلْ عَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
لَعَنَ اللهُ الذَّكَاءَ بِلاَ إِيْمَانٍ، وَرَضِيَ اللهُ عَنِ البَلاَدَةِ مَعَ التَّقْوَى.(11/40)
ابن طاهر وأبو عثمان الحيري:
2551- ابن طاهر 1:
الأَمِيْرُ، أَبُو أَحْمَدَ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرِ بنِ الحُسَيْنِ الخُزَاعِيُّ، مِنْ بَيْتِ إِمَارَةٍ وَتَقَدُّمٍ. وَلِيَ شُرْطَةَ بَغْدَادَ نِيَابَةً عَنْ أَخِيْهِ الأَمِيْرِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهَا بَعْدَ مَوتِ أَخِيْهِ.
وَكَانَ رَئِيْساً جَلِيْلاً، وَشَاعِراً مُحْسِناً، وَمُتَرَسِّلاً بَلِيْغاً.
وَلهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا: كِتَابُ "الإِشَارَةِ" فِي أَخْبَارِ الشُّعَرَاءِ، وَ"رِئَاسَةُ السِّيَاسَةِ"، وَكِتَابِ: "البَرَاعَةِ فِي الفَصَاحَةِ"، وَغَيْرُ ذَلِكَ. مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
2552- أَبُو عُثْمَانَ الحيري 2:
الشَّيْخُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ الوَاعِظُ القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، الأستاذ، أبو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحِيْرِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالرَّيِّ، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ مُقَاتِلٍ الرَّازِيِّ، وَمُوْسَى بنِ نَصْرٍ. وَبَالعِرَاقِ مِنْ: حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَحْمَسِيِّ، وَعِدَّةٍ، وَلَمْ يَزَلْ يَطْلُبُ الحَدِيْثَ وَيَكْتبُهُ إِلَى آخِرِ شَيْءٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الرَّئِيْسُ أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ، وَابْنَاهُ؛ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الحسن، وأبو عمرو ابن مَطَرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ لِصُحْبَةِ الأُسْتَاذِ أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَشَايِخُنَا أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ مَجْمَعَ العُبَّادِ وَالزُّهَّادِ. وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ وَيُجِلُّ العُلَمَاءَ وَيُعَظِّمُهُم.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ بنِ حَمْدَانِ "صَحِيْحَهِ" المُخَرَّجَ عَلَى مُسْلِمٍ بِلَفْظِهِ، وَكَانَ إِذَا بَلَغَ سُنَّةً لَمْ يستعملها، وقف عندها حتى يستعملها.
__________
1 ترجمته في الأغاني للأصبهاني "9/ 39"، وتاريخ بغداد "10/ 340"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 117"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 358"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 180".
2 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 568"، وتاريخ بغداد "9/ 99"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 106"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 260"، والعبر "2/ 111"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 177"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 230".(11/41)
قُلْتُ: هُوَ لِلْخُرَاسَانِيِّيْنَ نَظِيْرُ الجُنَيْدِ لِلْعِرَاقِيِّينَ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: سُرُورُكَ بِالدُّنْيَا أَذْهَبَ سُرُورَكَ بِاللهِ عَنْ قَلْبِكَ.
قَالَ ابْنُ نُجَيدٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لاَ تَثِقَنَّ بِمَوَدَةِ مَنْ لاَ يُحِبَّكَ إلَّا مَعْصُوْماً.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: من أمر السنة على نفسه قولًا وَفِعْلاً، نَطَقَ بِالحِكْمَةِ، وَمَنْ أَمَّرَ الهَوَى عَلَى نَفْسِهِ، نَطَقَ بِالبِدْعَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النُّوْرُ: 54] .
قُلْتُ: وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه} [ص: 26] .
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيِّ، قَالَ: لاَ يَكْمُلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَلْبُهُ فِي المَنْعِ وَالعَطَاءِ، وَفِي العِزِّ وَالذُّلِّ.
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لأَبِي جَعْفَرٍ بنِ حَمْدَانَ: أَلَسْتُمْ تَرْوُونَ أَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِيْنَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيِّدُ الصَّالِحِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنِي سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ السَّمَرْقَنْدِيُّ العَابِدُ، سَمِعَ أَبَا عُثْمَانَ يَقُوْلُ -يَعْنِي: عَنِ اللهِ: مَنْ طَلَبَ جِوَارِي وَلَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى ثَلاَثٍ، أَوَّلُهَا: إِلقَاءُ العِزِّ وَحَمْلُ الذُّلِّ، الثَّانِي: سُكُوْنُ قَلْبِهُ عَلَى جُوْعٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، الثَّالِثُ: لاَ يَغْتَمُّ وَلاَ يَهْتَمُّ إلَّا لِدِينِهِ أَوْ طَلَبِ إِصْلاَحِ دِيْنِهِ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئ يَقُوْلُ: لَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ، مُنِعَ النَّاسُ مِنْ حُضُوْرِ مَجَالِسِ الحَدِيْثِ مِنْ جِهَةِ أَحْمَدَ الخُجُسْتَانِيِّ، فَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ يَحْمِلُ مِحْبَرَةٍ، إِلَى أن ورد السري بن خُزَيْمَةَ، فَقَامَ الزَّاهِدُ أَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ، وَجَمَعَ المُحَدِّثِيْنَ فِي مَسْجِدِهِ، وَعَلَّقَ بِيَدِهِ مِحْبَرَةً، وَتَقَدَّمَهُم، إِلَى أَنْ جَاءَ إِلَى خَانِ مَحْمَشٍ، فَأَخْرَجَ السَّرِيَّ، وَأَجْلَسَ المُسْتَمْلِي، فَحَزَرْنَا مَجْلِسَهُ زِيَادَةً عَلَى أَلفِ مِحْبَرَةٍ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَامُوا، وَقَبَّلُوا رَأْسَ أَبِي عُثْمَانَ، وَنَثَرَ النَّاسُ عَلَيْهِمُ الدَّرَاهِمَ وَالسُّكَّرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: ذَكَرَ الحَاكِمُ أخبار أبي عثمان أَبِي عُثْمَانَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَرَقَةً، وَفِي غُضُوْنِ ذَلِكَ مِنْ كَلاَمِهِ فِي التَّوَكُّلِ وَاليَقِيْنِ وَالرِّضَى، قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَمَّا قَتَلَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُجُسْتَانِيُّ -الَّذِي اسْتَولَى عَلَى البِلاَدِ- الإِمَامَ حَيْكَانَ بنَ الذُّهْلِيِّ، أَخَذَ فِي الظُّلْمِ وَالعَسَفِ، وَأَمَرَ بِحَرْبَةٍ رُكِزَتْ عَلَى رَأْسِ المُرَبَّعَةِ، وَجَمَعَ الأَعيَانَ، وَحَلَفَ: إِنْ لَمْ يَصُبُّوا الدَّرَاهِمَ حَتَّى يَغِيْبَ رَأْسُ الحَرْبَةِ، فَقَدْ أَحَلُّوا دِمَاءهُم. فَكَانُوا يَقْتَسِمُوْنَ الغَرَامَةِ بَيْنَهُم، فخص(11/42)
تَاجِرٌ بِثَلاَثِيْنَ أَلفَ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ إلَّا عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَحَمَلَهَا إِلَى أَبِي عُثْمَانَ، وَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ! قَدْ حَلَفَ هَذَا كَمَا بَلَغَكَ، وَوَاللهِ لاَ أَهْتَدِي إلَّا إِلَى هَذِهِ. قَالَ: تَأَذَنُ لِي أَنْ أَفْعَلَ فِيْهَا مَا يَنْفَعُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَفَرَّقهَا أَبُو عُثْمَانَ، وَقَالَ لِلتَّاجِرِ: امْكُثْ عِنْدِي. وَمَا زَالَ أَبُو عُثْمَانَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ السِّكَّةِ وَالمَسْجَدِ لَيْلَتَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، وَأَذَّنَ المُؤَذِّنُ، ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ: اذْهَبْ إِلَى السُّوقِ، وَانْظُرْ مَاذَا تَسْمَعُ. فَذَهَبَ، وَرَجَعَ، فَقَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئاً. قَالَ: اذْهَبْ مَرَّةً أُخْرَى، وَهُوَ فِي مُنَاجَاتِهِ يَقُوْلُ: وَحَقِّكَ لاَ أَقَمْتُ مَا لَمْ تُفَرِّجْ عَنِ المَكرُوْبِيْنَ. قَالَ: فَأَتَى خَادِمُهُ الفَرْغَانِيُّ يَقُوْلُ: وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِيْنَ القِتَالَ، شُقَّ بَطْنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ. فَأَخَذَ أَبُو عُثْمَانَ فِي الإِقَامَةِ.
قُلْتُ: بِمِثْلِ هَذَا يَعْظُمُ مَشَايِخُ الوَقْتِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: تُوُفِّيَ أَبِي لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الأَمِيْرُ أَبُو صَالِحٍ.
وَفِيْهَا فِي شَوَّالِهَا مَاتَ الأُسْتَاذُ العَارِفُ أَبُو القاسم.(11/43)
2553- الجنيد 1:
ابن مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ النَّهَاوَنْدِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ القَوَارِيْرِيُّ، وَالِدُه الخَزَّازُ.
هُوَ شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ. وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي ثَوْرٍ. وَسَمِعَ مِنَ: السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ، وَصَحِبَهُ، وَمِنَ الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ. وَصَحِبَ أَيْضاً: الحَارِثَ المُحَاسِبِيَّ، وَأَبَا حَمْزَةَ البَغْدَادِيَّ. وَأَتْقَنَ العِلْمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى شَأْنِهِ، وَتَأَلَّهَ، وَتَعَبَّدَ، وَنَطَقَ بِالحِكْمَةِ، وَقَلَّ مَا روى.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَرِيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عِلْوَانَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَشَاهَدَ الصَّالِحِيْنَ وَأَهْلَ المَعْرِفَةِ، وَرُزِقَ الذَّكَاءَ وَصَوَابَ الجَوَابِ. لَمْ يُرَ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ فِي عِفَّةٍ وَعُزُوفٍ عَنِ الدُّنْيَا.
قِيلَ لِي: إِنَّهُ قَالَ مَرَّةً: كُنْتُ أُفْتِي فِي حَلْقَةِ أَبِي ثَوْرٍ الكَلْبِيِّ وَلِي عشرون سنة.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 571"، وتاريخ بغداد "7/ 241"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 105"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 144"، والعبر "2/ 110"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 168"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 228".(11/43)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ: كَانَ الجُنَيْدُ يُفْتِي فِي حَلْقَةِ أَبِي ثَوْرٍ.
عَنِ الجُنَيْدِ، قَالَ: مَا أَخْرَجَ اللهُ إِلَى الأَرْضِ عِلْماً وَجَعَلَ لِلْخَلْقِ إِلَيْهِ سَبِيْلاً، إلَّا وَقَدْ جَعَلَ لِي فِيْهِ حَظّاً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي سُوقِهِ وَوِرْدِهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاَثُ مائَةِ رَكْعَةٍ، وَكَذَا كَذَا أَلفَ تَسْبِيحَةٍ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ هَارُوْنَ، وَآخَرُ، قَالاَ: سَمِعْنَا الجُنَيْدَ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: عِلْمُنَا مَضْبُوطٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الكِتَابَ وَيَكْتُبِ الحَدِيْثَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ، لاَ يُقْتَدَى بِهِ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عُلْوَانِ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ: عِلْمُنَا -يَعْنِي: التَّصَوُّفَ- مُشَبَّكٌ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ.
وَعَنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ تَكَلَّمَ يَوْماً، فَعَجِبُوا! فَقَالَ: بِبَرَكَةِ مُجَالَسَتِي لأَبِي القَاسِمِ الجُنَيْدِ.
وَعَنْ أَبِي القَاسِمِ الكَعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ مرَّةً: رَأَيْتُ لَكُمْ شَيْخاً بِبَغْدَادَ، يُقَالُ لَهُ: الجُنَيْدُ، مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ! كَانَ الكَتَبَةُ -يَعْنِي: البُلَغَاءَ- يَحْضُرُونَهُ لأَلفَاظِهِ، وَالفَلاسِفَةُ يَحْضُرُونَهُ لِدِقَّةِ مَعَانِيْهِ، وَالمُتَكَلِّمُوْنَ يَحْضُرُونَهُ لِزِمَامِ عِلْمِهِ، وَكَلاَمُهُ بَائِنٌ عَنْ فَهْمِهِم وَعِلْمِهِم.
قَالَ الخُلْدِيُّ: لَمْ نَرَ فِي شُيُوخِنَا مَنِ اجْتَمَعَ لَهُ عِلْمٌ وَحَالٌ غَيْرَ الجُنَيْدِ. كَانَتْ لَهُ حَالٌ خَطِيرَةٌ، وَعِلْمٌ غَزِيْرٌ، إِذَا رَأَيْتَ حَالَهُ، رَجَّحْتَهُ عَلَى عِلْمِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ، رَجَّحْتَ عِلْمَهِ عَلَى حَالِهِ.
أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ المُرْتَعِشَ يَقُوْلُ: قَالَ الجُنَيْدُ: كُنْتُ بَيْنَ يَدَيِ السِّرِيِّ أَلْعَبُ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِيْنَ، فَتَكَلَّمُوا فِي الشُّكْرِ؟ فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! مَا الشُّكْرُ؟ قُلْتُ: أَنْ لاَ يُعْصَى اللهُ بِنِعَمِهِ. فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ حَظَّكَ مِنَ اللهِ لِسَانُكَ. قَالَ الجُنَيْدُ: فَلاَ أَزَالُ أَبْكِي عَلَى قَوْلِهِ.
السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا جَدِّي؛ ابْنُ نُجَيْدٍ، قَالَ: كَانَ الجُنَيْدُ يَفْتَحُ حَانُوتَهُ وَيَدْخُلُ، فَيُسْبِلُ السِّتْرَ، وَيُصَلِّي أَرْبَعَ مائَةِ رَكْعَةٍ.
وَعَنْهُ، قَالَ: أَعْلَى الكِبْرِ أَنْ تَرَى نَفْسَكَ، وَأَدنَاهُ أَنْ تَخْطُرَ بِبَالِكَ -يَعْنِي: نَفْسَكَ.
أَبُو جَعْفَرٍ الفَرْغَانِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ: أَقَلُّ مَا فِي الكَلاَمِ سُقُوْطُ هَيْبَةِ الرَّبِّ -جَلَّ جَلاَلُهُ- مِنَ القَلْبِ، وَالقَلْبُ إِذَا عَرِيَ مِنَ الهَيْبَةِ، عَرِيَ مِنَ الإِيْمَانِ.
قِيْلَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ الجُنَيْدِ: إِنْ كُنْتَ تَأْمَلُهُ، فَلاَ تَأْمَنْهُ.(11/44)
وَعَنْهُ: مَنْ خَالَفَتْ إِشَارتُهُ مُعَامَلَتَهُ، فَهُوَ مُدَّعٍ كذاب.
وَعَنْهُ: سَأَلْتُ اللهَ أَنْ لاَ يُعَذِّبَنِي بِكَلاَمِي؟ وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي: أَنَّ زَعِيْمَ القَوْمِ أَرْذَلُهُم.
وَعَنْهُ: أُعْطِيَ أَهْلُ بَغْدَادَ الشَّطْحَ وَالعِبَارَةَ، وَأَهْلُ خُرَاسَانَ القَلْبَ وَالسَّخَاءَ، وَأَهْلُ البَصْرَةِ الزُّهْدَ وَالقَنَاعَةَ، وَأَهْلُ الشَّامِ الحِلْمَ وَالسَّلاَمَةَ، وَأَهْلُ الحِجَازِ الصَّبْرَ وَالإِنَابَةَ.
وَقِيْلَ لِبَعْضِ المُتَكَلِّمِينَ -وَيُقَالُ: هُوَ ابْنُ كُلاَّبٍ، وَلَمْ يَصِحَّ: قَدْ ذَكَرْتَ الطَّوَائِفَ، وَعَارَضْتَهُم، وَلَمْ تَذْكُرِ الصُّوْفِيَّةَ. فَقَالَ: لَمْ أَعْرِفْ لَهُم عِلْماً وَلاَ قَوْلاً، وَلاَ مَا رَامُوهُ. قِيْلَ: بَلْ هُمُ السَّادَةُ. وَذَكَرُوا لَهُ الجُنَيْدَ، ثُمَّ أَتَوُا الجُنَيْدَ، فَسَأَلُوهُ عَنِ التَّصَوُّفِ، فَقَالَ: هُوَ إِفرَادُ القَدِيْمِ عَنِ الحَدَثِ، وَالخُرُوجُ عَنِ الوَطَنِ، وَقَطْعُ المَحَابِّ، وَتَرْكُ مَا عَلِمَ أَوْ جَهِلَ، وَأَنْ يَكُوْنَ المَرْءُ زَاهِداً فِيْمَا عِنْدَ اللهِ، رَاغِباً فِيْمَا للهِ عِنْدَهُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، حَظَاهُ إِلَى كَشْفِ العُلُوْمِ، وَالعِبَارَةِ عَنِ الوُجُوهِ، وَعَلِمِ السَّرَائِرِ، وَفِقْهِ الأَرْوَاحِ. فَقَالَ المُتَكَلِّمُ: هَذَا -وَاللهِ- عِلْمٌ حَسَنٌ، فَلَو أَعَدْتَهُ حَتَّى نَكْتُبَهُ. قَالَ: كَلاَّ، مُرَّ إِلَى المَكَانِ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ النِّسْيَانُ ... ، وَذَكَرَ فَصْلاً طَوِيْلاً. فَقَالَ المُتَكَلِّمُ: إِنْ كَانَ رَجُلٌ يَهْدِمُ مَا يَثْبُتُ بِالعَقْلِ بِكَلِمَةٍ مِنْ كَلاَمِهِ، فَهَذَا، فَإِنَّ كَلاَمَهُ لاَ يَحْتَمِلُ المُعَارَضَةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَرِيْرِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ: مَا أَخَذْنَا التَّصَوُّفَ عَنِ القَالِ وَالقِيْلِ، بَلْ عَنِ الجُوْعِ، وَتَركِ الدُّنْيَا، وَقَطْعِ المَأْلُوفَاتِ.
قُلْتُ: هَذَا حَسَنٌ، وَمُرَادُهُ: قَطْعُ أَكْثَرِ المَأْلُوْفَاتِ، وَتَرْكُ فُضُوْلِ الدُّنْيَا، وَجُوْعٌ بِلاَ إِفرَاطٍ.
أَمَّا مَنْ بَالَغَ فِي الجُوعِ -كَمَا يفعله الرهبان- ورفض سَائِرَ الدُّنْيَا وَمَأْلُوْفَاتِ النَّفْسِ مِنَ الغِذَاءِ وَالنَّومِ وَالأَهْلِ، فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِبَلاَءٍ عَرِيْضٍ، وَرُبَّمَا خُولِطَ فِي عَقْلِهِ، وَفَاتَهُ بِذَلِكَ كَثِيْرٌ مِنَ الحَنِيْفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً. وَالسَّعَادَةُ فِي مُتَابَعَةِ السُّنَنِ، فَزِنِ الأُمُورَ بِالعَدْلِ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وألزم الوَرَعَ فِي القُوْتِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ، وَاصْمُتْ إلَّا مِنْ خَيْرٍ، فَرَحْمَةُ اللهِ عَلَى الجُنَيْدِ، وَأَيْنَ مِثْلُ الجُنَيْدِ فِي عِلْمِهِ وَحَالِهِ؟
قَالَ ابْنُ نُجَيْدٍ: ثَلاَثَةٌ لاَ رَابِعَ لَهُمْ: الجُنَيْدُ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عُثْمَانَ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الجَلاَّءِ بِالشَّامِ.
وَقَدْ كَانَ الجُنَيْدُ يأنس بصديقه الأستاذ أبي الحسين.(11/45)
2554- النوري 1:
وَهُوَ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ، البَغَوِيُّ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الطَّائِفَةِ بِالعِرَاقِ، وَأَحْذَقُهُم بِلَطَائِفِ الحَقَائِقِ، وَلَهُ عِبَارَاتٌ دَقِيْقَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَنِ انْحَرَفَ مِنَ الصُّوْفِيَّةِ، نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ.
صَحِبَ السَّرِيَّ السَّقَطِيَّ، وَغَيْرَهُ، وَكَانَ الجُنَيْدُ يُعَظِّمُهُ، لَكِنَّهُ فِي الآخِرِ رق له وعذره، لما فسد دماغه.
وَقَدْ سَاحَ النُّوْرِيُّ إِلَى الشَّامِ، وَأَخَذَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَقَدْ جَرَتْ لَهُ مِحْنَةٌ، وَفَرَّ عَنْ بَغْدَادَ فِي قِيَامِ غُلاَمِ خَلِيْلٍ عَلَى الصُّوْفِيَّةِ، فَأَقَامَ بِالرَّقَّةِ مُدَّةً مُتَخَلِّياً مُنْعَزِلاً. حَكَى ذَلِكَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ: ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ فَقَدَ جُلاَّسَهُ وَأُنَاسَهُ وَأَشْكَالَهُ، فَانْقَبَضَ لِضَعْفِ قُوَّتِهِ، وَضَعْفِ بَصَرِهِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ البَنَّاءَ البَغْدَادِيَّ بِمَكَّةَ يَحكِي مِحْنَةَ غُلاَمِ خَلِيْلٍ، قَالَ: نَسَبُوا الصُّوْفِيَّةَ إِلَى الزَّنْدَقَةِ، فَأَمَرَ الخَلِيْفَةُ المُعْتَمِدُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالقَبْضِ عَلَيْهِم، فَأَخَذَ فِي جُمْلَتِهِم النُّوْرِيَّ، فَأُدْخِلُوا عَلَى الخَلِيْفَةِ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِم، فَبَادَرَ النُّوْرِيُّ إِلَى السَّيَّافِ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: آثَرْتُ حَيَاتَهُم عَلَى نَفْسِي سَاعَةً. فَتَوَقَّفَ السَّيَّافُ عَنْ قَتْلِهِ، وَرَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الخَلِيْفَةِ، فَرَدَّ الخَلِيْفَةُ أَمْرَهُم إِلَى قَاضِي القُضَاةِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ، فَسَأَلَ أَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ عَنْ مَسَائِلَ فِي العِبَادَاتِ، فَأَجَابَ، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْدَ هَذَا، فَلِلَّهِ عِبَادٌ يَنْطِقُوْنَ بِاللهِ، وَيَأْكلُوْنَ بِاللهِ، وَيَسْمَعُوْنَ بِاللهِ. فَبَكَى إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَقَالَ: إِنْ كَانَ هَؤُلاَءِ القَوْمُ زَنَادِقَةٌ، فَلَيْسَ فِي الأَرْضِ مُوَحِّدٌ. فَأَطْلَقُوْهُمُ.
أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ أَبَا الفَرَجِ الوَرْثَانِيَّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى النُّوْرِيِّ، فَرَأَيْتُ رِجْلَيهِ مُنْتَفِخَتَينِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمرِهِ، فَقَالَ: طَالَبَتْنِي نَفْسِي بِأَكْلِ تَمْرٍ، فَدَافَعْتُهَا، فَأَبَتْ عَلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُهُ، فَلَمَّا أَكَلْتُ، قُلْتُ: قُومِي فَصَلِّي. فَأَبَتْ فَقُلْتُ: للهِ عَلَيَّ إِنْ قَعَدتِ عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، فَمَا قَعَدْتُ، يَعْنِي: إلَّا فِي صلاة.
وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ: مَنْ رَأَيْتَهُ يَدَّعِي مَعَ اللهِ حَالَةً تُخْرِجُ عَنِ الشَّرْعِ، فَلاَ تَقْرَبَنْ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ فِي نَفْسِي مِنْ هَذِهِ الكَرَامَاتِ، فَأَخَذْتُ مِنَ الصِّبْيَانِ قَصَبَةً، ثُمَّ قُمْتُ بَيْنَ زَوْرَقَينِ، وَقُلْتُ: وَعِزَّتِكَ، لَئِنْ لم
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 570"، وتاريخ بغداد "5/ 130"، والمنتظم "6/ 77"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 163".(11/46)
تُخْرِجْ لِي سَمَكَةً فِيْهَا ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ، لأُغرِقَنَّ نَفْسِي. قَالَ: فَخَرَجَتْ لِي سَمَكَةٌ ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ الجُنَيْدَ، فَقَالَ: كَانَ حُكْمُهُ أَنْ تَخْرُجَ لَهُ أَفْعَى فَتَلْدَغُهُ.
وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ: سَبِيْلُ الفَانِينَ الفَنَاءُ فِي مَحْبُوْبِهِم، وَسَبِيْلُ البَاقِيْنَ البَقَاءُ بِبَقَائِهِ، وَمَنِ ارْتَفَعَ عَنِ الفَنَاءِ وَالبَقَاءِ، فَحِيْنَئِذٍ لاَ فَنَاءَ وَلاَ بَقَاءَ.
عَنِ القَنَّادِ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى النُّوْرِيِّ وَأَنَا حَدَثٌ:
إِذَا كَانَ كُلُّ المَرْءِ فِي الكُلِّ فَانِياً ... أَبِنْ لِيَ عَنْ أَيِّ الوُجُودَيْنِ يُخْبِرُ
فَأَجَابَ لِوَقْتِهِ:
إِذَا كُنْتَ فِيْمَا لَيْسَ بِالوَصْفِ فَانِياً ... فَوَقْتُكَ فِي الأَوْصَافِ عِنْدِي تَحَيُّرُ
قُلْتُ: هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ طَوِيْلٍ، وَتَحُرُّزٍ عَنِ الفَنَاءِ الكُلِّيِّ، وَمُرَادُهُم بِالفَنَاءِ، فَنَاءُ الأَوْصَافِ النَّفْسَانِيَّةِ وَنَحْوِهَا، وَنِسْيَانُهَا بِالاشْتِغَالِ بِاللهِ -تَعَالَى- وَبِعِبَادَتِهِ، فَإِنَّ ذَاتَ العَارِفِ وَجَسَدَهُ لاَ يَنْعَدِمُ مَا عَاشَ، وَالكَونُ وَمَا حَوَى فَمَخْلُوْقٌ، وَاللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ومبدعه، أعاذنا الله وإياكم من قول الاتِّحَادِ فَإِنَّهُ زَنْدَقَةٌ.
قَالَ فَارِسٌ الحَمَّالُ: رَأَيْتُ النُّوْرِيَّ خَرَجَ مِنَ البَادِيَةِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا خَاطِرُهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَلْحَقُ الأَسْرَارَ مَا يَلْحَقُ الصِّفَاتِ؟ -يُرِيْدُ الضَّنَا الَّذِي رَأَى بِهِ- فَقَالَ: إِنَّ اللهَ أَقْبَلَ عَلَى الأَسْرَارِ فَحَمَلَهَا، وَأَعْرَضَ عَنِ الصِّفَاتِ فَمَحَقَهَا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
أَهَكَذَا صَيَّرَنِي ... أَزْعَجَنِي عَنْ وَطَنِي!
حَتَّى إِذَا غِبْتُ بِهِ ... وَإِذْ بَدَا غَيَّبَنِي
وَاصَلَنِي.. حَتَّى إِذَا ... وَاصَلْتُهُ قَاطَعَنِي
يَقُوْلُ لاَ تَشْهَدُ مَا ... تَشْهَدُ أَوْ تَشْهَدُنِي
قَالَ وَلَمَّا مَاتَ النُّوْرِيُّ، قَالَ الجُنَيْدُ: ذَهَبَ نِصْفُ العِلْمِ بِمَوتِهِ.
وَقِيْلَ: قَالَ النُّوْرِيُّ لِلْجُنَيْدِ: غَشَشْتَهُمْ فَصَدَّرُوكَ، وَنَصَحْتُ لَهُمْ فَرَمَونِي بِالحِجَارَةِ.
قِيْلَ: كَانَ النُّوْرِيُّ يَلْهَجُ بِفَنَاءِ صِفَاتِ العَارِفِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَبُو جَادَ فَنَاءِ ذَاتِ العَارِفِ كَمَا زَعَمَتِ الاتِّحَادِيَّةُ، فَقَالُوا بِتَعْمِيمِ فَنَاءِ السِّوَى، وَقَالُوا: مَا فِي الكَوْنِ سِوَى اللهِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَعَالَى اتَّحَدَ لخلقه، وأنت أنا، وأنا أنت، وأنشدوا:(11/47)
وَأَلْتَذُّ إِنْ مَرَّتْ عَلَى جَسَدِي يَدِي ... لأَنِّي في التحقيق لست سواكم
فنعوذ ب الله مِنَ الضَّلاَلِ.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: مَضَيْتُ يَوْماً أَنَا وَرُوَيْمٌ وَأَبُو بَكْرٍ العَطَّارُ نَمْشِي عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ، فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ فِي مَسْجِدٍ بِلاَ سَقْفٍ. فَقَالَ رُوَيْمٌ: مَا أَشْبَهَ هَذَا بِأَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِيِّ! فَمِلْنَا إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَسَلَّمْنَا وَعَرَفَنَا، وَذَكَرَ أَنَّهُ ضَجِرَ مِنَ الرَّقَّةِ فَانْحَدَرَ، وَأَنَّهُ الآنَ قَدِمَ وَلاَ يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، وَكَانَ قَدْ غَابَ عَنْ بَغْدَادَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَعَرَضْنَا عَلَيْهِ مَسْجِدَنَا، فَقَالَ: لاَ أُرِيدُ مَوْضِعاً فِيْهِ الصُّوْفِيَّةُ، قَدْ ضَجِرْتُ مِنْهُم. فَلَمْ نَزَلْ نَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى طَابَتْ نَفْسُهُ. وَكَانَتِ السَّوْدَاءُ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ، وَحَدِيْثُ النَّفْسِ، ثُمَّ ضَعُفَ بَصَرُهُ، وَانْكَسَرَ قَلْبُهُ، وَفَقَدَ إِخْوَانَهُ، فَاسْتَوْحَشَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ.
ثمَّ إِنَّهُ تَأَنَّسَ وَسَأَلَنَا عَنْ نَصْرِ بنِ رَجَاءَ وَعُثْمَانَ -وَكَانَا صَدِيْقَيْنِ لَهُ، إلَّا أَنَّ نَصْراً تَنَكَّرَ لَهُ- فَقَالَ: مَا أَخَافُ بَغْدَادَ إلَّا مِنْ نَصْرٍ. فَعَرَّفنَاهُ أَنَّهُ بِخِلاَفِ مَا فَارَقَهُ، فَجَاءَ مَعَنَا إِلَى نَصْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَ مَسْجِدَهُ، قَامَ نَصْرٌ، وَمَا أَبْقَى فِي إِكرَامِهِ غَايَةً، وَبِتْنَا عِنْدَهُ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، رَكِبْنَا مَعَ نَصْرٍ زَوْرَقاً مِن زَوَارِقِهِ إِلَى مَكَانٍ، وَصَعَدْنَا إِلَى الجُنَيْدِ، فَقَامَ القَوْمُ وَفَرِحُوا، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الجُنَيْدُ، يُذَاكِرُهُ وَيُمَازِحُهُ، فَسَأَلَهُ ابْنُ مَسْرُوْقٍ مَسْأَلَةً، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِأَبِي القَاسِمِ. فَقَالَ الجُنَيْدُ: أَجِبْ يَا أَبَا الحُسَيْنِ، فَإِنَّ القَوْمَ أَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا جَوَابَكَ. قَالَ: أَنَا قَادِمٌ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ. فَتَكَلَّمَ الجُنَيْدُ وَالجَمَاعَةُ، وَالنُّوْرِيُّ سَاكِتٌ، فَعَرَّضُوا لَهُ لِيَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: قَدْ لُقِّبْتُم أَلْقَاباً لاَ أَعْرِفُهَا، وَكَلاَماً غَيْرَ مَا كُنْتُ أَعْهَدُ، فَدَعُونِي حَتَّى أَسْمَعَ، وَأَقِفَ عَلَى مَقْصُودِكُمْ. فَسَأَلُوهُ عَنِ الفَرْقِ الَّذِي بَعْدَ الجَمْعِ: مَا عَلاَمَتُهُ؟ وَمَا الفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الفَرْقِ الأَوَّلِ؟ -لاَ أَدْرِي سَأَلُوهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ بِمَعْنَاهُ.
وكُنْتُ قَدْ لَقِيْتُهُ بِالرَّقَّةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَسَأَلَنِي عَنِ الجُنَيْدِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يُشِيْرُونَ إِلَى شَيْءٍ يُسَمُّونَهُ الفَرْقَ الثَّانِي وَالصَّحْوَ. فَقَالَ: اذْكُر لِي شَيْئاً مِنْهُ. فَذَكَرْتُهَ، فَضَحِكَ، وَقَالَ: مَا يَقُوْلُ ابْنُ الخَلْنَجِيِّ؟ قُلْتُ: مَا يُجَالِسُهُم. قَالَ: فَأَبُو أَحْمَدَ القَلاَنِسِيُّ؟ قُلْتُ: مَرَّةً يُخَالِفُهُم، وَمَرَّةً يُوَافِقُهُم. قَالَ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مَا عَسَى أَنْ أَقُوْلَ أَنَا؟ ثُمَّ قُلْتُ: أَحْسِبُ أَنَّ هَذَا الَّذِي يُسَمُّونَهُ فَرْقاً ثَانِياً هُوَ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الجَمْعِ، يَتَوَهَّمُوْنَ بِهِ أَنَّهُم قَدْ خَرَجُوا عَنِ الجَمْعِ فَقَالَ: هُوَ كَذَاكَ، أَنْتَ إِنَّمَا سَمِعْتَ هَذَا مِنَ القَلاَنِسِيِّ. فَقُلْتُ: لاَ.
فَلَمَّا قَدِمْتُ بَغْدَادَ، حَدَّثْتُ أَبَا أَحْمَدَ القَلاَنِسِيَّ بِذَلِكَ، فَأَعْجَبَهُ قَولُ النُّوْرِيِّ. وَأَمَّا أَبُو أَحْمَدَ فَكَانَ رُبَّمَا يَقُوْلُ: هُوَ صَحْوٌ وَخُرُوْجٌ عَنِ الجَمْعِ، وَرُبَّمَا قَالَ: بَلْ هُوَ شَيْءٌ مِنَ الجمع. ثم(11/48)
إِنَّ النُّوْرِيَّ شَاهَدَهُم، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الجَمْعِ، وَلاَ هُوَ صَحْوٌ مِنَ الجَمْعِ، وَلَكِنَّهُم رَجَعُوا إِلَى مَا يَعْرِفُونَ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ رُوَيْمٌ وَابْنُ عَطَاءٍ: أَنَّ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ الشَّيْءَ وَضِدَّهُ، وَلاَ نَعْرِفُ هَذَا إلَّا قَوْلَ سُوْفَسْطَا وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ. وَكَانَ بَيْنَهُم وَحْشَةٌ، وَكَانَ يُكْثِرُ مِنْهُمُ التَّعَجُّبَ، وَقَالُوا لِلْجُنَيْدِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِم، وَقَالَ: لاَ تَقُولُوا مِثْلَ هَذَا لأَبِي الحُسَيْنِ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ لَعَلَّهُ قَدْ تَغَيَّرَ دِمَاغُهُ.
ثمَّ إِنَّ أَبَا الحُسَيْنِ انْقَبَضَ عَنْ جَمِيْعِهِم، وَجَفَاهُم، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ العِلَّةُ، وَعَمِيَ، وَلَزِمَ الصَّحَارَى وَالمَقَابِرَ، وَكَانَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ أَحْوَالٌ يَطُوْلُ شَرْحُهَا. وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً يَقُوْلُوْنَ: مَنْ رَأَى النُّوْرِيَّ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنَ الرَّقَّةِ وَلَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَهَا، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِتَغَيُّرِهِ، رحمه الله.
قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الجَلاَّءُ، قَالَ: كَانَ النُّوْرِيُّ إِذَا رَأَى مُنْكراً، غَيَّرَه، وَلَوْ كَانَ فِيْهِ تَلَفُهُ، نَزَلَ يَوْماً، فَرَأَى زَوْرَقاً فِيْهِ ثَلاَثُوْنَ دَنّاً، فَقَالَ لِلْمَلاَّحِ: مَا هَذَا؟ قَالَ: مَا يَلْزَمُكَ؟ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ -وَاللهِ- صُوْفِيٌّ كَثِيْرُ الفُضُولِ، هَذَا خَمْرٌ لِلْمُعْتَضِدِ. قَالَ: أَعْطِنِي ذَلِكَ المِدْرَى، فَاغْتَاظَ، وَقَالَ لأَجِيْرِهِ: نَاوِلْهُ حَتَّى أُبْصِرَ مَا يَصْنَعُ. فَأَخَذَهُ، وَنَزَلَ، فَكَسَّرَهَا كُلَّهَا غَيْرَ دَنٍّ، فَأُخِذَ، وَأُدْخِلَ إِلَى المُعْتَضِدِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ وَيْلَكَ؟! قَالَ: مُحْتَسِبٌ. قَالَ وَمَنْ وَلاَّكَ الحِسْبَةَ؟ قَالَ: الَّذِي وَلاَّكَ الإِمَامَةَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! فَأَطْرَقَ، وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى فِعْلِكَ؟ قَالَ: شَفَقَةً مِنِّي عَلَيْكَ! قَالَ: كَيْفَ سَلِمَ هَذَا الدَّنُّ؟ فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْسِرُ الدِّنَانَ وَنَفْسُهُ مُخْلِصَةٌ خَاشِعَةٌ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى هَذَا الدَّنِّ، أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَارْتَابَ فِيْهَا، فَتَرَكَهُ.
عَنْ أَبِي أَحْمَدَ المَغَازِلِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ أَعْبَدَ مِنَ النُّوْرِيِّ! قِيْلَ: وَلاَ الجُنَيْدُ؟ قَالَ: وَلاَ الجُنَيْدُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الجُنَيْدَ مَرِضَ مَرَّةً، فَعَادَهُ النُّوْرِيُّ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَعُوفِيَ لِوَقْتِهِ.
تُوُفِّيَ النُّوْرِيُّ: قَبْلَ الجُنَيْدِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ شَاخَ، رَحِمَهُ اللهُ. وَقَدْ مَرَّ مَوتُ الجُنَيْدِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ العَطَوِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ الجُنَيْدِ لَمَّا احْتُضِرَ، فَخَتَمَ القُرْآنَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ سُوْرَةَ البَقَرَةِ، فَتَلاَ سَبْعِيْنَ آيَةً وَمَاتَ.
قَالَ الخُلْدِيُّ: رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ فقال: طاحت تِلْكَ الإِشَارَاتُ، وَغَابَتْ تِلْكَ العِبَارَاتُ، وَفَنِيَتْ تِلْكَ العُلُوْمُ، وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُوْمُ، وَمَا نَفَعَنَا إلَّا رَكَعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا فِي الأَسْحَارِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: ذُكِرَ لِي أَنَّهُم حَزَرُوا الجَمْعَ يَوْمَ جَنَازَةِ الجُنَيْدِ الَّذِيْنَ صَلَّوْا عَلَيْهِ نَحْوَ سِتِّيْنَ أَلْفاً، وَمَا زَالُوا يَنْتَابُوْنَ قَبْرَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْوَ الشَّهْرِ، وَدُفِنَ عِنْدَ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ.
قُلْتُ: غَلِطَ مَنْ وَرَّخَهُ فِي سنة سبع وتسعين، والله أعلم.(11/49)
البرذعي والوليد بن حماد:
2555- البرذعي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَمَّارٍ الأَزْدِيُّ، البَرْذَعِيُّ. رَحَّالٌ، جَوَّالٌ، مُصَنِّفٌ.
سَمِعَ أَبَا كُرَيْبٍ، وَعَبْدَةَ الصَّفَّارَ، وَعَمْرَو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّسَ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى، وَبُنْدَاراً، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، وَأَبَا إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ الفُرَاتِ، وَأَبَا زُرْعَةَ، وَلاَزَمَهُ وَفَقُهَ بِهِ وَبِمُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ، وَابْنَ وَارَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفْصُ بنُ عُمَرَ الأَرْدُبِيْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بن طاهر الميانجي، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المِيْمَذِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيْرٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ طَاهِرٍ الحَافِظَ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو الحَافِظَ يَقُوْلُ: لَمَّا رَجَعْتُ مِنْ مِصْرَ، أَقَمْتُ ثَانِياً عِنْدَ أَبِي زُرْعَةَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ المُزَنِيِّ، فَكُلَّمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ مِمَّا يُخَالِفُ الشَّافِعِيَّ، بَقِيَ يَتَبَسَّمُ، وَيَقُوْلُ: لَمْ يَعْمَلْ صَاحِبُكَ شَيْئاً فِي اخْتِيَارِهِ، لاَ يُمْكِنُهُ الانْفِصَالُ فِيْمَا ادَّعَى. قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ شَيْئاً؟ قَالَ: لاَ، وَمَا جَالَسْتُهُ إلَّا يومين.
2556- الوليد بن حماد:
ابن جابر الحَافِظُ، أَبُو العَبَّاسِ الرَّمْلِيُّ، مُؤَلِّفُ كِتَابِ "فَضَائِلِ بيت المقدس".
حدث عن: سليمان بن بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَيَزِيْدَ بنِ مَوْهِبٍ الرَّمْلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَلَبِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَيَحْيَى بنِ يَعْقُوْبَ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ وَكِيْعٍ قَاضِي طبرية، وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ رَبَّانِيّاً.
ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُخْتَصَراً، وَلاَ أَعْلَمُ فِيْهِ مَغْمَزاً، وَلَهُ أُسْوَةُ غَيْرِهِ فِي رِوَايَةِ الوَاهِيَاتِ.
بَقِيَ إِلَى قَرِيْبِ الثَّلاَثِ مائة.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 742"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "13/ 147".(11/50)
ابراهيم بن محمود والأصبهاني:
2557- إبراهيم بن محمود:
ابن حمزة، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ بِنَيْسَابُوْرَ، أَبُو إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، تِلْمِيْذُ ابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
حَدَّثَ عَنْ: يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعِ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ العَلاَءِ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدُوْنَ، وَحَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّقَّاشُ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مَحْمُوْدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ عَمِّي؛ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَعْرَفُ بِطَرِيْقَةِ مَالِكٍ مِنْكَ، فَإِذَا رَجَعْتَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَادْعُ النَّاسَ إِلَى رَأْي مَالِكٍ.
قَالَ: وَكَانَ عَمِّي يَصُوْمُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَلاَ يَدَعُ الجِهَادَ فِي كل ثلاث سِنِيْنَ. ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ يُعْرَفُ بِالقَطَّانِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ بِنَيْسَابُوْرَ لِلْمَالِكيَّةِ مُدَرِّسٌ. وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ الكَرَابِيْسِيَّ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ الفَقِيْهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدٍ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ ومائتين.
2558- الأصبهاني 1:
إِمَامُ القُرَّاءِ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبِيْبٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
اعْتَنَى بِقِرَاءةِ وَرْشْ، وَحَذَقَ فِيْهَا، فَتَلاَ عَلَى: عَامِرٍ الحَرَسِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الرِّشْدِيْنِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ دَاوُدَ "بنِ" أَبِي طَيْبَةَ. وَسَمِعَ الحُرُوْفَ مِنْ: يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى.
وَرَوَى الحَدِيْثَ عَنْ دَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ مُشْكُدَانَةَ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
قَرَأَ عَلَيْهِ: هِبَةُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المُطَرِّزُ، وَمُحَمَّدُ بُنُ يُوْنُسَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ جَعْفَرٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عبد الوهاب الأصبهاني، وآخرون.
وَكَانَ يَقُوْلُ: ارْتَحَلْتُ إِلَى مِصْرَ وَمَعِي ثَمَانُوْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقْتُهَا عَلَى ثَمَانِيْنَ خَتْمَةً.
وَلَقَدْ بَالَغَ فِي تَعْظِيْمِهِ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَقَالَ: هُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ فِي قِرَاءةِ وَرْشْ.
قُلْتُ: مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في تاريخ أصبهان "2/ 226"، وتاريخ بغداد "2/ 364".(11/51)
المري وأبو الآذان:
2559- المري:
الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الوَلِيْدِ بنِ سَعْدٍ المُرِّيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، المُقْرِئُ.
رَوَى عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ، وَأَبِي اليَمَانِ، وَآدَمَ بنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ آدَمَ، وَابْنُ أَبِي العَقِبِ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. أَرَّخَهُ: ابْنُ زَبْرٍ.
2560- أَبُو الآذَانِ 1:
الحَافِظُ العَالِمُ المُتْقِنُ القُدْوَةُ، أَبُو الآذَانِ عُمَرُ بن إبراهيم البغدادي.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى العَنْزِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المِسْوَرِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ المُقَوِّمِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ العَطَّارِ، وَطَبَقَتِهِم مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَوَكِيْعٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" -وَهُوَ أَكْبَرُ سِنّاً مِنْهُ- وَابْنُ قَانِعٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمُظَفَّرُ بنُ يَحْيَى، وَطَائِفَةٌ. أَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، قَالَ: حُكِيَ أَنَّ أَبَا الآذَانِ طَالَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَدْخِلْ يَدَكَ وَيَدِي فِي النَّارِ، فَمَنْ كَانَ مُحِقّاً لَمْ تَحْتَرِقْ يَدُهُ. فَذُكِرَ أَنَّ يَدَهُ لَمْ تَحْتَرِقْ، وَأَنَّ يَدَ اليَهُودِيِّ احْتَرَقَتْ.
تُوُفِّيَ أَبُو الآذَانِ فِي سَنَةِ تسعين ومائتين، وله ثلاث وستون سنة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 215"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 744"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 205".(11/52)
قرطمة وابن صدقة:
2561- قرطمة 1:
الحَافِظُ المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ، قِرْطِمَةُ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَالزَّعْفَرَانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى. وَلَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ، وَحِفْظٌ بَاهِرٌ، وَقَلَّ مَا رَوَى.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ ابْنَ عقدة يقول: سمعت ابن يمان يَقُوْلُ: النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ فِي الحِفْظِ! وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ قِرْطِمَةَ!
قَالَ الخَطِيْبُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ ومائتين.
2562- ابن صدقة 2:
الإِمَامُ الحَافِظُ المُتْقِنُ الفَقِيْهُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَدَقَةَ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ بِمَسَائِلَ. وَعَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِسْكِيْنٍ اليَمَامِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ النَّشَاسْتَجِيِّ، وَصَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَطَّانِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالفَقِيْهُ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مُجَاهِدٍ.
وَكَانَ نَقَّالاً لِكُتُبٍ مِنَ القِرَاءاتِ وَمَسَائِلِهِ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مُدَوَّنَةً، وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالإِتْقَانِ وَالتَّثَبُّتِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَلاَّنٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَةَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبِي، عن عثمان بن مُرَّةَ، عَنِ القَاسِمِ: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُوْنَ عَذَاباً لاَ يُعَذَّبُهُ أَحَدٌ مِنَ العَالَمِيْنَ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ" 3.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: كَانَ ابْنُ صَدَقَةَ من الضبط والحذق على نهاية.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 65"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 745"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "4/ 107"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 205".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 40"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 746"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 215".
3 صحيح: أخرجه البخاري "2105"، ومسلم "2106" "96"، والنسائي "8/ 215"، وابن ماجه "2151"، وأحمد "6/ 70 و80 و223".(11/53)
قنبل ويوسف القاضي:
2563- قنبل 1:
إِمَامٌ فِي القُرَّاءِ مَشْهُورٌ، وَهُوَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ مَوْلاَهُمُ، المَكِّيُّ. عَاشَ: سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تَلاَ عَلَى: أَبِي الحَسَنِ القَوَّاسِ، وَغَيْرِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ شَنَبُوْذٍ، وَابْنُ مُجَاهِدٍ، وَابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ شَوْذَبٍ الوَاسِطِيُّ.
يُقَالُ: هَرِمَ وَتَغَيَّرَ.
وَقَدْ طَوَّلْتُهُ فِي "طَبَقَاتِ القُرَّاءِ".
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
2564- يوسف القاضي 2:
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي السُّنَنِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، القَاضِي، أَبُو مُحَمَّدٍ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ بنِ دِرْهَمٍ الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ.
حَرَصَ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، فَإِنَّهُم بَيْتُ عِلْمٍ.
وَسَمِعَ وَهُوَ حَدَثٌ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ العَبْدِيِّ، وَمُسَدَّدِ بنِ مُسَرْهَدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَدَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ ابن كَيْسَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَكَانَ أَسْنَدَ أَهْلِ زَمَانِهِ ببغداد.
__________
1 ترجمته في معجم الأدباء لياقوت الحموي "17/ 17"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 42"، والعبر "2/ 89"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 208".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 310"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 96"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 680"، والعبر "2/ 109"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 171"، وشذرات الذهب "2/ 227".(11/54)
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، صَالِحاً، عَفِيْفاً، مَهِيْباً، سَدِيْدَ الأَحْكَامِ، وَلِيَ القَضَاءَ بِالبَصْرَةِ وَوَاسِطَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَضُمَّ إِلَيْهِ قَضَاءُ الجانب الشرقي من بغداد.
وفِي "تَارِيْخِ الخَطِيْبِ": أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا دَخَلَ عَلَى يُوْسُفَ القَاضِي، فَسَأَلَهُ عَنْ قُوَّتِهِ، فَقَالَ القَاضِي: أَجِدُنِي كَمَا قَالَ سِيْبَوَيْه:
لاَ يَنْفَعُ الهِلْيَوْنُ وَالأَطْرِيْفُلُ ... انْخَرَقَ الأَعْلَى وَخَارَ الأَسْفَلُ
وَنَحْنُ فِي جِدٍّ وَأَنْتَ تَهْزِلُ
فَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا:
أُرَانِيَ فِي انْتِقَاصٍ كُلَّ يَوْمٍ ... وَلاَ يَبْقَى مَعَ النُّقْصَانِ شَيُّ
طَوَى العَصْرَانِ مَا نَشَرَاهُ مِنِّي ... فَأَخْلَقَ جِدَّتِي نَشْرٌ وَطَيُّ
مَاتَ يُوْسُفُ القَاضِي -رَحِمَهُ اللهُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمِنْ تَآلِيْفِهِ: كِتَابُ "العِلْمِ" سَمِعنَاهُ، وَ"الزَّكَاةِ"، وَ"الصِّيَامِ".
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ إِجَازَةً قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا محمد ابن عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو خِدَاشٍ، عَنْ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "المُسْلِمُوْنَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي النار، والكلأ، والماء".
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُسَدَّدٍ.
وَأَبُو خِدَاشٍ هَذَا: هُوَ حِبَّانُ بنُ زَيْدٍ الشَّرْعَبِيُّ الحِمْصِيُّ، مَا عَلِمْتُ رَوَى عَنْهُ سِوَى حَرِيْزٍ، وَشُيُوْخُهِ قَدْ وُثِّقُوا مُطْلَقاً.
وَكَانَ وَالِدُهُ يَعْقُوْبُ قَاضِي المَدِيْنَةِ.
سَمِعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نَاجِيَةَ، وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ، وَطَائِفَةٌ. وَلَقَّنَ لِحَفِيْدِهِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي حَدِيْثاً حَفِظَهُ عَنْهُ.
وَمَاتَ بِفَارِسِ، عَلَى قَضَائِهَا، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَهُوَ ثِقَةٌ.(11/55)
على بن أبي طاهر والخفاف:
2565- علي بن أبي طاهر:
الإِمَامُ الحَافِظُ الأَوْحَدُ الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَاهِرٍ أَحْمَدَ بنِ الصَّبَّاحِ القَزْوِيْنِيُّ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ تَوْبَةَ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً، وَبُنْدَاراً، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ القطان، ومحمد بن الحسن القاضي، وَغَيْرُهُمَا. وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَثبَاتِ.
وَثَّقَهُ الخَلِيْلِيُّ، وَقَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ يَحْكِي عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَزِيْدَ: أَنَّ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَاهِرٍ لَمَّا رَحَلَ إِلَى الشَّامِ، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ جَعَلَ كُتُبَهُ فِي صُنْدُوْقٍ، وقيَّره، وَرَكِبَ البَحْرَ، فَاضْطَرَبَتِ السَّفِيْنَةُ وَمَاجَتْ، فَأَلقَى الصُّنْدُوقَ فِي البَحْرِ، ثُمَّ سَكَنَتِ السَّفِيْنَةُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا، أَقَامَ عَلَى السَّاحِلِ ثَلاَثاً يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ سَجَدَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ طَلَبِي ذَلِكَ لِوَجْهِكَ وَحُبِّ رَسُوْلِكَ، فَأَغِثْنِي بِرَدِّ ذَلِكَ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا بِالصُّنْدُوْقِ مُلْقَىً عِنْدَهُ، فَقَدِمَ، وَأَقَامَ بُرْهَةً، ثُمَّ قَصَدُوهُ لِسَمَاعِ الحَدِيْثِ، فَامْتَنَعَ مِنْهُ. قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَنَامِي، وَمَعَهُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عليُّ، مَنْ عَامَلَ اللهُ بِمَا عَامَلَكَ بِهِ عَلَى شَطِّ البَحْرِ؟! لاَ تَمْتَنِعْ مِنْ رِوَايَةِ أَحَادِيْثِي. قَالَ: فَقُلْتُ: قَدْ تُبْتُ إِلَى اللهِ. فَدَعَا لِي، وَحَثَّنِي عَلَى الرِّوَايَةِ.
ذَكَرَهُ الخَلِيْلِيُّ فِي مَشَايخِ القَطَّانِ، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، رَحِمَهُ اللهُ.
2566- الخَفَّاف:
الحَافِظُ العَالِمُ الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ النَّيْسَابُوْرِيّ، الخَفَّافُ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الرباطي، ومحمد بن رافع، ومحمد بن إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، وَطَبَقَتِهِم. وَلاَزَمَ البُخَارِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ -وَهُوَ أَسْنَدُ مِنْهُ- وَمُحَمَّدُ بنُ أَبْيَضَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَرْدِ، وَآخَرُوْنَ.
وَرِوَايَة النَّسَائِيِّ عَنْهُ فِي كِتَابِ "الكُنَى".
وَهُوَ مِمَّنْ فَاتَ الحَاكِمَ ذِكْرُهُ فِي "تَارِيْخِ نَيْسَابُوْرَ".
تُوُفِّيَ بِمِصْرَ، فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَانَ مِنَ البصراء بهذا الشأن.(11/56)
ابن الصفار وعبيد العجل:
2567- ابن الصَّفَّار:
مُفْتِي الأَنْدَلُسِ مَعَ ابْنِ لُبَابَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى.
ارْتَحَلَ، وَأَخَذَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ صالح المصري، ويونس، وابن أخي بن وَهْبٍ، وَالعُتْبِيِّ، وَابْنِ وَضَّاحٍ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَهُوَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ القُرْطُبِيُّ، ابْنُ الصَّفَّارِ.
وَمَاتَ ابْنُهُ العَلاَّمَةُ المُفْتِي أَبُو الوَلِيْدِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ: سنة إحدى وثلاث مائة، كهلًا.
2568- عُبَيْدٌ العِجْل 1:
الحَافِظُ الإِمَامُ المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِمٍ البَغْدَادِيُّ؛ تِلْمِيْذُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
حَدَّثَ عَنْ: دَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَأَبِي هُمَامٍ الوَلِيْدِ بنِ شُجَاعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ الطَّسْتِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَنَقَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، مُتْقِناً، حَافِظاً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي: كَانَ مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ فِي حِفْظِ "المُسْنَدِ" خَاصَّةً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: كُنَّا نَحْضُرُ مَعَ عُبَيْدٍ، فَيَنْتَخِبُ لَنَا، فَإِذَا أَخَذَ الكِتَابَ بِيَدِهِ، طَارَ مَا فِي رَأْسِهِ، فَنُكَلِّمُهُ، فَلاَ يَرُدُّ، فَإِذَا فَرَغَ، قُلْنَا: كَلَّمْنَاكَ فَلَمْ تُجِبْنَا؟! قَالَ: إِذَا أَخَذْتُ الكِتَابَ بِيَدِي، يَطِيْرُ عَنِّي مَا فِي رَأْسِي، يَمُرُّ بِي حَدِيْثُ الصَّحَابِيِّ، وَأَنَا أَحْتَاجُ أَنْ أُفَكِّرَ فِي مسند ذلك الصَّحَابِيِّ، مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، هَلِ الحَدِيْثُ فِيْهِ أَمْ لاَ؟ أَخَافُ أَنْ أَزِلَّ فِي الانْتِخَابِ، وَأَنْتُمْ شَيَاطِيْنُ قَدْ قَعَدْتُمْ حَوْلِي.
قِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ هُوَ الَّذِي لَقَّبَهُ عُبَيْداً العِجْلَ.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ من أبناء الثمانين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 93"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 61"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 692"، والعبر "2/ 98"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 161"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 216".(11/57)
البربري والبراثي:
2569- البربري 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ البَاهِرُ الأَخْبارِيُّ، أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ حَمَّادٍ البَرْبَرِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ القَوَارِيْرِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ صَالِحٍ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي، وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَابْنُ قَانِعٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَخْبَارِيّاً، فَهْماً، ذَا مَعْرِفَةٍ بِأَيَّامِ النَّاسِ، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحُمْرَةِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قُلْتُ: غَيْرُهُ أَتْقَنُ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، يُذْكَرُ مع المعمري وَالحُفَّاظِ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ الطَّبَرَانِيُّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: توفي سنة أربع وتسعين ومائتين.
2570- البراثي 2:
الإِمَامُ المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ المُجَوِّدُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ البَغْدَادِيُّ، البَرَاثِيُّ.
تَلاَ عَلَى: خَلَفِ بنِ هِشَامٍ، فَكَانَ خَاتِمَةَ أَصْحَابِهِ. وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَطَبَقَتِهِم.
أَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْفَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي هَاشِمٍ، فَهُوَ أَعْلَى مَنْ لَقِيَ.
وَرَوَى عَنْهُ: مَخْلَدٌ البَاقَرْحِيُّ، وَالجِعَابِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلي، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْوَصُ بنُ المُفَضَّلِ الغَلاَبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سعيد العسكري، ومحمد بن الحسن ابن سَمَاعَةَ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ القَتَّاتُ، والحسين بن أبي الأحوص الثقفي، وأحمد ابن عبد الرحمن بن عقال الحراني.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 243"، وميزان الاعتدال "4/ 51"، ولسان الميزان "5/ 400".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 3-4"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 181".(11/58)
محمد بن حبان ومحمد بن حبان:
2571- محمد بن حبان 1:
ابن الأزهر، المُسْنِدُ المُعَمَّرُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ العَبْدِيُّ، البَصْرِيُّ، القَطَّانُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَغَيْرِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَبَنْكَ، وَجَمَاعَةٌ سِوَى هَؤُلاَءِ مِمَّنْ أَخَذُوا عَنْهُ بِبَغْدَادَ.
ضَعَّفَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ الحَافِظُ، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ بَغْدَادَ.
قَالَ ابْنُ سَبَنْكَ: أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ عَنِ ابْنِ حُبَّانٍ، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: جَاوَزَ مائَةَ عَامٍ فِيْمَا أرى.
2572- ومحمد بن حبان 2:
ابن بَكْرِ بنِ عَمْرٍو البَاهِلِيُّ البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ المُخَرِّمِ؛ مِنْ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: أُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ، وَكَثِيْرِ بنِ يَحْيَى، وَكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدِ بن المنهال، وطائفة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 231"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 126"، والعبر "2/ 119" وميزان الاعتدال "3/ 508"، ولسان الميزان "5/ 115"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 237".
2 ترجمته في الإكمال لابن ماكولا "2/ 307-308".(11/59)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطبراني، وغيرهما.
كَأَنَّهُ الأَوَّلُ إِنْ شَاءَ اللهُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الأَزْهَرَ لَقَبٌ لِبَكْرِ بنِ عَمْرٍو، أَوْ هُوَ جَدٌّ أَعْلَىً لَهُ، أَوْ وَقَعَ وَهْمٌ فِي نَسَبِهِ. وَقَدْ وَهِمَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ حَبَّانَ -بِالفَتْحِ- حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ. قَالَ: وَبِضَمِّ الحَاءِ: مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ، حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو قتيبة سلم ابن الفَضْلِ.
قَالَ الصُّوْرِيُّ: هُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ بِالضَّمِّ.
قُلْتُ: لَيْسَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنْهُ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ عَنْ كَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، أَوْرَدَهُ لَهُ فِي "مُعْجَمِهِ الأَوْسَطِ"، وَ"مُعْجَمِهِ الأَصْغَرِ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: لَيْسَ بِذَاكَ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلاَ: مُحَمَّدُ بنُ حَبَّانَ بنِ الأَزْهَرِ البَاهِلِيُّ -بِالفَتْحِ- رَوَى عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّهْرَدَيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَبَّانَ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ. ذَكَرَهُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَهُوَ مُتْقِنٌ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ شَيْخِ شَيْخِهِ، وَكَانَ القَاضِي الذُّهْلِيُّ مِنَ المُتَثَبِّتِيْنَ، لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ شُيُوخِهِ.
وَقَالَ الصُّوْرِيُّ: إِنَّمَا هُمَا وَاحِدٌ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: لاَ، بَلْ هُمَا اثْنَانِ، وَالنِّسْبَةُ تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ الجَدُّ، فَإِنْ كَانَ شَيْخُنَا الصُّوْرِيُّ قَدْ أَتْقَنَهُ بِالضَّمِّ، فَقَدْ غَلِطَ فِي تَصَوُّرِهِ: أَنَّهُمَا هُمَا وَاحِدٌ، وَهُمَا اثْنَانِ، كُلٌّ مِنْهُمَا مُحَمَّدُ بنُ حبَّانَ، وَإِنْ لم يكن أتقنه فَالأَوَّلُ بِالفَتْحِ، وَهَذَا بِالضَّمِّ.
قُلْتُ: مَا قَالَ الصوري: هما اثنان، إلَّا باعتبار المسميين المَذْكُوْرَيْنِ، أَمَّا بِاعْتِبَارِ الرَّجُلِ الآخَرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَيَصِيْرُوْنَ ثَلاَثَةً. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ بنِ بَكْرِ بنِ عَمْرٍو البَصْرِيُّ، نَزَلَ بَغْدَادَ فِي المُخَرِّمِ، وَحَدَّثَ عَنْ: أُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ، وَغَيرِهِمَا.
قُلْتُ: الظَّاهِرُ -كَمَا قُلْنَا- إِنَّهُمَا وَاحِدٌ، وَالَّذِي لاَ أَرْتَابُ فِيْهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ حُبَّانٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، رَجُلٌ وَاحِدٌ مُعَمَّرٌ، وَهُوَ بِالضَّمِّ، وَقَدْ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ أَبُوْهُ حبَّانُ بِالضَّمِّ وَبَالفَتْحِ، فالله أعلم.(11/60)
الطَّبَقَةُ السَّابِعَةَ عَشَرَ:
2573- الفِرْيَابِيُّ 1:
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ المُسْتَفَاضِ. الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ الفِرْيَابِيُّ، القَاضِي.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ: أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَرَّخَ مَوْلِدَهُ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ.
قُلْتُ: ارْتَحَلَ مِنْ فِيْرِيَابَ -وَهِيَ مَدِيْنَةٌ مِنْ بِلاَدِ التُّرْكِ- إِلَى بلاد ما وَرَاءِ النَّهْرِ، وَخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالجَزِيْرَةِ، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ، وَتَمَيَّزَ فِي العِلْمِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الدِّيْنَوَرِ.
حَدَّثَ عَنْ: شَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَائِذٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بن أبي شيبة، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبِي قُدَامَةَ السَّرَخْسِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ مَوْهِبٍ الرَّمْلِيِّ، وَهَدِيَّةَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ المَرْوَزِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خَالِدٍ العُثْمَانِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيِّ، وَأَبِي كَامِلٍ الجَحْدَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عِيْسَى التُّسْتَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ، وَتَمِيْمِ بنِ المُنْتَصِرِ، وَأَبِي الأَصْبَغِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ يَحْيَى، وَمِنْجَابِ بن الحارث، ومحمد ابن مُصَفَّى، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافِعَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وأبو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَبِي العَقِبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عبد
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 199"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 124"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 714"، والعبر "2/ 119"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 235".(11/61)
اللهِ -وَالِدُ تَمَّامٍ الرَّازِيِّ- وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيْقِهِ "صِفَةُ المُنَافِقِ" عَالِياً.
قَالَ الخَطِيْبُ: جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ قَاضِي الدِّيْنَوَرِ كَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمِنْ أَهْلِ المَعْرِفَةِ وَالفَهْمِ، طَوَّفَ شَرْقاً وَغَرْباً، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الزَّيَّاتِ، قَالَ: لَمَّا وَرَدَ الفِرْيَابِيُّ إِلَى بَغْدَادَ، اسْتُقْبِلَ بِالطَّيَّارَاتِ، وَالزَّبَازِبِ، وَوُعِدَ لَهُ النَّاسُ إِلَى شَارِعِ المَنَارِ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ. قَالَ: فَحَضَرَ مَنْ حُزِرُوا، فَقِيْلَ: كَانُوا نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَكَانَ المُسْتَمْلُوْنَ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ نَفْساً.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَافِ: سَمِعْتُ الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ: كُلُّ مَنْ لَقِيْتُهُ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إلَّا مِنْ لَفْظِهِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَيْخَيْنِ: أَبِي مُصْعَبٍ فَإِنَّهُ ثَقُلَ لِسَانُهُ، وَالمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ بِالمَوْصِلِ، وَكَتَبْتُ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ: لَمَّا سَمِعْتُ مِنَ الفِرْيَابِيِّ، كَانَ فِي مَجْلِسِهِ مِنْ أَصْحَابِ المَحَابِرِ مَنْ يَكْتُبَ حُدُوْدَ عَشْرَةِ آلاَفِ إِنْسَانٍ، مَا بَقِيَ مِنْهُم غَيْرِي، هَذَا سِوَى مَنْ لاَ يَكْتُبُ. ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي.
قُلْتُ: سَمَاعُهُ مِنْهُ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: كُنَّا نَشْهَدُ مَجْلِسَ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَفِيْهِ عَشْرَةُ آلاف، أو أكثر.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: الفِرْيَابِيُّ قَاضِي الدِّيْنَوَرِ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَطَعَ الفِرْيَابِيُّ الحَدِيْثَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: دَخَلْتُ بَغْدَادَ وَالفِرْيَابِيُّ حَيٌّ، وَقَدْ أَمْسَكَ عَنِ التَّحْدِيْثِ، وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَنَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كُنَّا نَرَاهُ حَسْرَةً.
قُلْتُ: نِعْمَ مَا صَنَعَ، فَإِنَّهُ أَنِسَ مِنْ نَفْسِهِ تَغَيُّراً، فَتَوَرَّعَ، وَتَرَكَ الرِّوَايَةِ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأزدي البصري.
فأنبأنا مسلم بنُ مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَةٌ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ قُبَيْسٍ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا محمد ابن يَحْيَى الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو(11/62)
جُنَادَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِنَاسٍ مِنَ النَّاسِ إِلَى الجَنَّةِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا منها، واستنشقوا ريحها ... "، وذكر الحديث.
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَاهُ جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو مِثْلَهُ.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ السَّدُوْسِيُّ: سَمِعْتُ الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ: كُلُّ مِنْ لَقِيْتُهُ بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَالأَمْصَارِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إلَّا مِنْ لَفْظِهِ، إلَّا أَبَا مُصْعَبٍ -وَسَمَّى آخَرَ، يَعْنِي: مُعَلَّى بنَ مَهْدِيٍّ- فَإِنَّهُمَا كَانَا قَدْ كَبِرَا وَضَعُفَا.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ: رَأَيْتُ مَجْلِسَ الفِرْيَابِيِّ يُحْزَرُ فِيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ مِحْبَرَةٍ، وَكَانَ الوَاحِدُ يَحْتَاجُ أَنْ يَبِيْتَ فِي المَجْلِسِ، لِيَجِدَ مَعَ الغَدِ مَوْضِعاً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ الفِرْيَابِيُّ مَأْمُوْناً، مَوْثُوقاً بِهِ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: جَعْفَرٌ الفريابي ثقة، متقن.
قال الدراقطني: مَاتَ الفِرْيَابِيُّ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الأَرْبعَاءِ، فِي مُحَرَّمٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً. قَالَ: وَكَانَ قَدْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْراً فِي مَقَابِرِ أَبِي أَيُّوْبَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسِ سِنِيْنَ، وَلَمْ يُقْضَ أَنْ يُدْفَنَ فِيْهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ: مَاتَ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
وَأَمَّا عِيْسَى الرُّخَّجِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَوْلُ عِيْسَى هُوَ الصَّحِيْحُ. كَذَلِكَ ذَكَرَ غير واحد.
وَفِيْهَا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ الجَعْدِ الوَشَّاءُ البَغْدَادِيُّ.
وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ.
وَالحَافِظُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيُّ.
وَالحَافِظُ بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقْبِلٍ البَصْرِيُّ.
وَمُقْرِئُ بَغْدَادَ الحَسَنُ بنُ الحُبَابِ.
وَالمُحَدِّثُ أَبُو مَعْشَرٍ الحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ.(11/63)
وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ الهَرَوِيُّ.
وَالحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ البَرْبَرِيُّ بِبَغْدَادَ.
وَشَيْخ الحَرَمِ عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ المَكِّيُّ الزَّاهِدُ.
وزَاهِدُ دِمَشْقَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَيِّدِ حَمْدُوَيْه.
وَمُسْنِدُ العِرَاقِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ -بِضَمِّ الحَاءِ- البَاهِلِيُّ.
مَشْيَخَةٌ عَلَى "المُعْجَمِ" لِلْفِرْيَابِيِّ، التَقَطَهُم شَيْخُنَا المِزِّيُّ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيُّ الخَلاَّلُ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، إِبْرَاهِيْمُ بن عبد الرحيم ابن دَنُوْقَا، إِبْرَاهِيْمُ بنُ العَلاَءِ الزُّبَيْدِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِشَامِ بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيُّ. أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ الزَّاهِدُ، أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الخَلاَّلُ -بَغْدَادِيٌّ- أَحْمَدُ ابن عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي العَتَكِيِّ السَّمَرْقِنْدِيُّ، أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى المِصْرِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ الرَّازِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ البَغَوِيُّ، أَحْمَدُ بنُ الهَيْثَمِ. إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَبِيْبٍ، إِسْحَاقُ بنُ بُهْلُوْلٍ الأَنْبَارِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه الحَافِظُ، إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ النَّصِيْبِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ الكَوْسَجُ، إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ. إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَيْفٍ الرِّيَاحِيُّ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ، أُمَيَّةُ بنُ بِسْطَامَ العَيْشِيُّ.
بِشْرُ بنُ هِلاَلٍ، بَكْرُ بنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ.
تَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِرِ.
حِبَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ، حَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، الحَسَنُ بنُ سَهْلٍ الخَيَّاطُ، الحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ، الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَلِيٍّ، الحُسَيْنُ بنُ عِيْسَى القُوْمِسِيُّ، الحَكَمُ بنُ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ، حَكِيْمُ بنُ سَيْفٍ، حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ.
خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ.
دَاوُدُ بنُ مِخْرَاقٍ الفِرْيَابِيُّ.(11/64)
رَجَاءُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ، رَوْحُ بنُ الفَرَجِ أَبُو الزِّنْبَاعِ، رِيَاحُ بنُ الفَرَجِ الدِّمَشْقِيُّ.
زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ، زَيْدُ بنُ أَخْزَمَ، أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ، زِيَادُ بنُ يَحْيَى الحَسَّانِيُّ.
سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ العَابِدُ، سَعِيْدُ بنُ يَعْقُوْبَ الطَّالْقَانِيُّ، سَلاَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ، سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوْبَ، سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدِ الحَدَثَانِيُّ، سُلَيْمَانُ بنُ معَبْدٍ السِّنْجِيُّ.
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ الأُبُلِّيُّ.
صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ المُؤَذِّنُ.
طَاهِرُ بنُ خَالِدِ بنِ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ.
عَاصِمُ بنُ النَّضْرِ الأَحْوَلُ، العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ العَنْبَرِيُّ، العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيُّ، العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ. عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ البرمكي، عبد الله ابن أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الحِمْصِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ الجُعْفِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ أَبِي سَعِيْدٍ الوَرَّاقُ، عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلاَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ. عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَيَانٍ، عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ حَبِيْبٍ الفِرْيَابِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ دُحَيْمٌ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، عَبْدُ السَلاَّمِ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بِحَرَّانَ، عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي يَحْيَى الحَرَّانِيُّ، عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ المَصِّيْصِيُّ، عَبْدُ الواحد ابن غِيَاثٍ. عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيُّ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُعَاذٍ، عُبَيْدُ بنُ هِشَامٍ أَبُو نُعَيْمٍ، عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عِصَامُ بنُ الحُسَيْنِ الجُوْزَجَانِيُّ، عُقْبَةُ بنُ مُكْرِمٍ العَمِّيُّ، عُقْبَةُ بنُ مُكْرِمٍ الضَّبِّيُّ. عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ الأَوْدِيُّ، عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ السَّمَرْقِنْدِيُّ، عَلِيُّ بنُ سَهْلِ بنِ المُغِيْرَةِ، عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَلِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ الرَّقِّيُّ، عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ الجَهْضَمِيُّ. عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، عَمْرُو بنُ عَبْدُوْسٍ الإسْكَنْدَرَانِيُّ، عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ، عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ، عَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، عَمْرُو بنُ هِشَامٍ الحَرَّانِيُّ، عَنْبَسَةُ بنُ سَعِيْدٍ الشَّاشِيُّ أَبُو المُنْذِرِ، عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عُمَيْرٍ الرَّمْلِيُّ.
الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، الفَضْلُ بنُ مُقَاتِلٍ البَلْخِيُّ، فُضَيْلٌ أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِيُّ.
القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ.(11/65)
مُحَمَّدُ بنُ آدَمَ المَصِّيْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الجُنَيْدِ، مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ أَبُو حَاتِمٍ، محمد ابن إِسْحَاقَ أَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الرَّافِعِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ العَيْشِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ حَاتَمٍ بِطَرَسُوْسَ، مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ النَّشَائِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَلْخِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ العسقلاني، محمد بن سلام الجمحي، محمد ابن سمَاعَةَ الرَّمْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ كَعْبٌ الذَّارِعُ، مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادٍ المَكِّيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عُبَادَةَ الوَاسِطِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَكَّارٍ البُسْرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، محمد ابن عَبْدِ المَلِكِ بنِ زَنْجَوَيْه، مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشّوَاربِ.
مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابِ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَتَّابٍ الأَعْيَنُ، مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَزِيْزٍ الأَيْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ فَرْقَدٍ الجَزَرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ مَاهَانَ المَصِّيْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ، مُحَمَّدُ بنُ مُجَاهِدٍ، مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى الحِمْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ مَهْدِيٍّ الأَيْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ الوَاسِطِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ، مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، مُزَاحِمُ بنُ سَعِيْدٍ المَرْوَزِيُّ، المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، مُطَّلِبُ بنُ شُعْبَةَ المِصْرِيُّ، مُعَلَّى بنُ مَهْدِيٍّ المَوْصِلِيُّ، المُغِيْرَةُ بنُ مَعْمَرٍ، مِنْجَابُ بنُ الحَارِثِ التَّمِيْمِيُّ، مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القلاء، موسى بن السندي، موسى ابن حَيَّانَ، مَيْمُوْنُ بنُ أَصْبَغَ.
نَافِعُ بنُ خَالِدٍ الطَّاحِيُّ، نَصْرُ بنُ عَاصِمٍ، نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ.
هَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ، هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالُ، هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ القَيْسِيُّ، هَدِيَّةُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، هُرَيْمُ بنُ مِسْعَرٍ التِّرْمِذِيُّ، هِشَامُ بنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ، هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ أَبُو تَقِيٍّ، هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، الهَيْثَمُ بنُ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيُّ.
الوَلِيْدُ بنُ شُجَاعٍ أَبُو هَمَّامٍ، الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُسَرَّحٍ، وَهْبُ بنُ بَقِيَّةَ.
أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بنُ خَلَفٍ، يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيُّ، يَحْيَى بنُ عَمَّارٍ المَصِّيْصِيُّ، يَزِيْدُ بنُ خَالِدِ بنِ مَوْهَبٍ، يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، يَعْقُوْبُ بنُ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، يُوْسُفُ بنُ الفَرَحِ الكِشِّيُّ، يُوْنُسُ بنُ حَبِيْبٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي النَّضْرِ الفِرْيَابِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيِّ، أَخْبَرَكُمُ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ(11/66)
الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ". أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، عَنْ هُدْبَةَ بِتَمَامِهِ.
فصل:
وَفِي العُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ، اسْمُهُم: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ مَرَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ، وَأَجَلُّهُم:
جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الثَّعْلَبِيُّ: كُوْفِيٌّ، صَدُوْقٌ، خَرَّجَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَبَقَةِ أَبِي كُرَيْبٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ الرَّسْعَنِيُّ: شَيْخٌ، ثِقَةٌ، مِنْ مَشْيَخَةِ التِّرْمِذِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الهُذَيْلِ الكُوْفِيُّ القَنَّادِ: مِنْ شُيُوْخِ النَّسَائِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ: نَزِيْلُ حران، يروي عن أبي نعيم، وطبقته.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ الوَرَّاقُ: يَرْوِي عَنْ يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٍ، ثِقَةٌ، مُجَوِّدٌ، أَخَذَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَالمَحَامِلِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَبَال: يَرْوِي عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ، ثِقَةٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ القُوْمِسِيُّ: يَرْوِي عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَعِدَّةٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ: يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، ثِقَةٌ كَبِيْرٌ، نَزَلَ مُرَابِطاً بِأَذَنَةَ، حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْدِيْجِيُّ، وَالأَصَمُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّامَرِّيُّ البَزَّازُ: حَدَّثَ عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُرْوَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعَ: حَفْصَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالجَارُوْدَ بنَ يَزِيْدِ، قَدِيْمُ المَوْتِ، مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.(11/67)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَعْقَاعِ: بِبَغْدَادَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي: عَنْ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ وَأَقرَانِهِ، رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي، وَغَيْرُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ البَغْدَادِيُّ الصَّائِغُ: العَبْدُ الصَّالِحُ، سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، ثِقَةٌ، متقن، شهير، عواليه في "الغيلانيات".
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، أَبُو يَحْيَى الزَّعْفَرَانِيُّ الرَّازِيُّ: حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الفَرَّاءِ، وَطَبَقَتِهِ، ثِقَةٌ، مُفَسِّرٌ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ الرَّقِّيُّ القَطَّانُ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وُثِّقَ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ، أَبُو الفَضْلِ الرَّمْلِيُّ القَلاَنِسِيُّ: عَنْ عَفَّانَ وَآدَمَ، لَقِيَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَخَيْثَمَةُ، صَدُوْقٌ، عَابِدٌ، كَبِيْرُ القَدْرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ البَغْدَادِيُّ: حَافِظٌ، نَبِيْلٌ، يُكْنَى: أَبَا الفَضْلِ، عَنْ: عَفَّانَ، وَعَارِمٍ، وَطَبَقَتِهِمَا، رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَنْدَقِيُّ الخَبَّازُ: يَرْوِي عَنْ: خَالِدِ بنِ خِدَاشٍ، وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ العَبَّادَانِيُّ: عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَطَبَقَتِهِ، حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُزَالٍ السِّمْسَارُ: عَنْ: عَفَّانَ، وَسَعْدَوَيْه، رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّسْتِيُّ، لَيْسَ بِمُتْقِنٍ، يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ البَالِسِيُّ: سَمِعَ: النُّفَيْلِيَّ، وَالحَكَمَ بنَ مُوْسَى.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ المُؤَدِّبُ: عَنْ عَفَّانَ، لَحِقَهُ الطَّسْتِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ المُؤَدِّبُ الوَرَّاقُ: عَنْ: سَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَابْنِ حُمَيْدٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ ابْنُ الحَمَّارِ: يَرْوِي عَنْ: يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَغَيْرِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرَفَةَ المُعَدَّلُ: بَغْدَادِيٌّ، مِنْ مَشْيَخَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّسْتِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَرِيْكٍ: أَصْبَهَانِيٌّ، عَنْ لُوَيْنٍ، وَعَنْهُ: أَبُو الشَّيْخِ، وَالعَسَّالُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ بنِ بُرَيْقٍ المُخَرِّمِيُّ: عَنْ خَلَفٍ البَزَّارِ، وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَغَيْرُهُ.(11/68)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَمَانٍ المُؤَدِّبُ: عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّاطُ صَاحِبُ أَبِي ثَوْرٍ: رَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بنُ السَّمَّاكِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَاجِدٍ: بَغْدَادِيٌّ، مِنْ شُيُوْخِ الطَّبَرَانِيِّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفُرَاتِ الكَاتِبُ: أَخُو الوَزِيْرِ الشَّهِيْرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ: بَغْدَادِيٌّ، عَنْ وَهْبِ بنِ بَقِيَّةَ، وَعَنْهُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزْدِيْنَ، أَبُو الفَضْلِ السُّوْسِيُّ: عَنْ: عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ القَطَّانِ، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَعَنْهُ: الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَالمِصْرِيُّونَ، صدوق.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ الزِّيَادِيُّ: بَصْرِيٌّ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتِهِ، تَأَخَّرَ حَتَّى لَقِيَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَأَقْرَانُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى القُبُوْرِيُّ: بَغْدَادِيٌّ، ثِقَةٌ، سَمِعَ سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو الفَضْلِ الحِمْيَرِيُّ الزَّاهِدُ: قَاضِي نَسَفَ، رَوَى عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَطَائِفَةٍ، لَيْسَ بِمَشْهُوْرٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُتَيْبٍ، أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ السُّكَّرِيُّ: حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مَعْمَرٍ القَيْسِيِّ، وَطَبَقَتِهِ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُظَفَّرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الأَصْبَهَانِيُّ التَّاجِرُ الأَعْوَرُ: عَنِ: ابْنِ عَرَفَةَ، وَالزَّعْفَرَانِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ البَغْدَادِيُّ: سَمِعَ مَحْمُوْدَ بنَ خِدَاشٍ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الكَرْخِيُّ: عَنْ: جُبَارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَطَائِفَةٍ، حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَدِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: مِصْرِيٌّ، سَمِعَ: حَرْمَلَةَ، وَغَيْرَهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارِ بنِ أَبِي العَجُوْزِ: عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ خِدَاشٍ، حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الصَّنْدَلِيُّ الزاهد: عن الزعفراني، وعلي بن حرب.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغَلِّسِ البَغْدَادِيُّ عَنْ: حوثرة المنقري.(11/69)
وَخَلْقٌ سِوَى هَؤُلاَءِ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ بِهَذَا الاسْمِ. ولكن جعفر بن محمد الخراساني -الَّذِي هُوَ الفِرْيَابِيُّ- يَشْتَبِهُ بِهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ:
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ بنِ طُغَانَ، أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ المَعْرُوْفُ بِالتُّرْكِ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ، ثَبْتٌ، سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَابْنِ رَاهْوَيْه، وَالنَّاسِ، وَعَنْهُ: ابْنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَافِظُ: رَحَلَ، وَكَتَبَ عَنْ: قُتَيْبَةَ، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَأَقْرَانِهِمَا، كَبِيْرُ القَدْرِ. فَيَجُوْزُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَكُوْنُ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ المَذْكُوْرُ، فَإِنَّهُمَا وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَلَنَا: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَجُ، وَيُقَالُ لَهُ: جَعْفَرَكُ المُفِيْدُ، هُوَ أَصْغَرُ مِنَ الثَّلاَثَةِ، يَرْوِي عَنِ: الحَسَنِ بنِ عَرَفَةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، مَاتَ بِحَلَبَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ.(11/70)
2574- ابن سيد حمدويه:
الإِمَامُ العَارِفُ، شَيْخُ العُبَّادِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بن أحمد بن سيد حمدويه الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمْ -وَقِيْلَ: مَوْلَى بَنِي تَمِيْمَ- الصُّوْفِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، صَاحِبُ الأَحْوَالِ وَالكَشْفِ.
صَحِبَ قَاسِماً الجُوْعِيَّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ عَمْرٍو، وَمُؤَمَّلِ بنِ يِهَابٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دُجَانَةِ، وَأَبُو زُرْعَةَ أَخُوْهُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ، وَأَبُو هَاشِمٍ المُؤَدِّبُ، وَآخَرُوْنَ. وَالزَّاهِدُ أَبُو صَالِحٍ البَابْشرْقِيُّ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِالمُعَلِّمِ.
قَالَ ابْنُ النَّاصِحِ: أَقَامَ خَمْسِيْنَ سَنَةً مَا استَنَدَ، وَلاَ مَدَّ رِجْلَهُ هَيْبَةً للهِ تَعَالَى.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ بَسَطَ رِدَاءهُ عَلَى المَاءِ عِنْد الْحَد عشريَّة وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَمْ يَبْتَلَّ الرِّدَاءُ، رَوَاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ البُرِّيِّ، فَالله أَعْلَمُ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ تُطْوَى لَهُ الأَرْضُ.
استَوْفَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ- وَكَانَ من أبناء الثمانين.(11/70)
ابن بسام والحسين بن إدريس:
2575- ابن بسام 1:
العَلاَّمَةُ الأَدِيْبُ البَلِيْغُ الأَخْبَارِيُّ، صَاحِبُ الكُتُبِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرَ بن منصور بنِ بِسَامٍ البَغْدَادِيُّ الشَّاعِرُ.
يَرْوِي فِي تَصَانِيْفِهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بنِ بَكَّارِ، وَعُمَرَ بنِ شَبَّةَ وَطَبَقَتِهِمَا.
وَعَنْهُ: الصُّوْلِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ، وَزِنْجِيُّ الكَاتِبُ.
وَلهُ هِجَاءٌ خَبِيْثٌ فِي أَبِيْهِ، وَفِي الخُلَفَاءِ وَالوُزَرَاءِ. وَهُوَ القَائِلُ فِي المُعْتَضِدِ:
تَرَكَ النَّاسَ بِحَيْرَه ... وَتَخَلَّى فِي البُحَيْرَه
قَاعِداً يَضْرِبُ بالطبل ... عَلَى حِرِّ دُرَيْره
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائة.
2576- الحسين بن إدريس 2:
ابن مبارك بن الهيثم، الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ الرَّحَّالُ، أَبُو عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ الهَرَوِيُّ، كَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَفهْمٍ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَخَالِدِ بنِ هيَّاجٍ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدَ بن عبد الله ابن عَمَّارٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ العباس، وأبو حاتم بن حِبَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ المُفَسِّرُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عبد الله ابن خميرويه، وَالهَرَوِيُّوْنَ.
وَلهُ تَارِيْخٌ كَبِيْرٌ وَتَصَانِيْفُ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: يُعْرَفُ بِابْنِ خُرَّمٍ، كَتَبَ إِلَيَّ بِجُزْءٍ مِنْ حديثه، عن خالد ابن هَيَّاجِ بنِ بِسْطَامٍ، فِيْهِ بَوَاطِيْلُ، فَلاَ أَدْرِي: البَلاَءُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ خَالِدٍ؟
قُلْتُ: بَلْ مِنْ خَالِدٍ، فَإِنَّهُ ذُو مَنَاكِيرَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَأَمَّا الحُسَيْنُ فَثِقَةٌ حَافِظٌ.
أَرَّخَ مَوْتَهُ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، ولعله جاوز التسعين.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "2/ 504"، وتاريخ بغداد "12/ 63"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "14/ 139"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 464"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 189".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 206"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 716"، والعبر "2/ 119"، وميزان الاعتدال "1/ 530"، ولسان الميزان "2/ 272"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 184"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 235".(11/71)
2577- السامي 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيَّ وَطَبَقَتَهُ بِالكُوْفَةِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ وَغَيْرَهُ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وطبقته ببغداد، وإبراهيم بن محمد الشَّافِعِيَّ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُقَاتِلِ المَرْوَزِيَّ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيْحِهِ" وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ، وَسَائِرُ عُلَمَاءِ هَرَاةَ.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ عَلَى الأَصحِّ. وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَقَدْ قَارَبَ المائَةَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكٍ الأَسَدِيُّ.
وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِتَّوَيْهُ.
وَأَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ العُذْرِيُّ.
وحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الكَاتِبُ.
وَعَبْدُ اللهِ بن الصقر السكري.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 718"، والعبر "2/ 120"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 226"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 235".(11/72)
2578- الهِسِنْجَانِيُّ 1:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ بنِ خَالِدِ بنِ سُوَيْدٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ، الهسنجاني.
سَمِعَ: طَالُوْتَ بنَ عَبَّادٍ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيَّ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعَبْدَ الوَاحِدِ ابن غِيَاثٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ مَطَرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ محمد بن عبد الله والد تمام الرازي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، الحُفَّاظُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الدَّيْلَمِيُّ، وَالعَبَّاسُ بنُ الحُسَيْنِ الصَّفَّارُ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الثِّقَةُ المَأْمُوْنُ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ فِي "إِرْشَادِهِ": لِلهِسِنْجَانِيِّ "مُسْنَدٌ" يَزِيْدُ عَلَى مائَةِ جُزْءٍ، رَوَاهُ عَنْهُ مَيْسَرَةُ بنُ عَلِيٍّ القَزْوِيْنِيُّ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ: مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى عِيْسَى بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ المُؤَدِّبِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الإِمَامُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَبُو يَعْلَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ2 عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ، فَوَافَقْنَاهُ.
وَقَدْ رَوَى الهِسِنْجَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ كِتَابَ "الزُّهْدِ"، وَرَوَى عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَجَمَعَ فَأَوعَى.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 713"، والعبر "2/ 118"، والوافي بالوفيات "6/ 172"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 235".
2 صحيح متواتر: أخرجه مسلم "3".(11/73)
الإسماعيلي وإبراهيم بن أسباط:
2579- الإسماعيلي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الرَّحَّالُ الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مِهْرَانَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المَعْرُوْفُ بِالإِسْمَاعِيْلِيُّ. وَهَذَا أَقْدَمُ مِنْ شَيْخِ الشَّافِعِيَّة بجُرْجَانَ أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ.
سَمِعَ هَذَا الكَبِيْرُ مِنْ: إِسْحَاقَ بن راهويه، وهشام بن عمار، وحرملة بن يحيى، وعيسى ابن زُغْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ، وَأَبِي حُمَةَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الزُّبَيْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ الحَلَبِيِّ، وَدُحَيْمٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَطَبَقَتِهِم، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُهَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَابْنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَحْمَدُ ابن عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الأَخْرَمِ، وَدَعْلَجُ السِّجْزِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، وَعَلِيُّ بنُ حَمْشَاذ، وَوَلَدُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَحَدُ أركان الحديث بنيسابور: كثرة، ورحلة، وَاشتِهَاراً. وَهُوَ مُجَوِّدٌ عَنِ المِصْرِيِّينَ، وَالشَّامِيِّيْنَ، ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمْ يُجَوِّدْ لَنَا حَدِيْثُ مَالِكٍ كَالإِسْمَاعِيْلِيِّ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ ابْنَهُ أَبَا الحَسَنِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: مَرِضَ أَبِي فِي صَفَرٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَبَقِيَ فِي مَرَضِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: كَانَ بِهِ اللَّقْوَةُ، بَقِيَ فِيْهَا حَتَّى مَاتَ، رَحِمَهُ اللهُ.
قُلْتُ: مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ بنُ حَمْدَانَ، نَزِيْلُ خُوَارِزْمَ.
وَقَدْ جَمَعَ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ، وَجَوَّدَهُ، وَحَدِيْثَ مَالِكٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَقَدْ سُقْتُ فِي "التَّذْكِرَةِ" عَنْهُ حَدِيْثاً عَالِياً مِنْ جُزْءِ ابْنِ نُجَيْدٍ.
2580- إِبْرَاهِيْمُ بنُ أسباط 2:
ابن السَّكَنِ، الكُوْفِيُّ البَزَّازُ، شَيْخٌ مُعَمَّرٌ، مَحَلُّهُ السَّتْرُ.
سَمِعَ مِنْ: عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ قَانِعٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الجعَابِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّيَّاتُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إحدى.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 703"، والعبر "2/ 103"، وميزان الاعتدال "3/ 485"، ولسان الميزان "5/ 81"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 221".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 44".(11/74)
حماد بن مدرك ومسدد بن قطن:
2581- حماد بن مدرك 1:
المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ الفَارِسِيُّ الفِسِنْجَانِيُّ، عُمِّرَ دَهْراً، وَحَدَّثَ بِشِيْرَاز عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَأَبِي عُمَرَ الحوضيِّ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ بَدْرٍ الأَمِيْرُ، وَالزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ خَفِيْفِ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائة.
2582- مسدد بن قطن 2:
ابن إبراهيم، الإِمَامُ المُحَدِّثُ المَأْمُوْنُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُزَكِّي.
سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَمِعَ وَهُوَ حدَثٌ، فَتَوَرَّعَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَسَمِعَ مِنْ: جده لأمه بشر بن الحكم، وإسحاق بن رَاهْوَيْه، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدِ، وَالصَّلْتِ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَدَعْلَجُ السِّجْزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عِيْسَى، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَآخَرُوْنَ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مُزَكِّي عَصْرِهِ المُقَدَّمَ فِي الزُّهْدِ وَالوَرَعِ، وَالتَّمَكُّنِ فِي العَقْلِ، تَوَرَّعَ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى لِصِغَرِ سِنِّهِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ. وَكَانَ أبوه صاحب حديث.
__________
1 ترجمته في اللباب لابن الأثير "2/ 432".
2 ترجمته في النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 181"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 236".(11/75)
إبراهيم بن شريك والنخعي:
2583- إبراهيم بن شريك 1:
ابن الفضل، الإِمَامُ المُحَدِّثُ، أَبُو إِسْحَاقَ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيِّ، وَمُنْجَابَ بنِ الحَارِثِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعُقْبَةَ بنِ مُكْرَمٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّادُ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ الزَّيَّاتِ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ بنَ عُقْدَةَ يَقُوْلُ: مَا دَخَلَ عَلَيْكُم أَحَدٌ أَوْثَقُ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَرِيْكٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةِ، وَحُمِلَ إِلَى الكُوْفَةِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ فِي عشر المائة.
2584- النخعي 2:
المُحَدِّثُ العَالِمُ، أَبُو عَلِيٍّ، الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ النَّخَعِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: سليمان ابن بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَدَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ خُبَيْقِ، وَسُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: الطَّسْتِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَقَالَ: كَانَ شَيْخاً كَبِيْراً، قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ البَلْغَمُ. ثُمَّ رَوَى عَنْهُ حَدِيْثاً، تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو الجَهْمِ المَشْغَرَائِيُّ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ الخَلاَّلِ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعاً: "فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ، بِأَرْبَعٍ: بِالسَّخَاءِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَكَثْرَة الجِمَاعِ، وَشِدَّةِ البَطْشِ"3.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 102"، والعبر "2/ 122"، وشذرات الذهب "2/ 238".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 69"، وميزان الاعتدال "1/ 543"، ولسان الميزان "2/ 303".
3 منكر: فيه علتان: الأولى: سعيد بن بشير، قال الذهبي في ترجمته في "الميزان": منكر الحديث وضعفه ابن معين والنسائي. وقال أبو مٌسهر وهو أحد تلامذته: ضعيف منكر الحديث. والعلة الثانية: مروان ابن محمد الدمشقي، ضعفه ابن حزم. وأورد الذهبي الحديث في ترجمته وقال: هذا خبر منكر.(11/76)
2585- البرديجي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ رَوْحٍ البَرْدِيْجِيُّ، البَرْذَعِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ أَوْ قَبْلَهَا.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدِ الأَشَجِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ، وَالفَضْلِ الرُّخَامِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ إِشْكَاب، وَهَارُوْنَ بن إسحاق، وبحر ابن نَصْرٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَالرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سَيْفٍ الحَرَّانِيِّ، وَالعَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَوْفٍ الطَّائِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَطَبَقَتهِم بِالشَّامِ، وَالحَرَمَيْنِ، وَالعَجَمِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ الأَثَرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو علي بن الصواف، وأبو بكر الشافعي، وأبو أحمد العسال، وأبو أحمد ابن عَدِيٍّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ فِي "تَارِيْخِهِ" فَقَالَ: قَدِمَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، فَاسْتفَادَ وَأَفَادَ، وَكَتَبَ عَنْهُ مَشَايخُنَا فِي ذَلِكَ الوَقْتِ، وقد قرأت بخط أبي عمرو المُسْتَمْلِي سَمَاعَهُ مِنْ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيِّ فِي مَسْجِدِ الذُّهْلِيِّ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْخُنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ بِمَكَّةَ، وَأَظُنُّهُ جَاوَرَ بِهَا حَتَّى مَاتَ ... إِلَى أَنْ قَالَ: لاَ أَعْرِفُ إِمَاماً مِنْ أَئِمَّةِ عَصْرِهِ فِي الآفَاقِ إلَّا وَلَهُ عَلَيْهِ انتِخَابٌ يُسْتَفَادُ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَرْدِيْجِيِّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، جَبَلٌ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً فَاضِلاً فَهْماً، حَافِظاً.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ الأَصْبَهَانِيُّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى.
كَتَبَ إِلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَمُسْلِمُ بن محمد الكاتب، قالا: أخبرنا عمر ابن مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ جَهْوَر، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن
__________
1 ترجمته في تاريخ أصبهان "1/ 113"، وتاريخ بغداد "5/ 194"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 747"، والوافي بالوفيات "8/ 223"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 184"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 234".(11/77)
حَنْبَل، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بنُ خَالِد، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَضَى أَنَّ الخَرَاجَ بِالضَّمَانِ" 1. هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غريب.
قَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيّ: أَخْبَرَكُم جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلَّكَوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شَيْبَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو قَتَادَةَ البَدْرِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ صُعَيْرِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إلى الله؟ قال: "أنفع الناس للناس" 2.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه الشافعي "2/ 74" "بدائع المنن"، وأحمد "6/ 80 و116"، وأبو داود "3510"، والترمذي بإثر حديث "1285" وابن ماجه "2243" والدارقطني "3/ 53"، والطحاوي "4/ 21-22 و22"، والحاكم "2/ 14-15 و15"، والبغوي "2118" من طرق عن مسلم بن خالد الزنجي، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته مسلم بن خالد، فإنه سيء الحفظ، وأخرجه أبو داود "3508"، و"3509"، والترمذي "1285"، والنسائي "7/ 254-255" وأحمد "6/ 94 و161 و208"، من طرق عن ابن أبي ذئب، عن مخلد بن خفاف، عن عروة، عن عائشة، به.
قلت: إسناده ضعيف، مخلد بن خفاف، مجهول، لذا قال الحفاظ في "التقريب": "مقبول"، ووثقه ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل. لكن الحديث يرتقى لمرتبة الحسن بمجموع طريقيه والله أعلم.
2 حسن لغيره: أخرجه الطبراني في "الكبير" "12/ 13646"، وابن عساكر في "تاريخه" "18/ 1/ 2" من طريق عبد الرحمن بن قيس الضبي حدثنا سكين بن سراج، حدثنا عمرو بن دينار، عن ابن عمر أن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله -تعالى- أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -تعالى- سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة- شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام".
قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه سكين بن سراج، قال البخاري: منكر الحديث. وقد اتهمه ابن حبان.
والعلة الثانية: عبد الرحمن بن قيس بن الضبي، متروك كذبه أبو زرعة وغيره كما قال الحافظ في "التقريب".
لكن جاء الحديث بإسناد آخر: أخرجه ابن أبي الدنيا في "قضاء الحوائج" "ص80 رقم36"، وابن عساكر "11/ 444/ 1" من طرق عن بكر بن خنيس، عن عبد الله بن دينار، عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا قال ابن أبي الدنيا. أما ابن عساكر فقال: عن عبد الله بن عمر قال: قيل يا رسول الله من أحب الناس إلى الله ... " الحديث.
قلت: إسناده حسن، بكر بن خنيس، صدوق له أغلاط كما قال الحافظ في "التقريب". وعبد الله بن دينار ثقة من رجال الشيخين.(11/78)
2586- النسائي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، نَاقِدُ الحَدِيْثِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ سِنَانَ بنِ بَحْرِ الخُرَاسَانِيُّ، النَّسَائِيُّ، صَاحِبُ "السُّنَنِ".
وُلِدَ بِنَسَا فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَطَلَبَ العِلْمَ فِي صِغَرِهِ، فَارْتَحَلَ إِلَى قُتَيْبَةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ بِبَغْلاَنَ سَنَةً، فَأَكْثَرَ عَنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بن النضر بن مساور، وسويد ابن نَصْرٍ، وَعِيْسَى بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ الضَّبِّيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ السَّرْحِ، وَأَحْمَدَ ابن مَنِيْعٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ شَاهِيْنَ، وَبِشْرِ بنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، وَبِشْرِ بنِ هِلاَلٍ الصَّوَّافِ، وَتَمِيْمِ بنِ المنتصر، والحارث بن مِسْكِيْنٍ، وَالحَسَنِ بنِ الصَّبَّاحِ البَزَّارِ، وَحُمَيْدِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَزِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ، وَزِيَادِ بنِ يَحْيَى الحَسَّانِيّ، وَسَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيِّ، وَالعَبَّاسِ بنِ عَبْدِ العَظِيْمِ العَنْبَرِيِّ، وَأَبِي حُصَيْن عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ اليَرْبُوْعِيِّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ وَاصِلٍ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ العَلاَءِ العَطَّارِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الحَلَبِيِّ، ابْنِ أَخِي الإِمَامِ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ شُعَيْبٍ بنِ اللَّيْثِ، وَعَبْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارِ، وَأَبِي قُدَامَةَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، وَعتبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حُجْرِ، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الكِنْدِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ خَالِدٍ الوَاسِطِيِّ، وَعِمْرَانَ بنِ مُوْسَى القَزَّازِ، وَعَمْرو بنِ زُرَارَةَ الكِلاَبِيِّ، وَعَمْرو بنِ عُثْمَانَ الحِمْصِيِّ، وَعَمْرو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ، وَعِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيِّ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ الرَّمْلِيِّ، وَكَثِيْرِ بنِ عُبَيْدٍ، ومحمد ابن أَبَانٍ البَلْخِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ آدَمَ المَصِّيْصِيِّ، وَمُحَمَّدِ بن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ قَاضِي دِمَشْقَ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ زُنْبُوْرٍ المَكِّيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ لُوَيْن، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رِزْمَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عبد المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ المُحَارِبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ الهَمْدَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَصِّيْصِيِّ الجَوْهَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُثَنَّى، وَمُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى، وَمُحَمَّدِ بنِ مَعْمِرِ القَيْسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحَرَشِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيِّ، وَأَبِي المُعَافَى مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ، وَمجَاهِدِ بنِ مُوْسَى، وَمَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، وَمَخْلَدِ بنِ حَسَنِ الحَرَّانِيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ، وَهَارُوْنَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالِ، وَهَنَّادِ بنِ السَّرِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيّ، وَوَاصِلِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَوَهْبِ بنِ بيَان، وَيَحْيَى بنِ دُرُسْت البَصْرِيِّ، ويحيى بن موسى
__________
1 ترجمته في المنتظم لابن الجوزي "6/ 131"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 29"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 719"، والعبر "2/ 123"، وتهذيب التهذيب "1/ 36"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 188"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 239".(11/79)
خَتِّ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيِّ، وَيَعْقُوْبَ بنِ مَاهَانِ البَنَّاءِ، ويوسف بن حماد المَعْنِي، ويوسف بن عيسى الزُّهْرِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ وَاضِحٍ المُؤَدِّبِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَإِلَى أَنْ يَرْوِي عَنْ رُفَقَائِهِ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، مَعَ الفَهْمِ، وَالإِتْقَانِ، وَالبَصَرِ، وَنَقْدِ الرِّجَالِ، وَحُسْنِ التَّأْلِيْفِ.
جَالَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فِي خُرَاسَانَ، وَالحِجَازِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَالشَّامِ، وَالثُّغُوْرِ، ثُمَّ اسْتَوْطَنَ مِصْرَ، وَرَحَلَ الحُفَّاظُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ نَظِيْرٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطحاوي، وأبو علي النيسابوري، وحمزة ابن مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ النَّحَّاس النَّحْوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَدَّادِ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الخَضِرِ الأُسْيُوْطِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السِّنِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ الأَحْمَرِ الأَنْدَلُسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابن حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى المَأْمُوْنِيُّ، وَأَبْيَضُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبْيَضَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ شَيْخاً مَهِيْباً مَلِيْحَ الوَجْهِ ظَاهِرَ الدَّمِ حَسَنَ الشَّيْبَةِ.
قَالَ: قَاضِي مِصْرَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَوَّامِ السَّعْدِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ، أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَعْيَنَ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ المُبَارَكِ: إِنَّ فلاَنَا يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ. فَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: صَدَقَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: بِهَذَا أَقُوْلُ.
وَعَنِ النَّسَائِيِّ، قَالَ: أَقَمْتُ عِنْدَ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ سَنَةً وَشَهْرَيْنِ.
وَكَانَ النَّسَائِيُّ يَسْكُنُ بِزُقَاقِ القَنَادِيْلِ بِمِصْرَ.
وَكَانَ نَضِرَ الوَجْهِ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ، يُؤْثِرُ لِبَاسَ البُرُوْدِ النَّوْبِيَّةِ وَالخُضْرِ، وَيُكْثِرُ الاسْتِمَتَاعَ، لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ، فَكَانَ يَقْسِمُ لَهُنَّ، وَلاَ يَخْلُو مَعَ ذَلِكَ مِنْ سُرِّية، وَكَانَ يُكْثِرُ أَكْلَ الدُّيُوْكِ تُشْترَى لَهُ وَتُسَمَّن وَتُخْصَى.
قَالَ مَرَّةً بَعْضُ الطَّلَبَةِ: مَا أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إلَّا أَنَّهُ يَشْرَبُ النَّبِيْذَ لِلنُّضْرَةِ الَّتِي فِي وَجْهِهِ.
وَقَالَ آخَرُ: لَيْتَ شِعْرِي مَا يَرَى فِي إِتيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ؟ قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: النَّبِيْذُ حَرَامٌ، وَلاَ يَصِحُّ فِي الدُبُرِ شَيْءٌ. لَكِنْ حَدَّثَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "اسقِ حَرْثَكَ حَيْثُ شِئْتَ". فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَاوَزَ قَوْلُهُ.(11/80)