1670- شاذ بن فياض 1: "د، س"
الحَافِظُ الثِّقَةُ أَبُو عُبَيْدَةَ اليَشْكُرِيُّ البَصْرِيُّ، وَاسْمُهُ هِلاَلٌ، وَشَاذُ: لَقَبٌ أَعْجَمِيٌّ مُخَفَّفُ الذَّالِ، وَقِيْلَ: مُثَقَّلَةٌ وَمَعْنَاهُ: فَرْحَانُ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَعِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ وَشُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
خَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضاً.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2750"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 193"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 316"، والمجروحين لابن حبان "1/ 363"، والكاشف "2/ ترجمة 2249"، والمغني "1/ ترجمة 2728"، "2/ ترجمة 6783"، والعبر "1/ 221، 394"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3649"، "4/ ترجمة 9277"، وتهذيب التهذيب "4/ 299"، وتقريب التهذيب "1/ 345"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2893"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 56".(8/466)
1671- شَاذُ بنُ يَحْيَى 1:
الوَاسِطِيُّ شَيْخٌ صَدُوْقٌ.
حَدَّثَ عَنْ: وَكِيْعٍ وَيَزِيْدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ وَتَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِرِ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ وَعَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ وأبو بكر الأعين وآخرون.
ذكر تمييزًا.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1717"، وتهذيب التهذيب "4/ 299"، وتقريب التهذيب "1/ 345"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2894".(8/467)
1672- عبد الله بن سوار 1: "س"
ابن عبد الله بن قدامة، القَاضِي، الإِمَامُ أَبُو السَّوَّارِ العَنْبَرِيُّ البَصْرِيُّ كَانَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَجَدُّهُ قُضَاةَ البَصْرَةِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ المُزَنِيِّ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَوُهَيْبِ بنِ خَالِدٍ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ سَوَّارٌ وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
خَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ في الفرائض حديثًا.
وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَعِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ.
مَاتَ فِي: سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ وَلَدُهُ سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ قَاضِي البَصْرَةِ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَدْرَكَ عَبْدَ الوَارِثِ التَّنُّوْرِيَّ، وَنَحْوَهُ وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ والنسائي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 307"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 364"، والعبر "1/ 54" والكاشف "2/ ترجمة 2800"، وتهذيب التهذيب "5/ 248"، وتقريب التهذيب "1/ 421"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3554"، وشذرات الذهب لابن العماد "1/ 55".(8/467)
1673- إسماعيل بن عمرو 1:
ابن نَجِيْحٍ البَجَلِيُّ مَوْلاَهُمْ الكُوْفِيُّ شَيْخُ أَصْبَهَانَ وَمُسْنِدُهَا.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مَالِكَ بنَ مِغْوَلٍ، وَكَامِلاً أَبَا العَلاَءِ وَمِسْعَرَ بنَ كِدَامٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَشَيْبَانَ النَّحْوِيَّ وَعَبْدَ الغَفَّارِ بنَ القَاسِمِ وَفُضَيْلَ بنَ مَرْزُوْقٍ، وَطَائِفَةً وَطَالَ عُمُرُهُ وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَمَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الفَرَجِ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ نَائِلَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ نُصَيْرٍ المَدِيْنِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الفَرْقَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّفَّارُ وَخَلْقٌ مِنَ الأَصْبَهَانِيِّيْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَهْ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أُورْمَةَ ذَكَرَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عَمْرٍو فَأَحسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: شيخ مثل ذلك ضَعَّفُوهُ! وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ فُلاَنٍ، وَفُلاَنٍ!.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَارِيْخِ الثِّقَاتِ.
وَأَمَّا الدَّارَقُطْنِيُّ فَضَعَّفَهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَ عَنْ مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ بِأَحَادِيْثَ لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا وَرَوَى عَنْهُ: أَسِيدُ بنُ عَاصِمٍ وَالقَاسِمُ بنُ نَصْرٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ. ثُمَّ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَحَادِيْثَ فَقَالَ: هَذِهِ مَعَ سَائِرِ رِوَايَاتِه الَّتِي لَمْ أَذكُرْهَا عَامَّتُهَا مِمَّا لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ مِنْ أَبْنَاء التِّسْعِيْنَ.
__________
1 ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 99"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 150"، وتاريخ أصبهان "1/ 208"، وميزان الاعتدال "1/ 239"، وتهذيب التهذيب "1/ 320"، ولسان الميزان "1/ 425".(8/468)
1674- عبد السلام بن مطهر 1: "خ، د"
ابن حسام بن مِصَكِّ بنِ ظَالِمِ بنِ شَيْطَانٍ الإِمَامُ الثِّقَةُ، أَبُو ظَفَرٍ الأَزْدِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَمُوْسَى بنِ خَلَفٍ العَمِّيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَبُو حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ وأحمد بن داود المكي وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى عَنْهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ.
قلت: مات في عشر التسعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 308"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1732"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 255"، والكاشف "2/ ترجمة 3421"، وتهذيب التهذيب "6/ 325"، وتقريب التهذيب "1/ 507"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4326".(8/468)
1675- عبد الغفار بن عبيد الله 1:
ابن عبد الأعلى بن الأَمِيْر الَّذِي افتَتَحَ إِقْلِيْمَ خُرَاسَانَ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ كُرَيْزِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ القُرَشِيُّ العَبْشَمِيُّ الكُرَيْزِيُّ البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَصَالِحِ بنِ أَبِي الأَخْضَرِ وَأَبِي المِقْدَامِ هِشَامِ بنِ زِيَادٍ وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ مُتَوَسِّطُ الحَالِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَيْسَ حَدِيْثُه بِالقَائِمِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بضع عشرة ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1906"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 291"، ولسان الميزان "4/ 41".(8/469)
1676- عبد الغفار بن داود 1: "خ، د، س، ق"
ابن مهران بن زياد الإِمَامُ المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو صَالِحٍ البَكْرِيُّ الحَرَّانِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ الإِفْرِيْقِيُّ المَوْلِدِ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَارَ بِهِ أَبُوْهُ وَهُوَ طِفْلٌ فَنَشَأَ بِالبَصْرَةِ، وَتَفَقَّه وَكَتَبَ العِلْمَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ مَعَ وَالِدِه.
سَمِعَ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ وَزُهَيْرَ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَيَّاشٍ القِتْبَانِيَّ، وَاللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ لَهِيْعَةَ وَيَعْقُوْبَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِئَ، وَأَبا المَلِيْحِ الرَّقِّيَّ وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَبِوَاسِطَةٍ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّادٍ الآمُلِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ نَافِعٍ الطَّحَّانُ وَالمِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ المُنْذِرِ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَلاَّفُ وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ السَّهْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ زُغْبَةَ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَالجَلاَلَةِ وَالحِشْمَةِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَتْ أُمُّهُ بِنْتَ سَعِيْدِ بن يزيد الأزدي البَصْرِيِّ، قَدِمَ مِصْرَ مَعَ أَبِيْهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى، وَسِتِّيْنَ وَذَهَبَ إِلَى المَغْرِبِ قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَكَانَ أَحَدَ وُجُوْهِ المِصْرِيِّيْنَ قَدِمَ المَأْمُوْنُ مِصْرَ فَكَانَ عَبْدُ الغَفَّارِ يُجَالِسَهُ وَلَهُ مَعَهُ أَخْبَارٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعَ بِالبَصْرَةِ وَبِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: الحَرَّانِيُّ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لأَنَّ أَخَوَيْه عَبْدَ اللهِ وَعَبْدَ العَزِيْزِ وُلِدَا بِحَرَّانَ وَلَهُم ثَروَةٌ وَنِعمَةٌ وَوُلِدَ أَخَوَاهُ عَبْدُ الخَالِقِ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بِإِفْرِيْقِيَةَ ثُمَّ تَحَوَّلُوا مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: مَاتَ أَبُو صَالِحٍ بِمِصْرَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: وَهِمَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثمان وعشرين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1904"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 246".
و"2/ 453"، والجرح والتعديل "6/ 289"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 55"، والكاشف "2/ ترجمة 3464"، وتهذيب التهذيب "6/ 365"، وتقريب التهذيب "1/ 514"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4387".(8/470)
1677- عيسى بن دينار 1:
فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ وَمُفْتِيْهَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الغَافِقِيُّ القُرْطُبِيُّ.
ارْتَحَلَ وَلَزِمَ ابْنَ القَاسِمِ مُدَّةً، وَعَوَّلَ عَلَيْهِ وَكَانَ صَالِحاً خَيِّراً وَرِعاً يُذْكَرُ بِإِجَابَةِ الدعوة.
كَانَ ابْنُ وَضَّاحٍ يَقُوْلُ: هُوَ الَّذِي عَلَّمَ أَهْلَ الأَنْدَلُسِ الفِقْهَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَيْمَنَ: هُوَ كَانَ أَفْقَهَ مِنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ.
وَقَالَ الفَقِيْهُ أَبَانُ بنُ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ: كَانَ أَبِي قَدْ أَجْمَعَ عَلَى تَرْكِ الفُتْيَا بِالرَّأْيِ، وَأَحَبَّ الفَتْوَى بِالحَدِيْثِ فَأَعجَلَتْهُ المَنِيَّةُ عَنْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الفِقْهِ، وَلَكِنَّهُ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَمائَتَيْنِ فِي سِنِّ الكُهُوْلَةِ رحمه الله.
__________
1 ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 28".(8/471)
عيسى بن أبان، وعون بن سلام:
1678- عِيْسَى بنُ أَبَانٍ 1:
فَقِيْهُ العِرَاقِ تِلْمِيْذُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ وَقَاضِي البَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، وَهُشَيْمٍ وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ.
وَعَنْهُ: الحَسَنُ بنُ سَلاَّمٍ السَّوَّاقُ وَغَيْرُهُ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ وَذَكَاءٌ مُفْرِطٌ وَفِيْهِ سَخَاءٌ وَجُودٌ زَائِدُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخَذَ عَنْهُ: بكار بن قتيبة.
1679- عون بن سلام 2: "م"
الشَّيْخُ العَالِمُ المُعَمَّرُ الصَّادِقُ أَبُو جَعْفَرٍ الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ النَّهْشَلِيَّ، وَإِسْرَائِيْلَ بنَ يُوْنُسَ، وَزُهَيْرَ بنَ مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدَ بنَ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَتِهِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنٌ وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الخَطْمِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ الحَمَّالُ وَآخَرُوْنَ.
وَعَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً. وَهُوَ صَدُوْقٌ مَا عَلِمتُ بِهِ بَأْساً.
مَاتَ: فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمِمَّنْ كَانَ بَعْدَ المائَتَيْنِ مِنْ رُؤُوْسِ المُتَكَلِّمِيْنَ وَالمُعْتَزِلَةِ: بِشْرُ بنُ غِيَاثٍ المَرِيْسِيُّ العَدَوِيُّ مَوْلَى آلِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، وَأَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بنُ المُعْتَمِرِ الكُوْفِيُّ الأَبْرَصُ مِنْ كِبَارِ المُعْتَزِلَةِ وَمُصَنِّفِيْهِم، وَأَبُو مَعْنٍ ثُمَامَةُ بنُ أَشْرَسَ النُّمَيْرِيُّ البَصْرِيُّ، وَأَبُو الهُذَيْلِ مُحَمَّدُ بنُ الهُذَيْلِ العَلاَّفُ البَصْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَيَّارٍ البصري النظام، وهشام بن الحَكَمِ الكُوْفِيُّ الرَّافِضِيُّ المُجَسِّمُ وَضِرَارُ بنُ عَمْرٍو الَّذِي تُنْسَبُ الضِّرَارِيَّةُ إِلَيْهِ، وَأَبُو المُعْتَمِرِ مُعَمَّرُ بنُ عَبَّادٍ، وَقِيْلَ: مُعَمَّرُ بنُ عَمْرٍو البَصْرِيُّ العَطَّارُ وَهِشَامُ بنُ عَمْرٍو الفُوَطِيُّ، وَدَاوُدُ الجَوَارِبِيُّ وَالوَلِيْدُ بنُ أَبَانٍ الكَرَابِيْسِيُّ، وَابْنُ كَيْسَانَ الأَصَمُّ وَأَبُو مُوْسَى الفَرَّاءُ البَغْدَادِيُّ وَأَبُو مُوْسَى البَصْرِيُّ المُلَقَّبُ: بِالمَرْدَازِ، وَجَعْفَرُ بنُ حَرْبٍ وَجَعْفَرُ بنُ مُبَشِّرٍ وَآخَرُوْنَ.
نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ البِدَعِ وَأَنْ نقول على الله ما لا نعلم.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "11/ 157".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 408"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 2161"، وتاريخ بغداد "12/ 293"، والكاشف "2/ ترجمة 4384"، والعبر "1/ 407"، والمغني "2/ ترجمة 4776"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6532" وتهذيب التهذيب "8/ 170"، وتقريب التهذيب "2/ 90"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5492"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 69".(8/471)
1680- زكريا بن عدي 1: "خَ، ت"
ابْنِ زُرَيْقٍ وَقِيْلَ: ابْنِ الصَّلْتِ الإِمَامُ الحَافِظُ الثَّبْتُ أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُمْ الكُوْفِيُّ نَزِيْلُ بَغْدَادَ، أَخُو نَزِيْلِ مِصْرَ يُوْسُفَ بنِ عَدِيٍّ، وَكَانَ عَدِيٌّ ذِمِّيّاً فَأَسْلَمَ.
حَدَّثَ زَكَرِيَّا عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَشَرِيْكٍ، وَأَبِي الأحوص وَهُشَيْمٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَرْبَهَارِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ خَارِجَ الصَّحِيْحِ، وَفِي الصَّحِيْحِ بِوَاسِطَةٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ ثِقَةٌ رَجُلٌ صَالِحٌ مُتَقَشِّفٌ.
وَقَالَ المُنْذِرُ بنُ شَاذَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ جَاءهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى فقَالاَ: أَخرِجْ إِلَيْنَا كِتَابَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو فَقَالَ: مَا تَصْنَعُوْنَ بِهِ؟ خُذُوا حَتَّى أُملِيَ عَلَيْكُم كُلَّه وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عدة من أصحاب الأعمش فيميز ألفاظهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 407"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1407"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 726"، "2/ 667"، والكنى للدولابي "2/ 165"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2712"، وتاريخ بغداد "8/ 455"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 396"، وتهذيب التهذيب "3/ 331"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2147"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 28".(8/472)
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: هُوَ ثِقَةٌ وَرِعٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ إِلَيْكَ مُشْتَاقٌ.
قَالَ أَبُو عَوْفٍ البُزُوْرِيُّ: مَا كَتَبْتُ عَنْ أَحَدٍ أَفْضَلَ مِنْ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ.
وَقَالَ أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ: قَدِمَ زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ فَكَلَّمُوا لَهُ مَنْ يَسْتَعْمِلُه عَلَى قَرْيَةٍ فِي الشَّهرِ بِثَلاَثِيْنَ دِرْهَماً، فَرَجَعَ بعد شهر وقال: ليس أجدني أَعمَلُ بِقَدَرِ الأُجْرَةِ.
وَاشْتَكَتْ عَيْنُهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ بكحل فقال: أَنْتَ مِمَّنْ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ مِنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَه.
وَقَدْ نَال مِنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ الكُوْفِيُّ بِلاَ حُجَّةٍ، وَقَالَ: مَا لَهُ وَلِلْحَدِيْثِ؟ هُوَ بِالتَّوْرَاةِ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ مَوَالِي تَيْمِ اللهِ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً ثِقَةً قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي الحَارِثِ، وَغَيْرُهُ مَاتَ فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ وَغَيْرُهُ إِجَازَةً قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَقِيْلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي نَخْلٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ: الأَسْوَافُ فَفَرَشَتْ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْتَ صَوْرٍ لَهَا مَرْشُوْشٍ فَقَالَ: "الآنَ يَأْتِيْكُم رَجُلٌ من أهل الجنة". فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ: "الآنَ يَأْتِيكُم رَجُلٌ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ". فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: "الآنَ يَأْتِيكُم رَجُلٌ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ". قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَأْسَه مُطَأْطِئاً مِنْ تَحْتَ الصَّوْرِ ثُمَّ يَقُوْلُ: "اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيّاً". فَجَاءَ عَلَيٌّ ثُمَّ إِنَّ الأَنْصَارِيَّةَ ذَبَحَتْ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً وَصَنَعَتْهَا فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا فَلَمَّا حَضَرَتِ الظُّهْرُ قَامَ فَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَا تَوَضَّأَ وَلاَ تَوَضَّأْنَا، فَلَمَّا حَضَرَتِ العَصْرُ صَلَّى وَمَا تَوَضَّأَ وَلاَ تَوَضَّأْنَا.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ. أَخْرَجَه: التِّرْمِذِيُّ1 عَنْ عَبْدٍ عَنْ زكريا بن عدي.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "3/ 375، 387"، والترمذي "80" من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، به.
قلت: إسناده حسن، ابن عقيل فيه كلام من قبل حفظه، لا ينزل به حديثه عن هذه المرتبة التي ذكرناها.(8/473)
1681- عبد الملك بن مسلمة 1:
الفَقِيْهُ أَبُو مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمْ البَصْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَخَذَ عَنْ: مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: سَمُّوْيَه وَالحَسَنُ بنُ قُتَيْبَةَ العَسْقَلاَنِيُّ وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ.
ضَعَّفَهُ: ابْنُ يُوْنُسَ وَابْنُ حِبَّانَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: أَبطَأَ حَبِيْبٌ فَقَالَ مَالِكٌ: لِيَقْرَأْ بَعْضُكُم فَقَرَأَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَسْلَمَةَ فَلَمَّا مَرَّ بِابْنِ شِهَابٍ قَالَ: شِهَابٌ فَعَلَ ذَلِكَ مرَاراً وَضَجِرَ مَالِكٌ، وَكَانَ يَغِيْبُ فَيَكْتُبُ فِي أَلوَاحِهِ مَا يَسْمَعُ مِنْ مَالِكٍ فَيَقُوْلُ: أَنَا كَتَبْتُهُ فَيَعجَبُ مِنْ تَغَفُّلِهِ، وَقَرَأَ لَنَا عَلَى مَالِكٍ فِي النُّذُورِ قَالَ: فَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ "جُزْءاً وَفَتَىً مَكسُوْراً". فَضَحِكَ مَالِكٌ وَقَالَ: "جِرْوَ قِثَّاءٍ مَكْسُوراً" عَافَاكَ اللهُ رَوَاهَا: ابْنُ يُوْنُسَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَحْمَدَ بنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ فَذَكَرَهَا كُلَّهَا.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَجَدَّهُ هُوَ: يَزِيْدُ مَوْلَى جُزْءِ بنِ عَبْدِ العزيز بن مروان.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1735"، والمجروحين لابن حبان "2/ 134"، وميزان الاعتدال "2/ 664"، ولسان الميزان "4/ 68".(8/474)
1682- هِشَامُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ 1:
الرَّازِيُّ السُّنِّيُّ الفَقِيْهُ أَحَدُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المُخْتَارِ وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ العَطَّارُ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ وَحَمْدَانُ بنُ المُغِيْرَةِ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم. وكان من بحورالعلم.
قَالَ مُوْسَى بنُ نُصَيْرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَقِيْتُ أَلْفاً وَسَبْعَ مائَةِ شَيْخٍ أَصْغَرُهُم عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَخَرَجَ مِنِّي فِي طَلَبِ العِلْمِ سَبْعُ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعظَمَ قَدْراً وَلاَ أَجَلَّ مِنْ هِشَامِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بِالرَّيِّ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ بِدِمَشْقَ.
وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَلَيَّنَهُ وَسَاقَ لَهُ خَبَراً لاَ يُحْتَمَلُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعاً: "الدَّجَاجُ غَنَمُ فُقَرَاءِ أُمَّتِي وَالجُمُعَةُ حَجُّهُم"2.
وَقَالَ الشيخ أبوإسحاق فِي "طَبَقَاتِ الحَنَفِيَّةِ": هُوَ لَيِّنٌ فِي الرِّوَايَةِ وَفِي دَارِهِ مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ الخَرَّازُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَيْسَ اللهُ يَقُوْلُ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] ؟ فَقَالَ: مُحْدَثٌ إِلَيْنَا وَلَيْسَ عِنْدَ اللهِ بِمُحْدَثٍ.
قُلْتُ: لأَنَّه مِنْ عِلْمِ اللهِ وَعِلْمُ اللهِ لاَ يُوْصَفُ بِالحَدَثِ.
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَرَّخُه: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ العَبْدِيُّ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 256"، والمجروحين لابن حبان "3/ 90"، وميزان الاعتدال "4/ 300"، ولسان الميزان "6/ 195"، وتهذيب التهذيب "11/ 47-48"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 49".
2 موضوع: أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "3/ 90" من طريق هشام بن عبيد الله الرازي، عن ابن أبي ذئب، به.
قلت: آفته هشام بن عبيد الله هذا، وقد أورد الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" وقال: باطل.
وأورده ابن حبان في ترجمته في "المجروحين" وقال في إثره: "موضوع لا أصل له".(8/475)
1683- أبو الجماهر 1: "د، ق"
الإِمَامُ المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الجُمَاهِرِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ التَّنُوْخِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الكَفْرَسُوْسِيُّ.
سَمِعَ: خُلَيْدَ بنَ دَعْلَجٍ وسعيد بن بشير، وسعيد بن عبد العزيز وَسُلَيْمَانَ بنَ بِلاَلٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ وَالهَيْثَمَ بنَ حُمَيْدٍ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وأبو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَإِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ وَالحَسَنُ بنُ جَرِيْرٍ الصُّوْرِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ رَفِيْقُهُ أَبُو مُسْهِرٍ وَأَبُو حَاتِمٍ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: كَانَ أَوْثَقَ مَنْ أَدرَكْنَا بِدِمَشْقَ وَرَأَيْتُ أَهْلَ البَلَدِ مُجْمِعِينَ عَلَى صَلاَحِهِ وَرَأَيتُهُم يُقَدِّمُونَهُ عَلَى هِشَامٍ وَعَلَى أَبِي أَيُّوْبَ يَعْنِي: ابْنَ بنت شرحبيل.
وقال أبو داود: ثقة.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ أَوْ سَنَةَ إِحْدَى.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ وَعَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفصَحَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا رَأَيْتُ أَفصَحَ مِنْهُ وَمِن أَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَالفَسَوِيُّ: مات سنة أربع وعشرين ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 557"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 134، 206"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 110"، والكاشف "3/ ترجمة 5125"، وتهذيب التهذيب "9/ 338"، وتقريب التهذيب "2/ 190" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6489"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 55".(8/475)
1684- أبو هَمَّام الدَّلَّال 1: "د، س، ق"
محمد بن محبب الإِمَام الثِّقَةُ المُحَدِّثُ أَبُو هَمَّامٍ القُرَشِيُّ البَصْرِيُّ بَيَّاعُ الرَّقِيقِ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ السَّائِبِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ وَإِسْرَائِيْلَ بنِ يُوْنُسَ.
وَعَنْهُ: رَجَاءُ بنُ مُرَجَّى وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البِرْتِيُّ القَاضِي، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحباب وآخرون.
وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَى لَهُ هُوَ وَالنَّسَائِيُّ وَالقَزْوِيْنِيُّ.
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، وَمائَتَيْنِ وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 783"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 414"، والكاشف "3/ ترجمة 5221"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8117"، وتهذيب التهذيب "9/ 427"، وتقريب التهذيب "2/ 204" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6625"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 49".(8/476)
1685- عمرو بن عون 1: "خ، د"
ابن أوس بن الجعد الحَافِظُ المُجَوِّدُ الإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ السُّلَمِيُّ الوَاسِطِيُّ البَزَّازُ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ وَشَرِيْكِ بنِ عَبْدِ اللهِ وَهُشَيْمٍ وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ فِيْهِ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: هُوَ مِمَّنْ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ خَيْراً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ قل من رأيت أثبت منه.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ حُجَّةٌ كَانَ يَحْفَظُ حديثه.
وقال أحمد بن عبد الله العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ رَجُلٌ صَالِحٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ مَرَّةً فَأَطنَبَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: كَانَ عَالِماً بِهُشَيْمٍ جِدّاً.
قَالَ حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: مَاتَ عَمْرُو بنُ عَوْنٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العِمَادِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ إِسْرَائِيْلَ عَنِ الرُّكَيْنِ بنِ الرَّبِيْعِ بنِ عُمَيْلَةَ، عَنْ أَبِيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا أَكْثَرَ أَحَدٌ مِنَ الرِّبَا إلَّا كَانَ عَاقبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قُلٍّ" 2.
أَخْرَجَه القَزْوِيْنِيُّ عَنْ عَبَّاسِ بنِ جعفر عن عمرو بن عون.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 316"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2638"، والمعرفة والتاريخ "1/ 307، 341"، "2/ 33"، "3/ 277"، والكنى للدولابي "2/ 26"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1393"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 434"، والكاشف "2/ ترجمة 4273"، والعبر "1/ 286، 387"، وتهذيب التهذيب "8/ 86"، وتقريب التهذيب "2/ 76"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5354"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 52".
2 صحيح: أخرجه ابن ماجه "2279"، والطبراني في "الكبير" "10539"، والحاكم "2/ 37"، "4/ 317-318"، من طريق إسرائيل، عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن ابن مسعود، به.
وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وأخرجه أحمد "1/ 395، 424"، وأبو يعلى "5042"، "5348"، "5349"، والطبراني في "الكبير" "10538" من طرق عن شريك، عن الركين بن الربيع، به.
قلت: إسناده ضعيف، شريك، هو ابن عبد الله النخعي، سيئ الحفظ، لكنه قد توبع كما في الطريق السابق.(8/477)
1686- الربيع بن يحيى 1: "خ، د"
ابن مقسم الأشناني، الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ، أَبُو الفَضْلِ المَرَئِيُّ البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شُعْبَةَ، وَمَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ وَزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ.
وَأَمَّا الدَّارَقُطْنِيُّ فَلَيَّنَهُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: رَوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ فِي الجَمعِ بَيْنَ الصَّلاَتَينِ2. قال: وَهَذَا يُسقِطُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
يَعْنِي: مَنْ أَتَى بِهَذَا مِمَّنْ هُوَ صَاحِبُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ أَثَّرَ فِيْهِ لِيْناً بِحَيْثُ تَنْحَطُّ رُتْبَةُ المائَةِ أَلْفٍ عَنْ دَرَجَةِ الاحْتِجَاجِ، وَإِنَّمَا هَذَا عَلَى سَبِيْلِ المُبَالَغَةِ فَكَمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى مائَتَيْ حَدِيْثٍ وَوَهِمَ مِنْهَا فِي حَدِيْثَيْنِ وَثَلاَثَةٍ وَهُوَ ثِقَةٌ؟.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ الأُشْنَانِيُّ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ معمرًا من أبناء التسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 955"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 213، 241"، 2/ 103، 222"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2106"، وتاريخ بغداد "8/ 417"، والعبر "1/ 390" والكاشف "1/ ترجمة 1555"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 2747"، والمغني "1/ ترجمة 2101"، وتهذيب التهذيب "3/ 252"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2035"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 53".
2 أورده ابن أبي حاتم في "العلل" "1/ 116، 313" قال: "سمعت أبي وقيل له: حديث مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الجمع بين الصلاتين فقال: حدثنا الربيع بن يحيى، عن الثوري غير إنه باطل عندي هذا خطأ لم أدخله في التصنيف وأراد أبا الزبير عن جابر أو أبا الزبير عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ والخطأ من الربيع". ا. هـ.
قلت: ورواية أبي الزبير عن سعيد بن جبير؛ أخرجها مالك "1/ 144"، ومن طريقه مسلم "705" "49" عن أبي الزبير، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر".(8/478)
1687- الوحاظي 1: "خَ، م"
الإِمَامُ العَالِمُ الحَافِظُ الفَقِيْهُ أَبُو زكريا يحيى بن صالح الوُحَاظِيُّ الدِّمَشْقِيُّ وَقِيْلَ: الحِمْصِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَحَمَّادِ بنِ شُعَيْبٍ الكُوْفِيِّ وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ وَسَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ وَسُلَيْمَانَ بنِ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُهَاجِرٍ وَسَلَمَةَ بنِ كُلْثُوْمٍ وَمُعَاوِيَةَ بنِ سَلاَّمٍ الحَبَشِيِّ وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَهُوَ وَالبَاقُوْنَ سِوَى النَّسَائِيِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ وَابْنُ وَارَةَ وَأَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَوْطِيَّانِ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ القَاسِمِ الرَّوَّاسُ وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الجَكَّانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صدوق.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ: حَسَنُ الحَدِيْثِ صَاحِبُ رَأْيٍ وَكَانَ عَدِيلَ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الفَقِيْهِ إلى مكة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 473"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3009"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 206"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2034"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 657"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 413"، والكاشف "3/ ترجمة 6293"، والمغني "2/ ترجمة 6991"، والعبر "1/ 358" وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9545"، وتهذيب التهذيب "11/ 229"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 50".(8/479)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ بِثَلاَثَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً عَنْ مَالِكٍ مَا وَجَدنَا لَهَا أَصْلاً عِنْدَ غَيْرِهِ.
وَمِمَّنْ وَثَّقَهُ: ابْنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ حِبَّانَ وَغَمَزَهُ بَعْضُ الأَئِمَّةِ لِبِدْعَةٍ فِيْهِ لاَ لِعَدَمِ إِتْقَانٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ الحَدِيْثِ أَنَّ يَحْيَى بنَ صَالِحٍ قَالَ: لَوْ تَرَكَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ يَعْنِي: هَذِهِ الَّتِي فِي الرُّؤْيَةِ ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: كَأَنَّهُ نَزَعَ إِلَى رَأْيِ جَهْمٍ.
قُلْتُ: وَالمُعْتَزِلَةُ تَقُوْلُ: لَوْ أَنَّ المُحَدِّثِيْنَ تَرَكُوا أَلفَ حَدِيْثٍ فِي الصِّفَاتِ، وَالأَسْمَاءِ وَالرُّؤْيَةِ، وَالنُّزُولِ لأَصَابُوا وَالقَدَرِيَّةُ تَقُوْلُ: لَوْ أَنَّهُم تَرَكُوا سَبْعِيْنَ حَدِيْثاً فِي إِثْبَاتِ القَدَرِ وَالرَّافِضَةُ تَقُوْلُ: لَوْ أَنَّ الجُمْهُوْرَ تَرَكُوا مِنَ الأَحَادِيْثِ الَّتِي يَدَّعُونَ صِحَّتَهَا أَلفَ حَدِيْثٍ لأَصَابُوا، وَكَثِيْرٌ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ يَرُدُّوْنَ أَحَادِيْثَ شَافَهَ بِهَا الحَافِظُ المُفْتِي المُجْتَهِدُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ مَا كَانَ فَقِيْهاً، وَيَأْتُونَنَا بِأَحَادِيْثَ سَاقِطَةٍ أَو لاَ يُعْرَفُ لَهَا إِسْنَادٌ أَصْلاً مُحْتَجِّينَ بِهَا.
قُلْنَا: وَلِلْكُلِّ مَوْقِفٌ بَيْنَ يَدِيِ اللهِ تَعَالَى يَا سُبْحَانَ اللهِ! أَحَادِيْثُ رُؤْيَةِ اللهِ فِي الآخِرَةِ مُتَوَاتِرَةٌ، وَالقُرْآنُ مُصَدِّقٌ لَهَا فَأَيْنَ الإِنْصَافُ?!
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: يَحْيَى الوُحَاظِيُّ حمصي جهمي.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ يُنْكِرُ الإِرْجَاءَ فَقَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ صَالِحٍ عَنِ الإِيْمَان فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو المَلِيْحِ سَمِعْتُ مَيْمُوْنَ بنَ مِهْرَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَقْدَمُ مِنَ الإِرْجَاءِ.
قُلْتُ: قَدِمَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ حِمْصَ فَمَا أَخَذَ عَنْ يَحْيَى شَيْئاً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ يَحْيَى بنِ صَالِحٍ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ فِي جَنَازَةِ أَبِي المُغِيْرَةِ فَجَعَلَ أَبِي يُضَعِّفُهُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ: حَدَّثَنَا الوُحَاظِيُّ وَكَانَ مُرْجِئاً خَبِيْثاً دَاعِيَ دَعْوَةٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ، وَكِيْعاً يَقُوْلُ لِيَحْيَى الوُحَاظِيِّ: اجتَنِبِ الرَّأْيَ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ رَحِمَهُ اللهُ يَقُوْلُ: البَوْلُ فِي المَسْجِدِ أَحْسَنُ مِنْ بَعْضِ قِيَاسِهِم.
قَالَ جَمَاعَةٌ: مَاتَ الوُحَاظِيُّ سنة اثنين وعشرين ومائتين.(8/480)
1688- أحمد بن يونس 1: "ع"
الإِمَامُ الحُجَّةُ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ التَّمِيْمِيُّ اليَرْبُوْعِيُّ الكُوْفِيُّ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّه تَخْفِيْفاً.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ تَخْمِيْناً.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّه يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ اليَرْبُوْعِيِّ. وَمِنِ: ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْرَائِيْلَ وَالحَسَنِ بنِ صَالِحٍ وَزَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ العُمَرِيِّ وعبد العزيز بن الماجشون، وزهير بن معاوية وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ وَخَلْقٍ.
وَكَانَ عَارِفاً بِحَدِيْثِ بَلَدِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَهُوَ مِنْ كُبَرَاءِ شُيُوْخِهِ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو حُصَيْنٍ الوَادِعِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: عَمَّنْ أَكْتُبُ؟ قَالَ: ارْحَلْ إِلَى أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ فَإِنَّهُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ.
وَقَالَ أبو حاتم: كان ثقة متقنًا.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ صَاحِبُ السُّنَنِ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ فَقَالَ: لاَ تُصَلِّ خَلْفَ مَنْ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ هَؤُلاَءِ كُفَّارٌ.
بَلَغَنَا عَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ قَالَ: قُلْتُ: إِذَا رَجَعتُ مِنْ عِنْدِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَخَذتُ نَفْسِي بِخَيْرِ مَا عَلِمتُ وَإِذَا أَتَيتُ مَالِكَ بنَ مِغْوَلٍ تَحَفَّظْتُ مِنْ لِسَانِي وَإِذَا أَتَيتُ شَرِيْكاً رَجَعتُ بِعَقْلٍ تَامٍّ، وَإِذَا أَتَيتَ مِنْدَلَ بنَ عَلِيٍّ أَهَمَّتنِي نَفْسِي مِنْ حُسْنِ صَلاَتِه.
قُلْتُ: مِنْ جَلاَلَةِ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ عِنْدَ البُخَارِيِّ أَنَّهُ رَوَى أَيْضاً عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى عَنْهُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سنة سبع وعشرين ومائتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 405"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 1502"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 79"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 401"، والعبر "1/ 398"، والكاشف "1/ ترجمة 52"، وتهذيب التهذيب "1/ 50"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 59".(8/481)
أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكٍ الأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: "أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيْلٍ مِن خُلَّتِهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ كُوْفِيُّ الإِسْنَادِ حَدَّثَ بِهِ: السُّفْيَانَانِ، وَوَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ عَنِ الأَعْمَشِ. أَخْرَجَهُ: مسلم والنسائي وابن ماجه.
وَقَدْ سُقتُ لابْنِ يُوْنُسَ حَدِيْثاً آخَرَ فِي تَرْجَمَةِ زَائِدَةَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً عَنْ مَسْعُوْدٍ الجَمَّالِ، وَأَبِي الفَضَائِلِ الكَاغَدِيِّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ فُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رألى رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمَرَكُم نَبِيُّكُم؟ قَالَ: أَمَرَنَا أَنْ نُسَبِّحَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ وَنَحمدَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِيْنَ. قَالَ: فَسبِّحُوا خَمْساً وَعِشْرِيْنَ وَاحمِدُوا خَمْساً وَعِشْرِيْنَ، وَكبِّرُوا خَمْساً وَعِشْرِيْنَ وَهَلِّلُوا خَمْساً وَعِشْرِيْنَ فَتلكَ مائَةٌ. فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "افعلُوا كَمَا قَالَ الأَنْصَارِيُّ".
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ2 عَنْ أَبِي زرعة.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2383" "7"، وابن ماجه "93" من طريق الأعمش به.
2 صحيح: أخرجه النسائي "3/ 76" من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، به.
وأخرجه أحمد "5/ 184"، والدارمي "1/ 312"، وابن خزيمة "752" من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح، عن زيد بن ثابت، به.(8/482)
1689- علي بن الجعد 1: "خ، د"
ابن عبيد الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ مُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو الحَسَنِ البغدادي الجَوْهَرِيُّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُعْبَةَ وَابْنِ أَبِي ذئب وحريز بن عثمان أحمد صِغَارِ التَّابِعِيْنَ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالمَسْعُوْدِيِّ وَفُضَيْلِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَالقَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الحُدَّانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيِّ وَمَعْرُوْفِ بنِ وَاصِلٍ وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى وَبَحْرِ بن كنيز السقاء، وجسر بن الحسن والحسين بنِ صَالِحِ بنِ حَيٍّ وَالحَمَّادَيْنِ وَالرَّبِيْعِ بنِ صَبِيْحٍ وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ وَشَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، وَصَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَهْرَامَ وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ وَعَلِيِّ بنِ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيِّ وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَاشِدٍ وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ وَمُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ، وَوَرْقَاءَ بنِ عُمَرَ وَأَبِي الأشهب العطاري وَأَبِي عَقِيْلٍ يَحْيَى بنِ المُتَوَكِّلِ وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَخَلَفُ بنُ سَالِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ شيئًا يسيرًا، وأحمد بن إبراهيم الدورقي وَالزَّعْفَرَانِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَعِيْدٍ المَرْوَزِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ يحيى ابن مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ البَرَاثِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ وَعُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسِ بنِ كَامِلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يحيى المرزوي وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْحَاقَ الصُّوْفِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيْرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ المَهْرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ سَمِعْتُ أَبِي سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الأَعْمَشَ وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ شَيْئاً.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ الحَسَنِ السَّقَلِيُّ: قَالَ لَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: قَدِمتُ البَصْرَةَ سَنَةَ سِتٍّ، وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ وَكَانَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ حَيّاً.
قَالَ نِفْطَوَيْه1: كَانَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أَكْبَرَ مِنْ بَغْدَادَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ، وَكَانَ أَبُو القَاسِمِ البغوي أكبر من سامرًا بست سنين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 338"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2362"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1225"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 974"، والكامل لابن عدي "5/ ترجمة 1367"، وتاريخ بغداد "11/ 360"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 400".
والكاشف "2/ ترجمة 3946"، والعبر "1/ 406"، والمغني "2/ ترجمة 4231"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5798"، وتهذيب التهذيب "7/ 289"، وتقريب التهذيب "2/ 33"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4953"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 68".
1 هو نحوي بغداد: أَبُو عَبْدِ اللهِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عرفة الواسطي نفطويه المتوفى في سنة "323هـ".(8/483)
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أُخْبِرْتُ عَنْ مُوْسَى بنِ دَاوُدَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَكُنَّا عِنْدَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَأَملَى عَلَيْنَا عِشْرِيْنَ حَدِيْثاً فَحَفِظَهَا وَأَملاَهَا عَلَيْنَا.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ خَلَفَ بنَ سَالِمٍ يَقُوْلُ: صِرتُ أَنَا، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَعِيْنٍ إِلَى عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا كُتُبَهُ، وَأَلقَاهَا بَيْنَ أَيدِينَا وَذَهَبَ وَظَنَنَّا أَنَّهُ يَتَّخِذُ لَنَا طَعَاماً فَلَمْ نَجِدْ فِي كُتُبِهِ إلَّا خَطَأً وَاحِداً، فَلَمَّا فَرَغنَا مِنَ الطَّعَامِ قَالَ: هَاتُوا فَحَدَّثَ بِكُلِّ شَيْءٍ كَتَبنَاهُ حِفْظاً.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً قَالَهُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ البَغَوِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عن سفيان بن عيينة سنة ستين ومئة بِالكُوْفَةِ أَملَى عَلَيْنَا مِنْ صَحِيفَةٍ.
قَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يقول: كان علي بن الجعد يحدث بثلاث أَحَادِيْثَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ عَنْ شُعْبَةَ وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ مَالِكٍ ثَلاَثَةُ أَحَادِيْثَ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيُّ: سَأَلْتُ عَبْدُوْسَ بن هانىء عن حَالِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي لَقِيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ فَقَالَ: كَانَ يُتَّهَمُ بِالجَهْمِ! قَالَ: قَدْ قِيْلَ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ كَمَا قَالُوا إلَّا أَنَّ ابْنَهُ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ كَانَ عَلَى قَضَاءِ بَغْدَادَ وَكَانَ يَقُوْلُ بِقَوْلِ جَهْمٍ قَالَ: وَكَانَ عِنْد عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ نَحْوٌ مِنْ أَلفٍ وَمائَتَيْ حَدِيْثٍ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ المَشَايِخَ فَزَهِدتُ فِيْهِ بِسَبَبِ هَذَا القَوْلِ ثُمَّ نَدِمتُ بَعْدُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ زِيَادٍ السُّوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيَّ، وَذَكَرَ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ فَقَالَ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ وَضَعَّفَ أَمرَهُ جِدّاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ: عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ مُتَشَبِّثٌ بِغَيْرِ بِدْعَةٍ زَائِغٌ عَنِ الحَقِّ.
وَقَالَ أَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ: سَمِعْتُ أَبَا غَسَّانَ الدُّوْرِيَّ يَقُوْلُ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فَذَكَرُوا حَدِيْثَ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نُفَاضِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَقُوْلُ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ فَيَبْلُغُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ ينكره1. فقال علي: انظروا إلى هذا
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3697" من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عَنْ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قال: كنا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم".(8/484)
الصبي هو لم يُحسِنْ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَه يَقُوْلُ: كُنَّا نُفَاضِلُ! وَكُنْتُ عِنْدَهُ فَذَكَرُوا حَدِيْثَ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ" 1. قَالَ: مَا جَعَلَهُ اللهُ سَيِّداً.
قُلْتُ: أَبُو غَسَّانَ لاَ أَعرِفُ حَالَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَدَقَ فَلَعَلَّ ابْنَ الجَعْدِ قَدْ تَابَ مِنْ هَذِهِ الوَرطَةِ بَلْ جَعَلَهُ سَيِّداً عَلَى رَغْمِ أَنْفِ كُلِّ جَاهِلٍ، فَإِنَّ مَنْ أَصَرَّ عَلَى مِثْلِ هَذَا مِنَ الرَدِّ عَلَى سَيِّدِ البَشَرِ يَكْفُرُ بِلاَ مَثْنَوِيَّةٍ، وَأَيُّ سُؤْدُدٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنَّهُ بُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ، ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الأَمرِ لِقَرَابَتِهِ، وَبَايَعَهُ عَلَى أَنَّهُ وَلِيُّ عَهْدِ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَنَّ الخِلاَفَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِ مُعَاوِيَةَ حَسْماً لِلْفِتْنَةِ، وَحَقْناً لِلدِّمَاءِ، وَإِصْلاَحاً بَيْنَ جُيُوْشِ الأُمَّةِ لِيَتَفَرَّغُوا لِجِهَادِ الأَعدَاءِ، وَيَخلُصُوا مِنْ قِتَالِ بَعْضِهِم بَعْضاً، فَصَحَّ فِيْهِ تَفَرُّسُ جَدِّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعُدَّ ذَلِكَ مِنَ المُعْجِزَاتِ، وَمِن بَابِ إِخبَارِهِ بِالكَوَائِنِ بَعْدَهُ، وَظَهَرَ كَمَالُ سُؤْدُدِ السَّيِّدِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ رَيْحَانَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَبِيْبِه وَللهِ الحَمْدُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ: بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ: ابْنُ عُمَرَ ذَاكَ الصَّبِيُّ قَالَ: لَمْ أَقُلْ وَلَكِنَّ معاوية ما أكره أن يعذبه الله.
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ سُفْيَانَ المُسْتَمْلِي: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فَذَكَرَ عُثْمَانَ فَقَالَ: أَخَذَ مِنْ بَيْتِ المَالِ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ مَا أَخَذَهَا إلَّا بِحَقٍّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ أَعْلَى عِنْدِي مِنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ عَلِيٌّ وُسِمَ بِمَيسَمِ سُوءٍ قَالَ: مَا يَسُوؤُنِي أَنْ يُعَذَّبَ مُعَاوِيَةُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ: لِمَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ؟ قَالَ: نَهَانِي أَبِي أَنْ أَذهَبَ إِلَيْهِ وَكَانَ يَبلُغُه عَنْهُ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الصَّحَابَةَ.
قَالَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فَقَالَ الهَيْثَمُ: وَمِثْلُهُ يُسْأَلُ عَنْهُ!؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: أَمسِكْ أَبَا عَبْدِ اللهِ. فَذَكَرَهُ رَجُلٌ بِشَرٍّ فَقَالَ أَحْمَدُ: وَيَقَعُ فِي أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ؟ فَقَالَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فَسَأَلُوْهُ عَنِ القُرْآنِ فَقَالَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ لَمْ أُعَنِّفْه. فَقَالَ أَحْمَدُ: بَلَغَنِي عَنْهُ أَشَدُّ مِنْ هذا.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 44، 51"، والبخاري "2704"، "3629"، "3746"، "3746"، "7109"، وأبو داود "4662"، والترمذي "2773"، والنسائي "3/ 107"، والبزار "2639"، والطبراني "2591"، "2594"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 35" من طريق الحسن، عن أبي بكرة مرفوعا بلفظ:
"إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".(8/485)
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ وَلاَ سَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَرَأَيْتُهُ فِي كِتَابِهِ مضروبًا عليهما.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حَمَّادٍ المُقْرِئُ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فَقَالَ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ قُلْتُ: فَهَذَا الَّذِي كَانَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: أَيْشٍ كَانَ مِنْهُ؟ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ فِيْهِ مُسْلِمٌ: هُوَ ثِقَةٌ لَكِنَّه جَهْمِيٌّ.
وَقُلْتُ: وَلِهَذَا مَنَعَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَلَدَيْهِ مِنَ السَّمَاعِ مِنْهُ.
وَقَدْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ يَتَنَطَّعُوْنَ فِي مَنْ لَهُ هَفْوَةٌ صَغِيْرَةٌ تُخَالِفُ السُّنَّةَ، وَإِلاَّ فَعَلِيٌّ إِمَامٌ كَبِيْرٌ حُجَّةٌ يُقَالُ: مَكَثَ سِتِّيْنَ سَنَةً يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً. وَبِحَسْبِكَ أَنَّ ابْنَ عَدِيٍّ يَقُوْلُ فِي كَامِلِهِ: لَمْ أَرَ فِي رِوَايَاتِه حَدِيْثاً مُنْكَراً إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ.
وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي النَّضْرِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ: قَالَ: سَمِعْتُ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا كَانَ أَحْفَظَ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ لِحَدِيْثِه! وَهُوَ صَدُوْقٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَحضَرَ المَأْمُوْنُ أَصْحَابَ الجَوْهَرِ فَنَاظَرَهُم عَلَى مَتَاعٍ كَانَ مَعَهُم ثُمَّ نَهَضَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ لَهُ كُلُّ مَنْ فِي المَجْلِسِ إلَّا عَلِيَّ بن الجَعْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ كَالمُغْضَبِ ثُمَّ اسْتَخْلاَهُ فَقَالَ: يَا شَيْخُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُوْمَ؟ قَالَ: أَجلَلْتُ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ لِلْحَدِيْثِ الَّذِي نَأْثُرُهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ مُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَاماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" 1. فَأَطرَقَ المَأْمُوْنُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: لاَ يُشتَرَى إلَّا مِنْ هَذَا فَاشْتَرَوْا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ بِثَلاَثِيْنَ ألف دينار.
__________
1 صحيح: أخرجه الخطيب في "تارخ بغداد" "11/ 361"، وهو مرسل، لكنه قد ورد من وجه آخر، فقد أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 586"، وأحمد "4/ 91، 93"، والبخاري في "الأدب المفردة" "977"، وأبو داود "5229"، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" "1532"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" "1/ 219"، والبغوي في "شرح السنة" "3330" من طرق عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال: دخل معاوية بيتا فيه عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللهِ بنِ عامر، فقام ابن عامر، وثبت ابن الزبير، وكان أوزنهما، فقال معاوية: اجلس يا ابن عامر، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من أحب أن يمثل له الرجل قياما". الحديث.
وأخرجه أحمد "4/ 100" من طريق مروان بن معاوية الفزاري، والدولابي في "الكنى" "1/ 95" من طريق إسماعيل بن إبراهيم صاحب الكرابيسي كلاهما عن حبيب بن الشهيد، به، وأخرجه الترمذي "2755" من طريق سفيان -وهو الثوري- ومن طريق أبي أسامة كلاهما عن حبيب بن الشهيد، به.(8/486)
قَالَ البَغَوِيُّ: تُوُفِّيَ لِسِتٍّ بَقِيْنَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقَدِ اسْتَكمَلَ سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سنة.
أخبرنا أبو بكر بن خَطِيْبِ بَيْتِ الآبَارِ1 وَعِدَّةٌ قَالُوا: أَخْبَرْنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الوَقْتِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي شُرَيْحٍ أَخْبَرَنَا البَغَوِيُّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِراً يَقُوْلُ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ هَذَا"؟ فَقُلْتُ: أَنَا. فَقَالَ: "أَنَا أَنَا"، كَأَنَّهُ كَرِهَهُ.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ2 عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ عَنْ شُعْبَةَ.
__________
1 بيت الآبار: جمع بئر، وهي قرية يضاف إليها كورة من غوطة دمشق فيها عدة قرى. وأبو بكر، هو ابن عبد الله بن عمر بن يوسف بن يحيى، الشيخ محيي الدين بن الخطيب نجيب الدين المقدسي ثم الآباري المؤذن. ولد سنة أربع وعشرين وستمائة "624هـ-1227م" وسمع أباه وعمه وجدته زينب بنت عبد الرزاق، وابن اللتي، والاربلي. مات في شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة "699هـ-1300م". ترجم له الحافظ الذهبي في "مشيخته" رقم "1010" "ج2/ ص407".
2 صحيح: أخرجه البُخَارِيُّ "6250"، وَمُسْلِمٌ "2155"، وَأَبُو دَاوُدَ "5187"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2711"، وَابْنُ مَاجَهْ "3709" من طرق عن شعبة، به.(8/487)
الطبقة الثانية عشرة:
1690- بشر بن الحارث 1:
ابن عبد الرحمن بن عطاء الإِمَامُ العَالِمُ المُحَدِّثُ الزَّاهِدُ الرَّبَّانِيُّ القُدْوَةُ شَيْخُ الإسلام أبو نصر المروزي، ثم البغداي المَشْهُوْرُ: بِالحَافِي ابْنُ عَمِّ المُحَدِّثِ عَلِيِّ بنِ خَشْرَمٍ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَارْتَحَلَ فِي العِلْمِ فَأَخَذَ عَنْ: مَالِكٍ وَشَرِيْكٍ وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَأَبِي الأَحْوَصِ وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانِ وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَالمُعَافَى بنِ عِمْرَانَ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَعَبْدِ الرحمن بن زيد بن أسلم وعدة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الجَوْهَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى السِّمْسَارُ لاَ العَنْزِيُّ وَسَرِيٌّ السَّقَطِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُوْسَى الجَلاَّءُ وَإِبْرَاهِيْمُ بن هانىء النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم. وَقَلَّ مَا رَوَى مِنَ المُسْنَدَاتِ.
كَانَ يَزُمُّ نَفْسَه فَقَدْ كَانَ رَأْساً فِي الوَرَعِ وَالإِخْلاَصِ ثُمَّ إِنَّهُ دَفَنَ كُتُبَهُ.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِذْناً أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ أَخْبَرَنِي أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْدَلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى السِّمْسَارُ سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ الحَارِثِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ العَوْفِيَّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "اتَّخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتِماً فَلَبِسَهُ ثُمَّ أَلقَاهُ"2.
العَوْفِيُّ: هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ.
رُوِيَ عَنْ بِشْرٍ أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ: ألَّا تُحَدِّثُ؟ قَالَ: أَنَا أَشْتَهِي أَنْ أُحَدِّثَ وَإِذَا اشتَهَيتُ شَيْئاً تَرَكْتُه.
وَقَالَ إِسْحَاقُ الحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ بِشْرَ بن الحَارِثِ يَقُوْلُ: لَيْسَ الحَدِيْثُ مِنْ عُدَّةِ المَوْتِ.
فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ خَرَجتَ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ. فَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللهِ.
وَعَنْ أَيُّوْبَ العَطَّارِ أَنَّهُ سَمِعَ بِشْراً يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ ... ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ إِنَّ لِذِكْرِ الإِسْنَادِ فِي القَلْبِ خُيَلاَءَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ بِشْراً يَقُوْلُ: الجُوعُ يُصَفِّي الفُؤَادَ، وَيُمِيتُ الهَوَى وَيُورِثُ العِلْمَ الدَّقِيْقَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عُثْمَانَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ الحَارِثِ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَشتَهِي شِوَاءً مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً مَا صَفَا لي درهمه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 342"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1354"، وحلية الأولياء "8/ 336"، وتاريخ بغداد "7/ 67"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 114"، والعبر "1/ 399"، وتهذيب التهذيب "1/ 444"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 249"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 60".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5868"، ومسلم "2093"، وأبو داود "4221" من طريق ابن شهاب قال: حدثني أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه رأى في يَدَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتما من ورق يوما واحدا، ثم إن الناس اصطنعوا الخواتيم من ورق ولبسوها، فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم". واللفظ للبخاري.(8/488)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَثَّامٍ قَالَ: أَقَامَ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ بِعَبَّادَانَ يَشْرَبُ مَاءَ البَحْرِ، وَلاَ يَشْرَبُ مِنْ حِيَاضِ السُّلْطَانِ حَتَّى أَضَرَّ بِجَوفِهِ، وَرَجَعَ إِلَى أُخْتِهِ وَجِعاً، وَكَانَ يَعْمَلُ المَغَازِلَ وَيَبِيعُهَا فَذَاكَ كَسْبُه.
قَالَ الحَافِظُ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نُعَيْمٍ قَالَ: رَأَيْتُهُم جَاؤُوا إِلَى بِشْرٍ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الحَدِيْثِ عَلِمتُم أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكُم فِيْهِ زَكَاةٌ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ مَلَكَ مائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةٌ.
قُلْتُ: هَذَا عَلَى المُبَالَغَةِ وَإِلاَّ فَإِنْ كَانَتِ الأَحَادِيْثُ فِي الوَاجِبَاتِ فَهِيَ مُوْجِبَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي فَضَائِل الأَعْمَالِ فَهِيَ فَاضِلَةٌ لَكِنْ يَتَأَكَّدُ العَمَلُ بِهَا عَلَى المُحَدِّثِ.
قَالَ أَبُو نَشِيْطٍ: نَهَانِي بِشْرٌ عَنِ الحَدِيْثِ وَأَهلِهِ.
وَقَالَ: أَتَيتُ يَحْيَى القَطَّانَ فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: أُحِبُّ هَذَا الفَتَى لطلبه الحديث.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ بُخْتَانَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ الحَارِثِ يَقُوْلُ: لاَ أَعْلَمُ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الحَدِيْثِ لِمَنِ اتَّقَى اللهَ، وَحَسُنَتْ نِيَّتُه فِيْهِ وَأَمَّا أَنَا فَأَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ طَلَبِه، وَمِنْ كُلِّ خُطْوَةٍ خَطَوتُ فِيْهِ.
قِيْلَ: كَانَ بِشْرٌ يَلحَنُ وَلاَ يَدْرِي العَرَبِيَّةَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَوْ كَانَ بِشْرٌ تَزَوَّجَ لَتَمَّ أَمرُه.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: مَا أَخْرَجَتْ بَغْدَادُ أَتَمَّ عَقْلاً مِنْ بِشْرٍ، وَلاَ أَحْفَظَ لِلِسَانِه كَانَ فِي كُلِّ شَعرَةٍ مِنْهُ عَقْلٌ وَطِئَ النَّاسُ عَقِبَه خَمْسِيْنَ سَنَةً مَا عُرِفَ لَهُ غِيبَةٌ لِمُسْلِمٍ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ!.
وَعَنْ بِشْرٍ قَالَ: المُتَقَلِّبُ فِي جُوعِهِ كَالمُتَشَحِّطِ فِي دَمهِ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
وَعَنْهُ: شَاطِرٌ سَخِيٌّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ صُوْفِيٍّ بَخِيْلٍ.
وَعَنْهُ: أَمْسُ قَدْ مَاتَ وَاليَوْمُ فِي السِّيَاقِ وَغَداً لَمْ يُولَدْ.
لاَ يُفْلِحُ مِنْ أَلِفَ أَفخَاذَ النِّسَاءَ.
إِذَا أَعْجَبَكَ الكَلاَمُ فَاصْمُتْ وَإِذَا أَعْجَبَكَ الصَّمْتُ فتكلم.
وَقِيْلَ: سَمِعَهُ رَجُلٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ أَنَّ الذُّلَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ العِزِّ، وَأَنَّ الفَقْرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الغِنَى، وَأَنَّ المَوْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ البَقَاءِ.
وَعَنْهُ قَالَ: قَدْ يَكُوْن الرَّجُلُ مُرَائِياً بَعْدَ مَوْتِه يُحِبُّ أَنْ يَكْثُرَ الخَلْقُ فِي جِنَازَتِهِ.(8/489)
لاَ تَجِدُ حَلاَوَةَ العِبَادَةِ حَتَّى تَجعَلَ بَينَكَ وَبَيْنَ الشَّهَوَاتِ سُدّاً.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عُلْوَانَ أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنِي أَبُو المَجْدِ عِيْسَى أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنُ المَعْطُوْشِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بنُ الحُسَيْنِ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بنُ دِهْقَانَ قَالَ: قُلْتُ لِبِشْرِ بنِ الحَارِثِ: أُحِبُّ أَنْ أَخلُوَ مَعَكَ قَالَ: إِذَا شِئْتَ فَيَكُوْنُ يَوْماً. فَرَأَيْتهُ قَدْ دَخَلَ قُبَّةً فَصَلَّى فِيْهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لاَ أُحسِنُ أُصَلِّيَ مِثْلَهَا فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ فَوْقَ عَرشِكَ أَنَّ الذُّلَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الشَّرَفِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ فَوْقَ عَرشِكَ أَنَّ الفَقْرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ فَوْقَ عَرشِكَ أَنِّي لاَ أُوْثِرُ عَلَى حُبِّكَ شَيْئاً. فَلَمَّا سَمِعْتُه أَخَذَنِي الشَّهِيقُ وَالبُكَاءُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَوْ أَعْلَمُ أن هذا ههنا لَمْ أَتَكَلَّمْ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى صَاحِبُ بِشْرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِبِشْرٍ وَأَنَا حَاضِرٌ: إِنَّ هَذَا الرَّجُل يَعْنِي أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ قِيْلَ لَهُ: أَلَيْسَ اللهُ قَدِيْماً وَكُلُّ شَيْءٍ دُوْنَهُ مَخْلُوْقٌ؟ قَالَ: فَمَا تَرَكَ بِشْرٌ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ حَتَّى قَالَ: لاَ كُلُّ شَيْءٍ مَخْلُوْقٌ إلَّا القُرْآنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ بِشْرٍ المَرْثَدِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَاشِمٍ قَالَ: دَفَنَّا لِبِشْرِ بنِ الحَارِثِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَا بَيْنَ قِمَطْرٍ إِلَى قَوصَرَةٍ يَعْنِي: مِنَ الحَدِيْثِ.
وَقِيْلَ لأَحْمَدَ: مَاتَ بِشْرٌ قَالَ: مَاتَ وَاللهِ وَمَا لَهُ نَظِيْرٌ، إِلاَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ قَيْسٍ فَإِنَّ عَامراً مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: لَوْ تَزَوَّجَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بنِ خَشْرَمٍ لَمَّا أَخْبَرَنِي أَنَّ سَمَاعَهُ وَسَمَاعَ بِشْرٍ مِنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ وَاحِدٌ قُلْتُ لَهُ: فَأَيْنَ حَدِيْثُ أُمِّ زَرْعٍ؟ قَالَ: سَمَاعِي مَعَهُ وَكُنْتُ كَتَبْتُ إِلَيْهِ أَنْ يُوَجِّهَ بِهِ إِلَيَّ فَكَتَبَ إِلَيَّ: هَلْ عَلِمتَ بِمَا عِنْدَكَ حَتَّى تَطلُبَ مَا لَيْسَ عِنْدَك؟ ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: وُلِدَ بِشْرٌ فِي هَذِهِ القَريَةِ وَكَانَ فِي أَوَّلِ أَمرِه يَتَفَتَّى وَقَدْ جُرِحَ.
قَالَ حَسَنٌ المُسُوْحِيُّ عَنْ بِشْرٍ: أَتَيتُ بَابَ المُعَافَى فَدَقَقتُ فَقِيْلَ: مَنْ؟ قُلْتُ: بِشْرٌ الحَافِي فَقَالَتْ جُوَيْرِيَةُ: لَوْ اشتَرَيتَ نَعلاً بِدَانِقَيْنِ ذَهَبَ عَنْكَ اسْمُ الحَافِي.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ بِشْرٌ من أولاد الرؤساء فصحب الفضيل.
سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: زَاهِدٌ جَبَلٌ ثِقَةٌ لَيْسَ يَرْوِي إلَّا حَدِيْثاً صَحِيْحاً.(8/490)
قَالَ جَعْفَرٌ النَّهْرَوَانِيُّ: سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ الحَارِثِ يَقُوْلُ: إِنَّ عَوْجَ بنَ عُنُقٍ كَانَ يَخُوضُ البَحْرَ، وَيَحتَطِبُ السَّاجَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ دَلَّ عَلَى السَّاجِ، وَكَانَ يَأْخُذُ مِنَ البَحْرِ حُوتاً فَيَشوِيهِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ1.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: لَوْ قُسِمَ عَقْلُ بِشْرٍ عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ صَارُوا عُقَلاَءَ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى لِبِشْرٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي مُسْنَدِ عَلَيٍّ.
قِيْلَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى بِشْرٍ فَقَبَّلَهُ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: يَا سَيِّدِي أَبَا نَصْرٍ فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ بِشْرٌ لأَصْحَابِهِ: رَجُلٌ أَحَبَّ رَجُلاً عَلَى خَيْرٍ تَوَهَّمَه لَعَلَّ المُحِبَّ قَدْ نَجَا، وَالمَحْبُوْبُ لاَ يَدْرِي مَا حَالُهُ.
مَاتَ بِشْرٌ الحَافِي رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ-: يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأول، سَنَة سَبْعٍ، وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ قَبْلَ المُعْتَصِمِ الخَلِيْفَةِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ وَعَاشَ خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ أفرد ابن الجوزي مناقبه في كتاب.
__________
1 باطل لا أصل له: قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" "ص76-77": من الأمور التي يعرف بها الحديث الموضوع أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه، كحديث عوج بن عنق الطويل، الذي قصد واضعه الطعن في أخبار الأنبياء فإنهم يجترؤون على هذه الأخبار، فإن في هذا الحديث: "أن طوله كان ثلاث آلاف ذراع، وثلاث مائة وثلاثة وثلاثين وثلثا، وأن نوحا لما خوفه الغرق، قال له: احملني في قصعتك هذه، وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه خاض البحر، فوصل إلى حجزه "أي إلى قرب سرته"، وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر فيشويه في عين الشمس، وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى، وأراد أن يرميهم بها فقورها الله في عنقه مثل الطوق". وليس العجب من جرأة مثل هذا الكذاب على الله، إنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره، ولا يبين أمره، وهذا عندهم ليس من ذرية نوح، وقد قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِين} [الصافات: 77] ، فأخبر أن كل من بقي على وجه الأرض فهو من ذرية نوح، فلو كان لعوج -هذا- وجود لم يبق بعد نوح. ثم يقول ابن القيم "ص77-78": وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خلق الله آدم وطوله في السماء ستون ذراعا، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن" "وهو في الصحيحين"، وأيضا فإن بين السماء والأرض مسيرة خمس مائة عام، وسمكها كذلك، وإذا كانت الشمس في السماء الرابعة فبيننا وبينها هذه المسافة العظيمة، فكيف يصل إليها من طوله ثلاثة آلاف ذراع، حتى يشوي في عينها الحوت؟! ولا ريب أن هذا وأمثاله من وضع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا السخرية والاستهزاء بالرسل وأتباعهم". وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" "1/ 114": قصة عوج بن عنق وجميع ما يحكونه عنه هذيان لا أصل له، وهو من مختلقات الزنادقة أهل الكتاب، ولم يكن قط على عهد نوح، ولم يسلم من الغرق من الكفار أحد". ا. هـ.(8/491)
وَفِيْهَا مَاتَ: سَهْلُ بنُ بَكَّارٍ البَصْرِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ الحَافِظُ وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ صَاحِبُ السُّنَنِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ المَدَنِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ وَالعَلاَءُ بنُ عَمْرٍو الحَنَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيُّ وَأَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ البَغَوِيُّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى عَنْ بِشْرٍ: لَيْسَ أَحَدٌ يُحِبُّ الدُّنْيَا إلَّا لَمْ يُحِبَّ المَوْتَ، وَمَنْ زَهِدَ فِيْهَا أَحَبَّ لِقَاءَ مَوْلاَهُ.
وَعَنْهُ: مَا اتَّقَى اللهَ مَنْ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ.
وَعَنْهُ قَالَ: لاَ تَعْمَلْ لِتُذْكَرَ اكْتُمِ الحَسَنَةَ كَمَا تَكْتُمُ السَّيِّئَةَ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ الحَارِثِ حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ عن أخيه عن الحَارِثِ حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيْهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ". ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ حَدِيْثَ أُمِّ زَرْعٍ قَالَتْ: اجْتَمَعَ إِحْدَى عَشْرَةَ نِسْوَةً1.
القَطِيْعِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ قَالَ: وَجَدتُ فِي كِتَابِ بِشْرِ بنِ الحَارِثِ بِخَطِّه عَنْ وَكِيْعٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بنِ إِيَاسٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- دَعَوْهُ إِلَى طَعَامٍ فَقَالَ: إِنِّيْ صَائِمٌ فَرُئِيَ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ يَأْكُلُ فَقِيْلَ لَهُ فَقَالَ: إِنِّيْ أَصُومُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدهر2.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "5189"، ومسلم "2448" من طرق عن عيسى بن يونس به. وأخو عروة، هو عبد الله بن عروة، كما وقع عندهما.
2 فقد ورد عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ إذا فعلت ذلك هجمت لك العين، ونقهت لك النفس، ولا صام من صام الابد، صوم ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ، إن داود كان يصوم يوما ويفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى". وهو حديث صحيح أخرجه أحمد "2/ 198"، والبخاري "1974"، "1975"، "5199"، "6134"، ومسلم "1159" "182"، "183"، وابن خزيمة "2110"، والطحاوي "2/ 85" والبيهقي "4/ 299"، من طرق عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة، عن عبد الله بن عمرو، به.(8/492)
1691- الهيثم بن خارجة 1: "خَ، س"
أَبُو أَحْمَدَ وَيُقَالُ: أَبُو يَحْيَى المَرُّوْذِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الحَافِظُ.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَيَعْقُوْبَ القُمِّيِّ وَحَفْصِ بنِ مَيْسَرَةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَالمُعَافَى بنِ عِمْرَانَ وَمُحَمَّدِ بنِ أيوب بن ميسرة. وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَصَدَقَةَ بنِ خَالِدٍ وَخَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ.
وَأَصْلُه مِنْ خُرَاسَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ وَالبُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَأَحَمْدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ وَآخَرُوْنَ.
حَدِيْثُه فِي الجَامِعِ فِي غَزْوَةِ الفَتحِ.
قَالَ أَحْمَدُ الصُّوْفِيُّ: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ، وَكَانَ يُسَمَّى شُعْبَةَ الصَّغِيْرَ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: كُنَّا نَسَمِّيهِ شُعْبَةَ الصَّغِيْرَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: كَانَ يَتَزَهَّدُ كَانَ أَحْمَدُ بن حنبل يثني عليه، وكان سيىء الخُلُقِ مَعَ المُحَدِّثِيْنَ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: كَنَّاهُ النَّاسُ: أَبَا يَحْيَى، وَكَنَّاهُ أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ بِكُنْيَتِهِ.
وَقِيْلَ: هُوَ مِنْ مَرْوَ الرُّوْذَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَالبُخَارِيُّ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 342"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2771"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 163"، والكنى للدولابي "1/ 11"، والجرح التعديل "9/ ترجمة 352"، وتاريخ بغداد "14/ 58"، والكاشف "3/ ترجمة 6123"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 481"، والعبر "1/ 400"، وتهذيب التهذيب "11/ 93"، وتقريب التهذيب "2/ 326".(8/493)
1692- أبو خالد الفراء 1:
الإِمَامُ المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو خَالِدٍ يَزِيْدُ بنُ صَالِحٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ الفَرَّاءُ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَهْمَانَ وَأَبَا بَكْرٍ النَّهْشَلِيَّ وَقَيْسَ بنَ الرَّبِيْعِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، وَمَالِكَ بنَ أَنَسٍ وَخَارِجَةَ بنَ مُصْعَبٍ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَفْصٍ السُّلَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ، وَيَاسِيْنُ بنُ النَّضْرِ وَالحَسَنُ بن سفيان النسوي2 وعدة.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ: كَانَ مِنْ أَوْرَعِ مَشَايِخِنَا وَأَكْثَرِهِم اجْتِهَاداً.
قَالَ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ: فَاتَنِي يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ بِالوَالِدَةِ لَمْ تَدَعْنِي أَخْرُجَ إِلَيْهِ، فَعَوَّضَنِي اللهُ بِأَبِي خَالِدٍ الفَرَّاءِ، وَكَانَ أَسْنَدَ مِنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: خَلَفٌ البَزَّارُ وَثَابِتُ بنُ مُوْسَى الزَّاهِدُ، وَأَحْمَدُ بنُ شَبِيْبٍ الحَبَطِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَارَةَ الرَّقِّيُّ وَخَالِدُ بنُ هَيَّاجٍ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ ضِرَارُ بنُ صُرَدَ الكُوْفِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْنَدِيُّ، وَعَمْرُو بنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ وَنُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ الخُزَاعِيُّ وَيَحْيَى بنُ عَبْدُوَيْه صَاحِبُ شُعْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ يُوْسُفَ الزَّمِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ وَأَبُو يَاسِرٍ عَمَّارُ بنُ نَصْرٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ عَنْ أَبِي رَوْحٍ أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْروِ بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا العُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُجَّاجاً فَمَا أَحْلَلْنَا من شيء حتى أحللنا يوم النحر3.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1147"، والأنساب للسمعاني "9/ 245"، وميزان الاعتدال "4/ 429"، والعبر "1/ 405"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 67".
2 النسوي: نسبة إلى "نسا" مدينة بخراسان بينها وبين سرخس يومان قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان" "5/ 282".
3 ضعيف: آفته عبد اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصِ بنِ عَاصِمِ العمري المدني، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب". لكن صح عن عبد الله بن عمر مرفوعا بلفظ: "من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حاجته، ومن لم يكن منكم أهدى، فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد هديا، فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله". أخرجه البخاري "1691"، ومسلم "1227" من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر -رضي الله عنهما، به.(8/494)
1693- الفراء 1:
سعد بن يزيد أبو الحسن النيسابوري، الفراء.
عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ وَمُوْسَى بنِ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ وَابْنِ لَهِيْعَةَ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَيُّوْبُ بنُ الحَسَنِ وَدَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ البَيْهَقِيُّ، وَآخَرُوْنَ خَاتِمَتُهُم: الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ.
مَحَلُّهُ الصِّدْقُ مِنْ طَبَقَةِ الذي قبله سواء.
__________
1 لم أجد من ترجم له.(8/495)
1694- سعدويه 1: "ع"
سعيد بن سليمان الحَافِظُ الثَّبْتُ الإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ الوَاسِطِيُّ البَزَّازُ المُلَقَّبُ: بِسَعْدُوَيْه سَكَنَ بَغْدَادَ، وَنَشَرَ بِهَا العِلْمَ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَمائَةٍ وَحَجَّ بَعْد الخَمْسِيْنَ وَرَأَى بِمَكَّةَ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ قَاضِي الأَنْدَلُسِ.
وَسَمِعَ: مُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ، وَحَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ وَأَزْهَرَ بنَ سِنَانٍ وَسُلَيْمَانَ بنَ كَثِيْرٍ العَبْدِيَّ وَمَنْصُوْرَ بنَ أَبِي الأَسْوَدِ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ أَبِي سَلَمَةَ وَاللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ وَهُشَيْماً وَعَبَّادَ بنَ العَوَّامِ وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وهلال بنُ العَلاَءِ وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ، وَعُثْمَانُ بن خرزاد وَخَلَفُ بنُ عُمَرَ العُكْبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ وَآخَرُوْنَ كَثِيْرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ مأمون لعله أوثق من عفان.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 340"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1608"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238"، "2/ 772"، "3/ 134"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة رقم 582"، والجرح والتعديل "4/ 26"، وتاريخ بغداد "9/ 84"، والكاشف "1/ ترجمة 1921"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 399"، والعبر "1/ 394"، "2/ 65"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3201"، وتهذيب التهذيب "4/ 43"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2475"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 56".(8/495)
وَأَمَّا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: فَكَانَ يَغُضُّ مِنْهُ، وَلاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْهُ لِكَوْنِهِ أَجَابَ فِي المِحْنَةِ تَقِيَّةً، وَيَقُوْلُ: صَاحِبُ تَصْحِيْفٍ مَا شِئْتَ.
قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَقِيْلَ لَهُ: لِمَ لاَ تَقُوْلُ: حَدَّثَنَا؟ فَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكُمْ فَقَدْ سَمِعْتُهُ مَا دَلَّسْتُ حَدِيْثاً قَطُّ لَيْتَنِي أُحَدِّثُ بِمَا قَدْ سَمِعْتُ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ سِتِّيْنَ حَجَّةً.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ سَعْدُوَيْه مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَجَابَ فِي المِحْنَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: قِيْلَ لِسَعْدُوَيْه بَعْدَ مَا انْصَرَفَ مِنَ المِحْنَةِ: مَا فَعَلْتُم؟ قَالَ: كَفَرْنَا وَرَجَعْنَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ سَعْدُوَيْه كَثِيْرَ الحَدِيْثِ ثِقَةً نَزَلَ بَغْدَادَ وَتَجِرَ بِهَا، وَتُوُفِّيَ بِهَا فِي رَابِعِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وعشرين ومائتين.
وَقِيْلَ: إِنَّ سَعْدُوَيْه عَاشَ مائَةَ سَنَةٍ.(8/496)
فَأَمَّا:
1695- سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ النَّشِيْطِيُّ 1:
فَشَيْخٌ بَصْرِيٌّ من أقرن صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ وَسَلْمِ بنِ زَرِيْرٍ وَعِدَّةٍ.
روى عنه: أبو حاتم الراوي، وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: فِيْهِ نَظَرٌ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 108"، وميزان الاعتدال "2/ 142".(8/496)
1696- فتح الموصلي 1:
الزَّاهِدُ الوَلِيُّ العَابِدُ أَبُو نَصْرٍ فَتْحُ بنُ سَعِيْدٍ المَوْصِلِيُّ.
وَقَدْ مَرَّ فَتْحٌ الكَبِيْرُ مِنْ أَقْرَانِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، وَكِلاَهُمَا مِنْ كِبَارِ المشايخ.
قِيْلَ: إِنَّ هَذَا صُدِعَ رَأْسُهُ فَسُرَّ، وَقَالَ: ابْتَلاَنِي بِبَلاَءِ الأَنْبِيَاءِ فَشُكْرُ هَذَا أَنْ أُصَلِّيَ أَرْبَعَ مائَةِ رَكْعَةٍ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: رَبِّ أَفْقَرْتَنِي، وَأَفْقَرْتَ عِيَالِي بِأَيِّ وَسِيْلَةٍ هَذَا؟ وَإِنَّمَا تَفْعَلُ هَذَا بِأَوْلِيَائِكَ.
وَعَنْهُ: مَنْ أَدَامَ النَّظَرُ بِقَلْبِهِ أَوْرَثَهُ ذَلِكَ الفَرَحَ بِاللهِ.
قَالَ الطُّفَاوِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى فَتْحٍ المَوْصِلِيِّ، وَهُوَ يُوْقِدُ فِي الآجُرِّ وَكَانَ شَرِيْفاً مِنَ العَرَبِ زَاهِداً.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ وَغَيْرِهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ ابْنُ أُخْتِ بِشْرٍ الحَافِي وَكَنَّاهُ: أَبَا بَكْرٍ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَتَقَوَّتُ بِفَلْسٍ نُخَالَةً، وَقَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ زَائِراً لِبِشْرٍ الحَافِي فَأَضَافَهُ خُبْزاً وَتَمْراً بنصف درهم.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "8/ ترجمة 415"، وتاريخ بغداد "12/ 381"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 235".(8/497)
1697- يوسف بن عدي 1: "خ، س"
ابن زريق بن إسماعيل وَيُقَالُ: ابْنُ عَدِيِّ بنِ الصَّلْتِ الإِمَامُ الثِّقَةُ الحَافِظُ أَبُو يَعْقُوْبَ التَّيْمِيُّ الكُوْفِيُّ مَوْلَى تَيْمِ اللهِ.
أَخُو الحَافِظِ المُجَوِّدِ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ سَكَنَ مِصْرَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَسَكَنَ أَخُوْهُ بَغْدَادَ وَهُمَا مِنَ الكُوْفَةِ.
رَوَى عَنْ: شَرِيْكٍ وَأَبِي الأَحْوَصِ وَعَمْرِو بنِ أَبِي المِقْدَامِ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الزِّنَادِ وَأَيُّوْبَ بنِ جَابِرٍ الحَنَفِيِّ وَأَخِيْهِ مُحَمَّدِ بنِ جَابِرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ وَشِهَابِ بنِ خِرَاشٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيِّ وَمُحَمَّدِ بنِ الفُرَاتِ وَعُبَيْدَةَ بنِ الأَسْوَدِ وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مِقْلاَصٍ، وَعَلِيُّ بن عبد الرحمن علان، وأبو
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 527"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 953"، والكاشف "3/ ترجمة 6558"، والعبر "1/ 412"، وتهذيب التهذيب "11/ 417" وتقريب التهذيب "2/ 381"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 75".(8/497)
زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُتَّلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الرَّقِّيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ النَّصِيْبِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ الغَافِقِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ الفَزَارِيُّ قُبَّيْطَةٌ، وَالحَسَنُ بنُ غُفَيْرٍ المِصْرِيُّ العَطَّارُ، وَأَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بنُ الفَرَجِ وَالحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدٍ العَكِّيُّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ عَلِيُّ بنُ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ وَأَخُوْهُ أَبُو عُلاَثَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، وَأَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَلاَّفُ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ ذَهَبَ إِلَى مِصْرَ فِي التِّجَارَةِ وَمَاتَ بِهَا.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: مَاتَ سنة اثنتين وعشرين ومائتين.
وَهَذَا وَهْمٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: سَكَنَ مِصْرَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
قَالَ: وَكَانَ قَدْ عَمِيَ قَبْلَ أَنْ يَمْوُتَ بِيَسِيْرٍ وَخَلَّفَ وَلَداً يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ وُلِدَ بِمِصْرَ يَرْوِي عَنْ أَبِيْهِ.
قُلْتُ: فَهَذَا الصَّحِيْحُ فِي وَفَاتِهِ وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَأَمَّا أَخُو يُوْسُفَ بنِ عَدِيٍّ أَعْنِي: الحَافِظَ زَكَرِيَّا بنَ عَدِيٍّ فَكَانَ أَحْفَظَ مِنْ يُوْسُفَ، وَأَجَلَّ مَاتَ قَبْلَ يُوْسُفَ بِعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَلَيْسَ لِيُوْسُفَ فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ سِوَى حَدِيْثٍ طَوِيْلٍ حَدَّثَ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ بن الدرجي، وأجازه لي عن أبي جعفر الصيلاني وَجَمَاعَةٍ قَالُوا: أَخبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ رِيْذَةَ أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ رِشْدِيْنَ حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنِ المِنْهَالِ عَنْ سَعِيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أبا عباس! إني أجد في القرآن أشياء تختلف عَلَيَّ فَقَدْ وَقَعَ فِي صَدْرِي فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: تَكْذِيْبٌ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا هُوَ تَكْذِيْبٌ ولكن اختلاف الحديث1.
__________
1 أخرجه البخاري معلقا في تفسير سورة حم السجدة "8/ 555" عن المنهال، عن سعيد، به. وقال الحافظ في "الفتح" "8/ 556" وصله الطبري وابن أبي حاتم بإسناد على شرط البخاري في الصحة.
وقال الحافظ في "الفتح" "8/ 557" قوله: "عن سعيد" هو ابن جبير، وصرح به الأصيلي في روايته وكذا النسفي. وقوله: "قال رجل لابن عباس" كان هذا الرجل هو نافع بن الازرق الذي صار بعد ذلك رأس الازارقة من الخوارج، وكان يجالس ابن عباس بمكة ويسأله ويعارضه.(8/498)
1698- أحمد بن عاصم 1:
الزَّاهِدُ الرَّبَّانِيُّ الوَلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَنطَاكِيُّ صاحب مواعظ وسلوك.
لَهُ تَرْجَمَةٌ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ وَرَقَةً مِنْ حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: غَنِيْمَةٌ بَارِدَةٌ أَصْلِحْ فِيْمَا بَقِيَ يُغْفَرْ لَكَ مَا مَضَى.
وَقَالَ: إِذَا صَارَتِ المُعَامَلَةُ إِلَى القَلْبِ اسْتَرَاحَتِ الجَوَارِحُ.
لَمْ أَظْفَرْ لَهُ بِتَارِيْخِ وَفَاةٍ، ولعله بقي إلى نحو الثلاثين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 117"، وحلية الأولياء "9/ ترجمة 449"، وميزان الاعتدال "1/ 106".(8/499)
1699- خالد بن خداش 1: "م، س"
ابن عجلان الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّدُوْقُ، أَبُو الهَيْثَمِ المُهَلَّبِيُّ مَوْلاَهُمْ البَصْرِيُّ نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَبَكَّارِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ وَوَلَدُهُ مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: فِيْهِ ضَعْفٌ.
قُلْتُ: أَبْلَغُ مَا نَقَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْفَرِدُ بِأَحَادِيْثَ عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَهَذَا لاَ يَدُلُّ عَلَى لِيْنِهِ فَإِنَّهُ لاَزَمَهُ مُدَّةً.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ: النسائي بواسطة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 347"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 497"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1468"، وتاريخ الخطيب "8/ 304"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 214"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2418"، والعبر "1/ 273، 322"، والمغني "1/ ترجمة 1841"، وتهذيب التهذيب "3/ 85"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1748"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 51".(8/499)
1700- صدقة بن الفضل 1: "خ"
المروزي الإِمَامُ الحَافِظُ القُدْوَةُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو الفَضْلِ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَمْزَةَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيِّ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَابْنِ وَهْبٍ وَوَكِيْعٍ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ زَاجُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ البُخَارِيُّ، وَالفَقِيْهُ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو المُوَجَّهِ مُحَمَّدُ بنُ عمرو وآخرون.
وَكَانَ إِمَاماً حُجَّةً صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ يُقَال: إِنَّهُ كَانَ بِمَرْوَ كَالإِمَامِ أَحْمَدَ بِبَغْدَادَ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ: كُنَّا نَقُوْلُ: صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ بِخُرَاسَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ بِالعِرَاقِ.
تُوُفِّيَ صَدَقَةُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ فِي شُيُوْخِ النَّبَلِ: فِي آخِرِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ، وَمائَتَيْنِ قَالَ: وَقِيْلَ: سَنَةَ سِتٍّ وعشرين وإليه تنسب سكة صدقة بمرو.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2896"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "4/ ترجمة 1906"، والكاشف "2/ ترجمة 2408"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 513"، والعبر "1/ 386"، وتهذيب التهذيب "4/ 417" وتقريب التهذيب "1/ 366"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3085"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 51".(8/500)
1701- أبو عبيد 1: "د"
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُجْتَهِدُ، ذُو الفُنُوْنِ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمِ بنِ عَبْدِ اللهِ.
كَانَ أَبُوْهُ سَلاَّمٌ مَمْلُوْكاً رُوْمِياً لِرَجُلٍ هَرَوِيٍّ. يُرْوَى: أَنَّهُ خَرَجَ يَوْماً، وَوَلَدُهُ أَبُو عُبَيْدٍ مَعَ ابْنِ أُسْتَاذِهِ فِي المَكْتَبِ فَقَالَ لِلْمُعَلِّمِ: عَلِّمِي القَاسِمَ فَإِنَّهَا كَيِّسَةٌ.
مَوْلِدُ أَبِي عُبَيْدٍ: سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ جَعْفَرٍ، وَشَرِيْكَ بنَ عَبْدِ اللهِ وَهُشَيْماً وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ وَعَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ، وَسَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُمَحِيَّ، وَعُبَيْدَ اللهِ الأَشْجَعِيَّ وَغُنْدَراً وَحَفْصَ بنَ غِيَاثٍ، وَوَكِيْعاً وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ وَعَبَّادَ بنَ عَبَّادٍ، وَمَرْوَانَ بنَ مُعَاوِيَةَ وَعَبَّادَ بنَ العَوَّامِ، وَجَرِيْرَ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ وَأَبَا مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرَ، وَيَحْيَى القَطَّانَ وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقَ وَابْنَ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً إِلَى أَنْ يَنْزِلَ إِلَى رَفِيْقِهِ: هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ وَنَحْوِهِ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: أَبِي الحَسَنِ الكِسَائِيِّ وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ وَشُجَاعِ بنِ أَبِي نَصْرٍ البَلْخِيِّ. وَسَمِعَ الحُرُوْفَ مِنْ طَائِفَةٍ.
وَأَخَذَ اللُّغَةَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَبِي زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ المُونِقَةَ الَّتِي سَارَتْ بِهَا الرُّكبَانُ، وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي القِرَاءاتِ لَمْ أَرَهُ، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ لَهُ: كِتَابُ الأَمْوَالِ فِي مُجَلَّدٍ كَبِيْرٍ سَمِعْنَاهُ بِالاتِّصَالِ، وَكِتَابُ الغَرِيْبِ مَرْوِيٌّ أَيْضاً وَكِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ، وَقَعَ لَنَا وَكِتَابُ الطّهُوْرِ وَكِتَابُ النَّاسِخِ وَالمَنْسُوْخِ، وَكِتَابُ المَوَاعِظِ وكتاب الغريب المصنف في علم اللِّسَانِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَهُ بِضْعَةٌ وَعِشْرُوْنَ كِتَاباً.
حَدَّثَ عَنْهُ: نَصْرُ بنُ دَاوُدَ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ التَّغْلِبِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُكْرَمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى البَلاَذُرِيُّ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ مُؤَدِّباً صَاحِبَ نَحْوٍ، وَعَرَبِيَّةٍ وَطَلَبٍ لِلْحَدِيْثِ، وَالفِقْهِ وَلِيَ قَضَاءَ طَرَسُوْسَ أَيَّامَ الأَمِيْرِ ثَابِتِ بنِ نَصْرٍ الخُزَاعِيِّ، وَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ وَمَعَ وَلَدِهِ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَفَسَّرَ بِهَا غَرِيْبَ الحَدِيْثِ، وَصَنَّفَ كُتُباً وَحَدَّثَ، وَحَجَّ فَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ فِي تَارِيْخِهِ: قَدِمَ أَبُو عُبَيْدٍ مِصْرَ مَعَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ سَنَةَ ثَلاَثَ عشرة، ومائتين وكتب بها.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 355"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 778"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 637"، وتاريخ بغداد "12/ 403"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 254"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 534"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 423"، والعبر "1/ 392"، وميزان الاعتدال "3/ 371"، والكاشف "2/ ترجمة 4581"، وتهذيب التهذيب "8/ 315"، وتقريب التهذيب "2/ 116"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5777"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 241"،
وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 253"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 54".(8/501)
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: وُلِدَ بِهَرَاةَ، وَكَانَ أَبُوْهُ عَبْداً لِبَعْضِ أَهْلِهَا. وَكَانَ يَتَوَلَّى الأَزْدَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرُسْتَوَيْه النَّحْوِيُّ: وَمِنْ عُلَمَاءِ بَغْدَادَ المُحَدِّثِيْنَ النَّحْوِيِّينَ عَلَى مَذْهَبِ الكُوْفِيِّيْنَ، وَرُوَاةِ اللُّغَةِ وَالغَرِيْبِ عَِنِ البَصْرِيِّيْنَ وَالعُلَمَاءِ بِالقِرَاءاتِ، وَمَنْ جَمَعَ صُنُوَفاً مِنَ العِلْمِ وَصَنَّفَ الكُتُبَ فِي كُلِّ فَنٍّ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَكَانَ مُؤَدِّباً لأَهْلِ هَرْثَمَةَ وَصَارَ فِي نَاحِيَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ، وَكَانَ ذَا فَضْلٍ وَدِيْنٍ وَسَتْرٍ وَمَذْهَبٍ حَسَنٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي زَيْدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالأَصْمَعِيِّ وَاليَزِيْدِيِّ وَغَيْرِهِم مِنَ البَصْرِيِّيْنَ، وَرَوَى عَنِ: ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، وَأَبِي زِيَادٍ الكِلاَبِيِّ وَالأُمَوِيِّ وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَالأَحْمَرِ.
نَقَلَ الخَطِيْبُ فِي تَارِيْخِهِ وَغَيْرُهُ: أَنَّ طَاهِرَ بنَ الحُسَيْنِ حِيْنَ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ نَزَلَ بِمَرْوَ فَطَلَبَ رَجُلاً يُحَدِّثُهُ لَيْلَةً فَقِيْلَ: مَا ههنا إلَّا رَجُلٌ مُؤَدِّبٌ فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ أَبَا عُبَيْدٍ فَوَجَدَهُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِأَيَّامِ النَّاسِ، وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالفِقْهِ فَقَالَ لَهُ: مِنَ المَظَالِمِ تَرْكُكَ أَنْتَ بِهَذِهِ البَلْدَةِ فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لَهُ: أَنَا مُتَوَجِّهٌ إِلَى حَرْبٍ، وَلَيْسَ أُحِبُّ اسْتِصْحَابَكَ شَفَقاً عَلَيْكَ فَأَنْفِقْ هَذِهِ إِلَى أَنْ أَعُوْدَ إِلَيْكَ فَأَلَّفَ أَبُو عُبَيْدٍ غَرِيْبَ المُصَنَّفِ، وَعَادَ طَاهِرُ بنُ الحُسَيْنِ مِنْ ثَغْرِ خُرَاسَانَ فَحَمَلَ مَعَهُ أَبَا عُبَيْدٍ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ ثِقَةً دَيِّناً وَرِعاً كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْه: وَلأَبِي عُبَيْدٍ كُتُبٌ لَمْ يِرْوِهَا قَدْ رَأَيْتُهَا فِي مِيْرَاثِ بَعْضِ الطَّاهِرِيَّةِ تُبَاعُ كَثِيْرَةً فِي أَصْنَافِ الفِقْهِ كُلِّهِ وَبَلَغَنَا: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَلَّفَ كِتَاباً أَهدَاهُ إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ فَيَحْمِلُ إِلَيْهِ مَالاً خَطِيْراً، وذكر فصلًا إلى أن قال: والغريب المُصَنَّفُ مِنْ أَجَلِّ كُتُبِهِ فِي اللُّغَةِ احْتَذَى فِيْهِ كِتَابَ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ المُسَمَّى بِكِتَابِ الصِّفَاتِ بَدَأَ فِيْهِ بِخَلْقِ الإِنْسَانِ، ثُمَّ بِخَلْقِ الفَرَسِ ثُمَّ بِالإِبِلِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ كِتَابِ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَجْوَدُ.
قَالَ: وَمِنْهَا كِتَابُهُ فِي الأَمْثَالِ أَحْسَنَ تَأْلِيْفَهُ، وَكِتَابُ غَرِيْبِ الحَدِيْثِ ذَكَرَهُ بِأَسَانِيْدِهِ فَرَغِبَ فِيْهِ أَهْلُ الحَدِيْثِ، وَكَذَلِكَ كِتَابُهُ فِي مَعَانِي القُرْآنِ حَدَّثَ بِنِصْفِهِ وَمَاتَ.
وَلَهُ كُتُبٌ فِي الفِقْهِ فَإِنَّهُ عَمَدَ إِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فَتَقَلَّدَ أَكْثَرَ ذَلِكَ، وَأَتَى بِشَوَاهِدِهِ وَجَمَعَهُ مِنْ رِوَايَاتِهِ وَحَسَّنَهَا بِاللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَلَهُ فِي القِرَاءاتِ كِتَابٌ جَيِّدٌ لَيْسَ لأَحَدٍ مِنَ الكُوْفِيِّيْنَ قَبْلَهُ مِثْلُهُ، وَكِتَابُهُ فِي الأَمْوَالِ مِنْ أحسن ما صنف في الفقه وأجوده.
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّنَ أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ أَخْبَرَنَا أَبُو العَلاَء القَاضِي أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ حَدَّثَنَا الفُسْطَاطِيُّ قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعَ ابْنِ طَاهِرٍ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ أَبُو دُلَفٍ بِثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا وَقَالَ:(8/502)
أَنَا فِي جَنَبَةِ رَجُلٍ مَا يَحُوجُنِي إِلَى صِلَةِ غَيْرِهِ، وَلاَ آخُذُ مَا عَلَيَّ فِيْهِ نَقْصٌ فَلَمَّا عَادَ ابْنُ طَاهِرٍ، وَصَلَهُ بِثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ! قَدْ قَبِلْتُهَا، وَلَكِنْ قَدْ أَغْنَيْتَنِي بِمَعْرِوْفِكَ، وَبِرِّكَ عَنْهَا وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَشْتَرِيَ بِهَا سِلاَحاً، وَخَيْلاً وَأُوَجِّهَ بِهَا إِلَى الثَّغْرِ لِيَكُوْنَ الثَّوَابُ مُتَوَفِّراً عَلَى الأَمِيْرِ فَفَعَلَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّكَّرِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ إِمَّا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، أَوْ حُدِّثْتُ بِهِ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا عَمِلَ أَبُو عُبَيْدٍ كِتَابَ غَرِيْبِ الحَدِيْثِ عُرِضَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ فَاسْتَحْسَنَهُ، وَقَالَ: إِنَّ عَقْلاً بَعَثَ صَاحِبَهُ عَلَى عَمَلِ مِثْلِ هَذَا الكِتَابِ لَحَقِيْقٌ أَنْ لاَ يُحْوَجَ إِلَى طَلَبِ المَعَاشِ. فَأَجْرَى لَهُ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ فِي الشَّهْرِ.
كذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: عَشْرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
وَرُوِيَ غَيْرُهُ بِمَعْنَاهُ عَنِ الحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: حُمِلَ غَرِيْبُ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ عَاقِلٌ، وَكَتَبَ إِلَى إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بِأَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ. فَلَمَّا مَاتَ ابْنُ طَاهِرٍ أَجْرَى عَلَيْهِ إِسْحَاقُ مِنْ مَالِهِ ذَلِكَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو عُبَيْدٍ بِمَكَّةَ أَجْرَاهَا عَلَى وَلَدِهِ.
وذكر وَفَاةِ ابْنِ طَاهِرٍ هُنَا وَهْمٌ؛ لأنَّهُ عَاشَ مُدَّةً بَعْدَ أَبِي عُبَيْدٍ.
وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي تَصْنِيْفِ هَذَا الكِتَابِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَرُبَّمَا كُنْتُ أَسْتَفِيْدُ الفَائِدَةَ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ فَأَضَعُهَا فِي الكِتَابِ فَأَبِيْتُ سَاهِراً فَرِحاً مِنِّي بِتِلْكَ الفَائِدَةِ، وَأَحَدُكُم يَجِيئُنِي فَيُقِيمُ عِنْدِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَيَقُوْلُ: قَدْ أَقَمْتُ الكَثِيْرَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَمِعَ الغَرِيْبَ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
الطَّبَرَانِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: عَرَضْتُ كِتَابَ غَرِيْبِ الحَدِيْثِ لأَبِي عُبَيْدٍ عَلَى أَبِي فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ: جَزَاهُ اللهُ خَيْراً.
ووى ابْنُ الأَنْبَارِيِّ عَنْ مُوْسَى بنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كَتَبَ أَبِي غَرِيْبَ الحَدِيْثِ الَّذِي أَلَّفَهُ أَبُو عُبَيْدٍ أَوَّلاً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَرْعَرَةَ يَقُوْلُ: كَانَ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِبَغْدَادَ فَطَمِعَ فِي أَنْ يَسْمَعَ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَطَمِعَ أَنْ يَأْتِيَهُ في مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ أَبُو عُبَيْدٍ حَتَّى كَانَ هُوَ يَأْتِيْهِ فَقَدِمَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَعَبَّاسٌ العبنري، فَأَرَادَا أَنْ يَسْمَعَا غَرِيْبَ الحَدِيْثِ، فَكَانَ يَحْمِلُ كُلَّ يَوْمٍ كِتَابَهُ وَيَأْتِيْهِمَا فِي مَنْزِلِهِمَا، فَيُحَدِّثُهُمَا فيه.(8/503)
قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: خَرَجَ أَبِي إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ يَعُوْدُهُ، وَأَنَا مَعَهُ فَدَخَلَ إِلَيْهِ، وَعِنْدَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ فَدَخَلَ أَبُو عُبَيْدٍ فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: اقْرَأْ عَلَيْنَا كِتَابَكَ الَّذِي عَمِلْتَهُ لِلْمَأْمُوْنِ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ فَقَالَ: هَاتُوْهُ فَجَاؤُوا بِالكِتَابِ فَأَخَذَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فَجَعَلَ يَبْدَأُ يَقْرَأُ الأَسَانِيْدَ، وَيَدَعُ تَفْسِيْرَ الغَرِيْبِ فَقَالَ أَبِي: دَعْنَا مِنَ الإِسْنَادِ نَحْنُ أَحْذَقُ بِهَا مِنْكَ فَقَالَ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ لأَبِي: دَعْهُ يَقْرَأُ عَلَى الوَجْهِ فَإِنَّ ابْنَكَ مَعَكَ، وَنَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نَسْمَعهُ عَلَى الوَجْهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَا قَرَأْتُهُ إلَّا عَلَى المَأْمُوْنِ فَإِنْ أَحْبَبْتُم أَنْ تَقْرَؤُوهُ فَاقْرَؤُوهُ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِنْ قَرَأْتَهُ عَلَيْنَا، وَإِلاَّ لاَ حَاجَةَ لَنَا فِيْهِ.
وَلَمْ يَعْرِفْ أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ فَقَالَ لِيَحْيَى: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ.
فَالتَزَمَهُ، وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا فَمَنْ حَضَرَ ذَلِكَ المَجْلِسَ جَازَ أَنْ يَقُوْلَ: حَدَّثَنَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ فَلاَ يَقُوْلُ.
رَوَاهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ الهُجَيْمِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الأَنْبَارِيِّ: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ رَحِمَهُ اللهُ يَقْسِمُ اللَّيْلَ أَثَلاَثاً فَيُصَلِّي ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ ثلثه ويصنف الكتب ثلثه.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُقَاتِلٍ البَلْخِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ: دَخَلْتُ البَصْرَةَ لأَسْمَعَ مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ فَقَدِمْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ فَقَالَ: مَهْمَا سُبِقْتَ بِهِ فَلاَ تُسْبَقَنَّ بِتَقْوَى اللهِ وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الصَّاغَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ القَاسِمَ بنَ سَلاَّمٍ يَقُوْلُ: فَعَلْتُ بِالبَصْرَةِ فِعْلَتَيْنِ أَرْجُو بِهِمَا الجَنَّةَ: أَتَيْتُ يَحْيَى القَطَّانَ، وَهُوَ يَقُوْلُ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقُلْتُ: مَعِيَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ يَشْهَدَانِ أَنَّ عُثْمَانَ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَنْ؟ قُلْتُ: أَنْتَ حَدَّثْتَنَا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ عَنِ النَزَّالِ بنِ سَبْرَةَ قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ مَسْعُوْدٍ فَقَالَ: أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ، وَلَمْ نَأْلُ قَالَ: وَمَنِ الآخَرُ؟ قُلْتُ: الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ المِسْوَرِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ يَقُوْلُ: شَاوَرْتُ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِيْنَ، وَأُمَرَاءَ الأَجْنَادِ وَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ أَرَ أَحَداً يَعْدِلُ بِعُثْمَانَ قَالَ: فَتَرَكَ يَحْيَى قَوْلَهُ وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ.
قَالَ: وَأَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ الخُرَيْبِيَّ فَإِذَا بَيْتُهُ بَيْتُ خَمَّارٍ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: مَا اخْتَلَفَ فِيْهِ أَوَّلُنَا وَلاَ آخِرُنَا قُلْتُ: اخْتَلَفَ فِيْهِ أَوَّلُكُم وَآخِرُكُم قَالَ: مَنْ؟ قُلْتُ: أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبِيْدَةَ قَالَ: اخْتُلِفَ عَلَيَّ فِي الأَشْرِبَةِ فَمَا لِيَ شَرَابٌ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً إلَّا عَسَلٌ أَوْ لَبَنٌ أَوْ مَاءٌ قَالَ: وَمَنْ آخِرُنَا؟ قُلْتُ: عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ قَالَ: فَأَخْرَجَ كُلَّ مَا فِي مَنْزِلِهِ فأهراقه.(8/504)
أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعَنِي ابْنُ إِدْرِيْسَ أَتَلَهَّفُ عَلَى بَعْضِ الشُّيُوْخِ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عُبَيْدٍ مَهْمَا فَاتَكَ مِنَ العِلْمِ، فَلاَ يَفُوْتَنَّكَ من العمل.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ الكَارِزِيَّ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: المُتَّبِعُ السُّنَّةَ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ هُوَ اليَوْمَ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ ضَرْبِ السَّيْفِ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: مَثَلُ الأَلْفَاظِ الشَّرِيْفَةِ، وَالمَعَانِي الظَّرِيْفَةِ مَثَلُ القَلاَئِدِ اللاَّئِحَةِ فِي التَّرَائِبِ الوَاضِحَةِ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَتَبَيَّنُ فِي عَقْلِ الرَّجُلِ أَنْ يَدَعَ الشَّمْسَ، وَيَمْشِيَ فِي الظِّلِّ.
وَبإِسْنَادِي إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَادَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الزَّبِيْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ العَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ سَمِعْتُ الهِلاَلَ بنَ العَلاَءِ الرَّقِّيَّ يَقُوْلُ: مَنَّ اللهُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ بِأَرْبَعَةٍ فِي زَمَانِهِم: بِالشَّافِعِيِّ تَفَقَّهَ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِأَحْمَدَ ثَبَتَ فِي المِحْنَةِ لَوْلاَ ذَلِكَ كَفَرَ النَّاسُ، وَبِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ نَفَى الكَذِبَ عَنِ الحَدِيْثِ، وَبأَبِي عُبَيْدٍ فَسَّرَ الغَرِيْبَ مِنَ الحَدِيْثِ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لاَقْتَحَمَ النَّاسُ فِي الخَطَأِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَبَا قُدَامَةَ عن الشافعي، وأحمد إسحاق وَأَبِي عُبَيْدٍ فَقَالَ: أَمَّا أَفْقَهُهُم فَالشَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، وَأَمَّا أَوْرَعُهُم: فَأَحْمَدُ وَأَمَّا أَحْفَظُهُم: فَإِسْحَاقُ، وَأَمَّا أَعْلَمُهُم بِلُغَاتِ العَرَبِ فَأَبُو عُبَيْدٍ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الحَنْظَلِيَّ يَقُوْلُ: أَبُو عُبَيْدٍ: أَوْسَعُنَا عِلْماً وَأَكْثَرُنَا أَدَباً وَأَجْمَعُنَا جَمْعاً إِنَّا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَيْنَا سَمِعَهَا الحَاكِمُ مِنْ أَبِي الوَلِيْدِ الفَقِيْهِ: سَمِعْتُ الحَسَنَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه يَقُوْلُ: الحَقُّ يُحِبُّهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ أَفْقَهُ مِنِّي وَأَعْلَمُ مِنِّي.
الخَطِيْبُ فِي تَارِيْخِهِ: حَدَّثَنِي مَسْعُوْدُ بنُ نَاصِرٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بُشْرَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الآبُرِيُّ سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ نصر المقرىء يَقُوْلُ: قَالَ إِسْحَاقُ: إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ: أَبُو عُبَيْدٍ أَعْلَمُ مِنِّي وَمِن ابْن حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيِّ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ لكان عجبًا.(8/505)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ فَاضِلاً فِي دِيْنِهِ وَفِي عِلْمِهِ رَبَّانِيّاً، مُفَنَّناً فِي أَصنَافِ عُلُوْمِ الإِسْلاَمِ مِنَ القُرْآنِ وَالفِقْهِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالأَخْبَارِ حَسَنَ الرِّوَايَةِ صَحِيْحَ النَّقلِ لاَ أَعْلَمُ أَحَداً طَعَنَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمرِهِ وَدِينِهِ.
وَبَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ أَمِيْرِ خُرَاسَانَ قَالَ: النَّاسُ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ وَالشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ فِي زَمَانِهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّسَّاجُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ ثَلاَثَةً تَعْجِزُ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَهُم: رَأَيْتُ أَبَا عُبَيْدٍ مَا مَثَّلْتُهُ إلَّا بِجَبَلٍ نُفِخَ فِيْهِ رُوحٌ، وَرَأَيْتُ بِشْرَ بنَ الحَارِثِ مَا شَبَّهْتُهُ إلَّا بِرَجُلٍ عُجِنَ مِن قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ عَقْلاً، وَرَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ فَرَأَيْتُ كأَنَّ اللهَ قَدْ جَمَعَ لَهُ عِلمَ الأَوَّلِينَ فَمِنْ كُلِّ صِنْفٍ يَقُوْلُ مَا شَاءَ، وَيُمْسِكُ مَا شَاءَ.
قَالَ مُكْرَمُ بنُ أَحْمَدَ: قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ كَأَنَّهُ جَبَلٌ نُفِخَ فِيْهِ الرُّوحُ يُحْسِنُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الحَدِيْثَ صِنَاعَةَ أَحْمَدَ وَيَحْيَى.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ يُؤَدِّبُ غُلاَماً فِي شَارِعِ بِشْرٍ، ثُمَّ اتَّصَلَ بِثَابِتِ بنِ نَصْرٍ الخُزَاعِيِّ يُؤَدِّبُ وَلَدَهُ ثُمَّ وَلِيَ ثَابِتٌ طَرَسُوْسَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَوَلَّى أَبَا عُبَيْدٍ قَضَاءَ طَرَسُوْسَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً فَاشْتَغَلَ عَنْ كتابة الحديث.
كَتَبَ فِي حَدَاثَتِهِ عَنْ هُشَيْمٍ، وَغَيْرِهِ فَلَمَّا صَنَّفَ احْتَاجَ إِلَى أَنْ يَكْتُبَ عَنْ يَحْيَى بنِ صَالِحٍ وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ.
وَأَضْعَفُ كُتُبِهِ كِتَابُ الأَمْوَالِ يَجِيْءُ إِلَى بَابٍ فِيْهِ ثَلاَثُوْنَ حَدِيْثاً، وَخَمْسُوْنَ أَصْلاً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَجِيْءُ بِحَدِيْثٍ حَدِيْثَيْنِ يَجْمَعُهُمَا مِنْ حَدِيْثِ الشَّامِ، وَيَتَكَلَّمُ فِي أَلفَاظِهِمَا، وَلَيْسَ لَهُ كِتَابٌ كَـ"غَرِيْبِ المُصَنَّفِ".
وَانْصَرَفَ يَوْماً مِنَ الصلاة، فمر بدارإسحاق المَوْصِلِيِّ فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عُبَيْدٍ صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ يَقُوْلُ: إِنَّ فِي كِتَابِكَ غَرِيْبِ المُصَنَّفِ أَلْفَ حَرْفٍ خَطَأً فَقَالَ: كِتَابٌ فِيْهِ أَكْثَرُ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ يَقَعُ فِيْهِ أَلفٌ لَيْسَ بِكَثِيْرٍ!، وَلَعَلَّ إِسْحَاقَ عِنْدَهُ رِوَايَةٌ وَعِنْدَنَا رِوَايَةٌ فَلَمْ يَعْلَمْ فَخَطَّأَنَا وَالرِّوَايَتَانِ صَوَابٌ، وَلَعَلَّهُ أَخْطَأَ فِي حُرُوْفٍ وَأَخْطَأْنَا فِي حُرُوْفٍ فَيَبْقَى الخَطَأُ يَسِيْراً.
وَكِتَابُ غَرِيْبِ الحَدِيْثِ فِيْهِ أَقَلُّ مِنْ مائَتَيْ حَرْفٍ: سَمِعْتُ، وَالبَاقِي قَالَ: الأَصْمَعِيُّ، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو، وَفِيْهِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً لاَ أَصْلَ لَهَا أُتِيَ فِيْهَا أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بنِ المُثَنَّى.(8/506)
قَالَ الخَطِيْبُ فِيْمَا أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْهُ حَدَّثَنِي العَلاَءُ بنُ أبي المغيرة أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَنِيِّ الحَافِظُ، قَالَ: فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ لأَبِي عُبَيْدٍ حَدِيْثَانِ مَا حَدَّثَ بِهِمَا غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَلاَ عَنْهُ سِوَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ:
أَحَدُهُمَا: حَدِيْثُ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي وَهْبٍ.
وَالآخَرُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ عَنِ المَقْبُرِيِّ حَدَّثَ بِهِ القَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنِ القَطَّانِ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ.
مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي وَهْبٍ الخُزَاعِيِّ عَنْ مُوْسَى بنِ ثَرْوَانَ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ كُرَيْزٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَوَضَّأَ يُخَلِّلُ لِحْيَتِهِ1.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المُسْتَمْلِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَانَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَقِيْلٍ: سَمِعْتُ حَمْدَانَ بنَ سَهْلٍ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنِ الكَتْبَةِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ فَقَالَ وَتَبَسَّمَ: مِثْلِي يُسْأَلُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ؟! أَبُو عُبَيْدٍ يُسْأَلُ عَنِ النَّاسِ لَقَدْ كُنْتُ عِنْدَ الأَصْمَعِيِّ يَوْماً إِذْ أَقْبَلَ أَبُو عُبَيْدٍ فَشَقَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ حَتَّى اقْتَرَبَ منه، فقال: أترون هذا المقبل? قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: لَنْ تَضِيعَ الدُّنْيَا أَوِ النَّاسُ مَا حَيِيَ هَذَا.
رَوَى عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ قَالَ: أَبُو عُبَيْدٍ ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَبُو عُبَيْدٍ مِمَّنْ يَزْدَادُ عِنْدَنَا كُلَّ يَوْمٍ خَيْراً.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو عُبَيْدٍ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو قُدَامَةَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: أَبُو عُبَيْدٍ أُسْتَاذٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ إِمَامٌ جَبَلٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ ابْنُ قُتَيْبَةَ يَتَعَاطَى التَّقَدُّمَ فِي عُلُوْمٍ كَثِيْرَةٍ، وَلَمْ يَرضَهُ أَهْلُ عِلْمٍ مِنْهَا، وَإِنَّمَا الإِمَامُ المَقْبُوْلُ عِنْد الكُلِّ أَبُو عُبَيْدٍ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: عاشرت الناس، وكلمت أهل الكلام فما
__________
1 صحيح بشواهده: أخرجه أحمد "6/ 234" من طريق علي بن موسى، عن عبد الله بن المبارك، عن عمر بن أبي وهب الخزاعي، به، وأخرجه الحاكم "1/ 150"، من طريق عمر بن أبي وهب، به، وله شاهد من حديث عمار بن ياسر، عند الترمذي "29"، وابن ماجه "429"، والطبراني في "الأوسط" "2395".
وشاهد آخر عن عثمان بن عفان: عند الترمذي "31"، وابن ماجه "430".(8/507)
رَأَيْتُ قَوْماً أَوْسَخَ وَسَخاً وَلاَ أَضْعَفَ حُجَّةً مِنْ، وَلاَ أَحْمَقَ مِنْهُم وَلَقَدْ وَلِيتُ قَضَاءَ الثَّغْرِ فَنَفَيتُ ثَلاَثَةً جَهْمِيَّيْنَ وَجَهْمِيّاً.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بِالخِضَابِ، وَكَانَ مهيبًا وقورًا.
قَالَ الزُّبَيْدِيُّ: عَدَدتُ حُرُوْفَ غَرِيْبِ المُصَنَّفِ، فَوَجَدتُهُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفاً وَتِسْعَ مائَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَرْفاً.
قُلْتُ: يُرِيْد بِالحَرْفِ اللَّفْظَةَ اللُّغَوِيَّةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عُلْوَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُغِيْثِ بنُ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُشَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا العَبَّاسُ الدُّوْرِيُّ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ القَاسِمَ بنَ سَلاَّمٍ، وَذَكَرَ البَابَ الَّذِي يُرْوَى فِيْهِ الرُّؤْيَةُ وَالكُرْسِيُّ مَوْضِعَ القَدَمَيْنِ1، وَضَحِكُ رَبِّنَا وَأَيْنَ كَانَ رَبُّنَا2 فَقَالَ: هَذِهِ أَحَادِيْثُ صِحَاحٌ حَمَلَهَا أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، وَالفُقَهَاءُ بَعْضُهُم عَنْ بَعْضٍ، وَهِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ لاَ نَشُكُّ فِيْهَا وَلَكِن إِذَا قِيْلَ: كَيْفَ يَضْحَكُ؟ وَكَيْفَ وَضَعَ قَدَمَهُ؟ قُلْنَا: لاَ نُفَسِّرُ هَذَا، وَلاَ سمعنا أحدًا يفسره.
قُلْتُ: قَدْ فَسَّرَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ المُهِمَّ مِنَ الأَلْفَاظِ وَغَيْرَ المُهِمِّ وَمَا أَبْقَوْا مُمْكِناً، وَآيَاتُ
__________
1 حسن: أخرجه الحاكم "2/ 282"، ووكيع في "تفسيره"، وشجاع بن مخلد في "تفسيره" -كما في تفسير ابن كثير "1/ 317"- من طريق سفيان -وهو الثوري- عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: -"الكرسي موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره".
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده حسن، عمار بن معاوية الدهني، أبو معاوية البجلي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". ومثل هذا الحديث يعد من قبيل المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي.
2 ضعيف: أخرجه الطيالسي "1093"، وأحمد "4/ 11، 12"، وابنه عبد الله في "السنة" "260"، والترمذي "3109"، وابن ماجه "182"، وابن حبان "39" موارد، وابن أبي عاصم في "السنة" "612"، والطبراني في "الكبير" "19/ 468" من طرق عن حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟
قال: "كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء".
وقال الترمذي: حديث حسن.
قلت: إسناده ضعيف، وكيع بن حدث ويقال: عدس، مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير يعلى بن عطاء، وباقي رجاله ثقات رجاله الصحيح، وأبو رزين العقيلي اسمه لقيط بن عامر.(8/508)
الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثُهَا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَأْوِيْلِهَا أَصْلاً، وَهِيَ أَهَمُّ الدِّيْنِ فَلَو كَانَ تَأْوِيْلُهَا سَائِغاً، أَوْ حَتْماً لَبَادَرُوا إِلَيْهِ فَعُلِمَ قَطْعاً أَنَّ قِرَاءتَهَا وَإِمرَارَهَا عَلَى مَا جَاءتْ هُوَ الحَقُّ لاَ تَفْسِيْرَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَنُؤْمِنُ بِذَلِكَ، وَنَسْكُتُ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ مُعْتَقِدِيْنَ أَنَّهَا صِفَاتٌ للهِ تَعَالَى استأثر الله بعلم حقائقها، وأنهما لاَ تُشْبِهُ صِفَاتِ المَخْلُوْقِينَ كَمَا أَنَّ ذَاتَهُ المُقَدَّسَةَ لاَ تُمَاثِلُ ذَوَاتِ المَخْلُوْقِينَ، فَالكِتَابُ وَالسُّنَّةُ نَطَقَ بِهَا وَالرَّسُوْلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلَّغَ وَمَا تَعَرَّضَ لِتَأْوِيْلٍ مَعَ كَوْنِ البَارِي قَالَ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} [النَّحْلُ: 44] ، فَعَلَيْنَا الإِيْمَانُ وَالتَّسْلِيْمُ لِلنُّصُوْصِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ.
قَالَ عَبْدَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الضَّرِيْرُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الأَمِيْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ فورد عليه نهي أَبِي عُبَيْدٍ فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
يَا طَالِبَ العِلْمِ قَدْ مَاتَ ابْنُ سَلاَّمِ ... وَكَانَ فَارِسَ عِلْمٍ غَيْرَ مِحْجَامِ
مَاتَ الَّذِي كَانَ فِيْنَا رُبْعَ أَرْبَعَةٍ ... لَمْ يَلْقَ مِثْلَهُمْ أُسْتَاذُ أَحْكَامِ
خَيْرُ البَرِيَّةِ عَبْدُ اللهِ أَوَّلُهُمْ ... وَعَامِرٌ وَلَنِعْمَ التِّلْوُ يَا عَامِ
هُمَا اللَّذَانِ أَنَافَا فَوْقَ غَيْرِهِمَا ... والقاسمان بن مَعْنٍ وَابْنُ سَلاَّمِ
ذَكَرَ أَبَا عُبَيْدٍ: أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي طَبَقَاتِ القُرَّاءِ فَقَالَ: أَخَذَ القِرَاءةَ عَرْضاً، وَسَمَاعاً عَنِ الكِسَائِيِّ، وَعَنْ شُجَاعٍ وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، وَعَنْ حَجَّاجِ بنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي مُسْهِرٍ إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ إمام أهل دهره في جَمِيْعِ العُلُوْمِ ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ صَاحِبُ سُنَّةٍ رَوَى عَنْهُ القِرَاءاتِ: وَرَّاقُهُ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَنَصْرُ بنُ دَاوُدَ وَثَابِتُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِمَكَّةَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ بَلَغَ سَبْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً رَحِمَهُ اللهُ.
وَلَمْ يَتَّفِقْ وُقُوْعُ رِوَايَةٍ لأَبِي عُبَيْدٍ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ لَكِنْ نَقَلَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ شَيْئاً فِي تَفْسِيْرِ أَسْنَانِ الإِبِلِ فِي الزَّكَاةِ، وَحَكَى أَيْضاً عَنْهُ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ أَفْعَالِ العِبَادِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مَحْفُوْظُ بنُ مَعْتُوْقٍ البَزَّارُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ "ح". وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الغَرَّافِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ بَاقَا قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ المُقَوِّمِيُّ حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا الزُّبَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرَوَيْه القَزْوِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ،(8/509)
أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرٌ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الحَجِّ سَجْدَتَيْنِ، وَقَالَ: إن هذه السورة فُضِّلَتْ عَلَى السُّوَرِ بِسَجْدَتَيْنِ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ بنِ صُبَيْحٍ عَنْ شُتَيْرِ بنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ شَغَلُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَلاَةِ العَصْرِ فَصَلاَّهَا بَيْنَ صَلاَتَيِ العِشَاءِ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "شَغَلُوْنَا عَنِ الصَّلاَةِ الوُسْطَى مَلأَ اللهُ قُبُوْرَهُم وَبُيُوْتَهُم نَاراً" 1.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَيَزِيْدُ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ عَبِيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّيْنِيُّ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ "ح".
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ سَنَةَ ثَلاَثٍ، وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ قَالاَ: أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الكَاتِبَةُ أَخْبَرَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعِ مائَةٍ أَخْبَرَنَا حَامِدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ إِنَّا هَذَا الحَيَّ مِنْ رَبِيْعَةَ، وَقَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا، وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ فَلاَ نَخْلُصُ إِلَيْكَ إلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَعْمَلْ بِهِ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءنَا. فَقَالَ: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُم عَنْ أَرْبَعٍ الإِيْمَانُ بِاللهِ ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُم، شَهَادَةَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهَ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ وَإِقَامُ الصَّلاَةِ وَإِيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُم وَأَنْهَاكُم عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالحَنْتَمِ، وَالنَّقِيْرِ والمقير". متفق عليه2.
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "2192"، والطيالسي "164"، وأحمد "1/ 150" وابن ماجه "684" وابن جرير في "تفسيره" -5423"، "5428"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 173، 174"، والبيهقي "1/ 460"، والبغوي "387" من طرق عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن علي بن أبي طالب مرفوعا: "شغلونا عن صلاة الوسطى، ملأ الله بيوتهم وبطونهم نارا". وهي العصر.
وأخرجه أحمد "1/ 122"، والبخاري "2931"، "4111"، "4533"، "6396"، ومسلم "627"، وأبو داود "409"، والدارمي "1/ 280"، والبغوي "388" من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني، عن علي، به.
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "523"، وَمُسْلِمٌ "17"، وَأَبُو دَاوُدَ "3692"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2611"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 120"، وابن منده "22"، "153" من طرق عن عباد بن عباد حدثنا أبو جمرة عن ابن عباس، به.
وأخرجه من طرق أخرى عن أبي جمرة، به: البخاري "1398"، "3095"، "4369"، "6176"، "7556"، ومسلم "3/ 1579"، "17"، "39"، والبيهقي "دلائل النبوة" "5/ 323"، وابن منده "18/ 20"، "151"، "169".(8/510)
1702- دار أم سلمة 1: "خَ"
الإِمَامُ الحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ حُمَيْدٍ الطُّرَيْثِيْثِيُّ الكُوْفِيُّ، وَيُعْرَفُ: بِدَارِ أُمِّ سَلَمَةَ.
وَكَانَ خَتَنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى عَلَى ابنته.
سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ، وَعُبَيْدَ اللهِ الأَشْجَعِيَّ وَحَفْصَ بنَ غِيَاثٍ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ فُضَيْلٍ وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الحُفَّاظِ بِالكُوْفَةِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1484"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 31"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 464"، والكاشف "1/ ترجمة 24"، وتهذيب التهذيب "1/ 26".(8/511)
1703- الرمادي 1: "د، ت"
الإِمَامُ المُحَدِّثُ المُفِيْدُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ الجَرْجَرَائِيُّ ثُمَّ البَصْرِيُّ الرَّمَادِيُّ صَاحِبُ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَعُثْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ المَكِّيِّ وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَإِسْمَاعِيْلُ القاضي وتمتام،
وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَيُوْسُفُ القَاضِي وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ. وَرَوَى: التِّرْمِذِيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
قَالَ البُخَارِيُّ: يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ وَهُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَأَنَّ سُفْيَانَ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ لَيْسَ بِابْنِ عُيَيْنَةَ يَعْنِي: مِمَّا يُغْرِبُ عَنْهُ.
وَقَالَ النسائي: ليس بالقوي.
وقل ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَأَلْتُ الزُّرَيْقِيَّ بِالبَصْرَةِ عَنْهُ فَقَالَ: كَانَ وَاللهِ أَزْهَدَ أَهْلِ زَمَانِهِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ أَعْلَمُ مِمَّا أُنْكِرُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ وَصَلَ حَدِيْثاً مُرْسَلاً. قَالَ: وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مُتْقِناً ضَابِطاً صَحِبَ سُفْيَانَ دَهْراً.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيْلَ: سنة سبع وعشرين ومائتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 308"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 890"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 225"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 35"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 225"، والكامل لابن عدي "1/ ترجمة 102"، والأنساب للسمعاني "6/ 158"، وميزان الاعتدال "1/ 23"، والكاشف "1/ ترجمة 121"، والعبر "1/ 398"، وتهذيب التهذيب "1/ 108"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 59".(8/512)
1704- يحيى بن يحيى 1: "خ، م، ت، س"
ابن بكر بن عبد الرحمن شَيْخُ الإِسْلاَمِ، وَعَالِمُ خُرَاسَانَ أَبُو زَكَرِيَّا التَّمِيْمِيُّ المِنْقَرِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَافِظُ.
كَتَبَ: بِبَلَدِهِ وَبَالحِجَازِ وَالعِرَاقِ، وَالشَّامِ وَمِصْرَ.
لَقِيَ صِغَاراً مِنَ التَّابِعِيْنَ مِنْهُم كَثِيْرُ بنُ سُلَيْمٍ وَأَخَذَ عَنْهُ وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ المِقْدَامِ وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ وَمَالِكٍ وَشَرِيْكٍ القَاضِي، وَسُعَيْرِ بنِ الخِمْسِ، وَأَبِي عَقِيْلٍ يَحْيَى بنِ المُتَوَكِّلِ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي المَوَالِ، وَعَطَّافِ بنِ خَالِدٍ وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَابْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَالمُنْكَدِرِ بنِ مُحَمَّدٍ وَدَاوُدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارِ، وَمُسْلِمِ بنِ خَالِدٍ وَمُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَخَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ وَعَبْثَرِ بن القاسم، وأمم سواهم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3131"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 501، 512"، "2/ 178"، "3/ 126"، والكنى للدولابي "1/ 179"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 823"، والكاشف "3/ ترجمة 6376"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 421"، والعبر "1/ 397"، وتهذيب التهذيب "11/ 296"، وتقريب التهذيب "2/ 360"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 59".(8/512)
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَحَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ القُشَيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَابْنُهُ يَحْيَى حَيْكَانُ، وَزَكَرِيَّا بنُ دَاوُدَ الخَفَّافُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الجُرَشِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ التُّرْكِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ بَشَّارٍ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ علي الذهلي وَدَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ البَيْهَقِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الصَّفَّارُ وَخَلاَئِقُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الشَّافِعِيُّ وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ قَالاَ: أَنْبَأَتْنَا زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي القَاسِمِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القاسم القارىء، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بنُ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَقِيْلٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ1.
وُلِدَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ نَقَلَهُ: أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ المَكْفُوْفِ صَاحِبِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى.
يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَلاَ أَحْسِبُ أَنَّهُ رَأَى مِثْلَ نَفْسِهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الخَفَّافُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَى يَحْيَى بنُ يَحْيَى مِثْلَ نَفْسِهِ، وَمَا رَأَى النَّاسُ مِثْلَهُ. رَوَاهَا: أبو عثمان سعيد بن شاذان عنه.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: مَاتَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى يَوْم مَاتَ، وَهُوَ إِمَامٌ لأَهْلِ الدُّنْيَا.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ عَبْدَشَ، وَكَانَ ثِقَةً سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ فَقُلْتُ: عَمَّنْ أَكْتُبُ؟ فَقَالَ: عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى.
قَالَ خُشْنَامُ بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: كَانَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى عِنْدِي إِمَاماً، وَلَوْ كَانَتْ عِنْدِي نَفَقَةٌ لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ.
مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الأَخْرَمُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: كَانَ أَبِي يَرْجِعُ فِي المُشْكِلاَتِ إِلَى يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَيَقُوْلُ: هُوَ إِمَامٌ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللهِ.
قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ المَكْفُوْفُ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: لَمْ أَكْتُبْ عَنْ أَحَدٍ أَوْثَقَ فِي نَفْسِي مِنْ:
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1096"، ومسلم "700" "37"، وأبو داود "1224".(8/513)
يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَالفَضْلِ بنِ مُوْسَى وَيَحْيَى أَحْسَنُ حَدِيْثاً مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: لأَنَّ يَحْيَى أَخرَجَ مِن عِلْمِهِ مَا كان ينبعي أَنْ يُخْرِجَه، وَأَمسَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ.
الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ ذَكَرَ يَحْيَى بنَ يَحْيَى فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ. ثُمَّ ذَكَرَ قُتَيْبَةَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنَّ يَحْيَى بنَ يَحْيَى شَيْءٌ آخَرُ.
قَالَ ابْنُ مَحْمِشَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بنُ عَبْدِ اللهِ البَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الفَرَّاءُ: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ مَنْصُوْرٍ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَرَوَى حَدِيْثاً عَنْ سُفْيَانَ فَقُلْتُ: خَالَفَكَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى فَقَالَ: كَيْفَ قَالَ يَحْيَى؟ فَأَخبَرتُهُ فَضَرَبَ عَلَى حَدِيْثِهِ، وَقَالَ: لاَ خَيْرَ فِيْمَا خَالَفَ فِيْهِ يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الفَرَّاءُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَكَانَ إِمَاماً وَقُدْوَةً وَنُوراً للإِسْلاَمِ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الحَافِظَ: سَمِعْتُ مَشَايِخَنَا يَقُوْلُوْنَ: لَوْ عَاشَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى سَنَتَيْنِ لَذَهَبَ حَدِيْثُهُ فَإِنَّهُ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيْثٍ أَرْسَلَهُ هَذَا فِي بَدْءِ أَمرِهِ ثُمَّ صَارَ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيْثٍ تَرَكَهُ ثُمَّ صَارَ يَضْرِبُ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ: سَمِعْتُ أَبِي يَذكُرُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى فَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْراً، وَقَالَ: مَا أَخَرَجَتْ خُرَاسَانُ بَعْدَ ابْنِ المُبَارَكِ مِثْلَهُ كُنَّا نُسَمِّيهِ يَحْيَى الشَّكَّاكَ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَشُكُّ فِي الحَدِيْثِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيِّ فَقُلْتُ: مَنْ أَدْرَكْتَ مِنَ المَشَايِخِ عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ إلَّا أَنْ يَكُوْنَ يَحْيَى بنَ يَحْيَى.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: قَرَأَ عَلَيْنَا إِسْحَاقُ عَنْ مَشَايِخِهِ أَحَادِيْثَ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَهُوَ أَوْثَقُ مَنْ حَدَّثْتُكُمُ اليَوْمَ عَنْهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الدَّارَابْجِرْدِيُّ: سمعت يحيى الحماني يقول: كُنَّا نَعُدُّ فُقَهَاءَ خُرَاسَانَ ثَلاَثَةً: عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ وَيَحْيَى بنَ يَحْيَى وَآخَرَ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ مَنْصُوْرٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَرَوَى حَدِيْثاً عَنْ سُفْيَانَ، فَقُلْتُ: خَالَفَكَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى فَتَوَقَّفَ، وَقَالَ: لاَ خَيْرَ فِيْمَا يُخَالِفُ فِيْهِ يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ، وَذَكَرَ يَحْيَى بنَ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيَّ فَذَكَرَ مِنْ فَضْلِهِ، وَإِتْقَانِهِ أَمراً عَظِيْماً.(8/514)
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَذْرَةَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنَ عُثْمَانَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَزْرَةَ يَقُوْلُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبِي كَثِيْراً مَا يَقُوْلُ: وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيَّ. فَكُنْتُ يَوْماً جَالِساً أَكتُبُ فَوَقَفَ عَلَيَّ رَجُلٌ عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، مَعَهُ عَصَا وَرَكْوَةٌ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ هَذِهِ دَارُ أَبِي عَبْدِ اللهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: تُرَاهُ فِي البَيْتِ؟ قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى فَوَثَبتُ مَسْرُوْراً وَأَخبَرتُ أَبِي فَأَطرَقَ مَلِيّاً وَقَالَ: أَبْلِغْهُ مِنِّي السَّلاَمَ وَقُلْ: آتَاكَ اللهُ ثَوَابَ مَا نَوَيتَ. فَرَجَعتُ شِبْهَ الخَجِلِ فَقَالَ: أَسْتَوْدِعُكَ الله يَا بُنَيَّ وَمَضَى.
فَهَذِهِ حِكَايَةٌ بَاطِلَةٌ لَمْ يُتِمَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَإِنَّمَا طَلَبَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ مَوْتِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَيْضاً فَمَا نَعْلَمُ أَنَّ يَحْيَى دَخَلَ بَغْدَادَ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدٍ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ المَنْصُوْرِيَّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ مَنْصُوْرٍ يَقُوْلُ: أَرَادَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى الحَجَّ، فَاسْتَأْذَنَ عَبْدَ اللهِ بنَ طَاهِرٍ الأَمِيْرَ فَقَالَ: أَنْتَ مِنَ الإِسْلاَمِ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى فَلاَ آمَنُ أَنْ تُمْتَحَنَ فَتَصِيْرَ إِلَى مَكْرُوهٍ فَهَذَا الإِذْنُ وَهَذِهِ النَّصِيْحَةُ فَقَعَدَ.
وَبَلَغَنَا: أَنَّ يَحْيَى أَوْصَى بِثِيَابِ بَدَنِهِ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَى أَحْمَدَ أَخَذَ مِنْهَا ثَوْباً وَاحِداً لِلْبَرَكَةِ، وَرَدَّ البَاقِي وَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ تَفْصِيْلُ ثِيَابِهِ مِن زِيِّ بَلَدِنَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: وَغَيْرُهُ مَاتَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى فِي أَوَّلِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الفَرَّاءَ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى قَالَ: أَوْصَى أَبِي بِثِيَابِ جَسَدِهِ لأَحْمَدَ فَأَتَيْتُهُ بِهَا فِي مِنْدِيْلٍ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ لِبَاسِي ثُمَّ أَخَذَ ثَوْباً وَاحِداً وَرَدَّ البَاقِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: وَسَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ مَنْصُوْرٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ طَاهِرٍ الأَمِيْرَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ فِي رَمَضَانَ كَأَنَّ كِتَاباً أُدْلِيَ مِنَ السَّمَاءِ فَقِيْلَ لِي: هَذَا الكِتَابُ فِيْهِ اسْمُ مَنْ غُفِرَ لَهُ فَقُمْتُ فَتَصَفَّحْتُ فِيْهِ، فَإِذَا فِيْهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
قَالَ الحَاكِمُ: سمعت أبي: سمعت أبا عمور العَمْرَوِيَّ وَالِيَ البَلَدِ يَقُوْلُ: بَينَا أَنَا نَائِمٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَلَى السَّطْحِ إِذْ رَأَيْتُ نُوراً يَسْطَعُ إِلَى السَّمَاءِ مِنْ قَبْرٍ فِي مَقْبَرَةِ الحُسَيْنِ كَأَنَّهُ مَنَارَةٌ(8/515)
بيضاء فدعوت بغلام لي رام. فَقُلْتُ: ارْمِ ذَاكَ القَبْرَ الَّذِي يَسْطَعُ مِنْهُ النُّوْرُ فَفَعَلَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ بَكَّرْتُ بِنَفْسِي فَإِذَا النَّشَّابَةُ فِي قَبْرِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ المَرْوَزِيُّ: يَحْيَى بنُ يَحْيَى مِنْ مَوَالِي بَنِي مِنْقَرٍ كَانَ ثِقَةً، حَسَنَ الوَجْهِ طَوِيْلَ اللِّحْيَةِ خَيِّراً فَاضِلاً صَائِناً لِنَفْسِهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضاً: يَحْيَى بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الثِّقَةُ المَأْمُوْنُ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: ذَهَبْتُ يَوْماً أَحْكِي لِيَحْيَى بنِ يَحْيَى بَعْضَ كَلاَمِ الجَهْمِيَّةِ لأَسْتَخْرِجَ مِنْهُ نَقْضاً عَلَيْهِم، وَفِي مَجْلِسِهِ يَوْمَئِذٍ حُسَيْنُ بنُ عِيْسَى البِسْطَامِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَرِيْشِ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ وَأَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ فِيْمَا أَحْسِبُ وَغَيْرُهُم مِنَ المَشَايِخِ. فَزَبَرَنِي يَحْيَى بِغَضَبٍ وَقَالَ: اسْكُتْ، وَأَنكَرَ عَلَى أُوْلَئِكَ اسْتَعِظَاماً أَنْ أَحْكِيَ كَلاَمَهُم وَإِنْكَاراً.
وَقَالَ نَصْرُ بنُ زَكَرِيَّا بِإِسْبِيْجَابَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: الذَّبُّ عَنِ السُّنَّةِ أَفْضَلُ مِنَ الجِهَادِ فِي سَبِيْلِ اللهِ فَقُلْتُ ليَحْيَى: الرَّجُلُ يُنْفِقُ مَالَهُ، وَيُتْعِبُ نَفْسَهُ وَيُجَاهِدُ فَهَذَا أَفْضَلُ مِنْهُ؟ قَالَ: نعم بكثير.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الغَسِيْلِيُّ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: قَالَ لِي أَبِي: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ بَعْدَ ابْنِ المُبَارَكِ مِثْلَ يَحْيَى بنِ يَحْيَى.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ النَّبِيْلَ أَبَا الطَّيِّبِ المَكْفُوْفَ، وَقَدْ جَالَسَ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ لِي إِسْحَاقُ بن راهويه يوما: أصبح يحيى ابن يَحْيَى إِمَامَ أَهْلِ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ.
قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ بِخُرَاسَانَ بَعْدَهُ مِثْلُهُ إلَّا إِسْحَاقُ، وَلاَ بَعْدَ إِسْحَاقَ مِثْلُ الذُّهْلِيِّ وَلاَ بَعْدَ الذُّهْلِيِّ كَمُسْلِمٍ وَلاَ بَعْدَ مُسْلِمٍ كَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ وَلاَ بَعْدَ ابْنِ نَصْرٍ كَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَلاَ بَعْدَهُ كَأَبِي حَامِدٍ بنِ الشَّرْقِيِّ، وَلاَ بَعْدَهُ كَأَبِي بَكْرٍ الصِّبْغِيِّ.(8/516)
1705- يحيى بن يحيى بن كثير 1:
ابن وسلاس بن شملال بن منغايا الإِمَامُ الكَبِيْرُ فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيُّ البَرْبَرِيُّ المَصْمُوْدِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ اثنتين وخمسين ومائة.
سَمِعَ أَوَّلاً مِنَ الفَقِيْهِ زِيَادِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَبَطُوْنَ، وَيَحْيَى بنِ مُضَرَ وَطَائِفَةٍ.
ثمَّ ارْتَحَلَ إِلَى المَشْرِقِ فِي أَوَاخِرِ أَيَّامِ مَالِكٍ الإِمَامِ فَسَمِعَ مِنْهُ المُوَطَّأَ سِوَى أَبْوَابٍ مِنَ الاعْتِكَافِ شَكَّ فِي سَمَاعِهَا مِنْهُ، فَرَوَاهَا عَنْ زِيَادٍ شَبَطُوْنَ عَنْ مَالِكٍ، وَسَمِعَ مِنَ: اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ العُتَقِيِّ. وَحَمَلَ عَنِ ابْنِ القَاسِمِ عَشْرَةَ كُتُبٍ سُؤَالاَتٍ وَمَسَائِلَ. وَسَمِعَ مِنَ: القَاسِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ العُمَرِيِّ، وَأَنَسِ بنِ عِيَاضٍ اللَّيْثِيِّ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ لحق نافع بن أبي نعيم مقرىء المَدِيْنَةِ، وَأَخَذَ عَنْهُ وَهَذَا بَعِيْدٌ فَإِنَّ نَافِعاً مَاتَ قَبْلَ مَالِكٍ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
وَلاَزمَ ابْنَ وَهْبٍ وَابْنَ القَاسِمِ ثُمَّ حَجَّ وَرَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ لِيَزْدَادَ مِنْ مَالِكٍ، فَوَجَدَهُ فِي مَرَضِ المَوْتِ فَأَقَامَ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللهُ وَشَهِدَ جِنَازَتهُ وَرَجَعَ إِلَى قُرْطُبَةَ بِعِلْمٍ جَمٍّ، وَتَصَدَّرَ للاشْتِغَالِ، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَانْتَفَعُوا بِعِلْمِهِ وَهَدْيهِ وَسَمْتِهِ.
وَكَانَ كَبِيْرَ الشَّأْنِ وَافِرَ الجَلاَلَةِ عَظِيْمَ الهَيْبَةِ نَالَ مِنَ الرِّئَاسَةِ وَالحُرمَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ أَبُو مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللهِ وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ وَصَبَّاحُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العُتَقِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
كَانَ أَحْمَدُ بنُ خَالِدِ بنِ الحُبَّابِ الحَافِظُ يَقُوْلُ: لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بِالأَنْدَلُسِ مِنَ الحُظْوَةِ، وَعِظَمِ القَدْرِ وَجَلاَلَةِ الذِّكْرِ مَا أُعْطِيَهُ يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
وَبَلَغَنَا أَنَّ يَحْيَى بنَ يَحْيَى اللَّيْثِيَّ كَانَ عِنْدَ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللهُ فَمَرَّ عَلَى بَابِ مَالِكٍ الفِيْلُ فَخَرَجَ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي مَجْلِسِهِ لِرُؤْيَةِ الفِيْلِ سِوَى يَحْيَى بنِ يَحْيَى، فَلَمْ يَقُمْ فَأُعْجِبَ بِهِ مَالِكٌ وَسَأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ وَأَيْنَ بَلَدُكَ؟ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ بَعْدُ مكرمًا له.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 792"، والعبر "1/ 419"، وتهذيب التهذيب "11/ 300".(8/517)
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى قَالَ: أَخَذْتُ بِرِكَابِ اللَّيْثِ فَأَرَادَ غُلاَمُهُ أَنْ يَمْنَعَنِي فَقَالَ اللَّيْثُ: دَعْهُ ثُمَّ قَالَ لِي: خَدَمَكَ العِلْمُ قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ بِيَ الأَيَّامُ حَتَّى رَأَيْتُ ذَلِكَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَكَمِ المَرْوَانِيَّ صَاحِبَ الأَنْدَلُسِ نَظَرَ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ فِي رَمَضَانَ نَهَاراً فَلَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ أَنْ وَاقَعَهَا، ثُمَّ نَدِمَ وَطَلَبَ الفُقَهَاءَ وَسَأَلَهُم عَنْ تَوْبَتِهِ فَقَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى: صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَسَكَتَ العُلَمَاءُ فَلَمَّا خَرَجُوا قَالُوا لِيَحْيَى: مَا لَكَ لَمْ تُفْتِهِ بِمَذْهَبِنَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ العِتْقِ وَالصَّوْمِ وَالإِطْعَامِ؟ قَالَ: لَوْ فَتَحْنَا لَهُ هَذَا البَابَ لَسَهُلَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَأَ كُلَّ يَوْمٍ وَيَعْتِقَ رَقَبَةً فَحَمَلْتُهُ عَلَى أصعب الأمور لئلا يعود.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: قَدِمَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى الأَنْدَلُسَ بِعِلمٍ كَثِيْرٍ فَعَادَتْ فُتْيَا الأَنْدَلُسِ بَعْدَ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ الفَقِيْهِ عَلَيْهِ، وَانْتَهَى السُّلْطَانُ وَالعَامَّةُ إِلَى رَأْيِهِ وَكَانَ فَقِيْهاً حَسَنَ الرَّأْيِ، وَكَانَ لاَ يَرَى القُنُوتَ فِي الصُّبْحِ، وَلاَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَيَقُوْلُ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُوْلُ: إِنَّمَا قَنَتَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً يَدْعُو عَلَى قَوْمٍ، وَيَدْعُو لآخَرِيْنَ قَالَ: وَكَانَ اللَّيْثُ لاَ يَقْنُتُ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وَخَالَفَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى مَالِكاً فِي اليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ فَلَمْ يَرَ القَضَاءَ بِهِ وَلاَ الحُكْمَ وَأَخَذَ بِقَولِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ.
قَالَ: وَكَانَ يَرَى جَوَازَ كِرَاءِ الأَرْضِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِ اللَّيْثِ وَيَقُوْلُ: هِيَ سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في خيبر.
وَقَضَى بِرَأْيِ أَمِيْنَيْنِ إِذَا لَمْ يُوْجَدْ فِي أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ حَكَمَانِ يَصْلُحَانِ لِذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَكَانَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى إِمَامَ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَالمُقْتَدَى بِهِ مِنْهُم وَالمَنْظُوْرَ إِلَيْهِ وَالمُعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَكَانَ ثِقَةً عَاقِلاً حَسَنَ الهَدْيِّ وَالسَّمْتِ، يُشَبَّهُ فِي سَمْتِهِ بِسَمْتِ مَالِكٍ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَصَرٌ بِالحَدِيْثِ.
قُلْتُ: نَعَمْ مَا كَانَ مِنْ فُرْسَانِ هَذَا الشَّأْنِ بَلْ كَانَ مُتَوَسِّطاً فِيْهِ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ يُفْتِي بِرَأْي مَالِكٍ وَكَانَ إِمَامَ وَقْتِهِ وَوَاحِدَ بَلَدِهِ وَكَانَ رَجُلاً عَاقِلاً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ: فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ: عِيْسَى بنُ دِيْنَارٍ وَعَالِمُهَا: عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ وَعَاقِلُهَا: يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ فِي تَارِيْخِهِ: وَكَانَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى مِمَِّنِ اتُّهِمَ بِبَعْضِ الأَمْرِ فِي الهَيْجِ(8/518)
يَعْنِي: فِي القِيَامِ وَالإِنْكَارِ عَلَى أَمِيْرِ الأَنْدَلُسِ. قَالَ: فَهَرَبَ إِلَى طُلَيْطِلَةَ ثُمَّ اسْتَأْمَنَ فَكَتَبَ له الحكم الأمير المعروف: بِالرَّبَضِيِّ أَمَاناً فَرُدَّ إِلَى قُرْطُبَةَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى نَازِلاً عَنْ دَابَّتِهِ مَاشِياً إِلَى الجَامِعِ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ، وَرِدَاءٌ مَتِيْنٌ وَأَنَا أَحْبِسُ دَابَّةَ أَبِي.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَالَ الحَافِظُ: كَانَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى مُجَابَ الدَّعْوَةِ فَقَدْ أَخَذَ نَفْسَهُ فِي هَيْئَتِهِ، وَمَقْعَدِهِ هَيْئَةَ مَالِكٍ الإِمَامِ بِالأَنْدَلُسِ فَإِنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الجَمَاعَةِ فَامْتَنَعَ فَكَانَ أَمِيْرُ الأَنْدَلُسِ لاَ يُوَلِّي أَحَداً القَضَاءَ بِمَدَائِنِ إِقْلِيْمِ الأَنْدَلُسِ إلَّا مَنْ يُشِيْرُ بِهِ يَحْيَى بنُ يَحْيَى فَكَثُرَ لِذَلِكَ تَلاَمِذَةُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَقْبَلُوا عَلَى فِقْهِ مَالِكٍ، وَنَبَذُوا مَا سِوَاهُ.
نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفَاةَ يَحْيَى بنِ يَحْيَى: فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَبَعْضُهُم قَالَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
أَخْبَرَنَا بِكِتَابِ المُوَطَّأِ: الإِمَامُ المُعَمَّرُ مُسْنِدُ المَغْرِبِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الطَّائِيُّ كِتَابَةً مِنْ مَدِيْنَةِ تُوْنُسَ قَالَ: أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ بَقِيٍّ المَالِكِيُّ قِرَاءةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ القُرْطُبِيُّ قِرَاءةً قَالَ: أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُحَمَّدُ بنُ فَرَجٍ مَوْلَى ابْنِ الطَّلاَّعِ قَالَ: أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْثٍ سَمَاعاً، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى بن يحيى اليثي قِرَاءةً، وَتُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمُّ أَبِي الفَقِيْهِ أَبُو مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ سِوَى فَوْتِهِ مِنَ الاعْتِكَافِ فَذَكَرَ الموطأ.(8/519)
1706- أبو الجهم 1:
الشَّيْخُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ أَبُو الجَهْمِ العَلاَءُ بنُ مُوْسَى بنِ عَطِيَّةَ البَاهِلِيُّ البَغْدَادِيُّ صَاحِبُ ذَاكَ الجُزْءِ العَالِي. وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ لِشُهْرَتِهِ كَغَيْرِهِ مِنَ المُعَمَّرِيْنَ وَلَمْ أَسْتَوْعِبْهُم.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ حَدِيْثاً نَسِيَ سَنَدَهُ. وَمِنَ: اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ وَسَوَّارِ بنِ مُصْعَبٍ وَعَبْدِ القُدُّوْسِ أُرَاهُ ابْنَ حَبِيْبٍ وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ سُنَيْنٍ الخُتَّلِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ وَأَبُو القاسم البغوي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً مَاتَ: بِبَغْدَادَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
سَمِعْنَا نُسْخَتَهُ مِنْ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ نَفْساً سَمِعُوْهَا مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ أَبِي مَسْعُوْدٍ الفَارِسِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي شُرَيْحٍ عَنِ البَغَوِيِّ عَنْهُ. وَآخِرُ مَنْ رَوَاهَا فِي الدُّنْيَا: أَبُو العَبَّاسِ بنُ الشِّحْنَةِ الصَّالِحِيُّ فَعُمِّرَ بَعْدَ أَنْ سَمِعَ الجُزْءَ سَبْعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الحَافِظِ بنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكَ مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ وَالحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الفَارِسِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الجَهْمِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَى إِذَا كَانَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُوْنَ وَاحِدٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ2 عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ ليث.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 240"، والعبر "1/ 403"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 65".
2 صحيح: أخرجه البخاري "6288"، ومسلم "2183".(8/520)
1707- يحيى بن عبد الحميد 1:.
ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَيْمُوْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحافظ الإمام الكبير، أبو زكريا بن المُحَدِّثِ الثِّقَةِ أَبِي يَحْيَى الحِمَّانِيِّ الكُوْفِيِّ صَاحِبِ المُسْنَدِ الكَبِيْرِ.
وُلِدَ نَحْوَ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَأَبُوْهُ: مِنْ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ وَعَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ الغَسِيْلِ وَهَذَا أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ وَمَنْدَلِ بنِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيِّ، وَأَبِي عَوَانَةَ وَشَرِيْكٍ وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ وَأَبِي إِسْرَائِيْلَ المُلاَئِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ وَهُشَيْمٍ وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ، وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ وَحَشْرَجِ بنِ نُبَاتَةَ وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَعَلِيِّ بنِ مُسْهِرٍ وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، وَأَبُو حَصِيْنٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الوَادِعِيُّ، وَمُطَيَّنٌ وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّرَّاجُ وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ وَالحُسَيْنُ بنُ إسحاق التستري وخلق كثير.
قَالَ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ القَعْنَبِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ رَجُلاً طَوِيْلاً شَابّاً فِي مَجْلِسِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ يَسْأَلُ لأَهْلِ الكُوْفَةِ؟ ثُمَّ قال: أين ابن الجماني؟ فَقَامَ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَانْتَسَبَ لَهُ فَقَالَ: نَعَمْ كَانَ أَبُوْكَ جَلِيْسَنَا عِنْدَ مِسْعَرٍ. فَجَعَلَ يَسْأَل.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: رَأَيْتُ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ جَمَاعَةً مِنَ البَصْرِيِّيْنَ يَتَذَاكَرُوْنَ الحَدِيْثَ فَتَحَوَّلَ سُفْيَانُ لِلْكُوْفَةِ أَتَى إِلَى نَاحِيَةِ أَهْلِ الكُوْفَةِ فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ آدَمَ؟ أَيْنَ ابْنُ الحِمَّانِيِّ عَبْدِ الحَمِيْدِ?.
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ طَرِيْفِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ المَوْصِلِيِّ قَالَ: كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى الحِمَّانِيِّ شَيْخٌ ضَعِيْفٌ أَعْوَرُ اليُسْرَى مُنْحَنِي العُنُقِ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ الهَرَوِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ فَسَكَتَ فلم يقل شيئًا.
وقال الميموني: ذكرالحماني عِنْدَ أَحْمَدَ فَقَالَ: لَيْسَ بِأَبِي غَسَّانَ بَأْسٌ وَمَرَّةً ذَكَرَهُ فَنَفَضَ يَدَهُ وَقَالَ: لاَ أَدْرِي.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْهُ قُلْتُ لَهُ: تَعْرِفُهُ؟ لَكَ بِهِ عِلْمٌ؟ فَقَالَ: كَيْفَ لاَ أَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: أَكَانَ ثِقَةً؟ قَالَ: أنتم أعرف بمشايخكم.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأزرق فذكر حديثا في الإبراد بالظهر2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 411"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3037"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 625"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 2039"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 695"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2138"، وتاريخ بغداد "14/ 167"، والأنساب للسمعاني "4/ 210"، واللباب لابن الأثير "1/ 386"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 553"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 428"، والمغني "2/ ترجمة 7006"، والعبر "1/ 404"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9567"، وتهذيب التهذيب "11/ 243"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 67".
2 صحيح: ورد عن المغيرة بن شعبة مرفوعا بلفظ: "أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّم".
أخرج أحمد "4/ 250"، وابن ماجة "680"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 187"، والطبراني في "الكبير" "20/ 949"، والبيهقي "1/ 439" من طرق عن إسحاق بن يوسف الازرق، عن شريك، عن بيان بن بشر، عن قيس بن أبي حازم، عنه، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، وهو سيئ الحفظ، وورد عن أبي هريرة مرفوعا: عند عبد الرزاق "2049، والشافعي "1/ 48"، والحميدي "942"، وأحمد "2/ 266"، والبخاري "536"، ومسلم "615" "183" من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عنه، به.(8/521)
قَالَ حَنْبَلٌ: قَدِمْتُ مِنَ الكُوْفَةِ فَقُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بِحَدِيْثِ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي حَدَّثْتُهُ بِهِ فَلَعَلَّهُ حَفِظَهُ عَلَى المُذَاكَرَةِ.
وَكَذَا سَأَلَ المَرُّوْذِيُّ أَحْمَدَ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُوْنَ حَدَّثَهُ وَقَالَ: قُوْلُوا لِهَارُوْنَ الحَمَّالِ يَضْرِبُ عَلَى حَدِيْثِ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بِحَدِيْثِ إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ فَأَنْكَرَهُ فَقَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ عَلَى بَابِ ابْنِ عُلَيَّةَ فَقَالَ أَحْمَدُ: مَا سَمِعْنَاهُ مِنْ إِسْحَاقَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ إِسْمَاعِيْلَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ حَافِظاً سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْهُ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَهُ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: إِنَّكَ إِذَا رأيته عرفته.
وَقِيْلَ: كَانَ يَتَشَيَّعُ فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثٍ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي: تُحِبُّ عُثْمَانَ؟
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي: إِنَّ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ يَقْدَمُوْنَ بَغْدَادَ فَمَا تَرَى فِيْهِم؟ فَقَالَ: قَدْ جَاءَ ابْنُ الحِمَّانِيِّ إلى ههنا فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَكَانَ يَكْذِبُ جِهَاراً ابْنُ شَيْبَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَصْدُقُ وَقُلْتُ لأَبِي عَنْ حَدِيْثِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: كَذَبَ مَا سَمِعْتُهُ مِنَ الأَزْرَقِ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَا لَمْ أَعْلَمْ تِلْكَ الأَيَّامَ أَنَّ هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ حَتَّى سَأَلَنِي عَنْهُ هَؤُلاَءِ الشَّبَابُ.
وَقَالَ أَبِي: مَا كَانَ أَجْرَأَهُ! وَقَالَ: مَا زِلْنَا نَعْرِفُهُ أَنَّهُ يَسْرِقُ الأَحَادِيْثَ أَوْ يَتَلَقَّفُهَا أَوْ يَتَلَقَّطُهَا.
وَقَالَ: قَدْ طَلَبَ وَسَمِعَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا سَمِعَ لَكَانَ لَهُ فِيْهِ كِفَايَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَ أَيْضاً عَنْ قُرَيْشِ بنِ حَيَّانَ عَنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بنِ يَزِيْدَ عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الأَظْفَارِ. وَقُرَيْشٌ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يدخل الحماني البصرة، وإنما سمعه من وَكِيْعٍ عَنْ قُرَيْشٍ.
وَقَالَ الأَثْرَمُ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي ابْنِ الحِمَّانِيِّ؟ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ وَاحِداً وَلاَ اثْنَيْنِ وَلاَ ثَلاَثَةً وَلاَ أَرْبَعَةً يَحْكُوْنَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ: الأَمْرُ فِيْهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَحَمَلَ عَلَيْهِ حَمْلاً شَدِيْداً فِي أَمْرِ الحَدِيْثِ. وَذَكَرْتُهُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ مَرَّةً فَقَالَ: ابْنُ الحِمَّانِيِّ لَيْسَ الآنَ عَلَيْهِ قِيَاسٌ أَمْرُ ذَاكَ عَظِيْمٌ أَوْ كَمَا قَالَ وَرَأَيْتُهُ شَدِيْدَ الغَيْظِ عَلَيْهِ.(8/522)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لأَبِي: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الحِمَّانِيِّ حَدَّثَ عَنْ شَرِيْكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُعْجِبُهُ النَّظَرُ إِلَى الحَمَامِ فَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ فَرَجَعَ عَنْ رَفْعِهِ فَقَالَ أَبِي: هَذَا كَذِبٌ إِنَّمَا كُنَّا نَعْرِفُ بِهَذَا حُسَيْنَ بنَ عُلْوَانَ يَقُوْلُوْنَ: وَضَعَهُ عَلَى هِشَامٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ وَعَلِيٌّ يتكلمان في يحيى الحماني وقال مَرَّةً: رَمَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ نُمَيْرٍ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ ثَلاَثَةً يُحَدِّثُوْنَ بِمَا لاَ يَحْفَظُونَ: يَحْيَى بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ وَعَبْدَ الأَعْلَى السَّامِيَّ وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ.
ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ قَالَ: قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: الحِمَّانِيُّ كَذَّابٌ. فَقِيْلَ لِعَبْدَانَ: سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟ قَالَ: لاَ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَؤُلاَءِ كُلِّهُم فَاكْتُبْ عَنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: يَحْيَى الحِمَّانِيُّ سَقَطَ حَدِيْثُهُ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ: فَقِيْلَ لابْنِ عَمَّارٍ: فَمَا عِلَّتُهُ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لأَهْلِ الكُوْفَةِ حَدِيْثٌ جَيِّدٌ غَرِيْبٌ وَلاَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ وَلاَ لأَهْلِ بَلَدٍ حَدِيْثٌ جَيِّدٌ غَرِيْبٌ إلَّا رَوَاهُ فَهَذَا يَكُوْنُ هَكَذَا.
وَقَالَ الجَوْزَجَانِيُّ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ سَاقِطٌ مُتَلُوِّنٌ تُرِكَ حَدِيْثُهُ فَلاَ يَنْبَعِثُ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ الذهلي يقول: ذهب كالأمس الذاهب.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: اضْرِبُوا عَلَى حَدِيْثِهِ بِسِتَّةِ أَقْلاَمٍ.
وَقَالَ أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى الحِمَّانِيِّ تَبَيَّنَ لَنَا مِنْهُ بَلاَيَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَة، وَأَبُو شَيْخٍ عَنْ زِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ دلَّوَيْه سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ يَقُوْلُ: مَاتَ مُعَاوِيَةُ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ. قَالَ أَبُو شَيْخٍ: قَالَ دلَّوَيْه: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ.
أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بن مَسْعُوْدٍ المَرْوَزِيُّ عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيَّ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ الكُوْفَةَ فَنَزَلْتُ بِالقُرْبِ مِنِ ابْنِ الحِمَّانِيِّ فَذَاكَرْتُهُ بِأَحَادِيْثَ سَمِعْتُهَا بِالبَصْرَةِ، وَمِنْ أَحَادِيْثِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَكَانَ يَسْتَغْرِبُهَا وَيَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ هذا من(8/523)
سُلَيْمَانَ ثُمَّ أَوْدَعْتُهُ كُتُبِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمَّا رَجَعْتُ وَجَدْتُ الخَوَاتِيمَ قَدْ كُسِرَتْ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَذِهِ الكُتُبِ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي وَجَدْتُ تِلْكَ الأَحَادِيْثَ الَّتِي ذَاكَرْتُهُ بِهَا عَنْ سُلَيْمَانَ قَدْ أَدْخَلَهَا فِي مُصَنَّفَاتِهِ فَقُلْتُ: سَمِعْتَ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَوْدَعْتُ كُتُبِي يحيى الحماني وكان فيها حديث خالد الوَاسِطِيِّ عَنْ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ، وَفِيْهَا حَدِيْثُ سليمان بن بلال عن بحيى بنِ حَسَّانٍ وَكُنْتُ قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ المُسْنَدَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِ مِنْ حَدِيْثِهِمَا شَيْءٌ فَقَدِمْتُ فَإِذَا كُتُبِي عَلَى خِلاَفِ مَا تَرَكْتُهَا عِنْدَهُ وَإِذَا قَدْ نَسَخَ حَدِيْثَ خَالِدٍ وَسُلَيْمَانَ وَوَضَعَهُ فِي المُسْنَدِ، قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى: مَا أَسْتَحِلُّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ القَطَّانُ بِالرَّيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَدِمْتُ الكُوْفَةَ حَاجّاً وَأَوْدَعْتُ يَحْيَى كُتُباً لِي فَلَمَّا رَجَعْتُ جَحَدَهَا وَأَنْكَرَ فَرَفَقْتُ بِهِ فَلَمْ يَنْفَعْ قَالَ: فَصَايَحْتُهُ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْنَا فَقَامَ إِلَيَّ وَرَّاقُهُ فَأَخَذَ بِيَدِي فَنَحَّانِي وَقَالَ: إِنْ أَمْسَكْتَ تَخَلَّصْتَ فَأَمْسَكْتُ فَإِذَا الوَرَّاقُ قَدْ جَاءنِي بِالكُتُبِ، وَكَانَتْ مَشْدُوْدَةً فِي خِرْقَةٍ وَلِبْدٍ فَإِذَا الشَّدُّ مُغَيَّرٌ فَنَظَرْتُ فِي الأَجْزَاءِ فَإِذَا فِيْهَا عَلاَمَاتٌ بِالحُمْرَةِ وَلَمْ يَكُنْ نَظَرَ فِيْهَا أَحَدٌ، وَإِذَا أَكْثَرُ العَلاَمَاتِ عَلَى مَرْوَانَ الطَّاطَرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ فَافْتَقَدْتُ مِنْهَا جُزْأَيْنِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ.
وَأَمَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فَرَوَى عَنْهُ عَبَّاسٌ: أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ ثِقَةٌ وَابْنُهُ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بن زهير عنه: يحيى الحماني: ثقة.
وَرَوَى عَنْهُ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: صَدُوْقٌ مَشْهُوْرٌ مَا بِالكُوْفَةِ مِثْلُهُ مَا يُقَالُ فِيْهِ إلَّا مِنْ حَسَدٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ فَأَجْمَلَ القَوْلَ فِيْهِ وَقَالَ: مَا لَهُ؟ كَانَ يَسْرُدُ مُسْنَدَهُ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ سَرْداً وَحَدِيْثَ شَرِيْكٍ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مائَةٍ كَمِثْلٍ. وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ نَحْوَ عَشْرَةِ آلاَفٍ ثُمَّ قَالَ: كَانَ أَحَدَ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: صَدُوْقٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ: هُوَ عِنْدِي أَوْثَقُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمَا يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ إلَّا مِنَ الحَسَدِ.(8/524)
قُلْتُ: الجَرْحُ مُقَدَّمٌ وَأَحْمَدُ، وَالدَّارِمِيُّ بَرِيْئانِ مِنَ الحَسَدِ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: كَانَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ فِيْهِ غَفْلَةٌ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصُوْنَ نَفْسَهُ كَمَا يَفْعَلُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، رُبَّمَا يَجِيْءُ رَجُلٌ فَيَفْتَرِي عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ فَيَسُبُّهُ وَرُبَّمَا يَلْطِمُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ فِي أَيَّامِهِ رَجُلٌ يَحْفَظُ مَعَهُ، وَهَؤُلاَءِ يَحْسُدُوْنَهُ.
قُلْتُ: بَلْ يُنْصِفُونَهُ وأنت فما أنصفت.
ابْنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ: قَالَ البَغَوِيُّ: كُنَّا عَلَى بَابِ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ فَجَاءَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَلَى بَغْلَتِهِ فَسَأَلَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ أَنْ يُحَدِّثَهُم فأبى وقال: جئت مسلما عن أَبِي زَكَرِيَّا.
فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ ابْنُ ثِقَةٍ.
وَكَذَلِكَ رَوَى تَوْثِيْقَهُ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: مُطَيَّنٌ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى وَعَبْدُ اللهِ بنُ الدَّوْرَقِيِّ، وَغَيْرُهُم حَتَّى قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ الهَمَذَانِيُّ: سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ وَأَبُوْهُ ثِقَةٌ فَقُلْتُ: يَقُوْلُوْنَ فِيْهِ! قَالَ: يَحْسُدُوْنَهُ هُوَ وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إلَّا هُوَ ثِقَةٌ.
العُقَيْلِيُّ: عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: سَمِعْتُ يَحْيَى الحِمَّانِيَّ يَقُوْلُ لِقَوْمٍ غُرَبَاءَ فِي مَجْلِسهِ: مِنْ أَيْنَ أَنْتُم؟ فَأَخْبَرُوْهُ فَقَالَ: سَمِعْتُمْ بِبَلَدِكُم أَحَداً يَتَكَلَّمُ فِيَّ وَيَقُوْلُ: إِنِّيْ ضَعِيْفٌ فِي الحَدِيْثِ؟ لاَ تَسْمَعُوا كَلاَمَ أَهْلِ الكُوْفَةِ فَإِنَّهُم يَحْسُدُوْنِي؛ لأَنِّي أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ المُسْنَدَ وَقَدْ تَقَدَّمْتُهُم فِي غَيْرِ شَيْءٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ شَرِيْكٍ مِنْ يَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
قُلْتُ: لاَ رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ مُبَرِّزاً فِي الحِفْظِ كَمَا كَانَ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ وَلَكِنَّهُ أَصْوَنُ مِنَ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ: إِنَّهُ وَضَعَ حَدِيْثاً بَلْ رُبَّمَا كَانَ يَتَلَقَّطُ أَحَادِيْثَ ويدعي روايتها فيرويها على وجه التَّدْلِيْسِ وَيُوْهِمُ أَنَّهُ سَمِعَهَا وَهَذَا قَدْ دَخَلَ فِيْهِ طَائِفَةٌ وَهُوَ أَخَفُّ مِنِ افْتِرَاءِ المُتُوْنِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَمْ أَرَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ مَنْ يَحْفَظُ وَيَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ لاَ يُغَيِّرُهُ سِوَى قَبِيْصَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي حَدِيْثِ الثَّوْرِيِّ وَسِوَى يَحْيَى الحِمَّانِيِّ فِي حَدِيْثِ شَرِيْكٍ وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ فِي حَدِيْثِهِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لِيَحْيَى الحِمَّانِيِّ مُسْنَدٌ صَالِحٌ وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِالكُوْفَةِ وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِالبَصْرَةِ: مُسَدَّدٌ وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ المُسْنَدَ بِمِصْرَ: أَسَدُ السنة،(8/525)
وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْهُمَا مَوْتاً وَالحِمَّانِيُّ يُقَالُ: إِنَّ الدَّارِمِيَّ أَوْدَعَه كُتُباً فَسَرَقَ مِنْهَا أَحَادِيْثَ، وَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَحْمَدُ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ قَالَ: وَيَحْيَى حَسَنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَمْ أَرَ فِي مُسْنَدِهِ وَأَحَادِيْثِهِ أَحَادِيْثَ مَنَاكِيْرَ وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ: وَجَدُّهُ مَيْمُوْنٌ وَيُقَالُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَيْمُوْنٍ يُلَقَّبُ: بَشْمِيْنُ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَوَاتَرَ تَوْثِيْقُهُ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ كَمَا قَدْ تَوَاتَرَ تَجْرِيْحُه عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مَعَ مَا صَحَّ عَنْهُ مِنْ تَكْفِيْرِ صَاحِبٍ.
وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ تَجَنَّبُوا حَدِيْثَهُ عَمْداً لَكِنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ فِي ضَبْطِ اسْمٍ فَقَالَ عَقِيْبَ حَدِيْثِ سُلَيْمَانَ بنِ بلال عن رَبِيْعَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ سَعِيْدِ بنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجَدَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ..". وَذَكَرَ الحَدِيْثَ1. ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: كَتَبْتُ هَذَا الحَدِيْثَ مِنْ كِتَابِ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ يَحْيَى الحِمَّانِيَّ يَقُوْلُ: وَأَبُو أُسَيْدٍ.
قَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي الحِمَّانِيِّ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ الحَاسِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ إِمْلاَءً حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ حَدَّثَنَا رِبْعِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَلِجِ النَّارِ" 2.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ بِقِرَاءتِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ سَمَاعاً فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ الحيري سنة أربع
__________
1 صحيح: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ "713"، وَأَبُو دَاوُدَ "465"، وَالنَّسَائِيُّ "2/ 53"، وَابْنُ مَاجَهْ "772".
2 صحيح: أخرجه البخاري "106"، ومسلم "1" من طرق عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ ربْعِيٍّ، عَنْ علي، به، وقد ورد عن جمع غفير من الصحابة -رضوان الله عليهم: عن أبي بكر الصديق، وأبي أمامة، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي قتادة، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وأسامة بن زيد، وأبي موسى الأشعري، وغيرهم كثير.(8/526)
وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وثلاث مائة قال: حدثنا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ عَنْ زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ عَنْ عُمَارَةَ بنِ أَوْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَكَانَ قَدْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ جَمِيْعاً قَالَ: إِنِّيْ لَفِي مَنْزِلِي إِذَا مُنَادٍ يُنَادِي عَلَى البَابِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَوَّلَ القِبْلَةَ فَأَشْهَدُ عَلَى إِمَامِنَا وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لَقَدْ صلوا إلى ههنا يعني: بيت المقدس وإلى ههنا يَعْنِي: الكَعْبَةَ1.
وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي سَعِيْدٍ سُنْقُرَ الحَلَبِيِّ بِهَا أَخْبَرَكُم عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَمَّامِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عن زياد بن علاقة عن عمارة بن أَوْسٍ وَكَانَ مِمَّنْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ قَالَ: إِنِّيْ فِي مَنْزِلِي إِذْ نَادَانِي مُنَادٍ عَلَى البَابِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَوَّلَ القِبْلَةَ إِلَى الكَعْبَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ مِنَ الأَفْرَادِ العَوَالِي.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ أَخْبَرْنَا ابْنُ البَنَّاءِ أَخْبَرْنَا ابْنُ البُسْرِيِّ أَخْبَرَنَا المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وَابْنُ عَوْفٍ فِي الجَنَّةِ وسعد في الجَنَّةِ وَسَعِيْدٌ فِي الجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ فِي الجَنَّةِ" 2. قَالَ البُخَارِيُّ وَمُطَيَّنٌ وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ وَالبَغَوِيُّ: مَاتَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
زَادَ مُطَيَّنٌ: فِي رَمَضَانَ بِالعَسْكَرِ وَكَانَ لاَ يَخْضِبُ.
وَقَالَ البَغَوِيُّ: فِي رَمَضَانَ أَيْضاً قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ بِسَامَرَّاءَ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ الَّذِيْنَ أُقْدِمُوا وَكَانَ لاَ يَخْضِبُ وَقَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ.
قُلْتُ: أَخْطَأَ مَنْ قال: إنه توفي سنة خمس وعشرين.
__________
1 ضعيف: في إسناده علتان: الأولى يحيى بن عبد الحميد الحماني، فإنه ضعيف كما قال النسائي، وقد اتهموه بسرقة الحديث كما قال الحافظ في "التقريب" فقد قال أحمد: كان يكذب جهارا. الثانية: قيس بن الربيع الأسدي، ضعيف، لسوء حفظه، وقد أجمعوا على ضعفه. وقال النسائي: متروك.
2 صحيح: أخرجه الترمذي "3747" من طريق قتيبة، عن عبد العزيز بن محمد، به، وورد عن سعيد بن زيد: عند أبي داود "4648"، "4649"، والترمذي "3748"، وقد خرجته في عدة مواضع في كتاب "منهاج السنة لابن تيمية" ط. دار الحديث فراجعه ثمت إن شئت.(8/527)
فَأَمَّا وَالِدُهُ فَهُوَ:
1708- أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ 1: "خَ، د، ت، ق"
أَصْلُهُ مِنْ خُوَارِزْمَ وَلقَبُهُ: بَشْمِيْنُ.
وُلِدَ بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الأَعْمَشِ وَبُرَيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَطَلْحَةَ بنِ يَحْيَى التَّيْمِيِّ، وَطَلْحَةَ بنِ عَمْرٍو المَكِّيِّ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ وَالحَسَنِ بنِ عُمَارَةَ وعدة.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ، وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ الوَكِيْعِيُّ وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ الثَّقَفِيُّ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحَارِثِيُّ وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ وَآخَرُوْنَ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ دَاعِيَةً إِلَى الإِرْجَاءِ.
قَالَ هارون: مات سنة اثنتين ومائتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 399"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1653"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 79"، والكاشف "2/ ترجمة 3154"، والعبر "1/ 338"، وميزان الاعتدال "2/ 542"، وتهذيب التهذيب "6/ 120"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 3".(8/528)
1709- النظام 1:
شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَيَّارٍ مَوْلَى آلِ الحَارِثِ بنِ عَبَّادٍ الضُّبَعِيُّ البَصْرِيُّ المُتَكَلِّمُ.
تَكَلَّمَ فِي القَدَرِ وَانْفَرَدَ بِمَسَائِلَ، وَهُوَ شَيْخُ الجَاحِظِ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنَّ اللهَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الظُّلْمِ، وَلاَ الشَّرِّ وَلَوْ كَانَ قَادِراً لَكُنَّا لاَ نَأْمَنُ وَقْعَ ذَلِكَ وَإِنَّ النَّاسَ يَقْدِرُوْنَ عَلَى الظُّلْمِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ اللهَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى إِخْرَاجِ أَحَدٍ مِنْ جَهَنَّمَ، وَأَنَّهُ لَيْسَ يَقْدِرُ عَلَى أَصْلَحَ مِمَّا خَلَقَ.
قُلْتُ: القُرْآنُ وَالعَقْلُ الصَّحِيْحُ يُكَذِّبَانِ هؤلاء، ويزجرانهم عن القول بِلاَ عِلْمٍ، وَلَمْ يَكُنِ النَّظَّامُ مِمَّن نَفَعَهُ العِلْمُ، وَالفَهْمُ وَقَدْ كَفَّرَهُ جَمَاعَةٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ النَّظَّامُ عَلَى دِيْنِ البَرَاهِمَةِ المُنْكِرِيْنَ لِلنُبُوَّةِ وَالبَعْثِ وَيُخْفِي ذَلِكَ.
وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ وَتَرَسُّلٌ فَائِقٌ وَتَصَانِيْفُ جَمَّةٌ مِنْهَا: كِتَابُ الطَّفْرَةِ، وَكِتَابُ الجَوَاهِرِ وَالأَعْرَاضِ، وَكِتَابُ حَرَكَاتِ أَهْلِ الجَنَّةِ وَكِتَابُ الوَعِيْدِ وَكِتَابُ النُّبُوَّةِ، وَأَشْيَاءُ كَثِيْرَةٌ لاَ تُوْجَدُ.
وَرَدَ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ غُرْفَةٍ وَهُوَ سَكْرَانُ فَمَاتَ فِي خِلاَفَةِ المُعْتَصِمِ، أَوِ الوَاثِقِ سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ فِي هَذَا الوَقْتِ: العَلاَّمَةُ المُتَكَلِّمُ أَحَدُ مَشَايِخِ الجَهْمِيَّةِ إِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الحافظ إسماعيل بن علية البصري.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "6/ 97-98" واللبان لابن الأثير "3/ 316"، والوافي بالوفيات "6/ 14"، ولسان الميزان "1/ 67"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 234".(8/529)
1710- أبو الهذيل العلاف 1:
وَرَأْسُ المُعْتَزِلَةِ أَبُو الهُذَيْلِ مُحَمَّدُ بنُ الهُذَيْلِ البَصْرِيُّ العَلاَّفُ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّ نَعِيْمَ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ النَّارِ يَنْتَهِي بِحَيْثُ إِنَّ حرمات أَهْلِ الجَنَّةِ تَسْكُنُ، حَتَّى لاَ يَنْطِقُوْنَ بِكَلِمَةٍ وَأَنْكَرَ الصِّفَاتِ المُقَدَّسَةَ حَتَّى العِلْمَ، وَالقُدرَةَ وَقَالَ: هُمَا اللهُ، وَأَنَّ لمَا يَقْدِرُ اللهُ عَلَيْهِ نِهَايَةً وَآخِراً وَأَنَّ لِلْقُدْرَةِ نِهَايَةً لَوْ خَرَجَتْ إِلَى الفِعْلِ فَإِنْ خَرَجَتْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى خَلْقِ ذَرَّةٍ أَصْلاً. وَهَذَا كُفْرٌ وَإِلْحَادٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَأْمُوْنَ قَالَ لِحَاجِبِهِ: مَنْ بِالبَابِ؟ قَالَ: أَبُو الهُذَيْلِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبَانٍ الخَارِجِيُّ، وَهِشَامُ بنُ الكَلْبِيِّ فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنْ رُؤُوْسِ جَهَنَّمَ إلَّا مَنْ حَضَرَ.
وَلَمْ يَكُنْ أَبُو الهُذَيْلِ بِالتَّقِيِّ حَتَّى لَنُقِلَ أَنَّهُ سَكِرَ مَرَّةً عِنْدَ صَدِيْقِهِ فَرَاوَدَ غُلاَماً لَهُ فَرَمَاهُ بِتَوْرٍ فَدَخَلَ فِي رَقَبَتِهِ، وَصَارَ كَالطَّوْقِ فَاحْتَاجَ إِلَى حَدَّادٍ يَفُكُّهُ.
وَكَانَ أَخَذَ الاعْتِزَالَ عَنْ عُثْمَانَ بنِ خَالِدٍ الطَّوِيْلِ تِلْمِيْذِ وَاصِلِ بنِ عَطَاءٍ الغَزَالِ.
وَطَالَ عُمُرُ أَبِي الهُذَيْلِ وَجَاوَزَ التِّسْعِيْنَ وَانْقَلَعَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَمائَتَيْنِ وَيُقَالُ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ.
أَخَذَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ يَاسِيْنَ وَغَيْرُهُ مِنَ المُعْتَزِلَةِ.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "3/ 366"، ووفيات الأعيان "4/ ترجمة 606"، والعبر "1/ 422" ولسان الميزان "5/ 413"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 248"، وشذرات الذهب "2/ 85".(8/529)
1711- هشام بن الحكم 1:
وَكَانَ فِي هَذَا الحِيْنِ المُتَكَلِّمُ البَارِعُ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ الكُوْفِيُّ الرَّافِضِيُّ المُشَبِّهُ المُعثرُ، وَلَهُ نظر وجدل وتواليف كثيرة.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: جُمْهُوْرُ مُتَكَلِّمِي الرَّافِضَةِ كَهِشَامِ بنِ الحَكَمِ وَتِلْمِيْذِهِ أَبِي عَلِيٍّ الصَّكَّاكِ، وَغَيْرِهِمَا يَقُوْلُوْنَ: بِأَنَّ عِلْمَ اللهِ مُحْدَثٌ وَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئاً فِي الأَزَلِ فَأَحْدَثَ لِنَفْسِهِ عِلْماً.
قَالَ: وَقَالَ هِشَامُ بنُ الحَكَمِ فِي مُنَاظَرَتِهِ لأَبِي الهُذَيْلِ: إِنَّ رَبَّهُ طُوْلُهُ سَبْعَةُ أَشْبَارٍ بِشِبْرِ نَفْسِهِ.
قَالَ: وَكَانَ دَاوُدُ الجَوَارِبِيُّ مِنْ كِبَارِ مُتَكَلِّمِيْهِم يَزْعُمُ أَنَّ رَبَّهُ لَحْمٌ وَدَمٌ عَلَى صُوْرَةِ الآدَمِيِّ.
قَالَ: وَلاَ يَخْتَلِفُوْنَ فِي رَدِّ الشَّمْسِ لِعَلِيٍّ مَرَّتَيْنِ وَمِنْ قَوْلِ كُلِّهِمِ: إِنَّ القُرْآنَ مُبَدَّلٌ زِيْدَ فِيْهِ وَنُقِصَ مِنْهُ إلَّا الشَّرِيْفَ المُرْتَضَى وَصَاحِبَيْهِ.
قَالَ النَّدِيْمُ: هُوَ مِنْ أَصْحَابِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ هَذَّبَ المَذْهَبَ وَفَتَقَ الكَلاَمَ فِي الإِمَامَةِ وَكَانَ حَاذِقاً حَاضِرَ الجَوَابِ. ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاءَ كُتُبِهِ مِنْهَا: فِي الرَّدِّ على المعتزلة وفي التوحيد وغير ذلك.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "5/ 443"، ولسان الميزان "6/ 194".(8/530)
1712- ضرار بن عمرو 1:
نعم ومن رُؤُوْسِ المُعْتَزِلَةِ ضِرَارُ بنُ عَمْرٍو شَيْخُ الضِّرَارِيَةِ.
فَمِنْ نِحْلَتِهِ قَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ جَمِيْعُ الأُمَّةِ فِي البَاطِنِ كُفَّاراً لِجَوَازِ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُم، وَيَقُوْلُ: الأَجْسَامُ إِنَّمَا هِيَ أعراض مجتمعة، وإن النَّارَ لاَ حَرَّ فِيْهَا وَلاَ فِي الثَّلْجِ بَرْدٌ وَلاَ فِي العَسَلِ حَلاَوَةٌ، وَإِنَّمَا يُخْلَقُ ذَلِكَ عِنْدَ الذَّوْقِ وَاللَّمْسِ.
وَقَالَ المرُّوذي: قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: شَهِدْتُ عَلَى ضِرَارِ بنِ عَمْرٍو عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَهَرَبَ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: دَخَلْتُ عَلَى ضِرَارٍ بِبَغْدَادَ وَكَانَ مُشَوَّهاً وَبِهِ فَالِجٌ، وَكَانَ مُعْتَزِلِيّاً فَأَنْكَرَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ وَقَالَ: اخْتُلِفَ فِيْهِمَا هَلْ خُلِقَتَا بَعْدُ أَمْ لاَ؟ فَوَثَبَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ وَضَرَبُوْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِنْكَارُ وُجُوْدِهُمَا كُفْرٌ قَالَ تَعَالَى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غَافِرٌ: 46] .
قَالَ أَحْمَدُ: فَهَرَبَ قَالُوا: أَخْفَاهُ يَحْيَى بنُ خَالِدٍ حَتَّى مَاتَ.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى مَوْتِهِ فِي زَمَنِ الرَّشِيْدِ.
فَأَمَّا حِكَايَةُ جُنَيْدٍ فَيَكُوْنُ حَكَاهَا عَنْ أَحْمَدَ.
وَأَيْضاً فَإِنَّ حَفْصاً الفَرْدَ الَّذِي كَفَّرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُنَاظَرَتِهِ مِنْ تَلاَمِذَةِ ضِرَارٍ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ ضِرَارٌ يُنْكِرُ عَذَابَ القَبْرِ.
وَقَالَ أَبُو هَمَّامٍ السَّكُوْنِيُّ: شَهِدَ قَوْمٌ عَلَى ضِرَارٍ بِأَنَّهُ زِنْدِيْقٌ فَقَالَ سَعِيْدٌ: قَدْ أَبَحْتُ دَمَهُ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْتُلْهُ قَالَ: فَعَزَلُوا سَعِيْداً مِنَ القَضَاءِ فَمَرَّ شَرِيْكٌ القَاضِي، وَرَجُلٌ يُنَادِي: مَنْ أَصَابَ ضِرَاراً فَلَهُ عَشْرَةُ آلاَفٍ فَقَالَ شَرِيْكٌ: السَّاعَةَ خَلَّفْتُهُ عِنْد يَحْيَى البَرْمَكِيِّ أَرَادَ شَرِيْكٌ أَنْ يُعْلِمَ أَنَّهُم يُنَادُوْنَ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَهُم.
قُلْتُ: لِمِثْلِ هَذَا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي دِيْنِ البَرَامِكَةِ، وضِرَارٌ أَكْبَرُ مِنْ هَؤُلاَءِ المُتَعَاصِرِيْنَ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ تُؤْذِنُ بِذَكَائِهِ وَكَثْرَةِ اطِّلاَعِهِ على الملل والنحل.
__________
1 ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 765"، وميزان الاعتدال "2/ 238"، ولسان الميزان "2/ 203".(8/531)
وَمِنْهُمُ المُتَكَلِّمُ البَارِعُ:
1713- أَبُو المُعْتَمِرِ مُعَمَّرُ بنُ عَمْرٍو 1:
وَقِيْلَ: ابْنُ عَبَّادٍ البَصْرِيُّ السُّلَمِيُّ مَوْلاَهُمْ العَطَّارُ المُعْتَزِلِيُّ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: فِي العَالَمِ أَشْيَاءُ مَوْجُوْدَةٌ لاَ نِهَايَةَ لَهَا وَلاَ لَهَا عِنْدَ اللهِ عَدَدٌ وَلاَ مِقْدَارٌ. فَهَذَا ضَلاَلٌ يَرُدُّه قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجِنُّ: 28] وَقَالَ: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرَّعْدُ: 8] وَلِذَلِكَ قَامَتْ عَلَيْهِ المُعْتَزِلَةُ بِالبَصْرَةِ فَفَرَّ إِلَى بَغْدَادَ، وَاخْتَفَى عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ السِّنْدِيِّ.
وَكَانَ يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ لَوْناً، وَلاَ طُوْلاً، وَلاَ عَرْضاً وَلاَ عُمْقاً وَلاَ رَائِحَةً، وَلاَ حُسْناً وَلاَ قُبْحاً وَلاَ سَمْعاً، وَلاَ بَصَراً بَلْ ذَلِكَ فِعْلُ الأَجْسَامِ بِطِبَاعِهَا فَعُوْرِضَ بِقَولِهِ تَعَالَى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاة} [المُلْكُ: 2] فَقَالَ: المُرَادُ خَلْقُ الإِمَاتَةِ، وَالإِحيَاءِ وَقَالَ: النَّفْسُ لَيْسَتْ جِسْماً، وَلاَ عَرَضاً وَلاَ تُلاَصِقُ شَيْئاً، وَلاَ تُبَايِنُهُ وَلاَ تَسْكُنُ.
وَكَانَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ النَّظَّامِ مُنَاظَرَاتٌ وَمُنَازَعَاتٌ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الكَلاَمِ.
وَهَلَكَ فِيْمَا وَرَّخَهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ سَنَةَ خَمْسَ عشرة ومائتين.
__________
1 ترجمته في الفهرست لابن النديم "207".(8/532)
ومنهم:
1714- هِشَامُ بنُ عَمْرٍو 1:
أَبُو مُحَمَّدٍ الفُوَطِيُّ المُعْتَزِلِيُّ، الكُوْفِيُّ مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ.
صَاحِبُ ذَكَاءٍ وَجِدَالٍ وَبِدْعَةٍ وَوَبَالٍ.
أَخَذَ عَنْهُ: عَبَّادُ بنُ سَلْمَانَ وَغَيْرُهُ.
وَنَهَى عَنْ قَوْلِ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ، وَقَالَ: لاَ يُعَذِّبُ اللهُ كَافِراً بِالنَّارِ، وَلاَ يُحْيِي أَرْضاً بِمَطَرٍ، وَلاَ يَهْدِي وَلاَ يُضِلُّ وَيَقُوْلُ: يُعَذَّبُوْنَ فِي النَّارِ لاَ بِهَا وَيُحْيِي الأَرْض عِنْدَ المَطَرِ لاَ بِهِ، وَأَنَّ مَعْنَى: نِعْمَ الوَكِيْلُ أَيِ: المُتَوَكَّلُ عَلَيْهِ.
قَالَ المُبَرِّدُ: قَالَ رَجُلٌ لِهِشَامٍ الفُوَطِيِّ: كَمْ تَعُدُّ مِنَ السِّنِيْنَ؟ قَالَ: مِنْ وَاحِدٍ إِلَى أَكْثَرَ مِن أَلفٍ قَالَ: لَمْ أُرِدْ هَذَا كَمْ لَكَ مِنَ السِّنِّ؟ قَالَ: اثْنَانِ وَثَلاَثُوْنَ سِنّاً قَالَ: كَمْ لَكَ مِنَ السِّنِيْنَ؟ قَالَ: مَا هِيَ لِي كُلُّهَا للهِ قَالَ: فَمَا سِنُّكَ؟ قَالَ: عَظْمٌ قَالَ: فَابْنُ كَمْ أَنْتَ؟ قَالَ: ابْنُ أُمٍّ وَأَبٍ قَالَ: فَكَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْ أَتَى عَلَيَّ شَيْءٌ لَقَتَلَنِي قَالَ: وَيْحَكَ! فَكَيْفَ أَقُوْلُ؟ قَالَ: قُلْ: كَمْ مَضَى مِنْ عُمُرِكَ.
قُلْتُ: هَذَا غَايَةُ مَا عِنْدَ هَؤُلاَءِ المُتَقَعِّرِينَ مِنَ العِلْمِ عِبَارَاتٌ وَشَقَاشِقُ لاَ يعبأ الله بها يرحفون بِهَا الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه قَدِيْماً وَحَدِيْثاً، فَنَعُوْذُ بالله من الكلام وأهله.
__________
1 ترجمته في الفهرست لابن النديم "214".(8/532)
أبو موسى عيسى بن صبيح، والوليد بن أبان، وجعفر بن مبشر:
ومنهم:
1715- أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ صَبِيْحٍ 1:
المُلَقَّبُ: بِالمردَازِ البَصْرِيُّ مِنْ كِبَارِ المُعْتَزِلَةِ أَرْبَابِ التَّصَانِيْفِ الغَزِيْرَةِ.
أَخَذَ عَنْ: بِشْرِ بنِ المُعْتَمِرِ وَتَزَهَّدَ، وَتَعَبَّدَ وَتَفَرَّدَ بِمَسَائِلَ مَمْقُوْتَةٍ، وَزَعَمَ أَنَّ الرَّبَّ يَقْدِرُ عَلَى الظُّلمِ وَالكَذِبِ، وَلَكِنْ لاَ يَفْعَلُهُ وَقَالَ بِكُفْرِ مَنْ قَالَ: القُرْآنُ قَدِيْمٌ، وَبِكُفرِ مَنْ قَالَ: أَفْعَالُنَا مَخْلُوْقَةٌ، وَقَالَ بِرُؤْيَةِ اللهِ وَكَفَّرَ مَنْ أَنكَرَهَا حَتَّى إِنَّ رَجُلاً قَالَ لَهُ: فَالجَنَّةُ الَّتِي عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ، وَالأَرْضُ لاَ يَدْخُلُهَا إلَّا أَنْتَ وَثَلاَثَةٌ؟! فَسَكَتَ.
ذَكَرَهُ: قَاضِي حَمَاةَ شِهَابُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ فِي كِتَابِ الفِرَقِ، وَأَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمِنْهُمُ:
1716- الوَلِيْدُ بنُ أَبَانٍ 2:
الكَرَابِيْسِيُّ المُتَكَلِّمُ أَحَدُ الأَئِمَّةِ.
قَالَ المُحَدِّثُ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ: كَانَ خَالِي فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ لِبَنِيْهِ: هَلْ تَعْلَمُوْنَ أَحَداً أَعْلَمَ بِالكَلاَمِ مِنِّي؟ قَالُوا: لاَ قَالَ: فَتَتَّهِمُونِي؟ قَالُوا: لاَ قَالَ: فَإِنِّي أُوْصِيْكُم بِمَا عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ فَإِنِّي رَأَيْتُ الحَقَّ مَعَهُم لَسْتُ أَعْنِي الرُّؤَسَاءَ مِنْهُم وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ المُمَزَّقِيْنَ.
ومنهم:
1717- جَعْفَرُ بنُ مُبَشِّرٍ 3:
الثَّقَفِيُّ المُتَكَلِّمُ أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ الفَقِيْهُ البَلِيْغُ.
كَانَ مَعَ بِدْعَتِهِ يُوْصَفُ بِزُهْدٍ وَتَأَلُّهٍ وَعِفَّةٍ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ جَمَّةٌ وَتَبَحُّرٌ فِي العُلُوْمِ.
صَنَّفَ: كِتَابَ الأَشْرِبَةِ وَكِتَاباً فِي السُّنَنِ، وَكِتَابَ الاجْتِهَادِ وَكِتَابَ تَنْزِيْهِ الأَنْبِيَاءِ" وَكِتَابَ "الحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ البِدَعِ" وَكِتَابَ "الإِجْمَاعِ مَا هُوَ" وَكِتَابَ الرَّدِّ عَلَى المُشَبِّهَةِ، وَالجَهْمِيَّة وَالرَّافِضَةِ، والرد عَلَى أَرْبَابِ القِيَاسِ، وَكِتَابَ الآثَارِ الكَبِيْرَ وَأَشْيَاءَ مُفِيْدَةً.
ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَلَهُ أَخٌ مُتَكَلِّمٌ مُعْتَزِلِيٌّ يُقَال لَهُ: حُبَيْشُ بنُ مُبَشِّرٍ دون جعفر في العلم.
__________
1 ترجمته في الفهرست لابن النديم "206".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 441"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 210".
3 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 162"، ولسان الميزان "2/ 121".(8/533)
وَمِنْهُمُ العَلاَّمَةُ:
1718- أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ حَرْبٍ 1:
الهَمَذَانِيُّ المُعْتَزِلِيُّ العَابِدُ كَانَ مِنْ نُسَّاكِ القَوْمِ وَلَهُ تَصَانِيْفُ.
يُقَالُ: إِنَّهُ حَضَرَ عِنْدَ الوَاثِق للمناظرة ثم حضرت الصلاة فتقدم الوَاثِقُ فَصَلَّى بِهِم، وَتَنَحَّى جَعْفَرٌ فَنَزَعَ خُفَّهُ، وَصَلَّى وَحْدَهُ وَكَانَ قَرِيْباً مِنْ يَحْيَى بنِ كَامِلٍ فَجَعَلَتْ دُمُوْعُ ابْنِ كَامِلٍ تَسِيْلُ خَوْفاً عَلَى جَعْفَرٍ مِنَ القَتلِ، فَكَاشَرَ عَنْهَا الوَاثِقُ فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: إِنَّ هَذَا السَّبُعُ لاَ يَحْتَمِلُكَ عَلَى مَا صَنَعتَ فَإِنْ عَزَمتَ عَلَيْهِ فَلاَ تَحضُرِ المَجْلِسَ قَالَ: لاَ أُرِيْدُ الحُضُوْرَ فَلَمَّا كَانَ المَجْلِسُ الآتِي تَأَمَّلَهُمُ الوَاثِقُ قَالَ: أَيْنَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ؟ قَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: إِنَّ بِهِ السِّلَّ، وَيَحْتَاجُ أَنْ يَضْطَجِعَ قَالَ: فَذَاكَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ النَّدِيْمُ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ عَنْ نَحْوِ سِتِّيْنَ سَنَةً.
وَلَهُ: كِتَابُ مُتَشَابَهِ القُرْآنِ وَكِتَابُ الاسْتِقْصَاءِ، وَكِتَابُ الرَّدِّ عَلَى أَصْحَابِ الطَّبَائِعِ، وكتاب الأصول.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "7/ 231"، وتاريخ بغداد "7/ 162"، ولسان الميزان "2/ 113".(8/534)
وله من التلامذة:
1719- الإسكافي 1:
وَهُوَ: العَلاَّمَةُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّمَرْقَنْدِيُّ ثُمَّ الإِسْكَافِيُّ المُتَكَلِّمُ.
وَكَانَ أُعْجُوْبَةً فِي الذَّكَاءِ، وَسَعَةِ المَعْرِفَةِ مَعَ الدِّيْنِ وَالتَّصَوُّنِ والنزاهة.
وَكَانَ فِي صِبَاهُ خَيَّاطاً، وَكَانَ يُحِبُّ الفَضِيْلَةَ فَيَأْمُرُه أَبَوَاهُ بِلُزُوْمِ المَعِيْشَةِ فَضَمَّه جَعْفَرُ بنُ حَرْبٍ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَبْعَثُ إِلَى أُمِّهِ فِي الشَّهْرِ بِعِشْرِيْنَ دِرْهَماً بَدَلاً مِنْ كَسْبِهِ.
فَبَرَعَ فِي الكَلاَمِ وَبَقِيَ المُعْتَصِمُ مُعْجَباً بِهِ كَثِيْراً فَأَدنَاهُ وَأَجزَلَ عَطَاءهُ، وَكَانَ إِذَا نَاظَرَ أَصْغَى إِلَيْهِ وَسَكَتَ الحَاضِرُوْنَ ثُمَّ يَنْظُرُ المُعْتَصِمُ إِلَيْهِم، وَيَقُوْلُ: مَنْ يَذْهَبُ عَنْ هَذَا الكَلاَمِ وَالبَيَانِ؟! وَيَقُوْلُ: يَا مُحَمَّدُ! اعْرِضْ هَذَا المَذْهَبَ عَلَى المَوَالِي فَمَنْ أَبَى فَعَرِّفْنِي خَبَرَهُ لأُنَكِّلَ بِهِ.
ذَكَرَ لَهُ النَّدِيْمُ مُصَنَّفَاتٍ عِدَّةً مِنْهَا: نَقْضُ كِتَابِ حُسَيْنٍ النَّجَّارِ وَكِتَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ خَلْقَ القُرْآنِ، وَكِتَابُ تَفْضِيْلِ عَلِيٍّ. وَكَانَ يَتَشَيَّعُ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فلَمَّا بَلَغَ مُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى بَرْغُوْثَ مَوْتُه سَجَدَ فَمَاتَ بعده بأشهر.
__________
1 ترجمته في الفهرست لابن النديم "213"، والأنساب للسمعاني "1/ 245".(8/535)
وَمِنْهُمُ العَلاَّمَةُ:
1720- أَبُو سَهْلٍ عَبَّادُ بنُ سَلْمَانَ 1:
البَصْرِيُّ المُعْتَزِلِيُّ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ الفُوَطِيِّ.
يُخَالِفُ المعتزلة في أشياء اخترعها لنفسه.
وكان أبوعلي الجُبَّائِيُّ يَصِفُهُ بِالحِذْقِ فِي الكَلاَمِ وَيَقُوْلُ: لَوْلاَ جُنُونُه.
وَلَهُ كِتَابُ إِنْكَارِ أَنْ يَخْلُقَ النَّاسُ أَفْعَالَهُم وَكِتَابُ تَثْبِيْتِ دِلاَلَةِ الأَعْرَاضِ وَكِتَابُ إِثْبَاتِ الجزء الذي لا يتجزأ.
__________
1 ترجمته في الفهرست لابن النديم "215".(8/535)
وَمِنْهُمُ العَلاَّمَةُ:
1721- أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ الهَيْثَمِ 1:
الصُّوْفِيُّ مِنْ كِبَارِ المُعْتَزِلَةِ يُخَالِفُهُمْ فِي أَشْيَاءَ.
وَعَنْهُ أَخَذَ ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ المُلْحِدُ2 وَلَهُ تَوَالِيْفُ.
توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الفهرست لابن النديم "216".
2 ترجمته في الفهرست لابن النديم "216"، والعبر "2/ 116"، ولسان الميزان "1/ 323"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 235".(8/535)
وَمِنْهُمُ العَلاَّمَةُ:
1722- أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ 1:
الشَّحَّامُ البَصْرِيُّ صَاحِبُ أَبِي الهُذَيْلِ العَلاَّفِ.
مُؤَلِّفُ: كِتَابِ الاسْتِطَاعَةِ عَلَى المُجَبرَةِ، وَكِتَابِ الإِرَادَةِ، وَكِتَابِ كَانَ وَيَكُوْنُ، وَكِتَابِ دِلاَلَةِ الأَعْرَاضِ وَغَيْرِ ذلك.
وعنه أخذ أبو علي الجبائي.
وكان مشرف ديوان الخراج في دولة المواثق.
__________
1 ترجمته في طبقات المعتزلة "71-72".(8/536)
وَمِنْهُم:
1723- أَبُو مُخَالِدٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ 1:
الضَّرِيْرُ الفَقِيْهُ المُتَكَلِّمُ المُعْتَزِلِيُّ أَحَدُ الأَذْكِيَاءِ.
صَنَّفَ فِي خَلقِ القُرْآنِ وَكَانَ ذَا زُهْدٍ وَوَرَعٍ وَيُسَمَّى: الدَّاعِيَةَ.
أَرَّخَ وَفَاتَهُ ابْنُ كَامِلٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ النَّاسُ يَغْشَوْنَ مَجْلِسَهُ.
أَخَذَ عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُبَشِّرٍ، وَلَهُ مُنَاظَرَةٌ مع دواد الظَّاهِرِيِّ بِحَضرَةِ المُوَفَّقِ فِي خَبَرِ الوَاحِدِ، وَلَمَّا نَاظَرَ دَاوُدَ قَطَعَهُ فَقَالَ دَاوُدُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ قَدْ أَهْلَكَ أَبُو مُخَالِدٍ النَّاسَ فَقَالَ المُوَفَّقُ: قَدْ قَطَعَكَ بِنَفْسِ قَوْلِكَ هَذَا؛ لأَنَّ اللهَ عِنْدَكَ هُوَ الَّذِي أَهْلَكَ النَّاسَ فَكَيْفَ يهلكهم أبو مخالد؟! فأفحم داود.
__________
1 ترجمته في طبقات المعتزلة "85".(8/536)
محمد بن النعمان، والحسين بن محمد، وبرغوث:
وَمِنْ قُدَمَائِهِم: الأُسْتَاذُ أَبُو جَعْفَرٍ:
1724- مُحَمَّدُ بنُ النُّعْمَانِ 1:
الأَحْوَلُ عِرَاقِيٌّ شِيْعِيٌّ جَلْدٌ يُلَقِّبُهُ الشِّيْعَةُ: بِمُؤْمِنِ الطَّاقِ.
يُعَدُّ مِنْ أَصْحَابِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ.
صَنَّفَ: كِتَابَ الإِمَامَةِ، وَكِتَابَ الرَّدِّ عَلَى المعتزلة، وكتاب طلحة وعائشة، وكتاب المعرفة وكتاب فِي أَيَّامِ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ.
وَمِنْهُمُ: النَّجَّارُ الأُسْتَاذُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ:
1725- الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ 2:
ابْنِ عَبْدِ اللهِ النَّجَّارُ أَحَدُ كِبَارِ المُتَكَلِّمِيْنَ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَعْمَلُ المَوَازِيْنَ.
وَلَهُ مُنَاظَرَةٌ مَعَ النَّظَّامِ فَأَغضَبَ النَّظَّامَ فَرَفَسَهُ فَيُقَالُ: مَاتَ مِنْهَا بَعْدَ تَعَلُّلٍ.
ذَكَرَ النَّدِيْمُ أَسْمَاءَ تَصَانِيْفِ النَّجَّارِ مِنْهَا إِثْبَاتُ الرُّسُلِ، وَكِتَابُ القَضَاءِ وَالقَدَرِ، وَكِتَابُ اللُّطْفِ وَالتَّأْيِيْدِ وَكِتَابُ الإِرَادَةِ المُوْجِبَةِ وَأَشْيَاءُ كَثِيْرَةٌ.
وَمِنْهُم:
1726- برغوث 3:
وَهُوَ رَأْسُ البِدْعَةِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الجَهْمِيُّ.
أَحَدُ مَنْ كَانَ يُنَاظِرُ الإِمَامَ أَحْمَدَ وَقْتَ المِحْنَةِ.
صَنَّفَ كِتَابَ الاسْتِطَاعَةِ، وَكِتَابَ المَقَالاَتِ وَكِتَابَ الاجْتِهَادِ، وَكِتَابَ الرَّدِّ عَلَى جَعْفَرِ بنِ حَرْبٍ، وَكِتَابَ المُضَاهَاةِ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ.
__________
1 ترجمته في الفهرست لابن النديم "224".
2 ترجمته في الفهرست لابن النديم "229".
3 لم أجد من ترجم له.(8/537)
ومنهم:
1727- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ 1:
المُتَكَلِّمُ مِنْ كِبَارِ الأَذْكِيَاءِ، وَمِن أَعْيَانِ تَلاَمِذَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الشافعي الإمام.
اسمه أحمد بن بحيى بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ نُسِبَ إِلَى شَيْخِهِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ يَقُوْلُ: مَنْ فَاتَتْهُ صَلاَةٌ عَنْ وَقْتِهَا عَمْداً فَإِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْضِيَهَا أَصْلاً؛ لأَنَّ وَقْتَهَا شَرْطٌ وَقَدْ عُدِمَ كَمَنْ فَاتَهُ الوُقُوْفُ بِعَرَفَةَ لاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْضِيَهُ.
قُلْتُ: جُمْهُوْرُ الأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا، وَأَنَّ قَضَاءَهَا لاَ يَنْفِي عَنْهُ الإِثْمَ إلَّا بِتَوْبَةٍ مِنْهُ.
أَخَذَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ الفَقِيْهُ: دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ حَيّاً فِي حُدُوْدِ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمِنْ رُؤُوْسِ المُعْتَزِلَةِ البَغْدَادِيِّيْنَ: العَلاَّمَةُ أَبُو مُوْسَى الفَرَّاءُ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ، وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ أرخه المسعودي.
وَمِنْهُم: ابْنُ كَيْسَانَ الأَصَمُّ قَدِيْمٌ تَخَرَّجَ بِهِ إبراهيم بن عُلَيَّةَ فِي الكَلاَمِ.
وَمِنْهُم: جَعْفَرُ بنُ حَرْبٍ وَجَعْفَرُ بنُ مُبَشِّرٍ، وَأَبُو غِفَارٍ وَحُسَيْنٌ النَّجَّارُ وَالرَّقَاشُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ كُلاَبٍ وَقَاسِمُ بنُ الخَلِيْلِ الدِّمَشْقِيُّ صَاحِبُ التَّفْسِيْرِ، وثُمَامَةُ بنُ أَشْرَسَ النُّمَيْرِيُّ، وَأَشْبَاهُهُم مِمَّنْ كَانَ ذَكَاؤُهُم وَبَالاً عَلَيْهِم ثُمَّ بَيْنَهُم مِنَ الاخْتِلاَفِ وَالخُبَاطِ أَمرٌ لاَ يَخْفَى عَلَى أَهْلِ التَّقْوَى فَلاَ عُقُوْلُهُمُ اجْتَمَعَتْ وَلاَ اعْتَنَوْا بِالآثَارِ النَّبَوِيَّةِ كَمَا اعْتَنَى أَئِمَّةُ الهدى {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} [الأنعام: 81] .
__________
1 ترجمته في الفهرست لابن النديم "267"، وتاريخ الخطيب "5/ 200".(8/538)
1728- إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَهْدِيٍّ 1:
المَصِّيْصِيُّ بَغْدَادِيٌّ صَاحِبُ حَدِيْثٍ مُرَابِطٌ.
رَوَى عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَحَمَّادٍ الأَبَحِّ وَأَبِي المَلِيْحِ الرَّقِّيِّ وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الدَّيْرَعَاقُوْلِيُّ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حاتم.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1044"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 447"، وتاريخ بغداد "6/ 178"، وميزان الاعتدال "1/ 68"، والكاشف "1/ ترجمة 209"، وتهذيب التهذيب "1/ 169".(8/539)
1729- إبراهيم بن المهدي 1:
الأمير الكبير أبوإسحاق الملقب: بالمبارك إبراهيم بن أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ الهَاشِمِيُّ العَبَّاسِيُّ الأَسْوَدُ.
ويُعْرَفُ: بِالتِّنِّيْنِ لِلْونِهِ وضَخَامَتِهِ.
كَانَ فَصِيْحاً بَلِيْغاً عَالِماً أَدِيْباً شَاعِراً رَأْساً فِي فَنِّ المُوْسِيْقَى.
وَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ شَكْلَةَ وَهِيَ أُمُّهُ.
حَدَّثَ عَنْ: المُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ وَحَمَّادٍ الأَبَحِّ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ هِبَةُ اللهِ وَحُمَيْدُ بنُ فَرْوَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ الهَيْثَمِ وَغَيْرُهُم.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المُغِيْرَة الأَثْرَمُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ: أَنَّهُ وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ أَعْوَاماً لَمْ يُقْطَعْ فِيْهَا عَلَى أَحَدٍ طَرِيْقٌ، وَحُدِّثْتُ أَنَّ الآفَةَ فِي قطع الطريق من دعامة، وَنُعْمَانَ، وَيَحْيَى بنِ أُرمِيَا اليَهُوْدِيِّ البَلْقَاوِيِّ، وَأَنَّهُم لَمْ يَضَعُوا يَدَهُم فِي يَدِ عَامِلٍ فَكَاتَبْتُهُم فَتَابَ دُعَامَةُ وَحَلَفُ النُّعْمَانُ بِالأَيْمَانِ أنَّهُ لاَ يُؤْذِي مَهْمَا وُلِّيْتُ. وَطَلَبَ ابْنُ أُرمِيَا أَمَاناً ليَأْتِي، وَيُنَاظِرَ فَأَجَبْتُهُ فَقَدِمَ شَابٌّ أَشْعَرُ أَمْعَرُ فِي أَقبِيَةِ دِيْبَاجٍ، وَمِنْطَقَةٍ وَسَيْفٍ مُحَلَّى فَدَخَلَ عَلَى الخَضْرَاءِ فَسَلَّمَ دُوْنَ البِسَاطِ فَقُلْتُ: اصْعَدْ قَالَ: إِنَّ لِلْبِسَاطِ ذِمَاماً أَخَافُ أَنْ يُلْزِمَنِي جُلُوسِي عَلَيْهِ وَمَا أَدْرِي مَا تَسُومُنِي قُلْتُ: أَسْلِمْ، وَأَطِعْ قَالَ: أَمَّا الطَّاعَةُ فَأَرْجُو وَلاَ سَبِيْلَ إِلَى الإِسْلاَمِ فَمَا عِنْدَكَ إِنْ لَمْ أُسْلِمْ؟ قُلْتُ: لاَ بُدَّ مِن جِزْيَةٍ. قَالَ: أَعْفِنِي قُلْتُ: كَلاَّ. قَالَ: فَأَنَا مُنْصَرِفٌ عَلَى أَمَانِي فَأَذِنْتُ لَهُ وَأَمَرْتُهُم أَنْ يُسْقُوا فَرَسَهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ دَعَا بِدَابَّةِ غُلاَمِهِ وَتَرَكَ فَرَسَهُ وَقَالَ: لَنْ آخُذَ شَيْئاً ارْتَفَقَ مِنْكُم فَأُحَارِبَكُم عَلَيْهِ. فَاسْتَحْيَيتُ، وَطَلَبْتُهُ فَلَمَّا دَخَلَ قُلْتُ:
__________
1 ترجمته في مروج الذهب "7/ 96"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "10/ 95"، وتاريخ بغداد "6/ 142"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 518"، والأنساب للسمعاني "3/ 97"، واللباب لابن الأثير "1/ 226"، ووفيات الأعيان "1/ ترجمة 9"، والعبر "1/ 389"، ولسان الميزان "1/ 98"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 240"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 53".(8/539)
الحَمْدُ للهِ ظَفَرْتُ بِكَ بِلاَ عَهْدٍ قَالَ: وَكَيْفَ؟ قُلْتُ: لأَنَّكَ انْصَرَفْتَ مِنْ عِنْدِي، وَقَدْ عُدْتَ.
قَالَ: شَرْطُكَ أَنْ تَصْرِفَنِي إِلَى مَأْمَنِي فَإِنْ كَانَ دَارُكَ مَأْمَنِي فلَسْتُ بِخَائِفٍ، وَإِنْ كَانَ مَأْمَنِي أَرْضِي فَرُدَّنِي فَجَهَدْتُ بِهِ أَنْ يُؤَدِّي جِزْيَةً عَلَى أَنْ أَهَبَهُ فِي السَّنَةِ أَلفَيْ دِيْنَارٍ فَأَبَى، وَذَهَبَ فَأَسْعَرَ الدُّنْيَا شَرّاً، وَحُمِلَ مَالٌ مِن مِصْرَ فَتَعَرَّضَ لَهُ فَكَتَبَ النُّعْمَانُ إِلَيَّ فَأَمَرْتُهُ بِمُحَارَبَتِهِ.
فَسَارَ النُّعْمَانُ، وَوَافَاهُ اليَهُوْدِيُّ فِي جَمَاعَتِهِ فَسَأَلَهُ النُّعْمَانُ الاَنصِرَافَ فَأَبَى، وَقَالَ: بَارِزْنِي وَإِنْ شِئْتَ بَرَزْتُ وَحْدِي إِلَيْكَ وَإِلَى جُنْدِكَ فَقَالَ النُّعْمَانُ: يَا يَحْيَى، وَيْحَكَ! أَنْتَ حَدَثٌ قَدْ بُلِيْتَ بِالعُجْبِ وَلَوْ كُنْتَ مِنْ أَنْفَسِ قُرَيْشٍ لَمَا أَمْكَنَكَ مُعَارَّةُ السُّلْطَانِ وَهَذَا الأَمِيْرُ هُوَ أَخُو الخَلِيْفَةِ، وَأَنَا وَإِنِ افْتَرَقْنَا فِي الدِّيْنِ أُحِبُّ أَنْ لاَ يُقْتَلَ عَلَى يَدَيَّ فَارِسٌ فَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّ السَّلاَمَةَ فابرز إلي ولا يبتلى بِنَا غَيْرُنَا فَبَرَزَ لَهُ العَصْرَ، فَمَا زَالاَ فِي مُبَارَزَةٍ إِلَى اللَّيْلِ فَوَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى فَرَسِهِ مُتَّكِئاً عَلَى رُمْحِهِ فَنَعَسَ النُّعْمَانُ فَطَعَنَهُ اليَهُوْدِيُّ فَيَقَعُ سِنَانُ رُمْحِهِ فِي المَنْطِقَةِ فَدَارَتْ وَصَارَ السِّنَانُ يَدُورُ مَعَهَا فَاعْتَنَقَهُ النُّعْمَانُ، وقال: أغدرًا يا ابن اليهودية؟! فقال: أومحارب يَنَامُ يَا ابْنَ الأَمَةِ؟! فَاتَّكَأَ عَلَيْهِ النُّعمَانُ فَسَقَطَ فَوْقَهُ وَكَانَ النُّعْمَانُ ضَخْماً فَصَارَ فَوقَهُ فَذَبَحَ اليَهُوْدِيَّ وَبَعَثَ إِلَيَّ بِرَأْسِهِ فَاطْمَأَنَّتِ البِلاَدُ، ثُمَّ وَلِيَ بَعْدِي عَمِّي سُلَيْمَانُ فَانْتَهَبه أَهْلُ دِمَشْقَ وَسَبَوْا حُرَمَهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: بُوْيِعَ إِبْرَاهِيْمُ بالخلافة زمن المأمون فحارب الحسن ابن سَهْلٍ فَهَزَمَهُ إِبْرَاهِيْمُ، ثُمَّ أَقْبَلَ لِحَرْبِهِ حُمَيْدٌ الطُّوْسِيُّ فَهُزِمَ جَمْعُ إِبْرَاهِيْمَ وَاخْتَفَى إِبْرَاهِيْمُ زَمَاناً إِلَى أَنْ ظَفَرَ بِهِ المَأْمُوْنُ فَعَفَا عَنْهُ.
وَفِيه يَقُوْلُ دِعْبِل:
نَفَرَ ابْنُ شَكْلَةَ بِالعِرَاقِ وَأَهْلِهَا ... وَهَفَا إِلَيْهِ كُلُّ أَطْلَسَ مَائِقِ
إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مُضْطَّلِعاً بِهَا ... فَلَتَصْلُحَنْ مِنْ بَعْدِهِ لمُخَارِقِ
وَكَانَ مُخَارِقٌ مُغَنِّيَ وَقْتِهِ.
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: وُلِدَ إِبْرَاهِيْمُ سَنَةَ 162.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا لَمْ يُدْرِكْ مُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ.
قَالَ الخُطَبِيُّ: بَايَعُوْهُ بِبَغْدَادَ وَلُقِّبَ: بِالمُبَارَكِ وَقِيْلَ: المَرَضِيِّ فِي أَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَمائَتَيْنِ فَغَلَبَ عَلَى الكُوْفَةِ، وَبَغْدَادَ وَالسَّوَادِ فَلَمَّا أَشْرَفَ المَأْمُوْنُ عَلَى العِرَاقِ ضَعُفَ إِبْرَاهِيْمُ قَالَ: وَرَكِبَ إِبْرَاهِيْمُ بِأُبَّهَةِ الخِلاَفَةِ إِلَى المُصَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَهُوَ ينظر(8/540)
إِلَى عَسْكَرِ المَأْمُوْنِ، وَأَطْعَمَ النَّاسَ بِالقَصْرِ ثُمَّ اسْتَتَرَ قَالَ: وَظَفِرَ المَأْمُوْنُ بِهِ سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ فَعَفَا عَنْهُ، وَبَقِيَ عَزِيْزاً.
قَالَ أَبُو مُحَلَّم: قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المَهْدِيِّ حِيْنَ أُدْخِلَ عَلَى المَأْمُوْنِ: ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ عُذْرٍ وَعَفْوُكَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا اعْتَذَرَ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ تَوَثُّبُهُ بِثَمَانِي سنين عفا عنه وقال: ههنا يا عم! ههنا يَا عَمُّ!.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَتِهِ حَدِيْثاً لأَحْمَدَ بنِ الهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المَهْدِيّ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ الأَبَحُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا المَصِّيْصِيُّ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: نُودِيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَمائَتَيْنِ أَنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ عَفَا عَنْ عَمِّهِ إِبْرَاهِيْمَ، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ حَسَنَ الوَجْهِ حَسَنَ الغِنَاءِ حَسَنَ المَجْلِسِ رَأَيْتُهُ عَلَى حِمَارٍ، فَقَبَّلَ القَوَارِيْرِيُّ فَخِذَهُ.
وَعَنْ مَنْصُوْرِ بنِ المَهْدِيِّ قَالَ: كَانَ أَخِي إِبْرَاهِيْمُ إِذَا تَنَحْنَحَ طَرِبَ مَنْ يَسْمَعُهُ فَإِذَا غَنَّى أَصْغَتِ الوُحُوشُ حَتَّى تَضَعَ رُؤُوْسَهَا فِي حَجْرِهِ فَإِذَا سَكَتَ هَرَبَتْ، وَكَانَ إِذَا غَنَّى لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إلَّا ذهل.
وَقَالَ ابْنُ الفَضْلِ بنِ الرَّبِيْعِ: مَا اجْتَمَعَ أَخٌ وَأُخْتٌ أَحْسَنَ غِنَاءً مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المَهْدِيِّ وَأُخْتِهِ عُلَيَّةَ.
قَالَ ثُمَامَةُ بنُ أَشْرَسَ: قَالَ لِيَ المَأْمُوْنُ: قَدْ عَزْمْتُ عَلَى تَقْرِيْعِ عَمِّي فَحَضَرْتُ فَجِيْءَ بِإِبْرَاهِيْمَ مَغْلُوْلاً قَدْ تَهَدَّلَ شعره على عيينه فَسَلَّمَ فَقَالَ المَأْمُوْنُ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ أَكُفْراً بِالنِّعْمَةِ وَخُرُوْجاً عَلَيَّ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ: إِنَّ القُدْرَةَ تُذْهِبُ الحَفِيْظَةَ وَمَنْ مُدَّ لَهُ فِي الاغْتِرَارِ هَجَمَتْ بِهِ الأَنَاةُ عَلَى التَّلَفِ، وَقَدْ رَفَعَكَ اللهُ فَوْقَ كُلِّ ذَنْبٍ كَمَا وَضَعَ كُلَّ ذِي ذَنْبٍ دُوْنَكَ فَإِنْ تُعَاقِبْ فَبِحَقِّكَ وَإِنْ تَعْفُ فَبِفَضْلِكَ قَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَعْنِي: ابْنَهُ العَبَّاسَ وَالمُعْتَصِمَ يُشِيْرَانِ بِقَتْلِكَ قَالَ: أَشَارَا عَلَيْكَ بِمَا يُشَارُ بِهِ عَلَى مِثْلِكَ فِي مِثْلِي وَالمَلِكُ عَقِيْمٌ، وَلَكِنْ تَأْبَى لَكَ أَنْ تَسْتَجْلِبَ نَصْراً إلَّا مِنْ حَيْثُ عَوَّدَكَ اللهُ وَأَنَا عَمُّكَ وَالعَمُّ صِنْوُ الأَبِ وَبَكَى، فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَا المَأْمُوْنِ وَقَالَ: خَلُّوا عَنْ عَمِّي ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَنَادَمَهُ وَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى ضَرَبَ لَهُ بِالعُوْدِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَحْمَدَ بنَ خَالِدٍ الوَزِيْرَ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إِنْ قَتَلْتَهُ فَلَكَ نُظَرَاءٌ وَإِنْ عَفَوْتَ لَمْ يَكُنْ لَكَ نَظِيْرٌ.
تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْمُ فِي رَمَضَانَ سنة أربع وعشرين ومائتين.(8/541)
1730- الجرمي 1:
إِمَامُ العَرَبِيَّةِ أَبُو عُمَرَ صَالِحُ بنُ إِسْحَاقَ الجرمي البصري النَّحْوِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وَكَانَ صَادِقاً وَرِعاً خَيِّراً.
وَقَدْ أَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ: سَعِيْدٍ الأَخْفَشِ، وَاللُّغَةَ عَنْ: يُوْنُسَ بنِ حَبِيْبٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ وَعَبْدِ الوَارِثِ بنِ سَعِيْدٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُلاَعِبٍ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ وَجَمَاعَةٌ.
وَحَصَلَ لَهُ بِالأَدَبِ دُنْيَا وَاسِعَةٌ وَحِشْمَةٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: قَدِمَ أَصْبَهَانَ مَعَ فَيْضِ بنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ فَأَعْطَاهُ يَوْمَ مَقْدَمِهِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَم، وَكَانَ يَصِلُهُ كُلَّ شَهْرٍ بِأَلفٍ.
قَالَ المُبَرِّدُ: كَانَ الجَرْمِيُّ أَثْبَتَ القَوْمِ فِي كِتَابِ سِيْبَوَيْه، وَعَلَيْهِ قَرَأَتِ الجَمَاعَةُ، وَكَانَ عَالِماً بِاللُّغَةِ حَافِظاً لَهَا، وَكَانَ جَلِيْلاً فِي الحَدِيْثِ وَالأَخْبَارِ، وَكَانَ أَغْوَصَ عَلَى الاسْتِخْرَاجِ مِنَ المَازِنِيِّ وَإِلَيْهِمَا انْتَهَى عِلْمُ النَّحْوِ في زمانهما.
قُلْتُ: قَدِمَ الجَرْمِيُّ بَغْدَادَ، وَنَاظَرَ الفَرَّاءَ وَمُقَدِّمَتُهُ فِي النَّحْوِ مَشْهُوْرَةٌ تُعْرَفُ بِالمُخْتَصَرِ، وَلَهُ: كِتَابُ الأَبْنِيَةِ، وَكِتَابُ العَرُوْضِ وَكِتَابُ غَرِيْبِ سِيْبَوَيْه وَغَيْرُ ذَلِكَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ رَحِمَهُ الله.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1723"، وأخبار أصبهان "1/ 346"، وتاريخ بغداد "9/ 313"، والأنساب للسمعاني "3/ 234"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "12/ 5"، واللباب لابن الأثير "1/ 274"، ووفيات الأعيان "2/ 485"، والعبر "1/ 394"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 243"، وبغية الوعاة للسيوطي "2/ 8"، وشذات الذهب لابن العمد الحنبلي "2/ 57".(8/542)
1731- أبو دلف 1:
صَاحِبُ الكَرَجِ، وَأَمِيْرُهَا القَاسِمُ بنُ عِيْسَى العِجْلِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: هُشَيْمٍ وَغَيْرِهِ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ المُغِيْرَةِ الأَصْبَهَانِيُّ.
وَكَانَ فَارِساً شُجَاعاً مَهِيْباً سَائِساً شَدِيْدَ الوَطأَةِ، جَوَاداً مُمَدَّحاً مُبَذِّراً شَاعِراً مُجَوِّداً لَهُ أَخْبَارٌ فِي حَرْبِ بَابَكَ، وَولِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ لِلْمُعْتَصِمِ، وَقَدْ دَخَلَ وَهُوَ أَمْرَدُ عَلَى الرَّشِيْدِ فَسَلَّمَ فَقَالَ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ أَفْسَدْتَ الجَبَلَ عَلَيْنَا يَا غُلاَمُ قَالَ: فَأَنَا أُصْلِحُهُ أَفْسَدْتُهُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَنْتَ عَلَيَّ أَفَأَعْجِزُ عَنْ صَلاحِهِ، وَأَنْتَ مَعِي؟! فَأَعْجَبَهُ، وَوَلاَّهُ الجَبَلَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: أَرَى غُلاَماً يَرْمِي مِنْ وَرَاءِ هِمَّةٍ بَعِيْدَةٍ.
وَمِنْ جَيِّد نَظْمِهِ:
أَيُّهَا الرَّاقِدُ المُؤَرِّقُ عَيْنِي ... نَمْ هَنِيْئاً لَكَ الرُّقَادُ اللَّذِيْذُ
عَلِمَ اللهُ أَنَّ قَلْبِيَ مِمَّا ... قَدْ جَنَتْ مُقْلَتَاكَ فِيْهِ وَقِيْذُ
وَقِيْلَ: إِنَّهُ فَرَّقَ فِي يَوْمٍ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً، وَأَنْشَدَ لِنَفْسِهِ:
كَفَانِيَ مِنْ مَالِي دِلاَصٌ وَسَابِحٌ ... وَأَبْيَضُ مِنْ صَافِي الحَدِيْدِ وَمِغْفَرُ
وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي الكَرَمِ وَالفُرُوْسِيَّةِ.
وَكَانَ مَوْتُهُ: بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، وعشرين ومائتين وفي ذريته أمراء وعلماء.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "4/ 5"، والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "8/ 248"، وأخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 160"، وتاريخ بغداد "12/ 416"، والأنساب للسمعاني "8/ 401"، ومعجم البلدان لياقوت الحموي "4/ 446"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 538"، والعبر "1/ 394"، وتهذيب التهذيب "8/ 327"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 243"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 57".(8/543)
1732- العيشي 1: "د، ت، س"
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الثِّقَةُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ حَفْصِ بنِ عُمَرَ بنِ مُوْسَى بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مَعْمَرٍ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ البَصْرِيُّ الأَخْبَارِيُّ الصَّادِقُ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ عَائِشَةَ وَبَالعَيْشِيِّ؛ لأَنَّهُ مِنْ وَلَدِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
وُلِدَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَجُوَيْرِيَةَ بنَ أَسْمَاءَ وَمَهْدِيَّ بنَ مَيْمُوْنٍ، وأبا هِلاَلٍ الرَّاسِبِيَّ، وَوُهَيْبَ بنَ خَالِدٍ وَأَبَا عَوَانَةَ وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ زِيَادٍ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مُسْلِمٍ وَهِشَامَ بنَ زِيَادٍ وَابْنَ المُبَارَكِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَبِوَاسِطَةٍ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيُّ وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: صَدُوْقٌ فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ تِسْعَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ طَلاَّباً لِلْحَدِيْثِ عَالِماً بِالعَرَبِيَّةِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ لَوْلاَ مَا أَفْسَدَ نَفْسَهُ وَهُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: قُرِفَ بِالقَدَرِ، وَكَانَ بَريئاً مِنْهُ وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ البَصْرَةِ غَيْرَ مُدَافَعٍ كَرِيْماً سَخِيّاً.
قُلْتُ: سَمِعْنَا نُسْخَةَ العَيْشِيِّ بِالإِجَازَةِ، وَوَقَعَ لَنَا بِالاتِّصَالِ مِنْ عَوَالِيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَكَامِلُ بنُ طَلْحَةَ وَعُبَيْدُ اللهِ العَيْشِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي العُشَرَاءِ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أما
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 301"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 1292"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1583"، وتاريخ بغداد "10/ 314"، والأنساب للسمعاني "9/ 106"، والكاشف "2/ ترجمة 3636"، وتهذيب التهذيب "7/ 45"، وتقريب التهذيب "1/ 538"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4591"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 64".(8/544)
تكون الذكاء إلَّا مِنَ اللَّبَّةِ، وَالحَلْقِ؟ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لأَجْزَأَ عَنْكَ"1.
أَنْبَأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ أَخْبَرَنَا القَزَّازُ أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ أَخْبَرَنَا مُقَاتِلُ بنُ مُحَمَّدٍ العَكِّيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ إِسْحَاقَ المَرْوَزِيَّ المَعْرُوْفَ: بِالحَرْبِيِّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ عَائِشَةَ فقيل له: رأيت أحمد، وابن معين وإسحاق تَقُوْلُ هَذَا! قَالَ: نَعَمْ بَلَغَ الرَّشِيْدَ سَنَا أَخْلاَقِهِ فَأَحضَرَهُ فَعَدَّدَ مَحَاسِنَهُ وَيَقُوْلُ: هُوَ بِفَضْلِ اللهِ، وَفَضلِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. فَلَمَّا أَنْ صَمَتَ الرَّشِيْدُ قَالَ: وَمَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: مَا هُوَ يَا عَمِّ؟ قَالَ: المَعْرِفَةُ بِقَدْرِي وَالقَصْدُ فِي أَمْرِي قَالَ: أَحْسَنْتَ.
أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بنُ الحَسَنِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ فِي المَسْجَدِ فَأَعْطَاهُ العَيْشِيُّ مِطْرَفاً وَقَالَ: ثَمَنُهُ أَرْبَعُوْنَ دِيْنَاراً فَلاَ تُخْدَعْ عَنْهُ فَبَاعَهُ فَعُرِفَ أَنَّهُ مِطْرَفُ العَيْشِيِّ فَاشتَرَاهُ ابْنُ عم له ورده إليه.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: أَنْفَقَ العَيْشِيُّ عَلَى إِخْوَانِهِ أَرْبَعَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ فِي اللهِ حَتَّى الْتَجَأَ إِلَى بَيْعِ سَقْفِ بَيْتِهِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ نِفْطَوَيْه: قِيْلَ: إِنَّ العَيْشِيَّ كَانَ يُمْسِكُ بِيَمِيْنِهِ شَاةً، وَبِيَسَارِهِ شَاةً إِلَى أَنْ تُسْلَخَا ثُمَّ قَالَ نِفْطَوَيْه: وَكَانَ مِنْ سَرَاةِ النَّاسِ جُوْداً وَحِفْظاً وَمُحَادَثَةً.
قَالَ البَغَوِيُّ: مَاتَ فِي شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 434"، وأبو داود "2825" والترمذي "1481"، وابن ماجه "3184"، والنسائي "7/ 228"، وابن الجارود "901"، والبيهقي "9/ 246"، وأبو نعيم في "الحلية" "6/ 257، 341" من طريق حماد بن سلمة، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو العشراء الدارمي، قال البخاري: في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر.
وقال الذهبي في ترجمته في "الميزان": ولا يدرى من هو ولا من أبوه. ثم أورد له في ترجمته هذا الحديث.(8/545)
1733- النضر بن عبد الجبار 1: "د، س، ق"
ابن نضير الإِمَامُ القُدْوَةُ العَابِدُ الحَافِظُ أَبُو الأَسْوَدِ المُرَادِيُّ مَوْلاَهُمْ البَصْرِيُّ الكَاتِبُ الشُّرُوْطِيُّ، كَاتِبُ الحُكْمِ لِقَاضِي مِصْرَ لَهِيْعَةَ بنِ عِيْسَى بنِ لَهِيْعَةَ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ لَهِيْعَةَ تَصَانِيْفَهُ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَنَافِعِ بنِ يَزِيْدَ وَبَكْرِ بنِ مُضَرَ وَمُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَالرَّبِيْعُ الجِيْزِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ وَالمِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ السَّهْمِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: شَيْخُ صِدْقٍ كَانَ رَاوِيَةَ ابن لهيعة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ صَدُوْقٌ عَابِدٌ شَبَّهْتُهُ بِالقَعْنَبِيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: لَهُ أَخَوَانِ فَاضلاَنِ رَوْحٌ وَعَبْدُ اللهِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ وَصَلَّى عَلَيْهِ هَارُوْنُ القَاضِي قَالَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
خَرَّجَ لَهُ أبو داود والنسائي وابن ماجه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2297"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2197" والكاشف "3/ ترجمة 5939"، وتهذيب التهذيب "10/ 440"، وتقريب التهذيب "2/ 302"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7515"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 46".(8/546)
1734- اللاحقي 1:
الإِمَامُ الثِّقَةُ الحَافِظُ عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ لاَحِقٍ اللاَّحِقِيُّ البَصْرِيُّ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ بِالبَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ وَدَاوُدَ بنِ أَبِي الفُرَاتِ، وَجُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، وَأَبِي عَوَانَةَ وَعَبْدِ الوَاحِدِ بن زِيَادٍ وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ فَهْدٍ السَّاجِيُّ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى وَخَلْقٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الكِبَارِ: عَفَّانُ بن مسلم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ.
وَأَمَّا ابْنُ خِرَاشٍ فَقَالَ: فِيْهِ اخْتِلاَفٌ.
قُلْتُ: يُكْنَى: أَبَا الحَسَنِ مَاتَ بِالبَصْرَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ فِيْهَا: أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ وَدَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ وَحُبَابُ بنُ حَبْلَةَ صَاحِبُ مَالِكٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيُّ، وَمُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدٍ.
وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ فِيْهَا: بَشَّارُ بنُ مُوْسَى الخَفَّافُ، وَحَاجِبُ بنُ الوَلِيْدِ بِبَغْدَادَ، وَنُعَيْمُ بنُ الهَيْصَمِ، وَعُبَيْدُ اللهِ العَيْشِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بِلاَلٍ الأَشْعَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ أَبِي لَيْلَى وَإِسْحَاقُ بنُ بِشْرٍ الكَاهِلِيُّ، وَسَلْمُ بنُ قَادِمٍ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ زِيَادٍ سبَلاَنُ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَسَّانٍ السَّمْتِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ وَمُحَمَّدُ بنُ مُصْعَبٍ الدَّعَّاءُ العَابِدُ وأبو الجهم العلاء بن موسى الباهلي.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1079"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5889".(8/546)
1735- علي بن عَثَّام 1: "م".
ابن علي الإِمَامُ الحَافِظُ القُدْوَةُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو الحَسَنِ الكلابي العَامِرِيُّ الكُوْفِيُّ نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ: حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَشَرِيْكاً القَاضِي وَعَبْدَ السَّلاَّمِ بنَ حَرْبٍ، وَفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَدَاوُدَ الطَّائِيَّ وَابْنَ المُبَارَكِ وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ وَأَبَاهُ عَثَّامَ بنَ عَلِيٍّ، وَمَالِكَ بنَ أَنَسٍ وَغُنْدَراً، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ وَعَدَداً كَثِيْراً.
سَمِعَ مِنْهُ: يَحْيَى بنُ يَحْيَى وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الذُّهْلِيُّ وَأَيُّوْبُ بنُ الحَسَنِ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سَلَمَةَ اللَّبَقِيُّ، وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الفَرَّاءُ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَحَدَّثَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ فِي تَارِيْخِهِ: أَدِيْبٌ فَقِيْهٌ حَافِظٌ زَاهِدٌ وَاحِدُ عَصْرِهِ لاَ يُحَدِّثُ إلَّا بِالجَهْدِ، وَأَكْثَرُ مَا أُخِذَ عَنْهُ الحكَايَاتُ وَالزُّهْدِيَّاتُ وَالتَّفْسِيْرُ، وَالجَرحُ وَالتَّعدِيلُ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1094"، والكشاف "2/ ترجمة 4004"، والعبر "1/ 403" وتهذيب التهذيب "7/ 363"، وتقريب التهذيب "2/ 41"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5019"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 65".(8/547)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: مَا رَأَيْتُ فِي العُسْرَةِ مِثْلَ عَلِيِّ بنِ عَثَّامٍ، وَكَانَ يَقُوْلُ: النَّاسُ لاَ يُؤْتَوْنَ مِنْ حِلْمٍ يَجِيْءُ الرَّجُلُ فَيَسْأَلُ فَإِذَا أَخَذَ غَلِطَ، وَيَجِيْءُ الرَّجُلُ فَيُصَحِّفُ، وَيَجِيْءُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ لِيُمَارِيَ وَيَجِيْءُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ لِيُبَاهِيَ وَلَيْسَ عَلَيَّ أَنْ أُعِلِّمَ هؤلاء إلَّا من يهتم لأمر دينه.
قَالَ: وَسَمِعْتُ عَلِيّاً، وَكَانَ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ يَقُوْلُ: دَفَّتْ إِلَيْنَا دَافَّةٌ1 مِنْ بَنِي هِلاَلٍ فَخَرَجَ صَبِيٌّ فَقَالَ: يَا أَبَةِ! إِنَّ فُلاَناً دَفَعَنِي فِي حَومَةِ المَاءِ قُلْتُ: يَا بُنِيَّ مَا حَومَةُ المَاءِ؟ قَالَ: بُعْثُطُهُ قُلْتُ: وَمَا بُعْثُطُهُ؟ قَالَ: مَجَمَّةُ المَاءِ قُلْتُ: وَمَا مَجَمَّةُ المَاءِ؟ فَقَالَ: كلمَةً لَمْ أَحْفَظْهَا.
وَقَدْ بَعَثَ ابْنُ طَاهِرٍ إِلَى عَلِيِّ بنِ عَثَّامٍ لِيَحْضُرَ مَجْلِسَهُ فَأَبَى فَأَعفَاهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ "225"، فَحَجَّ وَذَهَبَ إِلَى طَرَسُوْسَ فَأَقَامَ بِهَا وَبِهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ رَحِمَهُ الله.
__________
1 الدافة: الجماعة من الناس تقبل من بلد إلى بلد. قاله ابن منظور.(8/548)
1736- أبو نصر التمار 1: "م، س"
عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ ذَكْوَانَ بنِ يَزِيْدَ وَيُقَالُ: إِنَّ جَدَّهُ هُوَ الحَارِثُ وَالِدُ بِشْرِ بنِ الحَارِثِ الحَافِي الإِمَامُ الثِّقَةُ الزَّاهِدُ القُدْوَةُ، القُشَيْرِيُّ مَوْلاَهُمُ النَّسَوِيُّ الدَّقِيْقِيُّ التَّمَّارُ نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
مَولِدُهُ عَامَ مَقْتَلِ أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ.
وَارْتَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَمائَةٍ.
فَأَخَذَ عَنْ: جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ التنوخي وحماد بنِ سَلَمَةَ، وَأَبِي الأَشْهَبِ العُطَارِدِيِّ وَأَبَانِ بنِ يَزِيْدَ وَعُقْبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الرِّفَاعِيِّ وَالقَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الحُدَّانِيِّ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ وَعَامِرِ بنِ يِسَافٍ وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، وَأَبِي جَزْءٍ نَصْرِ بنِ طَرِيْفٍ وَأَبِي هِلاَلٍ محمد بن سليم
__________
1 الدافة: الجماعة من الناس تقبل من بلد إلى بلد. قاله ابن منظور.
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 340"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 1375"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1689"، وتاريخ بغداد "10/ 420"، والعبر "1/ 402"، والكاشف "2/ ترجمة 3509"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 5225"، وتهذيب التهذيب "6/ 406"، وتقريب التهذيب "1/ 520"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4441".(8/548)
وَشَرِيْكٍ وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ وَمِسْكِيْنٍ أَبِي فَاطِمَةَ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القَاضِي، وَهُوَ المَرْوَزِيُّ وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ وَابْنُ شَبِيْبٍ المَعْمَرِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ يُعَدُّ مِنَ الأَبْدَالِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: أَبُو نَصْرٍ مِنْ أَبْنَاءِ خُرَاسَانَ مِنْ أَهْلِ نَسَا ذَكَرَ أَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ قَتْلِ أَبِي مُسْلِمٍ الدَّاعِيَةِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قُلْتُ: قُتِلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَمائَةٍ قَالَ: وَنَزَلَ بَغْدَادَ فِي رَبَضِ أَبِي العَبَّاسِ الطُّوْسِيِّ فِي دَرْبِ النَّسَائِيَّةِ، وَتَجِرَ بِهَا فِي التَّمْرِ، وَغَيْرِهِ. وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلاً خَيِّراً، وَرِعاً تُوُفِّيَ: بِبَغْدَادَ فِي أَوِّلِ المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ بَصَرُهُ قَدْ ذَهَبَ. وَكَذَلِكَ أَرَّخَهُ: البَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عن أبي نصرالتمار، وَلاَ ابْنِ مَعِيْنٍ وَلاَ مِمَّنِ امتُحِنَ فَأَجَابَ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ المَيْمُوْنِيُّ: صَحَّ عِنْدِي أَنَّهُ يَعْنِي: أَحْمَدَ لَمْ يَحْضُرْ أَبَا نَصْرٍ التمَّارَ حِيْنَ مَاتَ فَحَسِبْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَا كَانَ أَجَابَ فِي المِحْنَةِ.
قُلْتُ: أَجَابَ تَقِيَّةً وَخَوْفاً مِنَ النَّكَالِ وَهُوَ ثِقَةٌ بِحَالِهِ وَللهِ الحَمْدُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الوَرْدِ: قَالَ لِي مُؤَذِّنُ بِشْرِ بنِ الحَارِثِ: رَأَيْتُ بِشْراً رَحِمَهُ اللهُ فِي المَنَامِ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَر لِي قُلْتُ: فَمَا فُعِلَ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ؟ قَالَ: غُفِرَ لَهُ فَقُلْتُ: مَا فُعِلَ بِأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ؟ قَالَ: هَيْهَاتَ ذَاكَ فِي عِلِّيِّيْنَ فَقُلْتُ: بِمَاذَا نَالَ مَا لَمْ تَنَالاَهُ؟ فَقَالَ: بِفَقْرِهِ وَصَبْرِهِ عَلَى بُنَيَّاتِهِ.
وَلَمْ يَرْوِ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي نَصْرٍ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ وَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً أَخْبَرَنَاهُ العِمَادُ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ غَالِيَةَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنِ البَنَّاءِ أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ البُسْرِيِّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-(8/549)
قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين} [المُطَفِّفِيْنَ: 6] قَالَ: "يَقُوْمُوْنَ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ أطراف آذانهم" 1.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بِشَوْصِ السِّواكِ" 2.
وَقَدْ أَلَّفَ البَغَوِيُّ جُزْأَينِ مِمَّا عِنْدَهُ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التمار.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4938"، ومسلم "2862".
2 صحيح: أخرجه البزار "913"، والطبراني في "الكبير" "12257" من طريق عبد العزبز بن مسلم، به.
وقوله: "بشوص السواك": أي بغسالته.
وقيل: بما يتفتت منه عند التسوك.(8/550)
1737- أَبُو المُغِيْثِ الرَّاِفقِيُّ 1:
مُوْسَى بنُ سَابِقٍ أَوْ عِيْسَى بنُ سَابِقٍ نَائِبُ دِمَشْقَ لِلْمُعْتَصِمِ وَالوَاثِقِ. خَرَجَتْ عَلَيْهِ قَيْسٌ بِكَوْنِهِ صَلَبَ مِنْهُم خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَارُوا وَأَخَذُوا خَيْلَ السُّلْطَانِ، وَعَسْكَرُوا بِالمَرْجِ فَالْتَقَى الجَمْعَانِ وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الجُنْدِ وَأُسِرَ أَمِيْرٌ ثُمَّ اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُم، وَنَازَلُوا دِمَشْقَ وَبِهَا أَبُو المُغِيْثِ وَاشْتَدَّ الحِصَارُ، وَمَاتَ المُعْتَصِمُ وَالأَمْرُ على ذلك.
تم الجزء الثامن ويليه:
الجزء التاسع، وأوله: الوكيعي:
__________
1 ترجمته في الكامل في التاريخ لابن الأثير "6/ 528-529".(8/550)
فهرس موضوعات الجزء الثامن:
فهرس الموضوعات:
الصفحة الموضوع
5 1373- الوليد بن مسلم.
11 1374- محمد بن أبي عدي.
11 1375- عبد الملك بن صالح.
12 1376- عبد الله بن وهب.
20 1377- محمد بن حمير.
21 1378- مخلد بن الحسين.
21 1379- مخلد بن يزيد.
22 1380- عبد الوهاب الثقفي.
24 1381- أحمد بن بشير.
25 1382- عبد الأعلى بن عبد الأعلى.
26 1383- عبد الله بن نمير.
27 1384- يونس بن بكير.
29 1385- علي بن عاصم.
37 1386- عاصم بن علي بن عاصم.
39 1387- محمد بن بشر.
40 1388- عمر بن هارون.
46 1389- أبو أسامة، حماد بن أسامة.
48 1390- أبو نواس = أبو علي الحسن بن حانئ الحكمي.
49 1391- الجرمي، القاسم بن يزيد.
51 1392- حذيفة بن قتادة.
51 1393- السفياني = أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خالد.
53 1394- الرشيد، هارون بن المهدي.
58 1395- ورش، عثمان بن سعيد.
59 1396- أبو زكير = يحيى بن محمد بن قيس.
61 1397- الخليل بن موسى.
61 1398- ابن مغراء = أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء.
62 1399- مبشر بن إسماعيل.
63 1400- محمد بن ثور.
63 1401- محمد بن يزيد.
64 1402- محمد بن الحسن المزني.
64 1403- محمد بن الحسن الهمداني.(8/553)
الصفحة الموضوع
65 1404- معن بن عيسى.
66 1405- الطائفي، يحيى بن سليم.
67 1406- سلم بن قتيبة.
68 1407- صفوان بن عيسى.
68 1408- مورج بن عمرو.
69 1409- حفص بن عبد الرحمن.
69 1410- شَبَطُوْنُ = أَبُو عَبْدِ اللهِ زِيَادُ بنُ عَبْدِ الرحمن.
70 1411- شقيق بن إبراهيم الأزدي.
73 1412- زيد بن أبي الزرقاء.
73 1413- سعد بن الصلت.
74 1414- القداح، سعيد بن سالم.
75 1415- عبد الله بن ميمون.
76 1416- سلم بن سالم.
77 1417- الغازي بن قيس.
77 1418- القاسم بن مالك.
78 1419- سالم بن نوح.
78 1420- ضمرة بن ربيعة.
80 1421- النضر بن شميل.
82 1422- بشر بن السرى.
83 1423- الأمين الخليفة = أبو عبد الله بن محمد بن الرشيد هارون.
86 1424- معروف الكرخي.
90 1425- أبو قرة الزبيدي.
90 1426- الخُرَيْبِيُّ = عَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ بنِ عَامِرِ بن ربيع.
93 1427- خالد بن عبد الرحمن.
94 1428- شجاع بن الوليد.
95 1429- أسباط بن محمد.
96 1430- حماد بن مسعدة.
97 1431- يزيد بن هارون.
الطبقة العاشرة:
106 1432- معاذ بن هشام.
107 1433- أبو البختري.
108 1434- سليم بن عيسى.
108 1435- محمد بن شعيب.
110 1436- الطيالسي.
113 1437- سعيد بن عامر.
115 1438- على الرضى.
118 1439- زيد بن الحباب.
120 1440- العَوْفِيُّ = أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ عطية العوفي.
120 1441- يحيى بن سلام.
121 1442- الحسين بن علي الجعفي.
123 1443- الأصم شيخ المعتزلة.
124 1444- روح بن عبادة.
127 1445- الهجمي = أحمد بن عطاء الهجيمي.
128 1446- خالد بن يزيد بن خالد.
129 1447- خالد بن يزيد بن معاوية.
130 1448- خالد بن الخليفة يزيد.
130 1449- خالد بن يزيد بن صالح.(8/554)
الصفحة الموضوع
130 1450- خالد بن يزيد بن عبد الرحمن.
131 1451- خالد بن يزيد العدوي.
131 1452- خالد بن يزيد بن مسلم.
131 1453- خالد بن يزيد الكاهلي.
131 1454- خالد بن يزيد بن عمر.
132 1455- خالد بن يزيد المصري.
132 1456- خالد بن يزيد العتكي.
132 1457- خالد بن يزيد السلمي.
132 1458- الحفري = أبو داود عمر بن سعد الحفري.
134 1459- بشر بن عمر.
134 1460- الوليد بن مزيد.
136 1461- البرساني = محمد بن بكر بن عثمان البرساني.
137 1462- عمر بن يونس.
137 1463- أحمد بن محمد بن عمر.
137 1463- يحيى بن عيسى.
138 1465- الجارود بن يزيد الفقيه أبو الضحاك العامري.
139 1466- عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي.
140 1467- عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي.
140 1468- عثمان بن عبد الرحمن الجمحي.
141 1469- عمر بن شبيب.
141 1470- عمر بن عبد الله بن رزين.
142 1471- أيوب بن سويد.
143 1472- أبو سفيان الحميري.
143 1473- سلمة بن سليمان.
144 1474- سلمويه = وأبو صالح سليمان بن صالح الليثي.
144 1475- عبد المجيد بن عبد العزيز.
146 1476- محمد بن عبيد.
147 1477- الوليد بن القاسم.
148 1478- جعفر بن عون.
149 1479- أزهر بن سعد.
150 1480- وهب بن جرير.
151 1481- أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري.
153 1482- حجاج بن محمد.
155 1483- عبد الله بن بكر.
156 1484- عبد الوهاب بن عطاء.
157 1485- الواقدي محمد بن عمر بن واقد الأسلمي.
166 1486- العقدي = أبو عامر عبد الملك بن عمرو القيس العقدي.
167 1487- يحيى بن سعيد العطار.
168 1488- يونس بن محمد المؤدب.
170 1489- يعلى بن عبيد.(8/555)
الصفحة الموضوع
171 1490- أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بنُ بِشْرِ بنِ مُحَمَّدٍ بن عبد الله.
172 1491- أبو عاصم الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم.
175 1492- حفص بن عبد الله.
176 1493- ابن أبي فديك = مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمِ بنِ أَبِي فديك.
177 1494- أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ = عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المجيد.
178 1495- أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ = عَبْدُ الكَبِيْرِ بنُ عَبْدِ المجيد.
178 1496- عمر بن حبيب.
179 1497- يعقوب بن إبراهيم.
180 1498- سعد بن إبراهيم.
181 1499- أبو زيد الأنصاري = سعيد بن أوس.
182 1500- أبو زيد الهروي سعد بن الربيع البصري.
183 1501- يحيى بن أبي بكير.
184 1502- يحيى بن الضريس.
185 1503- أشهب بن عبد العزيز.
186 1504- إسحاق بن الفرات.
187 1505- عبد العزيز بن أبي رزمة.
187 1506- يحيى بن إسحاق.
188 1507- بشر بن بكر.
189 1508- ابن كناسة = أبو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الأعلى.
191 1509- مروان بن محمد.
192 1510- شبابة بن سوار.
194 1511- عبد الصمد بن عبد الوارث.
194 1512- عبد الصمد بن حسان.
195 1513- عبد الصمد بن النعمان.
195 1514- قراد = أبو نوح عبد الرحمن بن غروان.
196 1515- حسين بن الوليد.
197 1516- صاحب الأندلس.
198 1517- يحيى بن آدم.
202 1518- أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن الزبير.
204 1519- الأنصاري، محمد بن عبد الله.
208 1520- يحيى بن كثير بن درهم.
208 1521- يحيى بن كثير أبو النضر.
209 1522- الوهبى = أبو سعيد أحمد بن خالد الوهبي.
209 1523- محمد بن خالد الوهبي.
210 1524- خلف بن أيوب.
211 1252- الحسن بن زياد.
212 1526- أبو النضر هاشم بن القاسم الليثي.
214 1527- مكي بن إبراهيم.
216 1528- عبيد الله بن موسى.
218 1529- عثمان بن عمر بن فارس.(8/556)
الصفحة الموضوع
219 1530- الأشيب = أبو علي الحسن بن موسى البغدادي.
220 1531- منصور بن سلمة.
221 1532- اليزيدي = أبو محمد بن يحيى بن المبارك بن المغيرة.
222 1533- عبد الرزاق بن همام.
231 1534- هشام بن يوسف.
233 1535- بكر بن بكار.
234 1536- علي بن بكار.
235 1537- النباجي = أبو عبد الله سعيد بن يريد الصوفي.
235 1538- الإمام الشافعي.
280 1539- الفضل بن سهل.
281 1540- ابن الكلبي - هشام بن محمد.
282 1541- الهيثم بن عدي.
283 1542- محمد بن جعفر الصادق.
283 1543- نفيسة بنت الحسن بن زيد.
285 1544- طاهر الحسين بن مصعب.
285 1545- الفضل بن الربيع.
286 1546- المؤمل بن إسماعيل.
287 1547- شاذان - أسود بن عامر.
289 1548- الفريابي - محمد بن يوسف.
291 1549- الفراء - يحيى بن زياد.
292 1550- هوذة بن خليفة.
294 1551- مظفر بن مدرك.
296 1552- يحيى بن حسان بن حبان.
297 1553- قبيصة بن عقبة السوائي.
300 1554- سفيان بن عقبة السوائي.
300 1555- موسى بن داود.
301 1556- أبو حذيفة - موسى بن مسعود.
302 1557- يحيى بن حماد.
304 1558- أبو نعيم - الفضل بن دكين.
313 1559- أحمد بن حفص.
314 1560- محمد بن أحمد بن حفص.
314 1561- منبه بن عثمان.
315 1562- يحيى بن هاشم.
316 1563- أسد السنة - أسد بن موسى.
317 1564- خلاد بن يحيى.
318 1565- إدريس بن يحيى.
318 1566- المقرئ - عبد الله بن يزيد.
319 1567- يعقوب بن إسحاق.
322 1568- أحمد بن إسحاق.
323 1569- الأصمعي - عبد الملك بن قريب.
325 1570- عمرو بن مسعدة.
326 1571- أبو سليمان الداراني.
328 1572- أبو سليمان الداراني الكبير.
329 1573- علية بنت المهدي.
329 1574- الليث بن عاصم أبو زرارة.(8/557)
الصفحة الموضوع
330 1575- الليث بن عاصم بن العلاء.
330 1576- المهلبي: محمد بن عباد.
331 1577- محمد بن القاسم بن علي.
332 1578- العكوك: علي بن جبلة.
333 1579- الجوزجاني: موسى بن سليمان.
333 1580- أبو العتاهية - إسماعيل بن قاسم.
335 1581- أبو عباد الكاتب - ثابت بن يحيى.
335 1582- المريسي - بشر بن غياث.
337 1583- بشر بن المعتمر.
338 1584- ثمامة بن أشرس.
339 1585- الأخفش - سعيد بن مسعدة.
340 1586- عثمان بن الهيثم.
341 1587- علي بن الحسين بن واقد.
342 1588- خلف بن تميم.
343 1589- عمرو بن أبي سلمة.
344 1590- معاوية بن عمرو بن المهلب.
345 1591- أبو أحمد المؤدب.
345 1592- خالد بن مخلد.
346 1593- سريج بن النعمان.
347 1594- عبد الله بن عبد الحكم.
349 1595- أبو المغيرة - عبد القدوس بن الحجاج.
350 1596- أسد بن الفرات.
352 1597- أبو مسهر - عبد الأعلى بن مسهر.
357 1598- زينب بنت سليمان.
357 1599- حبان بن هلال.
358 1600- طلق بن غنام.
359 1601- زبيدة بنت جعفر بن المنصور.
359 1602- عفان بن مسلم.
366 1603-أحمد بن أبي خالد الأحول.
366 1604- عمرو بن عاصم.
367 1605- القعنبي - عبد الله بن مسلمة.
371 1606- إسماعيل بن مسلمة.
371 1607- عارم بن الفضل.
374 1608- عبدان - عبد الله بن عثمان.
375 1609- المأمون - عبد الله بن هارون.
384 1610- المعتصم - محمد بن الرشيد.
392 1611- الواثق بالله - هارون بن المعتصم.
396 1612- مسلم بن إبراهيم.
398 1613- البابلني - يحيى بن عبد الله.
399 1614- أبو اليمان - الحكم بن نافع.
403 1615- حجين بن المثنى.
403 1616- قالون - عيسى بن مينا.
404 1617- سعيد بن أبي مريم.
405 1618- سليمان بن حرب.
408 1619- آدم بن أبي إياس.(8/558)
الصفحة الموضوع
410 1620- علي بن عياش.
412 1621- أبو الوليد الطيالسي.
416 1622- إسماعيل بن أبان الوراق.
416 1623- الغنوي إسماعيل بن أبان.
417 1624- علي بن الحسن بن شقيق.
419 1625- حجاج بن منهال.
420 1626- الحوضي - حفص بن عمر.
420 1627- الحسين بن حفص.
421 1628- عبد الله بن يوسف.
422 1629- ابْنُ المَاجَشُوْنِ - عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.
423 1630- التبوذكي - موسى بن إسماعيل.
425 1631- موسى بن إسماعيل.
426 1632- معلى بن منصور.
429 1633- عبد الله بن نافع الصائغ.
431 1634- عبد الله بن نافع الزبيري.
432 1635- دينار - أبو مكيس.
432 1636- عبد الله بن رجاء الغداني.
433 1637- عبد الله بن رجاء البصري.
434 1638- محمد بن كثير - الصنعاني.
436 1639- محمد بن كثير العبدي البصري.
437 1640- محمد بن كثير الفهري الشامي.
437 1641- العوقي - محمد بن سنان الباهلي.
438 1642- ابن الطباع - محمد بن عيسى.
439 1643- الأويسي - عبد العزيز بن عبد الله.
440 1644- الصوري - محمد بن المبارك.
441 1645- إسماعيل بن أبي أويس.
443 1646- الهيثم بن جميل.
444 1647- السوريني - إبراهيم بن نصر.
444 1648- بكار بن محمد.
445 1649- الحسن بن الربيع.
446 1650- المدائني - علي بن محمد.
448 1651- عبد الله بن صالح - المقرئ العجلي.
449 1652- عبد الله بن صالح الجهني كاتب الليث.
455 1653- حماد بن مالك.
456 1654- عمرو بن مرزوق الباهلي.
457 1655- عمرو بن مرزوق الواشحي.
458 1656- محمد بن الرومي.
458 1657- عبد الله الرومي.
458 1658- عمر بن عبد الله الرومي.
459 1659- سهل بن بكار.
459 1660- سهل بن تمام.
460 1661- عبد الله بن أبي بكر العتكي.(8/559)
الصفحة الموضوع
460 1662- عبد الله بن خيران.
461 1663- يحيى بن عبدويه.
461 1664- عبد العزيز بن الخطاب.
462 1665- قرة بن حبيب.
462 1666- الصلت بن محمد.
463 1667- عمرو بن خالد التميمي.
463 4668- عبد الملك بن هشام.
464 1669- أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ دِرْهَمٍ.
466 1670- شاذ بن فياض.
466 1671- شاذ بن يحيى.
467 1672- عبد الله بن سوار.
467 1673- إسماعيل بن عمرو الأصبهاني.
468 1674- عبد السلام بن مطهر.
469 1675- عبد الغفار بن عبيد الله.
469 1676- عبد الغفار بن داود البكري المصري.
470 1677- عيسى بن دينار.
471 1678- عيسى بن أبان القاضي الفقيه.
471 1679- عون بن سلام.
472 1680- زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ.
474 1681- عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَسْلَمَةَ.
474 1682- هشام بن عبيد الله.
475 1683- أبو الجماهير - محمد بن عثمان الكفرسوسي.
476 1684- أبو همام الدلال - محمد بن محبب.
477 1685- عمرو بن عون.
478 1686- الربيع بن يحيى الأشناني.
479 1687- الوحاظي - يحيى بن صالح الدمشقي.
481 1688- أحمد بن يونس اليربوعي.
482 1689- علي بن الجعد البغدادي.
487 1690- بشر بن الحارث الحافي.
492 1691- الهيثم بن خارجة البغدادي.
493 1692- أبو خالد الفراء.
495 1693- الفراء - سعد بن يزيد النيسابوري.
495 1694- سعدويه - سعيد بن سليمان.
496 1695- سعيد بن سليمان النشيطي.
496 1696- فتح الموصلي الصغير.
497 1697- يوسف بن عدي.
499 1698- أحمد بن عاصم الأنطاكي.
499 1699- خالد بن خداش.
500 1700- صدقة بن الفضل.
500 1701- أبو عبيد القاسم بن سلام.
511 1702- دار أم سلمة.
511 1703- الرمادي.
512 1704- يحيى بن يحيى المنقري.(8/560)
الصفحة الموضوع
517 1705- يحيى بن يحيى بن كثير.
519 1706- أبو الجهم - العلاء بن موسى.
520 1707- يحيى بن عبد الحميد الحماني.
528 1708- أبو يحيى الحماني.
528 1709- النظام - إبراهيم بن سيار.
529 1710- أَبُو الهُذَيْلِ العَلاَّفُ مُحَمَّدُ بنُ الهُذَيْلِ البَصْرِيُّ.
530 1711- هشام بن الحكم.
530 1712- ضرار بن عمرو.
531 1713- أبو المعتمر معمر بن عمرو.
532 1714- هشام بن عمرو.
533 1715- أبو موسى - عيسى بن صبيح.
533 1716- الوليد بن أبان.
533 1717- جعفر بن مبشر.
534 1718- أبو الفضل - جعفر بن حرب.
534 1719- الإسكافي - محمد بن عبد الله السمرقندي.
535 1720- أبو سهل - عباد بن سلمان.
535 1721- أبو موسى - عيسى بن الهيثم.
536 1722- أبو يعقوب - يوسف بن عبيد الله.
536 1723- أبو مخالد - أحمد بن الحسين الضرير.
537 1724- محمد بن النعمان.
537 1725- الحسين بن محمد.
537 1726- برغوث - محمد بن عيسى الجهمي.
538 1727- أبو عبد الرحمن الشافعي.
538 1728- إبراهيم بن مهدي المصيصي.
539 1729- إبراهيم بن المهدي - المبارك.
542 1730- الجرمي - صالح بن إسحاق.
543 1731- أبو دلف - القاسم بن عيسى.
544 1732- العيشي - عبيد الله بن محمد.
545 1733- النضر بن عبد الجبار.
546 1734- اللاحقي - علي بن عثمان.
547 1735- علي بن عثام.
548 1736- أبو نصر التمار.
550 1737- أبو المغيث الرافقي.
551 فهرس الموضوعات.
563 فهرس التراجم.(8/561)
فهرس التراجم على حروف المعجم:
الصفحة التراجم
إبراهيم بشار = الرمادي.
إبراهيم بن سيار = النظام.
538 1728- إبراهيم بن مهدي المصيصي.
539 1729- إبراهيم بن المهدي العباسي.
322 1568- أحمد بن إسحاق الحضرمي.
24 1381- أحمد بن بشر.
536 1723- أحمد بن الحسين = أبو مخالد.
أحمد بن حميد = دار أم سلمة.
313 1559- أحمد بن حفص.
366 1603- أحمد بن أبي خالد الأحول.
202 1518- أبو أحمد الزبيري.
499 1698- أحمد بن عاصم الأنطاكي.
أحد بن عطاء = الهجيمي.
137 1463- أحمد بن محمد بن عمر اليمامي.
345 1591- أبو أحمد المؤدب حسين بن محمد بن بهرام.
481 1688- أحمد بن يونس.
339 1585- الأخفش سعيد بن مسعدة البلخي.
318 1565- إدريس بن يحيى أبو عمر الخولاني.
408 1619- آدم بن أبي إياس الشامي.
149 1479- أزهر بن سعد.
46 1389- أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ الكوفي.
95 1429- اسباط بن محمد.
إسحاق بن بشر بن محمد = أبو حذيفة.
186 1504- إسحاق بن الفرات.
316 1563- أسد السنة أبو سعيد بن موسى.
350 1596- أسد بن الفرات.
534 1719- الإسكافي محمد بن عبد الله السمرقندي.
416 1623- إسماعيل بن أبان = الغنوي.
416 1622- إسماعيل بن أبان الوراق.
441 1645- إسماعيل بن أبي أويس.(8/565)
الصفحة التراجم
467 1673- إسماعيل بن عمرو بن نجيح البجلي.
إسماعيل بن قاسم = أبو العتاهية.
371 1606- إسماعيل بن مسلمة.
أسود بن عامر = شاذان.
185 1503- أشهب بن عبد العزيز.
219 1530- الأشيب = أبو علي الحسن بن موسى البغدادي.
123 1443- الأصم شيخ المعتزلة.
33 1569- الأصمعي = عَبْدُ المَلِكِ بنُ قُرَيْبِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
83 1423- الأمين محمد بن الرشيد هارون.
204 1519- الأنصاري = محمد بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى.
439 1643- الأويسي.
142 1471- أيوب بن سويد.
398 1613- البابلتي = يحيى بن عبد الله.
107 1433- أَبُو البَخْتَرِيِّ وَهْبُ بنُ وَهْبِ بنِ كَثِيْرٍ.
136 1461- البرساني - محمد بن بكر بن عثمان.
537 1726- برغوث = محمد بن عيسى الجهمي.
188 1507- بشر بن بكر.
487 1690- بشر بن الحارث.
82 1422- بشر بن السري.
بشر بن غياث = المريسي.
337 1583- بشر بن المعتمر.
444 1648- بكار بن محمد بن عبد الله.
233 1535- بكر بن بكار.
178 1495- أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ = عَبْدُ الكَبِيْرِ بنُ عَبْدِ المجيد البصري.
423 1630- التبوذكي = موسى بن إسماعيل المنقري.
335 1581- ثابت بن يحيى بن يسار = أبو عباد الكاتب.
338 1584- ثمامة بن أشرس.
138 1465- الجارود = أبو الضحاك العامري.
534 1718- جعفر بن حرب = أبو الفضل.
148 1478- جعفر بن عون.
533 1717- جعفر بن مبشر الثقفي.
475 1683- أبو الجماهير = محمد بن عثمان الكفرسوسي.
519 1706- أبو الجهم = العلاء بن موسى.
333 1579- الجوزجاني = موسى بن سليمان.
357 1599- حبان بن هلال.
153 1482- حجاج بن محمد.
419 1625- حجاج بن منهال.
403 1615- حجين بن مثنى.(8/566)
الصفحة التراجم
171 1490- أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بنُ بِشْرِ بنِ مُحَمَّدٍ.
301 1556- أبو حذيفة - موسى بن مسعود.
51 1392- حذيفة بن قتادة.
445 1649- الحسن بن الربيع.
211 1525- الحسن بن زياد.
الحسن بن موسى = الأشيب.
48 1390- الحسن بن هانئ = أبو نواس.
الحسين بن الحسن = العوفي.
420 1627- الحسين بن حفص بن الفضيل.
121 1442- الحسين بن علي الجعفي.
حسين بن محمد = أبو أحمد المؤدب.
196 1515- حسين بن الوليد.
132 1458- الحفري = عمر بن سعد الحفري.
175 1492- حفص بن عبد الله بن راشد.
69 1409- حفص بن عبد الرحمن.
420 1626- حفص بن عمر بن الحارث = الحوضي.
الحكم بن نافع = أبو اليمان.
الحكم بن هشام = صاحب الأندلس.
حمادة بن أسامة بن زيد = أبو أسامة.
455 1653- حماد بن مالك بن بسطام.
96 1430- حماد بن مسعدة.
420 1626- الحوضي = حفص بن عمر.
499 1699- خالد بن خداش بن عجلان.
93 1427- خالد بن عبد الرحمن.
493 1692- أبو خالد الفراء.
345 1592- خالد بن مخلد.
128 1446- خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ خَالِدِ بنِ عَبْدِ الله.
132 1457- خالد بن يزيد السلمي.
131 1451- خالد بن يزيد العدوي.
130 1450- خالد بن يزيد بن عبد الرحمن الهمداني.
132 1456- خالد بن يزيد العتكي.
131 1454- خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ.
131 1453- خالد بن يزيد الكاهلي.
132 1455- خالد بن يزيد المصري.
129 1447- خالد بن يزيد بن معاوية.
130 1448- خالد بن الخليفة = يزيد.
131 1452- خالد بن يزيد بن مسلم الغنوي.
90 1426- الخريبي عبد الله بن داود.
317 1564- خلاد بن يحيى بن صفوان السلمي.
210 1524- خلف بن أيوب.
342 1588- خلف بن تميم.
61 1397- الخليل بن موسى.(8/567)
الصفحة التراجم
511 1702- دَارُ أُمِّ سَلَمَةَ = أَحْمَدُ بنُ حُمَيْدٍ الطُّرَيْثِيْثِيُّ.
543 1730- أبو دلف.
432 1635- دينار = أبو مكيس.
478 1686- الربيع بن يحيى.
511 1703- الرمادي = إبراهيم بن بشار.
124 1444- روح بن عبادة.
359 1601- زبيدة بنت جعفر.
472 1680- زكريا بن عدي بن رزيق.
59 1396- أبو زكير يحيى بن محمد بن قيس.
زياد بن عبد الرحمن = شبطون.
181 1499- أبو زيد الأنصاري سعيد بن أوس.
118 1439- زيد بن الحباب.
73 1412- زيد بن أبي الزرقاء.
182 1500- أبو زيد الهروي = سعيد بن الربيع البصري.
357 1598- زينب بنت سليمان.
78 1419- سالم بن نوح.
346 1593- سريج بن النعمان.
180 1498- سعد بن إبراهيم.
73 1413- سعد بن الصلت.
سعيد بن أوس = أبو زيد الأنصاري.
سعيد بن بريد = النباجي.
495 1692- سعد بن يزيد = الفراء.
495 1694- سعدويه = سعيد بن سليمان.
سعيد بن الربيع = أبو زيد الهروي.
سعيد بن سالم = القداح.
496 1695- سعيد بن سليمان النشيطي.
113 1437- سعيد بن عامر.
404 1617- سعيد بن أبي مريم.
سعيد بن مسعدة = الأخفش.
300 1554- سفيان بن عقبة السوائي.
51 1393- السفياني = عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ.
74 1416- سلم بن سالم.
67 1406- سلم بن قتيبة.
143 1473- سلمة بن سليمان.
سلمة بن الفضل = الأبرش.
144 1474- سلمويه = سليمان بن صالح الليثي.
108 1434- سليم بن عيسى.
405 1618- سليمان بن حرب بن بجيل.
سليمان بن داود بن الجارود = الطيالسي.
236 1571- أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ.
237 1572- أبو سليمان الداراني الكبير.
سليمان بن صالح = سلمويه.
459 1659- سهل بن بكار.
459 1660- سهل بن تمام.(8/568)
الصفحة التراجم
535 1720- أبو سهل = عباد بن سليمان.
444 1647- السوريني - إبراهيم بن نصر.
466 1670- شاذ بن فياض.
466 1671- شاذ بن يحيى.
287 1547- شاذان - أسود بن عامر.
235 1538- الشافعي.
192 1510- شبابة بن سوار.
69 1410- شبطون = زياد بن عبد الرحمن بن زياد.
94 1428- شجاع بن الوليد.
70 1411- شقيق بن إبراهيم.
542 1730- صالح بن إسحاق = الجرمي أبو عمرو.
500 1700- صدقة بن الفضل المروزي.
68 1407- صفوان بن عيسى.
462 1666- الصلت بن محمد.
440 1644- الصوري - محمد بن المبارك.
الضحاك بن مخلد = أبو عاصم.
78 1420- ضمرة بن ربيعة.
530 1712- ضرار بن عمرو.
68 1407- الطائفي = يحيى بن سليم.
285 1544- طاهر بن الحسين.
428 1642- ابن الطباع = محمد بن عيسى.
358 1600- طلق بن غنام.
110 1436- الطيالسي = سليمان بن داود بن الجارود.
371 1607- عارم محمد بن الفضل.
172 1491- أبو عاصم = الضحاك بن مخلد.
عباد بن سليمان = أبو سهل.
335 1581- أَبُو عَبَّادٍ الكَاتِبُ = ثَابِتُ بنُ يَحْيَى بنِ يسار.
25 1382- عبد الأعلى بن عبد الأعلى.
عبد الأعلى بن مسهر = أبو مسهر.
عبد الرحمن بن أحمد = أبو سليمان الداراني.
عبد الرحمن بن سليمان - أبو سليمان الداراني الكبير.
عبد الرحمن بن غزوان = قراد.
عبد الرحمن بن مغراء بن عياض = ابن مغراء.
222 1533- عبد الرزاق بن همام.
468 1674- عبد السلام بن مطهر.
194 1512- عبد الصمد بن حسان.
194 1511- عبد الصمد بن عبد الوارث.
195 1513- عبد الصمد بن النعمان.
461 1664- عبد العزيز بن الخطاب.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى = الأويس.
469 1676- عبد الغفار بن داود بن مهران.(8/569)
الصفحة التراجم
469 1675- عبد الغفار بن عبيد الله.
349 1595- عبد القدوس بن الحجاج = أبو المغيرة.
155 1483- عبد الله بن بكر.
460 1661- عبد الله بن أبي بكر العتكي.
460 1662- عبد الله بن خيران.
عبد الله بن داود = الخريبي.
433 1637- عبد الله بن رجاء البصري.
432 1636- عبد الله بن رجاء الغداني.
458 1657- عبد الله الرومي.
467 1672- عبد الله بن سوار.
449 1652- عبد الله بن صالح بن محمد كاتب الليث.
448 1651- عبد الله بن صالح بن مسلم.
347 1594- عبد الله بن عبد الحكم.
عبد الله بن عثمان = عبدان.
عبد الله بن عمرو = المقعد.
عبد الله بن محمد بن حميد = ابن أبي الأسود.
عبد الله بن مسلمة = القعنبي.
75 1415- عبد الله ميمون القداح.
431 1634- عبد الله بن نافع الزبيري.
429 1633- عبد الله بن نافع الصايغ.
26 1383- عبد الله بن نمير.
عبد الله بن هارون الرشيد = المأمون.
1376- عبد الله بن وهب.
12 عبد الله بن يزيد = المقرئ.
1628- عبد الله بن يوسف.
421 1475- عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ.
1375- عبد الملك بن صالح.
11 عبد الملك بن عبد العزيز = ابْنُ المَاجَشُوْنِ.
عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ = أبو نصر التمار.
عبد الملك بن عمرو = العقدي.
عبد الملك بن قريب = الأصمعي.
1681- عبد الملك بن مسلمة.
474 1668- عبد الملك بن هشام النحوي.
1380- عبد الوهاب الثقفي.
22 1484- عبد الوهاب بن عطاء.
156 1608- عَبْدَانُ = عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ جَبَلَةَ.
عبيد الله بن عبد المجيد = أبو علي الحنفي.
عبيد الله بن محمد = العيشي.
216 1528- عبيد الله بن موسى.
500 1701- أبو عبيد القاسم بن سلام.
515 1481- أبو عبيدة معمر التيمي.
333 1580- أَبُو العَتَاهِيَةِ = إِسْمَاعِيْلُ بنُ قَاسمِ بنِ سُوَيْدٍ.(8/570)
الصفحة التراجم
140 1468- عثمان بن عبد الرحمن الجمحي.
139 1466- عثمان بن عبد الرحمن الحراني الطرائفي.
140 1467- عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي الزهري.
218 1529- عثمان بن عمر بن فارس.
340 1586- عثمان بن الهيثم.
359 1602- عفان بن مسلم.
166 1486- العقدي = عبد الملك بن عمرو القيس.
332 1578- العكوك = علي بن جبلة بن مسلم.
العلاء بن موسى = أبو الجهم.
234 1536- علي بن بكار.
علي بن جبلة = العكوك.
482 1689- علي بن الجعد.
417 1624- علي بن الحسن بن شقيق.
341 1587- علي بن الحسين بن واقد.
علي بن حمزة = الكسائي.
177 1494- أبو علي الحنفي عبيد الله.
115 1438- علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق.
29 1385- علي بن عاصم.
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ = السُّفْيَانِيُّ.
547 1735- علي بن عثام.
علي بن عثمان = اللاحقي.
410 1620- علي بن عياش بن مسلم.
علي بن محمد = المدائني.
239 1573- علية بنت مهدي.
178 1496- عمر بن حبيب العدوي.
عمر بن سعد = الحفري.
141 1469- عمر بن شبيب.
141 1470- عمر بن عبد الله بن رزين.
458 1658- عمر بن عبد الله الرومي.
40 1388- عمر بن هارون.
138 1462- عمر بن يونس.
463 1667- عمرو بن خالد بن فروخ.
243 1589- عمرو بن أبي سلمة.
36 1604- عمرو بن عاصم.
477 1685- عمرو بن عون.
456 1654- عمرو بن مرزوق الباهلي.
456 1655- عمرو بن مرزوق الواشحي.
325 1570- عمرو بن مسعدة.
120 1440- العوفي = الحسين بن الحسن بن عطية العوفي.
437 1641- العوقي = محمد بن سنان الباهلي.
471 1679- عون بن سلام.
471 1678- عيسى بن أبان.
470 1677- عيسى بن دينار.
عيسى بن صبيح = أبو موسى.
عيسى بن مينا = قالون.(8/571)
الصفحة التراجم
عيسى بن الهيثم = أبو موسى الصوفي.
544 1732- العيشي = عبد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ حَفْصِ بنِ عُمَرَ.
77 1417- الغازي بن قيس أبو محمد الأندلس.
416 1623- الغنوي = إسماعيل بن أبان.
496 1696- فتح الموصلي الصغير.
176 1493- ابن أبي فديك = محمد بن إسماعيل بن مسلم.
495 1693- الفراء - سعد بن يزيد.
الفراء- يحيى بن زياد.
289 1548- الفريابي - محمد بن يوسف.
534 1718- أبو الفضل = جعفر بن حرب.
الفضل بن دكين = أبو نعيم.
285 1545- الفضل بن الربيع.
280 1539- الفضل بن سهل السرخسي.
الفضل بن موسى = السيناني.
500 1701- القاسم بن سلام = أبو عبيد.
القاسم بن عيسى = أبو دلف.
77 1418- القاسم بن مالك.
49 1391- القاسم بن يزيد = الجرمي.
403 1616- قالون = عيسى بن مينا.
297 1553- قبيصة بن عقبة.
74 1414- القداح، سعيد بن سالم.
195 1514- قراد.
462 1665- قرة بن حبيب.
90 1425- أبو قرة موسى بن طارق.
367 1605- القعنبي = عبد الله بن مسلمة.
281 1540- ابن الكلبي هشام بن محمد بن السائب بن بشر.
189 1508- ابن كناسة = مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى.
546 1734- اللاحقي = علي بن عثمان.
330 1575- الليث بن عاصم بن العلاء.
239 1574- الليث بن عاصم أبو زرارة.
422 1629- ابْنُ المَاجَشُوْنِ = عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.
375 1609- المأمون = عَبْدُ اللهِ بنُ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ المهدي.
63 1400- مبشر بن إسماعيل.
314 1560- محمد بن أحمد بن حفص.
محمد بن إدريس = الشافعي.
محمد بن أسد = الخوشي.
محمد بن إسماعيل = ابن أبي سمينة.
محمد بن إسماعيل = ابن أبي فديك.
39 1387- محمد بن بشر.
محمد بن بكر بن عثمان = البرساني.
محمد بن أبقي بكر بن علي = المقدمي.
63 1400- محمد بن ثور.
283 1542- محمد بن جعفر الصادق.(8/572)
الصفحة التراجم
64 1402- محمد بن الحسن بن عمران المزني.
64 1403- محمد بن الحسن الهمداني.
محمد بن حميد = أبو سفيان المعمري.
20 1377- محمد بن حمير.
محمد بن حازم = أبو معاوية.
209 1523- محمد بن خالد الوهبي.
458 1656- محمد بن الرومي.
437 1641- محمد بن سنان = العوفي.
108 1435- محمد بن شعيب.
330 1576- محمد بن عباد = المهلبي.
محمد بن عبد الله = برغوث.
محمد بن عبد الله بن الزبير = أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السمرقندي = الإسكافي.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى = ابن كناسة.
محمد بن عبد الله بن المثنى = الأنصاري.
146 1476- محمد بن عبيد الطنافسي.
محمد بن عثان التنوخي = أبو الجماهر.
محمد بن عمر = الواقدي.
محمد بن عيسى بن نجيح = ابن الطباع.
محمد بن الفضل = عارم.
331 1577- محمد بن القاسم بن علي.
434 1638- محمد بن كثير الصنعاني.
436 1639- محمد بن كثير العبدي.
437 1640- محمد بن كثير الفهري.
محمد بن المبارك = الصوري.
محمد بن محبب = أبو همام القرشي.
537 1724- محمد بن النعمان.
محمد بن هارون الرشيد = المعتصم.
محمد بن هارون الرشيد = الأمين.
محمد بن الهذيل = أبو الهذيل.
63 1401- محمد بن يزيد.
محمد بن يوسف = الفريابي.
536 1723- أبو مخالد = أحمد بن الحسين.
21 1378- مخلد بن الحسين.
21 1379- مخلد بن يزيد.
446 1650- المدائني = علي بن محمد بن عبد الله.
191 1509- مروان بن محمد.
335 1582- المَرِيْسِيُّ = بِشْرُ بنُ غِيَاثِ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ.
396 1612- مسلم بن إبراهيم الفراهيدي.
352 1597- أبو مسهر = عبد الأعلى بن مسهر.(8/573)
الصفحة التراجم
394 1551- مظفر بن مدرك.
106 1432- معاذ بن هشام.
344 1590- معاوية بن عمرو بن المهلب.
384 1610- المعتصم = محمد بن الرشيد هارون بن محمد المهدي.
531 1713- أبو المعتمر - معمر بن عمرو.
86 1424- معروف الكرخي.
426 1632- معلى بن منصور.
65 1404- معن بن عيسى.
61 1398- ابن مغراء = عبد الرحمن بن مغراء.
550 1737- أبو المغيث الرافقي.
349 1595- أَبُو المُغِيْرَةِ = عَبْدُ القُدُّوْسِ بنُ الحَجَّاجِ الخَوْلاَنِيُّ.
318 1566- المقرئ -عبد الله بن يزيد.
214 1527- مكي بن إبراهيم بن بشير.
314 1561- منبه بن عثمان.
220 1531- منصور بن سلمة.
330 1576- المهلبي محمد بن عباد.
68 1408- مورج بن عمرو.
423 1630- موسى بن إسماعيل = التبوذكي.
533 1715- أبو موسى البصري - عيسى بن صبيح.
300 1555- موسى بن داود.
موسى بن سابق = أبو المغيث الرافقي.
333 1579- موسى بن سليمان = الجوزجاني.
535 1721- أبو موسى الصوفي = عبسي بن الهيثم.
موسى بن طارق الزبيري = أبو قرة.
301 1556- موسى بن مسعود = أبو حذيفة النهدي.
286 1546- مؤمل بن إسماعيل.
235 1537- النباجي = سعيد بن بريد الصولي.
548 1736- أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ = عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العزيز.
80 1421- النضر بن شميل.
545 1733- النضر بن عبد الجبار.
212 1526- أبو النضر هاشم.
528 1709- النظام = إبراهيم بن سيار.
أبو نعيم = الفضل بن دكين.
283 1543- نفيسة بنت الحسن بن زيد أبو نواس.
53 1394- هارون الرشيد.
هارون بن المعتصم = الواثق بالله.
هاشم بن القاسم الليثي = أبو النضر.
127 1445- الهجيمي = أحمد بن عطاء.
529 1710- أبو الهذيل = محمد بن الهذيل البصري.
530 1711- هشام بن الحكم.
ابن هشام = عبد الملك بن هشام.(8/574)
الصفحة التراجم
412 1621- هشام بن عبد الملك = أبو الوليد الطيالسي.
474 1682- هشام بن عبيد الله الرازي.
532 1714- هشام بن عمرو.
281 1540- هشام بن محمد بن السائب = ابن الكلبي.
231 1534- هشام بن يوسف.
476 1684- أبو همام الدلال = محمد بن محبب.
292 1550- هوذة بن خليفة.
443 1646- الهيثم بن جميل.
492 1691- الهيثم بن خارجة.
282 1541- الهيثم بن عدي الطائي.
392 1611- الواثق بالله = هارون بن المعتصم بالله.
157 1485- الواقدي = محمد بن عمر بن واقد.
479 1687- الوحاظي - يحيى بن صالح الدمشقي.
58 1395- ورش = عثمان بن سعيد.
533 1716- الوليد بن أبان.
147 1477- الوليد بن القاسم.
134 1460- الوليد بن مزيد.
5 1373- الوليد بن مسلم.
209 1522- الوهبي أحمد بن خالد الكندي.
150 1480- وهب بن جرير.
198 1517- يحيى بن آدم.
187 1506- يحيى بن إسحاق.
183 1501- يحيى بن أبي بكير.
296 1552- يحيى بن حسان.
302 1557- يحيى بن حماد.
528 1708- أبو يحيى الحماني.
يحيى بن زياد = الفراء.
167 1487- يحيى بن سعيد العطار.
120 1441- يحيى بن سلام.
يحيى بن سليم = الطائفي.
يحيى بن صالح = الوحاظي.
184 1502- يحيى بن الضريس.
520 1707- يحيى بن عبد الحميد الحماني.
يحيى بن عبد الله بن الضحاك = البابلتي.
461 1663- يحيى بن عبدويه.
137 1464- يحيى بن عيسى.
208 1520- يحيى بن كثير بن درهم.
208 1521- يحيى بن كثير أبو النضر.
يحيى بن المبارك = اليزيدي.
يحيى بن محمد بن قيس = أبو زكير.
315 1562- يحيى بن هاشم.
512 1704- يحيى بن يحيى بن بكر.
517 1705- يحيى بن يحيى بن كثير.
97 1431- يزيد بن هارون.(8/575)
الصفحة التراجم
221 1532- اليزيدي يحيى.
179 1497- يعقوب بن إبراهيم.
319 1567- يعقوب بن إسحاق.
536 1722- أبو يعقوب المعتزلي = يوسف بن عبد الله.
170 1489- يعلى بن عبيد.
399 1614- أبو اليمان = الحكم بن نافع.
يوسف بن عبيد الله = أبو يعقوب المعتزلي.
497 1697- يوسف بن عدي.
27 1384- يونس بن بكير.
168 1488- يونس بن محمد المؤدب.(8/576)
المجلد التاسع
بسم الله الرحمن الرحيم
تابع الطبقة الثانية عشرة:
1738-الوكيعي 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بن جعفر الكوفي، الوكيعي، الضرير. حَدَّثَ عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ, وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ مِنَ الوَكِيْعِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ الأَنْمَاطِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَغَيْرُهُمَا، وَمَاتَ قَبْلَ مَحَلِّ الرِّوَايَةِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: كَانَ يَحْفَظُ مائَةَ ألف حديث, ما أحسبه سمع حديثًا قطإلَّا حَفِظَهُ.
وَقَالَ الحَرْبِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لأَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الوَكِيْعِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, عَنْ ثَوْرٍ, عَنْ حَبِيْبِ بنِ عُبَيْدٍ, عَنِ المِقْدَامِ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُم أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ" 2.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ الوَكِيْعِيُّ يَحْفَظُ العِلْمَ عَلَى الوَجْهِ.
وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ, فَقَالَ: ثِقَةٌ, وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: مَاتَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَكِيْعِيُّ سَنَةَ خَمْسَ عشرة ومئتين.
وسيأتي أحمد بن عمرالوكيعي المتوفى سنة "235".
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 58"، واللباب لابن الأثير "3/ 371"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 210".
2- صحيح: أخرجه أحمد "4/ 130"، والبخاري في "الأدب المفرد" "542"، وأبو داود "5124"، والترمذي "2393"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "206"، وابن السني في "اليوم والليلة" "196"، والحاكم "4/ 171"، وأبو نعيم في "الحلية" "6/ 99" من طريق يحيى القطان، به.(9/5)
1739- أحمد بن إشكاب 1: "خَ"
الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ الكُوْفِيُّ، الصَّفَّارُ، نَزِيْلُ مِصْرَ. يُقَالُ أَحْمَدُ بنُ مَعْمَرِ بنِ إِشْكَابَ. وَقِيْلَ: ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ إِشْكَابَ.
رَوَى عَنْ: شَرِيْكٍ، وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَابِسٍ، وَالكُوْفِيِّيْنَ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وإسحاق بنُ حَسَنٍ الطَّحَّانُ المِصْرِيُّ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ وَبَكْرُ بنُ سَهْلٍ، وَالفَسَوِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَاحِبُ حَدِيْثٍ أَدْرَكْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ: كَتَبَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ كَثِيْراً.
مَاتَ نَحْوَ سَنَةِ ثمان عشرة ومئتين.
__________
1- ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1494"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 165"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 256"، وتهذيب التهذيب "1/ 16"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 287".(9/6)
1740- خلف بن هشام 1: "م، د"
ابن ثعلب، وَقِيْلَ: طَالِبُ بنُ غُرَابٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، شيخ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ البَزَّارُ، المُقْرِئُ.
مَوْلِدُهُ سنة خمسين ومئة.
وَسَمِعَ مَالِكَ بنَ أَنَسٍ، وَحَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَأَبَا عَوَانَةَ، وَأَبَا شِهَابٍ الحَنَّاطَ عَبْدَ رَبِّهِ، وَشَرِيْكاً القَاضِي، وَحَمَّادَ بنَ يَحْيَى الأَبَحَّ, وَأَبَا الأَحْوَصِ, وَعِدَّةٍ.
وَتَلاَ عَلَى سُلَيْمٍ، وَعَلَى أَبِي يوسف الأعمشي, وَغَيْرِهِمَا وَحَمَلَ الحُرُوْفَ عَنْ: يَحْيَى بنِ آدَمَ, وإسحاق المسيبي, وطائفة وتصدر للإقراء والرواية.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 348"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 666"، والكنى للدولابي "2/ 95"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة "1695"، وتاريخ بغداد "8/ 322"، واللباب لابن الأثير "1/ 146"، ووفيات الأعيان "2/ ترجمة 218"، والعبر "1/ 404"، والكاشف "1/ ترجمة 1415"، وتذهيب التهذيب "3/ 156"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1859"، وشذرات الذهب، لابن العماد "2/ 67".(9/6)
رَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ عَرْضاً: أَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ الحُلْوَانِيُّ، وَسَلَمَةُ بنُ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الجَهْمِ السِّمَّرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الكِسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاقُ، وَإِدْرِيْسُ الحَدَّادُ, وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ فِي "صَحِيْحِهِ" وَأَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ" وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبَانٍ السَّرَّاجُ، وَابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَلَهُ اخْتِيَارٌ فِي الحُرُوْفِ صَحِيْحٌ ثَابِتٌ ليس بشاذ أصلا، ولا يكاد يخرج فِيْهِ عَنِ القِرَاءاتِ السَّبْعِ, وَأَخَذَ عَنْهُ خَلْقٌ لاَ يُحْصَوْنَ.
قَالَ حَمْدَانُ بنُ هَانِئ المُقْرِئُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَشْكَلَ عَلَيَّ بَابٌ مِنَ النَّحْوِ, فَأَنْفَقْتُ ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ حَتَّى حَذِقْتُهُ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ عَبْدُ المَلِكِ المَيْمُوْنِيُّ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: ذَهَبتُ إِلَى خَلَفٍ البَزَّارِ أَعِظَهُ، بَلَغَنِي أَنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ عَنِ الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ, قَالَ: "مَا خَلَقَ اللهُ شَيْئاً أَعْظَمَ ... "، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهَذَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ -يُرِيْدُ زَمَنَ المِحْنَةِ -وَالمَتْنُ: "مَا خَلَقَ اللهُ مِنْ سَمَاءٍ وَلاَ أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الكُرْسِيِّ" 1. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لَمَّا أَوْرَدُوا عَلَيْهِ هَذَا يَوْمَ المِحنَةِ: إِنَّ الخَلْقَ وَاقِعٌ هَا هُنَا عَلَى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَهَذِهِ الأَشْيَاءِ، لاَ عَلَى القُرْآنِ.
قُلْتُ: كَذَا يَنْبَغِي لِلْمُحَدِّثِ أَنْ لاَ يُشْهِرَ الأَحَادِيْثَ الَّتِي يَتَشَبَّثُ بِظَاهِرِهَا أَعدَاءُ السُّنَنِ مِنَ الجَهْمِيَّةِ، ... ، وَأَهْلِ الأَهْوَاءِ، وَالأَحَادِيْثَ الَّتِي فِيْهَا صِفَاتٌ لَمْ تَثْبُتْ، فَإِنَّكَ لَنْ تُحَدِّثَ قَوْماً بِحَدِيْثٍ لاَ تَبْلُغُهُ عُقُوْلُهُم، إِلاَّ كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِم فَلاَ تَكْتُمِ العِلْمَ الَّذِي هُوَ عِلْمٌ, وَلاَ تَبْذُلْهُ لِلْجَهَلَةِ الَّذِيْنَ يَشْغَبُوْنَ عَلَيْكَ, أَوِ الذين يفهموم مِنْهُ مَا يَضُرُّهُم.
وَخَلَفٌ قَالَ فِيْهِ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُمَا: ثِقَةٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كان عابدًا فاضلا.
وَقَالَ: أَعَدْتُ الصَّلاَةَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً, كُنْتُ أَتَنَاوَلُ فيها الشراب على مذهب الكوفيين.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "2884".(9/7)
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: مَا رَأَيْتُ أَنْبَلَ مِنْ خَلَفِ بنِ هِشَامٍ، كَانَ يَبْدَأُ بِأَهْلِ القُرْآنِ، ثُمَّ يَأْذَنُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عَوَانَةَ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ خَلَفٍ: أَنَّهُ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَلَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ تَأَوَّلَ الحَدِيْثَ.
أَنْبَأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي حَسَّانٍ الأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَرَّاقُ خَلَفِ بنِ هِشَامٍ: أَنَّهُ سَمِعَ خَلَفاً يَقُوْلُ: قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، فَصِرْتُ إِلَى سُلَيْمِ بنِ عِيْسَى فَقَالَ لِي: مَا أَقْدَمَكَ؟ قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ. فَقَالَ: لاَ تُرِيْدُهُ قُلْتُ: بَلَى فَدَعَا ابْنَهُ، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، لَمْ أَدْرِ مَا كَتَبَ فَأَتَيْنَا مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَسَّانٍ: وَكَانَ لِخَلَفٍ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمَّا قَرَأَ الوَرَقَةَ، قَالَ: أَدْخِلِ الرَّجُلَ، فَدَخَلْتُ، وَسَلَّمْتُ، فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ, ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ خَلَفٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَنْتَ لَمْ تُخَلِّفْ بِبَغْدَادَ أَحَداً أَقْرَأَ مِنْكَ؟ فَسَكَتُّ، فَقَالَ لِي: اقْعُدْ هَاتِ اقْرَأْ. قُلْتُ: أَعَلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَقْرَأُ عَلَى رَجُلٍ يَسْتَصْغِرُ رَجُلاً مِنْ حَمَلَةِ القُرْآنِ. ثُمَّ خَرَجْتُ، فَوَجَّهَ إِلَى سُلَيْمٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَرُدَّنِي، فَأَبَيْتُ ثُمَّ إِنِّيْ نَدِمْتُ وَاحْتَجْتُ, فَكَتَبْتُ قِرَاءةَ عَاصِمٍ, عَنْ يَحْيَى بنِ آدَمَ, عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ النَّقَّاشُ: قَالَ يَحْيَى الفَحَّام: رَأَيْتُ خَلَفَ بنَ هِشَامٍ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ قَالَ غَفَر لِي.
تُوُفِّيَ خَلَفٌ فِي سَابِعِ شَهْرِ جُمَادَى الآخِرَةِ, سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ شَارَفَ الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا أبوالقاسم البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ هِشَامٍ البَزَّارُ, حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مُوْسَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بُسْتَانٍ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَقَرَعُوا البَابَ فَقَالَ لِي: "قُمْ, فَافْتَحْ لَهُمْ, وَبَشِّرْهُمْ بِالجَنَّةِ". غَيْرَ أَنَّهُ خَصَّ عُثْمَانَ بِشَيْءٍ دُوْنَ صَاحِبَيْهِ1.
وَمَاتَ فِي العَامِ مَعَهُ أَبُو نُعَيْمٍ ضِرَارُ بنُ صُرَدَ، وَحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ الأَوَّلِ، وَيَزِيْدُ بنُ مِهْرَانَ الخَبَّازُ الكُوْفِيُّ، وَأَبُو يَاسِرٍ عَمَّارُ بنُ نَصْرٍ، وَعُبَيْدُ بنُ يَعِيْشَ الكُوْفِيُّ، وَمَلِيْحُ بنُ وَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وَعَبَّادُ بنُ مُوْسَى الخُتَّلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ بِمَكَّةَ، وَنُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ الخُزَاعِيُّ، وَعَمْرُو بنُ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ بِمِصْرَ، وَثَابِتُ بنُ مُوْسَى الزَّاهِدُ أَبُو يَزِيْدَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ الفَضْلِ الحَرَّانِيُّ.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3674"، ومسلم "2403"، والترمذي "3710".(9/8)
1741- بشار بن موسى 1:
المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو عُثْمَانَ العِجْلِيُّ -وَقِيْلَ: الشَّيْبَانِيُّ- البَصْرِيُّ الخَفَّافُ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
لَهُ عَنْ: شَرِيْكٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَصَالِحٌ جَزَرَةُ، وَالحَسَنُ بنُ عَلُّوَيْه، وَالبَغَوِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
اخْتُلِفَ فِي تَوْثِيْقِهِ. ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: يُكتب حَدِيْثُهُ, وَكَانَ حَسَنَ الرَّأْيِ فِيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَنَا لاَ أُحَدِّثُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً، وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ. قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ المَدِيْنِيِّ كَانَ حسن الرأي فيه.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: تَرَكْتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: مَا كَانَ بِبَغْدَادَ أَصْلَبُ فِي السُّنَّةِ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ الغَلاَبِيِّ: قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: دَجَّالٌ.
وَعَنْ بَشَّارٍ، قَالَ: نِعْمَ المَوْعِدُ غَداً؛ نَلْتَقِي أَنَا وَابْنُ مَعِيْنٍ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 352"، والتاريخ الكبير "2/ 1935"، والجرح والتعديل "2/ ترحمة 1650"، والكامل لابن عدي "2/ ترجمة 263"، وتاريخ بغداد "7/ 118"، وميزان الاعتدال "1/ 310"، وتهذيب التهذيب "1/ 441".(9/9)
1742- أَبُو بلالٍ الأَشْعَرِيُّ 1:
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَحَدُ عُلَمَاءِ الكوفة.
حدث عنه: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّهْشَلِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ مَعْنٍ، وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَيَحْيَى بنِ العَلاَءِ، وَشَرِيْكٍ القَاضِي، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَازِمٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي غَرَزَةَ، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ التَّغْلِبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدَكَ القَزَّازُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ البَغْدَادِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُطَيَّنٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
لينه الدارقطني.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُهُ عَنِ اسْمِهِ، فَقَالَ: هُوَ كُنْيَتِي.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: أَبُو بِلاَلٍ اسْمُهُ مِرْدَاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ ابْنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ.
وَيُقَالُ: اسْمُهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ.
وَقِيْلَ: اسْمُهُ: عَبْدُ اللهِ, وَقُوْلُهُ: هُوَ أَصَحُّ. وَأَظُنُّهُ مَاتَ: قَبْلَ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ من أبناء التسعين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9 / ترجمة 1566"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 10040"، ولسان الميزان "6/ ترجمة 49" و"7/ ترجمة 207".(9/10)
1743- سعيد بن كثير بن عُفَير 1: "خ، م، س"
ابن مسلم بن يزيد، الإِمَامُ الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ الأَخْبَارِيُّ، الثِّقَةُ، أَبُو عُثْمَانَ المِصْرِيُّ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَهُوَ مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ.
سَمِعَ مَالِكاً، وَاللَّيْثَ، وَيَحْيَى بنَ أَيُّوْبَ وَسُلَيْمَانَ بنَ بِلاَلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ لَهِيْعَةَ، وَيَعْقُوْبَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّادٍ الآمُلِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَمَّادٍ زُغْبَةُ، وَأَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بنُ الفَرَجِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّشْدِيْنِيُّ، وآخرون.
وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ بِوَاسِطَةٍ، وَكَانَ ثِقَةً إماما، من بحور العلم.
وقال ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدَ النَّاسِ ثِقَةٌ، ثُمَّ سَاقَ قَوْلَ أَبِي إِسْحَاقَ السَّعْدِيِّ الجَوْزَجَانِيِّ فِي سَعِيْدِ بنِ عُفَيْرٍ: فِيْهِ غَيْرُ لَوْنٍ مِنَ البِدَعِ، وَكَانَ مُخَلِّطاً، غَيْرَ ثِقَةٍ. فَهَذَا مِنْ مُجَازَفَاتِ السَّعْدِيِّ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ السَّعْدِيُّ، لاَ مَعْنَى لَهُ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً، وَلاَ بَلَغَنِي عَنْ أَحَدٍ كَلاَمٌ فِي سَعِيْدِ بنِ عُفَيْرٍ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ السَّعْدِيُّ أَرَادَ بِهِ سَعِيْدَ بنَ عُفَيْرٍ آخَرَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ يَقْرَأُ مِن كُتُبِ النَّاسِ، وَهُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: رَأَيْتُ بِمِصْرَ ثَلاَثَ عَجَائِبَ: النِّيْلَ، وَالأَهْرَامَ، وَسَعِيْدَ بنَ عُفَيْرٍ.
قُلْتُ: حَسْبُكَ أَنَّ يَحْيَى إِمَامَ المُحَدِّثِيْنَ انبَهَرَ لابْنِ عُفَيْرٍ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ سَعِيْدٌ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالأَنْسَابِ، وَالأَخْبَارِ المَاضِيَةِ، وَأَيَّامِ العَرَبِ، وَالتَّوَارِيْخِ كَانَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْئاً عَجِيْباً، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَدِيْباً فَصِيْحاً، حَسَنَ البَيَانِ، حَاضِرَ الحُجَّةِ، لاَ تُمَلُّ مُجَالَسَتُهُ، وَلاَ يُنْزَفُ عِلْمُهُ قَالَ: وَكَانَ شَاعِراً مَلِيْحَ الشِّعْرِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ الأَمِيْرُ لَمَّا قَدِمَ مِصْرَ رَآهُ فَأُعْجِبَ بِهِ وَاسْتَحْسَنَ مَا يَأْتِي بِهِ، وَكَانَ يَلِي نِقَابَةَ الأَنْصَارِ، وَالقَسْمَ عَلَيْهِم وَلَهُ أَخْبَارٌ مَشْهُوْرَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ مَوْلِدُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَضْرَمِيُّ، حدثنا علي بن عبد الرحمن، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ كَثِيْرِ بنِ عُفَيْرٍ, قَالَ: كُنَّا بِقُبَّةِ الهَوَاءِ عِنْدَ المَأْمُوْنِ, فَقَالَ لَنَا: مَا أَعْجَبَ فِرْعَوْنَ مِنْ مِصْرَ حَيْثُ يَقُوْلُ: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزُّخْرُفُ: 51] ! فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إِنَّ الَّذِي تَرَى بَقِيَّةُ مَا دُمِّرَ. قَالَ تَعَالَى: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأَعْرَافُ: 137] . قَالَ: صَدَقْتَ، ثُمَّ أَمْسَكَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ فِي مَكَانٍ آخَرَ مِنْ "تَارِيْخِهِ": هَذَا حَدِيْثٌ أُنْكِرَ عَلَى سَعِيْدِ بنِ عُفَيْرٍ، فَمَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ غَيْرُهُ، قَالَ: وَكَذَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ حَدِيْثٌ آخَرُ، رَوَاهُ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ.
قُلْتُ: مَنْ كَانَ فِي سَعَةِ عِلْمِ سَعِيْدٍ, فَلاَ غرو أن ينفرد، ثم ابن لهيعة ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ، فَالنَّكَارَةُ مِنْهُ جَاءتْ.
مَاتَ سَعِيْدٌ لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1639"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 274 و316" و"2/ 493" و"3/ 326"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 584"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 248"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 839"، والأنساب للسمعاني "5/ 37"، والكاشف "1/ ترجمة رقم 1966"، والعبر "1/ 396"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 435"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3257"، والمغني "1/ ترجمة 2444"، وتهذيب التهذيب "4/ 74"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 308"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2527"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 58".(9/11)
1744- سعيد بن منصور 1: "ع"
ابن شعبة, الحَافِظُ، الإِمَامُ، شَيْخُ الحَرَمِ، أَبُو عُثْمَانَ الخُرَاسَانِيُّ المَرْوَزِيُّ -وَيُقَالُ: الطَّالْقَانِيُّ- ثُمَّ البَلْخِيُّ, ثُمَّ المَكِّيُّ المجاور، مولف كِتَابِ السُّنَنِ.
سَمِعَ بِخُرَاسَانَ، وَالحِجَازِ، وَالعِرَاقِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، وَفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَبِي مَعْشَرٍ السِّنْدِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ إِيَادِ بنِ لَقِيْطٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ الوَضَّاحِ، وَالوَلِيْدِ بنِ أَبِي ثَوْرٍ، وَفَرَجِ بنِ فَضَالَةَ، وَهُشَيْمٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَحَزْمِ بنِ أَبِي حَزْمٍ، وَأَبِي الأَحْوَصِ, وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَخَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ, وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ, وَحُدَيْجِ بنِ مُعَاوِيَةَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيِّ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ, وَأَبِي شِهَابٍ الحَنَّاطِ وَشَرِيْكٍ القَاضِي, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ زَكَرِيَّا, وَحَمَّادِ بنِ يَحْيَى الأَبَحِّ, وَعَتَّابِ بنِ بَشِيْرٍ, وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَأَبِي مُعَاوِيَةَ, وَدَاوُدَ العَطَّارِ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ ثِقَةً صَادِقاً, مِن أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ الكَلْبِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ، وَأَبُو دَاوُدَ وَمُسْلِمٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى, وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ, وَأَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الحَرَّانِيُّ, وَبُهْلُوْلُ بنُ إِسْحَاقَ الأَنْبَارِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وعثمان بن خرزاذ، وأبو الموجه
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 502"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 1722"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 284"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 422"، والكاشف 1/ ترجمة 1981"، والعبر" 1/ 399"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3277"، تهذيب التهذيب "4/ 89"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2544"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 62".(9/12)
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو المَرْوَزِيُّ، وَالعَبَّاسُ الأَسْفَاطِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَخَلَفُ بنُ عَمْرٍو العُكْبَرِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ العَطَّارُ, وَعُمَيْرُ بنُ مِرْدَاسٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ: ذَكَرْتُ سَعِيْدَ بنَ مَنْصُوْرٍ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَفَخَّمَ أَمْرَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، مِنَ المُتْقِنِيْنَ الأَثْبَاتِ، مِمَّنْ جَمَعَ وَصَنَّفَ.
وَقَالَ حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ: أَمْلَى عَلَيْنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ نَحْواً مِنْ عَشْرَةِ آلاَفِ حَدِيْثٍ مِنْ حِفْظِهِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ ثَمَانِيْنَ سَنَةً أَوْ أَزْيَدَ. وَتُوُفِّيَ: بِمَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةُ الحَافِظُ إِذَا حَدَّثَ عَنْ سَعِيْدٍ أَثْنَى عَلَيْهِ وَأَطْرَاهُ فَكَانَ يَقُوْلُ: حدثنا سعيد بن منصور، وكان ثبتًا.
أَخْبَرَنَا شَيْخُ الإِسْلاَمِ: شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ, عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: دَخَلتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا هُوَ يَأْكُلُ طَعَاماً فِيْهِ دُبَّاءُ. فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: "نُكَثِّرُ بِهِ طَعَامَنَا".
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ, عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيْمٍ, عَنْ أَبِيْهِ؛ جَابِرِ بنِ حَكِيْمٍ، أَوِ ابْنِ طَارِقٍ الأَحْمَسِيِّ، وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ.
وَأَخْبَرَنَا المُقْرِئُ المُجَوِّدُ مُحَمَّدُ بنُ جَوْهَرٍ التَّلَّعْفَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَدِيْبُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بن إسماعيل الطرسوسي سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بِقِرَاءتِي "ح". وَأَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ هَذَا، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الأَنْمَاطِيُّ بِعَسْكَرَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ -هُوَ ابْنُ أَيُّوْبَ الأَهْوَازِيُّ- حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، عَنْ حَفْصِ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يقول ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي وَإِنَّمَا لَهُ مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى أَوْ تَصَدَّقَ فأمضى".(9/13)
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1, عَنْ سُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ, عَنْ حَفْصٍ، فَوَقَعَ بَدَلاً عَالِياً -وَللهُ الحَمْدُ.
وَبِهِ, إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا بُهْلُولُ بنُ إِسْحَاقَ الأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَأْخُذُ اللهُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيْهِ بِيَمِيْنِهِ ثُمَّ يَقُوْلُ: أَنَا اللهُ وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيبْسُطُهَا، أَنَا الرَّحْمَنُ، أَنَا المَلِكُ" حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى المِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّيْ لأَقُوْلُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2 عَنْ سَعِيْدٍ فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَقَدْ رَوَى كِتَابَ السُّنَنِ عَنْ سَعِيْدٍ: مُحَدِّثُ هَرَاةَ؛ أَحْمَدُ بنُ نَجْدَةَ بنِ العُرْيَانِ.
وَقَالَ حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: كَانَ سَعِيْدٌ مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ وَالصِّدْقِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَدُحَيْمٌ: أَنَّهُمَا حَضَرَا يَحْيَى بنَ حَسَّانٍ مُقَدِّماً لِسَعِيْدِ بن مَنْصُوْرٍ يَرَى له حفطه. وكان حافظًا.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَكَنَ سَعِيْدٌ مَكَّةَ مُجَاوِراً، فَنُسِبَ إِلَيْهَا، وَهُوَ رَاوِيَةُ سُفْيَانَ بن عيينة، وأحمد أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ، مُتَّفَقٌ عَلَى أخرجه فِي "الصَّحِيْحَيْنِ".
قُلْتُ: أَمَّا فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ", فَرَوَى عَنْ: يَحْيَى بنِ مُوْسَى خَتٍّ البَلْخِيِّ، عَنْهُ.
وَقَالَ حَرْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: صَنَّفَ الكُتُبَ، وَكَانَ مُوَسَّعاً عَلَيْهِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: كَانَ إِذَا رَأَى فِي كِتَابِهِ خَطَأً, لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ.
قُلْتُ: أَيْنَ هَذَا مِنْ قَرِيْنِه يَحْيَى بنِ يَحْيَى الخُرَاسَانِيِّ الإِمَامِ؛ الَّذِي كَانَ إِذَا شَكَّ فِي حَرْفٍ أَوْ تَرَدَّدَ, تَرَكَ الحَدِيْثَ كُلَّهُ, وَلَمْ يَرْوِهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَحَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ بِمَكَّةَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ. زَادَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، فَقَالَ: فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَنَةَ سِتٍّ. وَالأَوَّلُ الصَّحِيْحُ. وَصَحَّفَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، فَقَالَ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ ومائتين.
أنبئونا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ, قَالُوا: أَخبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: مَنْ هَاجَرَ يَبْتَغِي شَيْئاً فَهُوَ لَهُ، قَالَ: هَاجَرَ رَجُلٌ لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لها: أم قيس, فكان يقول له: مهاجر أم قيس. إسناده صحيح.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2959".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2788" "25". وورد عن عبد الله بن مسعود: عند البخاري "4811"، ومسلم "2786".(9/14)
1745- مُسَدَّد بن مُسَرْهَد 1: "خ، د، ت، س"
ابن مُسَرْبَل، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، البَصْرِيُّ، أَحَدُ أَعْلاَمِ الحَدِيْثِ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَأَبِي الأَحْوَصِ، وَالحَارِثِ بنِ عُبَيْدٍ، وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَهُشَيْمٍ، وَعَبْدِ الوَارِثِ, وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المُخْتَارِ, وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُلاَزِمِ بنِ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدِ بنِ جَابِرٍ السُّحَيْمِيِّ, وَمُعْتَمِرٍ, وَمَرْحُوْمٍ, وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَوَكِيْعٍ, وَأَبِيْهِ؛ الجَرَّاحِ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ، وَكَانَ مِنَ الأَئِمَّةِ الأَثْبَاتِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَوَلَدُه؛ يَحْيَى, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَيَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ, وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى, وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وأخوه؛ حَمَّادُ بنُ إِسْحَاقَ, وَابْنُ عَمِّهِ؛ يُوْسُفُ القَاضِي, وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَوَقَعَ لِي جُزْءٌ مِنْ "مُسْنَدِهِ".
رَوَى يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ, قَالَ: لَوْ أَتَيتُ مُسَدَّداً, فَحَدَّثْتُه فِي بَيتِهِ, لَكَانَ يَسْتَأْهِلُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 307"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2209"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 180"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1998"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 249"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 426"، والكاشف "3/ ترجمة 5485"، والعبر "1/ 404"، وتهذيب التهذيب "10/ 107"، وتقريب التهذيب "2/ 242"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7397"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 66".(9/15)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مُسَدَّدٌ صَدُوْقٌ، فَمَا كَتَبْتَ عَنْهُ فَلاَ تَعْدُ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ المَيْمُوْنِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الكِتَابَ لِي إِلَى مُسَدَّدٍ، فَكَتَبَ لِي إِلَيْهِ وَقَالَ: نِعْمَ الشَّيْخُ! عَافَاهُ اللهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الفَلاَّسُ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ مُسَدَّدٍ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: عَمَّنْ أَكْتُبُ بِالبَصْرَةِ؟ قَالَ: اكتُبْ عَنْ مُسَدَّدٍ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدِ بنِ مُسَرْبَلِ بنِ مُسْتَوْرِدٍ الأَسَدِيُّ: بَصْرِيٌّ, ثِقَةٌ، كَانَ يُمْلِي عَلَيَّ حَتَّى أَضْجَرَ، فَيَقُوْلُ لِي: يَا أَبَا الحَسَنِ اكتُبْ، هَذَا الحَدِيْثَ. فَيُمْلِي عَلَيَّ بَعْدَ ضَجَرِي خَمْسِيْنَ، سِتِّيْنَ حَدِيْثاً، فَأَتَيْتُهُ فِي رِحْلَتِي الثَّانِيَةِ، فَأَصَبْتُ عَلَيْهِ زِحَاماً كَثِيْراً, فَقُلْتُ قَدْ أَخَذْتُ بِحَظِّي مِنْكَ. وَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ يَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيْهِ، فَأُخْبِرُهُ، فَيَقُوْلُ: يَا أَحْمَدُ، هَذِهِ رُقْيَةُ العَقْرَبِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَكِيْمٍ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي حَدِيْثِ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: كَأَنَّهَا الدَّنَانِيْرُ. ثُمَّ قَالَ: كَأَنَّكَ تَسْمَعُهَا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدِ بنِ مُسَرْبَلِ بنِ مُرَعْبَلٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَذَا وَرَّخَهُ: ابْنُ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَمَا عَيَّنُوا شَهْراً.
رَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ، سِوَى مُسْلِمٍ وَابْنِ مَاجَهْ.
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الحَلِيْمِ المَالِكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ, حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قِرَاءةً عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عَنْ شُعْبَةَ, حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، سَمِعْتُ جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس -رفعه شعبة- قال: "يقطع الصلاة المرأة الحائض وَالكَلْبُ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ: ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ, وَهَمَّامٌ, وَهِشَامٌ, عَنْ قَتَادَةَ, أَوقَفُوهُ علَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
قُلْتُ: أَخْرَجَه هَكَذَا: أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ" وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ، جَمِيْعاً مِنْ طَرِيْقِ يَحْيَى القَطَّانِ. وَوَقْفُهُ أَشبَهُ.(9/16)
أَخْبَرَنَا بِلاَلٌ المُغِيْثِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ روَاجٍ, أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بنُ بُنْدَارَ, أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرٍ السَّلَمَاسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ الوَلِيْدُ بنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالِدِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُسَدَّدِ بنِ مُسَرْهَدِ بنِ مُسَرْبَلِ بنِ مُغَرْبَلِ بنِ مُرَعْبَلِ بنِ أَرَنْدَلَ بنِ سَرَنْدَلَ بنِ غَرَنْدَلَ بنِ مَاسَكِ بنِ المُسْتَوْرِدِ الأَسَدِيُّ, حَدَّثَنِي أَبِي مُسَدَّدٌ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ هِشَامٍ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ, وَيُثِيْبُ عَلَيْهَا.
هَذَا سِيَاقٌ عَجِيْبٌ مُنْكَرٌ فِي نَسَبِ مُسَدَّدٍ، أَظُنُّه مُفْتَعَلاً، وَمَنْصُوْرٌ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ.
وَلِمُسَدَّدٍ "مُسْنَدٌ" فِي مُجَلَّدٍ، رَوَاهُ عَنْهُ مُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَ"مُسْنَدٌ" آخَرُ صَغِيْرٌ، يَرْوِيْهِ عَنْهُ أَبُو خَلِيْفَةَ.
وَمَا زَادَ البُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" عَلَى ذِكْرِ مُرَعْبَلٍ بَعْدَ ذِكْرِ جَدِّهِ مُسَرْبَلٍ. وَكَذَا مُسْلِمٌ فِي "الكُنَى", لَكِنْ قَالَ: مُغَرْبِلٌ بَدَلَ مُرَعْبَلٍ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ فِي "الإِرْشَادِ" لَهُ: مسدد بن مسرهد ابن مُغَرْبَلِ بنِ أَرْمَكَ بنِ مَاهَكَ.
وَقَالَ جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِيُّ: مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدِ بنِ شَرِيْكٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: قَالَ الشَّرِيْفُ النَّسَّابَةُ: ابْنُ مُسَرْهَدِ بن مسربل ابن مَاسِكِ بنِ جَرْوِ بنِ يَزِيْدَ بنِ شَبِيْبِ بنِ الصَّلْتِ بنِ أَسَدٍ.
قَالَ مَازِحٌ: لَوْ كُتِبَ أَمَامَ نَسَبِهِ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ" كَانَ رُقْيَةً لِلْعَقْرَبِ(9/17)
1746- نُعَيْم بن حَمَّاد بن معاوية 1: "خَ، د، ت، ق".
ابْنِ الحَارِثِ بنِ هَمَّامِ بنِ سَلَمَةَ بنِ مَالِكٍ, الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ, المَرْوَزِيُّ, الفَرَضِيُّ, الأَعوَرُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
رَأَى الحُسَيْنَ بنَ وَاقِدٍ المَرْوَزِيَّ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ -وَهُوَ أكبر شيخ له-
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 519"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 2327"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 1959"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2125"، وتاريخ بغداد "13/ 306"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 424"، والكاشف "3/ ترجمة 5959"، والمغني "2/ ترجمة 6658"، والعبر "1/ 405"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9102"، وتهذيب التهذيب "10/ 458"، وتقريب التهذيب "2/ 305"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7538".(9/17)
وَهُشَيْمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ -لَهُ عَنْهُ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ- وَخَارِجَةَ بنِ مصعب, وعبد الله بن المبارك, وعيسى بنِ عُبَيْدٍ الكِنْدِيِّ -وَهُوَ مِنْ كِبَارِ مَشْيَخَتِهِ- وَعَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ خَالِدٍ الحَنَفِيِّ، وَنُوْحِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ, وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ القَاضِي، وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَأَبِي مُعَاوِيَةَ, وَرِشْدِيْنَ بنِ سَعْدٍ, وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَابْنِ وَهْبٍ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَوَكِيْعٌ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَنُوْحِ بنِ قَيْسٍ, وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِخُرَاسَانَ وَالحَرَمَيْنِ وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَاليَمَنِ وَمِصْرَ. وَفِي قُوَّةِ رِوَايَتِهِ نِزَاعٌ.
رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ -مَقْرُوْناً بِآخَرَ- وَأَبُو دَاوُدَ, وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ بِوَاسِطَةٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ, وَالرَّمَادِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَسَمُّوْيَه، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُنِيْبٍ, وَعُبَيْدُ بنُ شَرِيْكٍ البَزَّارُ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَأَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ، وَبَكْرُ بنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ، وَخَلْقٌ آخِرُهُم مَوْتاً: شَابٌّ كَاتِبٌ كَانَ مَعَهُ فِي السِّجنِ اتِّفَاقاً, وَهُوَ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى البَغْدَادِيُّ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: جَاءنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ وَنَحْنُ عَلَى بَابِ هُشَيْمٍ نَتَذَاكَرُ المُقَطَّعَاتِ قَالَ: جَمَعتُم حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فَعُنِينَا بِهَا من يومئذ.
وَرَوَى: المَيْمُوْنِيُّ, عَنْ أَحْمَدَ, قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَرَفْنَاهُ يَكْتُبُ المُسْنَدَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: يُقَالُ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ المُسْنَدَ وَصَنَّفَهُ: نُعَيْمٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ نُعَيْمٌ كَاتِباً لأَبِي عِصْمَةَ -يَعْنِي: نُوْحاً- وَكَانَ شَدِيدَ الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ, وَأَهْلِ الأَهوَاءِ, وَمِنْهُ تَعَلَّمَ نُعَيْمٌ.
قَالَ صَالِحُ بنُ مِسْمَارٍ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ يَقُوْلُ: أَنَا كُنْتُ جَهْمِيّاً، فَلِذَلِكَ عَرَفْتُ كَلاَمَهُم، فَلَمَّا طَلَبتُ الحَدِيْثَ، عَرَفتُ أَنَّ أَمرَهُم يَرْجِعُ إِلَى التَّعطِيلِ.
يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُوَارِزْمِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ مِنَ الثِّقَاتِ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ سَلاَمٍ, حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ ثَابِتٍ(9/18)
أَبُو يَحْيَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلاَنِ: نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ مَعْرُوْفٌ بِالطَّلَبِ. ثُمَّ ذَمَّهُ يَحْيَى, وَقَالَ: يَرْوِي عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنُ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ -وَسُئِلَ عَنْ نُعَيْمٍ- فَقَالَ: ثِقَةٌ. فَقُلْتُ: إِنَّ قَوْماً يَزْعُمُوْنَ أنه صحح كتبه من علي الخُرَاسَانِيِّ العَسْقَلاَنِيِّ. فَقَالَ يَحْيَى: أَنَا سَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: أَخَذْتَ كُتُبَ عَلِيٍّ الصَّيْدَلاَنِيِّ، فَصَحَّحْتَ مِنْهَا؟ فَأَنْكَرَ، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ قَدْ رَثَّ. فَنَظَرْتُ، فَمَا عَرَفتُ وَوَافَقَ كُتُبِي، غَيَّرْتُ.
عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بن حبان: وجدت في كتاب أبي بخط يَدِهِ, قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: نُعَيْمٌ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، رَجُلُ صِدقٍ, أَنَا أَعْرَفُ النَّاسِ بِهِ, كَانَ رَفِيْقِي بِالبَصْرَةِ، كَتَبَ عَنْ رَوْحٍ خَمْسِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، فَقُلْتُ لَهُ قَبْلَ خُرُوْجِي مِنْ مِصْرَ: هَذِهِ الأَحَادِيْثُ الَّتِي أَخَذْتَهَا مِنَ العَسْقَلاَنِيِّ أَيُّ شَيْءٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا, مِثْلُكَ يَسْتَقبِلُنِي بِهَذَا؟! فَقُلْتُ: إِنَّمَا قُلْتُ شَفَقَةً عَلَيْكَ. قَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ مَعِي نُسَخٌ أَصَابَهَا المَاءُ, فَدَرَسَ بَعْضُ الكِتَابِ، فَكُنْتُ أَنْظُرُ فِي كِتَابِ هَذَا فِي الكَلِمَةِ الَّتِي تُشْكِلُ عَلَيَّ, فَإِذَا كَانَ مِثْلَ كِتَابِي عَرَفْتُهُ, فَأَمَّا أَنْ أَكُوْنَ كَتَبْتُ مِنْهُ شَيْئاً قَطُّ فَلاَ وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إلَّا هُوَ. قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ أَخِيْهِ, وَجَاءهُ بِأُصُولِ كُتُبِهِ مِنْ خُرَاسَانَ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَهَّمُ الشَّيْءَ كَذَا يُخْطِئُ فِيْهِ, فَأَمَّا هُوَ, فَكَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ.
وَعَنْ عَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: حَضَرْنَا نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ بِمِصْرَ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ كِتَاباً مِنْ تَصْنِيْفِهِ، فَقَرَأَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ بِأَحَادِيْثَ. فَقُلْتُ: لَيْسَ ذَا عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ. فَغَضِبَ وَقَالَ تَرُدُّ عليَّ؟! قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، أَرُدُّ عَلَيْكَ، أُرِيْدُ زَيْنَكَ. فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ مَا سَمِعْتَ أَنْتَ هَذَا مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ قَطُّ، وَلاَ هُوَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ فَغَضِبَ وَغَضِبَ من كان عنده من أصحاب الحَدِيْثِ, وَقَامَ, فَأَخْرَجَ صَحَائِفَ, فَجَعَلَ يَقُوْلُ: أَيْنَ الَّذِيْنَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ لَيْسَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ؟ نَعَمْ يَا أَبَا زَكَرِيَّا غَلِطْتُ، وَكَانَتْ صَحَائِفَ، فَغَلِطْتُ، فَجَعَلْتُ أَكْتُبُ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ المُبَارَكِ, عَنِ ابْنِ عَوْنٍ, وَإِنَّمَا رَوَاهَا عَنِ ابْنِ عَوْنٍ غَيْرُ ابْنِ المُبَارَكِ.
هَذِهِ الحِكَايَةُ أَوْرَدَهَا شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ مُنْقَطِعَةً، فَقَالَ: رَوَى الحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ اليُوْنَارْتِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبَّاسٍ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: ثِقَةٌ, مَرْوَزِيٌّ.(9/19)
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: يَصِلُ أَحَادِيْثَ يُوْقِفُهَا النَّاسُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ, قَالَ: وَضَعَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ الفَارِضِيُّ كُتُباً فِي الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيْفَةَ وَنَاقَضَ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ وَوَضَعَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ كِتَاباً فِي الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ, وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالفَرَائِضِ.
فَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: نُعَيْمٌ هَذَا قَدْ جَاءَ بِأَمرٍ كَبِيْرٍ, يُرِيْدُ أَنْ يُبطِلَ نِكَاحاً قَدْ عُقِدَ, وَيُبطِلَ بُيُوْعاً قَدْ تَقَدَّمَتْ, وَقَوْمٌ تَوَالَدُوا عَلَى هَذَا, ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مِصْرَ, فَأَقَامَ بِهَا نَحْوَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً, وَكَتَبُوا عَنْهُ بِهَا, وَحُمِلَ إِلَى العِرَاقِ فِي امْتِحَانِ: "القُرْآنِ مَخْلُوْقٍ" مَعَ البُوَيْطِيِّ مُقَيَّدَيْنِ, فمات نعيم بالعسكر, سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
قُلْتُ: نُعَيْمٌ مِنْ كِبَارِ أَوْعِيَةِ العِلْمِ, لَكِنَّهُ لاَ تَرْكَنُ النَّفسُ إِلَى رِوَايَاتِهِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قُلْتُ لِدُحَيْمٍ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، عَنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ, عَنْ حَرِيزُ بنُ عُثْمَانَ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرٍ, عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ فِرْقَةً أَعْظَمُهَا فِتْنَةً عَلَى أُمَّتِي قَوْمٌ يَقِيْسُوْنَ الأُمُوْرَ بِرَأْيِهِم فَيُحِلُّوْنَ الحَرَامَ وَيُحَرِّمُوْنَ الحَلاَلَ"1. فَقَالَ: هَذَا حَدِيْثُ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو حَدِيْثُ مُعَاوِيَةَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَقُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ فِي حَدِيْثِ نُعَيْمٍ هَذَا، فَأَنْكَرَهُ، قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ يُؤْتَى، قَالَ: شُبِّهَ لَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، وَنُعَيْمٌ ثِقَةٌ، قُلْتُ: كَيْفَ يُحَدِّثُ ثِقَةٌ بِبَاطِلٍ؟ قَالَ: شُبِّهَ لَهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَافَقَ نُعَيْماً عَلَيْهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، وَسُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بنِ عِيْسَى بنِ يونس, كلهم عن عيسى.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي حَدِيْثِ سُوَيْدٍ: إِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا بِنُعَيْمٍ، وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِيْهِ مِنْ أجله، ثم
__________
1 موضوع: أخرجه الخطيب في "تاريخه" "13/ 307 -308"، وابن عدي في "الكامل" "7/ 17". وقال ابن عدي في إثره: هذا وضعه نعيم بن حماد.(9/20)
رَوَاهُ رَجُلٌ خُرَاسَانِيٌّ، يُقَالُ لَهُ: الحَكَمُ بنُ المُبَارَكِ أَبُو صَالِحٍ الخُوَاسْتِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ سَرَقَهُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ يُعرَفُوْنَ بِسَرِقَةِ الحَدِيْثِ, مِنْهُم عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الضَّحَّاكِ, وَالنَّضْرُ بنُ طَاهِرٍ, وَثَالِثُهُم: سُوَيْدٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَرُوِيَ عَنِ: ابْنِ وَهْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ المَنْبِجِيِّ، جَمِيْعاً عَنِ ابْنِ يُوْنُسَ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيْقِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمِّهِ، وَمِنْ حَدِيْثِ المَنْبِجِيِّ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي الصُّوْرِيُّ، قَالَ: قال لي عبد الغني الحافظ: كان مَنْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عِيْسَى -غَيْرَ نُعَيْمٍ- فَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ نُعَيْمٍ, وَبِهَذَا الحَدِيْثِ سَقَطَ نُعَيْمٌ عِنْدَ كَثِيْرٍ مِنَ الحُفَّاظِ، إِلاَّ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ لَمْ يَكُنْ يَنْسُبُهُ إِلَى الكَذِبِ، فَأَمَّا حَدِيْثُ ابْنِ وَهْبٍ، فَبَلِيَّتُهُ مِنِ ابْنِ أَخِيْهِ؛ لأَنَّ اللهَ رَفَعَهُ عَنْ ادِّعَاءِ مِثْلِ هَذَا؛ وَلأَنَّ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي عَنْ عَلِيَّكَ الرَّازِيِّ: أَنَّهُ رَأَى هَذَا الحَدِيْثَ مُلْحَقاً بِخَطٍّ طَرِيٍّ فِي قُنْداق ابْنِ وَهْبٍ لَمَّا أَخْرَجَهُ إِلَيْهِ بَحْشَلُ ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ, وَأَمَّا المَنْبِجِيُّ, فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَالَ لَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ: لَمَّا أَرَدْتُ الخُرُوجَ إِلَى سُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: سَلْ سُوَيْداً عَنْ هَذَا الحديث قال: فأملاه عَلَيَّ عَنْ عِيْسَى بنِ عِيْسَى, وَوَقَّفْتُهُ, فَأَبَى. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَرَوَاهُ ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ, عَنْ عَمِّهِ, عَنْ عِيْسَى, لَكِنْ قَالَ: عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو, بَدَلَ حَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ. وَرَوَاهُ: هِلاَلُ بنُ العَلاَءِ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا عِيْسَى, حَدَّثَنَا حَرِيْزٌ. وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ غَرِيْبٍ عَنْ عَمْرٍو, عَنْ أَبِيْهِ؛ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ, وَزَعَمَ ابْنُ عَدِيٍّ, وَغَيْرُهُ: أَنَّ هَؤُلاَءِ سَرَقُوهُ مِنْ نُعَيْمٍ.
قَالَ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ كَأَنَّهُ يُهَجِّنُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ فِي خَبَرِ أُمِّ الطُّفَيْلِ فِي الرُّؤْيَةِ, وَيَقُوْلُ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِمِثْلِ هَذَا.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: عَرَضْتُ عَلَى دُحَيْمٍ مَا حَدَّثَنَاهُ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, عَنِ ابْنِ جَابِرٍ, عَنِ ابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا, عَنْ رَجَاءَ بنِ حَيْوَةَ, عَنِ النَّوَّاسِ: "إِذَا تَكَلَّمَ اللهُ بِالوَحْيِ ... ", الحَدِيْثَ, فَقَالَ: لاَ أَصْلَ لَهُ.
فَأَمَّا خَبَرُ أُمِّ الطُّفَيْلِ، فَرَوَاهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ, وَغَيْرُهُ, حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنَا عَمْرُو بنُ الحَارِثِ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ: أَنَّ مَرْوَانَ بنَ عُثْمَانَ حَدَّثَهُ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ عَامِرٍ, عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ؛ امْرَأَةِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ أَنَّهُ(9/21)
رَأَى رَبَّهُ فِي صُوْرَةِ كَذَا. فَهَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ جِدّاً، أَحْسَنَ النَّسَائِيُّ حَيْثُ يَقُوْلُ: وَمَنْ مَرْوَانُ بنُ عُثْمَانَ حَتَّى يُصَدَّقَ عَلَى اللهِ?!
وَهَذَا لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ نُعَيْمٌ، فَقَدْ رَوَاهُ: أحمد بن صالح المصري الحافظ، وَأَحْمَدُ بنُ عِيْسَى التُّسْتَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ, عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: رِجَالُهُ مَعْرُوْفُوْنَ.
قُلْتُ: بِلاَ رَيْبٍ قَدْ حَدَّثَ بِهِ: ابْنُ وَهْبٍ، وَشَيْخُهُ, وَابْنُ أَبِي هِلاَلٍ، وَهُمْ مَعْرُوْفُوْنَ عُدُوْلٌ, فَأَمَّا مَرْوَانُ, وَمَا أَدْرَاكَ مَا مَرْوَانُ؟ فَهُوَ حَفِيْدُ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ المُعَلَّى الأَنْصَارِيِّ، وَشَيْخُهُ هُوَ عُمَارَةُ بنُ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ.
وَلَئِنْ جَوَّزْنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَهُ، فَهُوَ أَدْرَى بِمَا قَالَ، وَلِرُؤْيَاهُ فِي المَنَامِ تَعْبِيرٌ لَمْ يَذْكُرْهُ -عَلَيْهِ الصلاة السلام- وَلاَ نَحْنُ نُحْسِنُ أَنْ نَعْبُرَهُ, فَأَمَّا أَنْ نَحْمِلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ الحِسِّيِّ فَمَعَاذَ اللهِ أَنْ نَعْتَقِدَ الخَوْضَ فِي ذَلِكَ بِحَيْثُ إِنَّ بَعْضَ الفُضَلاَءِ قَالَ: تَصَحَّفَ الحَدِيْثُ. وَإِنَّمَا هُوَ رَأَى رئيَّه بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ. وَقَدْ قَالَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُوْنَ وَدَعُوا مَا يُنْكِرُوْنَ. وَقَدْ صحَّ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَتَمَ حَدِيْثاً كَثِيْراً مِمَّا لاَ يَحْتَاجُهُ المُسْلِمُ فِي دِيْنِهِ وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْ بَثَثْتُهُ فِيْكُم لَقُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ1. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ كتمان العلم فِي شَيْءٍ, فَإِنَّ العِلْمَ الوَاجِبَ يَجِبُ بَثُّهُ, وَنَشْرُهُ, وَيَجِبُ عَلَى الأُمَّةِ حِفْظُهُ, وَالعِلْمُ الَّذِي فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ مِمَّا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ يَتَعَيَّنُ نَقْلُهُ, وَيتَأَكَّدُ نَشْرُهُ, وَيَنْبَغِي لِلأُمَّةِ نَقْلُهُ، وَالعِلْمُ المُبَاحُ لاَ يَجِبُ بَثُّهُ, وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِيْهِ إِلاَّ خَوَاصُّ العُلَمَاءِ.
وَالعِلْمُ الَّذِي يَحْرُمُ تَعَلُّمُهُ وَنَشْرُهُ: عِلْمُ الأَوَائِلِ، وَإِلَهِيَّاتُ الفَلاَسِفَةِ، وَبَعْضُ رِيَاضَتِهِم بَلْ أَكْثَرُهُ وَعِلْمُ السِّحْرِ, وَالسِّيْمِيَاءُ, وَالكِيْمِيَاءُ, وَالشَّعْبَذَةُ, وَالحِيَلُ, وَنَشْرُ الأَحَادِيْثِ المَوْضُوْعَةِ, وَكَثِيْرٌ مِنَ القَصَصِ البَاطِلَةِ أَوِ المُنْكَرَةِ، وَسِيْرَةُ البَطَّالِ المُخْتَلَقَةُ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ, وَرَسَائِلُ إِخْوَانِ الصَّفَا, وَشِعْرٌ يُعَرَّضُ فِيْهِ إِلَى الجَنَابِ النَّبَوِيِّ, فَالعُلُوْمُ البَاطِلَةُ كَثِيْرَةٌ جِدّاً، فَلْتُحْذَرْ وَمَنِ ابْتُلِيَ بِالنَّظَرِ فِيْهَا للفرحة وَالمَعْرِفَةِ مِنَ الأَذْكِيَاءِ، فَلْيُقَلِّلْ مِنْ ذَلِكَ وَلْيُطَالِعْهُ وَحْدَهُ وَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ تَعَالَى وَلْيَلْتَجِئْ إِلَى التَّوْحِيْدِ وَالدُّعَاءِ بِالعَافِيَةِ فِي الدِّيْنِ, وَكَذَلِكَ أَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ مَكْذُوْبَةٌ وَرَدَتْ فِي الصِّفَاتِ لاَ يَحِلُّ بَثُّهَا إِلاَّ التَحْذِيْرُ مِنِ اعْتِقَادِهَا، وَإِنْ أَمْكَنَ إِعْدَامُهَا, فَحَسَنٌ اللَّهُمَّ, فَاحْفَظْ عَلَيْنَا إِيْمَانَنَا، وَلاَ قُوَّةَ إلا بالله.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "120".(9/22)
حَدِيْثٌ آخَرُ أُنْكِرَ عَلَى نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرٍ, سَمِعَ عَمْرَو بنَ العَاصِ يَقُوْلُ: "لاَ تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَهَا رَجُلٌ مِن قَحْطَانَ"1. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا هَذَا؟ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ لاَ يُنَاوِئُهُم فِيْهِ أَحَدٌ إِلاَّ أَكَبَّهُ اللهُ عَلَى وَجْهِهِ" 2. وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فقال: كان محمد بن جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الأُمَرَاءِ، فَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ، وَالزُّهْرِيُّ: إِذَا قَالَ: كَانَ فُلاَنٌ يُحَدِّثُ، فَلَيْسَ هُوَ بِسَمَاعٍ. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَلَيْسَ لِهَذَا الحَدِيْثِ أَصْلٌ، وَلاَ يُعْرَفُ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ المُبَارَكِ. قَالَ: وَلاَ أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ بِهِ نُعَيْمٌ؟ وَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، وَعِنْدَهُ مَنَاكِيْرُ كَثِيْرَةٌ لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ سُئِلَ عَنْهُ, فَقَالَ: لَيْسَ فِي الحَدِيْثِ بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ.
قُلْتُ: خَبَرُ الأُمَرَاءِ غَرِيْبٌ، مُنْكَرٌ, وَالأَمْرُ اليَوْمَ لَيْسَ فِي قُرَيْشٍ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَقُوْلُ إِلاَّ حَقّاً، فَإِنْ كَانَ المرَادُ بِالحَدِيْثِ الأَمْرُ لاَ الخَبَرُ, فَلَعَلَّ, وَالحَدِيْثُ فَلَهُ أَصْلٌ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ, وَلَعَلَّ نُعَيْماً حَفِظَهُ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَحَدَّثَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ أَيْضاً، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ، قَالَ: "قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرٌ مُطَهِّرٌ ... " 3, الحَدِيْثَ. قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ نُعَيْمٍ -وَجَوَّدَهَا كَعَادَتِهِ- هَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنِ ابْنِ أَبِي أَنَسٍ, عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قُلْتُ: فَهَذَا غَلِطَ نُعَيْمٌ فِي إِسْنَادِهِ.
وَتَفَرَّدَ نُعَيْمٌ بِذَاكَ الخَبَرِ المُنْكَرِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوْعاً: "إِنَّكُم فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ فِيْهِ عُشْرُ مَا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ هَلَكَ وَسَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ فَقَدْ نَجَا"4، فَهَذَا مَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ نُعَيْمٌ! وقد
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "7117".
2 صحيح: أخرجه البخاري "7139".
3 يأتي بتمامه في آخر هذه الترجمة.
4 ضعيف: أخرجه الترمذي "2267"، وابن عدي في "الكامل" "7/ 18"، ومن طريق نعيم بن حماد، حدثنا سفيان بن عيينة، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته نعيم بن حماد، لذا فقد قال الترمذي في إثره: هذا حديث غريب، وهذا اصطلاح معروف عنه يعرفه الأكابر بله الأصاغر من طلاب علم الحديث أن ذلك إشارة منه إلى ضعف الحديث.(9/23)
قَالَ نُعَيْمٌ: هَذَا حَدِيْثٌ يُنْكِرُوْنَهُ، وَإِنَّمَا كُنْتُ مَعَ سُفْيَانَ، فَمَرَّ شَيْءٌ, فَأَنْكَرَهُ ... ، ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهَذَا الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: هُوَ صَادِقٌ فِي سَمَاعِ لَفْظِ الخَبَرِ مِنْ سُفْيَانَ، وَالظَّاهِرُ -وَاللهُ أَعْلَمُ- أَنَّ سُفْيَانَ قَالَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِلاَ إِسْنَادٍ، وَإِنَّمَا الإِسْنَادُ قَالَهُ لِحَدِيْثٍ كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يَرْوِيَهُ، فَلَمَّا رَأَى المُنْكَرَ، تَعَجَّبَ وَقَالَ مَا قَالَ عَقِيْبَ ذَلِكَ الإِسْنَادِ فَاعْتَقَدَ نُعَيْمٌ أَنَّ ذَاكَ الإِسْنَادَ لِهَذَا القَوْلِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُكَبِّرُ فِي العِيْدَيْنِ سَبْعاً فِي الرَّكْعَةِ الأُوْلَى وَخَمْسَ تَكْبِيْرَاتٍ فِي الثَّانِيَةِ كُلُّهُنَّ قَبْلَ القِرَاءةِ. وَهَذَا صَوَابُهُ مَوْقُوْفٌ1، ولم يرفعه أحد، سوى نعيم، فوهم.
حَدِيْثُهُ عَنْ مُعْتَمِرٍ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ أَنَسٍ, عَنْ أَبِي بَكْرٍ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ شَاةٌ". فَذَكَرَ صَدَقَةَ الإِبلِ, وَصَوَابُهُ مِنْ قَوْلِ الصِّدِّيْقِ وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ أَيْضاً عَلَى نُعَيْمٍ.
__________
1 صحيح بشواهده: أخرجه مالك "1/ 180"، عن نافع مولى عبد الله بن عمر؛ أنه قال: شهدت الاضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخر خمس تكبيرات قبل القراءة. وله شاهد عن عائشة: عند أبي داود "1149"، و"1150"، وابن ماجه "1280"، والحاكم "1/ 298"، والطبراني في "الأوسط" "3115"، والبيهقي "2/ 286"، وأحمد "6/ 70".
وشاهد آخر: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ: عند أبي داود "1151"، وابن ماجه "1280"، ولفظه عند أبي داود: قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما". وهو حديث حسن.
وشاهد ثالث عن عمرو بن عوف: عند الترمذي "536"، وابن ماجه "1279"، وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كبر في العيدين: في الأولى سبعا في القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة. وهو حديث حسن وفي الباب شواهد عن غيرهم.
2 صحيح: أخرجه "أحمد "1/ 11-12"، والبخاري "1454"، وأبو داود "1567"، والبيهقي "4/ 86"، من طريق حماد بن سلمة قال: أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك، به.(9/24)
وَحَدِيْثُهُ عَنْ رِشْدِيْنَ بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوْعاً: "لَوْ كَانَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا" 1. وَهَذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ عَنْ رِشْدِيْنَ سِوَى نعيم.
__________
1 صحيح بشواهده: فقد ورد من حديث جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- أبو هريرة، وقيس بن سعد، وعائشة بنت أبي بكر، وعبد الله بن أبي أوفى.
أما حديث أبي هريرة: فإنه يرويه أبو سلمة عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فذكره. أخرجه الترمذي "1159"، وابن حبان "1291"، موارد، والبيهقي "7/ 291"، والبزار "2451" من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عنه، به. وقال الترمذي: حسن
غريب، ولفظه عند ابن حبان: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل حائطًا من حوائط الأنصار فإذا فيه جملان يضربان ويرعدان فاقترب رسول الله منهما فوضعا جرانهما بالأرض فقال من معه يسجد لك؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان أحد ينبغي له أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما عظم الله عليها من حقه". وزيادة: "لما عظم الله عليها من حقه" عند ابن حبان والبيهقي دون الترمذي.
قلت: وإسناده حسن، ورجاله ثقات خلا محمد بن عمرو، قال الحافظ: صدوق له أوهام، وأخرجه الحاكم "4/ 171-172" من طريق سلمان بن أبي سليمان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به نحوه دون قصة الجملين. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ورده الحافظ في "التلخيص" بأن سلمان هو اليمان ضعفوه وأما حديث قيس بن سعد -رضي الله عنه- فيرويه الشعبي عنه قال: "أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فقلت: رسول الله أحق أن يسجد له، قال: فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم، فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك، قال: "أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له"؟. قال: قلت: لا. قال: "فلا تفعلوا، لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل لهم عليهن من الحق". أخرجه أبو داود "2140"، والدارمي "1/ 341" مختصرًا، والحاكم "2/ 187"، والبيهقي "7/ 291" من طريق شريك، عن حصين، عن الشعبي، عنه، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده ضعيف، لأجل شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، قال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة.
وأما حديث عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنهما: فهو عند ابن ماجه "1852"، وأحمد "6/ 76" من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عنها مرفوعا.
قلت: وإسناده ضعيف، آفته علي بن زيد بن جدعان، قال الحافظ: ضعيف.
وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى: فهو عند ابن ماجه "1853"، وابن حبان "1290" موارد، والبيهقي "7/ 292" من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن القاسم الشيباني، عنه، به مرفوعا.
قلت: وإسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين خلا القاسم، وهو ابن عوف الشيباني، فإنه صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". وقد خرجت هذا الحديث بأوسع من هذا في كتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" ط/ دار الجيل، "ص43-44" فراجعه ثمت إن شئت.(9/25)
وَحَدِيْثُهُ عَنْ: بَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ، عَنْ ثَوْرٍ, عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ, عَنْ وَاثِلَةَ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المُتَعَبِّدُ بلا فقه كالحمار في الطاحونة"1.
وَبِهِ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ بِالنَّهَارِ رِفْعَةٌ وَبَاللَّيْلِ رِيْبَةٌ"2. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ أَعْلَمُ أَتَى بِهِ عَنْ بَقِيَّةَ غَيْرُ نُعَيْمٍ. وَحَدِيْثُهُ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً: "لاَ تَقُلْ: أُهْرِيْقُ المَاءَ وَلَكِنْ قُلْ: أَبُوْلُ" رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ، ثُمَّ قَالَ أَبُو الأَحْوَصِ: وَضَعَ نُعَيْمٌ هَذَا الحَدِيْثَ, فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تَرْفَعْهُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَأَوْقَفَهُ, قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَهَذَا رَفْعُهُ مُنْكَرٌ.
قُلْتُ: فَقَدْ رَجَعَ المِسْكِيْنُ إِلَى وَقْفِهِ. حَدِيْثُهُ عَنِ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَيَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَزْوَاجَهُ فَاخْتَرْنَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاَقاً. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ وَهَذَا غَيْرُ مَحْفُوْظٍ حَدِيْثُهُ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى عُثْمَانَ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ عَطَاءٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُم قَومٌ يُقَاتِلُوْنَ فِي العَصَبِيَّةِ. الحَدِيْثَ. وَلِنُعَيْمٍ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ. وَقَالَ ابْنُ حَمَّادٍ -يَعْنِي: الدُّوْلاَبِيَّ: نُعَيْمٌ ضَعِيْفٌ. قاله أحمد بن شُعَيْبٍ, ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَمَّادٍ: وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ فِي تَقْوِيَةِ السُّنَّةِ, وَحِكَايَاتٍ عَنِ العُلَمَاءِ فِي ثَلْبِ أَبِي فُلاَنٍ كَذَبَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ابْنُ حَمَّادٍ مُتَّهَمٌ فِيْمَا يَقُوْلُ؛ لِصَلاَبَتِهِ فِي أَهْلِ الرَّأْيِ. وَقَالَ لِي ابْنُ حَمَّادٍ: وَضَعَ نُعَيْمٌ حَدِيْثاً عَنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ عَنْ حَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ -يَعْنِي: فِي الرَّأْيِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ نحو عشرين حديثا, عن
__________
1 موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "7/ 19" من طريق محمد بن زرق الله الكلواذاني، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا بقية, به.
قلت: إسناده واه، فيه نعيم بن حماد، وقد علمت حاله من الترجمة، وفيه بقية بن الوليد، وهو مدلس يدلس تدليس التسوية. وقد توبع نعيم بن حماد من محمد بن إبراهيم أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 219" من طريق محمد بن إبراهيم، حدثنا بقية، عن ثور، به.
قلت: إسناده موضوع، آفته محمد بن إبراهيم، فقد كذبه الدارقطني. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث لا يحل الاحتجاج به.
2 موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "7/ 19" من طريق نعيم بن حماد، حدثنا بقية، عَنْ ثَوْرَ بنَ يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عن واثلة بن الأسقع، به. كان يضع الحديث في تقوية السنة.
قلت: والإسناد تالف فيه نعيم بن حماد، وهو ضعيف كان يضع الحديث في تقوية السنة، وبقية مدلس، وقد عنعنه، ومتن الحديث كذب واضح لا يصدر مثله من مشكاة النبوة المبرأة عن مثل هذا العبث.(9/26)
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ مَرَّةً ضَعِيْفٌ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ النَّسَائِيَّ يَذْكُرُ فَضْلَ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ وَتَقَدُّمَهُ فِي العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ وَالسُّنَنِ، ثُمَّ قِيْلَ لَهُ: فِي قَبُولِ حَدِيْثِهِ, فَقَالَ: قَدْ كَثُرَ تَفَرُّدُهُ عَنِ الأَئِمَّةِ المَعْرُوْفِيْنَ بِأَحَادِيْثَ كَثِيْرَةٍ فَصَارَ
فِي حَدِّ مَنْ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ, وَوَهِمَ.
قُلْتُ: لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ الفِتَنِ فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ عَقِيْبَ مَا سَاقَ لَهُ مِنَ المَنَاكِيْرِ: وقد كان أحد من يَتَصَلَّبُ فِي السُّنَّةِ، وَمَاتَ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ فِي الحَبْسِ، وَعَامَّةُ مَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ هُوَ مَا ذَكَرْتُهُ, وَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ بَاقِي حَدِيْثِهِ مُسْتَقِيْماً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ الخَالِدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الطَّرَسُوْسِيَّ يَقُوْلُ: أُخِذَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ فِي أَيَّامِ المِحْنَةِ, سَنَةَ ثَلاَثٍ, أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَلْقَوْهُ فِي السِّجْنِ, وَمَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي قُيُودِهِ, وَقَالَ: إِنِّيْ مُخَاصِمٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ سنة ثلاث وتسعين وستمائة أَخْبَرَنَا الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ خَيْرُوْنَ وَأَبُو الحَسَنِ بنُ أَيُّوْبَ البَزَّازُ قَالاَ: أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ القَطَّانُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ
حَمَّادٍ يَقُوْلُ: مَنْ شَبَّهَ اللهُ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ بِهِ نفسه فقد كفر وليس في وَصَفَ اللهُ بِهِ
نَفْسَهُ وَلاَ رَسُولُهُ تَشْبِيْهٌ.
قُلْتُ: هَذَا الكَلاَمُ حَقٌّ, نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ التَّشْبِيْهِ, وَمِنْ إِنْكَارِ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ, فَمَا يُنْكِرُ الثَّابِتَ مِنْهَا مَنْ فَقُهَ, وَإِنَّمَا بَعْدَ الإِيْمَانِ بِهَا هُنَا مَقَامَانِ مَذْمُوْمَانِ: تَأْوِيْلُهَا وَصَرْفُهَا عَنْ مَوْضُوْعِ الخِطَابِ, فَمَا أَوَّلَهَا السَّلَفُ وَلاَ حَرَّفُوا أَلفَاظَهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا بَلْ آمَنُوا بِهَا وَأَمَرُّوْهَا كَمَا جَاءتْ.
المَقَامُ الثَّانِي: المُبَالغَةُ فِي إِثْبَاتِهَا، وتصورها من جنس صفات البَشَرِ، وَتَشَكُّلُهَا فِي الذِّهْنِ، فَهَذَا جَهْلٌ وَضَلاَلٌ، وَإِنَّمَا الصِّفَةُ تَابِعَةٌ لِلْمَوْصُوفِ، فَإِذَا كَانَ المَوْصُوفُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمْ نَرَهُ، وَلاَ أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ عَايَنَهُ مَعَ قَولِهِ لَنَا فِي تَنَزِيْلِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّوْرَى: 11] ، فَكَيْفَ بَقِيَ لأَذْهَانِنَا مَجَالٌ فِي إِثْبَاتِ كَيْفِيَّةِ البَارِئِ تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ، فكَذَلِكَ صِفَاتُهُ المُقَدَّسَةُ نُقِرُّ بِهَا، وَنَعْتَقِدُ أَنَّهَا حَقٌّ وَلاَ نُمَثِّلُهَا أَصْلاً وَلاَ نَتَشَكَّلُهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ: حَدَّثَنَا الرَّمَادِيُّ، سَأَلْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحَدِيْدُ:4] .
قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ بِعِلْمِهِ, أَلاَ تَرَى قَوْلَهُ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] , الآية.(9/27)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: طَلَبَ نُعَيْمٌ الحَدِيْثَ كَثِيْراً بِالعِرَاقِ وَالحِجَازِ، ثُمَّ نَزَلَ مِصْرَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى أُشْخِصَ مِنْهَا فِي خِلاَفَةِ أَبِي إِسْحَاقَ -يَعْنِي: المُعْتَصِمَ- فَسُئِلَ عَنِ القُرْآنِ فَأَبَى أَنْ يُجِيْبَ فِيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَرَادُوهُ عَلَيْهِ، فَحُبِسَ بِسَامَرَّاءَ فَلَمْ يَزَلْ مَحْبُوساً بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي السِّجْنِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَذَاكَ أَرَّخَ: مُطَيَّنٌ وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: سنَةَ تِسْعٍ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: حُمِلَ فَامْتَنَعَ أَنْ يُجِيْبَهُم فَسُجِنَ فَمَاتَ بِبَغْدَادَ غَدَاةَ يَوْمِ الأَحَدِ لِثَلاَثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى, وكان يفهم الحديث, وروى مناكيرعن الثقات.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَرَفَةَ نِفْطَوَيْه، وَابْنُ عَدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ. زَادَ نِفْطَوَيْه: وَكَانَ مُقَيَّداً، مَحْبُوساً؛ لامْتِنَاعِهِ مِنَ القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، فَجُرَّ بِأَقيَادِهِ، فَأُلْقِيَ فِي حُفْرَةٍ، وَلَمْ يُكَفَّنْ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ. فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ صَاحِبُ ابْنِ أَبِي دُوَادَ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ عَنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ, حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ, حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ لِلنَّاسِ: "قَدْ جَاءكُم مُطَهِّرٌ؛ شَهْرُ رَمَضَانَ, فِيْهِ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ وَتُغَلُّ فِيْهِ الشَّيَاطِيْنُ يعد فيه المؤمن القوى لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ, وَهُوَ نِقْمَةٌ لِلْفَاجِرِ, يَغْتَنِمُ فِيْهِ غَفَلاَتِ النَّاسِ, مَنْ حُرِمَ خَيْرَهُ فَقَدْ حُرِمَ"1.
__________
1 موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "7/ 18" حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بن حماد، به.
قلت: إسناده تالف، فيه نعيم بن حماد، وقد كان يضع الحديث في تقوية السنة.(9/28)
1747- يحيى بن عبد الله بن بُكَيرٍ 1: "خَ، م، ق"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، أبو زكريا القرشي المخزومي مولاهم, المصري.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ الإِمَامِ مَالِكٍ "المُوَطَّأَ" مَرَّاتٍ، وَمِنَ اللَّيْثِ كَثِيْراً، وَبَكْرِ بنِ مُضَرَ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، وَيَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِئِ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِزَامِيِّ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ المَاجَشُوْنِ, وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, وَهِقْلِ بنِ زِيَادٍ, وَابْنِ وَهْبٍ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَحَرْمَلَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَسَهْلُ بنُ زَنْجَلَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ, وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ, وَرَوْحُ بنُ الفَرَجِ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَلاَّفُ, وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَخَيْرُ بنُ مُوَفَّقٍ, وَأَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ, وَمَالِكُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَيْفٍ, وَأَبُو خَيْثَمَةَ عَلِيُّ بنُ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ الحَرَّانِيُّ, وَابْنُهُ؛ عَبْدُ المَلِكِ بنُ يَحْيَى, وَالحَسَنُ بنُ الفَرَجِ الغَزِّيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ".
وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ، فَقَالَ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. قَالَ: وَكَانَ يَفْهَمُ هذا الشأن.
وقال النَّسَائِيُّ: ضَعِيْف.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ فِي نِصْفِ صَفَرٍ.
قُلْتُ: كَانَ غَزِيْرَ العِلْمِ، عَارِفاً بِالحَدِيْثِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، بَصِيْراً بِالفَتْوَى، صَادِقاً، دَيِّناً، وَمَا أَدْرِي مَا لاَحَ لِلنَّسَائِيِّ مِنْهُ حَتَّى ضَعَّفَهُ, وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَهَذَا جَرْحٌ مَرْدُوْدٌ فَقَدْ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ, وَمَا عَلِمتُ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً حَتَّى أُورِدَهُ.
وَقَدْ قَالَ أَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: حَدَّثَنَا بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ: أَنَّ يَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ سَمِعَ "المُوَطَّأَ" مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يحيى بن بكير -وسمع "المُوَطَّأَ" مِنْ طَرِيقِهِ مِنْ شَيْخِنَا أَبِي الحُسَيْنِ الحَافِظِ- أَخْبَرَنَا مُكْرَمٌ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ، أَخْبَرَنَا الفَقِيْهُ نَصْرٌ، أَخْبَرَنَا المِيْمَاسِيُّ, أَخْبَرْنَا ابْنُ وَصِيْفٍ الغَزِّيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ الفَرَجِ بِغَزَّةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بكير عن مالك.
__________
1 ترجمته في التاريخ "8/ ترجمة 3019"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 347"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "ترجمة 624"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 682"، والكاشف "3/ ترجمة 6303"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 425"، والمغني "2/ ترجمة 7005"، والعبر "1/ 410"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9564"، وتهذيب التهذيب "11/ 237"، وحسن المحاضرة للسيوطي "1/ 347"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 71".(9/29)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ كِنْدِيٍّ قِرَاءةً، عَنِ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ الفُرَاوِيَّ، وَأَخْبَرُوْنَا عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ القاري، وَأَخْبَرُوْنَا عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ مُسلمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ وَبُطُوْنِ الأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ" 2.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإسناد من العوالي.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 190-191" من طريق هارون، عن عبد الله بن وهب، حدثني حيوة به. ولم يرفعه. وله شواهد منها حديث أبي هريرة مرفوعًا: $"ويل للأعقاب من النار"، عند البخاري "165"، ومسلم "242".
وشاهد آخر عند عبد الله بن عمرو بن العاص: عند البخاري "60"، وسلم "241"، وأبي داود "97". وشاهد ثالث عند جابر: عند أحمد "3/ 316 و 369"، وابن ماجه "454"، والطبراني في "الأوسط" "2830".
وشاهد راجع من حديث معيقيب: عنه أحمد "3/ 426". وشاهد خامس: من حديث عائشة: عند مسلم "240"، وابن ماجه "451" و"452"، وأحمد "6/ 99".(9/30)
1748- أَبُو اليَنْبَغِي 1:
شَاعِرٌ, مُحْسِنٌ، ذُو مِزَاحٍ وَهَجْوٍ وَمَدْحٍ لِلْخُلَفَاءِ وَالقُوَّادِ.
أَفْرَدَ المَرْزُبَانِيُّ أَخْبَارَهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: خَدَمْتُ المَنْصُوْرَ وَلِيَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَعَاشَ إِلَى دَوْلَةِ المُعْتَصِمِ وَهُوَ القَائِلُ فِي عُرْسِ بُوْرَانَ:
بَارَكَ اللهُ لِلْحَسَنْ ... وَلِبُوْرَانَ فِي الخَتَنْ
يَا إِمَامَ الهُدَى ظَفِرْ ... تَ وَلَكِنْ ببنت من
__________
1 لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من مصادر.(9/30)
1749- الحميدي 1: "خ، د، ت، س"
عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ أُسَامَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُمَيْدِ بنِ زُهَيْرِ بنِ الحَارِثِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى. وَقِيْلَ: جَدُّهُ هُوَ: عِيْسَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ حُمَيْدٍ, الإِمَامُ, الحَافِظُ, الفَقِيْهُ, شَيْخُ الحَرَمِ, أَبُو بَكْرٍ القُرَشِيُّ, الأَسَدِيُّ, الحُمَيْدِيُّ, المَكِّيُّ, صَاحِبُ "المُسْنَدِ".
حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ -فَأَكْثَرَ عَنْهُ وَجَوَّدَ- وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيِّ, وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ, وَوَكِيْعٍ, وَالشَّافِعِيِّ, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ, وَلَكِنْ لَهُ جَلاَلَةٌ فِي الإِسْلاَمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَالذُّهْلِيُّ وَهَارُوْنُ الحمال وأحمد بن الأَزْهَرِ وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ وَمُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرَ وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى وَأَبُو حَاتِمٍ وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْس المَكِّيُّ وَرَّاقُهُ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: الحُمَيْدِيُّ عِنْدَنَا إِمَامٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ابْنِ عُيَيْنَةَ الحُمَيْدِيُّ, وَهُوَ رَئِيْسُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ إِمَامٌ.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ: جَالَسْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً, أَوْ نَحْوَهَا.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ, وَمَا لَقِيْتُ أَنْصَحَ للإِسْلاَمِ وَأَهلِهِ مِنْهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الهَرَوِيُّ, قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ, وَمَاتَ فِي أَوَّلِهَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ قَبْلَ قُدُومِنَا بِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ, فَسَأَلْتُ عَنْ أَجلِّ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, فَذُكِرَ لِيَ الحُمَيْدِيُّ, فَكَتَبْتُ حَدِيْثَ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, عَنِ الحُمَيْدِيِّ، قَالَ: كُنْتُ بِمِصْرَ, وَكَانَ لِسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ حَلْقَةٌ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ, وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَأَهْلُ العِرَاقِ, فجلست إليهم, فذكروا شيخًا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 502"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 276"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 264"، والأنساب للسمعاني "4/ 231"، واللباب لابن الأثير "1/ 392"، وتذكرة الحفاظ "1/ 419", والعبر "1/ 377"، والكاشف "2/ ترجمة 2749"، وتهذيب التهذيب "5/ 215"، وتقريب التهذيب "1/ 415"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3497"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 45".(9/31)
لسفيان فقالوا: كم يكون حديثه؟ فقلت: كَذَا وَكَذَا. فَسَبَّحَ سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَأَنكرَ ابْنُ دَيْسَمٍ, وَكَانَ إِنْكَارُ ابْنِ دَيْسَمٍ أَشَدَّ عَلَيَّ, فَأَقْبَلْتُ عَلَى سَعِيْدٍ فَقُلْتُ: كَمْ تَحْفَظُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ. فَذَكَرَ: نَحْوَ النِّصْفِ مِمَّا قُلْتُ، وَأَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ دَيْسَمٍ فَقُلْتُ: كَمْ تَحْفَظُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ. فَذَكَرَ: زِيَادَةً عَلَى مَا قَالَ سَعِيْدٌ نَحْوَ الثَّلاَثِيْنَ مِمَّا قُلْتُ أَنَا، فَقُلْتُ: لِسَعِيْدٍ تَحْفَظُ مَا كَتَبْتَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ. فَقَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَعُدَّ. وَقُلْتُ لابْنِ دَيْسَم: فَعُدَّ مَا كَتَبْتَ، قَالَ: فَإِذَا سَعِيْدٌ يُغْرِبُ عَلَى ابْنِ دَيْسَمٍ بِأَحَادِيْثَ وَابْنُ دَيْسَمٍ يُغْرِبُ عَلَى سَعِيْدٍ فِي أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةٍ فَإِذَا قَدْ ذَهَبَ عَلَيْهِمَا أَحَادِيْثُ يَسِيْرَةٌ فَذَكَرْتُ مَا ذَهَبَ عَلَيْهِمَا فَرَأَيْتُ الحَيَاءَ وَالخَجَلَ فِي وُجُوْهِهِمَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ الحُمَيْدِيُّ: مِنْ بَنِي أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ صاحب ابن عيينة وروايته ثِقَةٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ. مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ, وَكَذَا أَرَّخَ البُخَارِيُّ وَقِيْلَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ.
وَلَهُ رِوَايَةٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلٍ القُهُسْتَانِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ صَاحِبَ بَلْغَمٍ, أَحْفَظَ مِنَ الحُمَيْدِيِّ, كَانَ يَحْفَظُ لِسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه يقول: الأَئِمَّةُ فِي زَمَانِنَا الشَّافِعِيُّ وَالحُمَيْدِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ خَلَفٍ: سَمِعْتُ الحُمَيْدِيَّ يَقُوْلُ: مَا دُمْتُ بِالحِجَازِ, وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ بِالعِرَاقِ, وَإِسْحَاقُ بِخُرَاسَانَ لاَ يَغْلِبُنَا أَحَدٌ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: الحُمَيْدِيُّ إِمَامٌ فِي الحَدِيْثِ.
قَالَ الفِرَبْرِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُهَلَّبِ البُخَارِيُّ, حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ, قَالَ: وَاللهِ لأَنْ أَغْزُوَ هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ يَرُدُّوْنَ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغزُوَ عِدَّتَهُم مِنَ الأَترَاكِ.
قُلْتُ: لَمَّا تُوُفِّيَ الشَّافِعِيُّ, أَرَادَ الحُمَيْدِيُّ أَنْ يَتَصَدَّرَ مَوْضِعَهُ, فَتَنَافَسَ هُوَ وَابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ عَلَى ذَلِكَ, وَغَلَبَهُ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ عَلَى مَجْلِسِ الإِمَامِ, ثُمَّ إِنَّ الحُمَيْدِيَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ, وَأَقَامَ بِهَا يَنْشُرُ العِلْمَ رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ, أَخْبَرَنَا(9/32)
المَكَارِمِ المُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يَقُوْلُ: آخِرُ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَشَفَ السِّتَارَةَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا رَأَوْهُ كَأَنَّهُم تَحَرَّكُوا، فَأَشَارَ إِلَيْهِم رَسُوْلُ اللهِ أَنِ امْضُوا، فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، وَأَلْقَى السجف، وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ1.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ الحُلْوَانِيِّ وَعَبْدٍ عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَقَوْلُهُ: وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ اليَوْمِ. غَرِيْبٌ، إِنَّمَا المَحْفُوْظُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي أَوَائِلِ النَّهَارِ قَبْلَ الظُّهْرِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
وَيَقَعُ حَدِيْثُ أَبِي بَكْرٍ الحُمَيْدِيِّ عَالِياً فِي "الغَيْلاَنِيَّاتِ".
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ قَوَامٍ, وَعِدَّةٌ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا ابْنُ الزُّبَيْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ, أَخْبَرَنَا الدَّاوُوْدِيُّ, أَخْبَرْنَا ابْنُ حَمُّوَيْه, أَخْبَرْنَا ابْنُ مَطَرٍ, حَدَّثَنَا البُخَارِيُّ, حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُوْلُ عَلَى المِنْبَرِ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ ... ". وَذَكَرَ الحَدِيْثَ2.
هَذَا أَوَّلُ شَيْءٍ افتَتَحَ بِهِ البُخَارِيُّ "صَحِيْحَهُ" فَصَيَّرَهُ كَالخُطْبَةِ لَهُ. وَعَدَلَ عَنْ رِوَايَتِهِ افْتِتَاحاً بِحَدِيْثِ مَالِكٍ الإِمَامِ إِلَى هَذَا الإِسْنَادِ؛ لِجَلاَلَةِ الحُمَيْدِيِّ وَتَقَدُّمِهِ؛ وَلأَنَّ إِسْنَادَهُ هَذَا عَزِيْزُ المِثْلِ جِدّاً لَيْسَ فِيْهِ عَنْعَنَةٌ أَبَداً، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُم صَرَّحَ بالسماع له.
__________
1 صحيح: أخرجه الحميدي "1188"، وأخرجه البخاري "680"، ومسلم "419".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1"، ومسلم "1907"، وهو عند الحميدي "28".(9/33)
1750- يَحْيَى بنُ أَبِي الخَصيب 1:
زِيَادٍ الرَّازِيُّ الحَافِظُ، قَاضِي عُكْبَرَا. كَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ.
رَوَى عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَمُعَاوِيَةَ الضَّالِّ، وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعَلِيِّ بنِ مُسْهِرٍ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَخَلْقٍ. وَلَهُ: رِحْلَةٌ، وَمَعْرِفَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَامِرٍ الأَنْطَاكِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفَرَّاءُ، وَعَلِيُّ بنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ ثِقَةً، مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، مَا أَعْلَمُ كَانَ فِي زَمَانِهِ أَكْثَرَ حَدِيْثاً مِنْهُ قُلْتُ: وَلاَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى، وَلاَ أَبُو جَعْفَرٍ الجَمَّالُ؟ قَالَ: وَلاَ هَذَانِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ مَشْهُورٌ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 619".(9/33)
1751- المقعد 1: "ع"
عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ أَبِي الحَجَّاجِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو مَعْمَرٍ المِنْقَرِيُّ مَوْلاَهُمْ البَصْرِيُّ، المُقْعَدُ. وَاسْمُ جَدِّهِ: مَيْسَرَةُ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الوَارِثِ بنِ سَعِيْدٍ -فَأَكْثَرَ وجوَّد- وَأَبِي الأَشْهَبِ العُطَارِدِيِّ جَعْفَرِ بنِ حَيَّانَ، وَمُلاَزِمِ بنِ عَمْرٍو وَعَبْثَرِ بنِ القَاسِمِ وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وطائفةٍ.
وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ لَكِنَّهُ مُتْقِنٌ لِعِلْمِهِ وَكَانَ عَدْلاً ضَابِطاً، إِلاَّ أَنَّهُ قَدَرِيٌّ، مِنْ غِلْمَانِ عَبْدِ الوَارِثِ فِي ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ وَالفَضْلُ بنُ سَهْلٍ وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بنُ وَارَةَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ الحَافِظُ وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ خِرَاشٍ وَالرَّمَادِيُّ وَالبِرْتِيُّ وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ وَخَلْقٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: هُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، نَبِيْلٌ، عَاقِلٌ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: كَانَ ثِقَةً, ثَبْتاً, صَحِيْحَ الكِتَابِ, وَكَانَ يَقُوْلُ بِالقَدَرِ، وَكَانَ غَالباً على عبد الوارث.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 475"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 125"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 549"، وتاريخ بغداد "10/ 24"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 509"، والكاشف "2/ ترجمة 2912"، وتهذيب التهذيب "5/ 335"، وتقريب التهذيب "1/ 436"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3687"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 54".(9/34)
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قَدْ كَتَبْتُ كُتُبَ عَبْدِ الوَارِثِ عَنْ وَلَدِهِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ أَكْتُبَهَا عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ.
قُلْتُ: يَقُوْلُ عَلِيٌّ مِثْلَ هَذَا القَوْلِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَقِيَ أَيْضاً عَبْدَ الوَارِثِ، وَسَمِعَ مِنْهُ جُمْلَةَ أَحَادِيْثَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِي عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: أَبُو مَعْمَرٍ فِي عَبْدِ الوَارِثِ أَحَبُّ إليَّ مِنْ عَبْدِ الوَارِثِ فِي رِجَالِهِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ يَقُوْلُ لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: شَيْخٌ كَتَبَ عَنِّي كِتَابَ الحُرُوْفِ، قَالَ: وَكَانَ الأَرُزِّيُّ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ لِلْقَدَرِ، يَخَافُهُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ لاَ يَتَكَلَّمُ فِيْهِ, وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ عَبْدِ الصَّمدِ مِرَاراً.
قُلْتُ: يُرِيْدُ بِالحُرُوْفِ حَرْفَ أَبِي عَمْرٍو بنِ العَلاَءِ, كَانَ عَبْدُ الوَارِثِ قَدْ تَلاَ عَلَى أَبِي عَمْرٍو, وَجَوَّدَ, فَأَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو مَعْمَرٍ المُقْعَدُ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: أَبُو مَعْمَرٍ: ثِقَةٌ يَرَى القَدَرَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ, مُتْقِنٌ, قَوِيُّ الحَدِيْثِ, غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْفَظُ, وَكَانَ لَهُ قَدْرٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ حَافِظٌ -يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ مُتْقِناً، مُحَرِّراً لِكُتُبِهِ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ، قَدَرِيٌّ.
قَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا قَدَّمْتُهُ لِقِدَمِ وَفَاتِهِ، وَلاَ يَقَعُ لَنَا حَدِيْثُهُ فِيْمَا عَلِمْتُ عَالِياً، وَهُوَ عِنْدِي فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ", وَ"مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ", وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ مَعَ بِدْعَتِهِ -نَسْأَلُ اللهَ التَّوفِيْقَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ: أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَطِّيِّ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أيوب, أخبرنا بن شَاذَانَ, أَخْبَرْنَا ابْنُ زِيَادٍ القَطَّانُ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ وَمُسَدَّدٌ, قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "المراء في القرآن كفر" 1.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "2/ 286 و424 و475 و503 و528"، وأبو داود "4603"، والحاكم "2/ 223"، وأبو نعيم في "الحلية" "8/ 212-213"، وفي "أخبار أصبهان" "2/ 123"، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، به، وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي.
قلت: بل إسناده حسن، محمد بن عمرو بن علقمة، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". فالإسناد به حسن.(9/35)
1752-سليمان بن داود 1: "4"
ابن الأمير داود بنُ عَلِيِّ بنِ البَحْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ الشَّرِيْفُ، الإِمَامُ، البَارِعُ، الحَافِظُ، السَّرِيُّ, أَبُو أَيُّوْبَ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ, مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ.
سَمِعَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعْدٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ جَعْفَرٍ, وَعَبْثَرَ بنَ القَاسِمِ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي الزِّنَادِ, وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ, وَهُشَيْماً, وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةُ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, وَسُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الهَاشِمِيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَعَنِ ابْنِ وَارَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ الهَاشِمِيَّ يَقُوْلُ: رُبَّمَا أُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ، وَلِي نِيَّةٌ، فَإِذَا أَتَيْتُ عَلَى بَعْضِهِ، تَغَيَّرَتْ نِيَّتِي، فَإِذَا الحَدِيْثُ الوَاحِدُ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّاتٍ.
عِنْدِي حَدِيْثٌ كَتَبْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا المَوْضِعِ مِنْ رِوَايَةِ الإمام أحمد, عن سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الهَاشِمِيِّ, عَنِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ, وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: مَاتَ سُلَيْمَانُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, أَنَّهُ قَالَ: كَانَ يَصْلُحُ لِلْخِلاَفَةِ، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 343"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 1789"، والكنى للدولابي "1/ 102"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 492"، وتاريخ بغداد "9/ 31"، والعبر "1/ 376"، والكاشف "1/ ترجمة 2104" وتهذيب التهذيب "4/ 187"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2686" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 45".(9/36)
1753- مُعَلَّى بن أسدٍ 1: "خَ، م، ت، س، ق".
الحَافِظُ, الحُجَّةُ, أَبُو الهَيْثَمِ العَمِّي, البَصْرِيُّ, أَخُو بَهْزِ بنِ أَسَدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المُخْتَارِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُثَنَّى الأَنْصَارِيِّ، وَوُهَيْبِ بنِ خَالِدٍ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ, وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ. وَرَوَى مُسْلِمٌ, وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ, وَحَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ, وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ, وَسُلَيْمَانُ بنُ مَعْبَدٍ، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ سِنْجَةُ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ, وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ, وَهِلاَلُ بنُ العَلاَءِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ, وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ مِنَ الأَئِمَّةِ الأَثْبَاتِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي عَثَرْتُ لَهُ عَلَى خَطَأٍ سوى حديث واحد.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ ثمان عشرة ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1542"، وتهذيب التهذيب "10/ 236".(9/36)
1754- سُنَيد 1: "ق"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ الثَّغْرِ، أَبُو عَلِيٍّ حُسَيْنُ بنُ دَاوُدَ. وَلَقَبُهُ: سُنَيْدٌ المَصِّيْصِيُّ، المُحْتَسِبُ, صَاحِبُ "التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ".
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَجَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ, وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ, وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ, وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ, وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الدَّيرعاقولي. وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَكُنْ بِذَاكَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
قُلْتُ: مَشَّاه النَّاسُ، وَحَمَلُوا عَنْهُ وَمَا هُوَ بِذَاكَ المتقن.
ومات فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. خَرَّج لَهُ ابن ماجه حديثًا واحدًا.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1428"، وتاريخ بغداد "8/ 42"، والكاشف "1/ ترجمة 2181"، وتذكرة الحفاظ "2/ 468"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3567"، وتهذيب التهذيب "4/ 244"، وتقريب التهذيب "1/ 335"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2890"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 59".(9/37)
1755- محمد بن سلام 1: "خ"
ابن الفرج، الإِمَامُ الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ مَوْلاَهُمْ، البُخَارِيُّ, البِيْكَنْدِيُّ.
رَأَى مَالِكَ بنَ أَنَسٍ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ السَّمَاعُ مِنْهُ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي الأَحْوَصِ سَلاَّمِ بنِ سُلَيْمٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ, وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ, وَعِيْسَى بنِ مُوْسَى غُنْجَارَ, وَزَائِدَةَ بنِ أَبِي الرّقَادِ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ, وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ بُجَيْرٍ, وَأَحْمَدُ بنُ الضُّوْءِ, وَحُمَيْدُ بنُ النَّضْرِ, وَطُفَيْلُ بنُ زَيْدٍ النَّسَفِيُّ, وَخَلْقٌ مِنْ أَهْلِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ وَأَئِمَّةِ الأَثَرِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ الهَيْثَمِ الشَّاشِيُّ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ يَحْيَى: بِخُرَاسَانَ كَنْزَانِ: كَنْزٌ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيِّ, وَكَنْزٌ عِنْدَ إِسْحَاقَ بنِ راهويه.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ السَّمَرْقَنْدِيُّ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُبَشِّرٍ الكَرْمِيْنِيِّ, قَالَ: انكَسَرَ قَلَمُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيِّ فِي مَجْلِسِ شَيْخٍ, فَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى: قَلَمٌ بِدِيْنَارٍ, فَطَارَتْ إِلَيْهِ الأَقلاَمُ.
قُلْتُ: كَانَ مُحْتَشِماً, ذَا أَمْوَالٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ البِيْكَنْدِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ فِي مَنْزِلِهِ, فَدُقَّ بَابُهُ, فَخَرَجَ, فَقَالَ الشَّخْصُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, أَنَا جِنِّيٌّ, رَسُوْلُ مَلِكِ الجِنِّ إِلَيْكَ, يُسَلِّمُ عَلَيْكَ, وَيَقُوْلُ: لاَ يَكُوْنُ لَكَ مَجْلِسٌ إِلاَّ يَكُوْنُ مِنَّا فِي مَجْلِسِكَ أَكْثَرُ مِنَ الإِنسِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُسْتَفِيْضَةٌ عِنْدَنَا مَشْهُوْرَةٌ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمٍ, قَالَ: لَمْ أَجْلِسْ فِي سُوقِ بِيْكَنْدَ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ سَهْلُ بنُ المُتَوَكِّلِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سَلاَمٍ يَقُوْلُ: أَنَا مُحَمَّدُ بن سلام -بالتخفيف.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 314"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1508"، والأنساب للسماعني "2/ 374"، والكاشف "3/ ترجمة 4974"، والعبر "1/ 395"، وتهذيب التهذيب "9/ 212"، وتقريب التهذيب "2/ 168"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6191"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 57".(9/38)
قُلْتُ: بِكُلٍّ قَالُوا, فَقَدْ ذُكِرَ التَّثْقِيلُ، وَلَمْ يَثْبُتْ.
وَقَدْ دَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ خُوَارِزْمَ مَعَ غُنْجَارَ، وَسَمِعَا بِهَا مِنْ: عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ الأَسْوَدِ البَصْرِيِّ، وَمُغِيْرَةَ بنِ مُوْسَى صَاحِبِ سعيد بن أبي عروبة.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بن سلام يقول: كتبت عن أربعمائة شَيْخٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سَلاَمٍ يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ مَالِكاً فَإِذَا النَّاسُ يقرءون عَلَيْهِ فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ.
وَقَالَ سَهْلُ بنُ المُتَوَكِّلِ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً يَقُوْلُ: أَنْفَقْتُ فِي طَلَبِ العِلْمِ أَرْبَعِيْنَ أَلفاً وَأَنْفَقْتُ فِي نَشْرِهِ أَرْبَعِيْنَ أَلفاً وَلَيْتَ مَا أَنْفَقْتُ فِي طَلَبِهِ كَانَ فِي نَشْرِهِ -أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ شُرَيْحٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سَلاَمٍ يَقُوْلُ: أَحْفَظُ نَحْواً مِنْ خَمْسَةِ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغُنْجَارُ: كَانَ لاِبْنِ سَلاَمٍ مُصَنَّفَاتٌ فِي كُلِّ بَابٍ مِنَ العِلْمِ, وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي حَفْصٍ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ الفَقِيْهِ مَودَّةٌ وَأُخُوَّةٌ مَعَ تَخَالُفِهِمَا فِي المذهب.
قال يحيى بن جعفر البيكدي: وُلِدَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيْهَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي سَابِعِ صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.(9/39)
1756- علي بن مَعْبَد 1:
ابن شداد، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ العَبْدِيُّ الرَّقِّيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ, وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ, وَمُوْسَى بنِ أَعْيَنَ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ, وَأَبِي الأَحْوَصِ, وَابْنِ عُيَيْنَةَ, وَهُشَيْمٍ, وَالمُعَافَى بنِ عِمْرَانَ, وَالمُسَيَّبِ بنِ شَرِيْكٍ, وَعَتَّابِ بنِ بَشِيْرٍ, وَابْنِ وَهْبٍ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, وَالشَّافِعِيِّ, وَخَلْقٍ.
رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ: "الجَامِعَ الكَبِيْرَ", وَ"الجَامِعَ الصَّغِيْرَ".
رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَأَبُو عُبَيْدٍ, وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ, وَخُشَيْشُ بنُ أَصْرَمَ, وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ, وَبَحْرُ بنُ نَصْرٍ, وَسَمُّوْيَه, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ, وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ الفَقِيْهُ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَمِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيُّ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَأَبُو يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيُّ, وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: انْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِ المَأْمُوْنِ وَقَدْ أَبَيْتُ عَلَيْهِ الدُّخُولَ فِيْمَا عَرَضَهُ مِنَ القَضَاءِ بِمِصْرَ، فَرَشْتُ حَصِيراً, وَقَعَدْتُ عَلَى بَابِي فَمَرَّ رَجُلاَنِ يَقُوْلُ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: وَاللهِ مَا صَحَّ لَهُ إِلَى الآنَ شَيْءٌ, وَقَدْ فَتَحَ بَابَهُ, وَفَرَشَ حَصِيرَهُ, فَدَخَلْتُ, وَجلَسْتُ دَاخِلَ بَابِي, وَقُلْتُ: أَقْرَبُ إِلَى مَنْ يَجِيئُنِي. فَمَرَّ رَجُلاَنِ, فسمعت أحدهما يَقُوْلُ: مَا صَحَّ لَهُ شَيْءٌ, وَأَغْلَقَ بَابَهُ, فَكَيْفَ لَوْ صَحَّ لَهُ شَيْءٌ؟
وَقَالَ سُلَيْمَانُ الكَيْسَانِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ مَعْبَدٍ يَقُوْلُ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ المَأْمُوْنِ أَنْ قَالَ: إِنْ كَانَ لَكَ أَخٌ صَالِحٌ فَاسْتَعِنْ بِهِ كَمَا اسْتَعَنْتُ بِأَخِي هَذَا. فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إِنَّ لِي حُرْمَةً. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: سَمَاعِي مَعَكُمْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، قَالَ: وَأَيْنَ كُنْتَ تَسْمَعُ؟ قُلْتُ: فِي دَارِ الرَّشِيْدِ. قَالَ: وَكَيْفَ دَخَلْتَ؟ قُلْتُ: بِأَبِي. قَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ قُلْتُ: مَعْبَدُ بنُ شَدَّادٍ. فَأَطْرَقَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ طَاعَتِنَا عَلَى غَايَةٍ فَلِمَ لاَ تَكُوْنُ مِثْلَهُ?
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كُنْيتُهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، مَرْوَزِيُّ الأَصْلِ، قَدِمَ مِصْرَ مَعَ أَبِيْهِ مَعْبَدٍ، وَكَانَ يَذْهَبُ فِي الفِقْهِ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَرَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ "الجَامِعَ الكَبِيْرَ", وَ"الصَّغِيْرَ"، تُوُفِّيَ بِمِصْرَ، لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ, سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2458"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 463"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1124"، والكشاف "2/ ترجمة 4030"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5946"، وتهذيب التهذيب "7/ 384"، وتقريب التهذيب "2/ 44"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5052".(9/40)
1757- فأما علي بن معبد بن نوح 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ الصغير.
فَيَرْوِي عَنْ: عَبْدِ الوَهَّابِ الخَفَّافِ, وَزَيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَرَوْحِ بنِ عُبَادَةَ، وَعَلِيِّ بنِ مَعْبَدِ بنِ شَدَّادٍ، وَأَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بنِ القَاسِمِ، وَيَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ, وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَأَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ، وَأَبِي بَدْرٍ السَّكُوْنِيِّ, وَطَبَقَتِهِم, وَلَهُ رِحْلَةٌ وَبَصَرٌ بِهَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الوَكِيْعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سِرَاجٍ المِصْرِيُّ وَعَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ الرَّازِيُّ، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المُهَنْدِسُ, وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ التَّرْخُمِيُّ, وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ, وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا, وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، سَكَنَ مِصْرَ، وَكَانَ أَبُوْهُ وَالِياً عَلَى طَرَابُلُسَ المَغْرِبِ، قُلْتُ: وَكَانَ أَخُوْهُ عُثْمَانُ بنُ مَعْبَدٍ مِنَ القُرَّاءِ، وَلَكِنْ مَا عَرَفْتُ عَلَى مَنْ قَرَأَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْنَا شَيْئاً مِنْ حَدِيْثِ عَلِيِّ بنِ مَعْبَدِ بنِ نُوْحٍ بِمَكَّةَ، وَكَانَ حَاجّاً فَلَمْ يُقْضَ لَنَا السَّمَاعُ مِنْهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَكَانَ صَدُوْقاً.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الجِعَابِيِّ: نَزَلَ مِصْرَ, وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: مستقيم الحديث.
قُلْتُ: قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ: عِنْدَهُ عَجَائِبُ: عِبَارَةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّلْيِينِ, فَلاَ تُقْبَلُ إِلاَّ مُفَسَّرَةٌ، وَالرَّجُلُ فَثِقَةٌ صَادِقٌ صَاحِبُ حَدِيْثٍ, وَلَكِنَّهُ يَأْتِي بِغَرَائِبَ عَنْ مَنْ يَحْتَمِلُهَا.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَكَذَا أَرَّخَهُ ابْنُ يُوْنُسَ, وَكَانَ تَاجِراً.
قَالَ شَيْخُنَا المِزِّيُّ: قِيْلَ: إِنَّ النَّسَائِيَّ رَوَى عَنْهُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ فِي "مسند مالك"، عن زكريا، عنه.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1125"، وتاريخ بغداد "12/ 109"، والكاشف "2/ ترجمة 4031"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5945"، وتهذيب التهذيب "7/ 385"، وتقريب التهذيب "2/ 44"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5052".(9/41)
1758- النفيلي 1: "خ، 4"
عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ نفيل بن زراع بن علي. وَقِيْلَ: ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسِ بنِ عُصْم، الإِمَامُ، الحَافِظُ، عَالِمُ الجَزِيْرَةِ، أَبُو جَعْفَرٍ القُضَاعِيُّ، ثُمَّ النُّفَيْلِيُّ، الحَرَّانِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَمَعْقِلِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَعُفَيْرِ بنِ مَعْدَانَ، وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ, وَخُلَيْدِ بنِ دَعْلَجٍ, وَأَبِي مَهْدِيٍّ سَعِيْدِ بنِ سِنَانٍ الحِمْصِيِّ, وَعِكْرِمَةَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْدِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الحُجُبِيِّ -آخِرِ مَنْ حَدَّثَ عَنْ: صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ- وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ, وَعَبْدِ الرحمن بن أبي الرجال, وزيد بن السَّائِبِ الجَزَرِيِّ, وَأَبِي المَلِيْحِ الرَّقِّيِّ, وَعَبَّادِ بنِ كَثِيْرٍ الرَّمْلِيِّ, وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, وَالدَّرَاوَرْدِيِّ, وَابْنِ المُبَارَكِ, وَالنَّضْرِ بنِ عَرَبِيٍّ, وَمُوْسَى بنِ أَعْيَنَ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ -فَأَكْثَرَ- وَأَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ سَيْفٍ، وَعَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ النُّفَيْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَالذُّهْلِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دَيْزِيْلَ, وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ, وَأَبُو الأَصْبَغِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَرْقَسَانِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عِقَالٍ, وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى البُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ -غَيْرِ مَنْسُوْبٍ- عَنِ النُّفَيْلِيِّ، فَقِيْلَ: هُوَ الذُّهْلِيُّ، وَقِيْلَ: البُوْشَنْجِيُّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ أَثْنَى عَلَى النُّفَيْلِيِّ، وَقَالَ: كَانَ يَمُرُّ مَعِي إِلَى مِسْكِيْنِ بنِ بُكَيْرٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يُثنِي عَلَى النُّفَيْلِيِّ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنَ النُّفَيْلِيِّ. قُلْتُ: وَلاَ عِيْسَى بنُ شَاذَانَ؟ قَالَ: وَلاَ عِيْسَى، وَكَانَ الشاذَكوني لاَ يُقِرُّ لأَحَدٍ فِي الحِفْظِ إِلاَّ لِلنُّفَيْلِيِّ، وَكَانَ أَحْمَدُ إِذَا ذَكَرَهُ, يُعَظِّمُهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَمَا رَأَينَا لَهُ كِتَاباً قط, وكل ما حدثنا, فمن حفظه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 487"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 209"، والجرح والتعديل "5/ 735"، والكاشف "2/ ترجمة 3001"، والعبر "1/ 417"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 447"، وتهذيب التهذيب "6/ 16"، وتقريب التهذيب "1/ 448"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3793"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 80".(9/42)
قَالَ: وَقُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: أَيُّمَا أَثْبَتُ في زهير: أحمد بن يونس، أو النُّفَيْلِيُّ؟ فَقَالَ: أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ رَجُلٌ صَدُوْقٌ، وَالنُّفَيْلِيُّ صَاحِبُ حَدِيْثٍ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ فِي عَتَّابِ بنِ بَشِيْرٍ: تَرَكَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِأَخَرَةٍ، وَكَفَّ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيْثِهِ, وَذَاكَ أَنَّ الخَطَّابِيَّ حَدَّثَهُ عَنْهُ بِحَدِيْثٍ، فَقَالَ لِي أَحْمَدُ: أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ يُحَدِّثُ عَنْهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ أَعْلَمُ بِهِ.
قَالَ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: أَشْهَدُ عَلَى أَنِّي لَمْ أَرَ أَحْفَظَ مِنَ النُّفَيْلِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ الثِّقَةُ المَأْمُوْنُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ, مُحْتَجٌّ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: كَتَبُوا عَنْهُ فِي أَيَّامِ هُشَيْمٍ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيَّ يَحكِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، قَالَ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بِمِصْرَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ بِبَغْدَادَ, وَابْنُ نُمَيْرٍ بِالكُوْفَةِ, وَالنُّفَيْلِيُّ بِحَرَّانَ هَؤُلاَءِ أَرْكَانُ الدِّيْنِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: كَانَ النُّفَيْلِيُّ مُتْقِناً, يَحْفَظُ، سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً، سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ أَبَانٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ أَهْلٌ أَنْ يُقْتَدَى بِهِ.
وَعَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: وَكِيْعٌ وَابْنُ مَهْدِيٍّ, وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَرَابِعُهُمُ: النُّفَيْلِيُّ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قِيْلَ: مَاتَ فِي أَحَدِ الرَّبِيعَيْنِ وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التسعين.(9/43)
1759- الجرمي 1: "خَ، م"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عُبَيْدِ اللهِ، سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الجَرْمِيُّ، الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: شَرِيْكٍ, وَعَمْرِو بنِ أَبِي المِقْدَامِ, وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ, وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبْجَرَ, وَعَمْرِو بنِ عَطِيَّةَ العَوْفِيِّ, وَيَعْقُوْبَ بنِ أَبِي المُتَّئِدِ, وَالقَاضِي أَبِي يُوْسُفَ, وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ. وَرَوَى: أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الله المخرمي, وآخرون.
سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْهُ, فَقَالَ: صَدُوْقٌ، كَانَ يَسْمَعُ مَعَنَا الحَدِيْثَ، وَيَطْلُبُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ يَتَشَيَّعُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَيُّوْب المُخَرِّمِيُّ: كَانَ إِذَا قَدِمَ بَغْدَادَ نَزَل عَلَى أَبِي, وَكَانَ إِذَا جَاءَ ذِكْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُبَّمَا سَكَتَ, وَإِذَا جَاءَ ذِكْرُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا: مَاتَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ, وَأَحْمَدُ بنُ جَمِيْلٍ, وَأَحْمَدُ بنُ جَنَابٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّيْنِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمْزَةَ, وَإِسْحَاقُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالْقَانِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ الشَّالَنْجِيُّ الفَقِيْهُ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عِيْسَى العَطَّارُ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي سَمِيْنَةَ, وَسَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ, وَأَمِيْرُ خُرَاسَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرٍ الخُزَاعِيُّ, وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ صَالِحٍ البُرْجُمِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ يَحْيَى المَدَنِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ, وَعَوْنُ بنُ سَلاَّمٍ الكُوْفِيُّ, وَأَبُو غَسَّانَ مَالِكٌ المِسْمَعِيُّ, وَمَحْبُوْبُ بنُ مُوْسَى الأَنْطَاكِيُّ, وَمَهْدِيُّ بنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ, وَعَتِيْقُ بنُ يَعْقُوْبَ الزُّبَيْرِيُّ, وَإِسْحَاقُ بنُ عُمَرَ بنِ سَلِيْطٍ البصري, والحسن بن الحكم القطربلي2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1713"، والجرح التعديل "4 / ترجمة 216"، وتاريخ بغداد "9/ 87"، والكاشف "1/ ترجمة 1970"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3264"، والمغني "1/ ترجمة 2449"، وتهذيب التهذيب "4/ 76"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2532".
2 القُطربُلُي: نسبه إلى قُطْربُل، قرية من قرى بغداد.(9/44)
1760- عُمر بن حفص بن غِياث 1: "خَ، م، د، ت، س"
عَنْ: أَبِيْهِ؛ قَاضِي الكُوْفَةِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَغَيْرِهِم.
يُكْنَى: أَبَا حَفْصٍ، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخَانِ فِي "صَحِيْحَيهِمَا". وَرَوَى أَرْبَابُ السُّنَنِ -سِوَى ابْنِ مَاجَهْ- عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ السُّلَمِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه, وَأَحْمَدُ بنُ مُلاَعِبٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: تَبِعْتُهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ.
قَالَ البُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ عَنْ غَيْرِ أَبِيْهِ، وَكَانَ مُكْثِراً عَنْهُ مَلِيّاً بِهِ.
مات عن بضع وخمسين سنة، بالكوفة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 413"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 1994"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة رقم 544"، والعبر "1/ 385"، والكاشف "2/ ترجمة 4100"، وتهذيب التهذيب "7/ 435"، وتقريب التهذيب "2/ 53"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5140"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 50".(9/44)
1761- خالد بن خَلِيّ 1:
القَاضِي، الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو القَاسِمِ الكَلاَعِيُّ, الحِمْصِيُّ، قَاضِي بَلَدِهِ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: بَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ, وَمُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ, وَسَلَمَةَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ العوْصِيُّ, وَمُحَمَّدِ بنِ حِمْيَرٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ"، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، وَوَلَدُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ بنِ خَلِيٍّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ نُبَلاَءِ العُلَمَاءِ.
قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ القَاضِي: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ البَهْرَانِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا وَجَّهَ المَأْمُوْنُ إِلَى أَهْلِ حِمْصَ لِيَقْدَمُوا عَلَيْهِ دِمَشْقَ, وَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى أَرْبَعَةٍ: يَحْيَى بنِ صَالِحٍ الوُحَاظِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ، وَأَبِي اليَمَانِ، وَخَالِدِ بنِ خَلِيٍّ. قَالَ: فَأَوَّلُ مَنْ دَخَلَ أَبُو اليَمَانِ.
فَقَالَ لَهُ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: مَا تَقُوْلُ فِي يَحْيَى بنِ صَالِحٍ؟ فَقَالَ: أَوْرَدَ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ الأَهْوَاءِ شَيْئاً لاَ نَعْرِفُهُ. قَالَ: فَمَا تَقُوْلُ فِي عَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ لاَ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ. قَالَ: فَخَالِدُ بنُ خَلِيٍّ؟ قَالَ: أَنَا أَقرَأْتُهُ القُرْآنَ. فَأَمَرَ به, فأخرج.
ثُمَّ أُدْخِلَ يَحْيَى بنُ صَالِحٍ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَبِي اليَمَانِ؟ قَالَ: شَيْخٌ مِنْ شُيُوخِنَا، مُؤَدِّبُ أَوْلاَدِنَا. قَالَ: فَعَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ؟ قَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ، لاَ يَصْلُحُ. قَالَ: فَخَالِدُ بنُ خَلِيٍّ؟ قَالَ: عَنِّي أَخَذَ العِلْمَ, وَكَتَبَ الفِقْهَ. فَأُخْرِجَ.
وَأُدْخِلَ عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، فَحَادَثَهُ, وَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَبِي اليَمَانِ؟ فَقَالَ: شَيْخٌ صَالِحٌ، يَقْرَأُ القُرْآنَ. قَالَ: فَيَحْيَى؟ قَالَ: أَحَدُ الفُقَهَاءِ. قَالَ: فَخَالِدُ بنُ خَلِيٍّ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِن أَهْلِ العِلْمِ. ثُمَّ أَخَذَ يَبْكِي.
ثُمَّ أُدْخِلَ خَالِدٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُوْلُ فِي أَبِي اليَمَانِ؟ قَالَ: شَيْخُنَا, وَعَالِمُنَا, وَمَنْ قَرَأْنَا عَلَيْهِ القُرْآنَ. قَالَ: فَيَحْيَى؟ قَالَ: أَخَذْنَا عَنْهُ العِلْمَ وَالفِقْهَ. قَالَ: فَابْنُ عَيَّاشٍ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِن الأَبْدَالِ، إِذَا نَزَلَتْ بِنَا نَازِلَةٌ, سَأَلْنَاهُ, فَدَعَا اللهَ فَكَشَفَهَا، فَإِذَا أَصَابَنَا القَحْطُ سَأَلْنَاهُ فَدَعَا اللهَ تَعَالَى, فَسَقَانَا الغَيثَ, قَالَ: فَعَمَدَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ إِلَى سِتْرٍ رَقِيْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَأْمُوْنِ, فَرَفَعَهُ, فَقَالَ لَهُ المَأْمُوْنُ: هَذَا يَصلُحُ لِلْقَضَاءِ, فَوَلِّهِ, فَأَمَرَ بِالخِلَعِ, فَخُلِعَتْ عَلَى خَالِدٍ, وَوَلاَّهُ القَضَاءَ.
قُلْتُ: لَمْ أَظْفَرْ لَهُ بِوَفَاةٍ، كَأَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 498"، والكنى للدولابي "2/ 84"، والجرح والتعديل، "3/ ترجمة 1496"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 113"، والكاشف "1/ ترجمة 1321"، وتهذيب التهذيب "3/ 86"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1749".
"خلي": قيده أبو نصر بن ماكولا بتخفيف اللام.(9/45)
1762- ابنه محمد بن خالد بن خلي 1: "س"
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحُجَّةُ، أَبُو الحُسَيْنِ الحِمْصِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهْبِيِّ, وَأَبِي اليَمَانِ, وَبِشْرِ بنِ شُعَيْبٍ.
رَوَى عَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَحَاجِبُ بنُ أَرَّكِيْنَ، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَوَلَدُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ خَلِيٍّ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ.
وَعَاشَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1343"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 113"، والكاشف "3/ ترجمة 4892"، وتهذيب التهذيب "9/ 140"، وتقريب التهذيب "2/ 157"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6178".(9/46)
1763- محمد بن المنهال 1: "خ، م، د"
الضرير، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الإِمَامُ، أَبُو جَعْفَرٍ -وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ- التَّمِيْمِيُّ, البَصْرِيُّ، صَاحِبُ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ, وَرَاوِيَتُهُ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: أَبِي عَوَانَةَ, وَجَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيِّ, وَمَخْشِيِّ بنِ مُعَاوِيَةَ البَاهِلِيِّ, وَحَبِيْبَةَ بِنْتِ حَمَّادٍ المَازِنِيَّةِ, وَجَمَاعَةٍ يَسِيْرَةٍ.
وَلَمْ يَرْحَلْ, وَلاَ كَتَبَ, بَلْ كَانَ يَحْفَظُ.
رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ, وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ البُخَارِيُّ, وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ, وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ, وَمُضَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَيَعْقُوْبُ بنُ شيبة, وَيُوْسُفُ القَاضِي, وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ العِجْلِيُّ: بَصْرِيٌ, ثِقَةٌ, لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ, قُلْتُ لَهُ: لَكَ كِتَابٌ؟ فَقَالَ: كِتَابِي صَدْرِي.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَتَبَ عَنْهُ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ كِتَابَ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَهُوَ حَافِظٌ، كَيِّسٌ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ المِنْهَالِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيَّ "تَفْسِيْرَ أَبِي رَجَاءَ" لِيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ, فَأَملَى عَلَيَّ مِنْ حِفْظِهِ نِصْفَهُ, ثُمَّ أَتَيتُه يَوْماً آخر بعد كم، فَأَملَى عَلَيَّ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى، فَقَالَ: خُذْ فَتَعَجَّبتُ, وَكَانَ يَحْفَظُ حَدِيْثَ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ.
وَقَالَ القَاسِمُ بنُ صَفْوَانَ البَرْذَعِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذَ: أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتُ أَرْبَعَةٌ: مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ الضَّرِيْرُ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى يَذْكُرُ مُحَمَّدَ بنَ مِنْهَالٍ الضَّرِيْرَ, وَيُفَخِّمُ أَمرَهُ, وَيَذْكَرُ أَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ مَنْ بِالبَصْرَةِ فِي وَقْتِهِ, وَأَثْبَتَهُم فِي يزيد بن زريع.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 786"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 371" و"2/ 257"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 396"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 454"، والكاشف "3/ ترجمة 5257"، والعبر "1/ 410"، وتهذيب التهذيب "9/ 475"، وتقريب التهذيب "2/ 210"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6679"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 71".(9/47)
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، قَالَ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ لَيْلَةَ الأَحَدِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: مَاتَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ المُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ فِيْمَا حَدَّثَ بِهِ وَأَجَازَهُ لِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وعشرين وخمسمائة، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ القَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ, وَشُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ عَنْ عَامِرِ بنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -أُخْتِهِ- قَالَتْ: "كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصْبِحُ فِيْنَا جُنُباً مِنْ غَيْرِ احْتِلاَمٍ ثُمَّ يُصْبِحُ صَائِماً"1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, غَرِيْبٌ. وَعَامِرٌ: مِنَ الطُّلَقَاءِ. تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِه النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيْقِ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيْدٍ فَقَطْ.
وَمِنْ غَرِيْبِ الاتِّفَاقِ: وَفَاةُ سَمِيِّهِ وَشَرِيْكِهِ فِي اللِّقَاءِ مَعَهُ فِي عَامٍ, وَهُوَ:
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1925"، ومسلم "1109"، وأبو داود "2388".(9/48)
1764- مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ البَصْرِيُّ 1:
العَطَّارُ، أَخُو الحَافِظِ الثِّقَةِ حَجَّاجِ بنِ مِنْهَالٍ الأَنْمَاطِيِّ.
يَرْوِي عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُريع, وَجَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ وَفَيَّاضِ بنِ ثَابِتٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَمُطَيَّنٌ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ هَذَا وَعَنِ الضَّرِيْرِ، فَقَالَ: جَمِيْعاً ثِقَتَانِ، وَالضَّرِيْرُ أَحْفَظُ، وَأَكْيَسُ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ".
قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ: وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ أَيْضاً فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ الأَثْرَمُ، وَعُبَادَةُ بنُ زِيَادٍ الكُوْفِيُّ، وَخَالِدُ بنُ مِرْدَاسٍ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ البُوَيْطِيُّ الفَقِيْهُ، وَمُحْرِزُ بنُ عَوْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الخُزَاعِيُّ الشَّهِيْدُ، وَعَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ الأَوْدِيُّ, وَخَلَفُ بنُ سَالِمٍ الحَافِظُ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ, وَهَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ, وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ, وَأُمَيَّةُ بنُ بِسْطَامَ, وَكَامِلُ بنُ طَلْحَةَ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 395"، وتهذيب التهذيب "9/ 476"، وتقريب التهذيب "2/ 210"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6680"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 71".(9/48)
1765- ابن سَماعة 1:
قَاضِي بَغْدَادَ, العَلاَّمَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَمَاعَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ هِلاَلٍ التَّيْمِيُّ, الكُوْفِيُّ, صَاحِبُ أَبِي يُوْسُفَ وَمُحَمَّدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: اللَّيْثِ، وَالمُسَيَّبِ بنِ شَرِيْكٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ الضَّبِّيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَنْبَرٍ الوَشَّاءُ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَوْ أَنَّ المُحَدِّثِيْنَ يَصدُقُوْنَ فِي الحَدِيْثِ كَمَا يَصْدُقُ ابْنُ سَمَاعَةَ فِي الفِقْهِ، لَكَانُوا فِيْهِ عَلَى نِهَايَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطِيَّةَ: كَانَ وِردُه فِي اليَوْمِ مائَتَيْ رَكْعَةٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَكَثتُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ تَفُتْنِي التَّكبِيرَةُ الأُوْلَى, إِلاَّ يَوْمَ مَاتَتْ أُمِّي، فَصَلَّيْتُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ صَلاَةً، أُرِيْدُ التضعيف.
قُلْتُ: وَلِيَ القَضَاءَ لِلرَّشِيْدِ بَعْدَ يُوْسُفَ بنِ أَبِي يُوْسُفَ، وَدَامَ إِلَى أَنْ ضَعُفَ بَصَرُه، فَصَرَفَهُ المُعْتَصِمُ بِإِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّادٍ.
عُمِّرَ مائَةَ سَنَةٍ وَثَلاَثَ سِنِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 341"، وتهذيب التهذيب "9/ 204"، وتقريب التهذيب "2/ 167" وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6277".(9/49)
1766 - يحيى بن بشر 1: "م"
ابن كثير، المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو زَكَرِيَّا الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ, الحَرِيْرِيُّ، التَّاجِرُ.
قَدِمَ دِمَشْقَ، فَسَمِعَ مِنْ: مُعَاوِيَةَ بنِ سَلاَّمٍ الحَبَشِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسَعِيْدِ بنِ بِشْرٍ, وَمَعْرُوْفٍ الخَيَّاطِ، وَبِالكُوْفَةِ مِنْ: جَعْفَرٍ الأَحْمَرِ، وَالفَضْلِ بنِ صَدَقَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَبِشْرُ بنُ مُوْسَى, وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ, وَمُطَيَّنٌ وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ, وَالحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ.
قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَدِمَ دِمَشْقَ تَاجِراً، وَتُوُفِّيَ بِالكُوْفَةِ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَفِيْهَا وَرَّخُه: البَغَوِيُّ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ وَحدَهُ: سَنَةَ سَبْعٍ. كَذَا فِي النُّسْخَةِ وَمَا أَكْثَرَ مَا يَتَصَحَّفُ تِسْعٌ بِسَبْعٍ!
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 411"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 554"، وتذكرة الحفاظ "2/ 442"، والكاشف "3/ ترجمة 6249"، والعبر "1/ 400"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9467"، وتهذيب التهذيب "11/ 189"، وتقريب التهذيب "2/ 343".(9/50)
1767- ابن أبي الأسود 1: "خَ، د، ت"
الإِمَامُ, الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدِ بن الأسود البصري. تخرج بخاله؛ عبد الرحمن بنِ مَهْدِيٍّ.
سَمِعَ مِنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَجَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَأَبِي عَوَانَةَ, وَعَبْدِ الوَاحِدِ بن زياد, وزيد بنِ زُرَيْعٍ, وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ, وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَجَدِّهِ؛ أَبِي الأَسْوَدِ, وَحُمَيْدِ بنِ الأَسْوَدِ, وَطَائِفَةٍ.
وَتَوَسَّعَ فِي العِلْمِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ هَمْدَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ. وَرَوَى: التِّرْمِذِيُّ, عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ. وَمِنَ الرَّاوِيْنَ
عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَمُّوْيَه، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَعُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خُرَّزَاذَ, وَسَمِعَ وَهُوَ حَدَثٌ بِاعْتِنَاء خَالِهِ.
رَوَى عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ سَمِعَ وَهُوَ صَغِيْرٌ مِنْ أبي عوانة وقد كان يطلب الحديث.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ حَافِظاً, مُتْقِناً، سَكَنَ بَغْدَادَ.
قَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ سِتُّوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ مَوْلُِدُه ظنًّا في سنة ثلاث وستين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 594"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 733"، وتاريخ بغداد "10/ 62"، والكاشف "2/ ترجمة 2987"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4559"، وتهذيب التهذيب "6/ 6"، وتقريب التهذيب "1/ 446"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3776".(9/50)
1768- الفَرْوي 1: "خَ، ت، ق"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمْ، الفَرْوِيُّ، المَدَنِيُّ.
سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, وَمَالِكَ بنَ أَنَسٍ, وَسُلَيْمَانَ بنَ بِلاَلٍ, وَعُبَيْدَةَ بنَ نَائِلٍ, وَنَافِعَ بنَ أَبِي نُعَيْمٍ, وَابْنَ أَبِي حَازِمٍ, وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ، وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغُ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، وَلَكِنْ ذَهَبَ بصره، فربما لقن, وكتبه صحيحة.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ".
وَوَهَّاهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَنَقَمَ عَلَيْهِ رِوَايَتَه؛ لِحَدِيْثِ الإِفْكِ عَنْ مَالِكٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ، وَيُوبِّخُوْنَه عَلَى هَذَا.
قُلْتُ: القَوْلُ مَا قَالهُ فِيْهِ أَبُو حَاتِمٍ، أَمَا عَمُّ أَبِيْهِ؛ إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ, فَذَاكَ وَاهٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ الفَرْوِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ أَيْضاً: التِّرْمِذِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ، وَوَقَعَ لَنَا فِي "جُزْءِ ابْنِ دَيْزِيْلَ" حَدِيْثُ الإِفكِ، رواه عن الفروي، عن مالك.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1281"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 820"، والأنساب للسمعاني "9/ 288"، واللباب لابن الأثير "2/ 426"، وميزان الاعتدال "1/ 198"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 422"، وتهذيب التهذيب "1/ 428"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 58".(9/51)
1769- عبد الرحمن بن سلام 1: "م"
ابن عبيد الله الجمحي مَوْلاَهُمُ البَصْرِيُّ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ, أَبُو حَرْبٍ، أَخُو مُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيِّ الأَخْبَارِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ، وَأَبِي المِقْدَامِ هِشَامِ بنِ زِيَادٍ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ, والربيع بن مسلم وجماعة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامُ, وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كان من أبناء التسعين.
وكذلك أخوه:
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1154"، والكاشف "2/ ترجمة 3257"، وتهذيب التهذيب "6/ 192"، وتقريب التهذيب "1/ 483"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4120".(9/52)
1770- محمد بن سَلام ٍ1:
العَلامة، أَبُو عَبْدِ اللهِ الجُمَحِيُّ، وَوَلاَؤُهُم لِقُدَامَةَ بنِ مظعونٍ.
كَانَ عَالِماً, أَخْبَارِيّاً, أَدِيْباً, بَارِعاً.
حَدَّثَ عَنْ: مُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ, وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ, وَأَبِي عَوَانَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، وَثَعْلَبٌ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ وَأَبُو خَلِيْفَةَ, وَعَدَدٌ كثير.
قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: صَنَّفَ كِتَابَ "طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ".
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ بَغْدَادَ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، فَاعتَلَّ عِلَّةً شَدِيْدَةً، فَأَهْدَى إِلَيْهِ الرُّؤَسَاءُ أَطِبَّاءهُم, وَكَانَ مِنْهُم ابْنُ مَاسُوَيْه الطَّبِيْبُ, فَلَمَّا رَآهُ, قَالَ: مَا أَرَى مِنَ العِلَّةِ كَمَا أَرَى مِنَ الجَزَعِ. قَالَ: وَاللهِ مَا ذَاكَ لِحِرصٍ عَلَى الدُّنْيَا مَعَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ فِي غَفْلَةٍ حَتَّى يُوقَظَ بِعِلمِهِ. فَقَالَ: لاَ تَجْزَعْ فَقَدْ رَأَيْتُ فِي عِرْقِكَ مِنَ الحَرَارَةِ الغَرِيْزِيَّةِ وَقُوَّتِهَا مَا إِنْ سَلَّمَكَ اللهُ مِنَ العَوَارِضِ, بَلَّغَكَ عَشْرَ سِنِيْنَ أُخْرَى، قَالَ ابْنُ فَهْمٍ: فَوَافَقَ كَلاَمُهُ قَدَراً، فَعَاشَ كَذَلِكَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو خَلِيْفَةَ: ابْيَضَّتْ لِحْيَةُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ وَرَأْسُهُ, وَلَهُ سَبْعٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَفْنَيتُ ثَلاَثَةَ أَهْلِيْنَ مَاتُوا, وَهَا أَنَا فِي الرَّابِعَةِ وَلِيَ أَوْلاَدٌ.
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1510"، وتاريخ بغداد "5/ 327"، والأنساب للسمعاني "3/ 299"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "18/ 204"، وميزان الاعتدال "3/ 567"، والعبر "1/ 409"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 114-115"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 260"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 115"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 71".(9/52)
1771- أحمد بن شبيب 1 "خ، س"
ابن سعيد، الحَبَطي الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيُّ، المُجَاوِرُ بِمَكَّةَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَالفَلاَّسُ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَالفَسَوِيُّ, وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1495" والجرح والتعديل "2/ ترجمة 70"، والأنساب للسمعاني "4/ 49"، وميزان الاعتدال "1/ 103"، والكاشف "1/ ترجمة 38"، وتهذيب التهذيب "1/ 36".(9/53)
1772- أبو توبة الحلبي 1: "خَ، م، د"
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخِ، أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيْعُ بنُ نَافِعٍ الحَلَبِيُّ، نَزِيْلُ طَرَسُوْسَ الَّتِي هِيَ اليَوْمَ مِنْ بِلاَدِ الأَرْمَنِ.
مَوْلِدُهُ: فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: مُعَاوِيَةَ بنِ سَلاَّمٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ مُهَاجِرٍ, والهيثم بن حُمَيْدٍ, وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ القَاضِي, وَشَرِيْكٍ القَاضِي, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ, وَالحَكَمِ بنِ ظُهَيْرٍ, وَيَزِيْدَ بنِ المِقْدَامِ, وَابْنِ المُبَارَكِ, وَأَبِي المَلِيْحِ الرَّقِّيِّ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ, وَأَبِي الأَحْوَصِ، وَطَبَقَتِهِم.
وَوَعَى عِلْماً جَمّاً، وَعُمِّرَ دَهْراً، وَارتَحَلُوا إِلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ", وَيَزِيْدُ بنُ جَهْوَرٍ الطَّرَسُوْسِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ, وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُمَيْرٍ, وَأَحْمَدُ بنُ خُلَيْدٍ الحَلَبِيُّ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَمِنْ أَقْرَانِهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ.
وَحَدَّثَ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ, وَالنَّسَائِيُّ, وَالقَزْوِيْنِيُّ فِي كُتُبِهِم، عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، حُجَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَدِمَ أَبُو تَوْبَةَ الكُوْفَةَ، وَلَمْ يَرْحَلْ إِلَى البَصْرَةِ، وَكَانَ يَحْفَظُ الطِّوَالَ يَجِيْءُ بِهَا, وَرَأَيْتُهُ يَمْشِي حَافِياً وَعَلَى رَأْسِهِ الطَّوِيْلَةُ. قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ -رَحِمَهُ اللهُ.
قُلْتُ: هُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ سَلاَّمٍ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: كَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ، توفي سنة إحدى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ، وَإِنَّمَا قَدَّمْتُ تَرْجَمَتَهُ لِقِدَمِهِ وَنُبلِهِ، وَلِذَلِكَ مَا أَزَالُ مُتَرَدِّداً فِي الكَهْلِ القَدِيْمِ المَوْتِ، وَفِي المُعَمَّرِ الَّذِي تأخر.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 956"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 201 و212" و"2/ 340"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2105"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 485"، والكاشف "1/ ترجمة 1554"، وتهذيب التهذيب "3/ 251"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2034"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 99".(9/54)
1773- الخُوْشِي 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، شَيْخُ خُرَاسَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَسَدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، الخُوْشِيُّ -بِوَاوٍ- وَيُقَالُ: الخُشِّي.
سَمِعَ: الفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ, وَبَقِيَّةَ بنَ الوَلِيْدِ, وَإِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ, وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ, وَمَرْوَانَ بنَ مُعَاوِيَةَ الفَزَارِيَّ, وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ, وَيَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ, وَأَبُو لَبِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ السَّرَخْسِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعَ مِنْهُ أَبِي بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ, وَسُئِلَ عَنْهُ, فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: كَانَ أَحَدَ أَركَانِ الحَدِيْثِ, وَلَمَّا بَلَغَ إسحاق بن راهويه موته دخل علي بن طَاهِرٍ الأَمِيْرِ, فَقَالَ: آجَرَكَ اللهُ فِي نِصْفِ خراسان.
وقال الخطيب, وغيره: كان ثقة.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّع: خُوْشُ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى إِسْفَرَايِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ الحَافِظُ: كَتَبُوا عَنْهُ بِبَغْدَادَ، وَلَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: مَاتَ بُعَيدَ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أو فيها, وأثبته هنا لقدم وفاته.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1155"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 265"، وتاريخ بغداد "3/ 81-82"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 469".(9/55)
1774- أصْبَغ بن الفَرَج 1: "خ، ت"س"
ابن سعيد بن نافع، الشَّيْخُ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، مُفْتِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، وَعَالِمُهَا, أَبُو عَبْدِ اللهِ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمْ, المِصْرِيُّ، المَالِكِيُّ.
مَوْلِدُهُ بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ شَابٌّ كَبِيْرٌ، فَفَاتَهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ.
فَرَوَى عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَأَخِيْهِ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدٍ، وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ السَّبِيْعِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ, وَابْنِ القَاسِمِ، وَبِهِمَا تَفَقَّهَ، وَحَوَى عِلْماً جَمّاً.
حدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ, وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ, وَالرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ الجِيْزِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ سَمُّوْيَه, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيُّ, وَأَبُو الدَّرْدَاءِ عبد العزيز بن منيب المَرْوَزِيُّ, وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ, وَبَكْرُ بنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ, وَأَبُو يَزِيْدَ يُوْسُفُ القَرَاطِيْسِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
ذَكَرَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ خَلقِ اللهِ بِرَأْيِ مَالِكٍ يَعرِفُهَا مَسْأَلَةً مَسْأَلَةً, مَتَى قَالَهَا مَالِكٌ وَمَنْ خَالَفَهُ فِيْهَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: أَصْبَغُ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ أَجَلَّ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ يَقُوْلُ: هُوَ مِنْ أَوْلاَدِ عَبِيْدِ المَسْجَدِ, كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ يَشتَرُوْنَ لِلْمَسْجِدِ عَبِيداً يَخْدُمُونَهُ، فَأَصْبَغُ مِنْ أَوْلاَدِ أُوْلَئِكَ، وَكَانَ مُضْطَلِعاً بِالفِقْهِ وَالنَّظَرِ. ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنْ شَوَّالٍ, سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ ذُكِرَ لِلْقَضَاءِ فِي مَجْلِسِ الأَمِيْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ, فَسَبَقَهُ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ قُدَيْدٍ, عَنْ يَحْيَى بنِ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ, عَنْ أَبِي يَعْقُوْبَ البُوَيْطِيِّ: أَنَّهُ كَانَ حَاضِراً فِي مَجْلِسِ ابْنِ طَاهِرٍ حِيْنَ أَمَرَ بِإِحضَارِ شُيُوْخِ مِصْرَ. قَالَ: فَقَالَ لَنَا: إِنِّيْ جَمَعتُكُم لِتَرتَادُوا لأَنفُسِكُم قَاضِياً. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ, ثُمَّ تَكَلَّمَ ابْنُ ضَمْرَةَ الزُّهْرِيُّ، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ, أَصْبَغُ بنُ الفَرَجِ الفَقِيْهُ العَالِمُ الورع، وذكر باقي الحكاية.
قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: مَا أَخْرَجَتْ مِصْرُ مِثْلَ أَصْبَغَ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ المُزَنِيَّ, وَالرَّبِيْعَ, يَقُوْلاَنِ: كُنَّا نَأْتِي أَصْبَغَ قَبْلَ قُدُوْمِ الشَّافِعِيِّ, فَنَقُوْلُ لَهُ: عَلِّمْنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ, تَعَالَى.
قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: أَصْبَغُ أَفْقَهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1600"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 1219", ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 101"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 466"، والعبر "1/ 393"، والكاشف "1/ ترجمة 455"، وتهذيب التهذيب "1/ 361"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 56".(9/56)
وَذَكَرَ عَلِيُّ بنُ قُدَيْدٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ أَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ مُبَاعَدَةٌ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَرْمِي الآخَرَ بِالبُهْتَانِ.
وَقَالَ ابْنُ وَزِيْرٍ: كَانَ أَصْبَغُ خَبِيْثَ اللِّسَانِ كَانَ صَاعِقَةً.
قَالَ ابْنُ قُدَيْدٍ: كَتَبَ المُعْتَصِمُ فِي أَصْبَغَ لِيُحْمَلَ إِلَيْهِ فِي المِحْنَةِ، فَهَرَبَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَاخْتَفَى بِحُلْوَانَ وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ الجَمَلُ الشَّاعِرُ:
وَطَوَيْتَ أَصْبَغَ حِقْبَةً فِي بَيْتِهِ ... فَسَتَرْنَهُ جُدُرُ البُيُوْتِ السُّتَّرِ
أَبْدَلْتَهُ بِرِجَالِهِ وَجُمُوْعِهِ ... خَرْقاً مُقَاعَدَةَ النِّسَاءِ الخُدَّرِ
فَإِذَا أَرَادَ مَعَ الظَّلاَمِ لِحَاجَةٍ ... أخذ النقاب وفضل مرط المعجر(9/57)
1775- المُسْنَدي 1: "خَ"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ مَا وَرَاءَ النهر مع محمد بن سلام, أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ يَمَانٍ الجُعْفِيُّ مَوْلاَهُمْ, البُخَارِيُّ, المَعْرُوْف: بِالمُسْنَدِيِّ؛ لِكَثْرَةِ اعتِنَائِه بِالأَحَادِيْثِ المُسْنَدَةِ.
رَحَلَ، وطوَّف، وَسَمِعَ مِنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ", وَالذُّهْلِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصِلٍ، وَالفَقِيْهُ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ، وَخَلْقٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدِّيَارِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: هُوَ إِمَامُ الحَدِيْثِ فِي عَصْرِهِ بِمَا وَرَاءَ النَّهرِ بِلاَ مُدَافَعَةٍ وَهُوَ أُسْتَاذُ البُخَارِيِّ.
قُلْتُ وَقَدْ أَسْلَمَ جَدُّ البُخَارِيِّ عَلَى يَدِيْ يَمَانٍ؛ جَدِّ المُسْنَدِيِّ.
رَوَى غُنْجَار فِي "تَارِيْخِهِ" بإسناده: قال البخاري: قال لي الحسن ابن شُجَاعٍ: مِنْ أَيْنَ يَفُوتُكَ حَدِيْثٌ، وَأَنْتَ وَقَعتَ عَلَى كَنْزٍ؟! يَعْنِي: المُسْنَدِيَّ.
تُوُفِّيَ المُسْنَدِيُّ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ: غَابَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ بَلَدِهِ، وَأَقَامَ فِي طلب الحديث فِي الآفَاقِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ: بِالمُسْنَدِيِّ، وَهُوَ مِنَ المَعْرُوْفِينَ مِنْ أَهْلِ العَدَالَةِ وَالصِّدْقِ، صَاحِبُ سُنَّةٍ وَجَمَاعَةٍ وَإِتْقَانٍ، رَأَيْتُهُ بِوَاسِطَ، كَانَ حَسَنَ القَامَةِ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَرَجَعَ إِلَى بُخَارَى وَمَاتَ بِهَا.
وَرُوِيَ عَنْ: خَلَفِ بنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي الحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ: أَنْتَ مِنْ أَيْنَ يَفُوتُكَ الحَدِيْثُ، وَقَدْ وَقَعتَ عَلَى هَذَا الكَنْزِ؟! يَعْنِي: المُسْنَدِيَّ.
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ المُسْنَدِيِّ، قَالَ: وَدَّعْتُ الفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، فَقُلْتُ: أَوْصِنِي. قَالَ: كُنْ ذَنَباً وَلاَ تَكُنْ رَأْساً.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ المُسْنَدِيُّ لِسِتٍّ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تسع.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 597"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 745"، وتاريخ بغداد "10/ 64"، والكاشف "2/ ترجمة 2994"، والعبر "1/ 405"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 507"، وتهذيب التهذيب "6/ 9"، وتقريب التهذيب "1/ 447"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3784".(9/57)
1776- المُقَدَّمي 1: "خَ، م، س"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنُ عَلِيِّ بنِ عَطَاءِ بنِ مُقَدَّمٍ الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ, وَالِدُ المُحَدِّثِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمِّه؛ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيِّ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ, وَيُوْسُفَ بنِ المَاجَشُوْنِ, وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ المهلبي, وَفُضَيْلِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَعَثَّامِ بنِ عَلِيٍّ, وَطَبَقَتِهِم, فَأَكْثَرَ, وَأَتْقَنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي كِتَابَيْهِمَا. وَرَوَى: النَّسَائِيُّ، عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ, وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَيُوْسُفُ القَاضِي, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ, وَأَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, وَخَلْقٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَأَبُو زُرْعَةَ.
وَمَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِيْنَ، رَحِمَهُ اللهُ.
يَقَعُ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ فِي "صِفَةِ المُنَافِقِ"، وَفِي "مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى".
وَكَانَ ابْنُه أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ صاحب حديث أيضًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 308"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 97"، والكنى للدولابي "2/ 60"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1178"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 479"، والعبر "1/ 419"، والكاشف "3/ ترجمة 4830"، وتهذيب التهذيب "9/ 79"، وتقريب التهذيب "2/ 148"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6086".(9/58)
1777- أحمد بن أبي شعيبٍ 1: "خَ، د، ت، س"
هُوَ: المُحَدِّثُ، الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي شُعَيْبٍ مُسْلِمٍ الأُمَوِيُّ، الحَرَّانِيُّ، مَوْلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
رَوَى عَنْ: زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ, وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ, وَمُوْسَى بنِ أَعْيَنَ, وَالحَارِثِ بنِ عُمَيْرٍ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ, وَأَحْمَدُ بنُ فِيْلٍ, وَصَالِحُ بنُ عَلِيٍّ النَّوْفَلِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَبَلَةَ, وَحَفِيْدُهُ؛ أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الحَرَّانِيُّ, وَآخَرُوْنَ. وَرَوَى: البُخَارِيُّ, وَالتِّرْمِذِيُّ, وَالنَّسَائِيُّ, عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وثلاثين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1491"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 80"، والأنساب للسمعاني "4/ 98"، والكاشف "1/ ترجمة 47"، وتهذيب التهذيب "1/ 47".(9/59)
1778- أحمد بن عبد الملك 1: "خ، س، ق"
ابن واقدٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ, أَبُو يَحْيَى الأَسَدِيُّ مَوْلاَهُمْ، الحَرَّانِيُّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: مِنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ, وَأَبِي المَلِيْحِ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ الرَّقِّيِّ, وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ, وَأَبِي عَوَانَةَ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَأَحْمَدُ بن جنبل, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامُ, وَأَبُو شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: رَأَيْتُهُ حَافِظاً لِحَدِيْثِه, صَاحِبَ سنة، فقيل له: أهل حران يسيئون الثَّنَاءَ عَلَيْهِ! فَقَالَ: أَهْلُ حَرَّانَ قَلَّ مَا يَرْضَوْنَ عَنْ إِنْسَانٍ, هُوَ يَغْشَى السُّلْطَانَ بِسَبَبِ ضيعة له.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ نَظِيْرَ النُّفَيْلِيِّ فِي الصِّدْقِ وَالإِتْقَانِ.
قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ: النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
قَالَ أَبُو عَروبة: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الحَافِظِ بنِ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو المَلِيْحِ عَنْ زِيَادِ بنِ بَيَانٍ, عَنْ عَلِيِّ بنِ نُفَيْلٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "المَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا " 2.
وَقَدْ بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ طَائِفَةٌ سَيَأْتُوْنَ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ مِمَّنْ تتجاذبهم الطبقات.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1490"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 98"، وتذكرة الحفاظ "2/ 463"، والكاشف "1/ ترجمة 57"، وتهذيب التهذيب "1/ 57".
2 حسن: أخرجه أبو داود "4284"، وابن ماجه "4086"، والحاكم "4/ 557"، من طريق أبي المليح الرقي، عن زياد بن بيان، به.
قلت: إسناده حسن، زياد بن بيان، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".(9/59)
تابع الطبقة الثانية عشرة2:
1779- محمد بن سعد 1:
ابن منيعٍ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، الحُجَّةُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، كَاتِبُ الوَاقِدِيِّ, وَمُصَنِّفُ "الطَّبَقَاتِ الكَبِيْرِ" فِي بِضْعَةَ عَشَرَ مُجَلَّداً, وَ"الطَّبَقَاتِ الصَّغِيْرِ"، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وُلِدَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَمائَةٍ. فَقِيْلَ: مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ.
وَطَلَبَ العِلْمَ فِي صِبَاهُ, وَلَحِقَ الكِبَارَ.
سَمِعَ مِنْ: هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ, وَابْنِ عُيَيْنَةَ, وَأَبِي مُعَاوِيَةَ, وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ, وَوَكِيْعٍ, وَأَنَسِ بنِ عِيَاضٍ اللَّيْثِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, وَزَيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ عُبَيْدٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ ابْنِ عُلَيَّةَ, وَمُحَمَّدِ بن مصعب القَرْقَسَانِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الوَاقِدِيِّ, وَعُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ, وَأَبِي مُسْهِرٍ, وَعَفَّانَ, وَخَلْقٍ حَتَّى إِنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى ابْنِ المَدِيْنِيِّ, وَأَبِي خَيْثَمَةَ, وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيِّ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ الله السكري.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 364"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 300"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1433"، وتاريخ بغداد "5/ 321"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 431"، والكاشف "3/ ترجمة 4943"، والعبر "1/ 277"، وتهذيب التهذيب "9/ 182"، وتقريب التهذيب "2/ 163"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6246"، وشذرات الذهب "2/ 69".(9/60)
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي "الطَّبَقَاتِ"، خَضَعَ لِعِلْمِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ فَهْمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى البَلاَذُرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنِ ابْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ، رَأَيْتُهُ جَاءَ إِلَى القَوَارِيْرِيِّ، وَسَأَلَهُ عَنْ أَحَادِيْثَ, فَحَدَّثَه.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي ذِكْرِ البَدْرِيِّيْنَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوْبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو طَالِبٍ دَعَا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي إِذَا أَنَا مُتُّ فَائْتِ أَخْوَالَكَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَإِنَّهُم أَمنَعُ النَّاسِ لِمَا فِي بُيُوْتِهِم.
سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ الخَلِيْلِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يُوَجِّهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ بِحَنْبَلٍ إِلَى ابْنِ سَعْدٍ يَأْخُذُ مِنْهُ جُزْأَيْنِ مِنْ حَدِيْثِ الوَاقِدِيِّ يَنْظُرُ فِيْهِمَا قَالَ: إِبْرَاهِيْمُ وَلَوْ ذَهَبَ سَمِعَهُمَا كَانَ خَيْراً لَهُ.
الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: كُنْتُ عِنْدَ مصعب الزبيري فمر بنا ابن معين، فَقَالَ: مُصْعَبٌ يَا أَبَا زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ الكَاتِبُ بِكَذَا وَكَذَا وَذَكَرَ حَدِيْثاً. فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: كَذِبٌ. رَوَاهَا الخَطِيْبُ, ثُمَّ قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ العَدَالَةِ، وَحَدِيْثُه يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فِي كَثِيْرٍ مِنْ رِوَايَاتِهِ، وَلَعَلَّ مُصْعَباً ذَكَرَ لِيَحْيَى عَنْهُ حَدِيْثاً مِنَ المَنَاكِيْرِ الَّتِي يَروِيهَا الوَاقِدِيُّ، فَنَسَبَهُ إِلَى الكَذِبِ.
قَالَ ابْنُ فَهْمٍ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ صَاحِبُ الوَاقِدِيِّ، هُوَ مَوْلَى الحُسَيْنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلبِ، تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي يَوْمِ الأَحَدِ، لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَةً. قَالَ: وَكَانَ كَثِيْرَ العِلْمِ, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَالرِّوَايَةِ, كَثِيْرَ الكُتُبِ، كَتَبَ الحَدِيْثَ وَالفِقْهَ وَالغَرِيْبَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المَوَازِيْنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ اليُوْسُفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَةَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ, عَنِ الضَّحَّاكِ بنِ عُثْمَانَ, عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ -أَوْ عَنْ شَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ- عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هَذَا الفَتَى -يَعْنِي: عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ- قَالَ الضَّحَّاكُ: فَكُنْتُ أُصَلِّي وَرَاءهُ فَيُطِيْلُ الأُوْلَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ, وَيُخِفُّ الأُخْرَيَيْنِ, وَيُخِفُّ العَصرَ، وَيَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِقِصَارِ المُفَصَّلِ, وَيَقْرَأُ فِي العِشَاءِ بوسط المفصل, ويقرأ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ المُفَصَّلِ.(9/61)
1780- يزيد بن عبد ربه 1: "د، م، س، ق"
الجرجسي، الحَاجُّ، الإِمَامُ، الحَافِظُ, الثَّبْتُ أَبُو الفَضْلِ الزُّبَيْدِيُّ، الحِمْصِيُّ، المُؤَذِّنُ، وَكَانَ سَكَنَ عِنْدَ كَنِيْسَةِ جِرْجِسَ بِحِمْصَ، فَغَلَبَتْ عَلَيْهِ النِّسبَةُ إِلَيْهَا.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ بَقِيَّةَ بنَ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَرْبٍ, وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ, وَمُحَمَّدَ بنَ حِمْيَرٍ, وَأَبَا المُغِيْرَةِ، وَطَبَقَتَهُم.
وَكَانَ مُحَدِّثَ حِمْصَ فِي وَقْتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ. وَحَدَّثَ: مُسْلِمٌ, وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ, عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ. وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ -وَهُوَ أَسَنُّ مِنْهُ- وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ, وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ, وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الدَّيْرَعَاقُوْلِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
أَثْنَى عَلَيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ, وَقَالَ: مَا كان أثبته!
قُلْتُ: عَاشَ سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً. تُوُفِّيَ: فِي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 475"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3281"، والكنى للدولابي "2/ 80"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 1175"، وتذكرة الحفاظ "2/ 423"، والكاشف "3/ ترجمة 6445"، وتهذيب التهذيب "11/ 344"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 56".(9/62)
1781- حَوْثَرة بن أشرس 1:
ابن عَون بن مُجَشَّر بن حُجَين، المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ، أَبُو عَامِرٍ العَدَوِيُّ، البَصْرِيُّ.
سَمِعَ: جَعْفَرَ بنَ كَيْسَانَ أَبَا مَعْرُوْفٍ, وَمُبَارَكَ بنَ فَضَالَةَ, وَحَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ, وَعُقْبَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ الرِّفَاعِيَّ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَالفِرْيَابِيُّ, وَأَبُو يَعْلَى, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، مَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْساً.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى.
وَجَعْفَرُ بنُ كَيْسَانَ: شَيْخٌ مَسْتُوْرٌ، يَرْوِي عَنْ عَمْرَةَ العَدَوِيَّةِ -تَابِعِيَّةٍ، لَقِيَتْ عائشة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1262"، وتعجيل المنفعة "ترجمة 243".(9/62)
1782- حَيْوة بن شُرَيح 1: "خ، د، ت، ق"
ابن يزيد، الإِمَامُ، المُتْقِنُ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ, أَبُو العَبَّاسِ الحَضْرَمِيُّ، الشامي، الحمصي.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَابْنِ حِمْيَرٍ، وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ الأَبْرَشِ وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ, وَأَبُو حُمَيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَةِ العَوْهِيُّ, وَآخَرُوْنَ، وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَثَّقَهُ الإِمَامُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
يقع لنا من حديثه في "الصحيح".
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 405"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 120 و133" و"2/ 343 و346"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1376"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 432"، والعبر "1/ 390"، والكاشف "1/ ترجمة 1301"، وتهذيب التهذيب "3/ 70-71"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1697"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 53".(9/63)
1783- محمد بن وهب 1: "خ، ق".
ابن عطية، الإِمَامُ، المُفْتِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ، وَالوَلِيْدُ، وَعِرَاكُ بنُ خَالِدٍ.
وَعَنْهُ: الذُّهْلِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَالرَّمَادِيُّ, وَعُبَيْدُ بنُ شَرِيْكٍ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجَكَّانِيُّ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ غَيْرُ حَدِيْثٍ مُنْكَرٍ, وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيْمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ الصَّدَفِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ الجِيْزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنْ سُمَيٍّ, عَنْ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ ثُمَّ خَلَقَ النُّوْنَ ثُمَّ خَلَقَ العَقْلَ فَقَالَ: مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَعْجَبَ إليَّ مِنْكَ". هَذَا بَاطِلٌ2.
قُلْتُ: صَدَقَ ابْنُ عَدِيٍّ، لَكِنْ مُحَمَّدٌ هُوَ آخَرُ قُرَشِيٌّ، نَزَل مِصْرَ، وَيُكْنَى: أَبَا عَمْرٍو وَذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ, فَوَهِمَ فِي نَسَبِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ مَوْلَى قُرَيْشٍ, وَأَنَّهُ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: ذَكَرَ الاثْنَيْنِ ابْنُ عَسَاكِرَ.
وَابْنُ القُرَشِيِّ: مُحَمَّدُ بنُ وَهْبِ بنِ مُسْلِمٍ.
رَوَى عَنْ: سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ وَعَبْدِ اللهِ بنِ العَلاَءِ بنِ زَبْر, وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: الجِيْزِيُّ, وَيَحْيَى العَلاَّفُ, وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ المِصْرِيُّوْنَ.
قُلْتُ: ليس بثقة, والأول ثقة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 508"، والكامل لابن عدي "6/ ترجمة 1753"، والكاشف "3/ ترجمة 5290"، وتهذيب التهذيب "9/ 505"، وتقريب التهذيب "2/ 216"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6732".
2 كذب ومبين: وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" "4/ 61" بعد أن ذكر الحديث قال: فصدق ابن عدي في أن الحديث باطل. وهو عند ابن عدي في "الكامل" "6/ 269"، من طريق الربيع بن سليمان الجيزي، حدثنا محمد بن وهب الدمشقي، به.
وقال ابن عدي: وهذا بهذا الإسناد باطل منكر.(9/64)
1784- مُحَمَّدُ بنُ الصبَّاح الدُّولابي 1: "خَ، م، د"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الحُجَّةُ, أَبُو جَعْفَرٍ المُزَنِيُّ مَوْلاَهُمْ, البغدادي، البزاز، التَّاجِرُ، مُصَنِّفُ السُّنَنِ، الَّذِي نَروِيهِ فِي مُجيليد.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ شَرِيْكَ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ زَكَرِيَّا, وَهُشَيْمَ بنَ بَشِيْرٍ، وَابْنَ أَبِي الزِّنَادِ, وَخَالِداً الطَّحَّانَ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ, وَابْنَ المُبَارَكِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ جَعْفَرٍ, وجرير بن عبد المجيد، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ, وَإِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ, وَحَفْصَ بنَ غِيَاثٍ, وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَالبُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَتَمْتَامُ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الوَكِيْعِيُّ, وَخَلْقٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, حُجَّةٌ.
وَقَالَ تَمْتَامُ: حَدَّثَنَا الثِّقَةُ, المَأْمُوْنُ, مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وُلِدَ بِقَريَةِ دُوْلاَبَ؛ مِنَ الرَّيِّ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ, صَاحِبُ حَدِيْثٍ, عَالِمٌ بهشيم.
وَقِيْلَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يُجِلُّهُ, وَيُعَظِّمُهُ.
قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِالكَرْخِ، فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ وَلَدُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَاشَ وَالِدِي سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً غَيْرَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ.
قُلْتُ: مَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: المُعْتَصِمُ الخَلِيْفَةُ, وَبِشْرٌ الحَافِي, وَأَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ, وَالهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَجَلِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ, وَسَهْلُ بنُ بَكَّارٍ البَصْرِيُّ, وَأَبُو النَّضْر الفراديسي, وعدة من العلماء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 342"، والتاريخ الكبير "1/ ترجمة 347"، والكنى للدولابي "1/ 134"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1569"، وتاريخ بغداد "5/ 365"، والكاشف "3/ترجمة رقم 4988"، والعبر "1/ 399"، ميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7695"، وتهذيب التهذيب "9/ 229"، وتقريب التهذيب "2/ 171"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6313"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 62".(9/65)
1785- فأما محمد بن الصبَّاح 1: "د، ق"
ابن سفيان الجَرْجرائي فَهُوَ: الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو جَعْفَرٍ، مَوْلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وجَرْجرايا: قَرْيَةٌ بَيْنَ وَاسِطَ وَبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَابْنِ أبي حازم وهشيم، وابن عيينة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالفِرْيَابِيُّ وَالسَّرَّاجُ, وَالقَاسِمُ المَطَرِّزُ.
وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، بِجَرْجَرَايَا.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّوَّاقُ، أَخْبَرَنَا مَخْلدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بعد ما دفن بليلتين2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 134"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 382"، والكنى للدولابي "1/ 134"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1570"، وتاريخ بغداد "5/ 367"، والكاشف "3/ ترجمة 4987"، والمغني "2/ ترجمة 5632"، وتهذيب التهذيب "9/ 360"، وتقريب التهذيب "2/ 171"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6312".
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "1340"، وَمُسْلِمٌ "954"، وَأَبُو دَاوُدَ "3196"، وَالنَّسَائِيُّ "4/ 85"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1037"، وابن ماجه "1530"، والبيهقي "3/ 45-46".(9/65)
1786- بشر بن الوليد 1:
ابن خالد, الإِمَامُ, العَلاَّمَةُ, المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، قَاضِي العِرَاقِ، أَبُو الوليد الكندي, الحنفي.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الغَسيل -وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ- وَمِنْ: مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَحَشْرَجِ بنِ نُبَاتَةَ, وَصَالِحٍ المُرِّيِّ, وَالقَاضِي أَبِي يُوْسُفَ -وَبِهِ تَفَقَّهَ وَتَمَيَّزَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ عَلَّوَيْه, وَحَامِدُ بنُ شُعَيْبٍ البَلْخِيُّ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَأَبُو العَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ, وَخَلْقٌ.
وَكَانَ حَسَنَ المَذْهَبِ, وَلَهُ هَفْوَةٌ لاَ تُزِيلُ صِدقَهُ وَخَيْرَه، إِنْ شَاءَ اللهُ.
وَلِيَ القَضَاءَ بِعَسْكَرِ المَهْدِيِّ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَمائَتَيْنِ ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ مَدِيْنَةِ المَنْصُوْرِ وَاسْتَمَرَّ إِلَى سَنَةِ "213"، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ إِمَاماً وَاسِعَ الفِقْهِ كَثِيْرَ العِلْمِ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَدِيَانَةٍ وَتَعَبُّدٍ, قِيْلَ: كَانَ وِردُهُ فِي اليَوْمِ مائَتَيْ رَكْعَةٍ وَكَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا بعد ما فلج واندك، رحمه الله.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 80"، وميزان الاعتدال "1/ 326"، والعبر"1/ 427"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 292"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 89".(9/66)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ: رَوَى بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ الكِنْدِيُّ، عَنْ أَبِي يُوْسُفَ كُتُبَهُ، وَوَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ فِي الجَانِبَيْنِ، فَسَعَى بِهِ رَجُلٌ إِلَى الدَّوْلَةِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَقُوْلُ بِخَلْقِ القُرْآنِ، فَأَمَرَ بِهِ المُعْتَصِمُ أَنْ يُحْبَسَ فِي دَارِهِ وَوَكَّلَ بِبَابِهِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ المُتَوَكِّلُ أَمَرَ بِإِطْلاَقِهِ، وَعَاشَ وَطَالَ عُمُرُهُ، ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ: كَمَا أَنِّي قُلْتُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ, وَلَمْ أَقُلْ إِنَّهُ مَخْلُوْقٌ, فَكَذَلِكَ لاَ أَقُوْلُ إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ بَلْ أَقِفُ. وَلَزِمَ الوَقفَ فِي المَسْأَلَةِ فَنَفَرَ مِنْهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ لِلْوَقْفِ وتركوا الأخذ عنه وحمل عنه آخرون.
قَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ صَدُوْقٌ، لَكِنَّهُ لاَ يَعقِلُ, كَانَ قَدْ خَرِفَ.
وَقَالَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، سَأَلْتُ أَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، فَقَالَ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ: غَيْرُهُ كَانَ بِشْرٌ خَشِناً فِي أَحْكَامِهِ, صَالِحاً، وَكَانَ يَجْرِي فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ مَسَائِلُ، فَيَقُوْلُ: سَلُوا بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ.
مَاتَ بِشْرٌ فِي ذِي القَعْدَةِ, سَنَةَ ثمانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنِ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: "أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَبُوْكَ".
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ, وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ1 مِنْ طَرِيْقِ عُمارة بنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ: مَوْتُ إِسْحَاقَ بنِ راهويه, وعبيد الله بن معاذ, ومحمد بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ, وَأَحْمَدَ بنِ جَوَّاسٍ, وَالعَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ النَّرْسِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ, وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ, وَالهَيْثَمِ بنِ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيِّ, وَطَالُوْتَ بنِ عَبَّادٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ أبي السري العسقلاني، وخلق.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "5971"، ومسلم "2548".(9/67)
1787-الزهراني 1: "خَ، م"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو الرَّبِيْعِ سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ الأَزْدِيُّ، العَتَكِيُّ, الزَّهْرَانِيُّ، البَصْرِيُّ, أَحَدُ الثِّقَاتِ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَنَافِعِ بنِ أَبِي نُعَيْمٍ القَارِئِ, وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَأَبِي شِهَابٍ الحَنَّاطِ, وَشَرِيْكٍ القَاضِي, وَطَائِفَةٍ كَبِيْرَةٍ.
وَطَالَ عُمُرُهُ, وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي فِي "طَبَقَاتِ القُرَّاءِ"، وَقَالَ: له كتاب جامع في القراءات، سمع عن نَافِعٍ حَرْفَيْنِ. وَمِن: حَفْصٍ الغَاضِرِيِّ، وَعَبْدِ الوَارِثِ التَّنُّورِيِّ, وَذَكَرَ جَمَاعَةً مِنْ شُيُوْخِهِ, وَمَا ذَكَرَ أَحَداً تَلاَ عَلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ رَاهْوَيْه, وَالذُّهْلِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَإِدْرِيْسُ بن عبد الكَرِيْمِ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَيُوْسُفُ القَاضِي, وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ, وَعِمْرَانُ بنُ مُوْسَى بنِ مُجَاشِعٍ السِّخْتِيَانِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُم.
فَأَمَّا قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خِرَاشٍ فِيْهِ، فَلاَ يُسَاوِي السَّمَاعَ، فَإِنَّهُ قَالَ: تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيْهِ وَهُوَ صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: بَلْ أَجْمَعُوا عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ.
وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ موافقاته العالية.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 307"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 1791"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 170" و"3/ 235"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 493"، وتاريخ بغداد "9/ 38"، والأنساب للسمعاني "6/ 327"، والكاشف "1/ ترجمة 2108"، والعبر"1/ 417"، وتهذيب التهذيب "4/ 190"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2690".(9/68)
فَصْلٌ:
وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا العَصْرِ -سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ- جَمَاعَةٌ: هُوَ أَجَلُّهُم.
وَالشَّاذَكُوْنِيُّ: وَهُوَ أَحفَظُهُم.
وَالخُتَّلِيُّ أَبُو الرَّبِيْعِ: شَيْخٌ لِمُسْلِمٍ, ثِقَةٌ, مَشْهُوْرٌ.
وَأَبُو الرَّبِيْعِ المَهْرِيُّ صَاحِبُ ابْنِ وَهْبٍ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ.
وَالحَافِظُ أَبُو دَاوُدَ اليَمَامِيُّ: مِنْ شُيُوْخِ أَبِي زُرْعَةَ, وَأَبِي حَاتِمٍ، لَيْسَ بِمَشْهُوْرٍ.
وَأَبُو أَحْمَدَ الرَّازِيُّ القَزَّازُ: رَوَى عَنْهُ ابْن أَبِي حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ، وَقَالَ: سَمِعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ, وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى.
وَأَبُو دَاوُدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الخَفَّافُ: مِنْ شُيُوْخِ ابْنِ خُزَيْمَةَ, يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءَ.
وشَيْخُ مُسْلِمٍ أَبُو دَاوُدَ المُبَارَكِيُّ: اشْتُهِرَ أَنَّهُ سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ, وَلَيْسَ بِصَوَابٍ, بَلْ هُوَ سُلَيْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ, كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ نُقْطَةَ, وَغَيْرُهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ شِهَابُ الدِّيْنِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّبْلِيُّ "ح". وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُؤَرِّخُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ بِلاَلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فِي جَوْفِ الكَعْبَةِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنِ الزَّهْرَانِيِّ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ, عَنْ بِلاَلٍ, قَالَ: صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ فِي البَيْتِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يُصَلِّ فِيْهِ, إِنَّمَا كَبَّرَ فِي نَوَاحِيْهِ2.
قُلْتُ: هَذَا ظَنٌّ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لاَ يُقَاوِمُ رُؤْيَةَ بِلاَلٍ، وَالمُثْبِتُ مَعَهُ زيادة علم.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1329" "389"، وأخرجه البخاري "1598"، وأبو داود "2023".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1601"، ومسلم "1331".(9/69)
1788- الشاذَكوني 1:
العَالِمُ، الحَافِظُ، البَارعُ، أَبُو أَيُّوْبَ سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ بنِ بِشْرٍ المِنْقَرِيُّ، البَصْرِيُّ، الشَّاذَكُوْنِيُّ, أَحَدُ الهَلْكَى.
رَوَى عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ، وَجَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ الوَارِثِ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَطَبَقَتِهِم, فَأَكْثَرَ إِلَى الغَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيُّ، وَأَسِيْدُ بنُ عَاصِمٍ، وَالكُدَيْمِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ الأَصْبَهَانِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَكَانَا يُدَلِّسَانهِ, وَيَقُوْلاَنِ: حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوْبَ المِنْقَرِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الفَرْقَدِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنَ الأَصْبَهَانِيِّيْنَ.
قَالَ عَمْرٌو النَّاقِدُ: قَدِمَ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ بَغْدَادَ, فَقَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: اذهَبْ بِنَا إِلَيْهِ، نَتَعَلَّمْ مِنْهُ نَقْدَ الرِّجَالِ.
قُلْتُ: كَفَى بِهَا مُصِيْبَةً أَنْ يَكُوْنَ رَأْساً فِي نَقْدِ الرِّجَالِ، وَلاَ يَنْقُدُ نَفْسَهُ.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: كَانَ أَعْلَمَنَا بِالرِّجَالِ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَأَحْفَظَنَا لِلأَبْوَابِ: سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ, وكان علي بن المديني أحفظنا للطوال.
وَقَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ -وَسُئِلَ: أَيُّهُمَا كَانَ أَعْلَمَ بِالحَدِيْثِ، ابْنُ المَدِيْنِيِّ, أَوِ الشَّاذَكُوْنِيُّ؟ قَالَ: ابْنُ الشَّاذَكُوْنِيِّ بِصَغِيْرِ الحَدِيْثِ، وَعَلِيٌّ بِجَلِيْلِهِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: انْتَهَى العِلْمُ إِلَى أَرْبَعَةٍ -يَعْنِي: عِلْمَ الحَدِيْثِ: إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ, فَأَحْمَدُ أَفْقَهُهُم بِهِ, وَعَلِيٌّ أَعْلَمُهُم بِهِ, وَابْنُ مَعِيْنٍ أَجْمَعُهُم لَهُ, وَأَبُو بَكْرٍ أَحْفَظُهُم لَهُ, قَالَ الحَافِظُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: وَهِمَ أَبُو عُبَيْدٍ, أَحْفَظُهُم لَهُ الشَّاذَكُوْنِيُّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى القَطَّانِ، وَعِنْدَهُ بُلبُلٌ المُحَدِّثُ -وَكَانَ أَسْوَدَ- فَنَازَعَهُ الشَّاذَكُوْنِيُّ, وَقَالَ: لأَقْتُلَنَّكَ. فَقَالَ يَحْيَى: سُبْحَانَ الله, تقتله؟! قال: نعم, أنت
__________
1 ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 610"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 498"، والكامل لابن عدي "3/ ترجمة 765"، وتاريخ بغداد "9/ 40"، والأنساب للسمعاني "7/ 238"، واللباب لابن الأثير "2/ 172"، والعبر "1/ 416"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 503"، وميزان الاعتدال "2/ 250"، ولسان الميزان "3/ 84"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 80".(9/70)
حَدَّثَتْنِي عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الحَسَنِ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ, قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلاَ أَنَّ الكِلاَبَ أُمَّةٌ, لأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا, فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيْمٍ" 1. وَهَذَا أَسْوَدُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَأَلْتُ عَبْدَانَ عَنِ الشَّاذَكُوْنِيِّ, فَقَالَ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ يُتَّهَمَ، إِنَّمَا كَانَ قَدْ ذَهَبَتْ كُتُبهُ, فَكَانَ يُحَدِّثُ حِفْظاً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ غَيْرَ أَنِّي مَا قَذَفتُ مُحْصَنَةً وَلاَ دَلَّسْتُ حَدِيْثاً.
قَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ وَعِنْدَهُ بُلْبُلٌ وَابْنُ المَدِيْنِيِّ وَابْنُ أَبِي خُدُّوَيْه, فَقَالَ عَلِيٌّ لِيَحْيَى: مَا تَقُوْلُ فِي طَارِقٍ وَابْنِ مُهَاجِرٍ؟ فَقَالَ: يَجرِيَانِ مَجْرَىً وَاحِداً. فَقَالَ الشَّاذَكُوْنِيُّ: نَسْأَلُكَ عَمَّا لاَ تَدْرِي, وَتَكَلَّفُ لَنَا مَا لا تحسن, حديث إبراهيم بن مهاجر خمسمائة, عِنْدَكَ عَنْهُ مائَةٌ, وَحَدِيْثُ طَارِقٍ مائَةٌ, عِنْدَك مِنْهَا عَشْرَةٌ. فَأَقبَلَ بَعضُنَا عَلَى بَعْضٍ وَقُلْنَا: هَذَا ذُلُّ. فَقَالَ يَحْيَى: دَعُوهُ, فَإِنْ كَلَّمتُمُوهُ، لَمْ آمَنْ أَنْ يَقْرِفَنَا بِأَعْظَمَ مِنْ هَذَا.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أُوْرْمَةَ: كَانَ الطَّيَالِسِيُّ بِأَصْبَهَانَ، فَلَمَّا أَرَادَ الرُّجُوعَ، بَكَى، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهلِهِ، فَرِحَ! قَالَ: لاَ تَدْرُوْنَ إِلَى مِنْ أَرْجِعُ، أَرْجِعُ إِلَى شياطين الإنس؛ ابن المديني، الشاذكوني، وَالفَلاَّسِ.
سُئِلَ صَالِحٌ جَزَرَةُ عَنِ الشَّاذَكُوْنِيِّ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ! قِيْلَ: بِمَ كَانَ يُتَّهَمُ؟ قَالَ: كَانَ يَكْذِبُ فِي الحَدِيْثِ.
وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: جَالَسَ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَيَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ, وَبِشْرَ بنَ المُفَضَّلِ, فَمَا نَفَعَهُ اللهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُم.
وَقَالَ ابن معين: جربت على الشاذكوني الكذب.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ سَعِيْدٍ الحَنْظَلِيُّ, سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ الرَّازِيَّ, سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: وَضَعَ الشَّاذَكُوْنِيُّ سَبْعَةَ أَحَادِيْثَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يقلها.
وقال النسائي: ليس بثقة.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 54 و56"، والدارمي "2/ 90" من طريق عوف بن أبي جميلة، به. وأخرجه أحمد "5/ 56-57"، وأبو داود "2845"، والترمذي "1486"، وابن ماجة "3205"، والنسائي "7/ 185"، من طرق عن يونس بن عبيد، عن الحسن، به.(9/71)
وَقَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: انْسَلَخَ مِنَ العِلْمِ انْسِلاَخَ الحَيَّةِ مِن قِشْرِهَا.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كُنَّا عند عبد الرحمن, فجاءوا بِالشَّاذَكُوْنِيِّ سَكْرَانَ.
وَعَنِ البُخَارِيِّ، قَالَ: هُوَ أَضْعَفُ عِنْدِي مِنْ كُلِّ ضَعِيْفٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ لَنَا الشَّاذَكُوْنِيُّ: هَاتُوا حَرْفاً مِنْ رَأْيِ الحَسَنِ لاَ أَحْفَظُهُ.
حَكَى عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ الفَضْلِ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ ابْنَ الشَّاذَكُوْنِيِّ فِي النَّوْمِ, فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَر لِي. قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: كُنْتُ فِي طَرِيْقِ أَصْبَهَانَ فَأَخَذَنِي المَطَرُ وَمَعِيَ كُتُبٌ وَلَمْ أَكُنْ تَحْتَ سَقْفٍ, فَانْكَبَبْتُ عَلَى كُتُبِي حَتَّى أَصبَحْتُ, فَغَفَرَ لِي بِذَلِكَ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُوْهُ يَتِّجِرُ, وَيَبِيعُ المُضَرَّبَاتِ الكِبَارَ الَّتِي تُسَمَّى بِاليَمَنِ شَاذَكُوْنَةَ, فَنُسِبَ إليها.
قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ, وَمُطَيَّنٌ, وَابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ سُلَيْمَانُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ: قَدِمَ إِلَى أَصْبَهَانَ مَرَّاتٍ, وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ.
قُلْتُ: مَعَ ضَعْفِه لَمْ يَكَدْ يُوجَدُ لَهُ حَدِيْثٌ سَاقِطٌ بِخِلاَفِ ابْنِ حُمَيْدٍ, فَإِنَّهُ ذُو مَنَاكِيْرَ.
أَخْبَرَنَا شَرَفُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ قِرَاءةً عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ, وَتَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ عَطَاءٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ1.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ2.
وَجَاءَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ فِي السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ لا بأس به3.
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "لَيْسَ مِنَ البِرِّ أَنْ تَصُوْمُوا فِي السَّفَرِ" 4. وَالأَفْضَلُ لِلْمُسَافِرِ إِفطَارُ صَوْمِ الفَرْضِ، فَالنَّافِلَةُ أَوْلَى، فَمَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالنَّهْيِ، وَبأَنَّ الرَّسُوْلَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا صَامَهُ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ -فِيْمَا نَعْلَمُ- لَمْ يُصِبْ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلاَ نَقطَعُ عَلَى اللهِ بِأَنَّ اللهَ لاَ يَأْجُرُهُ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ صَوْمُهُ لَهُ مُكَفِّراً؛ لِسَنَتَيْنِ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي حق المقيم، لا المسافر5.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "750"، من طريق أحمد بن منيع، عن إسماعيل ابن علية، عن أَيُّوْبُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- أفطر بعرفة وأرسلت إليه أم الفضل بلبن فشرب.
2 صحيح: أخرجه البخاري "1661"، ومسلم "1123"، وأبو داود "2441".
3 ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 304 و446"، وأبو داود "2440"، وابن ماجه "1733"، وفي إسناده مهدي بن حرب الهجري، قال أبو حاتم: لا أعرفه.
4 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "1946"، وَمُسْلِمٌ "1115"، وَأَبُو دَاوُدَ "2407"، وَالنَّسَائِيُّ "4/ 176"، مِنْ حديث جابر بن عبد الله، به. وورد من حديث ابن عمر عند ابن ماجه "1665".
5 ورد في جزاء صوم يوم عرفة عن أبي قتادة مرفوعا بلفظ: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده". وهو عند مسلم "1162"، في جزء من حديث طويل.(9/72)
1789-عبد الله بن طاهر 1:
ابن الحُسَيْنِ بنِ مُصْعَبٍ؛ الأَمِيْرُ العَادِلُ، أَبُو العَبَّاسِ حَاكِمُ خُرَاسَانَ, وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
تَأَدَّبَ، وَتَفَقَّهَ, وَسَمِعَ مِنْ: وَكِيْعٍ, وَيَحْيَى بنِ الضُّرَيْسِ, وَالمَأْمُوْنِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ رَاهْوَيْه، وَنَصْرُ بنُ زِيَادٍ، وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ, وَعِدَّةٌ.
وَلَهُ يَدٌ فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ.
قَلَّدَهُ المَأْمُوْنُ مِصْرَ وَإِفْرِيْقِيَةَ، ثُمَّ خُرَاسَانَ, وَكَانَ مَلِكاً مُطَاعاً, سَائِساً, مَهِيْباً, جَوَاداً, مُمَدَّحاً, مِنْ رِجَالِ الكَمَالِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ وَقَّعَ مَرَّةً عَلَى رِقَاعٍ بِصِلاَتٍ, فَبَلَغَتْ أَلْفَيْ ألف وسبعمائة أَلْفٍ.
وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَى بَابِهِ أَبُو تَمَّامٍ, وَامتَدَحَهُ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: سِمَنُ الكِيْسِ، وَنُبْلُ الذِّكْرِ لاَ يَجْتَمِعَانِ. وَبَعْدَ هَذَا، فَخَلَّفَ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ!
وَلَمَّا مَرِضَ، تَابَ، وَكَسَرَ المَلاَهِي, وافتكَّ الأَسْرَى.
وَمَاتَ بِالخَانُوْقِ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وله ثمان وأربعون سنة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "9/ 483"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 343"، والعبر "1/ 357 و366"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 258".(9/73)
1790- عبد الله بن محمد بن أسماء 1: "خَ، م، د، س"
ابْنِ عُبَيْدِ بنِ مُخَارِقٍ -أَو ابْنِ مِخْرَاقٍ- الإِمَامُ، الحَافِظُ, القُدْوَةُ، الرباني، أبو عبد الرحمن الضبعي, البصري.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَمِّه؛ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَجَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ, وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيُّ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَيُوْسُفُ القَاضِي, وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَآخَرُوْنَ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ, عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ, وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ, وَقِيْلَ: هُوَ أَفْضَلُ أَهْلِ البَصْرَةِ فَذَكَرْتُهُ لِعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ, فَعَظَّمَ شَأْنَه.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: لَمْ أَرَ بِالبَصْرَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ.
قُلْتُ: فِي "مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى" عَنْهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَلَهُ نُسخَةٌ مَشْهُوْرَةٌ سَمِعْنَاهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ, عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ, وَتَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الأَدِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا" 2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 307"، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة 596"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 734"، والكاشف "2/ ترجمة 2986"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 504"، والعبر "1/ 409"، وتهذيب التهذيب "6/ 5"، وتقريب التهذيب "1/ 446"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3775"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 70".
2 صحيح: أخرجه البخاري "7070"، ومسلم "98"، والنسائي "7/ 117" من طريق نافع, عن ابن عمر، به.(9/74)
1791- ابن الأعرابي 1:
إِمَامُ اللُّغَةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ زِيَادِ بنِ الأَعْرَابِيِّ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمْ, الأَحْوَلُ، النَّسَّابَةُ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ، وَالقَاسِمِ بنِ مَعْنٍ، وَأَبِي الحَسَنِ الكِسَائِيِّ.
وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ, وَثَعْلَبٌ, وَأَبُو شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ, وَشِمْرُ بنُ حَمْدُوَيْه, وَآخَرُوْنَ.
وُلِدَ بِالكُوْفَةِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَلَمْ يَكُنْ فِي الكُوْفِيِّيْنَ أَشبَهُ بِرِوَايَةِ البَصْرِيِّيْنَ مِنْهُ, وَكَانَ يَزعُمُ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ والأصمعي لا يعرفان شيئًا.
قَالَ مَرَّةً فِي لَفْظَةٍ رَوَاهَا الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُهَا مِنْ أَلْفِ أَعْرَابِيٍّ بِخِلاَفِ هَذَا.
قَالَ ثَعْلَبٌ: لَزِمتُ ابْنَ الأَعْرَابِيِّ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً, وَكَانَ يَحضُرُ مَجْلِسَه زُهَاءُ مائَةِ إِنْسَانٍ, وَمَا رَأَيْتُ بِيَدِهِ كِتَاباً قَطُّ, انْتَهَى إِلَيْهِ عِلْمُ اللُّغَةِ وَالحِفْظُ.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: صَالِحٌ، زَاهِدٌ، وَرِعٌ، صَدُوْقٌ, حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ غَيْرُه, وَسَمِعَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ, وَبَنِي عُقَيْلٍ, فَاسْتَكْثَرَ, وَصَحِبَ الكِسَائِيَّ فِي النَّحْوِ.
وَأَبُوْهُ عَبْدٌ سِنْدِيٌّ.
قُلْتُ: لَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ أَدَبِيَّةٌ, وَ"تَارِيْخُ القَبَائِلِ"، وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ, مَاتَ بِسَامَرَّا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قِيْلَ: كَانَ رَبِيْبَ المُفَضَّلِ بنِ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيِّ؛ صَاحِبِ "المُفَضَّلِيَّاتِ"، فَأَخَذَ عَنْهُ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: جَائِزٌ فِي كَلاَمِ العَرَبِ أَنْ يُعَاقِبُوا بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ.
يُقَالُ: مات في ثالث عشر شعبان.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 282"، والأنساب "1/ 310"، واللباب لابن الأثير "1/ 74"، ووفيات الأعيان "4/ ترجمة 633"، والوافي بالوفيات "3/ 79"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 264"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 70".(9/75)
1792- إبراهيم بن المنذر 1: "خ، س، ق"
ابن عبد الله بن المُنْذِرِ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ حِزَامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدٍ الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثِّقَةُ, أَبُو إِسْحَاقَ القُرَشِيُّ, الأَسَدِيُّ, الحِزَامِيُّ, المَدَنِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ, وَمَعْنِ بنِ عِيْسَى, وَمُحَمَّدِ بنِ فُلَيْحٍ, وَأَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بنِ عِيَاضٍ, وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ, وَأَكْبَرُ شُيُوْخِهِ: سُفْيَانُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ. وَأَخرَجَ لَهُ: التِّرْمِذِيُّ, وَالنَّسَائِيُّ بِوَاسِطَةٍ, وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا, وَثَعْلَبٌ, وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ, وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ التِّرْمِذِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ, وَمَسْعَدَةُ بنُ سَعْدٍ العَطَّارُ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: صَدُوْقٌ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً, وَقَالَ: صَدُوْقٌ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: رَأَيْتُ يَحْيَى بن معين كتب عن إبراهيم بنِ المُنْذِرِ أَحَادِيْثَ ابْنِ وَهْبٍ, أَظُنُّهَا المَغَازِي.
وَقَالَ عَبْدَانُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ أَعرَفُ بِالحَدِيْثِ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيِّ إِلاَّ أَنَّهُ خَلَّطَ فِي القُرْآنِ, جَاءَ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فَاسْتَأْذَنَ, فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَحْمَدُ, وَجَلَسَ حَتَّى خَرَجَ, فَسَلَّمَ عَلَى أَحْمَدَ, فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ.
وَقَالَ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: أَيُّ شَيْءٍ يَبلُغُنِي عَنِ الحِزَامِيِّ لَقَدْ جَاءنِي بَعْدَ قُدُوْمِي مِنَ العَسْكَرِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ أَخَذَتْنِي -أُخْبِرُكَ- الحَمِيَّةُ, فَقُلْتُ: مَا جَاءَ بِكَ إِلَيَّ؟ -قَالَهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بَانْتِهَارٍ- قَالَ: فَخَرَجَ فَلَقِيَ أَبَا يُوْسُفَ -يَعْنِي: عَمَّ أبي عبد الله- فجعل يعتذر.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1043"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 210"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 450"، وتاريخ بغداد "6/ 179"، والأنساب للسمعاني "4/ 129"، واللباب لابن الأثير "1/ 362"، وميزان الاعتدال "1/ 67"، والعبر "1/ 422"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 150"، وتهذيب التهذيب "1/ 166"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 86".(9/76)
قَالَ الفَسَوِيُّ: مَاتَ الحِزَامِيُّ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الحِزَامِيَّ حَفِظَ مِنْ مَالِكٍ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ -فِيْمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ- عَنْ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى بنِ مُجَاشِعٍ الجُرْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرِ بنِ مسمار, عن عمر بنِ حَفْصِ بنِ ذَكْوَانَ, عَنْ مَوْلَى الحُرَقَة, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- قَرَأَ طه وَيس قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفِ عَامٍ فَلَمَّا سَمِعَتِ المَلاَئِكَةُ القُرْآنَ قَالَتْ: طُوْبَى لأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهِم وَطُوْبَى لأَجْوَافٍ تَحْمِلُ هَذَا وَطُوْبَى لأَلْسُنٍ تَكَلَّمُ بِهَذَا"1.
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ, فَابْنُ مُهَاجِرٍ وَشَيْخُهُ: ضَعِيْفَانِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الشِّبْلِيُّ, وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ, وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ, وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ, وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ, وَآخَرُوْنَ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنِ حَمُّوْيَةَ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي ثَابِتٍ الزُّهْرِيُّ, حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ عَمِّهِ؛ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ, عَنْ كُرَيْبٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْلَجَ الثَّنِيَّتَيْنِ إِذَا تَكَلَّمَ رُئِيَ كَالنُّوْرِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ ثَنَايَاهُ2.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ في "الشمائل"، عن عبد الله.
__________
1 موضوع: أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير" "1/ 66"، وابن حبان في "المجروحين" "1/ 108". وفيه علتان: الأولى: إبراهيم بن مهاجر بن مسمار، قال البخاري: منكر الحديث. والثانية: عمر بن حفص متروك كما قال أحمد والنسائي.
2 ضعيف جدًّا: أخرجه الترمذي في "الشمائل" "15"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 215"، وآفته عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري، وهو عبد العزيز بن عمران الزهري، قال البخاري: لا يكتب حديث. وقال النسائي وغيره: متروك.(9/77)
1793- سهل بن زَنْجَلة 1: "ق"
وَهُوَ سَهْلُ بنُ أَبِي سَهْلٍ، الحَافِظُ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَمْرٍو الرَّازِيُّ, الخَيَّاطُ, الأَشْتَرُ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَارْتَحَلَ فِي الحَدِيْثِ، وَكَتَبَهُ سنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
فَحَدَّثَ عَنْ: جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ, وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ, وَوَكِيْعٍ, وَابْنِ نُمَيْرٍ, وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ كَثِيْراً وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ, وَابْنُ الجُنَيْدِ, وَإِدْرِيْسُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادُ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ سَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ الرَّازِيُّ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَيُوْسُفُ بنُ عَاصِمٍ الرَّازِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَجَمَعَ, وَصَنَّفَ, وَذَاكَرَ الحُفَّاظَ, وَعَمِلَ المُسْنَدَ الكَبِيْرَ.
قَالَ أَبُو خاتم: صدوق.
قَالَ سَهْلُ بنُ زَنْجَلَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا غَالِبٌ القَطَّانُ, قَالَ: كُنَّا نَدْعُو فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ, نَقُوْلُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا عِلْمَ الحَسَنِ, وَوَرَعَ ابْنِ سِيْرِيْنَ, وَحِفْظَ قَتَادَةَ, وَعَقْلَ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيِّ, وعبادةَ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ, وزهدَ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ, رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِم.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: سَهْلٌ: ثِقَةٌ, حُجَّةٌ, ارْتَحَلَ مَرَّتَينِ, وَلَهُ تَصَانِيْفُ, وَلاَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي الإِتْقَانِ وَالدِّيَانَةِ مِنْ أَقْرَانِهِ فِي وَقْتِهِ. قَالَ: وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلٍ يَرْوِي عَنْ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ, وَأَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيِّ.
قُلْتُ: قِيْلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2106" والجرح والتعديل "4/ ترجمة 852 و857"، والكاشف "1/ ترجمة 2191"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 459"، والعبر "1/ 409"، وتهذيب التهذيب "4/ 251"، وتقريب التهذيب "1/ 336"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2794".(9/78)
1794- ابن أبي سمينة 1: "خَ، د"
الإِمَامُ, العَابِدُ، القُدْوَةُ، المُجَاهِدُ, الحَافِظُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي سَمِيْنَةَ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمْ, البَصْرِيُّ؛ المُحَدِّثُ.
حَدَّثَ عَنْ: مُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ, وَجَرِيْرَ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَسُفْيَانَ بن عيينة, وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ", وَالبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيْحِ", عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ, وَالبُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ", وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو يَعْلَى, وَالبَغَوِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ المُجَدَّرِ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ثِقَةً, غَزَّاءَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مِنْ شُجْعَانِ النَّاسِ.
قَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: كَانَ لاَ يَخْضِبُ وَمَاتَ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى طَرَسُوْسَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَرَأْتُ عَلَى عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُجَلِّدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي سَمِيْنَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ يَزِيْدَ, قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: هَلْ صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ2.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ, عَالٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 56"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1077"،وتاريخ الخطيب "2/ 3"، والعبر"1/ 407"، والكاشف "3/ ترجمة 4795"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة رقم 7229"، وتهذيب التهذيب "9/ 59"، وتقريب التهذيب "2/ 145"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6058"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 69".
2 صحيح: أخرجه الترمذي "400"، من طريق علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن عُليَّه، به.
وأخرجه البخاري "386"، ومسلم "555"، عن سعيد بن يزيد، به.(9/79)
1795- الحكم بن موسى 1: "م، س، ق"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، الحُجَّةُ، أَبُو صَالِحٍ البَغْدَادِيُّ، القَنْطَرِيُّ، الزَّاهِدُ.
سَمِعَ العَطَّافَ بنَ خَالِدٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي الرِّجَالِ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ, وَيَحْيَى بنَ حَمْزَةَ, وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ, وبواسطة النسائي, وبن مَاجَهْ, وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ, وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً, ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَبِيْبِيُّ: سَأَلْتُ صَالِحاً جَزَرَةَ, عَنْ سُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ, وَالحَكَمِ بنِ مُوْسَى, وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ, فَوَثَّقَهُم جِدّاً, وقال: هؤلاء الثلاثة تقطعوا من العبادة.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: قَدِمَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ بَغْدَادَ، فَحَدَّثَهُ الحَكَمُ بنُ مُوْسَى بِحَدِيْثِ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ صَلاَتَهُ" 2. فَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَوْ غَيْرُكَ حَدَّثَ به، ما صنع به.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 346"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 2692"، والكنى للدولابي "2/ 9"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 584"، وتاريخ بغداد "8/ 226"، والأنساب للسمعاني "10/ 245"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 487"، والعبر "1/ 411"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2204"، والكاشف "1/ 247"، وتهذيب التهذيب "2/ 439"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 265"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1200"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 75".
2 صحيح بشواهده: أخرجه الدارمي "1/ 304"، والبيهقي "2/ 285-286"، من طريق الحكم بن موسى، وأحمد "5/ 310"، من طريق أبي جعفر السويدي كلاهما عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته" قال: "لا يتم ركوعها ولا سجودها" أو قال: "لا يقيم صلبه في الركوع والسجود".
قلت: إسناده ضعيف، فيه الوليد بن مسلم، مدلس يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه.
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري: عند أحمد "3/ 56"، والبزار "536"، وإسناده ضعيف, فيه علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
وشاهد آخر من حديث عبد الله بن مغفل: عند الطبراني في "الصغير" "335"، وفي "الكبير"، وشاهد ثالث عن أبي هريرة عند الحاكم "1/ 229"، والبيهقي في "السنن" "2/ 386"، من طريق هشام بن عمار =(9/80)
قُلْتُ: رَوَاهُ النَّاسُ عَنْهُ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مسلم، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, عَنْ أَبِيْهِ, فَذَكَرَهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ عَنْ حَدِيْثِ الحَكَمِ بنِ مُوْسَى فِي الصَّدَقَاتِ, فَقَالَ: لاَ أُحَدِّثُ بِهِ.
قُلْتُ: سَاقَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ "المَرَاسِيْلِ"، عَنْ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ, عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ -كَذَا قَالَ- وَصَوَابُهُ: سُلَيْمَانُ بنُ أَرْقَمَ, كَمَا قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي كِتَابِ "المِيْزَانِ".
مَاتَ الحَكَمُ فِي شَوَّالٍ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ ليومين بقيا من الشهر.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ النِّيْلِيُّ، وَحَوْثَرَةُ بنُ أَشْرَسَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ الخَرَّازُ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ, وَعَمْرٌو النَّاقِدُ, وَالوَاثِقُ, وَيُوْسُفُ بنُ عَدِيٍّ, وَعِيْسَى بنُ سَالِمٍ الشَّاشِيُّ, وَكَثِيْرُ بنُ يَحْيَى -صَاحِبُ البَصْرِيِّ- وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دِيْنَارٍ بِبَغْدَادَ, وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ.
__________
= قال: حدثنا عبد الحميد بن أبي العشرين، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي سلمة عن أبي هريرة، به. وإسناده حسن، عبد الحميد بن أبي العشرين، هو عبد الحميد بن حبيب، وهو كاتب الأوزاعي، ولم يرو عن غيره،، وهو صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
فالحديث صحيح بمجموع هذه الشواهد.(9/81)
1796- ابن شَبُّويَة 1: "د"
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ثَابِتِ بنِ عثمان الخزاعي، المروزي, الحافظ، بن شَبُّوْيَةَ.
سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ, وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ, وَالفَضْلَ بنَ مُوْسَى, وَأَبَا أُسَامَةَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ, وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَبَّوَيْه: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَنْ أراد علم القَبْرِ, فَعَلَيْهِ بِالأَثَرِ، وَمَنْ أَرَادَ عِلْمَ الخُبْزِ, فَعَلَيْهِ بِالرَّأْيِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَبُّوْيَةَ، قَالَ: كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّ لأَبِي فَضِيْلَةً عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ لِجِهَادِهِ, وَفِكَاكِ الأَسْرَى, فَسَأَلْتُ أَخِي عَبْدَ اللهِ، فَقَالَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَرْجَحُ. فَلَمْ أَقْنَعْ فَأُرِيْتُ شَيْخاً حَوْلَهُ النَّاسُ, يَسْأَلُوْنَهُ, وَيَسْمَعُوْنَ مِنْهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! إِنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ ابتلي فصبر، وإن بن شَبُّوْيَةَ عُوْفِيَ، المُبْتَلَى الصَّابِرُ كَالمُعَافَى?! هَيْهَاتَ.
قَالَ البُخَارِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. زاد البخاري: وهو بن ستين سنة.
وقال بن مَاكُوْلاَ: مَاتَ بِطَرَسُوْسَ، سَنَةَ 239.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ" فِي الوُضُوءِ وَالأَضَاحِي وَالجِهَادِ2, عَنْ أحمد بن محمد، عن بن المبارك, فقال الدارقطني: هو بن شبوية. وقال: الكلاباذي وطائفة: بل هو:
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ 5"، والجرح والتعديل "2/ 55"، والأنساب للسمعاني "7/ 285"، واللباب لابن الأثير "3/ 77"، وتذكرة الحفاظ "2/ 464"، وتهذيب التهذيب "1/ 71"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 254".
2 ورد في البخاري "237" و"2862" و"5566".(9/81)
1797- أحمد بن محمد بن موسى 1: "خ، ت، س"
السِّمسار المروزي مَرْدَوَيْه الحَافِظُ. وَرُبَّمَا نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، فَقِيْلَ: أحمد بن موسى.
روى عن: بن المبارك, وجرير, وإسحاق الأزرق, وطائفة.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الذُّهْلِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدٍ المَرْوَزِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
وَسَمِعَ مِنَ النَّضْرِ بنِ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيِّ؛ شَيْخٍ يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ.
قَالَ الشِيْرَازِيُّ فِي "الأَلْقَابِ": تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائتين.
قلت: وكان مكثرًا عن بن المبارك, ثقة.
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 13"، وتهذيب التهذيب "1/ 77".(9/82)
1798- أمَيَّةُ بن بِسْطام 1: "خ، م"
ابن المنتشر الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ العَيْشِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عَمِّهِ؛ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ الحَافِظِ، وَأَبِي عَقِيْلٍ يَحْيَى المُتَوَكِّلِ, وَبِشْرِ بنِ المُفَضَّلِ, وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخَانِ فِي "صَحِيْحَيْهِمَا"، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ البَاهِلِيُّ, وَأَبُو يعلى الموصلي, وخلق سواهم.
وثقه بن حبان، وغيره.
قال بن حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ المُؤَدِّبُ, وَزَاهِرٌ المُسْتَمْلِي, قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بنُ بسطام، حدثنا معدي بن سليمان، أخبرنا بن عَجْلاَنَ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنِ انْصَرَفَ عَنْ جِنَازَةٍ, فَلَهُ قِيْرَاطٌ, وَمَنْ شَيَّعَهَا, فَلَهُ قِيْرَاطٌ, وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا, فَلَهُ قِيْرَاطٌ, وَمَنْ قَعَدَ حَتَّى تُدْفَنَ, فَلَهُ قِيْرَاطٌ" 2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ 11"، والجرح والتعديل "2/ 303"، والعبر "1/ 409"، وتهذيب التهذيب "1/ 370"، وشذرات الذهب "2/ 70".
2 صحيح: وهذا إسناد ضعيف أخرجه البزار "823" من طريق معدي بن سليمان، عن ابن عجلان، عن أبيه، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته معدي بن سليمان، صاحب الطعام، فإنه ضعيف، لكن حديث أبي هريرة صحيح ثابت، فقد ورد عنه مرفوعا بلفظ: "من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا، وكان معه حتى يُصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الاجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط". أخرجه أحمد "2/ 430 و493"، والبخاري "47"، والنسائي "4/ 77" من طرق عن عوف، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، به، وأخرجه مسلم "945" من طرق عن أبي هريرة، به.(9/83)
1799- حبان بن موسى 1:
"خ، م، ت، س"
ابن سوار الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ، المَرْوَزِيُّ، الكُشْمِيْهَنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَمْزَةَ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيِّ, وَدَاوُدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارِ, وَنُوْحِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ المبارك، وكان مليًّا به.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ, وَبِوَاسِطَةٍ التِّرْمِذِيُّ, وَالنَّسَائِيُّ, وَيُوْسُفُ بنُ عَدِيٍّ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ حِبَّانَ مِنْ حَيْثُ قِدَمُ المَوْتِ- وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ, وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدٍ المَرْوَزِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثلاث وثلاثين ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 313"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1211"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 309"، والعبر "1/ 413"، والكاشف "1/ ترجمة 908"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 284"، وتهذيب التهذيب "2/ 147"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 273"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1911"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 77".(9/84)
1800- أَمَا سَمِيُّهُ حِبَّانُ بنُ مُوْسَى بنِ حِبَّانَ 1:
ابْنِ مُوْسَى بنِ عُبَيْدِ اللهِ الكَلاَعِيُّ2, الدِّمَشْقِيُّ؛ الَّذِي يَرْوِي عَنْ زَكَرِيَّا السِّجْزِيِّ خَيَّاطِ السُّنَّةِ3, فتوفي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ, وَزَاهِرٌ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بنُ مُوْسَى, عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "نَزَلْنَا المُزْدَلِفَةَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْدَةُ أَنْ تَنْفِرَ قَبْلَهُ وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ, وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَبِطَةً -وَالثَّبِطَةُ الثَّقِيلَةُ- فَأَذِنَ لَهَا, فَدَفَعَتْ قَبْلَهُ, وَحُبِسْنَا حَتَّى دَفَعْنَا بِدَفْعِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- حين أصبح"4.
__________
1 ترجمته في تهذيب الكمال "5/ ترجمة 1073"، وتهذيب التهذيب "2/ ترجمة 316"، وتقريب التهذيب "1/ 100".
2 وقع في تهذيب الكمال "الكلابي"، وليس "الكلاعي", ولعله تصحيف.
3 سمي بخياط السنة؛ لأنه كان يخيط أكفان أهل السنة.
4 صحيح: أخرجه البخاري "1681"، ومسلم "1290"، من طريق أفلح بن حميد، به.(9/84)
1801- عليُّ بن بحر 1: "د، ت"
ابن بري، الإِمَامُ, الحَافِظُ، المُتْقِنُ، أَبُو الحَسَنِ الفَارِسِيُّ, ثُمَّ البَغْدَادِيُّ, القَطَّانُ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ, وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ, وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ, وَعَبْدِ المُهَيْمِنِ بنِ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ, وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، وَهِشَامِ بنِ يُوْسُفَ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنَ الشَّامِيِّيْنَ, وَاليَمَانِيِّيْنَ, وَالعِرَاقِيِّيْنَ, وَالحِجَازِيِّيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ, وَبِوَاسِطَةٍ التِّرْمِذِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ, وَهِلاَلُ بنُ العَلاَءِ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم، وَكَانَ قَدْ سَكَنَ بِبَابَسِيْرَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَبَابَسِيْرُ: بُلَيْدَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ الأَهْوَازِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 309"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2354"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 209"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 965"، وتاريخ بغداد "11/ 352"، وتذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 482"، والعبر "1/ 417"، والكاشف "2/ ترجمة 3939"، وتهذيب التهذيب "7/ 584"، وتقريب التهذيب "2/ 32"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4946".(9/85)
1802- ابن الرَّمَّاح 1:
قَاضِي نَيْسَابُوْرَ، العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ الرَّمَّاحِ البَلْخِيُّ, ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ واسم جده: ميمون.
سَمِعَ مَالِكاً، وَحَمَّادَ بنَ زَيْدٍ وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ, وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه, وَالذُّهْلِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ, وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَصَدْعٍ بِالْحَقِّ. وثَّقَهُ الذُّهْلِيُّ.
وَامْتَنَعَ مِنَ القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ, وَكَفَّرَ الجَهْمِيَّةَ.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 507".(9/85)
1803- قتيبة 1: "ع"
هُوَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ, الجَوَّالُ، رَاوِيَةُ الإِسْلاَمِ, أَبُو رَجَاءَ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدِ بنِ جَمِيْلِ بنِ طَرِيْفٍ الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَلْخِيُّ، البَغْلاَنِيُّ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَةِ "بَغْلاَنَ" مِنْ موالي الحجاج بن يوسف الأمير الظالم, وهو بن أَخِي وَشِيْمِ بنِ جَمِيْلٍ الثَّقَفِيِّ.
وَقَدْ كُنْتُ عَمِلْتُ لَهُ تَرْجَمَةً مَعَهَا نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً مِنَ العَوَالِي، وَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ, وَأَحْبَبْتُ الآنَ عَمَلَهَا عَلَى أَنْمُوذَجِ نُظَرَائِهِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: اسْمُهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَقُتَيْبَةُ لقب. وقال الحافظ بن مَنْدَةَ: اسْمُهُ عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ. وَقِيْلَ: كَانَ لَهُ أَخٌ اسْمُهُ: قُديد بنُ سَعِيْدٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُ: قُتَيْبَةُ مُشْتَقٌ مِنَ القِتْبِ، وَهُوَ المِعَى، يُقَالُ: طَعَنْتُهُ, فَانْدَلَقَتْ أَقْتَابُ بَطْنِهِ أَيْ: خَرَجَتْ.
نَعَمْ، وَارْتَحَلَ قُتَيْبَةُ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً. وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، فَحَمَلَ الكَثِيْرَ عَنْ مَالِكٍ, وَاللَّيْثِ, وَشَرِيْكٍ, وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَأَبِي عَوَانَةَ, وبن لَهِيْعَةَ, وَبَكْرِ بنِ مُضَرَ, وَكَثِيْرِ بنِ سُلَيْمٍ صَاحِبِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعَبْثَرِ بنِ القَاسِمِ, وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زِيَادٍ, وَأَبِي الأَحْوَصِ سَلاَّمِ بنِ سُلَيْمٍ, وَمُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ, وَجَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَحَرْبِ بنِ أَبِي العَالِيَةِ, وَحَمَّادِ بنِ يَحْيَى الأَبَحِّ, وَخَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ, وَدَاوُدَ العَطَّارِ, وَشِهَابِ بنِ خِرَاشٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيِّ, وَرُشْدِيْنَ بنِ سَعْدٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الرجال, وبن المُبَارَكِ, وَعَبْدِ الوَارِثِ, وَالعَطَّافِ بنِ خَالِدٍ, وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, وَفَرَجِ بنِ فَضَالَةَ, وَأَبِي هَاشِمٍ كَثِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَيْلِيِّ, وَالمُنْكَدِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ, وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ, وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ, وَيَزِيْدَ بنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ, وَيَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِسْكَنْدَرَانِيِّ, وَالمُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِزَامِيِّ, وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَمُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الفِطْرِيِّ, وَمُعَاوِيَةَ بنِ عَمَّارٍ الدهني، وخلق كثير. وينزل إلى
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 379"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 870"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 212"، و"2/ 493"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 784"، وتاريخ بغداد "12/ 464"، والعبر "1/ 433"، والكاشف "2/ ترجمة 4625"، وتهذيب التهذيب "8/ 361"، وتقريب التهذيب "2/ 123"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5908"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 49".(9/86)
غُنْدَر، ووكيع، والوليد بن مسلم، وبن وَهْبٍ، وَطَبَقَتِهِم ثُمَّ إِلَى حَجَّاجٍ الأَعْوَرِ، وَابْنِ أَبِي فُدَيك.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُمَيْدِيُّ، وَنُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحَرَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ -فَأَكْثَرَ- وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَائِفَةٌ مَاتُوا قَبْلَهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي كُتُبِهِم, فَأَكْثَرُوا، وَرَوَى بن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ عَنْهُ، وعن بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضاً عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ, عَنْ زَكَرِيَّا الخَيَّاطِ, عَنْهُ. وَرَوَى عَنْهُ: يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ، وَعَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ الفَقِيْهُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بَشَّارٍ النَّسَائِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُسْتِيُّ القَاضِي، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ البُشْتِيُّ -بِمُعْجَمَةٍ- النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الطَّيِّبِ البَلْخِيُّ، وَوَلَدُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ قُتَيْبَةَ، وَعَبْدَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ طَيْفُوْرٍ النَّسَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ الدَّوِيْرِيُّ -وَدَوِيْرُ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِ؛ قَرْيَةٌ بِخُرَاسَانَ- وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَكِيْمُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتاً الوَاعِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ العَبَّاسِ البَلْخِيُّ الزَّاهِدُ المُتَوَفَّى سَنَةَ سبع عشرة، وثلاثمائة؛ الَّذِي رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ فِي "مُعْجَمِهِ" بِالإِجَازَةِ الَّذِي قِيْلَ: إِنَّهُ وَعَظَ مَرَّةً, فَمَاتَ فِي المَجْلِسِ مِنْ تَذْكِيْرِهِ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ ذَكَرَ قُتَيْبَةَ, فَأَثْنَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، مِنْ طَرِيْقِ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ: قُتَيْبَةُ ثِقَةٌ. وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ، وَزَادَ: صدوق.
وقال أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ خِراش: صَدُوْقٌ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَدِمَ قُتَيْبَةُ بَغْدَادَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ, فَجَاءهُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى.
وَقَالَ فِيْهِ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ أَيْضاً: حَضَرْتُهُ بِبَغْدَادَ، وَقَدْ جَاءهُ أَحْمَدُ, فَسَأَلَهُ عَنْ أَحَادِيْثَ, فَحَدَّثَهُ بِهَا. وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أبي شيبة، وبن نُمَيْرٍ بِالْكُوْفَةِ إِلَيْهِ لَيْلَةً، وَحَضَرتُ مَعَهُمَا, فَلَمْ يَزَالاَ يَنْتَخِبَانِ عَلَيْهِ، وَأَنْتَخِبُ مَعَهُمَا إِلَى الصُّبْحِ.(9/87)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الكَرْمِيْنِيُّ: قَالَ لِي قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ: مَا رَأَيْتَ فِي كِتَابِي مِنْ عَلاَمَةِ الحُمْرَةِ, فَهُوَ علاَمَةُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, وَمَا رَأَيْتَ مِنْ الخُضْرَةِ, فَهُوَ عَلاَمَةُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدِ بنِ فَرْوَةَ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ: انْحَدَرتُ إِلَى العِرَاقِ أَوَّلَ مَرَّةٍ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ, وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ ابْنَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَبَّوَيْه: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي حَدَاثَتِي أَطلُبُ الرَّأْيَ, فَرَأَيْتُ -فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ- أَنَّ مَزَادَةً دُلِّيَتْ مِنَ السَّمَاءِ, فَرَأَيْتُ النَّاسَ يَتَنَاوَلُونَهَا فَلاَ يَنَالُونَهَا, فَجِئتُ أَنَا, فَتَنَاوَلْتُهَا, فَاطَّلَعتُ فِيْهَا, فَرَأَيْتُ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ, فَلَمَّا أَصبَحتُ جِئْتُ إِلَى مِخْضَعٍ البَزَّازِ -وَكَانَ بَصِيْراً بِعِبَارَةِ الرُّؤْيَا- فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ رُؤْيَايَ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِالأَثَرِ فَإِنَّ الرَّأْيَ لاَ يَبْلُغُ المَشْرِقَ وَالمَغْرِبَ، إِنَّمَا يَبلُغُ الأَثَرُ. فَتَرَكتُ الرَّأْيَ, وَأَقبَلْتُ عَلَى الأَثَرِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ جَرِيْرٍ اللاَّلُ، عَنْ قُتَيْبَةَ، قَالَ لِي أَبِي: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ, فِي يَدِهِ صَحِيفَةٌ, فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, مَا هَذِهِ الصَّحِيفَةُ? قَالَ: فِيْهِ أَسَامِي العُلَمَاءِ. قُلْتُ: نَاوِلْنِي أنظر فيه اسم ابْنِي فَنَظَرتُ, فَإِذَا فِيْهِ اسْمُ ابْنِي.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ الفرهياني: قُتَيْبَةُ: صَدُوْقٌ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الكِبَارِ إِلاَّ وَقَدْ حَمَلَ عَنْهُ بِالعِرَاقِ. وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو خَيْثَمَةَ, وَعَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ, وَالحُمَيْدِيُّ بِمَكَّةَ.
وَسَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: مَرَرْتُ بِمِنَىً عَلَى قُتَيْبَةَ, وَعَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ يَكْتُبُ عَنْهُ, فَجُزْتُ وَلَمْ أَحْمِلْ عَنْهُ, فَنَدِمْتُ.
أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ المَرْوَزِيُّ: أَبُو رَجَاءَ قُتَيْبَةُ مَوْلَى الحَجَّاجِ بن يوسف, فكان قتيبة يتولى ثقيف, وَيَذْكُرُ كَرَامَةَ جَدِّهِ عَلَى الحَجَّاجِ, وَأَنَّ الحَجَّاجَ كَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى سَرِيْرِهِ, جَلَسَ جَدِّي عَلَى كُرْسِيٍّ عَنْ يَمِيْنِهِ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو رَجَاءَ رَجُلاً رَبْعَةً, أَصْلَعَ, حُلوَ الوَجْهِ, حَسَنَ اللِّحْيَةِ, وَاسِعَ الرَّحلِ, غَنِيّاً مِنَ أَلوَانِ الأَمْوَالِ: مِنَ الدَّوَابِّ, وَالإِبِلِ, وَالبَقَرِ, وَالغَنَمِ, وَكَانَ كَثِيْرَ الحَدِيْثِ. لَقَدْ قَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي هَذِهِ الشَّتوَةِ, حَتَّى أُخْرِجَ لَكَ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ عَنْ خَمْسَةِ أُنَاسِيَّ. فَقُلْتُ: لَعَلَّ أَحَدَهُمْ عُمَرُ بنُ هَارُوْنَ? قَالَ: لاَ كُنْتُ كَتَبتُ عَنْ عُمَرَ بنِ هَارُوْنَ وَحدَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ أَلفاً, وَلَكِنْ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَجَرِيْرٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ, وَنَسِيتُ الخامس. قال: وكان ثبتًا فِيْمَا رَوَى صَاحِبَ سُنَّةٍ وَجَمَاعَةٍ. سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.(9/88)
قَالَ: وَمَاتَ لِلَيلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَعْبَانَ, سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَهُوَ فِي تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ كتب الحديث عن ثلاث طبقات: الليث وبن لَهِيْعَةَ, إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ عَن إِدْرِيْسَ وَوَكِيْعٍ, وَالعَنْقَزِيِّ، وَنَحْوِهِم، ثُمَّ كَتَبَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ, وَسَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ.
وَأَمَّا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ فَقَالَ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، سَنَةَ مَوْتِ الأَعْمَشِ، وَسَمِعْتُهُ يقول: حضرت موت بن لَهِيْعَةَ, وَشَهِدْتُ جَنَازَتَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الوَاعِظُ، وَبَيْنَهُمَا فِي المَوْتِ ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُوْنَ عَاماً.
وَأَمَّا الخَطِيْبُ، فَقَالَ فِي كِتَابِ "السَّابِقِ وَاللاَحِقِ": حَدَّثَ عَنْهُ: نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قَالَ بن المُقْرِئِ فِي "مُعْجَمِهِ": حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: كُنَّا عَلَى بَابِ قُتَيْبَةَ, فَمَرِضَ رَجُلٌ كَانَ مَعَنَا، يَقُوْلُ: لاَ أَخْرُجُ حَتَّى أُكَبِّرَ عَلَى قُتَيْبَةَ. قَالَ: فَمَاتَ, فَأَخْبَرُوا بِهِ قُتَيْبَةَ, فَخَرَجَ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ, وَكَتَبَ عَلَى قَبْرِهِ: هَذَا قَبْرُ قَاتِلِ قُتَيْبَةَ.
وَقَدْ رَوَى: أَبُو نَصْرٍ, عَنْ قُتَيْبَةَ, قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, فالله أعلم.
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ, عَنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ, قَالَ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: هَذَا قَوْلُ الأَئِمَّةِ فِي الإِسْلاَمِ, وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ: نَعرِفُ رَبَّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ: تَعَالَى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] .
وَمِمَّا بَلَغَنَا مِنْ شِعْرِ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ قَوْلُهُ:
لَوْلاَ القَضَاءُ الَّذِي لاَ بُدَّ مُدْرِكُه ... وَالرِّزْقُ يَأْكُلُهُ الإِنْسَانُ بِالقَدَرِ
مَا كَانَ مِثْلِيَ فِي بَغْلاَنَ مَسْكَنُهُ ... وَلاَ يَمُرُّ بِهَا إِلاَّ عَلَى سَفَرِ
وكَانَتْ رِحْلَةُ النَّسَائِيِّ إِلَى قُتَيْبَةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ سَنَةً كَامِلَةً، وَكَتَبَ عَنْهُ شَيْئاً كَثِيْراً، لَكِنَّهُ امتَنَعَ وَتَحَرَّجَ مِنْ رِوَايَةِ "كِتَابِ ابْنِ لَهِيْعَةَ"؛ لِضَعْفِهِ عِنْدَهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ سَبَبَ نُزُوْحِ قُتَيْبَةَ مِنْ مَدِيْنَةِ بَلْخَ، وَانقِطَاعِهِ بِقَرْيَةِ بَغْلاَنَ؛ أَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَهُ مَالِكٌ, وَجَاءهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ البَلْخي لِلسَّمَاعِ، فَبَرَزَ قُتَيْبَةُ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ المُرْجِئَةِ. فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ مِنْ مَجْلِسهِ -وكان لإبراهيم سَوْرةٌ كَبِيْرَةٌ بِبَلَدِهِ- فَعَادَى قُتَيْبَةَ, وَأَخْرَجَهُ.(9/89)
وَمَا عَلِمتُهُمْ نَقَمُوا عَلَى قُتَيْبَةَ سِوَى ذَلِكَ الحَدِيْثِ المَعْرُوْفِ فِي الجَمعِ فِي السَّفَرِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: عَمِلَ أَبِي طَعَاماً وَدَعَا إِسْحَاقَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ ابْنِي هَذَا قَدْ أَلَحَّ عَلَيَّ فِي الخُرُوْجِ إِلَى قُتَيْبَةَ, فَمَا ترى? فنظر إلي, وقال: هَذَا قَدْ أَكْثَرَ عَنِّي وَهُوَ يَجْلِسُ بِالقُربِ مِنِّي, وَأَبُو رَجَاءَ عِنْدَهُ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا, فَأَرَى أَنْ تَأْذَنَ لَهُ عَسَى أَنْ يَنْتَفِعَ.
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوْكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيْغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إِلَى العَصْرِ فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيْعاً, وَإِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ المَغْرِبِ أَخَّرَهَا حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ العِشَاءِ, فَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب"1.
مَا رَوَاهُ أَحَدٌ عَنِ اللَّيْثِ سِوَى قُتَيْبَةَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالتِّرْمِذِيُّ, وَأَمَّا النسائي, فامتنع من إخراجه؛ لنكارته.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمن الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الإِسْفَرَايِيْنِيُّ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدَكَ بنِ مَهْدِيٍّ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ -وَرَّاقُ مَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ- حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرَيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ فِي غَزْوَةِ تَبُوْكَ, فَكَانَ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ العَصْرِ, فَيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا"2. مُخْتَصَرٌ.
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ", فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً نازلة بست درج.
__________
1، 2 أخرجه أحمد "5/ 241-242"، وأبو داود "1220"، والترمذي "553"، والدارقطني "1/ 392-393"، والبيهقي "3/ 163"، من طرق عن قتيبة بن سعيد، به.
وقال الترمذي: والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ مُعَاذٍ أنه -صلى الله عليه وسلم- جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. ورواه قرة بن خالد، وسفيان الثوري، ومالك، وغير واحد عن أبي الزبير المكي.
ورواية مالك في الموطأ "1/ 160-161"، ومسند أحمد "5/ 237"، ورواية قرة بن خالد في "المسند" "5/ 228-229"، ورواية سفيان فيه "5/ 230 و336".(9/90)
وَمِنْ أَعجَبِ الأُمُورِ: أَنَّ أَبَا عِيْسَى التِّرْمِذِيَّ حَدَّثَ بِهِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَرَوَاهُ نَازِلاً كَمَا هُوَ مَوْجُوْدٌ فِي نُسَخٍ عِدَّةٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سُلَيْمَانَ البَلْخِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى اللُّؤْلُؤِيِّ, عَنْ أَبِي بَكْرٍ الأَعْيَنِ, عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ, عَنْ أَحْمَدَ عَنْ قُتَيْبَةَ, فَهَذَا مِنْ طُرُقِ النَّوَازِلِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: رُوَاتُهُ أَئِمَّةٌ, ثِقَاتٌ, وَهُوَ شَاذُّ الإِسْنَادِ وَالمَتْنِ, ثُمَّ لاَ نَعرِفُ لَهُ عِلَّةً نُعَلِّلُهُ بِهَا, فَلَو كَانَ الحَدِيْثُ عِنْدَ الليث عن أبي الزبير عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ لَعَلَّلْنَا بِهِ الحَدِيْثَ, وَلَوْ كَانَ عِنْدَ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ لَعَلَّلْنَا بِهِ, فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ عِلَّةً خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ مَعْلُوْلاً, ثُمَّ نَظَرنَا فَلَمْ نَجِدْ لِيَزِيْدَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ رِوَايَةً, وَلاَ وَجَدنَا هَذَا المَتْنَ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الطُّفَيْلِ, وَلاَ عِنْدَ أَحَدٍ مِمَّنْ يَرْوِيْهِ عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ غَيْرَ أَبِي الطُّفَيْلِ, فَقُلْنَا هُوَ شَاذٌ, وَأَئِمَّةُ الحَدِيْثِ إِنَّمَا سَمِعُوهُ مِنْ قُتَيْبَةَ تَعَجُّباً مِنْ إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ, وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُم أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ عِلَّةً.
قُلْتُ: بَلْ رَوَوْهُ فِي كُتُبِهِم, وَاسْتَغْرَبَهُ بَعْضُهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: وَقَدْ قَرَأَ عَلَيْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ هَذَا, وَحَدَّثَنَا بِهِ عَنِ النَّسَائِيِّ, وَهُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ عَنْ قُتَيْبَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَلاَ أَبُو عَلِيٍّ لِلْحَدِيْثِ عِلَّةً, فَنَظَرنَا فَإِذَا هُوَ مَوْضُوْعٌ. وَقُتَيْبَةُ: ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ. فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا بن خُزَيْمَةَ, سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ حَفْصَوَيْه -نَيْسَابُوْرِيٌّ, صَاحِبُ حَدِيْثٍ- يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: قُلْتُ لِقُتَيْبَةَ: مَعَ مَنْ كَتَبتَ عَنِ اللَّيْثِ حَدِيْثَ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ؟ قَالَ: مَعَ خَالِدٍ المَدَائِنِيِّ. قَالَ البُخَارِيُّ: وَكَانَ خَالِدٌ هَذَا يُدْخِلُ عَلَى الشُّيُوْخِ الأَحَادِيْثَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ عَقِيبَهُ: لاَ يَرْوِيْهِ إِلاَّ قُتَيْبَةُ وَحْدُهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيْبٌ تَفَرَّدَ بِهِ قُتَيْبَةُ وَالمَعْرُوْفُ حَدِيْثُ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ يَعْنِي عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُم خَرَجُوا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوْكَ, فَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ يَعْنِي: وَلَيْسَ فِيْهِ جَمْعُ التَّقْدِيْمِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ: لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إِلاَّ قُتَيْبَةُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ غَلِطَ, وَإِنَّ مَوْضِعَ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ أَبُو الزُّبَيْرِ.
قُلْتُ: فَيَكُوْنُ قَدْ غَلِطَ فِي الإِسْنَادِ, وَأتَى بِلَفْظٍ مُنْكَرٍ جِدّاً. يَرَوْنَ: أَنَّ خَالِداً المَدَائِنِيَّ أَدْخلَهُ عَلَى اللَّيْثِ, وَسَمِعَهُ قُتَيْبَةُ مَعَهُ, فَاللهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: هَذَا التَّقْرِيْرُ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّ اللَّيْثَ كَانَ يَقْبَلُ التَّلْقِيْنَ، وَيَروِي مَا لَمْ يَسْمَعْ, وَمَا كان(9/91)
كَذَلِكَ، بَلْ كَانَ حُجَّةً مُتَثَبِّتاً, وَإِنَّمَا الغَفْلَةُ وَقَعَتْ فِيْهِ مِنْ قُتَيْبَةَ, وَكَانَ شَيْخَ صِدْقٍ, قَدْ رَوَى نَحْواً مِنْ مائَةِ أَلْفٍ, فَيُغْتَفَرُ لَهُ الخَطَأُ فِي حَدِيْثٍ وَاحِدٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, عَنِ العَلاَءِ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ, يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِناً, وَيُمْسِي كَافِراً, وَيُمْسِي مُؤْمِناً, وَيُصْبِحُ كَافِراً, يَبِيْعُ دِيْنَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا" 1.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ, عَنْ قُتَيْبَةَ, عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، وَالتِّرْمِذِيُّ: عَنْهُ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ.
وَمَاتَ مَعَ قُتَيْبَةَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ خَلْقٌ، مِنْهُم: سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ الحَدَثَانِيُّ, وَسُوَيْدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ, وَأَبُو ثَوْرٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ الكَلْبِيُّ الفَقِيْهُ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَتَّابٍ الأَعْيَنُ, وَالحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ, وَمُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيُّ2, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ البَصْرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الطحان.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "2195"، من طريق قتيبة بن سعيد، به، وأخرجه أحمد "2/ 304 و372 و523", ومسلم "118"، والبغوي "4223"، من طرق عن العلاء، به.
2 الجَرْجَائي: نسبة إلى جَرْجرايا، وهي بلدة بين بغداد وواسط قريبة من دجلة.(9/92)
1804- أحمد بن جَناب 1: "م، د"
ابن المغيرة, الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو الوَلِيْدِ المَصِّيْصِيُّ.
عَنْ: عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَالحَكَمِ بنِ ظُهَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَحْمَدُ الأَبَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ, وَمِنَ القُدَمَاءِ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ.
وَكَانَ ثَبْتاً فِي عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ.
قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ بن أَبِي عَاصِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
يُقَالُ: إنه بغدادي.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 27"، وتاريخ بغداد "4/ 77-78"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 294"، وتهذيب التهذيب "1/ 21-22"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 258".(9/92)
1805- طالوت بن عَبَّاد 1:
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، الثِّقَةُ، أَبُو عُثْمَانَ البَصْرِيُّ, الصَّيْرَفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: فَضَّالِ بنِ جُبَيْرٍ2، صَاحِبِ أبي أمامة الباهلي, وعن الربيع بنِ مُسْلِمٍ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ, وَأَبِي هِلاَلٍ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمٍ، وَاليَمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ وَسَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, وَجَمَاعَةٍ, وَلَهُ: نُسْخَةٌ مَشْهُوْرَةٌ، عَالِيَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَعَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيِّ: ضَعَّفَهُ عُلَمَاءُ النَّقْلِ, فَهَفْوَةٌ مِنْ كِيْسِ أَبِي الفَرَجِ. فَإِلَى السَّاعَةِ, مَا وَجَدْتُ أَحَداً ضَعَّفَهُ. وَحَسْبُكَ بِقَولِ المُتَعَنِّتِ فِي النَّقْدِ أَبِي حَاتِمٍ فِيْهِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا طَالُوْتُ بنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنِ الحَسَنِ, عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا تَوَاجَهَ المُسْلِمَانِ بسَيْفَيْهِمَا، فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُوْلُ فِي النار" 3.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 3157"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 2178"، والعبر "1/ 427"، وميزان الاعتدال "2/ 334"، ولسان الميزان "3/ 205-206"، وشذرات الذهب "2/ 90".
2 ترجمته في "ميزان الاعتدال" "3/ ترجمة 6705"، وقال: قال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة, وهي نحو عشرة أحاديث. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال، يروي أحاديث لا أصل لها. وقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث.
3 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 43 و51"، والبخاري"31" و"6875" و"7083"، ومسلم "2888" "15"، وأبو داود "4268"، والبيهقي "8/ 190", والبغوي "2549" من طرق عن حماد بن زيد، عن أيوب ويونس، عن الحسن, عن الاحنف بن قيس، عن أبي بكرة، به مرفوعًا.(9/93)
1806- العباس بن الوليد 1: "خ، م، س"
ابن نصر الحَافِظُ الإِمَامُ الحُجَّةُ، أَبُو الفَضْلِ البَاهِلِيُّ، النَّرْسي البصري بن عَمِّ المُحَدِّثِ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ. وَنَرْسُ هُوَ جَدُّهُمَا نَصْرٌ, كَانَ بَعْضُ العَجَمِ يَدْعُوهُ: يَا نَصْرُ, فَيَنْطِقُ بِهَا: يَا نَرْسُ لِعُجْمَةِ لِسَانِهِ.
سَمِعَ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ وَعَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ المَدِيْنِيَّ وَأَبا عَوَانَةَ وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ وَيَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ وَعِدَّةً وَكَانَ مُتْقِناً صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ, وَبِوَاسِطَةٍ النَّسَائِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القَاضِي المَرْوَزِيُّ وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ وَالبَغَوِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وثقه يحيى بن معين ورجحوه على بن عَمِّهِ عَبْدِ الأَعْلَى.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ.
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا سَرَقَ العَبْدُ فَبِعْهُ وَلَوْ بِنَشٍّ"2.
وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ حَاتِمٌ الأَصَمُّ الزَّاهِدُ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ, وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُعَاذٍ, وَأَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ قُدَامَةَ الجَوْهَرِيُّ, وَوَثِيْمَةُ بنُ مُوْسَى الأَخْبَارِيُّ, وَعَبْدُ الله بن مطيع.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 27"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1177"، والكاشف "2/ ترجمة 2638"، والمغني "1/ ترجمة 3087"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4184"، وتهذيب التهذيب "5/ 133"، وتقريب التهذيب "1/ 400"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3366".
2 ضعيف: أخرجه الطيالسي "2343"، وأحمد "2/ 337 و356 و387"، والبخاري في الأدب المفرد" "165"، وأبو داود "4412"، والنسائي "8/ 91"، وابن ماجه "2589"، وأبو يعلى "5906"، وابن عدي في "الكامل" "5/ 40"، من طرق عن أبي عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبيه، عن أبي هريرة، به.(9/94)
1807- عبد الأعلى بن حماد 1: "خ، م، د، س"
ابن نصر الحَافِظُ المُحَدِّثُ، أَبُو يَحْيَى البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمُ، النَّرسي البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ الوَرْدِ وَوُهَيْبِ بنِ خَالِدٍ وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ الوَارِثِ وَخَلْقٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ, وَبِوَاسِطَةٍ النَّسَائِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى البَلاَذُرِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ وَالفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ منصور الزبيدي وهارون بن محمد بنِ سَعْدَانَ وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ المُجَدَّرِ وَالعَبَّاسُ بنُ البِرْتِيِّ وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيرُهُ. وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَمَنْ قَالَ: سنَةَ سِتٍّ, فَقَدْ أَخْطَأَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الإِسْلاَمُ بِضْعٌ وَسِتُّوْنَ" -أَوْ قَالَ: "وَسَبْعُوْنَ بَاباً أَفْضَلُهَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيْقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ من الإيمان" 2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1752"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 211 و525"، والكنى للدولابي "2/ 165"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 154"، وتاريخ بغداد "11/ 75"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 374"، والعبر "1/ 424"، والكاشف "2/ ترجمة 3116"، وتذكرة الحفاظ "2/ 467"، وتهذيب التهذيب "6/ 93-94"، وتقريب التهذيب "1/ 464"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3948"، وشذرات الذهب "2/ 88".
2 صحيح: أخرجه مسلم "35" "58"، من طريق جرير، عن سهيل، به, ولفظه: "الإيمان بضع وسبعون, أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عن الطريق، والحياء شبعة من الإيمان". وأخرجه البخاري "9"، ومسلم "35"، "57"، من طريق أبي عامر العقدي, حدثنا سليمان بن بلال، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان".
قوله: "وبضع وسبعون" البِضْعُ في العدد بالكسر، وقد يفُتح، ما بين الثلاث إلى التسع.(9/95)
1808- مُصْعَب 1: "ق"
ابن عَبْدِ اللهِ بنِ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتِ بنِ عبد الله بن حَوَارِيُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبن عَمَّتِهِ الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ العَلاَّمَةُ الصَّدُوْقُ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ أَمِيْرِ اليَمَنِ القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الزُّبَيْرِيُّ المَدَنِيُّ, نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ أَبَاهُ، وَمَالِكَ بنَ أَنَسٍ, وَالضَّحَّاكَ بنَ عُثْمَانَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعْدٍ, وَعَبْدَ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيَّ, وَهِشَامَ بنَ عَبْدِ اللهِ المَخْزُوْمِيَّ, وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ, وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ بِحَدِيْثِ النَّجَشِ2، وَبِوَاسِطَةٍ النَّسَائِيُّ, وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ القَاضِي ابْنُ أَخِيْهِ, وَأَبُو يَعلَى المَوْصِلِيُّ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. وَمِنْهُم مَنْ تَكَلَّمَ فِيْهِ لأَجلِ وَقْفِهِ فِي مَسْأَلَةِ القُرْآنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرْوَزِيُّ: كَانَ مِنَ الوَاقِفَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ كَانَ وَكِيْعٌ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ يَقُوْلاَنِ: القُرْآنُ غَيْرُ مخلوق، قال: أخطأ وكيع وأبو بكر. قُلْتُ: فَعِنْدَنَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوْقٍ. قَالَ: أَنَا لَمْ أَسْمَعهُ، قُلْتُ: يَحْكِيهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ قهم: كَانَ مُصْعَبٌ إِذَا سُئِلَ عَنِ القُرْآنِ، يَقِفُ وَيَعِيْبُ مَنْ لاَ يَقِفُ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ عَلاَّمَةً نَسَّابَةً أَخْبَارِيّاً فَصِيْحاً مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ وَأَفْرَادِهِم.
قَدْ رَوَى عَنْهُ: مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ فِي غَيْرِ كِتَابَيْهِمَا.
قَالَ الزُّبَيْرُ: كَانَ عَمِّي وَجْهَ قُرَيْشٍ مُروءةً وَعِلْماً وَشَرَفاً وَبَيَاناً وَقَدْراً وَجَاهاً وَكَانَ نَسَّابَةَ قُرَيْشٍ عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 344"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 1532"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 1429"، وتاريخ بغداد "13/ 112"، والكاشف "3/ ترجمة 5564"، والمغني "2/ ترجمة 6265"، والعبر "1/ 423"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8564"، وتهذيب التهذيب "10/ 162"، وتقريب التهذيب "2/ 252"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7024"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 86".
2 صحيح: أخرجه ابن ماجه "2173"، وقال: قرأت على مصعب بن عبد الله الزبيري، عن مالك "ح" وحدثنا أبو حذافة حدثنا مالك بن أنس، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن النَّجْش".
النَّجْش: هو أن يمدح السلعة ليروجها، أو يزيد في الثمن ولا يريد شراءها ليضر بذلك غيره.(9/96)
قال بن أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ مُصْعَباً يَقُوْلُ: حَضَرْتُ حَبِيْباً1 يَقْرَأُ عَلَى مَالِكٍ، أَنَا عَنْ يَمِيْنِهِ وَأَخِي عَنْ يَسَارِهِ، فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ورقتين ونصف، وَالنَّاسُ نَاحِيَةٌ. فَإِذَا قَضَى، جَاءَ النَّاسُ فَعَارَضُوا كُتُبَنَا بِكُتُبِهِم, وَكَانَ حَبِيْبٌ يَأْخُذُ عَلَى كُلِّ عَرْضَةٍ دِيْنَارَينِ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ. فَقُلْتُ: لِمُصْعَبٍ إِنَّهُم كَانُوا لاَ يَعْرِضُونَ عَرْضَ حَبِيْبٍ, فَأَنْكَرَ هَذَا إِذْ مَرَّ بِنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَسَأَلَهُ مُصْعَبٌ عَنْ حَبِيْبٍ، فَقَالَ: كَانَ يَتَصَفَّحُ الورقة والورقتين. ومضى بن مَعِيْنٍ، فَسَكَتَ مُصْعَبٌ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ جَزَرَةُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، فَذَكَرَ شَيْئاً.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، يَقُوْلُ: مُصْعَبٌ مُسْتَثْبِتٌ.
قُلْتُ: وَكَانَ أبوه أميرًا على اليمن.
قَالَ الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو المُزَنِيُّ، قَالَ: لَمَّا كَانَ جَدُّكَ عَلَى اليَمَنِ، قَالَ لِي ابْنُهُ مُصْعَبٌ: امضِ مَعَنَا، فَتَأَخَّرْتُ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَيْهِمْ صَنْعَاءَ فَنَزَلْتُ فِي دَارِ الإِمَارَةِ فَأَكْرَمَنِي وَأَجرَى عَلَيَّ فِي الشَّهْرِ خَمْسِيْنَ دينارًا فلما انصرفت وصلني بخمسمائة دِيْنَارٍ.
وَلِهَذَا المُزَنِيِّ فِيْهِ مَدَائِحُ.
تَفَرَّدَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ بِحَدِيْثِ: "الْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الأَرْضِ".
فَرَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بنِ عَبْدِ اللهِ المَخْزُوْمِيِّ2 عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ أَبِيْهِ.
وَقَعَ لَنَا فِي جُزْءِ بِيْبَى الهَرْثَمِيَّةِ3 عَالِياً.
تُوُفِّيَ مُصْعَبٌ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ, رحمه الله.
__________
1 هو: حبيب بن أبي حبيب، واسم أبيه زُرَيق. وقيل: مرزوق، أبو محمد البصري، وقيل: المدني كاتب مالك. قال أحمد: ليس بثقة. وقال ابن معين: كان يقرأ على مالك ويتصفح ورقتين ثلاثة فسألوني عنه بمصر، فقلت: ليس بشيء.
وقال ابن داود: كان من أكذب الناس. وقال أبو حاتم: روى عن ابن أخي الزهري أحاديث موضوعة. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها موضوعة.
2 ضعيف: أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "3/ 91" من طريق هشام بن عبد الله بن عكرمة بن عبد الرحمن المخزومي، عن هشام بن عروة به.
وقال ابن حبان: هِشَامُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عِكْرِمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، يروي عن هشام بن عروة ما لا أصل له من حديثه كأنه هشام آخر، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد. وذكر الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" وعقب عليه بكلام ابن حبان هذا.
3 هي: الشَّيْخَةُ المُعَمِّرة، المُسْندة، أُمُّ الفَضْلِ وَأُمُّ عِزَّى، بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرْثَمِيَّة، الهَرَويَّة، رَوَتْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي شُرَيْح جُزْءاً عَالِياً اشْتُهِرَ بِهَا. قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: هِيَ مِنْ قَرْيَة بخشَة عَلَى برِيْد مِنْ هَرَاة، صَالِحَةٌ، عفِيفَة، عِنْدَهَا جزءٌ مِنْ حَدِيْثِ ابْن أَبِي شُرَيْح، تَفردت بِهِ، سَمِعَهُ مِنْهَا عَالَمٌ لاَ يُحصُوْن، ولدت في حدود سنة ثمانية وثلاثمائة ثُمَّ قَالَ: وَمَاتَتْ فِي حُدُوْدِ سَنَة خَمْسٍ وسبعين وأربعمائة.
تأتي ترجمتها في كتابنا هذا "سير أعلام النبلاء" رقم "4293" فر الجزء الحادي عشر من طبعتنا هذه ط. دار الحديث أكثر الله النفع بها وجعلها في ميزان حسناتنا بكرمه ومنه وسعة فضله.(9/97)
1809- أحمد بن حرب 1:
ابن فيروز الإِمَامُ القُدْوَةُ, شَيْخُ نَيْسَابُوْرَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ النيسابوري الزَّاهِدُ. كَانَ مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ وَالعُبَّادِ.
ارْتَحَلَ وسمع من: سفيان بن عيينة وبن أَبِي فُدَيْكٍ وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَطَاءٍ وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي أُسَامَةَ وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَأَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ العَدَنِيِّ وَعَامِرِ بنِ خِدَاشٍ, وَطَبَقَتِهِم, وَجَمَعَ, وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ الأَزْهَرِ وَسَهْلُ بنُ عَمَّارٍ وَالعَبَّاسُ بنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ شَادِلٍ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَانَ الفَقِيْهُ وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الخَفَّافُ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ وَزَكَرِيَّا بنُ دَلَّوَيْه, وَعَدَدٌ سِوَاهُم.
قَالَ زَكَرِيَّا بنُ دَلَّوَيْه: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدِيِ الحَجَّامِ لِيُحْفِيَ شَارِبَهُ يُسَبِّحُ, فَيَقُوْلُ لَهُ الحَجَّامُ: اسْكُتْ سَاعَةً. فَيَقُوْلُ: اعْمَلْ أَنْتَ عَمَلَكَ وَرُبَّمَا قَطَعَ مِنْ شَفَتِهِ, وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الصُّوْفِيُّ, حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى قَالَ: مَرَّ أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ بِصِبْيَانٍ يَلْعَبُوْنَ, فَقَالَ أَحَدُهُم: أَمْسِكُوا فَإِنَّ هَذَا أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ الَّذِي لاَ يَنَامُ اللَّيْلَ. فَقَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ, وَقَالَ: الصِّبْيَانُ يَهَابُونَكَ, وَأَنْتَ تَنَامُ? فأحيا الليل بعد ذلك حتى مات.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 118"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 329"، ولسان الميزان "1/ ترجمة 479"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 80".(9/98)
قَالَ زَكَرِيَّا بنُ حَرْبٍ: ابْتَدَأَ أَخِي بِالصَّوْمِ، وَهُوَ فِي الكُّتَّابِ، فَلَمَّا رَاهَقَ حَجَّ مَعَ أَخِيْهِ الحُسَيْنِ بنِ حَرْبٍ فَأَقَامَا بِالْكُوْفَةِ لِلطَّلَبِ، وَبِالبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى العِبَادَةِ لاَ يَفْتُرُ. وَأَخَذَ فِي المَوَاعِظِ وَالتَّذْكِيْرِ وَحَثَّ عَلَى العِبَادَةِ, وَأَقْبَلُوا عَلَى مَجْلِسِهِ.
وَصَنَّفَ: كِتَابَ "الأَرْبَعِيْنَ", وَكِتَابَ "عِيَالِ اللهِ", وَكِتَابَ "الزُّهْدِ", وَكِتَابَ "الدُّعَاءِ", وَكِتَابَ "الحِكْمَةِ", وَكِتَابَ "المَنَاسكِ", وَكِتَابَ "التَّكَسُّبِ".
رَغِبَ النَّاسُ فِي سَمَاعِ كُتُبِهِ, ثُمَّ إِنَّ أُمَّهُ مَاتَتْ سنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ, فَحَجَّ, وَعَاوَدَ الغَزْوَ, وَخَرَجَ إِلَى بِلاَدِ التُّركِ وَافتَتَحَ فَتْحاً عَظِيْماً غُبِطَ بِهِ فَسَعَى بِهِ الأَعدَاءُ إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ فَأَحْضَرَهُ, وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الجُلُوسِ, وَقَالَ: أَتَخْرُجُ وَتَجْمَعُ إِلَى نَفْسِكَ هَذَا الجَمْعَ, وَتُخَالِفُ أَعوَانَ السُّلْطَانِ? ثُمَّ إِنَّ ابْنَ طَاهِرٍ عَرَفَ صِدْقَهُ فَتَرَكَهُ فَسَارَ وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ. وَكَانَ تَنْتَحِلُهُ الكَرَّامِيَّةُ1, وَتُعَظِّمُهُ؛ لأَنَّهُ أُسْتَاذُ مُحَمَّدِ بنِ كَرَّامٍ, وَلَكِنَّهُ سَلِيْمُ الاعْتِقَادِ بِحَمْدِ اللهِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ مِنَ الأَبْدَالِ, فَلاَ أَدرِي مَنْ هُمْ?!
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ: يَرْوِي أَشْيَاءَ لاَ أَصْلَ لَهَا.
قَالَ نَصْرُ بنُ مَحْمُوْدٍ البَلْخِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ: عَبَدْتُ اللهَ خَمْسِيْنَ سَنَةً فَمَا وَجَدْتُ حَلاَوَةَ العِبَادَةِ حَتَّى تَرَكْتُ ثَلاَثَةَ أَشيَاءٍ: تَرَكْتُ رِضَى النَّاسِ حَتَّى قَدِرْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِالحَقِّ، وَتَرَكْتُ صُحْبَةَ الفَاسِقِيْنَ حَتَّى وَجَدْتُ صُحْبَةَ الصَّالِحِيْنَ، وَتَرَكْتُ حَلاَوَةَ الدُّنْيَا حَتَّى وَجَدْتُ حَلاَوَةَ الآخِرَةِ.
وَقِيْلَ: إِنَّه اسْتَسقَى لَهُم بِبُخَارَى فَمَا انْصَرَفُوا إِلاَّ يَخُوْضُونَ فِي المَطَرِ, رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقَدْ قَارَبَ الستين.
__________
1 الكرامية: هي الفرقة الثانية عشرة من المرجئة، وهم أصحاب "محمد بن كرام" يزعمون أن الإيمان هو الإقرار والتصديق باللسان دون القلب، وأنكروا أن يكون معرفة القلب أو شيء غير التصديق باللسان إيمانًا، وزعموا أن المنافقين الذين كانوا عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مؤمنين على الحقيقة، وزعموا أن الكفر بالله هو الجحود والإنكار له باللسان.(9/99)
أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ 1:
فَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ وَلَكِنَّهُ عُمِّر، وَتَأَخَّرَ وَسَيَأْتِي مَعَ أَخِيْهِ عَلِيٍّ.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 23"، وتقريب التهذيب "1/ 13".(9/100)
1810- أحمد بن إبراهيم 1: "د"
ابن خالد الإِمَامُ الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ وَأَبِي الأَحْوَصِ وَشَرِيْكٍ وَأَبِي عَوَانَةَ وَمُحَمَّدِ بنِ ثَابِتٍ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ وَمُطَيَّنٌ وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي "تَارِيْخِ المَوْصِلِ": ظَاهِرُ الصَّلاَحِ وَالفَضْلِ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ عُمَرَ عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ليلى عن البَرَاءِ قَالَ: قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ لِلْمَدِيْنَةِ: يَثْرِبَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ"3. تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ.
قَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: مَاتَ فِي ثَامِنِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ وَمُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ وَأَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَطِيْعِيُّ وَالحَارِثُ بنُ سُرَيْجِ النَّقَّالُ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرُ وَأَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّرْجُمَانِيُّ وَالحَسَنُ بنُ سَهْلٍ الوَزِيْرُ وَخَالِدُ بنُ عَمْرٍو السِّلَفِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ المسيبي, وآخرون.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة رقم 1"، وتاريخ بغداد "4/ 5-6"، وتهذيب التهذيب "1/ 9".
2 ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 285"، وابن عدي في "الكامل" "7/ 276"، من طريق صالح بن عمر به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته يزيد بن أبي زياد، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".(9/100)
1811- أحمد بن عمر 1: "م"
ابن حفص بن جهم بن واقد، الإمام، الحافظ الكبير، الثبت، أبو جَعْفَرٍ الكِنْدِيُّ الكُوْفِيُّ الجَلاَّبُ الضَّرِيْرُ المَشْهُوْرُ: بِالوَكِيْعِيِّ, نَزِيْلُ بَغْدَادَ, وَهُوَ وَالِدُ المُحَدِّثِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ.
حَدَّثَ عَنْ: حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ وَحُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ وَابْنِ فُضَيْلٍ وَعَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ "المَسَائِلِ"، وَالقَاضِي أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ أَبُو يَعْلَى, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الفَرَائِضِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يَحْيَى الكُشْمِيْهَنِيَّ, سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عُمَرَ الوَكِيْعِيَّ يَقُوْلُ: وَلِيتُ المَظَالِمَ بِمَرْوَ مُدَّةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً, فَلَمْ يَرِدْ عَلَيَّ حُكمٌ إِلاَّ وَأَنَا أَحْفَظُ فِيْهِ حَدِيْثاً؛ فَلَمْ أَحتَجْ إِلَى الرَّأْيِ, وَلاَ إِلَى أَهْلِهِ.
قُلْتُ: رَوَى حُرُوْفَ عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى بنِ آدَمَ.
وَمَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَمَاتَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَكِيْعِيُّ قَبْلَهُ بِسِنِيْنَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ وَعِدَّةٌ قَدْ ذُكِرُوا.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 102"، وتاريخ بغداد "4/ 284-285"،وتهذيب التهذيب "1/ 63".(9/101)
1812- أحمد بن جَوَّاس 1: "م، د"
أبو عاصم الحنفي الكوفي، الثقة.
عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، وَابْنِ المُبَارَكِ, وَالأَشْجَعِيِّ, وَابْنِ عُيَيْنَةَ, وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالأَثْرَمُ وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ ذَرِيْحٍ وَمُطَيَّنٌ. وَرَوَى عنه ابْنُ وَارَةَ2 وَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: ثِقَةٌ.
وَتُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 24"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 294"، وتهذيب التهذيب "1/ 22"، وتقريب التهذيب "1/ 13".
2هو: مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ الله الرازي، المعروف بابن وارة، بفتح الراء المخففة، قال الحافظ في "التقريب": ثقة حافظ.(9/101)
1813- الزَّمِّي 1: "خَ، ق"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ يُوْسُفَ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ الزَّمِّيُّ.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ شَرِيْكٍ وَضِمَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ وَأَبِي الأَحْوَصِ وَأَبِي المَلِيْحِ الرَّقِّيِّ, وَطَبَقَتِهِم، فَأَكْثَرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَالقَاضِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ البِرْتِيُّ وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى لَهُ: ابْنُ مَاجَهْ أَيْضاً. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِيْنَ الرحالة.
وثقه أبو زرعة.
قَالَ حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وعشرين ومائتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 348"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 832"، وتاريخ بغداد "14/ 166"، والكاشف "3/ ترجمة 6387"، وتهذيب التهذيب "11/ 307"، وتقريب التهذيب "2/ 361".(9/102)
1814- المُرِّي 1:
جُنَادَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَحْيَى المُرِّيُّ، الدِّمَشْقِيُّ, مُفْتِي دِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ وَجَرْوَلِ بنِ خَنْفَلٍ وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ أَبِي العِشْرِيْنَ وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ وَبَقِيَّةَ وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ -فِي بَعْضِ تَوَالِيْفِهِ- وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالفَسَوِيُّ وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ, وَآخَرُوْنَ.
كَنَّاهُ البُخَارِيُّ: أَبَا عَبْدِ اللهِ. وَذكَرَهُ: أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ فِي المُفْتِيْنَ بِدِمَشْقَ.
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: لَهُ غَرَائِبُ.
قُلْتُ: مَاتَ سنة ست وعشرين ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2301"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 2135"، وتهذيب التهذيب "2/ 117".(9/102)
1815- إبراهيم بن الحجاج 1: "س"
ابن زيد المُحَدِّثُ, الحَافِظُ, أَبُو إِسْحَاقَ السَّامِيُّ، النَّاجِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبَانِ بنِ يَزِيْدَ العَطَّارِ وَحَمَّادِ بن سلمة ومراجم بن العَوَّامِ بنِ مُرَاجِمَ وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المُخْتَارِ وَوُهَيْبِ بنِ خَالِدٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُذُوْعِيُّ وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدَةَ بنِ حَرْبٍ وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ هَاشِمٍ البَغَوِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَخَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: سَأَلتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ، فَقَالَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَ: وَمَاتَ فِي سَنَةِ ثلاث وثلاثين ومائتين.
سميه: المحدث الصدوق أبو إسحاق
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 248"، والعبر "1/ 413"، وتهذيب التهذيب "1/ 113"، ولسان الميزان "1/ 45"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 265".(9/103)
1816- إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ 1:
النِّيْلِيُّ البَصْرِيُّ، وَالنِّيْلُ: بُلَيْدَةٌ بَيْنَ وَاسِطَ وَالكُوْفَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَأَبُو يَعْلَى. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ أَيْضاً له. وقد وُثِّق.
مَاتَ بِالبَصْرَةِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَثَّقَهُ ابن حبان. ذكرته تمييزًا.
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 342"، وتهذيب التهذيب "2/ 114".(9/103)
1817- علي بن المديني 1: "خَ، د، م، س"
الشَّيْخُ الإِمَامُ الحُجَّةُ أمير المؤمنين في الحديث، أَبُو الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ نَجِيْحِ بنِ بَكْرِ بنِ سَعْدٍ السَّعْدِيُّ مَوْلاَهُمُ البَصْرِيُّ، المَعْرُوْفُ: بِابْنِ المَدِيْنِيِّ، مَوْلَى عُرْوَةَ بنِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ.
كَانَ أَبُوهُ مُحَدِّثاً، مَشْهُوْراً، لَيِّنَ الحَدِيْثِ.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
يَرْوِي عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وَطَبَقتِهِ مِنْ عُلَمَاءِ المَدِيْنَةِ.
وَقَدْ رَوَى وَالِدُهُ؛ جَعْفَرُ بنُ نَجِيْحٍ يَسِيْراً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ التَّيْمِيِّ.
سَمِعَ عليٌّ: أَبَاهُ, وَحَمَّادَ بنَ زَيْدٍ, وَجَعْفَرَ بنَ سُلَيْمَانَ, وَيَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ, وَعَبْدَ الوَارِثِ, وَهُشَيْمَ بنَ بَشِيْرٍ, وَعَبْدَ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيَّ, وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ, وَبِشْرَ بنَ المُفَضَّلِ, وَغُنْدَراً, وَيَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ, وَخَالِدَ بنَ الحَارِثِ, وَمُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ, وَحَاتِمَ بنَ وَرْدَانَ, وَابْنَ وَهْبٍ, وَعَبْدَ الأَعْلَى السَّامِيَّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ العَمِّيَّ, وَعُمَرَ بنَ طَلْحَةَ بنِ عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ, وَفُضَيْلَ بنَ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ طَلْحَةَ التَّيْمِيَّ, وَمَرْحُوْمَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَمُعَاوِيَةَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ, وَيُوْسُفَ بنَ المَاجَشُوْنِ, وَعَبْدَ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ, وَهِشَامَ بنَ يُوْسُفَ, وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وخلقًا كثيرًا.
وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَصَنَّفَ وَجَمَعَ وَسَادَ الحُفَّاظَ فِي مَعْرِفَةِ العِلَلِ. وَيُقَالُ: إِنَّ تَصَانِيْفَهُ بَلَغَتْ مائَتَيْ مُصَنَّفٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو يَحْيَى صَاعِقَةُ, وَالزَّعْفَرَانِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ, وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى, وَعَلِيُّ بن أحمد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 308"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2414"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 210"، والضعفاء الكبير للعقيلي "3/ ترجمة 1237"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1064"، وتاريخ بغداد "11/ 458"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 436"، والكاشف "2/ ترجمة 3996"، والعبر "1/ 62، 127، 196، 209"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 5874"، وتهذيب التهذيب "7/ 349"، وتقريب التهذيب "2/ 39"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5008"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 81".(9/104)
ابن النَّضْرِ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ, وَالحَسَنُ بنُ شَبِيْبٍ المَعْمَرِيُّ, وَوَلَدُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ, وَالبُخَارِيُّ -فَأَكْثَرَ- وَأَبُو دَاوُدَ, وَحَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ وصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ, وَهِلاَلُ بنُ العَلاَءِ, وَالحَسَنُ البَزَّارُ, وَأَبُو دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي, وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ, وَعَلِيُّ بنُ غَالِبٍ البَتَلْهِيُّ, وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بن الإِمَامِ بِدِمْيَاطَ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ الكَاتِبُ, خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: جَمَاعَةٌ, مِنْهُم: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَاشَ هَذَا الكَاتِبُ بَعْدَ سُفْيَانَ مائَةً وَثَمَانِياً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
مَوْلِدُ عَلِيٍّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. قَالَهُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ. وُلِدَ بِالبَصْرَةِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَلَماً فِي النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ وَالعِلَلِ. وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يُسَمِّيْهِ إِنَّمَا يَكْنِيهِ تَبْجِيلاً لَهُ مَا سَمِعْتُ أَحْمَدَ سَمَّاهُ قَطُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، عَنْ زينب بنت أبي القاسم, وَأَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْنَبَ وَعَبْدِ المُعِزِّ البَزَّازِ قَالاَ: أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الأَدِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ, حَدَّثَنِي أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "هَذَا العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أَجْوَدُ قُرَيْشٍ كَفّاً وَأَوْصَلُهَا" 1.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ حَمِيْدِ بنِ زَنْجُوْيَةَ النَّسَائِيِّ عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ فَوَقَعَ بَدَلاً عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَالمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نَاجِيَةَ, وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ, وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ البَرْدَعِيُّ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو رِفَاعَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ العَدَوِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة, حدثني علي بن
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 185"، والبزار "1077"، وأبو يعلي "820"، والطبراني في "الأوسط" "1947"، والحاكم "3/ 328 و328-329" من طرق عن محمد بن طلحة التيمي، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن عبد الله، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".(9/105)
المَدِيْنِيِّ, عَنْ أَبِي عَاصِمٍ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, فَذَكَرَ حَدِيْثاً, ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: تَلُوْمُنِيْ عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ, وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَتَعَلَّمُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّمُ مِنِّي.
وَرَوَى الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: لِعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ وَيُسَمِّيهِ حَيَّةَ الوَادِي: إِذَا اسْتُثبِتَ سُفْيَانُ, أَوْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ حَيَّةُ الوَادِي.
وَقَالَ العَبَّاسُ العَنْبَرِيُّ: كَانَ سُفْيَانُ يُسَمِّي عَلِيَّ بن المديني حية الوادي.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: إِنِّيْ لأَرغَبُ عنْ مُجَالَسَتِكُمْ وَلَوْلاَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ مَا جَلَسْتُ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ الوَلِيْدِ الجَوْهَرِيُّ: خَرَجَ عَلَيْنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ يَوْماً وَمَعَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ فَقَالَ: لَوْلاَ عَلِيٌّ لَمْ أَخرُجْ إِلَيْكُمْ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ الرَّازِيُّ، عَنْ سَهْلِ بنِ زَنْجَلَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَعِنْدَهُ رُؤَسَاءُ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ, فَقَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي رَوَينَا عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ؛ الَّذِي يُحَدِّثُ عَنِ الصَّحَابَةِ? فَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: زِيَادُ بنُ عِلاَقَةَ? فَقَالَ: نَعَمْ.
قَالَ السَّاجِيُّ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ بنَ عَبْدِ العَظِيْمِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَوْحَ بنَ عَبْدِ المُؤْمِنِ سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَاصَّةً بِحَدِيْثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي قِرْصَافَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ ابْنِ أُخْتِ غَزَالٍ سَمِعْتُ القَوَارِيْرِيَّ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: النَّاسُ يَلُوْمُونَنِي فِي قُعُودِي مَعَ عَلِيٍّ وَأَنَا أَتَعَلَّمُ مِنْهُ أَكثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّمُ مِنِّي. رَوَى نَحوَهَا صَالِحٌ جَزَرَةُ عَنِ القَوَارِيْرِيِّ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ رُبَّمَا قَالَ: لاَ أُحَدِّثُ شَهْراً وَلاَ أُحَدِّثُ كَذَا فَحُدِّثْتُ أَنَّهُ حَدَّثَ ابْنَ المَدِيْنِيِّ قَبْلَ انقِضَاءِ الشَّهْرِ. قَالَ: فَكَلَّمتُ يَحْيَى فِي ذَلِكَ, فَقَالَ: إِنِّيْ أَسْتَثْنِي عَلِيّاً وَنَحْنُ نَستَفِيدُ مِنْهُ أَكثَرَ مِمَّا يَسْتَفِيدُ مِنَّا.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: عَلِيٌّ من أروى الناس عن يحيى القطان أَرَى عِنْدَهُ أَكثَرَ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ عِنْدَهُ عَنْهُ أَكثْرُ مِنْ مُسَدَّدٍ. كَانَ يَحْيَى يُدنِي عَلِيّاً وَكَانَ صَدِيْقَهُ.
قَالَ أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: رَأَيْتُ كَأَنَّ الثُّرَيَّا تَدَلَّتْ حَتَّى تَنَاوَلْتُهَا.
قَالَ أَبُو قُدَامَةَ: صَدَّقَ اللهُ رُؤْيَاهُ، بَلَغَ فِي الحَدِيْثِ مَبْلَغاً لَمْ يَبلُغْهُ أحد.(9/106)
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي عَبَّادٍ القَلْزُمِيَّ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ- قَالَ: جَاءنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ يَوْماً, فَقَالَ: رَأَيْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ كَأَنِّي مَدَدتُ يَدِي فَتَنَاوَلتُ أَنْجُماً. فَمَضَينَا مَعَهُ إِلَى مُعَبِّرٍ, فَقَالَ: سَتَنَالُ عِلْماً فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُوْنُ. فَقَالَ: لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَوْ نَظَرتَ فِي الفِقْهِ -كَأَنَّهُ يُرِيْدُ الرَّأْيَ- فَقَالَ: إِنِ اشتَغَلتُ بِذَاكَ انسَلَخْتُ مِمَّا أَنَا فِيْهِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ بُوْشٍ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الصُّوْرِيِّ سَمِعْتُ عَبْدَ الغَنِيِّ بنَ سَعِيْدٍ سَمِعْتُ وَلِيْدَ بنَ القَاسِمِ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ يَقُوْلُ: كَأَنَّ اللهَ خَلَقَ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ لِهَذَا الشَّأْنِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَعْقِلٍ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ: مَا اسْتَصغَرْتُ نَفْسِي عِنْدَ أَحَدٍ إِلاَّ عِنْدَ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ.
قَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: بَلَغَ عَلَيٌّ مَا لَوْ قُضِيَ أَنْ يَتُمَّ عَلَى ذَلِكَ, لَعَلَّهُ كَانَ يُقَدَّمُ عَلَى الحَسَنِ البَصْرِيِّ, كَانَ النَّاسُ يَكْتُبُوْنَ قِيَامَهُ وَقُعُودَهُ وَلِبَاسَهُ, وَكُلَّ شيء يقوم أَوْ يَفْعَلُ أَوْ نَحْوَ هَذَا.
يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: صَنَّفتُ "المُسْنَدَ" مُسْتَقْصَىً, وَخَلَّفتُهُ فِي المَنْزِلِ, وَغِبتُ فِي الرِّحْلَةِ فَخَالَطَتْهُ الأَرَضَةُ, فَلَمْ أَنْشَطْ بَعْدُ لِجَمْعِهِ.
قَالَ أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ: كَانَ عَلِيٌّ إِذَا قَدِمَ بَغْدَادَ, تَصَدَّرُ فِي الحَلْقَةِ, وَجَاءَ ابْنُ مَعِيْنٍ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَالمُعَيْطِيُّ وَالنَّاسُ يَتَنَاظَرُوْنَ. فَإِذَا اختَلَفُوا فِي شَيْءٍ تَكَلَّمَ فِيْهِ عَلِيٌّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ, يَقُوْلُ: كَانَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَظْهَرَ السُّنَّةَ وَإِذَا ذَهَبَ إِلَى البَصْرَةِ أَظْهَرَ التَّشَيُّعَ.
قُلْتُ: كَانَ إِظْهَارُهُ لِمَنَاقِبِ الإِمَامِ عَلِيٍّ بِالبَصْرَةِ, لِمَكَانِ أَنَّهُم عُثْمَانِيَّةٌ فِيْهِمُ انْحِرَافٌ عَلَى عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ الطُّيُوْرِيُّ، أَخْبَرَنَا الفَالِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ خرَّبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، حَدَّثَنَا زَنْجُوْيَةُ بنُ محمد النيسابوري بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: التَّفَقُّةُ فِي مَعَانِي الحَدِيْثِ: نِصْفُ العِلْمِ, وَمَعْرِفَةُ الرِّجَالِ: نِصْفُ العِلْمِ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: تَرَكتُ مِنْ حَدِيْثِي مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ مِنْهَا ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً لِعَبَّادِ بنِ صُهَيْبٍ.(9/107)
وَعَنِ البُخَارِيِّ: وَقِيْلَ لَهُ: مَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: أَنْ أَقْدَمَ العِرَاقَ, وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ حَيٌّ فَأُجَالِسَهُ. سَمِعَهَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ مِنَ البُخَارِيِّ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قِيْلَ لأَبِي دَاوُدَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَعْلَمُ أَمْ عَلِيٌّ? فَقَالَ: عَلِيٌّ أَعْلَمُ بِاخْتِلاَفِ الحَدِيْثِ مِنْ أَحْمَدَ.
قَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ: هَلْ كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَحْفَظُ? فَقَالَ: لاَ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ قُلْتُ: فَعَلِيٌّ? قَالَ: كَانَ يَحْفَظُ وَيَعْرِفُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ مِثْلِ الشَّاذَكُوْنِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: انْتَهَى العِلْمُ إِلَى أَرْبَعَةٍ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أَسْرَدَهُمْ لَهُ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَفْقَهَهُمْ فِيْهِ وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ أَعْلَمُهُم بِهِ وَيَحْيَى بن معين أكتبهم له.
قَالَ الفَرْهَياني وَغَيْرُهُ مِنَ الحُفَّاظِ: أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ بِعِلَلِ الحَدِيْثِ: عَلِيٌّ.
يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنِي بَكْرُ بنُ خَلَفٍ قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ وَبِهَا شَابٌّ حَافِظٌ كَانَ يُذَاكِرُنِي المُسْنَدَ بِطُرُقِهَا, فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا? قَالَ: أُخْبِرُكَ, طَلَبتُ إِلَى عَلِيٍّ أَيَّامَ سُفْيَانَ أَنْ يُحَدِّثَنِي بِالمُسْنَدِ فَقَالَ: قَدْ عَرَفتَ إِنَّمَا تُرِيْدُ بِذَلِكَ المُذَاكَرَةَ. فَإِنْ ضَمِنتَ لِي أَنَّكَ تُذَاكِرُ وَلاَ تُسَمِّيْنِي فَعَلتُ. قَالَ: فَضَمِنتُ لَهُ وَاختَلَفْتُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ يُحَدِّثُنِي بِذَا الَّذِي أُذَاكِرُكَ بِهِ حِفْظاً.
قَالَ الفَسَوِيُّ: فَذَكَرْتُ هَذَا لِبَعْضِ مَنْ كَانَ يَلزَمُ عَلِيّاً فَقَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: غِبتُ عَنِ البَصْرَةِ فِي مَخْرَجِي إِلَى اليَمَنِ -أَظُنُّهُ ذَكَرَ ثَلاَثَ سِنِيْنَ- وَأُمِّيَ حَيَّةٌ. فَلَمَّا قَدِمْتُ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ فُلاَنٌ لَكَ صَدِيْقٌ وَفُلاَنٌ لَكَ عَدُوٌّ. قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ يَا أُمَّهْ? قَالَتْ: كَانَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ فذكرت منهم يحيى بن سعيد يجيئون مُسَلِّمِيْنَ فَيُعَزُّونِي وَيَقُوْلُوْنَ: اصْبِرِيْ فَلَو قَدِمَ عَلَيْكِ, سَرَّكِ اللهُ بِمَا تَرَيْنَ. فَعَلِمتُ أَنَّ هَؤُلاَءِ أصدقاء وفلان وفلان إذا جاءوا يَقُوْلُوْنَ لِي: اكْتُبِي إِلَيْهِ, وَضَيِّقِي عَلَيْهِ لِيَقْدَمَ.
فَأَخْبَرَنِي العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ -أَوْ غَيْرُهُ- قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ صَنَّفتُ "المُسْنَدَ" عَلَى الطُّرُقِ مُستَقْصَىً كَتَبتُهُ فِي قَرَاطِيْسَ وَصَيَّرتُهُ فِي قِمَطْرٍ كَبِيْرٍ وَخَلَّفْتُهُ فِي المَنْزِلِ وَغِبْتُ هَذِهِ الغيبة. قال: فجئت فَحَرَّكتُ القِمَطْرَ فَإذَا هُوَ ثَقِيلٌ بِخِلاَفِ مَا كَانَتْ فَفَتَحْتُهَا فَإِذَا الأَرَضَةُ قَدْ خَالَطَتِ الكُتُبَ فصارت طينًا.(9/108)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ البُجَيْرِيُّ: سَمِعْتُ الأَعْيَنَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ مُستَلْقِياً وأَحْمَدُ عَنْ يَمِيْنِهِ وَابْنُ مَعِيْنٍ عَنْ يَسَارهِ وَهُوَ يُمْلِي عَلَيْهِمَا.
قَالَ أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: رُبَّمَا أَذَّكَّرُ الحَدِيْثَ فِي اللَّيْلِ فَآمُرُ الجَارِيَةَ تُسْرِجَ السِّرَاجَ فَأَنْظُرَ فِيْهِ.
البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَعِيْدٍ الرِّبَاطِيَّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَظَرتُ فِي كِتَابِ شَيْخٍ فَاحتَجْتُ إِلَى السُّؤَالِ بِهِ عَنْ غَيْرِي.
وَعَنِ العَبَّاسِ بنِ سَوْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ وَالحُمَيْدِيِّ فَقَالَ: يَنْبَغِي لِلْحُمَيْدِيِّ أَنْ يَكْتُبَ عَن آخَرَ عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَالِبِ بنِ عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: أَعْلَمُ مَنْ أَدْرَكتُ بِالحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَأَفْقَهُهُم فِي الحَدِيْثِ: أَحْمَدُ, وَأَمهَرُهُم بِالحَدِيْثِ: سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ القَطَّانَ يَقُوْلُ لاِبْنِ المَدِيْنِيِّ: وَيْحَكَ يَا عَلِيُّ إِنِّي أَرَاكَ تَتَبَّعُ الحَدِيْثَ تَتَبُّعاً لاَ أَحسِبُكَ تَمُوتُ حَتَّى تُبْتَلَى.
الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيّاً وَقَوْمٌ يختلفون إليه يقرأ عليهم أبواب السَّجْدَةِ كَانَ يُذْكَرُ لَهُ طَرَفُ حَدِيْثٍ فَيَمُرُّ عَلَى الصَّفحَةِ وَالوَرَقَةِ فَإِذَا تَعَايَى فِي شَيْءٍ, لَقَّنُوهُ الحَرْفَ وَالشَّيْءَ مِنْهُ ثُمَّ يَمُرُّ وَيَقُوْلُ: اللهُ المُسْتَعَانُ هَذِهِ الأَبْوَابُ أَيَّامَ نَطلُبُ, كُنَّا نَتَلاَقَى بِهِ المَشَايِخَ وَنُذَاكِرُهُمْ بِهَا وَنَستَفِيدُ مَا يَذْهَبُ عَلَيْنَا مِنْهَا وَكُنَّا نَحفَظُهَا. وَقَدِ احْتَجْنَا اليَوْمَ إِلَى أَنْ نُلَقَّنَ فِي بَعْضِهَا.
قَالَ أَزْهَرُ بنُ جَمِيْلٍ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ أَنَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسُفْيَانُ الرُّؤَاسِيُّ وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَغَيْرُهُم إذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ أَشْعَثَ فَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ يَحْيَى مَا حَالُكَ أَبَا سَعِيْدٍ? قَالَ: خَيْرٌ. رَأَيْتُ البَارِحَةَ فِي المَنَامِ كَأَنَّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِنَا قَدْ نُكِسُوا. قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ هُوَ خَيْرٌ. قَالَ اللهُ -تَعَالَى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68] . قَالَ: اسْكُتْ، فَوَاللهِ إِنَّكَ لَفِي القَوْمِ.
قَالَ الأَثْرَمُ اللُّغَوِيُّ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُوْلُ لِعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: وَاللهِ يَا عَلِيُّ، لَتَتْرُكَنَّ الإِسْلاَمَ وَرَاءَ ظَهرِكَ.
أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ غُلاَمُ خَلِيْلٍ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ العَظِيْمِ،(9/109)
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ يَوْماً فَرَأَيْتُهُ وَاجِماً مَغْمُوماً فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ? قَالَ: رُؤْيَا رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- فَقُلْتُ: خَيْراً رَأَيْتَ, تَخطُبُ عَلَى مِنْبَرِ نَبِيٍّ. فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتُ أَنِّي أَخطُبُ على مِنْبَرِ أَيُّوْبَ كَانَ خَيْراً لِي؛ لأَنَّهُ بُلِيَ فِي دِيْنِهِ وَدَاوُدُ فُتِنَ فِي دِيْنِهِ قَالَ: فَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ يَعْنِي إِجَابَتَهُ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ.
قُلْتُ: غُلاَمُ خَلِيْلٍ غَيْرُ ثِقَةٍ.
الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ ابن أبي داود لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ هَذَا يَزْعُمُ -يَعْنِي: أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ- أَنَّ اللهَ يُرَى فِي الآخِرَةِ وَالعَيْنُ لاَ تَقَعُ إِلاَّ عَلَى مَحْدُوْدٍ وَاللهُ لاَ يُحَدُّ فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ? قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عِنْدِيَ مَا قَالَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَمَا هُوَ? قَالَ: حَدَّثَنِي غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيْرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَنَظَرَ إِلَى البَدْرِ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا البَدْرَ لاَ تُضَامُوْنَ فِي رُؤْيَتِهِ" 1.
فَقَالَ لاِبْنِ أَبِي داود: مَا تَقُوْلُ? قَالَ: أَنْظُرُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الحَدِيْثِ، ثُمَّ انْصَرَفَ. فَوَجَّهَ إِلَى عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ وَعَلِيٌّ بِبَغْدَادَ مُمْلِقٌ مَا يَقْدِرُ عَلَى دِرْهَمٍ فَأَحضَرَهُ فَمَا كَلَّمَهُ بِشَيْءٍ حَتَّى وَصَلَهُ بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: هَذِهِ وَصَلَكَ بِهَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ وَأَمَرَ أَنْ يُدفَعَ إِلَيْهِ جَمِيْعُ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ أَرزَاقهِ. وَكَانَ لَهُ رِزْقُ سَنَتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا الحَسَنِ! حَدِيْثُ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ فِي الرُّؤْيَةِ مَا هُوَ? قَالَ: صَحِيْحٌ. قَالَ: فَهَلْ عِنْدَكَ عَنْهُ شَيْءٌ? قَالَ: يُعفِينِي القَاضِي مِنْ هَذَا. قَالَ: هَذِهِ حَاجَةُ الدَّهْرِ. ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِثِيَابٍ وَطِيْبٍ وَمَرْكَبٍ بِسَرجِهِ وَلِجَامِهِ. وَلَمْ يَزَلْ حتى قال
__________
1 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه الحميدي "799"، وأحمد "4/ 360 و365-366"، والبخاري "554" و"4851" و"7434" و"7435"، ومسلم "633"، وَأَبُو دَاوُدَ "4729"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2551"، وَابْنُ مَاجَهْ "177"، وَابْنُ أَبِي عاصم في "السنة" "446-449 و461"، وعبد الله بن أحمد في "السنة" "219" و"221" و"225-227"، وابن خزيمة في "التوحيد" "ص167-168"، والآجري في "التصديق بالنظر" "23-25"، والطبراني "2224-2227 و2229-2237"، وابن منده "791"، و"793" و"795-800"، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" "825" و"826" و"828" و"829"، والبيهقي في "الاعتقاد" "ص128 و129"، والبغوي "378" و"379"، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
وقوله: "لا تضامون": من الضم أي لا ينضم بعضكم إلى بعض، ولا يقول: أرنيه بل كل ينفرد برؤيته.
ورُوي بتخفيف الميم من الضيم، وهو الظلم، يعني لا ينالكم ظلم بأن يرى بعضكم دون بعض، بل تستوون كلكم في رؤيته تعالى.(9/110)
لَهُ: فِي هَذَا الإِسْنَادِ مَنْ لاَ يُعْمَلُ عَلَيْهِ وَلاَ عَلَى مَا يَرْوِيْهِ, وَهُوَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ, إِنَّمَا كَانَ أَعْرَابِيّاً بَوَّالاً عَلَى عَقِبَيْهِ. فَقَبَّلَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ عَلِيّاً وَاعتَنَقَهُ. فَلَمَّا كَانَ الغَدُ وَحَضَرُوا قَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَحْتَجُّ فِي الرُّؤْيَةِ بِحَدِيْثِ جَرِيْرٍ, وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ قَيْسٌ, وَهُوَ أَعْرَابِيٌّ بَوَّالٌ عَلَى عَقِبَيْهِ? قَالَ: فَقَالَ أَحْمَدُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَحِينَ أَطْلَعَ لِي هَذَا, عَلِمتُ أَنَّهُ مِنْ عَمَلِ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ, فَكَانَ هَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِنْ أَوْكَدِ الأُمُورِ فِي ضَرْبِهِ.
رَوَاهَا المَرْزُبَانِيُّ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى -يَعْنِي: الصُّوْلِيَّ- حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: أَمَّا مَا حُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذَا الخَبَرِ مِنْ أَنَّهُ لاَ يَعْمَلُ عَلَى مَا يَرْوِيْهِ قَيْسٌ فَهُوَ بَاطِلٌ. قَدْ نَزَّهَ اللهُ عَلِيّاً عَنْ قَوْلِ ذَلِكَ لأَنَّ أَهْلَ الأَثَرِ وَفِيْهُم عَلِيٌّ مُجْمِعُوْنَ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ قَيْسٍ وَتَصْحِيْحِهَا إِذْ كَانَ مِنْ كُبَرَاءِ تَابِعِيِّ أَهْلِ الكُوْفَةِ. وَلَيْسَ فِي التَّابِعِيْنِ مَنْ أَدْرَكَ العَشَرَةَ وَرَوَى عَنْهُمْ, غَيْرَ قَيْسٍ مَعَ رِوَايَتهِ عَنْ خَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوْظاً عَنِ ابْنِ فَهْمٍ فَأَحْسِبُ أَنَّ ابْنَ أَبِي دُوَادَ تَكَلَّمَ فِي قَيْسٍ بِمَا ذَكَرَ فِي الحَدِيْثِ وَعَزَا ذَلِكَ إِلَى ابْنِ المَدِيْنِيِّ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: إِنْ صَحَّتِ الحِكَايَةُ، فَلَعَلَّ عَلِيّاً قَالَ: فِي قَيْسٍ مَا عِنْدَهُ عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ ثُمَّ سَمَّى لَهُ أَحَادِيْثَ اسْتَنكَرَهَا فَلَمْ يَصنَعْ شَيْئاً بَلْ هِيَ ثَابِتَةٌ فَلاَ يُنْكَرُ لَهُ التَفَرَّدُ فِي سَعَةِ مَا رَوَى مِنْ ذَلِكَ حَدِيْثُ كِلاَبِ الحَوْأَبِ1، وَقَدْ كَادَ قَيْسٌ أَنْ يَكُوْنَ صَحَابِيّاً أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ هَاجَرَ إِلَيْهِ فَمَا أَدْرَكَهُ بَلْ قَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَيَالٍ. وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِيْمَا نَقَلَهُ عَنْهُ مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ: كَانَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ أَوْثَقُ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
نَعَمْ, وَرُؤْيَةُ اللهِ -تَعَالَى- فِي الآخِرَةِ مَنْقُوْلَةٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَقْلَ تَوَاتُرٍ فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى وَرَدِّ النَّصِّ بالرأي.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 52 و97"، وابن أبي شيبة "15/ 259-260"، وأبو يعلى "4868"، وابن حبان "1831"، موارد، والحاكم "3/ 120"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 410"، من طرق عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلاً نَبَحَتِ الكِلاَبُ قالت: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ قَالُوا: مَاءُ الحَوْأَبِ. قَالَتْ: ما أظنني إلا أني راجعة. فقال بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِيْنَ فَيَرَاكِ المسلمون فيصلح الله -عز وجل- ذات بينهم. قالت: إن رسول الله قال لها ذَاتَ يَوْمٍ: "كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبُحُ عَلَيْهَا كِلاَبُ الحوأب".
والحوأب: من مياه العرب على طريق البصرة. قال ياقوت في "معجم البلدان": ماء قريب من البصرة على طريق مكة إليها، سمي بالحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية.(9/111)
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَجوَدُ التَّابِعِيْنَ إِسْنَاداً: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ قَدْ رَوَى عَنْ تِسْعَةٍ مِنَ العَشَرَةِ لَمْ يَرْوِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَلَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِمَّنْ سَاقَ المِحْنَةَ أَنَّ أَحْمَدَ نُوظِرَ فِي حَدِيْثِ الرُّؤْيَةِ. قَالَ: وَالَّذِي يُحْكَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ رَوَى لاِبْنِ أَبِي دُوَادَ حَدِيْثاً عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ فِي القُرْآنِ كَانَ الوَلِيْدُ أَخْطَأَ فِي لَفْظَةٍ مِنْهُ فَكَانَ أَحْمَدُ يُنْكِرُ عَلَى عَلِيٍّ رِوَايَتَهُ لِذَلِكَ الحَدِيْثِ. فَقَالَ المَرُّوْذِيُّ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: إِنَّ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ حَدَّثَ عَنِ الوَلِيْدِ حَدِيْثَ عُمَرَ: كِلُوْهُ إِلَى عَالِمِهِ, فَقَالَ: إِلَى خَالِقِهِ. فَقَالَ: هَذَا كَذِبٌ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا قَدْ كَتَبنَاهُ عَنِ الوَلِيْدِ, إِنَّمَا هُوَ "فَكِلُوْهُ إِلَى عَالِمِهِ" 1, وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ غَيْرُهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرِ بنِ أَبِي الدُّمَيْكِ: حدثنا بن المديني، حدثنا الوليد، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي أَنَسُ بنُ مَالِكٍ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ فِي أَصْحَابهِ إِذْ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عَبَسَ: 31] ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلَّهُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الأَبُّ? قَالَ: وَفِي يَدِهِ عُصَيَّةٌ يَضْرِبُ بِهَا الأَرْضَ، فَقَالَ: هَذَا -لَعَمْرُ اللهِ- التَّكَلُّفُ. فَخُذُوا أَيُّهَا النَّاسُ بِمَا بُيِّنَ لَكُمْ, فَاعمَلُوا بِهِ, وَمَا لَمْ تَعْرِفُوهُ فَكِلُوْهُ إِلَى رَبِّهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنِيْهِ أَبُو طَالِبٍ بنُ بُكَيْرٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّمَيْكِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ: حَدَّثَنَا المَرُّوْذِيُّ، قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ إِنَّ عَلِيّاً يُحَدِّثُ عَنِ الوَلِيْدِ ... , فَذَكَرَ الحَدِيْثَ، وَقَالَ: فَكِلُوهُ إِلَى خَالِقِهِ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: كَذِبٌ. حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ مَرَّتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ "كِلُوْهُ إِلَى عَالِمِهِ".
وَقَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: قُلْتُ لاِبْنِ المَدِيْنِيِّ: إِنَّهُم قَدْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْكَ فَقَالَ: حدثتكم به
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "2/ 181" حدثنا أنس بن عياض، حدثنا أبو حازم، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جده، قال: لقد جلست أنا وأخي مجلسا ما أحب أن لي به حمر النعم أقبلت أنا وأخي، وإذا مشخية من صحَابَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جلوس عند باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم، فجلسنا حجرة، إذا ذكروا آية من القرآن، فتماروا فيها، حتى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مغضبا قد احمر وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: "مهلا يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا، بل يصدق بعضه بعضا، فما عرفتم منه، فاعملوا به، وما جهلتم منه، فردوه إلى عالمه".
قلت: إسناده حسن، عمرو بن شعيب، صدوق، وكذلك أبوه شعيب بن مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".(9/112)
بِالبَصْرَةِ ... ، وَذكَرَ أَنَّ الوَلِيْدَ أَخْطَأَ فِيْهِ. فَغَضِبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ وَقَالَ: فَنَعَمْ, قَدْ عَلِمَ أَنَّ الوَلِيْدَ أَخْطَأَ فِيْهِ, فَلِمَ حَدَّثَهُمْ بِهِ? أَيُعْطِيْهُمُ الخَطَأَ!
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ العَسْكَرِ يَقُوْلُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: ابْنُ المَدِيْنِيِّ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ فَسَكَتَ. فَقُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ, قَالَ لِي عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: وَذَكَرَ رَجُلاً, فَتَكَلَّمَ فِيْهِ, فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُم لاَ يَقبَلُوْنَ مِنْكَ إِنَّمَا يَقبَلُوْنَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ. قَالَ: قَوِيَ أَحْمَدُ عَلَى السُّوطِ, وَأَنَا لاَ أَقْوَى.
أَبُو بَكْرٍ الجُرْجَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو العَيْنَاءِ, قَالَ: دَخَلَ ابْنُ المديني إلى بن أبي داود بَعْدَ مَا تَمَّ مِنْ مِحْنَةِ أَحْمَدَ مَا جَرَى فَنَاوَلَهُ رُقْعَةً, قَالَ: هَذِهِ طُرِحَتْ فِي دَارِي فَإذَا فِيْهَا:
يَا ابْنَ المَدِيْنِيِّ الَّذِي شُرِعَتْ لَهُ ... دُنْيَا فَجَادَ بِدِيْنِهِ لِيَنَالَهَا
مَاذَا دَعَاكَ إِلَى اعْتِقَادِ مَقَالَةٍ ... قَدْ كَانَ عِنْدَكَ كَافِراً مَنْ قَالَهَا
أَمرٌ بَدَا لَكَ رُشْدُهُ فَقَبِلْتَه ... أَمْ زَهْرَةُ الدُّنْيَا أَرَدْتَ نَوَالَهَا
فَلَقْدَ عَهِدْتُكَ لاَ أَبَا لَكَ مَرَّةً ... صَعْبَ المَقَادَةِ لِلَّتِي تُدْعَى لَهَا
إِنَّ الحَرِيْبَ1 لَمَنْ يُصَابُ بِدِيْنِهِ ... لاَ مَنْ يُرَزَّى نَاقَةً وَفِصَالَهَا
فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: هَذَا بَعْضُ شُرَّادِ هَذَا الوَثَنِ -يَعْنِي: ابْنَ الزَّيَّاتِ- وَقَدْ هُجي خِيَارُ النَّاسِ وَمَا هَدَمَ الهِجَاءُ حَقّاً وَلاَ بَنَى بَاطِلاً. وَقَدْ قُمْتَ وَقُمنَا مِنْ حَقِّ اللهِ بِمَا يُصَغِّرُ قَدْرَ الدُّنْيَا عِنْدَ كَثِيْرِ ثَوَابهِ. ثُمَّ دَعَا لَهُ بِخَمْسَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: اصْرِفْهَا فِي نَفَقَاتِكَ وَصَدَقَاتِكَ.
قَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: قَدِمَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ البَصْرَةَ فَصَارَ إِلَيْهِ بُنْدَارُ فَجَعَلَ عَلِيُّ يَقُوْلُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ, قَالَ أبو عبد الله. فقال بندار على رءوس المَلأِ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ, أَأَحْمَدُ بنُ حنبل? قال: لا، أحمد بن أبي داود. فَقَالَ بُنْدَارُ: عِنْدَ اللهِ أَحْتَسِبُ خُطَايَ, شُبِّه عَلَيَّ هَذَا. وَغَضِبَ وَقَامَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: كَانَ عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ قِمَطْرٌ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ وَمَا كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ. فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ لاَ تُحَدِّثُ عَنْهُ? قَالَ: لَقِيْتُهُ يَوْماً وَبِيَدِهِ نَعْلُهُ، وثِيَابُهُ فِي فَمِهِ فَقُلْتُ: إِلَى أَيْنَ? فَقَالَ: أَلْحَقُ الصَّلاَةَ خَلْفَ أَبِي عَبْدِ اللهِ. فَظَنَنتُ أَنَّهُ يَعْنِي أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ? قَالَ: ابْنُ أَبِي دُوَادَ. فَقلتُ: وَاللهِ لاَ حدثت عنك بحرف.
__________
1 الحريب: الذي سلب كل ماله.(9/113)
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ، وَآخَرُ: قِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ: أَكَانَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ يُتَّهَمُ? قَالَ: لاَ، إِنَّمَا كَانَ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ فَزَادَ فِي خَبَرِهِ كَلِمَةً لِيُرضِيَ بِهَا ابْنَ أَبِي دُوَادَ. فَقِيْلَ لَهُ: أَكَانَ يَتَكَلَّمُ فِي أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ? قَالَ: لاَ, إِنَّمَا كَانَ إِذَا رَأَى فِي كِتَابٍ حَدِيْثاً عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: اضْرِبْ عَلَى ذَا؛ لِيُرضِيَ بِهِ ابْنَ أَبِي دُوَادَ. وَكَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ وَكَانَ فِي كِتَابِهِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ إِذَا رَأَى في كتابه حَدِيْثاً عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: اضْرِبْ عَلَى ذَا؛ لِيُرْضِيَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ فَحَمَلُوا عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: مَا هُوَ عِنْدَ النَّاسِ إِلاَّ مُرتَدٌّ, فَقَالَ: مَا هُوَ بِمُرْتَدٍّ، هُوَ علَى إِسْلاَمهِ رَجُلٌ خَافَ, فَقَالَ.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَفِّرَ الجَهْمِيَّةَ، وَكُنْتُ أَنَا أَوَّلاً لاَ أُكَفِّرُهُمْ? فَلَمَّا أَجَابَ عَلِيٌّ إِلَى المِحْنَةِ، كَتَبْتُ إِلَيْهِ أُذَكِّرُهُ مَا قَالَ لِي وَأُذَكِّرُهُ اللهَ. فَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْهُ: أَنَّه بَكَى حِيْنَ قَرَأَ كِتَابِي. ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدُ فَقَالَ لِي: مَا فِي قَلْبِيَ مِمَّا قُلْتُ وَأَجَبتُ إِلَى شَيْءٍ وَلَكِنِّي خِفتُ أَنْ أُقْتَلَ, وَتَعْلَمُ ضَعْفِيَ أَنِّي لَوْ ضُرِبتُ سَوْطاً وَاحِداً لَمِتُّ أَوْ نَحْوَ هَذَا.
قَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: وَدَفَعَ عَنِّي عَلِيٌّ امْتِحَانَ ابْنِ أَبِي دُوَادَ إِيَّايَ شَفَعَ فِيَّ وَدَفَعَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ المَوْصِلِ مِنْ أَجْلِي فَمَا أَجَابَ دِيَانَةً إِلاَّ خَوْفاً.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيِّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ الوَلِيْدِ يَقُوْلُ: وَدَّعتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: بَلِّغْ أصحابنا عني أن القوم كفار ضلال وَلَمْ أَجِدْ بُدّاً مِنْ مُتَابَعَتِهِمْ لأَنِّي جَلَسْتُ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَفِي رِجْلِيَ قَيدٌ ثَمَانِيَةُ أُمَنَاءٍ1، حَتَّى خِفْتُ عَلَى بَصَرِي. فَإِنْ قَالُوا: يَأْخُذُ مِنْهُمْ, فَقَدْ سُبِقْتُ إِلَى ذَلِكَ قَدْ أَخَذَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
إِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ.
رَوَاهَا الحَاكِمُ، فَقَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ سَلَمَةَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُسَدَّدَ بنَ أَبِي يُوْسُفَ القُلُوْسِيَّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قُلْتُ لاِبْنِ المَدِيْنِيِّ: مِثْلُكَ يُجِيْبُ إِلَى مَا أَجَبْتَ إِلَيْهِ?! فَقَالَ: يَا أَبَا يوسف، ما أهون عليك السيف.
__________
1 أمناء: جمع منا، أي الكيل أو الميزان.(9/114)
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الحَافِظَ يَذْكُرُ فَضْلَ ابْنِ المَدِيْنِيِّ وَتَقَدُّمَهُ فَقِيْلَ لَهُ قَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ فَقَالَ: وَاللهِ لَوْ وَجَدْتُ قُوَّةً لَخَرَجْتُ إِلَى البَصْرَةِ فَبُلْتُ عَلَى قَبْرِ عَمْرٍو.
أَجَازَ لَنَا ابْنُ عَلاَّنَ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ النَّضْرِ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ سَمِعْتُ عَلِيّاً عَلَى المِنْبَرِ يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لاَ يُرى فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوْسَى عَلَى الحَقِيْقَةِ فَهُوَ كَافِرٌ.
ابْنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بِشَهْرَيْنِ القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ. وَمَنْ قَالَ: مخلوق فهو كافر.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: هُوَ كُفْرٌ -يَعْنِي: مَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ أَجْلِ مَا بَدَا مِنْهُ فِي المِحْنَةِ. وَكَانَ وَالِدِي يَرْوِي عَنْهُ؛ لِنُزُوْعِهِ عَمَّا كَانَ مِنْهُ. قَالَ أَبِي: كَانَ عَلِيٌّ عَلَماً فِي النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ وَالعِلَلِ.
قُلْتُ: ويُروى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ أَنَّ أَبَاهُ أَمسَكَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ بَلْ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ أَحَادِيْثُ وَفِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" عَنْهُ جُمْلَةٌ وَافِرَةٌ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو زَكَرِيَّا صَاحِبُ "الرَّوْضَةِ": وَلابْنِ المَدِيْنِيِّ فِي الحَدِيْثِ نَحْوٌ مِنْ مائَتَي مُصَنَّفٍ.
قَالَ حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ: أَقْدَمَ المُتَوَكِّلُ عليًّا إلى ههنا وَرَجَعَ إِلَى البَصْرَةِ فَمَاتَ.
قُلْتُ: إِنَّمَا مَاتَ بِسَامَرَّاءَ. قَالَهُ: البَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَالَ الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ: مَاتَ بِسَامَرَّاءَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ لِيَومَيْنِ بَقِيَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَوَهِمَ الفَسَوِيُّ فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ رَحِمَهُ اللهُ وَغَفَرَ لَهُ.
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَالشَّاذَكُوْنِيُّ وَعُثْمَانُ بنُ طالوت وعبد الله بن براد الأشعري وَعَلِيُّ بنُ بَحْرٍ القَطَّانُ(9/115)
وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ مُحَمَّدٌ, وَعُقْبَةُ بنُ مُكْرَمٍ الكُوْفِيُّ, وَأَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ, وَالمُعَافَى بنُ سُلَيْمَانَ الجَزَرِيُّ, وَشُجَاعُ بنُ مَخْلَدٍ, وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ قَاضِي القُضَاةِ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحٍ الهَاشِمِيَّ يَقُوْلُ: هَذِهِ أَسَامِي مُصَنَّفَاتِ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ "الأَسْمَاءُ وَالكُنَى" ثماينة أَجْزَاءٍ "الضُّعَفَاءُ" عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ "المُدَلِّسُوْنَ" خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ "أَوَّلُ مَنْ فَحَصَ عَنِ الرِّجَالِ" جُزْءٌ، "الطَّبَقَاتُ" عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ، "مَنْ رَوَى عَمَّنْ لَمْ يَرَهُ" جُزْءٌ، "عِللُ المُسْنَدِ" ثَلاَثُوْنَ جُزْءاً، "العِلَلُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي" أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءاً، "عِلَلُ حَدِيْثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ" ثَلاَثَةَ عَشَرَ جُزْءاً "مَنْ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ وَلاَ يَسْقُطُ" جُزَآنِ، "مَنْ نَزَلَ مِنَ الصَّحَابَةِ النَّوَاحِيَ" خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ "التَّارِيْخُ" عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ "العَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ" جُزْآنِ، "مَنْ حَدَّثَ وَرَجَعَ عَنْهُ" جُزْآنِ، "سُؤَالُ يَحْيَى وَابْنِ مَهْدِيٍّ عَنِ الرِّجَالِ" خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ، "سُؤَالاَتُ يَحْيَى القَطَّانِ" أَيْضاً جُزْآنِ، "الأَسَانِيْدُ الشَّاذَّةُ" جُزْآنِ، "الثِّقَاتُ" عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ "اخْتِلاَفُ الحَدِيْثِ" خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ، "الأَشْرِبَةُ" ثَلاَثَةُ أَجْزَاءٍ، "الغَرِيْبُ" خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ "الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ" ثَلاَثَةُ أَجْزَاءٍ، "مَنْ عُرِفَ بِغَيْرِ اسْمِ أَبِيْهِ" جُزْآنِ، "مَنْ عُرِفَ بِلَقَبِهِ", "العِلَلُ المُتَفَرِّقَةُ" ثَلاَثُوْنَ جُزْءاً "مَذَاهِبُ المُحَدِّثِيْنَ" جُزْآنِ. ثُمَّ قَالَ عَقِيْبَ هَذَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: فَجَمِيْعُ هَذِهِ الكُتُبِ انْقَرَضَتْ رَأَيْنَا مِنْهَا أَرْبَعَةَ كُتُبٍ أَوْ خَمْسَةً.(9/116)
1818- إبراهيم بن حمزة 1: "خ، د"
ابن محمد بن حمزة بن مُصْعَبِ ابْنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ الأَسَدِيُّ الزُّبَيْرِيُّ المَدَنِيُّ أَحَدُ الأَئِمَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ وَيُوْسُفَ بنِ المَاجَشُوْنِ وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ وَالدَّرَاوَرْدِيِّ وَطَبَقَتِهِم وَلَمْ يَلْحَقِ الأَخْذَ عَنْ مَالِكٍ. يُكْنَى أَبَا إِسْحَاقَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ الأَثبَاتِ بِالمَدِيْنَةِ.
حَدَّثَ عَنْه: البُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ الصَّائِغُ وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ وَحَمَّادُ بنُ إِسْحَاقَ القَاضِي, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ فِي الحَدِيْثِ، يَأْتِي الرَّبَذَةَ كَثِيْراً لِلتِّجَارَةِ، وَيُقِيمُ بِهَا، وَيَشْهَدُ العِيدَيْنِ بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. رحمه الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير"1/ترجمة 912"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 259"، والعبر "1/ 405"، وتهذيب التهذيب "1/ 116"، وشذرات الذهب "2/ 68".(9/116)
1819- حاجب بن الوليد 1: "م"
ابن ميمون، المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ الأَعوَرُ، المُؤَدِّبُ.
سَمِعَ حَفْصَ بنَ مَيْسَرَةَ بِعَسْقَلاَنَ، وَبَقِيَّةَ بنَ الوَلِيْدِ بِحِمْصَ, وَالوَلِيْدَ بنَ مُحَمَّدٍ بِالبَلْقَاءِ, وَمُحَمَّدَ بن سلمة بحران.
وَعَنْهُ: الذُّهْلِيُّ, وَيَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَإِسْحَاقُ الخُتَّلِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: أَحَادِيْثُهُ صَحِيْحَةٌ, وَلاَ أَعْرِفُهُ.
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ ومائتين. وقع لي من "عواليه".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 359"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 286"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1272"، ومروج الذهب للمسعودي "2/ 254"، وتاريخ بغداد "8/ 270-271"، وتهذيب التهذيب "2/ ترجمة 224".(9/117)
1820- إبراهيم بن يوسف 1: "س"
ابن ميمون بن قدامة، وَقِيْلَ: رَزِيْنُ بَدَلَ قُدَامَةَ, عَالِمُ بَلْخَ, أَبُو إِسْحَاقَ البَاهِلِيُّ, البَلْخِيُّ, الفَقِيْهُ, المَعْرُوْفُ: بِالمَاكِيَانِيِّ, وَمَاكِيَانُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى بَلْخَ, وَهُوَ أَخُو عِصَامٍ, وَمُحَمَّدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكٍ, وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَشَرِيْكٍ, وَخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَهُشَيْمٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بن جعفر, وطبقتهم.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 488"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 461"، وميزان الاعتدال "1/ 76"، والعبر "1/ 429"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 172"، وتهذيب التهذيب "1/ 184".(9/117)
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ كَرَّامٍ شَيْخُ الكَرَّامِيَّةِ, وحَامِدُ بنُ سَهْلٍ البُخَارِيُّ, وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ الدَّوِيْرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ الهَرَوِيُّ شَكَّرٌ, وَأَحْمَدُ بنُ قُدَامَةَ البَلْخِيُّ, وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى خَيَّاطُ السُّنَّةِ, وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صِدِّيْقٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ.
قال ابْنُ حِبَّانَ: ظَاهِرُ مَذْهَبهِ الإِرْجَاءُ وَيُبْطِنُ السُّنَّةَ. فسمعت أحمد بن محمد: سمعت محمد دَاوُدَ الفُوْعِيَّ يَقُوْلُ: حَلَفْتُ أَنْ لاَ أَكْتُبَ إِلاَّ عَمَّنْ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ. فَأَتَيتُ إبراهيم بن يوسف فأخبرته فقال: اكتب عَنِّي فَإِنِّي أَقُوْلُ الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَنَفِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصِّدِّيْقِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ مَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ. وَمَنْ وَقَفَ فَهُوَ جَهْمِيٌّ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ1: رَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ عَنْ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ" 2، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَهُ. وَذَلِكَ أَنَّهُ حَضَرَ وَقُتَيْبَةُ حَاضِرٌ. فَقَالَ لِمَالِكٍ: هَذَا مُرْجِئٌ فَأُقِيمَ مِنَ المَجْلِسِ فَوَقَعَ لَهُ بِهَذَا عَدَاوَةٌ مَعَ قُتَيْبَةَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ بَلْخَ فَنَزَلَ قَرْيَةَ بَغْلاَنَ.
قُلْتُ: مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ مُفْتِي بَلْخَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 أبو يعلي الخليلي، هو القاضي الحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن أحمد القزويني مصنف كتاب "الإرشاد في معرفة المحدثين". توفي سنة "446هـ".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2003".(9/118)
1821- أبو تَمَّام 1:
شَاعِرُ العَصْرِ, أَبُو تَمَّامٍ حَبِيْبُ بنُ أَوْسِ بن الحارث بن قيس الطائي من حَوْرَانَ مِنْ قَرْيَةِ جَاسِمٍ.
أَسْلَمَ، وَكَانَ نَصْرَانِيّاً. مَدَحَ الخُلَفَاءَ وَالكُبَرَاءَ. وَشِعْرُهُ فِي الذِّرْوَةِ.
وَكَانَ أَسْمَرَ, طُوَالاً فَصِيْحاً, عَذْبَ العِبَارَةِ مَعَ تَمْتَمَةٍ قَلِيْلَةٍ.
وُلِدَ فِي أَيَّامِ الرَّشِيْدِ. وَكَانَ أَوَّلاً حَدَثاً يَسقِي المَاءَ بِمِصْرَ ثُمَّ جَالَسَ الأُدَبَاءَ وَأَخَذَ عَنْهُمْ وَكَانَ يَتَوَقَّدُ ذَكَاءً. وَسَحَّتْ قَرِيحَتُهُ بِالنَّظْمِ البَدِيعِ, فَسَمِعَ بِهِ المُعْتَصِمُ فَطَلَبَهُ وَقَدَّمَهُ على الشُّعَرَاءُ وَلَهُ فِيْهِ قَصَائِدُ. وَكَانَ يُوْصَفُ بِطِيبِ الأَخْلاَقِ وَالظُّرْفِ وَالسَّمَاحَةِ.
وَقِيْلَ: قَدِمَ فِي زِيِّ الأَعْرَابِ فَجَلَسَ إِلَى حَلْقَةٍ مِنَ الشُّعَرَاءِ وَطَلَبَ مِنْهُم أَنْ يَسْمَعُوا مِنْ نَظْمِهِ فَشَاعَ وَذَاعَ وَخَضَعُوا لَهُ, وَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ مَا صَارَ. فَمِنْ شِعرِهِ:
فَحَوَاكَ عَيْنٌ عَلَى نَجْوَاكَ يَا مَذِلُ ... حَتَّامَ لاَ يَتَقَضَّى قَوْلُكَ الخَطِلُ
المَذِلُ: الخَدْرُ الفَاتِرُ.
فَإِنَّ أَسْمَحَ مَنْ يَشْكُو إِلَيْهِ هَوَىً ... مَنْ كَانَ أَحْسَنَ شَيْءٍ عِنْدَهُ العَذَلُ
مَا أَقْبَلَتْ أَوْجُهُ اللَّذَّاتِ سَافِرَةً ... مُذْ أَدْبَرَتْ بِاللِّوَى أَيَّامُنَا الأُوَلُ
إِنْ شِئْتَ أَنْ لاَ تَرَى صَبْراً لِمُصْطَبِرٍ ... فَانْظُرْ عَلَى أَيِّ حَالٍ أصبح الطلل
كَأَنَّمَا جَادَ مَغْنَاهُ فَغَيَّرَهُ ... دُمُوْعُنَا يَوْمَ بَانُوا فَهِيَ تَنْهَمِلُ
وَمَرَّ فِيْهَا, إِلَى أَنْ قَالَ: وَهِيَ فِي المُعْتَصِمِ:
تَغَايَرَ الشِّعْرُ فِيْهِ إِذْ سَهِرْتُ لَهُ ... حَتَّى ظَنَنْتُ قَوَافِيهِ سَتَقْتَتِلُ
وَقَدْ كَانَ البُحْتُرِيُّ يَرْفَعُ مِنْ أَبِي تَمَّامٍ, وَيُقَدِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَقُوْلُ: مَا أَكَلتُ الخُبْزَ إِلاَّ بِهِ وَإِنِّي تَابِعٌ لَهُ. وَمِنْ شِعْرِهِ:
غَدَتْ تَسْتَجِيرُ الدَّمْعَ خَوْفَ نَوَى الغَدِ ... وَعَادَ قَتَاداً عِنْدَهَا كُلُّ مَرْقَدِ
وَأَنْقَذَهَا مِنْ غَمْرَةِ المَوْتِ أَنَّهُ ... صُدُودُ فِرَاقٍ لاَ صُدُودُ تَعَمُّدِ
فَأَجرَى لَهَا الإِشْفَاقُ دَمْعاً مُوَرَّداً ... مِنَ الدَّمِ يَجْرِي فَوْقَ خَدٍّ مُوَرَّدِ
هِيَ البَدْرُ يُغْنِيهَا تَوَرُّدُ وَجْهِهَا ... إِلَى كُلِّ مَنْ لاَقَتْ وَإِنْ لَمْ تَوَدَّدِ
وَلَكِنَّنِي لَمْ أَحْوِ وَفراً مُجَمَّعاً ... فَفُزْتُ بِهِ إِلاَّ لِشَمْلٍ مُبَدَّدِ
وَطُوْلُ مُقَامِ المَرْءِ بالحي مخلق ... لديباجتيه فاغترب تتجدد
فَإِنِّي رَأَيْتُ الشَّمْسَ زِيْدَتْ مَحَبَّةً ... إِلَى النَّاسِ أن ليست عليهم بسرمد
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي فرج الأصبهاني "16/ 383"، وتاريخ بغداد "8/ 248"،ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 11"، والعبر "1/ 411"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 261"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 72".(9/119)
وَهُوَ القَائِلُ:
وَلَوْ كَانَتِ الأَرْزَاقُ تُجْرَى عَلَى الحِجَى ... هَلَكْنَ إِذاً مِنْ جَهْلِهِنَّ البَهَائِمُ
وَلَمْ يَجْتَمِعْ شَرْقٌ وَغَرْبٌ لِقَاصِدٍ ... وَلاَ المَجْدُ فِي كَفِّ امْرِئٍ وَالدَّرَاهِمُ
وَلَهُ:
أَلَمْ تَرَنِي خَلَّيتُ نَفْسِي وَشَأْنَهَا ... فَلَمْ أَحْفَلِ الدُّنْيَا وَلاَ حَدَثَانَهَا
لَقَدْ خَوَّفَتْنِي الحَادِثَاتُ صُرُوفَهَا ... وَلَوْ أَمَّنَتْنِي مَا قَبِلْتُ أَمَانَهَا
يَقُوْلُوْنَ هَلْ يَبْكِي الفَتَى لِخَرِيْدَةٍ ... مَتَى مَا أَرَادَ اعْتَاضَ عَشْراً مَكَانَهَا
وَهَلْ يَسْتَعِيضُ المَرْءُ مِنْ خَمْسِ كَفِّهِ ... وَلَوْ صَاغَ من حر اللجين بنانها
وَدِيْوَانُ أَبِي تَمَّامٍ كَبِيْرٌ سَائِرٌ وَلَمَّا مَاتَ رَثَاهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الوَزِيْرُ، فَقَالَ:
نَبَأٌ أَلَمَّ مُقَلْقِلُ الأَحْشَاءِ ... لَمَّا أَتَى مِنْ أَعْظَمِ الأَنْبَاءِ
قَالُوا حَبِيْبٌ قَدْ ثَوَى فَأَجَبْتُهُمْ ... نَاشَدْتُكُمْ لاَ تَجْعَلُوهُ الطَّائِي
وَلِلْحَسَنِ بنِ وَهْبٍ الوَزِيْرِ:
فُجِعَ القَرِيضُ بِخَاتَمِ الشُّعَرَاءِ ... وَغَدِيرِ رَوْضَتِهَا حَبِيْبِ الطَّائِي
مَاتَا مَعاً فَتَجَاوَرَا فِي حُفرَةٍ ... وكذاك كانا قبل في الأحياء
وكان بن وَهْبٍ قَدِ اعتَنَى بِأَبِي تَمَّامٍ, وَوَلاَّهُ بَرِيدَ المَوْصِلِ, فَأَقَامَ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ. وَمَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ مَخْلَدٌ المَوْصِلِيُّ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا نِفْطَوَيْه, وَغَيْرُهُ فَوَرَّخُوا مَوْتَهُ بِسَامَرَّاءَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَيُقَالُ: عَاشَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً. عَفَا اللهُ عَنْهُ وَرَحِمَهُ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: كَانَ وَاحِدَ عَصْرِهِ في ديباجة لفظه, وفصاحة شعره وَحُسْنِ أُسْلُوْبهِ. أَلَّفَ "الحَمَاسَةَ" فَدَلَّتْ عَلَى غَزَارَةِ مَعْرِفَتِهِ بِحُسْنِ اخْتِيَارهِ وَلَهُ كِتَابُ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ, وَقِيْلَ: كَانَ يَحْفَظُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أُرْجُوْزَةٍ لِلْعَرَبِ.
وَقِيْلَ: أَجَازَهُ أَبُو دُلَفٍ بِخَمْسِيْنَ أَلفَ درهم, واعتذر.(9/120)
وَلهُ فِي المُعْتَصِمِ -أَوِ ابْنِهِ:
إِقْدَامُ عَمْرٍو فِي سَمَاحَةِ حَاتِمٍ ... فِي حُلْمِ أَحْنَفَ فِي ذَكَاءِ إِيَاسِ
فَقَالَ الوَزِيْرُ: شَبَّهتَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ بِأَجْلاَفِ العَرَبِ. فَأَطْرَقَ, ثُمَّ زَادَهَا:
لاَ تُنْكِرُوا ضَرْبِي لَهُ مَنْ دُوْنَهُ ... مَثَلاً شَرُوداً فِي النَّدَى وَالْبَاسِ
فَاللهُ قَدْ ضَرَبَ الأَقَلَّ لِنُوْرِهِ ... مَثَلاً مِنَ المِشْكَاةِ وَالنِّبْرَاسِ
فَقَالَ الوَزِيْرُ: أَعْطِهِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ لاَ يَعِيْشُ أَكْثَرَ مِنْ أربعين يومًا؛ لأنه قد ظَهَرَ فِي عَيْنَيْهِ الدَّمُ مِنْ شِدَّةِ فِكْرِهِ. وَصَاحِبُ هَذَا لاَ يَعِيشُ إِلاَّ هَذَا القَدْرَ, فَقَالَ لَهُ الخَلِيْفَةُ: مَا تَشتَهِي? قَالَ: المَوْصِلُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَتَوَجَّهَ إِلَيْهَا وَمَاتَ بَعْدَ هَذِهِ المُدَّةِ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ غَيْرُ صَحِيْحَةٍ. وَأَمَّا البَيْتَ فلَنْ يَحْتَاجَ إِلَى اعْتِذَارٍ أَصْلاً وَلاَ وَلِيَ المَوْصِلَ. بَلَى, وَلِيَ بَرِيدَهَا, كَمَا مَرَّ.(9/121)
1822- أبو معمر الهُذَلي 1: "خَ، م، د".
الإِمَامُ, الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثَّبْتُ, أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَعْمَرِ بنِ الحَسَنِ الهُذَلِيُّ, الهَرَوِيُّ, ثُمَّ البَغْدَادِيُّ, القَطِيْعِيُّ. كَانَ يَنْزِلُ القَطِيْعَةَ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَخَذَ عَنْ: شَرِيْكٍ القَاضِي, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ, وَخَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ, وَعَلِيِّ بنِ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ, وَهُشَيْمٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, وَمَرْوَانَ بنِ شُجَاعٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ, وَخَلْقٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وأبو زرعة وأبو حاتم وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةُ وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَحَدَّثَ البُخَارِيُّ أَيْضاً، وَالنَّسَائِيُّ, عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ.
ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي "طَبَقَاتِهِ"، فَقَالَ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ, صَاحِبُ سُنَّةٍ وَفَضْلٍ.
قَالَ عُبَيْدُ بنُ شَرِيْكٍ البَزَّارُ: كَانَ أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ مِنْ شِدَّةِ إِدْلاَلِهِ بِالسُّنَّةِ يَقُوْلُ: لَوْ
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 359".(9/121)
تَكَلَّمَتْ بَغْلَتِي, لَقَالَتْ: إِنَّهَا سُنِّيَّةٌ. قَالَ: فَأُخِذَ فِي مِحْنَةِ القُرْآنِ, فَأَجَابَ, فَلَمَّا خَرَجَ, قَالَ: كَفَرنَا وَخَرَجْنَا.
وَرَوَى سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ, قَالَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ, وَلاَ أَبِي مَعْمَرٍ, وَلاَ يَحْيَى بنِ معين, ولا عن أحد ممن امتحن فأجاب.
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَ أَبُو مَعْمَرٍ بِالمَوْصِلِ بِنَحْوِ أَلْفَيْ حَدِيْثٍ حِفْظاً فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ المَوْصِلِ بِالصَّحِيْحِ مِنْ أَحَادِيْثَ كَانَ أَخْطَأَ فِيْهَا نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ أَوِ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ الهُذَلِيَّ يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لاَ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يَرْضَى وَلاَ يَغْضَبُ, فَهُوَ كَافِرٌ إِنْ رَأَيتُمُوهُ وَاقِفاً عَلَى بِئْرٍ, فَأَلْقُوْهُ فِيْهَا. بِهَذَا أَدِيْنُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ.
وَعَنْ أَبِي مَعْمَرٍ القَطِيْعِيِّ قَالَ: آخِرُ كَلاَمِ الجَهْمِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ.
قُلْتُ: بَلْ قَوْلُهُم: إِنَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي السَّمَاءِ وَفِي الأَرْضِ, لاَ امْتِيَازَ لِلسَّمَاءِ. وَقَوْلُ عُمُومِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ, يُطلِقُوْنَ ذَلِكَ وِفقَ مَا جَاءتِ النُّصُوْصُ بإِطْلاَقِهِ وَلاَ يَخُوضُونَ فِي تَأْوِيْلاَتِ المُتَكَلِّمِيْنَ مَعَ جَزْمِ الكُلِّ بَأَنَّهُ -تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّوْرَى: 11] .
مَاتَ أَبُو مَعْمَرٍ فِي مُنْتَصَفِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ فِيْمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوي, أَنَّ تَمِيْمَ بنَ أَبِي سَعِيْدٍ أَخْبَرَهُم، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَدِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ عَنْ عَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا ضَرَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ شَيْئاً قَطُّ إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيْلِ اللهِ وَمَا نِيْلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَانْتَقَمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللهِ فَيَنْتَقِمَ"1.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ عن أبي معمر.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2382"، من طريق أبي أسامة، عن هشام، عنه، عن أبيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا ضَرَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَمَا نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل".(9/122)
1823- يحيى بن معين 1: "خَ، م، د"
هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ الجِهْبَذُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنِ بنِ عَوْنِ بنِ زِيَادِ بنِ بِسْطَامَ. وَقِيْلَ: اسْمُ جَدِّهِ: غِيَاثُ بنُ زِيَادِ بنِ عَوْنِ بنِ بِسْطَامَ الغَطَفَانِيُّ, ثُمَّ المُرِّيُّ مَوْلاَهُمُ البَغْدَادِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ المُبَارَكِ، وَهُشَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَالدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَغُنْدَرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَهِشَامِ بنِ يُوْسُفَ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَوَكِيْعٍ، وَمَعْنٍ، وَأَبِي حَفْصٍ الأَبَّارِ، وَعُمَرَ بنِ عُبَيْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَهَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، وَعِدَّةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَالبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ الأَشْعَرِيُّ، وَحَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ جَزَرَةُ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو مَعِيْنٍ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُطَيَّنٌ، وَمُضَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، وَالمُفَضَّلُ بنُ غَسَّانَ الغَلاَبِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّمَّارُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ كَيْلَجَةُ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ مَاغَمَّةُ، وَعُبَيْدٌ العِجْلُ, وَحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيُّ، وَخَلاَئِقُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الدَّقَّاقُ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بِبَغْدَادَ "ح". وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ, عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكندي قالوا: أخبرنا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 354"، والتاريخ الكبير "8/ ترجمة 3116"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 800"، وتاريخ بغداد "14/ 177"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 313"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 791"، والعبر "1/ 415"، والكاشف "3/ ترجمة 6362"، وتذكرة الحفاظ "2 ترجمة 427"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9639"، وتهذيب التهذيب "11/ 280"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 79".(9/123)
أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ, وَقرَأْتُ عَلَى أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُجَالِدٍ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبْرَةَ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: قَالَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ: "رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم"1. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عن عبد الله عن ابن معين.
وبَالإِسْنَادِ إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أُنَيْسٍ الأَنْصَارِيُّ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بنَ خِرَاشٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَجُلاً قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُوْلَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكَافِرُوْنَ: 1] ، حَتَّى انْقَضَتِ السُّوْرَةُ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ". وَقَرَأَ فِي الآخِرَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاَصُ:1] ، حَتَّى انْقَضَتِ السُّوْرَةُ. فَقَالَ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا عَبْدٌ آمَنَ بِرَبِّهِ". قَالَ طَلْحَةُ: فَأَنَا أَسْتَحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهُمَا فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ2.
وبَالإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَتِيْقٍ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ الجَوَائِحِ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِيْنَ".
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ3، عَنْ يَحْيَى فَوَافَقْنَاهُ.
وبَالإِسْنَادِ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً عَثْرَتَه أَقَالَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ".
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ4، عَنْ يَحْيَى. وَقَدْ رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ "المُسْنَدِ"، عن يحيى، وهو معدود في أفراده.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3857"، حدثنا عبد الله بن حماد الآملي حدثني يحيى بن معين، به.
2 حسن: أخرجه ابن حبان "2460"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 298"، من طريق يحيى ابن معين، به.
قلت: إسناده حسن، يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أنيس الأنصاري، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
3 صحيح: أخرجه أبو داود "3374"، من طريق يحيى بن معين، به.
4 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 252"، وأبو داود "3460"، والحاكم "2/ 45" من طريق يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، به.(9/124)
ورَوَيْنَا فِي "البُخَارِيِّ": حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتُحِلَّ مَا حَرَّمَ اللهُ? قَالَ: مَعَاذَ اللهِ. وَذَكَرَ بَاقِي الأَثَرِ, وَهُوَ فِي تَفْسِيْرِ بَرَاءةَ1. فَعَبْدُ اللهِ أَظُنُّهُ المُسْنَدِيَّ2.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ الله, عَنْ أَبِي رَوْح الهَرَوِيِّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ فِي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوْقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النَّازِعَاتُ: 1] ، قَالَ: الملائكة3.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ الأَهْوَازيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ حُسَيْنَ بنَ حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ يَتَكَلَّمُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مِنْ أَينَ لَهُ حَدِيْثُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ يَعْنِي: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً" ?4, وَقَالَ: هُوَ ذَا كُتُبُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ عِنْدَنَا وَهُوَ ذَا كُتُبُ ابْنِهِ عُمَرَ عِنْدَنَا, وَلَيْسَ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَدْ رَوَى الحَدِيْثَ مَالِكُ بنُ سُعَيْرٍ عَنِ الأَعْمَشِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَوْفٍ البُزُوْرِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ, عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدٍ لاَ يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ هُوَ مُتَّهَمٌ فِي هَذِهِ الحِكَايَةِ وَيَحْيَى أَوْثَقُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذلك وبه يسبر أحوال الضعفاء.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4663".
2 قال الحافظ في "الفتح" "8/ 326": "عبد الله بن محمد هو الجعفي، أبو جعفر البخاري المعروف بالمسندي، بفتح النون، وهو المذكور في جميع أحاديث الباب إلا الطريق الأخير، وفي شيوخه عبد الله بن محمد جماعة منهم أبو بكر بن أبي شيبة، ولكن حيث يطلق ذلك فالمراد به الجعفي لاختصاصه به وإكثاره عنه".
3 صحيح: قال ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، وسعيد بن جبير، وأبو صالح وأبو الضحى، والسدي {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها، ومنهم من تأخذ بسهولة وكأنما حلته من نشاط وهو قوله {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} [النازعات: 2] .
4 صحيح: راجع تخريجنا رقم "160".(9/125)
قُلْتُ: فَحَاصِلُ الأَمْرِ: أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَعَ إِمَامَتِهِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالحَدِيْثِ. وَللهِ الحَمْدُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: وُلِدَ يَحْيَى فِي سنة ثمان وخمسين ومائة. قلت: وكتب العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي عَنْ يَحْيَى, فَقَالَ: إِمَامٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو زَكَرِيَّا أَحَدُ الأَئِمَّةِ فِي الحَدِيْثِ ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ، ثُمَّ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى فِي تَفْسِيْرِ بَرَاءةَ، وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ غَيْرَ مَنْسُوْبٍ عَنْهُ فِي ذِكْرِ أَيَّامِ الجَاهِلِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ المَرْزُبَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَرْوَزِيُّ, سَمِعْتُ دَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ يَذْكُرُ: أَنَّ وَالِدَ ابْنِ مَعِيْنٍ كَانَ مُشَعْبِذاً مِنْ قَرْيَةٍ نَحْوَ الأَنْبَارِ, يُقَالُ لَهَا: نِقْيَا, وَيُقَالُ: إِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ مِنْ أَهْلِ نِقْيَا.
قَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ أَبُوْهُ مَعِيْنٌ كَاتِباً لِعَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ كَاتِبٌ ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَابَةُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: كَانَ مَعِيْنٌ عَلَى خَرَاجِ الرَّيِّ، فَمَاتَ فَخَلَّفَ لِيَحْيَى ابْنِهِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنفَقَهُ كُلَّهُ عَلَى الحَدِيْثِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ نَعلٌ يَلبَسُهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَرَشِيُّ وَأَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيُّ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ سَمِعْتُ العَبَّاسَ بنَ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ وَسَأَلَهُ عَبَّاسٌ: العَنْبَرِيُّ يَا أَبَا زَكَرِيَّا مِنْ أَيِّ العَرَبِ أَنْتَ? قَالَ: أَنَا مَوْلَىً للعرب.
قِيْلَ: أَصْلُ ابْنِ مَعِيْنٍ مِنَ الأَنْبَارِ وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ وَهُوَ أَسَنُّ الجَمَاعَةِ الكِبَارِ الَّذِيْنَ هُمْ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو خَيْثَمَةَ فَكَانُوا يَتَأَدَّبُوْنَ مَعَهُ, وَيَعْتَرِفُوْنَ لَهُ, وَكَانَ لَهُ هَيْبَةٌ وَجَلاَلَةٌ يَركَبُ البَغْلَةَ, وَيَتَجَمَّلُ فِي لِبَاسِهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: أَنَا مَوْلَىً لِلْجُنَيْدِ.
ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُرِّيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الجَارُوْدُ: قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ انْتَهَى العِلْمُ بِالبَصْرَةِ إِلَى يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ وَقَتَادَةَ, وعِلْمُ الكُوْفَةِ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشِ, وَعِلْمُ الحِجَازِ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, وَصَارَ عِلْمُ هَؤُلاَءِ السِّتَّةِ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً: ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ وَمَعْمَرٍ وَشُعْبَةَ وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ وَالسُّفْيَانَيْنِ وَمَالِكٍ وَالأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ(9/126)
إِسْحَاقَ وَهُشَيْمٍ وَأَبِي عَوَانَةَ وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ إِلَى أَنْ ذَكَرَ ابْنَ المُبَارَكِ وَابْنَ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى بنَ آدَمَ. فَصَارَ عِلْمُ هَؤُلاَءِ جَمِيْعِهِم إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
قُلْتُ: نَعَمْ، وَإِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيٍّ وَعِدَّةٍ.
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ هَؤُلاَءِ إِلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ وَأَبِي حَاتِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَطَائِفَةٍ.
ثُمَّ إِلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ جَرِيْرٍ.
ثُمَّ شَرَعَ العِلْمُ يَنقُصُ قَلِيْلاً قَلِيْلاً. فَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
وبَإِسْنَادِي إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ بنُ مِهْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: انْتَهَى عِلْمُ الحِجَازِ إِلَى الزُّهْرِيِّ وَعَمْرٍو إِلَى أَنْ قَالَ: فَانْتَهَى عِلْمُ هَؤُلاَءِ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ.
عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ: قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: انْتَهَى العِلْمُ إِلَى يَحْيَى بنِ آدَمَ وَبَعْدَهُ إِلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ رَحِمَهُ اللهُ.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ قُلْتُ: لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الحَدَّادَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ. قَالَ: وَمَا تَعْجَبُ!! فَوَاللهِ لَقَدْ نَفَعَنَا اللهُ بِهِ ولقد كَانَ المُحَدِّثُ يُحَدِّثُنَا لِكَرَامَتِهِ "مَا لَمْ نَكُنْ نُحَدِّثُ بِهِ أَنْفُسَنَا". وَلَقَدْ كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ انْظُرْ فِي هَذِهِ الأَحَادِيْثِ, فَإِنَّ فِيْهَا خَطَأً. قَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي زَكَرِيَّا فَإِنهُ يَعْرِفُ الخَطَأَ.
قَالَ عَبْدُ الخَالِقِ: فَقُلْتُ لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: السَّمَاعُ مَعَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُوْرِ.
عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ فِي دِهْلِيْزِ عَفَّانَ يَقُوْلُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ الرُّوْمِيِّ: لَيْتَ أَنَّ أَبَا زَكَرِيَّا قَدِمَ. فَقَالَ: مَا تَصْنَعُ بِهِ? قَالَ أَحْمَدُ: اسكُتْ هُوَ يَعْرِفُ خَطَأَ الحَدِيْثِ.
وَبِهِ, إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَصَمُّ سَمِعْتُ الدُّوْرِيَّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ فِي مَجْلِسِ رَوْحٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ, فَيَسْأَلُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ أَشْيَاءَ, يَقُوْلُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا, مَا تَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ كَذَا? وَكَيْفَ حَدِيْثُ كَذَا? فَيَسْتَثْبِتُهُ فِي أَحَادِيْثَ قَدْ سَمِعُوْهَا. فَمَا قَالَ يَحْيَى: كَتَبَهُ أَحْمَدُ. وَقَلَّمَا سَمِعْتُه يُسَمِّي يَحْيَى بِاسْمِهِ بَلْ يَكْنِيْهِ.(9/127)
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيَّ سَمِعْتُ أَبَا مُقَاتِلٍ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ اللهِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بن حنبل يقول: ههنا رَجُلٌ خَلَقَهُ اللهُ لِهَذَا الشَّأْنِ يُظهِرُ كَذِبَ الكَذَّابِيْنَ يَعْنِي: ابْنَ مَعِيْنٍ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا التَّنُوْخِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُخَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُرَيْثٍ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فَلَيْسَ هُوَ بِحَدِيْثٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ حَيَّوَيْه، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ إِسْحَاقَ سَمِعْتُ هَارُوْنَ بنَ مَعْرُوْفٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا شَيْخٌ فَبَكَّرْتُ عَلَيْهِ, فَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْنَا, فَأَخَذَ الكِتَابَ, وَإِذَا البَابُ يُدَقُّ, فَقَالَ: الشَّيْخُ مَنْ هَذَا? قَالَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ. فَأَذِنَ لَهُ وَالشَّيْخُ عَلَى حَالَتِهِ لَمْ يَتَحَرَّكْ. فَإِذَا آخَرُ يَدُقُّ البَابَ فَقَالَ: مَنْ ذَا? قَالَ: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ. فَأَذِنَ لَهُ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ ثُمَّ ابْنُ الرُّوْمِيِّ فَكَذَلِكَ, ثُمَّ أَبُو خَيْثَمَةَ فَكَذَلِكَ, ثُمَّ دُقَّ البَابُ, فَقَالَ: مَنْ ذَا? قَالَ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. فَرَأَيْتُ الشَّيْخَ ارْتَعَدَتْ يَدُهُ, وَسَقَطَ مِنْهُ الكِتَابُ.
جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ, أَتَيتُهُ فَكَتَبْتُ عَنْهُ فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ أَهْلِهِ فَقَرَأَهُ وَأَجَابَهُمْ فَرَأَيْتُهُ وَقَدْ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِهِ: قَدِمتُ بَغْدَادَ وَقَبِلَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ أَيُّمَا أَعْلمُ بِالرِّجَالِ يَحْيَى أَوْ عَلِيٌّ? قَال: يَحْيَى وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْ خَبَرِ أَهْلِ الشَّامِ شَيْءٌ.
قَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ: مَنْ أَعْلَمُ بِالحَدِيْثِ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَوْ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ? فَقَالَ: أَحْمَدُ أَعْلَمُ بِالفِقْهِ وَالاخْتِلاَفِ وَأَمَّا يَحْيَى فَأَعْلَمُ بِالرِّجَالِ وَالكُنَى.
مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: كُنْتُ إِذَا قَدِمتُ إِلَى بَغْدَادَ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً كَانَ الَّذِي يُذَاكِرُنِي أَحْمَدُ فَرُبَّمَا اخْتَلَفْنَا فِي الشَّيْءِ, فَنَسْأَلُ أَبَا زَكَرِيَّا, فَيَقُوْمُ فَيُخْرِجَهُ, مَا كَانَ أَعْرَفَهُ بِمَوْضِعِ حَدِيْثِهِ!
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ ابْنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ يَحْيَى اسْتَفهَمَ حَدِيْثاً قَطُّ, ولا رده.(9/128)
بَكْرُ بنُ سَهْلٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ, قُلْتُ لاِبْنِ الرُّوْمِيِّ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيْثِ يَحْيَى, وَيَقُوْلُ: حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ تَطْلِعُ الشَّمْسُ عَلَى أَكْبَرَ مِنْهُ. فَقَالَ: وَمَا تَعْجَبُ? سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي النَّاسِ مِثْلَهُ.
وَعَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً كَتَبَ مَا كَتَبَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: لاَ نَعْلَمُ أَحَداً مِنْ لَدُنْ آدَمَ كَتَبَ مِنَ الحَدِيْثِ مَا كَتَبَ يَحْيَى.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عُقْبَةَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ: كَمْ كَتَبتَ مِنَ الحديث? قال: كتبت بيدي هذه ستمائة أَلْفِ حَدِيْثٍ. قُلْتُ: يَعْنِي بِالمُكَرَّرِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: خَلَّفَ يَحْيَى مِنَ الكُتُبِ مائَةَ قِمَطْرٍ, وَأَرْبَعَةَ عشرًا قِمَطْراً, وَأَرْبَعَةَ حِبَابٍ شَرَابِيَّةٍ مَملُوءةٍ كُتُباً.
وَقَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ: سَمِعْتُ صَالِحاً جَزَرَةَ يَقُوْلُ: ذُكِرَ لي أن يحيى بن مَعِيْنٍ خَلَّفَ مِنَ الكُتُبِ ثَلاَثِيْنَ قِمَطْراً وَعِشْرِيْنَ حُبّاً, فَطَلَبَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ كُتُبَهُ بِمائَتَي دِيْنَارٍ فَلَمْ يَدَعْ أَبُو خَيْثَمَةَ أَنْ تُبَاعَ.
وَبإِسْنَادِيَ إِلَى الخَطِيْبِ: أَخْبَرَنَا المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ القَاسِمِ بنِ الأَشْيَبِ عَنْ بَعْضِ شُيُوْخِهِ قَالَ: كَانَ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَعَلِيٌّ عِنْدَ عَفَّانَ أَوْ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ, فَأَتَى بِصَكٍّ فَشَهِدُوا فِيْهِ, وَكَتَبَ يَحْيَى فِيْهِ. فَقَالَ عَفَّانُ: أَمَّا أَنْتَ يَا أَحْمَدُ فَضَعِيفٌ فِي إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَضَعِيفٌ فِي حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَأَمَّا أَنْتَ يَا يَحْيَى فَضَعِيفٌ فِي ابْنِ المُبَارَكِ. فَقَالَ يَحْيَى: وَأَنْتَ يَا عَفَّانُ فَضَعِيفٌ فِي شُعْبَةَ. ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُم ضَعِيْفاً وَإِنَّمَا هَذَا مُزَاحٌ.
قُلْتُ: كُلٌّ مِنْهُم صَغِيْرٌ فِي شَيْخِهِ ذَلِكَ, وَمُقِلٌّ عَنهُ.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ الرُّوْمِيِّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ يَقُوْلُ الحَقَّ فِي المَشَايِخِ غَيْرَ يَحْيَى, وَغَيْرُهُ كَانَ يَتَحَامَلُ بِالقَوْلِ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الرُّوْمِيِّ غَيْرُ مَقْبُوْلٍ وَإِنَّمَا قَالَهُ بِاجْتِهَادِهِ وَنَحْنُ لاَ نَدَّعِي العِصْمَةَ فِي أَئِمَّةِ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ لَكِنْ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ صَوَاباً وَأَنْدَرُهُمْ خَطَأً وَأَشَدُّهُم إِنصَافاً وَأَبْعَدُهُمْ عَنِ التَّحَامُلِ. وَإِذَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعدِيلٍ أَوْ جَرْحٍ فَتَمَسَّكْ بِهِ وَاعضُضْ عَلَيْهِ بِنَاجِذَيْكَ, وَلاَ تَتَجَاوَزْهُ, فَتَنْدَمَ, وَمَنْ شَذَّ مِنْهُم, فَلاَ عِبْرَةَ بِهِ. فَخَلِّ عَنْكَ العَنَاءَ وَأَعطِ(9/129)
القَوسَ بَارِيَهَا، فَوَاللهِ لَوْلاَ الحُفَّاظُ الأَكَابِرُ, لَخَطَبَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى المَنَابِرِ, وَلَئِنْ خَطَبَ خَاطِبٌ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ, فَإِنَّمَا هُوَ بِسَيفِ الإِسْلاَمِ, وَبِلِسَانِ الشَّرِيعَةِ, وَبِجَاهِ السُّنَّةِ, وَبِإِظهَارِ مُتَابَعَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُوْلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الخِذْلاَنِ.
وَمِنْ نَادِرِ مَا شَذَّ به ابن معين -رحمه الله- كلامه في أحمد بن صالح؛ حافظ مصر, فإنه تكلم فِيْهِ بِاجْتِهَادِهِ, وَشَاهَدَ مِنْهُ مَا يُلَيِّنُهُ بِاعتِبَارِ عدالته لا باعتبار إتقانه, فإنه متقن ثبت, ولكن عليه مآخذ في تيه وبأوٍ كان يتعاطاه, والله لا يحب كل مختال فخور, ولعله اطلع منه على حال في أيام شبيبة ابن صالح, فتاب منه, أو من بعضه, ثم شاخ, ولزم الخير, فلقيه البخاري وَالكِبَارُ وَاحتَجُّوا بِهِ. وَأَمَّا كَلاَمُ النَّسَائِيِّ فِيْهِ, فكلام موتور؛ لأنه آذى النسائي وطرده من مَجْلِسِهِ, فَقَالَ فِيْهِ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيْلٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ قَالَ: أَخطَأَ عَفَّانُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً مَا أَعْلَمتُ بِهَا أَحَداً؛ وَأَعْلَمتُه سِرّاً، وَلَقَدْ طَلَبَ إِلَيَّ خَلَفُ بنُ سَالِمٍ أَنْ أُخبِرَهُ بِهَا فَمَا عَرَّفتُهُ وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ عَلَيْهِ.
قَالَ يَحْيَى: مَا رَأَيْتُ عَلَى رَجُلٍ خَطَأً إِلاَّ سَتَرتُهُ, وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُزَيِّنَ أَمرَهُ وَمَا اسْتَقبَلتُ رَجُلاً فِي وَجْهِهِ بِأَمرٍ يَكرَهُهُ وَلَكِنْ أُبَيِّنُ لَهُ خَطَأَهُ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ, فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ وَإِلاَ تَرَكتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الغَلاَبِيِّ: قَالَ يَحْيَى: إِنِّي لأُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ فَأَسهَرُ لَهُ مَخَافَةَ أَنْ أَكُوْنَ قَدْ أَخطَأْتُ فِيْهِ.
وبإِسْنَادِي إِلَى الخَطِيْبِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ المَرْزُبَانِ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ إِذَا رَأَيْتَ البَغْدَادِيَّ يُحِبُّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ, فَاعلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ, وَإِذَا رَأَيْتهُ يُبغِضُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ, فَاعلَمْ أَنَّهُ كَذَّابٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الفَلاَّسُ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقَعُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, فَاعلَمْ أَنَّهُ كَذَّابٌ يَضَعُ الحَدِيْثَ, وَإِنَّمَا يُبغِضُهُ لِمَا يُبَيِّنُ مِنْ أَمرِ الكَذَّابِينَ.
قَالَ الأَبَّارُ فِي "تَارِيْخِهِ": قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَتَبنَا عَنِ الكَذَّابِينَ, وَسَجَرنَا بِهِ التَّنُّورُ, وَأَخرَجنَا بِهِ خُبْزاً نَضِيجاً.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: أَكَلتُ عَجِينَةَ خُبْزٍ, وَأَنَا نَاقِهٌ مِنْ عِلَّةٍ.
قَالَ الدُّوْرِيُّ: سُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عن الرءوس, فَقَالَ: ثَلاَثَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَالِحٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى الأَحْوَلُ, قَالَ: تَلَقَّيْنَا يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَقْدَمَهُ(9/130)
مِنْ مَكَّةَ، فَسَأَلنَاهُ عَنِ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بآخِرِ رَمَقٍ, قَالَ لِي: يَا أَبَا زَكَرِيَّا: أَتَرَى مَا مَكْتُوْبٌ عَلَى الخَيمَةِ? قُلْتُ: مَا أَرَى شَيْئاً. قَالَ: بَلَى أَرَى مَكْتُوْباً: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَقضِي أَوْ يَفصِلُ بَيْنَ الظَّالِمِيْنَ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَتْ نَفْسُهُ.
الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الشَّيْخِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ بُنَانٍ سَمِعْتُ حُبَيْشَ بنَ مُبَشِّرٍ يَقُوْلُ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَحُجُّ فَيَذْهَبُ إِلَى مَكَّةَ عَلَى المَدِيْنَةِ, وَيَرجِعُ عَلَيْهَا. فَلَمَّا كَانَ آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّهَا رَجَعَ عَلَى المَدِيْنَةِ, فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً, ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى نَزَلَ المَنْزِلَ مَعَ رُفَقَائِه فَبَاتُوا, فَرَأَى فِي النَّوْمِ هَاتِفاً يَهتِفُ بِهِ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا أَتَرغَبُ عَنْ جِوَارِي? فَلَمَّا أَصبَحَ قَالَ لِرُفَقَائِه: امضُوا فَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَى المَدِيْنَةِ, فَمَضَوْا وَرَجَعَ فَأَقَامَ بِهَا ثَلاَثاً ثُمَّ مَاتَ. قَالَ: فَحُمِلَ عَلَى أَعوَادِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ, وَجَعَلُوا يَقُوْلُوْنَ: هَذَا الذَّابُّ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكَذِبَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: الصَّحِيْحُ مَوْتُهُ فِي ذَهَابِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ خَمْسِيْنَ مَرَّةً, مَا عَرَفْنَاهُ.
وَفِي "تَارِيْخ دِمَشْقَ" مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ سَمِعَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ بِيَدِي أَلْفَ أَلْفِ حَدِيْثٍ. قُلْتُ: يَعْنِي بِالمُكَرَّرِ, أَلاَ تَرَاهُ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ خَمْسِيْنَ مَرَّةً, مَا عَرَفْنَاهُ.
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَرْمَانِيُّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ غُنْجَارَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى السَّلاَمِيَّ سَمِعْتُ الفَضْلَ بنَ شَاكِرٍ بِبَلَدِ الدَّيْلَمِ سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ مُجَالِدٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: إِذَا كَتَبتَ فَقَمِّشْ وَإِذَا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَيَندَمُ المُنتَخِبُ فِي الحَدِيْثِ حَيْثُ لاَ تَنفَعُهُ النَّدَامَةُ.
الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كُنَّا بِقَريَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا شَيْءٌ, وَلاَ ثَمَّ شَيْءٌ نَشتَرِيهِ فَلَمَّا أَصبَحْنَا إِذَا نَحْنُ بِزِنْبِيلٍ مُلِئَ بِسَمَكٍ مَشْوِيٍّ وَلَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ, فَسَأَلُونِي, فَقُلْتُ: اقتَسِمُوهُ, وَكُلُوْهُ, فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّهُ رِزْقٌ رَزَقَكُمُ اللهُ تَعَالَى. وَسَمِعْتُ يَحْيَى مِرَاراً يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ وَالإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيْدُ وَيَنقُصُ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَواني، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ, قَالَ: انْتَهَى الحَدِيْثُ إِلَى أربعة أحمد بن حنبل؛ وهو أفقههم فيه, وإلى يحيى بن معين؛ وهو أكتبهم له, وإلى علي بن المديني؛ وهو أعلمهم به, وَإِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ؛ وَهُوَ أحفظهم له.(9/131)
وفي رواية عن أبي عبيد: وإلى بن مَعِيْنٍ؛ وَهُوَ أَعْلَمُهُمْ بِصَحِيْحِهِ وَسَقِيمِهِ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ القَوَارِيْرِيُّ: قَالَ لِي يَحْيَى القَطَّانُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ مِثْلُ أَحْمَدَ وَيَحْيَى بنِ معين.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: كَانَ أَعْلَمَنَا بِالرِّجَالِ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَأَحْفَظَنَا لِلأَبْوَابِ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ وَأَحْفَظَنَا لِلطِّوَالِ عَلِيٌّ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بنَ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الواحد البكري, سمعت جعفر الطَّيَالِسِيَّ يَقُوْلُ: صَلَّى أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ, فَقَامَ قَاصٌّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ: لا إله إلا الله, خلق الله من كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا طَيْراً, مِنْقَارُهُ مِنْ ذَهَبٍ وَرِيْشُهُ مِنْ مَرْجَانَ"1. وَأَخَذَ فِي قِصَّةٍ نَحْوَ عِشْرِيْنَ وَرَقَةً. فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى, وَيَحْيَى يَنْظُرُ إِلَيْهِ, وَهُمَا يَقُوْلاَنِ: مَا سَمِعنَا بِهَذَا إِلاَّ السَّاعَةَ, فَسَكَتَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ قَصَصِهِ, وَأَخَذَ قِطَاعَهُ, ثُمَّ قَعَدَ يَنْتَظِرُ بِقُبَّتِهَا, فَأَشَارَ إِلَيْهِ يَحْيَى, فَجَاءَ مُتَوَهِّماً لِنَوَالٍ يُجِيزُهُ, فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الحَدِيْثِ? فَقَالَ: أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ. فَقَالَ: أَنَا يَحْيَى وَهَذَا أَحْمَدُ, مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ. فَإِنْ كَانَ وَلاَ بُدَّ مِنَ الكَذِبِ فَعَلَى غَيْرِنَا. فَقَالَ: أَنْتَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَمْ أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق وَمَا عَلِمتُ إِلاَّ السَّاعَةَ كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدينا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما!! كتبت عن سبعة عشر أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. قَالَ: فَوَضَعَ أَحْمَدُ كُمَّهُ على وجهه, وقال: دعه يقوم. فقام كالمستهزئ بِهِمَا.
هَذِهِ حِكَايَةٌ عَجِيْبَةٌ, وَرَاوِيهَا البَكْرِيُّ لاَ أَعْرِفُهُ, فَأَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ وَضَعَهَا.
عَنْ أَحْمَدَ بنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يقول: من لم يكن سَمْحاً فِي الحَدِيْثِ كَانَ كَذَّاباً. قِيْلَ: كَيْفَ يَكُوْنُ سَمْحاً? قَالَ: إِذَا شَكَّ فِي حَدِيْثِهِ, تَرَكَهُ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, فَجَاءَهُ رَجُلٌ مُستَعجِلٌ, فَقَالَ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ أَذْكُرْكَ بِهِ, فَقَالَ يَحْيَى: اذْكُرْنِي أَنَّكَ سَأَلْتَنِي أَنْ أُحَدِّثَكَ فَلَمْ أَفْعَلْ.
الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِمِصْرَ, فَرَأَيْتُ جارية بيعت بألف
__________
1 منكر: أورده الذهبي في ترجمة إبراهيم بن عبد الواحد البكري، وقال عنه: لا أدري من هو ذا أتى بحكاية منكرة أخاف ألا تكون من وضعه. وساق هذا الحديث.(9/132)
دِيْنَارٍ، مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهَا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهَا! فَقُلْتُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا مِثْلُكَ يَقُوْلُ هَذَا? قَالَ: نَعَمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهَا وَعَلَى كُلِّ مَلِيْحٍ.
هَذِهِ الحِكَايَةُ مَحْمُوْلَةٌ عَلَى الدُّعابة مِنْ أَبِي زَكَرِيَّا. وَتُرْوَى عَنْهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَلاَ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ امْتُحِنَ فَأَجَابَ.
قُلْتُ: هَذَا أَمرٌ ضَيِّقٌ، وَلاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ أَجَابَ فِي المِحْنَةِ، بَلْ وَلاَ عَلَى مَنْ أُكرِهَ عَلَى صَرِيحِ الكُفْرِ عَمَلاً بِالآيَةِ. وَهَذَا هُوَ الحَقُّ. وَكَانَ يَحْيَى رَحِمَهُ اللهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فَخَافَ مِنْ سَطْوَةِ الدَّوْلَةِ وَأَجَابَ تَقِيَّةً.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ مَنْزِلِي بِاللَّيْلِ قَرَأْتُ آيَةَ الكُرْسِيِّ عَلَى دَارِي وَعِيَالِيَ خَمْسَ مَرَّاتٍ, فَبَيْنَا أَنَا أَقْرَأُ إِذَا شَيْءٌ يُكَلِّمُنِي كَمْ تَقرَأُ هَذَا? كَأَنْ لَيْسَ إِنْسَانٌ يُحسِنُ يَقْرَأُ غَيْرَكَ? فَقُلْتُ: أَرَى هَذَا يَسُوءكَ? وَاللهِ لأَزِيدَنَّكَ. فَصِرْتُ أَقرَؤُهَا فِي اللَّيْلَةِ خَمْسِيْنَ, سِتِّيْنَ مَرَّةً.
وَقَالَ عَبَّاسٌ: قُلْتُ لِيَحْيَى: مَا تَقُوْلُ فِي الرَّجُلِ يُقَوِّمُ لِلرَّجُلِ حَدِيْثَهُ? يَعْنِي يَنزِعُ مِنْهُ اللَّحْنَ. فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ نَكتُبِ الحَدِيْثَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ وَجْهاً مَا عَقَلنَاهُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَا الدُّنْيَا إِلاَّ كَحُلُمٍ وَاللهِ مَا ضَرَّ رَجُلاً اتَّقَى اللهَ عَلَى مَا أَصْبَحَ وَأَمسَى, لَقَدْ حَجَجتُ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً خَرَجتُ رَاجِلاً مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ هَذَا مِنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً كَأَنَّمَا كَانَ أَمْسِ. فَقُلْتُ لِيَحْيَى: تَرَى أَنْ يَنظُرَ الرَّجُلُ فِي رَأْيِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيْفَةَ? قَالَ: مَا أَرَى لأَحَدٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي رَأْيِ الشَّافِعِيِّ, يَنْظُرُ فِي رَأْيِ أَبِي حَنِيْفَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو زَكَرِيَّا -رَحِمَهُ اللهُ- حَنَفِيّاً فِي الفُرُوْعِ, فَلِهَذَا قَالَ هَذَا, وَفِيْهِ انحِرَافٌ يَسِيْرٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ ابْنُ الجُنَيْدِ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: تَحْرِيْمُ النَّبِيذِ صَحِيْحٌ, وَلَكِنْ أَقِفُ وَلاَ أُحَرِّمُهُ قَدْ شَرِبَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ بِأَحَادِيْثَ صِحَاحٍ وَحَرَّمَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ بِأَحَادِيْثَ صِحَاحٍ.
وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سعيد القطان يقول: حديث الطلاء وحديث عُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ جَمِيْعاً صَحِيْحَانِ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, قَالَ: حَضَرتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ بِمِصْرَ, فَجَعَلَ(9/133)
يَقْرَأُ كِتَاباً صَنَّفَهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، وَذَكَرَ أَحَادِيْثَ فَقُلْتُ: لَيْسَ ذَا عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ, فَغَضِبَ, وَقَالَ: تَرُدُّ عَلَيَّ? قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، أُرِيْدُ زَيْنَكَ. فَأَبَى أَنْ يَرجِعَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ لاَ يَرجِعُ، قُلْتُ: لاَ وَاللهِ مَا سَمِعْتَ هَذِهِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ, وَلاَ سَمِعَهَا هُوَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ قَطُّ. فَغَضِبَ وَغَضِبَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ, وَقَامَ, فدخل, فأخرج صحائف, فجعل يَقُوْلُ: وَهِيَ بِيَدِهِ أَيْنَ الَّذِيْنَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ لَيْسَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ? نَعَمْ، يَا أَبَا زَكَرِيَّا غَلِطْتُ, وَإِنَّمَا رَوَى هَذِهِ الأَحَادِيْثَ غَيْرُ ابْنِ المُبَارَكِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ حِبَّانَ: قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: دَفَعَ إِلَيَّ ابْنُ وَهْبٍ كِتَاباً عن معاوية بن صالح "فيه" خمسمائة حَدِيْثٍ أَو أَكْثَرُ فَانتَقَيتُ مِنْهَا شِرَارَهَا لَمْ يَكُنْ لِي يَوْمَئِذٍ مَعْرِفَةٌ. قُلْتُ: أَسْمِعْتَهَا مِنْ أَحَدٍ قَبْلَ ابْنِ وَهْبٍ? قَالَ: لاَ. قُلْتُ: كَذَا كُلُّ مَنْ يَكُوْنُ مُبْتَدِئاً لاَ يُحْسِنُ الانتِخَابَ. فَعَلْنَا نَحْوَ هَذَا وَنَدِمنَا بَعْدُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ: خَرَجَ ابْنُ مَعِيْنٍ حَاجّاً وَكَانَ أَكُولاً, فَحَدَّثَنِي أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ شَاهٍ: أَنَّهُ كَانَ فِي رُفْقَتِهِ, فَلَمَّا قَدِمُوا فَيْدَ, أُهدِيَ إِلَى يَحْيَى فَالُوْذَجٌ لَمْ يَنْضِجْ, فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا لاَ تَأْكُلْهُ, فَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ. فَلَمْ يَعبَأْ بِكَلاَمِنَا وَأَكَلَهُ فَمَا اسْتَقَرَّ فِي مَعِدَتِهِ حَتَّى شَكَا وَجَعَ بَطنِهِ وَانْسَهَلَ إِلَى أَنْ وَصَلنَا إِلَى المَدِيْنَةِ وَلاَ نُهُوضَ بِهِ. فَتَفَاوَضْنَا فِي أَمرِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَنَا سَبِيْلٌ إِلَى المُقَامِ عَلَيْهِ لأَجلِ الحَجِّ وَلَمْ نَدرِ مَا نَعمَلُ فِي أَمرِهِ. فَعَزَمَ بَعْضُنَا عَلَى القِيَامِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الحَجِّ. وَبِتْنَا فَلَمْ يُصْبِحْ حَتَّى وَصَّى وَمَاتَ فَغَسَلنَاهُ وَدَفَنَّاهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: لَمْ يُنْتَفَعْ بِيَحْيَى؛ لأَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِي النَّاسِ. وَقَدْ رَأَيْتُ حِكَايَةً شَاذَّةً قَالَهَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ مَاتَ قَبْلَ أَبِيْهِ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ.
قَالَ مَهِيْبُ بنُ سُلَيْمٍ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البُخَارِيُّ الحَافِظُ قَالَ: كُنَّا فِي الحَجِّ مَعَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, فَدَخَلْنَا المَدِيْنَةَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ, وَمَاتَ مِنْ لَيلَتِهِ, فَلَمَّا أَصبَحْنَا تَسَامَعَ النَّاسُ بِقُدُوْمِهِ وَبِمَوْتِهِ, فَاجْتَمَعَ العَامَّةُ, وَجَاءَتْ بَنُو هَاشِمٍ, فَقَالُوا نُخْرِجُ لَهُ الأَعوَادَ التِي غُسِّلَ عَلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَرِهَ العَامَّةُ ذَلِكَ, وَكَثُرَ الكَلاَمُ, فَقَالَتْ بَنُو هَاشِمٍ نَحْنُ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ أَهْلٌ أنْ يُغسَلَ عَلَيْهَا, فَغُسِلَ عَلَيْهَا, وَدُفِنَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ. قَالَ مَهِيْبٌ: فِيْهَا وُلِدْتُ يَعْنِي سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ عَامَئِذٍ, وَصَلَّى عَلَيْهِ وَالِي المَدِيْنَةِ, وَكَلَّمَ الحِزَامِيُّ الوَالِيَ, فَأَخرَجُوا لَهُ سَرِيرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحُمِلَ عَلَيْهِ.(9/134)
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: مَاتَ يَحْيَى لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَقَدِ اسْتَوْفَى خَمْساً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً وَدَخَلَ فِي السِتِّ وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.
قَالَ حُبَيْشُ بنُ مُبَشِّرِ الفَقِيْهُ -وَهُوَ ثِقَةٌ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فِي النَّوْمِ, فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قال: أعطاني وحباني وزوجني ثلاثمائة حَوْرَاءَ, وَمَهَّدَ لِي بَيْنَ البَابَيْنِ -أَوْ قَالَ: بَيْنَ النَّاسِ. سَمِعَهَا جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ مِنْ حُبَيْشٍ.
وَرَوَاهَا الحُسَيْنُ بنُ الخَصِيْبِ عَنْ حُبَيْشٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: أدخلني عليه في داره وزوجني ثلاثمائة حَوْرَاءَ. ثُمَّ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ تَطَرَّى وَحَسُنَ!
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ الجَارُوْدِ: قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً كَتَبَ مَا كَتَبَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ ابْنُ البَرَاءِ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: لاَ نَعْلَمُ أَحَداً مِنْ لَدُنْ آدَمَ كَتَبَ مِنَ الحَدِيْثِ مَا كَتَبَ ابْنُ مَعِيْنٍ.
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ رَاشِدٍ الطَّبَرِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ الطَّبَرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ كَذَا وَكَذَا سِفْطاً دَفَاتِرَ, وسمعته يَقُوْلُ: كَتَبْتُ بِيَدِي أَلْفَ أَلفِ حَدِيْثٍ, وَكُلُّ حديث لا يوجد ههنا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الأَسفَاطِ فَهُوَ كَذِبٌ.
وَعَنْ مُجَاهِدِ بنِ مُوْسَى, قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَكْتُبُ الحَدِيْثَ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ مَرَّةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دَاوُدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: أَشْتَهِي أَنْ أَقَعَ عَلَى شَيْخٍ ثقة عنده بيت مليء بِكُتُبٍ, أَكْتُبُ عَنْهُ وَحْدِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَكْثَرَ مِنْ كِتَابَةِ الحَدِيْثِ, وَعُرِفَ بِهِ, وَكَانَ لاَ يَكَادُ يُحَدِّثُ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي مَهْزُوْلٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ سَمِعَ عَمْراً النَّاقِدَ يَقُوْلُ: مَا كَانَ فِي أَصْحَابِنَا أَحْفَظُ لِلأَبْوَابِ مِنْ أَحْمَدَ, وَلاَ أَسَرَدُ لِلْحَدِيْثِ مِنِ ابْنِ الشَّاذَكُوْنِيِّ, وَلاَ أَعْلَمُ بِالإِسْنَادِ مِنْ يَحْيَى مَا قَدِرَ أَحَدٌ يَقلِبَ عَلَيْهِ إِسْنَاداً قَطُّ.
القَوَارِيْرِيُّ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِثْلُ هَذَيْنِ: أَحْمَدُ, وَابْنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ بَشِيْرٍ الرَّازِيُّ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ اسْتَقبَلَ القِبْلَةَ رَافِعاً يَدَيْهِ, يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ تَكَلَّمتُ فِي رَجُلٍ, وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي كَذَّاباً, فَلاَ تَغْفِرْ لِي. هَذِهِ حِكَايَةٌ تُسْتَنكَرُ.(9/135)
الحَسَنُ بنُ عُلَيْلٍ العَنَزِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ قَالَ: أَخطَأَ عَفَّانُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً مَا أَعْلَمتُ بِهَا أَحَداً أَعْلَمتُهُ سِرّاً وَطَلَبَ إِلَيَّ خَلَفُ بنُ سَالِمٍ فَقَالَ: قُلْ لِي أَيُّ شَيْءٍ هِيَ? فَمَا قُلْتُ لَهُ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ عَلَيْهِ.
قَالَ بِشْرُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ، يَقُوْلُ: وَيْلٌ لِلْمُحَدِّثِ إِذَا اسْتَضعَفَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ. قُلْتُ: يَعْمَلُوْنَ بِهِ مَاذَا? قَالَ: إِنْ كَانَ كَوْدَناً سَرَقُوا كُتُبَهُ, وَأَفسَدُوا حَدِيْثَهُ, وَحَبَسُوهُ -وَهُوَ حَاقِنٌ- حَتَّى يَأْخُذَهُ الحَصْرُ فَقَتَلُوهُ شَرَّ قِتْلَةٍ. وَإِنْ كَانَ فَحلاً اسْتَضعَفَهُمْ وَكَانُوا بَيْنَ أَمرِهِ وَنَهْيِهِ. قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُوْنُ ذَكَراً? قَالَ: يَعرِفُ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ.
قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ فِي قَوْلهِ: "لاَ تَمْنَعُهُ نَفْسَهَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى قَتَبٍ" 1, قَالَ: كَانَتِ المَرْأَةُ فِي الجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَلِدَ تَقْعُدُ عَلَى قَتَبٍ لِيَكُوْنَ أَسْرَعَ لِوِلاَدَتِهَا.
وَقَالَ: لَسْتُ أَعجَبُ مِمَّنْ يُحَدِّثُ فَيُخطِئُ بَلْ مِمَّنْ يُصِيبُ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لِحُبَّى المَدَنِيَّةِ: أَيُّ الرِّجَالِ أَعجَبُ إِلَى النِّسَاءِ? قَالَتْ الَّذِي يُشْبِهُ خَدُّه خَدَّهَا.
وَقَالَ يَحْيَى فِي زَكَاةِ الفِطْرِ: لاَ بَأْسَ أَنْ تُعْطَى فِضَّةً.
وَقَالَ يَحْيَى فِيْمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحدَهُ, قَالَ: يُعِيدُ.
وَقَالَ فِي مَنْ صَلَّى بِقَومٍ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ, قَالَ: لاَ يُعِيدُوْنَ, وَيُعِيدُ.
وَقَالَ لِي: أَنَا أُوتِرُ بِثَلاَثٍ وَلاَ أَقْنُتُ إِلاَّ فِي النِّصْفِ الأَخِيْرِ مِنْ رَمَضَانَ, وَأَرفَعُ يَدَيَّ إِذَا قَنَتُّ, وَلاَ أَرَى المَسْحَ عَلَى العِمَامَةِ وَلاَ أَرَى الصَّلاَةَ عَلَى رَجُلٍ يَمُوْتُ بِغَيْرِ البَلَدِ -كَانَ يَحْيَى يُوْهِنُ هَذَا الحَدِيْثَ- وَلاَ أَرَى أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ بِنْتَهُ بلاَ مَهرٍ وَلاَ أَنْ يُزَوِّجَهَا عَلَى سُوْرَةٍ. رأيت يحيى يوهن هذه الأحاديث.
__________
1 حسن: ورد من حديث عبد الله بن أبي أوفى، يرويه القاسم الشيباني عنه قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما هذا يا معاذ"؟. قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لاساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق زوجها ولو سألها نفسها وهو على قتب لم تمنعه". أخرجه ابن ماجه "1853"، وابن حبان "1290"، موارد، والبيهقي "7/ 292"، من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن القاسم الشيباني، عنه، به.
قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين خلا القاسم، وهو ابن عوف الشيباني، قال الحافظ في "التقريب": "صدوق يُغرب" وروى له مسلم حديثا واحدًا في صلاة الأوابين.(9/136)
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ الشُّرُوْطِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المَأْمُوْنِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ القُرَشِيُّ أَنْشَدَنِي دَاوُدُ بنُ رَشِيْدٍ أَنْشَدَنِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
المَالُ يَذْهَبُ حِلُّهُ وَحَرَامُهُ ... يَوْماً وَتَبْقَى فِي غَدٍ آثَامُهُ
لَيْسَ التَّقِيُّ بِمُتَّقٍ لإِلَهِهِ ... حَتَّى يَطِيْبَ شَرَابُهُ وَطَعَامُهُ
وَيَطِيْبَ مَا يَحوِي وَتَكْسِبُ كَفُّه ... وَيَكُوْنَ فِي حُسْنِ الحَدِيْثِ كَلاَمُهُ
نَطَقَ النَّبِيُّ لَنَا بِهِ عَنْ رَبِّهِ ... فَعَلَى النبي صلاته وسلامه
قال أبو بكر المُقْرِئِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَقِيْلٍ البَغْدَادِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ: رَأَيْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقَعُ فِي يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ فَقُلْتُ: لَهُ تَقَعُ فِي مِثْلِ يَحْيَى? فَقَالَ: مَنْ جَرَّ ذيول الناس جروا ذيله.
قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ البَلْخِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مَهْرَوَيْه, سَمِعْتُ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ, سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: إِنَّا لَنَطْعَنُ عَلَى أَقوَامٍ لَعَلَّهُمْ قَدْ حَطُّوا رِحَالَهُمْ فِي الجَنَّةِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ مائَتَيْ سَنَةٍ. قَالَ ابْنُ مَهْرَوَيْه: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَى النَّاسِ كِتَابَ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ, فَحَدَّثْتُهُ بِهَذِهِ الحِكَايَةِ, فَبَكَى وَارتَعَدَتْ يَدَاهُ حَتَّى سَقَطَ الكِتَابُ مِنْ يَدِهِ, وَجَعَلَ يَبْكِي, وَيَسْتَعِيدُنِي الحِكَايَةَ -أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: وُلِدَتُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ فِي آخرها.
قلت: وقد ارتحل وهو بن سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً إِلَى مِصْرَ وَالشَّامِ, وَلَقِيَ أَبَا مُسْهِرٍ وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ وَكَاتِبَ اللَّيْثِ, وَسَمِعُوا إِذْ ذَاكَ بِهَذِهِ البِلاَدِ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: مَاتَ فَحُمِلَ عَلَى أَعوَادِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنُودِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ: هَذَا الَّذِي كَانَ يَنفِي الكَذِبَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُزَالٍ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ مَعِيْنٍ بِالمَدِيْنَةِ فَمِرَضَ وَتُوُفِّيَ بِهَا فَحُمِلَ عَلَى سَرِيرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجُلٌ يُنَادِي بَيْنَ يَدَيْهِ هَذَا الَّذِي كَانَ يَنْفِي الكَذِبَ عَنْ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّمَّارُ وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرُ.
قُلْتُ: هَذَا التَّمَّارُ هُوَ آخِرُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَقِيَ يحيى وعاش إلى سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
وَمَاتَ مَعَ ابْنِ مَعِيْنٍ فِي العَامِ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَاصِمٍ بِبَغْدَادَ، وَعَلِيُّ بنُ قَرِيْنٍ -وَمَا هُوَ بثِقَةٍ- وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّيْنِيُّ الضَّرِيْرُ وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَابِدُ وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ وَحَامِدُ بنُ عُمَرَ البَكْرَاوِيُّ قَاضِي كِرْمَانَ وَيَزِيْدُ بنُ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ وَرَوْحُ بنُ صَلاَحٍ المِصْرِيُّ وَجُمُعَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَلْخِيُّ أَخُو خَاقَانَ وَحِبَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ.(9/137)
1824- العُتْبِيُّ 1:
العَلاَّمَةُ، الأَخْبَارِيُّ، الشَّاعِرُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرِو بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ الأُمَوِيُّ, ثُمَّ العُتْبِيُّ البَصْرِيُّ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَبِي مِخْنَفٍ وَوَالِدِهِ.
وَعَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّخَعِيُّ.
وَكَانَ يَشرَبُ. وَلَهُ تَصَانِيْفُ أَدَبِيَّاتٌ وَشُهرَةٌ.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَمَّا العُتْبِيُّ المالكي فآخر, في الطبقة الآتية.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 324"، والأنساب للسمعاني "8/ 380"، واللباب لابن الأثير "2/ 320"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 663"، والعبر "1/ 403"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 253"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 65".(9/138)
1825- هُدْبة بن خالد 1: "خ، م، د، س"
ابن أسود هدبة، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، مُسْنِدُ وَقْتِهِ، أَبُو خَالِدٍ القَيْسِيُّ، الثَّوْبَانِيُّ، البَصْرِيُّ.
وَيُقَالُ لَهُ: هَدَّاب. وَهُوَ أَخُو الحَافِظِ أُمَيَّةَ بنِ خَالِدٍ.
وُلِدَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ بِقَلِيْلٍ. وَصَلَّى عَلَى: شُعْبَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، وَأَبَانِ بنِ يَزِيْدَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، وَأَبِي جَنَابٍ القَصَّابِ عَوْنِ بنِ ذَكْوَانَ، وَأَبِي هِلاَلٍ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمٍ، وَأَغْلَبَ بنِ تَمِيْمٍ، وَدَيْلَمَ بنِ غَزْوَانَ، وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَشِبَاكِ بنِ عَائِذٍ، وَحَمَّادِ بنِ الجَعْدِ، وَرَجَاءَ أَبِي يَحْيَى الحَرَشِيِّ، وَصَدَقَةَ بنِ مُوْسَى، وَهَارُوْنَ بنِ مُوْسَى النَّحْوِيِّ، وَخَلْقٍ، وَلَمْ يَرْحَلْ، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَحَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَزَكَرِيَّا الخَيَّاطُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَعِمْرَانُ بنُ مُوْسَى بنِ مُجَاشِعٍ، وَتَمِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو مَعْشَرٍ الحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الطَّيِّبِ البَلْخِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ المَعْمَرِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَعَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ بِسْطَامَ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَمُطَيَّنٌ، وَمُوْسَى بنُ زَكَرِيَّا التُّسْتَرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ مَطَرٍ، وَعِمْرَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، ومحمد بن يعقوب الكَرَابِيْسِيُّ، وَيُوْسُفُ القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ المَعْمَرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمِنْهُم: أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأُبُلي العَطَّارُ، وَأَسَدُ بنُ عَمَّارٍ التَّمِيْمِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُعَاذِ بنِ حَرْبٍ الأَخْفَشُ، وَأَبُو الحَسَنِ سَعِيْدُ بنُ الأَشْعَثِ أَخُو أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ الحَسَنِ بن أَخِي حَجَّاجِ بنِ مِنْهَالٍ، وَسَيَّارُ بنُ نَصْرٍ، وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ، وَقَاسِمُ بنُ العَبَّاسِ المَعْشَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ رَوْحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى القُسْطَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَعْدَانَ القُطْفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَاصِحٍ السَّرَّاجُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَمِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الكَرَابِيْسِيُّ، وَمُسَبِّحُ بنُ حَاتِمٍ، وَالهَيْثَمُ بنُ بِشْرٍ, ذَكَرْتُ هَؤُلاَءِ لِلْفَائِدَةِ، وَلَيْسُوا بِمَشْهُوْرِينَ مِنْ بَعْدِ المَعْمَرِيِّ.
رَوَى عَلِيُّ بنُ الجُنَيْدِ, عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَاحْتَجَّ بِهِ: الشَّيْخَانِ.
وَمَا أَدرِي مُستَنَدَ قَوْلِ النَّسَائِيِّ: هو ضعيف.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 663"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 484"، والكامل لابن عدي "7/ ترجمة 2052"، والكاشف "3/ ترجمة 6046"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 476"، والمغني "2/ترجمة 6736"، والعبر "1/ 423"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9212"، وتهذيب التهذيب "11/ 24"، وتقريب التهذيب "2/ 315"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7757"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 86".(9/139)
وَتَبَارَدَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي ذِكْرِهِ فِي "الكَامِلِ"، ثُمَّ اعتَذَرَ وَقَالَ: اسْتَغنَيتُ أَنْ أُخْرِجَ لَهُ حَدِيْثاً لأَنِّي لاَ أَعْرِفُ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً فَيَمَا يَرْوِيْهِ, وَهُوَ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ, وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ, وَهُوَ صَدُوْقٌ لاَ بَأْسَ بِهِ, وَذَكَرَهُ بن حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ".
قَالَ عَبْدَانُ: سَمِعْتُ عَبَّاسَ بنَ عَبْدِ العَظِيْمِ يَقُوْلُ: هِيَ كُتُبُ أُمَيَّةَ بنِ خَالِدٍ -يَعْنِي: الَّذِي يُحَدِّثُ بِهَا هُدْبَةُ.
قُلْتُ: رَافَقَ أَخَاهُ فِي الطَّلَبِ, وَتَشَارَكَا فِي ضَبْطِ الكُتُبِ, فَسَاغَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ مِنْ كُتُبِ أَخِيْهِ, فَكَيْفَ بِالمَاضِينَ لَوْ رَأَوْنَا اليَوْمَ نَسْمَعُ مِنْ أَيِّ صَحِيفَةٍ مُصَحَّفَةً عَلَى أَجْهَلِ شَيْخٍ لَهُ إِجَازَةٌ, وَنَرْوِي مِنْ نُسْخَةٍ أُخْرَى بَيْنَهُمَا مِنَ الاخْتِلاَفِ وَالغَلَطِ أَلوَانٌ, فَفَاضِلُنَا يُصَحِّحُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ حِفْظِهِ, وَطَالِبُنَا يَتَشَاغَلُ بِكِتَابَةِ أَسْمَاءِ الأَطفَالِ, وَعَالِمُنَا يَنْسَخُ, وَشَيْخُنَا يَنَامُ, وَطَائِفَةٌ مِنَ الشَّبِيبَةِ فِي وَادٍ آخَرَ مِنَ المُشَاكَلَةِ وَالمُحَادَثَةِ. لَقَدِ اشتَفَى بِنَا كُلُّ مُبتَدِعٍ, وَمَجَّنَا كُلُّ مُؤْمِنٍ. أَفَهَؤُلاَءِ الغُثَاءُ هُمُ الَّذِيْنَ يَحْفَظُونَ عَلَى الأُمَّةِ دِينَهَا? كَلاَّ وَاللهِ فَرِحِمَ اللهُ هُدْبَةَ وَأَيْنَ مِثْلُ هُدْبَةَ?! نَعَمْ, مَا هُوَ فِي الحِفْظِ كَشُعْبَةَ.
وَعَنِ الفَضْلِ بنِ الحُبَابِ، قَالَ: مَرَرنَا بِهُدْبَةَ فِي أَيَّامِ أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى الطَّرِيْقِ, فَقُلْنَا: لَوْ سَأَلنَاهُ أَنْ يُحَدِّثَنَا فَسَأَلنَاهُ فَقَالَ: الكُتُبُ كُتُبُ أُمَيَّةَ -يُرِيْدُ أَخَاهُ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ: سَمِعْتُ هُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ يَقُوْلُ: صَلَّيْتُ عَلَى شُعْبَةَ فَقِيْلَ لَهُ: رَأَيْتَهُ? فَغَضِبَ, وَقَالَ: رَأَيْتُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ؛ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ, وَكَانَ سُنِّيّاً, وَكَانَ شُعْبَةُ رَأْيُهُ رَأْيُ الإِرْجَاءِ.
قُلْتُ: كَلاَّ لَمْ يَكُنْ شُعْبَةُ مُرْجِئاً, وَلَعَلَّهُ شَيْءٌ يَسِيْرٌ لاَ يَضُرُّهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى, وَسُئِلَ عَنْ هُدْبَةَ وَشَيْبَانَ: أَيُّهُمَا أَفضَلُ? فَقَالَ: هُدْبَةُ أَفضَلُهُمَا وَأَوْثَقُهُمَا وَأَكْثَرُهُمَا حَدِيْثاً, كَانَ حَدِيْثُ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ عِنْدَهُ نُسخَتَيْنِ وَاحِدَةٍ عَلَى الشُّيُوْخِ, وَأُخْرَى عَلَى التَّصْنِيْفِ.
قَالَ عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ: كُنَّا لاَ نُصَلِّي خَلْفَ هُدْبَةَ مِنْ طُولِ صَلاَتِهِ, يُسَبِّحُ فِي الرُّكُوْعِ وَالسُّجُوْدِ نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ تَسبِيحَةً، قَالَ: وَكَانَ مِنْ أشبه خلق الله بهشام بن عمار لحيته وَوَجْهِهِ وَكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ, حَتَّى صَلاَتُهُ.
قُلْتُ: اختَلَفُوا فِي تَارِيْخِ مَوْتهِ فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ أَنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ, وَقَالَ غَيْرُهُ: سَنَةَ ثَمَانٍ.(9/140)
وَقَعَ مِنْ عَالِي رِوَايَتِهِ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِملاَءً، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بنُ أَبِي حَزْمٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المُدَّثِرُ: 56] : "يَقُوْلُ رَبُّكُم -عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتقى فَلاَ يُشْرَكَ بِي غَيْرِي, وَأَنَا أَهْلٌ لِمَنِ اتَّقَى أَنْ يُشْرِكَ بِي غَيْرِي أَنْ أَغْفِرَ لَهُ"1.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ، أَخْبَرَنَا الطَّرَائِفِيُّ وَابْنُ الدَّايَةِ وَالقَاضِي الأُرْمَوِيُّ قَالُوا: أَخْبَرْنَا ابْنُ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، أَخْبَرَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي مُوْسَى أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ" 2. وذكر الحديث.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 142 و143"، والترمذي "3328"، وابن ماجه "4299"، والدارمي "2/ 302-303"، من طرق عن سهيل بن أبي حزم، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته سهيل بن أبي حزم، قال أبو حاتم: ليس بالقوي: وكذا قال البخاري والنسائي، وقال ابن معين: ضعيف.
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "5020"، وَمُسْلِمٌ "797"، وَأَبُو دَاوُدَ "4830"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2869"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 124-125".(9/141)
1826- شيبان بن فَرُّوخ 1: "م، د"
وَهُوَ: شَيْبَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ المُحَدِّثُ الحَافِظُ الصَّدُوْقُ, أَبُو مُحَمَّدٍ الحَبَطِيُّ مَوْلاَهُمُ الأُبُلي البَصْرِيُّ, مُسنِدُ عَصرِهِ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وَجَرِيْرَ بنَ حَازِمٍ وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ وَأَبَانُ بنُ يَزِيْدَ العَطَّارُ وَمُحَمَّدَ بنَ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيَّ وَأَبَا الأَشْهَبِ العُطَارِدِيَّ وَسَلاَّمَ بنَ مِسْكِيْنٍ وَطَبَقَتَهُم وَكَانَ مِنْ أوعية العلم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2711"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 211"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1562"، والكنى للدولابي "2/ 97"، والكاشف "2/ ترجمة 2336"، والمغني"1/ ترجمة 2805"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 449"، والعبر "1/ 421" و"2/ 79 و99 و153"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3759"، وتهذيب التهذيب "4/ 374"، وتقريب التهذيب "1/ 356"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2986"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 85".(9/141)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنٌ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَعَبْدَانُ الأَهْوَازيُّ, وَمُحَمَّدُ بن محمد الباغندي أبو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ شَادِلٍ, وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَابِرٍ المَرْوَزِيُّ وَأَحْمَدُ بنُ النَّصْرِ النَّيْسَابُوْرِيُّ, وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى خَيَّاطُ السُّنَّةِ وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ الفَقِيْهُ, وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ القَاضِي, وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ شَبِيْبٍ المَعْمَرِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمَا عَلِمتُ بِهِ بَأْساً وَلاَ اسْتَنكَرُوا شَيْئاً مِنْ أَمْرِهِ, وَلَكِنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّرْوَةِ.
قَالَ عَبْدَانُ: كَانَ عِنْدَهُ خَمْسُوْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ, وَكَانَ أَثبَتَ عِنْدَهُم مِنْ هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ.
وَذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ, فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ، فَقَالَ: كَانَ يَرَى القَدَرَ, وَاضْطَرَّ النَّاسُ إِلَيْهِ بِأَخَرَةٍ -يَعْنِي: أَنَّه تَفَرَّدَ بِالأَسَانِيْدِ العَالِيَةِ.
قَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: سَأَلتُهُ عَنْ مَوْلِدِهِ, فَقَالَ: سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, ثُمَّ شَكَّ شَيْئاً فِي أَنَّ مَولِدَهُ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ.
وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ -عَلَى الصَّحِيْحِ. وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الحَافِظِ بنِ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ, وَسَمِعْتُ عَلَى يُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ الحَجَّارِ بِدِمَشْقَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المخلِّصِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ, عَنْ سَالِمِ بنِ مُنْقِذٍ, عَنْ عَمْرِو بنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ, قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَنْبَسَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ, وَهُوَ يَنزِعُ, فَقَالَ: مَا أُحِبَّ أَنَّكَ وَرَاءكَ, إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيْثاً حَدَّثَتْنِيْهِ أُمِّ حَبِيْبَةَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ صلى اثنتي عَشْرَةَ رَكْعَةً مَعَ صَلاَةِ النَّهَارِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ" 1.
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ تُوُفِّيَ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّرْجُمَانِيُّ فِي المُحَرَّمِ, وَالحَارِثُ بنُ سُرَيْجٍ النَّقَّالُ, وَهُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ القَيْسِيُّ فِي أَوَّلِهَا, وَمُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ العَبَّادَانِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيُّ بِبَغْدَادِ, ومحمد بن إسحاق بن مُحَمَّدٍ المُسَيِّبِيُّ, وَأَبُو مَعْمرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ
إِبْرَاهِيْمَ القَطِيْعِيُّ, وَأَبُو عَلِيٍّ الفَضْلُ بنُ غَانِمٍ, وَالنُّعْمَانُ بنُ شِبْلٍ البَاهِلِيُّ بِالبَصْرَةِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الخَطَّابِيُّ بِالبَصْرَةِ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَلَفٍ بِبَغْدَادَ, وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ أَبُو جَعْفَرٍ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الكَرَابِيْسِيُّ, وَمُعَلَّى بنُ مَهْدِيٍّ بِالمَوْصِلِ, وَصَالِحُ بنُ حَاتِمِ بنِ وَرْدَانَ البَصْرِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ فِي أَوِّلِ العَامِ, وَمُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ, وَأَبُو جعفر محمد بشير الدعاء.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "728"، وأبو داود "1250"، والترمذي "415"، والنسائي "3/ 262", وابن ماجة "1141".(9/142)
1827- ابن أبي الشوارب 1: "م، س، ت، ق"
الإِمَامُ الثِّقَةُ المُحَدِّثُ الفَقِيْهُ الشَّرِيْفُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بن أَبِي الشَّوَارِبِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي عُثْمَانَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ أَسِيْدٍ بنِ أَبِي العِيْصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ, القُرَشِيُّ, الأُمَوِيُّ, البَصْرِيُّ.
وُلِدَ بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: كَثِيْرِ بنِ سُلَيْمٍ, وَكَثِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُبُلِّيِّ؛ صَاحِبَيْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ. وَعَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المُخْتَارِ, وَأَبِي عَوَانَةَ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَيُوْسُفَ بنِ المَاجَشُوْنِ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ, والنسائي, والترمذي, والقزويني في كتبهم, وأبو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتَّوَيْه, وَمُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ جِلة العُلَمَاءِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: نَهَى المُتَوَكِّلُ عَنِ الكَلاَمِ فِي القُرْآنِ, وَأَشخَصَ الفُقَهَاءَ, والمحدثين إلى سامراء, منهم بن أَبِي الشَّوَارِبِ, وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُحَدِّثُوا, وَأَجزَلَ لَهُمُ الصِّلاَتِ.
قُلْتُ: لَمَّا وَلِيَ وَلَدُهُ الحَسَنُ بنُ أَبِي الشَّوَارِبِ القَضَاءَ تَخَوَّفَ عَلَيْهِ, وَقَالَ: يَا حَسَنُ أُعِيذُ وَجْهَكَ الحَسَنَ مِنَ النَّارِ.
وَوَلِيَ القَضَاءَ عِدَّةٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، مِنْهُم: وَلدُهُ الحَسَنُ قاضي قُضَاةِ المُعْتَمِدِ عَلَى اللهِ, وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً نَبِيْلاً مَاتَ كَهْلاً سنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فَأَمَّا صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَرَوَى أَيْضاً, عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: قَدَّمْتُهُ سَهْواً, فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ إلى عند أبي مصعب.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل: "8/ ترجمة 18"، وتاريخ بغداد "2/ 344"، والعبر "1/ 443"، وتهذيب التهذيب "9/ 316"، وشذرات الذهب "2/ 105".(9/143)
1828- محمد بن عائذ 1: "د، س"
الإِمَامُ، المُؤَرِّخُ، الصَّادِقُ، صَاحِبُ المَغَازِي, أبو عبد الله القرشي، الدِّمَشْقِيُّ, الكَاتِبُ, مُتَوَلِّي دِيْوَانِ الخَرَاجِ بِالشَّامِ زَمَنَ المَأْمُوْنِ.
اسمُ جَدِّهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَقِيْلَ: أَحْمَدُ. وَقِيْلَ: سَعِيْدُ مِنَ المَوَالِي.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ.
سَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ, وَالهَيْثَمِ بنِ حُمَيْدٍ, وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ, وَالعَطَّافِ بنِ خَالِدٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ المُوَقَّرِيِّ, وَسُوَيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَغْرَاءَ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الوَاقِدِيِّ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
روَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ, وَمَحْمُوْدُ بنُ خَالِدٍ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَأَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ, وَمَحْمُوْدُ بنُ سُمَيْعٍ, وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ, وَأَبُو الأَحْوَصِ العُكْبَرِيُّ, وَأَبُو عَبْدِ المَلِكِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيُّ, وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ: سَأَلتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَائِذٍ, فَقَالَ: الكَاتِبُ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سَأَلْتُ دُحَيْماً عَنْهُ, فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ: تَرَاهُ مَوْضِعاً لِلأَخذِ? قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَهُوَ يَعمَلُ عَلَى الخَرَاجِ? قَالَ: نَعَمْ. وَذَكَرَهُ أَبُو زرعة الدمشقي في أهل الفتوى بدمشق.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 648"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 237"، والكاشف "3/ ترجمة 5006"، والعبر "1/ 414"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7724"، وتهذيب التهذيب "9/ 241"، وتقريب التهذيب "2/ 173"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6334"، وشذرات الذهب "2/ 78".(9/144)
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: ثِقَةٌ إِلاَّ أنه قدري.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ كَمَا شَاءَ اللهُ, قَالَ لِي يَوْماً: أَيْشٍ تَكْتُبُ عَنِّي?! أَنَا أَتَعَلَّمُ مِنْكَ؟
وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي "الكُنَى": أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ, وَكَنَّاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ, وَهُوَ المَحْفُوْظُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ الغَسَّانِيُّ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ القُرَشِيُّ فِي ذِي الحِجَّةِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَحَضَرْتُ جِنَازَتَهُ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: جَمَعَ كِتَابَ "المَغَازِي", سَمِعْتُ مُعظَمَهُ, وَكِتَابَ "الفُتُوحِ وَالصَّوَائِفِ" وَكَانَ عَلَى خَرَاجِ غُوْطَةِ دِمَشْقَ.
وَقَعَ لِي حَدِيْثاً عَالِياً جِدّاً:
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُعَدِّلُ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُهْرِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الوَضِيْنُ بنُ عَطَاءٍ, عَنْ يَزِيْدَ بنِ مَزْيَدٍ, قَالَ: ذُكِرَ الدَّجَّالُ فِي مَجْلِسٍ فِيْهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ, فَقَالَ نَوْفٌ البِكَالِيُّ: لِغَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ مِنِّي مِنَ الدَّجَّالِ. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مَا هُوَ? قَالَ: أَخَافُ أَنْ أُسْلَبَ إِيْمَانِي, وَلاَ أَشْعُرُ. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابن الكِنْدِيَّةِ, وَهَلْ فِي الأَرْضِ خَمْسُوْنَ يَتَخَوَّفُوْنَ مَا تَتَخَوَّفُ? ثُمَّ قَالَ: وَثَلاَثِيْنَ, ثُمَّ قَالَ: عِشْرِيْنَ, ثُمَّ قَالَ: عَشْرَةً, ثُمَّ قَالَ: خَمْسَةً, ثُمَّ قَالَ: ثَلاَثَةً, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَمِنَ عَبْدٌ عَلَى إِيْمَانِهِ إِلاَّ سُلِبَهُ أَوِ انْتُزِعَ مِنْهُ فَيَفْقِدُهُ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا الإِيْمَانُ إِلاَّ كَالقَمِيْصِ يَتَقَمَّصُهُ مَرَّةً, وَيَضَعُهُ أُخرَى.(9/145)
1829- كامل بن طلحة 1:
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، شَيْخُ البَصْرَةِ فِي وَقْتِهِ أَبُو يَحْيَى الجَحْدرِيُّ البَصْرِيُّ نَزِيْلُ بَغْدَادَ وَعَمُّ المُحَدِّثِ أَبِي كَامِلٍ فُضَيْلِ بنِ الحُسَيْنِ الجَحْدَرِيِّ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, وَارْتَحَلَ فِي الحَدِيْثِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ, وَمُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ, وَأَبِي هِلاَلٍ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمٍ, وَفَضَّالِ بنِ جُبَيْرٍ صَاحِبِ أَبِي أُمَامَةَ, وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ, وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ, وَمَالِكِ بنِ أَنَسٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ العُمَرِيِّ, وَابْنِ لَهِيْعَةَ, وَأَبِي عَوَانَةَ, وَبُهْلُوْلِ بنِ رَاشِدٍ الإِفْرِيْقِيِّ, وَأَبِي الأَشْهَبِ جَعْفَرٍ العُطَارِدِيِّ, وَعَبَّادِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ أَحَدِ التَّلْفَى, وَأَبِي مَوْدُوْدٍ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ المَدَنِيِّ, وَأَبِي سَهْلٍ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ, وَأَبِي هِشَامٍ القَنَّادِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو خَيْثَمَةَ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ المَسَائِلِ, وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ, وَمُطَيَّنٌ, وَحَنْبَلٌ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَمُحَمَّدُ بنُ حبان الباهلي, وأحمد بن علي القاضي المَرْوَزِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ, وَمُوْسَى بنُ زَكَرِيَّا التُّسْتَرِيُّ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَالبَغَوِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ المَيْمُوْنِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنْ كَامِلِ بنِ طَلْحَةَ, فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ أَعرِفُهُ فِي سَنَةِ مائَتَيْنِ بِالبَصْرَةِ كَانَ لَهُ فِي مَسْجِدِ الجَامِعِ حَلْقَةٌ عَظِيْمَةٌ يحدث عن الليث وبن لَهِيْعَةَ وَمَالِكٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبِي -وَسُئِلَ عَنْ كَاهِلِ بنِ طَلْحَةَ وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ- فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً يَدْفَعُهُمَا بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَصْرَمَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ فِي كَامِلِ بنِ طَلْحَةَ: مُقَارِبُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ -وَقِيْلَ لَهُ: كَامِلُ بنُ طَلْحَةَ- قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ بِالبَصْرَةِ وَلَهُ حَلْقَةٌ وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى عَبَّادَانَ يُحَدِّثُهُمْ, حديثه حديث مقارب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 363"، وتاريخ الخطيب "12/ 485"، والأنساب للسمعاني "3/ 193"، والمغني "2/ ترجمة 5074"، والعبر "1/ 240 و409"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6928"، وتهذيب التهذيب "8/ 408"، وتقريب التهذيب "2/ 131"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5920"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 70".(9/146)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ عَنْ كَامِلٍ, فَقَالَ: رَمَيتُ بِكُتُبِهِ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ يُثنِي عَلَيْهِ وَكَتَبَ عَنْهُ أَزْهَرُ السَّمَّانُ حَدِيْثَيْنِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ: لِعَبْدِ اللهِ اذهَبْ اكْتُبْ فِي المَسْجَدِ عَنْ هَؤُلاَءِ الشُّيُوْخِ حَتَّى تَخِفَّ يَدُكَ فَكَتَبَ عَنْ كَامِلِ بنِ طَلْحَةَ فَأَوَّلُ حَدِيْثٍ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى يَمْضِي فِي طَرِيْقٍ وَيَرْجِعُ فِي أُخْرَى فَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا قَطُّ. قال: فقلت: حديث مثل هذا مُسْنَدٌ فِيْهِ حُكَيْمٌ لَمْ أَسْمَعْهُ, فَأَتَيتُ هَارُوْنَ بنَ مَعْرُوْفٍ, فَقُلْتُ: عِنْدَكَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ هَذَا الحَدِيْثُ? قَالَ: نَعَمْ. فَكَتَبْتُهُ عَنْهُ فَقِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ: لِمَ لَمْ يَكْتُبْهُ عَنْ كَامِلٍ? قَالَ: لَمْ يَكُنْ كَامِلٌ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ وَهْبٍ.
قُلْتُ: لاَ رَيْبَ أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ لَمَّا وَجَدَ الحَدِيْثَ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ, نَبُلَ كَامِلٌ عِنْدَهُ.
وَأَمَّا عَبَّاسٌ, فَرَوَى عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: رَوَى عَنْهُ أَبِي, وَسَأَلْتُهُ عَنْهُ, فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ مَا كَانَ لَهُ عَيبٌ إِلاَّ أَنْ يُحَدِّثَ فِي المَسْجَدِ الجَامِعِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ, وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ".
قُلْتُ: هُوَ صَدُوْقٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- وَمَا أَدْرِي وَجْهَ قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ: رَمَيْتُ بِكُتُبِهِ وَلاَ رَيْبَ أَنَّ لَهُ عَنِ ابْنِ لَهِيْعَةَ مَا يُنْكَرُ وَلاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ, فَلَعَلَّهُ حَفِظَهُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ ذَكَرَ كَامِلَ بنَ طَلْحَةَ فَقَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ ضَرَبَهُ وَأَقَامَهُ لِلنَّاسِ فِي شَهَادَةٍ, فَاتَّضَعَتْ أَسْبَابُهُ, وَكَانَ لاَ يُدْفَعُ عَنْ سَمَاعٍ.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَالِي رِوَايَتِهِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُجَلِّدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا كَامِلُ بنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ عن عبد الله بنِ شَقِيْقٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الجَدْعَاءِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ مَتَى كُنْتَ نَبِيّاً? قَالَ: "إِذْ آدَمُ بَيْنَ الرُّوْحِ وَالجَسَدِ".
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ(9/147)
البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ وَكَامِلُ بنُ طَلْحَةَ وَعُبَيْدُ الله العبسي قالوا: أخبرنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي العُشَرَاءِ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَمَا تَكُوْنُ الذَّكَاةُ إِلاَّ مِنَ اللَّبَّةِ? قَالَ: "لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لأَجْزَأَ عَنْكَ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ, غَرِيْبُهُ, أَخرَجُوهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ مِنْ طَرِيْقِ حَمَّادٍ.
تُوُفِّيَ كَامِلٌ: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. ضَبَطَهُ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, قال: وكان يخضب.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "2825"، والنسائي "2/ 207"، والترمذي "1480"، وابن ماجه "3184"، وأحمد "4/ 434"، وابن الجارود "901"، والبيهقي "9/ 246"، وأبو نعيم "6/ 257" و341"، مِنْ طَرِيْقِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العشراء، به.
وقال الترمذي: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف لأبي العشراء، عن أبيه غير هذا الحديث.
قلت: إسناده ضعيف، آفته أبو العشراء، قال الحافظ في "التقريب": مجهول. وقال الحافظ في "الميزان": "قلت: ولا يدري من هو، ولا من أبوه، افنرد عنه حماد بن سلمة".(9/148)
1830- ابن أخيه أبو كامل الفُضَيل 1: "خت، م، د، س"
ابن الحسين بن طلحة الجحدري البَصْرِيُّ الحَافِظُ.
سَمِعَ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ، وسُلَيْمَ بنَ أَخْضَرَ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَخَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ, وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالبُخَارِيُّ تَعلِيقاً, وَالنَّسَائِيُّ بِوَاسِطَةٍ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ, وَعَبْدَانُ الأَهْوَازيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَوْتُ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ الصيرفي بِالبَصْرَةِ, وَمُحَمَّدِ بنِ أَبَانِ بنِ عِمْرَانَ الوَاسِطِيِّ -فِي قَوْلٍ- وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الشَّافِعِيِّ وَمَحْفُوْظِ بنِ أَبِي تَوْبَةَ البَغْدَادِيِّ وَرَجَاءَ بنِ سِنْدِيٍّ بإِسْفَرَايِيْنَ, وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ الدِّمَشْقِيِّ المُؤَذِّنِ, وَسَعِيْدِ بنِ حَفْصٍ النُّفَيْلِيِّ, وَيَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ الجُعْفِيِّ بِمِصْرَ, وَيَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ الحُفْرِيِّ الإفريقي.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 409"، والعبر "1/ 425"، وتهذيب التهذيب "8/ 290"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 88".(9/148)
1831- البَرْجُلاني 1:
الإِمَامُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ شَيْخٍ البُرْجُلاَنِيُّ, صَاحِبُ التَّوَالِيفِ فِي الرَّقَائِقِ.
رَوَى عَنْ: حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ, وَمَالِكِ بنِ ضَيْغَمٍ, وَزَيْدِ بنِ الحُبَابِ, وَأَزْهَرَ السَّمَّانِ, وَسَعِيْدٍ الضُّبَعِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا كَثِيْراً, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ, وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ, وَأَبُو يَعْلَى, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الوَاسِطِيُّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً سَأَلَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَخبَارِ الزُّهْدِ, فَقَالَ: عَلَيْكَ بمحمد بن الحسين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1261"، وتاريخ بغداد "2/ 222"، والأنساب للسمعاني "2/ 139"، واللباب لابن الأثير "1/ 134"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7414", والعبر "1/ 428", وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 90".(9/149)
1832- محمد بن بكار 1: "م، د"
ابن الريان، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ الصَّدُوْقُ أَبُو عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ الرصافي, مولى بني هاشم.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَهْرَامَ, وَأَبِي مَعْشَرٍ نَجِيْحٍ, وَفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ, وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ أَبِي ثَوْرٍ, وَسَوَّارِ بنِ مُصْعَبٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ زَكَرِيَّا, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ, وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ, وَهُشَيْمٍ, وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وأبو زرعة, وأبو حاتم, وابن أبي الدينا, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, وَالمَعْمَرِيُّ, وَحَامِدُ بنُ شُعَيْبٍ, وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ, وَأَحْمَد بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيّ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَعِمْرَانُ بنُ مُوْسَى السَّخْتِيَانِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُكْرَمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ, وَالهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ الدُّوْرِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: كَانَ أَبِي لاَ يَرَى بِالكِتَابَةِ عَنْهُ بَأْساً.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: شَيْخٌ, لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَرَوَى عَبْدُ الخَالِقِ بنُ مَنْصُوْرٍ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: بَغْدَادِيٌّ، صَدُوْقٌ، يَرْوِي عَنِ الضُّعَفَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ: أَنَا اليَوْمَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائتين، زاد البغوي: في ربيع الآخر.
قلت: عاش ثلاثًا وتسعين سنة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 83"، والكنى للدولابي "2/ 59"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1174"، وتاريخ بغداد "2/ 100"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 111"، والعبر "1/ 428"، والكاشف "3/ ترجمة 4819"، وتهذيب التهذيب "9/ 82"، وتقريب التهذيب "2/ 147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6082"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 90".(9/149)
1832- فَأَمَّا مُحَمَّدُ بنُ بَكَّار بنِ بِلاَلٍ 1:
العَامِلِيُّ، فَمُفْتِي دِمَشْقَ، وَقَاضِيهَا، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ, وَالِدُ المُحَدِّثَيْنِ: هَارُوْنَ وَالحَسَنِ, فَهُوَ سَمِيُّ الَّذِي قَبْلَهُ, وَمِنْ جِيْلِهِ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، قَالَهُ وَلَدُهُ حَسَنٌ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُوْسَى بنِ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ, وَمُحَمَّدِ بِنِ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيِّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَسَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ, وَاللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ, وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ القَاضِي, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنَاهُ, وَحَفِيْدُهُ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ, وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ, وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَشْعَثِ الدِّمَشْقِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ إِشْكَابٍ, وَخَلْقٌ.
ذَكَرَهُ: أَبُو زُرْعَةَ فِي أَهْلِ الفَتْوَى بِدِمَشْقَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ عَنْهُ أَبِي بِمَكَّةَ, سنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَسُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: شَهِدْتُ جِنَازَتَهُ فِي مُنصَرَفِهِ مِنَ الحَجِّ فِي اسْتِقبَالِ سَنَةِ ست وعشرة وَمائَتَيْنِ. وَفِيْهَا أَرَّخَهُ ابْنُهُ الحَسَنُ، وَقَالَ: وَهُوَ ابن أربع وسبعين سنة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 82"، والكنى للدولابي "2/ 59"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1173"، والكاشف "3/ ترجمة 4815"، وتهذيب التهذيب "9/ 74"، وتقريب التهذيب "2/ 147", وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6081"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 38".(9/150)
1834- ومحمد بن بكار بن الزبير 1: "م، د"
العيشي الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مِنْ مَشَايِخِ البَصْرَةِ.
رَوَى عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ, وَمُعْتَمِرٍ, وَابْنِ عُيَيْنَةَ, وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ, وَعَبْدَانُ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ.
توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 4817"، وتهذيب التهذيب "9/ 76"، وتقريب التهذيب "2/ 147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6083".(9/151)
1835- محمد بن أبان 1: "خ، 4"
ابن وزير الحَافِظُ, الإِمَامُ, الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ البَلْخِيُّ، المُسْتَمْلِي يُعرَفُ بِحَمْدَوَيْه مُسْتَمْلِي وَكِيْعٍ مُدَّةً طَوِيْلَةً نَحْوَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ علية وابن وهب وغندر وسفيان بن عُيَيْنَةَ وَعَبْدَةَ بنِ سُلَيْمَانَ وَابْنِ إِدْرِيْسَ وَيَحْيَى القَطَّانِ وَوَكِيْعٍ وَيَزِيْدَ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ وَأَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازِلَ وَتَغَّرَبَ مُدَّةً فِي الطَّلَبِ.
رَوَى عَنْهُ: الجَمَاعَةُ سِوَى مُسْلِمٍ, وَمُسْلِمٌ فِي غَيْرِ "الصَّحِيْحِ", وَأَبُو حَاتِمٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ, وَالمَعْمَرِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدُ بنُ المُجَدَّرِ, وَالبَغَوِيُّ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ, وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ بنِ مقير، وآخرون.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1124"، وتاريخ بغداد "2/ 78"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 514"، والعبر "1/ 443"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7132"، وتهذيب التهذيب "9/ 3-4"، وتقريب التهذيب "2/ 140"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6010"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 105".(9/151)
رَوَى البَغَوِيُّ عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ يَسْتَملِي لَنَا عِنْدَ وَكِيْعٍ، وَقَالَ المَرُّوْذِيُّ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: فَأَبُو بَكْرٍ مُسْتَملِي وَكِيْعٍ? قَالَ: قَدْ كَانَ مَعَنَا يَكْتُبُ الحَدِيْثَ كَتَبَ لِي كِتَاباً بِخَطِّهِ، قُلْتُ: إِنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ أَنكَرُوهُ، مَا أَقَلَّ مَنْ يَروِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَهُوَ عِنْدَكَ وَعِنْدَ خَلَفِ بنِ سَالِمٍ! قَالَ: قَدْ كَانَ مَعَنَا تِلْكَ السَّنَةَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ بَلْخَ، يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ، فَسَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَعَرَفَهُ, وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُم عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ, فَكَتَبْنَا عَنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ قُتَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ حَمَّادِ بنِ فُرَافِصَةَ, قَالَ: قَدِمْتُ الكُوْفَةَ فَسَأَلَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ, فَقُلْتُ: خَلَّفتُهُ عَلَى أَنَّهُ يَقْدَمُ, فَإِنَّهُ كَانَ أَزْمَعَ عَلَى الخُرُوجِ, قَالَ: لَيْتَهُ قَدِمَ حَتَّى يُنْتَفَعَ بِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ: النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: حَسَنُ المُذَاكَرَةِ، جَمَعَ وَصَنَّفَ وَكَانَ مُسْتَملِي وَكِيْعٍ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ بِبَلْخَ فِي المُحَرَّمِ, سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, وَفِيْهَا أَرَّخَهُ البَغَوِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارُ, وَضَبَطَ اليَوْمَ. وَرَوَى القَبَّانِيُّ, عَنِ البُخَارِيِّ قَالَ: مات سنة خمس وأربعين.(9/152)
1836- محمد بن أبان بن عمران 1:
ابن زياد أَبُو الحَسَنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ -وَيُقَالُ: القُرَشِيُّ- الوَاسِطِيُّ، الطَّحَّانُ الحَافِظُ أَحَدُ بَقَايَا المُسْنِدِيْنَ الثِّقَاتِ.
فَرَوَى عَن: أَبِيْهِ, وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ, وَفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَأَبَانِ بنِ يَزِيْدَ, وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ, وَأَبِي شَيْبَةَ العَبْسِيِّ, وَالحَكَمِ بنِ فَصيل الوَاسِطِيِّ, وَالرَّبِيْعِ بنِ مُسْلِمٍ, وَعُمَارَةَ بنِ زَاذَانَ, وَقَزَعَةَ بنِ سُوَيْدٍ البَاهِلِيِّ, وَأَبِي هِلاَلٍ الرَّاسِبِيِّ, وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ, وَأَبِي عَوَانَةَ, وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ, وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ, وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ, وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى البَلاَذُرِيُّ, وَأَسْلَمُ بنُ سَهْلٍ بَحْشَلٌ, وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَمُطَيَّنٌ, وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتَّوَيْه الوَاسِطِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَمُحَمَّدُ بنُ محمد بن الباغندي, وأبو يعلى الموصلي, وَيُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي زِيَادٍ الوَاسِطِيُّ المَخْضُوْبُ أَحَدُ الحُفَّاظِ, وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
قَالَ ابْنهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَوَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ: رُبَّمَا أَخطَأَ, وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ: بَحْشَلٌ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ. قَالَ: وَكَانَ فَقِيْهاً وَكَانَ يَخْضِبُ.
وَفِي الصَّلاَةِ مِنَ "البُخَارِيِّ": حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ فِي مَكَانَينِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ الوَاسِطِيُّ.
وَقَالَ الكَلاَبَاذِيُّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ البَلْخِيُّ, وَقَدْ ذَكَرَ البُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" الوَاسِطِيَّ، وَمَا ذَكَرَ البَلْخِيَّ لصغره, فإنه لا يستوعب صغار شيوخه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 48"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1121"، والمغني "2/ ترجمة 5227"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7127"، وتهذيب التهذيب "9/ 2-3"، وتقريب التهذيب "2/ 140"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6009".(9/152)
1837- إسحاق النَّدِيم 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ الحَافِظُ ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ إسحاق بن إبراهيم بن مَيْمُوْنٍ التَّمِيْمِيُّ, المَوْصِلِيُّ, الأَخْبَارِيُّ, صَاحِبُ المُوْسِيقَى وَالشِّعْرِ الرَّائِقِ وَالتَّصَانِيْفِ الأَدَبِيَّةِ مَعَ الفِقْهِ وَاللُّغَةِ وَأَيَّامِ النَّاسِ وَالبَصَرِ بِالحَدِيْثِ وَعُلُوِّ المَرْتَبَةِ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ, وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ, وَالأَصْمَعِيِّ, وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ, وَشَيْخُهُ؛ الأَصْمَعِيُّ, وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ, وَأَبُو العَيْنَاءِ, وَيَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَلَمْ يُكْثِرْ عَنْهُ الحُفَّاظُ؛ لاشْتِغَالِهِ عَنْهُمْ بِالدَّوْلَةِ. وَقِيْلَ: وُلِدَ سنة خمسين ومائة.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "5/ 268"، وتاريخ بغداد "6/ 338"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "6/ 5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 87"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 388"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 260 و280"، ولسان الميزان "1/ 350"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 82".(9/153)
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: كَانَ ثِقَةً، عَالِماً. وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ حُلْوَ النَّادِرَةِ حَسَنَ المَعْرِفَةِ، جَيِّدَ الشِّعْرِ مَذْكُوْراً بِالسَّخَاءِ. صَنَّفَ كِتَابَ "الأَغَانِي"؛ الَّذِي يَرْوِيْهِ عَنْهُ ابْنُهُ.
وَعَنْ إِسْحَاقَ المَوْصِلِيِّ قَالَ: بَقِيْتُ دَهْراً منْ عُمُرِي أُغَلِّسُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى هُشَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ ثُمَّ أَصِيرُ إِلَى الكِسَائِيِّ أَوِ الفَرَّاءِ أَوِ ابْنِ غَزَالَةَ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ جُزْءاً مِنَ القُرْآنِ ثُمَّ إلى أبي منصور زلزل فيضاربني طَرْقَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً, ثُمَّ آتَي عَاتِكَةَ بِنْتَ شَهْدَةَ فَآخُذُ مِنْهَا صَوتاً أَوْ صَوْتَيْنِ, ثُمَّ آتَي الأَصْمَعِيَّ وَأَبَا عُبَيْدَةَ فَأَسْتَفِيْدُ مِنْهُمَا, وَآتَي مَجْلِسَ الرَّشِيْدِ بِالعَشِيِّ.
كَانَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ يَصِفُ إِسْحَاقَ بِالعِلْمِ وَالصِّدْقِ وَالحِفْظِ. وَيَقُوْلُ: هَلْ سَمِعْتُمْ بِأَحْسَنَ مِنِ ابْتِدَائِهِ:
هَلْ إِلَى أَنْ تَنَامَ عَيْنِي سَبِيْلُ ... إِنَّ عَهْدِيَ بِالنَّوْمِ عَهْدٌ طَوِيْلُ
قَالَ إِسْحَاقُ: لَمَّا خَرَجْنَا مَعَ الرَّشِيْدِ إِلَى الرَّقَّةِ, قَالَ لِيَ الأَصْمَعِيُّ: كمْ حَمَلْتَ مَعَكَ منْ كُتُبِكَ? قُلْتُ: سِتَّةَ عَشَرَ صُندُوقاً.
وَعَنْ إِسْحَاقَ: أَنَّهُ كَانَ يَكرَهُ أَنْ يُنسَبَ إِلَى الغِنَاءِ، وَيَقُوْلُ: لأَنْ أُضرَبَ عَلَى رَأْسِي بِالمَقَارِعِ أحب إليَّ من أن يقال عني: مغنٍّ.
وَقَالَ المَأْمُوْنُ: لَوْلاَ شُهْرَةُ إِسْحَاقَ بِالغِنَاءِ لَوَلَّيْتُهُ القَضَاءَ.
الصُّوْلِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو العَيْنَاءِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ المَوْصِلِيُّ, قَالَ: كُنْتُ قَدْ جِئْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرَ بِمائَةِ حَدِيْثٍ فَوَجَدْتُ ضَرِيْراً يَحْجُبُهُ لِيَنفَعَهُ, فَوَهبتُهُ مائَةَ دِرْهَمٍ, فَاسْتَأْذَنَ لِي فَقَرَأْتُ المائَةَ حَدِيْثٍ, فَقَالَ لِي أَبُو مُعَاوِيَةَ: هَذَا مُعِيدٌ ضَعِيْفٌ, وَمَا وَعَدتَهُ فَيَأْخُذَهُ منْ أَذنَابِ النَّاسِ وأنت أنت. قلت: قد جَعَلتُهَا مائَةَ دِيْنَارٍ. قَالَ: أَحسَنَ اللهُ جَزَاءكَ.
وَقَدْ أَنشَدَ إِسْحَاقُ الرَّشِيْدَ أَبيَاتاً يَقُوْلُ فِيْهَا:
عَطَائِي عَطَاءُ المُكْثِرِينَ تَكَرُّماً ... وَمَالِي كَمَا قَدْ تعلمين قليل
وكيف أخاف الفقراء أَوْ أُحْرَمُ الغِنَى ... وَرَأْيُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ جَلِيْلُ
فَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلفِ دِرْهَمٍ.
مَاتَ سَنَةَ خمس وثلاثين ومائتين.(9/154)
1838- المعافى بن سليمان 1: "س"
الرسعني, الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ.
حدَّثَ عنْ: فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَالقَاسِمِ بنِ مَعْنٍ، وَزُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: هِلاَلُ بنُ العَلاَءِ, وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مِلْحَانَ, وَالقَاسِمُ بنُ اللَّيْثِ العَتَّابِيُّ الرَّسْعَنِيُّ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ رَوَى النسائي، عن رجل عنه.
مات في سنة أربع وثلاثين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1837"، والكاشف "3/ ترجمة 5610"، والعبر "1/ 419"، و"2/ 128"، وتهذيب التهذيب "10/ 198"، وتقريب التهذيب "2/ 257"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7066"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 81".(9/155)
1839- ابن أبي شيبة 1: "خ، م، د، س، ق".
عبد الله بن محمد بن القَاضِي أَبِي شَيْبَةَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُوَاسْتَى، الإِمَامُ, العَلَمُ, سَيِّدُ الحُفَّاظِ, وَصَاحِبُ الكُتُبِ الكِبَارِ: "المُسْنَدِ" وَ"المُصَنَّفِ" وَ"التَّفْسِيْرِ", أَبُو بَكْرٍ العَبْسِيُّ مَوْلاَهُمُ, الكُوْفِيُّ.
أَخُو الحَافِظِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالقَاسِمِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ الضَّعِيْفِ. فَالحَافِظُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي بَكْرٍ هُوَ وَلَدُهُ, وَالحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ هُوَ ابْنُ أَخِيْهِ, فَهُمْ بَيْتُ عِلْمٍ, وَأَبُو بَكْرٍ: أَجَلُّهُم.
وَهُوَ مِنْ أَقرَانِ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه, وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ فِي السِّنِّ وَالمَوْلِدِ وَالحِفْظِ. وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَسَنُّ مِنْهُمْ بِسَنَوَاتٍ.
طَلَبَ أَبُو بَكْرٍ العِلْمَ وَهُوَ صَبِيٌّ, وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ هُوَ شَرِيْكُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي.
سَمِعَ مِنْهُ، وَمِن أَبِي الأَحْوَصِ سَلاَّمِ بنِ سُلَيْمٍ, وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ, وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ, وَسُفْيَانَ بن عيينة, وعلي بن مسهر,
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 413"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 210"، وتاريخ بغداد "10/ 66"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 439"، وميزان الاعتدال "2/ 490"، والعبر "1/ 421"، وتهذيب التهذيب "6/ 2"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 85".(9/155)
وعباد بن العوام، وعبد الله بن إدريس، وَخَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ -الَّذِي يُقَالُ: إِنَّهُ تَابِعِيٌّ- وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيِّ, وَعَلِيِّ بنِ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ, وَعُمَرَ بنِ عُبَيْدٍ الطنافسي, وأخويه مُحَمَّدٍ وَيَعْلَى, وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ, وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ عَبْدِ الأَعْلَى, وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ, وَيَحْيَى القَطَّانِ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ, وَعَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَأَبِي مُعَاوِيَةَ, وَيَزِيْدَ بنِ المِقْدَامِ, وَمَرْحُوْمٍ العطار, وإسماعيل ابن عُلَيَّةَ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالعِرَاقِ وَالحِجَازِ, وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَانَ بَحْراً منْ بُحُوْرِ العِلْمِ وَبِهِ يُضرَبُ المَثَلُ فِي قُوَّةِ الحِفْظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخَانِ, وأبو داود, وابن ماجه, وروى النسائي عن أَصْحَابهِ, وَلاَ شَيْءَ لَهُ فِي "جَامِعِ أَبِي عِيْسَى".
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ الكَاتِبُ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى, وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ, وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ؛ مُحَدِّثَا الأَنْدَلُسِ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَأَبُو يَعلَى المَوْصِلِيُّ, وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ, وَحَامِدُ بنُ شُعَيْبٍ, وَصَالِحٌ جَزَرَةُ, وَالهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ الدُّوْرِيُّ, وَعُبَيْدُ بنُ غَنَّامٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسٍ السَّرَّاجُ, وَالبَاغَنْدِيُّ, وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ النَّيْسَابُوْرِيُّ, وَعَبْدَانُ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَأُمَمٌ سِوَاهُمْ.
قَالَ يَحْيَى بن عبد الحميد الحماني: أولاد بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ كَانُوا يُزَاحِمُونَنَا عِنْدَ كُلِّ مُحَدِّثٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَبُو بَكْرٍ صَدُوْقٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ منْ أَخِيْهِ عُثْمَانَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ ثِقَةً حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ قَدِمَ عَلَيْنَا مَعَ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ فسرد للشيباني أربعمائة حَدِيْثٍ حِفْظاً وَقَامَ.
وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو عُبَيْدٍ: انْتَهَى الحَدِيْثُ إِلَى أَرْبَعَةٍ فَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أَسْرَدَهُمْ لَهُ وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَفقَهُهُمْ فِيْهِ وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَجْمَعُهُمْ لَهُ وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ أَعْلَمُهُمْ بِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ العَلاَءِ الجُرْجَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ وَأَنَا مَعَهُ فِي جَبَّانَةِ كِندَةَ فَقُلْتُ: لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ سَمِعْتَ منْ شَرِيْكٍ وَأَنْت ابْنُ كَم? قَالَ: وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْفَظُ لِلْحَدِيْثِ مِنِّي اليَوْمَ.
قُلْتُ: صَدَقَ وَاللهِ وَأَينَ حِفظُ المُرَاهِقِ مِنْ حِفْظِ مَنْ هُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ?(9/156)
قَالَ الجُرْجَانِيُّ: فَسَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ سَمَاعِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ منْ شَرِيْكٍ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ عِنْدَنَا صَدُوْقٌ وَمَا يَحمِلُهُ أَنْ يَقُوْلَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخطِّهِ. وَقَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ رَوْحِ بنِ عُبَادَةَ بِحَدِيْثِ الدَّجَّالِ وَكُنَّا نَظُنُّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هِشَامٍ الرِّفَاعِيِّ.
قَالَ عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْعُدُ عِنْدَ الأُسطُوَانَةِ وَأَخُوْهُ وَمُشْكُدَانَةُ وَعَبْدُ اللهِ بنُ البَّرَادِ وَغَيْرُهُمْ كُلُّهُمْ سُكُوتٌ إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ فإِنَّهُ يَهْدِرُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هِيَ الأُسطُوَانَةُ الَّتِي يَجْلِسُ إِلَيْهَا ابْنُ عُقْدَةَ. فَقَالَ لِيَ ابْنُ عُقْدَةَ هَذِهِ هِيَ أُسطُوَانَةُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ جَلَسَ إِلَيْهَا بَعْدَهُ عَلْقَمَةُ وَبَعدَهُ إِبْرَاهِيْمُ وَبَعدَهُ مَنْصُوْرٌ وَبَعدَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَبَعدَهُ وَكِيْعٌ وَبَعدَهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ أبي شيبة وبعده مطين.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ جَزَرَةُ: أَعْلَمُ مَنْ أَدْرَكتُ بِالحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَأَعْلَمُهُمْ بِتَصْحِيْفِ المَشَايِخِ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَأَحْفَظُهُمْ عِنْدَ المُذَاكَرَةِ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ خِرَاشٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا زُرْعَةَ فَأَصْحَابُنَا البَغْدَادِيُّونَ? قَالَ: دَعْ أَصْحَابَكَ فَإِنَّهُم أَصْحَابُ مَخَارِيقَ مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أبو بكر متقنًا حافظًا صنف المسند والأحكام والتفسير وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ هُوَ وَأَخَوَاهُ القَاسِمُ وَعُثْمَانُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ نِفْطَوَيْه: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ أَشْخَصَ المُتَوَكِّلُ الفُقَهَاءَ وَالمُحَدِّثِيْنَ, فَكَانَ فِيْهِم مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ, وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيْلَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ, وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ, وَكَانَا مِنَ الحُفَّاظِ. فَقُسِمَتْ بَينَهُمُ الجَوَائِزُ وَأَمَرَهُمُ المُتَوَكِّلُ أَنْ يُحَدِّثُوا بِالأَحَادِيْثِ الَّتِي فِيْهَا الرَّدُّ عَلَى المُعْتَزِلَةِ وَالجَهْمِيَّةِ قَالَ: فَجَلَسَ عُثْمَانُ فِي مَدِيْنَةِ المَنْصُوْرِ وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ نَحْوٌ منْ ثَلاَثِيْنَ أَلفاً وَجَلَسَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ, وَكَانَ أَشَدَّ تَقَدُّماً منْ أَخِيْهِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ أَلفاً.
قُلْتُ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَوِيَّ النَّفْسِ بِحَيْثُ إِنَّهُ اسْتَنكَرَ حَدِيْثاً تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا? فَهَذِهِ كُتُبُ حَفْصٍ مَا فِيْهَا هَذَا الحَدِيْثَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ قِرَاءةً عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طاهر سنة سبع وعشرين وخمسمائة بِهَرَاةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ السُّلَمِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المُعِزِّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ وَتَمِيْمُ بنُ(9/157)
أَبِي سَعِيْدٍ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكنجروذي, قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الهِلاَلُ, فَقَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمُوْهُ فَصُوْمُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوْهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلاَثِيْنَ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, غَرِيْبٌ. تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ سِوَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وَلاَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ سِوَى مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ العَبْدِيِّ, فِيْمَا عَلِمْتُ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْهُ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً عَالِيَةً وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنَ السُّنَنِ سِوَى النَّسَائِيِّ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ المَرْوَزيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ, فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً بِعُلُوِّ دَرَجَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بنُ حَيَّانَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَرَكْتُ عَلَى أُمَّتِي بَعْدِي فتنة أضر على الرجال من النساء" 2.
وَبِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ سَمِعْتُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ وَسُئِلَ كَيْفَ كَانَ يَسِيْرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَاتَ? قَالَ: كَانَ يَسِيْرُ العَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجوَةً نَصَّ. قَالَ: هِشَامٌ وَالنَّصُّ أَرفَعُ مِنَ العَنَقِ. أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ3، عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَوَافَقْنَاهُ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، حَدَّثَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ4، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المُحْتَسِبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الكَاتِبِ, حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُرَبَّعِ, سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: رَبَّانِيُّو الحَدِيْثِ أَرْبَعَةٌ: فَأَعلَمَهُمْ بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَحْسَنُهُمْ سِيَاقَةً لِلْحَدِيْثِ وَأَدَاءً: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَأَحْسَنُهُمْ وَضْعاً لِكِتَابٍ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ, وَأَعلَمُهُمْ بِصَحِيْحِ الحَدِيْثِ وَسَقِيمِهِ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ، وَمُطَيَّنٌ: مَاتَ أبو بكر في المحرم سنة خمس وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ النَّيْسَابُوْرِيُّ, وَبَقِيَ إلى سنة بضع وعشرين وثلاثمائة.
وَقَدْ خَلَفَ أَبَا بَكْرٍ وَلَدُهُ الحَافِظُ الثَّبْتُ:
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1081" "20" من طريق ابن أبي شيبة، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5096"، ومسلم "2741"، والترمذي "2780"، وابن ماجه "3998" من طريق سليمان التيمي، به.
3 صحيح: أخرجه البخاري "1666"، ومسلم "1286" "283" و"284"، وأبو داود "1923"، والنسائي "5/ 259".
4 هو: المسند أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الشيباني البغدادي، ويعرف بابن زريق القزاز.(9/158)
1840- إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ 1: "س، ق"
أَبُو شَيْبَةَ العَبْسِيُّ، الكُوْفِيُّ. وُلِدَ فِي أَيَّامِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
وسَمِعَ مِنْ: جَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ -وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ- وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى وَأَبِي نُعَيْمٍ وَقَبِيْصَةَ وَأَبِيْهِ وَأَعمَامِهِ وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي "صَحِيْحِهِ"، وَالنَّسَائِيُّ فِي "اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ منْ تَلاَمِذَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الفِقْهِ لَهُ عَنْهُ مَسَائِلُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: توفي في سنة خمس وستين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 322"، وتهذيب التهذيب "1/ 136".(9/159)
1841- الحِزَامي 1: "خَ، س"
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شَيْبَةَ الحِزَامِيُّ مَوْلاَهُمُ المَدَنِيُّ.
عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ, وَمُوْسَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيِّ, وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ, والوليد
ابن مُسْلِمٍ، وَأَبِي نُبَاتَةَ يُوْنُسَ بنِ يَحْيَى, وَعَبْدِ الرحمن بن المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِزَامِيِّ, وَصَدَقَةَ بنِ بَشِيْرٍ, وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيْحِ" وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ وَالرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَآهُ أَبُو زُرْعَةَ فَذَاكَرَهُ بِغَرَائِبَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ أَبِي زُرْعَةَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُحَدِّثَهُ فَصَارَ إِلَيْهِ وَنَظَرَ فِي كُتُبِهِ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: رُبَّمَا خَالَفَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَ تَحْدِيْثِهِ وَمَوْتِهِ كَثِيْرُ شَيْءٍ اخَتَلَفْتُ إِلَيْهِ عِشْرِيْنَ لَيْلَةً أَنظُرُ فِي كُتُبِهِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1007"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1223"، والكاشف "2/ ترجمة 3289"، والمغني "2/ ترجمة 3589"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 4914"، وتهذيب التهذيب "6/ 221"، وتقريب التهذيب "1/ 489"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4174".(9/160)
1842- هارون بن معروف 1: "خَ، م، د"
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الخَزَّازُ, ثُمَّ الضَّرِيْرُ.
حَدَّثَ عَنْ: هُشَيْمٍ, وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, وَمَرْوَانَ بنِ شُجَاعٍ, وَطَبَقَتِهِم مِنْ أَهْلِ الحِجَازِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالجَزِيْرَةِ وَالعِرَاقِ. وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَبِوَاسِطَةٍ البُخَارِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى, وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ, وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَأَبُو يَعْلَى، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعَ مِنْهُ أَبِي بِبَغْدَادَ في سنة خمس عشرة بعدما عَمِيَ مِنْ حِفْظِهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ الثِّقَةَ يَقُوْلُ: قَالَ هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ: رَأَيْتُ فِي المَنَامِ يُقَالُ لِي: مَنْ آثَرَ الحَدِيْثَ عَلَى القُرْآنِ عُذِّبَ. قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّ ذَهَابَ بَصَرِي مِنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ هَارُوْنُ الحَمَّالُ: سَمِعْتُ هَارُوْنَ بنَ مَعْرُوْفٍ يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ فَكَأَنَّمَا عَبَدَ اللاَّتَ وَالعُزَّى.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ عَنْهُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لاَ يَتَكَلَّمُ فَهُوَ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ.
مَاتَ فِي آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وثلاثين ومائتين. وعاش أربعًا وسبعين سنة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 355"، والتاريخ الكبير"8/ ترجمة 2811"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 17 و257" و"3/ 116"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 387"، وتاريخ بغداد "14/ 14"، والعبر "1/ 410"، والكاشف "3/ ترجمة 6023"، وتهذيب التهذيب "11/ 11-12"، وتقريب التهذيب "2/ 213"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7634"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 71".(9/160)
1843- داود بن عمرو 1: "م، س"
ابن زهير بن عمرو بن جَمِيْلِ بنِ الأَعْرَجِ بنِ عَاصِمٍ الشَّيْخُ الحَافِظُ الثِّقَةُ أَبُو سُلَيْمَانَ الضَّبِّيُّ البَغْدَادِيُّ, ابْنُ عَمِّ مُحَدِّثِ أَصْبَهَانَ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ بنِ المُسَيَّبِ بنِ زُهَيْرٍ الضَّبِّيِّ.
وُلِدَ دَاوُدُ: قَبْلَ الخَمْسِيْنَ ومائة تقريبًا.
وَرَوَى عَنْ: جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ, وَنَافِعِ بنِ عُمَرَ الجُمَحِيِّ, وَأَبِي مَعْشَرٍ نَجِيْحٍ السِّنْدِيِّ, وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَشَرِيْكٍ القَاضِي, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الزِّنَادِ, وَمُحَمَّدِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ, وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيْحِهِ" وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ العَطَّارِ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بن حنبل يأخذ داود بنِ عَمْرٍو بِالرِّكَابِ.
وَقَالَ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الثِّقَةُ المَأْمُوْنُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَدْ كَانَ البَغَوِيُّ مُكْثِراً عَنْهُ فَكَانَ مُجَّان الطَّلَبَةِ يَقُوْلُوْنَ: فِي دار أبي القاسم بن بِنْتِ مَنِيْعٍ شَجَرَةٌ تَحْمِلُ دَاوُدَ بنَ عَمْرٍو الضبي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 349"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 801"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم 1918"، وتاريخ بغداد "8/ 363"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 465"، والعبر "1/ 402"، والكاشف "1/ ترجمة 1468"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2636"، والمغني "1/ ترجمة 2016", وتهذيب التهذيب "3/ 195"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1935"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 64".(9/161)
قَالَ الخَطِيْبُ, وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ دَاوُدُ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقِيْلَ: بَلْ مَاتَ فِي صَفَرٍ.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ لَهُ فِي "سُنَنِهِ".
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ، وَالغَسُوْلِيُّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو المُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ عَنِ القَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عُثْمَانَ بنِ مَظْعُوْنٍ, وَهُوَ مَيِّتٌ, فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ, وَبَكَى, ثُمَّ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ. حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عبيد ليس بذلك القَوِيِّ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيْهِ: بَكَى بُكَاءً طَوِيْلاً. فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى السَّرِيْرِ قَالَ: "طُوْبَاكَ يَا عُثْمَانُ, لَمْ تَلْبَسْكَ الدُّنْيَا, وَلَمْ تَلْبَسْهَا".
وَبِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو المُسَيَّبِيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بن محمد بن طحلاء عن أبي الرجال عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيْهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ" 1.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ عَنِ الحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: بَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذْتُهُ أَخْذاً عَنِيْفاً فَقَالَ: "دَعِيْهِ, فَإِنَّهُ لَمْ يَطْعَمِ الطَّعَامَ, وَلاَ يَضُرُّ بَوْلُهُ".
حَجَّاجٌ: فِيْهِ لِيْنٌ. وَقَولُهُ: المُسَيَّبِيُّ: نَسَبَهُ إِلَى عَمِّهِ الأَمِيْرِ المُسَيَّبِ بن زهير.
حَدَّثَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، حَدَّثَنَا الفَتْحُ، حَدَّثَنَا هِبَةُ اللهِ الحَاسِبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ الوَزِيْرِ، حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحَرْبُ خَدْعة" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2046"، وأبو داود "3831"، والترمذي "1816"، وابن ماجه "3327".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3030"، ومسلم "1739"، وأبو داود "2636"، والترمذي "1675".(9/162)
1844- داود بن رُشَيد 1: "خَ، م، د، س".
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ أَبُو الفَضْلِ الخُوَارِزْمِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ مَولَى بَنِي هَاشِمٍ رَحَّالٌ جَوَّالٌ صَاحِبُ حَدِيْثٍ.
سَمِعَ أَبَا المَلِيْحِ الحَسَنَ بنَ عُمَرَ الرَّقِّيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ جَعْفَرٍ, وَهُشَيْمَ بنَ بَشِيْرٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَيَّاشٍ, ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة, والوليد بنَ مُسْلِمٍ, وَإِسْمَاعِيْلَ ابْنَ عُلَيَّةَ, وَبَقِيَّةَ بنَ الوَلِيْدِ, وَأَبَا إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبَ, وَمَرْوَانَ بنَ مُعَاوِيَةَ, وَشُعَيْبَ بنَ إِسْحَاقَ, وَسُوَيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيَّ, وَمَكِّيَّ بنَ إبراهيم, وعدة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَبَقِيُّ بنُ مَخْلدٍ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ المُجَدَّرِ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ, نَبِيْلٌ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ وَالنَّسَائِيُّ, عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ.
أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ فِي "المُجَالَسَةِ": حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ رُشَيْدٍ قَالَ: قُمْتُ لَيْلَةً أُصَلِّي فَأَخَذَنِي البَردُ لِمَا أَنَا فِيْهِ مِنَ العُرْيِ فَأَخَذَنِي النَّومُ فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَائِلاً يَقُوْلُ: يَا دَاوُدُ أَنَمْنَاهُمْ وَأَقَمنَاكَ, فَتَبكِي عَلَيْنَا? قَالَ الحَرْبِيُّ: فَأَظُنُّ دَاوُدَ مَا نَامَ بَعْدَهَا, يَعْنِي: مَا تَرَكَ تَهَجُّدَ اللَّيْلِ.
قَالَ وسَمِعْتُ دَاوُدَ يَقُوْلُ: قَالَتْ حُكَمَاءُ الهِنْدِ: لاَ ظَفَرَ مَعَ بَغْيٍ، وَلاَ صِحَّةَ مَعَ نَهْمٍ، وَلاَ ثَنَاءَ مَعَ كِبْرٍ، وَلاَ صَدَاقَةَ مَعَ خِبٍّ2، وَلاَ شَرَفَ مَعَ سُوءِ أَدَبٍ، وَلاَ بِرَّ معَ شُحٍّ، وَلاَ مَحَبَّةَ مَعَ هُزءٍ، وَلاَ قَضَاءَ مَعَ عَدَمِ فِقْهٍ، وَلاَ عُذْرَ مَعَ إِصرَارٍ، وَلاَ سِلْمَ قَلْبٍ مَعَ غِيبَةٍ، وَلاَ رَاحَةَ مَعَ حَسَدٍ، وَلاَ سُؤْدُدَ مَعَ انتِقَامٍ، وَلاَ رِئَاسَةَ مَعَ عِزَّةِ نَفْسٍ وَعُجْبٍ، وَلاَ صَوَابَ مَعَ تَركِ مُشَاوَرَةٍ، وَلاَ ثَبَاتَ ملك مع تهاون.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 349"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 838"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1884"، والحلية لأبي نعيم "8/ 335"، وتاريخ بغداد "8/ 367"، والأنساب للسمعاني "5/ 194"، والعبر"1/ 429"، والكاشف "1/ ترجمة 1450"، وتهذيب التهذيب "3/ 184"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1915"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 91".
2 الخِب: الخداع، والغش.(9/163)
توفي في سَابِعَ شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَهُوَ من أبناء الثَّمَانِيْنَ وَلَعَلَّ بَعْضَ أُمَرَاءِ الزَّمَانِ يَحوِي هَذِهِ الخِلاَلَ الرَّدِيَّةَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَكَ المُبَارَكُ بنُ أَبِي الجُوْدِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي غَالِبٍ الزَّاهِدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ عَلِّمْنِي مَا أَدْخُلُ بِهِ الجَنَّةَ وَلاَ تُكْثِرْ عليَّ، قَالَ: "لاَ تَغْضَبْ" 1.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظِ، وَجَمَاعَةٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو المُنَجَّى بنُ اللَّتِّيِّ، وَقَرَأْتُ عَلَى الأَبَرْقُوْهِيِّ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا العُلَبِيُّ, قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ, أَخْبَرَتْنَا بِيْبَى الهَرْثَمِيَّةُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بنُ رُشَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بن نافع عن سليمان الأحول عن طاوس عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَى عليَّ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَوْبَيْنِ مُعَصفَرَيْنِ, فَقَالَ: "أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا "؟. قُلْتُ: أَغْسِلُهُمَا? قَالَ: "أَحْرِقْهُمَا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2، عَنْ دَاوُدَ.
وَالإِحرَاقُ هُنَا تَعْزِيْرٌ، وَلَعَلَّ صِبْغَهُمَا كَانَ لاَ يَزُولُ بالغسل كما ينبغي, والمعصفر يرخص للمرأة.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6116"، والترمذي "2020".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2077" "28"، ووقع عنده أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها". وذلك في رواية له "2077" "27".(9/164)
1845- سليمان ابن بنت شُرَحْبيل 1: "خَ، 4"
هُوَ الإِمَامُ, العَالِمُ الحَافِظُ مُحَدِّثُ دِمَشْقَ، أَبُو أَيُّوْبَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَيْمُوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ, وَجَدُّهُ هُوَ شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ المُحَدِّثُ التَّابِعِيُّ الحِمْصِيُّ شَيْخُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, كَانَ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَمَسْلَمَةَ بنِ عَلِيٍّ، وَيَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَبِشْرِ بنِ عَوْفٍ، وَخَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، وَسَعْدَانَ بنِ يَحْيَى، وَسُوَيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الرِّجَالِ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ محمد الصنعاني، وعمر بن عبد الوَاحِدِ النَّصْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حِمْيَرٍ، وَمَعْرُوْفٍ الخَيَّاطِ مَوْلَى وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ: الحَافِظِ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ الأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ تِلمِيذُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ الخُتَّلِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُنَيْنٍ الخُتَّلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحسن الترمذي، وأحمد بن محمد بن أَخِي هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى القَاضِي، وَأَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ العُذْرِيُّ، وإسماعيل بن مُحَمَّدِ بنِ قِيْرَاطٍ، وَبَدْرُ بنُ الهَيْثَمِ الدِّمَشْقِيُّ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ الخُوَارِزْمِيُّ القاضي، وأبو زُرْعَةَ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَعَمْرُو بنُ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ الحَرِيْصِ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُمَيْعٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ أَكيَسُ مِنْهُ. رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سُلَيْمَانُ صَدُوْقٌ مُسْتَقِيْمُ الحَدِيْثِ، وَلَكِنَّهُ أَرْوَى النَّاسِ عَنِ الضُّعَفَاءِ، وَالمَجْهُوْلِيْنَ، وَكَانَ عِنْدِي فِي حَدِّ لَوْ أَنَّ رَجُلاً، وَضَعَ لَهُ حَدِيْثاً لَمْ يُفْهَمْ، وَكَانَ لاَ يُمَيِّزُ.
أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ, سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ كَيِّسٌ. ثُمَّ قَالَ أَبُو داود: وأبو أيوب -يعني سليمان بن بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ- خَيْرٌ مِنْ هِشَامٍ, حَدَّثَ هِشَامٌ بأرجح من أربعمائة حَدِيْثٍ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ مُسْنَدَةٌ كُلُّهَا كَانَ فَضْلَكُ يَدُوْرُ عَلَى أَحَادِيْثِ أَبِي مُسْهِرٍ، وَغَيْرِهِ, يُلَقِّنُهَا هِشَاماً، وَيَقُوْلُ هِشَامٌ: حَدَّثَنِي, قَدْ رُوِيَ, فَلاَ أُبَالِي مَنْ حَمَلَ الخَطَأَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً: سُلَيْمَانُ: ثِقَةٌ يُخطِئُ كَمَا يُخطِئُ النَّاسُ. قِيْلَ لَهُ أَحُجَّةٌ هُوَ? قَالَ: الحُجَّةُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ, عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ إِذَا رَوَى عَنِ المَعْرُوْفِيْنَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: كَانَ صَحِيْحَ الكتاب إلا أنه كان يحول, فإن وَقَعَ فِيْهِ شَيْءٌ, فَمِنَ النَّقْلِ، وَسُلَيْمَانُ ثِقَةٌ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ يحدث عن الضَّعفى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1838"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 209 و279" و"2/ 102 و203" و"3/ 198 و360"، والضعفاء الكبير للعقيلي "2/ ترجمة 618"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 559"، والكاشف "1/ ترجمة 2132"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 444"، والعبر "1/ 413"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3487"، وتهذيب التهذيب "4/ 207"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2720"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 78".(9/165)
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُعتَبَرُ حَدِيْثُهُ إِذَا رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ, فَإِذَا رَوَى عَنِ المَجَاهِيْلِ, فَفِيْهَا مَنَاكِيْرُ.
قَالَ الحَاكِمُ: قُلْتُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ? قَالَ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: أَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنَاكِيْرُ? قَالَ: حَدَّثَ بِهَا عَنْ ضُعَفَاءَ, فَأَمَّا هُوَ, فَثِقَةٌ.
وَذَكَرهُ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ فِي أَهْلِ الفَتْوَى بِدِمَشْقَ. وَقَالَ أَيْضاً: سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقِيْهُ أَهْلِ دِمَشْقَ.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ يَعْقُوْبَ الجَوْزَجَانِيَّ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيِّ, فَلَمْ يَأْذَنْ لِلنَّاسِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَاسْتَزَدْنَاهُ قَالَ: بَلَغَنِي وُرُوْدُ هَذَا الغُلاَمِ الرَّازِيِّ -يَعْنِي أبا زرعة- فدرستُ للالتقاء به ثلاثمائة أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: هُوَ فِي نَفْسِهِ صَدُوْقٌ لَكِنَّهُ لَهِجَ بِرِوَايَةِ الغَرَائِبِ عَنِ المَجَاهِيْلِ وَالضُّعَفَاءِ.
وله في كِتَابِ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيِّ حَدِيْثُ الدُّعَاءِ لِحِفْظِ القُرْآنِ، يَرْوِيْهِ عَنِ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, قَالَ: حدثنا بن جريح, والحديث شبه موضوع. وَقَدْ رَوَى: البُخَارِيُّ أَيْضاً، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْهُ. وَعَبْدُ اللهِ هَذَا: هُوَ عِنْدِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي الخُوَارِزْمِيِّ القَاضِي, فَإِنَّ البُخَارِيَّ نَزَلَ عِنْدَهُ مُدَّةً, وَنَظَرَ فِي كُتُبِهِ, وَعَلَّقَ عَنْهُ أَمَاكِنَ فِي كِتَابِ "الضُّعَفَاءِ" الكَبِيْرِ لَهُ.
وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ, وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. زَادَ بن دُحَيْمٍ فَقَالَ: فِي يَوْمِ الأَرْبَعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَشَهِدْتُهُ, وَصَلَّى عَلَيْهِ مَالِكُ بنُ طَوْقٍ -يَعْنِي: الأَمِيْرَ الَّذِي بَنَى مَدِيْنَةَ الرَّحْبَةِ- وَقَالَ: أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْر: مات وهو بن ثمانين سنة.(9/166)
1846- أما سليمان بن عبد الرحمن 1:
ابن حماد بن عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ الطَّلْحِيُّ الكُوْفِيُّ التَّمَّارُ, فَيَرْوِي عَن أَبِيْهِ. يُكْنَى أَبَا دَاوُدَ. وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ 252.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الفَرَّاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن بن أيوب البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ الخُدْرِيَّ يَقُوْلُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ وَلاَ تَحْمِلَنَّكُمُ العُسْرَةُ عَلَى أَنْ تَطلُبُوا الرِّزْقَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ, فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "اللَّهُمَّ احْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِيْنِ وَلاَ تَحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الأَغْنِيَاءِ. فَإِنَّ أَشْقَى الأَشْقِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الآخِرَةِ".
غَرِيْبٌ جِدّاً. وَخَالِدٌ دِمَشْقِيٌّ, ضَعَّفَهُ: يَحْيَى بنُ معين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 560"، والكاشف "1/ ترجمة 2131"، وتهذيب التهذيب "4/ 206"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2719".(9/167)
1847- إبراهيم بن موسى الفَرَّاء 1: "خَ، م، د".
الحَافِظُ الكَبِيْرُ, المُجَوِّدُ, أَبُو إِسْحَاقَ التَّمِيْمِيُّ الرَّازِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الأَحْوَصِ سَلاَّمِ بنِ سُلَيْمٍ, وَعَبْدِ الوَارِثِ بنِ سَعِيْدٍ, وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَيَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ, وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, وَوَكِيْعٍ, وَطَبَقَتِهِم, وَرَحَلَ إِلَى الأَقْطَارِ, وَصَنَّفَ, وَجَمَعَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَبُو زرعة, ومحمد بن إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ, وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الطَّيَالِسِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ البَجَلِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ بَيْتَانَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَاضِرٍ شَيْخٌ لأَبِي بكر الشافعي, وخلق سواهم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1028"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 436"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 456"، والعبر "1/ 407"، وتهذيب التهذيب "1/ 170"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 69".(9/167)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ أَتْقَنُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَصَحُّ حَدِيْثاً وَأَحْفَظُ مِنْ صَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ المُؤَذِّنِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ, وَعَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ كَذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مِنَ الثِّقَاتِ, هُوَ أَتْقَنُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ الجَمَّالِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنٍ القُرَشِيِّ: أَخْبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ بَيْتَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفَرَّاءُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى هُوَ ابْنُ يُوْنُسَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الحَارِثِ بنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ, قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بنُ أَرْقَمَ: إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ فِي عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البَقَرَةُ: 238] ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوْتِ.
أَخْرَجَهُ الجَمَاعَةُ1, سِوَى القَزْوِيْنِيِّ مِنْ طُرُقٍ, عَنْ إِسْمَاعِيْلَ, نَحْوَهُ.
أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ وَابْنُ عَلاَّنَ وَطَائِفَةٌ قَالُوا، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هبة الله بن الحصين، حدثنا بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَاضِرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفَرَّاءُ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ عَنْ عُمَرَ بنُ إِبْرَاهِيْمَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الحَسَنِ عَنْ الأَحْنَفِ عَنِ العَبَّاسِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا تزال أُمَّتِي عَلَى الفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا المَغْرِبَ حَتَّى اشْتِبَاكِ النُّجُوْمِ".
أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ2, عَنْ محمد بن يحيى, عن الفداء.
__________
1 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "1200"، وَمُسْلِمٌ "539"، وَأَبُو دَاوُدَ "949"، وَالتِّرْمِذِيُّ "405"، وَالنَّسَائِيُّ "3/ 18".
2 جيد: أخرجه ابن ماجه "689"، والدارمي "1/ 275"، وإسناده ضعيف، فيه عمر بن إبراهيم في حديثه عن قتادة ضعف كما قال الحافظ في "التقريب" لكن للحديث شاهد من حديث أبي أيوب وعقبة ابن عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا تزال أمتي بخير"، أو قال "على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم". أخرجه أحمد "4/ 147" و"5/ 417 و422"، من طريق ابن إسحاق حدثني يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بنِ عبد الله، عن أبي أيوب وعقبة بن عامر، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق بن يسار، صدوق مدلس، مشهور بالتدليس، لكنه قد صرَّح بالتحديث فأمنا شر تدليسه، فالحديث به جيد، والله -تعالى- أعلى وأعلم.(9/168)
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ. قُلْتُ: عُمَرُ تَالِفٌ.
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ1، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الصَّابُوْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا محمد بن أيوب، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفَرَّاءُ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ, أَخْبَرَنِي أَيُّوْبَ بنِ خَالِدٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَافِعٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اليَوْمُ المَوْعُوْدُ يَوْمُ القِيَامَةِ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الجُمُعَةِ وَالمَشْهُوْدُ يَوْمُ عَرَفَةَ".
الحديث أخرجه الترمذي 2.
__________
1 هو: مسند الشام شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة بن أحمد بن عساكر توفي سنة تسع وتسعين وستمائة عن خمس وثمانين سنة.
2 ضعيف، أخرجه الترمذي "3339"، وإسناده ضعيف آفته موسى بن عبيدة الربذي فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".(9/169)
1848- مُحَمَّدُ بنُ مِهْرَانَ الجَمَّال 1: "خَ، م، د"
الحَافِظُ, الثِّقَةُ, الجَوَّالُ، النَّقَّالُ، أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: فُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ, وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَعَتَّابِ بنِ بَشِيْرٍ, وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ, وَمُلاَزِمِ بنِ عَمْرٍو, وَمِسْكِيْنِ بنِ بُكَيْرٍ, وَعَطَاءِ بنِ مُسْلِمٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ, وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ, وَيَحْيَى القَطَّانِ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ منْ نُظَرَائِهِم, وَدُوْنِهِم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيُّ, وَالحَسَنُ بنُ العَبَّاسِ الرَّازِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إبراهيم الطَّيَالِسِيُّ, وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ الرَّازِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ, وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الطَّبَرَكِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ بَكْرٍ الكَيْلاَنِيُّ -وَرَّاقُ أبي زرعة- وآخرون.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 777"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 402"، وتذكرة الحفاظ "2/ 445"، والعبر "1/ 430"، والكاشف "3/ ترجمة 5259"، وتهذيب التهذيب "9/ 478"، وتقريب التهذيب "2/ 211"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6684"، وشذرات الذهب "2/ 92".(9/169)
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الجَمَّالِ وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى فَقَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ أَوْسَعَ حَدِيْثاً وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ أَتْقَنَ وَأَبُو جَعْفَرٍ صَدُوْقٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأعين: مشايخ خرسان ثَلاَثَةٌ: أَوَّلُهُم: قُتَيْبَةُ وَالثَّانِي: مُحَمَّدُ بنُ مِهْرَانَ وَالثَّالِثُ: عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ مِهْرَانَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ أَوْ قَرِيْباً مِنْهُ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ القَصَّارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ تسع وأربعين وأربعمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الطَّبَرَكِيُّ بِالرَّيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الجَمَّالُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيْه عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ, وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ, فَإذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالاً, فَسُئِلُوا, فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ, فَضَلُّوا, وَأَضَلُّوا" 1.
هَذَا غَرِيْبٌ مِنْ طَرِيْقِ عِيْسَى. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: مَا كَتَبنَاهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الطَّرِيْقِ.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 203"، والبخاري "100"، ومسلم "2673"، والترمذي "2652"، وابن ماجه "52".(9/170)
1849- الخازن 1:
الإِمَامُ مُحَدِّثُ هَمَذَانَ، أَبُو الحَسَنِ الحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَقِيْلٍ الهَمَذَانِيُّ، المَعْرُوْفُ: بِالخَازِنِ. قِيْلَ: كَانَ خَازِناً لِبَعْضِ الخُلَفَاءِ.
رَوَى عَنْ: أَبِي مَعْشَرٍ نَجِيْحٍ, وَقَيْسِ بنِ الرَّبِيْعِ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ, وَهُشَيْمٍ.
وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَعِيْشَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ سَنْدُوْلٌ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ المُسُوْحِيُّ, وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ الكَرَابِيْسِيُّ, وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَمْ يَبلُغْنِي أَنَّه أَخطَأَ إِلاَّ فِي حَدِيْثٍ وَاحِدٍ كَأَنَّهُ دَخَلَ لَهُ حَدِيْثٌ فِي حَدِيْثٍ. وَلَيَّنَهُ: ابْنُ عَدِيٍّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ خزان الخلافة.
__________
1 ترجمته في المجروحين لابن حبان "1/ 222"، والكامل لابن عدي "2/ ترجمة 370"،وميزان الاعتدال "1/ 437".(9/170)
1850- سُرَيْجُ بن يونس 1: "خ، م، س"
ابن إبراهيم, الإِمَامُ, القُدْوَةُ, الحَافِظُ، أَبُو الحَارِثِ المَرْوَزِيُّ, ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ, وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ, وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ, وَيُوْسُفَ بنِ المَاجَشُوْنِ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَالِدٍ, وَأَبِي إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبِ, وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ, وَمَرْوَانَ بنِ شُجَاعٍ, وَطَبَقَتِهِم, فَأَكْثَرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ, وَبِوَاسِطَةٍ البُخَارِيُّ, وَالنَّسَائِيُّ, وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ, وَأَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةُ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ, وَأَبُو جَعْفَرٍ الحَضْرَمِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْهُ، فَقَالَ: صَاحِبُ خَيْرٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: ثِقَةٌ جِدّاً عَابِدٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ سُرَيْج بنَ يُوْنُسَ, يَقُوْلُ: رَأَيْتُ رَبَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ، فَقَالَ: سَلْ حَاجَتَكَ. فَقُلْتُ: رَحْمَان سَرْبَسَرْ -يَعْنِي: رَأْساً بِرَأْسٍ.
قُلْتُ: كَانَ سُرَيْجٌ مِنَ الأَئِمَّةِ العَابِدِينَ, لَهُ أَحوَالٌ, وَكَانَ رَأْساً فِي السُّنَّةِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَلَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أخبرنا ابن عفيف، أخبرنا بن أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ, وَسُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ, وَابْنُ عَبَّادٍ, وَابْنُ المُقْرِئِ, قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, أَخْبَرَنِي عَمْرُو بنُ أَوْسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ, فَأُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيْمِ.
أَخْرَجَهُ البخاري2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 257"، والتاريخ الكبير "4/ ترجمة 2508"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 64"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1328"، وتاريخ بغداد "9/ 219"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 272"، والعبر "1/ 421"، والكاشف "1/ ترجمة 1828"، وتهذيب التهذيب "3/ 457"، وخلاصة الخزرجي "1/ترجمة 2364"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 84".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1784".(9/171)
1851- عَمرو الناقد 1: "خَ، م، د"
هُوَ: الإِمَامُ، الحَافِظُ, الحُجَّةُ, أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُكَيْرِ بنِ سَابُوْرَ, البَغْدَادِيُّ, النَّاقِدُ, نَزِيْلُ الرَّقَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: هُشَيْمٍ, وَأَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ, وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, وَحَفْصِ بن غِيَاثٍ, وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ, وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ هَمَّامٍ, وَطَبَقَتِهِم. وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّرَّاجُ, وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ عَمْرٌو النَّاقِدُ يَتَحَرَّى الصِّدْقَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, أَمِيْنٌ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: كَانَ ثِقَةً, صَاحِبَ حَدِيْثٍ, فَقِيْهاً, مِنَ الحُفَّاظِ المَعْدُوْدِينَ.
مَاتَ لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ. وَكَذَا أَرَّخَهُ فِي الشَّهْرِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً, قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ, وَأَنَا أَسْمَعُ: حَدَّثَكُم عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنِ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلاَةُ القَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صلاة القائم" 2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 358"، والتاريخ الكبير "6/ ترجمة 2682"، والكنى للدولابي، "2/ 26"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1451"، وتاريخ بغداد "12/ 205"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 328"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 452"، والكاشف "2/ ترجمة 4292"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 6442"، وتهذيب التهذيب "8/ 96"، وتقريب التهذيب "2/ 78"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 5376"، وشذرات الذهب "2/ 75".
2 صحيح: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ "735"، وَأَبُو دَاوُدَ "950"، وَالنَّسَائِيُّ "3/ 223"، وَابْنُ مَاجَهْ "1229"، ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، به.(9/172)
1852- خلف بن سالم 1: "س"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, المُجَوِّدُ, أَبُو مُحَمَّدٍ السِّنْدِيُّ، المهلبي، البغدادي, مولى آل المُهَلَّبِ, مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ.
وُلِدَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: هُشَيْمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, وَأَبِي مُعَاوِيَةَ, وَطَبَقَتِهِم, وَارْتَحَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي خُثَيْمَةَ, وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ المَعْمَرِيُّ, وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ, وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ, وَعِدَّةٌ.
وَأَخْرَجَ لَهُ النَّسَائِيُّ حَدِيْثاً فِي "سُنَنِهِ"، وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالحِفْظِ, وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ.
وَمِنْ مَشَايِخِهِ: إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ. وَكَانَ صَدِيْقاً لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَانَ لِسَعَةِ حِفْظِهِ يَتَّبِعُ الغَرَائِبَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنْهُ فَقَالَ: مَا أَعْرِفُه يَكذِبُ نَقَمُوا عَلَيْهِ بِتَتَبُّعِهِ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ.
وَقَالَ فِيْهِ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: كَانَ ثِقَةً, ثَبْتاً, كَانَ أثبت من مسدد والحميدي.
قَالَ الصُّوْفِيُّ: تُوُفِّيَ لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي السُّعُوْدِ اليَرْبُوْعِيُّ, قَالَ: أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ2، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ النِّعَالِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عمر الفارسي، أخبرنا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 354"، والتاريخ الكبير "3/ ترجمة 665"، والكنى للدولابي "2/ 95"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 1690"، وتاريخ بغداد "8/ 328"، واللباب لابن الأثير "3/ 178"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 495"، والكاشف "1/ ترجمة 1411"، وميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2540"، وتهذيب التهذيب "3/ 152"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1854".
2 هي: شُهْدَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ الفرج الدينوري، ثم البغدادي الإتبري الجهة المعمرة، والكاتبة، مسندة العراق، فخر النساء. ولدت بعد الأربعين وأربعمائة، قال ابن الجوزي: قرأت عليها، وكان خطّ حسن، وَتزوجت بِبَعْض وُكلاَء الخَلِيْفَة، وَخَالطت الدّور وَالعُلَمَاء، وَلَهَا بر وَخير، وَعُمِّرت حَتَّى قَاربت المائَة، تُوُفِّيَت فِي رَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّمِ سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء، ترجمتها في "السير" هذا "5145"، في الجزء الثالث عشر من كتابنا هذا. وفي "العبر" "4/ 220"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "4/ 248".(9/173)
الطبقة الثالثة عشر:
1936- دُحَيْم 1: "خَ، د، س، ق"
القَاضِي, الإِمَامُ, الفَقِيْهُ, الحَافِظُ, مُحَدِّثُ الشَّامِ, أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الدِّمَشْقِيُّ, قَاضِي مَدِيْنَةِ طَبَرِيَّةَ؛ قَاعِدَةِ الأُرْدُنِّ، وَأَمَّا اليَوْمُ, فَأُمُّ الأُرْدُنِّ بَلَدُ صَفَدَ.
وُلِدَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ قَالَهُ ابْنُه عَمْرٌو.
حَدَّثَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، والوليد بن مسلم، وسويد بن عبد العزيز، وَإِسْحَاقَ بنِ يُوْسُفَ الأَزْرَقِ، وَمُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَشُعَيْبِ بنِ إِسْحَاقَ، وَأَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بنِ عِيَاضٍ، وَعَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي مُسْهِرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَفَاقَ الأَقْرَانَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَجَرَّحَ، وَعَدَّلَ، وَصَحَّحَ، وعلل.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيَانِ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى، وَوَلَدَاهُ؛ عَمْرٌو وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنَا دُحَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَيُّوْبَ، وَالِدُ الطَّبَرَانِيِّ، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ العُقَيْلِيُّ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ العَسْقَلاَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَتَّابٍ الزِّفْتِيُّ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ مَامُوَيْه، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ يُعْرَفُ بِدُحَيْمٍ اليَتِيْمِ فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كَانَ دُحَيْمٌ يُمَيِّزُ، وَيَضْبِطُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: وَلِيَ دُحَيْمٌ قَضَاءَ الرَّمْلَةِ زَمَاناً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ يحيى الذهلي، والحسن بن شبيب المعمري.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 827"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 999"، وتاريخ بغداد "10/ 265"، والأنساب للسمعاني "5/ 285"، والكاشف "2/ ترجمة 3172"، والعبر "1/ 445"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 494"، وتهذيب التهذيب "6/ 131"، وتقريب التهذيب "1/ 471"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4016"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 108".(9/405)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ بِبَغْدَادَ قَدِيْماً, فَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهلِهَا: الحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ, وَالرَّمَادِيُّ، وَحَنْبَلٌ, وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَكَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الأَوْزَاعِيِّ.
قَالَ عَبْدَانُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ دُحَيْمٌ بَغْدَادَ سَنَةَ اثْنَتَي عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ, فَرَأَيْتُ أَبِي وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ, وَخَلَفَ بنَ سَالِمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالصِّبْيَانِ قُعُوداً.
قُلْتُ: هَؤُلاَءِ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَلَكِنْ أَكرَمُوهُ لِكَوْنِهِ قَادِماً, وَاحْتَرَمُوهُ لِحِفظِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: دُحَيْمٌ ثِقَةٌ كَانَ يَخْتلِفُ إِلَى بَغْدَادَ فَذَكَرُوا الفِئَةَ البَاغِيَةَ هُم أَهْلُ الشَّامِ, فَقَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا, فَهُوَ بن الفَاعِلَةِ. فَنَكَّبَ عَنْهُ النَّاسُ ثُمَّ سَمِعُوا مِنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ هَفْوَةٌ مِنْ نَصْبٍ، أَوْ لَعَلَّهُ قَصَدَ الكَفَّ عَنِ التَّشغِيْبِ بِتَشْعِيْثٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: دُحَيْمٌ: حُجَّةٌ, لَمْ يَكُنْ بِدِمَشْقَ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يُثْنِي عَلَى دُحَيْمٍ, وَيَقُوْلُ: هُوَ عَاقِلٌ, رَكِينٌ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: هُوَ أَوْثَقُ مِنْ حَرْمَلَةَ.
قُلْتُ: وَمِنْ رِفَاقِهِ: سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَسُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ العَسْقَلاَنِيُّ.
وَيَقَعُ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِه فِي "صِفَةِ المُنَافِقِ".
ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكِنْدِيُّ: أَنَّ كِتَابَ المُتَوَكِّلِ وَرَدَ عَلَى دُحَيْمٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ, وَهُوَ عَلَى قَضَاءِ فِلَسْطِيْنَ, يَأْمُرُهُ بِالانْصِرَافِ إِلَى مِصْرَ لِيَلِيَهَا, فَتُوُفِّيَ بِفِلَسْطِيْنَ فِي يَوْمِ الأَحَدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَكَذَا أَرَّخَ وَفَاتَهُ: ابْنُهُ؛ عَمْرُو بنُ دُحَيْمٍ, وَجَمَاعَةٌ.
وَقَدْ كَانَ المُتَوَكِّلُ لَمَّا سَكَنَ بِدِمَشْقَ بَعْد عَامِ أَرْبَعِيْنَ، وَمائَتَيْنِ, وَأَنْشَأَ القَصْرَ المَشْهُوْرُ بَيْنَ المِزَّةِ، وَدَارَيَّا وَسَكَنَه, عَرَفَ بِفَضِيْلَةِ دُحَيْمٍ وَمَعْرِفَتِه بِالسُّنَنِ, فَأَمَرَ بِتَولِيَتِهِ قَضَاءَ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ, فَحَانَ الأَجَلُ. مَاتَ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ.
كَتَبَ إليَّ يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا محمد بن(9/406)
عَبْدِ المَلِكِ المُقْرِئُ -مُؤَلِّفُ "المِفْتَاحِ"- وَيَحْيَى بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ, وَأَبُو غَالِبٍ بن البناء، وَأَخْبَرَنَا المِقْدَادُ بنُ هِبَةِ اللهِ القَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا سعيد بن محمد بن الرزاز، وَأَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ الزَّاهِدُ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بنُ مُلاَعِبٍ, قالا: أخبرنا أبو الفضل الأرموي، وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ, أَخْبَرَتْنَا نِعْمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي؛ يَحْيَى بنُ الطراح, وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ, أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ الأُرْمَوِيُّ, وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ, قَالُوا سبْعَتُهُم: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثمانين وثلاثمائة، حَدَّثَنَا أَبوْ بَكْرٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَالوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيَّانِ, قَالاَ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ هُوَ بن عَبْدِ العَزِيْزِ, وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللهِ الأَشْعَرِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيَكْفُرَنَّ أَقْوَامٌ بَعْدَ إِيْمَانِهِمْ". فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ, فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! بَلَغَنِي أَنَّكَ قُلْتَ: "لَيَكْفُرَنَّ أَقْوَامٌ بَعْدَ إِيْمَانِهِمْ"؟ قَالَ: "نَعَمْ, ولستَ مِنْهُمْ"1.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ, سَمِعْتُ بِلاَلَ بنَ سَعْدٍ يَقُوْلُ: لاَ تَكُنْ وَلِيّاً للهِ فِي العَلاَنِيَّةِ وَعَدُوَّهُ فِي السر.
__________
1 إسناده صحيح: ذكره الفريابي في "صفة النفاق وذم المنافقين" "19".(9/407)
1937- دِعْبل 1:
ابن علي, شَاعِرُ زَمَانِهِ, أَبُو عَلِيٍّ الخُزَاعِيُّ. لَهُ "دِيْوَانٌ" مَشْهُوْرٌ، وَكِتَابُ "طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ". وَكَانَ مِنْ غُلاَةِ الشِّيْعَةِ, وَلَهُ هَجوٌ مُقْذِعٌ.
رَأَى مَالِكاً الإِمَامَ. يَرْوِي عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البَرْبَرِيُّ, وَغَيْرُهُ.
بَلَغَتْ جَوَائِزُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ لَهُ ثلاثمائة أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقِيْلَ: كَانَ أَحدَبَ أَصَمَّ.
وَقِيْلَ: هَجَا المَأْمُوْنَ وَالكِبَارَ, وَكَانَ خَبِيْثَ اللِّسَانِ، وَالنَّفْسِ حَتَّى إِنَّهُ هَجَا قَبِيْلَتَهُ خُزَاعَةَ.
وَيُقَالُ: هَجَا مَالِكَ بنَ طَوْقٍ, فَدَسَّ عَلَيْهِ مَنْ طَعَنَهُ فِي قَدَمِهِ بِحَرْبَةٍ مَسْمُومَةٍ, فَمَاتَ مِنَ الغَدِ, سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
يُقَالُ: لاَمَهُ صَاحِبٌ لَهُ فِي هِجَاء الخُلَفَاءِ, فَقَالَ: دَعْنِي مِنْ فُضُوْلِكَ, أَنَا -وَاللهِ- أَسْتَصْلِبُ مُذْ سَبْعِيْنَ سَنَةً, ما وجدت من يجود بخشبة.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "18/ 29"، وتاريخ بغداد "8/ 382"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "11/ 29"، وميزان الاعتدال "2/ 27"، والعبر "1/ 447"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 227"، ولسان الميزان "2/ 430"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 322".(9/407)
1938- أحمد بن المُعَذَّل 1:
ابن غيلان بن حكم, شيخ المالكية, أبو العباس العبدي البصري, المَالِكِيُّ, الأُصُوْلِيُّ, شَيْخُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي. تَفَقَّهَ بِعَبْدِ المَلِكِ بنِ المَاجَشُوْنِ, وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ. وَكَانَ مِنْ بُحُورِ الفِقْهِ, صَاحِبَ تَصَانِيْف, وَفَصَاحَةٍ, وَبَيَانٍ.
حَدَّثَ عَنْ بِشْرِ بنِ عُمَرَ الزَّهْرَانِيِّ, وَطَبَقَتِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي, وَأَخُوْهُ حَمَّادٌ, وَيَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ: قَالَ لِي أَبُو خَلِيْفَةَ: أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّل أَفْضَلُ مِنْ أَحْمَدِكُم, يَعْنِي أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ: كَانَ ابْنُ المُعَذَّلِ مِنَ الفِقْهِ وَالسَّكِينَةِ وَالأَدَبِ وَالحَلاَوَةِ فِي غَايَةٍ. وَكَانَ أَخُوْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ الشَّاعِرُ يُؤذِيه, فَكَانَ أَحْمَدُ يَقُوْلُ لَهُ: أَنْتَ كَالأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ, إِنْ تُرِكَتْ شَانَتْ, وَإِنْ قُطِعَتْ آلَمَتْ. وَقَدْ كَانَ أَهْلُ البَصْرَةِ يُسَمُّوْنَ أَحْمَدَ: الرَّاهِبَ لِتَعَبُّدِهِ, وَدِيْنِهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ يَنْهَانِي عَنْ طَلَبِ الحَدِيْثِ, يَعْنِي: زَهَادَةً.
قُلْتُ: كَانَ يَقِفُ فِي خَلْقِ القُرْآنِ.
وَرَوَى المُعَافَى الجُرَيْرِيُّ, عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ مُحَمَّدٍ الكُرَيْزِيِّ, عَنْ عَبْدِ الجَلِيْلِ بنِ الحَسَنِ, قَالَ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّلِ فِي مَجْلِسِ أَبِي عَاصِمٍ, فَمَزَحَ أَبُو عَاصِمٍ يُخجِلَ أَحْمَدَ, فَقَالَ: يَا أَبَا عَاصِمٍ, إِنَّ اللهَ خَلَقَكَ جِدّاً, فَلاَ تَهْزِلَنَّ, فَإِنَّ المُسْتَهْزِئَ جَاهِلٌ, قَالَ تَعَالَى: {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البَقَرَةُ: 67] . فَخَجِلَ أَبُو عَاصِمٍ, ثُمَّ كَانَ يُقعِدُ أَحْمَدَ بنَ المُعَذَّلِ إِلَى جَنْبِهِ.
وَرَوَى يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ, عَنِ المُبَرِّدِ, عَنْ أَحْمَدَ بنِ المُعَذَّلِ, قَالَ: كُنْتُ عند بن المَاجَشُوْنِ فَجَاءهُ بَعْضُ جُلَسَائِهِ, فَقَالَ: يَا أَبَا مَرْوَانَ, أُعْجُوْبَةٌ, خَرَجْتُ إِلَى حَائِطِي بِالغَابَةِ, فَعَرَضَ لِي رَجُلٌ, فَقَالَ: اخْلَعْ ثِيَابَكَ. قُلْتُ: لِمَ? قَالَ: لأَنِّي أَخُوْكَ، وَأَنَا عُرْيَانُ. قُلْتُ: فَالمَوَاسَاةُ? قَالَ: قَدْ لَبِسْتَهَا بُرْهَةً. قُلْتُ: فَتُعَرِّيْنِي? قَالَ: قَدْ رَوَينَا عَنْ مَالِكٍ, أَنَّهُ قَالَ: لاَ بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَغْتِسَلَ عُرْيَاناً. قُلْتُ: تُرَى عَوْرَتِي. قَالَ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَلْقَاكَ هُنَا مَا تَعَرَّضْتُ لَكَ. قُلْتُ: دَعْنِي أَدْخُلْ حَائِطِي، وَأَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ. قَالَ: كَلاَّ, أَرَدْتَ أَنْ تُوَجِّهَ عَبِيدَكَ, فَأُمْسَكَ. قُلْتُ: أَحلِفُ لَكَ. قَالَ: لاَ تَلْزَمُ يَمِيْنُكَ لِلِصٍّ. فَحَلَفتُ لَهُ: لأَبعَثَنَّ بِهَا طَيِّبَةً بِهَا نَفْسِي. فَأَطرَقَ, ثُمَّ قَالَ: تَصَفَّحتُ أَمرَ اللُّصُوْصِ مِنْ عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى وَقْتِنَا, فَلَمْ أَجِدْ لِصّاً أَخَذَ بِنَسِيْئَةٍ, فَأَكْرَهُ أَنْ أَبْتَدِعَ, فَخَلَعتُ ثيابي له.
لم أر له وفاة.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "3/ 251"، والعبر "1/ 434"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 184"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 95".(9/408)
1939- زيد بن بشر 1:
العَلاَّمَةُ فَقِيْهُ المَغْرِبِ, أَبُو البِشْرِ الأَزْدِيُّ، وَيُقَالُ: الحَضْرَمِيُّ المَالِكِيُّ.
رَأَى ابْنَ لَهِيْعَةَ. وَسَمِعَ: ابْنَ وَهْبٍ، وَرِشْدِيْنَ بنَ سَعْدٍ, وَأَشْهَبَ.
وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ سَالِمٍ, وَيَحْيَى بنُ عُمَرَ, وَسَعِيْدُ بنُ إِسْحَاقَ الإِفْرِيْقِيُّوْنَ. وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ تَلاَمِذَةِ ابْنِ وَهْبٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَجُلٌ صَالِحٌ, عَاقِلٌ, خَرَجَ إِلَى المَغْرِبِ, فَمَاتَ هُنَاكَ, وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ: كَانَ مِنْ صَلِيْبَةِ الأَزْدِ, وَجَدَّتُهُ مَوْلاَةٌ لِحَضْرَمَوْتَ. نَشَأَ فِي حِجْرِ ابْنِ لَهِيْعَةَ, وَمَا سَمِعَ مِنْهُ.
قُلْتُ: وَكَانَ ذَا كَرَمٍ, وَجُوْدٍ، وَفَرْطِ شَجَاعَةٍ. قِيْلَ: كَانَ سَبَبَ فِرَاقِهِ مِصْرَ مِحْنَةُ القُرْآنِ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ بِتُوْنُسَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2522"، ولسان الميزان "2/ ترجمة 2015".(9/409)
1940- ابن أخي الإمام 1: "د, س"
الحَافِظُ, المُحَدِّثُ الإِمَامُ الرَّحَّالُ, مُسْنِدُ حَلَبَ، وَإِمَامُ جَامِعِهَا, أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ حَكِيْمٍ الأَسَدِيُّ, الحَلَبِيُّ. وَيُعْرَفُ: بِابْنِ أَخِي الإِمَامِ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِي المَلِيْحِ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ الرَّقِّيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ، وَخَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَقْرَانِهِم بِالحِجَازِ, وَالشَّامِ, وَالعِرَاقِ, وَالجَزِيْرَةِ، وَكَانَ مُحَدِّثَ حَلَبَ مَعَ أَبِي نُعَيْمٍ عُبَيْدِ بنِ هِشَامٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ, وَالحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ, وَعبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, وَعُمَرُ بنُ سَعِيْدٍ المَنْبِجِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ ابْنُ أَخِي الإِمَامِ الصَّغِيْرِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائتين.
أما:
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1220"، والكاشف "2/ ترجمة 3301"، وتهذيب التهذيب "6/ 224"، وتقريب التهذيب "1/ 490"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4177".(9/409)
1941- ابن أخي الإمام الصغير 1:
هو المُحَدِّثُ, الصَّادِقُ المُعَدَّلُ, عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ, العَبَّاسِيُّ, الحَلَبِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ، وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَصِّيْصِيِّ، وَبَرَكَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيِّ, وَحَاجِبِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدَ بنِ حَرْبٍ الطَّائِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ, وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَلَبِيُّ, وَعِدَّةٌ.
يُكْنَى: أَبَا مُحَمَّدٍ, وَقِيْلَ: أَبَا القَاسِمِ. عاش: إلى بعد سنة عشر وثلاثمائة, مَا أَظُنُّ بِهِ بَأْساً.
ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيْخِهِ": وَأَنَّهُ حَدَّثَ بِدِمَشْقَ, وَمَا ذَكَرَ الكَبِيْرَ؛ لأَنَّه لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كِتَابِهِ.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "6/ 224"، وتقريب التهذيب "1/ 490"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4179".(9/410)
1942- محمد بن كَرَّام 1:
لسجستاني المُبْتَدِعُ, شَيْخُ الكَرَّامية, كَانَ زَاهِداً, عَابِداً, رَبَّانِيّاً, بَعِيْدَ الصِّيْتِ, كَثِيْرَ الأَصْحَابِ، وَلَكِنَّهُ يَرْوِي الوَاهِيَاتِ -كَمَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ.
خُذِلَ حَتَّى الْتَقَطَ مِنَ المَذَاهِبِ أَرْدَاهَا، وَمِنَ الأَحَادِيْثِ أَوْهَاهَا, ثُمَّ جَالَسَ الجُوَيْبَارِيَّ، وَابْنَ تَمِيْمٍ, وَلَعَلَّهُمَا قَدْ وَضَعَا مائة ألف حديث، وأخذ التَّقَشُّفُ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَرْبٍ.
قُلْتُ: كَانَ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ هُوَ نُطقُ اللِّسَانِ بِالتَّوْحِيْدِ, مُجَرَّدٌ عَنْ عَقْدِ قَلْبٍ، وَعَمَلِ جَوَارِحَ. وَقَالَ خَلْقٌ مِنَ الأَتْبَاعِ لَهُ: بِأَنَّ البَارِي جِسْمٌ لاَ كَالأَجْسَام، وَأَنَّ النَّبِيَّ تَجُوْزُ مِنْهُ الكَبَائِرُ سِوَى الكَذِبِ.
وَقَدْ سُجِنَ ابْنُ كَرَّامٍ, ثُمَّ نُفِي. وَكَانَ نَاشِفاً, عَابِداً, قَلِيْلَ العِلْمِ.
قَالَ الحَاكِمُ: مَكَثَ فِي سِجْنِ نَيْسَابُوْرَ ثَمَانِيَ سِنِيْنَ، وَمَاتَ بِأَرْضِ بَيْتِ المَقْدِسِ, سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: طَوَّلنَا تَرْجَمَتَه فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ".
وَكَانَتِ الكَرَّامِيَّةُ كَثِيْرِيْنَ بِخُرَاسَانَ. وَلَهُم تَصَانِيْفُ, ثُمَّ قَلُّوا, وتلاشوا, نعوذ بالله من الأهواء.
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "4/ 21"، ولسان الميزان "5/ 353"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "3/ 24".(9/411)
1943- يعقوب بن كعب 1: "د"
ابن حامد الحَافِظُ, أَبُو يُوْسُفَ الأَنْطَاكِيُّ, أَصْلُهُ مِنْ حَلَبَ.
سَمِعَ عَطَاءَ بنَ مُسْلِمٍ, وَشُعَيْبَ بنَ إِسْحَاقَ, وَعِيْسَى بنَ يُوْنُسَ, وَابْنَ وَهْبٍ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ, وَطَبَقَتَهُم. وَكَانَ ذَا رِحلَةٍ, وَفَضْلٍ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ, وَيَزِيْدُ بنُ جَهْوَرٍ, وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حاتم.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, رَجُلٌ صَالِحٌ, صَاحِبُ سُنَّةٍ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 892"، والكاشف "3/ ترجمة 6515"، وتهذيب التهذيب "11/ 394"، وتقريب التهذيب "2/ 376".(9/411)
1944- علي بن مسلم 1: "خ، د، س"
ابن سعيد الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ, مُسْنِدُ العِرَاقِ, أَبُو الحَسَنِ الطُّوْسِيُّ, ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ جَرِيْرَ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَيُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ المَاجَشُوْنَ، وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنَ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي زَائِدَةَ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ, وَأَبَا يُوْسُفَ القَاضِي، وَخَلْقاً كَثِيْراً, وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ, وَجَمَعَ, وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ -رَفِيْقُهُ- وَأَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ, وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍِ, وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ, وَالحُسَيْنُ بنُ عَيَّاشٍ القَطَّانُ, وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَيْضاً, عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ, وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: مَاتَ لِسَبْعٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ, عَنْ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وثلاثين وخمسمائة، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ "ح". وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ بِطِّيْخٍ, وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ الوَاعِظُ "ح". وَأَخْبَرَتْنَا خَدِيْجَةُ بِنْتُ الرِّضَى، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ, قَالاَ: أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طَلْحَةَ قَالَ هُوَ, وَعَاصِمٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ, عَنْ سِمَاكٍ, عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ فِي سَاقَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُمُوْشَةٌ, وَكَانَ لاَ يَضْحَكُ إِلاَّ تَبَسُّماً, وَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ, قُلْتَ: أَكْحَلُ العَيْنَيْنِ, وليس بأكحل. هذا حديث غريب.
__________
1 ترجمته في الكنى للدولابي "1/ 147"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1115"، وتاريخ بغداد "12/ 108"، والكاشف "2/ ترجمة 4028"، وتهذيب التهذيب "7/ 382"، وتقريب التهذيب "2/ 44"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5050".(9/412)
1945- الجاحظ 1:
العَلاَّمَةُ المُتَبَحِّرُ، ذُوْ الفُنُوْنَ، أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بنُ بَحْرِ بنِ مَحْبُوْبٍ البَصْرِيُّ، المُعْتَزِلِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ. أَخَذَ عَنِ: النَّظَّامِ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي يُوْسُفَ القَاضِي، وثُمَامَةَ بنِ أَشْرَسَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَيْنَاءِ، وَيَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ -ابْنُ أُخْتِهِ، وكان أحذ الأذكياء.
قَالَ ثَعلَبُ: مَا هُوَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ يَمُوْتُ: كَانَ جَدُّهُ جَمَّالاً أَسْوَدَ.
وَعَنِ الجَاحِظِ: نَسِيْتُ كُنْيَتِي ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، حَتَّى عَرَّفَنِي أَهْلِي.
قُلْتُ: كَانَ مَاجِناً، قَلِيْلَ الدِّيْنِ، لَهُ نَوَادِرُ.
قَالَ المُبَرِّدُ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَنْتَ? قَالَ: كَيْفَ مَنْ نِصْفُه مَفْلُوجٌ، وَنِصْفُهُ الآخَرُ مُنَقْرَسٌ? لَوْ طَارَ عَلَيْه ذُبَابٌ لآلَمَهُ، وَالآفَةُ فِي هَذَا أَنِّي جُزتُ التِّسْعِيْنَ. وَقِيْلَ: طَلَبَه المُتَوَكِّلُ، فَقَالَ: وَمَا يَصْنَعُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بِشقٍّ مَائِلٍ، وَلُعَابٍ سَائِلٍ?!
قَالَ ابْنُ زَبْر: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ الصُّوْلِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ, وَتَصَانِيْفُه كَثِيْرَةٌ جِدّاً. قِيْلَ: لَمْ يَقَعْ بِيَدِهِ كِتَابٌ قَطُّ إِلاَّ اسْتَوفَى قِرَاءتَه, حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَكتَرِي دَكَاكِيْنَ الكُتْبِيِّين، وَيَبِيتُ فِيْهَا لِلْمُطَالَعَةِ، وَكَانَ بَاقِعَةً2 فِي قُوَّةِ الحِفْظِ.
وَقِيْلَ: كَانَ الجَاحِظُ يَنُوْبُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ العَبَّاسِ الصُّوْلِيِّ مُدَّةً فِي دِيْوَانِ الرَّسَائِلِ.
وَقَالَ فِي مَرَضِهِ لِلطَّبِيْبِ: اصْطَلَحَتِ الأَضْدَادُ عَلَى جَسَدِي، إِنْ أَكَلْتُ بَارِداً، أُخِذَ بِرِجْلِي، وَإِنْ أَكَلْتُ حَارّاً، أُخِذَ بِرَأْسِي.
وَمِنْ كَلاَمِ الجَاحِظِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عبد الملك: المنفعة توجب المحبة، والمضرة توجب
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 212"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 74"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 470"، وميزان الاعتدال "3/ 247"، والعبر "1/ 456"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ ترجمة 506".
2 باقعة: أي داهية.(9/413)
البِغْضَةَ، وَالمُضَادَّةُ عَدَاوَةٌ، وَالأَمَانَةُ طُمَأْنِيْنَةٌ، وَخِلاَفُ الهَوَى يُوْجِبُ الاسْتِثْقَالَ، وَمُتَابَعَتُهُ تُوْجِبُ الأُلْفَةَ. العَدْلُ يُوْجِبُ اجْتِمَاعَ القُلُوْبِ، وَالجَوْرُ يُوْجِبُ الفُرْقَةَ. حُسْنُ الخُلْقِ أُنْسٌ، وَالانْقِبَاضُ وَحْشَةٌ, التَّكَبُّرُ مَقْتٌ، وَالتَّوَاضُعُ مِقَةٌ, الجُوْدُ يُوْجِبُ الحَمْدَ، وَالبُخْلُ يُوْجِبُ الذَّمَّ، التَّوَانِي يُوْجِبُ الحَسْرَةَ، وَالحَزْمُ يُوْجِبُ السُّرُوْرَ، وَالتَّغْرِيْرُ نَدَامَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ إِفْرَاطٌ وَتَقْصِيْرٌ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ نَتَائِجُهَا إِذَا أُقِيْمَتْ حُدُوْدُهَا. فَإِنَّ الإِفْرَاطَ فِي الجُوْدِ تَبْذِيْرٌ، وَالإِفْرَاطَ فِي التَّوَاضُعِ مَذَلَّةٌ، وَالإِفْرَاطَ فِي الغَدْرِ يَدْعُو إِلَى أَنْ لاَ تَثِقَ بِأَحَدٍ، وَالإِفْرَاطَ فِي المُؤَانَسَةِ يَجْلِبُ خُلَطَاءَ السُّوْءِ.
وَلَهُ: وَمَا كَانَ حَقِّي -وَأَنَا وَاضِعٌ هَذَيْنِ الكِتَابَيْنِ فِي خَلْقِ القُرْآنِ، وَهُوَ المَعْنَى الَّذِي يُكَثِّرُهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ وَيَعِزُّهُ، وَفِي فَضْلِ مَا بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ، وَعَبْدِ شَمْسٍ وَمَخْزُوْمٍ- إِلاَّ أَنْ أَقْعُدَ فَوْقَ السِّمَاكَينِ، بَلْ فَوْقَ العَيُّوقِ، أَوْ أَتَّجِرَ فِي الكِبْرِيْتِ الأَحْمَرِ، وَأَقُوْدَ العَنْقَاءَ بِزِمَامٍ إِلَى المَلِكِ الأَكْبَرِ.
وَلَهُ كِتَابُ "الحَيَوَانِ" سَبْعُ مُجَلَدَاتٍ، وَأَضَافَ إِلَيْهِ كِتَابَ "النِّسَاءِ"، وَهُوَ فَرْقٌ مَا بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَكِتَابُ "البِغَالِ"، وَقَدْ أُضِيْفَ إِلَيْهِ كِتَابٌ، سَمَّوْهُ كِتَابُ "الجِمَالِ" لَيْسَ مِنْ كَلاَمِ الجَاحِظِ، وَلاَ يُقَارِبُهُ.
قَالَ رَجُلٌ لِلْجَاحِظِ: أَلَكَ بِالبَصْرَةِ ضَيْعَةٌ? قَالَ: فَتَبَسَّمَ, وَقَالَ: إِنَّمَا إِنَاءٌ وَجَارِيَةٌ وَمَنْ يَخْدمُهَا، وَحِمَارٌ، وَخَادِمٌ، أَهدَيتُ كِتَابَ "الحَيَوَانِ" إِلَى ابْنِ الزَّيَّاتِ، فَأَعطَانِي أَلفَي دِيْنَارٍ، وَأَهدَيتُ إِلَى فُلاَنٍ فَذَكَرَ نَحْواً مِنْ ذَلِكَ. يَعْنِي: أَنَّهُ فِي خَيْرٍ وَثَروَةٍ.
قَالَ يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ: سَمِعْتُ خَالِي يَقُوْلُ: أَملَيْتُ عَلَى إِنْسَانٍ مَرَّةً: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، فَاسْتَمْلَى: أَخْبَرَنَا بِشْرٌ، وَكَتَبَ: أَخْبَرَنَا زَيْدٌ.
قُلْتُ: يَظْهَرُ مِنْ شَمَائِلِ الجَاحِظِ أَنَّهُ يَخْتَلِقُ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ: حَدَّثَنَا أَبُو العَيْنَاءِ، قَالَ: أَنَا وَالجَاحِظُ وَضْعَنَا حَدِيْث فَدَكٍ، فَأَدخَلنَاهُ عَلَى الشُّيُوْخِ بِبَغْدَادَ، فَقَلَبُوهُ إِلاَّ ابْنَ شَيْبَةَ العَلَوِيَّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لاَ يُشبِه آخِرُ هَذَا الحَدِيْث أَوَّلَه ثُمَّ قَالَ: الصَّفَّارُ كَانَ أَبُو العَيْنَاءِ يحدث بهذا بعدما تَابَ.
قِيْلِ لِلْجَاحِظِ: كَيْفَ حَالُكَ? قَالَ: يَتَكَلَّمُ الوَزِيْرُ بِرَأْيِي، وَصِلاَتُ الخَلِيْفَةِ مُتَوَاتِرَةٌ إِلَيَّ، وَآكُلُ مِنَ الطَّيْرِ أَسْمَنَهَا، وَأَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ أَلْيَنَهَا، وَأَنَا صَابِرٌ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِالفَرَجِ. قِيْلَ: بَلِ الفَرَجُ مَا أَنْتَ فِيْهِ. قَالَ: بَلْ أُحِبُّ أَنْ أَلِيَ الخِلاَفَةَ، وَيَخْتَلِفَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ -يَعْنِي: الوَزِيْر -وَهُوَ القَائِلُ:(9/414)
سَقَامُ الحِرْصِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ ... وَدَاءُ الجَهْلِ لَيْسَ لَهُ طَبِيْبُ
وَقَالَ: أَهدَيتُ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ كِتَابَ "الحَيَوَانِ"، فَأَعطَانِي خَمْسَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ. وَأَهْدَيْتُ كِتَابَ "البَيَان وَالتبيين" إِلَى أحمد بن أبي دؤاد، فَأَعطَانِي كَذَلِكَ. وَأَهْدَيْتُ كِتَابَ "الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ" إِلَى إِبْرَاهِيْمَ الصُّوْلِيِّ، فَأَعطَانِي مِثْلَهَا، فَرَجَعتُ إِلَى البَصْرَةِ، وَمَعِيَ ضَيعَةٌ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى تَحدِيْدٍ، وَلاَ إلى تسميد.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ حَدِيْثاً وَاحِداً.
وَتَصَانِيْفُ الجَاحِظِ كَثِيْرَةٌ جِدّاً: مِنْهَا "الرَّدُّ عَلَى أَصْحَابِ الإِلهَامِ"، وَ"الرَّدُّ علَى المُشَبِّهَةِ"، وَ"الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى"، "الطُّفَيْلِيَّةُ"، "فَضَائِلُ التُّرْكِ"، "الرَّدُّ عَلَى اليَهُوْدِ"، "الوَعِيْدُ"، "الحُجَّةُ وَالنُّبُوَّةُ"، "المُعَلِّمِيْنَ"، "البُلْدَانُ"، "حَانُوْتُ عَطَّارٍ"، "ذَمُّ الزَّنَى"، وَأَشْيَاءُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنْ أَحْمَدَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ بِصُوْرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: أَتَيتُ الجَاحِظَ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَاطَّلَعَ عَلَيَّ مِنْ كُوَّةٍ فِي دَارِه، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ? فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ. فقال: أوما عَلِمتَ أَنِّي لاَ أَقُوْلُ بِالحَشْوِيَّةِ? فَقُلْتُ: إِنِّي ابْنُ أَبِي دَاوُدَ. فَقَالَ: مَرْحَباً بِكَ وَبِأَبِيكَ ادْخُلْ، فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَ لِي: مَا تُرِيْدُ? فَقُلْتُ: تُحَدِّثَنِي بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: اكتُبْ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى طِنْفِسَةٍ. فَقُلْتُ: زِدْنِي حَدِيْثاً آخَرَ، فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لاِبْنِ أَبِي دَاوُدَ أَنْ يَكذِبَ.
قُلْتُ: كَفَانَا الجَاحِظُ المَؤُونَةَ، فَمَا رَوَى مِنَ الحَدِيْثِ إِلاَّ النَّزْرَ اليَسِيْرَ، وَلاَ هُوَ بِمُتَّهَمٍ فِي الحَدِيْثِ, بَلَى فِي النَّفْسِ مِنْ حِكَايَاتِهِ وَلَهْجَتِهِ، فَرُبَّمَا جَازَفَ، وَتَلَطُّخُهُ بِغَيْرِ بِدْعَةٍ أَمْرٌ وَاضِحٌ، وَلَكِنَّهُ أَخْبَارِيٌّ عَلاَّمَةٌ, صَاحِبُ فُنُوْنٍ وَأَدَبٍ بَاهِرٍ، وَذَكَاءٍ بَيِّنٍ, عفا الله عنه.(9/415)
1946- أحمد بن خالد 1: "ت، س":
الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، أَبُو جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ، الخَلاَّلُ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، وَمَعْنٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَحْمَدُ الأَبَّارُ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَعُمَرُ البُجَيْرِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ خَيِّراً، عَدْلاً، ثِقَةً، رِضَىً، صَدُوْقاً.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ، نَبِيْلٌ، قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ بِسَامَرَّاءَ، سنة سبع وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 47"، وتاريخ بغداد "4/ 126"، وتهذيب التهذيب "1/ 27".(9/415)
أحمد بن الخليل، أحمد بن الخليل النوفلي القومسي:
1947- أحمد بن الخليل 1: "س":
الإِمَامُ الثَّبْتُ، أَبُو عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَحَجَّاجٍ الأَعْوَرِ، وَرَوْحِ بنِ عُبَادَةَ، وَقُرَادٍ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَالحُسَيْنُ القَبَّانِيُّ، وَعَبْدَانُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَآخَرُوْنَ، خَاتِمَتُهُم: أَبُو عَلِيٍّ المذكر، ذاك التالف.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قَالَ القَبَّانِيّ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وأربعين ومائتين.
أحمد بن الخليل البُرْجُلاَنِيُّ شَيْخُ النَّجَّادِ سَيَأْتِي.
1948- أَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ النَّوْفَلِيُّ القُوْمَسِيُّ 2:
عَن الأَصْمَعِيِّ، وَأَبِي النَّضْرِ، وَالأَنْصَارِيِّ، وَالمُقْرِئِ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ عَبْدَكَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَهُوَ واه.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 129"، وميزان الاعتدال "1/ 96"، وتهذيب التهذيب "1/ 27".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 49"، وميزان الاعتدال "1/ 96"، ولسان الميزان "1/ 167" وتهذيب التهذيب "1/ 28".(9/416)
1949- ذو النون المصري 1:
الزَّاهِدُ, شَيْخُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، ثَوْبَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَقِيْلَ: فَيْضُ بنُ أَحْمَدَ. وَقِيْلَ: فَيْضُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النُّوْبِيُّ، الإِخْمِيْمِيُّ. يُكْنَى: أَبَا الفَيْضِ. وَيُقَالُ: أَبَا الفَيَّاضِ. وُلِدَ: فِي أَوَاخِرِ أَيَّامِ المَنْصُوْرِ.
وَرَوَى عَنْ: مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَسَلْمٍ الخَوَّاصِ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ صَبِيْحٍ الفَيُّوْمِيُّ، وَرَبِيْعَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ، وَرِضْوَانُ بنُ مُحَيْمِيْدٍ، وَحَسَنُ بنُ مُصْعَبٍ، وَالجُنَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَمِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَلَّ مَا رَوَى مِنَ الحَدِيْثِ، وَلاَ كَانَ يُتْقِنُه. قِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي قُرَيْشٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ نُوْبِيّاً.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَحَادِيْثَ فِيْهَا نَظَرٌ، وكان واعظًا.
قال ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ عَالِماً، فَصِيْحاً، حَكِيْماً. تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: حَمَلُوْهُ عَلَى البَرِيْدِ مِنْ مِصْرَ إِلَى المُتَوَكِّلِ لِيَعِظَهُ فِي سَنَةِ 244، وَكَانَ إِذَا ذُكر بَيْنَ يَدَيِ المُتَوَكِّل أَهْلُ الوَرَعِ، بَكَى.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ: كَانَ أَهْلُ نَاحِيَتِه يُسَمُّوْنَهُ الزِّنْدِيْقَ، فَلَمَّا مَاتَ، أَظلَّتْ الطَّيْرُ جِنَازَتَه، فَاحْتَرَمُوا بَعْدُ قَبْرَهُ.
عَنْ أَيُّوْبَ مُؤَدِّبِ ذِي النُّوْنِ، قَالَ: جَاءَ أَصْحَابُ المَطَالِبِ ذَا النُّوْنِ، فَخَرَجَ مَعَهُم إِلَى قِفْطَ وَهُوَ شَابٌّ، فَحَفَرُوا قَبْراً، فَوَجَدُوا لَوْحاً فِيْهِ: اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ، فَأَخَذَهُ ذُو النُّوْنِ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِم مَا وَجَدُوا.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ: حَضَرْتُ ذَا النُّوْنِ، فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا الفَيْضِ، مَا كَانَ سَبَبُ تَوْبَتِكَ? قَالَ: نِمْتُ، فِي الصحراء، ففتحت عيني، فإذا قُنْبَرَةٌ عَمْيَاءُ سَقَطَتْ مِنْ وَكْرٍ، فَانْشَقَّتِ الأَرْضُ، فَخَرَجَ مِنْهَا سُكُرُّجَتَانِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، فِي إِحْدَاهُمَا سِمْسِمٌ، وَفِي الأُخْرَى مَاءٌ، فَأَكَلَتْ، وَشَرِبَتْ، فَقُلْتُ: حَسْبِي. فَتُبْتُ، وَلَزِمْتُ البَابَ، إِلَى أَنْ قَبِلَنِي.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "9/ ترجمة 456"، وتاريخ بغداد "8/ 393"، والأنساب للسمعاني "1/ 135"، واللباب لابن الأثير "1/ 35"، ووفيات الأعيان "1/ 317"، والعبر "1/ 444"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 320".(9/417)
قَالَ السُّلَمِيُّ فِي "مِحَنِ الصُّوْفِيَّةِ": ذُو النُّوْنِ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِبَلْدَتهِ فِي تَرْتِيْبِ الأَحْوَالِ، وَمَقَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ، وَهَجَرَهُ عُلَمَاءُ مِصْرَ، وَشَاعَ أَنَّهُ أَحْدَثَ عِلْماً لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيْهِ السَّلَفُ وَهَجَرُوْهُ حَتَّى رَمَوْهُ بِالزَّنْدَقَةِ، فَقَالَ أَخُوْهُ: إِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: إنك زنديق، فقال:
ومالي سِوَى الإِطْرَاقِ وَالصَّمْتِ حِيْلَةٌ ... وَوَضْعِيَ كَفِّي تَحْتَ خَدِّي وَتَذْكَارِي
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَرْخِيِّ: كُنْت مَعَ ذِي النُّوْنِ فِي زَوْرَقٍ، فَمَرَّ بِنَا زَوْرَقٌ آخَرُ، فَقِيْلَ لِذِي النُّوْنِ: إِنَّ هَؤُلاَءِ يَمُرُّوْنَ إِلَى السُّلْطَانِ يَشْهَدُوْنَ عَلَيْكَ بِالكُفْرِ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا كَاذِبِيْنَ، فَغَرِّقْهُم. فَانْقَلَبَ الزَّوْرَقُ، وَغَرِقُوا، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا بَالُ المَلاَّحِ? قَالَ: لِمَ حَمَلَهُم وَهُوَ يَعلَمُ قَصْدَهُم? وَلأَنْ يَقِفُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ غَرْقَى، خَيْرٌ لَهُم مِنْ أَنْ يَقِفُوا شُهُوْدَ زُوْرٍ. ثُمَّ انْتَفَضَ وَتَغَيَّر، وَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لاَ أَدْعُو عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهَا. ثُمَّ دَعَاهُ أَمِيْرُ مِصْرَ، وَسَأَلَهُ عَنِ اعْتِقَادِهِ، فَتَكَلَّمَ، فَرَضِيَ أَمْرَهُ، وَطَلَبَهُ المُتَوَكِّلُ، فَلَمَّا سَمِعَ كَلاَمَه، وَلِعَ بِهِ، وَأَحَبَّهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُوْنَ، فَحَيَّ هَلاَ بِذِي النُّوْنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ يَقُوْلُ: مَهْمَا تَصَوَّرَ فِي وَهْمِكَ، فَاللهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الاسْتِغْفَارُ جَامِعٌ لِمَعَانٍ, أَوَّلُهُمَا: النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى, الثَّانِي: العَزْمُ عَلَى التَّرْكِ, وَالثَّالِثُ: أَدَاءُ مَا ضَيَّعْتَ مِنْ فَرْضٍ للهِ, الرَّابِعُ: رَدُّ المَظَالِمِ فِي الأَمْوَالِ وَالأَعْرَاضِ وَالمُصَالَحَةُ عَلَيْهَا, الخَامِسُ: إِذَابَةُ كُلِّ لَحْمٍ وَدَمٍ نَبَتَ عَلَى الحَرَامِ, السَّادِسُ: إِذَاقَةُ أَلَمِ الطَّاعَةِ كَمَا وَجَدْتَ حَلاَوَةَ المَعْصِيَةِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ السَّرْحِ: قُلْتُ لِذِي النُّوْنِ: كَيْفَ خَلصتَ مِنَ المُتَوَكِّلِ، وَقَدْ أَمَرَ بِقَتْلِكَ? قَالَ: لَمَّا أَوْصَلَنِي الغُلاَمُ, قُلْتُ فِي نَفْسِي: يَا مَنْ لَيْسَ فِي البِحَارِ قَطَرَاتٌ، وَلاَ فِي دَيْلَجِ الرِّيَاحِ ديْلَجَاتٌ، وَلاَ فِي الأَرْض خَبِيئَاتٌ، وَلاَ فِي القُلُوْبِ خَطَرَاتٌ إِلاَّ وَهِيَ عَلَيْكَ دَلِيلاَتٌ، وَلَكَ شَاهِدَاتٌ، وَبِرُبُوبِيَّتِكَ مُعتَرِفَاتٌ، وَفِي قُدرَتِكَ مُتَحَيِّرَاتٌ، فَبِالقُدْرَةِ الَّتِي تُجِيْرُ بِهَا مَنْ فِي الأَرَضِيْنَ وَالسَّمَاوَاتِ إِلاَّ صَلَّيْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَخَذتَ قَلْبَه عَنِّي. فَقَامَ المُتَوَكِّلُ يَخْطُو حَتَّى اعْتَنَقَنِي, ثُمَّ قَالَ: أَتْعَبْنَاكَ يَا أَبَا الفَيْضِ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ: حَضَرتُ مَعَ ذِي النُّوْنِ مَجْلِسَ المُتَوَكِّلِ، وَكَانَ مُوْلَعاً بِهِ، يُفَضِّلُه عَلَى الزُّهَّادِ، فَقَالَ: صِفْ لِي أَوْلِيَاءَ اللهِ. قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هُمْ قَوْمٌ أَلبَسَهُمُ اللهُ النُّوْرَ السَّاطِعَ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَجَلَّلَهُم بِالبَهَاءِ مِنْ إِرَادَةِ كَرَامَتِهِ، وَوَضَعَ عَلَى مَفَارِقِهِم تِيْجَانَ مَسَرَّتِهِ،(9/418)
فَذَكَرَ كَلاَماً طَوِيْلاً، وَقَدِ اسْتَوفَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَحْوَالَ ذِي النُّوْنِ فِي "تَارِيْخِهِ"، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: العَارِفُ لاَ يَلتَزِمُ حَالَةً وَاحِدَةً، بَلْ يَلْتَزِمُ أَمرَ رَبِّهُ فِي الحَالاَتِ كُلِّهَِا.
أَرَّخَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ عُفَيْرٍ وَفَاته -كَمَا مَرَّ- فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا حَيَّانُ بنُ أَحْمَدَ السَّهْمِيُّ, فَقَالَ: مَاتَ بِالجِيْزَةِ، وَعُدِّي بِهِ إِلَى مِصْرَ فِي مَرْكِبٍ خَوْفاً مِنْ زَحْمَةِ النَّاسِ عَلَى الجِسْرِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَالَ آخَرُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَكَانَ مِنْ أبناء التسعين.(9/419)
ابن زياد، الرواجني:
1950- ابن زياد 1:
مُتَوَلِّي اليَمَنِ الأَمِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ.
غَلَبَ عَلَى اليَمَنِ، وَحَارَبَ، وَتَمَكَّنَ فِي أَيَّامِ المَأْمُوْنِ، وَاختَطَّ مَدِيْنَةَ زُبَيْدٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ، وَنَفَّذَ إِلَى المَأْمُوْنِ بِتُحَفٍ، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ، وَعَظُمَ أَمْرُهُ، وَدَامَتْ دَوْلَتُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. فَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ، فَوَلِيَ اليَمَنَ مُدَّةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً. ثُمَّ مَاتَ، وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ وَلَدَاهُ زِيَادٌ ثُمَّ إِسْحَاقُ، وَدَامَتَ دَوْلَتُهُم إِلَى بَعْدِ الأربعمائة ثُمَّ صَارَتْ فِي مَوَالِيهِم مُدَّةً إِلَى أَنْ ظهر الصليحي.
1951- الرَّوَاجِنِيُّ 2: "خَ، ت، ق"
الشَّيْخُ العَالِمُ الصَّدُوْقُ، مُحَدِّثُ الشيعة، أبو سعيد عباد بن يعقوب الأَسَدِيُّ، الرَّوَاجِنِيُّ، الكُوْفِيُّ، المُبْتَدِعُ.
رَوَى عَنْ: شَرِيْكٍ القَاضِي، وَعَبَّادِ بنِ العَوَّامِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى، وَالوَلِيْدِ بنِ أَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ القُدُّوْسِ، وَالحُسَيْنِ ابنِ الشَّهِيْدِ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بنِ هاشم بن البريد، وعدة.
__________
1 ترجمته في أنباء الزمن في تاريخ اليمن، حوادث سنة "203هـ" لمؤلفه يحيى بن حسين بن الامام القاسم المتوفى بعد سنة 1099هـ.
2 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1645"، والجرح والتعديل "6/ 447"، والمجروحين لابن حبان "2/ 172"، والكاشف "2/ ترجمة 2606"، والمغني "1/ ترجمة 3058"، وتهذيب التهذيب "5/ 109"، وتقريب التهذيب "1/ 394"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3331"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 121".(9/419)
رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ حَدِيْثاً قَرَنَ فِيْهِ مَعَهُ آخَرَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو بَكْرٍ البَزَّارُ، وَصَالِحٌ جَزَرَةُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَكِيْمُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ, ثِقَةٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا الثِّقَةُ فِي رِوَايَتِهِ، المُتَّهَمُ فِي دِيْنِهِ، عَبَّادُ بنُ يَعْقُوْبَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: فِيْهِ غُلُوٌّ فِي التَّشَيُّعِ.
وَرَوَى عَبْدَانُ عَنْ ثِقَةٍ، أَنَّ عَبَّاداً كَانَ يَشْتِمُ السَّلَفَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى مَنَاكِيْرَ فِي الفَضَائِلِ وَالمَثَالِبِ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَبِيْبِيُّ، عَنْ صَالِحٍ جَزَرَةَ، قَالَ: كَانَ عَبَّادٌ يَشْتِمُ عُثْمَان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: اللهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُدْخِلَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ الجَنَّة، قَاتَلاَ عَلِيّاً بَعْدَ أَنْ بَايَعَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَنْ لَمْ يَبْرَأْ فِي صَلاَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ حُشِرَ مَعَهُم.
قُلْتُ: هَذَا الكَلاَمُ مَبْدَأُ الرَّفْضِ، بَلْ نَكُفُّ، وَنَسْتَغْفِرُ لِلأُمَّةِ، فَإِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ فِي إِيَّاهُم قَدْ عَادَى بَعْضهُم بَعْضاً، وَاقْتَتَلُوا عَلَى المُلْكِ، وَتَمَّتْ عَظَائِمُ، فَمِنْ أَيِّهِم نَبْرَأُ?!
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ المُطَرِّز، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبَّادٍ بِالْكُوْفَةِ، وَكَانَ يَمْتَحِنُ الطَّلَبَةَ, فَقَالَ: مَنْ حَفَرَ البَحْرَ? قُلْتُ: اللهُ. قَالَ: هُوَ كَذَاكَ، وَلَكِنْ مَنْ حَفَرَهُ? قُلْتُ: يَذْكُرُ الشَّيْخُ، قَالَ: حَفرَهُ عَلِيٌّ، فَمَنْ أَجْرَاهُ? قُلْتُ: اللهُ. قَالَ: هُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِن مَنْ أَجْرَاهُ? قُلْتُ: يُفِيْدُنِي الشَّيْخُ. قَالَ: أَجْرَاهُ الحُسَيْنُ، وَكَانَ ضَرِيْراً، فَرَأَيْتُ سَيْفاً وَحَجَفَةً1. فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا? قَالَ: أَعْدَدْتُهُ لأُقَاتِلَ بِهِ مَعَ المَهْدِيِّ. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ سَمَاعِ مَا أَرَدْتُ، دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ حَفَرَ البَحْرَ? قُلْتُ: حَفَرَهُ مُعَاوِيَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَجْرَاهُ عَمْرُو بنُ العَاصِ، ثُمَّ وَثَبْتُ وَعَدَوْتُ، فَجَعَلَ يَصِيْحُ: أَدْرِكُوا الفَاسِقَ عَدُوَّ اللهِ، فَاقْتُلُوهُ. إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ. وَمَا أَدْرِي كَيْفَ تَسَمَّحُوا فِي الأَخْذِ عَمَّنْ هَذَا حَالُهُ? وَإِنَّمَا وَثِقُوا بِصِدْقِهِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ عَبَّاد بن يَعْقُوْبَ فِي شَوَّال سنَة خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ، فِي "البَعْثِ" لاِبْنِ أَبِي دَاوُدَ. وَرَأَيْتُ لَهُ جُزْءاً مِنْ كِتَابِ "المَنَاقِبِ"، جَمَعَ فِيْهَا أَشْيَاء سَاقِطَة، قَدْ أَغْنَى اللهُ أَهْلَ البيت عنها، وما أعتقده يعتمد الكذب أبدًا.
__________
1 الحجفة: الترس.(9/420)
صالح، صالح بن محمد الترمذي، عتبة بن عبد الله:
1952- صالح 1: "ت"
ابن عبد الله بن ذكوان الحَافِظُ الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَاهِلِيُّ، التِّرْمِذِيُّ، نزيل بغداد.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكٍ، وَشَرِيْكٍ، وَحَمَّادٍ الأَبَحِّ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، ثُمَّ رَوَى عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَرَّامٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَصَالِحٌ جَزَرَةُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّان: هُوَ صَاحِبُ حَدِيْثٍ وَسُنَّةٍ, كَتَبَ، وَجَمَعَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، بِمَكَّةَ.
أَمَّا:
1953- صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيُّ 2:
فَمِنْ أَقْرَانِهِ، وَلِيَ قَضَاءَ تِرْمذَ.
قَالَ ابْنُ حِبَّان: كَانَ جَهْمِيّاً يَبِيْعُ الخَمْرَ. كَانَ ابْنُ رَاهْوَيْه يَبْكِي مِنْ تَجَرُّئِهِ عَلَى اللهِ.
1954- عُتْبَةُ بنُ عبد الله 3: "س"
ابن عتبة الشَّيْخُ المُحَدِّثُ المُسْنِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ اليحمدي، المروزي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2823"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1785"، وتاريخ بغداد "9/ 315"، والكاشف "2/ ترجمة 2365"، وتهذيب التهذيب "4/ 395"، وتقريب التهذيب "1/ 361"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3039".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1812"، والمجروحين لابن حبان "1/ 370"، وتاريخ بغداد "9/ 330"، ولسان الميزان "3/ 176".
3 ترجمته في الكاشف "2/ ترجمة 3718"، وتهذيب التهذيب "7/ 98"، وتقريب التهذيب "2/ 40"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4698".(9/421)
حَدَّثَ عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، وَسَعِيْدِ بنِ سَالِمٍ القَدَّاحِ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَالفَضْلَ بنَ مُوْسَى، وجماعة.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَكِيْمُ، وَعِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَيْضاً: ثِقَةٌ.
وَمِمَّنْ لَحِقَهُ، وَرَوَى عَنْهُ: مُؤَرِّخُ مَرْو أَبُو رَجَاء مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه. قَالَ: وَمَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مُعَمَّراً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليُحْمِدِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامُ بنُ زُهْرَةَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيْهَا بِأُمِّ القُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ هِيَ خِدَاجٌ هِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ". فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَحْيَاناً وَرَاء الإِمَامِ. قَالَ: فَغَمَزَ ذِرَاعِي ثُمَّ قَالَ: إِقْرَأْهَا يَا فَارِسِي فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي، وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ نِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي يَقُوْلُ العَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . يَقُوْلُ اللهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي. يَقُوْلُ العَبْدُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . يَقُوْلُ اللهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. يَقُوْلُ العَبْدُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} . يَقُوْلُ اللهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي. وَهَذِهِ الآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فَهِيَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. يَقُوْلُ العَبْدُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 2-7] ، فهي لعبدي، ولعبدي ما سأل" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 84"، ومسلم "395" "39"، وأبو داود "821".(9/422)
1955- الدُّوري 1: "ق":
الإِمَامُ العَالِمُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ المُقْرِئيْنَ، أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهْبَانَ -وَيُقَالُ صُهَيْبٌ- الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُمُ، الدُّوْرِيُّ، الضَّرِيْرُ، نَزِيْلُ سَامَرَّاءَ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ, فِي دَوْلَةِ المَنْصُوْرِ.
وَتَلاَ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَتَلاَ عَلَى الكِسَائِيِّ بِحَرْفِهِ، وَعَلَى يَحْيَى اليَزِيْدِيِّ بِحَرْفِ أَبِي عَمْرٍو، وَعَلَى سُلَيْمٍ بِحَرْفِ حَمْزَةَ، وَجَمَعَ القِرَاءاتِ، وَصَنَّفَهَا.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُلَيْمَانَ المُؤَدِّبِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ، وَرَوَى هُوَ عنهما.
وَتَلاَ عَلَيْهِ أَبُو الزَّعْرَاءِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبْدُوْسٍ، وَأَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ المُفَسِّرُ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ بَشَّار صَاحِبُ مَرْثِيَّةِ الهِرِّ، وَقَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا المُطَرِّزُ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الضَّرِيْرُ، وَعَلِيُّ بنُ سُلَيْمٍ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ، وَالقَاسِمُ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ، وَأَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدٍ السَّرَّاجُ، وَبَكْرٌ السَّرَاوِيْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ دُلْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ المُنَقِّي، وَالحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ الصَّوَافُ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّافِقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ العِرْقِ، وَحَسَنُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ المُعَدَّلُ، وَغَيْرُهُم.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَحَاجِبُ بنُ أَرْكِيْنَ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَامِدٍ السُّنِّيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَكْتُبُ عَنْ أَبِي عُمَرَ الدُّوْرِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ: قُلْتُ لِلدُّوْرِيِّ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟ قَالَ: كَلاَمُ اللهِ غير مخلوق.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 364"، والكنى للدولابي "2/ 41"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 792" وتاريخ بغداد "8/ 203"، والأنساب للسمعاني "5/ 356"، وميزان الاعتدال "1/ 566"، والمغني "1/ ترجمة 1638"، وتهذيب التهذيب "2/ 408"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1515"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 48".(9/423)
قَالَ ابْنُ النَّفَّاحِ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ بِقِرَاءةِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ خَتْمَةً، وَأَدْرَكْتُ حَيَاةَ نَافِعٍ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ: رَحَلَ أَبُو عُمَرَ فِي طَلَبِ القِرَاءاتِ، وَقَرَأَ سَائِرَ حُرُوْفِ السَّبْعَةِ، وَبِالشَّوَاذِّ، وَسَمِعَ مِنْ ذَلِكَ الكَثِيْرَ، وَصَنَّفَ فِي القِرَاءاتِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَعَاشَ دَهْراً. وَفِي آخِرِ عُمُرِهِ ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَكَانَ ذَا دِيْنٍ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَبُو عُمَرَ الدُّوْرِيُّ يُقَالُ لَهُ: الضَّرِيْرُ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ، وَقِيْلَ: هُوَ مِنَ الدُّورِ -مَحَلَّةٌ بِالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ بَغْدَادَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَالبَغَوِيُّ، وَطَائِفَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. زَادَ بَعْضُهُم: فِي شَوَّالٍ. وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَهِمَ فِيْهِ حَاجِبٌ الفَرْغَانِيُّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مُسْتَوْعَباً فِي "طَبَقَاتِ القُرَّاءِ".
وَقَوْلُ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ يُرِيْدُ فِي ضَبْطِ الآثَارِ أَمَّا فِي القِرَاءاتِ، فَثَبْتٌ إِمَامٌ. وَكَذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ القُرَّاءِ أَثْبَاتٌ فِي القِرَاءةِ دُوْنَ الحَدِيْثِ, كَنَافِعٍ، والكسائي، وحفص، فإنهم نهضوا بأعباء الحروف وحرورها، وَلَمْ يَصْنَعُوا ذَلِكَ فِي الحَدِيْثِ كَمَا أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الحُفَّاظِ أَتْقَنُوا الحَدِيْثَ، وَلَمْ يُحْكِمُوا القِرَاءةَ. وَكَذَا شَأْنُ كُلِّ مَنْ بَرَّزَ فِي فَنٍّ، وَلَمْ يَعْتَنِ بِمَا عَدَاهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.(9/424)
1956- سَوَّار بن عبد الله 1: "د، ت، س"
ابن سوار بن عَبْدِ اللهِ بنِ قُدَامَةَ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ القَاضِي، أبو عبد الله التَّمِيْمِيُّ, العَنْبَرِيُّ, البَصْرِيُّ, قَاضِي الرُّصَافَةِ مِنْ بَغْدَادَ مِنْ بَيْتِ العِلْمِ وَالقَضَاءِ، كَانَ جَدُّهُ قَاضِي البَصْرَةِ.
سَمِعَ سَوَّارٌ هَذَا مِنْ: عَبْدِ الوَارِثِ التَّنُّوْرِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَبِشْرِ بنِ المُفَضَّلِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي: دَخَلَ سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَاضِي عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ، إِنِّي جِئْتُ فِي حَاجَةٍ رَفَعْتُهَا إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- قَبْلَ أَنْ أَرْفَعَهَا إِلَيْكَ، فَإِنْ قَضَيْتَهَا, حَمَدْنَا اللهَ وَشَكَرْنَاكَ، وَإِنْ لَمْ تَقْضِهَا, حَمَدْنَا اللهَ وَعَذَرْنَاكَ. قَالَ: فَقَضَى جَمِيْعَ حَوَائِجِهِ.
قُلْتُ: وَكَانَ مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ، فَصِيْحاً, مُفَوَّهاً، وَكَانَ وَافِرَ اللِّحْيَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ المُعَذَّلِ الفَقِيْهُ: كَانَ سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ قَدْ خَامَرَ قَلْبَهُ وَجْدٌ، فَقَالَ:
سَلَبْتِ عِظَامِي مُخَّهَا فَتَرَكْتِهَا ... عَوَارِيَ فِي أَجْلاَدِهَا تَتَكَسَّرُ
وَأَخْلَيْتِ مِنْهَا مُخَّهَا فَكَأَنَّهَا ... قَوَارِيْرُ فِي أَجْوَافِهَا الرِّيْحُ تَصْفِرُ
خُذِي بِيَدِي ثُمَّ اكشِفِي الثَّوْبَ وَانْظُرِي ... بِلَى جَسَدِي لَكِنَّنِي أَتَسَتَّرُ
وَلَيْسَ الَّذِي يجْرِي مِنَ العين ماؤها ... ولكنها روحي تذاب فتقطر
عَمِيَ سَوَّارٌ بِأَخَرَة، وَمَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وأربعين ومائتين، في شوال.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 113"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 1174"، وتاريخ بغداد "9/ 210"، والكاشف "1/ ترجمة 2212"، والعبر "1/ 248 و444"، وتهذيب التهذيب "4/ 268" وتقريب التهذيب "1/ 339"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2822"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 108".(9/424)
1957- النَّخْشَبِيُّ 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ، شَيْخُ الطَّائِفَةِ, أَبُو تُرَابٍ عَسْكَرُ بنُ الحُصَيْنِ النَّخْشَبِيُّ، وَمَدِيْنَةُ نَخْشَب مِنْ نَوَاحِي بَلخ تُسَمَّى أَيْضاً نَسَف.
صَحِبَ حَاتِماً الأَصَمَّ. وَحَدَّثَ عَنْ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَغَيْرِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الفَتْحُ بنُ شَخْرَف، وَرَفِيْقُهُ؛ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الجَلاَّءِ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَتَبَ العِلْمَ، وَتَفَقَّهَ, ثُمَّ تَأَلَّهَ وَتَعَبَّدَ، وَسَاحَ وَتَجَرَّدَ.
وَسُئِلَ عَنْ صِفَةِ العَارِفِ, قَالَ: الَّذِي لاَ يُكَدِّرهُ شَيْءٌ، وَيَصْفُو بِهِ كُلُّ شَيْء.
وَعَنْهُ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الصُّوْفِيَّ قَدْ سَافر بِلاَ رَكْوَةٍ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الصَّلاَةِ.
وَعَنْهُ: ثَلاَثٌ مِنْ مَنَاقِبِ الإِيْمَانِ الاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ، وَالرِّضَى بِالكَفَافِ، وَالتَّفْوِيْضُ إِلَى اللهِ.
وَثَلاَثٌ مِنْ مَنَاقِبِ الكُفْرِ: طُوْلُ الغَفْلَةِ عَنِ اللهِ، وَالطِّيَرَةُ، وَالحَسَدُ.
وَعَنْ يُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: كُنَّا بِمَكَّةَ، فَقَالَ أَبُو تراب: أحتاج إِلَى دَرَاهِمَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ صَبَّ فِي حَجْرِهِ كِيْسَ دَرَاهِم، فَجَعَلَ يُفَرِّقُهَا عَلَى مَنْ حَوْلَهُ، وَكَانَ فِيْهِم فَقِيْرٌ يَتَرَاءى لَهُ ليُعْطِيَهُ، فَنَفِذَتْ، وَلَمْ يُعْطِهِ وَبَقِيْتُ أَنَا وَهُوَ وَالشَّيْخُ، فَقَالَ لَهُ: تَرَاءيتُ لَكَ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: أَنْتَ لاَ تَعْرِفُ المُعْطِي.
قَالَ ابْنُ الجَلاَّء: لَقِيْتُ أَلْفَي شَيْخٍ، مَا لَقِيْتُ مِثْلَ أَبِي تُرَابٍ، وَآخَر.
مَاتَ أَبُو تُرَابٍ: بِطَرِيْقِ الحَجِّ, انقَطَعَ، فَنَهَشَتْهُ السِّبَاعُ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 462"، وتاريخ بغداد "12/ 315"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 321".(9/425)
1958- محمد بن عُبَيد 1:
ابن عبد الملك الإِمَامُ المُحَدِّثُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ، ثُمَّ الهَمَذَانِيُّ وَيُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَبْدِ المَلِكِ.
رَوَى أَبُوْهُ عَنِ: الشَّعْبِيِّ.
وَعَنْهُ: وَكِيْعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
يُقَالُ: صَامَ سِتِّيْنَ سَنَةً.
وَرَوَى مُحَمَّدُ عَنْ، سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعُمَرَ بنِ هَارُوْنَ، وَالرَّبِيْعِ بنِ زِيَادٍ، وَعَبِيْدَةَ بنِ حُمَيْدٍ، وَسَيْفِ بنِ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيِّ، وَحُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، وَشَبَابَةَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ الكَرَابِيْسِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الدُّحَيْمِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ، وَعِيْسَى بنُ يَزِيْدَ إمام الجامع، وعلي بن الحسن بن سعيد، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ المُكْتِبُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَمْروس، وَعُبْدوسُ بنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: ذَاكَرْتُ أَبَا زُرْعَةَ بِحَدِيْثِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بن أبي بكر، عن همام، عن قتادة، عَنْ
أَنَسٍ, مَرْفُوْعاً: "مَنْ حُوْسِبَ, عُذِّبَ" 2. فَقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ عِنْدَنَا إِمَامٌ، وَعلِيٌّ مِنَ الأَبْدَالِ، وَهَذَا غَرِيْبٌ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ يَزْدَادَ الخَشَّابُ: لَوْ كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ بِبَغْدَادَ كَانَ يَكُوْنُ شَبِيْهاً بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
وَعَنْ أَبِي زُرْعَةَ, قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ ثِقَةٌ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ المُؤَدِّبُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 5106"، وتهذيب التهذيب "9/ 330"، وتقريب التهذيب "2/ 188"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6478".
2 صحيح: أخرجه الترمذي "3338" من طريق محمد بن عبيد الهمداني، عن علي بن أبي بكر، به. وله شاهد من حديث عائشة: عند البخاري "4939"، ومسلم "2876".(9/426)
1959- الحسن بن عرفة 1: "ت، ق"
ابن يزيد الإِمَامُ المُحَدِّثُ الثِّقَةُ, مُسْنِدُ وَقْتِهِ، أَبُو عَلِيٍّ العبدي، البغدادي, المؤدب.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى، وَخَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ، وَالمُبَارَكِ بنِ سَعِيْدٍ أَخِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وَزِيَادٍ البَكَّائِيِّ، وَعَبَّادِ بنِ عَبَّادٍ المُهَلَّبِيِّ، وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَالحَكَمِ بنِ ظُهَيْرٍ، وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العزيز العطار، وقران بن تمام، وعمار بن محمد الثوري، وَعَلِيِّ بنِ ثَابِتٍ الجَزَرِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيِّ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْس، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبَّارِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيِّ، وَعَبَّادِ بنِ العَوَّامِ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَمَرْوَانَ بنِ شُجَاعٍ، وَبِشْرِ بنِ المُفَضَّلِ، وَطَبَقَتِهم، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو يَعْلَى، وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالمَحَامِلِيُّ، وَابْنُ مَخْلَدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الوَرَّاقُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المَطِيْرِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَيَّاشٍ القَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَثْرَمُ، وعلي بن الفضل الستوري،
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 128"، وتاريخ بغداد "7/ 394"، والعبر "1/ 14"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 103"، وتهذيب التهذيب "2/ 293"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1356"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 136".(9/427)
وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الرَّبِيْعِ الأَنْمَاطِيُّ، وَمُؤْنِسُ بنُ وَصِيْفٍ، وَحَبْشونُ بنُ مُوْسَى الخَلاَّلُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هميان الوَكِيْلُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ قَالَ لِي ابْنُ مَعِيْنٍ: كَتَبْتَ عَنْ ذَاكَ المُعَلِّمِ الَّذِي فِي المُرَبَّعَةِ? قُلْتُ: نَعَمْ, أَهُوَ الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ? قَالَ: نَعَمْ, يَرْوِي عَنْ مُبَارَكِ بنِ سَعِيْدٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ. قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ الدَّروقِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ اذهَبْ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ سَمِعْتُ مِنْهُ مَعَ أَبِي بِسَامَرَّاءَ، وَسُئِلَ عَنْهُ أَبِي فَقَالَ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ، عَنْ رَجُلٍ, عَنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ يَقُوْلُ: كَتَبَ عَنِّي خَمْسَةُ قُرُوْن.
قُلْتُ: يَعْنِي خَمْسَ طَبَقَاتٍ، فَالطَّبَقَةُ الأُوْلَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالثَّانِيَةُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا, الثَّالِثَةُ طَبَقَةُ ابْنُ خُزَيْمَةَ, الرَّابِعَةُ طَبَقَةُ المَحَامِلِيّ, الخَامِسَةُ الصَّفَّار.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَاشَ الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ مائَةً وَعَشْرَ سِنِيْنَ، وَكَانَ لَهُ عَشْرَةُ أَوْلاَدٍ سَمَّاهُم بِأَسَامِي العَشرَةِ -رَضِيَ الله عنهم.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ قَالَ: أَجَازَ لِي مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ المِصْرِيُّ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَيْقٍ، أخبرنا الحسن بن رشيق، حدثنا أحمد بن مُحَمَّدِ بنِ حَكِيْمٍ الصَّدَفِيُّ سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَسُئِلَ: كَمْ تَعُدُّ مِنَ السِّنِيْن؟ قَالَ: مائَةَ سَنَةٍ وَعَشْر سِنِيْنَ, لَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ هَذَا السِّنَّ غَيْرِي.
قُلْتُ: قَدْ بَلَغَ أَيْضاً هَذَا السِّنَّ حَسَّانُ بنُ ثَابِت، وَحَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَسُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ، وَمِمَّنْ شَارَكَهُ، فِي السِّنِّ أَبُو العَبَّاسِ الحَجَّارُ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ الحَافِظُ: وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ: الشَّافِعِيُّ، وَبِشْرٌ الحَافِي، وَخَلَفٌ البَزَّارُ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوْسَى بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ, سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ يَقُوْلُ:(9/428)
حَدَّثَنِي وَكِيْعٌ بِأَحَادِيْثَ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أَلَم أُحَدِّثْكَ بِهَا أَمْس؟ قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنِّي شَكَكْتُ. قَالَ: لاَ تَشُكَّ، فَإِنَّ الشَّكَّ مِنَ الشَّيْطَانِ.
قُلْتُ: انْتَهَى عُلُوُّ الإِسْنَادِ اليَوْمَ، وَهُوَ عَامُ خَمْسَة وَثَلاَثِيْنَ إِلَى حَدِيْثِ الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ كَمَا أَنَّهُ كَانَ سَنَةَ نَيِّفٍ وستين وستمائة أعلى شيء يَكُوْن، وَكَانَ رَحِمَهُ اللهُ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: مَاتَ بِسَامَرَّاءَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقِيْلَ: مَاتَ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ مِنْهَا، وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ، وَهُوَ وَهْمٌ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ المُعَدَّلُ لِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا المُبَارَكُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ مُوْسَى الجُهَنِيِّ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يُسَبِّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْراً، وَيُكَبِّرَ عَشْراً، وَيَحْمَدَ عَشْراً، فَذَلِكَ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ خَمْسُوْنَ وَمائَةٌ باللسان، وألف وخمسمائة فِي المِيْزَانِ، وَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ سَبَّحَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ، وَحَمِدَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ، وَكَبَّرَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِيْنَ، فَذَلِكَ مائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي المِيْزَانِ، فأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمسمائة سَيِّئَةٍ"؟! 1
وَأَنْبَأَنيه بِعُلُوِّ أَرْبَع درج: أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بن بيان، حدثنا بنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ نحوه.
__________
1 صحيح: وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو: عند أبي داود "5065"، والترمذي "3410" والنسائي "3/ 74" من طرق عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره بنحوه وإسناده حسن، عطاء بن السائب، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".(9/429)
1960- أحمد بن أبي سُرَيج 1: "خ، د، س"
عمر بن الصباح الحَافِظُ، العَالِمُ، أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ.
تَلاَ عَلَى الكِسَائِيِّ.
قَرَأَ عَلَيْهِ العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الرَّازِيُّ.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، وَوَكِيْعٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ: صَدُوْقٌ، وَالبُخَارِيُّ، فِي "صَحِيْحِهِ"، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 75"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 21"، وتهذيب التهذيب "1/ 44".(9/429)
1961- علي بن خشرم 1: "م، ت، س"
ابن عبد الرحمن بن عَطَاءِ بنِ هِلاَلٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ أَبُو الحسن المروزي بن أُخْتِ بِشْرٍ الحَافِي.
سَمِعَهُ أَبُو رَجَاءَ مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيَّ، وَهُشَيْمَ بنَ بَشِيْرٍ، وَعِيْسَى بنَ يُوْنُسَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ، وَهْبٍ، وَالفَضْلَ بنَ مُوْسَى السِّيْنَانِيَّ، وَأَبَا تميلة، ووكيعًا، وطبقتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيُّ، وَوَقَعَ لَنَا رِوَايَتُهُ عَنْهُ، فِي تَعْلِيَةِ حَدِيْثِ مُوْسَى، وَالخَضِرِ، فَقَالَ، حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بنُ خشرم، حدثنا بن عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَهُ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا فِي كُلِّ النُّسَخِ بِالصَّحِيْحِ، وَمِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ رَزِيْنٍ البَاشَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّر، وَمُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ البَلْخِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ بِمَا وَرَاء النَّهرِ، وَبِمَرْوَ، وَهَرَاةَ.
قَالَ أَبُو رَجَاءَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: صُمتُ ثَمَانِيَةً وَثَمَانِيْنَ رَمَضَاناً. قَالَ: وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1013"، والعبر "2/ 183"، والكاشف "2/ ترجمة رقم3969"، وتهذيب التهذيب "7/ 316"، وتقريب التهذيب "2/ 36"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4978".(9/430)
أحمد بن بكار، الحظمي:
1962- أحمد بن بَكَّار 1: "س"
بن أبي ميمونة زيد، الأموي مَوْلاَهُمُ الحَرَّانِيُّ، الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
رَوَى عَنْ: أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَمَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ، وَابْنِ فُضَيْلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ، وَوَكِيْعٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَالبَاغَنْدِيُّ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لا بأس به.
قُلْتُ: امتَنَعَ مِنَ الأَخْذِ عَنْ يَعْلَى بنِ الأَشْدَقِ؛ لأَنَّهُ سَمِعَهُ يُفْحِشُ فِي خِطَابِهِ.
تُوُفِّيَ سنة 244، في صفر.
1963- الخَطْمي 2: "م، ت، س، ق"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ القَاضِي، أَبُو مُوْسَى إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الخَطْمِيِّ, الأَنْصَارِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ, نَزِيْلُ سَامَرَّاءَ, ثُمَّ قَاضِي نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدَ السَلاَّمِ بنَ حَرْبٍ، وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى القَزَّازَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَابْنُهُ مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَة، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ. أَطْنَبَ أَبُو حَاتِمٍ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَيَروِي التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ كَثِيْراً، وَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ. وَلَهُ حَدِيْثٌ يَنْفَرِدُ بِهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ إِلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَإِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا الحَدِيْثُ الَّذِي تُكْثِرُوْنَ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ? فَحَبَسَهُم بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى اسْتُشْهِدَ. هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْحَاقَ الخَطْمِيِّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ بِجُوْسِيَةَ -بُلَيْدَةٍ مِنْ أَعْمَالِ حِمْصَ- فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ وَلَدُهُ مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ مِنْ كِبَارِ أئمة الدين.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 19"، وتقريب التهذيب "1/ 12".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 828"، وتاريخ بغداد "6/ 355"، والعبر "1/ 442" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 427"، وتهذيب التهذيب "1/ 251"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 105".(9/431)
1964- يحيى بن أكثم 1: "ت"
ابن محمد بن قطن، قَاضِي القُضَاةِ، الفَقِيْهُ العَلاَّمَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ المَرْوَزِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ المَهْدِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالفَضْلِ السِّيْنَانِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَعِدَّةٍ، وَلَهُ رِحْلَةٌ، ومعرفة.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالبُخَارِيُّ خَارِجَ "صَحِيْحِهِ"، وَإِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتَّوَيْه، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدٍ المَرْوَزِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا كِتَابُ "التَنْبِيْهِ".
قَالَ الحَاكِمُ: مَنْ نَظَرَ فِي "التَنْبِيهِ" لَهُ, عَرَفَ تَقَدُّمَهُ فِي العُلُومِ.
وَقَالَ طَلْحَةُ الشَّاهِدُ: كَانَ وَاسِعَ العِلْمِ بِالفِقْهِ كَثِيْرَ الأَدَبِ حَسَنَ العَارِضَةِ قَائِماً بِكُلِّ مُعْضِلَةٍ. غَلَبَ عَلَى المَأْمُوْنِ حَتَّى لَمْ يَتَقَدَّمْهُ عِنْدَهُ أَحَدٌ مَعَ بَرَاعَةِ المَأْمُوْنِ فِي العِلْمِ، وَكَانَتِ الوُزَرَاءُ لاَ تُبْرِمُ شَيْئاً حَتَّى تُرَاجِعَ يَحْيَى.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَلاَّهُ المَأْمُوْنُ قَضَاءَ بَغْدَادَ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيٍّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ صَغِيراً، فَصَنَعَ أَبُوْهُ طَعَاماً، وَدَعَا النَّاسَ، وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ ابْنِي سَمِعَ مِنْ عبد الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2932"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 244 و716" والجرح والتعديل "9/ ترجمة 549"، وتاريخ بغداد "14/ 191"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 125"، ووفيات الأعيان "6/ ترجمة 793"، والكاشف "3/ ترجمة 6243"، والمغني "2/ ترجمة 6929"، والعبر "1/ 439"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9459"، وتهذيب التهذيب "11/ 179"، وتقريب التهذيب "2/ 342"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 91".(9/432)
قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: كنت عند سفيان، فَقَالَ: بُلِيْتُ بِمُجَالَسَتِكُم بَعْدَ مَا كُنْتُ أُجَالِسُ مَنْ جَالَسَ الصَّحَابَةَ، فَمَنْ أَعْظَمُ مِنِّي مُصِيْبَةً? قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, الَّذِيْنَ بَقُوا حَتَّى جَالَسُوكَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ, أَعْظَمُ مِنْكَ مُصِيْبَةً.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَلِيَّتِي إِلاَّ أَنِّي حِيْنَ كَبِرْتُ صَارَ جُلَسَائِيَ الصِّبْيَانُ بعدما كُنْتُ أُجَالِسُ مَنْ جَالَسَ الصَّحَابَةَ. قلتُ: أَعْظَمُ منك مصيبة من جالسك، في صغرك بعدما جَالَسَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَسَكَتَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى, قَالَ: صِرْتُ إِلَى حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَى بِعُسٍّ، فَشَرِبَ، وَنَاوَلَ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، فَشَرِبَ، وَنَاوَلَنِي. قَالَ: فَقُلْتُ: أَيُسْكِرُ كَثِيْرُهُ? قَالَ: إِيْ وَاللهِ، وَقَلِيْلُهُ، فَتَرَكْتُهُ.
وَرَوَى أَبُو حَازِمٍ القَاضِي، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: وَلِيَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ قضاء البَصْرَةِ، وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، فَاسْتَصْغَرُوْهُ، وَقِيْلَ: كَمْ سِنُّ القَاضِي? قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ عَتَّابِ بنِ أَسِيدٍ؛ الَّذِي وَلاَّهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَكَّةَ، وَأَكْبَرُ مِنْ مُعَاذٍ حِيْنَ وَجَّهَ بِهِ رَسُوْلُ اللهِ قَاضِياً عَلَى اليَمَنِ، وَأَكْبَرُ مِنْ كَعْبِ بنِ سُوْرٍ الَّذِي وَجَّهَ بِهِ عُمَرُ قَاضِياً عَلَى البَصْرَةِ.
قَالَ الفَضْلُ الشَّعْرَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ فَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَعَنْ يَحْيَى قَالَ: مَا سُرِرْتُ بِشَيْءٍ سُروْرِي بِقَوْلِ المُسْتَمْلِي: مَنْ ذَكَرْتَ رَضِيَ اللهُ عَنْكَ.
وَذُكِرَ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مَا يُرْمَى بِهِ يَحْيَى، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَنْ يَقُوْلُ هَذَا?!
قُلْتُ: قَدْ وَلِعَ النَّاسُ بِيَحْيَى لِتَوَلُّعِهِ بِالصُّوَرِ حُبّاً أَوْ مُزَاحاً.
الصُّوْلِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي يُعَظِّمُ شَأْنَ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وَذكَرَ لَهُ يَوْمَ قِيَامِهِ فِي وَجْهِ المَأْمُوْنِ لَمَّا أَبَاحَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ، فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى رَدَّهُ إِلَى الحَقِّ، وَنَصَّ لَهُ الحَدِيْثَ فِي تَحْرِيْمِهَا، فَقِيْلَ لإسماعيل: فما كَانَ يُقَالُ? قَالَ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ تَزُوْلَ عَدَالَةُ مِثْلِهِ بِكَذِبِ بَاغٍ أَوْ حَاسِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَانَتْ كُتُبُهُ فِي الفِقْهِ أَجَلَّ كُتُبٍ, تَرَكَهَا النَّاسُ لِطُوْلِهَا.
قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: سُئِلَ رَجُلٌ مِنَ البُلَغَاءِ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وأحمد ابن أبي دؤاد, أَيُّهُمَا أَنْبَلُ? قَالَ: كَانَ أَحْمَدُ يَجِدُّ مَعَ جَارِيَتِهِ وَبَيْتِهِ، وَكَانَ يَحْيَى يَهْزِلُ مَعَ عَدُوِّهِ وَخَصْمِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.(9/433)
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: كَانَ يَكْذِبُ.
وَقَالَ ابْنُ رَاهْوَيْه: ذَاكَ الدَّجَّالُ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الجُنَيْدِ: يَسْرِقُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: حَدَّثَ عَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ بِأَحَادِيْثَ لَمْ يَسْمَعْهَا.
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ: رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ عجائب.
قُلْتُ: مَا هُوَ مِمَّنْ يَكْذِبُ, كَلاَّ, وَكَانَ عَبَثُهُ بِالمُرْدِ أَيَّامَ الشَّبِيْبَةِ، فَلَمَّا شَاخَ, أَقْبَلَ عَلَى شَأْنِهِ, وَبَقِيَتِ الشَّنَاعَةُ، وَكَانَ أَعْوَرَ.
قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: وَقَفَ لَهُ الأَضِرَّاءُ، فَطَالَبُوْهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكُمْ عِنْدَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ شَيْءٌ. فَقَالُوا: لاَ تَفْعَلْ يَا أَبَا سَعِيْدٍ. فَصَاحَ: الحَبْسَ الحَبْسَ. فَحُبِسُوا، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ضَجَّوُا، فَقَالَ المَأْمُوْنُ: مَا هَذَا? قِيْلَ: الأَضِرَّاءُ. فَقَالَ لَهُ: وَلِمَ حَبَسْتَهُمْ? أَعَلَى أَنْ كَنَّوْكَ? قَالَ: بَلْ حَبَسْتُهُم عَلَى التَّعْرِيْضِ بِشَيْخٍ لاَئِطٍ فِي الحَرْبِيَّةِ.
قَالَ فَضْلَكُ الرَّازِيُّ: مَضَيْتُ أَنَا وَدَاوُدُ الأَصْبَهَانِيُّ إِلَى يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وَمَعَنَا عَشْرَةُ مَسَائِلَ، فَأَجَابَ فِي خَمْسَةٍ مِنْهَا أَحْسَنَ جَوَابٍ، وَدَخَلَ غُلاَمٌ مَلِيْحٌ، فَلَمَّا رَآهُ اضْطَرَبَ، فَلَمْ يَقْدِرْ يَجِيءُ، وَلاَ يَذْهَبُ فِي مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ دَاوُدُ: قم, اختلط الرجل.
قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ أَبِي عَاصِمٍ، فَنَازَعَ أَبُو بَكْرٍ بنُ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ غُلاَماً، فَقَالَ أَبُو عَاصِمٌ: مَهْيَم? قِيْلَ: أَبُو بَكْرٍ يُنَازِعُ غُلاَماً، فَقَالَ: إِنْ يَسْرِقْ، فَقَدْ سَرَقَ أَبٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ.
وَقَدْ هُجِيَ بِأَبْيَاتٍ مُفَرَّقَةٍ لَمْ أَسُقْهَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ المُتَوَكِّلُ, صَيَّرَ يَحْيَى فِي مَرْتَبَةِ ابن أبي دؤاد، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خَمْسَ خِلَعٍ.
وَقَالَ نِفْطَوَيْه: لَمَّا عُزِلَ يَحْيَى مِنَ القَضَاءِ بِجَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ, جَاءهُ كَاتِبُهُ، فَقَالَ: سَلِّمِ الدِّيْوَانَ. فَقَالَ: شَاهِدَانِ عَدْلاَنِ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ بِذَلِكَ. فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَأُخِذَ مِنْهُ قَهْراً، وَأَمَرَ المُتَوَكِّلُ بِقَضِّ أَمْلاَكِهِ، وَحُوِّلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَأُلزِمَ بَيْتَهُ.
قَالَ الكَوْكَبِيُّ: حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ السَّعْدِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، فَقَالَ: افْتَحْ هَذَا القِمَطْرَ. فَفَتَحَ، فَإِذَا فِيْهِ شَيْءٌ رَأْسُهُ رَأْسُ إِنْسَانٍ، وَمِنْ سُرَّتِهِ إِلَى أَسْفَلٍ خِلْقَةُ زَاغٍ، وَفِي ظَهْرِهِ سلعة -يعني: حدبة- وفي صدره كذلك، فَكَبَّرْتُ وَهَلَّلْتُ وَجَزِعْتُ, وَيَحْيَى يَضْحَكُ، فَقَالَ لِي بلسان طلق:(9/434)
أَنَا الزَّاغُ أَبُو عَجْوَه ... أَنَا ابْنُ اللَّيْثِ وَاللَّبْوَه
أُحِبُّ الرَّاحَ وَالرَّيْحَا ... نَ وَالنَّشْوَةَ وَالقَهْوَه
فَلاَ عَرْبَدَتِي تُخْشَى ... وَلاَ تُحْذَرُ لِي سَطْوَه
ثُمَّ قَالَ: يَا كَهْلُ أَنْشِدْنِي شِعْراً غَزِلاً، فَأَنْشَدْتُهُ:
أَغَرَّكِ أَنْ أَذْنَبْتِ ثُمَّ تَتَابَعَتْ ... ذُنُوبٌ فلم أهجرك ثم أتوب
وَأَكْثَرْتِ حَتَّى قُلْتِ لَيْسَ بِصَارِمِي ... وَقَدْ يُصْدَمُ الإِنْسَانُ وَهُوَ حَبِيْبُ
فَصَاحَ: زَاغْ زَاغْ زَاغْ، فَطَارَ ثُمَّ سَقَطَ فِي القِمَطْرِ، فَقُلْتُ: أَعَزَّ اللهُ القَاضِيَ، وَعَاشِقٌ أَيْضاً?! فَضَحِكَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا? قَالَ: هُوَ مَا تَرَى، وَجَّهَ بِهِ صَاحِبُ اليَمَنِ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَمَا رَآهُ بَعْدُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ الحَارِثِ، عَنْ شَبِيْبِ بنِ شَيْبَةَ بنِ الحَارِثِ, قَالَ: قَدِمْتُ الشِّحْرَ عَلَى رَئِيْسِهَا، فَتَذَاكَرْنَا النَّسْنَاسَ، فَقَالَ: صِيْدُوا لَنَا مِنْهَا. فَلَمَّا أَنْ رُحْتُ إِلَيْهِ إِذَا بِنَسْنَاسٍ مَعَ الأَعْوَانِ، فَقَالَ: أَنَا بِاللهِ وَبِكَ! فَقُلْتُ: خَلُّوهُ. فَخَلَّوْهُ، فَخَرَجَ يَعْدُو، وَإِنَّمَا يَرْعَوْنَ النَّبَاتَ، فَلَمَّا حَضَرَ الغَدَاءُ, قَالَ: اسْتَعِدُّوا لِلصَّيْدِ، فَإِنَّا خَارِجُوْنَ. فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ, سَمِعْنَا قَائِلاً يَقُوْلُ: أَبَا مُحَمَّدٍ, إِنَّ الصبح قد أَسْفَرَ، وَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ أَدْبَرَ، وَالقَانِصُ قَدْ حَضَرَ، فَعَلَيْكَ بِالوَزَرِ. فَقَالَ: كُلِي وَلاَ تُرَاعِي. فَقَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَهَرَبَ، وَلَهُ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإِنْسَانِ، وَشَعَرَاتٌ بِيْضٌ فِي ذَقْنِهِ، وَمِثْلُ اليَدِ فِي صَدْرِهِ، وَمِثْلُ الرِّجْلِ بَيْنَ وَرِكَيْهِ، فَأَلَظَّ بِهِ كَلْبَان، وَهُوَ يَقُوْلُ:
إِنَّكُمَا حِيْنَ تُجَارِيَانِي ... أَلْفَيْتُمَانِي خَضِلاً عِنَانِي
لَوْ بِي شَبَابٌ مَا مَلَكْتُمَانِي ... حَتَّى تَمُوْتَا أَوْ تُفَارِقَانِي
قَالَ: فَأَخَذَاهُ.
قَالَ: وَيَزْعَمُوْنَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا مِنْهَا نَسْنَاساً، فَقَالَ قَائِلٌ: سُبْحَانَ اللهِ, مَا أَحْمَرَ دَمَهُ! قَالَ: يَقُوْلُ نَسْنَاسٌ مِنْ شَجَرَةٍ: كَانَ يَأْكُلُ السُّمَّاقَ، فَقَالُوا: نَسْنَاسٌ. فَأَخَذُوْهُ، وَقَالُوا: لَوْ سَكَتَ ما علم به. فَقَالَ آخَرُ مِنْ شَجَرَةٍ: أَنَا صُمَيْمِيْتٌ. فَقَالُوا: نَسْنَاسٌ, خُذُوْهُ. قَالَ: وَبَنُو مَهْرَةَ يَصْطَادُوْنَهَا وَيَأْكُلُوْنَهَا. قَالَ: وَكَانَ بَنُو أُمِيْمَ بنِ لاَوَذَ بنِ سَامِ بنِ نُوْحٍ سَكَنُوا زُنَّارَ أَرْضِ رَمْلٍ كَثِيْرَةِ النَّخْلِ، وَيُسْمَعُ فِيْهَا حِسُّ الجِنِّ حَتَّى كَثُرُوا، فَعَصَوْا، فَعَاقَبَهُمُ اللهُ، فَأَهْلَكَهُمْ، وَبَقِيَ(9/435)
مِنْهُمْ بَقَايَا لِلْعَرَبِ تَقَعُ عَلَيْهِمْ، وَلِلرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ مِنْهُمْ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ فِي شِقٍّ وَاحِدٍ يُقَالُ لَهُمُ: النَّسْنَاسُ.
قُلْتُ: هَذَا كَقَوْلِ بَعْضِهِم: ذَهَبَ النَّاسُ، وَبَقِيَ النَّسْنَاسُ يُشْبِهُونَ النَّاسَ، وَليْسُوا بِنَاسٍ، وَلَعَلَّ هَؤُلاَءِ تَوَلَّدُوا مِنْ قِرَدَةٍ وَنَاسٍ، فَسُبْحَانَ القَادِرِ.
وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ رُئِيَ فِي النَّوْمِ، وَأَنَّهُ غُفِرَ لَهُ، وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ.
قَالَ السَّرَّاجُ فِي "تَارِيْخِهِ": مَاتَ بِالرَّبَذَةِ, مُنصَرَفَهُ مِنَ الحَجِّ, يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابن أخته: بلغ ثلاثًا وثمانين سنة.
وَدُعَابَةُ يَحْيَى مَعَ المُرْدِ أَمْرٌ مَشْهُوْرٌ، وَبَعْضُ ذَلِكَ لاَ يَثْبُتُ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشِيْخَ عَفَا اللهُ عَنْهُ، وَعَنَّا.(9/436)
1965- ابن السِّكِّيت 1:
شَيْخُ العَرَبِيَّةِ, أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ السِّكِّيْتِ البَغْدَادِيُّ النَّحْوِيُّ المُؤَدِّبُ مُؤلِفُ كِتَابِ "إصْلاَحِ المَنْطِقِ", دَيِّنٌ خَيِّرٌ, حُجَّةٌ فِي العَرَبِيَّةِ.
أَخَذَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ المُفَسِّرُ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مُؤَدِّباً، فَتَعَلَّمَ يَعْقُوْبُ، وَبَرَعَ فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَدَّبَ أَوْلاَدَ الأَمِيْرِ؛ محمد بن عبد الله بن طاهر, ثم ارْتَفَعَ مَحَلُّهُ، وَأَدَّبَ وَلَدَ المُتَوَكِّلِ.
وَلَهُ مِنَ التصانيف نحو من عشرين كتابًا.
رَوَى أَبُو عُمَرَ، عَنْ ثَعَلبٍ, قَالَ: مَا عَرَفْنَا لاِبْنِ السِّكِّيْتِ خَرْبَةٌ قَطُّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَدَّبَ مَعَ أَبِيْهِ الصِّبْيَانَ.
وَرَوَى، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، وأبي عبيدة، والفراء، وكتبه صحيحة نافعة.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 273"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "20/ 50"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 827"، والعبر "1/ 443"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 317" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 106".(9/436)
قَالَ ثَعْلَبٌ: لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفَاذٌ فِي النَّحْوِ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ: شَاوَرَنِي يَعْقُوْبُ فِي مُنَادَمَةِ المُتَوَكِّلِ، فَنَهَيْتُهُ، فَحَمَلَ قَوْلِي عَلَى الحَسَدِ، وَلَمْ يَنْتَهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي اللُّغَةِ، وَأَمَّا التَّصْرِيْفُ، فَقَدْ سَأَلَهُ المَازِنِيُّ عَنْ وَزْنِ "نَكْتَلْ"، فَقَالَ: "نَفْعَل", فَرَدَّهُ. فَقَالَ: "نَفْتَعِل". فَقَالَ: أَتَكُوْنُ أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ وَزْنُهَا خَمْسَةُ أَحْرُفٍ? فَوَقَفَ يَعْقُوْبُ، فَبَيَّنَ المَازِنِيُّ أَنَّ وَزْنَهُ "نَفْتَلُ". فَقَالَ الوَزِيْرُ ابْنُ الزَّيَّاتِ: تَأْخُذُ كُلَّ شَهْرٍ أَلفَيْنِ، وَلاَ تَدْرِي مَا وَزْنُ "نَكْتَل"? فَلَمَّا خَرَجَا, قَالَ ابْنُ السِّكِّيْتُ لِلْمَازِنِيِّ: هَلْ تَدْرِي مَا صَنَعْتَ بِي? فَاعْتَذَرَ.
وَلابْنِ السِّكِّيْتِ شِعْرٌ جَيِّدٌ.
وَيُرْوَى أَنَّ المُتَوَكِّلَ نَظَرَ إِلَى ابْنَيْهِ؛ المُعْتَزِّ وَالمُؤَيِّدِ، فَقَالَ لاِبْنِ السِّكِّيْتِ: مَنْ أَحَبُّ إِلَيْكَ: هُمَا, أَوِ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ? فَقَالَ: بَلْ قَنْبَر. فَأَمَرَ الأَتْرَاكَ فَدَاسُوا بَطْنَهُ، فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ.
وَقِيْلَ: حُمِلَ مَيْتاً فِي بِسَاطٍ. وَكَانَ فِي المُتَوَكِّلِ نَصْبٌ, نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ السِّكِّيْتِ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى صَدِيْقٍ لَهُ: قَدْ عَرَضْتُ حَاجَةً إِلَيْكَ، فَإِنْ نَجَحَتْ، فَالفَانِي مِنْهَا حَظِّيَ، وَالبَاقِي حَظُّكَ، وَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَالخَيْرُ مَظنُوْنٌ بِكَ، وَالعُذْرُ مُقَدَّمٌ لَكَ، وَالسَّلاَمُ.
قَالَ ثَعْلَبٌ: أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ أَعْلَمَ بِاللُّغَةِ مِنِ ابْنِ السِّكِّيْتِ، وَكَانَ المُتَوَكِّلُ قَدْ أَلْزَمَهُ تَأْدِيْبَ وَلَدِهِ المُعْتَزِّ، فَلَمَّا حَضَرَ, قَالَ لَهُ ابْنُ السِّكِّيْتِ: بِمَ تُحِبُّ أَنْ تَبْدَأَ? قَالَ: بِالانْصِرَافِ. قَالَ: فَأَقُوْمُ. قَالَ المُعْتَزُّ: فَأَنَا أَخَفُّ مِنْكَ، وَبَادَرَ، فعثر، فسقط، وَخَجِلَ. فَقَالَ يَعْقُوْبُ:
يَمُوْتُ الفَتَى مِنْ عَثْرَةٍ بِلِسَانِهِ ... وَلَيْسَ يَمُوْتُ المَرْءُ مِنْ عَثْرَةِ الرِّجْلِ
فَعَثْرَتُهُ بِالقَوْلِ تُذْهِبُ رَأْسَهُ ... وَعَثْرَتُهُ بِالرِّجْلِ تَبْرَا عَلَى مَهْلِ
قِيْلَ: كِتَابُ "إصْلاَحِ المَنْطِقِ" كِتَابٌ بِلاَ خُطْبَةٍ، وَكِتَابُ "أَدَبِ الكَاتِبِ" خُطْبَةٌ بِلاَ كِتَابٍ.
قَالَ أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ ثَعْلَباً يَقُوْلُ: عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبَادِيُّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي اللُّغَةِ. وَكَانَ يَقُوْلُ قَرِيْباً مِنْ ذَلِكَ فِي ابْنِ السِّكِّيْتِ.
قُلْتُ: "إصْلاَحُ المَنْطِقِ" كِتَابٌ نَفِيْسٌ مَشْكُوْرٌ فِي اللُّغَةِ.(9/437)
1966- حُميد بن زَنْجَويه 1: "د، س"
الإِمَامُ, الحَافِظُ الكَبِيْرُ, أَبُو أَحْمَدَ، واسمه: حميد بن مخلد بن قتيبة الأَزْدِيُّ, النَّسَائِيُّ, صَاحِبُ كِتَابِ "التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ"، وَكِتَابِ "الأَمْوَالِ"، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: النَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ الضُّبَعِيَّ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيَّ، وَروْحَ بنَ أَسْلَمَ، وَمُؤَمَّلَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ الكَاتِبَ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، فِي كِتَابَيْهِمَا، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ -وَلَكِنْ مَا وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ فِي "صَحِيْحَيْهِمَا"- وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ المُرِّيُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَتَّابِ بنِ الزِّفْتِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الرَّيَّانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ المُجَوِّدِيْنَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: هو الذي أظهر السنة بنسا.
قَالَ: وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ فِتْيَانِ خُرَاسَانَ مِثْلُ حَمِيْدَ بنَ زَنْجُوْيَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ شَبَّوَيْه.
قُلْتُ: آخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ.
وَذَكَرَهُ الحَاكِمُ, فَقَالَ: أَبُو أَحْمَدَ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ قَدِيْمُ الرِّحْلَةِ إِلَى الحِجَازِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقَيْنِ.... إِلَى أَنْ قَالَ: رَوَى عَنْهُ بِالعِرَاقِ إِمَامَا الحَدِيْثِ: إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلِ إِلَى أَنْ قَالَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: حَدَّثَنَا حَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ النَّسَائِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ فِي "شُيُوْخِ النَّبَلِ": مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنِ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 977"، وتاريخ بغداد "7/ 160"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 570"، وتهذيب التهذيب "3/ 48"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 124".(9/438)
قُلْتُ: ارْتَحَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ نَاشِراً لِعِلْمِهِ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى مِصْرَ, ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهُ المَنِيَّةُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ. هَذَا الصَّحِيْحُ فِي وَفَاتِهِ.
سَمِعْتُ أَبَا الحَجَّاجِ الحَافِظَ يَقُوْلُ لِشَيْخِنَا؛ أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ فِي سَنَةِ ست وتسعين وستمائة: أخبركم أبو الغنائم المسلم أحمد بن علي المازني سنة ثمان وعشرين وستمائة فَأَقَرَّ بِهِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ ببَعْلَبَكَّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الفُرَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا حَمِيْدُ بنُ زَنْجُوْيَةَ النَّسَوِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ أَنَّهُ قَالَ: الصِّيَامُ وَالقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِصَاحِبِهِمَا يَوْمَ القِيَامَةِ يَقُوْلُ الصِّيَامُ: يَا رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيْهِ، وَيَقُوْلُ القُرْآنُ: يَا رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيْهِ، فَيُشَفَّعَانِ فيه1. إسناده لين.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه أحمد "2/ 174" حدثنا موسى بن داود، حدثنا لهيعة، عن حُيَيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته ابن لهيعة، فإنه ضعيف مجمع على ضعفه. وحيي بن عبد الله هو ابن شريح المعافري، صدوق، وأبو عبد الرحمن الحبلي، هو عبد الله بن يزيد المعافري، ثقة.
لكن لابن لهيعة متابعة فقد أخرجه الحاكم "1/ 554" من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني حُيَيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن الحبلى، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده حسن، حيي بن عبد الله، صدوق كما قال الحافظ عن "التقريب".(9/439)
1967- أبو هَمَّام 1: "م، د، ت، ق"
الإِمَامُ, الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، أبو همام الوليد بن الإِمَامِ أَبِي بَدْرٍ شُجَاعِ بنِ الوَلِيْدِ بنِ قَيْسٍ السَّكُوْنِيُّ الكُوْفِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ أَبَاهُ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ جَعْفَرٍ، وَشَرِيْكَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَاضِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ، وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَطَبَقَتَهُم.
جَالَ في الحديث، وجمع وألف.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 334"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 28"، وتاريخ بغداد "13/ 443" والكاشف "3/ ترجمة 6176"، والمغني "2/ ترجمة 6858"، والعبر "1/ 441"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9374" وتهذيب التهذيب "11/ 135"، وتقريب التهذيب "2/ 333"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 104".(9/439)
حَدَّثَ عَنْهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: مَا أَخْرَجَ إِلَيَّ الشُّيُوْخُ كِتَاباً إِلاَّ وَفِيْهِ: فَرَغَ أَبُو هَمَّامٍ، فَرَغَ أَبُو هَمَّامٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا الغَلاَبِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: عِنْدَ أَبِي همام مائة ألف حديث عن الثقات.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: اكْتُبُوا عَنْهُ.
وَقَالَ سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ: مَا فَعَلَ ابْنُ أَبِي بَدْرٍ? كَانُوا يُضعِّفُوْنَهُ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: تَكَلَّمُوا فِي أَبِي هَمَّامٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَهُوَ عَلَى سَعَةِ عِلْمِهِ قَلَّ أَنْ تَجِدَ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً، وَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ هُوَ ثِقَةٌ.
مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فِي عَشْرِ التِّسْعِيْن.
وَقَعَ لِي مِنْ عواليه.(9/440)
1968- أبو حُذَافة 1: "ق"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ, أَبُو حُذَافَةَ أحمد بن إسماعيل بن مُحَمَّدِ بنِ نُبَيْهٍ السَّهْمِيُّ, القُرَشِيُّ, المَدَنِيُّ, نَزِيْلُ بَغْدَادَ، وَبَقِيَّةُ المُسْنِدِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ "المُوَطَّأَ"، فَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَمُسْلِمِ بنِ خَالِدٍ الزَّنْجِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَحَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَطَائِفَةٍ. انْفَرَدَ بالرواية عنهم، وعاش مائة عام.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "4/ 22"، وميزان الاعتدال "1/ 83"، والعبر "2/ 18"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 139".(9/440)
حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَبِي عِصْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ الوَرَّاقُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ -ثُمَّ تَرَكَهُ- وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المَحَامِلِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: سَأَلْتُ أَبَا مُصْعَبٍ عَنْ أَبِي حُذَافَةَ، فَقَالَ: كَانَ يَحْضُرُ مَعَنَا العَرْضَ عَلَى مَالِكٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ قوي السماع عن مالك.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ حَسَنَ الرَّأْي فِي أَبِي حُذَافَةَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُخَرِّجَ حَدِيْثَهُ فِي "الصَّحِيْحِ".
وَقَالَ الخَطِيْبُ: قَرَأْتُ بِخَطِّ الدَّارَقُطْنِيِّ: أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَبُو حُذَافَةَ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ, كَانَ مُغَفَّلاً, رَوَى "المُوَطَّأَ"، عَنْ مَالِكٍ مُسْتَقِيْماً، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ أَحَادِيْثُ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ "المُوَطَّأِ"، فَقَبِلَهَا, لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ البَاطِلَ.
قُلْتُ: مِمَّا نَقَمُوا عَلَيْهِ رِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعاً: "أَفْطَرَ الحَاجِمُ" 1.
وَبِهَذَا السَّنَدِ حَدِيْثُ: "قَضَى بِاليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ"2.
فَهَذَا إِسْنَادٌ مُرَكَّبٌ، وَلَمْ يَأْتِ أَبُو حُذَافَةَ بِمَتْنٍ بَاطِلٍ.
وَقَدْ رَمَاهُ بِالكَذِبِ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ الأَعْرَجُ.
مَاتَ يَوْمَ الفِطْرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَعَ لنا من عواليه.
__________
1 صحيح: ورد عن جماعة من الصحابة -رضوان الله عليهم- بلغ عددهم كما في "نصب الراية" للحافظ الزيلعي ثمانية عشر صحابيا، أجتزئ بذكر الصحيح عنهم حسب دون ذكر المعلول منها طلبا للاختصار: فقد ورد عن ثوبان: أخرجه الطيالسي "1/ 186"، وأحمد "5/ 277 و280 و382 و383"، وأبو داود "2367"، وابن ماجه "1680"، والدارمي "2/ 14"، وابن خزيمة "1962" و"1963" وابن حبان "899"، والحاكم "1/ 427"، والطحاوي "1/ 349"، والبيهقي "4/ 265" من طرق عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، به مرفوعا.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات، وقد صرح يحيى بن أبي كثير بالتحديث عند ابن حبان. وأبو أسماء الرحبي، هو عمرو بن مرثد الشامي الدمشقي. وأبو قلابة، هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري. وأخرجه أحمد "5/ 282" من طريق ابن جريج، أخبرني مكحول أن شيخا من الحي أخبره أن ثوبان مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فذكره، وأخرجه أحمد "5/ 276 و282"، من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن ثوبان، به، وورد عن شداد بن أوس عند أحمد "4/ 124"، والدارمي "2/ 14"، والبيهقي "4/ 265"، وورد عن رافع بن خديج: عند أحمد "3/ 465"، وابن خزيمة "1964"، والحاكم "1/ 428"، والبيهقي "4/ 465" وورد عن أنس بن مالك: عند البيهقي "4/ 268".
2 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته أحمد بن إسماعيل أبو حذافة، لكنه قد روى من حديث ابن عباس: عند مسلم "1712"، وأبي داود "3608" و"3609"، وابن ماجه "2370"، وأحمد "1/ 248 و315 و323".
وورد من حديث أبي هريرة: عند أبي داود "3610"، والترمذي "1343"، وابن ماجه "2368".
وورد من حديث جابر: عند الترمذي "1344"، وابن ماجه "2369"، وأحمد "3/ 305".(9/441)
1969- الحسن بن عيسى بن ماسَرْجِس 1: "م، د، س"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ, الجَلِيْلُ, أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الأَحْوَصِ سَلاَّمِ بنِ سُلَيْمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ مَوْلاَهُ، وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ حَرْبٍ، وَسُعَيرِ بنِ الخِمْسِ، وَنُوْحِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي معاوية الضرير، وطبقتهم.
رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَبِوَاسِطَةٍ النَّسَائِيُّ، وَالبُخَارِيُّ، فِي غَيْرِ "صَحِيْحِهِ"، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ.
كَانَ مِنْ كُبَرَاءِ النَّصَارَى، فَأَسْلَمَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ المَاسَرْجِسِيَّ, يَحْكِي عَنْ جَدِّهِ، وَغَيْرِهِ, قَالَ: كَانَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ ابْنَا عِيْسَى يَرْكَبَانِ مَعاً، فَيَتَحَيَّرُ النَّاسُ مِنْ حُسْنِهِمَا وَبَزَّتِهِمَا، فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُسْلِمَا، فَقَصَدَا حَفْصَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: أَنْتُمَا مِنْ أَجَلِّ النصارى، وابن المبارك قادم
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2547"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 124"، وتاريخ بغداد "7/ 351"، واللباب لابن الأثير "3/ 147"، والعبر "1/ 432"، وتهذيب التهذيب "2/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 94".(9/442)
لِيَحُجَّ، فَإِذَا أَسْلَمْتُمَا عَلَى يَدِهِ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ عِنْدَ المُسْلِمِيْنَ، وَأَرْفَعَ لَكُمَا، فَإِنَّهُ شَيْخُ المَشْرِقِ، فَانْصَرَفَا عَنْهُ، فَمَرِضَ الحُسَيْنُ، فَمَاتَ نَصْرَانِيّاً، فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ المُبَارَكِ أَسْلَمَ الحَسَنُ عَلَى يَدِهِ.
قُلْتُ: يَبْعُدُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا حَفْصٌ بِتَأخِيْرِ الإِسْلاَمِ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ عَالِمٌ، فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ، فَمَوْتُ الحُسَيْنُ مُرِيْداً لِلإِسْلاَمِ مُنْتَظِراً قُدُوْمَ ابْنِ المُبَارَكِ ليُسْلِمَ نَافِعٌ لَهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، عَنْ شُيُوْخِهِ: أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ نَزَلَ مَرَّةً بِرَأْسِ سِكَّةِ عِيْسَى، وكان الحسن بن عيسى يركب، فَيُجْتَازُ بِهِ وَهُوَ فِي المَجْلِسِ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ الشَبَابِ وَجْهاً، فَسَأَلَ ابْنُ المُبَارَكِ عَنْهُ، فَقِيْلَ: هُوَ نَصْرَانِيٌّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ الإِسْلاَمَ، فَاسْتُجِيْبَ لَهُ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عِيْسَى مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وَكَانَ عَاقِلاً: عُدَّ فِي مَجْلِسِهِ بِبَابِ الطَّاقِ اثْنَا عَشَرَ أَلفَ محْبَرَةٍ.
وَمَاتَ بِالثَّعْلَبِيَّةِ, مُنْصَرَفَهُ مِنْ مَكَّةَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ ابْنَي المُؤَمَّلِ بنِ الحَسَنِ يَقُوْلاَنِ: أَنْفَقَ جَدُّنَا فِي الحَجَّةِ التي توفي فيها ثلاثمائة أَلْفٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: فَحَجَجْتُ مَعَ ابْنَي المُؤمَّلِ، وَزُرْنَا بِالثَّعْلَبِيَّةِ قَبْرَ جَدِّهِمَا، فَقَرَأْتُ عَلَى لَوْحِ قَبْرِهِ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] .
هَذَا قَبْرُ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُؤَمَّلِ بنِ الحَسَنِ: سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى البَزَّازَ يَقُوْلُ لأَبِي رَجَاءٍ القَاضِي: كُنْتُ فِيْمَنْ حَجَّ مَعَ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى وَقْتَ مَوْتِهِ، فَاشْتَغَلْتُ بِحِفْظِ جَمَلِي عَنْ شُهُوْدِهِ، فَأُرِيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ: غَفَر لِي، وَلِكُلِّ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ. قُلْتُ: فَإِنِّي فَاتَنِيَ الصَّلاَةُ عَلَيْكَ لِغَيبَةِ عَدِيْلِي. فَقَالَ: لاَ تَجْزَعْ، وَغُفِرَ لِكُلِّ مَنْ يَتَرَحَّمُ عليَّ, رَحِمَهُ اللهُ.
قُلْتُ: وَفِي ذُرِّيَتِهِ وَأَقَارِبِهِ مُحَدِّثُوْنَ وَفُضَلاَءُ.(9/443)
1970- المتوكل على الله 1:
الخليفة, أبو الفضل, جعفر بن المعتصم بالله محمد بن الرَّشِيْدِ هَارُوْنَ بنِ المَهْدِيِّ بنِ المَنْصُوْرِ, القُرَشِيُّ العباسي البغدادي.
ولد سنة خمس ومائتين.
وَبُوْيِعَ عِنْدَ مَوْتِ أَخِيْهِ الوَاثِقِ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ:
حَكَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَيَحْيَى بنِ أَكْثَمَ.
وَكَانَ أَسْمَرَ جَمِيْلاً, مَلِيْحَ العَيِنَيْنِ, نَحِيْفَ الجِسْمِ, خَفِيْفَ العَارِضَيْنِ, رَبْعَةً وَأُمُّهُ اسْمُهَا شُجَاعٌ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: اسْتُخْلِفَ المُتَوَكِّلُ، فَأَظْهَرَ السُّنَّةَ، وَتَكَلَّمَ بِهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَتَبَ إِلَى الآفَاقِ بِرَفْعِ المِحْنَةِ، وَبَسْطِ السُّنَّةِ، وَنَصْرِ أَهْلِهَا. وَقَدْ قَدِمَ المُتَوَكِّلُ دِمَشْقَ، فِي صَفَرٍ سَنَةَ 244، فَأَعْجَبَتْهُ وَعَزَمَ عَلَى المُقَامِ بِهَا، وَنَقَلَ دَوَاوِيْنَ المُلْكِ إِلَيْهَا، وَأَمَرَ بِالبِنَاءِ بِهَا، وَأَمَرَ لِلأَتْرَاكِ بِمَالٍ رَضُوا بِهِ، وَأَنْشَأَ قَصْراً كَبِيْراً بِدَارَيَّا مِمَّا يَلِي المِزَّةَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَهْمِ: كَانَتْ لِلْمُتَوَكِّلِ جُمَّةٌ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ مِثْلَ أَبِيْهِ، وَالمَأْمُوْنِ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: رَجَعَ مِنْ دِمَشْقَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ إِلَى سَامَرَّاءَ. وَقِيْلَ: نُعِتَتْ لَهُ دِمَشْقَ، وَأَنَّهَا تُوَافِقُ مِزَاجَهُ، وَتُذْهِبُ عِلَلَهُ الَّتِي تَعْرِضُ لَهُ بِالعِرَاقِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: وحج بالناس قبل الخلافة.
وَكَانَ قَاضِي البَصْرَةِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ يَقُوْلُ: الخُلَفَاءُ ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ الرِّدَّةِ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، فِي رَدِّ المظَالِمِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَالمُتَوَكِّلُ فِي مَحْوِ البِدَعِ، وَإِظْهَارِ السُّنَّةِ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ: قَالَ لِي المُتَوَكِّلُ: إِنَّ الخُلَفَاءَ كَانَتْ تَتَصَعَّبُ عَلَى النَّاسِ ليُطِيْعُوهُمْ، وَأَنَا أُلِيْنُ لَهُمْ ليُحِبُّونِي وَيُطِيْعُونِي.
وحَكَى الأعْسَم أَنَّ عَلِيَّ بنَ الجَهْمِ دَخَلَ عَلَى المُتَوَكِّلِ، وَبِيَدِهِ دُرَّتَانِ يُقَلِّبُهُمَا، فَأَنْشَدَهُ قَصِيْدَةً لَهُ، فَدَحَا إِلَيْهِ بِالوَاحِدَةِ فَقَلَّبْتُهَا، فَقَالَ: تَسْتَنْقِصُ بِهَا? هِيَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ. فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ, لَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي أبيات آخذ بها الأخرى. وأنشأت أقول:
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "7/ 165"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 134"، والعبر "1/ 449"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 275"، وشذرات الذهب "2/ 114".(9/444)
بِسُرَّ مَنْ رَأَى إِمَامٌ عَدْلٌ ... تَغْرِفُ مِنْ بَحْرِهِ البِحَارُ
يُرْجَى وَيُخْشَى لِكُلِّ خَطْبٍ ... كَأَنَّهُ جَنَّةٌ وَنَارُ
المُلْكُ فِيْهِ وَفِي بَنِيْهِ ... مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ
لَمْ تَأَتِ مِنْهُ اليَمِيْنُ شيئا ... إلا أتت مثلها اليسار
فَدَحَا بِهَا إِلَيَّ، وَقَالَ: خُذْهَا, لاَ بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيْهَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَرُوِيَتْ هَذِهِ للبُحْتُرِيِّ فِي المُتَوَكِّلِ.
وَعَنْ مَرْوَانَ بنِ أَبِي الجَنُوْبِ أَنَّهُ مَدَحَ المُتَوَكِّلَ بِقَصِيْدَةٍ، فَوَصَلَهُ بِمائَةٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً وثِيَابٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَهْمِ: كَانَ المُتَوَكِّلُ مَشْغُوْفاً بِقَبِيْحَةَ لاَ يَصْبِرُ عَنْهَا. فَوَقَفَتْ لَهُ وَقَدْ كَتَبَتْ عَلَى خَدِّهَا بِالغَالِيَةِ: "جَعْفَرٌ"، فَتَأَمَّلَهَا, ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
وَكَاتِبَةٍ بِالمِسْكِ فِي الخَدِّ جَعْفَراً ... بِنَفْسِي مَحَطُّ المِسْكِ مِنْ حَيْثُ أَثَّرَا
لَئِنْ أَوْدَعَتْ سَطْراً مِنَ المِسْكِ خَدَّهَا ... لَقَدْ أَوْدَعَتْ قَلْبِي مِنَ الحُبِّ أَسْطُرَا
وفِي أَوَّلِ خِلاَفَتِهِ كَانَتِ الزَلْزَلَةُ بِدِمَشْقَ, سَقَطَ شُرُفَاتُ الجَامِعِ، وَانْصَدَعَ حَائِطُ المِحْرَابِ، وَهَلَكَ خَلْقٌ تحت الردم, دامت ثلاث سَاعَاتٍ، وَهَرَبَ النَّاسُ إِلَى المُصَلَّى يَسْتَغِيْثُونَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ فِي "تَارِيْخِهِ": وَمَاتَ تَحْتَ الهَدْمِ مُعْظَمُ أَهْلِهَا, كَذَا قَالَ، وَامْتَدَتْ إِلَى الجَزِيْرَةِ، وَهَلَكَ بِالمَوْصِلِ خَمْسُوْنَ أَلْفاً، وَبِأَنْطَاكِيَةَ عِشْرُوْنَ ألفًا، وبلي ابن أبي دؤاد بِالفَالِجِ.
وَفِي سَنَةِ 234: أَظْهَرَ المُتَوَكِّلُ السُّنَّةَ، وَزَجَرَ عَنِ القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الأَمْصَارِ، وَاسْتَقْدَمَ المُحَدِّثِيْنَ إِلَى سَامَرَّاءَ، وَأَجْزَلَ صِلاَتِهِمْ، وَرَوَوْا أَحَادِيْثَ الرُّؤْيَةِ وَالصِّفَاتِ، وَنَزَعَ الطَّاعَةَ مُحَمَّدُ بنُ البُعَيْثِ نَائِبُ أَذْرَبِيْجَانَ وَأَرْمِيْنِيَةَ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ بُغَا الشَّرَابِيُّ, ثُمَّ بَعْدَ فُصُوْلٍ أُسِرَ.
وَفِي سَنَةِ 235: أَلْزَمَ المُتَوَكِّلُ النَّصَارَى بِلُبْسِ العَسَلِي.
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ: أَحْضَرَ القُضَاةَ مِنَ البُلْدَانِ لِيَعْقِدَ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ لبَنِيْهِ: المُنْتَصِرِ مُحَمَّدٍ, ثُمَّ لِلْمُعْتَزِّ, ثُمَّ لِلْمُؤيَّدِ إِبْرَاهِيْمَ. وَكَانَتِ الوَقْعَةُ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ والروم، ونصر الله.
وفِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ: هَدَمَ المُتَوَكِّلُ قَبْرَ الحُسَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ البَسَّامِيُّ أَبْيَاتاً منها:(9/445)
أسفوا على أن لا يَكُوْنُوا شَارَكُوا ... فِي قَتْلِهِ فَتَتَّبعُوهُ رَمِيْمَا
وَكَانَ المُتَوَكِّلُ فِيْهِ نَصْبٌ وَانْحِرَافٌ فَهَدَم هَذَا المَكَانَ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ الدُّوْرِ، وَأَمَرَ أَنْ يُزْرَعَ، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْ انْتِيَابِهِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: هَكَذَا قَالَهُ أَرْبَابُ التَّوَارِيْخِ، وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ قَتَلَتِ الأُمَرَاءُ عَامِلَ أَرْمِيْنِيَةَ يُوْسُفَ، فَسَارَ لِحَرْبِهِم بُغَا الكَبِيْرُ، فَالتَقَوا، وَبَلَغَتِ المَقْتَلَةُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً. وَعَفَّى قَبْرَ الشَّهِيْدِ الحُسَيْنِ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ الدُّوْرِ. فَكَتَبَ النَّاسُ شُتَمَ المُتَوَكِّلِ عَلَى الحِيْطَانِ، وَهَجَتْهُ الشُّعَرَاءُ كَدِعْبِلٍ وَغَيْرِهِ, وَبَعَثَ المُتَوَكِّلُ إِلَى نَائِبِهِ بِمِصْرَ، فَحَلَقَ لِحْيَةَ قَاضِي القُضَاةِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي اللَّيْثِ, وضَرَبَهُ، وَطَوَّفَ بِهِ عَلَى حمار في رمضان، وسجن، وكان ظلومًا جَهْمِيّاً ثُمَّ وَلِيَ القَضَاءَ الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، فَكَانَ يَضْرِبُهُ كُلَّ حِيْنٍ عِشْرِيْنَ سَوْطاً ليُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِنَّا للهِ.
وَغَضِبَ المُتَوَكِّلُ على أحمد بن أبي دؤاد، وَصَادَرَهُ، وَسَجَنَ أَصْحَابَهُ، وَحُمِّلَ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَافْتَقَرَ هُوَ وَآلُهُ. وَولَّى يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ القَضَاءَ، وَأَطْلَقَ مَنْ تَبَقَّى فِي الاعْتِقَالِ مِمَّنِ امْتَنَعَ مِنَ القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَأُنْزِلَتْ عِظَامُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الشَّهِيْدِ، وَدَفَنَهَا أَقَارِبُهُ، وَبنَى قَصَرَ العَرُوْسِ بِسَامَرَّاءَ، وَأُنْفِقَ عَلَيْهِ ثَلاَثُونَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَالْتَمَسَ المُتَوَكِّلُ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَذَهَبَ إِلَى سَامَرَّاءَ وَلَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ, اسْتَعْفَى، فَأَعْفَاهُ، وَدَخَلَ عَلَى وَلَدِهِ المُعْتَزِّ، فَدَعَا لَهُ.
وفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ, عَصَى مُتَوَلِّي تَفْلِيْسَ، فَنَازَلهَا بُغَا، وَقَتَلَ مُتَوَلِّيْهَا، وَأَحْرَقَهَا، وَفَعَلَ القَبَائِحَ، وَافْتَتَحَ عِدَّةَ حصون.
وأقبلت الروم في ثلاثمائة مركب، فكبسوا دمياط، وسبوا ستمائة امْرَأَةٍ، وَأَحْرَقُوا، وَرَدُّوا مُسْرِعِيْنَ، فَحَصَّنَهَا المُتَوَكِّلُ.
وَفِي سَنَةِ 239 غَزَا يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الأَرْمَنِيُّ بِلاَدَ الروم حتى قرب من القُسْطَنْطِيْنِيَّة، وَأَحْرَقَ أَلْفَ قَرْيَةٍ، وَسَبَى عِشْرِيْنَ ألْفاً، وَقَتَلَ نَحْوَ العَشْرَةِ آلاَفٍ، وَعُزِلَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ مِنَ القَضَاءِ، وَأُخِذَ مِنْهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ جَرِيْبٍ، وَمَائةُ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ فِيْهَا سَمِعَ أَهْلُ خَلاَطٍ صَيحَةً مِنَ السَّمَاءِ مَاتَ مِنْهَا جَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ.
وَفِي سَنَةِ 241: مَاجَتِ النُّجُوْمُ، وَتنَاثَرَتْ شِبْهَ الجَرَادِ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، فَكَانَ ذَلِكَ آيَةً مُزْعِجَةً.
وَفِيْهَا خَرَجَ مَلِكُ البُجَاةِ، وَسَارَ المِصْرِيُّونَ لِحَرْبِهِ، فَحَمَلُوا عَلَى البُجَاةِ، فَنَفَرَتْ جِمَالُهُم، وَكَانُوا يقَاتِلُونَ, ثُمَّ تَمَزَّقُوا، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَجَاءَ مَلِكُهُمْ بِأَمَانٍ إِلَى المُتَوَكِّلِ، وَهُمْ يَعْبُدُوْنَ الأصنام.(9/446)
وَفِي سَنَةِ 242: الزَلْزَلَةُ بِقُومِسَ، وَالدَّامَغَانِ، وَالرَّيِّ، وَطَبَرِسْتَانَ، وَنَيْسَابُوْرَ، وَأَصْبَهَانَ، وَهَلَكَ مِنْهَا بِضْعَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ أَلْفاً، وانهد نصف مدينة الدامغان.
وفي سنة 244: نفى المتوكل طبيبه يختيشوع1. وَاتَّفَقَ عِيْدُ النَّحْرِ وَعِيْدُ النَّصَارَى وَعِيْدُ الفَطِيْرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
وَفِي سَنَةِ 245: عَمَّتِ الزَلْزَلَةُ الدُّنْيَا، وَمَاتَ مِنْهَا خَلاَئِقُ. وَبنَى المُتَوَكِّلُ المَاحُوْزَةَ، وَسَمَّاهَا الجَعْفَرِيَّ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا بَعْدَ مُعَاوَنَةِ الجَيْشِ لَهُ أَلْفَي أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهَا، وَفِيْهَا وَقَعَ بِنَاحِيَةِ بَلْخَ مَطَرٌ كَالدَّمِ العَبِيْطِ.
وَكَانَ المُتَوَكِّلُ جَوَاداً مُمَدَّحاً لَعَّاباً، وَأَرَادَ أَنْ يَعْزِلَ مِنَ العَهْدِ المُنْتَصِرَ، وَيُقدِّمَ عَلَيْهِ المُعْتَزَّ لِحُبِّهِ أُمَّهُ قَبِيْحَةَ، فَأَبَى المُنْتَصِرُ، فَغَضِبَ أَبُوْهُ، وَتَهَدَّدَهُ، وَأَغْرَى بِهِ، وَانْحَرَفَتِ الأَتْرَاكُ عَلَى المُتَوَكِّلِ لمُصَادَرَتِهِ وَصِيْفاً وَبُغَا حَتَّى اغْتَالُوهُ.
قَالَ المُبَرِّدُ: قَالَ المُتَوَكِّلُ لِعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الرِّضَا: مَا يَقُوْلُ وَلَدُ أَبِيْكَ فِي العَبَّاسِ? قَالَ: مَا تَقُوْلُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي رَجُلٍ فَرَضَ اللهُ طَاعَتَهُ عَلَى نَبِيِّهِ، وَذَكَرَ حِكَايَةً طَوِيْلَةً، وَبَكَى المُتَوَكِّلُ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الحَسَنِ, لَيَّنْتَ مِنَّا قُلُوْباً قَاسِيَةً, أَعَلَيْكَ دَيْنٌ? قَالَ: نَعَمْ, أَرْبَعَةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ فَأَمَرَ لَهُ بِهَا.
حَكَى المَسْعُوْدِيُّ أَنَّ بُغَا الصَّغِيْرَ دَعَا بِبِاغِرَ التركي، فكلمه، وقال: قَدْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّ المُنْتَصِرَ عَامِلٌ عَلَى قَتْلِي، فَاقْتُلْهُ. قَالَ: كَيْفَ بِقَتْلِهِ وَالمُتَوَكِّلُ بَاقٍ? إِذاً يُقَيِّدُكُمْ بِهِ, قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ? قَالَ: نَبْدَأُ بِهِ, قَالَ: وَيْحَكَ وَتَفْعَلُ?! قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَادْخُلْ عَلَى أَثَرِي، فَإِنْ قَتَلْتُهُ، وَإِلاَّ فَاقْتُلْنِي، وَقُلْ: أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ مَوْلاَهُ. فَتَمَّ التَّدْبِيْرُ، وَقُتِلَ المُتَوَكِّلُ.
وَحَدَّثَ البُحْتُرِيُّ قَالَ: اجْتَمَعْنَا فِي مَجْلِسِ المُتَوَكِّلِ، فَذُكِرَ لَهُ سَيْفٌ هِنْدِيٌّ، فَبَعَثَ إِلَى اليَمَنِ، فَاشْتُرِيَ لَهُ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ، فَأَعْجَبَهُ. وَقَالَ لِلْفَتْحِ: ابْغِنِي غُلاَماً أَدْفَعْ إِلَيْهِ هَذَا السَّيْفَ لاَ يُفَارِقُنِي بِهِ، فَأَقْبَلَ بَاغِرُ، فَقَالَ الفَتْحُ بنُ خَاقَانَ: هَذَا مَوْصُوْفٌ بِالشَّجَاعَةِ وَالبَسَالَةِ فَأَعْطَاهُ السَّيْفَ، وَزَادَ فِي أَرْزَاقِهِ. فَمَا انْتَضَى السَّيْفَ إِلاَّ لَيْلَةً, ضَرَبَهُ بِهِ بَاغِرُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ المُتَوَكِّلِ فِي لَيْلَتِهِ عَجَباً, رَأَيْتُهُ يَذُمٌّ الكِبْرَ وَيتَبَرَّأُ مِنْهُ. ثُمَّ سَجَدَ وَعَفَّرَ وَجْهَهُ وَنَثَرَ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَتَطَيَّرْتُ لَهُ, ثُمَّ جَلَسَ، وَعَمِلَ فِيْهِ النَّبِيْذُ، وَغُنِّيَ صَوْتاً أَعْجَبَهُ، فَبَكَى، فَتَطَيَّرْتُ مِنْ بُكَائِهِ. فَإِنَّا فِي ذَلِكَ إِذْ بَعثَتْ لَهُ قَبِيْحَةُ خِلْعَةً اسْتَعْمَلَهَا دِرَاعَةً حَمْرَاءَ من خز
__________
1 هو: يخيشوع بن جبريل، طبيب نصراني، له تصانيف عديدة، توفى سنة ستين ومائتين.(9/447)
وَمِطْرَفِ خَزٍّ، فَلَبِسَهُمَا, ثُمَّ تَحَرَّكَ فِي المِطْرَفِ، فَانْشَقَّ، فَلَفَّهُ، وَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ ليَكُوْنَ كَفَنِي، فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ, انْقَضَتْ وَاللهِ المُدَّةُ. وَسَكِرَ المُتَوَكِّلُ سُكْراً شَدِيْداً. وَمَضَى مِنَ اللَّيْلِ إِذْ أَقْبَلَ بَاغِرُ فِي عَشْرَةِ مُتَلَثِمِيْنَ تَبْرُقُ أَسْيَافُهُم، فَهَجَمُوا عَلَيْنَا، وَقَصَدُوا المُتَوَكِّلَ، وَصَعِدَ بَاغِرُ وَآخَرُ إِلَى السَّرِيْرِ، فصَاحَ الفَتْحُ: وَيلَكُم مَوْلاَكُمْ. وَتَهَارَبَ الغِلْمَانُ، وَالجُلَسَاءُ، وَالنُّدَمَاءُ، وَبَقِيَ الفَتْحُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْوَى نَفساً مِنْهُ بَقِيَ يُمَانِعُهُم، فَسَمِعْتُ صَيْحَةَ المُتَوَكِّلِ إِذْ ضَرَبَهُ بَاغِرُ بِالسَّيْفِ المَذْكُوْرِ عَلَى عَاتِقِهِ، فَقَدَّهُ إِلَى خَاصِرَتِهِ، وَبَعَجَ آخَرُ الفَتْحَ بِسَيْفِهِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَهُوَ صَابِرٌ لا يزول, ثم طرح نَفْسَهُ عَلَى المُتَوَكِّلِ، فَمَاتَا فَلُفَّا، فِي بِسَاطٍ ثُمَّ دُفِنَا مَعاً، وَكَانَ بُغَا الصَّغِيْرُ اسْتَوْحَشَ مِنَ المُتَوَكِّلِ لِكَلاَمٍ، وَكَانَ المُنْتَصِرُ يَتَأَلَّفُ الأَتْرَاكَ لاَ سِيِّمَا مَنْ يُبْعِدُهُ أَبُوْهُ.
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ: وَنُقِلَ فِي مَقْتَلِهِ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ أَنْفَقَ المُتَوَكِّلُ، فِيْمَا قِيْلَ عَلَى الجَوْسَقِ، وَالجَعْفَرِيِّ وَالهَارُوْنِيِّ أَكْثَرَ مِنْ مَائَتَي أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ سُرِّيَّةٍ وَطِئَ الجَمِيْعَ. وَقُتِلَ وَفِي بَيْتِ المَالِ أَرْبَعَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَسَبْعَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ولا يعلم أحد من رءوس الجِدِّ، وَالهَزْلِ إِلاَّ وَقَدْ حَظِيَ بِدَوْلَتِهِ، وَاسْتَغْنَى، وَقَدْ أَجَازَ الحُسَيْنَ بنَ الضَّحَّاكِ الخَلِيْعَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَبْيَاتٍ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ. وَفِيْهِ يَقُوْلُ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ:
جَاءتْ مَنِيَّتُهُ وَالعَيْنُ هَاجِعَةٌ ... هَلاَّ أَتَتْهُ المنَايَا وَالقَنَا قُصُدُ
خَلِيْفَةٌ لَمْ يَنَلْ مِنْ مَالِهِ أَحَدٌ ... وَلَمْ يُصَغْ مِثْلُهُ رُوْحٌ وَلاَ جَسَدُ
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَهْمِ: أَهْدَى ابْنُ طَاهِرٍ إِلَى المُتَوَكِّلِ وَصَائِفَ عِدَةً، فِيْهَا مَحْبُوبَةُ، وَكَانَتْ شَاعِرَةً عَالِمَةً بِصُنُوْفٍ مِنَ العِلْمِ عَوَّادَةً، فَحَلَّتْ مِنَ المُتَوَكِّلِ مَحَلاًّ يَفُوتُ الوَصْفَ، فَلَمَّا قُتِلَ ضُمَّتْ إِلَى بُغَا الكَبِيْرِ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ يَوْماً لِلْمُنَادَمَةِ، فَأَمَرَ بِهَتْكِ السِّتْرِ، وَأَمَرَ القِيَانَ، فَأَقْبَلْنَ يَرْفُلْنَ فِي الحُلِيِّ وَالحُلَلِ، وَأَقْبَلَتْ هِيَ فِي ثِيَابٍ بِيْضٍ، فَجَلَسَتْ مُنْكَسِرَةً، فَقَالَ: غَنِّي. فَاعْتَلَّتْ، فَأَقْسَمَ عَلَيْهَا، وَأَمَرَ بالعود فوضع في حجرها، فغنت ارتجالا:
أَيُّ عَيْشٍ يَلَذُّ لِي ... لاَ أَرَى فِيْهِ جَعْفَرَا
مَلِكٌ قَدْ رَأَيْتُهُ ... فِي نَجِيْعٍ مُعَفَّرَا
كُلُّ مَنْ كَانَ ذَا خَبَا ... لٍ وَسُقْمٍ فَقَدْ بَرَا
غَيْرَ مَحْبُوْبَةَ الَّتِي ... لَوْ تَرَى المَوْتَ يُشْتَرَى
لاشْتَرَتْهُ بِمَا حَوَتْـ ... ـهُ يَدَاهَا لِتُقْبَرَا
فَغَضِبَ بُغَا، وَأَمَرَ بِسَحْبِهَا، وَكَانَ آخِرَ العَهْدِ بِهَا.
وَبُوْيِعَ المُنْتَصِرُ مِنَ الغَدِ بِالقَصْرِ الجَعْفَرِيِّ يَوْمَ خَامِسِ شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقِيْلَ: لَمْ يَصُّح عَنْهُ النَّصْبُ، وَقَدْ بَكَى مِنْ وَعْظِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيِّ العَلَوِيِّ، وَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
لِلْمُتَوَكِّلِ مِنَ البَنِيْنَ: المُنْتَصِرُ مُحَمَّدٌ، وَمُوْسَى، وَأُمُّهُمَا حَبَشِيَّةُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المُعْتَزُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ، وَأُمُّهُمَا قَبِيْحَةٌ، وَالمُؤَيَّدُ إِبْرَاهِيْمُ، وَأَحْمَدُ وَهُوَ المُعْتَمِدُ، وَأَبُو الحُمَيْدِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ شُجَاعٌ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ، وَخلَّفَتْ أَمْوَالاً لاَ تُحْصَرُ, مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِيْنَارٍ مِنَ العين وحده.(9/448)
1971- المنتصر بالله 1:
الخَلِيْفَةُ, أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ المتوكل على الله جعفر بن المُعْتَصِم مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ الهَاشِمِيُّ, العَبَّاسِيُّ. وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ رُوْمِيَّةٌ, اسْمُهَا حَبَشِيَّةُ.
وَكَانَ أَعْيَنَ أَسْمَرَ أَقْنَى, مَلِيْحَ الوَجْهِ, مُضَبَّراً رَبْعَةً, كَبِيْرَ البَطْنِ, مَلِيْحاً مَهِيْباً.
وَلَمَّا قُتِلَ أَبُوْهُ دَخَلَ إِلَيْهِ قَاضِي القُضَاةِ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الهَاشِمِيُّ، فَقَالُوا لَهُ: بايِعْ. قَالَ: وَأَيْنَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ -يَعْنِي: المُتَوَكِّل- قَالَ: قَتَلَهُ الفَتْحُ بنُ خَاقَانَ. قَالَ: وَأَيْنَ الفَتْحُ? قَالَ: قَتَلَهُ بُغَا. قَالَ: فَأَنْتَ وَلِيُّ الدَّمِ، وَصَاحِبُ الثَأْرِ. فَبايَعَهُ وَبَايَعَهُ الوَزِيْرُ وَالكِبَارُ, ثُمَّ صَالَحَ المُنْتَصِرُ إِخْوَتَهُ عَنْ مِيْرَاثِهِمْ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَنفَى عَمَّهُ عَلِيّاً إِلَى بَغْدَادَ، وَرسَّمَ عَلَيْهِ.
وَكَانَ المُنْتَصِرُ وَافِرَ العَقْلِ, رَاغِباً فِي الخَيْرِ, قَلِيْلَ الظُّلْمِ, بَارّاً بِالعَلَوِيْين.
قِيْلَ إِنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: يَا بُغَا أَيْنَ أَبِي? مَنْ قَتَلَ أَبِي?! وَيَسُبُّ الأَترَاكَ، وَيَقُوْلُ: هَؤُلاَءِ قَتَلَةُ الخُلَفَاءِ، فَقَالَ بُغَا الصَّغِيْرُ للَّذِيْنَ قَتَلُوا المُتَوَكِّلَ: مَا لَكُمْ عِنْدَ هَذَا رِزْقٌ. فَعَملُوا عَلَيْهِ، وَهَمُّوا، فَعَجِزُوا عَنْهُ؛ لأَنَّهُ كَانَ شُجَاعاً مَهِيْباً يَقِظاً مُتَحِرِّزاً لاَ كَأَبِيْهِ، فَتَحَيَّلُوا إِلَى أَنْ دَسُّوا إِلَى طَبِيْبِهِ ابْنِ طَيْفُوْرَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ عِنْدَ مَرَضِهِ، فَأَشَارَ بِفَصْدِهِ, ثُمَّ فَصَدَهُ بِرِيْشَةٍ مَسْمُومَةٍ، فَمَاتَ مِنْهَا.
وَيُقَالُ: إِنَّ طَيْفُوْرَ نَسِيَ وَمَرِضَ، وَافْتُصِدَ بِتِلْكَ الرِّيْشَةِ، فَهَلَكَ. وقال بعض الناس: بل
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "2/ 119"، والعبر "1/ 452"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 289"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 327"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 118".(9/449)
حَصَلَ لِلْمُنْتَصِرِ مَرَضٌ فِي أُنْثَيَيْهِ، فَمَاتَ مِنْهُ فِي ثَلاَثِ لَيَالٍ. وَيُقَالُ: مَاتَ بِالخَوَانِيْقِ. وَيُقَالُ: سُمَّ فِي كُمَّثْرَاةٍ بِإِبْرَةٍ.
وَوَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ: ذَهَبَتْ يَا أَمَّاهُ مِنِّيَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ, عَاجَلْتُ أَبِي فعُوْجِلْتُ.
وَكَانَ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ وَاطَأَ عَلَى قَتْلِ أَبِيْهِ، فَمَا أُمْهِلَ وَوَزَرَ لَهُ أَحْمَدُ بنُ الخَصِيْبِ؛ أَحَدُ الظَّلَمَةِ.
وذَكَرَ المَسْعُوْدِيُّ أَنَّهُ أَزَالَ عَنِ الطَّالِبِيِّيْنَ مَا كَانُوا فِيْهِ مِنَ الخَوْفِ وَالمِحْنَةِ مِنْ مَنْعِهِم مِنْ زِيَارَةِ تُرْبَةِ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ، وَرَدَّ فَدَكَ إِلَى آلِ عَلِيٍّ، وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ البُحْتُرِيُّ:
وَإِنَّ عَلِيّاً لأَوْلَى بِكُمْ ... وَأَزْكَى يَداً عِنْدَكُمْ من عمر
وَكُلّ لَهُ فَضْلُهُ وَالحَجُوْ ... لُ يَوْمَ التَّرَاهُنِ دُوْنَ الغُرَرْ
وَقَالَ يُرِيْدُ المُهَلَّبِيَّ:
وَلَقَدْ بَرَرْتَ الطالبية بعدما ... دَفُّوا زَمَاناً بَعْدَهَا وَزَمَانَا
وَرَدَدْتَ أُلْفَةَ هَاشِمٍ فَرَأَيْتَهُم ... بَعْدَ العَدَاوَةِ بَيْنَهُم إِخْوَانَا
ثُمَّ إِنَّ المُنْتَصِرَ تَمَكَّنَ، وَخَلَعَ مِنَ العَهْدِ إِخْوَتَهُ: المُعْتَزَّ وَإِبْرَاهِيْمَ.
وَمِنْ كَلاَمِ المُنْتَصِرِ إِذْ عَفَا عَنْ أَبِي العَمَرَّدِ الشَّارِيِّ: لَذَّةُ العَفْوِ أَعْذَبُ مِنْ لَذَةِ التَّشَفِّي، وَأَقْبَحُ فَعَالِ المُقْتَدَرِ الانْتِقَامُ.
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ: كَانَ المُنْتَصِرُ أَظْهَرَ الإِنْصَافَ فِي الرَّعِيَّةِ، فَمَالُوا إِلَيْهِ مَعَ شِدَّةِ هَيْبَتِهِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ يَحْيَى المُنَجِّمُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ المُنْتَصِرِ، وَلاَ أَكْرَمَ فعَالاً بِغَيْرِ تَبَجُّحٍ, لَقَدْ رَآنِي مغمومًا، فسألني، فوريت، فاستحلفني، فذكرت إِضَاقَةً فِي ثَمَنِ ضَيْعَةٍ، فَوَصَلَنِي بِعِشْرِيْنَ أَلْفاً.
وجَلَسَ مَرَّةً لِلَّهْوِ، فَرَأَى فِي بَعْضِ البُسُطِ دَائِرَةً فِيْهَا فَارِسٌ عَلَيْهِ تَاجٌ، وَحَوْلَهُ كِتَابَةٌ فَارِسِيَّةٌ، فَطَلَبَ مَنْ يَقْرَأ، فَأُحْضِرَ رَجُلٌ، فَنَظَرَ، فَإِذَا فِيْهَا: ... فَقَطَّبَ وَسكَتَ، وَقَالَ: لاَ مَعْنَى لَهُ، فَأَلَحَّ المُنْتَصِرُ عَلَيْهِ, قَالَ فِيْهَا: أَنَا شِيْرَوَيْه بنُ كِسْرَى بنِ هِرْمِز, قَتَلْتُ أَبِي، فَلَمْ أُمَتَّعْ بِالمُلْكِ سِوَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ. قَالَ: فَتَغَيَّرَ وَجْهُ المُنْتَصِرِ، وَقَامَ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: قَالَ لِي المُنْتَصِرُ: يَا جَعْفَرُ, لَقَدْ عُوْجِلْتُ، فَمَا أُذنِي بِأُذُنِي، وَلاَ أُبْصِرُ بعيني.(9/450)
قُلْتُ: قَلَّ مَا وَقَعَ فِي دَوْلَتِهِ مِنَ الحَوَادِثِ لِقِصَرِ المُدَّةِ، وَعَاشَ سِتّاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً سَامَحَهُ اللهُ.
وَمَاتَ فِي خَامَسِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَكَانَتْ خِلاَفَتَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّاماً.
وَكَانَ قَدْ أَبْعَدَ، وَصِيْفاً فِي عَسْكَرٍ إِلَى ثَغْرِ الرُّوْمِ، وَكَانَ قَدْ أَلَحَّ عَلَيْهِ هُوَ، وَبُغَا، وَابْنُ الخَصِيْبِ فِي خَلْعِ إِخْوَتِهِ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَلِيَ المُعْتَزُّ، فَيَسْتَأَصِلُهُم، فَاعْتُقِلا، وَتَمَنَّعَ أَوَّلاً المُعْتَزُّ, ثُمَّ خَافَ، وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَنَّهُمَا يَعْجِزَانِ عَنِ الإِمَامَةِ. فَقَالَ المُنْتَصِرُ: أَتَرَيَانِي خَلَعْتُكُمَا طَمَعاً فِي أَنْ أَعِيْشَ بعدكما حتى يكبر ابني عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَعْهَدَ إِلَيْهِ?! وَاللهِ مَا طَمِعْتُ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ أَلَحُّوا عليَّ، وَخِفْتُ عَلَيْكُمَا مِنَ القَتْلِ، فَقَبَّلا يَدَهُ، وضَمَّهُمَا إِلَيْهِ.
وَلِلْمُنْتَصِرِ مِنَ الوَلَدِ: أَحْمَدُ، وَعلِيٌّ، وَعَبْدُ اللهِ، وعمر.(9/451)
1972- المستعين بالله 1:
الخليفة, أبو العباس أحمد بن المُعْتَصِمِ بِاللهِ؛ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ ابنِ المَهْدِيِّ العَبَّاسِيُّ, أَخُو الوَاثِقِ وَالمُتَوَكِّلِ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَبُوْيِعَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ, عِنْدَ مَوْتِ أَخِيْهِ المُنْتَصِرِ.
وَكَانَ أَحْمَرَ الوَجْهِ, رَبْعَ القَامَةِ, خَفِيْفَ العَارِضَيْنِ, مَلِيْحَ الصُّوْرَةِ, بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ, بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ طُوْلٌ, يَلْثَغُ بِالسِّيْنِ كَالثَّاءِ.
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.
وَكَانَ مِتْلاَفاً لِلْمَالِ, مُبَذِّراً، فَرَّقَ الجَوَاهِرَ، وَفَاخِرَ الثِّيَابِ, اخْتَلَّتِ الخِلاَفَةُ بِوِلاَيَتِهِ، وَاضْطَرَبَتِ الأُمُوْرُ.
اسْتَوْزَرَ أَبَا مُوْسَى أُوْتَامُشَ بِإِشَارَةِ كَاتِبِهِ شُجَاعِ بنِ القَاسِمِ, ثُمَّ قَتَلَهُمَا، وَاسْتَوْزَرَ أَحْمَدَ بنَ صَالِحِ بنِ شَبَرْزَاذَ. وَلَمَّا قَتَلَ بَاغَرَ التُّرْكِيَّ الَّذِي قَتَلَ المُتَوَكِّلَ, غَضِبَتْ لَهُ المَوَالِي، وَكَانَ المُسْتَعِيْنُ مِنْ تَحْتِ أَوَامِرِ وَصِيْفٍ وَبُغَا، وَكَانَ جَيِّدَ الأدب, حسن الفضيلة، واسم أمه مخارق.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "5/ 64"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 93"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد لحنبلي "2/ 124".(9/451)
وَلَمَّا مَاتَ المُنْتَصِرُ, اسْتَوْزَرَ الأُمَرَاءَ وَابْنَ أَبِي الخَصِيْبِ، فَقَالَ لَهُم أُوْتَامُشُ: مَتَى وَلَّيْتُمْ أَحَداً مِنْ، وَلَدِ المُتَوَكِّلِ, لاَ يُبْقِي مِنَّا أَحَداً، فَقَالُوا: مَا لَهَا إِلاَّ أَحْمَدَ بنَ المُفْتَصِدِ, هُوَ ابْنُ أُسْتَاذِنَا. فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى المُنَجِّمُ سِرّاً: أَتُوَلُّوْنَ رَجُلاً يَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ مِنَ المُتَوَكِّلِ اصْطَنِعُوا مَنْ يَعْرِفُ لَكُم ذَاكَ. فَأَبَوْا، وَبَايَعُوْهُ، وَاسْتَقَلَّ أَيَّاماً، فَبَيْنَا هُوَ قَدْ دَخَلَ مَجْلِسَ الخِلاَفَةِ, إِذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الغَوْغَاءِ، وَالشَّاكِرِيَّةِ1، وَالجُنْدِ نَحْوَ الأَلْفِ فِي السِّلاَحِ، وَصَاحُوا: المُعْتَزُّ يَا مَنْصُوْرُ. فَنَشَبَتِ الحَرْبُ وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ، وَمَضَى المُسْتَعِيْنُ إِلَى القَصْرِ الهَارُوْنِيِّ، فَبَاتَ بِهِ، وَنَهَبَتِ الغَوْغَاءُ الدَّارَ وَعِدَّة دورٍ، وَحَازُوا سِلاَحاً كَثِيْراً، فَزَجَرَهُمْ بُغَا الصَّغِيْرُ عَنْ دَارِ الخِلاَفَةِ، وَكَثُرَتِ القَتْلَى، فَبَذَلَ المُسْتَعِيْنُ الخَزَائِنَ، فَسَكَنُوا، وَبُوْيِعَ لَهُ بِبَغْدَادَ، وَأَمِيْرُهَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ.
ثُمَّ غَضِبَ المُسْتَعِيْنُ بِإِشَارَةِ أَوْتَامُشَ الوَزِيْرِ عَلَى أَحْمَدَ بنِ الخَصِيْبِ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ، وَنَفَاهُ إِلَى جَزِيْرَةِ أَقْرِيْطِشِ1.
وَمَاتَ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ مُتَوَلِّي خُرَاسَانَ، فَوَلَّى المُسْتَعِيْنُ ابْنَهُ مُحَمَّدَ بنَ طَاهِرٍ مَوْضِعَهُ، وَوَلَّى العِرَاقَ وَالحَرَمَيْنِ أَخَاهُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ.
وَمَاتَ بُغَا الكَبِيْرُ، فَوَلَّى مَكَانَهُ وَلَدَهُ مُوْسَى بنَ بُغَا. وَسَجَنَ المُعْتَزَّ وَالمُؤَيَّدَ، وضَيَّقَ عَلَيْهِمَا، وَاشْتَرَى أَمْلاَكَهُمَا كُرْهاً. وَقرَّرَ لَهُمَا فِي العَامِ نَيِّفاً وعشرين ألف دينار ليس إلا.
وَعَقَدَ لأَوْتَامُشَ مَعَ الوِزَارَةِ الإِمْرَةَ عَلَى مِصْرَ وَسَائِرِ المَغْرِبِ. وَنَفَى عُبَيْدَ اللهِ بنَ يَحْيَى بنِ خَاقَانَ إِلَى بَرْقَةَ. وَأَنْفَقَ أَلْفَي أَلْفِ دِيْنَارٍ فِي الجُنْدِ، وَقُتِلَ عَلِيُّ بنُ يَحْيَى الأَرْمَنِيُّ، وَعُمَرُ الأَقْطَعُ, مُجَاهِدَيْنِ بِبِلاَدِ الرُّوْمِ. وَكَثُرَتِ الأَتْرَاكُ بِبَغْدَادَ، وَتَمَكَّنُوا، وَعَسَفُوا، وَآذَوا العَامَةَ، فثَارَتِ الشَّاكِرِيَةُ وَالجُنْدُ، وَأَحْرَقُوا الجِسْرَ، وَانْتَهَبُوا الدَّوَاوِيْنَ، وَهَاجَ مِثْلُهُم بِسَامَرَّاءَ، فَرَكِبَ بُغَا وَأَوْتَامُشُ وَوَضَعُوا السَّيْفَ، وَقَتَلُوا عِدَّةً، وَتَنَاخَتِ العَامَةُ، فَقَتَلُوا طَائِفَةً مِنَ الأَتْرَاكِ، وَعَظُمَ الخَطْبُ، وَخَرَجَ وَصِيْفٌ، فَأَمَرَ بِإِحْرَاقِ الأَسْوَاقِ, ثُمَّ بَعْدَ يَسِيْرٍ قُتِلَ أَوْتَامُشُ، وَوَزَرَ ابْنُ يَزْدَاذَ، وَعُزِلَ، عَنِ القَضَاءِ جَعْفَرٌ الهَاشِمِيُّ.
وَدَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَخَرَجَ بِطَبَرِسْتَانَ الحَسَنُ بنُ زَيْدٍ الحَسَنِيُّ، وَعَظُمَ سُلْطَانُهُ، وَحَكَمَ عَلَى عِدَّةِ مَدَائِنَ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ كُلُّ مُرِيْبٍ، وَهَزَمَ جَيْشَ ابْنِ طَاهِرٍ مَرَّتَيْنِ، وَوَصَلَ إِلَى هَمَذَانَ، فجهز المستعين له جيشًا.
__________
1 الشاكرية: الأجراء والمستخدمون، وهي كلمة فارسية معربة.
2 جزيرة أقريطش: اسم جزيرة في البحر الأبيض المتوسط كما قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان".(9/452)
وَفِيْهَا: عَقَدَ المُسْتَعِيْنُ لاِبْنِهِ عَبَّاسٍ عَلَى العِرَاقِ وَالحِجَازِ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ ظَهَرَ: بِقَزْوِيْنَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيُّ، فَتَمَلَّكَهَا، وَكَانَ هُوَ وَأَحْمَدُ بنُ عِيْسَى الزَّيْدِيُّ قَدِ اتّفَقَا، وَقَتَلاَ خَلْقاً بِالرَّيِّ، وَعَاثَا فَأُسِرَ أَحَدُهُمَا، وَقُتِلَ الآخَرُ.
وَخَرَجَ بِالحِجَازِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يُوْسُفَ الحَسَنِيُّ، وَتَبِعَهُ الأَعْرَابُ، فَعَاثَ، وَأَفْسَدَ مَوْسِمَ الحَاجِّ. وَقَتَلَ مِنَ الوَفْدِ أَزْيَدَ مِنْ أَلْفٍ, ثُمَّ قَصَمَهُ الله بالطاعون هو وكثير من جنده.
وَهَاجَتِ الفِتْنَةُ الكُبْرَى بِالعِرَاقِ، فَتَنَكَّرَ التُّرْكُ لِلْمُسْتَعِيْنِ، فَخَافَ، وَتَحَوَّلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَنَزَلَ بِالجَانِبِ الغَرْبِيِّ عَلَى نَائِبِهِ ابْنِ طَاهِرٍ، فَاتَّفَقَ الأَتْرَاكُ بِسَامَرَّاءَ، وَبَعَثُوا يَعْتَذِرُوْنَ، وَيَسْأَلُونَهُ الرُّجُوْعَ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَغَضِبُوا، وَقَصَدُوا السِّجْنَ، وَأَخْرَجُوا المُعْتَزَّ بِاللهِ، وَبَايَعُوا لَهُ، وَخَلَعُوا المُسْتَعِيْنَ، وَبَنَوا أَمْرَهُم عَلَى شُبْهَةٍ، وَهِيَ أَنَّ المُتَوَكِّلَ عَقَدَ لِلْمُعْتَزِّ بَعْدَ المُنْتَصِرِ، فَجَهَّزَ المُعْتَزُّ أَخَاهُ أَبَا أَحْمَدَ لِمُحَارَبَةِ المُسْتَعِيْنِ، وَتَهَيَّأَ المُسْتَعِيْنُ، وَابْنُ طَاهِرٍ لِلْحِصَارِ، وَإِصْلاَحِ السُّوْرِ، وَتَجَرَّدَ أَهْلُ بَغْدَادَ لِلْقَتْلِ، وَنُصِبَتِ المَجَانِقُ، وَوَقَعَ الجِدُّ، وَدَامَ البَلاَءُ أَشْهُراً، وَكَثُرَتِ القَتْلَى، وَاشْتَدَّ القَحْطُ، وَتَمَّتْ بَيْنَهُمَا عِدَّةُ وَقْعَاتٍ بَحَيْثُ إِنَّهُ قُتِلَ فِي نَوْبَةٍ مِنْ جُنْدِ المُعْتَزِّ أَلْفَانِ إِلَى أَنْ ضَعُفَ أَهْلُ بَغْدَادَ وَذُلُّوا وَجَاعُوا وَتَعَثَّرُوا، فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى الشَّرِّ وَالفِتَنِ! وَقَوِيَ أَمْرُ المُعْتَزِّيَّةِ، فَكَاتَبَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي السِّرِّ المُعْتَزَّ، وَانْحَلَّ نِظَامُ المُسْتَعِيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوَامُ أَمْرِهِ بِابْنِ طَاهِرٍ، وَكَاشَفَهُ النَّاسُ، فَتَحَوَّلَ إِلَى الرُّصَافَةِ ثُمَّ سَعَى النَّاسُ فِي الصُّلْحِ، وَخُلِعَ المُسْتَعِيْنُ، فَأَقَامَ فِي ذَلِكَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي وَغَيْرُهُ بِشُرُوْطٍ وَثِيْقَةٍ، فَأَذْعَنَ بِخَلْعِ نَفْسِهِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ، فَأُحْدِرَ بَعْدَ خَلْعِهِ تَحْتَ الحَوْطَةِ إِلَى وَاسِطَ، فَاعْتُقِلَ بِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ, ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى سَامَرَّاءَ، فَقُتِلَ بِقَادِسِيَةِ سَامَرَّاءَ فِي ثَالِثِ شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ. وَقِيْلَ: قُتِلَ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ رَمَضَانَ، وَلَهُ إِحْدَى وَثَلاَثُونَ سَنَةً وَأَيَّاماً. فَيُقَالُ: بَعَثَ المُعْتَزُّ إِلَيْهِ سَعِيْداً الحَاجِبَ، فَلَمَّا رَآهُ المُسْتَعِيْنُ تَيَقَّنَ التَّلَفَ، وبكى، وقال: ذهبت نَفْسِي. فَأَخَذَ سَعِيْدٌ يُقَنِّعُهُ بِالسُّوْطِ, ثُمَّ أَضْجَعَهُ، وَقَعَدَ عَلَى صَدْرِهِ، وَذَبَحَهُ -فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَقَالَ الصُّوْلِيُّ: بَعَثَ المُعْتَزُّ أَحْمَدَ بنَ طُوْلُوْنَ إِلَى وَاسِطَ لِقَتْلِ المُسْتَعِيْنِ، فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَقْتُلُ أَوْلاَدَ الخُلَفَاءِ. فَبَعَثَ سَعِيْداً الحَاجِبَ، فَمَا مَتَّعَ اللهُ المُعْتَزَّ, بَلْ عُوْجِلَ بالخلع والقتل جزاء وفاقًا.(9/453)
1973- البزي 1:
مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَمُؤَذِّنُهَا, أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي بَزَّةَ المَخْزُوْمِيُّ مَوْلاَهُمُ الفَارِسِيُّ الأَصْلِ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَتَلاَ عَلَى عِكْرِمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَبِي الإِخْرِيْطِ، وَابْنِ زِيَادٍ، عَنْ تِلاَوَتِهِمْ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ القِسْطِ؛ صَاحِبِ ابْنِ كَثِيْرٍ.
وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ عُيَنْيَةَ، وَمَالِكِ بنِ سُعَيْرٍ، وَمُؤَمَّلِ بن إسماعيل، والمقرئ، وطائفة.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيْخِ"، وَمُضَرُ الأَسَدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الحُبَابِ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ.
وَتَلا عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنْهُم: أَبُو رَبِيْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَإِسْحَاقُ الخُزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ فرحٍ، وَابْنُ الحُبَابِ، وَاللِّهْبِيَانِ، وَآخَرُوْنَ.
وَصَحَّحَ لَهُ الحَاكِمُ حَدِيْثَ التَّكْبِيْرِ2، وَهُوَ مُنْكَرٌ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ لاَ أُحَدِّثُ عَنْهُ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ، يُوْصِلُ الأَحَادِيْثَ، قَدْ سُقْنَا تَرْجَمَتَهُ مُطَوَّلَةً فِي "الطَّبَقَاتِ".
وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ دينًا عالمًا صاحب سنة, رحمه الله.
__________
1 ترجمته في الضعفاء الكبير للعقيلي "1/ ترجمة 155"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 129"، وميزان الاعتدال "1/ 144"، والعبر "1/ 455"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".
2 منكر: أخرجه الحاكم "3/ 304" من طريق أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ الصائغ، حدثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزة قال: سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين فلما بلغت والضحى قال لي: كبر كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم, وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك وأخبره أبي بن كعب أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ بِذَلِكَ.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وخالفه الذهبي فقال: "قلت: البزي قد تكلم فيه".
وقال الذهبي في "الميزان" بعد أن أورد الحديث في ترجمته "1/ 144": هذا حديث غريب وهو مما أنكر على البزي. وقال العقيلي: هو منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: هذا حديث منكر.(9/454)
1974- أبو عمير بن النحاس 1: "د، س"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, العَابِدُ, القُدْوَةُ, أَبُو عُمَيْرٍ عِيْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ النَّحَاسِ الرَّمْلِيُّ.
سَمِعَ الوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ لَمَّا قَدِمَ الرَّمْلَةَ، وَضَمْرَةَ بنَ رَبِيْعَةَ، وَأَيُّوْبَ بنَ سُوَيْدٍ، وَزَيْدَ بنَ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ -مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: ثِقَةٌ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ لِحَدِيْثِ ضَمْرَةَ- وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ جَوْصَا، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا: سَمِعْتُ أَبَا عُمَيرٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا الوَلِيْدُ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، فَاسْتَقْرَضَ لَهُ أَبِي دَنَانِيْرَ، فَحَجَّ مِنَ الرَّمْلَةِ، فَمَاتَ مُنْصَرَفَهُ مِنَ الحَجِّ بِذِي المَرْوَةَ، فَمَضَى أَبِي إِلَى دِمَشْقَ حَتَّى أُبِيْعَ مَنْزِلُ الوَلِيْدِ، وَقضَى دَيْنَهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ الرَّمْلِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً رِضَىً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مِنَ العُبَّادِ يَطْلُبُ العِلْمَ، وَعَلَى ظهره خرقة قَدْرُ ذِرَاعٍ يَخْتَلِفُ إِلَى الوَلِيْدِ وَضَمْرَةَ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ سَهْلٍ الدِّيْنَوَرِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيَّ يَقُوْلُ: لَقَّنْتُ أَبَا عُمَيْرٍ بنَ النَّحَاسِ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً مِنْ حَدِيْثِهِ، فَلَمَّا بَلَغَتْ أَحَداً وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً قَالَ: أَمَا تَسْتَحْيِي?! أَتَحْشِمُنِي أَنْ أَشْهَدُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ شَهَادَةً.
قَالَ ابْنُ زَبْرٍ: تُوُفِّيَ فِي ثَامِن المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيِّ، أَخْبَرَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأزهر الحسني سنة عشرين وستمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ زُنْبُوْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإِسْرَاءُ: 59] ، قَالَ: المَوْتُ مِنْ ذَلِكَ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ قَاضِي مَكَّةَ، وَالرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ الجِيْزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المُنْذِرِ الطَّرِيْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بن كرامة، والمهتدي بالله محمد بن الوَاثِقِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَرِّمِيُّ الزُّهْرِيُّ، وعبد الله بن أحمد بن شبويه المَرْوَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُقْرِئِ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1591"، وتهذيب التهذيب "8/ 228".(9/455)
1975- الحارث بن مسكين 1: "د، س"
ابن محمد بن يوسف, الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ, الفَقِيْهُ, المُحَدِّثُ, الثَّبْتُ, قَاضِيَ القُضَاةِ بمصر, أبو عمرو مولى زبان بن الأَمِيْرِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ, المِصْرِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَإِنَّمَا طَلَبَ العِلْمَ عَلَى كِبَرٍ.
سَأَلَ اللَّيْثَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفَاتَهُ ابْنُ لَهِيْعَةَ وَمَالِكٌ وَالكِبَارُ.
وَحَمَلَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، وَابْنِ القَاسِمِ، وَتَفَقَّهَ بِهِمَا، وَعَنْ يُوْسُفَ بنِ عَمْرٍو الفَارِسِيِّ، وَبِشْرِ بنِ عُمَرَ الزَّهْرَانِيِّ، وَأَشْهَبَ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَوَلَدُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ الحَارِثِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ قُدَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَبَّانَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ السِّمْنَانِي، وَآخَرُوْنَ.
سُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ، وقال فيه قولا جميلا.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَنَقَلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا -يَعْنِي: ابْنَ مَعِيْنٍ: الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ خَيْرٌ مِنْ أَصْبَغَ وَأَفْضَلُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ فَقِيْهاً ثِقَةً ثَبْتاً حَمَلَهُ المَأْمُوْنُ إِلَى بَغْدَادَ فِي المِحْنَةِ، وَسَجَنَهُ، فَلَمْ يُجِبْ، فَمَا زَالَ مَحْبُوْساً بِبَغْدَادَ إِلَى أَنْ استخلف المتوكل، فأطلقه، فحدث
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 419"، وتاريخ بغداد "8/ 216"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 151"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 530"، والعبر "1/ 455"، وتهذيب التهذيب "2/ 156" والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 289"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 121".(9/456)
بِبَغْدَادَ، وَرَجعَ إِلَى مِصْرَ مُتَوَلِّياً قَضَاءَ مِصْرَ, ثُمَّ اسْتَعْفَى مِنَ القَضَاءِ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَمائَتَيْنِ، فَأُعْفِيَ.
وَمَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَكَانَ -مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي العِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالتَأَلُّهِ- قَوَّالاً بِالْحَقِّ, مِنْ قُضَاةِ العَدْلِ, رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ بَحْرُ بنُ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيُّ: عَرَفْنَا الحَارِثَ بنَ مِسْكِيْنٍ أَيَّامَ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى طَرِيْقَةِ زَهَادَةٍ وَوَرَعٍ وَصِدْقٍ حَتَّى مات.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيُّ: قَدِمَ المَأْمُوْنُ مِصْرَ، وَبِهَا مَنْ يَتَظَلَّمُ مِنْ عَامِلَيْهِ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ تَمِيْمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَسْبَاطٍ، فَجَلَسَ الفَضْلُ بنُ مَرْوَانَ الوَزِيْرُ فِي الجَامِعِ، وَاجْتَمَعَ الأَعْيَانُ، وَأُحْضِرَ الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ لِيُوَلَّى القَضَاءَ، فَبَيْنَا الفَضْلُ يُكَلِّمُهُ, إِذْ قَالَ لَهُ مُتَظَلِّمٌ: سَلْهُ -أَصْلَحَكَ اللهُ- عَنِ ابْنِ تَمِيْمٍ وَابْنِ أَسْبَاطٍ. فَقَالَ: لَيْسَ لِذَا حَضَرَ. قَالَ: أَصْلَحَكَ اللهُ, سَلْهُ. قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِيْهِمَا? فَقَالَ: ظَالِمَيْنِ غَاشِمَيْنِ. قَالَ: فَاضْطَرَبَ المَسْجِدُ، فَقَامَ الفَضْلُ، فَأَعْلَمَ المَأْمُوْنَ، وَقَالَ: خِفْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْ ثَوْرَةِ النَّاسِ مَعَ الحَارِثِ. فَطَلَبَ الحَارِثَ، وَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي هَذَيْنِ? قَالَ: ظَالِمَيْنِ غَاشِمَيْنِ. قَالَ: هَلْ ظَلَمَاكَ بِشَيْءٍ? قَالَ: لاَ. قَالَ: فَعَامَلْتَهُمَا? قَالَ: لاَ. قَالَ: فَكَيْفَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمَا? قَالَ: كَمَا شَهِدْتُ أَنَّكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَلَمْ أَرَكَ إِلاَّ السَّاعَةَ. قَالَ: اخْرُجْ مِنْ هَذِهِ البِلاَدِ، وَبِعْ قَلِيْلَكَ وَكَثِيْرَكَ. وَحَبَسَهُ فِي خَيْمَةٍ, ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى البَشَرُوْدِ1، وَأَخَذَهُ مَعَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ البَشَرُوْدَ, طَلَبَ الحَارِثَ، وَسَأَلَهُ عَنِ المَسْأَلَةِ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا بِمِصْرَ، فَرَدَّ الجَوَابَ بِعَيْنِهِ. قَالَ: فَمَا تَقُوْلُ فِي خُرُوْجِنَا? قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ القَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الرَّشِيْدَ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ قِتَالِهِم، فَقَالَ: إِنْ كَانُوا خَرَجُوا عَنْ ظُلْمٍ مِنَ السُّلْطَانِ، فَلاَ يَحِلُّ قِتَالُهُم، وَإِنْ كَانُوا إِنَّمَا شَقُّوا العَصَا، فَقِتَالُهُم حَلاَلٌ، فَقَالَ: أَنْتَ تَيْسٌ، وَمَالِكٌ أَتْيَسُ مِنْكَ ارْحَلْ عَنْ مِصْرَ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى الثُّغُوْرِ? قَالَ: بَلْ بِمَدِيْنَةِ السَّلاَمِ.
وَرَوَى دَاوُدُ بنُ أَبِي صَالِحٍ الحَرَّانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: لما أحضر الحَارِثُ مَجْلِسَ المَأْمُوْنِ, جَعَلَ المَأْمُوْنُ يَقُوْلُ: يَا سَاعِي. يُرَدِّدُهَا -يَعْنِي: يَا مُرَافِعُ- قَالَ: وَاللهِ مَا أَنَا بِسَاعٍ، وَلَكِنِّي أُحْضِرْتُ، فَسَمِعْتُ، وَأَطَعْتُ, ثُمَّ سُئِلْتُ، عَنْ أَمْرٍ، فَاسْتَعْفَيْتُ ثَلاَثاً، فَلَمْ أُعْفَ، فَكَانَ الحَقُّ آثَرَ عِنْدِي مِنْ غَيْرِهِ. فَقَالَ المَأْمُوْنُ: هَذَا رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يُرْفَعَ له علم ببلده، خذه إليك.
__________
1 البشرود: كورة من كور بطن الريف بمصر. قاله ياقوت في "معجم البلدان".(9/457)
قَالَ أَحْمَدُ المُؤَدِّبُ: خَرَجَ المَأْمُوْنُ، وَأَخْرَجَ الحَارِثَ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ وَخَرَجَتْ زَوْجَةُ الحَارِثِ، فَحَجَّتْ، وَذَهَبَتْ إِلَى العِرَاقِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: قَالَ لي ابن أبي دؤاد: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, لَقَدْ قَامَ حَارِثُكُمْ لله مقام الأنبياء. وكان ابن أبي دؤاد إِذَا ذَكَرَهُ عَظَّمَهُ جِدّاً.
قَالَ أَبُو يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيُّ: فَأَقَامَ الحَارِثُ بِبَغْدَادَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَطْلَقَهُ الوَاثِقُ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ، فَرَجَعَ إِلَى مِصْرَ، وَقَالَ ابْنُ قُدَيْدٍ: أَتَاهُ -يَعْنِي: الحَارِثَ- فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ كِتَابُ تَوَلِّيِهِ القَضَاءَ وَهُوَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَامْتَنَعَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ إِخْوَانُهُ حَتَّى قَبِلَ، فَقَدِمَ مِصْرَ، فَجَلَسَ لِلْحُكْمِ، وَأَخْرَجَ أَصْحَابَ أَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيِّ مِنَ المَسْجَدِ، وَأَمَرَ بِنَزْعِ حُصُرِهِم مِنَ العُمُدِ، وَقَطَعَ عَامَّةَ المُؤَذِّنِيْنَ مِنَ الأَذَانِ، وَأَصْلَحَ سَقْفَ المَسْجِدِ، وَبَنَى السِّقَايَةَ، وَلاَعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَهُ، وَمَنَعَ مِنَ النِّدَاءِ عَلَى الجَنَائِزِ، وضَرَبَ الحَدَّ فِي سَبِّ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَتَلَ سَاحِرَيْنِ.
عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الجَرَوِيِّ: أَنَّ رَجُلاً كَانَ مُسْرِفاً عَلَى نَفْسِهِ، فَمَاتَ، فَرُئِيَ فِي النَّوْمِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ غَفَرَ لِيَ بِحُضُوْرِ الحَارِثِ بنِ مِسْكِيْن جِنَازَتِي، وَإِنَّهُ اسْتَشْفَعَ لِيَ، فَشُفِّعَ فِيَّ.
تُوُفِّيَ الحَارِثُ لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ مُوْسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي نَفَخَ اللهُ فِيْكَ مِنْ رُوْحِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا، وَنَفْسَكَ مِنَ الجَنَّةِ? فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ? قَالَ: أَنَا مُوْسَى. قَالَ: أَنْتَ مُوْسَى بَنِي إِسْرَائِيْلَ, الَّذِي كَلَّمَكَ اللهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُوْلاً? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَتَلُوْمُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ سَبَقَ مِنَ اللهِ القَضَاءُ قَبْلِي". قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ ذَلِكَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوْسَى" 1.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه أبو داود "4702" من طريق أحمد بن صالح، عن ابن وهب، به.
قلت: إسناده حسن، هشام بن سعد صدوق كما قال الحافظ في "التقريب" لكن للحديث شاهد عن أبي هريرة: عند البخاري "6614"، ومسلم "2652"، وأبي داود "4701".(9/458)
1976- البُوَيْطِي ّ1:
الإِمَامُ, العَلاَّمَةُ, سَيِّدُ الفُقَهَاءِ, يُوْسُفُ أَبُو يَعْقُوْبَ بن يحيى المِصْرِيُّ, البُوَيْطِيُّ, صَاحِبُ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ لاَزَمَهُ مُدَّةً، وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَفَاقَ الأَقْرَانَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ وَهْبٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغيْرِهِمَا.
رَوَى عَنْهُ: الرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ: هُوَ صَدُوْقٌ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فِيْلٍ، وَالقَاسِمُ بنُ هَاشِمٍ السِّمْسَارُ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي العِلْمِ, قُدْوَةً فِي العَمَلِ, زَاهِداً رَبَّانِيّاً مُتَهَجِّداً, دَائِمَ الذِّكْرِ وَالعُكُوْفِ عَلَى الفِقْهِ.
بَلَغَنَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَيْسَ فِي أَصْحَابِي أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنَ البُوَيْطِيِّ.
وَقَالَ الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ البُوَيْطِيُّ أَبَداً يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِذِكْرِ اللهِ، وَمَا أَبْصَرْتُ أَحَداً أَنْزَعَ بِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مِنَ البُوَيْطِيِّ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ عَلَى بَغْلٍ فِي عُنُقِهِ غُلٌّ, وَفِي رِجْلَيْهِ قَيْدٌ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الغُلِّ سِلْسِلَةٌ فِيْهَا لَبِنَةٌ، وَزْنُهَا أَرْبَعُوْنَ رِطْلاً، وَهُوَ يَقُوْلُ: إِنَّمَا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ بِـ"كُنْ"، فَإِذَا كَانَتْ مَخْلُوْقَةً، فَكَأَنَّ مَخْلُوْقاً خُلِقَ بِمَخْلُوْقٍ، وَلَئِنْ أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ لأَصْدُقَنَّهُ -يَعْنِي: الوَاثِقَ- وَلأَمُوْتَنَّ فِي حَدِيْدِيَ هَذَا حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ يَعْلَمُوْنَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فِي هَذَا الشَّأْنِ قَوْمٌ في حديدهم.
قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ أَعْلَمَ مَنْ رَأَيْتُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ, فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البُوَيْطِيِّ عِنْدَ مَوْتِ الشَّافِعِيِّ، فَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ السُّكَّرِيُّ, قَالَ: تَنَازَعَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ وَالبُوَيْطِيُّ مَجْلِسَ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ البُوَيْطِيُّ: أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ، وَقَالَ الآخَرُ كَذَلِكَ، فَجَاءَ الحُمَيْدِيُّ، وَكَانَ بِمِصْرَ، فَقَالَ: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من يُوْسُفَ, لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَعْلَمَ مِنْهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: كَذَبْتَ. قَالَ: بَلْ كذبت أنت وأبوك وأمك, وغضب ابن عبد الحَكَمِ، فَجَلَسَ البُوَيْطِيُّ فِي مَكَانِ الشَّافِعِيِّ, وَجَلَسَ ابن عبد الحكم في الطاق الثالث.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 988"، وتاريخ بغداد "14/ 299"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 835"، والكاشف "3/ ترجمة 6574"، والعبر "1/ 411"، وتهذيب التهذيب "11/ 427" وتقريب التهذيب "2/ 383"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 260"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 71".(9/459)
القَاضِي زَكَرِيَّا بنُ أَحْمَدَ البَلْخِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: كَانَ البُوَيْطِيُّ حِيْنَ مَرِضَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ هُوَ وَابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ وَالمُزَنِيُّ، فَتَنَازَعُوا الحَلَقَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الشَّافِعِيَّ، فَقَالَ: الحَلَقَةُ لِلْبُوَيْطيِّ. فَلِهَذَا اعْتَزَلَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ، وَكَانَتْ أَعْظَمَ حَلَقَةٍ فِي المَسْجِدِ. فَكَانَ البُوَيْطِيُّ يَصُوْمُ، وَيَتْلُو غَالِباً فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَتْمَةً مَعَ صَنَائِعِ المَعْرُوْفِ إِلَى النَّاسِ.
وَبِهِ إِلَى الرَّبِيْعِ قَالَ: فَسُعِيَ بِالبُوَيْطِيِّ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الأَصَمُّ مِمَّنْ سَعَى بِهِ -وَمَا هُوَ بِابْنِ كَيْسَانَ الأَصَمِّ- وَكَانَ أَصْحَابُ ابْنِ أَبِي دؤاد، وَابْنُ الشَّافِعِيِّ مِمَّنْ سَعَى بِهِ, حَتَّى كَتَبَ فيه ابن أبي دؤاد إلى والي مصر، فَامْتَحَنَهُ فَلَمْ يُجِبْ، وَكَانَ الوَالِي حَسَنَ الرَّأْيِ فِيْهِ, فَقَالَ لَهُ: قُلْ فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ. قَالَ: إِنَّهُ يَقْتَدِي بِي مائَةُ أَلْفٍ، وَلاَ يَدْرُوْنَ المَعْنَى. قَالَ: وَقَدْ كَانَ أُمِرَ أَنْ يُحْمَلَ إِلَى بَغْدَادَ فِي أَرْبَعِيْنَ رِطْلَ حَديدٍ.
قَالَ الرَّبِيْعُ: وَكَانَ المُزَنِيُّ مِمَّنْ سَعَى بِهِ وَحَرْمَلَةُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ: فَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ، عَنِ البُوَيْطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بَرِئَ النَّاسُ مِنْ دَمِي إِلاَّ ثَلاَثَةً: حَرْمَلَةَ وَالمُزَنِيَّ وَآخَرَ.
قُلْتُ: اسْتَفِقْ، وَيْحَكَ! وَسَلْ رَبَّكَ العَافِيَةَ، فَكَلاَمُ الأَقْرَانِ بَعْضُهُم فِي بَعْضٍ أَمْرٌ عَجِيْبٌ، وَقَعَ فِيْهِ سَادَةٌ، فَرَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ.
قَالَ الرَّبِيْعُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو يَعْقُوْبَ البُوَيْطِيُّ: أَنِ اصْبِرْ نَفْسَكَ لِلْغُرَبَاءِ، وَحَسِّنْ خُلُقَكَ لأَهْلِ حَلْقَتِكَ، فَإِنِّي لَمْ أَزَلْ أَسَمَعُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ كَثِيْراً وَيَتَمَثَّلُ:
أُهِيْنُ لَهُم نَفْسِي لِكَي يُكْرِمُونَهَا ... وَلَنْ تُكْرَمَ النَّفْسُ الَّتِي لاَ تُهِيْنُهَا
مَاتَ الإِمَامُ البُوَيْطِيُّ: فِي قَيْدِهِ, مَسْجُوْناً بِالعِرَاقِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
عِنْدِي حَدِيْثٌ فِي "مُسْندِ أَبِي مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيِّ": حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوْبَ البُوَيْطِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، فذكره.(9/460)
1977- ابن السرح 1: "م، د، س، ق"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ السَّرْحِ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ, الفَقِيْهُ, المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، وَسَعِيْدٍ الآدَمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالقَاسِمُ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو العَلاَءِ الكُوْفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَبَّانَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ شَرَحَ "مُوَطَّأَ ابْنِ وَهْبٍ"، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ الجِلَّة.
مَاتَ فِي رَابِعَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
لَهُ حَدِيْثٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُوْنُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "كل بني آدم سيد، وَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ، وَالمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا" 2.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، غَرِيْبٌ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أبي سعيد، وَزَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، وَهِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَانِ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ، فَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيْثاً، وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ: فَبُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ بِهِ المَرْءُ نَفْسَهُ، وَرُؤْيَا مِنَ الشَّيْطَانِ"، وَالقَيْدُ فِي المَنَامِ ثَبَاتٌ فِي الدِّيْنِ، وَالغُلُّ أَكْرَهُهُ3.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُقْرِئُ مَكَّةَ أَبُو الحَسَنِ البَزِّيُّ، وَالحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَعَبَّادُ بنُ يَعْقُوْبَ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ, وَكَثِيْرُ بن عبيد.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 115"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 519"، والعبر "1/ 455"، وتهذيب التهذيب "1/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".
2 صحيح: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "4/ 204" من طرق عن أبي الطاهر بن السرح، به.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات. وأبو يونس، هو سليم بن جابر الدوسي المصري، مولى أبي هريرة، وهو ثقة. وعمر بن الحارث هو ابن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، مولى قيس، أبو أمية المصري، ثقة حافظ روى له الجماعة. وأبو الطاهر بن السرح، هو أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عمرو بن السرح ثقة. وهو صاحب الترجمة.
3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3917" حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري، حدثنا بشر بن بكر، =(9/461)
1978- سُحْنُون 1:
الإِمَامُ, العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ المَغْرِبِ, أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ السلام بن حبيب بن حَسَّانَ بنِ هِلاَلِ بنِ بَكَّارِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ التَّنُوْخِيُّ, الحِمْصِيُّ الأَصْلِ, المَغْرِبِيُّ, القَيْرَوَانِيُّ, المَالِكِيُّ, قَاضِي القَيْرَوَانِ، وَصَاحِبُ المُدَوَّنَةِ، وَيُلَقَّبُ: بِسَحْنُوْنَ, ارْتَحَلَ وَحَجَّ.
وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وَأَشْهَبَ، وَطَائِفَةٍ.
وَلَمْ يَتَوَسَّعْ فِي الحَدِيْثِ كَمَا تَوَسَّعَ، فِي الفُرُوْعِ.
لاَزمَ ابْنَ وَهْبٍ، وَابْنَ القَاسِمِ، وَأَشْهَبَ حَتَّى صَارَ مِنْ نُظَرَائِهِم.
وَسَادَ أَهْلَ المَغْرِبِ، فِي تَحْرِيْرِ المَذْهَبِ، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ العِلْمِ، وَعَلَى قَوْلِهِ المُعَوَّلُ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَتفَقَّهَ بِهِ عَدَدٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ قَدْ تَفَقَّهَ أَوَّلاً بِإِفْرِيْقِيَةَ عَلَى ابْنِ غَانِمٍ وَغَيْرِهِ. وَكَانَ ارْتِحَالُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ مَوْصُوْفاً بِالعَقْلِ وَالدِّيَانَةِ التَّامَةِ وَالوَرَعِ, مَشْهُوْراً بِالجُوْدِ وَالبَذْلِ، وَافِرَ الحُرْمَةِ, عَدِيْمَ النَّظِيْرِ.
أَخَذَ عَنْهُ: وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ؛ فَقِيْهُ القَيْرَوَانِ، وَأَصْبَغُ بنُ خَلِيْلٍ القُرْطُبِيُّ، وَبَقِيُّ بنُ مِخْلَدٍ، وَسَعِيْدُ بنُ نَمِرٍ الغَافِقِيُّ الإِلْبِيْرِيُّ الفَقِيْهُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ غَافِقٍ التُّوْنُسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدُوْسٍ المَغْرِبِيُّ، وَوَهْبُ بنُ نَافِعٍ؛ فَقِيْهُ قُرْطُبَةَ، وَيَحْيَى بنُ القَاسِمِ بنِ هِلاَلٍ الزَّاهِدُ، وَمُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْوَانِيُّ مَوْلاَهُمْ، وَيَحْيَى بنُ عُمَرَ الكِنَانِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ، وَعِيْسَى بنُ مِسْكِيْنٍ، وَحَمْدِيْسُ، وَابْنُ مُغِيْثٍ، وَابْنُ الحَدَّادِ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنَ الفقهاء.
فَعَنْ أَشْهَبَ, قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ مِثْلُ سَحْنُوْنَ.
وَعَنْ يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى قال: سحنون سيد أهل المغرب.
__________
= حدثنا الأوزاعي، عن ابن سيرن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: $"إذا قرب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".
وأخرجه البخاري "7017"، ومسلم "2263"، وأبو داود "5019"، والترمذي "2270"، والدارمي "2/ 125"، وأحمد "2/ 269" من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، به.
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 382"، والعبر "2/ 102 و103 و122".(9/462)
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ الأَنْدَلُسِيِّ, قَالَ: مَا بُوْرِكَ لأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَصْحَابِهِ مَا بُوْرِكَ لِسَحْنُوْنَ فِي أَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُم كَانُوا فِي كُلِّ بَلَدٍ أَئِمَّةً.
وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُوْنَ قَالَ: مَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ بَلْ يَضُرُّهُ.
وَقَالَ سَحْنُوْنُ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ مَجْلِسَ القَاضِي ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ بِلاَ حَاجَةٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ لاَ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ.
وَسُئِلَ سَحْنُوْنُ: أَيَسَعُ العَالِمَ أَنْ يَقُوْلَ: لاَ أَدْرِي فِيْمَا يَدْرِي? قَالَ: أَمَّا مَا فِيْهِ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ فَلاَ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ هَذَا الرَّأْيِ، فَإِنَّهُ يَسَعُهُ ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ لاَ يَدْرِي أَمُصِيْبٌ هُوَ أَمْ مُخْطِئٌ.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ لاَ يُفَضِّلُ أَحَداً مَمَّنْ لَقِيَ عَلَى سَحْنُوْنَ فِي الفِقْهِ وَبِدَقِيْقِ المَسَائِلِ.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ قَالَ: أَكْلٌ بِالمَسْكَنَةِ، وَلاَ أَكْلٌ بِالعِلْمِ. مُحِبُّ الدُّنْيَا أَعْمَى, لَمْ يُنَوِّرْهُ العِلْمُ. مَا أَقْبَحَ بِالعَالِمِ أَنْ يَأْتِيَ الأُمَرَاءَ، وَاللهِ مَا دَخَلْتُ عَلَى السُّلْطَانِ إِلاَّ وَإِذَا خَرَجْتُ حَاسَبْتُ نَفْسِي، فَوَجَدْتُ عَلَيْهَا الدَّرْكَ، وَأَنْتُم تَرَوْنَ مُخَالَفَتِي لِهَوَاهُ، وَمَا أَلْقَاهُ بِهِ مِنَ الغلظة، والله ما أَخَذْتُ وَلاَ لَبِسْتُ لَهُمُ ثَوْباً.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ قَالَ: كَانَ بَعْضُ مَنْ مَضَى يُرِيْدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهَا لانْتَفَعَ بِهَا خَلْقٌ كَثِيْرٌ، فَيَحْبِسُهَا، وَلاَ يَتَكَلَّمُ بِهَا مَخَافَةَ المُبَاهَاةِ. وَكَانَ إِذَا أَعْجَبَهُ الصَّمْتُ تَكَلَّمَ، وَيَقُوْلُ: أَجْرَأُ النَّاسِ عَلَى الفُتْيَا أَقَلُّهُم عِلْماً.
وَعَنْهُ قَالَ: أَنَا أَحْفَظُ مَسَائِلَ فِيْهَا ثَمَانِيَةُ أَقَاوِيْلَ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَئِمَّةٍ، فَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ أُعَجِّلَ بِالجَوَابِ? وَقِيْلَ: إِنَّ زِيَادَةَ اللهِ الأَمِيْرَ بَعَثَ يَسْأَلُ سَحْنُوْناً، عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بنُ عُبْدُوْسٍ: أُخْرُجْ مِنْ بَلَدِ القَوْمِ أَمْسِ تَرْجَعُ عَنِ الصَّلاَةِ خَلْفَ قَاضِيْهِم، وَاليَوْمَ لاَ تُجِيْبُهُم?! قَالَ: أَفَأُجِيْبُ مَنْ يُرِيْدُ أَنْ يَتَفَكَّهَ يُرِيْدُ أَنْ يَأْخُذَ قَوْلِي وَقَوْلَ غَيْرِي، وَلَوْ كَانَ شَيْئاً يَقْصِدُ بِهِ الدِّيْنَ لأَجَبْتُهُ.
وَعَنْهُ: قَالَ: مَا وَجَدْتُ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ إِلاَّ المُفْتِي.
وَعَنْ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ خَالِدٍ, قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ سَحْنُوْنَ بِقَرْيَتِهِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، وَخَرَجَ، وَعَلَى كَتِفِهِ مِحْرَاثٌ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ زَوْجُ بَقَرٍ، فَقَالَ لَنَا: حُمَّ الغُلاَمُ البَارِحَةَ، فَأَنَا أَحْرُثُ اليَوْمَ عَنْهُ، وَأَجِيْئُكُمْ. فَقُلْتُ: أَنَا أَحْرُثُ عَنْكَ. فَقَرَّبَ إِلَيَّ غَدَاءهُ؛ خُبْزَ شَعِيْرٍ وَزَيْتاً.(9/463)
وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَحْنُوْنَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضٍ، وَفِي عُنُقِهِ تَسْبِيْحٌ يسبح به.
وَعَنْ أَبِي دَاوُدَ العَطَّارِ قَالَ: بَاعَ سَحْنُوْنُ زيتونًا له بثمانمائة، فَدَفَعَهَا إليَّ، فَفَرَّقْتُهَا عَنْهُ صَدَقَةً.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِ "مَغَازِي ابْنِ وَهْبٍ"، تَسِيْلُ دُمُوْعُهُ، وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِ "الزُّهْدَ" لاِبْنِ وَهْبٍ يَبْكِي.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ عَوْنٍ, قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ سَحْنُوْنَ عَلَى ابْنِ القَصَّارِ، وَهُوَ مَرِيْضٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا القَلَقُ? قَالَ لَهُ: المَوْتُ وَالقُدُوْمُ عَلَى اللهِ. قَالَ لَهُ سَحْنُوْنُ: أَلَسْتَ مُصَدِّقاً بِالرُّسُلِ وَالبَعْثِ وَالحِسَابِ وَالجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَأَنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمُرُ, وَالقُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَنَّ اللهَ يُرَى يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنَّهُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى، وَلاَ تَخْرُجُ عَلَى الأَئِمَّةِ بِالسَّيْفِ، وَإِنْ جَارُوا. قَالَ: إِيْ وَاللهِ. فَقَالَ: مُتْ إِذَا شِئْتَ, مُتْ إِذَا شِئْتَ.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ, قَالَ: كَبِرْنَا وَسَاءتْ أَخْلاَقُنَا، وَيَعْلَمُ اللهُ مَا أَصِيْحُ عَلَيْكُم إِلاَّ لأُؤَدِّبَكُم.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ, قَالَ: مَا عَمِيَتْ عَلَيَّ مَسْأَلَةٌ إِلاَّ وَجَدْتُ فَرَجَهَا فِي كُتُبِ ابْنِ وَهْبٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ طَالِباً قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ سَحْنُوْناً يَبْنِي الكَعْبَةَ, قَالَ: فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ يَقْرَأُ لِلنَّاسِ "مَنَاسِكَ الحَجِّ" الَّذِي جَمَعَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَوَكِيْعٍ، وَيَحْيَى بنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ طُلَيْبٍ المُرَادِيِّ، وَبُهْلُوْلِ بنِ رَاشِدٍ، وَعَلِيِّ بنِ زِيَادٍ التُّوْنُسِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ غَانِمٍ الرُّعَيْنِيِّ، وَشُعَيْبِ بنِ اللَّيْثِ المِصْرِيِّ، وَمَعْنٍ القَزَّازِ، وَأَبِي ضَمْرَةَ اللَّيْثِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعِدَّةٍ.
قَالَ أَبُو العَرَبِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ: كَانَ الَّذِيْنَ يَحْضُرُونَ مَجْلِسَ سَحْنُوْنَ مِنَ العُبَّادِ أَكْثَرَ مِنَ الطَّلَبَةِ, كَانُوا يَأْتُوْنَ إِلَيْهِ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ، وَلَمَّا وَلِيَ سَحْنُوْنُ القَضَاءَ بِأَخَرَةٍ عُوْتِبَ، فَقَالَ: مَا زِلْتُ فِي القَضَاءِ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً هَلِ الفُتْيَا إِلا القَضَاءُ?!
قِيْلَ: إِنَّ الرُّوَاةَ عَنْ سحنون بلغوا تسعمائة.
وَأَصْلُ المُدَوَّنَةِ أَسْئِلَةٌ سَأَلَهَا أَسَدُ بنُ الفُرَاتِ لاِبْنِ القَاسِمِ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ سَحْنُوْنُ بِهَا عَرَضَهَا عَلَى ابْنِ القَاسِمِ، فَأَصْلَحَ فِيْهَا كَثِيْراً وَأَسْقَطَ, ثُمَّ رَتَّبَهَا سَحْنُوْنُ، وَبَوَّبَهَا، وَاحْتَجَّ لِكَثِيْرٍ مِنْ مَسَائِلِهَا بِالآثَارِ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ مَعَ أَنَّ فِيْهَا أَشْيَاءَ لاَ يَنْهَضُ دَلِيْلُهَا، بَلْ رَأْيٌ مَحْضٌ.(9/464)
وَحَكَوا أَنَّ سَحْنُوْنَ، فِي أَوَاخِرِ الأَمْرِ عَلَّمَ عَلَيْهَا، وَهَمَّ بِإِسْقَاطِهَا وَتَهْذِيْبِ "المُدَوَّنَةِ"، فَأَدْرَكَتْهُ المَنِيَّةُ -رَحِمَهُ اللهُ. فَكُبَرَاءُ المَالِكِيَّةِ يَعْرِفُوْنَ تِلْكَ المَسَائِلَ، وَيُقَرِّرُونَ مِنْهَا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، وَيُوَهِّنُونَ مَا ضَعُفَ دَلِيْلُهُ، فَهِيَ لَهَا أُسْوَةٌ بِغَيْرِهَا مِنْ دَوَاوِيْنِ الفِقْهِ. وَكُلُّ أَحَدٍ فُيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلاَّ صَاحِبَ ذَاكَ القَبْرِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً- فَالعِلْمُ بَحْرٌ بِلاَ سَاحِلٍ، وَهُوَ مُفَرَّقٌ فِي الأُمَّةِ, مَوْجُوْدٌ لِمَنِ التَمَسَهُ.
وَتَفْسِيْرُ سَحْنُوْنَ بِأَنَّهُ اسْمُ طَائِرٍ بِالمَغْرِبِ, يُوْصَفُ بالفطنة والتحرز، وهو بفتح السين وبضمها.
تُوُفِّيَ الإِمَامُ سَحْنُوْنُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَخَلَفَهُ وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ.
قَرَأْتُ فِي تَارِيْخِ القَيْرَوَانِ لأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَالِكِيِّ, قَالَ: قَالَ أَبُو العَرَبِ: اجْتَمَعَتْ فِي سَحْنُوْنَ خِلاَلٌ قَلَّمَا اجْتَمَعَتْ فِي غَيْرِهِ: الفِقْهُ البَارِعُ، وَالوَرَعُ الصَّادِقُ، وَالصَّرَامَةُ فِي الحَقِّ، وَالزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّخَشُّنُ فِي المَلْبَسِ وَالمَطْعَمِ، وَالسَّمَاحَةُ, كَانَ رُبَّمَا وَصَلَ إِخْوَانَهُ بِالثَّلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، وَكَانَ لاَ يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، وَلَمْ يَكُنْ يَهَابُ سُلْطَاناً فِي حَقٍّ. شَدِيْداً عَلَى أَهْلِ البِدَعِ, انْتَشَرَتْ إِمَامَتُهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى فَضْلِهِ, قَدِمَ بِهِ أَبُوْهُ مَعَ جُنْدِ الحِمْصِيِّينَ، وَهُوَ مِنْ تَنُوْخَ صَلِيْبَةً.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ, قَالَ: حَجَجْتُ زَمِيلَ ابْنِ وَهْبٍ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ مِسْكِيْنٍ: سَحْنُوْنُ رَاهِبُ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ مَالِكٍ وَسَحْنُوْنَ أَحَدٌ أَفْقَهَ مِنْ سَحْنُوْنَ.
وَعَنْ سَحْنُوْنَ, قَالَ: إِنِّي حَفِظْتُ هَذِهِ الكُتُبَ, حَتَّى صَارَتْ فِي صَدْرِي كَأُمِّ القُرْآنِ.
وَعَنْهُ, قَالَ: إِنِّي لأَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا، وَلاَ يَسْأَلُنِي اللهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ قُلْتُ فِيْهَا بِرَأْيِي، وَمَا أَكْثَرَ مَا لاَ أَعْرِفُ.
وَعَنْهُ: سُرْعَةُ الجَوَابِ بِالصَّوَابِ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنْ فِتْنَةِ المال.(9/465)
1979- أحمد بن عيسى 1: "خ، م، د، س، ق"
ابن حسان، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المِصْرِيُّ, المَعْرُوْفُ: بِابْنِ التُّسْتَرِيِّ.
سَمِعَ ضِمَامَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَمُفَضَّلَ بنَ فَضَالَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ وَهْبٍ، وَبِشْرَ بنَ بَكْرٍ، وَأَزْهَرَ بنَ سَعْدٍ السَّمَّانَ، وَغَيْرَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: السِّتَةُ سِوَى التِّرْمِذِيِّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَيُوْسُفُ القَاضِي، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ لِمَنْ تَرَكَ الاحْتِجَاجَ بِحَدِيْثِهِ حُجَّةً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَمَّا نَظَرَ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ": يَرْوِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى فِي "الصَّحِيْحِ"، وَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ مِصْرَ يَشُكُّونَ أَنَّهُ، وَأَشَارَ إِلَى لسانه.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْهُ، فَحَلَفَ إِنَّهُ كَذَّابٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قِيلَ لِي بِمِصْرَ: إِنَّ أَحْمَدَ بنَ عِيْسَى اشْتَرَى كُتُبَ ابْنِ وَهْبٍ، وَكِتَابَ مُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ.
قُلْتُ: العَمَلُ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ, فَأَيْنَ مَا انْفَرَدَ بِهِ حَتَّى نُلَيِّنَهُ بِهِ?! وَقَدْ لَحِقَ يَغْنَمَ بنَ سَالِمٍ؛ أَحَدَ الهَلْكَى، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَسَكَنَ العِرَاقَ.
تُوُفِّيَ بِسَامَرَّاءَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ أَبُوْهُ يَتَّجِرُ إِلَى تُسْتَرَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا اليَوْمَ: شُشْتَرُ، فعرف بالتستري لهذا.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1512"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 109"، وتاريخ بغداد "4/ 272"، وميزان الاعتدال "1/ 125"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 272"، وتهذيب التهذيب "1/ 64"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 102".(9/466)
1980- أحمد بن عيسى 1:
ابن عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو طَاهِرٍ العَلَوِيُّ المَدَنِيُّ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ, وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ.
وَعَنْهُ أَبُو يُوْنُسَ المَدِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الكُوْفِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. لَهُ مَا يُنْكَرُ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحاكم، وما ضعفاه.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 111"، وميزان الاعتدال "1/ 126".(9/466)
أحمد بن عيسى، أبو ثور:
1981- أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى 1:
ابْنِ الشَّهِيْدِ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ الحُسَيْنِيُّ، شَيْخُ بَنِي هَاشِمٍ وَكَبِيْرُهُم.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: بَلَغَ الرَّشِيْدَ ظُهُوْرُ هَذَا بِعَبَّادَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ، فَدَسَّ عَلَيْهِ مَنْ خَدَعَهُ وَبَايَعَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ، فِي سَفِيْنَةٍ، فَهَرَبَ أَحْمَدُ لِوَاسِطَ، وَاخْتَفَى ذِكْرُهُ.
قُلْتُ: بَقِيَ بِالبَصْرَةِ، فِي الأَزْدِ خَامِلاً إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَعَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
1982- أَبُو ثور 2: "د، ق"
إبراهيم بن خالد, الإِمَامُ, الحَافِظُ, الحُجَّةُ, المُجْتَهِدُ, مُفْتِي العِرَاقِ, أَبُو ثَوْرٍ الكَلْبِيُّ, البَغْدَادِيُّ الفَقِيْهُ، وَيُكْنَى أَيْضاً: أَبَا عبد الله.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبِيْدَةَ بنِ حُمَيْدٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، وَروْحِ بنِ عُبَادَةَ، وَأَبِي قَطَنٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مُسْلِماً رَوَى عَنْهُ فِي مُقَدِّمَةِ "صَحِيْحِهِ"، وَإِنَّمَا رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ خَالِدٍ اليَشْكُرِيِّ، وَهُوَ آخَرُ -إِنْ شَاءَ اللهُ- وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: قَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا المُطَرِّزُ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ ذَرِيْحٍ العُكْبَرِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم، وجَمَعَ وصنف.
__________
1 ترجمته في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "7/ 271".
2 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 266"، وتاريخ بغداد "6/ 65"، واللباب لابن الأثير "3/ 104"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 2"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 528"، وميزان الاعتدال "1/ 29"، والعبر "1/ 431"، وتهذيب التهذيب "1/ 118"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 301"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 93".(9/467)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْهُ، فَقَالَ: أَعْرِفُهُ بِالسُّنَّةِ مُنْذُ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ عِنْدِي، فِي مِسْلاَخِ1 سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ, أَحَدُ الفُقَهَاءِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا فِقْهاً وَعِلْماً وَوَرَعاً وَفَضْلاً. صَنَّفَ الكُتُبَ، وَفَرَّعَ عَلَى السُّنَنِ، وَذَبَّ عَنْهَا, رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
ذَكَرَهُ الخَطِيْبُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ في صفر, سنة أربعين ومائتين.
قُلْتُ: عَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً, أَوْ أَكْثَرَ.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ "ح". وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ، وَأَبُو حَفْصٍ المُعَلِّمُ "ح". وَأَخْبَرَنَا المِقْدَادُ بنُ أَبِي القَاسِمِ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الأَخْضَرِ "ح". وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الحَنْبَلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَنِيْنَا قَالُوا أَرَبَعَتُهُمْ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ البَرْمَكِيُّ، فِي الرَّابِعَةِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَاسِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الجَوْزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ الكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَهُ فِي طَرِيْقٍ مِنْ طُرُقِ المَدِيْنَةِ، وَهُوَ جُنُبٌ، فَانْسَلَّ، فَذَهَبَ، فَاغْتَسَلَ، فَفَقَدَهُ رَسُوْلُ اللهِ، فَلَمَّا جَاءَ, قَالَ: "أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ"؟ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, لَقِيْتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ. قَالَ: "إن المؤمن لا ينجس" 2.
صَحِيْحٌ, تَفَرَّدَ بِهِ حُمَيْدُ الطَّوِيْلُ. أَخْرَجَهُ: أَصْحَابُ الكُتُبِ السِّتَّةِ, مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَجَمَاعَةٌ عَنْهُ.
وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ تَدْوِيْنَ المَسَائِلِ، وَيَحُضُّ عَلَى كِتَابَةِ الأَثَرِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن خاقان: سألت أحمد بن حنبل، عن أَبِي ثَوْرٍ، فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْهُ إِلاَّ خَيْرٌ, إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُعْجِبُنِي الكَلاَمُ الَّذِي يُصِيِّرُونَهُ فِي كُتُبِهِم.
وَقِيْلَ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ لِلْسَّائِلِ: سَلْ غَيْرَنَا, سَلِ الفُقَهَاءَ, سَلْ أَبَا ثَوْرٍ.
وَقَالَ بَدْرُ بنُ مُجَاهِدٍ: قَالَ لِي سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ: اكْتُبْ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ، وَاخْرُجْ إِلَى أَبِي ثَوْرٍ، وَلاَ يَفُوْتَنَّكَ بِنَفْسِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَتَفَقَّهُ أَوَّلاً بِالرَّأْيِ، وَيَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ العِرَاقِيِّيْنَ, حَتَّى قَدِمَ الشَّافِعِيُّ، فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ، وَرَجَعَ, عَنِ الرَّأْي إِلَى الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَتَكَلَّمُ بِالرَّأْيِ، فَيُخْطِئُ، ويصيب, ليس محله مَحَلَّ المُسْمِعِيْنَ، فِي الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ حُجَّةٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ.
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أربعين ومائتين.
أما:
__________
1 في مسلاخ: أي في هديه وطريقته.
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "283"، وَمُسْلِمٌ "371"، وَأَبُو دَاوُدَ "231"، وَالتِّرْمِذِيُّ "121"، وَالنَّسَائِيُّ "1/ 145"، وابن ماجه "534".(9/468)
إبراهيم بن خالد، إبراهيم بن خالد، الجوعي:
1983- إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ 1:
المَرْوَزِيُّ الجُرْمِيْهِنِيُّ الحَافِظُ, المُلَقَّبُ: بِالبُطَيْطِيِّ، فَصَاحِبُ حَدِيْثٍ, مَاتَ شَابّاً سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ الَّذِي يَقُوْلُ بُنْدَارُ: حُفَّاظُ الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ, كُلُّهُم غِلْمَانِي: إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ الجُرْمِيْهِنِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَالبُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ.
وَأَمَّا:
1984- إبراهيم بن خالد 2: "مق"
اليشكري، فَرَوَى عَنْهُ: مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ "صَحِيْحِهِ".
1985- الجُوعِيّ ُ3:
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الوَلِيُّ، المُحَدِّثُ, أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القَاسِمُ بنُ عُثْمَانَ العَبْدِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، وَرَفِيْقُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، عُرِفَ: بِالجُوْعِيِّ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 265"، والأنساب للسمعاني "3/ ترجمة 232". واللباب لابن الأثير "1/ 273".
2 ترجمته في تهذيب التهذيب "1/ 119".
3 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 657"، وحلية الأولياء "9/ ترجمة 453"، والأنساب للسمعاني "3/ 373"، واللباب لابن الأثير "1/ 311"، والعبر "1/ 452".(9/469)
صَحِبَ: أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، وَسَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ العَمْرِيَّ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدَ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَنَسٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ دُحَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ: العُقَيْلِيُّ: تَفَرَّدَ الجُوْعِيُّ بِحَدِيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعاً: "مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ من رِيَاضِ الجَنَّةِ" 1.
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقْرَأُ عِنْدَ القَاسِمِ بنِ عُثْمَانَ، فَيَصِيْحُ القَاسِمُ وَيَصْعَقُ، وَكَانَ فَاضِلاً مِنْ مُحَدِّثِي دِمَشْقَ, كَانَ يُقَدَّمُ فِي الفَضْلِ عَلَى أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ أَوْسٍ: سَمِعْتُ قَاسِماً الجُوْعِيَّ، وَكَانَ صُوْفِيّاً نُسِبَ إِلَى الجُوْعِ.
وحَكَى أَبُو عَلِيٍّ الحَصَائِرِيُّ، عَنْ أَبِي الرِّضَا الصَّيَّادِ, قَالَ: كَانَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ عَابِدَ أَهْلِ الشَّامِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ: قَدِمَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ دِمَشْقَ مَعَ المَأْمُوْنِ، فَبَعَثَ إِلَى أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، فَجَاءَ إِلَيْهِ وَجَالَسَهُ، فَخَلَعَ يَحْيَى عَلَيْهِ طَوِيْلَةً وَمَلْبُوْساً، وَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: فَرِّقْهَا يَا أَبَا الحَسَنِ حَيْثُ تَرَى. فَدَخَلَ بِهَا المَسْجِدَ، وَصَلَّى صَلَوَاتٍ بِالخِلْعَةِ، فَقَالَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ: أَخَذَ دَرَاهِمَ اللُّصُوْصِ، وَلبِسَ ثِيَابَهُم. ثُمَّ أَتَى الجامع، ومر به وهو في التَّحِيَّاتِ، فَلَمَّا حَذَاهُ لَطَمَ القَلَنْسُوَةَ، فَسَلَّمَ أَحْمَدُ، وَأَعْطَى القَلَنْسُوَةَ ابْنَهُ إِبْرَاهِيْمَ، فَذَهَبَ بِهَا، فَقَالَ لَهُ مَنْ رَآهُ: مَا رَأَيْتَ مَا فَعَلَ بِكَ هَذَا? فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ.
وَمِنْ كَلاَمِ القَاسِمِ: رَأْسُ الأَعْمَالِ الرِّضَى عَنِ اللهِ، وَالوَرَعُ عِمَادُ الدِّيْنِ، وَالجُوْعُ مُخُّ العِبَادَةِ، وَالحِصْنُ الحَصِيْنُ الصَّمْتُ.
وَقَالَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ زِيَادٍ يَقُوْلُ: مَكْتُوْبٌ فِي التَّوْرَاةِ: مَنْ سَالَمَ سَلِمَ، وَمَنْ شَاتَمَ شُتِمَ، وَمَنْ طَلَبَ الفَضْلَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ نَدِمَ.
وَقَالَ: الشَّهَوَاتُ نَفَسُ الدُّنْيَا، فَمَنْ تَرَكَ الشَّهَوَاتِ، فَقَدْ تَرَكَ الدُّنْيَا إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُخَاصِمُ، فَهُوَ يُحِبُّ الرِّئَاسَةَ.
قَالَ عَمْرُو بنُ دُحَيْمٍ: تُوُفِّيَ قَاسِمٌ الجُوْعِيُّ، فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ زَاهِدَ الوَقْتِ هَذَا الجُوْعِيُّ بِدِمَشْقَ، وَالسَّرِيُّ السَّقَطِيُّ بِبَغْدَادَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَذُو النُّوْنِ بِمِصْرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ بِطُوْسَ. وَأَيْنَ مِثْلُ هَؤُلاَءِ السَّادَةِ? مَا يَمْلأُ عَيْنِي إِلاَّ التراب أو من تحت التراب.
__________
1 صحيح: ورد من حديث ابن عمر عند الطبراني في "الكبير" "13156"، وفي "الأوسط" "610" و"633" وأخرج البخاري "1196"، ومسلم "1391" من حديث أبي هريرة، به.
وورد من حديث عبد الله بن زيد المازني: عند البخاري "1195"، ومسلم "1390"، وأحمد "4/ 39".(9/470)
1986- الكرابيسي 1:
العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ بَغْدَادَ, أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ إِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَيَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَتفَقَّهَ بِالشَّافِعِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ فُسْتُقَةُ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ, ذَكِيّاً, فَطِناً، فَصِيْحاً, لَسِناً. تَصَانِيْفُهُ فِي الفُرُوْعِ وَالأُصُوْلِ تَدُلُّ عَلَى تَبَحُّرِهِ إِلاَّ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَهُجِرَ لِذَلِكَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ اللَّفْظَ، وَلَمَّا بَلَغَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ في أَحْمَدَ, قَالَ: مَا أَحْوَجَهُ إِلَى أَنْ يُضْرَبَ، وَشَتَمَهُ.
قَالَ حُسَيْنٌ فِي القُرْآنِ: لَفْظِي بِهِ مَخْلُوْقٌ، فَبَلَغَ قَوْلُهُ أَحْمَدَ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: هَذِهِ بِدْعَةٌ. فَأَوْضَحَ حُسَيْنٌ المَسْأَلَةَ، وَقَالَ: تَلَفُّظُكَ بِالقُرْآنِ -يَعْنِي: غَيْرَ المَلْفُوْظِ- وَقَالَ فِي أَحْمَدَ: أَيُّ شَيْءٍ نَعْمَلُ بِهَذَا الصَّبِيِّ? إِنْ قُلْنَا: مَخْلُوْقٌ, قَالَ: بِدْعَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: غَيْرُ مَخْلُوْقٍ, قَالَ: بِدْعَةٌ. فَغَضِبَ لأَحْمَدَ أَصْحَابُهُ، وَنَالُوا مِنْ حُسَيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا بَلاؤُهُم مِنْ هَذِهِ الكُتُبِ الَّتِي وَضَعُوهَا، وَتَرَكُوا الآثَارَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّيْرَفِيَّ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ لِتَلاَمِذَتِهِ: اعْتَبِرُوا بِالكَرَابِيْسِيِّ، وَبِأَبِي ثَوْرٍ، فَالحُسَيْنُ فِي عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ لاَ يَعْشِرُهُ أَبُو ثَوْرٍ، فَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي بَابِ مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، فَسَقَطَ، وَأَثْنَى عَلَى أَبِي ثَوْرٍ، فَارْتَفَعَ لِلُزُوْمِهِ لِلسُّنَّةِ.
مَاتَ الكَرَابِيْسِيُّ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ مَا ابْتَدَعَهُ الكَرَابِيْسِيُّ، وَحَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّلَفُّظِ، وَأَنَّهُ مَخْلُوْقٌ هُوَ حَقٌّ, لَكِنْ أَبَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ, لِئَلاَّ يُتَذَرَّعَ بِهِ إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، فَسُدَّ البَابُ؛ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَفْرِزَ التَّلفُّظَ مِنَ المَلْفُوْظِ الَّذِي هو كلام الله إلا في ذهنك.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 64"، والأنساب للسمعاني "10/ 371"، واللباب لابن الأثير "3/ 88" ووفيات الأعيان "2/ ترجمة 181"، وميزان الاعتدال "1/ 544"، والعبر "1/ 450"، وتهذيب التهذيب "2/ 359"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 321"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 117".(9/471)
1987- الفتح بن خاقان 1:
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ, أَبُو مُحَمَّدٍ التُّرْكِيُّ, شَاعِرٌ, مُتَرَسِّلٌ, بَلِيْغٌ, مُفَوَّهٌ, ذُو سُؤْدُدٍ وَجُوْدٍ وَمَحَاسِنَ عَلَى لَعِبٍ فِيْهِ.
وَكَانَ المُتَوَكِّلُ لاَ يَكَادُ يَصْبِرُ عَنْهُ, اسْتَوْزَرَهُ، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ إِمْرَةَ الشام، فَبَعَثَ إِلَيْهَا نُوَّاباً عَنْهُ. وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي الكَرَمِ وَالظَّرْفِ وَالأَدَبِ. وَلَمَّا قَدِمَ المُتَوَكِّلُ إِلَى دِمَشْقَ كَانَ الفَتْحُ زَمِيْلَهُ عَلَى جَمَّازَةٍ2.
حَكَى عَنْهُ: المُبَرِّدُ، وَأَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ المُؤَدِّبُ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَذكِيَاءِ, دَخَلَ المُعْتَصِمُ عَلَى الأَمِيْرِ خَاقَانَ، فَمَازَحَ ابْنَهُ هَذَا، وَهُوَ صَبِيٌّ، فَقَالَ: يَا فَتْحُ, أَيُّمَا أَحْسَنُ: دَارِي أَوْ دَارُكُم? فَقَالَ الفَتْحُ: دَارُنَا إِذَا كُنْتَ فِيْهَا، فَوَهَبَهُ مائَةَ أَلْفٍ.
وَكَانَ الفَتْحُ ذَا بَاعٍ أَطْوَلَ فِي فُنُوْنِ الأَدَبِ.
قُتِلَ مَعَ المُتَوَكِّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وأربعين.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "12/ 389"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "16/ 174"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "3/ 177"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 313"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 144".
2 جمازة: أي السريعة.(9/472)
1988- الفَضْلُ بنُ مَرْوَانَ 1:
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ.
حَدَّثَ عَنْ عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: المُبَرِّدُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ وَهْبٍ الكَاتِبُ، وَغَيْرُهُمَا.
يُكْنَى أَبَا العَبَّاسِ، أَصْلُهُ مِنَ البَرَدَانِ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى وِزَارَةِ المُعْتَصِمِ، وَكَانَ مِنَ البُلَغَاءِ، وَكَانَ المُعْتَصِمُ كثير البذل، فربما عطل منه الفَضْلُ، فَنَفَاهُ إِلَى السِّنِّ، وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ الزَّيَّاتِ, ثُمَّ إِنَّهُ سَكَنَ بَعْدُ سَامَرَّاءَ.
وَعَنْهُ, قَالَ: أَنْعَمْتُ النَّظَرَ فِي عِلْمَيْنِ، فَلَمْ أَرَهُمَا يَصِحَّانِ: السِّحْرِ وَالنَّحْوِ.
وَكَانَ الفَضْلُ فِيْهِ -مَعَ جَوْرِهِ- تِيْهٌ، وَبَأْوٌ.
تُوُفِّيَ خَامِلاً سنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وأَصْلُهُ نَصْرَانِيٌّ لَعَلَّهُ بَلَغَ التِّسْعِيْنَ. وَقَدْ خَدَمَ المَأْمُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ الفَضْلُ بنُ مَرْوَانَ بنِ مَاسَرْجِسَ. كَانَ بَدِيْعَ الخَطِّ, مُنْشِئاً, لَمْ يَزَلْ فِي ارْتِقَاءٍ، وَالنَّاسُ يَحْسُدُوْنَهُ حَتَّى نُكِبَ، وَأَدَّى أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَكَانَ المُعْتَصِمُ يَقُوْلُ: عَصَى اللهَ، وَأَطَاعَنِي، فَسَلَّطَنِيَ اللهُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: ثُمَّ أَطْلَقَهُ، وَأَلْزَمَهُ بَيْتَهُ، وَاسْتَوْزَرَ أَحْمَدَ بنَ عَمَّارٍ.
وَقِيْلَ: أُلْقِيَتْ رُقْعَةٌ إِلَيْهِ فِيْهَا:
تَفَرْعَنْتَ يَا فَضْلَ بنَ مَرْوَانَ فَاعْتَبِرْ ... فقبلك كان الفضل والفضل والفضل
ثَلاَثَةُ أَمْلاَكٍ مَضَوْا لِسَبِيْلِهِم ... أَبَادَتْهُمُ الأَقْيَادُ وَالذُّلُّ وَالقَتْلُ
عَنَى: الفَضْلَ بنَ يَحْيَى البَرْمَكِيَّ، وَالفَضْلَ بن الربيع الحاجب، والفضل بن سهل.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "4/ ترجمة 530"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 332" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 122".(9/473)
1989- أحمد بن أبي الحواري 1: "د، ق"
وَاسْمُ أَبِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ مَيْمُوْنٍ الإِمَامُ الحَافِظُ القُدْوَةُ شَيْخُ أَهْلِ الشَّامِ أَبُو الحَسَنِ الثَّعْلَبِيُّ الغَطَفَانِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ, الزَّاهِدُ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ, أَصْلُهُ مِنَ الكُوْفَةِ.
وَقَدْ قَالَ: سَأَلَنِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَتَى مَوْلِدُكَ? قُلْتُ: فِي سنة أربع وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ. قَالَ: هِيَ مَوْلِدِي.
قُلْتُ: عُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ أَتَمَّ عِنَايَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ، وَأَبِي الحَسَنِ الكِسَائِيِّ، وَوَكِيْعٍ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، وَطَبَقَتِهِم. وَدَخَلَ دِمَشْقَ، فَصَحِبَ الشَّيْخَ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ مُدَّةً، وَأَخَذَ عَنْ: مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ، وَطَائِفَةٍ, ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى العِبَادَةِ وَالتَّأَلُّهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِمَا"، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُعَافَى الصَّيْدَاوِيُّ، وَأَبُو الجَهْمِ بنُ طَلاَّبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَعُمَرُ بنُ بَحْرٍ الأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ، وَيُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ نَائِلَةَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ، وَأَبُو بَكْر بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ, آخِرُهُم: أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ الكِنْدِيُّ؛ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ سَعِيْدٍ الأَيْلِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَذكَرَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ، فَقَالَ: أَهْلُ الشَّامِ بِهِ يُمْطَرُونَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يُحْسِنُ الثَنَاءَ عَلَيْهِ، وَيُطْنِبُ فِيْهِ.
وَقَالَ فَيَّاضُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَذكَرَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ، فَقَالَ: أَظُنُّ أَهْلَ الشَّامِ يَسْقِيْهُمُ اللهُ بِهِ الغَيْثَ.
قَالَ مَحْمُوْدُ بنُ خَالِدٍ -وَذَكَرَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ- فَقَالَ: مَا أَظُنُّ بَقِيَ عَلَى، وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُهُ.
وَرُوِيَ عَنِ الجُنَيْدِ, قَالَ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ رَيْحَانَةُ الشَّامِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ, قَالَ: قُلْتُ لِشَيْخٍ دَخَلَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ: دُلَّنِي عَلَى مَجْلِسِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى، فَمَا كَلَّمَنِي، فَإِذَا هُوَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقُوْلُ: كُنَّا نَسْمَعُ بُكَاءَ أَبِي بِاللَّيْلِ حَتَّى نَقُوْلَ: قَدْ مَاتَ, ثُمَّ نَسْمَعُ ضَحِكَةً حَتَّى نَقُوْلَ: قَدْ جُنَّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الحِمْصِيُّ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ عِنْدَنَا بِأَنْطَرْسُوْسَ، فَلَمَّا صَلَّى العَتَمَةَ, قَامَ يُصَلِّي، فَاسْتَفْتَحَ بِـ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} إِلَى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فَطُفْتُ الحائط كله، ثم رجعت، فَإِذَا هُوَ لاَ يُجَاوِزُهَا, ثُمَّ نُمْتُ، وَمَرَرْتُ فِي السَّحَرِ وَهُوَ يَقْرَأُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} . فَلَمْ يزل يرددها إلى الصبح.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 34"، وحلية الأولياء "10/ ترجمة 457"، والعبر "1/ 446" وتهذيب التهذيب "1/ 49"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 110".(9/474)
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقُوْلُ: مَنْ عَمِلَ بِلا اتِّبَاعِ سُنَّةٍ، فَعَمَلُهُ بَاطِلٌ.
وَقَالَ: مَنْ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ إِرَادَةٍ وَحُبٍّ, أَخْرَجَ اللهُ نُوْرَ اليَقِيْنِ وَالزُّهْدِ مِنْ قَلْبِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِي "تَارِيْخِ الصُّوْفِيَّةِ": سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ مَطَرٍ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيَّ يَقُوْلُ: رَمَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ بِكُتُبِهِ فِي البَحْرِ، وَقَالَ: نِعْمَ الدَّلِيْلُ كُنْتِ وَالاشْتِغَالُ بِالدَّلِيْلِ بَعْدَ الوُصُوْلِ مَحَالٌ.
السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الطَّبَرِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: طَلَبَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ العِلْمَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً, ثُمَّ حَمَلَ كُتُبَهُ كُلَّهَا إِلَى البَحْرِ، فَغَرَّقَهَا، وَقَالَ: يَا عِلْمُ لَمْ أَفْعَلْ بِكَ هَذَا اسْتِخْفَافاً، وَلَكِنْ لَمَّا اهْتَدَيْتُ بِكَ, اسْتَغْنَيْتُ عَنْكَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيِّ، وَأَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا الكَاغِدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ قال: قلت لراهب في دير حرملة، وَأَشْرَفَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ: مَا اسْمُكَ? قَالَ: جُرَيْجٌ. قُلْتُ: مَا يَحْبِسُكَ? قَالَ: حَبَسْتُ نَفْسِي عَنِ الشَّهَوَاتِ. قُلْتُ: أَمَا كَانَ يَسْتَقيمُ لَكَ أَنْ تذهب معنا ههنا، وَتَجِيءَ، وَتَمْنَعَهَا الشَّهَوَاتِ? قَالَ: هَيْهَاتَ! هَذَا الَّذِي تَصِفُهُ قُوَّةٌ، وَأَنَا فِي ضَعْفٍ. قُلْتُ: وَلِمَ تَفْعَلُ هَذَا? قَالَ: نَجِدُ فِي كُتُبِنَا أَنَّ بَدَنَ ابْنِ آدَمَ خُلِقَ مِنَ الأَرْضِ، وَرُوْحُهُ خُلِقَ مِنْ مَلَكُوْتِ السَّمَاءِ، فَإِذَا أَجَاعَ بَدَنَهُ وَأَعْرَاهُ وَأَسْهَرَهُ وَأَقْمَأَهُ1 نَازَعَ الرُّوْحَ إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، وَإِذَا أَطْعَمَهُ وَأَرَاحَهُ أَخْلَدَ البدن إلى الموضع الَّذِي مِنْهُ خُلِقَ، فَأَحَبَّ الدُّنْيَا. قُلْتُ: فَإِذَا فَعَلَ هَذَا يُعَجَّلُ لَهُ فِي الدُّنْيَا الثَّوَابُ? قَالَ: نَعَمْ, نُوْرٌ يُوَازِيْهِ. قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، فَقَالَ: قَاتَلَهُ اللهُ إِنَهُمْ يَصِفُوْنَ.
قُلْتُ: الطَّرِيْقَةُ المُثْلَى هِيَ المُحَمَّدِيَّةُ، وَهُوَ الأَخْذُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَتَنَاوُلُ الشَّهَوَاتِ المُبَاحَةِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المُؤْمِنُوْنَ: 51] . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَقُوْمُ وَأَنَامُ، وَآتِي النِّسَاءَ، وَآكُلُ اللَّحْمَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مني" 2. فلم يشرع لنا الرهبانية، ولا التمزق ولا
__________
1 أقمأه: أي أذله.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5063"، ومسلم "1401"، والنسائي "6/ 60" من حديث أنس بن مالك مرفوعا.(9/475)
الوِصَالَ، بَلْ وَلا صَوْمَ الدَّهْرِ، وَدِيْنُ الإِسْلاَمِ يُسْرٌ، وَحَنِيْفِيَّةٌ سَمْحَةٌ، فَلْيَأْكُلِ المُسْلِمُ مِنَ الطَّيِّبِ إِذَا أَمْكَنَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطَّلاَقُ: 7] ، وَقَدْ كَانَ النِّسَاءُ أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَى نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1، وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَالحَلْوَاءُ وَالعَسَلُ وَالشَّرَابُ الحُلْوُ البَارِدُ وَالمِسْكُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الخَلْقِ، وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ -تَعَالَى- ثُمَّ العَابِدُ العَرِيُّ مِنَ العِلْمِ, مَتَى زَهَدَ وَتبتَّلَ وَجَاعَ، وَخَلاَ بِنَفْسِهِ، وَتَرَكَ اللَّحْمَ، وَالثِّمَارَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الدُّقَّةِ، وَالكِسْرَةِ صَفَتْ حَوَاسُّهُ وَلَطُفَتْ، وَلاَزَمَتْهُ خَطَرَاتُ النَّفْسِ، وَسَمِعَ خِطَاباً يَتَوَلَّدُ مِنَ الجُوْعِ، وَالسَّهَرِ لاَ وُجُوْدَ لِذَلِكَ الخَطَابِ، وَاللهِ فِي الخَارِجِ، وَوَلَجَ الشَّيْطَانُ فِي بَاطِنِهِ وَخَرَجَ، فَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ قَدْ، وَصَلَ وَخُوْطِبَ وَارْتَقَى فَيَتَمَكَّنُ مِنْهُ الشَّيْطَانُ، وَيُوَسْوِسُ لَهُ، فَيَنْظُرُ إِلَى المُؤْمِنِيْنَ بِعَيْنِ الازْدِرَاءِ، وَيَتَذَكَّرُ ذُنُوبَهُم، وَيَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ الكَمَالِ، وَرُبَّمَا آلَ بِهِ الأَمْرُ إِلَى أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ وَلِيٌّ, صَاحِبُ كَرَامَاتٍ وَتَمَكُّنٍ، وَرُبَّمَا حَصَلَ لَهُ شَكٌّ, وَتَزَلْزَلَ إيمانه، فالخلوة والجوع أبوجاد التَّرهُّبِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرِيْعَتِنَا فِي شَيْءٍ بَلَى السُّلُوْكُ الكَامِلُ هُوَ الوَرَعُ فِي القُوْتِ, وَالوَرَعُ فِي المَنْطِقِ، وَحِفْظُ اللِّسَانِ، وَمُلاَزَمَةُ الذِّكْرِ، وَتَرْكُ مُخَالَطَةِ العَامَّةِ، وَالبُكَاءُ عَلَى الخَطِيْئَةِ، وَالتِّلاَوَةُ بِالتَّرْتِيْلِ وَالتَّدَبُّرِ، وَمَقْتُ النَّفْسِ وَذَمُّهَا فِي ذَاتِ اللهِ، وَالإِكْثَارُ مِنَ الصَّوْمِ المَشْرُوْعِ، وَدَوَامُ التَّهَجُّدِ، وَالتَّوَاضُعُ لِلْمُسْلِمِيْنَ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَالسَّمَاحَةُ، وَكَثْرَةُ البِشْرِ, وَالإِنْفَاقُ مَعَ الخَصَاصَةِ، وَقَوْلُ الحَقِّ المُرِّ بِرِفْقٍ وَتُؤَدَةٍ، وَالأَمْرُ بِالعُرْفِ، وَالأَخْذُ بِالعَفْوِ، وَالإِعْرَاضُ عَنِ الجَاهِلِيْنَ، وَالرِّبَاطُ بِالثَّغْرِ، وَجِهَادُ العَدُوِّ، وَحَجُّ البَيْتِ، وتناول الطيبات فِي الأَحَايِيْنِ، وَكَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ، فِي السَّحَرِ، فَهَذِهِ شَمَائِلُ الأَوْلِيَاءِ، وَصِفَاتُ المُحَمَّدِيِّيْنَ أَمَاتَنَا اللهُ عَلَى مَحَبَّتِهِم.
وَبَالإِسْنَادِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقُوْلُ: مَنْ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ إِرَادَةٍ وَحُبٍّ, أَخْرَجَ اللهُ نُوْرَ اليَقِيْنِ وَالزُّهْدِ مِنْ قَلْبِهِ ثُمَّ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ، عَنِ السُّلَمِيِّ الحِكَايَتَيْنِ فِي تغريق كتب أحمد في البحر.
__________
1 فقد ورد عَنْ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة". أخرجه أحمد "3/ 128 و199 و285"، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" "322" و"323"، وأبو يعلى "3482"، والطبراني في "الأوسط" "5199"، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم" "ص98 و229"، والبيهقي "7/ 78"، والضياء في "المختارة" "1737" من طرق عن سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن أنس، به.
قلت: إسناده حسن من أجل سلام أبي المنذر، وهو ابن سليمان المزني القارئ، فإنه صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".(9/476)
وَبِهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ بَحْرٍ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ يَقُوْلُ: بَيْنَا أَنَا فِي قُبَّةٍ بِالمَقَابِرِ بِلاَ بَابٍ إِلاَّ كِسَاءٌ أَسْبَلْتُهُ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَدُقُّ عَلَى الحَائِطِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا? قَالَتْ: ضَالَّةٌ، فَدُلَّنِي عَلَى الطَّرِيْقِ. فَقُلْتُ: رَحِمَكِ اللهُ أَيَّ الطَّرِيْقِ تَسْلُكِيْنَ، فَبَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ: عَلَى طَرِيْقِ النَّجَاةِ يَا أَحْمَدُ. قُلْتُ: هَيْهَاتَ! إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا عِقَاباً، وَتِلْكَ العِقَابُ لاَ تُقْطَعُ إِلاَّ بِالسَّيْرِ الحَثِيْثِ، وَتَصْحِيْحِ المُعَامَلَةِ، وَحَذْفِ العَلاَئِقِ الشَّاغِلَةِ، فَبَكَتْ, ثُمَّ قَالَتْ: سُبْحَانَ مَنْ أَمْسَكَ عَلَيْكَ جَوَارِحَكَ فَلَمْ تَتَقَطَّعْ، وَفُؤَادَكَ فَلَمْ يَتَصَدَّعْ ثُمَّ خَرَّتْ مَغْشِيّاً عَلَيْهَا، فَقُلْتُ لِبَعْضِ النِّسَاءِ: أَيُّ شَيْءٍ حَالُهَا? فَقُمْنَ، فَفَتَّشْنَهَا، فَإِذَا وَصِيَّتُهَا فِي جَيْبِهَا: كَفِّنُونِي فِي أَثْوَابِي هَذِهِ، فَإِنْ كَانَ لِي عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ, فَهُوَ أَسْعَدُ لِي، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَبُعْداً لِنَفْسِي قُلْتُ: مَا هِيَ? فَحَرَّكُوهَا، فَإِذَا هِيَ مَيْتَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ الجَارِيَةُ؟ قَالُوا: جَارِيَةٌ قُرَشِيَّةٌ مُصَابَةٌ، وَكَانَ قَرِيْنُهَا يَمْنَعُهَا مِنَ الطَّعَامِ، وَكَانَتْ تَشْكُو إِلَيْنَا وَجَعاً بِجَوْفِهَا، فَكُنَّا نصفها للأطباء، فتقول: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ الطَّبِيْبِ الرَّاهِبِ تَعْنِي أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ أَشْكُو إِلَيْهِ بَعْضَ مَا أَجِدُ مِنْ بَلاَئِي لَعَلَّهُ أَنْ يَكُوْنَ عِنْدَهُ شفائي.
وبه، حدثنا سليمان الطبراني، حدثا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ وَكِيْعاً يَبْتَدِئُ قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَ، فَيَقُوْلُ: مَا هُنَالِكَ إِلاَّ عَفْوُهُ، وَلاَ نَعِيْشُ إِلاَّ فِي سُتْرَةٍ، وَلَوْ كُشِفَ الغِطَاءُ, لَكُشِفَ عَنْ أَمْرٍ عَظِيْمٍ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَائِلَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ: لِرَجُلٍ: إِنْ دَخَلْتَ القَبْرَ وَمَعَكَ الإِسْلاَمُ، فَأَبْشِرْ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الحَوَارِيِّ قُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ: حَدِّثْنَا. قَالَ: دَعُونَا مِنَ الحَدِيْثِ، فَقَدْ كَبِرْنَا وَنَسِيْنَا, جِيْئُونَا بِذِكْرِ المَعَادِ، وَبِذِكْرِ المَقَابِرِ لَوْ أَنِّي أَعْرِفُ أَهْلَ الحَدِيْثِ, لأَتَيْتُهُمْ إِلَى بُيُوْتِهِم أُحَدِّثَهُم.
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: أَسْنَدَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ عَنِ المَشَاهِيْرِ وَالأَعْلاَمِ مَا لاَ يُعَدُّ كَثْرَةً.
أَبُو الدَّحْدَاحِ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ حَامِدٍ: أَنَّ كِتَابَ المَأْمُوْنِ وَرَدَ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ يَحْيَى بنِ مُعَاذٍ أَمِيْرِ دِمَشْقَ أَنْ أَحْضِرِ المُحَدِّثِيْنَ بِدِمَشْقَ، فَامْتَحِنْهُم. قَالَ: فَأَحْضَرَ هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وسليمان بن عبد الرَّحْمَنِ، وَابْنَ ذَكْوَانَ، وَابْنَ أَبِي الحَوَارِيِّ، فَامْتَحَنَهُمُ امْتِحَاناً لَيْسَ بِالشَّدِيْدِ، فَأَجَابُوا خَلاَ أَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ، فَجَعَلَ يَرْفُقُ بِهِ، وَيَقُوْلُ: أَليْسَ السَّمَاوَاتُ مَخْلُوْقَةً? أَلَيْسَ الأَرْضُ مَخْلُوْقَةً. وَأَحْمَدُ يَأْبَى أَنْ يُطِيْعَهُ، فَسَجَنَهُ فِي دَارِ الحِجَارَةِ، ثُمَّ أَجَابَ بَعْدُ، فَأَطْلَقَهُ.(9/477)
قَالَ أَحْمَدُ السُّلَمِيُّ فِي "مِحَنِ الصُّوْفِيَّةِ": أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ شَهِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ أَنَّهُ يُفَضِّلُ الأَوْلِيَاءَ عَلَى الأَنْبِيَاءِ، وَبَذَلُوا الخُطُوطَ عَلَيْهِ، فَهَرَبَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى مَكَّةَ، وَجَاوَرَ حَتَّى كَتَبَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ يَسْأَلُهُ أَنْ يَرْجِعَ، فَرَجَعَ.
قُلْتُ: إِنْ صَحَّتِ الحِكَايَةُ، فَهَذَا مِنْ كَذِبِهِم عَلَى أَحْمَدَ, هُوَ كَانَ أَعْلَمَ بِاللهِ مِنْ أَنْ يَقُوْلَ ذَلِكَ.
وَنَقَلَ السُّلَمِيُّ حِكَايَةً مُنْكَرَةً، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَنَقَلَهَا ابْنُ بَاكَوَيْه، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الغَازِيِّ, سَمِعَا أَبَا بَكْرٍ الشَّبَّاكَ, سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: كَانَ بَيْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ عَقْدٌ لاَ يُخَالِفُهُ فِي أَمْرٍ، فَجَاءهُ يَوْماً وَهُوَ يَتَكَلَّمُ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّ التَّنُّوْرَ قَدْ سُجِرَ، فَمَا تَأْمُرُ? فَلَمْ يُجِبْهُ، فَأَعَادَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً، فَقَالَ: اذْهَبْ، فَاقْعُدْ فِيْهِ -كَأَنَّهُ ضَاقَ بِهِ- وَتَغَافَلَ أَبُو سُلَيْمَانَ سَاعَةً, ثُمَّ ذَكَرَ، فَقَالَ: اطْلُبُوا أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ فِي التَّنُّوْرِ؛ لأَنَّهُ عَلَى عَقْدٍ أَنْ لاَ يُخَالِفَنِي، فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ فِي التنور لم يحترق منه شعرة1.
تُوُفِّيَ أَحْمَدُ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيِّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عن عَاصِمِ بنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "مَنْ يَحْرِصْ عَلَى الإِمَارَةِ لَمْ يَعْدِلْ فِيْهَا".
تُوُفِّيَ مَعَ ابْنِ أَبِي الحَوَارِيِّ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الدُّوْرِيُّ المُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، وَالمُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، وَحَامِدُ بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ, رَحِمَهُمُ اللهُ.
__________
1 هذا خبر غير صحيح، ففي الصحيح المرفوع: "إنما الطاعة في المعروف"، فكيف يأمر عالم عالما آخر بالجلوس في التنور؟! سبحانك هذا بهتان وإثم عظيم لا يصدقه أصغر طالب علم، فكيف يروج ذلك على الكبار؟!(9/478)
1990- محمد بن مُصَفَّى 1: "د، س، ق"
ابن بهلول الحَافِظُ الإِمَامُ عَالِمُ أَهْلِ حِمْصَ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ الحِمْصِيُّ، العَبْدُ الصَّالِحُ.
حَدَّثَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَبَقِيَّةَ بنَ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَرْبٍ، وَالوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ، وَابْن أَبِي فُدَيْكٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حِمْيَرٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالحَسَنُ بنُ أحمد بنِ فِيْلٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ، وَعَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ تَمَّامٍ البَهْرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَبْدُ الغَافِرِ بنُ سَلاَمَةَ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الكَلاَعِيُّ: عَادَلْتُهُ إِلَى مَكَّةَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَاعْتَلَّ بِالجُحْفَةِ، وَمَاتَ بِمَكَّةَ بِمِنَىً. وَكَانَ دَخَلَ مَكَّةَ وَهُوَ لِمَا بِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ وَهُوَ في النزع، فقرءوا عَلَيْهِ, فَمَا عَقَلَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَلَيْسَ قَدْ مُتَّ? إِلَى مَا صِرْتَ? قَالَ: إِلَى خَيْرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَنَحْنُ نَرَى رَبَّنَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ صَاحِبُ سُنَّةٍ فِي الدُّنْيَا، وَصَاحِبُ سُنَّةٍ فِي الآخِرَةِ?! فَتَبَسَّمَ إِلَيَّ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَيْضاً، عَنْ مَرَّارِ بنِ حَمُّوَيْه, عَنْهُ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: لَهُ مَنَاكِيْرُ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ صَادِقاً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عُتْبَةَ بنِ عَبْدٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ!
أَسْمَعُكَ تَذْكُرُ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً لاَ أَعْلَمُ شَجَرَةً أَكْثَرَ شَوْكاً مِنْهَا -يَعْنِي: الطَّلْحَ- فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ يَجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا ثَمَرَةً مِثْلَ خُصْيَةِ التَّيْسِ المَلْبُوْدِ -يَعْنِي: الخَصِيَّ- فِيْهَا سَبْعُوْنَ لَوْناً مِنَ الطَّعَامِ لاَ يُشْبِهُ لَوْنٌ آخَرَ" 2. حَدِيْثٌ حَسَنٌ، غَرِيْبٌ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 782"، والضعفاء الكبير للعقيلي "4/ ترجمة 1710"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 446"، والأنساب للسمعاني "4/ 221"، والكاشف "3/ ترجمة 5243", والعبر "1/ 447"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8181"، وتهذيب التهذيب "9/ 460"، وتقريب التهذيب "2/ 208"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6660".
2 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "17/ 318"، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" "6/ 103" عن محمد بن المبارك الصوري، حدثنا يحيى بن حمزة، به.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.(9/479)
1991- العَدَنِي 1: "م، ت، ق، س"
الإِمَامُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ شَيْخُ الحَرَمِ, أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: فُضَيل بنِ عِياض، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ العزيز بن محمد، ومعتمر بن سلميان، وَسَعِيْدِ بنِ سَالِمٍ، وَوَكِيْعِ بنِ الجَرَّاحِ، وَمَرْوَانَ بن معاوية، وخلق كثير، وصنف "المسند".
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَبِوَاسِطَةٍ النَّسَائِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ الخُزَاعِيُّ، وَالحَكَمُ بنُ مَعْبَدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيُّ، وَالمُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَنَدِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، وَكَانَتْ بِهِ غَفْلَةٌ. رَأَيْتُ عِنْدَهُ حَدِيْثاً مَوْضُوْعاً, حَدَّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَكَانَ صَدُوْقاً.
وَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ، وَكَانَ قَدْ حَجَّ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ حَجَّةً. وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ مِنَ الطَّوَافِ سِتِّيْنَ سَنَةً, رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ بِمَكَّةَ, لإِحْدَى عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ, رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَحْيَى بنِ مُعَاذٍ النَّسَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي عُمَرَ,
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إذا رَأَى أَحَدُكُمْ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي المَالِ وَالجِسْمِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُوْنَهُ فِي المال والجسم" 2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 847"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 560"، والأنساب للسمعاني "8/ 408"، والكاشف "3/ ترجمة 5302"، والعبر "1/ 441"، وتهذيب التهذيب "9/ 518"، وتقريب التهذيب "2/ 218"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6746"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 104".
2 صحيح: ورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه". أخرجه البخاري "6490"، ومسلم "2963" من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
وورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله". أخرجه أحمد "2/ 254 و482"، ومسلم "2963" "9" واللفظ له، والترمذي "2513" وابن ماجه "4142" من طريق الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.(9/480)
1992- رجاء بن مُرَجَّى 1: "د، ق"
ابن رافع، وَقِيْلَ: رَجَاءُ بنُ مُرَجَّي بنِ رَجَاءَ بنِ رَافِعٍ, الإِمَامُ, الحَافِظُ, النَّاقِدُ, المُصَنِّفُ, أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَيُقَالُ: السَّمَرْقَنْدِيُّ. وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو أَحْمَدَ، فَلَعَلَّهُ يُكْنَى بِهِمَا.
مَوْلِدُهُ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ النَّضْرَ بنَ شُمَيْلٍ، وَيَزِيْدَ بنَ أَبِي حَكِيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَعَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ، وَسَلمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ رَجَاءَ الغُدَانِيَّ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَخَلْقاً كَثِيْراً بِخُرَاسَانَ وَالحِجَازِ وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي شيبة البَزَّازُ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ السَّقَطِيُّ، وَمُطَيَّنٌ، وَآخَرُوْنَ. وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ, حَافِظٌ, سَمَرْقَنْدِيٌّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ مَرْوَزِيٌّ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: سَكَنَ بَغْدَادَ، وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، إِمَاماً فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ، وَحِفْظِهِ وَالمَعْرِفَةِ بِهِ.
وَذَكَرَ عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الأَشْقَرُ, قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا رَجَاءُ بنُ مُرجى بُخَارَى, يُرِيْدُ الشَّاشَ، فَسَمِعْنَا مِنْهُ، وَدَخَلَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، فَتَذَاكَرَا.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2277"، وتاريخ بغداد "8/ 410"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 562"، والعبر "1/ 454"، وتهذيب التهذيب "3/ 269"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 120".(9/481)
قَالَ النَّسَائِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ -يَعْنِي: الخَفَّافَ- عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: فيها مات رجاء -يعني: سنة تسع وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ- وَفِيْهَا أَرَّخَهُ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَزَادَ أَنَّهُ مَاتَ بِبَغْدَادَ، وَقَالَ البُخَارِيُّ أَيْضاً: مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي غُرَّةِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ تِسْعٍ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ الحَلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ العَلاَّفِ، حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ الحَمَّامِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا رَجَاءُ بنُ مُرَجَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ مسلم بن أبي مريم، عن عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى يَوْماً وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: "هَاتِ نَمِرَتَكَ وَخُذْ نَمِرَتِي". قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ, هِيَ خَيْرٌ مِنْ نَمِرَتِي. قَالَ: "أَجَلْ وَلَكِنْ عَلَيْهَا خَيْطٌ أَحْمَرُ فَخَشِيْتُ أَنْ تَفْتِنَنِي فِي صَلاَتِي"1.
قُلْتُ: أَي تَشْغَلُنِي عَنْ كَمَالِ المُرَاقَبَةِ، وَالأَنْبِيَاءُ مُطَالَبُونَ بِمَا يُسْمَحُ فيه لغيرهم، فلذلك قايض بنمرته.
__________
1 ضعيف: أخرجه البغوي في "شرح السنة"، وفيه سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك الأموي، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".(9/482)
1993- البِيكَنْدِي 1: "خَ"
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ، مُحَدِّثُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ2، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ جَعْفَرِ بنِ أَعْيَنَ البُخَارِيُّ، البِيْكَنْدِيُّ3.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْعٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ وَاصلٍ، وجماعة.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ, رَحِمَهُ اللهُ.
لَمْ يَقَعْ لِي مِنْ عَوَالِي هَذَا المُحَدِّثِ شَيْءٌ إِنَّمَا وَقَعَ لَنَا حَدِيْثُه في "الجامع المختصر".
__________
1 ترجمته في الأنساب للسمعاني "2/ 404"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 501"، والكاشف "3/ ترجمة 6250"، وتهذيب التهذيب "11/ 193"، وتقريب التهذيب "2/ 344".
2 ما وراء النهر: يراد به نهر جيحون "أموداريا" بخراسان. فما كان شرقيه سمَّاه المسلمون ما وراء النهر، وما كان غريبه فهو خراسان وولاية خوارزم. قاله ياقوت الحموي في "معجم البلدان".
3 نسبة إلى بيكند، بكسر الباء، وفتح الكاف، وسكون النون، بلدة بين بخارى وجيحون كما في "معجم البلدان".(9/482)
1994- البَحْراني 1: "ق"
القَاضِي الإِمَامُ المُحَدِّثُ المُتْقِنُ, أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ البَحْرَانِيُّ البَصْرِيُّ, أَحَدُ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيع، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَسُفْيَانَ بنِ حَبِيْبٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَزِيَادٍ البَكَّائِيِّ، وَابْنِ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ غُنْدَرٍ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الوَرَّاقُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ: قَدِمَ البَحْرَانِيُّ هَمَذَانَ، وَحَدَّثَ بِهَا بِمُصَنَّفَاتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أُورمَةَ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: كَانَ يُلَقَّبُ عَبَّاسَوَيْه، وَكَانَ حَافِظاً.
قُلْتُ: وَلِيَ قَضَاءَ هَمَذَانَ مُدَّةً، وَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ أَيْضاً.
قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَيُقَالُ: فِيْهِ لِيْنٌ لاَ يَضُرُّ، وَتَكَلَّمَ مَرَّارُ بنُ حَمّوَيْه فِي سَمَاعِهِ مِنْ يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَالرَّجُلُ مَأْمُوْنٌ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1193"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 518"، وميزان الاعتدال "2/ 387"، وتهذيب التهذيب "5/ 134"، وتقريب التهذيب "1/ 400"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 140".(9/483)
1995- ابن حبيب 1:
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ الأَنْدَلُسِ أَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ هَارُوْنَ بنِ جَاهمَةَ ابْنِ الصَّحَابِيِّ عَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ العَبَّاسِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ المَالِكِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ الإِمَامِ مَالِكٍ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَخَذَ عَنِ: الغَازِ بنِ قَيْسٍ، وَزِيَادِ شبطون، وصعصعة بن سلام. ثُمَّ ارْتَحَلَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ، وَحَجَّ. وَحَمَلَ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَمُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ اليَسَارِيِّ، وَأَسَدِ بنِ مُوْسَى السُّنَّةِ، وَأَصْبَغَ بنِ الفَرَجِ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَعِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ، وَرجَعَ إِلَى قُرْطُبَةَ بِعِلْمٍ جَمٍّ، وَفِقْهٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالحِذْقِ فِي الفِقْهِ, كَبِيْرَ الشَّأْنِ, بَعِيْدَ الصِّيْتِ, كَثِيْرَ التَّصَانِيْفِ إِلاَّ أَنَّهُ فِي بَابِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ بِمُتْقِنٍ بَلْ يَحْمِلُ الحَدِيْثَ تَهَوُّراً كَيْفَ اتَّفَقَ، وَيَنْقُلُهُ وَجَادَةً وَإِجَازَةً، وَلاَ يَتَعَانَى تَحْرِيْرَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
صَنَّفَ كِتَابَ "الوَاضِحَةِ" فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَابَ "الجَامِعِ"، وَكِتَابَ "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ"، وَكِتَابَ "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ"، وَكِتَابَ "تَفْسِيْرِ المُوَطَّأِ"، وَكِتَاباً فِي "حُرُوْبِ الإِسْلاَمِ"، وَكِتَابَ"فَضْلِ المَسْجِدَيْنِ"، وَكِتَابَ "سِيْرَةِ الإِمَامِ فِيْمَنْ أَلْحَدَ"، وكتاب "طبقات الفُقَهَاءِ"، وَكِتَابَ "مَصَابِيْحِ الهُدَى".
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرضِيِّ: كَانَ فَقِيْهاً, نَحْوِيّاً, شَاعِراً, عَرُوْضِيّاً, أَخْبَارِيّاً, نَسَّابَةً, طَوِيْلَ اللِّسَانِ, مُتَصَرِّفاً فِي فُنُوْنِ العِلْمِ. حَدَّثَ عَنْهُ: بَقِيُّ بنُ مَخْلدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَيُوْسُفُ بنُ يَحْيَى المُغَامِيُّ، وَمُطَرِّفُ بنُ قَيْسٍ، وَخَلْقٌ، وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً: المُغَامِيُّ.
سَكَنَ إِلْبِيْرَةَ مِنَ الأَنْدَلُسِ مُدَّةً, ثُمَّ اسْتَقْدَمَهُ الأَمِيْرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَكَمِ، فَرَتَّبَهُ فِي الفَتْوَى بِقُرْطُبَةَ، وَقَرَّرَ مَعَهُ يَحْيَى بنُ يَحْيَى فِي النَّظَرِ وَالمُشَاوَرَةِ، فَتُوُفِّيَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَانْفَرَدَ ابْنُ حَبِيْبٍ بِرِئَاسَةِ العِلْمِ.
وَكَانَ حَافِظاً لِلْفِقْهِ نَبِيْلاً إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالحَدِيْثِ، وَلاَ يَعْرِفُ صَحِيْحَهُ مِنْ سَقِيْمِهِ, ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَسَهَّلُ فِي سَمَاعِهِ، وَيَحْمِلُ عَلَى سَبِيْلِ الإِجَازَةِ أَكْثَرَ رِوَايَتِهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَضَّاحٍ: أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ المُنْذِرِ الحِزَامِيَّ قَالَ لَهُ: أَتَانِي صَاحِبُكُم عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ بِغِرَارَةٍ مَمْلُوْءةٍ كُتُباً، فَقَالَ: لِي هَذَا عِلْمُكَ تُجِيْزُهُ لِي? فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ مَا قَرَأَ عَلَيَّ مِنْهُ حَرْفاً، وَلاَ قَرَأْتُهُ عليه.
وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ يَقُوْلُ: ابْنُ حَبِيْبٍ عَالِمُ الأَنْدَلُسِ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى عَاقِلُهَا، وَعِيْسَى بنُ دِيْنَارٍ فَقِيْهُهَا.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَالَ: قِيْلَ لِسَحْنُوْنَ: مَاتَ ابْنُ حَبِيْبٍ. فَقَالَ: مَاتَ عَالِمُ الأَنْدَلُسِ! بَلْ -وَاللهِ- عالم الدنيا.
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 554"، وميزان الاعتدال "2/ 652"، والعبر "1/ 427"، وتهذيب التهذيب "6/ 390"، ولسان الميزان "4/ 59"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 90".(9/484)
حَكَى بَعْضُهُم قَالَ: هَاجَتِ الرِّيْحُ، فَرَأَيْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ حَبِيْبٍ رَافِعاً يَدَيْهِ مُتَعَلِّقاً بِحِبَالِ المَرْكِبِ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، وَمَا عِنْدَكَ، فَخَلِّصْنَا قَالَ: فَسَلَّمَ اللهُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الصَّدَفِيُّ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ: إِنَّ "الوَاضِحَةَ" عَجِيْبَةٌ جِدّاً، وَإِنَّ فِيْهَا عِلْماً عَظِيْماً فَمَا يَدْخُلُهَا? قَالَ: أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَكَى فِيْهَا مَذَاهِبَ لَمْ نَجِدْهَا لأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلاَ نُقِلَتْ عَنْهُم.
قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّدَفِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": كَانَ كَثِيْرَ الرِّوَايَةِ, كَثِيْرَ الجَمْعِ, يَعْتَمِدُ عَلَى الأَخْذِ بِالحَدِيْثِ، وَلَمْ يَكُنْ يُمَيِّزُهُ، وَلاَ يَعْرِفُ الرِّجَالَ، وَكَانَ فَقِيْهاً فِي المَسَائِلِ. قَالَ: وَكَانَ يُطْعَنُ عَلَيْهِ بِكَثْرَةِ الكُتُبِ، وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَجِيزُ الأَخْذَ بِلاَ رِوَايَةٍ، وَلاَ مُقَابَلَةٍ، وَأَنَّهُ أَخَذَ بِالإِجَازَةِ كَثِيْراً. قَالَ: وَأُشِيْرَ إِلَيْهِ بِالكَذِبِ, سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ خَالِدٍ يَطْعُنُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَيَتَنقَّصُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَقَالَ: ظَهَرَ كَذِبُهُ فِي "الوَاضِحَةِ"، فِي غَيْرِ شَيْءٍ، فَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ وَضَّاحٍ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ؟ قَالَ: كَانَ ابْنُ حَبِيْبٍ بِمِصْرَ، فَكَانَ يَضَعُ الطَّوِيلَةَ، وَيَنْسَخُ طُوْلَ نَهَارِهِ، فَقُلْتُ له: إلى كم ذا النسخ؟ متى تَقْرَؤُهُ عَلَى الشَّيْخِ? قَالَ: قَدْ أَجَازَ لِي كُتُبَهُ -يَعْنِي: أَسَدَ بنَ مُوْسَى- فَأَتِيْتُ أَسَداً، فَقُلْتُ: تَمْنَعُنَا أَنْ نَقْرأَ عَلَيْكَ، وَتُجِيْزُ لِغَيْرِنَا? فَقَالَ: أَنَا لاَ أَرَى القِرَاءةَ، فَكَيْفَ أُجِيْزُ? فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَ مِنِّي كُتُبِي، فَيَكْتُبُ مِنْهَا, لَيْسَ ذَا عليَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ فِي "تَارِيْخِهِ": ابْنُ حَبِيْبٍ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الحَدِيْثَ بِالأَنْدَلُسِ، وَكَانَ لاَ يَفْهَمُ طُرُقَهُ، وَيُصَحِّفُ الأَسْمَاءَ، وَيَحْتَجُّ بِالمَنَاكِيْرِ، فَكَانَ أَهْلُ زَمَانِهِ يَنْسِبُوْنَهُ إِلَى الكَذِبِ، وَلاَ يَرْضَوْنَهُ.
وَمِمَّنْ ضَعَّفَ ابْنَ حَبِيْبٍ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ صُحُفيًّا وَأَمَّا التَّعَمُّدُ فَكَلاَّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ: وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَحْشَةٌ, كَانَ كَثِيْرَ المُخَالَفَةِ لَهُ, لَقِيَ أَصْبَغَ بِمِصْرَ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، فَكَانَ يُعَارِضُ يَحْيَى عِنْدَ الأَمْرِ، وَيَرُدُّ قَوْلَهُ، فَيَغْتَمُّ لِذَلِكَ قَالَ: فَجَمَعَهُمُ القَاضِي مَرَّةً فِي الجَامِعِ، فَسَأَلَهُم عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَفْتَى فِيْهَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَسَعِيْدُ بنُ حَسَّانٍ بِالرِّوَايَةِ، فَخَالَفَهُمَا عَبْدُ المَلِكِ، وَذَكَرَ خِلاَفَهُمَا رِوَايَةً عَنْ أَصْبَغَ، وَكَانَ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ وَهْبٍ شَابّاً قَدْ حَجَّ وَلَحِقَ أَصْبَغَ، فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ حَسَّانٍ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي كَذَا لِلْمَسْأَلَةِ المَذْكُوْرَةِ? هَلْ يَذْكُرُ فِيْهَا الأَصْبَغُ شَيْئاً? قُلْتُ: نَعَمْ. يَقُوْلُ فِيْهَا: بِكَذَا وَكَذَا، فذكر موافقة(9/485)
سَعِيْدٍ وَيَحْيَى، فَقَالَ لِي سَعِيْدٌ: انْظُرْ مَا تَقُوْلُ, أَنْتَ عَلَى يَقِيْنٍ مِنْهَا? قُلْتُ: نَعَمْ. قال: فأتني بكتابك. فَخَرَجْتُ مُسْرِعاً, ثُمَّ نَدِمْتُ، فَأَخْرَجْتُهَا مِنْ قِرْطَاسٍ، فَسُرِرْتُ، وَأَتَيْتُهُ بِالكِتَابِ. قَالَ: تَمْضِي بِهِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ. فَمَضَيْتُ بِهِ إِلَى يَحْيَى بنِ يَحْيَى، فَأَعْلَمْتُهُ، فَاجْتَمَعَا بِالقَاضِي، وَقَالاَ: هَذَا يُخَالِفُنَا بِالكَذِبِ، فَارْدَعْهُ، وَكُفَّهُ. فَجَمَعُهُمُ القَاضِي ثَانِياً، فَتَكَلَّمُوا، فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: قَدْ أَعْلَمْتُكَ بِمَا يَقُوْلُ فِيْهَا أَصْبَغُ. فَبَدَرَ عَبْدُ الأَعْلَى، فَقَالَ: تَكْذِبُ عَلَى أَصْبَغَ, أَنَا رَوَيْتُ هَذِهِ المَسْأَلَةَ عَنْهُ عَلَى وِفْقِ مَا قَالاَ، وَهَذَا كِتَابِي. فَقَرَأَهُ القَاضِي، وَقَالَ: لِعَبْدِ المَلِكِ: مَا سَاءهُ. وَخَرَجَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: تُفْتِيْنَا بِالكَذِبِ وَالخَطَأِ، وَتُخَالِفُ أَصْحَابَكَ بِالهَوَى؟! لَوْلاَ البُقْيَا عَلَيْكَ لَعَاقَبْتُكَ. قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى: فَلَمَّا خَرَجْتُ, خَطَرْتُ عَلَى دَارِ ابْنِ رُسْتُمَ الحَاجِبِ، فَرَأَيْتُ عَبْدَ المَلِكِ خَارِجاً مِنْ عِنْدِهِ فِي وَجْهِهِ البِشْرُ، فَقُلْتُ: لأَدْخُلَنَّ عَلَى ابْنِ رُسْتُمَ. فَدَخَلْتُ، فَلَمْ يَنْتَظِرْ جُلُوْسِي، وَقَالَ: يَا مِسْكِيْنُ مَنْ غَرَّكَ -أَوْ مَنْ أَدْخَلَكَ- فِي هَذَا? تُعَارِضُ مِثْلَ ابْنِ حَبِيْبٍ وَتُكَذِّبُهُ? فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ, إِنَّمَا سَأَلَنِي القَاضِي، فَأَجَبْتُ بِمَا عِنْدِي. قَالَ: وَبَعَثَ الأَمِيْرُ إِلَى القَاضِي يَقُوْلُ: مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُشَاوِرَ عَبَدَ الأَعْلَى؟ فَبَعَثَ يُثْنِي عليَّ، وَيَقُوْلُ: لَمْ أَرَ نَفْسِي فِي سَعَةٍ مِنْ تَرْكِ مُشَاوَرَةِ مِثْلِهِ، فَسَأَلَ الأَمِيْرُ وُزَرَاءهُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، وَوَصَفُوا عِلْمَهُ وَوَلاَءهُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ فَحْلُوْنَ: مَاتَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ يَوْمَ السَّبْتِ، لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ, بِعِلَّةِ الحَصَى, رَحِمَهُ اللهُ. وَنَقَلَ آخَرُ: أَنَّهُ مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فالله أعلم.(9/486)
1996- عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ 1: "د"
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ؛ مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ، عَنْ أَبِي مَرْوَانَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ حَبِيْبٍ البَزَّازِ المَصِّيْصِيِّ.
شَيْخٌ يَرْوِي عَنِ: ابْنِ المُبَارَكِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ فِي "السُّنَنِ"، وجعفر الفريابي في مصنفاته، فاعرف.
__________
1 ترجمته في تهذيب التهذيب "6/ 389".(9/486)
1997- موسى بن معاوية 1:
الإِمَامُ المُفْتِي أَبُو جَعْفَرٍ الصُّمَادِحيُّ, المَغْرِبِيُّ, الإفْرِيْقِيُّ. يُقَالُ: إِنَّهُ هَاشِمِيٌّ جَعْفَرِيٌّ.
قَالَ أَبُو العَربِ، وَغَيْرُهُ: كَانَ ثِقَةً, مَأْمُوْناً، عَالِماً بِالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ, صَالِحاً.
عَنْ شُعَيْبِ بنِ أَبِي الأَزْهَرِ: قُلْتُ لِسَحْنُوْنَ: إِنَّ مُوْسَى بنَ مُعَاوِيَةَ جَلَسَ فِي الجَامِعِ يُفْتِي النَّاسَ. قَالَ: مَا جَلَسَ أَحَدٌ أَحَقُّ مِنْهُ بِالفَتْوَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّادِ: أَدْرَكَ مُوْسَى فِي رِحْلَتِهِ جَمَاعَةً, مِنْهُمُ: الفُضَيْلُ بنُ عِيْاضٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، ووكيع.
قُلْتُ: وَأَبو مُعَاوِيَةَ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ مُعَاوِيَةَ, قَالَ: لَمْ أَلْقَ أَحَداً أَرْوَى مِنْ وَكِيْعٍ, كَانَ يَرْوِي خَمْسَةً، وَثَلاثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، فَقَرَأَهَا وَكِيْعٌ عَلِيْنَا ظَاهِراً عَلَى تَألِيفِهَا مَا يُشَكُّ فِي حَدِيْثٍ مِنْهَا.
وَعَنْهُ قَالَ: رَحَلْتُ مِنَ القَيْرَوَانِ، وَمَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَداً أَخْشَعَ مِنَ البُهْلُوْلِ بنِ رَاشِدٍ حَتَّى لَقِيْتُ وَكِيْعاً، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي رَمَضَانَ فِي اللَّيْل خَتْمَةً وَثُلُثاً، وَيُصَلِّي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنَ الضُّحَى، وَيُصَلِّي مِنَ الظُّهْرِ إِلَى العَصْرِ.
وَعَنْ مُوْسَى, قَالَ: صَلَّى بِنَا هَارُوْنُ الخَلِيْفَةُ الصُّبْحَ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَرَأَ بِالرَّحْمَنِ وَالوَاقِعَةِ، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ لاَ يَسْكُتَ مِنْ حُسْنِ قِرَاءتِهِ، فَقُمْتُ إِلَى الفُضَيْلِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مِسْكِيْنٌ هَارُوْنُ قَرَأَ الرَّحْمَنَ وَالوَاقِعَةَ وَلاَ يَدْرِي مَا فِيْهِمَا.
وَرَوَى عَنْ مُوْسَى: مُحَمْدُ بنُ وَضَّاحٍ، وَأَبُو سَهْلٍ فُرَاتٌ، وَمُحَمْدُ بنُ سَحْنُوْنَ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: ثِقَةٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ رَحَلَ إِلَى الكُوْفَةِ وَالرَّيِّ لَقِيْتُهُ بِالقَيْرَوَانِ.
وَقَالَ مُحَمْدُ بنُ أَحْمَدَ العَنْسِيُّ: هُوَ: مُوْسَى بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ صُمَادِحِ بنِ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّالِبِيُّ, لَقِيْتُهُ وَقَدْ كُفَّ، فَكُلُّ مَا فِي "المُدَوّنَةِ" لِوَكِيْعٍ وَابْنِ مَهْدِيٍّ، فَإِنَّمَا أخذه سحنون عن موسى.
__________
1 لم أقف له على ترجمة.(9/487)
1998- المحاسبي 1:
الزَّاهِدُ العَارِفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَارِثُ بنُ أَسَدٍ البَغْدَادِيُّ، المُحَاسِبِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الزُّهْدِيَّةِ.
يَرْوِي عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ يَسِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَسْرُوْقٍ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ، وَالجُنَيْدُ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ خَيْرَانَ الفَقِيْهُ, إِنْ صَحَّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ فِي الزُّهْدِ، وَأُصُوْلِ الدِّيَانَةِ، وَالرَّدِّ عَلَى المُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ.
قَالَ الجُنَيْدُ: خَلَّفَ لَهُ أَبُوْهُ مَالاً كَثِيْراً، فَتَرَكَهُ، وَقَالَ: لاَ يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ. وَكَانَ أَبُوْهُ وَاقِفِيّاً2.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ مِقْسَمٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ خَيْرَانَ, قَالَ: رأيت المُحَاسِبِيَّ مُتَعَلَّقاً بِأَبِيْهِ, يَقُوْلُ: طَلِّقْ أُمِّي، فَإِنَّكَ عَلَى دِيْنٍ، وَهِيَ عَلَى غَيْرِهِ.
قَالَ الجُنَيْدُ: قَالَ لِيَ الحَارِثُ: كَمْ تَقُوْلُ: عُزْلَتِي أُنْسِي, لَوْ أَنَّ نِصْفَ الخَلْقِ تَقَرَّبُوا مِنِّي, مَا وَجَدْتُ لَهُمْ أُنْساً، وَلَوْ أَنَّ النِّصْفَ الآخَرَ نَأَوْا عَنِّي, مَا اسْتَوْحَشْتُ.
وَاجْتَازَ الحَارِثُ يَوْماً بِي، فَرَأَيْتُ فِي وَجْهِهِ الضُّرَّ مِنَ الجُوْعِ، فَدَعَوْتُهُ، وَقدَّمْتُ لَهُ أَلْوَاناً، فَأَخَذَ لُقْمَةً، فَرَأَيْتُهُ يَلُوْكُهَا، فَوَثَبَ وَخَرَجَ، وَلفَظَ اللُّقْمَةَ، فَلَقِيْتُهُ، فَعَاتَبْتُهُ. فَقَالَ: أَمَّا الفَّاقَةُ فَكَانَتْ شَدِيْدَةً، وَلَكِنْ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّعَامُ مَرْضِيّاً, ارْتَفَعَ إِلَى أَنْفِي مِنْهُ زَفْرَةٌ، فَلَمْ أَقْبَلْهُ.
وَعَنْ حَارِثٍ, قَالَ: جَوْهَرُ الإِنْسَانِ الفَضْلُ، وَجَوْهَرُ العَقْلِ التَّوْفِيْقُ.
وَعَنْهُ قَالَ: تَرْكُ الدُّنْيَا مَعَ ذِكْرِهَا صِفَةُ الزَّاهِدِيْنَ، وَتَرْكُهَا مَعَ نِسْيَانِهَا صِفَةُ العَارِفِيْنَ.
قُلْتُ: المُحَاسِبِيُّ كَبِيْرُ القَدْرِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ يَسِيْرٍ من الكلام، فَنُقِمَ عَلَيْهِ. وَوَرَدَ: أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ أَثْنَى عَلَى حَالِ الحَارِثِ مِنْ وَجْهٍ، وَحَذَّرَ مِنْهُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: شَهِدْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَسُئِلَ عَنِ المُحَاسِبِيِّ وَكُتُبِهِ, فَقَالَ: إِيَّاكَ وَهَذِهِ الكُتُبَ هَذِهِ كُتُبُ بِدَعٍ وضَلاَلاَتٍ عَلَيْكَ بِالأَثَرِ تَجِدْ غُنيَةً, هَلْ بَلَغَكُم أَنَّ مالكًا والثوري وَالأَوْزَاعِيَّ صَنَّفُوا فِي الخَطَرَاتِ وَالوَسَاوِسِ? مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى البِدَعِ!
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: تَفَقَّهَ الحَارِثُ، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ، وَعَرَفَ مَذَاهِبَ النُّسَّاكِ، وَكَانَ مِنَ العِلْمِ بِمَوْضِعٍ إِلاَّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ وَمَسْأَلَةِ الإِيْمَانِ. وَقِيْلَ: هَجَرَهُ أَحْمَدُ، فَاخْتَفَى مُدَّةً.
وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 465"، وتاريخ بغداد "8/ 211"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 152"، والعبر "1/ 440"، وميزان الاعتدال "1/ 430"، وتهذيب التهذيب "2/ 134"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 316"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1119"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 103".
2 أي يقف في مسألة خلق القرآن، فلا يقول مخلوق أو غير مخلوق. وهذا مذهب غير سديد فأهل السنة والجماعة يقولون بأن القرآن كلام الله غير مخلوق.(9/488)
1999- أبو قدامة السَّرَخْسِي 1: "خَ، م، س"
الإِمَامُ المُجَوِّدُ الحَافِظُ المُصَنِّفُ، أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ بُرْدٍ اليَشْكُرِيُّ مَوْلاَهُمُ السَّرَخْسِيُّ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ حَفْصَ بنَ غِيَاثٍ، وَسُفْيَانَ بنَ عيينة، ويحيى القطان، ومعاذ بن هِشَامٍ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقَ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَالحُسَيْنُ القَبَّانِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ أَفْعَالِ العِبَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَهَذَا بَعِيْدٌ مَا أُرَاهُ لَقِيَهُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ قَلَّ مَنْ كَتَبْنَا عَنْهُ مِثْلَهُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا نَيْسَابُوْرَ أَحَدٌ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي قُدَامَةَ، وَلاَ أَتْقَنُ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ البُسْتِيُّ: هُوَ الذي أظهر السنة بسرخس، ودعا الناس إليها.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيُّ: كَانَ إِمَاماً, فَاضِلاً, خَيِّراً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ بِفِرَبْرَ، رَحِمَهُ اللهُ.
وَقَعَ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ فِي صِفَةِ المُنَافِقِ، وَقَدْ رَوْيتُ ذَلِكَ فِي "تَذْكِرَةِ الحفاظ".
__________
1ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1227"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 1507"، واللباب لابن الأثير "3/ 413"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 515"، والعبر "1/ 436"، وتهذيب التهذيب "7/ 16", وتقريب التهذيب "1/ 533".(9/489)
2000- أحمد بن عبد الرحمن 1: "ت، س، ق"
ابن بكار، أبُو الوَلِيْدِ البُسْرِيُّ، مِنْ وَلَدِ بُسْرِ بنِ أَبِي أَرْطَاةَ, القُرَشِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ، العَامِرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ، وَلَهُ بَنُو عَمٍّ.
رَوَى عَنْ: عِرَاكِ بنِ خَالِدٍ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو يَعْلَى، وَحَاجِبُ بنُ أَرْكِيْنَ، وَأَبُو حَامِدٍ الحَضْرَمِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ.
وَقَدْ حَطَّ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّكَّرِيُّ بِأَنَّهُ قَاصٌّ، وَأَنَّهُ كَانَ يُحَلِّلُ النِّسَاءَ، وَاتَّهَمَهُ فِي لُقْيِ الوَلِيْدِ، وَمَا الْتَفَتَ الخَطِيْبُ إِلَى قَوْلِ السُّكَّرِيِّ.
مَاتَ فِي رمضان سنة ثمان وأربعين ومائتين.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 89"، وتاريخ بغداد "4/ 241"، والأنساب للسمعاني "2/ 212"، وميزان الاعتدال "1/ 115"، وتهذيب التهذيب "1/ 52"، وتقريب التهذيب "1/ 19".(9/490)
2001- هارون الحَمَّال 1: "م، 4" وابنه
هارون بن عبد الله بن مروان، الإِمَامُ, الحُجَّةُ, الحَافِظُ, المُجَوِّدُ، أَبُو مُوْسَى البَغْدَادِيُّ، التَّاجِرُ، البَزَّازُ, المُلَقَّبُ: بِالحَمَّالِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَرْبٍ الخَوْلاَنِيَّ، وَحَرَمِيَّ بنَ عُمَارَةَ، وَأَبَا أُسَامَةَ، وَالحُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ الجُعْفِيَّ، وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى، وَابْنَ أَبِي فُدَيْكٍ، وَيَحْيَى بنَ آدَمَ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَرَوْحَ بنَ عُبَادَةَ، وَحَمَّادَ بنَ مَسْعَدَةَ، وَمُصْعَبَ بنَ المِقْدَامِ، وَوَهْبَ بنَ جَرِيْرٍ، وَأَبَا
دَاوُدَ الحَفَرِيَّ، وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ -ثُمَّ عَنْ عَفَّانَ وَأَبِي الوَلِيْدِ- وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ الهَاشِمِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَعَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى البُخَارِيِّ- وَابْنُهُ؛ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الخُوْزِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ: أَكْتُبُ عَنْ هَارُوْنَ الحَمَّالِ? قَالَ: إي والله.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: لَوْ كَانَ الكَذِبُ حَلاَلاً تَرَكَهُ هَارُوْنُ الحَمَّالُ تَنَزُّهاً.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ, قَالَ: أَخْبَرَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ, قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ الشَّيْخُ -وَهُوَ الحَمَّالُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ حَمَّالاً, لأَنَّه حَمَلَ رَجُلاً فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَانْقَطَعَ بِهِ فِيْمَا يُقَالُ.
قَالَ ابْنُهُ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَمُطَيَّنٌ، وَعَلِيٌّ الغَضَائِرِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ زَادَ ابْنُهُ: فِي تَاسِعَ عَشْرَ شَوَّالٍ. وَأَخْطَأَ مَنْ قال: سنة تسع وأربعين.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 422"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 382"، وتاريخ بغداد "14/ 22"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 27"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 491"، والكاشف "3/ ترجمة 6017" والعبر "1/ 441"، وتهذيب التهذيب "11/ 8-9"، وتقريب التهذيب "2/ 312"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7628".(9/490)
2002- وموسى بن هارون ابْنُه 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ الحُجّةُ, النَّاقِدُ, مُحَدِّثُ العِرَاقِ, أَبُو عِمْرَانَ البَزَّازُ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عشرة ومائتين.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَوَالِدِهِ، وَطَبَقَتِهم. وَصَنَّفَ الكُتُبَ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ.
رَوَى عَنْهُ: خَلْقٌ كَثِيْرٌ, مِنْهُم: أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَدَعْلَجٌ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ قَاضِي مِصْرَ.
قَالَ الصِّبْغِيُّ: مَا رَأَيْنَا فِي حُفَّاظِ الحَدِيْثِ أَهْيَبَ ولا أورع من موسى بن هارون.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "13/ 50".(9/491)
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ: أَحسَنُ النَّاسِ كَلاَماً عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ فِي زَمَانِهِ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ فِي وَقْتِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي وَقْتِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا سَهْلٍ بنَ زِيَادٍ يَقُوْلُ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي يُجْلِسُ مُوْسَى بنَ هَارُوْنَ مَعَهُ عَلَى سَرِيْرِهِ يَنْظُرُ فِي كُلِّ مَا يُقْرأُ عَلَيْهِ -يَعْنِي: لِيُتْقِنَهُ لَهُ- هَذَا مَعَ ثِقَةِ إِسْمَاعِيْلَ وَجَلاَلَتِهِ فِي العِلْمِ وَالحَدِيْثِ, لَكِنَّهُ شَاخَ، وَنَاطحَ التِّسْعِيْنَ، فَخَافَ أَنْ تَزِلَّ قَدَمٌ بَعْد ثُبُوتِهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ مُوْسَى ثِقَةً حَافِظاً.
وَقِيْلَ: كَانَ مُوْسَى كَثِيْرَ الحَجِّ، فَكَانَ يُقِيمُ بِبَغْدَادَ سَنَةً، وَيَحُجُّ وَيُجَاوِرُ سَنَةً، وأظنه كان يتجر في غضون ذلك.
مَاتَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ, سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ عَاماً.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ، وَعوَالِي أَبِيْهِ.
فَأَخْبَرَنَا الشَّرِيْفُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُجَلِّدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرُ بنُ المُوَرِّعِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيْمِ بنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ, قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ حِلَقٌ فِي المَسْجَدِ، فَقَالَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِيْنَ"؟ 1.
وَبِهِ: إِلَى البَغَوِيِّ، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ المُسَيَّبِ، عَنْ تَمِيْمٍ، عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لَكُمْ لاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا" ? قَالَ: "يُتِمُّوْنَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّوْنَ فِي الصَّفِّ" 2.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحَنْبَلِيُّونَ، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا كَامِلُ بن
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "430"، وأبو داود "4823".
2 صحيح: أخرجه مسلم "430"، وأبو داود "661"، والنسائي "2/ 92" من طريق الأعمش، به.(9/492)
طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كفن في ثلاثة أَثْوَابٍ: أَحَدُهَا بُرْدٌ، وَأُلْحِدَ لَهُ، وَنُصِبَ عَلَى اللَّحْدِ اللَّبِنُ"1.
هَذَا مُرْسَلٌ, جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ عن الليث.
__________
1 صحيح لغيره: وهذا إسناد ضعيف لإرساله, بل لإعضاله. لكن قد ورد عن عائشة قالت: كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة. أخرجه مالك "1/ 323"، والبخاري، ومسلم "941"، وأبو داود "3051"، والترمذي "996" والنسائي "4/ 35". وورد عن سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه:
"الحدوا لي لحدا، وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله -صلى الله عليه وسلم".(9/493)
2003- الأعَين 1: "م"
الحَافِظُ الثَّبْتُ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَتَّابٍ الحَسَنِ بنِ طَرِيْفٍ البَغْدَادِيُّ، الأَعْيَنُ.
حَدَّثَ عَنْ: زَيْدِ بنِ الحُبَابِ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَروْحٍ، وَالمُقْرِئِ، وَالفِرْيَابِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ فِي "المُقَدِّمَةِ"، وَأَبُو دَاوُدَ خَارِجَ "سُنَنِهِ"، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ -رَفِيقُهُ- وَابْنُ أَبِي الدنيا، والبغوي، والسراج، وعدة.
وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ أَبِي، وَقَالَ: إِنِّي لأَغْبِطُهُ, مَاتَ وَمَا يَعرِفُ إِلاَّ الحَدِيْثَ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ كَلاَمٍ.
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ, لاَ يَرَوْنَ الدُّخُوْلَ فِي الكَلاَمِ، وَلاَ الجِدَالَ, بَلْ يَسْتَفْرِغُونَ، وُسْعَهُم فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّفَقُهِ فِيْهِمَا، وَيَتَّبِعُونَ، ولا يتنطعون.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1259"، وتاريخ الخطيب "5/ 384" و"2/ 182"، والأنساب للسمعاني "1/ 318"، والكاشف "3/ ترجمة 5117"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 573"، والعبر "1/ 433"، وتهذيب التهذيب "9/ 334"، وتقريب التهذيب "2/ 189"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 6487"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 95".(9/493)
2004- زياد بن أيوب 1: "خ، د، ت، س"
ابن زياد، الإِمَامُ, المُتْقِنُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ، شُعْبَةُ الصَّغِيْرُ، أَبُو هَاشِمٍ الطُّوْسِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، وَيُلَقَّبُ أَيضاً: دَلَّوَيْه.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ هُشَيْمَ بنَ بَشِيْرٍ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ، وَزِيَادَ بن عبد الله البَكَّائِيَّ، وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَعَبَّادَ بنَ العَوَّامِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْسَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عُلَيَّةَ، وَعَلِيَّ بنَ غُرَابٍ، وَمَرْوَانَ بنَ شُجَاعٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَرَحَلَ، وَجَمَعَ، وَأَلَّفَ، وَطَالَ عُمُرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَابْنُهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْزَجَانِيُّ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغيَانِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَعَدَدٌ سِوَاهُم، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيقُهُ؛ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أُورْمَةَ: لَيْسَ عَلَى بَسِيطِ الأَرْضِ أَحَدٌ أَوْثَقُ مِنْ زِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيُّ: قَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ: اكتُبُوا عَنْ زِيَادٍ، فَإِنَّهُ شُعْبَةُ الصَّغِيْرُ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَوْلِدِي سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَطَلَبْتُ الحَدِيْثَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ ومائة.
قَالُوا: تُوُفِّيَ زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: تَقَعُ عَوَالِيهِ فِي "المَحَامِلِيَّاتِ".
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الخَالِقِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ القَاضِي ببَعْلَبَكَّ: أَخبرَكُم الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وستمائة، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ البَاجِسْرَائِيُّ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ القَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ اِسْمَاعِيْلَ القاضي إملاء،
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1168"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 2373"، وتاريخ بغداد "8/ 479"، وتذكرة الحفاظ 523"، والعبر "2/ 3"، وتهذيب التهذيب "3/ 355" وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".(9/494)
حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بنُ حَدِيْدٍ، عَنْ صَخْرٍ الغَامِدِيِّ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُوْرِهَا". وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيشاً بَعَثَهُم مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلاً تَاجِراً، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ1.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ, غَرِيْبٌ, قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ، فَأَخْرَجَهُ هُوَ عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ منصور، والقزويني عن أبي بكر بن أَبِي شَيْبَةَ جَمِيْعاً، عَنْ هُشَيْمٍ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ نَازِلاً, عَنِ الفَلاَّسِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى.
وَمَاتَ مَعَهُ عَامَ اثْنَيْنِ: مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَبُنْدَارُ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الجَوَّازُ، وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ التَّنُّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْجُوْفٍ، وَالمُسْتَعِيْنُ -قَتَلُوهُ، وَإِسْحَاقُ بنُ بُهْلُوْلٍ، وَالأَمِيْرُ أَشْنَاسُ، وخلق.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 416-417 و432"، وأبو داود "2606"، والترمذي "1212"، وابن ماجه "2236"، وفي إسناده عمارة بن حديد، مجهول كما قال الحافظ في "التقريب".
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر: عند ابن ماجه "2238"، والطبراني في "الأوسط" "3312"، وإسناده ضعيف آفته عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة الجدعاني فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".
وشاهد آخر من حديث أبي هريرة: عند ابن ماجه "2237"، وهو ضعيف.
وشاهد ثالث عن جابر: عند الطبراني في "الأوسط" "996".
وشاهد رابع عن أبي بكرة: عند الطبراني في "الأوسط" "2975".
وفي الباب عن ابن عباس، وابن مسعود، وعبد الله بن سلام، وعمران بن حصن، عند الطبراني فالحديث صحيح بهذه الشواهد, والله تعالى أعلم.(9/495)
2005- أبو موسى 1: "ع"
محمد بن المثنى بن عبيد بن قَيْسِ بنِ دِيْنَارٍ، الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثَّبْتُ، أَبُو مُوْسَى العَنَزِيُّ، البَصْرِيُّ، الزَّمِنُ.
وُلِدَ مَعَ بُنْدَارٍ فِي عَامِ وَفَاةِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِيِّ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَابْنِ إِدْرِيْسَ، وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَغُنْدَرٍ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَيَنْزِلُ إِلَى عَفَّانَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ لاَ بَلْ يَنْزِلُ إِلَى تِلمِيذِهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ. جَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ.
رَوَى عَنْهُ: الجَمَاعَةُ سِتَّتُهُم، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَبَقِيٌّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ، وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ: حُجَّةٌ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: صَدُوْقُ اللَّهْجَةِ، فِي عَقلِهِ شَيْءٌ، وكُنْتُ أُقَدِّمُهُ عَلَى بُنْدَارٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو عَرُوْبَةَ: مَا رَأَيْتُ بِالبَصْرَةِ أَثْبَتَ مِنْ أَبِي مُوْسَى، وَيَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: كَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ, كَانَ يُغَيِّرُ فِي كِتَابِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يُوْسُفَ بنِ خِرَاشٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، وَكَانَ مِنَ الأثبات.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ, لاَ يَقْرأُ إِلاَّ مِنْ كِتَابِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً، وَرِعاً.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: كَانَ ثِقَةً, ثَبْتاً, احْتَجَّ بِهِ سَائِرُ الأَئِمَّةِ، وَيَرْوِي أَنَّ أَبَا مُوْسَى مَزَحَ مَرَّةً، فَقَالَ: نَحْنُ قوم لنا شرف صلى إلينا النبي -صلى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ2.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ أَبُو مُوْسَى فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَبِي حَامِدٍ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَامِدٍ سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وأربعمائة، أخبرنا أبو عمر
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 409"، وتاريخ بغداد "3/ 283"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 43"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 527"، والكاشف "3/ ترجمة 5219"، والعبر "2/ 4"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8115"، وتهذيب التهذيب "9/ 425"، وتقريب التهذيب "2/ 204"، وخلاصة الخرزجي "2/ ترجمة 6622"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".
2 يقصد أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى إلى عَنَزَة، وصاحب الترجمة ينتهي نسبه إلى العنزي.(9/496)
ابن مَهْدِيٍّ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاَهَا، وَخَرَجَ مِنْ أسفلها"1.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ خَمْسَتُهُم، عَنْ أَبِي مُوْسَى العَنَزِيِّ، فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوٍّ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدِ بنِ السَّرِيِّ، وَقُلْتُ لَهُ: لِمْ لاَ تَقُوْلُ فِي مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى إِذَا ذَكَرْتَهُ: الزَّمِنَ. كَمَا يَقُوْلُ الشُّيُوْخُ? فَقَالَ: لَمْ أَرَهُ زَمِناً رَأَيْتُهُ يَمْشِي، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: كُنْتُ فِي لَيْلَةٍ شَدِيْدَةِ البَرْدِ، فَجَثَوتُ عَلَى يَدَيَّ، وَرِجْلَيَّ، فَتَوَضَّأْتُ، وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَسَأَلْتُ اللهَ، فَقُمْتُ أَمْشِي. قَالَ: فَرَأَيْتُهُ يَمْشِي, وَلَمْ أَرَهُ زَمِناً.
حِكَايَةٌ صَحِيْحَةٌ, رَوَاهَا السِّلَفِيُّ، عَنِ الرَّازِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عليُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا ابن الناصح.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1579"، ومسلم "1258"، وأبو داود "1869"، والترمذي "853"، وأحمد "6/ 40" من طريق سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، به.
وأخرجه أحمد "6/ 201-202" من طريق حماد بن أسامة قال أخبرنا هشام، عن أبيه، عن عائشة، به.(9/497)
2006- هارون بن إسحاق 1: "ت، س، ق"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثَّبْتُ، المُعَمَّرُ, أَبُو القَاسِمِ الهَمْدَانِيُّ, الكُوْفِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ المُطَّلِبَ بنَ زِيَادٍ، وَمُعْتَمِرَ بنَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، وَسُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَحَفْصَ بنَ غِيَاثٍ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَبَدْرُ بنُ الهَيْثَمِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يُجِلُّهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ قَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الخَالِقِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الفَقِيْهِ أَخْبَرَكُمُ الإِمَامُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ في سنة إحدى عشر وستمائة، أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَطَّابِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ سَعْدِ بنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "المَعْرُوْفُ كُلُّهُ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ اللهَ صَانِعُ كُلِّ صَانِعٍ وَصَنْعَتِهُ، وَإِنَّ آخِرَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَهْلُ الجَاهِليَّةِ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" 2. رواه مسلم.
__________
1 ترجمه في طبقات ابن سعد "6/ 414"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 360"، والكاشف "3/ ترجمة 6006"، وتهذيب التهذيب "11/ 2-3"، وتقريب التهذيب "2/ 311"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7612".
2 صحيح: وردت الفقرة الأولى والأخيرة عند أحمد "5/ 383 و405"، والخطيب في "التاريخ بغداد" "12/ 135-136" من طريق أبي مالك الاشجعي، عن ربعي بن حراش، به.
ووردت الفقرة الأولى: عند مسلم "1005"، وأبي داود "4947" من طرق عن أبي مالك الاشجعي، به.
أما أوسطه: "إن الله صانع كل صانع وصنعته". وردت عند الحاكم "1/ 31 و32"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص388"، وأخرج آخره أحمد "5/ 505"، وله شاهد من حديث أبي مسعود الأنصاري عند البخاري "6120" وأبي داود "4797"، وابن ماجه "4183"، والطبراني في "الأوسط" "3311".(9/497)
2007- السُّكَّري 1: "ق"
الشَّيْخُ الفَقِيْهُ العَالِمُ, قَاضِي دِمَشْقَ, أَبُو الحَسَنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ القُرَشِيُّ, العَبْدَرِيُّ, الرَّقِّيُّ, المَعْرُوْفُ: بِالسُّكَّرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي المَلِيْحِ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الرَّقِّيَّيْنِ، وَيَعْلَى بنِ الأَشْدَقِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، وَبَقِيَّةَ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَجَمَاعَةٍ، وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَإِتْقَانٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَجُمَاهِرُ الزَّمْلَكَانِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ البَاغَنْديِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ هِشَامِ بنِ مَلاَّسٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيَّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفيض: ولى أحمد بن أبي دؤاد عَلَى قَضَاءِ دِمَشْقَ إِسْمَاعِيْلَ السُّكَّرِيَّ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَأَقَامَ إِلَى أَنْ وَلِيَ القضاء لِلْمُتَوَكِّلِ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ، فَعَزَلَ السُّكَّرِيَّ بِمُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَيُّوْبَ الحَوْرَانِيُّ: قُلْتُ: لإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ القَاضِي: بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ صُوفِيّاً مَنْ أَكلَ مِنْ جِرَابكَ كِسْرَةً افتَخَرَ بِهَا، فَقَالَ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ عَلاَّنُ: مَاتَ إِسْمَاعِيْلُ السُّكَّرِيُّ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ قَالَ: وَكَانَ يرمى بالتجهم.
قلت: فأما:
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 614"، وميزان الاعتدال "1/ 236"، وتهذيب التهذيب "1/ 307"، وتقريب التهذيب "1/ 71".(9/498)
إسماعيل بن عبد الله بن زرارة، أحمد بن إبراهيم:
2008- إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَارَةَ 1:
الرَّقِّيُّ فَآخَرُ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ. مَا لَحِقَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَوَهِمَ صَاحِبُ النَّبَلِ، وَزَعَمَ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ رَوَى عَنِ ابْنِ زُرَارَةَ.
2009- أحمد بن إبراهيم 2: "م، د، ت، ق"
ابن كثير، الدورقي الحَافِظُ الإِمَامُ المُجَوِّدُ المُصَنِّفُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ, أَخُو الحَافِظِ يَعْقُوْبَ، وَوَالِدُ المُحَدِّثِ الثِّقَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ. وَهَذِهِ نِسْبَةٌ إِلَى بَيْعِ القَلاَنِسِ الدَّوْرَقِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ وَالِدُهُم إِبْرَاهِيْمُ بنُ كَثِيْرٍ مِنَ النُّسَاكِ العُبَّادِ، فَقِيْلَ: كَانَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ كُلُّ مَنْ تَنَسَّكَ يُقَالُ لَهُ: دَوْرَقِيٌّ.
سَمِعَ أَحْمَدُ مِنْ: هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، ووَكِيْعٍ، وَابْنِ فُضَيْلٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، وَبَهْزِ بنِ أَسَدٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَيَنْزِلُ فِي الرِّوَايَةِ إِلَى عَفَّانَ، وَأَبِي سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن المنذر الحزامي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1157"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 615"، وتاريخ بغداد "6/ 261"، وميزان الاعتدال "1/ 236"، وتهذيب التهذيب "1/ 308".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1509"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 3"، وتاريخ بغداد "4/ 6-7" والأنساب للسمعاني "5/ 391" و"8/ 356"، واللباب لابن الأثير "1/ 512"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 520"، والعبر "1/ 446"، وتهذيب التهذيب "1/ 10-11"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 110".(9/499)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ الدُّوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَدْرٍ البَاهِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَكَانَ حَافِظاً يَقِظاً, حسن التصنيف.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
ذَكَرَهُ الخَطِيْبُ، وَوَرَّخَ وَفَاتَهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بن عبد الرحيم سنة سبعمائة، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ ظَافِرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُظَفَّرٍ الكَحَّالُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَنْدِسُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ القَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ حكَمَ عَلَى بَنِي قُرَيظَةَ أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ كُلُّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ المُوْسَى، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالهُم وَذَرَارِيْهِم، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "لَقَدْ حَكَمَ فِيْهِمُ اليَوْمَ بِحُكْمِ اللهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْق سَبْعِ سَمَاوَاتٍ" 1.
تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ: النَّسَائِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي عامر العقدي.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَاشِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ عَفِيْفٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ أَيُّوْبُ يَمْشِي إِلَى مَسْجِدِ بَنِي ضُبَيعَةَ يَسْأَلُ عَنِ الحَدِيْثِ، فَحَدَّثَ أَيُّوْبُ يَوْماً بِحَدِيْثِ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بنِ شِهَابٍ أَنَّ امْرَأَةً أَرَادَتِ الحَجَّ، فَقَالَ أَيُّوْبُ: هَاتُوا إِسْنَاَداً مِثْلَ هَذَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا مَرْحُوْمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ قَالَ: قَرَأْتُ فِي الزَّبُوْرِ: بِكِبْرِيَاءِ المُنَافِقِ يَحْتَرِقُ المِسْكِيْنُ. قَالَ: وَقَرَأْتُ فِي الزَّبُورِ: إِنِّي أَنتَقِمُ لِلْمُنَافِقِ مِنَ المُنَافِقِ, ثُمَّ أَنتَقِمُ مِنَ المُنَافِقين جَمِيْعاً. فذَلِكَ قَوْلُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129] ، وذكر الحديث.
__________
1 صحيح لغيره: أخرجه النسائي في "الكبرى" "8223" من طريق أبي عامر، به.
وأخرجه البخاري "4121"، ومسلم "1768" من طريق غندر، حدثنا شعبة، عن سعد, قال سمعت: أبا أمامة, قال: سمعت أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- يقول: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى سعد فأتى على حمار، فلما دنا من المسجد قال للأنصار: "قوموا إلى سيدكم -أو خيركم ". فقال: "هؤلاء نزلوا على حكمك". فقال: تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، قال: "قضيت بحكم الله". وربما قال: "بحكم الملك".(9/500)
2010- نصر بن علي 1: "ع"
ابن نَصْرِ بنِ عَلِيِّ بنِ صُهْبَانَ بنِ أُبَيٍّ, الحَافِظُ, العَلاَّمَةُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَمْرٍو الأَزْدِيُّ، الجَهْضَمِيُّ البَصْرِيُّ, الصَّغِيْرُ، وَهُوَ حَفِيْدُ الجَهْضَمِيِّ الكَبِيْرِ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَنُوْحِ بنِ قَيْسٍ الحُدَّانِيِّ، وَعَبْدِ رَبِّهِ بنِ بَارِقٍ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، ودُرُسْت بنِ زِيَادٍ، وَبِشْرِ بنِ المُفَضَّلِ، وَالحَارِثِ بنِ وَجِيْهٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ العَمِّيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَعُمَرَ بنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ، وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ ابْنُهُ؛ عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ، وَأَصْحَابُ الكُتُبِ السِّتَّةِ، وَالذُّهْلِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَرْوَزِيُّ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَزَكَرِيَّا السِّجْزِيُّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو حَامِدٍ الحَضْرَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُكْرَمٍ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَعْلاَمِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: مَا بِهِ بَأْسٌ، وَرَضِيَهُ.
وَقَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ: مَنْ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ? قَالَ: نَصْرٌ أَحَبُّ إليَّ وَأَوْثَقُ وَأَحْفَظُ, نَصْرٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ النسائي، وابن خراش: ثقة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2362"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 446", والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2159"، وتاريخ بغداد "13/ 287"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 536"، والكاشف "3/ ترجمة 5921"، وتهذيب التهذيب "10/ 430"، وتقريب التهذيب "2/ 300"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7493"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 123".(9/501)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرْهَيَانِيُّ: نَصْرٌ عِنْدِي مِنْ نُبَلاَءِ النَّاسِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّبِيْبِيُّ: سَمِعْتُ نَصْرَ بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى المُتَوَكِّلِ، فَإِذَا هُوَ يَمْدَحُ الرِّفْقَ، فَأَكْثَرَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, أَنْشَدَنِيَ الأَصْمَعِيُّ:
لَمْ أَرَ مِثْلَ الرِّفْقِ فِي لِينِهِ ... أَخْرَجَ لِلْعَذْرَاءِ مِنْ خِدْرِهَا
مَنْ يَسْتَعِنْ بِالرِّفْقِ فِي أَمْرِهِ ... يَسْتَخرِجِ الحَيَّةَ مِنْ جُحْرِهَا
فَقَالَ: يا غلام, الدواة والقرطاس، فكتبهما.
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ, أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي أَخِي مُوْسَى، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ، فَقَالَ: "مَنْ أَحَبَّنِي، وَأَحَبَّ هَذَيْنِ، وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ".
قُلْتُ: هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ جِدّاً. ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: لَمَّا حَدَّثَ نَصْرٌ بِهَذَا أَمَرَ المُتَوَكِّلُ بِضَرْبِهِ أَلْفَ سَوْطٍ، فَكَلَّمَهُ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ لَهُ: الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى تَرَكَهُ، وَكَانَ لَهُ أَرزَاقٌ، فَوَفَّرَهَا عَلَيْهِ مُوْسَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ عَقِيْبَهُ: إِنَّمَا أَمَرَ المُتَوَكِّلُ بِضَرْبِهِ لأَنَّهُ ظَنَّهُ رَافِضِيّاً.
قُلْتُ: وَالمُتَوَكِّلُ سُنِّيٌّ, لَكِنْ فِيْهِ نَصْبٌ. وَمَا فِي رُوَاةِ الخَبَرِ إِلاَّ ثِقَةٌ مَا خَلاَ عَلِيَّ بنَ جَعْفَرٍ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَضْبِطْ لَفْظَ الحَدِيْثِ، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مِنْ حُبِّهِ وَبَثِّ فَضِيْلَةِ الحَسَنَيْنِ لِيَجعَلَ كُلَّ مَنْ أَحَبَّهُمَا، فِي دَرَجَتِهِ، فِي الجَنَّةِ، فَلَعَلَّهُ قَالَ: فَهُوَ مَعِي فِي الجَنَّةِ. وَقَدْ تَوَاتَرَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السلام: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" 1. وَنَصْر بن عَلِيٍّ، فمن أئمة السنة الأثبات.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، وَغَيْرُهُ إِذْناً, قَالُوا: أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عُثْمَانَ الوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَكَمِ الوَاسِطِيُّ, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَانَ المُسْتَعِيْنُ بِاللهِ بَعَثَ إِلَى نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ يُشْخِصُهُ لِلْقَضَاءِ، فَدَعَاهُ عَبْدُ المَلِكِ أَمِيْرُ البَصْرَةِ، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: أَرْجِعُ، وأَسْتَخِيْرُ اللهَ تَعَالَى، فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ نِصْفَ النَّهَارِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِي عِنْدَكَ خَيْرٌ، فَاقبِضْنِي، فَنَامَ، فَأَنبَهُوهُ، فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ.
قَالَ السَّرَّاجُ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ. قَالَ البُخَارِيُّ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ. زَادَ السَّرَّاجُ: رَأَيْتهُ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ, كَانَ لاَ يَخضِبُ, رَأَيْتُهُ بِبَغْدَادَ وَلَمْ يُحَدِّثْنَا. قُلْتُ: فَأَمَّا جَدُّهُ الثِّقَةُ:
__________
1 صحيح: ورد عن عبد الله بن مسعود: عند البخاري "6168"، ومسلم "2640"، وأحمد "1/ 392".
وورد عن أبي موسى الأشعري: عند البخاري "6170"، ومسلم "2641"، وأحمد "4/ 392 و395".
وورد عن أنس بن مالك: عند البخاري "6171"، ومسلم "2639"، وأبي داود "5127".
وورد عن أبي ذر: عند أبي داود "5126".(9/502)
2011- نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ الكَبِيْرُ 1:
فَرَوَى عَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ؛ أَشْعَثَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحُدَّانِيِّ، وَالنَّضْرِ بنِ شَيْبَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ غَالِبٍ الحداني.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَلِيٌّ، وَوَكِيْعٌ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ فِي أَيَّامِ شُعْبَةَ.
وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَوَثَّقَهُ، وَقَالَ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ.
أَجَازَ لَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الخِرَقيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بنُ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ فَمَنْ صَامَ وَقَامَ إِيْمَاناً وَاحْتِسَاباً, خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"2.
أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنِ الثِّقَةِ عَنْ وَكِيْعٍ.
وعِنْدِي هَذَا الحَدِيْثُ أَعْلَى بِدَرَجَةٍ مِنْ طَرِيْقِ القَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الحُدَّانِيِّ، عَنِ النَّضْرِ، وَأَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ مِنَ الوَجْهَيْنِ, لَكِنْ قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ حَدِيْثُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة.
وأما ولده:
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2345"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 446"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 2136"، والكاشف "3/ ترجمة 5920"، وتهذيب التهذيب "10/ 429"، وتقريب التهذيب "2/ 299"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7492".
2 ضعيف: أخرجه النسائي "4/ 158"، وابن ماجه "1328"، من طريق نصر بن علي، قال: حدثني النضر ابن شيبان، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته النضر بن شيبان الحداني، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".(9/503)
2012- علي بن نصر بن علي 1: "ع"
الإِمَامُ الثِّقَةُ الحَافِظُ، أَبُو الحَسَنِ الجَهْضَمِيُّ الكَبِيْرُ.
فَيَرْوِي عَنْ: هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ العَبْدِيِّ، وَحَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، وَشُعْبَةَ، وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ، وَقُرَّةَ بنِ خَالِدٍ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَصَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ، وَخَالِدِ بنِ قَيْسٍ الحُدَّانِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ نَافِعٍ، وَالقَاسِمِ بنِ مَعْنٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ نَصْرٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ، وَوَكِيْعٌ -وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْهُمَا- وَمُعَلَّى بنُ أَسَدٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، أَثْبَتُ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ مُطَيَّنٌ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَمَّا وَلَدُ صَاحِبِ الترجمة، فهو:
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2464"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1133"، وتهذيب التهذيب "7/ 390"، وتقريب التهذيب "2/ 45".(9/504)
2013- عَلِيِّ بنِ نَصْرِ بن علي 1: "م، د، ت، س"
ابن نَصْرِ بنِ عَلِيِّ بنِ صُهْبَانَ بنِ أُبَيٍّ الحافظ, الإمام, الثبت, أبو الحَسَنِ الجَهْضَمِيُّ الصَّغِيْرُ.
رَوَى عَنْ: حَرَمِيِّ بنِ عُمَارَةَ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ، وَأَبِي دَاوُدَ
الطَّيَالِسِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَنَفِيِّ، وَأَخِيْهِ أَبِي بَكْرٍ الحَنَفِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَالمُقْرِئِ، وَطَبَقَتِهِم، وَلَمْ يَلْحَقْ جَدَّهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالبُخَارِيُّ، فِي تَارِيْخِهِ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى التُّسْتَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيُّ، وَعُمُرُ البُجَيْرِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ البَجَلِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ خَلَفاً -يَعْنِي: مَاتَ، وَلَمْ يُعَمَّرْ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَوَثَّقَهُ، وَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: كَانَ حَافِظاً, صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ وَأَبُوْهُ ثِقَتَانِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضاً، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَقِيْلَ: فِي شَعْبَانِهَا، وَمَاتَ أَبُوْهُ قَبلَهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ "ح". وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَسَاكِرَ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ، وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا سعيد بن أحمد حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ، وَنَصْرُ بنُ عَلِيٍّ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ العمِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيتُهُمَا، وَمَا فِيْهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ, آنِيتُهُمَا وَمَا فِيْهِمَا وَمَا بِيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِم إِلاَّ رِدَاءُ الكبرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ".
أَخْرَجَهُ مسلم, عنهما2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2463"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1134"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 560"، وتهذيب التهذيب "7/ 390"، وتقريب التهذيب "2/ 45".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4878"، ومسلم "180" من طرق عن عبد العزيز بن عبد الصمد عن أبي عمران الجوني، به.(9/505)
2014- الدَّورقي 1: "ع"
يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زَيْدِ بنِ أَفْلَحَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ مُزَاحِمٍ الحَافِظُ الإِمَامُ الحُجَّةُ أَبُو يُوْسُفَ العَبْدِيُّ القَيْسِيُّ مَوْلاَهُمُ, الدَّوْرَقِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَكَانَ أَكبَرَ مِنْ أَخِيْهِ أَحْمَدَ بِعَامَيْنِ.
رَأَى اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، وَهُشَيْمٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَجَرِيْرٍ، وَبَقِيَّةَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَغُنْدَرٍ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَحُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، وَالمُحَارِبِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ الأَشْجَعِيِّ، وَيَحْيَى القَطَّانِ، وَوَكِيْعٍ، وَيَزِيْدَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَلْقٍ، وَيَنْزِلُ إِلَى عَفَّانَ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
وَرَحَلَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَتَمَيَّزَ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ السِّتَّةُ، وَأَخُوْهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ بن المحاملي، وأخوه؛ القاضي وأبو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطُ السُّنَّةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الرُّوْيَانِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلدٍ العَطَّارُ، وعدة. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً, حَافِظاً, مُتْقِناً, صَنَّفَ "المُسْنَدَ".
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَبَيْنَهُمَا فِي الوَفَاةِ مائَةُ سَنَةٍ وَسَنَةٌ.
وَقَالَ البَغَوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ الدَّوْرَقِيُّ سنَةَ اثنتين وخمسين ومائتين، وآخر من روى حديثًا عاليًا سبط السلفي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 360"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 844"، وتاريخ بغداد "14/ 277"، والأنساب للسمعاني "5/ 354"، والكاشف "3/ ترجمة 6499"، وتهذيب التهذيب "11/ 381"، وتقريب التهذيب "2/ 374".(9/506)
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ تَاجُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الغَرَّافِيُّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُفِيْدُ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُوْنُسُ، عَنِ الحَسَنِ، وَهِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ? قَالَ: "أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ"؟ 1
وَبِهِ، حَدَّثَنَا يعقوب الدروقي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ، عَنِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ جُبَيْرٍ: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ: تَعْرِفُ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، فأتى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا, ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ عِدَّتَهَا، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ, أَيُعْتَدُّ بِتِلْكَ التطليقة? قال: "فمه، وإن عجز واستحمق"؟ 2
أخرجه مسلم، والنسائي، عن يعقوب.
__________
1 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "358"، وَمُسْلِمٌ "515"، وَأَبُو دَاوُدَ "625"، وَالنَّسَائِيُّ "2/ 69" مِنْ طريق ابن شهاب، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "5251"، ومسلم "1471"، وأبو داود "2179-2185" والترمذي "1175".(9/507)
2015- بُنْدَار 1: "ع"
مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارِ بنِ عُثْمَانَ بنِ دَاوُدَ بن كيسان, الإِمَامُ, الحَافِظُ, رَاوِيَةُ الإِسْلاَمِ, أَبُو بَكْرٍ العَبْدِيُّ, البَصْرِيُّ بُنْدَارُ, لُقِّبَ بِذَلِكَ, لأَنَّهُ كَانَ بُنْدَارَ الحَدِيْثِ، فِي عَصْرهِ بِبَلَدِهِ. وَالبُنْدَارُ: الحَافِظُ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَمَرْحُوْمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ العَطَّارِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيِّ، وَغُنْدَرٍ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَعُمَرَ بنِ
عَلِيٍّ، وَالطُّفَاوِيِّ، وَبَهْزِ بنِ أَسَدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَمُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ، وَمُعَاذِ بنِ هِشَامٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَوَكِيْعٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم. وَيَنْزِلُ إِلَى: حَجَّاجِ بنِ مِنْهَالٍ، وَعَفَّانَ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَعِدَّةٍ.
وَجَمَعَ حَدِيْثَ البَصْرَةِ، وَلَمْ يَرْحَلْ بِرّاً بِأُمِّهِ, ثُمَّ رَحَلَ بَعْدَهَا.
رَوَى عَنْهُ: السِّتَّةُ، فِي كُتُبِهِم، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو العباس السراج، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا المُطَرِّزُ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ، وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البَصَلانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الطُّوْسِيُّ، وَعَبْدُ الله ابن نَاجِيَه، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ خَاقَانَ المرزوي: سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ: أَرَدْتُ الخُرُوجَ -يَعْنِي: الرِّحْلَةَ- فَمَنَعَتْنِي أُمِّي، فَأَطَعْتُهَا، فَبُوْرِكَ لِي فِيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ: اخْتَلَفتُ إِلَى يَحْيَى القَطَّانِ -ذَكَرَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً- وَلَوْ عَاشَ بَعْدُ, لَكُنْتُ أَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئاً كَثِيْراً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ بُنْدَارٍ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، وَكَتَبْتُ عَنْ أَبِي مُوْسَى شَيْئاً، وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ بُنْدَارٍ، وَلَوْلاَ سَلاَمَةٌ فِي بُنْدَارٍ, تُرِكَ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ إِمَامُ الأَئِمَّةِ؛ ابْنُ خُزَيْمَةَ، فِي كِتَابِ "التَّوْحِيْدِ" لَهُ: أَخْبَرَنَا إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي العِلْمِ، وَالأَخْبَارِ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسيَّبِ: سَمِعْتُ بندارًا يقول: كتب عني خمسة قرون، وحدثت وأنا ابن ثمان عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ, كَثِيْرُ الحَدِيْثِ, حَائِكٌ.
وَقَالَ أبو حاتم الرزاي: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ: مَا جلَسْتُ مَجْلِسِي هَذَا حَتَّى حَفِظْتُ جَمِيْعَ مَا خَرَّجْتُهُ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَزَّازُ: كُنَّا عِنْدَ بُنْدَارٍ، فَقَالَ فِي حَدِيْثٍ عَنْ عَائِشَةَ, قَالَ: قَالَتْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَسخَرُ مِنْهُ: أُعِيذُكَ بِاللهِ, مَا أَفْصَحَكَ! فَقَالَ: كُنَّا إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَوْحٍ, دَخَلْنَا إِلَى أَبِي عبيدة، فقال: قد بان ذلك عليك.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 98"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1187"، وتاريخ بغداد "2/ 101"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 526"، والكاشف "3/ ترجمة 4812"، والعبر "2/ 3"، والمغني "3/ ترجمة 5327"، وميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7269"، وتهذيب التهذيب "9/ 70"، وتقريب التهذيب "2/ 147"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6078"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 126".(9/508)
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيُّ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي تَطلِيقَةً، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "لِيُرَاجِعْهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ، فَإِنْ شَاءَ فَلْيُطَلِّقْهَا"، فَقُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: فَاحتَسَبْتَ بِهَا? قَالَ: فَمَهْ, أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزْتُ? أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1، عن بندار.
قَالَ النَّسَائِيُّ: بُنْدَارٌ صَالِحٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَضَالَةَ الحَافِظُ بِالرَّيِّ, سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيَّ, سَمِعْتُ محمد ابن المُسَيَّبِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بُنْدَاراً يَقُوْلُ: سَأَلُونِي الحَدِيْثَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أُحَدِّثَهُمْ فِي المَدِيْنَةِ، فَأَخرَجْتُهُمْ إِلَى البُسْتَانِ، وَأَطْعَمْتُهُمُ الرُّطَبَ، وَحَدَّثْتُهُم.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ السِّمناني: كَانَ أَهْلُ البَصْرَةِ يُقَدِّمُونَ أبا موسى على بندار، وكان الغرباء يقدمون بُنْدَاراً عَلَى أَبِي مُوْسَى.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ: سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ الفلاس يحلف أن يندارًا يَكْذِبُ، فِيْمَا يَرْوِي عَنْ يَحْيَى.
وَقَالَ ابْنُ سَيَّارٍ أَيْضاً: سَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى، وَكَانَ قَدْ صَنَّفَ حَدِيْثَ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَلَمْ يَكُنْ بُنْدَارٌ صَنَّفَهُ، فَسَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى يَقُوْلُ: مِنَّا قَوْمٌ لَوْ قَدِرُوا أَنْ يَسرِقُوا حَدِيْثَ دَاوُدَ, لَسَرَقُوهُ: يَعْنِي بِهِ بُنْدَاراً.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ أَبِي، وَسَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيْثٍ رَوَاهُ بُنْدَارٌ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَسَحَّرُوا" 2, قَالَ: هذا كذب, حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ مَوْقُوْفاً، وَأَنكَرَهُ أَشَدَّ الإِنْكَارِ.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1471" "10" وقد تقدم تخريجنا له قريبا بتعليقنا رقم "552".
2 صحيح: رواه النسائي "4/ 140" أخبرنا محمد بن بشار، قال حدثنا عبد الرحمن، به. وتمام الحديث: "تسحروا، فإن في السحور بركة". وله شواهد عن أنس بن مالك، وعمرو بن العاص، وأبي هريرة، رضي الله عنهم أجمعين:
أما شاهد أنس بن مالك -رضي الله عنه- فهو عند البخاري "1923"، ومسلم "1095".
وأما شاهد عمرو بن العاص: فهو عند مسلم "1096"، وأبي داود "2343".
وأما شاهد أبي هريرة: هو عند النسائي "4/ 141".(9/509)
قَالَ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المَطِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الدَّوْرَقِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَعِيْنٍ، وَجرَى ذِكْرُ بندار، فرأيت يحيى لا يعبأ، وَيَسْتَضْعِفُهُ، وَرَأَيْتُ القَوَارِيْرِيَّ لاَ يَرْضَاهُ، وَقَالَ: كَانَ صَاحِبَ حَمَامٍ, ثُمَّ قَالَ أَبُو الفَتْحِ: بُنْدَارٌ كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ، وَقَبِلُوهُ، وَلَيْسَ قَوْلُ يَحْيَى وَالقَوَارِيْرِيِّ مِمَّا يَجْرَحُهُ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً ذَكَرَهُ إِلاَّ بِخَيْرٍ وَصِدْقٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ: بُنْدَارٌ وَأَبُو مُوْسَى ثِقَتَانِ، وَأَبُو مُوْسَى أَحَجُّ؛ لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَقْرَأُ إِلاَّ مِنْ كِتَابِهِ، وَبُنْدَارٌ يَقْرَأُ كُلَّ كِتَابٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ حَدِيْثَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ: لَمَّا مَاتَ بُنْدَارٌ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوْسَى, البُشْرَى مَاتَ بُنْدَارٌ. قَالَ: جئت تبشرني بموته?! علي ثلاثون حَجَّةً إِنْ حَدَّثْتُ بِحَدِيْثٍ أَبَداً. فَبَقِيَ أَبُو مُوْسَى بَعْدَهُ تِسْعِيْنَ يَوْماً لَمْ يُحَدِّثْ، وَمَاتَ.
قَالَ البُخَارِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ فِي رَجَبٍ, سنَةَ اثنتين وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَحْفَظُ حَدِيْثَهُ، وَيَقْرَؤُهُ مِنْ حِفْظِهِ. وَأَبُو مُوْسَى مِنْ أقرانه مولدًا ووفاة.(9/510)
2016- الجَوْهَري 1: "م، 4"
الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ, صَاحِبُ "المُسْنَدِ" الأَكْبَرِ, أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ البَغْدَادِيُّ, الجَوْهَرِيُّ، وَأَصْلُهُ مِنْ طَبَرِسْتَانَ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيْعٍ، وَأَنَسِ بنِ عَيَاضٍ اللَّيْثِيِّ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الجَمَاعَةُ -سِوَى البُخَارِيِّ- وَأَبُو الجَهْمِ بنُ طَلاَّبٍ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا، وَأَبُو طَاهِرٍ بن فيل، وأبو عروبة، والحكيم الترمذي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَزَكَرِيَّا خياط السنة، وخلق كثير.
وثقه النسائي.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 294"، وتاريخ بغداد "6/ 93"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 532"، وميزان الاعتدال "1/ 35"، والعبر "1/ 448"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 354"، وتهذيب التهذيب "1/ 123"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 113".(9/510)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ خَاقَانَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ عَنْ حَدِيْثٍ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، فَقَالَ لِجَارِيَتِهِ: أَخرِجِي لِيَ الجُزْءَ الثَّالِثَ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ "مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ". فَقُلْتُ لَهُ: أَبُو بَكْرٍ لاَ يَصِحُّ لَهُ خَمسُوْنَ حَدِيْثاً, مِنْ أَيْنَ ثَلاَثَةٌ وَعِشْرُوْنَ جُزْءاً? فَقَالَ: كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَكُوْنُ عِنْدِي مِنْ مائَةِ، وَجْهٍ، فَأَنَا فِيْهِ يَتِيْمٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً مُكْثِراً صَنَّفَ "المُسْنَدَ".
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ أَبُوْهُ سَعِيْدٌ ثِقَةً مُحْتَشِماً نَبِيلاً, حَجَّ مَرَّةً، فَحَجَّ مَعَهُ أربعمائة نَفْسٍ مِنْهُم: هُشَيْمٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَكُنْتُ أَنَا مِنْهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ النَّجَّارُ، أَخْبَرَنَا الصَّاغَانِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ صَبِيّاً ابْنَ أَرْبَعِ سِنِيْنَ قَدْ حُمِلَ إِلَى المَأْمُوْنِ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ، وَنَظَرَ فِي الرَّأْيِ غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا جَاعَ بَكَى.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ اللَّبَّانِ: حَفِظْتُ القُرْآنَ وَلِي خَمْسُ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: الرَّجُلُ ثِقَةٌ, حَافِظٌ، وَقَدْ لَيَّنَهُ حجاج بن الشاعر بلا، وجه. وَتُوُفِّيَ: مُرَابِطاً, بِعَيْنِ زَرْبَةَ. فَمَا حَرَّرُوا وَفَاتَهُ كَمَا يَنْبَغِي. فَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ, رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا إبراهيم بن سعد الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، أَخْبَرَنَا نُبَيْطُ بنُ شَرِيْطٍ، عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: شَهِدْتُ خُطْبَةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِنَىً، فَحَمِدَ اللهَ، وَقَالَ: "الحَمْدُ للهِ أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِيْنُهُ". ثُمَّ سأَلَهُم: "أَيَّ يَوْمٍ أَحْرَمُ" ? قَالُوا: هَذَا اليَوْمَ. وَقَالَ: "وَأَيَّ بَلَدٍ أَحْرَمُ" ? قَالُوا: هَذَا البَلَدَ. قَالَ: "فَأَيَّ شَهْرٍ أَحْرَمُ" ? قَالُوا: هَذَا الشَّهْرَ. قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ" ? قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ". ثُمَّ تَلاَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4686"، ومسلم "2583"، والترمذي "3109"، وابن ماجه "4018" من طرق عن أبي معاوية، عن بريد، به.(9/511)
2027- سفيان بن وكيع 1: "ت، ق"
ابن الجراح بن مليح، الحافط بن الحافظ محدث الكوفة، وأبو مُحَمَّدٍ الرُّؤَاسِيُّ، الكُوْفِيُّ.
كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، عَلَى لِينٍ لَحِقَهُ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَعَبْدِ السَلاَّمِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَطَبَقَتِهِم، فَأَكْثَرَ.
وَعَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاشَانِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ البُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُوْنَ، فِيْهِ لأَشْيَاءَ لَقَّنُوهُ إِيَّاهَا.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: لاَ يُشْتَغَلُ بِهِ كَانَ يُتَّهَمُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَشَارَ عَلَيْهِ أَبِي أَنْ يُغَيِّرَ وَرَّاقَهُ، فَإِنَّهُ أَفسَدَ حَدِيْثَهُ، وَقَالَ لَهُ: لاَ تُحِدِّثْ إِلاَّ مِنْ أُصُوْلِكَ، فَقَالَ: سَأَفعَلُ, ثُمَّ تَمَادَى وَحَدَّثَ بِأَحَادِيْثَ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ شَيْخاً فَاضِلاً صَدُوْقاً إِلاَّ أَنَّهُ ابْتُلِيَ بِوَرَّاقِ سُوءٍ كَانَ يُدخِلُ عليه الحديث، وكان يثق به، فَيُجِيبُ، فِيْمَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ، وَقِيْلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فِي أَشْيَاءَ مِنْهَا، فَلَمْ يَرْجِعْ، فَمِنْ أَجلِ إِصرَارِهِ اسْتَحَقَّ التَّركَ. وَكَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَرْوِي عَنْهُ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا بَعْضُ مَنْ أَمسَكْنَا عَنْ ذِكْرِهِ، وَهُوَ مِنَ الضَّربِ الَّذِي إِنْ لَوْ خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيرُ, أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكْذِبُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ أَفسَدُوهُ، وَمَا كَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يُحَدِّثُ عَنْهُ إِلاَّ بِالحَرْفِ بَعْدَ الحَرْفِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ, سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ فِيْهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ المَازِنِيُّ النَّحْوِيُّ، وَالمُتَوَكِّلُ. قِيْلَ: وَسَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، وَالفَتْحُ بن خاقان الوزير.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 264"، والجرح والتعديل "4/ ترجمة 991" والمجروحين لابن حبان "1/ 359"، والعبر "2/ 186"، والكاشف "1/ ترجمة 2024"، وميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3334"، والمغني "1/ ترجمة 2489"، وتهذيب التهذيب "4/ 123"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2595".(9/512)
2018- الرفاعي 1: "م، ت، ق"
الإِمَامُ الفَقِيْهُ الحَافِظُ العَلاَّمَةُ قَاضِي بَغْدَادَ أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرِ بنِ رِفَاعَةَ العِجْلِيُّ الرِّفَاعِيُّ الكُوْفِيُّ المُقْرِئُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الأَحْوَصِ سَلاَّمٍ، وَالمُطَّلِبِ بنِ زِيَادٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الأجلح، ويحيى بن يمان، وطبقتهم.
وَأَخَذَ القِرَاءةَ، عَنْ جَمَاعَةٍ، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي القِرَاءاتِ فِي شُذُوذٍ كَثِيْرٍ، وَهُوَ صَاحِبُ غَرَائِبَ فِي الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيُّ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَرَوِيُّ، وَالحُسَيْنُ المَحَامِلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ صَاحِبُ قُرْآنٍ قَرَأَ عَلَى سُلَيْمٍ، وَوَلِيَ قَضَاءَ المَدَائِنِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: رَأَيتُهُم مُجْمِعِيْنَ عَلَى ضَعْفِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنَا مُطَيَّنٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: أَنَّ أَبَا هِشَامٍ كَانَ يَسْرِقُ الحَدِيْثَ.
وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَضْعَفَنَا طَلَباً، وَأَكْثَرَنَا غَرَائِبَ.
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ: اسْتُقْضِيَ أَبُو هِشَامٍ -يَعْنِي: بِبَغْدَادَ- فِي سَنَةِ 242، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ، وَالعِلْمِ، وَالفِقْهِ، وَالحَدِيْثِ لَهُ كِتَابٌ فِي القِرَاءاتِ قَرَأَ عَلَيْنَا ابْنُ صَاعِدٍ أَكْثَرَهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحْرِزٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ أبي هشام، فقال: ما رأى به بأسًا.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ أَمَرَنِي الدَّارَقُطْنِيُّ أَنْ أُخَرِّجَ حَدِيْثَهُ فِي "الصَّحِيْحِ".
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْفٌ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 578"، وتاريخ بغداد "3/ 375" والكاشف "3/ ترجمة 5312"، والمغني "2/ ترجمة 6089"، وميزان الاعتدال "4/ ترجمة 8326"، وتهذيب التهذيب "9/ 526"، وتقريب التهذيب "2/ 219"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6764".(9/513)
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ القِرَاءةَ، عَنْ جَمَاعَةٍ، وَلَهُ عَنْهُمْ شُذُوْذٌ كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: حَمَلَ الحُرُوْفَ، عَنِ الكِسَائِيِّ، وَعَنْ حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ، وَأَبِي يُوْسُفَ الأَعْشَى، وَقَيَّدَ أَحرُفاً عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، فَإِنَّهُ سَمِعَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ خَتْمَةً بِقِرَاءةِ الأَعْشَى.
رَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ: مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ القَاضِي، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القُطَعِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ المَرْوَزيُّ، وَقَاسِمُ بنُ دَاوُدَ، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَعَلِيُّ بنُ قِرْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وَمَا هُوَ بِالمُجَوِّدِ لِرِوَايَاتِهِ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنُ بِطِّيْخٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ الوَاعِظُ أَخْبَرَتْنَا، فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ1، أَخْبَرْنَا ابْنُ طلحة النعالي، وَأَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَمِّي؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ قَالَ: كُنَّا نَلْقَى النَّفَرَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ، فَيَقْطَعُونَ حَدِيْثَهُم، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "وَاللهِ لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيْمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُم للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ولقرابتكم مني" 2.
__________
1 هي شُهْدَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ الفَرَجِ الدِّيْنَوَرِيِّ، ثُم البَغْدَادِيِّ الإِبَرِيِّ الجهَةِ، المُعَمَّرَةُ، الكَاتِبَةُ، مُسْنِدَةُ العِرَاقِ، فَخْرُ النِّسَاءِ. وُلدت بَعْد الثمانين وأربعمائة.
قال ابن الجوزي في "المنتظم" "10/ 288": قَرَأْت عَلَيْهَا، وَكَانَ لَهَا خطّ حسن، وتزوَّجت بِبَعْض وُكلاَء الخَلِيْفَة، وَخَالطت الدّور وَالعُلَمَاء، وَلَهَا بر وَخير، وَعُمِّرت حَتَّى قَاربت المائَة، تُوُفِّيَت فِي رَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وخمسمائة، وحضرها خلق كثير وعامة العلماء.
2 حسن: أخرجه الترمذي "3785" من طريق أبي عوانة، عن يزيد بن أبي زيادة، عن عبد الله بن الحارث، حدثني المطلب بنِ رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ أن العباسي بن عبد المطلب دَخَلَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مغضبا, وأنا عنده فقال: "ما أغضبك"؟ قال: يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك، قال: فَغَضبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى احمر وجهه ثم قال: "والذي نفسي بيده لاَ يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيْمَانُ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لله ورسوله". ثم قال: "يا أيها الناس من آذى عمي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. =(9/514)
2019- أحمد بن الحسن 1: "خ، ت"
ابن جنيدب، الإِمَامُ، الحَافِظُ, المُجَوِّدُ, الفَقِيْهُ أَبُو الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ.
سَمِعَ يَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ، وَأَبَا النَّضْرِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا صَالِحٍ الكَاتِبَ، وَطَبَقَتَهُم.
وَتَفَقَّهَ بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَكَانَ بَصِيْراً بِالعِلَلِ وَالرِّجَالِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خزيمة، وجماعة.
وَكَانَ قَدْ قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ فِي المَغَازِي عَنْهُ حَدِيْثاً بِرِوَايَتِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
لَمْ يُظْفَرْ لَهُ بِتَارِيْخِ، وَفَاةٍ، وَلَهُ رِحلَةٌ شَاسِعَةٌ، وَبَاعٌ أَطْوَلُ في الحديث.
__________
= وأخرجه أحمد "4/ 165" من طريق يزيد يعني ابن عطاء، عن يزيد بن أبي زياد، به مرفوعا.
وأخرجه أحمد "1/ 208"، والحاكم "3/ 333" من طريق جرير بن عبد الحميد أبي عبد الله، عن يزيد بن زياد به مرفوعا.
لكن هذا إسناد ضعف لأجل يزيد بن أبي زياد هذا قال الحافظ في "التقريب": ضعيف كبر فتغير صار يتلقن.
وللحديث شاهد أخرجه ابن ماجه "140" في المقدمة من طريق محمد بن طريف، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ قَالَ: كنا نلقى النفر من قريش، وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم, فذكرنا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم، والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن كعب القرظي، روايته عن العباس بن عبد المطلب قيل إنها مرسلة وعلى فرض أنه قد سمع منه، فإن في هذا الإسناد أبا سبرة النخعي. قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة- فالحديث حسن بهذا الشاهد. وقد تكلمت على هذا الحديث بإسهاب في تخريجنا وتعليقنا على كتاب "مكان رأس الحسين" لشيخ الإسلام ابن تيمية. ط. دار الجيل، بيروت لبنان "ص21-22" فراجعه ثم إن شئت. وقد ذكرت هذا التخريج لهذا الحديث في المجلد الثاني من كتابنا هذا بتعليقنا رقم "838" ذكرناه لبعد العهد من هذا الموضوع وتذكرة لإخواننا القراء الكرام.
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 33"، والأنساب للسمعاني "3/ 45"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 553"، والوافي بالوفيات "6/ 319"، وتهذيب التهذيب "1/ 24"، وتقريب التهذيب "1/ 13".(9/515)
أحمد بن الحسن بن خراش، الهيثم بن سهل:
2020- أحمد بن الحسن بن خراش 1: "م، ت"
الحَافِظُ المُحَدِّثُ، أَبُو جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَشَبَابَةَ بنِ سَوَّارٍ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابَيْهِمَا، وَمُحَمَّدُ بنُ هارون ابن المُجَدَّرِ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ السَّرَّاجِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ثقة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ لاَ بَلِ ابْنَ سِتِّيْنَ سَنَةً إِلاَّ عِشْرِيْنَ يَوْماً قَالَ ابْنُهُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: هَذَا قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ.
2021- الهَيْثَمُ بنُ سَهْل 2:
التُّسْتَرِيُّ شَيْخٌ مُعَمَّرٌ عَالِي الإِسْنَادِ مُحَدِّثٌ لَيِّنٌ.
حَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْثَرِ بنِ القَاسِمِ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَعَلِيِّ بنِ مُسْهِرٍ، وَالمُسَيَّبِ بنِ شَرِيْكٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: سُلَيْمِ بنِ عُقْبَةَ البَقَّارِ، وَمِنْ حَرْبِ يَام صَاحِبَيْ أَنَسٍ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ حَمْدَانَ، وَالِدُ القَطِيْعِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الزَّيَّاتُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ: ضَرَبَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي عَلَى حَدِيْثِ الهَيْثَمِ بنِ سِهْلٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زيد، وأنكر عليه.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ: حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ عَمْرٍو الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
قُلْتُ: لاَ يُدْرَى مَنِ النَّضْرُ هَذَا.
وَعَنِ الهَيْثَمِ, قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 42"، وتاريخ بغداد "4/ 78"، وتهذيب التهذيب "1/ 24".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "14/ 60"، وميزان الاعتدال "4/ 323"، ولسان الميزان "6/ 207".(9/516)
وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ فِي "الخِلَعِيَّاتِ"1 حَدِيْثٌ، وَفِي "مُعْجَمِ ابْنِ جُمَيْعٍ".
وَتُوُفِّيَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنِّي أَصَبْتُ مَالاً بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُ، فَقَالَ: "إِنْ شِئْتَ تَصَدَّقْتَ، وَإِنْ شِئْتَ أَمْسَكْتَ أَصْلَهُ". فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ عَلَى الضُّعَفَاءِ، وَالمَسَاكِيْنِ، وَابْنِ السَّبِيْلِ لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيْقاً غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مِنْهُ مَالاً أَوْ مُتَأَثِّلٍ مِنْهُ مَالاً2.
__________
1 "الخلعيات": للشيخ الإِمَامُ الفَقِيْهُ القُدْوَةُ، مُسْنِدُ الدّيَارِ المِصْرِيّة، القَاضِي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيّ الأَصْل، المِصْرِيّ الشَّافِعِيّ الخِلَعِي، بكسر الخاء وفتح، وبعدها عين مهملة، هذه النسبة إلى الخلع، ونسب إليها أبو الحسن، لأنه كان يبيع الخلع لاولاد الملوك بمصر فاشتهر بذلك وعرف به، وهو صاحب "الفوائد العشرين" الذي خرجها أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي في عشرين جزءا، وسماها "الخلعيات".
2 صحيح: وهذا إسناد ضعيف؛ آفته الهيثم بن سهل، ضعفه الدارقطني. وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد، ضَرَبَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي عَلَى حَدِيْثِ الهَيْثَمِ بنِ سهل عن حماد، وأنكر عليه. لكن الحديث صحيح من طريق آخر، فقد أخرجه أحمد "2/ 12-13"، والبخاري "2772"، ومسلم "1932"، وأبو داود "2878"، والترمذي "1375"، والنسائي "6/ 230-231" من طريق ابن عون -واسمه عبد الله- عن نافع، عن ابن عمر، به. ومعنى قوله: "غير متأثل": معناه غير جامع.(9/517)
2022- أحمد بن صالح 1: "خَ، د"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ, حَافِظُ زَمَانِهِ بِالدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ, أَبُو جَعْفَرٍ المِصْرِيُّ, المَعْرُوْفُ: بِابْنِ الطَّبَرِيِّ.
كَانَ أَبُوْهُ جُنْدِيّاً مِنْ آمُلِ طَبَرِسْتَانَ.
وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ رَأْساً فِي هَذَا الشَّأْنِ, قَلَّ أَنْ تَرَى العُيُوْنُ مِثْلَهُ مَعَ الثِّقَةِ وَالبَرَاعَةِ.
وُلِدَ بِمِصْرَ سنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ, ضَبَطَهُ ابْنُ يُوْنُسَ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ وَهْبٍ -فَأَكْثَرَ- وَعَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ, ارْتَحَلَ إِلَيْهِ، وَحَجَّ، وَسَارَ إِلَى اليَمَنِ، فَأَكْثَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَرَوَى أَيْضاً، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَعَنْبَسَةَ بنِ خَالِدٍ الأَيْلِيِّ، وَحَرَمِيِّ بنِ عُمَارَةَ، وَأَسَدِ بنِ مُوْسَى، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيِّ، وَيَحْيَى بنِ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ الجَارِي، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، وَسَلاَمَةَ بنِ رَوْحٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَمُوْسَى بنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ، وَهُوَ أكبر مِنْهُ، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِزَمَانٍ، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بنُ الهَيْثَمِ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ سَمَّوَيهْ، وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ، وَعُبَيْدُ بنُ رِجَالٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَافِعٍ الطَّحَّانُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ آخِرُهُمْ، وَفَاةً أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ. وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ النَّسَائِيُّ، وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ, وَقَعَ بَينَهُمَا، وَآذَاهُ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، فَآذَى النَّسَائِيُّ نَفْسَهُ بِوُقُوْعِهِ فِي أَحْمَدَ.
رَوَى عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ المُغِيْرَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ, سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يقول: ما قدم علينا أحد بِحَدِيْثِ أَهْلِ الحِجَازِ مِنْ هَذَا الفَتَى -يُرِيْدُ: أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عَاصِمٍ الأَقْرَعَ بِمِصْرَ سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ العِرَاقَ، فَسَأَلَنِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَنْ خَلَّفْتَ بِمِصْرَ? قُلْتُ: أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، فَسُرَّ بِذِكْرِهِ، وَذَكَرَ خَيْراً، وَدَعَا اللهَ لَهُ.
مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوْنَ بنِ خَالِدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ مَحْمُوْدٍ الهَرَوِيَّ يَقُوْلُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: من أعرف الناس بأحاديث ابْنِ شِهَابٍ? قَالَ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ يَعْقُوْبَ بنَ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ أَلْفِ شَيْخٍ وَكَسْرٍ, كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ مَا أَحَدٌ أَتَّخِذُهُ عِنْدَ اللهِ حُجَّةً إِلاَّ رَجُلَيْنِ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بِمِصْرَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ بِالعِرَاقِ.
قُلْتُ: فِي صِحَّةِ هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّ يَعْقُوْبَ مَا كَتَبَ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ، وَلاَ شَطْرِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ مَشْيَخَتُهُ مَوْجُوْدَةٌ فِي مُجَلَّدٍ لَطِيفٍ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الأَحَمَدَيْنِ فِي سَعَةِ الرِّحْلَةِ، وَكَثْرَةِ المَشَايِخِ وَالجَلاَلَةِ وَالفَضْلِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1510"، والجرح والتعديل "2/ ترجمة 73"، وتاريخ بغداد "4/ 195"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 511"، وميزان الاعتدال "1/ 103-104"، والعبر "1/ 450"، والوافي بالوفيات "6/ 424"، وتهذيب التهذيب "1/ 39-42"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 328"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 117".(9/518)
قَالَ البُخَارِيُّ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ مَا رَأَيْتُ أَحَداً يَتَكَلَّمُ فِيْهِ بِحُجَّةٍ، وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُم يُثنُوْنَ عَلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ كَانَ عَليٌّ يَقُوْلُ: سَلُوا أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ أَثْبَتُ.
خَلَفٌ الخَيَّامُ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: كَانَ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ كَتَبْتُ عَنْهُ خَمْسِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ صَالِحٌ: وَلَمْ يَكُنْ بِمِصْرَ أَحَدٌ يُحْسِنُ الحَدِيْثَ، وَلاَ يَحْفَظُ غَيْرَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ كَانَ يَعْقِلُ الحَدِيْثَ، وَيُحْسِنُ أَنْ يَأْخُذَ، وَكَانَ رَجُلاً جَامِعاً يَعْرِفُ الفِقْهَ، وَالحَدِيْثَ، وَالنَّحْوَ، وَيَتَكَلَّمُ يَعْنِي: يَعْرِفُ، وَيُذَاكِرُ فِي حَدِيْثِ الثَوْرَيِّ، وَشُعْبَةَ، وَأَهْلِ العِرَاقِ أَيْ يُذَاكِرُ بِذَلِكَ قَالَ: وَكَانَ قَدِمَ العِرَاقَ، وَكَتَبَ عَنْ عَفَّانَ، وَهَؤُلاَءِ، وَكَانَ يُذَاكِرُ بِحَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، وَيَحْفَظُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: كَتَبْتُ عَنِ ابْنِ زَبَالَةَ يَعْنِي: مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ بنِ زَبَالَةَ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ، فَتَرَكْتُ حَدِيْثَهُ.
وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ يُثْنِي عَلَى أَبِي الطَّاهِرِ بنِ السَّرْحِ وَيَقَعُ فِي حَرْمَلَةَ، وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى الحَضْرَمِيَّ هُوَ أَخُو أَبِي عَجِيْبَةَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بَعْضَ مشَايِخِنَا يَقُوْلُ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: صَنَّفَ ابْنُ وَهْبٍ مائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، فِعِندَ بَعْضِ النَّاسِ مِنْهَا الكُلُّ -يَعْنِي: حَرْمَلَةَ- وَعِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ مِنْهَا النِّصْفُ -يُرِيْدُ نَفْسَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجُنَيْدِ الحَافِظُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، وَإِذَا جَاوَزْتَ الفُرَاتَ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِثْلَهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ قُتَيْبَةَ سَمِعْتُ ابْنَ نُمَيْرٍ، وَذكرَ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، فَقَالَ: هُوَ وَاحِدُ النَّاسِ فِي عِلْمِ الحِجَازِ، وَالمَغْرِبِ فَهِمٌ، وَجَعَلَ يُعَظِّمُهُ، وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ وَارَةَ قَالَ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ بِبَغْدَادَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ بِالكُوْفَةِ، وَالنُّفَيْلِيُّ بِحَرَّانَ هَؤُلاَءِ أَرْكَانُ الدِّيْنِ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ مِصْرِيٌّ ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ كَتَبْتُ عَنْهُ بِمِصْرَ، وبدمشق، وأنطاكية.(9/519)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: ذَاكَرْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ مَقْدَمَهُ دِمَشْقَ سنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَتَبَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ عَنْ سَلاَمَةَ بنِ رَوْحٍ، وَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُ: وَكَتَبَ عَنِ ابْنِ زَبَالَةَ بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، وَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُ, وَحَدَّثَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الأَرْبَعِيْنَ، وَكَتَبَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ عن رجل, عنه، وقال: كان أحمد ابن صَالِحٍ يُقَوِّمُ كُلَّ لَحْنٍ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سهل الغزال: أحمد بن صَالِحٍ طَبَرِيُّ الأَصْلِ كَانَ مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ، وَاعِياً, رَأْساً فِي عِلمِ الحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالآثَارِ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبُوْهُ مِنْ طَبَرِسْتَانَ جُنْدِيّاً مِنَ العَجَمِ، وَكَانَ أَحْمَدُ حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ يَوْماً، فَرَمَاهُ وَأَسَاءَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ كَذَّابٌ يَتَفَلْسَفُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا بِحَمْدِ اللهِ كَمَا قَالَ النَّسَائِيُّ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ آفَةٌ غَيْرَ الكِبْرِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا دُوَادَ السِّجِسْتَانِيَّ يَقُوْلُ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ لَيْسَ هُوَ كَمَا يَتَوَهَّمُونَ يَعْنِي: لَيْسَ بِذَاكَ فِي الجَلاَلَةِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَسَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ يَسْتَعِيرُ مِنِّي كُلَّ جُمُعَةٍ الحِمَارَ، وَيَركَبُهُ إِلَى صَلاَةِ الجُمُعَةِ، وَكُنْتُ جَالِساً عِنْدَ حَرْمَلَةَ، فِي الجَامِعِ، فجَازَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ عَلَى بَابِ الجَامِعِ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا، وَإِلَى حَرْمَلَةَ، وَلَمْ يُسَلِّمْ، فَقَالَ حَرْمَلَةُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا بِالأَمسِ يَحْمِلُ دَوَاتِي، وَاليومَ يَمُرُّ بِي فَلاَ يُسَلِّمُ.
وَقَالَ أَيْضاً: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سَعْدٍ السَّعْدِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ قال: سألت يحيى عن أحمد بن صَالِحٍ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ كَذَّاباً يَخْطِرُ فِي جَامِعِ مِصْرَ.
وَقَالَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ النَّسَائِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلاَ مَأْمُوْنٍ تَرَكَهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَرَمَاهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ بِالكَذِبِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ النسائي سيئ الرَّأْيِ فِيْهِ، وَيُنْكِرُ عَلَيْهِ أَحَادِيْثَ مِنْهَا عَنِ ابن(9/520)
وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ" 1.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ، وَخَاصَّةً لِحَدِيْثِ الحِجَازِ، وَمِنَ المَشْهُوْرِينَ بِمَعرِفَتِهِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ مَعَ شِدَّةِ اسْتَقصَائِهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَاعتِمَادُهُمَا عَلَيْهِ، فِي كَثِيْرٍ مِنْ حَدِيْثِ الحِجَازِ، وَعَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ مَنْ حَدَّثَ مِنَ الثِّقَاتِ، وَاعتَمَدُوهُ حِفْظاً، وَإِتقَاناً، وَكَلاَمُ ابْنِ مَعِيْنٍ، فِيْهِ تَحَامُلٌ، وَأَمَّا سُوءُ ثَنَاءِ النَّسَائِيِّ عَلَيْهِ، فَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ بنِ حَسَّانٍ البَرْقِيَّ يَقُوْلُ: هَذَا الخُرَاسَانِيُّ يَتَكَلَّمُ، فِي أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، وَحَضَرْتُ مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، وَطَرَدَهُ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَحَمَلَهُ ذَلِكَ علَى أن تَكَلَّمَ فِيْهِ قَالَ: وَهَذَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ قَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ، فَالقَوْلُ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ لا ما قاله غيره، وحديث: "الدين
__________
1متن الحديث صحيح: لكن قد اختلف على مالك فيه، فقد رواه عنه عبد الله بن وهب كما في هذا الإسناد، ورواه عنه عبد الله بن نافع، ومحمد بن خالد، وزياد بن يونس، وأحمد بن حاتم بن مخشي ومعن بن عيسى, فقالوا فيه: عن مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عن أبي هريرة، به.
وتابعه سفيان الثوري من رواية بشر بن منصور عنه، فرواه عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وكذا رواه عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني عن سهيل.
وقال علي بن المديني -كما في "التاريخ الكبير للبخاري" "6/ 460-461": بلغني أن في كتاب عثمان ابن عمر: عن مالك، عن سهيل، عن عطاء، عن تميم، عن النبي -صلى الله عليه وسلم.
وتابعه سليمان التيمي، ويحيى بن سعيد، وجرير بن عبد الحميد، وخالد بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، وزهير بن معاوية، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، فرووه عن سهيل، عن عطاء بن يزيد, عن تميم الداري، وكذلك رواه سفيان الثوري من رواية محمد بن يوسف وابن مهدي عنه.
ورواه عنه علي بن قادم فقال عن سهيل، عن أبيه، عن عطاء بن يزيد، عن تميم.
وقد ورد عن أبي هريرة: عند أحمد "2/ 297" والترمذي "1926"، ومحمد بن نصر "748" في "تعظيم قدر الصلاة" من طريق صفوان بن عيسى، أخبرنا ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" ثلاث مرات. قال: قيل: يا رسول الله لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين". وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "6/ 460"، وفي "الأوسط" "2/ 34"، والنسائي "7/ 157" من طريق الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم والقعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، به.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "6/ 460-461"، وفي "التاريخ الأوسط" -المطبوع خطأ باسم الصغير- "2/ 34"، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" "754" من طريق سليمان بن بلال، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم وعبيد الله بن مقسم، عن أبي صالح، به.
وقد ورد الحديث عن تميم الداري: عند مسلم "55"، والنسائي "7/ 156"، وأحمد "4/ 102" من طريق سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تيم الداري، به.(9/521)
النَّصِيْحَةُ". الَّذِي أَنْكَرَهُ النَّسَائِيُّ قَدْ رَوَاهُ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى أَيْضاً، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ بنِ عَثْمَةَ. قَالَ: وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ مِنْ أَجِلَّةِ النَّاسِ، وَذَاكَ أَنِّي رَأَيْتُ جَمْعَ أَبِي مُوْسَى الزَّمِنِ، فِي عَامَّةِ مَا جَمَعَ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ يَقُوْلُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَوْلاَ أَنِّي شَرَطْتُ، فِي كِتَابِي هَذَا أَنْ أَذْكُرَ فِيْهِ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ، فِيْهِ مُتَكَلِّمٌ لَكُنْتُ أُجِلُّ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ أَنْ أَذْكُرَهُ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بنِ القَاسِمِ: النَّاسُ مُجْمِعُونَ علَى ثِقَةِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ لِعِلمِهِ وَخَيْرِهِ وَفَضْلِهِ، وَإِنَّ أَحْمَدَ بن حنبل وغيره وكتبوا عَنْهُ، وَوثَّقَوهُ، وَكَانَ سَبَبُ تَضعِيفِ النَّسَائِيِّ لَهُ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ كَانَ لاَ يُحَدِّثُ أَحَداً حتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ وَالعَدَالَةِ، فَكَانَ يُحَدِّثُهُ وَيَبْذُلُ لَهُ عِلْمَهُ، وَكَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ مَذْهَبَ زَائِدَةَ بنِ قُدَامَةَ، فَأَتَى النَّسَائِيُّ لِيَسمَعَ مِنْهُ، فَدَخَلَ بِلاَ إِذنٍ، وَلَمْ يَأْتِهِ بِرَجُلَينِ يَشْهَدَانِ لَهُ بِالعَدَالَةِ، فَلَمَّا رَآهُ فِي مَجْلِسِهِ, أَنْكَرَهُ، وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ، فَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ لِهَذَا.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: احْتَجَّ سَائِرُ الأَئِمَّةِ بِحَدِيْثِ ابْنِ صَالِحٍ سِوَى النَّسَائِيِّ، فَإِنَّهُ تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، وَكَانَ يُطْلِقُ لِسَانَهُ فِيْهِ، وَلَيْسَ الأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرَ النَّسَائِيُّ. وَيُقَالُ: كَانَ فِيْهِ الكِبْرُ، وَشَرَاسَةُ الخُلُقِ، وَنَالَ النَّسَائِيَّ مِنْهُ جَفَاءٌ فِي مَجْلِسِهِ، فذَلِكَ الَّذِي أَفسَدَ الحَالَ بَينَهُمَا.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ فِي الثِّقَاتِ، وَمَا أَورَدَهُ فِي الضُّعَفَاءِ فَأَحْسَنَ، وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الضُّعَفَاءِ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ المَكِّيَّ الشَّمُوْمِيَّ، وَكَذَّبَهُ، وَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَطَّ عَلَيْهِ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَقَصَدَ أَنْ يُنَزِّهَ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنِ الوَقِيْعَةِ فِي مِثْلِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ الطَّبَرِيِّ الحَافِظِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ: أَخْبَرَنَا بُنْدَارٌ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ -أَيْ إِجَازَةً- وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُجِيزَ لِي, أَوْ يَكْتُبَ إليَّ بِحَدِيْثِ مَخْرَمَةَ بنِ بُكَيْرٍ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ المُرُوءةِ مَا يَكْتُبُ بِذَلِكَ إليَّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ كَانَ لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ ذَا لِحْيَةٍ، وَلا يَترُكُ أَمرَدَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ، فَلَمَّا حَمَلَ أَبُو داود السجستاني إليه ابنه ليسمع منه -وكان إذا ذَاكَ أَمرَدَ- أَنكَرَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ عَلَى أبي داود إحضاره. فقال أَبُو دَاوُدَ: هُوَ -وَإِنْ كَانَ أَمْرَدَ- أَحْفَظُ مِنْ أَصْحَابِ اللِّحَى، فَامْتَحِنْهُ بِمَا أَرَدْتَ. فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ أَجَابَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ عَنْ جَمِيْعِهَا، فَحَدَّثَهُ حِيْنَئِذٍ، وَلَمْ يُحَدِّثْ أَمرَدَ غَيْرَهُ.
قَالَ: وَكَانَ أَحَدَ حُفَّاظِ الأَثَرِ, عَالِماً بِعِلَلِ الحَدِيْثِ, بَصِيْراً بِاخْتِلاَفِهِ، وَرَدَ بَغْدَادَ قَدِيْماً، وَجَالَسَ بِهَا الحُفَّاظَ، وَجَرَتْ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مُذَاكَرَاتٌ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يَذْكُرُهُ،(9/522)
وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَقِيْلَ: إِنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا كَتَبَ عَنْ صَاحِبِهِ فِي المُذَاكَرَةِ حَدِيْثاً ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ صَالِحٍ إِلَى مِصْرَ، وَانْتَشَرَ عِنْدَ أَهْلِهَا عِلْمُهُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ.
أَنْبَأَنَا أَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الخَلِيْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ سَمِعْتُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ زَنْجَوَيْه يَقُوْلُ: قَدِمْتُ مِصْرَ، فَأَتَيتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، فَسَأَلَنِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ? قُلْتُ: مِنْ بَغْدَادَ. قَالَ: أَيْنَ مَنْزِلُكَ مِنْ مَنْزِلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ? فَقُلْتُ: أَنَا مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ: تَكْتُبُ لِي مَوْضِعَ مَنْزِلِكَ? فَإِنِّي أُرِيْدُ أُوافِيَ العِرَاقِ حَتَّى تَجمَعَ بَيْنَنَا. فَكَتَبْتُ لَهُ، فَوَافَى أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ سنَةَ اثْنَتَي عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ إِلَى عَفَّانَ، فَسَأَلَ عَنِّي، فَلَقِيَنِي، فَقَالَ: المَوْعِدُ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ? فَذَهَبتُ بِهِ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَاسْتَأْذَنْتُ لَهُ، فَقُلْتُ: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بِالبَابِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ، وَرَحَّبَ بِهِ وَقَرَّبَهُ, ثُمَّ قَالَ لَهُ: بلغني أنك جمعت حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ، فَتَعَالَ حَتَّى نَذْكُرَ مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلاَ يَتَذَاكَرَانِ، وَلا يُغْرِبُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ حَتَّى فَرَغَا، فَمَا رَأَيْتُ أَحسَنَ مِنْ مُذَاكَرَتِهِمَا, ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: تَعَالَ حَتَّى نَذْكُرَ مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ أَوْلاَدِ الصَّحَابَةِ، فَجَعَلاَ يَتَذَاكَرَانِ، وَلا يُغْرِبُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ ... , إِلَى أَنْ قَالَ لأَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ: عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرِ بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بنِ عَوْفٍ قَالَ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِيَ حُمْرَ النَّعَمِ، وَأَنَّ لِي حِلْفَ المُطَيَّبِين" 1.
فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: أَنْتَ الأُسْتَاذُ، وَتَذْكُرُ مِثْلَ هَذَا. فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَتَبَسَّمُ، وَيَقُوْلُ: رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ رَجُلٌ مَقْبُوْلٌ أَوْ صَالِحٌ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، فَقَالَ: مَنْ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ? فَقَالَ: حَدَّثَنَاهُ ثِقَتَانِ: إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ. فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: سَأَلْتُكَ بِاللهِ إِلاَّ أَملَيْتَهُ عليَّ. فَقَالَ: أَحْمَدُ مِنَ الكِتَابِ، فَقَامَ، وَدَخَلَ، فَأَخْرَجَ الكِتَابَ، وَأَمْلَى عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: لَوْ لَمْ أَستَفِدْ بِالعِرَاقِ إِلاَّ هَذَا الحَدِيْثَ لَكَانَ كَثِيْراً ثُمَّ، وَدَّعَهُ، وَخَرَجَ.
وَهَذَا الحَدِيْثُ، فِي "مُسْنَدِ" الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْهُمَا، وَلَفْظُهُ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهِدْتُ غُلاَماً مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ المُطَيَّبِيْنَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ حُمْرَ النَّعَمِ وَإِنِّي أَنْكُثُهُ". فَهَذَا لَفْظُ إِسْمَاعِيْلَ ثُمَّ رَوَاهُ ثَانِياً، فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
__________
1 صحيح: انظر تخريجنا الآتي.(9/523)
أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهِدْتُ حِلْفَ المُطَيَّبِيْنَ مَعَ عمومتي، وأنا غُلاَمٌ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وَإِنِّي أَنْكُثُهُ" 1.
قُلْتُ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا حَنْبَلٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبِي بِهِمَا.
وَقَدْ قَالَ البُخَارِيُّ فِي التَّوْحِيْدِ مِنْ صَحِيْحِهِ: حَدَّثَنَا محمد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ حَدَّثَهُ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ، وَكَانَتْ فِي حَجْرِ عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ، فِي صَلاَتِهِم، فَيَخْتِمُ بِـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "سَلُوْهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ"؟ فَسَأَلُوْهُ، فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ" 2.
فَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ. قَالَ ذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ، فِي كِتَابِ "تَقْيِيْدِ المُهْمَلِ"، وَأَنَا إِلَى هذا أميل إن كانت النسخ متفقة في ذَلِكَ، فَإِنَّنِي أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ مُحَمَّدٌ هُوَ البُخَارِيُّ، فَإِنَّ كَثِيْراً مِنَ النُّسَخِ فِي أَوَّلِ كُلِّ حَدِيْثٍ مِنْهَا اسْمُ المُؤَلِّفِ, وَفِي بَعْضِهَا: مُحَمَّدٌ الفِرَبْرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، فَيُحَرَّرُ هَذَا.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ قال: حدثت أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ بِحَدِيْثِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ فِي بَيعِ الثِّمَارِ، فَأَعجَبَهُ، وَاسْتَزَادَنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ مِثْلُهُ?!
قَالَ: صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ الحَافِظُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: حَرَجٌ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمَاجِنٍ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسِي، فَقُلْتُ: أَمَّا المَاجِنُ، فَأَنَا هُوَ: وَذَاكَ أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ: صَالِحٌ المَاجِنُ قَدْ حضر مجلسك.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 193"، والبخاري في "الأدب المفرد" "567"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "221"، وأبو يعلى "846"، وابن حبان "4373"، والحاكم "2/ 219-220" وابن عدي في "الكامل" "4/ 301"، والبيهقي في "السنن" "6/ 366"، وفي "دلائل النبوة" "2/ 37" من طريق إسماعيل بن علية، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، به.
وأخرجه أحمد "1/ 190" من طريق بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إسحاق، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "7375".(9/524)
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ: ارْتَحَلْتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صالح، فدخلت، فتذاكرانا إِلَى أَنْ ضَاقَ الوَقْتُ ثُمَّ أَخْرَجْتُ مِنْ كُمِّي أَطرَافاً فِيْهَا أَحَادِيْثُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: تَعُودُ. فَعُدْتُ مِنَ الغَدِ مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَأَخْرَجْتُ الأَطرَافَ، وَسأَلْتُهُ، فَقَالَ: تَعُودُ. فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قُلْتَ لِي بِالأَمسِ: مَا عِنْدَكَ مَا يُكْتَبُ؟ أَوْرِدْ عَلَيَّ مُسْنَداً أَوْ مُرْسَلاً أَوْ حَرْفاً مِمَّا أَسْتَفِيْدُ، فَإِنْ لَمْ أُورِدْ ذَلِكَ عَمَّنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْكَ، فَلَسْتُ بِأَبِي زُرْعَةَ. ثم قمت، وقلت لأصحابنا: من ههنا مِمَّنْ نَكتُبُ عَنْهُ? قَالُوا: يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ، فَذَهَبتُ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ قَدْ سَمِعَ فِي كُتُبِ حَرْمَلَةَ، فَمَنَعَهُ حَرْمَلَةُ مِنَ الكُتُبِ، وَلَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهِ إِلاَّ نِصْفَ الكُتُبِ، فَكَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ بَعْدُ كُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنْ حَرْمَلَةَ، وَبَدَأَ بِهِ إِذَا وَافَى مِصْرَ لَمْ يُحَدِّثْهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ المَقْدِسِيَّ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ مِصْرَ، فَبَدَأْتُ بِحَرْمَلَةَ، فَكَتَبْتُ عَنْهُ كِتَابَ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَالفَوَائِدَ, ثُمَّ ذَهَبتُ إِلَى أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَلَمْ يُحَدِّثْنِي، فَحَمَلْتُ كِتَابَ يُوْنُسَ، فَخَرَّقْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أُرْضِيَهِ بِذَلِكَ، وليتني لم أخرقه، فلم يَرْضَ، وَلَمْ يُحَدِّثْنِي.
قُلْتُ: نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ هَذِهِ الأَخْلاَقِ صَدَقَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ حَيْثُ يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ آفَةٌ غَيْرَ الكِبْرِ، فَلَو قُدِحَ فِي عَدَالتِهِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ إِثْمٌ كَبِيْرٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ أَبِي الجُوْدِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي غَالِب الزَّاهِد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بن علي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيْثاً كَثِيْراً، فَأَنسَاهُ قَالَ: " ابْسُطْ رِدَاءكَ". فَبَسَطْتُهُ، فَغَرَفَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: "ضُمَّهُ". فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ حَدِيْثاً بَعْدُ1.
رَوَاهُ البُخَارِيُّ، عَنِ الثِّقَةِ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابن أبي ذئب، عن
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "118" و"119" و"2047" و"2350" و"7354"، ومسلم "2492".(9/525)
شُرَحْبِيْلَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لأَنْ يَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ فِي حَيَاتِهِ بِدِرْهَمٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمائَةِ دِيْنَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ"1.
أَخْرَجَهُ أبو داود، عن أحمد، فوافقناه بعلو.
فَأَمَّا حَدِيْثُ بَيْعِ الثِّمَارِ، فَأَنْبَأَنَاهُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الزِّنَادِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ، وَمَا يُذْكَرُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ، عَنْ سَهْلِ بنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ، وَحَضَرَ تَقَاضِيهِم, قَالَ المُبْتَاعُ: إِنَّهُ أَصَابَ الثِّمَارَ الدَّمَانُ، وَأَصَابَهُ قُشَامٌ، وَأَصَابَهُ مُرَاضٌ عَاهَاتٌ يَحتَجُّوْنَ بِهَا، فَقَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "فإما لا فلا تبيايعوا الثِّمَارَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا". كَالمَشُورَةِ يُشِيْرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِم2. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: إِنِّي شَاكٌّ لاَ أَدْرِي سَمِعْتُ هَذِهِ الكَلِمَةَ مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ، وَهُوَ فِي كِتَابِي مُجَازٌ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ.
قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُم البُخَارِيُّ، وَابْنُ زَبْرٍ: مَاتَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ مِنْ جِلَّةِ المُقْرِئِينَ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ القِرَاءةَ عَرْضاً وَسَمَاعاً عَنْ ورش، وقالون، وإسماعيل بن
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "2866"، وابن حبان "821" من طريق ابن أبي فديك، به.
قلت: إسناده ضعيف، رجاله ثقات خلا شرحبيل، وهو ابن سعد، أبو سعد المدني، مولى الأنصار، فإنه ضعيف بالاتفاق، وقد اتهمه بعضهم.
2 صحيح: أخرجه أبو داود "3372" حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة بن خالد، حدثنا يونس، به.
وأخرجه البخاري "2193" معلقا قال: وقال الليث، عن أبي الزناد: كان عروة يحدث عن سهل بن أبي حثمة ... فذكره.
وقال الحافظ في الفتح: لم أره موصلا من طريق الليث، وقد رواه سعيد بن منصور، عن أبي الزناد، عن أبيه نحو حديث الليث ولكن بالإسناد الثاني دون الأول، وأخرجه أبو داود والطحاوي من طريق يونس بن يزيد، عن أبي الزناد بالإسناد الأول دون الثاني. وأخرجه أبو داود والطحاوي من طريق يونس بن يزيد، عن أبي الزناد بالإسناد الأول دون الثاني. وأخرجه البيهقي من طريق يونس بالإسنادين معا.
وقوله "جد الناس" وفي رواية البخاري "جذ" بالذال: أي قطعوا ثمر النخل، أي استحق الثمر القطع. وفي رواية أبي ذر عن المستملي والسرخسي "أجذ" بزيادة الألف ومثله للنسفي، قال ابن التين: معناه دخلوا في زمن الجذاذ كأظلم إذا دخل في الظلام. والجذاذ: صرام النخل وهو قطع ثمرتها وأخذها من الشجر.(9/526)
أَبِي أُوَيْسٍ وَأَخِيْهِ؛ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ, كُلُّهُم عَنْ نَافِعٍ قَالَ: وَرَوَى حُرُوْفَ عَاصِمٍ عَنْ حَرَمِيِّ بنِ عُمَارَةَ.
روَى عَنْهُ القِرَاءةَ: حَجَّاجٌ الرُّشْدِيْنِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ أَبِي مِهْرَانَ الجَمَّالُ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَالِكٍ الأُشْنَانِيُّ، وَحَسَنُ بنُ القَاسِمِ، وَالخَضِرُ بنُ الهَيْثَمِ الطُّوْسِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الحَرَّانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ تَوْبَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ1، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَتَّانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُجَاهِدٍ فِي كِتَابِ "السَّبْعَةِ" لَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ عَنْ وَرْشٍ، وَقَالُوْنَ، وَأَبِي بكر، وإسماعيل عن نافع بالحروف.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ عَمَّنْ قَالَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَلاَ يَقُوْلُ: مَخْلُوْقٌ، وَلاَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، فَقَالَ: هَذَا شَاكٌّ، وَالشَّاكُّ كَافِرٌ.
قُلْتُ: بَلْ هَذَا سَاكِتٌ، وَمَنْ سَكَتَ تَوَرُّعاً لاَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ, وَمَنْ سَكَتَ شَاكّاً مُزْرِياً عَلَى السَّلَفِ، فَهَذَا مُبْتَدِعٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى المِصْرِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ قَوْماً يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ لَفْظَنَا بِالقُرْآنِ غَيْرُ المَلْفُوْظِ، فَقَالَ: لَفْظُنَا بِالقُرْآنِ هو الملفوظ، والحكاية هي المحكي، وهو كلام اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِهِ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ.
قُلْتُ: إِنْ قَالَ: لَفْظِي، وَعَنَى بِهِ القُرْآنَ، فَنَعَمْ، وَإِنْ قَالَ: لَفْظِي، وَقَصَدَ بِهِ تَلَفُّظِي وَصَوتِي وَفِعْلِي أَنَّهُ مَخْلُوْقٌ، فَهَذَا مُصِيبٌ، فَاللهُ تَعَالَى خَالِقُنَا، وَخَالِقُ أَفْعَالِنَا، وَأَدَوَاتِنَا، وَلَكِنَّ الكَفَّ عَنْ هَذَا هُوَ السُّنَّةُ، وَيَكفِي المَرْءَ أَنْ يُؤمِنَ بِأَنَّ القُرْآنَ العَظِيْمَ كَلاَمُ اللهِ وَوَحْيُهُ وَتَنْزِيْلُهُ عَلَى قَلْبِ نَبِيِّهِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَعْلُوْمٌ عِنْدَ كُلِّ ذِي ذهن سليم أن الجماعة إذا قرءوا السورة أنهم جميعهم قرءوا شَيْئاً، وَاحِداً، وَأَنَّ أَصْوَاتَهُم وَقِرَاءاتِهِم وَحَنَاجِرَهُمْ أَشْيَاءٌ
مُخْتَلِفَةٌ، فَالمَقرُوءُ كَلاَمُ رَبِّهِم، وَقِرَاءتُهُم وَتَلَفُّظُهُم وَنَغَمَاتُهُم مُتَبَايِنَةٌ، وَمَنْ لَمْ يَتَصَوَّرِ الفَرْقَ بَيْنَ التَّلَفُّظِ وبين الملفوظ، فدعه، وأعرض عنه.
__________
1 هو: أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُجيب بنِ المُجَمِّعِ بنِ بَحْرِ بنِ مَعْبَدٍ بن هَزَارْمَرْدَ الصَّرِيفِيْنِي، رَاوِي كِتَاب "الجعديَات" عَنْ أبي القاسم بن حبابة وهو من بلدة "صرفين" التي نسب إليها. وهي بلدة في سواد العراق في موضعين: إحداهما قرية كبيرة غناء شجراء قرب عكبراء، وأوانا على ضفة نهر دجيل. تأتي ترجمته في كتابنا هذا "سير أعلام النبلاء" ترجمة "4245" في المجلد الحادي عشر من هذه الطبعة المباركة. ط. دار الحديث.(9/527)
عقبة بن مكرم، عقبة بن مكرة الضبي:
2023- عقبة بن مكرم 1: "م، د، ت، ق"
ابن أفلح الحَافِظُ الثَّبْتُ أَبُو عَبْدِ المَلِكِ العَمِّيُّ البَصْرِيُّ, لاَ الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ غُنْدَرٍ، وَيَحْيَى القَطَانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وأحمد بن عمر البَزَّارُ، وَعَلِيُّ بنُ زَاطِيَا، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ, هُوَ فَوْقَ بُنْدَارٍ عِنْدِي.
وَقَالَ بَعْضُ الحُفَّاظِ: كَانَ ثِقَةً مُجَوِّداً.
قَالَ السَّرَّاجُ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَمَّا:
2024- عُقبة بنُ مُكْرَم الضَّبي 2:
الهِلاَلِيُّ الكُوْفِيُّ، فَحَدَّثَ عن: سفيان بن عيينة، والمسيب بن شَرِيْكٍ، وَمُصْعَبِ بنِ سَلاَّمٍ، وَيَحْيَى بنِ يَمَانٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ دِيْزِيْلَ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ, وَمُطَيَّنٌ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَعَبْدَانُ الجَوَالِيْقِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: صَدُوْقٌ، لاَ يَخْضِبُ.
قُلْتُ: مَا خَرَّجُوا لِهَذَا شَيْئاً.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائتين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2918"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 235" و"2/ 100 و120 و264"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1765"، وتاريخ بغداد "12/ 266"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 114"، والكاشف "2/ ترجمة 39063"، وتهذيب التهذيب "7/ 250"، وتقريب التهذيب "2/ 28"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4907"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 104"، والعبر "1/ 440".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2919"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1766"، والعبر "1/ 441"، وتهذيب التهذيب "7/ 251"، وتقريب التهذيب "2/ 28"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4908".(9/528)
2025- محمود بن خِداش 1: "ت، ق"
الإِمَامُ الحَافِظُ الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الطَّالْقَانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ هُشَيْمٍ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبَّادِ بنِ العَوَّامِ، وَسَيْفِ بنِ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم، فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، فِي تَأَلِيفِهِ لَهُ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ فَيْرُوْزٍ الأَنْمَاطيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ المحاملي، وآخرون.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحْرِزٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ هُوَ ثِقَةٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّوَّاسُ: سَمِعْتُ مَحْمُوْدَ بنَ خِدَاشٍ يَقُوْلُ: مَا بِعْتُ شَيْئاً قَطُّ، وَلاَ اشْتَرَيتُهُ.
قَالَ السَّرَّاجُ: كَأَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ: كُنْتُ فِيْمَنْ غَسَّلَهُ، فَرَأَيْتُهُ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ? قَالَ: غَفَرَ لِي، وَلِجَمِيْعِ مَنْ تَبِعَنِي. قُلْتُ: فَأَنَا قَدْ تَبِعتُكَ، فَأَخْرَجَ وَرَقاً مِنْ كُمِّهِ فِيْهِ مَكْتُوبٌ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَثِيْرٍ.
قَالَ السَّرَّاجُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: وَقَعَ حَدِيْثُهُ عَالِياً عِندَ سِبْطِ السِّلَفِيِّ.
أَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ البَيِّعُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَخْبَرَنَا العَاصِمِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ،
أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَأَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يُوْنُسُ: 94] ، قَالاَ: لَمْ يَشُكَّ، ولم يسأل.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1339"، وتاريخ الخطيب "13/ 90"، والكاشف "3/ ترجمة 5416"، وتهذيب التهذيب "6210"، وتقريب التهذيب "2/ 233"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6880".(9/529)
2026- عبد الحميد بن عصام 1:
الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّادِقُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الجُرْجَانِيُّ، نَزِيْلُ هَمَذَانَ.
سَمِعَ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ، وَالعَقَدِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَامِرٍ، وَأَبَا دَاوُدَ الحَفَرِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ الكَرَابِيْسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَوْسٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: قَدِمْتُ هَمَذَانَ، وَهُوَ حَيٌّ، وَلَمْ يُقَدَّرْ لِيَ السَّمَاعُ مِنْهُ، وَقَالَ أَبِي: هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنَا عَنْهُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَمْرُوْسٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَزُّوْنَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَسَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ أَبِي صَالِحٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: مَا لَقِيَ الجُرْجَانِيُّ مِثْلَهُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: لَيْسَ أَنَا مِثْلُ: ينكمر, ذاكم الجرجاني. ورأيت في كِتَابِ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ قَالَ المَرَّارُ: كَتَبْتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الجُرْجَانِيِّ، وَلَمَّا وَقَعَتِ المِحْنَةُ فِي اللَّفْظِ سَكَتَ الجُرْجَانِيُّ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: ذَهَبتُ مَعَ صَالِحِ بنِ حَمُّوْيَه؛ أَخِي المَرَّارِ، فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ الجُرْجَانِيِّ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي اللَّفْظِ بِالقُرْآنِ? فَسَكَتَ حَتَّى سأَلَهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: أَرَاهُ مُحْدثَةً بِدْعَةً، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: كَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ، وَالفُقَهَاءِ, ثِقَةً, صَدُوْقاً. قِيْلَ: إِنَّهُ نَاظَرَ أَبَا عبيد.
مات ست سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ سِتٍّ, وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ كُبَرَاءُ, مُحْتَشِمُونَ بِهَمَذَانَ, رَحِمَهُ اللهُ.
وَلَمْ يَقَعْ لَنَا مِنْ عَوَالِي هَذَا الإِمَامِ شَيْءٌ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "6/ ترجمة 85".(9/530)
2027- الأشج 1: "ع"
الحَافِظُ الإِمَامُ الثَّبْتُ شَيْخُ الوَقْتِ أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ حُصَيْنٍ الكِنْدِيُّ، الكُوْفِيُّ المُفَسِّرُ, صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ هُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَعُقْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وعبد السلام بن حرب، وأبي خالد الأحمر، وَزِيَادِ بنِ الحَسَنِ بنِ الفُرَاتِ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وحفص بن غياث، وإبراهيم بنِ أَعْيَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيِّ، وَالمُطَّلبِ بنِ زِيَادٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ أَوَّلَ طَلَبِهِ لِلْعِلْمِ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ. رَأَيْتُ "تَفْسِيْرَهُ" مُجَلَّدٌ.
وَعَنْهُ: الجَمَاعَةُ السِّتَّةُ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ الصَّغِيْرُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم مِنْ آخِرِهِم إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ فِي "أَمَالِيْهِ".
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ هُوَ إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بِلاَلٍ الشَّطَوِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا القَاضِي العَلاَّمَةُ مُحْيِي الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الأَسَدِيُّ الحَنَفِيُّ، وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ، أخبرنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيُّ، وَأَخْبَرَنَا سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِحَلَبَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَنْجَبُ الحمَّامِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي الفَخَارِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّبَاكِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي بنُ الرَّفِيْعِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخَضِرِ قِرَاءةً بِحَرَّانَ، وَعِدَّةٌ, قَالُوا جَمِيْعاً: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي قَالَ هُوَ, وَالطُّوْسِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بن أحمد البانياسي، أخبرنا أحمد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 342"، والأنساب للسمعاني "1/ 270"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 517"، والكاشف "2/ ترجمة 2780"، والعبر "2/ 15"، وتهذيب التهذيب "5/ 236"، وتقريب التهذيب "1/ 419"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3532"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 137".(9/531)
ابن مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى بنِ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ -هُوَ ابْنُ حَرْبٍ- عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "فِي ثَلاَثِيْنَ مِنَ البَقَرِ تَبِيْعٌ أَوْ تَبِيْعَةٌ, وَفِي كُلِّ أَرْبَعِيْنَ مُسِنَّةٌ".
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ1، عَنِ الأَشَجِّ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ: مَاتَ الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَعَلِيُّ بنُ خشرم، وزيد بن أخرم، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْر زَاج، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَبِيْبِ بنِ الشَّهِيْدِ، وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ مَعْبَدٍ السِّنْجِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجَرَوِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبَّاسٌ الرِّيَاشِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَسَّانٍ الأَزْرَقُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بن حنان، ومحمد بن وزير الواسطي.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "622"، وابن ماجه "1803"، وإسناده ضعيف؛ آفته خصيف وهو ابن عبد الرحمن الجزري الحراني، أبو عون، ضعفه أحمد. وقال مرة: ليس بالقوي.
وقال أبو حاتم: تكلم في سوء حفظه.
لكن للحديث شاهد عن معاذ بن جبل: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من البقرة من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم -يعني محتلما- دينارا أو عدله من المعافر، ثياب تكون باليمن. أخرجه عبد الرزاق "6841"، وأبو داود "1576" و"1577"، والنسائي "5/ 26"، وابن ماجة "1803"، والدارمي "1/ 382"، والدارقطني "2/ 102"، وابن الجارود "178"، والبيهقي "4/ 98" و"9/ 193"، والحاكم "1/ 398".
وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي. وهو كما قالوا.(9/532)
2028- السَّرِي بنُ المُغَلِّس السِّقَطِي 1:
الإِمَامُ القُدْوَةُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ السِّتِّيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ، وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، وَعَلِيِّ بنِ غُرَابٍ، وَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَغَيْرِهِم بِأَحَادِيْثَ قَلِيْلَةٍ، وَاشتَغَلَ بِالعِبَادَةِ، وَصَحِبَ مَعْرُوْفاً الكَرْخِيَّ، وَهُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِهِ.
رَوَى عَنْهُ: الجُنَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالنُّورِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ مسروق، وإبراهيم
ابن عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَاكِرٍ، فَرَوَى ابْنُ شَاكِرٍ. عَنْهُ, قَالَ: صَلَّيْتُ وِرْدِي لَيْلَةً، وَمَدَدْتُ رِجْلِي فِي المِحْرَابِ، فنُوْدِيْتُ: يَا سَرِيُّ كَذَا تُجَالِسُ المُلُوْكَ! فَضَمَمْتُهَا، وَقُلْتُ: وَعِزَّتِكَ لاَ مَدَدْتُهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ السري يقول: حمدت الله مرة، فأنا أَسْتَغْفِرُ مِنْ ذَلِكَ الحَمْدِ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً قِيْلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ? قَالَ: كَانَ لِي دُكَّانٌ فِيْهِ مَتَاعٌ، فَاحْتَرَقَ السُّوْقُ، فَلَقِيَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: أَبْشِرْ دُكَّانُكَ سَلِمَتْ، فَقُلْتُ: الحَمْدُ للهِ ثُمَّ فَكَّرْتُ، فَرَأَيْتُهَا خَطِيئَةً.
وَيُقَالُ: إِنَّ السَّرِيَّ رَأَى جَارِيَةً سَقَطَ مِنْ يَدِهَا إِنَاءٌ، فَانْكَسَرَ، فَأَخَذَ مِنْ دُكَّانِهِ إِنَاءً، فَأَعطَاهَا، فَرَآهُ مَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ، فَدَعَا لَهُ قَالَ: بَغَّضَ اللهُ إِلَيْكَ الدُّنْيَا. قَالَ: فَهَذَا الَّذِي أَنَا فِيْهِ مِنْ بَرَكَاتِ مَعْرُوْفٍ.
وَقَالَ الجُنَيْدُ: سَمِعْتُ سَرِيّاً يَقُوْلُ: أَشْتَهِي مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ جَزَرَةً أَغمِسُهَا فِي دِبْسٍ وَآكُلُهَا، فَمَا يَصِحُّ لِي. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أُحِبُّ أَنْ آكُلَ أَكْلَةً لَيْسَ للهِ عَلَيَّ فِيْهَا تَبِعَةٌ، وَلا لِمَخْلُوقٍ فِيْهَا مِنَّةٌ، فَمَا أَجِدُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً. وَدَخَلتُ عَلَى السَّرِيِّ، وَهُوَ يَجُوْدُ بِنَفْسِهِ، فَقُلْتُ: أَوْصِنِي. قَالَ: لاَ تَصْحَبِ الأَشْرَارَ، وَلاَ تَشْتَغِلَنَّ عَنِ اللهِ بِمُجَالَسَةِ الأَخيَارِ.
قَالَ الفَرُّخَانِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَعْبَدَ للهِ مِنَ السَّرِيِّ أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً مَا رُئِيَ مُضْطَجِعاً إِلاَّ فِي عِلَّةِ المَوْتِ.
قَالَ الجُنَيْدُ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: إِنِّي لأَنْظُرُ إلى أنفي كل يوم مخافة أن يَكُوْنَ وَجْهِيَ قَدِ اسْوَدَّ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَيْثُ أُعْرَفُ, أَخَافُ أَنْ لاَ تَقْبَلَنِي الأَرْضُ، فَأَفْتَضِحَ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: فَاتَنِي جُزْءٌ مِنْ وِرْدِي، فَلاَ يُمْكِنُنِي قَضَاؤُهُ, يَعْنِي: لاستِغْرَاقِ أَوْقَاتِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: كَانَ السَّرِيُّ أَوَّلَ مَنْ أَظهَرَ بِبَغْدَادَ لِسَانَ التَّوْحِيْدِ وَتَكَلَّمَ فِي عُلُوْمِ الحَقَائِقِ، وَهُوَ إِمَامُ البَغْدَادِيِّيْنَ فِي الإِشَارَاتِ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ صَحِبَهُ: العَبَّاسُ بنُ يُوْسُفَ الشَّكْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ جَابِرٍ السَّقَطِيُّ.
تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ, سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقِيْلَ: سنة سبع وخمسين.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "10/ ترجمة 469"، وتاريخ بغداد "9/ 187"، والعبر "2/ 5"، ولسان الميزان "3/ 13"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 339"، وشذرات الذهب لابن العماد "2/ 127".(9/533)
2029- الحسن بن شُجاع 1: "ت"
ابن رجاء الحَافِظُ النَّاقِدُ الإِمَامُ المُحَقِّقُ، أَبُو عَلِيٍّ البَلْخِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ، لَهُ مَعْرِفَةٌ وَاسِعَةٌ، وَرِحلَةٌ شَاسِعَةٌ.
لَقِيَ مَكِّيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتَهُ بِبَلْخَ، وَلَحِقَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى -وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ- وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا مُسْهِرٍ الغَسَّانِيَّ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ، وَأَبَا صَالِحٍ كَاتِبَ اللَّيْثِ، وَمُحَمَّدَ بنَ الصَّلْتِ، وَيَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَعَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وابن راهويه، وطبقتهم.
رَوَى عَنْهُ: البُخَارِيُّ -وَذَلِكَ فِي "جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ"- وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا البَلْخِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ، فِي "صَحِيْحِهِ", قَالَ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ الخَلِيْلِ الخَزَّازُ، وَذَلِكَ، فِي تَفْسِيْرِ الزُّمَرِ2، فَقِيْلَ: هُوَ البَلْخِيُّ.
قَالَ نَصْرُ بنُ زَكَرِيَّا المَرْوزيُّ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بن سعيد يقول: شباب خراسان أربعة: محمد بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْدُ اللهِ الدَّارِمِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى اللُّؤْلُؤِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ البَلْخِيُّ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيْحَةٌ، وَيَروِيهَا أَيْضاً الحَسَنُ بنُ حَمَّادٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ القَاضِي، عَنْ بَعْضِ شُيُوْخِهِ, سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بن أحمد بن
__________
1 ترجمته في تذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 561"، والعبر "1/ 442"، والكاشف "1/ ترجمة 1042" والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "12/ 53"، وتهذيب التهذيب "2/ 282"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1349"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 105".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4812" حدثني الحسن، حدثنا إسماعيل بن خليل، أخبرنا عبد الرحيم عن زكرياء بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة، فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش، فلا أدري؛ أكذلك كان، أم بعد النفخة"؟
قال الحافظ في الفتح: قوله: "حدثني الحسن" كذا في جميع الروايات غير منسوب، فجزم أبو حاتم سهل بن السري الحافظ فيما نقله الكلاباذي بأنه الحسن بن شجاع البلخي الحافظ، وهو أصغر من البخاري لكن مات قبله، وهو معدود من الحفاظ، ووقع في "المصافحة للبرقاني" أن البخاري قال في هذا الحديث "حدثنا الحسين" بضم أوله مصغر، ونقل عن الحاكم أنه الحسين بن محمد القباني فالله أعلم.
وإسماعيل بن الخليل شيخه من أوساط شيوخ البخاري، وقد نزل البخاري في هذا الإسناد درجتين لأنه يروي عن واحد عن زكريا بن أبي زائدة، وهنا بينهما ثلاثة أنفس. قوله: "أخبرنا عبد الرحيم" هو ابن سليمان. وعامر هو الشعبي.(9/534)
حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ: يَا أَبَةِ, مَن الحُفَّاظُ? قَالَ: يَا بُنَيَّ شَبَابٌ كَانُوا عِنْدنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَقَدْ تَفَرَّقُوا قُلْتُ: مَنْ هُمْ? قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ذَاكَ البُخَارِيُّ، وَعُبَيْدُ الله بن عبد الكَرِيْمِ ذَاكَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَاكَ السَّمَرَقَنْدِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ ذَاكَ البَلْخِيُّ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَةِ مَنْ أَحْفَظُ هَؤُلاَءِ? قَالَ: أَمَا أَبُو زُرْعَةَ فَأَسْرَدُهُم، وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَأَعَرَفُهُم، وَأَمَّا الدَّارِمِيُّ فَأَتْقَنُهُم، وَأَمَّا ابْنُ شُجَاعٍ فَأَجْمَعُهُم لِلأَبْوَابِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ الأَشْعَثِ البِيْكَنْدِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: انْتَهَى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زُرْعَةَ، وَالبُخَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: فَحَكَيْتُ هَذَا لِمُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، فَأَطْرَى ذِكْرَ الحَسَنِ بنِ شُجَاعٍ، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ يَشْتَهِرْ كَمَا اشْتَهَرَ هَؤُلاَءِ? قَالَ: لأَنَّهُ لَمْ يُمَتَّعْ بِالعُمُرِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ": الحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ مِمَّنْ أَكْثَرَ الرِّحلَةَ، وَالكَتْبَ، وَالحِفْظَ، وَالمُذَاكَرَةَ, مَاتَ وَهُوَ شَابٌّ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: ابْنُ شُجَاعٍ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ رَحَلَ، وَصَنَّفَ ثُمَّ أَدْرَكَتْهُ المَنِيَّةُ قَبْلَ الخَمْسِيْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيْحِ" ثُمَّ نَقَلَ الحَاكِمُ أَنَّهُ مَاتَ فِي نِصْفِ شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ عَنْ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً, كَذَا نُقِلَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ الصُّوْفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ البَلْخِيِّ، وَهَذَا خَطَأٌ لاَ يَسُوغُ، فَإِنْ صَحَّ تَارِيْخُ مَوْتِهِ هَذَا، فَمَا عَاشَ إِلاَّ نَحْواً مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً حَتَّى يَلحَقَ فِي ارْتِحَالِهِ مِثْلَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَإِلاَّ فَتَحدِيْدُ سِنِّهِ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ الحَافِظُ، فَقَالَ فِي رِجَالِ البُخَارِيِّ: كَانَ أَبُو حَاتِمٍ سَهْلُ بنُ السَّرِيِّ البُخَارِيُّ الحَافِظُ الحَذَّاءُ يَقُوْلُ: الحَسَنُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ فِي تَفْسِيْرِ سُوْرَةِ الزُّمرِ هُوَ الحَسَنُ بنُ شُجَاعٍ الحَافِظُ عِنْدِي. ثُمَّ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: كَتَبَ إِلَيْنَا الشَّبِيْبِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ البَلْخِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: مَاتَ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قلتُ: النَّاقِلُ -وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ- هُوَ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ شَيْخُ الحَاكِمِ، فَهَذَا أَصَحُّ عَنْهُ، وَأَخْطَأَ ذَاكَ الصُّوْفِيُّ عَلَيْهِ حَيْثُ زَادَ فِي تَارِيْخِ مَوْتِهِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَاتَّفَقَا فِي عُمُرِهِ، وَفِي نِصْفِ شَهْرِ مَوْتِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: وَلَهُ إِخْوَةٌ: مُحَمَّدُ بنُ شُجَاعٍ -وَكَانَ أَكْبَرَهُم- وَأَبُو رَجَاءَ أَحْمَدُ بنُ شُجَاعٍ -وَهُوَ أَوْسطُهُم- وأبو شيخ.(9/535)
2030- الحسين بن الحسن بن حرب 1: "ت، ق"
الإِمَامُ الحَافِظُ الصَّادِقُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ المَرْوَزِيُّ, صَاحِبُ ابْنِ المُبَاركِ, جَاوَرَ بِمَكَّةَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ المُبَارَكِ بِشَيْءٍ كَثِيْرٍ، وَعَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَيَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَهُشَيْمِ بنِ بَشِيْرٍ، وَالفَضْلِ بنِ مُوْسَى، وَالوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، وعدة.
حَدَّثَ عَنْهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، وَدَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ الظَاهِرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ بُجَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ، وَهُوَ رَاوِي كِتَابِ "الزُّهْدِ" لأَحْمَدَ.
يَقَعُ لِي مِنْ عواليه في "جزء البانياسي".
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 631 و716" و"2/ 172" و"3/ 132 و176" والكنى للدولابي "2/ 54"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 219"، والعبر "1/ 446"، والكاشف "1/ ترجمة 1091" وتهذيب التهذيب "2/ 334"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1417".(9/536)
2031- الخليع 1:
الشَّاعِرُ المُفْلِقُ, أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ الضَّحَّاكِ البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمُ, البَصْرِيُّ, الخَلِيْعُ.
مَدَحَ الخُلَفَاءَ، وَسَارَ شِعرُهُ، وَعُمِّرَ دَهْراً، وَكَانَ يَذْكُرُ مَوْتَ شُعْبَةَ، وَكَانَ ذَا ظَرْفٍ وَمُجُونٍ، وَتَفُنُّنٍ فِي بَدِيعِ النَّظمِ، وَكَانَ نَدِيْماً مَعَ إِسْحَاقَ المَوْصِلِيِّ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ بِضْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً. وشهر بالخليع؛ لمجونه وهناته، وهو القائل:
ولا وَحُبِّيكِ لاَ أُصَا ... فِحُ بِالدَّمْعِ مَدْمَعَا
مَنْ بَكَى شَجْوَهُ اسْتَرَا ... حَ وَإِنْ كَانَ مُوجِعَا
كَبِدِي فِي هَوَاكِ أَسْـ ... ـقَمُ مِنْ أَنْ يُقَطَّعَا
لَمْ تَدَعْ سَوْرَةُ الضَّنَى ... فِيَّ لِلسُّقْمِ مَوْضِعَا
وَلَهُ:
صِلْ بِخَدِّي خَدَّيْكَ تَلْقَ عَجِيْبا ... مِنْ مَعَانٍ يَحَارُ فِيْهَا الضَّمِيْرُ
فَبِخَدَّيْكَ لِلرِّيَاضِ ربيع ... وبخدي للدموع غدير
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني "7/ 146"، وتاريخ بغداد "8/ 54"، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي "10/ 5"، ووفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 191"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 333"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 123".(9/536)
2032- الحسن بن الصباح بن محمد 1: "خَ، د، ت"
الإِمَامُ الحَافِظُ الحُجَّةُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ, ثُمَّ البَغْدَادِيُّ البَزَّارُ، وَيُعْرَفُ أَيْضاً بِابْنِ البَزَّارِ.
حَدَّثَ عَنْ: سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَإِسْحَاقَ الأَزْرَقِ، وَمُبَشِّرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَمَعْنِ بنِ عِيْسَى، وَشُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، وَوَكِيْعٍ، وَشَبَابَةَ بنِ سَوَّارٍ، وَحَجَّاجِ بنِ محمد، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُجَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ كَانَتْ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ بِبَغْدَادَ كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يَرْفَعُ مِنْ قَدْرِهِ، وَيُجِلُّهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: مَا يَأْتِي عَلَى ابْنِ البَزَّارِ يَوْمٌ إِلاَّ وَهُوَ يَعْمَلُ فِيْهِ خَيْراً، وَلَقَدْ كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى فُلاَنٍ، فَكُنَّا نَقْعُدُ نَتَذَاكَرُ إِلَى خُرُوْجِ الشَّيْخِ، وَابْنُ البَزَّارِ قَائِمٌ يُصَلِّي.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الصَّبَّاحِ يَقُوْلُ: أُدْخِلْتُ عَلَى المَأْمُوْنِ ثَلاَثَ
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2522"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 789" و"3/ 393"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 71"، وتاريخ بغداد "7/ 330"، والعبر "1/ 453"، والكاشف "1/ ترجمة 1045"، وميزان الاعتدال "1/ 499"، والوافي بالوفيات "12/ 60"، وتهذيب التهذيب "2/ 289"، وخلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1352"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 199".(9/537)
مَرَّاتٍ: رُفِعَ إِلَيْهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَنَّهُ يَأْمرُ بِالمَعْرُوْف -قَالَ: وَكَانَ نَهَى أَنْ يَأْمُرَ أَحَدٌ بِمَعْرُوْفٍ- فَأُخِذْتُ، فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ الحَسَنُ البَزَّارُ? قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: وَتَأْمرُ بِالمَعْرُوْفِ? قُلْتُ: لاَ، وَلَكِنِّي أَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ. قَالَ: فَرَفَعَنِي عَلَى ظَهرِ رَجُلٍ، وَضَرَبَنِي خَمْسَ دِرَرٍ، وَخَلَّى سَبِيلِي، وَأُدْخِلْتُ المَرَّةَ الثَّانِيَةَ عَلَيْهِ, رُفِعَ إِلَيْهِ أَنِّي أَشْتِمُ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَأُدْخِلْتُ، فَقَالَ: تَشتِمُ عَلِيّاً? فَقُلْتُ: صَلَّى اللهُ عَلَى مَوْلاَيَ وَسَيِّدِي عَلِيٍّ, يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَنَا لاَ أَشتِمُ يَزِيْدَ لأَنَّه ابْنُ عَمِّكَ، فَكَيْفَ أَشْتِمُ مَوْلاَيَ وَسَيِّدِي?! قَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ. وَذَهَبتُ مَرَّةً إِلَى أَرْضِ الرُّوْمِ إِلَى البَذَنْدُوْنَ فِي المِحْنَةِ، فَدُفِعْتُ إِلَى أَشْنَاسَ. قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ خُلِّيَ سَبِيلِي.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَّةٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ أَيْضاً: صَالِحٌ.
وَقَالَ السَّرَّاجُ: كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ بِبَغْدَادَ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّحْوِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظِ: أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى, أَخْبَرَتْنَا بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ, عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ أَنَساً يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَسْأَلُوْنَ حَتَّى يَقُوْلُوا: هَذَا اللهُ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ"، وَذَكَرَ كَلِمَةً1.
أَخْرَجَهُ البخاري، عن البزار، فوافقناه.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخرِ, سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائتين, من أبناء الثمانين.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "7296"، ومسلم "136"، وأبو داود "4721".(9/538)
2023- محمد بن أسلم 1:
ابن سالم بن يزيد، الإِمَامُ الحَافِظُ الرَّبَّانِيُّ شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو الحَسَنِ الكِنْدِيُّ مَوْلاَهُمُ, الخُرَاسَانِيُّ, الطُّوْسِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ، وَيَعْلَى بنَ عُبَيْدٍ، وَأَخَاهُ؛ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عَوْنٍ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئَ، وَحُسَيْنَ بنَ الوَلِيْدِ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَقَبِيْصَةَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَعَبْدَ الحَكَمِ بنَ مَيْسَرَةَ -صَاحِبَ ابْنِ جُرَيْجٍ- وَالنَّضْرَ بنَ شُمِيْلٍ، وَمَحَاضِرَ بنَ المُوَرِّعِ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي بُكَيْرٍ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ. وَصَنَّفَ "المُسْنَدَ"، وَ"الأَرْبَعِيْنَ"، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيُّ، وَإِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَكِيْعٍ الطُّوْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ الطُّوْسِيُّ، وَزَنْجُوْيَةَ بنُ مُحَمَّدٍ اللَّبَّادُ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ نَصْرٍ الطُّوْسِيُّ، وَخَلْقٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِلاَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوهاب الفراء.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ مِنَ الأَبدَالِ المُتَتَبِّعِينَ لِلآثَارِ.
قَالَ فِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، فَمَا شَبَّهْتُهُ إِلاَّ بِأَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ بَالُوَيْه, سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ: كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي: فِي هَديِهِ وَسَمتِهِ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ فِي ذَلِكَ، وَيُشَبَّهُ بِعَلْقَمَةَ إِبْرَاهِيْمُ، وَبإِبْرَاهِيْمَ مَنْصُوْرٌ، وَبِمَنْصُوْرٍ سُفْيَانُ، وَبسُفْيَانَ وَكِيْعٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَامَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ مَقَامَ وَكِيْعٍ، وَأَفْضَلَ مِنْ مَقَامِهِ لِزُهدِهِ وَوَرَعِهِ وَتَتَبُّعِهِ لِلأَثَرِ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا اللَّبَّانُ، أَخْبَرَنَا الحَدَّادُ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا أَبِي, قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الطُّوْسِيِّ خَادِمِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه يَقُوْلُ فِي حَدِيْثٍ: "إِنَّ اللهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ضَلاَلَةٍ، فَإِذَا رَأًيْتُمُ الاخْتِلاَفَ، فَعَلَيْكُم
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1129"، وحلية الأولياء "9/ ترجمة 447"، وتذكرة الحفاظ "2/ ترجمة 550"، والعبر "1/ 437"، والوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "2/ 204"، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 308"، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "2/ 100".(9/539)
بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ"1. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ مَنِ السَّوَادُ الأَعْظَمُ? قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ، وَأَصْحَابُهُ، وَمَنْ تَبِعَهُ. ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: لَمْ أَسْمَعْ عَالِماً مُنْذُ خَمْسِيْنَ سنَةً كَانَ أَشَدَّ تَمَسُّكاً بِأَثَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ: وَسَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْبَ المَرْوَزِيَّ بِبَغْدَادَ، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ صَحِبْتَ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ أَيُّهُمَا كَانَ أَرْجَحَ وَأَكبَرَ وَأَبْصَرَ بِالدِّيْنِ? فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ لِمَ تَقُوْلُ هَذَا? إِذَا ذَكَرْتُ مُحَمَّداً فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ، فَلاَ تَقْرُنْ مَعَهُ أَحَداً: البَصْرُ بِالدِّيْنِ، وَاتِّبَاعُ الأَثَرِ، وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَفَصَاحَتُهُ بِالقُرْآنِ وَالنَّحْوِ. ثُمَّ قَالَ لِي: نَظَرَ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ "الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ" لاِبْنِ أَسْلَمَ، فَتَعَجَّبَ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ: رَأَتْ عَينَاكَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ? قُلْتُ: لاَ.
وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ قَاسمٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى، عَنْ سِتِّ مَسَائِلَ، فَأَفْتَى فِيْهَا، وَقَدْ كُنْتُ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ، فَأَفْتَى فِيْهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَاحْتَجَّ فِيْهَا بِحَدِيْثِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ- فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ، وَلَيْسَ ذَاكَ عِنْدَنَا. وَسَمِعْتُ ابْنَ رَاهْوَيْه ذَاتَ يَوْمٍ رَوَى فِي تَرْجِيْعِ الأَذَانِ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً, ثُمَّ رَوَى حَدِيْثَ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, ثُمَّ قَالَ: يَا قَوْمُ قَدْ حَدَّثْتُكُم بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ فِي التَّرْجِيْعِ، وَلَيْسَ فِي غَيْرِ التَّرْجِيْعِ إِلاَّ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ؛ حَدِيْثُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ، وَقَدْ أَمَرَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ النَّاسَ بِالتَّرْجِيْعِ، فَقُلْتُم: هذا مبتدع, عامة أهل بلده بالكوفة غَوْغَاءُ. ثُمَّ قَالَ: احْذَرُوا الغَوْغَاءَ، فَإِنَّهُمْ قَتَلَةُ الأَنْبِيَاءِ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ حَدَّثْتَ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ بِالتَّرْجِيْعِ، فَمَا لَكَ لاَ تَأْمُرُ مُؤَذِّنَكَ بِالتَّرْجِيْعِ؟ قَالَ: يا مغفل،
__________
1 ضعيف جدا: أخرجه ابن ماجه "3950" حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا معان بن رفاعة السلامي، حدثني أبو خلف الأعمى قال: سمعت ابن مالك يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يقول: فذكره.
قلت: إسناده واه بمرة، آفته أبو خلف الأعمى، واسمه حازم بن عطاء، كذبه يحيى بن معين. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. لكن الفقرة الأولى من الحديث صحيحة لها شاهد ترتقي بها إلى مرتبة الصحة, فله شاهد عن ابن عمر عند ابن أبي عاصم في السنة "80"، والحاكم "1/ 115-116" من طريق المعتمر بن سليمان عن سليمان بن سفيان، هو أبو سفيان المدني مولى طلحة بن عبيد الله، ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".
وأخرجه الطبراني في "الكبير" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي محمد بن أبي بكر المقدمي، أخبرنا معتمر بن سليمان، عن مرزوق مولى آل طلحة عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به.
قلت: وإسناد صحيح، رجاله ثقات، ومرزوق اسم أبيه مرداسة كما في "مشكل الآثار" "4/ 114".(9/540)
أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قُلْتُ فِي الغَوْغَاءِ, إِنَّمَا أَخَافُ الغَوْغَاءَ. فَأَمَّا أَمْرُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، فَإِنَّهُ سَمَاوِيٌّ كُلَّمَا أَخَذَ فِي شَيْءٍ, تَمَّ لَهُ، وَنَحْنُ عَبِيْدُ بُطُوْنِنَا لَا يَتِمُّ لَنَا أَمْرٌ نَأْخُذُ فِيْهِ نَحْنُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ مِثْلَ السُّرَّاقِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ: اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَالِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، فَإِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَركَانِ الإِسْلاَمِ.
وكُنْتُ يَوْماً عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ بَعْدَ مَوتِ ابْنِ أَسْلَمَ بِيَوْمٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَقَالَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ أَبِي النَّضْرِ، وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ: يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَجتَمِعَ، فَنُعَزِّيَ بَعْضَنَا بَعْضاً بِمَوتِ رَجُلٍ لَمْ نَعْرِفْ مِنْ عَهدِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِثْلَهُ.
وَقِيْلَ لأَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ أَلْفُ أَلفٍ مِنَ النَّاسِ، وَقَالَ بَعْضُهُم: أَلْفُ أَلفٍ، وَمائَةُ أَلْفٍ يَقُوْلُ صَالِحُهُمْ وَطَالِحُهُمْ: لَمْ نَعْرِفْ لِهَذَا الرَّجُلِ نَظِيْراً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ: وَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِنَيْسَابُوْرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَعَالَ أُبَشِّرْكَ بِمَا صَنَعَ اللهُ بِأَخِيكَ مِنَ الخَيْرِ قَدْ نَزَلَ بِيَ المَوْتُ، وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيَّ أَنَّهُ مَا لِي دِرْهَمٌ يُحَاسِبُنِي اللهُ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: أَغْلِقِ البَابَ، وَلاَ تَأْذنْ لأَحَدٍ حَتَّى أَمُوتَ، وَتَدفِنُونَ كُتُبِي، وَاعْلَمْ أَنِّي أَخرُجُ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَيْسَ أَدَعُ مِيْرَاثاً غَيْرَ كِسَائِي وَلِبْدِي وَإِنَائِي الَّذِي أَتَوَضَّأُ فِيْهِ وَكُتُبِي هَذِهِ، فَلاَ تُكَلِّفُوا النَّاسَ مُؤْنَةً. وَكَانَ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيْهَا نَحْوُ ثَلاَثِيْنَ دِرْهَماً، فَقَالَ: هَذَا لاِبْنِي أَهدَاهُ قَرِيْبٌ لَهُ، وَلاَ أَعْلَمُ شَيْئاً أَحَلَّ لِي مِنْهُ لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيْكَ" 1. وقال: "أَطْيَبُ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ ولده من كسبه" 2.
__________
1 صحيح: ورد عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- فقد ورد عن عبد الله بن عمرو: عند أحمد "2/ 179 و204 و214"، وأبي داود "2291"، وابن ماجة "2292"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 158"، وابن الجارود "995" وإسناده حسن.
وورد عن جابر: عند ابن ماجه "2291"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 158"، وفي "مشكل الآثار" "2/ 230". وإسناده صحيح على شرط البخاري.
وورد عن ابن مسعود: عند الطبراني في "الكبير" "10019"، وسنده حسن في الشواهد.
وورد عن عبد الله بن عمر: عند البزار "1259".
وورد من حديث سمرة: عند البزار "1260"، والطبراني في "الأوسط"، وأبي يعلى.
وورد من حديث عمر: عند البزار "1261"، وإسناده ضعيف للانقطاع بين سعيد بن المسيب، وعمر.
2 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 31 و41 و127 و193 و201"، والبخاري في "التاريخ الكبير" "1/ 407"، وأبو داود "3528"، والنسائي "7/ 240-241 و241"، والدارمي "2/ 247"، والبيهقي "7/ 479-480" من طريق إبراهيم عن عمارة بن عمير، عن عائشة، به مرفوعا.
وأخرجه أحمد "6/ 42 و220"، والنسائي "7/ 241"، والبغوي "2398" من طرق عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ به مرفوعا.(9/541)
فَكَفِّنُونِي مِنْهَا، فَإِنْ أَصَبتُمْ لِي بِعَشْرَةٍ مَا يَسْتُرُ عَورَتِي، فَلاَ تَشتَرُوا بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَابْسُطُوا عَلَى جِنَازَتِي لِبْدِي، وَغَطُّوا عَلَيْهَا كِسَائِي، وَأَعْطُوا إِنَائِي مِسْكِيْناً, يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ كَتَبُوا رَأْيَ فُلاَنٍ، وَكَتَبْتُ أَنَا الأَثَرَ، فَأَنَا عِنْدَهُم عَلَى غَيْرِ الطَّرِيْقِ، وَهُم عِنْدِي عَلَى غَيْرِ الطَّرِيْقِ, أَصْلُ الفَرَائِضِ فِي حَرْفَيْنِ: مَا قَالَ اللهُ وَرَسُوْلُهُ: افْعَلْ, فَهُوَ فَرِيْضَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ، وَمَا قَالَ اللهُ وَرَسُوْلُهُ: لاَ تَفْعَلْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْتَهَى عَنْهُ، وَتَرْكُهُ فَرِيْضَةٌ. وَهَذَا فِي القُرْآنِ، وَفِي فَرِيْضَةِ النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم يقرءونه، وَلَكِنْ لاَ يَتَفَكَّرُونَ فِيْهِ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِم حُبُّ الدُّنْيَا.
صَحِبتُ مُحَمَّدَ بنَ أَسْلَمَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً لَمْ أَرَهُ يُصَلِّي حَيْثُ أَرَاهُ رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّطَوُّعِ إِلاَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَسَمِعتُهُ كَذَا وَكَذَا مَرَّةً يَحْلِفُ: لَوْ قَدِرتُ أَنْ أَتَطَوَّعَ حَيْثُ لاَ يَرَانِي مَلَكَايَ لَفَعَلْتُ خوفًا من الرياء، وكان يَدخُلُ بَيتاً لَهُ، وَيُغْلِقُ بَابَهُ، وَلَمْ أَدرِ مَا يَصْنَعُ حَتَّى سَمِعْتُ ابْناً لَهُ صَغِيْراً يَحكِي بُكَاءهُ، فَنَهَتْهُ أُمُّهُ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا? قَالَتْ: إِنَّ أَبَا الحَسَنِ يَدخُلُ هَذَا البَيْتَ، فَيَقْرأُ وَيَبْكِي، فَيَسْمَعُهُ الصَّبِيُّ، فَيَحْكِيهِ. وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخرُجَ غَسَلَ وَجْهَهُ، وَاكتَحَلَ، فَلاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ البُكَاءِ، وَكَانَ يَصِلُ قَوْماً، وَيَكسُوهُمْ، وَيَقُوْلُ لِلرَّسُوْلِ: انظُرْ أَنْ لاَ يَعلَمُوا مَنْ بَعَثَهُ، وَلاَ أَعلَمُ مُنْذُ صَحِبْتُهُ، وَصَلَ أَحَداً بِأَقَلَّ مِنْ مائَةِ دِرْهَمٍ إِلاَّ أَنْ لاَ يُمْكِنَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ يَقُوْلُ لِي: اشتَرِ لِي شَعِيراً أَسوَدَ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الكَنِيفِ، وَلاَ تَشتَرِ لِي إِلاَّ مَا يَكفِينِي يَوْماً بِيَوْمٍ، وَاشْتَرَيتُ لَهُ مَرَّةً شَعِيراً أَبْيَضَ، وَنَقَّيْتُهُ، وَطَحَنْتُهُ، فَرَآهُ، فَتَغَيَّرَ لَونُهُ، وَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تَنَوَّقْتَ فِيْهِ، فَأَطْعِمْهُ نَفْسَكَ لَعَلَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ أَعْمَالاً تَحتَمِلُ أَنْ تُطْعِمَ نَفْسَكَ النَّقِيَّ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ سِرْتُ فِي الأَرْضِ وَدُرتُ فِيْهَا فَبِاللهِ مَا رَأَيْتُ نَفْساً تُصَلِّي أَشَرَّ عِنْدِي مِنْ نَفْسِي، فَبِمَا أَحتَجُّ عِنْدَ اللهِ إِنْ أَطعَمتُهَا النَّقِيَّ?! خُذْ هَذَا الطَّعَامَ، وَاشتَرِ لِي كُلَّ يَوْمٍ بِقِطعَةٍ شَعِيْراً رَدِيْئاً، وَاشتَرِ لِي رَحَىً، فَجِئْنِي بِهِ حَتَّى أَطحَنَ بَيَدِي، وَآكُلَهُ لَعَلِّي أَبلُغُ مَا كَانَ فِيْهِ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ، فَدَفَعَ إِلَيَّ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: اشتَرِ كَبْشَيْنِ عَظِيْمَينِ، وَغَالِ بِهِمَا، وَاشتَرِ بِعَشْرَةٍ دَقِيْقاً وَاخْبِزْهُ. فَفَعَلتُ, وَنَخَلتُهُ، فَأَعطَانِي عَشْرَةً أُخَرَ، وَقَالَ: اشتَرِ بِهِ دَقِيْقاً، وَلاَ تَنْخُلْهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ العقيقة سنة، ونخل الدَّقِيقِ بِدْعَةٌ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ فِي السُّنَّةِ بِدْعَةٌ.
قَالَ: وَأَمَّا كَلاَمُهُ فِي النَّقضِ علَى المُخَالِفِينَ مِنَ المُرْجِئَةِ وَالجَهْمِيَّةِ، فَشَائِعٌ ذَائِعٌ.(9/542)