حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي ليلى يقول: كان الشعبي يقول: مَا قَالَتِ الصَّعَافِقَةُ1 مَا قَالَ النَّاسُ -يَعْنِي: الحَكَمَ.
وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ: لَقِيْتُ الحَكَمَ بِمِنَىً، فَإِذَا رَجُلٌ حَسَنُ السَّمْتِ مُتقنعا.
وَقَالَ أَبُو هَمَّامٍ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ وَنَحْنُ بِمِنَىً: لَقِيْتَ الحَكَمَ بنَ عُتَيْبَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْهُ. قَالَ: وَبِهَا عَطَاءٌ وَأَصْحَابُهُ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الحَكَمِ، قَالَ لِرَجُلٍ: أَنْتَ مِثْلُ الطِّيْرِ الَّذِي يَرَى الكَوَاكِبَ فِي السَّمَاءِ يَحْسِبُ أَنَّهَا سَمَكٌ.
وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ: مَتَى مَاتَ الحَكَمُ? قَالَ: سنة خمس عشرة ومئة قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: فِيْهَا وُلِدْتُ وَفِيْهَا أَرَّخَهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُ وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عبد اللهِ المَحَامِلِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ- حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنِ الحَكَمِ, عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلاً مِنْ بَنِي مَخْزُوْمٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: لأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي كَيْمَا تُصِيْبَ مِنْهَا. فَقَالَ: حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ، فَانْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه سلم- فَسَأَلَهُ فَقَالَ: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَحِلُّ لَنَا وإن مولى القوم من أنفسهم".
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، غَرِيْبٌ، أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ2، مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِياً. وَابْنُ أَبِي رَافِعٍ: هُوَ عُبَيْدُ اللهِ.(5/513)
699- ابن أبي المهاجر 3: "خ، م، د، س، ق"
إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر الإِمَامُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَبْدِ الحَمَيْدِ الدِّمَشْقِيُّ، مَوْلَى بَنِي مَخْزُوْمٍ، وَمُفَقِّهُ أَوْلاَدِ عَبْدِ المَلِكِ الخَلِيْفَةِ، مِنَ الثِّقَاتِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَنْمٍ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَطَائِفَةٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ رَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مَعْنٍ التَّنُوْخِيِّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَزْهَدَ مِنْهُ، وَمِنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَقَدْ كَانَ وَلاَّهُ عُمَرُ المَغْرِبَ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَتَيْنِ، وَوَلَّوْا بَعْدَهُ يَزِيْدَ بنَ أَبِي مُسْلِمٍ.
قَالَ شَبَابٌ: أَسْلَمَ عَامَّةُ البَرْبَرِ فِي وِلاَيَةِ إِسْمَاعِيْلَ، وَكَانَ حَسَنَ السِّيْرَةِ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَدْرَكَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ غُلاَمٌ. قِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ المَلِكِ قَالَ لَهُ: يَا إِسْمَاعِيْلُ عَلِّمْ وَلَدِي، وَلَسْتُ أُعْطِيْكَ عَلَى القُرْآنِ، إِنَّمَا أُعْطِيْكَ عَلَى النَّحْوِ.
مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، قَبْلَ دُخُوْلِ بَنِي العَبَّاسِ دمشق بالسيف بثلاثة أشهر.
__________
1 الصعافقة: الذين يحضرون السوق وليس معهم مال، والمقصود أنهم ليسوا ذوي علم.
2 صحيح: أخرجه أبو داود "1650"، والترمذي "657"، والنسائي "5/ 107"، وأحمد "6/ 8 و 10".
3 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1158"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 621"، تاريخ الإسلام "5/ 226"، تهذيب التهذيب "1/ 317".(5/514)
700- أبو يعفور 1: "ع"
العبدي الكوفي، مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ. اسْمُهُ: وَاقِدٌ وَقِيْلَ: وَقْدَانُ. وَهُوَ أَبُو يَعْفُوْرٍ الكَبِيْرُ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، وَمُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ.
رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَإِسْرَائِيْلُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَابْنُهُ يُوْنُسُ بنُ أَبِي يَعْفُوْرٍ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ.
وثقه غير واحد، لم أقع بوفاته.
__________
1 ترجمته في ابن سعد "6/ 348"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 800"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 207"، تاريخ الإسلام "5/ 197"، تهذيب التهذيب "11/ 123".(5/514)
701- أبو قََبيل 1: "ت، س"
المعافري المحدث، حي بن هانىء بنِ نَاضِرٍ -بِمُعْجَمَةٍ- يَمَانِيٌّ، قَدِمَ وَاسْتَوْطَنَ مِصْرَ. وَرَوَى عَنْ: عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وشُفي بنِ مَاتِعٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَضِمَامُ بنُ إسماعيل، وبكر بن مضر, وجماعة.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. رَوَى ضِمَامٌ، عَنْهُ، قَالَ: جَاءنَا بِاليَمَنِ مَقْتَلُ عُثْمَانَ, فَفَزِعْنَا.
وَقِيْلَ: اسْمُهُ حُيَيٌّ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ ومائة.
قلت: لعله جاوز المائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 512"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 267"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "5/ 507"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1227"، تاريخ الإسلام "5/ 195"، ميزان الاعتدال "1/ 624"، تهذيب التهذيب "3/ 72"، شذرات الذهب "1/ 175".(5/514)
702- زياد بن عِلاقة 1: "ع"
ابن مالك، أبو مالك الثعلبي الكُوْفِيُّ، مِنَ الثِّقَاتِ المُعَمَّرِيْنَ.
يُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ قُطْبَةَ بنِ مَالِكٍ، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ, وَأُسَامَةَ بنِ شَرِيْكٍ، وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ, وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، وَزَائِدَةُ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَإِسْرَائِيْلُ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَطَائِفَةٌ. وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ: أَدْرَكَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
قِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَسِيْرٍ. قُلْتُ: أَحْسِبُهُ جَاوَزَ المائَةَ، وَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ عَالِياً.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ عِيْسَى المُعَدَّلِ، أَخْبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَارِسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ, حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زياد بن علاقة، سَمِعَ أُسَامَةَ بنَ شَرِيْكٍ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ الأَعْرَابَ يَسْأَلُوْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ عَلَيْنَا مِنْ جُنَاحٍ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: "عباد الله وضع الله الحرج إلا امرأ اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيْهِ شَيْئاً فَذَاكَ الَّذِي حَرِجَ". قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ, مَا خَيْرُ ما أعطي العبد قال: "خلق حسن" 2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 316"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1234"، الكنى للدولابي "2/ 104"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2437"، تاريخ الإسلام "5/ 72"، العبر "1/ 236"، تهذيب التهذيب "3/ 380"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2215"، شذرات الذهب "1/ 166".
2 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3436" من حديث سفيان، عن زياد بن علاقة، به.(5/515)
703- سعيد المَقْبُرِي 1: "ع"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ، أَبُو سَعْدٍ سَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ كَيْسَانَ اللَّيْثِيُّ مَوْلاَهُم, المَدَنِيُّ, المَقْبُرِيُّ، كَانَ يَسْكُنُ بِمَقْبُرَةِ البَقِيْعِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَنْ: عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي شُرَيْحٍ الخُزَاعِيِّ, وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَعِدَّةٍ وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَسَعْدٌ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَحَدِيْثُهُ مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حِرَاشٍ: ثِقَةٌ, جَلِيْلٌ, وَأَثْبَتُ النَّاسِ فِيْهِ اللَّيْثُ. وَقَالَ: ابْنُ سَعْدٍ ثقة، لَكِنَّهُ اخْتُلِطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: مَا أَحْسِبُهُ رَوَى شَيْئاً فِي مُدَّةِ اخْتِلاَطِهِ، وَكَذَلِكَ لاَ يُوْجَدُ لَهُ شَيْءٌ مُنْكَرٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ البَنَّاءِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ زُنْبُوْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ حَمَّادٍ أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ, عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيْرُ الرَّاكِبُ في ظلها مائة سنة" 2.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1585"، الكنى للدولابي "1/ 186"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 251"، تاريخ الإسلام "5/ 80"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 101"، الكاشف "1/ ترجمة 1915" ميزان الاعتدال "2/ 139"، تهذيب التهذيب "4/ 38"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2467" شذرات الذهب "1/ 163".
2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 452"، ومسلم "2826" "6"، وابن جرير "27/ 183"، وأبو نعيم في "صفة الجنة" "401"، من طريق الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، به.=(5/516)
704- مُحارِب بن دِثار 1: "ع"
ابن كردوس بن قرواش السدوسي الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، قَاضِي الكُوْفَةِ، وَلِيَهَا لِخَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيِّ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الخَطْمِيِّ, وَالأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ، وَجَمَاعَةٍ. وَلَيْسَ حديثه بالكثير.
حَدَّثَ عَنْهُ: زُبيد اليَامِيُّ، وَمِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، قَالَ سُفْيَانُ: مَا يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّنِي رَأَيْتُ أَحَداً أُفَضِّلُهُ عَلَى مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مِنَ المُرْجِئَةِ الأُوْلَى الَّذِيْنَ يُرْجِئُوْنَ عَلِيّاً وَعُثْمَانَ إِلَى أَمْرِ اللهِ, وَلاَ يَشْهَدُوْنَ عَلَيْهِمَا بِإِيْمَانٍ وَلاَ بِكُفْرٍ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ مُحَارِباً يَقْضِي فِي المَسْجِدِ. وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: رَأَيْتُ الحَكَمَ وَحَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي مَجْلِسِ حُكم مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِيْنِهِ، وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ.
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: اسْتُعْمِلَ مُحَارِبٌ عَلَى القَضَاءِ، فَبَكَى أَهْلُهُ وَعُزِلَ عَنِ القَضَاءِ فَبَكَى أَهْلُهُ.
وَقَالَ سَعْدُ بنُ الصَّلْتِ: حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ الجَهْمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ, قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ قَضَاءِ مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ, فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ, فَأَنْكَرَ، فَقَالَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فُلاَنٌ فَقَالَ خَصْمُهُ: إِنَّا للهِ, لَئِنْ شَهِدَ عَلَيَّ, لَيَشْهَدَنَّ بِزُوْرٍ، وَلَئِنْ سَأَلْتَنِي عَنْهُ, لأُزَكِّيَنَّهُ. فَلَمَّا جَاءَ الشَّاهِدُ، قَالَ مُحَارِبٌ: حَدَّثَنَا ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الطَّيْرَ لَتَضْرِبُ بِمَنَاقِيْرِهَا، وَتَقْذِفُ مَا فِي حَوَاصِلِهَا مِنْ هَوْلِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَإِنَّ شَاهِدَ الزُّوْرِ لاَ تَقَارُّ قَدَمَاهُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى يُقْذَفَ بِهِ فِي النَّارِ" ثُمَّ قَالَ: بِمَ تَشْهَدُ؟ قَالَ: قَدْ نَسِيْتُ، أَرْجِعُ فأتذكر2.
تُوُفِّيَ مُحَارِبٌ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
رَوَى زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مُحَارِبٍ, قَالَ: رَأَيْتُ عِمْرَانَ بنَ حِطَّانَ، فَمَا سَأَلَ وَاحِدٌ مِنَّا صَاحِبَهُ عَنِ الهَوَى. كَانَ عمران خارجيا, وكان محارب يتشيع.
__________
= وأخرجه أحمد "2/ 418"، والحميدي "1131"، والبخاري "4881"، ومسلم "2826" "7" وأبو نعيم في "صفة الجنة" "403"، والبيهقي في "البعث" "268" من طرق عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
وأخرجه أحمد "2/ 482"، والبخاري "3252"، وأبي جرير "27/ 183"، وأبو نعيم في "صفة الجنة" "403"، من طريق فليح بن سليمان، عَنْ هِلاَلِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عمرة، عن أبي هريرة، به.
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 307"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2040"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1899"، الكاشف "3/ ترجمة 5398"، العبر "1/ 253"، تاريخ الإسلام "4/ 297"، ميزان الاعتدال "3/ 441"، تهذيب التهذيب "10/ 49"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7369"، شذرات الذهب "1/ 152".(5/517)
705- عامر 1: "ع"
ابن عبد الله بن الزبير بن العوام، الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ أَبُو الحَارِثِ الأَسَدِيُّ، المَدَنِيُّ, أَحَدُ العُبَّادِ.
سَمِعَ أَبَاهُ، وَعَمْرَو بنَ سُلَيْمٍ وَعَنْهُ: أَبُو صَخْرَةَ جَامِعٌ, وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَالِكٌ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: أَنَّ عَامِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللهِ سِتَّ مَرَّاتٍ يَعْنِي: يَتَصَدَّقُ كُلَّ مَرَّةٍ بِدِيَتِهِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ أَبُوْهُ لِمَا يَرَى مِنْهُ يَقُوْلُ: قَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، لَمْ يَكُوْنَا هَكَذَا قال مالك: كان عامر يواصل ثلاثا.
قَالَ مُصْعَبٌ: سَمِعَ عَامِرٌ المُؤَذِّنَ وَهُوَ يَجُوْدُ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: خُذُوا بِيَدِي. فَقِيْلَ: إِنَّكَ عَلِيْلٌ! قَالَ أَسْمَعُ دَاعِيَ اللهِ، فَلاَ أُجِيْبُهُ. فَأَخَذُوا بِيَدِهِ، فَدَخَلَ مَعَ الإِمَامِ فِي المَغْرِبِ, فَرَكَعَ رَكْعَةً, ثُمَّ مَاتَ.
القَعْنَبِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: كَانَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ يَقِفُ عِنْدَ مَوْضِعِ الجَنَائِزِ يَدْعُو وَعَلَيْهِ قَطِيْفَةٌ، فَتَسْقُطُ وَمَا يَشْعُرُ.
مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: رُبَّمَا انْصَرَفَ عَامِرٌ مِنَ العَتَمَةِ، فَيَعْرِضُ لَهُ الدُّعَاءُ فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو إِلَى الفَجْرِ.
قُلْتُ: مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ: خُبَيْبٌ, وَمُحَمَّدٌ، وَأَيُّوْبُ, وَهَاشِمٌ, وَحَمْزَةُ, وعباد، وثابت.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2951"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1810"، الكاشف "2/ ترجمة 2560"، تاريخ التهذيب "5/ 91"، تهذيب التهذيب "5/ 74"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3270".(5/518)
706- ثابت بن أسلم 1: "ع"
الإِمَامُ، القُدْوَةُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ البُنَانِيُّ مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ. وَبُنَانَةُ: هُم بَنُو سَعْدِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ. وَيُقَالُ: هُم بَنُو سَعْدِ بنِ ضُبيعة بنِ نِزار.
وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ. وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ -وَذَلِكَ فِي "مُسْلِمٍ"- وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ -وَذَلِكَ فِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ"- وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ -وَذَلِكَ فِي "البُخَارِيِّ" وَأَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيِّ رَبِيْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي "التِّرْمِذِيِّ" وَ "النَّسَائِيِّ" وَأَنَسِ بنِ مالك, ومطرف بن عبد اللهِ، وَأَبِي رَافِعٍ الصَّائِغِ, وَأَبِي بُرْدَةَ الأَشْعَرِيِّ، وَصَفْوَانَ بنِ مُحْرِزٍ، وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَالجَارُوْدِ بنِ أَبِي سَبْرَةَ, وَشُعَيْبِ بنِ مُحَمَّدٍ وَوَلَدِهِ؛ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَبَاحٍ الأَنْصَارِيِّ، وَكِنَانَةَ بنِ نُعَيْمٍ وَأَبِي أَيُّوْبَ المَرَاغِيِّ, وَأَبِي ظَبْيَةَ الكَلاَعِيِّ, وَأَبِي العَالِيَةِ وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ضُبَيْعَةَ الضُّبَعِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبَّاسٍ القُرَشِيِّ, وَوَاقِعِ بنِ سَحْبَانَ, وَمُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, وَبَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيِّ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ وَالعَمَلِ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَقَتَادَةُ, وَابْنُ جُدْعَانَ, وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ, وَحَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَسَيَّارٌ أَبُو الحَكَمِ, وعبد الله بن عبيد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 232"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2052"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى "2/ 98"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1805"، حلية الأولياء "3/ 180"، تاريخ الإسلام "5/ 50"، تذكرة الحفاظ "1/ 125"، العبر "1/ 260 و 271"، تهذيب التهذيب "2/ 2"، شذرات الذهب "1/ 161"، النجوم الزاهرة "1/ 290".(5/519)
ابن عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُثَنَّى، وَأَشْعَثُ بنُ بَرَازٍ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَابْنُ شَوْذَبٍ، وَمَعْمَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَسَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَحَاتِمُ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَالحَكَمُ بنُ عَطِيَّةَ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بنُ يَحْيَى الأَبَحُّ، وَبَكْرُ بنُ خُنَيْسٍ، وَبَكْرُ بنُ الحَكَمِ أَبُو البِشْرِ المُزَلَّقُ، وَبَحْرُ بنُ كَنِيْزٍ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَدَيْلَمُ بنُ غَزْوَانَ، وَسَعِيْدُ بنُ زَرْبَى، وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي حَزْمٍ، وَأَبُو المُنْذِرِ سَلاَمُ بنُ سُلَيْمَانَ القَارِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ بنُ نَبَرَاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ البَاهِلِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ، وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، وَمَرْحُوْمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ العَطَّارُ، وَهَارُوْنُ بنُ مُوْسَى النَّحْوِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ الوَضَّاحُ، وَعُمَارَةُ بنُ زَاذَانَ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ، وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ ثَابِتٍ، وَقَتَادَةَ, فَقَالَ: ثَابِتٌ تَثَبَّتَ فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ يَقُصُّ، وَقَتَادَةُ كَانَ يَقُصُّ، وَكَانَ أَذْكَرَ، وَكَانَ مُحدثا مِنَ الثِّقَاتِ المَأْمُوْنِيْنَ, صَحِيْحَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, رَجُلٌ صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: أَثْبَتُ أَصْحَابِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ الزُّهْرِيُّ, ثُمَّ ثَابِتٌ, ثُمَّ قَتَادَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِنْ تَابِعِي أَهْلِ البَصْرَةِ، وَزُهَّادِهِم، وَمُحَدِّثِيْهِم. كَتَبَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ، وَأَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَأَحَادِيْثُهُ مُسْتقِيْمَةٌ إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ، وَمَا وَقَعَ فِي حَدِيْثِهِ مِنَ النَّكِرَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الرَّاوِي عَنْهُ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مَجْهُوْلُوْنَ ضُعَفَاءُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ حَدَّثَنِي عبد الرحمن -أبو بَهْزٌ- عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ, قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ القُصَّاصَ لاَ يَحْفَظُوْنَ الحَدِيْثَ, فَكُنْتُ أَقْلِبُ الأَحَادِيْثَ عَلَى ثَابِتٍ أَجْعَلُ أَنَساً لابْنِ أَبِي لَيْلَى وَبِالعَكْسِ, أُشَوِّشُهَا عَلَيْهِ فَيَجِيْءُ بِهَا عَلَى الاسْتِوَاءِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: إِنَّ لِلْخَيْرِ أَهْلاً, وَإِنَّ ثَابِتاً هَذَا مِنْ مَفَاتِيْحِ الخَيْرِ.
عَفَّانُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ ثَابِتٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَداً الصَّلاَةَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِي الصَّلاَةَ فِي قَبْرِي. فَيُقَالُ إِنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ اسْتُجِيْبَتْ لَهُ وَإِنَّهُ رُئِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ فِيْمَا قِيْلَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ, عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ ثَابِتٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ فِي شَأْنِ الحُدَيْبِيَةِ، وَصَحِبْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً مَا رَأَيْتُ أَعَبْدَ مِنْهُ!.(5/520)
وَقِيْلَ: بُنَانَةُ هِيَ وَالِدَةُ سَعْدِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي وَفَاةِ ثَابِتٍ: فَعَنْ جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ، مِمَّا رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ الأَوْسَطِ"، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَحْبُوْبٍ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ، عَنْهُ، قَالَ: مَاتَ ثَابِتٌ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ عَنِ الثَّلاَثَةِ: مَاتُوا فِي سَنَةِ وَاحِدَةٍ، قَبْلَ الطَّاعُوْنِ, أُرَاهُ بِسَنَتَيْنِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُلَيَّةَ، قَالَ: مَاتَ ثَابِتٌ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَمَاتَ ابْنُ جُدْعَانَ بَعْدَهُ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ ثَابِتٍ، قَالَ: مَاتَ ثَابِتٌ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ الجَرَّاحِ, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاَءً, حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بنُ أَبِي حَزْمٍ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة} [المدثر: 56] قَالَ: "يَقُوْلُ رَبُّكُم -عَزَّ وَجَلَّ: "أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى فَلاَ يُشْرَكَ بِي غَيْرِي، وَأَنَا أَهْلٌ لِمَنِ اتَّقَى أَنْ يُشْرِكَ بِي أَنْ أَغْفِرَ لَهُ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، غَرِيْبٌ أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَة ثَلاَثَتُهُم مِنْ طَرِيْقِ زَيْدِ بنِ الحُبَابِ، عَنْ سُهَيْلٍ القُطَعِيِّ فَوَقَعَ لَنَا بِعُلُوِّ دَرَجَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أبو نعيم،
__________
1 ضعيف: أخرجه الترمذي "3325" وابن ماجه "4299"، من طريق زيد بن الحباب بن سهيل بن أبي حزم القطعي، به.
وأخرجه النسائي من طريق المعافي بن عمران عن سهيل القطعي، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته سهيل بن أبي حزم مهران أبو عبد الله القطعي، ضعيف، كما قال الحافظ في "التقريب"، وقد ذكر الحافظ الذهبي سهيل القطيعي هذا في "الميزان" ونقل كلام علماء الجرح والتعديل على تضعيفه، وذهل عنه هنا فحكم عليه بالحسن تساهلًا منه، وتساهله في موافقته للحاكم في تلخيص المستدرك حتى عُرف بهذا التساهل بين علماء الحديث قاطبة يعرف ذلك أصاغر طلاب الحديث بله العلماء الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الحديث الشريف.(5/521)
حَدَّثَنَا ابْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أحمد القواريري، حدثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ يَوْماً: إِنَّ لِلْخَيْرِ مَفَاتِيْحَ، وَإِنَّ ثَابِتاً مِنْ مَفَاتِيْحِ الخَيْرِ.
وَقَالَ غَالِبٌ القَطَّانُ، عَنْ بَكْرٍ المُزَنِيِّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، فَمَا أَدْرَكْنَا الَّذِي هُوَ أَعَبْدُ مِنْهُ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَحْفَظِ أَهْلِ زَمَانِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى قَتَادَةَ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي رَزِيْنٍ, أَنَّ ثَابِتاً قَالَ: كَابَدْتُ الصَّلاَةَ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَتَنَعَّمْتُ بِهَا عِشْرِيْنَ سَنَةً.
رَوْحٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: كَانَ ثَابِتٌ البُناني يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَيَصُوْمُ الدَّهْرَ1.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ ثَابِتاً يَبْكِي حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: بَكَى ثَابِتٌ حَتَّى كَادَتْ عَيْنُهُ تَذْهَبُ، فَنَهَاهُ الكحال عن البكاء، فقال: فما خيرهم إذا لم يبكيا. وأبى أن يعالج2.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: قَرَأَ ثَابِتٌ: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} [الكَهْفُ: 37] ، وَهُوَ يُصَلِّي صَلاَةَ اللَّيْلِ يَنْتَحِبُ وَيُرَدِّدُهَا.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: رَأَيْتُ ثَابِتاً يَلْبَسُ الثِّيَابَ الثَّمِيْنَةَ، وَالطَّيَالِسَ, وَالعَمَائِمَ.
وَقَالَ مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: دَخَلْتُ عَلَى ثَابِتٍ، فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ، لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أُصَلِّيَ البَارِحَةَ كَمَا كُنْتُ أُصَلِّي، وَلَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَصُوْمَ، وَلاَ أَنْزِلَ إِلَى أَصْحَابِي فَأَذْكُرَ مَعَهُم اللَّهُمَّ إِذْ حَبَسْتَنِي عَنْ ذَلِكَ فَلاَ تَدَعْنِي في الدنيا ساعة3.
__________
1 نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صوم الأبد فقال في الحديث الصحيح: "لا صام من صام الابد" أخرجه البخاري"1977"، ومسلم "1159" "186"، من طريق ابن جريج قال: سمعت عطاء يزعم أن العباس أخبره أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: فذكره في حديث طويل.
2 هذا يخالف ما أَمرَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح عن أسامة بن شريك مرفوعا: "تداووا فإن الله -عز وجل- لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم".
أخرجه أحمد "4/ 278"، والطيالسي "1232"، والبخاري في "الأدب المفرد" "291"، وأبو داود "3855"، والترمذي "2038"، والطبراني في "الصغير" "559"، وفي "الكبير" "463 467"، و "471 و 474" و "477- 480"، والحاكم "4/ 399- 400"، والبيهقي "9/ 343"، والبغوي "3226"، من طرق عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير، فسلمتُ ثم قعدت، فجاء الاعراب من ههنا وههنا، فقالوا: يا رسول الله انتداوى؟ فقال: "تداووا فإن الله -عز وجل- لم يضع داء" الحديث، وإسناده صحيح.
3 نَهَى رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ تمني الموت لوقوع الضر بالإنسان فروى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي" أخرجه أحمد "3/ 101 و 281"، والطيالسي "1/ 152"، والبخاري "6351"، ومسلم "2680" "10"، وأبو داود "3108"، والترمذي "2971"، والنسائي "4/ 3"، وفي "عمل اليوم والليلة" "1057"، وابن ماجه "4265" من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، به.(5/522)
707- محمد بن عمرو 1: "ع
ابن عطاء الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، المَدَنِيُّ، أَحَدُ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي عَشْرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فِي وَصْفِ صَلاَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي قَتَادَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيْدِ بن المسيب، وجماعة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ، وَعَمْرُو بنُ يَحْيَى المَازِنِيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَتْ لَهُ هَيْئَةٌ وَمُرُوْءةٌ، كَانُوا يَتَحَدَّثُوْنَ أَنَّهُ تُفْضِي إِلَيْهِ الخِلاَفَةُ؛ لِهَيْئَتِهِ، وَعَقْلِهِ، وَكَمَالِهِ، لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَغَيْرَهَ وَكَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيْثُ. تُوُفِّيَ: فِي آخِرِ خِلاَفَةِ هِشَامِ بن عبد الملك.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 577"، والمعرفة والتاريخ "2/ 477"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 131"، الكاشف "3/ ترجمة 5168"، تاريخ الإسلام "4/ 300"، تهذيب التهذيب "9/ 373"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6551"، شذرات الذهب "1/ 144".(5/523)
708- وهب بن كيسان 1: "ع"
الفَقِيْهُ، أَبُو نُعَيْمٍ الأَسَدِيُّ، المَدَنِيُّ، المُؤَدِّبُ، مِنْ مَوَالِي آلِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ.
رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ. وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ.
رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمَالِكٌ، وَآخَرُوْنَ، وَثَّقُوْهُ.
مَاتَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ ومئة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8 ترجمة 2563"، المعرفة والتاريخ "3/ 300"، الكنى للدولابي "1/ 138"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 104"، الكاشف "3/ ترجمة 6223"، تاريخ الإسلام "5/ 179"، تهذيب التهذيب "11/ 166"، شذرات الذهب "1/ 173".(5/523)
709- نُعَيم بن عبد الله 1: "ع"
المجمر المدني الفَقِيْهُ، مَوْلَى آلِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، كَانَ يُبَخِّر مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
جَالَسَ أَبَا هُرَيْرَةَ مُدَّةً. وَسَمِعَ أَيْضاً مِنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَكَانَ مِنْ بَقَايَا العُلَمَاءِ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِلاَلٍ، وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ، وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَهِشَامُ بنُ سَعْدٍ، وَمُسْلِمُ بنُ خَالِدٍ، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مَالِكٍ: سَمِعَ نُعَيْماً المُجْمِرَ يَقُوْلُ: جَالَسْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: عَاشَ إِلَى قَرِيْبِ سَنَةِ عشرين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 309"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2310"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 317 و 566" و "2/ 477"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2106"، الكاشف "3/ ترجمة 5965" تاريخ الإسلام "5/ 12"، تهذيب التهذيب "10/ 465"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7544".(5/524)
710- يزيد بن صهيب 1: "خ، م، د، س، ق"
الفقير أبو عثمان الكوفي، ثِقَةٌ، مُقِلٌّ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.
وَعَنْهُ: الحَكَمُ, وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، وَمِسْعَرٌ، وَعِدَّةٌ. وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ أَبُو حاتم: صدوق.
قلت: لقب بالفقير؛ لأنه اشتكا فَقَارَ ظَهْرِهِ, وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِ أَبِي حنيفة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 305"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3251"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 209 و 659"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1144"، الكاشف "3/ ترجمة 6433"، تاريخ الإسلام "4/ 212"، تهذيب التهذيب "11/ 338".(5/524)
711- عبد العزيز بن رُفَيع 1: "ع"
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، الطَّائِفِيُّ, ثُمَّ الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَالقَاضِي شُريح، وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ، وَعُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَشَرِيْكٌ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَحَدِيْثُهُ: نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ حَدِيْثاً.
رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ وَرِفَاقِهِ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَلَّمَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَّا وَطَلَبَتِ الطَّلاَقَ؛ لِكَثْرَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا، وَقَدْ أَسَنَّ وَمَاتَ وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ أَوِ التِّسْعِيْنَ. تُوُفِيَّ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ: رَأَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ البَطِّيِّ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلْحَةَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ" قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ؟: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ" ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ2 عَالٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 323"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1523"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1782"، الكاشف "2/ ترجمة 3434"، تاريخ الإسلام "5/ 102"، تهذيب التهذيب "6/ 337"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4347".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1237"، ومسلم "94"، من طريق وَاصل الأَحْدَب، عَنِ المَعْرُور بن سُويد، عَنْ أبي ذر، به.(5/525)
712- عَبْدَةُ بن أبي لُبابة 1: "خ، م، ت، س، ق"
أبو القاسم الأسدي ثُمَّ الغَاضِرِيُّ مَوْلاَهُم، الكُوْفِيُّ، التَّاجِرُ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ، نَزَلَ دِمَشْقَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَعَلْقَمَةَ، وَسُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، وزِر، وَأَبِي وَائِلٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَآخَرُوْنَ، وَكَانَ شَرِيْكاً لِلْحَسَنِ بنِ الحُرِّ، فَقَدِمَا مَكَّةَ بِتِجَارَةٍ فَتَصَدَّقَا بِرَأْسِ المَالِ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً قَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: لقي عبدة بن عُمَرَ بِالشَّامِ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا مِنَ العِرَاقِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدَةَ وَابْنِ الحُرِّ.
وَرَوَى ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَبْدَةَ، قَالَ: كُنْتُ فِي سَبْعِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ.
وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدَةَ، قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ لَجُوْجاً، مُمَارِياً، مُعْجَباً، بِرَأْيِهِ, فَقَدْ تَمَّتْ خَسَارَتُهُ.
قَالَ حُسَيْنٌ الجُعَفي: قَدِمَ ابْنُ الحُرِّ وَعَبْدَةُ فِي تِجَارَةِ مَكَّةَ وَبِهَا فَاقَةٌ، فَتَصَدَّقَا بِعَشْرَةِ آلاَفٍ، فَفَضَلَ خَلْقٌ مِنَ المَسَاكِيْنِ، فَمَا تَخَلَّصُوا مِنْهُم إلَّا بِإِنْفَاقِ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً، وَخَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ لَيْلاً.
يُرْوَى عَنْ عَبْدَةَ، قَالَ: ذُقْتُ مَاءَ البَحْرِ لَيْلَةَ سبعة وعشرين، فوجدته عذبا.
وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عَنْهُ، قَالَ: أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَى الرِّيَاءِ آمَنُهُم مِنْهُ. وَقَالَ رَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَةَ يَقُوْلُ: لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّيَ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ أَنَّهُم لاَ يَسْأَلُوْنِي عَنْ شَيْءٍ، وَلاَ أَسْأَلُهُم، إِنَّهُم يَتَكَاثَرُوْنَ بِالمَسَائِلِ كَمَا يَتَكَاثَرُ أَهْلُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ مَاتَ: فِي حُدُوْدِ سنة سبع وعشرين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 328"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1877"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 587" و "2/ 407 و 794" و "3/ 101"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 455"، الكاشف "2/ ترجمة 3575"، تاريخ الإسلام "5/ 106"، تهذيب التهذيب "6/ 461"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4523".(5/526)
713- يونس بن ميسرة 1: "د، ت، ق"
ابن حلبس أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَلْبَسٍ الجُبلاني، الأَعْمَى، عَالِمُ دِمَشْقَ، وَأَخُو أَيُّوْبَ، وَيَزِيْدَ. طَالَ عُمُرُهُ وَحَدَّثَ عَنْ: مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَوَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ، والصنُّابحي، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ، وَمَرْوَانُ بنُ جَنَاحٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: بلغ مائة وعشرين سنة، وكان يقرىء القُرْآنَ فِي الجَامِعِ، وَلَهُ كَلاَمٌ نَافِعٌ فِي الزُّهْدِ وَالمَعْرِفَةِ.
وَثَّقَهُ العِجْلِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَهُوَ القَائِلُ: إِذَا تَكَلَّفْتَ مَا لاَ يَعْنِيْكَ، لَقِيْتَ مَا يُعنِّيك.
قَالَ عَمْرُو بنُ وَاقِدٍ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى المِنْبَرِ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عِمْرَانَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ ابْنِ حَلْبَسٍ، وَكَانَ يَدْعُو عِنْدَ المَغِيْبِ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الشَّهَادَةَ فِي سَبِيْلِكَ. فَأَقُوْلُ: مَنْ أَيْنَ يُرْزَقُهَا وَهُوَ أَعْمَى؟! فَلَمَّا دَخَلَتِ المُسَوِّدَةُ دِمَشْقَ، قُتِلَ، فَبَلَغَنِي أَنَّ اللَّذَيْنِ قَتَلاَهُ بَكَيَا لَمَّا أُخْبِرَا بِصَلاَحِهِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 466"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3487"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 118 و 129 و 235" و "2/ 300 و 523" و "3/ 357"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1036"، حلية الأولياء "5/ 250"، الكاشف "3/ ترجمة 6595"، تاريخ الإسلام "5/ 320"، تهذيب التهذيب "11/ 448".(5/527)
714- حماد بن أبي سليمان 1: "4، قَرَنَهُ م"
العَلاَّمَةُ، الإِمَامُ، فَقِيْهُ العِرَاقِ، أَبُو إِسْمَاعِيْلَ بنُ مُسْلِمٍ الكُوْفِيُّ، مَوْلَى الأَشْعَرِيِّيْنَ، أَصْلُهُ مِنْ أَصْبَهَانَ.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَتَفَقَّهَ: بِإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ أَنْبَلُ أَصْحَابِهِ وَأَفْقَهُهُم، وَأَقْيَسُهُم، وَأَبْصَرُهُم بِالمُنَاظَرَةِ، وَالرَّأْيِ، وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: أَبِي وَائِلٍ، وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ مِنَ الرِّوَايَةِ؛ لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، فَهُوَ في عداد صغار التابعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 332"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 75"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 642"، أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 288"، تاريخ الإسلام "5/ 243"، ميزان الاعتدال "1/ 595"، تهذيب التهذيب "3/ 16"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1603"، شذرات الذهب "1/ 156".(5/527)
رَوَى عَنْهُ: تِلْمِيْذُهُ؛ الإِمَامُ أَبُو حَنِيْفَةَ، وَابْنُهُ؛ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادٍ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَالأَعْمَشُ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَمُغِيْرَةُ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ الجُعْفِيُّ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَمِسْعَرُ بنُ كِدَامٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، وَخَلْقٌ.
وَكَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ الأَذْكِيَاءِ، وَالكِرَامِ الأَسْخِيَاءِ، لَهُ ثَرْوَةٌ، وَحِشْمَةٌ، وَتَجَمُّلٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: كَانَ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَالِدُ حَمَّادٍ مَوْلَى أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ الحُميدي: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: رَأَيْتُ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ جاء إلى أَبِي طَلْحَةَ الكَحَّالِ يَسْتَنْعِتُهُ مِنْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ, فَرَأَيْتُهُ أَشْهَبَ اللِّحْيَةِ.
وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ إِيَاسٍ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: لإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ: مَنْ نَسْأَلُ بَعْدَكَ? قَالَ: حَمَّادٌ. قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: فَمَا سَمِعْتُ الشَّيْبَانِيَّ ذَكَرَ حَمَّاداً إلَّا أَثْنَى عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: رَأَيْتُ حَمَّاداً وَقَدْ دَخَلَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ وَمَعَهُ أَطْرَافٌ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ إِبْرَاهِيْمَ عَنْهَا. فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيْمُ: مَا هَذَا? أَلَمْ أَنْهَ عَنْ هَذَا? فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ أَطْرَافٌ.
رَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: لاَ بَأْسَ بِكِتَابَةِ الأَطْرَافِ. وَرَوَى: شَرِيْكٌ، عَنْ جَامِعٍ أَبِي صَخْرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ حَمَّاداً يَكْتُبُ عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ، وَيَقُوْلُ: إِنَّا لاَ نُرِيْدُ بِذَلِكَ دُنْيَا، وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ أَنْبِجَانِيٌّ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مَعْمَرٌ يَقُوْلُ: لَمْ أَرَ مِنْ هَؤُلاَءِ أَفْقَهَ مِنَ: الزُّهْرِيِّ، وَحَمَّادٍ، وَقَتَادَةَ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَكَانَ حَمَّادٌ أَبْصَرَ بِإِبْرَاهِيْمَ مِنَ الحَكَمِ.
ابْنُ إِدْرِيْسَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنِ ابْنِ شُبرمة، قَالَ: مَا أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ بِعِلْمٍ مِنْ حَمَّادٍ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: أَتَيْنَا إِبْرَاهِيْمَ نَعُوْدُهُ حِيْنَ اخْتفَى، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِحَمَّادٍ، فَإِنَّهُ قَدْ سَأَلَنِي عن جميع ما سألني عنه الناس.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا نُرَى أَنَّ بَعْدَ إِبْرَاهِيْمَ الأَعْمَشُ، حَتَّى جَاءَ حَمَّادٌ بِمَا جَاءَ بِهِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادٌ، وَمُغِيْرَةُ أَحْفَظَ مِنَ الحَكَمِ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: حَمَّادٌ أَحَبُّ إِلَيَّ من مغيرة.(5/528)
وَقَالَ مَعْمَرٌ: كُنَّا نَأْتِي أَبَا إِسْحَاقَ، فَيَقُوْلُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُم? فَنَقُوْلُ: مِنْ عِنْدِ حَمَّادٍ فَيَقُوْلُ: مَا قَالَ لَكُم أَخُو المُرْجِئَةِ? فَكُنَّا إِذَا دَخَلْنَا عَلَى حَمَّادٍ، قَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُم? قُلْنَا: مِنْ عِنْدِ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: الْزَمُوا الشَّيْخَ، فَإِنَّهُ يُوْشَكُ أَنْ يُطْفَى. قَالَ: فَمَاتَ حَمَّادٌ قَبْلَهُ.
قَالَ مَعْمَرٌ: قُلْتُ لِحَمَّادٍ: كُنْتَ رَأْساً، وَكُنْتَ إِمَاماً فِي أَصْحَابِكَ، فَخَالَفْتَهُم، فَصِرْتَ تَابِعاً! قَالَ: إِنِّي أَنْ أَكُوْنَ تَابعاً فِي الحَقِّ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ أَكُوْنَ رَأْساً فِي البَاطِلِ.
قُلْتُ: يُشِيْرُ مَعْمَرٌ إِلَى أَنَّهُ تَحَوَّلَ مُرْجِئاً إِرْجَاءَ الفُقَهَاءِ، وَهُوَ أَنَّهُم لاَ يَعُدُّوْنَ الصَّلاَةَ وَالزَّكَاةَ مِنَ الإِيْمَانِ، وَيَقُوْلُوْنَ: الإِيْمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَيَقِيْنٌ فِي القَلْبِ، وَالنِّزَاعُ عَلَى هَذَا لَفْظِي -إِنْ شَاءَ اللهُ- وَإِنَّمَا غُلُوُّ الإِرْجَاءِ مَنْ قَالَ: لاَ يَضُرُّ مَعَ التَّوْحِيْدِ تَرْكُ الفَرَائِضِ، نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.
رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: أَنَّ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: مَنْ أَمِنَ أَنْ يُسْتَثْقَلَ, ثَقُلَ.
قَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَيْنِ الأُضْحِيَةِ يَكُوْنُ فِيْهَا البَيَاضُ؟ فَلَمْ يَكْرَهْهَا.
وَسَأَلَتُهُ عَنِ الرَّجُلِ: يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ كَاذِباً وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ؟ قَالَ: لاَ يَكُفِّرُ.
وَسَأَلْتُهُ عَنِ التَّرَبُّع فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَسَأَلْتُ حَمَّاداً عَنِ الرَّجُلِ يَسْرِقُ مِنْ بَيْتِ المَالِ؟ فَقَالَ: يُقْطَعُ.
وَسَأَلْتُهُ عَنْ رجل قال: إن فارقت غريمي، فمالي عَلَيْهِ فِي المَسَاكِيْنِ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَسَأَلْتُهُ عَنِ الصُّفْرِ بِالحَدِيْدِ نَسِيْئَةٌ.
قَالَ مُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ: إِنَّ حَمَّاداً قَدْ جَلَسَ يُفْتِي. قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُ وَقَدْ سَأَلَنِي عَمَّا لَمْ تَسْأَلْنِي عَنْ عُشرِه?.
وَقَالَ شُعْبَةُ: سَمِعْتُ الحَكَمَ يَقُوْلُ: وَمَنْ فِيْهِم مِثْلُ حَمَّادٍ؟ يَعْنِي: أَهْلَ الكُوْفَةِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ: حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ أَفْقَهُ مِنَ الشَّعْبِيِّ، مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْ حَمَّادٍ! وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادٌ صَدُوْقَ اللِّسَانِ، لاَ يَحْفَظُ الحَدِيْثَ. وَقَالَ النسائي: ثقة، مرجىء.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ مُسْتقِيْمٌ فِي الفِقْهِ، فَإِذَا جَاءَ الأَثَرُ شوَّش.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ أَفْقَهَ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ، وَكَانَتْ رُبَّمَا تَعْتَرِيْهِ مُوْتَةٌ وَهُوَ يُحَدِّثُ.(5/529)
وَبَلَغَنَا أَنَّ حَمَّاداً كَانَ ذَا دُنْيَا مُتَّسِعَةٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُفَطِّر فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسَ مائَةِ إِنْسَانٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُعْطِيْهِم بَعْدَ العِيْدِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مائَةَ دِرْهَمٍ.
وَحَدِيْثُهُ فِي كُتُبِ السُّنَنِ، مَا أَخْرَجَ لَهُ البُخَارِيُّ، وَخَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيْثاً وَاحِداً مَقْرُوْناً بِغَيْرِهِ. وَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَى مَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي -حَمَّادٌ- وَكَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ- عَنْ إِبْرَاهِيْمَ. وَفِي لَفْظٍ: وَمَا كُنَّا نَثِقُ بِحَدِيْثِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ: إِنَّهُ ذَكَرَ لَهُ عَنْ حَمَّادٍ شَيْئاً، فَقَالَ: كَذَبَ.
يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى: حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مغيرة، قال: حج حماد بن أبي سُلَيْمَانَ، فَلَمَّا قَدِمَ أَتَيْنَاهُ نُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَبْشِرُوا يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ فَإِنِّي قَدِمْتُ عَلَى أهل الحجاز فرأيت عطاء، وطاوسا، وَمُجَاهِداً فَصِبْيَانُكُم بَلْ صِبْيَانُ صِبْيَانِكُم أَفْقَهُ مِنْهُم قال مغيرة فرأينا ذَاكَ بَغْيٌ مِنْهُ.
خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الرَّأْيُ الَّذِي أَحْدَثْتَ؟ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ! فَقَالَ: لَوْ كَانَ حَيّاً, لَتَابَعَنِي عَلَيْهِ يَعْنِي: الإِرْجَاءَ.
الفِرْيَابِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: مَا كنا نأتي حماد إلَّا خِفْيَةً مِنْ أَصْحَابِنَا.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ, قَالَ: كَانَ حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يُصرعُ وَإِذَا أَفَاقَ, تَوَضَّأَ. قُلْتُ: نَعَمْ, لأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الإِغْمَاءِ, وَهُوَ أَخُو النَّوْمِ, فَيَنْقُضُ الوُضُوْءَ.
وَرَوَى جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: كَانَ حَمَّادٌ يُصِيْبُهُ المَسُّ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُ عَادَ إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيْهِ.
حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ مَا أَحْدَثَ.
قَالَ العُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَةِ حَمَّادٍ الفَقِيْهِ وَطَوَّلَهَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَصْرَمَ، حَدَّثَنَا القَوَارِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا حماد بن زيد، قال: قدم علينا حماد بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ البَصْرَةَ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ حَمْرَاءُ فَجَعَلَ صِبْيَانُ البَصْرَةِ يَسْخَرُوْنَ بِهِ فَقَالَ له رجل ما تقول في رجل وطىء دَجَاجَةً مَيْتَةً فَخَرَجَتْ مِنْ بَطْنِهَا بَيْضَةٌ? وَقَالَ لَهُ آخَرُ مَا تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِلْءَ سُكُرُّجَةٍ?.
وَقَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الأَبَّارُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا أَبُو المَلِيْحِ, قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا(5/530)
حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الرَّقَّةَ، فَخَرَجْتُ لأَسْمَعَ مِنْهُ، فَإِذَا عَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ حَمْرَاءُ, وَقَدْ خَضَبَ لِحْيَتَهُ بِالسَّوَادِ، فَرَجَعْتُ فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ.
حَدَّثَنَا عَلَيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَحَادِيْثِ "المُسْنَدِ"، وَالنَّاسُ يَسْأَلُوْنَهُ عَنْ رَأْيِهِ، فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ قَالَ لاَ جَاءَ اللهُ بِكَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: حَمَّادٌ مُقَارَبُ الحَدِيْثِ، مَا رَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَلَكِنَّ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ عِنْدَهُ عَنْهُ تَخْلِيْطٌ فَقُلْتُ لأَحْمَدَ: أَبُو مَعْشَرٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ حَمَّادٌ فِي إِبْرَاهِيْمَ؟ قَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا.
وَقَالَ الأَثْرَمُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ: أَمَّا رِوَايَاتُ القُدَمَاءِ عَنْ حَمَّادٍ فَمُقَارِبَةٌ، كَشُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ، وَهِشَامٍ وَأَمَّا غَيْرُهُم، فَقَدْ جَاؤُوا عَنْهُ بِأَعَاجِيْبَ. قُلْتُ لَهُ: حَجَّاجٌ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ? فَقَالَ: حَمَّادٌ عَلَى ذَاكَ لاَ بَأْسَ بِهِ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: وَقَدْ سَقَطَ فِيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِثْلُ مُحَمَّدِ بنِ جَابِرٍ وَذَاكَ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَظَنَّنَا أَنَّهُ عَنَى سَلَمَةَ الأَحْمَرَ أَوْ عَنَى غَيْرَهُ.
قَالَ كَاتِبُهُ: إِنَّمَا التَّخْلِيْطُ فِيْهَا مِنْ سُوْءِ حِفْظِ الرَّاوِي عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَقَعُ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَفْرَادٌ وَغَرَائِبُ، وَهُوَ لاَ بَأْسَ بِهِ مُتَمَاسِكٌ فِي الحَدِيْثِ.
مَاتَ حَمَّادٌ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. أَرَّخَهُ: خَلِيْفَةُ. وَقِيْلَ: سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
فَأَفْقَهُ أَهْلِ الكُوْفَةِ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَفْقَهُ أَصْحَابِهِمَا: عَلْقَمَةُ، وَأَفْقَهُ أَصْحَابِهِ: إِبْرَاهِيْمُ، وَأَفْقَهُ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ: حَمَّادٌ، وَأَفْقَهُ أَصْحَابِ حَمَّادٍ: أَبُو حَنِيْفَةَ، وَأَفْقَهُ أَصْحَابِهِ أَبُو يُوْسُفَ، وَانْتَشَرَ أَصْحَابُ أَبِي يُوْسُفَ فِي الآفَاقِ، وَأَفْقَهُهُم: مُحَمَّدٌ، وَأَفْقَهُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الكُوْفِيُّ: مَاتَ حَمَّادٌ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ قُلْتُ: مَاتَ كَهْلاً رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ المُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ حَبَابَةَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ, عَنْ حَمَّادٍ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُم بِالتَّشَهُّدِ: "التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطِّيِّبَاتُ, السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهِ, السَّلاَمُ(5/531)
عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ" 1.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ, عَنْ حَمَّادٍ, سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يَقُوْلُ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" 2.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ السَّيِّدِ الأَنْصَارِيُّ بِالمِزَّةِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ طاوس سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ قِرَاءةً عَلَيْهِمَا قَالاَ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَمِّي أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَعْرُوْفٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القَاضِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، قَالُوا: "المَيْتُ يُغَسَّلُ وِتْراً، وَيُكَفَّنُ وِتْراً, وَيُجَمَّرُ وِتْراً".
وَبِهِ عَنْ حَمَّادٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِداً، وَإِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُوْنَ: إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِن شِئْتَ فَأَفْطِرْ، وَالصَّوْمُ أَفْضَلُ يَعْنُوْنَ: رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ.
وَبِهِ عَنْ حَمَّادٍ، سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ عَنِ الجُنُبِ يَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَالَ: أَوَ لَيْسَ هُوَ فِي جَوْفِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ البُرْجُلاني، عَنْ إِسْحَاقَ السَّلُوْلِيِّ، سَمِعْتُ دَاوُدَ الطَّائِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ سَخِيّاً عَلَى الطَّعَامِ، جَوَاداً بِالدَّنَانِيْرِ، وَالدَّرَاهِمِ.
وَقَالَ أَيْضاً عَنْ: زَكَرِيَّا بنِ عَدِيٍّ، عَنِ الصَّلْتِ بنِ بِسْطَامَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ حماد بن
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 422"، والطيالسي "275"، وأبو داود "970"، والدارمي "1/ 309"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 275"، والدارقطني "1/ 353"، والطبراني في "الكبير" "9925"، من طريق زهير بن معاوية، حدثني الحسن بن الحر، عن القاسم بن مُخيمرة، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، به.
2 صحيح على شرطهما: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 763"، وأحمد "3/ 116 و 166 و 176 و 203 و 209 و 223"، وابنه عبد الله في "زوائد المسند" "3/ 278 و 279"، ومسلم في "مقدمة صحيحه" "2"، والدارمي "1/ 76 و 77" من حديث أنس بن مالك، به.(5/532)
أَبِي سُلَيْمَانَ يَزُوْرُنِي, فَيُقِيْمُ عِنْدِي سَائِرَ نَهَارِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ، قَالَ: انْظُرِ الَّذِي تَحْتَ الوِسَادَةِ, فَمُرْهُم يَنْتَفِعُوْنَ بِهِ فَأَجِدُ الدَّرَاهِمَ الكَثِيْرَةَ.
وَعَنِ الصَّلْتِ بنِ بِسْطَامَ، قَالَ: وَكَانَ يُفَطّر كُلَّ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ خَمْسِيْنَ إِنْسَاناً، فَإِذَا كَانَ لَيْلَةُ الفِطْرِ، كَسَاهُم ثَوْباً ثَوْباً.
رَوَى عُثْمَانُ بنُ زُفَرَ التَّيْمِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَبِيْحٍ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو الزِّنَادِ الكُوْفَةَ عَلَى الصَّدَقَاتِ، كَلَّمَ رَجُلٌ حَمَّادَ بنَ أَبِي سُلَيْمَانَ فِيْمَنْ يُكَلِّمُ أَبَا الزِّنَادِ يَسْتَعِيْنُ بِهِ فِي بَعْضِ أَعْمَالِهِ. فَقَالَ حَمَّادٌ: كَمْ يُؤَمِّلُ صَاحِبُكَ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنْ يُصِيْبَ مَعَهُ؟ قَالَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ. قَالَ: قَدْ أَمَرْتُ لَهُ بِخَمْسَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَلاَ يُبْذَلُ وَجْهِي إِلَيْهِ. قَالَ: جَزَاكَ اللهُ خَيْراً.
قَالَ البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ": قَالَ حَمَّادٌ: إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عند الحاكم، رُجِمَ يَعْنِي: الزَّانِي وَرَوَى لَهُ فِي كِتَابِ "الأَدَبِ"، وَأَخْرَج لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُوْناً بغيره والباقون.(5/533)
715- غيلان بن جرير 1: "ع"
الإِمَامُ، أَبُو يَزِيْدَ الأَزْدِيُّ، المِعْوَلِيُّ، بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، وَزِيَادِ بنِ رَبَاحٍ، وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى.
حَدَّثَ عَنْهُ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَشُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَأَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمٍ، وَآخَرُوْنَ تُوُفِيَّ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ رَحِمَهُ اللهُ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ فِرَاسُ بنُ يَحْيَى الهَمْدَانِيُّ بِالكُوْفَةِ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ بِاليَمَامَةِ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ المَدَنِيُّ، وَخَالِدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ قَاضِي أَفْرِيْقِيَةَ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَقَيْسُ بنُ حجاج السلفي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 240"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 455"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 297"، الكاشف "2/ ترجمة 4503"، تاريخ الإسلام "5/ 121"، تهذيب التهذيب "8/ "، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5681".(5/533)
716- ربيعة 1: "ع"
ابن يزيد الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو شُعَيْبٍ الإِيَادِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، القَصِيْرُ.
حَدَّثَ عَنْ: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، وَجُبَيْرِ بنِ نُفير، وَأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ ثَمَانِيْنَ سَنَةً رَحِمَهُ اللهُ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ سمع من معاوية.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ المِصْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَفَرَجُ بنُ فَضَالَةَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ فَرَجُ بنُ فَضَالَةَ: كَانَ رَبِيْعَةُ يُفَضَّلُ عَلَى مَكْحُوْلٍ، يَعْنِي فِي العِبَادَةِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أَحَدٌ أَحْسَنَ سَمْتاً فِي العِبَادَةِ مِنْهُ، وَمِنْ مَكْحُوْلٍ. وَقِيْلَ: كَانَتْ دَارُ رَبِيْعَةَ القَصِيْرِ بِنَاحِيَةِ بَابِ الفَرَادِيْسِ2.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَامِرٍ، سَمِعْتُ رَبِيْعَةَ بنَ يَزِيْدَ يَقُوْلُ:
مَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ لصلاة الظهر منذ أربعين سنةإلَّا وَأَنَا فِي المَسْجِدِ، إلَّا أَنْ أَكُوْنَ مَرِيْضاً أَوْ مُسَافِراً.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَبِيْعَةُ: يُعْرَفُ بِالقَصِيْرِ يُعْتَبَرُ بِهِ.
وَقَالَ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: خَرَجَ رَبِيْعَةُ القَصِيْرُ مَعَ كُلْثُوْمِ بنِ عِيَاضٍ غَازِياً، فَقَتَلَهُ البَرْبَرُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ: اسْتُشْهِدَ رَبِيْعَةُ -رحمه الله- بأفريقية.
تم الجزء الخامس ويليه:
الجزء السادس: وأوله: عاصم بن عمر
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 465"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 980"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2128"، تاريخ الإسلام "5/ 86"، الكاشف "1/ ترجمة 1571"، العبر "1/ 250"، تهذيب التهذيب "3/ 264"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2052"، شذرات الذهب "1/ 161".
2 باب الفراديس أحد أبواب دمشق السبعة، ويقع شمال شرق جامع بني أمية. والفراديس: هي البساتين.(5/534)
فهارس
فهرس الموضوعات
الصفحة الموضوع
5 376- يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
7 377- عبيدة بن عمرو.
10 378- عبد الرحن بن غنم.
11 379- كثير بن مُرة.
12 380- هرم بن حبان.
14 381- الأسود بن يزيد.
16 382- عَلْقَمَةُ بنُ قَيْسِ بنِ عَبْدِ اللهِ أَبُو شبل النخعي.
22 383- علقمة بن وقاص بن محصن.
23 384- جنادة بن أبي أمية الأزدي.
23 385- مسروق بن الأجدع الهمداني.
28 386- سويد بن غفلة.
30 387- أَبُو تَمِيْمٍ الجَيْشَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مَالِكٍ بن أبي الأسحم.
31 388- أبو سالم الجيشاني سفيان بن هانئ.
31 389- مرة الطيب بن شراحيل.
32 390- الحارث بن قيس الجُعفي الكوفي.
32 391- جبير بن نفير.
33 392- عبد الرحمن بن يزيد بن قيس أبو بكر النخعي.
34 393- ابنه محمد بن عبد الرحمن النخعي.
34 394- عمرو بن الأسود العنسي.
36 395- عمير بن هانئ العنسي.
36 396- أبو الأسود الدؤلي.
39 397- الأحنف بن قيس.
46 398- عاصم بن عمر بن الخطاب.
47 399- أسلم مولى عمر بن الخطاب.
48 400- شريح القاضي بن الحارث بن قيس الكندي.
53 401- شريح بن هانئ الحارثي المذحجي.
54 402- خرشة بن الحر.
55 403- مالك السرايا بن عبد الله الخثعمي.(5/537)
بقية الصفحة الأولى من كبراء التابعين
الصفحة الموضوع
55 404- ابن الحنفية محمد بن علي بن أبي طالب.
66 405- ابناه عبد الله بن محمد بن الحنفية.
67 406- الحسن بن محمد ابن الحنفية.
68 407- سليم بن عتر.
69 408- أبو معمر عبد الله بن سخبرة.
69 409- عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
70 410- أَبُو ميسرة عمر بن شرحبيل.
71 411- الجرشي يزيد بن الأسود.
72 412- عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي.
72 413- عياض بن عمرو الأشعري.
73 414- معاوية بن يزيد بن معاوية.
73 415- حسان بن النعمان بن المنذر الغساني.
73 416- مُصعب بن الزبير بن العوام.
76 417- بشر بن مروان بن الحكم.
77 418- شبيب بن يزيد الخارجي.
79 419- شبث بن ربعي.
79 420- عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ بنِ خلف.
80 421- قطري بن الفجاءة.
81 422- الحارث الأعور بن عبد الله بن كعب.
83 423- الحارث بن سويد التيمي.
84 428- عبيد بن عمير.
85 425- عبد الله بن عبيد بن عمير.
85 426- عمرو بن ميمون.
87 427- شقيق بن سلمة.
91 428- زر بن حبيش.
93 429- عبد الله بن أبي الهذيل.
94 430- مالك بن أوس بن الحدثان.
95 431- عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مَعْمَرٍ.
95 432- أَبُو عمرو الشيباني سعيد بن إياس.
96 433- المعرور بن سويد.
96 434- طَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ.
96 435- أبو عثمان النهدي عبد الرحمن ابن مل.
99 436- أبو الشعثاء المحاربي سليم بن أسود.
99 437- عابس بن ربيعة النخعي.
100 438- سعيد بن وهب.
100 439- جميل بن عبد الله بن معمر.
101 440- القُبَاعُ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ.
101 441- حمران بن أبان.
102 442- ابن الأشعث عبد الرحمن بن محمد.
103 443- أعش همدان.
103 444- مَعْبَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُوَيْمِرٍ الجُهَنِيُّ.(5/538)
105 445- مطرف بن عبد الله بن الشخير.
110 446- زيد بن وهب أبو سليمان الجهني.
110 447- حفص بن عاصم.
111 448- أيوب ابن القرية بن يزيد بن قيس.
111 449- قيس بن أبي حازم.
114 450- العلاء بن زياد بن مطر.
116 451- عبد الله بن معقل بن مقرن.
117 452- عبد الله بن معبد الزماني.
117 453- أبو العالية الرياحي رفيع بن مهران.
121 454- عمران بن حطان.
123 455- عباد بن عبد الله بن الزبير.
123 456- سعبد بن المسيب.
139 457- عبد الملك بن مروان بن الحكم.
141 458- عبد العزيز بن مروان بن الحكم.
142 459- روح بن زنباع.
143 460- ابْنُ أُمِّ بُرْثُنٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ آدَمَ.
144 461- أبو رجاء العطاردي عمران بن ملحان.
146 462- الأسود بن هلال أبو سلام المحاربي.
147 463- الربيع بن خثيم.
150 464- عبد الرحمن بن أبي ليلى.
153 465- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ حبيب.
155 466- أُمَيَّةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ أَسِيْدٍ.
156 467- أبو إدريس الخولاني.
159 468- أم الدرداء هجيمة الطائي سعيد بن فيروز.
160 469- أبو البختري الطائي سعيدبن فيروز.
161 470- زاذان أبو عمر الكندي.
162 471- قبيصة بن ذؤيب.
163 472- همام بن الحارث النخعي.
164 473- مَرْثَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الخَيْرِ اليَزَنِيُّ.
164 474- بلال بن أبي الدرداء.
165 475- صفوان بن محرز المازني.
الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ
166 476- أَبُو سَلَمَةَ بنُ عبد الرحمن بن عوف.
169 477- إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
170 478- حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
170 479- حميد بن عبد الرحمن الحميري.
171 480- حسان أمير المغرب.(5/539)
171 481- الشعبي عامر بن شراحيل.
185 482- عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي.
186 483- خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي سَبْرَةَ.
186 484- سعيد بن جبير.
199 485- الحجاج بن يوسف الثقفي.
199 486- أبو بردة بن أبي موسى الأشعري.
201 487- أيوب ابن القرية.
202 488- الوليد بن عبد الملك بن مروان.
203 489- محمد بن سعد بن أبي وقاص.
203 490- عامر بن سعد بن أبي وقاص.
204 491- عمر بن سعد بن أبي وقاص.
204 492- عمرو بن سعد بن أبي وقاص.
204 493- مصعب بن سعد بن أبي وقاص.
204 494- إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص.
204 495- عمير بن سعد بن أبي وقاص.
205 496 - إسماعيل بن سعد بن أبي وقاص.
205 497- يحيى بن سعد بن أبي وقاص.
205 498- عبد الرحمن بن سعد بن أبي وقاص.
205 499- بشير بن كعب.
205 500- بشير بن كعب.
205 501- أبان بن عثمان بن عفان.
206 502- عمرو بن عثمان بن عفان.
207 503- مورق العجلي أبو المعتمر البصر.
208 504- أبو سلام ممطور الحبشي.
208 505- مالك بن أسماء بن خارجة.
209 506- أبو الأشعث النصعاني شراحيل بن آدة.
210 507- ربعي بن حراش.
212 508- أبو ظبيان الجنبي حصين بن جندب.
212 509- أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ.
213 510- طويس أبو عبد المنعم عيسى بن عبد الله.
213 511- موسى بن طلحة بن عبيد الله.
215 512- عيسى بن طلحة بن عبيد الله.
215 513- محمد بن طلحة بن عبيد الله "السجاد".
215 514- إسحاق بن طلحة.
216 515- عائشة بنت طلحة بن عبيد الله.
216 516- عمران بن طلحة بن عبيد الله.
217 517- عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث.
217 518- أَبُو الجَوْزَاءِ أَوْسُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّبَعِيُّ.(5/540)
218 519- شهر بن حوشب.
222 520- عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ.
222 521- يحيى بن وثاب.
224 522- خالد ابن الخليفة يزيد بن معاوية.
225 523- المهلب بن أبي صفرة.
226 524- جميل بن عبد الله بن معمر.
227 525- علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
235 526- أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسين بن علي.
241 527- قرة بن شريك القيسي.
241 528- قتيبة بن مسلم.
242 529- عبد الرحمن بن أبي بكرة.
243 530- تبيع بن عامر.
244 531- أبو رافع الصائغ.
245 532- خالد بن مهاجر بن خالد بن الوليد.
245 533- أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ.
247 534- عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث.
248 535- الحارث بن هشام.
249 536- عروة بن الزبير بن العوام.
258 537- خارجة بن زيد بن ثابت.
261 538- يحيى بن يعمر.
262 539- عمير بن سعيد النخعي.
262 540- يزيد بن أبي كبشة.
263 541- سليمان بن يسار.
265 542- عطاء بن يسار.
266 543- مجاهد بن جبير أبو الحجاج المكي الأسود.
271 544- سالم بن عبد الله بن عمر.
277 545- أبو الطفيل عامر بن واثلة.
277 546- أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ.
281 547- عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ.
284 548- صالح بن أبي مريم أبو خليل الضبعي.
284 549- كريب بن أبي مسلم أبو رشدين.
285 550- بشير بن نهيك أبو الشعثاء.
285 551- سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى.
285 552- أبو الشعثاء جابر بن زيد.
286 553- الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طالب.
289 554- زيد بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
289 555- عبد الرحمن بن عائذ الحمصي.
290 556- علي بن ربيعة أبو المغيرة الوالبي.
291 557- راشد بن سعد الحبراني.(5/541)
292 558- خلاس بن عمرو الهجري.
292 559- أبو أسماء الرحبي.
293 560- حنش بن عبد الله بن عمرو الصنعاني.
293 561- يزيد بن عبد الله بن الشخير.
294 562- عبد الله بن محيريز.
295 563- موسى بن نصير.
297 564- طارق بن زياد.
299 565- يزيد بن المهلب.
302 566- حفصة بنت سيرين.
302 567- عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد.
303 568- مُعَاذَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ أُمُّ الصَّهْبَاءِ العَدَوِيَّةُ.
304 569- صلة بن أشيم.
304 570- ربيعة بن لقيط التجيبي.
304 571- مسلم بن يسار البصري.
306 572- مسلم بن يسار الطنبذى.
307 573- مسلم بن يسار الجهني.
307 574- مسلم بن يسار الدوسي.
307 575- زياد بن جبير بن حية.
307 576- عِيَاضُ بنُ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي سَرْحٍ.
308 577- زرارة بن أوفى.
309 578- صلة بن زفر.
309 579- يزيد بن الأصم.
310 580- يزيد بن الحكم.
311 581- إبراهيم النخعي بن يزيدبن قيس.
317 582- أبو نضرة المنذر بن مالك العبدي.
318 583- بكر بن عبد الله المزني.
321 584- خالد بن معدان.
324 585- نَافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ.
325 586- محمد بن جبير بن مطعم بن عدي.
326 587- وهب بن منبه.
333 588- رجاء بن حيوة.
336 589- عمر بن هبيرة.
336 590- إبراهيم بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
337 591- الحسن البصري بن يسار.
351 592- سعيد بن يسار البصري.
352 593- الأخطل غياث بن غوث.
352 594- الفرزدق همام بن غالب.
353 595- جرير بن عطية بن الخطفي.
353 596- بشير بن يسار.
354 597- بسر بن عبيد الله الحضرمي.
354 598- الأحوص عبد الله بن محمد.
355 599- يزيد بن أبي مسلم الثقفي.
355 600- أَبُو بَحْرِيَّةَ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ التراغمي.(5/542)
356 601- بسر بن سعيد الحضرمي.
356 602- سبلان سالم بن عبد الله.
357 603- سليمان بن قتة التيمي.
357 604- زياد الأعجم أبو أمامة بن سليم.
357 605- الراعي أبو جندل عبيد بن حصين.
358 606- الضحاك بن مزاحم الهلالي.
360 607- طلق بن حبيب العنزي.
361 608- الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب.
362 609- الضحاك المشرقي.
362 610- عبد الله بن حنين.
362 611- إبراهيم بن عبد الله بن حنين.
363 612- عبيد بن حنين.
363 613- زياد بن جبير.
363 614- محمد بن سيرين.
372 615- أنس بن سيرين.
373 616- أبو بردة الأشعري.
374 617- أبو حازم الأشجعي.
374 618- أبو زرعة بن عمرو البجلي.
375 619- أبو المتوكل الناجي البصري.
375 620- سعد بن عبيد أبو حمزة السلمي.
375 621- سعيد بن أبي هند.
376 622- عبد الرحمن بن أبان.
376 623- عبد الرحمن بن الأسود أبو حفص النخعي.
378 624- عكرمة مولى ابن عباس.
393 625- أبو صالح السمان.
394 626- أبو صالح باذام.
395 627- أبو صالح الحنفي.
395 628- طاوس كيسان اليماني.
402 629- عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية.
403 630- عبد الله بن بريدة.
405 631- سليمان بن بريدة.
405 632- عدي بن أرطاة.
406 633- القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
410 634- إبراهيم بن يزيد التيمي.
412 635- عبد الرحمن بن أبي نعم.
413 636- عراك بن مالك الغفاري.
413 637- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ.
414 638- القرظي محمد بن كعب.
416 639- يوسف بن ماهك.
417 640- الأعرج عبد الرحمن بن هرمز.
417 461- أبو السفر سعيد بن يحمد الهمداني.
418 642- أبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي.
418 643- ميمون بن مهران.(5/543)
423 644- عطاء بن أبي رباح.
429 645- ابن أبي مليكة.
431 646- بلال سعد بن تميم السكوني.
432 647- أبو الحباب سعيد بن يسار المدني.
433 648- أبو المليح بن أسامة بن عمير.
433 649- نافع مولى ابن عمر.
437 650- علي بن رباح.
438 651- المسيب بن رافع أبو العلاء الأسدي الكاهلي.
439 652- عون بن عبد الله أبو عبد الله الهذلي.
440 653- عون بن أبي جحيفة السوائي.
440 654- محمد بنِ زَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بن الخطاب.
441 655- محمد بن عباد بن جعفر القرشي المخزومي.
441 656- موسى بن يسار المخرمي.
441 657- عُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
442 658- موسى بن ودان.
442 659- سالم بن أبي الجعد.
443 660- عدي بن الرقاع العاملي الشاعر.
443 661- عَدِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ الحِمَارِ العِبَادِيُّ التَّمِيْمِيُّ.
444 662- سلميان بن عبد الملك.
445 663- عمر بن عبد العزيز.
467 664- محمد بن مروان بن الحكم.
467 665- عبد العزيز بن الخليفة الوليد بن عبد الملك.
467 666- عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخطاب.
468 667- عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيُّ.
468 668- يزيد بن عبد الملك.
470 669- كثير عزة.
470 670- معاوية بن قرية بن إياس المزني.
471 671- إياس بن معاوية.
472 672- مكحول الدمشقي.
475 673- مكحول الأزدي البصري.
478 674- قيس بن مسلم أبو عمرو الجدلي.
478 675- سعيد بن الحارث.
479 676- عمرو بن شعيب بن مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ.
491 677- شعيب بن محمد.
792 678- أبو شعيب محمد بن عبد الله ابن عمر والسهمي.
493 679- المنهال بن عمرو أبو عمرو الأسدي.
494 680- سليم بن عامر الكلاعي.
495 681- محمد بن يحيى بن حبان أبو عبد الله الأنصاري.(5/544)
495 682- ابن موهب أبو عبد الله عثمان ابن عبد الله بن موهب التيمي.
496 683- عدي بن ثابت.
497 684- الجرح بن عبد الله أبو عقبة الحكمي.
498 685- طلحة بن مصرف أبو محمد اليامي الهمداني.
499 686- أبو الزاهرية حدير بن كريب الحمصي.
500 687- القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي.
501 688- القاسم بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعود.
502 689- عمرو بن مرة.
505 690- سَعِيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ.
505 691- يعلى بن عطاء العامري.
505 692- القاسم بن مخيمرة أبو عروة الهمداني.
508 693- ثُمَامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ الأنصاري.
508 694- معبد بن خالد الجدلي أبو القاسم
509 695- جامع بن شداد.
509 696- علقمة بن مرث أبو الحارث.
509 697- علي بن زيد بن جدعان.
510 698- الحكم بن عتيبة.
513 699- ابْنُ أَبِي المُهَاجِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بن أبي المهاجر.
514 700- أبو يعفور العبدي الكوفي.
514 701- أبو قبيل المعافري.
515 702- زياد بن علاقة.
516 703- سعيد المقبري.
517 704- محارب بن دثار.
518 705- عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ.
519 706- ثابت بن أسلم.
523 707- محمد بن عمرو بن عطاء أبو عبد الله القرشي العامري.
523 708- وهب بن كيسان.
524 709- نعيم بن عبد الله المجمر.
524 710- يزيد بن صهيب.
525 711- عبد العزيز بن رفيع.
526 712- عبدة بن أبي لبابة.
527 713- يونس بن ميسرة.
527 714- حماد بن أبي سليمان.
533 715- غيلان بن جرير.
534 716- ربيعة بن يزيد أبوشعيب الأيادي الدمشقي القصير.
535 فهرس الموضوعات
547 فهرس التراجم(5/545)
فهرس التراجم على حروف المعجم:
الجزء الخامس
الصفحة التراجم
205 501- أبان بن عثمان بن عفان.
204 494- إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص.
169 477- إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
362 611- إبراهيم بن عبد الله بن حنين.
336 590- إبراهيم بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
311 581- إبراهيم النخعي بن يزيد بن قيس.
410 634- إبراهيم بن يزيد التيمي.
39 397- الأحنف بن قيس.
354 598- الأحوص عبد الله بن محمد.
352 593- الأخطل غياث بن غوث.
156 467- أبو إدريس الخولاني.
215 514- إسحاق بن طلحة.
47 399- أسلم مولى عمر بن الخطاب.
292 559- أبو أسماء الرحبي.
205 496- إسماعيل بن سعد بن أبي وقاص.
36 395- أبو الأسود الدؤلي.
146 462- الأسود بن هلال أبو سلام المحاربي.
14 381- الأسود بن يزيد.
209 506- أبو الأشعث الصنعاني شراحيل بن آدة.
417 640- الأعرج عبد الرحمن بن هرمز.
103 443- أعشى همدان.
155 466- أُمَيَّةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ أَسِيْدٍ.
372 615- أنس بن سيرين.
أوس بن عبد الله الربعي = أبو الجوزاء.(5/549)
471 671- إياس بن معاوية.
111 448- أيوب ابن القرية بن يزيد بن قيس.
160 469- أبو البحتري الطائي سعبد بن فيروز.
355 600- أَبُو بَحْرِيَّةَ عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ.
143 460- ابْنُ أُمِّ بُرْثُنٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ آدَمَ.
199 486- أبو بردة بن أبي موسى الأشعري.
373 616- أبو بردة الأشعري.
356 601- بسر بن سعيد الحضرمي.
354 598- بسر بن عبد الله الحضرمي.
76 417- بشر بن مروان بن الحكم.
205 499- بُشير بن كعب.
205 500- بشير بن كعب.
285 550- بشير بن نهيك أبو الشعثاء.
353 596- بشير بن يسار.
245 533- أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ.
318 583- بكسر بن عبد الله المزني.
164 474- بلال بن أبي الدرداء.
431 646- بلال بن سعد بن تميم السكوني.
243 530- تبيع بن عامر.
30 387- أَبُو تَمِيْمٍ الجَيْشَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مَالِكٍ بن أبي الأسحم.
519 706- ثابت بن أسلم.
508 693- ثُمَامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ الأنصاري.
509 695- جامع بن شداد.
32 391- جبير بن نفير.
497 684- الجرح بن عبد الله أبو عقبة الحكمي.
71 411- الجرش يزيد بن الأسود.
353 595- جرير بن عطية بن الخطفي.
235 526- أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحسين بن علي.
226 524- جميل بن عبد الله بن معمر.
23 384- جنادة بن أبي أمية الأزدي.
217 518- أَبُو الجَوْزَاءِ أَوْسُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّبَعِيُّ.
83 423- الحارث بن سويد التيمي.
81 422- الحارث الأعور بن عبد الله بن كعب.
32 390- الحارث بن قيس الجعفي.(5/550)
248 535- الحارث بن هشام.
432 647- أبو الحباب سعيدبن يسار المدني.
199 485- الحجاج بن يوسف الثقفي.
حدير بن كريب الحمصي = أبو الزاهرية.
171 480- حسان أمير المغرب.
73 415- حسان بن النعمان بن المنذر الغساني.
337 591- الحسن البصري بن يسار.
286 553- الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طالب.
67 406- الحسن بن محمد ابن الحنفية.
302 567- حفصة بنت سيرين.
110 447- حفص بن عاصم.
510 698- الحكم بن عتيبة.
527 714- حماد بن أبي سليمان
101 441- حمران بن أبان.
170 479- حميد بن عبد الرحمن الحميري.
170 478- حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
293 560- حنش بن عبد الله بن عمرو الصنعاني.
55 404- ابن الحنفية محمد بن علي بن أبي طالب.
258 537- خارجة بن زيد بن ثابت.
224 522- خالد ابن الخليفة يزيد بن معاوية.
321 584- خالد بن معدان.
245 532- خالد بن مهاجر بن خالد بن الوليد.
54 402- خرشة بن الحر.
292 558- خلاص بن عمرو الهجري.
186 483- خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي سَبْرَةَ.
159 468- أم الدرداء هجيمة الطائي سعيد بن فيروز.
291 557- راشد بن سعد الحبراني.
357 605- الراعي أبو جندل عبيد بن حصين.
244 531- أبو رافع الصائغ.
210 507- ربعي بن حراش.
147 463- الربيع بن خثيم.
304 570- ربيعة بن لقيط التجيبي.
534 716- رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ أَبُو شُعَيْبٍ الإِيَادِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.
333 588- رجاء بن حيوة.(5/551)
144 461- أبو رجاء العطاردي عمران بن ملحان.
رفيع بن مهران = أبو العالية الرياحي
142 459- روح بن زنباع.
161 470- زاذان أبو عمر الكندي.
499 686- أبو الزاهرية حدير بن كريب الحمصي.
91 428- زر بن حبيش.
308 577- زرارة بن أوفى.
374 618- أبو زرعة بن عمر البجلي.
357 604- زياد الأعجم أبو أسامة بن سليم.
363 613- زياد بن جبير.
307 575- زياد بن جبير بن حية.
515 702- زياد بن علاقة.
289 554- زيد بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
110 446- زيد بن وهب أبو سليمان الجهني.
442 659- سالم بن أبي الجعد.
31 388- أبو سالم الجيشاني سفيان بن هانئ.
271 544- سالم بن عبد الله بن عمر.
356 602- سبلان سالم بن عبد الله
سعبد بن إياس = أبو عمرو والشيباني.
375 620- سعد بن عبيد أبو حمزة السلمي.
375 621- سعيد بن أبي هند.
186 484- سعيد بن جبير.
478 675- سعيد بن الحارث.
285 551- سعيد بن عبيد الرحمن بن أبزى.
505 690- سَعِيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ.
123 456- سعيد بن المسيب.
516 703- سعيد المقبري.
100 407- سعيد بن وهب.
351 592- سعيد بن يسار البصري.
432 647- سعيد بن يسار المدني = أبو الحباب.
417 641- أبو السفر سعيد بن يحيى الهمداني.
سفيان بن هانئ =أبو سالم الجيشاني
207 504- أبو سلام ممطور الحبشي.
166 476- أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
494 680- سليم بن عامر الكلاعي.
68 407- سليم بن عنز.(5/552)
405 631- سليمان بن بريدة.
444 662- سليمان بن عبد الملك.
357 603- سليمان بن قتة التيمي.
263 541- سليمان بن يسار.
28 386- سويد بن غفلة.
79 419- شبث بن ربعي.
77 418- شبيب بن يزيد الخارجي.
209 506- شراحيل بن آدة = أبو الأشعث الصنعاني.
48 400- شريح القاضي بن الحارث بن قيس الكندي.
53 401- شريح بن هانئ الحارثي المذحجي.
171 481- الشعبي عامر بن شراحيل.
285 552- أبو الشعثاء جابر بن زيد.
99 436- أبو الشعثاء المحاربي سليم بن أسود.
أبو الشعثاء البصري =بشير بن نهيك.
491 677- شعيب بن محمد.
492 668- أَبُو شُعَيْبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عمرو السهمي.
87 427- شقيق بن سلمة.
218 519- شهر بن حوشب.
284 548- صالح بن أبي مريم أبو خليل الضبعي.
394 626- أبو صالح باذام.
395 627- أبو صالح الحنفي.
393 625- أبو صالح السمان.
165 475- صفوان بن محرز المازني.
304 569- صلة بن أشيم.
309 578- صلة بن زفر.
361 608- الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب.
358 606- الضحاك بن مزاحم الهلالي.
362 609- الضحاك المشرقي.
418 642- أبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي.
395 628- طاوس بن كيسان اليماني.
96 434- طَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ.
498 685- طلحة بن مصرف أبو محمد اليامي الهمداني.
360 607- طلق بن حبيب العنزي.
213 510- طويس أبو عبد المنعم عيسى بن عبد الله.
212 508- أبو ظبيان الجني حصين بن جندب.(5/553)
99 437- عابس بن ربيعة النخمي.
117 453- أبو العالية الرياحي رفيع بن مهران.
203 490- عامر بن سعد بن أبي وقاص.
518 705- عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ.
216 515- عائخشة بنت طلحة بن عبد الله.
123 455- عباد بن عبد الله بن الزبير.
441 657- عُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
467 666- عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخطاب.
376 622- عبد الرحمن بن أبان.
242 529- عبد الرحمن بن أبي بكرة.
150 464- عبد الرحمن بن أبي ليلى.
412 635- عبد الرحمن بن أبي نعم.
376 623- عبد الرحمن بن الأسود أبو حفص النخعي.
413 637 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ.
أبو عبد الرحمن الدمشقي =القاسم بن عبد الرحمن.
205 498- عبد الرحمن بن سعد بن أبي وقاص.
153 465- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ حبيب.
289 555- عبد الرحمن بن عائذ الحمصي.
عبد الرحمن بن مل =أبو عثمان النهدي.
402 629- عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية.
467 665- عَبْدُ العَزِيْزِ ابْنُ الخَلِيْفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ الملك.
307 576- عبد العزيز بن رفيع.
141 458- عبد العزيز بن مروان بن الحكم.
93 429- عبد الله بن أبي الهزيل.
403 630- عبد الله بن بريدة.
362 610- عبد الله بن حنين.
عبد الله بن زيد =أبو قلابة الجرمي.
79 420- عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ بنِ خلف.
85 425- عبد الله بن عبيد بن عمير.
عبد الله بن قيس =أبو بحرية.
عبد الله بن مالك أبي الأسحم = أبو تميم الجيشاني.(5/554)
294 562- عبد الله بن محيريز.
117 452- عبد الله بن معبد الزماني.
116 451- عبد الله بن معقل بن مقرن.
139 457- عبد الملك بن مروان بن الحكم.
526 712- عبدة بن أبي لبابة.
عبيد بن حصين = الراعي أبو جندل.
363 612- عبيد بن حنين.
84 424- عبيد بن عمير.
72 412- عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي.
281 547- عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ.
212 509- أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ.
96 435- أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُلٍّ.
405 632- عدي بن أرطأة.
496 683- عدي بن ثابت.
443 660- عدي بن الرقاع العاملي الشاعر.
443 661- عَدِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ الحِمَارِ العِبَادِيُّ التَّمِيْمِيُّ.
413 636- عراك بن مالك الغفاري.
249 536- عروة بن الزبير بن العوام.
423 644- عطاء بن أبي رباح.
265 542- عطاء بن يسار.
217 517- عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث.
378 624- عكرمة مولى ابن عباس.
114 450- العلاء بن زياد بن مطر.
509 696- علقمة بن مرث أبو الحارث.
227 525- علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
290 556- علي بن ربيعة أبو المغيرة الوالي.
437 650- علي بن رباح.
509 697- علي بن زيد بن جدعان.
204 492- عمر بن سعد بن أبي وقاص.
445 663- عمر بن عبد العزيز.
222 520- عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ.
95 431- عمر بن عبيد الله بن معمر.
336 589- عمر بن هبيرة.
121 454- عمران بن حطان.
216 516- عمران بن طلحة بن عبيد الله.(5/555)
عمران بن ملحان = أبو رجاء العطاردي.
302 567- عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد.
204 491- عمرو بن سعد بن أبي وقاص.
479 410- عمرو بن شراحيل أبو ميسرة.
95 676- عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله.
70 432- أبو عمرو الشيباني سعد بن إياس.
206 502- عمرو بن عثمان بن عفان.
502 689- عمرو بن مرة.
85 426- عمرو بن ميمون.
204 495- عمير بن سعد بن أبي وقاص.
262 539- عمير بن سعيد النخعي.
440 653- عون بن أبي جحيفة السوائي.
439 652- عون بن عبد الله أبو عبد الله الهذلي.
307 576- عِيَاضُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدِ بنِ أبي السرح.
72 413- عياض بن عمرو الأشعري.
215 512- عيسى بن طلحة بن عبد الله.
352 594- الفرزدق همام بن غالب.
500 687- القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي.
501 688- القاسم بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعود.
406 633- القاسم بن محمد بن أبي بكر.
505 692- القاسم بن مخيمرة أبو عروة الهمداني.
101 440- القُبَاعُ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ.
162 471- قبيصة بن ذؤيب.
514 701- ابو قبيل المعافري.
241 528- قتيبة بن مسلم.
241 527- قرة بن شريك القيسي.
80 421- قطري بن الفجاءة.
414 638- القرظي محمد بن كعب.
277 546- أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ.
111 449- قيس بن أبي حازم.
478 674- قيس بن مسلم أبو عمرو الجدلي.
470 669- كثير عزة.
11 379- كثير بن مرة.(5/556)
284 549- كريب بن أبي مسلم أبو رشدين.
94 430- مالك بن أوس بن الحدثان.
208 505- مالك بن أسماء بن خارجة.
55 403- مالك السرايا بن عبد الله الخثعمي الفلسطيني.
375 619- أبو المتوكل التابعي البصري.
266 543- مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ أَبُو الحَجَّاجِ المَكِّيُّ الأَسْوَدُ.
517 704- محخارب نب دثار.
325 586- محمد بن جبير بن محمد بن عدي.
440 654- محمد بنِ زَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بن الخطاب.
203 489- محمد بن سعد بن أبي وقاص.
363 614- محمد بن سيرين.
215 513- محمد بن طلحة بن عبيد الله السجاد.
441 655- محمد بن عبادة بن جعفر القرشي المخزومي.
492 668- مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو السَّهْمِيُّ.
34 393- محمد بن عبد الرحمن النخعي.
492 688- محمد بن علي الحسين بن علي =أَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ.
مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ. ابْن الحنفية.
523 707- محمد بن عمرو بن عطاء أبو عبد الله القرشي العامري.
467 664- محمد بن مروان بن الحكم.
495 681- محمد بن يحيى بن حبان أبو عبد الله الأنصاري.
31 389- مرة بالطيب بن شراحيل.
164 473- مَرْثَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو الخَيْرِ اليَزَنِيُّ.
23 385- مسروق بن الأجدع الهمداني.
304 571- مسلم بن يسار البصري.
307 573- مسلم بن يسار الجهني.
307 574- مسلم بن يسار الدوسي.
306 572- مسلم بن يسار الطنبذى.
438 651- المسيب بن رافع أوب العلاء الأسدي الكاهلي.
73 416- مصعب بن الزبير بن العوام.
204 493- مصعب بن سعد بن أبي وقاص.
105 445- مطرف بن عبد الله بن الشخير.(5/557)
303 568- مُعَاذَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ أُمُّ الصَّهْبَاءِ العَدَوِيَّةُ.
470 670- معاوية بن قرة بن إياس المزني.
73 414- معاوية بن يزيد بن معاوية.
508 694- معبد بن خالد الجدلي أبو القاسم.
103 44- مَعْبَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُوَيْمِرٍ الجُهَنِيُّ.
96 433- المعرور بن سويد.
69 408- أبو معمر عبد الله بن سخبرة.
475 673- مكحول الأزدي البصري.
472 672- مكحول الدمشقي.
433 648- أبو المليح بن أسامة بن عمير.
429 645- ابن أبي مليكة.
317 582- المنذر بن مالك العبدي أبو نضرة.
493 679- المنهاب بن عمرو أبو عمرو الأسدي.
513 699- ابْنُ أَبِي المُهَاجِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بن أبي المهاجر.
225 523- المهلب بن أبي صفرة.
207 503- مورق العجلي أبو المعتمر البصري.
213 511- موسى بن طلحة بن عبيد الله.
295 563- موسى بن نصير.
442 658- موسى بن ودان.
441 656- موسى بن يسار المخرمي.
495 682- ابن موهب أَبُو عَبْدِ اللهِ عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن موهب التيمي.
70 410- أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل.
418 643- ميمون بن مهران.
324 585- نَافِعُ بنُ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ.
433 649- نافع مولى ابن عمر.
317 582- أبو نضرة المنذر بن مالك العبدي.
524 709- نعيم بن عبد الله المجمر.
12 380- هرم بن حبان.
163 472- همام بن الحارث النخعي.
202 488- الوليد بن عبد الملك بن مروان.
523 708- وهب بن كيسان.
326 587- وهب بن منبه.
205 497- يحيى بن سعد بن أبي وقاص.
222 521 - يحيى بن وثاب.
261 538- يحيى بن يعمر.(5/558)
262 540- يزيد بن أبي كبشة.
355 599- يزيد بن أبي مسلم.
309 579- يزيد بن الأصم.
310 580- يزيد بن الحكم.
524 710- يزيد بن صهيب.
293 561- يزيد بن عبد الله بن الشخير.
468 668- يزيد بن عبد الملك.
5 376- يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
299 565- يزيد بن المهلب.
514 700- أبو يعفور العبدي الكوفي.
505 691- يعلى بن عطاء العامري.
416 639- يوسف بن ماهك.
527 713- يونس بن ميسرة.(5/559)
المجلد السادس
تابع الطبقة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم
717- عاصم بن عمر 1: "ع"
ابن قتادة بن النعمان، أَبُو عُمَرَ الظَّفَرِيُّ, الأَنْصَارِيُّ المَدَنِيُّ وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو, أَحَدُ العُلَمَاءِ.
يَرْوِي عَنْ أَبِيْهِ: وَعَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَمَحْمُوْدِ بنِ لَبِيْدٍ, وَرُمَيْثَةَ الصَّحَابِيَّةِ- وَهِيَ جَدَّتُهُ- وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وابن إسحاق, وعبد الرحمن ابن سُلَيْمَانَ بنِ الغَسِيْلِ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُمَا, وَكَانَ عَارِفاً بِالمَغَازِيِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ابْنُ إِسْحَاقَ كَثِيْراً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ ومئة وَقِيْلَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ, وَهُوَ أَصَحُّ. وَيُقَالُ: سَنَةَ ست أو سنة سبع وعشرين ومئة وَكَانَ جَدُّهُ مِنْ فُضَلاَءِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ الَّذِي رَدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَيْنَهُ فعادت -بإذن الله- كما كانت.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3040" المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 422" و"3/ 259" لجرح والتعديل "6/ ترجمة 1913"، الكاشف "2/ ترجمة 2533"، تاريخ الإسلام "4/ 261" ميزان الاعتدال "2/ 355" تهذيب التهذيب "5/ 53"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3240"، شذرات الذهب "1/ 157".(6/5)
718- مسلمة بن عبد الملك 1: "د"
ابن مروان بن الحكم الأَمِيْرُ الضِّرْغَامُ, قَائِدُ الجُيُوْشِ أَبُو سَعِيْدٍ, وَأَبُو الأَصْبَغِ الأُمَوِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ وَيُلَقَّبُ: بِالجَرَادَةِ الصَّفْرَاءِ.
حَكَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ يَحْيَى الغَسَّانِيُّ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ صالح وله حديث في "سنن أبي
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1683" الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1214" الكاشف "3/ ترجمة 5537" تاريخ الإسلام "5/ 163", تهذيب التهذيب "10/ 144"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7003".(6/5)
دَاوُدَ". لَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُوْدَةٌ مَعَ الرُّوْمِ, وَهُوَ الَّذِي غَزَا القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ, وَكَانَ مَيْمُوْنَ النَّقِيْبَةِ, وَقَدْ وَلِيَ العِرَاقَ لأَخِيْهِ يَزِيْدَ ثُمَّ أَرْمِيْنِيَةَ.
قَالَ اللَّيْثُ: وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَمائَةٍ غَزَا مَسْلَمَةُ التُّرْكَ وَالسِّنْدَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ مَسْلَمَةُ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ أَوْلَى بِالخِلاَفَةِ مِنْ سَائِرِ إِخْوَتِهِ. وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُو نُخَيْلَةَ:
أَمَسْلَمُ إِنِّي يَا ابْنَ خَيْرِ خَلِيْفَةٍ ... وَيَا فَارِسَ الهَيْجَاءِ يَا جَبَلَ الأَرْضِ
شَكَرْتُكَ إِنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ مِنَ التُّقَى ... وَمَا كُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ نعمة يغضي
وَأَحْسَنْتَ لِي ذِكْرِي, وَمَا كُنْتُ خَامِلاً ... وَلَكِنَّ بَعْضَ الذِّكْرِ أَنْبَهُ مِنْ بَعْضِ(6/6)
عبيد الله بن أبي يزيد(6/)
الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ:
796- مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ 1: "ع"
الحَافِظُ, الثَّبْتُ, القُدْوَةُ أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ, الكُوْفِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَمٍ: هُوَ مِنْ بَنِي بُهْثَةَ بنِ سُلَيْمٍ, مِنْ رَهطِ العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ.
قُلْتُ: يَرْوِي، عَنْ: أَبِي وَائِلٍ, وَرِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَكُرَيْبٍ, وَأَبِي الضُّحَى, وَأَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ, وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ, وَطَبَقَتِهم.
وَمَا عَلِمتُ لَهُ رِحلَةً وَلاَ رِوَايَةً، عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَبلاَ شَكٍّ كَانَ عِنْدَه بِالكُوْفَةِ بَقَايَا الصَّحَابَةِ, وَهُوَ رَجُلٌ شَابٌّ مِثْلُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ إلَّا أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ صَاحِبَ إِتقَانٍ وَتَألُّهٍ وَخَيْرٍ.
وَيَنْزِلُ فِي الرِّوَايَةِ إِلَى: الزُّهْرِيِّ, وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ وَيُفَضِّلُوْنَهُ عَلَى الأَعْمَشِ.
وَقِيْلَ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ مُطْلَقاً: سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مسعود.
حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْهُم: حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -وَهُوَ ابْنُ عَمِّه- وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -وَهُم مِنْ أَقْرَانِهِ- وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ, وَشَرِيْكٌ القَاضِي, وَمَعْمَرُ بنُ رَاشِدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ, وَالفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ, وَأَسْبَاطُ بنُ نَصْرٍ وَإِسْرَائِيْلُ, وَجَعْفَرُ بنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ, وَالحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ حَيٍّ, وَمُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهَلٍ, وَهُرَيْمُ بنُ سُفْيَانَ, وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ وَزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ, وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ, وَأَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَرْوَزِيُّ, وَالجَرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ أَبُو وَكِيْعٍ, وَالحَكَمُ بنُ هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ, وَسَلاَمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ, وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ المَسْعُوْدِيُّ, وَمُعَلَّى بنُ هِلاَلٍ الطَّحَّانُ, وَأَبُو عَوَانَةَ الوَضَّاحُ, وَأَبُو المُحَيَّاةِ يَحْيَى بنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ, وَعَبْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبَّارُ, وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمٌ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وسفيان بن عيينة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 337"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1491"، الكنى للدولابي "2/ 76"، والجرح والتعديل "8/ ترجمة 778" حلية الأولياء "5/ 40"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 23"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 135"، الكاشف "3/ ترجمة 5746"، تاريخ الإسلام "5/ 305" العبر "1/ 259"، تهذيب التهذيب "10/ 312"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7217"، شذرات الذهب "لابن العماد "1/ 189".(6/128)
رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ, قَالَ: مَا كَتَبتُ حَدِيْثاً قَطُّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنْ مَنْصُوْرٍ.
أجَازَ لَنَا ابْنُ البُخَارِيِّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدْ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا الصَّرِيْفِيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ, حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَصَّارُ, حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، عَنْ زَائِدَةَ قَالَ: قُلْتُ لِمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ اليَوْمَ الَّذِي أَصُومُ أَقَعُ فِي الأُمَرَاءِ? قَالَ: لاَ قُلْتُ: فَأَقعُ فِي مَنْ يَتَنَاوَلُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ? قَالَ: نَعَمْ.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنِي ابْنُ زَنْجَوَيْه, سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مَهْدِيٍّ, سمعت أبا الأحوص, قال: قالت: بنت جار مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ يَا أَبَةُ أَيْنَ الخَشَبَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي سَطحِ مَنْصُوْرٍ قَائِمَةً? قَالَ: يَا بُنَيَّةُ ذَاكَ مَنْصُوْرٌ كَانَ يَقُوْمُ اللَّيْلَ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: رَأَيْت مَنْصُوْراً إِذَا قَامَ فِي الصَّلاَةِ, عَقَدَ لِحْيَتَه فِي صَدْرِهِ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الأَجْلَحِ, قَالَ: رَأَيْتُ مَنْصُوْراً أَحْسَنَ النَّاسِ قِيَاماً فِي الصَّلاَةِ, وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.
حَدَّثَنِي العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ, سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَثْبَتَ مِنْ أَرْبَعَةٍ, فَبَدَأَ بِمَنْصُوْرٍ, وَأَبِي حَصِيْنٍ, وَسَلَمَةَ بن كهيل, وعمرو بن مرة قال: وكان مَنْصُوْرٌ أَثبَتَهم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْصُوْراً, كَانَ صَوَّاماً قَوَّاماً.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ مَنْصُوْرٍ مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَدْ رَوَى حُصَيْنٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ, وَكَانَ حُصَيْنٌ أَسَنَّ مِنْهُ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ سُئِلَ حُصَيْنٌ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ مَنْصُوْرٌ? قَالَ: إِنِّي لأَذكُرُ لَيْلَةَ زُفَّتْ أُمُّ مَنْصُوْرٍ إِلَى أَبِيْهِ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ قَالَ: اخْتَلَفَ مَنْصُوْرٌ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ وَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ فَلَمَّا أَخَذَ فِي الآثَارِ فَتَرَ.
وَبِهِ قَالَ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا الأَخْنَسِيُّ, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: لَوْ رَأَيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ, وَرَبِيْعَ بنَ أَبِي رَاشِدٍ, وَعَاصِمَ بنَ أَبِي النَّجُوْدِ فِي الصَّلاَةِ قَدْ وَضَعُوا لِحَاهُم عَلَى صُدُوْرِهِم عَرَفْتَ أَنَّهُم مِنْ أَبزَارِ الصَّلاَةِ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى وَسُئِلَ، عَنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ: أَيُّهُم أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: إِذَا جَاءكَ(6/129)
مَنْصُوْرٌ, فَقَدْ مَلأتَ يَدَيْكَ لاَ تُرِيْدُ غَيْرَه كَانَ سُفْيَانُ يَقُوْلُ: كُنْتُ لاَ أُحَدِّثُ الأَعْمَشَ، عَنْ أَحَدٍ إلَّا رَدَّه فَإِذَا قُلْتُ: مَنْصُوْرٌ سَكَتَ.
حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: قَالَ مَنْصُوْرٌ: وَدِدْتُ أَنِّي كَتَبتُ, وَأَنَّ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا, قَدْ ذَهَبَ مِنِّي مِثْلُ عِلْمِي.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَنْصُوْرٌ أَحْسَنُ حَدِيْثاً، عَنْ مُجَاهِدٍ مِنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ, حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ مَنْصُوْرٍ حَدَّثَنِي مَا قَبِلتُه مِنْهُ, وَلَقَدْ سَأَلتُه عَنْهُ فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي, فَلَمَّا جَرتْ بَيْنِي وَبَيْنَه المَعْرِفَةُ كَانَ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَنِي قَالَ: حَدَّثَنَا رِبْعِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: اجْتَمَعتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِيْهِم سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَرِقَّاؤُنَا لَحِقُوا بِكَ فَارْدُدْهُم عَلَيْنَا فَغَضِبَ حَتَّى رُؤِيَ الغَضبُ فِي وَجْهِه ... , وَذَكَرَ الحَدِيْثَ1.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ, حَدَّثَنَا عَفَّانُ, حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ القَضَاءَ كَانَ يَأْتِيْهِ الخَصمَانِ فَيَقُصُّ ذَا قِصَّتَه وَذَا قِصَّتَه فَيَقُوْلُ: قَدْ فَهِمتُ مَا قُلتُمَا وَلَسْتُ أَدْرِي مَا أَرُدُّ عَلَيْكُمَا فَبَلَغَ ذَلِكَ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَوِ ابْنَ هُبَيْرَةَ, وَهُوَ الَّذِي كَانَ وَلاَّهُ فَقَالَ: هَذَا أَمرٌ لاَ يَنْفَعُ إلَّا مَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ بِشَهْوَةٍ قَالَ: يَعْنِي: فَعَزَلَهُ.
حَدَّثَنَا الأَخْنَسِيُّ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ مَعَ مَنْصُوْرٍ جَالِساً فِي مَنْزِلِهِ, فَتَصِيْحُ بِهِ أُمُّه, وَكَانَتْ فَظَّةً عَلَيْهِ, فَتَقُوْلُ: يَا مَنْصُوْرُ يُرِيْدُك ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى القَضَاءِ فَتَأْبَى وَهُوَ وَاضِعٌ لِحْيَتَه عَلَى صَدْرِهِ, مَا يَرْفَعُ طَرْفَه إِلَيْهَا. قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ مِنَ الحَكَمِ.
يَحْيَى القَطَّانُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ, قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ, لَقُلْتَ: يَمُوْتُ السَّاعَةَ.
وَقَالَ زَائِدَةُ: امْتَنَعَ مَنْصُوْرٌ مِنَ القَضَاءِ, فَدَخَلتُ عَلَيْهِ وَقَدْ جِيْءَ بِالقَيدِ لِيُقَيَّدَ, فَجَاءهُ خَصمَانِ, فَقَعَدَا فَلَمْ يَسْأَلْهُمَا وَلَمْ يُكَلِّمْهُمَا فَقِيْلَ لِيُوْسُفَ بنِ عُمَرَ: لَوْ نَثَرتَ لَحْمَه لَمْ يَلِ القَضَاءِ فَتَرَكَهُ.
يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ: سَأَلْتُ مَنْصُوْراً وَأَيُّوْبَ، عَنِ القِرَاءةِ يَعْنِي: قِرَاءةَ الحَدِيْثِ فَقَالاَ جَيِّدَةٌ.
ابْنُ مَعِيْنٍ: سَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ: كَانَ مَنْصُوْرٌ إِذَا رَأَى مَعِي رُقعَةً يَقُوْلُ: لاَ تكتب عني فأتركه وآتي مغيرة.
__________
1 ضعيف: في إسناده شريك، وهو ابن عبد الله النخعي، ضعيف لسوء حفظه.(6/130)
قَالَ العَلاَءُ بنُ سَالِمٍ: كَانَ مَنْصُوْرٌ يُصَلِّي فِي سَطْحِه, فَلَمَّا مَاتَ, قَالَ غُلاَمٌ لأُمِّهِ: يَا أُمَّه! الجِذعُ الَّذِي فِي سَطحِ آلِ فُلاَنٍ, لَيْسَ أَرَاهُ! قَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَيْسَ ذَاكَ بِجِذعٍ ذَاكَ مَنْصُوْرٌ, وَقَدْ مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ: أَنَّ مَنْصُوْراً صَامَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً, وَقَامَ لَيْلَهَا وَكَانَ يَبْكِي فَتَقُوْلُ لَهُ: أُمُّهُ يَا بُنَيَّ قَتَلتَ قَتِيْلاً? فَيَقُوْلُ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعتُ بِنَفْسِي. فَإِذَا كَانَ الصُّبْحُ كَحَّلَ عَيْنَيْهِ وَدَهَنَ رَأْسَه وَبرَّقَ شَفَتَيْهِ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ.
وَذَكَرَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ مَنْصُوْراً, فَقَالَ: قَدْ كَانَ عَمِشَ مِنَ البُكَاءِ.
وَعَنْ مُفَضَّلٍ, قَالَ: حَبَسَ ابْنُ هُبَيْرَةَ مَنْصُوْراً شَهراً عَلَى القَضَاءِ, يُرِيْدُهُ عَلَيْهِ, فَأَبَى, وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَحضَرَ قَيداً لِيُقَيِّدَه بِهِ, ثُمَّ خَلاَّهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ مَنْصُوْرٌ أَثْبَتَ أَهْلِ الكُوْفَةِ, لا يختلف فيه أحد, صالحا، مُتَعَبِّدٌ أُكرِهَ عَلَى القَضَاءِ, فَقَضَى شَهْرَيْنِ. قَالَ: وَفِيْهِ تَشَيُّعٌ قَلِيْلٌ, وَكَانَ قَدْ عَمِشَ مِنَ البُكَاءِ.
قُلْتُ: تَشَيُّعُه حُبٌّ وَوَلاَءٌ فَقَطْ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الأَعْمَشُ: حَافِظٌ, يُدَلِّسُ, وَيُخَلِّطُ, وَمَنْصُوْرٌ: أَتْقنُ مِنْهُ, لاَ يُخَلِّطُ وَلاَ يُدَلِّسُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الفَرَّاءُ: أَثْبَتُ أَهْلِ الكُوْفَةِ: مَنْصُوْرٌ, ثُمَّ مِسْعَرٌ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ فِي "الكُنَى": أَبُو عَتَّابٍ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَيُقَالُ: ابْنُ المُعْتَمِرِ بنِ عَتَّابِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَيُقَالُ: ابْنُ المُعْتَمِرِ بنِ عَتَّابِ بنِ فَرْقَدٍ السُّلَمِيُّ, مِنْ بُهْثَةَ1 بنِ سُلَيْمٍ, مِنْ رَهطِ العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ, وَمُجَاشِعِ بنِ مَسْعُوْدٍ السُّلَمِيَّيْنِ, وَجَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بنُ رَبِيْعَةَ السُّلَمِيُّ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِدَادُه فِي التَّابِعِيْنَ.
سَمِعَ زَيْدَ بنَ وَهْبٍ, وَأَبَا وَائِلٍ شَقِيْقَ بنَ سَلَمَةَ, وَرَوَى عَنْهُ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, إِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحْفُوْظاً.
رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَأَيُّوْبُ بنُ أَبِي تَمِيْمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ, وَسُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ الكَاهِلِيُّ, وَهُوَ أَحَدُ مُتَّقِي مَشَايِخِ الكُوْفِيِّينَ, وَنُسَّاكِهِم مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ,
__________
1 البهثة: بطنان. بهثة من بني ضبيعة بن ربيعة. وبهثه من بن سليم، وهو أبو حي من سليم وهو بهثة بن سليم ابن منصور.(6/131)
وَيُقَالُ سَنَةَ ثَلاَثٍ, وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَهُوَ ابْنُ عَمِّ حُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ. قَالَ: وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ أَخُوْهُ لأُمِّهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: طَلبَ مَنْصُوْرٌ الحَدِيْثَ قَبْل وَقْعَةِ الجَمَاجِمِ1 وَالأَعْمَشُ طَلَبَ بَعْدَ الجَمَاجِمِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ أَتْقَنُ مِنَ الأَعْمَشِ لاَ يُخَلِّطُ وَلاَ يُدلِّسُ بِخِلاَفِ الأَعْمَشِ.
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مَنْصُوْرٌ فِي الدِّيوَانِ فَكَانَ إِذَا دَارَتْ نَوبَتُه لَبِسَ ثِيَابَه وَذَهَبَ فَحَرَسَ يَعْنِي فِي الرِّبَاطِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ صَاحِبَكُم, وَكَانَ مِنْ هَذِهِ الخَشَبِيَّةِ وَمَا أُرَاهُ كَانَ يَكْذِبُ قُلْتُ: الخَشَبِيَّةُ هُمُ الشِّيْعَةُ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ: كَانَ مَنْصُوْرٌ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ.
وَحِكَايَةُ أَبِي بَكْرٍ البَاغَنْدِيِّ الحَافِظِ مَشْهُوْرَةٌ, سَمِعنَاهَا فِي "مُعْجَمِ الغَسَّانِيِّ", أَنَّهُ كَانَ يَنتَخِبُ عَلَى شَيْخٍ, فَكَانَ يَقُوْلُ لَهُ: كَمْ تُضجِرُنِي? أَنْتَ أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنِّي وَأَحْفَظُ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ جِئْتُ إِلَى الحَدِيْثِ بِحَسْبِكَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ فَلَمْ أَسْأَلْه الدُّعَاءَ وَإِنَّمَا قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيُّمَا أَثْبَتُ فِي الحَدِيْثِ مَنْصُوْرٌ أَوِ الأَعْمَشُ? فَقَالَ: مَنْصُوْرٌ مَنْصُوْرٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بنُ جَمِيْلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن عيينة قال رأيت منصور ابن المُعْتَمِرِ فَقُلْتُ مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ? قَالَ كِدتُ أَنْ أَلْقَى الله تَعَالَى بِعَمَلِ نَبِيٍّ. ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ صَامَ مَنْصُوْرٌ سِتِّيْنَ سَنَةً يَقُوْمُ لَيْلَهَا وَيَصُوْمُ نَهَارَهَا رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ أبو نعيم الملائي: مات منصور بعدما قَدِمَ السُّوْدَانُ- يَعْنِي: المُسَوَّدَةَ, أَيْ: آلَ العَبَّاسِ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَاتَ مَنْصُوْرٌ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَفِيْهَا أَرَّخَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ, وَشَبَابٌ العُصْفُرِيُّ وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ بَعْد السُّودَانِ بِقَلِيْلٍ, ثُمَّ أعاده في سنة ثلاث ثلاثين فالله أعلم. ومن عواليه:
__________
1 وقعة الجماجم كانت بين عبد الرحمن بن الاشعث، والحجاج بن يوسف الثقفي، وكانت الغلبة فيها للحجاج وقتل فيها عدد كبير من القراء. والجماجم موضع بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها.(6/132)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُؤَيَّدٍ المِصْرِيُّ بِهَا, فِي رَجَبٍ, سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَرَجِ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ, وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ قَالُوا، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ ومائة فِي مَنْزِلِنَا أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الحَافِظُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ حَدَّثَنَا عثمان بن أبي شبية حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ, قَالَ: "ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ كَذُوْبٌ إِذَا حَدَّثَ, مُخَالِفٌ إِذَا وَعَدَ, خَائِنٌ إِذَا ائْتُمِنَ, فَمَنْ كَانَتْ فِيْهِ خَصْلَةٌ فَفِيْهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا" 1.
وَبِهِ قَالَ جَعْفَرٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, أَخْبَرَنِي مَنْصُوْرٌ, سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "آيَةُ المُنَافِق...." فَذَكَرَ نَحْوَهُ2.
قَالَ عَمْرٌو لاَ أَعْلَمُ أَحَداً تَابَعَ أَبَا دَاوُدَ عَلَى هَذَا, وَهُوَ ثِقَةٌ قُلْتُ: يَعْنِي تَفَرَّدَ برفعه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِملاَءً حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بنُ خِرَاشٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَمَنْ كذب علي معتمدا فَلْيَلِجِ النَّارَ" 3. هَذَا
حَدِيْثٌ حَسَنٌ عَالٍ, وَإِسْنَادُهُ مُسلْسَلٌ بِحَدَّثَنَا وَقَلَّ أَنْ يَقَعَ مِثْلُ هَذَا وَفِي رِجَالِه مَعَ صِدْقِهِم خَمْسَةُ رِجَالٍ فِيْهِم مَقَالٌ, وَمَتْنُهُ مَقْطُوْعٌ بِهِ.
وَرَوَاهُ البَغَوِيُّ أَيْضاً فِي "الجَعْدِيَّاتِ" فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، أنبأنا منصور.
__________
1 صحيح: أخرجه البزار "86" كشف الأستار من طريق شعبة، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله، به مرفوعا، ورواه أبو هريرة مرفوعا بلفظ: "ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَإِنْ صلى وصام وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائتمن خان" أخرجه أحمد "2/ 397 و536"، ومسلم "59" "110"، وأبو عوانة "1/ 21"، وابن منده "530"، والبيهقي "6/ 288"، والبغوي "36" من طرق عن حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
2 راجع تخريجنا السابق.
3 صحيح: تقدم تخريجنا له مرارا من طرق أخرى غير طريق علي بن أبي طالب، وطريق على هذا ضعيف، آفته شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، ضعيف لسوء حفظه. لكن الحديث يصح من طريق أنس بن مالك وعقبة بن عامر، وابن عمر وغيرهم- رضي الله عنهم.(6/133)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو علي، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنتُ وَإِذَا أَسَأتُ? قَالَ: "إِذَا سَمِعْتَ جِيْرَانَكَ يَقُوْلُوْنَ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ وَإِذَا سَمِعْتَهُم يَقُوْلُوْنَ: قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ" قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ غَرِيْبٌ مِنْ حَدِيْثِ مَنْصُوْرٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا خَطِيْبُ المَوْصِلِ عَبْدُ اللهِ وَشُهْدَةُ الكَاتِبَةُ, وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةُ قَالُوا: أَنْبَأَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى المتولي حدثنا ابو الأشعث حدثنا فضيل ابن عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُون} [الذَّارِيَاتُ: 13] قَالَ: يُحْرَقُوْنَ عَلَيْهَا, وَيُعَذَّبُوْنَ.
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ بَرَكَةَ, وَجَمَاعَةٌ, قَالُوا: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً, وَأَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَلاَءِ, وَالحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المقرىء وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ الجَبَّارِ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سَجَدَ سَجْدَتَي السَّهْوِ بَعْد التَّسْلِيمِ وَحَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجَدَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَيُوْسُفُ الحَجَّارُ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَكِّيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ قَالَ: "لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لغني ولا لذي مرة سوي" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4223"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 43".
2 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 207"، وأحمد "2/ 377 و389"، والنسائي "5/ 99" وابن ماجه "1839"، وابن الجارود "364"، وأبو يعلى "6401"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 14"والدارقطني "2/ 118"، وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي "7/ 14" من طرق عن أبي بكر بن عياش، أخبرنا أبو حصين، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ أَبِي هريرة، به مرفوعا. وأبو حصين هو عثمان ابن حصين الأسدي، وفي الإسناد سالم بن أبي الجعد، لم يصرح بسماعه من أبي هريرة، فقد كان كثير الإرسال عن الصحابة.=(6/134)
هَذَا حَدِيْثٌ قَوِيُّ الإِسْنَادِ, مُتَجَاذَبٌ بَيْنَ الوَقفِ وَالرَّفعِ, إِذْ قَوْلُه: يَبْلُغُ بِهِ, مُشْعِرٌ بِرَفْعِهِ, وَتَرْكُهُ لِذِكْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُؤْذِنٌ بِوَقْفِهِ.
قَالَ حَمَّادِ بنِ زَاذَانَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: حُفَّاظُ الكُوْفَةِ أَرْبَعَةٌ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ, وَمَنْصُوْرٌ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَأَبُو حُصَيْنٍ.
وَقَالَ بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ: لَقِيْتُ سُفْيَانَ بِمَكَّةَ, فَقَالَ: مَا خَلَّفتُ بَعْدِي بِالكُوْفَةِ آمَنَ عَلَى الحَدِيْثِ مِنْ مَنْصُوْرٍ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ قُلْتُ: لأَبِي إِنَّ قَوْماً قَالُوا: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ فِي الزُّهْرِيِّ مِنْ مَالِكٍ. قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ رَوَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ? هَؤُلاَءِ جُهَّالٌ, مَنْصُوْرٌ إِذَا نَزَلَ إِلَى المَشَايِخِ اضْطَرَبَ, وَلَيْسَ أَحَدٌ أَرْوَى، عَنْ مُجَاهِدٍ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: مَنْصُوْرٌ نَظِيْرُ أَيُّوْبَ عِنْدِي, وَهُوَ أَثْبَتُ مِنَ الحَكَمِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: الحَكَمُ أَثْبَتُ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِذَا حَدَّثكَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ ثِقَةٌ فَقَدْ مَلأتَ يَدَيْكَ لاَ تُرِيْدُ غَيْرَه.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَ سُفْيَانُ يَوْماً، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ فقال هذا الشرف على الكراسي.
__________
= والحديث ورد عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ: أخرجه ابن أبي شيبة "3/ 207" و"14/ 274-275"، وأحمد "2/ 164 و192"، وعبد الرزاق "7155"، والطيالسي "2271"، والترمذي "652"، والدارمي "1/ 386"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 14"، والدراقطني في "السنن" "3/ 119"، والحاكم "1/ 407"، وابن الجارود في "المنتقى" "362"، والبيهقي في " السنن" "7/ 13"، والبغوي "1559"، والقضاعي في "مسند الشهاب "884" من طرق عن سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن ريحان بن يزيد العامري، عن عبد الله بن عمرو، به مرفوعا.(6/135)
797- أبو حصين 1: "ع"
عثمان بن عاصم بن حصين وَقِيْلَ: بَدَلَ حَصِيْنٍ زَيْدُ بنُ كَثِيْرٍ الإِمَامُ الحافظ الأسدي الكوفي.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ: هُوَ مِنْ وَلَدِ عَبِيْدِ بنِ الأَبْرَصِ.
رَوَى عَنْ: جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَابْنِ الزُّبَيْرِ, وَأَنَسٍ, وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ, وَغَيْرِهِم مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَرَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ مُرْسَلاً. وَعَنْ: عُمَيْرِ بنِ سَعِيْدٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَأَبِي الضُّحَى, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَّانِ, وَأَبِي وَائِلٍ الأَسَدِيِّ, وَيَحْيَى بنِ وَثَّابٍ, وَأَبِي مَرْيَمَ الأَسَدِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ, وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ, وَزَائِدَةُ, وَشَرِيْكٌ, وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَأَبُو الأَحْوَصِ الحَنَفِيُّ يُقَالُ: حَدِيْثاً وَاحِداً وَإِسْرَائِيْلُ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ جُشَمِ بنِ الحَارِثِ, ثُمَّ مِنْ أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ, قَالَ: أَرْبَعَةٌ بِالكُوْفَةِ لاَ يُخْتَلَفُ فِي حَدِيْثِهِم فَمَنِ اختلف عليهم فهو مخطىء لَيْسَ هُم مِنْهُم أَبُو حَصِيْنٍ الأَسَدِيُّ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ, قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَثْبَتُ مِنْ أَرْبَعَةٍ مَنْصُوْرٌ, وَأَبُو حَصِيْنٍ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ.
قَالَ: وَكَانَ مَنْصُوْرٌ أَثْبَتَ أَهْلِ الكُوْفَةِ.
وَرَوَى الحَارِثُ بنُ شُرَيْحٍ النَّقَّالُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: لاَ تَرَى حَافِظاً يَخْتَلِفُ عَلَى أَبِي حَصِيْنٍ.
الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, قَالَ: الأَعْمَشُ, وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ مَوَالِي وَأَبُو حَصِيْنٍ مِنَ العَرَبِ وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ يَصْنَعِ الأَعْمَشُ مَا صَنَعَ, وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ صَحِيْحَ الحَدِيْثِ قِيْلَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَصَحُّ حَدِيْثاً هُوَ أَوْ أَبُو إِسْحَاقَ؟ قَالَ: أَبُو حَصِيْنٍ أَصَحُّ حَدِيْثاً لِقِلَّةِ حَدِيْثِه وَكَذَا مَنْصُوْرٌ أَصَحُّ حَدِيْثاً مِنَ الأَعْمَشِ لِقِلَّةِ حَدِيْثِه.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ أَبُو حَصِيْنٍ شَيْخاً, عَالِياً, وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ يُقَالُ: كَانَ قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ أَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ, عِنْدَهُ عَنْهُ أَرْبَعُ مائة حديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 321"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2277"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 883"، الكاشف "2/ ترجمة 3762"، تاريخ الإسلام "5/ 107"، تهذيب التهذيب "7/ 126"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4751"، شذرات الذهبي "1/ 175".(6/136)
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: دَخَلتُ عَلَى أَبِي حَصِيْنٍ وَهُوَ مُختَفٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ, فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ -يَعْنِي: بَنِي أُمَيَّةَ- يُرِيْدُوْنِي عَلَى دِيْنِي وَاللهِ لاَ أُعْطِيْهِم إِيَّاهُ أَبَداً.
وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ -وَدَخَلتُ مَعَهُ المَسْجِدَ: انْظُرْ, هَلْ تَرَى أَبَا حَصِيْنٍ نَجلِسْ إِلَيْهِ?.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ, قَالَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ لَمَّا حَضَرتْهُ الوَفَاةُ: بِمَنْ تَأمُرُنَا؟ قَالَ: مَا أَنَا بِعَالِمٍ وَلاَ أَترُكُ عَالِماً, وَإِنَّ أبا حصين رجل صالح رَوَى مِثْلَهَا: مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ.
وَقَالَ مِسْعَرٌ: بَعَثَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ إِلَى أَبِي حَصِيْنٍ بِأَلْفَي دِرْهَمٍ وَهُوَ عَائِلٌ فَرَدَّهَا فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ رَدَدْتَهَا? قَالَ الحَيَاءُ وَالتَّكَرُّمُ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَبُو حَصِيْنٍ إِذَا سُئِلَ، عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ: لَيْسَ لِي بِهَا عِلْمٌ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ: سَمِعْتُ أَبَا حَصِيْنٍ يَقُوْلُ: إِنَّ أَحَدَهُم لَيُفْتِي فِي المَسْأَلَةِ, وَلَوْ وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ بَدْرٍ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ العَسْكَرِيُّ: أَبُو حَصِيْنٍ كَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِ الكُوْفَةِ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلدٌ ذَكَرٌ وَكَانَتْ لَهُ بِنْتٌ وَبِنتُ بِنْتٍ تَزَوَّجَ بِهَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَصِيْنٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ, ثُمَّ أَفَاقَ فَجَعَلَ يَقُوْلُ: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِين} [الزُّخْرُفُ76] ثُمَّ أُغمِيَ عَلَيْهِ, ثُمَّ أَفَاقَ, فَجَعَلَ يُرَدِّدُهَا, فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَخَلِيْفَةُ: مَاتَ أَبُو حَصِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ, وَأَبُو عُبَيْدٍ, وَابْنُ بُكَيْرٍ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَغَيْرُهُم: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ. وَهَذَا الصَّوَابُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ رِوَايَةً أُخْرَى شَاذَّةً: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ التَّمِيْمِيُّ بِسَفحِ قَاسِيُوْنَ وَبِالبَلَدِ، عَنْ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ(6/138)
البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا إسماعيل بن بِنْتِ السُّدِّيِّ, حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
مَا كُنْتُ أَدِي مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الحَدَّ إلَّا شَارِبَ الخَمْرِ فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَسُنَّ فِيْهِ شَيْئاً, إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ قُلْنَاهُ نَحْنُ.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ, عَالٍ أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَة جَمِيْعاً، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى, فَوَافَقْنَاهم بِعُلُوِّ دَرَجَتِه.(6/139)
798- مخرمة بن سليمان 1: "ع"
الوالبي المدني مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَكُرَيْبٍ مولى ابن عباس.
ورى عَنْهُ: عَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيْدٍ, وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قُتِلَ يَوْمَ وَقْعَةِ قُدَيْدٍ, سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ بِقُربِ مَكَّةَ في طلب الإمارة فقتل يَوْمَئِذٍ نَحْوُ الثَّلاَثِ مائَةٍ فِي صَفَرٍ وَانْهَزَمَ أهل المدينة وقالت امرأة:
ما للزمان وماليه ... أفنت قديد رجاليه
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 1983"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1659"، الكاشف "3/ ترجمة 5431"، تاريخ الإسلام "5/ 162"، تهذيب التهذيب "10/ 71"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6896".(6/139)
799- سعد بن إبراهيم 1: "ع"
ابن عبد الرحمن بن عوف الإِمَامُ, الحُجَّةُ, الفَقِيْهُ, قَاضِي المَدِيْنَةِ, أَبُو إِسْحَاقَ وَيُقَالُ: أَبُو إِبْرَاهِيْمَ القُرَشِيُّ, الزُّهْرِيُّ, المَدَنِيُّ.
رَأَى ابْنَ عُمَرَ, وَجَابِراً. وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بنِ الهَادِ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَحَفْصِ بنِ عَاصِمٍ, وَأَبِيْهِ إِبْرَاهِيْمَ, وَعَمِّهِ حُمَيْدٍ, وَخَالَيْهِ إِبْرَاهِيْمَ, وَعَامِرٍ ابْنَيْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَطَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ, وَطَلْحَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ, وَمَعَبْدٍ الجُهَنِيِّ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ, يُذْكَرُ مَعَ الزُّهْرِيِّ, وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: وَلدُهُ الحَافِظُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَالزُّهْرِيُّ, وَيَزِيْدُ بنُ الهَادِ, وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَزَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ, وَمِسْعَرٌ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَيُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجِشُوْنِ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ وحماد بن زَيْدٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثِقَةً, فَاضِلاً, وَلِيَ قَضَاءَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَجَمَاعَةٌ: ثِقَةٌ.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ, وقيل لَهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ? قَالَ لَيْسَ فِيْهِ سَمَاعٌ ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَلْقَ أَحَداً مِنَ الصَّحَابَةِ.
قُلْتُ: حَدِيْثُه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ".
وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ لاَ يُحَدِّثُ بِالمَدِيْنَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكْتُبْ عَنْهُ أَهْلُهَا, وَمَالِكٌ لَمْ يُكْتَبْ عَنْهُ وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ بِوَاسِطَ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ بِمَكَّةَ.
وَذَكَرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: أَنْ أَبَاهُ سَرَدَ الصَّوْمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بِأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ: كَانَ شُعْبَةُ إِذَا ذَكَرَ سَعْدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ حَدَّثَنِي حَبِيْبِي سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ يَصُوْمُ الدَّهْرَ وَيَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
مَعْنٌ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ بَانَكَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بنَ إبراهيم يقضي في المسجد.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1928"، المعرفة والتاريخ "1/ 411" و"3/ 31" الكنى للدولابي "1/ 95"، تاريخ الإسلام "5/ 77"، الكاشف "1/ ترجمة 1836"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 124"، تهذيب التهذيب "3/ 463"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2371"، شذرات الذهب "1/ 173".(6/140)
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَتَى عَزلُ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ القَضَاءِ, كَانَ يُتَّقَى كَمَا يُتَّقَى وَهُوَ قَاضٍ.
الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: قَضَى سَعْدُ بن إِبْرَاهِيْمَ عَلَى رَجُلٍ بِرَأْيِ رَبِيْعَةَ فَأَخْبَرْتُه، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخِلاَفِ مَا قَضَى بِهِ فَقَالَ سَعْدٌ لِرَبِيْعَةَ: هَذَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخِلاَفِ مَا قَضَيْتُ بِهِ فَقَالَ لَهُ رَبِيْعَةُ: قَدِ اجْتَهَدتَ, وَمَضَى حُكمُكَ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاعَجَباً أُنفِذُ قَضَاءَ سَعْدِ بنِ أُمِّ سَعْدٍ وَأَرُدُّ قَضَاءً قَضَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ أَردُّ قَضَاءَ سَعْدٍ وَأُنفِذُ قَضَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعَا بِكِتَابِ القَضِيَّةِ فَشَقَّهُ وَقَضَى لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ.
البُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي سَهْلٌ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ أَخْبَرَنِي أَبُو الهَيْثَمِ بن محمد ابن حَفْصٍ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ عِنْدَ ابْنِ هِشَامٍ المَخْزُوْمِيِّ أَمِيْرِ المَدِيْنَةِ فَاختَصَمَ عِنْدَه يَوْماً وَلَدٌ لِمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ, وَآخَرُ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ فَقَالَ ابْنُ مُحَمَّدٍ: أَنَا ابْنُ قَاتِلِ كَعْبِ بنِ الأَشْرَفِ فَقَالَ الحَارِثِيُّ: أَمَا وَاللهِ مَا قُتِلَ إلَّا غَدراً فَانْتَظَرَ سَعْدٌ أَنْ يُغَيِّرَهَا الأَمِيْرُ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قَامَا فَلَمَّا اسْتُقْضِيَ سَعْدٌ قَالَ: أُعطِي اللهَ عَهداً لَئِنْ أُفْلِتَ الحَارِثِيُّ مِنْكَ يَقُوْلُ لِمَوْلاَهُ: لأُوْجِعَنَّكَ قَالَ: شُعْبَةُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ سَعْداً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ شَقَّ القَمِيْصَ, ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ القَائِلُ إِنَّمَا قُتِلَ ابْنُ الأَشْرَفِ غَدراً ثُمَّ ضَرَبَه خَمْسِيْنَ وَمائَةَ سَوْطٍ, وَحَلَقَ رَأْسَه, وَلِحْيَتَه وَقَالَ: وَاللهِ لأُقَوِّمَنَّكَ بِالضَّربِ مَا كَانَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانٌ.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: دَخلَ نَاسٌ مِنَ القُرَّاءِ يَعُودُوْنَهُ, مِنْهُمُ ابْنُ هُرْمُزَ, وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءمَةِ فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا ابْنِ هُرْمُزَ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا يُبْكِيْكَ? فَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنِّي بِقَائِلَةٍ غَداً تَقُوْلُ: وَاسْعدَاهُ لِلْحَقِّ وَلاَ سَعْدُ قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ قُلْتُ: ذَاكَ مَا أَخَذَنِي فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئمٍ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ: أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَحَبُّ خَلْقِه إِلَيَّ يَعْنِي القُرْآنَ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَعْدٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ ومائة وقال يعقوب ابن إِبْرَاهِيْمَ وَخَلِيْفَةُ وَغَيْرُهُمَا: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وقيل: سنة ست.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُيَيْنَةَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ: كَانَ أَبِي يَحتَبِي فَمَا يَحُلُّ حَبْوَتَه حَتَّى يَقْرَأَ القُرْآنَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: كَانَ سَعْدٌ لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً. قُلْتُ: فَيَكُوْنُ مَوْلِدُه فِي حياة عائشة أم المؤمنين.(6/141)
800- عُمير بن هانئ 1: "ع"
العبسي الداراني الإِمَامُ, أَبُو الوَلِيْدِ.
سَمِعَ مُعَاوِيَةَ, وَابْنَ عُمَرَ, وَأَبَا هُرَيْرَةَ, وَطَائِفَةً. وَحَدِيْثُه عَنْ مُعَاوِيَةَ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ".
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ, وَقَتَادَةُ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَقَدْ نَابَ عَنِ الحَجَّاجِ بِالكُوْفَةِ ثُمَّ وَلِيَ الخَرَاجَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قِيْلَ: لَحِقَ ثَلاَثِيْنَ صَحَابِيّاً.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: كَانَ يَضْحَكُ, ثُمَّ يَقُوْلُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: إِنِّي لأَستَجِمُّ, لِيَكُوْنَ أَنْشَطَ لِي فِي الحَقِّ فَقُلْتُ: أَرَاكَ لاَ تَفْتُرُ، عَنِ الذِّكرِ فَكَم تُسَبِّحُ قَالَ: مائَةَ أَلفٍ إلَّا أن تخطىء الأَصَابِعُ.
وَرَوَى عَنْهُ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ وَجَّهَه بِكُتُبٍ إِلَى الحَجَّاجِ وَهُوَ يُحَاصِرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ وَقَالَ الفَسَوِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: هُوَ مُقِلٌّ, وَقَدْ كَرِهَ ظُلمَ الحَجَّاجِ وَفَارَقَه, وقال: كان إذا كتب إلي فِي رَجُلٍ أَحَدُّه حَدَدْتُه وَإِذَا كَتَبَ فِيْمَنْ أَقتُلُه لَمْ أَقْتُلْه.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُتِلَ عُمَيْرٌ صَبْراً بِدَارَيَّا أَيَّامَ فِتْنَةِ الوَلِيْدِ؛ لأَنَّهُ كَانَ يُحَرِّضُ عَلَى قَتْلِه يَعْنِي, وَقَامَ بِبَيْعَةِ النَّاقِصِ قَالَ: فَقَتَلَه ابْنُ مُرَّةَ وَسَمطَ رَأْسه حلقه وَأَتَى بِهِ مَرْوَانَ بنَ مُحَمَّدٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: إِنِّي لأُبغِضُه. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ قَدَرِيّاً. وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: كَانَ عُمَيْرٌ أَبغَضَ إِلَى سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِنَ النَّارِ. قَالَ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ بَيْعَةِ النَّاقِصِ: سَارِعُوا إِلَى هَذِهِ البَيْعَةِ فَإِنَّمَا هُمَا هِجْرَتَانِ هِجْرَةٌ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه وَهِجْرَةٌ إِلَى يَزِيْدَ بنِ الوليد.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3236"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2097"، الكاشف "2/ ترجمة 4358"، تاريخ الإسلام "5/ 119"، تهذيب التهذيب "8/ 149"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5462"، شذرات الذهب "1/ 173".(6/142)
801- حصين بن عبد الرحمن 1: "ع"
الحَافِظُ, الحُجَّةُ, المُعَمَّرُ, أَبُو الهُذَيْلِ السُّلَمِيُّ, الكُوْفِيُّ, ابْنُ عَمِّ مَنْصُوْرٍ.
وُلِدَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ, فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَارَةَ بنِ رُوَيْبَةَ الصَّحَابِيِّ, وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ وَعَنْ: أَبِي وَائِلٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ, وَعِيَاضٍ الأَشْعَرِيِّ, وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ, وَمُرَّةَ بنِ شَرَاحِيْلَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَسَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ, وَأَبِي ظَبْيَانَ حُصَيْنِ بنِ جُنْدَبٍ وَالشَّعْبِيِّ, وَعِرَاكٍ الغِفَارِيِّ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ حُذَيْفَةَ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَشُعْبَةُ, وَزَائِدَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَفُضَيْلُ بن عياض, وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ, وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَعِمْرَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ, وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ.
رَوَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الثِّقَةُ المَأمُوْنُ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ, ثِقَةٌ, ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ, سَكَنَ بَلَدَ المُبَارَكِ بِأَخَرَةٍ وَالوَاسِطِيُّوْنَ أَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ قُلْتُ: لأَبِي زُرْعَةَ: حُصَيْنٌ حُجَّةٌ؟ قَالَ: إِيْ وَاللهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ قَالَ: وَفِي آخِرِ عُمُرِهِ سَاءَ حِفْظُه وَقَالَ النَّسَائِيُّ: تَغَيَّرَ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ طَلَبتُ الحَدِيْثَ وَحُصَيْنٌ حَيٌّ كَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَكَانَ قَدْ نَسِيَ وَعَنْ يَزِيْدَ قَالَ اخْتلَطَ حُصَيْنٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المديني وغيره: لم يختلط.
__________
1 ترجمته في طبقت ابن سعد "6/ 238"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 25"، الكنى للدولابي "2/ 150"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 837"، تاريخ الإسلام "5/ 237"، ميزان الاعتدال "1/ 551- 552"، تهذيب التهذيب "2/ 381"، خلاصة الخزرجي "1/ 134"، شذرات الذهب "1/ 193".(6/143)
قُلْتُ: احْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ, وَهُوَ أَقْوَى مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ, وَمِنْ سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ, وَمَا هُوَ بِدُوْنِ أَبِي إِسْحَاقَ, وَالعَجَبُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ وَمِنَ العُقَيْلِيِّ وَابْنِ عَدِيٍّ كَيْفَ تَسَرَّعُوا إِلَى ذِكرِ حُصَيْنٍ فِي كُتُبِ الجَرحِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ: أَتَى عَلَيْهِ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً, وَكَانَ أَكْبَرَ مِنَ الأَعْمَشِ, وَقَرِيْباً مِنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
قُلْتُ: وَذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ عُرسَ وَالِدِ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ عَلَى أُمِّ مَنْصُوْرٍ.
رَوَى عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: جَاءنَا قَتْلُ الحُسَيْنِ, فَمَكَثنَا ثَلاَثاً كَأَنَّ وُجُوهَنَا طُلِيَتْ بِرَمَادٍ قُلْتُ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ? قَالَ: رَجُلٌ مُتَأَهِّلٌ. قَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ سَنَةَ ست وثلاثين ومائة.(6/144)
حصين بن عبد الرحمن، حصين بن عبد الرحمن الجُعْفِي الكوفي:
وَمِمَّنِ اسْمُهُ:
802- حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ 1:
هُوَ ابْنُ عَمْرِو بنِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ, الأَشْهَلِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَنَسٍ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ, وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ الأَزْرَقُ, وَابْنُه مُحَمَّدُ بنُ حُصَيْنٍ.
رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَهُوَ مُقِلٌّ تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ بِالمَدِيْنَةِ.
وَمِنْهُم:
803- حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُعْفِيُّ الكوفي 2:
يروي عنه: طعمة بن غيلان.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 28"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 839"، تاريخ الإسلام "5/ 62"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2085"، تهذيب التهذيب "2/ 380"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1474".
2 ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2081"، تهذيب التهذيب "2/ 283".(6/144)
حصين بن عبد الرحمن الحارثي الكوفي، وحصين بن عبد الرحمن النخعي الكوفي، القَسْرِي:
804- وحصين بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَارِثِيُّ الكُوْفِيُّ 1:
عَنِ الشَّعْبِيِّ وعنه: حجاج بن أرطاة, وغيره.
805- وحصين بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيُّ الكُوْفِيُّ 2:
عَنِ الشَّعْبِيِّ أَيْضاً. وَعَنْهُ: حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ, أَخْبَرَنَا وَاثِلَةُ بنُ كَرَّازٍ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرَّحَبِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَلْحَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله المَحَامِلِيُّ, حَدَّثَنَا سَلْمُ بنُ جُنَادَةَ, حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ, حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ شَقِيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: "كُنَّا نَقُوْلُ: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ. فَقَالَ: "لاَ تَقُوْلُوا: السَّلاَمُ عَلَى اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُوْلُوا: التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النبي ورحمة الله وبركاته ... " وذكر الحديث3.
806- القسري 4: "د"
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ, أَبُو الهَيْثَمِ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَسَدِ بنِ كُرْزٍ البَجَلِيُّ, القَسْرِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ, أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ لِهِشَامٍ, وَوَلِيَ قَبْلَ ذَلِكَ مَكَّةَ لِلْوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ ثُمَّ لِسُلَيْمَانَ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ وَعَنْهُ: سَيَّارٌ أَبُو الحَكَمِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَوْسَطَ البَجَلِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ. وَقَلَّمَا روى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 26"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 838"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2082"، تهذيب التهذيب "2/ 383"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة رقم 1475".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 324"، التاريخ الكبير "3/ 27"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 840" ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 2083"، تهذيب التهذيب "2/ 383".
3 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "1/ 291" وأحمد "1/ 382 و427 و431" والبخاري "831" و"835" و"6265" ومسلم "402"، وأبو داود "968"، والنسائي "2/ 241، وابن ماجه "899"، والدارمي "1/ 308"، وابن الجارود "205"، وأبو عوانة "2/ 229"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 262"، والطبراني في "الكبير" "9886"، والبيهقي "2/ 153" من طرق عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعود، به.
4 ترجمته في التاريخ الكبير: "3/ ترجمة 542"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1533"، الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "22/ 5-29"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 213"، تاريخ الإسلام "5/ 64"، ميزان الاعتدال "1/ 633"، تهذيب التهذيب "3/ 101" خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1775"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 169".(6/145)
لَهُ حَدِيْثٌ فِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" وَفِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" حَدِيْثٌ رَوَاهُ، عَنْ جَدِّهِ يَزِيْدَ وله صحبة.
وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً, مُعَظَّماً عَالِيَ الرُّتبَةِ, مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ, لَكِنَّهُ فِيْهِ نُصبٌ مَعْرُوْفٌ, وَلَهُ دَارٌ كَبِيْرَةٌ فِي مُربَّعَةِ القَزِّ بِدِمَشْقَ, ثُمَّ صَارَتْ تُعْرَفُ بِدَارِ الشَّرِيْفِ اليَزِيْدِيِّ, وَإِلَيْهِ يُنسَبُ الحَمَّامُ الَّذِي مُقَابِلَ قَنْطَرَةِ سِنَانٍ بِنَاحِيَةِ بَابِ تُوْمَا.
قَالَ يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: قِيْلَ لِسَيَّارٍ: تَروِي، عَنْ مِثْلِ خَالِدٍ? فَقَالَ: إِنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: عَزَلَ الوَلِيْدُ عَنْ مَكَّةَ نَافِعَ بنَ عَلْقَمَةَ بِخَالِدٍ القَسْرِيِّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ, فَلَمْ يَزَلْ وَالِيْهَا إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَمائَةٍ, فَوَلاَّهُ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ العِرَاقَ مُدَّةً إِلَى أَنْ عَزَلَه سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ بِيُوْسُفَ بنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ.
رَوَى العُتْبِيُّ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: خَطَبَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِوَاسِطَ, فَقَالَ: إِنَّ أَكرَمَ النَّاسِ مَنْ أَعْطَى مَنْ لاَ يَرجُوْهُ, وَأَعْظَمَ النَّاسِ عَفْواً مَنْ عَفَا، عَنْ قُدرَةٍ وَأَوصَلَ النَّاسِ مَنْ وَصَلَ، عَنْ قَطِيْعَةٍ.
ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الرِّفَاعِيُّ, سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ خَالِداً القَسْرِيَّ حِيْنَ أَتَى بِالمُغِيْرَةِ بنِ سَعِيْدٍ وَأَصْحَابِه, وَكَانَ يُرِيهِم أَنَّهُ يُحْيِى المَوْتَى فَقَتَلَ, خَالِدٌ وَاحِداً مِنْهُم ثُمَّ قَالَ لِلْمُغِيْرَةِ: أَحْيِهِ. فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُحْيِي المَوْتَى قَالَ: لَتُحْيِيَنَّه أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ ثُمَّ أَمَرَ بِطنٍّ مِنْ قَصَبٍ فَأَضْرَمُوْهُ وَقَالَ: اعْتَنِقْه فَأَبَى فَعَدَا رَجُلٌ مِنْ أَتبَاعِه فَاعْتَنَقَه قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَرَأَيْتُ النَّارَ تَأْكُلُه وَهُوَ يُشِيْرَ بِالسَّبَّابَةِ فَقَالَ خَالِدٌ: هَذَا وَاللهِ أَحَقُّ بِالرِّئَاسَةِ مِنْكَ ثُمَّ قَتَلَهُ وَقَتَلَ أَصْحَابَه.
قُلْتُ: كَانَ رَافِضِيّاً, خَبِيْثاً, كَذَّاباً, سَاحِراً, ادَّعَى النُّبُوَةَ, وَفَضَّلَ عَلِيّاً عَلَى الأَنْبِيَاءِ وَكَانَ مُجَسِّماً, سُقتُ أَخْبَارَه فِي "مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ".
وَكَانَ خَالِدٌ عَلَى هِنَاتِه يَرْجِعُ إِلَى إِسْلاَمٍ.
وَقَالَ القَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ يُتَّهَمُ فِي دِيْنِه, بَنَى لأُمِّهِ كَنِيْسَةً تَتَعَبَّدُ فِيْهَا وَفِيْهِ يَقُوْلُ الفَرَزْدَقُ:
أَلاَ قَبَّحَ الرَّحْمَنُ ظَهْرَ مَطِيَّةٍ ... أَتَتْنَا تَهَادَى مِنْ دِمَشْقَ بِخَالِدِ
وَكَيْفَ يَؤُمُّ النَّاسَ مَنْ كَانَ أُمُّهُ ... تَدِيْنُ بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِوَاحِدِ
بَنَى بِيْعَةً فِيْهَا الصَّلِيْبُ لأُمِّهِ ... وَيَهْدِمُ مِنْ بُغْضٍ مَنَارَ المَسَاجِدِ(6/146)
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: حَرَّمَ القَسْرِيُّ الغِنَاءَ, فَأَتَاهُ حُنَيْنٌ فِي أَصْحَابِ المظَالِمِ مُلتَحِفاً عَلَى عُودٍ, فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ, شَيْخٌ ذُوْ عِيَالٍ كَانَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ حُلْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَالَ وَمَا ذَاكَ؟ فَأَخرَجَ عُودَه, وَغَنَّى:
أَيُّهَا الشَّامِتُ المُعَيِّرُ بِالشَّيْـ ... ــبِ أَقِلَّنَّ بِالشَّبَابِ افْتِخَارَا
قَدْ لَبِسْتُ الشَّبَابَ قَبْلَكَ حِيْناً ... فَوَجَدْتُ الشَّبَابَ ثَوْباً مُعَارَا
فَبَكَى خَالِدٌ, وَقَالَ صَدَقَ وَاللهِ, عُدْ, وَلاَ تُجَالِسْ شَابّاً وَلاَ مُعَربِداً.
الأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ نُوْحٍ: سَمِعْتُ خَالِداً يَقُوْلُ عَلَى المِنْبَرِ: إِنِّي لأُطعِمُ كُلَّ يَوْمٍ سِتَّةً وَثَلاَثِيْنَ أَلفاً مِنَ الأَعرَابِ تَمراً وَسَوِيْقاً.
الأَصْمَعِيُّ: أَنَّ أَعْرَابِيّاً قَالَ لِخَالِدٍ القَسْرِيِّ: أَصْلَحَكَ اللهُ لَمْ أَصُنْ وَجْهِي، عَنْ مَسْأَلَتِكَ فَصُنْهُ، عَنِ الرَّدِّ وَضَعْنِي مِنْ مَعْرُوْفِكَ حَيْثُ وَضَعتُكَ مِنْ رَجَائِي فَوَصَلَهُ.
وَقَالَ أعرابي: يأمر الأمير لي بمل جِرَابِي دَقِيْقاً؟ قَالَ: امْلَؤُوْهُ لَهُ دَرَاهِمَ. فَقِيْلَ لِلأَعْرَابِيِّ, فَقَالَ: سَأَلْتُ الأَمِيْرَ مَا أَشْتَهِي, فَأَمَرَ لِي بِمَا يَشْتَهِي.
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ, حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ شَمِرٍ الخَوْلاَنِيُّ, حَدَّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ مَوْلَى خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: إِنِّي لأَسِيْرُ بَيْنَ يَدَيْ خَالِدٍ بِالكُوْفَةِ, وَمَعَهُ الوُجُوْهُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ فَوَقَفَ وَكَانَ كريمًا فقال: مالك? قَالَ تَأمُرُ بِضَربِ عُنُقِي? قَالَ: لِمَ? قَطَعتَ طَرِيْقاً? قَالَ: لاَ قَالَ: فَنَزَعتَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ? قَالَ: لاَ قَالَ: فَعَلاَمَ أَضرِبُ عُنُقَكَ? قَالَ: الفَقْرُ وَالحَاجَةُ قَالَ: تَمَنَّ? قَالَ: ثَلاَثِيْنَ أَلفاً فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِه فَقَالَ: هَلْ عَلِمتُم تَاجِراً رَبِحَ الغَدَاةَ مَا رَبِحْتُ نَوَيْتُ لَهُ مائَةَ أَلفٍ فَتَمَنَّى ثَلاَثِيْنَ أَلفاً ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِهَا.
وَقِيْلَ: كَانَ خَالِدٌ يَجْلِسُ ثُمَّ يَدْعُو بِالبِدَرِ وَيَقُوْلُ: إِنَّمَا هَذِهِ الأَمْوَالُ وَدَائِعُ لاَ بُدَّ مِنْ تَفرِيقِهَا.
وَقِيْلَ أَنْشَدَهُ أَعْرَابِيٌّ:
أَخَالِدُ بَيْنَ الحَمْدِ وَالأَجْرِ حَاجَتِي ... فَأَيُّهُمَا يَأْتِي فَأَنْتَ عِمَادُ
أَخَالِدُ إِنِّي لَمْ أَزُرْكَ لِحَاجَةٍ ... سِوَى أَنَّنِي عَافٍ وَأَنْتَ جَوَادُ
فَقَالَ: سَلْ. قَالَ: مائَةَ أَلفٍ. قَالَ: أَسرَفْتَ يَا أَعْرَابِيُّ. قَالَ: فَأَحُطُّ لِلأَمِيْرِ? قَالَ: نَعَمْ.(6/147)
قَالَ: قَدْ حَطَطتُكَ تِسْعِيْنَ أَلفاً فَتَعَجَّبَ مِنْهُ, فَقَالَ: سَأَلتُكَ عَلَى قَدْرِكَ, وَحَطَطْتُكَ عَلَى قَدْرِي, وَمَا أَسْتَأهِلُه فِي نَفْسِي قَالَ: لاَ وَاللهِ لاَ تَغْلِبُنِي يَا غُلاَمُ أَعْطِه مائَةَ أَلفٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَنْشَدَهُ أَعْرَابِيٌّ فِي مَجْلِسِ الشُّعَرَاءِ:
تَعَرَّضْتَ لِي بِالجُوْدِ حَتَّى نَعَشْتَنِي ... وَأَعْطَيْتَنِي حَتَّى ظَنَنْتُكَ تَلْعَبُ
فَأَنْتَ النَّدَى وَابْنُ النَّدَى وَأَخُو النَّدَى ... حَلِيْفُ النَّدَى مَا لِلنَّدَى عَنْكَ مَذْهَبُ
فَأَعْطَاهُ مائَةَ أَلفٍ.
الأَصْمَعِيُّ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ حَبِيْبٍ, نَحْوَهَا وَزَادَ: فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ آخَرُ, فَقَالَ:
قَدْ كَانَ آدَمُ قَبْلُ حِيْنَ وَفَاتِهِ ... أَوْصَاكَ وَهُوَ يَجُوْدُ بِالحَوْبَاءِ
بِبَنِيْهِ أَنْ تَرْعَاهُمُ فَرَعَيْتَهُم ... فَكَفَيْتَ آدَمَ عَيْلَةَ الأَبْنَاءِ
فَتَمَنَّى أَنْ يُعْطِيَه عِشْرِيْنَ أَلفاً, فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِيْنَ أَلفاً, وَأَنْ يُضرَبَ خمسين جلدة, وأن ينادى عليه: هذا جزءا مَنْ لاَ يُحسِنُ قِيْمَةَ الشِّعْرِ وَعَنْهُ قَالَ: لاَ يَحتَجِبُ الأَمِيْرُ، عَنِ النَّاسِ إلَّا لِثَلاَثٍ: لِعَيٍّ أَوْ لِبُخلٍ أَوِ اشْتِمَالٍ عَلَى سُوءةٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيُّ رَجُلُ سُوءٍ يَقعُ فِي عَلِيٍّ وَقَالَ فَضْلُ بنُ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ القَسْرِيَّ يَقُوْلُ فِي عَلِيٍّ مَا لاَ يَحِلُّ ذِكْرُهُ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: خُبِّرتُ أَنَّ القَسْرِيَّ ذَمَّ زَمْزَمَ, وَقَالَ: يُقَالُ: إِنَّ زَمْزَمَ لاَ تُنْزَحُ وَلاَ تُذَمُّ بَلَى -وَاللهِ- إِنَّهَا تُنْزَحُ وَتُذَمُّ, وَلَكِنْ هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ سَاقَ لَكُم قَنَاةً بِمَكَّةَ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: سَاقَ خَالِدٌ مَاءً إِلَى مَكَّةَ, فَنَصَبَ طِسْتاً إِلَى جَنْبِ زَمْزَمَ, وَقَالَ: قَدْ جِئْتُكم بِمَاءِ العَاذِبَةِ لاَ تُشبِهُ أُمَّ الخَنَافِسِ يَعْنِي: زَمْزَمَ فَسَمِعتُ عُمَرَ بنَ قَيْسٍ يَقُوْلُ: لَمَّا أَخَذَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَعِيْدَ بن جبير وطلق ابن حَبِيْبٍ خَطَبَ فَقَالَ: كَأَنَّكُم أَنْكَرتُم مَا صَنَعتُ وَاللهِ لَوْ كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ لَنَقَضتُهَا حَجَراً حَجَراً يَعْنِي: الكَعْبَةَ.
الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ شَبِيْبَ بنَ شَيْبَةَ, يَقُوْلُ: كَانَ سَبَبُ عَزلِ خَالِدٍ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لَهُ: إِنَّ غُلاَمَكَ المَجُوْسِيَّ أَكْرَهَنِي عَلَى الفُجُورِ وَغَصَبَنِي نَفْسِي.
قَالَ: كَيْفَ وَجَدْتِ قُلْفَتَه? فَكَتَبَ بِذَلِكَ حَسَّانٌ النَّبْطِيُّ إِلَى هِشَامٍ فَعَزَلَهُ.
وَكَانَ خَطَبَ يَوْماً فَقَالَ: تَسُومُونَنِي أَنْ أَقِيدَ مِنْ قَائِدٍ لِي وَلَئِنْ أَقَدتُ مِنْهُ أَقَدتُ مِنْ نَفْسِي وَلَئِنْ أَقَدتُ مِنْ نَفْسِي لَقَدْ أَقَادَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ نَفْسِهِ, وَلَئِنْ أَقَادَ لَقَدْ أَقَادَ رَسُوْلُ اللهِ مِنْ نفسه ولئن أقاد ليقيدن هاه هاه ويومىء بِيَدِهِ إِلَى فَوْقُ.(6/148)
عَنْ أَبِي سُفْيَانَ الحِمْيَرِيِّ, قَالَ: أَرَادَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ الحَجَّ, فَاتَّعَدَ فِتْيَةٌ أَنْ يَفتِكُوا به في طريقه, وسألوا خالد القَسْرِيَّ الدُّخُولَ مَعَهُم, فَأَبَى ثُمَّ أَتَى خَالِدٌ, فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, دَعِ الحَجَّ. قَالَ: وَمَنْ تَخَافُ سَمِّهِم؟ قَالَ: قَدْ نَصَحتُكَ, وَلَنْ أُسَمِّيَهُم. قَالَ: إِذاً أَبعَثُ بِكَ إِلَى عَدُوِّكَ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ قَالَ: وَإِنْ فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ فَعَذَّبَه حَتَّى قَتَلَهُ.
ابْنُ خَلِّكَانَ, قَالَ: لَمَّا أَرَادَ هِشَامٌ عَزلَ خَالِدٍ عَنِ العِرَاقِ, وَعِنْدَهُ رَسُوْلُ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ مِنَ اليَمَنِ, قَالَ: إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ تَعَدَّى طَوْرَه, وَفَعَلَ وَفَعَلَ ثُمَّ أَمَرَ بِتَخرِيقِ ثِيَابِه وَضَرَبَهُ أَسْوَاطاً, وَقَالَ: امضِ إِلَى صَاحِبِكَ فَعَلَ الله بِهِ ثُمَّ دَعَا بِسَالِمٍ كَاتِبِه, وَقَالَ: اكْتُبْ إِلَى يُوْسُفَ سِرْ إِلَى العِرَاقِ وَالِياً سِرّاً وَاشْفِنِي مِنِ ابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ وَعُمَّالِه, ثُمَّ أَمْسَكَ الكِتَابَ بِيَدِهِ, وَجَعَلَه فِي طَيِّ كِتَابٍ آخَرَ, وَلَمْ يَشعُرِ الرَّسُوْلُ فَقَدِمَ اليَمَنَ فَقَالَ يُوْسُفُ: مَا وَرَاءكَ? قَالَ: الشَّرُّ ضَرَبنِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ وَخَرَّقَ ثِيَابِي وَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيْكَ بَلْ إِلَى صَاحِبِ دِيْوَانِكَ فَفَضَّ الكِتَابَ وَقَرَأَهُ ثُمَّ وَجَدَ الكِتَابَ الصَّغِيْرَ فَاسْتَخلَفَ عَلَى اليَمَنِ ابْنَه الصَّلْتَ, وَسَارَ إِلَى العِرَاقِ, وَجَاءتِ العُيُوْنُ إِلَى خَالِدٍ فَأَشَارَ عَلَيْهِ نَائِبُه طَارِقٌ ائْذَنْ لِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ وَأَضمَنَ لَهُ مَالِي السَّنَةَ مائَةَ أَلفِ أَلفٍ وَآتِيَكَ بِعَهْدِكَ قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ هَذِهِ الأَمْوَالُ? قَالَ:
أَتَحَمَّلُ أَنَا وَسَعِيْدُ بنُ رَاشِدٍ أَرْبَعِيْنَ أَلفَ أَلفٍ, وَأَبَانٌ وَالزَّيْنَبِيُّ عِشْرِيْنَ أَلفَ ألف ويفرق على باقي العمال فقال: إني إذًا لَلَئِيمٌ أُسَوِّغُهُم شَيْئاً ثُمَّ أَرجِعُ فِيْهِ قَالَ: إِنَّمَا نَقِيكَ وَنَقِي أَنْفُسَنَا بِبَعْضِ أَمْوَالِنَا وَتَبقَى النِّعْمَةُ عَلَيْنَا فَأَبَى فَوَدَّعَه طَارِقٌ وَوَافَى يُوْسُفَ فَمَاتَ طَارِقٌ فِي العَذَابِ, وَلَقِيَ خَالِدٌ كُلَّ بَلاَءٍ, وَمَاتَ فِي العَذَابِ جَمَاعَةٌ مِنْ عُمَّالِه بَعْدَ أَن اسْتَخرَجَ مِنْهُم يُوْسُفُ تِسْعِيْنَ أَلفَ أَلفِ دِرْهَمٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ هِشَاماً حَقَدَ عَلَى خَالِدٍ بِكَثْرَةِ أَمْوَالِه وَأَملاَكِه, وَلأَنَّهُ كَانَ يُطلِقُ لِسَانَه فِي هِشَامٍ, وَكَتَبَ إِلَى يُوْسُفَ: أَن سِرْ إِلَيْهِ فِي ثَلاَثِيْنَ رَاكِباً. فَقَدِمَ الكُوْفَةَ فِي سَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً, فَبَاتَ بِقُربِ الكُوْفَةِ, وَقَدْ خَتَنَ وَالِيْهَا طَارِقٌ, وَلَدَهُ فَأَهْدَوْا لِطَارِقٍ أَلفَ عَتِيْقٍ وَأَلْفَ وَصِيْفٍ, وَأَلفَ جَارِيَةٍ, سِوَى الأَمْوَالِ وَالثِّيَابِ, فَأَتَى رَجُل طَارِقاً, فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ قَوْماً أَنْكَرتُهم وَزَعُمُوا أَنَّهُم سُفَّارٌ وَصَارَ يُوْسُفُ إِلَى دُورِ بَنِي ثَقِيْفٍ, فَأَمَرَ رَجُلاً, فَجَمَعَ لَهُ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ مُضَرَ, وَدَخَلَ المَسْجِدَ الفَجْرَ فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ بِالإِقَامَةِ فَقَالَ: لاَ, حَتَّى يَأْتِيَ الإِمَامُ. فَانْتَهَرَه, وَأَقَامَ, وَصَلَّى, وَقَرَأَ {إِذَا وَقَعَت} وَ {سَأَلَ سَائِل} ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَالِدٍ وَأَصْحَابِه, فَأُخِذُوا, وَصَادَرَهُم.
قَالَ أَشْرَسُ الأَسَدِيُّ: أَتَى كِتَابُ هِشَامٍ يُوْسُفَ, فَكَتَمْنَا, وَقَالَ: أُرِيْدُ العُمْرَةَ. فَخَرَجَ وَأَنَا(6/149)
معه, فما كلم أحد مِنَّا بِكَلِمَةٍ, حَتَّى أَتَى العُذَيْبَ, فَقَالَ: مَا هِيَ بِأَيَّامِ عُمْرَةٍ. وَسَكَتَ حَتَّى أَتَى الحِيْرَةَ, ثُمَّ اسْتَلقَى عَلَى ظَهْرِهِ, وَقَالَ:
فَمَا لَبَّثَتْنَا العِيسُ أَنْ قَذَفَتْ بِنَا ... نَوَى غُرْبَةٍ وَالعَهْدُ غَيْرُ قَدِيْمِ
ثُمَّ دَخَلَ الكُوْفَةَ, فَصَلَّى الفَجْرَ, وَكَانَ فَصِيْحاً طَيِّبَ الصَّوْتِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ هِشَامَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ كَتَبَ إِلَى يُوْسُفَ: لَئِنْ شَاكَتْ خَالِداً شَوكَةٌ لأَقتُلَنَّكَ فَأَتَى خَالِدٌ الشَّامَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا يَغْزُو الصَّوَائِفَ حَتَّى مَاتَ هِشَامٌ.
وَقِيْلَ: بَلْ عَذَّبَه يُوْسُفُ يَوْماً وَاحِداً, وَسَجَنَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهراً, ثُمَّ أُطْلِقَ, فَقَدِمَ الشَّامَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
وَنَقَلَ ابْنُ خَلِّكَانَ: أَنَّ يُوْسُفَ عَصَرَهُ حَتَّى كَسَرَ قَدَمَيْهِ وَسَاقَيْهِ, ثُمَّ عَصَرَهُ عَلَى صُلبِه فَلَمَّا انْقَصَفَ مَاتَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ لاَ يَتَأَوَّهُ وَلاَ يَنطِقُ وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ فَإِنَّهُ جَاءَ إِلَى الشَّامِ وَبَقِيَ بِهَا, حَتَّى قَتَلَهُ الوَلِيْدُ الفَاسِقُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: لَبِثَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي العَذَابِ يَوْماً, ثُمَّ وُضِعَ عَلَى صَدْرِهِ المُضرسَةُ, فَقُتِلَ مِنَ اللَّيْلِ, فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ -فِي قَوْلِ الهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ- فَأَقْبَلَ عَامِرُ بنُ سَهْلَةَ الأَشْعَرِيُّ, فَعَقَرَ فَرَسَه عَلَى قَبْرِهِ فَضَرَبَهُ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ سَبْعَ مائَةِ سَوْطٍ.
وَقَالَ فِيْهِ أَبُو الأَشْعَثِ العَبْسِيُّ:
أَلاَ إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ حَيّاً وَمَيِّتاً ... أَسِيْرُ ثَقِيْفٍ عِنْدَهُم فِي السَّلاَسِلِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَعْمَرْتُمُ السِّجْنَ خَالِداً ... وَأَوْطَأْتُمُوْهُ وَطْأَةَ المُتَثَاقِلِ
فَإِنْ سَجَنُوا القَسْرِيَّ لاَ يَسْجُنُوا اسْمَهُ ... وَلاَ يَسْجُنُوا مَعْرُوْفَهُ فِي القَبَائِلِ
لَقَدْ كَانَ نَهَّاضاً بِكُلِّ مُلِمَّةٍ ... وَمُعْطِي اللُّهَى غَمْراً كَثِيْرَ النَّوَافِلِ
قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ وَغَيْرُهُ قَالاَ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ محمد، عن عبد الرحمن ابن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ شَهِدتُ خَالِداً القَسْرِيَّ فِي يَوْم أَضْحَى يَقُوْلُ ضَحُّوا تَقبَّلَ اللهُ مِنْكُم فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوْسَى تَكلِيماً تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُوْلُ الجَعْدُ عُلُوّاً كَبِيْراً ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَه1 قُلْتُ: هَذِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ, هي, وقتله مغيرة الكذاب.
__________
1 أخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" "ص69"، وفي الإسناد عبد الرحمن بن محمد بن حبيب، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول أي عند المتابعة. وكذا أبوه محمد بن حبيب الجرمي، قال الحافظ في "التقريب": مجهول. فالإسناد ضعيف لا يصح.(6/150)
807- الجَعْدُ بنُ دِرْهَمٍ 1:
مُؤَدِّبُ مَرْوَانَ الحِمَارِ هُوَ أَوَّلُ مَنِ ابْتَدَعَ بِأَنَّ اللهَ مَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً, وَلاَ كَلَّمَ مُوْسَى, وَأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ عَلَى اللهِ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ زِندِيقاً وَقَدْ قَالَ لَهُ وَهْبٌ: إِنِّي لأَظُنُّكَ مِنَ الهَالِكِيْنَ, لَوْ لَمْ يُخْبِرْنَا اللهُ أَنَّ لَهُ يَداً, وَأَنَّ لَهُ عَيْناً مَا قُلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ الجَعْدُ أَنْ صُلِبَ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "4/ 238"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1482"، لسان الميزان "2/ ترجمة 427"، النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى "1/ 322".(6/151)
808- سليمان بن موسى 1: "4"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ, مُفْتِي دِمَشْقَ أَبُو أَيُّوْبَ -وَيُقَالُ: أَبُو هِشَامٍ, وَأَبُو الرَّبِيْعِ, الدِّمَشْقِيُّ, الأَشْدَقُ, مَوْلَى آل معاوية بن أبي سفيان.
يَرْوِي عَنْ: جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَبِي أُمَامَةَ, وَمَالِكِ بنِ يَخَامِرَ, وَأَبِي سَيَّارَةَ المُتَعِيِّ, وَوَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ, وَغَالِبُه مُرْسَلٌ.
وَيَرْوِي عَنْ: كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ -فَلَعَلَّهُ أَدْركَهُ- وَعَنْ: طَاوُوْسٍ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ, وَكُرَيْبٍ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَنَافِعٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَمَكْحُوْلٍ, وَابْنِ شِهَابٍ, وَنُصَيْرٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ, وَرَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ, وَزَيْدُ بنُ وَاقِدٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلُ وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَأَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بنُ غَيْلاَنَ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ, وَمَسَرَّةُ بنُ مَعْبَدٍ وَمُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ. وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى وَالزُّبَيْدِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى أَعْلَمَ أَهْلِ الشَّامِ بَعْدَ مَكْحُوْلٍ وَلَوْ قِيْلَ لِي مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ? لأَخَذتُ بِيَدِ سليمان.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 457"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1888"، الكنى للدولابي "1/ 102"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 615"، الكاشف "1/ ترجمة 2154"، تاريخ الإسلام "4/ 254"، ميزان الاعتدال "2/ 225"، تهذيب التهذيب "4/ 226"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2749"، شذرات الذهب "1/ 156".(6/151)
وَكَانَ عَطَاءٌ إِذَا جَاءَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى يَقُوْلُ: كُفُّوا، عَنِ المَسْأَلَةِ فَقَدْ جَاءكُم مَنْ يَكفِيْكُمُ المَسْأَلَةَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَسْأَلَةً مِنْكَ بَعْدَ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ سَعِيْدٌ: قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى: حُسْنُ المَسْأَلَةِ نِصْفُ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لاَ نَعْلَمُ مَكْحُوْلاً خَلَّفَ بِالشَّامِ مِثْلَ يَزِيْدَ بنِ يَزِيْدَ إلَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
وَقَالَ مُطْعِمُ بنُ المِقْدَامِ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بنَ أَبِي رَبَاحٍ يَقُوْلُ: سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الحِجَازِ: ابْنُ جُرَيْجٍ, وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ العِرَاقِ الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ, وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الشَّامِ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى.
وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنَّ مَكْحُوْلاً يَأْتِيْنَا وَسُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى -وَايْمُ اللهِ- أَحْفَظُ الرَّجُلَيْنِ.
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ لَهِيْعَةَ يَقُوْلُ مَا لَقِيْتُ مِثْلَهُ يَعْنِي سُلَيْمَانَ بنَ مُوْسَى فَقُلْتُ لَهُ وَلاَ الأَعْرَجُ? قَالَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ زَيْدُ بنُ وَاقِدٍ عَاشَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى بَعْدَ مَكْحُوْلٍ سَنَتَيْنِ فَكُنَّا نَجلِسُ إِلَيْهِ بَعْدَ مَكْحُوْلٍ فَكَانَ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ فِي بَابٍ مِنَ العِلْمِ فَلاَ يَقْطَعُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذَ فِي بَابٍ غَيْرِه فَقُلْتُ لَهُ يَوْماً: يَا أَبَا الرَّبِيْعِ جَزَاكَ اللهُ عَنَّا خَيْراً فَإِنَّكَ تُحَدِّثُنَا بِمَا نُرِيْدُ وَمَا لاَ نَعقِلُه فَلَوْ بَقِيَ لَنَا لَكفَانَا النَّاسَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَعْلَى أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى وَمَعَهُ يَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ.
قَالَ دُحَيْمٌ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى: سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى، عَنْ مَالِكِ بنِ يَخَامِرَ مُرْسَلاً وَعَنْ جَابِرٍ مُرْسَلاً.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يُدْرِكْ سُلَيْمَانُ كَثِيْرَ بنَ مُرَّةَ, وَلاَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ غَنْمٍ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى مَا حَالُه فِي الزُّهْرِيِّ?(6/152)
قَالَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ وَفِي حَدِيْثِهِ بَعْضُ الاضْطِرَابِ, وَلاَ أَعْلَمُ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ أَفْقَهَ مِنْهُ وَلاَ أَثْبَتَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَيْضاً: أَخْتَارُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بعد الزهري ومكحول للفقه سليمان ابن مُوْسَى.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: عِنْدَه مَنَاكِيْرُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ هُوَ أَحَدُ الفُقَهَاءِ وَلَيْسَ بِالقَوِيِّ فِي الحَدِيْثِ وَقَالَ مَرَّةً فِي حَدِيْثِهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ فَقِيْهٌ, رَاوٍ, حَدَّثَ عَنْهُ الثِّقَاتُ, وَهُوَ أَحَدُ العُلَمَاءِ رَوَى أَحَادِيْثَ يَنْفَرِدُ بِهَا, لاَ يَروِيهَا غَيْرُه, وَهُوَ عِنْدِي ثَبْتٌ, صَدُوْقٌ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى بِصَحِيْفَةٍ حَفِظهَا فَأَعْجَبَه ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ مَكْحُوْلٌ: أَتَعجَبُ?! مَا سَمِعْتُ شَيْئاً فَاسْتَودعتُه صَدْرِي إلَّا وَجَدْتُه حِيْنَ أُرِيْدُه.
وَقَالَ عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِيَحْيَى: حَدِيْثُ: "لاَ نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ" 1 يَرْوِيْهِ ابْنُ جريج فقال: لا يصح
في هذا شيءإلَّا حَدِيْثُ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" 2 "ولا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ" أَحَادِيْثُ يُشبِهُ بَعْضُهَا بَعْضاً, وأنا أذهب إليها.
__________
1 صحيح: ورد من حديث ابن عباس: عند أحمد "1/ 250"، وابن ماجه "1880"، والدارقطني "3/ 221-222"، والطبراني في "الكبير" "11/ 11298" و"11343" و"11944"، والبيهقي "7/ 109" وورد من حديث ابن مسعود: عند الدارقطني "3/ 225"، وفيه عبد الله بن محرز وهو متروك.
وورد من حديث علي: عند البيهقي "7/ 111"، وفيه الحارث الأعور، وهو ضعيف.
وورد من حديث ابن عمر: عند الدراقطني "3/ 225"، وفيه ثابت بن زهير، وهو منكر الحديث.
وورد من حديث أبي هريرة: عند ابن عدي"6/ 358"، وفيه المغيرة بن موسى، وهو منكر الحديث.
وورد من حديث أبي موسى: أخرجه الحاكم "2/ 171"، وابن الجارود "703"، والبيهقي "7/ 107"، من طريق عمر بن عثمان الرقى، عن زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أبي بردة، عن أبي موسى، به وفي إسناده عمرو بن عثمان الرقى، وهو ضعيف، وفيه رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق السبيعي، وقد روى عنه بعد الاختلاط.
وله طرق أخرى عن أبي موسى، وعن عائشة يضيق المقام عن ذكره واستيعابها.
2 صحيح: ورد من حديث شداد بن أوس: أخرجه عبد الرزاق "7519" وأحمد "4/ 123- 124"، وابن أبي شيبة "3/ 49-50"، والطبراني "7147" و"7149" و"7150" و"7153" و"7154"، والبيهقي "4/ 265".(6/153)
قُلْتُ: رَوَى الثِّقَاتُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سليمان بن موسى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ" 1.
وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَه, وَلَفظُه: "لاَ نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ". ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَاهُ مَعَ سُلَيْمَانَ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حبيب, وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ, وَقُرَّةُ بنُ حَيْوَئِيْلَ, وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ وَكُلُّهَا طُرُقٌ غَرِيْبَةٌ, سِوَى حَجَّاجٍ, وَطَرِيْقُه مَشْهُوْرٌ.
قُلْتُ: وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْثِ زَمَّارَةَ الرَّاعِي، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ2.
وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعاً "المَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ مِنَ الوُضُوْءِ الَّذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ"3.
قَالَ دُحَيْمٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ, وَابْنُ سَعْدٍ, وَخَلِيْفَةُ, وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ ومائة وله شيء في "مقدمة مسلم".
__________
= وورد من حديث ثوبان: أخرجه أحمد "5/ 280"، والطيالسي "989"، وأبو داود "2367"، وابن ماجه "1680"، والدارمي "2/ 14-15"، والحاكم "1/ 427"، وابن الجارود "386"، والبيهقي "4/ 265" من طرق عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو قلابة عن أسماء الرحبي، عن ثوبان، به مرفوعا.
وورد عن رافع بن خديج رضي الله عنه: أخرجه عبد الرزاق "7523" وأحمد "3/ 465"، والترمذي "774"، والطبراني "4257" وابن خزيمة "1964"، والحاكم "1/ 428"، والبيهقي "4/ 265".
1 حسن: أخرجه عبد الرزاق "10472"، وابن أبي شيبة "4/ 128"، والطيالسي "1463"، والشافعي "2/ 11" وأحمد "6/ 47 و165- 166"، وأبو داود "2083"، والترمذي "1102"، وابن ماجه "1879"، والدارمي "2/ 137"، وابن الجارود "700"، والدارقطني "3/ 221 و225 -226"، والطحاوي "3/ 7- 8"، والحاكم "2/ 168"، والبيهقي "7/ 105 و113 و124 -125و125 و138"، والبغوي "2262" من طرق عن ابن جري، عن سليمان بن موسى الأشدق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به مرفوعا.
قلت: إسناده حسن، سليمان بن موسى، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
2 حسن: أخرجه أبو داود "4924" من طريق سليمان بن موسى، عن نافع قال: سمع ابن عمر مزمارا، قال: فوضع إصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ فقلت: لا، قال: فرفع إصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا".
قلت: إسناده حسن، سليمان بن موسى الأشدق، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
3 ضعيف: أخرجه البيهقي "1/ 52" من طريق عصام بن يوسف بن عبد الله، عن ابن جريح، به قلت: إسناده ضعيف، فيه عصام بن يوسف، وهو البلخي، قال ابن عدي: روى أحاديث لا يتابع عليها. وفي الإسناد ابن جريج، مدلس، وقد عنعنه.
قال الدارقطني: تفرد به عصام، ووهم فيه، والصواب عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى مرسلا.(6/154)
809- يزيد بن أبي مالك 1: "د، س، ق"
هُوَ العَلاَّمَةُ, قَاضِي دِمَشْقَ, بن عبد الرحمن بن أبي مالك هانىء الهَمْدَانِيُّ, الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَأَرْسَلَ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ وَرَوَى عَنْ: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَجُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, وَابْنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ وَسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٌ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَسَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ, وَعَمْرُو بنُ, واقد, وآخرون.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: رَأَى أنسًا وقال ابن معين: قضى لهشام ابن عَبْدِ المَلِكِ.
قُلْتُ: كَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ مَعَ مَكْحُوْلٍ, وَقَدْ نَدَبَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ لِيُفقِّهَ بَنِي نُمَيْرٍ وَيُقرِئَهم.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ: كَانَ صَاحِبَ كُتُبٍ -يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ بَلِيْغاً فِي تَرَسُّلِه.
قُلْتُ: لَمَّا اسْتُخْلفَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ, عَزَلَهُ بِالحَارِثِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أَعْلَمُ بِالقَضَاءِ مِنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ لاَ مَكْحُوْلٌ وَلاَ غَيْرُه.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 461"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3272"، المعرفة والتاريخ "2/ 334 و394 و410" الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1165"، تاريخ الإسلام "5/ 187 و315"، ميزان الاعتدال "4/ 439"، تهذيب التهذيب "11/ 435"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 179".(6/155)
810- عبد الملك بن عمير 1: "ع"
ابن سويد بن حارثة القرشي, وَيُقَالُ: اللَّخْمِيُّ, أَبُو عَمْرٍو- وَيُقَالُ: أَبُو عُمَرَ الكُوْفِيُّ, الحَافِظُ, وَيُعْرَفُ: بِالقِبْطِيِّ.
رَأَى عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَبَا مُوْسَى الأَشْعَرِيَّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: جُنْدُبٍ البَجَلِيِّ, وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ, وَجَبْرِ بنِ عَتِيْكٍ, وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ, وَعَطِيَّةَ القُرَظِيِّ, وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ, وَأُمِّ عَطِيَّةَ, وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ إِنْ صَحَّ, وَحُصَيْنِ بن قَبِيْصَةَ أَوِ ابْنِ عُقْبَةَ, وَإِيَادِ بنِ لَقِيْطٍ, وَالأَشْعَثِ ابن قَيْسٍ, وَلَمْ يُدْرِكْهُ, وَحُصَيْنِ بنِ أَبِي الحُرِّ, وزيد بن عقبة, وربعي بن حراش, وَابْنِ أَبِي لَيْلَى, وَقَزَعَةَ بنِ يَحْيَى, وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ, وَوَرَّادٍ كَاتِبِ المُغِيْرَةِ, وَمُوْسَى بنِ طَلْحَةَ, وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى, وَأَبِي الأَحْوَصِ الجُشَمِيِّ, وَخَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَكِبَارِ التَّابِعِيْنَ, وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً, وَصَارَ مُسْنِدَ أَهْلِ الكوفة.
حدث عن: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَمِسْعَرٌ, وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَإِسْرَائِيْلُ, وَزَائِدَةُ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعُبَيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاِءِ: شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ, وَذَلِكَ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ مَقْرُوْناً بِآخَرَ قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ حديث.
رَوَى المَيْمُوْنِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ عُمَيْرٍ يَقُوْلُ: "وَاللهِ إِنِّي لأُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ فَمَا أَدَعُ مِنْهُ حَرْفاً وَاحِداً.
قَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ, لَيْسَ بِحَافِظٍ تَغَيَّرَ حِفْظُه قَبْلَ مَوْتِه.
وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: مُخَلِّطُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: عَبْدُ المَلِكِ بن عمير
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 315"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1386"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1700"، وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 376"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 123"، الكاشف "2/ ترجمة 3515"، تاريخ الإسلام "5/ 271"، ميزان الاعتدال "2/ 660"، تهذيب التهذيب "6/ 411"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4447".(6/156)
مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ جِدّاً, مَعَ قِلَّةِ رِوَايَتِه, مَا أَرَى لَهُ خَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ, وَقَدْ غَلِطَ فِي كَثِيْرٍ مِنْهَا.
وَذَكَرَ إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ ضَعَّفَه جِدّاً.
وَرَوَى صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ أَصلَحُ حَدِيْثاً مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ, وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الحُفَّاظُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ سُفْيَانَ الكُوْفِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ سَمِعتُ: أَبَا إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: خُذُوا العِلْمَ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ. قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: يُقَالُ لَهُ: ابْنُ القِبْطَةِ, كَانَ عَلَى قَضَاءِ الكُوْفَةِ, وَهُوَ صَالِحُ الحَدِيْثِ, رَوَى أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ, وَهُوَ ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ سُفْيَانُ يَعجَبُ مِنْ تَحَفُّظِ عَبْدِ المَلِكِ. قَالَ صَالِحٌ: فَقُلْتُ لأَبِي: هُوَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَذَكَرتُ هَذَا لأَبِي فَقَالَ: هَذَا وَهْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سَلْمَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ لَمْ يُوْصَفْ بِالحِفظِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ مِنْ أَفصَحِ النَّاسِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ القِبْطِيِّ, قَالَ أَمَّا عَبْدُ المَلِكِ, فَأَنَا وَأَمَّا القِبْطِيُّ, فَكَانَ فَرَسٌ لَنَا سَابِقٌ.
وَرُوِيَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ سَمِعْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ عُمَيْرٍ يَقُوْلُ هَذِهِ السَّنَةُ تُوُفِّيَ لِي مائَةٌ وَثَلاَثُ سِنِيْنَ.
رَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ, قَالَ: مَاتَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ أَوْ نَحْوِهَا زَادَ غَيْرُه فِي ذِي الحِجَّةِ مِنْهَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ، أَنْبَأَنَا نَضْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِلٍ, وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بنِ أَبِي العَلاَءِ المَصِّيْصِيُّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ سَهْلِ بنِ الصَّبَّاحِ بِبَلَدٍ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الإِمَامُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الصَّحِيْحِ: "لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ". رَوَاهُ: شُعْبَةُ, وَالكِبَارُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ أَخْرَجَهُ: الأَئِمَّةُ مِنْ حَدِيْثِهِ فِي كُتُبِهِم.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "7158"، ومسلم "1717"، وأبو داود "3589"، والترمذي "1334" والنسائي "8/ 237-238".(6/157)
811- منصور بن زاذان 1: "ع"
الإِمَامُ, الرَّبَّانِيُّ, شَيْخُ وَاسِطَ عِلْماً وَعَمَلاً, أَبُو المُغِيْرَةِ الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُم, الوَاسِطِيُّ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ ابْنِ عُمَرَ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي العَالِيَةِ, وَالحَسَنِ, وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَعَمْرِو بن ينار, وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ, وَحَبِيْبِ بنِ مُهَاجِرٍ, وَقَتَادَةَ, وَمُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ, وَعَطَاءٍ, وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ, وَعِدَّةٍ. رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَخَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً حُجَّةً سَرِيْعَ القِرَاءةِ يُرِيْدُ أَنْ يَتَرَسَّلَ فَلاَ يَسْتَطِيْعُ وَكَانَ يَخْتِمُ فِي الضُّحَى وَكَانَ قَدْ تَحَوَّلَ, فَنَزَلَ المُبَارَكَ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: كَانَ مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كُلَّه فِي صَلاَةِ الضُّحَى وَكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ مِنَ الأُوْلَى إِلَى العَصْرِ وَيَخْتِمُ فِي اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ وَيُصَلِّي الليل كله2.
وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ قَالَ: كَانَ يَخْتِمُ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ مَرَّتَيْنِ, وَالثَّالِثَةُ إِلَى الطَّوَاسِيْنَ وَكَانَ يَبُلُّ عِمَامَتَه مِنْ دُمُوْعِ عَيْنَيْهِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ عُمَرَ الوَاسِطِيُّ: كَانَ الحَسَنُ يَقعُدُ مَعَ أَصْحَابِه فَلاَ يَقُوْمُ حَتَّى يَخْتِمَ مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ.
قَالَ هُشَيْمٌ: كَانَ مَنْصُوْرٌ لَوْ قِيْلَ: لَهُ إِنَّ مَلَكَ المَوْتِ عَلَى البَابِ مَا كَانَ عِنْدَه زِيَادَةٌ فِي العَمَلِ, وَكَانَ يُصَلِّي مِنْ طُلُوْعِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ يصلي العصر, ثم يسبح إلى المغرب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 311"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1492"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 759"، حلية الأولياء "3/ 57"، الكاشف "3/ ترجمة 5738"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 134"، تهذيب التهذيب "10/ 306- 307"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7205"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 181".
2 لم يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن في أقل من ثلاثة أيام كما وردت النصوص الصحيحة عنه بذلك وقد تقدم ذكرنا لها في الجزء السابق.(6/158)
وَرَوَى خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ: الهَمُّ وَالحُزْنُ يَزِيْدُ فِي الحَسَنَاتِ, وَالأَشَرُ وَالبَطَرُ يَزِيْدُ فِي السَّيِّئَاتِ.
قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ: ذَكَرَ عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ مَنْصُوْرِ بنِ زَاذَانَ, قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّصَارَى عَلَى حِدَةٍ, وَالمَجُوْسَ عَلَى حِدَةٍ وَاليَهُوْدَ عَلَى حِدَةٍ, وَقَدْ أَخَذَ خَالِي بِيَدِي مِنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ.
شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ, قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ مَنْصُوْرِ بنِ زَاذَانَ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعشَاءِ فَقَرَأَ القُرْآنَ, وَبلَغَ فِي الثَّانِيَةِ إِلَى النَّحْلِ. قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ قُلْتُ: قَبْرُهُ بِوَاسِطَ ظاهر, يزار.(6/159)
812- يوسف بن عمر 1:
ابن مُحَمَّدِ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ, أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ وَخُرَاسَانَ لِهِشَامٍ, ثُمَّ أَقَرَّهُ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ. وَكَانَ شَهْماً, كَافِياً, سَائِساً, مَهِيْباً, جبارًا عسوفًا, جوادًا, معطاء.
نَقَلَ المَدَائِنِيُّ: أَنَّ سِمَاطَه بِالعِرَاقِ كَانَ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مائَةِ مَائِدَةٍ, كُلُّهَا شِوَاءٌ, وَقَدْ كَانَ وَلِيَ اليَمَنَ, وَضَرَبَ وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى أَثخَنَه.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَمَّا هَلَكَ الحَجَّاجُ, أُخِذَ يُوْسُفُ هَذَا فِي آلِ الحَجَّاجِ لِيُعَذَّبَ, فَقَالَ: أَخرِجُونِي أَسْأَلْ. فَدُفِعَ إِلَى الحَارِثِ الجَهْضَمِيِّ, وَكَانَ مُغَفَّلاً فَأَتَى دَاراً لَهَا بَابَانِ فَقَالَ: دَعنِي أَدخُلْ إِلَى عَمَّتِي أَسْأَلَهَا فَدَخَلَ, وَهَرَبَ مِنَ البَابِ الآخَرِ, وَذَلِكَ فِي خِلاَفَةِ سُلَيْمَانَ.
قَالَ شَبَابٌ: وَلِيَ يُوْسُفُ اليَمَنَ سَنَةَ سِتٍّ وَمائَةٍ, فَمَا زَالَ عَلَيْهَا حَتَّى جَاءهُ التَّقْلِيْدُ بِوِلاَيَةِ العِرَاقِ, فَاسْتَخلَفَ ابْنَهُ الصَّلْتَ وَسَارَ.
قَالَ اللَّيْثُ: نُزِعَ عَنِ العِرَاقِ خَالِدٌ القَسْرِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ بِيُوْسُفَ, وَكَانَ يُضرَبُ بِحُمْقِه وَتِيْهِهِ المَثَلُ فَكَانَ يُقَالُ: أَحْمَقُ مِنْ أَحْمَقِ ثَقِيْفٍ وَحَجَمَه إِنْسَانٌ مَرَّةً فَهَابَه وَأَرْعَدَ فَقَالَ يُوْسُفُ: قُلْ لِهَذَا البَائِسِ لاَ تَخَفْ وَمَا رَضِيَ أَنْ يُخَاطِبَه.
وَقَدْ هَمَّ الوَلِيْدُ بِعَزْلِهِ, فَبَادَرَ, وَقَدَّمَ لَهُ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً, وَبَذَلَ فِي خَالِدٍ القَسْرِيِّ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأُخرِجَ, وَسُلِّمَ إِلَيْهِ العِرَاقُ فَأَهْلَكَه تَحْتَ العَذَابِ, وَالمُصَادَرَةِ, وَأَخَذَ مِنْهُ, وَمِنْ أَعْوَانِه تِسْعِيْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ. وَاقْتَصَّ يَزِيْدُ بنُ خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مِنْ يُوْسُفَ وَقَتَلَهُ نَائِبُه, ثُمَّ قُتِلَ يَزِيْدُ إِذْ تَملَّكَ مَرْوَانُ الحِمَارُ.
قَالَ أَبُو الصَّيْدَاءِ: أَنَا شَهِدتُ هَذَا الخَبِيْثَ يُوْسُفَ ضَرَبَ وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى قَتَلَهُ.
وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ: بَعَثَ يَزِيْدُ بنُ خَالِدٍ مَوْلاَهُ أَبَا الأَسَدِ, فَدَخَلَ السِّجْنَ, فَضَربَ عُنُقَ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, وَعَاشَ أَزْيَدَ مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً, وَقِيْلَ: رَمَوْهُ قَتِيْلاً فَشَدَّ الصِّبْيَانُ فِي رِجْلِهِ حَبلاً, وَجَرُّوْهُ فِي أَزِقَّةِ دِمَشْقَ, وَكَانَ دَمِيْمَ الجُثَّةِ, لَهُ لِحْيَةٌ عَظِيْمَةٌ نعوذ بالله من البغي وعواقبه.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "7/ ترجمة 843"، تاريخ الإسلام "5/ 191"، شذرات الذهب لابن خلكان "1/ 172".(6/159)
813- دَاوُدُ بنُ عَلِيِّ 1:
ابْنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ الهَاشِمِيُّ عَمُّ السَّفَّاحِ, الأَمِيْرُ, أَبُو سُلَيْمَانَ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْهُ. الأَوْزَاعِيُّ, وَالثَّوْرِيُّ, وَشَرِيْكٌ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
لَهُ حَدِيْثٌ طَوِيْلٌ فِي الدُّعَاءِ. تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى, وَقَيْسٌ, وَمَا هُوَ بِحُجَّةٍ, وَالخَبَرُ يُعَدُّ مُنْكَراً, وَلَمْ يُقَحِّمْ أُوْلُوِ النَّقْدِ عَلَى تَلْيِينِ هَذَا الضَّربِ لِدَوْلَتِهِم.
وَكَانَ دَاوُدُ ذَا بَأْسٍ, وَسَطوَةٍ, وَهَيْبَةٍ, وَجَبَرُوتٍ, وَبَلاَغَةٍ, وَقِيْلَ: كَانَ يَرَى القَدَرَ.
وَلَمَّا قَامَ السَّفَّاحُ يَوْمَ بُوْيِعَ يَخطُبُ, حُصِرَ فَقَامَ دُوْنَه عَمُّه هَذَا فَأَبْلَغَ وَقَالَ فَأَوْجزَ وَبَسَطَ آمال الناس.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, بَعدَ أَنْ أَقَامَ المَوْسِمَ وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وأربعين سنة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 795"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1914"، تاريخ الإسلام "5/ 242"، العبر "2/ 45"، الكاشف "1/ 1467"، ميزان الاعتدال "2/ 12-13"، تهذيب التهذيب "3/ 194"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1934"، شذرات الذهب "1/ 191".(6/160)
814- أبو الزناد 1: "ع"
عبد الله بن ذكوان, الإِمَامُ الفَقِيْهُ, الحَافِظُ, المُفْتِي, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ, المَدَنِيُّ, وَيُلَقَّبُ بِأَبِي الزِّنَادِ, وَأَبُوْهُ مَوْلَى رَمْلَةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ, زَوْجَةِ الخَلِيْفَةِ عُثْمَانَ. وَقِيْلَ مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ وَقِيْلَ: مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ وَقِيْلَ: إِنَّ ذَكْوَانَ كَانَ أَخَا أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَاتِلِ عُمَرَ قَالَهُ: أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ.
قُلْتُ: مَوْلِدُه فِي نَحْوِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ, فِي حَيَاةِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَأَبَانِ بنِ عُثْمَانَ, وَعُرْوَةَ, وَابْنِ المُسَيِّبِ, وَخَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ, وعبيد ابن حُنَيْنٍ, وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ, وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْهُ ثَبْتٌ فِيْهِ, وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ, وَمُرَقِّعِ بنِ صَيْفِيٍّ, وَمُجَالِدِ بنِ عَوْفٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ, وَالشَّعْبِيِّ, وَسُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعِدَّةٍ.
وَشَهِدَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ جِنَازَةً وَأَرْسَلَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ, وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الإِسْلاَمِ, وَمِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ, وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وَابْنُ أَبِي مليكة مع تَقَدُّمِهِ, وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ, وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ, وعبد الوهاب بن بخت, ومحمد ابن عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَمَالِكٌ, وَاللَّيْثُ, وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ, وَالمُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِزَامِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِلاَلٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ قَالَ حَرْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ, قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ يُسَمِّي أَبَا الزِّنَادِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ فَوْقَ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَفَوْقَ سُهَيْلٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَعْلَمُ مِنْ رَبِيْعَةَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, قَالَ ثِقَةٌ حَجَّةٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ أَعْلَمَ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ وَأَبِي الزِّنَادِ وَبُكَيْرٍ الأَشَجِّ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: أَبُو الزِّنَادِ لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ, وَأَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ ثِقَةٌ, فَقِيْهٌ صَالِحُ الحَدِيْثِ, صَاحِبُ سُنَّةٍ, وَهُوَ مِمَّنْ تَقُوْمُ به الحجة إذا روى عنه الثقات.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 228"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 227"، الكاشف "2/ ترجمة 2736"، تاريخ الإسلام "5/ 194"، ميزان الاعتدال "2/ 418-420"، تهذيب التهذيب "5/ 203"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3480" شذرات الذهب لابن العماد "1/ 182".(6/161)
قَالَ البُخَارِيُّ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ كُلِّهَا: مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَصحُّ أَسَانِيْدِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيْدٍ: دَخَلَ أَبُو الزِّنَادِ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِنَ الأَتبَاعِ يَعْنِي: طَلَبَةَ العِلْمِ- مِثْلُ مَا مَعَ السُّلْطَانِ, فَمِنْ سَائِلٍ، عَنْ فَرِيْضَةٍ وَمِنْ سَائِلٍ، عَنِ الحِسَابِ وَمِنْ سَائِلٍ، عَنِ الشِّعرِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الحَدِيْثِ, وَمِنْ سَائِلٍ عَنْ مُعضِلَةٍ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ, قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ, وَخَلْفَه ثَلاَثُ مائَةِ تَابِعٍ مِنْ طَالِبِ فِقْهٍ وَشِعْرٍ وَصُنُوفٍ, ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَقِيَ وَحْدَه, وَأَقْبَلُوا عَلَى رَبِيْعَةَ, وَكَانَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ: شِبْرٌ مِنْ حُظوَةٍ خَيْرٌ مِنْ بَاعٍ مِنْ عِلْمٍ.
وَنَقَلَ: أَبُو يُوْسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ, قَالَ: قَدِمتُ المَدِيْنَةَ, فَأَتَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ, وَرَأَيْتُ رَبِيْعَةَ, فَإِذَا النَّاسُ عَلَى رَبِيْعَةَ, وَأَبُو الزِّنَادِ أَفْقَهُ الرَّجُلَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَفْقَهُ أَهْلِ بَلَدِكَ وَالعَمَلُ عَلَى رَبِيْعَةَ? فَقَالَ: وَيْحَكَ كَفٌّ مِنْ حَظٍّ خَيْرٌ مِنْ جِرَابٍ مِنْ عِلْمٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ, قَالَ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ فَقِيْهَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ, وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ وَحِسَابٍ, وَكَانَ كَاتِباً لِخَالِدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ الحَارِثِ بنِ الحَكَمِ بِالمَدِيْنَةِ, وَكَانَ كَاتِباً لِعَبْدِ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ, وَفَدَ عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بِحسَابِ دِيْوَانِ المَدِيْنَةِ, فَجَالَسَ هِشَاماً مَعَ ابْنِ شِهَابٍ فَسَأَلَ هِشَامٌ ابْنَ شِهَابٍ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ عُثْمَانُ يُخْرِجُ العَطَاءَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ قَالَ: لاَ أَدْرِي قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُنَّا نَرَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ لاَ يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إلَّا وُجِدَ عِلْمُهُ عِنْدَه فَسَأَلَنِي هِشَامٌ فَقُلْتُ: فِي المُحَرَّمِ فَقَالَ هِشَامٌ لابْنِ شِهَابٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ هَذَا عِلْمٌ أَفَدتُه اليَوْمَ. فَقَالَ مَجْلِسُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَهْلٌ أَنْ يُفَادَ فِيْهِ العِلْمُ قَالَ: وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ مُعَادِياً لِرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ وَكَانَا فَقِيْهَيِ البلد في زمانهما وكان الماجشون يعقوب ابن أَبِي سَلَمَةَ يُعِيْنُ رَبِيْعَةَ عَلَى أَبِي الزِّنَادِ وَكَانَ المَاجِشُوْنُ أَوَّلَ مَنْ عَلِمَ الغِنَاءَ مِنْ أَهْلِ المُرُوْءةِ بِالمَدِيْنَةِ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: مَثَلِي وَمَثَلُ ذِئْبٍ, كَانَ يُلِحُّ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ فَيَأْكُلُ صِبْيَانَهُم وَدَوَاجِنَهُم, فَاجْتَمَعُوا لَهُ فَخَرَجُوا فِي طَلَبِه, فَهَرَبَ مِنْهُم فَتَقَطَّعُوا عَنْهُ إلَّا صَاحِبَ فَخَّارٍ فَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَوَقَفَ لَهُ الذِّئْبُ وَقَالَ: هؤلاء عذرتهم, أرأيتك أنت مالي وَلَكَ?! وَاللهِ مَا كَسَرْتُ لَكَ فَخَّارَةً قَطُّ ثم قال: مالي وَلِلْمَاجِشُوْنِ, وَالله مَا كَسَرْتُ لَهُ كَبَراً وَلاَ بربطًا1.
__________
1 البربط: عود أعجمي ليس من ملاهي العرب، أعربته حين سمعت، به.(6/162)
رَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ الفُقَهَاءُ بِالمَدِيْنَةِ يَأْتُوْنَ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ خَلاَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ فَإِنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ كَانَ يَرْضَى أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَهُمَا رَسُوْلٌ وَأَنَا كُنْتُ الرَّسُوْلَ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: وَلَّى عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ أَبَا الزِّنَادِ بَيْتَ مَالِ الكُوْفَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: قِيْلَ لأَبِي الزِّنَادِ: لِمَ تُحِبُّ الدَّرَاهِمَ وَهِيَ تدنيك من الدنيا? فقال: إنها وإن أذنتني مِنْهَا فَقَدْ صَانَتْنِي عَنْهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ, فَصِيْحاً, بَصِيْراً بِالعَرَبِيَّةِ, عَالِماً, عَاقِلاً.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: هُوَ كَانَ سَبَبَ جَلدِ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ, ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَ ذَلِكَ المَدِيْنَةَ فُلاَنٌ التَّيْمِيُّ, فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ, فَطَيَّنَ عَلَيْهِ بَيْتاً, فَشَفَعَ فِيْهِ رَبِيْعَةُ.
قُلْتُ: تَؤُولُ الشَّحنَاءُ بَيْنَ القُرَنَاءِ إِلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا.
وَلَمَّا رَأَى رَبِيْعَةُ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ يَهلِكُ بِسَبَبِه, مَا وَسِعَه السُّكُوْتُ, فَأَخْرَجُوا أَبَا الزِّنَادِ, وَقَدْ عَايَنَ المَوْتَ وَذَبُلَ, وَمَالَتْ عُنُقُه نَسْأَلُ الله السلامة.
وَرَوَى اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَمَّا أَبُو الزِّنَادِ, فَلَيْسَ بِثِقَةٍ وَلاَ رَضِيٍّ.
قُلْتُ: انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ ثِقَةٌ رَضِيٌّ.
وَقِيْلَ: كان مالك لايرضى أَبَا الزِّنَادِ, وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ, وَقَدْ أَكْثَرَ مَالِكٌ عَنْهُ فِي "مُوَطَّئِهِ".
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِلثَّوْرِيِّ: جَالَستَ أَبَا الزِّنَادِ? قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالمَدِيْنَةِ أَمِيْراً غَيْرَه.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: جَلَسْتُ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ حَصَىً فَحَصَبنِي بِهِ وَكُنْتُ أَسْأَلُ أَبَا الزِّنَادِ وَكَانَ حَسَنَ الخُلُقِ.
يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَبِيْعَةَ فَقَالَ: إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ، عَنْ مَسْأَلَةٍ وَأَسْأَلَ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ, وَأَسْأَلَ أَبَا الزِّنَادِ فَقَالَ: هَذَا يَحْيَى وَأَمَّا أَبُو الزِّنَادِ فَلَيْسَ بِثِقَةٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ مَالِكٌ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ كَاتِباً لِهَؤُلاَءِ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ وَكَانَ لاَ يَرضَاهُ يَعْنِي: لِذَلِكَ.(6/163)
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَبُو الزِّنَادِ كَمَا قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ, حُجَّةٌ, وَلَمْ أُوْرِدْ لَهُ حَدِيْثاً, لأَنَّ كُلَّهَا مُسْتقِيْمَةٌ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ ذَكْوَانَ: حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ, حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ, وَابْنُ أَبِي الغَمْرِ, قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ القَاسِمِ, قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَمَّنْ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ الَّذِي قَالُوا: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ" 1 فَأَنْكَر ذَلِكَ إِنْكَاراً شَدِيْداً, وَنَهَى أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ أَحَدٌ فَقِيْلَ إِنَّ نَاساً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَتَحَدَّثُوْنَ بِهِ قَالَ: مَنْ هُم? قِيْلَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ ابْنُ عَجْلاَنَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ وَلَمْ يَكُنْ عَالِماً, وَلَمْ يَزَلْ أَبُو الزِّنَادِ عَامِلاً لِهَؤُلاَءِ حَتَّى مَاتَ, وَكَانَ صَاحِبَ عُمَّالٍ يَتْبَعُهُم.
قُلْتُ: الخَبَرُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ ابْنُ عَجْلاَنَ, بَلْ وَلاَ أَبُو الزِّنَادِ, فَقَدْ رَوَاهُ: شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. وَرَوَاهُ: قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ المَرَاغِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ: ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ, وَأَبِي يُوْنُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ: مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَصحَّ أَيْضاً مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهُوَيْه عَالِمُ خُرَاسَانَ: صَحَّ هَذَا، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَهَذَا الصَّحِيْحُ مُخَرَّجٌ فِي كِتَابَيْ "البُخَارِيِّ" وَ"مُسْلِمٍ" فَنُؤْمِنُ بِهِ, وَنُفَوِّضُ, وَنُسِلِّمُ, وَلاَ نَخُوضُ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْنَا, مَعَ عِلْمِنَا بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ كَمِثلِهِ شَيْءٌ, وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ أَبُو الزِّنَادِ فَجْأَةً فِي مُغتَسَلِه, لَيْلَةَ الجُمُعَةِ, لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلتْ مِنْ رَمَضَانَ, وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ سَنَةً, فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنْهَا وَقَالَ خَلِيْفَةُ وَطَائِفَةٌ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بن عبد الله التميمي وغيرهم: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 244"، والحميدي "1121"، ومسلم "2612" "112"، والآجري في "الشريعة" "ص314"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص290" وفي "السنن" "8/ 327" من طرق عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة مرفوعا بلفظ: -"إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته" وأخرجه أحمد "2/ 251 و434"، والبخاري "2559"، وابن خزيمة في "التوحيد" "ص36-37"، والآجري في "الشريعة" "ص315"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص291" من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه أحمد "2/ 327 و337"، ومسلم "2612" "113" من طريق سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أبي هريرة، به.(6/164)
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنٍ القُرَشِيِّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عمر، أنبأنا أبو سعيد ابن الأَعْرَابِيِّ, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ -: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَاكْتُبُوْهَا فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوْهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا, فَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلاَ تَكْتُبُوْهَا فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوْهَا مِثْلَهَا, وإن تركها فاكتبوها حسنة" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "128"، والترمذي "3073" من طريق سفيان بن عيينة، به.(6/165)
815- يعلى بن حكيم 1: "خ، م، د، س، ق"
الثقفي مَكِّيٌّ, ثِقَةٌ, نَزَلَ البَصْرَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَمُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ, وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَعِكْرِمَةَ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: قَتَادَةُ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَحَمَّادُ بنُ زيد, وَمُحَمَّدُ بنُ ذَكْوَانَ, وَغَيْرُهُم, وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ, وَأَحْمَدُ, وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: مَاتَ بِالشَّامِ, وَتَرَكَ أُمَّه, فَكَانَتْ تَأْتِي أَيُّوْبَ. قَالَ: فَأَتَاهَا أَيُّوْبُ ثَلاَثَةَ ايام, يقعد عَلَى بَابِهَا, وَتَأْتِيْهِ فَتَجْتَمِعُ وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: بَعَثَ يَعْلَى مِنَ الشَّامِ بِصَحِيْفَةٍ ضَخْمَةٍ فِيْهَا مَسَائِلُ فَقَالَ: سَلْ عَنْهَا قَتَادَةُ فَسأَلتُهُ فَقَالَ: يَشُقُّ عَلَيَّ فَسَلْ سَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ فَفَعَلتُ ثُمَّ عَرضْتُهَا عَلَى قَتَادَةَ فَمَا غير إلَّا شيئين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3548"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 542" و"2/ 89و 266" و"3/ 27 و240"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1303"، الكاشف "3/ ترجمة 6528"، تاريخ الإسلام "5/ 191"، تهذيب التهذيب "11/ 401".(6/165)
816- يعلى بن عطاء 1: "م، 4"
الطائفي نَزلَ وَاسِطَ وَحَدَّثَ، عَنْ أَوْسِ بنِ أَبِي أَوْسٍ, وَعُمَارَةَ بنِ حَدِيْدٍ, وَوَكِيْعِ بنِ عُدُسٍ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَالثَّوْرِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَآخَرُوْنَ, وَهُوَ مِنْ مَوَالِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وقال البخاري: مات سنة عشرين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 520" و"7/ 310"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة رقم 3538"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1302"، الكاشف "3/ ترجمة 6533"، تاريخ الإسلام "5/ 20"، تهذيب التهذيب "11/ 403".(6/166)
817- مطر الوراق 1: "م، 4"
الإِمَامُ, الزَّاهِدُ, الصَّادِقُ, أَبُو رَجَاءٍ بنُ طَهْمَانَ الخُرَاسَانِيُّ, نَزِيلُ البَصْرَةِ, مَوْلَى عِلْبَاءَ بنِ أَحْمَرَ اليَشْكُرِيِّ كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ, وَكَانَ يكتب المصاحف ويتقن ذلك.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالحَسَنِ, وَابْنِ بُرَيْدَةَ, وَعِكْرِمَةَ, وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, وَبَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيٌّ, وَآخَرُوْنَ.
وَغَيْرُه أَتقَنُ لِلرِّوَايَةِ مِنْهُ, وَلاَ يَنحَطُّ حَدِيْثُه عَنْ رُتبَةِ الحَسَنِ. وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: صَالِحٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ فِي عَطَاءٍ ضَعِيْفٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قَالَ الخَلِيْلُ بنُ عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ: سَمِعْتُ عَمِّي عِيْسَى يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَطَرٍ الوَرَّاقِ فِي فِقْهِهِ وَزُهْدِهِ.
وَقَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: رَحِمَ اللهُ مَطَراً الوَرَّاقَ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الجَنَّةَ.
وَعَنْ شَيْبَةَ بِنْتِ الأَسْوَدِ قَالَتْ: رأيت مطر الوَرَّاقَ وَهُوَ يَقُصُّ.
يُقَالُ: تُوُفِّيَ مَطَرٌ الوَرَّاقُ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ضَعِيْفٌ وَكَانَ يَحْيَى القَطَّانُ يُشَبِّهُ مَطَراً بِابْنِ أَبِي لَيْلَى فِي سُوءِ الحِفظِ وَفِيْهِ يَقُوْلُ عُثْمَانُ بنُ دِحْيَةَ اللُّغَوِيُّ: لاَ يُسَاوِي دَسْتَجَةَ بَقْلٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: فِيْهِ ضَعفٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَعَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ, قَالَ: لَمَّا خَلقَ اللهُ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ جَعَلَ دَوَاءَ المَرَّةِ المشِيَ وَدَوَاءَ الدَّمِ الحِجَامَةَ وَدَوَاءَ البَلْغَمِ الحمام.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 254"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1752"، الكنى للدولابي "1/ 175"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1319"، حلية الأولياء "3/ 75"، تاريخ الإسلام "5/ 164"، الكاشف "3/ ترجمة 5569"، ميزان الاعتدال "4/ 126"، تهذيب التهذيب "10/ 167"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7028".(6/166)
818- صالح بن كيسان 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثِّقَةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ: أَبُو الحَارِثِ- المَدَنِيُّ, المُؤَدِّبُ, مُؤَدِّبُ وَلَدِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
يُقَالَ: مَوْلَى بَنِي غِفَارٍ. وَيُقَالُ: مَوْلَى بَنِي عَامِرٍ. وَيُقَالُ: مَوْلَى آلِ مُعَيْقِيْبٍ الدَّوْسِيِّ.
رَأَى عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ. وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْهُمَا.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَنَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَابْنِ شِهَابٍ رَفِيْقِهِ, وَيَنْزِلُ إِلَى ابْنِ عَجْلاَنَ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ, وَعِدَّةٍ, وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ- وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ- وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَابْنُ جُرَيْجٍ, وَمَعْمَرٌ, وَمَالِكٌ, وسليمان ابن بِلاَلٍ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَأَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنْ دَوْسٍ, وَكَانَ عَالِماً, ضَمَّه عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِلَى نَفْسِهِ, وَهُوَ أَمِيْرٌ -يَعْنِي: بِالمَدِيْنَةِ- قَالَ: فَكَانَ يَأْخُذُ عَنْهُ, ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ, فَضَمَّهُ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الوَلِيْدِ.
وَكَانَ صَالِحٌ جَامِعاً مِنَ الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَالمُرُوْءةِ.
قَالَ حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ, فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ صَالِحٍ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَدْ رَأَى صَالِحَ بنَ عُمَرَ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثقة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2848"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1808"، الكاشف "2/ ترجمة 2377"، تذكرة الحفاظ "1/ 148"، تاريخ الإسلام "6/ 282"، تهذيب التهذيب "4/ 399"، الإصابة "2/ ترجمة 4121"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3052"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 208".(6/167)
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى, قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فِي الزُّهْرِيِّ. وَقَدْ سَمِعَ مِنِ: ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ يَحْيَى قَالَ: مَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي الزُّهْرِيِّ.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ, حَدَّثَنَا أحمد بن العباس قال: قال يحيى ابن مَعِيْنٍ: لَيْسَ فِي أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ أَثْبَتُ مِنْ مَالِكٍ, ثُمَّ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ, ثُمَّ مَعْمَرٍ ثُمَّ يُوْنُسَ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ: صَالِحٌ ثِقَةٌ ثَبْتٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ أَسَنَّ مِنَ الزُّهْرِيِّ, رَأَى ابْنَ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: صَالِحٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عُقَيْلٍ؛ لأَنَّهُ حِجَازِيٌّ وَهُوَ أَسَنُّ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ ثِقَةٌ يُعَدُّ فِي التَّابِعِيْنَ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَابْنُ خِرَاشٍ, وَغَيْرُهُمَا: ثِقَةٌ.
رَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: اجْتَمَعتُ أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ, وَنَحْنُ نَطلُبُ العِلْمَ فَاجْتَمَعنَا عَلَى أَنْ نَكْتُبَ السُّنَنَ, فَكتَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ سَمِعْنَا، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ نَكْتُبُ مَا جَاءَ، عَنْ أَصْحَابِه فَقُلْتُ: لَيْسَ بِسُنَّةٍ فَقَالَ: بَلْ هُوَ سُنَّةٌ فَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ, فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ.
الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُ حَدِيْثَ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ فِي نُزُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَبْطَحَ يَعْنِي، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ ثُمَّ قَدِمَ صَالِحٌ فقال لنا عمرو اذهبو فَسَلُوْهُ، عَنْ هَذَا الحَدِيْثِ فَذَهَبنَا إِلَيْهِ, فَسَأَلْنَاهُ.
يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: كَانَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ مُؤَدِّبَ ابْنِ شِهَابٍ فَرُبَّمَا ذَكَرَ صَالِحٌ الشَّيْءَ, فَيَرُدُّ عَلَيْهِ ابْنُ شِهَابٍ فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ, وَحَدَّثَنَا فُلاَنٌ, بِخِلاَفِ مَا قَالَ فَيَقُوْلُ لَهُ صَالِحٌ: تُكَلِّمُنِي وَأَنَا أَقَمْتُ أَوَدَ لِسَانِكَ.
عَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعْدٍ: جِئْتُ صَالِحَ بنَ كَيْسَانَ فِي مَنْزِلِهِ, وَهُوَ يَكسِرُ لِهِرَّةٍ لَهُ يُطعِمُهَا ثُمَّ يَفُتُّ لِحَمَامَاتٍ لَهُ أَوْ لِحَمَامٍ يُطعِمُه.
وَهِمَ الحَاكِمُ وَهْمَيْنِ فِي قَوْلَةٍ فَقَالَ: مَاتَ زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ وَهُوَ ابْنُ مائَةٍ وَنَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً, وَكَانَ قَدْ لَقِيَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ, ثُمَّ تَلْمَذَ بَعْدُ لِلزُّهْرِيِّ, وَتَلَقَّنَ عَنْهُ العِلْمَ, وَهُوَ ابْنُ تِسْعِيْنَ سَنَةً ابْتَدَأَ بِالعِلْمِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَالجَوَابُ: أَنَّ زَيْداً مَاتَ كَهْلاً مِنْ أَبْنَاءِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ وَصَالِحٌ عَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً مَا بَلَغَ التِّسْعِيْنَ, وَلَوْ عَاشَ كَمَا زَعَمَ أَبُو عَبْدِ اللهِ لَعُدَّ فِي شَبَابِ الصَّحَابَةِ, فَإِنَّهُ مَدَنِيٌّ وَلَكَانَ ابْنَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَقْتَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَوْ طَلَبَ العِلْمَ -كَمَا قَالَ الحَاكِمُ- وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً, لَكَانَ قَدْ عَاشَ بَعْدَهَا نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً, وَلَسَمِعَ مِنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَائِشَةَ, فَتَلاَشَى مَا زَعَمَه.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَالمائَةِ, وَقَبلَ مَخرَجِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحديث.(6/168)
819- زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ 1: "م، ت، ق"
هُوَ الفَقِيْهُ, الرَّبَّانِيُّ, زِيَادُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ عَيَّاشِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ, مِنْ مَشَايِخِ وَقْتِه بِدِمَشْقَ, وَلَهُ بِهَا دَارٌ, وَذُرِّيَّةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ, وَأَنَسٍ, وَأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ -وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ- وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ. وَكَانَ عَبداً صَالِحاً, قَانِتاً للهِ.
قَالَ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ: كَانَ مَمْلُوْكاً فَدَخَلَ يَوْماً عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَكَانَ يُكرِمُه.
وَقَالَ الفَرَزْدَقُ وَقَصَدَ بِهَذَا:
يَا أَيُّهَا القَارِئُ المُرْخِي عِمَامَتَهُ ... هَذَا زَمَانُكَ, إِنِّي قَدْ مَضَى زَمَنِي
وَكَانَ مُتَعَبِّداً مُنعَزِلاً وَلَهُ دَرَاهِمُ يُعَالجُ لَهُ فِيْهَا, وَفِيْهِ عُجمَةٌ, وَكَانَ يَلْبَسُ الصُّوْفَ, وَيَهجُرُ اللَّحْمَ.
رَوَى يَحْيَى الوُحَاظِيُّ، عَنِ النَّضْرِ بنِ عَرَبِيٍّ, قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَتَغَدَّى, إِذْ بَصُرَ بِزِيَادٍ, فَطَلَبَه, ثُمَّ قَعَدَ مَعَهُ, وَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ, هَذَا زِيَادٌ, فَاخرُجِي فَسَلِّمِي, هَذَا زِيَادٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوْفٍ, وَعُمَرُ قَدْ وَلِيَ أَمرَ الأُمَّةِ وَبَكَى فَقَالَتْ: يَا زِيَادُ هَذَا أَمرُنَا وَأَمرُهُ مَا فَرِحنَا بِهِ وَلاَ قَرَّتْ أَعْيُنُنَا مُنْذُ وَلِيَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ يمر, فربما أفزعني حسه, فيضع
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 305" التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1196"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 667"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2460"، تاريخ الإسلام "5/ 72"، تهذيب التهذيب "3/ 367"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2199".(6/169)
يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ, فَيَقُوْلُ: عَلَيْكَ بِالجِدِّ, فَإِنْ كان ما يقول هؤلاء مِنَ الرُّخَصِ حَقّاً لَمْ يَضُرَّكَ وَإِلاَّ كُنْتَ قَدْ أَخَذتَ بِالحَذَرِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ قَدْ أَعَانَهُ النَّاسُ عَلَى فِكَاكِ رَقبَتِه, وَتَسَارَعُوا فِي ذَلِكَ فَفَضَلَ مَالٌ كَثِيْرٌ فَرَدَّهُ زِيَادٌ إِلَيْهِم بِالحُصَصِ, وَكَتَبَهُم عِنْدَه فَمَا زَالَ يَدْعُو لَهُم حَتَّى مَاتَ.
قُلْتُ: لَهُ فِي الكُتُبِ ثَلاَثَةُ أَحَادِيْثَ. قُلْتُ: اسْمُ أَبِيْهِ: مَيْسَرَةُ.(6/170)
820- سهيل بن أبي صالح 1: "م، 4، خَ، مَقْرُوْناً"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ, الصَّادِقُ, أَبُو يَزِيْدَ المَدَنِيُّ, مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الأَحْمَسِ الغَطَفَانِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ السَّمَّانِ, وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ, وَعَطَاءِ بنِ يَزِيْدَ اللَّيْثِيِّ, وَأَبِي الحُبَابِ سَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ, وَأَبِي عُبَيْدٍ الحَاجِبِ, وَالحَارِثِ بنِ مُخَلَّدٍ الأَنْصَارِيِّ, وَصَفْوَانَ بنِ أَبِي يَزِيْدَ, وَابْنِ المُنْكَدِرِ, وَابْنِ شِهَابٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى أَقرَانِه كَالأَعْمَشِ وَسُمَيٍّ, وَرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ, وَمَا علمت له شيئًا، عن أحد الصَّحَابَةِ, وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: الأَعْمَشُ, وَرَبِيْعَةُ, وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وَهُم مِنَ التَّابِعِيْنَ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَالحَمَّادَانِ, وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ, وَمَاتَ قَبْلَه بِدَهْرٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَأَنَسُ ابن عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ, لَكِنَّهُ مَرِضَ مَرضَةً غَيَّرَتْ مِنْ حِفْظِه.
حَكَى التِّرْمِذِيُّ: أَنَّ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ, قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ سُهَيْلَ بنَ أَبِي صَالِحٍ ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا أَصْلَحَ حَدِيْثَهُ!.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، عَنْ سُهَيْلٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو, فَقَالَ: قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ وما صنع شيئًا سهيل أثبت عندهم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2120"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 423" و"2/ 166و 706" و"3/ 140"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1063"، تاريخ الإسلام "5/ 261"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 128"، العبر "1/ 273 و296"، ميزان الاعتدال "2/ 243"، تهذيب التهذيب "4/ 263"، شذرات الذهب "1/ 208".(6/170)
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سُهَيْلٌ, وَالعَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِيْثُهُمَا قَرِيْبٌ مِنَ السَّوَاءِ, وَلَيْسَ حَدِيْثُهُمَا بِحُجَّةٍ. رَوَاهُ: عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ, عَنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: سُهَيْلٌ وَأَخُوْهُ عَبَّادٌ ثِقَتَانِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ: سُهَيْلٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوِ العَلاَءُ? فَقَالَ: سُهَيْلٌ أَثْبَتُ وَأَشهَرُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ, وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ, وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ العَلاَءِ, وَمِنْ عَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلِسُهَيْلٍ نَسْخٌ, رَوَى عَنْهُ الأَئِمَّةُ, وَهُوَ عِنْدِي ثَبْتٌ, لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سُمَيٌّ خَيْرٌ مِنْهُ.
قُلْتُ: سُمَيٌّ مِنْ رِجَالِ "الصَّحِيْحِيْنِ" بِخِلاَفِ سُهَيْلٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ مَرَّةً: ثِقَةٌ وَأَخوَاهُ عَبَّادٌ وَصَالِحٌ.
وَمِنْ غَرَائِبِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيْثُ: "مَنْ قَتَلَ وَزَغاً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ" 1 وَحَدِيْثُ "فَرْخُ الزنى لا يدخل الجنة"2.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2240"، وأبو داود "5263"، والترمذي "1482"، وابن ماجه "3228"، وأحمد "2/ 355" من طرق عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى- وإن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة، لدون الثانية" واللفظ لمسلم.
2 موضوع: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "3/ 448-449" من طريق حمزة بن داود الثقفي، حدثنا محمد بن زنبور، حدثن عبد العزيز بن أبي حازم، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "فرخ الزنى لا يدخل الجنة".
قلت: إسناده موضوع، فيه حمزة بن داود، قال الدارقطني: ليس بشيء، وفيه محمد بن زنبور المكي، قال ابن خزيمة: ضعيف، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين. ووثقه النسائي وابن حبان.
والخبر متنه كذب لا يقبله ذوي الفطر لسليمة والعقول المستنيرة بنور العلم ويمجه كل ذي ذوق سليم ومن له اطلاع على السنة المشرفة فما ذنب الأبناء بما فعل الآباء، قال -تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ، وقال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] ، فكيف يعاقب سبحانه الأبناء بذنب فعله الآباء، وهو الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما، سبحانك هذا بهتان عظيم.(6/171)
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ: لِمَ تَرَكَ البُخَارِيُّ سُهَيْلاً فِي "الصَّحِيْحِ"? فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُ لَهُ فِيْهِ عُذراً, فَقَدْ كَانَ النَّسَائِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِحَدِيْثٍ لِسُهَيْلٍ قَالَ سُهَيْلٌ -وَاللهِ- خَيْرٌ مِنْ أَبِي اليَمَانِ, وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ, وَغَيْرِهِمَا, وَ"كِتَابُ البُخَارِيِّ" مِنْ هَؤُلاَءِ مَلآنُ ,وَخَرَّجَ لِفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ, وَلاَ أَعْرِفُ لَهُ وَجْهاً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَاتَ أَخٌ لِسُهَيْلٍ, فَوَجَدَ عَلَيْهِ, فَنَسِيَ كَثِيْراً مِنَ الحَدِيْثِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, قَالَ: لَمْ يَزَلْ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ يَتَّقُوْنَ حَدِيْثَه وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ, وَمَرَّةً: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَالِكاً إِنَّمَا أَخَذَ عَنْهُ قَبْلَ التَّغَيُّرِ.
قَالَ الحَاكِمُ: رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ كَثِيْراً, وَأَكْثَرُهَا فِي الشَّوَاهِدِ وَيُقَالُ: ظَهَرَ لِسُهَيْلٍ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ القَزْوِيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ, وَأَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, وَطَائِفَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ قالا: أنبأنا أَبُو زُرْعَةَ، أَنْبَأَنَا مَكِّيُّ بنُ مَنْصُوْرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ، أَنْبَأَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِاليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ1
وَبِهِ قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: فَذَكَرتُ ذَلِكَ لِسُهَيْلٍ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيْعَةُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ, أَنَّنِي حَدَّثتُه إِيَّاهُ وَلاَ أَحْفَظُهُ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: وَقَدْ كَانَ أَصَابَ سُهَيْلاً عِلَّةٌ أَضَرَّتْ بِبَعْضِ حِفْظِه, وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيْثِه فَكَانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ يُحَدِّثُ بِهِ، عَنْ رَبِيْعَةَ عَنْهُ، عَنْ أَبِيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّوْنَ بَاباً أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ بَاباً أَفْضَلُهَا لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى، عَنِ الطَّرِيْقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيْمَانِ" 2 هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ مِنَ العَوَالِي أَخْرَجَهُ الأَئِمَّة السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِم مِنْ حَدِيْثِ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ وَابْنِ عَجْلاَنَ وسليمان بن بِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ نَحْوَه.
__________
1 صحيح: أخرجه الشافعي "2/ 235"، وأبو داود "3610"، والترمذي "1343"، وابن ماجه "2369"، وله شاهد عن حديث ابن عباس: أخرجه الشافعي "2/ 234"، ومسلم "1712".
2 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "9"، وَمُسْلِمٌ "35"، وَأَبُو دَاوُدَ "4676"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2617"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 110"، وابن ماجه "57".(6/172)
821- سمي 1: "ع"
المدني الحَافِظُ, الحُجَّةُ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ, أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هشام الفَقِيْهِ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَجْلاَنَ, وَمَالِكٌ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَغَيْرُهُ.
قُتِلَ: يَوْمَ وَقْعَةِ قُدَيْدٍ2, فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْث بِالمَدِيْنَةِ, رَحِمَهُ الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2499"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1369"، الكاشف "1/ ترجمة 2172"، تاريخ الإسلام "5/ 260"،تهذيب التهذيب "4/ 238"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2777"، شذرات الذهب "1/ 181".
2 وقعة قديد كانت بين جيش عبد الله بن يحيى الكندي وبين جيش مروان الأموي.(6/173)
822- عبد الحميد 1:
ابن يحيى بن سعد الأنباري العَلاَّمَةُ, البَلِيْغُ أَبُو يَحْيَى الكَاتِبُ, تِلْمِيْذُ سَالِمٍ مَوْلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
سَكنَ الرَّقَّةَ, وكتب الترسل لمروان الحمار, وله عقب.
أَخَذَ عَنْهُ: خَالِدُ بنُ بَرْمَكٍ, وَغَيْرُه. وَتَنَقَّلَ فِي النَّوَاحِي, وَمَجْمُوْعُ رَسَائِلِه نَحْوٌ مِنْ مائَةِ كُرَّاسٍ.
وَيُقَالُ: افْتُتِحَ التَّرَسُّلُ بِعَبْدِ الحَمَيْدِ, وَخُتِمَ بِابْنِ العَمِيْدِ.
وَسَارَ مُنْهزِماً فِي خِدمَةِ مَرْوَانَ, فَلَمَّا قُتِلَ مَخدُوْمُه بِبُوْصِيْرَ, أُسِرَ هَذَا. فَقِيْلَ: حَمَوْا لَهُ طِسْتاً, ثُمَّ وَضَعُوْهُ عَلَى دِمَاغِه, فَتَلِفَ.
وَمِنْ تَلاَمِذَتِه: وَزِيْرُ المَهْدِيِّ يَعْقُوْبُ بنُ دَاوُدَ.
وَيُرْوَى عَنْ: مُهْزِمِ بنِ خَالِدٍ, قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الحَمِيْدِ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ يَجُوْدَ خَطُّكَ فَأَطِلْ جُلْفَةَ قَلَمِكَ وَأَسْمِنْهَا وَحَرِّفْ قِطَّتَكَ وَأَيْمِنْهَا قُتِلَ: فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في مروج الذهب للمسعودي "3/ 263"، تاريخ الإسلام للذهبي "5/ 270".(6/173)
823- عبد الملك 1:
ابن مروان بن فَاتِحِ الأَنْدَلُسِ مُوْسَى بنِ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيُّ الأَمِيْرُ, كَانَ فَصِيْحاً, خَطِيْباً, مُفَوَّهاً, عَادِلاً, كَبِيْرَ القَدْرِ.
وَلِي مِصْرَ لِمَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ, فَأَحْسَنَ السِّيْرَةَ, وَلَمَّا زَالتِ الدَّوْلَةُ المَرْوَانِيَّةُ, وَدَخَلَ صَالِحُ بنُ عَلِيٍّ مِصْرَ, أَكرَمَ عَبْدَ المَلِكِ هَذَا؛ لِمَا رَأَى مِنْ نَجَابَتِه وَأَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى العِرَاقِ فَكَانَ بِهَا أَحَدَ القُوَّادِ الكِبَارِ ثُمَّ وَلاَّهُ المَنْصُوْرُ إِقْلِيْمَ فَارِسٍ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "5/ 272"، النجوم الزاهرة "1/ 324".(6/174)
824- نصر بن سيار 1:
صَاحِبُ خُرَاسَانَ, الأَمِيْر, أَبُو اللَّيْثِ المَرْوَزِيُّ, نَائِبُ مروان بن محمد. حَدَّثَ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَبِي الزُّبَيْرِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ -فِيْمَا قِيْلَ- وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ.
خَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ, وَحَارَبَه, فَعَجِزَ عَنْهُ نَصْرٌ, وَاسْتَصْرَخَ بِمَرْوَانَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَبَعُدَ، عَنْ نَجْدَتِه وَاشْتَغَلَ باخْتِلاَلِ أَمرِ أَذْرَبِيْجَانَ وَالجَزِيْرَةِ, فَتَقَهقَرَ نَصْرٌ, وَجَاءهُ المَوْتُ عَلَى حَاجَةٍ, فَتُوُفِّيَ بِسَاوَةَ, فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَدْ وَلِي إِمْرَةَ خُرَاسَانَ عَشْرَ سِنِيْنَ. وكان من رجال الدهر سؤددًا وكفاءة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2148"، تاريخ الإسلام "5/ 308"، خزانة الأدب للبغدادي "1/ 326".(6/174)
واصل بن عطاء، وأبو بشر:
825- واصل بن عطاء 1:
البَلِيْغُ, الأَفْوَهُ, أَبُو حُذَيْفَةَ المَخْزُوْمِيُّ مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ, الغَزَّالُ وَقِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي ضَبَّةَ.
مَوْلِدُه سَنَةَ ثَمَانِيْنَ, بِالمَدِيْنَةِ وَكَانَ يَلثَغُ بِالرَّاءِ غَيْناً فَلاِقْتِدَارِهِ عَلَى اللُّغَةِ وَتَوَسُّعِهِ يَتَجَنَّبُ الوُقُوْعَ فِي لَفظَةِ فِيْهَا رَاءٌ كَمَا قِيْلَ:
وَخَالَفَ الرَّاءَ حَتَّى احْتَالَ لِلشِّعْرِ
وَهُوَ وَعَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ رَأْسَا الاعْتِزَالِ, طَرَدَهُ الحَسَنُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَمَّا قَالَ: الفَاسِقُ لاَ مُؤْمِنٌ وَلاَ كَافِرٌ فَانضَمَّ إِلَيْهِ عمرو واعتزلا حلقة الحسن فسموا المُعْتَزِلَة قَالَ شَاعِرٌ:
وَجَعَلْتَ وَصْلِي الرَّاءَ لَمْ تَلْفِظْ بِهِ ... وَقَطَعْتَنِي حَتَّى كَأَنَّكَ وَاصِلُ
وَقِيْلَ: لِوَاصِلٍ تَصَانِيْفُ. وَقِيْلَ: كَانَ يُجِيْزُ التِّلاَوَةَ بِالمَعْنَى, وَهَذَا جَهْلٌ.
قِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: عُرِفَ بِالغَزَّالِ لِتَرْدَادِهِ إِلَى سُوْقِ الغَزْلِ, لِيَتَصدَّقَ عَلَى النِّسوَةِ الفَقِيْرَاتِ.
جَالَسَ أَبَا هاشم عبد الله بن محمد بن الحَنَفِيَّةِ, ثُمَّ لاَزمَ الحَسَنَ, وَكَانَ صَمُوتاً, طَوِيْلَ الرَّقَبَةِ جِدّاً. وَلَهُ مُؤَلَّفٌ فِي التَّوْحِيْدِ, وَكِتَاب "المنزلة بين المنزلتين".
826- أبو بشر 2: "ع"
جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري البَصْرِيُّ, ثُمَّ الوَاسِطِيُّ, أَحَدُ الأَئِمَّةِ وَالحُفَّاظِ.
حَدَّثَ عَنْ: الشَّعْبِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَحُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَعَطَاءٍ, وَعِكْرِمَةَ, وأبي الضحى, وميمون ابن مِهْرَانَ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَعِدَّةٍ وَرَوَى، عَنْ عَبَّادِ بن شرحبيل اليشكري, وله صحبة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الأَعْمَشُ, وَشُعْبَةُ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَبُو بِشْرٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ المِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو, وَأَوْثَقُ. وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُ حَدِيْثَ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ, وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً. وَقَالَ شُعْبَةُ أَيْضاً: أَحَادِيْثُ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ سَالِمٍ ضَعِيْفَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ: كَانَ أَبُو بِشْرٍ سَاجِداً خَلْفَ المَقَامِ حِيْنَ مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ, وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَقَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ, وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "6/ 768"، تاريخ الإسلام للذهبي "5/ 310"، ميزان الاعتدال "4 ترجمة 9325"، لسان الميزان "6/ ترجمة 752"، النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى "1/ 313"، شذرات الذهب "1/ 18".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2141"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 515" و"3/ 10"، الكنى للدولابي "1/ 127"، الجرح والتعديل "2/ترجمة 1927"، تاريخ الإسلام "5/ 54"، ميزان الاعتدال "1/ 402"، تهذيب التهذيب "2/ 83"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1028".(6/175)
827- حسان بن عطية 1: "ع"
الإِمَامُ, الحُجَّةُ أَبُو بَكْرٍ المُحَارِبِيُّ مَوْلاَهُم, الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي كَبْشَةَ السَّلُوْلِيِّ, وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَائِشَةَ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ, وَأَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بنُ غَيْلاَنَ, وأبو غسان محمد ابن مُطَرِّفٍ, وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الوَلِيْدَ بنَ مُسْلِمٍ رَوَى عَنْهُ أَنَّى يَكُوْنَ ذَلِكَ?!.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكْثَرَ عَمَلاً فِي الخَيْرِ مِنْ حَسَّانِ بنِ عَطِيَّةَ وَقِيْلَ: كَانَ حَسَّانٌ مِنْ أَهْلِ بَيْرُوْتَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَدْ رُمِيَ بِالقَدَرِ قَالَ مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ ذَلِكَ, فَبَلَغَ الأَوْزَاعِيَّ كلام سعيد فيه فقال: ما أغر سعيد بِاللهِ, مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَشَدَّ اجْتِهَاداً وَلاَ أَعمَلَ مِنْ حَسَّانِ بنِ عَطِيَّةَ.
ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ, سَمِعَ يُوْنُسَ بنَ سَيْفٍ, يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ مِنَ القَدَرِيَّةِ إلَّا: كَبْشَانِ أَحَدُهُمَا: حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ.
وَرَوَى عُقْبَةُ بنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, وَذَكَرَ شَيْئاً مِنْ مَنَاقِبِ حَسَانٍ.
الوَلِيْدُ بنُ مِزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ لِحسَّانٍ غَنَمٌ, فَسَمِعَ مَا جَاءَ فِي المَنَائِحِ2 فَتَرَكَهَا فَقُلْتُ: كَيْفَ الَّذِي سَمِعَ؟ قَالَ: يَوْمٌ لَهُ وَيَوْمٌ لِجَارِهِ.
وَرَوَى عَبْدُ المَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: كَانَ حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ إِذَا صَلَّى العَصْرَ, يَذْكُرُ اللهَ -تعالى- في المسجد حتى تغيب الشمس.
وَمِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ أَنْ أَتَعَزَّزَ بِشَيْءٍ مِنْ مَعْصِيَتِكَ, وَأَنْ أَتَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا يَشِيْنُنِي عِنْدَكَ.
بَقِيَ حسَانٌ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كان قدريًا قلت: لعله رجع وتاب.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 134"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم "1044"، حلية الأولياء "6/ 70"، ميزان الاعتدال "1/ 478"، تاريخ الإسلام "5/ 60"، تهذيب التهذيب "2/ 251"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1308".
2 المنائح: جمع منحة: وهي أن يعطي رجل ناقة أو شاة لغيره ينتفع بلبنها ويعيدها. وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبريها وصوفها زمانا ثم يردها، وفي حديث مسلم "1020"، من حديث أبي هريرة مرفوعا: "من منح منيحة، غدت بصدقة، وراحت بصدقة، صبوحها وغبوقها".(6/176)
828- يحيى بن سعيد 1: "ع"
ابن قيس بن عمرو وَقِيْلَ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدٍ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ المُجَوِّدُ عَالِمُ المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِ, وَشَيْخُ عَالِمِ المَدِيْنَةِ, وَتِلْمِيْذُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ أَبُو سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ النَّجَّارِيُّ المَدَنِيُّ القَاضِي مَوْلِدُه قَبْلَ السَّبْعِيْنَ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَانَ, وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعُبَيْدِ بنِ حُنَيْنٍ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَابْنِ شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ الفَقِيْهِ, وَبَشِيْرِ بنِ يَسَارٍ, وسعيد بن يسار الإخوة, والأعرج,
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2980"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 635 و648"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 620"، تاريخ بغداد "14/ 101"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 130"، الكاشف "3/ ترجمة 6286"، العبر "1/ 195 و311"، تاريخ الإسلام "6/ 149"، تهذيب التهذيب "11/ 211"، شذرات الذهب "1/ 212".(6/177)
وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَحَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ, وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ, وَأَبِي صالح ذكوان, وعباد ابن تَمِيْمٍ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ, وَشُعْبَةُ, وَمَالِكٌ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجِشُوْنِ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ سلمة, والأوزاعي وحماد ابن زَيْدٍ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ, وَابْنُ المبارك, والقاضي, وأبو يُوْسُفَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانِ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ العُمَرِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْثِ::الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ:, وَعَنْهُ اشْتُهِرَ, حَتَّى يُقَالَ: رَوَاهُ عَنْهُ نَحْوُ المائَتَيْنِ، وَوَقَعَ عَالِياً لأَصْحَابِ ابْنِ طَبَرْزَدْ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ, فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ أَبِي السَّفَرِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ, حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حَسَّانٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: كَانَتْ حَبِيْبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ إِحْدَى عَمَّاتِي. وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ عَمْرِو بنِ سَهْلٍ.
قُلْتُ: حَبِيْبَةُ هَذِهِ هِيَ القَائِلَةُ: لاَ أَنَا وَلاَ ثَابِتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ.
وَأَمَّا قَيْسُ بنُ عَمْرٍو فَصَحَابِيٌّ, له في السنن في ركعتي الصبح.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ قَاضِي حَرَمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُفْتِيْهَا فِي عَصرِه, يحيى ابن سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدِ بنِ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ يَزِيْدَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ فِي "الطَّبَقَاتِ" يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدِ بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ أَبُو سَعِيْدٍ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ فِي "الكُنَى" يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل ابن الحَارِثِ بنِ زَيْدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمٍ ثُمَّ قَالَ: وَيُقَالُ: ابْنُ سَعِيْدِ بنِ قَيْسِ بنِ قهدٍ وَلَمْ يَصِحَّ أَخُو سَعْدٍ وَعَبْدِ رَبِّهِ وَسَعِيْدٍ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ قَالَ: إِنَّ جَدَّه هُوَ قَيْسُ بنُ عَمْرِو بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ: أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ وَقَالَ مُصْعَبٌ: جَدُّه قَيْسُ بنُ قهدِ بن قَيْسٍ فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: غَلِطَ مُصْعَبٌ, وَقَيْسُ بنُ قهدٍ هُوَ جَدُّ أَبِي مَرْيَمَ عَبْدِ الغَفَّارِ بنِ القَاسِمِ الأَنْصَارِيِّ الكُوْفِيِّ قَالَ: وَكِلاَهمَا لَهُ صحبة.(6/178)
ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَيْرُ دُوْرِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ" 1.
رَأَى يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ. قَالَهُ: الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ, ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ أَنَساً, وَالسَّائِبَ, وَأَبَا أُمَامَةَ, وَعَبْدَ الله بن عامر بن ربيعة, ويوسف ابن عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ. وَسَمِعَ: ابْنَ المُسَيِّبِ, وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الفُقَهَاءِ السَّبعَةِ, وَجَالَسَهُم.
رَوَى عَنْهُ مِنَ التَّابِعِيْنَ أَرْبَعَةٌ: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ, وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ, وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عمر.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَبِي, حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد بن قيس ابن عَمْرِو بنِ سَهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ قَالَ: يَحْيَى بنُ سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل النَّجَّارِيُّ تُوُفِّيَ بِالهَاشِمِيَّةِ, وَكَانَ قَاضِياً بِهَا لأَبِي جَعْفَرٍ, سَنَة ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
عَارِمٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي العَدْلُ الرِّضَى الأَمِيْنُ عَلَى مَا يَغِيبُ عَلَيْهِ, أَبُو سَعِيْدٍ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ.
قُلْتُ: عَامَّةُ النَّاسِ كَنَّوْهُ هَكَذَا.
وَرَوَى أَبُو يَحْيَى صَاعِقَةٌ، عَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ قَالَ: كُنْيَتُه أَبُو نَصْرٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ قَدْ سَاءتْ حَالَتُه, وَأَصَابَه ضَيْقٌ شَدِيْدٌ وَرَكِبَه الدَّيْنُ, فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَاكَ إِذْ جَاءهُ كِتَابُ أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْرِ يَسْتَقْضِيهِ, فَوَكَلَنِي بِأَهْلِهِ, وَقَالَ لِي: وَاللهِ مَا خَرَجتُ وَأَنَا أَجهَلُ شَيْئاً, فَلَمَّا قَدِمَ العِرَاقَ كَتَبَ إِلَيَّ قُلْتُ: لَكَ ذَاكَ القَوْلَ, وَإِنَّهُ وَاللهِ لأَوَّلُ خَصمَيْنِ جَلَسَا بَيْنَ يَدَيَّ فَاقَتَصَّا شَيْئاً, وَالله مَا سَمِعْتُه قَطُّ فَإِذَا جَاءكَ كِتَابِي هَذَا فَسَلْ رَبِيْعَةَ بنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَاكتُبْ إِلَيَّ مَا يَقُوْلُ وَلاَ تُعْلِمْهُ هَذِهِ حِكَايَةُ مُنْكَرَةٌ فَإِنَّ رَبِيْعَةَ كَانَ قَدْ مَاتَ رَوَاهَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المنذر الحزامي، عن يحيى بن محمد ابن طَلْحَةَ مِنْ وَلَدِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ وَزَادَ فِيْهَا فَلَمَّا خَرَجتُ إِلَى العِرَاقِ شَيَّعتُه فَكَانَ أَوَّلَ مَا اسْتَقْبَلَه جِنَازَةٌ فَتَغَيَّرَ وَجْهِي فَقَالَ: كَأَنَّكَ تَغَيَّرْتَ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لاَ طَيْرَ إلَّا طَيْرُكَ فَقَالَ: وَاللهِ لَئِنْ صَدقَ طَيرُكَ لَيُنْعَشَنَّ أَمْرِي. فَمَضَى فَمَا أَقَامَ إلَّا شَهْرَيْنِ حتى قضى دينه وأصاب خيرًا.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3879"، ومسلم "2511" من حديث أبي أسيد، به مرفوعا.(6/179)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ الطَّالَقَانِيُّ: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: يحيى ابن سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَثْبَتُ النَّاسِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: قَدِمَ أَيُّوْبُ مِنَ المَدِيْنَةِ, فَقِيْلَ لَهُ: مَنْ أَفْقَهُ مَنْ خَلَّفتَ بِهَا؟ قَالَ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ.
أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُحَدِّثنَا فَيَسُحُّ عَلَيْنَا مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ, إِذَا طَلعَ رَبِيْعَةُ, فَقَطَعَ حَدِيْثَه إِجْلاَلاً لِرَبِيْعَةَ وَإِعْظَاماً.
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: أَدْرَكتُ مِنَ الحُفَّاظِ ثَلاَثَةً: إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي خَالِدٍ, وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ أَبِي سليمان, وَيَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ قُلْتُ: فَالأَعْمَشُ فَأَبَى أَنْ يَجْعَلَه مَعَهُم.
مُحَمَّدُ بنُ المِنْهَالِ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, نَزَلَ عَلَى عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَكَانَ يَحْيَى لاَ يُملِي فَكُنَّا نَدْخُلُ عَلَيْهِ, وَمَعَنَا ابْنُ عُلَيَّة, وَجَمَاعَةٌ فَنَحفَظُ, فَإِذَا خَرَجنَا كَتبَ هَذَا مَا حَفِظَ, وَهَذَا مَا حَفِظَ فَتَرَكتُ لِذَلِكَ حَدِيْثَه, وَقُلْتُ: لاَ آخُذُ دِيْنِي عَنْكُم.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ الوَاقِدِيِّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بنَ بِلاَلٍ أَخْبَرَهُ, قَالَ: خَرَجَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ فِي مِيْرَاثٍ لَهُ, فَطَلَبَ لَهُ رَبِيْعَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَرِيْدَ, فَرَكِبَه إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ فَقَدِمَ بِذَلِكَ المِيْرَاثِ وَهُوَ خَمْسُ مائَةِ دِيْنَارٍ فَأَتَاهُ النَّاسُ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهِ, وَأَتَاهُ رَبِيْعَةُ أَغلَقَ البَابَ عَلَيْهِمَا, وَدَعَا بِمِنْطَقَتِه فَصَيَّرَهَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِيْعَةَ وَقَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ وَاللهِ مَا غَيَّبْتُ مِنْهَا دِيْنَاراً إلَّا مَا أَنْفَقنَاهُ فِي الطَّرِيْقِ ثُمَّ عَدَّ مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً, فَدَفَعهَا إِلَى رَبِيْعَةَ, وَأَخَذَ هُوَ مِثْلَهَا قَاسَمَه.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَجَلَّ عِنْدَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ مِنَ الزُّهْرِيِّ.
التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ, حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَدْرَكتَ مِنَ الأَئِمَّةِ? مَا كَانَ قَوْلُهم فِي أَبِي بَكْرٍ, وَعُمَرَ, وَعَلِيٍّ؟ فَقَالَ سُبْحَانَ اللهِ! مَا رَأَيْتُ أَحَداً يَشُكُّ فِي تَفْضِيْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَى عَلِيٍّ إِنَّمَا كَانَ الاخْتِلاَفُ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ فَلَمْ أَلقَ بِهَا أَحَداً إلَّا وَأَنْتَ تَعْرِفُ وَتُنكِرُ غَيْرَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ وَمَالِكٍ.(6/180)
الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الزَّاهِدُ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ, أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ حَفْصٍ حَدَّثَهُم, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيُّ, حَدَّثَنِي أَبُو عِيْسَى وَغَيْرُهُ, أَنَّ قَوْماً كَانَتْ بَيْنَهُم وَبَيْنَ المُسَيِّبِ بنِ زُهَيْرٍ خُصُومَةٌ, فَارتَفَعُوا إِلَى يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَحْيَى أَنْ يَحضُرَ, فَأَتَوهُ بِكِتَابِ يَحْيَى فَانْتَهَرَهُم وَأَبَى فَجَاؤُوا إِلَى يَحْيَى فَقَامَ مُغضَباً يُرِيْدُ المُسَيِّبَ فَوَافَقَه قَدْ رَكِبَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ نَحْو المائَتَيْنِ مِنَ الخَشَّابَةِ, فَلَمَّا رَأَوُا القَاضِي أَفْرَجُوا لَهُ, فَأَتَى المُسَيِّبَ فَأَخَذَ بِحمَائِلِ السيف وَرَمَى بِهِ إِلَى الأَرْضِ, ثُمَّ بَركَ عَلَيْهِ يَخْنِقُه قَالَ: فَمَا خَلَّصَ حَمَائِلَ السَّيْفِ مِنْ يَدِهِ إلَّا أَبُو جَعْفَرٍ بِنَفْسِهِ قُلْتُ: هَكَذَا فَلْيَكُنِ الحَاكِمُ وَمَتَى خَافَ الحَاكِمُ مِنَ العَزلِ لَمْ يُفلِحْ وَفِي ثُبُوتِ هَذِهِ الحِكَايَةِ نَظَرٌ.
الحسن ين عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ: حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ, وَمَا رَأَيْتُ شَيْخاً أَنْبَلَ مِنْهُ فَذَكَرَ تَفْضِيْلَ الشَّيْخَيْنِ وَقَدْ مَرَّ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ فِي مَجْلِسِهِ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.
وَقَالَ يَحْيَى: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ يَقُوْلُ: فِي مَجْلِسِهِ اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا وَسَلِّمِ المُؤْمِنِيْنَ مِنَّا.
ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: أَهْلُ العِلْمِ أَهْلُ وَسْعَةٍ, وَمَا بَرِحَ المُفْتُوْنَ يَخْتَلِفُوْنَ فَيُحَلِّلُ هَذَا وَيُحَرِّمُ هَذَا وَإِنَّ المَسْأَلَةَ لَتَرِدُ عَلَى أَحَدِهِم كَالجَبَلِ فَإِذَا فَتَحَ لَهَا بَابَهَا قَالَ: مَا أَهْوَنَ هَذِهِ.
يَعْقُوْبُ بنُ كَاسِبٍ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ قَالَ:سَمِعْتُ صَائِحاً يَصِيْحُ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ أَيَّامَ مَرْوَانَ لاَ يُفْتِي الحَاجَّ في المسجد إلَّا يحيى ابن سَعِيْدٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: قُلْتُ لِسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً نَعَمْ أَكْثَرُ مِنْ مائَةِ مَرَّةٍ.
وَبِهِ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: لأَنْ أَكُوْنَ كَتَبتُ كُلَّ مَا أَسْمَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ لِي مِثْلُ مَا لِي.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الحَنَفِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ: حَفِظتُ لِيَحْيَى ابن سَعِيْدٍ ثَلاَثَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ, فَمَرِضتُ مَرضَةً, فَنَسِيتُ نِصْفَهَا فَقَالَ: فَتَىً مِنَ القَوْمِ رُوَيْداً لَيتكَ مَرِضتَ الثَّانِيَةَ فَنَسِيتَهَا كُلَّهَا فَنَستَرِيْحُ مِنْكَ. رَوَاهَا الحَاكِمُ, وَلاَ أَعْرِفُ الحَنَفِيَّ.(6/181)
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ يُقَدِّمُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ عَلَى الزُّهْرِيِّ, لِكَوْنِهِ رَآهُ وَلَمْ يَرَ الزُّهْرِيَّ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ رَجُلاً صَالِحاً فَقِيْهاً, ثِقَةً. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ حَافِظاً. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: محدثوا الحجاز اين شهاب, ويحيى ابن سَعِيْدٍ, وَابْنُ جُرَيْجٍ.
وَرَوَى أَبُو أُوَيْسٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: صَحِبتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ إِلَى الشَّامِ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ خَفِيْفَ الحَالِ, فَاسْتَقضَاهُ المَنْصُوْرُ, فَلَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ فَقِيْلَ لَهُ: فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ كَانَتْ نَفْسُهُ وَاحِدَةً لَمْ يُغَيِّرْهُ المَالُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: قُلْتُ: لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ كَمْ تَحفَظُ؟
قَالَ سِتَّ مائَةٍ سَبْعَ مائَةٍ قُلْتُ: هَذَا يُوَضِّحُ لَكَ ضَعفَ القَوْلِ المَارِّ، عَنْ يَزِيْدَ, وَلاَ كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ عِنْدَه ثَلاَثَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ قَطُّ.
وَعَنْ يَحْيَى القَطَّانِ قَالَ: هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ, لأَنَّ الزُّهْرِيَّ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ, وَيَحْيَى لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, فَقَالَ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ, فَكَأَنَّهُ عَنَى "المُسْنَدَ" مِنْ حَدِيْثِهِ أَوِ الَّذِي اشْتُهِرَ لَهُ.
سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يَقُوْلُ: لَيْسَ لأَحَدٍ عِنْدِي كِتَابٌ, وَلَوْ كَانَ لَسَرَّنِي أَنْ يَكُوْنَ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِالهَاشِمِيَّةِ, بِقُربِ الكُوْفَةِ وَلَهُ بِضْعٌ وسبعون سنة وسنة ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيْدٍ الرُّعَيْنِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بنَ عَامِرٍ يَذْكُرُ أَنَّ أُخْتَه نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى البَيْتِ حَافِيَةً غَيْرَ مُختَمِرةٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُقْبَةُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مُرْ أُخْتَكَ فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ"1 هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ فَرْدٌ. واسم أبي
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "3293"، والنسائي "2/ 143"، والترمذي "1544"، والدارمي "2/ 183"، وابن ماجه "2134"، والبيهقي "10/ 80"، وأحمد "4/ 143، 145، و149 و151" من طريق عبيد الله بن زحر، عن أبي سعيد الرعيني، عن عبد الله بن مالك، عن عقبة بن عامر، به.(6/182)
سعيد: جعثل بن هاغان, قَاضِي إِفْرِيْقِيَةَ مَاتَ: سنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ مَحَلُّه الصِّدْقُ مَا رَوَاهُ عَنْهُ سِوَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ, وَفِيْهِ لِيْنٌ أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مَخْلَدِ بنِ خَالِدٍ الشَّعِيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ كَتَبَ إِلَى يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ بِهَذَا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنْ سُفِيَانَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَوَقَعَ لَنَا عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ, وَهَذَا الحَدِيْثُ مِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَفَادَ يَحْيَى فِي رَحلتِهِ إِلَى إِفْرِيْقِيَةَ.
عَارِمٌ، عَنْ حَمَّادٍ, قَالَ: قِيْلَ لِهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ: سَمِعْتَ أَبَاكَ يَقُوْلُ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: لاَ, وَلَكِنْ حَدَّثنِي العَدْلُ, الرِّضَى الأَمِيْنُ عدل نفسي عندي يحيى ابن سَعِيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي.
قَالَ النَّسَائِيُّ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ قَاضِياً عَلَى الحِيْرَةِ, وَثَمَّ لَقِيَهُ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, فَرَوَى عَنْهُ مائَةً وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ القَطَّانُ, وَأَبُو عُبَيْدٍ, وَأَحْمَدُ, وَعِدَّةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَابْنُ بُكَيْرٍ, وَالفَلاَّسُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ: طُرُقِ حَدِيْثِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، عنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ".
رَوَاهُ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُيَيْنَةَ الهِلاَلِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي يَحْيَى المَدَنِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ صِرْمَةَ المَدَنِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جناح, وإبراهيم ابن زَكَرِيَّا المُعَلِّمُ الضَّرِيْرُ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي اليَسَعِ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ الحِمْصِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَمِّعٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ ابن عَيَّاشٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ القَاسِمِ أَبُو العَتَاهِيَةِ فِيْمَا قِيْلَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا الخُلْقَانِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ قَيْسِ بنِ سَعْدِ بنِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زِيَادٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ ثَابِتِ بنِ مُجَمِّعٍ, وَإِسْحَاقُ بنُ الرَّبِيْعِ العَطَّارُ, وَأَنَسُ بنُ عياض أبو ضمرة, وأبان بن يزيد,
__________
= قلت: إسناده ضعيف، عبيد الله بن زحر، ضعيف. لكن قد صح عن عقبة بن عامر الجهني قال: نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتني أن أستفتي لها رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لتمش، ولتركب". أخرجه البخاري، ومسلم "1644"، وأبو داود "3299"، والنسائي وابن الجارود "9377"، وأحمد "4/ 152" من طريق يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عن عقبة بن عامر، به.(6/183)
وَأَسِيْدُ بنُ القَاسِمِ الكَتَّانِيُّ, وَأَبْرَدُ بنُ الأَشْرَسِ, وَأَبُو الرَّبِيْعِ أَشْعَثُ بنُ سَعِيْدٍ السَّمَّانُ, وَأَسْبَاطُ بن محمد وأسد بن عمرو, وأسامة ابن حَفْصٍ, وَأَيُّوْبُ بنُ وَاقِدٍ كُوْفِيٌّ, وَأَبْيَضُ بنُ الأَغَرِّ, وَأَبْيَضُ بنُ أَبَانٍ, وَبَحْرُ بنُ كُنَيْزٍ السَّقَّاءُ, وَبَكْرُ بنُ عَمْرٍو المَعَافِرِيُّ, وَبَشِيْرُ بنُ زِيَادٍ الجَزَرِيُّ, وَتَوْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ العَنْبَرِيِّ بنِ أَبِي الأَسَدِ, وَتَلِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ الكُوْفِيُّ, وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ, وَثَابِتُ بنُ كَثِيْرٍ, وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَجَرِيْرُ ابن عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَجُنَادَةُ بنُ سَلْمٍ, وَجَارِيَةُ بنُ هَرِمٍ الهُنَائِيُّ, وَجُمَيْعُ بنُ ثُوْبٍ الشَّامِيُّ ,وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدِ بنِ عُمَرَ كُوْفِيٌّ وَحَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ أَبُو أُسَامَةَ، وَحَمَّادٌ أَخُو شُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ، وَحَمَّادُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخَوْلاَنِيُّ، وَحَمَّادُ بنُ يَحْيَى الأَبَحُّ، وَحَمَّادُ بنُ شَيْبَةَ، وَحَمَّادُ بنُ يُوْنُسَ، وَحَمَّادُ بنُ نَجِيْحٍ، وَالحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ أَخُو أَبِي بَكْرٍ، وَالحَسَنُ بنُ عُمَارَةَ، وَالحَسَنُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَحُسَيْنُ بنُ عُلْوَانَ، وَحُرٌّ الحَذَّاءُ، وَحُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَحِبَّانُ بنُ عَلِيٍّ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَحَسَّانُ بنُ غَيْلاَنَ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ القناد، وحفص بن سليمان القارىء، وَحَكِيْمُ بنُ نَافِعٍ الرَّقِّيُّ، وَالحَارِثُ بنُ عُمَيْرٍ، وَحُمَيْدُ بنُ زِيَادٍ أَبُو صَخْرٍ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ، وَخَالِدُ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَخَالِدُ بنُ سَلَمَةَ الجُهَنِيُّ، وَخَالِدُ بنُ القَاسِمِ المَدَائِنِيُّ، وَلَمْ يَصِحَّ، وَخَالِدُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ، وَخَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَخَلِيْفَةُ بنُ غَالِبٍ بَصْرِيٌّ، وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَخَطَّابُ بنُ أَبِي خَيْرَةَ، وَالخَلِيْلُ بنُ مُرَّةَ، وَخُصَيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَازِمُ بنُ الحَارِثِ أَبُو عِصْمَةَ، وَالخُصَيْبُ بنُ جَحْدَرٍ، وَالخُصَيْبُ بنُ عُقْبَةَ الوَابِشِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ، وَدَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، وَدَاوُدُ بنُ بَكْرِ بنِ أَبِي الفُرَاتِ، وَدَاوُدُ بنُ جُشَمٍ، وَذُؤَادُ بنُ عُلْبَةَ، وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيُ، وَرَقَبَةُ بنُ مَصْقَلَةَ، وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ، وَالرَّبِيْعُ بنُ حَبِيْبٍ كُوْفِيٌّ، وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ، وَرَجَاءُ بنُ صَبِيْحٍ، وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَزَيْدُ بنُ بَكْرِ بنِ خُنَيْسٍ، وَزَيْدُ بنُ عَلِيٍّ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَزِيَادُ بنُ خَيْثَمَةَ، وَزَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ أَبِي العَتِيْكِ كُوْفِيٌّ، وَزَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَزُفَرُ الفَقِيْهُ، وَزَائِدَةُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَسُفْيَانُ بنُ عُمَرَ الحَضْرَمِيُّ كُوْفِيٌّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عُمَرَ، وَأَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ الكَعْبِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ خُثَيْمٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المَرْزُبَانِ أَبُو سَعْدٍ البَقَّالُ، وَسَعِيْدُ بنُ مَسْلمَةَ الأُمَوِيُّ، وَسُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ الثَّقَفِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيُّ، وَسَلَمَةُ بنُ رجاء، وسلام أبو المنذر القارىء، وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بنُ سُلَيْمٍ، وَسَابِقٌ البَرْبَرِيُّ، وَسُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسَيْفُ بنُ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيُّ، وَسَيْفُ بنُ عُمَرَ، وَسَعَّادُ بنُ سُلَيْمَانَ التميمي، وسنان(6/184)
بنُ هَارُوْنَ، وَشُعْبَةُ، وَشَرِيْكٌ، وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَشُجَاعُ بنُ الوَلِيْدِ، وَشَرْقِيُّ بنُ قُطَامِيٍّ، وَشُجَاعُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَشَقِيْقُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَصَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ، وَصَالِحُ بنُ يَحْيَى، وَصَالِحُ بنُ جَبَلَةَ، وَصَالِحُ بنُ قُدَامَةَ الجُمَحِيُّ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ، وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ اليَامِيُّ، وَطَلْحَةُ بنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو أُوَيْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ زِيَادِ بنِ سَمْعَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ، وعبد الله ابن، وَاقِدٍ الهَرَوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَرَّادَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَيْمُوْنٍ القَدَّاحُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حُسَيْنِ بنِ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سُفْيَانَ الوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بُدَيْلٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَسْوَدِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحِ بنِ مُوْسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ المُحَارِبِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادٍ أَبُو خَالِدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ العَرْزَمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الكِنْدِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ هِشَامِ بنِ عروة، وعبد العزيز الدراوردي، وعبد العزيز ابن الحُصَيْنِ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ القَاسِمِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدُ الملك بن محمد ابن زُرَارَةَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ جُرَيْجٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ رَبِّهِ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَعَبَّادُ بنُ صُهَيْبٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ الفَرَّاءُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي بَرْزَةَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَعُمَرُ بنُ يَزِيْدَ، وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُقَدَّمٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ الطَّائِيُّ، وَعُمَرُ بنُ هَارُوْنَ، وَعُمَرُ بنُ مَرْوَانَ الجَلاَّبُ، وَعُمَرُ بنُ، وَجِيْهٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ نُعَيْمٍ، وَعَامِرُ بنُ خِدَاشٍ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ سُلَيْمَانَ أَوِ ابْنُ عُثْمَانَ، وَعِمْرَانُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَعَمْرُو بنُ هَاشِمٍ، وَعَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ الثَّقَفِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَعَدِيُّ بنُ الفَضْلِ، وَعِيْسَى بنُ شُعَيْبٍ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ العُمَرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ هَاشِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَعَلِيُّ بنُ صَالِحٍ، وَعِيْسَى بنُ ثَوْبَانَ، وَعِيْسَى بنُ زَيْدِ بنِ عَلِيٍّ، وَعُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ الفَقِيْهُ، وَعَمْرُو بنُ جُمَيْعٍ، وَعَمْرُو بنُ أَبِي قَيْسٍ، وَعُثْمَانُ بنُ الحَكَمِ، وَعُثْمَانُ بنُ مُخَارِقٍ، وَعُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَعِصْمَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّرَقِيُّ، وَعَائِذُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعَمَّارُ بنُ رُزَيْقٍ، وَعَمَّارُ بنُ سَيْفٍ، وَعَطَاءُ بنُ جَبَلَةَ،(6/185)
وَعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بنِ أَبِي خَيْرَةَ. وَغَسَّانُ بنُ غَيْلاَنَ، وَغِيَاثُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَفُضَيْلُ بنُ عياض، وفرح ابن فَضَالَةَ، وَفُلَيْحُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَفَضَالَةُ بنُ نُوْحٍ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَالقَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ العُمَرِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وَالقَاسِمُ بنُ الحَكَمِ، وَقُرَيْبٌ الأَصْمَعِيُّ، وَكِنَانَةُ بنُ جَبَلَةَ، وَكَثِيْرُ بنُ زِيَادٍ أَبُو سَهْلٍ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ، وَرْدٍ العِجْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَارِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ السُّكَّرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُغِيْثٍ البَجَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ المَدَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ أَبُو سَعِيْدٍ المُؤَدِّبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ رَجَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ دِيْنَارٍ الطَّاحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ العِجْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ الأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِصْمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، وَمَالِكٌ، وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَمَرْوَانُ بنُ سَالِمٍ، وَمَعْمَرٌ، وَمَنْدَلٌ، وَمُفَضَّلُ بنُ يُوْنُسَ، وَمَسْلَمَةُ بنُ عُلَيٍّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ يَسِيْرٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ الأَسْوَدِ، وَمُصَادُ بنُ عُقْبَةَ، وَمِسْكِيْنٌ أَبُو فَاطِمَةَ الطَّاحِيُّ، وَالمُسَيِّبُ بنُ شَرِيْكٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيَى، وَمُعَلَّى بنُ هِلاَلٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَمُغَلِّسُ بنُ زِيَادٍ، وَمُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ، وَمِسْعَرٌ، وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَنُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَنُوْحُ بنُ المُخْتَارِ، وَالنَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، وَالنُّعْمَانُ أَبُو حَنِيْفَةَ، وَنَصْرُ بنُ بَابٍ، وَنَصْرُ بنُ طَرِيْفٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الوَضَّاحُ، وَوُهَيْبٌ، وَهَمَّامٌ، وَهُشَيْمٌ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَهِشَامُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَهِشَامُ بنُ أَبِي عبد الله، وهارون بن عنترة، وهاشم ابن يَحْيَى الغَسَّانِيُّ، وَهُرَيْمُ بنُ سُفْيَانَ، وَهَبَّارُ بنُ عُقَيْلٍ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَهِشَامُ بنُ زَيْدٍ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ النَّوْفَلِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ عَمْرٍو، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَفْصٍ كُوْفِيٌّ، وَيُوْنُسُ بنُ رَاشِدٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَأَبُو عُقَيْلٍ يَحْيَى بنُ المُتَوَكِّلِ، وَأَبُو المِقْدَامِ يَحْيَى بنُ ثَعْلَبَةَ، وَيَحْيَى بن أيوب المصري، ويحيى ابن العَلاَءِ الرَّازِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَجْلَحِ، وَيَحْيَى بنُ المُهَلَّبِ أَبُو كُدَيْنَةَ، وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ، وَالقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ كَشَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ بَكَى بُكَاءً طَوِيْلاً فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى السَّرِيْرِ قَالَ: "طُوْبَاكَ يَا عُثْمَانُ لَمْ تَلْبَسْكَ الدُّنْيَا وَلَمْ تَلْبَسْهَا".
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ هَذَا المعروف بالمحرم: ضعفوه.(6/186)
عبد ربه بن سعيد، سعد بن سعيد الأنصاري:
أخوه:
829- عبد ربه بن سعيد 1: "ع"
يَرْوِي عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَمْرَةَ, وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ- وَشُعْبَةُ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ حَيَّ الفُؤَادِ, وَقَّاداً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخُوْهُمَا:
830- سَعْدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ 2: "م، 4"
أَحَدُ الثِّقَاتِ.
يَرْوِي عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ فيه النسائي: ليس بالقوي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1760"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 271" و"2/ 724 و736"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 213"، الكاشف "2/ ترجمة 3167"، تاريخ الإسلام "5/ 274"، تهذيب التهذيب "6/ 126"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4008".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1948"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 370"، تاريخ الإسلام "6/ 8"، الكاشف "1/ ترجمة 1845"، ميزان الاعتدال "2/ 120" تهذيب التهذيب "3/ 470"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2382".(6/187)
831- عبد الرحمن بن القاسم 1: "ع"
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بكر الصديق, الإِمَامُ الثَّبْتُ الفَقِيْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ, القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ, البَكْرِيُّ, المَدَنِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ وَأَسْلَمَ العُمَرِيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ, وَطَائِفَةً سِوَاهُم, وَمَا عَلِمْتُ لَهُ رِوَايَةً، عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَعِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَمَالِكٌ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ, وَكَانَ إِمَاماً حُجَّةً وَرِعاً فَقِيْهَ النَّفسِ كَبِيْرَ الشَّأْنِ.
رَوَى البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الحَجِّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ, وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ2.
قُلْتُ: وَهُوَ خَالُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ مَوْلِدُهُ: فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ, وَأَنَا أَتَعَجَّبُ كَيْفَ لَمْ يَحْمِلْ، عَنْ جَابِرٍ وَسَهْلِ بنِ سَعْدٍ؟!
وَقَدْ طَلَبَهُ الخَلِيْفَةُ الفَاسِقُ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ الى الشام في جماعة لِيَسْتَفْتِيَهُم, فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِحَوْرَانَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَهُوَ فِي عَشْرِ السَّبْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ, أَخْبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَرَجِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ, أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بن محمد بن مهدي, حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "حاضت صفية بنت حيي بعدما أَفَاضَتْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ? فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: "فَلْتَنْفِرْ إِذاً" 3.
وَبِهِ, إِلَى الزَّعْفَرَانِيِّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: "فَلاَ إِذاً" 4.
أَخْرَجَ الأَوَّلَ: النَّسَائِيُّ, وَالثَّانِيَ: مسلم, كلاهما من حديث ابن عيينة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1086"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238" و"2/ 280-281" و"3/ 28" الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1324"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 112"، الكاشف "2/ ترجمة 3334"، تاريخ الإسلام "5/ 102"، تهذيب التهذيب "6/ 254"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4219"، شذرات الذهب "1/ 171".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1754" حدثنا علي بن عبد الله، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ
القَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ -وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ- يقول: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تَقُوْلُ: طَيَّبْتُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هاتين حِيْنَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِيْنَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يطوف، وبسطت يدها".
3 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 82"، والبخاري "4401"، ومسلم "1211"، من طريق الزهري، عن أبي سلمة وعروة، عن عائشة، به، وأخرجه الشافعي في "مسنده" "1/ 367"، وأحمد "6/ 38 و164"، وابن ماجه "3072"، وابن خزيمة "3002"، وابن الجارود "496"، والطحاوي "2/ 234"، والبيهقي "5/ 162" من طرق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.
4 صحيح: أخرجه مسلم "1211" "383" من طريق سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، به.(6/188)
832- سالم أبو النضر 1: "ع"
سَالِمٌ, أَبُو النَّضْرِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ المَدَنِيُّ, كَاتِبُ عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيِّ, وَمَوْلاَهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعُبَيْدِ بنِ حنين, وبسر بن سعيد, وسليمان بن يَسَارٍ, وَعُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, وَعَامِرِ بنِ سعد وكتب إليه بحديث عبد الله ابن أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي" الصَّحِيْحَيْنِ" وَهُوَ حَدِيْثُ: "لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ" 2.
رَوَى عَنْهُ: مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَمَالِكٌ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ, ثِقَةٌ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَقَالَ أَبُو عبيد القاسم ابن سلام: توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2139"، الكنى للدولابي "2/ 137"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 779"، تاريخ الإسلام "5/ 76"، الكاشف "1/ ترجمة 1783"، تهذيب التهذيب "3/ 431"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2313"، شذرات الذهب "1/ 176".
2 صحيح: أخرجه البخاري "3025"، ومسلم "1742" من طريق موسى بن عقبة، قال: حدثني سالم أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله، كنت كاتبا له قال: كتب إليه عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فذكره.
وورد عن أبي هريرة: أخرجه مسلم "1714".(6/189)
الخلال، عبيد الله بن أبي جعفر:
833- الخلال 1:
الوَزِيْرُ القَائِمُ بِأَعْبَاءِ الدَّوْلَةِ السَّفَّاحِيَّةِ, أَبُو سَلَمَةَ حَفْصُ بنُ سُلَيْمَانَ الهَمْدَانِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ رَجُلٌ شَهْمٌ, سَائِسٌ شُجَاعٌ, مُتَمَوِّلٌ, ذُوْ مُفَاكَهَةٍ, وَأَدَبٍ, وَخِبْرَةٍ بِالأُمُوْرِ وَكَانَ صَيْرَفِيّاً2 أَنفَقَ أَمْوَالاً كَثِيْرَةً فِي إِقَامَةِ الدَّولَةِ, وَذَهَبَ إِلَى خُرَاسَانَ.
وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ تَابِعاً لَهُ فِي الدَّعْوَةِ, ثُمَّ تُوُهِّمَ مِنْهُ مَيْلٌ إِلَى آلِ عَلِيٍّ عِنْدَمَا قَتَلَ مَرْوَانُ إِبْرَاهِيْمَ الإِمَامَ, فَلَمَّا قَامَ السَّفَّاحُ, وَزَرَ لَهُ وَفِي النَّفْسِ شَيْءٌ, ثُمَّ كَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى السَّفَّاحِ يُحَسِّنُ لَهُ قَتْلَهُ, فَأَبَى, وَقَالَ: رَجُلٌ قَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ لَنَا. فَدَسَّ عَلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ مَنْ سَافَرَ إِلَيْهِ وَقَتَلَهُ غِيْلَةً لَيْلاً بِالأَنْبَارِ فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنَ السَّمَرِ مِنْ عِنْدِ الخَلِيْفَةِ فَشَدَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَقَتَلُوْهُ وَذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ السَّفَّاحِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ فِي رَجَبِهَا.
وَتَحَدَّثَ العَوَامُّ أَنَّ الخَوَارِجَ قَتَلُوْهُ. وَكَانَ -سَامَحَهُ اللهُ- يُقَالَ لَهُ: وَزِيْرُ آلِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ يَنْزِلُ دَربَ الخَلاَّلِيْنَ, فَعُرِفَ بِذَلِكَ وَفِيْهِ قِيْلَ:
إِنَّ الوَزِيْرَ وَزِيْرَ آلِ مُحَمَّدٍ ... أَوْدَى فَمَنْ يَشْنَاكَ صَارَ وَزِيْرَا
834- عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جعفر 3: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, فَقِيْهُ مِصْرَ, أَبُو بَكْرٍ المِصْرِيُّ, الكِنَانِيُّ مَوْلاَهُم, اللَّيْثِيُّ وَقِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي أُمَيَّةَ وَاسْمُ أَبِيْهِ: يَسَارٌ.
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: يَسَارٌ مَوْلَى عُرْوَةَ بنِ شُيَيْمٍ اللَّيْثِيِّ, رَأَى عَبْدَ اللهِ بنَ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ الصَّحَابِيَّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ والشعبي, وعطاء, وعبد الرحمن ابن هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَأَبِي الأَسْوَدِ يتيم عروة, وأبي
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان "2/ ترجمة 201"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 191".
2 الصيرفي: المحتال المتقلب في أموره المتصرف في الأمور المجرب لها، قال سويد أبي كاهل اليشكري ولسانا صيرفيا صارما.... كحسام السيف مامس قطع.
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 514"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1197"، المعرفة والتاريخ "2/ 463"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1478"، الكاشف "2/ ترجمة 3585"، ميزان الاعتدال "3/ 4"، تاريخ الإسلام "5/ 272"، تهذيب التهذيب "7/ 5"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4534"، شذرات الذهب "1/ 190".(6/190)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي سَالِمٍ الجَيْشَانِيِّ, وَبُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ, وطائفة.
وَعَنْهُ: عَمْرُو بنُ مَالِكٍ الشَّرْعَبِيُّ, وَعُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَحَيْوَةُ بنُ شُرِيْحٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُرَيْحٍ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَخَالِدُ بنُ حُمَيْدٍ المَهْرِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ, كَانَ يَتَفَقَّهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, بَابَةُ1 يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ, فَقِيْهُ زَمَانِه. وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: كَانَ فَقِيْهاً فِي زَمَانِهِ وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ عَالِماً, زَاهِداً, عَابِداً.
سَعِيْدُ بنُ زَكَرِيَّا الأَدَمُ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي دَاوُدَ يَقُوْلُ: مَا رَأتْ عَيْنَايَ عَالِماً زَاهِداً إلَّا عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي جَعْفَرٍ.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَشِيْطٍ الوَعْلاَنِيُّ2، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ, قَالَ: كَانَ يُقَالُ: مَا اسْتَعَانَ عَبْدٌ عَلَى دِيْنِه بِمِثْلِ الخَشْيَةِ مِنَ اللهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُرَيْحٍ: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ, قَالَ: غَزَوْنَا القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ فَكُسِرَ بِنَا مَركَبُنَا, فَأَلْقَانَا المَوجُ عَلَى خَشَبَةٍ فِي البَحْرِ, وَكُنَّا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً, فَأَنبَتَ اللهُ لَنَا بَعَدَدِنَا وَرَقَةً لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فَكُنَّا نَمُصُّهَا فَتُشبِعُنَا وَتَروِينَا فَإِذَا أَمْسَينَا أَنبَتَ اللهُ لَنَا مَكَانَهَا.
قَالَ رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ بنُ شَدَّادٍ: سَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي جَعْفَرٍ -وَكَانَ أَحَدَ الحُكَمَاءِ- قَالَ: إِذَا كَانَ المَرْءُ يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسٍ فَأَعْجَبَه الحَدِيْثُ فَلْيُمْسِكْ وَإِذَا كَانَ سَاكِتاً فَأَعْجَبَه السُّكُوتُ فَلْيَتَحَدَّثْ.
قَالَ ابْنُ لَهِيْعَةَ: وُلدَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ سَنَةَ سِتِّيْنَ, وَهُوَ مِنْ سَبْيِ طَرَابُلُسَ المَغْرِبِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ مَدْخَلَ المُسَوَّدَةِ يَعْنِي: بَنِي العَبَّاسِ- فِي ذي الحجة سنة اثنتين
__________
1 بابة: أي في منزلة. قال ابن السكيت وغيره: البابة عند العرب: الوجه والبابات: الوجوه. وأنشد بيت تميم بن مقبل:
تخير بابات الكتاب هجائيا
قال معناه: تخير هجائي من وجوه الكتاب، ويقال هذا شيء من بابتك أي يصلح لك.
2 نسبة إلى وعلان، وهي بطن من مراد.(6/191)
وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, وَصَلَّى عَلَيْهِ: أَبُو عَوْنٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ يَزِيْدَ أَمِيْرُ مِصْرَ وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ سنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ وَاسْتَنكَرَ لَهُ حَدِيْثاً ثَابِتاً فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" فِي: "مَنْ مات وعليه صوم صام عنه وليه" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1952"، ومسلم "1147"، وأبو داود "2400".(6/192)
835- مغيرة 2: "ع"
مغيرة بن مقسم, الإِمَامُ, العَلاَّمَةُ, الثِّقَةُ, أَبُو هِشَامٍ الضَّبِّيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ الأَعْمَى الفَقِيْهُ يُلْحَقُ بِصِغَارِ التَّابِعِيْنَ, لَكِنِّي لَمْ أَعْلَمْ لَهُ شَيْئاً، عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي وَائِلٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَالشَّعْبِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَأُمِّ مُوْسَى سُرِّيَّةِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَبِي رَزِيْنٍ الأَسَدِيِّ, وَنُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَمَعَبْدِ بنِ خَالِدٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعْمٍ, وَأَبِي مَعْشَرٍ زِيَادِ بنِ حَبِيْبٍ, وَالحَارِثِ العُكْلِيِّ, وَسَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ, وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -أَحَدُ التَّابِعِيْنَ- وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ, وَزُهَيْرٌ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَإِسْرَائِيْلُ, وَالحَسَنُ بنُ صَالِحٍ, وَسُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ, وَمُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهِلٍ, وَأَبُو الأَحْوَصِ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ, وَعُمَرُ بنُ عُبَيْدٍ, وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ, وَالمُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّحْوِيُّ, وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَخَلْقٌ.
رَوَى حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ مُغِيْرَةُ أَحْفَظَ مِنَ الحَكَمِ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَحْفَظَ مِنْ حَمَّادٍ.
وَرَوَى نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ قَالَ: كَانَ مُغِيْرَةُ يُدَلِّسُ, وَكُنَّا لاَ نَكْتُبُ إلَّا مَا قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ مُغِيْرَةُ مِنْ أَفْقَهِهِم مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَه منه فلزمته.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1952"، ومسلم "1147"، وأبو داود "2400".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 337"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1381"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1030"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 136"، الكاشف "3/ ترجمة 5701"، تاريخ الإسلام "5/ 302"، ميزان الاعتدال "4/ 165-166"، تهذيب التهذيب "10/ 269"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7164"، شذرات الذهب "1/ 191".(6/192)
قَالَ يَحْيَى بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, قَالَ: قَالَ مُغِيْرَةُ: مَا وَقَعَ فِي مَسَامعِي شَيْءٌ فَنَسِيتُه.
قُلْتُ: هَذَا -وَاللهِ- الحِفظُ, لاَ حِفْظُ مَنْ دَرَسَ كِتَاباً مَرَّاتٍ عِدَّةً حَتَّى عَرَضَه, ثُمَّ تَخَبَّطَ عَلَيْهِ, ثُمَّ دَرَسَه وَحَفِظَه, ثُمَّ نَسِيَه, أَوْ أَكْثَرَه.
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ أَبِي يَحُثُّنِي عَلَى حَدِيْثِ المُغِيْرَةِ, وَكَانَ عِنْدَه كِتَابٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى, قَالَ: كَانَ مُغِيْرَةُ أَحْفَظَ مِنْ حَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي: مُغِيْرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَحَبُّ إِلَيْكَ, أَمِ ابْنُ شُبْرُمَةَ؟ فَقَالَ: جَمِيْعاً ثِقَتَانِ.
قَالَ العِجْلِيُّ: مُغِيْرَةُ ثِقَةٌ, فَقِيْهٌ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يُرسِلُ الحَدِيْثَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, وَإِذَا وُقِّفَ أَخْبَرَهُم مِمَّنْ سَمِعَهُ وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ, وَكَانَ أَعْمَى, وَكَانَ عُثْمَانِيّاً يَحْمِلُ بَعْضَ الحِملِ عَلَى عَلِيٍّ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعَ مُغِيْرَةُ مِنْ أَبِي وَائِلٍ, وَمِنْ أَبِي رَزِيْنٍ, وَسَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ مائَةً وَثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً إِلَى أَنْ قَالَ, وَمُغِيْرَةُ لاَ يُدَلِّسُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ جَرِيْرٌ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ فَقَالَ: إِنَّمَا سَمِعَ مُغِيْرَةُ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئاً.
قَالَ عَلِيٌّ: وَكِتَابُ جَرِيْرٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ مائَةُ حَدِيْثٍ سَمَاعٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَدخَلَ مُغِيْرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيْمَ قَرِيْباً مِنْ عِشْرِيْنَ رَجُلاً وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ: إِنِّي لأَحتَسِبُ اليَوْمَ فِي مَنْعِيَ الحَدِيْثَ كَمَا يَحتَسِبُوْنَ فِي بَذلِه.
وَرَوَى جَرِيْرٌ عَنْهُ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللِّسَانُ بِمَا لاَ يَعْنِيْهِ قَالَ: القَفَا وَاحَرْبَاهُ!.
قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ, وَأَحْمَدُ: مَاتَ سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: سنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قَرَأْتُ بِبَعْلَبَكَّ عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, وَعَبْدُ الوَلِيِّ بنُ رَافِعٍ الخَطِيْبِ, وَسَمِعْتُه بِدِمَشْقَ مِنْ عِيْسَى بنِ بَرَكَةَ, وَأَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ, وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ،(6/193)
أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ زُنْبُوْرٍ, حَدَّثَنَا يحي بنُ صَاعِدٍ, حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هُنَيِّ بنِ نُوَيْرَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الإِيْمَانِ" 1 تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيْرَةَ أَخْرَجَهُ أبو داود، عن زياد.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه الطيالسي "274"، وأحمد "1/ 393"، والبيهقي في "السنن" "8/ 61" من طريق المغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هُنَيِّ بنِ نُوَيْرَةَ، عَنْ علقمة، عن عبد الله، به مرفوعا.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: المغيرة، وهو ابن مقسم الضبي، ثقة متقن، من رجال الشيخين، إلا أنه يدلس وبخاصة عن إبراهيم، وهو ابن يزيد النخعي، وقد عنعنه. العلة الثانية: هني بن نويرة، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبول.
لكن الحديث قد ورد بواسطة شباك الضبي بين المغيرة بن مقسم، وإبراهيم بن يزيد النخعي، فقد أخرجه ابن أبي شيبة "9/ 420"، وأبو داود "2666"، وابن ماجه "2682"، وأبو يعلى "4973" و"4974". والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "3/ 183"، والبيهقي في "السنن" "9/ 71"، من طريق المغيرة، عن شباك، عن إبراهيم، عن هني بن نويرة، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته بن نويرة، مجهول كما علمت.
وأخرجه ابن ماجه "2681" عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن هشيم، عن مغيرة، عن شباك، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، به.
قلت: ولم يذكر هنيا، وزاد شباكا، لكن هشيما وإن كان ثقة ثبتا، لكنه كان كثير التدليس والإرسال الخفي، فالإسناد ضعيف، لكن الحديث يرتقى للحسن بمجموع الطريقين والله أعلم. وقد ورد الحديث موقوفا على عبد الله بن مسعود: عند عبد الرزاق "18232"، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" "9737" عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود موقوفا. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن أبي شيبة "9/ 420"، من طريق حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم أنه مر على ابن مكعبر وقد قطع زياد يديه ورجليه، فقال سمعت عبد الله يقول: "إن أعف الناس قتلة أهل الإيمان".(6/194)
836- عاصم بن سليمان 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, مُحَدِّثُ البَصْرَةِ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَصْرِيُّ, الأَحْوَلُ, مُحْتَسِبُ المَدَائِنِ قِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِتَمِيْمٍ وَقِيْلَ: لِبَنِي أُمَيَّةَ.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ وَعَنْ: رُفَيْعٍ أَبِي العَالِيَةِ, وَمُعَاذَةَ, وَحَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ, وَعَمْرِو بنِ سَلَمَةَ الجَرْمِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ العُقَيْلِيِّ, وَأَبِي قِلاَبَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالنَّضْرِ بنِ أَنَسٍ, وَأَبِي نَضْرَةَ, وَأَبِي الصِّدِّيْقِ النَّاجِي, وَبَكْرٍ المُزَنِيِّ, وَسَوَادَةَ بنِ عَاصِمٍ, وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَالحَسَنِ وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَأَبِي المُتَوَكِّلِ النَّاجِي, وَأَبِي الوليد عبد الله بن يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم. وَكَانَ مِنَ الحُفَّاظِ المَعْدُوْدِيْنَ.
رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَشُعْبَةُ, وَشَرِيْكٌ, وَمَعْمَرٌ, وَهُشَيْمٌ, وَثَابِتُ بنُ يَزِيْدَ الأَحْوَلُ, وَالحَسَنُ بنُ حَيٍّ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وزهير, والسفيانات, وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوُ مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ لَمْ يَكُنْ بِالحَافِظِ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ يُضَعِّفُ عَاصِماً الأَحْوَلَ.
وَقَالَ حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ: عَاصِمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَتَادَةَ فِي أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ لأَنَّهُ أَحْفَظَهُمَا.
ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ حُفَّاظَ النَّاسِ أَرْبَعَةً إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ قَالَ: وَأَرَى هِشَاماً الدَّسْتُوَائِيَّ مِنْهُم وَرَوَى نَوْفَلُ بنُ مُطَهِّرٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حُفَّاظُ البَصْرَةِ ثَلاَثَةٌ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ. وَقَالَ: حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ إِذَا قَالَ عَاصِمٌ زَعَمَ فَهُوَ الَّذِي لَيْسَ بِشَكٍّ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِه.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَعِيْنٍ وَأَبُو زرعة وطائفة: ثقة ووثقه: علي ابن المَدِيْنِيِّ وَقَالَ مَرَّةً: ثَبْتٌ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ وابن مثنى وغيرهما: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ وأربعين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 256 و319"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3058"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1900"، الأنساب "للسمعاني "1/ 149" و"10/ 493"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 144"، الكاشف "2/ ترجمة 2524"، تاريخ الإسلام "6/ 86"، ميزان الاعتدال "2/ 350"، تهذيب التهذيب "5/ 42"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3228"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 210".(6/195)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ "ح" وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنَيْرٍ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ, أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ, أَخْبَرَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَيَّاشٍ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المِقْدَامِ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ, فَدُرْتُ مِنْ خَلْفِهِ, فَعَرَفَ الَّذِي أُرِيْدُ, فَأَلْقَى الرِّدَاءَ، عَنْ ظَهْرِه فَرَأَيْتُ مَوْضِعَ الخَاتَمِ عَلَى نُغْضِ كَتِفِه مِثْلَ الجُمْعِ حَوْلَه خِيْلاَنُ كَأَنَّهَا الثَّآلِيْلُ فَرَجَعتُ حَتَّى اسْتَقبَلْتُه فَقُلْتُ غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ فَقَالَ: "وَلَكَ" فَقَالَ القَوْمُ اسْتَغْفرَ لَكَ رَسُوْلُ اللهِ فَقَالَ: نَعَمْ وَلَكُم ثم تلا {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} [محمد: 19] 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2346"، وأحمد "5/ 82" من طريق عاصم بن سليمان به. وقوله: نغض الكتف". أعلى الكتف. وقيل: هو العظم الرقيق الذي على طرفه وقيل: مايظهر منه عند التحرك. سمى ناغضا لتحركه. الجمع: معناه أنه كجمع الكف وهو صورته بعد أن تجمع الأصابع وتضمها.
قوله: "خيلان": جمع خال. وهو الشامة في الجسد.
قوله: "الثآليل": جمع ثؤلول. وهو حبيبات تعلو الجسد.
قال القاضي عياض: وهذه الروايات متقاربة متفقة على أنها شاخص في جسده قدر بيضة الحمامة، ونحو بيضة الحجلة وزر الحجلة. والمعنى هنا أنها على هيئة جمع الكف لكنه أصغر منه في قدر بيضة الحمامة.(6/196)
837- أيوب السختياني 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ سَيِّدُ العُلَمَاءِ, أَبُو بَكْرٍ بن أبي تميمة كيسان العنزي مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ, الآدَمِيُّ وَيُقَالُ: وَلاَؤُهُ لِطَهِيِّةَ. وَقِيْلَ: لِجُهَيْنَةَ. عِدَادُه فِي صِغَارِ التَّابعِيْنَ.
سَمِعَ مِنْ أَبِي بُرَيْدٍ عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ الجَرْمِيِّ, وَأَبِي عثمان النهدي, وسعيد ابن جُبَيْرٍ, وَأَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ, وَأَبِي قِلاَبَةَ الجَرْمِيِّ, وَمُجَاهِدِ بنِ جَبْرٍ, وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ, وَمُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ, وَقَيْسِ بنِ عَبَايَةَ الحَنَفِيِّ, وَأَبِي رَجَاءٍ عِمْرَانَ بن ملحان العطاردي وعكرمة مولى بن عَبَّاسٍ, وَأَبِي مِجْلَزٍ لاَحِقِ بنِ حُمَيْدٍ, وَحَفْصَةَ بنت سيرين, ويوسف ابن مَاهَكَ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَأَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ, وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ, وَأَبِي الوَلِيْدِ عَبْدِ اللهِ بن الحارث, والأعرج, وعمرو ابن شُعَيْبٍ, وَالقَاسِمِ بنِ عَاصِمٍ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وابن أبي مليكة, وقتادة, وخلق سواهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 246"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 915"، حلية الأولياء "3/ 2- 14"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 117"، تهذيب التهذيب "1/ 397"، شذرت الذهب لابن العماد "1/ 181".(6/196)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَالزُّهْرِيُّ, وَقَتَادَةُ -وَهُم مِنْ شُيُوْخِهِ- وَيَحْيَى بن أبي كَثِيْرٍ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَمَالِكٌ, وَمَعْمَرٌ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَوُهَيْبٌ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ, وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطفاوي, ونوح بن قيس الحداني, وهشيم ابن بَشِيْرٍ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
مَوْلِدُه عَامَ تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ. وَقَدْ رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَمَا وَجَدْنَا لَهُ عَنْهُ رِوَايَةً, مَعَ كَوْنِه مَعَهُ فِي بَلَدٍ وَكَونِه أَدْرَكَه وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ, حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ, حَدَّثَنَا الجَعْدُ أَبُو عُثْمَانَ سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ: أَيُّوْبُ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الصَّوَّافُ, حَدَّثَنَا بِشْرٌ, حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ, قَالَ: لَقِيَ ابْن عُيَيْنَةَ سِتَّةً وَثَمَانِيْنَ مِنَ التَّابِعِيْنَ وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَيُّوْبَ.
حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا يُسْرُ بنُ أَنَسٍ البَغْدَادِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو يُوْنُسَ المَدِيْنِيُّ, حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ, فَإِذَا ذَكرْنَا لَهُ حَدِيْثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَكَى حَتَّى نَرحَمَه.
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ, حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ سَلاَمٍ قَالَ: كَانَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَقُوْمُ اللَّيلَ كُلَّه فَيُخفِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ رَفعَ صَوْتَه كَأَنَّهُ قَامَ تِلْكَ السَّاعَةَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَيُّوْبَ وقيل له: مالك لاَ تَنْظُرُ فِي هَذَا يَعْنِي الرَّأْيَ فَقَالَ: قِيْلَ لِلْحِمَارِ إلَّا تَجْتَرُّ? فَقَالَ: أَكْرَهُ مَضْغَ البَاطِلِ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, حَدَّثَنَا عَارِمٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً قَطُّ أَشَدَّ تَبُسُّماً فِي وَجُوْهِ الرِّجَالِ مِنْ أَيُّوْبَ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُذُوْعِيُّ, حَدَّثَنَا هُدْبَةُ, حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ يَقُوْلُ: لاَ خَبِيْثَ أخبث من قارىء فاجر.(6/197)
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ فِي "الكُنَى": أَيُّوْبُ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيْرِيْنَ, وَقَتَادَةُ, وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ, وَالأَعْمَشُ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَابْنُ عَوْنٍ, وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
أَخْبَرَنَا الفَخْرُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ, قَالاَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ طَبَرْزَدْ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارَمَرْدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبَابَةَ أَخْبَرَنَا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا عَمِّي, حَدَّثَنَا عَارِمٌ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ قَالَ: وُلدَ أَيُّوْبُ قَبْلَ طَاعُوْنِ الجَارِفِ بِسَنَةٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ مَولِدَ أَيُّوْبَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ.
قُلْتُ: وَكَانَ الطَّاعُوْنُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ يُقَالَ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ فِيْهِ فِي ثَلاَثَةِ أيام أو نحوها مئتا أَلْفِ نَفْسٍ.
وَبِهِ قَالَ البَغَوِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ رَأَيْتُ أَيُّوْبَ وَضَعَ يَدَه عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَافَانِي مِنَ الشِّرْكِ لَيْسَ بَيْنِي وبينهإلَّا أَبُو تَمِيْمَةَ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ حَدَّثَنَا مَيْمُوْنٌ الغَزَّالُ قَالَ جَاءَ أَيُّوْبُ فَسَأَل الحَسَنَ، عَنْ أَشْيَاءَ فَلَمَّا قَامَ قَالَ لَنَا الحَسَنُ هَذَا سَيِّدُ الفِتْيَانِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: قَالَ الحَسَنُ لأَيُّوْبَ: هَذَا سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَبِهِ أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بنُ مَسْعُوْدٍ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِالبَصْرَةِ مِثْلَ أيوب السختياني, ولا بالكوفة مثل مسعر.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى, حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ حَدَّثَنِي أَيُّوْبُ سَيِّدُ الفُقَهَاءِ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِثْلَ أَيُّوْبَ وَيُوْنُسَ وَابْنِ عَوْنٍ.
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالبَصْرَةِ مِثْل أَرْبَعَةٍ فَبَدَأَ بِأَيُّوْبَ.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: رَأَيْتُ النَّاسَ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَؤُلاَءِ أَيُّوْبَ وَيُوْنُسَ وَابْنِ عَوْنٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ, حَدَّثَنِي حِبَّانُ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ سَمِعْتُ سَلاَّمَ بنَ أَبِي مُطِيْعٍ يَقُوْلُ مَا فُقْنَا أَهْلَ الأَمصَارِ فِي عَصرٍ قَطُّ, إلَّا فِي زَمَنِ أَيُّوْبَ, وَيُوْنُسَ, وَابْنِ عَوْنٍ لَمْ يَكُنْ فِي الأَرْضِ مثلهم.(6/198)
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ أَيُّوْبُ لاَ يَقِفُ عَلَى آيَةٍ إلَّا إِذَا قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي} [الأَحْزَابُ: 56] سَكَتَ سَكتَةً.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوْبَ, قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ هَا هُنَا, وَكَلاَمُهُم: إِنْ قُضِيَ وَإِنْ قُدِّرَ. وَكَانَ يَقُوْلُ: لِيتَّقِ اللهَ رَجُلٌ فَإِنْ زَهِدَ فَلاَ يَجْعَلَنَّ زُهْدَه عَذَاباً عَلَى النَّاسِ, فَلأَنْ يُخْفِيَ الرَّجُلُ زُهْدَه خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُعْلِنَه.
وَكَانَ أَيُّوْبُ مِمَّنْ يُخفِي زُهْدَه دَخَلنَا عَلَيْهِ, فَإِذَا هُوَ عَلَى فِرَاشٍ مُخَمَّسٍ أَحْمَرَ, فَرَفَعتُه- أَوْ رَفَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا- فَإِذَا خَصَفَةٌ مَحْشُوَّةٌ بِلِيْفٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ, قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: مَا وَاعَدتُ أَيُّوْبَ مَوْعِداً قَطُّ إلَّا قَالَ حِيْنَ يُفَارِقُنِي لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَوْعِدٌ فَإِذَا جِئْتُ وَجَدْتُه قَدْ سَبَقَنِي.
وَبِهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَرْوَزِيُّ, حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ, أَخْبَرَنِي الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ قَالَ: لَحَنَ أَيُّوْبُ فِي حَرْفٍ, فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ: أَنَّهُ رَأَى أَيُّوْبَ بَيْنَ قَبْرَيِ الحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ قَائِماً يَبْكِي يَنْظُرُ إِلَى هَذَا مَرَّةً وَإِلَى هَذَا مَرَّةً.
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ قَالَ: رَأَيْت الحَسَنَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّداً وَرَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ مُقَيَّداً فِي سَجْنٍ قَالَ: كَأَنَّهُ أَعْجَبَه ذَلِكَ.
قَالَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ قَالَ أَيُّوْبُ مَا صَدَقَ عَبْدٌ قَطُّ فَأَحَبَّ الشُّهرَةَ.
رَوَى مُؤَمَّلٌ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَيُّوْبَ فَعَلَيْهِ بِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ.
قُلْتُ صَدَقَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي أَيُّوْبَ هُوَ.
وَقَالَ حَمَّادٌ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكرَمَ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ مِنْ أَيُّوْبَ.
وَقَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَنصَحَ لِلْعَامَّةِ مِنْ أَيُّوْبَ وَالحَسَنِ.
وَرَوَى سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ أَيُّوْبُ فِي مَجْلِسٍ فَجَاءتْهُ عَبْرَةٌ فَجَعَلَ يَمْتَخِطُ وَيَقُوْلُ مَا أَشَدَّ الزُّكَامَ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَاتَ ابْنُ سِيْرِيْنَ فَقُلْنَا: مَن ثُمَّ? قُلْنَا أَيُّوْبُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ الكَاتِبُ: كَانَ أَيُّوْبُ ثِقَةً ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ جَامِعاً كَثِيْرَ العِلْمِ حُجَّةً عَدلاً.(6/199)
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ, وَسُئِلَ، عَنْ أَيُّوْبَ فَقَالَ: ثِقَةٌ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ.
قُلْتُ: إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي الإِتْقَانِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِ مائَةِ حَدِيْثٍ وَأَمَّا ابْنُ عُلَيَّةَ فَقَالَ: كُنَّا نَقُوْلُ: حَدِيْثُ أَيُّوْبَ أَلْفَا حَدِيْثٍ فَمَا أَقَلَّ مَا ذَهَبَ عَلَيَّ مِنْهَا.
وَسُئِلَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ, فَقَالَ: أَيُّوْبُ وَفَضْلُه, وَمَالِكٌ, وَإِتقَانُه, وَعُبَيْدُ اللهِ, وَحِفظُه.
رَوَى ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: كَانَ أَيُّوْبُ يَؤُمُّ أَهْلَ مَسْجِدِه فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَيُصَلِّي بِهِم فِي الرَّكعَةِ قَدرَ ثَلاَثِيْنَ آيَةً, وَيُصَلِّي لِنَفْسِهِ فِيْمَا بَيْنَ التَّروِيْحَتَيْنِ بِقَدرِ ثَلاَثِيْنَ آيَةً, وَكَانَ يَقُوْلُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِلنَّاسِ الصَّلاَةَ وَيُوْتِرُ بِهِم وَيَدعُو بِدُعَاءِ القُرْآنِ, وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ, وَآخِرُ ذَلِكَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُوْلُ اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنَا بِسُنَّتِه وَأَوْزِعْنَا بِهَدْيِه وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِيْنَ إِمَاماً ثُمَّ يَسْجُدُ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ دَعَا بِدَعَوَاتٍ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: أَيُّوْبُ عِنْدِي أَفْضَلُ مَنْ جَالَستُه وَأَشَدُّه اتِّبَاعاً لِلسُّنَّةِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، عَنْ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ, قَالَ: رَأَى أَيُّوْبُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ, فَقَالَ: إِنِّي لأَعرِفُ الذِّلَّةَ فِي وَجْهِه, ثُمَّ تَلاَ {سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّة} [الأَعْرَافُ: 152] ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ لِكُلِّ مُفتَرٍ وَكَانَ يُسَمِّي أَصْحَابَ الأَهْوَاءِ: خَوَارِجَ وَيَقُوْلُ: إِنَّ الخَوَارِجَ اخْتَلَفُوا فِي الاسْمِ وَاجْتَمَعُوا عَلَى السَّيفِ.
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ: يَا أَبَا بَكْرٍ! أَسْأَلُكَ، عَنْ كَلِمَةٍ؟ فَوَلَّى وَهُوَ يَقُوْلُ: وَلاَ نِصْفِ كَلِمَةٍ مَرَّتَيْنِ.
وَرَوَى جَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ، عَنْ أَشْعَثَ قَالَ كَانَ أَيُّوْبُ جِهْبِذَ العُلَمَاءِ.
قَالَ سَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ: كَانَ أَفْقَهَهُم فِي دِيْنِه أَيُّوْبُ وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ: أَنَّ أيوب السختياني حج أربعين حجة.
وَقَالَ وُهَيْبٌ: سَمِعْتُ أَيُّوْبَ يَقُوْلُ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُوْنَ كُنْتُ عَنْهُم بِمَعزِلٍ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ أَيُّوْبُ صَدِيْقاً لِيزَيْدَ بنِ الوَلِيْدِ فَلَمَّا وَلِيَ الخِلاَفَةَ قَالَ أَيُّوْبُ: اللَّهُمَّ أَنْسِهِ ذِكْرِي وَكَانَ يَقُوْلُ: لِيَتَّقِ اللهَ رَجُلٌ وَإِنْ زهد فلا يجعلن زهده عذابا على الناس.(6/200)
وَقَالَ حَمَّادٌ: غَلَبه البُكَاءُ مَرَّةً, فَقَالَ: الشَّيْخُ إِذَا كَبِرَ مَجَّ.
قَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ فِي قَمِيْصِ أَيُّوْبَ بَعْضُ التَّذْيِيلِ, فَقِيْلَ لَهُ فَقَالَ: الشُّهرَةُ اليَوْمَ فِي التَّشمِيْرِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أبي الأخضر: قلت لأيوب: أوصيني قَالَ: أَقِلَّ الكَلاَمَ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: لَوْ رَأَيْتُم أَيُّوْبَ, ثُمَّ اسْتَقَاكُم شُرْبَةً عَلَى نُسُكِه, لَمَا سَقَيْتُمُوْهُ, لَهُ شَعرٌ وَافِرٌ, وَشَارِبٌ, وَافِرٌ, وَقَمِيْصٌ جَيِّدٌ هَرَوِيٌّ يَشَمُّ الأَرْضَ وَقَلَنْسُوَةٌ مُتركَةٌ جَيِّدَةٌ, وَطَيْلَسَانُ كُرْدِيٌّ جَيِّدٌ, وَرِدَاءٌ عَدَنِيٌّ -يَعْنِي: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ سِيْمَا النُّسَّاكِ وَلاَ التَّصنُّعِ.
قَالَ شُعْبَةُ: قَالَ أَيُّوْبُ: ذُكِرْتُ, وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أُذْكَرَ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ لأَيُّوْبَ بُرْدٌ أَحْمَرُ يَلْبَسَه إِذَا أَحرَمَ, وَكَانَ يُعِدُّه كَفَناً, وَكُنْتُ أَمشِي مَعَهُ, فَيَأْخُذُ فِي طُرُقٍ, إِنِّي لأَعجَبُ لَهُ كَيْفَ يَهتَدِي لَهَا فِرَاراً مِنَ النَّاسِ أَنْ يُقَالَ هَذَا أَيُّوْبُ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا ذَهَبتُ مَعَ أَيُّوْبَ لِحَاجَةٍ, فَلاَ يَدَعُنِي أَمشِي مَعَهُ, وَيَخْرُجُ من ها هنا ها هُنَا, لَكِي لاَ يُفطَنَ لَهُ.
وَفِي "شَمَائِلِ الزُّهَّادِ" لابْنِ عَقِيْلٍ البَلْخِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إبراهيم, حدثنا أَبُو الرَّبِيْعِ سَمِعْتُ أَبَا يَعْمُرَ بِالرَّيِّ يَقُوْلُ: كَانَ أَيُّوْبُ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ فَأَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ حَتَّى خَافُوا فَقَالَ أَيُّوْبُ: أَتَكْتُمُوْنَ عَلَيَّ قَالُوا: نَعَمْ فَدَوَّرَ رِدَاءهُ, وَدَعَا فَنَبَعَ المَاءُ, وَسَقَوُا الجِمَالَ, وَرَوُوْا ثُمَّ أَمَرَّ يَدَه عَلَى المَوْضِعِ فَصَارَ كَمَا كَانَ قَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ: فَلَمَّا رَجَعتُ إِلَى البَصْرَةِ حَدَّثْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ بِالقِصَّةِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَيُّوْبَ فِي هَذِهِ السَّفرَةِ الَّتِي كَانَ هَذَا فِيْهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ, أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيُّ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ النَّضْرِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَرَشِيُّ, حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ كَثِيْرٍ السَّعْدِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَلَى حِرَاءَ فَعَطِشتُ عَطَشاً شَدِيْداً حَتَّى رَأَى ذَلِكَ فِي وَجْهِي وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ خِفتُ عَلَى نَفْسِي قَالَ: تَسْتُرُ عَلَيَّ? قُلْتُ: نَعَمْ فَاسْتَحْلَفَنِي فَحَلَفتُ لَهُ أَلاَّ أُخبِرَ أَحَداً مَا دام حيًا فغمر بِرِجْلِهِ عَلَى حِرَاءَ فَنَبَعَ المَاءُ فَشَرِبتُ حَتَّى رَوِيتُ وَحَمَلتُ مَعِي مِنَ المَاءِ.(6/201)
قُلْتُ: لاَ يَثبُتُ هَذَا, وَعُثْمَانُ تَالِفٌ1.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ, حَدَّثَنَا هِشَامُ بن علي, حدثنا عون ابن الحَكَمِ البَاهِلِيُّ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ قَالَ: غَدَا عَلَيَّ مَيْمُوْنٌ أَبُو حَمْزَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ, فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ البَارِحَةَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ لَهُمَا: مَا جَاءَ بِكُمَا قَالاَ: جِئنَا نُصَلِّي عَلَى أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِمَوْتِه فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ مَاتَ أَيُّوْبُ البَارِحَةَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: أَسنَدَ أَيُّوْبُ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعَمْرِو بنِ سَلَمَةَ, وأبي العالية, وأبي رجاء, وآخرين.
بَلَغَنَا أَنَّهُم قَالُوا لِمَالِكٍ: إِنَّك تَتَكَلَّمُ فِي حَدِيْثِ أَهْلِ العِرَاقِ, وَتَروِي مَعَ هَذَا، عَنْ أَيُّوْبَ فَقَالَ: مَا حَدَّثتُكُم، عَنْ أَحَدٍ, إلَّا وَأَيُّوْبُ أَوثَقُ مِنْهُ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيِّ, أَخْبَرَنَا مَحْمُوْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَخْبَرَنَا ابْنُ قَادْشَاه, أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ سَمِعْتُ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَيُّوْبَ ,وَذَكَرَ المُعْتَزِلَةَ وَقَالَ: إِنَّمَا مَدَارُ القَوْمِ عَلَى أَنْ يَقُوْلُوا لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لأَيُّوْبَ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ بِالبَصْرَةِ, زَمَنَ الطَّاعُوْنِ, وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً وَآخِرُ مَنْ رَوَى حَدِيْثَه عَالِياً أَبُو الحَسَنِ بنُ البُخَارِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ, وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً, قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ, أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ سَهْلٍ الوَشَّاءُ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُوَرِ يُعَذَّبُوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُم أَحْيُوا مَا خلقتم" أخرجه مسلم2.
__________
1 وفي إسناده: عبد الواحد بن زيد البصري، قال يحيى: ليس بشيء. وقال البخاري: متروك. وقال الجوزجاني: سيئ المذهب، ليس من معادن الصدق. وفي الإسناد ضعفاء آخرون.
2 صحيح: أخرجه البخاري "7558"، ومسلم "2108"، من طريق حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فذكره، ورواه مسلم "2108" من طريق إسماعيل ابن علية عن أيوب، به.(6/202)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ, قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ, أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ, أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُوْسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: تُقِيْمُ حَتَّى يَكُوْنَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالبَيْتِ قَالَ طَاوُوْسٌ: فَلاَ أَدْرِي ابْنُ عُمَرَ نَسِيَه أَمْ لَمْ يَسْمَعْ مَا سَمِعَ أَصْحَابُه فَقَالَ: نُبِّئتُ أَنَّهُ رُخِّصَ لَهُنَّ يَعْنِي: الحَائِضَ فِي حَجِّهَا1.
وَبِهِ إِلَى المُخَلِّصِ: حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمَّارُ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين} [المُطَفِّفِيْنَ: 6] ، قَالَ: "يَقُوْمُوْنَ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ أطراف آذانهم" 2.
أَنْبَأَنَا طَائِفَةٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ حُضُوْراً, أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مُسَاوِرٍ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ عَتِيْقٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنْ يُوْسُفَ بنِ مَاهَكَ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ قَالَ "نَهَانِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَبِيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدِي3.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، عَنْ خَالِدِ بنِ خِدَاشٍ المُهَلَّبِيِّ -وَهُوَ صَدُوْقٌ مُكْثِرٌ- عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, يَنْفَرِدُ عَنْهُ بِغَرَائِبَ.
__________
1 ورد عن عائشة: أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أحابستنا هي؟ فقيل له: إنها قد أفاضت. قال: فلا إذا" أخرجه مالك "1/ 412"، والشافعي "1/ 367"، وأحمد "6/ 39"، والبخاري "1757"، ومسلم "1211"، والترمذي "943"، والطحاوي "2/ 234" والبيهقي "5/ 162"، والبغوي "1974"، من طرق عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عن عائشة به. ووقع في رواية عَنْ عَائِشَةَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحابستنا هي؟ قالت: فقلت: يا رسول الله إنها قد كانت أفاضت وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلتنفر" وهي عند أحمد "6/ 82"، والبخاري "4401"، ومسلم "1211". فرخص للمرأة الحائض في ترك طواف الوداع كما روى البخاري "1328"، من حديث ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه رخص للمرأة الحائض".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4938"، ومسلم "2862" من طريق نافع، عن ابن عمر، به.
3 صحيح: أخرجه الشافعي في "مسنده" "2/ 156" والترمذي "1223" من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به.(6/203)
838- جَهْمُ بنُ صَفْوَانَ 1:
أَبُو مُحْرِزٍ الرَّاسِبِيُّ مَوْلاَهُم, السَّمَرْقَنْدِيُّ, الكَاتِبُ, المُتَكَلِّمُ, أُسُّ الضَّلاَلَةِ, وَرَأْسُ الجَهْمِيَّةِ. كَانَ صَاحِبَ ذَكَاءٍ وَجِدَالٍ. كَتَبَ لِلأَمِيْرِ حَارِثِ بنِ سُرَيْجٍ التَّمِيْمِيِّ وَكَانَ يُنْكِرُ الصِّفَاتِ وَيُنَزِّهُ الباري عنها بزعمه ويقول: بِخَلْقِ القُرْآنِ وَيَقُوْلُ إِنَّ اللهَ فِي الأَمكِنَةِ كُلِّهَا.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ يُخَالِفُ مُقَاتِلاً فِي التَّجْسِيْمِ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ عَقدٌ بِالقَلْبِ, وَإِن تَلَفَّظَ بِالكُفْرِ.
قِيْلَ: إِنَّ سَلْمَ بنَ أَحْوَزَ قَتَلَ الجَهْمَ لإِنْكَارِه أَنَّ اللهَ كَلَّمَ موسى.
__________
1 ترجمته في ميزان الاعتدال "1/ 426"، الكامل لابن الأثير في حوادث سنة 128، الملل والنحل "1/ 199-200".(6/204)
839- يحيى بن أبي كثير 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ, أَبُو نَصْرٍ الطَّائِيُّ مَوْلاَهُم, اليَمَامِيُّ. وَاسْمُ أَبِيْهِ: صَالِحٌ وَقِيْلَ: يَسَارٌ وَقِيْلَ: نَشِيْطٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ, وَذَلِكَ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" وَلَكِنَّهُ مُرْسَلٌ, وَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَذَلِكَ فِي كِتَابِ النَّسَائِيِّ ,وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, وَأَبِي قِلاَبَةَ الجَرْمِيِّ, وَبَعْجَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الجُهَنِيِّ, وَعِمْرَانَ بنِ حِطَّانَ, وَهِلاَلِ بنِ أَبِي مَيْمُوْنَةَ, وَعِدَّةٍ.
وَرَوَى عَنْ: جَابِرٍ -مُرْسَلاً- وَدِيْنَارٍ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَضَمْضَمِ بنِ جَوْسٍ, وَعُقْبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الغَافِرِ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مِقْسَمٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَحَيَّةَ بنِ حَابِسٍ, وَنَافِعٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ وَأَبِي سَلاَّمٍ الحَبَشِيِّ وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ رَوَى عَنْ: زَيْدِ بنِ سَلاَّمٍ -حَفِيْدِ هَذَا- وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ, وَهُوَ تِلْمِيْذُهُ.
وَكَانَ طَلاَّبَةً لِلْعِلْمِ, حجة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 555"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3087"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 318 و612" و"2/ 466"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 599" حلية الأولياء "3/ 66"، تذكرة الحفاظ "1/ 128"، العبر "1/ 237"، الكاشف "3/ ترجمة 6341"، تاريخ الإسلام "5/ 179"، ميزان الاعتدال "4/ 402-403"، تهذيب التهذيب "11/ 268"، شذرات الذهب "1/ 176".(6/204)
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ, عَبْدُ اللهِ, وَمَعْمَرٌ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَهِشَامُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ, وَحَرْبُ بنُ شَدَّادٍ, وَعِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ, وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ, وَهَمَّامُ بن يحيى وأبان ابن يَزِيْدَ, وَأَيُّوْبُ بنُ عُتْبَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَابِرٍ, وَأَيُّوْبُ بنُ النَّجَّارِ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَسُلَيْمَانُ بنُ أَرْقَمَ, وَأَبُو عَامِرٍ الخَزَّازُ, وَعِمْرَانُ القَطَّانُ, وَعَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ, وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ القَنَّادُ, وَخَلْقٌ.
وَقَالَ حَرْبُ بنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى, قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ الأَسْوَدِ, إِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ وَرَوَى: وُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ قَالَ: مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ أَحْسَنُ حَدِيْثاً مِنَ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِذَا خَالَفَه الزُّهْرِيُّ فَالقَولُ قَوْلُ يَحْيَى.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ إِمَامٌ, لاَ يَرْوِي إلَّا، عَنْ ثِقَةٍ وَقَدْ نَالَتْهُ مِحْنَةٌ وَضُرِبَ لِكَلاَمِه فِي وُلاَةِ الجَوْرِ.
نَقَلَ جَمَاعَةٌ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَبَعْضُهُم نَقَلَ: أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ إِنَّمَا يُعَدُّ مَعَ الزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنَ العُبَّادِ إِذَا حَضَرَ جَنَازَةً لَمْ يَتَعَشَّ تِلْكَ اللَّيلَةَ وَلاَ يُكَلِّمُه أَحَدٌ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: كَانَ يُذْكَرُ بِالتَّدلِيسِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَدْ رَأَى أَنَساً يُصَلِّي فِي الحَرَمِ.
وَقَالَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ: قَالَ لِي يَحْيَى: كُلُّ شَيْءٍ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ إِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ.
المُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ: "يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالمِرَاءَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيْهِ مَنفَعَةٌ وَهُوَ يُوْرِثُ العَدَاوَةَ بَيْنَ الإِخْوَانِ.
عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لاَ يُسْتَطَاعُ العِلْمُ بِرَاحَةِ الجَسَدِ.
أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ: عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ المُبْتَدِعَ فِي طَرِيْقٍ, فَخُذْ فِي غيره.(6/205)
ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الأَوْزَاعِيَّ، عَنْ يحيى بن أبي كثير: أن سليمان ابن دَاوُدَ قَالَ لابْنِهِ: إِنَّ الأَحلاَمَ تَصْدُقُ قَلِيْلاً, وَتَكذِبُ كَثِيْراً فَعَلَيْكَ بِكِتَابِ اللهِ فَالْزَمْهُ وَإِيَّاهُ فَتَأَوَّلْ.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ, قَالَ: حَدَّثَ يحيى بن أبي كثير بأحاديث, فقال: اكتب لِي حَدِيْثَ كَذَا, وَحَدِيْثَ كَذَا. فَقُلْتُ: يَا أَبَا نَصْرٍ! أَمَا تَكرَهُ كَتْبَ العِلْمِ? قَالَ: اكْتُبْه لِي, فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكْتُبْ فَقَدْ ضَيَّعتَ, أَوْ عَجَزْتَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ, وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، عَنِ المُبَارَكِ بنِ المُبَارَكِ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ, أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, أَخْبَرَنَا أبو بحر ابن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ, حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بنُ عُمَرَ الأَنْصَارِيُّ. أَنَّهُ سَمِعَ رسول الله يَقُوْلُ: "مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وعليه الحَجُّ مِنْ قَابِلٍ" 1 رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ حَجَّاجٍ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَه، عَنْ أَصْحَابِ يَحْيَى نَحْوَه.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الكَوْسَجِ، عَنْ رَوْحٍ وَالأَنْصَارِيِّ، عَنْ حَجَّاجٍ, وَحَسَّنَهُ.
لَكِنَّهُ مَعلُولٌ بِمَا رَوَاهُ: مَعْمَرٌ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ سَلاَّمٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ, فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَافِعٍ، عَنِ الحَجَّاجِ. قَالَ البُخَارِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ.
قَالَ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ: قُلْنَا لِيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ: هَذِهِ المُرْسَلاَتُ عَمَّنْ? قَالَ أَتَرَى رَجُلاً أَخَذَ مِدَاداً وَصَحِيْفَةً فَكَتَبَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكَذِبَ? قَالَ: فَقُلْتُ: إِذَا جَاءَ مِثْلُ هَذَا فَأَخْبِرْنَا قَالَ إِذَا قُلْتُ بَلَغَنِي فَإِنَّهُ مِنْ كِتَابٍ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مُرْسَلاَتُ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ شِبهُ الرِّيحِ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: مَا حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ لِقَتَادَةَ, وَلاَ لِيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ بِشَيْءٍ مُرْسَلٍ إلَّا حَدِيْثاً وَاحِداً.
حَدَّثَنَا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لاَ يَرَى طَلاَقَ المُكرَهِ شَيْئاً قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أصلب وجها من يحيى ابن أَبِي كَثِيْرٍ كُنَّا نُحَدِّثُه بِالغَدَاةِ فَنَرُوحُ بِالعَشِيِّ فَيُحَدِّثَنَاهُ.
وَيُرْوَى أَنَّ يَحْيَى بنَ أَبِي كَثِيْرٍ أَقَامَ بِالمَدِيْنَةِ عَشْرَ سِنِيْنَ فِي طَلَبِ العِلْمِ. قَالَ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 450"، وأبو داود "1862" و"1863"، والترمذي "940"، والنسائي "5/ 198"، وابن ماجه "3077".(6/206)
840- يزيد بن أبي حبيب 1: "ع"
الإِمَامُ, الحُجَّةُ, مُفْتِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ, أَبُو رجا الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُم, المِصْرِيُّ وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ سُوَيْدٌ مَوْلَى امْرَأَةٍ, مَوْلاَةٍ لِبَنِي حَسْلٍ وَأُمُّهُ: مَوْلاَةٌ لِتُجِيْبٍ.
وُلِدَ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسِيْنَ, فِي دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ, وَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ الصَّحَابِيِّ, وَأَبِي الخَيْرِ مَرْثَدِ بنِ عَبْدِ اللهِ اليَزَنِيِّ, وَأَبِي الطُّفَيْلِ اللَّيْثِيِّ إِنْ صَحَّ, وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَعَطَاءٍ, وَعُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَنَافِعٍ, وَأَبِي وَهْبٍ الجَيْشَانِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ, وَأَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيْبِيِّ, وَالحَارِثِ بنِ يَعْقُوْبَ, وَسُوَيْدِ بنِ قَيْسٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ شِمَاسَةَ, وَعِيْسَى بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ, وَلَهِيْعَةَ بنِ عُقْبَةَ وَالِدِ عَبْدِ اللهِ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ, وَالهَيْثَمِ بنِ شُفَيٍّ, وَخَلْقٍ وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ رَوَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالإِجَازَةِ.
وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ ارْتَفَعَ بِالتَّقْوَى مَعَ كَوْنِه مَوْلَىً أَسْوَدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ القِتْبَانِيُّ وحيوة بن شُرَيْحٍ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ سَعِيْدٍ التُّجِيْبِيُّ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَاللَّيْثُ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ الثَّاتِيُّ, وَآخَرُوْنَ. وَهُوَ مُجمَعٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ, وَذَكَرَه أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ فِي كِتَابِ "الثِّقَاتِ" لَهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ, وَكَانَ حَلِيْماً, عَاقِلاً, وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ العِلْمَ بِمِصْرَ وَالكَلاَمَ فِي الحَلاَلِ وَالحَرَامِ وَمَسَائِلَ وَقِيْلَ إِنَّهُم كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَتَحَدَّثُوْنَ بِالفِتَنِ وَالمَلاَحِمِ وَالتَّرغِيبِ في الخير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 513"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3226"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 431"، تاريخ الإسلام "5/ 184"، الكاشف "3/ ترجمة 6401"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 116"، العبر "229 و282"، تهذيب التهذيب "11/ 318"، شذرات الذهب "1/ 175".(6/207)
وَقَالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ سَيِّدُنَا, وَعَالِمُنَا.
وَقَالَ ضَمْرَةَ بنِ رَبِيْعَةَ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيِّ: اجْتَمَعَ نَاسٌ فِيْهِم يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَهُم يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَعُودُوا مَرِيْضاً فَتَدَافَعُوا الاسْتِئْذَانَ عَلَى المَرِيْضِ فَقَالَ يَزِيْدُ: قَدْ عَلِمتُ أَنَّ الضَّأنَ وَالمِعزَى إِذَا اجْتَمَعَتْ تَقَدَّمَتِ المِعزَى. فَتَقَدَّمَ فَاسْتَأْذَنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: يَزِيْدُ بنُ حَبِيْبٍ مَوْلَىً لِبَنِي عَامِرِ بنِ لُؤَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ, وَكَانَ ثِقَةً كَثِيْرَ, الحَدِيْثِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلَغ زِيَادَةً عَلَى خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ العَلَوِيُّ, أَخْبَرَنَا سعيد ابن أَحْمَدَ, وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ, وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَحْمَدُ بنُ مَكْتُوْمٍ, وَسُنْقُرُ الزَّيْنِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُفِيْدُ, وَآخَرُوْنَ قَالُوا: أَنْبَأَنَا عبد الله ابن عُمَرَ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا محمد بن محمد الزيني أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ حَمَّادٍ ,حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْماً فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَه عَلَى المَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المِنْبَر فَقَالَ: "إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ وَأَنَا شَهِيْدٌ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي وَاللهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيْتُ مَفَاتِيْحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيْحَ الأَرْضِ وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيْهَا" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ عَالٍ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ وَجُوْهٍ، عَنْ يزيد.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6590"، ومسلم "2296"، وأبو داود "3223" و"3224"، والنسائي "4/ 61-62"، والطحاوي "1/ 504"، والطبراني في "الكبير" "17/ 767"، والبيهقي "4/ 14"، وأحمد "4/ 149 و153- 154" من طريق يزيد بن أبي حبيب، به.(6/208)
841- إسحاق بن عبد الله 1: "ع"
ابْنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي طَلْحَةَ زَيْدِ بنِ سَهْلٍ الأنصاري الخَزْرَجِيُّ, النَّجَّارِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ أَحَدُ الثِّقَاتِ.
سَمِعَ مِنْ عَمِّهِ, أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيْلٍ وَالطُّفَيْلِ بنِ أُبَيٍّ, وَسَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ, وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى, وَمَالِكٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مَالِكٌ يُثْنِي عَلَيْهِ, وَلاَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَداً. وَأَبُوْهُ عَبْدُ اللهِ قَدْ حَنَّكَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَمَلَهُ إِلَيْهِ أَخُوْهُ أَنَسٌ وأمهما: أم سليم.
مَاتَ إِسْحَاقُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ. وَقِيْلَ: سنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ.
وَأَخرَجَ مُسْلِمٌ لِوَالِدِه عَبْدِ اللهِ يَرْوِي عَنِ ابْنِهِ وَعَنْ أَخِيْهِ أَنَسٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طُوَالَةَ, وَسُلَيْمَانُ مَوْلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ.
تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ نَحْوٍ من ثمانين سنة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1255"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 786"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "8/ 416"، تهذيب التهذيب "1/ 239-240".(6/209)
842- هشام بن عروة 1: "ع"
ابن الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ. الإِمَامُ, الثِّقَةُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو المُنْذِرِ القُرَشِيُّ, الأَسَدِيُّ, الزُّبَيْرِيُّ المَدَنِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ, وَعَمِّه ابْنِ الزُّبَيْرِ, وَزَوْجَتِه أَسْمَاءَ بِنْتِ عَمِّهِ المُنْذِرِ, وَأَخِيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ, وَطَائِفَةٍ مِنْ كُبَرَاءِ التَّابعِيْنَ مِنْهُم أَخُوْهُ عُثْمَانَ, وَابْنُ عَمِّهِ عَبَّادٌ, وَابْنُ ابْنِ عَمِّهِ عَبَّادُ بنُ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَبُو سَلَمَةَ, وَابْنُ المُنْكَدِرِ, وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَعَمْرُو بنُ خُزَيْمَةَ, وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعْدٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ كَعْبٍ, وَعَوْفُ بنُ الطُّفَيْلِ, وَمُحَمَّدٌ وَالِدُ السَّفَّاحِ, وَابْنُ شِهَابٍ, وَأَبُو الزُّبَيْرِ, وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ, وَأَبُو وَجْزَةَ, وَكُرَيْبٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ, وَبَكْرُ بنُ وَائِلٍ, وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ, وَأَبُو الزِّنَادِ, وَابْنُ القَاسِمِ, وَيَزِيْدُ بنُ رومان, وغيرهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 321"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2673"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 249"، تاريخ الخطيب "14/ 37"، وفيات الأعيان لابن خلكان "6/ ترجمة 781"، تاريخ الإسلام "6/ 145"، الكاشف "3/ ترجمة 6077"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 138"، العبر "1/ 62 و206 و265"، تهذيب التهذيب "11/ 48"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7685"، شذرات الذهب "1/ 218".(6/209)
وَلَقَدْ كَانَ يُمكِنُه السَّمَاعُ مِنْ جَابِرٍ, وَسَهْلِ بنِ سَعْدٍ, وَأَنَسٍ وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, فَمَا تَهَيَّأَ لَهُ عَنْهُم رِوَايَةٌ، وَقَدْ رَأَى ابْنَ عُمَرَ، وَحَفِظَ عَنْهُ: أَنَّهُ دَعَا لَهُ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَلَحِقَ البُخَارِيُّ بَقَايَا أَصْحَابِه: كَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى.
قَالَ وُهَيْبٌ: قَدِمَ عَلَيْنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ, فَكَانَ مِثْلَ الحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, ثَبْتاً كَثِيْرَ الحَدِيْثِ, حُجَّةً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ إِمَامٌ فِي الحَدِيْثِ، وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِ مائَةِ حَدِيْثٍ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ ثِقَةٌ، وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: هِشَامٌ ثَبْتٌ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَا صَارَ إِلَى العِرَاقِ فَإِنَّهُ انبَسَطَ فِي الرِّوَايَةِ، وَأَرْسَلَ، عَنْ أَبِيْهِ أَشْيَاءَ مِمَّا كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِيْهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكاً نَقَمَ عَلَى هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ حَدِيْثَه لأَهْلِ العِرَاقِ، وَكَانَ لاَ يَرضَاهُ ثُمَّ قَالَ قَدِمَ الكُوْفَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَدْمَةً كَانَ يَقُوْلُ فِيْهَا حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَالثَّانِيَةُ فَكَانَ يَقُوْلُ أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، وَقَدِمَ الثَّالِثَةَ فَكَانَ يَقُوْلُ أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ يَعْنِي يُرسِلُ، عَنْ أَبِيْهِ.
قُلْتُ: الرَّجُلُ حُجَّةٌ مُطْلَقاً، وَلاَ عِبرَةَ بِمَا قَالَهُ الحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ بنُ القَطَّانِ مِنْ أَنَّهُ هُوَ، وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ اخْتَلَطَا وَتَغَيَّرَا, فَإِنَّ الحَافِظَ قَدْ يَتَغَيَّرُ حِفْظُه إِذَا كَبِرَ، وَتَنْقُصُ حِدَّةُ ذِهْنِهِ, فَلَيْسَ هُوَ فِي شَيْخُوْخَتِه كَهُوَ في شَبِيْبَتِه، وَمَا ثَمَّ أَحَدٌ بِمَعْصُوْمٍ مِنَ السَّهْوِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَا هَذَا التَّغَيُّرُ بِضَارٍّ أَصْلاً، وَإِنَّمَا الَّذِي يَضُرُّ الاخْتِلاَطُ، وَهِشَامٌ فَلَمْ يَختَلِطْ قَطُّ هذا أمر مقطوع به، وحديثه محتج في الموطأ، والصحاح، والسنن فَقَوْلُ ابْنِ القَطَّانِ إِنَّهُ اخْتُلِطَ قَوْلٌ مَرْدُوْدٌ مَرذُولٌ فَأَرِنِي إِمَاماً مِنَ الكِبَارِ سَلِمَ مِنَ الخَطَأِ، وَالوَهمِ.
فَهَذَا شُعْبَةُ، وَهُوَ فِي الذِّرْوَةِ لَهُ أَوهَامٌ، وَكَذَلِكَ مَعْمَرٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِم.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ خَلِيْلِ بنِ أَبِي الرَّجَاءِ، وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ المُحْسِنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ صَالِحٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا خَلِيْلُ بنُ بَدْرٍ، أَنْبَأَنَا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو النعيم الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ يُوْسُفَ حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ كُنَاسَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ(6/210)
عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الله ايَقْبِضُ العِلْمَ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ انْتِزَاعاً، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوْساً جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا، وَأَضَلُّوا" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ ثَابِتٌ مُتَّصِلُ الإِسْنَادِ هُوَ فِي دَوَاوِيْنِ الإِسْلاَمِ الخَمْسَةِ, مَا عدا "سنن أبي داود"، وهو من لاثة عَشَرَ طَرِيْقاً، عَنْ هِشَامٍ، وَمِنْ طَرِيْقِ أَبِي الأَسْوَدِ يَتِيْمِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَهُ، وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ، عَنْ هِشَامٍ عَددٌ كَثِيْرٌ سَمَّاهُم أَبُو القَاسِمِ العَبْدِيُّ.
مِنْهُم ابْنُ عَجْلاَنَ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وأبو مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سواد، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَمَا أَحْسِبُهُ لَحِقَهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، وَابْنُ كُنَاسَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ سُمَيْعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَبِيْعَةَ الكِلاَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَجَّاجِ بنِ سُوَيْدٍ البُرْجُمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُيَسَّرٍ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي ظَبْيَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَهُوَ أَقدَمُ مِنْهُ، وَأَيُّوْبُ بنُ خُوْطٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ مسكين، وأيوب بن، واقد، وإبراهيم بن طعمان، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي يَحْيَى، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ العَبْسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سُلَيْمَانَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَمِّعٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي حَيَّةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عيينة، واسماعيل ابن أَبَانٍ الغَنَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ السُّدِّيُّ إِنْ صَحَّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَيْدِ بنِ قَيْسٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَعْقِلٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ هِلاَلٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ، وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ، وَأَنَسُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ أَخُو جَرِيْرٍ، وَأَبَانُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَبْيَضُ بنُ أَبَانٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبْيَضُ بنُ عَجْلاَنَ، وَإِسْرَائِيْلُ، وَأَبْيَضُ بنُ الأَغَرِّ، وَأُسَامَةُ بنُ حَفْصٍ، وَأَشْعَثُ بنُ سَعِيْدٍ السَّمَّانُ، وَإِيَاسُ بنُ دَغْفَلٍ، وَآدَمُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَأَشْعَثُ بن عبد الله أبو الربيع القاضي.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 162 و190"، والبخاري "100"، ومسلم "2673" "13" والترمذي "2652"، وابن ماجه "52"، والدارمي "1/ 77"، والبغوي "147"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" "1/ 148-149 و150" من طرق عن هشام بن عروة، به.(6/211)
وَبَحْرُ بنُ كَثِيْرٍ، وَبَكْرُ بنُ سُلَيْمَانَ الصَّوَّافُ، وَبَكْرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَعْتَقُ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ -قَدِيْمٌ- وَبَزِيْعُ بنُ حَسَّانٍ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ.
وَتَلِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وثَابِتُ بنُ كَثِيْرٍ، وَثَابِتُ بنُ زُهَيْرٍ، وَثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، وَثَابِتُ بنُ حَمَّادٍ.، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، وَجَعْفَرُ بنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ، وَجَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، وَجُنَادَةُ بنُ سَلْمٍ أَبُو سَلْمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَجَارِيَةُ بنُ هَرِمٍ، وَجَامِعُ بنُ مُدْرِكٍ اللَّخْمِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَجَابِرُ بنُ نُوْحٍ.
وَالحَسَنُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالخُشَنِيُّ الحَسَنُ بنُ يَحْيَى، وَالحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، وَالحَسَنُ بنُ عُمَارَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ عُلْوَانَ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَحَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ، وَحَمَّادُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ قَاضِي أَفْرِيْقِيَةَ، وَحَمَّادُ بنُ مُصْبِحٍ، وَحَمَّادُ بنُ شُعَيْبٍ، وَحَمَّادُ بنُ مَسْعَدَةَ، وَالحَارِثُ بنُ عُبَيْدَةَ، وَالحَارِثُ بنُ عِمْرَانَ الجَعْفَرِيُّ، وَحَفْصُ بنُ قَيْسٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَحَفْصُ بنُ رَاشِدٍ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَحَفْصُ بنُ عَمْرٍو الجَعْفَرِيُّ، وَحَفْصُ بنُ سلم أبو مقاتل، وحفص ابن مُخَارِقٍ، وَحَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَحَفْصُ بنُ سُوَيْدٍ البُرْجُمِيُّ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَحَجْوَةُ بنُ مُدْرِكٍ الغَسَّانِيُّ، وَحَكِيْمُ بنُ نَافِعٍ، وَحَكِيْمُ بنُ بَشِيْرٍ النَّهْدِيُّ، وَحِبَّانُ بنُ عَلِيٍّ، وَحَسَّانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَحَمْزَةُ بنُ حَبِيْبٍ، وَحَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، وَحُصَيْنُ بنُ مُخَارِقٍ، وَحَدِيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَحُسَامُ بنُ مِصَكٍّ.، وَخَالِدُ بنُ يَزِيْدَ، وَخَالِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَخْزُوْمِيُّ، وَخَالِدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ، وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَخَالِدُ بنُ يَزِيْدَ القُشَيْرِيُّ، وَخَالِدٌ العَبْدُ، وَخَالِدُ بنُ رَبَاحٍ، وَخَالِدُ بنُ إِلْيَاسَ، وَالخَلِيْلُ بنُ مُرَّةَ، وَخَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَالخُصَيْبُ بنُ نَاصِحٍ، وَخَاقَانُ بنُ الحَجَّاجِ، وَالخَلِيْلُ بنُ مُوْسَى.
وَدَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، وَدَاوُدُ العَطَّارُ، وَدَاوُدُ بنُ الأَسْوَدِ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَدَلْهَمٌ العِجْلِيُّ، وَدَلْهُمُ بنُ صَالِحٍ النُّمَيْرِيُّ، وَدُجَيْنُ بنُ ثَابِتٍ أَبُو الغُصْنِ اليَرْبُوْعِيُّ.
وَذَوَّادُ بنُ عُلْبَةَ.، وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ، وَرَوْحُ بنُ مُسَافِرٍ، وَرَحِيْلُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَرَقَبَةُ بنُ مَصْقَلَةَ، وَالرَّبِيْعُ بنُ صَبِيْحٍ، وَرَافِعُ بنُ اللَّيْثِ، وَرَوَّادُ بنُ الفَضْلِ، وَرَوَّادُ بنُ دَاوُدَ.
وَأَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ زَبَّانُ، وَزَيْدُ بنُ يَحْيَى، وَزَيْدُ بنُ بَكْرِ بنِ حُبَيْشٍ، وَزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ، وَزِيَادُ بنُ خَيْثَمَةَ، وَزِيَادُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ زِيَادُ بنُ كُلَيْبٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ مَنْظُوْرٍ، وَزَمْعَةُ بنُ(6/212)
صَالِحٍ، وَالزُّبَيْرُ بنُ حَبِيْبٍ، وَزُفَرُ بنُ الهُذَيْلِ، وَزَكَرِيَّا بنُ مُسَافِرٍ، وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَزُهَيْرُ بن معاوية.
والسفيانات، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَيَّانَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ قَرْمٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ مُسْلِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَيَّاشٍ، وَسَعِيْدُ بنُ دُرَيْكٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُمَحِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ الحَسَنِ، وَسَعِيْدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ أَبِي الحُسَامِ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الزُّبَيْدِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ خَالِدٍ القُرَشِيُّ، وَسُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ، وَسُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسَعِيْدٌ الأَزْرَقُ، وَسَلاَّمُ بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، وَسَلاَّمُ بنُ أَبِي مطيع، وسلام ابن سُلَيْمٍ أَبُو الأَحْوَصِ، وَسَلْمُ بنُ رَزِيْنٍ، وَسَيْفُ بن محمد، وسلام بن مسكين، وسعد بنُ الحَسَنِ، وَسَابِقٌ البَرْبَرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ الكَعْبِيُّ.
وَشُعْبَةُ، وَشَرِيْكٌ، وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَشُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ، وَشُجَاعُ بنُ الوَلِيْدِ، وَشَبِيْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَشَبِيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَشُبَيْلُ بن عزير، وَشَرْقِيُّ بنُ قَطَامِيٍّ.
وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَالصَّلْتُ بنُ الحَجَّاجِ، وَالصَّبَّاحُ بنُ مُحَارِبٍ، وَالصَّبَّاحُ بنُ عُمَيْرٍ المُزَنِيُّ، وَصَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَصَالِحُ بنُ حَسَّانٍ، وَصَالِحُ بنُ قُدَامَةَ، وَالصَّبَّاحُ بنُ يَحْيَى.
وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ ابن عَاصِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وَالِدُ مُصْعَبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ، وَعَبْدُ اللهِ الخُرَيْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَالِدُ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرُّوْخٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُغِيْرَةِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ قطَافٍ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو أُوَيْسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرْقَدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الأَجْلَحِ الكِنْدِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ أَبُو يَعْقُوْبَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ محمد ابن زَاذَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الكُوْفِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ القتباني، وعبيد الله بنُ عُمَرَ العُمَرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى العبسي، وعبيد الله ابن هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ خَالِدٍ الحَنَفِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ الوَازِعِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حَكِيْمٍ المَدَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ عَاصِمٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ أَبُو ظَبْيَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ(6/213)
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ أَبُو بَحْرٍ البَكْرَاوِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ المَسْعُوْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن زيد ابن أَسْلَمَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بن جريح، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ حُسَيْنٍ أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ قُدَامَةَ الجُمَحِيُّ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ القَسْمَلِيُّ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الحُصَيْنِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ الخَفَّافُ، وَعَبْدُ المَجِيْدِ الثَّقَفِيُّ، وَالِدُ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُجَاهِدٍ، وَعَبْدُ القَاهِرِ بنُ السَّرِيِّ، وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ صَخْرٍ، وَعَبْدُ القُدُّوْسِ بنُ بَكْرِ بنِ خُنَيْسٍ، وَعَبْدُ الحَكِيْمِ ابن مَنْصُوْرٍ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ القَاسِمِ أَبُو مَرْيَمَ، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعُبَيْدَةُ بنُ أَبِي رَائِطَةَ، وَعُبَيْدَةُ بنُ الأَسْوَدِ، وَعُبَيْدُ بنُ القَاسِمِ البَصْرِيُّ، وَعَمَّارُ بنُ عُمَيْرٍ، وَعِصْمَةُ بنُ المُنْذِرِ، وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ المُهَلَّبِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَعَبَّادُ بنُ صُهَيْبٍ الكُلَيْبِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ رَاشِدٍ، وَعَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ، وَعَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيُّ، وَعُمَرُ بنُ حَبِيْبٍ القَاضِي، وَعُمَرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ صُهْيَانَ الأَسْلَمِيُّ، وَعُمَرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ العُمَرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُجَاشِعٍ، وَعُمَرُ بنُ هَارُوْنَ البَلْخِيُّ، وَعُمَرُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَعُمَرُ بنُ رَبَاحٍ، وَعُمَرُ بنُ نَبْهَانَ، وَعُثْمَانُ بنُ فَرْقَدٍ العَطَّارُ، وَعُثْمَانُ بنُ الحَكَمِ الجُذَامِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ عُثْمَانَ، وَعُثْمَانُ بنُ مِكْيَلٍ، وَعُثْمَانُ بنُ مُخَارِقٍ، وَعُثْمَانُ بنُ خَالِدٍ، وَعَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، وَعَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ غُرَابٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُصْعَبٍ، وَالعَلاَءُ بنُ رَاشِدٍ، وَالعَلاَءُ بنُ المِنْهَالِ، وَعِيْسَى بنُ مَيْمُوْنٍ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَعِيْسَى بنُ مَاهَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَعِمْرَانُ القَطَّانُ، وَعِمْرَانُ بنُ أَبِي الفَضْلِ، وَعَتَّابُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَوْذَبٍ، وَعَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ، وَعِصْمَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّرَقِيُّ، وَعِصْمَةُ بنُ عِيَاضٍ، وَعِصْمَةُ بنُ المُنْذِرِ، وَعَاصِمٌ غَيْرُ مَنْسُوْبٍ، وَعُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ السَّكُوْنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَعَمْرُو بنُ فَايِدٍ، وَعَمْرُو بنُ هاشم الجنبي، وعمرو بن خَلِيْفَةَ الأَعْشَى أَبُو يُوْسُفَ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعَطَاءُ بنُ عُرْوَةَ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ الجُعْفِيُّ، وَعَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، وَعَنْبَسَةُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَنْبَسَةُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَعَابِدُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعَبَايَةُ بنُ عُمَرَ، وَعِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعُقَيْلُ بنُ خَالِدٍ، وَعُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ، وَعَدِيُّ بنُ الفَضْلِ، وَعَرْعَرَةُ بنُ البِرِنْدِ، وَعُبَيْسُ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَعَلِيُّ بنُ حَيٍّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الحَجَبِيُّ، وَعَمَّارُ بنُ رُزَيْقٍ، وَعَاصِمُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ سُلَيْمَانَ الزَّرَّادُ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الغَافِرِ، وَعِمْرَانُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ العَوْفِيُّ، وَعَمَّارُ بنُ سَيْفٍ، وَعُثْمَانُ بنُ زَائِدَةَ.(6/214)
وَغَالِبُ بنُ فَائِدٍ.
وَالفَضْلُ بنُ مُوْسَى, وَالفَضْلُ بنُ خَالِدٍ أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ، وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَفُلَيْحُ بنُ مُسْلِمٍ الحَجَبِيُّ، وَفَرَجُ بنُ فَضَالَةَ، وَفَزَارَةُ بنُ جَرِيْرٍ.
وَالقَاسِمُ بنُ غُصْنٍ، وَالقَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وَالقَاسِمُ بنُ بَهْرَامَ، وَالقَاسِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَبُو العَتَاهِيَةِ، وَالقَاسِمُ بنُ يَحْيَى، وَقُطْبَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَقُطْبَةُ بنُ العَلاَءِ، وَقُرَّانُ بنُ تَمَّامٍ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ.
وَكَثِيْرُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَكَثِيْرُ بنُ همام، وَكِنَانَةُ بنُ جَبَلَةَ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ عُثْمَانَ بنِ مُصْعَبٍ.، وَلَوْذَانُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، ومالك بن سعير، ومسلمة بن سعيد ابن عَبْدِ المَلِكِ، وَمَسْلَمَةُ بنُ قَعْنَبٍ، وَمَسْلَمَةُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، وَمُبَارَكُ بنُ مُجَاهِدٍ الخُرَاسَانِيُّ، وَمُفَضَّلُ بنُ صَالِحٍ أَبُو جَمِيْلَةَ، وَمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ، وَمُغِيْرَةُ بنُ مُطَرِّفٍ، وَمُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ الزَّمْعِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَمَعْمَرٌ، وَمُحَاضِرُ بنُ المُوَرِّعِ، وَمُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ المِعْوَلِيُّ، وَالمُسَيِّبُ بنُ شَرِيْكٍ، وَمُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، وَمُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ، وَمُصْعَبُ بنُ ثَابِتٍ، وَمُصْعَبُ بنُ سَلاَّمٍ، وَمِسْعَرٌ، وَمُهَلَّبُ بنُ أَبِي عِيْسَى، وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَهُوَ أَقدَمُ مِنْهُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ، وَمِشْمَعِلُّ بنُ مِلْحَانَ، وَوَالِدُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَمُجَاشِعُ بنُ عَمْرٍو، وَالمُحَبَّرُ بنُ قَحْذَمٍ، وَمُرَجَّى بنُ رَجَاءٍ، وَمَرْوَانُ بنُ جَنَاحٍ، وَمُؤَمَّلُ بنُ هَارُوْنَ، وَمُعَاوِيَةُ الضَّالُّ1، وَمُعَلَّى بنُ هِلاَلٍ، وَمُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ، وَمَنْدَلُ بنُ عَلِيٍّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ تَوْبَةَ.
وَنُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ، وَنُوْحُ بنُ دَرَّاجٍ، وَنُوْحُ بنُ ذَكْوَانَ، وَنُوْحُ بنُ قَيْسٍ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَالنَّضْرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَامِرِيُّ المَرْوَزِيَّانِ، وَنَصْرُ بنُ طَرِيْفٍ، وَنَصْرُ بنُ قَابُوْسٍ، وَنَصْرُ بنُ بَابٍ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ النُّعْمَانُ، وَنُعَيْمُ بنُ المُوَرِّعِ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ، وَنَجِيْحٌ العَطَّارُ، وَنَافِعٌ المقرىء، ونافع بن يزيد.
__________
1 هو: معاوية بن عبد الكريم الثقفي، أبو عبد الرحمن البصري، المعروف بالضال، وهو ليس بضال في الدين، بل هو ثقة، من عقلاء أهل البصرة، وهو مولى أبي بكر. قيل له: الضال؛ لأنه ضل طريق مكة كما ذكره السمعاني والأزدي, ونقله الحافظ في تهذيب التهذيب، مات سنة مائة وثمانين وقد قارب المائة، وهو من صغار الطبقة السادسة، وهي طبقة صغار التابعين الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.(6/215)
وَوَكِيْعٌ، وَوُهَيْبٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَضَّاحٌ، وَوَهْبُ بنُ، وَهْبٍ أَبُو البَخْتَرِيِّ، وَهِشَامُ بنُ عَبْدِ اللهِ المخزومي، وهشام بن حسان، وهشام بن زياد، وهشام ابن يَحْيَى الغَسَّانِيُّ، وَهِشَامُ بنُ أَبِي خُبْزَةَ، وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى، وَهُدْبَةُ بنُ المِنْهَالِ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ.
وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَه، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ كَذَلِكَ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو زُكَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَيَحْيَى بنُ دِيْنَارٍ أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا الغَسَّانِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ الطَّائِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَالِمٍ، وَيَحْيَى بنُ عِيْسَى الرَّمْلِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يُوْنُسَ، وَيَحْيَى بنُ هَاشِمٍ السِّمْسَارُ التَّالِفُ1، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ، وَيَحْيَى بن عمير مولى بني هاشم، وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَكَرِيَّا، وَيَحْيَى بنُ يَعْلَى، وَيَحْيَى بنُ الحَارِثِ المُرْهِبِيُّ، وَيَحْيَى بنُ كَثِيْرٍ، وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ قُلْتُ مَا لَحِقَهُ أَبَداً بَلْ ذَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ مَدَنِيٌّ، وَيَعْقُوْبُ أَبُو يُوْسُفَ القَاضِي، وَيَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ أَبِي المُتَّئِدِ، وَأَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلِيْفَةَ الأَعْشَى، وَيُقَالُ اسْمُهُ عَمْرٌو كَمَا مَرَّ، وَيَعْقُوْبُ أَصَحُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ الوَلِيْدِ المدني، ويزيد بن سنان الرهاوي، ويزيد ابن عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ سِيَاه، وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ، وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَيَزِيْدُ بنُ عِيَاضٍ، وَيَاسِيْنُ بنُ مُعَاذٍ الزيات، ويعلى بن عبيد، ويونس ابن رَاشِدٍ، وَيُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَيُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ الكُوْفِيُّ.
وَأَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، وأبو بكر بن عياش، وأبو سهل الخرساني، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبُ إِبْرَاهِيْمُ، وَأَبُو مَرْوَانَ الغَسَّانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
وَتَابَعَ هِشَاماً عَلَيْه الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيْمُ عُرْوَةَ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَرَوَاهُ عُمَرُ بنُ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ فَقَالَ: عَنْ أَبِيْهِ عَمْرٍو، وَقِيْلَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخَوَيْهِ يَحْيَى، وَعُثْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِمَا، وَلَمْ يَصِحَّ.
رَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَبٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ قَالَ، وَضَعَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَالِدُ المنصور وصيته عندي.
__________
1 يحيى بن هاشم السمسار، أبو زكريا الغساني الكوفي، كذبه ابن معين. وقال النسائي وغيره: متروك وقال ابن عدي: كان ببغداد يصنع الحديث ويسرقه. وقال صالح جزرة: رأيت يحيى بن هاشم وكان يكذب في الحديث.(6/216)
وَرَوَى الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ المَنْصُوْرُ لِهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ: يَا أَبَا المُنْذِرِ تَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ أَنَا وَإِخْوَتِي مَعَ أَبِي, وَأَنْتَ تَشرَبُ سَوِيْقاً بِقَصَبَةِ يَرَاعٍ? فَلَمَّا خَرَجنَا, قَالَ أَبُوْنَا: اعرفوا لهذا الشيخ حقه, فإنه لا يَزَالُ فِي قَوْمِكُم بَقِيَّةٌ مَا بَقِيَ؟ قَالَ: لاَ أَذْكُرُ ذَلِكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: فَلِيْمَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: لَمْ يُعَوِّدْنِي اللهُ فِي الصِّدْقِ إلَّا خَيْراً.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ تَضرِبُ أَطرَافَ مَنْكِبَيْهِ.
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: عَنْ هِشَامٍ, قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ إِذَا صَلَّى العَصْرَ, صَفَّنَا خَلْفَهُ, فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ, وَرَأَيْتُهُ يَصعَدُ المِنْبَرَ وَفِي يَدِهِ عَصَا, فَيُسَلِّمُ, ثُمَّ يَجْلِسُ, وَيُؤَذِّنُ المُؤَذِّنُوْنَ, فَإِذَا فَرَغُوا قَامَ فَتَوَكَّأَ عَلَى العَصَا, فَخَطَبَ.
عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيُّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ, أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى المَنْصُوْرِ, فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ اقْضِ عَنِّي دَيْنِي قَالَ: وَكَمْ دَيْنُكَ? قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ. قَالَ: وَأَنْتَ فِي فِقْهِكَ وَفَضْلِكَ تَأخُذُ مائَةَ أَلْفٍ, لَيْسَ عِنْدَكَ قَضَاؤُهَا قَالَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ شَبَّ فِتْيَانٌ مِنْ فِتْيَانِنَا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبَوِّئَهُم وَاتَّخَذْتُ لَهُم مَنَازِلَ وَأَوْلَمْتُ عَنْهُم خَشِيْتُ أَنْ يَنتَشِرَ عَلَيَّ مِنْ أَمرِهِم مَا أَكْرَهُ فَفَعَلتُ ثِقَةً بِاللهِ وَبأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ1. قَالَ: فَرَدَدَ عَلَيْهِ مائَةَ أَلْفٍ اسْتِعظَاماً لَهَا ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَأَعْطِنِي مَا أَعْطَيْتَ, وَأَنْتَ طَيِّبُ النَّفسِ, فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً وَهُوَ بِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ بُوْرِكَ لِلْمُعْطِي وَالآخِذِ"2.
قَالَ: فَإِنِّي طَيِّبُ النَّفْسِ بها. هذا حديث مرسل.
وَرُوِيَ أَنَّ هِشَاماً أَهوَى إِلَى يَدِ أَبِي جَعْفَرٍ لِيُقَبِّلَهَا, فَمَنَعَهُ, وَقَالَ: يَا ابْنَ عُرْوَةَ! إنا نكرمك عنها, ونكرمها عن غيرك.
__________
1 هذا يخالف ما ورد عن حذيفة بن اليمان عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان" أخرجه أبو داود "4980"، والنسائي في "اليوم والليلة" "985"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" "236"، والبيهقي "3/ 216"، والطيالسي "430"، وأحمد "5/ 384 و394 و398" من طرق عن شعبة، عن منصور بن المعتمر، سمعت عبد الله بن يسار، عن حذيفة، به.
قلت: وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري ومسلم خلا عبد الله بن يسار الجهني الكوفي، وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي.
2 ضعيف: في إسناده علتان: الإرسال الثانية عمر بن علي المقدمي، كان يدلس تدليسا شديدا، وقد عنعنه.(6/217)
قُلْتُ: كَانَ يَرَى لَهُ لِشَرَفِهِ, وَعِلمِهِ, وَلِكَونِهِ مِنْ أَوْلاَدِ صَفِيَّةَ أُخْتِ العَبَّاسِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: هِشَامٌ ثَبْتٌ, لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَصِيْرِهِ إِلَى العِرَاقِ, فَإِنَّهُ انبَسَطَ فِي الرِّوَايَةِ, وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِيْهِ مِمَّا كَانَ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِيْهِ.
قُلْتُ: فِي حَدِيْثِ العِرَاقِيِّيْنَ، عَنْ هِشَامٍ أَوهَامٌ تُحْتَمَلُ, كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيْثِهِم، عَنْ مَعْمَرٍ أَوهَامٌ.
وَضَبَطَ جَمَاعَةٌ وَفَاةَ هِشَامٍ بِبَغْدَادَ, فِي سَنَةِ سته وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ وَشَذَّ: الفَلاَّسُ فَقَالَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَقِيْلَ: عَاشَ سَبْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَعَ لِي الكَثِيْرُ مِنْ عَوَالِيْهِ, حَتَّى فِي "الجَامِعِ الصَّحِيْحِ" مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى, عَنْهُ وَأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، عَنْ عُمَرَ بنِ طَبَرْزَدْ سَمَاعاً، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ تَمْتَامٌ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ الحَلْوَاءَ وَالعَسَلَ لَكِنَّ يَحْيَى السِّمْسَارَ لَيْسَ بِثِقَةٍ1. وَأَمَّا المتن ففي الصحاح.
وَحَدِيْثُ هِشَامٍ لَعَلَّهُ أَزْيَدُ مِنْ أَلفِ حَدِيْثٍ والله أعلم.
__________
1 سبق ترجمتنا له قريبا في تعليقنا رقم "240"، وهو كذاب، وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الحلوى والعسل" أخرجه البخاري "5431"، ومسلم "1474" "21"، وأبو داود "3751"، والترمذي "1831"، وابن ماجه "3323"، من طريق أبي أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة، به.(6/218)
843- إسحاق بن سويد 1: "خ، م، د، س"
ابن هبيرة التميمي, البَصْرِيُّ, أَحَدُ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَمُعَاذَةَ العَدَوِيَّةَ, وَأَبِي قَتَادَةَ تَمِيْمِ بنِ نُذَيْرٍ العدوي, وعبد الرحمن بن أبي بكر الثَّقَفِيِّ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ الحَمَّادَانِ2, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ مَعِيْنٍ, وَكَانَ كَبِيْرَ السِّنِّ. مَاتَ فِي سنة إحدى وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1242"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 766"، الوافي بالوفيات "8/ 414"، تهذيب التهذيب "1/ 236".
2 الحمادان: هما حماد بن سلمة، وحماد بن زيد.(6/218)
عطاء بن أبي ميمونة، أبو مسلم الخُرساني:
844- عَطَاءُ بنُ أَبِي مَيْمُوْنَةَ 1: "خَ، م، د، س، ق"
بَصْرِيٌّ, حُجَّةٌ حَدَّثَ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ -فَلَعَلَّهُ مُرْسَلٌ- وَعَنْ: جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ وَأَنَسٍ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: خَالِدٌ الحَذَّاءُ, وَرَوْحُ بنُ ,القَاسِمِ وَشُعْبَةُ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَقَالَ: هُوَ وَوَلَدُهُ قَدَرِيَّانِ.
قِيْلَ: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.
845- أبو مسلم الخراساني 2:
اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ وَيُقَالُ: عَبْدُ الرحمن بن عثمان بن يسار الخرساني, الأَمِيْرُ, صَاحِبُ الدَّعوَةِ, وَهَازِمُ جُيُوْشِ الدَّولَةِ الأُمَوِيَّةِ, وَالقَائِمُ بِإِنشَاءِ الدَّولَةِ العَبَّاسِيَّةِ.
كَانَ مِنْ أَكْبَرِ المُلُوْكِ فِي الإِسْلاَمِ, كَانَ ذَا شَأْنٍ عَجِيْبٍ, وَنَبَأٍ غَرِيْبٍ, مِنْ رَجُلٍ يَذْهَبُ عَلَى حِمَارٍ بِإِكَافٍ مِنَ الشَّامِ حَتَّى يَدْخُلَ خُرَاسَانَ, ثُمَّ يَملِكُ خُرَاسَانَ بَعْدَ تِسْعَةَ أَعْوَامٍ, وَيَعُودُ بِكَتَائِبَ أمثال الجبال, ويقلب الدولة, وَيُقِيْمُ دَوْلَةً أُخْرَى.
ذَكَرَهُ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ بنِ خَلِّكَانَ فَقَالَ: كَانَ قَصِيْراً, أَسْمَرَ, جَمِيْلاً, حُلْواً, نَقِيَّ البَشْرَةِ, أَحوَرَ العَيْنِ, عَرِيْضَ الجَبهَةِ, حَسَنَ اللِّحْيَةِ, طَوِيْلَ الشَّعْرِ طَوِيْلَ الظَّهْرِ خَافِضَ الصَّوْتِ فَصِيْحاً بِالعَرَبِيَّةِ وَبِالفَارِسِيَّةِ حُلْوَ المَنْطِقِ, وَكَانَ رَاوِيَةً لِلشِّعْرِ عَارِفاً بِالأُمُوْرِ لَمْ يُرَ ضَاحِكاً وَلاَ مَازِحاً إلَّا فِي وَقْتِهِ وَكَانَ لاَ يَكَادُ يُقَطِّبُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحوَالِهِ.
تَأْتِيْهِ الفتوحات العظام, فلا يظهر عليه السُّرُوْرِ, وَتَنْزِلُ بِهِ الفَادِحَةُ الشَّدِيْدَةُ فَلاَ يُرَى مُكْتَئِباً وَكَانَ إِذَا غَضِبَ لَمْ يَسْتَفِزَّهُ الغَضَبُ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ لاَ يَأْتِي النِّسَاءَ فِي العَامِ إلَّا مَرَّةً, يُشِيْرُ إِلَى شَرَفِ نفسه وتشاغلها بأعباء الملك.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 245"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3012"، المعرفة والتاريخ "2/ 114" و"3/ 123 و397"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1862"، الكاشف "2/ ترجمة 3861"، ميزان الاعتدال "3/ 76"، تهذيب التهذيب "7/ 215"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4862".
2 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 207"، وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 372"، تاريخ الإسلام "5/ 198 و213 و322"، ميزان الاعتدال "2/ 589"، لسان الميزان "3/ 436"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 179".(6/219)
قِيْلَ: مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ مائَةٍ, وَأَوَّلُ ظُهُوْرِهِ كان بمرو في شهر رمضان يوم الجُمُعَةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, وَمُتَوَلِّي خُرَاسَانَ إِذْ ذَاكَ الأَمِيْرُ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ اللَّيْثِيُّ نَائِبُ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ الحِمَارِ خَاتِمَةُ خُلَفَاءِ بَنِي مَرْوَانَ ... , إِلَى أَنْ قَالَ: فَكَانَ ظُهُوْرُهُ يَوْمَئِذٍ فِي خَمْسِيْنَ رَجُلاً, وَآلَ أَمرُهُ إِلَى أَنْ هَرَبَ مِنْهُ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ قَاصِداً العِرَاقَ, فَنَزَلَ بِهِ المَوْتُ بِنَاحِيَةِ سَاوَةَ, وَصَفَا إِقْلِيْمُ خُرَاسَانَ لأَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعوَةِ فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِيْنَ شَهْراً.
قَالَ: وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَهْلِ رُسْتَاقِ فريذينَ, مِنْ قَرْيَةٍ تُسَمَّى: سنجردَ, وَكَانَتْ هِيَ وَغَيْرُهَا مُلْكاً لَهُ, وَكَانَ يَجلِبُ فِي بَعْضِ الأَوقَاتِ مَوَاشِيَ إِلَى الكُوْفَةِ, ثُمَّ إِنَّهُ قَاطَعَ عَلَى رُسْتَاقِ فريذينَ -يَعْنِي: ضَمِنَهُ- فَغَرِمَ, فَنَفَذَ إِلَيْهِ عَامِلُ البَلَدِ مَنْ يُحْضِرُهُ فَهَرَبَ بِجَارِيَتِهِ وَهِيَ حُبْلَى, فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا فَطَلَعَ ذَكِيّاً وَاخْتَلَفَ إِلَى الكُتَّابِ وَحَصَّلَ. ثُمَّ اتَّصَلَ بِعِيْسَى بنِ مَعْقِلٍ, جَدِّ الأَمِيْرِ أَبِي دُلَفٍ العِجْلِيِّ, وَبأَخِيْهِ إِدْرِيْسَ بنِ مَعْقِلٍ فَحَبَسَهُمَا أَمِيْرُ العِرَاقِ عَلَى خَرَاجٍ انْكَسَرَ فَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمَا إِلَى السِّجْنِ وَيَتَعَهَّدُهُمَا وَذَلِكَ بِالكُوْفَةِ فِي اعْتِقَالِ الأَمِيْرِ خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيِّ, فَقَدِمَ الكُوْفَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ نُقَبَاءِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ وَالِدِ المَنْصُوْرِ, وَالسَّفَّاحِ فَدَخَلُوا عَلَى الأَخَوَيْنِ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهمَا فَرَأَوْا عِنْدَهُمَا أَبَا مُسْلِمٍ فَأَعْجَبَهُم عَقْلُهُ, وَأَدبُهُ, وَكَلاَمُهُ, وَمَالَ هُوَ إِلَيْهِم, ثُمَّ إِنَّهُ عَرَفَ أَمْرَهُم وَدَعْوَتَهُم يَعْنِي إِلَى بَنِي العَبَّاسِ ,ثُمَّ هَرَبَ الأَخَوَانِ عِيْسَى وَإِدْرِيْسُ مِنَ السِّجْنِ فَلَزِمَ هُوَ النُّقَبَاءَ وَسَارَ صُحْبَتَهُم إِلَى مَكَّةَ فَأَحضَرُوا إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الإِمَامِ وَقَدْ مَاتَ الإِمَامُ مُحَمَّدٌ عِشْرِيْنَ أَلْفَ دينار ومئتي أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَهْدَوْا لَهُ أَبَا مُسْلِمٍ فَأُعْجِبَ بِهِ وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ لَهُم هَذَا عُضْلَةٌ مِنَ العُضَلِ. فَأَقَامَ مُسْلِمٌ يَخدِمُ الإِمَامَ إِبْرَاهِيْمَ وَرَجَعَ النقباء إلى خراسان.
فقال: إني جَرَّبْتُ هَذَا الأَصْبَهَانِيَّ, وَعَرَفتُ ظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ فَوَجَدتُهُ حَجَرَ الأَرْضِ ثُمَّ قَلَّدَهُ الأَمْرَ, وَنَدَبَهُ إِلَى المُضِيِّ إِلَى خُرَاسَانَ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.
قَالَ المَأْمُوْنُ: أَجلُّ مُلُوْكِ الأَرْضِ ثَلاَثَةٌ الَّذِيْنَ قَامُوا بِنَقْلِ الدُّوَلِ وَهُم الإِسْكَنْدَرُ وَأَزْدَشِيْرُ وأبو مسلم.
قال أبو القاسم بن عَسَاكِرَ: ذَكَرَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَوَّاسِ فِي "تَارِيْخِهِ" قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ هُوَ وَحَفْصُ بنُ سَلَمَةَ الخَلاَّلُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الإِمَامِ فَأَمَرَهُمَا بِالمَصِيْرِ إِلَى خُرَاسَانَ وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ بِالحُمَيْمَةِ1 مِنْ أَرْضِ البلقَاءِ, إِذْ ذاك سمع أبو مسلم من عكرمة.
__________
1 الحميمة: بلدة من أعمال عمان.(6/220)
هَكَذَا قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ وَهَذَا غَلَطٌ, لَمْ يُدْرِكْهُ.
قَالَ: وَسَمِعَ ثَابِتاً البُنَانِيَّ, وَأَبَا الزُّبَيْرِ المَكِّيَّ, وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الإِمَامَ, وَابْنَهُ, وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيَّ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حَرْمَلَةَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْمُوْنٍ الصَّائِغُ, وَابْنُ شُبْرُمَةَ الفَقِيْهُ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْبٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ ,المُبَارَكِ, وَغَيْرُهُم.
قُلْتُ: وَلاَ أَدْرَكَ ابْنُ المُبَارَكِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ, بَلْ رَآهُ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ المَرْوَزِيُّ: حدثنا أبو يوسف محمد ابن عَبْدَكَ, حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ بِشْرٍ, سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ يَخْطُبُ, فَقَالَ: مَا هَذَا السَّوَادُ عَلَيْكَ? فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مكة يوم الفتح, وعليه عمامة سوداء"1, وهذه ثِيَابُ الهَيْبَةِ, وَثِيَابُ الدَّولَةِ, يَا غُلاَمُ اضرِبْ عُنُقَهُ!.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بنُ حَسَنِ بنِ هَارُوْنَ الرَّازِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي خُرَاسَانَ, حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَبٍ, حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ الدَّاوُوْدِيُّ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ وَعَلَى رَأْسِ أَبِي مُسْلِمٍ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: اسْكُتْ, حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ" يَا غُلاَمُ اضْرِبْ عُنُقَهُ!.
وَرُوِيَتُ القِصَّةَ بِإِسْنَادٍ ثَالِثٍ مُظْلِمٍ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ يَزِيْدُ عَلَى الحَجَّاجِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ لِلدَّولَةِ لُبْسَ السَّوَادِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ فِي "تَارِيْخِهِ": ذَكَرَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ -يَعْنِي: المَدَائِنِيَّ -أَنَّ حَمْزَةَ بنَ طَلْحَةَ السُّلَمِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: كَانَ بُكَيْرُ بنُ مَاهَانَ كَاتِباً لبَعْضِ عُمَّالِ السِّنْدِ, فَقَدِمَ, فَاجْتَمَعُوا بِالكُوْفَةِ فِي دَارٍ, فَغُمِزَ بِهِم, فَأُخِذُوا فَحُبِسَ بُكَيْرٌ, وَخُلِّيَ، عَنِ الآخَرِيْنَ, وَكَانَ فِي الحَبْسِ أَبُو عَاصِمٍ وَعِيْسَى العِجْلِيُّ, وَمَعَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ فَحَدَّثَهُ, فَدَعَاهُم بُكَيْرٌ فَأَجَابُوْهُ إِلَى رَأْيِهِ فَقَالَ لِعِيْسَى العِجْلِيِّ: مَا هَذَا الغُلاَمُ قَالَ: مَمْلُوْكٌ قَالَ: تبعه قَالَ: هُوَ لَكَ قَالَ: أُحِبُّ أَنْ تَأخُذَ ثمنه فأعطاه أربع مائة درهم.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1358" من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد تقدم تخريجنا له.(6/221)
ثُمَّ أُخْرِجُوا مِنَ السِّجْنِ, وَبَعَث بِهِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ, فَدَفَعَهُ إِبْرَاهِيْمُ إِلَى مُوْسَى السَّرَّاجِ, فَسَمِعَ مِنْهُ وحَفِظَ, ثُمَّ اخْتَلَفَ إِلَى خراسان.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تَوَجَّهَ سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ, وَمَالِكُ بنُ الهَيْثَمِ, وَلاَهِزٌ, وَقَحْطَبَةُ بنُ شَبِيْبٍ مِنْ بِلاَدِ خُرَاسَانَ لِلْحَجِّ, فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, فَدَخَلُوا الكُوْفَةَ فَأَتَوْا عَاصِمَ بنَ يُوْنُسَ العِجْلِيَّ, وَهُوَ فِي الحَبسِ فَبَدَأَهُم بِالدُّعَاءِ إِلَى وَلَدِ العَبَّاسِ, وَمَعَهُ عِيْسَى بنُ مَعْقِلٍ العِجْلِيُّ, وَأَخُوْهُ حَبَسَهُمَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ أَمِيْرُ العِرَاقِ فِيْمَنْ حَبَسَ مِنْ عُمَّالِ خَالِدٍ القَسْرِيِّ هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ وَمَعَهُمَا أَبُو مُسْلِمٍ يَخدِمُهُمَا فَرَأَوْا فِيْهِ العَلاَمَاتِ فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ هَذَا الفَتَى? قَالَ: غُلاَمٌ مَعَنَا مِنَ السَّراجِينَ وَقَدْ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ إِذَا سَمِعَ عِيْسَى, وَإِدْرِيْسَ يَتَكَلَّمَانِ فِي هَذَا الرّأيِ بَكَى فَلَمَّا رأو ذَلِكَ دَعَوْهُ إِلَى مَا هُم عَلَيْهِ يَعْنِي: مَنْ نُصْرَةِ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجَابَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه: أَنْبَأَنَا مُظَفَّرُ بنُ يَحْيَى, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْثَدِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّلْحِيُّ, حدثني أبو مسلم محمد بن المطلب ابن فَهْمٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ قَالَ: كَانَ اسْمُ أَبِي مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يَسَارٍ مِنْ وَلَدِ بزرجمهرَ, وَكَانَ يُكْنَى أَبَا إِسْحَاقَ وُلِدَ بِأَصْبَهَانَ, وَنَشَأَ بِالكُوْفَةِ, وَكَانَ أَبُوْهُ أَوْصَى إِلَى عِيْسَى السَّرَّاجِ فَحَمَلَهُ إِلَى الكُوْفَةِ, وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِيْنَ فَقَالَ لَهُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ لَمَّا عزَمَ عَلَى تَوجِيْهِهِ إِلَى خُرَاسَانَ: غَيِّرِ اسْمَكَ فَإِنَّهُ لاَ يَتِمُّ لَنَا الأَمْرُ إلَّا بِتَغْيِيْرِ اسْمِكَ عَلَى مَا وَجَدْتُهُ فِي الكُتُبِ فَقَالَ: قَدْ سَمَّيتُ نَفْسِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُسْلِمٍ ثُمَّ تَكَنَّى أَبَا مُسْلِمٍ وَمَضَى لِشَأْنِهِ وَلَهُ ذؤابة فمضى على الحمار فَقَالَ لَهُ: خُذْ نَفَقَةً. قَالَ: ثُمَّ مَاتَ عِيْسَى السَّرَّاجُ, وَمَضَى أَبُو مُسْلِمٍ لِشَأْنِهِ, وَلَهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَزَوَّجَهُ إِبْرَاهِيْمُ الإِمَامُ بَابْنَةِ أَبِي النَّجْمِ عِمْرَانَ الطَّائِيِّ, وَكَانَتْ بِخُرَاسَانَ فَبَنَى بِهَا.
ابْنُ دُرَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ, قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ خُرَاسَانَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنْتُ أَطْلُبُ العِلْمَ, فَلاَ آتِي مَوْضِعاً إلَّا وَجَدْتُ أَبَا مُسْلِمٍ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ, فَأَلِفْتُهُ فَدَعَانِي إِلَى مَنْزِلِهِ وَدَعَا بِمَا حَضَرَ ثُمَّ لاَعَبْتُهُ بِالشَّطْرَنْجِ وَهُوَ يَلهُوَ بِهَذَيْنِ البَيْتَيْنِ:
ذَرُوْنِي ذَرُوْنِي مَا قَرَرْتُ فَإِنَّنِي ... مَتَى مَا أُهِجْ حَرْباً تَضِيقُ بِكُم أَرْضِي
وَأَبْعَثُ فِي سُوْدِ الحَدِيْدِ إِلَيْكُمُ ... كَتَائِبَ سُوْدٍ طَالَمَا انْتَظَرَتْ نَهْضِي
قَالَ رُؤْبَةُ بنُ العَجَاجِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ عَالِماً بِالشِّعْرِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الجُلُوْدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زَكَوَيْه, قَالَ: رُوِيَ لَنَا: أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ(6/222)
الدَّولَةِ, قَالَ: ارْتَدَيْتُ الصَّبْرَ, وَآثَرْتُ الكِتْمَانَ, وَحَالَفْتُ الأَحزَانَ, وَالأَشجَانَ, وَسَامَحْتُ المَقَادِيرَ وَالأَحكَامَ حَتَّى أَدْرَكتُ بُغْيَتِي. ثُمَّ أَنْشَدَ:
قَدْ نِلْتُ بِالحزْمِ وَالكِتمَانِ ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذا حَشَدُوا
مَا زِلْتُ أَضْرِبُهُم بِالسَّيْفِ فَانْتَبَهُوا ... مِنْ رَقْدَةٍ لَمْ يَنَمْهَا قَبْلَهُم أَحَدُ
طَفِقْتُ أَسْعَى عَلَيْهِم فِي دِيَارِهِمُ ... وَالقَوْمُ فِي مُلْكِهِمْ بِالشَّامِ قَدْ رَقَدُوا
وَمَنْ رَعَى غَنَماً فِي أَرْضِ مَسْبَعَةٍ ... وَنَامَ عَنْهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا الأَسَدُ
وَرُوِيتُ هَذِهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَقِيْلٍ التّبعِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَثَّامٍ يَقُوْلُ: قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الصَّائِغُ: لَمَّا رَأَيْتُ العَرَبَ وَصَنِيْعَهَا, خِفْتُ إلَّا يَكُوْنَ للهِ فِيْهِم حَاجَةٌ, فَلَمَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِم أَبَا مُسْلِمٍ رَجَوْتُ أَنْ تَكُوْنَ للهِ فِيْهِم حَاجَةٌ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ بَلاَءً عَظِيْماً عَلَى عَرَبِ خُرَاسَانَ, فَإِنَّهُ أَبَادَهُم بِحَدِّ السَّيفِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ فِي "تَارِيْخِ مَرْوَ": حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ رَشِيْدٍ العَنْبَرِيُّ, سَمِعْتُ يَزِيْدَ النَّحْوِيَّ يَقُوْلُ: أَتَانِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصائغ, فقال لِي: مَا تَرَى مَا يَعْمَلُ هَذَا الطَّاغِيَةُ, إِنَّ النَّاسَ مَعَهُ فِي سَعَةٍ, غَيْرَنَا أَهْلَ العِلْمِ؟ قُلْتُ: لَوْ عَلِمتُ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِي إِحْدَى الخَصْلَتَيْنِ لَفَعَلتُ, إِنْ أَمَرْتُ وَنَهَيْتُ يُقِيْلُ أَوْ يَقْتُلُ, وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَبسُطَ عَلَيْنَا العَذَابَ, وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ, لاَ صَبْرَ لِي عَلَى السِّيَاطِ. فَقَالَ الصَّائِغُ: لَكِنِّي لاَ أَنْتَهِي عَنْهُ. فَذَهَبَ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ, فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ, فَقَتَلَهُ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُم: أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ كَانَ يَجْتَمِعُ -قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ- بِإِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغِ, وَيَعِدُهُ بِإِقَامَةِ الحَقِّ, فَلَمَّا ظَهَرَ وَبَسَطَ يَدَه, دَخَلَ عَلَيْهِ, فَوَعَظَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ السَّفَّاحِ, فَسَلَّمَ عَلَيْهِ, وَعِنْدَه أَخُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ, فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ هَذَا أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ هَذَا مَوْضِعٌ لاَ يُؤَدَّى فيهإلَّا حَقُّكَ.
وَكَانَتْ بِخُرَاسَانَ فِتَنٌ عَظِيْمَةٌ, وَحُرُوْبٌ مُتَوَاتِرَةٌ, فَسَارَ الكَرْمَانِيُّ فِي جَيْشٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, فَالتَقَاهُ سَلْمُ بنُ أَحْوَزَ المَازِنِيُّ؛ متولي مروالروذ, فَانْهَزَمَ أَوَّلاً الكَرْمَانِيُّ, ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِم بِاللَّيلِ فَاقْتَتَلُوا, ثُمَّ إِنَّهُم تَهَادَنُوا. ثُمَّ سَارَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ, فَحَاصَرَ الكَرْمَانِيَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ, وَجَرَتْ أُمُوْرٌ يَطُولُ شَرحُهَا, أَوْجَبَتْ ظُهُوْرَ أَبِي مُسْلِمٍ, لِخُلُوِّ الوَقْتِ لَهُ, فَقَتَلَ(6/223)
الكَرْمَانِيَّ, وَلَحِقَ جُمُوْعَه شَيْبَانُ بنُ مَسْلَمَةَ السَّدُوْسِيُّ الخارجي, المتغلب على سرخس وطوس, فحاربم نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ نَحْواً مِنْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ ثُمَّ اصْطَلَحَ نَصْرٌ وَجُدَيْعُ بنُ الكَرْمَانِيِّ عَلَى أَنْ يُحَارِبُوا أَبَا مُسْلِمٍ فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ حَرْبِه وَظَهَرُوا, نَظَرُوا فِي أَمرِهِم فَدَسَّ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى ابْنِ الكَرْمَانِيِّ يَخْدَعُه وَيَقُوْلُ إِنِّي مَعَكَ فَوَافَقَه ابْنُ الكَرْمَانِيِّ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ فَحَارَبَا نَصْراً, وَعَظُمَ الخَطبُ.
ثُمَّ إِنَّ نَصْرَ بنَ يسار كَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: أَنَا أُبَايِعُكَ, وَأَنَا أَحَقُّ بِكَ مِنِ ابْنِ الكَرْمَانِيِّ فَقَوِيَ أَمرُ أَبِي مُسْلِمٍ, وَكَثُرَتْ جُيُوْشُه, ثُمَّ عَجَزَ عَنْهُ نصر, وتقهقر إِلَى نَيْسَابُوْرَ, وَاسْتَولَى أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَسبَابِه وَأَهْلِه ثُمَّ جَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ جَيْشاً إِلَى سرخس, فقاتلهم فقتل شيبان وَقُتِلَتْ أَبْطَالُه ثُمَّ التَقَى جَيْشُ أَبِي مُسْلِمٍ, وَجَيْشُ نَصْرٍ, وَسَعَادَةُ أَبِي مُسْلِمٍ فِي إِقبَالٍ فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ نَصْرٍ, وَتَأَخَّرَ هُوَ إِلَى قُوْمِسَ, ثُمَّ ظَفِرَ أَبُو مُسْلِمٍ بِسَلْمِ بنِ أَحْوَزَ الأَمِيْرِ فَقَتَلَه, وَاسْتَولَى عَلَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ, وَظَفِرَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ, فَقَتَلَه.
ثُمَّ جَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ قَحْطَبَةَ بنَ شَبِيْبٍ, فَالْتَقَى هُوَ وَنُبَاتَةُ بنُ حَنْظَلَةَ الكِلاَبِيُّ عَلَى جُرْجَانَ فَقَتَلَ الكِلاَبِيَّ, وَتَمَزَّقَ جَيْشُه, وَتَقَهقَرَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ إِلَى وَرَاءَ, وَكَتَبَ إِلَى مُتَوَلِّي العِرَاقِ يَزِيْدَ بنِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ وَالِي الخَلِيْفَةِ مَرْوَانَ يَسْتَصْرِخُ بِهِ وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصَ, وَكَثُرَتِ البُثُوقُ عَلَى مَرْوَانَ مِنْ خَوَارِجِ المَغْرِبِ, وَمِنَ القَائِمِيْنَ بِاليَمَنِ, وَبِمَكَّةَ, وَبِالجَزِيْرَةِ وَوَلَّتْ دَوْلَتُه فَجَهَّزَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جَيْشاً عَظِيْماً, فَنَزَلَ بعضهم همدان وبعضهم بماه فالتقاهم قحطبة ابن شَبِيْبٍ بِنَوَاحِي أَصْبَهَانَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ, فَانْكَسَرَ جَيْشُ ابْنِ هُبَيْرَةَ, ثُمَّ نَازَلَ قَحْطَبَةُ نَهَاوَنْدَ يُحَاصِرُهَا, وَتَقَهقَرَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ إِلَى الرَّيِّ.
ذَكَرَ ابْنُ جَرِيْرٍ: أَنَّ جَيْشَ ابْنِ هُبَيْرَةَ كَانُوا مائَةَ, أَلْفٍ عَلَيْهِم عَامِرُ بنُ ضُبَارَةَ, وَكَانَ قَحْطَبَةُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً, فَنَصَبَ قَحْطَبَةُ رُمْحاً عَلَيْهِ مُصْحَفٌ وَنَادَوْا: يَا أهل الشام ندعوكم إلى ما في المُصْحَفِ فَشَتَمُوهُم فَحَمَلَ قَحْطَبَةُ فَلَمْ يَطُلِ القِتَالُ حَتَّى انْهَزَمَ جُنْدُ مَرْوَانَ وَمَاتَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ بِالرَّيِّ. وَقِيْلَ بِسَاوَةَ وَأَمَرَ أَوْلاَدَهُ أَنْ يَلْحَقُوا بِالشَّامِ وَكَانَ يُنشِدُ لَمَّا أَبْطَأَ عَنْهُ المدد:
أَرَى خَلَلَ الرَّمَادِ وَمِيضَ نَارٍ ... خَلِيقٌ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ ضِرَامُ
فَإِنَّ النَّارَ بِالزَّنْدَيْنِ تُورَى ... وَإِنَّ الفِعلَ يَقْدُمُهُ الكَلاَمُ
وَإِنْ لَمْ يُطفِهَا عُقَلاَءُ قَوْمٍ ... يَكُوْنُ وَقُوْدَهَا جُثَثٌ وَهَامُ
أَقُوْلُ مِنَ التَّعَجُّبِ لَيْتَ شِعْرِي ... أَيَقْظَانٌ أُمَيَّةُ أَمْ نيام?!(6/224)
وَكَتَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى مَرْوَانَ الخَلِيْفَةِ يُخْبِرُه بِقَتلِ ابْنِ ضُبَارَةَ, فَوَجَّه لِنَجدَتِه حَوْثَرَةَ بنَ سُهَيْلٍ البَاهِلِيَّ فِي عَشْرَةِ آلاَفٍ مِنَ القَيْسِيَّةِ, فَتَجَمَّعَتْ عَسَاكِرُ مَرْوَانَ بِنَهَاوَنْدَ وَعَلَيْهِم مَالِكُ بنُ أَدْهَمَ فَحَاصَرَهُم قَحْطَبَةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ, وَضَايَقَهُم حَتَّى أَكَلُوا دَوَابَّهُم مِنَ الجُوْعِ, ثُمَّ خَرَجُوا بِالأَمَانِ فِي شَوَّالٍ, وَقَتَلَ قَحْطَبَةُ وَجُوْهَ أُمَرَاءِ نَصْرِ بنِ سَيَّارٍ وَأَوْلاَدَه وَأَقبَلَ يُرِيْدُ العِرَاقَ, فَبَرَزَ لَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ, وَنَزَلَ بِقُربِ حُلْوَانَ, فَكَانَ فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفَ فَارِسٍ, وَتَقَارَبَ الجَمْعَانِ.
فَفِي هَذِهِ السَّنَةِ, سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ: تَحَوَّلَ أَبُو مُسْلِمٍ مِنْ مَرْوَ, فَنَزَلَ بِنَيْسَابُوْرَ, وَدَانَ لَهُ الإِقْلِيْمُ جَمِيْعُه ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ, فَبَلَغَ ابْنَ هُبَيْرَةَ أَنَّ قَحْطَبَةَ تَوَجَّه نَحْوَ المَوْصِلِ, فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: مَا بَالُهُم تَنَكَّبُونَا؟ قِيْلَ: يُرِيْدُوْنَ الكُوْفَةَ فَرَحَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ رَاجعاً نَحْوَ الكُوْفَةِ, وَكَذَلِكَ فَعَلَ قَحْطَبَةُ ثُمَّ جَازَ قَحْطَبَةُ الفُرَاتَ فِي سَبْعِ مائَةِ فَارِسٍ وَتَتَامَّ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ نَحْوُ ذَلِكَ وَاقْتَتَلُوا, فَطُعِنَ قَحْطَبَةُ بنُ شَبِيْبٍ, ثُمَّ وَقَعَ فِي المَاءِ, فَهَلَكَ, وَلَمْ يَدرِ بِهِ قَوْمُه, وَلَكِنِ انْهَزَمَ أَيْضاً أَصْحَابُ ابْنِ هُبَيْرَةَ, وَغَرِقَ بَعْضُهم, وَرَاحَتْ أَثقَالُهُم.
قَالَ بَيْهَسُ بنُ حَبِيْبٍ: أَجْمَعَ النَّاسُ بَعْدَ أَنْ عَدَّيْنَا, فَنَادَى مُنَادٍ: مَنْ أَرَادَ الشَّامَ فَهَلُمَّ! فَذَهَبَ مَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ, وَنَادَى آخَرُ: مَنْ أَرَادَ الجَزِيْرَةَ ... وَنَادَى ... آخَرُ مَنْ أَرَادَ الكُوْفَةَ وَتَفَرَّقَ الجَيْشُ إِلَى هَذِهِ النَّوَاحِي فَقُلْتُ مَنْ أَرَادَ وَاسِطَ فَهَلُمَّ. فَأَصبَحْنَا بِقَنَاطِرِ المُسَيِّبِ مَعَ الأَمِيْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ, فَدَخَلنَاهَا يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ وَأَصبَحَ المُسَوِّدَةُ قَدْ فَقَدُوا أَمِيْرَهُم قَحْطَبَةَ ثُمَّ أَخْرُجُوْه مِنَ المَاءِ, وَدَفَنُوْهُ وَأَمَّرُوا مَكَانَه وَلَدَهُ الحَسَنَ بنَ قَحْطَبَةَ فَسَارَ بِهِم إِلَى الكُوْفَةِ فَدَخَلُوهَا يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ أَيْضاً فَهَرَبَ مُتَوَلِّيْهَا زِيَادُ بنُ صَالِحٍ إِلَى وَاسِطَ.
وَتَرَتَّبَ فِي إِمْرَةِ الكُوْفَةِ لِلْمُسَوِّدَةِ أَبُو سَلَمَةَ الخَلاَّلُ. ثُمَّ سَارَ ابْنُ قَحْطَبَةَ, وَحَازِمُ بنُ خُزَيْمَةَ, فَنَازَلُوا وَاسِطَ, وَعَمِلُوا عَلَى أَنْفُسِهم خَنْدَقاً, فَعَبَّأَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جُيُوْشَه, وَالتَقَاهُم فَانْكَسَرَ جَمعُه وَنَجَوْا إِلَى وَاسِطَ.
وَقُتِلَ فِي المَصَافِّ: يَزِيْدُ أَخُو الحَسَنِ بنِ قَحْطَبَةَ, وَحَكِيْمُ بنُ المُسَيِّبِ الجَدَلِيُّ وَفِي المُحَرَّمِ: قَتَلَ أَبُو مُسْلِمٍ جَمَاعَةً, مِنْهُمُ ابْنُ الكَرْمَانِيِّ, وَجَلَسَ عَلَى تَخْتِ المُلْكِ, وَبَايَعُوْهُ وَخَطَبَ وَدَعَا لِلسَّفَّاحِ.
وَفِي ثَالِثِ يَوْمٍ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ: بُوْيِعَ السَّفَّاحُ بِالخِلاَفَةِ, بِالكُوْفَةِ, فِي دَارِ مَوْلاَهُ الوَلِيْدِ بنِ سَعْدٍ. وَسَارَ الخَلِيْفَةُ مَرْوَانُ فِي مائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ, حَتَّى نَزَلَ الزَّابَيْنِ دُوْنَ المَوْصِلِ, يَقْصِدُ العِرَاقَ فَجَهَّزَ السَّفَّاحُ لَهُ عَمَّه عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيٍّ فَكَانَتِ الوَقعَةُ عَلَى كُشَافٍ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَتَقَهقَرَ وَعَدَّى الفُرَاتَ وَقَطَعَ وَرَاءهُ الجِسْرَ وَقَصَدَ الشَّامَ لِيَتَقَوَّى وَيَلتَقِيَ ثَانِياً.(6/225)
فَجَدَّ فِي طَلَبِه عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ حَتَّى طَرَدَه عَنْ دِمَشْقَ وَنَازَلَهَا, وَأَخَذَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ, وَبَذَلَ السَّيفَ, وَقَتَلَ بِهَا فِي ثَلاَثِ سَاعَاتٍ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلفاً, غَالِبُهم مِنْ جُنْدِ بَنِي أُمَيَّةَ.
وَانقَضَتْ أَيَّامُهُم, وَهَرَبَ مَرْوَانُ إِلَى مِصْرَ فِي عَسْكَرٍ قَلِيْلٍ, فَجَدُّوا فِي طَلَبِه إِلَى أَنْ بَيَّتُوهُ بِقَرْيَةِ بُوْصِيْرَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ, وَطِيْفَ بِرَأْسِهِ فِي البُلْدَانِ وَهَرَبَ ابناه إلى بلاد النوبة.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ فِي "تَارِيْخِهِ" كَانَ بُدُوُّ أَمْرِ بَنِي العَبَّاسِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْمَا قِيْلَ أَعْلَمَ العَبَّاسَ أَنَّ الخِلاَفَةَ تَؤُولُ إِلَى وَلَدِه فَلَمْ يَزَلْ وَلَدُه يَتَوَقَّعُوْنَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: لَمْ يَصِحَّ هَذَا الخَبَرُ, وَلَكِنَّ آلَ العَبَّاسِ كَانَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُم, وَيُحِبُّوْنَ آلَ عَلِيٍّ, وَيَوَدُّوْنَ أَنَّ الأَمْرَ يَؤُولُ إِلَيْهِم، حُبّاً لآلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبُغْضاً فِي آلِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ, فَبَقُوا يَعْمَلُوْنَ عَلَى ذَلِكَ زَمَاناً حَتَّى تَهَيَّأَتْ لَهُمُ الأَسبَابُ, وَأَقبَلَتْ دَوْلَتُهُم وَظَهَرَتْ مِنْ خُرَاسَانَ.
وَعَنْ رِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ: أَنَّ أبا هاشم بن محمد بن الحَنَفِيَّةِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ, فَلَقِيَ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عباس, والد السَّفَّاحِ, فَقَالَ: يَا ابْنَ عَمِّ إِنَّ عِنْدِي عِلْماً أُرِيْدُ أَنْ أُلْقِيَه إِلَيْكَ, فَلاَ تُطْلِعَنَّ عَلَيْهِ أَحَداً, إِنَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي يَرتَجِيْهِ النَّاسُ هُوَ فِيْكُم قَالَ: قَدْ عَلِمتُه فَلاَ يَسْمَعَنَّهُ مِنْكَ أَحَدٌ.
قُلْتُ: فَرِحنَا بِمَصِيْرِ الأَمْرِ إِلَيْهِم, وَلَكِنْ وَاللهِ- سَاءنَا مَا جَرَى لِمَا جَرَى مِنْ سُيُولِ الدِّمَاءِ وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ- فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ- فَالدَّولَةُ الظَّالِمَةُ مَعَ الأَمنِ وَحَقنِ الدِّمَاءِ وَلاَ دَوْلَةً عَادلَةً تُنتَهَكُ دُوْنَهَا المَحَارِمُ, وَأَنَّى لَهَا العَدْلُ؟ بَلْ أَتَتْ دَوْلَةً أَعْجَمِيَّةً خُرَاسَانِيَّةً جَبَّارَةً مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ.
رَوَى أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ: أَنَّ الإِمَامَ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ لَنَا ثَلاَثَةُ أَوقَاتٍ: مَوْتُ يَزِيْدَ بن معاوية ورأس المئة وَفَتْقٌ بِإِفْرِيْقِيَا فَعِندَ ذَلِكَ يَدْعُو لَنَا دُعَاةٌ ثُمَّ يُقْبِلُ أَنْصَارُنَا مِنَ المَشْرِقِ حَتَّى تَرِدَ خُيُوْلُهُمُ المَغْرِبَ.
فَلَمَّا قُتِلَ يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ بِأَفْرِيْقِيَةَ, وَنَقَضَتِ البَرْبَرُ, بَعَثَ مُحَمَّدٌ الإِمَامُ رَجُلاً إِلَى خُرَاسَانَ وَأَمَرَه أَنْ يَدْعُوَ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَلاَ يُسَمِّي أَحَداً, ثُمَّ إِنَّهُ وَجَّه أَبَا مُسْلِمٍ وَكَتَبَ إِلَى النُّقَبَاءِ فَقَبِلُوا كُتُبَه, ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ كِتَابٌ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ جَوَابَ كِتَابٍ, يَأمُرُ أَبَا مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالعَرَبِيَّةِ بِخُرَاسَانَ.
فَقَبَضَ مَرْوَانُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ, وَقَدْ كَانَ مَرْوَانُ وَصَفَ لَهُ صِفَةَ السَّفَّاحِ الَّتِي كَانَ يَجِدُهَا في(6/226)
الكُتُبِ, فَلَمَّا جِيْءَ بِإِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ وَرَدَّ أَعْوَانَه فِي طَلَبِ المَنْعُوتِ لَهُ, وَإِذَا بِالسَّفَّاحِ وَإِخْوَتِهِ وَأَعْمَامِه قَدْ هَرَبُوا إِلَى العِرَاقِ, وَاخْتَفَوْا بِهَا عِنْدَ شِيْعَتِهم.
فَيُقَالُ: إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ نَعَى إِلَيْهِم نَفْسَه, وَأَمَرَهُم بِالهَرَبِ فَهَرَبُوا مِنَ الحُمَيْمَةِ, فَلَمَّا قَدِمُوا الكُوْفَةَ أَنْزَلَهم أَبُو سَلَمَةَ الخَلاَّلُ, وَكَتَمَ أَمْرَهُمْ.
فَبَلَغَ الخَبَرُ أَبَا الجَهْمِ, فَاجْتَمَعَ بِكِبَارِ الشِّيْعَةِ, فَدَخَلُوا عَلَى آلِ العَبَّاسِ, فَقَالُوا: أَيُّكُم عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِيَّةِ؟ قَالُوا: هَذَا فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو الجَهْمِ وَمُوْسَىُ بنُ كَعْبٍ وَالأَعْيَانُ فَهَيَّؤُوا أَمْرَهُم وَخَرَجَ السَّفَّاحُ عَلَى بِرْذَوْنٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الجُمُعَةَ وذَلِكَ مُسْتَوْفَىً فِي تَرْجَمَةِ السَّفَّاحِ وَفِي "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ" وَفِي تَرْجَمَةِ عَمِّ السَّفَّاحِ عَبْدِ اللهِ.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ سَارَ أَبُو جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ, لِيَأْخُذَ رَأْيَه فِي قَتْلِ أَبِي سَلَمَةَ حَفْصِ بنِ سُلَيْمَانَ الخَلاَّلِ وزيرهم, وذلك أنه نَزَلَ بِهِ السَّفَّاحُ وَأَقَارِبُه حَدّثَتْهُ نَفْسُه بِأَنْ يُبَايِعَ عَلَوِيّاً وَيَدَعَ هَؤُلاَءِ, وَشَرَعَ يُعَمِّي أَمْرَهُم عَلَى قُوَّادِ شِيْعَتِهم, فَبَادَرَ كِبَارُهم وَبَايَعُوا لِسَفَّاحٍ, وَأَخْرَجُوْه فَخَطَبَ النَّاسَ فَمَا وَسِعَهُ أَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ إلَّا المُبَايَعَةُ فَاتَّهَمُوْهُ.
فَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: انْتَدَبَنِي أَخِي السَّفَّاحُ لِلذَّهَابِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ, فَسِرتُ عَلَى وَجَلٍ, فَقَدِمتُ الرَّيَّ, ثُمَّ شَرُفْتُ عَنْهَا فَرْسَخَيْنِ, فَلَمَّا صَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ مَرْوَ فَرْسَخَيْنِ, تَلَقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ فِي الجُنُوْدِ, فلما دنا مني, ترجل ماشيا, فقبل يَدِي ثُمَّ نَزَلتُ, فَمَكَثتُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يَسْأَلُنِي، عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُه فَقَالَ فعلها أبو سلمة؟ أنا اكفيكموه فدعا مرارا بنَ أَنَسٍ الضَّبِّيَّ فَقَالَ: انْطلِقْ إِلَى الكُوْفَةِ, فَاقْتُلْ أَبَا سَلَمَةَ حَيْثُ لَقِيْتَه. قَالَ: فَقَتَلَهُ بَعْدَ العِشَاءِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: وَزِيْرُ آلِ مُحَمَّدٍ.
وَلَمَّا رَأَى أَبُو جَعْفَرٍ عَظَمَةَ أَبِي مُسْلِمٍ, وَسَفْكَه لِلدِّمَاءِ, رَجَعَ مِنْ عِنْدِه, وَقَالَ لِلسَّفَّاحِ: لَسْتَ بِخَلِيْفَةٍ إِنْ أَبْقَيْتَ أَبَا مُسْلِمٍ قال وكيف؟ قال: ما يصنعإلَّا مَا يُرِيْدُ. قَالَ: فَاسْكُتْ, وَاكْتُمْهَا.
وَأَمَّا ابْنُ هُبَيْرَةَ, فَدَامَ ابْنُ قَحْطَبَةَ يُحَاصِرُه بِوَاسِطَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً, فَلَمَّا تَيَقَّنُوا هَلاَكَ مَرْوَانَ, سَلَّمُوْهَا بِالأَمَانِ, ثُمَّ قَتَلُوا ابْنَ هُبَيْرَةَ, وَغَدَرُوا بِهِ, وَبِعِدَّةٍ مِنْ أُمَرَائِهِ.
وَفِي عَامِ ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ: خَرَجَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ شَرِيْكٌ المَهْرِيُّ بِبُخَارَى, وَنقمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ كَثْرَةَ قَتْلِه وَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْنَا آلَ مُحَمَّدٍ. فَاتَّبَعَه ثَلاَثُوْنَ أَلفاً فَسَارَ عَسْكَرُ أَبِي مُسْلِمٍ, فَالْتَقَوْا, فقتل شريك.(6/227)
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ: خَرَجَ زِيَادُ بنُ صَالِحٍ الخُزَاعِيُّ مِنْ كِبَارِ قُوَّادِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَيْهِ, وَعَسْكَرَ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ, وَكَانَ قَدْ جَاءهُ عَهدٌ بِوِلاَيَةِ خُرَاسَانَ مِنَ السَّفَّاحِ وَأَنْ يَغْتَالَ أَبَا مُسْلِمٍ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ.
فَظَفرَ أَبُو مُسْلِمٍ بِرَسُوْلِ السَّفَّاحِ, فَقَتَلَه, ثُمَّ تَفَلَّلَ عَنْ زِيَادٍ جُمُوْعُه, وَلَحِقُوا بِأَبِي مُسْلِمٍ, فَلَجَأَ زِيَادٌ إِلَى دِهْقَانَ, فَقَتَلَهُ غِيْلَةً, وَجَاءَ بِرَأْسِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ.
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ: بَعَثَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى السَّفَّاحِ يَسْتَأْذِنُه فِي القُدُوْمِ, فَأَذِنَ لَهُ, وَاسْتنَابَ عَلَى خُرَاسَانَ خَالِدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ فَقَدِمَ فِي هَيْئَةٍ عَظِيْمَةٍ فَاسْتَأْذَنَ فِي الحَجِّ فَقَالَ لَوْلاَ أَنَّ أَخِي حَجَّ لَوَلَّيْتُكَ المَوْسِمَ.
وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ يَقُوْل لِلسَّفَاحِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أَطِعْنِي, وَاقْتُلْ أَبَا مُسْلِمٍ, فَوَاللهِ إِنَّ فِي رَأْسِهِ لَغَدْرَةً فَقَالَ: يَا أَخِي قَدْ عَرَفْتَ بَلاَءهُ وَمَا كَانَ مِنْهُ, وَأَبُو جَعْفَرٍ يُرَاجِعُه.
ثُمَّ حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو مُسْلِمٍ, فَلَمَّا قَفَلاَ تَلَقَّاهُمَا مَوْتُ السَّفَّاحِ بِالجُدَرِيِّ فَولِيَ الخِلاَفَةَ أَبُو جَعْفَرٍ.
وَخَرَجَ عَلَيْهِ عَمُّه عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ بِالشَّامِ, وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ, وَأَقَامَ شُهُوْداً بِأَنَّهُ وَلِيُّ عَهدِ السَّفَّاحِ, وَأَنَّهُ سَارَ لِحربِ مَرْوَانَ, وَهَزَمَه, وَاسْتَأصَلَه.
فَخلاَ المَنْصُوْرُ بِأَبِي مُسْلِمٍ, وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَنَا وَأَنْتَ, فَسِرْ إِلَى عَبْدِ اللهِ عَمِّي, فَسَارَ بِجُيُوْشِه مِنَ الأَنْبَارِ, وَسَارَ لِحَرْبِهِ عَبْدُ اللهِ, وَقَدْ خَشِيَ أَنْ يُخَامِرَ عَلَيْهِ الخُرَاسَانِيَّةَ, فَقَتَلَ مِنْهُم بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفاً صَبْراً, ثُمَّ نَزَلَ نَصِيْبِيْنَ وَأقبلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَكَاتَبَ عَبْدَ اللهِ إني لم أومر بِقِتَالِكَ وَإِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وَلاَّنِي الشَّامَ وَأَنَا أُرِيْدُهَا وَذَلِكَ مِنْ مَكرِ أَبِي مُسْلِمٍ لِيُفْسِدَ نِيَّاتِ الشَّامِيِّيْنَ.
فَقَالَ جُنْدُ الشَّامِيِّيْنَ لِعَبْدِ اللهِ: كَيْفَ نُقِيْمُ مَعَكَ وَهَذَا يَأْتِي بِلاَدَنَا, فَيَقتُلُ, وَيَسْبِي؟ وَلَكِنْ نَمْنَعُهُ، عَنْ بِلاَدِنَا.
فَقَالَ لَهُم: إِنَّهُ مَا يُرِيْدُ الشَّامَ, وَلَئِنْ أَقَمْتُم, لَيَقصِدَنَّكم قَالَ: فَكَانَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ القِتَالُ مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ, وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ أَكْثَرَ فُرسَاناً, وَأَكمَلَ عِدَّةً, فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ عَبْدِ اللهِ: الأَمِيْرُ بَكَّارُ بنُ مُسْلِمٍ العُقَيْلِيُّ, وَعَلَى المَيْسَرَةِ: الأَمِيْرُ حَبِيْبُ بنُ سُوَيْدٍ الأَسَدِيُّ.
وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ أَبِي مُسْلِمٍ: الحَسَنُ بنُ قَحْطَبَةَ, وَعَلَى مَيسرَتِه: حَازِمُ بنُ خُزَيْمَةَ, وَطَالَ الحَرْبُ, وَيَسْتظهِرُ الشَّامِيُّوْنَ غَيْرَ مَرَّةٍ, وَكَادَ جَيْشُ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يَنهَزِمَ, وَأَبُو مُسْلِمٍ يُثَبِّتُهُم وَيَرْتَجِزُ:(6/228)
مَنْ كَانَ يَنْوِي أَهْلَهُ فَلاَ رَجَعْ ... فَرَّ مِنَ المَوْتِ وَفِي المَوْتِ وَقَعْ
ثُمَّ إِنَّهُ أَردَفَ مَيْمَنَتَه, وَحَمَلُوا عَلَى مَيْسَرَةِ عَبْدِ اللهِ, فَمَزَّقُوْهَا فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لابْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيِّ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَصبِرَ وَتُقَاتِلَ, فَإِنَّ الفِرَارَ قَبِيْحٌ بِمِثْلِكَ, وَقَدْ عِبْتَهُ عَلَى مَرْوَانَ قَالَ: إِنِّي أَذهَبُ إِلَى العِرَاقِ. قَالَ: فَأَنَا مَعَكم. فَانْهَزَمُوا وَتَرَكُوا الذَّخَائِرَ وَالخَزَائِنَ وَالمُعَسْكَرَ, فَاحْتَوَى أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى الكُلِّ, وَكَتَبَ بِالنَّصرِ إِلَى المَنْصُوْرِ.
وَاخْتَفَى عَبْدُ اللهِ, وَأَرْسَلَ المَنْصُوْرُ مَوْلاَهُ لِيُحصِيَ مَا حَوَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ أَبُو المُسْلِمِ, وَهَمَّ بِقَتْلِ ذَلِكَ المَوْلَى, وَقَالَ: إِنَّمَا لِلْخَلِيْفَةِ مِنْ هَذَا الخُمْسُ.
وَمَضَى عَبْدُ اللهِ وَأَخُوْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ علي إلى الكوفة, فدخلا على عيسى ابن مُوْسَى, وَلِيِّ العَهْدِ, فَاسْتَأمَنَ لِعَبْدِ الصَّمَدِ فَأَمَّنَهُ المَنْصُوْرُ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَقَصَدَ أَخَاهُ سُلَيْمَانَ بنَ عَلِيٍّ بِالبَصْرَةِ، وَأَقَامَ عِنْدَه مُخْتَفِياً.
وَلَمَّا عَلِمَ المَنْصُوْرُ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ قَدْ تَغَيَّرَ كَتَبَ إِلَيْهِ يُلاَطفُه وَإِنِّي قَدْ وَلَّيتُكَ مِصْرَ وَالشَّامَ فَانْزِلْ بِالشَّامِ، وَاسْتَنِبْ عَنْكَ بِمِصْرَ فَلَمَّا جَاءهُ الكِتَابُ أَظهَرَ الغَضَبَ، وَقَالَ يُوَلِّيْنِي هَذَا، وَخُرَاسَانُ كُلُّهَا لِي، وَشَرعَ فِي المُضِيِّ إِلَى خُرَاسَانَ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ شَتمَ المَنْصُوْرَ, وَأَجمَعَ عَلَى الخِلاَفِ, وَسَارَ وَخَرَجَ المَنْصُوْرُ إِلَى المَدَائِنِ, وَكَاتَبَ أَبَا مُسْلِمٍ لِيَقْدَمَ عَلَيْهِ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ, وَهُوَ قَاصِدٌ طَرِيْقَ حُلْوَانَ: إِنَّهُ لَمْ يَبقَ لَكَ عَدُوٌّ إلَّا أَمْكَنَكَ اللهُ مِنْهُ, وَقَدْ كُنَّا نَروِي، عَنْ مُلُوْكِ آلِ سَاسَانَ إِنَّ أَخَوْفَ مَا يَكُوْنَ الوُزرَاءُ إِذَا سَكَنَتِ الدَّهْمَاءَ فَنَحْنُ نَافرُوْنَ مِنْ قُربِكَ حَرِيْصُوْنَ عَلَى الوَفَاءِ بِعَهْدِكَ مَا وَفَيْتَ فَإِنْ أَرْضَاكَ ذَلِكَ فَأَنَا كَأَحسَنِ عَبِيْدِكَ وَإِنْ أَبَيْتَ نَقَضتُ مَا أبرمت من عهدك ضنًا بنفسي والسلام.
فَردَّ عَلَيْهِ الجوَابَ يُطَمْئِنُه وَيُمَنِّيْهِ مَعَ جَرِيْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَرِيْرٍ البَجَلِيِّ, وَكَانَ دَاهِيَةَ وَقْتِهِ فَخَدَعَهُ وَرَدَّهُ.
وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ فَنقلَ، عَنْ جَمَاعَةٍ, قَالُوا: كَتَبَ أَبُو المُسْلِمِ: أَمَّا بَعْدُ, فَإِنِّي اتَّخَذتُ رَجُلاً إِمَاماً وَدَلِيْلاً عَلَى مَا افْترضَهُ اللهُ, وَكَانَ فِي مَحلَّةِ العِلْمِ نَازلاً, فَاسْتَجْهَلَنِي بِالقُرْآنِ فَحرَّفَهُ، عَنْ مَوَاضِعِهِ, طَمعاً فِي قَلِيْلٍ قَدْ نَعَاهُ اللهُ إِلَى خلقِه, وَكَانَ كَالَّذِي دُلِّيَ بِغرُوْرٍ وَأَمرنِي أَنْ أُجرِّدَ السَّيْفَ وَأَرْفَعَ الرَّحْمَةَ فَفَعَلتُ تَوطِئَةً لِسُلْطَانِكم ثُمَّ اسْتنقذنِي اللهُ بِالتَّوْبَةِ فَإِنْ يَعفُ عَنِّي فَقِدَماً عُرفَ بِهِ وَنُسبَ إِلَيْهِ, وَإِنْ يُعَاقِبْنِي, فَبمَا قَدَّمتْ يَدَايَ.
ثُمَّ سَارَ نَحْوَ خراسان مرغمًا.(6/229)
فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ مَنْ حضرَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يَكْتُبُوْنَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ, يُعظمُوْنَ شَأْنَهُ, وَأَنَّ يُتِمَّ عَلَى الطَّاعَةِ وَيُحسِّنُوْنَ لَهُ القُدُوْمَ عَلَى المَنْصُوْرِ.
ثُمَّ قَالَ المَنْصُوْرُ لِلرَّسُوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ المَرْوَرُّوْذِيِّ: كلِّمْ أَبَا مُسْلِمٍ بِأَلْيَنِ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ, وَمَنِّهِ وَعرِّفْهُ أَنِّي مُضمِرٌ لَهُ كُلَّ خَيْرٍ, فَإِنْ أَيستَ مِنْهُ فَقُلْ لَهُ قَالَ وَاللهِ لَوْ خُضتَ البَحْرَ لَخضتُهُ وَرَاءكَ وَلَوِ اقتحمت النار لا قتحمتها حَتَّى أَقتُلَكَ.
فَقَدِمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ بِحُلْوَانَ. قَالَ: فَاسْتشَارَ أَبُو مُسْلِمٍ خوَاصَّه, فَقَالُوا: احْذرْهُ.
فَلَمَّا طلبَ الرَّسُوْلُ الجوَابَ, قَالَ: ارْجعْ إِلَى صَاحِبِك, فَلَسْتُ آتِيْهِ, وَقَدْ عزمتُ عَلَى خِلاَفِهِ فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ.
فَلَمَّا آيسَهُ مِنَ المَجِيْءِ كلَّمَهُ بِمَا أَمرَهُ بِهِ المَنْصُوْرُ فَوَجَمَ لَهَا طَوِيْلاً ثُمَّ قَالَ قُم وَكَسرَهُ ذَلِكَ القَوْلُ وَأَرعبَه.
وَكَانَ المَنْصُوْرُ قَدْ كَتَبَ إِلَى أَبِي دَاوُدَ خَلِيْفَةِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ, فَاسْتمَالَه, وَقَالَ إِمْرَةُ خُرَاسَانَ لَكَ فَكَتَبَ أَبُو دَاوُدَ إلى أبي مسلم يلومه وَيَقُوْلُ: إِنَّا لَمْ نَخرجْ لِمَعْصِيَةِ خُلَفَاءِ اللهِ, وَأَهْلِ بَيْتِ النُّبوَّةِ فَلاَ تُخَالفنَّ إِمَامَكَ.
فوَافَاهُ كِتَابُهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ فَزَاده هَمّاً وَرُعباً ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ مَنْ يَثقُ بِهِ من أمرأته إِلَى المَنْصُوْرِ فَلَمَّا قَدِمَ تَلقَّاهُ بَنُو هَاشِمٍ بِكُلِّ مَا يُحِبُّ وَقَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ اصْرِفْهُ، عَنْ وَجْهِهِ وَلَكَ إِمْرَةُ بِلاَدِهِ فَرَجَعَ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَكروهاً وَرَأَيْتُهم مُعَظِّمِيْنَ لِحقِّكَ فَارجِعْ, وَاعتذِرْ.
فَأَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى الرُّجوعِ, فَقَالَ رَسُوْلُه أَبُو إِسْحَاقَ:
مَا لِلرِّجَالِ مَعَ القَضَاءِ مَحَالَةٌ ... ذَهَبَ القَضَاءُ بِحِيْلَةِ الأَقْوَامِ
خَارَ اللهُ لَكَ, إِحْفظْ عَنِّي وَاحِدَةً, إِذَا دَخَلتَ عَلَى المَنْصُوْرِ فَاقتُلْهُ, ثُمَّ بَايعْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّ النَّاسَ لاَ يُخَالِفُونَكَ.
ثُمَّ إِنَّ المَنْصُوْرَ سَيَّرَ أُمَرَاءَ لتلقي أبي مسلم, ويظهرون أَنَّهُ بَعَثَهم لِيُطَمئنَهُ, وَيَذكرُوْنَ حُسنَ نِيَّةِ المَنْصُوْرِ لَهُ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ انخدعَ المَغْرُوْرُ وَفرِحَ.
فَلَمَّا وَصلَ إِلَى المَدَائِنِ, أَمرَ المَنْصُوْرُ أَكَابِرَ دَوْلَتِه فَتَلَقَّوْهُ, فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ, سلَّمَ عَلَيْهِ قَائِماً فَقَالَ: انْصَرَفْ يَا أَبَا مُسْلِمٍ فَاسْترحْ وَادخُلِ الحَمَّامَ ثُمَّ اغْدُ. فَانْصَرَفَ وَكَانَ مِنْ نِيَّةِ المَنْصُوْرِ أَنْ يَقتُلَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَمَنَعَهُ وَزِيْرُه أَبُو أَيُّوْبَ المُوْرِيَانِيُّ.
قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: فَدَخَلْتُ بَعْد خُرُوْجِه, فَقَالَ لِي المَنْصُوْر: أقدرُ عَلَى هَذَا, فِي مِثْلِ هَذِهِ(6/230)
الحَالِ, قَائِماً عَلَى رِجْلَيْهِ, وَلاَ أَدْرِي مَا يَحدُثُ فِي لَيْلَتِي, ثُمَّ كلَّمنِي فِي الفَتكِ بِهِ. فَلَمَّا غَدَوْتُ عَلَيْهِ, قَالَ لِي: يَا ابْنَ اللَّخنَاءِ! لاَ مَرْحَباً بِكَ, أَنْتَ مَنعتَنِي مِنْهُ أَمْسِ؟ وَالله مَا نِمتُ البَارِحَةَ, ادْعُ لي عثمان بن نهيك. فَدعوتُهُ, فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ كَيْفَ بلاَءُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا عبدُكَ, وَلَوْ أمرتني أن أتكىء عَلَى سَيْفِي حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي, لَفعلتُ. قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ إِنْ أَمرتُكَ بِقَتلِ أَبِي مُسْلِمٍ؟ قَالَ: فَوَجمَ لَهَا سَاعَةً لاَ يَتَكَلَّمُ. فقلت: مالك سَاكِتاً؟ فَقَالَ قَوْلَةً ضَعِيْفَةً: أَقتُلُهُ.
فَقَالَ: انْطلقْ, فجىء بِأَرْبَعَةٍ مِنْ وَجُوْهِ الحَرسِ, شُجعَانَ. فَأحضرَ أَرْبَعَةً, مِنْهُم شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ, فَكلَّمهم, فَقَالُوا: نَقتُلُهُ فَقَالَ: كُوْنُوا خَلْفَ الرّوَاقِ فَإِذَا صفقتُ فَاخرجُوا فَاقتلُوْهُ.
ثُمَّ طلبَ أَبَا مُسْلِمٍ, فَأَتَاهُ.
قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: وَخَرَجتُ لأَنظُرَ مَا يَقُوْلُ النَّاسُ, فَتلقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ دَاخِلاً, فَتَبَسَّمَ, وَسلَّمتُ عَلَيْهِ, فَدَخَلَ, فَرَجَعتُ, فَإِذَا هُوَ مَقْتُوْلٌ. ثُمَّ دَخَلَ أَبُو الجَهْمِ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إلَّا أَردُّ النَّاسَ? قَالَ: بَلَى.
فَأَمرَ بِمَتَاعٍ يُحوَّلُ إِلَى روَاقٍ آخرَ, وَفُرشٍ. وَقَالَ أَبُو الجَهْمِ لِلنَّاسِ: انْصَرَفُوا, فَإِنَّ الأَمِيْرَ أَبَا مُسْلِمٍ يُرِيْدُ أَنْ يُقِيْلَ عِنْدَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. وَرَأَوا الفُرشَ وَالمَتَاعَ يُنْقَلُ, فَظنُّوْهُ صَادِقاً, فَانْصَرَفُوا.
وَأَمرَ المَنْصُوْرُ لِلأُمرَاءِ بِجَوَائِزِهم.
قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: فَقَالَ لِي المَنْصُوْرُ: دَخَلَ عَلِيَّ أَبُو مُسْلِمٍ, فَعَاتَبْتُهُ, ثُمَّ شَتمتُهُ, وَضَرَبَه عُثْمَانُ بنُ نَهِيْكٍ, فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً, وَخَرَجَ شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ, فَضَربُوْهُ, فَسَقَطَ, فَقَالَ وَهُم يَضْربُوْنَهُ: العَفْوَ. قُلْتُ: يَا ابْنَ اللَّخنَاءِ! العَفْوَ وَالسُّيُوْفُ تَعتوركَ؟ وَقُلْتُ: اذْبَحُوْهُ فَذبحُوْهُ.
وَقِيْلَ: أَلقَى جَسَدَهُ فِي دِجْلَةَ.
وَيُقَالُ: لَمَّا دَخَلَ وَهُم خَلوَةٌ, قَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ: أَخْبِرْنِي، عَنْ سَيْفَيْنِ أَصَبتَهُمَا فِي مَتَاعِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: هَذَا أَحَدُهمَا قَالَ: أَرِنِيْهِ. فَانتضَاهُ, فَنَاولَهُ, فَهزَّه أَبُو جَعْفَرٍ, ثُمَّ وَضَعَهُ تَحْت مِفرَشِهِ, وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ يُعَاتِبهُ.
وَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِك إِلَى أَبِي العَبَّاسِ أَخِي تَنهَاهُ عَنِ الموَاتِ, أَرَدْتَ أَنْ تُعَلِّمَنَا الدِّيْنَ؟ قَالَ ظَنَنْتُ أَخْذَه لاَ يَحِلُّ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي، عَنْ تَقدُّمِك عَلَيَّ فِي طَرِيْقِ الحجِّ. قَالَ:(6/231)
كرهتُ اجْتِمَاعَنَا عَلَى المَاءِ, فَيَضرُّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ. قَالَ: فَجَارِيَةُ عَبْدِ اللهِ, أَرَدْتَ أَنْ تَتَّخِذَهَا? قَالَ: لاَ وَلَكِن خِفتُ عَلَيْهَا أَنْ تَضِيعَ فَحَمَلتُهَا فِي قُبَّةٍ, وَوكلتُ بِهَا. قَالَ: فَمُرَاغمتُكَ وَخُرُوْجُك إِلَى خُرَاسَانَ؟ قَالَ: خِفتُ أَنْ يَكُوْنَ قَدْ دَخلَكَ مِنِّي شَيْءٌ, فَقُلْتُ: أَذْهَبُ إِلَيْهَا, وَإِلَيْكَ أَبعثُ بعُذرِي, وَالآنَ فَقَدْ ذَهَبَ مَا فِي نَفْسِكَ عَلَيَّ؟ قَالَ: تَاللهِ, مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ قَطُّ. وَضربَ بِيَدِهِ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: أَلستَ الكَاتِبَ إِلَيَّ, تَبدَأُ بِنَفْسِكَ? وَالكَاتِبَ إِلَيَّ تَخطُبُ أُمَيْنَةَ بِنْتَ عَلِيٍّ عَمَّتِي? وَتَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُ سَلِيْطِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ؟.
وَأَيضاً, فَمَا دعَاكَ إِلَى قَتْلِ سُلَيْمَانَ بنِ كَثِيْرٍ, مَعَ أَثرِهِ فِي دَعوتِنَا, وَهُوَ أَحَدُ نُقبَائِنَا?
قَالَ: عَصَانِي, وَأَرَادَ الخِلاَفَ عَلَيَّ, فَقَتلتُهُ قَالَ: وَأَنْتَ قَدْ خَالفتَ عَلَيَّ, قَتَلنِي اللهُ إِنْ لَمْ أَقتُلْكَ. وضَرَبه بِعَمُودٍ, ثُمَّ وَثَبُوا عَلَيْهِ, وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ.
وَيُقَالُ: إِنَّ المَنْصُوْرَ لَمَّا سبَّهُ, انكبَّ عَلَى يَدِه يُقَبِّلُهَا, وَيَعْتَذِرُ.
وَقِيْلَ: أَوَّلُ مَا ضَرَبَه ابْنُ نَهِيْكٍ لَمْ يَصْنَعْ أَكْثَرَ مِنْ قَطْعِ حَمَائِلِ سَيْفِهِ, فَصَاحَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ اسْتَبقِنِي لِعدُوِّكَ قَالَ: لاَ أَبقَانِي اللهُ إِذاً وَأَيُّ عَدُوٍّ أَعْدَى لِي مِنْكَ.
ثُمَّ هَمَّ المَنْصُوْرُ بِقَتلِ الأَمِيْرِ أَبِي إِسْحَاقَ صَاحِبِ حَرَسِ أَبِي مُسْلِمٍ, وَبِقَتلِ نَصْرِ بنِ مَالِكٍ الخُزَاعِيِّ, فَكلَّمَهُ فِيْهِمَا أَبُو الجَهْمِ, وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّمَا جُندُهُ جُندُكَ, أَمرتَهُم بِطَاعتِهِ فَأطَاعُوْهُ.
ثُمَّ إِنَّهُ أَعْطَاهُمَا مَالاً جَزِيْلاً, وَفرَّقَ عَسَاكِرَ أَبِي مُسْلِمٍ, وَكَتَبَ بِعَهْدٍ لِلأمِيْرِ أَبِي دَاوُدَ خَالِدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَى خُرَاسَانَ.
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الزّنَادقَةِ, وَالطّغَامِ مِنَ التَّنَاسُخِيَّةِ, اعتقدُوا أَنَّ البَارِي -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حَلَّ فِي أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ المَقْتُوْلِ, عِنْدمَا رَأَوْا مِنْ تَجبُّرِهِ, وَاسْتِيْلاَئِهِ عَلَى المَمَالِكِ, وَسَفكِهِ لِلدِّمَاءِ, فَأَخْبَارُ هَذَا الطَّاغِيَةِ يَطُولُ شَرحُهَا.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِالمَدَائِنِ, فَسَمِعتُ يَحْيَى بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: قَتلَه وَهُوَ فِي سُرَادِقَاتِهِ -يَعْنِي: الدِّهلِيزَ- ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عِيْسَى بنِ مُوْسَى وَلِيِّ العَهْدِ فَأَعْلَمَهُ وَأَعْطَاهُ الرَّأسَ وَالمَالَ فَخَرَجَ بِهِ فَأَلقَاهُ إِلَيْهِم وَنَثرَ الذَّهَبَ فَتَشَاغلُوا بِأَخذِهِ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ فِي مَكَانٍ آخرَ: فَلَمَّا حلَّ أَبُو مُسْلِمٍ بِحُلْوَانَ, تَردَّدتْ الرُّسلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ, فَمِنْ ذَلِكَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ: أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّهُ يَرِيْنُ عَلَى القُلُوْبِ, وَيَطبعُ عَلَيْهَا(6/232)
المَعَاصِي, فَقعْ أَيُّهَا الطَّائِرُ, وَأَفِقْ أَيُّهَا السَّكْرَانُ, وَانتبِهْ أَيُّهَا الحَالِمُ, فَإِنَّكَ مَغْرُوْرٌ بِأَضغَاثِ أَحلامٍ كَاذِبَةٍ, وَفِي بَرزَخِ دُنْيَا قَدْ غَرَّتْ قَبْلَك سَوَالفَ القُرُوْنِ، فَـ: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مَرْيَمُ: 98] وَإِنَّ اللهَ لاَ يُعجِزُه مَنْ هَرَبَ, وَلاَ يَفُوْتُه مَنْ طَلبَ, فَلاَ تَغترَّ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ شِيْعَتِي, وَأَهْلِ دَعوتِي فَكَأَنَّهُم قَدْ صَاوَلُوكَ إِنْ أَنْتَ خَلعتَ الطَّاعَةَ, وَفَارقتَ الجَمَاعَةَ, فَبدَا لَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتسِبُ, فَمَهلاً مَهلاً, احْذرِ البَغْيَ أَبَا مُسْلِمٍ, فَإِنَّ مَنْ بَغَى وَاعْتدَى تَخلَّى اللهُ عَنْهُ وَنَصرَ عَلَيْهِ مَنْ يَصرعُهُ لِلْيَدَيْنِ وَلِلفَمِ.
فَأَجَابَهُ أَبُو مُسْلِمٍ بِكِتَابٍ فِيْهِ غِلظٌ يَقُوْلُ فِيْهِ: يَا عَبْدَ اللهِ بنَ محمد إني كنت فِيْكُم مُتَأوِّلاً فَأَخطَأتُ. فَأَجَابَهُ: أَيُّهَا المُجرمُ تَنْقِمُ عَلَى أَخِي, وَإِنَّهُ لإِمَامُ هُدَىً, أَوضحَ لَكَ السَّبِيْلَ, فَلَوْ بِهِ اقْتدَيتَ مَا كُنْتَ، عَنِ الحَقِّ حَائِداً وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْنَحْ لَكَ أَمرَانِ ,إلَّا كُنْتَ لأَرْشَدِهِمَا تَارِكاً, وَلأَغْوَاهُمَا مُوَافِقاً تَقتلُ قَتْلَ الفَرَاعِنَةِ وَتَبطشُ بَطْشَ الجَبَّارِيْنَ ثُمَّ إِنَّ مِنْ خِيْرَتِي أَيُّهَا الفَاسِقُ أَنِّي قَدْ وَلَّيتُ خُرَاسَانَ مُوْسَى بنَ كَعْبٍ, فَأَمرتُه بِالمقَامِ بِنَيْسَابُوْرَ, فَهُوَ مِنْ دُوْنِكَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قُوَّادِي وَشِيْعَتِي, وَأَنَا مُوَجِّهٌ لِلِقَائِكَ أَقرَانَكَ, فَاجْمَعْ كَيدَكَ وَأَمرَكَ غَيْرَ مُوفَّقٍ وَلاَ مُسدَّدٍ وَحسبُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ.
فَشَاورَ البَائِسُ أَبَا إِسْحَاقَ المَرْوَزِيَّ فَقَالَ لَهُ: مَا الرَّأْيُ؟ هَذَا مُوْسَى بنُ كَعْبٍ لَنَا دُوْنَ خُرَاسَانَ, وَهَذِهِ سُيُوْفُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ خَلفِنَا, وَقَدْ أَنْكَرتُ مَنْ كُنْتُ أَثقُ بِهِ مِنْ أُمرَائِي!
فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ! هَذَا رَجُلٌ يَضطغِنُ عَلَيْكَ أُمُوْراً مُتَقَدِّمَةً, فَلَوْ كُنْتَ إِذْ ذَاكَ هَذَا رَأْيُكَ, وَوَالَيتَ رَجُلاً مِنْ آلِ عَلِيٍّ, كَانَ أَقْرَبَ, وَلَوْ أَنَّكَ قَبِلتَ تَوْلِيَتَه إِيَّاكَ خُرَاسَانَ وَالشَّامَ وَالصَّائِفَةَ مُدَّتْ بِكَ الأَيَّامُ, وَكُنْتَ فِي فُسحَةٍ مِنْ أَمرِكَ فَوَجَّهتَ إِلَى المَدِيْنَةِ فَاختلستَ عَلَوِيّاً فَنصَّبتَهُ إِمَاماً فَاسْتملتَ أَهْلَ خُرَاسَانَ, وَأَهْلَ العِرَاقِ, وَرَمَيتَ أَبَا جَعْفَرٍ بِنَظِيْرِه لَكُنتَ عَلَى طَرِيْقِ تَدبِيْرٍ أَتطمعُ أَنْ تُحَاربَ أَبَا جَعْفَرٍ, وَأَنْتَ بِحُلْوَانَ, وَعَسَاكِرُه بِالمَدَائِنِ وَهُوَ خَلِيْفَةٌ مُجمَعٌ عَلَيْهِ? لَيْسَ مَا ظَنَنْتَ لَكِنْ بَقِيَ لَكَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَى قُوَّادِكَ وَتَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: هَذَا رَأْيٌ, إِنْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ قُوَّادُنَا. قَالَ: فَمَا دعَاكَ إِلَى خَلعِ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ قُوَّادِكَ؟ أَنَا أَسْتودِعُكَ اللهَ مِنْ قَتِيْلٍ! أَرَى أَنْ تُوَجِّهَ بِي إِلَيْهِ حَتَّى أَسْأَلَه لَكَ الأَمَانَ فَإِمَّا صَفْحٌ وَإِمَّا قَتْلٌ عَلَى عِزٍّ قَبْلَ أَنْ تَرَى المَذَلَّةَ وَالصَّغَارَ مِنْ عَسْكَرِكَ إِمَّا قَتَلُوكَ وَإِمَّا أَسْلَمُوكَ.
قَالَ: فَسفَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَنْصُوْرِ السُّفرَاءُ, وَطَلبُوا لَهُ أَمَاناً, فَأَتَى المَدَائِنَ, فَأَمرَ أَبُو جعفر,(6/233)
فَتَلَقَّوْهُ, وَأَذنَ لَهُ, فَدَخَلَ عَلَى فَرَسِه, وَرَحَّبَ بِهِ, وَعَانَقَهُ, وَقَالَ: انْصَرَفْ إِلَى مَنْزِلِك, وَضَعْ ثِيَابَك وَادْخُلِ الحَمَّامَ. وَجَعَلَ يَنْتَظِرُ بِهِ الفُرصَ. فَأَقَام أَيَّاماً يَأْتِي أَبَا جَعْفَرٍ, فَيَرَى كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الإِكرَامِ مَا لَمْ يَرهُ قَبْلُ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى التَّجنِّي عَلَيْهِ, فَأَتَى أَبُو مُسْلِمٍ الأَمِيْرَ عِيْسَى بنَ مُوْسَى, فَقَالَ: ارْكبْ مَعِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ, فَإِنِّي قَدْ أَرَدْتُ عِتَابَهُ. قَالَ: تَقدَّمْ, وَأَنَا أَجِيْءُ قَالَ: إِنِّي أَخَافُهُ. قَالَ: أَنْتَ فِي ذِمَّتِي قَالَ: فَأَقْبَلَ, فَلَمَّا صَارَ فِي الرّوَاقِ الدَّاخِلِ, قِيْلَ لَهُ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَتَوَضَّأُ, فَلَوْ جَلَستَ. وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ عِيْسَى, وَقَدْ هَيَّأَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عُثْمَانَ بنَ نَهِيْكٍ فِي عِدَّةٍ وَقَالَ: إِذَا عَاينْتُهُ وَعَلاَ صَوْتِي فَدُونَكُمُوْهُ.
قَالَ نَفْطَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَنْصُوْرِيُّ, قَالَ: لَمَّا قَتَلَ أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا مُسْلِمٍ قَالَ: رَحمَكَ اللهُ أَبَا مُسْلِمٍ بَايعتَنَا وَبَايعنَاكَ, وَعَاهدَتَنَا وَعَاهَدْنَاكَ, وَوَفَّيْتَ لَنَا وَوَفَّيْنَا لك وإنا بايعنا علىإلَّا يخرج علينا أحدإلَّا قَتَلنَاهُ فَخَرَجتَ عَلَيْنَا فَقَتَلنَاكَ.
وَقِيْلَ: قَالَ لأُوْلَئِكَ: إِذَا سَمِعْتُم تَصفِيْقِي فَاضْرِبُوْهُ فَضرَبَهُ شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ ثُمَّ ضَرَبَهُ القُوَّادُ فَدَخَلَ عِيْسَى وَكَانَ قَدْ كلَّمَ المَنْصُوْرَ فِيْهِ فَلَمَّا رَآهُ قَتِيْلاً اسْتَرْجَعَ.
وَقِيْلَ: لَمَّا قَتَلَهُ وَدَخَلَ جَعْفَرُ بنُ حَنْظَلَةَ, فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَمرِ أَبِي مُسْلِمٍ? قَالَ: إِنْ كُنْتَ أَخَذتَ مِنْ شِعْرِهِ, فَاقتُلْهُ. فَقَالَ: وَفَّقكَ اللهُ هَا هُوَ فِي البِسَاطِ قَتِيْلاً. فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عُدَّ هذا اليوم أول خلافتك وأنشد المنصور:
فألقيت عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالإِيَابِ المُسَافِرُ
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابٍ: أَنَّ المَنْصُوْرَ لَمْ يَزلْ يَخْدَعُ أَبَا مُسْلِمٍ, وَيَتَحَيَّلُ عَلَيْهِ, حَتَّى وَقَعَ فِي بَرَاثنِهِ بِعُهودٍ وَأَيْمَانٍ.
وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَنْظُرُ فِي المَلاَحِمِ, وَيَجدُ أَنَّهُ مُمِيْتُ دَوْلَةٍ, وَمُحْيِي دَوْلَةٍ, ثُمَّ يُقتَلُ بِبَلَدِ الرُّوْمِ وَكَانَ المَنْصُوْرُ يَوْمَئِذٍ بِرُوْمِيَّةِ المَدَائِنِ وَهِيَ مَعْدُوْدَةٌ مِنْ مَدَائِنِ كِسْرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَغْدَادَ سبعة فراسخ قيل بناها الإسكندر لما أقام بِالمَدَائِنِ فَلَمْ يَخطُرْ بِبَالِ أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّ بِهَا مَصْرَعَهُ وَذَهَبَ وَهْمُهُ إِلَى الرُّوْمِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ كَانَ يَقُوْلُ: فَعَلتَ وَفَعَلتَ. فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: مَا يُقَالُ لِي هَذَا بَعْدَ بَيْعتِي وَاجْتِهَادِي
قَالَ: يَا ابْنَ الخَبِيْثَةِ إِنَّمَا فَعَلتَ ذَلِكَ بِجِدِّنَا وَحَظِّنَا, وَلَوْ كَانَ مَكَانَكَ أَمَةٌ سَوْدَاءُ لَعمِلَتْ عَمَلَكَ وَتَفْعَلُ كَذَا وَتَخطِبُ عَمَّتِي, وَتَدَّعِي أَنَّكَ عَبَّاسِيٌّ, لَقَدِ ارْتَقَيْتَ مُرْتَقَى صعبًا.(6/234)
فَأَخَذَ يُفرِّكُ يَدَهُ, وَيُقَبِّلُهَا, وَيَخضعُ, وَأَبُو جَعْفَرٍ يَتنمَّرُ.
وَعَنْ مَسْرُوْرٍ الخَادِمِ, قَالَ: لَمَّا ردَّ أَبُو مُسْلِمٍ, أَمرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنْ يَرْكَبَ فِي خَوَاصِّ أَصْحَابِه, فَرَكِبَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ غُلاَمٍ, جُرْدٍ مُرْدٍ, عَلَيْهِم أَقْبِيَةُ الدِّيْبَاجِ وَالسُّيُوْفِ بِمَنَاطِقِ الذَّهَبِ. فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ عُمُوْمَتَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلُوْهُ, وكان قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُوْمتِهِ: صَالِحٌ, وَسُلَيْمَانُ, وَدَاوُدُ. فَلَمَّا أَنْ أَصحرَ سَايرَهُ صَالِحٌ بِجَنبِهِ, فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الغِلمَانِ, وَرَأَى شَيْئاً لَمْ يَعهدْ مِثْلَهُ فَأَنْشَأَ صَالِحٌ يَقُوْلُ:
سَيَأْتِيْكَ مَا أَفْنَى القرون التي مضت ... وما حل في أكناف عَادٍ وَجُرْهُمِ
وَمَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْكَ عِزّاً وَمَفْخراً ... وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ العَرَمْرَمِ
فَبَكَى أَبُو مُسْلِمٍ, وَلَمْ يَحِرْ جَوَاباً.
قَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ, وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ, وَغَيْرُهُمَا: قُتِلَ فِي شَعْبَانَ, سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: وَعُمُرُهُ سَبْعَةٌ وثلاثين عَاماً.
وَلَمَّا قُتِلَ, خَرَجَ بِخُرَاسَانَ سُنْبَاذُ لِلطَّلبِ بثأر أبي مسلم, وكان سنباد مَجُوْسِيّاً, فَغلبَ عَلَى نَيْسَابُوْرَ وَالرَّيِّ وَظَفرَ بِخَزَائِنِ أَبِي مُسْلِمٍ, وَاسْتفحلَ أَمرُهُ. فَجهَّزَ المَنْصُوْرُ لِحَرْبِهِ جُمْهُوْرَ بنَ مَرَّارٍ العِجْلِيَّ, فِي عَشْرَةِ آلاَفِ فَارِسٍ, وَكَانَ المَصَافُّ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ, فَانْهَزَمَ سنباد, وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِه نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ أَلْفاً وَعَامَّتُهم كَانُوا مِنْ أَهْلِ الجِبَالِ, فَسُبِيَتْ ذَرَارِيهِم ثم قتل سنباد بِأَرْضِ طَبَرِسْتَانَ.
أَنْبَأَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا فَرْقَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ محمد ابن سُلَيْمٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزُبَانِ بنِ مَنْجَوَيْه، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بن المقرىء حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ غُلاَمُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ سَمِعْتُ ابْنَ الأَنْبَارِيِّ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى النَّحْوِيَّ سَمِعْتُ مَسْرُوْراً الخَادِمَ يَقُوْلُ لَمَّا اسْتردَّ المَنْصُوْرُ أَبَا مُسْلِمٍ مِنْ حُلْوَانَ أَمرَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ فِي خَوَاصِّ غِلمَانِهِ فَانْصَرَفَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ غُلاَمٍ جُرْدٍ مُرْدٍ عَلَيْهِم أَقْبِيَةُ الدِّيْبَاجِ وَالسُّيُوْفِ وَمَنَاطِقُ الذَّهَبِ فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ عُمُوْمتَه أَنْ يَسْتَقبِلُوْهُ وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُوْمتِهِ يَوْمَئِذٍ صَالِحٌ وَسُلَيْمَانُ وَدَاوُدُ. فَلَمَّا أَنْ أَصحرُوا, سَايرَهُ صَالِحٌ بِجَنبِهِ, فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الغِلمَانِ, فَرَأَى شَيْئاً لَمْ يَعهَدْ مِثْلَهُ, فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:(6/235)
سيأتيك ما أفنى القرون التي مضت ... وما حل في أكناف عاد وجرهم
ومن كان أَقْوَى مِنْكَ عِزّاً وَمَفْخراً ... وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ العرمرم
فبكى أبو مسلم, ولم يجر جَوَاباً, وَلَمْ يَنطِقْ حَتَّى دَخَلَ عَلَى المَنْصُوْرِ, فَأَجلَسَه بَيْنَ يَدَيْهِ, وَجَعَلَ يُعَاتبُهُ, وَيَقُوْلُ: تَذْكُرُ يَوْمَ كَذَا, وَكَذَا فَعَلتَ كَذَا وَكَذَا وَكَتَبتَ إِلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
زَعَمْتَ أَنَّ الدَّيْنَ لاَ يُقْتَضَى ... فَاقْتَضِ بِالدَّيْنِ أَبَا مُجْرِمِ
وَاشْرَبْ بِكَأْسٍ كُنْتَ تَسْقِي بِهَا ... أَمَرَّ فِي الحَلْقِ مِنَ العَلْقَمِ
ثُمَّ أَمرَ أَهْلَ خُرَاسَانَ, فَقَطَّعُوْهُ إِرْباً إِرْباً.
وَبِهِ إِلَى مَنْجَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَارَةَ سَمِعْتُ أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّولَةِ يَقْرَأُ: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْل} [الإِسْرَاءُ: 33] . بِالتَّاءِ.
قَالَ ابْنُ مَنْجَوَيْه: حكَى لِي الثِّقَةُ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا الإمام: أن عبد الله بن مَنْدَةَ كَتَبَ عَنْهُ هَذَا. وَحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: هُوَ ابْنُ بِنْتِ أَبِي مُسْلِمٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الطَّبَرِيُّ إِمْلاَءً مِنْ أَصْلِهِ, حَدَّثَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ زُكَيْرٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَالِدِ بنِ نَجِيْحٍ, حَدَّثَنَا أَبِي, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْبٍ الخُرَاسَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَ هَوَانَ قُرَيْشٍ أَهَانَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ" 1.
وَبِهِ أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ بِحَرَّانَ, حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُوْسَى بِدِمَشْقَ, حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَالِدٍ بِهَذَا لَمْ يَقُلْ: ابْنُ مُنِيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ وَهُوَ أَشْبَهُ.
آخِرُ سِيْرَةِ أَبِي مسلم, والله -سبحانه- أعلم.
__________
1 حسن: وهذا إسناد ضعيف، آفتة أبو مسلم الخراساني، قال الذهبي: ليس بأهل لأن يحمل عنه شيء. لكن الحديث أخرجه أحمد "1/ 171 و183"، وابن أبي شيبة "12/ 171"، وابن أبي عاصم في " السنة" "1504"، وفي "الآحاد والمثاني" "216"، والحاكم "4/ 74"، من طريق محمد بن أبي سفيان بن جارية أن يوسف بن الحكم أبا الحجاج أخبره أن سعد بن أبي وقاص قَالَ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: محمد بن أبي سفيان بن جارية، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة. العلة الثانية: يوسف بن الحكم، مجهول أيضا لذا قال الحافظ في "التقريب" مقبول. وأخرجه أحمد "1/ 64"، والبزار "2781"، والعقيلي في "الضعفاء" "3/ 124"، والحاكم "4/ 74" من طريق عبيد الله بن محمد بن حفص قال: سمعت أبي مُحَمَّدِ بنِ حَفْصِ بنِ عُمَرَ بنِ مُوْسَى، قال سمعت عمي عبيد الله بن عمر بن موسى يقول: حدثنا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن عمرو بن عثمان قال: قال لي أبي عثمان بن عفان: أي بني، إن وليت من أمر المسلمين شيئا، فأكرم قريشا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: محمد بن حفص بن عمر، مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان كعادته في توثيق المجاهيل والمجروحين. العلة الثانية: عبيد الله بن عمر بن موسى، قال العقيلي: لا يتابع على حديثه. وله شاهد من حديث أنس: عند الطبراني في "الكبير" "753"، "والبزار "2782" وفي إسناده محمد بن سليم أبو هلال، وقد وثقه جمع، وفيه ضعف.(6/236)
يزيد بن الطثرية، مروان بن محمد:
846- يزيد بن الطثرية 1:
الشَّاعِرُ, المُحَسِّنُ, أَبُو المَكْشُوْحِ يَزِيْدُ بنُ سَلَمَةَ بن سمرة. وله شعر فَائِقٌ, كَثِيْرٌ فِي "الحَمَاسَةِ" وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الفَرَجِ صَاحِبَ "الأَغَانِي" جَمَعَ شِعرَهُ, وَدَوَّنَهُ قُتِلَ: باليمامة, في سنة ستة وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ وَالطَّثْرُ: ضَرْبٌ مِنَ اللَّبَنِ.
847- مَرْوَانُ بن محمد 2:
ابْنِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ, أَبُو عَبْدِ المَلِكِ, الخَلِيْفَةُ الأُمَوِيُّ, يُعْرَفُ: بِمَرْوَانَ الحِمَارِ وَبِمَرْوَانَ الجَعْدِيِّ نِسبَةً إِلَى مُؤَدِّبِهِ جَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ.
وَيُقَالُ: أَصبرُ فِي الحَرْبِ مِنْ حِمَارٍ.
وَكَانَ مَرْوَانُ بَطَلاً, شُجَاعاً, دَاهِيَةً, رَزِيْناً, جَبَّاراً, يَصلُ السَّيْرَ بِالسُّرَى, وَلاَ يَجِفُّ لَهُ لِبْدٌ, دَوَّخَ الخَوَارِجَ بِالجَزِيْرَةِ.
وَيُقَالُ: بَلِ العَرَبُ تُسمِّي كُلَّ مائَةِ عَامٍ حِمَاراً, فَلَمَّا قَاربَ مُلكُ آل أمية مائة سنة, لقبوا
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "7/ 104".
2 ترجمته في المجروحين لابن حبان "3/ 14"، تاريخ الإسلام "5/ 222".(6/237)
مَرْوَانَ بِالحِمَارِ. وذَلِكَ مَأخُوذٌ مِنْ مَوْتِ حِمَارِ العُزَيْرِ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَهُوَ مائَةُ عَامٍ, ثُمَّ بَعَثَهُمَا الله, تَعَالَى.
مَولِدُ مَرْوَانَ بِالجَزِيْرَةِ, فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ, إِذْ أَبُوْهُ مُتَوَلِّيْهَا, وَأُمُّه أُمُّ وَلَدٍ.
وَقَدِ افْتَتَحَ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ قُوْنِيَةَ, وَوَلِيَ إِمْرَةَ الجَزِيْرَةِ, وَأَذْرَبِيْجَانَ لِهِشَامٍ, فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. وَقَدْ غَزَا مرَّةً حَتَّى جَاوَزَ نَهْرَ الرُّوْمِ, فَأغَارَ وَسَبَى فِي الصَّقَالِبَةِ1.
وَكَانَ أَبْيَضَ, ضَخْمَ الهَامَةِ, شَدِيْدَ الشهلة, كث اللحية, أبيضها, ربعة, مَهِيْباً, شَدِيْدَ الوَطْأَةِ, أَدِيْباً, بَلِيغاً, لَهُ رَسَائِلُ تُؤثرُ.
وَمَعَ كَمَالِ أَدوَاتِهِ لَمْ يُرْزَقْ سَعَادَةً بَلْ اضْطَرَبتِ الأُمُوْرُ, وَوَلَّتْ دَوْلَتُهُم بُوْيِعَ بِالإِمَامَةِ فِي نِصْفِ صَفَرٍ, سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, وَلَمَّا سَمِعَ بِمَقْتَلِ الوَلِيْدِ فِي العَامِ المَاضِي, دَعَا إِلَى بَيْعَةِ مَنْ رَضِيَهُ المُسْلِمُوْنَ فَبَايَعُوْهُ, فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيْدَ النَّاقِصِ, أَنفقَ الأَمْوَالَ, وَأَقْبَلَ فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفِ فَارِسٍ, فَلَمَّا وَصلَ إِلَى حَلَبَ, بَايَعُوْهُ. ثُمَّ قَدِمَ حِمْصَ, فَدَعَاهم إلى بيعة ولي العَهْدِ: الحَكَمِ وَعُثْمَانَ, ابْنَيِ الوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ, وَكَانَا فِي حَبسِ الخَلِيْفَةِ إِبْرَاهِيْمَ, فَأَقْبَلَ مَعَهُ جَيْشُ حِمْصَ, ثُمَّ الْتَقَى الجَمعَانِ بِمَرْجِ عَذْرَاءَ, وَانتصرَ مَرْوَانُ, فَبرزَ إِبْرَاهِيْمُ وَعَسْكَرَ بِمَيْدَانِ الحَصَا, فَتفلَّلَ جَمعُهُ, فَتوثَّبَ أَعْوَانُهُ, فَقَتلُوا وَلِيَّيِ العَهْدِ وَيُوْسُفَ بنَ عُمَرَ فِي السِّجْنِ وَثَارَ شَبَابُ دِمَشْقَ بِعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحَجَّاجِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ فَقَتلُوْهُ لِكَوْنِهِ أَمرَ بِقَتلِ الثَّلاَثَةِ ثُمَّ أَخْرُجُوا مِنَ الحَبْسِ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ السُّفْيَانِيَّ وَوَضعُوْهُ عَلَى المِنْبَرِ فِي قُيُودِه لِيُبَايِعُوْهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَأْسُ عَبْدِ العَزِيْزِ فَخَطَبَ وَحَضَّ عَلَى الجَمَاعَةِ وأذعن بالبيعة لمروان فسمع إبراهيم الخليقة فَهَرَبَ وَآمَنَ مَرْوَانُ النَّاسَ.
فَأوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّفْيَانِيُّ, وَأَمرَ بِنَبشِ يَزِيْدَ النَّاقِصِ, وَصَلبِهِ. وَأَمَّا إِبْرَاهِيْمُ فَخَلعَ نَفْسَهُ, وَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ إِلَى مَرْوَانَ الحِمَارِ فَآمَنَهُ فَسَكَنَ بِالرَّقَّةِ خَامِلاً.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ مَرْوَانُ عَظِيْمَ المُرُوْءةِ, مُحِبّاً لِلَّهْوِ, غَيْرَ أَنَّهُ شُغِلَ بِالحَرْبِ, وكان يحب الحركة والسفر.
قَالَ الوَزِيْرُ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ: قَالَ لِي المَنْصُوْرُ: مَا كَانَ أَشْيَاخُكَ الشَّامِيُّوْنَ يَقُوْلُوْنَ؟ قُلْتُ: أَدْرَكتُهُم يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ الخَلِيْفَةَ إِذَا اسْتُخلِفَ غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوْبِهِ فَقَالَ: إِيْ والله, وما
__________
1 الصقالبة: هم جيل من الناس كانت مساكنهم إلى الشمال من شعب البلغار وانتشروا في بلاد شرق أوربا، وهم يسمون الآن: بـ السلاف.(6/238)
تَأَخَّرَ, أَتَدْرِي مَا الخَلِيْفَةُ؟ بِهِ تُقَامُ الصَّلاَةُ, وَالحجُّ, وَالجِهَادُ, وَيُجَاهَدُ العَدُوُّ ... قَالَ: فَعدَّدَ مِنْ مَنَاقِبِ الخَلِيْفَةِ مَا لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً ذَكَرَ مِثْلَهُ, وَقَالَ: وَاللهِ لَوْ عَرَفْتُ مِنْ حَقِّ الخِلاَفَةِ فِي دَهْرِ بَنِي أُمَيَّةَ مَا أَعْرِفُ اليَوْمَ, لأَتَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُم فَبَايعتُهُ فَقَالَ ابْنُهُ: أَفَكَانَ الوَلِيْدُ مِنْهُم؟ فَقَالَ: قبَّحَ اللهُ الوَلِيْدَ, وَمَنْ أَقعدَهُ خَلِيْفَةً! قَالَ: أَفَكَانَ مَرْوَانُ مِنْهُم؟ فَقَالَ: للهِ دَرُّهُ, مَا كَانَ أَحزمَهُ وَأَسوسَهُ, وَأَعفَّهُ، عَنِ الفَيْءِ قَالَ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوْهُ? قَالَ: لِلأَمرِ الَّذِي سَبقَ فِي عِلْمِ اللهِ -تَعَالَى.
قَالَ خَلِيْفَةُ: سَارَ مَرْوَانُ لِحربِ المُسَوِّدَةِ فِي مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفاً, حَتَّى نَزَلَ بِقُربِ المَوْصِلِ, فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ المَنْصُوْرِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ فَانْكَسَرَ جَمْعُ مَرْوَانَ, وَفَرَّ فَاسْتَوْلَى عَبْدُ اللهِ عَلَى الجَزِيْرَةِ, ثُمَّ طَلبَ الشَّامَ, فَفرَّ مَرْوَانُ إِلَى فِلَسْطِيْنَ, فَلَمَّا سَمِعَ بِأَخذِ دِمَشْقَ سَارَ إِلَى مِصْرَ وَطَلبَ الصَّعِيْدَ ثُمَّ أَدْرَكُوْهُ وَبَيَّتُوهُ بِبُوْصِيْرَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَةً, قُتِلَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَانتَهَتْ خِلاَفَةُ بَنِي أُمَيَّةَ, وَبُوْيِعَ السَّفَّاحُ قَبْلَ مَقْتَلِ مَرْوَانَ الحِمَارِ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ.
وَمِنْ جَبَروتِ مَرْوَانَ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ خَالِدِ بنِ عبد الله القسري الأمير كان قد قَاتَلَهُ, ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ فَأُدخِلَ عَلَيْهِ يَوْماً, فَاسْتَدْنَاهُ, وَلفَّ عَلَى إِصْبعِهِ مِندِيلاً, وَرصَّ عَيْنَهُ حَتَّى سَالتْ, ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ بِعَيْنِهِ الأُخْرَى وَمَا نَطقَ يَزِيْدُ بَلْ صَبَرَ نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أُمَّ مَرْوَانَ الحِمَارَ كُرْدِيَّةٌ, يُقَالَ لَهَا: لُبَابَةُ جَارِيَةُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ, أَخَذَهَا مُحَمَّدٌ مِنْ عَسْكَرِ إِبْرَاهِيْمَ فَوَلَدَتْ لَهُ: مروان ومنصور وَعَبْدَ اللهِ وَلَمَّا قُتِلَ مَرْوَانُ, هَرَبَ ابْنَاهُ عَبْدُ اللهِ وَعُبَيْدُ اللهِ إِلَى الحَبَشَةِ, فَقَتَلَتِ الحَبَشَةُ عُبَيْدَ اللهِ وَهَرَبَ عَبْدُ اللهِ, ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ظَفِرَ بِهِ المَنْصُوْرُ, فَاعْتَقَلَهُ.(6/239)
848- السفاح 1:
الخَلِيْفَةُ, أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ القُرَشِيُّ, الهَاشِمِيُّ العَبَّاسِيُّ, أَوَّلُ الخُلَفَاءِ مِنْ بَنِي العَبَّاسِ.
كَانَ شَابّاً مَلِيْحاً مَهِيْباً أَبْيَضَ طَوِيْلاً وَقُوْراً هَربَ السَّفَّاحُ وَأَهْلُه مِنْ جَيْشِ مَرْوَانَ الحِمَارِ, وَأَتَوُا الكُوْفَةَ لَمَّا اسْتفحَلَ لَهُمُ الأَمْرُ
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 53"، فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "2/ 215-216"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 183".(6/239)
بِخُرَاسَانَ. ثُمَّ بُوْيِعَ فِي ثَالِثِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, ثُمَّ جَهَّزَ عَمَّهُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيٍّ فِي الجَيْشِ, فَالْتَقَى هُوَ وَمَرْوَانُ الحِمَارُ عَلَى كُشَافٍ, فَكَانَتْ وَقْعَةً عَظِيْمَةً, ثُمَّ تَفلَّلَ جَمْعُ مَرْوَانَ, وَانطوَتْ سَعَادتُهُ.
وَلكن لَمْ تَطُلْ أَيَّامُ السَّفَّاحِ, وَمَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, وَعَاشَ: ثمانيا وعشرين سنة, في قول.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ, وَابْنُ الكَلْبِيِّ: عَاشَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً, وَقَامَ بَعْدَهُ المَنْصُوْرُ أَخُوْهُ.
وَقِيْلَ: بَلْ مَوْلِدُه سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: خَرَجَ آلُ العَبَّاسِ هَارِبِيْنَ إِلَى الكُوْفَةِ, فَنَزَلُوا عَلَى أَبِي سَلَمَةَ الخَلاَّلِ, فَآوَاهُم فِي سربٍ فِي دَارِهِ. وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ قَدِ اسْتَولَى عَلَى خُرَاسَانَ, وَعَيَّنَ لَهُم يَوْماً يَخْرُجُوْنَ فِيْهِ, فَخَرَجُوا فِي جَمْعٍ كَثِيفٍ مِنَ الخَيَّالَةِ وَالحَمَّارَةِ وَالرَّجَّالَةِ فَنَزَلَ الخَلاَّلُ إِلَى السِّردَابِ وَصَاحَ: يَا عَبْدَ اللهِ مُدَّ يَدَكَ فَتَبَارَى إِلَيْهِ الأَخوَانِ فَقَالَ: أَيُّكمَا الَّذِي مَعَهُ العَلاَمَةُ?.
قَالَ المَنْصُوْرُ: فَعَلِمتُ أَنِّي أُخِّرتُ لأَنِّي لَمْ يَكُنْ مَعِي عَلاَمَةٌ. فَتَلاَ أَخِي العَلاَمَةَ, وَهِيَ {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّة} الآيَة [القَصَصُ: 5] . فَبَايَعَه أَبُو سَلَمَةَ, وَخَرَجُوا جَمِيْعاً إِلَى جَامِعِ الكُوْفَةِ, فَبُوْيِعَ, وَخَطَبَ فِي النَّاسِ, وَهُوَ يَقُوْلُ: فَأَمْلَى اللهُ لِبَنِي أُمَيَّةَ حِيْناً, فَلَمَّا آسَفُوْهُ, انْتقمَ مِنْهُم بِأَيْدِيْنَا وَرَدَّ عَلَيْنَا حقَّنَا فَأَنَا السَّفَّاحُ المُبِيْحُ وَالثَّائِرُ المُبِيْرُ. وَكَانَ مَوْعُوْكاً فَجَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ فَنهضَ عَمُّه دَاوُدُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَقَالَ إِنَّا وَاللهِ مَا خَرَجْنَا لِنحفِرَ نَهْراً وَلاَ لِنَبنِيَ قَصراً وَلاَ لِنكثِرَ مَالاً وَإِنَّمَا خَرَجْنَا أَنفَةً مِنِ ابْتزَازِهم حقَّنَا وَلَقَدْ كَانَتْ أُمُوْرُكُم تَتَّصلُ بِنَا لَكُم ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُوْلِه وَذِمَّةُ العَبَّاسِ أَنْ نَحكُمَ فِيْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَنَسِيْرَ فِيْكُم بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الأَمْرَ فِيْنَا لَيْسَ بِخَارِجٍ عَنَّا حَتَّى نُسلِمَهُ إِلَى عِيْسَى بنِ مَرْيَمَ.
فَقَامَ السَّيِّدُ الحِمْيَرِيُّ, وَقَالَ قَصِيدَةً. ثُمَّ نَزَلَ السَّفَّاحُ, وَدَخَلَ القَصرَ, وَأَجلسَ أَخَاهُ يَأْخُذُ بَيْعَةَ العَامَّةِ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: مَنْ شَدَّدَ نَفَّرَ, وَمَنْ لاَنَ تَألَّفَ. وَيُقَالُ: لَهُ هَذَانِ البَيْتَانِ:
يَا آلَ مَرْوَانَ إِنَّ اللهَ مُهْلِكُكُمْ ... وَمُبْدِلٌ أَمْنَكُمْ خَوْفاً وَتَشْرِيْدَا
لاَ عَمَّرَ اللهُ مِنْ أَنْسَالِكُم أَحَداً ... وَبَثَّكُمْ فِي بِلاَدِ اللهِ تَبدِيْدَا
ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الأَنْبَارِ, وَبِهَا تُوُفِّيَ.(6/240)
وَكَانَ إِذَا عَلِمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَعَادِياً, لَمْ يقبل شهادة ذا على ذا, ويقول: العَدَاوَةُ تُزِيلُ العَدَالَةَ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ جَهَّزَ مَنْ قَتَلَ أَبَا سَلَمَةَ الخَلاَّلَ الوَزِيْرَ بَعْدَ العَتَمَةِ غِيلَةً, بَعْدَ أَنْ قَامَ مِنَ السَّمَرِ عِنْدَ السَّفَّاحِ, فَقَالَتِ العَامَّةُ: قَتلَتْهُ الخَوَارِجُ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ مُهَاجِرٍ البَجَلِيُّ:
إِنَّ المَسَاءَةَ قَدْ تَسُرُّ وَرُبَّمَا ... كَانَ السُّرُوْرُ بِمَا كَرِهْتَ جديدا
إِنَّ الوَزِيْرَ وَزِيْرَ آلِ مُحَمَّدٍ ... أَوْدَى فَمَنْ يَشْنَاكَ كَانَ وَزِيْرَا
قُتلَ بَعْدَ البَيْعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَقِيْلَ: وَجَّهَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ السَّفَّاحِ مَشْيَخَةَ شَامِيِّينَ إِلَى السَّفَّاحِ لِيُعَجِّبَهُ مِنْهُم, فَحَلفُوا لَهُ: إِنَّهُم مَا عَلِمُوا لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَابَةً يَرِثُوْنَهُ سِوَى بَنِي أُمَيَّةَ, حَتَّى وُلِّيتُم.
وَعَنِ السَّفَّاحِ, قَالَ: إِذَا عَظمتِ القُدْرَةُ, قلَّتِ الشَّهْوَةُ, قَلَّ تَبرُّعٌ إلَّا وَمَعَهُ حَقٌّ مُضَاعٌ الصَّبْرُ حَسَنٌ إلَّا عَلَى مَا أَوْتَغَ1 الدِّيْنَ, وَأَوْهَنَ السُّلْطَانَ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: أَحضرَ السَّفَّاحُ جَوْهَراً مِنْ جَوَاهِرِ بَنِي أُمَيَّةَ, فَقسمَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ. وَكَانَ يُضرَبُ بِجُوْدِ السَّفَّاحِ المَثَلُ. وَكَانَ إِذَا تَعَادَى اثْنَانِ مِنْ خَاصَّتِهِ, لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الآخَرِ, ويقول: الضغائن تولد العداوة.
وَكَانَ يَحضرُ الغنَاءَ مِنْ وَرَاءِ سِتَارَةٍ, كَمَا كَانَ يَفْعَلُ أَزْدَشِيْرُ, وَيُجزِلُ العَطَاءَ.
وَلَمَّا جِيْءَ بِرَأْسِ مَرْوَانَ الحِمَارِ, سَجَدَ للهِ, وَقَالَ: أَخَذْنَا بِثأْرِ الحُسَيْنِ وَآلِهِ, وَقَتَلنَا مائَتَيْنِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بِهِم.
وَقِيْلَ: إِنَّ السَّفَّاحَ أَعْطَى عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ أَلْفَيْ أَلْفِ درهم.
__________
1 أوتغ: أفسد وأهلك.(6/241)
849- عبد الكريم بن مالك 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, عَالِمُ الجَزِيْرَةِ, أَبُو سَعِيْدٍ الجَزَرِيُّ, الحَرَّانِيُّ, مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ, وَأَصلُهُ مِنْ بَلَدِ إِصْطَخْرَ.
رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَعِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَطَاوُوْسٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ ,وَمُجَاهِدِ بنِ جَبْرٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ, وَشُعْبَةُ, وَمَعْمَرٌ, وَفُرَاتٌ القَزَّازُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ سِوَاهُم.
رَوَينَا مِنْ طَرِيْقِ الشَّافِعِيِّ, وَالقَعْنَبِيِّ, وَأَبِي مُصْعَبٍ, وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بنِ عجرة حديث: "أتُؤْذِيْكَ هَوَامُّكَ" 1 فِي الفِدْيَةِ. ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: غَلِطَ مَالِكٌ فِيْهِ, الحُفَّاظُ حَفِظُوهُ عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ، عَنْ مَالِكٍ -بِإِثبَاتِ مُجَاهِدٍ-: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَابْنُ وَهْبٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ, وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْهُ, وَسَمَاعُ هَؤُلاَءِ مِنْهُ قَدِيْمٌ. وَأَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ, مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ مُتَّصِلاً.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ, وَخَلِيْفَةُ: عَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ هُوَ ابْنُ عَمِّ خُصَيْفٍ لَحَّا2.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَبْدُ الكَرِيْمِ: ثِقَةٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ, عَنْهُ.
قَالَ الكَلاَبَاذِيُّ: حَدِيْثُهُ فِي تَفْسِيْرِ: اقْرَأْ, وَفِي النِّسَاءِ, وَالحَجِّ.
قَالَ أَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ: هُوَ ثَبتٌ عِنْدَ العَارِفِيْنَ بِالنَّقلِ, وَهُوَ خِضْرِمِيٌّ, نَزَلَ حَرَّانَ وَخِضْرِمَةُ: قرية باليمامة, ينسبون إليها.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1794"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 533" و"2/ 175 و692" و"3/ 362"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 310"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 132"، الكاشف "2/ ترجمة 3477" العبر "1/ 56 و289"، تاريخ الإسلام "5/ 140"، ميزان الاعتدال "2/ 645"، تهذيب التهذيب "6/ 373"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4405"، شذرات الذهب "1/ 173".
2 صحيح: أخرجه الطيالسي "1065"، وأحمد "4/ 242"، والبخاري "1817" و"1818" و"4159" و"4191"، وابن خزيمة "2677" و"2678"، والدارقطني "2/ 298"، والطبراني "19/ 244-227 و229"، والبيهقي "5/ 87" من طرق عَنِ ابْنِ أَبِي نُجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب بن عجرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآه وأنه يسقط على وجهه القمل فقال: أيؤذيك هوامك؟ قال: نعم. فأمره أن يحلق وهو بالحديبية، ولم يتبين لهم أنهم يحلون بها، وهم على طمع أن يدخلوا مكة، فأنزل الله الفدية، فأمره رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يطعم فرقا بين ستة، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام".
3 ابن عمي لحا: أي لازق النسب.(6/242)
الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بن مالك, وكان حافظًا, وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ, لاَ يَقُوْلُ إلَّا سَمِعْتُ وَحَدَّثَنَا وَرَأَيْتُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الكَرِيْمِ: ثِقَةٌ, هُوَ أَثْبَتُ مِنْ خُصَيْفٍ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى, وَسُئِلَ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ, فَقَالَ: ثِقَةٌ, وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الآخرُ لَيْسَ بِشَيْءٍ- يَعْنِي: ابْنَ أَبِي المُخَارِقِ, أَبَا أُمَيَّةَ البَصْرِيَّ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: قَدْ رَوَى مَالِكٌ -وَكَانَ يَنتقِي الرِّجَالَ- عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ, قَالَ حَدِيْثُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنْ عَطَاءٍ رَدِيْءٌ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ هُوَ الحَدِيْثُ الَّذِي رَوَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقبلها ولا يتوضأ1.
قُلْتُ هَذَا غَرِيْبٌ, فَرْدٌ, وَلَيْسَ هُوَ بِمَحْفُوْظٍ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ, فَأَحَادِيْثُه مُسْتقِيْمَةٌ
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: لَزمتُ عَبْدَ الكَرِيْمِ سَنَةً قُلْتُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ عِلْمِهِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ لِي عَلِيٌّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: لَمْ أَرَ مِثْلَهُ وَيُقَالُ: أَصلُهُ مِنْ إِصْطَخْرَ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ ثِقَةٌ, رَضِيٌّ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ثَبْتٌ, ثَبْتٌ, ثِقَةٌ.
وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ, وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ ابن حبان: أتوقف فيه.
أما:
__________
1 صحيح: أخرجه الدارقطني "1/ 137" من طريق الوليد بن صالح، أخبرنا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجزري, به. وأخرجه من طريق إسماعيل بن يعقوب بن صبيح، حدثنا محمد بن موسى بن أعين، حدثنا أبي، عن عبد الكريم الجزري، به. وأخرجه أبو داود "179"، والترمذي "86"، وابن ماجه "502"، وأحمد "6/ 210"، وابن جرير "9630" من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل امرأة من نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ قال عروة: فقلت لها: من هي إلا أنت؟ فضحكت".
وأخرجه الدارقطني "1/ 135" من طريق سعيد بن بشير، حدثني منصور، عن الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لقد كَانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبلني إذا خرج إلى الصلاة، وما يتوضأ" ثم قال الدارقطني: تفرد به سعيد بن بشير عن منصور عن الزهري، ولم يتابع عليه، وليس بقوي في الحديث. والمحفوظ عن الزهري، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبل وهو صائم. وكذلك رواه الحفاظ الثقات عن الزهري، منهم معمر وعقيل وابن أبي ذئب.(6/243)
أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ أَبِي المُخَارِقِ، كُرْز:
850- أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ أَبِي المُخَارِقِ 1: "ت، س، ق، م"
فَضَعِيْفُ الحَدِيْثِ, مُؤَدِّبٌ. يَرْوِي عَنْ: أَنَسٍ, وَعَنْ: مُجَاهِدٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ.
وَعَنْهُ أَيْضاً: مَالِكٌ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
وَكَانَ يَرَى الإِرْجَاءَ, مَعَ تَعَبُّدٍ وَخُشُوْعٍ. يُقَالُ: اسْمُ أَبِيْهِ قَيْسٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوْكٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَربتُ عَلَى حَدِيْثِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: اغْترَّ مَالِكٌ بِبُكَائِهِ فِي المَسْجِدِ, وَرَوَى عَنْهُ فِي الفَضَائِلِ.
قُلْتُ: اشْتركَ هُوَ وَالجَزَرِيُّ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ: ابْنِ جُبَيْرٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَالحَسَنِ, وَفِي مَوْتِهمَا: تُوُفِّيَا فِي عَامٍ واحد. وفي رواية مالك, والثوري, وابن جريح, عنهما, فربما اشتبها في بعض الأسنانيد.
851- كرز 2:
الزَّاهِدُ, القُدْوَةُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ كُرْزُ بنُ وَبَرَةَ الحَارِثِيُّ, الكُوْفِيُّ, نَزِيْلُ جُرْجَانَ, وَكَبِيْرُهَا, فَإِنَّهُ دَخَلَهَا غَازِياً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ, مَعَ يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ, فَاتَّخَذَ كُرْزٌ بِهَا مَسْجِداً بِقُربِ قَبْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ, وَنُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَطَارِقِ بنِ شِهَابٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَعَطَاءٍ, وَغَيْرِهِم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 252"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1797"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 425" و"3/ 45"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 311"، المجروحين لابن حبان "2/ 144"، الكاشف "2/ ترجمة 3479"، تاريخ الإسلام "5/ 103"، ميزان الاعتدال "2/ 646"، تهذيب التهذيب "6/ 376"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4407".
2 ترجمته في حلية الأولياء "5/ 79".(6/244)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَيْبَةَ عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ الوَصَّافِيُّ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَمُخْتَارٌ التَّمِيْمِيُّ, وَابْنُ شُبْرُمَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ الحَارِثِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: كَانَ يَسْكُنُ جُرْجَانَ, لَهُ الصِّيْتُ البَلِيْغُ فِي النُّسُكِ وَالتَّعَبُّدِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِي، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بنُ يُوْنُسَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى كُرْزٍ بَيْتَهُ, فَإِذَا عِنْدَ مُصَلاَّهُ حُفَيرَةٌ قَدْ مَلأَهَا تِبناً وَبَسطَ عَلَيْهَا كِسَاءً مِنْ طُوْلِ القِيَامِ فَكَانَ يَقْرَأُ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ القُرْآنَ ثَلاَثَ مرات1.
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ, حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ أَبُو عُثْمَانَ, سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: سَأَلَ كُرْزٌ رَبَّهُ أن يعطيه الاسم الأعظم علىإلَّا يَسْأَلَ بِهِ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا فَأُعْطِيَ فَسَأَلَ أَنْ يُقَوَّى حَتَّى يَخْتِمَ القُرْآنَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا ابْنُ مَالِكٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ, حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ, حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ -أَوْ عَنْ نَفْسِهِ- قَالَ كَانَ كُرْزٌ إِذَا خَرَجَ, أَمرَ بِالمَعْرُوْفِ فَيَضرِبُوْنَهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: لَمْ يَرْفَعْ كُرْزٌ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَكَانَ لَهُ عُوْدٌ عِنْدَ المِحْرَابِ, يَعتمدُ عَلَيْهِ إِذَا نَعِسَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي جَرِيْرُ بنُ زِيَادِ بنِ كُرْزٍ الحَارِثِيُّ، عَنْ شُجَاعِ بنِ صَبِيْحٍ مَوْلَى كُرْزِ بنِ وَبَرَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ المُكْتِبُ, قَالَ: صَحِبتُ كُرْزاً إِلَى مَكَّةَ, فَاحْتبسَ يَوْماً وَقْتَ الرَّحِيْلِ, فَانبثُّوا فِي طَلبِهِ, فَأَصبتُهُ فِي وَهْدَةٍ يُصَلِّي فِي سَاعَةٍ حَارَّةٍ, وَإِذَا سَحَابَةٌ تُظِلُّهُ, فَقَالَ لِي: اكْتُم هَذَا وَاسْتَحْلَفَنِي.
قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنِي جَرِيْرٌ، عَنِ النَّضْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَتْنِي رَوْضَةُ مَوْلاَةُ كُرْزٍ: قُلْتُ: مَنْ أَيْنَ يُنْفِقُ كُرْزٌ? قَالَتْ: كَانَ يَقُوْلُ لِي: يَا رَوْضَةُ! إِذَا أَرَدْتِ شَيْئاً فَخُذِي مِنْ هَذِهِ الكُوَةِ. فَكُنْتُ آخُذُ كُلَّمَا أردت.
__________
1 هذا مخالف لهدي النبي صلى لله عليه وسلم، فلم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص في قراءة القرآن في أقل من ثلاث. وكما ورد عند أبي داود "1394"، والترمذي "2950"، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاص مرفوعا بلفظ: "لم يفقه مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فِي أَقلَّ مِنْ ثَلاَثٍ". وهو حديث صحيح.(6/245)
وأنشد ابن شبرمة:
لو شئت كنت كرز فِي تَعَبُّدِهِ ... أَوْ كَابْنِ طَارِقٍ حَوْلَ البَيْتِ فِي الحَرَمِ
قَدْ حَالَ دُوْنَ لَذِيْذِ العَيْشِ خَوْفُهُمَا ... وَسَارَعَا فِي طِلاَبِ الفَوْزِ وَالكَرَمِ
عَنْ فُضَيْلِ بنِ غَزْوَانَ: كَانَ كُرْزٌ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ, فَيَحفِرُ الحُفَيرَةَ- يَعْنِي: تَحْتَ رِجْلَيْهِ. وَقِيْلَ: كَانَ كُرْزٌ لاَ يَنْزِلُ مَنْزِلاً إلَّا ابْتنَى فِيْهِ مَسْجِداً, فَيُصَلِّي فِيْهِ.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ السَّائِحِ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ, قَالَ: كَانَ كُرْزُ بنُ وَبَرَةَ مِنْ أَعَبْدِ النَّاسِ, وَكَانَ قَدِ امْتنعَ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى لَمْ يُوْجَدْ عليه من اللحمإلَّا بِقَدرِ مَا يُوْجَدُ عَلَى العُصْفُوْرِ, وَكَانَ يَطْوِي أَيَّاماً كَثِيْرَةً, وَكَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ لاَ يَرْفَعُ طَرْفَهُ يَمِيْناً وَلاَ شِمَالاً, وَكَانَ مِنَ المُحِبِّيْنَ المُخْبِتِيْنَ للهِ قَدْ وَلِهِ مِنْ ذَلِكَ, فَرُبَّمَا كُلِّمَ فَيُجِيْبُ بَعْد مُدَّةٍ مِنْ شِدَّةِ تَعلُّقِ قَلْبِهِ بِاللهِ وَاشْتِيَاقِهِ إِلَيْهِ.
ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ كُرْزٍ قَالَ: لاَ يَكُوْنَ العَبْدُ قَارِئاً, حَتَّى يَزْهَدَ فِي الدِّرْهَمِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ حُمَيْدٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ جُرْجَانَ، عَنْ أَبِيْهِ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي أَتَيْتُ عَلَى قُبُوْرِ أَهْلِ جُرْجَانَ, فَإِذَا هُمْ جُلُوْسٌ عَلَى قُبُوْرِهم عَلَيْهِم ثِيَابٌ بِيْضٌ فَقُلْتُ: يَا أَهْلَ القُبُوْرِ مَا لَكُم قَالُوا: إِنَّا كُسِينَا ثِيَاباً جُدداً لِقُدُوْمِ كُرْزِ بنِ وَبَرَةَ عَلَيْنَا.
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ زُهَّادُ السَّلَفِ وَعُبَّادُهُم, أَصْحَابَ خَوْفٍ, وَخُشُوْعٍ, وَتعَبُّدٍ وَقُنوعٍ, وَلاَ يَدْخُلُوْنَ فِي الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا, وَلاَ فِي عِبَارَاتٍ أَحْدَثهَا المُتَأَخِّرُوْنَ مِنَ الفَنَاءِ, وَالمَحْوِ, وَالاَصْطِلاَمِ, وَالاَتِّحَادِ, وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يُسَوِّغُهُ كِبَارُ العُلَمَاءِ.
فَنسَألُ اللهَ التَّوفِيْقَ, وَالإِخْلاَصَ, وَلُزومَ الاَتِّبَاعِ.(6/246)
852- عَطَاءٌ السَّلِيْمِيُّ 1:
البَصْرِيُّ العَابِدُ, مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ. أَدْرَكَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَسَمِعَ مِنَ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ وَجَعْفَرِ بنِ زَيْدٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ غَالِبٍ الزَّاهِدِ.
وَاشْتَغَل بِنَفْسِهِ عَنِ الرِّوَايَةِ.
رَوَى عَنْهُ: مُرَجَّى بنُ وَدَاعٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ, وخليد بن دعلج, وصالح المُرِّيُّ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَآخَرُوْنَ حِكَايَاتٍ, وَمَا أَظُنُّه رَوَى شَيْئاً مُسْنَداً.
وَكَانَ قَدْ أَرعبَهُ فَرطُ الخَوْفِ مِنَ اللهِ.
رَوَى جَمَاعَةٌ، عَنْ بِشْرِ بنِ مَنْصُوْرٍ, قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ السَّلِيْمِيِّ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَاراً أُشْعِلَتْ, ثُمَّ قِيْلَ: مَنِ اقْتَحَمهَا نَجَا, تَرَى كَانَ يَدْخُلُهَا أَحَدٌ? قَالَ: لَوْ قِيْلَ ذَلِكَ لَخشِيْتُ أَنْ تَخْرُجَ نَفْسِي فَرحاً قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَيْهَا.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ مُوَرِّعٍ: أَتَيْنَا عَطَاءً السَّلِيْمِيَّ, فَجَعَلَ يَقُوْلُ: لَيْتَ عَطَاءً لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ. وَكرَّرَ ذَلِكَ حَتَّى اصْفرَّتِ الشَّمْسُ.
وَكَانَ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ ارحمْ غُربتِي فِي الدُّنْيَا, وَارحمْ مَصْرَعِي عِنْدَ المَوْتِ, وَارحمْ قِيَامِي بَيْنَ يَدَيْكَ.
قَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ قَالَ: تَرَكتُ عَطَاءً السَّلِيْمِيَّ, فَمَكَثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً عَلَى فِرَاشِهِ لاَ يَقُوْمُ مِنَ الخَوْفِ, وَلاَ يَخْرُجُ وَكَانَ يَتَوَضَّأُ عَلَى فِرَاشِهِ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: اشْتَدَّ خَوْفُهُ, فَكَانَ لاَ يَسْأَلُ الجَنَّةَ, بَلْ يَسْأَلُ العَفْوَ.
وَيُقَالُ: نَسِيَ عَطَاءٌ القُرْآنَ مِنَ الخَوْفِ. وَيقُوْلُ: الْتَمِسُوا لِي أَحَادِيْثَ الرُّخَصِ, لِيخِفَّ مَا بِي.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا بَكَى بَكَى ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيْهَا.
قَالَ صَالِحٌ المُرِّيُّ: قُلْتُ لَهُ: يَا شَيْخُ! قَدْ خَدَعَك إِبْلِيْسُ, فَلَوْ شَربتَ مَا تَقْوَى بِهِ على صلاتك ووضوئك؟ فأعطاني ثلاثة درهم, وَقَالَ: تَعَاهدنِي كُلَّ يَوْمٍ بِشربَةِ سَوِيْقٍ. فَشَرِبَ يَوْمَيْنِ, وَتَركَ, وَقَالَ: يَا صَالِحُ إِذَا ذَكرتُ جَهَنَّمَ مَا يَسعُنِي طَعَامٌ وَلاَ شَرَابٌ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ بَكَى حَتَّى عَمِشَ, وَرُبَّمَا غُشِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ المَوْعِظَةِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَةً فَغُشِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
وَعَنْ خُلَيْدِ بنِ دَعْلَجَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَطَاءٍ السَّلِيْمِيِّ, فَقِيْلَ: لَهُ إِنَّ ابْنَ عَلِيٍّ قَتَلَ أَرْبَعَ مائَةٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى دَمٍ وَاحِدٍ فَقَالَ مُتَنَفِّساً: هَاه ثُمَّ خَرَّ مَيِّتاً.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا جَاءَ بَرْقٌ, وَرِيْحٌ, وَرَعدٌ قَالَ: هَذَا مِنْ أَجَلِي يُصِيْبُكُم لَوْ مِتُّ اسْترَاحَ النَّاسُ وَلِعَطَاءٍ حِكَايَاتٌ فِي الخَوْفِ وَإِزْرَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. رَحْمَةُ اللهِ عليه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3029"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 366".(6/247)
زيد بن أبي أنيسة، ربيعة:
853- زيد بن أبي أنيسة 1: / "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثَّبْتُ, أَبُو أُسَامَةَ الجَزَرِيُّ, الرُّهَاوِيُّ, الغَنَوِيُّ, مَوْلَى آلِ غَنِيِّ بنِ أَعْصُرَ. كَانَ عَالِمَ الجَزِيْرَةِ فِي زَمَانِهِ, وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ شُعْبَةَ وَمَالِكٍ, لَكِنَّهُ قَدِيْمُ المَوْتِ تُوُفِّيَ كَهْلاً, فِي أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ, وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ, وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ, وَطَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ, وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ, وَعَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَنُعَيْمٍ المُجْمِرِ, وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ, حَتَّى إِنَّهُ يَرْوِي عَنِ أَصحَابِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَنِيْفَةَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَمَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الجَزَرِيُّ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحِيْمِ خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قَالَ ابْنُ سعد: كان ثقة, فقيهًا, رواية لِلْعِلْمِ, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: كَانَ يَسْكُنُ مَدِيْنَة الرُّهَا, وَقَعَ لِي جُزءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يَبلُغِ الأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَفِي "تَارِيْخِ البُخَارِيِّ": أنه عاش ستا وثلاثين سنة.
854- ربيعة 2: "ع"
ابن أبي عبد الرحمن فروخ الإِمَامُ, مُفْتِي المَدِيْنَةِ, وَعَالِمُ الوَقْتِ, أَبُو عُثْمَانَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 481"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1292"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 527" و"2/ 451" و"3/ 43"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2517"، تاريخ الإسلام "5/ 76"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 131"، الكاشف "1/ ترجمة 1740"، ميزان الاعتدال "2/ 98"، تهذيب التهذيب "3/ 397"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2143"، وشذرات الذهب "1/ 166".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 976"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2131"، الحلية لأبي نعيم "3/ ترجمة 241"، تاريخ بغداد "8/ 420"، وفيت الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 232" تاريخ الإسلام "5/ 245"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 153"، الكاشف "1/ ترجمة 1563"، وميزان الاعتدال "2/ 44"، تهذيب التهذيب "3/ 258"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2044"، شذرات الذهب "1/ 194".(6/248)
وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ -القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُم, المَشْهُوْرُ بِرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ, مِنْ مَوَالِي آلِ المُنْكَدِرِ.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَالحَارِثِ بنِ بِلاَلِ بنِ الحَارِثِ, وَيَزِيْدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ, وَحَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ, وَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَسُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ سَعِيْدِ بنِ سُوَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ, وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ, وَهُمْ مِنْ أَقْرَانِهِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَشُعْبَةُ, وَعُقَيْلُ بنُ خَالِدٍ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَمَالِكٌ, وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَمِسْعَرٌ, وَعُمَارَةُ بنُ غزية, ونافع القارىء, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ المَصِّيْصِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, قَالَ: بَكَى رَبِيْعَةُ يَوْماً. فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ? قَالَ: رِيَاءٌ حَاضِرٌ, وَشَهْوَةٌ خَفِيَّةٌ, وَالنَّاسُ عِنْدَ عُلَمَائِهِم كَصِبْيَانٍ فِي حُجُوْرِ أُمَّهَاتِهم, إِنْ أَمرُوهم ائْتَمرُوا وَإِنْ نَهوهُم انْتَهَوْا?!.
وَرَوَى ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ رَجَاءِ بنِ جَمِيْلٍ, قَالَ: قَالَ رَبِيْعَةُ: رَأَيْتُ الرَّأيَ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ تَبِعَةِ الحَدِيْثِ.
قَالَ الأُوَيْسِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ لابْنِ شِهَابٍ: إِنَّ حَالِي لَيْسَتْ تُشبِهُ حَالَكَ. قَالَ: وَكَيْفَ? قَالَ: أَنَا أَقُوْلُ بِرَأْيٍ مَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ, وَأَنْتَ تُحدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُحْفَظُ.
قَالَ أَبُو ضَمْرَةَ: وَقفَ رَبِيْعَةُ عَلَى قَوْمٍ يَتذَاكَرُوْنَ القَدَرَ, فَقَالَ مَا مَعنَاهُ: إِنْ كُنْتُم صَادِقِيْنَ, فَلَمَا فِي أَيْدِيكُم أَعْظَمُ مِمَّا فِي يَدِي رَبِّكُم إِنْ كَانَ الخَيْرُ وَالشَّرُّ بِأَيْدِيْكُم.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ" حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: قَالَ رَبِيْعَةُ, وَسُئِلَ: كَيْفَ اسْتوَى؟ فَقَالَ: الكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُوْلٍ, وَعَلَى الرَّسُوْلِ البَلاَغُ وَعَلَيْنَا التَّصْدِيْقُ.
وَصَحَّ عَنْ رَبِيْعَةَ قَالَ: العِلْمُ وَسِيْلَةٌ إِلَى كُلِّ فَضِيلَةٍ.(6/249)
قَالَ مَالِكٌ: قَدِمَ رَبِيْعَةُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ, فَأَمرَ لَهُ بِجَارِيَةٍ, فَأَبَى, فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلاَفٍ لِيَشْتَرِيَ بِهَا جَارِيَةً فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا.
وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ: أَنفقَ رَبِيْعَةُ عَلَى إِخْوَانِهِ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ, ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُ إِخْوَانَهُ فِي إِخْوَانِهِ.
النَّسَائِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ وَزِيْرٍ, حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: كُنَّا إِذَا رَأَينَا طَالباً لِلْحَدِيْثِ يَغْشَى ثَلاَثَةً ضَحِكنَا مِنْهُ: رَبِيْعَةَ, وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ, وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ, لأَنَّهم كَانُوا لاَ يُتقنُوْنَ الحَدِيْثَ.
رَوَى مُطَرِّفٌ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ هُرْمُزَ: رَأَيْتُ رَبِيْعَةَ جُلِدَ, وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ. قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: كَانَ سَبَبُهُ سَعَايَةَ أَبِي الزِّنَادِ بِهِ.
قَالَ مُطَرِّفٌ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: ذَهَبتْ حَلاَوَةُ الفِقْهِ مُنْذُ مَاتَ رَبِيْعَةُ.
قُلْتُ: وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ. وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَجَمَاعَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبُو الزِّنَادِ أَعْلَمُ مِنْهُ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ, أَحَدُ مُفْتِي المَدِيْنَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَبِيْعَةُ, وَعُمَرُ مَوْلَى غَفَرَةَ ابْنَا خَالَةٍ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يُقَالُ لَهُ: رَبِيْعَةُ الرَّأْيُ, وَكَانَ صَاحِبَ الفَتْوَى بِالمَدِيْنَةِ, وَكَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ وَجُوْهُ النَّاسِ, كَانَ يُحصَى فِي مَجْلِسِهِ أَرْبَعُوْنَ مُعْتَمّاً.
وَعَنْهُ أَخَذَ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
وَرَوَى اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفطنَ مِنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَرَوَى اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قَالَ: هُوَ صَاحِبُ مُعْضِلاَتِنَا, وَعَالِمُنَا وَأَفَضْلُنَا.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ قَالَ: مَكَثَ رَبِيْعَةُ دَهْراً طَوِيْلاً, عَابِداً يُصَلِّي اللَّيلَ وَالنَّهَارَ, صَاحِبَ عِبَادَةٍ ثُمَّ نَزعَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ جَالَسَ القَوْمَ قَالَ: فَجَالَسَ القَاسِمَ فَنطقَ بِلُبٍّ وَعَقلٍ قَالَ: وَكَانَ القَاسِمُ إِذَا سُئِلَ، عَنْ شَيْءٍ قَالَ: سَلُوا هَذَا لِرَبِيْعَةَ فَإِنْ كَانَ فِي كِتَابِ اللهِ أَخْبَرَهُم بِهِ القَاسِمُ أَوْ فِي سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِلاَّ قَالَ سَلُوا رَبِيْعَةَ أَوْ سَالِماً.(6/250)
الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُجَالِسُ رَبِيْعَةَ, فَإِذَا غَابَ رَبِيْعَةُ, حَدَّثَهم يَحْيَى أَحْسَنَ الحَدِيْثِ- وَكَانَ كَثِيْرَ الحَدِيْثِ- فَإِذَا حَضَرَ رَبِيْعَةُ, كفَّ يَحْيَى إِجْلاَلاً لِرَبِيْعَةَ, وَلَيْسَ رَبِيْعَةُ أَسنَّ مِنْهُ, وَهُوَ فِيْمَا هُوَ فِيْهِ, وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُبجِّلاً لِصَاحِبِهِ.
وَرَوَى مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ، عَنْ سَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيِّ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ قُلْتُ: وَلاَ الحَسَنُ وَابْنُ سِيْرِيْنَ? قَالَ: وَلاَ الحَسَنُ, وَابْنُ سِيْرِيْنَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ, قَالَ: لَمَّا جِئْتُ العِرَاقَ, جَاءنِي أَهْلُ العِرَاقِ, فَقَالُوا: حَدِّثْنَا، عَنْ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ فَقُلْتُ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ! تَقُوْلُوْنَ: رَبِيْعَةُ الرَّأْيُ, وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِسُنَّةٍ مِنْهُ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدٍ, قَالَ: صَارَ رَبِيْعَةُ إِلَى فِقهٍ وَفَضْلٍ, وَمَا كَانَ بِالمَدِيْنَةِ رَجُلٌ أَسْخَى بِمَا فِي يَدَيْهِ لِصَدِيْقٍ, أَوْ لابْنِ صَدِيْقٍ أَوْ لِباغٍ يَبتغِيهِ مِنْهُ كَانَ يَسْتَصْحِبُهُ القَوْمُ, فَيَأْبَى صُحْبَةَ أَحَدٍ, إلَّا أَحَداً لاَ يَتزوَّدُ مَعَهُ, وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَا يَحْمِلُ ذَلِكَ.
ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ, قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَبِيْعَةُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي العَبَّاسِ, أَمرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِهَا جَارِيَةً حِيْنَ أَبَى أَنْ يقبلها فأبى أن يقبلها.
وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ رَبِيْعَةَ قَالَ: قَالَ لِي حِيْنَ أَرَادَ العِرَاقَ: إِنْ سَمِعْتَ أَنِّي حَدَّثْتُهم, أَوْ أَفْتَيْتُهم فَلاَ تَعُدَّنِي شَيْئاً. قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ, لَمَّا قَدِمهَا لَزمَ بَيْتَهُ, فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِم, وَلَمْ يُحَدِّثْهُم بِشَيْءٍ حَتَّى رَجَعَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ المَسْجِدَ, فَإِذَا رَبِيْعَةُ جَالِسٌ, وَقَدْ أَحَدقَ بِهِ غِلمَانُ أَهْلِ الرَّأْيِ, فَسَألتُهُ: أَسَمِعْتَ مِنْ أَنَسٍ شَيْئاً؟ قَالَ: حَدِيْثَيْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ رَبِيْعَةُ فَقِيْهاً, عَالِماً, حَافِظاً لِلْفِقْهِ وَالحَدِيْثِ, قَدِمَ عَلَى السَّفَّاحِ الأَنْبَارَ, وَكَانَ أَقدَمَهُ لِيُولِّيَهُ القَضَاءَ. فَيُقَالُ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ بِالأَنْبَارِ وَيُقَالُ بَلْ تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ بِالمَدِيْنَةِ, فِيْمَا أَخْبَرَنِي بِهِ الوَاقِدِيُّ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ: مَاتَ بِالأَنْبَارِ, وَكَانَ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ, وَكَانُوا يَتَّقُونَهُ لِمَوْضِعِ الرَّأيِ. وَكَذَا أرخه جماعة.(6/251)
قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: ذَهَبتْ حَلاَوَةُ الفِقْهِ مُنْذُ مَاتَ رَبِيْعَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
ذِكْرُ حِكَايَةٍ بَاطِلَةٍ قَدْ رُوِيَتْ: فَأَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الكِنْدِيُّ، أَنْبَأَنَا القَزَّازُ، أَنْبَأَنَا الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَاذَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ المَالِكِيُّ بِمِصْرَ, حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ الخَفَّافُ, حَدَّثَنِي مَشْيَخَةُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ أَنَّ فَرُّوْخَ وَالِدَ رَبِيْعَةَ خَرَجَ فِي البُعوثِ إِلَى خُرَاسَانَ أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ غَازِياً, وَرَبِيْعَةُ حِملٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ, وَخلَّفَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أُمِّ رَبِيْعَةَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ, فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْد سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً, وَهُوَ رَاكِبُ فَرسٍ فِي يَدِهِ رُمْحٌ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ, ثُمَّ دَفعَ البَابَ بِرُمْحِهِ فَخَرَجَ رَبِيْعَةُ فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللهِ أَتَهجمُ عَلَى مَنْزِلِي فَقَالَ: لاَ وَقَالَ: فَرُّوْخٌ يَا عَدُوَّ اللهِ أَنْتَ رَجُلٌ دَخَلتَ عَلَى حُرمَتِي فَتَوَاثبَا وَتَلبَّثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ حَتَّى اجْتَمَعَ الجِيْرَانُ فَبَلَغَ مَالِكَ بنَ أَنَسٍ وَالمَشْيَخَةَ فَأَتَوْا يُعِيْنُوْنَ رَبِيْعَةَ فَجَعَلَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ فَارقتُكَ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَجَعَلَ فَرُّوْخٌ يَقُوْلُ: كَذَلِكَ وَيَقُوْلُ: وَأَنْتَ مَعَ امْرَأَتِي وَكثُرَ الضَّجِيْجُ فَلَمَّا أَبصَرُوا بِمَالِكٍ سَكتَ النَّاسُ كُلُّهُم فَقَالَ: مَالِكٌ أَيُّهَا الشَّيْخُ لَكَ سَعَةٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الدَّارِ فَقَالَ الشَّيْخُ: هِيَ دَارِي وَأَنَا فَرُّوْخٌ مَوْلَى بَنِي فُلاَنٍ فَسَمِعَتِ امْرَأَتُه كَلاَمَهُ فَخَرَجتْ فَقَالَتْ: هَذَا زَوْجِي. وَهَذَا ابْنِي الَّذِي خَلَّفتَهُ وَأَنَا حَامِلٌ بِهِ فَاعْتَنَقَا جَمِيْعاً وَبَكَيَا فَدَخَلَ فَرُّوْخٌ المَنْزِلَ وَقَالَ: هَذَا ابْنِي قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: فَأَخرِجِي المَالَ الَّذِي عِنْدَكَ وَهَذِهِ مَعِي أَرْبَعَةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ قَالَتْ: المَالُ قَدْ دَفنتُهُ وَأَنَا أُخْرِجُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ.
فَخَرَجَ رَبِيْعَةُ إِلَى المَسْجِدِ وَجَلَسَ فِي حَلقَتِهِ وَأَتَاهُ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ وَالحَسَنُ بنُ زَيْدٍ وَابْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهْبِيُّ وَالمُسَاحِقِيُّ وَأَشرَافُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ وَأَحدَقَ النَّاسُ بِهِ.
فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: اخْرُجْ صَلِّ فِي مَسْجِدِ الرَّسُوْلِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَرَجَ, فَصَلَّى, فَنَظَرَ إِلَى حَلْقَةٍ وَافرَةٍ, فَأَتَاهُ, فَوَقَفَ عَلَيْهِ, فَفرَّجُوا لَهُ قَلِيْلاً, وَنكَّسَ رَبِيْعَةُ رَأْسَهُ يُوْهِمُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَعَلَيْهِ طَوِيْلَةٌ فَشكَّ فِيْهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ قَالُوا لَهُ: هَذَا رَبِيْعَةُ بنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: لَقَدْ رَفعَ اللهُ ابْنِي فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ لِوَالِدتِهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ وَلدَكِ فِي حَالَةٍ مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفِقْهِ عَلَيْهَا فَقَالَتْ أُمُّهُ: فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ثَلاَثُوْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ أَوْ هَذَا الَّذِي هُوَ فِيْهِ مِنَ الجَاهِ قَالَ: لاَ وَاللهِ إلَّا هَذَا قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَنفقتُ المَالَ كُلَّهُ عَلَيْهِ قَالَ فَوَاللهِ مَا ضَيَّعْتِهِ.
قُلْتُ: لَوْ صَحَّ ذَلِكَ, لَكَانَ يَكْفِيْهِ أَلفُ دِيْنَارٍ فِي السَّبْعِ وَالعِشْرِيْنَ سَنَةً, بَلْ نِصْفُهَا فَهَذِهِ مُجَازَفَةٌ بَعِيْدَةٌ ثُمَّ لَمَّا كَانَ رَبِيْعَةُ ابْنَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً كَانَ شَابّاً لاَ حَلْقَةَ لَهُ بَلِ الدَّسْتُ لِمِثلِ(6/252)
سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَمَشَايِخِ رَبِيْعَةَ, وَكَانَ مَالِكٌ لَمْ يُوْلَدْ بَعْدُ, أَوْ هُوَ رَضِيعٌ. وَالطَّوِيْلَةُ: إِنَّمَا أَخْرَجَهَا لِلنَّاسِ المَنْصُوْرُ بَعْدَ مَوْتِ رَبِيْعَةَ, وَالحَسَنُ بنُ زَيْدٍ, وَإِنَّمَا كَبِرَ وَاشتهرَ بَعْدَ رَبِيْعَةَ بِدَهْرٍ, وَإِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ, وَلَعَلَّهُ قَدْ جَرَى بَعْضُ ذَلِكَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بنُ اللَّيْثِ اللَّبَّانُ وَزَيْدُ بنُ هِبَةِ اللهِ البَيِّعُ بِبَغْدَادَ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَبْدِ البَاقِي بنِ قَفَرْجَلَ، أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أنبأنا عبد الواحد ابن مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي إِمْلاَءً, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ سَألَ رَافِعَ بنَ خَدِيْجٍ، عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ فَقَالَ: "نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ فَقُلْتُ: أَبِالذَّهَبِ وَالوَرِقِ? قَالَ أَمَّا الذَّهَبُ وَالوَرِقُ فَلاَ بَأْسَ بِهِ".
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, عَالٍ أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ قُتَيْبَةَ كِلاَهُمَا، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ1.
قَالَ ابْنُ القَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ: قَدِمَ الزُّهْرِيُّ, فَأَخَذَ بِيَدِ رَبِيْعَةَ, وَدَخَلاَ المَنْزِلَ, فَمَا خَرَجَا إِلَى العَصْرِ. وَخَرَجَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُوْلُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ بِالمَدِيْنَةِ مِثْلَ رَبِيْعَةَ وَخَرَجَ رَبِيْعَةُ وَهُوَ يَقُوْلُ نَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، عَنْ يُوْنُسَ: شهدت أبا حنيفة في مَجْلِسِ رَبِيْعَةَ, مَجهودُهُ أَنْ يَفهمَ مَا يَقُوْلُ رَبِيْعَةُ.
مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ أَخِي يَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ: أَنَّ رَجُلاً سَألَ ابْنَ هُرْمُزَ، عَنْ بَولِ الحِمَارِ, فَقَالَ: نَجِسٌ. قَالَ: فَإِنَّ رَبِيْعَةَ لاَ يَرَى بِهِ بَأْساً قَالَ: لاَ عَلَيْكَ إلَّا تَذْكُرَ هَنَاتِ رَبِيْعَةَ, فَلَرُبَّمَا تَكَلَّمْنَا فِي المَسْأَلَةِ نُخَالفُهُ فِيْهَا ثُمَّ نَرجِعُ إِلَى قَوْلِه بَعْدَ سَنَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ: اعْتَمَمْتُ وَمَا فِي وَجْهِي شَعرَةٌ, وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ رَبِيْعَةَ بِضْعَةً وَثَلاَثِيْنَ مُعْتَمّاً.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجَشُوْنِ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحوطَ لِسُنَّةٍ مِنْ رَبِيْعَةَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ ربيعة أعجل شيء جوابًا.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "2/ 711"، ومن طريقه مسلم "1574" "115"، وأبو داود "3393" كلهم عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به. وأخرجه البخاري "2346" و"2347" من طريق الليث، عن ربيعة ابن أبي عبد الرحمن، به.(6/253)
855- "أبو حازم" 1: "ع"
سلمة بن دينار, الإِمَامُ, القُدْوَةُ, الوَاعِظُ, شَيْخُ المَدِيْنَةِ النَّبَويَّةِ, أَبُو حَازِمٍ المَدِيْنِيُّ المَخْزُوْمِيُّ, مَوْلاَهُمُ الأَعْرَجُ, الأَفزرُ2 التَّمَّارُ, القَاصُّ, الزَّاهِدُ.
وَقِيْلَ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي لَيْثٍ. وُلِدَ: فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ, وَابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَى عَنْ: سَهْلِ بنِ سَعْدٍ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ, وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ, وَعُمَارَةَ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مقسم, ومسلم بن قرط, وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ, وَأَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيْلٍ: وَبَعْجَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الجُهَنِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ, وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ شِهَابٍ وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ, وعمارة بن غزية, وزيد ابن أَبِي أُنَيْسَةَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, وَالحَمَّادَانِ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَمَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ, وَمُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ, وَهِشَامُ ابن سَعْدٍ, وَفُضَيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعُمَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَأَحْمَدُ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ ثِقَةٌ, لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ.
قَالَ يَحْيَى الوُحَاظِيُّ: قُلْتُ لابْنِ أَبِي حَازِمٍ: أَسَمِعَ أَبُوْكَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: مَنْ حَدَّثكَ أَنَّ أَبِي سَمِعَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرَ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ فَقَدْ كَذَبَ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ: إِنِّي لأَعظُ وَمَا أَرَى مَوْضِعاً وما أراد إلَّا نَفْسِي.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْهُ قَالَ: اشْتدَّتْ مُؤنَةُ الدِّيْنِ وَالدُّنْيَا. قِيْلَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: أَمَّا الدِّيْنُ, فَلاَ تَجدُ عَلَيْهِ أَعْوَاناً وَأَمَّا الدنيا فلا تمد يدك إلى شيء منهاإلَّا وَجَدْتَ فَاجراً قَدْ سَبقكَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ عَنْهُ أَيْضاً: لَيْسَ لِلْمُلُوْكِ صَدِيْقٌ وَلاَ لِلْحَسُودِ رَاحَةٌ والنظر في العواقب تلقيح العقول.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2016"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 701"، وحلية الأولياء "3/ ترجمة 240"، تاريخ الإسلام "5/ 257"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 119"، الكاشف "1/ ترجمة 2084"، تهذيب التهذيب "4/ 143"، الخزرجي "1/ 2627"، شذرات الذهب "1/ 208".
2 الأفزر: هو الأحدب الذي في ظهره عجرة عظيمة.(6/254)
قَالَ سُفْيَانُ: فَذَاكرتُ الزُّهْرِيَّ هَذِهِ الكَلِمَاتِ, فَقَالَ: كَانَ أَبُو حَازِمٍ جَارِي, وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُحسِنُ مِثْلَ هَذَا.
وَرَوَى عُبَيْدُ اللهِ عَنْ عُمَرَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: لاَ تَكُوْنُ عَالِماً حَتَّى يَكُوْنَ فِيْكَ ثَلاَثُ خِصَالٍ: لاَ تَبغِ عَلَى مَنْ فَوْقَكَ, وَلاَ تَحقِرْ مَنْ دُوْنكَ, وَلاَ تَأخُذْ عَلَى عِلْمِكَ دُنْيَا.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: مَا أَحببتَ أَنْ يَكُوْنَ مَعَكَ فِي الآخِرَةِ فَاترُكْهُ اليَوْمَ وَقَالَ: انْظُرْ كُلَّ عَملٍ كَرهتَ المَوْتَ مِنْ أَجْلِهِ فَاترُكْهُ ثُمَّ لاَ يَضرُّكَ مَتَى مِتَّ.
وَقَالَ: يَسِيْرُ الدُّنْيَا يُشغِلُ عَنْ كَثِيْرِ الآخِرَةِ. وَقَالَ: انْظُرِ الَّذِي يُصلِحُكَ فَاعملْ بِهِ, وَإِنْ كَانَ فَسَاداً لِلنَّاسِ وَانظُرِ الَّذِي يُفسِدُكَ فَدَعْهُ وَإِنْ كَانَ صَلاَحاً لِلنَّاسِ.
وَعَنْهُ قَالَ: شَيْئَانِ إِذَا عَمِلتَ بِهِمَا, أَصبتَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, لاَ أُطوِّلُ عَلَيْكَ. قِيْلَ: مَا هُمَا؟ قَالَ تَحْمِلُ مَا تَكرَهُ إِذَا أَحَبَّهُ اللهُ, وَتتركُ مَا تُحبُّ إِذَا كَرِهَهُ اللهُ.
وَعَنْهُ: نِعمَةُ اللهِ فِيْمَا زَوَى عَنِّي مِنَ الدُّنْيَا, أَعْظَمُ مِنْ نِعمَتِهِ فِيْمَا أَعْطَانِي مِنْهَا, لأَنِّي رَأَيْتُهُ أَعْطَاهَا قَوْماً فَهَلكُوا.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ لِجُلسَائِهِ, وَحَلَفَ لَهُم: لَقَدْ رَضِيْتُ مِنْكُم أَنْ يُبقِيَ أَحَدُكُم عَلَى دِيْنِهِ كَمَا يُبْقِي عَلَى نَعْلِهِ.
أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُوْلُ: لاَ تُعَادِيَنَّ رَجُلاً وَلاَ تُنَاصِبنَّهُ حَتَّى تَنْظُرَ إِلَى سَرِيْرتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ, فَإِنْ يَكُنْ لَهُ سَرِيْرَةٌ حَسَنَةٌ, فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيَخذِلَهُ بِعَدَاوتِكَ, وَإِنْ كَانَتْ لَهُ سَرِيْرَةٌ رَدِيئَةٌ, فَقَدْ كَفَاكَ مَسَاوِئَهُ, وَلَوْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْمَلَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَعَاصِي اللهِ, لَمْ تَقْدِرْ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ المَدَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: قُلْتُ لأَبِي حَازِمٍ: إِنِّي لأَجِدُ شَيْئاً يُحزِنُنِي. قَالَ: وَمَا هُوَ يَا ابْنَ أَخِي؟ قُلْتُ: حُبِّي لِلدُّنْيَا قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا أُعَاتبُ نَفْسِي عَلَى بَعْضِ شَيْءٍ حَبَّبَهُ اللهُ إِلَيَّ لأَنَّ اللهَ قَدْ حَبَّبَ هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَيْنَا, لِتكُنْ مُعَاتبتُنَا أَنْفُسَنَا فِي غَيْرِ هَذَا إلَّا يَدْعُوْنَا حُبُّهَا إِلَى أَنْ نَأخذَ شَيْئاً مِنْ شَيْءٍ يَكرهُهُ اللهُ وَلاَ أَنْ نَمنعَ شَيْئاً مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّهُ اللهُ فَإِذَا فَعَلنَا ذَلِكَ لَمْ يَضرَّنَا حُبُّنَا إِيَّاهَا.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ ثَوَابَةَ بنِ رَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: وَمَا إِبْلِيْسُ؟ لَقَدْ عُصِيَ فَمَا ضَرَّ, وَلَقَدْ أُطِيْعَ فَمَا نَفعَ.(6/255)
وَعَنْهُ: مَا الدُّنْيَا? مَا مَضَى مِنْهَا, فَحُلُمٌ وَمَا بَقِيَ مِنْهَا, فَأَمَانِي.
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ عبد الرحمن، عن أبي حازم قال: السيء الخُلُقِ أَشْقَى النَّاسِ بِهِ نَفْسُهُ الَّتِي بَيْنَ جنبيه ي مِنْهُ فِي بَلاَءٍ ثُمَّ زَوْجَتُهُ, ثُمَّ وَلَدُهُ, حَتَّى إِنَّهُ لَيَدخُلُ بَيْتَهُ, وَإِنَّهُم لَفِي سُرُوْرٍ فَيَسْمَعُوْنَ صَوْتَهُ فَيَنفِرُوْنَ عَنْهُ فَرَقاً مِنْهُ, وَحَتَّى إِنَّ دَابَّتَهُ تَحِيْدُ مِمَّا يَرمِيهَا بِالحِجَارَةِ, وَإِنَّ كَلْبَهُ لَيَرَاهُ فَيَنْزُو عَلَى الجِدَارِ, حَتَّى إِنَّ قِطَّهُ لَيَفِرُّ مِنْهُ.
رَوَى أَبُو نُبَاتَةَ المَدَنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ, قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ لَمَّا حَضرَهُ المَوْتُ, فَقُلْنَا: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ أَجِدُنِي بِخَيْرٍ رَاجِياً للهِ, حَسَنَ الظَنِّ بِهِ, إِنَّهُ وَاللهِ- مَا يَسْتَوِي مَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ يَعْمُرُ عقدَ الآخِرَةِ لِنَفْسِهِ فَيُقَدِّمهَا أَمَامَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ المَوْتُ, حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْهَا, فَيَقُومُ لَهَا وَتَقُوْمُ لَهُ وَمَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ فِي عقدِ الدُّنْيَا يَعْمُرُهَا لِغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ إِلَى الآخِرَةِ لاَ حَظَّ لَهُ فِيْهَا وَلاَ نَصِيْبَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً الحِكْمَةُ أَقْرَبُ إِلَى فِيْهِ مِنْ أَبِي حَازِمٍ.
يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: تَجدُ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِالمَعَاصِي فَإِذَا قِيْلَ: لَهُ أَتُحبُّ المَوْتَ قَالَ: لاَ وَكَيْفَ وَعِنْدِي مَا عِنْدِي فَيُقَالُ لَهُ: أَفَلاَ تَترُكُ مَا تَعْمَلُ فَيَقُوْلُ: مَا أُرِيْدُ تَرْكَهُ وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَمُوْتَ حَتَّى أَترُكَهَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: وَجَدْتُ الدُّنْيَا شَيْئَيْنِ: فَشَيْئاً هُوَ لِي وَشَيْئاً لِغَيْرِي فَأَمَّا مَا كَانَ لِغَيْرِي فَلَوْ طَلبتُهُ بِحِيْلَةِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَمْ أَصِلْ إِلَيْهِ, فَيُمنعُ رِزْقُ غَيْرِي مِنِّي كَمَا يُمْنَعُ رِزقِي مِنْ غَيْرِي. يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: كُلُّ عَملٍ تَكرَهُ مِنْ أَجْلِهِ المَوْتَ فَاترُكْهُ ثُمَّ لاَ يَضرُّكَ مَتَى مِتَّ.
مُحَمَّدُ بنُ مُطَرِّفٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ: لاَ يُحسِنُ عَبْدٌ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ إلَّا أَحْسَنَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ العِبَادِ وَلاَ يُعوِّرُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ, إلَّا عَوَّرَ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ العِبَادِ, لَمُصَانَعَةُ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَيسرُ مِنْ مُصَانَعَةِ الوُجُوْهِ كُلِّهَا إِنَّكَ إِذَا صَانَعْتَهُ مَالتِ الوُجُوْهُ كُلُّهَا إِلَيْكَ, وَإِذَا اسْتفسَدْتَ مَا بَيْنَهُ شَنِئَتْكَ الوُجُوْهُ كُلُّهَا.
وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: اكْتُمْ حَسنَاتِكَ كَمَا تَكتُمُ سَيِّئَاتِكَ.
سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: دَخَلَ أَبُو حَازِمٍ عَلَى أَمِيْرِ المَدِيْنَةِ فَقَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ. قَالَ لَهُ: انْظُرِ النَّاسَ بِبَابِكَ, إِنْ أَدْنَيتَ أَهْلَ الخَيْرِ ذَهَبَ أَهْلُ الشَّرِّ وَإِنْ أَدْنَيتَ أَهْلَ الشَّرِّ ذَهَبَ أَهْلُ الخَيْرِ.(6/256)
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: لأَنَا مِنْ أَنْ أُمْنَعَ مِنَ الدُّعَاءِ, أَخَوْفُ مِنِّي أَنْ أُمْنَعَ الإِجَابَةَ.
وَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعملُ السَّيِّئَةَ, مَا عَمِلَ حَسَنَةً قَطُّ أَنْفَعَ لَهُ مِنْهَا, وَكَذَا فِي الحَسَنَةِ.
وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: خَصْلَتَانِ, مَنْ يَكفلُ لِي بِهِمَا؟ تَركُكَ مَا تُحِبُّ, وَاحْتِمَالُك ما تكره.
وَقِيْلَ: إِنَّ بَعْضَ الأُمَرَاءِ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي حَازِمٍ, فَأَتَاهُ وَعِنْدَهُ الزُّهْرِيُّ, وَالإِفْرِيْقِيُّ, وَغَيْرُهُمَا, فَقَالَ: تَكَلَّمْ يَا أَبَا حَازِمٍ. فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنَّ خَيْرَ الأُمَرَاءِ مَنْ أَحَبَّ العُلَمَاءَ, وَإِنْ شَرَّ العُلَمَاءِ مَنْ أَحَبَّ الأُمَرَاءَ.
وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ, قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُتَابعُ نِعمَةً عَلَيْكَ وَأَنْتَ تَعصِيْهِ, فَاحْذَرْهُ, وَإِذَا أَحببْتَ أَخاً فِي اللهِ فَأَقِلَّ مُخَالَطَتَهُ فِي دُنْيَاهُ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ: أَبُو حَازِمٍ أَصلُهُ فَارِسِيٌّ, وَأُمُّه رُوْمِيَّةٌ, وَهُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ, وَكَانَ أَشقرَ, أَفْزرَ, أَحْوَلَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يَقُصُّ بَعْدَ الفَجْرِ, وَبعدَ العَصْرِ فِي مَسْجِدِ المَدِيْنَةِ. وَمَاتَ: فِي خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ, بَعْدَ سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَ: وَكَانَ ثقة, كثير الحديث.
وقال الفَلاَّسُ وَالتِّرْمِذِيُّ مَاتَ سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ. وَقَالَ الهَيْثَمُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ, وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَاوِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَبَّادٍ الصَّفَّارُ بِالرَّمْلَةِ, حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ نَابَهُ فِي صَلاَتِهِ شَيْءٌ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللهِ إِنَّمَا التَّصْفِيْقُ لِلنِّسَاءِ وَالتَّسْبِيْحُ لِلرِّجَالِ".
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ أَخْرَجَهُ: ابْنُ مَاجَه1، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ": مِنْ طَرِيْقِ الثوري، عن أبي حازم الأعرج.
__________
1 صحيح: أخرجه مالك "1/ 163-164"، ومن طريقه مسلم "421" "102"، وأبو داود "940" عن أبي حازم الأعرج، به.(6/257)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ, قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ هِشَامٍ, حَدَّثَنَا العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "غَدْوَةٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ, أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا, وَمَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا" 1.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ, مِنْ حَدِيْثِ العَطَّافِ, وصححه. وهو في "البخاري", وَ"مُسْلِمٍ": مِنْ رِوَايَةِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ.
__________
1 صحيح: أخرجه مختصرا البخاري "2794"، ومسلم "1881" "113" وأخرجه بتمامه "1648" كلهم من طريق أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، به.(6/258)
عبد العزيز بن صُهَيْب، عبد الله بن طاوس:
856- عبد العزيز بن صهيب 1: "ع"
البناني البصري, الأَعْمَى, الحَافِظُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي نَضْرَةَ العَبْدِيِّ, وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ.
رَوَى عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَهُشَيْمٌ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَالمُبَارَكُ بنُ سُحَيْمٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَغَيْرُهُ, وَمَا هُوَ بِالمُكْثِرِ.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ.
857- عَبْدُ اللهِ بنُ طاووس 2: "ع"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ اليَمَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ -وَأَكْثَرَ عَنْهُ. وَمِنْ: عِكْرِمَةَ, وعمرو بن شعيب, وعكرمة بن خالد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 245"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1534"، الجرح والتعديل. "5/ ترجمة 1794"، الكاشف "2/ ترجمة 3441"ن تاريخ الإسلام "5/ 103"، تهذيب التهذيب "6/ 341" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4354"، شذرات الذهب "1/ 177".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 545"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 365"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 405"، معجم البلدان "2/ 128"، الكاشف "2/ ترجمة 2820"، تاريخ الإسلام "5/ 266"، تهذيب التهذيب "5/ 267"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3577"، شذرات الذهب "1/ 188".(6/258)
المَخْزُوْمِيِّ, وَجَمَاعَةٍ. وَلَمْ يَأْخُذْ، عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَيَسوغُ أَنْ يُعدَّ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ لتقدم وفاته.
حدث عنه: ابن جريح, وَمَعْمَرٌ, وَالثَّوْرِيُّ, وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ, وَوُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَآخَرُوْنَ. وثَّقُوْهُ.
وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالعَرَبِيَّةِ, وَأَحْسَنِهِم خلقا, ما رأينا ابن فقيه مثله.
وَذَكَرَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ فِي تَرْجَمَةِ طَاوُوْسٍ: أَنَّ المَنْصُوْرَ طَلبَ ابْنَ طَاوُوْسٍ, وَمَالِكَ بنَ أنس قال: فصدعه ابن طاوس بِكَلاَمٍ.
فَهَذَا لاَ يَتَّجِهُ, لأَنَّ ابْنَ طَاوُوْسٍ مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, وَذَلِكَ قَبْلَ دَوْلَةِ المَنْصُوْرِ بَلْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ آخِرُ الخُلَفَاءِ الأُمَوِيَّةِ مَرْوَانُ الحِمَارُ وَقَامَ فِيْهَا السَّفَّاحُ. وَاللهُ أَعْلَمُ.(6/259)
858- عمرو بن عبيد 1:
الزَّاهِدُ, العَابِدُ, القَدَرِيُّ, كَبِيْرُ المُعْتَزِلَةِ وَأَوَّلُهم أَبُو عُثْمَانَ البَصْرِيُّ.
لَهُ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ, وَأَبِي قِلاَبَةَ, وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ.
وَعَنْهُ: الحَمَّادَانِ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَقُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ ثُمَّ تَرَكَه القَطَّانُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: مَا لَقِيْتُ أَزْهَدَ مِنْهُ, وَانتحلَ مَا انْتحلَ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: دَعَا إِلَى القَدَرِ, فَتَرَكُوْهُ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ عَمْراً يَقُوْلُ إِنْ كَانَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] ، فِي اللَّوحِ المَحْفُوْظِ, فَمَا للهِ عَلَى ابْنِ آدَمَ حُجَّةٌ. وَسَمِعْتُهُ ذَكرَ حَدِيْثَ الصَّادِقِ المَصْدُوْقِ, فَقَالَ: لَوْ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُه لَكذَّبتُهُ إِلَى أن قال: ولو سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول لرددته.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 273"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2608"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1365"، المجروحين لابن حبان "2/ 69"، تاريخ الخطيب "12/ 166"، وتاريخ الإسلام "6/ 107"، تهذيب التهذيب "8/ 70"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5337"، شذرات الذهب "1/ 210".(6/259)
وَقَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: نِمتُ, فَرَأَيْتُ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ يَحُكُّ آيَةً, فَلُمتُهُ, فَقَالَ: أُعِيْدُهَا؟ قُلْتُ: أَعِدْهَا. فَقَالَ: لاَ أَسْتَطِيْعُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: قِيْلَ لأَيُّوْبَ: إِنَّ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ رَوَى، عَنِ الحَسَنِ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوْهُ" قَالَ: كَذَبَ.
قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الاعْتزَالِ وَاصِلٌ الغَزَّالُ, فَدَخَلَ مَعَهُ عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ فَأُعْجِبَ بِهِ, وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: أَنَّهُ رَأَى عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ فِي النَّوْمِ قَدْ مُسِخَ قِرْداً.
وَقَدْ كَانَ المَنْصُوْرُ يُعظِّمُ ابْنَ عُبَيْدٍ, وَيَقُوْلُ:
كُلُّكُم يَمْشِي رُوَيْد ... كُلُّكُم يَطْلُبُ صَيْد
غَيْرَ عَمْرِو بن عُبَيْد
قُلْتُ: اغْترَّ بِزُهْدِهِ وَإِخْلاَصِهِ, وَأَغفلَ بِدْعَتَهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ بِطَرِيْقِ مَكَّةَ, سنَةَ ثَلاَثٍ. وَقِيْلَ: سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي "تَارِيْخِهِ" سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: كَانَ عَمْرُو بنُ عُبَيْدٍ مِنَ الدَّهْرِيَّةِ.
وَقَالَ سَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ: أَنَا للحجاج أرجى مني لعمرو بن عبيد.
قَدِ اسْتَوْفَيتُ تَرجَمَتَهُ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ".
وَقَدْ رثاه المنصور, وله كتاب "العدل" و"التوحيد", وَكِتَابُ "الرَّدِّ عَلَى القَدَرِيَّةِ" يُرِيْد السُّنَّةَ. وَمِنْ كتَابِ تَلاَمِذَتِهِ: عُثْمَانُ بنُ خَالِدٍ الطَّوِيْلُ شَيْخُ العَلاَّفِ, وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الشمزي.(6/260)
859- داود بن الحُصين 1: "ع"
الفَقِيْهُ, أَبُو سُلَيْمَانَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم, المَدَنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِيْهِ, وَعِكْرِمَةَ, وَالأَعْرَجِ, وَأَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ, وَمَالِكٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ, وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ مُطْلَقاً. وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كُنَّا نَتَّقِي حَدِيْثَهُ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: مَا رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ, فَمُنْكَرٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَوْلاَ أَنَّ مَالِكاً رَوَى عَنْهُ, لَتُرِكَ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيْثُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ مَنَاكِيْرُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَرَى الخُرُوْجَ.
وَتَكَلَّم التِّرْمِذِيُّ فِي حِفْظِهِ.
قُلْتُ: نَزَلَ عِكْرِمَةُ فِي بَيْتِ دَاوُدَ, وَتُوُفِّيَ عِنْدَه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 779"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 475"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1874"، تاريخ الإسلام "5/ 241"، الكاشف "1/ ترجمة 1446"، المغني "1/ ترجمة 1987"، ميزان الاعتدال "2/ 5- 6"، تهذيب التهذيب "3/ 181"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1910"، شذرات الذهب "1/ 192".(6/261)
860- عبد الملك بن أبي سليمان 1: "خت, م 4"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, أَبُو مُحَمَّدٍ وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ, وَأَبُو سُلَيْمَانَ العَرْزَمِيُّ2 الكُوْفِيُّ نَزلَ جَبَّانَةَ عَرْزَمٍ فَنُسِبَ إِلَيْهَا وَعَرْزَمٌ: إِنْسَانٌ أَسْوَدُ. وَاسْمُ أَبِي سُلَيْمَانَ: مَيْسَرَةُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعَطَاءٍ, وَأَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ, وَأَبِي الزُّبَيْرِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ كَيْسَانَ, وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ أَعْيَنَ, وَمُسْلِمِ بنِ يَنَّاقَ, وَزُبَيْدٍ اليَامِيِّ, وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَطَاءٍ, وَأَبِي حَمْزَةَ اليَمَانِيِّ.
لَمْ يَزدْ صَاحِبُ "تَهْذِيْبِ الكَمَالِ" عَلَى هَؤُلاَءِ.
وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَهُشَيْمٌ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ وَإِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَيَعَلَى بنُ عُبَيْدٍ, وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتاً: عَبْدُ الرَّزَّاقِ, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ وكان يوصف بالحفظ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 350"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1353"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 128" و"3/ 94 و239"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1719"، الأنساب للسمعاني "8/ 428"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 151"، الكاشف "2/ ترجمة 3502"، المغني "2/ ترجمة 3818"، العبر "1/ 204"، تاريخ الإسلام "6/ 95" ميزان الاعتدال "2/ 656"، تهذيب التهذيب "6/ 396"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4433" شذرات الذهب "1/ 216".
2 العرزمي: نسبة إلى بطن من فزارة تسمى عرزم.(6/261)
ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ يَعجَبُ مِنْ حِفْظِ عَبْدِ المَلِكِ.
وَرَوَى نَوْفَلُ بنُ المُطَهَّرِ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: حُفَّاظُ النَّاسِ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ أَبِي سليمان, ويحيى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَحُفَّاظُ البَصْرِيِّينَ ثَلاَثَةٌ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ, وكان عاصم أحفظهم.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: حَدَّثَنِي المِيْزَانُ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ -وَأَشَارَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَزِنُ, وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ مِيْزَانٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ? قَالَ ثقة. قلت: يخطىء? قَالَ: نَعَمْ, وَكَانَ مِنْ أَحْفَظِ أَهْلِ الكُوْفَةِ إلَّا أَنَّهُ رَفعَ أَحَادِيْثَ، عَنْ عَطَاءٍ.
وَسُئِلَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، عَنْ حَدِيْثِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الشُّفْعَةِ1 فَقَالَ: لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إلَّا عَبْدُ المَلِكِ, وَقَدْ أَنْكَرهُ عَلَيْهِ النَّاسُ, وَلَكِنَّ عَبْدَ المَلِكِ ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ, لاَ يُردُّ عَلَى مِثْلِهِ. قُلْتُ: تَكَلَّمَ فِيْهِ شُعْبَةُ لِهَذَا الحَدِيْثِ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ قال: هذا حديث منكر قال محمد ابن عُثْمَانَ بنِ أَبِي صَفْوَانَ: عَنْ أُمَيَّةَ بنِ خالد: قلت لشعبة: مالك لاَ تُحدِّثُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فَقَالَ: تَرَكتُ حَدِيْثَهُ قُلْتُ: تُحدِّثُ عَنْ محمد ابن عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِيِّ, وَتَدعُ عَبْدَ المَلِكِ, وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الحَدِيْثِ قَالَ: مِنْ حَسَنِهَا فَررتُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَسَاءَ شُعْبَةُ فِي اخْتِيَارِه لِمُحَمَّدٍ, وَتَركِهِ عَبْدَ المَلِكِ, لأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَئِمَّةُ الأَثرِ فِي ذَهَابِ حَدِيْثِهِ, وَسُقوطِ رِوَايَتِهِ وَثنَاؤُهُم عَلَى عَبْدِ المَلِكِ مُسْتفِيضٌ.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ ثِقَةٌ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: ثِقَةٌ حُجَّةٌ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ, ثُمَّ قَالَ الفَسَوِيُّ: ثِقَةٌ, مُتْقِنٌ, فَقِيْهٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ جَرْوٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو البَقَاءِ الحَبَّالُ، أَنْبَأَنَا زَيْدُ بنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَازِمٍ، أَنْبَأَنَا يَعَلَى بنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا فيها" 2.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "3518"، والترمذي "1369"، وابن ماجه "2494" من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 114" و"5/ 192" من طريق عبد الملك، عن عطاء، به وإسناده صحيح.(6/262)
861- عطاء بن السائب 1: "4"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ, أَبُو السَّائِبِ. وَقِيْلَ: أَبُو زَيْدٍ, وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ, وَأَبُو مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ.
عَنْ أَبِيْهِ السَّائِبِ بنِ زَيْدٍ وَقِيْلَ: ابْنِ يَزِيْدَ وَقِيْلَ: ابْنِ مَالِكٍ الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُم, وَعَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ- وَلَمْ يَثبُتْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ, وَقَدْ جَاءَ بِإِدخَالِ يَزِيْدَ الرَّقَاشِيِّ بَيْنَهمَا- وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَأَبِي وَائِلٍ, وَمُرَّةَ الطِّيِّبِ, وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَأَبِي البَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ, وَذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ بُرَيْدَةَ, وَعِكْرِمَةَ, وَالحَسَنِ وَأَبِي ظَبْيَانَ, وَسَالِمٍ البَرَّادِ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ لَكِنَّهُ سَاءَ حِفْظُهُ قَلِيْلاً فِي أَوَاخِرِ عُمُرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خالد -وهو من طبقته- والثوري, وابن جريح, وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ, وَالحَمَّادَانِ, وَمُوْسَى بنُ أَعَيْنَ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَأَبُو الأَحْوَصِ, وَشُعْبَةُ, وَشَرِيْكٌ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَزَائِدَةُ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ كَانَ يُسْأَلُ، عن عطاء ابن السائب, فيقول: إنه من البقايا.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, قَالَ: أَتَيْنَا أَيُّوْبَ, فَقَالَ: اذْهبُوا فَقَدْ قَدِمَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ مِنَ الكُوْفَةِ, وَهُوَ ثِقَةٌ اذْهبُوا إِلَيْهِ, فَسَلُوْهُ، عَنْ حَدِيْثِ أَبِيْهِ في التسبيح2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 338"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3000"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1848"، تاريخ الإسلام "5/ 277"، الكاشف "2/ ترجمة 3853"، ميزان الاعتدال "3/ 70-73"، العبر "1/ 284"، تهذيب التهذيب "7/ 203"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4853"، شذرات الذهب "1/ 194".
2 صحيح: أحرجه أبو داود "1502" من طريق الأعمش، عن عطاء بن السائب، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعقد التبسبيح بيمينه".
قلت: إسناده صحيح.(6/263)
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: مَا سَمِعْتُ أَحَداً يَقُوْلُ فِي عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ شَيْئاً قَطُّ فِي حَدِيْثِهِ القَدِيْمِ, وَمَا حَدَّثَ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنْهُ صَحِيْحٌ, إلَّا حَدِيْثَيْنَ كَانَ شُعْبَةُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُهمَا بِأَخَرَةٍ، عَنْ زَاذَانَ.
أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ, وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ ليث أحسنهم حَالاً عِنْدِي.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيْرٍ -وَذَكَرَ الثَّلاَثَةَ- فَقَالَ: يَزِيْدُ أَحْسَنُهُم اسْتِقَامَةً فِي الحَدِيْثِ, ثُمَّ عَطَاءٌ. قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَطَاءٌ ثِقَةٌ ثِقَةٌ, رَجُلٌ صَالِحٌ. وَقَالَ: مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً كَانَ صَحِيْحاً, وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيْثاً لَمْ يَكُنْ بِشَيْءٍ. سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَسَمِعَ مِنْهُ حَدِيْثاً جَرِيْرٌ وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَإِسْمَاعِيْلُ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَكَانَ يَرْفَعُ، عَنْ سَعِيْدِ بن جبير أشياء لم يكن يرفعها.
قَالَ: وَقَالَ وُهَيْبٌ: لَمَّا قَدِمَ عَطَاءٌ البَصْرَةَ, قَالَ: كَتَبتُ عَنْ عَبِيْدَةَ ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً, وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبِيْدَةَ شَيْئاً, وَهَذَا اخْتِلاَطٌ شَدِيْدٌ.
أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ قالَ: كَانَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللهِ, كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ وَكَانَ نَسِيّاً وَقَالَ يَحْيَى لَمْ يَسْمَعْ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ مِنْ يَعَلَى بنِ مُرَّةَ قَالَ وَاخْتلطَ عَطَاءٌ فَمَا سُمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً فَهُوَ صَحِيْحٌ, وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي الصَّحَةِ وَفِي الاخْتِلاَطِ جَمِيْعاً, وَلاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِ.
ابْنُ عَدِيٍّ: أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي يَحْيَى, سَمِعْتُ يَحْيَى ابن مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعِيْفٌ مِثْلُ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ. وَجَمِيْعُ مَنْ رَوَى عَنْ عَطَاءٍ فَفِي الاخْتِلاَطِ إلَّا شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَطَاءٌ اخْتلطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ, فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً مِثْلُ الثَّوْرِيِّ, وَشُعْبَةَ فَحَدِيْثُهُ مُسْتقِيْمٌ وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ الاخْتِلاَطِ فَأَحَادِيْثُهُ فِيْهَا بَعْضُ النَّكِرَةِ وَقَالَ العِجْلِيُّ كَانَ شَيْخاً, قَدِيْماً, ثِقَةً رَوَى، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيْماً فَهُوَ صَحِيْحٌ مِنْهُمُ الثَّوْرِيُّ فَأَمَّا مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِأَخَرَةٍ فَهُوَ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ مِنْهُم هُشَيْمٌ وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَكَانَ عَطَاءٌ بِأَخَرَةٍ يَتلقَّنُ إِذَا لُقِّنَ, لأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ صَالِحِ الكِتَابِ, وَأَبُوْهُ: تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مَحَلُّهُ الصِّدْقَ قَدِيْماً قَبْلَ أَنْ يَختلِطَ, ثُمَّ تغير حفظه, فِي حَدِيْثِهِ تَخَالِيطٌ كَثِيْرَةٌ, وَمَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ فُضَيْلٍ فَفِيْهِ غَلَطٌ وَاضْطِرَابٌ, رَفعَ أَشْيَاءَ كَانَ يَروِيهَا، عَنِ التَّابِعِيْنَ, فَرَفَعَهَا إِلَى الصَّحَابَةِ.(6/264)
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ فِي حَدِيْثِهِ القَدِيْمِ, إلَّا أَنَّهُ تَغَيَّرَ, وَرِوَايَةُ: حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَشُعْبَةَ, وَسُفْيَانَ عَنْهُ جَيِّدَةٌ.
الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: كُنْتُ سَمِعْتُ مِنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ قَدِيْماً, ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا قَدْمَةً فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ بِبَعْضِ مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ, فَخَلَّطَ فِيْهِ, فَاتَّقيْتُهُ وَاعْتزلتُهُ.
وَقَالَ أَبُو النُّعْمَانِ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ بَعْدُ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَتغيَّرَ.
وَقَالَ أَبُو قُطْنٍ، عَنْ شُعْبَةَ: ثَلاَثَةٌ فِي القَلْبِ مِنْهُم هَاجسٌ: عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ, وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, وَآخَرُ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ عَطَاءَ بنَ السَّائِبِ, وَضِرَارَ بنَ مُرَّةَ, رَأَيْتُ أَثرَ البُكَاءِ عَلَى خُدُوْدِهِمَا.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ, وَغَيْرُهُ: مَاتَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ يَا جِبْرِيْلُ? قَالَ: هَذِهِ مَاشِطَةُ بِنْتِ فِرْعُوْنَ كَانَتْ تُمَشِّطُهَا فَوَقَعَ المِشْطُ مِنْ يَدِهَا قَالَتْ: بِسْمِ اللهِ قَالَتِ: ابْنَةُ فِرْعُوْنَ أَبِي قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّ أَبِيْكِ قَالَتْ: أَقُوْلُ لَهُ إِذاً قَالَتْ: قُوْلِي لَهُ قَالَ لَهَا: أَوَلَكِ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ قَالَ: فَأَحْمَى لَهَا بَقَرَةً مِنْ نُحَاسٍ فَقَالَتْ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا لِمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الحق فألقى ولدها في البقرة أحدًا وَاحِداً فَكَانَ آخِرَهُم صَبِيٌّ فَقَالَ: يَا أُمَّه اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ" 1.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَرْبَعَةٌ تَكَلَّمُوا وَهُم صِبْيَانٌ: ابْنُ مَاشِطَةِ فِرْعُوْنَ وصبي جريح, وعيسى بن مريم, والرابع لا أحفظه.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "1/ 309" ومن طريقه الطبراني في "الكبير" "12280" حدثنا أبو عمر الضرير، أخبرنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به مرفوعا.
قلت: إسناده حسن، وقد سمع حماد بن سلمة من عطاء بن السائب قبل الاختلاط وأبو عمر الضرير، هو حفص بن عمر البصري، صدوق، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "12279" من طريق أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، به.(6/265)
862- موسى بن عقبة 1: "ع"
ابن أبي عياش, الإِمَامُ, الثِّقَةُ, الكَبِيْرُ, أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ, مَوْلاَهُم, الأسدي, المطرفي, مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. وَيُقَالُ: بَلْ مَوْلَى الصّحَابِيَّةِ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ الأُمَوِيَّةِ, زَوْجَةِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ بَصِيْراً بِالمَغَازِي النَّبويَّةِ, أَلَّفَهَا فِي مُجَلَّدٍ, فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ. وَهُوَ أَخُو إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُقْبَةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ, وَعَمُّ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ.
أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ, وَجَابِراً. وَحَدَّثَ عَنْ: أُمِّ خَالِدٍ. وَعِدَادُهُ فِي صغار التابعين. وحدت أَيْضاً عَنْ: عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ, وَأَبِي سَلَمَةَ, وَكُرَيْبٍ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَصَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ المُنْكَدِرِ, وَالزُّهْرِيِّ, وَأَبِي الزُّبَيْرِ, وَسَالِمٍ أَبِي الغَيْثِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ, وَحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَأَبِي الزِّنَادِ وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ مَعَ تَقَدُّمِهِ, وَشُعْبَةُ, وَيَحْيَى بنُ سعيد الأنصاري, وابن جريح, وَمَالِكٌ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَحَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَزُهَيْرٌ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنَ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدَ العَزِيْزِ الدراوري, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, وَوُهَيْبٌ, وَأَبُو قُرَّةَ مُوْسَى بنُ طَارِقٍ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَفُضَيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُقْبَةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ, وَأَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ, وَحَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ, وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُوْنِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ المَكِّيُّ, وَأَبُو هَمَّامٍ مُحَمَّدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ, وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, قَلِيْلَ الحَدِيْثِ, كَذَا هُنَا. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخرَ وَهُوَ أَشْبَهُ: كَانَ ثِقَةً, ثَبْتاً, كثير الحديث.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1247"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 693"، والكاشف "3/ ترجمة 5817"، العبر "1/ 192"، تذكرة الحفاظ "1/ 148"، تاريخ الإسلام "6/ 133"، تهذيب التهذيب "10/ 360"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7293"، شذرات الذهب "1/ 209".(6/266)
إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ، عَنْ مَعْنٍ, قَالَ: كَانَ مَالكٌ إِذَا قِيْلَ لَهُ: مَغَازِي مَنْ نَكْتُبُ? قَالَ: عَلَيْكُم بِـ "مَغَازِي مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ" فَإِنَّهُ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ المُنْذِرِ أَيْضاً: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ, وَمَعْنٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ قَالُوا: كَانَ مَالِكٌ إِذَا سُئِلَ، عَنِ المَغَازِي؟ قَالَ: عَلَيْكَ "بمغازي" الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ, فَإِنَّهَا أَصَحُّ المَغَازِي. وَقَالَ أَيْضاً: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ طَلْحَةَ, سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: عَلَيْكُم بِـ "مَغَازِي مُوْسَى" فَإِنَّهُ رَجُلٌ ثِقَةٌ, طَلبهَا عَلَى كِبَرِ السِّنِّ, لِيُقَيِّدَ مَنْ شَهِدَ مَعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يُكثِّرْ كَمَا كَثَّرَ غَيْرُهُ.
قُلْتُ: هَذَا تَعرِيْضٌ بِابْنِ إِسْحَاقَ, وَلاَ ريب ابْنَ إِسْحَاقَ كثَّرَ وَطوَّلَ بِأَنْسَابٍ مُسْتَوْفَاةٍ, اخْتصَارُهَا أَملحُ, وَبأَشعَارٍ غَيْرِ طَائِلَةٍ, حَذفُهَا أَرْجَحُ, وَبآثَارٍ لَمْ تُصحَّحْ, مَعَ أَنَّهُ فَاتَهُ شَيْءٌ كَثِيْرٌ مِنَ الصَّحِيْحِ, لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ, فَكِتَابُهُ مُحْتَاجٌ إِلَى تَنقِيحٍ وَتَصْحِيْحٍ, وَرِوَايَةِ مَا فَاتَهُ.
وَأَمَّا "مَغَازِي مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ": فَهِي فِي مُجَلَّدٍ لَيْسَ بِالكَبِيْرِ, سَمِعنَاهَا, وَغَالِبُهَا صَحِيْحٌ, وَمُرْسَلٌ جَيِّدٌ, لَكِنَّهَا مُخْتَصَرَةٌ, تَحْتَاجُ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ, وَتَتِمَّةٍ.
وَقَدْ أَحْسَنَ فِي عَملِ ذَلِكَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي تَألِيْفِهِ المُسَمَّى بِكِتَابِ "دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ".
وَقَدْ لَخَّصتُ أَنَا التَّرجمَةَ النَّبوِيَّةَ, وَالمَغَازِي المَدَنِيَّةَ فِي أَوَّلِ "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ", وَهُوَ كَامِلٌ فِي مَعنَاهُ -إِنْ شَاءَ اللهُ. إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, قَالَ: كَانَ بِالمَدِيْنَةِ شَيْخٌ يُقَالَ لَهُ: شُرَحْبِيْلُ أَبُو سَعْدٍ, وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالمَغَازِي قَالَ: فَاتَّهمُوْهُ أَنْ يَكُوْنَ يَجْعَلُ لِمَنْ لاَ سَابقَةَ لَهُ سَابقَةً, وَكَانَ قَدِ احْتَاجَ فَأَسقطُوا مَغَازِيهِ, وَعِلْمَهُ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: فَذَكَرْتُ هَذَا لِمُحَمَّدِ بنِ طلحة بن الطويل, ولم يكن أحدًا أَعْلَمَ بِالمَغَازِي مِنْهُ فَقَالَ لِي: كَانَ شُرَحْبِيْلُ أَبُو سَعْدٍ عَالِماً بِالمَغَازِي فَاتَّهمُوْهُ أَنْ يَكُوْنَ يُدْخِلُ فِيْهِم مَنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدراً وَمَنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ, وَالهِجْرَةَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُم وَكَانَ قَدِ احْتَاجَ فَسَقَطَ عِنْدَ النَّاسِ فَسَمِع بِذَلِكَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فَقَالَ: وَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَرَؤُوا عَلَى هَذَا? فَدبَّ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ وَقَيَّدَ مَنْ شَهِدَ بَدراً وَأُحُداً وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ, وَالمَدِيْنَةِ وَكَتَبَ ذَلِكَ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الضَّحَّاكِ, سَمِعْتُ المِسْوَرَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ المَخْزُوْمِيَّ يَقُوْل لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! فُلاَنٌ كلَّمَنِي يَعرِضُ عَلَيْكَ, وَقَدْ شَهِدَ جدُّهُ بَدراً. فَقَالَ مَالِكٌ: لاَ تَدْرِي مَا يَقُوْلُوْنَ, مَنْ كَانَ فِي "كِتَابِ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ" قَدْ شَهِدَ بَدراً, فَقَدْ شَهِدَهَا, وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي "كِتَابِ مُوْسَى" فَلَمْ يَشْهَدْ بَدراً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: "كِتَابُ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ" عَنِ الزُّهْرِيِّ: مِنْ أَصَحِّ هَذِهِ الكُتُبِ.(6/267)
وَقَالَ أَحْمَدُ, وَيَحْيَى, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَالنَّسَائِيُّ: مُوْسَى ثقة. وروى: المفضل ابن غَسَّانَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: ثِقَةٌ, يَقُوْلُوْنَ: رِوَايَتُهُ، عَنْ نَافِعٍ فِيْهَا شَيْءٌ وَسَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يُضَعِّفُ مُوْسَى بَعْضَ الضَّعْفِ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ, وَجَمَاعَةٌ، عَنْ يَحْيَى تَوْثِيْقَهُ, فَلْيُحمَلْ هَذَا التَّضْعِيْفُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ فِي القُوَّةِ، عَنْ نَافِعٍ كَمَالِكٍ وَلاَ عُبَيْدِ اللهِ. وَكَذَلِكَ رَوَى: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: لَيْسَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ فِي نَافِعٍ مِثْلَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَمَالِكٍ.
قُلْتُ: احْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ -وَللهِ الحَمْدُ- قُلْنَا ثِقَةٌ, وَأَوْثَقُ مِنْهُ فَهَذَا مِنْ هَذَا الضَّرْبِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ لإِبْرَاهِيْمَ, وَمُوْسَى, وَمُحَمَّدِ بَنِي عُقْبَةَ حَلْقَةٌ فِي مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانُوا كُلُّهم فُقَهَاءَ مُحَدِّثِيْنَ وَكَانَ مُوْسَى يُفْتِي.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ لَهُم هَيْئَةٌ, وَعِلمٌ وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَمِعَ ابْنُ المُبَارَكِ مِنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ, وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَخَوَيْهِ, أَقدمُهُم مُحَمَّدٌ, ثُمَّ إِبْرَاهِيْمُ, ثُمَّ مُوْسَى, وَمُوْسَى أَكْثَرُهم حَدِيْثاً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, فِيْمَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَاتَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ المَدِيْنَةَ بِسَنَةٍ, سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَفِيْهَا أَرَّخَهُ: خَلِيْفَةُ وَالتِّرْمِذِيُّ, وَغَيْرُهُمَا, وَشَذَّ نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
وَقَعَ لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي مَوَاضِعَ, مِنْ أَعْلاَهَا فِي "جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ".
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ الإِشْبِيْلِيُّ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ قَالاَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ "ح" وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ محمد بن محمد البَزَّازُ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بن عرفه، أنبأنا إسماعيل ابن عَيَّاشٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لاَ تَقْرَأُ الحَائِضُ وَلاَ الجُنُبُ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ"1. هَذَا حَدِيْثٌ لين
__________
1 منكر: أخرجه الترمذي "131"، وابن ماجه "595"، وفي إسناده إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين وأهل العراق. بل قال الترمذي: إن إسماعيل بن عياش يروى عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير.
قلت: وهذا من روايته عنهم، فهو منكر. بل قال أحمد: إنه باطل.(6/268)
الإِسْنَادِ مِنْ قِبَلِ إِسْمَاعِيْلَ, إِذْ رِوَايَتُهُ، عَنِ الحِجَازِيِّينَ مُضعَّفَةٌ. أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ عَرَفَةَ فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ العَلَوِيُّ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابن أَبِي دَاوُدَ, حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ: "كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ". تَابَعَهُ: وُهَيْبُ بنُ خَالِدٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1376" و"6364" والنسائي "3/ 58".(6/269)
عمرو بن أبي عمرو، محمد بن واسع:
863- عمرو بن أبي عمرو 1: "ع"
مَوْلَى المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حنطب, المخزومي, الفقيه, أبو عثمان المدني.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَالأَعْرَجِ.
وَعَنْهُ: مَالِكٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ, وَأَخُوْهُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا بِهِ بَأْسٌ. اسْمُ أَبِيْهِ مَيْسَرَةُ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِذَاكَ.
864- مُحَمَّدُ بن واسع 2: "م، د، ت، س"
ابن جابر بن الأخنس, الإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ, القُدْوَةُ, أَبُو بَكْرٍ. وَيُقَالُ: أَبُو عبد الله الأزدي, البصري أحد الأعلام.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2633"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 246"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1398"، ميزان الاعتدال "3/ 281-282"، تهذيب التهذيب "8/ 82"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5349".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 241"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 814"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 501"، حلية الأولياء "2/ 345"، الكاشف "3/ ترجمة 5281"، العبر "1/ 290" تاريخ الإسلام "5/ 159"، ميزان الاعتدال "4/ 58"، تهذيب التهذيب "9/ 499"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة "6720"، شذرات الذهب "1/ 161".(6/269)
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ, وَمُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيْرِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ الصَّامِتِ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ, وغيرهم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ, وَأَزْهَرُ بنُ سِنَانٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ العَبْدِيُّ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَمَعْمَرٌ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَسَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ, وَصَالِحٌ المُرِّيُّ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ, وَنُوْحُ بن قيس, وسلام القارىء, وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ عَطِيَّةَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً, وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, عَابِدٌ, صَالِحٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ بُلِيَ بِرُوَاةٍ ضُعَفَاءَ.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: لَمْ يَكُنْ لِمُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ عِبَادَةٌ ظَاهِرَةٌ, وَكَانَتِ الفُتْيَا إِلَى غَيْرِه, وَإِذَا قِيْلَ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ البَصْرَةِ? قِيْلَ: مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَحَدٌ أُحبُّ أَنْ أَلْقَى اللهَ بِمِثْلِ صَحِيْفَتِه مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ.
وَرَوَى مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيْهِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ أَخشعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كُنْتُ إذا وجدت من قلب قَسوَةً, غَدَوْتُ, فَنَظَرتُ إِلَى وَجْهِ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ, كَانَ كَأَنَّهُ ثَكْلَى قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: قَالَ رَجُلٌ لِمُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ: أَوْصِنِي قَالَ: أُوْصِيْكَ أَنْ تَكُوْنَ مَلكاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا.
وَعَنْهُ قَالَ: طُوْبَى لِمَنْ وَجدَ عَشَاءً, وَلَمْ يَجِدْ غَدَاءً, وَوَجَدَ غَدَاءً, وَلَمْ يَجِدْ عَشَاءً, وَاللهُ عَنْهُ رَاضٍ.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قسمَ أَمِيْرُ البَصْرَةِ عَلَى قُرَّائِهَا, فَبَعَثَ إِلَى مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ, فَأَخَذَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ وَاسِعٍ: قَبِلتَ جَوَائِزَهم? قَالَ: سَلْ جُلَسَائِي. قَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ! اشْتَرَى بِهَا رَقِيْقاً, فَأَعتقَهم. قَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ أَقَلْبُكَ السَّاعَةَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لاَ, إِنَّمَا مَالكٌ حِمَارٌ, إِنَّمَا يَعْبُدُ اللهَ مِثْلُ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ ابْنُ وَاسِعٍ: لَوْ كَانَ لِلذُّنُوْبِ رِيْحٌ, مَا جَلَسَ إِلَيَّ أَحَدٌ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا صَافَّ قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ لِلتُّركِ, وَهَالَهُ أَمرُهم, سَألَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ؟ فَقِيْلَ: هُوَ ذَاكَ فِي المَيْمَنَةِ, جَامحٌ عَلَى قَوسِهِ, يُبصبصُ بِأُصْبُعِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ قَالَ: تِلْكَ الأُصْبُعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مائَةِ أَلْفِ سَيْفٍ شَهِيْرٍ وَشَابٍّ طرِيْرٍ.(6/270)
قَالَ حَزْمٌ القُطَعِيُّ: قَالَ ابْنُ وَاسِعٍ وَهُوَ فِي المَوْتِ: يَا إِخْوَتَاهُ! تَدرُوْنَ أَيْنَ يُذْهَبُ بِي? وَاللهِ إِلَى النَّارِ, أَوْ يَعْفُوَ اللهُ عَنِّي.
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: لَمْ يَكُنْ لَهُ كَثِيْرُ عِبَادَةٍ كَانَ يَلْبَسُ قَمِيْصاً بَصْرِياً, وَسَاجاً.
قَالَ مَطَرٌ الوَرَّاقُ: لاَ نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا بَقِيَ لَنَا أَشْيَاخُنَا: مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ, وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ: إِنِّي لأَغبِطُ رَجُلاً مَعَهُ دِيْنُهُ, وَمَا مَعَهُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ وَهُوَ رَاضٍ.
وَعَنِ ابْنِ وَاسِعٍ, قَالَ: إِذَا أَقْبَلَ العَبْدُ بِقَلْبِهِ عَلَى اللهِ, أَقْبَلَ اللهُ بِقُلُوْبِ العِبَادِ عَلَيْهِ. وَقَالَ يَكفِي مِنَ الدُّعَاءِ مَعَ الوَرَعِ يَسِيْرُ العَمَلِ.
رَوَى هِشَامُ بن حسان، عن محمد بن واسع: وقيل لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحتَ? قَالَ: قَرِيْباً أَجَلِي بَعِيْداً أَمَلِي, سَيِّئاً عَمَلِي.
وَقِيْلَ: اشْتكَى رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ إِلَيْهِ فَقَالَ لِوَلَدِهِ: تَسْتطِيلُ عَلَى النَّاسِ, وَأُمُّكَ اشْترَيتُهَا بِأَرْبَعِ مائَةِ دِرْهَمٍ وَأَبُوْكَ فَلاَ كثَّرَ اللهُ فِي المُسْلِمِيْنَ مِثْلَهُ!.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: هَلْ أَبكَاكَ قَطُّ سَابقُ عِلْمِ اللهِ فِيْكَ?
وَعَنْ أَبِي الطَّيِّبِ مُوْسَى بنِ يَسَارٍ, قَالَ: صَحِبتُ مُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ إِلَى مَكَّةَ, فَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أجمعه يصلي في المحمل جالسا ويومىء.
وَقِيْلَ: إِنَّ حَوْشَباً قَالَ لِمَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ: رَأَيْتُ كَأَنَّ مُنَادِياً يُنَادِي الرَّحِيْلَ الرَّحِيْلَ فَمَا ارْتَحلَ إلَّا مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ فَبَكَى مَالِكٌ, وخر مغشيا عليه.
قَالَ مُضَرُ: كَانَ الحَسَنُ يُسَمِّي مُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ: زَيْنَ القُرَّاءِ.
وَعَنِ ابْنِ وَاسِعٍ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبكِي عِشْرِيْنَ سَنَةً, وَامْرَأَتُهُ مَعَهُ لاَ تَعْلَمُ.
أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى, حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ، عَنْ هِشَامٍ, قَالَ: دَعَا مَالِكُ بنُ المُنْذِرِ الوَالِي مُحَمَّدَ بنَ وَاسِعٍ, فَقَالَ: اجْلِسْ عَلَى القَضَاءِ, فَأَبَى فَعَاوَدَهُ, وَقَالَ: لَتَجلِسَنَّ أَوْ لأَجْلِدَنَّكَ ثَلاَثَ مائَةٍ. قَالَ: إِنْ تَفْعَلْ, فَإِنَّك مُسلَّطٌ, وَإِنَّ ذَلِيْلَ الدُّنْيَا خَيْرٌ مِنْ ذَلِيْلِ الآخِرَةِ.
قَالَ: وَدَعَاهُ بَعْضُ الأُمَرَاءِ, فَأَرَادَهُ عَلَى بَعْضِ الأَمْرِ, فَأَبَى, فَقَالَ: إِنَّكَ أَحْمَقٌ. قَالَ مُحَمَّدٌ: مَا زِلْتُ يُقَالُ لِي هَذَا مُنْذُ أَنَا صَغِيْرٌ.(6/271)
وَرَوَى أَنَّ قَاصّاً كَانَ يَقرَبُ مُحَمَّدَ بنَ واسع, فقال: مالي أَرَى القُلُوْبَ لاَ تَخشعُ. وَالعُيُوْنَ لاَ تَدمعُ, وَالجُلُوْدَ لاَ تَقشَعِرُّ? فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَا فُلاَنُ! مَا أَرَى القَوْمَ أَتَوْا إلَّا مِنْ قِبَلِكَ, إِنَّ الذِّكْرَ إِذَا خَرَجَ مِنَ القَلْبِ وَقَعَ عَلَى القَلْبِ.
وَقِيْلَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ يَسرُدُ الصَّوْمَ وَيُخْفِيْهِ. قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ عَلَى الأَمِيْرِ بِلاَلِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ, فَدَعَاهُ إِلَى طَعَامِهِ فَاعْتلَّ عَلَيْهِ, فَغَضِبَ, وَقَالَ: إِنِّي أُرَاكَ تَكرَهُ طَعَامَنَا. قَالَ: لاَ تَقُلْ ذَاكَ أَيُّهَا الأَمِيْرُ فَوَاللهِ لَخِيَارُكم أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَبنَائِنَا.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عبد الله, حدثنا مسلم ابن إِبْرَاهِيْمَ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن واسع، عن مطرف ابن عَبْدِ اللهِ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ قَالَ: "تَمتَّعنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّتَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ"1.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ, مِنْ طَرِيْقِ إِسْمَاعِيْلَ هَذَا.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَخَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ وَلَدِ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ: مَاتَ سنة سبع وعشرين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1226" "171"، والنسائي "5/ 150"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 355" من طريق إسماعيل بن مسلم، حدثني محمد بن واسع، به.(6/272)
المختار بن فُلْفُل، إبراهيم بن مَيْسرة:
865- المُخْتَارُ بنُ فُلْفُلٍ 1: "م، د، ت، س"
كُوْفِيٌّ, ثِقَةٌ, بَكَّاءٌ, عَابِدٌ. عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَجَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَجَمَاعَةٌ, وَثَّقَهُ أَحْمَدُ, وَغَيْرُهُ. عَاشَ: إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
866- إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسرَةَ 2: "ع"
الطائفي, الفَقِيْهُ, نَزِيْلُ مَكَّةَ حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مالك, وعمرو بن الشريد, وطاووس, وغيرهم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1670"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 650" و"3/ 151"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1432"، الكاشف "3/ ترجمة 5428"، تاريخ الإسلام "5/ 298"، ميزان الاعتدال "4/ 80"، تهذيب التهذيب "10/ 68"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6893".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1031"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 423"، تهذيب التهذيب "1/ 172"، شذرات الذهب "1/ 189".(6/272)
وعنه: شعبة, وابن جريح, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ حَدِيْثاً. قَالَ الحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ, مَنْ لَمْ تَرَ -وَاللهِ عَيْنَاكَ مِثْلَه. وَقِيْلَ: إنه وفد على عمر ابن عَبْدِ العَزِيْزِ.
قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ المُسْتَمْلِي: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ, قَالَ: كَانَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ يُحَدِّثُ بِالمَعَانِي, وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ يُحَدِّثُ كما سمع, كان فقيهًا.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَيْنَ كان حفظ إبراهيم بن ميسرة عن طاوس, مِنْ حِفْظِ ابْنِ طَاوُوْسٍ? قَالَ: لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ لَكَ: إِنِّي أُقَدِّمُ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيْمَ فِي الحِفْظِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى: ثِقَةٌ. قَالَ المَدِيْنِيُّ: تُوُفِّيَ قَرِيْباً مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وثلاثين ومائة.(6/273)
بيان بن بشر، يعقوب بن عُتْبة:
867- بيان بن بشر 1: "ع"
الإِمَامُ, الثِّقَةُ, المُؤَدِّبُ, أَبُو بِشْرٍ الأَحْمَسِيُّ, الكُوْفِيُّ.
عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَطَارِقِ بنِ شِهَابٍ, وَقَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: زَائِدَةُ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَآخَرُوْنَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِيْنَ حَدِيْثاً, وَهُوَ حجة بلا تردد.
868- يعقوب بن عتبة 2: "د، س، ق"
ابن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي, المدني أَحَدُ العُلَمَاءِ بِالسِّيْرَةِ.
رَوَى عَنْ: عُرْوَةَ, وَعِكْرِمَةَ, وَيَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ. وَرَأَى: السَّائِبَ بنَ يَزِيْدَ. وَعَنْهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ, وَابْنُ المَاجَشُوْنِ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَالوَلِيْدُ بنُ مُسَافِرٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ذَا عِلْمٍ وَوَرَعٍ, يَنْظُرُ فِي أَمرِ الصَّدَقَاتِ. وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 331"، والتاريخ الكبير "2/ ترجمة 1947"، الجرح والتعديل "2 ترجمة 1687"، تهذيب التهذيب "1/ 506".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3434"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 883"، الكاشف "3/ ترجمة 6505"، تاريخ الإسلام "5/ 190"، تهذيب التهذيب "11/ 392".(6/273)
869- عبد الله بن أبي نجيح 1: "ع"
الإِمَامُ, الثِّقَةُ, المُفَسِّرُ, أَبُو يَسَارٍ الثَّقَفِيُّ, المَكِّيُّ. وَاسْمُ أَبِيْهِ: يَسَارٌ, مَوْلَى الأَخْنَسِ بنِ شُرَيْقٍ الصَّحَابِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُجَاهِدٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَعَطَاءٍ, وَنَحْوِهِم. وَلَمْ أَجِدْ لَهُ شَيْئاً عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ, إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ فِي القَدَرِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ مُفْتِي أَهْلِ مَكَّةَ بَعْدَ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ.
وَكَانَ جَمِيْلاً, فَصِيْحاً, حَسَنَ الوَجْهِ, لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ القَطَّانِ: كَانَ مُعْتَزِلِياً.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ قَدَرِيٌّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُقَاتِلٍ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَيْسَانَ قَالَ: مَكَثَ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً لاَ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ يؤذي بها جليسه.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ أَيْضاً: أَخْبَرَنِي ابْنُ المُؤَمَّلِ، عَنِ ابْنِ صَفْوَانَ, قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ: أَدْعُوكَ إِلَى رَأْيِ الحَسَنِ يَعْنِي: القَدَرَ.
وَعَنْ بَعْضِهِم قَالَ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ كُلَّ التَّفْسِيْرِ مِنْ مُجَاهِدٍ. قُلْتُ: هُوَ مِنْ أَخَصِّ النَّاسِ بِمُجَاهِدٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ يُتَّهَمُ بِالاعْتِزَالِ, وَالقَدَرِ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ يَرَى الاعْتِزَالَ وَقَالَ أَحْمَدُ: أَفْسَدُوْهُ بِأَخَرَةٍ وَكَانَ جَالَسَ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ. وَقَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ مِنْ رُؤُوْسِ الدُّعَاةِ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا التَّفْسِيْرُ, فَهُوَ فِيْهِ ثِقَةٌ يَعْلَمُه قَدْ قَفَزَ القَنطَرَةَ وَاحْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ وَلَعَلَّهُ رَجَعَ، عَنِ البِدعَةِ, وَقَدْ رَأَى القَدَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ وَأَخْطَؤُوا. نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. ظَهرَ لَهُ مِنَ المرفوع نحو مائة حديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 483"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 767"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 135"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 947"، الكاشف "2/ ترجمة 3059"، ميزان الاعتدال "2/ 151"، تهذيب التهذيب "6/ 54"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3863" شذرات الذهب "1/ 182".(6/274)
870- مطرف بن طريف 1: "ع"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, القُدْوَةُ, أَبُو بَكْرٍ -وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ- الكُوْفِيُّ, الحَارِثِيُّ. وَيُقَالُ: الخَارِفِيُّ, وَأَحَدُهُمَا تَصحِيْفٌ.
حَدَّثَ عَنْ: الشَّعْبِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَالمِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو, وَالحَكَمِ, وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ, وَسَوَادَةَ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَخَالِدِ بنِ أَبِي نَوْفٍ, وَزَيْدٍ العَمِّيِّ, وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَعَطَاءِ بنِ نَافِعٍ, وَأَبِي السَّفَرِ سَعِيْدِ بنِ يُحْمِدَ, وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ, وَأَبِي إِسْحَاقَ, وَخَلْقٍ عِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ, وَلَمْ أَظفَرْ لَهُ بِشَيْءٍ عَنْ صَاحِبٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَعَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَمُوْسَى بنُ أَعَيْنَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَزُفَرُ بنُ الهُذَيْلِ, وَالقَاضِي أَبُو يُوْسُفَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو حَاتِمٍ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُلْتُ: لأَحْمَدَ أَصْحَابُ الشَّعْبِيِّ مَنْ أَحَبُّهُمْ إِلَيْكَ? قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي فِيْهِم مِثْلُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ. قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ? قَالَ: مُطَرِّفٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا كَانَ ابْنُ عيينة بأحد أشد إعجابا منه بمطرف.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ, وَكَانَ ثِقَةً.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ العَبَّاسِ البَاهِلِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ: قَالَ مُطَرِّفُ بنُ طَرِيْفٍ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي كَذَبتُ كذبة, وأني لي الدنيا وما فيها.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 345"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1734"، الكنى للدولابي "2/ 68"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1448"، الكاشف "3/ ترجمة 5575"، العبر "1/ 195"، تاريخ الإسلام "6/ 131"، تهذيب التهذيب "10/ 172"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7034"، شذرات الذهب "212".(6/275)
وَقَالَ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ: عَنْ ذَوَّادِ بنِ عُلْبَةَ, قَالَ: مَا أَعْرِفُ عَرَبِيّاً وَلاَ أَعْجَمِياً أَفْضَلَ مِنْ مُطَرِّفِ بنِ طَرِيْفٍ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ, وَأَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ: مَاتَ مُطَرِّفٌ سنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ البُخَارِيُّ قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى, أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ. وَقِيْلَ: سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.(6/276)
إسماعيل بن محمد، يزيد بن أبي زياد:
871- إسماعيل بن محمد 1: "خ، م، ت، س، ق"
ابْنِ صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعد بن أبي وقاص الزهري الإِمَامُ, الثَّبْتُ, أَبُو مُحَمَّدٍ المَدَنِيُّ عِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَمَّيْهِ, عَامِرٍ, وَمُصْعَبٍ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ صَالِحُ بنُ ,كَيْسَانَ وَمَالِكٌ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ, حُجَّةٌ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مِنْ أَرْفَعِ هَؤُلاَءِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ المَدِيْنَةِ.
قُلْتُ: فَتَكَ الحَجَّاجُ بِوَالِدِهِ مُحَمَّدٍ, لِقِيَامِه مع ابن الاشعث, وأسر هذا, فَبَعَثَ بِهِ الحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ, فَعَفَا عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ أَنْبَتَ2 تُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
872- يَزِيْدُ بن أبي زياد 3: "4، م، قَرَنَهُ، خت"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ, مَوْلَى عَبْدِ اللهِ ابن الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1174"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 658"، تاريخ الإسلام "5/ 227"، تهذيب التهذيب "1/ 329".
2 أي: كان دون سن البلوغ، لنه لم تنبت شعر عانته.
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 340"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3220"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 81"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1114"، المجروحين لابن حبان "3/ 99"، الكاشف "3/ ترجمة 6417"، تاريخ الإسلام "5/ 313"، ميزان الاعتدال "4/ 423-425"، تهذيب التهذيب "11/ 329"، شذرات الذهب "1/ 206".(6/276)
قُلْتُ: رَأَى أَنَساً, وَرَوَى عَنْ: مَوْلاَهُ, عَبْدِ اللهِ, وَأَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ -إِنْ صَحَّ- وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ وَعَمْرِو بنِ سَلَمَةَ الهَمْدَانِيِّ لاَ الجَرْمِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَعْقِلِ بنِ مُقَرِّنٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَعَطَاءٍ, وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَأَبِي فَاخِتَةَ سَعِيْدِ بنِ عِلاَقَةَ, وَمِقْسَمٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعْمٍ, وَطَائِفَةٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُتقِنِ, فَلِذَا لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ, وَمَنْصُوْرُ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ, وَزَائِدَةُ, وَقَيْسٌ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, وَحِبَّانُ بنُ عَلِيٍّ, وَشَرِيْكٌ وَهُشَيْمٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَأَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيْرُ بن عَبْد الحَمِيْدِ وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ.
قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ رَفَّاعاً -يَعْنِي: الآثَارَ الَّتِي هِيَ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ يَرْفَعُهَا-. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الشِّيْعَةِ الكِبَارِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ بِالحَافِظِ. وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: لاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِ.
رَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَرَوَى: أَبُو يَعْلَى، عَنْ يَحْيَى ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: جَائِزُ الحَدِيْثِ. كَانَ بِأَخَرَةٍ يُلَقِّنُ, وَأَخُوْهُ بُرْدٌ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيْرٍ, قَالَ: كَانَ أَحْسَنَ حِفْظاً مِنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: مَا أَقْرَبَهُمَا! وذَكَرَهُ ابْنُ المُبَارَكِ فَقَالَ: ارْمِ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ, وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, لَيْثٌ أَحْسَنُهُم حَالاً.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً تَرَكَ حَدِيْثَه. وَقَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: سَمِعْتُهُم يُضَعِّفُوْنَ حَدِيْثَه. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِنْ شِيْعَةِ أَهْلِ الكُوْفَةِ, وَمَعَ ضَعْفِه يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَدْ عَلَّقَ البُخَارِيُّ لَهُ لَفظَةً, فَقَالَ: قَالَ جَرِيْرٌ، عَنْ يَزِيْدَ: القَسِّيَّةُ: ثباب مُضَلَّعَةٌ. وَقَدْ رَوَى لَهُ: مُسْلِمٌ فَقَرَنَه بِآخَرَ مَعَهُ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ مَعَ بَرَاعتِه فِي نَقدِ الرِّجَالِ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ -وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ- عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: مَا أُبَالِي إِذَا كَتَبتُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ أَنْ لاَ أَكْتُبَه، عَنْ أَحَدٍ. وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ: التِّرْمِذِيُّ, وَحَسَّنَ لَهُ مَا رَوَاهُ مَنْ طريق هشيم:(6/277)
أَنْبَأَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ المُحْرِمُ, قَالَ: "الحَيَّةَ وَالعَقْرَبَ وَالفُوَيْسِقَةَ وَيَرْمِي الغُرَابَ وَلاَ يَقْتُلْهُ وَالكَلْبَ العَقُوْرَ وَالحِدَأَةَ وَالسَّبُعَ العَادِي"1. وَأَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً, وَهَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ.
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَمْرِو بنِ الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ, قَالَ: تَغَنَّى مُعَاوِيَةُ وَعَمْرُو بنُ العَاصِ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ أَرْكِسْهُمَا فِي الفِتْنَةِ رَكْساً, وَدُعَّهُمَا فِي النَّارِ دَعّاً"2. وَهَذَا أَيْضاً مُنْكَرٌ.
وَأُنكَرَ مِنْهُ حَدِيْثُ الرَّايَاتِ, فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوْساً عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ جَاءهُ فِتْيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّا لاَ نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ الشَّيْءَ تَكرَهُهُ? فَقَالَ: "إِنَّا أَهْلَ بَيْتٍ اخْتَارَ اللهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي تَطْرِيْداً وَتَشْرِيْداً حَتَّى يَجِيْءَ قَوْمٌ مِنْ هَا هُنَا وَأَوْمَأَ نَحْوَ المَشْرِقِ أَصْحَابُ رَايَاتٍ سُوْدٍ يَسْأَلُوْنَ الحَقَّ وَلاَ يعطونه مرتين أو ثلاثًا فَيُقَاتِلُوْنَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلاَ يَقْبَلُوْنَ حَتَّى يَدْفَعُوْهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً, فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُم فَلْيَأْتِهِ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْجِ"3. قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدِيْثُه فِي الرَّايَاتِ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ. قَالَ الحَافِظُ أَبُو قُدَامَةَ السَّرْخَسِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ, قَالَ: حَدِيْثُ يَزِيْدَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ فِي الرَّايَاتِ, لَوْ حَلَفَ عِنْدِي خَمْسِيْنَ يَمِيْناً قَسَامَةً مَا صَدَّقْتُهُ قُلْتُ: مَعْذُورٌ -وَاللهِ- أَبُو أُسَامَةَ, وَأَنَا قَائِلٌ كَذَلِكَ, فَإِنَّ مَنْ قَبْلَه وَمَنْ بَعْدَهُ أَئِمَّةٌ أَثْبَاتٌ, فَالآفَةُ منه عمدا أو خطأ.
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "1848"، والترمذي "838"، وآفته يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف. وقوله: "ويرمي الغراب ولا يقتله" منكر.
2 منكر: أخرجه أحمد "4/ 421" من طريق يزيد، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، به. إلا أنه قال فلان وفلان بدل معاوية وعمرو بن العاص.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى يزيد بن أبي زياد، ضعيف. العلة الثانية: سليمان بن عمرو بن الأحوص، مجهول.
3 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "4082"، من طريق علي بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، به.
قلت: آفته يزيد بن أبي زياد، فإنه ضعيف.(6/278)
مُحَمَّدُ بنُ آدَمَ المَصِّيْصِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو مَرْفُوْعاً, قَالَ: "مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ سَبْعاً فَإِنْ مَاتَ فِيْهِنَّ مَاتَ كَافِراً وَإِنْ هِيَ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ، عَنْ شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً وَإِنْ مَاتَ فِيْهِنَّ مَاتَ كَافِراً"1. وَهَذَا أَيْضاً شِبْهُ مَوْضُوْعٍ, وَلَوْ عَلِمَ شُعْبَةُ أَنَّ يَزِيْدَ حَدَّثَ بِهَذِهِ البَوَاطِيْلِ لَمَا رَوَى عَنْهُ كَلِمَةً.
رَوَى جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ, قَالَ: قُتِلَ الحُسَيْنُ, وَأَنَا ابْنُ أربع عشرة سَنَةً, أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ مُطَيَّنٌ2 مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا عَاشَ نَحْواً مِنْ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
1 باطل: أخرجه النسائي "8/ 316"، من طريق ابن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، به.
قلت: وآفته هي هي الآفة السابقة، والخبر كذب لا يصدق به من له اطلاع على كتب السنة المشرفة، ومن نور الله بصيرته بقراءة عقيدة أهل السنة والجماعة.
2 هو: محدث الكوفة الشيخ الصادق، أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سليمان الحضرمي الملقب بمطين، سئل عنه الدارقطني فقال: ثقة جبل. عاش خمسا وتسعين سنة.(6/279)
873- يزيد بن أبي سمية 1: "د"
المُحَدِّثُ, أَبُو صَخْرٍ الأَيْلِيُّ.
يَرْوِي عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَعَنْهُ: حُسَيْنُ بنُ رُسْتُمَ, وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عُمَرَ, وَسَعْدَانُ بنُ سَالِمٍ الأَيْلِيُّوْنَ, وَهِشَامُ بنُ سَعْدٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ الصَّادِقِيْنَ البَكَّائِينَ.
وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ مِنَ العُبَّادِ يُصَلِّي اللَّيلَ كُلَّه وَيَبْكِي, وَكَانَ مَعَهُ فِي الدَّارِ يَهُوْدِيَّةٌ, فَتَبكِي رَحْمَةً لَهُ. فَقَالَ مَرَّةً فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ هَذِهِ يَهُوْدِيَّةٌ بَكَتْ رَحْمَةً لِي, وَدِيْنُهَا مخالف لديني, فأنت أولى برحمتي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 519"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3232"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1130"، الكاشف "3/ ترجمة 425"، تهذيب التهذيب "11/ 334".(6/279)
874- عمر بن أبي سلمة 1: "4"
ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ. مكثر عن والده. رَوَى عَنْهُ: مِسْعَرٌ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَآخَرُوْنَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ عِنْدِي صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِ.
قُلْتُ: اسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ. وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: أَيْضاً هُوَ ضَعِيْفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ قَامَ مَعَ ابْنِ أُخْتٍ لَهُ أُمَوِيٍّ فِي مَبدَأِ دَوْلَةِ بَنِي العَبَّاسِ فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ أَمرٌ, وَظَفِرَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَمُّ السَّفَّاحِ, فَقَتَلَ عُمَرَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَدْ عَلَّقَ لَهُ البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ"2 قِصَّةَ جُرَيْجٍ وَالرَّاعِي, فَقَالَ: وَقَالَ عُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ, حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِاليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى" صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ3 مِنْ حديث أبي عوانة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2054"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 635"، والكاشف "2/ ترجمة 4129"، ميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6127"، تاريخ الإسلام "5/ 286"، تهذيب التهذيب "7/ 456"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5173".
2 أخرجه البخاري "1206" معلقا، قال قال الليث، حدثني جعفر، عن عبد الرحمن بن هرمز قال: قال أبو هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نادت امرأة ابنها وهو في صومعة قالت: يا جريج. قال: اللهم أمي وصلاتي قالت: يا جريج قال: اللهم، أمي وصلاتي. قالت: يا جريج، قال: اللهم أمي وصلاتي. قالت: اللهم لا يموت جريج حى ينظر في وجه المياميس. وكانت تأوى إلى صومعته راعية ترعى الغنم فولدت، فقيل لها: ممن هذا الولد؟ قالت: من جريح نزل من صومعته. قال جريج: أين هذه التي تزعم أن ولدها لي؟ قال: يا با بوس، من أبوك؟ قال: راعي الغنم.
وقد وصله الإسماعيلي من طريق عاصم بن علي أحد شيوخ البخاري عن الليث مطولا، وجعفر هو ابن ربيعة المصري. وقوله: في وجه المياميس في رواية أبي ذر "وجوه" بصيغة الجمع والمياميس جمع مومسة بكسر الميم وهي الزانية. قال ابن بطال: سبب دعاء أم جريج على ولدها أن الكلام في الصلاة كان في شرعهم مباحا، فلما آثر استمراره في صلاته ومناجاته على إجابتها دعت عليه لتأخيره حقها.
3 صحيح: أخرجه الترمذي "1752"، حدثنا قتيبة، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.
وقال الترمذي: حديث أبى هريرة حديث حسن صحيح.
قلت: إسناده حسن، عمر بن أبي سلمة، صدوق وأخرجه أحمد "2/ 261 و499"، والبغوي من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن عمرو، صدوق وهي متابعة لعمر بن أبي سلمة فيصح الحديث بهذه المتابعة والله -تعالى- أعلم.(6/280)
محمد بن سُوقة، أيوب بن موسى:
875- محمد بن سوقة 1: "ع"
الإِمَامُ, العَابِدُ, الحُجَّةُ, أَبُو بَكْرٍ الغَنَوِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ وَعَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَمُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيُّ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ, وَآخَرُوْنَ.
يُقَالُ: إِنَّهُ أَنفَقَ فِي أَبْوَابِ الخَيْرِ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ لاَ يُحسِنُ أَنْ يَعصِيَ اللهَ -تَعَالَى- وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, مَرْضِيٌّ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائة.
876- أيوب بن موسى 2: "ع"
الإِمَامُ, المُفْتِي, أَبُو مُوْسَى الأُمَوِيُّ, المَكِّيُّ. وَجَدُّه: هُوَ الأَمِيْرُ عَمْرُو بنُ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ الأَشْدَقُ. وَهُوَ ابْنُ عَمِّ الفَقِيْهِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ, وَلَيْسَ أَيُّوْبُ بِأَخٍ لِلْفَقِيْهِ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى الَّذِي تَقَدَّمَ.
حَدَّثَ أَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَمَكْحُوْلٍ, ونافع, وعطاء ابن مِيْنَا, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ, وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ, وَشُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَاللَّيْثُ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَمَالِكٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَخَلْقٌ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ فَقِيْهاً, مُفْتِياً. وَقَالَ أَحْمَدُ, وَأَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً. قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 340"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 287"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1520"، حلية الأولياء "5/ ترجمة 284"، العبر "1/ 306"، الكاشف "3/ ترجمة 4971"، تاريخ الإسلام "6/ 120"، تهذيب التهذيب "9/ 209"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6288".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1356"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 920"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1106"، تهذيب التهذيب "1/ 412"، شذرات الذهب "1/ 191".(6/281)
877- محمد بن عمرو 1: "4, خ"
ابن علقمة بن وقاص, الإِمَامُ المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ, أَبُو الحَسَنِ اللَّيْثِيُّ, المَدَنِيُّ, صَاحِبُ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَاوِيَتُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ, وَعَنْ: يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَأَبِيْهِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ, وَالثَّوْرِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ, وَأَبُو أُسَامَةَ وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَحَدِيْثُه فِي عِدَادِ الحَسَنِ. قَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ, سُئِلَ: عَنْ سُهَيْلٍ وَالعَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ, وَعَاصِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ, فَقَالَ: لَيْسَ حَدِيْثُهم بِحُجَّةٍ قِيْلَ لَهُ: فَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو? قَالَ: هُوَ فَوْقَهُم. قُلْتُ: رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ مَقْرُوْناً بِآخَرَ, وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى قال: ابن عجلان أوثق من محمد بن عَمْرٍو فَقَالَ: وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
وَسُئِلَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو, فَقَالَ لِلسَّائِلِ: تُرِيْدُ العَفْوَ أَوْ نُشِدِّدَ؟ قَالَ: بَلْ شَدِّدْ قَالَ: لَيْسَ مِمَّنْ تريد.
قَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ, وَهُوَ مِمَّنْ يُشتَهَى حَدِيْثُه.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ فِي "المُوَطَّأِ", وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بن معين: ثقة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 583"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 540" و"2/ 223 و697"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 138"، الكاشف "3/ ترجمة 5169"، وتاريخ الإسلام "6/ 127"، ميزان الاعتدال "3/ ترجمة 8015"، تهذيب التهذيب "9/ 375- 377"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6552"، شذرات الذهب "1/ 217".(6/282)
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- "من نسي الصلاة علي خطىء طَرِيْقَ الجَنَّةِ" 1.
مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, أَوْ سنَةَ أَرْبَعٍ وَقَدْ حدث بالعراق.
__________
1 صحيح بطرقه: أخرجه ابن ماجه "908"، وأبو نعيم في "الحلية" "3/ 91" و"6/ 267" حدثنا جبارة ابن المغلس، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ دينار، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، آفته جبارة بن المغلس، ضعيف، وقد ساق الذهبي الحديث في ترجمته وقال في إثره: "قلت: بهذا السند باطل". ورواه إسماعيل القاضي "41" من غير وجه عن أبي جعفر محمد بن على الباقر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهو مرسل يتقوى به الإسناد الذي قبله. والحديث ذكره الحافظ في "الفتح" "11/ 168" باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعد أن ذكره. "وأخرجه البيهقي في "الشعب" من حديث أبي هريرة، وابن أبي حاتم من حديث جابر، والطبراني من حديث حسين بن علي، وهذه الطرق يشد بعضها بعضا".(6/283)
878- عروة بن رويم 1: "د، س، ق"
اللخمي, الأردني الفَقِيْهُ, المُحَدِّثُ أَبُو القَاسِمِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي ثَعْلَبَةَ -الخُشَنِيِّ- فَقِيْلَ: سَمِعَ مِنْهُ- وَعَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ. وَأَرْسَلَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ, وَغَيْرِهِ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُهَاجِرٍ, وَهِشَامُ بنُ سَعْدٍ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, ويحيى بنُ حَمْزَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ سَابُوْرَ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَامَّةُ حَدِيْثِه مَرَاسِيْلُ. وَيُقَالُ: سَمِعَ مِنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: سَنَةَ خمس وثلاثين ومائة. وقيل: غير ذلك.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 460"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 143"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 122" و"2/ 292"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2211"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 351"، الكاشف "2/ ترجمة 3829"، العبر "1/ 288"، تاريخ الإسلام "5/ 277"، تهذيب التهذيب "7/ 179"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4825".(6/283)
عمار الدُّهني، عُمارة بن أبي حفصة:
879- عمار الدهني 1: "م، 4"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, أَبُو مُعَاوِيَةَ عَمَّارُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ أَسْلَمَ البَجَلِيُّ, ثُمَّ الدُّهْنِيُّ, الكُوْفِيُّ. وَفِي بَنِي عَبْدِ القَيْسِ أَيْضاً: دُهْنُ بنُ عُذْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَأَبِي الطُّفَيْلِ الَّذِي لَهُ رُؤْيَةٌ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَإِسْرَائِيْلُ, وَشَرِيْكٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَوَلَدُه مُعَاوِيَةُ بنُ عَمَّارٍ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَهُ: مطين.
880- عمارة بن أبي حفصة 2: "خ، 4"
البصري, العَتَكِيُّ مَوْلاَهُم, ابْنُ عَمِّ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أبي رواد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, وَأَبِي مِجْلَزٍ لاَحِقٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَالحَسَنِ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَغَيْرُهُ وَمَا لَحِقَ وَلَدُه حَرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ السَّمَاعَ مِنْهُ قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 340"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 120"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 16 و548 و615" و"3/ 87 و189"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2175"، تاريخ الإسلام "5/ 284"، والكاشف "2/ ترجمة 4060"، ميزان الاعتدال "3/ 170"، تهذيب التهذيب "7/ 406"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5090"، شذرات الذهب "1/ 191".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 257"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 445 و585"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2003"، تاريخ الإسلام للذهبي "5/ 284"، الكاشف للذهبي "2/ ترجمة 4067"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5102".(6/284)
عُمارة بن غَزِيّة، عُمارة بن القعقاع، عطاء الخراساني
881- عمارة بن غزية 1: "م، 4"
ابن الحارث, بن عَمْرِو بنِ غَزِيَّةَ الأَنْصَارِيُّ, الخَزْرَجِيُّ, البُخَارِيُّ, المَازِنِيُّ, المَدَنِيُّ, أَحَدُ الثِّقَاتِ.
عَنْ: أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالرَّبِيْعِ بنِ سَبْرَةَ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ: بَكْرُ بنُ مُضَرَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَطَائِفَةٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ, وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ, وَاسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ, وَأَمَّا ابْنُ حَزْمٍ فَضَعَّفَه, وَلَمْ يُصِبْ مَاتَ: سَنَةَ أربعين ومائة.
882- عمارة بن القعقاع 2: "ع"
ابن شبرمة الضبي الكوفي.
مُكْثِرٌ عَنْ: أَبِي زُرْعَةَ البَجَلِيِّ, وَرَوَى عَنْ: أَخْنَسَ بنِ خَلِيْفَةَ.
رَوَى عَنْهُ: السُّفْيَانَانِ, وَشَرِيْكٌ, وَجَرِيْرٌ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ عَمِّه عَبْدِ اللهِ بنِ شبرمة وأفضل.
883- عطاء الخُرَاسَانِيُّ 3: "ع"
هُوَ عَطَاءُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ المحدث, الواعظ, نزيل دمشق والقدس.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3121"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238 و644" و"2/ 294" و"3/ 265"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2030"، تاريخ الإسلام "5/ 285"، الكاشف "2/ ترجمة 4080"، ميزان الاعتدال "3/ 178"، تهذيب التهذيب "7/ 422"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5117"، شذرات الذهب "1/ 208".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 351"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3114"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 97 و102"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2033"، الكاشف "2/ ترجمة 4081"، تاريخ الإسلام "5/ 285"، تهذيب التهذيب "7/ 423"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5118".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 369"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3027"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 255" و"2/ 325 و373" و"3/ 389"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1850"، المجروحين لابن حبان "2/ 130"، الأنساب للسمعاني "5/ 68"، تاريخ الإسلام "5/ 279"، =(6/285)
أَرْسَلَ عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ, وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ, وَطَائِفَةٍ وَرَوَى عَنِ: ابْنِ المُسَيِّبِ, وَعُرْوَةَ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَابْنِ بُرَيْدَةَ, ونافع وعمرو ابن شُعَيْبٍ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مَعْمَرٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, ومالك, وحماد بن سلمة, وإسماعيل ابن عَيَّاشٍ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ حَتَّى إِنَّ شَيْخَه عَطَاءً حَدَّثَ عَنْهُ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ, لَكِنْ لَمْ يَلْقَ ابن عَبَّاسٍ -يَعْنِي: أَنَّهُ يُدَلِّسُ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: هُوَ عَطَاءُ بنُ مَيْسَرَةَ, سَمِعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ, وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ عَطَاءُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ أَبُو أَيُّوْبَ عَطَاءُ بنُ عَبْدِ اللهِ بَلْخِيٌّ سَكنَ الشَّامَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ عَطَاءُ بنُ مَيْسَرَةَ وَقَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ مَعْرُوْفٌ بِالفَتْوَى وَالجِهَادِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ وَقَالَ حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, حَدَّثَنَا عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ, وَكَانَ نَسِيّاً وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ: عَنْ أَبِيْهِ قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ, وَقَدْ فَاتَنِي عَامَّةُ الصَّحَابَةِ, وذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ, وَالعُقَيْلِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "عِلَلِهِ": قَالَ مُحَمَّدٌ -يَعْنِي البُخَارِيَّ: مَا أَعْرِفُ لِمَالِكٍ رَجُلاً يَرْوِي عَنْهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتْرَكَ حَدِيْثُه غَيْرَ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ. قُلْتُ: مَا شَأْنُه؟ قَالَ عَامَّةُ أَحَادِيْثِه مَقْلُوْبَةٌ. ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ, رَوَى عَنْهُ مِثْلُ مَالِكٍ, وَمَعْمَرٍ, وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ تَكَلَّمَ فِيْهِ.
قِيْلَ: إِنَّ الَّذِي فِي تَفْسِيْرِ سُوْرَةِ نُوْحٍ مِنْ "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" هُوَ عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ, وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ, بَلْ هُوَ عَطَاءُ بنُ أبي رباح. فعلى هذا لا شيء لِلْخُرَاسَانِيِّ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ".
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَصلُه مِنْ بَلْخَ, وَعِدَادُه فِي البَصْرِيِّينَ, وَإِنَّمَا قِيْلَ لَهُ: الخُرَاسَانِيُّ, لأَنَّهُ دَخَلَ إِلَى خُرَاسَانَ, وَأَقَامَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى العِرَاقِ, وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللهِ, غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ رَدِيْءَ الحِفْظِ, كَثِيْرَ الوَهمِ, فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي روايته, بطل الاحتجاج به.
__________
= الكاشف "2/ ترجمة 3860"، ميزان الاعتدال "3/ 73"، تهذيب التهذيب "7/ 212"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4861"، شذرات الذهب "1/ 192". وقد رمز الحافظ الذهبي برمز "ع" أي أن الجماعة رووا له، وهو خطأ والصواب أن البخاري لم يرو له، وقد رمز الحافظ في "تقريب التهذيب" بالرموز "م عم" أي روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة، أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
فالصواب: أن توضع رموز "م عم" بدل: "ع" التي تدل على الجماعة أخرجوا له ومنهم البخاري، وهو خطأ كما بينا، وقد صوبت هذا الخطأ ووضعته بين مكعوفين، ليتنبه القارئ.(6/286)
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ فِيْهِ نَظَرٌ.
عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَوثَقُ عَمَلِي فِي نَفْسِي نَشرُ العِلْمِ, وَكَانَ يَجْلِسُ أَبِي مَعَ المسَاكِيْنِ, فَيُعَلِّمُهُم وَيُحَدِّثُهُم. قَالَ يَزِيْدُ بنُ سَمُرَةَ: سَمِعْتُ عَطَاءً الخُرَاسَانِيَّ يَقُوْلُ: مَجَالِسُ الذِّكرِ هِيَ مَجَالِسُ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ: مَنْ أَيْنَ مَعَاشُكَ؟ قَالَ: مَنْ صِلَةِ الإِخْوَانِ وَجَوَائِزِ السُّلْطَانِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ: كُنَّا نُغَازِي عَطَاءً الخراساني, وننزل مُتَقَارِبِيْنَ, فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ, ثُمَّ يُخْرِجُ رَأْسَه مِنْ خَيمَتِه, فَيَقُوْلُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! يَا هِشَامَ بنَ الغَازِ! يَا فُلاَنُ! قِيَامُ اللَّيلِ, وَصِيَامُ النَّهَارِ أَيسَرُ مِنْ شُرْبِ الصَّدِيْدِ, وَلُبْسِ الحَدِيْدِ, وَأَكلِ الزَّقُّومِ وَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ!
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: تُوُفِّيَ بِأَرِيْحَا, وَدُفِنَ بِبَيْتِ المَقْدِسِ. وَقَالَ ابْنُهُ عُثْمَانُ: مَاتَ أَبِي سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: مَوْلِدُه سَنَةَ خَمْسِيْنَ.(6/287)
884- أيوب أبو العلاء 1: "د، ت، س"
القصاب, الواسطي. وَهُوَ أَيُّوْبُ بنُ مِسْكِيْنٍ. وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي مِسْكِيْنٍ, الفَقِيْهُ, مُفْتِي أَهْلِ وَاسِطَ.
حَدَّثَ عَنْ: قَتَادَةَ, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شُبْرُمَةَ. وَمَاتَ: فِي الكُهُولَةِ, قَبْلَ انْتِشَارِ حَدِيْثِه.
رَوَى عَنْهُ: هُشَيْمٌ, وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَأَرَخَّ يَزِيْدُ وَفَاتَه: فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ فَلَوْلاَ قِدَمُ مَوْتِهِ لأُخِّرَ إِلَى طَبَقَةِ الحَمَّادَيْنِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1357"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 928"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 754"، والكاشف "1/ ترجمة 531"، تاريخ الإسلام "5/ 231"، وميزان الاعتدال "1/ 293".(6/287)
حبيب العجمي، الحسن بن عُبَيد الله:
885- حبيب العجمي 1: "بَخ"
زَاهِدُ أَهْلِ البَصْرَةِ, وَعَابِدُهُم, أَبُو مُحَمَّدٍ.
رَوَى عَنْ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ, وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, والفرزدق شيئًا يسيرًا.
وَعَنْهُ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَجَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ, وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ تُؤثَرُ عَنْهُ كَرَامَاتٌ وَأَحوَالٌ, وَكَانَ لَهُ دُنْيَا, فَوَقَعَتْ مَوْعِظَةُ الحَسَنِ فِي قَلْبِهِ, فَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعِيْنَ أَلفاً, وَقَنِعَ بِاليَسِيْرِ, وَعَبَدَ اللهَ حَتَّى أَتَاهُ اليَقِيْنُ.
قَالَ ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى قَالَ: كَانَ حَبِيْبٌ يُرَى بِالبَصْرَةِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ, وَيُرَى بِعَرَفَةَ مِنَ الغَدِ2 قُلْتُ: سُقتُ مِنْ أَخْبَارِه فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ" وَذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تاريخه".
886- الحسن بن عبيد الله 3: "م، 4"
ابن عروة الفَقِيْهُ, أَبُو عُرْوَةَ النَّخَعِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ, وَشَقِيْقٍ أَبِي وَائِلٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وجرير بن عبد الحميد, وسفيان بن عيينة, وعبد الله ابن إِدْرِيْسَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. لَهُ: قَرِيْبٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2635"، الكنى للدولابي "2/ 95"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 519"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 355"، تاريخ الإسلام "5/ 233"، ميزان الاعتدال "1/ 457"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 299"، تهذيب التهذيب "2/ 189"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1216"، النجومن الزاهرة لابن تغرى بردى "1/ 283".
2 منكر: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "6/ 154"، من طريق محمد بن العباس بن أيوب حدثنا عبد الرحمن بن واقد، حدثن ضمرة، به.
قلت: إسناده مظلم، آفته عبد الرحمن بن واقد، أبو مسلم، قال ابن عدي: حدث بالمناكير عن الثقات، يسرق الحديث.
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 348"، التاريخ الكبير للبخاري "2/ ترجمة 2528"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 92 و230"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 96"، تاريخ الإسلام "5/ 236"، تهذيب التهذيب "2/ 292"، خلاصة الخزرجي "1/ 1355".(6/288)
887- خصيف 1: "4"
ابن عبد الرحمن, الإِمَامُ, الفَقِيْهُ, أَبُو عَوْنٍ الخِضْرَمِيُّ -بِكَسرِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ- الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم, الجَزَرِيُّ, الحَرَّانِيُّ.
رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَسَمِعَ: مُجَاهِداً, وَسَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ, وعكرمة, وطبقتهم.
روى عنه: السفيانات, وَشَرِيْكٌ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَعَتَّابُ بنُ بَشِيْرٍ, وَمَرْوَانُ بنُ شُجَاعٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ, وَمُعَمَّرُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ليس بحجة وقال أبو حاتم: سيء الحِفْظِ قَالَ خُصَيْفٌ: قَالَ لِي مُجَاهِدٌ: يَا أَبَا عَوْنٍ أَنَا أُحِبُّكَ فِي اللهِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ ثِقَةٌ وَقَالَ ابْنُ حِرَاشٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ قَالَ أَبُو فَرْوَةَ: وَلِيَ خُصَيْفٌ بَيْتَ المَالِ وَعَنْ جَرِيْرٍ, قَالَ: كَانَ متمكنا من الإرجاء. وقال أبي نجيح: كان من صالحي الناس.
قَالَ النُّفَيْلِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وثلاثين. وقال عتاب بن بشر, وَالبُخَارِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ, وَشَبَابٌ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضاً: لَيْسَ بِقَوِيٍّ, تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ. وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كُنَّا نَجتَنِبُ خُصَيْفاً.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ: رَأَيْتُ عَلَى خُصَيْفٍ ثِيَاباً سُوداً, وَكَانَ عَلَى بَيْتِ المَالِ.
قُلْتُ: حَدِيْثُه يَرتَقِي إِلَى الحَسَنِ.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنْ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتُ, حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه, حَدَّثَنَا عَتَّابُ بنُ بَشِيْرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا شَكَكْتَ فِي صَلاَتِكَ فِي ثَلاَثٍ أَوْ أَرْبَعٍ, وَأَكْبَرُ ظَنِّكَ عَلَى أَرْبَعٍ سَجَدْتَ سجدتين, ثم
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 482"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 766"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 175 و460" و"3/ 154"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1848"، الأنساب للسمعاني "5/ 140"، تاريخ الإسلام "5/ 240"، الكاشف "1/ ترجمة 1400"، تهذيب التهذيب "3/ 143"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1898"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 206".(6/289)
سَلَّمْتَ, وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ ظَنِّكَ عَلَى ثَلاَثٍ, فَصَلِّ رَكْعَةً, ثُمَّ تَشَهَّدْ, ثُمَّ اسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ, ثُمَّ سَلِّمْ"1.
لَوْ صَحَّ هَذَا, لَكَانَ فيه فرج، عن ذوي الوسواس.
__________
1 ضعيف: آفته خصيف، فإنه ضعيف، سيئ الحفظ. وفي الإسناد انقطاع بين أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وأبيه، فإنه لم يسمع منه. وهو عند أبي داود "1028" من طريق محمد بن سلمة، عن خصيف، به مرفوعا.
وقال أبو داود في إثره: رواه عبد الواحد عن خصيف ولم يرفعه، ووافق عبد الواحد أيضا سفيان وشريك وإسرائيل، واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه.(6/290)
واهب بن عبد الله، زُهرة بن معبد:
888- واهب بن عبد الله 1:
الشَّيْخُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الكَعْبِيُّ, المَعَافِرِيُّ, المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ, وَعُتْبَةَ بنِ عَامِرٍ, وَابْنِ عُمَرَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَحَسَّانِ بنِ كُرَيْبٍ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُرَيْحٍ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَرَجَاءُ بنُ أَبِي عَطَاءٍ, وَضِمَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَخَرَّجَ لَهُ: البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الأَدَبِ" عُمِّرَ دَهْراً. وَتُوُفِّيَ بِبَرْقَةَ, فِي سَبْعٍ وثلاثين ببرقة.
889- زهرة بن معبد 2: "خ، 4"
ابن عبد الله, بن هِشَامِ بنِ زُهْرَةَ, الإِمَامُ أَبُو عُقَيْلٍ القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ, المَدَنِيُّ, نَزِيْلُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: جَدِّه, عَبْدِ اللهِ الصَّحَابِيِّ. وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَابْنِ الزبير, وسعيد بن المسيب, وغيرهم.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2657"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 510 و527" و"3/ 328"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 200"، تاريخ الإسلام "5/ 311" تهذيب التهذيب "11/ 108".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 515"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1476"، الكنى للدولابي "2/ 33"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2786"، تاريخ الإسلام "5/ 251"، الكاشف "1/ ترجمة 1674"، تهذيب التهذيب "3/ 341"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2162"، شذرات الذهب "1/ 192".(6/290)
رَوَى عَنْهُ: حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَاللَّيْثُ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَرِشْدِيْنُ بنُ سعد.
وَكَانَ مِنْ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ. قَالَ الدَّارِمِيُّ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ, وَغَيْرُهُ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ لِجَدِّه صُحْبَةٌ.
ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ, أَخْبَرَنِي زُهْرَةُ بنُ مَعْبَدٍ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ قَالَ لَهُ: أَيْنَ تَسكُنُ? قُلْتُ: بِالفُسْطَاطِ قَالَ: تَسكُنُ الخَبِيْثَةَ المُنتِنَةَ, أُفٍّ! وَتَذَرُ الطَّيِّبَةَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَإِنَّك تَجْمَعُ بِهَا دُنْيَا وَآخِرَةً طَيِّبَةَ المَوْطَأِ, وَدِدْتُ أَنَّ قَبْرِي يَكُوْنُ بِهَا وَرَوَى نَحْوَهُ ضِمَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ زُهْرَةَ تُوُفِّيَ زُهْرَةُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقَدْ شاخ.(6/291)
عبد الحميد، عثمان البَتِّي:
890- عبد الحميد 1: "خ، م، د، س"
صاحب الزيادي, مِنْ عُلَمَاءِ البَصْرَةِ الجِلَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ, وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ, وثقه أحمد بن حنبل.
891- عثمان البتي 2: "4"
فَقِيْهُ البَصْرَةِ, أَبُو عَمْرٍو, بَيَّاعُ البُتُوْتِ3 اسْمُ أبيه: مسلم, وقيل: أسلم, وَقِيْلَ: سُلَيْمَانُ. وَأَصلُه مِنَ الكُوْفَةِ. حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ سَلَمَةَ, وَالحَسَنِ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَهُشَيْمٌ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ, وَابْنُ سَعْدٍ, وَابْنُ مَعِيْنٍ, فِيْمَا نَقَلَهُ عَبَّاسٌ عَنْهُ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: له أحاديث, كان صاحب رأي وفقه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1656"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 54 و90" الكاشف "2/ ترجمة 3141"، تاريخ الإسلام "5/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 114"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3974".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 257"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2204 و2287" الجرح والتعديل لابن أبي حاتم "6/ ترجمة 786"، الكاشف "2/ ترجمة 3794"، تاريخ الإسلام "5/ 276"، ميزان الاعتدال "3/ 59-60"، تهذيب التهذيب "7/ 153"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4787".
3 البتوت: الأكسية الغليظة.(6/291)
جعفر بن ربيعة، أبو الأسود:
892- جعفر بن ربيعة 1: "ع"
ابن الأمير شرحبيل بن حسنة, الفَقِيْهُ, الإِمَامُ, أَبُو شُرَحْبِيْلَ الكِنْدِيُّ, حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ بنِ كِلاَبٍ. سَكنَ مِصْرَ, أَوْ وُلِدَ بِهَا وَقَدْ أَدْرَكَ وَالِدُه رَبِيْعَةُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَآهُ وَرَأَى جَعْفَرٌ عَبْدَ اللهِ بنَ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَأَبِي الخَيْرِ مَرْثَدٍ اليَزَنِيِّ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَالأَعْرَجِ, وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَبَكْرُ بنُ مُضَرَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ لَهِيْعَةَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ, وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ, وَهُوَ الأَصَحُّ وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سنة أربع وثلاثين ومائة قاله: شباب.
893- أبو الأسود 2: "ع"
محمد بن عبد الرحمن, بن نَوْفَلِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ نَوْفَلِ بنِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ قصي, الإِمَامُ, أَبُو الأَسْوَدِ القُرَشِيُّ, الأَسَدِيُّ يَتِيْمُ عُرْوَةَ وَكَانَ أَبُوْهُ أَوْصَى بِهِ إِلَى عُرْوَةَ وَكَانَ جَدُّه أَحَدَ السَّابِقِيْنَ وَمِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ -أَعْنِي نَوْفَلاً- وَبِأَرْضِ الحَبَشَةِ تُوُفِّيَ, فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُوْنَ وَلَدُه عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ.
نَزَلَ أَبُو الأَسْوَدِ مِصْرَ, وَحَدَّثَ بِهَا بِكِتَابِ "المَغَازِي" لِعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, عَنْهُ. وَرَوَى عَنْ: عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, وَالنُّعْمَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ, وَشُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ, وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَأَنَسُ بنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ مِنَ العُلَمَاءِ الثِّقَاتِ. عِدَادُه فِي صِغَار التَّابِعِيْنَ مَاتَ: سَنَةَ بضع وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 514"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2155"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 242 و284" و"2/ 442"، الكنى للدولابي "2/ 7"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1947"، تاريخ الإسلام للذهبي "5/ 333"، العبر "1/ 183"، الكاشف "1/ ترجمة 797"، تهذيب التهذيب "2/ 90"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1036"، شذرات الذهب "1/ 193".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 435"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 238 و664" و"2/ 294" و"3/ 256 و311"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1735"، الكاشف "3/ ترجمة 5082"، تاريخ الإسلام "5/ 296"، تهذيب التهذيب "9/ 307"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6444".(6/292)
موسى بن أبي عائشة، بُرْد بن سنان
894- موسى بن أبي عائشة 1: "ع"
الهمداني, الكوفي, العَابِدُ, أَحَدُ العُلَمَاءِ العَابِدِيْنَ. حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَزَائِدَةُ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وابن عيينة, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُه, ذَكَرتُ اللهَ.
وَقَالَ القَطَّانُ كَانَ يُحسِنُ سُفْيَانُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَنَّ جارًا لموسى ابن أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: مَا رَفَعتُ رَأْسِي قَطُّ إلَّا رأيته يصلي.
895- برد بن سنان 2: "4"
الفَقِيْهُ, أَبُو العَلاَءِ الدِّمَشْقِيُّ, نَزِيْلُ البَصْرَةِ, مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَعُبَادَةَ بنِ نُسَيٍّ, وعمرو ابن شُعَيْبٍ, وَمَكْحُوْلٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السُّفْيَانَانِ, وَالحَمَّادَانِ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ قَالَ يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا شَامِيٌّ خَيْرٌ مِنْ برد وقال يحيى ابن معين: هرب برد بن مَرْوَانَ الحِمَارِ إِلَى البَصْرَةِ. قِيْلَ: تُوُفِّيَ بُرْدٌ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 326"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1234"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 450 و514" و"2/ 672 و692" و"3/ 91 و239"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 700"، الكاشف "3/ ترجمة 5807"، تاريخ الإسلام "5/ 307" تهذيب التهذيب "10/ 352"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7282".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1951"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 339"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1675"، الكاشف "1/ ترجمة 557"، ميزان الاعتدال "1/ 302"، تاريخ الإسلام "5/ 231"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 790".(6/293)
حجاج بن حجاج، أبو هاشم الرُّماني:
896- حجاج بن حجاج 1: "خ, م, د, س, ق"
الباهلي, البصري, الأحول, الحافظ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ, وَالفَرَزْدَقِ, وَقَتَادَةَ -وَلاَزَمَه- وَأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ, وَكَانَ مَوْصُوْفاً بِالحِفْظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ -رَفِيْقُه- وَإِبْرَاهِيْمُ بن طهمان -تلميذه- ويزيد ابن زُرَيْعٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَغَيْرُهُ. مَاتَ: فِي الكُهُولَةِ, بِالبَصْرَةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ.
897- أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ 2: "ع"
الواسطي, ثِقَةٌ, حُجَّةٌ. قِيْلَ: اسْمُهُ: يَحْيَى بنُ دِيْنَارٍ. وَقِيْلَ: نَافِعٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَالِيَةِ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ, وَأَبِي وَائِلٍ, وَأَبِي الأَحْوَصِ, وَأَبِي مِجْلَزٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَأَبِي صَالِحٍ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ, وَهُشَيْمٌ, وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ, وَشَرِيْكٌ, وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ, وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ, وَآخَرُوْنَ.
وَاحْتَجُّوا بِهِ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ, وَهُوَ مِمَّنْ يُجْمَعُ حَدِيْثُه.
تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2813"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 29"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 678"، الكاشف "1/ ترجمة 941"، ميزان الاعتدال "1/ 461"، تاريخ الإسلام "5/ 235" و"6/ 53"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 305"، تهذيب التهذيب "2/ 199"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1236".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2967"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 595"، تاريخ الإسلام "5/ 196"، تهذيب التهذيب "12/ 261".(6/294)
الحسن بن الحرُ، الجُرَيْرِي:
898- الحسن بن الحر 1: "د, س"
النخعي أَوِ الجُعْفِيُّ, كُوْفِيٌّ, إِمَامٌ, عَابِدٌ, سَكَنَ دِمَشْقَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي الطُّفَيْلِ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالقَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ, وَخَالِه عَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ, حُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الجُعْفِيُّ, وزهير بن معاوية, وحميد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ قَالَ زُهَيْرٌ: اقْتَرَضَ أَبِي مِنَ الحَسَنِ بنِ الحُرِّ أَلْفاً, ثُمَّ وَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ, فَرَدَّهَا وَقَالَ: اشْتَرِ بِهَا لِزُهَيْرٍ سُكَّراً. وَقَالَ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ: كَانَ الحَسَنُ بنُ الحُرِّ إِذَا مَرَّ بِهِ مَنْ يَبِيْعُ مِلْحاً أَوْ مَنْ رَأْسُ ماله نحو درهمين, فيعيطه خَمْسَةً يَقُوْلُ: اجْعَلْهَا رَأْسَ مَالِكَ وَخَمْسَةً أُخْرَى فَيَقُوْلُ: خُذْ بِهَا دَقِيْقاً وَتَمراً. وَخَمْسَةً أُخْرَى فَيَقُوْلُ: خُذْ بِهَا قُطناً لِلْمَرْأَةِ.
قَالَ مُحْرِزُ بنُ حُرَيْثٍ: كَتَبَ الحَسَنُ بنُ الحُرِّ إِلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنِّي كُنْتُ أُقَسِّمُ زَكَاتِي, فَلَمَّا وُلِّيتَ, رَأَيْتُ أَنْ أَسْتَأمِرَكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْعَثْ بِهَا إِلَيْنَا وَسَمِّ لَنَا إِخْوَانَكَ نُغنِهِم عَنْكَ.
قَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ كَثِيْرَ المَالِ, سَخِيّاً, مُتَعَبِّداً قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ العِرَاقِ مِثْلُ الحَسَنِ بنِ الحُرِّ, وَعَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ, وَكَانَا شَرِيْكَيْنِ وَقَالَ الحَاكِمُ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَيُنسَبُ إِلَى جَدِّه, فَيُقَالُ: الحَسَنُ ابْنُ الحَكَمِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مَوْلَى لِبَنِي الصَّيْدَاءِ, قَوْمٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ. مَاتَ: سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
899- الجريري 2: "ع"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ أَبُو مَسْعُوْدٍ سَعِيْدُ بنُ إِيَاسٍ الجُرَيْرِيُّ, البَصْرِيُّ, مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 353"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2504"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 26"، الكاشف "1/ ترجمة 1026"، تاريخ الإسلام "5/ 235"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 416"، تهذيب التهذيب "2/ 261"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1328".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 261"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1520"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 76 و83 و123" و"3/ 13 و63"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 363"، الأنساب للسمعاني "3/ 244"، تاريخ الإسلام "6/ 69"، تذكرة الحفاظ "1/ 150"، العبر "1/ 196"، ميزان الاعتدال "2/ 127-128" تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 8"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2419"، شذرات الذهب "1/ 215".(6/295)
رَوَى عَنْ: أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بنِ وَاثِلَةَ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ وَأَبِي نَضْرَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ, وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بن علية ويزيد ابن هَارُوْنَ وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ وَيَحْيَى القَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ مُحَدِّثُ البَصْرَةِ وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ وَجَمَاعَةٌ ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ قَبْلَ مَوْتِه وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ لاَ نَكذِبُ اللهَ سَمِعنَا مِنَ الجُرَيْرِيِّ وَهُوَ مُختَلِطٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ ابْنَ عُلَيَّةَ أَكَانَ الجُرَيْرِيُّ اخْتُلِطَ? قَالَ لاَ كَبِرَ الشَّيْخُ, فَرَقَّ.
قَالَ الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: أَتَيْتُ الجُرَيْرِيَّ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: "بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاَةٌ".
فَلَمَّا خَرَجتُ قَالَ لِي رَجُلٌ: إِنَّمَا هُوَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ1.
فَرَجَعتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: لَهُ فَقَالَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ.
وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ كَهْمَسٍ قَالَ أَنْكَرْنَا الجُرَيْرِيَّ قَبْلَ الطَّاعُوْنِ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ سَمِعْتُ مِنَ الجُرَيْرِيِّ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وأربعين ومائة وَهِيَ أَوَّلُ دُخُوْلِي البَصْرَةَ وَلَمْ نُنكِرْ مِنْهُ شَيْئاً وَكَانَ قَدْ قِيْلَ: لَنَا إِنَّهُ قَدِ اخْتُلِطَ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ بَعْدَنَا.
وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ سَمِعَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ مِنَ الجُرَيْرِيِّ, وَكَانَ لا يروي عنه.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "2/ 356"، وأحمد "5/ 57"، والبخاري "624"، ومسلم "838" والدارمي "1/ 336"، وابن خزيمة "1287"، والدارقطني "1/ 266"، وأبو عوانة "2/ 265"، والبيهقي "2/ 474" من طرق عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفل، به مرفوعا.
وأخرجه ابن أبي شيبة "2/ 356"، وأحمد "4/ 86" و"5/ 54"، والبخاري "627"، ومسلم "838"، والترمذي "185"، والنسائي "1/ 28"، وابن ماجه "1162"، والدراقطني "1/ 266"، والبيهقي "2/ 472"، والبغوي "430" من طرق عن كَهْمَسُ بنُ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بريدة، عن عبد الله بن مغفل، به مرفوعا.(6/296)
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ يُقَدِّمُ الجُرَيْرِيَّ عَلَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ؛ لأَنَّهُ كَانَ يُخَاصِمُ القَدَرِيَّةَ وَكَانَ أَيُّوْبُ لاَ يُعجِبُهُ أَنْ يُخَاصِمَهُم وَقَالَ: وَمِنْ غَرَائِبِ الجُرَيْرِيِّ حَدِيْثُ مُسْلِمٍ "إِذَا بُوْيِعَ لِخَلِيْفَتَيْنِ فَاقْتُلِ الأَحْدَثَ مِنْهُمَا" 1, وَحَدِيْثُ: "لاَ تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلاَمُ فَإِنَّهَا تَحِيَّةُ المَيِّتِ" 2 وَقَدْ رَوَيَا له في " الصَّحِيْحَيْنِ" وَتَحَايَدَا مَا حَدَّثَ بِهِ فِي حَالِ تَغَيُّرِ حِفْظِه فَجَرَى لَهُ فِي الشَّيْخُوخَةِ نَظِيْرُ مَا تَمَّ لِسَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ تُوُفِّيَ الجريري: سنة أربع وأربعين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1853" من طريق خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أبي نضرة، عن أبي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما".
2 صحيح: أخرجه أبو داود "4084"، والترمذي "2722" من طريق أبي غفار المثنى بن سعيد الطائي، حدثنا أبو تميمة الهجيمي "وأبو تميمة اسمه طريف بن مجالد" عن أبي جرى جابر بن سليم قال: رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئا إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هَذَا رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: عليك السلام يا رسول الله مرتين. قال: لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت. قل السلام عليك...." وذكر حديثا طويلا.
وأخرجه الترمذي "2721"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" "233" من طريق خالد الحذاء، عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من قومه قال: فذكره. وأخرجه أحمد "3/ 482"، والحاكم "4/ 168" من طريق سعيد بن الجريري، عن أبي السليل، عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من قومه، به.(6/297)
900- رقبة بن مصقلة 1: "خَ, م, د, ت, س"
الإِمَامُ, الثَّبْتُ, العَالِمُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ. وَعَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَنَافِعٍ, وَطَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ, وَعَوْنِ بنِ أَبِي جُحَيْفَةَ, وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ: صَاحِبُهُ, سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً, مُفَوَّهاً يُعَدُّ مِنْ رجالات العرب- رحمه الله تعالى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1154"، المعرفة والتاريخ "2/ 676 و790 و814"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2358"، تاريخ الإسلام "5/ 249"، الكاشف "1/ ترجمة 1599"، تهذيب التهذيب "3/ 286"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2101".(6/297)
الزُّبَير بن عدى، يزيد بن عبد الله بن خُصَيْفة، يزيد بن يزيد بن جابر:
901- الزبير بن عدي 1: "ع"
العَلاَّمَةُ, الثِّقَةُ, أَبُو عَدِيٍّ الهَمْدَانِيُّ, اليَامِيُّ, الكُوْفِيُّ, قَاضِي الرَّيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي وَائِلٍ شَقِيْقٍ, وَالحَارِثِ الأَعْوَرِ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَمُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ.
وَعَنْهُ: مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ وَمِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَبِشْرُ بنُ الحُسَيْنِ وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَكَانَ فَاضِلاً صَاحِبَ سُنَّةٍ قَالَ العِجْلِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ مَعَ قُتَيْبَةَ البَاهِلِيِّ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيْمُ اتَّقِ اللهَ لاَ تُقْتَلْ مَعَ قُتَيْبَةَ يُقَالَ مات سنة إحدى وثلاثين ومئة.
902- يزيد بن عبد الله بن خصيفة 2: "ع"
وَخُصَيْفَةُ هُوَ أَخُو السَّائِبِ, ابْنَيْ يَزِيْدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ أُخْتِ نَمِرٍ الكِنْدِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ, وَبُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ, وَيَزِيْدَ بنِ قسيط.
وَعَنْهُ: مَالِكٌ, وَالثَّوْرِيُّ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثَبْتاً عَابِداً, نَاسِكاً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
903- يَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جابر 3: "م, د, ت, ق"
الأزدي, الدمشقي, أخو عبد الرحمن بن يزيد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 330"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1363"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 87"، الكنى للدولابي "2/ 29"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2632"، تاريخ الإسلام "5/ 250"، الكاشف "1/ ترجمة 1637"، ميزان الاعتدال "2/ 68"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2125"، شذرات الذهب "1/ 181".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3261"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1153"، الكاشف "3/ ترجمة 6438"، تاريخ الإسلام "5/ 314"، تهذيب التهذيب "11/ 340".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 466"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3359"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 334 و393"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1262"، تاريخ الإسلام "5/ 316"، الكاشف "3/ 6381"، تهذيب التهذيب "11/ 370"، شذرات الذهب "1/ 192".(6/298)
حَدَّثَ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ الأَصَمِّ وَمَكْحُوْلٍ وَرُزَيْقِ بنِ حَيَّانَ وَوَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَحُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ ذُكِرَ لِلْقَضَاءِ مَرَّةً فَإِذَا هُوَ أَكْبَرُ مِنَ القَضَاءِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ أَجَازَه الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بِخَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ لاَ أَعْلَمُ مَكْحُوْلاً خَلَّفَ مِثْلَ يَزِيْدَ بنِ يَزِيْدَ بِالشَّامِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ الجُعْفِيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا يَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ فَذَكَرَ مِنْ بُكَائِهِ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: أَفسَدَ نَفْسَه خَرَجَ فَأَعَانَ عَلَى قَتْلِ الوَلِيْدِ وَأَخَذَ مائَةَ ألف دينار.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ حَسَنَ الهَيْئَةِ حَسَنَ النَّحْوِ يَقُوْلُوْنَ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ مِثْلُهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَمْ يَكُنْ لِعَمِّي يَزِيْدَ كِتَابٌ.
قَالَ دُحَيْمٌ: مَاتَ مَكْحُوْلٌ فَأَحْدَقُوا بِيَزِيْدَ بنِ يَزِيْدَ وَكَانَ رَجُلاً سِكِّيْتاً فَتَحَوَّلُوا إِلَى سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى فَأَوسَعَهم عِلْماً وَفِي لَفْظٍ كَانَ زِمِّيتاً1 لاَ يحدثإلَّا أَنْ يُسْأَلَ وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَالنَّسَائِيُّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ وَابْنُ سَعْدٍ مَاتَ سنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: مَاتَ سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ قُلْتُ: عَاشَ أَخُوْهُ بَعْدَه ثَلاَثِيْنَ سنة.
__________
1 الزميت: هو القليل الكلام الوقور.(6/299)
شريك، هاشم بن يزيد، عبد الله بن علي:
904- شريك 1: "خ, م, د, س, ق"
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بن أبي نمر المدني, المُحَدِّثُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَكُرَيْبٍ, وَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ, وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وإسماعيل ابن جَعْفَرٍ, وَأَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ, وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الكِبَارِ سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ وَذَلِكَ فِي "الصَّحِيْحِ".
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالاَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَدْ جَهِلَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ وَاتَّهَمَهُ بِالوَضعِ. وَقَدْ وَثَّقَهُ أبو داود وروى عنه مثل مَالِكٍ وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الثَّبْتِ كَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ وَفِي حَدِيْثِ الإِسْرَاءِ مِنْ طَرِيْقِه أَلْفَاظٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا وَذَلِكَ فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ مَاتَ قَبْلَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
905- هاشم بن يزيد 2:
ابن خالد بن الخليفة يزيد بن معاوية السفياني.
بَايَعَه بِالخِلاَفَةِ أَهْلُ دِمَشْقَ لَمَّا هَلَكَ السَّفَّاحُ, وَدَعَا عَمُّه إِلَى نَفْسِهِ. فَكَانَ القَائِمَ بِخِلاَفَةِ هَاشِمٍ الأَمِيْرُ عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ, فَلَمَّا أَقْبَلَ لِحَرْبِهِ صَالِحٌ عَمُّ المَنْصُوْرِ هَرَبَ هَاشِمٌ وَابْنُ سُرَاقَةَ.
وَكَانَ ابْنُ سُرَاقَةَ قَدْ شَتَمَ بَنِي العَبَّاسِ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ لأَفَاعِيْلِهِم, وَسَفكِهِمُ الدِّمَاءَ وَقَدْ كَانَ ابْنُ سُرَاقَةَ اسْتَنَابَه عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ عَلَى دِمَشْقَ فَلَمَّا سَبَّهُم عُزِلَ وَجَاءَ عَلَى نِيَابَةِ دِمَشْقَ مُقَاتِلُ بنُ حَكِيْمٍ فَظَفِرَ بِابْنِ سُرَاقَةَ فَضَرَبَ عُنُقَه وَلَمْ يَبلُغْنَا مَا جَرَى لِهَاشِمٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
906- عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ 3:
ابْنِ البَحْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ. عَمُّ السَّفَّاحِ وَالمَنْصُوْرِ, مِنْ رِجَالِ العَالِمِ, وَدُهَاةِ قُرَيْشٍ كَانَ بَطَلاً, شُجَاعاً, مَهِيْباً, جَبَّاراً, عَسُوْفاً, سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ. بِهِ قَامتِ الدَّولَةُ العَبَّاسِيَّةُ. سَارَ فِي أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً أَوْ أَكْثَرَ فَالْتَقَى الخَلِيْفَةَ مَرْوَانَ بِقُربِ المَوْصِلِ فَهَزَمَه وَمَزَّقَ جُيُوْشَه وَلَجَّ فِي طَلَبِه وَطَوَى البِلاَدَ حَتَّى نَازَلَ دَارَ المُلْكِ دِمَشْقَ فَحَاصَرَهَا أَيَّاماً وَأَخَذَهَا بِالسَّيْفِ وَقَتَلَ بِهَا إِلَى الظُّهْرِ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ مُسْلِمٍ مِنَ الجُنْدِ وَغَيْرِهِم وَلَمْ يَرقُبْ فِيْهِم إلَّا وَلاَ ذِمَّةً وَلاَ رَعَى رَحِماً وَلاَ نَسَباً ثُمَّ جَهَّزَ فِي الحَالِ أَخَاهُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ في طلب مروان إلى أن
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2645"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1592"، الكاشف "2/ ترجمة 2299"، تاريخ الإسلام "6/ 80"، تهذيب التهذيب "4/ 337"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2949".
2 ترجمته في تاريخ ابن عساكر.
3 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 8" النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 7.(6/300)
أَدْرَكَه بِقَرْيَةِ بُوْصِيْرَ, مِنْ بِلاَد مِصْرَ, فَبَيَّتَه, فَقَاتَلَ المِسْكِيْنُ حَتَّى قُتِلَ, وَهَرَبَ ابْنَاهُ إِلَى بِلاَدِ الحَبَشَةِ, وَانتَهَتِ الدَّولَةُ الأُمَوِيَّةُ.
وَلَمَّا مَاتَ السَّفَّاحُ, زَعَمَ عَبْدُ اللهِ أَنَّهُ وَلِيُّ عَهْدِه, وبايعه أمراء الشام, وبويع المَنْصُوْرُ بِالعِرَاقِ, وَنَدَبَ لِحَربِ عَمِّهِ صَاحِبَ الدَّعوَةِ أَبَا مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيَّ, فَالْتَقَى الجَمْعَانِ بِنَصِيْبِيْنَ فَاشتَدَّ القِتَالُ وَقُتِلَتِ الأَبْطَالُ, وَعَظُمَ الخَطْبُ ثُمَّ انْهَزَمَ عَبْدُ اللهِ فِي خَوَاصِّه, وَقَصَدَ البَصْرَةَ فَأَخفَاهُ أَخُوْهُ سُلَيْمَانُ مُدَّةً, ثُمَّ مَا زَالَ المَنْصُوْرُ يُلحُّ حَتَّى أَسلَمَه فَسَجَنَهُ سَنَوَاتٍ فَيُقَالُ: حَفَرَ أَسَاسَ الحَبسِ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ المَاءَ فَوَقَعَ عَلَى عَبْدِ اللهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ فالأمر لله.(6/301)
رُؤْبَة بن العجَّاج، سليمان بن علي:
907- رُؤْبَةُ بنُ العَجَّاجِ 1:
التَّمِيْمِيُّ, الرَّاجِزُ, مِنْ أَعرَابِ البَصْرَةِ وَسَمِعَ: أَبَاهُ, وَالنَّسَّابَةَ البَكْرِيَّ.
وَرَوَى عَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ, وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ, وَأَبُو عُبَيْدَةَ, وَأَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ, وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ رَأْساً فِي اللُّغَةِ, وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَلَفٌ الأَحْمَرُ: سَمِعْتُ رُؤِبَةَ يَقُوْلُ: مَا فِي القُرْآنِ أَعرَبُ مِنْ قَوْلِه تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر} [الحِجْرُ: 94] قَالَ النَّسَائِيُّ فِي رُؤْبَةَ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَرُؤْبَةُ -بِالهَمْزِ-: قِطعَةٌ مِنْ خشب, يشعب بها الإناء, جمعها: رئاب. والروية -بِوَاوٍ- خَمِيْرَةُ: اللَّبَنِ وَالرُّوْبَةُ أَيْضاً: قِطعَةٌ مِنَ الليل.
908- سليمان بن علي 2: "س, ق"
الأمير, عم المنصور.
روى عن: أبيه, وعكرمة.
وَعَنْهُ ابْنُهُ, جَعْفَرٌ, وَعَافِيَةُ القَاضِي, وَمُحَمَّدُ بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيُّ, وَالأَصْمَعِيُّ, وَبِنْتُهُ, زَيْنَبُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَجْوَادِ. قِيْلَ: كَانَ يُعتِقُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ مائَةَ مَمْلُوْكٍ وَقِيْلَ: بَلَغَتْ عَطَايَاهُ فِي بَعْضِ المَوَاسِمِ خَمْسَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَلِيَ البصرة مدة, وكان يخصب, وَقَدْ شَابَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً. وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَطحِ القَصرِ, فَسَمِعَ نِسوَةً يَقُلْنَ: لَيْتَ الأَمِيْرَ اطَّلَعَ عَلَيْنَا, فَأَغنَانَا؟ فَرَمَى إِلَيْهِم جَوْهَراً وَذَهَباً.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ, سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَهُوَ وَالِدُ الأَمِيْرَيْنِ: محمد, وجعفر.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ 238"، شذرات الذهب لابن العماد "1/ 223"، خزانة الأدب للبغدادي "1/ 43"، لسان الميزان "2/ 264".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1848"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 116 و125" و"2/ 247"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 572"، الكاشف "1/ ترجمة 2139"، تاريخ الإسلام "6/ 74"، تهذيب التهذيب "4/ 211"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2728".(6/301)
909- حميد بن أبي حميد 1: "ع"
الطويل, الإِمَامُ, الحَافِظُ, أَبُو عُبَيْدَةَ البَصْرِيُّ, مَوْلَى طَلْحَةَ الطَلَحَاتِ. وَيُقَالُ: مَوْلَى سَلَمَةَ. وَقِيْلَ: غَيْرُ ذَلِكَ. وَفِي اسْمِ أَبِيْهِ أَقْوَالٌ: أَشهَرُهَا: تَيْرَوَيْه. وَقِيْلَ: تَيْرُ. وَقِيْلَ: زَاذَوَيْه, لاَ بَلْ ابْنُ: زَاذَوَيْه, شَيْخٌ, مُقِلٌّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَوْنٍ, هُوَ يَرْوِي أَيْضاً عَنْ أَنَسٍ. وَقِيْلَ: اسْمُ وَالِدِ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ: دَاوَرُ, أَوْ مِهْرَانُ, أَوْ طَرْخَانُ, أَوْ مَخْلَدٌ, أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
مَوْلِدُه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ, عَامَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَسَمِعَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَالحَسَنَ, وَأَبَا المُتَوَكِّلِ, وعكرمة, وموسى بن أنس, وَبَكْرَ بنَ عَبْدِ اللهِ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ شقيق العقيلي, وثابت البُنَانِيَّ, وَابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ, وَيُوْسُفَ بنَ مَاهَكَ, وَطَائِفَةً, وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ, وَمَعْرِفَةٍ, وَصِدْقٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ, وَشُعْبَةُ وَزِيَادُ بنُ سَعْدٍ, وَابْنُ جُرَيْجٍ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَالحَمَّادَانِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جعفر, وأبو إسحاق الفزاري, وخالد ابن عَبْدِ اللهِ, وَزَائِدَةُ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ, وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَعَبْدُ الأَعْلَى السَّامِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَمَالِكٌ, وَهُشَيْمٌ, وَوُهَيْبٌ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عيسى
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 252"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2704"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 125 و231" و"2/ 37"، الكنى للدولابي "2/ 73"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 961"، تاريخ الإسلام "6/ 57"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 146"، العبر "1/ 194"، الكاشف "1/ ترجمة "1257"، تهذيب التهذيب "3/ 48"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1643"، شذرات الذهب "1/ 211".(6/302)
سُمَيْعٍ, وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ, وَقُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ, وَمُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ, وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ.
وَيُقَالُ: مِنْ سَبْيِ كَابُلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ: وَالِدُ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ.
وَرَوَى الفَسَوِيُّ، عَنْ أَبِي مُوْسَى الزَّمِنِ, قَالَ: حُمَيْدُ بنُ تَيْرَوَيْه وَهُم يَغضَبُوْنَ مِنْهُ.
قَالَ حَاشِدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلَ, قُلْتُ: مَا اسْمُ جَدِّكَ؟ قَالَ لاَ أَدْرِي.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ حُمَيْداً وَلَمْ يَكُنْ بِطَوِيْلٍ, وَلَكِنْ كَانَ طَوِيْلَ اليَدَيْنِ, وَكَانَ قَصِيْراً, لَمْ يَكُنْ بِذَاكَ الطَّوِيْلِ, وَلَكِنْ كَانَ لَهُ جَارٌ يُقَالَ لَهُ: حُمَيْدٌ القَصِيْرُ. فَقِيْلَ: حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ لِيُعرَفَ مِنَ الآخَرِ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: بَصْرِيٌّ, تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ, وَهُوَ خَالُ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثِقَةٌ, لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَكْبَرُ أَصْحَابِ الحَسَنِ قَتَادَةُ, وَحُمَيْدٌ وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ, وَعَامَّةُ حَدِيْثِه، عَنْ أَنَسٍ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ. يُرِيْدُ أَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُهَا.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: أَخَذَ حُمَيْدٌ كُتُبَ الحَسَنِ, فَنَسَخَهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ.
وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمْ يَدَعْ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ البُنَانِيِّ عِلْماً إلَّا وَعَاهُ, وَسَمِعَهُ مِنْهُ.
التَّبُوْذَكِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ. قَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: قَدِمْتُ البَصْرَةَ, فَأَتَيْتُ حُمَيْداً الطَّوِيْلَ, وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, فَقُلْتُ: لَهُ حَدِّثْنِي؟ فَقَالَ: سَلْ؟ قُلْتُ: مَا مَعِي شَيْءٌ أَسْأَلُ عَنْهُ. قَالَ: فَحَدَّثَنِي بِثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً. قُلْتُ: حَدِّثْنِي؟ فَحَدَّثَنِي بِتِسْعَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً. فَقُلْتُ: مَا أَرَاكَ إلَّا قَدْ قَارَبتَ. فَجَعَلَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَنَساً, وَالأَحْيَانَ يَقُوْلُ: قَالَ أَنَسٌ. فَلَمَّا فَرَغَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا قَدْ حَدَّثْتَنِي بِهِ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ أَنْتَ سَمِعْتَه مِنْهُ? فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَيْهَاتَ, فَاتَكَ مَا فَاتَكَ! يَقُوْلُ: كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَهُ عِنْدَ كُلِّ حَدِيْثٍ وَتَسْأَلَه فَكَأَنَّ حُمَيْداً وَجَدَ فِي نَفْسِهِ, فَقَالَ: مَا حَدَّثْتُكَ بِشَيْءٍ، عَنْ أَحَدٍ, فَعَنْهُ أُحَدِّثُكَ. قَالَ: فَلَمْ يَشفِ قَلْبِي.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: كَانَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ إِذَا ذَهَبْتَ تَقِفُهُ عَلَى بَعْضِ حَدِيْثِ أَنَسٍ يَشُكُّ فِيْهِ.(6/303)
وَرَوَى عَفَّانُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ حُمَيْداً عَنِ الشَّيْءِ مِنْ فُتْيَا الحَسَنِ, فَيَقُوْلُ: نَسِيْتُه.
وَرَوَى يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى، عَنْ يَحْيَى بنِ يَعْلَى المُحَارِبِيِّ, قَالَ: طَرَحَ زائدة حَدِيْثَ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ.
وَرَوَى عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الأَشْقَرُ، عَنْ مَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ: مَرَرْتُ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ, وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ, فَقَالَ لِي أَخِي: أَلاَ تَسْمَعُ مِنْ حُمَيْدٍ? فَقُلْتُ: أَسْمَعُ مِنَ الشُّرَطِيِّ?!
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: يُقَالُ اخْتُلِطَ عَلَى حُمَيْدٍ مَا سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ وَمِنْ ثَابِتٍ.
وَيُرْوَى عَنْ: شُعْبَةَ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ سَمِعَ حُمَيْدٌ مِنْ أَنَسٍ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الحَدَّادُ، عَنْ شُعْبَةَ, قَالَ: لَمْ يسمع حميد من أنسإلَّا أَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً, وَالبَاقِي سَمِعَهَا مِنْ ثَابِتٍ, أَوْ ثَبَّتَهُ فِيْهَا ثَابِتٌ.
قُلْتُ: لِحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي كُتُبِ الإِسْلاَمِ شَيْءٌ كَثِيْرٌ, وَأَظُنُّ لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْهُ مائَةُ حَدِيْثٍ.
عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ, سَمِعْتُ شُعْبَةَ, سَمِعْتُ حَبِيْبَ بنَ الشَّهِيْدِ يَقُوْلُ لِحُمَيْدٍ, وَهُوَ يُحَدِّثُنِي: انْظُرْ مَا تُحَدِّثُ بِهِ شُعْبَةَ, فَإِنَّهُ يَرْوِيْهِ عَنْكَ. ثُمَّ يَقُوْلُ لِي: إِنَّ حُمَيْداً رَجُلٌ نَسِيٌّ, فَانْظُرْ مَا يُحَدِّثُكَ بِهِ. وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: كُنَّا عِنْدَ حُمَيْدٍ, فَأَتَاهُ شُعْبَةُ, فَقَالَ: يَا أَبَا عُبَيْدَةَ حَدِيْثُ كَذَا وَكَذَا شَكَّ فِيْهِ قَالَ إِنَّهُ لِيَعرِضُ لِي أَحْيَاناً فَانْصَرَفَ شُعْبَةُ فَقَالَ حُمَيْدٌ: مَا أَشُكُّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا, وَلَكِنَّهُ غُلاَمٌ صَلِفٌ, أَحبَبتُ أَنْ أُفسِدَهَا عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لَهُ أَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ مُسْتقِيْمَةٌ, فَأَغنَى -لِكَثْرَةِ حَدِيْثِهِ- أَنْ أَذْكُرَ لَهُ شَيْئاً مِنْ حَدِيْثِهِ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: الأَئِمَّةُ, وَأَمَّا مَا ذكر عنه أنه لم يسمع من أنسإلَّا مِقْدَارَ مَا ذُكِرَ وَسَمِعَ البَاقِي مِنْ ثَابِتٍ عَنْهُ فَإِنَّ تِلْكَ الأَحَادِيْثَ يُمَيِّزُهَا مَنْ كَانَ يَتَّهِمُه أَنَّهَا، عَنْ ثَابِتٍ عَنْهُ لأَنَّهُ قَدْ رَوَى، عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ رَوَى، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيْثَ فَأَكْثَرُ مَا فِي بَابِه أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ، عَنْ أَنَسٍ البَعْضُ مِمَّا يُدَلِّسُهُ، عَنْ أَنَسٍ وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ, وَقَدْ دَلَّسَ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ، عَنْ مَشَايِخَ قد رأوهم.
ابن سعد: أنبأنا عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ, أَخْبَرَنِي أَبُو خَالِدٍ الدَّارِيُّ، عن حماد ابن سَلَمَةَ قَالَ: أَخَذَ إِيَاسُ بنُ مُعَاوِيَةَ بِيَدِي وَأَنَا غُلاَمٌ فَقَالَ: لاَ تَمُوْتُ أَوْ تَقُصَّ. أَمَا إِنِّي قَدْ قُلْتُ: هَذَا(6/304)
لَخَالُكَ- يَعْنِي: حُمَيْداً- قَالَ: فَمَا مَاتَ حَتَّى قَصَّ. قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِحَمَّادٍ: فَقَصَصْتَ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: قَالَ حُمَيْدٌ لِلْبَتِّيِّ -يَعْنِي: عُثْمَانَ-: إِذَا أَتَاكَ النَّاسُ, فَاحمِلْهُم عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ, لاَ, وَلَكِن خُذْ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا, فَأَصلِحْ بَيْنَهُم, قَالَ: فَقَالَ البَتِّيُّ: لاَ أُطِيْقُ سِحْرَكَ. قَالَ: وَكَانَ حُمَيْدٌ مُصْلِحَ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَرَوَى قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ الشَّهِيْدِ, قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عَلَى بَابِ خَالِدِ بن بُرْزِيْنَ, إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ, فَقَالَ لَهُ إِيَاسٌ: إِنْ أَرَدْتَ الصُّلحَ, فَعَلَيْكَ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ, تَدْرِي مَا يَقُوْلُ لَكَ? يَقُوْلُ لَكَ؟ اترُكْ شَيْئاً وَلِصَاحِبِكَ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ حُمَيْدٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي, وَمَاتَ عَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ وَهُوَ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِه.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: كَانَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ قَائِماً يُصَلِّي, فَمَاتَ فَذَكَرُوْهُ لابْنِ عَوْنٍ, وَجَعَلُوا يَذْكُرُوْنَ مِنْ فَضْلِه. فَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: احْتَاجَ إِلَى مَا قَدمَ.
قَالَ سِبْطُ حُمَيْدٍ, وَهُوَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ: مَاتَ جَدِّي فِي جُمَادَى الأُوْلَى, سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا وَهْمٌ وَقَالَ قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ, وَابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَكَذَا قَالَ: الهَيْثَمُ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: مَاتَ حُمَيْدٌ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ, أَوْ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ فِي آخِرِهَا.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البِيْكَنْدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ: مَاتَ أَبِي سنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ, وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ, وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ أَوْ نَحْوِهَا. وَرَوَى: الزِّيَادِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: مَاتَ أَبِي سنَةَ ثَلاَثٍ وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ خَمْسٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً وَقَالَ خَلِيْفَةُ وَالفَلاَّسُ: سنَةَ ثَلاَثٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُرْدَاوِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ الفَقِيْهُ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ بِالثَّغْرِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ مُحَمَّدٌ وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السُّوْذَرْجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَيْلَةَ الفَرَضِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَكِيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ الحَنْظَلِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ قَاضِي البَصْرَةِ, حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تُقَامُ الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "148"، والترمذي "2208"، من حديث أنس، به.(6/305)
الربيع بن أنس، بُكَير بن عبد الله بن الأشج:
910- الربيع بن أنس 1: "4"
ابن زياد البكري, الخراساني, المروزي, بصري.
سَمِعَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَأَبَا العَالِيَةِ الرِّيَاحِيَّ, -وَأَكْثَرَ عَنْهُ- وَالحَسَنَ البَصْرِيَّ.
وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَالأَعْمَشُ, وَالحُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ, وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ عَالِمَ مَرْوَ فِي زَمَانِهِ. وَقَدْ رَوَى: اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زَحْرٍ, عَنْهُ, وَلَقِيَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: سُجِنَ بِمَرْوَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: سَجَنَه أَبُو مُسْلِمٍ تِسْعَةَ أَعْوَامٍ, وَتَحَيَّلَ ابْنُ المُبَارَكِ حَتَّى دَخَلَ إِلَيْهِ, فَسَمِعَ مِنْهُ. يُقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. حَدِيْثُه: فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ.
911- بُكَيْرُ بنُ عَبْدِ الله بن الأشج 2: "ع"
الإِمَامُ, الثِّقَةُ, الحَافِظُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ -وَيُقَالُ: أَبُو يُوْسُفَ- القُرَشِيُّ, المَدَنِيُّ, ثُمَّ المِصْرِيُّ, مَوْلَى بَنِي مَخْزُوْمٍ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ, وَهُوَ وَالِدُ المُحَدِّثِ مَخْرَمَةَ بنِ بُكَيْرٍ, وَأَخُو يَعْقُوْبَ وَعُمَرَ.
مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ؛ لأَنَّهُ رَوَى عَنِ: السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ, وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ. وَرَوَى عَنْ: سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ, وَمَحْمُوْدِ بنِ لبيد -الذي عقل المجة3 النبوية -وكريب,
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 369"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 924"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 53"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2054"، تاريخ الإسلام "5/ 245"، العبر "237"، الكاشف "1/ ترجمة 1537"، تهذيب التهذيب "3/ 238"، خلاصة الخزرجي "2015".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1876"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1585"، تهذيب التهذيب "1/ 491"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 160".
3 صحيح: أخرج البخاري "77" حدثني محمد بن يوسف، قال: حدثنا أبو مسهر، قال: حدثني محمد بن حرب، حدثني الزبيدي، عن الزهري، عن محمود بن الربيع قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين من دلو".(6/306)
وَأَبِي سَلَمَةَ, وَبُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ, وَأَبِي صَالِحٍ السمان, وعفيف ابن عَمْرٍو السَّهْمِيِّ, وَالمُنْذِرِ بنِ المُغِيْرَةِ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ, وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى, وَخَلْقٍ وَيَنْزِلُ إِلَى يَزِيْدَ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ, وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ, وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الإِسْلاَمِ.
رَوَى عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى, وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ, وَبَكْرُ بنُ عَمْرٍو المَعَافِرِيُّ, وَالقُدَمَاءُ مِنْ أَقْرَانِهِ, وَغَيْرُهُم, وَابْنُه مَخْرَمَةُ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَالضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَا ذَكَرَ مَالِكٌ بُكَيْراً إلَّا قَالَ: كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ. وقال محمد ابن عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ: سَمِعْتُ مَعْنَ بنَ عِيْسَى يَقُوْلُ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَفُوْقَ أَوْ يَفْضُلَ بُكَيْرَ بنَ الأَشَجِّ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ, صَالِحٌ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ البَرَاءِ: لَمْ يَكُنْ بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ أَعْلَمَ مِنِ: ابْنِ شِهَابٍ, وَبُكَيْرِ بنِ الأَشَجِّ, وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, مَدَنِيٌّ, لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ مَالِكٌ شَيْئاً, خَرَجَ إِلَى مِصْرَ قَدِيْماً, فَنَزَلَ بِهَا.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: بَلْ هَذَا تَارِيْخُ وَفَاةِ أَخِيْهِ يَعْقُوْبَ, وَقَدِ اشْتُبَه بُكَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ هَذَا عَلَى طَائِفَةٍ بِبُكَيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الطَّائِيِّ الكُوْفِيِّ. وَيُقَالُ: بُكَيْرُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ الطَّوِيْلُ, الضَّخْمُ, وَهُمَا مُتَعَاصِرَانِ رَوَى الضَّخْمُ، عَنْ مُجَاهِدٍ, وَكُرَيْبٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَهُوَ مُقِلٌّ رَوَى عَنْهُ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ سُمَيْعٍ الحَنَفِيُّ وَكَأَنَّهُ مَاتَ شَابّاً.
أَخرَجَ مُسْلِمٌ, وَابْنُ مَاجَه مِنْ حَدِيْثِ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ بُكَيْرٍ هَذَا، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيْثَ: "بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُوْنَةَ ... " 1 الحَدِيْثَ. ثُمَّ قَالَ سَلَمَةُ: فَلَقِيْتُ كُرَيْباً, فَحَدَّثَنِي عَنِ ابْنِ عباس, بهذا.
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "3862" و"4707"، والبخاري "6316"، ومسلم "763" "181"،=(6/307)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ, وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَسَاكِرَ قِرَاءةً عَلَيْهِمَا مُنفَرِدَيْنِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ ح, وَأَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ رِكَابٍ, وَمُوْسَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ "ح"، أَنْبَأَنَا رَشِيْدُ بنُ كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ قَالاَ، أنبأنا أحمد ابن المُفَرَّجِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ قَالاَ، أنبأنا محمد بن إسماعيل الفضيلي، أنبأنا محلم بن إسماعيل الظبي، أَنْبَأَنَا الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ القَاضِي حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَزِيْدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين} [البَقَرَةُ: 184] , كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ, حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا1 هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, نَازِلُ الإِسْنَادِ, وَإِنَّمَا عَزَّزَه ورفعه وقوعه من المُوَافَقَاتِ العَالِيَةِ فَقَدْ رَوَاهُ: الشَّيْخَانِ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَبُو عِيْسَى, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَمِيْعاً، عَنْ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ الثَّقَفِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَفَرَّد بِهِ بُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَمَاتَ قَبْلَ يَزِيْدَ بِمُدَّةٍ وَلَمْ يَرْوِهِ، عَنْ بُكَيْرٍ سِوَى عَمْرِو بنِ الحَارِثِ وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ مُتَابِعاً لِبَكْرِ بنِ مُضَرَ، عَنْ عَمْرٍو نَحْوَهُ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخُوْهُ:
__________
= وأبو داود "5043"، والترمذي في "الشمائل" "255"، وابن ماجه "508" من طريق سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، فأتى حاجته، ثم غسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة، فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءا بين الوضوءين، ولم يكثر وقد أبلغ، ثم قام فصلى، فقمت فتمطيت كراهية أن يرى أن كنت أنتبه له، فتوضأت، فقام فصلى، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأدراني عن يمينه، فتتامت صَلاَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطحع فنام حتى نفخ وكان إذا نام نفخ فأتاه بلال فآذنه بالصلاة، فقام فصلى ولم يتوضأ وكان في دعائه "اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وعظم لي نورا".
1 صحيح: أخرجه البخاري "4507"، ومسلم "1145"، وأبو داود "2315"، والنسائي "4/ 190".(6/308)
912- يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ 1: "م, ت, س, ق"
أَبُو يُوْسُفَ الفَقِيْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ, وَكُرَيْبٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُه, يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ بَعْضُهم, وَاحْتَجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ اسْتُشْهِدَ فِي غَزْوِ البَحْرِ, فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3441"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 293 و661"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 870"، الكاشف "3/ ترجمة 6507"، تاريخ الإسلام "5/ 190"، تهذيب التهذيب "11/ 390".(6/308)
913- محمد بن جحادة 1: "ع"
الكوفي, أَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ بِأَحَادِيْثَ لَكِنَّهَا مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بنِ عقبة بن أبي العَيْزَارِ عَنْهُ وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَأَبِي صَالِحٍ السمان, وأبي صالح باذام, وعطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ, وَرَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ, وَالحَسَنِ, وَبَكْرٍ المُزَنِيِّ, وَأَبِي الجَوْزَاءِ الرَّبَعِيِّ, وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, وَأَبِي الزُّبَيْرِ, وَنَافِعٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَأَبِي حازم الأشجعي, وعطيه العوفي, وسليمان بن بريد, وَطَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ, وَجَمَاعَةٍ جَمَعَ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيْثَ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ سَمِعنَاهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَابْنُه إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَأَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ, وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ, وَدَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ, وَشَرِيْكٌ, وَعَبْدُ الحَكِيْمِ بنُ مَنْصُوْرٍ, وَخَلْقٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, وَكَانَ مِنَ الفُضَلاَءِ الصُّلَحَاءِ. تُوُفِّيَ: بِطَرِيْقِ مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ, أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا خَلِيْلُ بن بدر، أنبأنا أبو علي المقرىء، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الرَّبِيْعِ بنِ ثَعْلَبٍ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ سُئِلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنِ القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ قَالَ: "لاَ بَأْسَ بِهَا, إِنَّمَا هِيَ رَيْحَانَةٌ يَشَمُّهَا"2 والله أعلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 335"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 113"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 750" و"3/ 144"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1227"، الكاشف "3/ ترجمة 4837"، ميزان الاعتدال "3/ 498"، تهذيب التهذيب "9/ 92"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6108"، شذرات الذهب "1/ 182".
2 موضوع: آفته يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، كذاب، قال ابن معين: كذاب، وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن أقوام أثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال من الأحوال.(6/309)
914- إسماعيل بن أبي خالد 1: "ع"
الحَافِظُ, الإِمَامُ الكَبِيْرُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ, الأَحْمَسِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ. وَاسْمُ أَبِيْهِ: هُرْمُزُ. وَقِيْلَ: سَعْدٌ. وَقِيْلَ: كَثِيْرٌ. وَلَهُ مِنَ الإِخْوَةِ: أَشْعَبُ, وَخَالِدٌ, وَسَعِيْدٌ كَانَ مُحَدِّثَ الكُوْفَةِ فِي زَمَانِهِ مَعَ الأَعْمَشِ, بَلْ هُوَ أَسنَدُ مِنَ الأَعْمَشِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَأَبِي جُحَيْفَةَ, وَهْبٍ السُّوَائِيِّ, وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ المَخْزُوْمِيِّ, وَأَبِي كَاهِلٍ قَيْسِ بنِ عَائِذٍ, وَلَهُم صُحْبَةٌ, وَعِدَادُه فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ, وَرَوَى أيضًا، عن قيس بن أبي حازم وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ, وَالحَارِثِ بنِ شُبَيْلٍ, وَحَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ, وَطَارِقِ بنِ شِهَابٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ, وَالزُّبَيْرِ بنِ عَدِيٍّ, وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَخَلْقٍ وَيَرْوِي، عَنْ أَبِيْهِ وَأَخِيْهِ خَالِدٍ, وَأَخِيْهِ سَعِيْدٍ, وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
رَوَى عَنْهُ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ, وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَشَرِيْكٌ, وَجَرِيْرٌ, وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ وَالفَضْلُ بنُ مُوْسَى, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَوَكِيْعٌ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ العَبْدِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ, وَعُبَيْدُ الله بن موسى, ويحيى بن هاشم السمسمار, وهو على ضعفه آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
رَوَى البُخَارِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ. رَوَى: ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ: حُفَّاظُ النَّاسِ ثلاثة: إسماعيل بنَ أَبِي خَالِدٍ, وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ أَبِي سليمان, ويحيى بن سعيد الأنصاري, وإسماعيل أعلم الناس بالعشبي وَأَثبَتُهُم فِيْهِ.
وَرَوَى الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ يُسَمَّى المِيْزَانَ. رَوَى: مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: ابْنُ أَبِي خَالِدٍ يَزْدَرِدُ العِلْمِ ازْدِرَاداً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ إِسْمَاعِيْلُ يَحْسُو العِلْمَ حَسْواً.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى القَطَّانِ: مَا حَمَلْتَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ عَامِرٍ صِحَاحٌ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ القَطَّانُ: كَانَ سُفْيَانُ بِهِ مُعجَباً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 344"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1108"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 148"، تهذيب التهذيب "1/ 291"، شذرات الذهب "1/ 216".(6/310)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: قَالَ أَبِي: أَصَحُّ النَّاسِ حَدِيْثاً، عَنِ الشَّعْبِيِّ: ابْنُ أَبِي خَالِدٍ, ابْنُ أَبِي خَالِدٍ يَشْرَبُ العِلْمَ شُرباً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. وَكَذَا وَثَّقَهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ, وَجَمَاعَةٌ. قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ أُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كُوْفِيٌّ, تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ.
وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً, سَمِعَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ طَحَّاناً وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ: حُجَّةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ إِسْمَاعِيْلُ حُجَّةً, فَمَنْ يَكُوْنُ حُجَّةً?!.
قُلْتُ: أَجْمَعُوا عَلَى إِتقَانِه, وَالاحْتِجَاجِ بِهِ, وَلَمْ يُنْبَزْ بِتَشَيُّعٍ, وَلاَ بِدعَةٍ. وَللهِ الحَمْدُ. يَقعُ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ جُملَةٌ, وَحَدِيْثُه مِنْ أَعْلَى مَا يَكُوْنُ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ".
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَاللهُ أَعْلَمُ.
كَتَبتُ إِلَى ابْنِ أَبِي عُمَرَ, وَابْنِ عَلاَّنَ, وَطَائِفَةٍ سَمِعُوا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ، عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ, مِثْلاً بِمِثْلٍ يَداً بِيَدٍ, وَالشَّعِيْرُ بِالشَّعِيْرِ مِثْلاً بمثل يدا بيدا, والتمر بالتمر مثلا بمثلا يَداً بِيَدٍ حَتَّى ذَكَرَ المِلْحَ ... " فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ هَذَا لاَ يَقُوْلُ شَيْئاً. فَقَالَ عُبَادَةُ: أَي وَاللهِ مَا أُبَالِي أَنْ لاَ أَكُوْنَ بِأَرْضِكُم هَذِهِ1.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَحْدَه لَهُ عِلَّةٌ جَاءَ، عَنْ حَكِيْمٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ، عَنْ عُبَادَةَ.
__________
1 صحيح: أخرجه النسائي "7/ 277" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، به.
وأخرجه مسلم "1587" من طريق حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قلابة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة "7/ 103-104"، وأحمد "5/ 320"، ومسلم "1587" "81"، وأبو داود "3350"، والدارقطني "3/ 24"، وابن الجارود "650"، والبيهقي "5/ 278 و284" من طرق عن وكيع قال: حدثنا سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الاشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت، به مرفوعا.(6/311)
915- ليث بن أبي سليم 1: "4,خت، م تبعًا"
ابن زنيم, مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ, وَأَحَدُ عُلَمَائِهَا الأَعْيَانِ عَلَى لِيْنٍ فِي حَدِيْثِهِ لِنَقصِ حِفْظِهِ مَوْلَى آلِ أَبِي سفان بنِ حَرْبٍ الأُمَوِيِّ أَبُو بَكْرٍ وَيُقَالُ: أَبُو بُكَيْرٍ الكُوْفِيُّ وَفِي اسْمِ أَبِيْهِ أَبِي سُلَيْمٍ أَقْوَالٌ: أَيْمَنُ. وَيُقَالُ: أَنَسٌ. وَيُقَالُ: زِيَادَةُ, وَعِيْسَى.
وُلِدَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ, لَعَلَّ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بُرْدَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَعَطَاءٍ, وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَشَهْرٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَزَيْدِ بنِ أَرْطَاةَ, وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ, وَأَشْعَثَ بنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ, وَخَلْقٍ وَلَمْ نَجْدْ لَهُ شَيْئاً، عَنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ, وَلَكِنَّهُ مَعْدُوْدٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ, وَكَانَ فِي حَيَاةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَنَسٍ- رَجُلاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ, وَشُعْبَةُ, وشيبان, وشريك, وزهير, والفضيل ابن عِيَاضٍ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَيَعْقُوْبُ القُمِّيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو, وَأَبُو الأَحْوَصِ, وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ, وَابْنُ إِدْرِيْسَ, وَالمُحَارِبِيُّ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَجَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ, وَحَسَّانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ وَذَوَّادُ بنُ عُلْبَةَ, وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُوْنِيُّ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَالقَاسِمُ بنُ مَالِكٍ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَخَلْقٌ كثير.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ, وَلَكِنْ حَدَّثَ عَنْهُ النَّاسُ وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ أَسوَأَ رَأْياً فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي لَيْثٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَهَمَّامٍ لاَ يَسْتَطِيْعُ أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعَه فِيْهِم.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ عُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ فَقَالَ سَأَلْتُ جَرِيْراً، عَنْ لَيْثٍ وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ فَقَالَ كَانَ لَيْثٌ أَكْثَرَ تَخلِيطاً وَيَزِيْدُ أَحْسَنَهُم اسْتِقَامَةً قَالَ عَبْدُ اللهِ فَسَأَلْتُ أَبِي، عَنْ هَذَا فَقَالَ أَقُوْلُ كَمَا قَالَ جَرِيْرٌ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ لَيْثٌ أَضْعَفُ مِنْ يَزِيْدَ بنِ أبي زياد يزيد فوقه في الحديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 349"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1051"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 519 و706" و"2/ 154 و164 و713" و"3/ 31" الجرح والتعديل "7/ ترجمة 4761"، المجروحين لابن حبان "2/ 231"، تاريخ الإسلام "6/ 116"، الكاشف "3/ ترجمة 4757"، العبر "1/ 195"، ميزان الاعتدال "3/ 420-423" تهذيب التهذيب "8/ 465"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6001" شذرات الذهب "1/ 207". وقد أخرج له مسلم متابعة أي مقرونا بغيره، فليس على شرطه.(6/312)
وروى معاوية بن صالح عني يَحْيَى قَالَ: لَيْثٌ ضَعِيْفٌ إلَّا أَنَّهُ يُكْتَبُ حَدِيْثُه. وَقَالَ الفَلاَّسُ, وَغَيْرُهُ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ لَيْثٍ, وَلاَ حَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ, وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ، عَنْ سُفْيَانَ وَغَيْرِه. عَنْهُمَا.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ, وَغَيْرُهُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: مُجَالِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لَيْثٍ وَحَجَّاجٍ.
وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُضَعِّفُ لَيْثَ بنَ أَبِي سُلَيْمٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: لَيْثٌ وَعَطَاءٌ وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ لَيْثٌ أَحْسَنُهم حَالاً عِنْدِي يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ قَالَ: مَا جَلَستُ إِلَى لَيْثِ بنِ أَبِي سُلَيْمٍ إلَّا سَمِعْتُ مِنْهُ مَا لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ شُعْبَةُ: لِلَيْثٍ أَيْنَ اجْتَمَعَ لَكَ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ عَطَاءٌ, وَطَاوُوْسٌ, وَمُجَاهِدٌ فَقَالَ: إِذْ أَبُوْكَ يُضرَبُ بِالخُفِّ لَيْلَةَ عُرسِه قَالَ قَبِيْصَةُ فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِساً فَمَا زَالَ شُعْبَةُ مُتَّقِياً لِلَيْثٍ مُنْذُ يَوْمَئِذٍ قَالَ عَبْدُ المَلِكِ أَبُو الحَسَنِ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى ذَكَرَ لَيْثَ بنَ أَبِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ، عَنْ طَاوُوْسٍ فَإِذَا جمعَ طَاوُوْس وَغَيْره فَالزِّيَادَةُ هُوَ ضَعِيْفٌ.
مُؤَمَّلُ بنُ الفَضْلِ، عَنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ, وَقُلْنَا لَهُ: لِمَ لَمْ تَسْمَعْ مِنْ لَيْثٍ؟ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُه كَانَ قَدِ اخْتُلِطَ, وَكَانَ يَصعَدُ المَنَارَةَ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ, فَيُؤَذِّنُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ, وَأَبرَأُ سَاحَةً, يُكْتَبُ حَدِيْثُه, وَهُوَ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ, وَغَيْرُهُ: لَيْثٌ لاَ يُشتَغَلُ بِهِ, هُوَ مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ, لاَ تَقُوْمُ بِهِ حُجَّةٌ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، عَنْ فُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, قَالَ: كَانَ لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ أَعْلَمَ أَهْلِ الكُوْفَةِ بِالمَنَاسِكِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْ لَيْثٍ, فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ: عَامَّةُ شُيُوْخِه لاَ يُعْرَفُوْنَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ بَعْدَ أَنْ سَردَ أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةً: لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ غَيْرُ مَا ذَكَرتُ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَغَيْرُهُمَا مِنَ الثِّقَاتِ, وَمَعَ الضَّعفِ الَّذِي فِيْهِ يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: صَاحِبُ سُنَّةٍ, يُخَرَّجُ حَدِيْثُه ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الجَمعَ بَيْنَ عَطَاءٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَمُجَاهِدٍ حَسْبُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنْهُ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ الخَفَّافُ, وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا خَمْسٌ وَقِيْلَ: أَرْبَعٌ وَقِيْلَ: ثَلاَثٌ وَقِيْلَ: اثْنَتَانِ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ لَيْثٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَحْمُوَيْه, وَابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ فِي "صَحِيْحِهِ" وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ(6/313)
مَقْرُوْناً بِأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ, وَالبَاقُوْنَ مِنَ السِّتَّةِ, وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الوَارِثِ: كَانَ لَيْثٌ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ, وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ صَلاَةً وَصِيَاماً فَإِذَا وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَرُدَّه.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ الشِّيْعَةَ الأُوْلَى بِالكُوْفَةِ وَمَا يُفَضِّلُوْنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَداً.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ, وَاسْمُه: أَنَسٌ, وُلدَ بِالكُوْفَةِ, وَكَانَ مُعَلِّماً بِهَا, وَكَانَ مِنَ العُبَّادِ, وَلَكِنِ اخْتُلِطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ, حَتَّى كَانَ لاَ يَدْرِي مَا يُحَدِّثُ بِهِ, فَكَانَ يَقْلِبُ الأَسَانِيْدَ, وَيَرفَعُ المَرَاسِيْلَ وَيَأْتِي، عَنِ الثِّقَاتِ بِمَا لَيْسَ مِنْ حَدِيْثِهِم كُلُّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِي اخْتِلاَطِه. تَرَكَه: يَحْيَى القَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ.
رَوَى لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قَالَ: "الزِّنَى يُوْرِثُ الفَقْرَ"1 حَدَّثَنَاهُ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ, حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ, حَدَّثَنَا أَبُو وَهْبٍ, حَدَّثَنَا المَاضِي بنُ مُحَمَّدٍ عَنْهُ.
وَلَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن عائشةك عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إذا كثرت ذنوب العَبْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ العَمَلِ مَا يُكَفِّرُهَا ابْتَلاَهُ اللهُ بِالحُزْنِ"2 رَوَاهُ عَنْهُ زَائِدَةُ.
مُؤَمَّلُ بنُ الفَضْلِ: سَأَلْتُ عِيْسَى بنَ يُوْنُسَ، عَنْ لَيْثٍ, فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُه وَكَانَ قَدِ اخْتُلِطَ, وَكُنْتُ رُبَّمَا مَرَرْتُ بِهِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ وَهُوَ عَلَى المَنَارَةِ يُؤَذِّنُ.
وَمِنْ مَنَاكِيْرِهِ: رَوَى عَبْدُ الوَارِثِ عَنْهُ، عَنْ مُجَاهِدٍ, وَعَطَاءٍ، عَنْ أبي هريرة في الذي
__________
1 منكر: أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "66" من طريق الماضي بن محمد، عن ليث -يعني ابن أَبِي سُلَيْمٍ- عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عُمَرُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: فذكره.
قلت: إسناده واه بمرة، فيه علتان: -الأولى: الماضي بن محمد، مجهول منكر الحديث كما قال ابن عدي عنه. العلة الثانية: ليث بن أبي سليم، ضعيف، أجمعوا على ضعفه وقد أورد الحديث ابن أبي حاتم في عنه. العلة الثانية: ليث بن أبي سليم، ضعيف، أجمعوا على ضعفه. وقد أورد الحديث ابن أبي حاتم في "العلل" "1/ 410-411": "سمعت أبي وحدثنا عن حرملة، عن ابن وهب، عن الماضي بن محمد، عن هشام، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فذكره، قال أبي: هذا حديث باطل، لا أعرفه".
2 ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 157" حدثنا حسين بن علي، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ لَيْث، عَنْ مُجَاهد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، آفته ليث، وهو ابن أبي سليم، ضعيف، مجمع على ضعفه وزائدة هو ابن قدامة الثقفي، ثقة ثبت.(6/314)
وَقَعَ عَلَى أَهْلِه فِي رَمَضَانَ, قَالَ: "أَعْتِقْ رَقَبَةً". فَزَاد فِيْهِ: قَالَ "فَأَهْدِ بَدَنَةً" فَذَكَرَ هَذَا, وَأَسْقَطَ: "فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ".
أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ, مَرْفُوْعاً: "لاَ يَرْكَبُ البَحْرَ إلَّا حَاجٌّ, أو معتمر, أو غاز"1.
أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِه؟ قَالَ: "لاَ تَمْنَعُهُ نَفْسَهَا, وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ, وَلاَ تَصُوْمُ إلَّا بِإِذْنِهِ, وَلاَ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِهِ إلَّا بإذنه, ولا تخرج من بيتهاإلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَمُوْتَ أَوْ تُرَاجِعَ" قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا ظَالِماً قَالَ "وَإِنْ كَانَ لَهَا ظَالِماً"2. الحَدِيْث رَوَاهُ: جَرِيْرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ نَفْسِهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قُلْتُ: بَعْضُ الأَئِمَّةِ يُحَسِّنُ لِلَّيْثِ, وَلاَ يَبلُغُ حَدِيْثُه مَرتَبَةَ الحَسَنِ, بَلْ عِدَادُه فِي مَرتَبَةِ الضَّعِيْفِ المُقَارَبِ, فَيُرْوَى فِي الشَّوَاهِدِ وَالاعْتِبَارِ, وَفِي الرَّغَائِبِ, وَالفَضَائِلِ, أما في الواجبات, فلا.
__________
1 منكر: أخرجه أبو داود "2489"، والبيهقي "4/ 334" من طريق بشر أبي عبد الله عن بشير بن مسلم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، فيه بشر أبو عبد الله، وبشير بن مسلم، مجهولان، كما قال الحافظ في "التقريب".
2 ضعيف: أخرجه ابن أَبِي شَيْبَةَ "3/ 397" حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، وأبو داود الطيالسي "1951" من طريق جرير كلاهما عن ليث بن أبي سليم، به.
قلت: لم يذكر الطيالسي عبد الملك، وهو ابن أبي بشير المدائني، وهو ثقة، لكن الإسناد ضعيف، آفته ليث، وهو ابن أبي سليم.(6/315)
916- أبو مالك الأشجعي 1: "م، 4"
سعد بن طارق, بن أشيم كُوْفِيٌّ, صَدُوْقٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَمُوْسَى بنِ طَلْحَةَ, وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ, وَرِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ.
وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَخَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَعَبِيْدَةُ بنُ حُمَيْدٍ, وَعِدَّةٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ, وَيَحْيَى: ثقة. وقال أبو حاتم: صَالِحُ الحَدِيْثِ, يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: لاَ يتابع على حديثه في القنوت.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 284"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1954"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 146" و"3/ 38 و58 و64 و107"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 378"، تاريخ الإسلام "6/ 69"، الكاشف "1/ ترجمة 1848"، ميزان الاعتدال "2/ 122"، تهذيب التهذيب "3/ 472"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2385".(6/315)
917- العلاء 1: "م، 4"
ابن عبد الرحمن بن يعقوب, الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ أَبُو شِبْلٍ المَدَنِيُّ, مَوْلَى الحُرَقَةِ. وَالحُرَقَةُ: بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَوَالِدِه, عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَأَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بنِ زُهْرَةَ, وَمَعَبْدِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَالِكٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, والدراوردي, وابن إسحاق, وابن عيينة, وآخرون.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ, لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً يَذْكُرُه بِسُوءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أُنْكِرُ مِنْ حَدِيْثِهِ شَيْئاً. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ حَدِيْثُهُ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا أَرَى بِحَدِيْثِهِ بَأْساً. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ: سُئِلَ يَحْيَى، عَنْ سُهَيْلٍ, وَالعَلاَءِ, فَلَمْ يُقَوِّ أَمرَهُمَا.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ أَوثَقُ مِنَ العَلاَءِ, العَلاَءُ ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: لاَ يَنْزِلُ حَدِيْثُه، عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ, لكن يتجنب ما أنكر عليه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3141"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 306" و"2/ 271" و"3/ 291"، والجرح والتعديل "6/ ترجمة 1974"، تاريخ الإسلام "5/ 282"، الكاشف "2/ ترجمة 4405"، العبر "1/ 263 و275"، ميزان الاعتدال "3/ 102"، تهذيب التهذيب "8/ 186"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5520"، شذرات الذهب "1/ 207".(6/316)
رَوَى زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْهُ، عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ, مَرْفُوْعاً: "إِزْرَةُ المُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ" 1.
وَمِنْ أَغرَبِ مَا أَتَى بِهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً: "إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ, فَلاَ تَصُوْمُوا ... " 2 الحَدِيْثَ. توفي العلاء: سنة ثمان وثلاثين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2086" من طريق عبد الله بن واقد، عن ابن عمر، به نحوه. وأخرجه الطيالسي "2228"، وأحمد "3/ 5و 6 و30- 31 و44و 52و 97"، وابن أبي شيبة "8/ 391"، وأبو داود "4093"، وابن ماجه "3573" من طريق العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أبي سعيد الخدري، به مرفوعا.
2 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "7325"، وأحمد "2/ 442"، وابن أبي شيبة "3/ 21" وأبو داود "2337"، والترمذي "738"، والنسائي في "الكبرى" "2911"، وابن ماجه "6151"، والدارمي "1740" و"1741"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "2/ 82" والبيهقي "4/ 209"، من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان النصف من شعبان، فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان". وقال البيهقي قال أبو داود عن أحمد بن حنبل أنه قال: هذا حديث منكر.
قلت: إنما قال أحمد بن حنبل ذلك، لأنه كان عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان. ولا تعارض بينهما فإن معنى حديث العلاء أن يكون الرجل مفطرا، فإذا بقى من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان، لذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإمساك عن الصوم إذا انتصف شعبان.(6/317)
918- محمد بن زياد 1: "خ، 4"
الألهاني, مُحَدِّثُ حِمْصَ وَأَلْهَانُ: هُوَ أَخُو هَمْدَانَ, ابْنَا مَالِكِ بنِ زَيْدِ بنِ أَوْسَلَةَ القَحْطَانِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ, وَأَبِي عِنَبَةَ الخَوْلاَنِيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ, وَأَبِي رَاشِدٍ الحُبْرَانِيِّ.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ, وَبَقِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ وَمُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ تُوُفِّيَ فِي نَحْوِ الأربعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 223"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 259 و334 و353"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1408"، حلية الأولياء "6/ ترجمة رقم 347"، العبر "1/ 279 و315 و323و 334"، الكاشف "3/ ترجمة 4930"، تاريخ الإسلام "5/ 295"، ميزان الاعتدال "3/ 551- 552"، تهذيب التهذيب "9/ 170"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 6228".(6/317)
919- يزيد بن عبد الله 1: "ع"
ابن أسامة بن الهاد الإِمَامُ, الحَافِظُ الحُجَّةُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ اللَّيْثِيُّ, المَدَنِيُّ. ابْنُ ابْنِ عَمِّ شَدَّادِ بنِ الهَادِ. وَكَانَ أَعْرَجَ مِنْ رِجْلَيْهِ مَعاً, يَجْمَعُ مِنْهُمَا.
عِدَادُه فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَثَعْلَبَةَ بنِ أَبِي مَالِكٍ القُرَظِيِّ- وَلَهُ رُؤْيَةٌ- وَمُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ, وَعُمَارَةُ بنُ خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَأَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أم هانىء, وَمُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ, وَابْنِ شِهَابٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ, وَسُهَيْلِ بن أبي صالح, وأبي إسحاق السَّبِيْعِيِّ, وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ -وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ- وَمَالِكٌ, وَاللَّيْثُ, وَنَافِعُ بنُ يَزِيْدَ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَمُوْسَى بنُ سَرْجِسَ, وَعَمْرُو بنُ مَالِكٍ الشَّرْعَبِيُّ, وَحَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ, وَبَكْرُ بنُ مُضَرَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بنُ عِيَاضٍ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ: لاَ أَعْلَمُ بِهِ بَأْساً. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ابْنُ الهَادِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ, وَهُوَ وَمُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ مُتَسَاوِيَانِ وَهُوَ -يَعْنِي: يَزِيْدَ- فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ قَالَ: وَكَانَ ثقة كثير الحديث.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3258"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1156"، تهذيب التهذيب "11/ 339".(6/318)
920- يحيى بن الحارث 1: "4"
الإمام الكبير, أو عَمْرٍو الغَسَّانِيُّ, الذِّمَارِيُّ, ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ, إِمَام جَامِعِ دِمَشْقَ, وَشَيْخُ المُقْرِئِيْنَ.
وَذِمَارٌ: قَرْيَةٌ بِاليَمَنِ.
وُلِدَ: فِي دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ. وَقَرَأَ عَلَى: ابْنِ عَامِرٍ. وَبَلَغَنَا أَيْضاً أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى: وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَحَدَّثَ عَنْهُ. وَعَنْ: سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي سَلاَّمٍ الأَسْوَدِ, وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَمَكْحُوْلٍ, وَعِدَّةٍ.
تَلاَ عَلَيْهِ: عِرَاكُ بنُ خَالِدٍ, وَأَيُّوْبُ بنُ تَمِيْمٍ, وَمُدْرِكُ بنُ أَبِي سَعْدٍ, وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ, وَرَوَى عَنْهُ: هُمْ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَصَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ, وَصَدَقَةُ السَّمِيْنُ, وَسُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَيَحْيَى بنُ حَمْزَةَ, وَابْنُ شَابُوْرَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ, عَالِمٌ بِالقِرَاءةِ فِي دَهْرِهِ. مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. قَلِيْلُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ أَيُّوْبُ بنُ تَمِيْمٍ: كَانَ يَقِفُ خَلْفَ الأَئِمَّةِ يَرُدُّ عَلَيْهِم لاَ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَؤُمَّ مِنَ الكِبَرِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ سُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ الحَارِثِ، عَنْ عَدَدِ آيِ القُرْآنِ فَعَقَدَ بِيَدِهِ سَبْعَةُ آلاَفٍ وَمائَتَانِ وستة وعشرون.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 463"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2953"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 575"، تهذيب التهذيب "11/ 193"، شذرات الذهب "1/ 217".(6/319)
921- خالد بن مهران 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثِّقَةُ أَبُو المُنَازِلِ البَصْرِيُّ, المَشْهُوْرُ: بِالحَذَّاءِ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَقِيْقٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرَةَ, وَعِكْرِمَةَ, وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَأُخْتِه حَفْصَةَ بِنْتِ سيرين, وأبي العالية الرياحي, وطائفة سواهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ -شَيْخُه- وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَالحَمَّادَانِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانُ, وشعبة ابن الحَجَّاجِ, وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ وعبد الوهاب بن عطاء, وخلق كثير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 259"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 592"، الكنى للدولابي "2/ ترجمة 143"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1593"، تاريخ الإسلام "6/ 60"، تذكرة الحفاظ "1/ 149"، والعبر "1/ 192 و296"، ميزان الاعتدال "1/ 642- 643"، الكاشف "1/ ترجمة 1366"، تهذيب التهذيب "3/ 120"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1804"، شذرات الذهب "1/ 210".(6/319)
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَجَمَاعَةٌ, وَحَدِيْثُه فِي الصِّحَاحِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ, وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ عَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ: أَرَادَ شُعْبَةُ أَنْ يَضَعَ مِنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ, فَأَتَيْتُهُ أَنَا وَحَمَّادُ بنُ زيد, فقلت: له مالك أَجُنِنْتَ؟! أَنْتَ أَعْلَمُ! قَالَ: وَتَهَدَّدنَاهُ, فَأَمْسَكَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: مَا لِخَالِدٍ الحَذَّاءِ فِي حَدِيْثِهِ؟ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا قِدْمَةً مِنَ الشَّامِ, فَكَأَنَّا أَنْكَرْنَا حِفْظَه. وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبِي, قَالَ: قِيْلَ لإِسْمَاعِيْلَ بنِ عُلَيَّةَ فِي هَذَا الحَدِيْثِ فَقَالَ: كَانَ خَالِدٌ يَرْوِيْهِ, فَلَمْ يَكُنْ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. ضَعَّفَ ابْنُ عُلَيَّةَ أَمرَه- يَعْنِي: الحَذَّاءَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ القُرَشِيُّ أَبُو شِهَابٍ قَالَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ, فَإِنَّهُمَا حَافِظَانِ وَاكتُمْ عَلَيَّ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ فِي خَالِدٍ الحَذَّاءِ, وَهِشَامٍ -يَعْنِي: ابْنَ حَسَّانٍ.
قُلْتُ: هَذَا الاجْتِهَادُ مِنْ شُعْبَةَ مَرْدُوْدٌ, لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ, بَلْ خَالِدٌ وَهِشَامٌ مُحْتَجٌّ بِهِمَا فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" هُمَا أَوْثَقُ بِكَثِيْرٍ مِنْ حَجَّاجٍ, وَابْنِ إِسْحَاقَ, بَلْ ضَعْفُ هَذَيْنِ ظاهر ولم يتركا.
وَلَمْ يَكُنْ خَالِدٌ حَذَّاءً, بَلْ كَانَ يَجْلِسُ فِي سُوْقِ الحَذَّائِينَ أَحْيَاناً, فَعُرِفَ بِذَلِكَ. قَالَهُ: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ. وَقَالَ فَهْدُ بنُ حَيَّانَ: لَمْ يَحْذُ خَالِدٌ قَطُّ, وَإِنَّمَا كَانَ يَقُوْلُ: احْذُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ, فَلُقِّبَ الحَذَّاءَ. وَكَانَ حَافِظاً مَهِيْباً, لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ. قَالَ شُعْبَةُ: قال خالد الحذاء: ما كتبت شيئًا قطإلَّا حَدِيْثاً طَوِيْلاً, فَلَمَّا حَفِظتُه, مَحَوتُه. وَقَالَ خَالِدٌ الطحان: سمعت خالد الحَذَّاءَ يَقُوْلُ: مَا حَذَوتُ نَعْلاً, وَلاَ بِعتُهَا, وَلَكِنْ تَزَوَّجتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ, فَنَزَلتُ عَلَيْهَا فِي الحَذَّائِينَ هُنَاكَ, فَنُسِبْتُ إِلَيْهِم.
قَالَ فِيْهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ثَبْتٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبِي ذَكَرَ خَالِداً الحَذَّاءَ, فَقَالَ: مَا عَلَيْهِ لَوْ صَنَعَ كَمَا صَنَعَ طَاوُوْسٌ, كَانَ يَجْلِسُ فَإِذَا أُتِيَ بِشَيْءٍ أَخَذَه وَإِلاَّ سَكَتَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ خَالِدٌ الحَذَّاءُ قَدِ اسْتُعْمِلَ عَلَى القُبَّةِ, وَدَارِ العُشُوْرِ بِالبَصْرَةِ. قَالَ: وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ قَالَهُ: قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا زَكَرِيَّا العُلَبِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ المَالِيْنِيُّ, أَخْبَرَتْنَا بِيْبَى بِنْتُ(6/320)
عَبْدِ الصَّمَدِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ, حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ شَاهِيْنٍ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "اعْتَكَفَ وَاعْتَكَفَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَرَى الدَّمَ, فَرُبَّمَا وَضَعتِ الطَّسْتَ تَحْتَهَا مِنَ الدم". وَزَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ رَأَتْ مِثْلَ مَاءِ العُصفُرِ, فَقَالَتْ: كَأَنَّ هَذَا شَيْءٌ كَانَتْ فُلاَنَةُ تَجِدُه1.
أخرجه البخاري، عن ابن شاهين.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "309" حدثنا إسحاق قال حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ، عن عكرمة، عن عائشة، به. وأخرجه بنحوه البخاري "310"، وأبو داود "2476"، وابن ماجه من طريق يزيد بن زريع، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن عائشة قالت: اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي".(6/321)
922- أبو إسحاق الشيباني 1: "ع"
سليمان بن أبي سليمان, فَيْرُوْزَ, وَيُقَالُ: خَاقَانَ, وَقِيْلَ: عَمْرٍو. الإِمَامُ الحَافِظُ, الحُجَّةُ, أَبُو إِسْحَاقَ, مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ بنِ ثَعْلَبَةَ, الكُوْفِيُّ. وُلِدَ: فِي أَيَّامِ الصَّحَابَةِ, كَابْنِ عُمَرَ, وَجَابِرٍ. وَلَحِقَ عَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي أَوْفَى, وَسَمِعَ مِنْهُ.
وَحَدَّثَ، عَنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ: يُسِيْرِ بنِ عَمْرٍو, وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بنِ الهَادِ, وَالوَلِيْدِ بنِ العَيْزَارِ, وَأَبِي بُرْدَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ النَّخَعِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَطَائِفَةٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ, وَأَشْعَثَ بنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ -وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ- وَمِسْعَرٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَزَائِدَةُ, وَعَبْثَرٌ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ, وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ, وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِه, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يُعجِبُه حَدِيْثُ الشَّيْبَانِيِّ, وَقَالَ: هُوَ أَهْلٌ أَنْ لاَ يدَعَ له شيئًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 345"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1808"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 592"، الأنساب للسمعاني "7/ 438"، تاريخ الإسلام "6/ 74"، الكاشف "1/ ترجمة 2115"، تهذيب التهذيب "4/ 197"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2701" شذرات الذهب "1/ 207".(6/321)
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ, حُجَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ, صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الشَّعْبِيِّ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ, وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَهَذَا القَوْلُ خَطَأٌ فَاحِشٌ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. فَهَذَا قَوْلٌ مُتَّجِهٌ. وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ لِسَنَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ خِلاَفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَقَالَ الفَلاَّسُ, وَالتِّرْمِذِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ فَأَبْعَدَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى, أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: السَّبِيْعِيُّ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ وَبَيْنَهُمَا فِي المَوْتِ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا زَيْدُ بنُ يَحْيَى البَيِّعُ، أَنْبَأَنَا أبو القاسم أحمد ابن المُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ المَحَامِلِيُّ حَدَّثَنَا يُوْسُفُ حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عن عبد الله ابن ذَكْوَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ جَاءَ بِسَوَادٍ كَثِيْرٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ يَتَوَفَّاهُ مِنْهُ فَجَعَلَ يَقُوْلُ هَذَا لِي وَهَذَا لَكُمْ حَتَّى مَيَّزَهُ قَالَ فَيَقُوْلُوْنَ من أين لك هذا قال أهدي لي قَالَ فَجَاؤُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا أَعْطَاهُم وَأَخْبَرُوْهُ الخَبَرَ فَصَعِدَ المِنْبَر وَهُوَ مُغْضَبٌ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ نَبْعَثُهُم عَلَى هَذِهِ الأَعْمَالِ فَيَجِيْءُ أَحَدُهُم بِالسَّوَادِ الكَثِيْرِ ثُمَّ يَقُوْلُ هَذَا لِي وَهَذَا لَكُم فَإِذَا سُئِلَ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا? قَالَ أُهْدِيَ لِي أَفَلاَ إِنْ كَانَ صَادِقاً أُهْدِيَ ذَلِكَ لَهُ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَوْ بَيْتِ أَبِيْهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ أَبْعَثُ رَجُلاً عَلَى عَمَلٍ فَيَغُلُّ منه شيئًاإلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَجْعَلُهُ عَلَى عُنُقِهِ فَلْيَنْظُرْ رَجُلٌ لاَ يَجِيْءُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيْرٌ يَرْغُو أَوْ بَقَرَةٌ تَخُوْرُ أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ" ثُمَّ قَالَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" 1.
فَقُلْتُ لأَبِي حُمَيْدٍ: أَنْتَ سَمِعْتَه مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ - فَقَالَ: مَنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ إِلَى أُذُنِي.
وَبِهِ حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَوَكِيْعٌ كُلُّهُم، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ. البُخَارِيُّ: عَنْ يُوْسُفَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "2597"، ومسلم "1832" "26" وأبو داود "2946" من طريق سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عن أبي حميد الساعدي، به.(6/322)
923- سليمان بن طرخان 1: "ع"
الإِمَامُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو المُعْتَمِرِ التَّيْمِيُّ, البَصْرِيُّ. نَزَلَ فِي بَنِي تَيْمٍ, فَقِيْلَ: التَّيْمِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعَنْ أَبِي عثمان النهدي, وأبي عثمان أخر, ويزيد ابن عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ, وَطَاوُوْسٍ, وَأَبِي مِجْلَزٍ, وَيَحْيَى بنِ يَعْمَرَ, وَبَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيِّ, وَالحَسَنِ, وَطَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ, وَبَرَكَةَ أَبِي الوَلِيْدِ, وَثَابِتٍ, وَقَتَادَةَ, وَرَقَبَةَ بنِ مَصْقَلَةَ, وَأَبِي نضرة, وخلق وينزل إلى الأعمش, وحسين ابن قَيْسٍ الرَّحَبِيِّ, وَالرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ, وَكَانَ مُقَدَّماً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ -أَحَدُ شُيُوْخِهِ- وَابْنُه, مُعْتَمِرٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَهُشَيْمٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَزُهَيْرٌ الجُعْفِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَأَبُو هَمَّامٍ مُحَمَّدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ, وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الضُّبَعِيُّ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَالأَنْصَارِيُّ, وَأَبُو عَاصِمٍ, وَهَوْذَةُ بنُ خَلِيْفَةَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوُ مَائَتَيْ حَدِيْثٍ.
وَرَوَى الرَّبِيْعُ بنُ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَصدَقَ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَغَيَّرَ لَوْنُهُ.
وَرَوَى أَبُو بَحْرٍ البَكْرَاوِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: شَكُّ ابْنِ عَوْنٍ وَسُلَيْمَانَ التيمي: يقين.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ ثِقَةٌ, وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, مِنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا: ثِقَةٌ قَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ مِنْ خِيَارِ أهل البصرة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 252"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1828"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 539"، حلية الأولياء "3/ ترجمة 203"، الأنساب للسمعاني "3/ 118"، تذكرة الحفاظ "1/ 150"، الكاشف "1/ ترجمة 2123"، العبر "1/ 194"تاريخ الإسلام "6/ 72"،ميزان الاعتدال "2/ 212"، تهذيب التهذيب "4/ 201"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2708"، شذرات الذهب "2/ 212".(6/323)
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مِنَ العُبَّادِ المُجْتَهِدِيْنَ, كَثِيْرُ الحَدِيْثِ, ثِقَةٌ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّه بِوُضُوْءِ عِشَاءِ الآخِرَةِ, وَكَانَ هُوَ وَابْنُه يَدُورَانِ بِاللَّيْلِ فِي المَسَاجِدِ فَيُصَلِّيَانِ فِي هَذَا المَسْجِدِ مَرَّةً وَفِي هَذَا المَسْجِدِ مَرَّةً حَتَّى يُصْبِحَا وَكَانَ سُلَيْمَانُ مَائِلاً إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَرَوَى نَوْفَلُ بنُ مُطَهِّرٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ, قَالَ: حُفَّاظُ البَصْرِيِّينَ ثَلاَثَةٌ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ, وَعَاصِمٌ أَحْفَظُهُم وَعَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ مِنْ حُفَّاظِ البَصْرَةِ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: مَا جَلَستُ إِلَى أَحَدٍ أَخَوْفَ للهِ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ, وَسَمِعْتُه يَقُوْلُ: ذَهَبُوا بِصَحِيْفَةِ جَابِرٍ إِلَى الحَسَنِ, فَرَوَاهَا -أَوْ قَالَ: فَأَخَذَهَا- وَذَهَبُوا بِهَا إِلَى قَتَادَةَ, فَأَخَذَهَا, وَأَتَوْنِي بِهَا, فَلَمْ أَرُدَّهَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي أَبِي عُثْمَانَ, أَوْ عَاصِمٌ؟ قَالَ: سُلَيْمَانُ. وَقَالَ أَبِي: لاَ يَبلُغُ التَّيْمِيُّ مَنْزِلَةَ أَيُّوْبَ, وَيُوْنُسَ, وَابْنِ عَوْنٍ هُم أَكْبَرُ مِنْهُ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: قَالَ لِي مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: لَوْلاَ أَنَّكَ مِنْ أَهْلِي, مَا حَدَّثتُكَ بِذَا، عَنْ أَبِي: مَكَثَ أَبِي أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً وَيُصَلِّي صَلاَةَ الفَجْرِ بِوُضُوْءِ عِشَاءَ الآخِرَةِ.
جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، عَنْ رَقَبَةَ بنِ مَصْقَلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَبَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ فَقَالَ لأُكْرِمَنَّ مَثْوَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ صَلَّى لِيَ الفَجْرَ بِوُضُوْءِ العِشَاءِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ التَّيْمِيَّ كَأَنَّهُ غُلاَمٌ حَدَثٌ قَدْ أَخَذَ فِي العِبَادَةِ, كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ أَخَذَ عِبَادَتَه، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ.
وَرَوَى مُثَنَّى بنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: ما كنت أشبه عبادة سليمان التيميإلَّا بِعِبَادَةِ الشَّابِّ أَوَّلَ مَا يَدْخُلُ فِي تِلْكَ الشِّدَّةِ وَالحِدَّةِ.
وَرَوَى الوَلِيْدُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: مَا أَتَيْنَا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ فِي سَاعَةٍ يُطَاعُ اللهُ فِيْهَا إلَّا وَجَدْنَاهُ مُطِيْعاً وَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ لاَ يُحسِنُ يَعْصِي اللهَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُثنِي عَلَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَيُقَدِّمُه عَلَى عَاصِمٍ الأَحْوَلِ وَكَانَ عِنْدَه، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً وَلَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ أَخْبَارَه يَعْنِي، عَنِ التَّيْمِيِّ فِي حَدِيْث أَنَسٍ قَالَ: وَرَأْيِي أَنْ أَصلَ التَّيْمِيِّ كَانَ قَدْ ضَاعَ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: كَانَ التَّيْمِيُّ يُحَدِّثُ الشَّرِيْفَ وَالوَضِيْعَ خَمْسَةً(6/324)
خَمْسَةً قُلْتُ: كَانَ يَدَعُكُم تَكْتبُوْنَ? قَالَ: لاَ, إِنْ رَدَّ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ, حَسِبهُ عَلَيْهِ, وَكُنْتُ أَردُّ عَلَيْهِ وَيَحسِبُ عَلَيَّ. يَعْنِي بِقَوْلهِ: أَرُدُّ عَلَيْهِ أَنِّي أُعِيْدُ الحَدِيْثَ لأَحْفَظَهُ, فَيَحسِبُه عَلَيْهِ بِحَدِيْثٍ مِنْ تِلْكَ الخَمْسَةِ.
قَالَ خَالِدُ بنُ الحَارِثِ: قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: لَوْ أَخَذتَ بِرُخصَةِ كُلِّ عَالِمٍ, اجْتَمَعَ فِيْكَ الشَّرُّ كُلُّهُ.
وَرَوَى غَسَّانُ بنُ المُفَضَّلِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: اسْتَعَارَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ مِنْ رَجُلٍ فَروَةً, فَلَبِسهَا ثُمَّ رَدَّهَا, قَالَ الرَّجُلُ: فَمَا زِلْتُ أَجِدُ فِيْهَا رِيْحَ المِسكِ.
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ تَنَازُعٌ فَتَنَاولَ الرَّجُلُ سُلَيْمَانَ فَغَمَزَ بَطْنَه فَجَفَّتْ يَدُ الرَّجُلِ.
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ لِي أَبِي عِنْدَ مَوْتِه: يَا مُعْتَمِرُ! حَدِّثْنِي بِالرُّخَصِ, لَعَلِّي أَلْقَى الله -تَعَالَى- وَأَنَا حَسَنُ الظَنِّ بِهِ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ المُعْتَمِرِ, فَقَالَ لِي: مَكَانَكَ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَبِي: إِذَا كَتَبتَ, فَلاَ تَكْتُبِ التَّيْمِيَّ, وَلاَ تَكْتُبِ المُرِّيَّ, فَإِنَّ أَبِي كَانَ مُكَاتَباً لِبُجَيْرِ بنِ حُمْرَانَ, وَإِنَّ أُمِّي كَانَتْ مَوْلاَةً لِبَنِي سُلَيْمٍ, فَإِنْ كَانَ أَدَّى الكِتَابَةَ وَالولاَءَ لِبَنِي مُرَّةَ- وَهُوَ مُرَّةُ بنُ عَبَّادِ بنِ ضُبَيْعَةَ بنِ قَيْسٍ -فَاكتُبِ القَيْسِيَّ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى الكِتَابَةَ وَالولاَءَ لِبَنِي سُلَيْمٍ -وَهُمْ مِنْ قَيْسِ عَيْلاَنَ- فَاكتُبِ القَيْسِيَّ.
وَعَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: أَنَّهُ رُبَّمَا أَحْدَثَ الوُضُوْءَ فِي اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ نَوْمٍ. وَذَكَرَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: أَنَّ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ لَمْ تَمَرَّ سَاعَةٌ قط عليهإلَّا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ قَالَ كَانَ عَامَّةُ دَهْرِ التَّيْمِيِّ يُصَلِّي العِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوْءٍ وَاحِدٍ وَكَانَ يُسَبِّحُ بَعْدَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ وَيَصُوْمُ الدَّهْرَ كَذَا قَالَ وَإِنَّمَا المَعْرُوْفُ أَنَّهُ كَانَ يَصُوْمُ يَوْماً وَيَوْماً وَبِهِ قَالَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ، عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ قَالَ خَرَجَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بوضوء عشاء الآخرة.
رَوَى المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ -أَوْ غَيْرِهِ- قَالَ: أَقَامَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِمَامَ الجَامِعِ بِالبَصْرَةِ يُصَلِّي العِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوْءٍ وَاحِدٍ.(6/325)
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ, قَالَ: لَمْ يَضَعْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ جَنْبَه بِالأَرْضِ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَذَكَرَ مَرْدَوَيْه، عَنْ فُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ, قَالَ: قِيْلَ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: أَنْتَ أَنْتَ وَمَنْ مِثْلُكَ؟! قَالَ: لا تقولو هَكَذَا لاَ أَدْرِي مَا يَبْدُو لِي مِنْ -رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ- سَمِعْتُ اللهَ يَقُوْلُ: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُون} [الزُّمَرُ: 47] .
وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ, قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ, فَيُصبِحُ وَعَلَيْهِ مَذَلَّتُهُ.
رَوَى سَعِيْدٌ الكُرَيْزِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ, قَالَ: مَرِضَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, فَبَكَى فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ؟ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى قَدَرِيٍّ, فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ, فَأَخَافُ الحِسَابَ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عِيْسَى سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بنَ هِلاَلٍ يَقُوْلُ: أَتَيْتُ سُلَيْمَانَ, فَوَجَدتُ عِنْدَه حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ وَيَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ وَبِشْرَ بنَ المُفَضَّلِ وَأَصْحَابَنَا البَصْرِيِّينَ فَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ أَحَداً حَتَّى يَمتَحِنَه فَيَقُوْلَ لَهُ: الزِّنَى بِقَدَرٍ? فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ, اسْتَحلَفَه أَنَّ هَذَا دِيْنُكَ الَّذِي تَدِيْنُ اللهَ بِهِ؟ فَإِنْ حَلَفَ, حَدَّثَهُ خَمْسَةَ أَحَادِيْثَ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: كَانَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ لاَ يَزِيْدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا عَلَى خَمْسَةِ أَحَادِيْثَ وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ فَجَعَلَ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ أَجَهْمِيٌّ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مَا أَفْطَنَكَ! مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُنِي?
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ أَبِي: أَمَا -وَاللهِ- لَوْ كُشِفَ الغِطَاءُ لَعَلِمَتِ القَدَرِيَّةُ أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيْدِ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عُمَرَ, وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً أَنَّهُم سَمِعُوا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ وَإِسْحَاقُ الحَرْبِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا هَوْذَةُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأخُذُنِي وَالحَسَنَ وَيَقُوْلُ: "اللَّهُمَّ إِنِّيْ أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا" 1 أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ مُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِ وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ مَرَّةً، عَنْ أَبِي تَمِيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ ثُمَّ نَظَرتُ فَإِذَا قَدْ سَمِعْتُه مِنْ أَبِي عُثْمَانَ وَكَتَبتُه.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 210"، وفي "فضائل الصحابة" "1352"، والبخاري "3735" و"3747"، وابن سعد "4/ 62"، والطبراني "2642"، والبغوي "3940" من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان، به.(6/326)
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ, وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ وغيره، عن التيمي، أنبأنا أبو علي المقرىء، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ, حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ "ح". وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ فِي جَمَاعَةٍ, قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ, حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ عَوْذِ اللهِ -وَاللَّفْظُ لَهُ- قَالاَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُعَاذٌ بِالبَابِ فَقَالَ: "يَا مُعَاذُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ". قَالَ مُعَاذٌ إلَّا أخبر الناس? قَالَ: "لاَ دَعْهُمْ فَلْيَتَنَافَسُوا فِي الأَعْمَالِ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا" 1 وَرَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَه.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بِالبَصْرَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ سنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ مَاتَ ابْنَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ سنة.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "3/ 34" من طريق أبي بكر بن خلاد، به، وأخرجه أحمد "3/ 157"، والبخاري "129" من طريق مسدد، حدثنا معتمر، قال سمعت أنسا قال: فذكره. ورواه مسلم "32" من طريق معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك به نحوه.(6/327)
924- زكريا بن أبي زائدة 1: "ع"
قَاضِي الكُوْفَةِ, أَبُو يَحْيَى الهَمْدَانِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حدث عن: الشعبي, ومصعب بن شيبةو وَخَالِدِ بنِ سَلَمَةَ, وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ, وَجَمَاعَةٍ.
يُعَدُّ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ بِالإِدرَاكِ وَإِلاَّ فَمَا عَلِمتُ لَهُ شَيْئاً، عَنِ الصَّحَابَةِ.
رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ الحَافِظُ يَحْيَى وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ المُبَارَكِ وَالقَطَّانُ وَوَكِيْعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعُبَيْدُ اللهِ.
قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ, حُلوُ الحَدِيْثِ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صُوَيلِحٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الحَدِيْثِ يُدَلِّسُ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائة, وحديثه قوي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 355"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1396"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 133" و"1/ 133" و"2/ 155 و646" و"3/ 17و79"، الجرح التعديل لابن أبي حاتم "3/ ترجمة 2685"، تاريخ الإسلام للذهبي "6/ 65"، العبر "1/ 212"، الكاشف "1/ ترجمة رقم "1659"، ميزان الاعتدال "2/ 73"، تهذيب التهذيب "3/ 329"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2145"، شذرات الذهب "1/ 224".(6/327)
فضيل بن غزوان، بكر بن عمرو، عبد الرحمن بن حُميد:
925- فضيل بن غزوان 1: "ع"
ابن جرير الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ, وَأَبِي زُرْعَةَ البَجَلِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ, مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ بضع وأربعين ومائة.
926- بكر بن عمرو 2: "خ, م, د, س, ت"
المعافري المصري, أَحَدُ الأَعْلاَمِ، عَنْ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَمِشْرَحِ بنِ هَاعَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَاللَّيْثُ, وَغَيْرُهُم. وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً, فَاضِلاً, مُتَأَلِّهاً, كبير القدر, إمام جامع الفسطاط.
927- عبد الرحمن بن حميد 3: "ع"
ابْنِ صَاحِبُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ, المَدَنِيُّ, الفَقِيْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَالسَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ وَابْنِ المُسَيِّبِ.
رَوَى عَنْهُ: صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَحَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَآخَرُوْنَ. مُتَّفَقٌ على توثيقه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 546"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 172" و"3/ 112"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 419"، الكاشف "2/ ترجمة 4459"، تاريخ الإسلام "6/ 113" تهذيب التهذيب "8/ 297"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5742".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1797"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1517"، ميزان الاعتدال "1/ 347"، تهذيب التهذيب "1/ 485".
3 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 884"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1059"، الكاشف "2/ ترجمة 3223"، تاريخ الإسلام "5/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 164"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4075".(6/328)
عبد المجيد بن سُهَيل، ابن عَقيل:
ابن عمه:
928- عبد المجيد بن سهيل 1: "خَ, م, د, س"
رَوَى عَنِ: ابْنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي سَلَمَةَ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ.
وَعَنْهُ: مَالِكٌ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وثقه يحيى بن معين.
929- ابن عقيل 2: "بَخ, د, ت, ق"
الإِمَامُ المُحَدِّثُ, أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ: ابْنُ عَمِّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ الطَّالِبِيُّ المَدَنِيُّ وَأُمُّه: هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ, وَخَالِه مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ, وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, وَالرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ الصَّحَابِيَّةِ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ, وَزَائِدَةُ, وَفُلَيْحٌ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَعِدَّةٌ.
احْتَجَّ بِهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الحَدِيْثِ وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لاَ أَحْتَجُّ بِهِ لِسُوْءِ حِفْظِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً يَقُوْلُ: كَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالحُمَيْدِيُّ يَحْتَجُّوْنَ بِحَدِيْثِهِ وَعَنِ البُخَارِيِّ هُوَ مُقَارَبُ الحَدِيْثِ وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يُدخِلْه مَالِكٌ فِي كُتُبِه وَكَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ آخَرُ: كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّادِ. وَقَالَ الفَسَوِيُّ: صَدُوْقٌ فِي حَدِيْثِهِ ضَعْفٌ.
قُلْتُ: لاَ يَرتَقِي خبره إلى درحة الصِّحَّةِ وَالاحْتِجَاجِ قَالَ خَلِيْفَةُ, وَابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ ابْنُ عَقِيْلٍ: بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1870"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 336"، الكاشف "2/ ترجمة 3481"، تاريخ الإسلام "5/ 271"، تهذيب التهذيب "6/ 380"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4409".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 576"، الجرح والتعديل "706"، المجروحين لابن حبان "2/ 3"، الأنساب للسمعاني "9/ 22"، الكاشف "2/ ترجمة 2999" ميزان الاعتدال "2/ 484"، تاريخ الإسلام "6/ 90"، تهذيب التهذيب "6/ 13"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3791".(6/329)
غالب القطان، هاشم بن هاشم، يزيد بن أبي عُبيد:
930- غالب القطان 1: "ع"
هُوَ الفَقِيْهُ, أَبُو سَلَمَةَ بنُ أَبِي غَيْلاَنَ خَطَافٍ -بِالفَتْحِ- وَقِيْلَ: خُطَافٍ, مَوْلَى الأَمِيْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ القُرَشِيِّ.
سَمِعَ الحَسَنَ, وَابْنَ سِيْرِيْنَ, وَبَكْرَ بنَ عَبْدِ الله.
وَعَنْهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَحَزْمُ بنُ أَبِي حَزْمٍ, وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَسُئِلَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُه.
931- هَاشِمُ بن هاشم 2: "ع"
ابن هَاشِمِ بنِ عُتْبَةَ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ القُرَشِيُّ, الزُّهْرِيُّ.
سَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ, وَعَامِرَ بنَ سَعْدٍ, وَعَبْدَ اللهِ بنَ وَهْبِ بنِ زَمْعَةَ.
وَعَنْهُ: مَالِكٌ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وأربعين ومائة.
932- يزيد بن أبي عبيد 3: "ع"
المدني, مِنْ بَقَايَا التَّابِعِيْنَ الثِّقَاتِ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَهُ, سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ, وَعَنْ: عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ.
وَعَنْهُ: حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَيَحْيَى القَطَّانُ وَحَمَّادُ بنُ مَسْعَدَةَ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَدِيْثُه مِنْ عَوَالِي البُخَارِيِّ الثَّلاَثِيَّاتِ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وأربعين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 271"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 442"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 74 و210"، الكنى للدولابي "2/ 23"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 270"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 359"، تهذيب التهذيب "8/ 242"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5663".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2838"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 434"، الكاشف "2/ ترجمة 6036"، تاريخ الإسلام "6/ 143"، تهذيب التهذيب "11/ 20"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7650".
3 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3278"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 437"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1177"، الكاشف "3/ ترجمة 6453"، تاريخ الإسلام "6/ 152"، تهذيب التهذيب "11/ 349"، شذرات الذهب "1/ 219".(6/330)
إبراهيم بن هَرْمة، ابن هُبيرة:
933- إبراهيم بن هرمة 1:
شَاعِرُ زَمَانِهِ, أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَلَمَةَ بنِ عَامِرٍ الفِهْرِيُّ المَدَنِيُّ.
أَحَدُ البُلغَاءِ, مِنْ شُعَرَاءِ الدَّوْلَتَيْنِ, وَكَانَ مُنْقَطِعاً إِلَى العَلَوِيَّةِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ مُقَدَّمٌ فِي شُعَرَاءِ المُحْدَثِيْنَ. قَدَّمَهُ بَعْضُهم عَلَى بَشَّارٍ. وَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَفَدَ ابْنُ هَرْمَةَ, فَمَدَحَ المَنْصُوْرَ, فَأَعْطَاهُ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ. وَمِنْ شِعْرِهِ:
كَأَنَّ عَيْنَيَّ إِذْ وَلَّتْ حُمُوْلُهُمُ ... عَنِّي جَنَاحَا حَمَامٍ صَادَفَتْ مَطَرَا
أَو لُؤْلُؤٌ سَلِسٌ فِي عِقْدِ جَارِيَةٍ ... خرقاء نازعها الوالدان فانتثرا
934-ابن هبيرة 2:
أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ, أَبُو خَالِدٍ يَزِيْدُ بنُ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ الفَزَارِيُّ. نَائِبُ مَرْوَانَ الحِمَارِ.
كَانَ بَطَلاً, شُجَاعاً, سَائِساً, جَوَاداً, فَصِيْحاً, خَطِيْباً, وَكَانَ مِنَ الأَكَلَةِ وَلَهُ فِي كَثْرَةِ الأَكلِ أَخْبَارٌ.
هَزَمَتْه الخُرَاسَانِيَّةُ, فَدَخَلَ إِلَى وَاسِطَ, فَحَاصَرَهُ المَنْصُوْرُ مُدَّةً, ثُمَّ خَدَعَه المَنْصُوْرُ, وَآمَنَه, وَنَكَثَ, فَدَخَلُوا عَلَيْهِ دَارَه, فَقَتلُوْهُ صَبْراً, وَابْنَه دَاوُدَ, وَمَمَالِيْكَه, وَحَاجِبَه, فَسَجَدَ للهِ, فَنَزَلُوا عَلَيْهِ فَهَبَرُوْهُ.
وَقَدْ كَانَ وَلِيَ حَلَبَ لِلْوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ مَوْلِدُه: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَعَاشَ: خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ جسِيْماً, كَثِيْرَ الأَكلِ, ضَخْماً, طَوِيْلاً, شُجَاعاً, خَطِيْباً, رِزقُه فِي السَّنَةِ سِتُّ مائَةِ أَلْفٍ وَكَانَ يُفَرِّقُهَا فِي العُلَمَاءِ وَالوُجُوْهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ: أَنَّ السَّفَّاحَ أَلَحَّ عَلَى أَخِيْهِ أَبِي جَعْفَرٍ يَأمُرُه بِقَتلِ ابْنِ هُبَيْرَةَ, وَهُوَ يُرَاجِعُه لِكَوْنِهِ حَلَفَ لَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَنَّبَه لَيَقْتُلَنَّه فَوَلَّى قَتْلَه الهَيْثَمَ ابن شُعْبَةَ وَقَدْ وَلِيَ أَبُوْهُ أَيْضاً إِمْرَةَ العِرَاقَيْنِ لِيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بَعْدَ المائَةِ.
قُتِلَ يَزِيْدُ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ هُوَ الَّذِي أَغرَى السَّفَّاحَ بِقَتلِ ابْنِ هُبَيْرَةَ وَكَانَ ابْنُ هُبَيْرَةَ يَرْكَبُ رِكْبَةً عَظِيْمَةً إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَنَهَاهُ الحَاجِبُ إِلَى أَنْ بَقِيَ فِي ثَلاَثَةٍ.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "4/ 101"، تاريخ بغداد "6/ 127"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 59"، النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى "2/ 84"، خزانة الأدب للبغدادي "1/ 244".
21 ترجمته في المجروحين لابن حبان "2/ 123"، تاريخ الإسلام "للذهبي "5/ 315".(6/331)
935- عَبْدُ اللهِ بنُ المُقَفَّعِ 1:
أَحَدُ البُلغَاءِ وَالفُصَحَاءِ, وَرَأْسُ الكُتَّابِ, وَأُولِي الإِنشَاءِ, مِنْ نُظَرَاءِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الكَاتِبِ وَكَانَ مِنْ مَجُوْسِ فَارِسٍ فَأَسلَمَ عَلَى يَدِ الأَمِيْرِ عِيْسَى عَمِّ السَّفَّاحِ وَكَتَبَ لَهُ وَاخْتَصَّ بِهِ قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: قَالَ لَهُ: أُرِيْدُ أَنْ أُسْلِمَ عَلَى يَدِكَ بمحضر الأَعْيَانِ, ثُمَّ قَعَدَ يَأْكُلُ وَيُزَمْزِمُ بِالمَجُوْسِيَّةِ فَقَالَ: مَا هَذَا قَالَ: أَكرَهُ أَنْ أَبِيْتَ عَلَى غَيْرِ دِيْنٍ, وَكَانَ ابْنُ المُقَفَّعِ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ وَهُوَ الَّذِي عَرَّبَ كَلِيْلَةَ وَدِمْنَةَ.
وَرُوِيَ عَنِ المَهْدِيِّ, قَالَ: مَا وَجَدْتُ كِتَابَ زَندَقَةٍ إلَّا وَأَصلُه ابْنُ المُقَفَّعِ.
وَغَضِبَ المَنْصُوْرُ مِنْهُ, لأَنَّهُ كَتَبَ فِي تَوَثُّقِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ مِنَ المَنْصُوْرِ يَقُوْلُ: وَمَتَى غَدَرَ بِعَمِّهِ, فَنِسَاؤُهُ طَوَالِقُ, وَعَبِيْدُهُ أَحْرَارٌ, وَدَوَابُّهُ حُبسٌ وَالنَّاسُ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعتِه فَكَتَبَ إِلَى عَامِلِه سُفْيَانَ المُهَلَّبِيِّ يَأمُرُه بِقَتلِ ابْنِ المُقَفَّعِ.
وَكَانَ ابْنُ المُقَفَّعِ مَعَ سَعَةِ فَضْلِه, وَفَرطِ ذَكَائِهِ فِيْهِ طَيشٌ فَكَانَ يَقُوْلُ، عَنْ سُفْيَانَ المُهَلَّبِيِّ: ابْنُ المُغْتَلِمَةِ فَأَمَرَ لَهُ بِتَنُّورٍ فَسُجِّرَ ثُمَّ قَطَعَ أَرْبَعَتَه وَرَمَاهَا فِي التَّنُّورِ وَهُوَ يَنْظُرُ وَعَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَأُهْلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ وَقِيْلَ: بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَاسْمُ أَبِيْهِ ذَادَوَيْه قَدْ وَلِيَ خَرَاجَ فَارِسٍ لِلْحَجَّاجِ فَخَانَ فَعَذَّبَه الحَجَّاجُ فَتَقَفَّعَتْ يَدُه وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ يَعْمَلُ قِفَاعَ الخُوصِ, وَهِيَ كَالقُفَّةِ.
قِيْلَ لابْنِ المُقَفَّعِ: مَنْ أَدَّبَكَ؟ قَالَ: نَفْسِي إِذَا رَأَيْتُ مِنْ أَحَدٍ حَسَناً أَتَيْتُهُ وَإِنْ رَأَيْتُ قَبِيْحاً أَبَيْتُه.
وَقِيْلَ: اجْتَمَعَ بِالخَلِيْلِ فَلَمَّا تَفَرَّقَا, قِيْلَ: لِلْخَلِيْلِ كَيْفَ رَأَيْتَه؟ قَالَ: عِلْمُه أَكْثَرُ مِنْ عَقلِه. وَسُئِلَ هُوَ: كَيْفَ رَأَيْتَ الخَلِيْلَ? قَالَ: عَقلُه أَكْثَرُ مِنْ عِلْمِه. وَقِيْلَ: إِنَّ وَالِيَ البَصْرَةِ سُفْيَانَ بنَ مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ بنِ المُهَلَّبِ قَالَ يَوْماً: مَا نَدِمتُ عَلَى سُكُوْتٍ قَطُّ فَقَالَ ابْنُ المُقَفَّعِ فَالخَرَسُ زَيْنٌ لَكَ. وَقَالَ لَهُ مَرَّةً: مَا تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ مَاتَ، عَنْ زَوجٍ وَزَوْجَةٍ فَأَحْنَقَه.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: صَنَّفَ ابْنُ المُقَفَّعِ "الدُّرَّةَ اليَتِيْمَةَ" الَّتِي مَا صُنِّفَ مِثْلُهَا وَمِنْ قَوْلِه: شَرِبْتُ مِنَ الخُطَبِ رِيَّا, وَلَمْ أَضْبِطْ لَهَا رَوِيَّا فَغَاضَتْ ثُمَّ فَاضَتْ فَلاَ هِيَ هِيَ نِظَاماً وَلاَ هِيَ غيرها كلامًا.
__________
1 ترجمته في لسان الميزان "3/ ترجمة 1465".(6/332)
936- محمد بن عبد الله 1: "د, ت, س"
ابن حَسَنِ ابْنِ السَّيِّدِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالب الهاشمي, الحَسَنِيُّ, المَدَنِيُّ, الأَمِيْرُ, الوَاثبُ عَلَى المَنْصُوْرِ, هُوَ وَأَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمُ.
حَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ, وَأَبِي الزِّنَادِ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ المَخْرَمِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ. وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ.
حَجَّ المَنْصُوْرُ سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, فَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِيْنَةِ رِيَاحاً المُرِّيَّ, وَقَدْ قَلِقَ لِتَخَلُّفِ ابْنَيْ حَسَنٍ، عَنِ المَجِيْءِ إِلَيْهِ فَيُقَالُ: إِنَّ المَنْصُوْرَ لَمَّا كَانَ حَجَّ قَبْلَ أَيَّامِ السَّفَّاحِ, كَانَ فِيْمَا قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ -إِذِ اشْتَوَرَ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكَّةَ فِيْمَنْ يَعقِدُوْنَ لَهُ بِالخِلاَفَةِ حِيْنَ اضْطَرَبَ أَمرُ بَنِي أُمَيَّةَ- كَانَ المَنْصُوْرُ مِمَّنْ بَايَعَ لِي. وَسَأَلَ المَنْصُوْرُ زِيَاداً مُتَوَلِّي المَدِيْنَةِ، عَنِ ابْنَيْ حَسَنٍ, قَالَ: مَا يَهُمُّك مِنْهُمَا, أَنَا آتِيْكَ بِهِمَا. وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ, قَالَ اسْتُخلِفَ المَنْصُوْرُ, فَلَمْ يكن له همإلَّا طَلَبُ مُحَمَّدٍ, وَالمَسْأَلَةِ عَنْهُ فَدَعَا بَنِي هَاشِمٍ وَاحِداً وَاحِداً, يَخلُو بِهِ, وَيَسْأَلُه فَيَقُوْلُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! قَدْ عَرَفَ أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَه يَطْلُبُ هَذَا الشَّأْنَ قَبْلَ اليَوْمِ فَهُوَ يَخَافُكَ, وهو الان لا يريد لك خلافًا. وَأَمَّا حَسَنُ بنُ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ فَأَخْبَرَهُ بِأَمرِه وَقَالَ لاَ آمَنُ أَنْ يَخْرُجَ فَاشْتَرَى المَنْصُوْرُ رَقِيْقاً مِنَ العَرَبِ فَكَانَ يُعْطِي الوَاحِدَ مِنْهُمُ البَعِيْرَيْنِ وَفَرَّقَهم فِي طَلَبِه وَهُوَ مُختَفٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 418"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 125"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1602"، العبر "1/ 196 و198"، الكاشف "3/ ترجمة 5022"، تاريخ الإسلام "6/ 121"، ميزان الاعتدال "3/ 591"، تهذيب التهذيب "9/ 252"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6360".(6/333)
وَقَالَ لِعُقْبَةَ السِّنْدِيِّ: اخْفِ شَخْصَكَ, وَاسْتَتِرْ, ثُمَّ ائْتِنِي وَقْتَ كَذَا. فَأَتَاهُ, فَقَالَ: إِنَّ بَنِي عَمِّنَا قَدْ أَبَوْا إلَّا كَيداً لَنَا, وَلَهُم شِيْعَةٌ بِخُرَاسَانَ يُكَاتِبُونَهُم, وَيُرسِلُوْنَ إِلَيْهِم بِصَدَقَاتِهِم, فَاخرُجْ إِلَيْهِم بِكِسْوَةٍ وَأَلطَافٍ, حَتَّى تَأْتِيَهُم مُتَنَكِّراً, فَحسَّهُم لِي, فَاشْخَصْ حَتَّى تَلقَى عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ مُتَقَشِّفاً, فَإِنْ جَبَهَكَ وَهُوَ فَاعِلٌ فَاصْبِرْ وَعَاوِدْهُ حَتَّى يَأنَسَ بِكَ فَإِذَا ظَهَرَ لَكَ فَاعجَلْ عَلَيَّ فَذَهَبَ عُقْبَةُ فَلَقِيَ عَبْدَ اللهِ بِالكِتَابِ فَانْتَهَرَه وَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَؤُلاَءِ فَلَمْ يَزَلْ يَعُودُ إِلَيْهِ حَتَّى قَبِلَ الكِتَابَ وَالهَدِيَّةَ. فَسَأَلَه عُقْبَةُ الجَوَابَ فَقَالَ: لاَ أَكْتُبُ إِلَى أَحَدٍ فَأَنْتَ كِتَابِي إِلَيْهِم, وَأَخْبِرْهُم أَنَّ ابْنَيَّ خَارِجَانِ لِوقْتِ كَذَا. وَقَالَ: فَأَسرَعَ بِهَا عُقْبَةُ إِلَى المَنْصُوْرِ.
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنَا حَسَنٍ مَنْهُومَيْنِ بِالصَّيدِ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي أَرْبَعِيْنَ رَجُلاً مُتَخَفِّياً, فَأَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُثْمَانَ, فَقَالَ لَهُ: أَهْلَكْتَنِي, فَانزِلْ عِنْدِي, وَفَرِّقْ أَصْحَابَك. فَأَبَى. فَقَالَ: انْزِلْ فِي بَنِي رَاسِبٍ. فَفَعَلَ.
وَقِيْلَ: أَقَامَ مُحَمَّدٌ يَدْعُو النَّاسَ سِرّاً. وَقِيْلَ: نَزَلَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ سُفْيَانَ المُرِّيِّ أَيَّاماً, وَحَجَّ المَنْصُوْرُ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ, فَأَكرَمَ عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ, ثُمَّ قَالَ لِعُقْبَةَ: تَرَاءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! قَدْ عَلِمتَ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ العُهُودِ. قَالَ: أَنَا عَلَى ذَلِكَ. فَتَرَاءى لَهُ عُقْبَةُ, وَغَمَزَهُ, فَأَبْلَسَ عَبْدُ اللهِ, وَقَالَ: أَقِلْنِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَقَالَكَ اللهُ قَالَ: كَلاَّ وَسَجَنَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: أَرَى ابْنَيْكَ قَدِ اسْتَوْحَشَا مِنِّي وَإِنِّي لأُحِبُّ قُرْبَهُمَا قَالَ مَا لِي بِهِمَا عِلْمٌ وَقَدْ خَرَجَا، عَنْ يَدِي.
وَقِيْلَ: هَمَّ الأَخَوَانِ بِاغتِيَالِ المَنْصُوْرِ بِمَكَّةَ وَوَاطَأَهُمَا قَائِدٌ كَبِيْرٌ فَفَهِمَ المَنْصُوْرُ فَتَحَرَّزَ وَهَرَبَ القَائِدُ وَتَحَيَّلَ المَنْصُوْرُ مِنْ زِيَادٍ فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِيْنَةِ مُحَمَّدَ بنَ خَالِدٍ القَسْرِيَّ وَبَذَلَ لَهُ أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ إِعَانَةً فَعَجَزَ فَعَزَلَهُ بِرِيَاحِ بنِ عُثْمَانَ بنِ حَيَّانَ المُرِّيِّ وَعُذِّبَ القَسْرِيُّ فَأُخْبِرَ رِيَاحٌ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْد اللهِ فِي شِعْبِ رَضْوَى مِنْ أَرْضِ يَنْبُعَ فَنَدَبَ لَهُ عَمْرَو بنَ عُثْمَانَ الجُهَنِيَّ فَكَبَسَه لَيْلَةً فَفَرَّ مُحَمَّدٌ وَمَعَهُ وَلَدٌ فَوَقَعَ مِنْ جَبَلٍ مِنْ يَدِ أُمِّه فَتَقَطَّعَ وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُوْهُ:
مُنْخَرِقُ السِّربَالِ يَشْكُو الوَجَى ... تَنكُبُهُ أَطرَافُ مَرْوٍ حِدَادْ
شَرَّدَهُ الخَوْفُ وَأَزْرَى بِهِ ... كَذَاكَ مَنْ يَكْرَهُ حَرَّ الجِلاَدْ
قَدْ كَانَ فِي المَوْتِ لَهُ رَاحَةٌ ... وَالمَوْتُ حَتْمٌ فِي رِقَابِ العِبَادْ(6/334)
وَتَتَبَّعَ رِيَاحٌ بَنِي حَسَنٍ, وَاعْتَقَلَهُم فَأَخَذَ حَسَناً: وَإِبْرَاهِيْمَ ابْنَيْ حَسَنٍ -وَهُمَا عَمَّا مُحَمَّدٍ- وَحَسَنَ بنَ جَعْفَرِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ, وَسُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ, وَأَخَاهُ عَبْدَ اللهِ, وَمُحَمَّداً, وَإِسْمَاعِيْلَ, وَإِسْحَاقَ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيْمَ المَذْكُوْرِ, وَعَبَّاسَ بنَ حَسَنِ بنِ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ, وَأَخَاهُ عَلِيّاً العَابِدَ, وَقَيَّدَهُم, وَشَتَمَ ابْنَيْ حَسَنٍ عَلَى المِنْبَرِ فَسَبَّحَ النَّاسُ, وَعَظَّمُوا قَوْلَه. فَقَالَ رِيَاحٌ: أَلصَقَ اللهُ بِوُجُوهِكُمُ الهَوَانَ لأَكتُبَنَّ إِلَى خَلِيْفَتِكُم غِشَّكُم فَقَالُوا لاَ نَسْمَعُ مِنْكَ يَا ابْنَ المَجْلُوْدَةِ وَبَادَرُوْهُ يَرمُونَه بِالحَصبَاءِ فَنَزَلَ وَاقْتَحَمَ دَارَ مَرْوَانَ وَأَغلَقَ عَلَيْهِ فَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ وَرَجَمُوْهُ وَشَتَمُوْهُ, ثُمَّ إِنَّهُم كَفُّوا وَحَمَلُوا آل حسن في القيود إِلَى العِرَاقِ وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ يَبْكِي لَهُم وَأُخِذَ معهم أخوهم من أمهم محمد ابن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ, وَهُوَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ فَقِيْلَ: جُعِلُوا فِي المَحَامِلِ وَلاَ وِطَاءَ تَحْتَهُم وَقِيْلَ: أُخِذَ مَعَهُم أَرْبَعُ مائَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي المَوَالِي: وَسُجِنتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ, فَوَافَى المَنْصُوْرُ الرَّبَذَةَ رَاجِعاً مِنْ حَجِّه, فَطَلَبَ عَبْدَ اللهِ أَنْ يَحضُرَ إِلَيْهِ, فَأَبَى وَدَخَلتُ أَنَا وَعِنْدَه عَمُّه عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ فَسَلَّمتُ قَالَ: لاَ سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ أَيْنَ الفَاسِقَانِ ابْنَا الفَاسِقِ?!.
قُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُنِي الصِّدْقُ? قَالَ: وَمَا ذَاكَ? قُلْتُ: امْرَأَتِي طَالِقٌ, وَعَلَيَّ, وَعَلَيَّ إِنْ كُنْتُ أَعْرِفُ مَكَانَهمَا فَلَمْ يَقْبَلْ فَضَرَبَنِي أَرْبَعَ مائَةِ سَوْطٍ فَغَابَ عَقْلِي, وَرُدِدتُ إِلَى أَصْحَابِي. ثُمَّ طَلَبَ أَخَاهم الدِّيْبَاجَ, فَحَلَفَ لَهُ, فَلَمْ يَقْبَلْ, وَضَرَبَه مائَةَ سَوْطٍ, وَغَلَّه, فَأَتَى وَقَدْ لصقَ قَمِيْصُه عَلَى جسمه من الدماء.
فَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ فِي الحَبسِ عَبْدُ اللهِ أَبُوْهُمَا, ثُمَّ مَاتَ أَخُوْهُ حَسَنٌ, ثُمَّ الدِّيْبَاجُ, فَقَطَعَ رَأْسَه وَبَعَثَه مَعَ طَائِفَةٍ مِنَ الشِّيْعَةِ طَافُوا بِهِ خُرَاسَانَ يَحلِفُوْنَ أَنَّ هَذَا رَأْسُ محمد بن عبد الله بن فَاطِمَةَ, يُوْهِمُوْنَ أَنَّهُ ابْنُ حَسَنٍ الَّذِي كَانُوا يَجِدُوْنَ خُرُوْجَه فِي الكُتُبِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَسَنٍ: أَنْتَ الدِّيْبَاجُ الأَصْفَرُ? قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لأَقتُلَنَّكَ قِتْلَةً ما سمع بها ثم أمر باسطوانة فَنُقِرَتْ وَأُدخِلَ فِيْهَا ثُمَّ سُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ وَكَانَ مِنَ المِلاَحِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَتَلَ الدِّيْبَاجَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَيْضاً.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ, قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ فِي الحَبْسِ أَوقَاتَ الصَّلَوَاتِ إلَّا بِأَجزَاءٍ يَقْرَؤُهَا عَلِيُّ بنُ حَسَنٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَتَلَ عَبْدَ اللهِ بنَ حَسَنٍ أيضًا بالسم.(6/335)
وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ, قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ, وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ, وَعَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ جَعْفَرٍ دَخَلُوا عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَقَالُوا: مَا تَنتَظِرُ! وَاللهِ مَا نَجِدُ فِي هَذَا البَلَدِ أَشْأَمَ عَلَيْهَا مِنْكَ.
وأما رياح, فطلب جعفر الصَّادِقَ وَبَنِي عَمِّه إِلَى دَارِهِ, فَسَمِعَ التَّكَبِيْرَ فِي اللَّيْلِ, فَاختَفَى رِيَاحٌ. فَظَهَرَ مُحَمَّدٌ فِي مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ نَفْساً, فَأَخرَجَ أَهْلَ السِّجنِ -وَكَانَ عَلَى حِمَارٍ- فِي أَوَّلِ رَجَبٍ, سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ, فَحَبَسَ رِيَاحاً وَجَمَاعَةً, وَخَطَبَ, فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَمرِ هَذَا الطَّاغِيَةِ أَبِي جَعْفَرٍ مَا لَمْ يَخفَ عَلَيْكُم, مِنْ بِنَائِهِ القُبَّةَ الخَضْرَاءَ الَّتِي بَنَاهَا تَصْغِيْراً لِكَعْبَةِ الله, وإن أحق الناس بِالقِيَامِ لِلدِّيْنِ أَبْنَاءُ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ, اللَّهُمَّ قَدْ فَعلُوا وَفَعلُوا, فَأَحْصِهِم عَدَداً, وَاقْتُلْهُم بَدَداً, وَلاَ تُغَادِرْ مِنْهُم أَحَداً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: كَانَ المَنْصُوْرُ يَكْتُبُ عَلَى أَلسُنِ قُوَّادِه إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بِأَنَّهم مَعَهُ, فَاخرُجْ فَقَالَ: يَثِقُ بِالمُحَالِ. وَخَرَجَ مَعَهُ مِثْلُ ابْنِ عَجْلاَنَ, وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَلَمَّا قُتِلَ, أَتَى وَالِي المَدِيْنَةِ بِابْنِ عَجْلاَنَ, فَسَبَّه, وَأَمَرَ بِقَطعِ يَدِه. فَقَالَ العُلَمَاءُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ, إِنَّ هَذَا فَقِيْهُ المَدِيْنَةِ, وَعَابِدُهَا, وَشُبِّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُ المَهْدِيُّ فَتَرَكَه قَالَ وَلَزِمَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ضَيعَةً لَهُ وَخَرَجَ أَخَوَاهُ عَبْدُ اللهِ وَأَبُو بَكْرٍ فَعَفَا عَنْهُمَا المَنْصُوْرُ.
وَاختَفَى جَعْفَرٌ الصَّادِقُ, ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً عَلَى المَدِيْنَةِ وَلَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَه.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ كَانَ الثَّوْرِيُّ يَتَكَلَّمُ فِي عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ لِخُرُوْجِه وَيَقُوْلُ إِنْ مَرَّ بِكَ المَهْدِيُّ وَأَنْتَ فِي البَيْتِ فَلاَ تَخْرُجْ إِلَيْهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: بَعَثَ مُحَمَّدٌ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ شَاخَ لِيُبَايِعَه فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَنْتَ وَاللهِ مَقْتُوْلٌ كَيْفَ أُبَايِعُكَ فَارتَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ فَأَتَتْه بِنْتُ أَخِيْهِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَتْ: يَا عَمِّ إِنَّ إِخْوَتِي قَدْ أَسرَعُوا إِلَى ابْنِ خَالِهِم, فَلاَ تُثَبِّطْ عَنْهُ فَيُقْتَلَ هُوَ وَإِخْوَتِي فَأَبَى فيقال: قتلته فأراد محمد الصَّلاَةَ عَلَيْهِ. فَقَالَ ابْنُهُ: تَقتُلُ أَبِي وَتُصَلِّي عَلَيْهِ فَنَحَّاهُ الحَرَسُ وَتَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ وَكَانَ مُحَمَّدٌ أَسْوَدَ جَسِيْماً فِيْهِ تَمتَمَةٌ وَلَمَّا خَرَجَ قَامَتْ قِيَامَةُ المَنْصُوْرِ فَقَالَ: لآلِهِ اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الأَحْمَقِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ فَلَهُ رَأْيٌ جَيِّدٌ فِي الحَرْبِ فَلَمَّا دَخَلُوا قَالَ: لأَمرٍ مَا جِئْتُم فَمَا جَاءَ بِكُم جَمِيْعاً وَقَدْ هَجَرتُمُوْنِي مِنْ دَهْرٍ قَالُوا: اسْتَأْذَنَّا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَأَذِنَ لَنَا قَالَ: لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ مَا الخَبَرُ قَالُوا: خَرَجَ مُحَمَّدٌ قَالَ: فَمَا تَرَوْنَ ابْنَ سَلاَّمَةَ صَانِعاً يَعْنِي المَنْصُوْرَ قَالُوا: لاَ نَدْرِي قَالَ: إِنَّ البُخلَ قَدْ قَتَلَه فَلْيُخرِجِ الأَمْوَالَ وَيُكرِمِ الجُنْدَ, فَإِنْ غَلبَ فَمَا أَوشَكَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ مَالُه.(6/336)
وَجَهَّزَ المَنْصُوْرُ وَلِيَّ عَهْدِه عِيْسَى بنَ مُوْسَى لِحَربِ مُحَمَّدٍ, وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدٍ يَحُثُّه عَلَى التَّوبَةِ وَيَعِدُه وَيُمَنِّيْه فَأَجَابَه مِنَ المَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ {طَسم، تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الشعراء: 1، 2] وَأَنَا أَعرِضُ عَلَيْكَ مِنَ الأَمَانِ مِثْلَ مَا عَرَضتَ فَإِنَّ الحَقَّ حَقُّنَا ... إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَيُّ الأَمَانَاتِ تُعطِيْنِي, أَمَانُ ابْنِ هُبَيْرَةَ أَمْ أَمَانُ عَمِّكَ أَمْ أَمَانُ أَبِي مُسْلِمٍ؟.
فَأَرسَلَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ مُزعِجٍ, وَأَخَذَ جُنْدُ مُحَمَّدٍ مَكَّةَ, وَجَاءهُ مِنْهَا عَسْكَرٌ, وَسَارَ وَلِيُّ العَهْدِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ فَارِسٍ, وَنَفَذَ إِلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ يَتَأَلَّفُهُم فَتَفَلَّلَ خَلْقٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَبَادَرَ آخَرُوْنَ إِلَى خِدمَةِ عِيْسَى. فَأُشِيْرَ عَلَى مُحَمَّدٍ: أَنْ يَفِرَّ إِلَى مِصْرَ, فَلَنْ يَرُدَّكَ أَحَدٌ عَنْهَا. فَصَاحَ جُبَيْرٌ: أَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ نَخرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ, وَنَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "رَأَيْتُنِي فِي دِرْعٍ حَصِيْنَةٍ فَأَوَّلْتُهَا المَدِيْنَةَ".
ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَشَارَ أَنْ يُخَنْدِقَ عَلَى نَفْسِهِ فَاخْتَلَفَتِ الآرَاءُ ثُمَّ حَفَرَ خَنْدَقَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَفَرَ فِيْهِ بِيَدِهِ.
عَنْ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: اجْتَمَعَ مَعَ مُحَمَّدٍ جَمْعٌ لَمْ أَرَ أَكْثَرَ مِنْهُ, إِنِّي لأَحسِبُنَا كُنَّا مائَةَ أَلْفٍ فَخَطَبَ مُحَمَّدٌ, وَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ قَرُبَ, وَقَدْ حَلَّلتُكُم مِنْ بَيْعَتِي. قَالَ: فَتَسلَّلُوا حَتَّى بَقِيَ فِي شِرْذِمَةٍ, وَهَرَبَ النَّاسُ بِذَرَارِيهِم فِي الجِبَالِ, فَلَمْ يَتَعَرَّضْ عِيْسَى لأَذَاهُم, وَرَاسَلَ مُحَمَّداً يَدعُوْهُ إِلَى الطَّاعَةِ فَقَالَ: إِيَّاكَ أَنْ يَقتُلَكَ مَنْ يَدْعُوكَ إِلَى اللهِ فَتَكُوْنَ شَرَّ قَتِيْلٍ, أَوْ تَقْتُلَه فَيَكُوْنَ أَعْظَمَ لِوِزْرِكَ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ: إِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّا نُقَاتِلُكَ عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ جَدُّكَ طَلْحَةُ, وَالزُّبَيْرُ عَلَى نَكثِ البَيْعَةِ ثُمَّ أَحَاطَ عِيْسَى بِالمَدِيْنَةِ فِي أَثنَاءِ رَمَضَانَ, وَدَعَا مُحَمَّداً إِلَى الطَّاعَةِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ, ثُمَّ قَرُبَ مِنَ السُّورِ, فَنَادَى بِنَفْسِهِ يَا أَهْلَ المَدِيْنَةِ إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ الدِّمَاءِ فَهَلُمُّوا إِلَى الأَمَانِ, وَخَلُّوا بَيْننَا وَبَيْنَ هَذَا فَشَتَمُوْهُ فَانْصَرَفَ وَفَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الغَدِ, وَزَحَفَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ, وَظَهَرَ وَكَرَّرَ بَذْلَ الأَمَانِ لِمُحَمَّدٍ فَأَبَى وَتَرَجَّلَ فَقَالَ بَعْضُهُم: إِنِّي لأحسِبُه قَتَلَ بِيَدِهِ سَبْعِيْنَ يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ: كُنَّا مَعَ مُحَمَّدٍ فِي عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدرٍ ثُمَّ تَبَارَزَ جَمَاعَةٌ وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جُنْدِ المَنْصُوْرِ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ فَطَلَبَ المُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ قُبَاءٌ أَصْفَرُ فَقَتَلَ الجُنْدِيَّ ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ فَقَتَلَه فَاعْتَوَرَهُ أَصْحَابُ عِيْسَى حَتَّى أَثبَتُوهُ بِالسِّهَامِ وَدَامَ القِتَالُ مِنْ بَكْرَةٍ إِلَى العَصْرِ وَطَمَّ أَصْحَابُ عِيْسَى الخَنْدَقَ, فَجَازَتْ خَيْلُهم.(6/337)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ: تَحَنَّطَ مُحَمَّدٌ للموت, فقلت له: مالك بما ترى طاقة. فَالْحَقْ بِالحَسَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ نَائِبِكَ بِمَكَّةَ قَالَ: لَوْ رُحتُ لَقُتِلَ هَؤُلاَءِ فَلاَ أَرجِعُ وَأَنْتَ مِنِّي فِي سَعَةٍ.
وَقِيْلَ: نَاشَدَه غَيْرُ وَاحِدٍ اللهَ وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاللهِ لاَ تُبْتَلَوْنَ بِي مَرَّتَيْنِ. ثُمَّ قَتَلَ رِيَاحاً وَعَبَّاسَ بنَ عُثْمَانَ, فَمَقَتَه النَّاسُ ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ, وَعَرقَبَ فَرَسَه, وَعَرقَبَ بَنُو شُجَاعٍ دَوَابَّهُم وَكَسَرُوا أَجفَانَ سُيُوْفِهم, ثُمَّ حَمَلَ هُوَ, فَهَزَمَ القَوْمَ مَرَّتَيْنِ, ثُمَّ اسْتَدَارَ بَعْضُهم مِنْ وَرَائِهِ, وَشَدَّ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ عَلَى مُحَمَّدٍ, فَقَتَلَه, وَأَخَذَ رَأْسَه, وَكَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ سَيْفَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُوْ الفِقَارِ فَجَاءهُ سَهْمٌ فَوَجَدَ المَوْتَ فَكُسِرَ السَّيفُ وَلَمْ يَصِحَّ بَلْ قِيْلَ: أَعْطَاهُ رَجُلاً كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ مائَةِ دِيْنَارٍ, وَقَالَ: لَنْ تَلقَى طَالبِيّاً إلَّا وَأَخَذَه مِنْكَ, وَأَعْطَاكَ حَقَّكَ فَلَمَّا وَلِيَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ المَدِيْنَةَ, أَخَذَه مِنْهُ وَأَعْطَاهُ الدَّينَ.
وَكَانَ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَحجَارِ الزَّيْتِ, فِي رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ, سَنَةَ خَمْسٍ. قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلاَثاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: صَلَبَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَطِيْفَ بِالرَّأْسِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ذَهَبتْ طَائِفَةٌ مِنَ الجَارُوْدِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلاَ يَمُوْتُ حَتَّى يَملأَ الأَرْضَ عَدلاً وَخَلَّفَ مِنَ الأَوْلاَدِ: حَسَناً وَعَبْدَ اللهِ وَفَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ.(6/338)
937- إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ 1:
العَلَوِيُّ, الَّذِي خَرَجَ بِالبَصْرَةِ, زَمَنَ خُرُوْجِ أَخِيْهِ بِالمَدِيْنَةِ.
قَالَ مُطَهِّرُ بنُ الحَارِثِ: أَقْبَلْنَا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ مِنْ مَكَّةَ نُرِيْدُ البَصْرَةَ, وَنَحْنُ عَشْرَةٌ, فَنَزَلنَا عَلَى يَحْيَى بنِ زِيَادٍ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: اضْطَّرَنِي الطَّلَبُ بِالمَوْصِلِ, حَتَّى جَلَستُ عَلَى مَوَائِدِ أَبِي جَعْفَرٍ, وَكَانَ قَدْ قَدِمهَا يَطْلُبُنِي, فَتَحَيَّرتُ, وَلَفَظَتْنِي الأَرْضُ, وَضَاقَتْ عَلَيَّ, وَوَضَعَ عَلَيَّ الأَرصَادَ, وَدَعَا يَوْماً النَّاسَ إِلَى غَدَائِهِ, فَدَخَلتُ, وَأَكَلتُ.
وَجَرَتْ لِهَذَا أَلوَانٌ فِي اخْتِفَائِهِ, وَرُبَّمَا يَظفَرُ بِهِ بَعْضُ الأَعْوَانِ, فَيُطلِقُه لِمَا يَعْلَمُ مِنْ ظُلمِ عَدُوِّهُ.
ثُمَّ اخْتَفَى بِالبَصْرَةِ, وَهُوَ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ, فَاسْتَجَابَ لَهُ خَلقٌ, لِشدَّةِ بُغضِهم في أبي جعفر.
__________
1 ترجمته: في الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 31".(6/338)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ظَهَرَ مُحَمَّدٌ, وَغَلَبَ عَلَى الحَرَمَيْنِ, فَوَجَّهَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيْمَ إِلَى البَصْرَةِ, فَدَخَلهَا فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ فَغَلَبَ عَلَيْهَا, وَبَيَّضَ أَهْلُهَا وَرَمَوُا السَّوَادَ, فَخَرَجَ مَعَهُ عِدَّةُ عُلَمَاءٍ. وَقِيْلَ: لَمَّا قَارَبَ جَمْعُه أَرْبَعَةَ آلاَفٍ, شَهَرَ أَمرَهُ, وَنَزَلَ فِي دَارِ أَبِي مَرْوَانَ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ سُفْيَانَ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ وَهُوَ مَرْعُوْبٌ, فَأَخْبَرتُه بِكِتَابِ أَخِيْهِ, وَأَنَّهُ ظَهَرَ بِالمَدِيْنَةِ, وَيَأمُرُه بِالظُّهُوْرِ فَوَجَمَ لَهَا وَاغتَمَّ فَأَخَذتُ أُسَهِّلُ عَلَيْهِ وَأَقُوْلُ مَعَكَ مضَاءُ التَّغْلِبِيِّ وَالطُّهَوِيِّ وَالمُغِيْرَةِ وَأَنَا وَنَخرُجُ فِي اللَّيْلِ إِلَى السِّجنِ فَنَفتَحُهُ وَيُصبِحُ مَعَكَ خَلقٌ. فَطَابَتْ نَفْسُه.
وَبَلَغَ المَنْصُوْرَ, فَنَدَبَ جَيْشاً إِلَى البَصْرَةِ وَسَارَ بِنَفْسِهِ فَضَبَطَ الكوفة, خوفا من وثوب الشيعة.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الحَذَّاءُ: أَلزمَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّاسَ بِالسَّوَادِ, فَكُنْتُ أَرَى بَعْضَهم يَصبِغُ بِالمِدَادِ ثُمَّ أَخَذَ يَحبِسُ, أَوْ يَقتُلُ كُلَّ مَنْ يَتَّهِمُه. وَكَانَتِ البَيْعَةُ فِي السِّرِّ تُعمَلُ بِالكُوْفَةِ لإِبْرَاهِيْمَ. وَكَانَ بِالمَوْصِلِ أَلفَانِ لِمَكَانِ الخَوَارِجِ فَطَلَبَهمُ المَنْصُوْرُ, فَقَاتَلَهُم بَعْضُ مَنْ هَوِيَ إِبْرَاهِيْمَ فَقُتِلَ مِنْهُم خَمْسُ مائَةٍ وَصَارَ إِبْرَاهِيْمُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ إِلَى مَقْبرَةِ بَنِي يَشْكُرَ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ فَارِساً ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فِي الجَامِعِ فَتَحَصَّنَ مِنْهُ نَائِبُ البَصْرَةِ, وَكَانَ يَتَرَاكَكُ فِي أَمرِه حَتَّى تَمَكَّنَ إِبْرَاهِيْمُ ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ بِأَمَانٍ فَقَيَّدَه بِقَيدٍ خَفِيْفٍ وَعَفَا، عَنِ الأجناد فانتدب لحربه جعفر ابن سُلَيْمَانَ, وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ فِي سِتِّ مائَةِ فَارِسٍ فَأَبرَزَ إِبْرَاهِيْمُ لِحرْبِهِم مضَاءً فِي خَمْسِيْنَ مُقَاتِلاً فَهَزَمَهُم مضَاءٌ وَجُرِحَ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ وَوَجَدَ إِبْرَاهِيْمُ فِي بَيْتِ المَالِ سِتَّ مائَةِ أَلْفٍ فَفَرَّقهَا عَلَى عَسْكَرِهِ خَمْسِيْنَ خَمْسِيْنَ.
ثُمَّ جَهَّزَ المُغِيْرَةَ فِي خَمْسِيْنَ مُقَاتِلاً فَقَدِمَهَا وَقَدِ التَفَّ معه نحو مئتين فَهَزَمَ مُتَوَلِّي الأَهْوَازِ مُحَمَّدَ بنَ حُصَيْنٍ وَاسْتَولَى المُغِيْرَةُ عَلَى البَلَدِ.
وَهَمَّ إِبْرَاهِيْمُ بِالمَسِيْرِ إِلَى الكُوْفَةِ وَبَعَثَ جَمَاعَةً فَغَلَبُوا عَلَى إِقْلِيْمِ فَارِسَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى وَاسِطَ هَارُوْنَ العِجْلِيَّ.
فَجَهَّزَ المَنْصُوْرُ لِحَرْبِهِ خَمْسَةَ آلاَفٍ فَجَرَتْ بَيْنَهُم وَقعَاتٌ حَتَّى كَلَّ الفَرِيقَانِ وَبَقِيَ إِبْرَاهِيْمُ سَائِرَ رَمَضَانَ يُنفِذُ عُمَّالَه عَلَى البِلاَدِ وَحَارَبَ فَوَلَّى المَنْصُوْرُ وَتَحَيَّرَ وَحَدَّثَ نَفْسَه بِالهَرَبِ فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بِالمَدِيْنَةِ رَجَعَتْ إِلَى المَنْصُوْرِ رُوْحُه وَفَتَّ ذَلِكَ فِي عَضُدِ إِبْرَاهِيْمَ وَبُهِتَ وَصَلَّى بِالنَّاسِ العِيْدَ بِالمُصَلَّى وَيُعْرَفُ فِيْهِ الحُزْنُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ قَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مَا عِنْدِي نَحْوُ أَلْفَيْ فَارِسٍ, فَمَعَ ابني بالري(6/339)
ثَلاَثُوْنَ أَلفاً, وَمَعَ مُحَمَّدِ بنِ أَشْعَثَ بِالمَغْرِبِ أَرْبَعُوْنَ أَلفاً, وَمَعَ عِيْسَى بِالحِجَازِ سِتَّةُ آلاَفٍ, لَئِنْ نَجَوتُ لاَ يُفَارِقُنِي ثَلاَثُوْنَ أَلْفَ فَارِسٍ فَمَا لَبِثَ أَنْ أَتَاهُ عِيْسَى مُؤَيَّداً مَنْصُوْراً, فَوَجَّهَهُ لِحَربِ إِبْرَاهِيْمَ. وَأَقبَلَ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ البَاهِلِيُّ مِنَ الرَّيِّ, فَكَاتَبَ أَهْلَ البَصْرَةِ, فَلَحِقَتْ بِهِ بَاهِلَةُ, وَسَارَ خَازِمُ بنُ خُزَيْمَةَ إِلَى الأهواز, وبقي المنصور كالجمل الهائج, إِلَى أَنْ انْتَصَرَ وَقَتَلَ إِبْرَاهِيْمَ فَمَكَثَ شَهْرَيْنِ لاَ يَأوِي إِلَى فِرَاشٍ.
قَالَ حَجَّاجُ بنُ مُسْلِمٍ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ تِلْكَ الأَيَّامَ, وَقَدْ جَاءهُ فَتقُ البَصْرَةِ, وَفَتقُ فَارِسَ, وَوَاسِطَ, وَالمَدَائِنِ, وَهُوَ مُطرِقٌ يَتَمَثَّلُ:
وَنَصَبْتُ نَفْسِي لِلرِّمَاحِ دَرِيْئَةً ... إِنَّ الرَّئِيْسَ لِمِثْلِهَا لَفَعُولُ
هَذَا وَمائَةُ أَلْفِ سَيْفٍ كَامِنَةٌ حَوْلَه بِالكُوْفَةِ, يَنْتَظِرُوْنَ صَيْحَةً, فَوَجَدتُه صَقراً, أَحْوذِيّاً, مُشَمِّراً.
وَعَنْ وَالِدِ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ, قال: خرجنا مع إبراهيم, فعسكرنا ببا خمرا, فَطُفنَا لَيْلَةً, فَسَمِعَ إِبْرَاهِيْمُ أَصوَاتَ طَنَابِيْرَ وَغِنَاءً فَقَالَ: مَا أَطمَعُ فِي نَصْرِ عَسْكَرٍ فِيْهِ هَذَا.
وَعَنْ دَاوُدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ, قَالَ: أُحصِيَ دِيْوَانُ إِبْرَاهِيْمَ عَلَى مائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ وَقِيْلَ: بَلْ كَانُوا عَشْرَةَ آلاَفٍ- وَهَذَا أَصَحُّ.
وَكَانَ مَعَ عِيْسَى بنِ مُوْسَى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
وَأُشِيْرَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ أَنْ يَكبِسَ الكُوْفَةَ, وَلَوْ فَعَلَ, لَرَاحَتْ عَلَى المَنْصُوْرِ, فَقَالَ: بل أُبَيِّتُ عِيْسَى.
وَعَنْ هُرَيْمٍ, قَالَ قُلْتُ: لإِبْرَاهِيْمَ: لاَ تَظهَرْ عَلَى المَنْصُوْرِ حَتَّى تَأْتِيَ الكُوْفَةَ, فَإِنْ مَلَكْتَهَا, لَمْ تَقُمْ لَهُ قَائِمَةٌ, وَإِلاَّ فَدَعنِي أَسِيْرُ إِلَيْهَا, أَدْعُو لَكَ سِرّاً ثُمَّ أَجهَرُ فَلَوْ سَمِعَ المَنْصُوْرُ هَيْعَةً بِهَا, طَارَ إِلَى حُلْوَانَ فَقَالَ: لاَ نَأمَنُ أَنْ تُجِيْبَكَ مِنْهُم طَائِفَةٌ فَيُرسِلُ إِلَيْهِم أَبُو جَعْفَرٍ خَيْلاً فيطأ البري وَالنَّطِفَ وَالصَّغِيْرَ وَالكَبِيْرَ فَتَتَعَرَّضُ لإِثْمٍ فَقُلْتُ: خَرَجْتَ لِقِتَالِ مِثْلِ المَنْصُوْرِ وَتَتَوَقَّى ذَلِكَ?!.
لَمَّا نَزَلَ بَاخَمْرَا, كَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّكَ قَدْ أَصحَرْتَ, وَمِثْلُكَ أَنْفَسُ بِهِ عَلَى المَوْتِ, فَخَنْدِقْ عَلَى نَفْسِكَ, فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ, فَقَدْ أَعْرَى أَبُو جَعْفَرٍ عَسْكَرَهُ, فَخُفَّ فِي طَائِفَةٍ حَتَّى تَأْتِيَهُ, فَتَأْخُذَ بِقَفَاهُ. فَشَاورَ قُوَّادَه, فَقَالُوا نُخَنْدِقُ عَلَى نُفُوْسِنَا وَنَحْنُ ظَاهِرُوْنَ؟! وَقَالَ بَعْضُهُم: أَنَأْتِيْهِ وَهُوَ فِي أَيْدِيْنَا مَتَى شِئْنَا؟!.(6/340)
وَعَنْ بَعْضِهم, قَالَ: الْتَقَى الجَمعَانِ, فَقُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ: إِنَّ الصَّفَّ إِذَا انْهَزَمَ, تَدَاعَى, فَاجْعَلْنَا كَرَادِيسَ. فَتَنَادَى أَصْحَابُه: لاَ, لاَ, وَقُلْتُ: إِنَّهُم مُصَبِّحُوكَ فِي أَكمَلِ سِلاَحٍ وَكُرَاعٍ, وَمَعَكَ عُرَاةٌ, فَدَعنَا نُبَيِّتْهُمْ. فَقَالَ: إِنِّي أَكرَهُ القَتْلَ. فَقَالَ: تُرِيْدُ الخِلاَفَةَ, وَتَكرَهُ القَتْلَ؟ - وَبَاخَمْرَا عَلَى يَوْمَيْنِ مِنَ الكُوْفَةِ- فَالتَحَمَ الحَرْبُ, وَانْهَزَمَ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ, فَتَدَاعَى الجَيْشُ, فَنَاشَدَهُم عِيْسَى, فَمَا أَفَادَ, وَثَبَتَ هُوَ فِي مائَةِ فَارِسٍ. فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ تَنَحَّيتَ؟ قَالَ: لاَ أَزُولُ حَتَّى أُقتَلَ, أَوْ أُنْصَرَ, وَلاَ يُقَالَ: انْهَزَمَ.
وَكَانَ المَنْصُوْرُ يُصغِي إِلَى النُّجُوْمِ, وَلاَ يَتَأَثَّمُ مِنْ ذَلِكَ. فَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لِعِيْسَى: إِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ لاَقِيْهِ, وَإِنَّ لَكَ جَولَةً, ثُمَّ يَفِيءُ إِلَيْكَ أَصْحَابُه. قَالَ عِيْسَى: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا مَعِي إلَّا ثَلاَثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ غُلاَمِي: عَلاَمَ تَقِفُ؟! قلت: وَاللهِ لاَ يَرَانِي أَهْلُ بَيْتِي مُنْهَزِماً, فَإِنَّا لَكَذَلِكَ, إِذْ صَمَدَ ابْنَا سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ لإِبْرَاهِيْمَ, فَخَرَجَا مِنْ خَلْفِهِ, وَلَوْلاَهُمَا لافْتُضِحْنَا, وَكَانَ مِنْ صُنْعِ اللهِ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمَّا انْهَزَمُوا, عَرَضَ لَهُم نَهْرٌ, وَلَمْ يَجِدُوا مَخَاضَةً, فَرَجَعُوا, فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيْمَ, وَثَبَتَ هُوَ فِي خَمْسِ مائَةٍ. وَقِيْلَ: بَلْ فِي سَبْعِيْنَ. وَاشتَدَّ القِتَالُ, وَتَطَايَرَتِ الرُّؤُوْسُ, وَحَمِيَ الحَرْبُ, إِلَى أَنْ جَاءَ سَهْمٌ غَرْبٌ, لاَ يُعْرَفُ رَامِيهِ فِي حَلقِ إِبْرَاهِيْمَ, فَتَنَحَّى, وَأَنْزَلُوْهُ, وَهُوَ يَقُوْلُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأَحْزَابُ: 38] , أَرَدْنَا أَمراً وَأَرَادَ اللهُ غَيْرَه, فَحَمَاهُ أَصْحَابُه, فَأَنْكَرَ حُمَيْدُ بنُ قَحْطَبَةَ اجْتِمَاعَهُم وَحَمَلَ عَلَيْهِم فَانْفَرَجُوا، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ فَنَزَلَ طَائِفَةٌ فَاحْتَزُّوا رَأْسَه رَحِمَهُ اللهُ وَأُتِيَ بِالرَّأْسِ إِلَى عِيْسَى فَسَجَدَ وَنَفَّذَه إِلَى المَنْصُوْرِ لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَعَاشَ ثَمَانِياً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَقِيْلَ: كَانَ عَلَيْهِ زَرَدِيَّةٌ فَحَسَرَ مِنَ الحَرِّ، عَنْ صَدْرِه فَأُصِيْبَ وَكَانَ قَدْ وَصَلَ خَلقٌ مِنَ المُنهَزِمِيْنَ إِلَى الكُوْفَةِ وَتَهَيَّأَ المَنْصُوْرُ وَأَعَدَّ السُّبَّقَ لِلْهَرَبِ إِلَى الرَّيِّ فَقَالَ لَهُ: نُوْبَخْتُ المُنَجِّمُ الظَّفَرُ لَكَ فَمَا قَبِلَ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ الفَجْرُ أتاه الرأس فتمثل بقول معقر الباقري:
فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالإِيَابِ المُسَافِرُ
قَالَ خَلِيْفَةُ: صَلَّى إِبْرَاهِيْمُ العِيْدَ بِالنَّاسِ أَرْبَعاً, وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, وَهُشَيْمٌ, وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, وَيَزِيْد بنُ هَارُوْنَ, وَلَمْ يَخْرُجْ شُعْبَةُ, وَكَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ يَأمُرُ بِالخُرُوْجِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ يَقُوْلُ: مَا بِالبَصْرَةِ إلَّا مَنْ تَغَيَّرَ أَيَّامَ إِبْرَاهِيْمَ إلَّا ابن عون.
وَحَدَّثَنِي مَيْسُوْرُ بنُ بَكْرٍ, سَمِعَ عَبْدَ الوَارِثِ يَقُوْلُ: فَأَتَيْنَا شُعْبَةَ, فَقُلْنَا: كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ:(6/341)
أَرَى أَنْ تَخْرُجُوا, وَتُعِيْنُوْهُ. فَأَتَيْنَا هِشَاماً الدَّسْتُوَائِيَّ, فَلَمْ يُجِبْنَا, فَأَتَيْنَا سَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ, فَقَالَ: مَا أَرَى بَأْساً أَنْ يَدْخُلَ رَجُلٌ مَنْزِلَه, فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ, قَاتَلَهُ.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَزِيْدَ, سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: بَاخَمْرَا بَدْرٌ الصُّغْرَى.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيْمُ, هَرَبَ أَهْلُ البَصْرَةِ بَرّاً وَبَحراً, وَاسْتَخْفَى النَّاسُ, وَقُتِلَ مَعَهُ الأَمِيْرُ بَشِيْرٌ الرَّحَّالُ, وَجَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ.
قُلْتُ: وَعَرَفَتِ الخَزْرُ باخْتِلاَفِ الأُمَّةِ, فَخَرَجُوا مِنْ بَابِ الأَبْوَابِ, وَقَتَلُوا خَلقاً بِأَرْمِيْنِيَةَ, وَسَبَوْا الذُّرِّيَّةَ فَلِلَّهِ الأَمْرُ, وَتَشَتَّتَ الحُسَيْنِيُّوْنَ, وَهَرَبَ إِدْرِيْسُ مِنْهُم إِلَى أَقْصَى بِلاَد المَغْرِبِ, ثُمَّ خَرَجَ ابْنُهُ هُنَاكَ, ثُمَّ سُمَّ.
وَبَقِيَ طَائِفَةٌ مِنَ الإِدْرِيْسِيَّةِ, فَتَمَلَّكُوا بَعْدَ سَنَةِ أَرْبَعِ مائَةٍ سَنَوَاتٍ, وَلَقِيْتُ مِنْ أَوْلاَدِهِمْ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيَّ الأَدِيْبَ, فَرَوَى لَنَا عَنِ ابن باق.(6/342)
938- الديباج 1: "ق"
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عمرو ابْنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ, المَدَنِيُّ المُلَقَّبُ: بِالدِّيْبَاجِ, لِحُسنِهِ. كَانَ جَوَاداً, سَخِيّاً, ذَا مُرُوْءةٍ, وَسُؤْددٍ, وَحِشْمَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ, وَنَافِعٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وطائفة.
وَعَنْهُ: أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ, وَالدَّرَاوَرْدِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ مَعْنٍ, وَيَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ لَيَّنَهُ البُخَارِيُّ.
وَهُوَ عَمُّ الأَخَوَينِ ابْنَيْ حَسَنٍ لِلأُمِّ, فَأَخَذَهُ المَنْصُوْرُ لِذَلِكَ, وَضَرَبَه, وَقَيَّدَه, فَمَاتَ فِي سِجنِه بِالهَاشِمِيَّةِ, سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: سَقَاهُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. قَالَ مَعْنٌ القَزَّازُ: زَعَمُوا أَنَّ المَنْصُوْرَ قَتَلَه وَقْتَ خُرُوْجِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 417"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1635"، تاريخ الخطيب "5/ 385"، الأنساب للسمعاني "5/ 390"، الكاشف "3/ ترجمة 5043"، تاريخ الإسلام "6/ 121"، ميزان الاعتدال "3/ 593"، تهذيب التهذيب "9/ 268"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6385".(6/342)
عمران بن مسلم، خالد بن صفوان:
939- عمران بن مسلم 1: "خَ, م, د, ت, س"
القَصِيْرُ, الرَّبَّانِيُّ, العَابِدُ, أَبُو بَكْرٍ البَصْرِيُّ, الصُّوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَعَطَاءٍ, وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَالحَسَنِ, وَنَافِعٍ.
وَقِيْلَ: رَوَى عَنْ أَنَسٍ. وَعِدَادُه فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَعُثْمَانُ بنُ زَائِدَةَ, وَعِدَّةٌ, خَاتِمَتُهُم: عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ الغُدَانِيُّ إلَّا أَنَّهُ -فِيْمَا قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ- كَانَ يَرَى القَدَرَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَغَيْرُهُ. وذَكَرَهُ: ابْنُ عَدِيٍّ فِي "كَامِلِهِ" وَاسْتَنكَرَ لَهُ أَحَادِيْثَ, وَسَاقَهَا وَعِنْدِي أَنَّهَا قَوِيَّةٌ.
وَيُرْوَى عَنْهُ: أَنَّهُ عَاهَدَ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ لاَ يَنَامَ إلَّا عَنْ غَلَبَةٍ. وَبَعْضُهُم سَمَّى أَبَاهُ: مَيْسرَةَ.
940- خالد بن صفوان 1:
ابن الأهتم. العَلاَّمَةُ, البَلِيْغُ, فَصِيْحُ زَمَانِه, أَبُو صَفْوَانَ المِنْقَرِيُّ, الأَهْتَمِيُّ, البَصْرِيُّ. وَقَدْ وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَلَمْ أَظفَرْ لَهُ بِوَفَاةٍ, إلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي أَيَّامِ التَّابِعِيْنَ.
رَوَى عَنْهُ: شَبِيْبُ بنُ شَيْبَةَ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, وَغَيْرُهُمَا.
وَهُوَ القَائِلُ: ثَلاَثَةٌ يُعْرَفُوْنَ عِنْدَ ثَلاَثَةٍ: الحَلِيْمُ عِنْدَ الغَضَبِ, وَالشُّجَاعُ عِنْدَ اللِّقَاءِ, وَالصَّدِيقُ عِنْدَ النَّائِبَةِ.
وَقَالَ: أَحْسَنُ الكَلاَمِ مَا لَمْ يَكُنْ بِالبَدَوِيِّ المُغْرِبِ, وَلاَ بِالقُرَوِيِّ المُخَدَّجِ, وَلَكِنْ مَا شَرُفَتْ مَنَابِتُهُ, وَطَرُفَتْ مَعَانِيْهِ, وَلَذَّ عَلَى الأَفْوَاهِ, وَحَسُنَ فِي الأَسْمَاعِ, وَازدَادَ حُسْناً عَلَى مَمَرِّ السِّنِيْنَ, تُحَنْحِنُهُ الدَّوَاةُ, وَتَقْتَنِيْهُ السَّرَاةُ. قُلْتُ: وَكَانَ مشهورا بالبخل -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2840"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 126" و"3/ 76"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1690"، المجروحين لابن حبان "2/ 123"، الكاشف "2/ ترجمة 4324"، تاريخ الإسلام "6/ 259"، ميزان الاعتدال "3/ 243"، تهذيب التهذيب "8/ 137"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5441".
2 ترجمته في البيان والتبيين للجاحظ "1/ 32-47" و"2/ 93-117".(6/343)
941- الأعمش 1: "ع"
سليمان بن مهران, الإِمَامُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, شَيْخُ المُقْرِئِيْنَ وَالمُحَدِّثِيْنَ, أَبُو مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ, الكَاهِلِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ, الحَافِظُ. أَصْلُه: مَنْ نَوَاحِي الرَّيِّ. فَقِيْلَ: وُلدَ بِقَرْيَةِ أُمِّهِ مِنْ أَعْمَالِ طَبَرِسْتَانَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ, وَقَدِمُوا بِهِ إِلَى الكُوْفَةِ طِفْلاً. وَقِيْلَ: حِمْلاً.
قَدْ رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ, وَحَكَى عَنْهُ. وَرَوَى: عَنْهُ, وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى عَلَى مَعْنَى التَّدلِيسِ, فَإِنَّ الرَّجُلَ مَعَ إِمَامَتِه كَانَ مُدَلِّساً, وَرَوَى، عَنْ أَبِي وَائِلٍ, وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, وَمُجَاهِدٍ, وَأَبِي ظَبْيَانَ, وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وزر ابن حُبَيْشٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَكُمَيْلِ بنِ زِيَادٍ, وَالمَعْرُوْرِ بنِ سُوَيْدٍ, وَالوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَتَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ الهمدانيو وَعُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ, وَقَيْسِ بنِ أَبِي حازم, ومحمد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ النَّخَعِيِّ, وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ, وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ سَلْمَانَ, وَأَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَجَاءٍ, وَثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ, وَأَبِي بِشْرٍ, وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ, وَالحَكَمِ, وَذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَزِيَادِ بنِ الحُصَيْنِ, وَسَعِيْدِ بنِ عُبَيْدَةَ, وَالشَّعْبِيِّ, وَالمِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو, وَأَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ, وَأَبِي السَّفْرِ الهَمْدَانِيِّ, وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ, وَيَحْيَى بنِ, وَثَّابٍ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ, وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ, وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ, وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ, وَعَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ, وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ, وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ, وَسُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ, وَأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ, وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ -وَهُمْ كُلُّهُم مِنْ أَقْرَانِهِ- وَأَبُو حَنِيْفَةَ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ, وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَشُعْبَةُ, وَمَعْمَرٌ, وَسُفْيَانُ, وَشَيْبَانُ, وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَزَائِدَةُ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ, وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ, وَوَكِيْعٌ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَأَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ, وَإِسْحَاقُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ, وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ, وَعَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ, وَيَحْيَى بنُ سعيد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 342"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1886"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 630"، حلية الأولياء "5/ ترجمة 288"، تاريخ بغداد "9/ 3"، الأنساب للسمعاني "1/ 314" و"10/ 336"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 271"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 149"، تاريخ الإسلام للذهبي "6/ 75"، الكاشف "1/ ترجمة 2153"، ميزان الاعتدال "2/ ترجمة 3517"، تهذيب التهذيب "4/ 222"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2748" شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 220".(6/344)
الأموي, ويحيى بن سعيد القطان, ويونس ابن بُكَيْرٍ, وَيَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ, وَالخُرَيْبِيُّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى, وَأَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. آخِرُهُم وَفَاةً: يَحْيَى بنُ هَاشِمٍ السِّمْسَارُ, أَحَدُ التَّلْفَى. وَقَدْ قرأ القران على: يحيى بن وثاب, مقرىء العِرَاقِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ تَلاَ عَلَى أَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ, وَذَلِكَ مُمْكِنٌ. قَرَأَ عَلَيْهِ: حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ, وَزَائِدَةُ بنُ قُدَامَةَ. وَقَرَأَ الكَسَائِيُّ عَلَى زَائِدَةَ بِحُرُوْفِ الأَعْمَشِ. قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَلْفٍ وَثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ. قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ الأَعْمَشُ أَقْرَأَهُم لِكِتَابِ اللهِ, وَأَحْفَظَهُم لِلْحَدِيْثِ, وَأَعْلَمَهُم بِالفَرَائِضِ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: هُوَ عَلاَّمَةُ الإِسْلاَمِ. قَالَ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاحِ: كَانَ الأَعْمَشُ قَرِيْباً مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيْرَةُ الأُوْلَى.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ الخُرَيْبِيُّ: مَا خَلَّفَ الأَعْمَشُ أَعَبْدَ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ الأَعْمَشَ لَبِسَ فَرْواً مَقْلُوْباً, وَبتّاً تَسِيْلُ خُيُوطُه عَلَى رِجْلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتُم لَوْلاَ أَنِّي تَعَلَّمْتُ العِلْمَ, مَنْ كَانَ يَأْتِيْنِي لَوْ كُنْتُ بَقَّالاً؟ كَانَ يَقْدِرُ النَّاسُ أَنْ يَشتَرُوا مِنِّي.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَانُوا يَقْرَؤُوْنَ عَلَى يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ فَلَمَّا مَاتَ, أَحْدَقُوا بِي.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قَالَ الأَعْمَشُ: مَا أَطَفتُم بِأَحَدٍ إلَّا حَمَلْتُمُوْهُ عَلَى الكَذِبِ.
الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: اسْتَعَانَ بِي مَالِكُ بنُ الحَارِثِ فِي حَاجَةٍ, فَجِئْتُ فِي قَبَاءٍ مُخَرَّقٍ, فَقَالَ لِي: لَوْ لَبِسْتَ ثَوْباً غَيْرَه؟ فَقُلْتُ: امْشِ, فَإِنَّمَا حَاجَتُكَ بِيَدِ اللهِ. قَالَ فَجَعَلَ يَقُوْلُ فِي المَسْجِدِ: مَا صِرتُ مَعَ سُلَيْمَانَ إلَّا غُلاَماً.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: سُئِلَ الأَعْمَشُ، عَنْ حَدِيْثٍ, فَامْتَنَعَ, فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى اسْتَخْرَجُوْه مِنْهُ, فَلَمَّا حَدَّثَ بِهِ, ضَرَبَ مَثَلاً, فَقَالَ: جَاءَ قَفَّافٌ1 بِدَرَاهِمَ إِلَى صَيْرَفِيٍّ يُرِيهِ إِيَّاهَا, فَلَمَّا ذَهَبَ يَزِنُهَا, وَجَدَهَا تَنْقُصُ سَبْعِيْنَ, فَقَالَ:
عَجِبْتُ عَجِيْبَةً مِنْ ذِئْبِ سُوْءٍ ... أَصَابَ فَرِيْسَةً مِنْ لَيْثِ غَابِ
فَقَفَّ بِكَفِّهِ سَبْعِيْنَ مِنْهَا ... تَنَقَّاهَا منَ السُّوْدِ الصِّلاَبِ2
فَإِنْ أُخْدَعْ فَقَدْ يُخْدَعْ وَيُؤْخَذْ ... عَتِيْقُ الطَّيْرِ من جو السحاب
__________
1 القفاف: هو الذي يسرق الدراهم بين أصابعه عند نقدها وأهل العراق يقولون للسوقى الذي يسرق بكفيه إذا انتقد الدراهم: قفاف.
2 رواه ابن منظور: في "لسان العرب" مادة قفف "من السود المروقة الصلاب".(6/345)
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ, قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ الأَعْمَشَ, وَعَلَيْهِ فَرْوٌ غَلِيْظٌ وَخُفَّانِ -أَظُنُّه قَالَ: غَلِيْظَانِ -كَأَنَّهُ إِنْسَانٌ سَائِلٌ فَقَالَ يَوْماً: لَوْلاَ القُرْآنُ, وَهَذَا العِلْمُ عِنْدِي, لَكُنْتُ مِنْ بَقَّالِي الكُوْفَةِ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ حَبَابَةَ, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ, حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُجَاهِدٍ فَلَمَّا خَرَجتُ مِنْ عِنْدِه تَبِعَنِي بَعْضُ أَصْحَابِه فَقَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِداً يَقُوْلُ: لَوْ كَانَتْ بِي قُوَّةٌ لاَخْتَلَفْتُ إِلَى هَذَا يَعْنِي الأَعْمَشَ.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ, حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: انْظُرُوا, لاَ تَنثُرُوا هذه الدنانير على الكنائس.
وَسَمِعْتُه يَقُوْلُ: لاَ تَنثُرُوا اللُّؤْلُؤَ تَحْتَ أَظلاَفِ الخنَازِيْرِ.
وَبِهِ حَدَّثَنِي زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الحِمْيَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ حُسَيْنٍ قَالَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ إِلَى بَعْضِ السَّوَادِ, فَأَتَاهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوْهُ، عَنِ الحَدِيْثِ قَالَ: فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ لَوْ حَدَّثْتَ هَؤُلاَءِ المَسَاكِيْنَ فَقَالَ: مَنْ يُعَلِّقُ الدُّرَّ عَلَى الخَنَازِيْرِ?!.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى إِيَاسِ بنِ مُعَاوِيَةَ بِوَاسِطَ, فَذَكَرَ حَدِيْثاً, فَقُلْتُ: مَنْ ذَكَرَ هَذَا؟ فَضَرَبَ لِي مَثَلَ رَجُلٍ مِنَ الخَوَارِجِ, فَقُلْتُ: أَتَضرِبُ لِي هَذَا المَثَلَ, تُرِيْدُ أَنْ أَكنسَ الطَّرِيْقَ بِثَوْبِي, فَلاَ أَمُرُّ بِبَعرَةٍ, وَلاَ خُنْفُسٍ إلَّا حَمَلْتُهَا?!.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ أَبِي رِبْعِيٍّ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: العَمَالِقَةُ حَرُوْرِيَّةُ بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
حَدَّثَنِي زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ: دَخَلَ عَلَيَّ إِبْرَاهِيْمُ يَعُوْدُنِي, وَكَانَ يُمَازِحُنِي, فَقَالَ: أَمَّا أَنْتَ, فَتعرفُ فِي مَنْزِلَةٍ, أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيْمٌ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَيْرٍ, سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الأَحْمَرَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَتَبتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَلفَ حَدِيْثٍ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ, قَالَ لِيَ الأَعْمَشُ: أَمَا تَعجَبُ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ, قَالَ: جَاءنِي رَجُلٌ, فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَمرَضْ, وَأَنَا أَشتَهِي أَنْ أَمرَضَ؟ قَالَ فَقُلْتُ: احْمَدِ اللهَ عَلَى العَافِيَةِ. قَالَ: أَنَا أَشتَهِي أَنْ أَمرَضَ. قَالَ: كُلْ سَمَكاً مَالِحاً, وَاشرَبْ نَبِيذاً مَرِيْساً,(6/346)
وَاقْعُدْ فِي الشَّمْسِ, وَاسْتَمرِضِ اللهَ. فَجَعَلَ الأَعْمَشُ يَضْحَكُ, وَيَقُوْلُ: كَأَنَّمَا قَالَ لَهُ: وَاسْتَشفِ اللهَ -عز وجل.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ -يَعْنِي: لَمْ يُصَلِّ- تَوَرَّكَه الشَّيْطَانُ, فَبَالَ فِي أُذُنِه. وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ قَدْ سَلَحَ فِي حَلْقِيَ اللَّيْلَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَسعُلُ.
حَدَّثَنِي صَالِحٌ, حَدَّثَنِي عَلِيٌّ, سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ عَلَى الأَعْمَشِ, فَكَلَّمُوْهُ فِيْهِ وَنَحْنُ قُعُوْدٌ, ثُمَّ خَرَجَ الأَعْمَشُ, وَتَرَكَه فِي البَيْتِ. فَلَمَّا ذَهَبَ, قَالَ الأَعْمَشُ: قُلْتُ لَهُ: شَقِيْقٌ. فَقَالَ: قُلْ: أَبُو وَائِلٍ. قَالَ: وَقَالَ: زَوِّدْنِي مِنْ حَدِيْثِكَ حَتَّى آتِيَ بِهِ المَدِيْنَةَ. قَالَ: قُلْتُ: صَارَ حَدِيْثِي طَعَاماً. وَكُنْتُ آتِي شَقِيْقَ بنَ سَلَمَةَ, وَبَنُوْ عَمِّه يَلْعَبُوْنَ بِالنَّردِ وَالشَّطرَنْجِ, فَيَقُوْلُ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ, وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ, وَهُم لاَ يَدرُوْنَ فِيْمَ نَحْنُ؟.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الكُوْفِيُّ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, قَالَ: كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا حَدَّثَ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ, قَالَ: قَدْ جَاءكُم السَّيلُ. يَقُوْلُ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا مِثْلُ الأَعْمَشِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الأَعْمَشُ, قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: مَنْ تَأْتِي اليَوْمَ? قُلْتُ: أَبَا وَائِلٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ يُعَدُّ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ. فَقَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَنَا؟ فَاعْتَذَرْتُ إِلَيْهِ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا هُوَ بِأَبغَضَ إِلَيَّ أَنْ تَأْتِيَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: كَمْ أَكْثَرُ مَنْ كُنْتَ تَرَى عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ? قَالَ: ثَلاَثَةٌ, أَرْبَعَةٌ, اثْنَيْنِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: خَرَجَ مَالِكٌ إِلَى مُتَنَزَّهٍ لَهُ, فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ, فَرَفَعَ رَأْسَه, فَقَالَ: لَئِنْ لَمْ تَكُفَّ, لأُوْذِيَنَّكَ. قَالَ فَأَمْسَكَ المَطَرَ. فَقِيْلَ: لَهُ أَيَّ شَيْءٍ أَرَدْتَ أَنْ تَصْنَعَ قَالَ: أَنْ لاَ أَدَعَ مَنْ يُوَحِّدُهُ إلَّا قَتَلْتهُ فعلمت أن الله يحفظ عبده المؤمن.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ لِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ: أَتَتْنِي أُمُّ الأَعْمَشِ بِهِ فَأَسلَمَتْه إِلَيَّ وَهُوَ غُلاَمٌ فَذَكَرتُ ذَلِكَ لِلأَعْمَشِ فَقَالَ وَيلَ أُمِّه مَا أَكْبَرَهُ.
ابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ": سَمِعْتُ الدَّقِيْقِيَّ, سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ سُلَيْمَانَ, سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: تَزَوَّجَ جِنِّيٌّ إِلَيْنَا, فَقُلْنَا: إِيشْ تَشتَهُوْنَ مِنَ الطَّعَامِ؟ قَالَ الأَرزُ. فَأَتَيْنَا بِالأَرزِ, فَجَعَلتُ أَرَى اللُّقَمَ تُرفَعُ, وَلاَ أَرَى أَحَداً. قُلْتُ: فِيْكُم هَذِهِ الأَهْوَاءُ? قَالَ: نَعَمْ.(6/347)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ, ذَكَرَ الأَعْمَشُ -يَعْنِي حَدِيْثَ: "ذَاكَ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ" -فَقَالَ: مَا أَرَى عَيْنِي عَمشَتْ إلَّا مِنْ كَثْرَةِ مَا يَبُولُ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيَّ, وَمَا أَظُنَّه فَعَلَ هَذَا قَطُّ.
قُلْتُ: يُرِيْدُ أَنَّ الأَعْمَشَ كَانَ صَاحِبَ لَيْلٍ وَتَعَبُّدٍ.
حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ, سَمِعْتُ هُشَيماً يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِالكُوْفَةِ أَحَداً أَقرَأَ لِكِتَابِ اللهِ وَلاَ أَجْوَدَ حَدِيْثاً مِنَ الأَعْمَشِ, وَلاَ أَفهَمَ وَلاَ أَسرَعَ إِجَابَةً لِمَا يُسْأَلُ عَنْهُ مِنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ, سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَرْعَرَةَ, سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ إِذَا ذَكَرَ الأَعْمَشَ, قَالَ: كَانَ مِنَ النُّسَّاكِ, وَكَانَ مُحَافِظاً عَلَى الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ, وَعَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ, وَهُوَ عَلاَّمَةُ الإِسْلاَمِ. وَكَانَ يَحْيَى يَلتَمِسُ الحَائِطَ حَتَّى يَقُوْمَ فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَهْلٍ, أَخْبَرَنَا عَفَّانُ, أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ, قَالَ: جَاءَ رَقَبَةُ إِلَى الأَعْمَشِ, فَسَأَلَهُ، عَنْ شَيْءٍ, فَكَلَحَ فِي وَجْهِه. فَقَالَ لَهُ رَقَبَةُ: أَمَا وَاللهِ مَا عَلِمتُكَ لَدَائِمُ القُطُوبِ, سَرِيْعُ المِلاَلِ, مُسْتَخِفٌّ بِحَقِّ الزُّوَّارِ, لَكَأَنَّمَا تُسعطُ الخردل إذا سئلت الحكمة.
وَبِهِ قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: كَانَتْ لِلأَعْمَشِ عِنْدِي بِضَاعَةٌ, فَكُنْتُ آتِيْهِ, فَأَقُوْلُ: قَدْ رَبِحتَ كَذَا, وَرَبِحتَ كَذَا وَمَا حَرَّكْتُهَا.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ, أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ سَمِعْتُ القَاسِمَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مِنَ الأَعْمَشِ. ثُمَّ قَالَ نُعَيْمٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَحلِفُ أَنْ لاَ يُحَدِّثَنِي, وَيَقُوْلُ: لاَ أُحَدِّثُ قَوْماً وَهَذَا التُّركِيُّ فِيْهِم. وَسَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ: كُنَّا نُرَقِّعُهَا عِنْدَ الأَعْمَشِ, وَلَمْ يَكُنْ فِيْنَا أَحْفَظَ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. وَسَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ إلَّا ستْرٌ.
حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ, قَالَ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ لأَبِي مُعَاوِيَةَ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ رَبَطتَ رَأْسَ كَبشِكَ قُلْتُ: يَعْنِي وَعَى عَنْهُ عِلْماً جَمّاً.
حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ أَخْبَرَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ كُنْتُ إِذَا خَلَوتُ بِأَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا بِحَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ غَضّاً لَيْسَ عَلَيْهِ غُبَارٌ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ قَالَ: سَأَلْتُ الأَعْمَشَ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ: لاَ أُجِيْبُكَ إِلَى الأَضْحَى. فَقُلْتُ: لاَ آتِيْكَ إِلَى الأَضْحَى.
فَمَكَثتُ حَتَّى حَانَ وَقْتِي وَوَقْتُه, ثُمَّ أَتَيْتُ المَسْجِدَ, فَلَمْ أُكَلِّمْه, وَجَلَستُ نَاحِيَةً وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ, وَابْنُه يَكْتُبُ فِي الأَرْضِ سَلُوْهُ عَنْ(6/348)
كَذَا سَلُوْهُ عَنْ كَذَا. فَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ, لَمْ يُسَلِّمْ, فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْزُقَ, خَرَجَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! مَا هَذَا الَّذِي حَدَثَ فِي مَجْلِسِكَ؟! فَقَالَ: ابْنُ إِدْرِيْسَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَسَلَّمَ عَلَيَّ سَلاَماً لَمْ يَكُنْ لِيُسَلِّمَه عَلَيَّ قَبْلَ ذَلِكَ, وَسَاءلَنِي مُسَاءلَةً لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُنِي عَنْهَا, وَكَانَ يُعجِبُه أَنْ يَكُوْنَ لِلْعَربِيِّ مَرَارَةٌ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ: كُنَّا عِنْدَ الأَعْمَشِ, فَسَأَلُوْهُ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ لابْنِ المُخْتَارِ: تَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ? فَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ, وَقَالَ: مَا أَرَى أَحَداً يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, فَحَدِّثْ بِهِ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: مَا ظَنُّكُم بِرَجُلٍ أَعْوَرَ, عَلَيْهِ قَبَاءٌ وَمَلحَفَةٌ مُوَرَّدَةٌ, جَالِساً مَعَ الشُّرَطِ -يَعْنِي: إِبْرَاهِيْمَ.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الجُعْفِيُّ، عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ قَالَ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ أَيَّامَ زَيْدٍ: لَوْ خَرَجتَ؟ قَالَ: وَيلَكُم! وَاللهِ مَا أَعْرِفُ أَحَداً أَجعَلُ عِرضِي دُوْنَه, فَكَيْفَ أَجعَلُ دِيْنِي دُوْنَه.
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كُنْتُ آتِي مُجَاهِداً, فَيَقُوْلُ: لَوْ كُنْت أُطِيْقُ المَشْيَ لَجِئْتُكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ, أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ, أَخْبَرَنَا مُغِيْرَةُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيْمُ اخْتَلَفْتُ إِلَى الأَعْمَشِ فِي الفَرَائِضِ.
حدثني ابن زنجوبة, أَخْبَرَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ, أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: إِنِّي لأَسَمَعُ الحَدِيْثَ فَأَنظُرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فَآخُذُه وَأَدَعُ سَائِرَه.
قَالَ وَكِيْعٌ: جَاؤُوا إِلَى الأَعْمَشِ يَوْماً. فَخَرَجَ وَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ فِي مَنْزِلِي مَنْ هُوَ أَبغَضُ إِلَيَّ مِنْكُم مَا خَرَجتُ إِلَيْكُم قِيْلَ: إِنَّ أَبَا دَاوُدَ الحَائِكَ سَأَلَ الأَعْمَشَ: مَا تَقُوْلُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي الصَّلاَةِ خَلْفَ الحَائِكِ? فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ: وَمَا تَقُوْلُ فِي شَهَادَتِه? قَالَ: يُقْبَلُ مَعَ عَدْلَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: الأَعْمَشُ ثِقَةٌ, ثَبْتٌ, كَانَ مُحَدِّثَ الكُوْفَةِ فِي زَمَانِهِ يُقَالَ: إِنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ حَدِيْثٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ قال: وكان يقرىء القُرْآنَ وَهُوَ رَأْسٌ فِيْهِ وَكَانَ فَصِيْحاً وَكَانَ أبوه من سبي الديلم وكان عسرا سيىء الخُلُقِ وَكَانَ لاَ يَلحَنُ حَرفاً, وَكَانَ عَالِماً بِالفَرَائِضِ وَكَانَ فِيْهِ تَشَيُّعٌ وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِ سِوَى ثَلاَثَةٍ طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ, وَأَفَضْلَ وَأَبَانُ بنُ تَغْلِبَ, وَأَبُو عُبَيْدَةَ بن معن.(6/349)
قُلْتُ: مُرَادُ العِجْلِيِّ أَنَّهُم خَتَمُوا عَلَيْهِ تَلْقِيْناً, وَإِلاَّ فَقَدْ خَتَمَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ, وَغَيْرُه عَرَضاً.
قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ, وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ عِنْدَ أَحَدٍ أَحقَرَ مِنْهُم عِنْدَه مَعَ فَقرِه وَحَاجَتِه.
قُلْتُ: كَانَ عَزِيْزَ النَّفسِ, قَنُوعاً, وَلَهُ رِزقٌ عَلَى بَيْتِ المَالِ فِي الشَّهْرِ خَمْسَةُ دَنَانِيْرَ قُرِّرَتْ لَهُ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِه.
وَكَانَ وَالِدُ وَكِيْعٍ -وَهُوَ الجرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ- عَلَى بَيْتِ المَالِ, فَلَمَّا أَتَاهُ وَكِيْعٌ لِيَأْخُذَ قَالَ لَهُ: ائْتِنِي مِنْ أَبِيْكِ بِعَطَائِي حَتَّى أُحَدِّثَكَ بِخَمْسَةِ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَلِيُّ بنُ عَثَّامِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ أَلاَ تَمُوْتُ فَنُحَدِّثَ عَنْكَ؟ فَقَالَ: كَمْ مِنْ حُبٍّ1 أَصْبَهَانِيٍّ, قَدِ انْكَسَرَ عَلَى رَأْسِهِ كِيزَانٌ كَثِيْرَةٌ.
وَوَرَدَ: أَنَّ الأَعْمَشَ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى: زَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ, وَأَنَّهُ عَرضَ عَلَى: أَبِي عَالِيَةَ الرِّيَاحِيِّ, وَعَلَى مُجَاهِدٍ, وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ, وَأَبِي حَصِيْنٍ, وَلَهُ قِرَاءةٌ شَاذَّةٌ, لَيْسَ طَرِيْقُهَا بِالمَشْهُوْرِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: كَانَ الأَعْمَشُ يَعرِضُ القُرْآنَ, فَيُمسِكُوْنَ عَلَيْهِ المصاحف, فلا يخطىء فِي حَرفٍ. التَّبُوْذَكِيُّ: عَنْ أَبِي عَوَانَةَ, قَالَ: أَعْطَيْتُ امْرَأَةَ الأَعْمَشِ خِمَاراً, فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ, أخذت بيده, فأخرجته إلي, فَقُلْتُ: لَهُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَقضِهَا, فَلاَ تَغضَبْ عَلَيَّ. قَالَ: لَيْسَ قَلْبِي فِي يَدِي. قُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ. قَالَ: لاَ أَفْعَلُ. عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: مَنْصُوْرٌ أَثْبَتُ أَهْلِ الكُوْفَةِ, فَفِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ اضْطِرَابٌ كَثِيْرٌ.
إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ الشُّهرَةُ لَصَلَّيْتُ الفَجْرَ, ثُمَّ تَسَحَّرتُ.
قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَرْسَلَ الأَمِيْرُ عِيْسَى بنُ مُوْسَى إِلَى الأَعْمَشِ بألف درهم وَصَحِيْفَةٍ, لِيَكتُبَ فِيْهَا حَدِيْثاً. فَكَتَبَ فِيْهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ, وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ, وَوَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ: يَا ابْنَ الفَاعِلَةِ! ظَنَنْتَ أَنِّي لاَ أُحْسِنُ كِتَابَ اللهِ؟ فبعث إليه: أظننت أني أبيع الحديث؟.
__________
1 الحب: الجرة.(6/350)
قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: أَتَى الأَعْمَشَ أَضْيَافٌ, فَأَخرَجَ إِلَيْهِم رَغِيْفَيْنِ, فَأَكَلُوْهُمَا. فَدَخَلَ, فَأَخرَجَ لَهُم نِصْفَ حَبلِ قَتٍّ, فَوَضَعَهُ عَلَى الخِوَانِ, وَقَالَ: أَكَلتُم قُوتَ عِيَالِي, فَهَذَا قُوتُ شَاتِي, فَكُلُوْهُ.
وَخَرَجنَا فِي جِنَازَةٍ, وَرَجُل يَقُودُه, فَلَمَّا رَجَعنَا عَدَلَ بِهِ, فَلَمَّا أَصْحَرَ قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ? أَنْتَ فِي جَبَّانَةِ كَذَا, وَلاَ أَرُدُّكَ حَتَّى تَملأَ أَلوَاحِي حَدِيْثاً قَالَ: اكْتُبْ. فَلَمَّا مَلأَ الأَلوَاحَ رَدَّهُ, فَلَمَّا دَخَلَ الكُوْفَةَ دَفعَ أَلوَاحَه لإِنْسَانٍ, فَلَمَّا أَنِ انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلَى بَابِه تَعَلَّق بِهِ وَقَالَ: خُذُوا الأَلوَاحَ مِنَ الفَاسِقِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ فَاتَ, فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهُ قَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُك بِهِ كَذِبٌ. قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللهِ مِنْ أَنْ تَكذِبَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: قُلْتُ: لِلأَعْمَشِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَخْذِ شَعرِكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ فُضُولِ الحَجَّامِيْنَ قلت: فأنا أجيئك بحجام لا يكلمك حَتَّى تَفرَغَ فَأَتَيْتُ جُنَيْداً الحَجَّامَ, وَكَانَ مُحَدِّثاً فَأَوصَيتُه فَقَالَ: نَعَمْ, فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعرِه قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ حَدِيْثُ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي المُسْتَحَاضَةِ فَصَاحَ صَيْحَةً وَقَامَ يَعدُو وَبَقِيَ نِصْفُ شَعرِه بَعْدَ شَهْرٍ غَيْرَ مَجزُوزٍ سَمِعَهَا عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ مِنْهُ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ, فَإِذَا بِجُنْدِيٍّ, فَسَخَّرَه لِيَخُوضَ بِهِ نَهْراً. فَلَمَّا رَكِبَ الأَعْمَشَ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزخرف: 13] ، فَلَمَّا تَوسَّطَ بِهِ الأَعْمَشُ قَالَ: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِين} [المُؤْمِنُوْنَ: 29] . ثُمَّ رَمَى بِهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بن محمد اللبان، أنبأنا أبو علي المقرىء، أنبأنا أبو نعيم, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ حَدَّثَنَا الأَبَّارُ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ, حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ الحُبَابِ، عَنْ حُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ, قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الأَعْمَشِ, فَقُلْتُ: لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ قِرَاءتِي؟ قَالَ: مَا قَرَأَ عَلَيَّ عِلجٌ أَقرَأُ مِنْكَ.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخُزَزِ الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَرْبٍ المَوْصِلِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ نَبِيْلٌ كَبِيْرُ اللِّحْيَةِ إِلَى الأَعْمَشِ فَسَأَلَهُ، عَنْ مَسْأَلَةٍ خَفِيْفَةٍ فِي الصَّلاَةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا الأَعْمَشُ فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ لِحْيَتُه تَحْتملُ حِفْظَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ حَدِيْثٍ وَمَسَألتُه مَسْأَلَةُ صِبْيَانِ الكُتَّابِ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا سَألُوْهُ، عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ يَحْفَظْهُ, جَلَسَ فِي الشَّمْسِ, فَيَعْرُكُ بِيَدَيْه عَيْنَيْهِ, فَلاَ يَزَالُ حتى يذكره.(6/351)
إِبْرَاهِيْمُ بنُ رُسْتُمَ الأَصْبَهَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: آيَةُ التَّقَبُّلِ الوَسوسَةُ؛ لأَنَّ أَهْلَ الكِتَابَيْنِ لاَ يَدرُوْنَ مَا الوَسوسَةُ, وَذَلِكَ لأَنَّ أَعْمَالَهم لاَ تَصعدُ إِلَى السَّمَاءِ.
عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: رَأَيْتُ الأَعْمَشَ يَلْبَسُ قَمِيْصاً مَقْلُوْباً, وَيَقُوْلُ: النَّاسُ مَجَانِيْنُ يَجعلُوْنَ الخَشِنَ مُقَابلَ جُلُوْدِهم.
وَقِيْلَ: إِنَّ الأَعْمَشَ كَانَ لَهُ وَلدٌ مُغفَّلٌ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَاشترِ لَنَا حَبلاً لِلْغَسِيْلِ فَقَالَ: يَا أَبَةِ طُوْلُ كَمْ? قَالَ: عَشْرَةُ أَذرُعٍ قَالَ: فِي عَرضِ كَمْ? قَالَ فِي عَرضِ مُصِيْبَتِي فِيْكَ.
ذِكْرُ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ:
أَخْبَرَنَا بِيْبَرْسُ العُقَيْلِيُّ وَأَيُّوْبُ الأَسَدِيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الصُّوْفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ المُقَرِّبِ، أَنْبَأَنَا طِرَادٌ النَّقِيْبُ، أَنْبَأَنَا عَلِيٌّ العِيْسَوِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ. قَالَ: رَأَيْتُ أَنَساً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بَالَ فَغَسَلَ ذَكَرَهُ غَسلاً شَدِيْداً ثُمَّ تَوَضَّأَ, وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَصَلَّى بِنَا, وَحَدَّثَنَا فِي بَيْتِهِ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ, بَيَّنَ فِيْهِ الأَعْمَشُ أَنَّ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُم فِي مَنْزِلِهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ, حَدَّثَنَا حَبِيْبٌ القَزَّازُ, حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي, حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَه مِنَ الرُّكُوْعِ رَفَعَ صُلبَه حَتَّى يستوي بطنه. هذا حديث صحيح الإسناد.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ, حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيْلَ لَهُ: أَبشِرْ بِالجَنَّةِ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَلاَ تَدْرُوْنَ فَلَعَلَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِمَا لاَ يَعْنِيْهِ أَوْ بخل بما لا ينفعه"1.
__________
1 ضعيف: أخرجه الترمذي "2316" حدثنا سليمان بن عبد الجبار البغدادي، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
قلت: إسناده ضعيف، لانقطاعه بين الأعمش وأنس، قال ابن معين: كل ما روى الأعمش عن أنس فهو مرسل". وقد أشار الترمذي إلى ضعف الحديث بقوله: "حديث غريب" وهذ معلوم معروف في اصطلاحه.(6/352)
غَرِيْبٌ, يُعَدُّ فِي أَفرَادِ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ؛ شَيْخِ البُخَارِيِّ.
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَرِّمِيُّ, حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ يُوْنُسَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَانَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ يَمُرُّ بِي طَرَفَيِ النَّهَارِ فَأَقُوْلُ: لاَ أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيْثاً خَدَمْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الحَجَّاجِ حَتَّى وَلاَّكَ? ثُمَّ نَدِمتُ فَصِرتُ أَرْوِي، عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا محمد بن محمد أبو جعفر البغدادي المقرىء, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَيُّوْبَ القِرَبِيُّ, حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ أَسَدٍ "ح" وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ مِخْرَاقٍ قَالاَ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُوْسَى, حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَمَرَّ عَلَى شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَضَرَبَهَا بِعَصَا كَانَتْ فِي يَدِهِ فَتَنَاثَرَ الوَرَقُ فَقَالَ: "إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَلاَ إِلَهَ إلَّا الله والله أكبر يُسَاقِطْنَ الذُّنُوْبَ كَمَا تُسَاقِطُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا"1.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ, وَرُوَاتُه ثِقَاتٌ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَاضِي, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ, حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ "ح". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحسن, حدثنا أحمد ابن يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَبْدُ رَبِّهِ الحَنَّاطُ, حَدَّثَنَا الأعمش، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْلٌ لِلْمَالِكِ مِنَ المَمْلُوْكِ, وَوَيْلٌ لِلْمَمْلُوْكِ مِنَ المَالِكِ, وَوَيْلٌ لِلشَّدِيْدِ مِنَ الضَّعِيْفِ, وَوَيْلٌ لِلضَّعِيْفِ مِنَ الشَّدِيْدِ, وَوَيْلٌ لِلْغَنِيِّ مِنَ الفَقِيْرِ, وَوَيْلٌ لِلْفَقِيْرِ مِنَ الغَنِيِّ"2.
وَبِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بن عبد الله, حدثنا الحسين ابن حفص,
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 55" من طريق داود بن مخراق، والترمذي "3533" من طريق محمد بن حميد الرازي كلاهما عن الفضل بن موسى، عن الأعمش، عن أنس، به.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
قلت: إسناده ضعيف آفته الانقطاع بين الأعمش، وأنس، فإنه لم يسمع منه، ولم يرو عنه إلا بواسطة يزيد الرقاشي كما قال الحافظ العلائي في كتابه "جامع التحصيل في أحكام المراسيل"، وقد ضعف الحديث الترمذي بقوله: "هذا حديث غريب".
2 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 55"، وإسناده منقطع بين الأعمش، وأنس.(6/353)
حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قَائِدُ الأَعْمَشِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا جِبْرِيْلُ هَلْ تَرَى رَبَّكَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَه تِسْعِيْنَ حِجَاباً مِنْ نَارٍ -أَوْ نُوْرٍ- لَوْ دَنَوْتُ مِنْ أَدْنَاهَا, لاَحْتَرَقْتُ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ, وَأَبُو مُسْلِمٍ: لَيْسَ بِمُعتَمَدٍ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, قَالاَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ, حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ الصَّبَّاحِ, حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخَوَارِجُ كِلاَبُ النَّارِ" 2 هَذَا رَوَاهُ: النَّاسُ، عن إسحاق الأَزْرَقِ، عَنِ الأَعْمَشِ.
وَقَدْ طَلَبَ الأَعْمَشُ وَكَتَبَ العِلْمَ بِالكُوْفَةِ, قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى بِأَعوَامٍ, وَهُوَ مَعَهُ بِبَلَدِه, فَمَا أُبْعِدُ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهُ.
قَرَأْتُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ السَّبعَةَ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ النَّحَّاسِ, أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ فَذَكَرَهَا وَمِنْ أَعْلَى رِوَايَتِه:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ وَالمُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ إِذْناً قَالُوا، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ الآجُرِّيُّ قَالاَ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ليس
__________
1 منكر: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 55"، وفيه علتان: الأولى: أبو مسلم قائد الأعمش، واسمه عبد الله بن سعيد، ضعيف. والعلة الثانية: الانقطاع بين الأعمش وأنس.
2 صحيح بطرقه: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 56" من طريق سفيان الثوري، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته الانقطاع بين الأعمش وابن أبي أوفى، والأعمش مدلس مشهور بالتدليس. وأخرجه أحمد "4/ 355" وابن أبي عاصم في "السنة" "904"من طريق إسحاق بن يوسف الازرق، عن الاعمش، عن ابن أبي أوفى، به. وللحديث طريق آخر أخرجه أحمد "4/ 382"، والحاكم "3/ 571"، وابن أبي عاصم في "السنة" "905"، من طريق الحشرج بن نباتة حدثني سعيد بن جمهان قال: دخلت على ابن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه فرد على السلام فقال: من هذا؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان. فقال: ما فعل والدك؟ فقلت قتلته الأزارقة. قال: قتل الله الأزارقة كلها ثم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا إنهم كلاب أهل النار. قال قلت الأزارقة كلها أو الخوارج؟ قال: الخوارج كلها".
قلت: إسناده حسن، الحشرج بن نباته، وسعيد بن جمهان، كلاهما صدوق كما قال الحافظ في "التقريب". وله شاهد من حديث أبي أمامة. عند أحمد "5/ 253".(6/354)
المِسْكِيْنُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ, وَلاَ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ, وَلَكِنَّ المِسْكِيْنَ الَّذِي لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ, ولم يفطن بمكانه فيعطى" 1.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ السُّهْرَوَرْدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ صَرْمَا وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن مَعِيْنٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً عَثْرَتَه أَقَالَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ" 2 أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَحْيَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ بنُ مَحَاسِنَ، أَنْبَأَنَا جَدِّي لأُمِّي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَصْرٍ القَاضِي سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ الدُّوْشَابِيُّ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، أَنْبَأَنَا إسماعيل ابن مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ، عَنْ قَبِيْصَةَ بنِ جَابِرٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ لاَ أُوتَى بِمُحِلٍّ وَلاَ مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا".
كَتبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى الجَزَائِرِيُّ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَاتٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بن جعفر المقرىء, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ حَدَّثَنَا إِدْرِيْسُ بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا السِّنْدِيُّ بنُ عَبْدَوَيْه حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ علي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "يَا عَلِيُّ! إِنَّهُ لاَ يُحِبُّكَ إلَّا مُؤْمِنٌ, وَلاَ يُبْغِضُكَ إلَّا منافق" 3.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو داود "1631"، وأحمد "2/ 393"، من طريق الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به. وأخرجه أحمد "2/ 457"، والبخاري "1476"، والدارمي "1/ 379" من طريق شعبة، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به. وأخرجه مسلم "1039"، والنسائي "5/ 85" من طريق أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 252"، وأبو داود "3460"، والحاكم "2/ 45"، والبيهقي "6/ 27"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "8/ 196" من طرق عن يحيى بن معين، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
3 صحيح: أخرجه مسلم "132"، والترمذي "3737"، والنسائي "8/ 116-117" وقد تقدم تخريجنا له، وقد خرجته في كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية" لابن تيمية ط. دار الحديث خرجته في مواضع متعددة منه، فراجعه ثم إن شئت.(6/355)
وَهَذَا وَقَعَ أَعْلَى مِنْ هَذَا بِخَمْسِ دَرَجَاتٍ فِي "جُزْءِ الذُّهْلِيِّ", وَغَيْرِه.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ, حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ: سَمِعْتُ أَنَساً يَقْرَأُ: "إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَصْوَبُ قِيْلاً" فَقِيْلَ: لَهُ يَا أَبَا حَمْزَةَ "وَأَقْوَمُ قِيْلاً" فَقَالَ: أَقْوَمُ وَأَصْوَبُ وَاحِدٌ.
وَيُقَالُ: إِنَّ الأَعْمَشَ كَانَ رُبَّمَا خَرَجَ إِلَيْهِم وَعَلَى كَتِفِه مِئزَرُ العَجِينِ. وَإِنَّهُ لَبِسَ مَرَّةً فَرْواً مَقْلُوْباً فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! لَوْ لَبِستَهَا وَصُوْفَهَا إِلَى دَاخِلٍ, كَانَ أَدْفَأَ لَكَ! قَالَ: كُنْتُ أَشَرتَ على الكبش بهذه المشورة.
قَالُوا: مَاتَ الأَعْمَشُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, بِالكُوْفَةِ. وَمَاتَ مَعَهُ فِيْهَا: شَيْخُ المَدِيْنَةِ: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ, وَشَيْخُ مِصْرَ: عَمْرُو بنُ الحَارِثِ الفَقِيْهُ, وَشَيْخُ حِمْصَ: مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ, وَشَيْخُ وَاسِطَ: العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ, وَقَاضِي الكُوْفَةِ وَمُفْتِيْهَا: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى.
قَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا سَالِمُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ خُشَيْشٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُنَادِي, حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي إِلَى الأَعْمَشِ نَسْمَعُ مِنْهُ فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَعَلَيْهِ فَروَةٌ مَقْلُوْبَةٌ قَدْ أَدخَلَ رَأْسَه فِيْهَا فَقَالَ: لَنَا تَعَلَّمتُمُ السَّمتَ تَعَلَّمتُمُ الكَلاَمَ أَمَا وَاللهِ مَا كَانَ الَّذِيْنَ مَضَوْا هَكَذَا وَأَجَافَ البَابَ أَوْ قَالَ: يَا جَارِيَةُ أَجِيْفِي البَابَ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: هَلْ تَدرُوْنَ مَا قَالَتِ الأُذُنُ؟ قَالَتْ: لَوْلاَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ أُقْمَعَ بالجواب, لطلت كما يكول الكِسَاءُ. قَالَ حَفْصٌ: فَكَم مِنْ كَلِمَةٍ أَغَاظَنِي صَاحِبُهَا, مَنَعَنِي أَنْ أُجِيْبَه قَوْلُ الأَعْمَشِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ القَاضِي، أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَنْبَأَنَا العَتِيْقِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَدِيٍّ, حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ, سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: قِيْلَ لِلأَعْمَشِ: لَوْ أَدْرَكتُ عَلِيّاً قَاتَلتُ مَعَهُ قَالَ: لاَ وَلاَ أَسْأَلُ عَنْهُ لاَ أُقَاتلُ مَعَ أَحَدٍ أَجعَلُ عِرضِي دُوْنَه فَكَيْفَ دِيْنِي دُوْنَه?!.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: قَدْ رَأَى أَنَساً إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. وَرَأَى أَبَا بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ, وَأَخَذَ لَهُ بِركَابِه, فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنَّمَا أَكرَمتَ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ. قُلْتُ: لَمْ يَصِحَّ هَذَا.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: رأيت أنسًا, وما منعني أن أسمع منهإلَّا استغنائي بأصحابي.(6/356)
وَقَالَ القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَرَأَى الأَعْمَشَ: هَذَا الشَّيْخُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: سَبَقَ الأَعْمَشُ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ: كَانَ أَقرَأَهُم لِلْقُرْآنِ, وَأَحْفَظَهُم لِلْحَدِيْثِ, وَأَعْلَمَهُم بِالفَرَائِضِ, وَذَكَرَ خَصلَةً أُخْرَى.
قَالَ هُشَيْمٌ: مَا رَأَيْتُ بِالكُوْفَةِ أَحَداً كَانَ أَقْرَأَ مِنَ الأَعْمَشِ.
وَقَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَعقَلَ مِنَ الأَعْمَشِ وَمُغِيْرَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبُو إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ رَجُلا أَهْلِ الكُوْفَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: عِنْدَ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ: نَحْوٌ مِنْ خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ, أَخْطَأَ فِيْهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَحَادِيْثَ.
وَكَانَ عِنْدَ وَكِيْعٍ عَنْهُ ثَمَانُ مائَةٍ. وَسُفْيَانُ أَعْلَمُهُم بِالأَعْمَشِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ التَّيْمِيُّ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: كُنَّا نُسَمِّي الأَعْمَشَ سَيِّدَ المُحَدِّثِيْنَ, كُنَّا نَجِيْءُ إِلَيْهِ إِذَا فَرَغْنَا مِنَ الدَّوَرَانِ, فَيَقُوْلُ: عِنْدَ مَنْ كُنْتُم؟ فَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ. فَيَقُوْلُ: طَبْلٌ مُخَرَّقٌ. وَيقُوْلُ: عِنْدَ مَنْ كُنْتُم؟ فَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ. فَيَقُوْلُ: طَيْرٌ طَيَّارٌ وَنَقُوْلُ: عِنْدَ فُلاَنٍ فَيَقُوْلُ: دُفٌّ وَكَانَ يُخْرِجُ إِلَيْنَا شَيْئاً فَنَأكُلُه فَقُلْنَا يَوْماً: لاَ يُخْرِجُ شَيْئاً إلَّا أَكَلتُمُوْهُ فَأَخرَجَ شَيْئاً فَأَكَلنَاهُ وَأَخْرَجَ فَأَكَلنَاهُ فَدَخَلَ فَأَخرَجَ فتيتاً فَشَرِبنَاهُ فَدَخَلَ وَأَخْرَجَ إِجَانَةً وَقَتّاً وَقَالَ: فَعَلَ الله بِكُم وَفَعَلَ أَكَلتُم قُوْتِي وَقُوْتَ المَرْأَةِ, وَشَرِبتُم فتيتَهَا هَذَا عَلَفُ الشَّاةِ قَالَ: فَمَكَثنَا ثَلاَثِيْنَ يَوْماً لاَ نَكْتُبُ عَنْهُ فَزَعاً مِنْهُ حَتَّى كَلَّمْنَا إِنْسَاناً عَطَّاراً كَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ حَتَّى كلَّمَه لَنَا.
قَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: سُئِلَ الأَعْمَشُ عَنْ حَدِيْثٍ, فَقَالَ لابْنِ المُخْتَارِ: تَرَى أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ؟ فَغمَّضَ عَيْنَيْهِ, وَقَالَ: لاَ أَرَى أَحَداً يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, فَحَدَّثَ بِهِ.
رَوَى الكَوْسَجُ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ, قَالَ: الأَعْمَشُ ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ.
رَوَى شَرِيْكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ, قَالَ: لَمْ يَكُنْ إِبْرَاهِيْمُ يُسنِدُ الحَدِيْثَ لأَحَدٍ إلَّا لِي, لأَنَّهُ كَانَ يُعجَبُ بِي.
قَالَ أَبُو عَوَانَةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ: مَاتَ الأعمش سنة سبع وأربعين ومائة. وَقَالَ وَكِيْعٌ, وَالجُمْهُوْرُ: سَنَةَ ثَمَانٍ. زَادَ أَبُو نُعَيْمٍ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ, وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وثمانين سنة.(6/357)
ذِكْرُ أَصْحَابِ الأَعْمَشِ:
قَالَ النَّسَائِيُّ:
الطَّبَقَةُ الأُوْلَى: منهم سفيان, وشعبة, ويحيى القطان.
الطقبة الثَّانِيَةُ: زَائِدَةُ, وَيَحْيَى بنُ أَبِي زَائِدَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ.
الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ, وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ, وَأَبُو عَوَانَةَ.
الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ: ابْنُ المُبَارَكِ, وَفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ, وَقُطْبَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَمُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهَلٍ, وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ.
الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ: عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ, وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, وَوَكِيْعٌ, وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ, وَالفَضْلُ بنُ موسى, وزهير بن معاوية.
الطقبة السَّادِسَةُ: عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ.
الطَّبَقَةُ السَّابِعَةُ: عَبِيْدَةُ بن حميد, وعبدة بن سليمان.(6/358)
942- الكلبي 1: "ت"
العَلاَّمَةُ, الأَخْبَارِيُّ, أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بِشْرٍ الكَلْبِيُّ المُفَسِّرُ. وَكَانَ أَيْضاً رأسًا في الأنسابإلَّا أَنَّهُ شِيْعِيٌّ, مَتْرُوْكُ الحَدِيْثِ.
يَرْوِي عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ هشام, وطائفة.
أَخَذَ عَنْ: أَبِي صَالِحٍ, وَجَرِيْرٍ, وَالفَرَزْدَقِ, وَجَمَاعَةٍ, وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَرْوِي عَنْهُ, وَيُدَلِّسُه فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 358"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 283"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 507" و"2/ 782" و"3/ 35 و43"، والجرح والتعديل "7/ ترجمة 1478"، والمجروحين لابن حبان "2/ 253"، الأنساب للسمعاني "10/ 453"، الكاشف "3/ ترجمة 4941"، ميزان الاعتدال "3/ 556"، تهذيب التهذيب "9/ 178"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6242"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 217".(6/358)
943- عمرو بن قيس 1: "م، 4"
الكوفي, الملائي, البزاز, الحَافِظُ, مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ, وَالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ, وَعَطَاءٍ, وَمُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ, وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ, وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -وَصَحِبَهُ زَمَاناً- وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, وَالمُحَارِبِيُّ, وَسَعْدُ بنُ الصَّلْتِ وَأَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَعُمَرُ بنُ شَبِيْبٍ المُسْلِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ. وذَكَرَهُ الثَّوْرِيُّ, فَأَثْنَى عَلَيْهِ.
جَعْفَرُ بنُ كُزَالٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ, حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ, قَالَ لِي الثَّوْرِيُّ: عَمْرُو بنُ قَيْسٍ هُوَ الَّذِي أَدَّبَنِي, عَلَّمَنِي قِرَاءةَ القُرْآنِ وَالفَرَائِضَ, وَكُنْتُ أَطْلُبُه فِي سُوْقِه, فَإِنْ لَمْ أَجِدْه, فَفِي بَيْتِهِ, إِمَّا يُصَلِّي, أَوْ يَقْرَأُ فِي المُصْحَفِ كَأَنَّهُ يُبَادِرُ أَمراً يَفُوْتُه فَإِنْ لَمْ أَجِدْه وَجَدْتُه فِي مَسْجِدٍ قَاعِداً يَبْكِي وَأَجِدُه فِي المَقبَرَةِ يَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ.
وَلَمَّا مَاتَ غَلَّقَ أَهْلُ الكُوْفَةِ أَبْوَابَهم, وَخَرَجُوا بِجِنَازتِه, فَلَمَّا أَخْرَجُوْه إِلَى الجِبَالِ, وَبَرَزُوا بِسَرِيْرِهِ -وَكَانَ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ- تَقدَّمَ أَبُو حَيَّانَ, فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعاً وَسَمِعُوا صَائِحاً يَصِيْحُ قَدْ جَاءَ المُحْسِنُ قَدْ جَاءَ المُحْسِنُ عَمْرُو بنُ قَيْسٍ وَإِذَا البَرِّيَّةُ مَمْلُوْءةٌ مِنْ طَيْرٍ أَبْيَضَ لَمْ يُرَ عَلَى خِلقَتِهَا وَحُسنِهَا فَعَجِبَ النَّاسُ فَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبُوْنَ هَذِهِ ملائكة جاءت فشهدت عمرًا1.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو خالد الأحمر, قال: كان عمرو ابن قَيْسٍ مُؤَاجرَ نَفْسِه مِنْ بَعْضِ التُّجَّارِ, فَمَاتَ بِالشَّامِ, فَرَأَوُا الصَّحْرَاءَ مَمْلُوْءةً مِنَ الرِّجَالِ عَلَيْهِم ثِيَابٌ بِيْضٌ فَلَمَّا صُلِّيَ عَلَيْهِ فُقِدُوا فَكَتَبَ صَاحِبُ البَرِيْدِ بِذَلِكَ إِلَى الأَمِيْرِ عِيْسَى بنِ مُوْسَى فَقَالَ لابْنِ شُبْرُمَةَ: كَيْفَ لَمْ تَكُوْنُوا تَذْكُرُوْنَ لِي هَذَا? قَالَ كَانَ يَقُوْلُ: لاَ تذكروني عنده.
وقيل: كان يقرىء النَّاسَ, فَيَقعُدُ بَيْنَ يَدَيِ الطَّالِبِ. وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى أَهْلِ السُّوْقِ بَكَى, وَقَالَ: مَا أَغفَلَ هَؤُلاَءِ عَمَّا أُعِدَّ لَهُم. وَعَنْهُ, قَالَ: إِذَا اشْتَغَلتَ بِنَفْسِكَ, ذَهِلْتَ عَنِ النَّاسِ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2647"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 20 و698" و"3/ 239"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1406"، تاريخ بغداد "12/ 163"، الكاشف "2/ ترجمة 4282"، تاريخ الإسلام للذهبي "6/ 110"، ميزان الاعتدال "3/ 284"، تهذيب التهذيب "8/ 92"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5357".
2 منكر: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 101"، وفي إسناده جعفر بن كزال مجهول، وفيه أيضا محمد بن بشر الواعظ، ضعيف ليس بالقوي. وهذا الكلام منكر مردود لا يصدقه من له مسكة من عقل ودين ولا يصدقها إلا الطغام الجهال.(6/359)
بُرَيْد بن عبد الله، بهز بن حكيم:
944- بريد بن عبد الله 1: "ع"
ابن أبي بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بنِ حضار, المحدث, أبو بردة الأشعري, الكوفي.
حَدَّثَ عَنْ: جَدِّهِ. وَعَنِ: الحَسَنِ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ.
وَعَنْهُ: السُّفْيَانَانِ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَأَبُو مُعَاوِيَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَأَبُو أسامة, وعدد كثير. وهو صدوق, احتجابه فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: لَيْسَ بِالمَتِيْنِ, يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: لَمْ أَسْمَعْ يَحْيَى وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثَانِ عَنْهُ بِشَيْءٍ قَطُّ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَالعِجْلِيُّ, وَغَيْرُهُمَا: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: يَرْوِي مَنَاكِيْرَ, طَلْحَةُ بنُ يَحْيَى أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ فِي حَدِيْثِهِ مَا أُنْكِرُهُ, سِوَى حَدِيْثِ: "إِذَا أَرَادَ اللهُ بِأُمَّةٍ خَيْراً قَبَضَ نَبِيَّهَا" 2 وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ أَحَدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَبِي أُسَامَةَ وَأَحَادِيْثُه عَنْهُ مُسْتقِيْمَةٌ وَأَرْجُو أَنْ لاَ يَكُوْنَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَلَهُ عدة أحاديث في الصحاح.
945- بهز بن حكيم 3: "4"
ابن معاوية بن حيدة, الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القُشَيْرِيُّ, البَصْرِيُّ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ, وَعَنْ زُرَارَةَ بنِ أَوْفَى.
وَعَنْهُ: الحَمَّادَانِ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَرَوْحٌ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَأَبُو عَاصِمٍ, وَالأَنْصَارِيُّ, وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَعَلِيٌّ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ. وَقَالَ البُخَارِيُّ: يَخْتَلِفُوْنَ فِي بَهْزٍ. وَقَالَ الحَاكِمُ: هِيَ نُسْخَةٌ شَاذَّةٌ. وقال ابن حبان: يخطىء كَثِيْراً وَهُوَ مِمَّنْ أَسْتَخِيْرُ الله فِيْهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ: رَأَيْتُهُ يَلْعَبُ بِالشَّطرَنْجِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ الخَطِيْبُ: رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْل الخَمْسِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1694"، ميزان الاعتدال "1/ 305"، تهذيب التهذيب "1/ 421".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2288" من طريق بُرَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عن أبي موسى، به.
3 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1982"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1714" المجروحين لابن حبان "1/ 194"، ميزان الاعتدال "1/ 353"، تهذيب التهذيب "498".(6/360)
حاتم بن أبي صَغيرة، حَبيب:
946- حاتم بن أبي صغيرة 1: "ع"
الإِمَامُ, الصَّدُوْقُ, أَبُو يُوْنُسَ القُشَيْرِيُّ مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ, مِنْ نُبَلاَءِ المَشَايِخِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ, وَطَبَقَتِهمَا.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ, وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ. بَقِيَ إِلَى قَرِيْبِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ ومائة.
947- حبيب 2: "ع"
المعلم مِنْ مَوَالِي مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ. وَهُوَ ابْنُ أبي قريبة دينار.يكن: أَبَا مُحَمَّدٍ, مِنْ ثِقَاتِ البَصْرِيِّينَ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَسَنِ, وَعَطَاءٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ.
رَوَى عَنْهُ: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَعَبْدُ الوَارِثِ, وَآخَرُوْنَ.
قِيْلَ: كَانَ يَحْيَى القَطَّانُ لاَ يَرْوِي عَنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَأَمَّا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, فَقَالَ: مَا أَصَحَّ حَدِيْثَه! وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ, وَأَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ.
وَقِيْلَ: هُوَ حَبِيْبُ بنُ زَيْدٍ. وَقِيْلَ: حَبِيْبُ بنُ زَائِدَةَ. وَقِيْلَ: حَبِيْبُ بنُ أبي بقية. فالله أعلم.
__________
1 التاريخ الكبير "3/ ترجمة 273"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1149"، تهذيب التهذيب "2/ 130".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2628"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 469"، ميزان الاعتدال "1/ 456"، تهذيب التهذيب "2/ 194".(6/361)
الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ مِنَ التَّابِعِيْنِ:
948- جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ 1: "ع"
ابن علي بن الشَّهِيْدِ أَبِي عَبْدِ اللهِ رَيْحَانَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسِبْطِهِ وَمَحْبُوبِهِ الحُسَيْنِ بنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ شَيْبَةَ, وَهُوَ عَبْدُ المطلب ابن هَاشِمٍ, وَاسْمُهُ عَمْرُو بنُ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ الإِمَامُ الصَّادِقُ شَيْخُ بَنِي هَاشِمٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ الهَاشِمِيُّ العَلَوِيُّ النَّبَوِيُّ المَدَنِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وَأُمُّه هِيَ أُمُّ فَرْوَةَ بِنْتُ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيِّ وَأُمُّهَا هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ وَلِهَذَا كَانَ يَقُوْلُ: وَلَدَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ مَرَّتَيْنِ.
وَكَانَ يَغضَبُ مِنَ الرَّافِضَّةِ, وَيَمقُتُهُم إِذَا عَلِمَ أَنَّهُم يَتَعَرَّضُوْنَ لِجَدِّهِ أَبِي بَكْرٍ ظَاهِراً وَبَاطِناً, هَذَا لاَ رَيْبَ فِيْهِ, وَلَكِنَّ الرَّافِضَّةَ قَوْمٌ جَهَلَةٌ قَدْ هَوَى بِهِمُ الهَوَى فِي الهَاوِيَةِ فَبُعداً لَهُم.
وُلدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ. وَرَأَى بَعْضَ الصَّحَابَةِ أَحْسِبُهُ رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ وَسَهْلَ بنَ سَعْدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, أَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ, وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ, وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ -وَرِوَايَتُه عَنْهُ فِي "مُسْلِمٍ"- وَجَدِّه؛ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ, وَالزُّهْرِيِّ, وَمُسْلِمِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ, وَغَيْرِهِم, وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ إلَّا عَنْ أَبِيْهِ, وَكَانَا من جلة علماء المدينة.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ, مُوْسَى الكَاظِمُ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ -وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ- وَأَبُو حَنِيْفَةَ, وَأَبَانُ بن تغلب, وابن جريج, ومعاوية ابن عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ, وَابْنُ إِسْحَاقَ -فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَقْرَانِهِ- وَسُفْيَانُ, وَشُعْبَةُ, وَمَالِكٌ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ, وَوَهْبُ بنُ خَالِدٍ, وَحَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَالحَسَنُ بنُ
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2183"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 133و 190" و"2/ 187 و269 و649" و"3/ 264"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1987"، حلية الأولياء "3/ ترجمة 226"، صفة الصفوة "2/ 94"، وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 131"، تاريخ الإسلام "/45 6"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 162"، العبر "1/ 208"، الكاشف "1/ ترجمة 807"، ميزان الاعتدال "1/ 414"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 126"، النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى "2/ 8"، تهذيب التهذيب "2/ 103"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1048"، شذرات الذهب "1/ 220".(6/362)
صَالِحٍ, وَالحَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ -أَخُو أَبِي بَكْرٍ- وَزُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَزَيْدُ بنُ حَسَنٍ الأَنْمَاطِيُّ, وَسَعِيْدُ بنُ سُفْيَانَ الأَسْلَمِيُّ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مَيْمُوْنٍ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عِمْرَانَ الزُّهْرِيُّ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, وَعُثْمَانُ بنُ فَرْقَدٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ ثَابِتٍ البُنَانِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ الزَّعْفَرَانِيُّ, وَمُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ, وَيَحْيَى القَطَّانُ, وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ الدَّرَاوَرْدِيَّ يَقُوْلُ: لَمْ يَروِ مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَرٍ حَتَّى ظَهَرَ أَمرُ بَنِي العَبَّاسِ.
قَالَ مُصْعَبٌ: كَانَ مَالِكٌ يَضُمُّه إِلَى آخَرَ. وَقَالَ عَلِيٌّ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قَالَ: أَملَى عَلَيَّ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدِيْثَ الطَّوِيْلَ -يَعْنِي: فِي الحَجِّ1- ثُمَّ قَالَ: وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ, مُجَالِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ مِنْ زَلقَاتِ يَحْيَى القَطَّانِ, بَلْ أَجْمَعَ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ عَلَى أَنَّ جَعْفَراً أَوْثَقُ مِنْ مُجَالِدٍ, وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قَوْلِ يَحْيَى. وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ حَكِيْمٍ: قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ جَعْفَرٌ مَا كَانَ كَذُوباً وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: فِي مُنَاظَرَةٍ جَرَتْ كَيْفَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَك? قال: ثقة وروى عباس، عن يحيى ابن مَعِيْنٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ, وَرَوَى أحمد بن زهير والدارمي, وأحمد ابن أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى ثِقَةٌ وَزَادَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى كُنْتُ لاَ أَسْأَلُ يحيى ابن سَعِيْدٍ، عَنْ حَدِيْثِهِ فَقَالَ: لِمَ لاَ تَسْأَلُنِي عَنْ حَدِيْثِ جَعْفَرٍ قُلْتُ: لاَ أُرِيْدُهُ فَقَالَ: إِنْ كَانَ يَحفَظُ فَحَدِيْثُ أَبِيْهِ المُسْنَدُ يَعْنِي حَدِيْثَ جَابِرٍ فِي الحَجِّ ثُمَّ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَخَرَجَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ إِلَى عَبَّادَانَ وَهُوَ مَوْضِعُ رِبَاطٍ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ البَصْرِيُّوْنَ فَقَالُوا لاَ تُحَدِّثْنَا، عَنْ ثَلاَثَةٍ أَشْعَثَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ وَعَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: أَمَّا أَشْعَثُ فَهُوَ لَكُم وَأَمَّا عَمْرٌو فَأَنْتُم أَعْلَمُ بِهِ وَأَمَّا جَعْفَرٌ فَلَوْ كُنْتُم بِالكُوْفَةِ, لأَخَذَتْكُمُ النِّعَالُ المُطْرَقَةُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ وَسُئِلَ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيْهِ وَسُهَيْلٍ عَنْ أَبِيْهِ وَالعَلاَءِ عَنْ أَبِيْهِ أَيُّهَا أَصَحُّ? قَالَ لاَ يُقْرَنُ جَعْفَرٌ إِلَى هَؤُلاَءِ. وَسَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ جَعْفَرٌ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1218" في حديث طويل من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.(6/363)
قُلْتُ: جَعْفَرٌ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ, مَا هُوَ فِي الثَّبْتِ كَشُعْبَةَ, وَهُوَ أَوْثَقُ مِنْ سُهَيْلٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ فِي وَزْنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَنَحْوِه. وَغَالِبُ رِوَايَاتِه عَنْ أَبِيْهِ مَرَاسِيْلُ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: لَهُ حَدِيْثٌ كَثِيْرٌ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَابِرٍ وَعَنْ آبَائِهِ وَنُسَخٌ لأَهْلِ البَيْتِ, وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ النَّاسِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي المِقْدَامِ, قَالَ: كُنْتُ إِذَا نَظَرتُ إِلَى جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ, عَلِمتُ أَنَّهُ مِنْ سُلاَلَةِ النَّبِيِّيْنَ, قَدْ رَأَيْتُه وَاقِفاً عِنْدَ الجَمْرَةِ يَقُوْلُ سَلُونِي, سَلُونِي.
وَعَنْ صَالِحِ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ, يَقُوْلُ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفقِدُوْنِي, فَإِنَّهُ لاَ يُحَدِّثُكُم أَحَدٌ بَعْدِي بِمِثْلِ حَدِيْثِي.
ابْنُ عُقْدَةَ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ بنِ حَازِمٍ, حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّمَّانِيُّ أَبُو نَجِيْحٍ, سَمِعْتُ حَسَنَ بنَ زِيَادٍ, سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ, وَسُئِلَ مَنْ أَفْقَهُ مَنْ رَأَيْتَ? قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ مِنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَقدَمَهُ المَنْصُوْرُ الحِيْرَةَ بَعَثَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا حَنِيْفَةَ إِنَّ النَّاسَ قد فتنوا بجعفر ابن محمد فهيىء لَهُ مِنْ مَسَائِلِكَ الصِّعَابِ فَهَيَّأْتُ لَهُ أَرْبَعِيْنَ مَسْأَلَةً ثُمَّ أَتَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَجَعْفَرٌ جَالِسٌ، عَنْ يَمِيْنِه فَلَمَّا بَصُرتُ بِهِمَا دَخَلَنِي لِجَعْفَرٍ مِنَ الهَيْبَةِ مَا لاَ يَدْخُلُنِي لأَبِي جَعْفَرٍ فَسَلَّمتُ وَأَذِنَ لِي فَجَلَستُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ جَعْفَرٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَعْرِفُ هَذَا قَالَ: نَعَمْ هَذَا أَبُو حَنِيْفَةَ ثُمَّ أَتْبَعَهَا قَدْ أَتَانَا ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَنِيْفَةَ هَاتِ مِنْ مَسَائِلِكَ نَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللهِ فَابتَدَأْتُ أَسْأَلُه فَكَانَ يَقُوْلُ فِي المَسْأَلَةِ: أَنْتُم تَقُوْلُوْنَ فِيْهَا كَذَا وَكَذَا, وَأَهْلُ المَدِيْنَةِ يَقُوْلُوْنَ كَذَا وَكَذَا, وَنَحْنُ نَقُوْلُ كَذَا وَكَذَا فَرُبَّمَا تَابَعَنَا وَرُبَّمَا تَابَعَ أَهْلَ المَدِيْنَةِ وَرُبَّمَا خَالَفَنَا جَمِيْعاً حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى أَرْبَعِيْنَ مَسْأَلَةً مَا أَخْرِمُ مِنْهَا مَسْأَلَةً ثُمَّ قَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ: أَلَيْسَ قَدْ رَوَيْنَا أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ أَعْلَمُهم بِاخْتِلاَفِ النَّاسِ؟.
عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، عَنْ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ, قَالَ: قَالَ أَبِي لِجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ: إِنَّ لِي جَاراً يَزْعُمُ أَنَّكَ تَبرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَقَالَ جَعْفَرٌ: برىء اللهُ مِنْ جَارِكَ, وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَنْفَعَنِي اللهُ بِقَرَابَتِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ, وَلَقَدِ اشْتكَيتُ شِكَايَةً, فَأَوصَيتُ إِلَى خَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثُونَا عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ, قَالَ: كَانَ آلُ أَبِي بَكْرٍ يُدْعَونَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آلَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَى: ابْنُ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيُّ, وَغَيْرُهُ, عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ, نَحْوَ ذَلِكَ.(6/364)
مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ, قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَابْنَهُ جَعْفَراً، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ, فَقَالَ: يَا سَالِمُ! تَوَلَّهُمَا, وَابْرَأْ مِنْ عَدُوِّهِمَا, فَإِنَّهُمَا كَانَا إِمَامَيْ هُدَىً. ثُمَّ قَالَ جَعْفَرٌ: يَا سَالِمُ أَيَسُبُّ الرَّجُلُ جَدَّه أَبُو بَكْرٍ جَدِّي, لاَ نَالَتْنِي شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ القِيَامَةِ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَتَوَلاَّهُمَا, وَأَبرَأُ مِنْ عَدوِّهِمَا.
وَقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ, يَقُوْلُ: مَا أَرْجُو مِنْ شَفَاعَةٍ عَلَيَّ شَيْئاً إلَّا وَأَنَا أَرْجُو مِنْ شَفَاعَةِ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَه لَقَدْ وَلَدَنِي مَرَّتَيْنِ.
كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ يَحْيَى الزُّهْرِيُّ, وَطَائِفَةٌ قَالُوا، أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَدَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيُّ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بنُ أَبِي قُرَيْشٍ الطَّحَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَبَّاسِ الهَمْدَانِيُّ أَنَّ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ أَتَاهُم وَهُم يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَرْتَحِلُوا مِنَ المَدِيْنَةِ فَقَالَ: إِنَّكُم إِنْ شَاءَ اللهُ مِنْ صَالِحِي أَهْلِ مِصرِكُم فَأَبلِغُوهُم عَنِّي مَنْ زَعَمَ أَنِّي إِمَامٌ مَعصُومٌ مُفتَرَضُ الطَّاعَةِ, فَأَنَا مِنْهُ بَرِيْءٌ وَمَنْ زَعَمَ أَنِّي أَبْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيْءٌ.
وَبِهِ، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا حَنَانُ بنُ سَدِيْرٍ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ وَسُئِلَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: إِنَّكَ تَسْأَلُنِي، عَنْ رَجُلَيْنِ قَدْ أَكَلاَ مِنْ ثِمَارِ الجنة.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ قَيْسٍ المُلاَئِيُّ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ محمد يقول برىء اللهُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مُتَوَاتِرٌ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَأَشْهَدُ بِاللهِ إِنَّهُ لَبَارٌّ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ مُنَافِقٍ لأَحَدٍ فَقَبَّحَ اللهُ الرَّافِضَّةَ.
وَرَوَى مَعْبَدُ بنُ رَاشِدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ عَمَّارٍ سَأَلْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ القُرْآنِ فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلاَ مَخْلُوْقٍ وَلَكِنَّهُ كَلاَمُ اللهِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ سَمِعْتُ جَعْفَراً يَقُوْلُ: إِنَّا -وَاللهِ- لاَ نَعْلَمُ كُلَّ مَا يَسْأَلُونَنَا عَنْهُ, وَلَغَيْرُنَا أَعْلَمُ مِنَّا.
مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مَسْلَمَةَ بنِ جَعْفَرٍ الأَحْمَسِيِّ: قُلْتُ لِجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ:(6/365)
إِنَّ قَوْماً يَزْعُمُوْنَ أَنَّ مَنْ طلَّقَ ثَلاَثاً بِجَهَالَةٍ, رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ تَجْعَلُونهَا وَاحِدَةً, يَرْوُونَهَا عَنْكُم قَالَ: مَعَاذَ اللهِ, مَا هَذَا مِنْ قَوْلِنَا, مَنْ طلَّقَ ثَلاَثاً, فَهُوَ كَمَا قَالَ.
سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ عَمَّارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ, قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ مائَةَ مرَّةٍ قَضَى اللهُ لَهُ مائَةَ حَاجَةٍ1.
أَجَازَ لَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمَّا قَالَ لَهُ سُفْيَانُ: لاَ أَقُومُ حَتَّى تُحَدِّثَنِي قَالَ: أَمَا إِنِّي أُحَدِّثُكَ وَمَا كَثْرَةُ الحَدِيْثِ لَكَ بِخَيْرٍ يَا سُفْيَانُ إِذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْكَ بِنِعْمَةٍ فَأَحْبَبْتَ بَقَاءهَا وَدوَامَهَا فَأَكْثِرْ مِنَ الحَمْدِ وَالشُّكرِ عَلَيْهَا فَإِنَّ اللهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم} [إِبْرَاهِيْمُ: 7] وَإِذَا اسْتَبْطَأْتَ الرِّزقَ فَأَكْثِرْ مِنَ الاسْتِغْفَارِ فَإِنَّ اللهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ} [نوح: 10-12] ,. يَا سُفْيَانُ إِذَا حَزَبَكَ أَمرٌ مِنَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِه فَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ الفَرَجِ وكنز من كنز الجَنَّةِ فَعَقدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ وَقَالَ ثَلاَثٌ وَأَيُّ ثَلاَثٍ قَالَ جَعْفَرٌ عَقَلَهَا وَاللهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ وَلَيَنفَعَنَّه اللهُ بِهَا.
قُلْتُ: حِكَايَةٌ حَسَنَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنِ ابْنُ غَزْوَانَ وَضَعَهَا, فَإِنَّهُ كَذَّابٌ.
وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُكْرَمٍ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ مَسْعُوْدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, قَالَ دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكنَاءُ وَكِسَاءُ خَزٍّ أَيدجَانِيٌّ, فَجَعَلتُ أَنظُرُ إِلَيْهِ تَعَجُّباً فَقَالَ: مَا لَكَ يَا ثَوْرِيُّ قلت: يا ابن رسول الله! لَيْسَ هَذَا مِنْ لِبَاسِك وَلاَ لِبَاسِ آبَائِكَ فَقَالَ: كَانَ ذَاكَ زَمَاناً مُقتِراً, وَكَانُوا يَعْمَلُوْنَ عَلَى قَدرِ إِقتَارِهِ وَإِفقَارِه, وَهَذَا زَمَانٌ قَدْ أَسبَلَ كُلَّ شَيْءٍ فِيْهِ عَزَالِيْهِ2. ثُمَّ حَسَرَ، عَنْ ردنِ جُبَّتِه, فَإِذَا فِيْهَا جُبَّةُ صُوْفٍ بَيْضَاءُ, يَقصُرُ الذَّيْلُ عَنِ الذَّيلِ, وَقَالَ: لَبِسنَا هَذَا للهِ, وَهَذَا لَكُم, فَمَا كَانَ للهِ أخفيناه وما كان لكم أبديناه.
__________
1 ضعيف: في إسناده سويد بن سعيد، لين الحديث.
2 العزالي: جمع العزلاء، وهي مصب الماء من الرواية والقربة في أسفلها حيث يستفرغ ما فيها من الماء، سميت عزلاء لأنها في أحد خصمي المزادة لا في وسطها ولا هي كفمها الذي منه يستقى فيها، وفي الحديث: وأرسلت السماء عزاليها، كثر مطرها على المثل. والمراد: كثر الخير وعم.(6/366)
وَقِيْلَ: كَانَ جَعْفَرٌ يَقُوْلُ: كَيْفَ أَعْتَذِرُ وَقَدِ احْتجَجْتُ, وَكَيْفَ أَحتَجُّ وَقَدْ عَلِمتُ?
رَوَى يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ هَيَّاجِ بنِ بِسْطَامَ, قَالَ: كَانَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ يُطعِمُ, حَتَّى لاَ يَبْقَى لِعِيَالِه شَيْءٌ.
عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ, وَسُئِلَ: لِمَ حَرَّمَ اللهُ الرِّبَا؟ قَالَ: لِئَلاَّ يَتَمَانعَ النَّاسُ المَعْرُوْفَ.
وَعَنْ هِشَامِ بنِ عَبَّادٍ, سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: الفُقَهَاءُ أُمنَاءُ الرُّسُلِ, فَإِذَا رَأَيْتُمُ الفُقَهَاءَ قَدْ رَكنُوا إِلَى السَّلاَطِيْنِ فَاتَّهِمُوهُم.
وَبِهِ حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ زَيْدِ بنِ الجُرَيْشِ، حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ، حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ, قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ: الصَّلاَةُ قُربَانُ كُلِّ تَقِيٍّ, وَالحجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيْفٍ, وَزَكَاةُ البَدَنِ الصِّيَامُ, وَالدَّاعِي بِلاَ عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلاَ وَتَرٍ, وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ, وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكم بِالزَّكَاةِ, وَمَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ, وَالتَّقدِيرُ نِصْفُ العَيْشِ, وَقِلَّةُ العِيَالِ أَحَدُ اليَسَارَيْنِ, وَمَنْ أَحْزَنَ وَالِدَيْه فَقَدْ عَقَّهُمَا, وَمَنْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِه عِنْدَ مُصِيْبَةٍ فَقَدْ حَبِطَ أَجرُهُ وَالصَّنِيعَةُ لاَ تَكُوْنُ صَنِيْعَةً إلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِيْنٍ, والله ينزل الصبر على قدر المصيبة, وَيُنْزِلُ الرِّزقَ عَلَى قَدرِ المُؤنَةِ, وَمَنْ قَدَّرَ مَعِيْشَتَه رَزَقَهُ اللهُ, وَمَنْ بَذَّرَ مَعِيْشَتَه حَرَمَهُ اللهُ.
وَعَنْ رَجُلٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ جَعْفَراً يُوْصِي مُوْسَى يَعْنِي ابْنَهُ يَا بُنَيَّ مَنْ قَنعَ بِمَا قُسِمَ لَهُ اسْتَغْنَى وَمَنْ مَدَّ عَيْنَيْهِ إِلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِه مَاتَ فَقِيْراً, وَمَنْ لَمْ يَرضَ بِمَا قُسِمَ لَهُ اتَّهمَ اللهَ فِي قَضَائِهِ, وَمَنِ اسْتَصْغَرَ زَلَّةَ غَيْرِه اسْتَعْظَمَ زَلَّةَ نَفْسِه, وَمَنْ كَشَفَ حِجَابَ غَيْرِه انكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ, وَمَنْ سَلَّ سَيْفَ البَغْيِ قُتِلَ بِهِ, وَمَنِ احْتَفَرَ بِئْراً لأَخِيْهِ أَوقَعَهُ اللهُ فِيْهِ, وَمَنْ دَاخَلَ السُّفَهَاءَ حُقِّرَ, وَمَنْ خَالطَ العُلَمَاءَ, وُقِّرَ وَمَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ اتُّهِمَ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ أَنْ تُزرِيَ بِالرِّجَالِ فَيُزْرَى بِكَ, وَإِيَّاكَ وَالدُّخُوْلَ فِيْمَا لاَ يَعْنِيكَ فَتَذِلَّ لِذَلِكَ, يَا بُنَيَّ قُلِ الحَقَّ لَكَ وَعَلَيْكَ تُسْتَشَارُ مِنْ بَيْنِ أَقْرِبَائِكَ, كُنْ لِلْقُرْآنِ تَالِياً, وَللإِسْلاَمِ فَاشِياً, وَللمَعْرُوْفِ آمِراً, وَعَنِ المُنْكرِ نَاهِياً, وَلِمَنْ قَطَعَكَ وَاصِلاً, وَلِمَنْ سَكَتَ عَنْكَ مُبتَدِئاً, وَلِمَنْ سَألَكَ مُعطِياً, وَإِيَّاكَ وَالنَّمِيْمَةَ فَإِنَّهَا تَزرَعُ الشَّحْنَاءَ فِي القُلُوْبِ, وَإِيَّاكَ وَالتَّعَرُّضَ لِعُيُوْبِ النَّاسِ فَمَنْزِلَةُ المُتَعَرِّضِ لِعُيُوبِ النَّاسِ كَمَنْزِلَةِ الهَدَفِ, إِذَا طَلَبْتَ الجُوْدَ فَعَلَيْكَ بِمَعَادِنِهِ, فَإِنَّ لِلْجُوْدِ مَعَادِنَ, وَللمَعَادِنِ أُصُوْلاً, وَللأُصُوْلِ فُرُوعاً, وَلِلفُرُوعِ ثَمَراً, وَلاَ يَطِيْبُ ثَمَرٌ إلَّا بِفَرعٍ, وَلاَ فَرعٌ إلَّا بِأَصلٍ, وَلاَ أَصلٌ إلَّا بِمَعدنٍ طَيِّبٍ زُرِ الأَخْيَارَ, وَلاَ تَزُرِ الفُجَّارَ, فَإِنَّهُم صَخْرَةٌ لاَ يَتَفَجَّرُ مَاؤُهَا وَشَجَرَةٌ لاَ يَخضَرُّ وَرَقُهَا وَأَرْضٌ لاَ يظهر عشبها.(6/367)
وَعَنْ عَائِذِ بنِ حَبِيْبٍ: قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ: لاَ زَادَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقوَى, وَلاَ شَيْءَ أَحْسَنُ مِنَ الصَّمتِ وَلاَ عَدوَّ أَضرُّ مِنَ الجَهْلِ, وَلاَ دَاءَ أَدْوَأُ مِنَ الكَذِبِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ الفُرَاتِ: أَنَّ جَعْفَراً الصَّادِقَ, قَالَ: لاَ يَتِمُّ المَعْرُوْفُ إلَّا بِثَلاَثَةٍ: بِتَعجِيْلِه, وَتَصْغِيْرِه وَسَترِه.
كَتبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أنبأنا أبو نعيم، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ، حدثنا منصور ابن أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ الخَثْعَمِيُّ وَكَانَ مِنَ الأَخْيَارِ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: إِيَّاكُم وَالخُصُومَةَ فِي الدِّيْنِ, فَإِنَّهَا تَشغَلُ القَلْبَ, وَتُورِثُ النِّفَاقَ.
وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ المَنْصُوْرَ وَقَعَ عَلَيْهِ ذُبَابٌ, فَذَبَّهُ عَنْهُ, فَأَلَحَّ, فَقَالَ لِجَعْفَرٍ: لِمَ خَلَقَ اللهُ الذُّبَابَ؟ قَالَ: لِيُذِلَّ بِهِ الجَبَابِرَةَ.
وَعَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ: إِذَا بَلَغَكَ، عَنْ أَخِيْكَ مَا يَسُوؤُكَ, فَلاَ تَغتَمَّ, فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ كَمَا يَقُوْلُ كَانَتْ عُقوبَةً عُجِّلَتْ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَا يَقُوْلُ كَانَتْ حَسَنَةً لَمْ تَعْمَلْهَا.
قَالَ مُوْسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ-: يَا رَبِّ! أَسْأَلُكَ إلَّا يَذْكُرَنِي أَحَدٌ إلَّا بِخَيْرٍ. قَالَ: مَا فَعَلتُ ذَلِكَ بِنَفْسِي.
أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَطَّافٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ حَدَّثَنِي الحُمَيْدِيُّ، أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ المَالِكِيُّ القَيْسِيُّ بِمِصْرَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي جِدَارٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ رُخَيْمٍ، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ أَبِي الهَيْذَامِ، أَنْبَأَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ قَالَ قَالَ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ قَدِمْتُ مَكَّةَ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ قَدْ أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ لِمَ جُعِلَ المَوْقِفُ مِنْ وَرَاءِ الحَرَمِ وَلَمْ يُصَيَّرْ فِي المَشْعَرِ الحَرَامِ فَقَالَ: الكَعْبَةُ بَيْتُ اللهِ وَالحَرَمُ حِجَابُه وَالمَوْقِفُ بَابُه فَلَمَّا قَصَدَه الوَافِدُوْنَ أَوْقَفَهَم بِالبَابِ يَتَضَرَّعُوْنَ فَلَمَّا أَذِنَ لَهُم فِي الدُّخُولِ أَدْنَاهُم مِنَ البَابِ الثَّانِي وَهُوَ المُزْدَلِفَةُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى كثرة تضرعهم وطول اجتهادهم رحمهم فلما رَحِمَهُم أَمَرَهُم بِتَقْرِيْبِ قُربَانِهم فَلَمَّا قَرَّبُوا قُربَانَهم وَقَضَوْا تَفَثَهُم وَتَطَهَّرُوا مِنَ الذُّنُوْبِ الَّتِي كَانَتْ حِجَاباً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُم أَمَرَهُم بِزِيَارَةِ بَيْتِه عَلَى طَهَارَةٍ قَالَ فَلِمَ كُرِهَ الصَّومُ أَيَّامَ التَّشرِيْقِ قَالَ لأَنَّهم فِي ضِيَافَةِ اللهِ وَلاَ يَجِبُ عَلَى الضَّيفِ أَنْ يَصُوْمَ عِنْدَ مَنْ أَضَافَه قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ, فَمَا بَالُ النَّاسِ يَتَعَلَّقُوْنَ بأستار الكعبة وهي(6/368)
خرق لا تنقع شيئًا؟ قال: ذاك مِثْلُ رَجُلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ جُرمٌ, فَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِهِ, وَيَطُوفُ حَوْلَه, رَجَاءَ أَنْ يَهَبَ لَهُ ذَلِكَ, ذَاكَ الجُرمَ.
وَمِنْ بَلِيْغِ قَوْلِ جَعْفَرٍ, وَذُكِرَ لَهُ بُخلُ المَنْصُوْرِ, فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي حَرَمَه مِنْ دُنْيَاهُ مَا بَذَلَ لأَجَلِه دِيْنَهُ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي حَرْبٍ الصَّفَّارُ، عَنِ الفَضْلِ بنِ الرَّبِيْعِ، عَنْ أَبِيْهِ قال: دعاني المنصور فقال: إن جعفر ابن مُحَمَّدٍ يُلحِدُ فِي سُلْطَانِي, قَتَلَنِي اللهُ إِنْ لَمْ أَقتُلْهُ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَتَطَهَّرَ, وَلَبِسَ ثِيَاباً -أَحْسِبُهُ قَالَ: جُدُداً فَأَقبَلْتُ بِهِ فَاسْتَأْذَنتُ لَهُ فَقَالَ: أَدخِلْهُ قَتَلنِي اللهُ إِنْ لَمْ أَقتُلْهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مُقْبِلاً قَامَ مِنْ مَجْلِسِه فَتَلَقَّاهُ وَقَالَ: مَرْحَباً بِالنَّقِيِّ السَّاحَةِ البَرِيْءِ مِنَ الدَّغَلِ وَالخِيَانَةِ أَخِي وَابْنِ عَمِّي فَأَقعَدَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيْرِه وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَسَأَلَه، عَنْ حَالِه ثُمَّ قَالَ: سَلْنِي، عَنْ حَاجَتِكَ فَقَالَ: أَهْلُ مَكَّةَ وَالمَدِيْنَةِ قَدْ تَأَخَّرَ عَطَاؤُهُم فَتَأْمُرَ لَهُم بِهِ قَالَ: أَفْعَلُ ثُمَّ قَالَ: يَا جَارِيَةُ ائْتِنِي بِالتُّحْفَةِ فَأَتَتْهُ بِمُدْهنٍ زُجَاجٍ فِيْهِ غَالِيَةٌ فَغَلَّفَه بِيَدِهِ, وَانْصَرَفَ فَاتَّبَعْتُه فَقُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ أَتَيْتُ بِكَ وَلاَ أَشُكُّ أَنَّهُ قَاتِلُكَ فَكَانَ مِنْهُ مَا رَأَيْتَ وَقَدْ رَأَيْتُكَ تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ بِشَيْءٍ عِنْدَ الدُّخُولِ فَمَا هُوَ قَالَ قُلْتُ: اللَّهُمَّ احرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لاَ تَنَامُ, وَاكْنُفْنِي بِرُكنِكَ الَّذِي لاَ يُرَامُ, وَاحْفَظْنِي بِقُدرَتِكَ عَلَيَّ, وَلاَ تُهلِكْنِي, وَأَنْتَ رَجَائِي رَبِّ كَمْ مِنْ نَعمَةٍ أَنْعَمتَ بِهَا عَلَيَّ قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا شُكرِي, وَكَم مِنْ بَلِيَّةٍ ابْتَلَيْتَنِي بِهَا قَلَّ لَهَا عِنْدَك صَبْرِي, فَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ نِعمَتِه شُكرِي فَلَمْ يَحرِمْنِي وَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ بَلِيَّتِهِ صَبْرِي فَلَمْ يَخْذُلْنِي وَيَا مَنْ رَآنِي على المعاصي فلم يفضحني, وياذا النعم التي لا تحصى أبدا, وياذا المَعْرُوْفِ الَّذِي لاَ يَنْقَطِعُ أَبَداً أَعِنِّي عَلَى دِيْنِي بِدُنْيَا, وَعَلَى آخِرَتِي بِتَقْوَى, وَاحفَظْنِي فِيْمَا غِبتُ عَنْهُ, وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فِيْمَا خَطَرتُ يَا مَنْ لاَ تَضُرُّه الذُّنُوبُ, وَلاَ تَنقُصُه المَغْفِرَةُ اغْفِرْ لِي مَا لاَ يَضُرُّكَ وَأَعْطِنِي مَا لاَ يَنْقُصُكَ يَا وَهَّابُ أَسْأَلُك فَرَجاً قَرِيْباً وَصَبراً جَمِيْلاً, وَالعَافِيَةَ مِنْ جَمِيْعِ البَلاَيَا, وَشُكرَ العَافِيَةِ.
فَأَعْلَى مَا يَقَعُ لَنَا مِنْ حَدِيْثِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ: مَا أَنْبَأَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ الحَاكِمُ, وَطَائِفَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي(6/369)
أَبِي قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ بِالمَجُوْسِ فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ قَائِماً فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "سُنُّوا بِهِم سُنَّةَ أهل الكتاب"1.
هَذَا حَدِيْثٌ عَالٍ فِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ، أَنْبَأَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَّانٍ "ح" وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو المُنَجِّى عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ قَالاَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى قَالَ: أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الفَضْلِ بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَرْثَمِيَّةُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا وَقفَ عَلَى الصَّفَا كَبَّرَ ثَلاَثاً وَيَقُوْلُ: "لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٍ" يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَيَصْنَعُ عَلَى المَرْوَةِ مِثْلَ ذَلِكَ وَكَانَ إِذَا نَزَلَ مِنَ الصَّفَا مَشَى حَتَّى إِذَا انْصبَّتْ قَدمَاهُ فِي بَطْنِ الوَادِي سعى حتى يخرج منه رواه مسلم2.
__________
1 ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه مالك "1/ 278"، ومن طريقه الشافعي "1182"، والبيهقي "9/ 189" عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، به.
قلت: إسناده ضعيف، محمد بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالب، لم يدرك عمر بن الخطاب، فالإسناد معضل. لكن للحديث شاهد من حديث السائب بن يزيد قَالَ: شَهِدْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْمَا عهد إلى العلاء حين وجهه إلى اليمن قال: ولا يحل لأحد جهل الفرض والسنن، ويحل له ما سوى ذلك، وكتب للعلاء: أن سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب". وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 13" وقال: "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه".
قلت: والحديث قال ابن كثير في "تفسيره" "3/ 80" وقال: لم يثبت بهذا اللفظ". لكن صح عن بجالة بن عبدة قال: كنت كاتبا لجزء من معاوية عم الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة: فرقا بين كل ذي محرم من المجوس. وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسَ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا من مجوس هجر".
أخرجه الطيالسي "225"، والشافعي في "الرسالة" "1183"، وعبد الرزاق "9973"، و"1939"، والحميدي "64"، وأحمد "1/ 190- 191 و194"، وأبو عبيد في الأموال "77"، وابن أبي شيبة "12/ 243"، والبخاري "3156"، و"3157"، واللفظ له، وأبو داود "3043"، والترمذي "1587"، والنسائي في "الكبير" "8768"، والبزار "1060"، وابن الجارود "1105"، وأبو يعلى "860"، والبيهقي "8/ 247- 248" و"9/ 189"، والبغوي "2750" عن بجالة بن عبدة، به.
2 صحيح: أخرجه مسلم "1218".(6/370)
وَبِهِ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ فليح المقرىء بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَيْمُوْنٍ القَدَّاحُ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يُؤْمِنُ مُؤْمِنٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالقَدَرِ كُلِّهِ, حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ, وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيْبَهُ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ, فِيْهِ نَكَارَةٌ, تَفَرَّد بِهِ: القَدَّاحُ. وَقَدْ قَالَ البُخَارِيُّ: ذَاهبُ الحَدِيْثِ. أَخْرَجَهُ: أَبُو عِيْسَى، عَنْ زِيَادِ بنِ يَحْيَى عَنْهُ, فَوَقَعَ بَدَلاً بِعُلُوِّ درجة.
قَالَ المَدَائِنِيُّ, وَشَبَابٌ العُصْفُرِيُّ, وَعِدَّةٌ: مَاتَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَدْ مَرَّ أَنَّ مَوْلِدَه سَنَةَ ثَمَانِيْنَ. أَرَّخَهُ: الجِعَابِيُّ2 وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَنْجَوَيْه, وَأَبُو القَاسِمِ اللاَّلْكَائِيُّ3 فَيَكُوْنُ عُمُرُه ثَمَانِياً وَسِتِّيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ البُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيْحِ" بَلْ فِي كِتَابِ "الأَدَبِ", وَغَيْرِه.
وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلاَدٍ: أَقدمُهُم إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ: وَمَاتَ شَابّاً فِي حَيَاةِ أَبِيْهِ, سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ, وَخلَّفَ مُحَمَّداً, وَعَلِيّاً, وَفَاطِمَةَ فَكَانَ لِمُحَمَّدٍ مِنَ الوَلَدِ جَعْفَرٌ, وَإِسْمَاعِيْلُ فَقَطْ فَوَلَدَ جَعْفَرٌ مُحَمَّداً وَأَحْمَدَ دَرَجَ, وَلَمْ يُعْقِبْ فَوُلِدَ لِمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ جعفر وإسماعيل
__________
1 صحيح بطريقه: أخرجه الترمذي "2145"، وابن عدي في "الكامل" "4/ 187-188"، من طريق عبد الله بن ميمون، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جابر بن عبد الله مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث غريب لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بن ميمون، وهو منكر الحديث".
قلت: إسناده واه بمرة، آفته عبد الله بن ميمون القداح، منكر الحديث كما قال الترمذي. لكن الحديث جاء من طرق مفرقا: فرواه عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ مرفوعا إلى قوله "خيره وشره": أخرجه الآجري في "الشريعة" "ص188" من طرق عن عمرو بن شعيب، به. وإسناده حسن.
وورد عن عكرمة بن عمار، عن شداد، عن ابن عمر مرفوعا به نحوه. عند اللالكائي.
وورد عن إسماعيل بن أبي الحكم الثقفي قال: حدثني ابن أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَهْلِ بنِ سعد الساعدي مرفوعا به. أخرجه اللالكائي، والطبراني في "الكبير" "6/ 5900". وإسناده حسن وله طرق أخرى عن أنس عند ابن عساكر في "تاريخه"، وعن عبادة بن الصامت عند الآجري "ص177" وأحمد "5/ 317"، وابن أبي عاصم في "السنة" "111" فالحديث صحيح بطرقه والله أعلم.
2 هو: الحَافِظُ البَارعُ العَلاَّمَةُ، قَاضِي المَوْصِلِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ التَّمِيْمِيُّ البَغْدَادِيُّ الجِعَابِيُّ، مولدُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أربع وثمانين ومائتين. ومات فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
3 هو: الإمام أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ منصور الطبري الرازي الحافظ الفقيه الشافعي محدث بغداد، ترجمه الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ" "3/ 1083".(6/371)
وَأَحْمَدُ, وَحَسَنٌ. فَوُلدَ لِحَسَنٍ: جَعْفَرٌ الَّذِي مَاتَ بِمِصْرَ, سنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَخلَّفَ ابْنَه مُحَمَّداً, فَجَاءهُ خَمْسَةُ بَنِيْنَ. وَوُلِدَ لإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ: أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَمُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ دَرَجَ, وَلَمْ يُعْقِبْ. فَوُلِدَ لأَحْمَدَ جَمَاعَةُ بَنِيْنَ: مِنْهُم إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ, المُتَوْفَى بِمِصْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فَبنُو مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ عَددٌ كَثِيْرٌ كَانُوا بِمِصْرَ وَبِدِمَشْقَ قَدِ اسْتَوْعَبَهُمْ الشَّرِيْفُ العَابِدُ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَيُعْرَفُ هَذَا بِأَخِي مُحَسِّنٍ كَانَ يَسْكُنُ بِبَابِ تُوْمَا1, مَاتَ قَبْلَ الأَرْبَعِ مائَةٍ, وَذَكَرَ مِنْهُم قَوْماً بِالكُوْفَةِ, وَبَالَغَ فِي نَفْيِ عُبَيْدِ اللهِ المَهْدِيِّ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ مِنْ هَذَا النَّسَبِ الشريف, وألف كتابا في أنه دُعِيَ, وَأَنَّ نِحْلَتَهُ خَبِيْثَةٌ, مَدَارُهَا عَلَى المِخرقَةِ وَالزَّنْدَقَةِ.
رَجَعْنَا إِلَى تَتِمَّةِ آلِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ, فأجلهم وأشرفهم ابنه:
__________
1 باب توما من أحياء دمشق الشرقية.(6/372)
949- موسى الكاظم 2: "ت, ق"
الإِمَامُ, القُدْوَةُ السَّيِّدُ, أَبُو الحَسَنِ العَلَوِيُّ, وَالِدُ الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ مُوْسَى الرِّضَى, مَدَنِيٌّ نَزَلَ بَغْدَادَ.
وَحَدَّثَ بِأَحَادِيْثَ، عَنْ أَبِيْهِ وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى، عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ قُدَامَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ عَلِيٌّ وَإِبْرَاهِيْمُ, وَإِسْمَاعِيْلُ, وَحُسَيْنٌ, وَأَخَوَاهُ عَلِيُّ بنُ جَعْفَرٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ صَدَقَةَ العَنْبَرِيُّ, وَصَالِحُ بنُ يَزِيْدَ, وَرِوَايَتُه يَسِيْرَةٌ؛ لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ رَحِمَهُ اللهُ.
ذَكَرهُ أَبُو حَاتِمٍ, فَقَالَ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ, إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ.
قُلْتُ: لَهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَه حَدِيْثَانِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثمان وعشرين ومائة, بالمدينة.
__________
1 باب توما من أحياء دمشق الشرقية.
2 ترجمته في الجرح والتعديل "8/ ترجمة 625"، تاريخ بغداد "13/ 27"، موضح أوهام الجمع والتفريق "2/ 403"، وفيات الأعيان "5/ ترجمة 746"، الكاشف "3/ ترجمة 5787"، العبر "1/ 287 و340"، ميزان الاعتدال "4/ 201-202"، تهذيب التهذيب "10/ 339"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7257"، شذرات الذهب "1/ 304".(6/372)
قَالَ الخَطِيْبُ: أَقْدَمَهُ المَهْدِيُّ بَغْدَادَ, وَرَدَّهُ ثُمَّ قَدِمَهَا, وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ فِي أَيَّامِ الرَّشِيْدِ قَدِمَ فِي صُحْبَةِ الرَّشِيْدِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ, وَحَبَسَه بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي مَحْبَسِه.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى العَلَوِيُّ, حَدَّثَنِي جَدِّي يَحْيَى بنُ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ, قَالَ: كَانَ مُوْسَى بنُ جَعْفَرٍ يُدْعَى: العَبْدَ الصَّالِحَ مِنْ عِبَادتِه وَاجْتِهَادِه.
رَوَى أَصْحَابُنَا: أَنَّهُ دَخَلَ مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَجَدَ سَجْدَةً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ, فَسُمِعَ وَهُوَ يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِه: عَظُمَ الذَّنْبُ عِنْدِي, فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ, يَا أَهْلَ التَّقْوَى وَيَا أَهْلَ المَغْفِرَةِ فَجَعَلَ يُرَدِّدُهَا حَتَّى أَصْبَحَ.
وَكَانَ سَخِيّاً كَرِيْماً يَبلُغُه، عَنِ الرَّجُلِ أَنَّهُ يُؤذِيْه, فَيَبعَثُ إِلَيْهِ بِصُرَّةٍ فِيْهَا أَلفُ دِيْنَارٍ, وَكَانَ يَصُرُّ الصُّرَرَ بِثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمائَتَيْنِ, ثُمَّ يَقسِمُهَا بِالمَدِيْنَةِ, فَمَنْ جَاءتْه صُرَّةٌ, اسْتَغنَى حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ, مَعَ أَنَّ يَحْيَى بنَ الحَسَنِ مُتَّهَمٌ.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى هَذَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَكْرِيُّ قَالَ: قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ أَطْلُبُ بِهَا دَيْناً, فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ مُوْسَى بنَ جَعْفَرٍ, فَشَكَوتُ إِلَيْهِ. فَأَتَيْتُهُ بِنَقَمَى1 فِي ضَيْعَتِه فَخَرَجَ إِلَيَّ, وَأَكَلتُ مَعَهُ, فَذَكَرتُ لَهُ قِصَّتِي, فَأَعْطَانِي ثَلاَثَ مائَةِ دِيْنَارٍ. ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: وَذَكَرَ لِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ آلِ عُمَرَ كَانَ بِالمَدِيْنَةِ يُؤذِيْهِ, وَيَشتُمُ عَلِيّاً, وَكَانَ قَدْ قَالَ لَهُ بَعْضُ حَاشِيَتِه: دَعْنَا نَقْتُلْهُ فَنَهَاهُم وَزَجَرَهُم.
وَذُكِرَ لَهُ: أَنَّ العُمَرِيَّ يَزْدَرِعُ بِأَرْضٍ, فَرَكِبَ إِلَيْهِ فِي مَزرَعَتِه, فوجده فدخل بحماره, فصاح العمري: لا توطىء زرعنا فوطىء بِالحِمَارِ, حَتَّى وَصَلَ إِلَيْهِ فَنَزَلَ عِنْدَه وَضَاحَكَه وَقَالَ: كَمْ غَرِمتَ فِي زَرعِكَ هَذَا قَالَ: مائَةُ دِيْنَارٍ قَالَ: فَكَم تَرجُو؟ قَالَ: لاَ أعلم الغيب وأرجو إن يجيئني مئتا دينار فأعطاه ثلاث مائة دينار. وَقَالَ: هَذَا زَرعُكَ عَلَى حَالِه فَقَامَ العُمَرِيُّ فَقَبَّلَ رَأْسَه وَقَالَ: اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رسالاته وجعل لَهُ كُلَّ وَقْتٍ فَقَالَ: أَبُو الحَسَنِ لِخَاصَّتِه الَّذِيْنَ أَرَادُوا قَتْلَ العُمَرِيِّ أَيُّمَا هُوَ خَيْرٌ مَا أَرَدْتُم أَوْ مَا أَرَدْتُ أَنْ أُصلِحَ أَمرَهُ بِهَذَا المِقْدَارِ؟.
قُلْتُ: إِنْ صَحَّتْ, فَهَذَا غَايَةُ الحِلْمِ وَالسَّمَاحَةِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي سَعْدٍ, حدثني محمد بن الحسين
__________
1 هو: جانب أحد بالمدينة المنورة، كان لآل أبي طالب.(6/373)
الكِنَانِيُّ اللَّيْثِيُّ, حَدَّثَنِي عِيْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُغِيْثٍ القُرَشِيُّ -وَبَلغَ تِسْعِيْنَ سَنَةً- قَالَ: زَرَعتُ بِطِّيخاً, وَقِثَّاءً, وَقَرعاً بِالجُوَّانِيَّةِ, فَلَمَّا قَرُبَ الخَيْرُ, بَيَّتَنِي الجَرَادُ, فَأَتَى عَلَى الزَّرعِ كُلِّهِ, وَكُنْتُ غَرِمتُ عَلَيْهِ وَفِي ثَمَنِ جَمَلَيْنِ مائَةً وَعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً. فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ, طَلعَ مُوْسَى بنُ جَعْفَرٍ, فَسَلَّمَ, ثُمَّ قَالَ: أَيْش حَالُكَ فَقُلْتُ: أَصْبَحتُ كَالصَّرِيْمِ قَالَ: وَكَم غَرِمتَ فِيْهِ قُلْتُ: مائَةً وَعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً مَعَ ثَمَنِ الجَمَلَيْنِ وَقُلْتُ: يَا مُبَارَكُ ادْخُلْ وَادْعُ لِي فِيْهَا فَدَخَلَ وَدَعَا. وَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "تَمَسَّكُوا بِبَقَايَا المَصَائِبِ"1 ثُمَّ عَلَّقْتُ عَلَيْهِ الجَمَلَيْنِ وَسَقَيْتُه, فَجَعَلَ اللهُ فِيْهَا البَرَكَةَ زَكَتْ, فَبِعتُ مِنْهَا بِعَشْرَةِ آلاَفٍ.
الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ المَوْصِلِيَّ غَيْرَ مرَّةٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي الفَضْلُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: لَمَّا حَبَسَ المَهْدِيُّ مُوْسَى بنَ جَعْفَرٍ رَأَى فِي النَّوْمِ عَلِيّاً يَقُوْلُ: يَا مُحَمَّدُ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم} [مُحَمَّدٌ: 22] . قَالَ الرَّبِيْعُ: فَأَرْسَلَ إِلَيَّ لَيْلاً, فَرَاعَنِي, فَجِئْتُهُ, فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ, وَكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ صَوْتاً, وَقَالَ: عَلَيَّ بِمُوْسَى بنِ جَعْفَرٍ. فَجِئْتُه, بِهِ فَعَانَقَه وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَقَالَ: يَا أبا الحسن إني رأيت أمير المُؤْمِنِيْنَ يَقْرَأُ عَلَيَّ كَذَا فَتُؤْمِنِّي أَنْ تَخْرُجَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِي فَقَالَ: لاَ وَاللهِ لاَ فَعَلتُ ذَلِكَ وَلاَ هُوَ مِنْ شَأْنِي قَالَ صَدَقتَ يَا رَبِيْعُ أَعْطِهِ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ وَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ إِلَى المدينة فأحكمت أمره ليلًا فما أصبحإلَّا وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفَ العَوَائِقِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ شاهين، حدثنا الحسين ابن القَاسِمِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحٍ الأَزدِيُّ قَالَ: حَجَّ الرَّشِيْدُ فَأَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مُوْسَى بنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ يَا ابْنَ عَمِّ افْتِخَاراً عَلَى مَنْ حَوْلَه فَدَنَا مُوْسَى وَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَةِ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ هَارُوْنَ وَقَالَ: هَذَا الفَخْرُ يَا أَبَا الحَسَنِ حَقّاً.
قَالَ يَحْيَى بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بنُ أَبَانٍ قَالَ: حُبِسَ مُوْسَى بنُ جَعْفَرٍ عِنْدَ السِّنْدِيِّ بنِ شَاهَكَ فَسَأَلتْهُ أُخْتُه أَنْ تَوَلَّى حَبسَهُ وَكَانَتْ تَدَيَّنُ فَفَعَلَ فَكَانَتْ عَلَى خِدمَتِه فَحُكِيَ لَنَا أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ إِذَا صَلَّى العَتَمَةَ حَمِدَ اللهَ وَمَجَّدَهُ وَدَعَاهُ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى يَزُولَ اللَّيْلُ فَإِذَا زَالَ اللَّيْلُ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبحَ ثُمَّ يَذْكُرَ حتى تطلع الشمس
__________
1 منكر: نسبه صاحب كنز العمال "3/ 6659" إلى الديلمي في "الفرودس"، وابن صصرى في أماليه عن موسى بن جعفر مرسلا.(6/374)
ثُمَّ يَقعُدَ إِلَى ارْتفَاعِ الضُّحَى, ثُمَّ يَتَهَيَّأَ, وَيَسْتَاكَ, وَيَأْكُلَ, ثُمَّ يَرقُدَ إِلَى قَبْلِ الزَّوَالِ, ثُمَّ يَتَوَضَّأَ, وَيُصَلِّيَ العَصْرَ, ثُمَّ يَذْكُرَ فِي القِبلَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ المَغْرِبَ, ثُمَّ يُصَلِّيَ مَا بَيْنَ المَغْرِبِ إِلَى العَتَمَةِ.
فَكَانَتْ تَقُوْلُ: خَابَ قَوْمٌ تَعَرَّضُوا لِهَذَا الرَّجُلِ. وَكَانَ عَبداً صَالِحاً.
وَقِيْلَ: بَعَثَ مُوْسَى الكَاظِمُ إِلَى الرَّشِيْدِ برِسَالَةٍ مِنَ الحَبْسِ, يَقُوْلُ: إِنَّهُ لَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي يَوْمٌ مِنَ البَلاَءِ, إلَّا انْقَضَى عَنْكَ مَعَهُ يَوْمٌ مِنَ الرَّخَاءِ, حَتَّى نُفضِيَ جَمِيْعاً إِلَى يَوْمٍ لَيْسَ لَهُ انْقِضَاءٌ, يَخسَرُ فِيْهِ المُبْطِلُوْنَ.
وَعَنْ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ السِّنْدِيِّ, قَالَ: كَانَ مُوْسَى عِنْدَنَا مَحْبُوْساً, فَلَمَّا مَاتَ, بَعَثنَا إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ العُدُولِ مِنَ الكَرْخِ, فَأَدخَلْنَاهُم عَلَيْهِ فَأَشْهَدنَاهُم عَلَى مَوْتِه, وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الشُّوْنِيْزِيَّةِ.
قُلْتُ: لَهُ مَشْهَدٌ عَظِيْمٌ مَشْهُوْرٌ بِبَغْدَادَ, دُفِنَ مَعَهُ فِيْهِ حَفِيْدُه الجَوَادُ, وَلِوَلَدِهِ عَلِيِّ بنِ مُوْسَى مَشْهَدٌ عَظِيْمٌ بِطُوْسَ. وَكَانَتْ وَفَاةُ مُوْسَى الكَاظِمِ فِي رَجَبٍ, سنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ. عَاشَ: خَمْساً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً. وَخَلَّفَ عِدَّةَ أَوْلاَدٍ, الجَمِيْعُ مِنْ إِمَاءٍ: عَلِيٌّ, وَالعَبَّاسُ, وَإِسْمَاعِيْلُ, وَجَعْفَرٌ, وَهَارُوْنُ وَحَسَنٌ, وَأَحْمَدُ, وَمُحَمَّدٌ وَعُبَيْدُ اللهِ, وَحَمْزَةُ, وَزَيْدٌ, وَإِسْحَاقُ, وَعَبْدُ ,اللهِ وَالحُسَيْنُ, وَفَضْلٌ وَسُلَيْمَانُ سِوَى البَنَاتِ سَمَّى الجَمِيْعَ الزُّبَيْرُ فِي "النَّسَبِ".(6/375)
950- أشعث بن عبد الله 1: "4, خت"
ابن جابر الأزدي ثُمَّ الحُدَّانِيُّ, البَصْرِيُّ, الأَعْمَى. وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: أَشْعَثُ البَصْرِيُّ, وَأَشْعَثُ الأَعْمَى, وَأَشْعَثُ الأَزْدِيُّ, وَأَشْعَثُ الحُمْلِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَذَلِكَ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ". وَعَنِ: الحَسَنِ, وَشَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْهُ: سِبْطُهُ نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ الكَبِيْرُ, جَدُّ الحَافِظِ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الحَافِظِ. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً مَعْمَرٌ, وَشُعْبَةُ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ, وَالأَنْصَارِيُّ, وآخرون.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ البَصْرَةِ, كَأَشْعَثَ الحُمْرَانِيِّ. وَهُوَ صَالِحُ الحَدِيْثِ. وَقَدْ وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ. وَفِي حَدِيْثِهِ وَهْمٌ, أَوْرَدَه العُقَيْلِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ". وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ.
مَعْمَرٌ عَنِ الأَشْعَثِ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لا يَبُوْلَنَّ أَحَدُكُم فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيْهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الوَسْوَاسِ مِنْهُ"2.
قُلْتُ: مُرَادُه بِالوَسْوَاسِ: أَنْ يُصِيْبَه مَسٌّ مِنَ الجَانِّ. وَمِنْهُ سُمِّيَ المُسرِفُ فِي المَاءِ: مُوَسْوَساً, شُبِّهِ بِالمَجْنُوْنِ, وَلاَ سِيَّمَا إِذَا كَبَّرَ أَحَدُهُم لِلْفَرِيْضَةِ. عَافَاهُمُ اللهُ تعالى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1394"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 984"، ميزان الاعتدال "1/ 265"، تهذيب التهذيب "1/ 355".
2 ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 56"، وأبو داود "27"، والترمذي "21"، والنسائي "1/ 34"، وابن ماجة "304"، من طريق معمر، عن أشعث بن عبد الله، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.(6/375)
951- أشعث بن سوار 1: "م, ت, س, ق"
الكندي, الكُوْفِيُّ, النَّجَّارُ, التَّوَابِيْتِيُّ, الأَفْرَقُ. وَهُوَ الَّذِي يُقَالَ له: صَاحِبُ التَّوَابِيْتِ, وَهُوَ أَشْعَثُ القَاصُّ.
وَهُوَ مَوْلَى ثَقِيْفٍ, وَهُوَ الأَثْرَمُ وَهُوَ قَاضِي الأَهْوَازِ.
حَدَّثَ عَنْ: الشَّعْبِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَالحَسَنِ, وَابْنِ سِيْرِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَعَبْثرُ بنُ القَاسِمِ, وَهُشَيْمٌ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَعِدَّةٌ.
رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ. وَكَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ عَلَى لِيْنٍ فِيْهِ.
قَالَ الثَّوْرِيُّ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ مُجَالِدٍ وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ هُوَ عِنْدِي دُوْنَ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَيِّنٌ وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ وغيره هو أضعف الأشاعثة. وقال النسائي
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 358"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1385"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 978"، المجروحين لابن حبان "1/ 171"، ميزان الاعتدال "1/ 263"، تهذيب التهذيب "1/ 352"، شذرات الذهب "1/ 193".(6/376)
ضَعِيْفٌ. وَأَمَّا ابْنُ عَدِيٍّ, فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً, إِنَّمَا يَغْلَطُ فِي الأَسَانِيْدِ. وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: ضَعِيْفٌ.
وَرَوَى ابْنُ الدَّوْرَقِيُّ، عَنْ يَحْيَى: أَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَمثَلُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ سَالِمٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثَانِ، عَنْ أشعث ابن سَوَّارٍ بِشَيْءٍ قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فَاحِشُ الخَطَأِ كَثِيْرُ الوَهْمِ, وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ, يُعْتَبَرُ بِهِ.
أَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نُلَبِّي، عَنِ النِّسَاءِ, ونرمي عن الصبيان1.
قَالَ أَبُو هَمَّامٍ الدَّلاَّلُ: كَانَ أَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ عَلَى قَضَاءِ الأَهْوَازِ, فَصَلَّى بِهِم, فَقَرَأَ: "النَّجْمَ" فَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ وَلَمْ يَسْجُدْ هُوَ, ثُمَّ صَلَّى يَوْماً, فَقَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّت} [الانشقاق: 1] فَسَجَدَ وَمَا سَجَدُوا.
شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ بنِ سَوَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ: السُّنَّةُ بِالنِّسَاءِ الطَّلاَقُ وَالعِدَّةُ2.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. أَرَّخَهُ: الفَلاَّسُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَنْبَأَنَا مُحَلَّمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْثرُ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:- "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِيْنٌ"3.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، عَنْ قُتَيْبَةَ. وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوْفاً, وهو أصح.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "3038" من طريق أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر بلفظ حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم".
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: الأولى: أشعث بن سوار، ضعيف. والثانية: أبو الزبير المكي محمد ابن مسلم بن تدرس، مدلس، وقد عنعنه.
2 ضعيف: فيه أشعث بن سوار، وهو ضعيف.
3 ضعيف: أخرجه الترمذي "718"، وابن ماجه "1757"، وفي إسناده علتان: الأولى: أشعث بن سوار، ضعيف كما علمت. الثانية: محمد، وهو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضعيف لسوء حفظه. وقال الترمذي في إثره: لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، والصحيح أنه موقوف.(6/377)
952- أشعث بن عبد الملك 1: "4"
الإمام, الفقيه, الثقة أبو هانىء الحُمْرَانِيُّ البَصْرِيُّ مَوْلَى حُمْرَانَ, مَوْلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ.
رَوَى عَنْ: الحَسَنِ, وَابْنِ سِيْرِيْنَ, وَبَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيِّ, وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَخَالِدُ بن الحارث, ويحيى القطان, ومحمد ابن أَبِي عَدِيٍّ, وَحَمَّادُ بنُ مَسْعَدَةَ, وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ, وَأَبُو عَاصِمٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَحَدَ عُلَمَاءِ البَصْرَةِ. قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: هُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ, مَا أَدْرَكتُ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ بَعْدَ ابْنِ عَوْنٍ أَثْبَتَ مِنْ أَشْعَثَ الحُمْرَانِيِّ قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنْ آخرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ, هُوَ أَوْثَقُ مِنْ أَشْعَثَ الحُدَّانِيِّ.
قُلْتُ: مَا عَلِمتُ أَحَداً لَيَّنَهُ. وَذَكَرُ ابْنُ عَدِيٍّ لَهُ فِي "كَامِلِهِ" لاَ يُوْجَبُ تَلْيِينُه بِوَجْهٍ نَعَمْ, مَا أَخْرَجَا لَهُ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" كَمَا لَمْ يُخْرِجَا لِجَمَاعَةٍ مِنَ الأَثْبَاتِ.
قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ ثُمَّ العَجَبَ لأَهْلِ البَصْرَةِ يُقَدِّمُوْنَ أَشْعَثَهُم عَلَى أَشْعَثِنَا أَشْعَثَ بنِ سَوَّارٍ قَالَ: وَهُوَ أَشْعَثُ التَّوَابِيْتِيُّ وهو أشعث القَاصُّ رَوَى، عَنْ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَقَصَّ بِالكُوْفَةِ دَهْراً يُحمَدُ عَفَافُه وَفِقهُهُ وَأَشْعَثُهُم يَقِيسُ عَلَى قَوْلِ الحَسَنِ وَيُحَدِّثُ بِهِ.
قَالَ الأَنْصَارِيُّ: قَالَ لِي أَشْعَثُ الحُمْرَانِيُّ: لاَ تَأْتِ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ فَإِنَّ النَّاسَ يَنْهَوْنَ عَنْهُ.
وَجَاءَ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ: أَنَّهُ أَتَى الأَشْعَثَ يُذَاكِرُه.
يَحْيَى القَطَّانُ عَنْ أَبِي حُرَّةَ, قَالَ: كَانَ أَشْعَثُ الحُمْرَانِيُّ إِذَا أَتَى الحَسَنَ, يَقُوْل لَهُ: يا أبا هانىء انْشُرْ بَزَّكَ انْشُرْ مَسَائِلَكَ.
قَالَ القَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِ الحَسَنِ أَثْبَتَ مِنْ أَشْعَثَ وَمَا أَكْثَرتُ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ كَانَ ثَبْتاً قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ الأَشْعَثَ يَقُوْلُ: كُلُّ شيء حدثتكم، عن الحسن فقد سمعته
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1388"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 990"، ميزان الاعتدال "1/ 266"، تهذيب التهذيب "1/ 357"، شذرات الذهب "1/ 217".(6/378)
مِنْهُ إلَّا حَدِيْثَ الَّذِي رَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ1, وَحَدِيْثَ عَلِيٍّ فِي الخَلاَصِ, وَحَدِيْثاً يُرسِلُهُ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ مَتَى تُحَرَّمُ عَلَيْنَا المَيْتَةُ قَالَ: "إِذَا رَوِيَتْ مِنَ اللَّبَنِ وَحَانَتْ مِيْرَةُ أَهْلِكَ"2.
قَالَ الفَلاَّسُ: قَالَ لِي يَحْيَى: مَنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قُلْتُ: مَنْ عِنْدَ مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ. فَقَالَ: فِي حَدِيْثِ مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: فِي حَدِيْثِ ابن عون. قال يدعون شعبة وَالأَشْعَثَ, وَيَكْتُبُوْنَ حَدِيْثَ ابْنِ عَوْنٍ؟!.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: خَرَجَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ إِلَى عَبَّادَانَ, فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ البَصْرِيُّوْنَ فَقَالُوا: حَدِّثْ, وَلاَ تُحَدِّثْنَا عَنْ ثَلاَثَةٍ: أَشْعَثَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ وَعَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: أَمَّا أَشْعَثُ فَهُوَ لَكُم, وَذَكَرَ الحِكَايَةَ.
النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "النَّمْلُ يُسَبِّحُ" 3.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيْثِه مُسْتقِيْمَةٌ, وَهُوَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ, وهو خير من أشعث ابن سَوَّارٍ بِكَثِيْرٍ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَشْعَثُ عَنِ الحَسَنِ ثَلاَثَةٌ: الحُمْرَانِيُّ -وَهُوَ ثِقَةٌ- وَأَشْعَثُ الحُدَّانِيُّ- يُعْتَبَرُ بِهِ- وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ- هُوَ أَضْعَفُهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَشْعَثُ الحُمْرَانِيُّ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ, وَكَانَ عَالِماً بِمَسَائِلِ الحَسَنِ الدَّقَّاقِ هُوَ بابة هشام بن حسان.
__________
1صحيح: ورد عن أبي بكرة أنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، قال: فركعت دون الصف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصا ولا تعد" أخرجه أحمد "5/ 39 و45"، والبخاري "783"، وأبو داود "683" و"784"، والنسائي "2/ 118"، وابن الجارود "318"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 395"، والبغوي في "شرح السنة" "822" و"823"، والبيهقي "3/ 106" من طرق عن زياد الاعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة، به.
2 ضعيف: ذكره المزي في "تهذيب الكمال" "3/ 284" من طريق حمزة الضبي، عن الحسن أن رجلا قال: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، الحسن مدلس، وقد عنعنه.
3 صحيح: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "1/ 370" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، به. وأخرجه البخاري "3019"، من حديث أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: قرصت نملة نبيا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح".(6/379)
853- الزبيدي 1: "خ, م, د, س, ق"
محمد بن الوليد بن عامر الإِمَامُ, الحَافِظُ, الحُجَّةُ, القَاضِي, أَبُو الهُذَيْلِ الزُّبَيْدِيُّ, الحِمْصِيُّ, قَاضِيهَا.
وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ. وَحَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَمَكْحُوْلٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَالزُّهْرِيِّ, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَعَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ, وَعَامِرِ بنِ جَشِيْبٍ, وَلُقْمَانَ بنِ عَامِرٍ, وَيَحْيَى بنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ, وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, وَسُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ, وَالفَضْلِ بنِ فَضَالَةَ, وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَصْرِيِّ, وَسَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, وَخَلْقٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ, وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ, وَفَرَجُ بنُ فَضَالَةَ, وَيَمَانُ بنُ عَدِيٍّ, وَبَقِيَّةُ, وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ, وَيَحْيَى بنُ حَمْزَةَ القَاضِي, وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ, وَعُتْبَةُ بنُ حَمَّادٍ, وَمُنَبِّهُ بنُ عُثْمَانَ, وَأَخُوْهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ الوَلِيْدِ, وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ سُمَيْعٍ, وَمَسْلَمَةُ بنُ عَلِيٍّ, وَآخَرُوْنَ, وَكَانَ مِنْ أَلِبَّاءِ العُلَمَاءِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَقَالَ هُوَ أَثْبَتُ يَعْنِي فِي الزُّهْرِيِّ مِنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ وَأَثْبَتُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ مَالِكٌ ثُمَّ مَعْمَرٌ ثُمَّ عَقِيْلٌ: ثُمَّ يُوْنُسُ ثُمَّ شُعَيْبٌ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَالزُّبَيْدِيُّ وَقَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يُفَضِّلُ مُحَمَّدَ بنَ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيَّ على جميع من سمع من الزهري.
سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ البَهْرَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ, حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ، عَنْ أَخِيْهِ مُحَمَّدٍ, قَالَ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ أَقرَأُ عَلَيْهِ, وَأَسْمَعُ مِنْهُ فَقَالَ: تَسْأَلُنِي وَهَذَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ بَيْنَ أَظهُرِكُم, وَقَدِ احْتوَى عَلَى مَا بَيْنَ جَنْبِيَّ مِنَ العِلْمِ؟! وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, وَأَبُو زُرْعَةَ, وَالنَّسَائِيُّ ثِقَةٌ زَادَ عَلِيٌّ ثَبْتٌ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ: ثِقَةٌ, ثَبْتٌ, يُشبِهُ حَدِيْثُه حَدِيْثَ عُقَيْلٍ, وَالزُّبَيْدِيُّ فَوْقَه. حَدَّثَنِي أَبُو اليَمَانِ, قَالَ: سُئِلَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: كَيْفَ وَعِنْدَكُمُ الزُّبَيْدِيُّ وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ قَالَ كَانَ الزُّبَيْدِيُّ عَلَى بَيْتِ المَالِ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ مُعجَباً بِهِ يُقَدِّمُه على جميع أهل حمص.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 811"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 131" و"2/ 349"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 949"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 157"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 174"، تهذيب التهذيب "9/ 502"، شذرات الذهب "1/ 224".(6/380)
وَرَوَى بَقِيَّةُ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ, قَالَ: أَقَمْتُ مَعَ الزُّهْرِيِّ عَشرَ سِنِيْنَ بِالرُّصَافَةِ -يَعْنِي: رُصَافَةَ هِشَامٍ بِالشَّامِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ الزُّبَيْدِيُّ أَعْلَمَ أَهْلِ الشَّامِ بِالفَتْوَى وَالحَدِيْثِ, وَكَانَ ثِقَةً. إِنْ شَاءَ اللهُ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ نُظَرَاءِ الأَوْزَاعِيِّ فِي العِلْمِ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: الزُّبَيْدِيُّ مِنْ ثِقَاتِ المُسْلِمِيْنَ فَإِذَا جَاءكَ الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, فَاسْتَمْسِكْ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ أَثْبَتُ مِنَ الزُّبَيْدِيِّ. ثُمَّ قَالَ: أَبُو دَاوُدَ لَيْسَ فِي حَدِيْثِهِ خَطَأٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنَ الحُفَّاظِ المُتقِنِيْنَ, أَقَامَ مَعَ الزُّهْرِيِّ عَشرَ سِنِيْنَ, حَتَّى احْتَوَى عَلَى أَكْثَرِ عِلْمِه, وَهُوَ مِنَ الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ أَصْحَابِهِ.
قُلْتُ: أَيْنَ مَنْ يُقِيْمُ مَعَ الزُّهْرِيِّ بِالحِجَازِ أَيَّاماً, إِلَى مَنْ أَقَامَ مَعَهُ فِي وَطَنِه عَشرَ سِنِيْنَ?! مَا فَوْقَ الزُّبَيْدِيِّ فِي الجَلاَلَةِ وَالإِتقَانِ لِعِلْمِ الزُّهْرِيِّ أَحَدٌ أَصلاً, وَلَكِنَّهُ مَاتَ قَدِيْماً, فَلَمْ يَنتَشِرْ عَنْهُ كَثِيْرُ عِلْمٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ, وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى البَغْدَادِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": مَاتَ وَهُوَ شَابٌّ, فِي المُحَرَّمِ, سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. كَذَا قَالَ: وَهُوَ شَابٌّ, وَهَذَا وَهْمٌ, بَلْ كَبِرَ وَشَاخَ, وَحَدِيْثُه نَحْوُ المائَتَيْنِ فَصَاعِداً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعاً وَقَرَأتُه عَلَى سُلَيْمَانَ الفَقِيْهِ قَالاَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عِيْسَى الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَزَّارُ بِالرَّيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ محمد ابن أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْدَانَ "ح" وَأَنْبَأَنَا الخَضِرُ بنُ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَزْوِيْنِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتَّةِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأَرْغَنْدِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الصَّاعِدِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَبَّازِيُّ وأبو سهل محمدبن أَحْمَدَ قَالُوا ثَلاَثَتُهُم، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ الكُشْمِيْهَنِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مَطَرٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الجُعْفِيُّ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ، أَنْبَأَنَا الزُّهْرِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ: "اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "5739"، ومسلم "2197".(6/381)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, مِنْ طَرِيْقِ مُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ. وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ. وَلَهُ عِلَّةٌ لاَ تَأثِيْرَ لَهَا -إِنْ شَاءَ اللهُ- فَرَوَاهُ: عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلاً. وَمُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ دَلَّسَ اسْمَه البُخَارِيُّ, وَنَسَبَه إِلَى جَدِّ أَبِيْهِ, وَهُوَ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ الذُّهْلِيُّ, الَّذِي صَنَّفَ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ, وَهَذَا الحَدِيْثُ مِنْ ثُمَانِيَّاتِ البُخَارِيِّ وَقَدْ وَقَعَ لَهُ ثُلاَثِيَّاتٌ مَعْرُوْفَةٌ, وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ وَقَعَ لَنَا عَزِيْزاً مُسَلْسَلاً بِالمُحَمَّدِيْنَ إِلَى عُرْوَةَ, وَلاَ نَظِيْرَ لَهُ, وَعِدَّتُهُم خَمْسَةَ عَشَرَ مُحَمَّداً, وَأَنَا السَّادِسَ عَشَرَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ البَنَّاءِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ زُنْبُوْرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبٍ، عَنْ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ, فَأَكُوْنُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ فَيَكْسُوْنِي عَزَّ وَجَلَّ حُلَّةً خَضْرَاءَ ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فَأَقُوْلُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ أَقُوْلَ فَذَلِكَ المَقَامُ المَحْمُوْدُ" 1. هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجُوْهُ فِي الكتب الستة.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 456" من طريق محمد بن حرب، حدثنا الزبيدي، به.(6/382)
954- مجالد بن سعيد 1: "4, م, تبعا"
ابن عمير بن بسطام, وَيُقَالُ: ابْنُ ذِي مُرَّانَ بنِ شُرَحْبِيْلَ, العَلاَّمَةُ, المُحَدِّثُ, أَبُو عَمْرٍو. وَيُقَالُ: أَبُو عُمَيْرٍ. وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيْدٍ الكُوْفِيُّ, الهَمْدَانِيُّ, وَالِدُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُجَالِدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: الشَّعْبِيِّ, وَأَبِي الوَدَّاكِ جَبْرِ بنِ نَوْفٍ, وَقَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ, وَمُرَّةَ الهَمْدَانِيِّ, وَزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ, وَوَبَرَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, هَؤُلاَءِ السَّبعَةُ هُمُ المَذْكُوْرُوْنَ لَهُ فِي "التَّهْذِيْبِ".
وُلِدَ فِي أَيَّامِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ, وَلَكِنْ لاَ شَيْءَ لَهُ عَنْهُم وَيُدرَجُ فِي عِدَادِ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ وَفِي حديثه لين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 349"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 1950"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 160 و440 و457" و"2/ 30 و32و165و218" و"3/ 17 و51 و83و100و118"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1653"، المجروحين لابن حبان "3/ 10"، تاريخ الإسلام "6/ 129"، الكاشف "3/ ترجمة 5384"، العبر "1/ 197 و347 و353"، ميزان الاعتدال "3/ 438"، تهذيب التهذيب "10/ 39"، وخلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6851"، شذرات الذهب "1/ 216".(6/382)
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ, وَشُعْبَةُ وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ, وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ وَهُشَيْمٌ, وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ, وَأَبُو عَقِيْلٍ الثَّقَفِيُّ, وَابْنُ نُمَيْرٍ, وَيَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ, وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ, وَأَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ, وَمُحَاضِرٌ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ التَّابِعِيْنَ، عَنِ الأَتْبَاعِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُضَعِّفُه وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ لاَ يَرْوِيَ لَهُ شَيْئاً, وَكَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَاهُ شَيْئاً يقول: ليس بشيء وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: مُجَالِدٌ حَدِيْثُه عِنْدَ الأَحْدَاثِ, يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, وَأَبِي أُسَامَةَ, لَيْسَ بِشَيْءٍ, وَلَكِنْ حَدِيْثُ شُعْبَةَ, وَحَمَّادِ بنِ زَيْدٍ, وَهُشَيْمٍ, وَهَؤُلاَءِ القُدَمَاءِ -يَعْنِي: أَنَّهُ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ لِعُبَيْدِ اللهِ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قَالَ: أذهب إلى وهب بن جرير أكتب السيرة -يَعْنِي: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مُجَالِدٍ- قَالَ: تَكْتُبُ كَذِباً كَثِيْراً, لَوْ شِئْتَ أَنْ يَجْعَلَهَا لَكَ مُجَالِدٌ كُلَّهَا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ, فَعَلَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: مُجَالِدٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ, يَرْفَعُ حَدِيْثاً لاَ يَرْفَعُه النَّاسُ, وَقَدِ احْتَمَلَه النَّاسُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ مَرَّةً: ضَعِيْفٌ. كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: لَوْ أَرَدْتُ أَنْ يَرْفَعَ لِي مُجَالِدٌ حَدِيْثَه كُلَّه, رَفَعَهُ. رَوَاهَا: ابْنُ أَبِي خيثمة، عن يحيى.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ، وَعَنْ غَيْرِ جَابِرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ, وَعَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ غَيْرُ مَحْفُوْظٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: شِيْعِيٌّ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ ضَعِيْفٌ وَقِيْلَ: لِخَالِدٍ الطَّحَّانِ: لِمَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ مُجَالِدٍ؟ قَالَ: لأَنَّهُ كَانَ طَوِيْلَ اللحية.(6/383)
قُلْتُ: مِنْ أَنْكَرِ مَا لَهُ فِي "جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ" حَدِيْثُه: عَنْ عَامِرٍ, عَنْ مَسْرُوْقٍ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَوْ شِئْتُ لأَجْرَى اللهُ مَعِيَ جِبَالَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ"1.
قَالَ البُخَارِيُّ مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ, سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحَرَسْتَانِيِّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُسَلَّمِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَلاَّبٍ، أنبأنا ابن جميع، أنبأنا أحمد بن محمد بنِ عِيْسَى العَمَّارِيُّ بِالأَثَارِبِ2, حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ العَمِّيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ, عَنْ أَبِي الوَدَّاكِ, عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "ثَلاَثَةٌ يَضْحَكُ
اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ الرَّجُلُ إِذَا قَامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ وَالقَوْمُ إِذَا صَفُّوا لِلصَّلاَةِ وَالقَوْمُ إِذَا صَفُّوا لِقِتَالِ العَدُوِّ"3 أَخْرَجَهُ: ابْنُ مَاجَه, عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بن إسماعيل, عن مجالد.
__________
1 ضعيف: فيه مجالد بن سعيد، وهو مجمع على ضعفه.
2 الأثارب: قلعة بين حلب وأنطاكية، بينها وبين حلب ثلاثة فراسخ.
3 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 80"، وابن ماجه "205"، وفي إسناده مجالد، وهو ابن سعيد، ضعيف. وأبو الوداك هو جبر بن نوف الهمداني، صدوق.(6/384)
955- يونس بن عبيد 1: -ع-
ابن دينار الإِمَامُ القُدْوَةُ, الحُجَّةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ العَبْدِيُّ مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ, وَفُضَلاَئِهِم.
رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: الحَسَنِ, وَابْنِ سيرين, وعطاء وعكرمة ونافع منولى ابْنِ عُمَرَ وَزِيَادِ بنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ وَعَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ الثَّقَفِيِّ وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ وَالحَكَمِ بنِ الأَعْرَجِ وَحُصَيْنِ بنِ أَبِي الحُرِّ وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ وَأَبِي العَالِيَةِ البَرَّاءِ وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ حَجَّاجُ بنُ حَجَّاجٍ وَشُعْبَةُ وسفيان وحماد بن سلمة ويزيد ابن زُرَيْعٍ وَهُشَيْمٌ وَعَبْدُ الوَارِثِ وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الأَعْلَى وَعَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ وَأَبُو هَمَّامٍ مُحَمَّدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ وَسَالِمُ بن نوح ووهيب وخلق كثير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 260"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3488"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 34 و53 و19 و165"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1020" حلية الأولياء "3/ ترجمة 202"، تاريخ الإسلام "5/ 318"، الكاشف "3/ ترجمة 6589"، تهذيب التهذيب "11/ 442"، شذرات الذهب "1/ 207".(6/384)
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ حَدِيْثٍ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ كَانَ ثِقَةً كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ وَالنَّاسُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ وَأَكْبَرُ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ لا يبلغ التيمي منزلة يونس.
وَعَنْ سَلَمَةَ بنِ عَلْقَمَةَ قَالَ: جَالَستُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ آخُذَ عَلَيْهِ كَلِمَةً قَالَ ابْنُ سَعْدٍ مَا كَتَبتُ شَيْئاً قَطُّ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ يُوْنُسُ يُحَدِّثُ ثُمَّ يَقُوْلُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ, أَسْتَغْفِرُ اللهَ ثَلاَثاً.
رَوَى الأَصْمَعِيُّ, عَنْ مُؤَمَّلِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ شَامِيٌّ إِلَى سُوْقِ الخَزَّازِيْنَ فَقَالَ: عِنْدَكَ مُطْرفٌ بِأَرْبَعِ مائَةٍ؟ فَقَالَ يُوْنُسُ بن عبيد: عندنا بمئتين. فَنَادَى المُنَادِي: الصَّلاَةَ فَانْطَلَقَ يُوْنُسُ إِلَى بَنِي قُشَيْرٍ لِيُصَلِّيَ بِهِم فَجَاءَ وَقَدْ بَاعَ ابْنُ أُخْتِه المُطْرفَ مِنَ الشَّامِيِّ بِأَرْبَعِ مائَةٍ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الدَّرَاهِمُ? قَالَ: ثَمَنُ ذَاكَ المُطْرفِ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا المُطْرفُ الَّذِي عرضته عليك بمئتي درهم فإن شئت فخذه وخذ مئتين وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْه قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ قَالَ أَسْأَلُكَ بِاللهِ من أنت وما اسمك قال يونس ابن عُبَيْدٍ قَالَ فَوَاللهِ إِنَّا لَنَكُوْنُ فِي نَحرِ العَدُوِّ فَإِذَا اشْتَدَّ الأَمرُ عَلَيْنَا قُلْنَا اللَّهُمَّ رَبَّ يُوْنُسَ فَرِّجْ عَنَّا أَوْ شَبِيْهَ هَذَا..
فَقَالَ يُوْنُسُ: سُبْحَانَ اللهِ, سُبْحَانَ اللهِ. إِسْنَادُهَا مُرْسَلٌ.
وَقَالَ أُمَيَّةُ بنُ خَالِدٍ: جَاءتِ امْرَأَةٌ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ بِجُبَّةِ خَزٍّ, فَقَالَتْ لَهُ: اشْتَرِهَا. قَالَ بِكَم? قَالَتْ: بِخَمْسِ مائَةٍ. قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَتْ: بِسِتِّ مائَةٍ قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى بَلَغَتْ أَلْفاً وَكَانَ يَشْتَرِي الإِبْرِيْسمَ مِنَ البَصْرَةِ فَيَبْعَثُ بِهِ إِلَى وَكِيْلِه بِالسُّوْسِ, وَكَانَ وكيله يبعث إليه بالخزو فَإِنْ كَتَبَ وَكِيْلُه إِلَيْهِ إِنَّ المَتَاعَ عِنْدَهُم زَائِدٌ لَمْ يَشتَرِ مِنْهُم أَبَداً حَتَّى يُخْبِرَهُم أَنَّ وَكِيْلَه كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ المَتَاعَ عِنْدَهُم زائد.
قَالَ بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ: جَاءتِ امْرَأَةٌ بِمُطْرفٍ خَزٍّ إِلَى يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ تَعرِضُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: بِكَم قَالَتْ: بِسِتِّيْنَ دِرْهَماً فَأَلقَاهُ إِلَى جَارِهِ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَاهُ قَالَ: بِعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ قَالَ أَرَى ذَاكَ ثَمَنَه أَوْ نَحْواً مِنْ ثَمَنِه فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي فَاسْتَأْمِرِي أَهْلَكِ فِي بَيْعِه بِخَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ قَالَتْ: قَدْ أَمرُوْنِي أَنْ أَبِيْعَه بِسِتِّيْنَ قَالَ ارْجِعِي فَاسْتَأْمِرِيْهِم.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ حَدَّثَنَا أَسْمَاءُ بنُ عُبَيْدٍ سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَعَزَّ مِنْ شَيْئَيْنِ: دِرْهَمٍ طَيِّبٍ, وَرَجُلٍ يَعْمَلُ عَلَى سُنَّةٍ. وَقَالَ: بِئْسَ المَالُ مَالُ المُضَارَبَةِ, وَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الدَّيْنِ, مَا خط على سوداء في بيضاء قط ولا أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لِمائَةِ دِرْهَمٍ أَصَبْتُهَا(6/385)
إِنَّهُ طَابَ لِي مِنْهَا عَشْرَةٌ, وَايْمُ اللهِ, لَوْ قُلْتُ: خَمْسَةٌ, لَبَرَرْتُ. قَالَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ. وَسَمِعْتُه يَقُوْلُ: مَا سَارِقٌ يَسرِقُ النَّاسَ بَأْسوَأَ عِنْدِي مَنْزِلَةً مِنْ رَجُلٍ أَتَى مُسْلِماً فَاشْتَرَى مِنْهُ مَتَاعاً إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّىً فَحَلَّ الأَجَلُ فَانْطَلقَ فِي الأَرْضِ, يَضرِبُ يَمِيْناً وَشِمَالاً يَطْلُبُ فِيْهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاللهِ لاَ يُصِيْبُ مِنْهُ دِرْهَماً إلَّا كَانَ حَرَاماً.
الأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا سَكَنٌ صَاحِبُ الغَنَمِ قَالَ: جَاءنِي يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ بِشَاةٍ, فَقَالَ: بِعْهَا وَابْرَأْ مِنْ أَنَّهَا تَقْلِبُ العَلَفَ وَتَنْزِعُ الوَتَدَ, فَبَيِّنْ قَبْلَ أَنْ يقع البيع.
قال أبو عبد الرحمن المقرىء: نَشَرَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ ثَوْباً عَلَى رَجُلٍ فَسَبَّحَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ فَقَالَ: ارْفَعْ أَحْسِبُهُ قَالَ: مَا وَجَدْتَ مَوْضِعَ التَّسْبِيْحِ إلَّا هَا هُنَا؟.
وَعَنْ جَعْفَرِ بنِ بُرْقَانَ قَالَ: بَلَغَنِي عن يونس فضل وصلاح فأحببت أن أَكْتُبَ إِلَيْهِ أَسْأَلُه فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَتَانِي كِتَابُكَ تَسْأَلُنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ بِمَا أَنَا عَلَيْهِ. فَأُخْبِرُكَ أَنِّي عَرَضتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لَهَا وَتَكْرَهَ لَهُم مَا تَكْرَهُ لَهَا فَإِذَا هِيَ مِنْ ذَاكَ بَعِيْدَةٌ ثُمَّ عَرَضتُ عَلَيْهَا مَرَّةً أُخْرَى تَرْكَ ذِكْرِهِم إلَّا مِنْ خَيْرٍ فَوَجَدتُ الصَّومَ فِي اليَوْمِ الحَارِّ أَيسَرَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ هَذَا أَمْرِي يَا أَخِي وَالسَّلاَمُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ:قِيْلَ: إِنَّ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ قَالَ إِنِّي لأعد مئة خَصلَةٍ مِنْ خِصَالِ البِرِّ مَا فِيَّ مِنْهَا خَصلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ قَالَ سَعِيْدٌ: عَنْ جَسْرٍ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ أَيَّامَ الأَضْحَى فَقَالَ: خُذْ لَنَا كَذَا وَكَذَا مِنْ شَاةٍ ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا أُرَاهُ يُتَقَبَّلُ مِنِّي شَيْءٌ قَدْ خَشِيْتُ أَنْ أَكُوْنَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
قُلْتُ: كُلُّ مَنْ لَمْ يَخْشَ أَنْ يَكُوْنَ فِي النَّارِ فَهُوَ مَغْرُوْرٌ, قَدْ أَمِنَ مَكْرَ اللهِ بِهِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: عَنْ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ -أَوْ غَيْرِهِ- قَالَ: مَا كَانَ يُوْنُسُ بِأَكْثَرِهِم صَلاَةً وَلاَ صَوماً وَلَكِنْ -لاَ وَاللهِ- ما حضر حق لله إلَّا وهو متهيىء لَهُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ يُوْنُسُ: هَان عَلَيَّ أَنْ آخذَ نَاقِصاً, وَغَلَبَنِي أَنْ أُعْطِيَ رَاجِحاً وَقِيْلَ: إِنَّ يُوْنُسَ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ عِنْدَ المَوْتِ, وَبَكَى, فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: قَدَمَايَ لَمْ تَغْبَرَّ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ عَنْ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ قَالَ: لاَ تَجِدُ مِنَ البِرِّ شَيْئاً وَاحِداً يَتبَعُهُ البِرُّ كُلُّه غَيْرَ اللِّسَانِ فَإِنَّكَ تَجِدُ الرَّجُلَ يُكثِرُ الصيام ويفطر عَلَى الحَرَامِ وَيَقُوْمُ اللَّيلَ وَيَشْهَدُ بِالزُّورِ بِالنَّهَارِ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا. وَلَكِنْ لاَ تَجِدُه لا يتكلمإلَّا بحق فيخالف ذلك عمله أبدًا.(6/386)
وعن جابر لِيُوْنُسَ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ اسْتِغْفَاراً مِنْ يُوْنُسَ, كَانَ يَرْفَعُ طَرْفَه إِلَى السَّمَاءِ وَيَسْتَغْفِرُ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ يَقُوْلُ: تُوشكُ عَيْنُكَ أَنْ تَرَى مَا لَمْ تَرَ, وَأَذُنُكَ أَنْ تَسْمَعَ مَا لَمْ تَسْمَعْ, ثُمَّ لاَ تَخْرُجَ مِنْ طَبَقَةٍ إلَّا دَخَلتَ فِيْمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا حَتَّى يَكُوْنَ آخِرَ ذَلِكَ الجَوَازُ عَلَى الصِّرَاطِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: شَكَا رَجُلٌ إِلَى يُوْنُسَ وَجَعاً فِي بَطْنِه, فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ هَذِهِ دَارٌ لاَ تُوَافِقُكَ, فَالْتَمِسْ دَاراً تُوَافِقُكَ.
وَقَالَ غَسَّانُ بنُ المُفَضَّلِ الغَلاَبِيُّ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا, قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ فَشَكَا إِلَيْهِ ضِيقاً مِنْ حَالِهِ وَمَعَاشِه وَاغتِمَاماً بِذَلِكَ فَقَالَ: أَيَسُرُّكَ بِبَصَرِكَ مائَةُ أَلْفٍ؟ قَالَ: لاَ قَالَ: فَبِسَمْعِكَ قَالَ: لاَ قَالَ: فَبِلِسَانِكَ قَالَ: لاَ قَالَ: فَبِعَقْلِكَ قَالَ: لاَ فِي خِلاَلٍ وَذَكَّرَه نِعَمَ اللهِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يُوْنُسُ أَرَى لَكَ مِئِيْنَ أُلُوفاً, وَأَنْتَ تَشكُو الحَاجَةَ?!.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: عَمدنَا إِلَى مَا يُصلِحُ النَّاسَ, فَكَتَبْنَاهُ وَعَمدنَا إِلَى مَا يُصلِحُنَا فَتَرَكْنَاهُ.
وَعَنْ يُوْنُسَ قَالَ: يُرجَى لِلرَّهِقِ بِالبِرِّ الجَنَّةُ وَيُخَافُ عَلَى المُتَأَلِّهِ بِالعُقُوقِ النَّارُ.
قَالَ حَزْمُ بنُ أَبِي حَزْمٍ: مَرَّ بِنَا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ عَلَى حِمَارٍ, وَنَحْنُ قُعُوْدٌ عَلَى بَابِ ابْنِ لاَحِقٍ, فَوَقَفَ فَقَالَ أَصْبَحَ مَنْ إِذَا عُرِّفَ السُّنَّةَ عَرَفَهَا غَرِيْباً وَأَغرَبُ مِنْهُ الَّذِي يُعَرِّفُهَا.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: حَدَّثَنَا جَسْرٌ أَبُو جَعْفَرٍ قُلْتُ: لِيُوْنُسَ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ يَخْتَصِمُوْنَ فِي القَدَرِ فَقَالَ لَوْ هَمَّتْهُم ذُنُوْبُهُم, مَا اخْتَصَمُوا فِي القَدَرِ.
قَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: غَلاَ الخَزُّ فِي مَوْضِعٍ كَانَ إِذَا غَلاَ هُنَاكَ غَلاَ بِالبَصْرَةِ, وَكَانَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ خَزَّازاً فَعَلِمَ بِذَلِكَ فَاشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ مَتَاعاً بِثَلاَثِيْنَ أَلْفاً. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لِصَاحِبِهِ: هَلْ كُنْتَ عَلِمتَ أَنَّ المَتَاعَ غَلاَ بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: لاَ وَلَوْ عَلِمتُ لَمْ أَبِعْ. قال: هلم إلي مالي, وخذ ما لك, فَرَدَّ عَلَيْهِ الثَّلاَثِيْنَ الأَلْفَ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ يَقُوْلُ: مَا هَمَّ رَجُلاً كَسْبُهُ إلَّا هَمَّهُ أَيْنَ يَضَعُه؟.
مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ, عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ, قَالَ: مَا رأيت أحدًا يطلب بالعلم وجه اللهإلَّا يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ.(6/387)
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, قَالَ: قَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: ثَلاَثَةٌ احْفَظُوهُنَّ عَنِّي: لاَ يَدْخُلْ أَحَدُكُم عَلَى سُلْطَانٍ يَقْرَأُ عَلَيْهِ القُرْآنَ وَلاَ يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُم مَعَ امْرَأَةٍ يَقْرَأُ عَلَيْهَا القُرْآنَ, وَلاَ يُمَكِّنْ أَحَدُكُم سَمْعَهُ مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ.
ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ سَمِعْتُ يُوْنُسَ وَابْنَ عَوْنٍ اجْتَمَعَا, فَتَذَاكَرَا الحَلاَلَ وَالحَرَامَ, فَكِلاَهُمَا قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي مَالِي دِرْهَماً حَلاَلاً.
قُلْتُ: وَالظَنُّ بِهِمَا أَنَّهُمَا لاَ يَعْرِفَانِ فِي مَالِهِمَا أَيْضاً دِرْهَماً حَرَاماً.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: سَمِعْتُ يُوْنُسَ يَقُوْلُ: خَصْلَتَانِ إِذَا صَلَحَتَا مِنَ العَبْدِ, صَلُحَ مَا سواهما صلاته, ولسانه.
وَرَوَى سَلاَّمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ, عَنْ يُوْنُسَ, قَالَ: رَحِمَ اللهُ الحَسَنَ, إِنِّي لأَحْسِبُ الحَسَنَ تَكَلَّمَ حُسبَةً, رَحِمَ اللهُ مُحَمَّداً إِنِّي لأَحسِبُه سَكَتَ حُسبَةً.
سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بنُ مَيْمُوْنٍ الصَّدُوْقُ المُسْلِمُ, عَنْ خُوَيلٍ -يَعْنِي: خَتَنَ شُعْبَةَ- قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ يُوْنُسَ فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَنْهَانَا عَنْ مُجَالَسَةِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ, وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُكَ? قَالَ: ابْنِي؟! قَالَ: نَعَمْ فَتَغَيَّظَ الشَّيخُ, فَلَمْ أَبرَحْ حَتَّى جَاءَ ابْنُه, فَقَالَ: يَا بُنَيَّ قَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي عَمْرٍو ثُمَّ تَدخُلُ عَلَيْهِ قَالَ: كَانَ مَعِي فُلاَنٌ, وَجَعَلَ يَعْتَذِرُ. قَالَ: أَنْهَاكَ عَنِ الزِّنَى, وَالسَّرِقَةِ, وَشُربِ الخَمْرِ, وَلأَنْ تَلْقَى اللهَ بِهنَّ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَلقَاهُ بِرَأْيِ عَمْرٍو, وَأَصْحَابِ عَمْرٍو.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ يُوْنُسُ: إِنِّي لأَعُدُّهَا مِنْ نِعْمَةِ اللهِ أَنِّي لَمْ أَنْشَأْ بِالكُوْفَةِ.
وَقِيْلَ: الْتَقَى يُوْنُسُ وَأَيُّوْبُ, فَلَمَّا تَفَرَّقَا, قَالَ أَيُّوْبُ: قَبَّحَ اللهَ العَيْشَ بَعْدَك.
وَقَالَ فُضَيْلُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ, قَالَ: أَرَادَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ أَنْ يُلجِمَ حِمَاراً, فَلَمْ يُحسِنْ, فَقَالَ لِصَاحِبٍ لَهُ: تَرَى اللهَ كَتَبَ الجِهَادَ عَلَى رَجُلٍ لاَ يُلجِمُ حِمَاراً؟!.
أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صُدْرَانَ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بنُ أَبِي عَامِرٍ الخَرَّازُ سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ وَهُوَ يَرثِي بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ:
مِنَ المَوْتِ لاَ ذُوْ الصَّبْرِ يُنْجِيْهِ صَبْرُهُ ... وَلاَ لجزوع كاره الموت مجزع
أَرَى كُلَّ ذِي نَفْسٍ وَإِنْ طَالَ عُمْرُهَا ... وَعَاشَتْ لَهَا سُمٌّ مِنَ المَوْتِ مُنْقَعُ(6/388)
فكل امرىء لاَقٍ مِنَ المَوْتِ سَكْرَةً ... لَهُ سَاعَةٌ فِيْهَا يَذِلُّ وَيَضْرَعُ
وَإِنَّك مَنْ يُعْجِبْكَ لاَ تَكُ مِثْلَهُ ... إِذَا أَنْتَ لَمْ تَصْنَعْ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: وُلِدَ يُوْنُسُ قَبْلَ طَاعُوْنِ الجَارِفِ وَقِيْلَ: كَانَ يُوْنُسُ أَسَنَّ مِنْ أَبِي عَوْنٍ بِسَنَةٍ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَاتَ يُوْنُسُ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ فَهْدُ بنُ حَيَّانَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدَ اللهِ ابْنَيْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ وَابْنَيْ سُلَيْمَانَ يَحْمِلُوْنَ سَرِيْرَ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ عَلَى أَعْنَاقِهِم فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ هَذَا وَاللهِ الشَّرَفُ!
قُلْتُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ بَعْدَ أَنْ بُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ بِالشَّامِ وَغَيْرِهَا, قَدْ عَمِلَ مَصَافّاً مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ, فَانْهَزَمَ جَيْشُ عَبْدِ اللهِ وَفَرَّ هُوَ إِلَى عِنْدِ أَخِيْهِ أَمِيْرِ البَصْرَةِ سُلَيْمَانَ فَأَجَارَهُ مِنَ المَنْصُوْرِ.
فَأَمَّا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: فَشَيْخٌ لاَ يُعْرَفُ مِنْ مَوَالِي ثَقِيْفٍ. لَهُ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ: كَانَتْ راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سَوْدَاءَ مِنْ نَمِرَةٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى أَبِي يَعْقُوْبَ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الثَّقَفِيِّ أَخْرَجَهُ: أبو داود والترمذي وابن ماجه.
فَيَظُنُّه مَنْ لاَ يَدْرِي أَنَّهُ الإِمَامُ البَصْرِيُّ, صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ.
وَرَوَى حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ, عَنْ يُوْنُسَ عَنِ البَرَاءِ: لَهُ فِي أَوَّلِ:غَرِيْبِ أَبِي عُبَيْدٍ". فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ صَاحِبَ التَّرْجَمَةِ لاَ يُدْرِكُ البَرَاءَ. فَيَقُوْلُ: مَا المَانَعُ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ رَوَى عَنِ البَرَاءِ مُرْسَلاً؟ فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّ صَاحِبَ التَّرجَمَةِ مِنْ مَوَالِي عَبْدِ القَيْسِ وَالرَّاوِي حَدِيْثَ الرَّايَةِ مِنْ مَوَالِي ثَقِيْفٍ.
وَقَدْ جَمَعَ أَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ حَدِيْثَ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ الإِمَامِ, وَقَرَأْتُ مِنْ ذَلِكَ الجُزْءَ الأَوَّلَ وَالثَّانِي عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ, عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَدِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوْبَةَ بِحَرَّانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ شَاهِيْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ بنُ يُوْنُسَ عَنِ الحَكَمِ بنِ الأَعْرَجِ عَنِ الأَشْعَثِ بن ثُرْمُلَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهِداً بِغَيْرِ حِلِّهِ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ أَنْ يَجِدَ رِيْحَهَا" 1. هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ يونس.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 36 و38 و52"، والنسائي "8/ 25"، والحاكم "1/ 44"، والبيهقي "9/ 205" من طرق عن يونس بن عبيد، عَنِ الحَكَمِ بنِ الأَعْرَجِ، عَنِ الأَشْعَثِ بن ثرملة عن أبي بكرة، به. ورواه عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا: عند أحمد "2/ 186"، والبخاري "3166" و"6914"، والنسائي "8/ 25"، وابن ماجه "2686"، والحاكم "2/ 126-127".(6/389)
زيد بن واقد، يونس بن يزيد:
956- زيد بن واقد 1: "خَ, د, س, ق"
أَبُو عُمَرَ -وَيُقَالُ: أبو عمرو القرشي مولاهم, الدمشقي, الفقيه.
حَدَّثَ عَنْ: جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, وَكَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ وَحِزَامِ بنِ حَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ, وَبُسْرِ ابن عُبَيْدِ اللهِ, وَمَكْحُوْلٍ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ, وَسُوَيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَيَحْيَى بنُ حمزة, وصدقة ابن عَبْدِ اللهِ السَّمِيْنُ, وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ سُمَيْعٍ, وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ,, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَدَرِيٌّ وَلَمْ يَصِحَّ.
رَوَى الوَلِيْدُ عَنْهُ قَالَ: أَنَا رَأَيْتُ الرَّأسَ الَّذِي يُقَالُ: إِنَّهُ رَأْسُ يَحْيَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- طَرِيٌّ, كَأَنَّمَا قُتِلَ السَّاعَةَ. وَقَالَ الحَسَنُ بنُ محمد بن بكار: توفي زيد ابن وَاقِدٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ وَاقِدٍ, حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ يُقَالَ لَهُ: الحَسَنُ بنُ أَبِي الحَسَنِ قَالَ: لَقَدْ أَدْرَكتُ أَقْوَاماً لَوْ رَأَوْا خِيَارَكُم لَقَالُوا: مَا لَهُم مِنْ خَلاَقٍ وَلَوْ رَأَوْا شِرَارَكُم لَقَالُوا: أَمَا يُؤْمِنُ هَؤُلاَءِ بيوم الحساب.
957- يونس بن يزيد 2: "ع"
ابن أبي النجاد مشكان, الإِمَامُ الثِّقَةُ المُحَدِّثُ أَبُو يَزِيْدَ الأَيْلِيُّ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ الأُمَوِيِّ وَهُوَ أَخُو أبي علي, وعم عنبسة بن خالد.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1353"، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 290 و395 و397" و"3/ 289"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2601"، تاريخ الإسلام "5/ 254" و"6/ 67"، الكاشف "1/ ترجمة 1774"، ميزان الاعتدال "2/ 106"، تهذيب التهذيب "3/ 426"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2281".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 520"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3496"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 138"، الجرح والتعديل "9/ 1042"، الأنساب للسمعاني "1/ 404"، تاريخ الإسلام "6/ 319"، الكاشف "3/ ترجمة 6598"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 156"، العبر "1/ 218"، ميزان الاعتدال "4/ 484"، تهذيب التهذيب "11/ 450"، شذرات الذهب "1/ 233".(6/390)
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ شِهَابٍ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَالقَاسِمِ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْ أَخِيْهِ وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ وَعُمَارَةَ بنِ غَزِيَّةَ وَعُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَنَافِعُ بنُ يَزِيْدَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَالأَوْزَاعِيُّ وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ وَابْنُ المُبَارَكِ وَبَقِيَّةُ وَابْنُ وَهْبٍ وَشَبِيْبُ بنُ سَعِيْدٍ الحَبَطِيُّ وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ, وَطَلْحَةُ بنُ يَحْيَى, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ, وَالقَاسِمُ بنُ مَبْرُوْرٍ, وَمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ, وَعُثْمَانُ بنُ الحَكَمِ الجُذَامِيُّ, وَأَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ, وَأَبُو ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ, وَأَيُّوْبُ بنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ, وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ, وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ, وَابْنُ أَخِيْهِ عَنْبَسَةُ بنُ خَالِدٍ الأَيْلِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَصَحِبَ الزُّهْرِيَّ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَقِيْلَ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ- وَأَكْثَرَ عَنْهُ, وَهُوَ مِنْ رُفَعَاءِ أَصْحَابِه وَكَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يَقُوْلُ كِتَابُه صَحِيْحٌ وَكَذَا قَالَ: ابْنُ مَهْدِيٍّ. وَرَوَى عَبْدَانُ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ قَالَ: إِنِّي إِذَا نَظَرتُ فِي حَدِيْثِ مَعْمَرٍ وَيُوْنُسَ يُعجِبُنِي كَأَنَّمَا خَرَجَا مِنْ مِشكَاةٍ وَاحِدَةٍ.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَرْوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ من معمرإلَّا أَنَّ يُوْنُسَ أَحْفَظُ لِلْمُسْنَدِ وَفِي لَفظٍ: إلَّا مَا كَانَ مِنْ يُوْنُسَ فَإِنَّهُ كَتَبَ الكُتُبَ عَلَى الوَجْهِ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ, عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: قَالَ وَكِيْعٌ: رَأَيْتُ يُوْنُسَ بن يزيد, وكان سيء الحِفْظِ. قَالَ أَحْمَدُ: سَمِعَ وَكِيْعٌ مِنْهُ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَعْمَرٍ, إلَّا مَا كَانَ مِنْ يُوْنُسَ الأَيْلِيِّ, فَإِنَّهُ كَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ هُنَاكَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ, عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَرْوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَعْمَرٍ, إلَّا مَا كَانَ مِنْ يُوْنُسَ فَإِنَّهُ كَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ قِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ فَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ فقال وأي شيء روى إبراهيم عن الزهريإلَّا أَنَّهُ فِي قِلَّةِ رِوَايَتِه أَقَلُّ خَطَأً مِنْ يُوْنُسَ قَالَ وَرَأَيْتُه يَحْمِلُ عَلَى يُوْنُسَ قَالَ الأَثْرَمُ أَنْكَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عَلَى يُوْنُسَ فَقَالَ كَانَ يَجِيْءُ عَنْ سَعِيْدٍ بِأَشْيَاءَ لَيْسَتْ مِنْ حَدِيْثِ سَعِيْدٍ وَضَعَّفَ أَمرَ يُوْنُسَ وَقَالَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الحَدِيْثَ وَكَانَ يَكْتُبُ "أُرَى" أَوَّلَ الكِتَابِ, فَيَنْقَطِعُ الكَلاَمُ, فَيَكُوْنُ أَوَّلُه عَنْ سَعِيْدٍ, وَبَعْضُه عَنِ الزُّهْرِيِّ فَيَشتَبِهُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَيُوْنُسُ يَرْوِي أَحَادِيْثَ مِنْ رَأْيِ الزُّهْرِيِّ, يَجْعَلُهَا عَنْ سَعِيْدٍ يُوْنُسُ كَثِيْرُ الخَطَأِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعُقَيْلٌ: أَقَلُّ خَطَأً وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ(6/391)
يَقُوْلُ: فِي حَدِيْثِ يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ مُنْكَرَاتٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ, مِنْهَا: عَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِيْهِ مَرْفُوْعاً: "فِيْمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ" 1.
وَرَوَى المَيْمُوْنِيُّ, عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: رَوَى يُوْنُسُ أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةً. وقال الفضل ابن زِيَادٍ, عَنْ أَحْمَدَ, قَالَ: يُوْنُسُ أَكْثَرُ حَدِيْثاً من عقيل, وهما ثقتان. وروى: عَبَّاسٌ, عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهْرِيِّ: مَالِكٌ, وَمَعْمَرٌ, وَيُوْنُسُ, وَعُقَيْلٌ, وَشُعَيْبٌ, وَابْنُ عُيَيْنَةَ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ قُلْتُ: لِيَحْيَى يُوْنُسُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ عُقَيْلٌ: فَقَالَ: يُوْنُسُ ثِقَةٌ وَعُقَيْلٌ: ثِقَةٌ نَبِيْلُ الحَدِيْثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ يَحْيَى قَالَ مَعْمَرٌ وَيُوْنُسُ عَالِمَانِ بِالزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهْرِيِّ: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ وَزِيَادُ بنُ سَعْدٍ ثُمَّ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَيُوْنُسُ مِنْ كِتَابِه وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ نَحْنُ لاَ نُقَدِّمُ عَلَى يُوْنُسَ فِي الزُّهْرِيِّ أَحَداً كَانَ الزُّهْرِيُّ يَنْزِلُ إِذَا قَدِمَ أَيْلَةَ عَلَيْهِ وَإِذَا سَارَ إِلَى المَدِيْنَةِ زَامَلَه يُوْنُسُ وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ يُوْنُسُ عَارِفٌ بِرَأْيِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ العِجْلِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ثِقَةٌ. وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: صَالِحُ الحَدِيْثِ عَالِمٌ بِالزُّهْرِيِّ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لاَ بَأْسَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حُلوُ الحَدِيْثِ كَثِيْرُه وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ رُبَّمَا جَاءَ بِالشَّيءِ المُنْكَرِ.
قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ أَصلاً وَتَبَعاً قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: رُبَّمَا جَاءَ بِالشَّيءِ المُنْكَرِ. قُلْتُ: لَيْسَ ذَاكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الحُفَّاظِ مُنْكَراً, بَلْ غَرِيْبٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: سَأَلْتُ القَاسِمَ وَسَالِماً زَعَمُوا أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِصَعِيْدِ مِصْرَ, سنة اثنتين وخمسين ومائة.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1483"، وأبو داود "1596"، والترمذي "640"، والنسائي "1/ 344"، وابن ماجه "1817"، والطحاوي "1/ 315"، وابن الجارود "180"، والبيهقي "4/ 130"، والطبراني في "الصغير" "225" من طريق ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، به.
وله طريق أخرى يرويه ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، عند ابن أبي شيبة "4/ 22". وأخرجه مسلم "981"، من حديث جابر. وأخرجه أحمد "5/ 233"، وابن ما جه "1818"، والدارمي "1/ 393" من طريق عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن معاذ بن جبل. وأخرجه الطحاوي "1/ 315"، والحاكم "1/ 395" من حديث عمرو بن حزم.(6/392)
وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَقَالَ البُخَارِيُّ وَالمُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ, وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُزَيْزٍ الأَيْلِيُّ: مات سنة ستين وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ: أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ يَحْيَى المَخْزُوْمِيُّ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ, أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ البَزَّازُ, أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو, حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوْبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِيْنَ مرة" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6307"، والترمذي "3255" من طريق الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.(6/393)
958- عقيل 2: "ع"
ابن خالد بن عَقِيلٍ, الحَافِظُ, الإِمَامُ, أَبُو خَالِدٍ الأَيْلِيُّ, مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ شِهَابٍ -فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ- وَعَنْ: عِكْرِمَةَ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ, وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ, وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَأَبِيْهِ خَالِدِ بنِ عَقِيْلٍ, وَعَمِّهِ زِيَادِ بنِ عَقِيْلٍ, وَسَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَطَائِفَةٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ, وَابْنِ إِسْحَاقَ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ وَابْنُ أَخِيْهِ, سَلاَمَةُ بن روح ويونس بن يزيد رفيقه وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيْعَةَ, وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ, وَضِمَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَحَجَّاجُ بنُ فُرَافِصَةَ, وَجَابِرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحَضْرَمِيُّ, وَمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابن سَلْمَانَ الحَجْرِيُّ, وَرِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ, وَنَافِعُ بنُ يَزِيْدَ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عُقَيْلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يُوْنُسَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ لإِسْحَاقَ, وَإِسْحَاقُ يَقْرَأُ عَلَيْهِ كِتَابَ الجِهَادِ: عُقَيْلٌ أَثْبَتُ عِنْدَكم أَوْ يُوْنُسُ قَالَ إِسْحَاقُ: عُقَيْلٌ حَافِظٌ وَيُوْنُسُ صَاحِبُ كِتَابٍ قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عُقَيْلٌ بِأَيْلَةَ وَكَانَ ثِقَةً وَقَالَ ابن أبي حاتم: سئل
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6307"، والترمذي "3255" من طريق الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 519"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 419"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 243"، الكاشف "2/ ترجمة 3917"، تاريخ الإسلام "6/ 101"، العبر "1/ 197"، ميزان الاعتدال "3/ 89"، تهذيب التهذيب "7/ 255"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5652"، شذرات الذهب "1/ 216".(6/393)
أَبِي عَنْ عُقَيْلٍ, وَمَعْمَرٍ فَقَالَ: عُقَيْلٌ أَثْبَتُ, كَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ, وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَكُوْنَ بِأَيْلَةَ وَلِلزُّهْرِيِّ هُنَاكَ ضَيعَةٌ فَكَانَ يَكْتُبُ عَنْهُ هُنَاكَ عَبَّاسٌ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهْرِيِّ: مَالِكٌ, وَمَعْمَرٌ, وَيُوْنُسُ, وَعُقَيْلٌ, وشعيب, وابن عيينة, وقال المفضل ابن غَسَّانَ: قَالَ المَاجَشُوْنُ: كَانَ عُقَيْلٌ شُرَطِيّاً عِنْدَنَا بِالمَدِيْنَةِ, وَمَاتَ بِمِصْرَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُزَيْزٍ الأَيْلِيُّ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ. وَرَوَى: أَبُو الطَّاهِرِ بنُ السَّرْحِ عَنْ خَالِهِ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ مَاتَ سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ. وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ تُوُفِّيَ بِالفُسْطَاطِ فَجَأَةً بِالمَغَافِيرِ سنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيِّ قِرَاءةً وَأَنَا حَاضِرٌ, أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ المُسْلِمِ, أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاب, أنبأنا محمد ابن أَحْمَدَ, أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المطبقِي بِبَغْدَادَ حدثنا محمد ابن عُزَيْزٍ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بنُ رَوْحٍ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ: عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيْرٍ" 1. وَبِالإِسْنَادِ: تُوُفِّيَ الحُسَيْنُ2 لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاجِّ الإِشْبِيْلِيُّ الشَّاهِدُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السِّنْدِيِّ إِمْلاَءً حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُزَيْزٍ الأَيْلِيُّ بِأَيْلَةَ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بنُ رَوْحٍ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أَكْثَرُ أَهْلِ الجَنَّةِ البُلْهُ"3.
__________
1 صحيح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "1503"، وَمُسْلِمٌ "984"، وَأَبُو دَاوُدَ "1611"، وَالتِّرْمِذِيُّ "676"، وَالنَّسَائِيُّ "5/ 47"، وابن ماجة "1825" و"1826" من طريق نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعاً مِنْ شعيرٍ على العبد والحر والذكر والانثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بهما أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة". واللفظ للبخاري.
2 يريد وفاة الحسين بن محمد بن سعيد المطبقي، ترجمته في تاريخ بغداد "8/ 97".
3 منكر: أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار" "4/ 121" من طريق سلامة بن روح، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته سلامة بن روح، قال أبو زرعة: ضعيف منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، محله عندي محل الغفلة.(6/394)
سعيد بن أبي هلال، عُبيد الله بن عمر:
959- سعيد بن أبي هلال 1: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الفَقِيْهُ, أَبُو العَلاَءِ اللَّيْثِيُّ مولاهم, المصري, أحد الثقات.
رَوَى عَنْ: نُعَيْمٍ المُجْمِرِ, وَعَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ, وَالقَاسِمِ بنِ أَبِي بَزَّةَ, وَقَتَادَةَ, وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ, وَعُمَارَةَ بنِ غَزِيَّةَ, وَأَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ, وَنَافِعٍ وَابْنِ شِهَابٍ, وَأَرْسَلَ عَنْ: جَابِرٍ, وَغَيْرِه.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ, وَهِشَامُ بنُ سَعْدٍ, وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
مَوْلِدُه سَنَة سَبْعِيْنَ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. قَالَهُ: ابْنُ يُوْنُسَ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ نَشَأَ بِالمَدِيْنَةِ, وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ, أَحَدُ شُيُوْخِهِ.
960- عُبَيْدُ اللهِ بن عمر 2: "ع"
ابن حفص بن عاصم بن أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ الإِمَامُ المُجَوِّدُ الحَافِظُ أَبُو عُثْمَانَ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ ثُمَّ العُمَرِيُّ المَدَنِيُّ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ أَوْ نَحْوِهَا وَلَحِقَ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ الصَّحَابِيَّةَ, وَسَمِعَ مِنْهَا فَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ, وَسَمِعَ مِنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَنَافِعٍ, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَخَالِهِ حَبِيْبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَعَمْرِو بنِ ,شُعَيْبٍ وَالزُّهْرِيِّ, وَوَهْبِ بنِ كَيْسَانَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ, وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ, وَأَبِي الزِّنَادِ, وَسُمَيٍّ, وَسُهَيْلٍ, وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ, وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ وَطَلْحَةَ بنِ عبد الملك وخلق.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 514"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1736"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 121 و247" و"2/ 219 و222" و"3/ 138و266"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 301"، تاريخ الإسلام "5/ 256"، الكاشف "1/ ترجمة 1989"، ميزان الاعتدال "2/ 162"، تهذيب التهذيب "4/ 94"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2553"، شذرات الذهب "1/ 191".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1273"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 347" الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1545"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 154"، تاريخ الإسلام "6/ 98"، الكاشف "2/ ترجمة 3627"، تهذيب التهذيب "7/ 38"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4581"، شذرات الذهب "1/ 219".(6/395)
وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَزَائِدَةُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَعَبَّادُ بنُ عَبَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ سُمَيْعٍ، وَابْنُ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ: مَالِكٍ، وَأَيُّوْبَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ أَيُّهُم أَثْبَتُ فِي نَافِعٍ? قَالَ: عُبَيْدُ اللهِ أَثبتُهم، وَأَحْفَظُهم، وَأَكْثَرُهم رِوَايَةً، وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: عُبَيْدُ اللهِ مِنَ الثِّقَاتِ، وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ عُبَيْدُ اللهِ قَالَ: كِلاَهُمَا، وَلَمْ يُفضِّلْ.
وَرَوَى جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ الطّيَالِسِيُّ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ عَنِ القَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ الذَّهَبُ المُشَبَّكُ بِالدُّرِّ.
قُلْتُ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوِ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ? فَقَالَ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَرَوَى عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الهِسِنْجَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ قال عُبَيْدُ اللهِ فِي نَافِعٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَالِكٍ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ قُلْتُ: كَانَ ابْنُ شِهَابٍ يُقَدِّمُ قُرَيْشاً عَلَى النَّاسِ، وَعَلَى مَوَالِيْهِم فقال قطن بن إبراهيم النيسابوي عَنِ الحُسَيْنِ بنِ الوَلِيْدِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ: كُنَّا عِنْدَ الزُّهْرِيِّ، وَمَعَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ فَأَخَذَ الكِتَابَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَقَرَأَ فَقَالَ: انْتسِبْ قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارٍ قَالَ: ضَعِ الكِتَابَ مِنْ يَدِكَ قَالَ: فَأَخَذَه مَالِكٌ فَقَالَ: انْتسِبْ قَالَ: أَنَا مَالِكُ بنُ أَنَسٍ الأَصْبَحِيُّ فَقَالَ: ضَعِ الكِتَابَ فَأَخَذَه عُبَيْدُ اللهِ فَقَالَ: انْتسِبْ قَالَ: أَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصُ بنُ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ قَالَ: اقْرَأْ فَجَمِيْعُ مَا سَمِعَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ يَوْمَئِذٍ بقِرَاءةِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ, قَالَ: لَمَّا نَشَأتُ, فَأَردتُ أَنْ أَطْلُبَ العِلْمَ, فَجَعَلتُ آتِي أَشْيَاخَ آلِ عُمَر رَجُلاً رَجُلاً, فَأَقُوْلُ: مَا سَمِعْتَ مِنْ سَالِمٍ؟ فَكُلَّمَا أَتَيْتُ رَجُلاً مِنْهُم, قَالَ: عَلَيْكَ بِابْنِ شِهَابٍ؛ فَإِنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يَلْزَمُه قَالَ، وَابْنُ شِهَابٍ بِالشَّامِ حِيْنَئِذٍ فَلَزِمتُ نَافِعاً فَجَعَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ خَيْراً كَثِيْراً، وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الكُوْفَةَ فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَقَالَ: شِنْتُمُ العِلْمَ، وَأَذْهَبتُم نُوْرَه لَوْ أَدْرَكَنَا عُمَرُ، وَإِيَّاكُم أَوْجَعَنَا ضَرباً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَنْجَوَيْه: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَأَشرَافِ قُرَيْشٍ فَضْلاً، وَعِلماً، وَعِبَادَةً، وَشَرفاً، وَحِفظاً، وَاتِّفَاقاً.(6/396)
قُلْتُ: كَانَ أَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ يَهَابُه، وَيُجِلُّه، وَيَمْتَنِعُ مِنَ الرِّوَايَةِ مَعَ وُجُوْدِ عُبَيْدِ اللهِ, فَمَا حَدَّثَ حَتَّى تُوُفِّيَ عُبَيْدُ اللهِ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ سبع، وأربعين، ومئة، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَأَرْبَعِيْنَ أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ مَرَّاتٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ قِرَاءةً، وَأَنَا فِي الرَّابِعَةِ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ المسلم، أنبأنا الحسين بن طلاب، أنبأنا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ العَلاَء بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ بُدَيْلٍ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بنُ نُوْحٍ الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- بِفَرَسٍ فَقَالَ: "احْمِلْ عَلَى هَذَا فِي سَبِيْلِ اللهِ". ثُمَّ رَآهُ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ يُقَامُ فِي السُّوْقِ فَأَخبرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَشْتَرِيه يَا رَسُوْلَ اللهِ فَقَالَ: "لاَ تَشْتَرِهِ، وَلاَ تَرْجِعْ فِي هِبَتِكَ" 1.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الآنمِيُّ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الجَمَّالُ "ح" وَأَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ عَنْ مَسْعُوْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ السِّمْسَارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عِصَامٍ، حَدَّثَنَا، وَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرُ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- "نَهَى عَنْ آطَامِ المَدِيْنَةِ أَنْ تُهدَمَ"2.
قِيْلَ: إِنَّ حَدِيْثَ عُبَيْدِ اللهِ يبلغ أربع مئة حديث، وأظنه أكثر من ذلك.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1490"، ومسلم "1620" من طريق زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُمَرَ. وأخرجه مالك "1/ 282"، ومسلم "1621" عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، به.
2 موضوع: فيه أحمد بن جعفر السمسار، مشهور بالوضع. وأحمد بن عصام ضعيف والأطم بالضم: بناء مرتفع جمعه آطام.(6/397)
يزيد بن عبيدة، أبان بن تَغْلب:
961- يزيد بن عبيدة 1: "ق"
ابن أبي المهاجر السكوني, من علماء دمشق.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُسْلِمِ بنِ مِشْكَمٍ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعُثْمَانُ بنُ حِصْنٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ شَابُوْرٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ شَابُوْرٍ: سَمِعْتُه يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ كَيْفَ وَصفَ اللهُ نَفْسَه, فَلْيَقرَأِ شَيْئاً مِنْ أَوَّلِ الحَدِيْدِ. قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِي جَوَابِ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ: صَدُوْقٌ, مَا بِهِ بَأْسٌ.
962- أَبَانُ بن تغلب 2: "م، 4"
الإمام, المقرىء, أَبُو سَعْدٍ، وَقِيْلَ: أَبُو أُمَيَّةَ الرَّبَعِيُّ, الكُوْفِيُّ, الشِّيْعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ، وَعَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، وَفُضَيْلِ بنِ عَمْرٍو الفُقَيْمِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، وَهُوَ مِنْ أَسْنَانِ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ لَمْ يُعدَّ فِي التَّابِعِيْنَ لَكِنَّهُ قَدِيْمُ المَوْتِ أَخَذَ القِرَاءةَ: عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، وَعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، وَتَلقَّى الحِفظَ مِنَ الأَعْمَشِ.
حَدَّثَ عَنْهُ عَددٌ كَثِيْرٌ مِنْهُم: إِدْرِيْسُ بنُ يَزِيْدَ الأَوْدِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ الأَوْدِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَتَلاَ عَلَيْهِ.
وَهُوَ صَدُوْقٌ فِي نَفْسِهِ عَالِمٌ كَبِيْرٌ، وَبِدعتُه خَفِيْفَةٌ, لاَ يَتعرَّضُ لِلْكبَارِ، وَحَدِيْثُه يَكُوْنُ نَحْوُ المائَةِ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ البُخَارِيُّ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى، وَأَرْبَعِيْنَ، وَمائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَسَعْدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ أَخُو يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَالسَّيِّدُ الحُسَيْنُ بنُ زَيْنِ العَابِدِيْنَ عَلِيِّ بن الحسين العلوي، والحسين ابن عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاشِدٍ، وَوَالِدُ جُوَيْرِيَةَ أَسْمَاءُ بنُ عُبَيْدٍ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ صَاحِبُ المَغَازِي، وَالقَاسِمُ بنُ الوَلِيْدِ الهَمْدَانِيُّ الكُوْفِيُّ، وَعُثْمَانُ البَتِّيُّ الفَقِيْهُ، وَعَاصِمُ بنُ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلُ باخْتِلاَفٍ فِيْهِمَا، -وَأمِيْرُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ: مُوْسَى بنُ كَعْبٍ التَّمِيْمِيُّ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3276 و3279"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 27"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1172"، الكاشف "3/ ترجمة 6454"، تاريخ الإسلام "6/ 152"، تهذيب التهذيب "11/ 350".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1445"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1090"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 300"، تهذيب التهذيب "1/ 93".(6/398)
أيمن بن نابِل، ابن أبي ليلى:
963- أيمن بن نابل 1: "خَ, ت, س, ق"
المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ, المُعَمَّرُ, أَبُو عِمْرَانَ الحَبَشِيُّ, المَكِّيُّ, الضَّرِيْرُ, الطَّوِيْلُ, مِنْ مَوَالِي آلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ, مِنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
رَوَى عَنْ: قُدَامَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ، -وَلَهُ صُحْبَةٌ مَا- وَعَنْ: طَاوُوْسٍ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَوَكِيْعٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَخَلْقٌ.
وَكَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ حَسنَ الرَّأيِ فِيْهِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يحتج به إذا انفرد.
قُلْتُ: وَكَانَ مِنَ العبَادِ الأَخْيَارِ قُلْتُ: لاَ يعرف قدامةإلَّا مِنْ جِهَةِ أَيْمَنَ إلَّا مِنْ رِوَايَةِ يَعْقُوْبَ بنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُرَيْفُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ كِلاَبٍ سَمِعْتُ عَمِّي قُدَامَةَ الكِلاَبِيَّ يَقُوْلُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- يَخطُبُ بِعَرَفَةَ2.
964- ابْنُ أَبِي لَيْلَى 3: "4"
مُحَمَّدُ بنُ عبد الرحمن بن أَبِي لَيْلَى العَلاَّمَةُ الإِمَامُ مُفْتِي الكُوْفَةِ، وَقَاضِيهَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ الكُوْفِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ، وَسَبْعِيْنَ، وَمَاتَ أَبُوْهُ، وَهَذَا صَبِيٌّ لَمْ يَأْخُذْ عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً بَلْ أَخَذَ عَنْ أَخِيْهِ عِيْسَى عَنْ أَبِيْهِ، وَأَخَذَ عَنِ: الشَّعْبِيِّ، ونافع العمري، وعطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ، وَالقَاسِمِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعود، والمنهال ابن عَمْرٍو، وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وعطية العوفي، والحكم بن عُتَيْبَةَ، وَحُمَيْضَةَ بنِ الشَّمَرْدَلِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ، وَثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ، وَأَجْلَحَ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَعْدِ بنِ زُرَارَةَ، وَدَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ الأَمِيْرِ، وَابْنِ أَخِيْهِ عَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى، وَغَيْرِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَزَائِدَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَحَمْزَةُ الزيات، وقرأ عليه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1577"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1212"، المجروحين لابن حبان "1/ 183"، ميزان الاعتدال "1/ 283"، تهذي التهذيب "1/ 393".
2 ضعيف: فيه يعقوب بن محمد، وهو ابن عيسى الزهري، ضعيف لسوء حفظه. وعريف بن إبراهيم، مجهول. وكذا حمدي بن كلاب مجهول أيضا.
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 358"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 480"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 133"، "2/ 620 و649" و"3/ 30و 91"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1739"، والمجروحين لابن حبان "2/ 242"، تاريخ الإسلام "6/ 123"، الكاشف "3/ ترجمة 5077"، العبر "1/ 211 و264"، ميزان الاعتدال "3/ 613-616"، تهذيب التهذيب "9/ 301"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6439"، شذرات الذهب "1/ 224".(6/399)
كَانَ فِيْمَا يَحْفَظُ كِتَابَ اللهِ, تَلاَ عَلَى: أَخِيْهِ عِيْسَى، وَعَرضَ عَلَى: الشَّعْبِيِّ, عَنْ تِلاَوَتِهِ عَلَى عَلْقَمَةَ، وَتَلاَ أَيْضاً عَلَى المِنْهَالِ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ رَوَى عَنْهُ أَيْضاً: أَحْوَصُ بنُ جَوَّابٍ، وَعَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، ويحيى بن أبي زائدة، وعمرو ابن أَبِي قَيْسٍ الرَّازِيُّ، وَعُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيْبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَوَكِيْعٌ، وَعِيْسَى بنُ المُخْتَارِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ نَظِيْراً لِلإِمَامِ أَبِي حَنِيْفَةَ فِي الفِقْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُضَعِّفُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ أَحْمَدُ كَانَ سيىء الحِفظِ مُضْطَرِبَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ فِقهُهُ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ حَدِيْثِهِ، وَقَالَ أَيْضاً: هُوَ فِي عَطَاءٍ أَكْثَرُ خَطَأً، وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: لَيْسَ بِذَاكَ.
أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسوأَ حِفْظاً مِنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: أَفَادنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى أَحَادِيْثَ فَإِذَا هِيَ مَقْلُوْبَةٌ، وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ قَالَ: كَانَ زَائِدَةُ لاَ يَرْوِي عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى كَانَ قَدْ تَرَكَ حَدِيْثَه، وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ قَالَ: ذَكرَ زَائِدَةُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: كَانَ أَفْقَهَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَرَوَى ابْنُ حُمَيْدٍ عَنْ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
قَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ فَقِيْهاً صَاحِبَ سُنَّةٍ صَدُوقاً جَائِزَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ قَارِئاً لِلْقُرْآنِ عَالِماً بِهِ قَرَأَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ فَكَانَ يَقُوْلُ إِنَّا تَعَلَّمْنَا جُوْدَةَ القِرَاءةِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَكَانَ مِنْ أَحسَبِ النَّاسِ، وَمِنْ أَنقَطِ النَّاسِ لِلْمُصْحَفِ، وَأَخَطِّهِ بِقَلَمٍ، وَكَانَ جَمِيْلاً نَبِيْلاً، وَأَوَّلُ مَنِ اسْتقْضَاهُ عَلَى الكُوْفَةِ الأَمِيْرُ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ عَامِلُ بَنِي أمية فكان يرزقه في كل شهر ماءئة دِرْهَمٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَالِحٌ لَيْسَ بِأَقوَى مَا يَكُوْنُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَحَلُّهُ الصدق، وكان سيىء الحِفظِ شُغلَ بِالقَضَاءِ فَسَاءَ حِفْظُه لاَ يُتَّهَمُ إِنَّمَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الخطَأِ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ هُوَ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ مَا أَقْرَبَهُمَا، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَدِيْءُ الحِفْظِ كَثِيْرُ الوَهْمِ، وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ:عَامَّةُ أَحَادِيْثِه مَقْلُوْبَةٌ.
ابْنُ خِرَاشٍ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ شَاذَانَ عَنْ سَعْدِ بنِ الصَّلْتِ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لاَ يُجِيْزُ قَوْلَ مَنْ لاَ يَشْرَبُ النَّبِيْذَ قلت: هذا غلو، وَعَكسُهُ أَوْلَى، وَقَالَ بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ:(6/400)
سَمِعْتُ القَاضِي أَبَا يُوْسُفَ يَقُوْلُ: مَا وَلِيَ القَضَاءَ أَحَدٌ أَفْقَهُ فِي دِيْنِ اللهِ، وَلاَ أَقرَأُ لِكِتَابِ اللهِ، وَلاَ أَقْوَلُ حَقّاً بِاللهِ، وَلاَ أَعفُّ عَنِ الأَمْوَالِ مِنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى.
قُلْتُ: فَابْنُ شُبْرُمَةَ؟ قَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ مِكثَارٌ.
قَالَ بِشْرٌ: وَوَلِيَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ القَضَاءَ مِنْ غَيْرِ مَشُوْرَةِ أَبِي يُوْسُفَ فَاشْتدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: لِي، وَلِحَسَنٍ اللُّؤْلُؤِيِّ: تَتَبَّعَا قَضَايَاهُ فَتتبَّعْنَا قَضَايَاهُ فَلَمَّا نَظَرَ فِيْهَا قَالَ: هَذَا مِنْ قَضَاءِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ثُمَّ قَالَ: تَتبَّعُوا الشُّروطَ، وَالسِّجلاَّتِ فَفَعَلْنَا فَلَمَّا نَظَرَ فِيْهَا قال: حفص، ونظراؤه يعانون بقيام الليل.
يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ فَجَعَلَ يَسْأَلُنِي فَكَأَنَّ أَصْحَابَه أَنْكَرُوا، وَقَالُوا: تَسْأَلُهُ؟! قَالَ: وَمَا تُنْكِرُوْنَ؟ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي. قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: وَكَانَ عَطَاءٌ عَالِماً بِالحجِّ.
رَوَى الخُرَيْبِيُّ, عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ سَافِرِيٍّ, قَالَ: سَأَلْتُ مَنْصُوْراً: مَنْ أَفْقَهُ أَهْلِ الكُوْفَةِ؟ قَالَ: قَاضِيهَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى رَدِيْءَ الحِفْظِ فَاحشَ الخَطَأِ فَكَثُرَ فِي حَدِيْثِهِ المَنَاكِيْرُ فَاسْتحقَّ التَّرْكَ تَرَكَهُ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى.
قُلْتُ: لَمْ نَرَهُمَا تَرَكَاهُ بَلْ لَيَّنَا حَدِيْثَه، وَقَدْ قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ مِنْ جَلاَلَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَشْرَةِ شُيُوْخٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَعْلَى المُحَارِبِيُّ: طَرحَ زَائِدَةُ حَدِيْثَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى أَفْقَهَ أَهْلِ الدُّنْيَا.
وَقَالَ عَائِذُ بنُ حَبِيْبٍ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُوْلُ مَا أَقْرعَ فِيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- فَهُوَ حَقٌّ، وَمَا لَمْ يُقْرِعْ فِيْهِ فَهُوَ قِمَارٌ.
قَالَ الخُرَيْبِيُّ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: فُقهَاؤُنَا: ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّارُ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحَرْبِيُّ، أَنْبَأَنَا مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْنٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنِ الحَكَمِ عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ عُمَيْلَةَ عَنْ أَبِي سَرِيْحَةَ الغِفَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ: "عَشرُ آيَاتٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: خَسْفٌ بِالمَشْرِقِ، وَخَسفٌ بِالمَغْرِبِ، وَخَسفٌ بِجَزِيْرَةِ العرب،(6/401)
وَالدَّابَّةُ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّجَالُ، وَابْنُ مَرْيَمَ، وَيَأْجُوْجُ، وَمَأْجُوْجُ، وَرِيْحٌ تَسْفِيْهِم تَطرحُهُم فِي البَحْرِ، وَطُلُوْعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا" 1. هَذَا غَرِيْبٌ. وَأَصلُ الحَدِيْثِ فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الطُّفَيْلِ, عَنْ أَبِي سَرِيْحَةَ.
أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ, عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ قُلتَ: نَذِيْرُ قَوْمٍ أُهْلِكُوا أَوْ صَبَّحَهُمُ العَذَابُ بُكْرَةً فَإِذَا سُرِّيَ عَنْهُ فَأَطْيَبُ النَّاسِ نَفْساً، وَأَطْلَقُهُم، وَجْهاً، وَأَكْثَرُهُم ضَحِكاً أَوْ قَالَ: تَبَسُّماً هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
ابْنُ حِبَّانَ قَالَ: وَرَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ المَازِنِيِّ قَالَ: "كَانَ أَذَانُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- شَفْعاً شَفْعاً، وَإِقَامَتُه شَفعاً شَفعاً" رَوَاهُ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذَا خَبَرٌ مُرْسَلٌ لاَ أَصلَ لِرَفْعِهِ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي ظَبْيَةَ: حَدَّثَنَا أَبِي, عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ, عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوْعاً: "إِذَا ضَحِكَ الرَّجُلُ فِي صَلاَتِهِ فَعَلَيْهِ الوُضُوْءُ، وَالصَّلاَةُ، وَإِذَا تَبَسَّمَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ"2.
قَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَأَرْبَعِيْنَ، وَمائَةٍ قُلْتُ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا أَبُو القاسم الحرستاني حضورا، أنبأنا ابن المُسَلَّمِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ طَلاَّبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ، أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ عِيْسَى الرَّقِّيُّ بِعَرَفَةَ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- يُصَلِّي تَطَوُّعاً فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ من النار"3.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2901"، وأبو داود "4311"، والترمذي "2184".
2 منكر: أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "2/ 245" من طريق أحمد بن أبي ظبية، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عن جابر، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان: ابن أبي ليلى، سيئ الحفظ. الثانية: أبو الزبير المكي محمد بن سلم بن تدرس، مدلس، وقد عنعنه.
3 ضعيف: في إسناده يوسف بن بحر الشامي، قال ابن عدي: ليس بالقوي في الحديث، روى عن الثقات المناكير. وقال الحاكم في "الكنى": ليس حديثه بالمتين عندهم، له أشياء لا يتابع عليها. وقال الدراقطني: ضعيف.(6/402)
الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ
1001- ابْنُ أَبِي عَروبة1:
سعيد بن أبي عروبة, الإِمَامُ الحَافِظُ, عَالِمُ أَهْلِ البَصْرَةِ, وَأَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ السُّنَنَ النَّبَوِيَّةَ, أَبُو النَّضْرِ بنُ مِهْرَانَ العَدَوِيُّ مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَسَنِ وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ, وَأَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ, وَالنَّضْرِ بنِ أَنَسٍ, وَعَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ, وَقَتَادَةَ, وَأَبِي نَضْرَةَ العَبْدِيِّ, وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ وَخَلْقٍ سِوَاهُم. وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ إلَّا أَنَّهُ تَغَيَّرَ حِفْظُه لَمَّا شَاخَ وَأَكبَرُ شَيْخٍ لَهُ هُوَ أَبُو رَجَاءٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وروح بن عبادة, والنضر ابن شُمَيْلٍ وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ, وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ, وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ, وَسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ, وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ الخَفَّافُ رَاوِي كُتُبِهِ, وَمُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ البُرْسَانِيُّ, وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَالنَّسَائِيُّ, وَجَمَاعَةٌ. قَالَ يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ: سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ يَقُوْلُ: مَنْ لَمْ يَسْمَعِ الاخْتِلاَفَ فَلاَ تَعُدَّهُ عَالِماً. قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ لِسَعِيْدٍ كِتَابٌ, إِنَّمَا كَانَ يَحْفَظُ ذَلِكَ كُلَّهُ. وَقَالَ يَحْيَى ابن مَعِيْنٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي قَتَادَةَ: سَعِيْدٌ, وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَشُعْبَةُ.
قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَحَدٌ أَحْفَظُ مِنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ. وَقَالَ حَفْصُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: إِذَا رَوَيتَ عَنِّي, فَقُلْ: حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ الأَعْرَجُ, عَنْ قَتَادَةَ الأَعْمَى, عَنِ الحَسَنِ الأَحْدَبِ. قُلْتُ: لَمْ نَسْمَعْ بِأَنَّ الحَسَنَ البَصْرِيَّ كان أحدبإلَّا فِي هَذِهِ الحِكَايَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ قَتَادَةُ وَسَعِيْدٌ يَقُوْلاَنِ بِالقَدَرِ وَيَكتُمَانِ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُمَا تَابَا وَرَجَعَا عَنْهُ كَمَا تَابَ شَيْخُهُمَا.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْهُم: شَيْخُ الإِسْلاَمِ شَمْسُ الدِّيْنِ بن أَبِي عُمَرَ إِجَازَةً, أَنَّ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُم, قَالَ: أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو بكرالشافعي, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ الوَاسِطِيُّ, حَدَّثَنَا يَزِيْدُ, حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ الدَّانَاجِ عَنْ حُصَيْنِ بنِ المُنْذِرِ قَالَ صَلَّى الوَلِيْدُ بنُ عُقْبَةَ أَرْبَعاً وَهُوَ سَكرَانُ ثُمَّ انْفَتَلَ فَقَالَ أَزِيْدُكُم فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ اضْرِبْهُ الحَدَّ فَأَمَرَ بِضَرْبِه فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ: قُمْ فَاضْرِبْه قَالَ: فَمَا أَنْتَ وَذَاكَ قَالَ: إِنَّكَ ضَعُفْتَ وَوَهَنتَ وَعَجِزْتَ قُمْ يَا عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ فَجَعَلَ يَضرِبُه وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَرْبَعِيْنَ قَالَ: كُفَّ أَوِ اكْفُفْ ثُمَّ قَالَ: ضَرَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعِيْنَ وَضَربَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِيْنَ وَضَربَ عُمَرُ صَدْراً مِنْ خِلاَفَتِه أَرْبَعِيْنَ وَثَمَانِيْنَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ2 هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ أخرجه مسلم وأبو داود والقزويني.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 273"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1679"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 276"، تاريخ الإسلام "6/ 183"، ميزان الاعتدال "2/ 151-153"، الكاشف "1/ ترجمة 1952"، تهذيب التهذيب "4/ 110"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2509".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1707"، وأبو داود "4480"، وابن ماجه "2571"، والدارمي "2/ 175".(6/468)
رَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ, عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَختَلِطَ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيْثِ قَتَادَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الهَزِيْمَةِ فَسَمَاعُهُ جَيِّدٌ عَنَى هَزِيْمَةَ نَوبَةِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ, وَهِيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: لَقِيْتُ ابْنَ أَبِي عَرُوْبَةَ قَبْلَ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ بِدَهْرٍ وَرَأَيْتُه سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ فَأَنْكَرْتُه, وَكَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ يُوَثِّقُه.
وَقَالَ أَبُو نعيم: كتبت عنه بعدما اخْتُلِطَ حَدِيْثَيْنَ فَقُمْتُ وَتَرَكْتُه.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ, قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَلِمَةَ الأَفْطَسُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ أبي عروبة بعدما تَغَيَّرَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي وُجُوهِنَا وَلاَ يَعْرِفُنَا.
مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ يَمزَحُ, وَكَانَ يُحَدِّثُ, فَإِذَا أَعْجَبَه حِفْظُه قَالَ:
دَقَّكَ بِالمِنْحَازِ حَبَّ القِلْقِلِ1
وَقَالَ بَعْضُهُم: أَتَيْتُ ابْنَ أَبِي عَرُوْبَةَ, فَتَمَارَى عِنْدَه رَجُلاَنِ, فَبَقِيَ يُغْرِي بَيْنَهمَا قَلِيْلاً.
قُلْتُ: وَكَانَ مِنَ المُدَلِّسِيْنَ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَسْمَعْ سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ مِنَ الحَكَمِ, وَلاَ مِنَ الأَعْمَشِ, وَلاَ مِنْ حَمَّادٍ, وَلاَ مِنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, وَلاَ مِنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ, وَلاَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ, وَلاَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَلاَ مِنْ أَبِي بِشْرٍ, وَلاَ مِنِ ابْنِ عَقِيْلٍ: وَلاَ مِنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ, وَلاَ مِنْ عمر ابن أَبِي سَلَمَةَ, وَلاَ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ, وَقَدْ حدث عن هؤلاء على التدليس ولم يَسْمَعْ مِنْهُم.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ: لَمْ يَسْمَعْ سَعِيْدٌ مِنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, وَلاَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ, وَلاَ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
وَقَالَ عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مِنْ سَعِيْدٍ فِي الاخْتِلاَطِ.
وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ سَمَاعاً مِنْ سَعِيْدٍ: عَبْدَةُ.
قَالَ الجَرَّاحُ بنُ مَخْلَدٍ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ, مِنْ أَيِّ حَيٍّ هُوَ؟ قُلْتُ: هَذَا من قبيل المزاح.
__________
1 مثل يضرب في الإلحاح على الشحيح.(6/469)
عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ: سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَحْكُوْنَ عَنْ مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ: كَتَبتُ عَنْ سَعِيْدٍ التَّصَانِيْفَ فَخَاصَمَنِي أَبِي فَسَجَرْتُ التَّنُّورَ وَطَرَحْتُهَا فِيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعَ غُنْدَرٌ مِنْ سَعِيْدٍ يَعْنِي فِي الاخْتِلاَطِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ أُرِيْدُ أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ فَسَمِعتُ مِنْهُ كَلاَماً عَجِيْباً سَمِعْتُه يَقُوْلُ:
الأَزْدُ أَزْدُ عَرِيْضَه ... ذَبَحُوا شَاةً مَرِيْضَه
أَطْعَمُوْنِي فَأَبَيْتُ ... ضَرَبُونِي فَبَكَيْتُ
فَعَلِمتُ أَنَّهُ مُختَلَطٌ, فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: سَمِعَ خَالِدَ بنَ الحَارِثِ مِنْ سَعِيْدٍ إملاء, وكان سفيان ابن حَبِيْبٍ عَالِماً بِشُعْبَةَ وَسَعِيْدٍ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيِّ, قَالَ: لَيْسَتْ رِوَايَةُ: وَكِيْعٍ, وَالمُعَافَى بنِ عِمْرَانَ, عَنْ سَعِيْدٍ بِشَيْءٍ إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ وَكِيْعٌ فِي الاخْتِلاَطِ. فقال لي وكيع: رأيتني حدثت عنهإلَّا بِحَدِيْثٍ مُسْتَوٍ؟.
وَرَوَى وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوْبَ قَالَ: لاَ يَفقَهُ رَجُلٌ لاَ يَدْخُلُ حُجْرَةَ سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ.
رَوَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ, عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ, قَالَ: من سب عثمان, افتقر.
شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ: عَنْ سَعِيْدٍ, قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ مَعَ قَتَادَةَ, فَأَنْشَدَنَا بَيْتاً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي "كَامِلِهِ": سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: مِنَ الثِّقَاتِ, وَلَهُ أَصْنَافٌ كَثِيْرَةٌ, وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي الاخْتِلاَطِ, فَلاَ يُعتَمَدُ عَلَيْهِ. وَأَرْوَاهُم عَنْهُ عَبْدُ الأَعْلَى الشَّامِيُّ ثُمَّ شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ قَالَ: وَأَثبَتُهُم فِيْهِ: يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَرَوَى جَمِيْعَ مُصَنَّفَاتِه عَبْدُ الوَهَّابِ الخَفَّافُ.
قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ وَغَيْرُهُ: مَاتَ ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ فِي سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي عَشْرِ الثمانين. ومات معه في السنة: مقرىء الكُوْفَةِ: حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ, وَقَاضِي البَصْرَةِ: سَوَّارُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيُّ, وَنَزِيْلُ بَيْتِ المَقْدِسِ عَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ البَلْخِيُّ, وَمُحَدِّثُ حِمْصَ أَبُو بكر بن أبي مريم الغساني, وعمر ابن ذَرٍّ بِالكُوْفَةِ, وَمُحَدِّثُ المَغْرِبِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ الإِفْرِيْقِيُّ.(6/470)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: زَعَمُوا أَنَّ سَعِيْدَ بنَ أَبِي عَرُوْبَةَ قَالَ: لَمْ أَكْتُبْ إلَّا تَفْسِيْرَ قَتَادَةَ, وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا مَعْشَرٍ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَكْتُبَه وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ أَحْفَظَ أَصْحَابِ قَتَادَةَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ, أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ "ح" وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ الأَغْلاَقِيِّ, أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ جَرْوٍ "ح", وَأَنْبَأَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ القَوِيِّ بنُ الحُبَابِ, وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيُّ, أَنْبَأَنَا مُرْتَضَى بنُ حَاتِمٍ, وَأَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ عُمَرَ الهَوَّارِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَخْلُوْقٍ, وَطَائِفَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنَيْرٍ قَالُوا خَمْسَتُهُم: أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سِلَفَةَ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ وَالحُسَيْنُ بنُ الحُسَيْنِ الهَاشِمِيُّ, وَالمُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ, ومحمد ابن عَبْدِ الكَرِيْمِ قَالُوا خَمْسَتُهُم: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ البَزَّازُ, أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُنَادِي, حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ, حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأُبَيٍّ: "إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ القُرْآنَ أَوْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ" قَالَ: اللهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: وَذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ العَالَمِيْنَ؟ قَالَ: "نَعَمْ" فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ1 أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ المنادي لكن سماه أحمد.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3809" و"4959" و"4960" و"4961"، ومسلم "799" والترمذي "3793" من طرق عن قتادة، عن أنس، به.(6/471)
1002- معمر بن راشد 1: "ع"
الإِمَامُ ,الحَافِظُ, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, أَبُو عُرْوَةَ بنُ أَبِي عَمْرٍو الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُم البَصْرِيُّ, نَزِيْلُ اليَمَنِ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ. وَشَهِدَ جَنَازَةَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ, وَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ حَدَثٌ.
حَدَّثَ عَنْ: قَتَادَةَ, وَالزُّهْرِيِّ, وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, وَهَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ, وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ القُرَشِيِّ, وَعَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ المَكِّيِّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ طَاوُوْسٍ, وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ, وَعَبْدِ اللهِ أَخِي الزُّهْرِيِّ, وَالجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ, وَسِمَاكِ بنِ الفَضْلِ, وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أُمَيَّةَ, وعبد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 546"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1631"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1165"، الكاشف "3/ ترجمة 5664"، تاريخ الإسلام "6/ 294"، العبر "1/ 220"تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 184"، وميزان الاعتدال "4/ 154"، تهذيب التهذيب "10/ 243" خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7125"، شذرات الذهب "1/ 235".(6/471)
الكَرِيْمِ الجَزَرِيِّ, وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ, وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ, وَعَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ, وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ, وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ, وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ, وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ, وَزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ, وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ, وَطَبَقَتِهِم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ, مَعَ الصِّدْقِ, وَالتَّحَرِّي, وَالوَرَعِ, وَالجَلاَلَةِ, وَحُسْنِ التَّصْنِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَيُّوْبُ, وَأَبُو إِسْحَاقَ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَطَائِفَةٌ مِنْ شُيُوْخِهِ, وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ, وَالسُّفْيَانَانِ, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ, وَغُنْدَرٌ, وَابْنُ عُلَيَّةَ, وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الأَعْلَى, وَهِشَامُ بنُ يُوْسُفَ قَاضِي صَنْعَاءَ, وَأَبُو سُفْيَانَ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ, وَمَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ, وَرَبَاحُ بنُ زَيْدٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الوَاقِدِيُّ, وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ الصَّنْعَانِيَّانِ, وَمُحَمَّدُ بنُ ثَوْرٍ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم. وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً: مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ, بَقِيَ إِلَى آخِرِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ ثَابِتٍ, عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ, عَنْ مَعْمَرٍ, قَالَ: خَرَجْتُ وَأَنَا غُلاَمٌ إِلَى جَنَازَةِ الحَسَنِ وَطَلَبْتُ العِلْمَ سَنَةَ مَاتَ الحَسَنُ.
قَالَ البُخَارِيُّ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ: عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ قَتَادَةَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سنة فما شيء سمعت في تلك السنينإلَّا وَكَأَنَّهُ مَكْتُوْبٌ فِي صَدْرِي.
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ قُلْتُ لِمَعْمَرٍ: كَيْفَ سَمِعْتَ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ? قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوَكاً لِقَوْمٍ مِنْ طَاحِيَةَ فَأَرْسَلُونِي بِبَزٍّ أَبِيْعُهُ فقدمت المدينة فنزلت دَاراً فَرَأَيتُ شَيْخاً وَالنَّاسُ حَوْلَهُ يَعرِضُوْنَ عَلَيْهِ العِلْمَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ مَعَهُم.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: رَوَى عَنْ مَعْمَرٍ شُعْبَةُ, وَالثَّوْرِيُّ.
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ مَعْمَرٌ: جِئْتُ الزُّهْرِيَّ بِالرُّصَافَةِ, فَجَعَلَ يُلْقِي عَلَيَّ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ: عَرَضَ مَعْمَرٌ عَلَى هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ.
النَّسَائِيُّ فِي "الكُنَى": أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ, سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: ما أضم أحدًا إلى معمرإلَّا وَجَدْتُ مَعْمَراً أَطْلَبَ لِلْحَدِيْثِ مِنْهُ هُوَ أَوَّلُ مَنْ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ.
حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: نَظَرْتُ فِي الأُصُوْلِ مِنَ الحَدِيْثِ فَإِذَا هِيَ عِنْدَ سِتَّةٍ مِمَّنْ مَضَى: مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ الزُّهْرِيُّ وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ وَمِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ قَتَادَةُ,(6/472)
وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ. وَمِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ أَبُو إِسْحَاقَ, وَالأَعْمَشُ ثُمَّ نَظَرْتُ, فَإِذَا حَدِيْثُ هَؤُلاَءِ السِّتَّةِ يَصِيْرُ إِلَى أَحَدَ عَشَرَ رَجُلاً: سَعِيْدِ بنِ أَبِي عَرُوْبَةَ وَحَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ وَشُعْبَةَ, وَالثَّوْرِيِّ, وَابْنِ جُرَيْجٍ, وَأَبِي عَوَانَةَ, وَمَالِكٍ, وَابْنِ عُيَيْنَةَ, وَهُشَيْمٍ وَمَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ, وَالأَوْزَاعِيِّ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَعْمَرٌ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ. سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ زُرَيْعٍ سَمِعْتُ أَيُّوْبَ قَبْلَ الطَّاعُوْنِ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ, وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: رَوَيْنَا عَنْ مَعْمَرِكُم فَشَرَّفْنَاهُ.
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: قِيْلَ لابْنِ عُيَيْنَةَ. أَهَذَا الحَدِيْثُ مِمَّا حَفِظْتَ عَنْ مَعْمَرٍ? قَالَ: نَعَمْ. رَحِمَ اللهُ أَبَا عُرْوَةَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو, قَالَ: كُنْتُ بِالبَصْرَةِ مَعَ أَيُّوْبَ وَمَعَنَا مَعْمَرٌ فِي مَسْجِدٍ فَأَتَى رَجُلٌ فَسَأَلَ أَيُّوْبَ عَنْ رَجُلٍ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ فَحَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ لاَ يَدَعُهُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ الحَدَّ. قَالَ: فَطُلِبَ إِلَيْهِ فِيْهِ وَطَلَبَتْ إِلَيْهِ أمه فيه فجعل أيوب يومىء إِلَى مَعْمَرٍ وَيَقُوْلُ: هَذَا يُفْتِيْكَ عَنِ اليَمِيْنِ. قَالَ: فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ قَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ طَاوُوْسٍ عَنْ أَبِيْهِ أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِهِ قَالَ أَيُّوْبُ: وَأَنَا سَمِعْتُ عَطَاءً يُرَخِّصُ فِي تَرْكِه.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ: كُنْتُ بِالبَصْرَةِ أَنْتَظِرُ قُدُوْمَ أَيُّوْبَ مِنْ مَكَّةَ فَقَدِمَ عَلَيْنَا مُزَامِلاً لِمَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ قَدِمَ مَعْمَرٌ يَزُورُ أُمَّهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قِيْلَ لِلثَّوْرِيِّ: مَا مَنَعَكَ مِنَ الزُّهْرِيِّ? قَالَ: قِلَّةُ الدَّرَاهِمِ وَقَدْ كَفَانَا مَعْمَرٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كُنْتُ أَكُوْنُ مَعَ مَعْمَرٍ وَمَعَنَا الثَّوْرِيُّ فَنَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عُرْوَةَ فَنُحَدِّثُ عَنْهُ.
أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: إِنَّ مَعْمَراً شَرِبَ مِنَ العِلْمِ بأنقعٍ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الأَنْقُعُ: جَمْعُ: نَقْعٍ, وَهُوَ هَا هُنَا: مَا يُسْتَنْقَعُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: مَعْمَرٌ, ثِقَةٌ, رَجُلٌ صَالِحٌ, بَصْرِيٌّ, سَكَنَ صَنْعَاءَ, وَتَزَوَّجَ بِهَا, وَرَحَلَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ: أَقَامَ مَعْمَرٌ عِنْدَنَا عِشْرِيْنَ سَنَةً, مَا رَأَيْنَا لَهُ كِتَاباً. يَعْنِي: كَانَ يُحَدِّثُهُم مِنْ حِفْظِهِ.(6/473)
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: بَلَغَنِي أَنَّ أَيُّوْبَ شَيَّعَ معمرًا, وصنع له سفرةً.
سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَكتُبُ الحَدِيْثَ مِنْ مَعْمَرٍ وَقَدْ سَمِعتُهُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ: وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى ذَلِكَ? قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
قَدْ عَرَفْنَا خَيْرَكَم مِنْ شَرِّكُم.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ لِي مَالِكٌ: نِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ مَعْمَرٌ, لَوْلاَ رِوَايَتُهُ التَّفْسِيْرَ عَنْ قَتَادَةَ.
قُلْتُ: يَظْهَرُ عَلَى مَالِكٍ الإِمَامِ إِعرَاضٌ عَنِ التَّفْسِيْرِ, لانْقِطَاعِ أَسَانِيْدِ ذَلِكَ, فَقَلَّمَا رَوَى مِنْهُ. وَقَدْ وَقَعَ لَنَا جُزْءٌ لَطِيْفٌ مِنَ التَّفْسِيْرِ مَنقُولٌ عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: اثْنَانِ إِذَا كُتِبَ حَدِيْثُهُمَا هَكَذَا, رَأَيتُ فِيْهِ, وَإِذَا انْتَقَيْتُهُمَا كَانَتْ حِسَاناً: مَعْمَرٌ, وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُقَدَّمِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: جُمِعَ لِمَعْمَرٍ مِنَ الإِسْنَادِ مَا لَمْ يُجْمَعْ لأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: أَيُّوْبُ, وَقَتَادَةُ بِالبَصْرَةِ, وَأَبُو إِسْحَاقَ, وَالأَعْمَشُ بِالكُوْفَةِ, وَالزُّهْرِيُّ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ بِالحِجَازِ, وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ.
الرَّمَادِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ قَالَ: حَدَّثتُ يَحْيَى بنَ أَبِي كَثِيْرٍ بِأَحَادِيْثَ فَقَالَ: اكْتُبْ حَدِيْثَ كَذَا وَكَذَا. فَقُلْتُ أَمَا تَكرَهُ أَنْ تَكتُبَ العِلْمَ يَا أَبَا نَصْرٍ? فَقَالَ: اكْتُبْه لِي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَتَبتَ فَقَدْ ضَيَّعْتَ أَوْ قَالَ: عَجَزْتَ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الحِمْصِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَجَاءَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يَقُوْلُ: عَلَيْكُم بِهَذَا الرَّجُلِ يَعْنِي مَعْمَراً فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي زَمَانِهِ أَعْلَمُ مِنْهُ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: لَمَّا دَخَلَ مَعْمَرٌ صَنْعَاءَ, كَرِهُوا أَنْ يَخْرُجَ من ين أَظْهُرِهِم, فَقَالَ لَهُم رَجُلٌ: قَيِّدُوْهُ. قَالَ: فَزَوَّجُوْهُ.
وَقَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: لَسْتَ تَضُمُّ مَعْمَراً إِلَى أَحَدٍ إلَّا وَجَدْتَه فَوْقَهُ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: ابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ مَعْمَرٌ? قَالَ: مَعْمَرٌ قُلْتُ: فَمَعْمَرٌ أَمْ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ? قَالَ: مَعْمَرٌ إِلَيَّ أَحَبُّ وصالح ثقة. قلت: فمعمر أبو يُوْنُسُ? قَالَ: مَعْمَرٌ. قُلْتُ: فَمَعْمَرٌ أَوْ مَالِكٌ? قَالَ: مَالِكٌ. قُلْتُ لَهُ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُوْلُوْنَ: ابْنُ عُيَيْنَةَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهْرِيِّ. فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُوْلُ ذَلِكَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَأَيَّ شَيْءٍ كَانَ سُفْيَانُ? إِنَّمَا كَانَ غُلَيْماً. يَعْنِي أَمَامَ الزُّهْرِيِّ.(6/474)
قَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يُقَدِّمُ مَالِكاً عَلَى أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ, ثُمَّ مَعْمَراً ثُمَّ يُوْنُسَ. وَكَانَ القَطَّانُ: يُقَدِّمُ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى مَعْمَرٍ.
عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: سَأَلْتُ يَحْيَى القَطَّانَ: مَنْ أَثْبَتُ فِي الزُّهْرِيِّ? قَالَ: مَالِكٌ ثُمَّ ابْنُ عُيَيْنَةَ ثُمَّ مَعْمَرٌ.
وَقَالَ الذُّهْلِيُّ: قُلْتُ لابْنِ المَدِيْنِيِّ: مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَعْمَرٌ, عَنْ هَمَّامٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مُحَمَّدٌ أَشْهَرُ, وَهَذَا أَقْوَى.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: إِذَا حَدَّثَكَ معمر عن العراقيين فخافة إلَّا عن بن طاووس والزهري فإن حديثه عنهما مستقيم فَأَمَّا أَهْلُ الكُوْفَةِ, وَالبَصْرَةِ فَلَهُ. وَمَا عَمِلَ فِي حَدِيْثِ الأَعْمَشِ شَيْئاً, وَحَدِيْثُه عَنْ ثَابِتٍ, وَعَاصِمٍ, وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ مُضْطَرِبٌ كَثِيْرُ الأَوهَامِ.
يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ المُبَارَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ ثَوْرٍ ,عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: سَقَطَتْ مِنِّي صَحِيْفَةُ الأَعْمَشِ فَإِنَّمَا أَتَذَكَّرُ حَدِيْثَهُ وَأُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِي.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ العَبَّاسِ سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَنَّهُ كَانَ زَوْجُ أُخْتِ امْرَأَةِ مَعْمَرٍ مَعَ مَعْنِ بنِ زَائِدَةَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا أُخْتُهَا بِدَانجُوجَ فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَعْمَرٌ بَعْد مَا أَكَلَ فَقَامَ فَتَقَيَّأَ.
أَحْمَدُ بنُ شَبَّوَيْه: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَكَلَ مَعْمَرٌ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ فَاكِهَةً ثُمَّ سَأَلَ, فَقِيْلَ: هَدِيَّةٌ مِنْ فُلاَنَةٍ النَّوَّاحَةِ. فَقَامَ, فَتَقَيَّأَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ مَعْنٌ -وَالِي اليَمَنِ- بِذَهَبٍ, فَرَدَّهُ وَقَالَ لأَهْلِهِ: إِنْ عَلِمَ بِهَذَا غَيْرُنَا لَمْ يَجْتَمِعْ رَأْسِي وَرَأْسُكِ أَبَداً.
قَالَ مُؤَمَّلُ بنُ يَهَابَ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَتَبتُ عَنْ مَعْمَرٍ عَشْرَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا نَعْلمُ أَحَداً عَفَّ عن هذا المالإلَّا الثَّوْرِيَّ وَمَعْمَراً.
وَبَلَغَنَا أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ قَالَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا أَبُو عُرْوَةَ عَنْ أَبِي الخَطَّابِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ فَذَكَرَ حَدِيْثاً فَقَلَّ مَنْ فَطِنَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عن أنس.
وَمَعَ كَوْنِ مَعْمَرٍ ثِقَةً, ثَبْتاً فَلَهُ أَوهَامٌ لاَ سِيَّمَا لَمَّا قَدِمَ البَصْرَةَ لِزِيَارَةِ أُمِّهِ, فإنه لم يكن معه كتبه, فحدث عن حِفْظِه فَوَقَعَ لِلْبَصْرِيِّيْنَ عَنْهُ أَغَالِيْطُ وَحَدِيْثُ هِشَامٍ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ أَصَحُّ لأَنَّهُم أَخَذُوا عَنْهُ مِنْ كُتُبِهِ, وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جوهر المقرىء, أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا مَسْعُوْدٌ الصَّالْحَانِيُّ "ح".(6/475)
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ, عَنْ مَسْعُوْدٍ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ, أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِيُّ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اطَّلَعَ عَلَى قَوْمٍ فِي بَيْتِهِم بِغَيْرِ إِذْنِهِم فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَؤُوا عَيْنَهُ".1
وَبِهِ: عَنْ مَعْمَرٍ, عَنِ الأَعْمَشُ, عَنْ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لاسْتَقَاءهُ" 2.
وَبِهِ: عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَيْنُ حَقٌّ ونهى عن الوشم" 3.
وَبِهِ: عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ: سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله لا ينظر إلى المسبل". يعني إزاره4.
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "19433"، وابن أبي شيبة "8/ 758"، وأحمد "2/ 266 و414 و527"، ومسلم "2158"، وأبو داود "5172"، والبيهقي "8/ 338"، من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. وورد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: "من اطلع في دار قوم بغير إذنهم، ففقؤوا عينه، فلا دية ولا قصاص". أخرجه أحمد "2/ 385"، والنسائي "8/ 61"، وابن الجارود "790"، والبيهقي "8/ 338" من طرق عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، به.
2 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "19588"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" "2101"، والبيهقي "7/ 282" من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي هريرة. به.
قلت: وهذا إسناد منقطع بين الزهري، وأبي هريرة. وأخرج البزار "2897" كشف الأستار، والبيهقي "7/ 282" من طريق زهير بن محمد البغدادي عن مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، عن أبي هريرة، به.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين خلا زهير بن محمد البغدادي شيخ البزار، وهو ثقة. وأخرجه مسلم "2026" "116"، والبيهقي "7/ 282" من طريق أبي غطفان المري، عن أبي هريرة، مرفوعا بلفظ: لا يشر بن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقئ".
3 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "19779"، ومن طريقه البخاري "5740"، ومسلم "2187"، وأبو داود "3879" عن معمر، عن همام بن منبه، به. ووقع عند مسلم، وأبي داود مختصرا: "العين حق".
4 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "11/ 19981" عن معمر، عن همام بن منبه، به.
وأخرجه البخاري "5788" من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا".
وأخرجه ملم "2087" من طريق شعبة عن محمد "وهو ابن زياد" قال: سمعت أبا هريرة ورأرى رجلا يجر إزاره، فجعل يضرب الأرض برجله، وهو أمير على البحرين وهو يقول: جاء الأمير جاء الأمير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى من يجر إزاره بطرا".(6/476)
وَبِهِ: عَنْ مَعْمَرٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوْقٍ, عَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُوْلَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" 1.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ, أَنْبَأَنَا سَالِمُ بنُ صَصْرَى, أَنْبَأَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ شَاتِيْلَ, أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ, أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق, أنبأنا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوْبَ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بِبَيْعَةِ ابْنِهِ يَزِيْدَ إِلَى المَدِيْنَةِ كَتَبَ إِلَيْهِم: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكُم أَمِيْرٌ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيَّ فَلْيَفْعَلْ. قَالَ: فخرج عَمْرٌو وَعُمَارَةُ ابْنَا حَزْمٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرٌو فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ لِمَنْ قَبْلَكَ بَنُوْنُ فَلَمْ يَصْنَعُوا كَمَا صَنَعتَ, وَإِنَّمَا ابْنُكَ فَتَىً مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ ... فَنَالَ مِنْهُ. فَبَكَى مُعَاوِيَةُ ثُمَّ عَرِقَ فَأَرْوَحَ فَقَالَ: إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ قُلْتَ بِرَأْيِكَ بِالِغاً مَا بَلَغَ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنِي وَأَبنَاؤُهُم فَابْنِي أَحَبُّ إِلَيَّ من أبنائهم ارفع حاجتك. قال: مالي حَاجَةٌ. فَلَقِيَهُ أَخُوْهُ عُمَارَةُ فَأَخْبَرَهُ الخَبَرَ فَقَالَ عُمَارَةُ: إِنَّا للهِ أَلِهَذَا جِئْنَا نَضرِبُ أَكْبَادَهَا مِنَ المَدِيْنَةِ? قَالَ: فَأْتِهِ قَالَ: فَإِنَّهُ لَيُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ رَسُوْلُ مُعَاوِيَةَ إِلَى عُمَارَةَ: ارْفَعْ حَاجَتَكَ وَحَاجَةَ أَخِيْكَ. قَالَ: فَفَعَلَ فَقَضَاهَا.
لَمْ يَقَعْ لَنَا حَدِيْثُ مَعْمَرٍ أَعْلَى مِنْ مِثْلِ هَذَا وَحَدِيْثُه وَافِرٌ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ وَفِي مسند أحمد ومعاجم الطَّبَرَانِيِّ وَوَقَعَ لِي مِنْ "جَامِعِهِ" الجُزْءُ الأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ.
قَالَ الفَسَوِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ المُبَارَكِ الصَّنْعَانِيَّ يَقُوْلُ: مَاتَ مَعْمَرٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. كَذَا قَالَ: بَلْ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ الصنعاني فيما رواه
__________
1 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "17/ 640" من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الأعمش، به، وأخرجه الطيالسي "621"، وأحمد "4/ 121 و122"، والبخاري "3483" و"3484" وفي "الأدب المفرد" "597" و"1316"، وابن ماجه "4183"، والطبراني في "الكبير" "17/ 651 و653" و60"، وأبو نعيم في "الحلية" "8/ 124"، والقضاعي "1153-1156"، والبيهقي في "السنن" "10/ 192"، وفي "الآداب" "198"، وأبو الشيخ في " الأمثال" "81"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "83" من طرق عن منصور بن المعتمر، عن ربعي قال: سمعت أبا مَسْعُوْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره.
2 أي: تغيرت رائحة عرقه.(6/477)
عَنِ ابْنِ رَاهَوَيْه: مَاتَ مَعْمَرٌ فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ. وَكَذَا وَرَّخَهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ: أَحْمَدُ, وَأَبُو عُبَيْدٍ, وَشَبَابٌ وَالفَلاَّسُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ, وَابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلاَنِ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ. وَكَذَا أَرَّخَ: الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ, وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, فَاللهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَاشَ ثَمَانِياً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ: أَخْبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَخْبَرَكُمُ البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالاَ: أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ الكَاتِبَةُ1 أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طَلْحَةَ, أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ, أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصغار, أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَبَانٍ عَنْ بَعْضِهِم قَالَ: مَنْ سَلَّمَ عَلَى سَبْعَةٍ فَهُوَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ2.
وَبِهِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, عَنْ زَيْدِ بنِ سَلاَّمٍ, عَنْ جَدِّهِ, قَالَ:
كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ شِبْلٍ: أَنْ عَلِّمِ النَّاسَ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فجمعهم, فقال: إني سمعت رسول الله يَقُوْلُ: "تَعَلَّمُوا القُرْآنَ فَإِذَا عُلِّمْتُمُوْهُ فَلاَ تَغْلُوا فِيْهِ وَلاَ تَجْفُوا عَنْهُ وَلاَ تَأْكُلُوا بِهِ وَلاَ تَسْتَكْثِرُوا بِهِ".. الحَدِيْثَ3.
__________
1 هي: شُهْدَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ الفَرَجِ الدِّيْنَوَرِيِّ، ثُم البَغْدَادِيِّ الإِبَرِيِّ الجهَةِ، المُعَمَّرَةُ، الكَاتِبَةُ، مُسْنِدَةُ العِرَاقِ، فَخْرُ النِّسَاءِ. وُلدت بَعْد الثمانين وأربع مائة. قال الشَّيْخُ المُوَفَّق: انْتَهَى إِلَيْهَا إِسْنَاد بَغْدَاد، وَعُمِّرت حَتَّى أَلحقت الصّغَار بِالكِبَار، وَكَانَتْ تَكتبُ خَطّاً جيدا، لكنه تغير لكبرها.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ قَرَأْت عَلَيْهَا، وَكَانَ لَهَا خطّ حسن، وَتزوجت بِبَعْض وُكلاَء الخَلِيْفَة، وَخَالطت الدّور وَالعُلَمَاء، وَلَهَا بر وَخير، وَعُمِّرت حَتَّى قَاربت المائَة، تُوُفِّيَت فِي رَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَحضرهَا خلق كثير وعامة العلماء. يأتي ترجمتها في كتابنا هذا "أسير أعلام النبلاء" وقد ترجم لهما المؤلف في الجزء الثاني عشر برقم ترجمة "5145".
2 ضعيف جدا: في إسناده أبان، وهو ابن أبي عياش، قال أحمد وابن معين والنسائي: متروك الحديث. وساق له ابن عدي جملة أحاديث منكرة.
3 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "10/ 19444"، ومن طريقه أحمد "3/ 344" عن مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ زيد بن سلام، عن جده قال: فذكره.
قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، خلا زيد بن سلام، وجده، وهو أبو سلم ممطور الحبشي، فمن رجال مسلم، ومعمر، هو ابن راشد الصنعاني.(6/478)
وَبِهِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: قَالَ: رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِيُسَلِّمِ الصَّغِيْرُ عَلَى الكَبِيْرِ وَالمَارُّ عَلَى القَاعِدِ وَالقَلِيْلُ عَلَى الكَثِيْرِ" 1.
وَبِهِ: عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ نَقْشَ خَاتَمِ أَبِي مُوْسَى: أَسَدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَكَانَ نَقشَ خَاتَمِ أَبِي عُبَيْدَةَ: الخُمْسُ للهِ, وَكَانَ نَقشَ خَاتَمِ أَنَسٍ: كُرْكِيٌ لَهُ رَأْسَانِ2.
وَبِهِ:، عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ أَخرَجَ خَاتَماً زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كَانَ يَتَخَتَّمُ بِهِ فِيْهِ تِمْثَالُ أَسَدٍ فَرَأَيْتُ بَعْضَ القَوْمِ غَسَلَهُ بِالمَاءِ ثُمَّ شَرِبَهُ. إِسْنَادُهُ مُرْسَلٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: "أَنَّ رَجُلاً مَرَّ بِرَجُلٍ وَهُوَ سَاجِدٌ فَوَطِئَ على رقبته فقال: ويحك أَتَطَأُ عَلَى رَقَبَتِي وَأَنَا سَاجِدٌ? لاَ وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لَكَ هَذَا أَبَداً فَقَالَ اللهُ: أَيَتَأَلَّى عَلَيَّ? فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ".3
وَبِهِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ رَفَع الحَدِيْثَ قَالَ: يَقُوْل الله -تَعَالَى-: "إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ الَّذِيْنَ يَتَحَابُّونَ فِيَّ وَالَّذِيْنَ يَعْمُرُوْنَ مَسَاجِدِي وَالَّذِيْنَ يَسْتَغْفِرُوْنَ بِالأَسْحَارِ, أُوْلِئَكَ الَّذِيْنَ إِذَا أَرَدْتُ بِخَلْقِي عَذَابِي ذَكَرْتُهُم, فَصَرَفْتُ عَذَابِي، عن خلقي".4
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "10/ 19445"، وأحمد "2/ 314"، والبخاري "6231"، وأبو داود "5198"، والترمذي "2704" من طريق معمر، عن همام بن منبه، به.
2 أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ "10/ 19470" عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ أنس أو أبي موسى الأشعري كان نقش خاتمة كركي له رأسان".
قلت: إن كان الحديث عن أنس، فسماع قتادة عنه صحيح، وذلك إذا صرح بالتحديث لأن قتادة، كان مدلسا، وقد عنعنه. وإن كان الحديث عن أبي موسى الأشعري فإنه لم يسمع منه كما قال أبو حاتم، وعلى كلا الأمرين فإن الإسناد ضعيف لعنعنة قتادة. أو لانقطاعه بين قتادة وأبي موسى الأشعري. والكركي: طائر كبير، أغبر اللون، طويل العنق والرجلين، أبتر الذنب قليل اللحم، يأوي إلى الماء أحيانا.
3 ضعيف: إسناده منقطع، أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، لم يسمع من أبيه. وفيه أبو إسحاق، وهو عمرو بن عبد الله السبيعي، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه وقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه" "11/ 20275" عن معمر، عن أبي إسحاق، به موقوفا.
4 ضعيف: أخرجه عبد الرزاق "11/ 20329" عن معمر، به. وفيه إبهام الرجل من قريش. وهو معضل.(6/479)
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حُمَيْدٍ المَعْمَرِيُّ: قَالَ معمر: لقد طلبنا هذا الشأن, ومالنا فِيْهِ نِيَّةٌ: ثُمَّ رَزَقنَا اللهُ النِّيَّةَ مِنْ بَعْدُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ, قَالَ: كَانَ يُقَالُ: إِنَّ الرَّجُلَ يَطلُبُ العِلْمَ لِغَيْرِ اللهِ, فَيَأْبَى عَلَيْهِ العِلْمُ حَتَّى يَكُوْنَ للهِ.
قُلْتُ: نَعَمْ, يَطلُبُهُ أَوَّلاً, وَالحَامِلُ لَهُ حُبُّ العِلْمِ, وَحُبُّ إِزَالَةِ الجَهْلِ عَنْهُ, وَحُبُّ الوَظَائِفِ, وَنَحْوِ ذَلِكَ, وَلَمْ يَكُن عَلِمَ وُجُوبَ الإِخْلاَصِ فِيْهِ, وَلاَ صِدْقَ النِّيَّةِ, فَإِذَا عَلِمَ حَاسَبَ نَفْسَهُ, وَخَافَ مِنْ وَبَالِ قَصدِهِ, فَتَجِيئُه النِّيَّةُ الصَّالِحَةُ كُلُّهَا, أَوْ بَعْضُهَا وَقَدْ يَتُوبُ مِنْ نِيَّتِهِ الفَاسِدَةِ وَيَندَمُ. وَعَلاَمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُقْصِرُ مِنَ الدَّعَاوَى وَحُبِّ المُنَاظَرَةِ وَمَنْ قَصْدِ التَّكَثُّرِ بِعِلْمِهِ وَيُزْرِي عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ تَكَثَّرَ بِعِلْمِهِ أَوْ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ مِنْ فُلاَنٍ فَبُعْداً لَهُ.
قَالَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ القَاضِي: عَرَضَ مَعْمَرٌ عَلَى هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ وَسَمِعَ مِنْهَا سَمَاعاً نَحَواً مِنْ ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يقول: لما دخل الثوري اليمن, أَتَاهُ مَعْمَرٌ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَحَدَّثَ يَوْماً بِحَدِيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَحَّى بكبشين1 وهو حديث يخطىء ابْنُ عَقِيْلٍ فِيْهِ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: يَا أَبَا عُرْوَةَ تَعَسْتَ2 فغَضِبَ مَعْمَرٌ مِنْ ذَاكَ فَمَا أَتَى سُفْيَانَ فَمَا أَتَاهُ حَتَّى خَرَجَ, وَلاَ سَلَّمَ عَلَيْهِ.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ: أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ, وَأَبَانُ بنُ صَمْعَةَ, وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ, وَالحَسَنُ بنُ عُمَارَةَ, وفطر بن خليفة, وهشام بن الغاز.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3122" من طريق عبد الرزاق، أنبأنا سفيان الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، عن أبي سلمة، عن عائشة، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن يضحي، اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين، فذبح أحدهما عن أمته، لمن شهد بالتوحيد وشهد له بالبلاغ، وذبح الآخر عن محمد وعن آل محمد صلى الله عليه وسلم" وإسناده حسن، عبد الله بن محمد بن عقيل، صدوق، في حديثه لين، لكن الحديث روى من طريق أخرى، فروى من طريق أنس بن مالك قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين يسمى ويكبر، ولقد رأيته يذبح بيده واضعا قدمه على صفاحهما". أخرجه الطيالسي "1968"، وأحمد "3/ 115 و183 و222 و255 و272 و279"، والبخاري "5558"، ومسلم "1966" "18"، والنسائي "7/ 230 و230- 231"، وابن ماجه "3120" والدارمي "2/ 75"، وابن الجارود "909"، وأبو يعلى "3136" و"3247" و"3248" من طرق عن شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، به.
2 تعست: عثرت وانكببت على وجهك، وهو دعاء عليه بالهلاك.(6/480)
صالح بن علي، أبو العُمَيْس:
1003- صَالِحُ بنُ عَلِيِّ 1:
ابْنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ, الأَمِيْرُ, الشريف, أبو عبد المَلِكِ الهَاشِمِيُّ, العَبَّاسِيُّ, عمُّ المَنْصُوْرِ, أَحَدُ الأَبْطَالِ المَذْكُوْرِيْنَ. هُوَ الَّذِي افْتَتَحَ مِصْرَ, وَانتُدِبَ لِحَرْبِ مَرْوَانَ الحِمَارِ2 فَجَهَّزَ جَيْشاً فِي طَلَبِهِ, فَأَدْرَكُوْهُ بِبُوْصِيْرَ -قَرْيَةٍ مِنْ أَعْمَالِ مِصْرَ- فَبَيَّتُوهُ, فَقَاتَلَ المِسْكِيْنُ حَتَّى قُتِلَ.
وَوَلِيَ صَالِحٌ نِيَابَةَ دِمَشْقَ, وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلاَدٍ كُبَرَاءَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْمَاعِيْلُ, وَعَبْدُ المَلِكِ, وَقَدْ عَمِلَ المَصَافَّ3 مَعَ الرُّوْمِ بِدَابِقَ, وَعَلَيْهِمُ الطَّاغِيَةُ قُسْطَنْطِيْنُ بنُ أَليُوْنَ وَكَانُوا مائَةَ أَلْفٍ فَهَزَمَهُم صَالِحٌ وَقَتَلَ وَأَسَرَ وَسَبَى وَأَنشَأَ مَدِيْنَةَ أَذَنَةَ4 مِنَ الثُّغُورِ. وَوَلِيَ الشَّامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ الفَضْلُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وله نحو من ستين سنةً.
1004- أبو العميس 5: "ع":
عتبة بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ ابْنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عبد اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ الهُذَلِيُّ, المَسْعُوْدِيُّ الكُوْفِيُّ أَخُو المحدث المسعودي عبد الرحمن.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "6/ 202"، النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى "1/ 323".
2 هو: مروان بن محمد بنُ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بن أمية، القرشي الأموي، أبو عبد الملك أمير المؤمنين، آخر خلفا بني أمية، وأمه أمة كردية يقال لها لبابة، وكان لإبراهيم الأشتر النخعي، أخذها محمد بن مروان يوم قتله فاستولدها مروان هذا. كان يقال له "مروان الحمار" لجرأته في الحروب، وكان يقال له: مروان الجعدي، نسبة إلى رأي الجعد بن درهم وهو آخر من ملك من بني أمية، وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام ترجمته في تاريخ الإسلام "5/ 32"، البداية والنهاية "10/ 48- 53"، شذرات الذهب "1/ 153".
2 المصاف: بالفتح وتشديد الفاء: جمع مصف وهو موضع الحرب الذي يكون فيه الصفوف.
3 أذنة: على وزن حسنة: بلد من الثغور قرب المصيصة مشهور، خرج منه جماعة من أهل العلم وسكنه آخرون.
5 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 366"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3211"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 460 و550" و"2/ 163 و549"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2054" الكاشف "2/ ترجمة 3717"، تاريخ الإسلام "6/ 156"، تهذيب التهذيب "7/ 97"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4697".(6/481)
يَرْوِي عَنِ: الشَّعْبِيِّ, وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ, وَقَيْسِ بن مسلم, وعون بن أبي جحفية, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: وَكِيْعٌ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ, وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ, وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ:، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، عَنِ القَاسِمِ -يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- قَالَ: مَدَّ الفُرَاتُ, فَجَاءَ بِرُمَّانَةٍ مِثْلِ البَعِيْرِ, فَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّهَا مِنَ الجَنَّةِ.
تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. وَيَقعُ حَدِيْثُه عَالِياً فِي "جزء الجابري"1.
__________
1 الجابري: قال ابن حجر في "تبصير المتنبه" اسمه عبد الله بن جعفر الموصلي، صاحب ذاك الجزء، رواه عنه أبو نعيم.(6/482)
1005- عبد الحميد بن جعفر 1: "م، 4"
ابن عبد الله بن الحَكَمِ بنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ, المَدِيْنِيُّ, الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الثِّقَةُ, أَبُو سَعْدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَنَافِعٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَطَاءٍ, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وَعَمِّ أَبِيْهِ, عُمَرَ بنِ الحَكَمِ, وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ, وَابْنُ وَهْبٍ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَأَبُو عَاصِمٍ, وَالوَاقِدِيُّ, وَبَكْرُ بنُ بَكَّارٍ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ: وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَنْقِمُ عَلَيْهِ خُرُوْجَه مَعَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ, وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ المَدِيْنَةِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: كَانَ سُفْيَانُ يَحْمِلُ عَلَى عَبْدِ الحَمِيْدِ, فَكَلَّمْتُهُ فِيْهِ, فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُ? ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: مَا أَدْرِي مَا شَأْنُهُ وَشَأْنَه!.
وَنَقَلَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُضَعِّفُ عَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ جَعْفَرٍ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ عَبْدُ الحَمِيْدِ ثِقَةً, يُرْمَى بِالقَدَرِ.
قُلْتُ: قَدْ لُطِخَ بِالقَدَرِ جَمَاعَةٌ, وَحَدِيْثُهُم فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" أَوْ أحدهما؛ لأنهم موصفون بالصدق والإتقان.
مَاتَ عَبْدُ الحَمِيْدِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ ومئة. احْتجَّ بِهِ الجَمَاعَةُ سِوَى البُخَارِيِّ وَهُوَ حَسَنُ الحديث.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1677"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 271 و427" و"2/ 458 و491"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 46"، العبر "1/ 220"، الكاشف "2/ ترجمة 3138"، ميزان الاعتدال "2/ 539"، تاريخ الإسلام "6/ 221"، تهذيب التهذيب "6/ 111"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3971".(6/482)
إبراهيم بن نافع، سعيد بن أبي أيوب:
1006- إبراهيم بن نافع 1: "ع"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, الحَافِظُ, أَبُو إِسْحَاقَ المَخْزُوْمِيُّ, المَكِّيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَمُسْلِمِ بنِ يَنَّاقَ, وَابْنِ طَاوُوْسٍ, وَابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي نَجِيْحٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ, وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ, وَأَبُو نعيم, وخلاد ابن يَحْيَى, وَأَبُو حُذَيْفَةَ مُوْسَى بنُ مَسْعُوْدٍ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ حَافِظاً. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: هُوَ أَوْثَقُ شَيْخٍ كَانَ بِمَكَّةَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ، أَوْ بَعْدَهَا.
1007-سَعِيْدُ بنُ أَبِي أيوب 2: "ع"
الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثِّقَةُ, أَبُو يَحْيَى المِصْرِيُّ, الفَقِيْهُ, الخُزَاعِيُّ مَوْلاَهُم. وَاسْمُ وَالِدِه: مِقْلاَصٌ. وُلِدَ سعيد سنة مائة.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَقِيْلٍ زُهْرَةَ بنِ مَعْبَدٍ, وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ, وَجَعْفَرِ بنِ رَبِيْعَةَ, وَعُقَيْلِ بنِ خَالِدٍ, وَعَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مَيْمُوْنٍ, وَكَعْبِ بنِ عَلْقَمَةَ وَطَبَقَتِهِم. وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَابْنُ المُبَارَكِ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ, وأبو عبد الرحمن المقرىء, وَرَوْحُ بنُ صَلاَحٍ, وَطَائِفَةٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ.
تُوُفِيَّ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1047"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 458"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "6/ 152"، تهذيب التهذيب "1/ 174".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 516"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1521"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 150 و239" و"2/ 192 و238"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 277"، "العبر "1/ 237"، الكاشف "1/ ترجمة 1875"، تهذيب التهذيب "4/ 7"، خلاصة الخرزجي "1/ ترجمة 2420"، شذرات الذهب "1/ 251".(6/483)
أبو أيوب المُورِياني، بشار بن برد:
1008- أبو أيوب المورياني 1:
وَزِيْرُ المَنْصُوْرِ, سُلَيْمَان بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الخُوْزِيُّ, تَمَكَّنَ مِنَ المَنْصُوْرِ تَمَكُّناً لاَ مَزِيْدَ عَلَيْهِ, وَكَانَ أَوَّلاً كَاتِباً لِلأَمِيْرِ سُلَيْمَانَ بنِ حَبِيْبِ بنِ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ, وَكَانَ المَنْصُوْرُ يَنُوبُ عَنْ هَذَا الأَمِيْرِ فِي بَعْضِ كُوَرِ فَارِسٍ -فِيْمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ-. فَصَادَرَه, وَضَرَبَهُ, فلما صارت الخلافة إلى المنصور, قتله.
وكان المُوْرِيَانِيُّ قَدْ دَافَعَ عِنْدَ سُلَيْمَانَ كَثِيْراً عَنِ المَنْصُوْرِ, فَاسْتَوْزَرَهُ, ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ, وَنَسَبَهُ إِلَى أَخْذِ الأَمْوَالِ, وَأَضْمَرَ لَهُ, فَكَانَ كُلَّمَا هَمَّ بِهِ دَخَلَ أَبُو أَيُّوْبَ وَقَدْ دَهَنَ حَاجِبَيْهِ بدهن مسحور فسار فِي أَلْسِنَةِ العَامَّةِ: دُهْنُ أَبِي أَيُّوْبَ. ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَأْصَلَه وَعَذَّبَهُ, وَأَخَذَ مِنْهُ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً.
وَكَذَلِكَ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةُ قَرِيْبَةُ الرَّزِيَّةِ.
مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ, وَكَانَ مِنْ دُهَاةِ العَالِمِ, وَلَهُ مُشَارَكَةٌ قَويَّةٌ فِي الأَدَبِ وَالفَلسَفَةِ, وَالحِسَابِ, وَالكِيْمِيَاءِ, وَالسِّحرِ, وَالنُّجُوْمِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِفَقِيْهٍ. وَكَانَ سَمْحاً جَوَاداً مُتَمَوِّلاً.
1009- بَشَّارُ بنُ بُرْدٍ 2:
شَاعِرُ العَصْرِ, أَبُو مُعَاذٍ البَصْرِيُّ, الضَّرِيْرُ, بَلَغَ شِعرُه الفَائِقُ نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ. نَزَلَ بَغْدَادَ وَمَدَحَ الكُبَرَاءَ. وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي عُقَيْلٍ وَيُلَقَّبُ بِالمُرَعَّثِ لِلُبْسِه فِي الصِّغَرِ رِعَاثاً وَهِيَ الحلقُ وَاحِدُهَا رَعَثَةٌ وَوُلِدَ أَعْمَى.
قَالَ أَبُو تَمَّامٍ: هُوَ أَشعَرُ النَّاسِ والسيد الحميري1 في وقتهما. وهو القائل:
أَنَا وَاللهِ أَشْتَهِي سِحْرَ عَيْنَيْ ... كِ وَأَخْشَى مَصَارِعَ العُشَّاقِ
وَلَهُ:
هَلْ تَعْلَمِيْنَ وَرَاءَ الحُبِّ مَنْزِلَةً ... تُدْنِي إِلَيْكِ فَإِنَّ الحُبَّ أَقْصَانِي
قُلْتُ: اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ, فَضَرَبَهُ المَهْدِيُّ سَبْعِيْنَ سَوْطاً لِيُقِرَّ, فَمَاتَ مِنْهَا. وَقِيْلَ: كَانَ يُفَضِّلُ النَّارَ, وَيَنْتَصِرُ لإِبْلِيسَ. هَلَكَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ وَبَلغَ التسعين.
__________
1 ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 276"، تاريخ الإسلام "6/ 188" شذرات الذهب "1/ 236".
2 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "3/ 135"، تاريخ بغداد "7/ 112"، وفيات الأعيان لابن خلكان "1/ ترجمة 113"، العبر "1/ 252"، لسان الميزان "2/ 15"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 264"، خزانة الأدب "1/ 541".(6/484)
1010- أبو الغصن 2:
هُوَ الشَّيْخُ, العَالِمُ, الصَّادِقُ, المُعَمَّرُ, بَقِيَّةُ المَشْيَخَةِ, أبو الغصن ثابت ابن قَيْسٍ الغِفَارِيُّ مَوْلاَهُم, المَدَنِيُّ. عِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
يَرْوِي عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ وَنَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ, وَخَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ الفَقِيْهِ, وَأَبِي سَعِيْدٍ كَيْسَانَ المَقْبُرِيِّ, وَالقُدَمَاءِ وَرَأَى جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ فِيْمَا اعْتَرَفَ بِهِ أَبُو حَاتِمٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْنُ بنُ عِيْسَى, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ, وَبِشْرُ بنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ, وَالقَعْنَبِيُّ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ, وَجَمَاعَةٌ.
وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ جُحَا صَاحِبُ تِيْكَ النَّوَادِرِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ أَيْضاً فِي رِوَايَة عَبَّاسٍ: هُوَ صَالِحٌ لَيْسَ حَدِيْثُه بِذَاكَ وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ يَحْيَى: ضَعِيْفٌ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ مِنْ مَوَالِي عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ. وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ كَثِيْرَ الوَهْمِ فِيْمَا يَرْوِي لاَ يُحْتَجُّ بِخَبَرِهِ إِذَا لَمْ يُتَابِعْه غَيْرُهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَاشَ ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ مائَةً وَخَمْسَ سِنِيْنَ وَمَاتَ: سنة ثمان وستين ومائة.
__________
1 السيد الحميري: هو إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ رَبِيْعَةَ الحميري، الشاعر المفلق، يكنى أبا هاشم، كان رافضيا خبيثا. قال الدارقطني: كان يسب السلف في شعره ويمدح عليا -رضي الله عنه- وقال أبو الفرج: كان شاعرا مطبوعا مكثرا إنما مات ذكره وهجر الناس شعره لإفراطه في سب الصحابة وإفحاشه في شتمهم والطعن عليهم وكان يقول بإمامة محمد ابن الحنفية: ترجمته في لسان الميزان "1/ 436- 438".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2083"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 322"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1840"، المجروحين لابن حبان "1/ 206"، ميزان الاعتدال "1/ 266"، تهذيب التهذيب "2/ 13".(6/485)
1011- يونس بن أبي إسحاق 1: "م، 4"
عمرو بن عبد الله الهمداني السَّبِيْعِيُّ, الكُوْفِيُّ, مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ, أَبُو إِسْرَائِيْلَ, وَابْنُ مُحَدِّثِهَا, وَوَالِد الحَافِظَيْنِ: إِسْرَائِيْلَ, وَعِيْسَى, وَأَخُوْ إِسْحَاقَ, وَعمُّ يُوْسُفَ بنِ إِسْحَاقَ.
كَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ الصَّادِقِيْنَ. يُعَدُّ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَنَاجِيَةَ بنِ كَعْبٍ, وَالشَّعْبِيِّ, وَمُجَاهِدٍ, وَأَبِي بُرْدَةَ, وَأَبِي بَكْرٍ ابْنَيْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ, وَهِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ وَوَالِدِه أَبِي إِسْحَاقَ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ عِيْسَى, وَابْنُ المُبَارَكِ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَوَكِيْعٌ, وَابْنُ مَهْدِيٍّ, وَيَحْيَى بنُ آدَمَ, وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ, وَقَبِيْصَةُ, وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ, وَهُوَ مِنْ بَيْتِ العِلْمِ, وَالحِفظِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ. وقال أبو حاتم: صدوق لاَ يُحتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَتْ فِيْهِ غَفْلَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيْثُه مُضْطَرِبٌ. وَقَالَ سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ: قَدِمْتُ مِنَ الكُوْفَةِ فَقَالَ لِي شُعْبَةُ: مَنْ لَقِيْتَ? قُلْتُ: لَقِيْتُ يُوْنُسَ بنَ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: مَا حَدَّثَكَ? فَأَخْبَرْتُهُ فَسَكَتَ سَاعَةً وَقُلْتُ لَهُ: قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ مَاعِزٍ. قَالَ: فَلَمْ يَقُلْ لَكَ:، حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُوْد?
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَذْكُرُ يُوْنُسَ بنَ أَبِي إِسْحَاقَ, فَقَالَ: كَانَتْ فِيْهِ غَفلَةٌ, كَانَتْ مِنْهُ سَجِيَّةٌ, كَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي أَبِي سَمِعْتُ عَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ" ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ يَقُوْلاَنِ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ2.
قُلْتُ: ابْنَاهُ أَتْقَنُ مِنْهُ, وَهُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ.
قَالُوا: توفي سنة تسع وخمسين ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 363"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3506"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 173"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1024"، الكاشف "3/ ترجمة 6580"، تاريخ الإسلام "6/ 318"، ميزان الاعتدال "4/ 482-483"، تهذيب التهذيب "11/ 433"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 247".
2 صحيح: أخرجه الطيالسي "1039"، وأحمد "4/ 256"، والنسائي "5/ 75"، والطبراني في "الكبير" "17/ 220" من طرق عن شعبة، عن محل بن خليفة، عن عدي بن حاتم مرفوعا وأخرجه الطيالسي "1036"، وابن أبي شيبة "3/ 110"، وأحمد "4/ 258 و259 و377"، والبخاري "1417"، ومسلم "1016"، والطبراني في "الكبير" "17/ 207- 214" من طرق عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ معقل، عن عدي بن حاتم، به.(6/486)
يوسف بن إسحاق، أبو عامر الخَزَّاز:
1012- يوسف بن إسحاق 1: "ع"
ابن الامام أبي إسحاق السبيعي.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ وَرَوَى عَنِ: الشَّعْبِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ, وَجَدِّهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَا عَمِّهِ, إِسْرَائِيْلُ وَعِيْسَى وَوَلدُهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يوسف وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَكُنْ فِي وَلدِ أَبِي إِسْحَاقَ أَحْفَظُ مِنْهُ.
قُلْتُ: مِنْهُم مَنْ يَنْسِبُهُ إِلَى جَدِّهِ فَيَقُوْلُ: يُوْسُفُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وخمسين ومائة بالكوفة.
1013- أبو عامر الخزاز 1: "م، 4"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, صَالِحُ بنُ رُسْتُمَ المُزَنِيُّ مَوْلاَهُم, البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ, وَعِكْرِمَةَ, وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ, وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ, وَابْنُ مَهْدِيٍّ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ, وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ, وَأَبُو نُعَيْمٍ, وَعِدَّةٌ.
قَالَ أبو داود السجستاني: ثقة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 374"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3406"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 909"، الكاشف "3/ ترجمة 6543"، العبر "1/ 228"، تاريخ الإسلام "6/ 317" ميزان الاعتدال "4/ 462"، تهذيب التهذيب "11/ 408"، شذرات الذهب "1/ 242".
3 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2807"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 534" و"2/ 47 و66 و115" و"3/ 381"، الكنى للدولابي "2/ 23"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1764"، الأنساب للسمعاني "8/ 474"، الكاشف "2/ ترجمة 2360"، تاريخ الإسلام "6/ 202"، ميزان الاعتدال "2/ 294"، تهذيب التهذيب "4/ 391"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3058".(6/487)
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عِنْدِي لاَ بَأْسَ بِهِ, قَدْ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: هُوَ صَالِحُ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ ومائة.(6/488)
1014- مصعب 1: "د، ت، ق"
ابن ثابت بن الخَلِيْفَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ, القُدْوَةُ, الإِمَامُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ الزُّبَيْرِيُّ, المَدَنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُه, عَبْدُ اللهِ وَالِي اليَمَنِ, وَحَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, وَعَبْدُ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ, وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ نَافِلَتُه2 الزُّبَيْرُ فِي كِتَابِ "النَّسَبِ": أُمُّهُ: كَلْبِيَّةٌ, اشْتَرَاهَا أبوه من سكينة بنت الحسين بمئة نَاقَةٍ.
فَحَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ: أَنَّ جَدَّهُ كَانَ مِنْ أَعْبدِ أَهْلِ زَمَانِه, صَامَ هُوَ وَأَخُوْهُ نَافِعٌ مِنْ عُمُرِهِمَا خَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ مِسْكِيْنَ قَالَ: مَا رَأَيتُ أَحَداً قَطُّ أَكْثَرَ صَلاَةً مِنْ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتٍ كَانَ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ وَيَصُومُ الدَّهْرَ.
وَقَالَتْ عَنْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ مُصْعَبٍ: كَانَ أَبِي يُصَلِّي فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ ركعة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1524"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 7407"، المجروحين لابن حبان "3/ 28"، العبر "1/ 228"، الكاشف "3/ ترجمة 5558"، تاريخ الإسلام "6/ 290". ميزان الاعتدال "4/ 118- 119"، تهذيب التهذيب "10/ 158"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7018"، شذرات الذهب "1/ 242".
2 النافلة: ولد الولد -قال الله -عز وجل- في قصة إبراهيم- على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} [الأنبياء: 72] .(6/488)
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عُثْمَانَ وَخَالِدُ بنُ وَضَّاحٍ: كَانَ مُصْعَبُ بنُ ثَابِتٍ يَصُوْمُ الدَّهْرَ, وَيُصَلِّي فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلفَ رَكْعَةٍ يَبِسَ مِنَ العبادة وكان من أبلغ أهل زمانه.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ اسْتَحَقَّ لِذَلِكَ مُجَانَبَةَ حَدِيْثِه.
رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْهُ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ, عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعاً: "خَيْرُ المَجَالِسِ أَوْسَعُهَا" 1 قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.
__________
1 صحيح: أخرجه البزار "2013"، والطبراني في "الأوسط" "840"، والحاكم "4/ 269" والبيهقي في "شعب الإيمان" "8240" من طرق عن عبد العزيز محمد الدراوردي، عن مصعب بن ثابت عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، به مرفوعا.
قلت: رجاله إسناده ثقات خلا مصعب بن ثابت، فإنه ضعيف ضعفه ابن معين وغيره، وقد حسن البزار حديثه. وأخرجه أحمد "3/ 18 و69"، والبخاري في "الأدب المفرد" "1136"، وعبد بن حميد في "المنتخب" "981"، وأبو داود "4820"، والحاكم "4/ 269"، والبيهقي في "شعب الإيمان" "8241"، وفي "الأدب" "307"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1222" و"1223" من طرق عن عبد الرحمن ابن أبي الموال، حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا.
قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات على شرط الشيخين خلا عبد الرحمن بن أبي الموالي فمن رجال البخاري، وهو ثقة، وثقه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن معين. وقال: الحافظ في "التقريب": صدوق.(6/489)
1015- فطر بن خليفة 1: "4، خَ، مَقْرُوْناً"
الشَّيْخُ, العَالِمُ, المُحَدِّثُ, الصَّدُوْقُ, أَبُو بَكْرٍ الكُوْفِيُّ, المَخْزُوْمِيُّ, مَوْلَى عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ -رضي الله عنه- الحناط.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بنِ وَاثِلَةَ, وَأَبِي وَائِلٍ, وَطَاوُوْسٍ, وَمُجَاهِدٍ, وَأَبِي الضُّحَى, وَوَالِدِه, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السُّفْيَانَانِ, وَأَبُو أُسَامَةَ, وَيَحْيَى بنُ آدَمَ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى, وَبَكْرُ بنُ بَكَّارٍ, وَالفِرْيَانِيُّ, وَقَبِيْصَةُ وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ مَرَّةً: كَانَ فِطْرٌ عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ ثِقَةً, لَكِنَّهُ خَشَبِيٌّ مُفرِطٌ2.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, حَسَنُ الحَدِيْثِ, فِيْهِ تَشَيُّعٌ يَسِيْرٌ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- مِنْهُم مَنْ يَسْتَضعِفُه, لَهُ سِنٌّ وَلِقَاءٌ, وَكَانَ لاَ يَدَعُ أَحَداً يَكْتُبُ عِنْدَهُ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ, قَالَ: مَا تَرَكتُ الرِّوَايَةَ عَنْ فِطْرٍ, إلَّا بِسُوءِ مَذْهَبِه.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنِ فِطْرٍ, فَقَالَ: ثِقَةٌ, صَالِحُ الحَدِيْثِ, حَدِيْثُه حَدِيْثُ رَجُلٍ كَيِّسٍ إلَّا أَنَّهُ يَتَشَيَّعُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: تَرَكتُهُ عَمداً, وَكَانَ يَتَشَيَّعُ, وَكُنْتُ أَمُرُّ بِهِ بِالكُنَاسَةِ فِي أَصْحَابِ الطَّعَامِ, وَكَانَ أَعْرَجَ, فَأَمُرُّ وَأَدَعُهُ مِثْلَ الكَلْبِ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ جَرِيْرٍ, قَالَ: كَانَ الأَعْمَشُ, وَمَنْصُوْرٌ, وَمُغِيْرَةُ يَشْرَبُوْنَ فَإِذَا أَخَذُوا فِي رُؤُوْسِهِم سَخِرُوا بِفِطْرِ بن خليفة.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: كَانَ فِطْرٌ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ سَمِعْتُ, وَالمَسْعُوْدِيُّ أَحْفَظُ مِنْهُ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ, سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا فِطْرٌ عَنْ عَطَاءٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أُصِيْبَ بِمُصِيْبَةٍ فَلْيَذْكُرْ مُصِيْبَتَهُ بِي فإنها أعظم المصائب". فقلت ليحيى ابن سَعِيْدٍ: أَقَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ? قَالَ: وَمَا يَنْتَفِعُ بقول:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 364"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 625"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 175 و567 و798"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 512"، الكاشف "2/ ترجمة 4564"، ميزان الاعتدال "3/ ترجمة 6779"، تاريخ الإسلام "6/ 368"، العبر "1/ 220 و333"، تهذيب التهذيب "8/ 300"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5758"، شذرات الذهب "1/ 235".
2 الخشبية: هم الرافضة، وسموا بذلك نسبة إلى الخشب لقولهم: إنا لا نقاتل بالسيف إلا مع إمام معصوم، فقاتلوا بالخشب، ولهذا جاء في بعض الروايات عن الشعبي قال: "ما رأيت أحمق من الخشبية" وكذا ذكر ابن حزم في "الفصل" "5/ 45" أن بعض الشيعة لا يستحلون حمل السلاح حتى يخرج الذي ينتظرونه، فهم يقتلون الناس بالخنق والحجارة، والخشبية يقتلونهم بالخشب.(6/490)
حَدَّثَنَا عَطَاءٌ, وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ؟! سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الوَالِبِيُّ, قَالَ الفَلاَّسُ, ثُمَّ قدم علينا يزيد ابن هَارُوْنَ, فَحَدَّثَنَا عَنْ فِطْرٍ, عَنْ أَبِي خَالِدٍ الوَالِبِيِّ نَفْسِهِ1.
ثُمَّ قَالَ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: قُلْتُ لِيَحْيَى فِي حَدِيْثِ فِطْرٍ: خَرَجَ عَلَيَّ وَهُم قِيَامٌ. فَقَالَ يَحْيَى: إِنَّمَا هُوَ. فَقَالَ لِي. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الوَالِبِيُّ قُلْتُ لِيَحْيَى: إِنَّهُم يُدخِلُوْنَ بَيْنَهُمَا زَائِدَةَ وَابْنَ نَشِيْطٍ. قَالَ يَحْيَى: فَإِنَّهُ أَيْضاً قَدْ قَالَ لِي. حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ فِي حَصَى الجِمَارِ ثُمَّ أَدخَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا رَجُلاً فِيْمَا بَلَغَنِي قُلْتُ لِيَحْيَى: فَتَعتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ.. قَالَ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ مَوصُولٌ? قَالَ: لاَ. قُلْتُ: كَانَتْ مِنْهُ سَجِيَّةً? قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ فِطْرُ بن خليفة سنة ثلاث وخمسين ومئة. وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَمَا يَبعُدُ أَنْ يَكُوْنَ لَقِيَ المَشَايِخَ المَذْكُوْرِيْنَ لَكِنَّهُ لَيْسَ بذاك المتقن, مع مَا فِيْهِ مِنْ بِدعَةٍ, وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنَهُ البُخَارِيُّ بِآخَرَ, وَحَدِيْثُه مِنْ قَبِيْلِ الحَسَنِ.
قَالَ عَبَّادُ بنُ يَعْقُوْبَ فِي كِتَابِ "المَنَاقِبِ" لَهُ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَصْبَاغِيُّ, وَغَيْرُهُ, عَنْ جَعْفَرٍ الأَحْمَرِ, قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى فِطْرِ بنِ خَلِيْفَةَ وَهُوَ مُغْمَىً عَلَيْهِ فَأَفَاقَ, فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَكَانَ كُلِّ شَعرَةٍ فِي جَسَدِي لِسَانٌ يُسَبِّحُ اللهَ بحبي أهل البيت.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه العقيلي في "الضعفاء" "3/ 465" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ علي، به.
قلت: إسناده ضعيف، لإرساله. لكن أخرجه ابن عدي في "الكامل" "7/ 168" من طريق يوسف بن الغرق بن لمازة قاضي الأهواز، عن عثمان بن مقسم، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه مرفوعا بلفظ "من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته في". قلت: وإسناده ضعيف جدا، فيه يوسف بن الغرق، قال أبو الفتح الأزدي: كذاب وقال أبو على الحافظ: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وفيه علة ثانية: وهو عثمان بن مقسم البري، أبو سلمة الكندي البصري، تركه يحيى القطان وابن المبارك. وقال أحمد: حديث منكر. وقال الجوزجاني: كذاب. وقال النسائي والدراقطني: متروك. وله شاهد من حديث عائشة مرفوعا بلفظ: "يا أيها الناس أيما أحد من الناس، أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن احدًا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي".
أخرجه ابن ماجه "1599" من طريق موسى بن عبيدة، حدثنا مصعب بن محمد، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عائشة، به. وإسناده ضعيف، آفته موسى بن عبيدة الربذي، فإنه ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب" لكن الحديث يحسن بهذا الشاهد والله أعلم.(6/491)
1016- ابْنُ إِسْحَاقَ 1: "4"
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بن خيار, وَقِيْلَ: ابْنُ كُوْثَانَ, العَلاَّمَةُ, الحَافِظُ, الأَخْبَارِيُّ, أَبُو بَكْرٍ -وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ- القُرَشِيُّ, المُطَّلِبِيُّ مَوْلاَهُم, المَدَنِيُّ, صَاحِبُ "السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ" وَكَانَ جَدُّهُ يَسَارٌ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ2 فِي دَوْلَةِ خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مَوْلَى قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وُلِدَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ. وَرَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ بِالمَدِيْنَةِ, وَسَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَعَمِّه مُوْسَى بنِ يَسَارٍ, وَعَنْ أَبَانِ بنِ عُثْمَانَ فِيْمَا قِيْلَ, وَعَنْ بُشَيْرِ بنِ يَسَارٍ, وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ, وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ, وأبي سفيان طلحة ابن نَافِعٍ, وَعَبَّاسِ بن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ, وَأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ, وَمَكْحُوْلٍ الهُذَلِيِّ, وَنَافِعٍ العُمَرِيِّ, وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنْ صَحَّ, وَفَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ بنِ الزُّبَيْرِ, وَمَعْبَدِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ, وَالزُّهْرِيِّ, وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ فِيْمَا قِيْلَ, وَعِكْرِمَةَ بنِ خَالِدٍ المَخْزُوْمِيِّ, وَسَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ, وَسَعِيْدِ بن عبيد ابن السَّبَّاقِ, وَعَاصِمِ بنِ عَمْرِو بنِ قَتَادَةَ, وَصَدَقَةَ بن يسار, والصلت بن عبد الله ابن نَوْفَلِ بنِ الحَارِثِ الهَاشِمِيِّ, وَعُبَادَةَ بنِ الوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ النَّخَعِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ, وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ, وَمُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ بنِ يَزِيْدَ بنِ رُكَانَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ وَنُبَيْهِ بنِ وَهْبٍ وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ وَيَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ الحَنْظَلِيِّ وَسُلَيْمَانَ بنِ سُحَيْمٍ وَابْنِ طَاوُوْسٍ وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ إِلَى أَنْ يَنْزِلَ إِلَى صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ وَمُحَمَّدِ بنِ السَّائِبِ الكَلْبِيِّ, وروح بن القاسم, وشعبة, وطائفة.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ العِلْمَ بِالمَدِيْنَةِ, وَذَلِكَ قَبْلَ مَالِكٍ وَذَوِيْهِ, وَكَانَ فِي العِلْمِ بَحْراً عجاجًا, ولكنه ليس بالمجود كما ينبغي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 321"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 61"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1087"، تاريخ بغداد "1/ 214"، العبر "1/ 216 و341"، الكاشف "3/ ترجمة رقم 4789"، تاريخ الإسلام "6/ 275"، ميزان الإسلام "3/ 468" تهذيب التهذيب "9/ 38" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6049"، شذرات الذهب "1/ 230".
2 عين التمر: بلدة قريبة من الانبار، غربي الكوفة.(6/492)
حَدَّثَ عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ شَيْخُهُ, وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَهُمَا مِنَ التَّابِعِيْنَ، وِفَاقاً، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالحَمَّادَانِ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَهُشَيْمٌ، وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، وَيَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَزُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ، وَمُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَجَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَحَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، وَعَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَابْنُ إِدْرِيْسَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ، وَسَلَمَةُ الأَبْرَشُ، وَسَعْدَانُ بنُ يَحْيَى، وَعَبْدُ الأَعْلَى السَّامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ الحَرَّانِيُّ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الوَاسِطِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَيُوْنُسُ بن بكير، ويعلى ابن عُبَيْدٍ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَغْرَاءَ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بنُ، وَاضِحٍ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم يَشُقُّ اسْتِقصَاؤُهُم، وَيَبعُدُ إِحصَاؤُهُم.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: يَسَارٌ مَوْلَى قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ، وَهُوَ أَوَّلُ سَبْيٍ دَخَلَ المَدِيْنَةَ مِنَ العِرَاقِ.
وَرَوَى سَلَمَةُ بنُ الفَضْلِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَالصِّبْيَانُ يَشتَدُّونَ، وَيَقُوْلُوْنَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- لاَ يَمُوتُ حَتَّى يَلْقَى الدَّجَّالَ.
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ: عَنْ جَرِيْرٍ قَالَ: رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
قَالَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً حَسَنَ الحَدِيْثِ: فَقُلْتُ: إِنَّهُم يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ رَأَى سَعِيْدَ بن المسيب.
فَقَالَ: إِنَّهُ لَقَدِيْمٌ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: قَدْ سَمِعَ أَبَانَ بنَ عُثْمَانَ، وَمِنْ عَطَاءٍ، وَمِنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمِنَ القَاسِمِ قَالَ:، وَسَمِعَ مِنْ مَكْحُوْلٍ، وَمِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُهْرِيِّ قَالَ: لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ مَا بَقِيَ هَذَا عَنَى ابْنَ إِسْحَاقَ قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَدَارُ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- علي سِتَّةٌ فَذَكَرهُم ثُمَّ قَالَ: فَصَارَ عِلْمُ السِّتَّةِ عِنْدَ اثْنَيْ عَشَرَ أَحَدُهُم مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: رَأَيتُ الزُّهْرِيَّ أَتَاهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ فَاسْتَبطَأَهُ فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ? قَالَ:، وَهَلْ يَصِلُ إِلَيْكَ أَحَدٌ مَعَ حَاجِبِكَ قَالَ: فَدَعَا حَاجِبَهُ فَقَالَ لَهُ: لاَ تَحْجِبْهُ إِذَا جَاءَ.(6/493)
وَقَالَ: قَالَ سُفْيَانُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ جَمٌّ مَا دَامَ فِيْهِمُ ابْنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ عَلِيٌّ: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، وَسُئِلَ عَنْ مَغَازِيه فَقَالَ: هَذَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ.
وَرَوَى حَرْمَلَةُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِي المَغَازِي فَهُوَ عِيَالٌ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: قَالَ عَاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ: لاَ يَزَالُ فِي النَّاسِ عِلْمٌ مَا عَاشَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ.
ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ, سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ فَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ فَاسْتَودَعَهَا عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: احْفَظْهَا عَلَيَّ فَإِنْ نَسِيتُهَا كُنْتَ قَدْ حَفِظتَهَا عَلَيَّ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ الحَافِظُ: كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ ابْنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ، وَيَرْوِي عَنْهُ ثُمَّ يَرْوِي عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْهُ ثُمَّ يَرْوِي عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيْهِ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: رَوَى عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ أُسْتَاذَيْهِ: الزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، وَعُقَيْلٌ، وَيُوْنُسُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ، وَرَأَى ابْنَ إِسْحَاقَ مُقْبِلاً: لاَ يَزَالُ بِالحِجَازِ عِلْمٌ كَثِيْرٌ مَا دَامَ هَذَا الأَحْوَلُ.
النُّفَيْلِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بن فائد قال: كنا إذا جلسنا إلى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ قَضَى مَجْلِسَه فِي ذَلِكَ الفَنِّ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ فِي المَغَازِي عَلاَّمَةً.
قَالَ المَيْمُوْنِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بِحَدِيْثٍ اسْتَحسَنَهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ القَصَصَ الَّتِي يَجِيْءُ بِهَا ابْنُ إِسْحَاقَ فَتَبَسَّمَ إِلَيَّ مُتَعَجِّباً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ -وَسُئِلَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ-: لِمَ لَمْ يَروِ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عَنْهُ? فَقَالَ: جَالَسْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُنْذُ بِضْعٍ، وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَا يَتَّهِمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَلاَ يَقُوْلُ فِيْهِ شَيْئاً. فَقُلْتُ لَهُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُجَالِسُ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ? فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ، وَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا.(6/494)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الذَّهَبِيِّ: هُوَ صَادِقٌ فِي ذلك بلا ريب.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ, سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ: تَحدَّثَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ امْرَأَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، وَاللهِ إِنْ رَآهَا قَطُّ.
قُلْتُ: هِشَامٌ صَادِقٌ فِي يَمِيْنِه فَمَا رَآهَا، وَلاَ زَعَمَ الرَّجُلُ أَنَّهُ رَآهَا بَلْ ذَكرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْه، وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ عِدَّةِ نِسْوَةٍ، وَمَا رَأَيْتُهُنَّ.، وَكَذَلِكَ رَوَى عِدَّةٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ عَنْ عَائِشَةَ، وَمَا رَأَوْا لَهَا صُوْرَةً أَبَداً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: فَحَدَّثْتُ أَبِي بِحَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: وَلِمَ يُنْكِرُ هِشَامٌ? لَعَلَّهُ جَاءَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا فَأَذِنَتْ لَهُ يَعْنِي: وَلَمْ يَعْلَمْ.
قَالَ الأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: هُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَذَكَرَهُ فَقَالَ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: ذَكرَ بَعْضُهُم: أَنَّ مَالِكاً عَابَه جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي زَمَانِهِ بِإِطلاَقِ لِسَانِه فِي قَوْمٍ مَعْرُوْفِيْنَ بِالصَّلاَحِ، وَالدِّيَانَةِ، وَالثِّقَةِ، وَالأَمَانَةِ.
قُلْتُ: كَلاَّ مَا عَابَهُم إلَّا وَهُم عِنْدَهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُثَابٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ أَخْطَأَ اجْتِهَادُه رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا البَرْقَانِيُّ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الآدَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الإِيَادِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ كَذَّابٌ. قَالَ أَحْمَدُ، وَهُوَ الأثرم إِنْ شَاءَ اللهُ: فَسَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فَقَالَ: عَسَى أَرَادَ فِي الكَلاَمِ, أَمَّا فِي الحَدِيْثِ فَثِقَةٌ، وَهُوَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ.
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ المَاجَشُوْنِ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ يَتَكَلَّمُوْنَ فِي مَالِكٍ، وَكَانَ أَشَدَّهُم فِيْهِ كَلاَماً مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ كَانَ يَقُوْلُ: ائْتُونِي بِبَعْضِ كُتُبِه حَتَّى أُبَيِّنَ عُيُوبَه أَنَا بَيْطَارُ كُتُبِه.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَمَّا كَلاَمُ مَالِكٍ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ فَمَشْهُوْرٌ، وَأَمَّا حِكَايَةُ ابْنِ فُلَيْحٍ عَنْهُ فِي هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ فَلَيْسَتْ بِالمَحْفُوْظَةِ، وَرَاوِيهَا عَنِ ابْنِ المُنْذِر لاَ يُعرَفُ.
قُلْتُ: فَهِيَ مردودة.(6/495)
وَقَدْ أَمْسَكَ عَنِ الاحْتِجَاجِ بِرِوَايَاتِ ابْنِ إِسْحَاقَ غَيْرُ، وَاحِدٍ مِنَ العُلَمَاءِ, لأَشْيَاءَ مِنْهَا: تَشَيُّعُه، وَنُسِبَ إِلَى القَدَرِ، وَيُدَلِّسُ فِي حَدِيْثِهِ فَأَمَّا الصِّدْقُ فَلَيْسَ بِمَدْفُوْعٍ عَنْهُ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: رَأَيتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ يَحتَجُّ بِحَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وذَكَرَ عَنْ سُفْيَانَ: أَنَّهُ مَا رَأَى أَحَداً يَتَّهِمُهُ.
قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ: أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ تَلَقَّفَ المَغَازِيَ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِيْمَا يُحَدِّثُه عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ، وَالَّذِي يُذكَرُ عَنْ مَالِكٍ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ لاَ يَكَادُ يَتَبَيَّنُ، وَكَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ مِنْ أَتْبَعِ مَنْ رَأَينَا لِمَالِكٍ أَخْرَجَ إِلَيَّ كُتُبَ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيْهِ فِي المَغَازِي، وَغَيْرِهَا فَانْتخَبتُ مِنْهَا كَثِيْراً.
قَالَ: وَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمْزَةَ: كَانَ عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ, عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَحَوٌ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلفَ حَدِيْثٍ فِي الأَحكَامِ, سِوَى المَغَازِي.
قُلْتُ: يَعْنِي بِتِكرَارِ طُرُقِ الأَحَادِيْثِ, فَأَمَّا المُتُوْنُ الأَحكَامِيَّةُ الَّتِي رَوَاهَا, فَمَا تَبلُغُ عُشْرَ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ البُخَارِيُّ هُنَا فَصلاً حَسَناً عَنْ رِجَالِهِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ فَقَدْ أَكْثَرَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. قَالَ البُخَارِيُّ:، وَلَوْ صَحَّ عَنْ مَالِكٍ تَنَاوُلُهُ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَلَرُبَّمَا تَكَلَّمَ الإِنْسَانُ فَيَرْمِي صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَلاَ يَتَّهِمُهُ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا. قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ فُلَيْحٍ: نَهَانِي مَالِكٌ عَنْ شَيْخَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُمَا فِي المُوَطَّأِ، وَهُمَا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِمَا، وَلَمْ يَنجُ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ كَلاَمِ بَعْضِ النَّاسِ فِيْهِم نَحْوَ مَا يُذْكَرُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ مِنْ كَلاَمِه فِي الشَّعْبِيِّ، وَكَلاَمِ الشَّعْبِيِّ فِي عِكْرِمَةَ، وَفِيْمَنْ كَانَ قَبْلَهُم، وَتَنَاوَلَ بَعْضُهُم فِي العِرْضِ، وَالنَّفْسِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا النَّحوِ إلَّا بِبَيَانٍ، وَحُجَّةٍ، وَلَمْ تَسقُطْ عَدَالَتُهُم إلَّا بِبُرْهَانٍ ثَابِتٍ، وَحُجَّةٍ، وَالكَلاَمُ فِي هَذَا كَثِيْرٌ.
قُلْتُ: لَسْنَا نَدَّعِي فِي أَئِمَّةِ الجَرْحِ، وَالتَّعْدِيْلِ العِصْمَةَ مِنَ الغَلَطِ النَّادِرِ، وَلاَ مِنَ الكَلاَمِ بنَفَسٍ حَادٍّ فِيْمَنْ بَيْنَهُم، وَبَيْنَهُ شَحنَاءُ، وَإِحْنَةٌ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كَثِيْراً مِنْ كَلاَمِ الأَقْرَانِ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ مُهدَرٌ لاَ عبرة به، ولا سيما إذا، وثق الرَّجُلَ جَمَاعَةٌ يَلُوحُ عَلَى قَوْلِهُمُ الإِنصَافُ، وَهَذَانِ الرَّجُلاَنِ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ نَالَ مِنْ صَاحِبِه لَكِنْ أَثَّرَ كَلاَمُ مَالِكٍ فِي مُحَمَّدٍ بَعْضَ اللِّيْنِ، وَلَمْ يُؤثِّرْ كَلاَمُ مُحَمَّدٍ فِيْهِ، وَلاَ ذَرَّةٍ، وَارتَفَعَ مَالِكٌ، وَصَارَ كَالنَّجمِ فَلَهُ ارْتفَاعٌ بِحَسْبِهِ، وَلاَ سِيَّمَا فِي السِّيَرِ، وَأَمَّا فِي أَحَادِيْثِ الأَحكَامِ فَيَنحَطُّ حَدِيْثُه فِيْهَا عَنْ رُتْبَةِ الصِّحَّةِ إِلَى رُتْبَةِ الحَسَنِ إلَّا فِيْمَا شَذَّ فِيْهِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُنْكَراً. هَذَا الَّذِي عِنْدِي فِي حَالِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.(6/496)
قَالَ يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَمِيْرُ المُحَدِّثِيْنَ لِحِفْظِهِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: نَظَرْتُ فِي كُتُبِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَمَا، وَجَدْتُ عَلَيْهِ إلَّا فِي حَدِيْثَيْنِ، وَيُمكِنُ أَنْ يَكُوْنَا صَحِيْحَيْنِ.
وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: الَّذِي يُذكَرُ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ مِنْ قَوْلِهِ: كَيْفَ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَتِي? لَوْ صَحَّ هَذَا مِنْ هِشَامٍ لَجَازَ أَنْ تَكتُبَ إِلَيْهِ فَإِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ يَرَوْنَ الكِتَابَ جَائِزاً لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- كَتَبَ لأَمِيْرِ السَّرِيَّةِ كِتَاباً فَقَالَ لَهُ: "لاَ تَقْرَأْهُ حتى تبلغ موضع، وكذا، وَكَذَا" فَلَمَّا بَلَغَهُ قَرَأَهُ، وَعَمِلَ بِهِ، وَكَذَلِكَ الخُلَفَاءُ، وَالأَئِمَّةُ يُفْضُونَ بِكِتَابِ بَعْضِهِم إِلَى بَعْضٍ.، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُوْنَ سَمِعَ مِنْهَا، وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ فِي غَيْبَةِ زَوْجِهَا.
قُلْتُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِهِمَا, كَمَا أَخَذَ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ عَنِ الصَّحَابِيَّاتِ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُوْنَ دَخَلَ عَلَيْهَا، وَرَآهَا وَهُوَ صَبِيٌّ, فَحَفِظَ عَنْهَا مَعَ احْتمَالِ أَنْ يَكُوْنَ أَخَذَ عَنْهَا حِيْنَ كَبِرَتْ وَعَجِزَتْ، وَكَذَا يَنْبَغِي فَإِنَّهَا أَكْبَرُ مِنْ هِشَامٍ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ فَقَدْ سَمِعَتْ مِنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ، وَلَمَّا رَوَتْ لابْنِ إِسْحَاقَ كَانَ لَهَا قَرِيْبٌ مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ الكُبَرَاءُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَلَى الأَخْذِ عَنْهُ مِنْهُم: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالحَمَّادَانِ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَرَوَى عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ.، وَقَدِ اخْتَبَرَهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ فَرَأَوْا صِدْقاً، وَخَيْراً مَعَ مَدْحِ ابْنِ شِهَابٍ لَهُ، وَقَدْ ذَاكَرتُ دُحَيْماً قَوْلَ مَالِكٍ فَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْحَدِيْثِ إِنَّمَا هُوَ لأَنَّهُ اتهم بالقدر.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ النَّاسُ, يَشْتَهُوْنَ حَدِيْثَهُ، وَكَانَ يُرْمَى بِغَيْرِ نَوعٍ مِنَ البِدَعِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ, عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَتَعَلَّمُ فَأَغْفَى إِغْفَاءةً فَقَالَ: إِنِّيْ رَأَيتُ فِي المَنَامِ السَّاعَةَ: كَأَنَّ إِنْسَاناً دَخَلَ المَسْجِدَ، وَمَعَهُ حَبلٌ فَوَضَعَهُ فِي عُنُقِ حِمَارٍ فَأَخْرَجَهُ. فَمَا لَبِثْنَا أَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ رَجُلٌ مَعَهُ حَبلٌ حَتَّى، وَضَعَهُ فِي عُنُقِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَأَخْرَجَهُ قَالَ: فَذُهِبَ بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَجُلِدَ. قَالَ الزُّبَيْرِيُّ: مَنْ أَجْلِ القَدَرِ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ, سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُرمَى بِالقَدَرِ، وَكَانَ أَبعَدَ النَّاسِ مِنْهُ.(6/497)
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ نُمَيْرٍ -وَذُكِرَ ابْنُ إِسْحَاقَ- فَقَالَ: إِذَا حَدَّثَ عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مِنَ المَعْرُوْفِيْنَ فَهُوَ حَسَنُ الحَدِيْثِ, صَدُوْقٌ، وَإِنَّمَا أُتِيَ مِنْ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ أَحَادِيْثَ بَاطِلَةً.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ البُخَارِيُّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ لَهُ أَلفُ حَدِيْثٍ يَنْفَرِدُ بِهَا, لاَ يُشَارِكُه فِيْهَا أَحَدٌ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ: تَكَلَّمَ أَحَدٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ? فَقَالَ: أَمَّا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ فكان يقول يعني عن الزهري: لاَ يَزَالُ بِالمَدِيْنَةِ عِلْمٌ مَا عَاشَ هَذَا الغُلاَمُ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، وَلَكِنْ حَدَّثَنِي مُصْعَبٌ قَالَ: كَانُوا يَطعَنُوْنَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: سَأَلْتُ عَلِيّاً: كَيْفَ حَدِيْثُ ابْنِ إِسْحَاقَ عِنْدَك, صَحِيْحٌ? فَقَالَ: نَعَمْ, حَدِيْثُه عِنْدِي صَحِيْحٌ. قُلْتُ: فَكَلاَمُ مَالِكٍ فِيْهِ? قَالَ: مَالِكٌ لَمْ يُجَالِسْهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَأَيَّ شَيْءٍ حَدَّثَ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالمَدِيْنَةِ? قُلْتُ: فَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ قَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: الَّذِي قَالَ هِشَامٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَعَلَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِه، وَهُوَ غُلاَمٌ فَسَمِعَ مِنْهَا. إِنَّ حَدِيْثَه لَيُتَبَيَّنُ فِيْهِ الصِّدْقُ. يَرْوِي مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَرْوِي عَنْ رَجُلٍ عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ "صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ" 1، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ: حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ, عَنْ أَيُّوْبَ, عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ: "فِي سَلَفٍ، وبيع" 2، وهو من أروى الناس عن عمرو.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَجِدْ لابْنِ إِسْحَاقَ إلَّا حَدِيْثَينِ مُنْكَرَيْنِ: نَافِعٌ: عَنِ
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1988"، ومسلم "1123"، وأبو داود "2441" من طريق مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عبيد الله، عن عمير مولى عبد الله بن عباس، عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه".
2 صحيح: أخرجه الطيالسي "2257"، وأحمد "2/ 178- 179"، وأبو داود "3504" والترمذي "1234"، والنسائي "7/ 288- 295"، وابن ماجه "2188"، وابن الجارود "601"، والدارقطني "3/ 74- 75"، والحاكم "2/ 16- 17" من طرق عن أيوب، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم تضمن، ولا بيع ما ليس عندك".(6/498)
ابْنِ عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ ... " 1، وَالزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ: "إِذَا مَسَّ أَحَدُكُم فَرْجَهُ".2
هَذَانِ لَمْ يَرْوِهِمَا عَنْ أَحَدٍ، وَالبَاقُوْنَ يَقُوْلُ: ذَكَرَ فُلاَنٌ، وَلَكِنَّ هَذَا فِيْهِ: حَدَّثَنَا.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ أَيْضاً: سَمِعْتُ بَعْضَ وَلَدِ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ -وَكَانَ مُلاَزِماً لِعَلِيٍّ- قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْءٌ فَمَا أَنْكَرتُ مِنْهُ إلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ, ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَه منه، وبعضه ليس منه.
أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَشْتَهِي الحَدِيْثَ, فَيَأْخُذُ كُتُبَ النَّاسِ, فَيَضَعُهَا فِي كُتُبِه.
قُلْتُ: هَذَا الفِعْلُ سَائِغٌ فَهَذَا "الصَّحِيْحُ" لِلْبُخَارِيِّ, فِيْهِ تَعلِيقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ابْنُ إِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُوْسَى بنِ عبيدة.
قلت: موسى ضعفوه.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "2/ 22 و32 و135"، وأبو داود "1119"، والترمذي "526" وابن خزيمة "1819"، والحاكم "1/ 291"، والبيهقي "3/ 237"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" "2/ 186" من طرق عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليتحول منه إلى غيره".
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، صدوق، وهو مشهور بالتدليس، لكنه قد صرح بالتحديث عند أحمد "2/ 135". الحديث أخرجه البيهقي "3/ 237"، من طريق محمد بن عبد الرحمن المحاربي، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، به. وله شاهد من حديث سمرة بن جندب: عند البزار "636"، والبيهقي "3/ 237- 238" وإسناده ضعيف، فيه عنعنة الحسن، وهو البصري، وهو مدلس. وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف.
2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 194" من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن خالد الجهني قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: فذكره.
وله شاه من حديث بسرة بنت صفوان مرفوعا "من مس فرجه فليتوضأ" أخرجه الترمذي "83"، والنسائي "1/ 216"، والدارقطني "1/ 146"، والحاكم "1/ 137"، وابن الجارود "17"، والبيهقي "129" و130" من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان بن الحكم عن بسرة بنت صفوان، به. وأخرجه أحمد "6/ 406- 407"، والترمذي "82"، والنسائي "1/ 216"، والبيهقي في "السنن" "1/ 128" من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن هشام بن عروة، به بلفظ: "من مس ذكره فلا يصل حتى يتوضأ".(6/499)
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُدَلِّسُ إلَّا أَنَّ كِتَابَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ إِذَا كَانَ سَمَاعٌ قَالَ: حَدَّثَنِي، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَالَ: قَالَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ بَغْدَادَ, فَكَانَ لاَ يُبَالِي عَمَّنْ يَحكِي, عَنِ الكَلْبِيِّ، وَعَنْ غَيْرِه.، وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: كَانَ أَبِي يَتَّبِعُ حَدِيْثَ ابْنِ إِسْحَاقَ, فَيَكتُبُهُ كَثِيْراً بِالعُلُوِّ، وَالنُزُولِ، وَيُخَرِّجُهُ فِي "المُسْنَدِ"، وَمَا رَأَيتُهُ أَبْقَى حَدِيْثَه قَطُّ. قِيْلَ لَهُ: يُحتَجُّ بِهِ? قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُحتَجُّ بِهِ فِي السُّنَنِ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ سَافِرِيٍّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ, فَقُلْتُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِحَدِيْثٍ, تَقْبَلُهُ? قَالَ: لاَ، وَاللهِ إِنِّيْ رَأَيتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ جَمَاعَةٍ بِالحَدِيْثِ الوَاحِدِ، وَلاَ يَفصِلُ كَلاَمَ ذَا مِنْ كَلاَمِ ذَا قَالَ:، وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, فَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُقَدِّمُهُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العَبْسِيُّ, عَنْ عَلِيٍّ: هُوَ صَالِحٌ، وَسَطٌ. وَرَوَى: ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ, عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.، وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بذاك.، وسمعت يَحْيَى مَرَّةً أُخْرَى يَقُوْلُ: هُوَ عِنْدِي سَقِيْمٌ لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَالَ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ إِسْحَاقَ ضَعِيْفٌ، وَرَوَى المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ, عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ. وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ, عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ, إِنَّمَا الحُجَّةُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ..، وَذَكَرَ جَمَاعَةً.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: فِي نَفْسِكَ مِنْ صِدْقِهِ شَيْءٌ? قَالَ: لاَ, هُوَ صَدُوْقٌ. وَرَوَى عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ, عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ, وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ, وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَدُوْقٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ فَائِدٍ. قَالَ: كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ قَضَى مَجْلِسَه فِيْهِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
أَحْمَدُ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لَوْ سُوِّدَ أَحَدٌ فِي الحَدِيْثِ لَسُوِّدَ ابْنُ إسحاق.(6/500)
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, وَمِنْهُم مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيْهِ, وَكَانَ خَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً, فَأَتَى الجَزِيْرَةَ, وَالكُوْفَةَ, وَالرَّيَّ, وَبَغْدَادَ, فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ 151.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ مِنْهُم: عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُغِيْرَةِ, وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَثُمَامَةُ بنُ شُفَيٍّ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ, وَالقَاسِمُ بنُ قرمَانَ, وَالسَّكَنُ بنُ أَبِي كَرِيْمَةَ رَوَى عَنْهُم أَحَادِيْثَ لَمْ يَرْوِهَا عَنْهُم غَيْرُه فِيْمَا عَلِمتُ.
رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ الأَكَابِرُ مِنْهُم: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ وَقَيْسُ بنُ أَبِي يَزِيْدَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ مَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً, فَلَمْ يَروِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْهُم, غَيْرُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ, وَكَانَ مَعَ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ بِالجَزِيْرَةِ, وَأَتَى أَبَا جَعْفَرٍ بِالحِيْرَةِ فَكَتَبَ لَهُ المَغَازِي, فَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ بِذَلِكَ السَّبَبِ, وَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الرَّيِّ فَرُوَاتُهُ مِنْ هَؤُلاَءِ البُلْدَانِ أَكْثَرُ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الفَضْلِ إلَّا أَنَّهُ صَرَفَ المُلُوْكَ عَنِ الاشتِغَالِ بِكُتُبٍ لاَ يَحصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ, إِلَى الاشتِغَالِ بِمَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَبْعَثِهُ, وَمُبتَدَأِ الخَلْقِ لَكَانَتْ هَذِهِ فَضِيلَةٌ سَبَقَ بِهَا, ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ صَنَّفَهَا قَوْمٌ آخَرُوْنَ, فَلَمْ يَبلُغُوا مَبلَغَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْهَا. وَقَدْ فَتَّشتُ أَحَادِيْثَهُ كَثِيْراً, فَلَمْ أَجِدْ مِنْ أَحَادِيْثِه مَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يُقطَعَ عَلَيْهِ بِالضَّعفِ, وَرُبَّمَا أَخْطَأَ أَوْ يَهِمُ فِي الشيء بعد الشيء, كما يخطىء غَيْرُه, وَلَمْ يَتَخَلَّفْ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ الثِّقَاتُ وَالأَئِمَّةُ وَهُوَ لاَ بَأْسَ بِهِ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ: سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ: ابْن إِسْحَاقَ كذاب.
عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ, حَدَّثَنِي وُهَيْبٌ, قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ, فَقَالَ, وَقَالَ.. وَاتَّهَمَهُ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ زَاجٌ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ يَجْرَحَانِ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ أَبِي الوَضَّاحِ, قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ, فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ يَرْوُونَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. فَقَالَ يَحْيَى: تَروُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ? تَرْوُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ?.!(6/501)
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ: قَالَ لِي يَحْيَى القَطَّانُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ كَذَّابٌ. قُلْتُ: وَمَا يُدرِيْكَ? قَالَ: قَالَ لِي وُهَيْبٌ. فَقُلْتُ لِوُهَيْبٍ: مَا يُدرِيْكَ? قَالَ: قَالَ لِي مَالِكُ بنُ أَنَسٍ. فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا يُدرِيْكَ? فَقَالَ: قَالَ لِي هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ. قُلْتُ لِهِشَامٍ: وَمَا يُدرِيْكَ? قَالَ: حَدَّثَ عَنِ امْرَأَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ, وَدخَلَتْ عَلَيَّ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِيْنَ, وَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ.
قُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ يَحْيَى وَهَؤُلاَءِ بَدَا مِنْهُم هَذَا بِنَاءً عَلَى أَصلٍ فَاسِدٍ وَاهٍ, وَلَكِنَّ هَذِهِ الخُرَافَةَ مِنْ صَنْعَةِ سُلَيْمَانَ, وَهُوَ الشَّاذَكُوْنِيُّ -لاَ صَبَّحَهُ اللهُ بِخَيْرٍ -فَإِنَّهُ- مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي الحِفْظِ -مُتَّهَمٌ عِنْدَهُم بِالكَذِبِ, وَانظُرْ كَيْفَ قَدْ سَلْسَلَ الحِكَايَةَ. وَيُبَيِّنُ لَكَ بُطلاَنَهَا: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ لَمَّا كَانَتْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِيْنَ, لَمْ يَكُنْ زَوجُهَا هِشَامٌ خُلِقَ بَعْدُ, فَهِيَ أَكْبَرُ منه بنيف عشرة سنةً, وأسند مِنْهُ, فَإِنَّهَا رَوَتْ كَمَا ذَكرْنَا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنْهَا وَمَا عَرَفَ بِذَلِكَ هِشَامٌ. أَفَبِمِثْلِ هَذَا القَوْلِ الوَاهِي يُكَذَّبُ الصَّادِقُ? كَلاَّ وَاللهِ نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى وَالمُكَابِرَةِ وَلَكِنْ صَدَقَ القَاضِي أَبُو يُوْسُفَ إِذْ يَقُوْلُ: مَنْ تَتبَّعَ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ كُذِّبَ وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ ذُنُوبِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَلاَ يَتَوَرَّعُ سَامَحَهُ اللهُ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ, قُلْتُ لِهِشَامٍ: ابْنُ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ. قَالَ: أَهُوَ كَانَ يَصِلُ إِلَيْهَا?
قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُوْنَ إِحْدَى خَالاَتِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الرَّضَاعَةِ, فَدَخَلَ عَلَيْهَا, وَمَا عَلِمَ هِشَامٌ بِأَنَّهَا خَالَةٌ لَهُ, أَوْ عَمَّةٌ.
يَحْيَى بنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ, قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ, فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ فَإِنِّي بَيْطَارُهُ. فَقَالَ مَالِكٌ: انْظُرُوا إِلَى دَجَّالٍ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ: اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: فَمَا رَأَيتُ أَحَداً جَمَعَ الدَّجَّالِيْنَ قَبْلَه.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَاكَ1، أَنْبَأَنَا الخَلِيْلِيُّ, سَمِعْتُ جَدِّي, وَالقَاسِمَ بنَ عَلْقَمَةَ, سَمِعنَا ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا ابْنُ رَاهَوَيْه, سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ آدَمَ, سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ, فقال رجل:
__________
1 ابن ماك: هو أبو الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن محمد بن ماك القزويني، روى عن الخليلي، وعنه السلفي كما قال الحافظ ابن حجر في تبصير المنتبه "4/ 1245".(6/502)
كُنْتُ بِالرَّيِّ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ وَزِيْرِ المَهْدِيِّ, فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: هَاتُوا اعْرِضُوا عَلَيَّ عُلُوْمَ مَالِكٍ, فَإِنِّي أَنَا بَيْطَارُهَا. فَقَالَ مَالِكٌ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَذَا. قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: لَمْ أَسْمَعْ بِجَمعِ الدَّجَّالِ إلَّا مِنْهُ.
وبه: إلى ابن أبي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ بِنَحْوِهَا. فَقَالَ مَالِكٌ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَكَذَا? نَحْنُ نَفَيْنَاهُ مِنَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَحْفَظَ النَّاسِ وَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ جَاءَ وَاسْتَودَعَهَا ابْنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: احْفَظْهَا عَنِّي فَإِنْ نَسِيْتُهَا كُنْتَ قَدْ حَفِظْتَهَا عَلَيَّ.
وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ الحَافِظِ قَالَ: كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ ثُمَّ يَرْوِي عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْهُ ثُمَّ يَرْوِي عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أبيه عنه.
قال ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِنَّهُ لَيَبِيْنُ فِي حَدِيْثِهِ الصِّدْقُ يَقُوْلُ مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ. وَيَقُوْلُ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ. وَيَقُوْلُ: حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ فِي: "سلف وبيع" 1 وهو من أروى الناس عن عَمْرٍو, وَلَمْ أَجِدْ لَهُ سِوَى حَدِيْثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ: نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ, فِي "النُّعَاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ". وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ "مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ" 2.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَ بِكَذَا وَكَذَا عَنْ فَاطِمَةَ فَقَالَ: كَذَبَ الخَبِيْثُ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ سُفْيَانُ: رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ, فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَرَانِي مَعَهُ أَحَدٌ, فَقَالَ: أَنَا أَرْصُدُ ابْنَ خُصَيْفَةَ, أَبْغِي أَنْ أسأله عما حَدَّثَنِي عَنْهُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: اتَّهَمُوْهُ بِالقَدَرِ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: مَا رَويتُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ إلَّا بِاضْطِرَارٍ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ إِسْحَاقَ: كَيْفَ حَدِيْثُ شُرَحْبِيْلَ بنِ سَعْدٍ? فَقَالَ: وَأَحَدٌ يُحَدِّثُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ? ثُمَّ قَالَ الفَلاَّسُ: العَجَبُ مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أهل
__________
1 صحيح: سبق تخريجنا له قريبا في هذا الجزء بتعليقنا رقم "575" فراجعه ثمت.
2 صحيح: مر تخريجنا له قريبا بتعليقنا رقم "577" فراجعه ثمت.(6/503)
الكِتَابِ, وَيَرغَبُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ, وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ, وَمَطَرٌ, وَأَبُو مَعْشَرٍ المَدِيْنِيُّ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ لِعُبَيْدِ اللهِ: إِلَى أَيْنَ تَذهَبُ? قَالَ: أذهب إلى وهب بن جرير, أكتب السيرة. قَالَ: يَكْتُبُ كَذِباً كَثِيْراً.
قُلْتُ: كَانَ وَهْبٌ يَروِيهَا عَنْ أَبِيْهِ, عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ, وَأَشَارَ يَحْيَى القَطَّانُ إِلَى مَا فِي السِّيْرَةِ مِنَ الوَاهِي مِنَ الشِّعْرِ, وَمِنْ بَعْضِ الآثَارِ المُنْقَطِعَةِ المُنْكَرَةِ, فَلَوْ حُذِفَ مِنْهَا ذَلِكَ, لَحَسُنَتْ وَثَمَّ أَحَادِيْثُ جَمَّةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالمَسَانِيْدِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالسِّيْرَةِ وَالمَغَازِي يَنْبَغِي أَنْ تُضَمَّ إِلَيْهَا وَتُرَتَّبَ وَقَدْ فَعَلَ غَالِبَ هَذَا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي: "دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ" لَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْئاً, كَانَ يُضَعِّفُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ شَيْئاً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ إِنْسَانٌ لِلأَعْمَشِ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيْهِ بِكَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: كَذَبَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَكَذَبَ ابْنُ الأَسْوَدِ حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بكذا وكذا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ -يَعْنِي: سَوَاءٌ- وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ دُوْنَهُمَا. وَقَالَ: تَرَكتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُتَعَمِّداً.
إِبْرَاهِيْمُ الحِزَامِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: رَأَيتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَكْتُبُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ.
قُلْتُ: هَذَا يُشَنَّعُ بِهِ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ, وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ حَمَلَ أَلوَاناً عَنِ الذِّمَّةِ مُتَرَخِّصاً بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ ولا حرج" 1.
__________
1 صحيح: ورد عن أبي هريرة: أخرجه أحمد "2/ 474 و502"، وأبو داود "3662"، من طرق عَنْ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به. وورد عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ: "بلغو عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
أخرجه أحمد "2/ 159"، وأبو خيثمة في "العلم" "45"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "13/ 157" من طريق الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني حسان بن عطية، عن أبي كبشة السلولي، عن عبد الله بن عمرو به مرفوعا. وأخرجه ابن أبي شيبة "8/ 760"، وأحمد "2/ 202 و214"، والبخاري "3461"، والترمذي "2669"، والطبراني في "الصغير" "462"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "662"، وأبو نعيم في "الحلية" "6/ 78"، والبيهقي في "الآداب" "1190"، والبغوي "113" من طرق عن الأوزاعي، به.(6/504)
أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ بنُ سَهْلٍ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانُ قَالَ: قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ! مَنْ يَغُتُّ1 عَلَيْكُم بَعْدَ مُحَمَّدِ بنِ إسحاق?
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الخَضِرُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ قُلْتُ: لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ? قَالَ: هُوَ كَثِيْرُ التَّدْلِيْسِ جِدّاً. قُلْتُ: فَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي وَحَدَّثَنِي فَهُوَ ثِقَةٌ? قَالَ: هُوَ يَقُوْلُ أَخْبَرَنِي فَيُخَالِفُ فَقِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ? فَقَالَ: لاَ كَالمُنْكِرِ لِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَسْتَخِفُّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ مُعَاذاً يَقُوْلُ: رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ إِزَارٌ رَقِيْقٌ مُتَخَلِّقٌ وَخِصْيَتُهُ مُدَلاَّةٌ.
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَلْعَبُ بِالدُّيُوْكِ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ وَالمَدَائِنِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بنِ خِيَارٍ, وَكَانَ خِيَارٌ لِقَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ لِي سُلْطَانٌ, لأَمَّرْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَى المُحَدِّثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رِبْحِ بنِ سُلَيْمَانَ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الظُّهرِ أَوِ العَصْرِ شَكَّ يَزِيْدُ وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي العَاصِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ فَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ"2. هذا أعلى ما يقع لنا من حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ وَإِبْرَاهِيْمُ نَفْطَوَيْه, وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ وَغَيْرُهُم: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ شَبَابٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ, أَوْ ثَلاَثٍ.
رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي المُتَابَعَاتِ, وَاسْتَشْهَدَ بِهِ: البُخَارِيُّ, وَأَخْرَجَ أَرْبَابُ السُّنَنِ لَهُ. وَالوَهْبِيُّ: هُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ, مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عشرة ومائتين.
__________
1 يغت عليكم: أي يفسد عليكم.
2 صحيح: أخرجه أبو داود "920" حدثنا يحيى بن خلف، حدثنا يحيى بن خلف، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا محمد -يعني ابن إسحاق- عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عَنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْم الزُّرَقِي، عَنْ أَبِي قتادة، به. وأخرجه البخاري "5996"، مختصر من طريق الليث، حدثنا سعيد المقبري، به. وأخرجه البخاري "516"، ومسلم "543" من طريق مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْم الزُّرَقِي، عَنْ أَبِي قَتَادَة، به.(6/505)
إبراهيم بن محمد، حبيب بن الشهيد:
1017- إبراهيم بن محمد 1: "ع"
ابن المنتشر بن الأجدع الهمداني الكوفي, أحمد أئمة الدين, ومن ثبت العِلْمِ. وَجَدُّهُ المُنْتَشِرُ: هُوَ أَخُو مَسْرُوْقٍ أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَطَائِفَةٍ. أَحَادِيْثُه يَسِيْرَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ: كَانَ مِنْ أَفْضَلِ مَنْ رَأَيْنَاهُ بِالكُوْفَةِ فِي زَمَانِهِ.
قُلْتُ: كَانَ ذَا تَأَلُّهٍ وَدِيْنٍ وَثِقَةٍ وَتَزَهُّدٍ رَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ وَهُوَ قَدِيْمُ الوَفَاةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذكَرَ فِي الطَّبَقَةِ المَاضِيَةِ -رَحِمَهُ اللهُ- وَلَمْ أَرَ لَهُ شَيْئاً عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
1018- حبيب بن الشهيد 2: "ع"
الإِمَامُ, الحُجَّةُ, أَبُو مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ: أَبُو شَهِيْدٌ- البَصْرِيُّ, مَوْلَى قُرَيْبَةَ.
أَرْسَلَ عَنِ: الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ. وَرَوَى عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ وَمَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى القَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ, وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ, لَهُ نَحْوٌ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ.
ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ, مَأْمُوْنٌ.
أَرَّخَهُ بَعْضُهُم فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ ومائة وعاش ستًا وستين سنة.
أما:
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1002"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 383"، تهذيب التهذيب "1/ 157".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2615" المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 15 و39 و60" و"3/ 7"، الكنى للدولابي "2/ 95"، والجرح والتعديل "3/ ترجمة 478"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 160"، العبر "1/ 204"، الكاشف "1/ ترجمة 920" الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 291"، تهذيب التهذيب "1/ 185"، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي "2/ 4"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1209"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 216".(6/506)
حبيب بن الشهيد التُّجيبي، صدقة بن يزيد:
1019- حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ التُّجِيْبِيُّ 1:
أَبُو مَرْزُوْقٍ المِصْرِيُّ فَحَدَّثَ عَنْ: حَنَشِ بنِ عَبْدِ اللهِ الصَّنْعَانِيِّ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
رَوَى عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ وَجَعْفَرُ بنُ رَبِيْعَةَ وَسَالِمُ بنُ غَيْلاَنَ وَكَانَ يُفَقِّهُ أَهْلَ طَرَابُلُسَ الغَرْبِ. وَثَّقَهُ العِجْلِيُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ ومئة.
لَمْ يُفَرِّقِ البُخَارِيُّ وَلاَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ مَوْلَى قُرَيْبَةَ.
1020- صَدَقَةُ بنُ يَزِيْدَ 2:
الخُرَاسَانِيُّ, ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ, نَزِيلُ بَيْتِ المَقْدِسِ.
حَدَّثَ عَنْ: قَتَادَةَ, وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ, وَحَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ, وَالعَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُرَقِيِّ, وَأَحْوَصَ بنِ حَكِيْمٍ, وَبِنْتِ وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ, وَضَمْرَةُ وَابْنُ شَابُوْرَ, وَرَوَّادُ بنُ الجراح, وآخرون.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "3/ ترجمة 478"، تهذيب التهذيب "12/ 228".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2882"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1893"، تاريخ الإسلام "6/ 23"، ميزان الاعتدال "2/ 313".(6/507)
وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ الفَسَوِيُّ: حَسَنُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: صَدَقَةُ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيُّ صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا: ضَعِيْفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضَّعفِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الصِّدْقِ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ أَضْعَفُ مِنَ السَّمِيْنِ وَلاَ شَيْءَ لَهُ فِي الكُتُبِ وَمِنْ أَنْكَرِ مَا رَأَيتُ لَهُ فِي تَرْجَمَتِه فِي تَارِيْخِ دِمَشْقَ: دَاوُدُ بنُ رَشِيْدٍ:، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ عَنْ صَدَقَةَ بنِ يزيد عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: تَرَاءَوُا الهِلاَلَ فَقَالُوا: مَا أَحْسَنَ مَا أَبْيَنَهُ فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كَيْفَ أَنْتُم إِذَا كُنْتُمْ مِنْ دِيْنِكُمْ فِي مِثْلِ القمر ليلة البدر لا يبصره منكمإلَّا البَصِيْرُ"1.
تُوُفِّيَ هَذَا سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
__________
1 ضعيف: فيه الوليد بن مسلم، ويحيى بن أبي كثير، وهما مدلسان، وقد عنعناه وفيه علة ثالثة وهي ضعف صدقة بن يزيد.(6/508)
1012- محمد بن أبي حفصة 1: "خَ، م، س"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, أَبُو سَلَمَةَ بن ميسرة المدني, نزيل البصرة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ, وَالزُّهْرِيِّ, وَقَتَادَةَ, وَابْنِ جُدْعَانَ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَرَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرُ.
وَهُوَ قَدِيْمُ المَوْتِ تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ مَرَّةً ثُمَّ تَوَقَّفَ، وَقَالَ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: ضَعِيْفٌ.، وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ مَعَ كَوْنِه رَوَى لَهُ فِي سُنَنِهِ، وَرَوَى لَهُ الشَّيْخَانِ فِي المُتَابَعَاتِ مَا أَظُنُّ أَنَّ، وَاحِداً مِنْهُمَا جَعَلَهُ حُجَّةً، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِنَ الضُّعفَاءِ الَّذِيْنَ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُم.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: حَملتَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ? قَالَ: نَعَمْ كَتَبتُ حَدِيْثَهُ كُلَّهُ ثُمَّ رَمَيتُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: هُوَ نَحْوُ صَالِحِ بنِ أَبِي الأَخْضَرِ.
قُلْتُ: بِالجَهْدِ أَنْ يُعَدَّ حَدِيْثُهُ حَسَناً، وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ.
وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ: سَمِعْتُ مُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ قَالَ: كَتَبتُ عَنْهُ. قُلْتُ لِمُعَاذٍ: لِمَ? قَالَ: لأَنِّي رَأَيتُهُ يَأْتِي أَشْعَثَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ فَإِذَا قُمْنَا جَلَسَ إِلَى صِبْيَانٍ فَأَمَلُّوْهَا عَلَيْهِ. فَقُلْتُ لِمُعَاذٍ: مَنْ هُوَ يَا أَبَا المُثَنَّى? قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ. أَوْرَدَهُ العُقَيْلِيُّ فِي مُحَمَّدِ بنِ مَيْسَرَةَ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 709"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 381" و"2/ 474" و"3/ 51"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 382" و"7/ ترجمة 325"، تاريخ الإسلام "6/ 279"، والكاشف "3/ ترجمة 4877"، ميزان الاعتدال "3/ ترجمة 7429"، تهذيب التهذيب "9/ 123"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6157".(6/508)
1022- هشام بن الغاز 1: "4"
ابن ربيعة الجرشي الدمشقي, الإمام المقرىء, المُحَدِّثُ, أَبُو العَبَّاسِ. وَقِيْلَ: أَبُو رَبِيْعَةَ. وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ.
رَوَى عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -إِنْ صَحَّ- وَعَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَمَكْحُوْلٍ، وَعُبَادَةَ بنِ نُسَيٍّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَطَائِفَةٍ. وَتَلاَ عَلَى: يَحْيَى الذِّمَارِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ, عَبْدُ الوَهَّابِ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَوَكِيْعٌ، وَالوَلِيْدُ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَشَبَابَةُ، وَإِسْحَاقُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَأَبُو المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَمَانٍ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الحَدِيْثِ، وَرَوَى عَبَّاسٌ, عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.، وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: شَامِيٌّ ثِقَةٌ.، وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ.، وَقَالَ الفَسَوِيُّ: سَأَلْتُ دُحَيْماً عَنْهُ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ اسْتِقَامَتَه فِي الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ هِشَامُ بنُ الغَازِ عَلَى بَيْتِ المَالِ لأَبِي جَعْفَرٍ. يُقَالُ: مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 468"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2699"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 294 و588" و"2/ 377 و394 و458" ,"3/ 28 و355"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 257"، تاريخ بغداد "14/ 42"، العبر "1/ 71"، الكاشف "3/ ترجمة 6080"، تاريخ الإسلام "6/ 312"، ميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9236"، وتهذيب التهذيب "11/ 55"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7688"، شذرات الذهب "1/ 236".(6/509)
أبان بن صَمْعَة، عُتْبَة الغُلام:
1023- أبان بن صمعة 1: "س، ق، م"
الأنصاري, البصري, مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِيْنَ. قِيْلَ: هُوَ وَالِدُ عُتْبَةَ؛ الغُلاَمِ المَشْهُوْرِ بِالزُّهدِ.
حَدَّثَ عَنْ: وَالِدَتِهِ, عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ، وَأَبِي الوَازِعِ جَابِرِ بنِ عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَسَهْلُ بنُ يُوْسُفَ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ.، وَقَدْ تَغَيَّرَ بِأَخَرَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: تَغَيَّرَ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ لَقِيْتُهُ: وَقَدِ اخْتَلَطَ البَتَّةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إِنَّمَا عِيْبَ عَلَيْهِ اخْتِلاَطُه لَمَّا كَبِرَ، وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَى الضَّعفِ, لأَنَّ مِقْدَارَ مَا يَرْوِيْهِ مُسْتَقِيْمٌ. ثُمَّ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ حَدِيْثاً وَاحِداً, مِنْ طَرِيْقِ سَهْلِ بنِ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بنُ صَمْعَةَ, عَنْ أَبِي الوَازِعِ, عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ "اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيْقِ المُسْلِمِيْنَ". 2تَفَرَّد بِهِ: سَهْلٌ. وَهُوَ حَسَنٌ, غَرِيْبٌ. وَقَدْ رَوَى: مُسْلِمٌ لأَبَانٍ مُتَابَعَةً.
مات في سنة ثلاث، وخمسين، ومائة.
1024- عتبة الغلام 3:
الزَّاهِدُ, الخَاشِعُ, الخَائِفُ, عُتْبَةُ بنُ أَبَانٍ البَصْرِيُّ. كَانَ يُشَبَّهُ فِي حُزْنِه بِالحَسَنِ البَصْرِيِّ.
قَالَ رِيَاحٌ القَيْسِيُّ: بَاتَ عِنْدِي, فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِهِ: اللَّهُمَّ احْشُرْ عُتْبَةَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ، وَبُطُوْنِ السِّبَاعِ.
وَقَالَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ: جَاءنَا عُتْبَةُ الغُلاَمُ غَازِياً، وَقَالَ: رَأَيتُ أَنِّي آتِي المَصِّيْصَةَ فِي النَّوْمِ، وَأَغَزْو فَأُسْتَشْهَدُ. قَالَ: فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ فَرَسَهُ، وَسِلاَحَه، وَقَالَ: إِنِّيْ عَلِيْلٌ فَاغْزُ عَنِّي. فَلَقَوُا الرُّوْمَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتُشْهِدَ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1444"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 109"، تاريخ الإسلام "6/ 159"، ميزان الاعتدال "1/ 8-9"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "5/ 301"، تهذيب التهذيب "1/ 95".
2 حسن: أخرج مسلم "2618"، وابن ماجه "3681"، من طريق أبان بن صمعة، به. وإسناده حسن، أبان بن صمعة، صدوق كما قال الحافظ في التقريب.
3 ترجمته في حلية الأولياء "6/ ترجمة 367".(6/510)
قَالَ سَلَمَةُ الفَرَّاءُ: كَانَ عُتْبَةُ الغُلاَمُ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ البَصْرَةِ, يَصُوْمُ الدَّهْرَ، وَيَأْوِي السَّوَاحِلَ، وَالجَبَّانَةَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ البَصْرِيُّ: كَانَ رَأْسُ مَالِ عُتْبَةَ فِلْساً يَشْتَرِي بِهِ خُوصاً يَعْمَلُه، وَيَبِيْعُه بِثَلاَثَةِ فُلُوسٍ فَيَتَصَدَّقُ بِفِلْسٍ، وَيَتَعَشَّى بِفِلْسٍ، وَفِلْسٌ رَأْسُ مَالِه.
وَقِيْلَ: نَازَعتْهُ نَفْسُهُ لَحْماً, فَمَاطَلَهَا سَبْعَ سِنِيْنَ.
وَعَنْهُ, قَالَ: لاَ يُعجِبُنِي رجل إلَّا يحترف.
وذَكَرَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ عُتْبَةَ الغُلاَمَ، وَصَاحِبَه يَحْيَى الوَاسِطِيَّ فَقَالَ: كَأَنَّمَا رَبَّتْهُمُ الأَنْبِيَاءُ.
وَعَنْ عُتْبَةَ قَالَ: مَنْ عَرَفَ اللهَ أَحَبَّهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ أَطَاعَه.
وَعَنْهُ قَالَ: إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى تَقْصِيْرِي.
قَالَ مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: رَأَيتُ عُتْبَةَ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ الطَّيْرَ تُجِيْبُهُ.، وَقِيْلَ لَمَّا غَزَا قَالَ: لاَ تَفْتَحُوا بَيْتِي. فَلَمَّا قُتِلَ فَتَحُوْهُ فَوَجَدُوا قَبْراً مَحْفُوْراً، وَغِلَّ حَدِيْدٍ.(6/511)
1025- الوليد بن كثير 1: "ع"
المخزومي مولاهم المدني الحَافِظُ.
حَدَّثَ عَنْ: بُشَيْرِ بنِ يَسَارٍ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ، وَالأَعْرَجِ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَمَعْبَدِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، وَأَخِيْهِ مُحَمَّدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَاقِدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَخْبَارِيّاً عَلاَّمَةً ثقة بصيرًا بالمغازي.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ إلَّا أَنَّهُ إِبَاضِيٌّ2. وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ صَدُوقاً.، وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَذَكَرَهُ العُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الفِهْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ التَّبَّانُ قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي، وَأَنَا أَقُوْلُ:، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ عَنِ الوَلِيْدِ بنِ كَثِيْرٍ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ تَدْرِي مَنِ الوَلِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ? كَانَ، وَاللهِ قَدَرِيّاً، وَهُوَ مَوْلَى لِبَنِي مَخْزُوْمٍ، وَإِنَّمَا يَأْتِي أَهْلُ العِرَاقِ بَلَدَنَا فَلاَ يُبَالُوْنَ عَمَّنْ أَخَذُوا.
قَالَ ابْنُ سعد: مات سنة إحدى، وخمسين ومائة.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 701" و"2/ 22"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 623"، الكاشف "3/ ترجمة 6198"، تاريخ الإسلام "6/ 314"، ميزان الاعتدال "4/ 345"، تهذيب التهذيب "11/ 148"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 231".
2 الإباضية: هم أتباع عبد الله بن إباض التيمي الإباضي، رأس الإباضية من الخوارج وهم فرقة كبيرة، وكان هو فيما قيل رجع عن بدعته فتبرأ أصحابه منه واستمرت نسبتهم إليه. وكان معاصرا لمعاوية، وعاش إلى عصر عبد الملك بن مروان، وتوفي على الأرجح سنة "86هـ". وافترقت الإباضية فيما بينها فرقا هي الحفصية وإمامهم "حفص بن أبي المقدام"، و"يزيدية"، وإمامهم "يزيد بن أنيسة"، و"الحارثية" وإمامهم "الحارث الإباضي" ويجمعهم القول بأن كفار هذه الأمة -يعنون بذلك مخالفيهم من هذه الأمة -برآء من الشرك والايمان، وأنهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين، ولكنهم كفار، وأجازوا شهادتهم، وحرموا دماءهم في السر، واستحلوها في العلانية، وصححوا مناكحتهم والتوارث منهم، وزعموا أنهم في ذلك محاربون لله ولرسوله، لا يدينون دين الحق، وقالوا باستحلال بعض أموالهم دون بعض. راجع مقالات الإسلاميين "102- 110"، الفرق بين الفرق "103- 108"، لسان الميزان "3/ ترجمة رقم 1083".(6/511)
1026- ابن أبي مريم 1: "د، ت، ق"
الإِمَامُ, المُحَدِّثُ, القُدْوَةُ, الرَّبَّانِيُّ, أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مريم. الغَسَّانِيُّ الحِمْصِيُّ شَيْخُ أَهْلِ حِمْصَ.، وُلِدَ فِي دَوْلَةِ عَبْدِ المَلِكِ، وَفِي حَيَاةِ أَبِي أُمَامَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَبِلاَلِ بنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَمَكْحُوْلٍ، وَأَبِي رَاشِدٍ الحُبْرَانِيِّ، وَضَمْرَةَ بنِ حَبِيْبٍ، وَحَكِيْمِ بنِ عُمَيْرٍ، وَحَبِيْبِ بنِ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَالوَلِيْدُ، وَأَبُو اليَمَانِ، وَعَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو المُغِيْرَةِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو اليَمَانِ: اسْمُهُ بَكْرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ.
ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ قِبَلِ حِفْظِه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: هُوَ مُتَمَاسِكٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيْثُه صَالِحَةٌ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ رَدِيْءُ الحِفْظِ, يُحَدِّثُ بِالشَّيْءِ، وَيَهِمُ وَيَفحشُ, حَتَّى اسْتَحَقَّ التَّركَ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِنَا يَذْكُرُ لَهُ اسْماً. قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: كَانَ مِنَ العُبَّادِ المُجْتَهِدِيْنَ.
وَقَالَ بَقِيَّةُ: قَالَ لَنَا رَجُلٌ فِي قَرْيَةِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ -وَهِيَ كَثِيْرَةُ الزَّيْتُوْنِ-: مَا فِي هَذِهِ القَرْيَةِ مِنْ شَجَرَةٍ إلَّا، وَقَدْ قَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَيْهَا لَيْلَتَهُ جَمْعَاءَ.
وَقِيْلَ: كَانَ فِي خَدَّيْهِ أَثَرٌ مِنَ الدُّمُوعِ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ، وَخَمْسِيْنَ، وَمائَةٍ.
يَقَعُ مِنْ عَوَالِيْهِ فِي "جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ"، وَ"مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ"، وَلاَ يَبْلُغُ حديثه رتبة الحسن.
__________
1 ترجمته في المجروحين لابن حبان "3/ 146"، لسان الميزان "3/ 357"، تهذيب التهذيب "6/ 26".(6/512)
1027- أشعب الطمع 1:
ابن جبير المدني, يعرف بابن أم حميدة، ومن يضرب بطعمه المَثَلُ.
رَوَى قَلِيْلاً عَنْ عِكْرِمَةَ، وَسَالِمٍ، وَأَبَانِ بنِ عُثْمَانَ.
وَعَنْهُ: مَعْدِي بنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ.، وَكَانَ صَاحِبَ مُزَاحٍ، وَتَطْفِيْلٍ، وَمَعَ ذَلِكَ كُذِبَ عَلَيْهِ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: عَبَثَ بِهِ صِبْيَانٌ فَقَالَ:، وَيْحَكُم اذْهَبُوا سَالِمٌ يُفَرِّقُ تَمْراً فَعَدَوْا فَعَدَا مَعَهُم، وَقَالَ: لَعَلَّهُ حَقٌّ.
وَيُقَالُ: وَفَدَ عَلَى الوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ فَايِدٍ: حَدَّثَنَا أَشْعَبُ مَوْلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ: رَأَيتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- يَتَخَتَّمُ فِي يمينه2. عثمان: ضعف.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "19/ 135"، تاريخ الخطيب "7/ 37"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 294"، فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "1/ 197"، تاريخ الإسلام "6/ 167"، العبر "1/ 222"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 993"، لسان الميزان "1/ ترجمة 1403"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 236".
2 صحيح: أخرجه الترمذي "1744" من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة قال: رأيت ابن أبي رافع "هو عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم واسم أبي رافع: أسلم" يتختم في يمينه فسألته عن=(6/513)
وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا أَشْعَبُ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: للهِ عَلَى عَبْدِهِ نِعْمَتَانِ، وَسَكَتَ أَشْعَبُ فَقَالَ: اذْكُرْهُمَا. قَالَ: وَاحِدَةٌ نسيها عكرمة، والأخرى أنا.
قِيْلَ: إِنَّ أَشْعَبَ خَالُ الأَصْمَعِيِّ.
وَعَنْ سَالِمٍ: أَنَّهُ قَالَ لأَشْعَبَ: إِنِّيْ أَرَى الشَّيْطَانَ لَيَتَمَثَّلُ عَلَى صُوْرتِكَ. وَكَانَ رَآهُ بُكْرَةً، وَأَطعَمَه هَرِيْسَةً, ثُمَّ بَعْدَ سَاعَتَيْنِ رَآهُ مُصْفَراً, عَاصِباً رَأْسَه بِيَدِهِ قَصَبَةٌ, قَدْ تَحَامَلَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: قِيْلَ لأَشْعَبَ: نُزَوِّجُكَ? قَالَ: ابْغُوْنِي امْرَأَةً أَتَجَشَّى فِي وَجْهِهَا تَشْبَعْ، وَتَأْكُلُ فَخِذَ جَرَادَةٍ تَنتخِمْ.
وَقِيْلَ: أَسلَمَتْهُ أُمُّهُ عِنْدَ بَزَّازٍ, ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: مَا تَعَلَّمتَ? قَالَ: نِصْفَ الشُّغْلِ, تَعَلَّمتُ النَّشرَ، وَبَقِيَ الطَّيُّ.
وَقِيْلَ: شَوَى رَجُلٌ دَجَاجَةً, ثُمَّ رَدَّهَا فَسَخنتْ, ثُمَّ رَدَّهَا. فَقَالَ أَشْعَبُ: هَذِهِ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غَافِرٌ 40.]
وَقِيْلَ: لَقِيَ دِيْنَاراً, فَاشْتَرَى بِهِ قَطِيْفَةً, ثُمَّ نَادَى: يَا مَنْ ضَاعَ مِنْهُ قَطِيْفَةٌ.
وَيُقَالُ: دَعَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا خَبِيْرٌ بِكَثْرَةِ جُمُوْعِكَ. قَالَ: لاَ أَدْعُو أَحَداً فَجَاءَ إِذْ طَلَعَ صَبِيٌّ فَقَالَ أَشْعَبُ: أَيْنَ الشُّرَطُ? قَالَ: يَا أَبَا العَلاَءِ هُوَ ابْنِي، وَفِيْهِ عَشْرُ خِصَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مَعَ ضَيْفٍ. قَالَ: كَفَى التِّسْعُ لَكَ, أَدخِلْهُ.
وَعَنْهُ: قَالَ: أَتَتْنِي جَارِيَتِي بِدِيْنَارٍ, فَجَعَلْتُهُ تَحْتَ المُصَلَّى, ثُمَّ جَاءتْ بَعْدَ أَيَّامٍ تَطلُبُهُ, فَقُلْتُ: خُذِي مَا، وَلَدَ فَوَجَدَتْ مَعَهُ دِرْهَماً فَأَخَذَتِ الولد ثُمَّ عَادَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ، وَقَدْ أَخَذْتُهُ فَبَكَتْ فَقُلْتُ: مَاتَ النَّوْبَةَ فِي النِّفَاسِ. فَوَلْوَلَتْ فَقُلْتُ: صدقت بالولادة، ولا تصدقين بالموت.
__________
= ذلك فقال: رأيت عبد الله بن جعفر يتختم في يمينه. وقال عبد الله بن جعفر كان النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَتَّمُ فِي يمينه قال: وقال محمد بن إسماعيل هذا أصح شيء روى في هذا الباب. ورواه ابن ماجه "3647" من طريق عبد الله بن نمير، عن إبراهيم بن الفضل، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ عن عبد الله بن جعفر، به. ورواه النسائي "8/ 175" من طريق حبان بن هلال قال: حدثنا حماد بن سلمة، به. ورواه النسائي "8/ 174- 175" من طريق وهب، عن سليمان هو ابن بلال، عن شريك هو ابن أبي نمر، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن على قال شريك وأخبرني أبو سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يلبس خاتمه في يمينه.(6/514)
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: أَوْقَفَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَلَى أَشْعَبَ, فَقَالَ: مَا بَلَغَ مِنْ طَمَعِكَ? قَالَ: مَا زُفَّتِ امْرَأَةٌ إلَّا كَنَستُ بَيْتِي, رَجَاءَ أَنْ تُهْدَى إِلَيَّ.
وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ: أَنَّ أَشْعَبَ مَرَّ بِمَنْ يَعْمَلُ طَبَقاً, فَقَالَ: وَسِّعْهُ لَعَلَّهُم يُهْدُوْنَ لَنَا فِيْهِ. وَمَرَرتُ يَوْماً, فَإِذَا هُوَ وَرَائِي قُلْتُ: مَا بِكَ? قَالَ: رَأَيتُ قَلَنْسُوَتَكَ مَائِلَةً, فَقُلْتُ: لَعَلَّهَا تَقَعُ, فَآخُذُهَا. قَالَ: فأعطيته إياها.
قال أبو عبد الرحمن المقرىء: قَالَ أَشْعَبُ: مَا خَرَجْتُ فِي جَنَازَةٍ فَرَأَيتُ اثْنَيْنِ يَتَسَارَّانِ إلَّا ظَنَنْتُ أَنَّ المَيتَ أَوْصَى لِي بِشَيْءٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يُجِيْدُ الغِنَاءَ.
يُقَالُ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.(6/515)
1028- حجاج بن أرطاة 1: "4، م"
ابن ثور بن هبيرة بن شَرَاحِيْلَ بنِ كَعْبٍ, الإِمَامُ, العَلاَّمَةُ, مُفْتِي الكُوْفَةِ مع الإمام أبي حنيفة، والقاضي بن أَبِي لَيْلَى, أَبُو أَرْطَاةَ النَّخَعِيُّ, الكُوْفِيُّ الفَقِيْهُ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ، وُلِدَ: فِي حَيَاةِ أَنَسِ بنِ مالك، وغيره من صغار الصحابة.
وَرَوَى عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَالحَكَمِ، وَنَافِعٍ، وَمَكْحُوْلٍ، وَجَبَلَةَ بنِ سُحَيْمٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَالقَاسِمِ بنِ أَبِي بَزَّةَ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَابْنِ المُنْكَدِرِ، وَزَيْدِ بنِ جُبَيْرٍ الطَّائِيِّ، وَعَطِيَّةَ العَوْفِيِّ، وَالمِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو، وَأَبِي مَطَرٍ، وَرِيَاحِ بنِ عَبِيْدَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَسِمَاكٍ، وَعَوْنِ بنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ تُكُلِّمَ فِيْهِ لِبَأْوٍ2 فِيْهِ، وَلِتَدْلِيسِه، وَلِنَقصٍ قَلِيْلٍ فِي حفظه، ولم يترك.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 359"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2835"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 121 و307"، و"2/ 22 و164 و244" و"3/ 34"، الكنى للدولابي "1/ 12"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 673"، المجروحين لابن حبان "1/ 225"، تاريخ بغداد "8/ 230"، وفيات الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 150"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 306"، العبر "1/ 264"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 181"، الكاشف "1/ ترجمة 938"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1726"، تهذيب التهذيب "2/ 196"، طبقات المدلسين ترجمة رقم "118"، جامع التحصيل للحافظ العلائي ترجمة رقم "123"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1233"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 229".
2 الباو: الكبر والفخر.(6/515)
حَدَّثَ عَنْهُ: مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ -وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ- وَقَيْسُ بنُ سَعْدٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَشُعْبَةُ، وَهُمْ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَالحَمَّادَانِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَشَرِيْكٌ، وَزِيَادٌ البَكَّائِيُّ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَالمُحَارِبِيُّ، وَهُشَيْمٌ، وَمُعْتَمِرٌ، وَغُنْدَرٌ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيْحٍ يَقُوْلُ: مَا جَاءنَا مِنْكُم مِثْلَهُ يَعْنِي حَجَّاجَ بنَ أَرْطَاةَ، وَقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: قَالَ لَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَوْماً: مَنْ تَأْتُوْنَ? قُلْنَا: الحَجَّاجَ بنَ أَرْطَاةَ. قَالَ: عَلَيْكُم بِهِ فَإِنَّهُ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْرَفُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ مِنْهُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ أَقهَرُ عِنْدَنَا بِحَدِيْثِهِ مِنْ سُفْيَانَ.
وَقَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ: عَنْ جَرِيْرٍ: رَأَيتُ الحَجَّاجَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كَانَ فَقِيْهاً أَحَدُ مُفْتِي الكُوْفَةِ، وَكَانَ فِيْهِ تِيْهٌ فَكَانَ يَقُوْلُ: أَهْلَكَنِي حُبُّ الشَّرَفِ.
وَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ، وَكَانَ جَائِزَ الحديثإلَّا أَنَّهُ صَاحِبُ إِرسَالٍ كَانَ يُرسِلُ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً، ويرسل عن مكحول، ولم يَسْمَعْ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَعِيبُوْنَ مِنْهُ التَّدلِيسَ. رَوَى نَحَواً مِنْ سِتِّ مائَةِ حَدِيْثٍ. قَالَ:، وَيُقَالُ: إِنَّ سُفْيَانَ أَتَاهُ يَوْماً لِيَسْمَعَ مِنْهُ فَلَمَّا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ حَجَّاجٌ: يَرَى بُنَيُّ ثَوْرٌ أَنَّا نَحْفِلُ بِهِ? لاَ نُبَالِي, جَاءنَا أَوْ لَمْ يَجِئْنَا.
وَكَانَ حَجَّاجٌ تَيَّاهاً، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ الشَّرِطَةَ، وَيُقَالُ: عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ فَكَانَ الزِّحَامُ عَلَى حَجَّاجٍ أَكْثَرَ، وَكَانَ حَجَّاجٌ رَاوِيَةً عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ مِنْهُ.
وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ, عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: كَانَ مِنَ الحُفَّاظِ قِيْلَ: فَلِمَ لَيْسَ هُوَ عِنْدَ النَّاسِ بِذَاكَ? قَالَ: لأَنَّ فِي حَدِيْثِهِ زِيَادَةً عَلَى حَدِيْثِ النَّاسِ لَيْسَ يكاد له حديثإلَّا فِيْهِ زِيَادَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: هُوَ صَدُوْقٌ لَيْسَ بِالقَوِيِّ يُدَلِّسُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ يَعْنِي فَيُسقِطُ العَرْزَمِيَّ.
وَرَوَى ابْنُ المَدِيْنِيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ قَالَ: الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ عِنْدِي سَوَاءٌ تَرَكتُ الحَجَّاجَ عَمداً، وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ حَدِيْثاً قَطُّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوْقٌ, مُدَلِّسٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ يُدَلِّسُ عَنِ الضُّعَفَاءِ, يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ, فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا, فَهُوَ صَالِحٌ لاَ يُرْتَابُ فِي صِدْقِهِ وَحِفْظِه، وَلاَ يُحتَجُّ بِحَدِيْثِهِ, لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَلاَ مِنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَلاَ مِنْ عِكْرِمَةَ.(6/516)
قَالَ هُشَيْمٌ: قَالَ لِي حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ: صِفْ لِيَ الزُّهْرِيَّ, فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: كَانَ الحَجَّاجُ يُدَلِّسُ, فَكَانَ يُحَدِّثُنَا بِالحَدِيْثِ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ مِمَّا يُحَدِّثُهُ العَرْزَمِيُّ، وَالعَرْزَمِيُّ مَتْرُوْكٌ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ سَعْدٍ, عَنِ الحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ, فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللهُ, ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا الحَجَّاجُ ابْنَ ثَلاَثِيْنَ, أَوْ إِحْدَى، وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً, فَرَأَيتُ عَلَيْهِ مِنَ الزِّحَامِ مَا لَمْ أَرَ عَلَى حَمَّادِ بن أبي سليمان، ورأيت عنده مطر الوَرَّاقَ، وَدَاوُدَ بنَ أَبِي هِنْدٍ، وَيُوْنُسَ بنَ عُبَيْدٍ جُثَاةً عَلَى أَرْجُلِهِم يَقُوْلُوْنَ: يَا أَبَا أَرْطَاةَ! مَا تَقُوْلُ فِي كَذَا? يَا أَبَا أَرْطَاةَ! مَا تَقُوْلُ فِي كَذَا?
قَالَ هُشَيْمُ بنُ بَشِيْرٍ: سَمِعْتُ الحَجَّاجَ يَقُوْلُ: اسْتُفْتِيتُ وَأَنَا ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ حَجَّاجاً يَقُوْلُ: مَا خَاصَمتُ أَحَداً قَطُّ، وَلاَ جَلَسْتُ إِلَى قَوْمٍ يَخْتَصِمُوْنَ.
وَرَوَى عَبَّاسٌ, عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ قَالَ: سَمِعَ مِنْ مَكْحُوْلٍ، وَفِي بَعْضِ حَدِيْثِه يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً،
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: كَانَ حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ، وَكَانَ مُدَلِّساً.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إِنَّمَا عَابَ النَّاسُ عَلَيْهِ تَدْلِيسَه عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَغَيْرِهُ، وَرُبَّمَا أَخْطَأَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَأَمَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ الكَذِبَ فَلاَ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ:، وَاهِي الحَدِيْثِ فِي حَدِيْثِهِ اضْطِرَابٌ كَثِيْرٌ، وَهُوَ صَدُوْقٌ، وَكَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: الحَجَّاجُ أَحَدُ العُلَمَاءِ بِالحَدِيْثِ، وَالحُفَّاظِ لَهُ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ بِالرَّيِّ.
قُلْتُ:، وَقَدْ رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ حَدِيْثاً، وَاحِداً.
قَالَ يَحْيَى بنُ يَعْلَى المُحَارِبِيُّ: أَمَرَنَا زَائِدَةُ أَنْ نَترُكَ حَدِيْثَ الحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَذْكُرُ أَنَّ حَجَّاجَ بنَ أَرْطَاةَ لَمْ ير الزهري، وكان سيىء الرَّأْيِ فِيْهِ جِدّاً مَا رَأَيتُهُ أَسوَأَ رَأْياً فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي حَجَّاجٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَلَيْثٍ، وَهَمَّامٍ لاَ نَستطِيْعُ أَنْ نُرَاجِعَه فِيْهِم.(6/517)
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: لاَ يُحْتَجُّ بِحَجَّاجٍ.
قُلْتُ: قَدْ يَتَرَخَّصُ التِّرْمِذِيُّ، وَيُصحِّحُ لابْنِ أَرْطَاةَ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ.
قَالَ مَعْمَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: تَسْأَلُونَا عَنْ حَدِيْثِ حَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ الرَّقِّيُّ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنْهُ قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: حَجَّاجٌ فِي قَتَادَةَ صَالِحٌ.، وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ: لاَ تَتُمُّ مُرُوءةُ الرَّجُلِ حَتَّى يَترُكَ الصَّلاَةَ فِي الجَمَاعَةِ.
قلت: لعن الله هذه المروءة ما هيإلَّا الحُمْقُ، وَالكِبْرُ كَيْلاَ يُزَاحِمُه السُّوْقَةُ، وَكَذَلِكَ تَجدُ رُؤَسَاءَ، وَعُلَمَاءَ يُصَلُّونَ فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ صَفٍّ أَوْ تُبسَطُ لَهُ سُجَّادَةٌ كَبِيْرَةٌ حَتَّى لاَ يَلتَصِقَ بِهِ مُسْلِمٌ. فَإِنَّا للهِ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَوَّلُ مَنِ ارْتُشِيَ بِالبَصْرَةِ مِنَ القُضَاةِ: حجاج بن أرطاة.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ، وَاقِدٍ: رَأَيتُ حَجَّاجَ بنَ أَرْطَاةَ عَلَيْهِ سوَادٌ، وَهُوَ مَخْضُوْبٌ بِالسَّوَادِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: كُنْتُ أَرَى الحَجَّاجَ بنَ أَرْطَاةَ يَفلِي ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَهْدِيِّ ثُمَّ قَدِمَ مَعَهُ أَرْبَعُوْنَ رَاحِلَةً عَلَيْهَا أَحمَالُهَا.
قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ حَجَّاجَ بنَ أَرْطَاةَ يَقُوْلُ: مَا خَاصَمتُ أَحَداً، وَلاَ جَادَلْتُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ حَجَّاجٌ يُدَلِّسُ فَإِذَا قِيْلَ لَهُ: مَنْ حَدَّثكَ? يَقُوْلُ: لاَ تَقُوْلُوا هَذَا قُوْلُوا: مَنْ ذَكَرْتَ?، وَرَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يَرَهُ.
قَالَ شُعْبَةُ: اكْتُبُوا عَنْ حَجَّاجٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُمَا حَافِظَانِ.
عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ المُقَدَّمِيُّ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ مَكْحُوْلٍ عن ابن محيريز: سألت فضالة بن
__________
1 قد انتقد الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" الإمام الترمذي -رحمه الله- في تصحيحه للحديث في مواضع عديدة منه، ولنا في تأليفنا كتاب "الأرائك المصنوعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة" طبع الأول من هذه المجلدات الثلاثة بمكتبة الدعوة بالأزهر -لنا عليه استدراكات وبينا كثير من تساهلاته- رحمه الله- في تصحيح وتحسين الأحاديث، وذلك يؤكد صحة كلام الذهبي في كتابه هذا السير، وفي ميزان الاعتدال، وهو معلوم واضح لكل من له باع في تخريج الأحاديث والنظر في عللها.(6/518)
عُبَيْدٍ: أَرَأَيتَ تَعلِيقَ اليَدِ فِي العُنُقِ مِنَ السُّنَّةِ? قَالَ: نَعَمْ. "أُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَارقٍ, فَأَمَرَ بِهِ, فَقُطِعَ, ثُمَّ أَمَرَ بِيَدِهِ, فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِه1".
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ حَجَّاجٌ صَلِفاً خَرَجَ مَعَ المَهْدِيِّ إِلَى خُرَاسَانَ فَوَلاَّهُ القَضَاءَ. قَالَ:، وَمَاتَ منصرفه من الري سنة خمس، وأربعين، ومئة. تَرَكَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وابن معين، وأحمد.
كَذَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ، وَهَذَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ.، وقد قدمنا عبارات هؤلاء في حجاج نعود بِهِ تَعَالَى مِنَ التَّهوُّرِ فِي، وَزنِ العُلَمَاءِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ اللَّيْثِ الوَرَّاقَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ سَمِعْتُ إِسْحَاقَ الحَنْظَلِيَّ عَنْ عِيْسَى بنِ يُوْنُسَ قَالَ: كَانَ حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ لاَ يَحضُرُ الجَمَاعَةَ فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَحضُرُ مَسْجِدَكُم حَتَّى يُزَاحِمَنِي فِيْهِ الحَمَّالُوْنَ، وَالبَقَّالُوْنَ?.، وَنَقَلَ غَيْرُ، وَاحِدٍ: أَنَّ الحَجَّاجَ بنَ أَرْطَاةَ قِيْلَ لَهُ: ارْتفِعْ إِلَى صَدْرِ المَجْلِسِ فَقَالَ: أَنَا صَدْرٌ حَيْثُ كُنْتُ.، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَهْلَكَنِي حُبُّ الشَّرَفِ.، وَقَدْ طَوَّلَ ابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ عَدِيٍّ تَرْجَمَتَه.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ذِكْرُ المُدَلِّسِيْنَ: الحَسَنُ، قَتَادَةُ، حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، حُمَيْدٌ، سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، أَبُو إِسْحَاقَ الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، مُغِيْرَةُ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، أَبُو الزُّبَيْرِ، ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ، ابْنُ جُرَيْجٍ، ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، هُشَيْمٌ، سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ.
وَزِدْتُ أَنَا: الأَعْمَشُ، مَكْحُوْلٌ، بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ،، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْ حَجَّاجٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ. قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ الحَجَّاجُ بنُ أرطاة بخراسان مع المهدي.
وَفِي ذِهنِي أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى سَنَة تِسْعٍ، وأربعين، ومئة.
وَقَدْ مَرَّ قَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ فِي ذَلِكَ.
فَصْلٌ:
فِي طَبَقَةِ حَجَّاجٍ جَمَاعَةٍ بِاسْمِهِ فَتَرَاهُم يجيؤون فِي الإِسْنَادِ فَيَقَعُ الاشْتِبَاهُ بِالاشْتِرَاكِ فِي الاسْمِ.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 19"، وأبو داود "4411"، والترمذي "1447"، والنسائي "8/ 92" من طريق حجاج بن أرطاة، عن مكحول، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه عنعنة حجاج، فقد كن مدلسا، وهو ضعيف لسوء حفظه.(6/519)
حجاج بن أبي عثمان الصوَّاف، حجاج بن أبي زينب الواسطي، حجاج بن حجاج الباهلي البصري الأحول:
1029- حَجَّاجُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافُ 1: "خَ، م"
بَصْرِيٌّ, ثِقَةٌ مَشْهُوْرٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ، وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الحَمَّادَانِ، وَالقَطَّانُ، وَرَوْحٌ، وَخَلْقٌ.، وَأَقدَمُ مَا عِنْدَهُ الحَسَنُ.
وَمِنْهُم:
1030- حَجَّاجُ بنُ أَبِي زَيْنَبَ الوَاسِطِيُّ 2: "م، د، س، ق"
صَدُوْقٌ. يَرْوِي عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: هُشَيْمٌ، وَيَزِيْدُ.، وَحَدِيْثُه حَسَنٌ فَقَدْ لُيِّنَ، وَلَكِن رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ.
مَاتَ فِي حُدُوْدِ أربعين ومائة.
وَمِنْهُم:
1031- حَجَّاجُ بنُ حَجَّاجٍ البَاهِلِيُّ البَصْرِيُّ الأَحْوَلُ 3: "خَ، م"
لَهُ: عَنْ أَنَسٍ قَلِيْلاً. وَعَنْ قَتَادَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ.
وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ -روايته- وَيَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، وَطَائِفَةٌ.، وَهُوَ حُجَّةٌ، وَقَدْ خَلَطَهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ بِحَجَّاجٍ الأَسْوَدِ فَوَهِمَ.
قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: حَجَّاجُ بنُ حَجَّاجٍ أَحَدُ حُفَّاظِ أَصْحَابِ قَتَادَةَ.
قُلْتُ: مَاتَ قَبْلَ الأَرْبَعِيْنَ ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 270"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 127" و"3/ 22"، الكنى للدولابي "2/ 11"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 710"، تاريخ الإسلام "6/ 53"، العبر "1/ 194"، الكاشف "1/ ترجمة 968"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 316" تهذيب التهذيب "2/ 203"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1244 و1255"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 21".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2829"، الكنى للدولابي "2/ 159"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 685"، الكاشف "1/ ترجمة 944"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1736"، تهذيب التهذيب "1/ 201"، خلاصة الخرزجي "1/ ترجمة 1239".
3 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2813"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 29"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 678"، الكاشف "1/ ترجمة 941"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1731"، تاريخ الإسلام "5/ 235" و"6/ 53"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 305"، تهذيب التهذيب "2/ 199"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1236".(6/520)
حجاج الأسود القسملي، حجاج بن حسان القيسي:
ومنهم:
1032- حجاج الأسود القسملي 1:
وَيُقَالُ لَهُ: حَجَّاجُ زِقِّ العَسَلِ، وَهُوَ حَجَّاجُ بنُ أَبِي زِيَادٍ.
حَدَّثَ عَنْ: شَهْرٍ، وَأَبِي نَضْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
بَصْرِيٌّ صَدُوْقٌ. رَوَى عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَرَوْحٌ، وَكَانَ مِنَ الصُّلَحَاءِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ.
مَاتَ سَنَةَ بضع وأربعين ومائة.
وَمِنْهُم:
1033- حَجَّاجُ بنُ حَسَّانٍ القَيْسِيُّ 2:
بَصْرِيٌّ, لاَ بَأْسَ بِهِ.
عَنْ: أَنَسٍ, وَأَبِي مِجْلَزٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَيَنْزِلُ إِلَى مُقَاتِلِ بنِ حَيَّانَ وَعَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ وَيَزِيْدُ وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَعِدَّةٌ. بَقِيَ إِلَى نَحْوِ السِّتِّيْنَ وَمائَةٍ.
لَهُ فِي مَرَاسِيْلِ أبي داود, عن مقاتل قال عليه السلام: "إِنْ جَاءَ رَجُلٌ فَلَمْ يَجِدْ أَحَداً فَلْيَخْتَلِجْ 3 ر جلًا مِنَ الصَّفِّ فَلْيَقُمْ مَعَهُ فَمَا أَعْظَمَ أَجْرَ المُخْتَلِجِ".
قُلْتُ: مَاذَا بِمُرْسَلٍ, بَلْ مُعْضَلٌ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 269"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 684ط، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1727"، لسان الميزان "2/ ترجمة 787".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2837"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 675"، الكاشف "1/ ترجمة 942"، الوافي بالوفايت لصلاح الدين الصفدي "11/ 317"، تهذيب التهذيب "2/ 200"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1237".
3 الخلج: أصله الجذب والنزع.(6/521)
حجاج بن دينار الواسطي، حجاج بن فُرَافِصَة الباهلي العابد
وَمِنْهُم:
1034- حَجَّاجُ بنُ دِيْنَارٍ الوَاسِطِيُّ 1: "د، ت، ق"
لَهُ عَنِ: الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ, وَالبَاقِرِ, وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: إِسْرَائِيْلُ, وَابْنُ فُضَيْلٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ بشر, وآخرون. حسن الحال.
مَاتَ قَبْلَ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَمِنْهُم:
1035- حَجَّاجُ بنُ فَرَافِصَةَ البَاهِلِيُّ العَابِدُ 2: "د، س"
لَهُ عَنِ: ابْنِ سِيْرِيْنَ, وَعَطَاءٍ, وَيَنْزِلُ إِلَى عُقَيْلٍ, وَنَحْوِه.
وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ وَمُعْتَمِرٌ وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الضُّبَعِيُّ. رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ. حَدِيْثُه وَسَطٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ نيف وأربعين ومئة.
فَهَؤُلاَءِ السَّبْعَةُ كَانُوا بِالعِرَاقِ فِي عَصرِ حَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ ذَكَرنَاهُم لِلتَّمْيِيزِ وَثَمَّ جَمَاعَةٌ كَانُوا فِي زَمَانِهِم بَأَسْمَائِهِم وَلَكِنَّهُم لَيْسُوا بِالمَشْهُوْرِيْنَ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ حُضُوْراً، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بن المسلم،
__________
1 المراسيل: هو الذي قال فيه التابعي: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأسقط الصحابي. والمعضل: هو الذي سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي.
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2820"، الكنى للدولابي "2/ 94"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 681"، الكاشف "1/ ترجمة 943"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1732"، تهذيب التهذيب "2/ 200"، خلاصة الخرزجي "1/ ترجمة 1238".
3 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2821"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 702"، الحلية لأبي نعيم "3/ ترجمة 221"، الكاشف "1/ ترجمة 950"، ميزان الاعتدال "1/ ترجمة 1743"، تاريخ الإسلام "5/ 235"، الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي "11/ 305"، تهذيب التهذيب "2/ 24"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1246". وفرافصة بضم الفاء الأولى وكسر الفاء الثانية. قال الأصمعي في كتاب الاشتقاق: فرافصة اشتق من أسماء الأسد، وكل غليظ شديد: فرافصة.(6/522)
أَنْبَأَنَا ابْنُ طَلاَّبٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ يَعْنِي ابْنَ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَبْدِ الله بن أبي بصير عن أبي بن كَعْبٍ قَالَ: شَهِدَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاَةُ الفَجْرِ فَقَالَ: "أَشَهِدَ الصَّلاَةَ فُلاَنٌ? قَالُوا: نَعَمْ. وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ? قَالُوا: لاَ. فَقَالَ: "مَا مِنْ صَلاَةٍ أَثْقَلُ عَلَى المُنَافِقِيْنَ مِنْ صَلاَةِ العِشَاءِ وَصَلاَةِ الفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُوْنَ مَا فِيْهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً". ثُمَّ قَالَ: "صلاة الرجل مع الرجلين خير من صَلاَةِ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ فَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" 1.
أَخْبَرَنَا طَائِفَةٌ إِجَازَةً سَمِعُوا عُمَرَ بنَ طَبَرْزَدْ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا الحَجَّاجُ يَعْنِي ابْنَ أَرْطَاةَ عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بنِ يَزِيْدَ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: نُهِيْنَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنِ القَسِّيِّ وَعَنِ المِيْثَرَةِ2.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا الحَجَّاجُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الحَرْثِ عَنْ عَلِيٍّ مثله.
__________
1 صحيح: أخرجه الطيالسي "554"، وأحمد "5/ 140"، وأبو داود "554"، والدارمي "1/ 291"، وابن خزيمة "1477"، والحاكم "1/ 247"، والبيهقي "3/ 67 و68" من طرق عن شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أبي بصير، عن أبي بن كعب، به.
قلت: في إسناده عبد الله بن أبي بصير، لم يرو عنه غير أبي إسحاق، ولم يوثقه إلا ابن حبان "5/ 15"، والعجلي في ثقاته "ص251"، وهما معروفان بالتساهل في التوثيق. وفي الإسناد أبو إسحاق وهو السبيعي، مدلس، وقد عنعنه، لكن الحديث شاهد على أبي هريرة: أخرجه أحمد "2/ 224"، وابن أبي شيبة "1/ 232" و"2/ 191"، ومسلم "651" "252"، وأبو داود "548ط، وابن ماجه "791" و"797"، وابن خزيمة "1484"، والبيهقي "3/ 55" من طرق عن أبي معاوية عن الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ به. وإسناده صحيح.
2 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 93- 94 و104 و127 و137"، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "زوائد المسند" "1/ 133"، وأبو داود "4051"، والترمذي "2808"، والنسائي "8/ 165 و165- 166" وابن ماجه "3654"، والطحاوي "4/ 260"، من طرق عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن علي بن أبي طالب قال: فذكره. وأخرجه عبد الرزاق "2838"، والنسائي "2/ 187" و"8/ 166 و167 و168 و169"، والطحاوي "4/ 260"، والبغوي "3130" من طرق عن علي. وورد عن علي بن أبي طالب بلفظ: "أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لبس القسي والمعصفر وعن تختم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع" أخرجه مالك "1/ 80" ومن طريقه أخرجه أحمد "1/ 126" ومسلم "2078" "29"، وأبو داود "4044"، والترمذيب "264" و"1725"، والنسائي "2/ 189"، والطحاوي "4/ 260" والبغوي "3094" عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه عن علي، به.(6/523)
1036- حريز بن عثمان 1: "خَ، 4"
الحَافِظُ, العَالِمُ, المُتْقِنُ, أَبُو عُثْمَانَ الرَّحَبِيُّ, المشرقي, الحمصي. محدث حِمْصَ, مِنْ بَقَايَا التَّابِعِيْنَ الصِّغَارِ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ بِشْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وَخَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، وَرَاشِدِ بنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَيْسَرَةَ، وَحَبِيْبِ بنِ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَحجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَأَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بنُ نَافِعٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ، وَآدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَبُو المُغِيْرَةِ، وَيَحْيَى بنُ صَالِحٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
حَدَّثَ بِالشَّامِ وَبِالعِرَاقِ، وَحَدِيْثُه نَحْوُ المائَتَيْنِ، وَيُرْمَى بِالنَّصْبِ2، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يَصِحُّ عِنْدِي مَا يُقَالُ فِي رَأْيِهِ، وَلاَ أَعْلَمُ بِالشَّامِ أَحَداً أَثْبَتَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَرِيْزٌ: ثِقَةٌ, ثِقَةٌ, ثِقَةٌ, لَمْ يَكُنْ يَرَى القَدَرَ، وَقَالَ أَبُو اليَمَانِ: كَانَ يَنَالُ مِنْ رَجُلٍ, ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ, عَنْ حَرِيْزٍ, أَنَّهُ قَالَ: أَأَنَا أَشْتُمُ عَلِيّاً?، وَاللهِ مَا شَتَمْتُهُ.، وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لاَ أُحِبُّهُ لأَنَّهُ قَتَلَ مِنْ قومي يوم صفين جماعة.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ قَالَ: كَانَ حَرِيْزٌ يَقُوْلُ: لَنَا إِمَامُنَا، وَلكُم إِمَامُكُم يَعْنِي: مُعَاوِيَةَ، وَعَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
قَالَ عِمْرَانُ بنُ أَبَانٍ: سَمِعْتُ حَرِيْزاً يَقُوْلُ: لاَ أُحِبُّه قَتَلَ آبَائِي.، وَقَالَ شَبَابَةُ: سَمِعْتُ رَجُلاً قَالَ لِحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ لاَ تَتَرَحَّمُ عَلَى عَلِيٍّ قَالَ: اسْكُتْ رَحِمَهُ اللهُ مائَةَ مَرَّةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ حَرِيْزَ بنَ عُثْمَانَ يَقُوْلُ:، وَاللهِ مَا سببت عليًا قط.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 356"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 151" و"2/ 303 و313" و"3/ 174 و205"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1288"، المجروحين لابن حبان "1/ 268"، تاريخ بغداد "8/ 265"، الإكمال لابن ماكولا "2/ 85"، الأنساب للسمعاني "6/ 95"، اللباب لابن الأثير "2/ 19"، العبر "1/ 241"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 175"، الكاشف "1/ ترجمة 994"، ميزان الاعتدال" "1/ ترجمة 1792"، الوافي بالوفيات الصفدي "11/ 347"، تهذيب التهذيب "2/ 237"، خلاصة الخرزجي "1/ ترجمة 1293"، شذرات الذهب "1/ 257".
2 الناصبة: قوم يتدينون ببغض على رضي الله عنه.(6/524)
قُلْتُ: هَذَا الشَّيْخُ كَانَ أَوْرَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: لاَ أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيتُ شَامِيّاً أَفْضَلَ مِنْ حَرِيْزٍ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ: ثِقَةٌ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ: جَمَعْنَا حَدِيْثَ حَرِيْزٍ فِي دَفْتَرٍ, نَحَواً مِنْ مائَتَيْ حَدِيْثٍ, فَأَتَيْنَاهُ بِهِ فَتَعَجَّبَ، وَقَالَ: هَذَا كُلُّه عَنِّي?.!
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّحَبِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ حَرِيْزَ بنَ عُثْمَانَ يَقُوْلُ: لاَ تُعَادِ أَحَداً حَتَّى تَعْلَمَ مَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللهِ فَإِنْ يَكُنْ مُحْسِناً فَإِنَّ اللهَ لاَ يُسْلِمُهُ لِعَدوَاتِكَ، وَإِنْ يَكُن مُسِيْئاً فَأَوشَكَ بِعَمَلِهِ أَنْ يَكْفِيْكَه.
تُوُفِّيَ حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ، وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ، وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، وَحَدِيْثُهُ عَالٍ مِنْ ثُلاَثِيَّاتِ البُخَارِيِّ رَوَاهُ عَنْ عِصَامِ بنِ خَالِدٍ عَنْهُ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهُ:، وَمَولِدُهُ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.(6/525)
1037- الحُسَيْنُ بنُ مُطَيْرٍ 1:
مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ شَاعِرٌ محسن بديع القول أدرك الدولتين الأموية، وَالعَبَّاسِيَّةَ، وَبَقِيَ حَتَّى مَدَحَ المَهْدِيَّ، وَهُوَ القَائِلُ فِيْهِ:
أَضْحَتْ يَمِيْنُكَ مِنْ جُوْدٍ مُصَوَّرَةً ... لاَ بَلْ يَمِيْنُكَ مِنْهَا صُوْرَةُ الجُوْدِ
مِنْ حُسْنِ، وَجْهِكَ تُضْحِي الأَرْضُ مُشْرِقَةً ... وَمِنْ بَنَانِكَ يَجْرِي المَاءُ فِي العُوْدِ
وَلَهُ يَرْثِي مَعْنَ بنَ زَائِدَةَ:
أَلِمَّا بِمَعْنٍ ثُمَّ قُوْلاَ لِقَبْرِهِ ... سَقَتْكَ الغَوَادِي مَرْبَعاً ثُمَّ مَرْبَعَا
فَيَا قَبْرَ مَعْنٍ كَيْفَ، وَارَيْتَ جُوْدَهُ ... وَقَدْ كَانَ مِنْهُ البَرُّ، وَالبَحْرُ مُتْرَعَا
وَلَكِنْ حَوَيْتَ الجُوْدَ، وَالجُوْدُ مَيِّتٌ ... وَلَوْ كَانَ حَيّاً ضِقْتَ حَتَّى تَصَدَّعَا
وَمَا كانإلَّا الجُوْدَ صُوْرَةُ، وَجْهِهِ ... فَعَاشَ رَبِيْعاً ثُمَّ، وَلَّى فَوَدَّعَا
فَلَمَّا مَضَى مَعْنٌ مَضَى الجُوْدُ، وَالنَّدَى ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني "16/ 17"، فوات الوفيات لصلاح الدين الصفدي "1/ 388"، خزانة الأدب للبغدادي "2/ 485".(6/525)
1038- المَنْصُوْرُ 1:
الخَلِيْفَةُ, أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ. العَبَّاسِيُّ, المَنْصُوْرُ. وَأُمُّهُ: سَلاَّمَةُ البَرْبَرِيَّةُ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ, أَوْ نَحْوِهَا. ضَرَبَ فِي الآفَاقِ، وَرَأَى البِلاَدَ، وَطَلَبَ العِلْمَ. قِيْلَ: كَانَ فِي صِبَاهُ يُلَقَّبُ بِمُدْرِكِ التُّرَابِ.
وَكَانَ أَسْمَرَ, طَوِيْلاً, نَحِيْفاً, مَهِيْباً, خَفِيْفَ العَارِضَينِ, مُعَرَّقَ الوَجْهِ, رَحبَ الجَبهَةِ, كَأَنَّ عَيْنَيْهِ لِسَانَانِ نَاطقَانِ, تُخَالِطُه أُبَّهَةُ المُلْكِ بِزِيِّ النساك, تقبله القلوب، وتتعبه العُيُونُ أَقْنَى الأَنْفِ بَيِّنَ القَنَا يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
وَكَانَ فَحْلَ بَنِي العَبَّاسِ هَيْبَةً، وَشَجَاعَةً، وَرَأْياً، وَحَزْماً، وَدَهَاءً، وَجَبَروتاً، وَكَانَ جَمَّاعاً لِلْمَالِ, حَرِيْصاً تَارِكاً لِلَّهْوِ، وَاللَّعِبِ, كَامِلَ العَقْلِ بَعِيْدَ الغَورِ حَسَنَ المُشَارِكَةِ فِي الفَقْهِ، وَالأَدبِ، وَالعِلْمِ.
أَبَادَ جَمَاعَةً كِبَاراً حَتَّى تَوطَّدَ لَهُ المُلْكُ، وَدَانتْ لَهُ الأُمَمُ عَلَى ظُلْمٍ فِيْهِ، وَقُوَّةِ نَفْسٍ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى صِحَّةِ إِسْلاَمٍ، وَتَدَيُّنٍ فِي الجُمْلَةِ، وَتَصَوُّنٍ، وَصَلاَةٍ، وَخَيْرٍ مَعَ فَصَاحَةٍ، وَبَلاَغَةٍ، وَجَلاَلَةٍ.، وَقَدْ، وَلِيَ بُلَيْدَةً مِنْ فَارِسٍ لِعَامِلِهَا سُلَيْمَانَ بنِ حَبِيْبِ بنِ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ ثُمَّ عَزَلَهُ، وَضَرَبَهُ، وَصَادَرَه فَلَمَّا اسْتُخلِفَ قَتَلَهُ.، وَكَانَ يُلَقَّبُ: أَبَا الدَّوَانِيْقِ لِتَدْنِيقِه، وَمُحَاسَبَتِه الصناع لما أنشأ بغداد.
وَكَانَ يَبذُلُ الأَمْوَالَ فِي الكوَائِنِ المَخُوفَةِ، وَلاَ سِيَّمَا لَمَّا خَرَجَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمَ بِالبَصْرَةِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعَالِبِيُّ: عَلَى شُهْرَةِ المَنْصُوْرِ بِالبُخْلِ, ذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ: أَنَّهُ لَمْ يُعْطِ خَلِيْفَةٌ قَبْلَ المَنْصُوْرِ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ دَارَتْ بِهَا الصِّكَاكُ، وَثَبَتَتْ فِي الدَّوَاوِيْنِ فَإِنَّهُ أَعْطَى فِي يَوْمٍ، وَاحِدٍ كُلَّ، وَاحِدٍ مِنْ عُمُوْمَتِهِ عَشْرَةَ آلاَفِ أَلْفٍ، وَقِيْلَ: إِنَّهُ خَلَّفَ يَوْمَ مَوْتِهِ فِي بُيُوْتِ الأَمْوَالِ تِسْعَ مائة ألف ألف درهم، ونيف.
__________
1 ترجمته في تاريخ بغداد "10/ 53"، تاريخ الإسلام "6/ 214"، العبر "1/ 228"، فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي "2/ 216"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 185 و213 و216".(6/526)
زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا مَيْسَرَةُ بنُ حَبِيْبٍ, عَنِ المِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ: مِنَّا السَّفَّاحُ، وَمِنَّا المَنْصُوْرُ، وَمِنَّا المَهْدِيُّ. إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
رَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ جَدِّهِ, أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: قَالَ لَنَا المَنْصُوْرُ: رَأَيتُ كَأَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- عَمَّمَنِي بِعِمَامَةٍ كُوْرُهَا ثَلاَثَةٌ، وَعِشْرُوْنَ، وَقَالَ: خُذْهَا، وَأَوْصَانِي بِأُمَّتِهِ.
وَعَنِ المَنْصُوْرِ قَالَ: المُلُوْكُ أَرْبَعَةٌ: مُعَاوِيَةُ، وَعَبْدُ المَلِكِ، وَهِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، وَأَنَا.
حَجَّ المَنْصُوْرُ مَرَّاتٍ مِنْهَا فِي خِلاَفَتِهِ مَرَّتَيْنِ، وَفِي الثَّالِثَةِ مَاتَ بِبِئْرِ مَيْمُوْنٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ.
أَبُو العَيْنَاءِ: حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ: أَنَّ المَنْصُوْرَ صَعِدَ المِنْبَرَ فَشَرَعَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ اذْكُرْ مَنْ أَنْتَ فِي ذِكْرِهِ. فَقَالَ مَرْحَباً لقَدْ ذَكَرتَ جَلِيْلاً، وَخَوَّفْتَ عَظِيْماً، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُوْنَ مِمَّنْ إِذَا قِيْلَ لَهُ: اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ، وَالمَوْعِظَةُ مِنَّا بَدَتْ، وَمِنْ عِندِنَا خَرَجَتْ، وَأَنْتَ يَا قَائِلَهَا فَأَحْلِفُ بِاللهِ: مَا اللهَ أَرَدْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: قَامَ فَقَالَ فَعُوقِبَ فَصَبَرَ فَأَهْوِنْ بِهَا مِنْ قَائِلِهَا، وَاهْتَبِلْهَا مِنَ اللهِ، وَيْلَكَ إِنِّيْ قَدْ غَفَرتُهَا.، وَعَادَ إِلَى خُطبتِهِ كَأَنَّمَا يَقْرَأُ مِنْ كِتَابٍ.
قَالَ مُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللهِ الوَزِيْرُ سَمِعَ المَنْصُوْرَ يَقُوْلُ: الخَلِيْفَةُ لاَ يصلحهإلَّا التَّقْوَى، وَالسُّلْطَانُ لاَ يُصْلِحُه إلَّا الطَّاعَةُ، وَالرَّعِيَّةُ لاَ يُصلِحُهَا إلَّا العَدْلُ، وَأَولَى النَّاسِ بِالعَفْوِ أَقْدَرُهُم عَلَى العُقُوْبَةِ، وَأَنْقَصُ النَّاسِ عَقلاً مَنْ ظَلَمَ مَنْ هُوَ دُوْنَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ، وَعَظَ المَنْصُوْرَ فَأَبكَاهُ، وَكَانَ يَهَابُ عَمْراً، وَيُكرِمُهُ، وَكَانَ أَمَرَ لَهُ بِمَالٍ فَرَدَّهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ الصَّمَدِ عَمَّهُ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ لقَدْ هَجَمْتَ بِالعُقُوْبَةِ حَتَّى كَأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ بِالعَفْوِ. قَالَ: لأَنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَمْ تَبْلَ رِمَمُهُم، وَآلَ عَلِيٍّ لَمْ تُغْمَدْ سُيُوْفُهُم، وَنَحْنُ بَيْنَ قَوْمٍ قَدْ رَأَوْنَا أَمْسِ سوقة، ولا تتمهد هيبتنا في صدورهمإلَّا بِنِسْيَانِ العَفْوِ.
وَقِيْلَ: دَخَلَ عَلَيْهِ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ فَقَالَ: اقْضِ دَيْنِي. قَالَ:، وَكَم هُوَ?. قَالَ: مائَةُ أَلْفٍ قَالَ: وَأَنْتَ فِي فِقْهِكَ، وَفَضْلِكَ تَأخُذُ مائَةَ أَلْفٍ لَيْسَ عِنْدَكَ قَضَاؤُهَا?. قَالَ: شَبَّ فِتْيَانٌ لِي فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبَوِّئَهُم، وَخَشِيْتُ أَنْ يَنتَشِرَ عَلَيَّ أَمرُهُم، وَاتَّخذتُ لَهُم مَنَازِلَ، وَأَوْلَمْتُ عَلَيْهِم ثِقَةً بِاللهِ وَبِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ(6/527)
قَالَ: فَردَّدَ عَلَيْهِ مائَةَ أَلْفٍ اسْتِكثَاراً لَهَا. ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِعَشْرَةِ آلاَفٍ. قَالَ: فَأَعْطِنِي مَا تُعطِي، وَأَنْتَ طَيِّبُ النَّفْسِ فَقَدْ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً، وَهُوَ بِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ بُوْرِكَ لِلْمُعْطِي، وَالمُعْطَى".
قَالَ: فَإِنِّي طَيِّبُ النَّفْسِ بِهَا. فَأَهوَى لِيُقَبِّلَ يَدَهُ فَمَنَعَهُ، وَقَالَ: إِنَّا نُكرِمُكَ عَنْهَا، وَنُكرِمُهَا عَنْ غَيْرِكَ.
وَعَنِ الرَّبِيْعِ الحَاجِبِ قَالَ: دُرْنَا فِي الخَزَائِنِ بَعْدَ مَوْتِ المَنْصُوْرِ أَنَا وَالمَهْدِيُّ, فَرَأَيْنَا فِي بيتٍ أَرْبَعَمائَةِ حُبٍّ مُسَدَّدَةَ الرُّؤُوْسِ, فِيْهَا أَكْبَادٌ مُمَلَّحَةٌ, مُعَدَّةٌ لِلْحِصَارِ.
وَقِيْلَ: رَأَتْ جارية للمنصور قميصه مرقوعًا, فكلمته فقال:
قَدْ يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتَى، وَرِدَاؤُهُ ... خَلَقٌ، وَجَيْبُ قَمِيْصِهِ مَرْقُوْعُ
وَعَنِ المَدَائِنِيِّ: أَنَّ المَنْصُوْرَ لَمَّا احْتُضِرَ, قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ قَدِ ارْتَكبتُ عَظَائِمَ جُرْأَةً مِنِّي عَلَيْكَ، وَقَدْ أَطَعْتُكَ فِي أَحَبِّ الأشياء إليك شهادة أن لا إلهإلَّا اللهُ مَنّاً مِنْكَ لاَ مَنّاً عَلَيْكَ. ثُمَّ مَاتَ.
وَقِيْلَ: رَأَى مَا يَدُلُّ عَلَى قُربِ مَوْتِهِ فَسَارَ لِلْحَجِّ.، وَقِيْلَ: مَاتَ مَبْطُوناً، وَعَاشَ أَرْبَعاً، وَسِتَّيْنَ سَنَةً.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: دُفِنَ بَيْنَ الحَجُوْنِ، وَبِئْرِ مَيْمُوْنٍ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ عَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ لِسُفْيَانَ: قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ: أَتُؤمِنُ بِاللهِ? قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنِ الأَمْوَالِ الَّتِي اصْطَفَيْتُمُوهَا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَلَئِنْ صَارَتْ إِلَيْكُم ظُلْماً، وَغَصْباً فَمَا رَدَدْتُمُوهَا إِلَى أَهْلِهَا الَّذِيْنَ ظُلِمُوا، ولئن كانت لبني أمية لقَدْ أَخَذتُم مَا لاَ يَحِلُّ لَكُم إِذَا دُعِيَتْ غَداً بَنُو أُمَيَّةَ بِالعَدْلِ جَاؤُوا بِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَإِذَا دُعِيْتُم أَنْتُم لَمْ تجيؤوا بِأَحَدٍ فَكُنْ أَنْتَ ذَاكَ الأَحَدَ فَقَدْ مَضَتْ مِنْ خِلاَفَتِكَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ: مَا أَجِدُ أَعْوَاناً. قُلْتُ: عَوْنُكَ عَلَيَّ بِلاَ مَرزِئَةٍ أَنْتَ تَعلَمُ أَنَّ أَبَا أَيُّوْبَ المُوْرِيَانِيَّ يُرِيْدُ مِنْكَ كُلَّ عَامٍ بَيْتَ مَالٍ، وَأَنَا أَجِيئُكَ بِمَنْ يَعْمَلُ بِغَيْرِ رِزْقٍ آتِيْكَ بِالأَوْزَاعِيِّ، وَآتِيْكَ بِالثَّوْرِيِّ، وَأَنَا أُبَلِّغُكَ عَنِ العَامَّةِ. فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَكمِلَ بِنَاءَ بَغْدَادَ، وَأُوَجِّهِ خَلْفَكَ. فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ:، وَلِمَ ذَكَرتَنِي لَهُ?. قَالَ:، وَاللهِ مَا أردتإلَّا النُّصحَ. قَالَ سُفْيَانُ:، وَيْلٌ لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِم إِذَا لَمْ يَكُنْ كَبِيْرَ العَقْلِ كَثِيْرَ الفَهْمِ كَيْفَ يَكُوْنُ فِتْنَةً عَلَيْهِم، وَعَلَى الأُمَّةِ.
قَالَ نُوْبَخْتُ المَجُوْسِيُّ: سُجِنْتُ بِالأَهْوَازِ فَرَأَيْتُ المَنْصُوْرَ، وَقَدْ سُجِنَ يَعْنِي: وَهُوَ(6/528)
شَابٌّ- قَالَ: فَرَأَيتُ مِنْ هَيْبَتِهِ وَجَلاَلتِهِ وَحُسنِهِ, مَا لَمْ أَرَهُ لأَحَدٍ, فَقُلْتُ: وَحَقِّ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ إِنَّكَ لَمِنْ، وَلَدِ صَاحِبِ المَدِيْنَةِ? فَقَالَ: لاَ، وَلَكِنِّي مِنْ عَرَبِ المَدِيْنَةِ. قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أَتَقرَّبُ إِلَيْهِ، وَأَخْدمُهُ حَتَّى سَأَلْتُهُ عَنْ كُنْيَتِهِ. فَقَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ. قُلْتُ: وَحَقِّ المَجُوْسِيَّةِ, لَتَملِكَنَّ. قَالَ: وَمَا يُدرِيْكَ? قُلْتُ: هُوَ كَمَا أَقُوْلُ لَكَ، وَسَاقَ قِصَّةً.
وَقَدْ كَانَ المَنْصُوْرُ يُصْغِي إِلَى أَقْوَالِ المُنَجِّمِيْنَ، وَيَنْفُقُونَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ هَنَاتِهِ مَعَ فَضِيْلَتِهِ.
وَقَدْ خَرَجَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ وِلاَيَتِهِ: عَمُّهُ عَبْدُ اللهِ بنُ علي, فرماه بنظيره أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ، وَقَالَ: لاَ أُبَالِي أَيُّهُمَا أُصِيْبَ. فَانْهَزَم عَمُّهُ، وَتَلاَشَى أَمرُهُ ثُمَّ فَسَدَ مَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ أَبِي مُسْلِمٍ فَلَمْ يَزَلْ يَتَحَيَّلُ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَأصَلَه، وَتَمَكَّنَ.
ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ: ابْنَا عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، وَكَادَ أَنْ تَزُوْلَ دَوْلَتُهُ، وَاسْتَعَدَّ لِلْهَرَبِ, ثُمَّ قُتِلاَ فِي أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، وَأَلْقَى عَصَاهُ، وَاسْتَقَرَّ.
وَكَانَ حَاكِماً عَلَى مَمَالِكِ الإِسْلاَمِ بَأْسرِهَا, سِوَى جَزِيْرَةِ الأَنْدَلُسِ، وَكَانَ يَنْظُرُ فِي حَقِيْرِ المَالِ، ويثمره، ويجتهد بحيث إنه خلف في بيوت الأَمْوَالِ مِنَ النَّقْدَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دينار فيما قيل، وستمئة أَلفِ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ كَثِيْراً مَا يَتَشَبَّهُ بِالثَّلاَثَةِ فِي سِيَاسْتِهِ، وَحَزْمِهِ، وَهُم: مُعَاوِيَةُ، وَعَبْدُ الملك، وهشام.
وقيل: إنه أحسن شَغَباً عِنْدَ قَتْلِهِ أَبَا مُسْلِمٍ, فَخَرَجَ بَعْدَ أَنْ فَرَّقَ الأَمْوَالَ، وَشَغَلَهُم بِرَأْسِهِ, فَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَخْرُجُوا مِنْ أُنْسِ الطَّاعَةِ إِلَى، وَحْشَةِ المَعْصِيَةِ، وَلاَ تُسِرُّوا غِشَّ الأَئِمَّةِ يُظهِرِ اللهُ ذَلِكَ عَلَى فَلَتَاتِ الأَلْسِنَةِ، وَسَقَطَاتِ الأَفعَالِ فَإِنَّ مَنْ نَازَعَنَا عُرْوَةَ قَمِيْصِ الإِمَامَةِ أَوْطَأْنَاهُ مَا فِي هَذَا الغِمدِ، وَإِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ بَايَعَنَا عَلَى أَنَّهُ إِنْ نَكَثَ بَيْعتَنَا فَقَدْ أَبَاحَ دَمَهُ لَنَا ثُمَّ نَكَثَ فَحكَمْنَا عَلَيْهِ لأَنْفُسِنَا حُكْمَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَمْ يَمْنَعْنَا رِعَايَةُ حَقِّهِ مِنْ إِقَامَةِ الحَقِّ عَلَيْهِ فَلاَ تَمشُوا فِي ظُلْمَةِ البَاطِلِ بَعْد سَعْيِكُم فِي ضِيَاءِ الحَقِّ، وَلَوْ عُلِمَ بِحقِيْقَةِ حَالِ أَبِي مُسْلِمٍ لَعَنَّفَنَا عَلَى إِمهَالِهِ مَنْ أَنْكَرَ منا قتله، والسلام.(6/529)
1039- حمزة بن حبيب 1: "م، 4"
ابن عمارة بن إسماعيل, الإمام, القوة شَيْخُ القِرَاءةِ, أَبُو عُمَارَةَ التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُم, الكُوْفِيُّ, الزَّيَّاتُ, مَوْلَى عِكْرِمَةَ بنِ رِبْعِيٍّ.
تَلاَ عَلَيْهِ: حُمْرَانُ بنُ أَعْيَنَ، وَالأَعْمَشُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، وَالحَكَمِ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَطَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، وَمَنْصُوْرٍ، وَعِدَّةٍ.، وَلَمْ أَجِدْ لَهُ شَيْئاً عَنِ الشَّعْبِيِّ.
وَعنْه أَخَذَ القُرْآنَ عَددٌ كَثِيْرٌ: كَسُلَيْمِ بنِ عِيْسَى، وَالكِسَائِيِّ، وَعَابِدِ بنِ أَبِي عَابِدٍ، وَالحَسَنِ بنِ عَطِيَّةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الثَّوْرِيُّ، وَشَرِيْكٌ، وَجَرِيْرٌ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَبَكْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَحُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، وَقَبِيْصَةُ، وَخَلْقٌ.
وَكَانَ يَجلِبُ الزَّيْتَ مِنَ الكُوْفَةِ إِلَى حُلْوَانَ ثُمَّ يَجلِبُ مِنْهَا الجُبْنَ، وَالجَوْزَ، وَكَانَ إِمَاماً قَيِّماً لِكِتَابِ اللهِ قَانِتاً للهِ ثَخِينِ الوَرَعِ رفِيْعَ الذِّكْرِ عَالِماً بِالحَدِيْثِ، وَالفَرَائِضِ. أَصْلُهُ فَارِسِيٌّ.
قال الثوري: ما قرأ حمزة حرفًاإلَّا بِأَثَرٍ.
قَالَ أَسْوَدُ بنُ سَالِمٍ: سَأَلْتُ الكِسَائِيَّ عن الهمز، والإدغام ألكم فيه إمام? قال: نعم حمزة كان يهز، وَيَكسِرُ، وَهُوَ إِمَامٌ لَوْ رَأَيتَه لقَرَّتْ عَيْنُكَ مِنْ نُسْكِه.
قَالَ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ: رُبَّمَا عَطِشَ حَمْزَةُ فَلاَ يَسْتَسْقِي كَرَاهِيَةَ أَنْ يُصَادِفَ مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: مَا أَحْسِبُ أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفةإلَّا بِحَمْزَةَ.
وَكَانَ شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ يَقُوْلُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ: إلَّا تَسْأَلُونِي عَنِ الدُّرِّ? قِرَاءةُ حَمْزَةَ.
قُلْتُ: كَرِهَ طَائِفَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ قِرَاءةَ حَمْزَةَ لِمَا فِيْهَا مِنَ السَّكْتِ، وَفَرطِ المَدِّ، وَاتِّبَاعِ الرَّسمِ، وَالإِضْجَاعِ2، وَأَشْيَاءَ ثُمَّ اسْتَقَرَّ اليَوْمَ الاتِّفَاقُ عَلَى قَبُولِهَا، وَبَعْضٌ كَانَ حَمْزَةُ لاَ يَرَاهُ.
بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ رَأَيتُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِكَ هَمَزَ حَتَّى انْقَطَعَ زِرُّهُ. فَقَالَ: لَمْ آمُرْهُم بِهَذَا كُلِّهِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 385"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 194"، المعرفة ليعقوب الفسوي "2/ 256" و"3/ 180"، الكنى للدولابي "2/ 37"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 916"، وفيات = الأعيان لابن خلكان "2/ ترجمة 208"، تاريخ الإسلام "6/ 174"، العبر "1/ 211"، الكاشف "1/ ترجمة 12423"، ميزان الاعتدال "1/ 605"، تهذيب التهذيب "3/ 27"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1620"، شذرات الذهب "1/ 240".
2 الإضجع: الإمالة.(6/530)
وَعَنْهُ قَالَ: إِنَّ لِهَذَا التَّحْقِيْقِ حَدّاً يَنْتَهِي إِلَيْهِ, ثُمَّ يَكُوْنُ قَبِيْحاً. وَعَنْهُ: إِنَّمَا الهَمزَةُ رياضة فإذا حسنها, سلها.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ, عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, قَالَ: حَمْزَةُ ثِقَةٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ الساجي: صدوق سيىء الحِفْظِ.، وَقِيْلَ: إِنَّ الأَعْمَشَ رَأَى حَمْزَةَ الزَّيَّاتَ مُقْبِلاً فَقَالَ: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِين} [الحَجُّ 34.]
قَدْ سُقْتُ أَخْبَارَ الإِمَامِ حَمْزَةَ فِي طَبَقَاتِ القُرَّاءِ.، وَفِي التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ بِأَطوَلَ مِنْ هَذَا، وَحَدِيْثُهُ لاَ يَنحَطُّ عَنْ رُتْبَةِ الحَسَنِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانٍ، وَسَبْعُوْنَ سَنَةً فِيْمَا بَلَغَنَا. وَالصَّحِيْحُ: وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. رَحِمَهُ اللهُ. ظَهرَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً، وَكَانَ مِنَ الأَئِمَّةِ العَامِلِيْنَ.(6/531)
1040- عَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ 1: "4"
البَلْخِيُّ, ثُمَّ البَصْرِيُّ, الإِمَامُ, العَالِمُ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ, نَزِيْلُ بَيْتِ المَقْدِسِ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَمَكْحُوْلٍ، وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ، وَأَبِي التَّيَّاحِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَالوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ العُذْرِيُّ، وَأَيُّوْبُ بنُ سُوَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ المَصِّيْصِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وغيره.
قَالَ أَبُو عُمَيْرٍ بنُ النَّحَّاسِ: حَدَّثَنَا كَثِيْرُ بنُ الوَلِيْدِ قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ شَوْذَبٍ ذَكَرْتُ المَلاَئِكَةَ.
وَرَوَى ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ: سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً يَقُوْلُ: لقَدْ ذَلَّ مَنْ لاَ سَفِيْهَ لَهُ.
وَنَقَلَ ضَمْرَةُ: أَنَّ مَعَاشَ ابْنِ شَوْذَبٍ كَانَ مِنْ كَسْبِ غِلْمَانٍ لَهُ فِي السُّوْقِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَوْلِدِي فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ شَوْذَبٍ عِنْدَنَا، وَنَحْنُ نَعُدُّه مِنْ ثِقَاتِ مَشَايِخِنَا. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ ثِقَةً.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: هُوَ خُرَاسَانِيٌّ, سَكنَ البَصْرَةَ, ثُمَّ انْتقَلَ إِلَى الشَّامِ, فَسَكَنَ بَيْتَ المَقْدِسِ.
قَالَ ضَمْرَةُ: تُوُفِّيَ ابْنُ شَوْذَبٍ فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عاش سبعين سنة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 350"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 382"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 353"، تاريخ الإسلام "6/ 210"، الكاشف "2/ ترجمة 2809"، ميزان الاعتدال "2/ 440"، العبر "1/ 225"، تهذيب التهذيب "5/ 255"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3566"، شذرات الذهب "1/ 240".(6/531)
1041- المسعودي 1: "4"
الفَقِيْهُ, العَلاَّمَةُ, المُحَدِّثُ, عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الله بن عتبة بنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ الهُذَلِيُّ, المَسْعُوْدِيُّ الكُوْفِيُّ, أخو أبي العميس.
وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ, بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَعَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، وَعَلِيِّ بنِ الأَقْمَرِ، وَعَمْرِو بنِ مُرَّةَ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ، وَائِلٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ قَاضِي المَدِيْنَةِ، وَيَزِيْدَ الفَقِيْرِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَجَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، وَأَبُو المُغِيْرَةِ الخَوْلاَنِيُّ، وَطَلْقُ بنُ غَنَّامٍ، وَأَبُو داود الطيالسي، وأبو عبد الرحمن المقرىء، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُوْنَ، وَخَاتِمَتُهُم عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ.
وَكَانَ فَقِيْهاً كَبِيْراً، وَرَئِيْساً نَبِيْلاً, يَخدِمُ الدَّوْلَةَ، وَلَهُ صُوْرَةٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رَأَيتُهُ فِي قَبَاءٍ أَسْوَدَ، وَشَاشِيَّةٍ، وَفِي وَسطِه خِنْجَرٌ، وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ كِتَابَةٌ بِأَبْيَضَ: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البَقَرَةُ:137]
فَتَوَقَّفَ أُنَاسٌ فِي الأَخْذِ عَنْهُ لِذَلِكَ.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ جَمِيْلٍ: رَأَيتُهُ فِي، وَسطِه خِنْجَرٌ، وَقَلَنْسُوَةٌ أَطوَلُ مِنْ ذِرَاعٍ مَكْتُوْبٌ عليها: محمد يا منصور.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 366"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 994"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 163"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1197"، المجروحين لابن حبان "2/ 48"، تاريخ بغداد "10/ 218"، الكاشف "2/ ترجمة 3218"، تاريخ الإسلام "6/ 224"، ميزان الاعتدال "2/ 574- 575"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 188"، تهذيب التهذيب "6/ 210"، خلاصة الخزرجي "2 ترجمة 2155"، شذرات الذهب "1/ 248".(6/532)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ ثِقَةٌ. وَسَمَاعُ أَبِي النَّضْرِ، وَعَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَهَؤُلاَءِ مِنْهُ, بعدما اخْتُلِطَ, إلَّا أَنَّهُم احْتَمَلُوا السَّمَاعَ مِنْهُ. وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ثِقَةٌ, قَدْ كَانَ يَغلَطُ فِيْمَا رَوَى: عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَنْ سَلَمَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: المَسْعُوْدِيُّ: ثِقَةٌ اخْتُلِطَ بِأَخَرَةٍ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَعَنْ مِسْعَرٍ, قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِعِلْمِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مِنَ المَسْعُوْدِيِّ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ. قَالَ:، وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: رَأَيتُهُ سَنَةَ رَآهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ, فَلَمْ أُكَلِّمْه.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: رَأَيتُ المَسْعُوْدِيَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ يُطَالِعُ الكِتَابَ -يَعْنِي: أَنَّهُ قَدْ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ.
وَقَالَ أَبُو قُتَيْبَةَ: كَتَبتُ عَنْهُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَهُوَ صَحِيْحٌ، وَرَأَيتُهُ سَنَةَ سَبْعٍ، وَالذَّرُّ يَدْخُلُ فِي أُذُنِه، وَأَبُو دَاوُدَ يَكْتُبُ عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَتَطمَعُ أَنْ تُحَدِّثَ عَنْهُ، وَأَنَا حَيٌّ?
قُلْتُ: هُوَ فِي وَزنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَحَدِيْثُه فِي حَدِّ الحَسَنِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ المَسْعُوْدِيُّ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ.(6/533)
1042- قرة بن خالد 1: "ع"
الحَافِظُ, الحُجَّةُ, أَبُو خَالِدٍ- وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ -السَّدُوْسِيُّ, البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَالحَسَنِ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَأَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، وَحُمَيْدِ بن هِلاَلٍ، وَسَيَّارٍ أَبِي الحَكَمِ، وَعَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ، وَبِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ، وَخَالِدُ بنُ الحَارِثِ، وَحَرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَحَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَالأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلْقٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ: شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوُ مائة حديث. وقال علي: سمعت يحيى ابن سَعِيْدٍ ذَكَرَهُ فَقَالَ: كَانَ قُرَّةُ عِنْدَنَا مِنْ أَثْبَتِ شُيُوْخِنَا.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنِ قُرَّةَ، وَعِمْرَانَ بنِ حُدَيْرٍ فقال: ما منهماإلَّا ثِقَةٌ.، وَرَوَى إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ. ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ قُرَّةَ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ فَقَالَ: قُرَّةُ أَحَبُّ إِلَيَّ قُرَّةُ ثَبْتٌ عِنْدِي. قَالَ:، وَسُئِلَ أَبُو مَسْعُوْدٍ الرَّازِيُّ: قُرَّةُ أَثْبَتُ عِنْدَكَ أَوْ حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ? قَالَ: قُرَّةُ أَثبَتُ.، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ ذَكَرَ قُرَّةَ بنَ خَالِدٍ فَرَفَعَ مِنْ شَأْنِهِ.، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
قِيْلَ: مَاتَ قُرَّةُ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَخَمْسِيْنَ، ومئة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، أَنْبَأَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ: "لَوْ آمَنَ بِي عَشْرَةٌ مِنَ اليَهُوْدِ مَا بَقِيَ عَلَى ظَهْرِهَا يَهُوْدِيٌّ إلَّا أَسْلَمَ" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ قرة رواه البخاري عن مسلم مثله.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 275"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 818"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 214 و323 و340" و"2/ 53 و111"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 747"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 190"، العبر "1/ 216 و3223 و298"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 4638"، تاريخ الإسلام "6/ 270"، تهذيب التهذيب "8/ 371"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5849"، شذرات الذهب "1/ 237".
2 صحيح: أخرجه البخاري ومسلم "2793" من طريق قرة بن خالد، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به مرفوعا.(6/534)
1043- معن بن زائدة 1:
أَمِيْرُ العَرَبِ أَبُو الوَلِيْدِ الشَّيْبَانِيُّ أَحَدُ أَبْطَالِ الإِسْلاَمِ، وَعَيْنُ الأَجْوَادِ.
كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مُتَولِّي العِرَاقَيْنِ يَزِيْدَ بنِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ فَلَمَّا تَملَّكَ آلُ العَبَّاسِ اخْتَفَى مَعْنٌ مُدَّةً، وَالطَّلَبُ عَلَيْهِ حَثِيثٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خُرُوْجِ الرِّيْوَنْدِيَّةِ، وَالخُرَاسَانِيَّةِ عَلَى المَنْصُوْرِ، وَحَمِيَ القِتَالُ، وَحَارَ المَنْصُوْرُ فِي أَمْرِهِ ظَهرَ مَعْنٌ، وَقَاتَلَ الرِّيْوَنْدِيَّةَ فَكَانَ النَّصْرُ عَلَى يَدِهِ، وَهُوَ مُقَنَّعٌ فِي الحَدِيْدِ فَقَالَ المَنْصُوْرُ:، وَيْحَكَ مَنْ تَكُوْنُ? فَكَشَفَ لِثَامَهُ، وَقَالَ: أَنَا طَلِبَتُكَ مَعْنٌ. فَسُرَّ بِهِ، وَقَدَّمَهُ، وَعَظَّمَهُ ثُمَّ، وَلاَّهُ اليَمَنَ، وَغَيْرَهَا.
قَالَ بَعْضُهُم: دَخَلَ مَعْنٌ عَلَى المَنْصُوْرِ فَقَالَ: كَبِرَتْ سِنُّكَ يَا مَعْنُ. قَالَ: فِي طَاعَتِكَ. قَالَ: إِنَّكَ لَتَتَجَلَّدُ. قَالَ: لأَعدَائِكَ. قَالَ:، وَإِنَّ فِيْكَ لَبَقِيَّةً.
قَالَ: هِيَ لَكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
وَلِمَعْنٍ أَخْبَارٌ فِي السَّخَاءِ، وَفِي البَأْسِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ. ثُمَّ، وَلِيَ سِجِسْتَانَ، وَثَبَتْ عَلَيْهِ خَوَارِجُ، وَهُوَ يَحْتَجِمُ فَقَتلُوْهُ فَقَتَلَهُم ابْنُ أَخِيْهِ يَزِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ الأَمِيْرُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ، وخمسين، ومئة، وقيل: سنة ثمان وخمسين.
__________
1 ترجمته في المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 139"، تاريخ الخطيب "13/ 235" وفيات الأعيان لابن خلكان "5/ ترجمة 732"، تاريخ الإسلام "6/ 297"، العبر "1/ 217"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 231".(6/535)
1044- جرير بن حازم 2: "ع"
ابن زيد بن عبد الله بن شجاع, الإِمَامُ, الحَافِظُ, الثِّقَةُ المُعَمَّرُ, أَبُو النَّضْرِ الأَزْدِيُّ, ثُمَّ العَتَكِيُّ, البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَأَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ، وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ، وَحَدِيْثُه عَنْهُ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ"- وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي فَزَارَةَ العَبْسِيِّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَطَاوُوْسٍ، وَحُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، وَعَمِّهِ جَرِيْرِ بنِ يَزِيْدَ، وَزُبَيْدٍ اليَامِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَجَمِيْلِ بنِ مُرَّةَ، وَثَابِتٍ، وَأَيُّوْبَ، وَالزُّبَيْرِ بنِ الحُرَيْثِ، وَالزُّبَيْرِ بنِ سَعِيْدٍ الهَاشِمِيِّ، وَسُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَأَسْمَاءَ بنِ عُبَيْدٍ الضُّبَعِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزِيْدَ الثَّاتِيِّ المِصْرِيِّ القَاضِي، وَثَاتُ بِمُثَلَّثَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ: قَبِيْلٌ مِنْ حِمْيَرٍ، وَحَرْمَلَةَ بنِ عِمْرَانَ المِصْرِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَحَنْظَلَةَ السَّدُوْسِيِّ، وَالأَعْمَشِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنِ مَلاَذٍ الأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّرَّاجِ، وَعَدِيِّ بنِ عَدِيٍّ الكِنْدِيِّ، وَغَيْلاَنَ بنِ جَرِيْرٍ، وَقَتَادَةَ، وَقَيْسِ بنِ سَعْدٍ، وَكُلْثُوْمِ بنِ جَبْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ، وَمَنْصُوْرِ بنِ زَاذَانَ، وَالنُّعْمَانِ بنِ رَاشِدٍ، وَيَزِيْدَ بنِ رومان، ويعلى بن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ ترجمة 278"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2234"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2079"، الكاشف "1/ ترجمة 777"، ميزان الاعتدال "1/ 392"، تهذيب التهذيب "2/ 69"، طبقات المدلسين "ترجمة 7"، جامع التحصيل للحافظ العلائي "ترجمة: 89"، شذرات الذهب "1/ 270".(6/535)
حَكِيْمٍ، وَيُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المِصْرِيِّ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بنِ، وَاثِلَةَ، وَالمَحْفُوْظُ أَنَّهُ رَأَى جِنَازَتَه بِمَكَّةَ.، وَرَأَيتُ غَيْرَ، وَاحِدٍ يَعُدُّ جَرِيْراً فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي الطُّفَيْلِ خَاتِمَةِ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ خَاتِمَةُ مَنْ لَحِقَ أَبَا الطُّفَيْلِ، وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ، وَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ الحَافِظُ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ -وَهُمْ مِنْ شُيُوْخِهِ- وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ.، وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ عَوْنٍ رَوَى عَنْهُ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ، وَهْبٍ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ، وَعَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَشَيْبَانُ، وَهُدْبَةُ، وَأَبُو النَّصْرِ التَّمَّارُ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو نُوْحٍ قُرَادٌ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ فَاسْمَعْ مِنْهُ.
وَرَوَى مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ عَنْ، وَهْبٍ قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ يَأْتِي أَبِي فَسَأَلَهُ عَنْ أَحَادِيْثِ الأَعْمَشِ فَإِذَا حَدَّثَهُ قَالَ: هَكَذَا، وَاللهِ سَمِعْتُهُ مِنَ الأَعْمَشِ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَبُو الأَشْهَبِ أَوْ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ? قَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا، وَلَكِنْ جَرِيْرٌ كَانَ أَكْثَرَهُمَا، وَهْماً.
قُلْتُ: اغْتُفِرَتْ أَوهَامُهُ فِي سَعَةِ مَا رَوَى، وَقَدِ ارْتَحَلَ فِي الكُهُولَةِ إِلَى مِصْرَ، وَحَمَلَ الكَثِيْرَ، وَحَدَّثَ بِهَا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: جَرِيْرٌ أَثْبتُ عِنْدِي مِنْ قُرَّةَ بنِ خَالِدٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: هُوَ أَمْثلُ مِنْ أَبِي هِلاَلٍ، وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ.، وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى: هُوَ أَحْسَنُ حَدِيْثاً مِنِ ابْنِ أَبِي الأَشْهَبِ، وَأَسنَدُ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ.، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ صَالِحٌ قَدِمَ هُوَ، وَالسَّرِيُّ بنُ يَحْيَى مِصْرَ، وَهُوَ أَحْسَنُ حَدِيْثاً مِنَ السَّرِيِّ، وَالسَّرِيُّ أَحْلَى مِنْهُ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيْثَ مَنَاكِيْرَ. فَقَالَ: هُوَ عَنْ قَتَادَةَ ضعيف.(6/536)
وَرَوَى يَعْقُوْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ عَنْ، وَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ قَالَ: قَرَأَ أَبِي عَلَى أَبِي عَمْرٍو بنِ العَلاَءِ فَقَالَ: أَنْتَ أَفصَحُ مِنْ مَعَدٍّ.
قَالَ سُلَيْمُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ قَالَ: كَانَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ يُحَدِّثُ فَإِذَا جَاءهُ إِنْسَانٌ لاَ يَشتَهِي أَنْ يُحَدِّثَهُ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى ضِرْسِهِ، وَقَالَ: أَوَّهْ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: جَرِيْرٌ مِنْ أَجِلَّةِ أَهْلِ البَصْرَةِ، وَرُفَعَائِهِم اشْتَرَى، وَالِدَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، وَأَعتَقَهُ فَحَمَّادٌ مَوْلَى جَرِيْرٍ. قَالَ:، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ جَرِيْرٍ مِنَ الكِبَارِ: أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَاللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ نُسْخَةً طَوِيْلَةً. قَالَ، وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ المُسْلِمِيْنَ حَدَّثَ عَنْهُ الأَئِمَّةُ أَيُّوْبُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَاللَّيْثُ، وَيَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، وَابْنُ لَهِيْعَةَ، وَهُوَ مُسْتقِيْمُ الحَدِيْثِ إلَّا فِي رِوَايَتِهِ عَنْ قَتَادَةَ فَإِنَّهُ يَرْوِي عَنْهُ أَشْيَاءَ لاَ يَروِيهَا غَيْرُه.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَ عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَشَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ، وَبَيْنَ، وَفَاتَيْهِمَا مائَةٌ، وَثَمَانِ سِنِيْنَ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: حَكَى عَنْ جَرِيْرٍ ابْنُهُ، وَهْبٌ قَالَ: مَاتَ أَنَسٌ سَنَةَ تِسْعِيْنَ، وَلِي خَمْسَ سِنِيْنَ، وَمَاتَ جَرِيْرٌ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، ومئة.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: اخْتُلِطَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَكَانَ لَهُ أَوْلاَدٌ أَصْحَابُ حَدِيْثٍ فَلَمَّا أَحسُّوا ذَلِكَ مِنْهُ حَجَبُوْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَحَدٌ فِي حَالِ اخْتِلاَطِهِ شَيْئاً.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ: مَا رَأَيتُ حَمَّادَ بنَ سَلَمَةَ يَكَادُ يُعَظِّمُ أَحَداً تَعْظِيْمَهُ لِجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِملاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ، حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ عَنْ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بنِ سمرة قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِالجَابِيَةِ فَقَالَ: قَامَ فِيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنَهُم". الحَدِيْثَ.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، وَعَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ البَصْرِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، وَلَفْظُ شَيْبَانَ: سَمِعْتُ عَبْدَ المَلِكِ(6/537)
بنُ عُمَيْرٍ, عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ, قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بِالجَابِيَةِ, فَقَالَ: قَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- مَقَامِي فِيْكُمُ اليَوْمَ فَقَالَ: "أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنَهُم" 1.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ الغَسُّوْلِيُّ, قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ عَنْ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ بِالجَابِيَةِ فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- قَامَ فِي مِثْل مَقَامِي هَذَا فَقَالَ: "أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنَهُم ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنَهُم ثُمَّ يَجِيْءُ قَوْمٌ يَحْلِفُ أَحَدُهُم عَلَى اليَمِيْنَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْلَفَ عَلَيْهَا، وَيَشْهَدُ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْل أَنْ يُسْتَشْهَدَ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُم أَنْ يَنَالَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَةَ فَإِنَّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعدإلَّا لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُم تَسُرُّهُ حَسَنتُهُ، وَتَسُوؤُهُ سَيِّئتُهُ فهو مؤمن".2
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, اتَّفَقَ الجَرِيْرَانِ عَلَى رِوَايتِهِ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ, مِنْ طَرِيْقِ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ, فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً، وَأَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ حَازِمٍ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى السَّامِيِّ, عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ, عَنْ جَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ: فَوَقَعَ لَنَا عَالِياً جِدّاً.
قَالَ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ ذَكَرَ قَوْلَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: كَانَ جَرِيْرٌ أَحْفَظَنَا ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللهِ فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ:، وَلَكِنَّهُ بِأَخَرَةٍ. فَقُلْتُ: يَحْفَظُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَصْبَحتُ أَنَا، وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ. فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: مَنْ، وَرَاءهُ? قُلْتُ: جَرِيْرٌ قَالَ: جَرِيْرٌ كَانَ يُحَدِّثُ بِالتَّوَهُّمِ. قُلْتُ: أَكَانَ يُحَدِّثُهُم بِالتَّوَهُّمِ بِمِصْرَ خَاصَّةً أَوْ غَيْرِهَا?. قَالَ: فِي غَيْرِهَا، وَفِيْهَا.، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَشْيَاءُ يُسنِدُهَا عَنْ قَتَادَةَ بَاطِلٌ.
قُلْتُ: قَدَّمْتُ جَرِيْراً، وَإِنْ كَانَتْ، وَفَاتُهُ تَأَخَّرَتْ، وَالخَطبُ يَسِيْرٌ فِي مِثْلِ هذا.
__________
1 صحيح: انظر تخريجنا الآتي.
2 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 18"، والترمذي "2165"، وابن أبي عاصم في " السنة" "88" و"897"، والبزار "166"، والنسائي في "الكبرى" "9225"، والطحاوي "4/ 150"، والحاكم "1/ 114" من طريق محمد بن سوقة، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقا: قَامَ فِيْنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مقامي فيكم، فقال: استوصوا بأصحابي خيرا، ثم الذي يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشوا الكذب حتى إن الرجل ليبتدئ بالشهادة قبل أن يسألها، فمن أراد منكم بحبحة الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ، وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بأمرأة فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته وساءته سيئته، فهو مؤمن". والجابية: قرية في الجنوب الغربي من دمشق.(6/538)
1045- حسين بن واقد 1: "م، 4"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ, قَاضِي مَرْوَ، وَشَيْخُهَا, أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ, مَوْلَى الأَمِيْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيز.
روى عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وَيَزِيْدَ النَّحْوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَالفَضْلُ السِّيْنَانِيُّ، وَزَيْدُ بنُ الحُبَابِ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي بَعْضِ حَدِيْثِهِ نَكِرَةٌ.، وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَحْمِلُ الحَاجَةَ مِنَ السُّوْقِ، وَلَهُ جَلاَلَةٌ، وَفَضْلٌ بِمَرْوَ، وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الأَعْمَشِ فَقَالَ لِي: مَا قَرَأَ عَلَيَّ أَحَدٌ أَقرَأُ مِنْكَ.
قُلْتُ: مَنْ مَنَاكِيْرِهِ حَدِيْثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ: "وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدَنَا خُبْزَةً بَيضَاءَ مِنْ حِنْطَةٍ سَمْرَاءَ مُلَبَّقَةً بِسَمْنٍ، وَلَبَنٍ". 2 فَهَذَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَلَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوْعاً: "أُتِيْتُ بِمَقَالِيْدِ الدُّنْيَا على فرس أبلق عليه قطيفة من سندس"3.
__________
1 ترجمته في طبقان ابن سعد "7/ 371"، التاريخ الكبير 2/ ترجمة 2877"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 331"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 302"، العبر "1/ 226"، الكاشف "1/ ترجمة 1123"، ميزان الاعتدال "1/ 549"، تهذيب التهذيب "2/ 373"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1459"، شذرات الذهب "1/ 241".
2 منكر: أخرجه أبو داود "3818"، وابن ماجه "3341" من طريق الفضل بن موسى، عن حسين بن واقد، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: فذكره. وقال أبو داود في إثره: "هذ حديث منكر، وأيوب ليس هو السختياني".
قلت: إسناده واه بمرة، أيوب هو ابن خوط، أبو أمية البصري، قال البخاري: تركه ابن المبارك وغيره. وقال النسائي والدارقطني وجماعة متروك. وقال الأزدي: كذاب.
3 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 327- 328"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" "277" من طريق أبي الزبير، عن جابر، به. وإسناده ضعيف، أبو الزبير، هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، مدلس، مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.(6/539)
عباد بن منصور، عباد بن كثير:
1046- عباد بن منصور 1: "4"
الإِمَامُ, القَاضِي, أَبُو سَلَمَةَ النَّاجِيُّ, البَصْرِيُّ.
عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَالقَاسِمِ، وَعَطَاءٍ، وَأَبِي الضُّحَى، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى القَطَّانُ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَرَوْحٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ:، وَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ خَمْسَ سِنِيْنَ، وَكَانَ يَأْخُذُ دَقِيْقَ الأَرُزِّ فِي إِزَارِهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيْفٌ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.، وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: هُوَ، وَعَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ، وَعَبَّادُ بنُ رَاشِدٍ لَيْسَ حَدِيْثُهُم بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَدَرِيٌّ دَاعِيَةٌ كُلُّ مَا رَوَى عَنْ عكرمة سمعه من إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ بنِ الحُصَيْنِ عَنْهُ فَدَلَّسَهَا عَنْ عِكْرِمَةَ.
مَاتَ عَبَّادٌ عَلَى بَطْنِ أَهْلِهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
1047- عباد بن كثير 2: "د، ق"
الثقفي, البصري, العَابِدُ, نَزِيْلُ مَكَّةَ.
عَنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَثَابِتٍ، وَأَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدٌ الفِرْيَابِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: تَرَكُوْهُ.، وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.، وَقَالَ ابْنُ أَبِي رِزْمَةَ: مَا أَدْرِي مَنْ رَأَيتُ أَفْضَلَ مِنْهُ فَإِذَا جَاءَ الحَدِيْثُ فَلَيْسَ مِنْهَا فِي شَيْءٍ.
قُلْتُ: هُوَ رَاوِي خَبَرِ "الغِيْبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَى"2.
رَوَاهُ عَنِ: الجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ, عن أبي سعيد، وجابر مرفوعًا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 270"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1623"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 126" , "2/ 126" و"3/ 61"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 438"، المجروحين لابن حبان "2/ 165"، تاريخ الإسلام "6/ 207"، الكاشف "2/ ترجمة 2600"، العبر "1/ 218"، ميزان الاعتدال "2/ 376"، تهذيب التهذيب "5/ 103"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3320"، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي "1/ 233".
2 ترجمته في المعرفة التاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 434" و"2/ 126" و"3/ 140"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 433"، تاريخ الإسلام "6/ 206"، الكاشف "2/ ترجمة 2597"، ميزان الاعتدال "2/ 371- 375"، تهذيب التهذيب "5/ 100"، خلاصة الخرزجي "2/ ترجمة 3217".
2 منكر: أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "2/ 168" من طريق أبي رجاء الخراساني، عن عباد بن كثير، عن الحسن، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وجابر، به.
قلت: إسناده تالف بمرة، فيه ثلاث علل: الأولى: أبو رجاء الخراساني، روح بن المسيب قال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي المَوْضُوْعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ لا تحل الرواية عنه. العلة الثانية: عباد بن كثير الثقفي، قال ابن معين: ليس بشيء وقال البخاري: تركوه. وقال النسائي: متروك. العلة الثالثة: الحسن، وهو ابن يسار البصري، مدلس، وقد عنعنه.(6/540)
عبَّاد بن كثير الرَّملي، الأوزاعي:
1048- عَبَّادُ بنُ كَثِيْرٍ الرَّمْلِيُّ 1: "ق"
فَآخَرُ شَامِيٌّ. يَرْوِي عَنْ: عُرْوَةَ بنِ رُوَيْمٍ، وَحَوْشَبٍ.
وَعَنْهُ: زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.، وَوَثَّقَهُ هُوَ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ.، وَقَالَ البُخَارِيُّ: فِيْهِ نَظَرٌ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ أَضْعَفُ من البصري.
1049- الأوزاعي 2: "ع"
عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد, شَيْخُ الإِسْلاَمِ, وَعَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ, أَبُو عَمْرٍو الأوزاعي.
__________
1 منكر: أخرجه ابن حبان في "المجروحين" "2/ 168" من طريق أبي رجاء الخراساني، عن عباد بن كثير، عن الحسن، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وجابر، به.
قلت: إسناده تالف بمرة، فيه ثلاث علل: الأولى: أبو رجاء الخراساني، روح بن المسيب قال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي المَوْضُوْعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ لا تحل الرواية عنه. العلة الثانية: عباد بن كثير الثقفي، قال ابن معين: ليس بشيء وقال البخاري: تركوه. وقال النسائي: متروك. العلة الثالثة: الحسن، وهو ابن يسار البصري، مدلس، وقد عنعنه.
2 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2641"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 434"، المجروحين لابن حبان "2/ 169"، تاريخ الإسلام "6/ 207"، الكاشف "2/ ترجمة 2598"، ميزان الاعتدال "2/ 370- 371"، تهذيب التهذيب "5/ 102"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3318".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 488ط/، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1034"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1257"، حلية الأولياء "6/ ترجمة 354"، الأنساب للسمعاني "1/ 384"، وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ ترجمة 361"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 177"، العبر "1/ 227"، ميزان الاعتدال "2/ 580"، جامع التحصيل للحافظ العلائي "ترجمة 446"، تهذيب التهذيب "6/ 238"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4204"، شذرات الذهب "1/ 241".(6/541)
كَانَ يَسْكُنُ بِمَحَلَّةِ الأَوْزَاعِ, وَهِيَ العُقَيْبَةُ الصَّغِيْرَةُ, ظَاهِرَ بَابِ الفَرَادِيْسِ بِدِمَشْقَ, ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى بَيْرُوْتَ مُرَابِطاً بِهَا إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقِيْلَ: كان مولده ببعلبك.
حَدَّثَ عَنْ: عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ، وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَمَكْحُوْلٍ، وَقَتَادَةَ، وَالقَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، وَرَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ القَصِيْرِ، وَبِلاَلِ بنِ سَعْدٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَبْدَةَ بنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَأَبِي كَثِيْرٍ السُّحَيْمِيِّ اليَمَامِيِّ، وَحَسَّانِ بنِ عَطِيَّةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي المُهَاجِرِ، وَمُطْعِمِ بنِ المِقْدَامِ، وَعُمَيْرِ بن هانىء العَنْسِيِّ، وَيُوْنُسَ بنِ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ اليَحْصُبِيِّ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَالحَارِثِ بنِ يَزِيْدَ الحَضْرَمِيِّ، وَحَفْصِ بنِ عِنَانَ، وَسَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُحَارِبِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَبِيْبٍ المُحَارِبِيِّ، وَشَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ قَيْسٍ، وَأَبِي النَّجَاشِيِّ عَطَاءِ بنِ صُهَيْبٍ، وَعَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، وَعِكْرِمَةَ بنِ خَالِدٍ، وَعَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَابْنِ المُنْكَدِرِ، وَمَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَالوَلِيْدِ بنِ هِشَامٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ مِنَ التَّابِعِيْنَ، وَغَيْرِهِم.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي حَيَاةِ الصَّحَابَةِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَهُمَا مِنْ شُيُوْخِهِ، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَمَالِكٌ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَيَحْيَى بنُ حَمْزَةَ القَاضِي، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَالوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَالمُعَافَى بنُ عِمْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ، وَشُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، وَالهِقْلُ بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو المُغِيْرَةِ الحِمْصِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ المَصِّيْصِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَيَحْيَى البَابْلُتِّيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ العُذْرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: الأَوْزَاعُ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ، وَهُوَ مِنْ أَنْفُسِهِم، وَكَانَ ثِقَةً. قَالَ:، وَوُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَثَمَانِيْنَ، وَكَانَ خَيِّراً فَاضِلاً مَأْمُوْناً كَثِيْرَ العِلْمِ، وَالحَدِيْثِ، وَالفِقْهِ حُجَّةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ، وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَمَّا البُخَارِيُّ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنَ الأَوْزَاعِ بَلْ نَزَلَ فِيْهِم.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ: سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ: لَيْسَ هُوَ مِنَ الأَوْزَاعِ هُوَ ابْنُ عَمِّ يَحْيَى بنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ لَحّاً إِنَّمَا كَانَ يَنْزِلُ قَرْيَةَ الأَوْزَاعِ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ بَابِ الفَرَادِيْسِ.(6/542)
قَالَ ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: الأَوْزَاعُ: اسْمٌ، وَقَعَ عَلَى مَوْضِعٍ مَشْهُوْرٍ بِرَبَضِ دِمَشْقَ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لأَنَّهُ سَكَنَهُ بَقَايَا مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى، وَالأَوْزَاعُ: الفِرَقُ تَقُوْل: وَزَّعْتُهُ أَيْ: فَرَّقْتُهُ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: اسْمُ الأَوْزَاعِيِّ: عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَمْرِو بنِ أَبِي عَمْرٍو فَسَمَّى نَفْسَه عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ أَصْلُهُ مِنْ سَبْيِ السِّنْدِ, نَزَلَ فِي الأَوْزَاعِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَكَانَ فَقِيْهَ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَتْ صَنْعَتُهُ الكِتَابَةَ، وَالتَّرسُّلَ، وَرَسَائِلُه تؤثر.
قال أبو مسهر، وطائفته:، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَثَمَانِيْنَ.
ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: كُنْتُ مُحْتَلِماً, أَوْ شَبِيْهاً بِالمُحْتَلِمِ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَشَذَّ مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ, عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, فَقَالَ: مَوْلِدِي سَنَةَ ثلاث، وَتِسْعِيْنَ. فَهَذَا خَطَأٌ.
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ: مَوْلِدُهُ بِبَعْلَبَكَّ، وَمَنْشَؤُهُ بِالكَرْكِ -قَرْيَةٌ بِالبِقَاعِ- ثُمَّ نَقَلَتْهُ أُمُّهُ إِلَى بَيْرُوْتَ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ: فَمَا رَأَيتُ أَبِي يَتَعَجَّبُ مِنْ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا تَعَجُّبَهُ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ. فَكَانَ يَقُوْلُ: سُبْحَانَكَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ كَانَ الأَوْزَاعِيُّ يَتِيْماً فَقِيْراً فِي حَجْرِ أُمِّهِ تَنقُلُهُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَقَدْ جَرَى حُكْمُكَ فِيْهِ أَنْ بَلَّغْتَه حَيْثُ رَأَيتُه يَا بُنَيَّ عَجَزَتِ المُلُوْكُ أن تؤدب أنفسها، وَأَوْلاَدَهَا أَدَبَ الأَوْزَاعِيِّ فِي نَفْسِهِ مَا سَمِعْتُ منه كلمة قط فاضلةًإلَّا احْتَاجَ مُسْتَمِعُهَا إِلَى إِثْبَاتِهَا عَنْهُ، وَلاَ رَأَيتُهُ ضَاحِكاً قَطُّ حَتَّى يُقَهْقِهَ، وَلقَدْ كَانَ إِذَا أَخَذَ فِي ذِكْرِ المَعَادِ أَقُوْلُ فِي نَفْسِي: أَتُرَى فِي المَجْلِسِ قَلْبٌ لَمْ يَبْكِ?
الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ عَنْ شُيُوْخِهِم قَالُوا: قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَاتَ أَبِي، وَأَنَا صَغِيْرٌ فَذَهَبتُ أَلعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ فَمَرَّ بِنَا فُلاَنٌ، وَذَكَرَ شَيْخاً جَلِيْلاً مِنَ العَرَبِ فَفَرَّ الصِّبْيَانُ حِيْنَ رَأَوْهُ، وَثَبَتُّ أَنَا فَقَالَ: ابْنُ مَنْ أَنْتَ?. فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي يَرْحَمُ اللهُ أَبَاكَ فَذَهَبَ بِي إِلَى بَيْتِهِ فَكُنْتُ مَعَهُ حَتَّى بَلَغتُ فَأَلحَقَنِي فِي الدِّيْوَانِ، وَضَرَبَ عَلَيْنَا بَعثاً إِلَى اليَمَامَةِ فَلَمَّا قَدِمْنَاهَا، وَدَخَلنَا مَسْجِدَ الجَامِعِ، وَخَرَجنَا قَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: رَأَيتُ يَحْيَى بنَ أَبِي كَثِيْرٍ مُعْجَباً بِكَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ فِي هَذَا البَعْثِ أَهدَى مِنْ هَذَا الشَّابِّ قَالَ: فَجَالَستُهُ فَكَتَبْتُ عَنْهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ كِتَاباً أَوْ ثَلاَثَةَ عشر فاحترق كله.
ابْنُ زَبْرٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ جَرِيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِيْهِ: أن(6/543)
الأَوْزَاعِيَّ خَرَجَ فِي بَعْثِ اليَمَامَةِ, فَأَتَى مَسْجِدَهَا فَصَلَّى، وَكَانَ يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ قَرِيْباً مِنْهُ, فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى صَلاَتِه, فَأَعْجَبَتْه, ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ إِلَيْهِ، وَسَأَلَهُ عَنْ بَلَدِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ, فَتَرَكَ الأَوْزَاعِيُّ الدِّيْوَانَ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ مُدَّةً يَكْتُبُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ: يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُبَادِرَ البَصْرَةَ لَعَلَّكَ تُدرِكُ الحَسَنَ، وَابْنَ سِيْرِيْنَ فَتَأْخُذَ عَنْهُمَا. فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمَا فَوَجَدَ الحَسَنَ قَدْ مَاتَ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ حَيٌّ فَأَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ فَعَادَهُ، وَمَكَثَ أَيَّاماً، وَمَاتَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ قَالَ: كَانَ بِهِ البَطَنُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: رَأَيتُ الأَوْزَاعِيَّ فَوْقَ الرَّبْعَةِ, خَفِيْفَ اللَّحْمِ, بِهِ سُمْرَةٌ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.
مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ: عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ أُرِيْدُ الحَسَنَ، وَمُحَمَّداً فَوَجَدتُ الحَسَنَ قَدْ مَاتَ، وَوَجَدتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ مَرِيْضاً.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَصَنَّفَ الأَوْزَاعِيُّ.
أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنِي الهِقْلُ قَالَ: أَجَابَ الأَوْزَاعِيُّ فِي سَبْعِيْنَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ النَّاسَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ، وَمائَةٍ يَقُوْلُوْنَ: الأَوْزَاعِيُّ اليَوْمَ عَالِمُ الأمة. أهل الأَوْزَاعِيُّ اليَوْمَ عَالِمُ الأُمَّةِ.، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حدثنا سعيد قال: أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدٌ قَالَ: الأَوْزَاعِيُّ هُوَ عَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ.، وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ شُعَيْبٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لأُمَيَّةَ بنِ يَزِيْدَ: أَيْنَ الأَوْزَاعِيُّ مِنْ مَكْحُوْلٍ? قَالَ: هُوَ عِنْدَنَا أَرْفَعُ مِنْ مَكْحُوْلٍ.
قُلْتُ: بِلاَ رَيْبٍ هُوَ أَوسَعُ دائرة في العلم من مكحول.
مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ قَالَ: ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ: كَانَ قَدْ جَمَعَ العِبَادَةَ، وَالعِلْمَ، وَالقَوْلَ بِالحَقِّ. قَالَ العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيُّ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ من، ولد الأحنف ابن قَيْسٍ قَالَ: بَلَغَ الثَّوْرِيَّ، وَهُوَ بِمَكَّةَ مَقْدَمُ الأزواعي فَخَرَجَ حَتَّى لَقِيَهُ بِذِي طُوَىً فَلَمَّا لَقِيَهُ حَلَّ رَسَنَ البَعِيْرِ مِنَ القِطَارِ فَوَضَعَهُ عَلَى رَقْبَتِه فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُ بِهِ فَإِذَا مَرَّ بِجَمَاعَةٍ قَالَ: الطَّرِيْقَ لِلشَّيْخِ. رَوَى نَحْوَهَا المُحَدِّثُ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عَاصِمٍ.، وَرَوَى شَبِيْهاً بِهَا إِسْحَاقُ بنُ عَبَّادٍ الخُتَّلِيُّ عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ الثَّوْرِيَّ.. بِنَحْوِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ عَلَى مَالِكٍ فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ: أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ عِلْماً مِنْ صَاحِبِه، وَلاَ يَصْلُحُ لِلإِمَامَةِ، وَالآخَرُ يَصْلُحُ لِلإِمَامَةِ يَعْنِي الأَوْزَاعِيَّ لِلإِمَامَةِ.(6/544)
مَسْلَمَةُ بنُ ثَابِتٍ, عَنْ مَالِكٍ قَالَ: الأَوْزَاعِيُّ إِمَامٌ يُقتَدَى بِهِ.
الشَّاذَكُوْنِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ بِمِنَىً, فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ للثوري: لم لا ترفع يدك فِي خَفْضِ الرُّكُوْعِ، وَرَفْعِهِ?. فَقَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ.. فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: رَوَى لَكَ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ-، وَتُعَارِضُنِي بِيَزِيْدَ رَجُلٍ ضعيف الحديث، وَحَدِيْثُه مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ فَاحْمَرَّ، وَجْهُ سُفْيَانَ. فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَأَنَّك كَرِهْتَ مَا قُلْتُ? قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: قُمْ بِنَا إِلَى المَقَامِ نَلْتَعِنْ أَيُّنَا عَلَى الحَقِّ. قَالَ: فَتَبَسَّمَ سُفْيَانُ لَمَّا رَآهُ قَدِ احْتَدَّ.
عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الفَزَارِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ مِثْلَ الأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ? فَأَمَّا الأَوْزَاعِيُّ فَكَانَ رَجُلَ عَامَّةٍ، وَأَمَّا الثَّوْرِيُّ فَكَانَ رَجُلَ خَاصَّةِ نَفْسِه، وَلَوْ خُيَّرتُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ لاَختَرتُ لَهَا الأَوْزَاعِيَّ- يُرِيْدُ: الخِلاَفَةَ. قَالَ عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ: لَوْ خُيَّرتُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ لاَختَرتُ لَهَا أَبَا إِسْحَاقَ الفَزَارِيَّ.
قَالَ الخُرَيْبِيُّ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَعَنْ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ, عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ, قَالَ: لَوْ قِيْلَ لِي: اخْتَرْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ, لاَختَرتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَالأَوْزَاعِيَّ، وَلَوْ قِيْلَ لِي: اخْتَرْ أَحَدَهُمَا لاَختَرتُ الأَوْزَاعِيَّ لأَنَّهُ أَرفَقُ الرَّجُلَينِ.، وَكَذَا قَالَ فِي هَذَا المَعْنَى: أَبُو أُسَامَةَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: إِنَّمَا النَّاسُ فِي زَمَانِهِم أَرْبَعَةٌ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ بِالبَصْرَةِ، وَالثَّوْرِيُّ بِالكُوْفَةِ، وَمَالِكٌ بِالحِجَازِ، وَالأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدِيْثُ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى مُضْطَرِبٌ.
الرَّبِيْعُ المُرَادِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ رَجُلاً أَشْبَهَ فِقْهُهُ بِحَدِيْثِهِ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ: مَا تَقُوْلُ فِي مَالِكٍ? قَالَ: حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَرَأْيٌ ضَعِيْفٌ. قُلْتُ: فَالأَوْزَاعِيُّ? قَالَ: حَدِيْثٌ ضَعِيْفٌ، وَرَأْيٌ ضَعِيْفٌ. قُلْتُ: فَالشَّافِعِيُّ? قَالَ: حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَرَأْيٌ صَحِيْحٌ? قُلْتُ: فَفُلاَنٌ? قَالَ: لاَ رَأْيٌ، وَلاَ حَدِيْثٌ.
قُلْتُ: يُرِيْدُ أَنَّ الأَوْزَاعِيَّ حَدِيْثُه ضَعِيْفٌ مِنْ كَوْنِهِ يَحتَجُّ بِالمَقَاطِيْعِ، وَبِمَرَاسِيْلِ أَهْلِ الشَّامِ، وَفِي ذَلِكَ ضَعفٌ لاَ أَنَّ الإِمَامَ فِي نَفْسِهِ ضَعِيْفٌ.
قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: رَأَيتُ الأَوْزَاعِيَّ يَثْبُتُ فِي مُصَلاَّهُ, يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطلُعَ الشَّمْسُ، وَيُخْبِرُنَا عَنِ السَّلَفِ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ هَدْيَهُم فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ بَعْضُهُم إِلَى بَعْضٍ فَأَفَاضُوا فِي ذِكْرِ اللهِ، وَالتَّفَقُّهِ في دينه.(6/545)
عُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ, عَنِ الأَوْزَاعِيِّ, قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ الزُّهْرِيُّ صَحِيْفَةً, فَقَالَ: ارْوِهَا عَنِّي. وَدَفعَ إِلَى يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ صَحِيْفَةً فَقَالَ: ارْوِهَا عَنِّي. فَقَالَ ابْنُ ذَكْوَانَ:، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ قَالَ: قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: نَعْمَلُ بِهَا، وَلاَ نُحَدِّثُ بِهَا يَعْنِي الصَّحِيْفَةَ.
قَالَ الوَلِيْدُ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ يَقُوْلُ: كَانَ هَذَا العِلْمُ كَرِيْماً, يَتَلاَقَاهُ الرِّجَالُ بَيْنَهُم, فَلَمَّا دَخَلَ فِي الكُتُبِ, دَخَلَ فِيْهِ غَيْرُ أَهْلِهِ. وَرَوَى مِثْلَهَا ابْنُ المُبَارَكِ, عَنِ الأَوْزَاعِيِّ.
وَلاَ رَيبَ أَنَّ الأَخْذَ مِنَ الصُّحُفِ، وَبِالإِجَازَةِ يَقَعُ فِيْهِ خَلَلٌ، وَلاَ سِيَّمَا فِي ذَلِكَ العَصْرِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ نَقْطٌ، وَلاَ شَكْلٌ فَتَتَصَحَّفُ الكَلِمَةُ بِمَا يُحِيْلُ المَعْنَى، وَلاَ يَقَعُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الأَخْذِ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ التَّحدِيْثُ مِنَ الحِفْظِ يَقَعُ فِيْهِ الوَهْمُ بِخِلاَفِ الرِّوَايَةِ مِنْ كِتَابٍ مُحَرَّرٍ.
مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عمار: سمعت الوليد يقول: احترقت كُتُبُ الأَوْزَاعِيِّ زَمَنَ الرَّجْفَةِ1 ثَلاَثَةَ عَشَرَ قُنْدَاقاً2 فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِنُسَخِهَا فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابِكَ، وَإِصلاَحُكَ بِيَدِكَ فَمَا عَرَضَ لِشَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
وَقَالَ بِشْرُ بن بكر التنيسي: قيل للأوزعي: يَا أَبَا عَمْرٍو الرَّجُلُ يَسْمَعُ الحَدِيْثِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- فِيْهِ لَحْنٌ أَيُقِيْمُهُ عَلَى عَرَبِيَّتِهِ? قَالَ: نَعَمْ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ- لا يتكلمإلَّا بِعَرَبِيٍّ. قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: لاَ بَأْسَ بِإِصلاَحِ اللَّحْنِ، وَالخَطَأِ فِي الحَدِيْثِ.
مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ كَاتِبِ المَنْصُوْرِ, قَالَ: كَانَتْ تَرِدُ عَلَى المَنْصُوْرِ كُتُبٌ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ نَتَعَجَّبُ مِنْهَا، وَيَعْجَزُ كُتَّابُهُ عَنْهَا فَكَانَتْ تُنسَخُ فِي دَفَاتِرَ، وَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَي المَنْصُوْرِ فَيُكْثِرُ النَّظَرَ فِيْهَا اسْتِحْسَاناً لأَلفَاظِهَا فَقَالَ لِسُلَيْمَانَ بنِ مُجَالِدٍ -وَكَانَ مِنْ أَحظَى كُتَّابِهِ عِنْدَهُ: يَنْبَغِي أَنْ تُجِيْبَ الأَوْزَاعِيَّ عَنْ كُتُبِهِ جَوَاباً تَامّاً. قَالَ: وَاللهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا أُحْسِنُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أُحسِنُ، وَإِنَّ لَهُ نَظماً فِي الكُتُبِ لاَ أَظُنُّ أَحَداً مِنْ جَمِيْعِ النَّاسِ يَقدِرُ عَلَى إِجَابَتِهِ عَنْهُ، وَأَنَا أَسْتَعِيْنُ بِأَلفَاظِهِ عَلَى مَنْ لاَ يَعرِفُهَا مِمَّنْ نُكَاتِبُهُ في الآفاق.
قُلْتُ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ مَعَ بَرَاعَتِهِ فِي العِلْمِ، وَتَقَدُّمِهِ فِي العَمَلِ كَمَا تَرَى رَأْساً فِي الترسل رحمه الله.
__________
1 الرجفة: زلزال عظيم أصاب الشام سنة "130هـ"، وأصاب معظم بيت المقدس.
2 القنداق" صحيفة الحساب.(6/546)
الوَلِيْدُ بنُ مَزْيَدٍ: سُئِلَ الأَوْزَاعِيُّ عَنِ الخُشُوْعِ فِي الصَّلاَةِ؟ قَالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَخَفْضُ الجَنَاحِ، وَلِيْنُ القَلْبِ، وَهُوَ الحُزْنُ, الخَوْفُ.
قَالَ: وَسُئِلَ الأَوْزَاعِيُّ عَنْ إِمَامٍ تَرَكَ سَجدَةً سَاهِياً حَتَّى قَامَ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ. قَالَ: يَسْجُدُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُم سَجدَةً، وَهُمْ مُتَفَرِّقُونَ.
وَسَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: وَسَأَلْتُهُ: مَنِ الأَبْلَهُ? قَالَ: العَمِيُّ عَنِ الشَّرِّ البَصِيْرُ بِالخَيْرِ.
سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: مَا أَخطَأَتْ يَدُ الحَاصِدِ, أَوْ جَنَتْ يَدُ القَاطِفِ, فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ عَلَيْهِ سَبِيْلٌ إِنَّمَا هُوَ لِلمَارَّةِ، وَابْنِ السَّبِيْلِ.
رَوَى أَبُو مُسْهِرٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, قَالَ: وَلِيَ الأَوْزَاعِيُّ القَضَاءَ لِيَزِيْدَ بنِ الوَلِيْدِ, فَجَلَسَ مَجْلِساً, ثُمَّ اسْتَعفَى, فَأُعْفِيَ، وولي يزيد بن أَبِي لَيْلَى الغَسَّانِيَّ, فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى قُتِلَ بِالغُوْطَةِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: إِذَا اجْتَمَعَ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ عَلَى أَمرٍ فَهُوَ سُنَّةٌ.
قُلْتُ: بَلِ السُّنَّةُ مَا سَنَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ-، وَالخُلَفَاءُ الرَّاشِدُوْنَ مِنْ بَعْدِهِ. وَالإِجْمَاعُ: هُوَ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الأُمَّةِ قَدِيْماً، وَحَدِيْثاً إِجْمَاعاً ظَنِّياً أَوْ سُكُوتِيّاً, فَمَنْ شَذَّ عَنْ هَذَا الإِجْمَاعِ مِنَ التَّابِعِيْنَ, أَوْ تَابِعِيْهِم لِقَوْلٍ بِاجْتِهَادِه, احْتُمِلَ لَهُ, فَأَمَّا مَنْ خَالَفَ الثَّلاَثَةَ المَذْكُوْرِيْنَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ فَلاَ يسمى مُخَالِفاً لِلإِجْمَاعِ، وَلاَ لِلسُّنَّةِ، وَإِنَّمَا مُرَادُ إِسْحَاقَ: أَنَّهُم إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى مَسْأَلَةٍ فَهُوَ حَقٌّ غَالِباً كَمَا نَقُوْلُ اليَوْمَ: لاَ يَكَادُ يُوجَدُ الحَقُّ فِيْمَا اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الاجْتِهَادِ الأَرْبَعَةُ عَلَى خِلاَفِه مَعَ اعْتِرَافِنَا بِأَنَّ اتِّفَاقَهُم عَلَى مَسْأَلَةٍ لاَ يَكُوْنُ إِجْمَاعَ الأُمَّةِ، وَنَهَابُ أَنْ نَجْزِمَ فِي مَسْأَلَةٍ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا بِأَنَّ الحَقَّ فِي خِلاَفِهَا.
وَمِنْ غَرَائِبِ مَا انْفَرَدَ بِهِ الأَوْزَاعِيُّ: أَنَّ الفَخِذَ لَيْسَتْ فِي الحَمَّامِ عَوْرَةً، وَأَنَّهَا فِي المَسْجِدِ عَوْرَةٌ, وَلَهُ مَسَائِلُ كَثِيْرَةٌ حَسَنَةٌ يَنفَرِدُ بِهَا، وَهِيَ مَوْجُوْدَةٌ فِي الكُتُبِ الكِبَارِ، وَكَانَ لَهُ مَذْهَبٌ مُسْتَقِلٌّ مَشْهُوْرٌ عَمِلَ بِهِ فُقَهَاءُ الشَّامِ مُدَّةً، وَفُقَهَاءُ الأَنْدَلُسِ ثُمَّ فَنِيَ.
سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بنُ عَلْقَمَةَ البَيْرُوْتِيُّ: أَرَادُوا الأَوْزَاعِيَّ عَلَى القَضَاءِ فَامْتنَعَ، وَأَبَى فَتَرَكُوْهُ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ المَوْتِ, كَفَاهُ اليَسِيْرُ، وَمَنْ عَرَفَ أَنَّ مَنْطِقَهُ مِنْ عَمَلِهِ, قَلَّ كَلاَمُهُ.
أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: عَنِ الهِقْلِ بنِ زِيَادٍ, عَنِ الأَوْزَاعِيِّ: أَنَّهُ وَعَظَ, فَقَالَ فِي(6/547)